لكتاب: تهذيب الأسماء واللغات المؤلف: أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (المتوفى: 676هـ)   عنيت بنشره وتصحيحه والتعليق عليه ومقابلة أصوله: شركة العلماء بمساعدة إدارة الطباعة المنيرية يطلب من: دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان عدد الأجزاء: 4   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]   (تخريج الأحاديث وتخريج أسماء الرجال لـ مصطفى عبد القادر عطا، وليست في المطبوع) ---------- تهذيب الأسماء واللغات النووي لكتاب: تهذيب الأسماء واللغات المؤلف: أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (المتوفى: 676هـ)   عنيت بنشره وتصحيحه والتعليق عليه ومقابلة أصوله: شركة العلماء بمساعدة إدارة الطباعة المنيرية يطلب من: دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان عدد الأجزاء: 4   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]   (تخريج الأحاديث وتخريج أسماء الرجال لـ مصطفى عبد القادر عطا، وليست في المطبوع) ـ[لكتاب: تهذيب الأسماء واللغات]ـ المؤلف: الإمام العلامة الفقيه الحافظ أبي زكريا محيي الدين بن شرف النووي عنيت بنشره وتصحيحه والتعليق عليه ومقابلة أصوله: شركة العلماء بمساعدة إدارة الطباعة المنيرية يطلب من: دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان عدد الأجزاء: 4 [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] (تخريج الأحاديث وتخريج أسماء الرجال لـ مصطفى عبد القادر عطا، وليست في المطبوع) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 1 بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين مقدمة المؤلف الحمد لله خالق المصنوعات، وبارىء البريات، ومدبر الكائنات، ومصرف الألسن الناطقات، مفضل لغة العرب على سائر اللغات، المُنزل كتابه والمرسل رسوله وحبيبه محمدًا - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بها تنويهًا بشأنها، وتعريفًا بعظم محلها وارتفاع مكانها، أحمده أبلغ الحمد وأكمله، وأزكاه وأشمله، وأشهد أن لا إله إلا الله اللطيف الكريم، الرءوف الرحيم، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وحبيبه وخليله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وعلى سائر النبيين وآل كل وسائر الصالحين، أما بعد: فإن لغة العرب لما كانت بالمحل الأعلى، والمقام الأسنى، وبها يُعرف كتاب رب العالمين، وسُنة خير الأولين والآخرين، وأكرم السابقين واللاحقين، صلوات الله عليه وعلى سائر النبيين والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، اجتهد أولو البصائر والأنفس الزاكيات، والهمم المهذبة العاليات فى الاعتناء بها، والتمكن من إتقانها بحفظ أشعار العرب وخطبهم ونثرهم، وغير ذلك من أمرهم، وكان هذا الاعتناء فى زمن الصحابة، رضى الله عنهم، مع فصاحتهم نسبًا ودارًا، ومعرفتهم باللغة استظهارًا، لكن أرادوا الاستكثار من اللغة التى حالها ما ذكرنا، ومحلها ما قدمنا، وكان ابن عباس، وعائشة، وغيرهما، رضى الله عنهم، يحفظون من الأشعار واللغات ما هو من المعروفات الشائعات. وأما ضرب عمر بن الخطاب وابنه، رضى الله عنهما، أولادهما لتفريطهم فى حفظ العربية، فمن المنقولات الواضحات الجلية. وأما المنقول عن التابعين ومَن بعدهم فى ذلك، فهو أكثر من أن يُحصر، وأشهر من أن يذكر. وأما ثناء إمامنا الشافعى، رحمه الله، وحثه على تعلم العربية فى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 2 أول رسالته، فهو مقتضى منصبه، وعظم جلالته، ولا حاجة إلى الإطالة فى الحث عليها، فالعلماء مجمعون على الدعاء إليها، بل شرطوها فى المفتى، والإمام الأعظم والقاضى لصحة الولايات، واتفقوا على أن تعلمها وتعليمها من فروض الكفايات. فلما كان أمرها ما ذكرته، وجلالتها بالمحل الذى وصفته، أردت أن أسلك بعض طرق أهلها، لعلى أنال بعض فضلها، وأؤدى بعض ما ذكرته من فروض الكفاية، وأساعد فى معرفة اللغة من له رغبة من أهل العناية، فأجمع إن شاء الله الكريم الرءوف الرحيم ذو الطول والإحسان والفضل والامتنان كتابًا فى الألفاظ الموجودة فى "مختصر أبى إبراهيم المزنى"، و"المهذب"، و"التنبيه"، و"الوسيط"، و"الوجيز"، و"الروضة"، وهو الكتاب الذى اختصرته من شرح الوجيز للإمام أبى القاسم الرافعى، رحمه الله. فإن هذه الكتب الستة تجمع ما يحتاج إليه من اللغات، وأضم إلى ما فيها جُملاً مما يحتاج إليه مما ليس فيها؛ ليعم الانتفاع به إن شاء الله تعالى، اللغات العربية، والعجمية، والمعربة، والاصطلاحات الشرعية، والألفاظ الفقهية، وأضم إلى اللغات ما فى هذه الكتب من أسماء الرجال، والنساء، والملائكة، والجن، وغيرهم ممن له ذكر فى هذه الكتب برواية وغيرها، مسلمًا كان أو كافرًا، برًا كان أو فاجرًا. وخصصت هذه الكتب بالتصنيف؛ لأن الخمسة الأولى منها مشهورة بين أصحابنا يتداولونها أكثر تداول، وهى سائرة فى كل الأمصار، مشهورة للخواص والمبتدئين فى كل الأقطار، مع عدم تصنيف مفيد يستوعبها. وقد صنَّف جماعة فى أفرادها مصنفات غير مستوفات، وفى كثير منها إنكار وتصحيف، فيقبح بمنتصب للإعادة أو التدريس إهمال ذلك، وأرجو من فضل الله الكريم إن تم هذا الكتاب أن يشفى القلوب الصافيات، ويملأ الأعين الصحيحات الكاملات. وأرتب الكتاب على قسمين: الأول: فى الأسماء. والثانى: فى اللغات. فأما الأسماء فضربان: الأول: فى الذكور. والثانى: فى الإناث. فأما الأول فثمانية الجزء: 1 ¦ الصفحة: 3 أنواع: الأول: فى الأسماء الصحيحة، كمحمد، وإبراهيم، وإسماعيل، وإسحاق، وزيد، وعمرو، وشبهها. الثانى: فى الكنى، كأبى القاسم، وأبى بكر، وأبى حفص، ونظائرها. الثالث: الأنساب والألقاب والقبائل، كالزهرى، والأوزاعى، والبويطى، والمزنى، وكالأعمش، والأصم، وكقريش، وخزاعة، وخثعم. الرابع: ما قيل فيه ابن فلان، أو ابن فلانة، أو أخوه، أو أخته، أو عمه، أو خاله، كابن أبى سعية، وابن أبى ليلى، وابن أبى ذئب، وابن جريج، وكابن أم مكتوم، وابن اللتبية، وكأخوى عائشة، رضى الله عنها، وأختيها، وعم عباد بن تميم، ونظائرها. الخامس: ما قيل فيه فلان، عن أبيه، عن جده. السادس: زوج فلانة، وزوجة فلان. السابع: المبهمات، كرجل، وشيخ، وبعض العلماء، ونحوه. الثامن: ما وقع من الأسماء والأنساب غلطًا. وأما الضرب الثانى، وهو النساء، فهو سبعة أنواع على الترتيب المذكور فى الرجال، ويسقط منهن النوع الخامس، فليس فى هذه الكتب فلانة، عن أمها، عن جدتها، أو عن أبيها، عن جدها، وباقى الأنواع موجودة. وسنرى كل ما ذكرته فى موضعه موضحًا إن شاء الله تعالى. وأرتب جميع ذلك على حروف المعجم، لكن أبدأ فيه بمن اسمه محمد كما فعل أبو عبد الله البخارى والعلماء بعده، رضى الله عنهم، لشرف اسم النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ثم أعود إلى ترتيب الحروف، فأبدأ بحرف الهمزة، ثم الباء، ثم التاء، ثم الجيم، إلى آخرها، وأعتمد فى الاسم الحرف الأول، فأقول: حرف الهمزة، أذكر فيه اسم كل من فى اسمه ألف، مقدمًا منهم من بعد الألف فيه الأول فالأول، فأقدم آدم على إبراهيم؛ لأنهما وإن اشتركا فى أن أولهما همزة، لكن بعد همزة آدم همزة أخرى، وبعد همزة إبراهيم باء، والهمزة مقدمة على الباء، ثم كذلك فى باقى حروف الاسم، وأعتبر ذلك فى باقى الحروف، فأقدم أبيض بن حمال، على أُبى بن كعب؛ لأنهما وإن اشتركا فى الهمزة والباء والياء، فرابع أبيض ضاد، ورابع أبى ياء أخرى، فإن اشترك اثنان فى جميع الحروف كإبراهيم وإبراهيم، قدمت بالآباء، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 4 فأقدم إبراهيم بن آزر على إبراهيم بن إبراهيم، وإبراهيم بن إبراهيم على إبراهيم بن أحمد، وإبراهيم بن أحمد على إبراهيم بن أدهم، فإن استويا فى اسمهما واسم أبويهما كإبراهيم بن أحمد وإبراهيم بن أحمد، قدمت بالجد، فأقدم إبراهيم بن أحمد بن إبراهيم على إبراهيم بن أحمد بن إسماعيل، فإن استويا فى الجد أيضًا اعتبرت أبا الجد، ثم جده، ثم على هذا المثال فى جميع الحروف إلى حرف الياء. وكذلك أصنع فى الكنى، والأنساب، والألقاب، والقبائل، ونحوها، فأقدم ترجمة أبى إبراهيم على ترجمة أبى إسحاق، وترجمة الأنماطى على الأوزاعى، والأصمعى على الأعمش، وبنى تميم على بنى حنيفة، وكذلك فى الأبناء ابن أم مكتوم على ابن اللتبية، وكذا الأخوة وغيرهم، وكذا الزوج والزوجة، وكذا بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده، على طلحة بن مصرف، عن أبيه، عن جده، وكذا طلحة بن مصرف، عن أبيه، عن جده، على عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده. وأما المبهمات والأغاليط، فأذكرها على ترتيب وقوعها فى هذه الكتب، وأفعل مثل جميع ذلك فى النساء، إن شاء الله تعالى. وأما اللغات: فأرتبها أيضًا على حروف المعجم على حسب ما سبق من مراعاة الحرف الأول والثانى وما بعدها، مقدمًا الأول فالأول، معتبرًا الحروف الأصلية ولا أنظر إلى الزوائد، وربما ذكرت بعض الزوائد فى باب على لفظه، ونبهت على أن الحرف الفلانى زائد، وقد ذكرته فى موضعه الأصلى، وإنما أفعل هذا لأن هذا الكتاب قد يطالعه بعض المتفقهين ممن لا يعرف التصريف، فربما طالع اللفظة فى غير محلها الأصلى متوهمًا أن حروفها كلها أصول، فلا يجدها هناك، ولا يعلم لها مظنة أخرى، فأردت التسهيل عليهم، فإن خير المصنفات ما سهلت منفعته وتمكن منها كل أحد. وأذكر إن شاء الله تعالى فى آخر كل حرف اسم المواضع التى أولها من تلك الحروف، وأعتبر الحرف الزائد على عادة العلماء فى أسماء الأشخاص الجزء: 1 ¦ الصفحة: 5 والأماكن؛ لأنها قليلة وذكرها فى حرفها الأول أقرب إلى وصول المتفقهين إليه. وأضبط إن شاء الله تعالى من أسماء الأشخاص واللغات والمواضع كل ما يحتاج إلى ضبط بتقييده بالحركات والتخفيف والتشديد، وأن هذا الحرف بالعين المهملة أو الغين المعجمة وما أشبهه، وأنقل كل ذلك إن شاء الله تعالى محققًا مهذبًا من مظانه المعتمدة، وكتب أهل التحقيق فيه، فما كان مشهورًا لا أضيفه غالبًا إلى قائليه؛ لكثرتهم وعدم الحاجة إليه، وما كان غريبًا أضفته إلى قائله أو ناقله، وما كان من الأسماء وبيان أحوال أصحابها نقلته من كتب الأئمة الحفاظ الأعلام المشهورين بالإمامة فى ذلك، والمعتمدين عند جميع العلماء، كتاريخ البخارى، وابن أبى خيثمة، وخليفة بن خياط المعروب بشباب، والطبقات الكبير، والطبقات الصغير لمحمد بن سعد كاتب الواقدى، وهو ثقة، وإن كان شيخه الواقدى ضعيفًا، ومن الجرح والتعديل لابن أبى حاتم، والثقات لأبى حاتم بن حبان، بكسر الحاء، وتاريخ نيسابور للحاكم أبى عبد الله، وتاريخ بغداد للخطيب، وتاريخ همدان، وتاريخ دمشق للحافظ أبى القاسم بن عساكر، وغيرها من كتب التواريخ الكبار وغيرها. ومن كتب أسماء الصحابة كالاستيعاب لابن عبد البر، وكتاب ابن مندة، وأبى نعيم، وأبى موسى، وابن الأثير، وغيرها، ومن كتب المغازى والسير، ومن كتب ضبط الأسماء كالمؤتلف والمختلف للدارقطنى، وعبد الغنى بن سعيد، والخطيب البغدادى، وابن ماكولا، وغيرها، ومن كتب طبقات الفقهاء كطبقات أبى عاصم العبادى، وطبقات الشيخ أبى إسحاق، وطبقات الشيخ أبى عمرو بن الصلاح، وهى مقطعات، وقد شرعت فى تهذيبها وترتيبها، وهو نفيس لم يصنف مثله ولا قريب منه، ولا يغنى عنه فى معرفة الفقهاء غيره، ويقبح بالمنتسب إلى مذهب الشافعى جهله، وأجمع فيه عيونًا من روايات كتب الحديث، وكتب الفقه، وكتب الأصول وغيرها، ومن الأنساب كالأنساب لأبى سعد السمعانى وغيره، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 6 ومن كتب المبهمات ككتاب الخطيب البغدادى، وابن بشكوال، وغيرهما. وأما اللغات فمعظمها من تهذيب اللغة للأزهرى، وكتاب شرح ألفاظ مختصر المزنى، والمحكم فى اللغة، وجامع القزاز، والجمرة لابن دريد، والمجمل لابن فارس، وصحاح الجوهرى، وغيرها من الكتب المشهورة فى اللغة. ومن كتب غريب الحديث كغريب أبى عبيدة، وصاحبه أبى عبيد، وابن قتيبة، والخطابى، والهروى. ومن كتب تفسير القرآن كالبسيط للواحدى، وكتاب الرمانى المعتزلى، وغيرهما من التفاسير الجامعة للغات. ومن الكتب المصنفة فى أنواع من مفردات اللغة، كغريب المصنف لأبى عبيد القاسم ابن سلام، وإصلاح المنطق لابن السكيت، وأدب الكاتب لابن قتيبة وشروحه، وكتاب الزاهر لابن الأنبارى، وشروح الفصيح. ومن الكتب المصنفة فى لحن العوام للمتقدمين والمتأخرين، وهى كثيرة مشهورة، ومن شروح الحديث كمعالم السنن للخطابى فى شرح سنن أبى داود، والأعلام له فى شرح البخارى، والتمهيد لابن عبد البر فى شرح الموطأ، وشرح البخارى لابن بطال، وشرح الترمذى لابن العربى، وشرح مسلم للقاضى عياض، والمشارق له، ومطالع الأنوار لابن قرقول، وغيرها. ومن كتب الفقه والأصول والكلام كبيان حقيقة العقل، والنبى، والمعجزة، والكرامة، والسحر، والرزق، والتوفيق، والخذلان، والكلام، والوجود، والآجال، والأقدار، والمعالم، والمسيخ، والبداء، وغير ذلك مما لا يوجد متقنًا إلا فى كتب الأصول والكلام. ومن كتب الأماكن ككتاب أبى عبيد البكرى، والاشتقاق لأبى الفتح الهمدانى، والمؤتلف والمختلف فى الأماكن للحازمى، وغيرها. وسنرى إن شاء الله تعالى ما أنقله من هذه الكتب مضافًا إليها كلها فى مواطنها، وكذا غيرها مما لم أذكره مما سنراه وتقر به عينك إن شاء الله تعالى. وأرجو من فضل الله تعالى أن هذا الكتاب يجتمع فيه من الأسماء واللغات والضوابط والكليات والمعانى المستجادات جُمل مستكثرات ينتفع بها فى تفسير الجزء: 1 ¦ الصفحة: 7 القرآن والحديث، وجميع الكتب المصنفات، فإنى لا أقتصر فيه على ضبط الألفاظ وحقيقتها، بل أنبه مع ذلك على كثير من المعانى اللطيفة والمسائل الحقيقية بأوضح العبارات المختصرات إن شاء الله تعالى، وأضبط فيه إن شاء الله تعالى من حدود الألفاظ الفقهية ومجامعها ما يصعب تحقيقه إلا على النادر من أهل العنايات كضبط حقيقة الهبة، والهدية، والصدقة، والفرق بينها، وما يتعلق بالألفاظ الجامعة كقولنا: الجماع يتعلق به نحو مائة حكم كذا وكذا، وتلك الأحكام كلها يتعلق بالوطء فى دبر المرأة إلا سبعة أحكام، ويتعلق معظمها بالوطء فى دبر الرجل، ووطء البهيمة، وأن الأحكام كلها تتعلق بتغييب الحشفة من سليم الذكر، وفى مقطوعها تفصيل نذكره فى موضعه إن شاء الله تعالى، ومن ذلك حقيقة الإكراه، وكذا هو يسقط أثر الفعل إلا فى نحو ثلاثين مسألة، وهى كذا وكذا، ومن ذلك حرمة مكة حده من كل جهة كذا وكذا، ويخالف غيره من البلاد فى كذا وكذا حكمًا. ومن ذلك الحيض يتعلق به أحكام وهى كذا وكذا، وتلك الأحكام كلها يتعلق بالنفاس إلا كذا وكذا، والميتة كلها حرام ونجسة إلا كذا وكذا مسألة، وأشباه هذه الأمثلة غير منحصرة، وسنراها إن شاء الله تعالى فى مواضعها، وكذلك أوضح إن شاء الله تعالى من بيان المواضع وحدودخا وضبطها ما لا أظنك تجد مجموعها فى غير هذا الموضع إلا بتعب إن وجدته، وأنبه على ما يشتبه منها كذى الحُلَيْفة ميقات أهل المدينة، وبقربه أربعة مواضع تشبهه فى الخط، وهَجَر المذكورة فى مسألة القلتين غير هجر المذكورة فى باب الجزية، وأشباه ذلك كثيرة. وأما الأسماء: فهى إن شاء الله تعالى أتقن ما تجده، وأجمعه للنفائس وعيون أخبار أصحابها، فأحققها أكمل تحقيق وأبلغ إيضاح، ثم أسلك فى هذا الكتاب إن شاء الله تعالى طريقة مستحسنة من مستجادات التصنيف، وهى أن ما كان فيه من الأسماء والألفاظ متكررًا تكرارًا كثيرًا أو معروف الموضع شرحته الجزء: 1 ¦ الصفحة: 8 من غير بيان موضعه غالبًا، وما كان يخفى موضعه على بعض المتفقهين وشبهه بينت موضعه، فأقول مثلاً قوله فى المهذب فى باب كذا أو فى أوله أو أوائله أو أواخره أو فى أثنائه مثاله الكراز، ذكره فى المهذب فى باب السلم فى فصل السلم فى الآنية، وهو بضم الكاف وتخفيف الراء ... الخ شرحه، وروضة خاخ ذكرها فى كتاب السير، وبُزَاخة ذكره فى قتل المرتد وأشباه ذلك. وكذا أسماء الأشخاص إن كان الشخص متكررًا كالمزنى، وابن سريج، لا أضيفه إلى موضع، وإن لم يكن متكررًا أو تكرر فى موضعين أو ثلاثة بينت موضعه، فأقول مثلاً: البخارى ومسلم صاحبا الصحيحين، ذكرهما فى المهذب فى باب قسم الخمس، ولا ذكر لهما فى المهذب إلا هنا، وذكر فى الوسيط البخارى فى صفة الصلاة فى قراءة: بسم الله الرحمن الرحيم، لا ذكر له فى هذين الكتابين إلا فى هذين الموضعين، وتكرر ذكرهما فى الروضة، وأبو داود ذكره فى المهذب فى آخر زكاة الفطر، وفى قسم الخمس فحسب، ولا ذكر له فى باقى الكتب إلا فى الروضة فتكرر فيها. وأبيض بن حمال الصحابى لا ذكر له فى هذه الكتب الستة إلا فى إحياء الموات من المهذب، والنجاشى فى الجنائز وأشباه هذا، وإذا تكرر الاسم فى موضعين بلفظتين يوهمان الاختلاف وليس يختلفان أو عكسه بينته، فقلت مثلاً: أبو شريح الخزاعى فى المهذب فى باب ما يجب به القصاص، هو أبو شريح الكعبى المذكور فى باب استيفاء القصاص، ثم فى باب العفو عن القصاص، وعبد الله بن زيد الأنصارى المذكور فى المهذب فى صفة الوضوء، وصلاة الاستسقاء، وأول باب الشك فى الطلاق، هو واحد، وهو غير عبد الله بن زيد المذكور فى باب الأذان من المهذب، والوسيط، والفرق بينهما من كذا وكذا. ومرادى بهذا كله التيسير والإيضاح للطالبين رجاء رضا رب العالمين، فقد صح أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "والله فى عون العبد ما كان العبد فى عون أخيه"، وأذكر إن شاء الله تعالى فى آخر ترجمة كل واحد من فقهاء أصحابنا مسائل غريبة عنه، سواء كان قوله فيها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 9 راجحًا أو مرجوحًا، وأبين أن قوله راجح أو مرجوح، وأكثر ذلك من المرجوح، والمقصود من تراجم الصحابة وغيرهم بيان الاسم، والكنية، والنسب، والبلد، والمولد، والوفاء، ونفيسه من مناقبه، وعيون أخباره، وينضم إلى هذا فى فقهاء أصحابنا أنه على من تفقه ومن تفقه عليه، وما صنف وأن تصنيفه نفيس أم لا، وأنه يعتمد أم لا، وأنه قليل المخالفة للأصحاب أو كثيرها. وسنرى فى كل ذلك إن شاء الله تعالى ما تقر به عينك، وترغب بسببه فى مراجعة كتب العلماء من كل فن، وأرجو إن تم هذا الكتاب أن يحصل لصاحبه مقصود خزانة من أنواع العلوم التى يدخل فيه، واستمدادى فى ذلك وفى غيره من أمورى التوفيق، والكفاية، والإعانة، والصيانة، والهداية من الله الكريم الوهاب، اللطيف الحكيم التواب، أسأله التوفيق لحسن النيات، وتيسير أنواع الطاعات، والهداية لها دائمًا فى ازدياد حتى الممات، ومغفرة ما ظلمت نفسى به فى المخالفات، وأن يفعل ذلك بوالدى ومشايخى وأهلينا وأحبابنا، وسائر المسلمين والمسلمات، وأن يجود علينا أجمعين برضاه ومحبته، ودوام طاعته، ويجمع بيننا فى دار كرامته، وغير ذلك من أنواع المسرات، وأن ينفعنا أجمعين بهذا الكتاب، ويجمع لنا المثوبات، وألا ينزع منا ما وهبه لنا ومنَّ به علينا من الخيرات، وألا يجعل شيئًا من ذلك فتنة لنا، وأن يعيذنا من كل المخالفات، إنه سميع الدعوات، جزيل العطيات، اعتصمت بالله، توكلت على الله، ما شاء الله، لا قوة إلا بالله، حسبى الله ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم، وأقدم فى أول الكتاب فصولاً تكون لمحصله قواعد وأصولاً. * * * [القسم الأول: في الأسماء] فصل اعلم أن لمعرفة أسماء الرجال، وأحوالهم، وأقوالهم، ومراتبهم، فوائد كثيرة، منها معرفة مناقبهم، وأحوالهم، فيتأدب بآدابهم، ويقتبس المحاسن من آثارهم، ومنها مراتبهم وأعصارهم، فينزلون منازلهم، ولا يقصر بالعالى فى الجلالة عن درجته، ولا يرفع غيره عن مرتبته، وقد قال الله تعالى: {وَفَوْقَ كُلِّ ذِى عِلْمٍ عَلِيمٌ} [يوسف: 76] ، وثبت فى صحيح مسلم عن ابن مسعود، رضى الله عنه، قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " الجزء: 1 ¦ الصفحة: 10 ليلينى منكم أولو الأحلام والنهى، ثم الذين يلونهم ثلاثًا" (1) ، وعن عائشة، رضى الله عنها، قالت: "أمرنا رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن ننزل الناس منازلهم" (2) . قال الحاكم أبو عبد الله فى علوم الحديث: هو حديث صحيح، وأشار أبو داود فى سننه إلى أنه مرسل. ومنها أنهم أئمتنا وأسلافنا، كالوالدين لنا، وأجدى علينا فى مصالح آخرتنا التى هى دار قرارنا، وأنصح لنا فيما هو أعود علينا، فيقبح بنا أن نجهلهم وأن نهمل معرفتهم. ومنها أن يكون العمل والترجيح بقول أعلمهم وأورعهم إذا تعارضت أقوالهم على ما أوضحته فى مقدمة شرح المهذب. ومنها بيان مصنفاتهم وما لها من الجلالة وعدمها، والتنبيه على مراتبها، وفى ذلك إرشاد للطالب إلى تحصيلها، وتعريف له بما يعتمده منها، وتحذيره مما يخاف من الاعتزار به، وغير ذلك، وبالله التوفيق. * * * فصل: يتعلق بالتسمية والأسماء والكنى والألقاب وقد جمعت فى هذه الأقسام جُملاً نفيسة فى كتاب الأذكار، وأنا أشير هنا إن شاء الله إلى نُبذ من عيون ذلك: يستحب تحسين الاسم، لحديث أبى الدرداء، رضى الله عنه، قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إنكم تدعون يوم القيامة بأسمائكم، فأحسنوا أسمائكم" (3) . رواه أبو داود بإسناد جيد. وفى صحيح مسلم، عن ابن عمر، رضى الله عنهما، قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إن أحب أسمائكم إلى الله: عبد الله، وعبد الرحمن" (4) . وفى سنن أبى داود، والنسائى، عن ابن وهب الجشمى الصحابى، رضى الله عنه، قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "سموا بأسماء الأنبياء، وأحب الأسماء إلى الله: عبد الله، وعبد الرحمن، وأصدقها: حارث، وهمام، وأقبحها: حرب، ومرة" (5) . وفى صحيح مسلم، عن سمرة بن جندب، رضى الله عنه، قال: قال رسول   (1) أورده السيوطى فى الكبير وعزاه لعبد الرزاق، ومسلم، وأبو داود، والترمذى، والنسائى، وابن ماجه عن أبى مسعود. أحمد، وابن حبان، والطبرانى، والحاكم عن ابن مسعود. حديث أبى مسعود: أخرجه عبد الرزاق (2/45، رقم 2430) ، ومسلم (1/323، رقم 432) وأبو داود (1/180، رقم 674) ، والنسائى (1/286، رقم 881) ، وابن ماجه (1/312، رقم 976) قال الترمذى بعد أن ذكر حديث ابن مسعود (1/440، رقم 228) : وفى الباب عن أبى مسعود. حديث ابن مسعود: أخرجه أحمد (1/457، رقم 4373) ، وابن حبان (5/545، رقم 2172) ، والطبرانى (10/88، رقم 10041) ، والحاكم (2/10، رقم 2150) وقال: صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه أيضًا: الترمذى (1/440، رقم 228) ، وقال: حسن صحيح غريب. (2) أخرجه الخرائطى فى مكارم الأخلاق (ص 37، رقم 46) . (3) أخرجه أحمد (5/194، رقم 21739) ، وأبو داود (4/287، رقم 4948) ، وابن حبان (13/135، رقم 5818) ، وأبو نعيم فى الحلية (5/152) ، والبيهقى (9/306، رقم 19091) . (4) أخرجه مسلم (3/1682، رقم 2132) . وأخرجه أيضًا: الحاكم (4/304، رقم 7719) وقال: صحيح على شرط الشيخين. والبيهقى (9/306، رقم 19089) . (5) أخرجه أحمد (4/345، رقم 19054) ، والبخارى فى الأدب المفرد (ص 284، رقم 814) ، وأبو داود (4/287، رقم 4950) ، والنسائى فى الكبرى (3/37، رقم 4406) ، والطبرانى (22/380، رقم 949) ، والبيهقى (9/306، رقم 19090) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 11 الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “لا تسمين غلامك يسارًا، ولا رباحًا، ولا نجاحًا، ولا أفلح، فإنك تقول: أثَم هو، فلا يكون فيقول: لا” (1) . ويستحب تغيير الاسم القبيح إلى حسن، ففى الصحيحين عن أبى هريرة، رضى الله عنه، أن زينب كان اسمها برّة، فقيل: تزكى نفسها، فسماها رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زينب. وفى صحيح مسلم، عن زينب بنت أبى سلمة، رضى الله عنها، قالت: سميت برة، فقال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “سموها زينب” (2) ، قالت: ودخلت عليه زينب بنت جحش واسمها برة، فسماها رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زينب. وفى صحيح مسلم، عن ابن عمر، رضى الله عنهما، أن ابنة لعمر كان اسمها عاصية، فسماها رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جميلة. ويحرم تلقيب الإنسان بما يكرهه، سواء كان صفة له، كالأعمش، والأجلح، والأعمى، والأصم، والأقرع، والأعرج، والأبرص، والأحول، والأثبج، والأصفر، والأحدب، والأزرق، والأفطس، والأشتر، والأثرم، والأقطع، والزمن، والمقعد، والأشل، سواء كان صفة لأبيه أو أمه أو غير ذلك مما يكرهه. واتفقت العلماء على جواز ذكره بذلك على سبيل التعريف لمن لا يعرفه إلا بذلك، كهؤلاء المذكورين فى المثال، فإنهم أئمة وعلماء مشهورون بهذه الألقاب فى كتب الحديث وغيرها، ولا يعرفهم أكثر الناس إلا بالألقاب. واتفقوا على جواز تلقيبه باللقب الحسن وما لا يكرهه، كعتيق لقب أبى بكر الصديق، رضى الله عنه، وأبى تراب لقب على بن أبى طالب، وذى اليدين لقب الخرباق بن عمرو، وسرق لقب الحباب بن أسد الجهنى، فهؤلاء صحابيون، رضى الله عنهم، لقبهم النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بهذه الألقاب وكانوا يحبونها. وتجوز الكنية لكل مسلم، ويستحب لنا أن نكنى أهل الفضل من العلماء وغيرهم، ويستحب أن يكنى بأكبر أولاده، وفى حديث فى سنن أبى داود وغيره، أن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سأل رجلاً عن أكبر أولاده، فكناه به. ويجوز تكنيته بغير أولاده، ويجوز تكنية من لا ولد له، ويجوز تكنية من لم يولد له، وتكنية الطفل كما كان رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: “يا أبا عمير، ما فعل   (1) أخرجه ابن أبى شيبة (6/109، رقم 29868) ، وأحمد (5/10، رقم 20119) ، ومسلم (3/1685، رقم 2137) ، وابن حبان (3/116، رقم 835) ، (13/150، رقم 5838) ، والطبرانى (7/187، رقم 6791) ، (7/188، رقم 6793) . وأخرجه أيضًا: النسائى فى الكبرى (6/211، رقم 10681) ، والبيهقى فى شعب الإيمان (1/423، رقم 601) . (2) أخرجه مسلم (3/1687، رقم 2142) ، وأبو داود (4/288، رقم 4953) . وأخرجه أيضا: ابن أبى عاصم فى الآحاد (6/23، رقم 3203) ، وابن سعد (8/461) ، والطبرانى (24/280، رقم 709) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 12 النغير” (1) . ويجوز تكنية الرجل بأبى فلانة، والمرأة بأم فلان وأم فلانة، ويكنى الكافر الذى اشتهر بكنيته كأبى لهب، وأبى طالب، وأبى رغال، وغيرهم. وفى جواز التكنى بأبى القاسم خلاف للعلماء أوضحته فى كتاب الأذكار والروضة، وأنا أشير إليها هاهنا، وبالله التوفيق. * * * فصل عادة الأئمة الحذاق المصنفين فى الأسماء والأنساب أن ينسبوا الرجل النسب العام ثم الخاص؛ ليحصل فى الثانى فائدة لم تكن فى الأول، فيقولون مثلاً: فلان بن فلان القريشى الهاشمى؛ لأنه لا يلزم من كونه قرشيًا كونه هاشميًا، ولا يعكسون فيقولون: الهاشمى القرشى، فإنه لا فائدة فى الثانى حينئذ، فإنه يلزم من كونه هاشميًا كونه قرشيًا. فإن قيل: فينبغى ألا يذكروا القريشى، بل يقتصروا على الهاشمى. فالجواب: أنه قد يخفى على بعض الناس كون الهاشمى قرشيًا، ويظهر هذا الخفاء فى البطون الخفية، كالأشهل من الأنصار، فيقال: الأنصارى الأشهلى، ولو اقتصروا على الأشهلى لم يعرف كثير من الناس أن الأشهلى من الأنصار أم لا، وكذا ما أشبهه، فذكروا العام ثم الخاص؛ لدفع هذا الوهم، وقد يقتصرون على الخاص، وقد يقتصرون على العام، وهذا قليل. ثم إنهم قد ينسبون إلى البلد بعد القبيلة، فيقولون: القريشى المكى أو المدنى، وإذا كان له نسب إلى بلدين بأن يستوطن أحدهما ثم الآخر نسبوه غالبًا إليهما، وقد يقتصرون على أحدها، وإذا نسبوه إليهما قدموا الأول، فقالوا: المكى الدمشقى، والأحسن: المكى ثم الدمشقى، وإذا كان من قرية بلدة نسبوه تارة إلى القرية، وتارة إلى البلدة، وتارة إليهما، وحينئذ يقدمون البلدة؛ لأنها أعم كما سبق فى القبائل، فيقولون فيمن هو من أهل حرستا، قرية من   (1) أخرجه الطيالسى (ص 280، رقم 2088) ، وأحمد (3/119، رقم 12220) ، والبخارى (5/2270، رقم 5778) ، والترمذى (2/154، رقم 333) وقال: حسن صحيح. والنسائى فى الكبرى (6/91، رقم 10165) ، وابن ماجه (2/1226، رقم 3720) ، وأبو عوانة (1/407، رقم 1501) ، والطحاوى (4/194) ، وابن حبان (6/82، رقم 2308) . وأخرجه أيضا: ابن أبى شيبة (1/351، رقم 4042) ، ومسلم (3/1692، رقم 2150) ، وأبو داود (4/293 رقم 4969) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 13 قرى الغوطة التى هى كورة من كور دمشق: فلان الدمشقى الحرستانى، وقد يقولون فى مثله: فلان الشامى الدمشقى الحرستانى، فينسبونه إلى الإقليم، ثم البلدة، ثم القرية. وقد ينسبونه إلى الكورة، فيقولون: الغوطى الحرستانى، أو الشامى الدمشقى الغوطى الحرستانى. قال عبد الله بن المبارك، رحمه الله، وغيره: إذا أقام إنسان فى بلد أربع سنين نسب إليه. وينسبون إلى القبيلة مولاهم؛ لقوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "موالى القوم من أنفسهم" (1) ، وسواء كان مولى عتاقة، وهو الأكثر، أو مولى حلف ومناصرة، أو مولى إسلام، بأن أسلم على يد واحد من القبيلة، كالبخارى الإمام مولى الجعفيين، أسلم بعض أجداده على يد واحد من الجعفيين، وسنوضحه فى ترجمته، إن شاء الله تعالى، وقد ينسبون إلى القبيلة مولى مولاها، كأبى الحباب الهاشمى مولى شقران مولى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وبالله التوفيق. * * * فصل فى حقيقة الصحابى والتابعى وبيان فضلهم ومراتب الصحابة والتابعين وأتباعهم أما الصحابى: ففيه مذهبان، أصحهما وهو مذهب البخارى وسائر المحدثين وجماعة من الفقهاء وغيرهم، أنه كل مسلم رأى النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولو ساعة، وإن لم يجالسه ويخالطه. والثانى وهو مذهب أكثر أهل الأصول أنه يشترط مجالسته، وهذا مقتضى العرف، وذاك مقتضى اللغة، وهكذا قاله الإمام أبو بكر بن الباقلانى، رحمه الله، وغيره. وأما التابعى: ففيه أيضًا مذهبان، أحدهما: الذى رأى صحابيًا. والثانى: أنه الذى جالس صحابيًا. قال الله تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِىَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِى   (1) أخرجه البخارى (6/2484، رقم 6380) . وأخرجه أيضا: القضاعى (2/110، رقم 988) ، والبيهقى (2/151، رقم 2687) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 14 تَحْتَهَا الأَنْهَارُ} [التوبة: 100] الآية. واختلفوا فى المراد بالسابقين فى الآية، فقال سعيد بن المسيب وآخرون: هم من صلى إلى القبلتين. وقال الشعبى: أهل بيعة الرضوان. وقال محمد بن كعب القرظى، وعطاء: هم أهل بدر. وقال الله تعالى: {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِى وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ} [الفتح: 29] إلى آخر السورة. وقال تعالى: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ} [آل عمران: 110] . وقال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} [البقرة: 143] . وفى الصحيحين عن عمران بن الحصين، رضى الله عنه، قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “خيركم قرنى، ثم اللذين يلونهم، ثم الذين يلونهم”. وفى الصحيح قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “لو أنفق أحدكم مثل أُحُد ذهبًا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه” أى نصفه. والأحاديث فى فضل الصحابة، رضى الله عنهم، على الإطلاق كثيرة مشهورة فى الصحيحين وغيرهما، وأما فضائلهم على الخصوص لطائفة ولأشخاص، فأكثر من أن تحصر، وسنذكر فى تراجمهم منها جملاً إن شاء الله تعالى. فممن له مزية من الصحابة، رضى الله عنهم، العشرة الذين شهد لهم النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالجنة، وهم: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلى، وطلحة، والزبير، وسعد بن أبى وقاص، وسعيد بن زيد، وأبو عبيدة بن الجراح، وعبد الرحمن بن عوف، رضى الله عنهم. ومنهم أهل بدر، وأُحُد، والعقبتين الأولى والثانية، وأهل بيعة الرضوان تحت الشجرة. قال الله تعالى: {لَقَدْ رَضِىَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} [الفتح: 18] . قال الإمام أبو منصور البغدادى: أصحابنا مجمعون على أن أفضلهم الخلفاء الأربعة، ثم تمام العشرة، ثم أهل بدر، ثم أُحُد، ثم بيعة الرضوان. وأجمع أهل السُنة على أن أفضلهم على الإطلاق أبو بكر، ثم عمر. وقدَّم جمهورهم عثمان على علىّ، رضى الله عنهم. قال الخطابى: وقدم أهل السُنة من أهل الكوفة عليًّا على عثمان، وبه قال ابن خزيمة، والصحيح قول الجمهور تقديم عثمان، ولهذا اختارته الصحابة للخلافة وقدموه، وهم أعلم وأعرف بالمراتب. وأولهم إسلامًا خديجة بنت خويلد، وأبو بكر، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 15 هذا هو الصحيح، واختلفوا فى أيهما أسبق، وآخرهم وفاة أبو الطفيل عامر بن واثلة، رضى الله عنه، توفى سنة مائة من الهجرة باتفاق العلماء، واتفقوا على أنه آخر الصحابة، رضى الله عنهم، وفاة. وأما التابعون: فواحدهم تابعى، وتابعى، وقد ذكرنا حقيقته وفضلهم، وأما مراتبهم، فقال الإمام الحاكم أبو عبد الله الحافظ النيسابورى: هم خمس عشرة طبقة، أولهم الذين أدركوا العشرة من الصحابة، منهم قيس بن أبى حازم، سمع العشرة، وروى عنهم، ولم يشاركه فى هذا أحد، وقيل: لم يسمع عبد الرحمن. ويليهم الذين ولدوا فى حياة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من أولاد الصحابة، ثم ذكر طبقاتهم. وفى صحيح مسلم أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال فى أويس القرنى: “هو خير التابعين، رضى الله عنه”. وقال أحمد بن حنبل: أفضل التابعين سعيد بن المسيب، فقيل له: علقمة، والأسود؟ فقال: سعيد، وعلقمة، والأسود. وعنه: لا أعلم فيهم مثل أبى عثمان النهدى، وقيس ابن أبى حازم. وعنه: أفضلهم قيس، وأبو عثمان، وعلقمة، ومسروق. ولعله أراد أفضلهم فى ظاهر علوم الشرع، وإلا فأويس خير التابعين. وقال أبو عبد الله بن خفيف الزاهد: أهل المدينة يقولون: أفضل التابعين ابن المسيب، وأهل الكوفة أويس، وأهل البصرة الحسن. ومن الفضلاء التابعين الفقهاء السبعة فقهاء المدينة: سعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، والقاسم بن محمد، وعبيد الله ابن عبد الله بن عتبة بن مسعود، وخارجة بن زيد، وسليمان بن يسار، وفى السابع ثلاثة أقوال، هل هو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف؟ أو سالم بن عبد الله بن عمر ابن الخطاب؟ أو أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام؟. وقد ذكرهم صاحب المهذب فى باب الخيار فى النكاح، وسنوضحهم فى تراجمهم إن شاء الله تعالى. وأما تابعو التابعين ومن بعدهم: فلهم فضل فى الجملة، ولكن لا يلحقون من حيث الجملة بمن قبلهم؛ لحديث أنس، رضى الله عنه، فى صحيح البخارى، أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: “ما من عام إلا والذى بعده شر منه” (1) . وفى صحيح   (1) أخرجه الترمذى (4/492، رقم 2206) وقال: حسن صحيح. وأخرجه نعيم بن حماد (1/41، رقم 47) . وأخرجه أيضًا: أحمد (3/132، رقم 12369) ، وأبو يعلى (7/97، رقم 4037) جميعا عن أنس. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 16 البخارى أيضًا، عن مرداس الأسلمى، رضى الله عنه، قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “يذهب الصالحون الأول فالأول، وتبقى حفالة كحفالة الشعير والتمر لا يباليهم الله بالة” (1) ، يقال: لا أبالى زيدًا بالاً ولا بالة، وبلى بكسر الياء مقصور، أى لا أكترث به ولا أهتم له. ومع هذا فلهم فى أنفسهم فضائل ظاهرة، وفى حفظ العلم آيات باهرة، ففى الصحيحين أن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "لا تزال طائفة من أمتى ظاهرين على الحق لا يضرهم خذلان من خذلهم" (2) . وجملة العلماء أو جمهورهم على أنهم حملة العلم، وقد دعا لهم النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: "نضر الله امرء سمع مقالتى فوعاها فأداها كما سمعها" (3) ، وجعلهم عدولاً، فأمرهم بالتبليغ عنه، فقال - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "ليبلغ الشاهد منكم الغائب"، وفى الحديث الآخر: "يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين". وهذا إخبار منه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بصيانة العلم وحفظه وعدالة ناقليه، وأن الله تعالى يوفق له فى كل عصر خلفاء من العدول يحملونه وينفون عنه التحريف وما بعده فلا يضيع، وهذا تصريح بعدالة حامليه فى كل عصر، وهكذا وقع ولله الحمد، وهذا من أعلام النبوة، ولا يضر مع هذا كون بعض الفساق يعرف شيئًا من العلم، فإن الحديث إنما هو إخبار بأن العدول يحملونه لا أن غيرهم لا يعرف شيئًا منه، والله أعلم. * * * فصل فى سلسلة التفقه لأصحاب الشافعى، رحمة الله عليه منهم إلى الشافعى، رحمه الله، ثم إلى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهذا من المطلوبات المهمات، والنفائس الجليلات، التى   (1) حديث مرادس: أخرجه: أحمد (4 / 193، رقم 17765) ، والبخاري (5 / 2364، رقم6070) . حديث المستورد: أخرجه: الطبراني (20 / 310، رقم 737) ، وأخرجه أيضا: الطبرانى فى الأوسط (3 / 123، رقم 2677) قال الهيثمى (7 /321) : رواه الطبراني في الأوسط، ورجاله ثقات. أخرجه: الرامهرمزي (ص 125، رقم 90) ، وأخرجه أيضا: الدارمي (2 / 390، رقم 2719) مختصرا، والطبراني (20 / 298، رقم 708) . (2) أخرجه ابن ماجه (1/4، رقم 6) ، والطبرانى (19/27، رقم 55) ، وابن حبان (1/261، رقم 61) . وأخرجه أيضا: الترمذى (4/485، رقم 2192) . (3) أخرجه الترمذى (5/33، رقم 2656) وقال: حسن. وأخرجه أيضا: أبو داود (3/322، رقم 3660) والنسائى (3/431، رقم 5847) . أخرجه أحمد (1/436، رقم 4157) ، والترمذى (5/34، رقم 2657) وقال: حسن صحيح. وابن حبان (1/268، رقم 66) ، والبيهقى فى شعب الإيمان (2/274، رقم 1738) . وأخرجه أيضا: البزار (5/382، رقم 2014) ، والشاشى (1/314، رقم 275) ، وابن عدى (6/462، رقم 1942) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 17 ينبغى للمتفقه والفقيه معرفتها، وتقبح به جهالتها، فإن شيوخه فى العلم آباء فى الدين، وصلة بينه وبين رب العالمين، وكيف لا يقبح جهل الإنسان والوصلة بينه وبين ربه الكريم الوهاب، مع أنه مأمور بالدعاء لهم، وبرهم، وذكر مآثرهم، والثناء عليهم، وشكرهم، فأذكرهم منى إلى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وحينئذ يعرف مَن كان فى عصرنا وبعده طريقه باجتماعها هى وطريقتى قريبًا. فأما أنا فأخذت الفقه قراءة، وتصحيحًا، وسماعًا، وشرحًا، وتعليقًا، عن جماعات، أولهم شيخى الإمام المتفق على علمه، وزهده، وورعه، وكثرة عبادته، وعظم فضله، وتميزه فى ذلك على أشكاله، أبو إبراهيم إسحاق بن أحمد بن عثمان المغربى ثم المقدسى، رضى الله عنه وأرضاه، وجمع بينى وبينه وبين سائر أحبابنا فى دار كرامته مع من اصطفاه، ثم شيخنا أبو محمد عبد الرحمن بن نوح بن محمد بن إبراهيم بن موسى المقدسى ثم الدمشقى، الإمام العارف، الزاهد، العابد، والورع، المتقن، مفتى دمشق فى وقته، رحمه الله، ثم شيخنا أبو حفص عمر بن أسعد بن أبى غالب الربعى، بفتح الباء، الأربلى، الإمام المتقن، رضى الله عنه، ثم شيخنا أبو الحسن سلار بن الحسن الأربلى ثم الحلبى ثم الدمشقى، المجمع على إمامته، وجلالته، وتقدمه فى علم المذهب على أهل عصره بهذه النواحى، رضى الله عنه. وتفقه شيوخنا الثلاثة الأولون على شيخهم الإمام أبى عمرو عثمان بن عبد الرحمن ابن عثمان المعروف بابن الصلاح، وتفقه هو على والده، وتفقه والده فى طريقة العراقيين على أبى سعيد عبد الله بن محمد بن هبة الله بن على بن أبى عصرون الموصلى، وتفقه أبو سعيد على القاضى أبى على الفارقى، وتفقه الفارقى على الشيخ أبى إسحاق الشيرازى، وتفقه الشيخ أبو إسحاق على القاضى أبى الطيب طاهر بن عبد الله الطبرى، وتفقه أبو الطيب على أبى الحسن محمد بن على بن سهل بن مصلح الماسرجسى، وتفقه الماسرجسى على أبى إسحاق إبراهيم بن أحمد المروزى، وتفقه أبو إسحاق على أبى العباس أحمد بن عمر بن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 18 سريج، وتفقه ابن سريج على أبى القاسم عثمان بن بشار الأنماطى، وتفقه الأنماطى على أبى إبراهيم إسماعيل بن يحيى المزنى، وتفقه المازنى على أبى عبيد الله محمد بن إدريس الشافعى، رضى الله عنه، وتفقه الشافعى على جماعات، منهم أبو عبد الله مالك بن أنس إمام المدينة، ومالك على ربيعة، عن أنس، وعلى نافع، عن ابن عمر، كلاهما عن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. والشيخ الثانى للشافعى، رحمه الله، سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن ابن عمرو بن عباس، رضى الله عنهم. والشيخ الثالث للشافعى، رضى الله عنه، أبو خالد مسلم بن خالد مفتى مكة وإمام أهلها، وتفقه مسلم على أبى الوليد عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، وتفقه ابن جريج على أبى محمد عطاء بن أسلم أبى رباح، وتفقه عطاء على أبى العباس عبد الله بن عباس، وأخذ ابن عباس عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وعن عمر بن الخطاب، وعلى، وزيد بن ثابت، وجماعات من الصحابة، رضى الله عنهم، عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وأما طريقة أصحابنا الخراسانيين، فأخذتها عن شيوخنا المذكورين، وأخذها شيوخنا الثلاثة عن أبى عمرو، عن والده، عن أبى القاسم بن البزرى الجزرى، عن أبى الحسن على بن محمد بن على الكيا الهراسى، عن أبى المعالى عبد الملك بن عبد الله بن يوسف ابن عبد الله بن يوسف إمام الحرمين، عن والده أبى محمد، عن أبى بكر عبد الله بن أحمد بن عبد الله بن أحمد القفال المروزى الصغير، وهو إمام طريقة خراسان، عن أبى زيد محمد بن أحمد بن عبد الله بن محمد المروزى، عن أبى إسحاق المروزى، عن ابن سريج، كما سبق. وتفقه شيخنا الإمام أبو الحسن سلار على جماعات، منهم الإمام أبو بكر الماهانى، وتفقه الماهانى على ابن البزرى بطريقه السابق، فهذا مختصر السلسلة. ومعلوم أن كل واحد من هؤلاء أخذ عن جماعة، بل جماعات، لكن أردت الاختصار وبيان واحد من شيوخ كل واحد، وذكرت أجلهم وأشهرهم له، وسأوضحهم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 19 بأحوالهم وتراجمهم فى هذا الكتاب إن شاء الله تعالى، إلا شيوخنا المتأخرين، فإنه لا ذكر لأكثرهم فى هذا، وقد ذكرتهم فى كتاب الطبقات، وبالله التوفيق. * * * فصل ابتداء التاريخ ابتدأ التاريخ فى الإسلام من هجرة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من مكة إلى المدينة، وهذا مجمع عليه، وأول مَن أرَّخ بالهجرة عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، سنة سبع عشرة من الهجرة. وهذه أحرف فى بيان جملة من الأمور المشهورة فى كل سنة من سنى الهجرة إلى وفاة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على ترتيب السنين، وهى عشر سنين: الأولى: فيها بنى النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مسجده ومساكنه، وآخى بين المهاجرين والأنصار، وأسلم عبد الله بن سلام، وشرع الأذان. السنة الثانية: فيها حولت القبلة إلى الكعبة بعد ستة عشر أو سبعة عشر شهرًا من الهجرة فى شعبان، وفيها فرض صوم رمضان شهره، وفيها فرضت صدقة الفطر، وفيها كانت غزوة بدر فى رمضان، وفى شوال منها بنى بعائشة، وفيها تزوج علىٌ فاطمة. الثالثة: فيها غزوات وسرايا، منها غزوة أُحُد يوم السبت السابع من شوال، ثم غزوة بدر الصغرى لهلال ذى القعدة، وفيها غزوة النضير، وحُرمت الخمر بعد أُحُد، وتزوج فيها حفصة، وتزوج عثمان أم كلثوم، وولد الحسن بن على. الرابعة: فيها تزوج أم سلمة، وقصرت الصلاة، ونزل التيمم، وفيها غزوة الخندق، وقيل: الخندق فى سنة خمس، والصحيح أنه سنة أربع، ففى الصحيحين عن ابن عمر، رضى الله عنهما، قال: عُرضت على النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوم أُحُد وأنا ابن أربع عشرة سنة، فلم يجزنى، وعُرضت عليه يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة فأجازنى. وقد أجمعوا على أن أُحُدًا فى الثالثة، ويقال لها: الخندق، والأحزاب، وكان حصار الأحزاب المدينة خمسة عشر يومًا، ثم هزمهم الله عز وجل، وأرسل عليهم ريحًا وجنودًا، وقيل: أن غزاة ذات الرقاع فيها، والأرجح أنها فى سنة خمس، وهو أول صلاة الخوف، وفيها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 20 قتل القراء ببئر معونة، رضى الله عنهم. الخامسة: فيها غزاة دومة الجندل، وقريظة، ونزل الحجاب. السادسة: فيها غزاة الحديبية، وبيعة الرضوان، وغزوة بنى المصطلق، وكسفت الشمس، ونزل الظهار. السابعة: فيها غزوة خيبر، والهدنة، وهو الصلح مع أهل مكة، والقضاء، ويقال لها أيضًا: عمرة القضاء، وعمرة القضية أيضًا، وفيها هاجر خالد بن الوليد، وعثمان بن طلحة سادن الكعبة، فلقوا عمرو بن العاص واصطحبوا وأسلموا ثلاثتهم، وتزوج أم حبيبة، وميمونة، وصفية، وجاءته مارية، وبغلته دُلْدُلُ، وقدم جعفر وأصحابه من الحبشة، وأسلم أبو هريرة. الثامنة: فيها غزوة مؤتة، وذات السلاسل، وفتح مكة فى رمضان، وولد إبراهيم، وتوفيت زينب بنت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وفيها غزوة حنين، والطائف، وفيها غلا السعر، فقالوا: سعر لنا، فأجابهم بقوله: “المسعر هو الله”. التاسعة: فيها غزوة تبوك، وحج أبو بكر، رضى الله عنه، بالناس، وتوفيت أم كلثوم، والنجاشى، رضى الله عنهما، وتتابعت الوفود. العاشرة: فيها حج رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حجة الوداع، وتوفى إبراهيم ابن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وأسلم جرير، ونزل: {إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} [النصر: 1] . وهذا حين أشرع فى مقصود الكتاب مستعينًا بالله الكريم الوهاب، مبتدئًا بنبينا محمد - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ثم من اسمه محمد؛ لشرف اسمه، ثم أعود إلى ترتيب الحروف المشروطة فى الخطبة، وهو - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: * * * الترجمة النبوية الشريفة 1 - محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصى بن كلاب ابن مرة بن كعب بن لؤى بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان: إلى هنا إجماع الأمة، وأما ما بعده إلى آدم فيختلف فيه أشد اختلاف. قال العلماء: ولا يصح فيه شىء يعتمد، وقُصى بضم القاف، ولؤى بالهمزة وتركه، وإلياس بهمزة وصل، وقيل: بهمزة قطع. وكنية النبى المشهورة: أبو القاسم، وكناه جبريل، صلى الله عليهما وسلم: أبا إبراهيم. ولرسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أسماء كثيرة، أفرد فيها الإمام الحافظ أبو القاسم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 21 على بن الحسن بن هبة الله بن عبد الله الشافعى الدمشقى المعروف بابن عساكر، رحمه الله، بابًا فى تاريخ دمشق، ذكر فيه أسماء كثيرة، جاء بعضها فى الصحيحين، وباقيها فى غيرهما، منها: محمد، وأحمد، والحاشر، والعاقب، والمقفى، والماحى، وخاتم الأنبياء، ونبى الرحمة، ونبى الملحمة. وفى رواية: نبى الملاحم، ونبى التوبة، والفاتح، وطه، ويس، وعبد الله. قال الإمام الحافظ أبو بكر أحمد بن الحسين بن على البيهقى، رحمه الله: زاد بعض العلماء، فقال: سماه الله عز وجل فى القرآن: رسولاً، نبيًا، أميًا، شاهدًا، مبشرًا، نذيرًا، وداعيًا إلى الله بإذنه، وسراجًا منيرًا، ورءوفًا رحيمًا، ومذكرًا، وجعله رحمة، ونعمة، وهاديًا - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وعن ابن عباس، رضى الله عنهما، قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "اسمى فى القرآن محمد، وفى الإنجيل أحمد، وفى التوراة أحيد، وإنما سميت أحيدًا لأنى أحيد أمتى عن نار جهنم" (1) . قلت: وبعض هذه المذكورات صفات، فإطلاقهم الأسماء عليها مجاز. وقال الإمام الحافظ القاضى أبو بكر بن العربى المالكى فى كتابه الأحوذى فى شرح الترمذى: قال بعض الصوفية: لله عز وجل ألف اسم، وللنبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ألف اسم. قال ابن الأعرابى: فأما أسماء الله عز وجل، فهذا العدد حقير فيها، وأما أسماء النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فلم أحصها إلا من جهة الورود الظاهر بصيغة الأسماء النبية، فوعيت منها أربعة وستين اسمًا، ثم ذكرها مفصلة مشروحة، فاستوعب وأجاد، ثم قال: وله وراء هذه أسماء. وأم النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤى بن غالب. ووُلد رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عام الفيل، وقيل: بعده بثلاثين سنة. قال الحاكم أبو أحمد: وقيل: بعده بأربعين سنة، وقيل: بعده بعشر سنين. رواه الحافظ أبو القاسم بن عساكر فى تاريخ دمشق، والصحيح المشهور أنه   (1) أخرجه ابن عدى (1/337، ترجمة 164 إسحاق بن بشر) ، وابن عساكر (3/32) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 22 عام الفيل، ونقل إبراهيم بن المنذر الحزامى شيخ البخارى، وخليفة بن خياط، وآخرون الإجماع عليه. واتفقوا على أنه ولد يوم الاثنين من شهر ربيع الأول، واختلفوا هل هو فى اليوم الثانى أم الثامن أم العاشر أم الثانى عشر، فهذه أربعة أقوال مشهورة. وتوفى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ضحى يوم الاثنين لثنتى عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول سنة إحدى عشرة من الهجرة، ومنها ابتداء التاريخ كما سبق، ودفن يوم الثلاثاء حين زالت الشمس، وقيل: ليلة الأربعاء، وتوفى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وله ثلاث وستون سنة، وقيل: خمس وستون سنة، وقيل: ستون، والأول أصح وأشهر، وقد جاءت الأقوال الثلاثة فى الصحيح. قال العلماء: الجمع بين الروايات أن من روى ستين لم يعتبر هذه الكسور، ومن روى خمسًا وستين عد سنة المولد والوفاة، ومن روى ثلاثًا وستين لم يعدهما، والصحيح ثلاث وستون. وكذا الصحيح فى سن أبى بكر، وعمر، وعلى، وعائشة، رضى الله عنهم، ثلاث وستون سنة. قال الحاكم أبو أحمد، وهو شيخ الحاكم أبى عبد الله: يقال: ولد النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوم الاثنين، ونبىء يوم الاثنين، وهاجر من مكة يوم الاثنين، ودخل المدينة يوم الاثنين، وتوفى يوم الاثنين. وروى أنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولد مختونًا مسرورًا، وكفن - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فى ثلاثة أثواب بيض ليس فيها قميص ولا عمامة، ثبت ذلك فى الصحيحين. قال الحاكم أبو أحمد: ولما أدرج النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فى أكفانه وضع على سريره على شفير القبر، ثم دخل الناس أرسالاً يصلون عليه فوجًا فوجًا لا يؤمهم أحد، فأولهم صلاة عليه العباس، ثم بنو هاشم، ثم المهاجرون، ثم الأنصار، ثم سائر الناس، فلما فرغ الرجال دخل الصبيان، ثم النساء، ثم دفن - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ونزل فى حفرته العباس، وعلى، والفضل وقثم ابنا العباس، وشقران. قال: ويقال: كان أسامة بن زيد، وأوس بن حولى معهم، ودفن فى اللحد، وبنى عليه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فى لحده اللبن، يقال: إنها تسع لبنات، ثم أهالوا التراب، وجعل قبره - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مسطحًا، ورش عليه الماء رشًا. قال: ويقال: نزل المغيرة فى قبره، ولا يصح. قال الحاكم أبو أحمد: يقال: مات عبد الله والد رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولرسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثمانية الجزء: 1 ¦ الصفحة: 23 وعشرون شهرًا، وقيل: تسعة أشهر، وقيل: سبعة أشهر، وقيل: شهران، وقيل: مات وهو حمل، وتوفى بالمدينة. قال الواقدى وكاتبه محمد بن سعد: لا يثبت أنه توفى وهو حمل. ومات جده عبد المطلب وله ثمان سنين، وقيل: ست سنين، وأوصى به إلى أبى طالب. وماتت أم رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وله ست سنين، وقيل: أربع، ماتت بالأبواء، مكان بين مكة والمدينة. وبعث - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رسولاً إلى الناس كافة وهو ابن أربعين سنة، وقيل: أربعين ويوم، وأقام بمكة بعد النبوة ثلاث عشرة سنة، وقيل: عشرًا، وقيل: خمس عشرة، ثم هاجر إلى المدينة، فأقام بها عشر سنين بلا خلاف، وقدم المدينة يوم الاثنين لثنتى عشرة خلت من شهر ربيع الأول. قال الحاكم: وبدأ الوجع برسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فى بيت ميمونة يوم الأربعاء لليلتين بقيتا من شهر صفر. فصل أرضعته - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثويبة، بضم المثلثة، مولاة أبى لهب أيامًا، ثم أرضعته حليمة بنت أبى ذؤيب عبد الله بن الحارث السعدية، وروى عنها أنها قالت: كان يشب فى اليوم شباب الصبى فى شهر. ونشأ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يتيمًا، فكفله جده عبد المطلب، ثم عمه أبو طالب، وطهره الله عز وجل من دنس الجاهلية، فلم يعظم صنمًا لهم فى عمره قط، ولم يحضر مشهدًا من مشاهد كفرهم، وكانوا يطلبونه لذلك فيمتنع، ويعصمه الله من ذلك. وفى الحديث عن على، رضى الله عنه، أن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: “ما عبدت صنمًا قط، وما شربت خمرًا قط، وما زلت أعرف أن الذى هُم عليه كُفر”، وهذا من لطف الله تعالى به أن برأه من دنس الجاهلية ومن كل عيب، ومنحه كل خُلق جميل، حتى كان يُعرف فى قومه بالأمين؛ لما شاهدوا من أمانته وصدقه وطهارته. فلما بلغ اثنتى عشرة سنة خرج مع عمه أبى طالب إلى الشام حتى بلغ بصرى، فرآه بحيرًا الراهب فعرفه بصفته، فجاء وأخذ بيده، وقال: هذا سيد العالمين، هذا رسول رب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 24 العالمين، هذا يبعثه الله حجة للعالمين، قالوا: فمن أين علمت ذلك؟ قال: إنكم حين أقبلتم من العقبة لم يبق شجرة ولا حجر إلا خر ساجدًا، ولا يسجد إلا لنبى، وإنا نجده فى كتبنا، وسأل أبا طالب أن يرده خوفًا من اليهود فرده. ثم خرج - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثانيًا إلى الشام مع ميسرة غلام خديجة، رضى الله عنها، فى تجارة لها قبل أن يتزوجها، حتى بلغ سوق بصرى، فلما بلغ خمسًا وعشرين سنة تزوج خديجة، ولما خرج إلى المدينة مهاجرًا خرج معه أبو بكر الصديق، رضى الله عنه، ومولى أبى بكر عامر بن فُهيرة، بضم الفاء، ودليلهم عبد الله بن الأريقط الليثى، وهو كافر، ولا يُعلم له إسلام. فصل فى صفته - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ليس بالطويل البائن، ولا بالقصير، ولا الأبيض الأمهق، ولا الآدم، ولا الجعد القطط، ولا السبط، وتوفى وليس فى رأسه عشرون شعرة بيضاء، وكان حسن الجسم، بعيد ما بين المنكبين، له شعر إلى منكبيه، وفى وقت إلى شحمتى أذنيه، وفى وقت إلى نصف أذنيه، كث اللحية، شثن الكفين، أى غليظ الأصابع، ضخم الرأس والكراديس، فى وجهه تدوير، أدعج العينين، طويل أهدابهما، أحمر المآقى، ذا مشربة، وهى الشعر الدقيق من الصدر إلى السرة كالقضيب، إذا مشى تقلع كأنما ينحط فى صبب، أى يمشى بقوة، والصبب الحدور، يتلألأ وجهه كالقمر ليلة البدر كأن وجهه كالقمر، حسن الصوت، سهل الخدين، ضليع الفم، سواء البطن والصدر، أشعر المنكبين والذراعين وأعالى الصدر، طويل الزندين، رحب الراحة، أشكل العينين، أى طويل شقهما، منهوس العقبين، أى قليل لحم العقب، بين كتفيه خاتم النبوة، كزر الحجلة وكبيضة الحمامة. وكان إذا مشى كأنما تطوى له الأرض، ويَجِدُّون فى لحاقه وهو غير مكترث، وكان يسدل شعر رأسه ثم فرقه، وكان يرجله ويسرح لحيته، ويكتحل بالأثمد كل ليلة فى كل عين ثلاثة أطراف عند النوم، وكان أحب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 25 الثياب إليه القميص، والبياض، والحبرة، وهى ضرب من البرود فيه حمرة، وكان كُم قميص رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى الرسغ، ولبس فى وقت حلة حمراء وإزارًا ورداء، وفى وقت ثوبين أعفرين، وفى وقت جبة ضيقة الكمين، وفى وقت قباء، وفى وقت عمامة سوداء وأرخى طرفها بين كتفيه، وفى وقت مرطًا أسود من شعر، أى كساء، ولبس الخاتم والخف والنعل. فصل فى أبناءه وبناته - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - له ثلاثة بنين: القاسم، وبه كان يكنى، ولد قبل النبوة، وتوفى وهو ابن سنتين. وعبد الله، وسمى الطيب والطاهر؛ لأنه ولد بعد النبوة، وقيل: الطيب والطاهر غير عبد الله، والصحيح الأول. والثالث إبراهيم، ولد بالمدينة سنة ثمان، ومات بها سنة عشر وهو ابن سبعة عشر شهرًا أو ثمانية عشر. وكان له - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أربع بنات: زينب تزوجها أبو العاص بن الربيه بن عبد العزى بن عبد الشمس، وهو ابن خالتها، وأمه هالة بنت خويلد. وفاطمة تزوجها على بن أبى طالب، رضى الله عنه. ورقية، وأم كلثوم تزوجهما عثمان بن عفان، تزوج رقية، ثم أم كلثوم، وتوفيتا عنده، ولهذا سمى ذا النورين، توفيت رقية يوم بدر فى رمضان سنة اثنتين من الهجرة، وتوفيت أم كلثوم فى شعبان سنة تسع من الهجرة. فالبنات أربع بلا خلاف، والبنون ثلاثة على الصحيح، وأول من ولد له القاسم، ثم زينب، ثم رقية، ثم أم كلثوم، ثم فاطمة، وجاء أن فاطمة، عليها السلام، أسن من أم كلثوم، ذكر ذلك على بن أحمد بن سعيد بن محرم أبو محمد الحافظ. ثم فى الإسلام عبد الله بمكة، ثم إبراهيم بالمدينة، وكلهم من خديجة، إلا إبراهيم فإنه من مارية القبطية، وكلهم توفوا قبله إلا فاطمة، فإنها عاشت بعده ستة أشهر على الأصح والأشهر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 26 فصل فى أعمامه وعماته - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أعمامه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أحد عشرة: أحدهم الحارث، وهو أكبر أولاد عبد المطلب، وبه كان يكنى، وقثم، والزبير، وحمزة، والعباس، وأبو طالب، وأبو لهب، وعبد الكعبة، وحجل، بحاء مهملة مفتوحة ثم جيم ساكنة، وضرار، والفيداق، أسلم منهم حمزة، والعباس، وكان حمزة أصغرهم سنًا؛ لأنه رضيع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ثم العباس قريب منه فى السن، وهو الذى كان يلى زمزم بعد أبيه عبد المطلب، وكان أكبر سنًا من رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بثلاث سنين. وعماته - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ست: صفية أسلمت وهاجرت، وهى أم الزبير بن العوام، توفيت بالمدينة فى خلافة عمر بن الخطاب، رضى الله عنهما، وهى أخت حمزة لأمه. وعاتكة، قيل: إنها أسلمت، وهى التى رأت رؤيا غزوة بدر وقصتها مشهورة. وبرة، وأروى، وأميمة، وأم حكيم، وهى البيضاء. فصل فى أزواجه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أولهن خديجة، ثم سودة، ثم عائشة، ثم حفصة، وأم حبيبة، وأم سلمة، وزينب بنت جحش، وميمونة، وجويرية، وسفية، وسنذكرهن فى تراجمهن إن شاء الله تعالى، فهؤلاء التسع بعد خديجة توفى عنهن، ولم يتزوج فى حياة خديجة غيرها، ولا تزوج بكرًا غير عائشة. وأما اللاتى فارقهن - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فى حياته فتركناهن لكثرة الاختلاف فيهن. وكان له سريتان: مارية، وريحانة بنت زيد، وقيل: بنت شمعون، ثم أعتقها. روينا عن قتادة، قال: تزوج النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خمس عشرة امرأة، فدخل بثلاث عشرة، وجمع بين إحدى عشرة، وتوفى عن تسع. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 27 فصل فى مواليه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - منهم: زيد بن حارثة بن شراحيل الكلبى أبو أسامة، وثوبان بن بجدد، بضم الموحدة والدال وإسكان الجيم، وأبو كبشة واسمه سليم، شهد بدرًا، وباذام، ورويفع، وقصير، وميمون، وأبو بكرة، وهرمز، وأبو صفية عبيد، وأبو سلمى، وأنسه، بفتح الهمزة والنون، وصالح، وشقران، ورباح بالموحدة، وأسود النوبى، ويسار الراعى، وأبو رافع واسمه أسلم، وقيل غير ذلك، وأبو لهثة، وفضالة اليمانى، ورافع، ومدعم، بكسر الميم وإسكان الدال وفتح العين المهملتين، أسود، وهو الذى قتل بوادى القرى، وكركرة بكسر الكافين، وقيل: بفتحهما، كان على ثقل النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وزيد جد هلال بن يسار بن زيد، وعبيدة، وطهمان أو كيسان أو مهران أو ذكوان أو مروان، ومأبور القبطى، وواقد، وأبو واقد، وهشام، وأبو ضميرة، وحنين، وأبو عسيب، واسمه أحمر، وأبو عبيدة، وسفينة، وسلمان الفارسى، وأيمن بن أم أيمن، وأفلح، وسابق، وسالم، وزيد بن بولا، وسعيد، وضميرة بن أبى ضميرة، وعبيد الله بن أسلم، ونافع، ونبيل، ووردان، وأبو أثيلة، وأبو الحمراء. ومن الإماء: سلمى، بفتح السين، أم رافع، وأم أيمن بركة، بفتح الباء، وهى أم أسامة ابن زيد، وميمونة بنت سعيد، وخضرة، ورضوى، وأميمة، وريحانة، وأم ضميرة، ومارية، وشيرين، وهى أختها، وأم عباس. وكثير من هؤلاء لهم ذكر فى هذه الكتب، وسيأتى بيان أحوالهم فى تراجمهم إن شاء الله تعالى. واعلم أن هؤلاء الموالى لم يكونوا موجودين فى وقت واحد للنبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، بل كان بعض منهم فى وقت، والله أعلم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 28 فصل فى خدمه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - منهم: أنس بن مالك، وهند وأسماء ابنا حارثة الأسلميان، وربيعة بن كعب الأسلمى، وكان عبد الله بن مسعود صاحب نعليه إذا قام ألبسه إياهما، وإذا جلس حطهما وجعلهما فى ذراعيه حتى يقوم، وكان عقبة بن عامر الجهنى صاحب بغلته - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقود به فى الأسفار، وبلال المؤذن، وسعد مولى أبى بكر الصديق، وذو مخمر، ويقال: مخبر، بالباء الموحدة، ابن أخى النجاشى، ويقال: ابن أخته، وبكير بن سراح الليثى، ويقال: بكر، وأبو ذر الغفارى، والأسلع بن شريك بن عوف الأعرجى، ومهاجر مولى أم سلمة، وأبو السجع، رضى الله عنهم. فصل فى كُتَّابه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذكرهم الحافظ أبو القاسم فى تاريخ دمشق أنهم ثلاثة وعشرون، وروى ذلك كله بأسانيده، وهم: أبو بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وعثمان، وعلى، والزبير، وأُبى بن كعب، وزيد بن ثابت، ومعاوية بن أبى سفيان، ومحمد بن مسلمة، والأرقم بن أبى الأرقم، وأبان بن سعيد بن العاص، وأخوه خالد بن سعيد، وثابت بن قيس، وحنظلة ابن الربيع، وخالد بن الوليد، وعبد الله بن الأرقم، وعبد الله بن زيد بن عبد ربه، والعلاء بن عتبة، والمغيرة بن شعبة، والسجل. وزاد غيره: شرحبيل بن حسنة، قالوا: وكان أكثرهم كتابة زيد بن ثابت، ومعاوية، رضى الله عنهم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 29 فصل فى رُسُلِهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أرسل - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عمرو بن أمية الضمرى إلى النجاشى، فأخذ كتاب رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ووضعه على عينيه، ونزل عن سريره، فجلس على الأرض، ثم أسلم حين حضره جعفر بن أبى طالب وحسن إسلامه. وأرسل - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دحية بن خليفة الكلبى بكتاب إلى هرقل عظيم الروم. وعبد الله بن حذافة السهمى إلى كسرى ملك فارس. وحاطب بن أبى بلتعة اللخمى إلى المقوقس ملك الأسكندرية ومصر، فقال خيرًا، وقارب أن يُسلم، وأهدى لرسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مارية القبطية وأختها شيرين، فوهبها رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لحسان بن ثابت. وأرسل عمرو بن العاص إلى ملكى عمان فأسلما وخليا بين عمرو وبين الصدقة والحكم فيما بينهم، فلم يزل عندهم حتى توفى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وأرسل سليط بن عمرو العلوى إلى اليمامة وإلى هوذة بن على الحنفى. وأرسل شجاع بن وهب الأسدى إلى الحارث بن أبى شمر الغسانى ملك البلقاء من أرض الشام. وأرسل المهاجر بن أبى أمية المخزومى إلى الحارث الحميرى. وأرسل العلاء بن الحضرمى إلى المنذر بن ساوى العبدى ملك البحرين فصدق وأسلم. وأرسل أبا موسى الأشعرى وعاذ بن جبل إلى جملة اليمن داعين إلى الإسلام، فأسلم عامة أهل اليمن ملكوهم وسوقتهم. فصل فى مؤذنيه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - له - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أربعة من المؤذنين: بلال، وابن أم مكتوم بالمدينة، وأبو محذورة بمكة، وسعد القرظ بقباء، وسيأتى بيان أحوالهم فى تراجمهم، إن شاء الله تعالى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 30 فصل فى حجه وعمرته وغزواته - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثبت فى الصحيحين أن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اعتمر أربع عُمَر بعد الهجرة، ولم يحج إلا حجة الوداع التى ودَّع الناس فيها سنة عشر من الهجرة، وغزا بنفسه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خمسًا وعشرين غزوة، هذا هو المشهور، وهو قول موسى بن عقبة، ومحمد بن إسحاق، وأبى معشر، وغيرهم من أئمة السير والمغازى، وقيل: سبعًا وعشرين، ونقل أبو عبد الله محمد بن سعد فى الطبقات الاتفاق على أن غزواته - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بنفسه سبع وعشرون غزوة، وسراياه ست وخمسون، وعدَّها واحدة واحدة مرتبة على حسب وقوعها. قالوا: ولم يقاتل إلا فى تسع: بدر، وأُحُد، والخندق، وبنى قريظة، وبنى المصطلق، وخيبر، وفتح مكة، وحنين، والطائف، وهذا على قول من قال: فتحت مكة عنوة، وقيل: قاتل بوادى القرى، وفى الغابة، وبنى النضير، والله أعلم. فصل فى أخلاقه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أجود الناس، وكان أجود ما يكون فى رمضان، وكان أحسن الناس خَلقًا وخُلُقًا، وألينهم كفًا، وأطيبهم ريحًا، وأكملهم حجًا، وأحسنهم عشرة، وأعلمهم بالله، وأشدهم لله خشية، ولا يغضب لنفسه، ولا ينتقم لها، وإنما يغضب إذا انتهكت حرمات الله عز وجل، فحينئذ يغضب ولا يقوم لغضبه شىء حتى ينتصر للحق، وإذا غضب أعرض وأشاح، وكان خُلقه القرآن، وكان أكثر الناس تواضعًا، يقضى حاجة أهله، ويخفض جناحه للضعفة، وما سُئل شيئًا قط فقال: لا، وكان أحلم الناس، وكان أشد الناس حياء من العذراء فى خدرها، والقريب والبعيد والقوى والضعيف عنده الجزء: 1 ¦ الصفحة: 31 فى الحق سواء. وما عاب طعامًا قط، إن اشتهاه أكله وإلا تركه، ولا يأكل متكئًا ولا على خوان، ويأكل ما تيسر، ولا يمتنع من مباح ما، وكان يحب الحلواء والعسل، ويعجبه الدباء، وهو اليقطين، وقال: "نعم الإدام الخل" (1) ، و"فضل عائشة على سائر النساء كفضل الثريد على سائر الطعام" (2) ) ، وكان أحب الشاة إليه الذراع. وقال أبو هريرة، رضى الله عنه: خرج رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من الدنيا ولم يشبع من خبز الشعير، يعنى للعدم، وكان يأتى الشهر والشهران لا يوقد فى بيت من بيوته نار. وكان يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة، ويكافىء على الهدية. ويخصف النعل، ويرقع الثوب، ويعود المريض، ويجيب من دعاه من غنى أو فقير، أو دنى أو شريف، ولا يحتقر أحدًا، وكان يقعد تارة القرفصاء، وتارة متربعًا، واتكأ فى أوقات، وفى كثير من الأوقات أو فى أكثرها محتبيًا بيديه، وكان يأكل بأصابعه الثلاث ويلعقهن، ويتنفس فى الشراب بالإناء ثلاثًا خارج الإناء. ويتكلم بجوامع الكلم، ويعيد الكلمة ثلاثًا لتفهم، وكلامه بَيِّن يفهمه من سمعه، ولا يتكلم فى غير حاجة، ولا يقعد ولا يقوم إلا على ذكر الله تعالى، وركب الفرس والبعير والحمار والبغلة، وأردف معه خلفه على ناقة وعلى حمار، ولا يدع أحدًا يمشى خلفه. وعصب على بطنه الحجر من الجوع، وكان يبيت هو وأهله الليالى طاويين، وفراشه من أدم حشوه ليف، وكان متقللاً من أمتعة الدنيا كلها، وقد أعطاه الله تعالى مفاتيح خزائن الأرض كلها فأبى أن يأخذها واختار الآخرة عليها، وكان كثير الذكر، دائم الفكر، جل ضحكه التبسم، وضحك فى أوقات حتى بدت نواجذه وهى الأنياب، ويحب الطيب، ويكره الريح الكريهة، ويمزح ولا يقول إلا حقًا، ويقبل عذر المعتذر إليه، وكان كما وصفه الله تعالى: {لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ} [التوبة: 128] ، وقال تعالى: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ} [التوبة: 103] . وكانت معاتبته تعريضًا: "ما بال قوم يشترطون شروطًا ليست فى كتاب الله تعالى" (3) . ونحو ذلك، ويأمر بالرفق ويحث عليه، وينهى عن العنف، ويحث على العفو والصفح ومكارم الأخلاق، ويحب التيمن فى طهوره وترجله   (1) أورده السيوطى فى الكبير وعزاه لأبى عوانة، والحكيم عن أنس. الطيالسى، وأحمد، والدارمى، ومسلم، والنسائى، وأبى داود، والترمذى، وابن ماجه عن جابر. تمام، وابن عساكر عن عمر بن عبد العزيز عن أمه أم عاصم عن أبيها عاصم بن عمر بن الخطاب عن أبيه. أبى عوانة، والطبرانى عن ابن عباس. مسلم، والترمذى، وابن ماجه عن عائشة. الطبرانى عن السائب بن يزيد) . (2) حديث أنس: أخرجه أحمد (3/156، رقم 12619) ، والبخارى (3/1375، رقم 3559) ، ومسلم (4/1895، رقم 2446) ، والترمذى (5/706، رقم 3887) وقال: حسن. والنسائى (7/68، رقم 3948) ، وابن ماجه (2/1092، رقم 3281) ، والدارمى (2/144، رقم 2069) ، وابن حبان (16/50، رقم 7113) . وأخرجه أيضًا: ابن أبى شيبة (6/390، رقم 32281) ، والطبرانى فى الأوسط (2/369، رقم 2256) . حديث أبى موسى: أخرجه النسائى (7/68، رقم 3947) . حديث عائشة: أخرجه أحمد (6/159، رقم 25299) والنسائى (7/68، رقم 3948) وأخرجه أيضًا: إسحاق بن راهويه (2/486، رقم 1068) ، وابن حبان (16/52، رقم 7115) . حديث سعد: أخرجه أبو نعيم فى الحلية (9/25) . وأخرجه أيضًا: الطبرانى فى الأوسط (2/278، رقم 1978) . قال الهيثمى (9/243) : رجاله رجال الصحيح. حديث معاوية بن قرة عن أبيه: أخرجه الحاكم (3/677، رقم 6483) ، والطبرانى (19/28، رقم 60) . قال الهيثمى فى مجمع الزوائد (9/243) : إسناده حسن. حديث عبد الرحمن بن عوف: أخرجه الطبرانى (23/42، رقم 108) . قال الهيثمى (9/243: رجاله رجال الصحيح إلا أن أبا سلمة بن عبد الرحمن لم يسمع من أبيه. (3) أخرجه عبد الرزاق (7/248، رقم 13006) ، والبخارى (2/981، رقم 2584) ، ومسلم (2/1142، رقم 1504) ، وأبو داود (4/21، رقم 3929) ، والترمذى (4/436، رقم 2124) ، وقال: حسن صحيح. والنسائى (7/305، رقم 4655) ، وابن ماجه (2/842، رقم 2521) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 32 وتنعله وفى شأنه كله، وكانت يده اليسرى لخلائه وما كان من أذى. وإذا نام واضطجع اضطجع على جنبه الأيمن مستقبل القبلة. وكان مجلسه مجلس حلم، وحياء، وأمانة، وصيانة، وصبر، وسكينة، لا ترفع فيه الأصوات، ولا يؤذين فيه الحرم، أى لا يذكر فيه النساء، يتعاطفون فيه بالتقوى، ويتواضعون، ويوقر الكبار، ويرحم الصغار، ويؤثرون المحتاج، ويحفظون الغريب، ويخرجون أدلة على الخير. وكان يتألف أصحابه، ويكرم كريم كل قوم ويوليه أمرهم، ويتفقد أصحابه، ولم يكن فاحشًا ولا متفحشًا، ولا يجزى بالسيئة السيئة، بل يعفو ويصفح، ولم يضرب خادمًا ولا امرأة ولا شيئًا قط، إلا أن يجاهد فى سبيل الله، وما خُيِّر بين أمرين إلا اختار أيسرهما، ما لم يكن إثمًا. ودلائل كل ما ذكرته فى الصحيح مشهورة، وقد جمع الله سبحانه وتعالى له - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كمال الأخلاق، ومحاسن الشيم، وآتاه علم الأولين والآخرين، وما فيه النجاة والفوز، وهو أمىّ لا يقرأ ولا يكتب، ولا مُعلم له من البشر، وآتاه ما لم يؤت أحدًا من العالمين، واختاره على جميع الأولين والآخرين، صلوات الله عليه وسلامه دائمين إلى يوم الدين. ثبت فى الصحيح عن أنس بن مالك، رضى الله عنه، قال: ما مستت ديباجًا ولا حريرًا ألين من كف رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ولا شممت رائحة قط أطيب من رائحة رسول الله- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ولقد خدمت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عشر سنين، فما قال لى قط أف، ولا قال لشىء فعلته: لم فعلته، ولا لشىء لم أفعله: ألا فعلت كذا. فصل فى معجزاته - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لرسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - معجزات ظاهرات وأعلام متظاهرات تبلغ ألوفًا، وهى مشهورات، فمنها القرآن، المعجزة الظاهرة، والدلالة الباهرة، {لاَ يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [فصلت: 42] ، الذى أعجز البلغاء فى أفصح الأعصار، وأعياهم أن يأتوا بسورة منه ولو استعانوا بجميع الخلق. قال الله تعالى: {قُل لَّئِنِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 33 اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} [الإسراء: 88] ، فتحداهم - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بذلك مع كثرتهم وفصاحتهم وشدة عداوتهم إلى يومنا هذا. أما المعجزات غيره، فلا يمكن حصرها أبدًا؛ لأنها كثيرة جدًا، ومتجددة متزايدة، ولكن أذكر منها أمثلة كانشقاق القمر، ونبع الماء من بين أصابعه، وتكثير الماء والطعام، وتسبيح الطعام، وحنين الجذع، وتسليم الحجر، وتكليم الزراع المسمومة، ومشى الشجرة إليه، واجتماع الشجرتين المتباعدتين ورجوعهما إلى مكانهما، ودرور الشاة الحائل، ورده عين قتادة بن النعمان بعد أن ندرت وصارت فى يده إلى مكانها، فلم تكن تُعرف بعد ذلك، وتفله فى عينى على وكان أرمد فبرىء من ساعته، ومسحه رجل عبد الله بن عتيك فبرأت فى الحال، وإخباره بمصارع المشركين يوم بدر، هذا مصرع فلان، فلم يعدوا مصارعهم، وإخباره بقتلة أُبى بن خلف، وإخباره بأن طائفة من أمته يغزون البحر، وأن أم حرام منهم فكان كذلك، وبأنه يفتح على أمته ما زوى له من مشارق الأرض ومغاربها، وبأن كنوز كسرى تنفقها أمته فى سبيل الله عز وجل، وبأنه يخاف على أمته ما يفتح عليهم من زهرة الدنيا، وبأن خزائن فارس والروم تفتح لنا، وبأن سراقة بن مالك يسور بسوارى كسرى. وبأن الحسن بن على يصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين، وبأن سعد بن أبى وقاص يعيش حتى ينتفع به أقوام ويضر به آخرون، وبأن النجاشى مات يومكم هذا وهو بالحبشة، وبأن الأسود العنسى قُتل ليلتكم هذه وهو باليمن، وبأن المسلمين يقاتلون الترك صغار الأعين عراض الوجوه ذلف الأنوف، وبأن اليمن تفتح عليكم والشام والعراق، وبأن المسلمين يجندون ثلاثة أجناد جندًا بالشام، وجندًا باليمن، وجندًا بالعراق، وبأنهم يفتحون مصر أرضًا يذكر فيها القيراط فاستوصوا بأهلها خيرًا فإن لهم ذمة ورحمًا. وبأن أويسًا القرنى يقدم عليكم فى إمداد أهل اليمن، كان به برص فبرىء منه إلا قدر درهم، فقدم كذلك على عمر، وبأن طائفة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 34 من أمته على الحق، وبأن الناس يكثرون، وبأن الأنصار يقلون، وبأن الأنصار يلقون بعده أثرة، وبأن الناس لا يزالون يسألون حتى يقولوا: هذا خلق الله الخلق ... الحديث، وبأن رويفع بن ثابت تطول به الحياة، وبأن عمار بن ياسر تقتله الفئة الباغية، وبأن هذه الأمة ستفترق، وبأنه سيكون بينهم قتال، وبأنه ستخرج نار من أرض الحجاز، وأشباه هذا، فوقعت كلها كما ذكر - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - واضحة جلية. وقال لثابت بن قيس: "تعيش حميدًا، وتقتل شهيدًا"، فعاش حميدًا، واستشهد باليمامة. وقال لعثمان: "تصيبه بلوى شديدة". وقال فى رجل من المسلمين: "يقاتل قتالاً شديدًا، وأنه من أهل النار"، فَقَتل نفسه. وجاءه وابصة بن معبد يسأله عن البر والإثم، فقال: "جئت تسأل عن البر والإثم" (1) . وقال لعلى والزبير والمقداد: "اذهبوا إلى روضة خاخ" (2) بأن هناك ظعينة معها كتاب، فوجدوها فأنكرته، ثم أخرجته من عقاصها. وقال لأبى هريرة حين سرق الشيطان التمر: "إنه سيعود" فعاد. وقال لأزواجه: "أطولكن يدًا أسرعكن لحاقًا بى" (3) فكان كذلك. وقال لعبد الله بن سلام: "أنت على الإسلام حتى تموت". ودعا - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأنس بأن يكثر ماله وولده ويطول عمره، فكان كذلك، عاش فوق مائة سنة، ولم يكن أحد من الأنصار أكثر مالاً منه، ودفن من أولاده الذكور لصلبه مائة وعشرين ابنًا قبل قدوم الحجاج سوى غيرهم، وهذا مصرح به فى صحيح البخارى وغيره. ودعا - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يعز الله الإسلام بعمر بن الخطاب أو بأبى جهل، فأعزه الله بعمر، رضى الله عنه. ودعا على سراقة بن مالك فارتطمت به فرسه فى جلد من الأرض، وساخت قوائمها فيها، فناداه بالأمان وسأله الدعاء له. ودعا لعلى أن يذهب الله عنه الحر والبرد، فلم يكن يجد حرًا ولا بردًا. ودعا لحذيفة ليلة بعثه يأتى بخبر الأحزاب ألا يجد بردًا، فلم يجده حتى رجع. ودعا لابن عباس أن يفقهه الله فى الدين، فكان كذلك. ودعا على عتبة بن أبى لهب أن   (1) أخرجه الطبرانى (22/147، رقم 402) ، وابن عساكر (62/340) . قال الهيثمى (1/175) : رواه أحمد والبزار وفيه أبو عبد الله السلمى وقال فى البزار الأسدى عن وابصة وعنه معاوية بن صالح ولم أجد من ترجمه. (2) حديث علي: أخرجه أحمد (1/79، رقم 600) ، والبخاري (3/1095، رقم 2845) ، ومسلم (4/1941، رقم 2494) ، وأبو داود (3/47، رقم 2650) ، والترمذي (5/409، رقم 3305) . وأخرجه أيضا: الحميدي (1/27، رقم 49) ، وابن حبان (14/424، رقم 6499) . (3) أخرجه مسلم (4/1907، رقم 2452) واللفظ له، والنسائى (5/66، رقم 2541) ، وابن حبان (15/50، رقم 6665) . وأخرجه أيضًا: البخارى (2/515، رقم 1354) ، والحاكم (4/26، رقم 6776) قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 35 يسلط الله عليه كلبًا من كلابه، فقتله الأسد بالزرقاء. ودعا بنزول المطر حين سألوه ذلك لقحوط المطر ولم يكن فى السماء قزعة، فثار سحاب أمثال الجبال، ومطروا إلى الجمعة الأخرى، حتى سألوه أن يدعو برفعه، فدعا فارتفع وخرجوا يمشون فى الشمس. ودعا لأبى طلحة ولامرأته أم سليم أن يباك الله لهما فى ليلتهما، فكان كذلك، فحملت فولدت عبد الله، فكان من أولاده تسعة كلهم علماء. ودعا لأم أبى هريرة، رضى الله عنه، بالهداية، فذهب أبو هريرة فوجدها تغتسل وقد أسلمت. ودعا لأم قيس بنت محصن أخت عكاشة بطول العمر، فلا نعلم امرأة عمَّرت ما عمرت، رواه النسائى فى أبواب غسل الميت. ورمى الكفار يوم حنين بقبضة من تراب، وقال: "شاهت الوجوه" (1) ) فهزمهم الله تعالى، وامتلأت أعينهم ترابًا. وخرج على مائة من قريش ينتظرونه ليفعلوا به مكروهًا، فوضع التراب على رءوسهم ومضى ولم يروه. فصل فى أفراس النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان له - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أفراس، فأول فرس ملكه السكب، بفتح السين المهملة وإسكان الكاف وبالباء الموحدة، وكان أغر محجلاً، طلق اليمنى، وهو أول فرس غزا عليه. وفرس آخر يقال له: شنجة، وهو الذى سابق عليه فسبق، وفرس آخر يقال له: المرتجز، وهو الذى اشتراه من الأعرابى الذى شهد له خزيمة بن ثابت. وقال سهل بن سعد: كان لرسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثلاثة أفراس: لزاز، بكسر اللام وبزاءين، والظرب، بفتح الظاء المعجمة وكسر الراء، واللحيف، بضم اللام وفتح الحاء المهملة، وقيل: بالمعجمة، وقيل: النحيف، بالنون، فأما لزاز فأهداه له المقوقس، واللحيف أهداه له ربيعة بن أبى البراء فأثابه عليه فرايض، والظرب أهداه له فروة بن عمرو الجذامى، وكان له فرس يقال له: الورد، أهداه له تميم الدارى، ثم وهبه لعمر، ثم وهبه عمر لرجل، ثم وجده يباع. وكان له - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بغلته دُلْدُل، بضم الدالين المهملتين، يركبها فى الأسفار، وعاشت   (1) أورده السيوطى فى الكبير وعزاه لمسلم عن سلمة بن الأكوع. أحمد عن أبى عبد الرحمن الفهرى واسمه يزيد بن أسيد. عبد بن حميد عن يزيد بن عامر. الطبرانى عن الحارث بن بدل السعدى قال البغوى: وما له غيره قال وبلغنى أنه لم يسمعه من النبى (وإنما رواه عن عمرو بن سفيان الثقفى. البغوى، والطبرانى عن شيبة بن عثمان. الطبرانى عن حكيم بن حزام أنه قاله يوم بدر. الحاكم عن ابن عباس أنه قاله لقريش بمكة) . حديث سلمة بن الأكوع: أخرجه مسلم (3/1402، رقم 1777) . حديث أبى عبد الرحمن الفهرى: أخرجه أحمد (5/286، رقم 22520) . وأخرجه أيضًا: الطيالسى (ص 195، رقم 1371) ، والطبرانى (22/288، رقم 741) . قال الهيثمى (6/182) : رواه البزار والطبرانى، ورجالهما ثقات. حديث يزيد بن عامر: أخرجه عبد بن حميد (ص 163، رقم 440) . وأخرجه أيضًا: ابن أبى عاصم فى الآحاد والمثانى (3/136، رقم 1464) ، والطبرانى (22/237، رقم 622) . قال الهيثمى (6/183) : رجاله ثقات. حديث الحارث بن بدل: قال الحافظ فى الإصابة (2/191، ترجمة 2031 الحارث بن بدل) : تابعى لا صحبة له. حديث شيبة بن عثمان: أخرجه الطبرانى (7/298، رقم 7192) . قال الهيثمى (6/184) : فيه أبو بكر الهذلى، وهو ضعيف. حديث حكيم بن حزام: أخرجه الطبرانى (3/203، رقم 3128) . قال الهيثمى (6/84) : إسناده حسن. حديث ابن عباس: أخرجه الحاكم (1/268، رقم 583) وقال: صحيح ولا أعرف له علة. وأخرجه أيضًا: أحمد (1/303، رقم 2762، 1/368 رقم 3485) قال الهيثمى (8/228) : رواه أحمد بإسنادين ورجال أحدهما رجال الصحيح. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 36 بعده - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حتى كبرت وذهبت أسنانها، وكان يحش لها الشعير، وماتت بينبع. وروينا فى تاريخ دمشق من طرق أنها بقيت حتى قاتل عليها على بن أبى طالب، رضى الله عنه، فى خلافته الخوارج. وكان له - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ناقته العضباء، ويقال لها أيضًا: الجدعاء، والقصواء، هكذا روينا عن محمد بن إبراهيم التيمى، أن هذه الأسماء الثلاثة لناقة واحدة، وكذا قاله غيره، وقيل: هن ثلاث. وكان له حمار يقال له: عُفير، بضم العين المهملة وفتح الفاء، وذكره القاضى عياض بالغين المعجمة، واتفقوا على تغليطه فى ذلك. مات عفير فى حجة الوداع، وكان له وقت عشرون لقحة، ومائة شاة، وثلاثة أرماح، وثلاثة أفراس، وستة أسياف منها ذو الفقار، تنفله يوم بدر، وهو الذى رأى فيه الرؤيا يوم أُحُد، ودرعان، وترس، وخاتم، وقدح غليظ من خشب، وراية سوداء مربعة من نمرة، ولواء أبيض، وروى أسود. واعلم أن أحوال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وسيره وما أكرمه الله تعالى به، وما أفاضه على العالمين من آثاره - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غير محصورة، ولا يمكن استقصاؤها، لاسيما فى هذا الكتاب الموضوع للإشارة إلى نبذ من عيون الأسماء، وما يتعلق بها، وفيما ذكرته تنبيه على ما تركته، ولأن مقصودى تشريف الكتاب بتصدير بعض أحوال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فى أوله، وقد حصل ذلك ولله الحمد، وكيف لا يشرف كتاب صدر بأحوال الرسول المصطفى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، والحبيب المجتبى، خيرة العالم، وخاتم النبيين، وإمام المتقين، وسيد المرسلين، هادى الأمة، ونبى الرحمة - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وزاده فضلاً وشرفًا لديه، والحمد لله رب العالمين. فصل فى خصائص رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فى الأحكام وغيرها وهذا فصل نفيس، وعادة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 37 أصحابنا يذكرونه فى أول كتاب النكاح؛ لأن خصائصه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فى النكاح أكثر من غيرها، وقد جمعتها فى الروضة مستقصًا ولله الحمد، وهذا الكتاب لا يحتمل بسطها، فأشير فيه إلى مقاصدها مختصرة إن شاء الله تعالى. قال أصحابنا: خصائصه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أربعة أضرب: الأول: ما اختص به - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من الواجبات: قالوا: والحكمة فيه زيادة الزلفى والدرجات العلى، فلم يتقرب المتقربون إلى الله تعالى بمثل أداء ما افترض عليهم، كما صرح به الحديث الصحيح، ونقل إمام الحرمين عن بعض أصحابنا أن ثواب الفرض يزيد على ثواب النفل بسبعين درجة، واستأنسوا فيه بحديث، فمن هذا الضرب صلاة الضحى، ومنه الأضحية، والوتر، والتهجد، والسواد، والمشاورة. والصحيح عند أصحابنا أنها واجبات عليه، وقيل: سُنن، والأصح عند أصحابنا أن الوتر غير التهجد، والصحيح أن التهجد نسخ وجوبه فى حقه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، كما نسخ فى حق الأمة، وهذا هو المنصوص للشافعى، رحمه الله. قال تعالى: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ} [الإسراء: 79] ، وفى صحيح مسلم عن عائشة ما يدل عليه. ومنه وجوب مصابرته العدو، وإن كثروا وزادوا على الضعف. ومنه قضاء دين من مات وعليه دين، لم يخلف وفاء، وقيل: كان يقضيه تكرمًا لا وجوبًا، والأصح عند أصحابنا أنه كان واجبًا. وقيل: يجب عليه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا رأى شيئًا يعجبه أن يقول: لبيك إن العيش عيش الآخرة، ومن هذا الضرب فى النكاح أنه أوجب عليه تخيير نسائه بين مفارقته واختياره. وقال بعض أصحابنا: كان هذا التخيير مستحبًا، والصحيح وجوبه، فلما خيرهن اخترنه والدار الآخرة، فحرم عليه التزوج عليهن والتبدل بهن مكافأة لهن على حسن صنيعهن، قال الله تعالى: {لاَ يَحِلُّ لَكَ النِّسَاء مِن بَعْدُ وَلاَ أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ} [الأحزاب: 52] ، ثم نسخ لتكون المنة لرسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بترك التزوج عليهن، فقال تعالى: {إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللاَّتِى آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ} [الأحزاب: 50] الآية. واختلف أصحابنا هل حرم طلاقهن بعد الاختيار؟ فالأصح أنه لم يحرم وإنما حرم التبدل، وهو غير مجرد الطلاق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 38 الضرب الثانى: ما اختص به من المحرمات عليه: ليكون الأجر فى اجتنابه أكثر، وهو قسمان: أحدهما: فى غير النكاح: فمنه الشعر، والخط، ومنه الزكاة، وفى صدقة التطوع قولان للشافعى، أصحهما أنها كانت محرمة عليه، وأما الأكل متكئًا، وأكل الثوم والبصل والكرات، فكانت مكروهة له غير محرمة فى الأصح. وقال بعض أصحابنا: محرمات، وكان يحرم عليه إذا لبس لامته أن ينزعها حتى يلقى العدو ويقاتل، وقيل: كان مكروهًا، والصحيح عند أصحابنا تحريمه. وقال بعض أصحابنا تفريعًا على هذا: إنه كان إذا شرع فى تطوع لزمه إتمامه، وهذا ضعيف، وكان يحرم عليه مد العين إلى ما متع به الناس من زهرة الدنيا، وحرم عليه خائنة الأعين، وهى الإيماء برأس أو يد أو غيرهما إلى مباح من قتل أو ضرب أو نحوها، على خلاف ما يظهر ويشعر به الحال، وكان لا يصلى أولاً على من مات وعليه دين ولا وفاء له، ويأذن لأصحابه فى الصلاة عليه. واختلف أصحابنا هل كان يحرم عليه الصلاة أم لا؟ ثم نسخ ذلك، وكان يصلى عليه، ويوفى دينه من عنده. القسم الثانى: فى النكاح: فمنه إمساك من كرهت نكاحه، والصحيح عند أصحابنا تحريمه. وقال بعضهم: كان لا يفارقها تكرمًا. ومنه نكاح الكتابية، والأصح عند أصحابنا أنه كان محرمًا عليه، وبه قال ابن سريج، وأبو سعيد الأصطخرى، والقاضى أبو حامد المروروذى. وقال أبو إسحاق المروزى: ليس بحرام، ويجرى الوجهان فى التسرى بالأمة الكتابية ونكاح الأمة المسلمة، لكن الأصح فى التسرى بالكتابية الحل، وفى نكاح الأمة المسلمة التحريم، وأما الأمة الكتابية، فقطع الجمهور بأن نكاحها كان محرمًا عليه، وطرد الحناطى الوجهين، وفرع الأصحاب هنا تفريعات لا أراها لاثقة بهذا الكتاب. الضرب الثالث: التخفيفات والمباحات: وما أبيح له - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دون غيره نوعان: أحدهما: لا يتعلق بالنكاح: فمنه الوصال فى الصوم، واصطفاء ما يختاره من الغنيمة قبل القسمة من جارية وغيرها، ويقال لذلك المختار: الصفى والصفية، وجمعها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 39 صفايا. ومن خمس الخمس فى الفىء والغنيمة، وأربعة أخماس الفىء، ودخول مكة بلا إحرام، وإباحة القتال فيها ساعة دخلها يوم الفتح، وله أن يقضى بعلمه وفى غيره خلاف، ويحكم لنفسه وولده، ويشهد لنفسه وولده، ويقبل شهادة من يشهد له، ويحيى الموات لنفسه، ولا ينتقض وضوئه بالنوم مضطجعًا. وذكر بعض أصحابنا فى انتقاض وضوئه بلمس المرأة وجهين، والمشهور الانتقاض. وفى إباحة مكثه فى المسجد مع الجنابة وجهان لأصحابنا، قال أبو العباس بن القاص فى التلخيص: يباح، وقال القفال وغيره: لا يباح، وغَلَّط إمام الحرمين وغيره صاحب التلخيص فى الإباحة. وقد يحتج للإباحة بحديث عطية، عن أبى سعيد، قال النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "يا على، لا يحل لأحد يجنب فى هذا المسجد غيرى وغيرك" (1) . قال الترمذى: حديث حسن. وقد يعترض على هذا الحديث بأن عطية ضعيف عند الجمهور، ويجاب بأن الترمذى حكم بأنه حسن، فلعله اعتضد بما اقتضى حسنه. وأبيح له أخذ الطعام والشراب من مالكيهما المحتاج إليهما إذا احتاج هو - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إليهما، ويجب على صاحبهما البذل له - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وصيانة مهجته - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قال الله تعالى: {النَّبِىُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ} [الأحزاب: 6] . واعلم أن معظم هذه المباحاة لم يفعلها - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وإن كانت مباحة له، والله أعلم. النوع الثانى: متعلق بالنكاح: فمنه إباحة تسع نسوة، والصحيح جواز الزيادة له - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. ومنه انعقاد نكاحه بلفظ الهبة على الأصح، والأصح انحصار طلاقه فى الثلاث، وقيل: لا ينحصر، وإذا عقد نكاحه بلفظ الهبة لا يجب مهر بالعقد، ولا بالدخول بخلاف غيره. ومنه انعقاد نكاحه بلا ولى ولا شهود، وفى حال الإحرام على الصحيح فى الجميع، وإذا رغب فى نكاح امرأة خلية لزمها الإجابة على الصحيح، ويحرم على غيره خطبتها. وفى وجوب القسم بين أزواجه وإمائه وجهان. قال الأصطخرى: لا يجب، فيكون من الخصائص. وقال آخرون: يجب، فليس منها. وبنى الأصحاب أكثر هذه المسائل ونظائرها على أصل عندهم، وهو أن نكاحه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هل هو كالنكاح فى حقنا أم كالتسرى؟. وأعتق صفية وتزوجها، وجعل عتقها صداقها، فقيل: أعتقها وشرط أن ينكحها،   (1) أخرجه الترمذى (5/639، رقم 3727) وقال: حسن غريب. وأبو يعلى (2/311، رقم 1042) ، والبيهقى (7/65، رقم 13181) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 40 فلزمه الوفاء بخلاف غيره. وقيل: جعل نفس العتق صداقًا، وصح ذلك بخلاف غيره، وقيل: أعتقها بلا عوض، وتزوجها بلا مهر لا فى الحال ولا فيما بعد، وهذا أصح، وذكر الأصحاب فى هذا النوع أشياء كثيرة جدًا حذفتها. الضرب الرابع: ما اختص به - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من الفضائل والإكرام: فمنه أن أزواجه اللائى توفى عنهن محرمات على غيره أبدًا، وفيمن فارقها فى الحياة أوجه أصحها تحريمها، وهو نص الشافعى، رحمه الله، فى أحكام القرآن، وبه قال أبو على بن أبى هريرة؛ لقوله تعالى: {وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} [الأحزاب: 6] ، والثانى: يحل، والثالث: يحرم التى دخل بها فقط. فإذا قلنا بالتحريم، ففى أمة يفارقها بوفاة أو غيرها بعد الدخول وجهان. ومنه أن أزواجه أمهات المؤمنين، سواء من توفيت تحته ومن توفى عنها، وذلك فى تحريم نكاحهن ووجوب احترامهن وطاعتهن، وتحريم حقوقهن لا فى النظر والخلوة، وتحريم بناتهن وإخواتهن، فلا يقال: بناتهن أخوات المؤمنين، ولا آباؤهن وأمهاتهن أجداد وجدات المؤمنين، ولا إخوتهن وأخواتهن أخوال وخالات المؤمنين. وقال بعض أصحابنا: يطلق اسم الإخوة على بناتهن، واسم الخؤولة على إخوتهن وأخواتهن، وهذا ظاهر نص الشافعى، رحمه الله، فى مختصر المزنى. وهل كن أمهات المؤمنات؟ فيه وجهان صحابنا، أصحهما: لا، بل هن أمهات المؤمنين دون المؤمنات، وهو المنقول عن عائشة، رضى الله عنها، بناء على المذهب المختار لأهل الأصول أن النساء لا يدخلن فى ضمير الرجال. وقال البغوى من أصحابنا: ويقال للنبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أبو المؤمنين والمؤمنات. ونقل الواحدى عن بعض أصحابنا أنه لا يقال ذلك؛ لقوله تعالى: {مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ} [الأحزاب: 40] . قال: ونص الشافعى، رضى الله عنه، على جوازه، أى أبوهم فى الحرمة. قال: ومعنى الآية: ليس أحد من رجالكم ولد صلبه. وفى الحديث الصحيح فى سنن أبى داود وغيره، أن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "إنما أنا لكم مثل الوالد" (1) ، قيل: فى الشفقة، وقيل: فى ألا يستحيوا من سؤالى عما يحتاجون إليه من أمر العورات وغيرها، وقيل: فى ذلك كله وغيره، وقد أوضحت ذلك كله فى كتاب الاستطابة من شرح   (1) أخرجه الشافعى (1/13) ، وابن حبان (4/288، رقم 1440) ، والبيهقى (1/91، رقم 435) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 41 المهذب. ومنه تفضيل نسائه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على سائر النساء، وجعل ثوابهن وعقابهن ضعفين، وتحريم سؤالهن إلا من وراء حجاب، ويجوز فى غيرهن مشافهة. وأفضل أزواجه خديجة وعائشة. قال أبو سعد المتولى: واختلف أصحابنا أيتهما أفضل. ومنه فى غير النكاح أنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خاتم النبيين وخير الخلائق أجمعين، وأمته أفضل الأمم، وأصحابه خير القرون، وأمته معصومة من الاجتماع على ضلالة، وشريعته مؤبدة وناسخة لجميع الشرائع، وكتابه معجزة محفوظ عن التحريف والتبديل، وهو حجة على الناس بعد وفاته، ومعجزات سائر الأنبياء انقرضت، ونُصر بالرعب مسيرة شهر، وجعلت له الأرض مسجدًا وطهورًا، وأحلت له الغنائم، وأعطى الشفاعة والمقام المحمود، وأرسل إلى الناس كافة، وهو سيد ولد آدم، وأول من تنشق عنه الأرض، وأول شافع، وأول مشفع، وأول من يقرع باب الجنة. وهو أكثر الأنبياء تبعًا، وأُعطى جوامع الكلم، وصفوف أمته فى الصلاة كصفوف الملائكة، وكان لا ينام قلبه، ويرى من وراء ظهره كما يرى من قدامه، ولا يحل لأحد أن يرفع صوته فوق صوته، ولا أن يناديه من وراء الحجرات، ولا أن يناديه باسمه فيقول: يا محمد، بل يقول: يا نبى الله، يا رسول الله، ويخاطبه المصلى بقوله: السلام عليك أيها النبى ورحمة الله وبركاته، ولو خاطب آدميًا غيره بطلت صلاته، ويلزم المصلى إذا دعاه أن يجيبه وهو فى الصلاة، ولا تبطل صلاته، وكان بوله ودمه يتبرك بهما، وكان شعره طاهرًا، وإن حكمنا بنجاسة شعر الأمة، واختلف أصحابنا فى طهارة دمه وبوله وسائر الفضلات، وكانت الهدية حلالاً له بخلاف غيره من ولاة الأمور، فلا تحل له هدية رعاياهم على تفصيل مشهور، ولا يجوز الجنون على الأنبياء، ويجوز عليهم الإغماء؛ لأنه مرض بخلاف الجنون، واختلفوا فى جواز الاحتلام، والأشهر امتناعه. وفاته - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ركعتان بعد الظهر فقضاهما بعد العصر، وواظب عليهما بعد العصر، وفى اختصاصه بهذه الملازمة والمداومة وجهان لأصحابنا أصحهما وأشهرهما الاختصاص. وقال - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "لا تسموا باسمى ولا تكنوا بكنيتى" (1) ، وفى جواز التكنى بأبى القاسم خلاف   (1) أخرجه ابن سعد (1/107) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 42 أوضحته فى الروضة، وفى كتاب الأذكار. وقال - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة، إلا سببى ونسبى" (1) ، قيل: معناه أن أمته ينسبون إليه يوم القيامة، وأمم سائر الأنبياء لا تنسب إليهم، وقيل: يُنتفع يومئذ بالانتساب إليه ولا يُنتفع بسائر الأنساب. قال أصحابنا: ومن أستهان أو زنى بحضرته كفر، كذا قالوه، وفى الزنا نظر. قال ابن القاص، والقفال، والمروزى: ومن الخصائص أنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يؤخذ عن الدنيا عند تلقى الوحى، ولا يسقط عنه الصلاة ولا غيرها. ومنه أن من رآه فى المنام فقد رآه حقًا، فإن الشيطان لا يتمثل بصورته، ولكن لا يعمل بما يسمعه الراءى منه فى المنام فيما يتعلق بالأحكام إن خالف ما استقر فى الشرع؛ لعدم ضبط الرائى، لا للشك فى الرؤية؛ لأن الخبر لا يُقبل إلا من ضابط مطلف، والنائم بخلافه. ومنها أن الأرض لا تأكل لحوم الأنبياء للحديث المشهور. ومنها قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إن كذبًا علىَّ ليس ككذب على أحد" (2) ) ، قال أصحابنا وغيرهم: فتعمد الكذب عليه من الكبائر، فإن استحله المتعمد كفر، وإلا فهو كسائر الكبائر لا يكفر بها. وقال الشيخ أبو محمد الجوينى والد إمام الحرمين: يكفر بذلك، والصواب الأول، وبه قطع الجمهور، والله أعلم. واعلم أن هذا الضرب لا ينحصر، ولكن نبهنا بما ذكرناه على ما سواه، ولنختم الفصل بكلامين: أحدهما: قال إمام الحرمين: قال المحققون: ذكر الخلاف فى مسائل الخصائص خبط لا فائدة فيه، فإنه لا يتعلق به حكم ناجز تمس الحاجة إليه، وإنما يجرى الخلاف فيما لا نجد بُدًا من إثبات حكم فيه، فإن الأقيسة لا مجال لها، والأحكام الخاصة تتبع فيها النصوص، وما لا نص فيه فالخلاف فيه هجوم على الغيب من غير فائدة. الكلام الثانى: قال الصيمرى: منع أبو على بن خيران الكلام فى الخصائص؛ لأنه أمر انقضى. قال: وقال سائر أصحابنا: لا بأس به، وهو الصحيح؛ لما فيه من زيادة العلم، هذا كلام الأصحاب، والصواب الجزم بجواز ذلك، بل باستحبابه، ولو قيل بوجوبه لم يكن بعيدًا إن لم يمنع منه إجماع؛ لأنه ربما رأى جاهل بعض الخصائص ثابتًا فى الصحيح فعمل به أخذًا بأصل التأسى، فوجب بيانها   (1) حديث ابن عباس: أخرجه الطبرانى (11/243، رقم 11621) . حديث عمر: أخرجه الطبرانى فى الأوسط (5/376، رقم 5606) ، والبيهقى (7/64، رقم 13172) ، والضياء (1/197، رقم 101) ، وقال: إسناده حسن. وأخرجه أيضًا: الطبرانى= = (3/45، رقم 2634) ، وأبو نعيم (7/314) ، وقال: غريب. والديلمى (3/255، رقم 4755) . حديث المسور: أخرجه الطبرانى (20/27، رقم 33) . (2) حديث المغيرة بن شعبة: أخرجه أحمد (4/245، رقم 18165) ، والبخارى (1/434، رقم 1229) ، ومسلم (1/10، رقم 4) . حديث سعيد بن زيد: أخرجه البزار (4/100، رقم 1276) وأبو يعلى (2/257، رقم 966) قال الهيثمى (1/143) : رواه البزار، وأبو يعلى، وله عندهما إسنادان أحدهما رجاله موثقون. والبغوى (3/64، رقم 965) ، والضياء (3/286، رقم 1087) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 43 لتعرف، ولا مشاركة فيها، وأى فائدة أعظم من هذه، وأما ما يقع فى أثناء الخصائص مما لا فائدة فيه اليوم، فقليل جدًا لا تخلو أبواب الفقه عن مثله للتدرب ومعرفة الأدلة وتحقيق الشىء على ما هو عليه، كما يقولون فى الفرائض ترك مائة جلدة، ونحو ذلك، وبالله التوفيق. فهذا آخر ما انتخبته من نبذ العيون المتعلقة بترجمة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حبيب رب العالمين، وخير الأولين والآخرين، صلوات الله عليه وسلامه وعلى سائر النبيين وآل كل وسائر الصالحين، وحسبى الله ونعم الوكيل. إمامنا، رضى الله عنه 2 - إمامنا، رضى الله عنه، هو أبو عبد الله محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان ابن شافع بن السائب بن عبيد بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف بن قصى القريشى المطلبى الشافعى الحجازى المكى (1) : ابن عم رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، يلتقى معه فى عبد مناف. وقد أكثر العلماء، رحمهم الله تعالى، من المصنفات فى مناقب الشافعى وأحواله من المتقدمين والمتأخرين، كداود الظاهرى، والساجى، وخلائق من المتقدمين، وأما المتأخرين كالدارقطنى، والآجرى، والرازى، والصاحب بن عباد، والبيهقى، ونصر المقدسى، وخلائق لا يحصون، فكتبهم فى مناقبه مشهورة، ومن أحسنها وأثبتها كتاب البيهقى، وهو مجلدان ضخمان مشتملان على نفائس من كل فن، استوعب فيهما معظم أحواله ومناقبه بالأسانيد الصحيحة والدلائل الصريحة، وكتابنا هذا مبنى على الاختصار، فلا يليق به البسط والتطويل والإكثار، فأقتصر فيه إن شاء الله تعالى على الإشارة إلى نبذ من تلك المقاصد والمرمز إلى جُمل من تلك الكليات والمعاقد، فأقول مستعينًا بالله متوكلاً عليه، مفوضًا أمرى إليه: الشافعى، رضى الله عنه، قريشى مطلبى بإجماع أهل النقل من جميع الطوائف، وأمه أزدية، وقد تظاهرت الأحاديث الصحيحة فى فضل قريش، وانعقد الإجماع على تفضيلهم على جميع قبائل العرب وغيرهم. وفى الصحيحين عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "الأئمة من قريش" (2) . وفى صحيح مسلم، عن جابر، رضى الله عنه، عن   (1) انظر: التاريخ الكبير (1/42) ، والجرح والتعديل (7/201 - 204) ، والثقات لابن حبان (9/30) ، ووفيات الأعيان (4/163 - 169) ، والمختصر فى أخبار البشر (2/26، 27) ، وسير أعلام النبلاء (1/361 - 363) برقم (1) ، والوافى بالوفيات (2/171 - 181) ، وتهذيب التهذيب (9/25 - 31) ، وتقريب التهذيب (2/143) ، والنجوم الزاهرة (2/176، 177) .. (2) أخرجه الطيالسى (ص 284، رقم 2133) ، وأحمد (3/129، رقم 12329) ، والطبرانى (1/252، رقم 725) ، وأبو نعيم فى الحلية (5/8) ، والبيهقى (8/143، رقم 16318) ، والضياء (4/403، رقم 1576) . وأخرجه أيضًا: النسائى فى الكبرى (3/467، رقم 5942) ، وأبو يعلى (7/94، رقم 4032) ، والطبرانى فى الأوسط (7/41، رقم 6789) . قال الهيثمى (5/194) : رواه الطبرانى فى الأوسط والكبير، وفيه عبد الله بن فروح وثقه ابن حبان، وقال: ربما خالف وفيه كلام، وبقية رجال الكبير ثقات. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 44 رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "الناس تبع لقريش فى الخير والشر" (1) . وأن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "الناس معادن، خيارهم فى الجاهلية خيارهم فى الإسلام إذا فقهوا" (2) . وفى صحيح مسلم أيضًا عن واثلة بن الأسقع، رضى الله عنه، قال: سمعت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: "إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشًا من كنانة، واصطفى من قريش بنى هاشم، واصطفانى من بنى هاشم" (3) . وفى صحيح البخارى عن جبير بن مطعم، رضى الله عنه، قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إنما بنو المطلب وبنو هاشم شىء واحد" (4) . وفى صحيح كتاب الترمذى، عن أنس بن مالك، رضى الله عنه، قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "الأزد أسد الله فى الأرض، يريد الناس أن يضعوهم ويأبى الله إلا أن يرفعهم، وليأتين على الناس زمان يقول الرجل: يا ليتنى كنت أزديًا، ويا ليت أمى كانت أزدية" (5) . قال الترمذى: وروى موقوفًا عن أنس، وهو عندنا أصح. وفى الترمذى أيضًا عن أبى هريرة، رضى الله عنه، عن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "الملك فى قريش، والقضاء فى الأنصار، والأذان فى الحبشة، والأمانة فى الأزد" (6) ، يعنى اليمن. قال الترمذى: وروى موقوفًا عن أبى هريرة، وهو أصح. فصل فى مولد الشافعى، رحمه الله، ووفاته وذكر نبذ من أموره وحالاته أجمعوا على أنه ولد سنة خمسين ومائة، وهى السنة التى توفى فيها أبو حنيفة، رحمه الله تعالى، وقيل: إنه فى اليوم الذى توفى فيه أبو حنيفة. قال البيهقى: ولم يثبت اليوم، ثم المشهور الذى عليه الجمهور أن الشافعى ولد بغزة، وقيل: بعسقلان، وهما من الأرض المقدسة التى بارك الله فيها، فإنهما على نحو من مرحلتين من بيت المقدس، ثم حُمل إلى مكة وهو ابن سنتين، وتوفى بمصر سنة أربع ومائتين، وهو ابن أربع وخمسين سنة. قال الربيع: توفى الشافعى، رحمه الله تعالى، ليلة الجمعة بعد المغرب   (1) حديث جابر: أخرجه ابن أبى شيبة (6/402، رقم 32382) ، وأحمد (3/331، رقم 14585) ، ومسلم (3/1451، رقم 1819) ، وابن حبان (14/158، رقم 6263) . وأخرجه أيضًا: أبو عوانة (4/368، رقم 6972) . (2) حديث جابر: أخرجه أحمد (3/367، رقم 14988) . حديث أبى هريرة: أخرجه البخارى (3/1288، رقم 3304) ، ومسلم (4/1958، رقم 2526) . وأخرجه أيضًا: أحمد (2/257، رقم 7487) . (3) أخرجه مسلم (4/1782، رقم 2276) ، والترمذى (5/583، رقم 3606) ، وقال: حسن صحيح غريب. أخرجه أيضًا: أحمد (4/107، رقم 17027) ، وأبو يعلى (13/469، رقم 7485) ، والخطيب (13/64) . (4) أخرجه الطبرانى (2/126، رقم 1540) . (5) أخرجه الترمذى (5/727، رقم 3937) ، وقال: غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وروى هذا الحديث بهذا الإسناد عن أنس موقوف وهو عندنا أصح. ومحمد بن جميع الصيداوى فى معجم الشيوخ (1/181) ، والضياء (6/195، رقم 2212. (6) أخرجه أحمد (2/364، رقم 8746) ، قال الهيثمى (4/192) : رجاله ثقات. والترمذى (5/727، رقم 3936) . وأخرجه أيضًا: ابن أبى شيبة (6/403، رقم 32395) ، وأحمد فى فضائل الصحابة (2/795، رقم 1423) ، وابن أبى حاتم فى الجرح والتعديل (9/437، رقم 2186) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 45 وأنا عنده، ودفن بعد العصر يوم الجمعة آخر يوم من رجب سنة أربع ومائتين، وقبره رحمه الله تعالى بمصر، عليه من الجلالة وله من الاحترام ما هو لائق بمنصب ذلك الإمام. قال الربيع: رأيت فى النوم أن آدم، عليه السلام، مات، فسألت عن ذلك، فقيل: هذا موت أعلم أهل الأرض؛ لأن الله تعالى علم آدم الأسماء كلها، فما كان إلا يسير فمات الشافعى، رحمه الله، ورأى غيره ليلة مات الشافعى قائلاً يقول: الليلة مات النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وحزن الناس لموته الحزن الذى يوازى رزيتهم به. فصل نشأ الشافعى، رضى الله عنه، يتميًا فى حجر أمه فى قلة عيش وضيق حال، وكان فى صباه يجالس العلماء، ويكتب ما يستفيده فى العظام ونحوها؛ لعجزه عن الورق، حتى ملأ منها حبابًا. عن مصعب بن عبد الله الزبيرى، قال: كان الشافعى، رحمه الله، فى ابتداء أمره يطلب الشعر وأيام العرب والأدب، ثم أخذ فى الفقه. قال: وكان سبب أخذه فيه أنه كان يسير يومًا على دابة له وخلفه كاتب لأبى، فتمثل الشافعى ببيت شعر، فقرعه كاتب أبى بسوطه، ثم قال له: مثلك يذهب بمروءته فى مثل هذا، أين أنت من الفقه؟! فهزه ذلك، فقصد مجالسة مسلم بن خالد الزنجى مفتى مكة، ثم قدم علينا، يعنى المدينة، فلزم مالكًا، رحمه الله. وعن الشافعى، قال: كنت أنظر فى الشعر، فارتقيت عقبة بمنى، فإذا صوت من خلفى: عليك بالفقه. وعن الحميدى قال: قال الشافعى: خرجت أطلب النحو والأدب، فلقينى مسلم بن خالد الزنجى، فقال: يا فتى، من أين أنت؟ قلت: من أهل مكة، قال: أين منزلك؟ قلت: بشعب الخيف، قال: من أى قبيلة أنت؟ قلت: من عبد مناف، فقال: بخ بخ، لقد شرفك الله فى الدنيا والآخرة، ألا جعلت فهمك هذا فى الفقه فكان أحسن لك؟!. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 46 فصل فلما أخذ الشافعى، رحمه الله، فى الفقه، وحصل منه على مسلم بن خالد الزنجى وغيره من أئمة مكة ما حصل، رحل إلى المدينة قاصدًا الأخذ عن أبى عبد الله مالك بن أنس، رضى الله عنه، ورحلته مشهورة فيها مصنف معروف مسموع، وأكرمه مالك، رحمه الله، وعامله لنسبه، وعلمه وفهمه وعقله وأدبه بما هو اللائق بهما، وقرأ الموطأ على مالك حفظًا، فأعجبته قراءته، فكان مالك يستزيده من القراءة لإعجابه من قراءته، ولازم مالكًا فقال له: اتق الله، فإنه سيكون لك شأن. وفى رواية أنه قال له: إن الله تعالى قد ألقى على قلبك نورًا فلا تطفئه بالمعصية. وكان للشافعى حين أتى مالكًا ثلاث عشرة سنة، ثم ولى باليمن واشتهر من حسن سيرته، وحمله الناس على السنة والطرائق الجميلة أشياء كثيرة معروفة، ثم رحل إلى العراق، وجدّ فى الاشتغال بالعلم، وناظر محمد بن الحسن وغيره، ونشر علم الحديث، وأقام مذهب أهله، ونصر السنة، وشاع ذكره وفضله وتزايد تزايدًا ملأ البقاع، وطلب منه عبد الرحمن بن مهدى إمام أهل الحديث فى عصره أن يُصَنِّف كتابًا فى أصول الفقه، وكان عبد الرحمن ويحيى بن سعيد القطان يعجبان بكتاب الرسالة، وكذلك أهل عصرهما ومن بعدهما، وكان القطان وأحمد بن حنبل يدعوان للشافعى، رضى الله عنهم أجمعين، فى صلاتهم؛ لما رأيا من اهتمامه بإقامة الدين ونصر السنة وفهمها، واقتباس الأحكام منها، وأجمع الناس على استحسان رسالته، وأقوال السلف فى ذلك مشهورة بأسانيدها. قال المزنى: قرأت الرسالة خمسمائة مرة، ما من مرة إلا واستفدت منها فائدة جديدة. وقال المزنى أيضًا: أنا أنظر فى الرسالة من خمسين سنة، ما أعلم أنى نظرت فيها مرة إلا استفدت منها شيئًا لم أكن عرفته. فلما اشتهرت جلالة الشافعى، رحمه الله، فى العراق، وسار الجزء: 1 ¦ الصفحة: 47 ذكره فى الآفاق، وأذعن بفضله الموافقون والمخالفون، واعترف به العلماء أجمعون، وعظمت عند الخلائق وولاة الأمور مرتبته، واستقرت عندهم جلالته وإمامته، وظهر من فضله فى مناظراته أهل العراق وغيرهم ما لم يظهر لسواه، وأظهر من بيان القواعد ومهمات الأصول ما لم يعرف لمن عداه، وامتحن فى مواطن كثيرة مما لا يحصى من المسائل، فكان جوابه فيها من الصواب والسداد بالمحل الأعلى والمقام الأسنى، عكف عليه للاستفادة منه الصغار والكبار، والأئمة الأخيار من أهل الحديث والفقه وغيرهم، ورجع كثير منهم عن مذاهب كانوا عليها إلى مذهبه، وتمسكوا بطريقته كأبى ثور وخلائق من الأئمة، وترك كثير منهم الأخذ عن شيوخهم وكبار الأئمة لانقطاعهم إلى الشافعى حين رأوا عنده ما لا يجدون عند غيره، وبارك الله الكريم له ولهم فى تلك العلوم الباهرة والمحاسن المتظاهرة والخيرات المتكاثرة، ولله الحمد على ذلك وعلى سائر نعمه التى لا تحصى. وصنف فى العراق كتابه القديم المسمى كتاب الحجة، ويرويه عنه أربعة من كبار أصحابه العراقيين، وهم أحمد بن حنبل، وأبو ثور، والزعفرانى، والكرابيسى، وأتقنهم له رواية الزعفرانى. ثم خرج الشافعى، رحمه الله، إلى مصر سنة تسع وتسعين ومائة. وقال أبو عبد الله حرملة بن يحيى: قدم الشافعى مصر سنة تسع وتسعين ومائة. وقال الربيع: سنة مائتين، ولعله قدم فى آخر سنة تسع جمعًا بين الروايتين، وصنف كتبه الجديدة كلها بمصر، وسار ذكره فى البلدان، وقصده الناس من الشام واليمن والعراق وسائر النواحى والأقطار للتفقه عليه والرواية عنه، وسماع كتبه منه، وأخذها عنه، وساد أهل مصر وغيرهم، وابتكر كتبًا لم يسبق إليها، منها أصول الفقه، وكتاب القسامة، وكتاب الجزية، وكتاب قتال أهل البغى، وغيرها. قال الإمام أبو الحسين محمد بن عبد الله بن جعفر الرازى فى كتابه مناقب الشافعى: سمعت أبا عمرو أحمد بن على بن الحسن البصرى، قال: سمعت محمد بن أحمد بن سفيان الطرائفى البغدادى يقول: سمعت الربيع بن سليمان يومًا وقد حط على باب داره تسعمائة راحلة فى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 48 سماع كتب الشافعى، رحمه الله ورضى عنه. فصل فى تلخيص جملة من أحوال الشافعى اعلم أنه، رضى الله عنه، كان من أنواع المحاسن بالمحل الأعلى، والمقام الأسنى؛ لما جمعه الله الكريم له من الخيرات، ووفقه له من جميل الصفات، وسهله عليه من أنواع المكرمات، فمن ذلك شرف النسب الطاهر، والعنصر الباهر، واجتماعه هو ورسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فى النسب، وذلك غاية الشرف ونهاية الحسب. ومن ذلك شرف المولد والمنشأ، فإنه ولد بالأرض المقدسة، ونشأ بمكة. ومن ذلك أنه جاء بعد أن مهدت الكتب وصنفت وقررت الأحكام ونقحت، فنظر فى مذاهب المتقدمين، وأخذ من الأئمة المبرزين، وناظر الحذاق المتقنين، فبحث مذاهبهم وسبرها وتحققها وخبرها، فلخص منها طريقة جامعة للكتاب والسنة والإجماع والقياس، ولم يقتصر على ذلك كما وقع لغيره، وتفرغ للاختيار والتكميل والتنقيح مع كمال قوته وعلو همته وبراعته فى جميع أنواع الفنون، واضطلاعه منها أشد اضطلاع، وهو المبرز فى الاستنباط من الكتاب والسنة، البارع فى معرفة الناسخ والمنسوخ، والمجمل والمبين، والخاص والعام، وغيرها من تقاسيم الخطاب، فلم يسبقه أحد إلى فتح هذا الباب؛ لأنه أول مَن صَنَّف أصول الفقه بلا اختلاف ولا ارتياب، وهو الذى لا يساوى، بل لا يدانى فى معرفة كتاب الله تعالى وسنة رسوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ورد بعضها إلى بعض، وهو الإمام الحجة فى لغة العرب ونحوهم، فقد اشتغل فى العربية عشرين سنة مع بلاغته وفصاحته، ومع أنه عربى اللسان والدار والعصر، وبها يعرف الكتاب والسنة. قال عبد الملك بن هشام صاحب المغازى: إمام أهل مصر فى عصره فى اللغة والنحو الشافعى، حجة فى اللغة، وكان إذا شك فى شىء الجزء: 1 ¦ الصفحة: 49 من اللغة بعث إلى الشافعى فسأله عنه. وقال أبو عبيد: كان الشافعى ممن تؤخذ عنه اللغة. وقال أيوب بن سويد: خذوا عن الشافعى اللغة. وقال أبو عثمان المازنى: الشافعى عندنا حجة فى النحو. وقال الأصمعى: صححت أشعار الهذليين على شاب من قريش بمكة يقال له: محمد ابن إدريس. وقال محمد بن عبد الله بن عبد الحكم: سمعت الشافعى يقول: أروى لثلاثمائة شاعر مجنون. وقال الزبير بن بكار: أخذت شعر هذيل ووقائعها وأيامها من عمى مصعب، وقال: أخذتها من الشافعى حفظًا. وأقاوئل العلماء فى هذا كثير. وهو الذى قلد المنن الجسيمة أهل الآثار، وحملة الحديث، ونقلة الأخبار بتوقيفه إياهم على معانى السنن وتبيينه وقذفه بالحق على باطل مخالفى السنن وتمويههم، فنعشهم بعد أن كانوا خاملين، وظهرت كلمته على جميع المخالفين، ودمغهم بواضحات البراهين، حتى ظلت أعناقهم لها خاضعين. قال محمد بن الحسن، رحمه الله: إن تكلم أصحاب الحديث يومًا فبلسان الشافعى، يعنى لما وضع من كتبه. وقال الحسن بن محمد الزعفرانى: كان أصحاب الحديث رقودًا فأيقظهم الشافعى فتيقظوا. وقال أحمد بن حنبل: ما أحد مس بيده محبرة ولا قلمًا إلا وللشافعى فى رقبته منة. فهذا قول إمام أصحاب الحديث وأهله، ومن لا يختلف الناس فى ورعه وفضله. ومن ذلك أن الشافعى، رحمه الله، مكنه الله تعالى من أنواع العلوم، حتى عجز لديه المناظرون من الطوائف وأصحاب الفنون، واعترف بتبريزه، وأذعن الموافقون والمخالفون فى المحافل الكثيرة المشهورة المشتملة على أئمة عصره فى البلدان، وهذه المناظرات موجودة فى كتبه وكتب العلماء معروفة عند المتقدمين والمتأخرين. وفى كتاب الأم للشافعى، رحمه الله، من هذه المناظرات جُمل من العجائب والنفائس الجليلات، والقواعد المستفادات، وكم من مناظرة واقعة فيه يقطع كل من وقف عليها وأنصف وصدق أنه لم يُسبق إليها، ومن ذلك أنه تصدر فى عصر الأئمة المبرزين للإفتاء والتدريس والتصنيف، وقد أمره بذلك شيخه أبو خالد مسلم بن خالد الزنجى إمام أهل مكة ومفتيها، وقال له: افت يا أبا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 50 عبد الله، فقد والله آن لك أن تفتى، وكان للشافعى إذ ذاك خمس عشرة سنة. وأقاويل أهل عصره فى هذا كثيرة مشهورة. وأخذ عن الشافعى، رحمه الله، العلم فى سن الحداثة مع توفر العلماء فى ذلك العصر، وهذا من الدلائل الصريحة لعظم جلالته وعلو مرتبته، وهذا كله مشهور فى كتب مناقبه وغيرها، ومن ذلك شدة اجتهاده فى نصرة الحديث، واتباع السنة، وجمعه فى مذهبه بين أطراف الأدلة، مع الإتقان والتحقيق والغوص التام على المعانى والتدقيق، حتى لُقِّب حين قدم العراق بناصر الحديث، وغلب فى عرف العلماء المتقدمين والفقهاء الخراسانيين على متبعى مذهبه لقب أصحاب الحديث فى القديم والحديث. وقد روينا عن إمام الأئمة أبى بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة، وكان من حفظ الحديث ومعرفة السنة بالغاية العالية، أنه سُئل: هل سنة صحيحة لم يودعها الشافعى كتبه؟ قال: لا، ومع هذا فاحتاط الشافعى، رحمه الله، لكون الإحاطة ممتنعة على البشر، فقال: ما هو ثابت عنه من أوجه من وصيته بالعمل بالحديث الصحيح وترك قوله المخالف للنص الثابت الصريح، وقد امتثل أصحابنا، رحمهم الله، وصيته، وعملوا بها فى مسائل كثيرة مشهورة، كمسألة التثويب فى أذان الصبح، واشتراط التحلل فى الحج بعذر المرض ونحوه، وغير ذلك مما هو معروف، ولكن لهذا شرط قل من يتصف به فى هذه الأزمان، وقد أوضحته فى مقدمة شرح المهذب. ومن ذلك تمسكه بالأحاديث الصحيحة، وإعراضه عن الأخبار الواهية والضعيفة، ولا أعلم أحدًا من الفقهاء اعتنى فى الاحتجاج بالتمييز بين الصحيح والضعيف كاعتنائه ولا قريبًا منه، فرضى الله عنه، وهذا واضح جلى فى كتبه، وإن كان أكثر أصحابنا لم يسلكوا طريقته فى هذا. ومن ذلك أخذه، رحمه الله، بالاحتياط فى مسائل العبادات وغيرها مما هو معروف. ومن ذلك شدة اجتهاده فى العبادة وسلوط طرائق الورع والسخاء والزهادة، وهذا من خلقه وسيرته مشهور معروف، ولا يتمارى فيه إلا جاهل أو ظالم عسوف، فكان رضى الله عنه، بالمحل الأعلى من متانة الدين، وهذا مقطوع بمعرفته عند الموافقين والمخالفين: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 51 وليس يصح فى الأذهان شىء ... إذا احتاج النهار إلى دليل وأما سخاؤه، وشجاعته، وكمال عقله، وبراعته، فإنه مما اشترك الخواص والعوام فى معرفته، فلا أستدل عليه لشهرته، وكل هذا مشهور فى كتب المناقب مروى من طرق. ومن ذلك ما جاء فى الحديث المشهور: "إن عالم قريش يملأ طباق الأرض علمًا" (1) ، وحمله العلماء المتقدمون والمتأخرون على الشافعى، رحمه الله، واستدلوا له بأنه لم ينقل عن الصحابة، رضى الله عنهم، إلا مسائل معدودة إذ كانت فتاويهم مقصورة على الوقائع، بل كانوا ينهون عن السؤال عما لم يقع، وكانت همتهم مصروفة إلى جهاد الكفار لإعلاء كلمة الإسلام، وإلى مجاهدة النفوس والعبادة، فلم يتفرغوا للتصنيف، وكذلك التابعون لم يصنفوا، وأما من جاء بعدهم وصنف الكتب، فلم يكن فيهم قرشى يتصف بهذه الصفة قبل الشافعى ولا بعده إلا هو. وقد قال الساجى، رحمه الله، فى أول كتابه المشهور فى اختلاف العلماء: إنما بدأت بالشافعى قبل جميع الفقهاء وقدمته عليهم، وإن كان فيهم أقدم منه؛ اتباعًا للسنة، فإن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "قدموا قريشًا وتعلموا من قريش" (2) ) . وقال الإمام أبو نعيم عبد الملك بن محمد بن عدى الإستراباذى صاحب الربيع بن سليمان المرادى: فى هذا الحديث علامة بينة، إذا تأمله الناظر المميز علم أن المراد به رجل من علماء هذه الأمة من قريش، ظهر علمه وانتشر فى البلاد، وكتب كما يكتب المصاحف، ودرسه المشايخ والشبان فى مجالسهم، وأجروا أقاويله فى مجالس الحكام، والأمراء، والقراء، وأهل الآثار، وغيرهم. قال: وهذه صفة لا نعلمها فى أحد غير الشافعى. قال: فهو عالم قريش الأفضل الذى دون العلم، وشرح الأصول والفروع، ومهد القواعد. قال البيهقى بعد روايته كلام أبى نعيم: وإلى هذا ذهب أحمد بن حنبل فى تأويل الخبر. ومن ذلك مصنفات الشافعى، رحمه الله، فى الأصول والفروع التى لم يسبق إليها كثرة وحسنًا، وهى كثيرة مشهورة، كالأم فى نحو خمسة عشر مجلدًا، وهو مشهور، وجامعى المزنى الكبير والصغير، ومختصريه، ومختصر الربيع، والبويطى، وكتاب   (1) أخرجه ابن عساكر (58/379) . (2) أخرجه الشافعى (1/278) . حديث عبد الله بن السائب: أخرجه أيضًا: ابن أبى عاصم (2/637، رقم 1519) . قال المناوى (4/512) : فيه أبو معشر قالوا ضعيف. حديث أنس: أخرجه أبو نعيم (9/64) . أخرجه البيهقى (3/121، رقم 5080) . وأخرجه أيضا: عبد الرزاق عن معمر فى الجامع (11/54، رقم 19893) ، وابن أبى شيبة (6/402، رقم 32386) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 52 حرملة، وكتاب الحجة، وهو القديم، والرسالة الجديدة والقديمة، والأمالى، والإملاء، وغير ذلك مما هو معروف، وقد جمعها البيهقى فى باب من كتابه فى مناقب الشافعى. قال القاضى الإمام أبو محمد الحسن بن محمد المروزى فى خطبة تعليقه: قيل: إن الشافعى، رحمه الله، صنف مائة وثلاثة عشر كتابًا فى التفسير، والفقه، والأدب، وغير ذلك، وما أحسنها، فأمر يدرك بمطالعتها، فلا يتمارى فيه موافق ولا مخالف، وأما كتب أصحابه التى هى شروح لنصوصه ومخرجة على أصوله مفهومة من قواعده، فلا يحصرها إلا الله تعالى مع عظم فوائدها وكثرة عوائدها، وكبر حجمها، وحسن ترتيبها ونظمها كتعليق الشيخ أبى حامد الإسفرايينى، وصاحبيه القاضى أبى الطيب الطبرى، والماوردى صاحب الحاوى، ونهاية المطلب، لإمام الحرمين وغيرها مما هو معروف، وكل هذا مصرح بغزارة علمه وجزالة كلامه وبلاغته، وبراعة فهمه، وصحة نيته، وحسن طويته، وقد نقل عنه فى صحة نيته نقول كثيرة مشهورة، وكفى بالاستقراء فى ذلك دليلاً قاطعًا وبرهانًا صادعًا. قال الساجى فى أول كتابه فى الاختلاف: سمعت الربيع يقول: سمعت الشافعى يقول: وددت أن الخلق تعلموا هذا العلم، على أن لا ينسب إلىَّ منه حرف، فهذا إسناد لا يمارى فى صحته. وقال الشافعى، رحمه الله: وددت إذا ناظرت أحدًا أن يُظهر الله الحق على يديه. ونظائر هذا كثيرة مشهورة. ومن ذلك مبالغته فى الشفقة على المتعلمين، ونصيحته لله تعالى وكتابه ورسوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - والمسلمين، وذلك هو الدين كما صح عن سيد المرسلين - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وهذا الذى ذكرته من أحواله وإن كان كله مشهورًا، فلا بأس بالإشارة إليه ليعرفه من لم يقف عليه. فصل فى نوادر من حكم الشافعى، رضى الله عنه، وجزيل كلامه قال رحمه الله: طلب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 53 العلم أفضل من صلاة النافلة. وقال: من أراد الدنيا فعليه بالعلم، ومن أراد الآخرة فعليه بالعلم. وقال: ما تقرب إلى الله تعالى بشىء بعد الفرائض أفضل من طلب العلم. وقال: ما أفلح فى العلم إلا من طلبه فى القلة، ولقد كنت أطلب القرطاس فيعسر علىَّ. وقال: لا يطلب أحد هذا العلم بالملك وعز النفس فيفلح، ولكن من طلبه بذلة النفس، وضيق العيش، وخدمة العلم، وتواضع النفس أفلح. وقال: تفقه قبل أن ترأس، فإذا رأست فلا سبيل إلى التفقه. وقال: من طلب علمًا فليدقق؛ لئلا يضيع دقيق العلم. وقال: من لا يحب العلم لا خير فيه، ولا يكون بينك وبينه صداقة ولا معرفة. وقال: زينة العلماء التوفيق، وحليتهم حسن الخلق، وجمالهم كرم النفس. وقال: زينة العلم الورع والحلم. وقال: لا عيب بالعلماء أقبح من رغبتهم فيما زهدهم الله فيه وزهدهم فيما رغبهم فيه. وقال: ليس العلم ما حُفظ، العلم ما نفع. وقال: فقر العلماء فقر اختيار، وفقر الجهال فقر اضطرار. وقال: المراء فى العلم يقسى القل ويورث الضغائن. وقال: الناس فى غفلة عن هذه السورة: {وَالْعَصْرِ إِنَّ الإِنسَانَ لَفِى خُسْرٍ} [العصر: 1، 2] ، وكان قد جزأ الليلة ثلاثة أجزاء، الثلث الأول يكتب، والثانى يصلى فيه، والثالث ينام. وقال الربيع: نمت فى منزل الشافعى ليالى، فلم يكن ينام من الليل إلا يسيرًا. وقال بحر بن نصر: ما رأيت ولا سمعت فى عصر الشافعى كان أتقى لله ولا أروع ولا أحسن صوتًا بالقرآن منه. وقال الحميدى: كان الشافعى يختم فى كل يوم ختمة. وقال حرملة: سمعت الشافعى يقول: وددت أن كل علم يعلمه الناس أوجر عليه ولا يحمدونى قط. وقال أحمد بن حنبل، رحمه الله: كان الشافعى، رحمه الله، قد جمع الله تعالى فيه كل خير. وقال الشافعى: الظرف الوقوف مع الحق كما وقف. وقال: ما كذبت قط، ولا حلفت بالله صادقًا ولا كاذبًا. وقال: ما تركت غسل الجمعة فى برد ولا سفر ولا غيره. وقال: ما شبعت منذ ست عشرة سنة إلا شبعة طرحتها من ساعتى. وفى رواية: من عشرين سنة. وقال: من لم تعزه التقوى فلا عز له. وقال: ما فرغت من الفقر قط. وقال: طلب فضول الدنيا عقوبة عاقب الله بها أهل التوحيد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 54 وقيل للشافعى: ما لك تدمن إمساك العصى ولست بضعيف؟ فقال: لأذكر أنى مسافر، يعنى فى الدنيا. وقال: من شهد الضعف من نفسه نال الاستقامة. وقال: من غلبته شدة الشهوة للدنيا لزمته العبودية لأهلها، ومن رضى بالقنوع زال عنه الخضوع. وقال: خير الدنيا والآخرة فى خمس خصال: غنى النفس، وكف الأذى، وكسب الحلال، ولبس التقوى، والثقة بالله عز وجل على كل حال. وقال للربيع: عليك بالزهد. وقال: أنفع الذخائر التقوى وأضرها العدوان. وقال: من أحب أن يفتح الله قلبه أو ينوره فعليه بترك الكلام فيما لا يعنيه، واجتناب المعاصى، ويكون له خبئة فيما بينه وبين الله تعالى من عمل. وفى رواية: فعليه بالخلوة، وقلة الأكل، وترك مخالطة السفهاء، وبعض أهل العلم الذين ليس معهم إنصاف ولا أدب. وقال: يا ربيع، لا تتكلم فيما لا يعنيك، فإنك إذا تكلمت بالكلمة ملكتك ولم تملكها. وقال ليونس بن عبد الأعلى: لو اجتهدت كل الجهد على أن ترضى الناس كلهم فلا سبيل، فاخلص عملك ونيتك لله عز وجل. وقال: لا يعرف الرياء إلا المخلصون. وقال: لو أوصى رجل بشىء لأعقل الناس صرف إلى الزهاد. وقال: سياسة الناس أشد من سياسة الدواب. وقال: العاقل من عقله عقله عن كل مذموم. وقال: لو علمت أن شرب الماء البارد ينقص مروءتى لما شربته، ولو كنت اليوم ممن يقول الشعر لرثيت المروءة. وقال: للمروءة أربعة أركان: حسن الخلق، والسخاء، والتواضع، والنسك. وقال: المروءة عفة الجوارح عما لا يعنيها. وقال: أصحاب المروءات فى جهد. وقال: من أحب أن يقضى الله له بالخير فليحسن الظن بالناس. وقال: لا يكمل الرجل فى الدنيا إلا بأربع: بالديانة، والأمانة، والصيانة، والرزانة. وقال: أقمت أربعين سنة أسأل إخوانى الذين تزوجوا عن أحوالهم فى تزوجهم، فما منهم أحد قال إنه رأى خيرًا. وقال: ليس بأخيك من احتجت إلى مداراته. وقال: من صدق فى إخوة أخيه قبل علله، وسد خلله، وغفر زلله. وقال: من علامة الصديق أن يكون لصديق صديقه صديقًا. وقال: ليس سرور يعدل صحبة الإخوان، ولا غم يعدل فراقهم. وقال: لا تقصر فى حق أخيك اعتمادًا على الجزء: 1 ¦ الصفحة: 55 مودته. وقال: لا تبذل وجهك إلى من يهون عليه ردك. وقال: من برك فقد أوثقك، ومن جفاك فقد أطلقك. وقال: من نَمَّ لك نَمَّ بك، ومن إذا أرضيته قال فيك ما ليس فيك، وإذا أغضبته قال فيك ما ليس فيك. وقال: الكيس العاقل هو الفطن المتغافل. وقال: من وعظ أخاه سرًا فقد نصحه وزانه، ومن وعظه علانية فقد فضحه وشانه. وقال: من سام بنفسه فوق ما تساوى رده الله تعالى إلى قيمته. وقال: الفتوة حلى الأحرار. وقال: من تزين بباطل هتك ستره. وقال: التواضع من أخلاق الكرام، والتكبر من شيم اللئام. وقال: التواضع يورث المحبة، والقناعة تورث الراحة. وقال: أرفع الناس قدرًا من لا يرى قدره، وأكثرهم فضلاً من لا يرى فضله. وقال: إذا كثرت الحوائج فابدأ بأهمها. وقال: من كتم سره كانت الخيرة فى يده. وقال: الشفاعات زكاة المروآت. وقال: ما ضحك من خطأ رجل إلا ثبت الله صوابه فى قلبه. وقال: أبين ما فى الإنسان ضعفه، فمن شهد الضعف من نفسه نال الاستقامة مع الله تعالى. وقال: قال رجل لأُبى بن كعب، رضى الله عنه: عظنى، فقال: وَاخِ الإخوان على قدر تقواهم، ولا تجعل لسانك مذلة لمن لا يرغب فيه، ولا تغبط الحى إلا بما تغبط به الميت. وقال: من صدق الله نجا، ومن أشفق على دينه سلم من الردى، ومن زهد فى الدنيا قرت عيناه بما يرى من ثواب الله تعالى غدًا. وقال: كن فى الدنيا زاهدًا، وفى الآخرة راغبًا، وأضدق الله تعالى فى جميع أمورك تنج غدًا مع الناجين. وقال: من كان فيه ثلاث خصال فقد أكمل الإيمان: من أمر بالمعروف وائتمر به، ونهى عن المنكر وانتهى عنه، وحافظ على حدود الله تعالى. وقال لأخ له فى الله تعالى يعظه ويخوفه: يا أخى، إن الدنيا دحض مزلة، ودار مذلة، عمرانها إلى الخراب صائر، وساكنها للقبور زائر، شملها على الفرقة موقوف، وغناها إلى الفقر مصروف، الإكثار فيها إعسار، والإعسار فيها يسار، فافزع إلى الله، وارض برزق الله تعالى، ولا تستلف من دار بقائك فى دار فنائك، فإن عيشك فىء زائل، وجدار مائل، أكثر من عملك، وقصر من أملك. وقال: أرجى حديث للمسلمين حديث أبى موسى، أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "إذا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 56 كان يوم القيامة دفع إلى كل مسلم يهودى أو نصرانى، وقيل: يا مسلم، هذا فداؤك من النار" (1) . رواه مسلم فى صحيحه. وقال: الانبساط إلى الناس مجلبة لقرناء السوء، والانقباض عنهم مكسبة للعداوة، فكن بين المنقبض والمنبسط. وقال: ما أكرمت أحدًا فوق مقداره إلا اتضع من قدرى عنده بمقدار ما زدت فى إكرامه. وقال: لا وفاء لعبد، ولا شكر للئيم، ولا صنيعة عند نذل. وقال: صحبة من لا يخاف العار عار يوم القيامة. وقال: عاشر كرام الناس تعش كريمًا، ولا تعاشر اللئام فتنسب إلى اللؤم. وقال له رجل: أوصنى، فقال: إن الله تعالى خلقك حرًا، فكن حرًا كما خلقك. وقال: من سمع بأذنه صار حاكيًا، ومن أصغى بقلبه كان واعيًا، ومن وعظ بفعله كان هاديًا. وقال: من الذل أشياء: حضور مجلس العلماء بلا نسخة، وعبور الجسر بلا قطعة، ودخول الحمام بلا سطل، وتذلل الشريف للدنىء لينال منه شيئًا، وتذلل الرجل للرأة لينال من مالها شيئًا، ومداراة الأحمق، فإن مداراته غاية لا تدرك. وقال: من ولى القضاء ولم يفتقر فهو لص. وقال: لا بأس على الفقين أن يكون معه سفيه يسافه به. وقال: إذا أخطأتك الصنيعة إلى من يتقى الله عز وجل فاصطنعها إلى من يتقى العار. فصل فى أحرف من المنقولات من سخائه اعلم أن سخاء الشافعى، رحمه الله، مما اشتهر، حتى لا يتشكك فيه من له أدنى أنس بعلم أو مخالطة الناس، ولكنى أنثر منه أحرفًا: قال الحميدى: قدم الشافعى، رحمه الله، من صنعاء إلى مكة بعشرة آلاف دينار، فضرب خباءه خارجًا من مكة، فكان الناس يأتونه، فما برح حتى فرقها كلها. وقال عمرو بن سواد: كان الشافعى أسخى الناس بالدينار والدرهم والطعام. وقال البويطى: قدم الشافعى مصر، وكانت زبيدة ترسل إليه برزم   (1) أخرجه مسلم (4/2119، رقم 2767) . أخرجه الطبرانى فى الأوسط (1/5، رقم 1) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 57 الثياب والوشى، فيقسمها بين الناس. وقال الربيع: كان الشافعى راكبًا على حمار، فمر على سوق الحدادين، فسقط سوطه من يده، فوثب إنسان فمسحه بكفه وناوله إياه، فقال لغلامه: ادفع إليه الدنانير التى معك، فما أدرى كانت سبعة أو تسعة. قال: وكنا يومًا مع الشافعى، فانقطع شسع نعله، فأصلحه له رجل، فقال: يا ربيع، أمعك من نفقتنا شىء؟ قلت: نعم، قال: كم؟ قلت: سبعة دنانير، قال: ادفعها إليه. وقال أبو سعد: كان الشافعى من أجود الناس وأسخاهم كفًا، كان يشترى الجارية الصناع التى تطبخ وتعمل الحلواء، ويقول لنا: تشهوا ما أحببتم، فقد اشتريت جارية تحسن أن تعمل ما تريدون، فيقول بعض أصحابنا: اعملى اليوم كذا وكذا، وكنا نحن نأمرها. وقال الربيع: كان الشافعى إذا سأله إنسان شيئًا يحمر وجهه حياء من السائل، ويبادر بإعطائه، رحمه الله ورضى عنه. فصل فى شهادة أئمة الإسلام المتقدمين فمن بعدهم للشافعى بالتقدم فى العلم واعترافهم له به، وحسن ثنائهم عليه، وجميل دعائهم له ووصفهم له بالصفات الجميلة والخلال الحميدة وهذا الباب ربما يتسع جدًا، لكنا نرمز إلى أحرف منه تنبيهًا بها على ما سواها، وأسانيدها كلها موجودة مشهورة، لكن نحذفها اختصارًا. قال له شيخه مالك بن أنس، رضى الله عنه: إن الله عز وجل قد ألقى على قلبك نورًا، فلا تطفئه بالمعصية. وقال الشافعى: لما رحلت إلى مالك فسمع كلامى، نظر إلىَّ ساعة، وكانت لمالك فراسة، فقال: ما اسمك؟ قلت: محمد، قال: يا محمد، اتق الله واجتنب المعاصى، فإنه سيكون لك شأن، فقلت: نعم وكرامة، فقال: إذا كان غدًا تجىء ويجىء من يقرأ لك الموطأ، فقلت: إنى أقرأه ظاهرًا، فغدوت إليه وابتدأت، فكلما تهيبت مالكًا وأردت أن أقطع أعجبته قراءتى وأغرانى بقول: زد يا فتى، حتى قرأته عليه فى أيام يسيرة، ثم أقمت بالمدينة إلى أن توفى مالك، رضى الله عنه، ثم ذكر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 58 خروجه إلى اليمن. وفى رواية: فقرأته عليه، وربما قال لى فى شىء قد مرَّ: أعد حديث كذا، فأعيده حفظًا، وكأنه أعجبه، فقال: أنت يجب أن تكون قاضيًا. وفى هذه الرواية: أتيته وأنا ابن ثلاث عشرة سنة. وقال شيخه سفيان بن عيينة، وقد قرىء عليه حديث فى الرقائق، فغشى على الشافعى، فقيل: قد مات الشافعى، فقال سفيان: إن كان قد مات فقد مات أفضل أهل زمانه. وقال أحمد بن محمد ابن بنت الشافعى: سمعت أبى وعمى يقولان: كان ابن عيينة إذا جاءه شىء من التفسير والفتيا التفت إلى الشافعى، وقال: سلوا هذا. وقال على بن المدينى: كان الشافعى لما عرفته عند ابن عيينة، وكان ابن عيينة يعظمه ويجله، وفسر الشافعى عند ابن عيينة حديثًا أشكل على سفيان، فقال له سفيان: جزاك الله خيرًا، ما يجيئنا منك إلا ما تحب. وقال الحميدى صاحب سفيان: كان سفيان بن عيينة، ومسلم بن خالد، وسعيد بن سالم، وعبد الحميد بن عبد العزيز شيوخ مكة يصفون الشافعى ويعرفونه من صغره، مقدمًا عندهم بالذكاء والعقل والصيانة، ويقولون: لم نعرف له صبوة. وقال الحميدى: سمعت مسلم بن خالد يقول للشافعى: قد والله آن لك أن تفتى، والشافعى ابن خمس عشرة سنة. وقال يحيى بن سعيد القطان إمام المحدثين فى زمانه: أنا أدعو الله للشافعى فى صلاتى من أربع سنين. وقال القطان حين عرض عليه كتاب الرسالة للشافعى: ما رأيت أعقل أو أفقه منه. وقال أبو سعيد عبد الرحمن بن مهدى، المقدم فى عصره فى علمى الحديث والفقه حين جاءته رسالة الشافعى، وكان طلب من الشافعى أن يصنف كتاب الرسالة، فأثنى عليه ثناء جميلاً، وأعجب بالرسالة إعجابًا كثيرًا، وقال: ما أصلى صلاة إلا أدعو للشافعى. وبعث أبو يوسف القاضى إلى الشافعى حين خرج من عند هارون الرشيد يقرئه السلام ويقول: صَنِّف الكتب، فإنك أولى من يُصَنِّف فى هذا الزمان. وقال أبو حسان الرازى: ما رأيت محمد بن الحسن يعظم أحدًا من أهل العلم تعظيمه للشافعى، رحمه الله. وقال أيوب بن سويد الرملى، وهو أحد شيوخ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 59 الشافعى، ومات قبل الشافعى بإحدى عشرة سنة: ما ظننت أنى أعيش حتى أرى مثل الشافعى. وقال البويطى: قال يحيى بن حسان: ما رأيت مثل الشافعى، وكان شديد المحبة للشافعى، قدم مصر، وقال: إنما جئت لأسلم على الشافعى. وقال محمد بن على المدينى: قال لى أبى: لا تترك حرفًا للشافعى إلا أكتبه. وقال يحيى ابن معين، وقد سُئل عمن يكتب كتب الشافعى؟ فقال: عن الربيع. وقال قتيبة بن سعيد: مات الثورى ومات الورع، ومات الشافعى وماتت السنن، ويموت أحمد بن حنبل وتظهر البدع. وقال قتيبة: لو وصلتنى كتب الشافعى لكتبتها، ما رأت عيناى أكيس منها. وقال مصعب بن عبد الله الزبيرى: ما رأيت أعلم بأيام الناس من الشافعى. وقال أحمد بن حنبل، رحمه الله: إذا جاءت المسألة ليس فيها أثر، فافت فيها بقول الشافعى. وقال أحمد أيضًا: ما تكلم فى العلم أقل خطأ ولا أشد أخذًا بسنة النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من الشافعى. وقال أحمد بن حنبل وقد سُئل عن الشافعى: لقد منَّ الله به علينا، لقد كنا تعلمنا كلام القوم وكتبنا كتبهم، حتى قدم علينا الشافعى، فلما سمعنا كلامه علمنا أنه أعلم من غيره، وقد جالسناه الأيام والليالى، فما رأينا منه إلا كل خير، رحمة الله عليه. وقال الزعفرانى: ما ذهبت إلى الشافعى قط مجلسًا إلا وجدت أحمد بن حنبل فيه. وقال صالح بن أحمد بن حنبل: ركب الشافعى حماره، فسار أبى يمشى إلى جانبه وهو يذاكره، فبلغ ذلك يحيى بن معين، فبعث إليه أبى فى ذلك، فبعث إليه أبى: إنك لو كنت فى الجانب الآخر من الحمار لكان خيرًا لك. وقال الفضيل بن زياد: قال أحمد بن حنبل: هذا الذى ترون كله أو عامته من الشافعى، ما بت مدة أربعين سنة، أو قال: ثلاثين سنة، إلا وأدعو الله للشافعى وأستغفر له. وفى رواية غير الفضيل: إنى لأدعو للشافعى فى صلاتى من أربعين سنة أقول: اللهم اغفر لى ولوالدى ولمحمد بن إدريس الشافعى، فما كان فيهم أتبع لحديث رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - منه. وفى رواية: ما أعلم أحدًا أعظم منة على الإسلام فى زمن الشافعى من الشافعى. وقال أحمد: ما أحد مس بيده محبرة وقلمًا إلا وللشافعى فى عنقه منة. وقال محفوظ ابن أبى توبة: كنا بمكة وأحمد بن حنبل جالس عند الشافعى، فحدث ابن عيينة، فقال: هذا يفوت وذاك لا يفوت، وجلس عند الشافعى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 60 وقال أحمد لإسحاق بن راهوية: تعالى حتى أريك رجلاً لم تر عيناك مثله. وقال أحمد: كان الفقه قفلاً على أهله حتى فتحه الله بالشافعى. وقال أحمد لمحمد بن مسلم بن دارة حين قدم من مصر: كتبت كتب الشافعى؟ قال: لا، قال: فرطت. وقال أحمد: لما قدم علينا الشافعى من صنعاء، سرنا على المحجة البيضاء. وقال: كانت أقفيتنا لأصحاب أبى حنيفة حتى رأينا الشافعى، فكان أفقه الناس فى كتاب الله عز وجل وسنة رسوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وقال: لا يستغنى، أو لا يشبع صاحب الحديث من كتب الشافعى. وقال: ما كان أصحاب الحديث يعرفون معانى أحاديث رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فبينها لهم. وقال إسحاق بن راهوية: الشافعى إمام العلماء، وما يتكلم أحد بالرأى إلا والشافعى أقل خطأ منه. وقال أبو عبيد القاسم بن سلام: ما رأيت أحدًا أعقل ولا أورع ولا أفصح ولا أنبل رأيًا من الشافعى. وقال الربيع: جاءنى أبو عبيد، فأخذ كتب الشافعى، يعنى ليكتبها. وقال يحيى بن أكثم: ما رأيت أحدًا أعقل من الشافعى. وقال عبد الله بن عبد الحكم: ما رأيت مثل الشافعى، وما رأيت رجلاً أحسن استنباطًا منه. وقال أبو ثور: كنت أنا وإسحاق بن راهوية وحسين الكرابيسى وجماعة من العراقيين ما تركنا بدعتنا حتى رأينا الشافعى، قال: ولا أرى هو مثل نفسه. وقال الزعفرانى راوى كتب الشافعى القديمة: ما رأيت مثال الشافعى أفضل ولا أكرم ولا أتقى ولا أعلم منه، وما رأيته لحن قط، وكان يقرأ عليه من كل شعر فيعرفه، وما حمل أحد محبرة إلا وللشافعى عليه منة، ما كان الشافعى إلا بحرًا. وقال الكرابيسى: ما فهمنا استنباط أكثر السنن إلا بتعليم الشافعى إيانا. وقال الكرابيسى أيضًا: ما كنا ندرى ما الكتاب والسنة والإجماع حتى سمعنا الشافعى، وما رأيت مثل الشافعى ولا رأى الشافعى مثل نفسه، وما رأيت أفصح منه ولا أعرف. وقال الكرابيسى أيضًا: ما رأيت مجلسًا قط أنبل من مجلس الشافعى، كان يحضره أهل الحديث، وأهل الفقه، وأهل الشعر، وكان يأتيه كبار أهل اللغة والشعر، فكل يتكلم منه. وقال أبو بكر الحميدى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 61 المكى: قال لى أحمد بن حنبل ونحن بمكة: الزم الشافعى، فلزمته حتى خرجت معه إلى مصر. وقال الحميدى: كنا نريد أن نرد على أهل الرأى فلا نحسن، حتى جاءنا الشافعى ففتح لنا. وقال الحميدى: سيد علماء زمانه الشافعى. وكان الحميدى إذا جرى عنده ذكر الشافعى يقول: حدثنا سيد الفقهاء الشافعى. وقال الحميدى: كان الشافعى ربما يلقى علىَّ وعلى ابنه المسألة فيقول: أيكما أصاب فله دينار. وقال هارون بن سعيد الأبلى أحد شيوخ مسلم فى صحيحه: ما رأيت مثل الشافعى. وقيل لأحمد بن صالح: جالست الشافعى؟ فقال: سبحان الله، كنت أقصر فى مجالسته. وقال على بن معبد المصرى: ما عرفنا الحديث حتى جاءنا الشافعى. وقال المزنى: قدم الشافعى مصر وبها عبد الملك بن هشام النحوى صاحب المغازى، وكان علامة أهل عصره فى العربية والشعر، فذهب إلى الشافعى، ثم قال: ما ظننت أن الله خلق مثل الشافعى، ثم اتخذ قول الشافعى حجة فى اللغة. وقال الربيع: قال البويطى: ما عرفنا قدر الشافعى حتى رأيت أهل العراق يذكرونه ويصفونه بوصف ما نحسن نصفه، فقد كان حذاق العراق بالفقه والنظر وكل صنف من أهل الحديث وأهل العربية والنظار يقولون أنهم لم يروا مثل الشافعى. قال الربيع: وكان البويطى يقول: قد رأيت الناس، والله ما رأيت أحدًا يشبه الشافعى ولا يقاربه فى صنف من العلم، والله إن الشافعى كان عندى أورع من كل مَن رأيته يُنسب إلى الورع. قال الربيع: ومن كثرة ما كنت أرى البويطى يأسف على الشافعى وما فاته قلت له: يا أبا يعقوب، قد كان الشافعى لك محبًا يقدمك على أصحابه، وكنت أراك شديد الهيبة له، فما منعك أن تسأله عن كل ما كنت تريد؟ فقال لى: قد رأيت الشافعى ولينه وتواضعه، والله ما كلمته فى شىء قط إلا وأنا كالمقشعر من هيبته، وقد رأيت ابن هرمز وكل مَن كان فى زمن الشافعى كيف كانوا يهابونه، وقد رأيت هيبة السلاطين له. وقال محمد بن عبد الحكم: ما رأيت مثل الشافعى ولا رأى مثله. وقال محمد: ليس فلان عندنا بفقيه؛ لأنه يجمع أقوال الناس ويختار بعضها، قيل: فمن الفقيه؟ قال: الذى يستنبط أصلاً من كتاب أو سنة لم يسبق إليه، ثم يشعب فى ذلك الأصل مائة شعب، قيل: فمن يقوى على هذا؟ قال: محمد بن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 62 إدريس. وقال على الرازى: حج بشر المريسى، فلما قدم قيل له: من لقيت بمكة؟ قال: رأيت رجلاً إن كان منكم فلم تغلبوا، وإن كان عليكم فتأهبوا وخذوا حذركم، وهو محمد بن إدريس الشافعى. وقال المريسى: مع الشافعى نصف عقل أهل الدنيا. وقال: ما رأيت أعقل من الشافعى. وقال: ما رأيت أمهر من الشافعى. وقال: رأيت بمكة فتى لئن بقى ليكونن رجل الدنيا. وقال المزنى: لو كنا نفهم عن الشافعى كل ما قاله لأتيناكم بصنوف العلم، وأى علم كان يذهب على الشافعى، ولكن لم نكن نفهم فقصرنا وعاجله الموت. وقال الربيع: لو رأيتم الشافعى لقلتم: ما هذه كتبه، كان والله لسانه أكبر من كتبه. وقال حرملة: كان أبى قد رتب لى كاتبًا، وقال للكاتب: اكتب كل ما تكلم به الشافعى. وقال داود بن على الظاهرى: كان الشافعى، رضى الله عنه، سراجًا لحملة الآثار ونقلة الأخبار، ومن تعلق بشىء من بيانه صار محجاجًا. قال داود: ومن فضائل الشافعى حفظه لكتاب ربه، وجمعه للسنن وآثار الصحابة، ومعرفته بأقسام الخطاب، وتقديمه ذلك على الرأى، وكشفه عن المخالفين، وما أبطله من زيوفهم، وقذف به على باطلهم فدمغه، ثم ما بين من الحق الذى سهل له بتوفيق خالقه معرفته، حتى استطال به من لم يكن يميز، وألفوا الكتب وناظروا المخالفين، ثم ما من الله تعالى به عليه من منطقه الذى لا يدانى فيه، وما وقاه من شح نفسه، فأولئك هم المفلحون، وسماحته، وجوده، وجميل سيرته، وورعه، ونسبه. ثم ساق الكلام إلى أن قال: وما علمت أحدًا كان فى عصره أمن على الإسلام منه؛ لما نشر من الحق، وقمع من الباطل، وأظهر من الحجج، وعلم من الخير، رحمة الله ورضوانه عليه، وشكر الله له جميع ذلك، وجمع بيننا وبين نبينا محمد - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - والصالحين من عباده وبينه فى جنته مع جميع الأحبة، إنه لطيف خبير. وقال داود: كنت عند أبى ثور، فدخل رجل، فقال: يا أبا ثور، ما ترى هذه المصيبة النازلة بالناس؟ قال: ما هى؟ قال: يقولون: الثورى أفقه من الشافعى، فقال: سبحان الله العظيم، أوقالوها؟ قال: نعم، قال: نحن نقول: الشافعى أفقه من إبراهيم النخعى وذويه، وجاءنا هذا بالثورى. وقال إبراهيم الحربى: قدم الشافعى بغداد وفى الجامع الغربى عشرون حلقة لأصحاب الرأى، فلما كان فى الجمعة لم يثبت منها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 63 إلا ثلاث حلق أو أربع. وقال هلال بن العلاء: أصحاب الحديث عيال على الشافعى، فتح لهم الأقفال. وقال أبو العباس بن سريج: من أراد الظرف فعليه بمذهب الشافعى، وقراءة أبى عمرو، وشعر ابن المعتز. وقال الجاحظ: نظرت فى كتب هؤلاء المتابعة، فلم أر أحسن تأليفًا من الشافعى، كأن فاه ينظم. وأنشد نفطويه شعرًا: مثل الشافعى فى العلماء ... مثل البدر فى نجوم السماء وهى أبيات كثيرة مشهورة. وأقوال السلف فى مدحه غير محصورة، وفيما ذكرته أبلغ كفاية للمستبصر. فصل فيمن روى الشافعى عنهم من علماء الحجاز واليمن ومصر والعراق وخراسان قال الدارقطنى: منهم من أهل مكة سفيان، وفلان، وفلان، ثم ذكرهم. وذكرهم الحاكم أبو عبد الله وآخرون، وجمعهم البيهقى، وكذلك ذكروا من أصحابه الذين سمعوا منه وتفقهوا عليه خلائق معروفين من أعلام الأئمة وغيرهم، كأحمد بن حنبل، وأبى ثور، والحميدى، والبويطى، والمزنى، وغيرهم. ولما حضرت الوفاة الشافعى، وصى أن يكون القاعد فى حلقته وخليفته البويطى، وستأتى مناقبه فى ترجمته إن شاء الله، وهو أبو يعقوب يوسف بن يحيى. فصل كان الشافعى، رضى الله عنه، يخضب لحيته بالحناء، وتارة بصفرة اتباعًا للسنة، وكان طويلاً، سائل الخدين، قليل لحم الوجه، خفيف العارضين، طويل العنق، طويل القصب، آدم، يخضب لحيته بالحناء قانئة، وفى وقت بصفرة، حسن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 64 الصوت، حسن السمت، عظيم العقل، حسن الوجه، حسن الخلق، مهيبًا، فصيحًا، إذا أخرج لسانه بلغ أنفه، وكان كثير الأسقام، وقولهم: طويل القصب. قال الأصمعى: هو عظم العضد والفخذ والساق، فكل عظم منها قصبة، وقولهم: سائل الخدين، أى رقيقهما مستطيلهما، والقائنة بالهمزة هى شديدة الحمرة. وقال يونس ابن عبد الأعلى: ما رأيت أحدًا لقى من السقم ما لقى الشافعى، وسبب هذا والله أعلم لطف الله تعالى به ومعاملته بمعاملة الأولياء؛ لقوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فى الحديث الصحيح: "نحن معاشر الأنبياء أشد بلاء، ثم الأمثل فالأمثل". وقال الربيع: كان الشافعى حسن الوجه، حسن الخلق، محببًا إلى كل من كان بمصر فى وقته من الفقهاء والنبلاء والأمراء، كلهم يجل الشافعى ويعظمه، وكان مقتصدًا فى لباسه، ويتختم فى يساره، نقش خاتمه: كفى بالله ثقة لمحمد بن إدريس، وكان مجلسه مصونًا، وكان إذا خيض فى مجلسه فى الكلام نهى عنه، وكان ذا معرفة تامة بالطب والرمى، حتى كان يصيب عشرة من عشرة. قال الربيع: وكان الشافعى أشجع الناس وأفرسهم، وكان يأخذ بأذنه وأذن الفرس والفرس يعدو، وكان ذا معرفة بالفراسة، وكان مع حسن خلقه مهيبًا، حتى قال الربيع وهو صاحبه وخادمه: والله ما اجترأت أن أشرب والشافعى ينظر إلىَّ هيبة له. فصل فى منثور من أحوال الشافعى، رحمه الله قال الربيع: سمعت الشافعى يقول: رأيت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فى المنام قبل حلمى، فقال لى: يا غلام، فقلت: لبيك يا رسول الله، قال: ممن أنت؟ قلت: من رهطك، قال: ادن منى، فدنوت منه، ففتح فمى، فأمر من ريقه على لسانى وفمى وشفتى، وقال: امض بارك الله فيك، فما أذكر أنى لحنت فى حديث بعد ذلك ولا شعر. وعن أبى الحسن على بن أحمد الدينورى الزاهد، قال: رأيت النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فى المنام، فقلت: يا رسول الله، بقول مَن آخذ؟ فأشار إلى على بن أبى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 65 طالب، رضى الله عنه، فقال: خذ بيد هذا فأت به ابن عمنا الشافعى ليعمل بمذهبه فيرشد ويبلغ باب الجنة، ثم قال: الشافعى بين العلماء كالبدر بين الكواكب. وقال الشافعى: ما ناظرت أحدًا قط على الغلبة. وفى رواية: ما ناظرت أحدًا قط إلا على النصيحة. وقال أبو عثمان محمد بن الشافعى: ما سمعت أبى ناظر أحدًا قط فرفع صوته. وقال الربيع: رأيت من الشافعى ما لا أحصى، وكان إذا انصرف اتشح بردائه، ووضعت له منارة قصيرة، واتكأ على وسادة وتحته مضريتان، ويأخذ القلم فلا يزال يكتب. وقال الربيع: سمعت الشافعى يقول: أريت فى المنام كأن آتيًا أتانى، فحمل كتبى فبثها فى الهواء، فسألت بعض المعبرين، فقال: إن صدقت رؤياك لم يبق بلد من بلاد الإسلام إلا ودخل علمك فيه. وقال حرملة: رأيت الشافعى يقرىء الناس فى المسجد الحرام وهو ابن ثلاث عشرة سنة. وقال بحر بن نصر: كنا إذا أردنا أن نبكى قمنا إلى الشافعى، فإذا أتيناه استفتح القراءة حتى تساقطوا وكثر عجيجهم بالبكاء، فإذا رأى ذلك أمسك عن القراءة، لحسن صوته. وقال الربيع: سمعت الشافعى يقول: الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص. وقال: أحب أن تكثروا الصلاة على رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وقال المزنى: ما رأيت من العلماء من يوجب للنبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فى كتبه ما يوجبه الشافعى لحسن ذكره رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وقال الشافعى فى القديم: إن الدعاء يتم بالصلاة على رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وتتمته بها. وقال الكرابيسى: سمعت الشافعى يقول: يكره أن يقول الرجال: قال الرسول، لكن يقول: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ تعظيمًا له. وقال حرملة: سمعت الشافعى يقول: سميت ببغداد ناصر الحديث. وقال المزنى: ناحت الجن ليلة مات الشافعى، رضى الله عنه. وقال الإمام الحافظ محمد بن مسلم بن دارة، بالراء: لما مات أبو زرعة الرازى رأيته فى المنام، فقلت: ما فعل الله بك؟ قال: قال لى الجبار سبحانه وتعالى: ألحقوه بأبى عبد الله، وأبى عبد الله، وأبى عبد الله، الأول مالك، والثانى الشافعى، والثالث أحمد بن حنبل. وقال أبو عبد الله محمد بن يعقوب الهاشمى: رأيت النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فى المنام، فقال: الشافعى فى الجنة، أو من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 66 أهل الجنة. وقال أبو العباس الأصم: رأيت عبد الله بن صالح فى المنام وذكرت الشافعى، فأشار عبد الله بيده نحو السماء، وقال: ليس ثم أكبر منه. فصل هذا آخر ما يتعلق بترجمة الشافعى، رحمه الله، وهو وإن كان فيه طول بالنسبة إلى هذا الكتاب المبنى على الاختصار، فهو مختصر جدًا بالنسبة إلى ما ذكره البيهقى وغيره من المتقدمين عليه والمتأخرين فى مناقبه، وبالنسبة إلى ما أحفظه من أحواله التى اطلعت عليها فى غير كتب المناقب متفرقة فى كتب العلماء، ولكن نبهت بما ذكرته على ما حذفته، فرضى الله عنه وأرضاه، وأكرم نزله ومثواه، وجمع بينى وبينه مع أحبابنا فى دار كرامته، ونفعنى بانتسابى إليه وانتمائى إلى محبته، وحشرنى فى زمرته، والمرء مع من أحب، وأنا من أهل محبته. 3 - محمد بن إسماعيل البخارى (1) : الإمام صاحب الصحيح، هو أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة ابن بردزبه، بباء موحدة مفتوحة، ثم راء ساكنة، ثم دال مهملة مكسورة، ثم زاى ساكنة، ثم باء موحدة، ثم هاء، هكذا قيده الأمير أبو نصر بن ماكولا، وقال: هو بالبخارية، ومعناه بالعربية الزراع. وروينا عن الخطيب الحافظ أبى بكر أحمد بن على بن ثابت البغدادى قال: بردزبه مجوسى مات عليها. قال: وابنه المغيرة أسلم على يد اليمان البخارى الجعفى، وإلى بخارى ويمان هذا هو أبو عبد الله محمد بن جعفر بن يمان المسندى، بفتح النون، شيخ البخارى، وإنما قيل للبخارى: جعفى؛ لأنه مولى يمان الجعفى ولاء إسلام. واتفقوا على أن البخارى،   (1) الجرح والتعديل (7/191) ، والثقات لابن حبان (9/113) ، وتاريخ بغداد (2/4 - 37) ، ووفيات الأعيان (4/188 - 191) ، والمختصر فى أخبار البشر (2/48) ، وسير أعلام النبلاء (12/391 - 471) برقم (171) ، والوافى بالوفيات (2/206 - 209) ، وتهذيب التهذيب (9/47 - 55) ، وتقريب التهذيب (2/144) ، والنجوم الزاهرة (3/25، 26) .. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 67 رحمه الله، ولد بعد صلاة الجمعة لثلاث عشرة ليلة خلت من شهر شوال سنة أربع وتسعين ومائة، وأنه توفى ليلة السبت عند صلاة العشاء ليلة عيد الفطر، ودفن يوم الفطر بعد الظهر سنة ست وخمسين ومائتين، ودفن بخرتنك، قرية على فرسخين من سمرقند. وروينا من أوجه، عن الحسن بن الحسين البزاز، بزاءين، قال: رأيت محمد بن إسماعيل البخارى نحيف الجسم، ليس بالطويل ولا بالقصير. وهذه نبذة من عيون أخباره أشير إليها بأقرب الإشارات، وهى عندى بأسانيدها المهذبات المشهورات: روينا عنه أنه قال: أما المادح والذام عندى سواء. وقال: أرجو أن ألقى الله عز وجل ولا يطالبنى أنى اعتبت أحدًا. وقال: ما اشتريت منذ وليت من أحد بدرهم، ولا عت أحدًا شيئًا، فسُئل عن الورق والحبر، فقال: كنت آمر إنسانًا أن يشترى لى. وروينا عن أبى عبد الله محمد بن يوسف الفربرى راوية صحيح البخارى، قال: رأيت النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فى النوم، فقال: أين تريد؟ قلت: أريد محمد بن إسماعيل البخارى، فقال: أقرئه منى السلام. وروينا عن الفربرى، قال: رأيت أبا عبد الله محمد بن إسماعيل البخارى، رحمه الله، فى النوم خلف النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، والنبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يمشى، كلما رفع قدمه وضع البخارى قدمه فى ذلك الموضع. وعن محمد بن حمدويه، قال: سمعت محمد بن إسماعيل البخارى يقول: أحفظ مائة ألف حديث صحيح، ومائتى ألف حديث غير صحيح. وروينا عن الإمام أحمد بن حنبل، قال: ما أخرجت خراسان مثل محمد بن إسماعيل. وعنه قال: انتهى الحفظ إلى أربعة من أهل خراسان: أبو زرعة الرازى، ومحمد بن إسماعيل البخارى، وعبد الله بن عبد الرحمن السمرقندى، يعنى الدارمى، والحسن بن شجاع البلخى. وعن الحافظ أبى على صالح بن محمد بن جزرة، قال: ما رأيت خراسانيًا أفهم من البخارى. وعنه قال: أعلمهم بالحديث البخارى، وأحفظهم أبو زرعة، وهو أكثرهم حديثًا. وعن محمد بن بشار شيخ البخارى ومسلم، قال: حفاظ الدنيا أربعة: أبو زرعة بالرى، ومسلم بن الحجاج بنيسابور، وعبد الله بن عبد الرحمن الدارمى بسمرقند، ومحمد بن إسماعيل ببخارى. وعنه قال: ما قدم علينا، يعنى البصرة، مثل البخارى. وعنه أنه قال حين دخل البخارى البصرة: دخل اليوم سيد الفقهاء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 68 وعنه أنه حين قدم البخارى البصرة قام إليه فأخذ بيده وعانقه، وقال: مرحبًا بمن أفتخر به منذ سنين. وروينا عن إسحاق بن أحمد بن خلف، قال: سمعت البخارى غير مرة يقول: ما تصاغرت نفسى عند أحد إلا عند على بن المدينى، فذكر لعلى بن المدينى قول البخارى هذا، فقال: ذروا قوله، هو ما رأى مثل نفسه. وروينا عن محمد بن عبد الله بن نمير، وأبى بكر بن أبى شيبة، قالا: ما رأينا مثل محمد بن إسماعيل. وروينا عن عمرو بن على القلاس، قال: حديث لا يعرفه البخارى ليس بحديث. وروينا عن عبدان شيخ البخارى، قال: ما رأيت شابًا أبصر من هذا، وأشار إلى البخارى. وروينا عن عبد الله بن محمد المسندى، بفتح النون، قال: محمد بن إسماعيل إمام، فمن لم يجعله إمامًا فاتهمه. وروينا عن الإمام أبى محمد عبد الله بن عبد الرحمن الدارمى، قال: رأيت العلماء بالحرمين والحجاز والشام والعراق، فما رأيت فيهم أجمع من أبى عبد الله البخارى. وروينا عن ابن سهل محمود بن النصر، قال: دخلت البصرة والشام والحجاز والكوفة، ورأيت علماءها، فكلما جرى ذكر البخارى فَضَّلوه على أنفسهم. وروينا عن على بن حجر، قال: أخرجت خراسان ثلاثة: أبا زرعة بالرى، ومحمد بن إسماعيل ببخارى، والدرمى بسمرقند. قال: والبخارى عندى أعلمهم وأبصرهم وأفهمهم. وروينا عن أبى حامد الأعمش، قال: رأيت محمد بن إسماعيل البخارى فى جنازة، ومحمد بن يحيى الذهلى، يعنى شيخ البخارى، وإمام نيسابور يسأله عن الأسماء والكنى، وعلل الحديث، والبخارى يمر فيها مثل السهم، كأنه يقرأ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] . وروينا عن حاشد، بالحاء المهملة وكسر الشين المعجمة، ابن إسماعيل، قال: رأيت إسحاق بن راهوية جالسًا على السرير ومحمد بن إسماعيل معه، فأنكر عليه محمد بن إسماعيل شيئًا، فرجع إسحاق إلى قول محمد، وقال إسحاق: يا معشر أصحاب الحديث، اكتبوا عن هذا الشاب، فإنه لو كان فى زمن الحسن البصرى لاحتاج الناس إليه؛ لمعرفته بالحديث وفهمه. وروينا عن أبى عمرو أحمد بن نصر الخفاث، قال: حدثنى محمد بن إسماعيل البخارى التقى، النقى، العالم الذى لم أر مثله. وروينا عن أبى عيسى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 69 الترمذى، قال: لم أر بالعراق ولا بخراسان فى معنى العلل والتاريخ ومعرفة الأسانيد أعلم من محمد بن إسماعيل. وروينا عن عبد الله بن حماد الآملى، وهو شيخ البخارى: وددت أنى شعرة فى صدر محمد بن إسماعيل. وروينا عن محمد بن يعقوب الحافظ، عن أبيه، قال: رأيت مسلم بن الحجاج بين يدى البخارى يسأله سؤال الصبى لمعلم. وروينا عن الإمام مسلم بن الحجاج أنه قال للبخارى: لا يبغضك إلا حاسد، وأشهد أنه ليس فى الدنيا مثلك. وروى الحاكم أبو عبد الله فى تاريخ نيسابور بإسناده، عن أحمد بن حمدون، قال: جاء مسلم بن الحجاج إلى البخارى، فقبل بين عينيه، وقال: دعنى أُقَبِّل رجليك يا أستاذ الأستاذين، وسيد المحدثين، ويا طبيب الحديث فى علله. وروينا عن حاشد بن إسماعيل، قال: كان أهل البصرة يعدون خلف البخارى فى طلب الحديث وهو شاب حتى يغلبوه على نفسه، ويجلسوه فى الطريق، ويجتمع عليه ألوف أكثرهم ممن يكتب عنه، وكان البخارى إذ ذاك شابًا لم يخرج وجهه. وروينا عن أبى بكر الأغر، قال: كتبنا عن محمد بن إسماعيل على باب محمد بن يوسف الفريابى وما فى وجهه شعرة. وروينا عن الحافظ صالح بن محمد جزرة، قال: كان البخارى يجلس ببغداد، وكنت أستملى له، ويجتمع فى مجلسه أكثر من عشرين ألفًا. وروينا عن محمد بن يوسف بن عاصم، قال: كان للبخارى ثلاثة مستملين، واجتمع فى مجلسه أكثر من عشرين ألفًا. وروينا عن إمام الأئمة محمد بن إسحاق بن خزيمة، قال: ما رأيت تحت أديم السماء أعلم بحديث رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من محمد بن إسماعيل. قال الحافظ أبو الفضل محمد بن طاهر المقدسى: وحسبك بإمام الأئمة ابن خزيمة يقول فيه هذا القول مع لقيه الأئمة والمشايخ شرقًا وغربًا. قال أبو الفضل: ولا عجب فيه، فإن المشايخ قاطبة أجمعوا على قدمه، وقَدَّمُوُه على أنفسهم فى عنفوان شبابه، وابن خزيمة إنما رآه عند كبره وتفرده فى هذا الشأن. وروينا عن إبراهيم بن محمد بن سلام، بتخفيف اللام على الأصح، وقيل: بتشديدها، قال: إن الرتوت من أصحاب الحديث مثل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 70 سعيد بن أبى مريم المصرى، ونعيم بن حماد، والحميدى، والحجاج بن منهال، وإسماعيل بن أبى أويس، والعربى، والحسن الخلال، ومحمد بن ميمون صاحب ابن عيينة، ومحمد بن العلاء، والأشج، وإبراهيم بن المنذر الخزامى، وإبراهيم بن موسى الفراء، كلهم كانوا يهابون محمد بن إسماعيل، ويقضون له على أنفسهم فى النظر والمعرفة. قلت: الرتوت: الرؤساء، قاله ابن الأعرابى وغيره. وذكره الحاكم أبو عبد الله البخارى، فقال: هو إمام أهل الحديث بلا خلاف بين أهل النقل. واعلم أن وصف البخارى، رحمه الله، بارتفاع المحل والتقدم فى هذا العلم على الأماثل والأقران، متفق عليه فيما تأخر وتقدم من الأزمان، ويكفى فى فضله أن معظم من أثنى عليه ونشر مناقبه شيوخه الأعلام المبرزون، والحُذَّاق المتقنون. فصل فى الإشارة إلى بعض شيوخه والآخذين عنه، والمنتمين إليه، والمستفيدين منه هذا الباب واسع جدًا لا يمكن استقصاؤه، فأنبه على جماعة من كل إقليم وبلد؛ ليستدل بذلك على اتساع رحلته، وكثرة روايته، وعظم عنايته. فأما شيوخه، فقال الحاكم أبو عبد الله فى تاريخ نيسابور: ممن سمع منه البخارى، رحمه الله تعالى، بمكة: أبو الوليد أحمد بن محمد الأزرقى، وعبد الله بن يزيد المقرى، وإسماعيل بن سالم الصائغ، وأبو بكر عبد الله بن الزبير الحميدى، وأقرانهم. وبالمدينة: إبراهيم بن المنذر الخزامى، ومطرف بن عبد الله، وإبراهيم بن حمزة، وأبو ثابت محمد بن عبيد الله، وعبد العزيز بن عبد الله الأويسى، وأقرانهم. وبالشام: محمد بن يوسف الفريابى، وأبو نصر إسحاق بن إبراهيم، وآدم بن أبى إياس، وأبو اليمان الحكم بن نافع، وحيوة بن شريح، وأقرانهم. وببخارى: محمد بن سلام البيكندى، وعبد الله بن محمد المسندى، وهارون بن الأشعث، وأقرانهم. وبمرو: على بن الحسن بن شقيق، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 71 وعبدان، ومحمد بن مقاتل، وأقرانهم. وببلخ: مكى بن إبراهيم، ويحيى بن بشر، ومحمد بن أبان، والحسن بن شجاع، ويحيى بن موسى، وقتيبة، وأقرانهم، وقد أكثر بها. وبهراة: أحمد بن أبى الوليد الحنفى. وبنيسابور: يحيى بن يحيى، وبشر بن الحكم، وإسحاق بن راهوية، ومحمد بن رافع، ومحمد بن يحيى الذهلى، وأقرانهم. وبالرى: إبراهيم بن موسى. وببغداد: محمد بن عيسى الطباع، ومحمد بن سائق، وسريج، بالسين المهملة والجيم، ابن النعمان، وأحمد بن حنبل، وأقرانهم، وبواسط: حسان بن حسان، وحسان بن عبد الله، وسعيد بن عبد الله ابن سليمان، وأقرانهم. وبالبصرة: أبو عاصم النبيل، وصفوان بن عيسى، وبدل بن المحرب، بفتح الحاء المهملة والباء الموحدة، وحرمى بن عمارة، وعفان بن مسلم، ومحمد بن عرعرة، وسليمان بن حرب، وأبو الوليد الطيالسى، وعارم، ومحمد بن سنان، وأقرانهم. وبالكوفة: عبد الله بن موسى، وأبو نعيم، وأحمد بن يعقوب، وإسماعيل بن أبان، والحسن بن الربيع، وخالد بن مخلد، وسعيد بن حفص، وطلق بن غنام، وعمرو بن حفص، وعروة، وقبيصة بن عقبة، وأبو غسان، وأقرانهم. وبمصر: عثمان بن صالح، وسعيد بن أبى مريم، وعبد الله بن صالح، وأحمد بن صالح، وأحمد بن شبيب، وأصبغ ابن الفرج، وسعيد بن عيسى، وسعيد بن كثير بن عفير، ويحيى بن عبد الله بن بكير، وأقرانهم. وبالجزيرة: أحمد بن عبد الملك الحرانى، وأحمد بن يزيد الحرانى، وعمرو بن خلف، وإسماعيل بن عبد الله الرقى، وأقرانهم. قال الحاكم أبو عبد الله: قد رحل البخارى، رحمه الله، إلى هذه البلاد المذكورة فى طلب العلم، وأقام فى كل مدينة منها على مشايخها. قال: وإنما سميت من كل ناحية جماعة من المتقدمين؛ ليستدل به على علاى إسناده، وبالله التوفيق. وروينا عن الخطيب البغدادى، رحمه الله، قال: رحل البخارى، رحمه الله تعالى، إلى محدثى الأمصار، وكتب بخراسان، والجبال، ومدن العراق كلها، وبالحجاز، والشام، ومصر، وورد بغداد دفعات. وروينا من جهات عن جعفر بن محمد القطان، قال: سمعت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 72 البخارى يقول: كتبت عن ألف شيخ من العلماء وزيادة، وليس عندى حديث إلا أذكر إسناده. وأما الآخذون عن البخارى، فأكثر من أن يحصروا، وأشهر من أن يذكروا. وقد روينا عن الفربرى، قال: سمع الصحيح من البخارى سبعون ألف رجل، فما بقى أحد يرويه غيرى. وقد روى عنه خلائق غير ذلك، وقد قدمنا أنه كان يحضر مجلسه أكثر من عشرين ألفًا يأخذون عنه، وممن روى عنه من الأئمة الأعلام: الإمام أبو الحسين مسلم ابن الحجاج صاحب الصحيح، وأبو عيسى الترمذى، وأبو عبد الرحمن النسائى، وأبو حاتم، وأبو زرعة الرازيان، وأبو إسحاق إبراهيم بن إسحاق الحربى الإمام، وصالح بن محمد جزرة الحافظ، وأبو بكر بن خزيمة، ويحيى بن محمد بن صاعد، ومحمد بن عبد الله مطين، وكل هؤلاء أئمة حفاظ، وآخرون من الحفاظ وغيرهم. قال الخطيب: آخر مَن حدَّث ببغداد عن البخارى: الحسين بن إسماعيل المحاملى. فصل فى اسم صحيح البخارى، وتعريف محله وسبب تصنيفه، وكيفية جمعه وتأليفه أما اسمه: فسماه مؤلفه البخارى، رحمه الله: الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وسننه وأيامه. وأما محله: فقال العلماء: هو أول مُصَنَّف صُنِّف فى الصحيح المجرد. واتفق العلماء على أن أصح الكتب المصنفة صحيحا البخارى ومسلم. واتفق الجمهور على أن صحيح البخارى أصحهما صحيحًا، وأكثرهما فوائد. وقال الحافظ أبو على النيسابورى وبعض علماء المغرب: صحيح مسلم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 73 أصح. وأنكر العلماء ذلك عليهم، والصواب ترجيح صحيح البخارى. وقد قرر الإمام الحافظ أبو بكر الإسماعيلى فى كتابه المدخل ترجيح صحيح البخارى على صحيح مسلم، وذكر دلائله. وقال النسائى: أجود هذه الكتب كتاب البخارى. وأجمعت الأمة على صحة هذين الكتابين، ووجوب العمل بأحاديثهما. وأما سبب تصنيفه وكيفية تأليفه: فروينا عن إبراهيم بن معقل النسفى، قال: قال البخارى، رحمه الله: كنت عند إسحاق بن راهوية، فقال لنا بعض أصحابنا: لو جمعتم كتابًا مختصرًا فى الصحيح لسنن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فوقع ذلك فى قلبى، وأخذت فى جمع هذا الكتاب. وروينا من جهات عن البخارى، رحمه الله، قال: صنفت كتاب الصحيح لست عشرة سنة، خرجته من ستمائة ألف حديث، وجعلته حجة بينى وبين الله. وروينا عنه قال: رأيت النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فى المنام، وكأنى واقف بين يديه، وبيدى مروحة أذب عنه، فسالت بعض المعبرين، فقال: أنت تذب عنه الكذب، فهو الذى حملنى على إخراج الصحيح. وروينا عنه، قال: ما أدخلت فى كتاب الجامع إلا ما صح، وتركت من الصحاح طحال القول. وروينا عن الفربرى، قال: قال البخارى: ما وضعت فى كتاب الصحيح حديثًا إلا اغتسلت قبل ذلك وصليت ركعتين. وروينا عن عبد القدوس بن همام، قال: سمعت عدة من المشايخ يقولون: حول البخارى تراجم جامعه بين قبر النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ومنبره، وكان يصلى لكل ترجمة ركعتين. وقال آخرون، منهم أبو الفضل محمد بن طاهر المقدسى: صنفه ببخارى، وقيل: بمكة، وقيل: بالبصرة، وكل هذا صحيح، ومعناه أنه كان يصنف فيه فى كل بلدة من هذه البلدان، فإنه بقى فى تصنيفه ست عشرة سنة كما سبق. قال الحاكم أبو عبد الله: حدثنا أبو عمرو إسماعيل، حدثنا أبو عبد الله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 74 محمد بن على، قال: سمعت البخارى يقول: أقمت بالبصرة خمس سنين مع كتبى أصنف وأحج فى كل سنة، وأرجع من مكة إلى البصرة. قال البخارى: وأنا أرجو أن يبارك الله تعالى للمسلمين فى هذه المصنفات. وبلغنى عن الشيخ أبى زيد المروزى، من أصحابنا، وهو أجل من روى صحيح البخارى، عن الفربرى، قال: رأيت النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فى المنام، فقال لى: إلى متى تدرس الفقه ولا تدرس كتابى؟ قلت: وما كتابك يا رسول الله؟ قال: جامع محمد بن إسماعيل البخارى، أو كما قال. فصل جملة ما فى صحيح البخارى من الأحاديث المسندة سبعة آلاف ومائتان وخمسة وسبعون حديثًا بالأحاديث المكررة، وبحذف المكررة نحو أربعة آلاف، وقد ذكرتها مفصلة مختصرة فى أول شرح صحيح البخارى، وذكرت فيه جملة من أحوال البخارى، وورعه، وتعظيمه للعلم، وما يتعلق بصحيحه، كبيان فائدة إعادته الحديث الواحد فى أبواب، وفائدة تحديثه عن واحد فى موضع، ثم يروى فى موضع آخر عن رجل أو رجلين عنه، وبيان التعليق الذى فيه، وغير ذلك. فصل روينا عن محمد بن أبى حاتم وراق البخارى، قال: كان البخارى إذا كنت معه فى سفر جمعنا بيت، إلا فى القيظ أحيانًا، فكنت أراه يقوم فى ليلته خمس عشرة مرة إلى عشرين مرة، فى كل مرة يأخذ القداحة فيورى نارًا بيده ويسرج، ثم يخرج أحاديث يعلمها، ثم يضع رأسه، وكان يصلى فى وقت السحر ثلاث عشرة ركعة يوتر منها بواحدة، ورأيته استلقى على قفاه يومًا ونحن بفربر فى تصنيف كتاب التفسير، وكان أتعب نفسه فى ذلك اليوم فى كثرة إخراج الحديث، فقلت له: يا أبا عبد الله، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 75 سمعتك تقول: ما أتيت شيئًا بغير علم قط منذ عقلت، فأى علم فى هذا الاستلقاء؟ فقال: أتعبنا أنفسنا فى هذا اليوم، وهذا ثغر خشيت أن يحدث حدث فى أمر العدو، فأحببت أن أستريح وآخذ أهبة ذلك، فإن غافصنا (1) عدو كان بنا حراك، فهذه الحكاية وإن اشتملت على نفائس مقصودى فيها التنبيه على قوله: ما أتيت شيئًا بغير علم. فهذه أحرف من عيون مناقبه وصفاته، ودرر شمائله وحالاته، أشرت إليها إشارات لكونها من المعروفات الواضحات، ومناقبه لا تستقصى؛ لخروجها عن أن تحصى، وهى منقسمة إلى حفظ، ودراية، واجتهاد فى التحصيل، ورواية، ونسك، وإفادة، وورع، وزهادة، وتحقيق، وإتقان، وتمكن، وعرفان، وأحوال، وكرامات، وغيرها من أنواع المكرمات، ويوضح ذلك ما أشرت إليه من أقوال أعلام المسلمين أولى الفضل والورع، والدين، والحفاظ والنقاد المتقنين، الذين لا يجازفون فى العبارات، بل يتأملونها ويحررونها، ويحافظون على صيانتها أشد المحافظات، وأقاويلهم بنحو ما ذكرته غير منحصرة، وفيما أشرت إليه أبلغ كفاية للمستبصر، رضى الله عنه وأرضاه، وجمع بينى وبينه وجميع أحبابنا فى دار كرامته مع من اصطفاه، وجزاه عنى وعن سائر المسلمين أكمل الجزاء، وحباه من فضله أبلغ الحباء. 4 - محمد بن إبراهيم بن الحارث بن خالد بن صخر بن عامر بن كعب بن سعيد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤى بن غالب القريشى التيمى المدن (2) : أبو عبد الله، مذكور فى مختصر المزنى فى أول الاعتكاف، وهو تابعى جليل، سمع ابن عمر، وأنسًا، رضى الله عنهم، وسمع جماعات من التابعين، منهم علقمة بن وقاص، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، وإبراهيم بن عبد الله بن حسين، وعروة بن الزبير، وعطاء ابن يسار، وآخرون. روى عنه جماعات من التابعين، منهم يحيى بن سعيد الأنصارى، ويحيى بن أبى كثير، ويزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد، والزهرى، ومحمد بن إسحاق، وابن عجلان، وآخرون، وهو ثقة بالاتفاق. روى له البخارى ومسلم فى صحيحيهما، وهو   (1) غافصنا: معناه بالغين المعجمة: فاجأنا العدو وأخذنا على غرة منا. وبالعين المهملة معناه: صارعنا.. (2) انظر: الجرح والتعديل (7/184) ، والثقات لابن حبان (5/381) ، والتاريخ الكبير (1/22، 23) ، والضعفاء الكبير برقم (1574) ، وسير أعلام النبلاء (5/294 - 296) برقم (140) ، والمغنى فى الضعفاء (2/544) ، وتهذيب التهذيب (9/5 - 7) ، وتقريب التهذيب (2/140) .. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 76 راوى حديث: “إنما الأعمال بالنيات”، لم يروه عنه غير يحيى الأنصارى، ولم يروه عن علقمة بن وقاص غير محمد هذا. قال محمد بن سعد كاتب الواقدى: كان محمد بن إبراهيم كثير الحديث، توفى سنة عشرين ومائة بالمدينة. وقال خليفة بن خياط: سنة إحدى وعشرين، وكان جده الحارث من المهاجرين الأولين، رضى الله عنهم أجمعين. 5 - محمد بن إبراهيم بن مسلم بن أمية (1) : أبو أمية الطرسوسى، بفتح الطاء والراء، مذكور فى مختصر المزنى فى باب بيع حاضر لباد، هو بغدادى سكن طرسوس، سمع عمرو بن يونس اليمامى، وأبا مسهر عبد الأعلى بن مسهر، وصفوان بن صالح، وهشام بن عمار، وخلائق آخرين. روى عنه أبو حاتم محمد بن إدريس الرازى، وأبو نعيم عبد الملك بن محمد الجرجانى، وأبو عوانة يعقوب بن إسحاق الإسفرايينى، وأبو الحسن أحمد بن عمير بن يوسف بن جوصا، وخلائق من الحفاظ والأئمة. قال أبو داود السجستانى والجمهور: هو ثقة، وكان إمامًا فى الحديث، رفيع القدر، مقدمًا، فهمًا، رحالاً، توفى بطرسوس فى جمادى الآخرة سنة ثلاث وسبعين ومائتين، رحمه الله. 6 - محمد بن إسحاق بن جعفر (2) : ويقال: محمد بن إسحاق بن محمد، أبو بكر الصاغانى، بالصاد المهملة والغين المعجمة، ويقال: الصغانى، بتخفيف الغين وحذف الألف، نسبة إلى بلدة بخراسان يقال لها: صاغان وصغان، وهو خراسانى سكن بغداد. ذكره فى المختصر فى باب بيعتين فى بيعة، وهو من كبار الأئمة، سمع أبا عامر العقدى، بفتح العين والقاف، والأسود بن عامر، وسعيد بن عامر، وأبا نوح قرادًا، وأبا النضر هاشم بن القاسم، ويحيى بن عبد الله ابن بكير، وأبا عاصم النبيل، وروح بن عبادة، وأبا نعيم الفضل بن دكين، ويعلى بن عبيد، وابا اليمان، وأبا مسهر، وعبد الوهاب بن عطاء، وخلائق من الأئمة. روى عنه أبو عمر حفص بن عمر الدورى، وهو أكبر منه، ومسلم بن الحجاج، وأبو داود، والنسائى، والترمذى، وابن ماجة، والمزنى، وابن خزيمة، والحسين بن إسماعيل المحاملى، وأبو العباس الأصم، وأحمد بن محمد بن زياد الأعرابى، وموسى بن هارون الحمال، بالحاء، وأبو عوانة الإسفرايينى، وعبد الرحمن   (1) الجرح والتعديل (7/187) وتاريخ بغداد (1/394 - 396) وطبقات الحنابلة (1/265، 266) والمنتظم (5/90، 91) وميزان الإعتدال (3/447) والمغنى فى الضعفاء (2/545) وتذكرة الحفاظ (2/581) وسير أعلام النبلاء (13/91 - 93) وتهذيب التهذيب (9/15، 16) وتقريب التهذيب (2/141) .. (2) الجرح والتعديل (7/195، 196) والثقات لابن حبان (9/136) وتاريخ بغداد (1/240، 241) والمنتظم (5/78) والأنساب (8/68) والمعجم المشتمل لابن عساكر (225) وسير أعلام النبلاء (12/592 - 594) وتذكرة الحفاظ (2/573) وتاريخ ابن الوردى (1/240) وتهذيب التهذيب (9/35، 36) وتقريب التهذيب (2/144) .. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 77 بن أبى حاتم، وأبو الفوارس شجاع بن جعفر الأنصارى، وهو آخر من حدث عنه وفاة، وخلايق غيرهم. واتفقوا على أنه ثقة مأمون. قال الإمام الحافظ أبو بكر أحمد بن على بن ثابت الخطيب البغدادى: كان الصاغانى هذا أحد الأثبات المتقنين، مع صلابة فى الدين، واشتهار بالسنة، واتساع فى الرواية، رحل فى طلب العلم، وكتب عن أهل بغداد، والبصرة، والكوفة، والمدينة، ومكة، والشام، ومصر. قال: وبلغنى عن أبى مزاحم الخاقانى، قال: كان الصاغانى يشبه ابن معين فى وقته. قال الدارقطنى: كان ثقة، وفوق الثقة، وهو وجه مشايخ بغداد، توفى سنة سبعين ومائتين، رحمه الله. 7 - محمد بن إسحاق بن خزيمة الإمام (1) : من أصحابنا، مكرر فى الروضة، وسنذكره فى نوع الأبناء إن شاء الله تعالى، فهو به أشهر. 8 - محمد بن جرير (2) : تكرر ذكره فى الروضة، هو الإمام البارع فى أنواع العلوم، أبو جعفر محمد بن جرير ابن يزيد بن كثير بن غالب الطبرى. وهو فى طبقة الترمذى، والنسائى. سمع عبد الملك ابن أبى الشوارب، وأحمد بن منيع البغوى، ومحمد بن حميد الرازى، والوليد بن شجاع، وأبا كريب محمد بن العلاء، ويعقوب بن إبراهيم الدورقى، وأبا سعيد الأشج، وعمرو ابن على، ومحمد بن المثنى، ومحمد بن يسار، وغيرهم من شيوخ البخارى ومسلم. وحدث عنه أحمد بن كامل، ومحمد بن عبد الله الشافعى، ومخلد بن جعفر، وخلائق. قال الحافظ أبو بكر الخطيب البغدادى فى تاريخ بغداد: استوطن الطبرى بغداد، وأقام بها حتى توفى، وكان أحد أئمة العلماء، يُحكم بقوله، ويُرجع إلى رأيه لمعرفته وفضله، وكان قد جمع من العلوم ما لم يشاركه فيه أحد من أهل عصره، وكان حافظًا لكتاب الله تعالى، عارفًا بالقراءات، بصيرًا بالمعانى، فقيهًا فى أحكام القرآن، عالمًا بالسنن وطرقها، صحيحها وسقيمها، وناسخها ومنسوخها، عارفًا بأقوال الصحابة والتابعين فمن بعدهم فى الأحكام، عارفًا بأيام الناس وأخبارهم، وله كتاب التاريخ المشهور، وكتاب فى التفسير لم يصنف أحد مثله، وكتاب تهذيب الآثار، لم أر سواه فى معناه، لكنه لم يتمه، وله فى أصول الفقه   (1) الجرح والتعديل (7/196) والثقات لابن حبان (9/156) وطبقات الفقهاء للشيرازى (105، 106) والمنتظم (6/184 - 186) وسير أعلام النبلاء (14/365 - 382) وتذكرة الحفاظ (2/720 - 731) ومرآة الجنان (2/264) والوافى بالوفيات (2/196) وطبقات الشافعية الكبرى للسبكى (3/109، 110) والبداية والنهاية (11/149) وغاية النهاية (2/97، 98) وطبقات الشافعية لابن قاضى شهبة (3/209) والأعلام (6/253) ومعجم المؤلفين (9/39) .. (2) تاريخ جرجان للسهمى (253، 254) وتاريخ بغداد (2/162 - 169) وطبقات الفقهاء للشيرازى (93) والمنتظم (6/170 - 172) ومعجم الأدباء (18/40 - 94) وإنباه الرواة (3/89، 90) ووفيات الأعيان (4/191، 192) وتاريخ ابن الوردى (1/258) وميزان الإعتدال (3/498، 499) ومعرفة القراء الكبار (1/264، 266) وسير أعلام النبلاء (14/267 - 282) وتذكرة الحفاظ (2/170 - 716) والمختصر فى أخبار البشر (2/71) والوافى بالوفيات (2/284 - 287) ومرآة الجنان (2/260) وطبقات الشافعية الكبرى للسبكى (3/120 - 128) والبداية والنهاية (11/145 - 147) وتاريخ الخميس (2/389) وغاية النهاية (2/106 - 108) ولسان الميزان (5/100 - 103) والنجوم الزاهرة (3/205) وطبقات المفسّرين للداودى (2/106 - 114) .. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 78 وفروعه كتب كثيرة، وتفرد بمسائل حفظت عنه. قال الخطيب: وسمعت على بن عبد الله السمسار يحكى أن محمد بن جرير مكث أربعين سنة يكتب فى كل يوم أربعين ورقة. وعن الشيخ أبى حامد الإسفرايينى، قال: لو سافر رجل إلى الصين ليحصل تفسير ابن جرير الطبرى لم يكن هذا كثيرًا، أو كلامًا هذا معناه. وروينا عنه أنه قال لأصحابه: هل تنشطون لتفسير القرآن؟ قالوا: كم يكون قدره؟ قال: ثلاثون ألف ورقة، فقالوا: هذا مما يفنى الأعمار قبل تمامه، فاختصره فى نحو ثلاثة آلاف ورقة. وكذلك قال لهم فى التاريخ، فأجابوه بمثل جواب التفسير، فقال: إنا لله، ماتت الهمم، فاختصره نحو ما اختصر التفسير. وقال محمد بن إسحاق بن خزيمة: ما أعلم تحت أديم الأرض أعلم من محمد بن جرير. وروينا أن أبا بكر بن مجاهد إمام الناس فى القراءات استمع ليلة لقراءة محمد بن جرير، فقال: ما ظننت أن الله تعالى خلق بشرًا يُحسن يقرأن هذه القراءة. وروى الخطيب، عن القاضى أحمد بن كامل، قال: توفى أبو جعفر محمد بن جرير وقت المغرب ليلة الاثنين ليومين بقيا من شهر شوال سنة عشر وثلاثمائة، ودفن ضحوة يوم الاثنين فى داره، ولم يغير شيبه، وكان السواد فى شعر رأسه ولحيته كثيرًا، وكان مولده فى آخر سنة أربع أو أول سنة خمس وعشرين ومائتين، وكان أسمر إلى الأدمة، أعين، نحيف الجسم، مديد القامة، فصيح اللسان، ولم يؤذن به أحد، واجتمع عليه ما لا يحصيهم عددًا إلا الله تعالى، وصلى على قبره عدة شهور ليلاً ونهارًا، وزاره خلق كثير من أهل الدين والأدب، ورثاه ابن الأعرابى، وابن دريد، وغيرهما، ولقد أجاد ابن دريد وأبلغ فى ترثيته. قال الرافعى فى مواضع منها أول كتاب الزكاة من الشرح: تَفردُ ابن جرير لا يعد وجهًا فى مذهبنا، وإن كان معدودًا من طبقات أصحاب الشافعى، رضى الله عنهم أجمعين. قلت: ذكره أبو عاصم العيادى فى فقهاء الشافعية، وقال: هو من أفراد علمائنا، وأخذ فقه الشافعى عن الربيع المرادى، والحسن الزعفرانى. 9 - محمد بن حاطب (1) : الصحابى ابن الصحابى والصحابية، رضى الله عنهم،   (1) انظر: الإصابة (3/372) ، والتاريخ الكبير (1/17) ، والجرح والتعديل (7/224) ، والاستيعاب (3/340) ، وأسد الغابة (4/314، 315) ، وسير أعلام النبلاء (3/435، 436) برقم (79) ، والوافى بالوفيات (2/317) ، وتهذيب التهذيب (9/106) ، ومرآة الجنان (1/155) ، والعقد الثمين (1/450) .. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 79 مذكور فى المهذب فى الوليمة والسرقة. هو أبو القاسم، ويقال: أبو إبراهيم محمد بن حاطب بن الحارث بن معمر بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح القريشى الجمحى الكوفى، وأمه أم جميل فاطمة بنت المجلل، بالجيم، ابن عبد الله بن قيس القريشية العامرية، من بنى عامر بن لؤى، أسلمت وهاجرت، وقيل: اسمها جويرية، وقيل: أسماء، وهو أول من سمى فى الإسلام محمدًا، ولد بأرض الحبشة فى الهجرة، وقيل: إن أباه هاجر به إلى الحبشة وهو طفل، وأرضعته أسماء بنت عميس بلبن ابنها عبد الله بن جعفر، وكانا يتواصلان على ذلك حتى ماتا. وحديثه المذكور فى الوليمة أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: “فصل ما بين الحلال والحرام الدف والصوت”. رواه الترمذى، وقال: حديث حسن صحيح. والنسائى، وابن ماجة. روى عنه ابن بلج، بالموحدة والجيم، وسماك بن حرب، وأبو عون الثقفى. شهد مع على، رضى الله عنه، الجمل، وصفين، والنهروان، وتوفى بمكة سنة أربع وسبعين. وقال أبو نعيم: توفى بالكوفة سنة ست وثمانين، والأول أشهر، رضى الله عنه. 10 - محمد بن الحسن (1) : صاحب أبى حنيفة، رضى الله عنهما. تكرر ذكره فى المختصر، فذكره فى اختلاف المتبايعين، والحوالة، ونكاح المشرك، والطلاق، والخراج، والشهادات، والقافة، والولاء، والكتابة، وغيرها. وذكره فى الروضة فى مواضع. هو الإمام أبو عبد الله محمد بن الحسن بن فرقد الشيبانى مولاهم. قال الخطيب البغدادى فى تاريخ بغداد: أصل محمد ابن الحسن دمشقى من أهل قرية تسمى حرستا، قدم أبوه العراق، فولد له محمد بواسط، ونشأ بالكوفة، وسمع الحديث بها من أبى حنيفة، ومسعر بن كدام، وسفيان الثورى، وعمر بن ذر، ومالك بن مغول. قال: وكتب أيضًا عن مالك بن أنس، والأوزاعى، وزمعة بن صالح، وبكير بن عمار، وأبى يوسف. وسكن بغداد وحدث بها. روى عنه الشافعى، وأبو سليمان الجوزجانى، وأبو عبيد القاسم بن سلام، وغيرهم. وكان الرشيد ولاه القضاء، وخرج معه فى سفره إلى خراسان، فمات بالرى، ودفن بها. قال الخطيب: وقال محمد بن سعد كاتب   (1) انظر: طبقات ابن سعد (7/336) ، وتاريخ ابن معين (2/511) ، والجرح والتعديل (7/227) ، وميزان الاعتدال (3/513) ، ولسان الميزان (5/121، 122) .. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 80 الواقدى: كان أصل محمد من الجزيرة، وكان أبوه من جند أهل الشام، فقدم واسطًا، فولد بها محمد سنة ثنتين وثلاثين ومائة، ونشأ بالكوفة، وطلب الحديث، وسمع سماعًا كثيرًا، وجالس أبا حنيفة، وسمع منه، ونظر فى الرأى فغلب عليه وعُرف به وتقدم فيه، وقدم بغداد فنزلها، واختلف إليه الناس، وسمعوا منه الحديث، والرأى، وخرج إلى الرقة وهارون الرشيد فيها، فولاه قضاءها، ثم عزله، فقدم بغداد، فلما خرج هارون إلى الرى الخرجة الأولى أمره فخرج معه، فمات بالرى سنة تسع وثمانين ومائة، وهو ابن ثمان وخمسين سنة. ثم روى الخطيب بإسناده، عن محمد بن الحسن، قال: ترك أبى ثلاثين ألف درهم، فأنفقت خمسة عشر ألفًا على النحو واللغة، وخمسة عشر ألفًا على الحديث والفقه. وبإسناده عن الشافعى، قال: قال محمد بن الحسن: أقمت على باب مالك ثلاث سنين وكسرًا. قال: وكان يقول: إنه سمع لفظ أكثر من سبعمائة حديث، وكان إذا حدثهم عن مالك امتلأ منزله وكثر الناس حتى يضيق عليه الموضع، وإذا حدث عن غير مالك لم يجئه إلا اليسير من الناس، فقال: ما أعلم أحدًا أسوأ ثناء على أصحابه منكم، إذا حدثتكم عن مالك ملأتم علىَّ الموضع، وإذا حدثتكم عن أصحابكم إنما تأتون متكارهين. وبإسناده عن إسماعيل بن حماد بن أبى حنيفة، قال: كان لمحمد بن الحسن مجلس فى مسجد الكوفة وهو ابن عشرين سنة. وبإسناده عن الشافعى، قال: ما رأيت سمينًا أخف روحًا من محمد بن الحسن، وما رأيت أفصح منه، كنت إذا رأيته يقرأ كأن القرآن نزل بلغته. وعنه قال: ما رأيت أعقل من محمد بن الحسن. وعنه قال: ما رأيت مبدنًا قط أذكى من محمد بن الحسن. وعنه قال: كان محمد بن الحسن إذا أخذ فى المسألة كأنه قرآن ينزل، لا يُقدِّم حرفًا ولا يؤخره. وعنه قال: كان محمد بن الحسن يملأ العين والقلب. وعنه قال: حملت عن محمد بن الحسن وقْرَىْ بختى كتبًا. وعن يحيى بن معين، قال: كتبت الجامع الصغير عن محمد بن الحسن. وعن أبى عبيد: ما رأيت أعلم بكتاب الله من محمد بن الحسن. وعن إبراهيم الحربى، قال: قلت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 81 للإمام أحمد: من أين لك هذه المسائل الدقيقة؟ قال: من كتب محمد بن الحسن. وعن محمد بن سماعة، قال: قال محمد بن الحسن لأهله: لا تسألونى حاجة من حوائج الدنيا تشغلوا قلبى، وخذوا ما تحتاجون إليه من وكيلى، فإنه أقل لهمى وأفرغ لقلبى. وبإسناده عن يحيى بن معين، وعمرو بن على، وأبى داود، وغيرهم تضعيفه فى رواية الحديث. وبإسناده عن أحمد بن يحيى ثعلب، قال: توفى الكسائى ومحمد بن الحسن فى يوم واحد، فقال الرشيد: ذهب اليوم اللغة والفقه، وماتا بالرى. وبإسناده عن ابن أبى رجاء، عن محمويه، قال: وكنا نعده من الأبدال، قال: رأيت محمد بن الحسن فى المنام، فقلت: يا أبا عبد الله، إلى ما صرت؟ قال: قال لى ربى: إنى لم أجعلك وعاء للعلم، وأنا أريد أن أعذبك، قلت: ما فعل أبو يوسف؟ قال: فوقى، قلت: أبو حنيفة؟ قال: فوق أبى يوسف بطبقات. وقال الشيخ أبو إسحاق فى الطبقات: حضر محمد بن الحسن مجلس أبى حنيفة سنتين، ثم تفقه على أبى يوسف، وصنَّف الكتب الكثيرة، ونشر علم أبى حنيفة. قال الشافعى: ما رأيت أحدًا يسأل مسألة فيها نظر إلا تبينت فى وجهه الكراهة، إلا محمد ابن الحسن. قال: وروى الربيع، قال: كتب الشافعى إلى محمد، وقد طلب منه كتبًا ينسخها فأخرها عنه، شعر: ـن من رآه مثله قد رأى من قبله أن يمنعوه أهله لأهله لعله قل لمن ترعيـ ومن كأن من رآه العلم ينهى أهله لعله يبذله فبعث إليه الكتب من وقته، رحمهما الله. 11 - محمد بن سيرين الأنصارى: مولاهم أبو بكر البصرى التابعى الإمام فى التفسير، والحديث، والفقه، وعبر الرؤيا، والمقدم فى الزهد والورع. تكرر ذكره فى المختصر. وأولاد سيرين ستة: محمد، ومعبد، وأنس، ويحيى، وحفصة، وكريمة، وكلهم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 82 رواة ثقات، وروى محمد، عن يحيى، عن أنس، عن أنس بن مالك حديثًا، وهذا من المستطرفات لكونهم ثلاثة إخوة، روى بعضهم عن بعض، وكان أبوهم سيرين من سبى عين التمر، وهو مولى أنس بن مالك، كاتبه على عشرين ألف درهم فأداها وعتق. قال ابن قتيبة فى المعارف: كانت أم ابن سيرين اسمها صفية، مولاة لأبى بكر الصديق، رضى الله عنه، طيبها ثلاث من أزواج النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ودعون لها، وحضر إملاكها ثمانية عشر بدريًا، منهم أُبى بن كعب، يدعو وهم يؤمنون، وكان سيرين يكنى أبا عمرة. قال: وقد ولد لسيرين ثلاثة وعشرون ولدًا من أمهات أولاد، دخل محمد بن سيرين على زيد بن ثابت، وسمع ابن عمر. قال يحيى بن معين: سمع منه حديثًا واحدًا. وفى تاريخ بغداد، عن أيوب أنه سمع من ابن عمر حديثين، وسمع أيضًا جندب بن عبد الله البجلى، وأبا هريرة، وعبد الله بن الزبير، وعمران بن حصين، وعدى بن حاتم، وسليمان بن عامر، وأم عطية الأنصارى، وهؤلاء كلهم صحابة، وسمع من التابعين عبيدة، بفتح العين، السلمانى، ومسلم بن يسار، وشريحًا، وقيس بن عباد، بضم العين وتخفيف الباء، وعلقمة، والربيع بن خيثم، وأخاه معبدًا، وحميد بن عبد الرحمن الحميرى، وعبد الرحمن بن أبى بكرة، وأخته حفصة، وخلائق. قال أحمد بن حنبل: لم يسمع ابن سيرين عباس. وقال هشام بن حسان: أدرك الحسن البصرى من أصحاب رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مائة وعشرين، وأدرك ابن سيرين ثلاثين منهم. وقال البخارى: حج ابن سيرين زمن ابن الزبير فسمعه، وسمع زيد بن ثابت، ولد لسنتين بقيتا من خلافة عثمان، وهو أكبر من أخيه أنس. وروى عنه جماعات من التابعين، منهم الشعبى، وأيوب، وقتادة، وسليمان التيمى، وخلائق منهم ومن غيرهم. قال ابن عون: كان ابن سيرين يحدث بالحديث على حروفه. وقال محمد بن سعد: كان ثقة، مأمونًا، عاليًا، رفيعًا، فقيهًا، إمامًا، كثير العلم، ورعًا. وقال هشام بن حسان: حدثنى أصدق مَن أدركت محمد بن سيرين. وقال الخطيب فى تاريخ بغداد: كان ابن سيرين أحد الفقهاء المذكورين بالورع فى وقته. قال: وكان ابن سيرين مولى لأنس بن مالك، فكاتبه على ألوف، فعتق بالكتابة. وعن محمد، قال: حججنا فدخلنا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 83 على زيد بن ثابت ونحن سبعة ولد سيرين، فقال: هذان لأم، وهذان لأم، وهذان لأم، وهذا لأم، فما أخطأ، وكان معبد أخاه لأمه. وعن مورق العجلى، قال: ما رأيت رجلاً أفقه فى ورعه، ولا أورع فى فقهه من محمد بن سيرين. وعن عبد الحميد بن عبد الله بن مسلم بن يسار، قال: لما حبس ابن سيرين فى السجن قال له السجان: إذا كان الليل فاذهب إلى أهلك، وإذا أصبحت فتعال، فقال: لا والله لا أعينك على خيانة السلطان. قال الخطيب: وكان حبس فى دين ركبه لغريم له. وبإسناده عن المداينى، قال: كان سبب حبس ابن سيرين أنه اشترى زيتًا بأربعين ألف درهم، فوجد فى زق منه فأرة، فقال: الفأرة كانت فى المعصرة، فصب الزيت كله، وكان يقول: عيرت رجلاً بشىء من ثلاثين سنة أحسبنى عوقبت به. وكانوا يرون أنه عيره بالفقر فابتلى به. وعن ابن عون: كان ابن سيرين من أرجى الناس لهذه الأمة وأشدهم أزرًا على نفسه. وعن هشام بن حسان، قال: كنا نزولاً مع ابن سيرين فى الدار، فكنا نسمع بكاه بالليل وضحكه بالنهار. ومرَّ ابن سيرين برواس قد أخرج رأسًا فغشى عليه، وادعى عليه رجل درهمين فأنكره، فقال: تحلف؟ قال: نعم، قيل له: تحلف على درهمين؟ قال: نعم، لا أطعمه حرامًا وأنا أعلم. وعن عثمان البتى، قال: لم يكن بهذه البلدة أحد أعلم بالقضاء من محمد بن سيرين. قال ابن قتيبة: ولد لابن سيرين ثلاثون ولدًا من امرأة واحدة زوجة له عربية، ولم يبق منهم غير عبد الله بن محمد، وقضى عنه ابنه هذا ثلاثين ألف درهم، فما مات عبد الله حتى صار ماله ثلاثمائة ألف درهم. واتفقوا على أن ابن سيرين توفى بالبصرة سنة عشر ومائة بعد الحسن بمائة يوم. قال حماد بن زيد: مات الحسن أول رجب سنة عشر ومائة، وصليت عليه، ومات ابن سيرين لتسع مضين من شوال سنة عشر. قال على بن المدينى، وعمرو بن على القلاس، وغيرهما: أصح الأسانيد محمد بن سيرين، عن عبيدة، عن على، رضى الله عنهم. وفى هذه المسألة خلاف، وسنبسطه قريبًا فى ترجمة الزهرى محمد بن مسلم إن شاء الله تعالى، وبالله التوفيق. 12 - محمد بن طلحة بن عبيد الله (1) : مذكور فى المهذب فى وسط باب استيفاء   (1) انظر: الإصابة (3/376) ، وأسد الغابة (4/322) ، والاستيعاب (3/349) ، والوافى بالوفيات (3/174) ، والعقد الثمين (2/36) ، وسير أعلام النبلاء (4/368) ، وطبقات ابن سعد (5/52) .. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 84 القصاص، ثم فى قتال أهل البغى، هو أبو القاسم محمد بن طلحة بن عبيد الله القريشى التيمى المدنى، وتمام نسبه فى ترجمة أبيه. قال ابن أبى حاتم: أدرك النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - له رواية وهو صبى مسح النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - برأسه وسماه محمدًا، وكناه أبا القاسم. روى عنه ابنه إبراهيم، وعبد الرحمن بن أبى ليلى، ويقال لمحمد هذا: السجاد، سمى بذلك لكثرة سجوده، وكان زاهدًا، عابدًا، صالحًا، وحضر وقعة الجمل مع عائشة، رضى الله عنها، وكان على، رضى الله عنه، نهى عن قتله لما علم من فراغ قلبه من المنازعة ونحوها، فقتله إنسان ذلك اليوم فى وقعة الجمل فى جمادى الأولى سنة ست وثلاثين. قال ابن قتيبة: وأم محمد هذا حمنة بنت جحش. 13 - محمد بن عباد (1) : مذكور فى المختصر فى حديث القلتين، هو محمد بن عباد بن جعفر بن رفاعة بن أمية بن عابد، بالباء الموحدة، ابن عبد الله بن عمر بن مخزوم القريشى المخزومى المكى. تابعى ثقة، سمع ابن عمر، وأبا هريرة، وجابرًا، وابن عمرو بن العاص، وغيرهم. روى عنه ابن جريج، وعبد الحميد بن جبير بن شيبة، وغيرهما. روى له البخارى ومسلم فى صحيحيهما. قال ابن سعد: كان ثقة، قليل الحديث. 14 - محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن الحارث بن أبى صعصعة الأنصارى النجارى، بالنون، المدنى: أبو عبد الرحمن. مذكور فى المختصر فى زكاة التجارة. روى عن أبيه، عن أبى سعيد. روى عنه محمد بن إسحاق بن يسار، ومالك، وابن عيينة، وهو ثقة. روى له البخارى فى صحيحه. 15 - محمد بن أبى بكر الصديق، رضى الله عنه (2) : مذكور فى المختصر فى تجارة الوصى، وفى المهذب فى الإحرام بالحج، هو أبو القاسم محمد بن أبى بكر عبد الله بن عثمان، وسيأتى تمام نسبه فى ترجمة أبيه إن شاء الله تعالى. ولد محمد هذا بذى الحليفة عام حجة الوداع لليال بقين من ذى القعدة سنة عشر من الهجرة. وحضر مع النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حجة الوداع، وتوفى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وله نحو ثلاثة أشهر ونصف. روى عنه أبيه، وأمه أسماء بنت عميس. روى عنه ابنه القاسم. قال البخارى   (1) انظر: الجرح والتعديل (8/13، 14) ، والتاريخ الكبير (1/175) ، وتهذيب التهذيب (9/243) ، وتقريب التهذيب (2/174) . (2) انظر: الإصابة (3/472) ، والنجوم الزاهرة (1/106) ، والعقد الثمين (2/68) ، وأسد الغابة (4/324) ، والاستيعاب (3/348) ، والتاريخ الكبير (1/124) ، والنجوم الزاهرة (1/106) ، وسير أعلام النبلاء (3/481) (104) . . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 85 فى كتاب الضعفاء: يختلفون فى حديثه. روى له النسائى، وابن ماجة. قتل بصر سنة ثمان وثلاثين، رحمه الله، وحزنت عليه عائشة، رضى الله عنها كثيرًا. 16 - محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن الحارث بن أبى ذئب هشام بن شعبة بن عبد الله بن أبى قيس بن عبدود بن نصر بن مالك بن حسل - بكسر الحاء وإسكان السين المهملتين - ابن عامر بن لؤى بن غالب القريشى العامرى (1) : أبو الحارث المدنى المعروف بابن أبى ذئب. تكرر فى المختصر، وهو من تابعى التابعين، سمع نافعًا، وعكرمة، وسعيد المقبرى، وآخرين من التابعين. روى عنه جماعات من الأئمة الكبار تابعى التابعين، منهم معمر، والثورى، ووكيع، ويحيى القطان، وابن المبارك، وخلائق. واتفقوا على إمامته وجلالته. روى له البخارى ومسلم فى صحيحيهما. قال أحمد بن حنبل: كان ابن أبى ذئب يشبه سعيد بن المسيب، قيل لأحمد: هل خلف ببلاده مثله؟ قال: لا، ولا بغيرها، وكان ثقة صدوقًا. قال يحيى بن معين: كل من روى عنه ابن أبى ذئب ثقة، إلا أبا جابر البياضى. وقال الشافعى: ما فاتنى أحد فأسفت عليه ما أسفت على الليث بن سعد، وابن أبى ذئب، ولد سنة ثمانين، وأقدمه المهدى بغداد فحدث بها، ثم رجع يريد المدينة، فتوفى بالكوفة سنة تسع وخمسين ومائة، وهو ابن تسع وسبعين سنة، وكان يفتى بالمدينة. ذكر له الخطيب ترجمة نفيسة فى تاريخ بغداد، قال: وكان ثقة، صالحًا، ورعًا، آمرًا بالمعروف، ناهيًا عن المنكر. قال مصعب الزبيرى: كان ابن أبى ذئب فقيه المدينة. وعن محمد بن القاسم، قال: لما حج المهدى دخل مسجد النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فلم يبق أحد إلا قام إلا ابن أبى ذئب، فقال له المسيب بن زهير: قم، هذا أمير المؤمنين، فقال: إنما يقوم الناس لرب العالمين، فقال المهدى: دعه، فلقد قامت كل شعرة فى رأسى. وعن أبى نعيم، قال: حججت سنة حج أبو جعفر وأنا ابن إحدى وعشرين سنة ومعه ابن أبى ذئب، ومالك بن أنس، فدعا ابن أبى ذئب فأقعده معه فى دار الندوة، فقال: ما تقول فى الحسن بن زيد بن الحسن ابن فاطمة؟ فقال: إنه ليتحرى العدل، فقال: ما تقول فىّ مرتين أو ثلاثًا، فقال: ورب هذه البنية إنك لجائر، فأخذ الربيع بلحيته، فقال   (1) انظر: تقريب التهذيب (2/184) ، والتاريخ الكبير (1/152) ، والجرح والتعديل (7/313) ، وتهذيب التهذيب (9/393) ، وتاريخ ابن معين (2/525) ، ووفيات الأعيان (4/183) ، وسير أعلام النبلاء (7/139) ، والوافى بالوفيات (3/223) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 86 ابن جعفر: كف يا ابن اللخناء، وأمر له بثلاث مائة دينار. وكان ابن أبى ذئب يصلى الليل أجمع، ويصوم يومًا ويفطر يومًا، ثم يسرد الصوم ويجتهد فى العبادة، ولو قيل له: إن القيامة غدًا، ما كان فيه مزيد اجتهاد. وذكر الخطيب بأسانيده جملاً من مناقبه وقوله بالحق، وإنكاره على الخلفاء، وأنه لا يأخذه فى الله لومة لائم، وتمييزه على علماء عصره فى ذلك، رحمه الله. 17 - محمد بن عجلان (1) : تكرر فى المختصر، وذكره فى المهذب فى أول العدد، وهو أبو عبد الله محمد بن عجلان المدنى مولى فاطمة بنت الوليد بن عتبة بن ربيعة. كان إمامًا، فقيهًا، عابدًا، وله حلقة فى مسجد رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ويفتى، وله مذهب معروف، وهو تابعى صغير. قال أبو نعيم: سمع أنسًا، وأبا الطفيل الصحابيين، وخلائق من التابعين منهم أبوه، وعكرمة، ونافع، وسعيد المقبرى. روى عنه جماعات من كبار الأئمة، منهم عبيد الله بن عمر، ومنصور بن المعتمر، ومالك بن أنس، والليث، والثورى، وابن عيينة، وحيوة بن شريح، وشعبة، والقطان، وعبد الله بن إدريس، وخلائق. وحمل به أكثر من ثلاث سنين. توفى بالمدينة سنة ثمان أو تسع وأربعين ومائة. 18 - محمد بن على بن الحسين بن على بن أبى طالب، رضى الله عنهم، القريشى الهاشمى المدنى (2) : أبو جعفر، المعروف بالباقر، سمى بذلك لأنه بقر العلم، أى شقه، فعرف أصله، وعلم خفيه. وأمه أم عبد الله بنت حسن بن على بن أبى طالب. تكرر فى المختصر، وذكره فى المهذب فى صدقة التطوع، وفى باب تضمين الأجير، وفى دية اللسان، وهو تابعى جليل، إمام، بارع، مجمع على جلالته، معدود فى فقهاء المدينة وأئمتهم، سمع جابرًا، وأنسًا، وسمع جماعات من كبار التابعين كابن المسيب، وابن الحنفية، وغيرهما. روى عنه أبو إسحاق السبيعى، وعطاء بن أبى رباح، وعمرو بن دينار، والأعرج، وهو أسن منه، والزهرى، وربيعة، وخلائق آخرون من التابعين وكبار الأئمة. وروى له البخارى ومسلم. قال مصعب الزبيرى: توفى سنة أربع عشرة ومائة. وقال يحيى بن معين: سنة ثمانى عشرة. وقال المداينى: سنة سبع عشرة، وهو ابن ثلاث وستين   (1) انظر: تهذيب التهذيب (9/341) ، وتقريب التهذيب (2/190) ، وميزان الاعتدال (3/644) ، والتاريخ الكبير (1/196) ، وتاريخ ابن معين (2/530) ، وسير أعلام النبلاء (6/317) ، والوافى بالوفيات (4/92) . (2) انظر: الجرح والتعديل (8/26) ، وطبقات ابن سعد (5/320 - 324) ، وتاريخ ابن معين (2/531) ، والتاريخ الكبير (1/183) ، وحلية الأولياء (3/180 - 192) ، وربيع الأبرار (4/328) ، وصفة الصفوة (2/108 - 112) ، وتذكرة الحفاظ (1/124، 125) ، وسير أعلام النبلاء (4/401 - 409) برقم (158) ، والبداية والنهاية (9/309 - 312) ، والوافى بالوفيات (4/102، 103) ، ومرآة الجنان (1/247، 248) ، والذريعة إلى تصانيف الشيعة (1/315) ، ووفيات الأعيان (3/314) ، وتهذيب التهذيب (9/350 - 352) ، وتقريب التهذيب (2/192) . . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 87 سنة. وقال الواقدى: ابن ثلاث وسبعين سنة. وفى تاريخ البخارى عن ابنه جعفر أنه توفى وهو ابن ثمان وخمسين سنة، رحمه الله. 19 - محمد بن على بن شافع القريشى المطلبى الشافعى: عم الإمام الشافعى. تقدم باقى نسبه فى ترجمة الشافعى. روى عنه الشافعى فى عشرة النساء، وقال: عمى ثقة. روى عنه عبد الله بن على بن السائب. 20 - محمد بن على بن أبى طالب (1) : المعروف بابن الحنفية، واسمها خولة، من سبى بنى حنيفة، وهى خولة بنت جعفر ابن قيس بن مسلم بن ثعلبة بن يربوع بن ثعلبة بن الدؤل بن حنيفة، كنية محمد هذا أبو القاسم، ويقال: أبو عبد الله. ولد لسنتين بقيتا من خلافة عمر. وقال ابن أبى حاتم: لثلاث بقين، وهو من كبار التابعين، دخل على عمر بن الخطاب، وسمع عثمان، وأباه، رضى الله عنهم. روى عنه بنوه الحسن، وعبد الله، وإبراهيم، وعون، وجماعات من التابعين. روينا عنه، عن أبيه، قال: قلت: يا رسول الله، إن ولد لى مولود بعدك أسميه باسمك وأكنيه بكنيتك؟ قال: “نعم”. قال أحمد بن عبد الله العقيلى الإمام الحافظ: ثلاثة يسمون محمدًا رخص فى كنيتهم بأبى القاسم: محمد بن أبى بكر، ومحمد بن على، ومحمد بن طلحة بن عبيد الله. وقال إبراهيم بن عبد الله بن الجنيد الحافظ: لا نعلم أحدًا أسند عن على، عن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أكثر ولا أصح مما أسند محمد ابن الحنفية. قال عمرو بن على، وأبو نعيم فى رواية عنه: مات محمد بن الحنفية سنة أربع عشرة ومائة. وقال البخارى: قال أبو نعيم: مات سنة ثمانين. وقال يحيى بن بكير: سنة إحدى وثمانين. وقال المداينى: سنة ثلاث وثمانين. وفى طبقات الفقهاء للشيخ أبى إسحاق، عن الهيثم بن عدى: سنة ثلاث أو اثنتين وسبعين. وفى تاريخ البخارى، عن أبى حمزة، بالحاء، قال: قضينا نسكنا حين قتل ابن الزبير، ثم رجعنا إلى المدينة مع محمد ابن الحنفية، فمكث ثلاثة أيام، ثم توفى. وهذا يوافق قول الهيثم، فإن ابن الزبير قتل سنة ثلاث وسبعين، وقيل: سنة اثنتين.   (1) انظر: سير أعلام النبلاء (4/110 - 129) برقم (36) ، وطبقات ابن سعد (5/91 - 116) ، والتاريخ الكبير (1/182) ، والجرح والتعديل (8/26) ، وحلية الأولياء (3/174 - 180) ، وصفة الصفوة (2/77 - 79) ، والبداية والنهاية (9/38، 39) ، وفوات الوفيات (1/189، 190) ، والعقد الثمين (2/157) ، وتهذيب التهذيب (9/354) ، وتقريب التهذيب (2/192) ، والوافى بالوفيات (4/99 - 105) .. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 88 فصل يقال لمحمد هذا: ابن الحنفية، ويقال: محمد بن على، ويقال: محمد بن على ابن الحنفية، فيُنسب إلى أبيه وأمه جميعًا، فعلى هذا يشترط أن ينون على، ويكتب ابن الحنفية بالألف، ويكون إعرابه إعراب محمد؛ لأنه وصف لمحمد لا لعلى، ولهذا نظائر، وقد أفردتها فى جزء، منها عبد الله بن مالك ابن بحينة، مالك أبوه وبحينة أمه. وعبد الله بن أُبى ابن سلول المنافق، أُبىّ أبوه وسلول أمه. وإسماعيل بن إبراهيم ابن علية مثلهما. والمقداد بن عمرو ابن الأسود، أبوه الحقيقى عمرو، وتبناه الأسود فنُسب إليه. وإسحاق ابن إبراهيم بن راهوية، فراهوية هو إبراهيم. ومثله محمد بن يزيد ابن ماجة صاحب السنن، ماجة هو يزيد، وآخرون كذلك. 21 - محمد بن عمرو بن حزم: تكرر فى المختصر والمهذب، هو أبو عبد الملك، ويقال: أبو سليمان، ويقال: أبو القاسم محمد بن عمرو بن حزم بن زيد بن لوذان، بفتح اللام وإسكان الواو وبذال معجمة، ابن عمرو بن عبد غنم بن مالك بن النجار الأنصارى النجارى، بالنون، المدنى. ولد فى حياة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بنجران، وأبوه عامل عليها لرسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وهو من كبار التابعين. روى عن عمر بن الخطاب، وعمرو بن العاص، وأبيه. روى عنه ابنه أبو بكر. قال ابن سعد: كان ثقة، قليل الحديث، له عقب بالمدينة وببغداد، قُتل يوم الحرة بالمدينة سنة ثلاث وستين، وكان فقيهًا، فاضلاً من صالحى المسلمين. 22 - محمد بن عروة بن علقمة بن وقاص بن محصن الليثى المدنى: مذكور فى المختصر. قال ابن أبى حاتم: كنيته أبو عبد الله، وفى تاريخ البخارى أن كنيته أبو الحسن، وهو من تابعى التابعين، سمع أبا سلمة بن عبد الرحمن، ونافعًا، وسالم ابن عبد الله، وعبد الأغر، وأباه، وآخرين. روى عنه مالك، والسفيانان، وشعبة، ويحيى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 89 القطان، ويزيد بن هارون، وعبد الله بن نمير، والنضر بن شميل، وخلائق. قال يحيى القطان: هو رجل صالح. وقال عمرو بن على: توفى سنة خمس وأربعين ومائة. 23 - محمد بن كعب القرظى (1) : تكرر فى المختصر والمهذب، هو بضم القاف وفتح الراء وبالظاء المعجمة، منسوب إلى بنى قريظة الطائفة المعروفة من اليهود. وهو تابعى جليل، من كبار التابعين وأئمتهم، وهو أبو حمزة محمد بن كعب بن سليم. وقال محمد بن سعد: محمد بن كعب بن حيان، بالمثناة، ابن سليم بن أسد المدنى. من حلفاء الأوس، وكان أبوه من سبى قريظة، سكن محمد الكوفة، ثم عاد إلى المدينة. قال قتيبة: بلغنى أنه ولد فى حياة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. سمع ابن عباس، وزيد بن أرقم، ومعاوية. وقيل: سمع ابن مسعود، ورأى ابن عمر. وروى عن جابر بن عبد الله، وأنس، وأبى ذر، وأبى هريرة، والبراء، والمغيرة، وعبد الله بن يزيد الخطمى، وكعب بن عجرة الصحابيين، رضى الله عنهم. وروى عنه جماعات من كبار التابعين وصغارهم، منهم عمرو بن دينار، وأبو سهيل، ومحمد بن المنكدر، وزيد بن أسلم، وخلائق. واتفقوا على أنه ثقة. قال ابن سعد: كان ثقة، عالمًا، كثير الحديث، ورعًا. قال أبو نعيم، وابن أبى شيبة، والترمذى: توفى سنة ثمان ومائة. وقال عمرو بن على، والواقدى: سنة سبع عشرة ومائة. وقيل: سنة عشرين. 24 - محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب بن عبد الله بن الحارث بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤى (2) : أبو بكر القريشى الزهرى المدنى. سكن الشام، وكان بأيلة، ويقولون تارة: الزهرى، وتارة: ابن شهاب، ينسبونه إلى جد جده، وقد تكرر فى المختصر، والمهذب، والروضة، وهو تابعى صغير، سمع أنس بن مالك، وسهل بن سعد، والسائب بن يزيد، وشبيبًا أبا جميلة، وعبد الرحمن بن أزهر، وربيعة بن عباد، بكسر العين وتخفيف الباء، ومحمود بن الربيع، وعبد الله بن ثعلبة بن صغير، وعبد الله بن عامر بن ربيعة، وأبا أمامة أسعد بن سهل بن حنيف، وأبا الطفيل، ورجلاً من بلى له صحبة، وهؤلاء كلهم صحابة. ورأى ابن عمر، وسمع   (1) انظر: الجرح والتعديل (8/67) ، وتاريخ ابن معين (2/536) ، والثقات لابن حبان (5/351) ، وحلية الأولياء (3/212 - 221) ، وسير أعلام النبلاء (5/65 - 68) برقم (23) ، والبداية والنهاية (9/257) ، والتاريخ الكبير (1/216) . (2) انظر: التاريخ الكبير (1/220) ، والجرح والتعديل (8/71) ، والأغانى (4/48) ، والوافى بالوفيات (5/24 - 26) ، ووفيات الأعيان (4/177) ، وميزان الاعتدال (4/40) ، وتهذيب التهذيب (9/445) ، وتقريب التهذيب (2/207) .. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 90 خلائق من كبار التابعين وائمتهم. روى عنه خلائق من كبار التابعين وصغارهم، ومن أتباع التابعين، ومن شيوخه. وروينا بالإسناد الصحيح عن عمرو بن دينار، قال: ما رأيت أنص للحديث من الزهرى، وما رأيت أحدًا الدينار والدرهم أهون عنده منه، إن كانت الدنانير والدراهم عنده بمنزلة البعر. وروينا عن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم، قال: قلت لأبى: بم فاقكم الزهرى؟ قال: كان يأتى المجالس من صدورها ولا يأتيها من خلفها، ولا يبقى فى المجلس شابًا إلا سأله، ولا كهلاً إلا سأله، ثم يأتى الدار من دور الأنصار، فلا يبقى فيها شابًا إلا سأله، ولا كهلاً إلا سأله، ولا فتى إلا سأله، ولا عجوزًا إلا سالها، ولا كهلة إلا سألها، حتى يحاول ربات الحجال. وروينا عن الليث بن سعد، قال: ما رأيت عالمًا أجمع من ابن شهاب، ولا أكثر علمًا منه. قال البخارى: قال على ابن المدينى: للزهرى نحو ألفى حديث. وقال أحمد بن الفرات: ليس فيهم أجود مسندًا من الزهرى. وقال أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهوية: أصح الأسانيد مطلقًا الزهرى، عن سالم، عن أبيه. وقال أبو بكر بن أبى شيبة: أصحها الزهرى، عن على بن الحسين، عن أبيه، عن على. وقال على بن المدينى، وعمرو بن على القلاس، وغيرهما: أصحها محمد بن سيرين، عن عبيدة، عن على. وقال يحيى بن معين: أصحها الأعمش، عن إبراهيم النخعى، عن علقمة، عن ابن مسعود. وقال البخارى: أصحها مالك، عن نافع، عن ابن عمر. فعلى هذا قال أبو منصور عبد القاهر التميمى: أصحها الشافعى، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر؛ لإجماع أهل الحديث على أن الشافعى أجل أصحاب مالك، رضى الله عنهم أجمعين. والمختار أنه لا يجزم لإسناد أنه أصحها على الإطلاق لعسر ذلك. وقال الشافعى، رحمه الله: لولا الزهرى لذهبت السنن من المدينة. ومناقبه والثناء عليه وعلى حفظه أكثر من أن يحصر. وقال البخارى فى التاريخ: قال لى إبراهيم بن المنذر، عن معن، عن ابن أخى الزهرى أنه أخذ القرآن فى ثمانين ليلة، وهذا إسناد فى نهاية من الصحة، ومعناه أن الزهرى حفظ القرآن فى ثمانين ليلة. وبإسناده الصحيح عن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 91 أيوب السختيانى، قال: ما رأيت أعلم من الزعرى، فقيل له: ولا الحسن؟ قال: ما رأيت أعلم من الزهرى. قال البخارى: وقال لنا عبد الله بن صالح: حدثنا الليث، عن الزهرى، قال: ما استودعت حفظى شيئًا فخاننى. وبإسناده الصحيح عن سعد بن إبراهيم، قال: ما أرى أحدًا بعد رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جمع ما جمع الزهرى. وقال مالك: حدثنى الزهرى بحديث فيه طول، قلت: أعد ما كنت تحب أن يعاد عليك، فقال: لا، قلت: اكتب، فكتب. قال: توفى ليلة الثلاثاء لسبع عشرة خلت من شهر رمضان سنة أربع وعشرين ومائة، وهو ابن اثنتين وسبعين سنة، ودفن بقرية له بأطراف الشام يقال لها: شغبدا، بشين مفتوحة، وغين ساكنة معجمتين، وبباء موحدة مفتوحة، ثم دال مهملة مفتوحة مخففة. 25 - محمد بن مسلمة الصحابى، رضى الله عنه: تكرر فى المختصر فى السير، وذكره فى المهذب فى الفرائض، هو أبو عبد الله، ويقال: أبو عبد الرحمن، ويقال: أبو سعيد محمد بن مسلمة بن سلمة بن خالد بن عدى ابن مجدعة بن حارثة بن الحارث بن الخزرج بن عمرو بن مالك بن الأوس الأنصارى الحارثى المدنى. شهد مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بدرًا والمشاهد كلها، وقيل: استخلفه النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على المدينة فى غزوة تبوك. روى عنه جماعة من الصحابة جابر بن عبد الله، والمغيرة، والمسور بن مخرمة، وسهل ابن أبى خيثمة، رضى الله عنهم، وجماعات من التابعين. اعتزال الفتنة، وأقام بالربذة، وتوفى بالمدينة فى صفر سنة ثلاث وأربعين. وقيل: سبع وأربعين، وهو ابن تسع وسبعين. قال محمد بن إسحاق، وموسى بن عقبة: محمد بن مسلمة هو الذى قتل مرحبا اليهودى بخيبر. قال ابن عبد البر: الصحيح أن قالته على بن أبى طالب. وقال الشافعى فى مختصر المزنى فى أول كتاب السير: إن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أعطى محمد بن مسلمة سلب مرحب يوم خيبر، وهذا دليل على أنه قاتله. قال ابن الأثير: قيل: إن محمد بن مسلمة هو قاتل مرحب. قال: والصحيح الذى عليه أكثر أهل السير والحديث أن عليًا هو قاتله، خلف عشرة بنين وست بنات. 26 - محمد بن نصر: من أصحابنا أصحاب الوجوه، مذكور فى الروضة فى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 92 الوصية فى ركن الصيغة، وفى كتاب الصداق فى باب تشطره فى مسألة من أصدقها حليًا فكسرته. هو الإمام البارع العلامة فى فنون العلم، أبو عبد الله محمد بن نصر المروزى الفقيه الشافعى. روينا فى تاريخ بغداد عن الخطيب، قال: محمد بن نصر المروزى، أبو عبد الله الفقيه، صاحب التصانيف الكثيرة، والكتب الجمة، ولد ببغداد، ونشأ بنيسابور، ورحل إلى سائر الأمصار فى طلب العلم، واستوطن سمرقند. وكان من أعلم الناس باختلاف الصحابة ومن بعدهم فى الأحكام. روى الحديث عن عبدان، وصدقة بن الفضل، ويحيى بن يحيى، وإسحاق بن راهوية، وأبى قدامة السرخسى، وهدبة بن خالد، بالموحدة، ومحمد بن بشار، وابن المثنى، وإبراهيم بن المنذر، وغيرهم من أهل خراسان، والعراق، والحجاز، والشام، ومصر. روى عنه ابنه إسماعيل، وأبو على البلخى، وعثمان بن جعفر بن اللبان، ومحمد بن يعقوب بن الأخرم، وغيرهم. ثم روى الخطيب، عن محمد بن نصر، قال: ولدت سنة اثنتين ومائتين قبل وقاة الشافعى بسنتين، قال: وكان أبى مروزيًا. ثم روى عن القفال الشاشى، قال: سمعت أبا بكر الصيرفى يقول: لو لم يصنف محمد بن نصر إلا كتاب القسامة لكان من أفقه الناس، فكيف وقد صَنَّف كتبًا سواه. وعن محمد بن عبد الحكم، قال: كان محمد بن نصر عندنا بمصر إمامًا، فكيف بخراسان. وعن أبى بكر أحمد بن إسحاق، قال: ما رأيت أحسن صلاة من محمد بن نصر، ولقد بلغنى أن زنبورًا قعد على جبهته فسال الدم على وجهه ولم يتحرك. قلت: هذا محمول على دم يسير، بحيث يعفى عنه ولا يبطل الصلاة. أخبرنى أبو محمد الأنبارى، أخبرنا الحرستانى، أخبرنا أبو الفتح نصر الله، أخبرنا أبو الفتح نصر المقدسى، أخبرنا أبو الفضل أحمد بن محمد الفراتى، قال: سمعت جدى أبا عمرو الفراتى يقول: سمعت أبا منصور محمد بن أحمد بن حمشاد يقول: سمعت الأستاذ أبا الوليد حسان بن محمد القريشى يقول: سمعت أبا الفضل البلعمى يقول: دخل محمد ابن نصر المروزى، رحمه الله، على إسماعيل بن أحمد والى خراسان، فقام له وبجله وأبلغ فى تعظيمه وإجلاله، فلما خرج الجزء: 1 ¦ الصفحة: 93 عاتبه أخوه إسحاق بن أحمد على ذلك، فقال له إسماعيل: إنما قمت له إجلالاً لإخبار رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ثم إن إسماعيل رأى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فى المنام، فقال له: قمت لمحمد بن نصر إجلالاً لإخبارى لا جرم، ثبت ملكك، وملك بنيك لإجلالك له، وذهب ملك أخيك إسحاق وملك بنيه لاستخفافه بمحمد بن نصر، فبقى ملك إسماعيل وبنيه أكثر من مائة وعشرين سنة. وذكر الشيخ أبو إسحاق فى طبقات الفقهاء، عن محمد بن نصر، قال: كتبت الحديث بضعًا وعشرين سنة، وسمعت قولاً ومسائل ولم يكن لى حسن رأى فى الشافعى، فبينا أنا قاعد فى مسجد رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أغفيت، فرأيت النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فى المنام، فقلت: يا رسول الله، أكتب رأى أبى حنيفة؟ فقال: لا، فقلت: رأى مالك؟ فقال: اكتب ما وافق حديثى، قلت: أكتب رأى الشافعى؟ فطأطأ رأسه شبه الغضبان، وقال: لا تقول رأى الشافعى، ليس بالرأى، بل هو رد على من خالف سنتى، قال: فخرجت فى أثر هذه الرؤيا إلى مصر، وكتبت كتب الشافعى. توفى محمد بن نصر، رحمه الله، بسمرقند سنة أربع وتسعين ومائتين، وكانت لحيته بيضاء، وكان من أحسن الناس صورة، وله اختيارات غريبة مخالفة للمذهب، ظهر له دلائلها منها ما حكيته عنه فى الروضة أنه قال: يكفى فى صحة الوصية الإشهاد عليه بأن هذا الكتاب خطى وما فيه وصيتى، وإن لم يعلم الشاهد ما فيه. كذا نقله عنه إمام الحرمين والمتولى. وحكى أبو الحسن العبادى عنه أنه يكفى الكتاب بلا شهادة، والمشهور أنه لابد من الإشهاد، ومعرفة الشاهدين المشهود به، والله أعلم. 27 - محمد بن يحيى بن حبان بن منقذ: مذكور فى المختصر فى باب الساعات التى نهى عن الصلاة فيها. وفى المهذب فى خيار الشرط، وفى الحجر. هو أبو عبد الله محمد بن يحيى بن حبان، بفتح الحاء باتفاق العلماء، ابن منقذ بن عمرو، ويقال: عطية بدل عمرو بن خنساء، بفتح الخاء المعجمة ثم نون ساكنة، ابن مبذول، بالذال المعجمة، ابن عمرو بن غنم بن مازن بن النجار الأنصارى النجارى، بالجيم، المازنى المدنى. تابعى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 94 مشهور، سمع أنسًا، وعمه واسع بن حبان، كانت له حلقة فى مسجد رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وكان يفتى، وكان كثير الحديث والفقه. وحبان ومنقذ صحابيان سيوضحان فى ترجمة حبان إن شاء الله تعالى. توفى محمد بالمدينة سنة إحدى وعشرين ومائة، وهو ابن أربع وسبعين سنة. روى له البخارى، ومسلم فى صحيحيهما. قال يحيى بن معين، وأبو حاتم، والباقون: كان ثقة. 28 - محمد بن يحيى صاحب الغزالى: تكرر فى الروضة. هو الإمام أبو سعيد محمد بن يحيى بن أبى منصور النيسابورى الشهيد. تفقه على الغزالى، وأبى المظفر أحمد بن محمد الخوافى، وغيرهما، وكان إمامًا، بارعًا فى الفقه، والزهد، والورع، وتفقه عليه خلائق من الأئمة. ورحل إليه الناس من الأقطار، وتخرج به خلائق، فصاروا أئمة، قتلته الغز لما استولوا على نيسابور شهيدًا فى شهر رمضان سنة ثمان وأربعين وخمسمائة. * * * حرف الألف باب من اسمه آدم 29 - آدم أبو البشر، عليه السلام: مذكور فى المهذب فى مواضع، منها الفرائض، كنيته أبو البشر، ويقال: أبو محمد، خلقه الله عز وجل بيده، وأسجد له ملائكته، وأسكنه جنته، واصطفاه، وكرم ذريته، وعلمه جميع الأسماء، وجعله أول الأنبياء، وعلمه ما لم يعلم الملائكة المقربين، وجعل من نسله الأنبياء، والمرسلين، والأولياء، والصديقين. قال الله تعالى: {إِنَّ اللهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا} [آل عمران: 33] الآية، وقال تعالى: {وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا} [البقرة: 31] الآية. وثبت فى صحيح مسلم، عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "إن الله تعالى خلقه يوم الجمعة". واشتهر فى كتب الحديث والتواريخ أنه عاش ألف سنة، وروينا معناه فى حديث مرفوع. وروينا فى تاريخ دمشق فى حديث طويل عن عائشة، رضى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 95 الله عنها، قالت: كان رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: "أنا أشبه الناس بأبى آدم، عليه السلام، وكان أبى إبراهيم، عليه السلام، أشبه الناس بى خلقًا وخُلقًا". فأما اشتقاق اسمه، فقال الإمام أبو الحسن على بن أحمد الواحدى: قال ابن عباس، رضى الله عنهما: سمى آدم؛ لأنه خلق من أديم الأرض. قال: وهكذا قاله أهل اللغة فيما حكاه الزجاج. قال الزجاج: قال أهل اللغة: آدن مشتق من أديم الأرض؛ لأنه خُلق من تراب، وأديم الأرض وجهها. قال: وقال النضر بن شميل: سمى آدم لبياضه. وهذا كله تصريح منهم بأن آدم اسم عربى مشتق، وإلا فالعجمى لا اشتقاق له. قال أبو البقاء: آدم وزنه أفعل، والألف منه مبدلة من همزة، وهى فاء الفعل؛ لأنه مشتق من أديم الأرض أو من الأدمة، قال: ولا يجوز أن يكون أصله فاعلاً بفتح العين، إذ لو كان كذلك لانصرف، كالعالم، وخاتم، والتعريف وحده لا يمنع الصرف، وليس هو بعجمى، هذا كلام أبى البقاء. وقال الإمام أبو منصور موهوب بن أحمد بن محمد بن الخضر الجواليقى فى كتابه المعرب: أسماء الأنبياء، عليهم الصلاة والسلام، كلها أعجمية، نحو: إبراهيم، وإسماعيل، وإسحاق، وإلياس، وإدريس، وأيوب، إلا أربعة: آدم، وصالحًا، وشعيبًا، ومحمدًا، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين. قال أبو إسحاق الزجاج: اختلفت الآيات فيما بدىء به خلق آدم، ففى موضع خلقه الله تعالى من تراب، وفى موضع من طين لازب، وفى موضع من حمأ مسنون، وفى موضع من صلصال، قال: وهذه الألفاظ راجعة إلى أصل واحد، وهو التراب الذى هو أصل الطين، فأعلمنا الله عز وجل أنه خلقه من تراب جعل طينًا، ثم انتقل فصار كالحمأ المسنون، ثم انتقل فصار صلصالاً كالفخار. ولقد أحسن الزجاج، رحمه الله. قال الإمام أبو إسحاق الثعلبى فى قول الله عز وجل إخبارًا أن إبليس قال: {خَلَقْتَنِى مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ} [الأعراف: 12] ، قال الحكماء: أخطأ عدو الله فى تفضيله النار على الطين؛ لأن الطين أفضل منها من أوجه: أحدها: أنه من جوهر الطين الرزانة، والسكون، والوقار، والحلم، والأناة، والحياء، والصبر، وذلك سبب توبة آدم وتواضعه وتضرعه، فأورثه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 96 المغفرة، والاجتباء، والهداية. وجوهر النار الخفة، والطيش، والحدة، والارتفاع، والاضطراب، وذلك سبب استكبار إبليس فأورثه اللعنة والهلاك. والثانى: أن الجنة موصوفة بأن ترابها مسك، ولم ينقل أن فيها نارًا. الثالث: أنها سبب العذاب بخلاف الطين. الرابع: أن الطين مستغن عن النار وهى محتاجة إلى مكان وهو التراب. الخامس: أن الطين سبب جمع الأشياء، وهى سبب تفريقها، وبالله التوفيق. 30 - آدم بن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز القريشى الأموى (1) : وتمام نسبه فى ترجمة جده. مذكور فى المهذب فى قسم الفىء، كان شاعرًا ماجنًا، وكان ببغداد فى صحابة الخليفة المهدى، ثم تاب ونسك. * * * باب أبان 31 - أبان بن عثمان (2) : مذكور فى المختصر فى نكاح المحرم، هو أبو سعيد أبان بن عثمان بن عفان بن أبى العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف القريشى الأموى المدنى التابعى الكبير، يلتقى مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فى عبد مناف، وأمه أم عمرو بنت جندب الدوسية. سمع أباه، وزيد بن ثابت. روى عنه الزهرى، وعمر بن عبد العزيز، وخلائق من التابعين وغيرهم. قال عمرو بن شعيب: ما رأيت أحدًا أعلم بحديث ولا فقه من أبان بن عثمان. وقال يحيى بن سعيد: كان فقهاء المدينة عشرة: سعيد بن المسيب، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، والقاسم، وسالم، وعروة، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة، وقبيصة بن ذؤيب، وأبان بن عثمان، وخارجة بن زيد، وسليمان بن يسار. واتفق العلماء على أنه ثقة، توفى بالمدينة سنة خمس ومائة. واعلم أن فى صرف أبان خلافًا مشهورًا، الصحيح الذى عليه الأكثرون والمحققون صرفه، فمن صرفه قال: الهمزة أصل والألف زائدة، ووزنه فعال كغزال وعناق ونظائرهما، ومن منع صرفه عكس، فقال: الهمزة زائدة والألف بدل من ياء، ووزنه أفعل، فلا ينصرف لوزن الفعل، وقد بسطت الكلام فى تحقيقه فى أوائل   (1) انظر: تاريخ بغداد (7/25 - 27) ، وتاريخ الإسلام (4067) . (2) انظر: سير أعلام النبلاء (4/351 - 353) برقم (133) ، وطبقات ابن سعد (5/151 - 153) ، والتاريخ الكبير (1/450، 451) ، والجرح والتعديل (2/295) ، وتهذيب تاريخ دمشق (2/134، 135) ، وتهذيب الكمال (2/16 - 19) ، والبداية والنهاية (9/233) ، والوافى بالوفيات (5/307) ، وتهذيب التهذيب (1/97) ، وتقريب التهذيب (1/31) ، والنجوم الزاهرة (1/253) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 97 شرح صحيح مسلم، رحمه الله. * * * باب إبراهيم قد سبق فى ترجمة آدم أن إبراهيم إسم أعجمى، وفيه لغات أشهرها إبراهيم، والثانية إبراهام، وقرىء بهما فى السبع، والثالثة والرابعة والخامسة إبراهم، بكسر الهاء وفتحها وضمها، حكاهن الإمام أبو حفص عمر بن خلف بن مكى الصقلى النحوى اللغوى فى كتابه تثقيف اللسان، عن الفراء، عن العرب، وحكى الكسر والضم أيضًا جماعات منهم الإمام أبو البقاء عبد الله بن الحسين بن عبد الله العكبرى، قال: وقرىء بهما فى الشواذ، قال: وجمعه أباره عند قوم، وعند آخرين براهم، وقيل: براهمة. قال الإمام أبو الحسن الماوردى صاحب الحاوى: معناه بالسريانية أب رحيم. وقال أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة: تحذف الألف من الأسماء الأعجمية نحو إبراهيم، وإسماعيل، وإسحاق، وإسرائيل، استثقالاً لها، كما ترك صرفها. قال: وكذلك سليمان، وهارون، وسائر الأسماء الأعجمية المستعملة، فأما ما لا يكثر استعماله منها كهاروت، وماروت، وطالوت، وجالوت، وقارون، فلا تحذف الألف فى شىء منها، ولا تحذف من داود، وإن كان مستعملاً؛ لأنه حذف منه أحد الواوين، فلو حذفت الألف أيضًا أجحف بالكلمة، وأما ما كان على فاعل كصالح، ومالك، وخالد، فيجوز إثبات الألف، ويجوز حذفها بشرط أن يكثر استعماله، فإن لم يكثر كسالم، وجابر، وحاتم، وحامد، لم يجز حذف الألف، ومما كثر استعماله ويدخله الألف واللام يكتب بغير ألف مع الألف واللام، فإن حذفتهما أثبت الألف، تقول: قال الحارث، وقال: حارث؛ لئلا يشتبه بحرب، ولا تحذف الألف من عمران، ويجوز حذفها وإثباتها فى مروان، وعثمان، وسفيان، ونحوهم بشرط كثرة استعماله، وبالله التوفيق. 32 - إبراهيم خليل الرحمن، صلوات الله عليه وسلامه: تكرر فى هذه الكتب كلها. قال الله تعالى: {وَاتَّخَذَ اللهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً} [النساء: 125] . وقال تعالى: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 98 أُمَّةً قَانِتًا لِلّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ شَاكِرًا لأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ وَآتَيْنَاهُ فِى الْدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِى الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ} [النحل: 120 - 122] . وقال تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِن قَبْلُ وَكُنَّا بِه عَالِمِينَ} [الأنبياء: 51] . وقال تعالى: {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّى جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا} [البقرة: 124] . وقال تعالى: {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِى ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِى الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِى الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ} [العنكبوت: 27] . وقال تعالى: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُّنِيبٌ} [هود: 75] . وقال تعالى: {وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِى وَفىّ} [النجم: 37] . وقال تعالى: {وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ} [البقرة: 130] . وهو أبو إسماعيل إبراهيم بن آزر، وهو تارح، بمثناة من فوق، وفتح الراء، وبحاء مهملة، قيل: آزر اسم، وتارح لقب، وقيل عكسه، والقولان مشهوران، وباقى نسبه إلى آدم مختلف فيه، ولا يصح فى تعيينه شىء، فتركته لهذا ولعدم الضرورة إليه. أنزل الله تعالى عليه صحفًا كما أخبر سبحانه فى كتابه العزيز. قال أهل التاريخ: كانت عشر صحائف، وجعل له لسان صدق فى الآخرين، أى ثناء حسنًا، فليس أحد من الأمم إلا يحبه، وأكرمه بالخلة، وبأن جعل أكثر الأنبياء من ذريته، وختم ذلك سبحانه وتعالى بنبينا محمد - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، والآيات الكريمة فى بيان أحواله معلومة أشرت إلى بعضها. هاجر، عليه السلام، من العراق إلى الشام، قيل: بلغ عمره مائة وخمسًا وسبعين سنة، وقيل: مائتى سنة، ودفن فى الأرض المقدسة، وقبره معروف بالبلدة المعروفة بالخليل، بينها وبين بيت المقدس دون مرحلة. روينا فى صحيحى البخارى ومسلم، عن أبى هريرة، رضى الله عنه، قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “اختتن إبراهيم، عليه السلام، وهو ابن ثمانين سنة بالقدوم” (1) ، روى القدوم، بالتخفيف والتشديد، وسنوضحه فى موضعه من قسم اللغات إن شاء الله تعالى. وروينا فى صحيحيهما، عن ابن عباس، رضى الله عنهما، أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: “أول الخلائق يكسى يوم القيامة إبراهيم، عليه السلام” (2) . وروينا فى صحيح مسلم، عن أبى هريرة، قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “حين أسرى بى ورأيت إبراهيم، وأنا أشبه ولده به” (3) . وفى صحيح مسلم أيضًا، عن أنس، أن رجلاً قال للنبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:   (1) أخرجه أحمد (2/435، رقم9620) ، والبخارى (3/1224، رقم 3178) ، ومسلم (4/1839، رقم 2370) . وأخرجه أيضًا: أبو يعلى (10/384، رقم 5981) ، والبيهقى (8/325) . (2) أخرجه الطيالسى (ص 343، رقم 2638) ، وأحمد (1/253، رقم 2281) ، والبخارى (4/1691، رقم 4349) ، مسلم (4/2194، رقم 2860) ، والترمذى (5/321، رقم 3167) وقال: حسن صحيح. والنسائى (4/117، رقم 2087) . (3) أخرجه البخارى (3/1243، رقم 3214) ، ومسلم (1/154، رقم 168) ، والترمذى (5/300، رقم 3130) وقال: حسن صحيح. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 99 يا خير البرية، قال: “ذاك إبراهيم”، وهذا محمول على التواضع، وإلا فالنبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أفضل الخلق؛ لقوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “أنا سيد ولد آدم” (1) . وفى صحيح البخارى، عن ابن عباس، قال: “كان آخر قول إبراهيم حين ألقى فى النار: حسبى الله ونعم الوكيل” (2) ، وفى رواية فى البخارى: “قال: حسبنا الله ونعم الوكيل، قالها إبراهيم حين ألقى فى النار”. وفى الصحيحين أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أخبر عن ليلة الإسراء ورؤيته الأنبياء فى السموات، ورأى إبراهيم فى السماء السادسة، وفى رواية: فى السابعة، مُسندًا ظهره إلى البيت المعمور. وفى صحيح البخارى، عن سمرة بن جندب، رضى الله عنه، قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “أتانى الليلة اثنان، فأتينا على رجل طويل لا أكاد أرى رأسه طولاً، وأنه إبراهيم”. روينا فى موطأ مالك، عن سعيد بن المسيب، رحمه الله، قال: “كان إبراهيم النبى، عليه السلام، أول الناس ضيّف الضيف، وأول الناس اختتن، وأول الناس قص شاربه، وأول الناس رأى الشيب، فقال: يا رب، ما هذا؟ فقال الله تبارك وتعالى: وقار يا إبراهيم، فقال: يا رب، زدنى وقارًا”. ورويناه فى تاريخ دمشق بزيادة: “وأول من استحد وقلم أظفاره”. وقد مَنَّ الله الكريم علينا وجعل لنا رواية متصلة، وسببًا متعلقًا بخليله إبراهيم، عليه السلام، كما مَنَّ علينا بذلك فى حبيبه وخليله وصفيه محمد - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. أخبرنا الإمام أبو محمد عبد الرحمن ابن الإمام أبى عمر محمد بن أحمد بن قدامة المقدسى، رضى الله عنه، أخبرنا أبو حفص بن طبرزد، أنا أبو الفتح الكروخى، أنا القاضى أبو عامر، أنا أبو محمد بن الجراحى، أنا أبو العباس المحبوبى، أنا أبو عيسى الترمذى، ثنا عبد الله بن أبى زياد، ثنا سيار، ثنا عبد الواحد بن زياد، عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن ابن مسعود، رضى الله عنه، قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “لقيت إبراهيم ليلة أسرى بى، فقال: يا محمد، أقرىء أمتك منى السلام، وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة، عذبة الماء، وأنها قيعان، وأن غراسها: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر” (3) . قال الترمذى: هذا حديث حسن. روينا فى تاريخ دمشق للحافظ أبى القاسم بن عساكر، عن ابن عباس، رضى الله عنهما، قال: ولد إبراهيم،   (1) أخرجه ابن أبى شيبة (6/317، رقم 31728) ، ومسلم (4/1782، رقم 2278) ، وأبو داود (4/218، رقم 4673) . وأخرجه أيضًا: أحمد (2/540، رقم 10985) . (2) حديث أبى هريرة: أخرجه الخطيب (9/118) ، وقال: غريب من رواية أبى حصين عن أبى صالح عن أبى هريرة مسندًا، لا أعلم رواه غير سلام بن سليمان عن إسرائيل، والمحفوظ ما رواه الناس عن إسرائيل وأبى بكر بن عياش عن أبى حصين عن أبى الضحى عن ابن عباس قال: “لما ألقى إبراهيم فى النار … ” الحديث. حديث ابن عباس الموقوف المشار إليه: أخرجه الحاكم (2/326، رقم 3167) بلفظ: “كان آخر كلام إبراهيم حين ألقى فى النار حسبى الله ونعم الوكيل” وقال: صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه أيضًا: البخارى (4/1662 رقم 4288) والنسائى فى الكبرى (6/316، رقم 11081) ، قال الحافظ فى الفتح (8/229) : وهم الحاكم فى استدراكه. (3) أخرجه الطبرانى (10/173، رقم 10363) . وأخرجه أيضًا: الترمذى (5/510، رقم 3462) وقال: حسن غريب، والطبرانى فى الأوسط (4/270، رقم 4170) وفى الصغير (1/326، رقم 539) قال الهيثمى (10/91) : فيه عبد الرحمن بن إسحاق أبو شيبة الكوفى وهو ضعيف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 100 عليه السلام، بغوطة دمشق، بقرية يقال لها: برزة. قال الحافظ: كذا فى هذه الرواية، والصحيح أنه ولد بكوثا من إقليم بابل بالعراق، وإنما نسب إليه هذا المقام؛ لأنه صلى فيه، إذ جاء معينًا للوط، عليه السلام. وفى التاريخ أن آزر كان من أهل حران، وأن أم إبراهيم اسمها نونا، وقيل: أينونا، وأن نمرود حبسه سنين، ثم ألقاه فى النار، وأنه كان يدعى أبا الضيفان. وعن عكرمة أنه كان يكنى أبا الضيفان، وأن تجارة إبراهيم كانت فى البز، وأن النار لم تنل منه إلا وثاقه لتنطلق يداه. قال الله تبارك وتعالى: {يَا نَارُ كُونِى بَرْدًا وَسَلاَمًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ} [الأنبياء: 69] ، وأن النار بردت فى ذلك الوقت على أهل المشرق والمغرب، فلم ينضج بها زراع، وأن جبريل، عليه السلام، مر به حين ألقى فى الهواء، فقال: يا إبراهيم، ألك حاجة؟ فقال: أما إليك فلا. وفيه عن على بن أبى طالب، رضى الله عنه، أن البغال كانت تتناسل، وكانت أسرع الدواب فى نقل الحطب لنار إبراهيم، فدعا عليها، فقطع الله نسلها. وعن الحسن البصرى: {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ} [البقرة: 124] ، قال: ابتلاه بالكوكب، فوجده صابرًا، ثم ابتلاه بالقمر، فوجده صابرًا، ثم ابتلاه بالشمس، فوجده صابرًا، ثم ابتلاه بالنار، فوجده صابرًا، ثم ابتلاه بذبح ابنه، فوجده صابرًا. وعن مجاهد أن إبراهيم وإسماعيل حجا ماشيين. وعنه فى قول الله تعالى: {ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ} [الذاريات: 24] ، إكرامهم أنه خدمه بنفسه. وفى حديث مرفوع: أنه كان من أغير الناس. وعن كعب الأحبار، وآخرين، أن سبب وفاة إبراهيم، عليه السلام، أنه أتاه ملك فى صورة شيخ كبير فضيفه، فكان يأكل ويسيل طعامه ولعابه على لحيته وصدره، فقال له إبراهيم: يا عبد الله، ما هذا؟ قال: بلغت الكبر الذى يكون صاحبه هكذا، قال: وكم أتى عليك؟ قال: مائتا سنة، ولإبراهيم يومئذ مائتا سنة، فكره الحياة لئلا يصير إلى هذه الحال، فمات بلا مرض. وعن أبى السكن الهجرى، قال: توفى إبراهيم، وداود، وسليمان، عليهم السلام، فجأة، وكذلك الصالحون، وهو تخفيف على المؤمن. قلت: هو تخفيف ورحمة فى حق المراقبين، وبالله التوفيق. وفى التاريخ أيضًا فى ترجمة هاجر، قال: هاجر، ويقال: آجر، بالمد، القبطية، ويقال: الجرهمية، أم إسماعيل، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 101 كانت للجبار الذى كان يسكن عين الجر بقرب بعلبك، فوهبها لسارة، فوهبتها لإبراهيم، وأنها توفيت ولابنها إسماعيل عشرون سنة، ولها تسعون سنة، فدفنها إسماعيل فى الحجر. وفى ترجمة سارة امرأة إبراهيم، أنها إم إسحاق، وأنها كانت من أحسن نساء العالمين، وأنها توفيت ولها مائة وسبع وعشرون سنة، فتزوج إبراهيم امرأة من الكنعانيين يقال لها: قنطوراء. وفى الحديث: “الترك بنو قنطوراء” (1) ، وكان إسماعيل أكبر ولد إبراهيم، عليهم الصلاة والسلام. 33 - إبراهيم بن أبى القاسم محمد رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: مذكور فى المهذب فى التعزية، أمه مارية القبطية، ولدته فى ذى الحجة سنة ثمان من الهجرة، وتوفى سنة عشر. ثبت فى صحيح البخارى أنه توفى وله سبعة عشر أو ثمانية عشر شهرًا، هكذا ثبت على الشك. قال الواقدى، وغيره: توفى يوم الثلاثاء لعشر خلون من شهر ربيع الأول سنة عشر. وثبت فى البخارى أيضًا من رواية البراء بن عازب، أنه لما توفى إبراهيم، قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “إن له مرضعًا فى الجنة” (2) ، ضبطناه بالوجهين، أشهرهما بضم الميم وكسر الضاد، والثانى بفتحهما. وسر رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بولادته كثيرًا، وكانت قابلته سلمى مولاة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - امرأة أبى رافع، فبشر أبو رافع به النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فوهبه عبدًا، وحلق شعره يوم سابعه. قال الزبير ابن بكار: وتصدق بزنة شعره فضة، ودفنه، وسماه، ثم دفعه إلى أم سيف امرأة قين بالمدينة لترضعين. قال الزبير: تنافست الأنصار فيمن يرضعه، وأحبوا أن يفرغوا مارية للنبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وفى صحيح البخارى، عن أنس، قال: دخلنا مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على أبى سيف لقين، وكان ظئرًا لإبراهيم، أى زوج مرضعته، فأخذ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إبراهيم فقبله وشمه، ثم دخلنا عليه بعد ذلك وإبراهيم يجود بنفسه، فجعلت عينا رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تذرفان، فقال له عبد الرحمن بن عوف: وأنت يا رسول الله؟ فقال: “يا ابن عوف، إنها رحمة الله”، ثم اتبعها بأخرى، فقال: “إن العين   (1) أخرجه الطبرانى فى الكبير (10/181، رقم 10389) ، وفى الأوسط (6/7، رقم 5634) . قال الهيثمى (7/312) : فيه عثمان بن يحيى القرقسانى، ولم أعرفه، وبقية رجاله رجال الصحيح. (2) حديث البراء: أخرجه الطيالسى (ص 99، رقم 729) ، والبخارى (1/465، رقم 1316) ، وابن حبان (15/400، رقم 6949) ، والحاكم (4/41، رقم 6820) . وأخرجه أيضًا: ابن أبى شيبة (3/54، رقم 12053) ، وأحمد (4/300، رقم 18686) جميعًا أن النبى (قاله لما توفى ولده إبراهيم. حديث عبد الله بن أبى أوفى: أخرجه ابن عساكر (3/143) بنحوه.. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 102 تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضى ربنا، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون” (1) . ودفن بالبقيع، وقبره مشهور عليه قبة، وصلى عليه رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وكبر أربع تكبيرات، هذا قول جمهور العلماء، وهو الصحيح. وروى ابن إسحاق بإسناده، عن عائشة، رضى الله عنه، أن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم يصل عليه. قال ابن عبد البر: هذا غلط، فقد أجمع جماهير العلماء على الصلاة على الأطفال إذا استهلوا، وهو عمل استفيض فى السلف والخلف. قيل: إن الفضل بن عباس غسل إبراهيم، ونزل فى قبره هو وأسامة بن زيد، ورسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جالس على شفير القبر، ورش على قبره ماء، وهو أول قبر رش عليه الماء. وأما ما روى عن بعض المتقدمين: لو عاش إبراهيم لكان نبيًا، فباطل وجسارة على الكلام فى المغيبات، ومجازفة، وهجوم على عظيم من الزلات، والله المستعان. 34 - إبراهيم بن سعد (2) : شيخ الشافعى. مذكور فى المختصر فى كتاب الصيام فى باب الجود والإفضال، هو أبو إسحاق إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف القرشى الزهرى المدنى. وسكن بغداد، وتمام نسبه فى ترجمة جد أبيه عبد الرحمن بن عوف، أحد العشرة المبشرة، رضى الله عنهم، هو من تابعى التابعين. سمع أباه، والزهرى، وهشام بن عروة، ومحمد بن إسحاق، وآخرين من الأئمة. روى عنه جماعات من الأعلام، شعبة، والليث، وابن مهدى، وابناه يعقوب وسعد، وأحمد بن عبد الله، وموسى بن إسماعيل، ويزيد بن هارون، وابن وهب، وأبو داود، وأبو الوليد الطيالسيان، والقعنبى، وأحمد بن حنبل، وخلائق. وهو ثقة، كثير الحديث، روى له البخارى، ومسلم، واستوطن بغداد، وولى بها بيت المال لهارون الرشيد، وتوفى بها سنة ثلاث، وقيل: أربع وثمانين ومائة، وهو ابن خمس وتسعين سنة، ودفن بمقابر باب التين. قال الخطيب: حدث عنه يزيد بن عبد الله بن الهاد، والحسين بن سيار، وبين وفاتيهما مائة واثنتا عشرة سنة. توفى يزيد سنة تسع وثلاثين ومائة. 35 - إبراهيم بن محمد بن أبى يحيى: شيخ الشافعى. كرره فى المختصر كثيرًا، هو   (1) أخرجه ابن ماجه (1/506، رقم 1589) ، والطبرانى (24/171، رقم 433) ، وابن عساكر (3/139) . وأخرجه أيضًا: ابن سعد (1/143) ، والطبرانى فى الأوسط (8/346، رقم 8829) . وللحديث شاهد أخرجه البخارى من حديث أنس (1/439، رقم 1241) .. (2) انظر: طبقات ابن سعد (7/322) ، وتاريخ ابن معين (2/9) ، والتاريخ الكبير (1/288) ، والجرح والتعديل (2/101) ، والثقات لابن حبان (6/7) ، وميزان الاعتدال (1/33 - 35) ، وتهذيب التهذيب (1/121 - 123) ، وتقريب التهذيب (1/34) .. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 103 مدنى، مولى بنى أسلم. واسم أبى يحيى: سمعان، ويقال له: إبراهيم بن محمد بن أبى عطاء. روى عن صفوان بن سليم، وصالح مولى التوأمة، ويحيى الأنصارى، ومحمد بن المنكدر، وغيرهم. روى عنه الشافعى، وداود ابن عبد الله، ويحيى بن آدم. واتفق العلماء على تضعيفه وجرحه، وأنه كان يرى القدر، ويتهمونه بالكذب. قال البخارى فى تاريخه: قال يحيى القطان: تركه ابن المبارك والناس. قال: وكنا نتهمه بالكذب. وحكى ابن أبى حاتم جرحه وتوهينه عن مالك، ووكيع، وابن المبارك، وابن عيينة، والقطان، وابن المدينى، وأحمد، وابن معين، وأبى حاتم، وأبى زرعة، وغيرهم. قال أحمد: لا تكتب حديثه، تركه الناس؛ لأنه يروى أحاديث منكرة لا أصل لها، ويأخذ أحاديث الناس يضعها فى كتبه. وقال وكيع: لا تكتبوا عنه حرفًا. وقال ابن معين: هو كذاب متروك الحديث. وقال بشر بن المفضل: سألت فقهاء المدينة عنه، فكلهم قالوا: هو كذاب. 36 - إبراهيم بن يزيد بن قيس بن الأسود بن عمرو بن ربيعة بن ذهل بن سعد بن مالك بن النخع النخعى الكوفى: فقيه أهل الكوفة، أبو عمران. تكرر فى المختصر، وذكره فى المهذب فى ميراث أهل الفرض، ثم فى الشهادات فى مسألة التوبة، وأمه مليكة بنت يزيد بن قيس أخت الأسود بن يزيد، وهو تابعى جليل، دخل على عائشة، رضى الله عنها، ولم يثبت له منها سماع، وسمع جماعات من كبار التابعين منهم علقمة، وخالاه الأسود، وعبد الرحمن ابنا يزيد، ومسروق، وأبو عبيدة بن عبد الله، وغيرهم. روى عنه جماعات من التابعين، منهم السبيعى، وحبيب بن أبى ثابت، وسماك بن حرب، والحكم، والأعمش، وابن عون، وحماد بن أبى سليمان شيخ أبى حنيفة. وأجمعوا على توثيقه وجلالته وبراعته فى الفقه. روينا عن الشعبى أنه قال حين توفى النخعى: ما ترك أحدًا أعلم منه أو أفقه، قيل: ولا الحسن وابن سيرين؟ قال: ولا الحسن وابن سيرين، ولا من أهل البصرة، ولا الكوفة، ولا الحجاز، ولا الشام. وروينا عن أحمد بن صالح العجلى، قال: لم يحدث النخعى عن أحد من أصحاب النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وقد أدرك منهم جماعة، ورأى عائشة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 104 وروينا عن الأعمش، قال: كان النخعى صيرفى الحديث. وقال أبو زرعة: النخعى علم من أعلام أهل الإسلام. وقال العجلى: كان النخعى صالحًا، فقيهًا، متوقيًا، قليل التكلف. توفى سنة ست وتسعين، وهو ابن تسع وأربعين سنة. وقال البخارى: ابن ثمان وخمسين سنة. 37 - إبراهيم بن يوسف: من أصحابنا، مذكور فى الروضة قبيل كتاب الرجعة بأسطر، هو أبو [ ...... ] (1) . 38 - إبراهيم بن ميسرة (2) : مذكور فى أول نكاح المهذب، هو طائفى سكن مكة، مولى لبعض أهل مكة، تابعى جليل، سمع أنسًا، وسمع جماعة من كبار التابعين، طاووسًا، وسعيد بن المسيب. روى عنه أبو أيوب السختيانى التابعى، وابن جريج، والثورى، وابن عيينة، وآخرون. واتفقوا على أنه ثقة مأمون. قال ابن عيينة: كان من أوثق الناس وأصدقهم. قال الحميدى: حدثنا سفيان، قال: أخبرنى إبراهيم بن ميسرة، من لم تر عيناك والله مثله. قال البخارى، عن على بن المدينى: لإبراهيم بن ميسرة نحو ستين حديثًا. وقال: توفى قريبًا من سنة ست وثلاثين ومائة، رحمه الله. 39 - إبراهيم البلدى: مذكور فى الوسيط فى باب الآنية، لا ذكر له فى هذه الكتب إلا فى هذا الموضع، وهى روايته عن المزنى، عن الشافعى، أنه رجع عن تنجس شعر الآدمى. وقد رأيت بعض من لا معرفة له بهذا الشأن ينكر على الغزالى، وينسبه إلى التفرد بهذه الحكاية عن البلدى، وهذا عجب، فإنها مشهورة حكاها جماعة قبل الغزالى، عن البلدى، عن المزنى، منهم صاحب الحاوى، وإمام الحرمين، وغيرهما، وهو البلدى، بفتح الباء واللام، منسوب إلى بلد (3) .   (1) ما بين المعقوفتين بياض بالأصل. (2) انظر: التاريخ الكبير (1/328) ، والجرح والتعديل (2/133) ، وتهذيب التهذيب (1/172) ، وتقريب التهذيب (1/44) .. (3) فى بعض النسخ التى بين أيدينا هكذا: إلى بلد، وترك بياض، ونبه عليه فى الحاشية، وفى بعض النسخ لم يوجد بياض ولم ينبه عليه، والصحيح الأول، وتتميمًا للفائدة أذكر ترجمته نقلاً عن العلامة تاج الدين بن السبكى فى طبقات الشافعية، قال: نقل الغزالى فى الوسيط أنه روى عن المزنى، عن الشافعى أنه رجع عن تنجيس شعر الآدمى، وقد سبق الغزالى إلى هذا النقل أبو عاصم العبادى، والقاضى الماوردى، وجماعات، والرجل معروف الاسم بين المتقدمين لا ينبغى إنكاره، غير أن ترجمته عزيزة لم أجدها إلى الآن كما فى النفس. وقد ذكره العبادى فى الطبقة الثانية فى المقلين المنفردين بروايات، وسيأتى ما يؤيد روايته، فإنا إن شاء الله سنذكر فى الطبقة الثالثة فى= =ترجمة محمد بن عبد الله بن أبى جعفر قوله: سمعت ابن أبى هريرة يقول: سمعت ابن سريج يقول: سمعت أبا القاسم الأنماطى يقول: إن أبا إبراهيم المزنى قال: سمعت الشافعى يقول قبل وفاته بشهر: إن الشعر لا يموت بموت ذات الروح، فقد تابع الأنماطى، وهذه متابعة جيدة لم أجد فى الباب مثلها. ا. هـ. إدارة الطباعة المنيرية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 105 40 - إبراهيم المروذى: من أصحابنا المصنفين، تكرر ذكره فى الروضة، هو بفتح الميم، وضم الراء المشددة، وواو ساكنة، ثم ذال معجمة، منسوب إلى مرو الروذ مدينة بخراسان، وهو الإمام [ ...... ] (1) . * * * باب إبليس 41 - إبليس عدو الله: مذكور فى المهذب فى باب الإقرار. قال الجوهرى وغيره: كنيته أبو مرة، واختلف العلماء فى أنه من الملائكة من طائفة يقال لهم: الجن، أم ليس من الملائكة؟ وفى أنه اسم عربى أم عجمى؟ والصحيح أنه من الملائكة، وأنه عجمى. قال الإمام أبو الحسن الواحدى: قال أكثر أهل اللغة والتفسير: سمى إبليس؛ لأنه أبلس من رحمة الله تعالى، أى أيس، والمبلس المكتئب الحزين الآيس. قال: وعلى هذا هو عربى مشتق. وقال ابن الأنبارى: لا يجوز أن يكون مشتقًا من أبلس؛ لأنه لو كان مشتقًا لصرف، كما أن إسحاق إذا كان عربيًا مأخوذًا من أسحقه الله إسحاقًا انصرف، فلو كان إبليس مشتقًا لصرف كأكليل وبابه، فلما لم يصرف دل على أنه عجمى معرفة، والعجمى ليس مشتقًا. وقال ابن جرير: إنما لم يصرف، وإن كان عربيًا؛ لقلة نظيره فى كلام العرب، فشبهوه بالأعجمى، وهذا الذى قاله ابن جرير يبطل بباب إفعيل، فإنه مصروف كله إلا إبليس. قال الواحدى: والاختيار أنه ليس بمشتق؛ لإجماع النحويين على أنه منع الصرف للعجمة والمعرفة.   (1) ما بين المعقوفتين بياض بالأصل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 106 قال: واختلفوا فى أنه من الملائكة، فروى عن طاووس، ومجاهد، عن ابن عباس أنه كان من الملائكة، وكان اسمه عزازيل، فلما عصى الله تعالى لعنه الله وجعله شيطانًا مريدًا، وسماه إبليس، وبهذا قال ابن مسعود، وابن المسيب، وقتادة، وابن جريج، وابن جرير، واختاره الزجاج، وابن الأنبارى، قالوا: وهى مستثنى من جنس المستثنى منه. قالوا: وقول الله تعالى: {كَانَ مِنَ الْجِنِّ} [الكهف: 50] ، أى طائفة من الملائكة يقال لهم: الجن. وقال الحسن، وعبد الرحمن بن زيد، وشهر بن حوشب: ما كان من الملائكة قط، واستثناء منقطع، والمعنى عندهم أن الملائكة وإبليس أمروا بالسجود، فأطاعت الملائكة كلهم وعصى إبليس، والصحيح أنه من الملائكة؛ لأنه لم ينقل أن غير الملائكة أمر بالسجود، والأصل فى الاستثناء أن يكون من جنس المستثنى منه، والله أعلم. وأما إنظاره إلى يوم الدين فزيادة فى عقوبته، وتكثير معاصيه وغوايته، نسأل الله الكريم اللطف وخاتمة الخير. * * * باب أبي ض 42 - أبيض بن حمال الصحابى، رضى الله عنه: مذكور فى المختصر، والمهذب، والوسيط فى إحياء الموات، وحَمَّال بفتح الحاء المهملة، وتشديد الميم، وهو أبو سعيد أبيض بن حمال بن مرثد بن ذى لحيان، بضم اللام، الشيبانى المأربى، بعد الميم همزة ساكنة يجوز تخفيفها بقلبها ألفًا، ثم راء مكسورة وباء موحدة، من أهل مأرب بلدة معروفة باليمن، وسنوضحها فى الميم من اللغات إن شاء الله تعالى. قال ابن سعد: وفد أبيض على النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى المدينة، قال: ويقال: بل لقيه بمكة فى حجة الوداع، حديثه عند أولاده، ذكر له فى المهذب حديثين أحدهما: "إقطاع ملح مأرب"، رواه أبو داود، والترمذى، وابن ماجة، والآخر حديث: "لا حمى فى الأراك" (1) ، رواه أبو داود. وفى الصحابة جماعة يسمون أبيض غيره. * * * باب أُبيّ 43 - أُبىّ بن عمارة الصحابى الأنصارى، رضى الله عنه: راوى حديث ترك   (1) أخرجه الدارمى (2/348، رقم 2611) ، وأبو داود (3/175، رقم 3066) ، والدارقطني (4/245) ، والطبرانى (1/278، رقم 808) . وأخرجه أيضًا: الضياء (4/56، رقم) وقال: إسناده حسن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 107 التوقيق فى مسح الخف، مذكور فى المهذب فى مسح الخف، وهو مكسور العين، ويقال: بضمها، والكسر أشهر، وبه جزم أبو نصر بن ماكولا وآخرون من أئمة هذا الشأن، وحكى جماعة فيه الكسر والضم جميعًا، منهم الحافظ أبو عمر بن عبد البر، وأبو بكر البيهقى، وأبو محمد بن الغنى المقدسى، وآخرون، وكل من حكى من الوجهين قال: الكسر أشهر وأكثر، إلا ابن عبد البر، فقال: الأكثرون على الضم، واتفقوا على أنه ليس فى الأسماء عمارة بالكسر غيره. قال ابن أبى حاتم: ويقال: أُبىّ بن عبادة، يعنى بالباء والدال، عداده فى المدنيين، وسكن مصر. قالوا: وله حديث واحد، وهو أنه صلى مع النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فى بيته إلى القبلتين، فسأله عن المسح على الخف، فقال: "امسح ما شئت ... " الحديث. واتفق الحفاظ على أنه حديث ضعيف مضطرب، وأنكر بعض العلماء كون أُبىّ بن عمارة صحابيًا. قال ابن عبد البر: اضطرب حديثه، ولم يذكره البخارى فى تاريخه الكبير؛ لأنهم يقولون: أنه أخطأ، وإنما هو أبو أُبىّ ابن أم حزام، واسمه عبد الله، هذا كلام ابن عبد البر. وقال ابن أبى حاتم: من قال: أُبىّ بن عمارة أخطأ، إنما هو أبو أُبىّ، واسمه عبد الله بن عمرو ابن أم حزام، كذا رواه إبراهيم بن عبلة، وذكر أنه رآه وسمع منه. وسمعت والدى يقول ذلك، أدخله أبو زرعة فى مسند البصريين، والله أعلم. 44 - أُبىّ بن كعب السيد القارى، رضى الله عنه (1) : تكرر فى المختصر، وفى المهذب، هو أُبىّ بن كعب بن قيس بن عبيد بن يزيد بن معاوية بن عمرو بن مالك بن النجار، واسم النجار تيم اللات، وقيل: تيم الله بن ثعلبة ابن عمرو بن الخزرج الأكبرى الأنصارى الخزرجى النجارى، بالنون، المعادى المدنى، وقيل: أُبىّ بن كعب بن المنذر بن قيس، له كنيتان، إحداهما: أبو المنذر، كناه بها رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، والثانية: أبو الطفيل، كناه بها عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، أى بابنه الطفيل. وأم أبى صهيلة، بضم الصاد المهملة، بنت الأسود بن حرام، بالراء، ابن عمرو بن زيد مناة بن عدى   (1) انظر: الإصابة (1/26) ، والاستيعاب (1/126) ، وأسد الغابة (1/49) ، وطبقات ابن سعد (3/498) ، والتاريخ الكبير (2/39) ، وحلية الأولياء (1/250) ، ونهاية الأرب (19/363) ، وسير أعلام النبلاء (1/389) (82) ، والوافى بالوفيات (6/190) .. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 108 بن عمرو بن مالك بن النجار، وهى عمة أبى طلحة زيد بن سهل بن الأسود بن حرام، والأوس والخزرج هو جماع الأنصار، وهما ابنا حارثة، بالحاء والمثلثة، ابن ثعلبة بن عمرو بن عامر بن حارثة بن امرىء القيس بن مازن بن الأسد، ويقال: الأزد بن الغوث، بفتح الغين المعجمة وبالمثلثة، ابن نبت، بفتح النون وإسكان الموحدة، وأما النجار، فقيل: سمى بذلك؛ لأنه اختتن بالقدوم، وقيل: ضرب وجه رجل بالقدوم فنجره، أى نحته. شهد أُبىّ، رضى الله عنه، العقبة الثانية فى السبعين من الأنصار، رضى الله عنهم، وشهد بدرًا وغيرها من المشاهد مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، رُوى له عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مائة حديث وأربعة وستون حديثًا، اتفق البخارى ومسلم منها على ثلاثة، وانفرد البخارى بثلاثة، ومسلم بسبعة. روى عنه جماعة من الصحابة منهم أبو ايوب، وابن عباس، وأبو موسى الأشعرى، وآخرون، ومن التابعين ابنه الطفيل، وسويد بن غفلة، وزر بن حبيش، وعبد الرحمن بن الأسود، وعبد الرحمن بن أبى ليلى، وآخرون. ثبت فى صحيحى البخارى ومسلم عن ابن عباس، أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قرأ على أُبىّ ابن كعب سورة: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ} [البينة: 1] ، وقال: "أمرنى الله عز وجل أن أقرأ عليك"، وهى منقبة عظيمة لأُبىّ لم يشاركه فيها أحد من الناس. وفى كتاب الترمذى وغيره أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "أقرأ أمتى أُبىّ بن كعب" (1) . وفى الصحيح عن عبد الله بن عمرو بن العاص، قال: سمعت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: "خذوا القرآن من أربعة: عبد الله بن مسعود، وسالم مولى أبى حذيفة، ومعاذ بن جبل، وأُبىّ بن كعب، رضى الله عنهم" (2) . وكان عمر، رضى الله عنه، يقول: أُبىّ سيد المسلمين. وقال مسروق: كان أصحاب القضاء من أصحاب رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ستة: عمر، وعلى، وعبد الله، وأُبىّ، وزيد، وأبو موسى. قال محمد بن سعد، عن الواقدى: أول من كتب لرسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حين قدم المدينة أُبىّ بن كعب، وهو أول من كتب فى آخر الكتاب: فلان بن فلان. توفى أُبىّ، رضى الله عنه، بالمدينة ودفن بها، قيل: سنة ثلاثين فى خلافة عثمان. قال أبو نعيم الأصبهانى: وهذا هو الصحيح. وقيل: سنة تسع عشرة، وقيل: سنة عشرين، وقيل: سنة اثنتين وعشرين، وقيل: ثنتين وثلاثين.   (1) أخرجه الطيالسى (ص 281، رقم 2096) ، وأحمد (3/281، رقم 14022) ، والترمذى (5/665، رقم 3791) وقال: حسن صحيح. والنسائى فى الكبرى (5/67، رقم 8242) ، وابن ماجه (1/55، رقم 154) ، وابن حبان (16/85، رقم 7137) ، والحاكم (3/477، رقم 5784) ، وقال: صحيح على شرط الشيخين. وأبو نعيم فى الحلية (3/122) ، والبيهقى (6/210، رقم 11966) ، والضياء (6/225، رقم 2240) . (2) أخرجه الطيالسى (ص 281، رقم 2096) ، وأحمد (3/281، رقم 14022) ، والترمذى (5/665، رقم 3791) وقال: حسن صحيح. والنسائى فى الكبرى (5/67، رقم 8242) ، وابن ماجه (1/55، رقم 154) ، وابن حبان (16/85، رقم 7137) ، والحاكم (3/477، = =رقم 5784) ، وقال: صحيح على شرط الشيخين. وأبو نعيم فى الحلية (3/122) ، والبيهقى (6/210، رقم 11966) ، والضياء (6/225، رقم 2240) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 109 قال ابن عبد البر: والأكثر أنه مات فى خلافة عمر، وكان أبيض الرأس واللحية، لا يغير شيبه، قصيرًا، نحيفًا، رضى الله عنه وأرضاه، وجعل الجنة مثواه. * * * باب أحمد 45 - أحمد بن حنبل الإمام، رضى الله عنه (1) : تكرر فى المهذب، والوسيط، والروضة، هو الإمام البارع، المجمع على جلالته، وإمامته، وورعه، وزهادته، وحفظه، ووفور علمه، وسيادته، أبو عبد الله أحمد بن محمد ابن حنبل بن هلال بن أسد بن إدريس بن عبد الله بن حيان، بالمثناة، ابن عبد الله بن أنس بن عوف بن قاسط بن مازن بن شيبان بن ذهل بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن على بن بكر بن وائل بن قاسطا بن هنب، بكسر الهاء وإسكان النون وبعدها موحدة، ابن أفصى، بالفاء والصاد المهملة، ابن دعمى بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان الشيبانى المروزى ثم البغدادى، أبو عبد الله. خرج من مرو حملاً، وولد ببغداد ونشأ بها، إلى أن توفى بها، ودخل مكة، والمدينة، والشام، واليمن، والكوفة، والبصرة، والجزيرة. سمع سفيان بن عيينة، وإبراهيم بن سعد، ويحيى القطان، وهشيمًا، ووكيعًا، وابن علية، وابن مهدى، وعبد الرزاق، وخلائق. روى عنه شيخه عبد الرزاق، ويحيى بن آدم، وأبو الوليد، وابن مهدى، ويزيد ابن هارون، وعلى بن المدينى، والبخارى، ومسلم، وأبو داود، والذهلى، وأبو زرعة الرازى، والدمشقى، وإبراهيم الحربى، وأبو بكر أحمد بن محمد بن هانىء الطائى الأثرم، والبغوى، وابن أبى الدنيا، ومحمد بن إسحاق الصاغانى، وأبو حاتم الرازى، وأحمد بن أبى الحوارى، وموسى بن هارون، وحنبل بن إسحاق، وعثمان بن سعيد الدارمى، وحجاج بن الشاعر، وعبد الملك بن عبد الحميد الميمونى، وبقى بن مخلد الأندلسى، ويعقوب بن شيبة، وخلائق. روينا من طرق عن إبراهيم الحربى، قال: رأيت ثلاثة لم نر مثلهما أبدًا: أبا عبيد القاسم ما مثلته إلا بجبل نفخ فيه الروح، وبشر بن الحارث ما شبهته إلا برجل عجن من   (1) انظر: طبقات ابن سعد (7/354) ، وتاريخ ابن معين (2/19، 20) ، والتاريخ الكبير (2/5) ، والجرح والتعديل (2/68) ، والثقات لابن حبان (8/18، 19) ، وتاريخ بغداد (4/412 - 425) ، وتاريخ دمشق (7/218 - 296) ، ووفيات الأعيان (1/63 - 65) ، وتهذيب الكمال (1/437 - 470) ، وسير أعلام النبلاء (11/177 - 358) برقم (78) ، ووالوافى بالوفيات (6/363 - 369) ، والمنختصر فى أخبار البشر (2/39) ، ومرآة الجنان (2/132 - 134) ، والنجوم الزاهرة (2/304 - 306) ، وتهذيب التهذيب (1/72 - 76) ، وتقريب التهذيب (1/24) . . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 110 قرنه إلى قدمه عقلاً، وأحمد بن حنبل كأن الله عز وجل جمع له علم الأولين من كل صنف. وروينا عن أبى مسهر، قال: ما أعلم أحدًا يحفظ على هذه الأمة أمر دينها إلا شابًا بالمشرق، يعنى أحمد بن حنبل. وروينا عن على بن المدينى، قال: قال لى سيدى أحمد بن حنبل: لا تحدث إلا من كتاب. وروينا عن إبراهيم بن خالد، قال: كنا نجالس أحمد، فيذكر الحديث ونحفظه ونتقنه، فإذا أردنا أن نكتبه قال: الكتاب أحفظ شىء، فيثب ويجىء بالكتاب. وروينا عن الهيثم بن جميل، قال: وددت أنه نقص من عمرى وزيد فى عمر أحمد بن حنبل. وروينا عن أبى زرعة، قال: ما رأيت من المشايخ أحفظ من أحمد بن حنبل، حزرت كتبه اثنى عشر حملاً وعدلاً، كل ذلك كان يحفظه عن ظهر قلبه. وذكر ابن أبى حاتم فى كتابه الجرح والتعديل أبوابًا فى مناقب أحمد بن حنبل، رحمه الله، فيها جُمل من نفائس أحواله، منها: عن عبد الرحمن بن مهدى، قال: أحمد أعلم الناس بحديث سفيان الثورى. وعن أبى عبيد، قال: انتهى العلم إلى أربعة: أحمد بن حنبل، وهو أفقههم فيه، وعلى بن المدينى، وهو أعلمهم به، ويحيى بن معين، وهو أكتبهم له، وأبى بكر بن أبى شيبة، وهو أحفظه له. وسُئل أبو حاتم عن أحمد بن حنبل وعلى بن المدينى، فقال: كانا فى الحفظ متقاربين، وكان أحمد أفقه. وقال أبو زرعة: ما رأيت أحدًا أجمع من أحمد بن حنبل، وما رأيت أحدًا أكمل منه، اجتمع فيه زهد، وفقه، وفضل، وأشياء كثيرة. وقال قتيبة: أحمد إمام الدنيا. وعن الهيثم بن جميل، قال: إن عاش هذا الفتى، يعنى أحمد، فسيكون حجة على أهل زمانه. وقال ابن المدينى: ليس فى أصحابنا أحفظ من أحمد بن حنبل. وقال عمر بن أحمد الناقد: إذا وافقنى أحمد على حديث لا أبالى من خالفنى. وقال الشافعى: ما رأيت أعقل من أحمد بن حنبل، وسليمان بن داود الهاشمى. وقال أبو حاتم: كان أحمد بن حنبل بارع الفهم بمعرفة صحيح الحديث وسقيمه. وقال صالح بن أحمد بن حنبل: قال أبى: حججت خمس حجج، ثلاثًا منهن راجلاً، أنفقت فى إحداهن ثلاثين درهمًا. قال: وما رأيت أبى قط اشترى رمانًا، ولا سفرجلاً، ولا شيئًا من الفاكهة، إلا أن يشترى بطيخة فيأكلها بخبز أو عنب أو تمر. قال: وكثيرًا ما كان يأتدم بالخل. قال: وأمسك أبى عن مكاتبة إسحاق بن راهوية لما أدخل كتابه إلى عبد الله بن طاهر وقرأه. قال: وقال أبى: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 111 إذا لم يكن عندى قطعة أفرخ. قال: وربما اشترينا الشىء فنستره عنه لئلا يوبخنا عليه. وقال الميمونى: ما رأيت مصليًا قط أحسن صلاة من أحمد بن حنبل، ولا أشد اتباعًا للسنن منه. وعن الحسن بن الحسين الرازى، قال: حضرت بمصر عند بقال، فسألنى عن أحمد بن حنبل، فقلت: كتبت عنه، فلم يأخذ ثمن المتاع منى، وقال: لا آخذ ثمنًا ممن يعرف أحمد بن حنبل. وقال أبو حاتم: إذا رأيت الرجل يحب أحمد بن حنبل فاعلم أنه صاحب سُنَّة. وقال إبراهيم بن الحارث من ولد عبادة بن الصامت: قيل لبشر الحافى حين ضرب أحمد بن حنبل فى المحنة: لو قمت وتكلمت كما تكلم؟ فقال: لا أقوى عليه، وإن أحمد قام مقام الأنبياء. وقال ابن أبى حاتم: سمعت أبا زرعة يقول: بلغنى أن المتوكل أمر أن يمسح الموضع الذى قام الناس فيه للصلاة على أحمد بن حنبل، فبلغ مقام ألفى ألف وخمسائة ألف. قال: وقال الوركانى: أسلم يوم وفاة أحمد بن حنبل عشرون ألفًا من اليهود والنصارى والمجوس. ووقع المأتم فى أربعة أصناف: المسلمين، واليهود، والنصارى، والمجوس. وأحوال أحمد بن حنبل، رحمه الله، ومناقبه أكثر من أن تحصر، وقد صنف فيها جماعة، ومقصودى فى هذا الكتاب الإشارة إلى أطراف المقاصد. ولد، رحمه الله، فى شهر ربيع الأول سنة أربع وستين ومائة، وتوفى ضحوة يوم الجمعة الثانى عشر من شهر ربيع الأول سنة إحدى وأربعين ومائتين، ودفن ببغداد، وقبره مشهور معروف يتبرك به، رحمه الله. وروينا فى تاريخ دمشق جُملاً متكاثرات مما رؤى له قبل وفاته وبعدها من المنامات الصالحات، رحمه الله. 46 - أحمد بن محمد بن [ ...... ] (1) : أبو الحسن الصابونى، من   (1) ما بين المعقوفتين بياض فى أصل بعض النسخ، وفى بعضها الاسم موصول بما بعده. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 112 أصحابنا أصحاب الوجوه، مذكور فى الروضة فى أوائل الباب السادس من كتاب النكاح، ومن غرائب الصابونى ما حكيته عنه فى الروضة أن أم الزوجة لا تحرم إلا بالدخول بالزوجة كعكسه، وهذا شاذ مردود، والصواب المشهور تحريمها بنفس العقد. 47 - أحمد بن منصور بن راشد الحنظلى الرازى (1) : مذكور فى المختصر فى باب السلف والرهن. روى عن النضر بن شميل، وعبد الملك بن إبراهيم الجدى. روى عنه موسى بن إسحاق، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وقال: هو صدوق. 48 - أحمد بن سيار بن أيوب: أبو الحسن الفقيه السيارى، من أصحابنا أصحاب الوجوه، أوجب الأذان للجمعة دون غيرها، كما قاله ابن خيران والأصطخرى. ذكر الخطيب أنه كان إمام أهل الحديث فى بلده علمًا، وأدبًا، وزهدًا، وورعًا، وكان يقاس بعبد الله بن المبارك المروزى. سمع عبدان بن عثمان، وعفان بن مسلم، وسليمان بن حرب، وإسحاق بن راهوية، وغيرهم من شيوخ البخارى ومسلم. روى عنه البخارى وعامة الخراسانيين. وورد بغداد وحدث بها، فروى عنه من أهلها ابن ناجية، وابن صاعد. وقال الدارقطنى: رحل ابن سيار إلى الشام ومصر، وصَنَّف، وله كتاب فى أخبار مرو. قال: وهو ثقة فى الحديث. وذكر الحاكم أبو عبد الله أنه سمع أبا العباس القاسم بن القاسم السيارى ابن بنت أحمد بن سيار يذكر أن جده أحمد توفى سنة ثمان وستين ومائتين. ومن غرائبه أنه أوجب رفع اليدين فى تكبيرة الإحرام، حكاه القفال فى فتاويه عنه، ولا نعلم أحدًا من العلماء وافقه عليه إلا داود الظاهرى. * * * باب أسامة، وإسحاق، وأسلع، وأسلم 49 - أسامة بن زيد الصحابى (2) : تكرر فى المختصر، والمهذب. هو مولى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وابن مولاه، وابن مولاته، وحبه، وابن حبه، أبو محمد، وقيل: أبو زيد، وقيل: أبو يزيد، وقيل: أبو خارجة، أسامة ابن زيد بن حارثة بن شراحيل بن كعب بن عبد العزى بن زيد، وقيل: يزيد بن امرىء القيس بن عامر بن النعمان بن عامر بن عبدود بن   (1) انظر: الجرح والتعديل (2/78) ، والثقات لابن حبان (8/34) ، وتهذيب الكمال (1/491، 492) ، وتهذيب التهذيب (1/82، 83) ، وتقريب التهذيب (1/26) .. (2) انظر: الإصابة (1/31) ، والاستيعاب (1/57 - 59) ، والبداية والنهاية (8/67) ، وأسد الغابة (1/64 - 66) ، والتاريخ الكبير (2/20) ، وسير أعلام النبلاء (2/496 - 507) برقم (104) ، والطبقات الكبرى (4/61) ، والوافى بالوفيات (8/373) ، وتهذيب الكمال (2/338 - 347) برقم (316) .. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 113 امرىء القيس بن النعمان بن عمران ابن عهد عوف بن كنانة بن عذرة بن زيد اللات بن رفيدة بن وبرة بن كلب بن وبرة بن الحارث بن قضاعة الكلبى الهاشمى. وأمه أم أيمن بركة، رضى الله عنها، وسيأتى بيانها فى ترجمتها إن شاء الله تعالى. روى لأسامة عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مائة وثمانية وعشرون حديثًا، اتفق البخارى ومسلم منها على خمسة، وانفرد البخارى بحديثين، ومسلم بحديثين. روى عنه ابن عباس، ثم جماعات من كبار التابعين. روينا فى صحيحى البخارى ومسلم، عن ابن عمر، رضى الله عنهما، قال: بعث رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعثًا وأمّر عليهم أسامة بن زيد، فطعن بعض الناس فى إمارته، فقال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إن تطعنوا فى إمارته فقد طعنتم فى إمارة أبيه من قبل، وأيم الله إن كان لخليقًا للإمارة، وإن كان لمن أحب الناس إلىَّ، وإن هذا لمن أحب الناس إلىَّ". وزاد فى رواية لمسلم: "وأوصيكم به، فإنه من صالحيكم". وفى صحيح البخارى، عن أسامة، أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يأخذه والحسن بن على فيقول: "اللهم أحبهما فإنى أحبهما"، أو كما قال. وفى رواية له أيضًا، قال: كان - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقعدنى على فخذه، ويقعد الحسن على فخذه الأخرى، ثم يضمهما، ثم يقول: "اللهم إنى أرحمهما فارحمهما". وفى البخارى ومسلم، عن عائشة، رضى الله عنها، أن قريشًا أهمهم شأن المرأة المخزومية، فقالوا: من يجترىء عليه إلا أسامة بن زيد حِب رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وفى البخارى، عن عمرو بن دينار، قال: نظر ابن عمر يومًا إلى رجل يسحب ثيابه فى المسجد، فقال: انظروا من هذا ليت هذا عبدى، قال له إنسان: أما تعرف هذا يا أبا عبد الرحمن؟! هذا محمد بن أسامة بن زيد، فطأطأ ابن عمر رأسه فى الأرض، ثم قال: لو رآه رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأحبه. وفى كتاب الترمذى، عن عائشة، قالت: أراد النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن ينحى مخاط أسامة، فقلت: دعنى أفعل، فقال: "يا عائشة، أحبيه فإنى أحبه" (1) ، قال الترمذى: حديث حسن. وروينا فى الترمذى أيضًا، عن أسلم مولى عمر، أن عمر، رضى الله عنه، فرض لأسامة ثلاث آلاف وخمسمائة، وفرض لابن عمر ثلاثة آلاف، فقال: لم فضلت أسامة علىَّ؟ قال: لأن زيدًا كان أحب إلى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من أبيك، وكان أسامة أحب إلى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - منك، فآثرت حِب رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على حبى. قال   (1) أخرجه ابن حبان في صحيحه (15/535/7058) . والترمذي في سننه (5/678/3818) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 114 الترمذى: حديث حسن. ومناقب أسامة، رضى الله عنه، كثيرة مشهورة. وولاه رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إمارة الجيش وفيهم عمر، رضى الله عنه، وعقد له اللواء. وتوفى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وله عشرون سنة، وقيل: تسعة عشر، وقيل: ثمانية عشرة. وثبت فى الصحيحين عن عائشة، رضى الله عنها، قالت: دخل على قائف والنبى شاهد وأسامة بن زيد وزيد مضطجعان، فقال: إن هذه الأقدام بعضها من بعض، فسر بذلك النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأعجبه. قال العلماء: سبب سروره - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن أسامة كان لونه أسود، وكان طويلاً، خرج إلى أمه، وكان أبو زيد قصيرًا أبيض، وقيل: بين البياض والسواد، وكان بعض المنافقين قصد المغايظة والإيذاء، فدفع الله ذلك وله الحمد. توفى أسامة، رضى الله عنه، بالمدينة، وقيل: بوادى القرى، وحمل إلى المدينة سنة أربع وخمسين، وقيل: سنة تسع أو ثمان وخمسين، وقيل: سنة أربعين بعد علىّ بقليل. قال ابن عبد البر وغيره: الصحيح سنة أربع وخمسين. وفى تاريخ دمشق فى ترجمة فاطمة بنت أسامة أنها كانت تسكن المزة القرية المعروفة بقرب دمشق، وأن أسامة توفى بقرية له بوادى القرى، وخلف بنتًا له فى المزة يقال لها: فاطمة، فلم تزل مقيمة بها إلى أن ولى عمر بن عبد العزيز، فدخلت عليه فقام لها وأقعدها مكانه، وقال: حوائجك يا فاطمة، قالت: تحملنى إلى أخى، فجهزها وحملها. وبإسناده عن الأوزاعى قال: دخلت فاطمة بنت أسامة على عمر بن عبد العزيز ومعها مولاة لها تمسك بيدها، فقام لها عمر ومشى إليها حتى جعل يده فى يدها أو يداه فى ثيابها، ومشى حتى أجلسها فى مجلسه، وجلس بين يديها، وما ترك لها حاجة إلا قضاها، رضى الله عنهم. 50 - إسحاق بن إبراهيم خليل الرحمن: النبى ابن النبى وأبو النبيين، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين. مذكور فى المهذب فى أول باب ما يحرم من النكاح، هو أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم الخليل، أبو أنبياء بنى إسرائيل. والآيات فى فضله كثيرة مشهورة، قال الله تعالى: {وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ} [الصافات: 112] . وقال تعالى: {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلاًّ جَعَلْنَا صَالِحِينَ وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 115 بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلاَةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ} [الأنبياء: 72، 73] . وقال تعالى: {قُولُوا آمَنَّا بِاللهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ} [البقرة: 136] الآية. وقال تعالى: {وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُوْلِى الأَيْدِى وَالأَبْصَارِ إِنَّا أَخْلَصْنَاهُم بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ وَإِنَّهُمْ عِندَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الأَخْيَارِ} [ص: 45 - 47] . واختلف العلماء فى الذبيح هل هو إسماعيل أم إسحاق؟ والأكثرون على أنه إسماعيل، وكان إسماعيل أكبر من إسحاق كما سبق فى ترجمة إبراهيم، وسبق هناك أن أم إسحاق سارة، وذكرنا طرفًا من أحوالها. قيل: إنه ولد بعد إسماعيل بأربع عشرة سنة. وثبت فى الصحيحين عن أبى هريرة أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قيل له: من أكرم الناس؟ قال: "أكرمهم أتقاهم"، قالوا: ليس عن هذا نسألك، قال: "فأكرم الناس يوسف نبى الله ابن نبى الله ابن نبى الله ابن خليل الله" (1) . وفى الصحيحين عن ابن عمر، رضى الله عنهما، عن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم" (2) صلى الله عليهم وعلى نبينا أجمعين. توفى بالأرض المقدسة، ومشهرو أن قبره عند قبر أبيه، قيل: عاش مائة وثمانين سنة عليه الصلاة السلام. 51 - إسحاق بن عبد الله بن أبى طلحة (3) : مذكور فى المختصر فى غسل الحيض، هو أبو يحيى إسحاق بن عبد الله بن أبى طلحة زيد بن سهل الأنصارى النجارى، بالنون، المدنى. كان يسكن دار جده بالمدينة، وهو تابعى، سمع عمه لأمه أنس بن مالك، وأباه الطفيل بن أُبىّ بن كعب، وأبا صالح، وآخرين من التابعين. روى عنه يحيى بن سعيد الأنصارى، ويحيى بن أبى كثير، وهما تابعيان، والأوزاعى، ومالك، وعبد العزيز الماجشون، وابن عيينة، وهمام، وحماد بن سلمة، وآخرون. واتفقوا على أنه ثقة، وأحاديثه مشهورة فى الصحيحين، وهو أشهر إخوته وأكثرهم حديثًا، وهم عبد الله، ويعقوب، وإسماعيل، وعمر بنو عبد الله. وكان مالك لا يقدم عليه فى الحديث أحدًا. توفى سنة ثنتين وثلاثين ومائة. وقيل: سنة أربع وثلاثين.   (1) أخرجه البخارى (3/1224، رقم 3175) ، ومسلم (4/1846، رقم 2378) . (2) حديث ابن عمر: أخرجه أحمد (2/96، رقم 5712) ، والبخارى (3/1237، رقم 3202) . وأخرجه أيضًا: الديلمى (3/310، رقم 4931) . حديث أبى هريرة: أخرجه أحمد (2/416، رقم 9369) . وأخرجه أيضًا: البخارى فى الأدب (1/212، رقم 605) ، والترمذى (5/293، رقم 3116) وقال: حسن. وأبو يعلى (10/338، رقم 5932) ، وابن حبان (13/92، رقم 5776) والطبرانى فى الأوسط (3/116، رقم 2657) ، والحاكم (2/377، رقم 3325) وقال: صحيح على شرط مسلم. (3) انظر: التاريخ الكبير (1/393) ، والجرح والتعديل (2/226) ، وتهذيب التهذيب (1/239) ، وتقريب التهذيب (1/59) .. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 116 52 - الأسلع الصحابى، رضى الله عنه: مذكور فى المهذب فى التيمم، بفتح الهمزة واللام، وسينه مهملة ساكنة، وهو الأسلع بن شريك بن عوف الأعرجى التميمى، خادم رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وصاحب راحلته، وحديثه مذكور فى المهذب فى صفة التيمم، رويناه فى سنن البيهقى بإسناد ضعيف، وفيه مخالفة لما فى المهذب فى اللفظ وبعض المعنى، وهذا الذى ذكرته من أنه الأسلع بن شريك هو الذى قاله الحفاظ المحققون، منهم أبو عبد الله بن مندة فى معرفة الصحابة، وآخرون. وروينا فى تاريخ دمشق عن مصنفه، قال فى خدام رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: منهم الأسلع بن شريك بن عوف الأعرجى. قال: ويقال: اسم الأسلع ميمون بن يسار، ثم روى عنه حديث التيمم. وقال الحافظ أبو بكر الحازمى: هو الأسلع بن الأسقع الأعرابى، له صحبة، ولا نعلم له غير هذا الحديث، هذا كلام الحازمى. وقد ذكر ابن عبد البر فى كتابه الاستيعاب الأسلع بن الأسقع الأعرابى، له صحبة. روى فى التيمم ضربة للوجه وضربة لليدين إلى المرفقين، قال: ولا أعلم له غير هذا الحديث، وفيه نظر، هذا كلامه. والصواب أن المذكور فى المهذب هو الأسلع بن شريك، فإن لفظ روايته وسياق حديثه يقتضيه، بل يتعين حمله عليه، والله أعلم. 53 - أسلم مولى عمر بن الخطاب، رضى الله عنه (1) : مذكور فى المهذب فى أول القراض وفى إحياء الموات، وفى مسألة كسر الترقوة من كتاب الديات، وفى الجزية. هو أبو خالد، ويقال: أبو زيد القريشى العدوى المدنى، مولى عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، من سبى اليمن، هكذا قاله البخارى فى التاريخ، وابن أبى حاتم، وآخرون. وحكى عن سعيد بن المسيب أنه قال: هو حبشى، قالوا: بعث أبو بكر الصديق عمر، رضى الله عنهما، سنة إحدى عشرة، فأقام للناس الحج، واشترى أسلم. سمع أبا بكر الصديق، وعمر، وعثمان، وأبا عبيدة، ومعاذ، أو ابن عمر، ومعاوية، وأبا هريرة، وحفصة، رضى الله عنهم. روى عنه ابنه زيد، والقاسم بن محمد، ونافع، وآخرون. واتفق الحفاظ على توثيقه. وروى له البخارى ومسلم، وحضر الجابية مع عمر. توفى بالمدينة سنة   (1) انظر: الإصابة (1/38) ، وطبقات ابن سعد (5/10) ، والجرح والتعديل (2/306) ، وأسد الغابة (1/77) ، والتاريخ الكبير (2/23، 24) ، وسير أعلام النبلاء (4/98 - 100) ، والبداية والنهاية (9/32) ، ومرآة الجنان (1/161) ، وتهذيب التهذيب (1/266) . . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 117 ثمانين، قاله أبو عبيد القاسم بن سلام. وقال البخارى: صلى عليه مروان بن الحكم، وهذا يخالف الأول؛ لأن مروان بن الحكم مات سنة خمس وستين، وكان معزولاً عن المدينة. قال البخارى فى التاريخ: توفى أسلم وهو ابن مائة وأربع عشرة سنة، والله أعلم. * * * باب إسماعيل قد سبق فى ترجمة آدم أن أسماء الأنبياء كلها أعجمية إلا أربعة، وفى إسماعيل لغتان هذه أشهرهما، وبها جاء القرآن، والثانية: اسمعين، وسبق فى ترجمة إبراهيم أن إسماعيل ونظائره يكتب بحذف الألف. 54 - إسماعيل، رسول رب العالمين، ابن إبراهيم خليل الرحمن صلى الله عليهما وسلم: تكرر ذكره فى المهذب فى كتاب النكاح. قال الله تعالى: {وَاذْكُرْ فِى الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولاً نَّبِيًّا وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِندَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا} [مريم: 54، 55] . وقال تعالى: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [البقرة: 127] الآيات. وقال تعالى: {قُولُوا آمَنَّا بِاللهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ} [البقرة: 136] الآية. وقال تعالى: {إِنَّ اللهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ} [آل عمران: 33] . وقال الله تعالى: {وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِّنَ الصَّابِرِينَ وَأَدْخَلْنَاهُمْ فِى رَحْمَتِنَا إِنَّهُم مِّنَ الصَّالِحِينَ} [الأنبياء: 85، 86] . وقال تعالى: {وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِّنْ الأَخْيَارِ} [ص: 48] . وروينا فى صحيح البخارى، عن ابن عباس، رضى الله عنهما، قال: كان النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يعوذ الحسن والحسين، رضى الله عنهما: "أعيذكما بكلمات الله التامات من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة"، ويقول: "إن أباكما كان يعوذ بها إسماعيل وإسحاق، صلى الله وسلم عليهم أجمعين". وفى البخارى أيضًا عن سلمة بن الأكوع، رضى الله عنه، قال: مر رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 118 على نفر من أسلم يتناضلون، فقال: "ارموا بنى إسماعيل، فإن أباكم كان راميًا" (1) . وفى صحيح مسلم، عن واثلة بن الأسقع، رضى الله عنه، قال: سمعت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: "إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشًا من كنانة، واصطفى من قريش بنى هاشم، واصطفانى من بنى هاشم" (2) . وفى صحيح البخارى، رضى الله عنه، الحديث الطويل فى قصة إسماعيل وأمه وزمزم، وأن إبراهيم، عليه السلام، ذهب بإسماعيل وأمه هاجر وهى ترضعه من الشام إلى مكة، فوضعهما تحت دوحة، وهى الشجرة الكبيرة، وليس معهما إلا شنة فيها ماء، وليس بمكة يومئذ أحد، ولا بها ماء، ووضع عندهما جرابًا فيه تمر، ثم رجع إبراهيم فنادته أم إسماعيل: يا إبراهيم، أين تذهب وتتركنا بهذا الوادى الذى ليس فيه أنيس ولا شىء؟ قالت له ذلك مرارًا ولا يلتفت إليها، فقالت له: آالله أمرك بهذا؟ قال: نعم، قالت: إذًا لا يضيعنا، ثم رجعت، فانطلق إبراهيم، حتى إذا كان عند الثنية حيث لا يرونه استقبل بوجهه البيت، ثم دعا بهؤلاء الدعوات، فرفع يديه فقال: {رَّبَّنَا إِنِّى أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِى بِوَادٍ غَيْرِ ذِى زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلاَةَ} [إبراهيم: 37] الآية. وجعلت أم إسماعيل ترضعه وتشرب من ذلك الماء، حتى إذا نفد عطشت وعطش، وجعلت تنظر إليه وهو يتلوى، فانطلقت كراهية أن تنظر إليه، فوجدت الصفا أقرب جبل فى الأرض يليها، فقامت عليه، وذكر تمام الحديث فى نداء جبريل لها، وبحثه زمزم، وإثارة الماء منها، وقول جبريل لها: لا تخافوا الضيعة، فإن هاهنا بيتًا لله تعالى يبنيه هذا الغلام وأبوه، وإن الله تعالى لا يضيع أهله، وإن جرهم جاءوا إليها وطلبوا أن تأذن لهم بالنزول عندها فأذنت، وأن إسماعيل شب وتعلم منهم العربية وأعجبهم حين شب، فلما أدرك زوجوه امرأة منهم، وماتت أم إسماعيل، فجاء إبراهيم بعدما تزوج إسماعيل يطالع تركته، وكان إسماعيل يصيد، فلم يجده ووجد امرأته، فشكت ضيق عيشهم، فأوصاها أن يأمره بطلاقها فطلقها. ثم جاءه مرة أخرى فلم يجده، فسأل امرأته الأخرى عن حالهم، فشكرت الله تعالى، وأتت بخبز، فأوصاها أن يأمره بإمساكها، ثم جاء مرة ثالثة   (1) حديث سلمة بن الأكوع: أخرجه أحمد (4/50، رقم 16576) ، والبخارى (3/1062، رقم 2743) ، وابن حبان (10/547، رقم 4693) . حديث أبى هريرة: أخرجه الحاكم (2/103، رقم 2465) . وأخرجه أيضًا: ابن حبان (10/548، رقم 4695) . (2) أخرجه مسلم (4/1782، رقم 2276) ، والترمذى (5/583، رقم 3606) ، وقال: حسن صحيح غريب. أخرجه أيضًا: أحمد (4/107، رقم 17027) ، وأبو يعلى (13/469، رقم 7485) ، والخطيب (13/64) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 119 وجد إسماعيل، فقام إليه وقال له: يا إسماعيل، إن الله قد أمرنى ببناء هذا البيت، وذكر تمام الحديث فى بناء الكعبة. وقد سبق بيان حال أمه هاجر، ومتى توفيت فى ترجمة إبراهيم، وقد سبق أن إسماعيل كان أكبر من إسحاق، وسبق فى ترجمة إسحاق الاختلاف فى الذبيح، وأن الأكثرين على أنه إسماعيل. 55 - إسماعيل بن إبراهيم، المعروف بابن علية: مذكور فى المختصر فى نكاح المشرك، والأضحية، وهو الإمام أبو بشر إسماعيل بن إبراهيم بن شهم بن مقسم الأسدى، أسد خزيمة، مولاهم البصرى، أصله كوفى، ويقال له: ابن علية، هى أمه، وكان يكره أن يُنسب إليها، ويجوز نسبته إليها للتعريف. سمع جماعات من التابعين، منهم يزيد بن حميد، ومحمد بن المنكدر، ويزيد الرشك، وعبد العزيز بن صهيب، وأيوب، والعلاء، وعبد الرحمن، وعبد الله بن عوف، وآخرون من التابعين، وجماعات من غيرهم، منهم ابن أبى نجيح، وابن جريج، ومالك، والثورى، وشعبة، وآخرون. روى عنه خلائق من الأعلام، منهم ابن جريج، وإبراهيم بن طهمان، وشعبة، وحماد بن زيد، وعبد الرحمن بن مهدى، وأحمد بن حنبل، وابن معين، وابن راهوية، وابن المدينى، وخلائق. واتفقوا على جلالته، وتوثيقه، وحفظه، وإمامته. قال شعبة: ابن علية ريحانة الفقهاء. وفى رواية: سيد المحدثين. وقال غندر: نشأت فى الحديث، وليس أحد يُقَدَّم فيه على ابن علية. وقال أحمد بن حنبل: إلى ابن علية المنتهى فى التثبت بالبصرة. وقال ابن معين: كان ثقة، مأمونًا، صدوقًا، مسلمًا، ورعًا، تقيًا. وقال محمد بن سعد: إسماعيل بن إبراهيم مولى عبد الرحمن بن قطبة الأسدى، أسد خزيمة، كان أبوه تاجرًا من أهل الكوفة، وكان يقدم البصرة بتجارته، فتزوج بها علية بنت حسان مولاة لبنى شيبان، وكانت امرأة نبيلة عاقلة. قال: وكان إسماعيل ثقة، ثبتًا فى الحديث، ولى صدقات البصرة، وولى بغداد فى آخر خلافة هارون، واستوطن بغداد وتوفى بها، ودفن فى مقابر عبد الله بن مالك، وصلى عليه ابنه إبراهيم. روينا عن عمر بن زرارة، قال: صحبت ابن علية أربعة عشرة سنة، فما رأيته ضحك فيها، وصحبته تسع سنين، فما رأيته الجزء: 1 ¦ الصفحة: 120 تبسم فيها. قال الخطيب: حدث عن ابن علية: ابن جريج، وموسى بن سهل الوشا، وبين وفاتيهما مائة وعشرون سنة، وقيل: تسعة وعشرون سنة، وحدث عنه ابن طهمان، وبين وفاته ووفاة الوشا مائة وعشر سنين، وقيل: مائة وخمس وعشرون. وحدث عنه شعبة، وبين وفاته ووفاة الوشا مائة وثمانى عشرة سنة، توفى الوشا أول ذى القعدة سنة ثمان وتسعين ومائتين. قال البخارى: قال ابن المثنى: توفى ابن علية سنة أربع وتسعين ومائة. وقال أحمد: سنة ثلاث وتسعين. قال: وولد سنة عشر ومائة. 56 - إسماعيل بن أبى خالد التابعى (1) : مذكور فى خراج السواد من المختصر. هو أبو عبد الله إسماعيل بن أبى خالد هرمز، وقيل: سعد، وقيل: كثير البجلى الأحمسى، مولاهم الكوفى التابعى. رأى سلمة ابن الأكوع، وأنس بن مالك، وسمع ابن أبى أوفى، وعمر بن حريث، وأبا جحيفة، وابا كاهل قيس بن عائذ، بالذال المعجمة، وكلهم صحابة. وسمع جماعات من كبار التابعين، منهم قيس بن أبى حازم، وابن أبى ليلى، والشعبى، والسبيعى، والزبير بن عدى، وخلائق. روى عنه مالك بن مغول، والثورى، وابن عيينة، وشعبة، وابن المبارك، وخلائق من الأئمة الأعلام. قال مروان بن معاوية: كان إسماعيل يسمى الميزان. وقال سفيان: حفاظ الإسلام ثلاثة: إسماعيل بن أبى خالد، وعبد الملك بن أبى سليمان، ويحيى الأنصارى، وهو أعلم الناس بالشعبى. قال ابن المدينى: له نحو ثلاثمائة حديث. قال الخطيب: حدث عنه الحاكم، ويحيى بن هشام، وبين وفاتيهما نحو مائة وعشر سنين. توفى إسماعيل سنة خمس وأربعين ومائة، واتفقوا على توثيقه وجلالته. روى له البخارى، ومسلم. 57 - إسماعيل بن أبى القاسم البوشنجى: من أصحابنا المتأخرين، تكرر كثيرًا فى الروضة فى الخلع والطلاق. قال أبو سعد السمعانى فى الأنساب: هو منسوب إلى بوشنج، بضم الباء الموحدة، وفتح الشين المعجمة بعدها نون ساكنة، ثم جيم. قال: وقد يعرب فيقال: فوشنج، بالفاء. قال: ويقال: بوشنك، وهى بلدة على سبعة فراسخ من هراة. وإسماعيل هذا هو أبو سعيد إسماعيل بن أبى القاسم عبد الواحد بن إسماعيل بن محمد. قال السمعانى:   (1) انظر: الجرح والتعديل (2/174) ، وتهذيب التهذيب (1/291) ، وطبقات ابن سعد (9/344) ، والبداية والنهاية (10/96) ، وتقريب التهذيب (1/68) ، والوافى بالوفيات (9/115) ، والتاريخ الكبير (1/351) ، والنجوم الزاهرة (2/4) ، وتاريخ ابن معين (2/32، والثقات لابن حبان (3/6) ، وتذكرة الحفاظ (1/153) ، وسير أعلام النبلاء (6/176) ، والوافى بالوفيات (9/115) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 121 كان فاضلاً، غزير العلم، حسن المعرفة بالمذهب، جميل السيرة، مرضى الطريقة، كثير العبادة، دائم الذكر، خشن العيش، قانعًا باليسير، راغبًا فى نشر العلم، لازمًا للسنة، غير ملتفت إلى الأمراء وأبناء الدنيا، سمع بنيسابور الحافظ أبا صالح المؤذن، وأحمد بن خلف الشيرازى، وغيرهما، وبأصبهان أبا الفضل حمد بن أحمد الحداد، وغيره، وببغداد حين وردها حاجًا أبا على بن تيهان، وغيره. سمع منه أبو سعد السمعانى، وحدث عنه الحافظ أبو القاسم بن عساكر فى معجمه، وسكن هراة حتى توفى بها، وكان مفتيها، وصنف فى المذهب. وذكره أبو الحسن عبد الغافر، فقال: هو شاب نشأ فى عبادة الله تعالى، مرضى السيرة، جار على منوال أبيه أبى القاسم البوشنجى الفقيه، وهو فقيه مدرس، مناظر، ورع، زاهد، دخل نيسابور، وحضر مجالس النظر، فارتضاه الأئمة والفقهاء. وقال الإمام أبو القاسم الرافعى: هو إمام غواص متأخر، لقيه من لقينا. ولد إسماعيل سنة إحدى وستين وأربعمائة، وتوفى بهراة سنة ست وثلاثين وخمسمائة، رحمه الله. 58 - الأسود بن يزيد التابعى (1) : مذكور فى المهذب فى أول الفوات والإحصار، وفى ميراث الأخوات. هو أبو عمرو، ويقال: أبو عبد الرحمن الأسود بن يزيد بن قيس بن عبد الله بن مالك بن علقمة ابن سلامان بن كهيل النخعى الكوفى التابعى الفقيه الإمام الصالح، أخو عبد الرحمن ابن يزيد، وابن أخى علقمة بن قيس، وكان أسن من علقمة، وهو خال إبراهيم بن يزيد النخعى الفقيه. رأى أبا بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، رضى الله عنهما. وروى عن على، وابن مسعود، ومعاذ، وأبى موسى، وعائشة. روى عنه ابنه عبد الرحمن بن الأسود، وأخوه عبد الرحمن بن يزيد، وإبراهيم النخعى، وآخرون. قال أحمد بن حنبل: هو ثقة، من أهل الخير. واتفقوا على توثيقه وجلالته. وروينا عن ميمون بن أبى حمزة، قال: سافر الأسود بن يزيد ثمانين حجة وعمرة، لم يجمع بينهما، وسافر ابنه عبد الرحمن ثمانين حجة وعمرة لم يجمع بينهما. وروينا أن ابنه عبد الرحمن كان يصلى كل يوم سبعمائة ركعة، وكانوا يقولون: إنه أقل أهل بيته اجتهادًا، وإنه صار عظمًا وجلدًا، رضى الله عنهم.   (1) انظر: الإصابة (1/106) ، والاستيعاب (1/94) ، وطبقات ابن سعد (6/70) ، والجرح والتعديل (2/291، 292) ، والثقات لابن حبان (4/31) ، وحلية الأولياء (2/102 - 105) ، وتهذيب التهذيب (1/342، 343) ، وأسد الغابة (1/88) ، والتاريخ الكبير (1/449) ، وسير أعلام النبلاء (4/50 - 53) برقم (13) ، والبداية والنهاية (1/106) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 122 59 - أسيفع جهينة: مذكور فى التفليس من المهذب، والوسيط، هو بضم الهمزة، وفتح السين، وإسكان الياء، وفتح الفاء. * * * باب أشيم، وأشعث، وأفلح، والأقرع، وأكيدر 60 - أشيم الضبابى: مذكور فى المهذب فى موضعين فى باب استيفاء القصاص، وفى كتاب القاضى إلى القاضى، لا ذكر له فى هذه الكتب فى غير هذين الموضعين، هو بفتح الهمزة، والياء المثناة تحت، وإسكان السين المعجمة بينهما، والضبابى بكسر الضاد المعجمة، وبباء موحدة مكررة، وحديث قصته أن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كتب إلى الضحاك بن سفيان أن ورث امرأة أشيم الضبابى من دية زوجها، رواه أبو داود، والترمذى، والنسائى، وغيرهم. قال الترمذى: حديث حسن صحيح. وروى الحافظ أبو موسى الأصبهانى بإسناده، عن أنس قال: كان قتل أشيم خطأ، وهو صحابى ذكره ابن عبد البر وغيره فى الصحابة، رضى الله عنهم. 61 - الأشعث بن قيس الصحابى (1) : مذكور فى المهذب فى كفالة البدن، وذكره فى الوسيط فى أول النكاح. هو أبو محمد الأشعث بن قيس بن معد يكرب، جد معاوية بن جبلة بن عدى بن ربيعة بن الحارث ابن معاوية بن الحارث الأصغر بن معاوية بن الحارث الأكبر بن معاوية بن ثور بن مرتع، بضم الميم، وفتح الراء، وكسر التاء المثناة فوق المشددة، ابن معاوية بن ثور بن عفير الكندى، وثور بن عفير هو كندة، وإنما قيل له: كندة؛ لأنه كند أباه النعمة، أى كفرها، ومنه قول الله سبحانه وتعالى: {إِنَّ الإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ} [العاديات: 6] . وفد الأشعث إلى النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سنة عشر من الهجرة فى وفد كندة، وكانوا ستين راكبًا، فأسلموا ورجع إلى اليمن، وكان الأشعث ممن ارتد بعد النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فبعث أبو بكر، رضى الله عنه، الجنود إلى اليمن فأسروه، فأحضروه بين يديه فأسلم، وقال: استبقنى لحربك وزوجنى أختك، فأطلقه أبو بكر وزوجه أخته، وهى أم محمد بن الأشعث. وشهد الأشعث اليرموك بالشام،   (1) انظر: الإصابة (1/51) ، والوافى بالوفيات (9/274) ، وسير أعلام النبلاء (2/37) ، وأسد الغابة (1/118) ، والاستيعاب (1/109) ، وطبقات ابن سعد (6/22) ، والتاريخ الكبير (1/434) ، والوافى بالوفيات (9/274) .. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 123 ثم القادسية بالعراق، والمدائن، وجلولاء، ونهاوند، وسكن الكوفة، وشهد صفين مع على، رضى الله عنه، وشهد الحكمين بدومة الجندل، وكان عثمان استعمله على أذربيجان، وكان الحسن بن على تزوج ابنته. رُوى له عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تسعة أحاديث، اتفق البخارى ومسلم على حديث منها، روى عنه قيس ابن أبى حازم، وأبو وائل، والشعبى، وآخرون. نزل الكوفة وتوفى بها بعد قتل على بن أبى طالب بأربعين ليلة، وقيل: بعده سنة ثنتين وأربعين. 62 - أفلح أخو أبى القعيس الصحابى: مذكور فى كتاب الرضاع، هو عم عائشة، رضى الله عنها، من الرضاع، وحديثه فى الصحيح مشهور، ويقال: أفلح بن أبى القعيس، ويقال: أفلح أبو القعيس، والصحيح أخو أبى القعيس. قال الخطيب فى كتابه الأسماء المبهمة: كنيته أبو الجعد. 63 - الأقرع بن حابس (1) : مذكور فى المختصر فى قسم الفىء، وفى خراج السواد، وفى المهذب فى قسم الصدقات، وفى الحج، وفى إحياء الموات فى باب الإقطاع، وفى الوسيط فى قسم الصدقات. هو الأقرع بن حابس بن عقال بن محمد بن سفيان بن مجاشع بن درام بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم التميمى. شهد مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فتح مكة، وحنينًا، وحصار الطائف، وشهد مع خالد بن الوليد فتح العراق والأنبار، وكان على مقدمى خالد. قال ابن دريد: اسم الأقرع فراس، ولقب الأقرع بقرع كان فى رأسه، وكان شريفًا فى الجاهلية والإسلام، واستعمله عبد الله بن عامر على جيش بعثه إلى خراسان، فأصيب بالجوزجان هو والجيش، رضى الله عنهم. 64 - أكيدر دومة: مذكور فى المهذب فى باب الجزية، وفى المختصر قبيل باب الجزية، هو بضم الهمزة وفتح الكاف. قال الخطيب البغدادى: هو أكيدر بن عبد الملك بن عبد الحق بن أعياء بن الحارث بن معاوية الكندى، هكذا ذكر نسبه الخطيب. وقال الشافعى، رضى الله عنه، فى المختصر: يقال: إنه من غسان أو كندة. قال الخطيب   (1) انظر: الإصابة (1/58) ، وأسد الغابة (1/107) ، والاستيعاب (1/96) ، والوافى بالوفيات (9/307) .. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 124 فى كتابه الأسماء المبهمة: كان نصرانيًا ثم أسلم، وقيل: بل مات نصرانيًا، هذا كلام الخطيب. وقال أبو عبد الله بن مندة، وأبو نعيم الأصبهانى فى كتابيهما فى معرفة الصحابة: إن أكيدر هذا أسلم، وأهدى إلى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حلة سيراء، فوهبها لعمر بن الخطاب، رضى الله عنه. قال ابن الأثير: أما الهدية والمصالحة فصحيحان. قال: وأما الإسلام فغلطا فيه، فإنه لم يسلم بلا خلاف بين أهل السير، ومن قال: إنه أسلم، فقد أخطأ خطأ فاحشًا. قال: وكان أكيدر نصرانيًا، فلما صالحه رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عاد إلى حصنه وبقى فيه، ثم إن خالدًا حاصره فى زمن أبى بكر الصديق، رضى الله عنه، فقتله مشركًا نصرانيًا، يعنى لنقضه العهد. قال: وذكر البلاذرى أن أكيدر لما قدم على رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أسلم، وعاد إلى دومة، فلما توفى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ارتد أكيدر ومنع ما قبله، فلما سار خالد من العراق إلى الشام قتله، وعلى هذا القول ينبغى أيضًا ألا يذكر مع الصحابة، فإن المرتد لا يذكر معهم، وبالله التوفيق. * * * باب إلياس، وامرؤ القيس، وأمية 65 - إلياس رسول رب العالمين: مذكور فى المهذب فى باب الوقف. قال الله تعالى: {وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنْ الْمُرْسَلِينَ} [الصافات: 123] . وقال تعالى: {وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِّنَ الصَّالِحِينَ} [الأنعام: 85] الآيات، وقرأ الجمهور: "وأن إلياس" بتحقيق الهمزة المكسورة، وعن ابن ذكوان وصلها. وفى صحيح البخارى فى كتاب الأنبياء، قال: ويذكر عن ابن مسعود وابن عباس أن إلياس هو إدريس. 66 - إلياس بن مضر: مذكور فى المهذب، والروضة فى الفىء، وهو جد قريش، سبق بيان نسبه فى نسب رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وهو بكسر الهمزة على الصحيح الأشهر. وقال القاضى عياض فى المشارق: ضبطه ابن الأنبارى بفتح الهمزة ولام التعريف. وقال ابن دريد: بكسرها من اليأس الذى هو ضد الرجاء. قال: وأما إلياس النبى، فبالكسر لا غير. 67 - امرؤ القيس: الشاعر المشهور. مذكور فى المختصر فى التعريض بالخطبة، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 125 أنشد له البيتين، وقد أنشدهما صاحب المهذب. هو الشاعر المشهور الجاهلى، هو امرؤ القيس بن حجر، بضم الحاء، ابن الحارث بن عمر بن حجر بن عمرو بن معاوية بن الحارث بن يغوث بن ثور بن مرتع، بضم الميم وفتح الراء وكسر المثناة فوق المشددة، ابن معاوية بن كندة. قال محمد بن سلام: كان امرؤ القيس بن حجر الكندى بعد مهلهل، ومهلهل خاله، وطرفة، وعبيد، بفتح العين، ابن الأبرص، وعمرو بن قمئة، بفتح القاف وكسر الميم وبعدها همزة، والمتملمس، كلهم فى عصر واحد. قال: وكان أول من قصد القصائد وذكر الوقائع المهلهل، واسمه عدى، وإنما قيل له: المهلهل، لهلهلة شعره، وهو اضطرابه واختلافه، وكان عمرو بن قمئة معلم امرىء القيس، ضمه أبوه إليه ليحسن أدبه، وخرج معه إلى بلاد الروم. 68 - أمية بن أبى الصلت الكافر: مذكور فى المختصر، والمهذب فى الشهادات. سمع النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شعره الذى فيه حكمة. واسم أبى الصلت: عبد الله بن ربيعة بن عوف بن عقدة بن غيرة، بكسر الغين المعجمة، ابن عوف بن قسى، وهو ثقيف الثقفى، كان أمية يتعبد فى الجاهلية، ويؤمن بالبعث، وينشد فى أبياته الشعر المليح، وأدرك الإسلام ولم يسلم. ثبت فى صحيح مسلم، عن الشريد بن سويد، رضى الله عنه، قال: ردفت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يومًا، فقال: "هل معك من شعر أمية بن أبى الصلت شىء؟ "، قلت: نعم، قال: "هيه"، فأنشدته بيتًا، فقال: "هيه"، ثم أنشدته بيتًا، فقال: "هيه"، حتى أنشدته مائة بيت، فقال: "إن كاد ليسلم"، وفى رواية: "فلقد كان يسلم فى شعره" (1) . * * * باب أنجشة، وأنس، وأنيس 69 - أنجشة الصحابى، رضى الله عنه: مذكور فى المهذب فى الشهادات فى سماع الحدا، حديثه فى الصحيح. هو بفتح الهمزة، وإسكان النون، وفتح الجيم، وبالشين المعجمة، كان عبدًا أسود، حسن الصوت، فحدا بأمهات المؤمنين فى حجة الوداع، فأسرعت الإبل، فقال النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "رويدك يا أنجشة، رفقًا بالقوارير" (2) . وحديثه هذا فى الصحيحين   (1) أخرجه مسلم (4/1767، رقم 2255) . (2) حديث أنس: أخرجه الطيالسى (ص 272، رقم 2048) ، وأحمد (3/254، رقم 13695) ، = =والبخارى (5/2291، رقم 5849) ، ومسلم (4/1811، رقم 2323) ، والنسائى فى الكبرى (6/135، رقم 10363) ، وابن حبان (13/118، رقم 5800) . وأخرجه أيضا: أبو يعلى (7/116، رقم 4064) ، وعبد بن حميد (ص 398، رقم 1342) . حديث ابن عباس: أخرجه الدارمى (2/382، رقم 2701) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 126 من رواية أنس، لكن لم يذكر أنه فى حجة الوداع، وهو مذكور فى غيرهما. 70 - أنس بن عياض (1) : تكرر فى المختصر. هو أبو ضمرة أنس بن عياض بن ضمرة الليثى المدنى، سمع ربيعة، وأبا حازم، وصالح بن كيسان، وشريكًا، وآخرين من التابعين. روى عنه بقية بن الوليد، والشافعى، وأحمد بن حنبل، وابن المدينى، والقعنبى، وقتيبة، والحميدى، وآخرون من الأئمة. واتفقوا على تعديله. وروى له البخارى، ومسلم. ولد سنة أربع ومائة، وتوفى سنة ثمانين ومائة، وقيل: سنة مائتين. 71 - أنس بن مالك (2) : تكرر فى هذه الكتب. هو أبو حمزة أنس بن مالك بن النضر بن ضمضم، بفتح الضادين المعجمتين، ابن زيد بن حرام، بالراء، ابن جندب، بضم الدال وفتحها، ابن عامر بن غنم، بفتح الغين المعجمة وإسكان النون، ابن عدى بن النجار بن ثعلبة بن عمرو بن الخزرج بن حارثة الأنصارى الخزرجى النجارى النضرى. خادم رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، كان يتسمى بذلك ويفتخر به، وحق له ذلك. كناه رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أبا حمزة ببقلة كان يحبها. وأمه أم سليم، وسأوضح أحوالها فى ترجمتها إن شاء الله تعالى. خدم أنس النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عشر سنين، وهى مدة إقامته بالمدينة - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ثبت ذلك فى الصحيح. وحمل عنه حديثًا كثيرًا، فروى ألفى حديث ومائتين وستة وثمانين حديثًا، اتفق البخارى ومسلم منها على مائة وثمانية وستين، وانفرد البخارى بثلاثة وثمانين، ومسلم أحد وسبعين. وكان أكثر الصحابة أولادًا لدعاء رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. روينا فى صحيح البخارى ومسلم، عن أنس، رضى الله عنه، قال: دخل النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على أم سليم، يعنى أمه، فأتته بتمر وسمن، فقال: "أعيدوا سمنكم فى سقائه، وتمركم فى وعائه"، ثم قام إلى ناحية البيت، فصلى غير المكتوبة، فدعا لأم سليم وأهل بيتها، فقالت: يا سول الله، إن لى حويجة، قال: "ما هى؟ "، قالت: خادمك أنس، فما ترك خير آخرة ولا دنيا إلا دعا به: "اللهم ارزقه مالاً وولدًا، وبارك له"، قال: فإنى لمن أكثر الأنصار مالاً. وحدثتنى بنتى أمينة أنه دفن لصلبى إلى مقدم الحجاج البصرة بضع وعشرون ومائة، هذا لفظ البخارى. واتفق العلماء على مجاوزة عمره مائة سنة، والصحيح الذى عليه الجمهور أنه توفى سنة ثلاث وتسعين،   (1) انظر: طبقات ابن سعد (5/436) ، وتاريخ ابن معين (2/43) ، والتاريخ الكبير (2/33) ، والجرح والتعديل (2/289) ، والثقات لابن حبان (6/76) ، وتهذيب الكمال (3/349 - 353) ، وتهذيب التهذيب (1/375، 376) ، وتقريب التهذيب (1/84) .. (2) انظر: سير أعلام النبلاء (3/395 - 406) برقم (62) ، وطبقات ابن سعد (7/17 - 26) ، والثقات لابن حبان (3/4) ، وتاريخ ابن معين (2/43 - 45) ، وتهذيب تاريخ دمشق (3/142 - 153) ، وأسد الغابة (1/127 - 129) ، والتاريخ الكبير (2/27، 28) ، وتذكرة الحفاظ (1/42) ، والمعرفة والتاريخ (1/506 - 508) ، ونهاية الأرب (21/319) ، والاستيعاب (1/108) ، والبداية والنهاية (9/88 - 92) ، وفوات الوفيات (2/29، 3/133، 134) ، والوافى بالوفيات (9/411 - 46) ، وتاريخ اليعقوبى (2/272) ، وغاية النهاية (1/172) ، وتهذيب التهذيب (1/376 - 379) ، والبيان والتبيين والنجوم الزاهرة (1/224) ، (1/308) ، وتقريب التهذيب (1/84) ، والجرح والتعديل (2/286) ، ومرآة الجنان (1/182) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 127 وقيل: سنة تسعين، وقيل: إحدى وتسعين، وقيل: اثنتين وتسعين، وقيل: خمس وتسعين، وقيل: سبع وتسعين. وثبت فى الصحيح أنه كان له قبل الهجرة عشر سنين، فعمره فوق المائة كما ترى. وأما ما نقل عن حميد، أن عمر أنس مائة إلا سنة، فشاذ مردود. وتوفى بالبصرة خارجها على نحو فرسخ ونصف، ودفن هناك فى موضع هناك يُعرف بقصر أنس، رضى الله عنه، وكان له بستان يحمل فى سنة مرتين، وكان فيه ريحان يجىء منه ريح المسك، كان أحد الرماة المصيبين. قال محمد بن عبد الله الأنصارى: خرج مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى بدر وهو غلام يخدمه. قال ابن قتيبة فى المعارف: ثلاثة من أهل البصرة لم يموتوا حتى رأى كل واحد منهم مائة ذكر من صلبه: أنس بن مالك، وأبو بكرة، وخليفة بن بدر. روى البخارى فى تاريخه، عن قتادة، قال: لما مات أنس قال مورق: ذهب اليوم مصف العلم، قيل له: كيف ذلك؟ قال: كان الرجل من أهل الأهواء إذ خالفنا فى الحديث قلنا: تعال إلى من سمعه من النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. 72 - أنس بن النضر الصحابى، رضى الله عنه: مذكور فى المهذب فى أول باب القصاص فى الجروح والأعضاء. هو أنس بن النضر بن ضمضم، وباقى نسبه سبق فى ترجمة ابن أخيه أنس بن مالك. استشهد يوم أُحُد، وفى صحيح البخارى، عن أنس بن مالك، قال: غاب عمى أنس بن النضر عن قتال بدر، فقال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "غبت عن أول قتال قاتلت فيه المشركين"، فقال: والله لئن أشهدنى الله قتال المشركين ليرين الله ما أصنع، فلما كان يوم أُحُد انكشف المسلمون، فقال: اللهم إنى أعتذر إليك مما صنع هؤلاء، وأبرأ إليك مما جاء به هؤلاء، يعنى المشركين، ثم تقدم فاستقبله سعد بن معاذ، فقال: أى سعد هذه الجنة ورب أنس أجد ريحها دون أُحُد، فقاتل فَقُتِلَ، فوجدنا به بضعًا وثمانين ضربة بسيف، أو طعنة برمح، أو رمية بسهم. قال أنس: كنا نرى أن هذه الآية نزلت فيه وفى أشباهه: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ} [الأحزاب: 23] . وثبت أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال فى حقه: "إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره". 73 - أنيس الصحابى (1) : بالتصغير، مذكور فى المختصر فى الحدود، وتكرر فى   (1) انظر: الإصابة (1/73) ، وأسد الغابة (1/135) ، والاستيعاب (1/61) ، والتاريخ الكبير (2/30) ، والوافى بالوفيات (9/434) .. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 128 المهذب، حديثه: "واغد يا أنيس على امرأة هذا، فإن اعترفت فارجمها" (1) ، وهو ثابت فى الصحيحين مشهور من رواية زيد بن خالد، وأبى هريرة. وأنيس هذا هو أنيس بن الضحاك الأسلمى، معدود فى الشاميين. وقال ابن عبد البر: يقال له: أنيس بن مرثد. قال ابن الأثير: الأول أشبه بالصحة؛ لكثرة الناقلين له، ولأن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يقصد أن لا يؤمر فى القبيلة إلا رجل منها؛ لنفورهم من حكم غيرهم، وكانت المرأة أسلمية، والله أعلم. * * * باب أوس 74 - أوس بن أوس الصحابى، رضى الله عنه: راوى حديث: "من غسل واغتسل وبكر وابتكر" (2) . ذكره فى المهذب فى الجمعة، وذكر حديثه فى الوسيط أيضًا، لكن لم يذكر أن أوسًا رواه، وهو حديث حسن رواه أبو داود، والترمذى، وغيرهما. وهو أوس بن أوس الثقفى. وقال يحيى بن معين: يقال له: أوس بن أوس، ويقال له: أويس بن أبى أوس. وقال البخارى: أوس بن أوس، وأوس ابن أبى أوس، وأوس بن حذيفة، الثلاثة اسم لرجل واحد، ووافقه جماعة، وخالفه بعضهم فجعلوهم ثلاثة. نزل أوس هذا دمشق، ومسجده وداره بها فى درب القتلى، وقبره بها، روى حديثين فى الجمعة، حديث: "من غسل واغتسل"، وحديث: "أكثروا من الصلاة علىَّ"، وحديثًا فى الصيام. 75 - أوس بن الصامت الصحابى، رضى الله عنه (3) : مذكور فى الظهار فى المهذب. هو أخو عبادة بن الصامت، وهو أوس بن الصامت ابن قيس بن أصرم بن فهر بن ثعلبة بن غنم بن غوير بن عمرو بن عوف بن الخزرج الأنصارى الخزرجى. شهد بدرًا والمشاهد كلها مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وهو الذى ظاهر من امرأته. قال ابن عباس، رضى الله عنه: وكان ذلك أول ظهار جرى فى الإسلام، وكان شاعرًا، سكن   (1) أخرجه الطيالسى (ص 189، رقم 1333) ى ى، وأحمد (4/115، رقم 17079) ، والبخارى (2/971، رقم 2575) ، ومسلم (3/1324، رقم 1697) ، والنسائى (8/241، رقم 5411) ، والترمذى (4/39، رقم 1433) ، وابن ماجه (2/852، رقم 2549) . (2) أخرجه الطيالسى (1/152، رقم 1114) ، وأحمد (4/104، رقم:17002) ، وابن أبى شيبة (1/433، رقم 4990) ، وابن سعد (5/511) ، وأبو داود (1/ 95، رقم 345) ، والترمذى (2 /367، رقم: 496) وقال: حديث حسن. والنسائى (3 /95، رقم 1381) ، وابن ماجه (1 /346، رقم 1087) ، والدارمى (1/437، رقم: 1547) ، وابن حبان (7/19، رقم 2781) ، وابن سعد (5/511) ، والطبرانى (1/215، رقم: 585) ، والبيهقى (3 /229، رقم:5670) . (3) انظر: الإصابة (1/85) ، والاستيعاب (1/78) ، وأسد الغابة (1/146) ، وطبقات ابن سعد (3/547) ، والوافى بالوفيات (9/447) . . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 129 بيت المقدس، وقيل: الرملة، وتوفى بالرملة سنة اثنتين وثلاثين، وهو ابن اثنتين وسبعين سنة. * * * باب إياس، وأيمن، وأيوب 76 - إياس بن عبد الصحابى، رضى الله عنه: مذكور فى المهذب فى أول باب أحكام المياه. هو أبو عوف، وقيل: أبو الفرات إياس ابن عبد المزنى الكوفى، وقيل: الحجازى، روى حديث النهى عن بيع الماء، رواه أبو داود، والترمذى، والنسائى، وغيرهم. ووقع فى المهذب: إياس بن عمرو، وفى رواية الترمذى: إياس بن عبد الله، وكلاهما خطأ، والصواب: إياس بن عبد، غير مضاف، والله أعلم. 77 - أيمن ابن أم أيمن: مذكور فى المهذب فى أول باب تكبير العيد. هو أيمن بن عبيد بن عمرو بن بلال بن أبى الجرباء بن قيس بن مالك بن سالم بن غنم بن عوف بن الخزرج، وهو أيمن ابن أم أيمن حاضنة النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وأخو أسامة بن زيد لأمه، وأيمن صحابى جليل مشهور، استشهد يوم حنين. قال ابن إسحاق: كان أيمن على مطهرة النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وله ابن يقال له: الحجاج بن أيمن. وقد روى عطاء ومجاهد حديثًا عن أيمن: "لا قطع إلا فى ثمن المجن"، وهو مرسل، لم يدركاه. 78 - أيوب النبى، عليه السلام: مذكور فى المهذب فى الوقف، وفى الإيمان. قال الله تعالى: {وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّى مَسَّنِىَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنَّا وَذِكْرَى لأُوْلِى الأَلْبَابِ وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِب بِّهِ وَلاَ تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ} [ص: 41-44] . وقال تعالى: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ} [النساء: 163] الآيات. وقال تعالى: {وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّى مَسَّنِىَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ} [الأنبياء: 83، 84] الآية. وروينا فى صحيح البخارى، عن أبى هريرة، رضى الله عنه، قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "بينما أيوب يغتسل عريانًا، إذ خرَّ عليه جراد من ذهب، فجعل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 130 يحثى فى ثوبه، فناداه ربه: يا أيوب، ألم أكن أغنيتك عما ترى؟ قال: بلى يا رب، ولكن لا غنى بى عن بركتك" (1) . وكان أيوب ببلاد حوران، وقبره مشهور عندهم فى قرية بقرب نوى، عليه مشهد ومسجد، وقرية موقوفة على مصالحه، وعين جارية فيها قدم فى حجر يقولون إنه أثر قدمه، ويغتسلون من العين ويشربون متبركين، ويقولون: إنها المذكورة فى القرآن، وهى قطع كبير جدًا فى وسط صخرة عظيمة، وعليها مشهد، وهناك صخرة عليها مشهد يقولون: إنه كان يستند إليها، ويزورونها ويعتقدون بركة تلك المواضع كلها، والله أعلم. 79 - أيوب السختيانى (2) : مذكور فى المختصر فى الربا. هو الإمام التابعى أبو بكر أيوب بن أبى تميمة، واسم أبى تميمة كيسان العبرى، ويقال: الجهنى، مولاهم البصرى السختيانى، بكسر التاء. قال ابن عبد البر وغيره: كان يبيع السختيان بالبصرة، فقيل له: السختيانى. رأى أنس بن مالك، وسمع عمرو بن سلمة، بكسر اللام، الجرمى، وأبا رجاء العطاردى، وأبا عثمان النهدى، وأبا الشعثاء جابر بن زيد، والحسن البصرى، وابن سيرين، وسالم بن عبد الله، ونافعًا، وابن أبى مليكة، وابن المنكدر، وغيرهم من كبار التابعين وغيرهم. وروى عنه جماعة من التابعين، منهم شيخه محمد بن سيرين، وعمرو بن دينار، وقتادة، وحميد الطويل، ويحيى بن أبى كثير، وابن عون، والأعمش، وغيرهم. وروى عنه من تابعى التابعين وأعلام الأئمة مالك، والثورى، وابن عيينة، والحمادان، وابن أبى عروبة، وابن علية، ومعمر، وخلائق. واتفقوا على جلالته، وإمامته، وحفظه، وتوثيقه، ووفور علمه، وفهمه، وسيادته. روينا عن شعبة، قال: حدثنى أيوب، وكان سيد الفقهاء. وروينا عن الحميدى صاحب ابن عيينة، قال: لقى ابن عيينة ستة وثمانين من التابعين، وكان يقول: ما لقيت فيهم مثل أيوب. وروينا عن الحسن البصرى، قال: أيوب سيد شباب أهل البصرة. وفى رواية، قال: أيوب سيد الفتيان. وروينا عن محمد بن سعد، قال: كان أيوب ثقة، ثبتًا فى الحديث، جامعًا، كثير العلم، عدلاً، حجة. وقال مسلم بن أكيس: قلت لمحمد بن سيرين: من حدثك بحديث كذا وكذا؟   (1) أخرجه أحمد (2/314، رقم 8144) ، والبخارى (1/107، رقم 275) ، والنسائى (1/200، رقم 409) . وأخرجه أيضا: الطيالسى (ص 322، رقم 2455) وابن حبان (14/121، رقم 6229) والبيهقى (1/198، رقم 909) . (2) انظر: التاريخ الكبير (1/409) ، وتاريخ ابن معين (2/48) ، والجرح والتعديل (2/255) ، وتهذيب التهذيب (1/397) ، وتقريب التهذيب (1/89) . . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 131 قال: الثبت الثبت أيوب. وقال أبو حاتم: هو أحب إلىَّ فى كل شىء من خالد، وهو ثقة لا يُسأل عن مثله، وهو أكبر من سليمان التيمى، ولا يبلغ التيمى منزلة أيوب. وقال البخارى، عن على بن المدينى: له نحو ثمانمائة حديث. وقال ابن علية: كنا نقول: حديث أيوب ألفا حديث، فما أقل ما ذهب عنى منها. وقال حماد بن زيد: كان أيوب عندى أفضل مَن جالسته وأشدهم اتباعًا للسنة. ومناقبه كثيرة مشهورة. توفى سنة إحدى وثلاثين ومائة، رحمه الله. * * * حرف الباء الموحدة باب البراء، وبريدة، وبشر، وبشير 80 - البراء بن عازب الصحابى، رضى الله عنهما (1) : متكرر فى هذه الكتب، هو بتخفيف الراء وبالمد، هذا هو الصحيح المشهور عند طوائف العلماء من أهل الحديث، والتاريخ، والأسماء، واللغات، والمؤتلف والمختلف، وغيرهم، وحكى فيه القصر. وهو أبو عمارة، ويقال: أبو عمرو، ويقال: أبو الطفيل البراء بن عازب بن الحارث بن عدى بن مجدعة بن حارثة بن الحارث بن الخزرج بن عمرو بن مالك بن الأوس الأنصارى الأوسى الحارثى المدنى، أمه أم حبيبة بنت أبى حبيبة، وقيل: أم خالد بنت ثابت، وأبوه عازب صحابى. ذكر محمد بن سعد فى الطبقات أنه أسلم. روى للبراء عن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثلاثمائة حديث وخمسة أحاديث، اتفق البخارى ومسلم منها على اثنين وعشرين، وانفرد البخارى بخمسة عشرة، ومسلم بستة. روى عنه عبد الله بن يزيد الخطمى، وأبو جحيفة الصحابيان، وجماعة من التابعين منهم الشعبى، وابن أبى ليلى، والسبيعى، ومعاوية بن سويد، وأبو المنهال سيار بن سلامة، وغيرهم. نزل الكوفة وتوفى بها زمن مصعب بن الزبير. استصغره النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوم بدر، وأول مشاهده أُحُد. روينا فى صحيح البخارى، عن البراء، قال: استصغرت أنا وابن عمر يوم بدر. وفى البخارى، عن البراء، قال: غزوت مع النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خمس عشرة غزوة. وفى البخارى أيضًا، عن البراء، قال: يعدون الفتح فتح مكة، وقد كان فتح مكة   (1) انظر: الإصابة (1/142) ، والبداية والنهاية (8/328) ، وطبقات ابن سعد (4/364، 6/17) ، والثقات لابن حبان (3/26) ، والجرح والتعديل (2/399) ، والتاريخ الكبير (2/117) ، والاستيعاب (1/155 - 157) ، وأسد الغابة (1/171، 172) ، وتهذيب الكمال (4/34) ، والوافى بالوفيات (10/104، 105) ، وتهذيب التهذيب (1/425، 426) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 132 فتحًا، ونحن نعد الفتح بيعة الرضوان يوم الحديبية، كنا مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أربع عشرة ومائة، وذكر تمام الحديث. وفى البخارى أيضًا، عن البراء بن عازب: ما جاء رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى المدينة مهاجرًا حتى قرأت: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} [الأعلى: 1] فى سور مثلها من المفصل. وشهد البراء مع أبى موسى غزوة تستر، وشهد مع على، رضى الله عنه، الجمل، وصفين، والنهروان، هو وأخوه عبيد بن عازب، وكان للبراء ابنان: يزيد، وسويد، رضى الله عنه وعنهما. 81 - بريدة بن الحصيب، رضى الله عنه (1) : تكرر فى المهذب، والوسيط، والروضة. هو أبو عبد الله، ويقال: أبو سهل، ويقال: أبو الحصيب، ويقال: أبو ساسان بريدة بن الحصيب، بضم الحاء المهملة، ابن عبد الله بن الحرب بن الأعرج بن سعد بن رزاح الأسلمى. سكن المدينة، ثم البصرة، ثم مرو، وتوفى بها سنة اثنتين وستين، وهو آخر من توفى من الصحابة، رضى الله عنهم، بخراسان. رُوى له عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مائة حديث وأربعة وستون حديثًا، اتفق البخارى ومسلم على حديث، وانفرد البخارى بحديثين، ومسلم بأحد عشر. أسلم بريدة قبل بدر، ولم يشهدها، وقيل: أسلم بعدها. روى عنه ابناه عبد الله، وسليمان. 82 - بشر بن البراء الصحابى، رضى الله عنه: مذكور فى المهذب فى وجوب القصاص بإطعام السم. هو بشر بن البراء بن معرور ابن صخر بن خنساء بن سنان بن عبيد بن عدى بن غنم بن كعب بن سلمة، بكسر اللام، ابن سعد بن على بن أسد، بفتح السين، ابن شاردة بن تريد، بالمثناة فوق فى أوله، ابن جشم بن الخزرج الأنصارى الخزرجى السلمى، بفتح السين واللام، المدنى. شهد بشر العقبة، وبدرًا، وأُحُدًا، وتوفى بخيبر حين فتحت سنة سبع من الهجرة من الأكلة التى أكلها مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من الشاة التى سمتها اليهودية، قيل: إنه مات فى الحال، وقيل: لزمه وجعه حتى مات بعد سنة، وآخى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بينه وبين واقد بن عمرو التميمى حليف بنى عدى، وهو الذى قال فيه رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لبنى سلمة: "من سيدكم يا بنى سلمة؟ "، قالوا: الجد بن قيس على بخل فيه، فقال: "وأى داء أودى   (1) انظر: الإصابة (1/146) ، والاستيعاب (2/173) ، وأسد الغابة (1/175) ، وطبقات ابن سعد (4/241، 7/365) ، وتهذيب الكمال (4/53 - 55) ، والتاريخ الكبير (2/141) ، والجرح والتعديل (2/424) ، وسير أعلام النبلاء (2/469 - 471) برقم (91) ، وتهذيب التهذيب (1/433) ، والوافى بالوفيات (10/124) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 133 من البخل، بل سيدكم الأبيض الجعد بشر بن البراء، رضى الله عنه". 83 - بشير بن سعد (1) : بفتح الباء وكسر الشين، والد النعمان بن بشير. مذكور فى المهذب وغيره فى باب الهبة وغيره. هو أبو النعمان بشير بن سعد بن جلاس بن زيد بن مالك بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج الأنصارى الخزرجى المدنى الصحابى الفاضل الصالح، شهد العقبة الثانية، وبدرًا، وأُحُدًا، والخندق، والمشاهد بعدها مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قيل: إنه أول من بايع أبا بكر الصديق، رضى الله عنه، من الأنصار بالخلافة، واستشهد مع خالد بن الوليد، رضى الله عنه، يوم عين التمر بعد انصرافه من اليمامة سنة ثنتى عشرة من الهجرة، وهو الذى ثبت فى الصحيح أنه قال: يا رسول الله، أمرنا أن نصلى عليك، فكيف نصلى عليك؟ الحديث. 84 - بشير - بضم الباء وفتح الشين - ابن يسار - بباء مثناة من تحت ثم سين مهملة (2) :   (1) طبقات ابن سعد (3/531) ، تاريخ خليفة (78) ، طبقاته (94) ، التاريخ الكبير للبخارى (2/1/98، 99) ، المعرفة ليعقوب (1/381، 3/256، 257) ، تاريخ أبى زرعة الدمشقى (222) ، الجرح والتعديل لابن أبى حاتم (1/1/374) ، الاستيعاب لابن عبد البر (1/172، 173) ، أسد الغابة لابن الأثير (1/195) ، تهذيب التهذيب لابن حجر (1/464، 465) ، الإصابة (1/158) . وتقريب التهذيب (714) وقال: "الجلاس بضم الجيم وتخفيف اللام الأنصاري الخزرجي صحابي جليل بدري استشهد بعين التمر س".. (2) طبقات ابن سعد (5/303) ، التاريخ الكبير للبخارى (2/1/132) ، الجرح والتعديل لابن أبى حاتم (1/1/394، 395) ، سير أعلام النبلاء (4/591، 592) ، تاريخ الإسلام (4/93) . وتقريب التهذيب (730) وقال: "ثقة فقيه من الثالثة ع".. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 134 مذكور فى المختصر فى بيع العرايا. هو بشير بن يسار الأنصارى الحارثى، مولاهم المدنى التابعى. روى عن جابر، وأنس، ورافع بن خديج، وغيرهم من الصحابة. روى عنه جماعة من التابعين، منهم محمد بن إسحاق، ويحيى الأنصارى. واتفقوا على توثيقه. قال يحيى بن معين: هو ثقة. قال: وليس هو بأخى سليمان بن يسار. وقال محمد بن سعد: كان شيخًا كبيرًا فقيهًا، أدرك عامة أصحاب النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وكان قليل الحديث، رحمه الله. * * * باب بكير، وبلال، وبهز 85 - بكير - بضم الباء - ابن عامر: مذكور فى المهذب فى خراج السواد. هو أبو إسماعيل بكير بن عامر البجلى الكوفى. من تابعى التابعين. روى عن قيس بن أبى حازم، والنخعى، والشعبى، وآخرين. روى عنه الثورى، ووكيع، والحسن بن صالح، وأبو نعيم. قال الجمهور: هو ضعيف [ ...... ] (1) . 86 - بكير بن عبد الله بن الأشج (2) : مذكور فى المختصر فى نفقة المماليك. هو أبو عبد الله، ويقال: أبو يوسف المخزومى مولاهم، ويقال: الأشجعى، ويقال: الزهرى المدنى التابعى. روى عن السائب بن يزيد، وربيعة بن عباد، بكسر العين وتخفيف الباء، الصحابيين، وجماعات من التابعين، منهم سعيد بن المسيب، وسالم بن عبد الله، وحمران، وكريب، وخلائق. روى عنه جماعات من الكبار، منهم محمد بن عجلان، ويزيد بن أبى حبيب، وعمرو بن الحارث، والليث، وخلائق. واتفقوا على جلالته وتوثيقه وعلمه. قال مالك: وكان من العلماء. وقال أحمد: هو ثقة صالح. وقال ابن معين: ما ينبغى لأحد أن يفضله أو يفوقه فى الحديث. وقال على بن المدينى: لم يكن بالمدينة بعد كبار التابعين أعلم من ابن شهاب، ويحيى الأنصارى، وبكير بن عبد الله بن الأشج. وقال أحمد بن عبد الله: لم يسمع منه مالك شيئًا، خرج قديمًا إلى مصر. وقال البخارى: كان من صلحاء الناس، رحمه الله. 87 - بلال بن الحارث الصحابى، رضى الله عنه (3) : مذكور فى المهذب فى زكاة   (1) ما بين المعقوفتين بياض بالأصل. (2) طبقات ابن سعد (9/الورقة 212) ، تاريخ خليفة (354، 382) ، طبقاته (263، 268) ، التاريخ الكبير للبخارى (2/1/113) ، الكنى للدولابى (1/96) ، الجرح والتعديل لابن أبى حاتم (1/1/403، 404) ، سير أعلام النبلاء (6/170) ، تاريخ الإسلام (5/48) ، تهذيب التهذيب لابن حجر (1/491، 492) . وتقريب التهذيب (760) وقال: "ثقة من الخامسة مات سنة عشرين وقيل بعدها ع".. (3) التاريخ الكبير للبخارى (2/1/106، 107) ، الاستيعاب لابن عبد البر (1/183) ، أسد الغابة لابن الأثير (1/205، 206) ، تهذيب التهذيب لابن حجر (1/105، 502) ، الإصابة (1/164) ، وتقريب التهذيب (777) وقال: "صحابي مات سنة ستين وله ثمانون سنة 4".. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 135 المعدن. هو أبو عبد الرحمن بلال بن الحارث بن عصم ابن سعيد بن قرة بن خلاوة، بفتح الخاء المعجمة، ابن ثعلبة بن ثور بن هذمة، بضم الهاء وإسكان الذال المعجمة، ابن لاطم بن عثمان بن عمرو بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر بن نزار المزنى. وولد عثمان المذكور يقال لهم: مزنيون، نُسبوا إلى أمه مزينة، وبلال هذا مزنى، وفد إلى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فى وفد مزينة سنة خمس من الهجرة، وأقطعه النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - المعادن القبلية، بفتح القاف والباء، وكان يحمل لواء مزينة يوم فتح مكة، ثم سكن البصرة، وتوفى سنة ستين، وهو ابن ثمانين سنة. روى عن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثمانية أحاديث. 88 - بلال بن رباح مؤذن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: مكرر فى هذه الكتب. هو أبو عبد الله، ويقال: أبو عبد الكريم، ويقال: أبو عبد الرحمن، ويقال: أبو عمرو بلال بن رباح الحبشى القرشى التيمى، مولى أبى بكر الصديق، رضى الله عنه. أمه حمامة مولاة لبنى جمح. وكان بلال، رضى الله عنه، قديم الإسلام والهجرة، شهد بدرًا، وأُحُدًا، والخندق، والمشاهد كلها مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وكان ممن يُعَذَّب فى الله تعالى، فيصبر على العذاب، وكان أمية بن خلف يعذبه ويتابع عليه العذاب، فقدر الله تعالى أن بلالاً قتله يوم بدر، وكان بلال ممن أسلم أول النبوة، ومِن أول مَن أظهر إسلامه، وكانوا يطوفون به ويعذبونه، وكان من مولدى مكة، وقيل: من مولدى الشراة، اشتراه أبو بكر بخمس أواقى، وقيل: بسبع، وقيل: بتسع، وأعتقه لله عز وجل، وآخى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بينه وبين أبى عبيدة بن الجراح، وكان بلال يؤذن لرسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حياته سفرًا وحضرًا، وهو أوَّل مَن أذَّن فى الإسلام. ولما توفى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذهب إلى الشام للجهاد، فأقام بها إلى أن توفى، وقيل: إنه أذَّن لأبى بكر الصديق، رضى الله عنه، مدته، وأذن لعمر، رضى الله عنه، مرة حين قدم عمر الشام، فلم ير باك أكثر من ذلك اليوم، وأذَّن فى قدمة قدمها إلى المدينة لزيارة قبر رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طلب ذلك منه الصحابة، فأذَّن ولم يتم الأذان. روى عنه جماعات من الصحابة، رضى الله عنهم، منهم أبو بكر الصديق، وعمر، وعلى، وابن مسعود، وابن عمر، وأسامة بن زيد، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 136 وكعب بن عجرة، وجابر، وأبو سعيد الخدرى، والبراء بن عازب، رضى الله عنهم، وجماعات من كبار التابعين، وكان عمر، رضى الله عنه، يقول: أبو بكر سيدنا، وأعتق سيدنا. وثبت فى صحيحى البخارى ومسلم أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال لبلال: "دخلت الجنة فسمعت خشف نعليك بين يدى" (1) . وفى صحيح البخارى عن قيس بن أبى حازم، قال: قال بلال لأبى بكر، رضى الله عنه: إن كنت إنما اشتريتنى لنفسك فأمسكنى، وإن كنت إنما اشتريتنى لله عز وجل، فدعنى وعمل الله. وفضائله مشهورة، توفى بدمشق سنة عشرين، وقيل: إحدى وعشرين، وقيل: ثمانى عشرة، وهو ابن أربع وستين سنة، وقيل: كان قرن أبى بكر، رضى الله عنهما، وقيل: توفى وهو ابن ثلاث وستين سنة، وقيل: ابن سبعين، وكان ينزل داريّا قرية بقرب دمشق، ودفن بباب الصغير من دمشق، وقيل: بباب كيسان منها، وقيل: بداريا، وقيل: بحلب. وقال السمعانى فى الأنساب فى ترجمة المؤذن: أنه دفن بالمدينة، وهو غلط، والصحيح الذى عليه الجمهور أنه دفن بباب الصغير. قالوا: وان آدم شديد الأدمة، نحيفًا، طويلاً، خفيف العارضين. قال ابن عبد البر: ولبلال أخ اسمه خالد، وأخت اسمها عفرة، وهى مولاة عمر بن عبد الله مولى عفرة، ولم يعقب بلال، رضى الله عنه. 89 - بهز بن حكيم بن معاوية (2) : تكرر ذكره فى زكاة المهذب، وذكره أيضًا فى الشهادات فى شهادة الزور. هو أبو عبد الملك بهز بن حكيم بن معاوية بن حيدة، بفتح الحاء المهملة وبعدها ياء مثناة من تحت ساكنة، القشيرى البصرى. روى عن أبيه، وزرارة بن أوفى. روى عنه الزهرى، وابن عون، وسليمان التيمى، وهم تابعيون، والثورى، والحمادان، ومعمر، ومحمد بن عبد الله الأنصارى، وخلائق من الأئمة. قال يحيى بن معين والجمهور: هو ثقة، يحتج به. قال يحيى: إسناده عن أبيه عن جده صحيح.   (1) أخرجه أحمد (3/372، رقم 15044) ، والبخارى (3/1346، رقم 3476) ، ومسلم (4/1862، رقم 2394) . وأخرجه أيضًا: أبو يعلى (4/51، رقم 2063) . (2) التاريخ الكبير للبخارى (2/1/142، 143) ، الجرح والتعديل لابن أبى حاتم (1/1/430، 431) ، المجروحين لابن حبان (1/194) ، سير أعلام النبلاء (6/253) ، ميزان الاعتدال (1/353) ، تاريخ الإسلام (6/42) ، تهذيب التهذيب لابن حجر (1/498، 499) . وتقريب التهذيب (772) وقال: "صدوق من السادسة مات قبل الستين خت 4".. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 137 قال الخطيب: حدث عنه الزهرى والأنصارى، وبين وفاتيهما إحدى وتسعون سنة، وحدث عنه التيمى والأنصارى، وبين وفاتيهما ثنتان أو إحدى وتسعون سنة. * * * حرف التاء المثناة فوق 90 - تميم الدارى الصحابى، رضى الله عنه (1) : هو تميم بن أوس بن خارجة بن سويد بن خزيمة، وقيل: سواد بن خزيمة، وقيل: سود بن خزيمة بن ذراع بن عدى بن الدار بن هانىء بن حبيب بن أنمار بن لخم بن عدى بن عمرو بن سبأ الدارى، وقيل فى نسبه غير هذا، يكنى أبا رقية، كنى ببنته رقية، ولم يولد له غيرها، وإنما العقب لأخيه لأمه أبى هند، واسمه بر بن عبد الله، ويقال: تميم الدارى والديرى، فالدارى منسوب إلى جده الدار، وقيل غير ذلك، وقد أوضحت الخلاف فيه فى شرح صحيح مسلم، والديرى نسبة إلى دير كان يتعبد فيه قبل الإسلام، وكان نصرانيًا أسلم سنة تسع من الهجرة. رُوى له عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثمانية عشر حديثًا، روى مسلم منها حديث: "الدين النصيحة" (2) ، وفى صحيح مسلم أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - روى عن تميم قصة الجساسة، وهذه منقبة شريفة له لا يشاركه فيها غيره، ويدخل فى رواية الأكابر عن الأصاغر. وروى عنه جماعة من الصحابة، منهم ابن عباس، وأنس، وأبو هريرة، رضى الله عنهم، وجماعات من التابعين، وكان بالمدينة، ثم انتقل إلى بيت المقدس بعد قتل عثمان، رضى الله عنه، وكان كثير التهجد، قام ليلة حتى أصبح بآية من القرآن يركع ويسجد ويبكى، وهى: {أًمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ} [الجاثية: 21] الآية. وكان له هيئة ولباس، وهو أول من قص على الناس، استأذن عمر، رضى الله عنه، فى ذلك فأذن له، وهو أول من أسرج فى المسجد، قاله أبو نعيم الأصبهانى. قلت: وقال الحافظ أبو عبد الله بن مندة، وأبو نعيم الأصبهانيان، وأبو عمر بن عبد البر: زار روح بن زنباع تميمًا الدارى، فوجده ينقى شعيرًا لفرسه، فقال له روح: أما كان فى هؤلاء من يكفيك؟ قال: بلى، ولكن سمعت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: "ما من امرىء مسلم ينقى لفرسه شعيرًا ثم يعلفه عليه، إلا كتب الله له بكل   (1) طبقات ابن سعد (7/408) ، التاريخ الكبير للبخارى (2/1/150) ، الجرح والتعديل لابن أبى حاتم (1/1/440) ، الاستيعاب لابن عبد البر (1/193، 194) ، أسد الغابة لابن الأثير (1/215، 216) ، تاريخ الإسلام (2/188) ، تهذيب التهذيب لابن حجر (1/511، 512) . وتقريب التهذيب (799) وقال: "أبو رقية بقاف وتحتانية مصغر صحابي مشهور سكن بيت المقدس بعد قتل عثمان قيل مات سنة أربعين خت م 4".. (2) أخرجه أحمد (4/102، رقم 16982) ، ومسلم (1/74، رقم 55) ، وأبو داود (4/286، رقم 4944) ، والنسائى (7/156، رقم 4197) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 138 حبة حسنة". وقول المصنف: وكان له هيئة ولباس، قال ابن عساكر فى تاريخه: عن أنس أن تميمًا اشترى رداء بألف درهم، وكان يصلى بأصحابه فيه. وعن ثابت أن تميمًا اشترى حلة بألف درهم، فكان يلبسها فى الليلة التى يرجى أنها ليلة القدر. وعن قتادة، عن ابن سيرين، أن تميمًا الدارى اشترى رداء بألف درهم يخرج فيه إلى الصلاة. وفى رواية: فكان يقوم فيها بالليل إلى الصلاة. * * * حرف الثاء المثلثة 91 - ثابت بن أرقم الصحابى، رضى الله عنه: مذكور فى المختصر فى قتال البغاة. هو ثابت بن أرقم بن ثعلبة بن عدى بن العجلان البلوى، شهد بدرًا والمشاهد كلها مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وشهد غزوة مؤتة، واستشهد يوم اليمامة سنة إحدى عشرة فى قتال أهل الردة قتله طليحة، وقتل معه عكاشة بن محصن، اشترك طليحة وأخوه فى قتلهما، ثم أسلم طليحة. وقال عروة بن الزبير: بعث رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سرية قبل نجد أميرهم ثابت، فأصيب فيها، والصواب الأول، وبه قال الشافعى فى المختصر والجمهور. 92 - ثابت بن سعيد بن أبيض بن حمال (1) : مذكور فى المهذب فى باب الإقطاع من إحياء الموات. روى عن أبيه. وروى عنه ابن أخيه فرح بن سعيد. 93 - ثابت بن قيس الصحابى، رضى الله عنه (2) : تكرر فى مواضع، منها أول الخلع، ومسألة نزول أهل القلعة على حكم حاكم من كتاب السير. هو أبو عبد الرحمن، ويقال: أبو محمد ثابت بن قيس بن شماس بن مالك ابن زهير بن امرىء القيس بن مالك بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج الأنصارى الخزرجى المدنى. أمه هند بنت رهم، ويقال له: خطيب الأنصار، وخطيب رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، شهد أُحُدًا وما بعدها من المشاهد مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. ثبت فى صحيح مسلم أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بشر ثابت بن قيس هذا بالجنة، وأخبره أنه من أهلها، وثبت فى الترمذى بإسناد صحيح أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "نِعم الرجل ثابت بن قيس" (3) .   (1) التاريخ الكبير للبخارى (2/1/164) ، الجرح والتعديل لابن أبى حاتم (1/1/452) ، ميزان الاعتدال (1/364) ، تهذيب التهذيب لابن حجر (2/5، 6) . وتقريب التهذيب (815) وقال: ثابت ابن سعيد ابن أبيض ابن حمال بالمهملة وتشديد الميم المأربي بكسر الراء بعدها موحدة مقبول من السادسة وروايته عند النسائي في الكبرى 4".. (2) طبقات ابن سعد (5/206) ، التاريخ الكبير للبخارى (2/1/167) ، الجرح والتعديل لابن أبى حاتم (1/1/456) ، الاستيعاب لابن عبد البر (1/200، 203) ، أسد الغابة (1/229، 230) ، سير أعلام النبلاء (1/308) ، تاريخ الإسلام (1/371) ، تهذيب التهذيب لابن حجر (2/12) ، الإصابة (1/195) ، وتقريب التهذيب (825) وقال: "شماس بمعجمة وميم مشددة وآخره مهملة أنصاري خزرجي خطيب الأنصار من كبار الصحابة".. (3) أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (2/167، رقم 2081) ، والترمذي (5/666، رقم 3795) وقال: حسن. وأبو نعيم (9/42) ، والحاكم (3/259، رقم 5031) وقال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه. وأخرجه أيضا: النسائي (5/64، رقم 8230) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 139 استشهد يوم اليمامة فى خلافة أبى بكر الصديق، رضى الله عنه، سنة إحدى عشرة، ومشهور فى كتب المغازى أنه لما استشهد كان عليه درع نفيسة، فأخذها رجل، فرأ رجل ثابتًا فى منامه، فقال له ثابت: إنى أريد أن أوصيك وصية، فإياك أن تقول هذا حلم فتضيعه، إنى قُتِلت أمس، فمرَّ بى رجل فأخذ درعى، ومنزله فى أقصى الناس، وعند خبائه فرس يستن فى طوله، وقد كفأ على الدرع برمة، وفوق البرمة رحل، فأت خالدًا فمره فليبعث فليأخذها، فإذا قدمت المدينة فقل لأبى بكر الصديق، رضى الله عنه، أن علىَّ من الدين كذا وكذا، وفلان من رقيقى حر، وفلان، فأتى الرجل خالدًا، فبعث إلى الدرع، فأتى بها على ما وصف، وأخبر أبا بكر، رضى الله عنه، برؤياه فأجاز وصيته. قالوا: ولا نعلم أحدًا أوصى بعد موته فأجيزت وصيته غير ثابت، رضى الله عنه. واعلم أن ما ذكرته من أن ثابتًا المذكور فى مسألة القلعة هو ثابت بن قيس، هو الصواب الذى ذكره العلماء كافة، وتظاهرت عليه كتب الحديث والمغازى، وأما قول ابن باطيش أنه ثابت بن الضحاك، فغلط صريح لا حيلة فيه، وما أدرى ما حمله عليه، وبالله التوفيق. 94 - ثعلبة بن أبى مالك (1) : مذكور فى المهذب فى باب هيئة الجمعة. هو أبو يحيى ثعلبة بن أبى مالك القرظى المدنى، إمام مسجد بنى قريظة. قال مصعب الزبيرى: رأى ثعلبة النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وسمع عمر بن الخطاب، وجابرًا، رضى الله عنهما، وغيرهما. روى عنه الزهرى، وابنه أبو مالك، ويحيى بن سعيد الأنصارى. روى له البخارى. 95 - ثمامة بن أثال الصحابى، رضى الله عنه: مذكور فى المختصر فى السير، وفى المهذب فيه، وفى آخر عقد الذمة. هو ثمامة بن أثال، بضم الهمزة وتخفيف الثاء المثلثلة، وهو مصروف بلا خلاف، ابن النعمان بن مسلمة بن عبيد بن ثعلبة بن يربوع بن ثعلبة بن الدؤل بن حنيفة بن لجيم الحنفى اليمامى. سيد أهل اليمامة، أسره رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثم أطلقه، فأسلم وحسن إسلامه، ولم يرتد مع من ارتد من أهل اليمامة، ولا خرج من الطاعة قط، رضى الله عنه. 96 - ثوبان مولى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (2) : تكرر ذكره. هو أبو عبد الله، ويقال:   (1) طبقات ابن سعد (5/79) ، التاريخ الكبير للبخارى (2/1/174) ، الجرح والتعديل لابن أبى حاتم (1/1/463) ، الاستيعاب لابن عبد البر (1/212) ، أسد الغابة لابن الأثير (1/245) ، تاريخ الإسلام (3/346، 347) ، تهذيب التهذيب لابن حجر (2/25) ، الإصابة (1/201) . وتقريب التهذيب (845) وقال: "مختلف في صحبته وقال العجلي تابعي ثقة خ د ق".. (2) طبقات ابن سعد (7/424) ، التاريخ الكبير للبخارى (2/1/181) ، الجرح والتعديل لابن أبى حاتم (1/1/469) ، الاستيعاب لابن عبد البر (1/218) ، أسد الغابة (1/249، 250) ، سير أعلام النبلاء (3/15) ، تهذيب التهذيب لابن حجر (2/31) ، الإصابة (1/204) ، وتقريب التهذيب (858) .. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 140 أبو عبد الرحمن ثوبان بن بجدد، بموحدة مضمومة، ثم جيم ساكنة، ثم دال مهملة مكررة الأولى مضمومة، ويقال: ابن جحدر الهاشمى، من أهل السراة، موضع بين مكة واليمن، وقيل: إنه من حمير، وقيل: من الهان، أصابه سباء فاشتراه رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأعتقه، ولم يزل معه فى الحضر والسفر، فلما توفى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خرج إلى الشام فنزل الرملة، ثم انتقل إلى حمص وابتنى بها دارًا، وتوفى بها سنة خمس وأربعين، وقيل: سنة أربع وخمسين، رُوى له عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مائة حديث وسبعة وعشرون حديثًا، روى له مسلم منها عشرة أحاديث. روى عنه جماعات من كبار التابعين. روينا فى صحيح مسلم، عن ثوبان قال: سمعت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: "عليك بكثرة السجود، فإنك لن تسجد لله سجدة إلا رفعك الله بها درجة وحط عنك بها خطيئة" (1) . 97 - ثور بن يزيد الكلاعى (2) : مذكور فى المختصر فى مسح الخف، هو أبو خالد ثور بن يزيد بن زياد الكلاعى، بفتح الكاف، ويقال: الرحبى الشامى الحمصى. سمع جماعات من التابعين، منهم عطاء، ونافع، والزهرى، ومحمد بن المنكدر، وآخرون. روى عنه محمد بن إسحاق بن يسار، ومالك، والثورى، وابن عيينة، وابن المبارك، وخلائق من الأئمة. واتفقوا على توثيقه والثناء عليه. قال يحيى القطان: ما رأيت شاميًا أوثق منه. وقال وكيع: هو أعبد من رأيت. قال محمد بن سعد: مات ببيت المقدس سنة ثلاث وخمسين ومائة، وهو ابن بضع وستين سنة. * * * حرف الجيم 98 - جابر بن زيد التابعى (3) : مذكور فى المهذب فى صلاة العيد. هو الإمام أبو الشعثاء جابر بن زيد الأزدى البصرى التابعى. سمع ابن عباس، وابن عمر، والحكم بن عمرو الغفارى، رضى الله عنهم. روى عنه عمرو بن دينار، وقتادة، وعمرو بن هرم. واتفقوا على توثيقه وجلالته، وهو معدود فى أئمة التابعين وفقهائهم، وله مذهب يتفرد به. وجاء عن ابن عباس، قال:   (1) أخرجه أحمد (5/276، رقم 22431) ، ومسلم (1/353، رقم 488) ، والترمذى (2/231، رقم 389) وقال: حسن صحيح، والنسائى فى الكبرى (1/242، رقم 725) ، وابن ماجه (1/457، رقم 1423) ، وابن خزيمة (1/163، رقم 316) ، وابن حبان (5/27، رقم 1735) . (2) طبقات ابن سعد (7/467) ، التاريخ الكبير للبخارى (2/1/181) ، سير أعلام النبلاء (6/344) ، ميزان الاعتدال (1/374) ، تهذيب التهذيب لابن حجر (2/33، 35) ، وتقريب التهذيب (861) وقال: "ثقة ثبت إلا أنه يرى القدر من السابعة مات سنة خمسين وقيل ثلاث أو خمس وخمسين ع".. (3) طبقات ابن سعد (7/179) ، التاريخ الكبير للبخارى (2/1/204) ، الجرح والتعديل لابن أبى حاتم (1/1/494، 495) ، سير أعلام النبلاء (4/481، 483) ، تاريخ الإسلام (4/77، 78، 4/95) ، تهذيب التهذيب لابن حجر (2/38، 39) ، وتقريب التهذيب (865) وقال: "الجوفي بفتح الجيم وسكون الواو بعدها فاء البصري مشهور بكنيته ثقة فقيه من الثالثة مات دون المائة سنة ثلاث وتسعين ويقال ثلاث ومائة ع". . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 141 لو أخذ أهل البصرة بقول جابر بن زيد لأوسعهم علمًا عن كتاب الله. قال أحمد ابن حنبل، وعمرو بن على، والبخارى: توفى سنة ثلاث وتسعين. وقال محمد بن سعد: سنة ثلاث ومائة. وقال الهيثم: سنة أربع ومائة. 99 - جابر بن سمرة الصحابى، رضى الله عنه (1) : تكرر. هو أبو عبد الله، ويقال: أبو خالد جابر بن سمرة بن جنادة بن جندب بن حجير بن رباب بن حبيب بن سواء، بالمد وضم السين، ابن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان، بالعين المهملة، ابن مضر بن نزار بن معد بن عدنان السوائى، وهو وأبوه صحابيان، رضى الله عنهما. رُوى له عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مائة حديث وستة وأربعون حديثًا، اتفق البخارى ومسلم على حديثين، وانفرد مسلم بثلاثة وعشرين حديثًا. روى عنه جماعات من التابعين، منهم عبد الملك بن عمير، وعامر بن سعد، والشعبى. توفى سنة ست وستين. روينا فى صحيح مسلم، عن جابر بن سمرة، قال: والله لقد صليت مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أكثر من ألفى صلاة. 100 - جابر بن عبد الله الصحابى ابن الصحابى، رضى الله عنهما (2) : تكرر. هو أبو عبد الله، وقيل: أبو عبد الرحمن، وقيل: أبو محمد جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام، بالراء، ابن عمرو بن سواد بن سلمة، بكسر اللام، ابن سعد بن على ابن أسد بن ساردة، بالسين المهملة، ابن تزيد، بالتاء المثناة فوق، ابن جشم بن الخزرج الأنصارى السلمى، بفتح السين واللام، المدنى. وهو أحد المكثرين الرواية عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. روى ألف حديث وخمسمائة حديث وأربعين حديثًا، اتفق البخارى ومسلم منها على ستين حديثًا، وانفرد البخارى بستة وعشرين ومسلم بمائة وستة وعشرين. وروى عن أبى بكر، وعمر، وعلى، وأبى عبيدة، ومعاذ، وخالد بن الوليد، وأبى هريرة، رضى الله عنهم. روى عنه جماعات من أئمة التابعين، منهم سعيد بن المسيب، وأبو سلمة، ومحمد الباقر، وعطاء، وسالم بن أبى الجعد، وعمرو بن دينار، ومجاهد، ومحمد بن المنكدر، وأبو الزبير، والشعبى، وخلائق. ومناقبه   (1) طبقات ابن سعد (6/24) ، التاريخ الكبير للبخارى (2/1/205) ، الجرح والتعديل لابن أبى حاتم (1/1/493) ، أسد الغابة لابن الأثير (1/254) ، سير أعلام النبلاء (3/186) ، تاريخ الإسلام (3/2) ، تهذيب التهذيب لابن حجر (2/39، 40) ، الإصابة (1/212) ، وتقريب التهذيب (867) وقال: “جنادة بضم الجيم بعدها نون السوائي بضم المهملة والد صحابي ابن صحابي نزل الكوفة ومات بها بعد سنة سبعين ع”.. (2) طبقات ابن سعد (3/574) ، التاريخ الكبير للبخارى (2/1/207) ، الجرح والتعديل لابن أبى حاتم (1/1/492) ، الاستيعاب لابن عبد البر (1/219) ، أسد الغابة (1/256، 258) ، السير (3/189) ، تاريخ الإسلام (3/143، 145) ، تهذيب التهذيب لابن حجر (2/42، 43) ، الإصابة (2/212) ، وتقريب التهذيب (871) وقال: “صحابي ابن صحابي غزا تسع عشرة غزوة ومات بالمدينة بعد السبعين وهو ابن أربع وتسعين ع”. . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 142 كثيرة، استشهد أبوه يوم أُحُد، فأحياه الله تعالى وكلمه، وقال: يا عبد الله، ما تريد؟ فقال: أن أرجع إلى الدنيا فأستشهد مرة أخرى. وثبت فى صحيح البخارى، عن جابر قال: دفنت أبى يوم أُحُد مع رجل، ثم استخرجته بعد ستة أشهر، فإذا هو كيوم وضعته غير أذنه. وثبت فى صحيح مسلم، عن جابر، قال: غزوت مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تسع عشرة غزوة، ولم أشهد بدرًا ولا أُحُدًا منعنى أبى، فلما قُتل أبى يوم أُحُد لم أتخلف عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فى غزوة قط. وفى صحيح البخارى فى كتاب المبعث، عن جابر بن عبد الله، رضى الله عنه، قال: أنا وأبى وخالى من أصحاب العقبة. توفى جابر بالمدينة سنة ثلاث وسبعين، وقيل: ثمان وسبعين، وقيل: ثمان وستين، وهو ابن أربع وتسعين سنة، رضى الله عنه. وكان ذهب بصره فى آخر عمره. روينا فى صحيحى البخارى ومسلم، عن جابر بن عبد الله، قال: قال لنا رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوم الحديبية: “أنتم اليوم خير أهل الأرض”، وكنا ألفًا وأربعمائة. قال جابر: لو كنت أبصر اليوم لأريتكم مكان الشجرة. وحيث أُطلق جابر فى هذه الكتب فهو جابر بن عبد الله، وإذا أراد ابن سمرة قيده. 101 - جبار بن صخر الصحابى، رضى الله عنه (1) : مذكور فى المهذب فى باب موقف الإمام والمأموم. هو بفتح الجيم، وتشديد الموحدة، وآخره راء، وهو أبو عبد الله جبار بن سخر بن أمية بن خنساء بن عبيد بن عدى بن تميم بن كعب بن سلمة، بكسر اللام، الأنصارى السلمى، بفتح السين واللام، المدنى. قال محمد بن سعد: شهد جبار بن صخر العقبة مع السبعين من الأنصار باتفاق الرواة. قال: وآخى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بينه وبين المقداد بن الأسود. قال: وشهد جبار بدرًا، وأُحُدًا، والخندق، والمشاهد كلها مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وكان رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يبعثه خارجًا إلى خيبر. قال: وشهد بدرًا وهو ابن اثنتين وثلاثين سنة. وتوفى بالمدينة سنة ثلاثين وله عقب وحديث، قصته المذكورة فى المهذب، رواه مسلم فى صحيحه. 102 - جبريل الملك الكريم رسول رب العالمين، عليه السلام: مذكور فى مواقيت   (1) انظر: الإصابة (1/220) ، وأسد الغابة (1/265) ، والاستيعاب (1/227) ، والبداية والنهاية (7/156) ، والوافى بالوفيات (11/42) ، والبداية والنهاية (7/156) ، وطبقات ابن سعد (3/576) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 143 الصلاة من المهذب، والوسيط، وفى الوصية منهما، ومن الروضة، وفى أول باب الزكاة من المهذب، وفى الإحرام، والوليمة. فيه تسع لغات حكاهن ابن الأنبارى، وابن الجواليقى: جبريل، وجبريل بكسر الجيم وفتحها، وجبرئل، بفتح الجيم وهمزة مكسورة وتشديد اللام، وجبرائل بعدها ياء، وجبراييل بياءين بعد الألف، وجبرئيل بهمزة بعد الراء وياء، وجبرئل بكسر الهمزة وتخفيف اللام مع فتح الجيم والراء، وجبرين وجبرين بفتح الجيم وكسرها. قال جماعات من المفسرين، وصاحب المحكم، والجوهرى، وغيرهما من أهل اللغة فى جبريل وميكائيل: إن جبر وميك اسمان أضيفا إلى إيل وأل. وقال: وإيل وأل اسمان لله تعالى، وجبر وميك معناه بالسريانية عبد، فتقديره عبد الله. قال أبو على الفارسى: هذا الذى قالوه خطأ من وجهين: أحدهما: أن إيل وأل لا يعرفان فى أسماء الله تعالى. والثانى: أنه لو كان كذلك، لم يتصرف آخر الاسم فى وجوه العربية، ولكان آخره مجرورًا أبدًا كعبد الله. وهذا الذى قاله أبو على هو الصواب، فإن ما زعموه باطل لا أصل له. واعلم أن جبريل يقال له: الناموس، بالنون، كما ثبت فى الصحيحين فى حديث المبعث. قال أهل اللغة: الناموس صاحب سر الرجل الذى يطلعه على باطن أمره، وقيل: الناموس صاحب خبر الخير، والجاسوس صاحب خبر الشر. وقد تظاهرت الدلائل على عظم مرتبة جبريل، عليه السلام. قال الله تعالى: {قُلْ مَن كَانَ عَدُوًّا لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللهِ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ مَن كَانَ عَدُوًّا لِّلّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللهَ عَدُوٌّ لِّلْكَافِرِينَ} [البقرة: 97، 98] . وقال تعالى: {وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ} [الشعراء: 192 - 194] الآية. وقال تعالى: {عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى} [النجم: 5] الآيات، والمراد بشديد القوى جبريل، عليه السلام. وقال تعالى: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى عِندَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى} [النجم: 13، 14] الآية، المراد: رأى جبريل، هذا قول الجمهور، فرآه النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على صورته له ستمائة جناح مرتين. وقال تعالى: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ ذِى قُوَّةٍ عِندَ ذِى الْعَرْشِ مَكِينٍ مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ وَمَا صَاحِبُكُم بِمَجْنُونٍ وَلَقَدْ رَآهُ بِالأُفُقِ الْمُبِينِ وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ} [التكوير: 19 - 24] . وثبت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 144 فى صحيح البخارى ومسلم فى حديث المبعث عن عائشة، رضى الله عنها، أن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جاءه جبريل وهو يتعبد فى غار حراء، فأخذه فغطه ثم أرسله، فقال: اقرأ، ثم غطه ثانية وثالثة يقول له مثل ذلك، ثم قال: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِى خَلَقَ خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ الَّذِى عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} [العلق: 1 - 5] . وفى صحيح مسلم عن ابن مسعود فى قول الله تعالى: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} [النجم: 13] ، قال: رأى جبريل فى صورته له ستمائة جناح. وعن مسروق، قال: قلت لعائشة، رضى الله عنها: ألم يقل الله تعالى: {وَلَقَدْ رَآهُ بِالأُفُقِ الْمُبِينِ} [التكوير: 23] ، {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} [النجم: 13] ؟ فقالت: أنا أول هذه الأمة سأل عن ذلك رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقال: “إنما هو جبريل، لم أره على صورته التى خلق عليها غير هاتين المرتين، رأيته منهبطًا من السماء سادًا عظم خلقته ما بين السماء والأرض”. وفى صحيح مسلم، عن مسروق أيضًا، قال: قلت لعائشة، رضى الله عنها: قوله تعالى: {ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى} [النجم: 8، 9] ، فقالت: إنما ذلك جبريل، كان يأتيه فى صورة الرجال، وإنه أتاه هذه المرة فى صورته التى هى صورة، فسد أفق السماء. وفى صحيحى البخارى ومسلم، عن عائشة، أن الحارث بن هشام سأل رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقال: يا رسول الله، كيف يأتيك الوحى؟ فقال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “أحيانًا يأتينى مثل صلصلة الجرس، وهو أشده علىَّ، فيفصم عنى وقد وعيت عنه ما قال، وأحيانًا يتمثل لى الملك رجلاً، فيكلمنى فأعى ما يقول” (1) ، قالت عائشة: ولقد رأيته ينزل عليه الوحى فى اليوم الشديد البرد فيفصم عنه، وإن جبينه ليتفصد عرقًا. قال أهل اللغة: الفصم القطع بغير إبانة، ومعناه: يفارقنى على أنه يعود. وفى صحيحيهما عن ابن عباس، قال: كان رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أجود الناس، وكان أجود ما يكون فى رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه فى كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن، فرسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أجود بالخير من الريح المرسلة. وفى صحيح البخارى عن ابن عباس، قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لجبريل: “ما يمنعك أن تزورنا أكثر مما تزورنا؟ ”، فنزلت: {وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلاَّ بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا} [مريم: 64] . وفى البخارى عن البراء، قال: قال النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لحسان: “اهجهم”، قال: أوهاجهم وجبريل معك؟!. وفى الصحيحين فى حديث الإسراء: صعود رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وجبريل إلى السموات السبع، وأن جبريل يتفتح فى باب كل سماء، فيقال: من هذا؟ فيقول: جبريل، فيقال: ومن معك؟ فيقول: محمد، فيفتح. وفى الصحيح أن الله تعالى إذا أحب عبدًا نادى: يا جبريل، إنلا أحب فلانًا فأحبه، فيحبه جبريل، ثم ينادى جبريل فى السماء: إن الله يحب فلانًا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول فى الأرض. والأحاديث الصحيحة المتعلقة بعظم فضل جبريل كثيرة مشهورة. وكان يأتى النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فى صورة دحية الكلبى، ورأته الصحابة حين جاء فى صورة رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، لا يرى عليه أثر السفر، ولا يعرفه أحد، فسأل النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهم يرونه ويسمعونه عن الإيمان، والإسلام، والإحسان، والساعة وأمارتها، ثم خرج فطلبوه فى الحال فلم يجدوه، فقال النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “   (1) حديث عائشة: أخرجه مالك (1/202، رقم 475) ، وأحمد (6/158، رقم 25291) ، والبخارى (3/1176، رقم 3043) ، ومسلم (4/1816، رقم 2333) ، والترمذى (5/597، رقم 3634) ، وقال: حسن صحيح. والنسائى (2/147، رقم 934) ، والطبرانى (3/259، رقم 3345) وأبو عوانة (كما فى إتحاف الخيرة 6/131/ب _ مخطوط) . وأخرجه أيضًا: الحميدى (1/124، رقم 256) ، وابن راهويه (2/252، رقم 754) ، وعبد بن حميد= = (ص 433، رقم1490) ، وابن خزيمة فى التوحيد (ص 149) ، وابن حبان (1/225، رقم 38) . حديث عائشة عن الحارث: أخرجه الطبرانى (3/259، رقم 3343) ، والحاكم (3/314، رقم 5213) .. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 145 هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم” (1) ، وهذا الحديث فى الصحيحين. وفى صحيح البخارى عن ابن عباس، أن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال يوم بدر: “هذا جبريل آخذ برأس فرسه عليه أداة الحرب”. وفى البخارى عن عائشة، رضى الله عنها، قالت: لما رجع النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من الخندق ووضع السلاح واغتسل أتاه جبريل، فقال: قد وضعت السلاح، والله ما وضعناه، فاخرج إليهم، قال: “فإلى أين؟ ”، قال: هاهنا، وأشار بيده إلى بنى قريظة، فخرج النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إليهم. وفى البخارى عن أنس بن مالك، قال: كأنى أنظر إلى الغبار ساطعًا فى زقاق بنى غنم موكب جبريل حين سار النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى بنى قريظة. 103 - جبير بن مطعم الصحابى، رضى الله عنه (2) : متكرر فى المختصر، والمهذب، ومطعم بكسر العين. هو أبو محمد، ويقال: أبو عدى جبير بن مطعم بن عدى بن نوفل بن عبد مناف بن قصى القرشى النوفلى المدنى. أسلم قبل عام خيبر، وقيل: أسلم يوم فتح مكة. رُوى له عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ستون حديثًا، اتفق البخارى ومسلم على ستة، وانفرد البخارى بثلاثة، ومسلم بحديث. روى عنه سليمان بن صرد   (1) أخرجه أحمد (1/51، رقم 367) ، ومسلم (1/36، رقم 8) ، وأبو داود (4/223، رقم 4695) ، والترمذى (5/6، رقم 2610) ، والنسائى (8/97، رقم 4990) ، وابن ماجه (1/24، رقم 63) . (2) التاريخ الكبير للبخارى (2/1/223) ، الجرح التعديل لابن أبى حاتم (1/1/512) ، سير أعلام النبلاء (3/95) ، تاريخ الإسلام (2/274) ، تهذيب التهذيب لابن حجر (2/63، 64) ، الإصابة (1/225، 226) ، وتقريب التهذيب (903) وقال: “صحابي عارف بالأنساب مات سنة ثمان أو تسع وخمسين ع”.. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 146 الصحابى، وابناه نافع ومحمد ابنا جبير، وسعيد بن المسيب، وآخرون. قال الزبير بن بكار: كان من علماء قريش وساداتهم. توفى بالمدينة سنة أربع وخمسين. وقال ابن قتيبة: سنة تسع وخمسين. 104 - جرير بن عبد الله الصحابى، رضى الله عنه (1) : تكرر فى المختصر، والمهذب. هو أبو عمرو جرير بن عبد الله بن جابر بن مالك بن نصر بن ثعلبة البجلى الأحمسى، بالمهملتين، الكوفى، وبجيلة هى بنت صعب بن سعد العشيرة أم ولد أنمار بن أرش، نسبوا إليها، نزل جرير الكوفة، ثم تحول إلى قرقيسيا، وتوفى بها سنة إحدى وخمسين. رُوى له عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مائة حديث، اتفقا منها على ثمانية، وانفرد البخارى بحديث، ومسلم بستة. روى عنه أنس بن مالك، وقيس بن أبى حازم، والشعبى، وبنوه الثلاثة عبيد الله، وإبراهيم، والمنذر بنو جرير، وآخرون. قال ابن قتيبة: قدم جرير على النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سنة عشر من الهجرة فى شهر رمضان، فبايعه وأسلم. قال: وكان عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، يقول: جرير يوسف هذه الأمة؛ لحسنه. قال: وكان طويلاً يصل إلى سنام البعير، وكانت نعله ذراعًا، ويخضب لحيته بزعفران بالليل ويغسلها إذا أصبح. واعتزل عليًا ومعاوية، وأقام بالجزيرة ونواحيها حتى توفى سنة أربع وخمسين، رضى الله تعالى عنه. روينا فى صحيحى البخارى ومسلم عن أنس، قال: خرجت مع جرير فى سفر، فكان يخدمنى، فقلت له: لا تفعل، فقال: إنى رأيت الأنصار تصنع برسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أشياء آليت ألا أصحب أحدًا منهم إلا خدمتهم، وكان جرير أكبر من أنس، رضى الله عنهما. وروينا فى صحيحيهما عن جرير، قال: بايعت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والنصح لكل مسلم. وفى صحيحيهما عن جرير، قال: ما حجبنى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - منذ أسلمت، ولا رآنى إلا تبسم فى وجهى، ولقد شكوت إليه أنى لا أثبت على الخيل، فضرب بيده على صدرى، وقال: “اللهم ثبته واجعله هاديًا مهديًا”. وفى صحيحيهما عن جرير، قال: قال لى النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فى حجة الوداع: “استنصت لى   (1) طبقات ابن سعد (6/22) ، التاريخ الكبير للبخارى (2/1/211) ، الجرح التعديل لابن أبى حاتم (1/1/502) ، الاستيعاب لابن عبد البر (1/236، 240) ، أسد الغابة لابن الأثير (1/279، 280) ، السير (2/530، 537) ، تاريخ الإسلام (2/274) ، تهذيب التهذيب لابن حجر (2/73، 74) ، الإصابة (1/232) ، تقريب التهذيب (915) وقال: “صحابي مشهور يقال له: يوسف هذه الأمة مات سنة إحدى وخمسين وقيل بعدها ع”.. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 147 الناس”. وفى صحيحيهما عن جرير، قال: كان فى الجاهلية بيت لخثعم يقال له: ذو الخلصة، والكعبة اليمانية، فقال لى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “هل أنت مريحى من ذى الخلصة والكعبة اليمانية؟ ”، فنفرت إليه فى مائة وخمسين فارسًا من أحمس، فكسرناه وقتلنا من وجدنا عنده، فأتيناه فأخبرناه، فدعا لنا ولأحمس. وفى رواية: قال: “انطلق فحرقها بالنار”، ثم بعث جرير إلى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رجلاً يبشره، فبرك رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على خيل أحمس ورجالها خمس مرات. ومناقبه كثيرة، ومن مستطرفاتها أنه اشترى له وكيله فرسًا بثلاثمائة درهم، فرآها جرير، فتخيل أنها تساوى أربعمائة، فقال لصاحبها: أتبيعها بأربعمائة؟ قال: نعم، ثم تخيل أنها تساوى خمسمائة، فقال: أتبيعها بخمسمائة؟ قال: نعم، ثم تخيل أنها تساوى ستمائة، ثم سبعمائة، ثم ثمانمائة، فاشتراها بثمانمائة، رضى الله عنه. 105 - جعفر بن أبى طالب عبد مناف بن عبد المطلب، رضى الله عنه (1) : مذكور فى المختصر، وفى مواضع من المهذب، منها باب التكبير فى العيد، والتعزية، والشرط فى الطلاق، والحضانة. هو أبو عبد الله جعفر بن أبى طالب الهاشمى الطيار، ذو الجناحين، وذو الهجرتين الجواد، أبو الجواد. كان من متقدمى الإسلام، وهاجر إلى الحبشة، وكان هو وأصحابه سبب إسلام النجاشى، رحمه الله، وارتفق المسلمون بجعفر هناك واعتضدوا به، وكان جعفر أميرهم فى الهجرة، وهاجرت معه زوجته أسماء بنت عميس، فولدت له هناك عبد الله بن جعفر، وهو أول مولود ولد فى الإسلام بأرض الحبشة. وقصة جعفر مع النجاشى فى أول اجتماعه به وقراءته عليه سورة مريم، وقوله: ثم إن عيسى عبد الله تعالى، وغير ذلك مما جرى له مشهور معروف. ثم قدم من الحبشة هو ومن صحبه من المهاجرين ومن دخل فى الإسلام هناك، وجاءوا فى سفينتين فى البحر، فقدموا على رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فى خيبر، فأسهم لهم منها، ولم يسهم لمن لم يحضرها غير أهل السفينتين. وحديث قصتهم فى الصحيح مشهورة. ثم سكن المدينة، ثم أمّره النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على جيش غزوة مؤتة بعد زيد بن حارثة، فاستشهد هو   (1) طبقات ابن سعد 4/34، التاريخ الكبير للبخارى 2/2139، الكنى للدولابى 2/77، الجرح والتعديل 2/1960، الإستيعاب لابن عبد البر 242، أسد الغابة 1/286-289، سير أعلام النبلاء 1/206-217، الإصابة رقم 1166، تهذيب التهذيب 2/98-99، وتقريب التهذيب (943) .. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 148 وزيد فيها فى جمادى الأولى سنة ثمان من الهجرة، فأخبر بوفاته رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على المنبر فى المدينة حال وفاته، واستغفر له، وأمر المسلمين بالاستغفار له، ووجدوا به يومئذ أربعًا وخمسين ضربة بالسيف فى مقدمه. وروى البخارى فى صحيحه، عن ابن عمر، قال: كنت فى غزوة مؤتة، فالتمسنا جعفرًا، فوجدناه فى القتلى، ووجدنا فى جسده بضعًا وتسعين من طعنة ورمية. وفى رواية للبخارى أيضًا: فعددت به خمسين من طعنة وضربة ليس فيها شىء فى دبره. وقبره وقبر صاحبيه زيد بن حارثة، وعبد الله بن رواحة مشهور بأرض مؤتة من الشام، على نحو مرحلتين من بيت المقدس، رضى الله عنهم. روينا فى صحيح البخارى، عن أبى هريرة، رضى الله عنه، قال: كان خير الناس للمساكين جعفر بن أبى طالب، رضى الله عنه، كان ينقلب بنا فيطعمنا ما كان فى بيته، حتى إن كان ليخرج إلينا العكة التى ليس فيها شىء، فيشقها فنلعق ما فيها. وفى صحيح البخارى، عن الشعبى، أن ابن عمر كان إذا سلم على ابن جعفر قال: السلام عليك يا ابن ذى الجناحين. جاء فى غير البخارى أنه قطعت يداه يوم غزوة مؤتة، فجعل الله له جناحين يطير بهما. وعن أبى هريرة، رضى الله تعالى عنه، قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “رأيت جعفرًا يطير فى الجنة مع الملائكة” (1) . رواه الترمذى، وفى إسناده ضعف. وثبت أن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال لجعفر: “أشبهت خَلقى وخُلقى” (2) . ومناقبه كثيرة مشهورة. قالوا: وكان جعفر أسن من على، رضى الله عنه، بعشر سنين، وعقيل أسن من جعفر بعشر سنين، وطالب بن أبى طالب أسن من عقيل بعشر سنين، وأمهم فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف، وهى أول هاشمية تزوجها هاشمى، وأسلمت، رضى الله عنها، وهاجرت إلى المدينة، وتوفيت فى زمن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وصلى عليها ونزل فى قبرها، وكان يكرمها، وكان أولاد جعفر ثلاثة من أسماء: عبد الله، ومحمد، وعون، والعقب لعبد الله دون أخويه، رضى الله عنهم أجمعين. وكان لجعفر يوم توفى إحدى وأربعين سنة، وقيل غير ذلك، رضى الله عنه. 106 - جعفر بن محمد الصادق، رضى الله عنه (3) : مذكور فى المختصر فى قسم الصدقات،   (1) أخرجه الترمذى (5/654، رقم 3763) وقال: غريب لا نعرفه إلا من حديث عبد الله جعفر وقد ضعفه يحيى بن معين وغيره، وأبو يعلى (11/350، رقم 6464) ، والحاكم (3/231، رقم 4935) وقال: صحيح الإسناد. وأخرجه أيضًا: ابن حبان (15/521، رقم 7047) . (2) أخرجه أحمد (1/98، رقم 770) . وأخرجه الحاكم (3/232، رقم 4939) ، وقال: صحيح على شرط مسلم. وأبو داود (2/284، رقم 2278) ، والبيهقى (8/6، رقم 15549) . (3) التاريخ الكبير للبخارى 2/2183، الجرح والتعديل 2/1987، تاريخ الإسلام للذهبى 6/45-48، سير أعلام النبلاء 6/255-270، ميزان الاعتدال 1/414-415، تهذيب التهذيب لابن حجر 2/103-104، وتقريب التهذيب (950) وقال: "صدوق فقيه إمام من السادسة مات سنة ثمان وأربعين بخ م 4".. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 149 وفى الشهادات، وفى المهذب فى آخر صدقة التطوع، وفى باب تضمين الأجير. هو الإمام أبو عبد الله جعفر بن محمد بن على ابن الحسين بن على بن أبى طالب، رضى الله عنهم، الهاشمى المدنى الصادق. أمه أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبى بكر الصديق، رضى الله عنهم. روى عن أبيه، والقاسم بن محمد، ونافع، وعطاء، ومحمد بن المنكدر، والزهرى، وغيرهم. روى عنه محمد بن إسحاق، ويحيى الأنصارى، ومالك، والسفيانان، وابن جريج، وشعبة، ويحيى القطان، وآخرون. واتفقوا على إمامته، وجلالته، وسيادته. قال عمرو بن أبى المقدام: كنت إذا نظرت إلى جعفر بن محمد علمت أنه من سلالة النبيين. قال البخارى فى تاريخه: ولد جعفر سنة ثمانين، وتوفى سنة ثمان وأربعين ومائة. * * * حرف الحاء المهملة 107 - الحارث بن حاطب الصحابى، رضى الله عنهم (1) : مذكور فى المهذب فى الشهادة على هلال رمضان، وفى باب السرقة. هو الحارث ابن حاطب بن الحارث بن معمر بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح القريشى الجمحى المكى. وأمه فاطمة بنت المجلل، ولد بأرض الحبشة فى الهجرة هو وأخوه محمد ابن حاطب، وكان الحارث أسن، واستعمل عبد الله بن الزبير الحارث على مكة سنة ست وستين، هكذا قاله ابن الكلبى، والزبير بن بكار، وأبو عمر بن عبد البر، وغيرهم. وقال ابن إسحاق: إنه هاجر إلى الحبشة، والأول أصح. وظن أبو عبد الله بن مندة أن الحارث بن حاطب هذا خرج مع النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوم بدر هو وأبو لبابة، فردهما واستخلف أبا لبابة على المدينة، وضرب لهما بسهمهما، وغلطوه فى هذا، قالوا: وإنما الذى ردَّه النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الحارث بن حاطب بن عمرو بن عبيد بن أمية الأنصارى الأوسى، وأما الأول فقرسى جمحى، ولد بالحبشة ولم يقدم المدينة إلا بعد بدر وهو صبى، والله أعلم. وحديثه المذكور فى المهذب حديث حسن، رواه أبو داود بإسناد حسن.   (1) التاريخ الكبير للبخارى 2/2401، الجرح والتعديل لابن أبى حاتم 3/328، الاستيعاب 1/285، أسد الغابة 1/322-323، تهذيب التهذيب لابن حجر 2/138-139، الإصابة 1390، وتقريب التهذيب (1015) وقال: "صحابي صغير وذكره ابن حبان في ثقات التابعين مات بعد سنة ست وستين د س".. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 150 108 - الحارث بن عبد الرحمن (1) : مذكور فى المختصر فى قطع السارق. هو أبو عبد الرحمن الحارث بن عبد الرحمن القرشى العامرى المدنى، خال ابن أبى ذؤيب. روى عن أبى سلمة بن عبد الرحمن، وسالم، وحمزة ابنى عبد الله بن عمر، رضى الله عنه. روى عنه ابن أبى ذؤيب. قال الحاكم أبو أحمد: يقال: لا راوى له غيره. قال يحيى بن معين: هو مشهور. 109 - حارثة بن مضرب (2) : مذكور فى المهذب فى كفالة البدن، وفى أول الأقضية. وضرب، بضم الميم، وفتح الضاد المعجمة، وكسر الراء. وحكى القلعى فتحها أيضًا وهو غلط، وهو حارثة بن مضرب العبدى الكوفى التابعى، سمع عمر بن الخطاب، وعليًا، وابن مسعود، وأبا موسى الأشعرى، وعمارًا، وغيرهم، رضى الله عنهم. قال يحيى بن معين وغيره: هو ثقة. 110 - حاطب بن أبى بلتعة الصحابى، رضى الله عنه (3) : بفتح الباء الموحدة والتاء المثناة فوق بينهما لام ساكنة. مذكور فى مواضع من المختصر، وفى كتاب السير من المهذب. هو أبو محمد، وقيل: أبو عبد الله حاطب بن أبى بلتعة عمرو بن عمير بن سلمة بن صعب بن سهل بن العتيك بن سَعَّاد، بفتح السين وتشديد العين، ابن راشدة بن جزيلة، بالزاى، ابن لخم بن عدى حليف للزبير بن العوام. وقيل: كان لعبيد الله بن حميد بن زهير بن الحارث بن أسد، فكاتبه فأدى كتابته، شهد بدرًا، والحديبية، وشهد الله له بالإيمان فى قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا عَدُوِّى وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء} [الممتحنة: 1] الآيتين نزلتا فيه. قالوا: وأرسله رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى المقوقس صاحب الإسكندرية سنة ست من الهجرة، فقال له المقوقس: أخبرنى عن صاحبك أليس هو نبيًا؟ قال: بلى، قال: فما له لم يدع على قومه حيث أخرجوه من بلدته؟ قال له حاطب: فعيسى ابن مريم رسول الله حين أراد قومه صلبه لم يدع عليهم حتى رفعه الله، قال: أحسنت، أنت حكيم جئت من عند حكيم، وبعث معه هدية لرسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - منها مارية القبطية، وأختها شيرين، وجارية أخرى، فاتخذ   (1) التاريخ الكبير للبخارى 2/2434، الجرح والتعديل 3/367، ميزان الاعتدال 1/437-438، تاريخ الإسلام 5/85، تهذيب التهذيب لابن حجر 2/148 - 149، وتقريب التهذيب (1031) وقال: “صدوق من الخامسة مات سنة تسع وعشرين وله ثلاث وسبعون سنة 4”.. (2) طبقات ابن سعد 6/116، التاريخ الكبير للبخارى 3/326، الجرح والتعديل 3/1173، أسد الغابة 1/358، ميزان الاعتدال 1/446، تاريخ الإسلام 3/151، تهذيب التهذيب لابن حجر 2/166، 167، الإصابة 1940، وتقريب التهذيب (1063) وقال: “مضرب بتشديد الراء المكسورة قبلها معجمة العبدي الكوفي ثقة من الثانية غلط من نقل عن ابن المديني أنه تركه بخ 4”.. (3) انظر: الإصابة (1/300) ، وأسد الغابة (1/360) ، والاستيعاب (1/348) ، وطبقات ابن سعد (3/114) ، وسير أعلام النبلاء (2/43) (9) ، والوافى بالوفيات (11/272) .. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 151 مارية سرية، ووهب شيرين لحسان بن ثابت، والأخرى لأبى جهم بن حذيفة، وأرسل معه من يوصله مأمنه. توفى حاطب سنة ثلاثين بالمدينة، وصلى عليه عثمان بن عفان، رضى الله عنه، وكان عمره خمسًا وستين سنة. وروينا فى صحيح البخارى عن جابر، أن عبدًا لحاطب جاء إلى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يشكو حاطبًا، فقال: يا رسول الله، ليدخلن حاطب النار، فقال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “كذبت لا يدخلها، فإنه شهد بدرًا، والحديبية”، وكان حاطب حسن الجسم، خفيف اللحية. ذكره ابن سعد. 111 - حَبان بن منقذ: مذكور فى باب خيار الشرط فى البيع من المختصر، والمهذب، والوسيط، وفى أوائل كتاب العدد من المختصر، والوسيط، وفى الرد بالعيب من المهذب. وهو بالباء الموحدة، وبفتح الحاء بلا خلاف بين أهل العلم من أهل الحديث، والتاريخ، والأسماء، والمؤتلف والمختلف، وإنما ذكرت هذا لأنى رأيت مَن يصحفه كثيرًا، فيكسر حاءه، وهذا غلط بلا شك، وقد سبق تمام نسبه فى ترجمة ابن ابنه محمد بن يحيى بن حبان. وحبان صحابى مشهور، شهد أُحُدًا وما بعدها، وتزوج زينب الصغرى بنت ربيعة ابن الحارث بن عبد المطلب، فولدت له يحيى، وواسعًا. وتوفى حبان فى خلافة عثمان، رضى الله عنه. ومنقذ أيضًا صحابى، ذكره البخارى فى تاريخه، وقال: له صحبة، وستأتى ترجمته فى حرف الميم إن شاء الله تعالى. 112 - حجاج بن أرطأة (1) : بفتح الهمزة. مذكور فى أول حيض المهذب. هو أبو أرطأة الحجاج بن أرطأة بن ثور ابن هبيرة بن شراحيل بن كعب بن سلامان بن عامر بن حارثة بن سعد بن مالك بن النخع النخعى الكوفى الفقيه. أحد الأئمة فى الحديث والفقه، وهو من تابعى التابعين. سمع عطاء، والشعبى، والزهرى، وقتادة، وغيرهم من التابعين. روى عنه محمد بن إسحاق، وهو تابعى، ومنصور بن   (1) طبقات ابن سعد 6/359، التاريخ الكبير للبخارى 2/2835، الكنى للدولابى 1/112، الجرح والتعديل 3/673، المجروحين لابن حبان 1/225، تاريخ بغداد 8/230، ميزان الاعتدال 1/458-460، تاريخ الإسلام 6/51-53، سير أعلام النبلاء 7/68، تهذيب التهذيب لابن حجر 2/196-198، وتقريب التهذيب (1119) وقال: “أحد الفقهاء صدوق كثير الخطأ والتدليس من السابعة مات سنة خمس وأربعين بخ م 4”.. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 152 المعتمر، والثورى، وشعبة، والحمادان، وابن المبارك، وآخرون من الأئمة. واتفقوا على أنه مدلس، وضعفه الجمهور، فلم يحتجوا به، ووثقه شعبة وقليلون، وكان بارعًا فى الحفظ والعلم. روينا عن سفيان الثورى أنه قال لطلبة العلم: عليكم بالحجاج، فما بقى أحد أعرف بما يخرج من رأسه منه. قال: وما رأيت أحفظ منه. وعن حماد بن زيد، قال: الحجاج عندنا أقهر للحديث من الثورى، وكان قاضى البصرة. وقال هشيم: سمعت الحجاج يقول: استفتيت وأنا ابن ست عشرة سنة. وقال الحجاج: ما خاصمت قط أحدًا ولا جلست إلى قوم يختصمون، توفى بالرى. 113 - الحجاج بن يوسف الثقفى المشهور (1) : تكرر ذكره فى المختصر، والمهذب، والوسيط، والروضة. وهو أبو محمد الحجاج بن يوسف بن الحكم بن أبى عقيل بن مسعود بن عامر بن معتب بن مالك بن كعب الثقفى. قال ابن قتيبة: هو من الأجلاف. قال: وكان أخفش، دقيق الصوت، وأوَّل ولاية وليها تبالة، بمثناة فوق مفتوحة، ثم باء موحدة مخففة، فلما رآها احتقرها فتركها، ثم تولى قتال ابن الزبير، رضى الله عنه، فقهره على مكة والحجاز، وقتل ابن الزبير وصلبه بمكة سنة ثلاث وسبعين، فولاه عبد الملك الحجاز ثلاث سنين، وكان يصلى بالناس، ويقيم لهم الموسم، ثم ولاه العراق وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة، فوليها عشرين سنة، وحطم أهلها، وفعل ما فعل. وتوفى بواسط ودفن بها، وعفى قبره، وأجرى عليه الماء، وكان موته سنة خمس وتسعين. 114 - حذيفة بن اليمان الصحابى، رضى الله عنه (2) : تكرر فى هذه الكتب. هو أبو عبد الله حذيفة بن اليمان، وابن اليمان حسل، بكسر الحاء وإسكان السين المهملتين، ويقال: حسيل، بالتصغير، ابن جابر بن عمرو بن ربيعة ابن جروة، بجيم مكسورة، ابن الحارث بن مازن بن قطيعة بن عبس بن بغيض، بفتح الموحدة وبغين وضاد معجمتين، ابن ريث، براء مفتوحة ثم مثناة من تحت ساكنة ثم مثلثة، ابن غطفان بن سعد بن   (1) الجرح والتعديل 3/718، تاريخ بغداد للخطيب 8/240، المنتظم لابن الجوزى 5/20، تاريخ الإسلام للذهبى، الورقة 231 سير أعلام النبلاء 12/301، ميزان الاعتدال 1/466، تهذيب التهذيب لابن حجر 2/209-210، وتقريب التهذيب (1140) وقال: “ثقة حافظ من الحادية عشرة مات سنة تسع وخمسين م”.. (2) طبقات ابن سعد 5/527، 6/15، 7/317، التاريخ الكبير للبخارى 3/332، الجرح والتعديل 3/1140، الاستيعاب 1/324، أسد الغابة 1/390-392، سير أعلام النبلاء 2/361-369، تاريخ الإسلام 2/152، تهذيب التهذيب لابن حجر 2/219-220، الإصابة 1647، تقريب التهذيب (1156) وقال: “حسيل بمهملتين مصغرا ويقال حسل بكسر ثم سكون العبسي بالموحدة حليف الأنصار صحابي جليل”.. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 153 قيس عيلان، بالعين المهملة، ابن مضر بن نزار بن معد بن عدنان العبسى، حليف بنى عبد الأشهل من الأنصار. قالوا: واليمان لقب حسل. وقال الكلبى، وابن سعد: هو لقب جروة. قالوا: ولقب باليمان؛ لأنه أصاب دمًا فى قومه، فهرب إلى المدينة، فحالف بنى عبد الأشهل من الأنصار، فسماه قومه اليمان؛ لأنه حالف الأنصار، وهم من اليمن. أسلم حذيفة وأبوه، وهاجرا إلى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وشهدا جميعًا أُحُدًا، وقُتل أبوه يومئذ، قتله المسلمون خطأ، فوهب لهم دمه، وأسلمت أم حذيفة وهاجرت. وفى كتاب الترمذى فى مناقب الحسن والحسين، رضى الله عنهما، حديث حسن، يتضمن إسلامها. روى عن حذيفة جماعات من الصحابة، منهم عمر، وعلى، وعمار، وجندب، وعبد الله بن يزيد الخطمى، وأبو الطفيل. وروى عنه خلائق من التابعين، منهم ابنه أبو عبيدة بن حذيفة، وكان صاحب سر رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فى المنافقين يعلمهم وحده، وسأله عمر بن الخطاب، رضى الله عنه: هل فى عمالى أحد منهم؟ قال: “نعم، واحد”، قال: من هو؟ قال: “لا أذكره”، فعزله عمر كأنما دَلّ عليه. وأرسله رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ليلة الأحزاب سرية وحده ليأتيه بخبر القوم، فوصلهم وجاءه بخبرهم. وحديثه هذا فى الصحيح مشهور طويل، مشتمل على معجزات. وحضر حذيفة الحرب بنهاوند، فلما قتل النعمان بن مقرن أمير الجيش أخذ الراية، وكان فتح همذان، والرى، والدينور على يد حذيفة، وشهد فتح الجزيرة، ونزل نصيبين، وولاه عمر، رضى الله عنه، المدائن. وقال عمر، رضى الله عنه، لأصحابه: تمنوا، فتمنوا ملء البيت الذى هم فيه جوهرًا لينفقوه فى سبيل الله، فقال عمر: لكنى أتمنى رجالاً مثل أبى عبيدة، ومعاذ بن جبل، وحذيفة، وأستعملهم فى طاعة الله تعالى. وكان كثير السؤال لرسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن أحاديث الفتن والشر ليجتنبها، وسأله رجل: أى الفتن أشد؟ قال: أن يعرض عليك الخير والشر، ولا تدرى أيهما تترك. توفى بالمدائن سنة ست وثلاثين بعد قتل عثمان بن عفان، رضى الله عنهما، بأربعين ليلة، وقُتل عثمان يوم الجمعة لثمانى عشرة خلون من ذى الحجة سنة خمس وثلاثين، ولم يدرك حذيفة وقعة الجمل؛ لأنها كانت فى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 154 جمادى الأولى سنة ست وثلاثين. وكان لحذيفة أخ اسمه صفوان، وأختان: أم سلمة، وفاطمة، بنو اليمان. روينا فى صحيحى البخارى ومسلم، عن حذيفة، قال: قام فينا رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مقامًا ما ترك شيئًا يكون من مقامه ذلك إلى القيام الساعة إلا حَدَّث به، حَفِظَه مَن حَفِظَه، ونَسيه مَن نسيه، قد علمه أصحابى هؤلاء، وأنه ليكون منه الشىء قد نسيته فأراه فأذكره كما يذكر الرجل وجه الرجل إذا غاب عنه، ثم إذا رآه عرفه. وفى الصحيحين عنه قال: كان الناس يسألون رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن الخير، وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركنى. وفى صحيح مسلم عنه، قال: أخبرنى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بما كان إلى أن تقوم الساعة. وفى صحيح مسلم أيضًا عنه قال: والله إنى لأعلم الناس بكل فتنة كائنة فيما بينى وبين الساعة. ومناقبه وأحواله كثيرة مشهورة، رضى الله عنه. 115 - حرام (1) : بالراء لا بالزاى. مذكور فى باب صول الفحل من المختصر والمهذب. هو أبو سعد، وقيل: أبو سعيد حرام بن سعد بن محيصة بن مسعود بن كعب بن عامر بن عدى بن مجدعة بن حارثة، بالحاء، ابن الحارث الأنصارى الحارثى المدنى التابعى. ويقال: حرام ابن ساعدة، ويقال: حرام بن محيصة، ينسب إلى جده. روى عن البراء بن عازب. وروى عنه الزهرى. قال محمد بن سعد: كان ثقة، قليل الحديث، توفى بالمدينة سنة ثلاث عشرة ومائة، وهو ابن سبعين سنة. واعلم أنه قد وقع فى المختصر والمهذب عن حرام بن سعد أن ناقة للبراء بن عازب دخلت حائط قوم فأفسدت، فقضى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن على أهل الأموال حفظ أموالهم بالنهار ... إلى آخره، فجعلا الحديث مرسلاً؛ لأن حرامًا تابعى لم يدرك هذه القضية، وهذا تغيير للحديث، والحديث متصل محفوظ فى سنن أبى داود، والنسائى، وابن ماجة، وآخرين عن حرام، عن البراء، أن ناقة له دخلت، وذكر الحديث، والله أعلم. 116 - حرملة (2) : صاحب الإمام الشافعى، رضى الله عنه، حقيقة، أحد رواة كتبه. تكرر فى المهذب، والوسيط، والروضة، وقولهم: قال فى حرملة، أو نص فى حرملة،   (1) طبقات ابن سعد 5/258، تاريخ البخارى 3/350، الجرح والتعديل 3/1256، تاريخ الإسلام 4/241، تهذيب التهذيب لابن حجر 2/223، تقريب التهذيب (1163) وقال: “ثقة من الثالثة 4”.. (2) التاريخ الكبير للبخارى 3/245، الجرح والتعديل 3/1224، ميزان الاعتدال 1/472، 473، رقم 1783، سير أعلام النبلاء 11/389، تهذيب التهذيب لابن حجر 2/229، 231، تقريب التهذيب (1175) وقال: “صدوق من الحادية عشرة مات سنة ثلاث أو أربع وأربعين وكان مولده سنة ستين م س ق”. . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 155 معناه: قال الشافعى فى الكتاب الذى نقل عنه حرملة، فسمى الكتاب باسم راويه مجازًا، كما يقال: قرأت للبخارى، ومسلمًا، والترمذى، والنسائى، وسيبويه، والزمخشرى، وشبهها. وهو أبو عبد الله، وقيل: أبو حفص حرملة بن يحيى بن عبد الله بن حرملة بن عمران بن قراد المصرى التجيبى، بتاء مثناة فوق، ثم جيم مكسورة، والمشهور ضم التاء، وقيل بفتحها، منسوب إلى تجيب قبيلة معروفة من العرب فى اليمن. قال السمعانى: هو نسبة إلى تجيب، وهى اسم امرأة، وهى أم عدى وسعد ابنى أشرس بن شبيب بن السكون، قاله أحمد بن الحباب النسابة. قال: وهذه القبيلة نزلت مصر، وبها محلة تنسب إليها. سمع حرملة جماعات من الأئمة، منهم الشافعى، وابن وهب، وأبوه يحيى، وغيرهم. روى عنه جماعات من الأئمة، منهم مسلم بن الحجاج فى صحيحه وأكثر عنه، وأبو زرعة، وأبو حاتم الرازيان، وابن ماجة، والحسن بن سفيان، وآخرون. وكان إمامًا، حافظًا للحديث والفقه، ويكفيه جلالة إكثار مسلم بن الحجاج عنه فى صحيحه، وصنَّف المبسوط، والمختصر. قال ابن ماكولا: ولد حرملة سنة ست وستين ومائة، وتوفى فى شوال سنة ثلاث وأربعين ومائتين. وقال ابن عدى: توفى سنة أربع وأربعين ومائتين، رحمه الله تعالى. روينا عن أبى سليمان الخطابى فى أول كتابه معالم السنن، شرح سنن أبى داود: أن أصحاب الشافعى المتقدمين يعتمدون روايات المزنى، والربيع المرادى، عن الشافعى، ما لا يعتمدون حرملة، والربيع الجيزى، رحمهم الله أجمعين. 117 - حسان بن ثابت الصحابى، رضى الله عنه (1) : شاعر رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. مذكور فى المهذب فى الشهادات وجواز الشعر. هو أبو عبد الرحمن، ويقال: أبو الوليد، ويقال: أبو الحسام حسان بن ثابت بن المنذر بن حرام، بالراء، ابن عمرو بن زيد مناة بن عدى بن عمرو بن مالك بن النجار الأنصارى النجارى المدنى. وأمه الفريعة بنت خالد. روينا عن محمد بن إسحاق وآخرين بأسانيد قالوا: عاش حسان بن ثابت، وأبو ثابت، وأبوه المنذر، وأبوه حرام، كل واحد من الأربعة مائة وعشرين سنة،   (1) التاريخ الكبير للبخارى 3/120، الكنى للدولابى 1/79، 92، الجرح والتعديل 3/1026، الاستيعاب 1/341، سير أعلام النبلاء 2/512- 523، تهذيب التهذيب لابن حجر 2/247 - 248، الإصابة 1704، تقريب التهذيب (1197) وقال: “شاعر رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مشهور مات سنة أربع وخمسين وله مائة وعشرون سنة خ م د س ق”.. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 156 وهذه طُرفة عجيبة لا تُعرف فى غيرهم، كذا قاله أبو نعيم وجماعات من الأئمة. قالوا: عاش حسان ستين سنة فى الجاهلية وستين فى الإسلام، وتوفى بالمدينة سنة أربع وخمسين، وشاركه فى هذا حكيم بن حزام، فعاش ستين سنة فى الجاهلية وستين سنة فى الإسلام، وتوفى بالمدينة سنة أربع وخمسين، ولا يُعرف لهما ثالث فى هذا. والمراد بالإسلام من حين انتشر وشاع فى الناس، وذلك قبل هجرة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بنحو ست سنين. روى عن حسان ابنه عبد الرحمن، وسعيد بن المسيب. وثبت فى الصحيح أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال لحسان: أهج المشركين وروح القدس معك، يعنى جبريل، عليه السلام. وفى رواية: “اللهم أيده بروح القدس” (1) . والأحاديث الصحيحة بمعنى ما ذكرته كثيرة. قالوا: ويقال له: أبو الحسام؛ لمناضلته عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وتقطيعه الكفار بشعره، وتمزيق أعراضهم. قال العلماء: كان المشركون يهجون الصحابة والإسلام، فانتدب لهجوهم ثلاثة من الأنصار: حسان بن ثابت، وكعب بن مالك، وعبد الله بن رواحة، رضى الله عنهم، فكان حسان وكعب يعارضانهم فى الوقائع والأيام والمآثر، ويذكران مثالبهم، وكان عبد الله بن رواحة يعيرهم بالكفر وبعبادة الأوثان، فكان قوله أهون عليهم من قول صاحبيه، فلما أسلموا وفقهوا كان قول عبد الله أشد عليهم. وقال أبو عبيدة: أجمعت العرب على أن أشعر أهل المدر أهل يثرب، ثم عبد القيس، ثم ثقيف، وعلى أن أشعر أهل المدن حسان. ووهب له رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جارية اسمها شيرين، وهى أخت مارية، وهى أم ابنه عبد الرحمن،   (1) أخرجه أحمد (5/222، رقم 21986) ، والبخارى (1/173، رقم 442) ، والنسائى فى الكبرى (6/51، رقم 10000) ، وابن حبان (4/532، رقم 1653) . وأخرجه أيضا: مسلم (4/1933، رقم 2485) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 157 هو ابن خالة إبراهيم بن سيدنا رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وقد سبق بيانهما فى ترجمة إبراهيم. 118 - الحسن بن على بن أبى طالب، رضى الله عنهما (1) : تكرر ذكره. هو أبو محمد الحسن بن على بن أبى طالب بن عبد مناف بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشى الهاشمى المدنى، سبط رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وريحانته، وابن فاطمة بنت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سيدة نساء العالمين، عليها السلام. ولد فى نصف رمضان سنة ثلاث من الهجرة. روى عن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أحاديث، وروت عنه عائشة، رضى الله عنها. وروى عنه جماعات من التابعين، منهم ابنه الحسن بن الحسن، وأبو الحوارى، بالحاء المهملة، ربيعة بن سنان، والشعبى، وأبو وائل، وابن سيرين، وآخرون. توفى بالمدينة مسمومًا سنة تسع وأربعين، وقيل: سنة خمسين، وقيل: إحدى وخمسين، ودفن بالبقيع، وقبره فيه مشهور، صلى عليه سعيد بن العاص. وكان الحسن رضى الله عنه، شبيهًا بالنبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، سمَّاه النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الحسن، وعق عنه يوم سابعه، وحلق شعره وأمر أن يتصدق بزنة شعره فضة، وهو خامس أهل الكساء. قال أبو أحمد العسكرى: سماه النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الحسن، وكناه أبو محمد. قال: ولم يكن هذا الاسم يُعرف فى الجاهلية. ثم روى عن ابن الأعرابى، عن المفضل، قال: إن الله تعالى حجب اسم الحسن والحسين حتى سمى بهما النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ابنيه الحسن والحسين. قال: قلت له: فالذين باليمن؟ قال: ذاك حسْن، بإسكان السين، وحَسِين، بفتح الحاء وكسر السين. أرضعته أم الفضل امرأة العباس مع ابنها قثم بن العباس، ونقلوا أن الحسن، رضى الله عنه، حج حجات ماشيًا، وقال: إنى أستحيى من الله تعالى أن ألقاه ولم أمش إلى بيته. وقاسم الله تعالى ماله ثلاث مرات، فتصدق بنصفه حتى كان يتصدق بنعل ويمسك نعلاً، وخرج من ماله كله مرتين، وكان حليمًا، كريمًا، ورعًا، دعاه ورعه وحلمه إلى أن ترك الدنيا والخلافة لله تعالى، وكان من المبادرين إلى نصرة عثمان بن عفان، رضى الله عنه. وولى الخلافة بعد قتل أبيه على، رضى الله عنه، وكان قتل على لثلاث عشرة بقيت من شهر رمضان سنة أربعين، وبايعه أكثر من أربعين   (1) انظر: الإصابة (1/328) ، والاستيعاب (1/369) ، وتهذيب الكمال (5/220) ، والبداية والنهاية (8/14، 33، 45) ، وسير أعلام النبلاء (3/245 - 279) برقم (47) ، والعقد الثمين (4/157) ، والوافى بالوفيات (12/107) ، ووفيات الأعيان (2/65) ، وتاريخ دمشق (10/49) ، والتاريخ الكبير (2/286) ، وحلية الأولياء (2/35) ، أسد الغابة (1/9 - 15) ، وتاريخ بغداد (1/138) .. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 158 ألفًا كانوا بايعوا أباه، وبقى نحو سبعة أشهر خليفة بالحجاز، واليمن، والعراق، وخراسان، وغير ذلك، ثم سار إليه معاوية من الشام، وسار هو إلى معاوية، فلما تقاربا علم أنه لن تغلب إحدى الطائفتين حتى يذهب أكثر الأخرى، فأرسل إلى معاوية يبذل له تسليم الأمر إليه، على أن تكون له الخلافة بعده، وعلى أنه لا يطلب أحدًا من أهل المدينة والحجاز والعراق بشىء مما كان أيام أبيه، وغير ذلك من القواعد، فأجابه معاوية إلى ما طلب، فاصطلحا على ذلك، وظهرت المعجزة النبوية فى قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - للحسن: “إن ابنى هذا سيد يصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين”. قيل: كان صلحهما لخمس بقين من شهر ربيع الأول سنة إحدى وأربعين، وقيل: فى شهر ربيع الآخر، وقيل: فى نصف جمادى الأولى من السنة المذكورة، وكان وصى إلى أخيه الحسين، رضى الله عنهما. روينا فى صحيح البخارى ومسلم، عن البراء، قال: رأيت النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - والحسن على عاتقه، وهو يقول: “اللهم إنى أحبه فأحبه” (1) ) . وفى صحيح البخارى، عن أسامة، قال: كان النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يأخذنى فيقعدنى على فخذه، ويقعد الحسن على فخذه الأخرى، ثم يضمهما ثم يقول: “اللهم إنى أرحمهما فارحمهما”. وفى صحيح البخارى، عن أبى بكرة، قال: سمعت النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على المنبر والحسن إلى جنبه ينظر إلى الناس مرة وإليه مرة، يقول: “إن ابنى هذا سيد، ولعل الله يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين” (2) . وفى البخارى، عن أنس، رضى الله عنه، قال: لم يكن أحد أشبه بالنبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من الحسن بن على، رضى الله عنهما. وفى البخارى، عن ابن عمر، رضى الله عنهما، قال: قال النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “هما ريحانتاى من الدنيا” (3) ، يعنى الحسن والحسين، رضى الله عنهما. وفى البخارى عن ابن عمر، رضى الله عنه، قال: قال أبو بكر، رضى الله عنه: ارقبوا محمدًا فى أهل بيته. وفى صحيح مسلم، عن زيد بن أرقم، قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “وأنا تارك فيكم ثقلين أولهم كتاب الله فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به” (4) ، فحث على كتاب الله ورغب، ثم قال: “وأهل بيتى أذكركم الله فى أهل بيتى، أذكركم الله فى أهل بيتى” (5) .   (1) حديث أبى هريرة: أخرجه أحمد (2/249، رقم 7392) ، والبخارى (5/2207، رقم 5545) ، ومسلم (4/1882، رقم 2421) ، وابن ماجه (1/51، رقم 142) ، وأبو يعلى (11/278، رقم 6391) . حديث سعيد بن زيد: أخرجه الطبرانى (1/152، رقم 351) . قال الهيثمى (9/176) : رجاله رجال الصحيح غير يزيد بن يحنس، وهو ثقة. حديث عائشة: أخرجه الطبرانى (3/32، رقم 2585) ، قال الهيثمى (9/176) : فيه عثمان بن أبى الكنات، وفيه ضعف. وابن عساكر (13/197) . (2) حديث أبى بكرة: أخرجه أحمد (5/49، رقم 20517) ، والبخارى (2/962، رقم 2557) ، وأبو داود (4/216، رقم 4662) ، والنسائى (3/107، رقم 1410) . وأخرجه أيضًا: الطبرانى (3/33، رقم 2588) ، والحاكم (3/191، رقم 4809) ، والبيهقى (8/173، رقم 16486) . (3) حديث ابن عمر: أخرجه الترمذى (5/657، رقم 3770) ، وقال: صحيح. والحديث أصله عند البخارى (5/2234، رقم 5648) . حديث أنس: أخرجه النسائى فى الكبرى (5/150، رقم 8529) . (4) أخرجه أحمد (4/366، رقم 19285) ، والدارمى (2/524، رقم 3316) ، وعبد بن حميد (ص 114، رقم 265) ، ومسلم (4/1873، رقم 2408) ، وابن خزيمة (4/62، رقم 2357) ، وابن حبان (1/330، رقم 123) ، والحاكم (3/160، رقم 4711) ، (3/118، رقم 4577) ، (3/613، رقم 6272) . وأخرجه أيضًا: البيهقى (2/148، رقم 2679) . (5) أخرجه أحمد (4/366، رقم 19285) ، والدارمى (2/524، رقم 3316) ، وعبد بن حميد (ص 114، رقم 265) ، ومسلم (4/1873، رقم 2408) ، وابن خزيمة (4/62، رقم 2357) ، وابن حبان (1/330، رقم 123) ، والحاكم (3/160، رقم 4711) ، (3/118، رقم 4577) ، (3/613، رقم 6272) . وأخرجه أيضًا: البيهقى (2/148، رقم 2679) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 159 وعن أبى سعيد الخدرى، رضى الله عنه، قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة” (1) ) . رواه الترمذى، وقال: حديث حسن صحيح. وعن أسامة بن زيد، قال: طرقت النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذات ليلة، فخرج وهو مشتمل على شىء، قلت: ما هذا؟ فكشفه، فإذا حسن وحسين على وركيه، فقال: “هذان ابناى وابنا ابنتى، اللهم إنى أحبهما فأحبهما، وأحب من يحبهما”) . رواه الترمذى، وقال: حديث حسن. ومناقبه، رضى الله عنه كثيرة مشهورة. 119 - الحسن بن محمد بن الحنفية (2) : مذكور فى المختصر فى المتعة. هو أبو محمد الحسن بن محمد بن على بن أبى طالب، رضى الله عنهم، القرشى الهاشمى المدنى التابعى. سمع سلمة بن الأكوع، وجابر بن عبد الله الصحابيين، وسمع أباه وغيره من التابعين. روى عنه عمرو بن دينار، والزهرى، وآخرون. واتفقوا على توثيقه. روى له البخارى ومسلم، توفى سنة مائة أو تسع وتسعين، رحمه الله. 120 - الحسن بن محمد بن الصباح الزعفرانى البغداد (3) : أبو على، صاحب الشافعى، رضى الله عنه. أحد رواة كتبه القديمة. قال صاحب الحاوى فى وقت صلاة المغرب: الزعفرانى أثبت رواة القديم، وكذا قاله غيره. ودرب الزعفرانى الذى ببغداد منسوب إليه، وفيه مسجد الشافعى، رضى الله عنه. وكان الشيخ أبو إسحاق صاحب التنبيه يدرس فيه، ذكره فى طبقاته. سمع الزعفرانى ابن عيينة، وابن علية، ووكيعًا، وعبد الوهاب بن عطاء، وعبد الوهاب الثقفى، والشافعى، وعفان بن مسلم، وآخرين. روى عنه البخارى، وأبو داود، والنسائى، والترمذى، وابن ماجة، وقاسم بن زكريا، وزكريا بن يحيى الساجى، وابن خزيمة، والبغوى، وابن صاعد، والحسين المحاملى، وآخرون. روينا عن الزعفرانى، قال: لما قرأت كتاب الرسالة على الشافعى، قال لى: من أى العرب أنت؟ قلت: ما أنا من العرب، وما أنا إلا من قرية يقال لها: الزعفرانية، قال: أنت سيد هذه القرية. قال النسائى: هو ثقة. وقال ابن المنادى: هو أحد الثقات. وقال الساجى: سمعت الزعفرانى يقول: قدم علينا الشافعى، رحمه الله، فاجتمعنا، فقال: التمسوا من يقرأ لكم، فلم يحسن غيرى، وما كان فى وجهى   (1) حديث أبى سعيد: أخرجه ابن أبى شيبة (6/378، رقم 32176) ، والترمذى (5/656، رقم 3768) وقال: حسن صحيح. وأحمد (3/3، رقم 11012) ، والطبرانى (3/39، رقم 2614) . وأخرجه أيضًا: النسائى فى الكبرى (5/149، رقم 8525) ، وابن عساكر (13/211) . حديث على: أخرجه ابن أبى شيبة (6/378، رقم 32179) ، والطبرانى (3/35، رقم 2599) ، قال الهيثمى (9/182) : رواه الطبرانى بأسانيد وفيها الحارث الأعور وهو ضعيف. والخطيب (2/185) . وأخرجه أيضًا: ابن عساكر (13/208) . حديث أبى هريرة: أخرجه الطبرانى (3/37، رقم 2605) . حديث جابر: أخرجه الطبرانى (3/39، رقم 2616) ، قال الهيثمى (9/183) : فيه جابر الجعفى، وهو ضعيف. حديث عمر: أخرجه الطبرانى (3/35، رقم 2598) ، قال الهيثمى (9/182) : فيه حكيم بن حزام أبو سمير، وهو متروك. وابن عدى (2/220) ، وابن عساكر (14/132) . حديث ابن مسعود: أخرجه ابن عدى (5/322) ، وابن عساكر (14/133) . وأخرجه أيضًا: أبو نعيم (5/58) . حديث بريدة: أخرجه ابن عساكر (13/210) . (2) طبقات ابن سعد 5/328، التاريخ الكبير للبخارى 2/2560، الجرح والتعديل 3/144، تاريخ الإسلام 3/357، 359، سير أعلام النبلاء 4/130، 131، تهذيب التهذيب لابن حجر 2/320، 321، تقريب التهذيب (1248) وقال: “ثقة فقيه يقال إنه أول من تكلم في الارجاء من الثالثة مات سنة مائة أو قبلها بسنة ع”. (3) انظر: الجرح والتعديل (3/36) ، والثقات لابن حبان (8/177) ، وتاريخ بغداد (7/407 - 410) ، ووفيات الأعيان (2/73، 74) ، وتهذيب الكمال (6/310 - 313) ، والمختصر فى أخبار البشر (2/49) ، وسير أعلام النبلاء (12/262 - 265) برقم (100) ، ومرآة الجنان (2/171، 172) ، والوافى بالوفيات (12/235) ، وتهذيب التهذيب (2/318، 319) ، وتقريب التهذيب (1/170) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 160 شعرة، وأنى لأعجب من انطلاق لسانى، وجسارتى بين يديه، فقرأت الكتب كلها إلا كتابين قرأهما هو: المناسك، والصلاة. وروى البيهقى، عن القاضى أبى حامد المروزى من أصحابنا، قال: كان الزعفرانى من أهل اللغة. توفى الزعفرانى فى شهر رمضان سنة ستين ومائتين. 121 - الحسن بن مسلم (1) : مذكور فى المختصر فى عدة الرجعة. هو الحسن بن مسلم بن يناق، بمثناة تحت مفتوحة، ثم نون مشددة، ثم ألف، ثم قاف، المكى. سمع طاووسًا، ومجاهدًا، وسعيد بن جبير، وغيرهم. روى عنه حميد الطويل، وعمرو بن مرة، والحكم، وسليمان التيمى، وهؤلاء تابعيون، وليس هو تابعيًا، وهذا من رواية الكبار عن الصغار، وروى عنه أيضًا ابن جريج وغيره من المتأخرين. واتفقوا على توثيقه. روى له البخارى ومسلم، توفى قبل أبيه مسلم، وقبل طاووس. 122 - الحسن البصرى (2) : تكرر فى المختصر، والمهذب. هو الإمام المشهور المجمع على جلالته فى كل فن، أبو سعيد الحسن بن أبى الحسن يسار التابعى البصرى، بفتح الباء وكسرها، الأنصارى، مولاهم مولى زيد بن ثابت، وقيل: مولى جميل بن قطبة، وأمه اسمها خيرة مولاة لأم سلمة أم المؤمنين، رضى الله عنها. ولد الحسن لسنتين بقيتا من خلافة عمر بن الخطاب، رضى الله عنه. قالوا: فربما خرجت أمه فى شغل فيبكى فتعطيه أم سلمة، رضى الله عنها، ثديها فيدر عليه، فيرون أن تلك الفصاحة والحكم من ذلك. ونشأ الحسن بوادى القرى، وكان فصيحًا، رأى طلحة بن عبيد الله، وعائشة، رضى الله عنها، ولم يصح له سماع منها. وقيل: إنه لقى على بن أبى طالب، رضى الله عنه، ولم يصح، وسمع ابن عمر، وأنسًا، وسمرة، وأبا بكرة، وقيس بن عاصم، وجندب بن عبد الله، ومعقل بن يسار، وعمرو بن تغلب، بالمثناة والغين المعجمة، وعبد الرحمن بن سمرة، وأبا برزة الأسلمى، وعمران بن الحصين، وعبد الله بن مغفل، وأحمر بن جزء، وعائد بن عمرو المزنى الصحابيين، رضى الله عنهم. وسمع خلائق من كبار التابعين، روى عنه خلائق من التابعين وغيرهم. وروينا عن الفضيل بن عياض،   (1) طبقات ابن سعد 5/479، التاريخ الكبير للبخارى 2/2565، الجرح والتعديل 3/155، تاريخ الإسلام 4/106، تهذيب التهذيب لابن حجر 2/322، تقريب التهذيب (1286) وقال: “ثقة من الخامسة ومات قديما بعد المائة بقليل خ م د س ق”.. (2) طبقات ابن سعد 7/156، التاريخ الكبير للبخارى 2/2503، الكنى للدولابى 1/187، 189، الجرح والتعديل 3/177، تاريخ الإسلام 4/98، 106، سير أعلام النبلاء 4/563، 588، ميزان الاعتدال 1/527، تهذيب التهذيب لابن حجر 2/263، 270، تقريب التهذيب (1227) وقال: “ثقة فقيه فاضل مشهور وكان يرسل كثيرا ويدلس، هو رأس أهل الطبقة الثالثة مات سنة عشر ومائة وقد قارب التسعين ع”.. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 161 رحمه الله، قال: سألت هشام بن حسان: كم أدرك الحسن من أصحاب رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ قال: مائة وثلاثين، قلت: فابن سيرين؟ قال: ثلاثين. وروينا عن الحسن، قال: غزونا غزوة إلى خراسان معنا فيها ثلاثمائة من أصحاب رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وكان الرجل منهم يصلى بنا ويقرأ الآيات من السورة ثم يركع. قال يحيى بن معين، وأبو حاتم، وابن أبى خيثمة، وغيرهم: ولم يصح للحسن سماع من أبى هريرة، فقيل ليحيى: يجىء فى بعض الحديث عن الحسن، قال: حدثنا أبو هريرة؟ قال: ليس بشىء، قيل له: فسالم الخياط قال: سمعت الحسين يقول: سمعت أبا هريرة، فقال: سالم الخياط ليس بشىء، وأثنى على ابن المدينى، وأبو زرعة على مراسيل الحسن. وروينا عن مطر الوراق، قال: كان الحسن كأنما كان فى الآخرة، فهو يخبر عما رأى وعاين. وقال أبو بردة: لم أر من لم يصحب النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أشبه بأصحابه من الحسن. وروينا عن الربيع بن أنس، قال: اختلفت إلى الحسن عشر سنين أو ما شاء الله، ما من يوم إلا أسمع منه ما لم أسمع قبله. وروينا عن محمد بن سعد، قال: كان الحسن جامعًا، عالمًا، رفيعًا، فقيهًا، ثقة، مأمونًا، عابدًا، ناسكًا، كثير العلم، جميلاً، وسيمًا. وقدم مكة فأجلسوه على سرير، واجتمع الناس إليه، فيهم طاووس، وعطاء، ومجاهد، وعمرو بن شعيب، فحدثهم، فقالوا، أو قال بعضهم: لم ير مثل هذا قط. وقال بكر بن عبد الله: الحسن أفقه من رأينا. ومناقبه كثيرة مشهورة. توفى سنة عشر ومائة. ومن حكم الحسن ما ذكره الشافعى، رضى الله عنه، فى المختصر فى قول الله تعالى: {وَشَاوِرْهُمْ فِى الأَمْرِ} [آل عمران: 159] ، قال الحسن: كان غنيًا عن مشاورتهم، ولكن أراد أن يستن به الحكام بعده. وقال فى قوله تعالى: {فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ} [الأنبياء: 79] الآية: لولا هذه الآية لرأيت الحكام هلكوا، ولكن أثنى على هذا بصوابه، وأثنى على هذا باجتهاده. واعلم أن الحسن تكرر فى المهذب ولا ينسبه، فحيث جاء الحسن مطلقًا فيه فهو البصرى. 123 - الحسين - بضم الحاء - ابن على بن أبى طالب الهاشمى (1) : أبو عبد الله، سبط رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وريحانته، رضى الله عنه. وهو وأخوه   (1) التاريخ الكبير للبخارى 2/2846، الجرح التعديل 3/249، تقريب التهذيب (1334) .. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 162 الحسن سيدا شباب أهل الجنة، وقد سبق جملة من مناقبه فى مناقب أخيه الحسن بن على، رضى الله عنهما. ولد الحسين لخمس خلون من شعبان سنة أربع من الهجرة، قاله الزبير بن بكار وغيره. وقال جعفر بن محمد: لم يكن بين الحمل بالحسين وولادة الحسن إلا طهر واحد. وروينا فى كتاب الترمذى، عن يعلى بن مرة، قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “حسين منى وأنا من حسين، أحب الله مَن أحب حسينًا، حسين سبط من الأسباط”، قال الترمذى: حديث حسن. وروينا فيه عن على بن أبى طالب، رضى الله عنه، قال: الحسن أشبه برسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ما بين الصدر إلى الرأس، والحسين أشبه برسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ما كان أسفل من ذلك. قال الترمذى: حديث حسن. قال الزبير بن بكار: حدثنى مصعب، قال: حج الحسين خمسًا وعشرين حجة ماشيًا. قالوا: وكان الحسين، رضى الله عنه، فاضلاً، كثير الصلاة، والصوم، والحج، والصدقة، وأفعال الخير جميعها. قُتل، رضى الله عنه، يوم الجمعة، وقيل: يوم السبت يوم عاشوراء سنة إحدى وستين بكربلاء من أرض العراق، وقبره مشهور يُزار ويُتبرك به، وحزن الناس عليه كثيرًا، وأكثروا فيه المراثى، رضى الله عنه. وللحسين، رضى الله عنه، أولاد على الأكبر، وعلى الأصغر، وفاطمة، وسكينة، رضى الله عنهم. روينا فى تاريخ دمشق أن سكينة اسمها أميمة، وقيل: أمينة، وقيل: آمنة، قدمت دمشق مع أهلها، ثم خرجت إلى المدينة، ويقال: عادت إلى دمشق، وأن قبرها بها، والصحيح وقول الأكثرين أنها توفيت بالمدينة يوم الخميس لخمس خلون من شهر ربيع الأول سنة سبع عشرة ومائة، وكانت من سيدات النساء، وأهل الجود والفضل، رضى الله عنها وعن آبائها. 124 - الحسين بن حريث الجدلى (1) : مذكور فى المهذب فى شهادة هلال رمضان، كذا وقع فى المهذب: ابن حريث، وهو غلط، والصواب: ابن الحارث، وهو مشهور معروف لا خلاف فيه بين أهل العلم بهذا الفن، وهو أبو القاسم الحسين بن الحارث الكوفى التابعى الجدلى، من جديلة قيس القبيلة المعروفة. سمع ابن عمر، والنعمان بن بشير،   (1) التاريخ الكبير للبخارى 2/2850، الجرح والتعديل 3/222، تاريخ الإسلام 4/242، 5/61، تهذيب التهذيب لابن حجر 2/333، تقريب التهذيب (1313) وقال: “صدوق من الثالثة د س”.. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 163 والحارث بن حاطب، وغيرهم. روى عنه سعد بن طارق، وعطاء بن السائب، وشعبة، ويحيى بن أبى زيادة، وغيرهم. وقد زعم بعض المتأخرين ممن صنف فى ألفاظ المهذب بأن قول صاحب المهذب: الحسين الجدلى، جديلة قيس، غلط، وأن صوابه جديلة عبد القيس، أو الجدلى العبدى، فإن النسبة إلى عبد القيس لا تكون إلا هكذا، وهذا الذى قاله هذا الزاعم غلط صريح، وجهل فاحش، بل الصواب ما قاله صاحب المهذب: جديلة قيس، وهكذا جاء مصرحًا به فى جميع روايات هذا الحديث فى سنن أبى داود، والبيهقى، وغيرهما، وكذا ذكره أئمة التواريخ وأسماء الرجال كلهم، يقولون: الجدلى جديلة قيس. قال العلماء: فى العرب ثلاث قبائل تسمى كل واحدة جديلة: إحداها: من أسد، وهو عبد القيس بن أفصى، بالفاء والصاد المهملة، ابن دعمى بن جديلة بن أسد بن ربيعة. والثانية: من طىء، وهو جديلة بن سبيع، بضم السين، ابن عمرو. والثالثة: جديلة قيس عيلان، بالعين المهملة، وقد ذكر هذه الثالثة أئمة الأنساب أبو عبيدة معمر، وابن حبيب، والزبير بن بكار، ونقله من الأئمة الحفاظ المتقدمين والمتأخرين أبو نصر بن ماكولا، وهذا الحسين بن الحارث منسوب إلى هذه الثالثة. 125 - الحسين بن محمد (1) : وهو القاضى حسين، من أصحابنا. تكرر ذكره فى الوسيط، والروضة، ولا ذكر له فى المهذب، ويأتى كثيرًا معرفًا بالقاضى حسين، وكثيرًا مطلقًا القاضى فقط، وهو الإمام أبو على الحسين بن محمد المروزى، ويقال له أيضًا: المرورذى، بالذال المعجمة وتشديد الراء الثانية وتخفيفها، وهو من أصحابنا أصحاب الوجوه، كبير القدر، مرتفع الشأن، غواص على المعانى الدقيقة، والفروع المستفادة الأنيقة، وهو من أجل أصحاب القفال المروزى، له التعليق الكبير، وما أجزل فوائده، وأكثر فروعه المستفادة، ولكن يقع فى نسخه اختلاف، وكذلك تعليق الشيخ أبى حامد. وللقاضى الفتاوى المفيدة، وهى مشهورة. وروى الحديث، وتفقه عليه جماعات من الأئمة، منهم صاحب التتمة، والتهذيب، وكتاباهما فى التحقيق   (1) طبقات ابن سعد 7/338، التاريخ الكبير للبخارى 2/2879، الجرح التعديل 3/287، 290، تاريخ الخطيب 8/88 - 90، ميزان الاعتدال 1/2047، تهذيب التهذيب لابن حجر 2/366، تقريب التهذيب (1345) وقال: “ثقة من التاسعة مات سنة ثلاث عشرة أو بعدها بسنة أو سنتين ع”. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 164 مختصر وتهذيب لتعليقه. وقد روينا عن القاضى جملة كثيرة من الأحاديث النبوية. قال الرافعى: وكان يقال له: حبر الأمة. قال: وسمعت سبطه الحسن بن محمد بن الحسين بن محمد ابن القاضى حسين يقول: أتى القاضى، رحمه الله، رجل فقال: حلفت بالطلاق أنه ليس أحد فى الفقه أو العلم مثلك، فأطرق رأسه ساعة وبكى، ثم قال: هكذا يفعل موت الرجال، لا يقع طلاقك. قال القاضى حسين فى تعليقه فى باب الأذان: نقل الإمام أحمد البيهقى، عن الشافعى، رضى الله عنه، قولاً أنه إذا ترك الترجيع فى الأذان لا يصح أذانه، وفى هذا الكلام فوائد، منها فضيلة البيهقى بوصف القاضى له بهذا، ومنها تواضع القاضى، ومنها معرفة هذا القول الغريب، والمذهب الصحيح أن الأذان لا يبطل بتركه، ولكن يتأكد المحافظة عليه، وقد أوضحته بدلائله فى شرح المهذب. واعلم أنه متى أطلق القاضى فى كتب متأخرى الخراسانيين كالنهاية، والتتمة، والتهذيب، وكتب الغزالى ونحوها، فالمراد القاضى حسين، ومتى أطلق القاضى فى كتب متوسط العراقيين، فالمراد القاضى أبو حامد المروروذى، ومتى أطلق فى كتب الأصول لأصحابنا، فالمراد القاضى أبو بكر الباقلانى الإمام المالكى فى الفروع، ومتى أطلق فى كتب المعتزلة أو كتب أصحابنا الأصوليين حكاية عن المعتزلة، فالمراد به القاضى الجبائى، والله أعلم. توفى القاضى حسين، رحمه الله، بعد صلاة العشاء ليلة الأربعاء الثالث والعشرين من المحرم سنة اثنتين وستين وأربعمائة. ومن غرائب القاضى حسين ما حكيته فى آخر باب ما يفسد الصلاة فى شرح المهذب، أنه قال: لو صلى وهو يدافع الأخبثين بحيث يذهب خشوعه، لم تصح صلاته، وقال قبله الشيخ أبو زيد المروذى، والصحيح المشهور لا تبطل، لكن تكره، وله غرائب كثيرة ذكرتها فى الروضة، وشرح المهذب متفرقة، رحمه الله. 126 - الحكم بن حزن الصحابى، رضى الله عنه (1) : مذكور فى المهذب فى صلاة الجمعة، وحزن بفتح الحاء المهملة وإسكان الزاى، وهو قليل الحديث، لا يُعرف له إلا   (1) طبقات ابن سعد (5/516) ، والتاريخ الكبير للبخارى (2/الترحمة:2649) ، وتاريخ الطبرى (7/255 - 267، 268) ، والجرح والتعديل (3/الترجمة:534) ، وأسد الغابة (2/31) ، وتهذيب التهذيب (2/425) ، والإصابة (1/343) . تقريب التهذيب (1441) وقال: “الحكم ابن حزن بفتح المهملة وسكون الزاي الكلفي بضم الكاف وفتح اللام ثم فاء صحابي قليل الحديث د”. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 165 الحديث الذى فى المهذب، وهو حديث حسن. رويناه فى سنن أبى داود بإسناد صحيح أو حسن، عن شعيب بن رزيق، قال: جلست إلى رجل له صحبة من رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقال له: الحكم بن حزن الكلفى، فقال: وفدت على رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سابع سبعة أو تاسع تسعة، فدخلنا فقلنا: يا رسول الله، زرناك فادع الله لنا بخير، فأمر بنا أو أمر لنا بشىء من التمر، فأقمنا بها أيامًا شهدنا فيها الجمعة مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقام متوكئًا على عصى أو قوس، فحمد الله وأثنى عليه كلمات خفيفات طيبات مباركات، ثم قال: “أيها الناس، إنكم لن تطيقوا، أو لن تفعلوا كل ما أمرتم به، ولكن سددوا وأبشروا”، قال أبو داود: ثبتنى فى شىء منه بعض أصحابنا. ورويناه فى مسند أبى يعلى الموصلى بحذف كلام أبى داود، رحمه الله. 127 - حكيم - بفتح الحاء وبالياء - ابن حزام - بالزاى (1) : تكرر فى المختصر، والمهذب. هو أبو خالد حكيم بن حزام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصى بن كلاب القريشى الأسدى المكى. أسلم يوم فتح مكة سنة ثمان من الهرجة، وكان شهد بدرًا مع المشركين، وكان إذا اجتهد فى يمينه قال: والذى نجانى أن أكون قتيلاً يوم بدر. ولد قبل عام الفيل بثلاث عشرة سنة على الأشهر، وعاش ستين سنة فى الجاهلية، وستين فى الإسلام، ولا يشاركه فى هذا أحد إلا حسان بن ثابت، وقد قدمنا فى ترجمة حسان أن المراد بهذا بقولهم: ستين سنة فى الإسلام، أى من حين ظهوره ظهورًا فاشيًا. قالوا: ولد حكيم فى جوف الكعبة، ولا يُعرف أحد ولد فيها غيره، وأما ما روى أن على بن أبى طالب، رضى الله عنه، ولد فيها، فضعيف عند العلماء. توفى حكيم بالمدينة سنة أربع وخمسين. روى عنه سعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، وعبد الله بن الحارث، وموسى بن طلحة، وابنه حزام بن حكيم، وصفوان بن محمد، والمطلب بن حنطب، ويوسف بن ماهك، بفتح الهاء، ومحمد بن سيرين. وكان حكيم من أشراف قريش ووجوهها فى الجاهلية والإسلام، وأعطاه النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوم حنين مائة بعير، ولم يصنع من المعروف شيئًا فى الجاهلية إلا صنع   (1) والتاريخ الكبير للبخارى (3/الترحمة:42) ، والكنى للدولابى (1/68) ، والجرح والتعديل (3/الترجمة:876) ، والاستيعاب (1/362) ، وتاريخ الاسلام (2/277) ، وسير أعلام النبلاء (3/44) ، وتهذيب التهذيب (2/447) ، والإصابة (1/342) . تقريب التهذيب (1470) .. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 166 فى الإسلام مثله، وكانت دار الندوة له فباعها لمعاوية بمائة ألف درهم، فقيل له: بعت مكرمة قريش، فقال: ذهبت المكارم إلا بالتقوى، وتصدق بثمنها. قالوا: وحج فى الإسلام ومعه مائة بدنة قد جللها بالحبرة أهداها، ووقف بمائة وصيف معهم أطواق الفضة منقوش فيها: عتقاء الله عن حكيم بن حزام. وأهدى ألف شاة، وكان جوادًا. وحكيم ابن أخى خديجة بنت خويلد أم المؤمنين، رضى الله عنها، وابن عم الزبير بن العوام بن خويلد، وأوصى إلى عبد الله بن الزبير، وله مناقب كثيرة. روينا فى صحيحى البخارى ومسلم، عن حكيم بن حزام، قال: قلت: يا رسول الله، رأيت أشياء كنت أتحنث بها فى الجاهلية من صدقة وعتاقة وصلة رحم، فهل لى فيها من أجر؟ فقال النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “أسلمت على ما أسلفت من خير”، قال: قلت: فوالله لا أدع شيئًا صنعته فى الجاهلية إلا صنعت فى الإسلام مثله. التحنث: التبرر، ومعناه دفع الحنث. وروينا فى صحيحيهما عن حكيم، قال: سألت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأعطانى، ثم سألته فأعطانى، ثم قال: “يا حكيم، إن هذا المال خضرة حلوة، فمن أخذه بسخاوة نفس بورك له فيه، ومن أخذه بإشراف نفس لم يبارك له فيه، وكان كالذى يأكل ولا يشبع، واليد العليا خير من اليد السفلى) ، قال حكيم: فقلت: يا رسول الله، والذى بعثك بالحق لا أرزأ أحدًا بعدك شيئًا حتى أفارق الدنيا”. وكان أبو بكر، رضى الله عنه، يدعو حكيمًا ليعطيه العطاء فيأبى أن يقبل منه شيئًا، ثم دعاه عمر ليعطيه فأبى أن يقبله، فقال: يا معشر المسلمين، أشهدكم على حكيم أنى أعرض عليه حقه الذى قسم الله له من هذا الفىء فيأبى أن يأخذه، فلم يرزأ حكيم أحدًا من الناس بعد النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شيئًا حتى توفى، رضى الله عنه. 128 - حكيم بن معاوية، والد بهز بن حكيم (1) : تكرر فى زكاة المهذب. هو أبو بهز حكيم بن معاوية بن الحيدة القشيرى البصرى التابعى، ثقة معروف، روى عنه ابنه بهز والحريرى. 129 - حماد (2) : مذكور فى المهذب فى باب الأذان، أظنه حماد بن زيد، وهو الإمام البارع المجمع على جلالته أبو إسماعيل حماد بن زيد بن درهم الأزدى الجهضمى البصرى، مولى آل جرير ابن حازم. سمع ثابتًا البنانى، ومحمد بن سيرين، وعمرو بن   (1) التاريخ الكبير للبخارى (3/الترحمة:45) ، والجرح والتعديل (3/الترجمة:903) ، وتاريخ الاسلام (4/108) . تقريب التهذيب (1478) وقال: “صدوق من الثالثة خت 4”.. (2) طبقات ابن سعد (7/286) ، والتاريخ الكبير للبخارى (3/الترحمة:100) ، والكنى للدولابى (1/96) ، والجرح والتعديل (3/الترجمة:617) ، وسير أعلام النبلاء (7/456 - 466) ، وتهذيب التهذيب (3/9 - 11) . تقريب التهذيب (1498) وقال: “ثقة ثبت فقيه قيل إنه كان ضريرا ولعله طرأ عليه لأنه صح أنه كان يكتب من كبار الثامنة مات سنة تسع وسبعين وله إحدى وثمانون سنة ع”.. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 167 دينار، وخلائق من التابعين، وغيرهم. روى عنه جماعات من أعلام الأئمة، منهم الثورى، وابن عيينة، وابن المبارك، وابن مهدى، ويحيى القطان، ووكيع، ويزيد بن هارون، وخلائق. روينا عن عبد الرحمن بن مهدى، قال: أئمة الناس فى زمانهم أربعة: الثورى بالكوفة، ومالك بالحجاز، والأوزاعى بالشام، وحماد بن زيد بالبصرة. وقال عبيد الله بن الحسن: إنما هما الحمادان، فإذا طلبتم العلم فاطلبوه من الحمادين، يعنى ابن زيد وابن سلمة. وقال يحيى بن معين: ليس أحد أتقن من حماد بن زيد. وقال يحيى بن يحيى: ما رأيت أحدًا من الشيوخ أحفظ من حماد بن زيد. وقال ابن مهدى: ما رأيت أعلم من حماد بن زيد. وقال حماد: جالست أيوب عشرين سنة. ولد حماد سنة ثمان وتسعين، وتوفى فى شهر رمضان سنة تسع وسبعين ومائة بالبصرة، وقد ذكر ابن أبى حاتم جملة صالحة من مناقبه، رضى الله عنه. 130 - حماس: والد عمرو بن حماس. مذكور فى المختصر فى أول زكاة التجارة. قال البخارى: هو أبو عمر حماس بن عمرو الليثى المدنى التابعى، سمع عمر بن الخطاب، رضى الله عنه. روى عنه ابنه أبو عمرو، وستأتى ترجمة ابنه إن شاء الله تعالى. وحماس بكسر الحاء المهملة وتخفيف الميم والسين المهملة، وهو من الأسماء المفردة، ذكره البخارى، وابن أبى حاتم، وغيرهما فى الأفراد. 131 - حمزة بن عبد المطلب: عم رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ورضى عنه. تكرر ذكره، يقال له: أسد الرحمن، وأسد رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وعمه، وأخوه من الرضاعة، كنيته أبو عمارة، كنى بابن له يقال له: عمارة من امرأة من بنى النجار، وقيل: كنيته أبو يعلى، كنى بابنه يعلى، ولم يعقب حمزة، وأمه هالة بنت أهيب بن عبد مناف بن زهرة، وهى بنت عم آمنة بنت وهب أم رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وهو شقيق صفية بنت عبد المطلب أم الزبير بن العوام، رضى الله عنهم. وكان حمزة أسن من رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بسنتين، وقيل: بأربع، وآخى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بينه وبين زيد بن حارثة. أسلم حمزة فى السنة الثانية من مبعث رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وهاجر إلى المدينة، وشهد بدرًا وبارز، وأبلى فيها بلاء عظيمًا، وقاتل بسيفين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 168 قال أبو الحسن المدائنى: أول لواء عقده رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لحمزة بن عبد المطلب حين بعثه فى سرية إلى سيف البحر، بكسر السين، من أرض جهينة، وخالفه ابن إسحاق، فقال: أول لواء عقده لعبيدة بن الحارث بن عبد المطلب. استشهد يوم أُحُد فى نصف شوال من السنة الثالثة من الهجرة بعد أن قتل أُحُدًا وثلاثين من الكفار، ودفن عند أُحُد فى موضعه، وقبره مشهور يزار ويتبرك به، وحزن عليه رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - والصحابة، رضى الله عنهم. 132 - حمزة بن عمرو الأسلمى الصحابى، رضى الله عنه (1) : مذكور فى المختصر، والمهذب فى الصيام. هو أبو صالح، وقيل: أبو محمد حمزة بن عمرو بن عويمر بن الحارث بن الأعرج بن سعد بن رزاح، براء مفتوحة، ثم زاى، وبالحاء المهملة، ابن عدى بن سهل، وقيل: سهم بن مازن بن الحارث بن سلامان بن أسلم بن أفصى بن حارثة الأسلمى. رُوى له عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تسعة أحاديث، روى مسلم فى صحيحه حديثًا. روت عنه عائشة أم المؤمنين، رضى الله عنها، وابنه محمد، وعروة بن الزبير، وسليمان بن يسار، وغيرهم. توفى سنة إحدى وستين، وهو ابن إحدى وسبعين سنة، وقيل: ابن ثمانين، وكان يصوم الدهر، ثبت هذا فى صحيح مسلم. أخبرنا أبو إسحاق الواسطى، أنبأ الفراوى، أنبأ الفارسى، أنبأ الجلودى، أنبأ ابن سفيان، أنبأ أو ثنا مسلم، ثنا أبو الربيع، ثنا حماد، ثنا هشام، عن أبيه، عن عائشة، رضى الله عنها، أن حمزة بن عمرو سأل النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقال: يا رسول الله، إنى رجل أسرد الصوم، أفأصوم فى السفر؟ قال: “صم إن شئت، وأفطر إن شئت”. وروى البخارى فى تاريخه بإسناده، عن محمد بن حمزة هذا عن أبيه، قال: كنا مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فى سفر، فتفرقنا فى ليلة ظلماء، فأضاءت أصابعى حتى جمعوا عليها ظهرهم وما هلك منهم، وإن أصابعى لتنير. وروى بإسناده أن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كناه أبا صالح. 133 - حمل بن النابغة الصحابى، رضى الله عنه: مذكور فى المهذب فى دية الجنين، هو بفتح الحاء المهملة والميم، وهو أبو نضلة حمل ابن مالك بن النابغة بن   (1) طبقات ابن سعد (4/315) ، والتاريخ الكبير للبخارى (3/الترحمة:173) ، والكنى للدولابى (1/39) ، والجرح والتعديل (3/الترجمة:928) ، والاستيعاب (1/375) ، وأسد الغابة (2/50) ، وتاريخ الاسلام (3/14) ، وتهذيب التهذيب (3/31، 32) . تقريب التهذيب (1529) وقال: “صحابي جليل مات سنة إحدى وستين وله إحدى وسبعون وقيل ثمانون خت م د س”. . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 169 جابر بن ربيعة بن كعب بن الحارث بن كبير، بالباء الموحدة، ابن هند بن طابخة بن لحيان بن هذيل بن مدركة بن إلياس بن مضر الهذلى. نزل البصرة، وكان له بها دار. ذكره مسلم بن الحجاج فيمن روى عن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من أهل المدينة، وعدَّه غيره من البصريين، والله أعلم. 134 - حميد بن تيرويه - ويقال: تير، بكسر المثناة فوق - الطويل (1) : مذكور فى المختصر فى باب بيع ثمر الحائط. هو أبو عبيدة، وقيل: أبو عبيد حميد بن أبى حميد، واسم أبى حميد تيرويه، وقيل: تير، وقيل: ذا ذويه، وقيل: طرخان، وقيل: مهران، ويقال: عبد الرحمن، ويقال: داود، وهو تابعى بصرى، سمع أنس بن مالك، وسمع جماعات من التابعين. روى عنه يحيى الأنصارى التابعى، وعبيد الله العمرى، ومالك، والثورى، وابن عيينة، وشعبة، وهشيم، والحمادان، وابن المبارك، وابن علية، ويحيى القطان، وخلائق. قيل: إنه كان قصيرًا، طويل اليدين، فقيل: حميد الطويل، قيل: كان يقف عند الميت فتصل إحدى يديه رأسه والأخرى رجليه. قال البخارى: قال الأصمعى: رأيت حميدًا لم يكن طويلاً، لكن طويل اليدين، وهو مولى طلحة الطلحات الخزاعى، وقيل: كان فى جيرانه رجل يقال له: حميد القصير، فقيل له: حميد الطويل؛ ليتميز. مات سنة ثلاث وأربعين ومائة. 135 - حميد بن قيس (2) : مذكور فى المختصر. هو أبو صفوان حميد بن قيس الأسدى، مولاهم المكى الأعرج. روى عن طاووس، وعطاء، ومجاهد، وعمر بن عبد العزيز، والزهرى، وغيرهم. روى عنه جعفر الصادق، ومالك، والسفيانان، وآخرون. وهو من الثقاة المشهورين. روى له البخارى، ومسلم، وهو من العباد والقراء، وكان أهل مكة يجتمعون على قراءته. قال سفيان: كان حميد أفرضهم وأحسبهم، يعنى أهل مكة. قال: ولم يكن بمكة أقرأ منه ولا من عبد الله بن كثير. 136 - حنظلة بن الراهب الصحابى، رضى الله عنه: مذكور فى المختصر، والمهذب فى كتاب السير، وفى جنائز المهذب أيضًا. هو حنظلة ابن أبى عامر، واسم أبى عامر   (1) طبقات ابن سعد (7/252) ، والتاريخ الكبير للبخارى (2/الترحمة:2704) ، والكنى للدولابى (2/73) ، والجرح والتعديل (3/الترجمة:961) ، وتاريخ الاسلام (6/57) ، وسير أعلام النبلاء (6/163 - 169) ، وميزان الاعتدال (1/الترجمة:2320) ، وتهذيب التهذيب (3/38 - 40) . تقريب التهذيب (1544) وقال: “ثقة مدلس وعابه زائدة لدخوله في شيء من أمر الأمراء من الخامسة مات سنة اثنتين ويقال ثلاث وأربعين وهو قائم يصلي وله خمس وسبعون ع”.. (2) طبقات ابن سعد (5/486) ، والتاريخ الكبير للبخارى (3/الترحمة:2719) ، والكنى للدولابى (2/12) ، وتاريخ الاسلام (5/238) ، وميزان الاعتدال (1/الترجمة:2341) ، وتهذيب التهذيب (3/46، 47) . تقريب التهذيب (1556) وقال: “ليس به بأس من السادسة مات سنة ثلاثين وقيل بعدها ع”.. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 170 عمرو بن صيفى بن زيد بن أمية بن ضبيعة، وقيل: اسم أبى عامر عبد بن عمرو الأنصارى الأوسى المدنى، وكان أبو عامر يُعرف فى الجاهلية بالراهب، وكان هو وعبد الله بن أُبى بن سلول منافقين، فعبد الله يبطن النفاق، وأبو عامر يظهره. ومات أبو عامر كافرًا سنة تسع، وقيل: سنة عشر من الهجرة. وأما حنظلة، فهو من سادات الصحابة وفضلائهم، وهو المعروف بغسيل الملائكة، وإنما قيل له ذلك لما اشتهر فى كتب التواريخ والمغازى أنه حين استشهد بأُحُد قال النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “ما شأن حنظلة، إنه غسلته الملائكة”، فسألوا امرأته، فقالت: سمع الهيعة وهو جنب، فلم يتأخر للاغتسال. استشهد يوم أُحُد نصف شوال سنة ثلاث من الهجرة، رضى الله عنه. 137 - حنظلة (1) : المذكور فى المهذب فى كتاب الصيام فى مسألة الغلط بالفطر قبل غروب الشمس، هو حنظلة بن قيس بن عمرو بن حصين بن خلدة بن مخلد، بضم الميم وتشديد اللام، ابن زريق، بتقديم الزارى، الأنصارى الزرقى المدنى التابعى. روى عن عمر بن الخطاب، وعثمان، وابن الزبير، وأبى هريرة، ورافع بن خديج، رضى الله عنهم. روى عنه يحيى الأنصارى، والزهرى، وربيعة، وغيرهم. وهو ثقة، روى له البخارى ومسلم، وكان ذا حزم. 138 - حويصة: أخو محيصة. مذكوران فى القسامة من المختصر، والمهذب، ويجوز فيهما تشديد الياء مكسورة، ويجوز تخفيفها ساكنة، والأشهر التشديد، وهو أبو سعيد حويصة بن مسعود ابن كعب بن عامر بن عدى بن مجدعة بن حارثة بن الحارث بن الخزرج بن عمرو بن مالك بن الأوس الأنصارى الأوسى الحارثى المدنى الصحابى، رضى الله عنه. شهد هو وأخوه محيصة أُحُدًا، والخندق، وسائر المشاهد بعدهما مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. روى عنه محمد بن سهل بن أبى حثمة، وحرام بن سعد، وكان حويصة أسن من محيصة، وأسلم محيصة قبله، وأسلم حويصة على يد محيصة، رضى الله عنهما، وقصتهما مشهورة. 139 - حيى بن أخطب اليهودى: مذكور فى أواخر الهدنة من المهذب،   (1) طبقات ابن سعد (5/73) ، والتاريخ الكبير للبخارى (3/الترحمة:155) ، والجرح والتعديل (3/الترجمة:1064) ، والاستيعاب (1/383) ، وأسد الغابة (2/61) ، وتهذيب التهذيب (3/63) ، والإصابة (1/368 - 397) . تقريب التهذيب (1586) وقال: “ثقة من الثانية وقيل إن له رؤية خ م د س ق”.. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 171 هو والد صفية أم المؤمنين، رضى الله عنها، وهو بضم الحاء على المشهور، وحكى كسرها، وكان من رؤساء اليهود، لعنهم الله. * * * حرف الخاء المعجمة 140 - خارجة بن زيد (1) : أحد الفقهاء السبعة، مذكور فى المهذب فى مسألة خيار الأمة بالعتق، هو أبو زيد خارجة بن زيد بن ثابت بن الضحاك بن زيد بن لوذان بن عمرو بن عبد عوف بن غنم ابن مالك بن النجار الأنصارى النجارى المدنى التابعى. أدرك عثمان، وسمع أباه زيدًا، وعمه يزيد، وأم العلاء الأنصارية. روى عنه سالم بن عبد الله، والزهرى، ويزيد بن عبد الله بن قسيط، وأبو الزناد، وآخرون. وكان إمامًا، بارعًا فى العلم، واتفقوا على توثيقه وجلالته، وهو أحد فقهاء المدينة السبعة: سعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، والقاسم بن محمد، وعبيد الله بن عبد الله ابن عتبة بن مسعود، وخارجة بن زيد، وسليمان بن يسار، وفى السابع ثلاثة أقوال: فقيل: سالم بن عبد الله بن عمر، وقيل: أبو سلمة بن عبد الرحمن، وقيل: أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وعلى هذا جمعهم الشاعر فى بيت، فقال شعر: ـمته ضيزى عن الحق خارجة سعيد أبو بكر سليمان خارجة ألا كل من لا يقتدى بأئمة فقسـ فخذهم عبيد الله عروة قاسم توفى بالمدينة سنة مائة، وهو ابن سبعين سنة. 141 - خالد بن رباح (2) : بفتح الباء. مذكور فى المختصر. هو أبو الفضل خالد بن رباح الهذلى البصرى. سمع عكرمة، والحسن، وغيرهما. روى عنه وكيع، وإسرائيل، ويزيد بن هارون، وغيرهم، واتفقوا على توثيقه. 142 - خالد بن الوليد الصحابى، رضى الله عنه (3) : مذكور فى أطعمة المهذب، والطلاق،   (1) طبقات ابن سعد 5/262، التاريخ الكبير للبخارى 3/696، الجرح والتعديل 3/1707، تاريخ الإسلام 3/362، سير أعلام النبلاء 4/437 - 441، تهذيب التهذيب 3/74. تقريب التهذيب (1609) وقال: "ثقة فقيه من الثالثة مات سنة مائة وقيل قبلها ع".. (2) انظر: الجرح والتعديل (3/330) ، وميزان الاعتدال (1/630) ، والتاريخ الكبير (3/148) .. (3) طبقات ابن سعد 4/252، 7/394، الجرح والتعديل 3/1607، الاستيعاب 3/163، أسد الغابة 2/93، سير أعلام النبلاء 1/366- 384. تقريب التهذيب (1684) وقال: “من كبار الصحابة وكان إسلامه بين الحديبية والفتح وكان أميرا على قتال أهل الردة وغيرها من الفتوح إلى أن مات سنة إحدى أو اثنتين وعشرين خ م س ق”. . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 172 والسير، وحد الخمر، وصلاة الخوف من الوسيط، وغيرها. هو أبو سليمان، وقيل: أبو الوليد خالد بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب بن لؤى بن غالب القرشى المخزومى، سيف الله. أمه لبابة الصغرى بنت الحارث أخت ميمونة أم المؤمنين، رضى الله عنها، ولبابة الكبرى امرأة العباس، أسلم بعد الحديبية، وكانت الحديبية فى ذى القعدة سنة ست من الهجرة، وشهد غزوة مؤتة، وسماه النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يومئذ سيف الله، وشهد خيبر، وفتح مكة، وحنينًا. رُوى له عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثمانية عشر حديثًا، اتفق البخارى ومسلم على حديث. روى عنه ابن عباس، وجابر، والمقدام بن معدى كرب، وأبو أمامة بن سهل الصحابيون، رضى الله عنهم. وروى عنه من التابعين قيس بن أبى حازم، وأبو وائل، وغيرهما، وكان من المشهورين بالشجاعة والشرف والرياسة. ثبت فى صحيح البخارى عنه أنه قال: لقد اندق فى يدى يوم مؤتة تسعة أسياف، فما ثبت فى يدى إلا صفيحة يمانية. قال الزبير بن بكار وغيره: كان خالد هو المقدم على خيول قريش فى الجاهلية، ولم يزل من حين أسلم يوليه رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَعِنَّة الخيل، فيكون فى مقدمتها، وشهد فتح مكة فأبلى فيها، وبعثه رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى العزى فهدمها، وكانت بيتًا عظيمًا لمضر تبجله، ولا يصح له مشهد مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قبل فتح مكة. وأرسله رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى أكيدر صاحب دومة، فأسره وأحضره عند رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فصالحه على الجزية، ورده إلى بلده، وأرسله رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سنة عشر إلى بنى الحارث بن كعب بن مذحج، فقدم معه رجال منهم، فأسلموا ورجعوا إلى قومهم. وأمَّره أبو بكر الصديق، رضى الله عنه، على قتال مسيلمة الكذاب والمرتدين باليمامة، وكان له فى قتالهم الأثر العظيم. وله الآثار العظيمة المشهورة فى قتال الروم بالشام، والفرس بالعراق، وافتتح دمشق. وكان فى قلنسوته شعر من شعر رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يستنصر به ويتبرك به، فلا يزال منصورًا، ولما حضرت خالدًا الوقاة قال: لقد شهدت مائة زحف أو نحوها وما فى بدنى موضع شهير إلا وفيه ضربة، أو طعنة، أو رمية، وها أنا أموت على فراشى، فلا نامت أعين الجزء: 1 ¦ الصفحة: 173 الجبناء، وما لى من عملى أرجا من لا إله إلا الله وأنا متترس بها. وتوفى فى خلافة عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، سنة إحدى وعشرين، وكانت وفاته بحمص، وقبره مشهور على نحو ميل من حمص، وقيل: توفى بالمدينة، قاله أبو زرعة الدمشقى، عن دحيم، والصحيح الأول، وحزن عليه عمر والمسلمون حزنًا شديدًا، ولما حضرته الوفاة حبس فرسه وسلاحه فى سبيل الله. وثبت فى الصحيحين أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: “إن خالدًا احتبس أدراعه واعتده فى سبيل الله” (1) . وفضائله كثيرة مشهورة، رضى الله عنه. 143 - خباب بن الأرت - بالتاء المثناة فوق المشددة - الصحابى، رضى الله عنه (2) : تكرر، هو أبو عبد الله، وقيل: أبو محمد، وقيل: أبو يحيى خباب بن الأرت بن جندلة ابن خزيمة بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم بن مر بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، وهو عربى لحقه سباء فى الجاهلية فبيع بمكة، وقيل: هو حليف بنى زهرة، وقيل: هو مولى أم أنمار بنت سباع الخزاعية، وهى من حلفاء بنى زهرة بن كلاب بن مرة، فهو تميمى النسب، خزاعى الولاء، زهرى الحلف، وكان خباب من السابقين إلى الإسلام، وممن تعذب فى الله تعالى، وكان سادس ستة فى الإسلام. قال مجاهد: أول من أظهر إسلامه من الصحابة أبو بكر، وخباب، وصهيب، وبلال، وعمار، وسمية أم عمار، فكان أبو بكر، رضى الله عنه، يمنع عنه قومه، وأما الآخرون فكانوا يعذبونهم. وقال الشعبى: إن خبابًا صبر ولم يعط الكفار ما سألوه، فجعلوا يلزقون ظهره بالرضف حتى ذهب لحم ظهره. قال: وسأله عمر، رضى الله عنه، عما لقى من المشركين، فقال: يا أمير المؤمنين، انظر إلى ظهرى، فنظر فقال: ما رأيت كاليوم ظهر رجل، قال خباب: لقد أوقدت نار، وسُحِبْت عليها، فما أطفأها إلا ودك ظهرى. وشهد مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بدرًا، وأُحُدًا، والمشاهد كلها مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. رُوى له عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اثنان وثلاثون حديثًا، اتفق البخارى ومسلم على ثلاثة، وانفرد البخارى بحديثين، ومسلم بحديث. روى عنه ابنه عبد الله،   (1) أخرجه أحمد (2/322، رقم 8267) ، والبخارى (2/534، رقم 1399) ، ومسلم (2/676، رقم 983) ، وأبو داود (2/115، رقم 1623) ، والنسائى (5/ 33، رقم 2464) . وأخرجه أيضا: عبد الرزاق (4/18، رقم 6826) ، والدارقطنى (2/123) ، وابن حبان (8/67، رقم 3273) ، والبيهقى (4/111، رقم 7160) .. (2) طبقات ابن سعد 3/164، 6/14، التاريخ الكبير للبخارى 3/730، الجرح والتعديل 3/1817، الاستيعاب 2/437، أسد الغابة 2/98، سير أعلام النبلاء 2/323، تهذيب التهذيب 3/133، الإصابة 1/466. تقريب التهذيب (1698) وقال: خباب بموحدتين الأولى مثقلة، من السابقين إلى الإسلام وكان يعذب في الله وشهد بدرا ثم نزل الكوفة ومات بها سنة سبع وثلاثين ع”.. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 174 وقيس بن أبى حازم، وأبو نوفل، ومسروق، وأبو ميسرة، والشعبى، وآخرون. ومرض خباب مرضًا شديدًا طويلاً توفى منه بالكوفة سنة سبع وثلاثين فى خلافة على، رضى الله عنه، وقبره أول قبر دفن بظاهر الكوفة، وكان أوصى بذلك، وكان الناس إنما يدفنون على أبواب بيوتهم، ثم دفنوا بظاهر الكوفة حين أوصى خباب بذلك، ولما رأى على، كرم الله وجهه، قبره قال: رحم الله خبابًا، أسلم راعيًا، وهاجر طائعًا، وعاش مجاهدًا، وابتلى فى جسمه، ولن يضيع الله أجر من أحسن عملاً. وكان عمره ثلاثًا وسبعين سنة. وقال بعضهم: توفى سنة تسع عشرة، وغلطوه. 144 - خذام: والد خنساء بنت خذام. مذكور فى نكاح المهذب. هو أبو وديعة خذام بن وديعة، وقيل: ابن خالد الأنصارى الأوسى المدنى الصحابى. وخذام بخاء مسكورة وذال معجمتين. 145 - خريم بن فاتك الصحابى، رضى الله عنه (1) : مذكور فى المهذب فى الشهادة بالزور. هو أبو يحيى، وقيل: أبو أيمن خريم، بضم الخاء وفتح الراء، ابن فاتك بن الأخرم بن شداد بن عمرو بن فاتك بن القليب، بضم القاف، ابن عمرو بن أسد بن خزيمة الأسدى. شهد هو وأخوه سبرة بدرًا، وقيل: لم يشهدها، والصحيح الأول، وبه قال البخارى والأكثرون، وهو معدود فى الشاميين، وقيل: فى الكوفيين، نزل الرقة. روى عنه ابنه أيمن، والمعرور بن سويد، والربيع بن عميلة، بضم العين، وآخرون. 146 - خزيمة بن ثابت الصحابى، رضى الله عنه (2) : تكرر فى المهذب فى أول باب الإحرام بالحج، وفى عشرة النساء، والشهادات، هو أبو عمارة خزيمة بن ثابت بن عمارة بن الفاكه بن ثعلبة بن ساعدة بن عامر بن عنان بن عامر بن خطمة بن جشم بن مالك بن الأوس الأنصارى الأوسى الخطمى المدنى، وسمى خطمة لأنه ضرب رجلاً على خطمه. شهد خزيمة مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بدرًا وما بعدها من المشاهد، وكان خزيمة وعمير بن عدى يكسران أصنام بنى خطمة، وكانت راية   (1) طبقات ابن سعد 6/38- 39، التاريخ الكبير للبخارى 3/757، الجرح والتعديل 3/1837، أسد الغابة 2/112، تهذيب التهذيب 3/139، الإصابة 1/424. تقريب التهذيب (1708) وقال: “خريم، لجد جده صحابي شهد الحديبية ولم يصح أنه شهد بدرا مات بالرقة في خلافة معاوية 4”.. (2) طبقات ابن سعد 4/378، 6/51، التاريخ الكبير للبخارى 3/704، الجرح والتعديل 3/1744، الاستيعاب 2/448، أسد الغابة 2/114، سير أعلام النبلاء 2/485- 487، العبر 1/41، تهذيب التهذيب 3/140، الإصابة 1/425. تقريب التهذيب (1710) وقال: “من كبار الصحابة شهد بدرا وقتل مع علي بصفين سنة سبع وثلاثين م 4”. . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 175 بنى خطمة بيده يوم فتح مكة، وشهد مع على، رضى الله عنه، الجمل وصفين، ولم يقاتل فيهما، فلما قُتل ابن ياسر بصفين، قال: سمعت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: “تقتل عمارًا الفئة الباغية” (1) ، فسَّل سيفه، وقاتل حتى قُتل، وكانت صفين سنة سبع وثلاثين. رُوى له عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثمانية وثلاثون حديثًا. روى عنه ابنه عمارة وآخرون، ومن أجلِّ مناقبه أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جعل شهادته كشهادة رجلين، فكان يُسمى ذا الشهادتين. روينا فى صحيح البخارى، عن زيد بن ثابت، أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جعل شهادة خزيمة بن ثابت شهادة رجلين. 147 - الخَضِر، عليه السلام: مذكور فى المهذب فى باب التعزية، هو بفتح الخاء وكسر الضاد، ويجوز إسكان الضاد مع كسر الخاء وفتحها كما فى نظائره. والخضر لقب، قالوا: واسمه بليا، بموحدة مفتوحة، ثم لام ساكنة، ثم مثناة تحت، ابن ملكان، بفتح الميم وإسكان اللام، وقيل: كليمان. قال ابن قتيبة فى المعارف: قال وهب بن منبه: اسم الخضر بليا بن ملكان بن فالغ بن عابر بن شالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح، قالوا: وكان أبوه من الملوك، واختلفوا فى سبب تلقيبه بالخضر، فقال الأكثرون: لأنه جلس على فروة بيضاء فصارت خضراء، والفروة وجه الأرض، وقيل: الهشيم من النبات، وقيل: لأنه كان إذا صلى اخضر ما حوله، والصواب الأول. فقد روينا فى صحيح البخارى، عن همام بن منبه، عن أبى هريرة، رضى الله عنه، أن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: “إنما سمى الخضر؛ لأنه جلس على فروة، فإذا هى تهتز من خلفه خضراء” (2) . فهذا نص صحيح صريح. وكنية الخضر أبو العباس، وهو صاحب موسى النبى، عليه السلام، الذى سأل السبيل إلى لقيه، وقد أثنى الله تعالى عليه فى كتابه بقوله تعالى: {فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا} [الكهف: 65] ، فأخبر الله عنه فى باقى الآيات بتلك الأعجوبات، وموسى الذى صحبه هو موسى بنى إسرائيل كليم الله تعالى كما جاء به الحديث المشهور فى صحيحى البخارى ومسلم، وهو مشتمل على عجائب من أمرهما. واختلفوا فى حياة الخضر ونبوته، فقال   (1) أخرجه أحمد (3/90، رقم 11879) ، والبخاري (3/1035، رقم 2657) ، وابن حبان (15/554، رقم 7079) . وفى الحديث أن أبا سعيد الخدري قال: كنا نحمل لبنة لبنة وعمار بن ياسر يحمل لبنتين لبنتين قال فرآه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فجعل ينفض التراب عنه ويقول يا عمار ألا تحمل لبنة كما يحمل أصحابك قال إني أريد الأجر من الله قال فجعل ينفض التراب عنه ويقول. فذكره. (2) أخرجه أحمد (2/312، رقم 8098) ، والبخارى (3/1248، رقم 3221) ، والترمذى (5/313، رقم 3151) وقال: حسن صحيح. حديث ابن عباس: أخرجه الطبرانى (12/209، رقم 12914) ، وابن عساكر (16/402) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 176 الأكثرون من العلماء: هو حى موجود بين أظهرنا، وذلك متفق عليه عند الصوفية وأهل الصلاح والمعرفة، وحكاياتهم فى رؤيته والاجتماع به والأخذ عنه، وسؤاله وجوابه، ووجوده فى المواضع الشريفة ومواطن الخير أكثر من أن تحصر، وأشهر من أن تذكر. قال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح فى فتاويه: هو حى عند جماهير العلماء والصالحين والعامة معهم فى ذلك. قال: وإنما شذ بإنكاره بعض المحدثين. قال: وهو نبى، واختلفوا فى كونه مرسلاً، وكذا قاله بهذه الحروف غير الشيخ من المتقدمين. وقال أبو القاسم القشيرى فى رسالته فى باب الأولياء: لم يكن الخضر نبيًا، وإنما كان وليًا. وقال أقضى القضاة الماوردى فى تفسيره: قيل: هو ولى، وقيل: هو نبى، وقيل: إنه من الملائكة، وهذا الثالث غريب ضعيف أو باطل. وفى آخر صحيح مسلم فى أحاديث الدجال أنه يقتل رجلاً ثم يحيا. قال إبراهيم بن سفيان صاحب مسلم: يقال: إن ذلك الرجل هو الخضر، وكذا قال معمر فى مسنده أنه يقال: إنه الخضر. وذكر أبو إسحاق الثعلبى المفسر اختلافًا فى أن الخضر كان فى زمن إبراهيم الخليل، عليه السلام، أم بعده بقليل أم بعده بكثير. قال: والخضر على جميع الأقوال نبى معمر محجوب عن الأبصار. قال: وقيل: إنه لا يموت إلا فى آخر الزمان عند رفع القرآن. 148 - خلاس بن عمرو: مذكور فى المهذب فى باب تضمين الأجير فى المسابقة، ثم فى أول القذف، هو بكسر الخاء المعجمة وبالتخفيف، وآخره سين مهملة، وهو خلاس بن عمرو الهجرى البصرى التابعى. سمع عمار بن ياسر، وابن عباس، وعائشة. وروى عن على بن أبى طالب، وأبى هريرة، رضى الله عنهم. روى عنه مالك بن دينار، وقتادة، وعوف الأعرابى، وغيرهم، وهو ثقة. قالوا: وروايته عن على من كتاب لا سماع. 149 - الخليل بن أحمد: إمام العربية، مذكور فى الروضة فى باب الاعتكاف، هو إمام العربية، أبو عبد الرحمن البصرى، الخليل بن أحمد الأزدى الفراهيدى، والفراهيد بفتح الفاء وكسر الهاء وبدال مهملة، هذا هو الصواب. وقال السمعانى: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 177 هو بذال معجمة، وهو تصحيف بلا شك. وكُتُب العلماء من الطوائف متظاهرة متطابقة على أنه بالمهملة. قال الجوهرى فى صحاحه: وكان يونس يقول: فرهودى، والفراهيد بطن من الأزد. قال ابن أبى حاتم: روى الخليل عن عثمان بن حاضر، عن ابن عباس، وعن أيوب السختيانى. روى عنه النضر بن شميل، والأصمعى، وعلى بن نصر، ووهب بن جرير. قال ابن قتيبة فى المعارف: كان الخليل ذكيًا، لطيفًا، فطنًا، واتفق العلماء على جلالته وفضائله، وتقدمه فى علوم العربية من النحو، واللغة، والتصريف، والعروض، وهو السابق إلى ذلك، المرجوع فيه إليه، وهو شيخ سيبويه إمام أهل العربية، وكان الخليل ورعًا. قال أهل التواريخ والأنساب: لم يسم أحد بعد نبينا - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أحمد قبل أبى الخليل هذا. واعلم أن فى العلماء والرواة ستة يسمى كل واحد منهم الخليل بن أحمد، قد أوضحتهم فى علوم الحديث، أولهم عبد الرحمن هذا، وكان الخليل زاهدًا، متقللاً من الدنيا، منقطعًا إلى العلم، توفى بالبصرة سنة سبعين ومائة، وهو ابن أربع وسبعين، وصَنَّف كُتبًا، وبعض العلماء ينسبون كتاب العين إليه، وبعضهم يُنكر ذلك، ويقول: كانت مقطعات جمعها الليث بن المظفر بن نصر بن يسار صاحب الخليل، وزاد فيها ونقص ونسبها إلى الخليل، وهو برىء منها. واتفقوا على كثرة الأغاليط فى كتاب العين، وكثيرًا مما ينقل الأزهرى فى تهذيب اللغة عن العين من الأغاليط، ويقول: هذا من عدد الليث، وسأذكر جملاً من ذلك فى قسم اللغات إن شاء الله تعالى. 150 - خوات بن جبير الصحابى: مذكور فى الوسيط فى صلاة الخوف، وهو بفتح الخاء المعجمة وتشديد الواو، وهو خوات بن جبير بن النعمان بن أمية بن امرىء القيس، وهو البرك، بضم الباء الموحدة وفتح الراء المهملة، ابن ثعلبة بن عمرو بن عوف بن مالك بن أوس الأنصارى الأوسى، وكنيته أبو عبد الله. وقيل: أبو صالح. قلت: ويحتمل أنهما كنيتان له كما لغيره كنيتان، بل كُنى، وهو أحد فرسان رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، شهد بدرًا هو وأخوه عبد الله بن جبير فى قول بعضهم. وقال موسى بن عقبة: إنه رجع الجزء: 1 ¦ الصفحة: 178 من الصفراء لمرض أو جرح أصابه، فضرب له رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بسهمه وأجره. وكذلك قال الحفاظ ابن مندة، وأبو نعيم الأصبهانيان، وأبو عمر بن عبد البر النمرى الشاطبى لا القرطبى كما ظنه ابن الأثير فى معرفة الصحابة، وكذا قاله أيضًا من أصحاب السير والمغازى محمد بن إسحاق بن يسار، والكلبى. وهو صاحب ذات النحيين، وهى امرأة من بنى تيم الله. روى عن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فى صلاة الخوف، وما أسكر كثيره فقليله حرام. وتوفى بالمدينة سنة أربعين وعمره أربع وتسعون سنة، مائة إلا ست سنين، قاله ابن مندة، وأبو نعيم الأصبهانيان، وأبو عمر بن عبد البر، رحمهم الله تعالى. * * * حرف الدال المهملة 151 - داذويه الصحابى، رضى الله عنه: مذكور فى المهذب فى الباب الثانى من كتاب الأقضية، وهو بدال مهملة فى أوله بلا خلاف، وبعد الألف ذال معجمة عند الجمهور، وقيل: مهملة، ولم يذكر القلعى غيره، والصواب الأول، وهى مفتوحة، ثم واو مفتوحة، ثم ياء مثناة تحت ساكنة، وداذويه هذا صحابى صالح، وهو أحد الثلاثة الذين قتلوا الأسود العنسى الكذاب، وهم داذويه، وفيروز الديلمى، وقيس بن مكشوح، وقتلوه بصنعاء اليمن فى حياة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. 152 - دانيال النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: مذكور فى المهذب فى أواخر باب أدب القاضى، وذكر صاحب كتاب العين أنه يقال فيه أيضًا: دانيا، بحذف اللام، والمشهور الأول، وهو ممن أتاه الله عز وجل الحكمة والنبوة، وكان فى أيام بختنصر. قال أهل التواريخ: أسره بختنصر مع من أسره من بنى إسرائيل وحبسهم، ثم رأى بختنصر رؤيا أفزعته وعجز الناس عن تفسيرها، ففسرها دانيال فأعجبه وأكرمه. قالوا: وقبره بنهر السوس، والله أعلم. 153 - داود النبى، عليه السلام: تكرر فى المختصر، وفى المهذب فى صلاة التطوع، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 179 ومواضع كثيرة، هو أبو سليمان داود بن إيشا، بهمزة مكسورة، ثم مثناة من تحت ساكنة، ثم شين معجمة. قال أبو إسحاق الثعلبى فى كتابه العرائس: هو داود بن إيشيا بن عوبد بن ياعز بن سلمون بن نحشون بن عمى نادب بن رام بن حصرون بن فارص بن يهوذا بن يعقوب بن إسحاق ابن إبراهيم الخليل، عليهم السلام. وقد تظاهرت الآيات والأحاديث الصحيحة على عظم فضل الله تعالى عليه، قال الله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالاَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِّنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ} [النمل: 15] . وقال تعالى: {وَدَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِى الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ} [الأنبياء: 78] الآيات. وقال تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ مِنَّا فَضْلاً يَا جِبَالُ أَوِّبِى مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ} [سبأ: 10] الآية. وقال تعالى: {فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِى الأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ} [ص: 25، 26] الآية. وقال تعالى: {وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُورًا} [النساء: 163] . وقال تعالى: {وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ} [الأنعام: 84] الآيات. وقال تعالى: {وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاء} [البقرة: 251] . وقال تعالى: {وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُدَ ذَا الأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِىِّ وَالإِشْرَاقِ وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَّهُ أَوَّابٌ وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ} [ص: 17 - 20] . وروينا فى صحيح البخارى ومسلم، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، رضى الله عنه، قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “أحب الصيام إلى الله صيام داود، وأحب الصلاة إلى الله صلاة داود، كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه، وينام سدسه، وكان يصوم يومًا ويفطر يومًا، ولا يفر إذا لاقى” (1) . وفى رواية فى الصحيحين: “كان يصوم نصف الدهر”. وفى رواية فى الصحيحين: “صم صيام داود، فإنه كان أعبد الناس” (2) . وروينا فى صحيحيهما، عن أبى موسى، رضى الله عنه، قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “لو رأيتنى وأنا أستمع لقراءتك البارحة، لقد أوتيت مزمارًا من مزامير آل داود” (3) ، ليس فى رواية البخارى: “لو رأيتنى وأنا أستمع لقراءتك البارحة”. وروينا فى صحيحى البخارى ومسلم، عن أبى   (1) أخرجه أحمد (2/160، رقم 6491) ، والبخارى (3/1257، رقم 3238) ، ومسلم (2/816، رقم 1159) ، وأبو داود (2/327، رقم 2448) ، والنسائى (3/214، رقم 1630) ، وابن ماجه (1/546، رقم 1712) . وأخرجه أيضًا: الحميدى (2/269، رقم 589) ، والدارمى (2/33، رقم 1752) ، والبزار (6/356، رقم 2364) ، وابن خزيمة (2/181، رقم 1145) ، وابن حبان (6/325، رقم 2590) ، والبيهقى (3/3، رقم 4432) ، والديلمى (1/366، رقم 1477) . (2) حديث حكيم: أخرجه الطبرانى (3/201، رقم 3123) . حديث كهمس الهلالى: أخرجه ابن سعد (7/46) ، والطبرانى (19/194، رقم 435) . قال الهيثمى (3/197) : فيه حماد بن يزيد المنقرى ولم أجد من ذكره. حديث أبى عقرب: أخرجه الطبرانى (22/316، رقم 798) ، والبيهقى فى شعب الإيمان (3/400، رقم 3879) . وأخرجه أيضًا: الطيالسى (ص 185، رقم 1313) ، أحمد (5/67، رقم 20682) ، والنسائى (4/225، رقم 2433) . (3) أخرجه أحمد (5/351، رقم 23019) ، والبخارى فى الأدب المفرد (1/373، رقم 1087) ، ومسلم (1/546، رقم 793) ، والنسائى فى الكبرى (5/23، رقم 8058) ، والدارمى 2/565، رقم 3498) ، وأبو عوانة كما فى إتحاف الخيرة المهرة للحافظ (2/565، رقم 2269) ، وابن حبان (3/174، رقم 892) ، والحاكم (4/314، رقم 7757) وقال: صحيح على شرط الشيخين. ومسلم (1/546، رقم 793) ، والبيهقى (3/12، رقم 4484) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 180 هريرة، أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: “لقد خفف على داود القرآن، فكان يأمر بدوابه أن تُسْرَج، فيقرأ قبل أن تسرج دوابه، ولا يأكل إلا من عمل يده”، المراد بالقرآن الزبور. وفى صحيح البخارى، عن المقدام بن معد يكرب، رضى الله عنه، عن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: “ما أكل أحد طعامًا قط خيرًا من أن يأكل من عمل يده، وإن نبى الله داود كان يأكل من عمل يده” (1) . وروينا فى كتاب الترمذى، عن أبى الدرداء، رضى الله عنه، قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “كان من دعاء داود: اللهم إنى أسألك حبك، وحب من يحبك، والعمل الذى يبلغنى حبك، اللهم اجعل حبك أحب إلىَّ من نفسى وأهلى، ومن الماء البارد”. قال: وكان رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا ذكر داود قال: “كان أعبد البشر” (2) . قال الترمذى: هذا حديث حسن. وروينا فى حليلة الأولياء، عن الفضل بن عياض، رضى الله عنه، قال: قال داود: إلهى، كن لابنى سليمان كما كنت لى، فأوحى الله تعالى إليه: يا داود، قل لابنك سليمان يكون لى كما كنت لى، حتى أكون له كما كنت لك. قال الثعلبى: قال العلماء: لما استشهد طالوت، أعطت بنو إسرائيل داود خزائن طالوت، وملكوه على أنفسهم، وذلك بعد قتل جالوت بسبع سنين، ولم يجتمع بنوا إسرائيل على ملك إلا داود. قال: وقال كعب، ووهب بن منبه: كان داود أحمر الوجه، سبط الرأس، أبيض الجسم، طويل اللحية فيها جعودة، حسن الصوت والخلق، طاهر القلب. قال: ومما أعطاه الله تعالى من الفضائل: الزبور، وحسن الصوت، فلم يعط أحدًا مثل صوته، وحكى من آثار صوته أشياء عجيبة، منها تسخير الجبال والطير للتسبيح معه، ومنها الحكمة وفصل الخطاب، فالحكمة الإصابة فى الأمور، وفصل الخطاب قيل: معرفة الأحكام وإتقانها وتسهيلها، وقيل: بيان الكلام، وقيل: قوله: أما بعد، وقيل: الشهود والإيمان. ومنها السلسلة المشهورة، ومنها القوة فى العبادة، والمجاهدة، ومنها قوة الملك وتمكينه، ومنها قوة بدنه، ومنها إلانة الحديد له. قال: قال أهل التواريخ: كان عمر داود، عليه السلام، مائة سنة، مدة ملكه منها أربعون سنة، عليه السلام.   (1) أخرجه أحمد (4/132، رقم 17229) ، والبخارى (2/730) ، والبيهقى فى شعب الإيمان (2/84، رقم 1224) . (2) أخرجه الترمذى (5/522، رقم 3490) ، وقال: حسن. والحاكم (2/470، رقم 3621) وقال: صحيح الإسناد. وأخرجه أيضًا: البخارى فى التاريخ الكبير (1/89، رقم 248) . قال الهيثمى (8/206) : رواه البزار فى حديث طويل، وإسناده حسن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 181 154 - داود بن الحصين (1) : مذكور فى المهذب فى بيع العرايا خمسة أوسق أو دونها، وحديثه هذا فى الصحيحين. هو أبو سليمان داود بن الحصين المدنى الأموى، مولى عمرو بن عثمان بن عفان، رضى الله عنه. روى عن عكرمة، والأعرج، وغيرهما. روى عنه محمد بن إسحاق، وآخرون. وثقه يحيى بن معين وغيره، وضعفه أبو حاتم. وقد روى له البخارى. وتوفى سنة خمس وثلاثين ومائة، وهو ابن ست وسبعين سنة. 155 - داود بن شابور (2) : بالشين المعجمة. مذكور فى المختصر فى صوم عرفة وعاشوراء. هو أبو سليمان داود بن شابور المكى. سمع عطاء، ومجاهدًا، وشهر بن حوشب، وعمرو بن شعيب. روى عنه ابن عيينة، وداود بن عبد الرحمن العطار. قال يحيى بن معين: هو ثقة. 156 - داود بن صالح التمار المدنى الأنصارى، مولاهم: مذكور فى المختصر فى باب الشعير. روى عن سالم بن عبد الله، والقاسم بن محمد، وغيرهما. روى عنه هشام بن عروة، وابن جريج، والدراوردى. قال أحمد بن حنبل: لا أعلم به بأسًا. 157 - داود بن على بن خلف الأصبهانى ثم البغدادى: إمام أهل الظاهر، أبو سليمان. تكرر فى الوسيط، والروضة. قال الشيخ أبو إسحاق فى طبقاته: أصله من أصبهان، ومولده بالكوفة، ونشأ ببغداد، ولد سنة ثنتين ومائتين، وتوفى ببغداد سنة سبعين ومائتين فى ذى القعدة، وقيل: فى شهر رمضان، ودفن بالشونيزية. أخذ العلم عن إسحاق بن راهوية، وأبى ثور، وكان زاهدًا، متقللاً. قال ثعلب: كان عقل داود أكثر من علمه. قيل: إنه كان يحضر مجلسه أربعمائة صاحب طيلسان أخضر، وكان من المحبين للشافعى، صنَّف كتابين فى فضائله والثناء عليه، وانتهت إليه رياسة العلم ببغداد، هذا كلام الشيخ أبى إسحاق. وفضائل داود وزهده وورعه ومتابعته للسنة مشهورة. واختلف العلماء هل يعتبر قوله فى الإجماع؟ فقال الأستاذ أبو إسحاق الإسفرايينى: اختلف أهل الحق فى نفاة القياس،   (1) طبقات ابن سعد 9/الورقة 217، التاريخ الكبير للبخارى 3/779، الجرح والتعديل 3/1874، تاريخ الإسلام 5/241، سير أعلام النبلاء 6/106، ميزان الاعتدال 2/2600، تهذيب التهذيب لابن حجر 3/181. تقريب التهذيب (1779) وقال: “ثقة إلا في عكرمة ورمي برأي الخوارج من السادسة مات سنة خمس وثلاثين ع”.. (2) التاريخ الكبير للبخارى 3/789، الجرح والتعديل 3/1898، تاريخ الإسلام 5/67، تهذيب التهذيب لابن حجر 3/187. تقريب التهذيب (1788) وقال: “ثقة من السادسة بخ ت س”.. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 182 يعنى داود وشبهه، فقال الجمهور: إنهم لا يبلغون رتبة الاجتهاد، ولا يجوز تقليدهم القضاء، وهذا ينفى الاعتداد به فى الإجماع. ونقل الأستاذ أبو منصور البغدادى من أصحابنا، عن أبى على بن أبى هريرة وطائفة من الشافعيين أنه لا اعتبار بخلاف داود وسائر نفاة القياس فى الفروع، ويعتبر خلافهم فى الأصول. وقال إمام الحرمين: الذى ذهب إليه أهل التحقيق أن منكرى القياس لا يعدون من علماء الأمة وحملة الشريعة؛ لأنهم معاندون مباهتون فيما ثبت استفاضة وتواترًا، ولأن معظم الشريعة صادرة عن الاجتهاد، ولا تفى النصوص بعشر معشارها، وهؤلاء ملتحقون بالعوام. وذكر إمام الحرمين أيضًا فى النهاية فى كتاب الكفارات قول داود، أن الرقبة المعيبة تجزىء فى الكفارة، وأن الشافعى، رضى الله عنه، نقل الإجماع أنها لا تجزىء. ثم قال: وعندى أن الشافعى، رحمه الله، لو عاصر داود لما عده من العلماء. وقال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح بعد أن ذكر ما ذكرته أو معظمه، قال: الذى اختاره الأستاذ أبو منصور وذكر أنه الصحيح من المذهب أنه يعتبر خلاف داود. وقال الشيخ: وهذا الذى استقر عليه الأمر آخرًا كما هو الأغلب الأعرف من صفو الأئمة المتأخرين، الذين أوردوا مذهب داود فى مصنفاتهم المشهورة، كالشيخ أبى حامد، والمحاملى، يعنى الماوردى، والقاضى أبى الطيب وشبههم، فلولا اعتدادهم به لما ذكروا مذهبه فى مصنفاتهم هذه. قال الشيخ: والذى أجيب به بعد الاستخارة والاستعانة بالله تعالى أن داود يعتبر قوله، ويعتد به فى الإجماع إلا فيما خالف فيه القياس الجلى، وما أجمع عليه القياسيون من أنواعه أو بناه على أصوله التى قام الدليل القاطع على بطلانها باتفاق من سواه على خلافه إجماع منعقد، وقوله المخالف حينئذ خارج من الإجماع كقوله فى التغوط فى الماء الراكد، وتلك المسائل الشنيعة، وقوله: لا ربا إلا فى الستة المنصوص عليها، فخلافه فى هذه وشبهه غير معتد به؛ لأنه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 183 مبنى على ما يقطع ببطلانه، والاجتهاد على خلاف الدليل القاطع مردود، وينتقض حكم الحاكم به. قال الشيخ: وهذا الذى اخترته ميل إلى أن منصب الاجتهاد يتجزأ، ويكون الشخص مجتهدًا فى نوع دون نوع. قال: ولا فرق فيما ذكرنا بين زمن داود وما بعده، فإن المذاهب لا تموت بموت أصحابها، والله عز وجل أعلم. سمع داود الظاهرى: سليمان بن حرب، وعمرو بن مرزوق، والقعنبى، ومسددًا، وطبقتهم، ورحل إلى نيسابور، فسمع إسحاق بن راهوية. قال الخطيب والسمعانى وغيرهما: وكان زاهدًا، ورعًا، ناسكًا، وفى كتبه حديث كثير، لكن الرواية عنه عزيزة، روى عنه ابنه أبو بكر محمد بن داود، وزكريا الساجى، وآخرون. قال أبو عبد الله المحاملى: رأيت داود يصلى، فما رأيت مصليًا يشبهه فى حسن تواضعه. وروى الخطيب، عن أبى عمرو المستملى، قال: رأيت داود الظاهرى يرد على إسحاق بن راهوية، وما رأيت أحدًا قبله ولا بعده يرد عليه هيبة له. 158 - الدجال عدو الله: تكرر فى هذه الكتب، وذكر فى التنبيه وغيره فى باب الإيلاء، بفتح الدال، وهو المسيح الكذاب، سمى دجالاً لتمويهه، والدجل التمويه والتغطية، يقال: دجل فلان إذا موه، ودجل الحق غطاه بباطله. وحكى ابن فارس عن ثعلب نحو ما ذكرناه، وحكى عنه غيره أنه سمى دجالاً لكذبه، وكل كذاب دجال، وجمعه دجالون. وفى صحيح مسلم وغيره، أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: “يكون فى آخر الزمان دجالون كذابون”، وسمى مسيحًا؛ لأنه يمسح الأرض كلها إلا مكة والمدينة، أى يطؤها. وقد ثبتت الأحاديث الصحيحة بالأمر بالاستعاذة من فتنته، وأنها من أعظم الفتن، وأنه ما من نبى إلا وقد أنذره قومه، وأنه أعور العين اليمنى، وجاء أعور اليسرى. قال العلماء: عيناه معينتان، إحداهما طافئة بالهمز ذاهبة النور عمياء، لا يُبصر بها شيئًا، والثانية طافية بلا همز، أى ناتئة حجرًا، كأنها عنبة طافية، لكنه يُبصر بها، ويمكث فى الأرض أربعين يومًا يوم كسنة، ويوم كشهر، ويوم كجمعة، وسائر أيامه كأيامنا، ومكتوب بين عينيه: ك ف ر، وأنه يتبعه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 184 سبعون ألفًا من يهود أصبهان عليهم الطيالسة، وأن عيسى، عليه السلام، ينزل من السماء فيقتل الدجال بباب لِد البلدة المعروفة بقرب بيت المقدس. وكل هذه الألفاظ ثابتة عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فى صحيح مسلم، وبعضها فى البخارى أيضًا، والأحاديث الصحيحة فيه كثيرة جدًا، وكان السلف يستحبون أن يلقن الصبيان أحاديث الدجال ليتحفظوها، وتترسخ فى نفوسهم، ويتوارثها الناس، وبالله التوفيق. 159 - دحية الكلبى الصحابى، رضى الله عنه (1) : يقال: بكسر الدال وبفتحها لغتان مشهورتان. هو دحية بن خليفة بن فضالة بن فروة الكلبى، أسلم قديمًا، وشهد مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مشاهده كلها بعد بدر، وأرسله رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بكتاب إلى عظيم بصرى ليدفعه إلى هرقل، وحديثه فى الصحيحين، وكان جبريل، عليه السلام، يأتى النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فى صورته، وكان من أجمل الناس. وحكى أنه كان إذا قدم من الشام لم تبق معصر إلا خرجت تنظر إليه، والمعصر التى بلغت سن المحيض. روى عن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثلاثة أحاديث. روى عنه خالد بن يزيد، وعبد الله بن شداد، والشعبى، وغيرهم، وشهد اليرموك، وسكن المزة القرية المعروفة بجنب دمشق، وبقى إلى خلافة معاوية، رضى الله عنهما. 160 - دريد بن الصمة: الشاعر الكافر. مذكور فى المهذب فى كتاب السير. هو بضم الدال، وفتح الراء، والصمة بكسر الصاد وتشديد الميم، وهو دريد بن الصمة بن الحارث بن معاوية بن جداعة، بضم الجيم، ابن عزية بن جشم بن معاوية بن بكر بن هوازن، من الشعراء المذكورين، قُتل يوم حنين كافرًا. * * * حرف الذال المعجمة 161 - ذو اليدين الصحابى، رضى الله عنه: مذكور فى كتاب الصلاة فى هذه الكتب، اسمه الخرباق بن عمرو، بخاء معجمة مكسورة، وبموحدة وقاف، وهو   (1) طبقات ابن سعد 4/294، التاريخ الكبير للبخارى 3/878، الجرح والتعديل 3/1996، الاستيعاب 2/461، أسد الغابة 2/130، تاريخ الأسلام 2/222، سير أعلام النبلاء 2/550، تهذيب التهذيب لابن حجر 3/306 - 307، الإصابة 1/471. تقريب التهذيب (1821) وقال: “صحابي جليل نزل المزة ومات في خلافة معاوية د”.. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 185 من بنى سليم، وهو الذى قال: يا رسول الله، أقصرت الصلاة أم نسيت؟ حين سلم فى ركعتين، وليس هو ذا الشمالين الذى قُتل يوم بدر؛ لأن ذا الشمالين خزاعى قُتل يوم بدر، وذو اليدين سلمى عاش بعد النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زمانًا حتى روى المتأخرون من التابعين عنه. واستدل العلماء لما ذكرناه بأن أبا هريرة شهد قصة السهو فى الصلاة، ففى صحيحى البخارى ومسلم عن أبى هريرة، قال: صلى بنا رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وبينا نحن نصلى مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إحدى صلاتى العشاء، فسلم من ركعتين، فقال له ذو اليدين ... الحديث. وأشباه هذه الألفاظ المصرحة بأن أبا هريرة حضر القصة وهو مسلم. وقد اجتمعوا على أن أبا هريرة إنما أسلم عام خيبر سنة سبع من الهجرة بعد بدر بخمس سنين، وكان الزهرى يقول: إن ذا اليدين هو ذو الشمالين، وأنه قُتل ببدر، وأن قصته فى الصلاة كانت قبل بدر، تابعه أصحاب أبى حنيفة على هذا، وقالوا: كلام الناس فى الصلاة يبطلها، وادعوا أن هذا الحديث منسوخ، والصواب ما سبق. وقد أطنب أعلام المحدثين فى إيضاح هذا، ومن أحسنهم له إيضاحًا الحافظ أبو عمر ابن عبد البر فى كتاب التمهيد فى شرح الموطأ، وقد لخصت مقاصد ما ذكره مع ما ذكره غيره فى شرح صحيح مسلم، وفى شرح المهذب. قال ابن عبد البر: واتفقوا على أن الزهرى غلط فى هذه القصة، والله أعلم. قال العلماء: وإنما قيل له ذو اليدين؛ لأنه كان فى يديه طول، ثبت فى الصحيح أن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يسميه ذا اليدين، وكان فى يديه طول. وفى رواية أنه بسيط اليدين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 186 * * * حرف الراء 162 - رافع بن خديج الصحابى، رضى الله عنه (1) : تكرر. وخديج بفتح الخاء المعجمة وكسر الدال المهملة، وهو أبو عبد الله، ويقال: أبو رافع، ويقال: أبو خديج، رافع بن خديج بن رافع بن عدى بن زيد بن جشم بن حارثة بن الحارث بن الخزرج بن عمرو بن مالك بن الأوس الأنصارى الأوسى الحارثى المدنى، استصغره رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوم بدر فردَّه وأجازه يوم أُحُد، فشهد أُحُد والخندق، وأكثر المشاهد. قالوا: وأصابه سهم يوم أُحُد، فنزعه وبقى نصله إلى أن مات. وقال له رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "أنا أشهد لك يوم القيامة"، وانتفضت جراحته، فتوفى منها بالمدينة سنة أربع وسبعين وهو ابن ست وثمانين سنة، وكان عريف قومه. رُوى له عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثمانية وسبعون حديثًا، اتفق البخارى ومسلم على خمسة، ولمسلم ثلاثة. روى عنه ابن عمر، والسائب بن يزيد، ومحمود بن لبيد، وأسيد بن ظهير الصحابيون. وروى عنه من التابعين عطاء، ومجاهد، والشعبى، وعطاء بن صهيب، وابن ابنه عباية بن رفاعة بن رافع، ونافع بن جبير، وسليمان بن يسار، وآخرون. 163 - الربيع بن سبرة التابعى، رحمه الله (2) : مذكور فى المختصر فى باب المتعة، وفى المهذب فى أول كتاب الصلاة، هو الربيع ابن سبرة بن معبد الجهنى المدنى التابعى. روى عن أبيه، وعمر بن عبد العزيز، وغيرهما. روى عنه ابناه عبد الملك وعبد العزيز، والزهرى، وآخرون. قال أحمد بن عبد الله العجلى: هو ثقة، وروى له مسلم. 164 - الربيع بن سليمان الجيزى (3) : صاحب الشافعى، رحمه الله. ذكره فى المهذب فى موضع واحد فقط فى مسألة دباغ جلد الميتة. روى عن الشافعى أن الشعر يطهر تبعًا للجلد، والأصح عند الأصحاب أنه لا يطهر، وهو رواية أكثر أصحاب الشافعى عنه، وذكرته فى الروضة فى كتاب الشهادات أنه روى عن الشافعى كراهة   (1) التاريخ الكبير للبخارى (3/1024) والجرح والتعديل (3/2150) والاستعياب (2/479) وأسد الغابة (2/150) وتاريخ الإسلام (3/153) وسير أعلام النبلاء (3/181) والإصابة (1/495) وتهذيب التهذيب (3/229، 230) . تقريب التهذيب (1861) وقال: "صحابي جليل أول مشاهده أحد ثم الخندق مات سنة ثلاث أو أربع وسبعين وقيل قبل ذلك ع".. (2) انظر: الجرح والتعديل (3/462) ، والتاريخ الكبير (3/273) ، وتهذيب تاريخ دمشق (5/308) ، والثقات لابن حبان (4/227) ، وتهذيب التهذيب (3/244، 245) ، وتقريب التهذيب (1/245) . . (3) انظر: الجرح والتعديل (3/464) ، وتهذيب الكمال (9/86، 87) ، وسير أعلام النبلاء (12/591) برقم (223) ، وتهذيب التهذيب (3/245) ، وتقريب التهذيب (1/245) . . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 187 القراءة فى الألحان، ولا ذكر له فى هذه الكتب الستة فى غير هذين الموضعين، وهذا الثانى حكاه عنه جماعة من الأصحاب منهم صاحب الشامل، وهذا تصريح بغلط مَن زعم أنه لا ذكر له فى المهذب إلا فى مسألة الشعر، ولعله تصحيف المهذب بالمذهب. وهو الجيزى، بكسر الجيم والزاى، منسوب إلى الجيزة موضع معروف بمصر، وهو الربيع بن سليمان بن داود الأزدى مولاهم المصرى الجيزى الشافعى. روى عن الشافعى، رحمه الله، وابن وهب، وأبى النضر بن عبد الجبار، وعبد الله بن عبد الحكم، وأسد بن موسى، وآخرين. روى عنه أبو داود السجستانى، والنسائى، والطحاوى، وآخرون. قال الخطيب البغدادى: كان ثقة. توفى فى ذى الحجة سنة ست وخمسين ومائتين. 165 - الربيع بن سليمان المرادى: صاحب الشافعى، رحمه الله. تكرر فى المهذب، والوسيط، والروضة، وهو أكثر أصحاب الشافعى، رحمه الله، رواية عنه، وهو راوية كتبه، هو أبو محمد الربيع بن سليمان بن عبد الجبار بن كامل المرادى، مولاهم المصرى المؤذن صاحب الشافعى وخادمه. سمع الشافعى، وابن وهب، وشعيب بن الليث، ويحيى بن حسان، وأسد بن موسى، وعبد الرحمن بن زياد، وأيوب بن سويد الرملى، وغيرهم. وروى عنه أبو زرعة، وأبو حاتم الرازيان، وابن أبى حاتم، وأبو داود، والنسائى، وابن صاعد، وابن ماجة، وابن زياد، والساجى، وأبو نعيم عبد الملك بن محمد الجرجانى، والطحاوى، وخلائق غيرهم. قال عبد الله بن محمد القزوينى: سمعت الربيع يقول: كل محدث حدث بمصر بعد ابن وهب كنت مستمليه. قال ابن أبى حاتم: هو صدوق. قال الخطيب: هو ثقة. توفى فى شوال سنة سبعين ومائتين. واعلم أن الربيع حيث أطلق فى كتب المذهب المراد به المرادى، وإذا أرادوا الجيزى قيدوه بالجيزى، وقد سبق فى ترجمة الجيزى الموضعان اللذان ذكر فيهما، ويقال: المرادى راوية الشافعى، كان الشافعى تفرس فى أصحابه، فقال لكل واحد منهم: أنت تكون بصفة كذا. وقال للمرادى: أنت راوية كتبى، فكان كما تفرس، رضى الله عنه. قال الجزء: 1 ¦ الصفحة: 188 الحافظ الإمام أبو بكر أحمد بن الحسين بن على البيهقى فى آخر كتابه مناقب الشافعى: الربيع بن سليمان المرادى، هو راوى كتب الشافعى الجديدة على الصدق والإتقان، فربما فاتته صفحات من كتاب فيقول فيها: قال الشافعى، أو يرويها عن البويطى، عن الشافعى، رحمه الله. قال: وصارت الرواحل تشد إليه من أقطار الأرض لسماع كتب الشافعى. قال البويطى: الربيع أثبت فى الشافعى منى. قال البيهقى: وحج الربيع سنة أربعين ومائتين، واجتمع هو وأبو على الحسن بن محمد الزعفرانى بمكة زادها الله شرفًا، فقال: يا أبا على، أنت بالمشرق وأنا بالمغرب نبث هذا العلم، يعنى علم الشافعى وكتبه، وكان يحب الربيع ويقربه. قال: وقال الشافعى للربيع: لو أستطيع أن أطعمك العلم لأطعمتك. وقال الربيع: قال لى الشافعى: ما أحبك إلىَّ. وقال يونس بن عبد الأعلى: قال الشافعى: ما خدمنى أحد خدمة الربيع. وقال الربيع: قال لى الشافعى، رحمه الله: أجب يا ربيع فى المسائل، فإنه لا يصيب أحد حتى يخطىء. ومناقب الربيع كثيرة مشهورة، رحمه الله. 166 - ربيعة (1) : شيخ مالك، تكرر فى المختصر. هو أبو عثمان، ويقال: أبو عبد الرحمن ربيعة بن أبى عبد الرحمن فروخ القرشى التيمى، مولاهم مولى آل المنكدر التيميين المدنى، يقال له: ربيعة الرأى، بالهمز؛ لأنه كان يعرف بالرأى والقياس، وهو تابعى جليل، سمع أنس بن مالك، والسائب بن يزيد الصحابيين، ومحمد بن يحيى بن حبان، وابن المسيب، والقاسم ابن محمد، وسالم بن عبد الله، وسليمان وعطاء ابنى يسار، ومكحولاً، وخلائق. روى عنه يحيى الأنصارى، ومالك، والثورى، وشعبة، والليث، والأوزاعى، وابن عيينة، وسليمان بن بلال، والدرارودى، وخلائق من الأئمة، وغيرهم. قال يحيى بن سعيد: ما رأيت أعقل من ربيعة، وكان صاحب معضلات أهل المدينة، ورئيسهم فى الفتيا. وقال القاسم بن محمد: لو تمنيت أحدًا تلده أمى لتمنيت ربيعة. وقال الحميدى: كان ربيعة حافظًا. وقال مالك: ذهبت حلاوة الفقه منذ مات ربيعة. واتفق العلماء من المحدثين وغيرهم على توثيقه وجلالته وعظم   (1) التاريخ الكبير للبخارى (3/976) والجرح والتعديل (3/2131) وتاريخ الإسلام (5/245) وسير أعلام النبلاء (6/89 - 96) وميزان الاعتدال (2/2753) وتاريخ الخطيب (8/425) وتهذيب التهذيب (3/258، 259) وتاريخ بغداد (421 - 424) . تقريب التهذيب (1911) وقال: "ثقة فقيه مشهور قال ابن سعد كانوا يتقونه لموضع الرأي من الخامسة مات سنة ست وثلاثين على الصحيح وقيل سنة ثلاث وقال الباجي سنة اثنتين وأربعين ع".. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 189 مرتبته فى العلم والفهم. توفى بالمدينة سنة ست وثلاثين ومائة، رضى الله عنه. 167 - رجاء بن حيوة (1) : مذكور فى المختصر فى مسح الخف. هو أبو المقدام، ويقال: أبو نصر، رجاء بن حيوة بن جندل، ويقال: جنزل، ويقال: جرول بن الأحنف بن السمط الكندى الفلسطينى، ويقال: الأردنى، بضم الهمزة والدال وتشديد النون، التابعى الإمام. روى عن معاذ بن جبل، وعبادة بن الصامت، ومعاوية بن أبى سفيان، وأبى سعيد الخدرى، وجابر، والمسور، وابن عمرو بن العاص، وأبى أمامة، ومحمود بن الربيع، وغيرهم من الصحابة، رضى الله عنهم، وعن خلائق من التابعين. روى عنه جماعات من التابعين منهم الزهرى، وابن عون، والحكم، وقتادة، وحميد الطويل، وابن عجلان، وخلائق غيرهم. وقال مطر: ما رأيت شاميًا أفقه من رجاء بن حيوة. وقال ابن سعد: كان ينزل الأردن، وكان ثقة، عالمًا، فاضلاً، كثير العلم. قال أبو مسهر: كان رجاء من نيسان، ثم انتقل إلى فلسطين. وقال مسلمة بن عبد الملك: فى كندة ثلاثة رجال إن الله لينزل الغيث بهم وينصر بهم على الأعداء: رجاء بن حيوة، وعبادة بن نسىء، وعدى بن عدى. وقال مكحول: رجاء شيخنا وسيدنا، وسيد أهل الشام. ومناقبه كثيرة مشهورة. قال البخارى: قيل لرجاء: ما لك لا تأتى السلطان؟ وكان يقعد عنهم، فقال: يكفينى الذى تركتهم له، يعنى رب العالمين سبحانه وتعالى. قالوا: وكان رجاء قاضيًا. وأجمعوا على جلالته وعظم فضله فى نفسه وعلمه. وتوفى سنة ثنتى عشرة ومائة، رحمه الله. 168 - رشيد الثقفى التابعى: بضم الراء وفتح الشين، مذكور فى المهذب فى أول باب اجتماع العدتين، هو [ ...... ] (2) . 169 - رفاعة بن رافع الصحابى، رضى الله عنهما (3) : مذكور فى المهذب فى مواضع من صفة الصلاة. هو أبو معاذ رفاعة بن رافع بن مالك بن عجلان بن عمرو بن عامر بن زريق، بتقديم الزاى، الأنصارى الزرقى المدنى. شهد مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - العقبة، وبدرًا، وأُحُدًا، والخندق، وبيعة الرضوان، والمشاهد كلها. وأبوه رافع صحابى.   (1) طبقات ابن سعد (7/454) والتاريخ الكبير للبخارى (3/1062) والجرح والتعديل (3/2266) وتاريخ الإسلام (4/249) وسير أعلام النبلاء (4/557) وتهذيب التهذيب لابن حجر (3/265) . تقريب التهذيب (1920) وقال: “ثقة فقيه من الثالثة مات سنة اثنتي عشرة خت م 4”.. (2) ما بين المعقوفتين بياض بالأصل مقدار سطرين. (3) طبقات ابن سعد (3/596) والتاريخ الكبير للبخارى (3/1089) والجرح والتعديل (3/2230) والاستيعاب (2/497) وأسد الغابة (2/178) والإصابة (1/517) وتهذيب التهذيب لابن حجر (3/281) . تقريب التهذيب (1946) .. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 190 واختلفوا فى شهوده بدرًا، وشهد العقبتين الأولى والثانية. روى لرفاعة عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أربعة وعشرون حديثًا، روى البخارى منها ثلاثة. وروى عنه ابنه معاذ، ويحيى بن خلاد، وعبد الله بن شداد. توفى فى أول خلافة معاوية. وذكره فى المهذب فى فصل الاعتدال من الركوع، وقال فيه: رفاعة بن مالك، فنسبه إلى جده. وفى صحيح البخارى فى باب شهود الملائكة بدرًا عن معاذ بن رفاعة ابن رافع، وكان رفاعة من أهل بدر، وكان رافع من أهل العقبة، وكان يقول لابنه: ما يسرنى أنى شهدت بدرًا بالعقبة، فظاهر هذا أن رافعًا لم يشهد بدرًا. 170 - رفاعة القرظى الصحابى، رضى الله عنه: مذكور فى المختصر، والمهذب فى الرجعة، وهو رافعة بن سموال، بسين مهملة تفتح وتكسر، ثم ميم ساكنة، وقيل: رفاعة بن رفاعة القرظى المدنى، من بنى قريظة، خال صفية أم المؤمنين، رضى الله عنها؛ لأن أمها برة بنت سموال. 171 - ركانة بن عبد يزيد الصحابى، رضى الله عنه (1) : مذكور فى المختصر فى الطلاق وفى اليمين، وفى المهذب فى المسابقة، وأول الطرق، وآخر اليمين فى الدعاوى، لكنه ذكره فى الموضعين الأخيرين على الصواب، وقال فى المسابقة: يزيد بن ركانة، وهو غلط لا شك فيه، وسأوضحه فى النوع الثامن فى الأوهام إن شاء الله تعالى. وهو ركانة، بضم الراء وتخفيف الكاف وبالنون، وليس فى الأسماء ركانة غيره، هكذا قاله البخارى، وابن أبى حاتم، وغيرهما، وهو ركانة بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف بن قصى القرشى المطلبى الحجازى المكى ثم المدنى. أسلم يوم فتح مكة، وكان من أشد الناس، وهو الذى صارعه النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فصرعه النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قال الحافظ عبد الغنى المقدسى: وهذا أمثل ما روى فى مصارعة النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فأما ما روى فى مصارعته - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أبا جهل، فلا أصل له. وله عن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حديث.   (1) التاريخ الكبير للبخارى (3/1146) والجرح والتعديل (3/2342) والاستيعاب (2/507) وأسد الغابة (2/187) والإصابة (1/520) وتهذيب التهذيب لابن حجر (3/287) . تقريب التهذيب (1955) . . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 191 روى عنه ابنه يزيد، وابن ابنه على، وأخوه طلحة. توفى بالمدينة فى خلافة معاوية، رضى الله عنه، سنة اثنتين وأربعين، وقيل: توفى فى خلافة عثمان، وحديث مصارعته النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مذكور فى كتابى أبو داود والترمذى فى كتاب اللباس، لكنه مرسل. قال الترمذى: ليس إسناده بالقائم، وفى رواته مجهول، ولفظه فيهما عن محمد بن على بن ركانة، أن ركانة صارع النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فصرعه النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قال ركانة: وسمعت النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: “فرَّق ما بيننا وبين المشركين العمائم على القلانس”. وركانة هذا هو الذى طلق امرأته سهيمة بنت عويمر بالمدينة. 172 - رويفع بن ثابت الصحابى، رضى الله عنه (1) : مذكور فى المهذب فى أواخر كتاب السير فى علف الدواب من الغنيمة. هو رويفع ابن ثابت بن سكن بن حارثة بن عمرو بن زيد مناة بن عدى بن عمرو بن مالك بن النجار الأنصارى النجارى المصرى. سكن مصر، وأمره معاوية على طرابلس البلدة المعروفة بالمغرب سنة ست وأربعين، فغزا منها إفريقية سنة سبع وأربعين وفتحها. توفى ببرقة أميرًا عليها، وقبره بها، وقيل: مات بالشام، والصحيح الأول، وهو آخر من توفى من الصحابة هناك. روى عنه جماعة من التابعين أحاديث عن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. * * * حرف الزاي 173 - زاهر السرخسي: من أئمة أصحابنا أصحاب الوجوه، تكرر ذكره فى الروضة، وذكره فى الوسيط فى أول الخيار فى النكاح بالعيب. هو أبو على زاهر بن محمد بن أحمد بن عيسى، منسوب إلى سرخس، بسين مهملة ثم راء مفتوحتين ثم خاء معجمة ساكنة ثم سين أخرى، هذا هو المشهور فى ضبطها، وروينا فيه شعرًا، وقيل: سرخس بإسكان الراء وفتح الخاء، وكان من كبار أئمة أصحابنا فى العصر والمرتبة، ولكن المنقول عنه فى المذهب قليل جدًا. قال الحاكم أبو عبد الله النيسابورى الحافظ   (1) طبقات ابن سعد (4/354) والتاريخ الكبير للبخارى (3/1147) والجرح والتعديل (3/2345) والاستيعاب (2/504) وأسد الغابة (2/191) وتاريخ الإسلام (2/223 - 279) وسير أعلام النبلاء (3/36) والاستيعاب (1/522) وتهذيب التهذيب لابن حجر (3/299) . تقريب التهذيب (1971) وقال: "صحابي سكن مصر وولي إمرة برقة ومات بها سنة ست وخمسين ي خ ت س".. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 192 فى تاريخ نيسابور: هو أبو على زاهر السرخسى المقرىء الفقيه المحدث، شيخ عصره بخراسان، قرأ القرآن على أبى بكر بن مجاهد، وتفقه على أبى إسحاق المروزى، ودرس الأدب على أبى بكر بن الأنبارى وغيره. توفى رحمه الله تعالى يوم الأربعاء سلخ شهر ربيع الآخر سنة تسع وثمانين وثلاثمائة، وهو ابن ست وتسعين سنة. ومن غرائبه المسألة المذكورة فى الوسيط وغيره، وهى أنه قال: ثبت الخيار إذا وجد أحد الزوجين الآخر عذيوطًا، وهو الذى يخرج منه الغائط عند جماعه، والمشهور فى المذهب أنه لا خيار بهذا. 174 - الزبرقان بن بدر الصحابى، رضى الله عنه: مذكور فى المهذب فى قسم الصدقات من المؤلفة. هو أبو عياش الزربرقان، بكسر الزاء والراء بينهما موحدة ساكنة، ابن بدر بن امرىء القيس بن خلف بن بهدلة بن عوف بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم التميمى السعدى. قالوا: والزبرقان لقب له، واسمه الحصين، وإنما قيل له الزبرقان لحسنه، والزبرقان فى اللغة اسم للقمر، هكذا نقله الجوهرى وغيره. وقال ابن السكيت، وحكاه الجوهرى وآخرون: وإنما قيل له الزبرقان لصفرة عمامته، يقال: زبرقت الثوب إذا صفرته. قالوا: وكان يلبس عمامة مزبرقة بالزعفران. وكان الزبرقان مرتفع القدر فى الجاهلية، ثم كان سيدًا فى الإسلام، وكان من الشعراء المحسنين، وفد على النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فى وفد بنى تميم، وكانوا جمعًا فأسلموا، وأجازهم رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأحسن جوائزهم، وذلك سنة تسع من الهجرة، وكان يقال للزبرقان: قمر نجد؛ لحسنه، وولاه رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صدقات قومه، فلما قُبض رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وارتدت العرب، ومنعت الصدقات، ثبت الزبرقان على الإسلام، وأخذ صدقات قومه فأدَّاها إلى أبى بكر الصديق، رضى الله عنه، فأقره أبو بكر، ثم عمر على الصدقات، رضى الله عنهم. 175 - الزبير بن باطا اليهودى: مذكور فى المهذب فى كتاب السير فى نزول أهل القلعة على حكم حاكم. هو الزبير، بفتح الزاى وكسر الباء بلا خلاف بين العلماء، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 193 وكلهم مصرحون به، وممن نقل الاتفاق عليه صاحب مطالع الأنوار، وباطا بموحدة بلا همز ولا مد. قال صاحب المطالع: ويقال: باطيا، وهو والد عبد الرحمن بن الزبير المذكور فى المهذب فى باب الرجعة، وقتل الزبير بن باطا يوم بنى قريظة كافرًا، قتله الزبير بن العوام، رضى الله عنه، صبرًا. 176 - الزبير - بضم الزاى - بن العوام الصحابى، رضى الله عنه (1) : أحد العشرة، رضى الله عنهم. تكرر فى هذه الكتب. هو أبو عبد الله الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصى القريشى الأسدى المدنى، يلتقى مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فى قصى. وأم الزبير، رضى الله عنها، صفية بنت عبد المطلب عمة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أسلمت وهاجرت إلى المدينة. أسلم الزبير، رضى الله عنه، قديمًا فى أوائل الإسلام وهو ابن خمس عشرة سنة، وقيل: ست عشرة، وقيل: وهو ابن ثمان سنين، وقيل: ابن ثنتى عشرة سنة، وكان إسلامه بعد إسلام أبى بكر، رضى الله عنه، بقليل، قيل: كان رابعًا أو خامسًا. وهو أحد العشرة المشهور لهم بالجنة: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلى، وطلحة، والزبير، وسعد بن أبى وقاص، وسعيد بن زيد، وعبد الرحمن بن عوف، وأبو عبيدة بن الجراح، رضى الله عنهم. وهو أحد الستة أصحاب الشورى الذين جعل عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، الخلافة فى أحدهم: عثمان، وعلى، وطلحة، والزبير، وسعد، وعبد الرحمن بن عوف، رضى الله عنهم. وقال: هؤلاء توفى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو عنهم راضى. وهاجر الزبير، رضى الله عنه، إلى أرض الحبشة، ثم إلى المدينة، وآخى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بينه وبين عبد الله بن مسعود حين آخى بين المهاجرين بمكة، فلما قدم المدينة وآخى بين المهاجرين والأنصار آخى بينه وبين سلمة بن سلامة بن وقش، وكان الزبير أول من سلَّ سيفًا فى سبيل الله، شهد بدرًا، وأُحُدًا، والخندق، والحديبية، وخيبر، وفتح مكة، وحصار الطائف، والمشاهد كلها مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وشهد اليرموك، وفتح مصر. وكان أسمر، ربعة، معتدل اللحم، خفيف اللحية. روينا فى صحيحى البخارى ومسلم، عن جابر، رضى الله عنه،   (1) طبقات ابن سعد (3/100) والتاريخ الكبير للبخارى (3/1359) والجرح والتعديل (3/2627) والاستيعاب (2/510) وأسد الغابة (2/196) وأعلام النبلاء (1/41) وتهذيب التهذيب لابن حجر (3/318) والإصابة (1/545) . تقريب التهذيب (2003) وقال: “أحد العشرة المشهود لهم بالجنة قتل سنة ست وثلاثين بعد منصرفه من وقعة الجمل ع”.. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 194 قال: ندب رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أصحابه يوم الأحزاب، فانتدب الزبير ثلاث مرات، قال: “من يأتينى بخبر القوم؟ ”، قال الزبير: أنا، قال: “من يأتينى بخبر القوم؟ ”، قال الزبير: أنا، قال: “من يأتينى بخبر القوم؟ ”، قال الزبير: أنا، فقال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “إن لكل نبى حواريًا، وحوارى الزبير” (1) . وفى صحيحيهما عن عبد الله بن الزبير، قال: قال لى أبى: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “من يأتنى بنى قريظة فيأتينى بخبرهم”، فانطلقت، فلما رجعت جمع لى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ألوية فقال: “ارم فداك أبى وأمى” (2) ) . وفى صحيح البخارى، أن عثمان بن عفان، رضى الله عنه، قيل له: استخلف، قال: فلعلهم قالوا: الزبير، قال: نعم. قال: أما والذى نفسى بيده إنه لخيرهم ما علمت، وإن كان لأحبهم إلى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وفى رواية للبخارى أيضًا: قال عثمان: أما والله إنكم لتعلمون أنه خيركم، ثلاثًا. وفى البخارى أيضًا، عن عروة، أن أصحاب رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قالوا للزبير يوم اليرموك: ألا تشد فنشد معك؟ فحمل عليهم فضربوه ضربتين على عاتقه بينهما ضربة ضربها يوم بدر، قال عروة: فكنت أدخل يدى فى تلك الضربات ألعب وأنا صغير. وفى رواية البخارى: أن الزبير حمل عليهم حتى شق صفوفهم، فجاوزهم وما معه أحد. وفى صحيح البخارى، عن هشام بن عروة، قال: أقمنا سيف الزبير بيننا بثلاثة آلاف. وفى الترمذى، عن هشام بن عروة بن الزبير، قال: أوصى الزبير إلى ابنه عبد الله صيحة الجمل، فقال: ما منى عضو إلا وقد جرح مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، حتى انتهى إلى فرجه. قال الترمذى: حديث حسن، وفيما قاله نظر؛ لأنه منقطع بين هشام والزبير. ومن مناقبه ما ثبت فى صحيح البخارى، عن عبد الله بن الزبير، قال: لما وقف الزبير يوم الجمل دعانى فقمت إلى جنبه، فقال: يا بنى، إنى لا أرانى إلا سأقتل اليوم مظلومًا، وإن من أكبر همى لدينى، أفترى ديننا يبقى من مالنا شيئًا، ثم قال: يا بنى، بع مالنا واقض ديننا، وأوصى بالثلث. قال عبد الله: فجعل يوصينى بدينه ويقول: يا بنى، إن عجزت عن شىء منه فاستعن بمولاى، فوالله ما دريت ما أراد، حتى قلت: يا أبت، من مولاك؟ قال: الله، فوالله ما وقعت فى كربة من دينه إلا قلت: يا مولى الزبير اقض عنه دينه، فيقضيه.   (1) حديث جابر: أخرجه أحمد (3/338، رقم 14675) ، وعبد بن حميد (ص 328، رقم 1088) ، والبخارى (6/2650، رقم 6833) ، ومسلم (4/1879، رقم 2415) ، وابن ماجه (1/45، رقم 122) . وأخرجه أيضًا: ابن عساكر (18/360) . حديث الزبير: أخرجه ابن عساكر (18/380) . حديث على: أخرجه أحمد (1/102، رقم 799) ، وأبو يعلى (1/445، رقم 594) . حديث أبى موسى: أخرجه ابن عدى (7/246 ترجمة 2145 يحيى بن خليف بن عقبة السعدى) . (2) حديث على: أخرجه البخارى (3/1064، رقم 2749) . ومسلم (4/1876، رقم 2411) ، والطبرانى فى الأوسط (5/382، رقم 5627) ، وابن حبان (15/446، رقم 6988) ، والبيهقى (9/162، رقم 18294) . حديث سعد: أخرجه البخارى (4/1489، رقم 3829) ، ومسلم (4/1876، رقم 2412) ، والترمذى (5/130، بعد رقم 2829) ، والشاشى (1/156، رقم 92) ، والطبرانى فى الأوسط (6/73، رقم 5831) ، والبيهقى (9/162، رقم 18293) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 195 قال: فقتل الزبير ولم يدع دينارًا ولا درهمًا إلا أرضين منها الغابة، وإحدى عشرة دارًا المدينة، ودارين بالبصرة، ودارًا بالكوفة، ودارًا بمصر. قال: وإنما كان دينه أن الرجل كان يأتيه بالمال يستودعه إياه، فيقول الزبير: لا، ولكنه سلف أنى أخشى عليه الضيعة، وما ولى إمارة قط، ولا جباية، ولا خراجًا، ولا شيئًا إلا أن يكون غزوًا مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أو مع أبى بكر، وعمر، وعثمان، رضى الله عنهم. قال عبد الله بن الزبير: فحسبت ما كان عليه من الدين، فكان ألف ألف ومائتى ألف، وكان الزبير اشترى الغابة بسبعين ومائة ألف، فباعها عبد الله بألف ألف وستمائة ألف. ثم قال: من كان له عندنا شىء فليوافنا بالغابة، فلما فرغ عبد الله من قضاء دينه، قال بنو الزبير: اقسم بيننا ميراثنا، قال: والله لا أقسم بينكم حتى أنادى بالموسم أربع سنين: ألا من كان له على الزبير دين فليأتنا فلنقضه، فجعل ينادى كل سنة فى الموسم، فلما مضى أربع سنين قسم بينهم، ودفع الثلث، وكان للزبير أربع نسوة، فأصاب كل امرأة ألف ألف ومائتى ألف، فجميع ماله خمسون ألف ألف ومائتا ألف. هذا لفظ رواية البخارى. ومما روينا من أموال الزبير أنه كان له ألف مملوك يؤدون إليه الخراج، فيتصدق به فى مجلسه، وما يقوم بدرهم منه، ومناقبه كثيرة. وكان الزبير، رضى الله عنه، يوم الجمل قد ترك القتال وانصرف، فلحقه جماعة من الغواة فقتلوه بوادى السباع بناحية البصرة، وقبره هناك، فى جمادى الأولى سنة ست وثلاثين، وكان عمره حينئذ سبعًا وستين سنة، وقيل: ستًا وستين، وقيل: أربعًا وستين، رضى الله عنه. 177 - زر بن حبيش (1) : بكسر الزاى. مذكور فى المهذب فى كتاب السير فى مسائل الأمان. هو أبو مريم، وقيل: أبو مطرف زر بن حبيش، بضم الحاء المهملة، ابن حباشة، بضمها أيضًا، ابن أوس بن هلال بن سعد بن حبال بن نصر بن غاضرة بن مالك بن ثعلبة بن غنم بن دودان بن أسد بن خزيمة الأسدى الكوفى التابعى الكبير المخضرم. أدرك الجاهلية، وسمع عمر، وعثمان، وعليًا، وابن مسعود، وآخرين من كبار الصحابة. روى عنه جماعات من التابعين منهم الشعبى،   (1) طبقات ابن سعد (6/104) والتاريخ الكبير للبخارى (3/1495) والجرح والتعديل (3/2817) والاستيعاب (2/563) وأسد الغابة (2/300) وتاريخ الإسلام (3/249) وسير أعلام النبلاء (4/166) وتهذيب التهذيب لابن حجر (3/321) والإصابة (1/577) . تقريب التهذيب (2008) وقال: “ثقة جليل مخضرم من الثانية مات سنة إحدى أو اثنتين أو ثلاث وثمانين وهو ابن مائة وسبع وعشرين سنة ع”.. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 196 والنخعى، وعدى بن ثابت، واتفقوا على توثيقه وجلالته، توفى سنة اثنتين وثمانين، وهو ابن مائة وعشرين سنة، وقيل: مائة وثنتين وعشرين سنة، وقيل: مائة وسبع وعشرين سنة. 178 - زفر (1) : صاحب أبى حنيفة، رضى الله عنهما. تكرر فى الوسيط فى الصوم، والربا، وغيرهما. هو أبو الهذيل زفر بن الهذيل العنبرى البصرى الإمام، صاحب أبى حنيفة، ولد سنة عشر ومائة، وتوفى سنة ثمان وخمسين ومائة وله ثمان وأربعون سنة. وكان جامعًا بين العلم والعبادة، وكان صاحب حديث، ثم غلب عليه الرأى. قال ابن أبى حاتم: روى عن حجاج بن أرطأة، روى عنه أبو نعيم، وحسان بن إبراهيم، وأكثم بن محمد. قال أبو نعيم: كان زفر ثقة، مأمونًا. دخل البصرة فى ميراث أخيه، فتشبث به أهل البصرة، فمنعوه الخروج منها. قال يحيى بن معين: زفر صاحب الرأى ثقة مأمون. قال ابن قتيبة: توفى بالبصرة. 179 - زكريا النبى، عليه السلام، أبو يحيى: تكرر فى المهذب فى كتاب الوقف وغيره، وفيه خمس لغات، أشهرها زكرياء بالمد، والثانية بالقصر، وقرىء بهما فى السبع، والثالثة والرابعة زكرى وزكرى بتشديد الياء وتخفيفها، حكاهما ابن دريد، وحكاهما من المتأخرين الجواليقى، والخامسة زكر، كقلم، حكاه أبو البقاء. قال الجواليقى: فمن مد قال فى التثنية: زكرياءان، وفى الجمع: زكرياؤن، ومن قصر قال: زكريان وزكريون، ومن قال: زكرى قال: زكريان كمدنيان، وزكريون كمدنيون، ومن خفف قال: زكريان وزكريون، وقد سبق أنه اسم أعجمى. قال الله تعالى: {هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِى مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء فَنَادَتْهُ الْمَلآئِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّى فِى الْمِحْرَابِ أَنَّ اللهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى} [آل عمران: 38، 39] الآيات. وقال تعالى: {كهيعص ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاء خَفِيًّا} [مريم: 1 - 3] الآيات. وقال تعالى: {وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لاَ تَذَرْنِى فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِى الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا   (1) انظر: ميزان الاعتدال (2/71) ، والجرح والتعديل (3/608) ، ولسان الميزان (2/476) ، وتاريخ ابن معين (2/172) ، وطبقات ابن سعد (6/270) ، والوافى بالوفيات (14/200) .. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 197 وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ} [الأنبياء: 89، 90] . واختلف العلماء فى قوله تعالى: {إِنَّهُمْ كَانُوا} هل هو مختص بزكريا وأهله؟ أم عائد إليه وإلى جميع الأنبياء المذكورين فى السورة من موسى وهارون؟ وعلى التقديرين فيه فضل زكريا. وقال تعالى: {وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِّنَ الصَّالِحِينَ} [الأنعام: 85] الآيات. وثبت فى صحيح مسلم، عن أبى هريرة، رضى الله عنه، عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: “كان زكريا نجارًا”، وهذه من الفضائل؛ لقوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فى صحيح البخارى: “أفضل ما أكل الرجل من عمل يده”. قال أهل التواريخ: كان زكريا من ذرية سليمان بن داود، عليهما السلام، وقتل زكريا بعد قتل يحيى ابنه، صلوات الله وسلامه عليهما، والله أعلم. 180 - زياد بن الحارث الصدائى الصحابى، رضى الله عنه (1) : مذكور فى باب الأذان من المهذب، منسوب إلى صداء، بضم الصاد المهملة وتخفيف الدال وبالمد، وهم حى باليمن. قال البخارى وغيره: وقيل: إن صداء هو ابن حرب بن علة. وقدم زياد على النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وأذن له فى سفره فى صلاة الصبح لغيبة بلال، وحديثه فى سنن أبى داود، والترمذى، وغيرهما، وفيه ضعف. روى لزياد عن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أربعة أحاديث. قالوا: وبعثه النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى قومه ليسلموا فأسلموا. 181 - زياد بن سعد (2) : مذكور فى المختصر فى أول الحضانة، هو أبو عبد الرحمن زياد بن سعد بن عبد الرحمن الخراسانى، سكن مكة، ثم سكن اليمن. روى عن عمرو بن دينار، وثابت الأحنف، وأبى الزبير، والزهرى، وآخرين. روى عنه مالك، وابن جريج، وابن عيينة، وآخرون. واتفقوا على توثيقه، روى له البخارى ومسلم. 182 - زياد بن سمية: المذكور فى المهذب فى مواضع من كتاب الحدود، وهو أحد الأربعة الشهود بالزنا، يقال له: زياد بن سمية، مولاه الحارث بن كلدة، بفتح الكاف واللام، وهى أم أبى بكرة، وأم زياد هذا، ويقال له: زياد بن أبيه، ويقال له: زياد بن أبى سفيان صخر بن حرب، واستلحقه معاوية بن أبى سفيان، وقال: أنت أخى وابن أبى. كنية زياد أبو المغيرة. قيل: ولد عام هجرة النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -   (1) طبقات ابن سعد (7/503) والتاريخ الكبير للبخارى (3/1162) والجرح والتعديل (3/2384) وأسد الغابة (2/313) وتهذيب التهذيب لابن حجر (3/359) والإصابة (1/557) . تقريب التهذيب (2063) وقال: “له صحبة ووفادة د ت ق”. . (2) التاريخ الكبير للبخارى (3/1207) والكنى للدولابى (2/65) والجرح والتعديل (3/2408) وتاريخ الإسلام (6/66) وسير أعلام النبلاء (6/323) وتهذيب التهذيب لابن حجر (3/369) . تقريب التهذيب (2080) وقال: “ثقة ثبت قال ابن عيينة كان أثبت أصحاب الزهري من السادسة ع”.. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 198 إلى المدينة، وقيل: يوم بدر، وليست له صحبة ولا رواية، وكان من دهاة العرب والخطباء الفصحاء، واستعمله عمر ابن الخطاب، رضى الله عنه، على بعض أعمال البصرة، وقيل: استعمله أبو موسى، رضى الله عنه، وكان كاتبه، ثم استعمله على بن أبى طالب، رضى الله عنه، على بلاد فارس، فلم يزل معه إلى أن قتل، وسلم الحسن الأمر إلى معاوية، فاستلحقه معاوية سنة أربع وأربعين، ثم استعمله على البصرة والكوفة، وبقى عليها إلى أن مات سنة ثلاث وخمسين. 183 - زياد بن أبى مريم التابعى (1) : مذكور فى المهذب فى نصف الصيد والذبائح. هو زياد بن أبى مريم القريشى الأموى، مولى عثمان بن عفان، رضى الله عنه. سمع أبا موسى الأشعرى، وعبد الله بن معقل، بالقاف، التابعى، ورأى أنس بن مالك وصحبه. روى عنه عبد الكريم الجزرى، وميمون بن مهران. قال أحمد بن عبد الله: هو تابعى ثقة. وروى البخارى فى تاريخه عن زياد هذا، قال: كان سعيد بن جبير يستحييى أن يُحَدِّث وأنا حاضر. 184 - زيد بن أرقم الصحابى، رضى الله عنه (2) : تكرر فى المختصر، والمهذب. هو أبو عمرو، وقيل: أبو عامر، وقيل: أبو سعيد، وقيل: أبو سعد، وقيل: أبو حمزة، وقيل: أبو أنيسة، زيد بن أرقم بن زيد بن قيس بن النعمان بن مالك بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج بن ثعلبة الأنصارى الخزرجى المدنى. غزا مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سبع عشرة غزوة، استصغره يوم أُحُد، وكان يتيمًا فى حجر عبد الله بن رواحة، وسار معه فى غزوة مؤتة. رُوى له عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سبعون حديثًا، اتفقا على أربعة، وللبخارى حديثان، ولمسلم ستة. روى عنه أنس بن مالك، وابن عباس، وخلائق من التابعين. نزل الكوفة، وتوفى بها سنة ست وخمسين. وقال محمد بن سعد وآخرون: سنة ثمان وستين. وله مناقب، منها ما روينا فى صحيحى البخارى ومسلم فى قصة إخباره بقول المنافقين: لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا، فقرأ عليه رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الآية، وقال: “إن الله قد صدقك”. 185 -   (1) التاريخ الكبير للبخارى (3/1261) والجرح والتعديل (3/2465) وميزان الاعتدال (2/2961) وتهذيب التهذيب لابن حجر (3/384) . تقريب التهذيب (2099) وقال: “وثقه العجلي من السادسة ولم يثبت سماعه من أبي موسى وجزم أهل بلده بأنه غير ابن الجراح ق”.. (2) طبقات ابن سعد (6/18) ، والتاريخ الكبير للبخارى (3/1283) ، والمعرفة والتاريخ (1/303) ، والجرح والتعديل (3/2508) ، والاستيعاب (2/535) ، وأسد الغابة (2/319) ، وتاريخ الإسلام (3/16) ، وسير أعلام النبلاء (3/165 - 168) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (3/394) ، والإصابة (1/560) . تقريب التهذيب (2116) وقال: “صحابي مشهور أول مشاهده الخندق وأنزل الله تصديقه في سورة المنافقين مات سنة ست أو ثمان وستين ع”.. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 199 زيد بن أسلم (1) : تكرر فى المختصر، وذكره فى المهذب فى مسألة الحمى. هو أبو أسامة زيد بن أسلم القريشى العدوى المدنى، مولى عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، التابعى الصالح الفقيه، رحمه الله. روى عن ابن عمر، وأنس، وجابر، وربيعة بن عباد، وسلمة بن الأكوع الصحابيين، رضى الله عنهم. وروى عن أبيه، وعطاء بن يسار، وحمران، وعلى بن الحسين، وأبى صالح السمان، وآخرين من التابعين. روى عنه الزهرى، ويحيى الأنصارى، وأيوب السختيانى، ومحمد بن إسحاق التابعيون، ومالك، والثورى، ومعمر، وخلائق من الأئمة. قال يحيى بن معين: سمع زيد بن أسلم من ابن عمر، ولم يسمع جابرًا ولا أبا هريرة. وقال محمد بن سعد: كانت لزيد بن أسلم حلقة فى مسجد رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وكان ثقة كثير الحديث. وقال أبو حاتم: لقد رأيتنا فى مجلس زيد بن أسلم أربعين فقيهًا، أدنى خصلة فينا التواسى بما فى أيدينا، وما رأيت فيه متمارين ولا متنازعين فى حديث لا ينفعهما، وكان أبو حازم يقول لهم: لا يرينى الله يوم زيد، وقدمنى بين يدى زيد أنه لم يبق أحد أرضى لنفسى ودينى غيره، فأتاه نعى زيد فعقر، فما قام ولا شهده، وكان أبو حازم يقول: اللهم إنك تعلم أنى أنظر إلى زيد فأذكر بالنظر إليه القوة على عبادتك، فكيف بملاقاته ومحادثته. ومناقبه كثيرة. توفى بالمدينة سنة ست وثلاثين ومائة، وقيل: سنة ثلاث وثلاثين، وقيل: ثلاث وأربعين. وحكى البخارى فى تاريخه أن على بن الحسين، رضى الله عنهما، كان يجلس إلى زيد بن أسلم ويتخطا مجالس قومه، فقيل له: تتخطا مجالس قومك إلى عبد عمر بن الخطاب، فقال: إنما يجلس الرجل إلى من ينفعه فى دينه. 186 - زيد بن ثابت الصحابى، رضى الله عنه (2) : تكرر فى هذه الكتب. هو أبو سعيد، وقيل: أبو عبد الرحمن، وقيل: أبو خارجة، زيد ابن ثابت بن الضحاك بن زيد بن لوذان، بفتح اللام وإسكان الواو وبذال معجمة، ابن عمرو بن عبد عوف بن غنم بن مالك بن النجار الأنصارى النجارى المدنى الفرضى الكاتب، كاتب الوحى والمصحف، وكان عمره حين قدم رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى المدينة إحدى   (1) التاريخ الكبير للبخارى (3/1287) ، والكنى للدولابى (1/105) ، والجرح والتعديل (3/2511) ، والحلية لأبى نعيم (3/221 - 229) ، وتاريخ الإسلام (5/251) ، وسير أعلام النبلاء (5/316، 317) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (3/395) ، وشذرات الذهب (1/166) . تقريب التهذيب (2117) وقال: “ثقة عالم وكان يرسل من الثالثة مات سنة ست وثلاثين ع”. . (2) طبقات ابن سعد (2/358) ، والتاريخ الكبير للبخارى (3/1278) ، والجرح والتعديل (3/2524) ، والاستيعاب (2/537) ، وأسد الغابة (2/221) ، وتاريخ الإسلام (2/123) ، وسير أعلام النبلاء (2/426 - 441) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (3/399) ، والإصابة (1/561) ، وشذرات الذهب (1/54 - 62) . تقريب التهذيب (2120) وقال: “صحابي مشهور كتب الوحي قال مسروق كان من الراسخين في العلم مات سنة خمس أو ثمان وأربعين وقيل بعد الخمسين ع”. . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 200 عشرة سنة، وحفظ قبل قدوم رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - المدينة مهاجرًا ست عشرة سورة، وقُتل أبوه ولزيد بن ثابت ست سنين، واستصغره النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوم بدر فردَّه، وشهد أُحُدًا، وقيل: لم يشهدها، وشهد الخندق وما بعدها من المشاهد مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وأعطاه النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوم تبوك راية بنى النجار، وقال: “القرآن مقدم وزيد أكثر أخذًا للقرآن”. وكان يكتب الوحى لرسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ويكتب له أيضًا المراسلات إلى الناس، وكان يكتب لأبى بكر، وعمر بن الخطاب فى خلافتهما، وكان أحد الثلاثة الذين جمعوا المصحف، أمره بذلك أبو بكر، وعمر، رضى الله عنهما، وكان عمر يستخلفه إذا حج، وكان معه حين قدم الشام، وهو الذى تولى قسم غنائم اليرموك، وكان عثمان، رضى الله عنه، أيضًا يستخلفه إذا حج، ورُمى يوم اليمامة بسهم فلم يضره. قال ابن أبى داود وآخرون: كان زيد أعلم الصحابة بالفرائض؛ للحديث: “أفرضكم زيد”. قالوا: وكان من الراسخين فى العلم، وكان على بيت المال لعثمان، رضى الله عنه، وأحواله كثيرة مشهورة. رُوى له عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اثنان وتسعون حديثًا، اتفقا منها على خمسة، وانفرد البخارى بأربعة، ومسلم بحديث. روى عنه جماعات من الصحابة، منهم ابن عمر، وابن عباس، وأنس، وأبو هريرة، وسهل بن أبى حثمة، وعبد الله بن زيد، وسهل بن حنيف، وأبو سعيد الخدرى، وسهل ابن سعد، رضى الله عنهم. وروى عنه خلائق من كبار التابعين، منهم ابن المسيب، وسليمان وعطاء ابنا يسار، والقاسم بن محمد، وأبان بن عثمان، وقبيصة بن ذؤيب، وابناه خارجة وسليمان ابنا زيد، وآخرون. توفى بالمدينة سنة أربع وخمسين، وقيل: ست وخمسين، وقيل: سنة أربعين، وقيل: خمس وأربعين، وقيل: سنة إحدى وأربعين، وقيل: سنة ثلاث وأربعين، وقيل: إحدى وخمسين، وقيل: ثلاث وخمسين، وقيل: خمس وخمسين. وروى البخارى فى تاريخه بإسناده الصحيح، عن عمار بن أبى عمار، قال: لما مات زيد بن ثابت جلسنا إلى ابن عباس، فقال: هذا ذهاب العلماء، دفن اليوم علم كثير. ومن الغرائب المنقولة عن زيد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 201 بن ثابت ما حكيته عنه من أنه كان يقول بصحة الدور فى المسألة السريجية، وأنه لا يقع الطلاق. 187 - زيد بن حارثة (1) : تكرر فى المختصر، والمهذب، هو أبو أسامة زيد بن حارثة، بالحاء، ابن شراحيل، بفتح الشين، ابن كعب بن عبد العزى بن امرىء القيس بن عامر بن النعمان بن عامر ابن عبد الله بن عوف بن كنانة بن بكر بن عوف بن عذرة بن زيد اللات بن رفيدة بن كلب بن وبرة بن الحاف بن قضاعة الكلبى نسبًا، القريشى الهاشمى بالولاء، الحجازى، رضى الله عنه، ويقع فى نسبه اختلاف وتغيير وزيادة ونقص، وهو مولى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أشهر مواليه، ويقال له: حب رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأبو حبه. كان أصابه سباء فى الجاهلية؛ لأن أمه خرجت به تزور قومها، فأغارت عليهم بنو القين بن جسر، فأخذوا زيدًا فقدموا به سوق عكاظ، فاشتراه حكيم بن حزام لعمته خديجة بنت خويلد، رضى الله عنها، فوهبته للنبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قبل النبوة وهو ابن ثمان سنين، وقيل: رآه النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ينادى عليه بالبطحاء، فذكره لخديجة، فقالت له يشتريه، فاشتراه من مالها لها، ثم وهبته للنبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأعتقه وتبناه. قال ابن عمر، رضى الله عنهما: ما كنا ندعوه إلا زيد بن محمد، حتى نزل قول الله تعالى: {ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ} [الأحزاب: 5] الآية. وآخى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بينه وبين جعفر بن أبى طالب، رضى الله عنهما، وكان من أول من أسلم، حتى أن الزهرى قال فى رواية عنه: أنه أول من أسلم، وقال غيره: أولهم إسلامًا خديجة، ثم أبو بكر، ثم على، ثم زيد، رضى الله عنهم، وفى المسألة خلاف مشهور، ولكن تقديم زيد على الجميع ضعيف. وهاجر مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى المدينة، وشهد بدرًا، وأُحُدًا، والخندق، والحديبية، وخيبر، وكان هو البشير إلى المدينة بنصر المؤمنين يوم بدر، وكان من الرماة المذكورين، وزوَّجه رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مولاته أم أيمن، فولدت له أسامة، وتزوج زينب بنت جحش أم المؤمنين، رضى الله عنها، ثم طلقها، ثم تزوجها رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وقصته فى القرآن العزيز. قال العلماء: ولم يذكر الله عز وجل فى القرآن   (1) طبقات ابن سعد (3/40) ، والتاريخ الكبير للبخارى (3/1275) ، والجرح والتعديل (3/2530) ، والاستيعاب (2/542) ، وأسد الغابة (2/224) ، وسير أعلام النبلاء (1/220) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (3/401) ، والإصابة (1/563) . تقريب التهذيب (2123) وقال: “صحابي جليل مشهور من أول الناس إسلاما استشهد يوم مؤتة في حياة النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سنة ثمان وهو ابن خمس وخمسين س ق”.. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 202 باسم العلم من أصحاب نبينا وغيره من الأنبياء، صلوات الله وسلامه عليهم، إلا زيدًا فى قوله تعالى: {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا} [الأحزاب: 37] ، ولا يرد على هذا قول من قال السجيل فى قول الله تعالى: {كَطَىِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ} [الأنبياء: 104] اسم كاتب، فإنه ضعيف أو غلط. ولما جهز رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الجيش إلى غزوة مؤتة، جعل أميرهم زيد بن حارثة، وقال: “فإن أصيب فجعفر بن أبى طالب، فإن أصيب فعبد الله بن رواحة”، فاستشهدوا ثلاثتهم بها، رضى الله عنهم، فى جمادى الأولى سنة ثمان من الهجرة، وحزن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - والمسلمون عليهم. روى لزيد عن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حديثان، روى عنه ابنه أسامة، رضى الله عنهما. روينا فى صحيحى البخارى ومسلم، عن ابن عمر، أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال حين أمَّر أسامة بن زيد، فطعن بعض المنافقين: “إن تطعنوا فى إمارته فقد كنتم تطعنون فى إمارة أبيه من قبل، وأيم الله إن كان لخليقًا للإمارة، وإن كان لمن أحب الناس إلىَّ، وإن هذا لمن أحب الناس إلىَّ بعده” (1) . ومناقبه كثيرة، رضى الله عنه، وذكرنا تمام كلام الراوى فى فوائده أن حارثة والد زيد أسلم حين جاء فى طلب زيد، ثم ذهب إلى قومه مسلمًا. 188 - زيد بن خالد الجهنى الصحابى، رضى الله عنه (2) : تكرر فى المختصر، والمهذب. هو أبو عبد الرحمن، وقيل: أبو طلحة، وقيل: أبو زرعة، سكن المدينة، وشهد الحديبية، وكان معه لواء جهينة يوم الفتح، رُوى له عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أحد وثمانون حديثًا، اتفقا على خمسة، وانفرد مسلم بثلاثة. روى عنه السائب بن يزيد، والسائب بن خلاد الصحابيان، وجماعت من التابعين. توفى بالمدينة، وقيل: بالكوفة، وقيل: بمصر، سنة ثمان وستين، وهو ابن خمس وثمانين سنة، وقيل: توفى سنة خمسين، وقيل: سنة اثنتين وسبعين، وقيل: سنة ثمان وتسعين، رضى الله عنه. 189 - زيد بن الخطاب الصحابى، رضى الله عنه (3) : أخو عمر بن الخطاب، رضى الله عنهما، لأبيه. هو أبو عبد الرحمن زيد بن الخطاب ابن نفيل، وتمام نسبه فى ترجمة أخيه عمر، رضى الله عنه، القريشى العدوى، وكان أسن من عمر، وأسلم قبل عمر،   (1) أخرجه أحمد (2/20، رقم 4701) ، والبخارى (3/1365، رقم 3524) ، ومسلم (4/1884، رقم 2426) ، والترمذى (5/676، رقم 3816) وقال: حسن.. (2) طبقات ابن سعد (4/344) ، والتاريخ الكبير للبخارى (3/1282) ، والكنى للدولابى (1/79) ، والجرح والتعديل (3/2540) ، والاستيعاب (2/549) ، وأسد الغابة (2/228) ، وتاريخ الإسلام (3/17) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (3/410) ، والإصابة (1/565) . تقريب التهذيب (2133) وقال: “صحابي مشهور مات بالمدينة سنة ثمان وستين أو وسبعين وله خمس وثمانون سنة بالكوفة ع”. . (3) طبقات ابن سعد (3/376) ، والتاريخ الكبير للبخارى (3/1274) ، والجرح والتعديل (3/2539) ، وحلية الأولياء (1/367) ، والاستيعاب (2/550) ، وأسد الغابة (2/228) ، وتاريخ الإسلام (1/267) ، وسير أعلام النبلاء (1/297) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (3/411) ، والإصابة (1/565) . تقريب التهذيب (2134) وقال: “أخو عمر كان قديم الإسلام وشهد بدرا واستشهد باليمامة سنة اثنتي عشرة خت م د”.. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 203 وهو من المهاجرين الأولين، شهد بدرًا، وأُحُدًا، والخندق، والحديبية، والمشاهد كلها مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وآخى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بينه وبين معن بن عدى الأنصارى، فقتلا جميعًا باليمامة شهيدين، وكانت اليمامة فى خلافة أبى بكر، رضى الله عنه، فى شهر ربيع الأول سنة ثنتى عشرة، وقيل: سنة إحدى عشرة، وكان طويلاً ظاهر الطول. ولما قُتل حزن عليه عمر، رضى الله عنه، حزنًا شديدًا، وقال: ما هبت الصبا إلا وأنا أجد منها ريح زيد. وقال عمر، رضى الله عنه، يوم أُحُد: خذ درعى، فقال: إنى أريد من الشهادة ما تريد، فتركا الدرع، وكانت راية المسلمين يوم اليمامة مع زيد، فلم يزل يتقدم بها فى نحر العدو، ثم ضارب بسيفه حتى قُتل، ووقعت الراية فأخذها سالم مولى أبى حذيفة، ولما أخبر عمر بقتل زيد، قال: رحم الله أخى، سبقنى إلى الحُسْنَيين، أسلم قبلى، واستشهد قبلى. روى له مسلم حديثًا، والبخارى تعليقًا، وأبو داود. 190 - زيد بن سعية الصحابى، رضى الله عنه: مذكور فى المهذب فى أول باب السلم. هو أحد أحبار اليهود الذين أسلموا، وأكثرهم علمًا ومالاً، أسلم وحَسن إسلامه، وشهد مع النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مشاهد كثيرة، وتوفى فى غزوة تبوك مقبلاً إلى المدينة، وخبر إسلامه طويل مشهور، وأبوه سعية، بسين مهملة مفتوحة. وقال القلعى: إنها مضمومة، وهو غريب، وهو بالنون، ويقال: بالياء، حكاهما أبو عمر بن عبد البر وغيره. قال ابن عبد البر: النون أكثر، واقتصر الجمهور على النون. 191 - زيد بن عمر بن الخطاب (1) : مذكور فى المهذب فى صلاة الجنازة. هو ابن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، من زوجته أم كلثوم بنت على بن أبى طالب من فاطمة بنت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، رضى الله عنهم. قال ابن أبى حاتم: سمعت أبى يقول: توفى زيد وأمه أم كلثوم فى ساعة واحدة، وهو صغير، ولا يُدرى أيهما مات أولاً. 192 - زيد بن عمرو بن نفيل القريشى العدوى: والد سعيد بن زيد، أحد العشرة المشهود لهم بالجنة، وزيد هذا ابن عم عمر بن الخطاب بن نفيل، وسنذكر تمام   (1) انظر: سير أعلام النبلاء (3/502) فى ترجمة أم كلثوم بنت على، برقم (114) ، والجرح والتعديل (3/568) ، والوافى بالوفيات (15/37) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 204 نسبه فى ترجمة ابنه سعيد إن شاء الله تعالى. كان يتعبد فى الفترة قبل النبوة على دين إبراهيم، عليه السلام، ويتطلب دين إبراهيم، ويوحد الله تعالى، ويعيب على قريش ذبائحهم على الأنصاب، ولا يأكل مما ذبح على النصب، وكان إذا دخل الكعبة قال: لبيك حقًا حقًا تعبدًا ورقًا، عُذت بما عاذ به إبراهيم. وعن أسماء بنت أبى بكر الصديق، رضى الله عنها، قالت: رأيت زيد بن عمرو بن نفيل مسندًا ظهره إلى الكعبة يقول: يا معشر قريش، والذى نفس زيد بيده، ما أصبح منكم أحد على دين إبراهيم غيرى. وكان يقول: اللهم لو أنى أعلم أحب الوجوه إليك عبدتك به، ثم يسجد على راحتيه. وكان يقول: يا قريش، إياكم والزنا، فإنه يورث الفقر. وفى الحديث أن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُئل عن زيد، فقال: “يبعث يوم القيامة أمة وحده”. وتوفى قبل النبوة، فرثاه ورقة بن نوفل بأبيات معناها أنه خلص نفسه من جهنم بتوحيده واجتنابه عبادة الأوثان. وفى صحيح البخارى فى كتاب المناقب جملة من أخبار زيد ومناقبه أنه كان يحيى الموؤدة، يقول للرجل إذا أراد أن يقتل ابنته: لا تقتلها، أنا أكفيك مؤونتها، فيأخذها، فإذا ترعرعت قال لأبيها: إن شئت دفعتها إليك، وإن شئت كفيتك مؤونتها. 193 - زيد بن وهب (1) : مذكور فى المهذب فى أوائل باب العفو عن القصاص. هو أبو سليمان زيد بن وهب الجهنى التابعى الكبير الكوفى، رحل إلى النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مهاجرًا، فتوفى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو فى الطريق، فسمع عمر بن الخطاب، وعليًّا، وابن مسعود، وأبا ذر، وحذيفة، وأبا موسى، وغيرهم. روى عنه إسماعيل بن أبى خالد، وسلمة بن كهيل، وحبيب بن أبى ثابت، والأعمش، وغيرهم من التابعين، واتفقوا على توثيقه وجلالته. توفى سنة ست وتسعين، وقيل: قبلها. 194 - زيد بن كعب بن عجرة: مذكور فى المهذب فى أول باب الخيار فى النكاح، هكذا قال زيد بن كعب بن عجرة، وزيد فى هذا الحديث فى بعض طرقه زيد بن كعب، وليس هو ابن كعب بن عجرة، وإنما هو زيد بن كعب آخر.   (1) طبقات ابن سعد (6/102) ، وطبقات خليفة (158) ، والتاريخ الكبير للبخارى (3/1352) ، والكنى للدولابى (1/71) ، والجرح والتعديل (3/2600) ، وحلية الأولياء (4/171) ، والاستيعاب (2/559) ، وأسد الغابة (2/242) ، وتاريخ الإسلام (3/251) ، وسير أعلام النبلاء (4/196) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (3/427) ، والإصابة (1/583) . تقريب التهذيب (2159) وقال: "ثقة جليل لم يصب من قال في حديثه خلل من الثانية مات بعد الثمانين وقيل سنة ست وتسعين ع".. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 205 * * * حرف السين 195 - سالم مولى أبى حذيفة الصحابى، رضى الله عنه: مذكور فى المختصر فى الرضاع. هو أبو عبد الله سالم بن عبيد بن ربيعة، هكذا نسبه ابن مندة. وقال أبو نعيم: هذا وهم فاحش. وقال غيره: هو سالم بن معقل، وهو مولى أبى حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصى القريشى العبشمى. كان سالم من أهل فارس من اصطخر، وهو من فضلاء الصحابة والمهاجرين، أعتقته مولاته بثينة امرأة أبى حذيفة الأنصارية، فتولاه أبو حذيفة وتبناه، فيقال له: قريشى وأنصارى وفارسى لما ذكرناه. وثبت فى الصحيح أنه هاجر من مكة إلى المدينة قبل قدوم رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فكان يؤم المهاجرين بالمدينة؛ لأنه كان أكثرهم قرآنًا. والأحاديث الصحيحة فى فضله كثيرة. وكان عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، يثنى عليه كثيرًا، حتى قال حين أوصى قبل وفاته: لو كان سالم حيًا ما جعلته شورى. قال أبو عمر بن عبد البر، رحمه الله: معناه أنه كان يصدر عن رأيه فيمن ينجز له تولية الخلافة. وآخى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بينه وبين معاذ بن ماغص، وكان أبو حذيفة قد زوَّجه بنت أخيه فاطمة بنت الوليد بن عتبة، وهى من المهاجرات، وكانت من أفضل أيامى قريش. وثبت فى الصحيح أن سهلة بنت سهيل بن عمرو امرأة أبى حذيفة جاءت إلى النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقالت: يا رسول الله، إن سالمًا بلغ مبلغ الرجال، وعقل ما يعقلون، وأنه يدخل علينا، وإنى أظن فى نفس أبى حذيفة من ذلك شيئًا، فقال: "أرضعيه تحرمى عليه، ويذهب ما فى نفس أبى حذيفة" (1) ، فرجعت إليه، فقالت: إنى أرضعته، فذهب ما فى نفس أبى حذيفة. وشهد سالم بدرًا، وأُحُدًا، والخندق، وسائر المشاهد مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وقُتل يوم اليمامة شهيدًا، وكان لواء المسلمين معه يومئذ، فقيل: لو أعطيته غيرك لخشى عليه معك، فقال: بئس حامل القرآن أنا إذًا، فقاتل فقطعت يمينه، فأخذ اللواء بيساره، فقطعت يساره، فاعتنق اللواء وهو يقول:   (1) أخرجه مسلم (2/1076، رقم 1453) ، وأبو داود (2/223، رقم 2061) ، والنسائى (6/105، رقم 3322) ، وابن ماجه (1/625، رقم 1943) جميعًا عن عائشة قالت: إن سهلة بنت سهيل بن عمرو جاءت النبى (فقالت: يا رسول الله إن سالمًا مولى أبى حذيفة معنا فى بيتنا، وقد بلغ ما يبلغ الرجال وعلم ما يعلم الرجال ... فذكره. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 206 {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ} [آل عمران: 144] إلى قوله تعالى: {وَكَأَيِّن مِّن نَّبِىٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ} [آل عمران: 146] ، فلما صرع قال لأصحابه: ما فعل أبو حذيفة؟ قيل: قُتل، قال: فما فعل فلان؟ قيل: قُتل، قال: فأضجعونى بينهما، فلما قُتل أرسلوا ميراثه إلى معتقته بثينة، فلم تقبله وقالت: إنما أعتقته سائبة، فجعلوا ميراثه فى بيت المال. روى عنه ثابت بن قيس بن شماس، وابن عمر، رضى الله عنه، وابن عمرو، رضى الله عنه. روينا فى صحيحى البخارى ومسلم، عن مسروق، قال: ذكر عند عبد الله بن عمرو وعبد الله بن مسعود، فقال: لا أزال أحبه، سمعت النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: "خذوا القرآن من أربعة: من عبد الله، وسالم مولى أبى حذيفة، ومعاذ، وأُبى بن كعب" (1) ، وفى رواية تقديم أُبى على معاذ، رضى الله عنه. 196 - سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، رضى الله عنهم (2) : تكرر فى المختصر، والمهذب، ولم ينسبه فى المهذب فى أكثر المواضع، فذكره فى موضعين من زكاة الماشية، وفى صفة الحج، وفى باب ما يجوز بيعه، وفى الرد بالعيب. هو أبو عمر، ويقال: أبو عبد الله سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب القرشى العدوى المدنى التابعى، الإمام، الفقيه، الزاهد، العابد. سمع أباه، وأبا أيوب الأنصارى، ورافع بن خديج، وأبا هريرة، وعائشة، رضى الله عنهم، وسمع جماعات من التابعين. روى عنه جماعات من التابعين، منهم عمرو بن دينار، ونافع مولى أبيه، والزهرى، وموسى بن عقبة، وحميد الطويل، وعبيد الله العمرى، وصالح بن كيسان، وغيرهم من التابعين، وخلائق من تابعى التابعين. وأجمعوا على إمامته، وجلالته، وزهادته، وعلو مرتبته. روينا عن سعيد بن المسيب، قال: كان عبد الله بن عمر أشبه ولد عمر به، وكان سالم أشبه ولد عبد الله به. وروينا عن مالك بن أنس الإمام، قال: لم يكن أحد أشبه بمن مضى من الصالحين فى الزهد والقصد والعيش من سالم، كان يلبس الثوب بدرهمين. وروينا عن إسحاق بن راهوية، قال: أصح الأسانيد كلها الزهرى، عن سالم، عن أبيه، وفى هذه المسألة خلاف سبق فى ترجمة ابن سيرين. وروينا عن محمد بن سعد، قال: كان سالم كثير الحديث، عاليًا من الرجال، ورعًا. وفى تاريخ ابن أبى خيثمة، أن ابن عمر كان يلقى ابنه سالمًا فيقبله، ويقول:   (1) حديث ابن عمرو: أخرجه الترمذى (5/674 رقم 3810) وقال: حسن صحيح. والحاكم (3/605، رقم 6242) وقال: صحيح الإسناد. وأخرجه أيضًا: البخارى (3/1385، رقم 3597) . حديث ابن مسعود: أخرجه البزار (4/332، رقم 1526) ، قال الهيثمى (9/311) : رجاله. (2) طبقات ابن سعد (5/195) ، وتاريخ الدارمى (521) ، والتاريخ الكبير للبخارى (4/2155) ، والكنى للدولابى (2/56) ، والجرح والتعديل (4/797) ، والحلية لأبى نعيم (2/193) ، وتاريخ الإسلام (4/115) ، وسير أعلام النبلاء (4/457) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (3/436) . تقريب التهذيب (2176) وقال: "كان ثبتا عابدا فاضلا كان يشبه بأبيه في الهدي والسمت من كبار الثالثة مات في آخر سنة ست على الصحيح ع".. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 207 ألا تعجبون من شيخ يقبل شيخًا. وروينا عن ابن المبارك أنه عّد الفقهاء السبعة فقهاء المدينة، فجعل سالمًا أحدهم، وقد سبق بيانهم والاختلاف فيهم فى ترجمة خارجة بن زيد. قال أبو نعيم الفضل بن دكين، والبخارى: توفى سالم سنة ست ومائة. وقال الأصمعى: سنة خمس. وقال الهيثم: سنة ثمان بالمدينة، رضى الله عنه. 197 - السائب بن يزيد الصحابى، رضى الله عنه (1) : مذكور فى المهذب فى أواخر كتاب السرقة. هو أبو يزيد السائب بن يزيد بن سعيد ابن ثمامة بن الأسود بن عبد الله بن الحارث الولادة، وهو ابن أخت النمر، لا يعرفون إلا بذلك، الكندى، ويقال: الأسدى، ويقال: الليثى، ويقال: الهذلى، وأبو السائب صحابى وله حلف فى قريش فى عبد شمس. ولد السائب سنة ثلاث من الهجرة، وتوفى بالمدينة سنة أربع وتسعين، وقيل: سنة إحدى وتسعين، وقيل: ست وثمانين، وقيل: ثمان وثمانين، والصحيح الأول. رُوى له عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خمسة أحاديث اتفق البخارى ومسلم على حديث، وللبخارى أربعة. روى عنه الزهرى، والجعيد، ويزيد بن خصيفة، وغيرهم. روينا فى صحيحى البخارى ومسلم، عن السائب بن يزيد، قال: ذهبت بى خالتى إلى النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقالت: يا رسول الله، إن بابن أختى وجع، فمسح رأسى ودعا لى بالبركة، وتوضأ فشربت من وضوئه، ثم قمت خلف ظهره، فنظرت إلى خاتمه بين كتفيه مثل زر الحجلة، يعنى بالحجلة الخيمة. وفى رواية: نظرت إلى خاتم النبوة. وفى رواية الصحيحين عن الجعيد بن عبد الرحمن، قال: رأيت السائب بن يزيد سنة أربع وتسعين جلدًا معتدلاً، فقال: قد علمت ما منعت به سمعى وبصرى إلا بدعاء رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وفى صحيح البخارى عن السائب، قال: حج أبى مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأنا ابن سبع سنين. وفى صحيح البخارى عنه قال: أذكر أنى خرجت مع الغلمان إلى ثنية الوداع لنلقى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مقدمه من غزوة تبوك. 198 - سِباع بن ثابت: بكسر السين. ذكر الشيخ إبراهيم المروزى من أصحابنا فى تعليقه للمهذب أن المزنى ذكره فى المختصر فى باب العقيقة، فقال: قال المزنى: أخبرنى الشافعى،   (1) التاريخ الكبير للبخارى (4/الترجمة2286) ، والجرح والتعديل (4/1031) ، والاستيعاب (2/576) ، وأسد الغابة (2/257) ، وتاريخ الإسلام (3/369) ، وسير أعلام النبلاء (3/437) ، والكاشف (1/1813) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (3/450) ، والإصابة (2/3077) . تقريب التهذيب (2202) وقال: "صحابي صغير له أحاديث قليلة وهو آخر من مات بالمدينة من الصحابة ع".. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 208 عن ابن عيينة، عن عبيد الله بن أبى يزيد، عن سباع بن وهب، عن أم كرز، فذكر حديث العقيقة. قال إبراهيم: هذه رواية المزنى، وأنكرها أهل الحديث من وجهين: أحدهما: قوله: عن عبيد الله، عن سباع، وإنما رواه ابن عيينة، عن عبيد الله، عن أبيه، عن سباع. والثانى: قوله: عن سباع بن وهب، وإنما هو سباع بن ثابت، وقد رواه الطحاوى، عن المزنى، عن الشافعى على الصحة، وكذا سائر أصحاب ابن عيينة، هذا كلام المروزى، ولم أر أنا هذا الإسناد فى مختصر المزنى، إنما فيه: قال الشافعى فى حديث أم كرز، كذا فذكره بلا إسناد. وذكر ابن أبى حاتم سباع بن ثابت هذا، فقال: هو حليف بنى زهرة، روى عن أم كرز فيما روى ابن عيينة، وحماد بن زيد، عن عبيد الله بن أبى يزيد. وروى ابن جريج، عن عبيد الله بن أبى يزيد، عن سباع بن ثابت، عن محمد بن ثابت بن سباع، عن أم كرز، وأما ابن عيينة، فيرويه عن عبيد الله بن أبى يزيد، عن أبيه، عن سباع بن ثابت. 199 - سبرة بن معبد الصحابى، رضى الله عنه (1) : مذكور فى المهذب فى أول كتاب الصلاة، هو أبو ثرية، بضم المثلثة، وحكى ابن الأثير فتحها، وهو غريب، ثم راء مفتوحة وبعدها ياء مثناة تحت مشددة، هذا هو المشهور، وقيل: كنيته أبو الربيع، حكاه الحافظ أبو القاسم بن عساكر فى الأطراف. سبرة بفتح السين المهملة، وإسكان الموحدة، ابن معبد، ويقال: ابن عوسجة بن حرملة ابن سبرة بن خديج بن مالك بن عمرو بن ذهل بن ثعلبة بن نصر بن سعد بن ذبيان بن رشدان بن قيس بن جهينة الجهنى. كان له دار بالمدينة. رُوى له عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تسعة عشر حديثًا. روى مسلم منها حديثًا. روى عنه ابنه الربيع بن سبرة، توفى فى خلافة معاوية، رضى الله عنهما. 200 - سراقة بن مالك (2) : مذكور فى المختصر فى تفريق الخمس، وفى مواضع من المهذب منها باب الاستطابة، والحج، والمسابقة. هو أبو سفيان سراقة بن مالك بن جعشم بن مالك بن عمرو بن مالك بن تيم بن مدلج بن مرة بن عبد مناة بن كنانة   (1) طبقات ابن سعد (4/348) ، والتاريخ الكبير للبخارى (4/2430) ، والجرح والتعديل (4/1281) ، والاستعياب (2/579) ، وأسد الغابة (2/260) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (3/453) ، والإصابة (2/3087) . تقريب التهذيب (2209) وقال: "له صحبة وأول مشاهده الخندق وكان ينزل ذا المروة ومات بها في خلافة معاوية خت م 4".. (2) التاريخ الكبير للبخارى (4/2523) ، والجرح والتعديل (4/1342) ، والاستيعاب (2/581) ، وأسد الغابة (2/264) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (3/456) ، والإصابة (2/3115) . تقريب التهذيب (2216) وقال: "جعشم بضم الجيم والمعجمة بينهما عين مهملة ساكنة الكناني ثم المدلجي أبو سفيان صحابي مشهور من مسلمة الفتح مات في خلافة عثمان سنة أربع وعشرين وقيل بعدها خ 4".. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 209 الكنانى المدلجى الحجازى الصحابى. وجُعشم بضم الجيم والشين المعجمة، هذا قول الجمهور من الطوائف، وحكى الجوهرى ضم الشين وفتحها. وسراقة من مشهورى الصحابة، رُوى له عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تسعة عشر حديثًا، روى البخارى أحدها. وروى عنه ابن عباس، وجابر، رضى الله عنهما، ومن التابعين سعيد ابن المسيب، وابنه محمد بن سراقة، كان ينزل قُديدًا، بضم القاف، بين مكة والمدينة، وقيل: سكن مكة، ويُعد فى أهل المدينة، أسلم عند النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالجعرانة حين انصرف من حنين والطائف، وحديثه فى خروجه وراء النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مهاجرًا مشهور فى الصحيحين. وفى الحديث أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال لسراقة: "كيف بك إذا لبست سوارى كسرى؟ "، فلما أتى عمر، رضى الله عنه، بسوارى كسرى وتاجه ومنطقته دعا سراقة فألبسه السوارين، وقال: ارفع يديك وقل: الله أكبر، الحمد لله الذى سلبهما كسرى بن هرمز، وألبسهما سراقة بن مالك أعرابيًا من بنى مدلج، ورفع عمر، رضى الله عنه، صوته. توفى سراقة فى أول خلافة عثمان، رضى الله عنه، سنة أربع وعشرين، وقيل: توفى بعد عثمان، رضى الله عنه، والصحيح الأول. * * * باب سعد 201 - سعد بن الربيع الصحابى، رضى الله عنه: مذكور فى المهذب فى ميراث البنات. هو سعد بن الربيع بن عمرو بن أبى زهير بن مالك بن امرىء القيس بن مالك الأعرابى بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج الأنصارى الخزرجى، عقبى، بدرى، نقيب. قال جميع أهل السير: أنه كان نقيب بنى الحارث بن الخزرج هو وعبد الله بن رواحة. وكان كاتبًا فى الجاهلية، شهد العقبة الأولى والثانية، وقُتل يوم أُحُد شهيدًا، وبَعث رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَن يتفقده بين مَن جُرح أو قُتل، فبينما ذلك الرجل يتفقد، ناداه سعد بن الربيع: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 210 ما شأنك؟ قال: بعثنى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لآتيه بخبرك، قال: فاذهب إليه فأقرئه منى السلام، وأخبره أنى قد طعنت اثنتى عشرة طعنة، وإنى قد أنفذت مقاتلى، وأخبر قومك أنهم لا عذر لهم عند الله إن قُتل رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ومنهم أحد حى، قيل: الرجل الذى ذهب إليه أُبىّ بن كعب. قال أبو سعيد الخدرى: قال أبى: فلم أبرح حتى مات، قال: فجئت فأخبرت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقال: “رحمه الله، نصح لله ولرسوله حيًا وميتًا”. ودفن هو وخارجة بن زيد بن أبى زهير فى قبر واحد، وخلف بنتين، فأعطاهما رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الثلثين، وفيهما نزلت: {فَإِن كُنَّ نِسَاء فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ} [النساء: 11] ، فبذلك علم مراد الله منها، وأنه أراد بـ {فَوْقَ اثْنَتَيْنِ} اثنتين فما فوقهما. وعن جابر بن عبد الله، رضى الله عنه، قال: جاءت امرأة سعد بن الربيع بابنتيها من سعد إلى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقالت: يا رسول الله، هاتان ابنتا سعد بن الربيع قُتل أبوهما معك يوم أُحُد شهيدًا، وإن عمهما أخذ مالهما، فلم يدع لهما مالاً، ولا تُنكحان إلا بمال، فقال: “يقضى الله فى ذلك”، فنزلت آية المواريث، فبعث رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى عمهما، فقال: “اعط ابنتى سعد الثلثين، واعط أمهما الثمن، وما بقى فهو لك”. رواه أحمد، وأبو داود، والترمذى، وابن ماجة، أربعتهم. قال الترمذى: هذا حديث صحيح. وآخى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بينه وبين عبد الرحمن بن عوف، فعرض على عبد الرحمن أن يناصفه أهله وماله، فقال: بارك الله لك فى أهلك ومالك. أخرجه ابن مندة، وأبو نعيم، وابن عبد البر، وابن الأثير فى معرفة الصحابة، رضى الله عنهم أجمعين. ولهم آخر: سعد بن الربيع بن عمرو بن عدى، يكنى أبا الحارث، ويُعرف بابن الحنظلية، والحنظلية أم جده، وقيل: أمه وأم أخوته. ذكره ابن عبد البر. ولهم آخر: سعد بن الربيع بن عدى بن مالك، من بنى جحجيا، قُتل يوم اليمامة، ذكره ابن مندة، وأبو نعيم، وقال أبو نعيم: صوابه سعيد بن الربيع. 202 - سعد بن طارق: مذكور فى المهذب فى الطواف. هو أبو مالك سعد بن طارق بن أشيم، بإسكان الشين المعجمة، الأشجعى التابعى الكوفى، سمع أباه، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 211 وهو صحابى، وأنسًا، وعبد الله ابن أبى أوفى، رضى الله عنهم، وسمع جماعات من التابعين. روى عنه الثورى، وشعبة أبو عوانة، وعبد الواحد بن زياد، ويزيد بن هارون، وآخرون. واتفقوا على توثيقه. روى له مسلم فى صحيحه. 203 - سعد بن عائذ: بالذال المعجمة، هو سعد القرظ المؤذن. مذكور فى الوسيط فى الأذان للصبح، هو مولى عمار بن ياسر، هو بإضافة سعد إلى القرظ، بفتح القاف، وهذا لا خلاف فيه عند أهل العلم بهذا الفن، ويقع فى بعض نسخ الوسيط: القرظى، وهو خطأ فاحش بلا شك، وإنما هو سعد القرظ كما سبق. قال العلماء: أضيف إلى القرظ الذى يدبع به؛ لأنه كان كلما اتجر فى شىء خسر فيه، فاتجر فى القرظ فربح فيه، فلزم التجارة فيه، فأضيف إليه، جعله النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مؤذنًا بقباء، فلما ولى أبو بكر، رضى الله عنه، الخلافة وترك بلال الأذان، نقله أبو بكر، رضى الله عنه، إلى مسجد رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ليؤذن فيه، فلم يزل يؤذن فيه حتى مات فى أيام الحجاج بن يوسف، وتوارث بنوه الأذان، وقيل: الذى نقله عمر بن الخطاب، رضى الله عنه. 204 - سعد بن عبادة الصحابى، رضى الله عنه (1) : هو أبو ثابت، وقيل: أبو قيس سعد بن عبادة بن دليم، بضم الدال المهملة، وفتح اللام، ابن حارثة بن حرام بن حزيمة، بفتح الحاء المهملة وكسر الزاى، ابن ثعلبة بن طريف بن الخزرج بن ساعدة بن كعب بن الخزرج الأنصارى الخزرجى الساعدى المدنى. اتفقوا على أنه كان نقيب بنى ساعدة، وكان صاحب راية الأنصار فى المشاهد كلها، وكان سيدًا، جوادًا، وجيهًا فى الأنصار، ذا رياسة وسيادة وكرم، وكان مشهورًا بالكرم، وكان يحمل كل يوم إلى النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جفنة مملوءة ثريدًا ولحمًا، ونقلوا أنه لم يكن فى الأوس والخزرج أربعة مطعمون متوالدون متوالون إلا قيس بن سعد بن عبادة بن دليم، وآباؤه هؤلاء. وله ولأهله فى الجود والكرم أشياء كثيرة مشهورة. وفى حديث طويل أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال فى قيس بن سعد بن عبادة أنه من بيت جود، وشهد رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لسعد بأنه غيور، وكان شديد الغيرة، شهد سعد العقبة، وبدرًا، وقيل: لم يشهد بدرًا، وشهد باقى المشاهد. روى عنه بنوه قيس، وسعيد، وإسحاق، وعبد الله بن عباس، وأبو أمامة، وسهل بن سهل. وروى سعيد بن المسيب، والحسن البصرى عنه، وروايتهما عنه مرسلة لم يدركاه. توفى سنة ست عشرة، وقيل: خمس عشرة، وقيل: أربع عشرة، وقيل: إحدى عشرة، وهو شاذ، بل غلط، واتفقوا على أنه كان بأرض حوران من الشام، وأجمعوا على أنه توفى بحوران. قال الحافظ أبو القاسم ابن عساكر وغيره من الأئمة: وهذا القبر المشهور فى المزة القرية المعروفة بقرب دمشق يقال أنه قبر سعد بن عبادة،   (1) طبقات ابن سعد (3/613، 7/389) ، والتاريخ الكبير للبخارى (4/1911) ، والجرح والتعديل (4/382) ، والاستيعاب (2/594) ، وأسد الغابة (2/283) ، وتاريخ الإسلام (1/379) ، وسير أعلام النبلاء (1/270) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (3/475) ، والإصابة (2/3173) . تقريب التهذيب (2243) .. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 212 فيحتمل أنه نقل من حوران إليها. قالوا: يقال: إن الجن قتلته، وأنشدوا فيه البيتين المشهورين. 205 - سعد بن أبى وقاص، رضى الله عنه (1) : أحد العشرة، رضى الله عنهم. تكرر فى هذه الكتب. هو أبو إسحاق سعد بن مالك ابن وهب، ويقال: أهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤى القريشى الزهرى المكى المدنى. أحد العشرة الذين شهد لهم رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالجنة، وتوفى وهو عنهم راض، وأحد الستة أصحاب الشورى الذين جعل عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، أمر الخلافة إليهم. وأسلم قديمًا بعد أربعة، وقيل: بعد ستة، وهو ابن سبع عشرة سنة، وهو أول من رمى بسهم فى سبيل الله تعالى، وأول من أراق دمًا فى سبيل الله تعالى، وهو من المهاجرين الأولين، هاجر إلى المدينة قبل قدوم رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إليها، شهد مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بدرًا، وأُحُدًا، والخندق، وسائر المشاهد كلها، وكان يقال له: فارس الإسلام، وأبلى يوم أُحُد بلاء شديدًا، وكان مجاب الدعوة، وحديثه فى دعائه على الرجل الكاذب عليه من أهل الكوفة وهو أبو سعدة، وأجيبت دعوته فى ثلاثة أشياء مشهور فى الصحيحين. رُوى له عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مائتان وسبعون حديثًا، اتفق البخارى ومسلم منها على خمسة عشر، وانفرد البخارى بخمسة، ومسلم بثمانية عشر. روى عنه ابن عمر، وابن عباس، وجابر بن سمرة، والسائب بن يزيد، وعائشة، رضى الله عنها. وروى عنه من   (1) طبقات ابن سعد (3/137، 6/12) ، والتاريخ الكبير للبخارى (4/1908) ، والجرح والتعديل (4/405) ، والاستيعاب (2/606) ، وأسد الغابة (2/290) ، وتاريخ الإسلام (2/281) ، وسير أعلام النبلاء (1/92) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (3/483) ، والإصابة (2/3194) . تقريب التهذيب (2259) .. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 213 التابعين أولاده الخمسة: محمد، وإبراهيم، وعامر، ومصعب، وعائشة، وجماعات آخرون. واستعمله عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، على الجيوش التى بعثها إلى بلاد الفرس، وهو كان أمير الجيش الذين هزموا الفرس بالقادسية وبجلولاء وغنموهم، وهو الذى فتح المدائن مدائن كسرى، وهو الذى بنى الكوفة، وولاه عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، العراق. روينا فى صحيحى البخارى ومسلم، عن على، رضى الله عنه، قال: ما سمعت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جمع أبويه لأحد إلا لسعد بن مالك، فإنى سمعته يوم أُحُد يقول: “ارم فداك أبى وأمى”، وقد جمعهما النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أيضًا للزبير بن العوام. قال الزهرى: رمى سعد يوم أُحُد ألف سهم. ولما قُتل عثمان، رضى الله عنه، اعتزل سعد الفتن، فلم يقاتل فى شىء من تلك الحروب. توفى سنة خمس وخمسين، وقيل: سنة إحدى وخمسين، وقيل: سنة أربع، وقيل: سنة ست، وقيل: سنة سبع، وقيل: سنة ثمان وخمسين، توفى بقصره بالعقيق على عشرة أميال، وقيل: سبعة من المدينة، وحمل على أعناق الرجال إلى المدينة، وصلى عليه بالمدينة، ودفن بالبقيع، وكان آدم، طوالاً، ذا هامة، ولما حضرته الوفاة دعا بخلق جبة له من صوف، فقال: كفنونى فيها، فإنى كنت لقيت المشركين فيها يوم بدر وهى علىَّ، وإنما كنت أخبؤها لهذا. 206 - سعد بن معاذ الأنصارى الصحابى، رضى الله عنه (1) : مذكور فى المهذب فى حمل الجنازة، وفى الحجر، وفى الوليمة، وفى الهدية. هو أبو عمر سعد بن معاذ بن النعمان بن امرىء القيس بن يزيد بن عبد الأشهل بن جشم بن الحارث بن الخزرج بن عمرو بن مالك بن الأوس الأنصارى الأوسى الأشهلى المدنى سيد الأوس، وأمه كبشة بنت رافع، أسلمت، ولها صحبة. أسلم سعد على يد مصعب بن عمير، رضى الله عنه، حين بعثه رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قبله مهاجرًا إلى المدينة يُعَلِّم المسلمين أمور دينهم، فلما أسلم سعد قال لبنى عبد الأشهل: كلام رجالكم ونسائكم علىَّ حرام حتى تسلموا، فأسلموا، وكان من أعظم الناس بركة فى الإسلام، ومن أنفعهم لقومه، وشهد بدرًا، وأُحُدًا، والخندق، وقريظة، ونزلوا على حكمه، فحكم فيهم بقتل   (1) طبقات ابن سعد (3/420) ، والتاريخ الكبير للبخارى (4/1909) ، والجرح والتعديل (4/411) ، والاستيعاب (2/602) ، وأسد الغابة (2/297) ، وسير أعلام النبلاء (1/279) ، والإصابة (2/3204) . تقريب التهذيب (2255) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 214 الردل وسبى الذرية، فقال النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “لقد حكمت فيهم بحكم الله تعالى”. وتوفى شهيدًا عام الخندق من جرح أصابه من قتال الخندق. وثبت فى صحيحى البخارى ومسلم، عن جابر، رضى الله عنه، عن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال: “اهتز عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ” (1) . وفى صحيح مسلم، عن أنس، رضى الله عنه، مثله. قال العلماء: اهتزاز العرش فرح الملائكة بقدومه؛ لما رأوا من منزلته. وفى الصحيحين عن البراء، قال: أهدى لرسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثوب حرير، فجعلنا نلمسه ونتعجب منه، فقال النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “والذى نفسى بيده، لمناديل سعد بن معاذ فى الجنة خير من هذا وألين”. وفى الصحيحين عن أنس مثله. وفى رواية: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “والذى نفسى بيده، لمناديل سعد بن معاذ فى الجنة أحسن من هذا” (2) . وفى الصحيحين عن أبى سعيد، رضى الله عنه، أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حين بعث إلى سعد بن معاذ فجاء على حمار، فبلغ قريبًا من المسجد، قال: “قوموا إلى سيدكم”، أو قال: “خيركم” (3) . وفى الترمذى، عن أنس، قال: لما حملت جنازة سعد بن معاذ، قال المنافقون: ما أخف جنازته، وذلك لحكمه فى قريظة، فقال النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إن الملائكة كانت تحمله" (4) . قال الترمذى: هذا حديث صحيح. ومناقب سعد، رضى الله عنه، كثيرة مشهورة، وأنشدوا: وما اهتز عرش الله من موت هالك ... سمعنا به إلا لسعد أبى عمرو روى له البخارى حديثًا من رواية ابن مسعود فيه معجزة من معجزات النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. * * * باب سعيد 207 - سعيد بن أبيض بن حمال (5) : بفتح الحاء المهملة. مذكور فى المهذب فى إحياء الموات فى باب الأقطاع، وهو يمانى تابعى. روى عن أبيه، وهو صحابى سبق بيانه. وعن فروة بن مسيك، بضم الميم. روى عنه ابنه ثابت.   (1) حديث أنس: أخرجه أحمد (3/234، رقم 13460) ، ومسلم (4/1916، رقم 2467) ، وابن حبان (15/505، رقم 7032) ، والطبرانى (6/12، رقم 5343) . حديث ابن عمر: ذكره الحكيم (1/99) . حديث معيقيب: أخرجه الطبرانى (6/12، رقم 5341) . قال الهيثمى (9/309) : فيه عمرو بن مالك الغبرى وثقه ابن حبان وقال يغرب وضعفه أبو حاتم وأبو زرعة وبقية رجاله رجال الصحيح. حديث أسيد بن خضر: أخرجه الحاكم (3/228، رقم: 4927) . وأخرجه أيضًا: ابن أبى شيبة (6/393، رقم 32314) ، وابن أبى عاصم فى الآحاد والمثانى (3/468، رقم 1926) . حديث جابر: أخرجه أحمد (3/316، رقم 14440) ، والبخارى (3/1384، رقم 3592) ، ومسلم (4/1915، رقم 2466) ، والترمذى (5/689، رقم 3848) وقال: حسن صحيح. وابن ماجه (1/56، رقم 158) ، وابن حبان (15/504، رقم 7031) ، والحاكم (3/229، رقم 4928) وقال: صحيح الإسناد. (2) حديث أنس: أخرجه الطيالسى (ص 274، رقم 2057) ى ى، وأحمد (3/238، رقم 13517) ، وعبد بن حميد (ص 361، رقم 1200) ، ومسلم (4/1916، رقم 2469) . وأخرجه أيضا: النسائى (8/199، رقم 5302) ، وفى الحديث أنه أهدى لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جبة من سندس وكان ينهى عن الحرير فعجب الناس منها فذكره. حديث البراء: أخرجه الطيالسى (ص 97، رقم 710) ، وأحمد (4/294، رقم 18618) ، والبخارى (6/2448، رقم 6264) ، ومسلم (4/1916، رقم 2468) ، والترمذى (5/689، رقم 3847) وقال: حسن صحيح. وأخرجه أيضا: هناد (1/114، رقم 143) ، وابن ماجه (1/55، رقم 157) ، وفى الحديث أنه أهدى للنبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثوب حرير فجعلوا يلمسونه ويتعجبون منه وقالوا: ما رأينا ثوبا خير منه وألين؟ فقال النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أيعجبكم هذا؟ قلنا: نعم. فذكره. (3) أخرجه البخارى (3/1107، رقم 2878) ، ومسلم (3/1388، رقم 1768) ، وأبو داود (4/355، رقم 5215) ، والطبرانى (6/6، رقم 5323) ، وفى الحديث أن النبى (بعث إلى سعد بن معاذ فى أمر بنى قريظة فجاء سعد على حمار قد كادت رجلاه تبلغان الأرض فلما رآه النبى (قال لأصحابه: قوموا إلى سيدكم ... الحديث. (4) أخرجه الترمذى (5/690، رقم 3849) وقال: حسن صحيح غريب. وأخرجه أيضًا: عبد بن حميد (ص 360، رقم 1194) ، وأبو يعلى (5/377، رقم 3034) ، والضياء (7/29، رقم 2413) . (5) التاريخ الكبير للبخارى (4/1525) ، والجرح والتعديل (4/الترجمة5) ، وميزان الاعتدال (2/3134) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (4/3) . تقريب التهذيب (2271) وقال: "مقبول من الثالثة د س ق".. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 215 208 - سعيد بن جبير (1) : تكرر فى المختصر، وذكر فى المهذب، والوسيط فى الشهادات وغيره. هو الإمام الجليل أبو عبد الله، كذا كناه الجمهور، وقيل: أبو محمد سعيد بن جبير بن هشام الكوفى الأسدى الوالبى، بالموحدة، منسوب إلى ولاء بنى والبة، ووالبة هو ابن الحارث بن ثعلبة ابن دودان، بدالين مهملتين الأولى مضمومة، ابن أسد بن خزيمة بن مدركة بن إلياس. سمع سعيد جماعات من أئمة الصحابة، منهم ابن عمر، وابن عباس، وابن الزبير، وعبد الله بن مغفل، وأبو مسعود البدرى، وأنس، رضى الله عنهم، وجماعات من التابعين. روى عنه جماعات من التابعين وغيرهم، وكان سعيد من كبار أئمة التابعين ومتقدميهم فى التفسير، والحديث، والفقه، والعبادة، والورع، وغيرها من صفات أهل الخير. روينا عن أصبغ بن زيد الواسطى، قال: كان لسعيد بن جبير ديك يقوم من الليل بصياحه، فلم يصح ليلة حتى أصبح، فلم يصل سعيد تلك الليلة، فشق عليه، فقال: ما له قطع الله صوته، فما سمع له صوت بعد. وذكر البخارى فى تاريخه، عن سفيان الثورى أنه كان يقدم سعيد بن جبير فى العلم على إبراهيم النخعى. وذكر ابن أبى حاتم بإسناده عن ابن عباس أنه قال لسعيد بن جبير: حدث، فقال: أحدث وأنت شاهد؟ فقال: أوليس من نعمة الله عليك أن تحدث وأنا شاهد. وبإسناده أن رجلاً سأل ابن عمر عن فريضة، فقال: سل عنها سعيد بن جبير، فإنه يعلم منها ما أعلم، ولكنه أحسب منى. وبإسناده أن ابن عباس كان إذا أتاه أهل الكوفة يسألونه يقول: أليس فيكم سعيد بن جبير. وعن أشعث بن إسحاق قال: كان يقال: سعيد بن جبير جهبذ العلماء. ومناقبه كثيرة مشهورة، قتله الحجاج بن يوسف صبرًا ظلمًا فى شعبان سنة خمس وتسعين، ولم يعش الحجاج بعده إلا أيامًا، وكان عمر سعيد بن جبير حين قُتل تسعًا وأربعين سنة، وهذا هو الأصح، ولم يذكر البخارى فى تاريخه وغيره من الأئمة سواه. وقال السمعانى: قُتل سنة أربع وتسعين وهو ابن ثلاث وخمسين سنة. وقال ابن قتيبة: قُتل سنة أربع وتسعين وهو ابن تسع وأربعين. روينا عن خلف بن خليفة، قال: حدثنى بواب الحجاج، قال: رأيت رأس سعيد بن   (1) طبقات ابن سعد (6/256) ، والتاريخ الكبير للبخارى (3/1533) ، والجرح والتعديل (4/29) ، وتاريخ الإسلام (4/2) ، وسير أعلام النبلاء (4/321) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (4/11) . تقريب التهذيب (2278) وقال: "ثقة ثبت فقيه من الثالثة وروايته عن عائشة وأبي موسى ونحوهما مرسلة قتل بين يدي الحجاج [دون المائة] سنة خمس وتسعين ولم يكمل الخمسين ع".. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 216 جبير بعدما سقط إلى الأرض يقول: لا إله إلا الله. وكان لسعيد ثلاثة بنين: عبد الله، ومحمد، وعبد الملك. وروى ابن قتيبة أن الحجاج قال له: اختر أية قتلة شئت، فقال: اختر أنت لنفسك، فإن القصاص أمامك. 209 - سعيد بن زيد الصحابى (1) : أحد العشرة، رضى الله عنهم. تكرر ذكره. هو أبو الأعور، وقيل: أبو ثور سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل بن عبد العزى بن رباح، بالمثناة، ابن عبد الله بن قرط بن رزاح، براء مفتوحة ثم زاى وحاء مهملة، ابن عدى بن كعب بن لؤى بن غالب القريشى العدوى المكى المدنى، أحد العشرة الذين شهد لهم رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالجنة، وتوفى وهو راض عنهم، وهو ابن ابن عم عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، وتزوج أخت عمر فاطمة بنت الخطاب، أسلمت هى وزوجها سعيد قبل عمر، وكانا سبب إسلام عمر، رضى الله عنهم، وأسلم سعيد قديمًا، وكان من المهاجرين الأولين، وآخى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بينه وبين أُبىّ بن كعب. وشهد مع النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - المشاهد كلها بعد بدر، واختلفوا فى شهوده بدرًا، فقال الأكثرون: لم يشهدها لعذره، فإنه كان غائبًا عن المدينة، وضرب له النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بسهمه منها وأجره. وقال جماعة: شهد بدرًا. وذكره البخارى فى صحيحه فيمن شهد بدرًا، وشهد اليرموك، وحصار دمشق، وكان مجاب الدعوة. روينا فى صحيحى البخارى ومسلم، عن عروة، أن سعيد بن زيد خاصمته أروى بنت أوس إلى مروان، وادَّعت عليه أنه أخذ شيئًا من أرضها، فقال سعيد: أنا كنت آخذ من أرضها بعد أن سمعت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: “من أخذ شبرًا من أرض ظلمًا، طوقه إلى سبع أرضين”، فقال مروان: لا أسألك بَيِّنة بعد هذا، قال سعيد: اللهم إن كانت كاذبة فاعم بصرها واقتلها فى أرضها، فما ماتت حتى ذهب بصرها، وبينا هى تمشى فى أرضها إذ وقعت فى حفرة فماتت. وفى رواية لمسلم أنها قالت: أصابتنى دعوة سعيد. رُوى له عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثمانية وأربعون حديثًا، اتفقا على حديثين، وانفرد البخارى بحديث. روى عنه ابن عمر، وعمرو بن حريث، وابن الطفيل الصحابيون، رضى الله   (1) طبقات ابن سعد (3/379، و6/13) ، والتاريخ الكبير للبخارى (3/1509) ، والكنى للدولابى (1/11) ، والجرح والتعديل (4/85) ، والاستيعاب (2/614) ، وأسد الغابة (2/306) ، وسير أعلام التبلاء (1/124) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (4/34) . تقريب التهذيب (2314) وقال: “أحد العشرة مات سنة خمسين أو بعدها بسنة أو سنتين ع”. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 217 عنهم، وجماعات من التابعين. توفى بالعقيق، وقيل: بالمدينة سنة خمسين أو إحدى وخمسين، وهو ابن بضع وسبعين سنة، وغسله ابن عمر، وقيل: سعد بن أبى وقاص، وصلى عليه ابن عمر، ونزل فى قبره سعد، وابن عمر، رضى الله عنهم أجمعين. 210 - سعيد بن العاص الصحابى، رضى الله عنه (1) : مذكور فى المهذب فى الصلاة على الجنازة، وموقف الإمام منها. هو أبو عثمان، وقيل: أبو عبد الرحمن سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف القريشى الأموى الحجازى. قال محمد بن سعد: توفى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولسعيد تسع سنين، وكان من أشراف قريش، جمع السخاء والفصاحة، وهو أحد الذين كتبوا المصحف لعثمان، واستعمله عثمان، رضى الله عنه، على الكوفة، وغزا طبرستان وافتتحها، وقيل: إنه افتتح جرجان فى خلافة عثمان. وكان يقال له: عكة العسل؛ لكثرة خيره، وسكن دمشق، ثم تحول إلى المدينة، ولما قتل عثمان، رضى الله عنه، اعتزل الفتن، فلم يشهد الجمل ولا صفين، ثم استعمله معاوية، رضى الله عنه، على المدينة، وكان يوليه إذا عزل مروان، ويولى مروان إذا عزله. وكان سعيد لكثرة جوده إذا سأله إنسان وليس عنده ما يعطيه كتب له عليه دينًا إلى وقت ميسرته، وله فى ذلك حكايات مشهورة، وكان يجمع إخوانه كل جمعة فيصنع لهم طعامًا ويخلع عليهم، ويرسل إليهم بالجوائز، ويبعث إلى عيالهم العطاء الكثير، وكان يبعث مولى له كل ليلة جمعة إلى مسجد الكوفة ومعه الصرر فيها الدنانير، فيضعها بين يدى المصلين. وروى سعيد عن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وعن عمر، وعثمان، وعائشة، رضى الله عنهم. وروى عنه ابناه يحيى وعمرو الأشدق، وسالم بن عبد الله، وعروة، وغيرهم. قالوا: ولما حضرته الوفاة قال لبنيه: أيكم يقبل وصيتى؟ قال الأكبر: أنا، قال: إن فيها وفاء دينى، قال: وما هو؟ قال: ثمانون ألف دينار، قال: وفيم أخذتها؟ قال: فى كريم سددت خلته، وفى رجل جاءنى ودمه يتروى فى وجهه من الحياء فبدأته بحاجته قبل سؤاله. توفى سنة تسع وخمسين، وقيل: سنة سبع أو ثمان وخمسين، رضى الله عنه.   (1) طبقات ابن سعد (5/30) ، والتاريخ الكبير للبخارى (3/1672) ، والكنى للدولابى (1/63) ، والجرح والتعديل (4/204) ، والاستيعاب (2/621) ، وأسد الغابة (2/309) ، وتاريخ الإسلام (2/286) ، وسير أعلام النبلاء (3/444) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (4/48) ، والإصابة (2/3268) . تقريب التهذيب (2337) .. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 218 211 - سعيد المقبرى (1) : مذكور فى المختصر فى أول النفقات، وفى الخراج. هو سعيد بن كيسان، ويُعرف بسعيد بن أبى سعيد المقبرى، بضم الباء وفتحها، منسوب إلى المقابر؛ لأنه كان يسكن عندها، وقيل: لأن عمر بن الخطاب جعله على حفر القبور بالمدينة، وهو أبو سعد، بإسكان العين، سعيد بن أبى سعيد المقبرى الليثى، مولاهم المدنى التابعى، كان أبوه مكاتبًا لامرأة من بنى ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة، سمع ابن عمر، وأبا هريرة، وأبا شريح الخزاعى، وأبا سعيد الخدرى، رضى الله عنهم، وسمع من التابعين وأباه وخلائق. روى عنه أبو حازم، ومحمد بن عجلان، ومحمد بن إسحاق، ويحيى الأنصارى، وعبيد الله العمرى التابعيون، ومالك بن أنس، وابن أبى ذؤيب، والليث، وخلائق من أتباع التابعين والأئمة، واتفقوا على توثيقه. روى له البخارى ومسلم. قال محمد بن سعد: كان ثقة، كثير الحديث، لكنه كبر واختلط قبل موته، وقد الشام مرابطًا، وحدَّث ببيروت من ساحل دمشق. 212 - سعيد بن المسيب (2) : تكرر فى المختصر، والمهذب، والوسيط. هو الإمام الجليل أبو محمد سعيد بن المسيب ابن حزن بن أبى وهب بن عمرو بن عائذ، بالذال المعجمة، ابن عمران بن مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب بن لؤى بن غالب القريشى المخزومى التابعى، إمام التابعين. وأبوه المسيب، وجده حزن صحابيان، أسلما يوم فتح مكة، ويقال: المسيب، بفتح الياء وكسرها، والفتح هو المشهور، وحكى عنه أنه كان يكرهه، ومذهب أهل المدينة الكسر. ولد سعيد لسنتين مضتا من خلافة عمر بن الخطاب، وقيل: لأربع سنين، ورأى عمر وسمع منه، ومن عثمان، وعلى، وسعد بن أبى وقاص، وابن عباس، وابن عمر، وجبير ابن مطعم، وعبد الله بن زيد بن عاصم، وحكيم بن حزام، وأبى هريرة، ومعاوية، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وأبى موسى الأشعرى، وصفوان بن أمية، وأبيه، والمسور بن مخرمة، وجابر بن عبد الله، وأبى سعيد الخدرى، وزيد بن ثابت، وعثمان بن أبى العاص، وعائشة، وأم سلمة، وغيرهم من الصحابة، رضى الله عنهم أجمعين. روى عنه جماعات من أعلام التابعين، منهم عطاء بن أبى رباح،   (1) التاريخ الكبير للبخارى (3/1585) ، والجرح والتعديل (4/251) ، وتاريخ الإسلام (5/80) ، وسير أعلام النبلاء (5/216) ، وميزان الاعتدال (2/3187) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (4/38) . تقريب التهذيب (2321) وقال: “ثقة من الثالثة تغير قبل موته بأربع سنين وروايته عن عائشة وأم سلمة مرسلة مات في حدود العشرين وقيل قبلها وقيل بعدها ع”. (2) طبقات ابن سعد (2/379 و5/119) ، والتاريخ الكبير للبخارى (3/1698) ، والجرح والتعديل (4/262) ، وتاريخ الإسلام (4/4، 118) ، وسير أعلام النبلاء (4/217) ، وتذكرة الحفاظ (1/54) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (4/84) . تقريب التهذيب (2396) وقال: “أحد العلماء الأثبات الفقهاء الكبار من كبار الثانية اتفقوا على أن مرسلاته أصح المراسيل وقال ابن المديني لا أعلم في التابعين أوسع علما منه مات بعد التسعين وقد ناهز الثمانين ع”. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 219 ومحمد الباقر، وعمرو بن دينار، ويحيى الأنصارى، والزهرى، وأكثر عنه، وخلائق غيرهم. واتفق العلماء على إمامته، وجلالته، وتقدمه على أهل عصره فى العلم، والفضيلة، ووجوه الخير. قال محمد بن يحيى بن حبان: كان رأس أهل المدينة فى دهره، المقدم عليهم فى الفتوى سعيد بن المسيب، ويقال له: فقيه الفقهاء. وقال قتادة: ما رأيت أحدًا أعلم بحلال الله وحرامه من سعيد بن المسيب. وقال مكحول: طفت الأرض كلها فى طلب العلم، فما لقيت أحدًا أعلم من سعيد بن المسيب. وقال سليمان بن موسى: كان سعيد ابن المسيب أفقه التابعين. وروينا عن سعيد قال: كنت أرحل الأيام والليالى فى طلب الحديث الواحد. وقال على بن المدينى: لا أعلم أحدًا فى التابعين أوسع علمًا من سعيد بن المسيب، وإذا قال سعيد: مضت السنة، فحسبك به. قال: وهو عند أجلِّ التابعين. وقال أحمد بن حنبل: أفضل التابعين سعيد بن المسيب، فقيل له: فعلقمة والأسود، فقال: سعيد، وعلقمة، والأسود. وقال أبو طالب: قلت لأحمد بن حنبل: سعيد بن المسيب؟ فقال: ومَن مثل سعيد بن المسيب، ثقة من أهل الخير، قلت: فسعيد عن عمر حجة؟ فقال: هو عندنا حجة، قد رأى عمر وسمع منه، إذا لم يقبل سعيد عن عمر، فمن يقبل؟! وقال يحيى بن معين: قد رأى عمر وكان صغيرًا. وقال يحيى بن سعيد: كان سعيد بن المسيب لا يكاد يفتى فتيا ولا يقول شيئًا إلا قال: اللهم سلمنى وسلم منى. وقال أبو حاتم: ليس فى التابعين أنبل من سعيد بن المسيب، وهو أثبتهم فى أبى هريرة. قال الحافظ: كان أعلم الناس بحديث أبى هريرة سعيد بن المسيب، وكان زوج بنت أبى هريرة. قال أحمد بن عبد الله: كان سعيد فقيهًا، صالحًا، لا يأخذ العطاء، له بضاعة أربعمائة دينار يتجر فيها فى الزيت. وروى البخارى فى تاريخه أن ابن المسيب حج أربعين حجة. وأقوال السلف والخلف متظاهرة على إمامته، وجلالته، وعظم محله فى العلم والدين. توفى سنة ثلاث وتسعين، وقيل: سنة أربع وتسعين، وكان يقال لهذه السنة: سنة الفقهاء؛ لكثرة من مات فيها من الفقهاء، وقد ذكرنا مرارًا أن سعيد بن المسيب أحد فقهاء المدينة السبعة، وسبق بيانهم فى ترجمة خارجة بن زيد. وأما الجزء: 1 ¦ الصفحة: 220 قول الإمام أحمد بن حنبل وغيره: أن سعيد بن المسيب أفضل التابعين، فمرادهم أفضلهم فى علوم الشرع، وإلا ففى صحيح مسلم عن عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، قال: سمعت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: “إن خير التابعين رجل يقال له: أويس، وكان به بياض، فمروه فليستغفر لكم”. وأما قول أصحابنا المتأخرين: مراسيل سعيد بن المسيب حجة عند الشافعى، فليس على إطلاقه على المختار، وإنما قال الشافعى، إرسال ابن المسيب عندنا حسن. ولأصحابنا المتقدمين فيها وجهان مشهوران، أحدهما: أنها حجة مطلقة، قالوا: لأنها فتشت فوجدت مسندة. والثانى، وهو الصحيح واختاره المحققون: أنها كغيرها من مراسيل كبار التابعين، فإن اعتضدت بمسند أو بمرسل من جهة أخرى أو قول بعض الصحابة أو أكثر الفقهاء بعدهما، كانت حجة عند الشافعى، وإلا فلا؛ لأنه وجد فيها ما ليس مسندًا بحال، كذا ذكره البيهقى، والخطيب البغدادى، وغيرهما من الحفاظ المتقنين. وقد بسطت القول فيه فى علوم الحديث، ومقدمة شرح المهذب، ومن غرائب ابن المسيب قوله: إن المطلقة ثلاثًا تحل للأول بمجرد عقد الثانى من غير وطء، وقال جميع العلماء بسواه: يشترط الوطء. 213 - سعيد بن أبى عروبة (1) : مذكور فى المختصر فى كتاب العتق، هكذا يقال: ابن أبى عروبة، ولا يستعمله المحدثون وأصحاب الأسماء والتواريخ إلا هكذا. وقال ابن قتيبة فى أدب الكاتب: صوابه ابن أبى العروبة، وهو أبو النضر سعيد بن مهران بن عروبة العدوى عدى يشكر، مولاهم البصرى، سمع الحسن، وابن سيرين، وقتادة، وآخرين من التابعين. روى عنه الأعمش، وهو تابعى، والثورى، وشعبة، وخلائق. واتفقوا على توثيقه. روى له البخارى ومسلم، واختلط قبل وفاته. وحكم المختلط أنه لا يُحتج بما روى عنه فى الاختلاط أو شك فى وقت تحمله، ويحتج بما روى عنه قبل الاختلاط، وما كان فى الصحيحين عنه محمول على الأخذ عنه قبل اختلاطه. توفى سنة ست، وقيل: سبع وخمسين ومائة، رحمه الله تعالى.   (1) طبقات ابن سعد (7/273) ، والتاريخ الكبير للبخارى (3/1679) ، والجرح والتعديل (4/276) ، وتاريخ الإسلام (6/183) ، وسير أعلام النبلاء (6/413) ، وميزان الاعتدال (2/3242) ، وتذكرة الحفاظ (1/177) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (4/110) . تقريب التهذيب (2365) وقال: “ثقة حافظ له تصانيف لكنه كثير التدليس واختلط وكان من أثبت الناس في قتادة من السادسة مات سنة ست وقيل سبع وخمسين ع. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 221 * * * باب سفيان وسفينة بضم السين وكسرها وفتحها، والضم أشهر 214 - سفيان الثورى (1) : تكرر فى المهذب. هو أبو عبد الله سفيان بن سعيد بن مسروق بن حبيب بن رافع ابن عبد الله بن موهبة بن أبى عبد الله بن منقذ بن نصر بن الحارث بن ثعلبة بن ملكان ابن ثور بن عبد مناة بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر الثورى الكوفى، الإمام الجامع لأنواع المحاسن. وهو من تابعى التابعين، ولد سنة سبع وتسعين، سمع سفيان الثورى: أبا إسحاق السبيعى، وعبد الملك بن عمير، وعمرو بن مرة، وخلائق من كبار التابعين وغيرهم. روى عنه محمد بن عجلان، والأعمش، وهما تابعيان، ومعمر، والأوزاعى، وابن أبى إسحاق، ومالك، وابن عيينة، وشعبة، والفضيل بن عياض، وأبو الأحوص، وأبو إسحاق الفزارى، وابن المبارك، وزائدة، وابن مهدى، ووكيع، وأبو نعيم، ويحيى القطان، ومحمد بن يوسف الفريابى، وخلائق. واتفق العلماء على وصفه بالبراعة فى العلم بالحديث، والفقه، والورع، والزهد، وخشونة العيش، والقول بالحق، وغير ذلك من المحاسن. قال أحمد بن عبد الله: أحسن إسناد الكوفة سفيان، عن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة، عن ابن مسعود. وقال أبو عاصم: الثورى أمير المؤمنين فى الحديث. وقال ابن المبارك: كتبت عن ألف ومائة شيخ، ما كتبت عن أفضل من الثورى. وقال عبد الرزاق: سمعت الثورى يقول: ما استودعت قلبى شيئًا فخاننى قط. وقال يونس بن عبيد: ما رأيت أفضل من الثورى، فقيل: قد رأيت عطاء، وسعيد بن جبير، ومجاهد وتقول هذا؟! فقال: هو والله ما أقول ما رأيت أفضل من الثورى. وقال يحيى بن معين: كل من خالف الثورى فالقول قول الثورى. وقال ابن مهدى: ما رأيت أحفظ للحديث من الثورى. وقال ابن عيينة: كان ابن عباس فى زمانه، والشعبى فى زمانه، والثورى فى زمانه. وقال عباس الدورى: رأيت ابن معين لا يقدم على الثورى فى زمانه أحدًا فى كل شىء. وقال القطان: ما رأيت أحفظ من الثورى. وقال ابن عيينة: أنا من غلمان   (1) طبقات ابن سعد (6/371) ، والتاريخ الكبير للبخارى (4/2077) ، والكنى للدولابى (2/56) ، والجرح والتعديل (4/972) ، وسير أعلام النبلاء (7/229 - 279) . تقريب التهذيب (2445) وقال: "ثقة حافظ فقيه عابد إمام حجة من رؤوس الطبقة السابعة وكان ربما دلس مات سنة إحدى وستين وله أربع وستون ع". . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 222 الثورى، وما رأيت أعلم بالحلال والحرام منه. وقال ابن المبارك: كنت إذا شئت رأيت الثورى مصليًا، وإن شئت رأيته محدثًا، وإن شئت رأيته فى غامض الفقه. وقال الأوزاعى، وقد ذكر ذهاب العلماء: لم يبق منهم من يجتمع عليه العامة بالرضا والصحة إلا الثورى. وقال الوليد بن مسلم: رأيت الثورى يستفتى بمكة ولم يختط وجهه. وروينا عن عبد الرزاق، قال: بعث أبو جعفر أمير المؤمنين الخشابين قدامه حين خرج إلى مكة، وقال: إذا رأيتم سفيان الثورى فاصلبوه، فوصلوا مكة ونصبوا الخشب، فنودى سفيان، فإذا رأسه فى حجر الفضيل بن عياض، ورجله فى حجر ابن عيينة، فقالوا: يا أبا عبد الله، اتق الله ولا تشمت بنا الأعداء، فتقدم إلى أستار الكعبة فأخذها، وقال: برئت منه إن دخلها أبو جعفر، فمات أبو جعفر قبل أن يدخل مكة. وأحوال الثورى والثناء عليه أكثر من أن تُحصر، وأوضح من أن تُشهر، وهو أحد أصحاب المذاهب الستة المتبوعة. وقد ذكرت فى ترجمة الشافعى، رضى الله عنه، أن بعض الأئمة جمعهم فى بيت شعر. قال أبو نعيم الفضل بن دكين: خرج الثورى من الكوفة إلى البصرة سنة خمس وخمسين ومائة، فما رجع إليها. قال محمد بن سعد: أجمعوا على أنه توفى بالبصرة سنة إحدى وستين ومائة، رضى الله عنه. 215 - سفيان بن عبد الله الصحابى، رضى الله عنه (1) : عامل عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، مذكور فى المهذب فى أواخر صدقة الغنم، هو أبو عمرو، وقيل: أبو عمرة سفيان بن عبد الله بن أبى ربيعة بن الحارث بن مالك ابن حطيط، بضم الحاء المهملة، ابن جشم بن ثقيف الثقفى الطائفى الصحابى، كان عاملاً لعمر بن الخطاب، رضى الله عنه، على الطائف، واستعمله إذ عزل عثمان بن أبى العاص عنها، ونقله إلى البحرين. روى عن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أحاديث كثيرة. روى مسلم فى صحيحه منها حديثًا، وهو أنه قال: قلت: يا رسول الله، قل لى فى الإسلام قولاً لا أسأل عنه أحدًا غيرك، قال: "قل: آمنت بالله ثم استقم"، وهذا الحديث أحد الأحاديث التى عليها مدار   (1) طبقات ابن سعد (5/514) ، والتاريخ الكبير للبخارى (4/2057) ، والجرح والتعديل (4/952) ، والاستيعاب (2/630) ، وأسد الغابة (2/319) ، والكاشف (1/2017) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (4/115) ، والإصابة (2/3315) . تقريب التهذيب (2446) وقال: "صحابي وكان عامل عمر على الطائف م ت س ق".. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 223 الإسلام. روى عنه ابنه عبد الله، وعروة، وجبير بن نفير، ونافع بن جبير، وغيرهم، رضى الله عنهم. 216 - سفيان بن عيينة (1) : تكرر فيها كثيرًا. هو أبو محمد سفيان بن عيينة، بضم العين والسين على المشهور، ويقال: بكسرهما، وحكى فتح السين أيضًا ابن عمران ميمون الكوفى، ثم المكى الهلالى مولاهم، مولى محمد بن مزاحم، أخى الضحاك، وكان بنو عيينة عشرة خزازين، حدَّث منهم خمسة: محمد، وإبراهيم، وسفيان، وآدم، وعمران، أشهرهم وأجلهم سفيان. سكن مكة وتوفى بها، وهو من تابعى التابعين. سمع الزهرى، وعمرو بن دينار، والشعبى، وعبد الله بن دينار، ومحمد بن المنكدر، وخلائق من التابعين وغيرهم. روى عنه الأعمش، والثورى، ومسعر، وابن جريج، وشعبة، وهمام، ووكيع، وابن المبارك، وابن مهدى، والقطان، وحماد بن زيد، وقيس بن الربيع، والحسن بن صالح، والشافعى، وابن وهب، وأحمد بن حنبل، وابن المدينى، وابن معين، وابن راهوية، والحميدى، وخلائق لا يحصون من الأئمة. وروى الثورى عن القطان، عن ابن عيينة، واتفقوا على إمامته وجلالته وعظم مرتبته. روينا عن ابن وهب، قال: ما رأيت أعلم بكتاب الله تعالى من ابن عيينة. وقال أبو يوسف الغسولى: دخلت على ابن عيينة وبين يديه قرصان من شعير، فقال: إنهما طعامى منذ أربعين سنة. وقال الثورى: ابن عيينة أحد الآخذين. وقال أبو حاتم: أتيت أصحاب الزهرى مالك، وابن عيينة، وكان أعلم بحديث عمرو بن دينار من شعبة. وقال يحيى القطان: سفيان إمام من أربعين سنة، وذلك فى حياة سفيان. وقال يحيى: أثبت الناس فى حديث عمرو بن دينار ابن عيينة. وقال القطان: ما رأيت أحسن حديثًا من ابن عيينة. وقال الشافعى: ما رأيت أحدًا فيه من آلة العالم ما فى سفيان، وما رأيت أحدًا أكف عن الفتيا منه، وما رأيت أحدًا أحسن لتفسير الحديث منه. وقال أحمد بن عبد الله: كان ابن عيينة حسن الحديث، وكان يُعد من حكماء أصحاب الحديث، وكان حديثه نحو سبعة آلاف   (1) طبقات ابن سعد (5/497) ، والتاريخ الكبير للبخارى (4/2082) ، والجرح والتعديل (4/973) ، وسير أعلام النبلاء (8/400) ، والكاشف (1/2022) ، وتذكرة الحفاظ (1/262) ، وميزان الاعتدال (2/3327) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (4/117) . تقريب التهذيب (2451) وقال: "ثقة حافظ فقيه إمام حجة إلا أنه تغير حفظه بأخرة وكان ربما دلس لكن عن الثقات من رؤوس الطبقة الثامنة وكان أثبت الناس في عمرو ابن دينار مات في رجب سنة ثمان وتسعين وله إحدى وتسعون سنة ع".. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 224 حديث، ولم يكن له كتب. وروينا عن سعد، أن ابن نصر، قال: قال سفيان بن عيينة: قرأن القرآن وأنا ابن أربع سنين، وكتبت الحديث وأنا ابن سبع سنين، ولما بلغت خمس عشرة سنة قال لى أبى: يا بنى، قد انقطعت عنك شرائع الصبى، فاختلط بالخير تكن من أهله، واعلم أنه لن يسعد بالعلماء إلا مَن أطاعهم، فأطعهم تسعد، واخدمهم تقتبس من علمهم، فجعلت أميل إلى وصية أبى ولا أعدل عنها. وروينا عن الحسن بن عمر، أن ابن عيينة قال: قال لى سفيان بالمزدلفة فى آخر حجة حجها: قد وفيت هذا الموضع سبعين مرة، أقول فى كل مرة: اللهم لا تجعله آخر العهد فى هذا المكان، وقد استحييت من الله تعالى من كثرة ما أسأله، فرجع فتوفى فى السنة الداخلة. ومناقبه كثيرة مشهورة، وهو أحد أجداد الشافعية فى طريق الفقه كما سبق فى أول الكتاب، وكان يقول فى تفسير الحديث: "من غشنا فليس منا، ومن حمل علينا السلاح فليس منا" (1) ، من تأوله على أن المراد ليس على هدينا وحسن طريقتنا فقد أساء، ومراده أن يبقى تفسيره مسكوتًا ليكون أبلغ فى الزخر عن هذه المعاصى. ولد سفيان سنة سبع ومائة، وتوفى يوم السبت غرة رجب سنة ثمان وتسعين ومائة، رحمه الله. 217 - سفينة مولى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (2) : مذكور فى المهذب فى باب الأطعمة. هو لقب له، واسمه مهران، هذا قول الأكثرين، وقيل: أحمر، قاله أبو نعيم الفضل وغيره، وقيل: رومان، وقيل: بحران، وقيل: عبس، وقيل: قيس، وقيل: شنبة، بعد الشين نون ساكنة ثم باء موحدة، وقيل: عمير، حكاه الحاكم أبو أحمد، وكنيته أبو عبد الرحمن، هذا قول الأكثرين، وقيل: أبو البخترى، ولقبه رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سفينة. روينا عنه قال: كنا مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نمشى، فمررنا بواد أو نهر، وكنت أعبر الناس، فقال لى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "ما كنت منذ اليوم إلا سفينة". وروينا عنه، قال: خرج رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يمشى ومعه أصحابه، فثقل عليهم متاعهم، فقال لى: "ابسط كساك"، فبسطته، فجعلوا فيه متاعهم، ثم حمله علىَّ، فقال لى: "احمل، فإنما أنت سفينة"، فلو حمل علىَّ من يومئذ وقر بعير أو بعيرين أو ثلاثة أوخمسة أو ستة أوسبعة ما ثقل علىَّ   (1) أخرجه مسلم (1/99، رقم 101) ، وابن ماجه (2/860، رقم 2575) . وأخرجه أيضا: البخارى فى الأدب (1436، رقم1280) . (2) التاريخ الكبير للبخارى (4/2524) ، والجرح والتعديل (4/1392) ، والاستيعاب (2/684) ، وأسد الغابة (2/324) ، وسير أعلام النبلاء (3/172) ، والكاشف (1/2026) ، وتاريخ الإسلام (3/158) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (4/125) ، والإصابة (2/3335) . تقريب التهذيب (2458) وقال: "سفينة مولى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يكنى أبا عبد الرحمن يقال كان اسمه مهران أو غير ذلك فلقب سفينة لكونه حمل شيئا كثيرا في السفر مشهور له أحاديث م 4".. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 225 إلا أن يجفو. وفى رواية: كلما أعيا بعض القوم ألقى علىَّ سيفه وترسه ورمحه، حتى حملت شيئًا كثيرًا، وكان إذا قيل له: ما اسمك؟ يقول: سمانى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سفينة، فلا أريد غيره. وكان سفينة يسكن بكن نخلة، وهو من مولدى العرب، وقيل: من أبناء فارس. قال ابن أبى حاتم: سمعت أبى يقول: اشتراه النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأعتقه. وقال آخرون: أعتقته أم سلمة، فيقال له: مولى النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ويقال: مولى أم سلمة. روى البخارى فى تاريخه أنه بقى إلى زمن الحجاج، قال: وفى إسناد هذا نظر، ذكره البخارى، وابن أبى حاتم فى الأسماء المفردة. وروينا عنه قال: خدمت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عشر سنين. رُوى له عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أربعة عشر حديثًا، روى مسلم أحدها. وروى عنه بنوه عبد الرحمن، وعمر، ومحمد، وزياد، وكثير بنو سفينة، ومحمد بن المنكدر، وسعيد بن جمهان، وغيرهم. روينا عن سفينة، رضى الله عنه، قال: لقينى الأسد، فقلت: أنا سفينة مولى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فضرب بذنبه الأرض وقعد. وروينا عنه، قال: ركبت البحر فى سفينة، فكسرت بنا، فركبت لوحًا منها، فطرحنى فى جزيرة فيها أسد، فلم يرعنى إلا به، فقلت: يا أبا حرث، أنا سفينة مولى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فجعل يغمزنى بمنكبيه حتى أقامنى على الطريق، ثم همهم فظننت أنه السلام. * * * باب سلمان 218 - سلمان الفارسى الصحابى، رضى الله عنه (1) : تكرر فى المهذب. هو أبو عبد الله سلمان الخير، مولى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، سُئل عن نسبه، فقال: أنا سلمان بن الإسلام، أصله من فارس من جى، بفتح الجيم وتشديد الياء، قرية من قرى أصبهان، وقيل: من رام هرمز. روى ابن أبى خيثمة فى تاريخه، عن ابن عباس، قال: حدثنى سلمان، رضى الله عنه، قال: كنت من أهل أصبهان من قرية يقال لها: جى، وكان أبى دهقانها. وسبب إسلامه مشهور، وأنه هرب من أبيه، وكان مجوسيًا، فلحق براهب، ثم جماعة من الرهبان واحد بعد واحد، يصحبهم إلى وفاتهم، إلى أن دله الأخير على الذهاب إلى الحجاز، وأخبره بظهور النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقصده مع عرب، فغدروا به   (1) طبقات ابن سعد (6/16 و7/318) ، والتاريخ الكبير للبخارى (4/2235) ، والجرح والتعديل (4/1289) ، والاستيعاب (2/634) ، وأسد الغابة (2/328) ، وسير أعلام النبلاء (1/505 - 558) ، والكاشف (1/2039) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (4/137) ، والإصابة (2/3357) . تقريب التهذيب (2477) وقال: "أول مشاهده الخندق مات سنة أربع وثلاثين يقال بلغ ثلاثمائة سنة ع".. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 226 وباعوه فى وادى القرى اليهودى، ثم اشتراه منه يهودى من قريظة، فقدم به المدينة، فأقام بها مدة حتى قدمها رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فأتاه بصدقة فلم يأكل منها، ثم بعد مدة أتاه بهدية فأكل منها، ثم رأى خاتم النبوة، وكان الراهب الأخير وصف له هذه العلامات الثلاث للنبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قال سلمان: فرأيت الخاتم فقبلته وبكيت، فأجلسنى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بين يديه، فحدثنى بشأنى كله. وفاتنى معه بدر وأُحُد بسبب الرق، فقال لى: "يا سلمان، كاتب عن نفسك"، فلم أزل بصاحبى حتى كاتبته على أن أغرس له ثلاثمائة نخلة، وعلى أربعين أوقية ذهب، فقال النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "أعينوا أخاكم سلمان بالنخل"، فأعانونى حتى اجتمعت لى، فقال: "فقر بها ولا تضع منها شيئًا حتى أضعه بيدى"، ففعلت، فأعاننى أصحابه حتى فرغت، فأتيته فكنت آتيه بالنخلة فيضعها ويسوى عليها التراب، فوالذى بعثه بالحق نبيًا ما ماتت منها واحدة وبقى الذهب، فجاء رجل بمثل البيضة من ذهب أصابه من بعض المعادن، فقال: ادع سلمان المسكين الفارسى المكاتب، فقال: أد هذه. وروينا عنه قال: تداولنى بضعة عشر ربًا من رب إلى رب. وأول مشاهده مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الخندق، ولم يتخلف عن مشهد بعدها، وآخى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بين أبى الدرداء وبين سلمان، ثبت ذلك فى صحيح البخارى. وكان من فضلاء الصحابة وزهادهم وعلمائهم، وذوى القرب من رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وهو الذى أشار على رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بحفر الخندق حين جاءت الأحزاب، وسكن العراق، وكان يعمل الخوص بيده فيأكل منه، وكان عطاؤه خمسة آلاف، فإذا خرج فرقه. وكان أبو الدرداء قد سكن الشام، فكتب إلى سلمان: أما بعد، فإن الله قد رزقنى بعدك مالاً وولدًا، ونزلت الأرض المقدسة، فكتب إليه سلمان: سلام عليك، أم بعد، فإنك كتبت إلىَّ أن الله رزقك مالاً وولدًا، فاعلم أن الخير ليس بكثرة المال والولد، ولكن الخير أن يكثر حلمك، وأن ينفعك علمك، وكتبت إلىَّ أنك بالأرض المقدسة، وأن الأرض لا تقدس أحدًا. ونقلوا اتفاق العلماء على أن سلمان الفارسى عاش مائتين وخمسين سنة، وقيل: ثلاثمائة وخمسين سنة، وقيل: إنه أدرك وصى عيسى ابن مريم، عليه السلام. رُوى له عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 227 ستون حديثًا، اتفق البخارى ومسلم على ثلاثة، ولمسلم ثلاثة. وروى عنه ابن عباس، وأنس، وعقبة بن عامر، وأبو سعيد، وكعب بن عجرة، وأبو الطفيل، رضى الله عنهم. وروى عنه جماعات من التابعين. توفى سلمان بالمدائن فى أول سنة ست وثلاثين، وقيل: سنة خمس وثلاثين، ويقال: فى خلافة عمر، رضى الله عنه، وهو غلط. قال أبو بكر بن أبى داود وغيره: لسلمان ثلاث بنات: بنت بأصبهان، وزعم جماعة أنهم من ولدها، وبنتان بمصر. وروى الترمذى بإسناده عن أنس، رضى الله عنه، أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "إن الجنة لتشتاق إلى ثلاثة: على، وعمار، وسلمان، رضى الله عنه" (1) . قال الترمذى: حديث حسن. 219 - سلمان بن ربيعة: مذكور فى المهذب فى ميراث بنت الابن. هو أبو عبد الله سلمان بن ربيعة بن يزيد ابن عمرو بن سهم بن نضلة بن غنم بن قتيبة بن معن بن مالك بن أعصر، وهو منبه بن سعد بن قيس عيلان، بالعين المهملة، ابن مضر بن نزار الباهلى الكوفى التابعى، هكذا قاله الجمهور أنه تابعى من كبار التابعين، وقيل: له صحبة، وشهد فتح الشام، وسكن الكوفة، وكان قاضيها لعمر بن الخطاب، رضى الله عنه. روى عن عمر، وولى غزو أرمينية، واستشهد بها سنة تسع وعشرين، وقيل: سنة ثلاثين، وقيل: إحدى وثلاثين. روى عنه أبو وائل، وعدى بن عدى، وعمرو بن ميمون، قيل: كان يغزو سنة ويحج سنة. قال ابن سعد فى الطبقة الأولى من تابعى أهل الكوفة: سلمان بن ربيعة، وكان ثقة قليل الحديث، وهو أول من تولى قضاء الكوفة، وكان يمكث أربعين يومًا لا يأتيه خصم. وقال العقيلى: هو ثقة من كبار التابعين. 220 - سلمان بن عامر الصحابى، رضى الله عنه (2) : مذكور فى أواخر كتاب صيام المهذب، وفى الوقف منه. هو سلمان بن عامر بن أوس بن حجر بن عمرو بن الحارث بن تيم بن ذهل بن مالك بن سعد بن بكر بن ضبة ابن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر الضبى. قال مسلم بن الحجاج: لم يكن فى الصحابة ضبى غيره، نزل البصرة، وله بها دار بقرب الجامع. روى عنه محمد وحفصة ولدا سيرين، وعبد العزيز بن بشير،   (1) أخرجه الترمذى (5/667، رقم 3797) ، وقال: حسن غريب. وأبو يعلى (12/142، رقم 6772) ، قال الهيثمى (9/117) : فيه النضر بن حميد الكندى، وهو متروك. والحاكم (3/148، رقم 4666) ، وقال: صحيح الإسناد. (2) التاريخ الكبير للبخارى (4/2236) ، والجرح والتعديل (4/1291) ، والاستيعاب (2/633) ، وأسد الغابة (2/327) ، والكاشف (1/2038) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (4/137) ، والإصابة (2/3365) . تقريب التهذيب (2476) وقال: "صحابي سكن البصرة خ 4".. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 228 والرباب، بفتح الراء وبالموحدة، أم الرابح. روى له البخارى حديثًا واحدًا، وأما حديثه فى المهذب عن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إذا أفطر أحدكم فليفطر على تمر، فإن لم يجد فليفطر على ماء فإنه طهور" (1) . فرواه أبو داود، والترمذى، وقال: هو حديث حسن صحيح. * * * باب سلمة وسليم 221 - سلمة بن الأكوع الصحابى، رضى الله عنه (2) : تكرر. هو أبو مسلم، ويقال: أبو إياس، ويقال: أبو عامر سلمة بن عمرو بن الأكوع، واسم الأكوع سنان بن عبد الله بن قشير بن خزيمة بن مالك بن سلامان بن أسلم الأسلمى. شهد بيعة الرضوان بالحديبية، وبايع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يومئذ ثلاث مرات فى أول الناس ووسطهم وآخرهم، وكان شجاعًا، راميًا، محسنًا، خيرًا، فاضلاً، غزا مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سبع غزوات، ويقال: شهد غزوة مؤتة. رُوى له عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سبعة وسبعون حديثًا، اتفقا على ستة عشر، وانفرد البخارى بخمسة، ومسلم بتسعة. روى عنه ابنه إياس، ومولاه يزيد بن أبى عبيد، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، وآخرون، وكان يسكن المدينة، فلما قُتل عثمان خرج إلى الربذة فسكنها، وتزوج هناك وولد له، فلم يزل بها حتى كان قبل وفاته بليال عاد إلى المدينة فتوفى بها سنة أربع وسبعين، وهو ابن ثمانين سنة، وكان يصفر رأسه ولحيته. قال ابن إياس: ما كذب أبى قط. وفى صحيح البخارى أحاديث ثلاثيات يرويها البخارى، عن المكى بن إبراهيم، عن يزيد مولى سلمة، عن سلمة، رضى الله عنه، عن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وثبت فى الصحيح أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "خير رجالتنا سلمة بن الأكوع"، قاله فى غزوة ذى قرد لما استنقذ لقاح رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من العدو الذين أغاروا عليها وهزمهم وحده. 222 - سلمة بن صخر الصحابى، رضى الله عنه (3) : مذكور فى المهذب فى الظهار المؤقت. هو سلمة بن صخر بن سلمان بن الصمة بن حارثة بن الحارث بن زيد مناة   (1) أخرجه الطيالسى (ص 163، رقم 1181) ، وأحمد (4/17، رقم 16270) ، والدارمى (2/13، رقم 1701) ، وأبو داود (2/305، رقم 2355) ، والترمذى (3/78، رقم 695) ، وقال: حسن صحيح. والنسائى فى الكبرى (2/254، رقم 3319) ، وابن ماجه (1/542، رقم 1699) ، والحاكم (1/597، رقم 1575) ، وقال: صحيح على شرط البخارى. ووافقه الذهبى. وابن خزيمة (3/278، رقم 2067) ، والطبرانى (6/272، رقم 6192) ، وابن حبان (8/282، رقم 3515) ، والبيهقى فى شعب الإيمان (3/406، رقم 3898) . (2) انظر: الإصابة (2/66، 67) ، وطبقات ابن سعد (4/305) ، والتاريخ الكبير (4/69) ، والجرح والتعديل (4/166) ، والاستيعاب (2/87، 88) ، وتهذيب تاريخ دمشق (1/232 - 234) ، وأسد الغابة (2/333) ، وسير أعلام النبلاء (3/326 - 331) ، والبداية والنهاية (9/6) ، والوافى بالوفيات (15/321) ، وتهذيب التهذيب (4/150 - 152) ، ومرآة الجنان (1/155) ، وتجريد أسماء الصحابة (1/2404) ، وتهذيب الكمال (11/301، 302) .. (3) التاريخ الكبير للبخارى (4/1993) ، والجرح والتعديل (4/733) ، والاستيعاب (2/641) ، وأسد الغابة (2/337) ، والكاشف (1/2055) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (4/147) ، والإصابة (2/3286) . تقريب التهذيب (2496) وقال: "صحابي ظاهر من امرأته قال البغوي لا أعلم له مسندا غيره د ت ق".. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 229 بن حبيب بن عبد حارثة بن مالك بن غضب، بفتح الغين وإسكان الضاد المعجمتين، ابن جشم بن الخزرج الأنصارى الخزرجى، ويقال له: البياضى؛ لأنه حليف بنى بياضة، ويقال: اسمه سلمان، وسلمة أصح وأشهر، وهو أحد البكائين. روى عنه سعيد بن المسيب، وأبو سلمة، وسماك بن حرب، وسليمان بن يسار. 223 - سلمة بن عبد الله (1) : ويقال: ابن عبيد الله بن محصن الخطمى. مذكور فى المختصر. هو الأنصارى الخطمى، روى عن أبيه، ولأبيه صحبة. 224 - سلمة بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم القريشى المخزومى: وأمه ضباعة بنت عامر بن قرط، وهو أخو أبى جهل عمرو بن هشام، وابن عم خالد بن الوليد، أسلم سلمة، رضى الله عنه، قديمًا، وكان من فضلاء الصحابة، وهاجر إلى الحبشة، ومنعه الكفار من الهجرة إلى المدينة، وعذبوه بمكة فى الله عز وجل. وثبت فى الصحيحين أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يدعو فى قنوته فى الصلاة له ولغيره من المستضعفين ويسميه فيقول: "اللهم أنج الوليد بن الوليد، وسلمة بن هشام، وعياش ابن أبى ربيعة، والمستضعفين من المؤمنين"، وهؤلاء الثلاثة من بنى مخزوم، فالوليد هو أخو خالد بن الوليد، وعياش بن ربيعة بن المغيرة، وهو ابن عم خالد. وهاجر سلمة بعد الخندق إلى المدينة، وشهد غزوة مؤتة، وأقام بالمدينة حتى توفى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فخرج إلى الشام مجاهدًا حين بعث أبو بكر الصديق، رضى الله عنه، الجيوش إلى الشام، فقُتل شهيدًا بمرج الصفر سنة أربع عشرة فى أول خلافة عمر، وقيل: قتل بأجنادين فى جمادى الأولى قبل وفاة أبى بكر الصديق، رضى الله عنه، بأربعة وعشرين ليلة. 225 - سلمة الأنصارى الصحابى، رضى الله عنه: أبو يزيد، جد عبد الحميد بن يزيد بن سلمة. حديثه فى أهل البصرة فى تخيير الصغير بين أبويه إذا افترقا، وقيل: إنه والد عبد الحميد لا جده. قالوا: وهو غلط، وذكره فى المهذب فى أول الحضانة، وقال:   (1) التاريخ الكبير للبخارى (4/2025) ، والجرح والتعديل (4/732) ، والكاشف (1/2059) ، وميزان الاعتدال (2/3408) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (4/148) . تقريب التهذيب (2499) وقال: "مجهول من الرابعة بخ ت ق".. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 230 عن عبد الحميد بن سلمة، عن أبيه، فاختار فيه القول المردود، وقيل: إنه ضمرى من بنى كنانة. 226 - سليك الغطفانى الصحابى، رضى الله عنه: مذكور فى باب الجمعة من هذه الكتب. هو سليك، بضم السين المهملة وفتح اللام وإسكان المثناة تحت بعدها كاف، ابن عمرو، وقيل: ابن هدبة، بضم الهاء وبالموحدة. وفى صحيح مسلم، عن جابر، قال: جاء سليك الغطفانى يوم الجمعة والنبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يخطب، فجلس فقال: "يا سليك، قم فاركع ركعتين وتجوز فيهما"، ثم قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إذا جاء أحدكم والإمام يخطب فليصل ركعتين وليتجوز فيهما" (1) . * * * باب سُليم بضم السين 227 - سليم بن أيوب: من فقهاء أصحابنا وأئمتهم ومصنفيهم، تكرر ذكره فى الروضة. هو أبو الفتح سليم ابن أيوب الرازى، تفقه وهو كبير، وكان يشتغل فى أول عمره بالنحو، واللغة، والتفسير، والمعانى، ثم بالحديث، ثم رحل إلى بغداد، واشتغل بالفقه على الشيخ أبى حامد الأسفرايينى إمام أصحابنا العراقيين، وله عنه التعليقة المشهورة، وله مصنفات كثيرة فى التفسير، والحديث، وغريب الحديث، والعربية، والفقه، وكان إمامًا، جامعًا لأنواع من العلوم، ومحافظ على أوقاته، فلا يصرفها فى غير طاعة، وهو الذى نشر العلم بصور المدينة المعروفة بساحل دمشق، وعليه تفقه الشيخ أبو الفتح نصر المقدسى الزاهد، وأخذ طرائقه الجميلة. قيل لسليم: ما الفرق بين مصنفاتك ومصنفات المحاملى؟ فقال: لأن تلك صنفت بالعراق، ومصنفاتى صنفتها بالشام. قال الحافظ أبو القاسم ابن عساكر فى كتاب التبيين: كان سليم فقيهًا جيدًا، مشارًا إليه فى علمه، صَّنف الكثير فى الفقه وغيره. قال: وهو أول من نشر هذا العلم بصور، وانتفع به جماعة، منهم الشيخ نصر المقدسى. وكان سليم يحاسب   (1) حديث جابر: أخرجه الشافعى فى السنن (1/63) ، والطيالسى (ص 236، رقم 1695) ، وأحمد (3/297، رقم 14207) ، والدارمى (1/438، رقم 1551) ، والبخارى (1/392، رقم 1113) ، ومسلم (2/597، رقم 875) ، وأبو داود (1/291، رقم 1117) ، والنسائى فى الكبرى (1/528، رقم 1703) ، وابن ماجه (1/353، رقم 1114) ، وابن خزيمة (2/353، بعد رقم 1453) ، وابن حبان (6/247، رقم 2502) ، والدارقطنى (2/13) . وأخرجه أيضًا: الطبرانى (7/164، رقم 6711) ، وأبو يعلى (4/187، رقم 2276) . حديث سُلَيْكِ بن هدبة الْغَطَفَانِىِّ: أخرجه أحمد (3/389، رقم 15218) ، والطبرانى (7/164، رقم: 6712) ، قال الهيثمى (2/184) : رجاله رجال الصحيح. والطحاوى (1/365) ، والدارقطنى (2/14) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 231 نفسه على الأنفاس، لا يدع وقتًا يمضى عليه بغير فائدة من نسخ، أو تدريس، أو قراءة، ونسخ شيئًا كثيرًا. ثم روى الحافظ، عن المؤمل بن الحسن أنه رأى سليمًا قد حفى قلمه، فجعل يحرك شفتيه حتى قطعه، فعلم أنه كان يقرأ مدة إصلاحه. قال: وغرق سليم فى بحر القلزم عند ساحل جدة بعد عوده من الحج فى صفر سنة سبع وأربعين وخمسمائة، وكان قد نيف على الثمانين، حدث بذلك ابنه إبراهيم بن سليم. 228 - سليم بن عامر (1) : مذكور فى المهذب فى باب الهدية. هو أبو يحيى، وقيل: أبو ليلى سليم بن عامر الكلاعى، بفتح الكاف، الخبائرى، بخاء معجمة مفتوحة ثم موحدة مخففة وألف ثم همزة ثم راء، منسوب إلى الخبائر، وهو ابن سواد بن عمرو بن الكلاع بن شرحبيل، وهو حمصى تابعى. سمع المقداد بن الأسود، والمقدام بن معد يكرب، وأبا الدرداء، وعبد الله بن الزبير، وأبا أمامة، وعوف بن مالك، وتميمًا الدارى، وغيرهم من الصحابة، وخلائق من التابعين. وروى عنه جماعات من التابعين وغيرهم. واتفقوا على توثيقه. وروى له مسلم فى صحيحه. قال محمد بن سعد: توفى سنة ثلاثين ومائة، وكان ثقة قديمًا معروفًا، رضى الله عنه. * * * باب سليمان 229 - سليمان بن حريث: ذكره فى المهذب فى كتاب الأقضية فى فصل أصحاب المسائل، وأظنه تصحيفًا، وسيأتى إيضاحه فى النوع الثامن من الأوهام إن شاء الله تعالى. 230 - سليمان بن داود، النبى ابن النبى، عليه السلام: تكرر فى المختصر، والمهذب فى الاستسقاء والوقف وغيرهما، وسبق بيان نسبه فى ترجمة أبيه. قال الله تعالى: {وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ} [الأنعام: 84] الآية. وقال الله تعالى: {وَدَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِى الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلاًّ آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا}   (1) طبقات ابن سعد (7/464) ، والتاريخ الكبير للبخارى (4/2190) ، والجرح والتعديل (4/909) ، وأسد الغابة (2/348) ، وتاريخ الإسلام (4/255) ، وسير أعلام النبلاء (5/185) ، والكاشف (1/2085) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (4/166) ، والإصابة (2/3795) . تقريب التهذيب (2527) وقال: "ثقة من الثالثة غلط من قال إنه أدرك النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مات سنة ثلاثين ومائة بخ م 4".. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 232 [الأنبياء: 78، 79] الآيات. وقال تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالاَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِّنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُدَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَىْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ} [النمل: 15 - 17] الآيات إلى قوله تعالى: {قَالَتْ رَبِّ إِنِّى ظَلَمْتُ نَفْسِى وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [النمل: 44] . وقال تعالى: {وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَن يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ} [سبأ: 12] . وقال تعالى: {وَوَهَبْنَا لِدَاوُدَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ} [ص: 30] الآيات. وثبت فى صحيح البخارى ومسلم، عن أبى هريرة، عن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "إن عفريتًا من الجن تفلت البارحة ليقطع علىَّ صلاتى، فأمكننى الله منه، فأخذته فأردت أن أربطه على سارية من سوارى المسجد حتى تنظروا إليه كلكم، فذكرت دعوة أخى سليمان: رب هب لى ملكًا لا ينبغى لأحد من بعدى، فرددته خاسئًا"، ورويناه من طرق بألقاظ متقاربة. وفى الصحيحين عن أبى هريرة أيضًا، أنه سمع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: “كانت امرأتان معهما ابناهما، فجاء الذئب فذهب بابن إحداهما، فقالت لصاحبتها: إنما ذهب بابنك، وقالت الأخرى: إنما ذهب بابنك، فتحاكما إلى داود، فقضى به للكبرى، فخرجتا على سليمان بن داود فأخبرتاه، فقال: ائتونى بالسكين أشقه بينهما، فقالت الصغرى: لا تفعل رحمك الله، هو ابنها، فقضى به للصغرى” (1) . وروينا عن عبد الله بن عمرو بن العاص، أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: “إن سليمان بن داود لما بنى بيت المقدس سأل الله عز وجل خلالاً ثلاثًا: سأل الله تعالى حكمًا يصادف حكمه فأوتيه، وسأل الله تعالى ملكًا لا ينبغى لأحد من بعده فأوتيه، وسأل الله عز وجل حين فرغ من بناء المسجد ألا يأتيه أحد لا ينهزه إلا للصلاة فيه أن يخرجه من ذنوبه وخطيئته كيوم ولدته أمه” (2) ، رواه النسائى فى سننه بإسناد صحيح. قال أبو إسحاق الثعلبى فى كتابه العرائس فى قول الله عز وجل: {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُدَ} [النمل: 16] : أى نبوته وعلمه وحكمته دون سائر أولاد داود. قال: وكان لداود اثنا عشر ابنًا. قال: وكان سليمان ملك الشام إلى اصطخر. قال: وقيل: ملك   (1) أخرجه أحمد (2/322، رقم 8263) ، والبخارى (3/1260، رقم 3244) ، ومسلم (3/1344، رقم 720) ، والنسائى فى الكبرى (3/473، رقم 5960) . (2) أخرجه أحمد (2/176، رقم 6644) ، والنسائى (2/34، رقم 693) ، قال الحافظ فى الفتح (6/408) : رواه النسائى بإسناد صحيح. وابن ماجه (1/452، رقم 1408) قال البوصيرى (2/14) : هذا إسناد ضعيف. والحكيم (1/370) وابن حبان (14/330، رقم 6420) ، والحاكم (1/84، رقم 83) ، والبيهقى فى شعب الإيمان (3/494، رقم 4175) . وأخرجه أيضًا: ابن خزيمة (2/288، رقم 1334) ، والديلمى (1/224، رقم 860) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 233 الأرض. وقد روى عن ابن عباس، قال: ملك الأرض مؤمنان: سليمان، وذو القرنين، وكافران: نمرود، وبختنصر. قال كعب الأحبار، ووهب بن منبه: كان سليمان أبيض، جسيمًا، وسيمًا، وضيئًا، جميلاً، خاشعًا، متواضعًا، يلبس الثياب البيض، ويجالس المساكين، ويقول: مسكين جالس مسكينًا، وكان أبوه يشاوره فى كثير من أموره مع صغر سنه؛ لوفور علقله وعلمه. قال: وكان سليمان حين ملك كثير الغزو لا يكاد يتركه، فتحمله الريح هو وعسكره ودوابهم حيث أراد، وتمر به وبعسكره الريح على المزرعة، فلا يتحرك الزرع. قال: وقال محمد بن كعب القرظى: بلغنا أن عسكر سليمان كان مائة فرسخ خمسة وعشرون للإنس، ومثلها للجن، ومثلها للطير، ومثلها للوحش. قال: وقال أهل التاريخ: كان عمر سليمان ثلاثًا وخمسين سنة، وملك وهو ابن ثلاث عشرة سنة، وابتدأ بناء بيت المقدس بعد ابتداء ملكه بأربع سنين، عليه السلام. 231 - سليمان بن صرد الصحابى، رضى الله عنه (1) : هو أبو مطرف سليمان بن صرد، بضم الصاد وفتح الراء مصروف، ابن الجون بن أبى الجون بن منقذ بن ربيعة بن أحرم بن حزام، بالزاى، ابن حبيشة، بضم الحاء، ابن سلول بن كعب بن عمرو بن ربيعة، وهو لحى بن حارثة بن عمرو بن عامر بن حارثة ابن امرىء القيس بن ثعلبة بن مازن بن الأزد الخزاعى الكوفى. وخزاعة هم ولد حارثة ابن عمرو بن عامر. روى له عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خمسة عشر حديثًا، اتفقا على حديث، وانفرد البخارى بحديث. روى عنه الشعبى، وعدى بن ثابت، نزل الكوفة، وكان خيرًا فاضلاً صاحب عبادة، وكان له قدر وشرف فى قومه، قُتل سليمان بن صرد بعين الوردة من الجزيرة، وهى رأس عين سنة خمس وستين، وهو ابن ثلاث وتسعين سنة، وكان أميرًا على جيش البوابين. 232 - سليمان بن يسار التابعى (2) : أحد الفقهاء السبعة، تكرر فى المختصر، والمهذب، فذكره فى مواضع منها باب المزارعة، ثم باب الخيار فى النكاح فى خيار الأمة بالعتق، وأوائل باب اجتماع العدتين. هو أبو أيوب، ويقال: أبو عبد الرحمن، وأبو عبد الله   (1) طبقات ابن سعد (4/292 و6/25) ، والتاريخ الكبير للبخارى (4/1752) ، والكنى للدولابى (2/117) ، والجرح والتعديل (4/539) ، والاستيعاب (2/649) ، وأسد الغابة (2/351) ، وتاريخ الإسلام (3/17) ، وسير أعلام النبلاء (3/394) ، والكاشف (1/2113) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (4/200) ، والإصابة (2/3457) . تقريب التهذيب (2574) وقال: “صرد بضم المهملة وفتح الراء، صحابي قتل بعين الوردة سنة خمس وستين ع”.. (2) طبقات ابن سعد (5/174) ، والتاريخ الكبير للبخارى (4/1901) ، والجرح والتعديل (4/643) ، وتاريخ الإسلام (4/120) ، وسير أعلام النبلاء (4/444) ، والكاشف (1/2157) وتذكرة الحفاظ (1/90) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (4/228) . تقريب التهذيب (2619) وقال: “ثقة فاضل أحد الفقهاء السبعة من كبار الثالثة مات بعد المائة وقيل قبلها ع”.. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 234 سليمان بن يسار الهلالى أخو عطاء، وعبد الملك، وعبد الله موالى ميمونة بنت الحارث الهلالية أم المؤمنين، رضى الله عنه. قال ابن سعد: ويقال: إن سليمان بنفسه كان مكاتبًا لها. سمع ابن عباس، وابن عمر، وجابرًا، وحسان بن ثابت، وأبا رافع، وزيد بن ثابت، والمقداد بن الأسود، وأبا سعيد، وأبا واقد، وأبا هريرة، وعائشة، وأم سلمة، رضى الله عنهم، وسمع خلائق من التابعين. روى عنه جماعات من التابعين، منهم عمرو بن دينار، ونافع، وعمرو بن ميمون، وصالح بن كيسان، والزهرى، ويحيى الأنصارى، وقتادة، وآخرون، رحمة الله عليهم. قال محمد بن سعد: كان ثقة، عالمًا، رفيعًا، فقيهًا، كثير الحديث. واتفقوا على وصفه بالجلالة وكثرة العلم، وهو أحد فقهاء المدينة السبعة، وقد سبق بيانهم فى ترجمة خارجة ابن زيد. قال أبو زرعة الرازى: سليمان بن يسار مدنى، ثقة، مأمون، فاضل، عابد. قال ابن سعد: توفى سنة تسع ومائة، وهو ابن ثلاث وسبعين سنة، وقيل: توفى سنة ثلاث ومائة، والله أعلم. * * * باب سمرة وسنين 233 - سمرة بن جندب الصحابى، رضى الله عنه (1) : تكرر فى المهذب، وجندب بضم الدال وفتحها، هو أبو سعيد، ويقال: أبو عبد الرحمن، وأبو عبد الله، وأبو سليمان، وأبو محمد، سمرة بن جندب بن هلال بن حريج، بحاء مهملة مفتوحة، ثم راء مكسورة، ثم مثناة تحت، ثم جيم، ابن مرة بن حزن بن عمرو بن جابر بن خشين، بخاء مضمومة وشين معجمتين، ابن لأى بن عصم بن شمخ ابن فزارة بن ذبيان بن بغيض بن ريث بن غطفان الفزارى. توفى أبوه وهو صغير، فقدمت به أمه المدينة، فتزوجها أنصارى، وكان فى حجره حتى كبر، قيل: أجازه النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فى المقاتلة يوم أُحُد، وغزا مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غزوات، ثم سكن البصرة، وكان زياد يستخلفه عليها إذا سار إلى الكوفة، ويستخلفه على الكوفة إذا سار إلى البصرة، وكان يكون فى كل واحدة منهما ستة   (1) طبقات ابن سعد (6/5، 34، 7/49) ، والتاريخ الكبير للبخارى (4/2400) ، والكنى للدولابى (1/81) ، والجرح والتعديل (4/677) ، والاستيعاب (2/653) ، وأسد الغابة (2/354) ، وسير أعلام النبلاء (3/183) ، والكاشف (1/2167) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (4/236) ، والإصابة (2/3475) . تقريب التهذيب (2630) وقال: "صحابي مشهور له أحاديث مات بالبصرة سنة ثمان وخمسين ع".. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 235 أشهر، وكان شديدًا على الخوارج، ولهذا تبغضه الحرورية ومن قاربهم فى مذهبهم. وكان الحسن وابن سيرين وفضلاء البصرة يثنون عليه. قال ابن سيرين: فى رسالة سمرة إلى بنيه علم كثير. رُوى له عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مائة حديث وثلاثة وعشرون حديثًا، اتفاقا منها على حديثين، وانفرد البخارى بحديثين، ومسلم بأربعة. روى عنه أبو رجاء العطاردى، وعبد الله بن بريدة، والحسن البصرى، والشعبى، وابن سيرين، وابن أبى ليلى، وعلى بن ربيعة، وأبو نضرة، وآخرون. توفى بالبصرة سنة تسع، وقيل: ثمان وخمسين. وقال البخارى: توفى سمرة بعد أبى هريرة، يقال: آخر سنة تسع وخمسين، ويقال: سنة ستين. وفى صحيحى البخارى ومسلم، عن سمرة، قال: لقد كنت على عهد رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غلامًا، فكنت أحفظ عنه، فما يمنعنى من القول إلا أن هاهنا رجالاً هم أسن منى. 234 - سنين أبو جميلة الصحابى، رضى الله عنه: مذكور فى المهذب فى أول اللقيط. هو بضم السين، وفتح النون المخففة، وإسكان الياء، هذا هو المشهور فى كتب الجمهور من أصحاب الفنون. وقال البخارى فى تاريخه: وقال ابن أبى أويس: سنين بكسر الياء المشددة، وهو صحابى متفق على صحبته. قال البخارى: خرج مع النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عام الفتح. وقال الدارقطنى: حج مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حجة الوداع. وقال ابن أبى حاتم: سمعت أبى يقول: روى عنه الزهرى، وزيد بن أسلم. ثم أن الجمهور لم يذكروا اسم أبيه. وحكى ابن ماكولا أنه سنين بن فرقد، ويقال له: السلمى، ويقال: الصخرى. وعن الزهرى: أنه سليطى. قال ابن سعد: وهو رجل من بنى سليم من أنفسهم، له أحاديث، وسمع عمر، رضى الله عنه، وكان منزله بالعمق، بضم العين المهملة وفتح الميم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 236 * * * باب سهل 235 - سهل بن أبى حثمة الصحابى، رضى الله عنه (1) : تكرر فى المهذب، فذكره فى استقبال القبلة، وصلاة الخوف، والعرايا، والقسامة. وحثمة بفتح الحاء المهملة، وإسكان المثلثة، واسم أبى حثمة عبد الله بن ساعدة، وقيل: عامر بن ساعدة بن عامر بن عدى بن جشم بن مجدعة بن حارثة بن الحارث بن الخزرج ابن عمرو بن مالك بن الأوس الأنصارى الحارثى، وكنية سهل أبو يحيى، ويقال: أبو محمد، وهو مدنى، توفى النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو ابن ثمان سنين، وقد حفظ عن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أحاديث. رُوى له عن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خمسة وعشرون حديثًا، اتفقا على ثلاثة منها. روى عنه نافع ابن جبير، وعبد الرحمن بن مسعود، وبشير، بضم الموحدة، ابن يسار، بالمهملة، وصالح ابن خوات، والزهرى، وقيل: لم يسمع منه، وحديثه فى صلاة الخوف والعرايا والقسامة فى الصحيحين،   (1) الجرح والتعديل (4/864) ، والاستيعاب (2/661) ، وأسد الغابة (2/363) ، والكاشف (1/2187) ، والإصابة (2/3523) . تقريب التهذيب (2653) وقال: "صحابي صغير ولد سنة ثلاث من الهجرة وله أحاديث مات في خلافة معاوية ع". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 237 وحديثه فى استقبال القبلة فى مسألة سترة المصلى صحيح أيضًا، رواه أبو داود وغيره بأسانيد صحيحة. 236 - سهل بن حنيف الصحابى، رضى الله عنه (1) : مذكور فى المهذب فى باب إقامة الحد. هو أبو ثابت، ويقال: أبو سعد، ويقال: أبو الوليد سهل بن حنيف بن واهب بن العكيم بن ثعلبة بن مجدعة بن الحارث بن عمرو ابن خنساء بن عوف بن مالك بن الأوس الأنصارى المدنى. شهد بدرًا، وأُحُدًا، والخندق، والمشاهد كلها مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. رُوى له عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أربعون حديثًا، اتفقا على أربعة، وانفرد مسلم بحديثين. روى عنه ابنه أبو أمامة أسعد بن سهل، وهو صحابى أيضًا، وأبو وائل، وعبد الرحمن ابن أبى ليلى، وغيرهم. توفى بالكوفة سنة ثمان وثلاثين، وصلى عليه على بن أبى طالب، رضى الله عنه، وحديث سهل بن حنيف فى قيامه فى الناس يوم صفين ووعظه إياهم مشهور فى الصحيحين. 237 - سهل بن سعد الساعدى الصحابى، رضى الله عنه (2) : تكرر فى المختصر، والمهذب. هو أبو العباس، وقيل: أبو يحيى سهل بن سعد بن مالك بن خالد بن ثعلبة بن حارثة بن عمرو بن الخزرج بن ساعدة بن كعب بن الخزرج الأنصارى الساعدى المدنى، كان اسمه حزنًا، فسماه النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سهلاً. شهد سهل قضاء رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فى المتلاعنين. قال الزهرى: سمع من النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وكان له يوم وفاة النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خمس عشرة سنة. وتوفى بالمدينة سنة ثمان وثمانين، وقيل: سنة إحدى وتسعين. قال ابن سعد: هو آخر من مات من أصحاب النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالمدينة ليس فيه خلاف. وقال غيره: بل فيه خلاف. رُوى له عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مائة حديث وثمانية وثمانون حديثًا، اتفقا على ثمانية وعشرين، وانفرد البخارى بأحد عشر. روى عنه الزهرى، وأبو حاتم، وغيرهما. 238 - سهل بن محمد الصعلوكى: من فقهاء أصحابنا وأئمتهم أصحاب الوجوه، تكرر فى الروضة. هو أبو الطيب سهل ابن الإمام أبى سهل محمد بن سليمان بن محمد بن سليمان بن موسى بن عيسى ابن إبراهيم الصعلوكى الحنفى، من بنى حنيفة القبيلة المعروفة، العجلى الشافعى، الإمام فى الفقه والأدب وغيرهما، ابن الإمام والنجيب ابن النجيب. قال الحكام أبو عبد الله فى وصفه: هو مفتى نيسابور، وابن مفتيها، وأكتب من رأينا من علمائنا وأنظرهم. قال: وكان بعض مشايخنا يقول: من أراد أن ينظر إلى النجيب ابن النجيب فلينظر إلى سهل بن أبى سهل. سمع أباه، وتفقه عليه، وتخرج به، وسمع أبا العباس الأصم، وأبا على حامد الهروى، وأبا عمرو بن نجيد، وأقرانهم من الشيوخ، ودرس واجتمع إليه الخلق فى اليوم الخامس من وفاة أبيه سنة تسع وستين وثلاثمائة، وتخرج به جماعات من الفقهاء بنيسابور وسائر مدن خراسان، وتصدى للفتوى والقضاء والتدريس، وخرجت الفوائد من سماعاته، وحدَّث وأملى. قال: وبلغنى أنه كان فى مجلسه أكثر من خمسمائة محبرة. توفى عشية الجمعة الثالث والعشرين من المحرم سنة سبع وثمانين وثلاثمائة. قال الحاكم: سمعت   (1) طبقات ابن سعد (3/471، 6/15) ، والتاريخ الكبير للبخارى (4/2090) ، والجرح والتعديل (4/840) ، والاستيعاب (2/662) ، وأسد الغابة (2/364) ، والكاشف (1/2190) ، وتاريخ الإسلام (4/71) ، والإصابة (2/3527) . تقريب التهذيب (2656) وقال: "صحابي من أهل بدر واستخلفه علي على البصرة ومات في خلافته ع". (2) التاريخ الكبير للبخارى (4/2092) ، والكنى للدولابى (1/82، 83) ، والجرح والتعديل (4/853) ، والاستيعاب (2/664) ، وأسد الغابة (2/366) ، وسير أعلام النبلاء (3/422) ، والكاشف (1/2192) ، وتاريخ الإسلام (4/11) ، والإصابة (2/3533) . تقريب التهذيب (2658) وقال: "له ولأبيه صحبة مشهور مات سنة ثمان وثمانين وقيل بعدها وقد جاز المائة ع. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 238 أبا الأصبغ عبد العزيز بن عبد الملك وقد انصرف إلينا من نيسابور ونحن ببخارى، فسألناه: ما الذى استفدت هذه الكرة بنيسابور؟ فقال: رؤية سهل بن أبى سهل، فإنى منذ فارقت وطنى بأقصى المغرب وجئت إلى أقصى المشرق ما رأيت مثله. وقال الشيخ أبو إسحاق: كان سهل فقيهًا، أديبًا، جمع رياسة الدين والدنيا، وأخذ عنه فقهاء نيسابور. وذكر الحاكم وغيره فى مناقبه جملة نفيسة، رحمه الله. * * * باب سهيل بضم السين وزيادة الياء 239 - سهيل بن بيضاء الصحابى، رضى الله عنه: مذكور فى المهذب فى أول صلاة الجنازة، وبيضاء أمه، واسم أبيه وهب بن ربيعة بن عمرو بن عامر بن ربيعة بن هلال بن مالك بن ضبة بن الحارث بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة القريشى الفهرى، وأمه البيضاء اسمها دعد بنت الجحدم، وهم ثلاثة أخوة: سهل، وسهيل، وصفوان بنو بيضاء، اشتهروا بأمهم، وكان سهيل قديم الإسلام، هاجر إلى الحبشة، ثم عاد إلى مكة، ثم هاجر إلى المدينة، شهد بدرًا وغيرها، وتوفى سنة تسع بعد رجوع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من تبوك. وثبت فى صحيح مسلم أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صلى عليه وعلى أخيه فى مسجده. وجاء عن أنس، قال: كان أسن أصحاب رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أبا بكر، وسهيل بن بيضاء، كنية سهيل أبو أمية، وقيل: أبو موسى. 240 - سهيل بن عمرو الصحابى، رضى الله عنه (1) : مذكور فى صلح الحديبية، وفى أول قتال أهل البغى من المهذب. هو أبو يزيد سهيل ابن عمرو بن عبد شمس بن عبدود بن نصر بن حسل بن عامر بن لؤى بن غالب القريشى العامرى. أحد سادات قريش وأشرافهم وخطيبهم، أسره المسلمون يوم بدر، وعلى يديه انبرم الصلح يوم الحديبية، ثم أسلم يوم الفتح. قال سعيد بن مسلم: لم يكن أحد من كبراء قريش الذين أسلموا يوم الفتح أكثر صلاة وصومًا وصدقة واشتغالاً بما ينفعه   (1) التاريخ الكبير للبخارى (4/2092) ، والكنى للدولابى (1/82، 83) ، والجرح والتعديل (4/853) ، والاستيعاب (2/664) ، وأسد الغابة (2/366) ، وسير أعلام النبلاء (3/422) ، والكاشف (1/2192) ، وتاريخ الإسلام (4/11) ، والإصابة (2/3533) . تقريب التهذيب (2658) وقال: "له ولأبيه صحبة مشهور مات سنة ثمان وثمانين وقيل بعدها وقد جاز المائة ع".. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 239 فى آخرته من سهيل بن عمرو، حتى شحب لونه وتغير، وكان كثير البكاء، رقيقًا عند قراءة القرآن، كان يختلف إلى معاذ بن جبل يقرئه القرآن ويبكى، حتى خرج معاذ من مكة، فقيل له: تختلف إلى هذا الخزرجى، لو كان اختلافك إلى رجل من قومك؟! فقال: هذا الذى صنع بنا ما صنع حتى سبقنا كل السبق لعمرى اختلف، لقد وضع الإسلام أمر الجاهلية، ورفع الله بالإسلام قومًا كانوا فى الجاهلية لا يذكرون، فليتنا كنا مع أولئك فتقدمنا، وإنى لأذكر ما قسم الله لى فى تقدم أهل بيتى من الرجال والنساء فأسر به وأحمد الله عليه، وأرجو أن يكون الله نفعنى بدعائهم أن لا أكون مت على ما مات عليه ينظرانى، فقد شهدت مواطن أنا فيها معاند للحق. ولما توفى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وبلغ خبره مكة، ارتجت مكة لما رأت من ارتداد العرب، فقام سهيل بن عمرو خطيبًا، فقال: يا معشر قريش، لا تكونوا آخر من أسلم وأول من ارتد، والله ليمتدن هذا الدين امتداد الشمس والقمر، فى خطبة طويلة. وخرج بأهل بيته إلى الشام مجاهدًا، فاستشهد باليرموك، وقيل: بمرج الصفر، وقيل: توفى فى طاعون عمواس سنة ثمانى عشرة على أحد الأقوال فى تاريخها، وهو والد أبى جندل، رضى الله عنهما. * * * باب سويد وسيف 241 - سويد بن غفلة التابعي (1) : مذكور فى المهذب فى صدقة الإبل، وغفلة بغين معجمة، وفاء مفتوحتين، وهو أبو أمية سويد بن غفلة بن عوسجة بن عامر بن وداع بن حرث بن مالك بن أدد بن جعفى ابن صعب بن سعد العشيرة الجعفى الكوفى التابعى المخضرم، بفتح الراء، أدرك الجاهلية كبيرًا، وأسلم فى حياة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولم يره، وأدى صدقته إلى مصدق رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ثم قصد المدينة، فوصلها فى يوم دفن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وحديث إتيان مصدق رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إليه فى سنن أبى داود وغيره. وحضر   (1) طبقات ابن سعد (6/68) ، والتاريخ الكبير للبخارى (4/2255) ، والجرح والتعديل (4/1001) ، والاستيعاب (2/679) ، وأسد الغابة (2/379) ، وسير أعلام النبلاء (4/69) ، وتذكرة الحفاظ (1/53) ، والكاشف (1/2218) ، وتاريخ الإسلام (3/252) ، والإصابة (2/3606، 3720) . تقريب التهذيب (2695) وقال: "مخضرم من الثانية من كبار التابعين قدم المدينة يوم دفن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وكان مسلما في حياته ثم نزل الكوفة ومات سنة ثمانين وله مائة وثلاثون سنة ع".. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 240 القادسية فى زمن عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، وشهد اليرموك، وخطبة عمر بالجابية. روى عن أبى بكر، وعمر، وعثمان، وعلى، وابن مسعود، وبلال، وأبى ذر، وأُبىّ بن كعب، وأبى الدرداء. روى عنه عبد الرحمن بن أبى ليلى، والشعبى، وخيثمة بن عبد الرحمن، وآخرون من كبار التابعين. قال هشيم: بلغ سويد بن غفلة مائة وثمانيًا وعشرين سنة. وقال ابن نمير: توفى سنة إحدى وثمانين، وله مائة وعشرون سنة، وقيل: توفى وهو ابن مائة وإحدى وثلاثين سنة. وقال عمر بن على: توفى سنة اثنتين وثمانين، وهو ابن مائة وعشرين سنة، وشهد صفين مع على، وتوفى بالكوفى، واتفقوا على توثيقه. 242 - سيف بن سليمان المخزومى (1) : مذكور فى المختصر فى الأقضية واليمين مع الشاهد. هو أبو سليمان سيف بن سليمان، ويقال: ابن أبى سليمان المخزومى، مولاهم المكى. روى عن مجاهد، وابن أبى نجيح، وقيس بن سعد، وعمرو بن دينار، وغيرهم. روى عنه الثورى، وابن المبارك، والقطان، ووكيع، وأبو نعيم، وابن نمير، ومسلم بن خالد الزنجى، واتفقوا على توثيقه. روى له البخارى ومسلم. توفى بعد سنة خمسين ومائة. * * * حرف الشين المعجمة 243 - شافع بن السائب بن عبيد بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف القريشى المطلبى المكى: جدّ جد الشافعى. مذكور فى كتاب الوقف والوصية من هذه الكتب. ذكره أبو موسى الأصبهانى فى الصحابى، وكذا قال القاضى أبو الطيب الطبرى أن السائب واباه صحابيان. 244 - شبر بن علقمة: مذكور فى المختصر فى باب الأنفال، هو بفتح الشين وإسكان الموحدة، تابعى مشهور بالنجدة، وليس فى الأسماء شبر غيره، ذكره البخارى، وابن أبى حاتم فى الأفراد. قال البخارى: هو كوفى، سمع سعد بن أبى وقاص، ثم روى البخارى عن شبر، قال: كنا بالقادسية، فطلب رجل من العدو البراز،   (1) طبقات ابن سعد (5/493) ، والتاريخ الكبير للبخارى (4/2373) ، والجرح والتعديل (4/1185) ، وسير أعلام النبلاء (6/338) ، والكاشف (1/2243) ، وميزان الاعتدال (2/3636) . تقريب التهذيب (2722) وقال: "ثقة ثبت رمي بالقدر سكن البصرة أخيرا ومات بعد سنة خمسين من السادسة خ م د س ق". . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 241 فبرزت إليه، فصاح وكبَّرت فصرعنى، فنظرت إلى خنجر فى قبائه، فأخذته وطعنته به، وعليه سواران ومنطقة، فقتلته فأخذته وأتيت به سعدًا، فخطب الناس وقص قصته، وقال: إن سلبه بلغ اثنى عشر ألفًا، وقد نفلناكه فكله هنيئًا مريئًا. 245 - شبرمة: بضم الشين والراء. مذكور فى الحج من المختصر والمهذب. ذكره ابن مندة، وأبو نعيم فى الصحابة، قالا: هو صحابى. توفى هو فى حياة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ولم ينسباه، ولم يزيدا فى حاله. 246 - شبل بن معبد الصحابى: تكرر ذكره فى المهذب فى كتاب الشهادات، هو أحد الثلاثة الذين شهدوا بالزنا، وهو شبل بن معبد، وقيل: ابن خليد، وقيل: ابن خالد. قال الطبرى: شبل بن معبد بن عبيد بن الحارث بن عمرو بن على بن أسلم بن أحمس بن الغوث بن أنمار البجلى، وهو أخو أبى بكرة لأمه، وهم أربعة أخوة لأم اسمها سمية، وهم الشهود. 247 - شداد بن أوس الصحابى، رضى الله عنه (1) : مذكور فى المهذب فى أول الصيد والذبائح، وفى أوائل باب استيفاء القصاص. هو أبو يعلى، وقيل: أبو عبد الرحمن شداد بن أوس بن ثابت بن المنذر بن حزام، وهو ابن أخى حسان بن ثابت شاعر رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وهو أنصارى نجارى مدنى، سكن بيت المقدس، وأعقب به. رُوى له عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خمسون حديثًا، روى البخارى منها حديثًا ومسلم آخر. روى عنه ابنه يعلى وجماعة من التابعين. توفى ببيت المقدس سنة ثمان وخمسين، وقيل: إحدى وأربعين، وقيل: أربع وستين، وهو ابن خمس وسبعين سنة، وقبره بظاهر باب الرحمة باق إلى الأن، وحديثه المذكور فى المهذب: “إذا قتلتم فأحسنوا القتلة” (2) . رواه مسلم. قالوا: وكان شداد عالمًا، حليمًا، كثير العبادة، والورع، والخوف من الله تعالى. 248 - شرحبيل ابن حسنة الصحابى، رضى الله عنه: مذكور فى المهذب فى كتاب السير فى قتل الشيخ الذى فيه رأى. وحسنة أمه، واسم أبيه عبد الله   (1) طبقات ابن سعد (7/401) ، والتاريخ الكبير للبخارى (4/2591) ، والجرح والتعديل (4/1434) ، والاستيعاب (2/694) ، وأسد الغابة (2/387) ، وسير أعلام النبلاء (2/460) ، والكاشف (2/2265) ، وتاريخ الإسلام (3/18) ، وتهذيب التهذيب (4/315) ، والإصابة (2/3847) . تقريب التهذيب (2752) ، وقال: “صحابي مات بالشام قبل الستين أو بعدها وهو ابن أخ حسان ابن ثابت ع”.. (2) أخرجه الطيالسى (ص 152، رقم 1119) ، وأحمد (4/123، رقم 17154) ، والدارمى (2/112، رقم 1970) ، ومسلم (3/1548، رقم 1955) ، وأبو داود (3/100، رقم 2815) ، والترمذى (4/23، رقم 1409) ، وقال: حسن صحيح. وابن أبى شيبة (5/455، رقم 27929) ، والبيهقى فى شعب الإيمان (7/482، رقم 11071) . وأخرجه أيضًا: النسائى (7/227، رقم 4405) ، وابن ماجه (2/1058، رقم 3170) ، والطبرانى (7/274، رقم 7114) ، والبزار (8/394، رقم 3468) ، والديلمى (1/173، رقم 648) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 242 بن المطاع بن عبد الله بن الغطريف بن عبد العزى السهمى، وقيل: الكندى، كنيته أبو عبد الله. أسلم شرحبيل قديمًا، وأخواه لأمه جنادة وجابر، وهاجروا إلى الحبشة، ثم إلى المدينة، ثم استعمله أبو بكر، ثم عمر، رضى الله عنهما، على جيوش الشام وفتوحه، ولم يزل واليًا لعمر، رضى الله عنه، على بعض نواحى الشام إلى أن توفى فى طاعون عمواس سنة ثمانى عشرة، وله سبع وستون سنة، طعن هو وأبو عبيدة، رضى الله عنهما، فى يوم واحد. 249 - شريح القاضى (1) : تكرر فى المختصر والمهذب. هو أبو أمية شريح بن الحارث بن قيس بن الجهم بن معاوية بن عامر بن الرائش بن الحارث بن معاوية بن ثور بن مرتع بن معاوية بن كندة الكندى الكوفى التابعى، ويقال: شريح بن شرحبيل، ويقال: ابن شراحيل، ويقال: إنه من أولاد الفرس الذين كانوا باليمن، والصحيح الأول. أدلرك النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولم يلقه، وقيل: لقيه، والمشهور الأول. قال يحيى بن معين: كان فى زمن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولم يسمع منه. روى عن عمر بن الخطاب، وعلى، وابن مسعود، وزيد بن ثابت، وعبد الرحمن بن أبى بكر، وعروة البارقى، رضى الله عنهم. وروى عنه قيس بن أبى حازم، ومحمد، وأنس ابنا سيرين، ومرة، والنخعى، والشعبى، وآخرون. قال الأكثرون: استقضاه عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، على الكوفة، وأقروه بعده، فبقى على قضائها ستين سنة، وقضى بالبصرة سنة. قالوا: وولى القضاء لعمر، رضى الله عنه، من سنة ثنتين وعشرين. رُوى عن حفص بن عمر، قال: قضى شريح ستين سنة. وروى ميسرة، عن شريح، قال: وليث القضاء لعمر، وعثمان، وعلى، ومعاوية، ويزيد بن معاوية، ولعبد الملك إلى أيام الحجاج، فاستعفيت الحجاج، وكان له يوم استعفائه مائة وعشرون سنة، وعاش بعد استعفائه سنة. وقال على بن المدينى: ولى شريح البصرة سبع سنين فى زمن زياد، وولى الكوفة ثلاثًا وخمسين سنة. وقال على بن أبى طالب لشريح، رضى الله عنه: أنت أقضى العرب. وقال أبو الشعثاء: قدم علينا شريح البصرة، فقضى فينا سنة، فما رأينا مثله قبل ولا بعد. وحكى   (1) التاريخ الكبير للبخارى (4/2613) ، والجرح والتعديل (4/1461) ، والكاشف (2/2283) ، وتهذيب التهذيب (4/326) . تقريب التهذيب (2774) ، وقال: “مخضرم ثقة من الثانية وقيل له صحبة مات قبل الثمانين أو بعدها وله مائة وثمان سنين أو أكثر يقال حكم سبعين سنة بخ س”.. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 243 البخارى فى تاريخه: أن شريحًا توفى سنة ثمان وسبعين، وهو ابن مائة وعشرين سنة. وقال غيره: سنة تسع وسبعين، وقيل: سنة ثمانين، وقيل: سبع وسبعين، وقيل: تسع وتسعين. وقال ابن قتيبة فى المعارف، والشيخ أبو إسحاق فى طبقاته: ولى شريح القضاء خمسًا وسبعين سنة. وروى البيهقى فى كتابه فى مناقب الشافعى فى باب الجرح والتعديل، أن الشافعى قال: لم يكن شريح قاضيًا لعمر بن الخطاب. قال البيهقى: وقد اختلفوا فيه. قال: وبهذا قال جماعة من أهل العلم، وأنكر آخرون قول الشافعى. قالوا: وتوليته القضاء لعمر فمن بعده مشهور. واتفقوا على توثيق شريح، ودينه، وفضله، والاحتجاج برواياته، وذكائه، وأنه أعلمهم بالقضاء. ونقل الجوهرى وأهل اللغة أن عليًّا، رضى الله عنه، قال لشريح: أيها العبد الأبظر. قالوا: ومعناه الذى فى شفته العليا نتوء. 250 - شيح القاضى: من أصحابنا المتأخرين، ذكر فى الروضة فى أوائل الباب الثالث فى مستند علم الشاهد. هو [ ...... ] (1) . 251 - الشريد أبو عمرو الصحابى، رضى الله عنه (2) : مذكور فى المختصر، والمهذب فى الشهادات فى سماع الشعر، هو بشين معجمة مفتوحة، ثم راء مكسورة، وهو أبو عمرو الشريد بن سويد الثقفى الحجازى. روى عن ابنه عمرو، ويعقوب بن عاصم، وحديثه المذكور فى المختصر والمهذب رواه مسلم فى صحيحه. 252 - شريك بن سحماء، ويقال: السحماء الصحابى، رضى الله عنه: مذكور فى هذه الكتب فى كتاب اللعان، والسحماء بسين مفتوحة وحاء ساكنة مهملتين وبالمد، وهى أمه، وأم البراء بن مالك، وهو شريك بن عبدة بن معتب، بضم الميم وفتح العين المهملة، ابن الجد بن العجلان بن حارثة بن ضبيعة، بضم الضاد المعجمة، البلوى، وهو ابن عم معن وعاصم بن عدى بن الجد، وهو حليف الأنصار، وهو صاحب اللعان، قيل: إنه شهد مع أبيه أُحُدًا. قال الحطيب: شهد أبوه عبدة بدرًا. 253 - شعبة بن الحجاج الإمام المشهور (3) : مذكور فى المختصر فى باب السلف،   (1) ما بين المعقوفتين بياض بالأصل قدر ثلاثة سطور قد نبه عليه فى بعض النسخ، وترك فى بعضها الآخر لم ينبه عليه. (2) طبقات ابن سعد (5/513) ، والتاريخ الكبير للبخارى (4/2731) ، والجرح والتعديل (4/1665) ، والاستيعاب (2/708) ، وأسد الغابة (2/397) ، والكاشف (2/2291) ، وتهذيب التهذيب (4/332) ، والإصابة (2/3892) . تقريب التهذيب (2783) ، وقال: “صحابي شهد بيعة الرضوان قيل كان اسمه مالكا بخ م د تم س ق”.. (3) طبقات ابن سعد (7/280) ، والتاريخ الكبير للبخارى (4/2678) ، والجرح والتعديل (4/1609) ، وسير أعلام النبلاء (7/202) ، والكاشف (2/2297) ، وتذكرة الحفاظ (1/193) ، وتاريخ الإسلام (6/190) ، وتهذيب التهذيب (4/238) . تقريب التهذيب (2790) ، وقال: “ثقة حافظ متقن كان الثوري يقول هو أمير المؤمنين في الحديث وهو أول من فتش بالعراق عن الرجال وذب عن السنة وكان عابدا من السابعة مات سنة ستين ع”. . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 244 والرهن، وفى العتق. هو أبو بسطام شعبة بن الحجاج بن الورد العتكى الأزدى، مولاهم الواسطى، ثم البصرى، مولى عبدة بن الأغر، وعبدة مولى يزيد بن المهلب الأزدى. كان شعبة من واسط، ثم انتقل إلى البصرة فاستوطنها، وهو من تابعى التابعين، وأعلام المحدثين، وكبار المحققين، رأى الحسن ومحمد ابن سيرين، وسمع أنس بن سيرين، وعمرو بن دينار، والشعبى، وخلائق لا يحصون من التابعين، وخلائق من غيرهم. روى عنه الأعمش، وأيوب السختيانى، ومحمد بن إسحاق التابعيون، والثورى، وابن مهدى، ووكيع، وابن المبارك، ويحيى القطان، وخلائق لا يحصون من كبار الأئمة. وأجمعوا على إمامته فى الحديث، وجلالته، وتحريه، واحتياطه، وإتقانه. قال الإمام أحمد بن حنبل: لم يكن فى زمن شعبة مثله فى الحديث، ولا أحسن حديثًا منه، قسم له منه حظ، وروى عن ثلاثين رجلاً من الكوفة لم يرو عنهم سفيان الثورى. وقال الشافعى: لولا شعبة ما عرف الحديث بالعراق. قال: وكان يجىء إلى الرجل، يعنى الذى ليس أهلاً للحديث، فيقول: لا تحدث وإلا اشتكيت عليك إلى السلطان. وقال حماد بن زيد: قال لنا أيوب: الأن يقدم عليكم رجل من أهل واسط يقال له: شعبة، هو فارس الحديث، فحدِّثوا عنه. وقال أبو الوليد الطيالسى: اختلفت إلى حماد بن سلمة، فقال: إذا أردت الحديث فالزم شعبة. وقال حماد بن زيد: لا أبالى من يخالفنى إذا وافقنى شعبة؛ لأن شعبة كان لا يرضى أن يسمع الحديث مرة، وإذا خالفنى شعبة فى شىء تركته. وقال يحيى القطان: شعبة أكبر من الثورى بعشر سنين، والثورى أكبر من ابن عيينة بعشر سنين. وقال أحمد بن حنبل: كان شعبة أمة وحده فى هذا الشأن، يعنى علم الحديث وأحوال الرواة. وروينا عن ابن مهدى، قال: كان سفيان، يعنى الثورى، يقول: شعبة أمير المؤمنين فى الحديث. وروينا عن الثورى أيضًا أنه قال لمسلم بن قتيبة حين قدم من البصرة: ما فعل أستاذنا شعبة. وروينا عن أبى بحر البكراوى، قال: ما رأيت أعبد لله من شعبة، حتى جف جلده على عظمه ليس بينهما لحم. وروينا عن صالح بن محمد، قال: أول مَن تكلم فى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 245 الرجال شعبة، ثم اتبعه يحيى القطان، ثم أحمد بن حنبل، وابن معين. قال البخارى، عن على ابن المدينى: لشعبة نحو ألفى حديث. وقال عبد الصمد: أدرك شعبة من أصحاب ابن عمر نيفًا وخمسين رجلاً. توفى شعبة بالبصرة فى أول سنة ستين ومائة، وهو ابن سبع وسبعين سنة، رحمه الله. 254 - شعيب النبى، عليه السلام: مذكور فى المهذب فى صفة ولى النكاح. قال الله تعالى إخبارًا عن شعيب، عليه السلام: {وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِى إِلاَّ بِاللهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} [هود: 88] . قال الثعلبى فى العرائس: قال عطاء وغيره: هو شعيب بن ميكائيل بن تسخر بن مدين بن إبراهيم الخليل، عليه السلام. قال ابن قتيبة: وجدة أم شعيب بنت لوط، عليه السلام. قال الثعلبى: وكان يقال لشعيب: خطيب الأنبياء، وعُمى فى آخر عمره. قال قتادة: بعثه الله تعالى رسولاً إلى أمتين مدين وأصحاب الأيكة. وعن ابن عباس، أن شعيبًا كان كثير الصلاة، قالوا: فلما طال تمادى قومه فى كفرهم وغيهم وعنادهم بعد المعجزة وكثرة المراجعة، وأيس من فلاحهم، دعا الله تعالى عليهم، فقال: {رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ} [الأعراف: 89] ، فأجاب الله تعالى دعاءه، وأهلهكهم بالرجفة، وهى الزلزلة، فأصبحوا فى دارهم جاثمين هلكى، وأهلك أصحاب الأيكة بعذاب الظلة. قال السمعانى فى الأنساب: قبر شعيب، عليه السلام، فى حطين، وهى قرية بساحل الشام، وهذا الذى قاله السمعانى مشهور معروف عند أهل بلادنا، وعلى قبره بناء، وعليه وقف، ويقصده الناس من المواضع البعيدة للزيارة والتبرك، وبالله التوفيق. 255 - شعيب والد عمرو بن شعيب (1) : المتكرر فى المهذب. هو أبو عمرو شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص القريشى السهمى، ويأتى تمام نسبه فى ترجمة جده عبد الله بن عمرو، إن شاء الله تعالى، وهو تابعى، سمع جده عبد الله بن عمرو، وعبد الله بن عمر بن الخطاب، وابن عباس، رضى الله عنهم. روى عنه ابناه   (1) طبقات ابن سعد (5/243) ، والتاريخ الكبير للبخارى (4/2562) ، والجرح والتعديل (4/1539) ، والكاشف (2/2313) ، وتاريخ الإسلام (39/255) ، وتهذيب التهذيب (4/356) . تقريب التهذيب (2806) ، وقال: “صدوق ثبت سماعه من جده من الثالثة ر 4”.. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 246 عمرو، وعمر، وثابت البنانى، وعطاء الخراسانى، وغيرهم، وهو ثقة، وأنكر بعضهم سماعه من جده، وغلطوا منكره، وسنوضحه مع ما يتعلق برواية عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده فى ترجمة عمرو بن شعيب، إن شاء الله تعالى. 256 - شقران - بضم الشين المعجمة - مولى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (1) : مشهور بهذا اللقب، اسمه صالح، وكان عبدًا حبشيًا لعبد الرحمن بن عوف، أهداه للنبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وقيل: بل اشتراه فأعتقه بعد بدر، وكان فيمن حضر غسل رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عنده، وانقرض عقبه فمات آخرهم بالمدينة فى خلافة الرشيد. وقال أبو معشر: شهد شقران بدرًا، ولم يسهم له؛ لأنه كان عبدًا. 257 - شقيق بن سلمة التابعى (2) : مذكور فى المهذب فى رؤية هلال رمضان. هو أبو وائل شقيق بن سلمة الأسدى، أسد خزيمة الكوفى التابعى المخضرم، أدرك زمن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولم يره. وروى عن أبى بكر، وسمع عمر، وعثمان، وعليًا، وابن مسعود، وعمارًا، وحبابًا، وحذيفة، وأبا موسى، وأسامة، وابن عمر، وابن عباس، وابن الزبير، وأبا الدرداء، وأبا مسعود البدرى، والبراء، والمغيرة، وجريرًا البجلى، وكعب بن عجرة، وأبا هريرة، وعائشة، وأم سلمة، وغيرهم من الصحابة، رضى الله عنهم أجمعين. وسمع خلائق من كبار التابعين. روى عنه الشعبى، وعاصم الأحول، والحكم، والسبيعى، والأعمش، وخلائق غيرهم من التابعين، حكوا عنه أنه قال: بعث النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأنا ابن عشر سنين أرعى إبلاً لأهلى، وقال: أتانا مصدق رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وروى عنه أنه قال: أدركت سبع سنين من سنى الجاهلية. قالوا: وتوفى سنة تسع وتسعين. واتفقوا على توثيقه وجلالته. قال الأعمش: قال إبراهيم: عليك بشقيق، فإنى أدركت الناس متوافرين، وإنهم يعدونه من خيارهم. قال إبراهيم: وما من قرية إلا وفيها من يدفع عن أهلها به، وأرجو أن يكون شقيق منهم. وقال عمرو بن مرة: قلت لأبى عبيدة ابن ابن مسعود: من أعلم أهل الكوفة بحديث أبيك؟ قال: شقيق. 258 - شيبة بن ربيعة الجاهلى الكافر: مذكور فى المهذب فى المبارزة، قتله على،   (1) التاريخ الكبير للبخارى (4/2758) ، والجرح والتعديل (4/1692) ، والاستيعاب (2/709) ، وأسد الغابة (2/2) ، والكاشف (2/2320) ، وتهذيب التهذيب (4/360) ، والإصابة (2/3916) . تقريب التهذيب (2814) ، وقال: “مولى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قيل اسمه صالح شهد بدرا وهو مملوك ثم عتق أظنه مات في خلافة عثمان ت”. (2) طبقات ابن سعد (6/96، 180) ، والتاريخ الكبير للبخارى (4/2681) ، والكنى للدولابى (2/645) ، والجرح والتعديل (4/1613) ، والاستيعاب (2/710، 4/177) ، وأسد الغابة (3/3) ، وسير أعلام النبلاء (4/161 - 166) ، والكاشف (2/2322) ، وتذكرة الحفاظ (1/60) ، وتهذيب التهذيب (4/361) ، والإصابة (2/3982) . تقريب التهذيب (2816) ، وقال: “ثقة من الثانية مخضرم مات في خلافة عمر ابن عبد العزيز وله مائة سنة ع”.. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 247 رضى الله عنه، فى المبارزة يوم بدر كافرًا، وهو شيبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف من رؤساء قريش وصناديدهم. 259 - شيث النبى، عليه السلام: مذكور فى التنبيه وغيره من هذه الكتب فى باب الجزية، وتكرر فى غير هذا الموضع من المهذب، والروضة، وهو ابن آدم لصلبه. قال ابن قتيبة فى المعارف: قال وهب بن منبه: كان شيث من أجمل ولد آدم، وأفضلهم، وأشبههم، وأحبهم إليه، وكان وصى آدم، وولى عهده، وهو الذى ولد البشر كلهم، وإليه انتهت أنساب الناس كلهم، وهو الذى بنى الكعبة بالطين والحجارة، وأنزل الله تعالى عليه خمسين صحيفة، وعاش تسعمائة سنة واثنتى عشرة سنة. * * * حرف الصاد المهملة 260 - صالح رسول الله، عليه السلام: مذكور فى المهذب فى أواخر باب الهدية. قال الثعلبى: هو صالح بن عبيد بن لأسيف بن ماشج بن عبيد بن جاذر بن ثمود بن عاد بن عوص بن أرم بن سام بن نوح، عليه السلام. قال أبو عمرو بن العلاء: سميت ثمودًا لقلة مائها، والثمد الماء القليل، وكانت مساكن ثمود الحجر بين الحجاز والشام، وكانوا عربًا، وكان صالح، عليه السلام، من أفضلهم نسبًا، فبعثه الله تعالى إليهم رسولاً وهو شاب، فدعاهم حتى شمط، ولم يتبعه منهم إلا قليل مستضعفون، ولما طال دعاؤه إياهم اقترحوا أن يخرج لهم الناقة آية، فكان من أمرها وأمرهم ما ذكره الله تعالى فى كتابه. قال: وقالوا: وكان عقر الناقة يوم الأربعاء، وانتقل صالح بعد هلاك قومه إلى الشام بمن أسلم معه، فنزلوا رملة فلسطين، ثم انتقل إلى مكة، فتوفى صالح بها، وهو ابن ثمان وخمسين سنة، وكان أقام فى قومه عشرين سنة، والله أعلم. 261 - صالح بن خوات بن جبير بن النعمان الأنصارى المدنى التابعى (1) : مذكور فى صلاة الخوف، هو بخاء معجمة مفتوحة، وواو مشددة ومثناة فوق. روى عن   (1) الطبقات الكبرى لابن سعد (5/259) ، والتاريخ الكبير للبخارى (4/2795) ، والجرح والتعديل (4/1746) ، وتاريخ الإسلام (3/254) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (4/387) . تقريب التهذيب (2852) ، وقال: "ثقة من الرابعة وخوات بفتح المعجمة وتشديد الواو وآخره مثناة ع".. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 248 سهل بن أبى حثمة. روى عنه القاسم بن محمد، ويزيد بن رومان، وهو ثقة. روى له البخارى ومسلم. 262 - الصعب بن جثامة الصحابى، رضى الله عنه (1) : تكرر فى المهذب، ذكره فى مواضع، منها قتل الصيد فى الإحرام، والحمى، وكتاب السير فى رمى الكفار بالمنجنيق. وجثامة بفتح الجيم، وتشديد المثلثة، وهو الصعب بن جثامة، واسم جثامة يزيد بن قيس بن عبد الله بن يعمر بن عوف بن عامر بن ليث الليثى الحجازى، توفى فى خلافة أبى بكر الصديق، رضى الله عنه. 263 - صفوان بن أمية الصحابى، رضى الله عنه (2) : تكرر فى المختصر، والمهذب. هو أبو وهب، وقيل: أبو أمية صفوان بن أمية بن خلف بن وهب بن حذافة بن جمح القريشى الجمحى المكى، أسلم بعد أن شهد حنينًا مع النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كافرًا، وكان من المؤلفة، وشهد اليرموك، توفى بمكة سنة اثنتين وأربعين، وقيل: توفى فى خلافة عثمان، وقيل: عام الجمل سنة ست وثلاثين. روى عنه ابنه عبد الله، وعبد الله بن الحارث، وابن المسيب، وطاووس، وعطاء، وقُتل أبوه يوم بدر كافرًا. 264 - صفوان بن عسال المرادى الصحابى، رضى الله عنه: مذكور فى المختصر فى الأحداث، وفى المهذب، وفى الوسيط فى مسح الخف، وعسال بفتح العين، وسين مشددة مهملتين، وهو مرادى كوفى، غزا مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اثنتى عشرة غزوة. ومن مناقبه أن عبد الله بن مسعود روى عنه، وروى عنه جماعات من التابعين. * * * حرف الضاد 265 - الضحاك بن سفيان الصحابي، رضي الله عنه (3) : مذكور فى المهذب فى باب استيفاء القصاص، ثم فى كتاب القاضى إلى القاضى، ولكن قال فى الموضع الثانى: الضحاك بن سفيان، على الصواب، وقال فى الأول: الضحاك بن قيس، وهو غلط   (1) التاريخ الكبير للبخارى (4/2989) ، والجرح والتعديل (4/1983) ، والاستيعاب (2/739) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (4/421) ، والإصابة (2/4065) . تقريب التهذيب (2925) ، وقال: "جثامة بفتح الجيم وتشديد المثلثة الليثي صحابي مات في خلافة الصديق على ما قيل والأصح أنه عاش إلى خلافة عثمان ع".. (2) الطبقات الكبرى لابن سعد (5/449) ، والتاريخ الكبير للبخارى (4/2920) ، والجرح والتعديل (4/1846) ، والاستيعاب (2/718) ، وأسد الغابة (3/22) ، وسير أعلام النبلاء (2/562) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (4/424) ، والإصابة (2/4073) . تقريب التهذيب (2932) ، وقال: "صحابي من المؤلفة مات أيام قتل عثمان وقيل سنة إحدى أو اثنتين وأربعين في أوائل خلافة معاوية خت م 4".. (3) التاريخ الكبير للبخارى (4/3017) ، والجرح والتعديل (4/2018) ، وأسد الغابة (3/36) ، والاستيعاب (2/742) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (4/444) ، والإصابة (2/4166) . تقريب التهذيب (2967) ، وقال: "صحابي معروف كان من عمال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على الصدقات 4".. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 249 صريح لا حيلة فيه، وهو الذى كتب إليه رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "أن ورث امرأة أشيم الضبابى من دية زوجها" (1) ، وحديثه هذا صحيح رواه أبو داود، والترمذى، والنسائى، وغيرهم. قال الترمذى: حديث حسن صحيح. وهو أبو سعيد الضحاك بن سفيان بن كعب بن عبد الله بن أبى بكر بن عبيد بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة العامرى الكلابى، كان يقوم على رأس رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - متوشحًا بسيفه، وكان من الشجعان الأبطال، يُعد بمائة فارس، ولما سار رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى فتح مكة أمَّره على بنى سليم؛ لأنهم كانوا تسعمائة، فقال لهم رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "هل لكم فى رجل يعدل مائة يوفيكم ألفًا"، فوفاهم به، وكان رئيسهم، وإنما جعله عليهم؛ لأنهم جميعًا من قيس عيلان، واستعمله رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على سرية إلى بنى كلاب. روى عنه سعيد بن المسيب، والحسن البصرى. 266 - ضرار بن صرد (2) : مذكور فى الروضة فى أول كتاب النكاح فى الخصائص. هو بكسر الضاد المعجمة، وأبوه صرد بضم الصاد المهملة، وفتح الراء. قال ابن أبى حاتم: هو ضرار بن صرد أبو نعيم التيمى الكوفى الطحان. روى عن عبد العزيز الدراوردى، وابن أبى حازم، ومعتمر بن سليمان. روى عنه أبو حاتم، وأبو زرعة. قال يحيى بن معين: هو كذاب. وقال ابن أبى حاتم: هو صاحب قرآن وفرائض، صدوق، يُكتب حديثه، ولا يُحتج به. قال: روى حديثًا فى فضيلة بعض الصحابة ينكرها أهل المعرفة بالحديث، والله أعلم. * * * حرف الطاء المهملة 267 - طارق بن أشيم (3) : بفتح الهمزة، وإسكان الشين، وفتح الياء، الصحابى، والد سعد بن طارق أبى مالك. مذكور فى المهذب فى أول صفة الحج. هو أبو سعد طارق بن أشيم بن مسعود الأشجعى. روى عن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أحاديث. روى له   (1) أخرجه ابن ماجه (2/914، رقم 2736) . قال البوصيرى (3/148) : هذا إسناد ضعيف. وأخرجه أيضًا: البيهقى (6/221، رقم 12029) . (2) الطبقات الكبرى لابن سعد (6/415) ، والتاريخ الكبير للبخارى (4/3054) ، والجرح والتعديل (4/2046) ، وميزان الاعتدال (2/3951) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (4/455) . 2982) ، وقال: "ضرار بكسر أوله مخففا ابن صرد بضم المهملة وفتح الراء التيمي أبو نعيم الطحان الكوفي صدوق له أوهام وخطأ ورمي بالتشيع وكان عارفا بالفرائض من العاشرة مات سنة تسع وعشرين عخ".. (3) الطبقات الكبرى لابن سعد (6/37) ، والتاريخ الكبير للبخارى (4/3113) ، والجرح والتعديل (4/2126) ، وأسد الغابة (3/48) ، والاستيعاب (2/754) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (5/2) ، والإصابة (2/4222) . تقريب التهذيب (2996) ، وقال: "صحابي له أحاديث قال مسلم لم يرو عنه غير ابنه بخ م ت س ق".. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 250 مسلم فى حديثين. وروى عن أبى بكر، وعمر، وعثمان، وعلى، رضى الله عنهم. روى عنه ابنه سعد. 268 - طارق بن شهاب الصحابى (1) : مذكور فى المهذب فى باب الردة. هو أبو عبد الله طارق بن شهاب بن عبد شمس ابن سلمة الكوفى البجلى الأحمسى، بالحاء والسين المهملتين، منسوب إلى أحمس بن الغوث بن أنمار. أدرك الجاهلية، وصحب النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وغزا فى زمن أبى بكر وعمر ثلاثًا وثلاثين أو ثلاثًا وأربعين غزوة. وروى عن الخلفاء الأربعة، وابن مسعود، وسلمان، وخالد، وأبى موسى، وحذيفة. وروى عنه جماعات من التابعين، منهم قيس بن مسلم، ومخارق بن عبد الله، وإسماعيل بن أبى خالد، وسليمان بن ميسرة، وغيرهم، سكن الكوفة، وتوفى سنة ثلاث وثمانين. 269 - طاووس اليمانى التابعى (2) : تكرر فى المختصر، وذكره فى المهذب فى أول كتاب إحياء الموات، ثم فى أول باب تحمل الشهادة. هو أبو عبد الرحمن طاووس بن كيسان اليمانى الحميرى مولاهم، وقيل: الهمدانى مولاهم، كان يسكن الجند، بفتح الجيم والنون، بلده معروفة باليمن، وهو من كبار التابعين، والعلماء، والفضلاء الصالحين. سمع ابن عباس، وابن عمر، وابن عمرو، وجابرًا، وأبا هريرة، وزيد بن ثابت، وابن أرقم، وعائشة، رضى الله عنهم. روى عنه ابنه عبد الله الصالح بن الصالح، ومجاهد، وعمرو بن دينار، وخلائق من التابعين. واتفقوا على جلالته وفضيلته، ووفور علمه، وصلاحه، وحفظه، وتثبته. قال عمرو بن دينار: ما رأيت أحدًا قط مثل طاووس، توفى بمكة فى سابع ذى الحجة سنة ست ومائة، هذا قول الجمهور. وقال الهيثم بن عدى وأبو نعيم: سنة بضع عشرة ومائة، والمشهور الأول. قالوا: وكان له بضع وسبعون سنة، رحمة الله عليه. 270 - طلحة بن عبيد الله الصحابى (3) : أحد العشرة، رضى الله عنهم. تكرر فيها. هو أبو محمد طلحة بن عبيد الله بن عثمان ابن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن   (1) الطبقات الكبرى لابن سعد (6/66) ، والتاريخ الكبير للبخارى (4/3114) ، والجرح والتعديل (4/1228) ، والاستيعاب (2/755) ، وأسد الغابة (3/48) ، وتاريخ الإسلام (3/259) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (5/3) ، والإصابة (2/4226) . تقريب التهذيب (3000) ، وقال: “قال أبو داود رأى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولم يسمع منه مات سنة اثنتين أو ثلاث وثمانين ع”. . (2) الطبقات الكبرى لابن سعد (5/537) ، والتاريخ الكبير للبخارى (4/3165) ، والجرح والتعديل (4/2203) ، وسير أعلام النبلاء (5/38) ، وتاريخ الإسلام (4/126) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (5/8 - 10) . تقريب التهذيب (3009) ، وقال: “ثقة فقيه فاضل من الثالثة مات سنة ست ومائة وقيل بعد ذلك ع. (3) الطبقات الكبرى لابن سعد (3/214- 225) ، والتاريخ الكبير للبخارى (4/3069) ، والجرح والتعديل (4/2072) ، والاستيعاب (2/764) ، وسير أعلام النبلاء (1/23) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (5/20) ، والإصابة (2/4266) . تقريب التهذيب (3027) ، وقال: “أحد العشرة مشهور استشهد يوم الجمل سنة ست وثلاثين وهو ابن ثلاث وستين ع”. . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 251 مرة بن كعب بن لؤى بن غالب القريشى التميمى المكى المدنى، وأمه الصعبة بنت الحضرمى، أخت العلاء بن الحضرمى، أسلمت وهاجرت، واسم الحضرمى عبد الله بن عمار بن أكبر، وعماد بالميم. وطلحة، رضى الله عنه، أحد العشرة الذين شهد لهم رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالجنة، وأحد الثمانية السابقين إلى الإسلام، وأحد الخمسة الذين أسلموا على يد أبى بكر الصديق، رضى الله عنه، وأحد الستة أصحاب الشورى الذين توفى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو عنهم راض، وسماه رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طلحة الخير، وطلحة الجود، وهو من المهاجرين الأولين، ولم يشهد بدرًا، ولكن ضرب له رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بسهمه وأجره كمن حضر، وشهد أُحُدًا وما بعدها من المشاهد، وكان أبو بكر، رضى الله عنه، إذا ذكر أُحُدًا قال: ذلك يوم كان كله لطلحة. رُوى لطلحة عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثمانية وثلاثون حديثًا، واتفقا منها على حديثين، وانفرد البخارى بحديثين، ومسلم بثلاثة، قُتل، رضى الله عنه، يوم الجمل لعشر خلون من جمادى الأولى سنة ست وثلاثين، وهذا لا خلاف فيه، وكان عمره أربعًا وستين سنة، وقيل: ثمانيًا وخمسين، وقيل: اثنتين وستين، وقيل: ستين، وقبره بالبصرة مشهور يزار ويتبرك به. روى عنه بنوه موسى، وعيسى، ويحيى، وعامر بن سعد، وخلائق غيرهم من التابعين. روينا عن عائشة، رضى الله عنها، قالت: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “طلحة ممن قضى نحبه وما بدلوا تبديلاً” (1) ) . وكان طلحة ثبت مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوم أُحُد، ووقاه بيده ضربة قُصد بها فَشُلَّتْ يده، فقال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “أوجب طلحة” (2) . وآخى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بينه وبين سعد بن أبى وقاص. وذكر ابن قتيبة فى المعارف أن طلحة دُفن بقنطرة قرية، فرأته بنته عائشة بعد دفنه بثلاثين سنة فى المنام، فشكا إليها النز، فأمرت به فاستخرج طريًا، فدفن فى داره فى الحجرتين فى البصرة. وذكر غيره أنهم حين حولوه، قال الراوى: كأنى أنظر إلى الكافور لم يتغير إلا عقيصته، فإنها مالت عن موضعها، واخضر شقه الذى يلى الأرض من نز الماء، فاشتروا له دارًا من دور أبى بكرة بعشرة آلاف درهم. قال: ولطلحة عشرة بنين وأربع بنات، وهم: محمد، وموسى،   (1) حديث معاوية: أخرجه الترمذى (5/644، رقم3740) وقال: هذا حديث غريب. وابن ماجه (1/46، رقم 127) ، والطبرانى (19/324، رقم 739) . حديث عائشة: أخرجه ابن عساكر (25/82) . (2) أخرجه أحمد (1/165، رقم: 1417) ، والترمذى (4/201، رقم: 1692) وقال: غريب. وأبو يعلى (2/33، رقم: 670) ، وابن حبان (15/436، رقم: 6979) ، والحاكم (3/28، رقم 4312) وقال: صحيح على شرط مسلم. وأخرجه أيضًا: ابن أبى شيبة (6/376، رقم32160) وفى الحديث أن النبى (قال ذلك يوم أحد لطلحة، حين برك له طلحة فصعد رسول الله (على ظهره. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 252 وعيسى، وإسماعيل، وإسحاق، ويعقوب، وزكريا، ويحيى، وصالح، وعمران، وأم إسحاق، وعائشة، ومريم، والصعبة. 271 - طلحة بن عبيد الله التابعى (1) : مذكور فى المهذب فى الدعاء بعرفات فى حديث: “أفضل الدعاء يوم عرفة”. هو طلحة بن عبيد الله بن كريز، بكاف مفتوحة، ثم راء مكسورة، ثم ياء، ثم زاى، ابن جابر بن ربيعة بن هلال الخزاعى الكعبى الكوفى، أبو المطرف التابعى. روى عن ابن عمر، وأبى الدرداء، وعائشة، وأم الدرداء الصغرى. روى عنه أبو حازم الأعرج، ومحمد بن سوقة، وحميد الطويل، وآخرون. واتفقوا على توثيقه. روى له مسلم. قال ابن سعد: كان قليل الحديث، وجعله فى الطبقة الثانية من تابعى أهل البصرة، وحديثه المذكور فى المهذب مرسل. 272 - طلحة بن مصرف (2) : عن أبيه، عن جده. مذكور فى المهذب فى الوضوء فى صفة المضمضة، ومصرف، بضم الميم، وكسر الراء على المشهور، وحكى القلعى فتحها، وهو غلط. هو أبو محمد، وقيل: أبو عبد الله طلحة بن مصرف بن عمرو بن كعب بن جحدب بن معاوية بن سعيد بن الحارث بن دهل بن سلمة بن دؤل بن حنبل بن يامن بن رافع اليامى، ويقال: الأيامى الهمدانى الكوفى التابعى الإمام. سمع ابن أبى أوفى، وأنسًا، وجماعة من التابعين. روى عنه ابنه محمد، وأبو إسحاق السبيعى، وإسماعيل بن أبى خالد، ومنصور بن المعتمر، والأعمش، وخلائق من الأئمة. واتفقوا على جلالته، وإمامته، ووفور علمه بالقرآن وغيره، وورعه. قال أحمد بن عبد الله وغيره: كان طلحة من أقرأ أهل الكوفة وخيارهم. وقال عبد الله بن إدريس: كانوا يُسمون طلحة سيد القراء. وروينا عن أحمد بن عبد الله، قال: اجتمع قراء الكوفة فى منزل الحكم بن عتيبة، فأجمعوا على أن أقرأ أهل الكوفة طلحة ابن مصرف، فبلغه ذلك، فغد إلى الأعمش يقرأ عليه ليذهب ذلك الاسم. وروينا عن عبد الملك بن أبحر، قال: ما رأيت مثل طلحة بن مصرف، وما رأيته فى قوم قط إلا رأيت له الفضل عليهم. وقال حريش بن سليمان: شهدت أبا إسحاق، وسلمة بن كهيل، وحبيب بن أبى ثابت، وأبا   (1) الطبقات الكبرى لابن سعد (7/228) ، والتاريخ الكبير للبخارى (4/3081) ، والجرح والتعديل (4/2083) ، وتاريخ الإسلام (5/88) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (5/22) . تقريب التهذيب (3028) ، وقال: “ثقة من الثالثة م د”. (2) الطبقات الكبرى لابن سعد (6/308) ، والتاريخ الكبير للبخارى (4/3080) ، والجرح والتعديل (4/2080، 2082) ، وسير أعلام النبلاء (5/191) ، وتاريخ الإسلام (4/260) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (5/25) . تقريب التهذيب (3034) ، وقال: “ثقة قارىء فاضل من الخامسة مات سنة اثنتي عشرة أو بعدها ع”.. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 253 معشر، كلهم يقول: ما رأيت مثل طلحة، وما أدركت مثل طلحة. وقال شعبة: كنت فى جنازة طلحة، فقال أبو معشر: ما ترك بعده مثله. توفى سنة ثنتى عشرة، وقيل: ثلاث عشرة، وقيل: عشر ومائة. 273 - طلحة بن يحيى بن طلحة (1) : مذكور فى المختصر فى الصوم. هو طلحة بن يحيى بن طلحة بن عبيد الله القريشى التيمى المدنى، ثم سكن الكوفة، التابعى. أدرك عبد الله بن جعفر. وروى عن موسى، وعيسى، ويحيى، وعائشة أولاد طلحة بن عبيد الله، وهم أعمامه، وعن عروة، وعبيد الله بن عبد الله، وأبى بردة، ومجاهد، وعمر بن عبد العزيز، وغيرهم. روى عنه الثورى، ووكيع، وأبو أسامة، وعبد الله بن إدريس، وابن عيينة، ويحيى بن سعيد الأموى، وغيرهم من الأعلام، وهو ثقة، وثقه يحيى بن معين، ومحمد بن سعد، وغيرهما، وروى له مسلم. 274 - طليحة الكذَّاب (2) : مذكور فى المختصر فى أول قتال البغاة، ثم ذكر بعد قليل، فقال: ثم أسلم طليحة. ذكره أبو عمر بن عبد البر، وأبو موسى الأصبهانى فى الصحابة، وهو طليحة، بالتصغير، ابن خويلد بن نوفل بن نضلة بن الأسير بن جحوان بن فقعس بن طريف بن عمرو بن عفير بن الحارث بن داودان بن أسد بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر الأسدى الفقعسى. كان من أشجع العرب، وكان يُعد بألف فارس. قالوا: وقدم على النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فى وفد أسد خزيمة سنة تسع، وأسلموا، فلما رجعوا ارتد طليحة وادعى النبوة، فأرسل إليه رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ضرار بن الأزور ليقاتله فيمن أطاعه، ثم توفى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقويت شوكة طليحة، وأطاعه الحليفان أسد وغطفان، فأرسل إليه أبو بكر الصديق، رضى الله عنه، خالد بن الوليد فقاتله بنواحى سميراء وبزاحة، فأرسل إليه خالد بن الوليد عطاشة ابن محصن، وثابت بن أرقم، رضى الله عنهما، فقتل طليحة أحدهما، ثم أخوه الآخر، ثم هزم الله طليحة وفرق شمل تُباعه، وظهر عليهم المسلمون. فلحق طليحة بالشام، فأقام عند بنى حنيفة حتى توفى أبو بكر، ثم أسلم طليحة وحسن إسلامه، وحج   (1) الجرح والتعديل (4/2095) ، وتاريخ الإسلام (6/85) ، وميزان الاعتدال (2/4013) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (5/27) . تقريب التهذيب (3036) ، وقال: “صدوق يخطىء من السادسة مات سنة ثمان وأربعين م 4”. (2) انظر: الإصابة (2/234) ، والاستيعاب (2/237) ، وأسد الغابة (3/95) ، والوافى بالوفيات (16/495) ، وسير أعلام النبلاء (1/316) .. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 254 فى زمن عمر بن الخطاب، رضى الله عنه. وله آثار جميلة فى قتال الفرس فى القادسية بالعراق زمن عمر، رضى الله عنه، وكتب إلى عمر النعمان بن مقرن: أن استعن فى حربك بطليحة وعمرو بن معد يكرب، واستشرهما. * * * حرف العين المهملة 275 - عاصم بن ضمرة (1) : مذكور فى المهذب فى باب زكاة الذهب والفضة. هو عاصم بن ضمرة السلولى الكوفى التابعى. سمع على بن أبى طالب، رضى الله عنه. روى عنه الحكم بن عتيبة، بالمثناة فوق، وأبو إسحاق السبيعى. قال على بن المدينى، وأحمد بن عبد الله، وغيرهما: هو ثقة، توفى سنة أربع وسبعين. 276 - عاصم بن عدى الصحابى، رضى الله عنه (2) : مذكور فى المهذب فى رمى الجمار. هو أبو عبد الله، ويقال: أبو عمرو، ويقال: أبو عمر عاصم بن عدى بن الجد، بفتح الجيم، ابن العجلان بن حارثة، بالحاء المهملة، ابن ضبيعة، بضم الضاد المعجمة، القضاعى العجلانى حليف الأنصار، شهد أُحُدًا، ولم يشهد بدرًا بنفسه، كان رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - استعمله على قباء، وأهل العالية، وضرب له بسهم، فكان له حكم من شهدها، وهو صاحب عويمر العجلانى فى قصة اللعان. 277 - عاصم بن عمر (3) : مذكور فى المختصر فى آخر الهبة. هو أبو عمر، وقيل: أبو عمرو عاصم بن عمر بن الخطاب القريشى العدوى التابعى المدنى. ولد قبل وفاة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بسنتين، وأمه جميلة بنت الأفلح، وقيل: بنت ثابت، كان اسمها عاصية، فسماها رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جميلة. وعاصم هذا جد عمر بن عبد العزيز لأمه؛ لأن أم عمر أم عاصم بنت عاصم بن عمر، وكان عاصم خيرًا، فاضلاً، فصيحًا، طويلاً، يقال: كانت ذراعه قريبًا من ذراع وشبر. توفى سنة سبعين، وحزن عليه أخوه عبد الله ورثاه. سمع عاصم أباه، وروى عنه ابناه عبيد الله، وحفص، وعروة بن الزبير. روى له البخارى ومسلم.   (1) الطبقات الكبرى لابن سعد (6/222) ، والتاريخ الكبير للبخارى (6/3052) ، والجرح والتعديل (6/1910) ، وميزان الاعتدال (2/4052) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (5/45) . تقريب التهذيب (3063) ، وقال: "صدوق من الثالثة مات دون المائة سنة أربع وسبعين 4". (2) الطبقات الكبرى لابن سعد (3/466) ، والتاريخ الكبير للبخارى (6/3037) ، والجرح والتعديل (6/1911) ، والاستيعاب (2/781) ، وأسد الغابة (3/75) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (5/49) ، والإصابة (2/4353) . تقريب التهذيب (3066) ، وقال: "صحابي شهد أحدا مات في خلافة معاوية وقد جاز المائة وفي الصحيح حكاية ابن عباس عنه قصة الملاعنة 4". . (3) التاريخ الكبير للبخارى (6/3042، 3082) ، والجرح والتعديل (6/1915) ، وسير أعلام النبلاء (7/181) ، وميزان الاعتدال (2/4060) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (5/51) . تقريب التهذيب (3068) ، وقال: "ضعيف من السابعة وهو أخو عبيد الله العمري ت ق".. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 255 278 - عامر بن سعد (1) : تكرر فى المهذب، فذكره [ ...... ] (2) ، وفى أول الوصايا. هو عامر بن سعد بن أبى وقاص القريشى الزهرى المدنى التابعى، سمع أباه، وعثمان بن عفان، وابن عمر، وأسامة، وأبا سعيد، وأبا هريرة، وعائشة، وغيرهم، رضى الله عنهم. روى عنه ابنه داود، وسعيد بن المسيب، وخلق من التابعين. واتفقوا على توثيقه. توفى بالمدينة سنة ثلاث، وقيل: سنة أربع ومائة، وقيل غير ذلك. 279 - عامر بن عبد الله بن الزبير: مذكور فى المهذب فى مسألة الحمى، وتمام نسبه سبق فى ترجمة جده الزبير بن العوام، كنية عامر أبو الحارث، وهو تابعى، سمع أباه، وأنسًا، وغيرهما من الصحابة. روى عنه سعيد المقبرى، ويحيى الأنصارى، ومحمد بن عجلان، وآخرون من الأئمة، وكان عابدًا، فاضلاً، مجمعًا على توثيقه وجلالته، وهو مدنى، توفى قريبًا من سنة أربع وعشرين ومائة. 280 - عباد - بفتح العين وتشديد الباء - ابن تميم: مذكور فى المهذب فى أول الاستسقاء. هو عباد بن تميم بن زيد بن عاصم الأنصارى المازنى المدنى، وتمام نسبه يأتى إن شاء الله تعالى قريبًا فى ترجمة عمه عبد الله ابن زيد بن عاصم. وعباد معدود فى التابعين، ونقلوا عنه أنه قال: أنا يوم الخندق ابن خمس سنين، فأذكر أشياء وأعيها، وكنا مع النساء فى الآطام خوفًا من بنى قريظة. وهذا يقتضى أنه صحابى، فإنه على هذا التقدير أكبر من عبد الله بن الزبير، والنعمان بن بشير، وأشباههما، روى عن عمه، وأبى بشير الأنصارى، وغيرهما. روى عنه جماعات من التابعين منهم الزهرى، وأبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، روى له البخارى ومسلم. 281 - عبادة بن الصامت الصحابى، رضى الله تعالى عنه: تكرر فيها. هو أبو الوليد عبادة بن أبى عبادة الصامت بن قيس بن أصرم بن فهر بن قيس بن ثعلبة بن غنم بن سالم بن عوف بن عمرو بن عوف بن الخزرج الأنصارى الخزرجى، وسالم هذا   (1) الطبقات الكبرى لابن سعد (5/167) والتاريخ الكبير للبخارى (6/2956) والجرح والتعديل (6/1794) وسير أعلام النبلاء (4/ 349) وتاريخ الإسلام (4/130) وتهذيب التهذيب لابن حجر (5/63) وشذرات الذهب (1/126) . تقريب التهذيب (3089) ، وقال: “ثقة من الثالثة مات سنة أربع ومائة ع”. (2) ما بين المعقوفتين بياض بالأصل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 256 يقال له: الحبلى؛ لعظم بطنه، ويقال للمنتسبين إليه: بنو الحبلى. شهد عبادة العقبة الأولى والثانية مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وشهد بدرًا، وأُحُدًا، والخندق، وبيعة الرضوان، وسائر المشاهد، وكان أحد النقباء ليلة العقبة، كان نقيبًا على القواقل؛ لأن بنى سالم يقال لجدهم: قوقل، كان إذا استجار به مستجير قال له قوقل: ستر حيث شئت، فسمى قوقل بن عوف بن الخزرج. وآخى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بينه وبين أبى مرثد الغنوى، واستعمله النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على الصدقات، وكان يعلم أهل الصفة القرآن، ولما فتح الشام أرسله عمر بن الخطاب، ومعاذًا، وأبا الدرداء ليعلموا الناس القرآن بالشام ويفهموهم، فأقام عبادة بحمص، ومعاذ بفلسطين، وأبو الدرداء بدمشق، ثم صار عبادة إلى فلسطين. رُوى له عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مائة وأحد وثمانون حديثًا، اتفق البخارى ومسلم منها على ستة، وانفرد البخارى بحديثين، ومسلم بآخرين. روى عنه أنس، وجابر، وأبو أمامة، وفضالة، ورفاعة بن رافع، ومحمود بن الربيع، ومن التابعين بنوه الوليد، وعبيد الله، وداود بنو عبادة، وخلائق غيرهم. قال الأوزاعى: أول من ولى قضاء فلسطين عبادة، وكان فاضلاً، خيرًا، جميلاً، طويلاً، جسيمًا، توفى ببيت المقدس، وقيل: بالرملة، سنة أربع وثلاثين، وهو ابن ثنتين وسبعين سنة، وقيل: توفى سنة خمس وأربعين، والأول أصح وأشهر. 282 - العباس بن عبد المطلب، رضى الله عنه (1) : عم رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. تكرر فى هذه الكتب. هو أبو الفضل الهاشمى، وباقى نسبه سبق فى نسب رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، كان أسن من رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بسنتين أو ثلاث، وأمه نتيلة، بضم النون وفتح المثناة فوق، وهى أول عربية كست الكعبة الحرير. قالوا: وسببه أن العباس ضاع وهو صغير، فنذرت إن وجدته أن تكسوها، فوجدته ففعلت، وكان العباس رئيسًا جليلاً فى قريش قبل الإسلام، وكان إليه عمارة المسجد الحرام والسقاية، وحضر ليلة العقبة مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حين بايعته الأنصار قبل أن يُسلم العباس، فشدد القصر مع الأنصار وأكده. وخرج مع المشركين إلى بدر مكرهًا، وأُسر وفدى نفسه وابنى أخويه عقيلاً ونوفل بن الحارث،   (1) انظر: الإصابة (2/271) ، والاستيعاب (2/810) ، وأسد الغابة (3/109) ، وطبقات ابن سعد (4/5) ، والتاريخ الكبير (7/2) ، وسير أعلام النبلاء (2/78) (11) ، والوافى بالوفيات (16/629) ، والعقد الثمين (5/93) ، والبداية والنهاية (7/161) ، ونهاية الأرب (19/449) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 257 وأسلم عقيب ذلك، وقيل: أسلم قبل الهجرة، وكان يكتم إسلامه مقيمًا بمكة يكتب بأخبار المشركين إلى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وكان عونًا للمسلمين المستضعفين بمكة. قالوا: وأراد القدوم إلى المدينة، فقال له النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "مقامك بمكة خير". وروينا هذا فى مسند أبى يعلى الموصلى، عن سهل بن سعد الساعدى، وشهد حنينًا مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وثبت معه حين انهزم الناس، فأمره النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن ينادى فى الناس بالرجوع، فنادى فيهم، وكان صيتًا، فأقبلوا عليه وحملوا على المشركين، فهزمهم الله، وأظهر المسلمين، وكان رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يعظمه ويكرمه ويبجله، وكان وَصُولاً لأرحام قريش، مُحسنًا إليهم، ذا رأى وكمال وعقل، جوادًا، أعتق سبعين عبدًا، وكانت الصحابة تكرمه، وتعظمه، وتقدمه، وتشاوره، وتأخذ برأيه. وذكر الحازمى فى المؤتلف فى الأماكن فى أول حرف العين، عن الضحاك، قال: كان العباس يقف على سلع، فينادى غلمانه فى آخر الليل وهم فى الغابة فيسمعهم، قال: وبين سلع والغابة ثمانية أميال. وكان للعباس عشرة بنين وثلاث بنات: الفضل، وعبد الله، وعبيد الله، وقثم، وعبد الرحمن، ومعبد، والحارث، وكثير، وعوف، وتمام، وآمنة، وأم حبيب، وصفية، فالفضل، وعبيد الله، وعبد الله، وقثم، ومعبد، وعبد الرحمن، وأم حبيب، أمهم أم الفضل لبابة بنت الحارث الكبرى. قالوا: ولا يُعرف بنو أم تباعدت قبورهم كتباعد قبور بنى أم الفضل، فقبر الفضل بالشام باليرموك، وعبد الله بالطائف، وعبيد الله بالمدينة، وقثم بسمرقند، ومعبد بإفريقية. توفى العباس، رضى الله عنه، بالمدينة يوم الجمعة لثنتى عشرة ليلة خلت من رجب، وقيل: من رمضان سنة ثنتين وثلاثين، وقيل: أربع وثلاثين، وهو ابن نحو ثمان وثمانين سنة، وهو معتدل القامة، وقبره مشهور بالبقيع. رُوى له عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خمسة وثلاثون حديثًا اتفقا على حديث، وانفرد البخارى بحديث، ومسلم بثلاثة. روى عنه ابناه عبد الله، وكثير، وجابر، والأحنف بن قيس، وعبد الله بن الحارث، وآخرون. وفى صحيح مسلم، أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال، وقد ذكر العباس: “يا عم، أما شعرت أن عم الرجل صنو أبيه” (1) ، هو بكسر الصاد، أى مثل أبيه.   (1) أخرجه أحمد (2/322، رقم 8267) ، والبخارى (2/534، رقم 1399) ، ومسلم (2/676، رقم 983) ، وأبو داود (2/115، رقم 1623) ، والنسائى (5/ 33، رقم 2464) . وأخرجه أيضا: عبد الرزاق (4/18، رقم 6826) ، والدارقطنى (2/123) ، وابن حبان (8/67، رقم 3273) ، والبيهقى (4/111، رقم 7160) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 258 وفى كتاب الترمذى أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال للعباس: “والذى نفسى بيده، لا يدخل قلب رجل الإيمان حتى يحبكم لله ولرسوله”، ثم قال: “أيها الناس، من آذى عمى فقد آذانى، فإنما عم الرجل صنو أبيه” (1) . وفى الترمذى أحاديث أخرى فى فضل العباس، وثبت فى صحيح البخارى، أن عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، كان إذا قحطوا استسقى بالعباس، فقال: “اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك اليوم بعم نبينا فاسقنا” فيسقون، ومناقبه كثيرة مشهورة، رضى الله عنه. 283 - العباس بن مرداس الصحابى، رضى الله عنه (2) : مذكور فى المختصر فى قسم الفىء. هو أبو الهيثم. وقيل: أبو الفضل العباس بن مرداس بن أبى عامر بن حارثة بن عبد بن عبس بن رفاعة بن الحارث بن حيى بن الحارث بن بهثة بن سليم بن منصور السلمى، وقيل فى نسبه غير هذا. أسلم قبل فتح مكة بسنتين، وكان من المؤلفة، وممن حسن إسلامه منهم، وكان شاعرًا، محسنًا، وشجاعًا، مشهورًا. قالوا: وكان ممن حرَّم الخمر فى الجاهلية، وممن حرمها فى الجاهلية أبو بكر الصديق، وعثمان بن عفان، وعثمان بن مظعون، وعبد الرحمن بن عوف، وقيس بن عاصم، رضى الله عنهم. قال ابن عبد البر فى الاستيعاب: وحرَّمها قبل هؤلاء عبد المطلب بن هاشم، وعبد الله بن جدعان، وشيبة بن ربيعة، وورقة بن نوفل، والوليد بن المغيرة بن الظرب. قال: ويقال: هو أول مَن حرمها فى الجاهلية على نفسه، ويقال: بل عفيف بن معد يكرب قعبدى. قال الحافظ عبد الغنى فى كتابه الكمال: وقد حرَّمها مقيس بن ضبابة بعد أن شربها، وهو المقتول كافرًا يوم الفتح، يعنى لارتداده بعد الصحبة. قال ابن عبد البر: وكان مرداس أبو العباس هذا شريكًا ومصافيًا لحرب بن أمية، يعنى والد أبى سفيان، وقتلتهما جميعًا الجن، وخبرهما معروف عند أهل الأخبار. قال: وذكروا أن ثلاثة نفر ذهبوا على وجوههم، فهاموا ولم يوجدوا، ولم يسمع لهم بأثر: طالب بن أبى طالب، وسنان بن حارثة، ومرداس بن أبى عامر أبو عباس بن مرداس، وكان عباس بن مرداس ينزل البادية بناحية، وقيل: قدم دمشق وابتنى بها دارًا، والله أعلم. 284 -   (1) حديث المطلب بن ربيعة: أخرجه ابن أبى شيبة (6/382، رقم 32211) ى، وأحمد (4/165، رقم17551) ، والترمذى (5/652، رقم 3758) وقال: حسن صحيح. والنسائى فى الكيرى (5/51، رقم 8176) ، وفى الحديث أن العباس دخل على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من أغضبك قال يا رسول الله ما لنا ولقريش إذا تلاقوا بينهم تلاقوا بوجوه مبشرة وإذا لقونا لقونا بغير ذلك قال فغضب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى احمر وجهه وحتى استدر عرق بين عينيه وكان إذا غضب استدر فلما سرى عنه. فذكره. حديث العباس: أخرجه الحاكم (3/376، رقم 5433) . وأخرجه أيضا: البزار (4/140، رقم 1315) . (2) الطبقات الكبرى لابن سعد (4/271، 7/33) والتاريخ الكبير للبخارى (7/2) والجرح والتعديل (6/1152) والكنى للدولابى (1/93) والاستيعاب (2/817) وأسد الغابة (3/112) وتهذيب التهذيب لابن حجر (5/130) والإصابة (2/4511) . تقريب التهذيب (3190) ، وقال: “صحابي مشهور أسلم بعد يوم الأحزاب وسكن البصرة بعد ذلك د ق”.. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 259 عبد الأعلى بن عبد الله (1) : مذكور فى المهذب فى آخر ما يجب بمحظورات الأحرام. هو عبد الأعلى بن عبد الله بن عامر بن كريز، بضم الكاف، القريشى التابعى. روى عن عبد الله بن الحارث. روى عنه خالد الحذاء. 285 - عبد الله بن أُبىّ بن سلول المنافق: مذكور فى المهذب فى باب الكفن، وآخر صلاة الميت، وسلول أم عبد الله، فلهذا قال العلماء: الصواب فى ذلك أن يقال: عبد الله بن أُبىّ بن سلول، بالرفع بتنوين أُبى، وكتابة ابن سلول بالألف ويعرب إعراب عبد الله؛ لأنه صفة له لا لأُبىّ، وسيأتى تمام نسبه فى ترجمة ابنه عبد الله بن عبد الله الصالح الصحابى الجليل، وكان عبد الله بن أُبىّ رأس المنافقين، ونزل فى ذمة آيات كثيرة مشهورة، وتوفى فى زمن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وصلى عليه وكفنه فى قميصه قبل النهى عن الصلاة على المنافقين، وإنما صلى عليه لكرامة ابنه وإحسانًا وكرمًا وحلمًا. 286 - عبد الله بن أنيس الصحابى، رضى الله عنه: مذكور فى المختصر فى كتاب السير، وفى المهذب فى آخر باب صوم التطوع فى طلب ليلة القدر. هو أبو يحيى عبد الله بن أنيس بن أسعد بن حرام بن حبيب بن مالك ابن غنم بن كعب بن تيم بن بهثة بن باسرة بن يربوع بن البرك، بفتح الموحدة وإسكان الراء، ابن وبرة من قضاعة، يقال له: الجهنى، وهو حليف بنى سلمة من الأنصار، فيقال له: الأنصارى، ويقال له: قضاعى. قالوا: والبرك بن وبرة وجهينة كلاهما من قضاعة، شهد عبد الله بن أنيس العقبة فى السبعين من الأنصار، وكان يكسر أصنام بنى سلمة هو ومعاذ بن جبل حين أسلما، شهد بدرًا، وأُحُدًا، والخندق، وسائر المشاهد مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وقيل: لم يشهد بدرًا، وبعثه رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سرية وحده، وهو الذى سأل رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن ليلة القدر، وهو الذى رحل إلى جابر بن عبد الله شهرًا فأدركه فى الشام، فسمع حديثًا فى المظالم والقصاص بين أهل الجنة والنار قبل دخولهما، وقيل: إن هذا غير الراحل إلى جابر، وأن الراحل أسلمى، والصحيح   (1) التاريخ الكبير للبخارى (6/1742) ، والجرح والتعديل (6/141) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (6/95) . تقريب التهذيب (3732) ، وقال: “مقبول من الخامسة قد”.. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 260 الذى عليه الجمهور أنهما واحد. رُوى له عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أربعة وعشرون حديثًا، روى مسلم أحدها فى ليلة القدر، وهو المذكور فى المهذب. وقال البخارى فى أول صحيحه: رحل عبد الله بن أنيس إلى جابر، روى عنه جابر، وأبو أمامة، وجماعة من التابعين منهم بنوه الأربعة: عطية، وعمرو، وضمرة، وعبد الله. قال ابن عبد البر: توفى سنة أربع وسبعين، وقيل: توفى سنة أربع وخمسين. 287 - عبد الله بن أبى أوفى الصحابى ابن الصحابى، رضى الله عنهما (1) : تكرر ذكره. هو أبو إبراهيم، وقيل: أبو محمد، وقيل: أبو معاوية عبد الله بن أبى أوفى، واسم أبى أوفى علقمة بن خالد بن الحارث بن أسيد، بفتح الهمزة، ابن رفاعة بن ثعلبة بن هوازن بن أسلم بن أفصى بن حارثة الأسلمى، شهد بيعة الرضوان وخيبر وما بعدهما من المشاهد مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ولم يزل بالمدينة حتى توفى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ثم تحول إلى الكوفة، وهو آخر مَن بقى من الصحابة بالكوفة. رُوى له عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خمسة وتسعون حديثًا، اتفقا على عشرة، وانفرد البخارى بخمسة، ومسلم بحديث. روى عنه طلحة بن مصرف، وإسماعيل بن أبى خالد، وآخرون. نزل الكوفى، وتوفى بها سنة ست وثمانين، وقيل: سنة سبع وثمانين، وهو آخر من توفى من الصحابة بالكوفة. روينا فى صحيحى البخارى ومسلم، عن عبد الله بن أبى أوفى، قال: غزونا مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سبع غزوات تأكل الجراد. وفى رواية: نأكل معه الجراد. وفى صحيحيهما عنه قال: كان رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا أتاه قوم بصدقة قال: “اللهم صل عليهم”، فأتاه أبى بصدقته، فقال: “اللهم صل على آل أبى أوفى”. 288 - عبد الله بن بحينة: تكرر فى المختصر، والمهذب فى صفة الصلاة، وسجود السهو، وغيرهما. وبحينة بضم الموحدة، وهى أمه، وهو أبو محمد عبد الله بن مالك بن القشب، بكسر القاف وإسكان المعجمة، واسم القشب خندب بن نضلة بن عبد الله الأزدى، أسلم عبد الله ابن مالك هذا هو وأبوه، وصحبا رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وكان عبد الله ممن أسلم وصحبه قديمًا، وكان ناسكًا فاضلاً، يصوم الدهر، وكان ينزل موضعًا   (1) انظر: الإصابة (2/279، 280) ، وسير أعلام النبلاء (3/428 - 430) برقم (76) ، والاستيعاب (2/264، 265) ، وطبقات ابن سعد (4/301، 302) ، والجرح والتعديل (5/120) ، والثقات لابن حبان (3/222) ، وأسد الغابة (3/121) ، والتاريخ الكبير (5/24) ، وتهذيب الكمال (14/317 - 319) ، وتهذيب التهذيب (5/151، 152) ، وتقريب التهذيب (1/402) ، وتجريد أسماء الصحابة (1/2159) ، ووفيات الأعيان (2/400) ، والوافى بالوفيات (17/78، 79) ، والبداية والنهاية (9/75) ، ومرآة الجنان (1/177) .. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 261 بقرب المدينة. توفى فى آخر خلافة معاوية. قال ابن عبد البر: وقيل: إن بحينة أم أبيه، والصحيح أنها أمه. روى عن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أحاديث. روى عنه ابنه على، وعطاء بن يسار، والأعرج، وغيرهم. 289 - عبد الله بن أبى بكر الصديق عبد الله بن عثمان القريشى التيمى الصحابى ابن الصحابى، رضى الله عنهما (1) : هو أخو أسماء بنت أبى بكر لأبويها، أمهما قتيلة، وهو الذى كان يأتى النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأبا بكر بالطعام وبأخبار قريش إذ هما فى الغار، وكان يبيت عندهما، وأسلم قديمًا، وشهد الفتح، وحنينًا، والطائف مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وجرح يوم الطائف وبرأ، ثم نقض جرحه، فتوفى فى شوال سنة إحدى عشرة فى أوائل خلافة أبيه، وصلى عليه أبوه، ونزل فى قبره عمر بن الخطاب، وطلحة، وأخوه عبد الرحمن، ودفن بعد الظهر، رضى الله عنه. 290 - عبد الله بن أبى بكر بن محمد بن عمرو بن حزم بن زيد بن لوذان (2) : بفتح اللام، وإسكان الواو، وبالذال المعجمة. هو أبو محمد، وقيل: أبو بكر الأنصارى المدنى. مذكور فى المهذب فى صلاة العيد وغيره، وهو تابعى، سمع أنسًا، وعبد الله بن عامر، وعروة، وعمر. روى عنه الزهرى، ومالك، والسفيانان، وحماد بن سلمة. قال أحمد بن حنبل: حديثه شفاء. وقال محمد بن سعد: كان ثقة كثير الحديث عالمًا. توفى سنة خمس وثلاثين ومائة، وقيل: سنة ثلاثين، وهو ابن سبعين سنة. 291 - عبد الله بن جحش الصحابى، رضى الله عنه: مذكور فى المختصر فى أول جامع السير. هو أبو محمد عبد الله بن جحش بن رئاب، بكسر الراء، ابن يعمر بن صبرة بن مرة بن كثير بن غنم بن دودان بن أسد بن خزيمة الأسدى، أمه آمنة بنت عبد المطلب عمة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. أسلم قديمًا قبل دخول رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دار الأرقم، وهاجر الهجرتين إلى أرض الحبشة هو وأخواه أبو أحمد، وعبيد الله، وأختهم زينب بنت جحش أم المؤمنين، وأم حبيبة، وحمنة بنات جحش، فأما عبيد الله فتنصَّر ومات بالحبشة نصرانيًا. وهاجر عبد الله وأخوه أبو أحمد وأهله إلى المدينة،   (1) انظر: الاستيعاب (1484) ، وأسد الغابة (3/199) ، والإصابة (4528) ، والبداية والنهاية (6/338) ، والطبرى (3/241) ، والوافى بالوفيات (17/85) .. (2) التاريخ الكبير للبخارى (5/199) والجرح والتعديل (5/77) وتاريخ الإسلام (5/264) وشذرات الذهب (1/192) . تقريب التهذيب (3239) ، وقال: “ثقة من الخامسة مات سنة خمس وثلاثين وهو ابن سبعين سنة ع”.. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 262 وأمره رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على سرية، وهو أول أمير أمره، وغنيمته أول غنيمة فى الإسلام، ثم شهد بدرًا، واستشهد يوم أُحُد، وكان من دعائه يوم أُحُد أن يقاتل ويستشهد، ويقطع أنفه وأذنه ويمثل به فى الله تعالى ورسوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فاستجاب الله دعاءه، واستشهد وعمل الكفار به ذلك، وكان يقال له: المجدع فى الله تعالى، وكان عمره حين استشهد نيفًا وأربعين سنة، ودفن هو وخاله حمزة بن عبد المطلب فى قبر واحد، رضى الله عنهما. 292 - عبد الله بن جعفر بن أبى طالب (1) : تكرر فى المختصر، والمهذب. هو أبو جعفر القريشى الهاشمى، الصحابى ابن الصحابى وابن الصحابية، والجواد ابن الجواد، أمه أسماء بنت عميس الخثعمية، وسيأتى بيان أحوالها فى ترجمتها إن شاء الله تعالى، وسبقت مناقب أبيه فى ترجمته، وكان أبوه جعفر هاجر بأمه إلى أرض الحبشة، فولدت عبد الله هناك، وهو أول مولود ولد فى الإسلام بأرض الحبشة باتفاق العلماء، وقدم مع أبيه من الحبشة مهاجرين إلى المدينة، وهو أخو محمد بن أبى بكر الصديق، ويحيى بن على بن أبى طالب، رضى الله عنهم. أمهما أسماء تزوجها جعفر، ثم أبو بكر، ثم على. رُوى لعبد الله عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خمسة وعشرون حديثًا، اتفق البخارى ومسلم منها على حديثين. روى عنه بنوه الثلاثة: إسماعيل، وإسحاق، ومعاوية، ومحمد بن على بن الحسين، والقاسم بن محمد، وعروة بن الزبير، وسعيد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، وابن أبى مليكة، والحسن بن سعد، ومورق، والشعبى، وعبد الله بن شداد، وعباس بن سهل، وغيرهم. وتوفى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولعبد الله بن جعفر عشر سنين، وكان كريمًا، جوادًا، حليمًا، وكان يسمى بحر الجود. قال الحافظ عبد الغنى: يقال: لم يكن فى الإسلام أسخى منه. وقال ابن قتيبة فى المعارف: كان عبد الله بن جعفر أجود العرب، وأخبار أحواله فى السخاء والجود والحلم مشهورة لا تُحصى. ومما روينا عنه أنه أقرض الزبير بن العوام ألف ألف درهم، فلما قتل الزبير قال عبد الله بن الزبير لعبد الله بن جعفر: وجدت   (1) التاريخ الكبير للبخارى (5/11) والجرح والتعديل (5/96) والكنى للدولابى (1/66) والاستيعاب (3/880) وأسد الغابة (3/139) وسير أعلام النبلاء (3/456) وتاريخ الإسلام (3/163) وتهذيب التهذيب لابن حجر (5/170) والإصابة (2/4591) وشذرات الذهب (1/87) . تقريب التهذيب (3251) ، وقال: “له صحبة مات سنة ثمانين وهو ابن ثمانين ع”.. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 263 فى كتب أبى أن له عليك ألف ألف درهم، فقال: هو صادق، فاقضبها إذا شئت، ثم لقيه فقال: يا أبا جعفر، إنى وهمت، المال لك على أبى، قال: فهو لك، قال: لا أريد ذلك، قال: فإن شئت فهو لك، وإن كرهت ذلك فلك فيه نظرة ما شئت. قال ابن قتيبة: ولد عبد الله بن جعفر سبعة عشر ابنًا وبنتين، وهم: جعفر الأكبر، وعلى، وعون الأكبر، وعباس، وأم كلثوم، أمهم زينب بنت على بن أبى طالب من فاطمة بنت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. ومحمد، وعبيد الله، وأبو بكر، أمهم الخوصاء بنت حفصة أحد بنى تيم الله بن ثعلبة. وصالح، وموسى، وهارون، ويحيى، وأم أبيها، أمهم ليلى بنت مسعود بن خالد النهشلى، تزوجها بعد على بن أبى طالب. ومعاوية، وإسماعيل، وإسحاق، والقاسم لأمهات أولاد، والحسن، وعون الأصغر، وأمهما جمانة بنت المسيب الفزارية. قال: والعقب من ولد عبد الله بن جعفر لإسماعيل، وإسحاق، وعلى، ومعاوية. وفى صحيح البخارى، عن الشعبى، أن ابن عمر كان إذا سلم على ابن جعفر قال: السلام عليك يا ابن ذى الجناحين. توفى عبد الله بن جعفر بالمدينة سنة ثمانين من الهجرة، وهو ابن ثمانين سنة، هذا هو الصحيح وقول الجمهور. وقال جماعة: توفى سنة تسعين، وصلى عليه أبان بن عثمان، وهو والى المدينة، وحضر غسله وكفنه، وازدحم الناس على حمل سريره، وحمل أبان معهم بين العمودين، فما فارقه حتى وضعه بالبقيع ودموعه تسيل على خديه، ويقول: كنت والله خيرًا لا شر فيك، وكنت والله شريفًا، واصلاً، برًا، رضى الله عنه. 293 - عبد الله بن الحارث: مذكور فى المختصر فى كتاب الأقضية. هو أبو محمد عبد الله بن الحارث بن عبد الملك القريشى المخزومى المكى. روى عن الضحاك بن عثمان، وسيف بن سليمان، وعبيد الله بن عمر، وجماعات غيرهم. روى عنه الشافعى، وأحمد، والحميدى، وإسحاق ابن راهوية، وآخرون. روى له مسلم. 294 - عبد الله بن دينار (1) : تكرر فى المختصر. هو أبو عبد الرحمن عبد الله   (1) التاريخ الكبير للبخارى (5/221) والجرح والتعديل (5/217) وسير أعلام النبلاء (5/253) وتاريخ الإسلام (5/93) وميزان الاعتدال (2/4297) وتهذيب التهذيب لابن حجر (5/303) وشذرات الذهب (1/173) . تقريب التهذيب (3300) ، وقال: “ثقة من الرابعة مات سنة سبع وعشرين ع”. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 264 بن دينار القريشى العدوى المدنى، مولى عبد الله بن عمر بن الخطاب. سمع ابن عمر، وأنسًا، وجماعات من التابعين. روى عنه ابنه عبد الرحمن، ويحيى الأنصارى، وسهيل، وربيعة الرأى، وموسى بن عقبة، وهؤلاء تابعيون، وخلائق غيرهم، واتفقوا على توثيقه. توفى سنة سبع وعشرين ومائة. 295 - عبد الله بن رواحة الصحابى، رضى الله عنه (1) : مذكور فى شهادات المختصر وغيره، وفى الوسيط فى الجمعة. هو أبو محمد، وقيل: أبو رواحة، وقيل: أبو عمرو عبد الله بن رواحة بن ثعلبة بن امرىء القيس بن عمرو بن امرىء القيس الأكبر بن مالك الأعز بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج الأنصارى الحارثى المدنى. شهد العقبة، وكان ليلتئذ نقيب بنى الحارث بن الخزرج، وشهد بدرًا، وأُحُدًا، والخندق، والحديبية، وخيبر، وعمرة القضاء، والمشاهد كلها مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلا الفتح وما بعدها، فإنه كان توفى قبلها يوم مؤتة، وهو أحد الأمراء فى غزوة مؤتة، وهو خال النعمان بن بشير، وكان أول خارج إلى الغزوات وآخر قادم. وكان أحد الشعراء المحسنين الذين يردون الأذى عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - والإسلام والمسلمين. وعن الزبير بن العوام، رضى الله عنه، قال: ما رأيت أحدًا أجرأ ولا أشرع شعرًا من ابن رواحة. وعن أبى الدرداء قال: أعوذ بالله أن يأتى يوم لا أذكر فيه عبد الله بن رواحة، كان إذا لقينى يقول: يا عويمر، اجلس فلنؤمن ساعة، فنجلس فنذكر الله ما شاء الله، ثم يقول: يا عويمر، هذا الإيمان، وهو الذى سجع المسلمين فى غزوة مؤتة على لقاء الكفار، وكان المسلمون ثلاثة آلاف والكفار مائتى ألف، وقيل غير ذلك. ومناقبه كثيرة مشهورة. وفى صحيحى البخارى ومسلم، عن أبى الدرداء، قال: خرجنا مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فى شهر رمضان فى حر شديد، حتى أن أحدنا ليضع يده على رأسه من شدة الحر، وما فينا صائم إلا رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وعبد الله بن رواحة. استشهد عبد الله بن رواحة فى غزوة مؤتة فى جمادى الأولى سنة ثمان من الهجرة ولم يعقب، رضى الله عنه.   (1) الطبقات الكبرى لابن سعد (3/525 - 612) والجرح والتعديل (5/230) والاستيعاب (3/898) وأسد الغابة (3/156) وسير أعلام النبلاء (1/230) وتهذيب التهذيب لابن حجر (5/212) والإصابة (2/4676) . تقريب التهذيب (3318) ، وقال: “أحد السابقين شهد بدر واستشهد بمؤتة”. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 265 296 - عبد الله بن الزبعرى: بكسر الزاى، الشاعر المشهور الصحابى. هو عبد الله بن الزبعرى بن قيس بن عدى ابن سعد بن سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤى بن غالب القريشى السهمى الساعدى الشاعر. كان من أشد الناس على رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأصحابه بلسانه ونفسه قبل إسلامه، ثم أسلم بعد الفتح وحسن إسلامه، واعتذر عن زلاته حين أتى النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. 297 - عبد الله بن الزبير بن العوام، رضى الله عنهما (1) : هو أبو بكر، ويقال: أبو خبيب، بضم الخاء المعجمة، ويقال: أبو بكير القريشى الأسدى المكى المدنى الصحابى ابن الصحابى، وأمه أسماء بنت أبى بكر الصديق، رضى الله عنهما، وأبوه الزبير أحد العشرة المشهود لهم بالجنة، وحوارى النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وأمه بنت أبى بكر، وجدته لأبيه صفية بنت عبد المطلب عمة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ورضى عنها، أسلمت وهاجرت كما ذكرناه فى ترجمة ابنها الزبير، وعمة أبيه خديجة بنت خويلد أم المؤمنين، وخالته عائشة أم المؤمنين. وهو أول مولود ولد للمهاجرين إلى المدينة بعد الهجرة، وفرح المسلمون بولادته فرحًا شديدًا؛ لأن اليهود كانوا يقولون: قد سحرناهم فلا يولد لهم، فأكذبهم الله تعالى فحنكه رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بتمرة لاكها، فكان ريق رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أول شىء نزل فى جوفه، وسماه عبد الله، وكناه أبا بكر بكنية جده أبى بكر الصديق، رضى الله عنه، وسماه باسمه، قاله ابن عبد البر. وولد بعد عشرين شهرًا من الهجرة، وقيل: فى السنة الأولى، وكان صوامًا، قوامًا، طويل الصلاة، وصولاً للرحم، عظيم الشجاعة. ومن مجاهدته فى العبادة المنقولة عنه أنه قسم الدهر ثلاث ليال، ليلة يصلى قائمًا حتى الصباح، وليلة راكعًا حتى الصباح، وليلة ساجدًا حتى الصباح. وغزا عبد الله بن الزبير إفريقية مع عبد الله بن سعد بن أبى سرح، فأتاهم ملك إفريقية فى مائة ألف وعشرين ألفًا، وكان المسلمون عشرين ألفًا، فسقط فى أيديهم، فنظر ابن الزبير ملكهم قد خرج من عسكره، فأخذ ابن الزبير جماعة فقصده فقتله، ثم كان الفتح على يديه. ولما مات يزيد بن معاوية منتصف شهر ربيع الأول   (1) والتاريخ الكبير للبخارى (5/9) والجرح والتعديل (5/261) والاستيعاب (3/305) وأسد الغابة (3/161) وسير أعلام النبلاء (3/363) وتاريخ الإسلام (3/167) وتهذيب التهذيب لابن حجر (5/263) والإصابة (2/4682) . وتقريب التهذيب (3319) ، وقال: “كان أول مولود في الإسلام بالمدينة من المهاجرين وولي الخلافة تسع سنين إلى أن قتل في ذي الحجة سنة ثلاث وسبعين ع”. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 266 سنة أربع وستين بويع لعبد الله ابن الزبير بالخلافة، وأطاعه أهل الحجاز، واليمن، والعراق، وخراسان، وجدد عمارة الكعبة، وبقى فى الخلافة إلى أن حصره الحجاج بن يوسف بمكة أول ليلة من ذى الحجة سنة ثنتين وسبعين، وحج الحجاج بالناس ولم يزل يحاصره إلى أن قتله يوم الثلاثاء سابع عشر فى جمادى الأولى سنة ثلاث وسبعين، هكذا نقله ابن سعد عن أهل العلم، ونقله غيره، وقيل: بل قتل فى نصف جمادى الآخرة. وحكى البخارى عن حمزة أنه قُتل سنة ثنتين وسبعين، والمشهور الأول. وكان أطلس لا لحية له، رُوى له عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثلاثة وثلاثون حديثًا، اتفقا على ستة، وانفرد مسلم بحديثين، روى عنه أخوه عروة، وابن أبى مليكة، وعباس بن سهل، وثابت البنانى، وعطاء، وعبيدة السلمانى، وخلائق آخرون. قال ابن قتيبة: ولد عبد الله بن الزبير حمزة، وخبيبًا، وثابتًا، وعبادًا، وقيسًا، وعامرًا، وموسى، وعبد الله، وبنات. واعلم أن عبد الله بن الزبير هو أحد العبادلة الأربعة، وهم: عبد الله بن عمر، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عمرو بن العاص، هكذا سَّماهم أحمد ابن حنبل وسائر المحدثين وغيرهم، قيل لأحمد: فابن مسعود؟ قال: ليس هو منهم. قال البيهقى: لأنه تقدمت وفاته، وهؤلاء عاشوا طويلاً حتى احتيج إلى علمهم، فإذا اتفقوا على شىء قيل: هذا قول العبادلة أو فعلهم، ويلتحق بابن مسعود فى هذا سائر المسمين عبد الله من الصحابى، وهم نحو مائتين وعشرين. وأما قول الجوهرى فى صحاحه أن ابن مسعود أحد العبادلة الأربعة، وأخرج ابن عمرو بن العاص، فغلط ظاهر نبهت عليه لئلا يغتر به. 298 - عبد الله بن زيد بن عاصم الصحابى (1) : تكرر فى المهذب. هو راوى صفة الوضوء، وحديث الرجل يشك فى الحدث فلا ينصرف حتى يسمع صوتًا، وحديث صلاة الاستسقاء، ذكره فى المهذب فى صفة الوضوء، والاستسقاء، وأول الشك فى الطلاق، وهو غير عبد الله بن زيد صاحب الأذان، فإن ذلك ليس له إلا حديث الأذان، وسنذكر ترجمته عقيب هذا إن شاء الله تعالى، وأما هذا فهو   (1) التاريخ الكبير للبخارى (5/20) والجرح والتعديل (5/266) والاستيعاب (3/913) وأسد الغابة (3/167) وسير أعلام النبلاء (2/377) وتاريخ الإسلام (3/29) وتهذيب التهذيب لابن حجر (5/223) والإصابة (5/385) وشذرات الذهب (1/71) . تقريب التهذيب (3331) ، وقال: “صحابي شهير روى صفة الوضوء وغير ذلك ويقال إنه هو الذي قتل مسيلمة الكذاب واستشهد بالحرة سنة ثلاث وستين ع”.. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 267 أبو محمد عبد الله بن زيد بن عاصم بن كعب بن عمرو بن عوف ابن مبذول بن غنم بن مازن بن النجار الأنصارى المازنى، يُعرف بابن أم عمارة، واسمها نسيبة، بفتح النون وضمها، شهد عبد الله بن زيد أُحُدًا وما بعدها من المشاهد، واختلفوا فى شهوده بدرًا، فقال ابن منده، وأبو نعيم الأصبهانى: شهدها. وقال ابن عبد البر: لم يشهدها. قال خليفة بن خياط، والواقدى، وغيرهما: وهو قاتل مسيلمة الكذَّاب، شارك وحشيًا فى قتله، رماه وحشى بالحربة، وقتله عبد الله بن زيد بسيفه. روى عن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أحاديث. روى عنه ابن أخته عباد بن تميم، ويحيى بن عمارة، وواسع بن حبان، وغيرهم. قُتل يوم الحرة بالمدينة سنة ثلاث وستين، وهو ابن سبعين سنة، وكان أبوه زيد صحابيًا، رضى الله عنهما. 299 - عبد الله بن زيد (1) : رائى الأذان. تكرر فى باب الأذان من هذه الكتب. هو أبو محمد عبد ربه بن ثعلبة ابن زيد بن الحارث بن الخزرج الأنصارى الخزرجى الحارثى. وقال عبد الله بن محمد الأنصارى: ليس فى نسبه ثعلبة، وإنما ثعلبة بن عبد ربه أخو زيد، وعم عبد الله، فأدخلوه فى نسبه، وهو خطأ. شهد عبد الله العقبة مع السبعين، وبدرًا، وأُحُدًا، والخندق، والمشاهد كلها مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وهو الذى أرى الأذان، وكانت رؤياه فى السنة الأولى من الهجرة بعد أن بنى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مسجده، وكان أبوه وأمه صحابيين، وكانت معه راية بنى الحارث بن الخزرج يوم فتح مكة. توفى بالمدينة سنة ثنتين وثلاثين، وهو ابن أربع وستين سنة، وصلى عليه عثمان بن عفان. قال الترمذى: سمعت البخارى يقول: لا يُعرف لعبد الله بن زيد بن عبد ربه إلا حديث الأذان. قلت: قد روينا فى مسند أبى يعلى الموصلى، عن الموصلى، عن محمد ابن المثنى، عن عبد الوهاب، عن عبيد الله بن بشير بن محمد، عن عبد الله بن زيد بن عبد ربه، أنه تصدق على أبويه، ثم توفيا، فرده إليه رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ميراثًا. وروينا فى تاريخ دمشق، عن ابنه محمد، عن أبيه عبد الله بن زيد حديثًا فى حلق النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رأسه بمنى، وقسمة شعره، وهو   (1) الطبقات الكبرى لابن سعد (3/536) والتاريخ الكبير للبخارى (5/19) والجرح والتعديل (5/265) وتهذيب التهذيب لابن حجر (5/223) . تقريب التهذيب (3332) ، وقال: “صحابي مشهور مات سنة اثنتين وثلاثين وقيل استشهد بأحد عخ 4”. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 268 فى طبقات ابن سعد، وإسناده جيد، وكان عبد الله بين الطويل والقصير، وله من الولد محمد، وأم حميد. 300 - عبد الله بن سرجس الصحابى، رضى الله عنه (1) : مذكور فى المهذب فى الاستطابة، وسرجس، بفتح السين وكسر الجيم. هو أبو عبد الله سرجس المزنى البصرى حليف بنى مخزوم. وفى صحيح مسلم، عن عاصم الأحول، عن عبد الله بن سرجس، قال: رأيت النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأكلت معه خبزًا، أو قال: ثريدًا، فقلت: يا رسول الله، غفر الله لك، قال: “ولك”، قال عاصم، فقلت: استغفر لك رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ قال: نعم، ولك، ثم تلا: {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} [محمد: 19] . روى عن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سبعة عشر حديثًا. روى مسلم منها ثلاثة. 301 - عبد الله بن سعد بن خيثمة بن مالك بن الحارث بن النحاط بن كعب بن عمرو (2) : من بنى عمرو بن عوف، كذا قاله ابن مندة. وقال الكلبى، وابن حبيب: عبد الله بن سعد بن خيثمة بن الحارث بن مالك بن كعب بن النحاط بن كعب بن حارثة بن أسلم ابن امرىء القيس بن مالك بن الأوس، له ولأبيه ولجده صحبة. استشهد جده يوم أُحُد، وأبوه يوم بدر، وشهد هو العقبة رديفًا لأبيه، وشهد بدرًا وأُحُدًا، وقيل: لم يشهد بدرًا. 302 - عبد الله بن سعد بن أبى سرح بن الحارث بن حبيب (3) : بضم الحاء المهملة، وإسكان المثناة تحت، قاله الكلبى، وابن ماكولا، وقال ابن حبيب: هو بتشديد الياء. قال الكلبى: إنما شدده حسان للحاجة، وهو حبيب بن جذيمة، بفتح الجيم وكسر الذال المعجمة، ابن حسل، بكسر الحاء المهملة، ابن عامر بن لؤى بن غالب القريشى العامرى، كنيته أبو يحيى. وهو أخو عثمان بن عفان من الرضاعة، أرضعت أمه عثمان، أسلم قبل الفتح، وهاجر، وكان يكتب الوحى لرسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ثم ارتد وسار إلى مكة. وقال لقريش: كان يملى علىَّ: {عَزِيزٌ حَكِيمٌ} ، فأقول: أو عليم حكيم فيقول كل صواب، فلما كان يوم الفتح أمر النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بقتله، وقتل عبد الله   (1) الطبقات الكبرى لابن سعد 7/58، التاريخ الكبير للبخارى 5/ 27، 282، الجرح والتعديل 5/ 289، الاستيعاب 3/916، أسد الغابة 3/171، سير أعلام النبلاء 3/426، تاريخ الإسلام 3/265، تهذيب التهذيب لابن حجر 5/232، الإصابة 2/ 4705.تقريب التهذيب (3345) ، وقال: “سرجس بفتح المهملة وسكون الراء وكسر الجيم بعدها مهملة المزني حليف بني مخزوم صحابي سكن البصرة م 4”. (2) انظر: الإصابة (2/316) ، وتجريد أسماء الصحابة (1/314) ، وطبقات ابن سعد (7/501) ، والتاريخ الكبير (5/13) ، وأسد الغابة (3/172) ، والوافى بالوفيات (17/194) .. (3) انظر: الإصابة (2/316) ، والوافى بالوفيات (17/191) ، والعقد الثمين (5/166) ، وسير أعلام النبلاء (3/33) (8) ، وأسد الغابة (3/173) ، والاستيعاب (2/375) ، وطبقات ابن سعد (7/496) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 269 بن خطبل، ومقيس بن ضبابة، ولو وُجِدُوا تحت أستار الكعبة، ففر ابن أبى سرح إلى عثمان فغيبه، ثم أتى به النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعدما اطمئن أهل مكة فاستأمنه له، فصمت طويلاً، ثم قال: نعم، فلما انصرف عثمان قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لمن حوله: “ما صمت إلا لتقتلوه”، فقال رجل: هلا أومأت إلينا يا رسول الله؟ فقال: “إنه لا ينبغى لنبى أن يكون له خائنة الأعين” (1) . ثم أسلم ذلك اليوم عبد الله بن سعد بن أبى سرح، وحَسن إسلامه، ولم يظهر منه بعده ما يُنكر، وهو أحد العقلاء والكرماء من قريش، ثم ولاه عثمان مصر سنة خمس وعشرين، ففتح الله على يديه إفريقية، وكان فتحًا عظيمًا بلغ سهم الفارس ثلاثة آلاف مثقال ذهبًا، وشهد معه هذا الفتح عبد الله بن عمر، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وعبد الله بن الزبير، وكان عبد الله بن سعد هذا فارس بنى عامر بن لؤى، وغزا بعد إفريقية الأساود من أرض النوبة سنة إحدى وثلاثين، وغزا غزوة الصوارى فى البحر إلى الروم. وحين قُتل عثمان بن عفان اعتزل عبد الله بن سعد بن أبى سرح الفتنة، فأقام بعسقلان، وقيل: بالرملة، وكان دعا بأن يختم عمره بالصلاة، فسلَّم من صلاة الصبح التسليمة الأولى، ثم هم بالتسليمة الثانية عن يساره، فتوفى سنة ست وثلاثين، وقيل: سبع وثلاثين، وقيل: سنة تسع وخمسين، والصحيح عندهم الأول. 303 - عبد الله بن السعدى الصحابى، رضى الله عنه (2) : قيل: اسم السعدى: قدامة، وقيل: وقدان، قالوا: وهو الصحيح، وهو أبو محمد عبد الله بن السعدى بن وقدان بن عبد شمس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤى بن غالب القريشى العامرى، وإنما قيل لأبيه: السعدى؛ لأنه استرضع فى بنى سعد بن بكر، كان عبد الله بن السعدى يسكن الشام بالأردن. روى عن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثلاثة أحاديث. توفى سنة سبع وخمسين. 304 - عبد الله بن سلام بن الحارث الإسرائيلى ثم الأنصارى الخزرجى الصحابى، رضى الله عنه (3) : كان حليفًا لبنى الخزرج، كنيته أبو يوسف، كنى بابنه   (1) أخرجه أبو داود (3/59، رقم 2683) ، والنسائى (7/105، رقم 4067) ، والحاكم (3/47، رقم 4360) وقال: صحيح على شرط مسلم. والبيهقى (8/205، رقم 16656) . (2) الطبقات الكبرى لابن سعد 5/454، 7/407، التاريخ الكبير للبخارى 5/ 47، الاستيعاب 3/920، أسد الغابة 3/175، تهذيب التهذيب لابن حجر 5/235، الإصابة 2/ 4718.. (3) الطبقات الكبرى لابن سعد 2/352، التاريخ الكبير للبخارى 5/ 29، الجرح والتعديل 5/ 288، الاستيعاب 3/921، أسد الغابة 3/176، سير أعلام النبلاء 2/413، تهذيب التهذيب لابن حجر 5/249، الإصابة 2/ 3557.تقريب التهذيب (3379) .. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 270 يوسف، وهو من بنى قينقاع، بضم النون وفتحها وكسرها، وهو من ولد يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل، عليه السلام، وكان اسمه فى الجاهلية حصينًا، فسماه رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عبد الله، أسلم أول قدوم رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ونزل فى فضله قوله تعالى: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّن بَنِى إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ} [الأحقاف: 10] ، وقول الله تعالى: {قُلْ كَفَى بِاللهِ شَهِيدًا بَيْنِى وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ} [الرعد: 43] . رُوى له عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خمسة وعشرون حديثًا، اتفقا على حديث، وانفرد البخارى بآخر. روى عنه ابناه محمد، ويوسف، وأبو هريرة، وأنس، وعبد الله بن مغفل المزنى، وجماعات من التابعين. وشهد مع عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، فتح بيت المقدس والجابية. توفى سنة ثلاث وأربعين بالمدينة. روينا فى صحيحى البخارى ومسلم، عن سعد بن أبى وقاص، رضى الله عنه، قال: ما سمعت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول لحى يمشى على الأرض أنه من أهل الجنة إلا لعبد الله ابن سلام، قال: وفيه نزلت: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّن بَنِى إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ} [الأحقاف: 10] ، ومناقبه كثيرة مشهورة. 305 - عبد الله بن أبى سلمة (1) : مذكور فى المختصر. هو عبد الله بن ميمون أبى سلمة الماجشون، بكسر الجيم وضم الشين المعجمة، ومعناه بالفارسية أبيض الخد، مورد التيمى، مولى آل المنكدر التيمى المدنى التابعى. روى عن ابن عمر، وعبد الله بن عامر. وروى عن جماعات من التابعين. روى عنه يحيى الأنصارى، ويحيى القطان، وآخرون، وهو ثقة. روى له مسلم. 306 - عبد الله بن سهل: الصحابى الذى قتلته اليهود بخيبر. مذكور فى المختصر، والمهذب فى باب القسامة. هو عبد الله بن سهل بن زيد بن كعب بن عامر بن عدى بن مخدعة بن حارثة الأنصارى الحارثى المدنى، وكان خرج إلى خيبر بعد فتحها مع أصحاب له يمتارون ثمرًا، فوجد قتيلاً فيها، رضى الله عنه. 307 - عبد الله بن شبرمة التابعى (2) : مذكور فى المهذب فى أول نكاح المشرك. هو أبو شبرمة عبد الله بن شبرمة بن الطفيل بن حسان بن المنذر بن ضرار بن عمرو   (1) التاريخ الكبير للبخارى 5/ 287، الجرح والتعديل 5/ 331، تاريخ الإسلام 4/137، 265، تهذيب التهذيب لابن حجر 5/243.تقريب التهذيب (3366) ، وقال: “ثقة من الثالثة مات سنة ست ومائة م د س”.. (2) الطبقات الكبرى لابن سعد 6/350، التاريخ الكبير للبخارى 5/ 349الجرح والتعديل 5/ 381، سير أعلام النبلاء 6/347، ميزان الإعتدال 2/ 4375، تاريخ الإسلام 6/88، تهذيب التهذيب لابن حجر 5/250، 251.تقريب التهذيب (3380) ، وقال: “شبرمة بضم المعجمة وسكون الموحدة وضم الراء ثقة فقيه من الخامسة مات سنة أربع وأربعين خت م د س ق”.. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 271 بن مالك بن زيد بن كعب بن بجالة بن ذهل بن مالك بن بكر بن سعد بن ضبة الضبى الكوفى التابعى. فقيه أهل الكوفة. روى عن الشعبى، وابن سيرين، وآخرين. روى عنه السفيانان، وشعبة، ووهيب، وغيرهم، واتفقوا على توثيقه والثناء عليه بالجلالة، وكان قاضيًا لأبى جعفر المنصور على سواد الكوفة. وقال الثورى: مفتينا ابن أبى ليلى، وابن شبرمة. قال: وكان ابن شبرمة عفيفًا، عاقلاً، فقيهًا، يشبه النساك، ثقة فى الحديث، شاعرًا، حسن الخلق، جوادًا. توفى سنة أربع وأربعين ومائة. 308 - عبد الله بن الشخير (1) : بشين وخاء معجمتين مكسورتين والخاء مشددة، الصحابى. هو عبد الله بن الشخير ابن عوف بن كعب بن وقدان بن الجريش، وهو معاوية بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة العامرى الكعبى الجرشى البصرى، وهو والد مطرف، ويزيد. روى له مسلم فى صحيحه عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حديثين. روى عنه ابناه. 309 - عبد الله بن شداد (2) : مذكور فى المهذب فى أول قتال أهل البغى. هو أبو عبد الله بن شداد بن أسامة بن عمرو بن عبد الله بن جابر، ويقال له: عبد الله بن شداد بن الهاد، والهاد لقب لأسامة، وقيل: لعمرو، لقب به لأنه كان يوقد نارًا ليهتدى إليه الأضياف وغيرهم. وعبد الله هذا كنيته أبو الوليد، كنانى ليثى تابعى مدنى، وقيل: كوفى. ولد على عهد رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولم يدركه، وأمه سلمى بنت عميس الخثعمية، أخت أسماء بنت عميس، كانت تحت حمزة بن عبد المطلب، فاستشهد عنها يوم أُحُد، وولدت منه بنته عمارة، وقيل: فاطمة، ثم تزوجها شداد، فولد له عبد الله، وهى أخت أم الفضل زوجة العباس لأمها، وكن عشر أخوات سأوضحن إن شاء الله فى ترجمة أسماء بنت عميس. سمع عبد الله بن شداد: عمر بن الخطاب، وعليًا، وابن عمر، وابن عباس، ومعاذًا، وآخرين من الصحابة، رضى الله عنهم أجمعين. وروى عن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مرسلاً، وروى عنه جماعات من كبار التابعين، منهم طاووس، والشعبى، وغيرهما، واتفقوا على توثيقه، وكثرة حديثه، وأنه فقيه، قتل ليلة دجيل سنة ثنتين وثمانين. 310 -   (1) الطبقات الكبرى لابن سعد 7/34، التاريخ الكبير للبخارى 5/ 53، الجرح والتعديل 5/370، الاستيعاب 3/926، أسد الغابة 3/183، تهذيب التهذيب لابن حجر 5/251، الإصابة 2/ 4743.تقريب التهذيب (3381) ، وقال: “الشخير بكسر الشين وتشديد الخاء المعجمتين ابن عوف العامري صحابي من مسلمة الفتح م 4”.. (2) الطبقات الكبرى لابن سعد 5/61، 6/126، التاريخ الكبير للبخارى 5/ 342، الجرح والتعديل 5/ 373، تاريخ بغداد 9/473، الاستيعاب 3/926سير أعلام النبلاء 3/488، تاريخ الإسلام 3/265، تهذيب التهذيب لابن حجر 5/251، 252، الإصابة 3/6176.تقريب التهذيب (3382) ، وقال: “وذكره العجلي من كبار التابعين الثقات وكان معدودا في الفقهاء مات بالكوفة مقتولا سنة إحدى وثمانين وقيل بعدها ع”.. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 272 عبد الله بن أبى طلحة (1) : مذكور فى المهذب فى باب العقيقة، وأبوه أبو طلحة الأنصارى الصحابى المشهور زيد بن سهل، سنذكره إن شاء الله تعالى فى ترجمته فى الكنى. هو أبو يحيى عبد الله بن أبى طلحة زيد بن سهل بن الأسود بن حرام، بالحاء المهملة، وتمام نسبه فى ترجمة أبيه الأنصارى النجارى المدنى التابعى الكبير، أخو أنس بن مالك لأمه، أمهما أم سليم بنت ملحان الصحابية الفاضلة، سنذكرها فى ترجمتها إن شاء الله تعالى. ثبت فى صحيحى البخارى ومسلم، أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَنَّك عبد الله هذا حين ولد وسماه عبد الله. وثبت فى الصحيحين أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دعا لأبويه فى ليلة وقاع أبيه لأمه حين حملت به، فقال: “بارك الله لكما فى ليلتكما”، فجاءت بعبد الله. وفى صحيح البخارى، عن ابن عيينة، قال: قال رجل من الأنصار: رأيت تسعة أولاد كلهم قد قرأوا القرآن، يعنى من أولاد عبد الله. وفى غير البخارى، عن على بن المدينى، قال: ولد لعبد الله بن أبى طلحة عشرة من الذكور كلهم قرأوا القرآن، وروى أكثرهم العلم. وروى عن عبد الله ابناه إسحاق، وعبد الله، وشهد مع على صفين، وقتل بفارس شهيدًا، وقيل: توفى بالمدينة فى خلافة الوليد بن عبد الملك. وقال محمد بن سعد: كانت أم عبد الله حاملاً به يوم حنين سنة ثمان من الهجرة، ولم يزل ساكنًا بالمدينة. قال: وكان ثقة، قليل الحديث. 311 - عبد الله بن عامر بن ربيعة: مذكور فى المهذب فى أول باب القذف. هو أبو محمد بن عبد الله بن عامر بن ربيعة ابن مالك بن عامر بن ربيعة بن حجر بن سلامان بن مالك بن ربيعة بن رفيدة بن عنز، بإسكان النون، ابن وائل بن قاسط بن هنب، بكسر الهاء وإسكان النون وبعدها باء موحدة، ابن أفصى، بالفاء والصاد المهملة، العنزى، بإسكان النون، حليف الخطاب والد عمر. وقال ابن مندة، وأبو نعيم: أنه من عنزة، بفتح النون وزيادة هاء، وهم حى من اليمن، وغلطهما العلماء فى ذلك، والصواب ما سبق. ولد عبد الله هذا فى زمن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وتوفى النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وله أربع سنين، وقيل: خمس، وكان أبوه عامر من كبار الصحابة، وقد روى البخارى ومسلم لعبد الله بن عامر   (1) الطبقات الكبرى لابن سعد 5/74، التاريخ الكبير للبخارى 5/262، الجرح والتعديل 5/ 267، الاستيعاب 3/929، أسد الغابة 3/188، تاريخ الإسلام 3/266، تهذيب التهذيب لابن حجر 5/269، الإصابة 2/ 6178.تقريب التهذيب (3399) ، وقال: “وثقه ابن سعد مات سنة أربع وثمانين بالمدينة وقيل استشهد بفارس وهو أخو أنس لأمه م س”.. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 273 هذا عن أبيه، وعمر بن الخطاب، وعبد الرحمن بن عوف، وعائشة، رضى الله عنهم. توفى سنة خمس وثمانين. 312 - عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم (1) : أبو العباس الهاشمى، الصحابى ابن الصحابى المكى، ابن عم رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، كنى بابنه العباس، وهو أكبر أولاده، وأمه لبابة بنت الحارث الهلالية، سأذكرها فى ترجمتها إن شاء الله تعالى، وكان يقال لابن عباس: حبر الأمة، والبحر؛ لكثرة علمه، دعا له رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالحكمة، وحنكه بريقه حين ولد وهم فى الشعب. وقال ابن مسعود: نعم ترجمان القرآن ابن عباس. وعاش ابن عباس بعد ابن مسعود نحو خمس وثلاثين سنة، تُشد إليه الرحال، ويُقصد من جميع الأقطار، ومشهور فى الصحيحين تعظيم عمر بن الخطاب لابن عباس، واعتداده به، وتقديمه مع حداثة سنه، وعاش بعده ابن عباس نحو سبع وأربعين سنة، يُقصد ويُستفتى ويُعتمد، وهو أحد العبادلة الأربعة: ابن عمر، وابن عباس، وابن عمرو ابن العاص، وابن الزبير، وقد سبق ذكرهم فى ترجمة عبد الله بن الزبير، وكان ابن عباس أحد الستة من الصحابة الذين هم أكثرهم رواية عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وهم: أبو هريرة، ثم ابن عمر، ثم جابر، وابن عباس، وأنس، وعائشة، رضى الله عنهم. روينا عن الإمام أحمد بن حنبل، قال: ستة من أصحاب رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أكثروا الرواية عنه وعمروا، فذكرهم. وابن عباس أكثر الصحابة فتوى يروى، كذا قاله أحمد بن حنبل وغيره. وقال على بن المدينى: لم يكن فى أصحاب رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أحد له أصحاب يقومون بقوله فى الفقه إلا ثلاثة: ابن مسعود، وزيد بن ثابت، وابن عباس. وقال سفيان بن عيينة: كان الناس ثلاثة: ابن عباس فى زمانه، والشعبى فى زمانه، وسفيان الثورى فى زمانه. وقال عبد الله بن طاهر: كان الناس أربعة: ابن عباس فى زمانه، والشعبى فى زمانه، والقاسم بن معن فى زمانه، وأبو عبيد القاسم بن سلام فى زمانه. وذكر الأزرقى فى   (1) الطبقات الكبرى لابن سعد 2/365، التاريخ الكبير للبخارى 5/ 5، الجرح والتعديل 5/ 527، تاريخ بغداد 1/173، الاستيعاب 3/933، أسد الغابة 3/192، سير أعلام النبلاء 3/331، تاريخ الإسلام 3/30، الإصابة 2/ 4781، تهذيب التهذيب لابن حجر 5/276- 279.تقريب التهذيب (3409) ، وقال: “وهو أحد المكثرين من الصحابة وأحد العبادلة من فقهاء الصحابة ع”. . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 274 كتاب مكة بإسناده الصحيح عن ابن جريج، قال: كنا مع عطاء فى المسجد الحرام، فتذاكرنا ابن عباس وفضله، وكان ابن عبد الله بن عباس وابنه محمد فى الطواف، فعجبنا من تمام قامتهما، وحسن وجوههما، فقال عطاء: وأين حسنهما من حسن ابن عباس، ما رأيت القمر ليلة أربع عشرة إلا ذكرت وجه ابن عباس. رُوى لابن عباس عن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ألف حديث وستمائة حديث وستون حديثًا، اتفق البخارى ومسلم منها على خمسة وتسعين، وانفرد البخارى بمائة وعشرين، ومسلم بتسعة وأربعين. روى البيهقى بإسناده فى مناقب الشافعى فى باب ما يستدل به على معرفته بصحة الحديث عن الشافعى، قال: لم يثبت عن ابن عباس فى التفسير إلا شبيه بمائة حديث. روى عنه ابن عمر، وأنس، وأبو الطفيل، وأبو أمامة بن سهل، وروى عنه خلائق لا يحصون من التابعين. ولد ابن عباس عام الشعب فى الشعب قبل الهجرة بثلاث سنين، فتوفى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو ابن ثلاث عشرة سنة، وقيل: ابن عشر، وهو ضعيف، وقيل: ابن خمس عشرة، ورجحه أحمد بن حنبل وغيره. وثبت فى الصحيحين عن ابن عباس أنه قال: مررت فى حجة الوداع على أتان بين يدى الصف والنبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يصلى بالناس بمنى وأنا غلام قد ناهزت الاحتلام. وتوفى بالطائف سنة ثمان وستين، قاله الواقدى، وابن أبى شيبة، وأحمد بن حنبل، وابن نمير، وقيل: سنة تسع، وقيل: سنة سبعين. وحكى ابن الأثير قولاً: أنه سنة ثلاث وسبعين، وضعفه وهو غريب ضعيف أو باطل. وصلى عليه محمد بن الحنفية، وقال: اليوم مات ربانى هذه الأمة. روينا عن ميمون بن مهران، قال: شهدت جنازة ابن عباس، فلما وضع ليصلى عليه جاء طائر أبيض فوقع على أكفانه فدخل فيها، فالتمس فلم يوجد، فلما سوى عليه التراب سمعنا مَن يُسمع صوته ولا يُرى شخصه يقرأ: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِى إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً فَادْخُلِى فِى عِبَادِى وَادْخُلِى جَنَّتِى} [الفجر: 27 - 30] . وروينا نحوه عن سعيد بن جبير فى تاريخ دمشق: وكان قد كف بصره فى آخر عمره، وكذلك العباس وجده عبد المطلب، وكان يخضب لحيته بالصفرة، وقيل: بالحناء، وحج بالناس حين الجزء: 1 ¦ الصفحة: 275 حصر عثمان، وكان لموضع الدمع من خدى ابن عباس أثر لكثرة بكائه، واستعمله على، رضى الله عنه، على البصرة، ثم فارقها قبل قتل على، وعاد إلى الحجاز. وقال عبيد الله بن عبد الله بن عتبة: ما رأيت أحدًا أعلم من ابن عباس بما سبقه من حديث رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وبقضاء أبى بكر، وعمر، وعثمان، رضى الله عنهم، ولا أفقه منه، ولا أعلم بتفسير القرآن وبالعربية والشعر والحساب والفرائض، وكان يجلس يومًا للفقه، ويومًا للتأويل، ويومًا للمغازى، ويومًا للشعر، ويومًا لأيام العرب، وما رأيت عالمًا قط جلس إليه إلا خضع له، ولا سائلاً سأله إلا وجد عنده علمًا. وثبت فى صحيح البخارى أن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ضم ابن عباس إلى صدره، وقال: “اللهم علمه الكتاب”، وفى رواية للبخارى: “علمه الحكمة”، وفى رواية لمسلم: “اللهم فقهه”، ومناقبه كثيرة مشهورة، رضى الله عنه. 313 - عبد الله بن عبد الله بن أبى بن مالك بن الحارث بن عبيد بن مالك بن سالم ابن غنم بن عوف بن الخزرج الأنصارى الخزرجى الصحابى: وأبوه هو عبد الله بن أُبىّ بن سلول المنافق، تقدم ذكره فى ترجمته، وكان عبد الله بن عبد الله هذا من فضلاء الصحابة وساداتهم، وكان اسمه الحباب، وبه كان أبوه يكنى، فلما أسلم سماه رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عبد الله، وشهد بدرًا، وأُحُدًا، والمشاهد كلها مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، واستأذن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فى قتل أبيه على نفاقه فنهاه، واستشهد عبد الله بن عبد الله يوم اليمامة فى خلافة أبى بكر، رضى الله عنه، سنة ثنتى عشرة. 314 - عبد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب (1) : مذكور فى المختصر فى مسألة القلتين، هو أبو عبد الرحمن القريشى العدوى المدنى التابعى. سمع أباه، وأوصى إليه أبوه. روى عنه القاسم بن محمد، ونافع مولى ابن عمر، والزهرى، وعبد الرحمن بن القاسم، وعبد الله بن أبى سلمة الماجشون، ومحمد بن عبادة ابن جعفر، ومحمد بن جعفر بن الزبير، وآخرون. قال وكيع وأبو زرعة: ثقة. روى له البخارى ومسلم. قال   (1) التاريخ الكبير للبخارى 5/ 375، الجرح والتعديل 5/ 421، تاريخ بغداد 10/4- 5، تاريخ الإسلام 4/268، تهذيب التهذيب لابن حجر 5/286، 287.تقريب التهذيب (3417) ، وقال: “ثقة من الثالثة مات سنة خمس ومائة خ م د ت س. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 276 الهيثم: توفى فى أول خلافة هشام بن عبد الملك، واستخلف هشام فى شعبان سنة خمس ومائة، رحمه الله. 315 - عبد الله بن عبد الرحمن بن أبى بكر الصديق القريشى التيمى المدنى التابعى (1) : مذكور فى المهذب فى غسل الميت، قال: غسله ابن عمر. روى عن أم سلمة. روى عنه زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، واتفقوا على توثيقه. روى له البخارى ومسلم حديث: “الذى يشرب فى آنية الفضة إنما يجرجر فى بطنه نار جهنم” (2) ) . قال البخارى فى تاريخه: ورث عبد الله عمته عائشة أم المؤمنين. وتوفى قبل قتل ابن الزبير. 316 - عبد الله بن عبد الرحمن بن الحارث بن سعد بن أبى ذباب الدوسى التابعى (3) : مذكور فى المختصر فى أول باب القسامة. روى عن سهل بن سعد، وأبى هريرة، وغيرهما. روى عنه مجاهد، وعكرمة بن إبراهيم، وعبد الرحمن بن معاوية. قال يحيى بن معين: هو ثقة. 317 - عبد الله بن عبد الرحمن بن أبى صعصعة (4) : مذكور فى المختصر، هو أنصارى، مازنى، مدنى، تابعى، ثقة. سمع أبا سعيد الخدرى. روى عنه ابناه محمد، وعبد الرحمن. روى له البخارى. 318 - عبد الله بن عبيدة بن نشيط (5) : مذكور فى المختصر فى آخر باب الإحرام، هو زيدى عامرى، مولى بنى عامر بن لؤى، وهو أخو موسى بن عبيدة الزيدى المشهور. روى عن جابر بن عبد الله مرسلاً. وسمع عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، وعمر بن عبد العزيز، وأخاه موسى بن عبيدة. وروى عن عقبة بن عامر، وسهل بن سعد. قال عبد الرحمن: لا أدرى أسمعهما أم لا. روى عنه صالح بن كيسان وأخوه موسى وغيرهما. قال أحمد بن حنبل: لا يشتغل بموسى بن عبيدة وأخيه. وقال يحيى بن معين: عبد الله ابن عبيدة ضعيف. وفى رواية: ليس هو بشىء. وقال يعقوب بن شيبة: هو ثقة أدرك جماعة من الصحابة. وقال ابن عدى:   (1) الجرح والتعديل 5/ 435، تهذيب التهذيب لابن حجر 5/292.تقريب التهذيب (3425) ، وقال: “مقبول من الثالثة مات دون المائة بعد السبعين خ م خد س ق”. (2) حديث أم سلمة: أخرجه الشافعى فى الأم (1/10) ، والبخارى (5/2133، رقم 5311) ، ومسلم (3/1634، رقم 2065) وأخرجه أيضًا: أخرجه الدارمى (2/163، رقم 2129) وأبو يعلى (12/369، رقم 6939) وأبو عوانة (5/216، رقم 8455) ، وابن حبان (12/161، رقم 5342) ، والطبرانى فى الكبير (23/359، رقم 844) ، وفى الشاميين (1/82، رقم 108) ، والبيهقى (1/27، رقم 98) . حديث ابن عباس: أخرجه الطبرانى (11/373، رقم 12046) . وأخرجه أيضًا: أبو يعلى (5/101، رقم 2711) ، والطبرانى فى الأوسط (3/338، رقم 3333) ، والطبرانى فى الصغير (1/200، رقم 319) . قال الهيثمى (5/77) : فيه محمد بن يحيى بن أبى سمينة، وقد وثقة أبو حاتم وابن حبان، وغيرهما، وفيه كلام لا يضر، وبقية رجاله ثقات. حديث أم سلمة وحفصة معًا: أخرجه الطبرانى (23/215، رقم 392) . الذى يعتق عند الموت كمثل الذى يهدى إذا شبع (أبو داود عن أبى الدرداء) أخرجه أبو داود (4/30، رقم 3968) . (3) التاريخ الكبير للبخارى 5/ 405، الجرح والتعديل 5/ 168، 452، تهذيب التهذيب لابن حجر 5/292.تقريب التهذيب (3427) ، وقال: “ثقة من الثالثة د ت س”.. (4) التاريخ الكبير للبخارى 5/ 386، الجرح والتعديل 5/ 430، تهذيب التهذيب لابن حجر 5/294.تقريب التهذيب (3431) ، وقال: عبد الله ابن عبد الرحمن ابن أبي صعصعة الأنصاري المدني ثقة من الثالثة خ د س ق.. (5) التاريخ الكبير للبخارى 5/432، الجرح والتعديل 5/ 466، المجروحين لابن حبان 2/4، تاريخ الإسلام 5/95، ميزان الإعتدال 2/ 4440، تهذيب التهذيب لابن حجر 5/309- 310، تهذيب التهذيب لابن حجر 5/310.تقريب التهذيب (3458) ، وقال: “نشيط بفتح النون وكسر المعجمة الربذي بفتح الراء والموحدة بعدها معجمة ثقة من الرابعة قتلته الخوارج بقديد سنة ثلاثين خ”.. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 277 تبين على حديثه الضعف. روى له البخارى متابعة. قال الواقدى: قتلته الحرورية بقديد سنة ثلاثين ومائة. 319 - عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلى الحجازى (1) : ويأتى تمام نسبه فى ترجمة عمه عبد الله بن مسعود إن شاء الله تعالى، هو والد عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، أحد الفقهاء السبعة، كنيته أبو عبد الله، ويقال: أبو عبيد الله، وأبو عبد الرحمن، مدنى، ويقال: كوفى، أدرك زمن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وسمع عمر بن الخطاب، وعمه عبد الله بن مسعود، وسبيعة الأسلمية. روى عنه ابناه عبيد الله أحد الفقهاء السبعة، وعون أحد الزهاد المشهورين، وحميد بن عبد الرحمن، وابن سيرين، والسبيعى، وغيرهم. قال ابن سعد: كان ثقة، رفيعًا، كثير الحديث والفتيا، فقيهًا. قال غيره: توفى سنة أربع وتسعين. روى له البخارى ومسلم. قال ابنه حمزة: سألت أبى عبد الله بن عتبة: أى شىء تذكر من رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ قال: أذكر أنه أخذنى وأنا خماسى أو سداسى، فأجلسنى فى حجره، ومسح رأسى بيده، ودعا لى ولذريتى من بعدى بالبركة. قال ابن عبد البر: ذكره العقيلى فى الصحابة، وإنما هو تابعى من كبارهم، استعمله عمر بن الخطاب. وذكره البخارى فى التابعين، هذا كلام ابن عبد البر. واستعمال عمر له يدل على أنه أدرك من زمن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سنين، والله أعلم. 320 - عبد الله بن عدى بن الحمراء القريشى الزهرى الصحابى (2) : أبو عمر، وقيل: أبو عمرو، وقيل: إنه ثقفى حليف لبنى زهرة، معدود فى أهل الحجاز، كان ينزل بين قديد وعسفان. روى عنه أبو سلمة بن عبد الرحمن، ومحمد بن جبير. روى له الترمذى، والنسائى، وابن ماجه حديث مكة: “والله إنك لخير أرض الله، وأحب أرض الله إلى الله، ولولا أنى أخرجت منك ما خرجت”. قال الترمذى: حديث حسن صحيح. 321 - عبد الله بن عمر بن الخطاب، رضى الله عنهما، القريشى العدوى المدنى الصحابى الزاهد (3) : أمه وأم أخته حفصة زينب بنت مظعون بن حبيب الجمحى، أسلم   (1) الطبقات الكبرى لابن سعد 6/120، التاريخ الكبير للبخارى 5/ 485، الجرح والتعديل 5/ 569، الإستيعاب 3/945، أسد الغابة 3/202، تهذيب التهذيب لابن حجر 311- 312، الإصابة 2/ 4813.تقريب التهذيب (3461) ، وقال: “وثقه العجلي وجماعة وهو من كبار الثانية مات بعد السبعين خ م د س ق”.. (2) الجرح والتعديل 5/555، والاستيعاب 3/948، وأسد الغابة 3/225، وتهذيب التهذيب لابن حجر 5/318، 319، والإصابة 2/4822،. تقريب التهذيب (3472) ، وقال: “صحابي له حديث في فضل مكة ت س ق”.. (3) الطبقات الكبرى لابن سعد 2/373، 4/142، والتاريخ الكبير للبخارى 5/4، والجرح والتعديل 5/492، وتاريخ بغداد 1/171، والاستيعاب 3/950، وأسد الغابة 3/227، وتاريخ الإسلام 3/177، وسير أعلام النبلاء 3/203، وتهذيب التهذيب لابن حجر 5/328 - 330، والإصابة 2/3834. تقريب التهذيب (3490) ، وقال: “أحد المكثرين من الصحابة والعبادلة وكان من أشد الناس اتباعا للأثر مات سنة ثلاث وسبعين في آخرها أو أول التي تليها ع”. . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 278 مع أبيه قبل بلوغه، وهاجر قبل أبيه، وأجمعوا أنه لم يشهد بدرًا لصغره، وقيل: شهد أُحُدًا، وقيل: لم يشهدها. وثبت فى الصحيحين عنه أنه قال: عُرضت على النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عام أُحُد وأنا ابن أربع عشرة سنة، فلم يجزنى، وعُرضت عليه يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة سنة فأجازنى. وشهد الخندق وما بعدها من المشاهد مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وشهد غزوة مؤتة، واليرموك، وفتح مصر، وفتح إفريقية. وثبت فى صحيح البخارى، عن ابن عمر، قال: أول يوم شهدته يوم الخندق، وكان شديد الاتباع لآثار رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حتى أنه ينزل منازله، ويصلى فى كل مكان صلى فيه، ويبرك ناقته فى مبرك ناقته، ونقلوا أن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نزل تحت شجرة، فكان ابن عمر يتعاهدها بالماء لئلا تيبس. رُوى له عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ألف حديث وستمائة حديث وثلاثون حديثًا، اتفق البخارى ومسلم منها على مائة وسبعين، وانفرد البخارى بأحد وثمانين، ومسلم بأحد وثلاثين. روى عنه أولاده الأربعة: سالم، وحمزة، وعبد الله، وبلال، وخلائق لا يحصون من كبار التابعين وغيرهم، ومناقبه كثيرة مشهورة، بل قل نظيره فى المتابعة لرسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فى كل شىء من الأقوال والأفعال وفى الزهادة فى الدنيا ومقاصدها والتطلع إلى الرياسة وغيرها. روينا عن الزهرى، قال: لا يعدل برأى ابن عمر، فإنه أقام بعد رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ستين سنة، فلم يخف عليه شىء من أمره، ولا من أمر الصحابة. وعن مالك قال: أقام ابن عمر ستين سنة تقدم عليه وفود الناس. وروينا عن الإمام البخارى فى كتابه كتاب رفع اليدين فى الصلاة، قال: قال جابر بن عبد الله: لم يكن أحد منهم ألزم لطريق رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولا أتبع من ابن عمر. وفى صحيحى البخارى ومسلم، عن ابن عمر، قال: رأيت فى المنام كأن فى يدى قطعة استبرق، وليس مكان أريد من الجنة إلا طارت إليه، فقصصته على حفصة، فقصته على النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقال النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “رأى عبد الله رجلاً صالحًا”. وفى رواية فى الصحيحين: “أنا أخاك رجل صالح أو أن عبد الله رجل صالح” (1) . وكان ابن عمر كثير الصدقة، فربما تصدق فى المجلس الواحد بثلاثين ألفًا. قال نافع: كان ابن عمر إذا اشتد عجبه بشىء من ماله   (1) أخرجه البخارى (6/2578، رقم 6625) ومسلم (4/1927، رقم 2479) وابن ماجه (2/1291، رقم 3919) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 279 تقرب به إلى الله تعالى، وكان رقيقه قد عرفوا ذلك منه، فربما لزم أحدهم المسجد، فإذا رآه ابن عمر على تلك الحال الحسنة أعتقه، فيقول له أصحابه: إنهم يخدعونك، فيقول: من خدعنا بالله انخدعنا له. قال نافع: ولقد رأيتنا ذات عشية وراح ابن عمر على نجيب له قد أخذه بمال، فلما أعجبه سيره أناخه بمكان، ثم نزل عنه، فقال: انزعوا عنه زمامه ورحله وأشعروه وجللوه وأدخلوه فى البدن، وكان كثير الحج. قال نافع: سمعت ابن عمر وهو ساجد فى الكعبة، يقول: قد تعلم يا رب ما يمنعنى من مزاحمة قريش إلا خوفك. قال: وكان إذا قرأ هذه الآية: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ} [الحديد: 16] بكى حتى يغلبه البكاء. وقال ابن عمر: البر شىء هين، وجه طلق، وكلام لين. ولم يقاتل فى الحروب التى جرت بين المسلمين. وروينا أن ابن عمر كاتب عبدًا له على خمسة وثلاثين ألف درهم، ثم حط عنه منها خمسة آلاف درهم. وكان ابن عمر يسرد الصوم، وهو أحد الصحابة الساردين للصوم منهم عمر، وابنه، وأبو طلحة، وحمزة بن عمرو، وعائشة. روينا فى صحيح مسلم، عن عبد الله مولى أسماء، قال: أرسلتنى أسماء إلى ابن عمر، فقالت: بلغنى أنك تحرم أشياء ثلاثة: العلم فى الثوب، وميثرة الأرجوان، وصوم رجب كله، فقال ابن عمر: أما ما ذكرت من صوم رجب، فكيف بمن يصوم الأبد. واعلم أن ابن عمر أحد الستة الذين هم أكثر الصحابة رواية عن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وهم ستة: أبو هريرة، ثم ابن عمر، ثم أنس، وابن عباس، وجابر، وعائشة، وهو أحد العبادلة الأربعة، وقد سبق بيانهم فى ترجمة عبد الله بن الزبير. قال البخارى: أصح الأسانيد مطلقًا مالك، عن نافع، عن ابن عمر، ويسمى هذا الإسناد مسبك الذهب. قال أبو منصور التميمى: فعلى هذا أصحها الشافعى عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر لإجماع أهل الحديث وغيرهم على أن الشافعى أجلّ الرواة عن مالك، وفى أصل هذه المسألة خلاف ذكرته واضحًا فى أول علوم الحديث، والمختار أنه لا يجزم فى إسناد أنه أصحها. وروينا فى صحيحى البخارى ومسلم، عن سالم بن عبد الله بن عمر، عن أبيه، أن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال فيه: “نعم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 280 الرجل عبد الله لو كان يصلى من الليل” (1) . قال سالم: فكان عبد الله بعد ذلك لا ينام من الليل إلا قليلاً. ومناقب ابن عمر وأحواله كثيرة مشهورة. قال ابن قتيبة: كان لابن عمر من الأولاد: سالم، وعبد الله، وعاصم، وحمزة، وبلال، وواقد، وبنات كانت واحدة منهن عند عمرو بن عثمان، وأخرى عند عروة بن الزبير، وكان عبد الله بن عبد الله وصى أبيه، وله عقب بالمدينة، وأمه صفية بنت أبى عبيد أخت المختار. توفى ابن عمر بمكة سنة ثلاث وسبعين بعد قتل ابن الزبير بثلاثة أشهر، وقيل: بستة أشهر. وقال يحيى بن بكير: توفى ابن عمر بمكة بعد الحج، ودفن بالمحصب. قال: وبعض الناس يقول: بفخ، وفخ بالخاء المعجمة، موضع بقرب مكة، وقد ذكر صاحب المهذب فى أول كتاب السير أن ابن عمر عرض على النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوم بدر وهو ابن أربع عشرة سنة، وهذا غلط صريح، وصوابه يوم أُحُد، هكذا ثبت فى الصحيحين وغيرهما من كتب الحديث والمغازى والتواريخ والأسماء، وكانت بدر فى السنة الثانية من الهجرة، وأُحُد فى الثالثة. 322 - عبد الله بن عمرو الحضرمى (2) : مذكور فى المهذب فى آخر باب السرقة، هو حليف بنى أمية. قال الواقدى: ولد على عهد رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. روى عن عمر بن الخطاب، مذكور فيمن نزل حمص. روى عنه من أهلها عمير بن الأسود، ومالك بن يخامر. 323 - عبد الله بن عمرو بن العاص (3) : تكرر. هو أبو محمد، وقيل: أبو عبد الرحمن، وقيل: أبو نصير، بضم النون، عبد الله ابن عمرو بن العاص بن وائل بن هاشم بن سعيد، بضم السين وفتح العين، ابن سهم ابن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤى بن غالب القريشى السهمى الزاهد العابد، الصحابى ابن الصحابى، رضى الله عنهما، كان بينه وبين أبيه فى السن اثنتى عشرة سنة، وقيل: إحدى عشرة سنة، وأمه ريطة بنت منبه بن الحجاج بن عامر بن حذيفة بن سعيد بن سهم أسلمت. قالوا: وكان النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: “نعم أهل البيت عبد الله، وأبو عبد الله، وأم عبد الله” (4) .   (1) أخرجه أحمد (2/146، رقم 6330) وفى الحديث أن ابن عمر قال: كان الرجل فى حياة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا رأى رؤيا قصها على النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: فتمنيت أن أرى رؤيا فأقصها على النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: وكنت غلاما شابا عزبا فكنت أنام فى المسجد على عهد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: فرأيت فى النوم كان ملكين أخذانى فذهبا بى إلى النار فإذا هى مطوية كطى البئر وإذ لها قرنان وإذا فيها ناس قد عرفتهم فجعلت أقول أعوذ بالله من النار أعوذ بالله من النار فلقيهما ملك آخر فقال لى لن تراع فقصصتها على حفصة فقصتها حفصة على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فذكره. والبخارى (1/388، رقم 1105) ، ومسلم (4/1927، رقم 2479) . وأخرجه أيضا: الدارمى (2/171، رقم 2152) . (2) الاستيعاب 3/956، وأسد الغابة 3/233، وتهذيب التهذيب لابن حجر 5/341. تقريب التهذيب (3508) ، وقال: “ولد على عهد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وروى عن عمر من الثانية كد”.. (3) الطبقات الكبرى لابن سعد 2/373، 4/261، والكنى للدولابى 1/16، والتاريخ الكبير للبخارى 5/6، والجرح والتعديل 5/529، والاستيعاب 3/956، وأسد الغابة 3/233، وتاريخ الإسلام 3/37، وسير أعلام النبلاء 3/79، والإصابة 2/4847، وشذرات الذهب 1/73. تقريب التهذيب (3499) ، وقال: “أحد السابقين المكثرين من الصحابة وأحد العبادلة الفقهاء مات في ذي الحجة ليالي الحرة على الأصح بالطائف على الراجح ع”. (4) حديث أبو مليكة عن طلحة: أخرجه أحمد (1/161، رقم 1381) ، وابن عساكر (31/251) . وأخرجه أيضا: أبو يعلى (2/19، رقم 647) . أخرجه أحمد (1/161، رقم 1382) ، وأبو يعلى (2/18، رقم 646) ، وابن عدى (3/283 ترجمة 751 سليمان بن أيوب بن سليمان بن عيسى بن موسى بن طلحة بن عبيد الله) . وأخرجه أيضًا: البزار (3/173، رقم 961) ، والشاشى (1/80، رقم 19) . والترمذى (5/688، رقم 3845) ، قال الهيثمى (9/354) : رواه الترمذى باختصار رواه أبو يعلى وأحمد بنحوه ورجاله ثقات. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 281 أسلم عبد الله قبل ابيه، وكان كثير العلم مجتهدًا فى العبادة، تلاء للقرآن، وكان أكثر الناس أخذًا للحديث والعلم عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. ثبت فى الصحيح عن أبى هريرة قال: ما كان أحد أكثر حديثًا عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - منى إلا عبد الله بن عمرو، فإنه كان يكتب ولا أكتب. رُوى له عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سبعمائة حديث، اتفق البخارى ومسلم على سبعة عشر منها، وانفرد البخارى بثمانية، ومسلم بعشرين. وإنما قلَّت الرواية عنه مع كثرة ما حمل؛ لأنه سكن مصر، وكان الواردون إليها قليلاً بخلاف أبى هريرة، فإنه استوطن المدينة، وهى مقصد المسلمين من كل جهة. روى عنه سعيد بن المسيب، وعروة، وأبو سلمة وحميد ابنا عبد الرحمن، ومسروق، وخلائق من كبار التابعين. ونقلوا عنه أنه قال: حفظت عن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ألف مثل، وأنه قال: لخير أعمله اليوم أحب إلىَّ من مثليه مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأنا كنا مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تهمنا الآخرة ولا تهمنا الدنيا، وأنا اليوم مالت بنا الدنيا. وشهد مع أبيه فتح الشام، وكانت معه راية أبيه يوم اليرموك. وتوفى عبد الله سنة ثلاث وستين، وقيل: خمس وستين بمصر، وقيل: سنة سبع وستين بمكة، وقيل: سنة خمس وخمسين بالطائف، وقيل: سنة ثمان وستين، وقيل: سنة ثلاث وسبعين، وهو ضعيف، وقيل: توفى بفلسطين سنة خمس وستين، وكان عمره ثنتين وسبعين سنة. 324 - عبد الله بن عمرو بن عوف (1) : والد كثير بن عبد الله، عن أبيه، عن جده، مذكور فى المهذب فى صلاة العيد. هو عبد الله بن عمر بن عوف بن زيد بن ملحة، بكسر الميم وبالحاء المهملة، ويقال: بضم الميم، ويقال: مليحة بالتصغير، وهو المدنى، سمع أباه الصحابى. روى عنه ابنه كثير، وكثير ضعيف. 325 - عبد الله بن هلال: وقيل: ابن شرحبيل المزنى، والد علقمة وبكر ابنى عبد الله المزنى الصحابى، وهو أحد البكائين الذين نزلت فيهم: {وَلاَ عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لاَ أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوا وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ} [التوبة: 92] . ذكره فى المهذب فى أول كتاب السير، قيل: كانوا ستة ولعلهم أكثر. قال محمد بن سعد:   (1) التاريخ الكبير للبخارى 5/467، والجرح والتعديل 5/540، وميزان الاعتدال 2/4480، وتهذيب التهذيب لابن حجر 5/339، 340. تقريب التهذيب (3503) ، وقال: “مقبول من الثالثة ر د ت ق”.. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 282 نزل البصرة، وله بها عقب، له أحاديث عن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، روى عنه ابنه علقمة، وأبو بريدة. 326 - عبد الله بن أبى قتادة (1) : مذكور فى المهذب فى تحريم الصيد بالإحرام، واسم أبى قتادة الحارث بن ربعى الصحابى، سيأتى تمام نسبه فى ترجمته فى نوع الكنى إن شاء الله تعالى، وعبد الله هذا يكنى أبا إبراهيم، ويقال: أبا يحيى الأنصارى السلمى، بفتح السين واللام، المدنى التابعى، سمع أباه. روى عنه إسماعيل بن أبى خالد، ويحيى بن أبى كثير، وآخرون من التابعين، واتفقوا على توثيقه. توفى بالمدينة فى خلافة الوليد بن عبد الملك، وقد ذكر صاحب المهذب حديثه فى جزاء الصيد مرسلاً، وهو فى الصحيحين وغيرهما متصل عنه عن أبيه. 327 - عبد الله بن كثير (2) : مذكور فى المختصر فى باب السلف والرهن، هو الإمام أحد القراء السبعة، أبو معبد، وقيل: أبو محمد، وقيل: أبو بكر، وقيل: أبو عباد، وقيل: أبو الصلب عبد الله بن كثير الكنانى، مولاهم الدارى المكى، مولى عمرو بن علقمة الكنانى. قال ابن أبى داود وغيره: إنما قيل له: الدارى؛ لأنه من بنى الدار بن هانى بن حبيب بن نمارة بن لخم من رهط تميم الدارى. قال أبو بكر بن مجاهد: هذا غلط من ابن أبى داود، وليس هو من رهط تميم الدارى، وإنما هو من أبناء فارس، من الطبقة الثانية من التابعين. قال أبو عمرو الدانى فى التيسير: هو الدارى، والدارى العطار، وهذا الذى قاله أبو عمرو هو الصواب. سمع ابن كثير: عبد الله بن الزبير بن العوام، ومحمد بن قيس بن مخرمة، وأبا المنهال عبد الرحمن بن مطعم المكى، ومجاهدًا. روى عنه ابن جريج، وابن أبى نجيح، وشبل بن أبى عباد. قال محمد بن سعد: كان ثقة، وله أحاديث صالحة، توفى بمكة سنة ثنتين وعشرين ومائة. وقال أبو عمرو الدانى: توفى بمكة سنة عشرين ومائة، وأخذ القرآن عن مجاهد، وقد قدمت فى ترجمة الإمام محمد بن إدريس الشافعى بيتًا يتضمن القراء السبعة، وبيتًا يتضمن أئمة المذاهب الستة. 328 - عبد الله بن لهيعة (3) : مذكور فى المهذب فى أول الحج، ولهيعة بفتح اللام   (1) الطبقات الكبرى لابن سعد 5/274، والتاريخ الكبير للبخارى 5/555، والجرح والتعديل 5/139، وتاريخ الإسلام 4/19، وتهذيب التهذيب لابن حجر 5/360. تقريب التهذيب (3538) ، وقال: “ثقة من الثالثة مات [دون المائة] سنة خمس وتسعين ع”.. (2) الطبقات الكبرى لابن سعد 5/484، والتاريخ الكبير للبخارى 5/567، والجرح والتعديل 5/673، وتاريخ الإسلام 4/268، وسير أعلام النبلاء 5/318، وتهذيب التهذيب لابن حجر 5/367، 368. تقريب التهذيب (3550) ، وقال: “أحد الأئمة صدوق من السادسة مات سنة عشرين ومائة ع”.. (3) التاريخ الكبير للبخارى 5/573 - 781، والجرح والتعديل 5/681، وتاريخ الإسلام 3/221، وتهذيب التهذيب لابن حجر 5/373. تقريب التهذيب (3563) ، وقال: “لهيعة بفتح اللام وكسر الهاء صدوق من السابعة خلط بعد احتراق كتبه ورواية ابن المبارك وابن وهب عنه أعدل من غيرهما وله في مسلم بعض شيء مقرون مات سنة أربع وسبعين وقد ناف على الثمانين م د ت ق”.. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 283 وكسر الهاء. قال الأزهرى فى تهذيب اللغة: قال ابن الأعرابى: يقال فى فلان: لهيعة، إذا كان فيه فترة وكسل. قال: وقال غيره: رجل فيه لهيعة ولهاعة، أى غفلة، وقيل: هى التوانى فى البيع والشراء حتى يغبن. وقال صاحب المحكم: اللهع التفهق فى الكلام، ولهيعة اسم منه. قال: وقيل: هى مشتقة من الهلع مقلوبة منه. وعبد الله بن لهيعة هذا هو الإمام البارع أبو عبد الرحمن عبد الله بن لهيعة بن عقبة ابن فرعان، بضم الفاء وإسكان الراء وبالعين المهملة، الحضرمى الأعدولى من أنفسهم، ويقال: الغافقى المصرى، قاضى مصر. سمع عطاء، والأعرج، وأبا الزبير، وابن المنكدر، وعمرو بن دينار، ويحيى الأنصارى، وغيرهم من التابعين. روى عنه الأوزاعى، والثورى، والليث، وابن المبارك، وعمرو بن الحارث، والوليد بن مسلم، والقعنبى، وخلائق من الأئمة. قال الثورى: عند ابن لهيعة الأصول وعندنا الفروع. وقال: حججت حججًا لألقى ابن لهيعة. وقال عبد الرحمن بن مهدى: وددت أنى سمعت من ابن لهيعة خمسمائة حديث وأنى غرمت مالاً. وقال ابن وهب: حدثنى والله الصادق والبار عبد الله بن لهيعة. وقال روح بن صلاح: لقى ابن لهيعة اثنين وسبعين تابعيًا. وقال ابن معين: ابن لهيعة ضعيف الحديث. وقال عمرو بن على الفلاس: احترقت كتب ابن لهيعة، ومن كتب عنه قبل ذلك كابن المبارك والمقرىء أصح ممن كتب بعد ذلك. وقال ابن معين: هو ضعيف قبل الاحتراق وبعده، وضعفه الليث بن سعد، ويحيى بن سعيد، والبخارى، والنسائى، وابن سعد، وآخرون. قال البيهقى: أجمع أصحاب الحديث على ضعف ابن لهيعة، وترك الاحتجاج بما ينفرد به. وقال محمد بن سعد: كان ضعيفًا، وعنده حديث كثير، ومن سمع منه فى أول أمره أحسن حالاً ممن سمع منه آخرًا. قال يحيى بن بكير: احترق منزل ابن لهيعة وكتبه سنة سبعين ومائة قال الخطيب: حدث عن ابن لهيعة: الثورى، ومحمد بن رمح، وبين وفاتيهما إحدى وثمانون سنة، وعمرو بن الحارث، وابن رمح، وبين وفاتيهما أربع وتسعون سنة. توفى ابن لهيعة بمصر سنة أربع وسبعين ومائة، وكان مولده سنة سبع وتسعين، رحمه الله. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 284 329 - عبد الله بن المبارك بن واضح الحنظلى (1) : مولاهم المروزى، أبو عبد الرحمن، الإمام المجمع على إمامته وجلالته فى كل شىء، الذى تستنزل الرحمة بذكره، وترتجا المغفرة بحبه، وهو من تابعى التابعين، سمع هشام بن عروة، ويحيى الأنصارى، وسليمان التيمى، وحميد الطويل، وإسماعيل بن أبى خالد، وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر، والأعمش، وابن عون، وموسى بن عقبة، وجماعات غيرهم من التابعين، وخلائق غيرهم من أتباع التابعين منهم السفيانان، ومالك، وشعبة، والحمادان، ومسعر، وآخرون لا ينحصرون. روى عنه الثورى، وجعفر بن سليمان، وداود العطار، وأبو الأحوص، والفضيل بن عياض، وأبو إسحاق الفزارى، وأبو داود الطيالسى، ومحمد بن الحسن صاحب أبى حنيفة، ويحيى القطان، وابن مهدى، وابن وهب، وعبد الرزاق، وخلائق غيرهم. وكان أبوه تركيًا مملوكًا لرجل من همدان، وأمه خوارزمية. قال أبو أسامة: ما رأيت أطلق للعلم من ابن المبارك الشامات ومصر واليمن والحجاز. روينا عن الحسن بن عيسى، قال: اجتمع جماعات من أصحاب ابن المبارك، فقالوا: تعالوا نعد خصال ابن المبارك من أبواب الخير، فقالوا: جمع العلم، والفقه، والأدب، والنحو، واللغة، والزهد، والشعر، والفصاحة، والورع، والإنصاف، وقيام الليل، والعبادة، والشدة فى رأيه، وقلة الكلام فيما لا يعنيه، وقلة الخلاف على أصحابه، وكان كثيرًا ما يتمثل بهذين البيتين: ذا حياء وعفاف وكرم وإذا قلت نعم قال نعم وإذا صاحبت فاصحب صاحبًا قائلاً للشىء لا إن قلت لا وقال العباس بن مصعب: جمع ابن المبارك الحديث، والفقه، والعربية، وأيام الناس، والشجاعة، والسخاء، والتجارة، والمحبة عند الفرق. وقال سفيان بن عيينة حين توفى ابن المبارك، رحمه الله: لقد كان فقيهًا، عابدًا، عالمًا، زاهدًا، سخيًا، شجاعًا. وقال عمار ابن الحسن يمدحه ببيتين: إذا سار عبد الله من مرو ليلة ... فقد سار منها نورها وجمالها   (1) الطبقات الكبرى لابن سعد (7/372، 520) ، والتاريخ الكبير للبخارى (5/679) ، والجرح والتعديل (5/838) ، وسير أعلام النبلاء (8/336) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (5/382 - 387) . تقريب التهذيب (3570) ، وقال: “ثقة ثبت فقيه عالم جواد مجاهد جمعت فيه خصال الخير من الثامنة مات سنة إحدى وثمانين وله ثلاث وستون ع”.. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 285 إذا ذكر الأحبار من كل بلدة ... فهم أنجم فيها وأنت هلالها وقال المعتمر بن سليمان: ما رأيت مثل ابن المبارك، يصيب عنده الشىء الذى لا يصاب عند أحد. وقال عبد الرحمن بن مهدى: حدثنى ابن المبارك، وكان نسيج وحده. قال: وهو أفضل من الثورى، فقيل له: إن الناس يخالفونك، فقال: إن الناس لم يجربوا، ما رأيت مثل ابن المبارك. وقال أيضًا: الأئمة أربعة: الثورى، ومالك، وحماد بن زيد، وابن المبارك. وقال الأوزاعى لأبى عثمان الكلابى: لو رأيت ابن المبارك لقرت عينك. وقال أبو إسحاق الفزارى: ابن المبارك إمام المسلمين. وقال أبو أسامة: ابن المبارك فى أصحاب الحديث كأمير المؤمنين فى الناس. وقال أحمد بن حنبل: لم يكن فى زمن ابن المبارك أطلب للعلم منه، رحل إلى اليمن، ومصر، والشام، والبصرة، والكوفة، وكان من رواة العلم وأهل ذلك، كتب عن الصغار والكبار، وجمع أمرًا عظيمًا، كان صاحب حديث حافظًا. وقال عبد الرحمن بن أبى جميل: قلنا لابن المبارك: يا عالم المشرق حدثنا، فسمعنا سفيان، فقال: ويحكم، عالم المشرق والمغرب وما بينهما. وقال شعيب بن حرب: كنا نأتى ابن المبارك نحفظ عنه، فما نستطيع أن يتعلق عليه بشىء. وروينا عن عبثر بن القاسم، قال: لما قدم ابن المبارك وهارون الرشيد الرقة، أشرفت أم ولد له من قصر، فرأت الغبرة قد ارتفعت، والنعال قد تقطعت، وانجفل الناس، فقالت: من هذا؟ قالوا: عالم من خراسان يقال له: ابن المبارك، فقالت: هذا والله الملك لا ملك هارون الذى لا يجمع الناس إلا بالسوط والخشب. وقال أسود بن سالم: كان ابن المبارك إمامًا يقتدى به، وهو من اثبت الناس فى السنة. وقال محمد بن سعد: طلب ابن المبارك العلم، وروى رواية كثيرة، وصنف كتبًا كثيرة فى أبواب العلم وصنوفه، وقال الشعر فى الزهد والحث على الجهاد، وسمع علمًا كثيرًا، وكان ثقة، مأمونًا، حجة، كثير الحديث. توفى بهيت منصرفًا من الغزو سنة إحدى وثمانين ومائة، وهو ابن ثلاث وستين سنة. قال البخارى: توفى فى رمضان من السنة المذكورة. قلت: هيت مدينة معروفة على الجزء: 1 ¦ الصفحة: 286 الفرات فوق الأنبار. قال الخطيب: حدث عن ابن المنبارك: معمر، والحسين بن داود، وبين وفاتيهما مائة واثنتان وثلاثون سنة، وقيل: مائة وثلاثون سنة. 330 - عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبى طالب: أبو محمد الهاشمى المدنى التابعى. تكرر فى المختصر. سمع ابن عمر، وجابرًا، وأنسًا، والربيع بنت معوذ، رضى الله عنهم، وسمع جماعات من كبار التابعين، منهم سعيد بن المسيب، ومحمد بن الحنفية، وعلى بن الحسين، وأبو سلمة، وعطاء بن يسار، وآخرون. روى عنه شريك، ومحمد بن عجلان، والسفيانان وخلائق من الأئمة وغيرهم. قال الحاكم: كان أحمد بن حنبل وإسحاق يحتجان بحديثه، وليس بالمتين عندهم. وقال محمد بن سعد: كان كثير العلم، وكان مُنكر الحديث، لا يُحتج بحديثه، وضَّعفه ابن عيينة، وابن معين، وأبو حاتم، وأبو زرعة. وقال الترمذى فى مواضع من جامعه: كان أحمد بن حنبل وإسحاق والحميدى يحتجون بحديثه. وقال البخارى: هو مقارب الحديث. توفى سنة خمس وأربعين ومائة. 331 - عبد الله بن محمد بن على بن أبى طالب (1) : أبو هاشم القريشى الهاشمى المدنى. مذكور فى المختصر فى نكاح المتعة. سمع أباه محمد بن الحنفية. روى عنه سالم بن أبى الجعد، وعمرو بن دينار، والزهرى، وغيرهم. قال ابن سعد: كان ثقة صاحب علم ورواية، قليل الحديث، واتفقوا على توثيقه. روى له البخارى، ومسلم. توفى بالحميمة من أرض البلقاء بالشام راجعًا من دمشق إلى المدينة سنة تسع وتسعين، وقيل: سنة ثمان وتسعين، رحمه الله. 332 - عبد الله بن محيريز بن جنادة بن وهب بن لوذان بن سعد بن جمح بن عمرو ابن هصيص بن كعب بن لؤى بن غالب القريشى الجمحى المكى التابعى (2) : أبو محيريز، نزل الشام، وسكن بيت المقدس. سمع عبادة بن الصامت، وأبا سعيد الخدرى، ومعاوية بن أبى سفيان، وفضالة بن عبيد، وأبا محذورة، وعبد الله بن السعدى، وأوس بن أوس، وغيرهم من الصحابة. روى عنه أبو قلابة، ومحمد بن يحيى بن حبان،   (1) الطبقات الكبرى لابن سعد (5/327، 328) ، والتاريخ الكبير للبخارى (5/582) ، والجرح والتعديل (5/711) ، وسير أعلام النبلاء (4/129، 130) ، وتاريخ الإسلام (4/20) ، وميزان الاعتدال (2/4533) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (6/16) . تقريب التهذيب (3593) ، وقال: “ثقة قرنه الزهري بأخيه الحسن من الرابعة مات [دون المائة] سنة تسع وتسعين بالشام ع”. (2) الطبقات الكبرى لابن سعد (7/447) ، والتاريخ الكبير للبخارى (5/613) ، والجرح والتعديل (5/776) ، والاستيعاب (3/983) ، وسير أعلام النبلاء (4/694، 696) ، وتاريخ الإسلام (4/21) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (6/22، 23) ، والإصابة (3/6633) . تقريب التهذيب (3604) ، وقال: “محيريز بمهملة وراء آخره زاي مصغر الجمحي بضم الجيم وفتح الميم بعدها مهملة، ثقة عابد من الثالثة مات دون المائة سنة تسع وتسعين وقيل قبلها ع”.. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 287 والزهرى، وآخرون من التابعين. وأجمعوا على توثيقه وإمامته وجلالته وفضله. قال الأوزاعى: من كان مقتديًا فليقتد بمثل ابن محيريز، فإن الله تعالى لم يكن ليضل أمة فيها مثل ابن محيريز. وقال رجاء بن حيوة: والله إن كنت أعد بقاء ابن محيريز أمانًا لأهل الأرض. وروى له البخارى ومسلم. قال البخارى، عن ضمرة: توفى ابن محيريز فى خلافة الوليد بن عبد الملك، وقيل: توفى فى خلافة عمر بن عبد العزيز، رضى الله عنهم. 333 - عبد الله بن مسعود الصحابى، رضى الله عنه (1) : متكرر. هو أبو عبد الرحمن عبد الله بن مسعود بن غافل، بالغين المعجمة والفاء، ابن حبيب بن سمح بن فار، بالفاء وتخفيف الراء، ابن مخزوم بن صاهلة، بالصاد المهملة والهاء، ابن كاهل بن الحارث بن تميم بن سعد بن هذيل بن مدركة بن إلياس بن مضر ابن نزار الهذلى، حليف بنى زهرة الكوفى، وأمه أم عبد بنت عبدود بن سواء من هذيل أيضًا، أسلمت وهاجرت، فهو صحابى ابن صحابية، أسلم عبد الله قديمًا حين أسلم سعيد بن زيد قبل عمر بن الخطاب بزمان. جاء عنه قال: لقد رأيتنى سادس ستة ما على الأرض مسلم غيرنا. رواه الطبرانى بإسناده. وهاجر إلى الحبشة، ثم إلى المدينة، وشهد مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بدرًا، وأُحُدًا، والخندق، وبيعة الرضوان، وسائر المشاهد، وشهد اليرموك، وهو الذى أجهز على أبى جهل يوم بدر، وشهد له رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالجنة، وهو صاحب نعل رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، كان يلبسه إياها إذا قام، فإذا خلعها وجلس جعلها ابن مسعود فى ذراعه، وكان كثير الولوج على رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - والخدمة له. وثبت فى صحيح مسلم عنه، قال: قال لى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “آذنك على أن ترفع الحجاب، وتسمع سِوادى حتى أنهاك”، والسواد بكسر السين: السرار، وكان يعرف بصاحب السواد، والسواك، والنعل. رُوى له عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثمانمائة وثمانية وأربعون حديثًا، اتفق البخارى ومسلم منها على أربعة وستين، وانفرد البخارى بأحد وعشرين، ومسلم بخمسة وثلاثين. روى عنه ابن عمر، وابن عباس، وابن الزبير، وأبو موسى الأشعرى، وأنس، وجابر، وأبو سعيد، وعمران بن الحصين، وعمرو بن حريث، وأبو هريرة، وغيرهم من الصحابة،   (1) الطبقات الكبرى لابن سعد (2/342، 3/150، 6/13) ، والتاريخ الكبير للبخارى (5/3) ، والجرح والتعديل (5/686) ، والاستيعاب (3/987) ، وأسد الغابة (3/256) ، وسير أعلام النبلاء (1/461) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (6/27، 28) ، والإصابة (2/4954) . تقريب التهذيب (3613) ، وقال: "من السابقين الأولين ومن كبار العلماء من الصحابة مناقبة جمة وأمره عمر على الكوفة ومات سنة اثنتين وثلاثين أو في التي بعدها بالمدينة ع". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 288 وخلائق لا يُحصون من كبار التابعين. نزل الكوفة فى آخر أمره، وتوفى بها سنة ثنتين وثلاثين، وقيل: سنة ثلاث وثلاثين، وقيل: عاد إلى المدينة، واتفقوا على أنه توفى وهو ابن بضع وستين سنة، والذين قالوا: توفى بالمدينة، قالوا: دُفن بالبقيع، قيل: وصلى عليه عثمان، وقيل: الزبير، وقيل: عمار ابن ياسر. وكان من كبار الصحابة، وساداتهم، وفقهائهم، ومقدميهم فى القرآن، والفقه، والفتوى، وأصحاب الخلق، وأصحاب الاتباع فى العلم. ثبت فى صحيحى البخارى ومسلم، عن أبى موسلا، قال: قدمت أنا وأخى من اليمن، فمكثنا حينًا لا نرى ابن مسعود وأمه إلا من أهل بيت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، لما نرى من كثرة دخوله ودخول أمه على رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولزومه له. وفى صحيح البخارى، عن عبد الرحمن بن زيد، قال: قلنا لحذيفة: أخبرنا برجل قريب السمت والدل والهدى من رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نأخذ عنه، فقال: ما نعلم أحدًا أقرب سمتًا ودلاً وهديًا برسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من ابن أم عبد، ولقد علم المحفوظون من أصحاب محمد - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن ابن أم عبد أقربهم إلى الله وسيلة. وفى الصحيحين عن ابن مسعود، قال: علمنى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - التشهد كفى بين كفيه كما يعلمنى السورة من القرآن. وفى الصحيحين عنه، قال: بينما نحن مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بمنى، إذا انفلق القمر فلقتين، فلقة وراء الجبل، وفلقة دونه، فقال لنا رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “اشهدوا”. وفى الصحيحين عنه: قال لى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “اقرأ علىَّ القرآن”، فقلت: يا رسول الله، أقرأ عليك وعليك وأُنزل؟! قال: “إنى أحب أن أسمعه من غيرى”، فقرأت عليه سورة النساء حتى جئت إلى هذه الآية: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاء شَهِيدًا} [النساء: 41] ، قال: “حسبك الأن”، فالتفت إليه فإذا عيناه تذرفان. وفى الصحيحين عن مسروق قال: ذكر عند عبد الله بن عمرو، يعنى ابن العاص، عبد الله بن مسعود، فقال: لا أزال أحبه، سمعت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: “خذوا القرآن من أربعة: من عبد الله، وسالم مولى أبى حذيفة، ومعاذ، وأُبىّ بن كعب” (1) . وفى رواية تقديم أُبىّ على معاذ، رضى الله عنهم. وفى صحيح مسلم، عن ابن مسعود، قال: والذى لا إله غيره، ما من كتاب الله سورة إلا أنا أعلم حيث نزلت، وما من آية إلا أنا أعلم فيما نزلت،   (1) حديث ابن عمرو: أخرجه الترمذى (5/674 رقم 3810) وقال: حسن صحيح. والحاكم (3/605، رقم 6242) وقال: صحيح الإسناد. وأخرجه أيضًا: البخارى (3/1385، رقم 3597) . حديث ابن مسعود: أخرجه البزار (4/332، رقم 1526) ، قال الهيثمى (9/311) : رجاله ثقات. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 289 ولو أعلم أحدًا هو أعلم بكتاب الله منى تبلغه الإبل لركبت إليه. وفى غير الصحيحين عن حذيفة، قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “تمسكوا بعهد ابن أم عبد” (1) . وبعثه عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، إلى الكوفة، وكتب إليهم: بعثت إليكم عمارًا أميرًا، وعبد الله بن مسعود معلمًا ووزيرًا، وهما من النجباء من أصحاب رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ومن أهل بدر، فاقتدوا بهما، وقد آثرتكم بعبد الله على نفسى. وقال فيه عمر: كنيف ملىء علمًا، وكان إذا هدأت العيوم قام قيُسمع له دوى كدوى النحل حتى يصبح. قال أبو الدرداء حين توفى ابن مسعود: ما ترك بعده مثله. وقال أبو طيبة: مرض ابن مسعود، فعاده عثمان، فقال: ما تشتكى؟ فقال: ذنوبى، قال: فما تشتهى؟ قال: رحمة ربى، قال: ألا آمر لك بطبيب؟ قال: الطبيب أمرضنى، قال: ألا آمر لك بعطاء؟ قال: لا حاجة لى فيه، قال: يكون لبناتك، فقال: أتخشى على بناتى الفقر، إنى أمرتهن أن يقرأن فى كل ليلة سورة الواقعة، إنى سمعت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: “من قرأ سورة الواقعة كل ليلة لم تصبه فاقة أبدًا” (2) . وكان لابن مسعود ثلاثة بنين: عبد الرحمن، وبه كان يكنى، وعتبة، وأبو عبيدة، واسم أبى عبيدة عامر، وقيل: اسمه كنيته، واتفقوا على أن أبا عبيدة لم يسمع أباه، ورواياته عنه كثيرة وكلها منقطعة، وأما عبد الرحمن، فقال على بن المدينى والأكثرون: سمع أباه. وقال أحمد بن حنبل: توفى ابن مسعود ولابنه عبد الرحمن ست سنين. وقال يحيى بن معين: لم يسمع أباه، والله أعلم. 334 - عبد الله بن مغفل (3) : بضم الميم، وفتح الغين المعجمة، والفاء المشددة، الضحابى، رضى الله عنه. تكرر فى المهذب. هو أبو سعيد، وقيل: أبو عبد الرحمن، وأبو زياد عبد الله بن مغفل بن عبد غنم، وقيل: ابن عبد نهيم بن عفيف بن أسحم بن ربيعة بن عدا، وقيل: عدى بن ثعلبة ابن ذؤيب، وقيل: ذؤيد بن سعد بن عدا بن عثمان بن عمرو بن أد بن طابخة بن إلياس ابن مضر بن نزار المزنى المدنى البصرى. ومزينة امرأة عثمان بن عمرو، نسبوا إليها، وهى مزينة بنت كلب بن وبرة، فولد عثمان يقال لهم: مزنيون. وكان عبد الله من أهل بيعة الرضوان، وقال: إنى لممن رفع   (1) حديث حذيفة: أخرجه الحاكم (3/79، رقم 4451) ، والبيهقى (8/153، رقم 16367) . وأخرجه أيضاً: الحميدى (1/214، رقم 449) ، والطبرانى فى الأوسط (5/344، رقم 5503) ، وابن عساكر (30/227) . حديث أنس: أخرجه ابن عدى (2/249، ترجمة 424 حماد بن دليل) ، وابن عساكر (33/119) . (2) أخرجه البيهقى فى شعب الإيمان (2/492، رقم: 2500) ، وابن عساكر (33/186) . (3) الطبقات الكبرى لابن سعد (7/13 0 32) ، والتاريخ الكبير للبخارى (5/36) ، والجرح والتعديل (5/687) ، والاستيعاب (3/996) ، وأسد الغابة (3/264) ، وسير أعلام النبلاء (2/483) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (6/42) ، والإصابة (2/4972) . تقريب التهذيب (3638) ، وقال: “مغفل بمعجمة وفاء ثقيلة ابن عبد نهم بفتح النون وسكون الهاء صحابي بايع تحت الشجرة ونزل البصرة مات سنة سبع وخمسين وقيل بعد ذلك ع”. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 290 أغصان الشجرة عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. سكن المدينة، ثم تحول إلى البصرة، وابتنى بها دارًا قرب الجامع، وكان أحد البكائين الذين نزل فيهم قوله تعالى: {وَلاَ عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لاَ أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوا وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلاَّ يَجِدُوا مَا يُنفِقُونَ} [التوبة: 92] . وكان أحد العشرة الذين بعثهم عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، إلى البصرة يفقهون الناس، وهو أول من دخل مدينة تستر حين فتحها المسلمون. رُوى له عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثلاثة وأربعون حديثًا، اتفق البخارى ومسلم منها على أربعة، وانفرد البخارى بحديث، ومسلم بآخر. روى عنه جماعات من التابعين، منهم الحسن البصرى، وأبو العالية، ومطرف، ويزيد ابنا عبد الله، وآخرون. وتوفى بالبصرة سنة ستين، وقيل: سنة تسع وخمسين، وصلى عليه أبو برزة الأسلمى لوصيته بذلك. رُوى له فى المهذب فى باب الاستطابة: “لا يبولن أحدكم فى مستحمه”، وهو حديث حسن، وفى مواقيت الصلاة فى النهى عن تسمية المغرب عشاء، رواه البخارى، وفى طهارة البدن النهى عن الصلاة فى أعطان الإبل، وهو صحيح أيضًا، وفى إحياء الموات حديثًا ضعيفًا، وفى كتاب السير حديث دلى جراب شحم يوم خيبر، رواه البخارى ومسلم. 335 - عبد الله بن نافع (1) : مذكور فى المختصر فى أول صدقة النخل والعنب. هو أبو محمد عبد الله بن نافع الصائغ المدنى القريشى المخزومى مولاهم. سمع مالكًا، وابن أبى ذؤيب، وداود بن قيس، وهشام بن عروة، وغيرهم. روى عنه عبد الرحمن بن محمد بن دحيم، ومحمد بن يحيى الذهلى. قال أحمد بن حنبل: لم يكن صاحب حديث، وكان صاحب رأى مالك، كان يفتى أهل المدينة، ولم يكن فى الحديث بذاك. وقال البخارى: يعرف حفظه وينكر. وقال يحيى ابن معين: هو ثقة. وقال ابن عدى: روى عن مالك غرائب، وهو مستقيم الحديث. وقال ابن سعد: كان قد لزم مالك بن أنس لزومًا شديدًا، وكان لا يقدم عليه أحدًا. توفى   (1) الطبقات الكبرى لابن سعد (5/438) ، والتاريخ الكبير للبخارى (5/687) ، والجرح والتعديل (5/856) ، وسير أعلام النبلاء (1/371) ، وميزان الاعتدال (2/4647) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (6/51، 52) . تقريب التهذيب (3659) ، وقال: “ثقة صحيح الكتاب في حفظه لين من كبار العاشرة مات سنة ست ومائتين وقيل بعدها بخ م 4”.. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 291 بالمدينة فى شهر رمضان سنة ست ومائتين. 336 - عبد الله بن النواحة الكافر: مذكور فى المهذب فى باب الضمان، وفى السير فى مسألة: لا يقتل رسول الكفار. والنَّواحة: المكثرة من النوح، وقد ذكر فى المهذب فى الضمان والسير أن ابن مسعود قتل عبد الله بن النواحة على كفره ورِدَّتِهِ واستتابه قبل قتله فأبى، فقتله كافرًا. * * * باب عبد الحق، وعبد الحميد، وعبد خير، وعبد الدايم 337 - عبد الحق: صاحب كتاب الأحكام. مذكور فى الروضة فى آخر كتاب الكفارات. هو الإمام الحافظ الفقيه الخطيب أبو محمد عبد الحق بن عبد الرحمن بن عبد الله بن الحسين بن سعيد بن إبراهيم الأزدى الإشبيلى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 292 مولده فى شهر ربيع الأول سنة عشر وخمسمائة، وتوفى ببجاية فى أواخر ربيع الآخر سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة. 338 - عبد الحميد بن سلمة: مذكور فى المهذب فى أول الحضانة، وصوابه عبد الحميد بن يزيد بن سلمة، وهذا الذى فى المهذب نسبه إلى جده، وقد سبق بيانه فى ترجمة سلمة، وهو أنصارى. 339 - عبد خير بن يزيد الهمدانى: بإسكان الميم، الكوفى، أبو عمارة التابعى. أدرك زمن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولم يره. قال عبد خير: أتى علىَّ مائة وعشرون سنة، وكنا ببلاد اليمن، فجاءنا كتاب رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يدعو الناس إلى خير، فاجتمعوا فى دير واسع فأسلموا وأسلمنا، وكان عبد خير من كبار أصحاب علىّ، رضى الله عنه، واتفقوا على توثيقه. سكن الكوفة. 340 - عبد الدائم بن دينار: مذكور فى المهذب فى وسط باب المسابقة [ ...... ] (1) . * * * باب عبد الرحمن 341 - عبد الرحمن بن أبزى الصحابى، رضى الله عنه (2) : وأبزى بفتح الهمزة، وإسكان الموحدة، وفتح الزاى، وهو خزاعى، مولى نافع بن عبد الحارث، سكن الكوفة، واستعمله علىّ، رضى الله عنه، على خراسان، وأكثر رواياته عن عمر، وأُبىّ بن كعب، رضى الله عنهما. قال عمر بن الخطاب: عبد الرحمن بن أبزى مما رفعه الله بالقرآن. رُوى له عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اثنا عشر حديثًا. روى عنه ابناه سعيد، وعبد الله، وغيرهما. ثبت فى صحيح مسلم عن عامر بن واثلة، أن نافع بن عبد الحارث لقى عمر بعسفان، وكان عمر يستعمله بمكة، فقال: من استعملت على أهل الوادى؟ قال: ابن أبزى، قال: ومن ابن أبزى؟ قال: مولى من موالينا، قال: فاستخلفت عليهم مولى؟ قال: إنه قارىء لكتاب الله تعالى، وإنه عالم بالفرائض، قال: قال عمر: أما أن نبيكم - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -   (1) ما بين المعقوفتين بياض فى بعض النسخ مقدار سطر واحد، لم ينبه عليه. (2) الطبقات الكبرى لابن سعد (5/462) ، والتاريخ الكبير للبخارى (5/800) ، والجرح والتعديل (5/985) ، والاستيعاب (2/822) ، وأسد الغابة (3/278) ، وسير أعلام النبلاء (3/201) ، وتاريخ الإسلام (3/186) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (6/132، 133) ، والإصابة (2/5075) . تقريب التهذيب (3794) ، وقال: "أبزي بفتح الهمزة وسكون الموحدة بعدها زاي مقصور، صحابي صغير وكان في عهد عمر رجلا وكان على خراسان لعلي ع".. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 293 قد قال: "إن الله يرفع بهذا الكتاب أقوامًا ويضع به آخرين" (1) . 342 - عبد الرحمن بن أزهر الصحابى، رضى الله عنه (2) : مذكور فى المختصر فى أول باب حد شارب الخمر. هو أبو جبير عبد الرحمن بن أزهر بن عوف بن عبد عوف بن عبد الحارث بن زهرة بن كلاب القريشى الزهرى، هو ابن أخى عبد الرحمن بن عوف، هذا هو الصحيح. قال ابن عبد البر: وقد غلط مَن جعله ابن عمه. وقال ابن مندة: أزهر بن عبد عوف، وهو ابن عم عبد الرحمن بن عوف. قال ابن حزم فى الجمهرة: عبد الرحمن بن أزهر بن عبد عوف، فيكون ابن عم عبد الرحمن بن عوف بن عبد عوف. شهد مع النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حنينًا، روى حديث شارب الخمر وغيره. روى عنه أبو سلمة، ومحمد بن إبراهيم، وكريب، وغيرهم. توفى قبل الحرة، وكانت الحرة بالمدينة سنة ثلاث وستين. 343 - عبد الرحمن بن بشر: مذكور فى المختصر فى باب بيع ثمر الحائط. هو أبو محمد عبد الرحمن بن بشر بن الحكم بن حبيب بن مهران العبدى النيسابورى. سمع ابن عيينة، ويحى القطان، وآخرين. روى عنه البخارى، ومسلم، وأبو داود، وأبو حاتم، وخائق من الأئمة. واتفقوا على توثيقه. قال الحاكم أبو عبد الله: هو العالم ابن العالم ابن العالم. توفى سنة ستين ومائتين، وقيل: سنة ثنتين وستين. 344 - عبد الرحمن بن أبى بكر الصديق، رضى الله عنهما (3) : مذكور فى المختصر والمهذب. هو أبو عبد الله، وقيل: أبو عثمان، وقيل: أبو محمد عبد الرحمن بن أبى بكر عبد الله بن عثمان، رضى الله عنهما، القريشى التيمى المكى المدنى، الصحابى ابن الصحابى ابن الصحابى، أمه أم رُومان، بضم الراء على المشهور. وحكى ابن عبد البر فتحها وضمها. سكن عبد الرحمن المدينة، وتوفى بمكة. قال العلماء: ولا نعلم أربعة ذكور مسلمين متوالدين بعضهم من بعض أدركوا النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وصحبوه إلا أبو قحافة، وابنه أبو بكر، وابنه عبد الرحمن، وابنه محمد بن عبد الرحمن أبو عتيق. وكان عبد الرحمن   (1) أخرجه أحمد (1/35، رقم 232) ، والدارمى (2/536، رقم 3365) ومسلم (1/559، رقم 817) ، وابن ماجه (1/79، رقم 218) ، وأبو عوانة (2/444، رقم 3762) ، وابن حبان (3/49، رقم 772) . وأخرجه أيضًا: عبد الرزاق عن معمر فى الجامع (11/439، رقم 20944) ، والبزار (1/371، رقم 249) ، والبيهقى (3/89، رقم 4904) . (2) التاريخ الكبير للبخارى (5/792) ، والجرح والتعديل (5/983) ، والاستيعاب (2/822) ، وأسد الغابة (3/279) ، وتاريخ الإسلام (4/82) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (6/135، 136) ، والإصابة (2/5078) . تقريب التهذيب (3798) ، وقال: “صحابي صغير مات قبل الحرة، أغفل المزي رقم س وهو في الأشربة د س”. (3) التاريخ الكبير للبخارى (5/795) ، والجرح والتعديل (5/1180) ، والاستيعاب (2/824) ، وأسد الغابة (3/304) ، وسير أعلام النبلاء (2/471) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (6/146، 147) ، والإصابة (2/5088، 5151) . تقريب التهذيب (3814) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 294 أخا عائشة لأبويها، وشهد بدرًا، وأُحُدًا مع الكفار، وأسلم فى هدنة الحديبية، وحسن إسلامه، وكان اسمه عبد الكعبة، فسماه رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عبد الرحمن، وقيل: كان اسمه عبد العزى، وكان شجاعًا حَسن الرمى، وشهد اليمامة مع خالد، فَقَتل سبعة من كبار الكفار، وهو قاتل محكم اليمامة بن الطفيل، رماه بسهم فى نحره فقتله، وكان محكم فى ثلمة فى الحصن، فلما قتله دخل المسلمون. قال الزبير بن بكار: كان عبد الرحمن أسن ولد أبى بكر. رُوى له عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثمانية أحاديث، اتفق البخارى ومسلم على ثلاثة منها. روى عنه أبو عثمان النهدى، وشريح القاضى، وعمرو بن أوس، وابن أخيه القاسم بن محمد، وابن أبى مليكة، وميمون بن مهران، وبنته حفصة بنت عبد الرحمن، وغيرهم. توفى بالحبش جبل بينه وبين مكة ستة أميال، وقيل: نحو عشرة أميال، ثم حمل على رقاب الرجال إلى مكة سنة ثلاث وخمسين، وقيل: خمس وخمسين، وقيل: ست، والصحيح الأول، وكانت وفاته فجأة، ولما أبى البيعة ليزيد بن معاوية بعثوا إليه بمائة ألف درهم ليستعطفوه فردَّها، وقال: لا أبيع دينى بدنياى، رضى الله عنه. 345 - عبد الرحمن بن أبى بكرة (1) : مذكور فى المختصر فى مسح الخف. هو أبو عمرو عبد الرحمن بن أبى بكرة نفيع بن الحارث الثقفى البصرى التابعى، وهو أول مولود ولد فى الإسلام بالبصرة، سمع أباه، وعلى بن أبى طالب، وابن عمرو بن العاص. روى عنه ابن سيرين، وعبد الملك بن عمير، وعلى بن زيد، وقتادة، وخالد الحذاء، وخلائق غيرهم. واتفقوا على توثيقه. روى له البخارى، ومسلم. 346 - عبد الرحمن بن الزبير (2) : مذكور فى المهذب فى أواخر الرجعة فى وطء المحلل، والزبير بفتح الزاى وكسر الباء بلا خلاف، وهو الزبير بن باطا اليهودى، وقد سبق بيانه فى ترجمته، هذا هو المشهور أن عبد الرحمن الذى تزوج امرأة رفاعة القرظى هو عبد الرحمن بن الزبير بن باطا اليهودى، وكذا ذكره ابن عبد البر وغيره. وقال ابن منده، وأبو نعيم: هو عبد الرحمن بن الزبير بن زيد بن أمية بن زيد بن مالك بن عوف بن عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس.   (1) الطبقات الكبرى لابن سعد (7/190) ، والتاريخ الكبير للبخارى (5/738) ، وسير أعلام النبلاء (4/319 - 320) ، والإصابة (3/6678) . تقريب التهذيب (3816) ، وقال: “ثقة من الثانية مات سنة ست وتسعين ع”.. (2) الجرح والتعديل (5/1115) ، والاستيعاب (2/833) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (6/170) ، والإصابة (2/5122) . تقريب التهذيب (3860) ، وقال: “ابن الزبير بفتح الزاي ابن باطا بموحدة القرظي بضم القاف وفتح الراء بعدها معجمة صحابي صغير كن”. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 295 347 - عبد الرحمن بن زمعة بن قيس بن عبد شمس بن عبدود بن نصر بن مالك ابن حسل بن عامر بن لؤى بن غالب القرشى العامرى: وهو ابن وليدة زمعة الذى اختصم فيه سعد بن أبى وقاص وعبد بن زمعة يوم الفتح، فقضى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فيه أن الولد للفراش وللعاهر الحجر، وأجمع النسابون مصعب والزبير والعدوى وغيرهم على ما ذكرناه، قالوا: وأمه يمانية كانت لأبيه، وهو أخو سودة بنت زمعة زوج النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. ولد عبد الرحمن بالمدينة، هذا كله نقل ابن عبد البر. وذكر ابن منده، وأبو نعيم الأصبهانى فى نسبه كلامًا باطلاً ظاهر البطلان، والله أعلم. 348 - عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب القرشى العدوى (1) : ابن أخى عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، وهو صحابى، حنكه رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ومسح رأسه ودعا له بالبركة، فما رؤى مع قوم قط إلا فاقهم طولاً، وكان من أطول الرجال وأتمهم. توفى النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وله ست سنين، وكان شبيهًا بأبيه زيد، وزوجه عمه عمر بنته فاطمة، فولدت له عبد الله. 349 - عبد الرحمن بن أبى سعيد الخدرى: مذكور فى المهذب فى العقيقة. هو أبو حفص، وقيل: أبو محمد، وقيل: أبو جعفر عبد الرحمن بن سعد بن مالك بن سنان الأنصارى الخزرجى الخدرى المدنى، وسيأتى تمام نسبه فى ترجمة أبيه إن شاء الله تعالى، وهو تابعى. روى عن أبيه، وأبى حميد. روى عنه عطاء بن يسار، وزيد بن أسلم، وعمرو بن سليم، وابنه سعيد بن عبد الرحمن، وسهيل، وشريك، وهو ثقة، توفى سنة ثنتى عشرة ومائة. 350 - عبد الرحمن بن سمرة الصحابى (2) : مذكور فى كفارة اليمين من المهذب وغيره. هو أبو سعيد عبد الرحمن بن سمرة بن حبيب بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصى، هكذا نسبه ابن الكلبى، وأبو عبيد، وابن معين، والبخارى، وابن أبى حاتم، وأبو أحمد العسكرى، وآخرون، وزاد مصعب والزبير ابن بكار فى نسبه فقالا: حبيب بن زمعة بن عبد شمس، فزاد ربيعة. قال الحافظ أبو القاسم ابن عساكر   (1) الطبقات الكبرى لابن سعد (5/49) ، والتاريخ الكبير للبخارى (5/620) ، والجرح والتعديل (5/1106) ، والاستيعاب (2/833) ، وأسد الغابة (3/295) ، وتاريخ الإسلام (3/43) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (6/179 - 180) ، والإصابة (3/6211) . تقريب التهذيب (3866) . (2) الطبقات الكبرى لابن سعد (7/15، 366) ، والتاريخ الكبير للبخارى (5/796) ، والجرح والتعديل (5/1126) ، والاستيعاب (2/835) ، وسير أعلام النبلاء (2/571) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (6/190 - 191) ، والإصابة (2/5132) . تقريب التهذيب (3888) ، وقال: “صحابي من مسلمة الفتح يقال كان اسمه عبد كلال افتتح سجستان ثم سكن البصرة ومات بها سنة خمسين أو بعدها ع”. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 296 الدمشقى: الصحيح الأول، وهو قريشى عبشمى، المكى ثم البصرى. أسلم يوم الفتح، وصحب النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، كان اسمه عبد الكعبة، وقيل: عبد كلال، فسماه رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عبد الرحمن، سكن البصرة، وغزا خراسان فى زمن عثمان، وفتح سجستان، وكابل، وفتح سجستان سنة ثلاث وثلاثين. رُوى له عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أربعة عشر حديثًا، اتفقا على حديث، وانفرد مسلم بحديثين. روى عنه ابن عباس، وابن المسيب، والحسن البصرى، وابن سيرين، وآخرون. توفى سنة خمسين، وقيل: سنة إحدى وخمسين بالبصرة، وقيل: توفى بمرو، وأنه أول من دفن بمرو من أصحاب رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، والصحيح الأول، وكان متواضعًا، فإذا وقع المطر لبس برنسًا، وأخذ المسحاة، وكنس الطريق. 351 - عبد الرحمن بن سهل (1) : أخو عبد الله المقتول بخيبر، وفيه شرعت القسامة. مذكور فى المختصر والمهذب فى القسامة، وقد سبق تمام نسبه فى ترجمة أخيه عبد الله بن سهل، وهما صحابيان أنصاريان، شهد عبد الرحمن أُحُدًا، والخندق، وما بعدهما من المشاهد مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، واختلف فى شهوده بدرًا. قال ابن عبد البر: شهدها، واستعمله عمر بن الخطاب على البصرة بعد موت عتبة بن غزوان. 352 - عبد الرحمن بن عبيد الله بن عثمان القريشى الزهرى الصحابى: أخو طلحة بن عبيد الله، قُتل هو وأخوه طلحة يوم الجمل فى جمادى الأولى سنة ست وثلاثين. 353 - عبد الرحمن بن عتاب بن أسيد: مذكور فى المهذب فى الصلاة على عضو الميت. هو عبد الرحمن بن عتاب بن أسيد ابن أبى العيص بن أمية بن عبد شمس القريشى الأموى، ذكره أبو موسى الأصبهانى فى الصحابة، وأمه جويرية بنت أبى جهل التى كان على، رضى الله عنه، خطبها، وكان عبد الرحمن مع عائشة فى وقعة الجمل، فقتل هنالك. قال ابن قتيبة فى المعارف: كان يقال لعبد الرحمن: يعسوب قريش، شبهوه بيعسوب النحل، وهو أميرها، واتفقوا على أن يده احتملها طائر من وقعة الجمل، فألقاها بالحجاز فعرفوها بخاتمه، فصلوا عليها ودفنوها. قال ابن قتيبة: حملتها عقاب فألقتها فى ذلك اليوم باليمامة. وقال أبو موسى وغيره: ألقاها بالمدينة. وقال فى المهذب:   (1) التاريخ الكبير للبخارى (5/1035) ، وتاريخ الإسلام (3/274) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (6/235 - 236) . تقريب التهذيب (3963) ، وقال: “ثقة من الثالثة خ ت كن”. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 297 ألقاها بمكة، والله أعلم. 354 - عبد الرحمن بن عثمان بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد ابن تيم بن مرة التيمى الصحابى (1) : وهو ابن أخى طلحة بن عبيد الله، أحد العشرة، وهو والد معاذ بن عبد الرحمن التيمى، أسلم عبد الرحمن يوم الحديبية، وقيل: يوم الفتح. روى عن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أحاديث. روى له مسلم حديثًا فى النهى عن لقطة الحاج. روى عنه ابناه معاذ، وعثمان، وابن المسيب، وأبو سلمة، وغيرهم. سكن المدينة، وشهد اليرموك مع أبى عبيدة بن الجراح، وكان من أصحاب ابن الزبير، وقتل معه حين حصره الحجاج، قالوا: ودفنه فى المسجد الحرام، وأخفى قبره خوفًا عليه من انتهاك أصحاب الحجاج. 355 - عبد الرحمن بن عمرو بن يحمد (2) : بضم المثناة من تحت وكسر الميم، الأوزاعى، الإمام المشهور. تكرر ذكره فى المختصر والمهذب فى باب الحيض وغيره، كنيته أبو عمرو الشامى الدمشقى، كان إمام أهل الشام فى عصره بلا مدافعة ولا مخالفة، كان أهل الشام والمغرب على مذهبه قبل انتقالهم إلى مذهب مالك رحمه الله. كان يسكن دمشق خارج باب الفراديس، ثم تحول إلى بيروت فسكنها مرابطًا إلى أن مات بها، وهو من تابعى التابعين. سمع جماعات من التابعين كعطاء بن أبى رباح، وقتادة، ونافع مولى ابن عمر، والزهرى، ومحمد بن المنكدر، وغيرهم. وروى عنه جماعة من التابعين وشيوخه كقتادة، والزهرى، ويحيى بن أبى كثير، وجماعات من أقرانهم وكبار العلماء كسفيان، ومالك، وشعبة، وابن المبارك، وخلائق لا يحصون. واختلفوا فى الأوزاع التى نسب إليها، فقيل: بطن من حمير، وقيل: من همدان، بإسكان الميم، وقيل: إن الأوزاع قرية كانت عند باب الفراديس من دمشق، وقيل: هى نسبة إلى أوزاع القبائل، أى فرقها وبقايا مجتمعة من قبائل ستى. روينا عن الإمام الحافظ الحاكم محمد بن محمد بن إسحاق، وهو شيخ الحاكم أبى عبد الله بن البيع النيسابورى، قال: هو منسوب إلى الأوزاع من حمير، قال: وقيل: الأوزاع قرية بدمشق خارج باب   (1) التاريخ الكبير للبخارى (5/794) ، والجرح والتعديل (5/1181) ، وتاريخ الإسلام (3/187) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (6/227) ، والإصابة (2/5159) . تقريب التهذيب (3944) ، وقال: “صحابي قتل مع ابن الزبير م د س”.. (2) الجرح والتعديل (5/1257) ، وسير أعلام النبلاء (7/107) ، وتاريخ الإسلام (6/225) ، وميزان الاعتدال (2/4929) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (6/238 - 242) . تقريب التهذيب (3967) ، وقال: "ثقة جليل من السابعة مات سنة سبع وخمسين ع".. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 298 الفراديس. قال: وعرضت هذا القول على أحمد بن عمير، يعنى ابن جوصا، بفتح الجيم وإسكان الواو وبالصاد المهملة، قال: وكان علامة بحديث الشام وأنساب أهلها، فلم يرضه، وقال: إنما قيل: الأوزاعى؛ لأنه من أوزاع القبائل. وبلغنا عن الهيثم بن خارجة، قال: سمعت أصحابنا يقولون: ليس هو من الأوزاع، إنما كان ينزل قرية الأوزاع. وقال الإمام أبو سليمان محمد بن عبد الله الربعى، بفتح الراء والموحدة: قال ضمرة: الأوزاعى حميرى، والأوزاع من قبائل شتى. قال الربعى: وذكره ابن أبى خيثمة فى تاريخه، فقال: بطن من همدان، ولم ينسب هذا القول إلى أحد. قال الربعى: فليس هو بصحيح، وقول ضمرة أصح؛ لأنه وقع على موضع مشهور بربض دمشق يُعرف بالأوزاع، سكنه فى صدر الإسلام بقايا من قبائل شتى. وقال محمد ابن سعد: الأوزاع بطن من همدان، والأوزاعى من أنفسهم، وفيه خلاف كثير حذفته لعدم الضرورة إليه. ولد الأوزاعى، رضى الله عنه، سنة ثمان وثمانين من الهجرة، ومات سنة سبع وخمسين ومائة. قال أبو زرعة الدمشقى: كان اسم الأوزاعى: عبد العزيز، فسمى نفسه عبد الرحمن. قلت: وقد أجمع العلماء على إمامة الأوزاعى، وجلالته، وعلو مرتبته، وكمال فضله، وأقاويل السلف، رحمهم الله، كثيرة مشهورة مصرحة بورعه، وزهده، وعبادته، وقيامه بالحق، وكثرة حديثه، وغزارة فقهه، وشدة تمسكه بالسُنة، وبراعته فى الفصاحة، وإجلال أعيان أئمة عصره من الأقطار له، واعترافهم بمرتبته. وروينا عن هقل، بكسر الهاء وإسكان القاف، وهو أثبت الناس بالرواية عن الأوزاعى، قال: أجاب الأوزاعى فى سبعين ألف مسألة أو نحوها. وعن غيره: أنه أفتى فى ثمانين ألف مسألة. وقال عبد الحميد بن حبيب بن أبى العشرين: سمعت أميرًا كان بالساحل وقد دفنا الأوزاعى ونحن عند القبر يقول: رحمك الله أبا عمرو، فقد كنت أخافك أكثر ممن ولانى. وعن عبد الرحمن بن مهدى، قال: ما كان بالشام أحد أعلم بالسنة من الأوزاعى. وعن محمد بن شعيب قال: قلت لأمية بن يزيد: أين الأوزاعى من مكحول؟ قال: هو عندنا أرفع من مكحول، قلت له: إن مكحولاً قد رأى أصحاب النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال: وإن كان قد رآهم، فإن فضل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 299 الأوزاعى فى نفسه، فقد جمع العبادة والورع والقول بالحق. وعن عبد الرحمن بن مهدى، قال: الأئمة فى الحديث أربعة: الأوزاعى، ومالك، وسفيان الثورى، وحماد بن زيد. وقال أبو حاتم: الأوزاعى إمام متبع لما سمع. وعن سفيان الثورى: أنه لما بلغه مقدم الأوزاعى، فخرج حتى لقيه بذى طوى، فحلَّ سفيان رأس البعير عن القطار ووضعه على رقبته، وكان إذا مر بجماعة قال: الطريق للشيخ. وذكر الشيخ أبو إسحاق الشيرازى فى الطبقات أن الأوزاعى سُئل عن الفقه، يعنى استفتى، وله ثلاث عشرة سنة. وأقوال السلف فى أحواله كثيرة، وكان مولده ببعلبك، ومات فى حمام بيروت، دخل الحمام فذهب الحمامى فى حاجته وأغلق عليه الباب، ثم جاء ففتح الباب فوجده ميتًا متوسدًا يمينه مستقبل القبلة، رضى الله عنه. 356 - عبد الرحمن بن عمر بن الخطاب: يقال له: عبد الرحمن الأكبر، وهو صحابى، ذكره ابن منده، وابن عبد البر، وابو نعيم الأصبهانى، وغيرهم فى الصحابة، وهو أخو عبد الله وحفصة لأمهم زينب بنت مظعون، أدرك عبد الرحمن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولم يحفظ عنه شيئًا. قالوا: وعبد الرحمن بن عمر الأوسط هو أبو شحمة الذى ضربه عمرو بن العاص بمصر فى الخمر، ثم حمله إلى المدينة فضربه أبوه عمر بن الخطاب تأديبًا، ثم مرض فمات بعد شهر، هكذا رواه معمر، عن الزهرى، عن سالم، عن أبيه. وأما ما يزعمه بعض أهل العراق أنه مات تحت السياط فغلط، وعبد الرحمن بن عمر الأصغر هو أبو المجبر، والمجبر اسمه أيضًا عبد الرحمن بن عمر. قال ابن عبد البر: وإنما قيل له: المجبر؛ لأنه وقع وهو غلام فتكسر، فحمل إلى عمته حفصة أم المؤمنين، فقيل: انظرى إلى ابن أخيط المكسر، فقالت: ليس بالمكسر، ولكنه المجبر. 357 - عبد الرحمن بن عوف الصحابى، رضى الله عنه (1) : متكرر فى هذه الكتب. هو أبو محمد بن عوف بن عبد عوف بن الحارث بن زهرة ابن كلاب بن مرة القرشى الزهرى المدنى، كان اسمه فى الجاهلية عبد عمرو، وقيل: عبد الكعبة، فسماه رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عبد الرحمن. وأمه الشفاء بنت عبد عوف بن عبد الحارث بن زهرة.   (1) الطبقات الكبرى لابن سعد (2/340، 3/124) ، والتاريخ الكبير للبخارى (5/التجمة 790) ، والجرح والتعديل (5/1179) ، والاستيعاب (2/844) ، وأسد الغابة (3/313) ، وسير أعلام النبلاء (1/68) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (6/244 - 246) ، والإصابة (2/5179) . تقريب التهذيب (3973) ، وقال: “أحد العشرة أسلم قديما ومناقبه شهيرة مات سنة اثنتين وثلاثين وقيل غير ذلك ع”. . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 300 ولد بعد الفيل بعشر سنين، أسلم عبد الرحمن قديمًا قبل دخول رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دار الأرقم، وهو أحد الثمانية السابقين إلى الإسلام، وأحد الخمسة الذين أسلموا على يد أبى بكر، وأحد العشرة الذين شهد لهم رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالجنة، وأحد الستة الذين هم أهل الشورى الذين أوصى إليهم عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، بالخلافة، وقال: إن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - توفى وهو عنهم راض. وكان من المهاجرين الأولين، وهاجر الهجرتين إلى الحبشة، ثم إلى المدينة. وآخى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بينه وبين سعد بن الربيع، وشهد مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بدرًا، وأُحُدًا، والخندق، وبيعة الرضوان، وسائر المشاهد. وبعثه رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى دومة الجندل إلى بنى كلب وعممه بيده، وسدلها بين كتفيه، وقال: “إن فتح الله عليك فتزوج ابنة ملكهم”، أو قال: “شريفهم”، فتزوج بنت شريفهم الأصبغ، وهى تماضر، فولدت له أبا سلمة. ومن مناقب عبد الرحمن التى لا توجد لغيره من الناس، أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صلى وراءه فى غزوة تبوك حين أدركه وقد صلى بالناس ركعة، وحديثه هذا فى صحيح مسلم وغيره، وقولنا: لا يوجد لغيره من الناس احتراز من صلاة النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خلف جبريل حين أعلمه بالمواقيت. وجرح عبد الرحمن يوم أُحُد إحدى وعشرين جراحة، وجرح فى رجله، وسقطت ثنيتاه، وكان كثير الإنفاق فى سبيل الله تعالى، أعتق فى يوم أَحد وثلاثين عبدًا. رُوى له عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خمسة وستون حديثًا، اتفقا منها على حديثين، وانفرد البخارى بخمسة. روى عنه ابن عمر، وابن عباس، وجابر، وأنس، وجبير بن مطعم، وغيرهم من الصحابة، وخلائق من التابعين، منهم بنوه إبراهيم، وحميد، ومصعب بنو عبد الرحمن. وفى الحديث عن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن عبد الرحمن بن عوف أمين فى السماء، أمين فى الأرض. وكان كثير المال، محظوظًا فى التجارة. قيل: إنه دخل على أم سلمة، فقال: يا أمه، خفت أن يهلكنى كثرة مالى، قالت: يا بنى أنفق. وعن الزهرى، قال: تصدق عبد الرحمن على عهد رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بشطر ماله أربعة آلاف، ثم بأربعين ألفًا، ثم تصدق بأربعين ألف دينار، ثم تصدق بخمسمائة فرس فى سبيل الله، ثم بخمسمائة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 301 راحلة، وكان عامة ماله التجارة. وفى كتاب الترمذى أن عبد الرحمن بن عوف أوصلا لأمهات المؤمنين بحديقة بيعت بأربعمائة ألف. قال الترمذى: حديث حسن صحيح. وقال عروة بن الزبير: أوصى عبد الرحمن بخمسين ألف دينار فى سبيل الله تعالى. وقال الزهرى: أوصى عبد الرحمن لمن بقى ممن شهد بدرًا لكل رجل بأربعمائة دينار، وكانوا مائة فأخذوها، وأخذها عثمان فيمن أخذ، وأوصى بألف فرس فى سبيل الله. ولما توفى قال على بن أبى طالب، رضى الله عنه: اذهب يا ابن عوف، أدركت صفوها، وسبقت كدرها. وكان سعد بن أبى وقاص فيمن حمل جنازته وهو يقول: واجبلاه. وخلف مالاً عظيمًا من ذهب قطع بالفؤوس حتى مجلت أيدى الرجال منها، وترك ألف بعير ومائة فرس، وثلاثة آلاف شاة ترعى، وكان له أربع نسوة صالحت امرأة منهن عن نصيبها بثمانين ألفًا. وكان أبيض مشربًا حمرة، حسن الوجه، رقيق البشرة، أعين، أهدب الأشفار، أقنى، له جمة، ضخم الكفين، غليظ الأصابع، لا يغير شعره. توفى سنة ثنتين وثلاثين، وقيل: سنة إحدى وثلاثين، وهو ابن ثنتين وسبعين، وقيل: خمس وسبعين، وقيل: ثمان وسبعين، ودفن بالبقيع. قال ابن قتيبة: ولد عبد الرحمن: محمد، وإبراهيم، وحميد، وزيد، أمهم أم كلثوم بنت عقبة بن أبى معيط، وأبو سلمة الفقيه أمه تماضر، ومصعب أمه يمانية، وسهيل أمه يمانية، وعثمان، والمسور، وعمر، وغيرهم، وبنات. 358 - عبد الرحمن بن غنم: تكرر فى باب الجزية من المهذب. هو عبد الرحمن بن غنم بن كريب بن هانىء بن ربيعة بن عارم بن عدى بن وائل بن ناجية بن الحنبل بن جماهر بن أدغم بن الأشعر الأشعرى. ذكره ابن يونس، وابن منده، وآخرون فى الصحابة. وأنكر ابن أبى حاتم وآخرون صحبته، وقالوا: هو تابعى مخضرم، وكان مسلمًا فى عهد رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولم يره. وقال الأولون: قدم على رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فى السفينة مع أبى موسى الأشعرى وأصحابه، كان يسكن فلسطين، وقدم دمشق. قال ابن يونس: وقدم مصر مع مروان بن الحكم سنة خمس وستين. روى عن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مرسلاً، وسمع عمر بن الخطاب، وعليًا، ومعاذًا، وأبا الدرداء، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 302 وأبا ذر، وأبا مالك الأشعرى، رضى الله عنه، ويُعرف بصاحب معاذ؛ لكسرة لزومه له، وكان عبد الرحمن أفقه أهل الشام، وعليه تفقه عامة التابعين بالشام، وكانت له جلالة وقدر. روى عنه خلائق من كبار التابعين. توفى سنة ثمان وسبعين. 359 - عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبى بكر الصديق، رضى الله عنهم (1) : تكرر فى المختصر، وذكره فى المهذب فى مشاورة القاضى الفقهاء، كنيته أبو محمد الرضى ابن الرضى، والفقيه ابن الفقيه، أمه أسماء بنت عبد الرحمن بن أبى بكر الصديق، ولد فى حياة عائشة. روى عن أبيه، وعبد الله بن عامر بن ربيعة، وأسلم مولى عمر، ونافع مولى ابن عمر، وغيرهم. روى عنه يحيى الأنصارى، وأيوب، وهشام بن عروة، وسماك بن حرب، وعبيد الله، وعبد الله ابنا عمر بن حفص، وحميد الطويل، ومالك، والسفيانان، وعمرو بن الحارث، وشعبة، والليث، والأوزاعى، وخلائق من الأئمة وغيرهم. واتفقوا على جلالته وإمامته وفضيلته وصلاحه. قال أحمد بن حنبل: هو ثقة، ثقة، ثقة. وقال ابن عيينة: لم يكن بالمدينة رجل أرضى من عبد الرحمن. وقال مصعب بن عبد الله: كان من خيار المسلمين. وقال ابن سعد: كان ورعًا، كثير الحديث. قال أبو عبيد: توفى عبد الرحمن سنة ست وعشرين ومائة، يقال: بالشام. وقال خليفة بن خياط كذلك، إلا أنه قال: توفى بالمدينة. وقال ابن سعد: توفى فى بيت المقدس. وقال عمرو بن على، وخليفة فى موضع آخر: توفى سنة إحدى وثلاثين ومائة. 360 - عبد الرحمن بن كعب بن مالك (2) : مذكور فى المهذب فى أول التفليس. هو أبو الخطاب الأنصارى السلمى، بفتح السين واللام، المدنى التابعى، وسيأتى تمام نسبه فى ترجمة أبيه إن شاء الله تعالى. سمع أباه، وجابرًا. روى عنه صالح بن رستم، والزهرى، وغيرهما، وهو ثقة. روى له البخارى، ومسلم. توفى فى خلافة سليمان بن عبد الملك، وقيل: فى خلافة هشام، رحمه الله. 361 - عبد الرحمن بن أبى ليلى (3) : مذكور فى المختصر فى تفريق الخُمس، وفى المهذب فى أواخر الصيام، وفى أول باب إقامة الحد. هو أبو عيسى عبد الرحمن بن   (1) التاريخ الكبير للبخارى (5/1086) ، والجرح والتعديل (5/1324) ، وسير أعلام النبلاء (6/5) ، وتاريخ الإسلام (5/102) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (6/254 - 255) . تقريب التهذيب (3981) ، وقال: “ثقة جليل قال ابن عيينة كان أفضل أهل زمانه من السادسة مات سنة ست وعشرين وقيل بعدها ع”.. (2) الطبقات الكبرى لابن سعد (5/274) ، والتاريخ الكبير للبخارى (5/1330) ، والجرح والتعديل (5/1330) ، وتاريخ الإسلام (4/144) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (6/259) . تقريب التهذيب (3991) ، وقال: “ثقة من كبار التابعين ويقال ولد في عهد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مات في خلافة سليمان ع”. (3) الطبقات الكبرى لابن سعد (6/109) ، والتاريخ الكبير للبخارى (5/1164) ، والجرح والتعديل (5/1424) ، وسير أعلام النبلاء (4/262 - 267) ، وتاريخ الإسلام (3/272) ، وميزان الاعتدال (2/452) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (6/260 - 262) . تقريب التهذيب (3993) ، وقال: “ثقة من الثانية اختلف في سماعه من عمر مات بوقعة الجماجم سنة ثلاث وثمانين قيل إنه غرق ع”.. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 303 أبى ليلى، واسم أبى ليلى يسار، وقيل: بلال، وقيل: بليل، وقيل: داود الأنصارى الأوسى الكوفى. وأبو ليلى صحابى شهد أُحُدًا وما بعدها من المشاهد مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ثم انتقل إلى الكوفة فسكنها، وحضر مع على بن أبى طالب، رضى الله عنه، مشاهده، وقُتل معه بصفين. وأما ابنه عبد الرحمن صاحب الترجمة، فتابعى جليل كبير، ولد لست سنين بقيت من خلافة عمر بن الخطاب، رضى الله عنه. روى عن عمر، وعثمان، وعلى، وسعد، وأُبىّ ابن كعب، وابن مسعود، وأبى ذر، وحذيفة، وابن عمر، والمقداد، وأبى أيوب، وابى الدرداء، وزيد بن أرقم، وأنس بن مالك، وكعب بن عجرة، وصهيب، وخوات بن جبير، وأبى موسى، والبراء بن عازب، وسهل بن حنيف، وأبى سعيد الخدرى، وسمرة ابن جندب، وأبى جحيفة، وعبد الله بن زيد، وقيس بن سعد، وأبيه أبى ليلى، وأم هانىء، رضى الله عنهم. روى عنه ابنه عيسى، ومجاهد، وثابت، والحكم، والشعبى، وابن سيرين، وعمرو بن ميمون، وعمرو بن مرة، وآخرون من التابعين. واتفقوا على توثيقه وجلالته. قال يحيى بن معين: لم يسمع عبد الرحمن بن أبى ليلى عمر بن الخطاب ولم يره، فقيل له: الحديث المروى: كنا مع عمر تتراءى الهلال؟ فقال: ليس بشىء. وقال الشافعى وغيره: لم يدرك ابن أبى ليلى بلالاً؛ لأن بلالاً توفى سنة عشرين بالشام، وولد ابن أبى ليلى قبل ذلك بنحو سنة بالكوفة. وقال عطاء بن السائب: قال عبد الرحمن بن أبى ليلى: أدركت عشرين ومائة من أصحاب النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كلهم من الأنصار. وقال عبد الملك بن عمير: رأيت عبد الرحمن بن أبى ليلى فى حلقة فيها نفر من أصحاب رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يستمعون لحديثه، وينصتون له، منهم البراء بن عازب، وقال عبد الله بن الحارث: ما شعرت أن النساء ولدن مثل عبد الرحمن بن أبى ليلى. توفى سنة ثلاث وثمانين. 362 - عبد الرحمن بن مهدى (1) : مذكور فى المهذب فى مسألة الكفاءة فى النكاح. هو الإمام عبد الرحمن بن مهدى ابن حسان بن عبد الرحمن، أبو سعيد العنبرى، وقيل: الأزدى، مولاهم البصرى اللؤلؤى. إمام أهل الحديث فى عصره،   (1) الطبقات الكبرى لابن سعد (7/297) ، والتاريخ الكبير للبخارى (5/1123) ، والجرح والتعديل (5/1382) ، وسير أعلام النبلاء (9/192) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (6/279 - 281) . تقريب التهذيب (4018) ، وقال: “ثقة ثبت حافظ عارف بالرجال والحديث قال ابن المديني ما رأيت أعلم منه من التاسعة مات سنة ثمان وتسعين [ومائة] وهو ابن ثلاث وسبعين سنة ع”. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 304 والمعول عليه فى علوم الحديث ومعارفه. سمع أبا خلدة خالد بن دينار، وأيمن بن نائل، ومالك بن مغول، ومالك بن أنس، والسفيانين، وشعبة، والماجشون، والحمادين، وخلائق من الأعلام. روى عنه ابن وهب، وأحمد بن حنبل، وابن معين، وابن المدينى، وأبو خيثمة، وإسحاق بن راهويه، وابنا أبى شيبة، والقواريرى، وأبو عبيد القاسم بن سلام، وعمرو ابن على، وأبو ثور، وسوار بن عبد الله القاضى العنبرى، وخلائق غيرهم. روينا عن على بن المدينى، قال غير مرة: والله لو أخذت وحلفت بين الركن والمقام لحلفت بالله أنى لم أر قط أعلم بالحديث من عبد الرحمن بن مهدى. قال على: وكان عبد الرحمن يختم فى كل ليلتين، وكان ورده فى كل ليلة نصف القرآن. وقال ابن معين: ما رأيت رجلاً أثبت فى الحديث من ابن مهدى. وقال على بن المدينى: أعلم الناس بالحديث ابن مهدى. وقال أحمد بن حنبل: كأن ابن مهدى خلق للحديث. وقال عبد الرحمن بن مهدى: لا يجوز أن يكون الرجل إمامًا حتى يعلم ما يصح وما لا يصح، وحتى لا يحتج بكل شىء، وحتى يعلم مخارج العلم. وروينا عن محمد بن أبى صفوان، قال: سمعت عبد الرحمن بن مهدى يقول: كتب عنى الحديث وأنا فى حلقة مالك بن أنس. وروينا عن البخارى، قال: سمعت على بن المدينى يقول: جاء رجل إلى ابن مهدى، فقال: يا أبا سعيد، إنك تقول: هذا ضعيف، وهذا قوى، وهذا لا يصح، فعم تقول ذاك؟ فقال ابن مهدى: لو أتيت الناقد فأريته دراهم، فقال: هذا جيد، وهذا جيد، وهذا ستّوق، وهذا يهرج، أكنت تسأله عم ذاك أم تسلم الأمر إليه؟ فقال: بل كنت أسلم الأمر إليه، فقال ابن مهدى: هذا كذاك، هذا بطول المجالسة والمناظرة والمذاكرة والعلم به. وروينا عن يحيى بن عبد الرحمن بن مهدى، قال: كان أبى يحيى الليل كله. ومناقبه كثيرة مشهورة. ولد سنة خمس وثلاثين ومائة، وتوفى سنة ثمان وتسعين ومائة، رحمه الله. 363 - عبد الرحمن بن هرمز الأعرج (1) : أبو داود الأعرج المشهور بالرواية عن أبى هريرة، تكرر ذكره فى المختصر. هو تابعى مدنى قريشى، مولى ربيعة بن   (1) الطبقات الكبرى لابن سعد (5/183 - 184) ، والتاريخ الكبير للبخارى (5/1144) ، والجرح والتعديل (5/1408) ، وسير أعلام النبلاء (5/69) ، وتاريخ الإسلام (4/275) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (6/290 - 291) . تقريب التهذيب (4033) ، وقال: "ثقة ثبت عالم من الثالثة مات سنة سبع عشرة ع". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 305 الحارث بن عبد المطلب، ويقال: مولى عمر بن ربيعة. سمع أبا هريرة، وابا سعيد، وابن بحينة، وسمع جماعة من التابعين. روى عنه الزهرى، ويحيى الأنصارى، ويحيى بن أبى كثير، ومحمد بن يحيى بن حبان، وأبو الزناد، وهو مكثر عنه. واتفقوا على توثيقه. قال ابن سعد: كان ثقة، كثير الحديث، توفى بالإسكندرية سنة سبع عشرة ومائة. وقيل: سنة عشر، والصحيح الأول. 364 - عبد الرحمن بن يعمر الدؤلى الصحابى، رضى الله عنه (1) : مذكور فى المهذب فى الوقوف بعرفات، سكن الكوفة. روى عن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حديثًا. روى عنه بكير بن عطاء، ويعمر، بفتح الميم وضمها، والفتح أشهر. * * * باب عبد العزيز، وعبد الكريم، وعبد المجيد وعبد المطلب، وعبد الملك، وعبد الوهاب 365 - عبد العزيز بن صهيب (2) : مذكور فى المختصر فى أول الأضحية. هو أبو حمزة عبد العزيز بن صهيب البصرى البنانى، بضم الموحدة، مولاهم، وبنانة بطن من قريش. سمع عبد العزيز أنس بن مالك وغيره. روى عنه سعبة، والحمادان، وعبد الوارث، وابن علية، وهشيم، ووهيب، وإبراهيم بن طهمان، وأبو عوانة، وهشام بن حسان، وآخرون، واتفقوا على توثيقه. 366 - عبد العزيز بن عمر (3) : مذكور فى المختصر فى نكاح المتعة. هو أبو محمد عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز ابن مروان، ويأتى تمام نسبه فى ترجمة جده عبد العزيز بن مروان عقبه إن شاء الله تعالى، القريشى الأموى المدنى، أخو عبد الملك، وعاصم، وآدم، وإبراهيم بنى عمر، أمه أم ولد، سمع أباه، والربيع بن سبرة، وقزعة بن يحيى، ونافعًا مولى ابن عمر، ومكحولاً، وخلائق من التابعين. روى عنه شعبة، ويحيى القطان، ووكيع، ومسعر، وابن جريج، وخلائق من الأئمة وغيرهم. قال يحيى بن معين وغيره: هو ثقة. روى له البخارى ومسلم. 367 - عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبى العاص بن أمية بن عبد شمس   (1) الطبقات الكبرى لابن سعد (7/367) ، التاريخ الكبير للبخارى (5/797) ، الجرح والتعديل (5/1414) ، الاستيعاب (2/856) ، أسد الغابة (3/328) ، تهذيب التهذيب لابن حجر (6/301، 302) ، الإصابة (2/5219) . تقريب التهذيب (4047) ، وقال: "ابن يعمر بفتح التحتانية وسكون المهملة وفتح الميم الديلي بكسر الدال وسكون التحتانية صحابي نزل الكوفة ويقال مات بخراسان 4".. (2) الطبقات الكبرى لابن سعد (7/245) ، التاريخ الكبير للبخارى (6/1534) ، الجرح والتعديل (5/1794) ، سير أعلام النبلاء (6/103) ، تاريخ الإسلام (5/103) ، تهذيب التهذيب لابن حجر (6/341- 342) . تقريب التهذيب (4102) ، وقال: "البناني بموحدة ونونين البصري يقال له: العبد ثقة من الرابعة مات سنة ثلاثين ع".. (3) التاريخ الكبير للبخارى (6/1558) ، الجرح والتعديل (5/1810) ، ميزان الإعتدال (2/5118) ، تاريخ الإسلام (6/94) ، التهذيب (6/349- 350) . تقريب التهذيب (4113) ، وقال: "صدوق يخطىء من السابعة مات في حدود الخمسين ع".. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 306 بن عبد مناف بن قصى القريشى الأموسى المدنى ثم الدمشقى (1) : أبو الأصبغ التابعى، وهو والد عمر بن عبد العزيز الخليفة الراشد المشهور، وكان عبد العزيز واليًا على مصر، ولاَّه إياها أبوه، وجعله ولى عهده بعد أخيه عبد الملك، وكانت دار عبد العزيز بدمشق هذه الخانقاة الملاصقة للجامع المعروفة بالسميساطية، وكانت بعده لابنه عمر، رضى الله عنه. سمع ابن الزبير، وأبا هريرة، وأباه مروان. روى عنه الزهرى، وعلى بن رباح، وابنه عمر، وآخرون. قال ابن سعد: كان ثقة، قليل الحديث. توفى بمصر سنة خمس وثمانين. وقال خليفة: سنة ثنتين وثمانين. وقال ابن يونس، عن الليث: سنة ست وثمانين. 368 - عبد العزيز بن أبى رواد (2) : مذكور فى المختصر، واسم أبى رواد ميمون، وعبد العزيز يكنى أبا عبد الرحمن، وهو خراسانى، ثم مكى أزدى، مولى المغيرة بن المهلب بن أبى صفرة. سمع نافعًا، وصالحًا، وعكرمة مولى ابن عباس، ومحمد بن زياد، وغيرهم. روى عنه ابنه عبد الله، والثورى، وحسين الجعفى، وأبو عاصم النبيل، وآخرون. قال ابن عدى: فى بعض حديثه ما لا يتابع عليه. روى له البخارى حديثًا واحدًا. وقال ابن أبى حاتم: قال يحيى القطان: هو ثقة فى الحديث، لا ينبغى أن يترك حديثه لرأى أخطأ فيه. وقال أحمد بن حنبل: هو رجل صالح، وكان مرجئًا، وليس هو فى التثبت كغيره. وقال ابن معين: هو ثقة. وقال أبو حاتم: هو صدوق، ثقة، متعبد. 369 - عبد الكريم: مذكور فى المختصر فى باب عدة الرجعية، هو أحد رجلين: أحدهما: عبد الكريم بن مالك (3) ، أبو سعيد الجزرى الأمولى، مولى لآل عثمان بن عفان أو معاوية بن أبى سفيان، ويقال له: الخضرمى، بكسر الخاء وإسكان الضاد المعجمتين، منسوب إلى قرية باليمامة، وهو تابعى، رأى أنس بن مالك، وسمع عكرمة، ومجاهدًا، وطاووسًا، وسعيد بن جبير، وسعيد بن المسيب، وابن المنكدر، ونافعًا. روى عنه ابن جريج، ومالك، والسفيانان، ومسعر، وآخرون. قال ابن عيينة: ما رأيت قط مثل عبد الكريم الجزرى. وقال أحمد بن حنبل: هو ثقة ثبت. وقال ابن معين،   (1) الطبقات الكبرى لابن سعد (5/236) ، التاريخ الكبير للبخارى (6/1514) ، الجرح والتعديل (5/1827) ، سير أعلام النبلاء (4/249- 251) ، تاريخ الإسلام (3/274) ، ميزان الإعتدال (2/5128) ، تهذيب التهذيب لابن حجر (6/356) . تقريب التهذيب (4121) ، وقال: “أبو الأصبغ بمهملة ساكنة ثم موحدة مفتوحة ثم معجمة كان صدوقا من الرابعة مات دون المائة بعد الثمانين د”. (2) الطبقات الكبرى لابن سعد (5/493) ، التاريخ الكبير للبخارى (6/1561) ، الجرح والتعديل (5/1830) ، المجروحين لابن حبان (2/136) ، سير أعلام النبلاء (7/184) ، تاريخ الإسلام (6/239) ، ميزان الإعتدال (2/5101) ، تهذيب التهذيب لابن حجر (6/338- 339) . تقريب التهذيب (4096) ، وقال: “ابن أبي رواد بفتح الراء وتشديد الواو صدوق عابد ربما وهم ورمي بالإرجاء من السابعة مات سنة تسع وخمسين خت 4”. (3) الطبقات الكبرى لابن سعد (7/481) ، التاريخ الكبير للبخارى (6/1794، 3/1717) ، الجرح والتعديل (6/310) ، المجروحين لابن حبان (2/145) ، سير أعلام النبلاء (6/80) ، تاريخ الإسلام (5/140) ، ميزان الإعتدال (2/5169) ، تهذيب التهذيب لابن حجر (6/373) . تقريب التهذيب (4154) ، وقال: “الخضرمي بالخاء والضاد المعجمتين نسبة إلى قرية من اليمامة ثقة متقن من السادسة مات سنة سبع وعشرين”.. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 307 وأبو حاتم، وأبو زرعة، وابن سعد، والنسائى: هو ثقة. قال ابن سعد: توفى سنة سبع وعشرين ومائة. والآخر: عبد الكريم بن الحارث بن يزيد أبو الحارث الحضرمى (1) ، بفتح الحاء المهملة، المصرى. روى عن المستورد القريشى، وعبد الله بن الحارث البكرى، وغيرهما. روى عنه الليث بن سعد، وعبد الرحمن بن شريح، ويحيى بن أيوب، وعمرو بن الحارث، وابن لهيعة، وحيوة بن شريح، واتفقوا على الثناء عليه ووصفه بالاجتهاد فى العبادة. روينا عن يحيى بن بكير، قال: سمعت بكر بن مضر يقول: لو قيل لعبد الكريم بن الحارث: إن الساعة تقوم غدًا، ما كان فيه فضل للزيادة. وقال ابن يونس: كان من العباد المجتهدين، توفى سنة ست وثلاثين ومائة، رحمه الله. 370 - عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبى رواد (2) : أبو عبد الحميد الأزدى، مولاهم المكى. أصله مروزى، واسم ابى رواد ميمون. روى عن أبيه، وابن جريج، والليث، ومعمر. روى عنه الشافعى، وسريج بن يونس، بالسين المهملة والجيم، والحميدى، وآخرون. قال ابن معين: هو ثقة، وكان يروى عن ضعفاء، وكان أعلم الناس بحديث ابن جريج، وكان يعلن بالإرجاء. وقال البخارى: كان الحميدى يتكلم فيه. وقال أبو حاتم: ليس هو بقوى، يُكتب حديثه. وقال الدارقطنى: يُعتبر به، ولا يُحتج به. وقال أحمد: هو ثقة، وكان فيه غلو فى الإرجاء. وقال ابن عدى: عامة ما أنكر عليه الإرجاء. روى له مسلم مقرونًا بهشام بن سليمان المكى. 371 - عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف ابن قصى الهاشمى (3) : وقيل: اسمه المطلب. أمه أم الحكم بنت الزبير بن عبد المطلب بن هاشم. توفى النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وعبد المطلب هذا بالغ، وقيل: قبل بلوغه. سكن المدينة، ثم دمشق فى خلافة عمر ابن الخطاب، وكانت داره بدمشق فى زقاق الهاشميين. روى عن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثلاثة أحاديث. روى عنه عبد الله بن الحارث بن نوفل. وتوفى بدمشق سنة ثنتين وستين، وقيل: إحدى، وقيل: توفى فى خلافة معاوية، وصلى عليه معاوية، وتوفى معاوية فى رجب سنة ستين.   (1) التاريخ الكبير للبخارى (6/1798) ، الجرح والتعديل (6/313) ، تاريخ الإسلام (5/271) ، تهذيب ابن حجر (6/371) . تقريب التهذيب (4148) ، وقال: “ثقة عابد من السادسة وروايته عن المستورد م منقطعة م س”.. (2) الطبقات الكبرى لابن سعد (5/500) ، التاريخ الكبير للبخارى (6/1875) ، الجرح والتعديل (6/340) ، المجروحين لابن حبان (2/160) ، سير أعلام النبلاء (9/434) ، ميزان الإعتدال (2/5183) ، تهذيب التهذيب لابن حجر (6/381- 383) . تقريب التهذيب (4160) ، وقال: “رواد بفتح الراء وتشديد الواو صدوق يخطىء وكان مرجئا أفرط ابن حبان فقال متروك من التاسعة مات سنة ست ومائتين م 4”.. (3) الطبقات الكبرى لابن سعد (4/57) ، التاريخ الكبير للبخارى (6/1937) ، الجرح والتعديل (6/357) ، الاستيعاب (3/1006) ، سير أعلام النبلاء (3/112) ، تاريخ الإسلام (3/46) ، تهذيب التهذيب لابن حجر (6/383- 384) ، الإصابة (2/5254) . تقريب التهذيب (4162) ، وقال: “صحابي سكن الشام ومات سنة اثنتين وستين ويقال اسمه المطلب م د س”. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 308 372 - عبد الملك بن عمير التابعى (1) : مذكور فى المهذب فى أول باب التعزير. هو أبو عمرو، ويقال: أبو عمر عبد الملك ابن عمير بن سويد بن جارية، بالجيم، اللخمى، ويقال: القرشى الكوفى التابعى. رأى على بن أبى طالب، وأبى موسى الأشعرى، وسمع جرير بن عبد الله، وجابر بن سمرة، والمغيرة بن شعبة، وعدى بن حاتم، وجندب بن عبد الله، والأشعث بن قيس، وغيرهم من الصحابة، وخلائق من التابعين. روى عنه سليمان التيمى، وإسماعيل بن أبى خالد، والأعمش، والسفيانان، وشعبة، وجرير بن حازم، وخلائق من الأئمة. ضعفه أحمد بن حنبل. وقال ابن معين: هو مخلط. وقال أبو حاتم: ليس بحافظ، وهو صالح، تغير حفظه قبل موته. وقال أحمد بن عبد الله: هو صالح الحديث، كان قاضى الكوفة، روى أكثر من مائة حديث. قال: وهو ثقة. وقد روى له البخارى ومسلم. توفى سنة ست وثلاثين ومائة أو نحوها، وبلغ مائة وثلاث سنين. 373 - عبد الملك بن مروان (2) : الخليفة المشهور. ذكره فى المهذب فى صلاة المريض، وفى مسألة الأكدرية، وفى أول العدد. هو أبو الوليد عبد الملك بن مروان بن الحكم بن أبى العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصى القريشى الأموى. قال ابن قتيبة: كان معاوية جعله على ديوان المدينة وهو ابن ست عشرة سنة، وولاه أبوه مروان هجرًا، ثم جعله الخليفة بعده، وكانت خلافته بعد أبيه سنة خمس وستين. وبويع ابن الزبير بالخلافة أيضًا سنة خمس وستين، وولى الحجاج بن يوسف العراق سنة خمس وسبعين، ونقش الدراهم والدنانير بالعربية سنة ست وسبعين، وبنى الحجاج واسط سنة ثلاث وثمانين، وتوفى عبد الملك بدمشق سنة ست وثمانين، وله ثنتان وستون سنة، ولد بالمدينة. قال: وله من الولد مروان الأكبر، والوليد، وسليمان، ويزيد، ومروان الأصغر، وهشام، وأبو بكر، ومسلمة، وعبد الله، وسعيد، والحجاج، ومحمد، والمنذر، وعنبسة، وقبيصة، وعائشة، وفاطمة. وذكر فى المهذب فى باب صلاة المريض أن عبد الملك أرسل الأطباء إلى ابن عباس على البرد ليعالجوا عينه، فاستفتى   (1) الطبقات الكبرى لابن سعد (6/315) ، التاريخ الكبير للبخارى (5/1386) ، الجرح والتعديل (5/1700) ، سير أعلام النبلاء (5/438) ، تاريخ الإسلام (5/271) ، ميزان الإعتدال (2/5235) ، تهذيب التهذيب لابن حجر (6/411- 413) . تقريب التهذيب (4200) ، وقال: “الفرسي بفتح الفاء والراء ثم مهملة نسبة إلى فرس له سابق كان يقال له القبطي بكسر القاف وسكون الموحدة ثقة فصيح عالم تغير حفظه وربما دلس من الرابعة [الثالثة] مات سنة ست وثلاثين وله مائة وثلاث سنين ع”. (2) الطبقات الكبرى لابن سعد (5/223) ، التاريخ الكبير للبخارى (5/1397) ، تاريخ الخطيب (10/388- 391) ، سير أعلام النبلاء (4/246- 249) ، ميزان الإعتدال (2/5248) ، تاريخ الإسلام (3/276) ، تهذيب التهذيب لابن حجر (6/422- 423) . تقريب التهذيب (4213) ، وقال: “كان طالب علم قبل الخلافة ثم اشتغل بها فتغير حاله ملك ثلاث عشرة سنة استقلالا وقبلها منازعا لابن الزبير تسع سنين من الرابعة ومات دون المائة سنة ست وثمانين في شوال وقد جاوز الستين بخ”.. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 309 عائشة وأم سلمة فنهتاه. وقد روى البيهقى هذه القصة، واستبعدها بعض المتأخرين لكون عائشة وأم سلمة تقدمت وفاتهما على خلافة عبد الملك بسنين كثيرة، وزعم هذا القائل أن هذه الرواية باطلة، وليس كما زعم؛ لأنه محمول على أنه بعث إليه قبل خلافته، وقد أوضحته فى شرح المهذب. 374 - عبد الوهاب بن عبد المجيد (1) : تكرر فى المختصر. هو أبو محمد عبد الوهاب بن عبد المجيد بن الصلت بن عبد الله ابن الحكم بن أبى العاص بن بشر بن عبد الله بن دهمان بن عبد همام بن أبان بن يسار ابن مالك بن حطيط بن جشم بن قسى، بفتح القاف وكسر السين المهملة المخففة، ابن منبه بن بكر بن هوازن الثقفى البصرى، وقسى بن منبه هو ثقيف. سمع عبد الوهاب: يحيى بن سعيد الأنصارى، وأيوب، وابن عون، وداود بن أبى هند، وخالد الحذاء، وجعفر الصادق، ويونس بن عبيد، وآخرين. روى عنه الشافعى، وهاشم بن القاسم، وقتيبة، وأحمد، وإسحاق، وابن معين، وابن المدينى، ومسدد، وعمرو بن على، ومحمد بن بشار، وابن المثنى، وخلائق من الأئمة وغيرهم. روينا عن عمرو بن على، قال: كانت غلة عبد الوهاب كل سنة مائتين وأربعين ألفًا إلى خمسين ألفًا ينفقها على أصحاب الحديث، لا يحول الحول على شىء منها. وقال على بن المدينى: ليس على الدنيا كتاب عن يحيى بن سعيد أصح من كتاب عبد الوهاب. ووثقه أحمد بن حنبل، وابن معين، وأحمد بن عبد الله العجلى. وقال ابن سعد: هو ثقة، فيه ضعف. وقال عقبة بن مكرم: اختلط قبل وفاته بثلاث سنين أو أربع. وقد روى له البخارى ومسلم. ولد سنة ثمان ومائة، وقيل: سنة عشر، وتوفى سنة أربع وتسعين ومائة. * * * باب عبد، وعبيد، وعبيد الله وعبيدة بفتح العين، وعبيدة بالضم 375 - عبد بن زمعة: مذكور فى المختصر فى باب الإقرار بالنسب، وفى اللعان، وفى المهذب فى باب ما يلحق من النسب، وأواخر باب الإقرار، وزمعة بفتح الميم   (1) الطبقات الكبرى لابن سعد (7/229) ، التاريخ الكبير للبخارى (6/1822) ، الجرح والتعديل (6/369) ، تاريخ بغداد (11/18) ، سير أعلام النبلاء (9/237) ، ميزان الإعتدال (2/5321) ، تهذيب التهذيب لابن حجر (6/449- 450) . تقريب التهذيب (4261) ، وقال: “ثقة تغير قبل موته بثلاث سنين من الثامنة مات سنة أربع وتسعين عن نحو من ثمانين سنة ع”.. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 310 وإسكانها وجهان مشهروان، وهو عبد بن زمعة بن قيس بن عبد شمس بن عبدود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤى بن غالب القريشى العامرى المكى الصحابى، أمه عاتكة بنت الأحنف، وهو أخو سودة بنت زمعة أم المؤمنين لأبيها، وأخو عبد الرحمن الذى تخاصم فيه سعد ابن أبى وقاص، وعبد بن زمعة، وكان عبد شريفًا من سادات الصحابة. 376 - عبيد بن سعد: مذكور فى المهذب فى أول كتاب النكاح. قال البخارى فى تاريخه: هو ديلمى طائفى. قال ابن عيينة: هو أبو امرأة ابن جريج، سمع عبد الله بن عمرو بن العاص. روى عنه ابن أبى مليكة، وإبراهيم بن ميسرة. قال ابن أبى حاتم: قال ابن معين: عبيد هذا مشهور. 377 - عبيد الله بن الحسن العنبرى (1) : مذكور فى المهذب فى آخر كتاب الحيض والنفاس. هو عبيد الله بن الحسن بن الحصين بن مالك بن الخشخاش بن جناب، بالجيم والنون، ابن الحارث بن خلف بن الحارث بن مجفر بن كعب بن العنبر بن عمرو بن تميم التميمى العنبرى البصرى الفقيه. كان قاضى البصرة بعد سوار بن عبد الله. سمع داود بن أبى هند، وخالد الحذاء، وغيرهما. روى عنه عبد الرحمن بن مهدى، وخالد بن الحارث، ومحمد بن عبد الله الأنصارى، ومعاذ بن معاذ. قال محمد بن سعد: كان محمودًا، ثقة، عاقلاً. روى له مسلم فى صحيحه. ومن غرائبه أنه يجوز التقليد فى العقائد والعقليات، وخالف فى ذلك العلماء كافة. 378 - عبيد الله بن أبى رافع (2) : مذكور فى المهذب فى آخر الجمعة. هو عبيد الله بن أبى رافع مولى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وفى اسم أبى رافع خلاف سنذكره فى موضعه من الكنى إن شاء الله تعالى، وهو تابعى، سمع على بن أبى طالب، وأباه، وأبا هريرة، رضى الله عنهم. روى عنه الحسن ابن محمد بن الحنفية، ومحمد بن على بن الحسين، وبشر بن سعيد، وعطاء بن يسار، والأعرج، واتفقوا على توثيقه. روى له البخارى ومسلم، وكان كاتب على بن أبى طالب، رضى الله عنه.   (1) طبقات ابن سعد (7/285) ، وتاريخ البخارى الكبير (5/1201) ، والجرح والتعديل (5/1483) ، وميزان الاعتدال (3/5353) ، وتهذيب التهذيب (7/7) . تقريب التهذيب (4283) ، وقال: “ثقة فقيه لكن عابوا عليه مسألة تكافؤ الأدلة من السابعة مات سنة ثمان وستين ليس له عند مسلم سوى موضع واحد في الجنائز م خد”.. (2) طبقات ابن سعد (5/282) ، وتاريخ البخارى الكبير (5/1217، 6/1941) ، والجرح والتعديل (5/1460) ، وتاريخ الإسلام (4/29) ، وتهذيب التهذيب (7/10، 11) . تقريب التهذيب (4288) ، وقال: “ثقة من الثالثة ع”.. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 311 379 - عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب الهاشمى المكى الصحابى: أخو عبد الله وأخوته، كنيته أبو محمد. كان أصغر من عبد الله بسنة، استعمله على ابن أبى طالب على اليمن، وأمره على الموسم، فحج بالناس سنة ست وثلاثين وسنة سبع، وكان أحد الأجواد المشهورين. روى عن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وروى عنه ابنه عبد الله، وعطاء بن أبى رباح، وسليمان بن يسار، وابن سيرين. توفى سنة ثمان وخمسين، قاله خليفة. وقال الواقدى، والزبير بن بكار: توفى فى أيام يزيد بن معاوية بالمدينة. وقال مصعب: باليمن، والأصح هو الأول. 380 - عبيد الله بن عبد الله بن عتبة: تكرر فى المختصر، وذكره فى المهذب فى خطبة العيد، وفى خيار الأمة بالعتق. هو أبو عبد الله عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلى المدنى الإمام التابعى، أحد فقهاء المدينة السبعة، سبق بيانهم فى ترجمة خارجة بن زيد، وقد سبق تمام نسبه فى ترجمة عم أبيه عبد الله بن مسعود. سمع ابن عباس، وابن عمر، وأبا هريرة، وأبا سعيد الخدرى، وأبا واقد الليثى، وزيد بن خالد، والنعمان بن بشير، وعائشة، وفاطمة بنت قيس، وغيرهم من الصحابة، رضى الله عنهم، وسمع جماعات من كبار التابعين. روى عنه عراك بن مالك، والزهرى، وأبو الزناد، وصالح بن كيسان، وغيرهم. واتفقوا على جلالته وإمامته وعظم منزلته. قال: ما سمعت حديثًا قط فأشاء أن أعيه إلا وعيته. وقال أحمد بن عبيد الله: هو تابعى ثقة، رجل صالح، جامع للعلم، وهو معلم عمر بن عبد العزيز، وذهب بصره. قال ابن سعد: كان عالمًا، ثقة، فقيهًا، كثير الحديث والعلم، شاعرًا. وقال الزهرى: كان ابن عباس يعزه. وقال الزهرى: ما جالست عالمًا إلا ورأيت أنى أتيت على ما عنده، إلا عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، فإنى لم آته إلا وجدت عنده علمًا طريفًا. قال ابن المدينى والهيثم: توفى سنة تسع وتسعين. وقال البخارى: سنة خمس أو أربع وتسعين. وقال الواقدى، وابن نمير، والترمذى: سنة ثمان وتسعين، رحمه الله تعالى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 312 381 - عبيد الله بن عدى بن الخيار: بكسر الخاء المعجمة. مذكور فى المهذب فى فصل سهم الفقراء من كتاب قسم الصدقات. هو عبيد الله بن عدى بن الخيار بن نوفل بن عبد مناف بن قصى القريشى النوفلى المدنى التابعى. أدرك زمن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولم يرو عنه شيئًا، ولم تثبت رؤيته. روى عن عمر بن الخطاب، وسمع عثمان بن عفان، وعليًا، والمقداد، وكعب الأحبار. روى عنه عروة، وحميد بن عبد الرحمن، وعطاء بن يزيد، وغيرهم. وأمه أم قتال بنت أسيد، بفتح الهمزة، ابن أبى العيس بن أمية. وكان عبيد الله من فقهاء قريش وثقاتهم. روى له البخارى ومسلم. قال ابن سعد: كان ثقة قليل الحديث، وكان له دار بالمدينة، توفى فى زمن الوليد بن عبد الملك. واعلم أن الحديث الذى ذكره فى المهذب فيه إنكار على صاحب المهذب؛ لأنه قال لما روى عبيد الله بن عبد الله بن الخيار أن رجلين سالا رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الصدقة، وذكر الحديث، فوقع فيه غلطان: أحدهما: أنه جعل الحديث مرسلاً، والحديث متصل مشهور بالاتصال عن عبيد الله ابن عدى، قال: أخبرنى رجلان أنهما أتيا النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فى حجة الوداع وهو يقسم الصدقة، فسألاه منها، فرفع فينا البصر وخفضه، فرآنا جلدين، فقال: “إن شئتما أعطيتكما، ولا حظ فيها لغنى ولا لقوى مكتسب”. هكذا رواه أبو داود، والنسائى، وغيرهما بأسانيد صحيحة، والرجلان المبهمان لا تضر جهالة أعيانهما؛ لأنهما صحابيان، والصحابة كلهم عدول. والغلط الثانى: كونه قال: عبيد الله بن عبد الله بن الخيار، هكذا هو فى أكثر نسخ المهذب: عبيد الله بن عبد الله، وهو غلط صريح، وصوابه: عبيد الله بن عدى بن الخيار، كما سبق، وليس فيه خلاف بين أهل الحديث والأنساب والتواريخ والسير، إلا ما ذكره البخارى فى تاريخه، فإنه ذكره كما قدمته، ثم قال: قال ابن إسحاق: هو ابن الخيار بن عدى بن نوفل، فحصل الاتفاق على أنه ليس فى نسبه من يسمى عبد الله. 382 - عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب بن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 313 نفيل القريشى العدوى المدنى (1) : أبو عثمان التابعى الصغير. سمع أم خالد بنت خالد بن سعيد الصحابية، وسالم بن عبد الله، وكريبًا، وسعيد المقبرى، وقاسم بن محمد، ونافعًا، وعمرو بن دينار، والزهرى، وخلائق من التابعين وغيرهم. روى عنه جماعات من التابعين، منهم أيوب السختيانى، وحميد الطويل، ومن غيرهم ابن جريج، وشعبة، والسفيانان، ومعمر، والليث، والحمادان، ويحيى بن سعيد القطان، ويحيى بن سعيد الأموى، وخلائق من الأئمة. وأجمعوا على توثيقه وجلالته. سُئل أحمد بن حنبل عن عبيد الله بن عمر، ومالك، وأيوب، أيهم أثبت فى نافع؟ فقال: عبيد الله أثبتهم وأحفظهم وأكثرهم رواية. وقال أحمد بن صالح: عبيد الله أحب إلىَّ من مالك فى حديث نافع. وقال يحيى بن معين: عبيد الله، عن القاسم، عن عائشة، الذهب المشبك بالدر، قيل: هو أحب إليك أو الزهرى عن عروة؟ قال: هو أحب إلىَّ. وقال ابن منجويه: كان عبيد الله من سادات أهل المدينة وأشراف قريش فضلاً وعلمًا وعبادة وشرفًا وحفظًا وإتقانًا. روينا عن سفيان بن عيينة، قال: قدم علينا عبيد الله بن عمر الكوفة فاجتمعوا عليه، فقال: شنتم العلم وأذهبتم نوره، ولو أدركنا عمر وغياكم أوجعنا ضربًا. 383 - عبيد الله بن عمر بن الخطاب: مذكور فى المهذب والوسيط فى أول الفرائض، هو عبيد الله بن عمر بن الخطاب بن نفيل القريشى العدوى المدنى التابعى، وكان شديد البطش، قُتل بصفين.   (1) تاريخ البخارى الكبير (5/1273) ، والجرح والتعديل (5/1545) ، وسير أعلام النبلاء (6/304) ، وتاريخ الإسلام (6/98) ، وتهذيب التهذيب (7/38، 40) . تقريب التهذيب (4324) ، وقال: “ثقة ثبت قدمه أحمد ابن صالح على مالك في نافع وقدمه ابن معين في القاسم عن عائشة على الزهري عن عروة عنها من الخامسة مات سنة بضع وأربعين ع”.. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 314 384 - عبيدة السلمانى (1) : بفتح العين وكسر الباء، والسلمانى بإسكان اللام. مذكور فى باب القسم بين النساء والنشوز، هو أبو مسلم، ويقال: أبو عمرو عبيدة بن قيس، وقيل: عبيدة بن عمرو، وقيل: عبيدة بن قيس بن عمرو المرادى الهمدانى، بإسكان الميم وبدال مهملة، الكوفى التابعى الكبير. يقال له: السلمانى نسبة إلى بنى سلمان بطن من مراد، قاله ابن أبى داود السجستانى. أسلم عبيدة قبل وفاة النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بسنتين، ولم يره، وسمع عمر بن الخطاب، وعليًا، وابن مسعود، وابن الزبير، وهو مشهور بصحبة على. روى عنه الشعبى، والنخعى، وأبو حصين، وابن سيرين، وآخرون. نزل الكوفة، وورد المدينة، وحضر مع على قتال الخوارج، وكان أحد أصحاب ابن مسعود الذين يقرءون ويفتون، وكان شريح إذا أشكل عليه شىء أرسلهم إلى عبيدة، وكان ابن سيرين من أروى الناس عنه. قال ابن سيرين: أدركت الكوفة وبها أربعة يعدون للفقه، فمن بدأ بالحارث ثنى بعبيدة، ومن بدأ بعبيدة ثنى بالحارث، ثم علقمة الثالث، وشريح الرابع، وإن أربعة أحسنهم شريح لخيار. قال ابن سيرين: ما رأيت أشد توقيًا من عبيدة. وقال ابن نمير: كان شريح إذا أشكل عليه الأمر كتب إلى عبيدة وانتهى إلى قوله. توفى عبيدة سنة ثنتين وسبعين، وقيل: ثلاث أو أربع. 385 - عبيدة بن الحارث الصحابى: بضم العين، وفتح الباء. تكرر فى المختصر، وذكره فى المهذب فى كتاب السير فى المبارزة. هو أبو معاوية، وقيل: أبو الحارث عبيدة بن الحارث بن المطلب بن عبد مناف ابن قصى القريشى المطلبى، كان أسن من رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعشر سنين، أسلم قديمًا قبل دخول رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دار الأرقم   (1) طبقات ابن سعد (6/93) ، وتاريخ البخارى الكبير (6/1777) ، والجرح والتعديل (6/466) ، والاستيعاب (3/1023) ، وأسد الغابة (3/356) ، وسير أعلام النبلاء (4/40، 44) ، وتاريخ الإسلام (3/191) ، وتهذيب التهذيب (7/84، 85) ، والإصابة (3/6405) . تقريب التهذيب (4412) ، وقال: “السلماني بسكون اللام ويقال بفتحها “تابعي كبير من الثانية مخضرم فقيه ثبت كان شريح إذا أشكل عليه شيء يسأله مات سنة اثنتين وسبعين أو بعدها والصحيح أنه مات قبل سنة سبعين ع”.. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 317 بن أبى الأرقم، أسلم هو وأبو سلمة بن عبد الأسد، وعبد الله بن الأرقم، وعثمان بن مظعون، رضى الله عنهم، فى وقت واحد، وهاجر عبيدة مع أخويه الطفيل والحصين ابنى الحارث، ومع مسطح بن أبى أثاثة بن المطلب إلى المدينة، ونزلوا على عبد الله بن سلمة العجلانى، وكان لعبيدة قدر ومنزلة عند رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قال ابن إسحاق: أقام رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالمدينة بعد عوده من غزوة ودان بقية صفر، وصدرًا من شهر ربيع الأول السنة الثانية من الهجرة، وبعث فى مقامه ذلك عبيدة بن الحارث فى ستين راكبًا من المهاجرين ليس فيهم أنصارى، وعقد له اللواء، وكان أول لواء عقده رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فالتقى عبيدة والمشركون بثنية المرة، وكان على المشركين أبو سفيان بن حرب، وكان أول من رمى بسهم فى سبيل الله سعد بن أبى وقاص، وكان هذا أول قتال جرى فى الإسلام، ثم شهد عبيدة بدرًا، وبارز شيبة بن ربيعة، فاختلفا ضربتين كلاهما أثبت صاحبه، وبارز حمزة عتبة فقتله مكانه، وبارز على بن أبى طالب الوليد بن عتبة فقتله مكانه، ثم كرا على شيبة فدفقا عليه، واحتملا عبيدة وجاوزاه إلى المسلمين. قيل: إن عبيدة كان أسن المسلمين يوم بدر. وتوفى بالصفراء وهم راجعون من بدر. قيل: إن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لما نزل بأصحابه هنالك قالوا: إنا نجد ريح مسك، فقال: "وما يمنعكم وهاهنا قبر أبى معاوية". قيل: كان عمره حين قُتل ثلاثًا وستين سنة، وكان مربوعًا حسن الوجه، رضى الله عنه. * * * باب العين والتاء المثناة فوق 386 - عتاب بن أسيد الصحابى، رضى الله عنه (1) : تكرر فى المختصر والمهذب. هو أبو عبد الرحمن، ويقال: أبو محمد عتاب بن أسيد، بفتح الهمزة، ابن أبى العيص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصى القريشى العبشمى، أسلم يوم الفتح، واستعمله النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على مكة حين انصرف عنها بعد الفتح، وسِنه يومئذ عشرون   (1) طبقات ابن سعد (5/446) ، وتاريخ البخارى الكبير (7/244) ، والجرح والتعديل (7/46) ، والاستيعاب (3/1023) ، وأسد الغابة (3/358) ، وتهذيب التهذيب (7/89، 90) . تقريب التهذيب (4418) ، وقال: "له صحبة".. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 318 سنة. روى عنه ابن المسيب، وعطاء بن أبى رباح، وروايتهما عنه مرسلة، لم يدركاه بلا شك، ولم يزل عتاب على مكة حتى توفى بها. قال الواقدى وآخرون منهم أولاد عتاب: إنه توفى فى اليوم الذى توفى فيه أبو بكر الصديق، رضى الله عنه. وقال آخرون: جاء نعى أبى بكر إلى مكة يوم دفن عتاب، وتوفى أبو بكر يوم الاثنين لثمان، وقيل: لثلاث بقين من جمادى الأولى سنة ثلاث عشرة من الهجرة، وكان عتاب خيرًا، صالحًا، فاضلاً، وأم عتاب زينب بنت عمرو بن أمية بن عبد شمس. 387 - عتبة بن ربيعة: الكافر، مذكور فى المهذب فى فصل المبارزة، قتله حمزة بن عبد المطلب، رضى الله عنه، يوم بدر كافرًا. 388 - عتبة بن غزوان الصحابى، رضى الله عنه (1) : مذكور فى المهذب فى خراج السواد. هو أبو عبد الله، وقيل: أبو غزوان عتبة بن غزوان بن جابر بن وهب بن نسيب، بضم النون، ابن زيد بن مالك بن الحارث بن عوف بن مازن بن منصور بن عكرمة بن خصيفة بن قيس عيلان، بالعين المهملة، ابن مضر بن نزار بن معد بن عدنان المازنى حليف بنى عبد شمس، أسلم قديمًا، وهاجر إلى الحبشة وهو ابن أربعين سنة، ثم عاد إلى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو بمكة، فأقام معه حتى هاجر إلى المدينة مع المقداد، وكان من السابقين إلى الإسلام، وشهد بدرًا، وبيعة الرضوان، وما بعدها. رُوى له عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أربعة أحاديث، روى مسلم أحدها. وروى عنه خالد بن عميرة، والحسن البصرى، وإبراهيم بن أبى عيلة، وهارون بن رياب، وغيرهم، هكذا ذكره ابن أبى حاتم، ورواية الحسن عنه مرسلة؛ لأنه توفى قبل ولادة الحسن كما سبق فى ترجمة الحسن. قال محمد بن سعد: كان رجلاً، طوالاً، جميلاً. قال: وهو قديم الإسلام، أسلم بعد ستة رجال وهو سابعهم، وكان أول من نزل البصرة، وهو الذى اختطها، وكان من الرماة المذكورين، توفى بطريق البصرة، وقيل: فى الربذة سنة سبع عشرة من الهجرة، وقيل: سنة خمس عشرة، وقيل: أربع عشرة، وهو ابن سبع وخمسين سنة. 389 - عتبة بن مسعود: أخو عبد الله بن مسعود، سبق تمام نسبه فى ترجمة أخيه.   (1) طبقات ابن سعد (3/98، 7/5) ، وتاريخ البخارى الكبير (6/3184) ، والجرح والتعديل (6/2060) ، والاستيعاب (3/1026) ، وأسد الغابة (3/363) ، وسير أعلام النبلاء (1/304) ، وتهذيب التهذيب (7/100) ، والإصابة (2/5411) . تقريب التهذيب (4438) ، وقال: "صحابي جليل مهاجري بدري وهو أول من اختط البصرة مات سنة سبع عشرة ويقال بعدها م ت س ق".. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 319 وعتبة صحابى، كنيته أبو عبد الله، هاجر مع أخيه عبد الله إلى الحبشة الهجرة الثانية، وقدم المدينة، وشهد أُحُدًا وما بعدها من المشاهد كلها مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. روى عن الزهرى، قال: ما كان عبد الله ابن مسعود بأفقه من أخيه. وفى رواية: بأقدم صحبة وهجرة من أخيه، ولكنه مات سريعًا. توفى عتبة فى خلافة عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، وقيل غير ذلك. 390 - عتبة بن أبى وقاص: أخو سعد. مذكور فى آخر اللعان من المهذب، وأواخر الإقرار، سبق تمام نسبه فى ترجمة سعد، لم يذكره الجمهور فى الصحابة، وذكره ابن منده فيهم، واحتج بحديث وصيته إلى أخيه سعد فى ابن وليدة زمعة، وأنكر أبو نعيم على ابن منده ذكره فى الصحابة. قال أبو نعيم: وعتبة هذا هو الذى شج وجه رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وكسر رباعيته يوم أُحُد. قال: وما علمت له إسلامًا، ولم يذكره أحد من المتقدمين فى الصحابة، وقيل: إنه مات كافرًا. * * * باب العين والثاء المثلثة 391 - عثمان بن حنيف الصحابى، رضى الله عنه (1) : تكرر فى المهذب فى أول الجزية، وخراج السواد، والأقضية. هو أبو عمرو، وقيل: أبو عبد الله عثمان بن حنيف بن واهب بن العكيم، وسبق تمام نسبه فى ترجمة سهل بن حنيف، وهو كوفى شهد أُحُدًا وما بعدها من المشاهد مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وبقى إلى زمن معاوية، وولاه عمر بن الخطاب مساحة سواد العراق. روى عن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. روى عنه عمارة بن خزيمة، وابن أخيه أبو أمامة بن سهل، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة، وغيرهم. 392 - عثمان بن طلحة بن أبى طلحة عبد الله بن عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار بن قصى العبدرى الحجبى الصحابى، رضى الله عنه (2) : أسلم مع خالد بن الوليد، وعمرو بن العاص فى هدنة الحديبية، وشهد فتح مكة، فدفع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مفتاح   (1) الجرح والتعديل (6/797) ، والاستيعاب (3/1033) ، وأسد الغابة (3/371) ، وسير أعلام النبلاء (2/320) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (7/112 - 113) ، والإصابة (2/5435) . تقريب التهذيب (4462) ، وقال: "صحابي شهير استعمله عمر على مساحة أرض الكوفة وعلي على البصرة قبل الجمل ومات في خلافة معاوية بخ ت س ق".. (2) الطبقات الكبرى لابن سعد (5/448) ، والتاريخ الكبير للبخارى (6/851) ، والاستيعاب (3/1034) ، وأسد الغابة (3/372) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (7/124) . تقريب التهذيب (4482) ، وقال: “صحابي شهير مات سنة اثنتين وأربعين وقيل استشهد بأجنادين وأبطل ذلك العسكري م د”.. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 320 الكعبة إليه وإلى ابن عمه شيبة بن عثمان بن أبى طلحة، وقال: “خذوها يا بنى طلحة خالدة تالدة لا ينزعها منكم إلا ظالم” (1) ، نزل المدينة، ثم مكة. وروى عن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. توفى بمكة سنة ثنتين وأربعين، وقيل: قُتل يوم أجنادين، بكسر الدال وفتحها، وقُتل أبوه طلحة وعمه عثمان بن أبى طلحة يوم أُحُد كافرين. 393 - عثمان بن أبى العاص الصحابى، رضى الله عنه (2) : مذكور فى المهذب فى الصوم فى السفر، وفى خراج السواد. هو أبو عبد الله عثمان ابن أبى العاص الثقفى. قدم على رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فى وفد ثقيف، واستعمله النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على الطائف، ثم أقره أبو بكر وعمر، رضى الله عنهما. رُوى له عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تسعة أحاديث، روى مسلم ثلاثة منها. روى عنه ابن المسيب، ونافع بن جبير، وغيرهما، والحسن البصرى، وقيل: لم يسمعه. واستعمله عمر على عمان والبحرين، ثم نزل البصرة. قال ابن قتيبة: قطعه عثمان بن عفان اثنى عشر ألف جريب. توفى فى خلافة معاوية، وله عقب كثير أشراف. 394 - عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤى: أبو قحافة والد أبى بكر الصديق، رضى الله عنهما. مذكور فى السير من الوسيط، وتكرر فى غيره، وهو صحابى أسلم يوم الفتح، وأتى به أبو بكر إلى النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ليبايعه، وعاش بعد أبى بكر وورثه، وهو أول من وَرث خليفة فى الإسلام، إلا أنه ردَّ نصيبه من الميراث وهو السدس على أولاد أبى بكر. وتوفى أبو قحافة بمكة سنة أربع عشرة وله سبع وتسعون سنة، ولا يُعرف أربعة متناسلون أدركوا النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلا أبو قحافة وأولاده، وقد ذكرناهم فى ترجمة ابن الزبير، وعبد الرحمن بن أبى بكر. وفى صحيح مسلم، عن جابر، قال: أتى بأبى قحافة يوم فتح مكة ولحيته ورأسه كالثغامة بيضاء، فقال النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “غيروا هذا بشىء، واجتنبوا السواد” (3) . 395 - عثمان بن عفان أمير المؤمنين، رضى الله عنه (4) : تكرر فيها. هو أبو عمرو،   (1) ذكره ابن سعد (2/137) ، والطبرانى (11/120، رقم 11234) ، وابن عساكر (38/389) . وأخرجه أيضًا: الطبرانى فى الأوسط (1/155، رقم 488) قال الهيثمى (3/285) : فيه عبد الله بن المؤمل وثقه ابن حبان وقال: يخطئ ووثقه ابن معين فى رواية وضعفه جماعة. (2) الطبقات الكبرى لابن سعد (5/508، 7/40) ، والتاريخ الكبير للبخارى (6/2195) ، والاستيعاب (3/1035) ، وأسد الغابة (3/372) ، وسير أعلام النبلاء (2/374) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (7/128، 129) ، والإصابة (2/5441) . تقريب التهذيب (4485) ، وقال: “صحابي شهير استعمله النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على الطائف ومات في خلافة معاوية بالبصرة م 4”.. (3) أخرجه مسلم (3/1663، رقم 2102) ، وأبو داود (4/85، رقم 4204) ، والنسائى (8/138، رقم 5076) ، وابن ماجه (2/1197، رقم 3624) ، وابن حبان (12/285، رقم 5471) ، وأخرجه أيضًا: أبو عوانة (1/410، رقم 1512) . (4) الطبقات الكبرى لابن سعد (3/53 - 84) ، والتاريخ الكبير للبخارى (6/2191) ، والجرح والتعديل (6/882) ، والاستيعاب (3/1037 - 1053) ، وأسد الغابة (3/376) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (7/139 - 142) ، والإصابة (2/5448) . تقريب التهذيب (4503) ، وقال: “أمير المؤمنين ذو النورين أحد السابقين الأولين والخلفاء الأربعة والعشرة المبشرة”.. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 321 ويقال: أبو عبد الله، وأبو ليلى عثمان بن عفان بن أبى العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصى القريشى الأموى المكى ثم المدنى أمير المؤمنين. أمه أروى بنت كريز، بضم الكاف وفتح الراء، ابن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس بن عبد مناف، وأمها أم حكيم البيضاء بنت عبد المطلب عمة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. أسلم عثمان قديمًا، دعاه أبو بكر إلى الإسلام فأسلم، وهاجر الهجرتين إلى الحبشة، ثم هاجر إلى المدينة، فهاجر بزوجته رقية بنت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى الحبشة الهجرتين الأولى والثانية. روينا فى تاريخ دمشق فى أحوال بنات رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، عن أسماء بنت أبى بكر الصديق، رضى الله عنهما، عن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال حين هاجر عثمان برقية: “والذى نفسى بيده، إنه لأول مَن هاجر بعد إبراهيم ولوط، عليهما السلام”. ويقال لعثمان: ذو النورين؛ لأنه تزوج بنتى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إحداهما بعد الأخرى. قالوا: ولا يُعرف أحد تزوج بنتى نبى غيره، تزوج رقية، رضى الله عنها، قبل النبوة، وتوفيت عنده فى أيام غزوة بدر فى شهر رمضان من السنة الثانية من الهجرة، وكان تأخر عن بدر لتمريضها بإذن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فجاء البشير بنصر المؤمنين ببدر يوم دفنوها بالمدينة، رضى الله عنها، وولدت له رقية، ثم تزوج بعد وفاتها أختها أم كلثوم بنت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وتوفيت، رضى الله عنها، عنده سنة تسع من الهجرة، ولم تلد له شيئًا. رُوى لعثمان، رضى الله عنه، عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مائة حديث وستة وأربعون حديثًا، اتفق البخارى ومسلم منها على ثلاثة، وانفرد البخارى بثمانية ومسلم بخمسة. روى عنه زيد بن خالد الجهنى، وابن الزبير، والسائب بن يزيد، وغيرهم من الصحابة. وروى عنه خلائق من التابعين منهم أبان بن عثمان، وعبيد الله بن عدى، وحمران، وغيرهم. ولد عثمان فى السنة السادسة بعد الفيل، وقُتل شهيدًا يوم الجمعة لثمان عشرة خلون من ذى الحجة سنة خمس وثلاثين، وقيل: قتل يوم الأربعاء وهو ابن تسعين سنة، وقيل: ثمان وثمانين، وقيل: ثنتين وثمانين، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 322 وقيل غير ذلك، وبويع له بالخلافة غرة المحرم سنة أربع وعشرين، وكانت خلافته ثنتى عشرة سنة إلا ليالى. قال ابن عبد البر: بويع له يوم السبت بعد دفن عمر، رضى الله عنه، بثلاثة أيام، وحج فيها بالناس عشر سنين متوالية، وصلى عليه جبير بن مطعم، ودفن ليلاً بالبقيع، وأخفى قبره ذلك الوقت ثم أظهر، وقيل: دفن بحش كوكب. قال ابن قتيبة: هى أرض اشتراها عثمان وزادها فى البقيع، والحش البستان، وكوكب اسم رجل من الأنصار. وقيل: صلى عليه حكيم بن حزام، وقيل: المسور بن مخرمة، وإنما دفن ليلاً للعجز عن إظهار دفنه بسبب غلبة قاتليه. قال ابن قتيبة: وفى زمن عثمان كانت غزوة الأسكندرية، ثم سابور، ثم إفريقية، ثم قبرص، واصطخر الآخر، وفارس الأولى، ثم خوزز، وفارس الآخرة، ثم طبرستان، ودارا بجرد، وكرمان، وسجستان، ثم الأساورة فى البحر، وغيرهن، ثم مرو على يد عبد الله بن عامر سنة أربع وثلاثين، ثم حصر فى ذى الحجة سنة خمس وثلاثين، فحصر عشرين يومًا فى داره، وقتل فيها. وقال الواقدى: حصروه تسعة وأربعين يومًا. وقال الزبير بن بكار: حصروه شهرين وعشرين يومًا، وكان حسن الوجه، رقيق البشرة، كث اللحية، أسمر، كثير الشعر، بين الطويل والقصير، وكان محببًا فى قريش، واشترى بئر رومة من يهودى بعشرين ألف درهم وسبلها للمسلمين، وجهز جيش العسرة بتسعمائة وخمسين بعيرًا وبخمسين فرسًا. روينا فى صحيحى البخارى ومسلم فى حديث أبى موسى الأشعرى الطويل أن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال له: “بشره بالجنة”، يعنى عثمان. وفى صحيحيهما عن عائشة فى الحديث الطويل، أن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جمع ثيابه حين دخل عثمان، وقال: “ألا أستحى من رجل تستحى منه الملائكة” (1) . وفى صحيح البخارى عن عبيد الله بن عدى بن الخيار، أن عثمان قال: أما بعد، فإن الله تعالى بعث محمدًا - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالحق نبيًا، وكنت ممن استجاب لله ولرسوله، وآمنت بما بُعث به، ثم هاجرت الهجرتين، وصحبت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ونلت صهر رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وبايعته، فوالله ما عصيته ولا غششته حتى توفاه الله تعالى، ثم أبو بكر مثله، ثم   (1) حديث عائشة: أخرجه أحمد (6/62، رقم 24375) ، ومسلم (4/1866، رقم 2401) . حديث حفصة: أخرجه أحمد (6/288، رقم 26509) ، وعبد بن حميد (ص 446، رقم 1547) ، والطبرانى (23/205، رقم 355) ، والبيهقى (2/231، رقم 3061) . حديث بريدة: أخرجه ابن عساكر (39/94) وقال: عن عبد الله بن بريدة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 323 عمر مثله. وفى صحيح البخارى أيضًا عن عبيد الله بن عدى أيضًا، قال: دخلت على عثمان وهو محصور، فقلت له: إنك إمام العامة، وقد نزل بك ما ترى، وهو يصلى لنا أمام فتية، وأنا أتحرج من الصلاة معه، قال عثمان: إن الصلاة أحسن ما يعمل الناس، فإذا أحسن الناس فأحسن معهم، وإذا أساءوا فاجتنب إساءتهم. وفى صحيح البخارى عن أبى عبد الرحمن السلمى التابعى، أن عثمان حين حوصر أشرف علهيم فقال: أنشدكم بالله ولا أنشد إلا أصحاب النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ألستم تعلمون أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: “من جهز جيش العسرة فله الجنة”، فجهزتهم، ألستم تعلمون أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: “من حفر بئر رومة فله الجنة”، فحفرتها، قال: فصدقوه بما قال. وفى صحيح البخارى عن ابن عمر، قال: كنا فى زمن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لا نعدل بأبى بكر أحًدا، ثم عمر، ثم عثمان، ثم نترك أصحاب رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لا نفاضل بينهم. وفى صحيح البخارى، عن أنس، قال: صعد النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُحُدًا ومعه أبو بكر وعمر وعثمان، رضى الله عنهم، فرجف، فقال: “اسكن، فليس عليك إلا نبى وصديق وشهيدان” (1) . وفى صحيح البخارى عن عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، أن عثمان أحد الستة الذين توفى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو عنهم راض. وفى كتاب الترمذى عن عبد الرحمن بن خباب، بالخاء المعجمة، السلمى الصحابى، قال: شهدت النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو يحث على جيش العسرة، فقال عثمان بن عفان: يا رسول الله، علىَّ مائة بعير بأحلاسها وأقتابها فى سبيل الله، ثم حض على الجيش، فقال عثمان: يا رسول الله، علىَّ مائتا بعير بأحلاسها وأقتابها فى سبيل الله، ثم حض على الجيش، فقال عثمان: يا رسول الله، علىَّ ثلاثمائة بعير بأحلاسها وأقتابها فى سبيل الله، فأنا رأيت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ينزل عن المنير وهو يقول: “ما على عثمان ما عمل بعد هذه”. رواه الترمذى بإسناد جيد. وعن عبد الرحمن بن سمرة، قال: جاء عثمان إلى النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بألف دينار حين جهز جيش العسرة، فنثرها فى حجره وهو يقول: “ما ضر عثمان ما عمل بعد اليوم” (2) مرتين. رواه الترمذى، وقال: حديث حسن. وعن أنس، قال: لما أمر النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ببيعة الرضوان، كان عثمان بن عفان رسول رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى أهل مكة، فبايع الناس، فقال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “   (1) حديث أنس: أخرجه البخارى (3/1344، رقم 3472) ، وأبو داود (4/212، رقم 4651) ، والترمذى (5/624، رقم 3697) وقال: حسن صحيح. وأخرجه أيضًا: أبو يعلى (5/466 رقم 3196) وابن حبان (15/280 رقم 6865) . حديث سهل بن سعد: أخرجه أحمد (5/331، رقم 22862) ، وعبد بن حميد (ص 166، رقم 449) ، وأبو يعلى (13/509، رقم 7518) ، قال الهيثمى (9/55) : رجاله رجال الصحيح. وابن حبان (14/415، رقم 6492) ، والطبرانى (1/91، رقم 146) ، والضياء (1/466، رقم 340) . حديث عثمان: أخرجه الترمذى (5/625، رقم 3699) وقال: حسن صحيح غريب. (2) حديث عبد الرحمن بن سمرة: أخرجه أحمد (5/63، رقم 20649) ، والحاكم (3/110، رقم 4553) وقال: صحيح الإسناد. وأبو نعيم فى الحلية (1/59) . وفى الحديث أن عبد الرحمن بن سمرة قال جاء عثمان بن عفان إلى النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بألف دينار فى ثوبه حين جهز النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جيش العسرة قال فصبها فى حجر النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فجعل النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقلبها بيده ويقول. فذكره. حديث عمران بن حصين: أخرجه الطبرانى (18/231، رقم 577) ، قال الهيثمى (6/191) : فيه العباس بن الفضل الأنصارى، وهو ضعيف. حديث عبد الرحمن بن خباب السلمى: أخرجه أحمد (4/75، رقم 16742) . وأخرجه أيضًا: أبو نعيم فى الحلية (1/59) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 324 إن عثمان فى حاجة الله وحاجة رسوله”، فضرب بإحدى يديه على الأخرى، فكانت يد رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لعثمان خيرًا من أيديهم لأنفسهم. رواه الترمذى، وقال: حديث حسن. وعن أبى الأشعث الصنعانى أن خطباء قامت بالشام فيهم رجال من أصحاب رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقام أحدهم رجل يقال له: مرة بن كعب، فقال: لولا حديث سمعته من رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ما قمت، وذكر الفتن يقربها، فمر رجل متقنع فى ثوب، فقال: هذا يومئذ على الهدى، فقمت إليه، فإذا هو عثمان بن عفان، فأقبلت إليه بوجهى، فقلت: هذا؟ قال: نعم. رواه الترمذى، وقال: حديث حسن صحيح. وعن عائشة أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: “يا عثمان، إنه لعل الله يقمصك قميصًا، فإن أرادوك على خلعه فلا تخلعه حتى يخلعوه”. رواه الترمذى، وقال: حديث حسن. وعن كليب بن وائل، عن ابن عمر، قال: ذكر رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فتنة، فقال: “يقتل فيها هذا مظلومًا” لعثمان. رواه الترمذى، وقال: حديث حسن. وعن أبى سلمة مولى عثمان، قال: قال عثمان يوم الدار: إن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عهد إلىَّ عهدًا، فأنا صابر عليه. رواه الترمذى، وقال: حديث حسن صحيح. قال ابن قتيبة: كان لعثمان من الأولاد: عبد الله الأكبر أمه فاختة بنت غزوان، وعبد الله الأصغر أمه رقية بنت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وعمرو، وأبان، وخالد، وعمر، وسعد، والوليد، والمغيرة، وعبد الملك، وأم سعيد، وأم أبان، وأم عمرو، وأم عائشة، رضى الله عنهم. وعثمان بن عفان أحد العشرة المشهود لهم بالجنة، وأحد الستة أصحاب الشورى الذين توفى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو عنهم راض، وأحد الخلفاء الراشدين، وأحد السابقين إلى الإسلام، وأحد المنفقين فى سبيل الله الإنفاق العظيم، وأحد أصهار رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ولم يلبس السراويل فى جاهلية ولا إسلام إلى يوم قتله، وقال: إنى رأيت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - البارحة فى المنام وأبو بكر وعمر، فقالوا لى: اصبر، فإنك تفطر عندنا القابلة، ثم دعا بمصحف ففتحه، فقتل وهو بين يديه، وأعتق عشرين مملوكًا وهو محصور، رضى الله عنه. 396 - عثمان بن مظعون الصحابى، رضى الله عنه: ذكره فى المهذب فى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 325 الجنائز، وفى أول باب الوصايا، وفى النكاح. هو أبو السائب عثمان بن مظعون، بالظاء المعجمة، ابن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح الجمحى السيد الفاضل، وكان من السابقين إلى الإسلام. ذكر ابن سعد بإسناده أن عثمان بن مظعون، وعبيدة بن الحارث بن المطلب، وعبد الرحمن بن عوف، وأبا سلمة، وأبا عبيدة بن الجراح، رضى الله عنهم، أتوا رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأسلموا فى ساعة واحدة فى أول الإسلام قبل دخول رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دار الأرقم، وأن عثمان بن مظعون هاجر الهجرتين إلى الحبشة، ثم هاجر إلى المدينة، وأنه حرَّم الخمر فى الجاهلية، وقال: لا أشرب شيئًا يُذهب عقلى ويُضحك بى مَن هو أدنى منى، ويحملنى على أن أنكح كريمتى، وأن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: “إن عثمان بن مظعون لحى ستير” (1) ، وأن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال له: “أما لك فىّ أسوة؟ ” (2) ، فقال: بأبى وأمى، فما ذاك؟ قال: “تصوم النهار وتقوم الليل”، قال: إنى أفعل ذلك، قال: “لا إن لعينك عليك حقًا، وإن لجسدك حقًا، وإن لأهلك حقًا، فصل ونم، وصم وأفطر” (3) . وهاجر عثمان وأخواه قدامة وعبد الله ابنا مظعون والسائب بن عثمان بن مظعون من مكة جميعًا إلى المدينة، فنزلوا على عبد الله بن سلمة العجلانى، وقيل: على خذام بن وديعة، وآخى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بين عثمان بن مظعون وأبى الهيثم بن التيهان الأنصارى، وشهد عثمان بدرًا، وتوفى فى شعبان بعد سنتين ونصف من الهجرة، وصلى عليه رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ودفن بالبقيع، وهو أول من دفن فيه، وأول من توفى من المهاجرين بالمدينة، وقال النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "هذا فرطنا"، ووضع عند رأسه حجرًا. وفى الحديث أن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لما توفيت بنته، قال: "الحقى سلفنا الصالح عثمان بن مظعون"، ووقف النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على شفير قبره. وكان من أشد الناس اجتهادًا فى العبادة، يصوم النهار، ويصلى الليل، ويتجنب الشهوات، ويعتزل النساء. وفى صحيح البخارى أن أم العلاء الأنصارية قالت: رأيت فى النوم لعثمان بن مظعون عينًا تجرى، فجئت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فذكرت له ذلك، فقال: "ذاك عمله".   (1) أخرجه ابن سعد (3/394) ، والطبرانى (9/37، رقم 8318) ، قال الهيثمى (4/294) : فيه يحيى بن العلاء وهو متروك. وأخرجه أيضًا: هناد فى الزهد (2/628، رقم 1358) . (2) أخرجه أحمد (5/364 رقم 23135) وابن سعد (6/43) ، والبيهقى فى شعب الإيمان (5/150 رقم 6145) . (3) أخرجه أبو داود (2/48، رقم 1369) . وأخرجه أيضا: أحمد (6/268، رقم 26351) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 326 * * * باب عجلان، وعدي، وعرابة والعرباض، وعرفجة، وعروة 397 - عجلان والد محمد بن عجلان (1) : مذكور فى المختصر فى أول نفقة المماليك، هو تابعى مدنى ثقة، روى له مسلم، سمع أبا هريرة، ومولاته فاطمة بنت عتبة بن ربيعة. روى عنه ابنه محمد، وبكير بن عبد الله بن الأشج. 398 - عدى بن حاتم الصحابى، رضى الله عنه (2) : تكرر فى المختصر والمهذب. هو أبو ظريف، وقيل: أبو وهب عدى بن حاتم بن عبد الله بن سعد بن حشرج بن امرىء القيس بن عدى بن ربيعة بن جرول، بفتح الجيم وإسكان الراء، ابن ثعل، بضم الثاء المثلثة وفتح العين المهملة، ابن عمرو بن الغوث بن طى بن زيد بن أدد بن زيد بن كهلان بن يشجب بن يعرب بن قحطان الطائى الكوفى الصحابى. وأبوه حاتم هو المشهور بالكرم. ويختلف النسابون فى بعض الأسماء إلى طىء، قدم عدى على رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فى شعبان سنة تسع من الهجرة، فأسلم وكان نصرانيًا. رُوى له عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ستة وستون حديثًا، اتفقا منها على ثلاثة، وانفرد مسلم بحديثين. روى عنه قيس بن أبى حازم، ومصعب بن سعد، وسعيد بن جبير، والشعبى، وأبو عبيدة بن حذيفة بن اليمان، وهمام بن الحارث، وتميم بن طرفة، وغيرهم، نزل الكوفة، وتوفى بها سنة تسع وستين، وقيل: سنة ثمان، وهو ابن مائة وعشرين سنة. قال ابن قتيبة: وكان عدى طويلاً، إذا ركب الفرس كادت رجله تخط الأرض. وشهد مع على الجمل، ثم صفين. قال:: ولم يبق له عقب إلا من قبل ابنتيه أسدة وعمرة، وإنما عقب حاتم من ولده عبد الله بن حاتم، وهم ينزلون نهر كربلاء. ولما توفى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قدم عدى على أبى بكر الصديق، رضى الله عنه، فى وقت الردة بصدقة قومه، وثبت على الإسلام، وثبت معه قومه، فلم يرتدوا فيمن ارتد من العرب، وكان جوادًا، شريفًا فى قومه، معظمًا عندهم وعند غيرهم، حاضر الجواب. روى عنه أنه قال: ما دخل علىَّ وقت صلاة إلا وأنا   (1) الطبقات الكبرى لابن سعد (5/306) ، التاريخ الكبير للبخارى (7/277) ، الجرح والتعديل (6/90) ، تهذيب التهذيب لابن حجر (7/162) . تقريب التهذيب (4534) ، وقال: "لا بأس به من الرابعة خت م 4".. (2) الطبقات الكبرى لابن سعد (6/22) ، التاريخ الكبير للبخارى (7/189) ، الجرح والتعديل (7/1) ، الاستيعاب (3/1057) ، أسد الغابة (3/392) ، سير أعلام النبلاء (3/162) ، تاريخ الإسلام (3/46) ، تهذيب التهذيب لابن حجر (7/166، 167) ، الإصابة (2/5475) . تقريب التهذيب (4540) ، وقال: “ابن الحشرج بفتح المهملة وسكون المعجمة آخره جيم الطائي أبو طريف بفتح المهملة وآخره فاء صحابي شهير وكان ممن ثبت على الإسلام في الردة وحضر فتوح العراق وحروب علي ومات سنة ثمان وستين وهو ابن مائة وعشرين سنة وقيل مائة وثمانين ع. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 327 مشتاق إليها. وكان رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يكرمه إذا دخل عليه. وشهد فتوح العراق فى زمن عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، فحضر وقعة القادسية، ووقعة مهران، وجسر أبى عبيد، وغير ذلك. وكان مع خالد بن الوليد حين سار إلى الشام، وشهد معه بعض فتوحه، وأرسل معه خالد بن الوليد الأخماس إلى أبى بكر الصديق، رضى الله عنه، وكان عدى يفت الخيز للنمل، ويقول: إنهن جارات ولهن حق. وروينا فى صحيحى البخارى ومسلم، واللفظ للبخارى، عن عدى بن حاتم، قال: أتيت عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، فى أناس من قومى، فجعل يفرض للرجل من طىء فى ألفين ويعرض عنى، فاستقبلته فأعرض عنى، ثم أتيته من حيال وجهه، فأعرض عنى، قلت: يا أمير المؤمنين، أتعرفنى؟ فضحك، قال: والله إنى لأعرفك، آمنت إذ كفروا، وأقبلت إذ أدبروا، ووفيت إذ غدروا، وإن أول صدقة بيضت وجه رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ووجوه أصحابه صدقة طىء، جئت بها إلى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. ثم أخذ يعتذر وقال: إنما فرضت لقوم أجحفت بهم الفاقة وهم سادات عشائرهم لما ينوبهم من الحقوق، فقال عدى: فلا أبالى إذًا. 399 - عدى بن عدى بن عميرة - بفتح العين - ابن فروة بن زرارة بن الأرقم بن النعمان بن عمرو بن وهب بن ربيعة بن الحارث بن عدى بن ربيعة بن معاوية الأكرمين ابن الحارث بن معاوية بن ثور بن مرتع بن معاوية بن ثور (1) : وهو كندة بن عفير الكندى، أبو فروة الجزرى، سيد أهل الجزيرة. واختلفوا   (1) الطبقات الكبرى لابن سعد (7/480) ، التاريخ الكبير للبخارى (7/193) ، الجرح والتعديل (7/6) ، تاريخ الإسلام (4/277) ، تهذيب التهذيب لابن حجر (7/168، 169) ، الإصابة (2/5486، 3/6772) . تقريب التهذيب (4543) ، وقال: “ثقة فقيه عمل لعمر ابن عبد العزيز على الموصل من الرابعة مات سنة عشرين ومائة د س ق”.. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 328 فى أنه صحابى أم تابعى، فذكره ابن أبى عاصم، وعلى العسكرى، والطبرانى، وغيرهم فى الصحابة، ولم يذكره الأكثرون فيهم، والصحيح أنه تابعى، وإنما سبب الاختلاف أنه روى أحاديث عن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فظنه بعضهم صحابيًا، وأما أبوه عدى بن عميرة، وعمه العرس بن عميرة، فصحابيان بلا خلاف، وكان عدى بن عدى عامل عمر بن عبد العزيز على الجزيرة والموصل، وكان يقال له: سيد أهل الجزيرة، واستعمال عمر له يدل على أنه لا صحبة له؛ لأنه عاش بعد عمر، ولم يبق أحد من الصحابة إلى خلافة عمر بن عبد العزيز. روى عدى عن أبيه، عن عمه العرس. روى عنه أيوب السختيانى، وأبو الزبير، والحكم، وجرير بن حازم، وخلائق. واتفقوا على جلالته، وعبادته، وفضله، وصلاحه. قال البخارى: عدى بن عدى سيد أهل الجزيرة. وقال مسلمة بن عبد الملك بن مروان: فى كندة ثلاثة إن الله عز وجل لينزل بهم الغيث وينصر بهم على الأعداء: رجاء بن حيوة، وعبادة بن سبأ، وعدى بن عدى. وقال ابن معين، وأبو حاتم: ثقة. وقال أحمد بن حنبل: لا يُسأل عن مثله. وقال ابن أبى حاتم: لم يسمع من أبيه. وقال محمد بن سعد: كان ناسكًا، فقيهًا. قال أبو عبيد القاسم بن سلام: توفى عدى بن عدى سنة عشرين ومائة، رحمه الله. 400 - عدى بن نوفل بن أسد بن عبد العزى بن قصى الأسدى القريشى الصحابى، رضى الله عنه: أخو ورقة بن نوفل. ذكره ابن عبد البر فى الصحابة. وأمه أمية بنت جابر بن سفيان أخت تابط شرا الفهمى، هكذا ذكره الزبير بن بكار. أسلم عدى يوم الفتح، ثم عمل لعمر وعثمان على حضرموت. 401 - عرابة الأوسى الصحابى، رضى الله عنه: مذكور فى المهذب فى أوائل كتاب السير. هو عرابة، بفتح العين وتخفيف الراء وبالباء الموحدة. وهو عرابة بن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 329 أوس بن قيظى بن عمرو بن زيد بن جشم بن حارثة بن الحارث بن الخزرج بن عمرو بن مالك بن الأوس الأنصارى الأوسى الحارثى الصحابى. كان أبوه أوس من رءوس المنافقين. قال ابن إسحاق، والواقدى: استضغر النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عرابة يوم أُحُد، فردَّه مع نفر، منهم ابن عمر، والبراء بن عازب، وكان عرابة من سادات قومه، كريمًا، جوادًا، كان يُقاس فى الجود بعبد الله بن جعفر، وقيس بن سعد عبادة. قال ابن قتيبة، والمبرد: لقى عرابة الشماخ الشاعر وهو يريد المدينة، فقال: ما أقدمك؟ قال: أردت أمتار لأهلى، وكان معه بعيران فأوقرهما له تمرًا وبرًا، وكساه وأكرمه، فخرج من المدينة، وامتدحه بالقصيدة التى يقول فيها: رأيت عرابة الأوسى يسمو إذا ماراية رفعت لمجد إلى الخيرات منقطع القرين تلقاها عرابة باليمين 402 - العرباض بن سارية: أبو نجيح السلمى الصحابى، رضى الله عنه. كان من أهل الصفة، وهو من البكائين، نزل الشام، وسكن حمص. قال محمد بن عوف الحمصى: كل واحد من العرباض بن سارية، وعمرو بن عبسة يقول: أنا ربع الإسلام، أى أنا رابع من أسلم، أول شىء لا يدرى أيهما أسلم قبل صاحبه. روى عن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. روى عنه أبو أمامة الباهلى وغيره من الصحابة وخلق من التابعين. توفى سنة خمس وسبعين، وقيل: توفى فى أيام ابن الزبير. 403 - عرفجة بن أسعد الصحابى، رضى الله عنه (1) : ذكره فى المهذب فى باب الآنية، وباب ما يكره لبسه، لا ذكر له فى هذه الكتب إلا فيهما. قال ابن عبد البر: هو عرفجة بن أسعد بن صفوان. وقال ابن منده، وأبو نعيم: هو عرفجة بن أسعد بن كرب التميمى البصرى. وقال الحافظ أبو القاسم بن عساكر فى الأطراف: هو عرفجة بن أسعد بن كرب بن صفوان بن خباب بن سحنة بن عطارد بن عوف بن كعب بن زيد مناة بن تميم بن مرة التميمى العطاردى أصيب أنفه يوم الكُلاب، بضم الكاف، وهو يوم من أيام الجاهلية، والكُلاب اسم ماء كانت الوقعة عنده. روى عنه ابن ابنه   (1) الطبقات الكبرى لابن سعد (7/45) ، التاريخ الكبير للبخارى (7/294) ، الجرح والتعديل (7/85) ، الاستيعاب (3/1062) ، أسد الغابة (3/40) ، تهذيب التهذيب لابن حجر (7/176) ، الإصابة (2/5506) . تقريب التهذيب (4554) ، وقال: “صحابي نزل البصرة د ت”.. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 330 عبد الرحمن بن طرفة بن عرفجة، وحديثه فى اتخاذ أنف من ذهب حسن. رواه أبو داود، والترمذى، والنسائى، وقال الترمذى وغيره: هو حديث حسن. 404 - عروة بن الجعد (1) : ويقال: ابن أبى الجعد البارقى. مذكور فى المختصر والمهذب فى باب الوكالة. هو عروة الأزدى البارقى الكوفى الصحابى، وبارق بطن من الأزد، وهو بارق بن عدى بن حارثة بن امرىء القيس بن ثعلبة بن مازن بن الأزد بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان، وإنما قيل له: بارق؛ لأنه نزل عند جبل يقال له: بارق، فنسب إليه، وقيل غير ذلك. سكن عروة الكوفة، ورُوى له عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثلاثة عشر حديثًا، اتفقا منها على حديث، واستعمله عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، على قضاء الكوفة قبل شريح. روى عنه قيس بن أبى حازم، والشعبى، والسبيعى، وشريح بن هانىء، وآخرون، وكان مرابطًا معه عدة أفراس، منها فرس اشتراه بعشرة آلاف درهم. وقال شبيب بن غرقدة: رأيت فى دار عروة بن الجعد سبعين فرسًا مربوطة للجهاد فى سبيل الله عز وجل. 405 - عروة بن الزبير التابعى (2) : تكرر فى المختصر والمهذب. هو أبو عبد الله عروة بن الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصى القريشى الأسدى المدنى التابعى الجليل. فقيه المدينة، أحد الفقهاء السبعة فقهاء المدينة، وسبق بيانهم فى ترجمة خارجة بن زيد، سمع أباه، وأخاه عبد الله، وأمه أسماء بنت أبى بكر، وخالته عائشة، وسعيد بن زيد، وحكيم بن حزام، وابنه هشام بن حكيم، والعبادلة الأربعة، وأبا أيوب، وأبا حميد، وأبا هريرة، وأسامة، والحسن بن على، والمسور، والمغيرة، والنعمان بن بشير، ومعاوية، وأم سلمة، وأم هانىء، وغيرهم من الصحابة، رضى الله عنهم، وخلائق وغيرهم من التابعين. روى عنه عطاء، وابن أبى مليكة، وعراك بن مالك، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، والزهرى، وعمر بن عبد العزيز، وبنوه هشام، ومحمد، ويحيى، وعبد الله، وعثمان بنو عروة، وخلائق من التابعين وغيرهم. قال   (1) انظر: الإصابة (3/476) ، وطبقات ابن سعد (6/34) ، وتهذيب التهذيب (7/178) ، والجرح والتعديل (6/395) ، والتاريخ الكبير (7/31) ، وعيون الأخبار (1/153) .. (2) الطبقات الكبرى لابن سعد (5/178 - 182) ، والتاريخ الكبير للبخارى (7/138) ، والجرح والتعديل (6/2207) ، وسير أعلام النبلاء (4/421، 437) ، وتاريخ الإسلام (4/31) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (7/180 - 185) . تقريب التهذيب (4561) ، وقال: “ثقة فقيه مشهور من الثالثة مات [قبل المائة] سنة أربع وتسعين على الصحيح ومولده في أوائل خلافة عثمان ع”.. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 331 ابن شهاب: كان عروة بحرًا لا يكدر. وقال ابنه هشام: والله ما تعلمنا منه جزء من ألفى جزء من حديثه. وقال ابن عيينة: كان أعلم الناس بحديث عائشة ثلاثة: القاسم، وعروة، وعمرة. وقال ابن سعد: كان ثقة، كثير الحديث، فقيهًا، عالمًا، مأمونًا، ثبتًا، ومناقبه كثيرة مشهورة، وهو مجمع على جلالته، وعلو مرتبته، ووفور علمه. قال الجمهور: توفى سنة أربع وتسعين. وقال البخارى: سنة تسع وتسعين، رحمه الله. 406 - عروة بن مسعود الثقفى الصحابى، رضى الله عنه: هو أبو مسعود، وقيل: أبو يعفور، بالفاء والراء، عروة بن مسعود بن معتب بن مالك ابن كعب بن عمرو بن سعد بن عوف بن ثقيف بن منبه بن بكر بن هوازن بن عكرمة ابن خفصة بن قيس عيلان، بالعين المهملة، الثقفى، وأمه سبيعة بنت عبد شمس بن عبد مناف القريشية، يجتمع هو والمغيرة بن شعبة بن أبى عامر بن مسعود فى مسعود. قال ابن إسحاق: لما انصرف النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من ثقيف تبعه عروة بن مسعود، فأسلم وسأله أن يرجع إلى قومه بالإسلام، وكان فيهم محببًا، مطاعًا، فرجع إليهم، وأظهر دينه، ودعاهم إلى الإسلام، فرموه بالنبل من كل وجه، فأصابه سهم فقتله، فقيل له: ما ترى فى دمك؟ فقال: كرامة أكرمنى الله بها، وشهادة ساقها الله إلىَّ، فادفنونى فى الشهداء الذين قتلوا مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فيزعمون أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال فيه: “إن مثله فى قومه كمثل صاحب يس فى قومه”. وفى صحيح مسلم وغيره أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: ورأيت عيسى ابن مريم، فإذا أقرب من رأيت به شبهًا عروة بن مسعود. 407 - عروة بن مضرس الصحابى، رضى الله عنه (1) : راوى حديث الوقوف بعرفات. هو عروة بن مضرس بن أوس بن حارثة بن لام بن عمرو بن طريف بن عمرو بن ثمامة بن مالك بن جدعاء بن ذهل بن رومان بن جندب ابن خارجة بن قطرة بن طىء الطائى، كان سيدًا فى قومه، وكان يضاهى عدى بن حاتم فى الرياسة، وكان أبوه عظيم الرياسة، وشهد مع النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حجة الوداع، وروى عنه حديثًا. قال على بن المدينى: لم يرو عنه غير الشعبى.   (1) الطبقات الكبرى لابن سعد (6/31) ، والتاريخ الكبير للبخارى (7/136) ، والجرح والتعديل (6/2204) ، والاستيعاب (3/1067) ، وأسد الغابة (3/406) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (7/188، 189) ، والإصابة (2/5527) . تقريب التهذيب (4568) ، وقال: “ابن مضرس بمعجمة ثم راء مشددة مكسورة ثم مهملة صحابي له حديث واحد في الحج 4”.. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 332 * * * باب عصام، وعطاء، وعطية 408 - عِصام - بكسر العين وتخفيف الصاد - ابن يوسف (1) : مذكور فى الروصة فى الوصية للفقراء والمساكين، نقل عن الشافعى أنه إذا أوصى للفقراء لم يصرف إلى المساكين، ويجوز عكسه، والمشهور فى المذهب جواز الصرف إلى الفريقين سواء هو أوصى للفقراء أم المساكين. هو [ ...... ] (2) . 409 - عطاء بن أبى رباح (3) : تكرر فى المختصر والمهذب، وذكره فى الوسيط فى الحيض والرهن فى مسألة وطء المرتهن. واسم أبى رباح أسلم، وكنية عطاء أبو محمد المكى القريشى، مولى ابن خثيم القريشى الفهرى، وعطاء معدود فى كبار التابعين. ولد فى آخر خلافة عثمان بن عفان، ونشأ بمكة، وسمع العبادلة الأربعة: ابن عمر، وابن عباس، وابن الزبير، وابن أبى العاص، وجماعات آخرين من الصحابة، رضى الله عنهم. روى عنه جماعات من التابعين، كعمرو بن دينار، والزهرى، وقتادة، وآخرين، وخلائق من غيرهم. وهو من مفتى أهل مكة وأئمتهم المشهورين، وهو أحد شيوخ أصحابنا الشافعيين فى سلسلة الفقه المتصلة برسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كما سبق فى أول هذا الكتاب. روينا عن سلمة بن كهيل، قال: ما رأيت من يطلب بعلمه ما عند الله غير عطاء، وطاووس، ومجاهد. وروينا عن الأوزاعى، قال: كان عطاء أرضى الناس عند الناس. وروينا عن سعيد بن أبى عروبة، قال: إذا اجتمع أربعة لم أبال بمن خالفهم: الحسن، وسعيد بن المسيب، وإبراهيم، وعطاء، هؤلاء أئمة الأنصار. وعن ابن أبى ليلى، قال: حج عطاء سبعين حجة. وقال الشافعى: ليس فى التابعين أحد أكثر اتباعًا للحديث من عطاء. وروى ابن أبى حاتم بإسناده الصحيح عن سفيان الثورى، عن عمرو بن سعيد، عن أمه، قالت: قدم علينا ابن عمر مكة، فسألوه،   (1) انظر: طبقات ابن سعد (7/379) ، والجرح والتعديل (7/26) ، والثقات لابن حبان (8/521) ، وميزان الاعتدال (3/67) ، ولسان الميزان (4/168) .. (2) ما بين المعقوفتين بياض بالأصل بقدر سطرين. (3) الطبقات الكبرى لابن سعد (2/386، 5/467) ، والتاريخ الكبير للبخارى (6/2999) ، والجرح والتعديل (6/1839) ، وسير أعلام النبلاء (5/78) ، وميزان الاعتدال (3/5640) ، وتاريخ الإسلام (4/278) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (7/199 - 203) . تقريب التهذيب (4591) ، وقال: "ثقة فقيه فاضل لكنه كثير الإرسال من الثالثة مات سنة أربع عشرة على المشهور وقيل إنه تغير بأخرة ولم يكثر ذلك منه ع".. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 333 فقال ابن عمر: تجمعون لى المسائل وفيكم ابن أبى رباح. وعن ربيعة قال: فاق عطاء أهل مكة فى الفتوى. وعن محمد الباقر، رضى الله عنه، قال: ما بقى أحد من الناس أعلم بأمر الحج من عطاء. وقال الباقر أيضًا: خذوا من حديث عطاء ما استطعتم. وقال إسماعيل، أظنه ابن أمية: كان عطاء يطيل الصمت، فإذا تكلم يخيل إلينا أنه يؤيد. وقال إبراهيم بن عمر بن كيسان: أذكرهم فى زمان بنى أمية يأمرون فى الحاج صائحًا يصيح: لا يُفتى الناس إلا عطاء بن أبى رباح. واتفقوا على توثيقه وجلالته وإمامته. توفى بمكة. قال الجمهور: سنة خمس عشرة ومائة، وقيل: أربع عشرة ومائة، وقيل: سبع عشرة. ومن غرائبه أنه قال: إذا أراد الإنسان سفرًا فله القصر قبل خروجه من البلد، ووافقه طائفة من أصحاب بن مسعود، وخالفه الجمهور، وقد أوضحته فى شرح مسلم. ومن غرائبه ما حكاه عنه ابن المنذر وغيره عنه أنه قال: إذا كان العيد يوم الجمعة وجبت صلاة العيد، ولا يجب بعدها لا جمعة ولا ظهر ولا صلاة بعد العيد إلا العصر. 410 - عطاء الخراسانى (1) : هو أبو أيوب، ويقال: أبو عثمان، ويقال: أبو محمد، ويقال: أبو صالح عطاء بن أبى مسلم، واسم أبى مسلم عبد الله، ويقال: ميسرة الأزدى الخراسانى البلخى. سكن عطاء الشام، وهو مولى للمهلب بن أبى صفرة، وعطاء من التابعين الكبار. روى عن معاذ بن جبل، وكعب بن عجرة، وابن عباس، وأنس، وعبد الله بن السعدى مرسلاً، وسمع ابن المسيب، وابن جبير، وعكرمة، وأبا مسلم، وأبا إدريس الخولانيين، وعطاء بن أبى رباح، ونافعًا، وعروة، والمقبرى، والزهرى، وآخرين من التابعين. روى عنه عطاء بن أبى رباح، وابن جريج، ومعمر، ومالك، وشعبة، وابنه عثمان بن عطاء، والضحاك بن مزاحم، والأوزاعى، وخلائق من الأئمة، وهو من التابعين العباد متفق على توثيقه. روينا عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، قال: كنا نعارى عطاء الخراسانى، وكان يُحيى الليل، فإذا مضى من الليل   (1) الطبقات الكبرى لابن سعد (7/369) ، والتاريخ الكبير للبخارى (6/3027) ، والجرح والتعديل (6/1850) ، وتاريخ الإسلام (5/279) ، وسير أعلام النبلاء (6/140) ، وميزان الاعتدال (3/5642) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (7/212 - 215) . تقريب التهذيب (4600) ، وقال: “صدوق يهم كثيرا ويرسل ويدلس من الخامسة مات سنة خمس وثلاثين لم يصح أن البخاري أخرج له م 4”.. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 334 ثلثه أو أكثر نادى ونحن فى فساطيطنا: يا عبد الرحمن ابن يزيد، ويا يزيد بن يزيد، ويا هشام بن العار، قوموا فتوضؤوا وصلوا قيام هذا الليل وصيام هذا النهار أيسر من شراب الصديد ومقطعات الحديد ألوحًا ألوحًا، ثم النجاء النجاء، ثم يقبل على صلاته. روى له مسلم. توفى بأريحاء، فحُمل ودُفن ببيت المقدس سنة خمس وثلاثين ومائة. وقال أبو عبيد: سنة ثلاث وثلاثين ومائة، وقيل: ولد سنة خمسين، رحمه الله. 411 - عطاء بن يسار (1) : تكرر فى المختصر. هو أبو محمد عطاء بن يسار الهلالى المدنى، مولى ميمونة بنت الحارث الهلالية أم المؤمنين، رضى الله عنها، أخو سليمان، وعبد الملك، وعبد الله بنى يسار، وهو من كبار التابعين، سمع ابن مسعود، وأُبىّ بن كعب، وعبد الله بن سلام، وأبا أيوب، وابن عمر، وابن عباس، وابن عمرو بن العاص، وأبا واقد الليثى، وأبا رافع سعيد الخدرى، وأبا هريرة، وأبا مالك، وزيد بن ثابت، وزيد بن خالد، ومولاته ميمونة، رضى الله عنهم. وقال أبو حاتم: لم يسمع ابن مسعود، وأثبت البخارى سماعه منه. روى عنه جماعات من التابعين، منهم أبو سلمة بن عبد الرحمن، وعمرو بن دينار، وغيرهما. قال ابن سعد: كان ثقة كثير الحديث. واتفقوا على توثيقه. قال زيد بن أسلم: توفى سنة ثلاث أو أربع ومائة. وقال عمرو بن على، وابن نمير: توفى سنة أربع وتسعين، وهذا أصح. وقال الهيثم بن عدى: سنة سبع وتسعين. 412 - عطية القرظى الصحابى، رضى الله عنه (2) : مذكور فى المهذب فى باب الحجر، كان من بنى قريظة يهود المدينة فأسلم، وصحب النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، له حديث واحد فى سنن أبى داود، والترمذى، والنسائى، قال: كنت من سبى بنى قريظة، فكانوا ينظرون، فمن أنبت الشعر قُتل، ومن لم ينبت لم يُقتل، وكنت فيمن لم يُنبت فتركت. قال العلماء: لا نعرف له غير هذا الحديث، ولا نعرف نسبه. روى عنه مجاهد، وعبد الملك بن عمير، وكثير بن السائب، وحديثه هذا رواه أبو داود، والترمذى، والنسائى بأسانيد صحيحة. قال الترمذى: هو حديث حسن صحيح.   (1) الطبقات الكبرى لابن سعد (5/173) ، والتاريخ الكبير للبخارى (6/2992) ، والجرح والتعديل (6/1867) ، وسير أعلام النبلاء (4/448، 449) ، وميزان الاعتدال (3/5654) ، وتاريخ الإسلام (4/34، 155) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (7/217، 218) . تقريب التهذيب (4605) ، وقال: “ثقة فاضل صاحب مواعظ وعبادة من صغار الثانية مات سنة أربع وتسعين وقيل بعد ذلك ع”.. (2) التاريخ الكبير للبخارى (7/34) ، والجرح والتعديل (6/2133) ، والاستيعاب (3/1072) ، وأسد الغابة (3/413) ، وتاريخ الإسلام (3/49) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (7/229) ، والإصابة (2/2279) . تقريب التهذيب (4623) ، وقال: "القرظي بضم القاف وفتح الراء بعدها ظاء مشالة صحابي صغير له حديث يقال سكن الكوفة 4".. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 335 * * * باب العين والقاف 413 - عقبة بن الحارث الصحابى، رضى الله عنه (1) : مذكور فى المهذب فى آخر باب عدد الشهود. هو أبو سروعة، بكسر السين المهملة على المشهور، وقيل: بفتحها، عقبة بن الحارث بن عامر بن نوفل بن عبد مناف بن قصى القريشى النوفلى المكى الصحابى، أسلم يوم فتح مكة. روى له البخارى ثلاثة أحاديث، أحدها حديثه المذكور فى المهذب أنه تزوج امرأة، فقالت: امرأة سوداء أرضعتكما. وهذا الذى ذكرناه أنه أبو سروعة هو قول أهل الحديث، ومصعب الزبيرى. وقال جمهور أهل النسب: أبو سروعة أخو عقبة، أسلما يوم الفتح. 414 - عقبة بن عامر الصحابى، رضى الله عنه (2) : تكرر فى المختصر والمهذب. هو أبو حماد، ويقال: أبو سعاد، ويقال: أبو عامر، ويقال: أبو لبيد، ويقال: أبو عمرو، ويقال: أبو عبس، ويقال: أبو أسيد، ويقال: أبو أسد، ويقال: أبو الأسود عقبة بن عامر بن عبس بن عمرو بن عدى بن عمرو بن رفاعة ابن مودعة بن عدى بن غنم بن الربعة بن رشدان بن قيس بن جهينة الجهنى. رُوى له عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خمسة وخمسون حديثًا، اتفقا منها على تسعة، وللبخارى حديث، ولمسلم تسعة. روى عنه جابر بن عبد الله، وابن عباس، وغيرهما من الصحابى، وخلائق من التابعين. سكن دمشق، وكانت له دار فى ناحية قنطرة سنان من باب توما، وسكن مصر، ووليها لمعاوية بن أبى سفيان سنة أربع وأربعين، وتوفى بها سنة ثمان وخمسين، وكان من أحسن الناس صوتًا بالقرآن، وشهد فتوح الشام، وهو كان البريد إلى عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، بفتح دمشق، ووصل المدينة فى سبعة أيام، ورجع منها إلى الشام فى يومين ونصف بدعائه عند قبر رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وتشفعه به فى تقريب طريقه.   (1) الطبقات الكبرى لابن سعد (5/447) ، والتاريخ الكبير للبخارى (6/2886) ، والجرح والتعديل (6/1722) ، والاستيعاب (3/1072، 4/1667) ، وأسد الغابة (3/415) ، وتاريخ الإسلام (3/49) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (7/238، 239) ، والإصابة (2/5592) . تقريب التهذيب (4634) ، وقال: "صحابي من مسلمة الفتح بقي إلى بعد الخمسين خ د ت س".. (2) الطبقات الكبرى لابن سعد (4/343، 7/498) ، والتاريخ الكبير للبخارى (6/2885) ، والجرح والتعديل (6/1741) ، والاستيعاب (3/1073) ، وأسد الغابة (3/417) ، وسير أعلام النبلاء (2/467) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (7/242 - 244) ، والإصابة (2/5601) . تقريب التهذيب (4641) ، وقال: "صحابي مشهور اختلف في كنيته على سبعة أقوال أشهرها أنه أبو حماد ولي إمرة مصر لمعاوية ثلاث سنين وكان فقيها فاضلا مات في قرب الستين ع".. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 336 415 - عقبة بن فرقد: مذكور فى المهذب فى خراج السواد. هو [ ...... ] (1) . 416 - عقبة بن أبى معيط الكافر: قُتل يوم بدر كافرًا، مذكور فى كتاب السير من المختصر والمهذب، واسم أبى معيط أبان بن أبى عمرو ذكوان بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف القرشى. 417 - عقيل بن أبى طالب الصحابى، رضى الله عنه (2) : تكرر فى المختصر، وذكره فى المهذب فى باب النشوز، هو بفتح العين، وهو أبو يزيد، وقيل: أبو عيسى عقيل بن أبى طالب عبد مناف بن عبد المطلب بن هشام بن عبد مناف القرشى الهاشمى المكى ابن عم رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وهو أخو على وجعفر وطالب لأبيهم، كان طالب أسن من عقيل بعشر سنين، وعقيل أسن من جعفر بعشر سنين، وجعفر أسن من على بعشر سنين. حضر بدرًا مع المشركين مكرهًا، وأسر يومئذ ففداه عمه العباس، ثم أسلم قبل الحديبية، وجاء إلى المدينة مهاجرًا إلى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سنة ثمان، وشهد غزوة مؤتة مع أخيه جعفر، ثم رجع فعرض له مرض، فلم يسمع له بذكر فى فتح مكة، ولا غزوة حنين والطائف، وأعطاه النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من خيبر مائة وأربعين وسقًا كل سنة، وكان من أنسب قريش وأعلمهم بآبائها وأيامها، وكان سريع الجواب المُسْكِت للخصم، وله فيه حكايات حسنة شتى، وكان تطرح له طنفسة فى مسجد رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فيجتمع الناس إليه فى علم النسب وأيام العرب. روى عن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أحاديث، وهو قليل الحديث. روى عنه ابنه محمد، وابن ابنه عبد الله بن محمد بن عقيل، وموسى بن طلحة، والحسن البصرى، وغيرهم. توفى فى خلافة معاوية، وقد كف بصره، ودُفن بالبقيع، وقبره مشهور عليه قبة فى أول البقيع. قال ابن قتيبة: كان لعقيل من الأولاد: مسلم، وعبد الله، وعبيد الله، ومحمد، وعبد الرحمن، وحمزة، وعلى، وجعفر، وعثمان، ويزيد، وسعد، وأبو سعيد، ورملة، وزينب، وفاطمة، وأسماء، وأم هانىء. * * *   (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. (2) الطبقات الكبرى لابن سعد (4/42 - 44) ، والتاريخ الكبير للبخارى (7/230) ، والجرح والتعديل (6/1201) ، والاستيعاب (3/1078) ، وأسد الغابة (3/422) ، وسير أعلام النبلاء (1/218، 3/99) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (7/254) ، والإصابة (2/2628) . تقريب التهذيب (4661) ، وقال: "صحابي عالم بالنسب مات سنة ستين وقيل بعدها س ق".. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 337 باب العين والكاف 418 - عكاشة بن محصن الصحابى، رضى الله عنه (1) : مذكور فى المختصر فى قتال البغاة. هو بتخفيف الكاف وتشديدها وجهان مشهوران، ورواية الأكثرين بالتشديد. وهو أبو محسن، بكسر الميم، عكاشة بن محصن بن حرثان، بضم الحاء المهملة وإسكان الراء وبعدها ثاء مثلثة، ابن قيس بن مرة بن بكير، بالموحدة، ابن غنم بن دودان، بدالين مهملتين الأولى مضمومة، ابن أسد بن خزيمة بن مدركة الأسدى حليف بنى عبد شمس. شهد بدرًا وأبلى فيها بلاء حسنًا. قالوا: وانكسر سيفه فأعطاه رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عرجونًا أو عودًا فعاد فى يده سيفًا شديد المتن أبيض الحديد، فقاتل به حتى فتح الله تعالى على رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ثم لم يزل عنده يشهد به المشاهد مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حتى استشهد فى قتال المرتدين فى زمن أبى بكر الصديق، رضى الله عنه، وكان ذلك السيف يسمى العود، وشهد أُحُدًا، والخندق، وسائر المشاهد مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وكان من أجمل الرجال، توفى النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وله أربع وأربعون سنة. روى عنه أبو هريرة، وابن عباس، وبشَّره رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بأنه يدخل الجنة بغير حساب. روينا فى صحيحى البخارى ومسلم، عن ابن عباس فى الحديث الطويل، أن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عرقت عليه الأمم، فرأى سوادًا عظيمًا، فقيل له: هذه أمتك ومعهم سبعون ألفًا يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب، ثم فسرهم النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقال: "هم الذين لا يرقون ولا يسترقون ولا يتطيرون، وعلى ربهم يتوكلون" (2) ) ، فقام عكاشة بن محصن، فقال: ادع الله أن يجعلنى منهم، فقال: “أنت منهم”، ثم قام رجل آخر، فقال: ادع الله أن يجعلنى منهم، فقال: “سبقك بها عاشة”. 419 - عكرمة بن أبى جهل (3) : الصحابى، ابن عدو الله. مذكور فى المختصر فى نكاح المشرك. هو أبو عثمان عكرمة بن أبى جهل عمرو بن هشام بن المغيرة بن عبد الله   (1) انظر: الإصابة (7/32) ، وأسد الغابة (4/67) ، والاستيعاب (8/112) ، وطبقات ابن سعد (3/92) ، وحلية الأولياء (2/12) (102) ، وسير أعلام النبلاء (1/307) (60) ، والعقد الثمين (6/116) .. (2) حديث ابن عباس: أخرجه أحمد (1/271، رقم 2448) ، والبخارى (5/2170، رقم 5420) ، ومسلم (1/199، رقم 220) . وأخرجه أيضًا: الترمذى (4/631، رقم 2446) وقال: حسن صحيح. والنسائى فى الكبرى (4/378، رقم 7604) ، وابن حبان (14/339، رقم 6430) . حديث عمران بن حصين: أخرجه الطبرانى (18/241، رقم 605) . وأخرجه أيضًا: ابن حبان (13/454، رقم 6089) . (3) الطبقات الكبرى لابن سعد (5/444، 7/404) ، والتاريخ الكبير للبخارى (7/217) ، والجرح والتعديل (7/31) ، والاستيعاب (3/1082) ، وأسد الغابة (4/4) ، وسير أعلام النبلاء (1/323) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (7/257، 258) ، والإصابة (2/5638) . 4667) ، وقال: “صحابي أسلم يوم الفتح وحسن إسلامه واستشهد بالشام في خلافة أبي بكر على الصحيح ت”.. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 338 بن عمر بن مخزوك بن يقظة ابن مرة بن كعب بن لؤى بن غالب القريشى المخزومى، وكان أبا جهل يكنى فى الجاهلية أبا الحكم، وكناه رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أبا جهل، وكان أبو جهل وابنه عكرمة من أشد الناس عداوة لرسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقتل الله أبا جهل يوم بدر كافرًا وبقى عكرمة، ثم هداه الله تعالى، فأسلم عكرمة بعد الفتح بقليل. وروينا فى مسند أبى يعلى الموصلى، عن سعد بن أبى وقاص، رضى الله عنه، قال: لما كان يوم فتح مكة أمَّن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الناس إلا أربعة رجال وامرأتين، وقال: “اقتلوهم وإن وجدتموهم متعلقين بأستار الكعبة: عكرمة بن أبى جهل، وعبد الله بن خطل، ومقيس بن صبابة، بضم الصاد المهملة، وعبد الله بن سعد بن أبى سرح”. فأما ابن خطل فأُدرك وهو متعلق بأستار الكعبة، فاستبق إليه سعيد بن حريث وعمار بن ياسر، فسبق عمارًا، وكان أشب الرجلين، فقتله. وأما مقيس بن صبابة، فأدركه الناس فى السوق فقتلوه، وأما عكرمة فركب البحر فأصابتهم عاصف، فقال أصحاب السفينة لأهل السفينة: أخلصوا، فإن آلهتكم لا تغنى عنكم شيئًا هاهنا، فقال عكرمة: إن لم ينجنى فى البحر إلا الإخلاص ما ينجينى فى البر غيره، اللهم لك علىَّ عهد إن أنت عافيتنى مما أنا فيه أن آتى محمدًا حتى أضع يدى فى يده، فلأجدنه عفوًا كريمًا، فجاء فأسلم. وأما عبد الله بن سعد، فإنه اختفى عند عثمان بن عفان، فلما دعا رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الناس للبيعة، جاء به عثمان حتى وقفه بين يدى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقال: يا رسول الله، بايع عبد الله، فرفع رأسه فنظر إليه، ففعل ذلك ثلاثًا، كل ذلك يأبى ثم بايعه، ثم أقبل على أصحابه، فقال: “أما كان فيكم رجل رشيد يقوم إلى هذا حين رآنى كففت يدى عن بيعته فيقتله”. وقيل: إن زوجة عكرمة سارت إليه إلى اليمن بأمان رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وكانت أسلمت، فجاءت به إلى النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فأسلم وحسن إسلامه، ثم كان من صالحى المسلمين، ولما أسلم قال: يا رسول الله، لا أدع مالاً أنفقته عليك إلا أنفقت فى سبيل الله مثله. واستعمله النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على صدقات هوازن عام حجة الوداع، وله فى قتال أهل الردة أثر عظيم. استعمله أبو بكر الصديق، رضى الله عنه، على جيش، وسيره الجزء: 1 ¦ الصفحة: 339 إلى أهل عمان، وكانوا ارتدوا، فظهر عليهم، ثم وجهه أيضًا أبو بكر إلى اليمن، فلما فرغ من قتال أهل الردة سار إلى الشام مجاهدًا أيام أبى بكر مع عساكر المسلمين، فلما عسكروا بالجرف على ميلين من المدينة، وخرج أبو بكر، رضى الله عنه، يطوف فى عسكرهم، فأبصر خباء عظيمًا حوله ثمانية أفراس ورماح وعدة ظاهرة، فانتهى إليه، فإذا هو خباء عكرمة، فسلَّم عليه أبو بكر وجزاه خيرًا، وعرض عليه المعونة، فقال: لا حاجة لى فيها، معى ألفا دينار، فدعا له بخير، فسار إلى الشام، واستشهد بأجنادين، وقيل: باليرموك، وقيل: بمرج الصفر، وكانت أجنادين ومرج الصفر كلاهما سنة ثلاث عشرة، وأجنادين بكسر الدال وفتحها، موضع من أرض فلسطين بين الرملة وبين جبرين، ويقال: جبرون، وكان له يوم استشهد اثنان وستون سنة. وقال عكرمة يوم اليرموك: قاتلت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فى كل موطن وأفر منكم، ثم نادى: من يبايع على الموت، فبايعه عمه الحارث بن هشام، وضرار بن الأزور فى أربعمائة من وجوه فرسانهم، فقاتلوا قدام فسطاط خالد حتى أثبتوا جميعًا جراحات وقتلوا، إلا ضرار بن الأزور. وروينا عن الزهرى أن عكرمة بن أبى جهل يوم فحل، بكسر الفاء وفتحها، كان أعظم الناس بلاء، وأنه كان يركب الأسنة حتى جرحت صدوره ووجهه، فقيل له: اتق الله وارفق بنفسك، فقال: كنت أجاهد بنفسى عن اللات والعزى فأبذلهما لهما، أفأستبقيها الأن عن الله ورسوله، لا والله أبدًا، فلم يزدد إلا إقدامًا حتى قُتل. روى عن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أحاديث، رضى الله عنه. 420 - عكرمة بن خالد (1) : مذكور فى المهذب فى دية المأمومة. هو عكرمة بن خالد بن العاص بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القريشى المخزومى المكى التابعى المتفق على توثيقه. سمع ابن عمر، وابن عباس، وسعيد بن جبير. روى عنه عمرو بن دينار، وحنظلة بن أبى سفيان، وابن طاووس، وقتادة، وخلائق غيرهم. روى له البخارى. توفى بعد عطاء، وسبقت وفاة عطاء. 421 - عكرمة مولى ابن عباس: تكرر فى المختصر، وذكره فى المهذب فى آخر   (1) الطبقات الكبرى لابن سعد (5/475) ، والتاريخ الكبير للبخارى (7/221) ، والجرح والتعديل (7/34) ، وميزان الاعتدال (3/5711) ، وتاريخ الإسلام (5/281) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (7/258، 259) . تقريب التهذيب (4668) ، وقال: “ثقة من الثالثة مات بعد عطاء خ م د ت س”.. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 340 الظهار. هو أبو عبد الله عكرمة مولى ابن عباس الهاشمى المدنى، أصله بربرى من أهل المغرب، وهو من كبار التابعين. سمع الحسن بن على، وأبا قتادة، وابن عباس، وابن عمر، وابن عمرو، وأبا هريرة، وأبا سعيد، ومعاوية، وغيرهم. روى عنه جماعات من التابعين، منهم أبو الشعثاء، والشعبى، والنخعى، والسبيعى، وابن سيرين، وعمرو بن دينار، وخلائق غيرهم من التابعين، وخلائق من غيرهم. قال ابن معين: عكرمة ثقة. قال: وإذا رأيت من يتكلم فى عكرمة فاتهمه على الإسلام. وقال أبو حاتم: هو ثقة، وإنما أنكر عليه مالك ويحيى بن سعيد لرأيه. وقال البخارى: ليس أحد من أصحابنا إلا يحتج بعكرمة. وقال محمد بن سعد: كان كثير العلم، بحرًا من البحور، وليس يحتج بحديثه، ويتكلم الناس فيه. وذكر ابن سعد، عن عمرو بن دينار، قال: دفع إلىَّ أبو الشعثاء مسائل أسأل عنها عكرمة، وقال: هذا البحر فاسألوه. وقال أحمد بن عبد الله العجلى: عكرمة ثقة، وهو برىء مما يرميه به الناس. وقال عكرمة: إنى لأخرج إلى السوق، فأسمع الرجل يتكلم بكلمة فيفتح لى خمسون بابًا من العلم. وقال أبو حاتم: أعلم موالى ابن عباس عكرمة. وقال أبو أحمد ابن عدى: لم يمتنع الأئمة من الرواية عن عكرمة، وأدخله أصحاب الصحاح صحاحهم. قال البيهقى: روى له البخارى دون مسلم. توفى سنة أربع ومائة، وقيل: خمس، وقيل: ست، وقيل: سبع. * * * باب العين واللام 422 - العلاء بن الحضرمى الصحابى، رضى الله عنه (1) : اسم الحضرمى عبد الله بن عباد بن أكبر بن ربيعة بن مالك بن عويف بن مالك بن الخزرج بن إياد بن صدى بن زيد بن مقنع بن حضرموت الحضرمى، حليف بنى أمية، ويقال فى أبيه: عبد الله بن عمار، ويقال غير ذلك. ولاَّه النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - البحرين، وتوفى النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو عليها، فأقره أبو بكر، ثم عمر، رضى الله عنهما. وتوفى سنة أربع عشرة،   (1) الطبقات الكبرى لابن سعد (4/359) ، الاستيعاب (3/1085) ، أسد الغابة (4/7) ، سير أعلام النبلاء (1/262) ، تهذيب التهذيب (8/178، 179) ، الإصابة (2/5642) ، تقريب التهذيب (5231) ، وقال: "صحابي جليل ومات سنة أربع عشرة وقيل بعد ذلك ع".. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 341 وقيل: سنة إحدى وعشرين واليًا عليها. قيل: كان مجاب الدعوة، وأنه خاض البحر بكلمات قالهن، وكان له أثر عظيم فى قتال أهل الردة عند البحرين. روى له البخارى ومسلم حديثًا واحدًا. روى عنه السائب بن يزيد، وأبو هريرة. 423 - العلاء بن زياد (1) : مذكور فى المهذب فى موقف الإمام فى الصلاة على الميت. هو العلاء بن زياد بن مطر العدوى البصرى التابعى. روى عن أبيه. روى عنه قتادة، وجرير بن حازم. 424 - علقمة بن علاثة - بضم العين المهملة وتخفيف اللام وبالثاء المثلثة - ابن عوف بن الأحوص بن جعفر بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة العامرى الكلابى (2) : من الصحابة المؤلفة، كان من أشراف قومه، سيدًا فيهم، حليمًا، عاقلاً، ثم ارتد علقمة حين عاد النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من الطائف ولحق بالشام، ثم عاد إلى قومه بعد وفاة النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فأرسل إليه أبو بكر، رضى الله عنه، سرية فانهزم، ثم أسلم وحسن إسلامه، واستعمله عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، على حوران، فتوفى بها. 425 - علقمة الراوى عن عبد الله: هو ابن مسعود. تكرر فى مواضع من المهذب فى أول النكاح، وفى الطلاق، وفى أول اللعان. هو أبو شبل علقمة بن قيس بن عبد الله بن مالك بن علقمة بن سلامان بن كهيل بن بكر بن عوف بن النخع، ويقال: بكر بن المنتشر بن النخع النخعى الكوفى التابعى الكبير، الجليل، الفقيه، البارع، وهو عم الأسود، وعبد الرحمن ابنى يزيد خالى إبراهيم النخعى. سمع عمر بن الخطاب، وعثمان، وعليًا، وابن مسعود، وسلمان الفارسى، وخبابًا، وحذيفة، وأبا موسى الأشعرى، وعائشة، وغيرهم من الصحابة، رضى الله عنهم. روى عنه أبو وائل، وإبراهيم النخعى، والشعبى، وابن سيرين، وعبد الرحمن بن يزيد، وأبو الضحى، وغيرهم من التابعين. وأجمعوا على جلالته، وعظم محله، ووفور علمه، وجميل طريقته. قال إبراهيم النخعى: كان علقمة يشبه بابن مسعود. وقال أبو إسحاق السبيعى: كان علقمة من الربانيين. وقال أحمد بن حنبل: علقمة ثقة من أهل الخير. وقال أبو سعد السمعانى:   (1) الطبقات الكبرى لابن سعد (7/217) ، الجرح والتعديل (6/1961) ، تهذيب التهذيب (1/342) ، سير أعلام النبلاء (4/202، 206) ، تاريخ الإسلام (4/41) ، تهذيب التهذيب (8/181، 182) ، تقريب التهذيب (5238) ، وقال: "ثقة من الرابعة مات سنة أربع وتسعين خت مد س ق".. (2) انظر: الإصابة (2/503) ، وأسد الغابة (4/13) ، والاستيعاب (3/126) ، والبداية والنهاية (7/142) .. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 342 كان علقمة أكبر أصحاب ابن مسعود وأشبههم هديًا ودلالة. توفى سنة ثنتين وستين، وقيل: ثنتين وسبعين من الهجرة. 426 - علقمة بن وائل (1) : مذكور فى المهذب فى أوائل باب الإقطاع من كتاب إحياء الموات. هو علقمة بن وائل بن حجر الحضرمى الكوفى، أبوه صحابى، وهو تابعى. روى عن أبيه، والمغيرة بن شعبة، وطارق بن سويد. روى عنه سماك بن حرب، وعبد الملك بن عمير، وغيرهما، وهو ثقة بالاتفاق. قال يحيى بن معين: وروايته ورواية أخيه عبد الجبار عن أبيهما مرسلة، لم يدركاه. 427 - على بن الحسين، رضى الله عنهما (2) : مذكور فى المختصر فى باب إمامة المرأة. هو أبو الحسين، وقيل: أبو الحسن، وقيل: أبو محمد على بن الحسين بن على بن أبى طالب الهاشمى المدنى التابعى المعروف بزين العابدين، رضى الله عنه. سمع أباه، وابن عباس، والمسور، وأبا رافع، وعائشة، وأم سلمة، وصفية أزواج النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ومروان بن الحكم، وسعيد بن المسيب، وآخرين من التابعين. روى عنه أبو سلمة بن عبد الرحمن، ويحيى الأنصارى، والزهرى، وأبو الزناد، وزيد بن أسلم، وحكيم بن جبير، وابنه أبو جعفر محمد بن على، وغيرهم. وأجمعوا على جلالته فى كل شىء. قال يحيى الأنصارى: هو أفضل هاشمى رأيته بالمدينة. وقال الزهرى: لم أدرك بالمدينة أفضل منه. وقال حماد بن زيد: كان أفضل هاشمى أدركته. وقال أبو بكر بن أبى شيبة: أصح الأسانيد كلها الزهرى، عن على بن الحسين، عن أبيه، عن على. وفى هذه المسألة خلاف. وقال أحمد بن صالح: ولد الزهرى وعلى بن الحسين فى سنة واحدة سنة خمسين. وقال يعقوب بن سفيان: ولد سنة ثلاث وثلاثين. روينا عن محمد بن سعد، قال: كان ثقة، مأمونًا، كثير الحديث، عاليًا، رفيعًا. وروينا عن شيبة بن نعامة، قال: لما توفى على بن الحسين وجدوه يقوت مائة أهل بيت بالمدينة فى السر. توفى بالمدينة سنة أربع وتسعين، وكان يقال لها: سنة الفقهاء؛ لكثرة من مات فيها منهم، وقيل: توفى سنة ثنتين وتسعين.   (1) الطبقات الكبرى لابن سعد (6/312) ، والتاريخ الكبير للبخارى (7/178) ، والجرح والتعديل (6/2260) ، وتاريخ الإسلام (4/35) ، وميزان الاعتدال (3/5761) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (7/280) . تقريب التهذيب (4684) ، وقال: “ابن حجر بضم المهملة وسكون الجيم صدوق إلا أنه لم يسمع من أبيه من الثالثة ي م 4”.. (2) انظر: طبقات ابن سعد (5/211 - 222) ، وتاريخ ابن معين (2/416) ، والتاريخ الكبير (6/266، 267) ، وتاريخ اليعقوبى (2/303 - 305) ، والجرح والتعديل (6/178، 179) ، وحلية الأولياء (3/133 - 145) ، وصفة الصفوة (2/93 - 102) ، ووفيات الأعيان (3/266 - 269) ، وتذكرة الحفاظ (1/74، 75) ، وسير أعلام النبلاء (4/386 - 401) برقم (157) ، نهاية الأرب (21/324 - 331) ، النجوم الزاهرة (1/229) ، وتهذيب التهذيب (7/304 - 307) ، وتقريب التهذيب (2/35) ، وغاية النهاية برقم (2206) ، والبداية والنهاية (9/103 - 115) ، وفوات الوفيات (4/332) ، ومرآة الجنان (1/189 - 192) .. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 343 428 - على بن زيد بن جدعان (1) : مذكور فى المختصر فى الديات فى أسنان الإبل. هو أبو الحسن على بن زيد بن جدعان، بضم الجيم وإسكان الدال المهملة، ابن عمرو بن زهير بن عبد الله بن جدعان ابن عمرو بن كعب بن عمرو بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤى بن غالب القريشى التيمى البصرى، ويقال: المكى الأعمى. نزل البصرة، سمع أنس بن مالك، وأبا عثمان النهدى، وسعيد بن المسيب، وجماعات من التابعين. روى عنه قتادة، وابن عون، وعبيد الله بن عمر، والسفيانان، والحمادان، وشعبة، وابن أبى عروبة، وخلائق، وهو ضعيف عند المحدثين. 429 - على بن أبى طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القريشى الهاشمى المكى المدنى الكوفى (2) : أمير المؤمنين، ابن عم رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. تكرر فى هذه الكتب، واسم أبى طالب: عبد مناف، هذا هو المشهور، وقيل: اسمه كنيته، وأم على، رضى الله عنها، فاطمة بنت أسد ابن هاشم بن عبد مناف الهاشمية، وهى أول هاشمية ولدت هاشميًا، أسلمت وهاجرت إلى المدينة، وتوفيت فى حياة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وصلى عليها رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ونزل فى قبرها. كنية على، رضى الله عنه: أبو الحسن، وكناه رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أبا تراب، فكان أحب ما ينادى به إليه، وهو أخو رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالمؤاخاة، وصهره على فاطمة سيدة نساء العالمين، وأبو السبطين، وأول هاشمى ولد بين هاشميين، وأول خليفة من بنى هاشم، وهو أحد العشرة الذين شهد لهم رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالجنة، وأحد الستة أصحاب الشورى الذين توفى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو عنهم راض، وأحد الخلفاء الراشدين، وأحد العلماء الربانيين، والشجعان المشهورين، والزهاد المذكورين، وأحد السابقين إلى الإسلام. وقد اختلف العلماء فى أوَّل مَن أسلم مِن الأمة، فقيل: خديجة، وقيل: أبو بكر، وقيل: على، رضى الله عنهم، والصحيح خديجة، ثم أبو بكر، ثم على. ونقل الثعلبى إجماع العلماء على أن أوَّل مَنْ أسلم خديجة. قال: إنما الخلاف فى الأول بعدها. قال العلماء: والأورع أن يقال: أوَّل مَن أسلم من الرجال الأحرار أبو بكر، ومن الصبيان على، ومن   (1) الطبقات الكبرى لابن سعد (7/252) ، والتاريخ الكبير للبخارى (6/2389) ، والجرح والتعديل (6/1021) ، وسير أعلام النبلاء (5/206) ، وتاريخ الإسلام (5/111، 283) ، وميزان الاعتدال (3/5844) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (7/322 - 324) . تقريب التهذيب (4734) ، وقال: “ضعيف من الرابعة مات سنة إحدى وثلاثين وقيل قبلها بخ م 4”.. (2) انظر: الإصابة (2/ت 588) ، والاستيعاب (3/1089) ، وأسد الغابة (4/16) ، وتهذيب الكمال (4089) ، والتاريخ الكبير (6/ت 2343) ، وطبقات ابن سعد (3/11) ، والبداية والنهاية (7/328) ، وتاريخ بغداد (1/133) ، وتهذيب التهذيب (7/334) ، وشذرات الذهب (1/84) ، ومصادر ترجمة أمير المؤمنين على بن أبى طالب، رضى الله عنه، لا تعد ولا تحصى، ومناقبه أجل من أن يستوعبها كتاب.. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 344 النساء خديجة، ومن الموالى زيد بن حارثة، ومن العبيد بلال. وممن قال بأن عليًا أولهم إسلامًا ابن عباس، وأنس، وزيد بن أرقم، رواه الترمذى عنهم، ورواه الطبرانى عن سلمان الفارسى، ورووه عن محمد بن كعب القرظى. وقال بريدة: أولهم إسلامًا خديجة، ثم على. وحكى مثله عن أبى ذر، والمقداد، وخباب، وجابر، وأبى سعيد الخدرى، والحسن البصرى، وغيرهم. وقال آخرون: أولهم إسلامًا أبو بكر، رضى الله عنه، وسنذكرهم فى ترجمة إن شاء الله تعالى. قالوا: وأسلم وهو ابن عشر سنين، وقيل: ابن خمس عشرة، حكوه عن الحسن البصرى وغيره. وقال أبو الأسود تيم عروة: أسلم على والزبير وهما ابنا ثمان سنين. وقال ابن عبد البر: لا أعلم أحدًا قال كقوله هذا. وهاجر على، رضى الله عنه، إلى المدينة، واستخلفه النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حين هاجر من مكة إلى المدينة أن يقيم بعده بمكة أيامًا حتى يؤدى عنه أمانته والودائع والوصايا التى كانت عند النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ثم يلحقه بأهله، ففعل ذلك. وشهد مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بدرًا، وأُحُدًا، والخندق، وبيعة الرضوان، وخيبر، والفتح، وحنينًا، والطائف، وسائر المشاهد إلا تبوك، فإن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - استخلفه على المدينة، وله فى جميع المشاهد آثار مشهورة. وأجمع أهل التواريخ على شهده بدرًا وسائر المشاهد غير تبوك. قالوا: وأعطاه النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اللواء فى مواطن كثيرة. وقال سعيد بن المسيب: أصبت عليًا يوم أُحُد ستة عشر ضربة. وثبت فى الصحيحين أن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أعطاه الراية يوم خيبر، وأخبر أن الفتح يكون على يديه، وأحواله فى الشجاعة وآثاره فى الحروب مشهورة. وأما علمه، فكان من العلوم بالمحل العالى. روى عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خمسمائة حديث وستة وثمانين حديثًا، اتفق البخارى ومسلم منها على عشرين، وانفرد البخارى بتسعة، ومسلم بخمسة عشر. روى عنه بنوه الثلاثة الحسن، والحسين، ومحمد بن الحنفية، وابن مسعود، وابن عمر، وابن عباس، وأبو موسى، وعبد الله بن جعفر، وعبد الله بن الزبير، وأبو سعيد، وزيد بن أرقم، وجابر بن عبد الله، وأبو أمامة، وصهيب، وأبو رافع، وأبو هريرة، وجابر بن سمرة، وحذيفة بن أسيد، وسفينة، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 345 وعمرو بن حريث، وأبو ليلى، والبراء بن عازب، وطارق ابن شهاب، وطارق بن أشيم، وجرير بن عبد الله، وعمارة بن رويثة، وأبو الطفيل، وعبد الرحمن بن أبزى، وبشر بن سحيم، وأبو جحيفة الصحابيون، رضى الله عنهم، إلا ابن الحنفية، فإنه تابعى. وروى عنه من التابعين خلائق مشهورون. ونقلوا عن ابن مسعود، قال: كنا نتحدث أن أقضى أهل المدينة على. وقال ابن المسيب: ما كان أحد يقول: سلونى، غير على. وقال ابن عباس: أعطى على تسعة أعشار العلم، ووالله لقد شاركهم فى العشر الباقى. قال: وإذا ثبت لنا الشىء عن على لم نعدل إلى غيره، وسؤال كبار الصحابة له، ورجوعهم إلى فتاويه وأقواله فى المواطن الكثيرة، والمسائل المعضلات مشهور. وأما زهده فهو من الأمور المشهورة التى اشترك فى معرفتها الخاص والعام. ومن كلماته فى الزهد قوله: الدنيا جيفة، فمن أراد منها شيئًا فليصبر على مخالطة الكلاب. وأما ما رويناه عنه فى مسند الإمام أحمد بن حنبل وغيره أنه قال: لقد رأيتنى وإنى لأربط الحجر على بطنى من الجوع وإن صدقتى لتبلغ فى اليوم أربعة آلاف دينار. وفى رواية: أربعين ألف دينار. فقال العلماء: لم يرد به زكاة مال يملكه، وإنما أراد الوقوف التى تصدق بها وجعلها صدقة جارية، وكان الحاصل من غلتها يبلغ هذا القدر. قالوا: ولم يدخر قط مالاً يقارب هذا المبلغ، ولم يترك حين توفى إلا ستمائة درهم. روينا عن سفيان بن عيينة، قال: ما بنى على، رضى الله عنه، لبنة على لبنة ولا قصبة على قصبة. وروينا أنه كان عليه إزار غليظ اشتراه بخمسة دراهم. وأما الأحاديث الواردة فى الصحيح فى فضله فكثيرة. روينا فى صحيحى البخارى ومسلم عن سعد بن أبى وقاص، رضى الله عنه، أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خلف على بن أبى طالب فى غزوة تبوك، فقال: يا رسول الله، تخلفنى فى النساء والصبيان؟ فقال: “أما ترضى أن تكون منى بمنزلة هارون من موسى، غير أنه لا نبى بعدى” (1) ) . وفى صحيحيهما عن سهل بن سعد، أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال يوم خيبر: “لأعطين الراية غدًا رجلاً يفتح الله على يديه، يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله” (2) ، فبات الناس يدولون ليلتهم أيهم يعطاها،   (1) حديث البراء وزيد: أخرجه الطبرانى (5/203، رقم 5095) . قال الهيثمى (9/111) : رواه الطبرانى بإسنادين فى أحدهما ميمون أبو عبد الله البصرى وثقه ابن حبان وضعفه جماعة وبقية رجاله رجال الصحيح. حديث سعد بن أبى وقاص: أخرجه الطيالسى (ص 28، رقم 205) ، وأحمد (1/179، رقم 1547) ، والبخارى (3/1359، رقم 3503) ، ومسلم (4/1870، رقم 2404) ، والترمذى (5/641، رقم 3731) وقال: حسن. وابن ماجه (1/42، رقم 115) . حديث أم سلمة: أخرجه الطبرانى (23/377، رقم 892) . وأخرجه أيضًا: أبو يعلى (12/310، رقم 6883) ، قال الهيثمى (9/109) : رواه أبو يعلى والطبرانى وفى إسناد أبى يعلى محمد بن سلمة بن كهيل وثقه ابن حبان وضعفه غيره وبقية رجاله رجال الصحيح. (2) أخرجه أبو داود (3/322، رقم 3661) . وأخرجه أيضا: البخاري (3/ 1077، رقم 2783) . ومسلم (4/1872، رقم 2406) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 346 فلما أصبح الناس غدوا إلى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كلهم يرجوا أن يعطاها، فقال: “أين على بن أبى طالب؟ ”، فقيل: يا رسول الله، هو يشتكى عينيه، قال: “فأرسلوا إليه”، فأتى به، فبصق رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فى عينيه ودعا له، فبرىء حتى كأن لم يكن فيه وجع، فأعطاه الراية، فقال على: يا رسول الله، أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا؟ فقال: “انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم، ثم ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله تعالى فيه، فوالله لأن يهدى الله بك رجلاً واحدًا خير لك من حمر النعم”. قوله: “يدولون”، أى يخوضون ويتحدثون. وفى صحيحيهما عن سلمة بن الأكوع نحوه. وفى صحيح مسلم، عن سعد بن أبى وقاص فى حديث طويل قال فى آخره: لما نزلت هذه الآية: {نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ} [آل عمران: 61] ، دعا رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عليًا، وفاطمة، وحسنًا، وحسينًا، فقال: “اللهم هؤلاء أهلى”. وفى صحيح مسلم أيضًا، عن زيد بن أرقم فى جملة حديث طويل، قال: قام فينا رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خطيبًا بماء يدعى خمًا بين مكة والمدينة، فحمد الله وأثنى عليه، ووعظ وذكر، ثم قال: “أما بعد، ألا أيها الناس إنما أنا بشر، يوشك أن يأتينى رسول ربى فأجيب، وأنا تارك فيكم ثقلين، أولهما كتاب الله تعالى، فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به”، فحث على كتاب الله تعالى ورغب فيه، قال: “وأهل بيتى أذكركم الله فى أهل بيتى، أذكركم الله فى أهل بيتى” (1) ، فقيل: ومن أهل بيته يا زيد؟ أليس نساؤه من أهل بيته؟ قال: نساؤه من أهل بيته، ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعد، قال: ومَن هُم؟ قال: آل على، وآل عقيل، وآل جعفر، وآل عباس. وفى كتاب الترمذى، عن أبى شريجة الصحابى، أو زيد بن أرقم، شك شعبة، عن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: “من كنت مولاه فعلى مولاه” (2) ) ، رواه الترمذى، وقال: حديث حسن، والشك فى عين الصحابى لا يقدح فى صحة الحديث؛ لأنهم كلهم عدول. وعن بريدة قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “إن الله أمرنى بحب أربعة، وأخبرنى أنه يحبهم”، قيل: يا رسول الله، سمهم لنا، قال: “على منهم”، يقول ذلك ثلاثًا، “وأبو ذر، والمقداد، وسلمان، أمرنى بحبهم، وأخبرنى أنه يحبهم”، رواه الترمذى، وقال: حديث حسن. وعن حبشى بن جنادة الصحابى، رضى الله عنه، قال: قال رسول   (1) أخرجه أحمد (4/366، رقم 19285) ، والدارمى (2/524، رقم 3316) ، وعبد بن حميد (ص 114، رقم 265) ، ومسلم (4/1873، رقم 2408) ، وابن خزيمة (4/62، رقم 2357) ، وابن حبان (1/330، رقم 123) ، والحاكم (3/160، رقم 4711) ، (3/118، رقم 4577) ، (3/613، رقم 6272) . وأخرجه: البيهقى (2/148، رقم 2679) . (2) حديث ابن عباس: الحاكم (3 /143، رقم 4652) . حديث ابن عباس عن بريدة: أخرجه ابن أبى شيبة (6/374، رقم 32132) ، وأحمد (5/347، رقم 22995) . وأخرجه أيضًا: الحاكم (3/119، رقم 4578) . حديث البراء: أخرجه أحمد (4/281، رقم 18502) . حديث جرير: أخرجه الطبرانى (2/357، رقم 2505) . حديث حبشى بن جنادة: أخرجه ابن قانع (1/199) . حديث أبى الطفيل عن زيد: أخرجه الترمذى (5/633، رقم 3713) وقال: هذا حديث حسن صحيح. والنسائى فى السنن الكبرى (5/130، رقم 8464) ، والطبرانى (3/179، رقم 3049) . حديث جابر: أخرجه ابن أبى شيبة (6/366، رقم 32072) . حديث أبى أيوب: أخرجه ابن أبى شيبة (6/366، رقم: 32073) ، والطبرانى (4/173، رقم 4052) . حديث على وثلاثة عشر رجلا: أخرجه أحمد (1/84، رقم 641) . حديث مالك بن الحويرث: أخرجه الطبرانى (19/291، رقم 646) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 347 الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “على منى وأنا من على، ولا يؤدى عنى إلا أنا أو على” (1) ، رواه الترمذى، والنسائى، وابن ماجة. قال الترمذى: حديث حسن. وفى بعض النسخ: حسن صحيح. وعن ابن عمر، قال: آخا النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بين أصحابه، فجاء على تدمع عيناه، فقال: يا رسول الله، آخيت بين أصحابك فى الدنيا ولم تؤاخ بينى وبين أحد، فقال له رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “أنت أخى فى الدنيا والآخرة”، رواه الترمذى، وقال: حديث حسن. وعن أم عطية، قالت: بعث النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جيشًا فيهم على، فسمعت النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو رافع يديه يقول: “اللهم لا تمتنى حتى ترينى عليًا”، رواه الترمذى، وقال: حديث حسن. وعن زر بن حبيش صاحب على، قال: قال على، رضى الله عنه: والذى فلق الحبة، وبرأ النسمة، أنه لعهد النبى الأمى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلىَّ ألا يحبنى إلا مؤمن ولا يبغضنى إلا منافق. رواه مسلم. وفى الترمذى عن أبى سعيد الخدرى، قال: كنا نعرف المنافقين ببغضهم عليًا. وأما الحديث المروى عن الصنابحى، عن على، قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “أنا دار الحكمة، وعلى بابها” (2) . وفى رواية: “أنا مدينة العلم، وعلى بابها” (3) ، فحديث باطل، رواه الترمذى، وقال: هو حديث مُنكر. وفى بعض النسخ: غريب. قال: ولم يروه من الثقات غير شريك، وروى مرسلاً. وأحوال على، رضى الله عنه، وفضائله فى كل شىء مشهورة غير منحصرة. ولى الخلافة، رضى الله عنه، خمس سنين، وقيل: خمس سنين إلا شهرًا، بويع بالخلافة فى مسجد رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعد قتل عثمان، رضى الله عنه؛ لكونه أفضل الصحابة حينئذ، وذلك فى ذى الحجة سنة خمس وثلاثين. قال سعيد بن المسيب: لما قتل عثمان جاءت الصحابة وغيرهم إلى دار على، فقالوا: نبايعك، فأنت أحق بها، فقال: إنما ذلك إلى أهل بدر، فمن رضوا به فهو الخليفة، فلم يبق أحد إلا أتى عليًا، فلما رأى ذلك خرج إلى المسجد، وصعد المنبر، وكان أول من صعد إليه فبايعه طلحة، ثم بايعه الباقون، ولما دخل الكوفة قال له بعض حكماء العرب: لقد زنت الخلافة وما زانتك، وهى كانت أحوج إليك منك إليها. وله فى قتال الخوارج عجائب ثابتة فى الصحيح مشهورة. وأخبره النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بأنه سيقتل. ونقلوا عنه آثارًا كثيرة تدل على أنه، رضى الله عنه، عَلِمَ السنة والشهر والليلة   (1) أخرجه ابن أبى شيبة (6/366، رقم 32071) ، وأحمد (4/165، رقم 17546) والترمذى (5/636، رقم 3719) وقال: حسن غريب. والنسائى فى الكبرى (5/45، رقم 8147) ، وابن ماجه (1/44، رقم 119) ، وابن أبى عاصم فى السنة (2/598، رقم 1320) ، وابن قانع (1/198) ، والطبرانى (4/16، رقم 3511) ، وأخرجه أيضًا: ابن عدى (2/442، ترجمة 555 حبشى بن جنادة السلولي) وقال: إسناده فيه نظر. قال المناوى فى فيض القدير (4/357) : قال الذهبى قال البخارى إسناد حديثه فيه نظر. (2) أخرجه الترمذى (5/637، رقم 3723) وقال: غريب منكر. وأبو نعيم فى الحلية (1/64) . (3) حديث جابر: أخرجه الحاكم (3/138، رقم 4639) . حديث ابن عباس: أخرجه الحاكم (3/137، رقم 4637) والخطيب (7/172) وأخرجه أيضًا: ابن عدى (3/412 ترجمة 840) . أخرجه الطبرانى (11/65، رقم 11061) ، قال الهيثمى (9/114) : فيه عبد السلام بن صالح الهروى وهو ضعيف. وأخرجه أيضًا: الحاكم (3/137، رقم 4637) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 348 التى يُقتل فيها، وأنه لما خرج لصلاة الصبح حين خرج، صاحت الأوز فى وجهه فطردن عنه، فقال: دعوهن فإنهن نوايح. قال محمد بن سعد: قالوا، يعنى أهل السير: انتدب ثلاثة من الخوارج: عبد الرحمن ابن ملجم المرادى - وهو من حمير، وعداده فى بنى مراد، وهو حليف بنى جبلة بن كندة - والبرك بن عبد الله التميمى، وعمرو بن بكير التميمى، فاجتمعوا بمكة، وتعاقدوا ليقتلن على بن أبى طالب، ومعاوية، وعمرو بن العاص، فقال ابن ملجم: أنا لعلى، وقال البرك: أنا لمعاوية، وقال الآخر: أنا لعمرو، وتعاهدوا أن لا يرجع أحد عن صاحبه حتى يقتله أو يموت دونه، وتواعدوا ليلة سبع عشرة من شهر رمضان. فتوجه كل واحد إلى المصر الذى فيه صاحبه الذى يريد قتله، فضرب ابن ملجم عليًا، رضى الله عنه، بسيف مسموم فى جبهته فأوصله دماغه فى الليلة المذكورة، وهى ليلة الجمعة، ثم توفى على، رضى الله عنه، فى الكوفة ليلة الأحد التاسع عشر من شهر رمضان سنة أربعين، وغسله الحسن والحسين وعبد الله بن جعفر، رضى الله عنهم، وكفن فى ثلاثة أثواب ليس فيها قميص ولا عمامة. وروينا أنه لما ضربه ابن ملجم قال: فزت ورب الكعبة. قالوا: ولما فرغ على، رضى الله عنه، من وصيته، قال: السلام وعليكم ورحمة الله وبركاته، ثم لم يتكلم إلا بلا إله إلا الله حتى توفى، ودفن فى السحر، وصلى عليه ابنه الحسن، وقيل: كان عنده فضل من حنوط رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أوصى أن يحنط به، وتوفى وهو ابن ثلاث وستين سنة على الأصح وقول الأكثرين، وقيل: أربع وستين، وقيل: خمس وستين، وقيل: ثمان وخمسين، وقيل: سبع وخمسين. وكان أدم اللون، أصلع، ربعة، أبيض الرأس واللحية، وربما خضب لحيته، وكانت كثة طويلة، حسن الوجه، ضحوك السن. ورثاه الناس فأكثروا فيه المراثى، ودُفن بالكوفة. قال ابن قتيبة: ولعلى، رضى الله عنه، من الولد: الحسن، والحسين، ومحسن، وأم كلثوم الكبرى، وزينب الكبرى، كلهم من فاطمة، ومحمد ابن الحنفية، وعبيد الله، وأبو بكر، وعمر، ورقية، ويحيى، أمهم أسماء بنت عميس، وجعفر، والعباس، وعبد الله، ورملة، وأم الحسن، وأم كلثوم الصغرى، وزينب الصغرى، وجمانة، وميمونة، وخديجة، وفاطمة، وأم الكرام، ونفيسة، وأم سلمة، وأمامة، وأم أبيها. ومن ولده، عليه السلام: عمر، ومحمد الأصغر، قاله ابن حزم فى الجمهرة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 349 430 - على بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب الهاشمى (1) : ابن ابن عم رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وهو جد خلفاء بنى العباس، كنيته أبو محمد، ويقال: أبو عبد الله، ويقال: أبو الطفيل المدنى التابعى. روى عن أبيه، وسمع أبا سعيد الخدرى، وغيره. روى عنه ابنه محمد بن على، والزهرى، وخلق سواهما. قال محمد بن سعد: ولد على بن عبد الله هذا ليلة قُتل على بن أبى طالب، رضى الله عنهم، فى رمضان سنة أربعين، وسمى باسمه، وكنى بكنيته أبا الحسن، فغير عبد الملك كنيته، فجعلها أبا محمد. قال: وكان أصغر أولاد عبد الله سنًا، وكان ثقة، قليل الحديث، وتوفى بالشام سنة سبع عشرة ومائة. وقال أبو سنان: كان على بن عبد الله يصلى كل يوم ألف ركعة. وقال محمد بن سعد: وكان على بن عبد الله أجمل من مشى على وجه الأرض وأوسمه، وأكثره صلاة، وكان يُدْعَى السَّجَّاد، وله عقب، وفيهم الخلافة. وكان على يسكن الشراة، بفتح الشين المعجمة، وهى بالشام فى أرض البلقاء، ونزل أيضًا دمشق، وله فيها دار. قال الزبير بن بكار: مازال على مجتهدًا فى العبادة حتى توفى. واتفق أهل الحديث على توثيقه. روى له مسلم. 431 - على بن المدينى الإمام (2) : هو أبو الحسن على بن عبد الله بن جعفر بن نجيح السعدى، مولاهم المدنى، مولى عروة بن عطية السعدى من بنى سعد بن بكر. قال البخارى فى تاريخه، وابن أبى حاتم: أصله من المدينة. قال البخارى: وهو بصرى، وكان علىّ أحد أئمة الإسلام المبرزين فى الحديث، صنف فيه مائتى مصنف لم يسبق إلى معظمها ولم يلحق فى كثير منها. سمع أباه، وحماد بن زيد، وسفيان بن عيينة، ويحيى القطان، وخلائق. روى عنه معاذ ابن معاذ، وأحمد بن حنبل، والبخارى، وخلائق من الأئمة. وأجمعوا على جلالته وإمامته وبراعته فى هذا الشأن، وتقدمه على غيره. قال عبد الغنى بن سعيد المصرى: أحسن الناس كلامًا على حديث رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثلاثة: على بن المدينى فى وقته، وموسى بن هارون فى وقته، والدارقطنى فى وقته. وقال سفيان بن عيينة، وهو أحد شيوخ على بن المدينى: حدثنى على بن المدينى، ويلوموننى على حب علىّ، والله لقد كنت أتعلم منه أكثر مما   (1) الطبقات الكبرى لابن سعد (5/312) ، والتاريخ الكبير للبخارى (6/2407) ، والجرح والتعديل (6/1056) ، وسير أعلام النبلاء (5/252، 284) ، وتاريخ الإسلام (4/282) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (7/357، 358) . تقريب التهذيب (4761) ، وقال: “ثقة عابد من الثالثة مات سنة ثماني عشرة على الصحيح بخ م 4”.. (2) انظر: طبقات ابن سعد (7/308) ، والتاريخ الكبير (6/284) ، والجرح والتعديل (6/193، 194) ، والثقات لابن حبان (8/469) ، وميزان الاعتدال (3/138 - 141) ، والمختصر فى أخبار البشر (2/37) ، وتهذيب التهذيب (7/349 - 357) ، وتقريب التهذيب (2/39، 40) .. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 350 يتعلم منى. وكان سفيان يسميه حية الوادى، وكان إذا سُئل عن شىء يقول: لو كان حبة الوادى. قال حفص بن محبوب: كنت عند ابن عيينة ومعنا على بن المدينى وابن الشاذكونى، فلما قام ابن المدينى قال سفيان: إذا قامت الخيل لم نجلس مع الرجالة. وقال محمد بن يحيى: رأيت لعلى بن المدينى كتابًا على ظهره مكتوب: المائة والنيف والستون من علل الحديث. قال عباس العنبرى: كانوا يكتبون قيام ابن المدينى وقعوده ولباسه، وكل شىء يقول ويفعل أو نحو هذا، وكان ابن المدينى إذا قدم بغداد تصدر بالحلقة، وجاء أحمد ويحيى وخلف والمعيطى والناس يناظرون، فإذا اختلفوا فى شىء تكلم فيه على. وقال الأعين: رأيت ابن المدينى مستلقيًا، وأحمد بن حنبل عن يمينه، ويحيى بن معين عن يساره وهو يملى عليهما. وقال البخارى: ما استصغرت نفسى عند أحد قط إلا عند على بن المدينى. وقال يحيى القطان: نحن نستفيد من ابن المدينى أكثر مما يستفيد منا. وقال عبد الرحمن بن مهدى: على بن المدينى أعلم الناس بحديث رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وخاصة بحديث ابن عيينة. وقال أبو حاتم: كان ابن المدينى علمًا فى الناس فى معرفة الحديث والعلل، وكان أحمد بن حنبل لا يسميه، بل يكنيه أبا الحسن؛ تبجيلاً، وما سمعت أحمد سماه قط. قال البخارى: توفى ابن المدينى ليومين بقيا من ذى القعدة سنة أربع وثلاثين ومائتين بالعسكر. 432 - على بن مسهر (1) : مذكور فى المهذب فى آخر حد الزنا. هو أبو الحسن على بن مسهر، بضم الميم، وإسكان السين، وكسر الهاء، الكوفى، الفقيه، قاضى الموصل. وهو من تابعى التابعين. سمع إسماعيل بن أبى خالد، وأبا إسحاق الشيبانى، ومحمد بن قيس، وداود بن أبى هند، والأعمش، وهشام بن عروة، وعبيد الله العمرى، وأبا مالك الأشجعى، وآخرين. روى عنه زكريا بن عدى، وإسماعيل بن الخليل، وخالد بن مخلد، ومنجاب، وأبو بكر بن أبى شيبة، وخلائق من أهل طبقتهم. واتفقوا على توثيقه. روى له البخارى ومسلم. قال أحمد بن حنبل: هو صالح الحديث، أثبت من   (1) الطبقات الكبرى لابن سعد (6/388) ، والتاريخ الكبير للبخارى (6/2456) ، والجرح والتعديل (6/1119) ، وسير أعلام النبلاء (8/426) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (7/383، 384) . تقريب التهذيب (4800) ، وقال: “مسهر بضم الميم وسكون المهملة وكسر الهاء ثقة له غرائب بعد أن أضر من الثامنة مات سنة تسع وثمانين ع”.. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 351 أبى معاوية الضرير. وقال يحيى بن معين، وأبو زرعة: هو ثقة. وقال أحمد بن عبد الله: هو ثقة، جمع الحديث والفقه. توفى سنة تسع وثمانين ومائة. 433 - على بن معبد (1) : مذكور فى المختصر فى آخر الأضحية، أظنه على بن معبد بن شداد العبدى الرقى، سكن مصر. روى عن عبيد الله بن عمرو، وخالد بن حبان، ومروان بن معاوية، وبقية ابن الوليد، وإسماعيل بن عياش، وعبد الله بن وهب، وأبى معاوية الضرير، وسفيان ابن عيينة، والليث بن سعد، وعيسى بن يونس، ووكيع، وآخرين من الأئمة. روى عنه إسحاق بن منصور، ويحيى بن معين، ومحمد بن إسحاق الصغانى، وأبو حاتم، والمزنى صاحب الشافعى، وغيرهم. قال أبو حاتم: هو ثقة. ويحتمل أن الذى ذكره المزنى على بن معبد المصرى الصغير. روى عن الأسود بن عامر، وأبى أحمد الزبيرى، وعلى بن معبد الرقى. قال ابن أبى حاتم: كان صدوقًا. 434 - على بن رباح اللخمى (2) : مذكور فى المهذب فى آخر الديات فى مسألة تجاذب الواقعين فى بئر، هو بضم العين وفتح اللام، على المشهور، وقيل: بفتحها وكسر اللام، وكان يكره الضم. وكان أهل بلده وهو بمصر يقولونه بالفتح وغيرهم بالضم، وقيل: بالفتح اسم وبالضم لقب. هو أبو عبد الله، ويقال: أبو موسى على بن رباح بن قصير بن رباح بن المقتشب بن ينبع، بضم المثناة تحت وفتح النون، ابن أردة بن حجر بن جزيلة بن لخم اللخمى المصرى التابعى. سمع عمرو بن العاص، وابنه عبد الله بن عمرو، وعقبة بن عامر، وفضالة بن عبيد، وأبا قتادة، وأبا هريرة، ومعاوية، وغيرهم من الصحابة، رضى الله عنهم. روى عنهم ابنه موسى، والحارث بن يزيد، ويزيد بن أبى حبيب، وآخرون. واتفقوا على توثيقه. روى له مسلم فى صحيحه. قال أحمد بن عبد الله، ومحمد بن سعد: كان ثقة، ولد سنة خمس عشرة من الهجرة عام اليرموك، توفى بإفريقيا سنة أربع عشرة ومائة، وقيل: سنة سبع عشرة، وكان من أهل الوجاهة، وكان يفد لأهل مصر إلى عبد الملك بدمشق.   (1) التاريخ الكبير للبخارى (6/2458) ، والجرح والتعديل (6/1124) ، وسير أعلام النبلاء (10/631) ، وميزان الاعتدال (3/5946) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (7/384، 385) . تقريب التهذيب (4801) ، وقال: “ثقة فقيه من كبار العاشرة مات سنة ثماني عشرة ت س”.. (2) الطبقات الكبرى لابن سعد (7/512) ، والتاريخ الكبير للبخارى (6/2387) ، والجرح والتعديل (6/1020) ، وسير أعلام النبلاء (5/101، 7/412) ، وتاريخ الإسلام (4/282) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (7/318، 319) . تقريب التهذيب (4732) ، وقال: “ثقة والمشهور فيه عُليّ بالتصغير وكان يغضب منها من كبار الثالثة مات سنة بضع عشرة ومائة بخ م 4”. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 352 باب العين والميم 435 - عمر بن حبيب القاضى (1) : مذكور فى المهذب فى أواخر صدقة الفطر. هو عمر بن حبيب القاضى البصرى العدوى، من عدى بن عبد مناة بن أد بن طابخة، ولى قضاء البصرة، وولى قضاء الشرقية للمأمون. روى عن هشام بن عروة، ويحيى الأنصارى، وابن عون، وخالد الحذاء، وسليمان التيمى، وداود ابن أبى هند، وابن جريج، وشعبة، وابن عيينة، وغيرهم. روى عنه محمد ابن عبيد المنادى، وزكريا بن الحارث، وأبو قلابة الرقاشى، ومحمد بن يونس، وغيرهم. قال أحمد بن حنبل: قدم علينا عمر بن حبيب، فلم نكتب عنه حرفًا، وكان مستخفًا به جدًا. وقال يحيى بن معين: هو ضعيف، كان يكذب. وقال أبو زكريا: كان ابن علية يثنى على عمر بن حبيب، وليس كما قال، بل عمر بن حبيب ليس بشىء. وقال البخارى فى تاريخه: يتكلمون فيه. وقال يعقوب بن سفيان: هو ضعيف، لا يُكتب حديثه. وقال أبو زرعة: ليس بالقوى. وقال النسائى: هو ضعيف. وقال زكريا الساجى: كان يهم عن الثقات، وكان من أصحاب عبد الله بن الحسن، فأظنهم تركوه لموضع الرأس، وكان صدوقًا، ولم يكن من فرسان الحديث. وقال أحمد بن عبد الله: ليس هو بشىء. وقال ابن عدى: وهو مع ضعفه يُكتب حديثه. توفى سنة سبع ومائتين. وروينا له فى تاريخ بغداد حكاية بديعة مختصرها أنه حضر مجلس هارون الرشيد، فتكلم الحاضرون فى مسألة، فاحتج بعضهم بحديث عن أبى هريرة، فأنكره الأكثرون وطعنوا فى أبى هريرة، فانتصر له عمر بن حبيب، وقال: أبو هريرة ثقة صحيح النقل، فغضبوا عليه وهموا بقتله، ولم يبق إلا قتله،   (1) التاريخ الكبير للبخارى (6/1987) ، والجرح والتعديل (6/553) ، وسير أعلام النبلاء (9/490) ، وميزان الاعتدال (3/6067) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (7/431، 433) . تقريب التهذيب (4874) ، وقال: "ضعيف من التاسعة مات سنة ست أو سبع ومائتين ق". . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 2 وجاءه رسول الخليفة، فقال: أجب أمير المؤمنين وتحنط وتكفن، فقال: اللهم إنك تعلم إنى دفعت عن صاحب نبيك - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وأجللت نبيك - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يُطعن فى أحد من أصحابه، فسلمنى منه. فدخل على الخليفة وفى يده السيف وقدامه النطع، فقال: يا عمر بن حبيب، ما تلقانى أحد من الرد والدفع لقولى بمثل ما لقيتنى، فقال: يا أمير المؤمنين، الذى كنت تقول فيه إزراء برسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وبما جاء به، وإذا كان أصحابه كذابين فالشريعة باطلة والأحكام مردودة، فقال: أحييتنى يا عمر بن حبيب أحياك الله، كررها ثلاث مرات، وأمر له بعشرة آلاف درهم. 436 - عمر بن الخطاب أمير المؤمنين، رضى الله عنه (1) : تكرر ذكره فى كل هذه الكتب. هو أبو حفص عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رياح، بالمثناة تحت، ابن عبد الله بن قرط بن رزاح، برا مفتوحة ثم زاى ثم ألف ثم حاء مهملة، ابن عدى بن كعب بن لؤى بن غالب القرشى العدوى المدنى، أمير المؤمنين، رضى الله عنه. أمه حنتمة، بفتح الحاء المهملة ثم نون ساطنة ثم مثناة فوق مفتوحة، بنت هاشم، ويقال: هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب بن لؤى بن غالب، قالوا: فمن قال: بنت هشام، كانت أخت أبى جهل، ومن قال: بنت هاشم، كانت بنت عمه. قال ابن عبد البر: الصحيح بنت هاشم، ومن قال: بنت هشام، فقد أخطأ. وقال الزبير بن بكار: بنت هاشم، كما قال ابن عبد البر. وقال ابن مندة وابن نعيم: هى بنت هشام أخت أبى جهل، ونقله أبو نعيم، عن محمد بن إسحاق. ولد عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، بعد الفيل بثلاث عشرة سنة، وكان من أشراف قريش. قالوا: وإليه كانت السفارة فى الجاهلية، فكانت قريش إذا وقعت الحرب بينهم أو بينهم وبين غيرهم، بعثوه سفيرًا، أى رسولاً، ولما بعث رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان عمر شديدًا عليه وعلى المسلمين، ثم لطف الله تعالى به، فأسلم قديمًا، فأسلم بعد أربعين رجلاً وإحدى عشرة امرأة، وقيل: بعد تسعة وثلاثون رجلاً وثلاث وعشرين امرأة، وقيل: بعد خمسة وأربعين رجلاً   (1) انظر: الإصابة (2/ت 5736) ، وأسد الغابة (4/53) ، والاستيعاب (2/458) ، والتاريخ الكبير (6/ت 1952) ، وتهذيب الكمال (21/316) ، وتهذيب التهذيب (7/438) ، وطبقات ابن سعد (3/324) ، ومناقب عمر لابن الجوزى، ومصادر ترجمة أمير المؤمنين عمر ابن الخطاب، رضى الله عنه، لا تعد ولا تحصى، ومناقبه أجل من أن يستوعبها كتاب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 3 وإحدى عشرة امرأة. وعن سعيد بن المسيب، قال: أسلم عمر بعد أربعين رجلاً وعشرة نسوة، فما هو إلا أن أسلم فظهر الإسلام بمكة. وقال الزبير بن بكار: أسلم عمر بعد دخول رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دار الأرقم بعد أربعين رجلاً أو نيف وأربعين من رجال ونساء، وكان النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: “اللهم أعز الإسلام بأحب الرجلين إليك: عمر بن الخطاب، أو عمرو بن هشام” (1) ، يعنى أبا جهل. وخبر إسلامه مشهور، وأن سببه أن أخته فاطمة بنت الخطاب، رضى الله عنها، كانت زوجة سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، أحد العشرة، وكانت أسلمت هى وزوجها، فسمع عمر بذلك فقصدهما ليعاقبهما، فقرأ عليه القرآن، فأوقع الله تعالى فى قلبه الإسلام فأسلم، ثم جاء إلى النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأصحابه وهم مختفون فى دار الصفاء، فأظهر إسلامه، فكبَّر المسلمون فرحًا بإسلامه، ثم خرج إلى مجامع قريش، فنادى بإسلامه، وضربه جماعة منهم وضاربهم، فأجاره خاله فكفوا عنه، ثم لم تطب نفس عمر حين رأى المسلمين يُضربون وهو لا يُضرب فى الله، فردَّ جواره، فكان يضاربهم ويضاربونه إلى أن أظهر الله تعالى الإسلام. وعن ابن مسعود، قال: كان إسلام عمر فتحًا، وكانت هجرته نصرًا، وكانت إمامته رحمة، ولقد رأيتنا وما نستطيع أن نصلى فى البيت حتى أسلم عمر، فلما أسلم قاتلهم حتى تركونا فصلينا. وعن حذيفة، قال: لما أسلم عمر كان الإسلام كالرجل المقبل، لا يزداد إلا قربًا، فلما قُتل عمر كان الإسلام كالرجل المدبر، لا يزداد إلا بُعدًا. قال محمد بن سعد: كان إسلام عمر، رضى الله عنه، فى السنة السادسة من النبوة. واتفقوا على تسميته بالفاروق، ورووا عن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: “إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه، وهو الفاروق، فَرَّق الله به بين الحق والباطل”. وعن عائشة، قالت: سمى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عمر الفاروق. واتفقوا على أنه أوَّل مَن سُمِّىَ أمير المؤمنين، وإنما كان يقال لأبى بكر، رضى الله عنه، خليفة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وعمر، رضى الله عنه، أحد السابقين إلى الإسلام، وأحد العشرة المشهود لهم بالجنة، وأحد الخلفاء الراشدين، وأحد أصهار رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وأحد كبار علماء الصحابة وزهادهم. رُوى له عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -   (1) حديث ابن عباس: أخرجه الترمذى (5/618، رقم 3683) وقال: غريب. والطبرانى (11/255، رقم 11657) ، وابن عساكر (44/24) . حديث ابن مسعود: أخرجه الطبرانى (10/159، رقم 10314) ، والحاكم (3/89، رقم 4486) . قال الهيثمى (9/61) : رواه الطبرانى فى الكبير والأوسط بنحوه باختصار، ورجال الكبير رجال الصحيح غير مجالد بن سعيد، وقد وثق. حديث ابن عمر: أخرجه أحمد (2/95، رقم 5696) ، وعبد بن حميد (ص 245، رقم 759) ، والترمذى (5/617، رقم 3681) ، وقال: حسن صحيح غريب. وابن سعد (3/267) ، وأبو نعيم فى الحلية (5/361) . حديث أنس عن خباب: أخرجه البزار (6/57، رقم 2119) . حديث ابن عباس: أخرجه الحاكم (3/89، رقم 4484) وقال: صحيح الإسناد. حديث ثوبان: أخرجه الطبرانى (2/97، رقم 1428) . قال الهيثمى (9/62) : فيه يزيد بن ربيعة الرحبى، وهو متروك. وقال ابن عدى: أرجو أنه لا بأس به، وبقية رجاله ثقات. حديث على بن أبى طالب: أخرجه ابن عساكر (44/27) . حديث الزبير: أخرجه ابن عساكر (44/27) . أخرجه ابن ماجه (1/39، رقم 105) ، وابن عدى (6/310) ، والحاكم (3/89، رقم 4485) ، وقال: صحيح على شرط الشيخين. والبيهقى (6/370، رقم 12881) . وأخرجه أيضًا: ابن حبان (15/306، رقم 6882) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 4 خمسمائة حديث وتسعة وثلاثون حديثًا، اتفق البخارى ومسلم منها على ستة وعشرين حديثًا، وانفرد البخارى بأربعة وثلاثين، ومسلم بأحد وعشرين. روى عنه عثمان بن عفان، وعلى بن أبى طالب، وطلحة بن عبيد الله، وسعد بن أبى وقاص، وعبد الرحمن بن عوف، وابن مسعود، وأبو ذر، وعمرو بن عبسة، وابنه عبد الله بن عمر، وابن عباس، وابن الزبير، وأنس، وأبو موسى الأشعرى، وجابر بن عبد الله، وعمرو بن العاص، وأبو لبابة بن عبد المنذر، والبراء بن عازب، وأبو سعيد الخدرى، وأبو هريرة، وابن السعدى، وعقبة بن عامر، والنعمان بن بشير، وعدى بن حاتم، ويعلى بن أمية، وسفيان بن وهب، وعبد الله بن سرجس، والفلتان بن عاصم، وخالد بن عرفطة، والأشعث بن قيس، وأبو أمامة الباهلى، وعبد الله بن أنيس، وبريدة الأسلمى، وفضالة بن عبيد، وشداد بن أوس، وسعيد بن العاص، وكعب بن عجرة، والمسور بن مخرمة، والسائب بن يزيد، وعبد الله بن الأرقم، وجابر بن سمرة، وحبيب ابن مسلمة، وعبد الرحمن بن أبزى، وعمرو بن حريث، وطارق بن شهاب، ومعمر بن عبد الله، والمسيب بن حزن، وسفيان بن عبد الله، وأبو الطفيل، وعائشة، وحفصة، رضى الله عنهم، وكلهم صحابة. وروى عنه من التابعين خلائق، منهم ابنه عاصم، ومالك بن أوس، وعلقمة بن وقاص، وأبو عثمان النهدى، وأسلم مولاهم، وقيس بن أبى حازم، وخلق سواهم. وأجمعوا على كثرة علمه، ووفور فهمه، وزهده، وتواضعه، ورفقه بالمسلمين، وإنصافه، ووقوفه مع الحق، وتعظيمه آثار رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وشدة متابعته له، واهتمامه بمصالح المسلمين، وإكرامهم أهل الفضل والخير، ومحاسنه أكثر من أن تستقصى. قال ابن مسعود حين توفى عمر: ذهب بتسعة أعشار العلم. وأقوال السلف فى علمه مشهورة. وهاجر إلى المدينة حين أراد النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الهجرة، فتقدم قدامه فى جماعة. قال البراء بن عازب: أول من قدم علينا من المهاجرين مصعب بن عمير، ثم ابن أم مكتوم، ثم عمر ابن الخطاب فى عشرين راكبًا، فقلنا: ما فعل رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ قال: هو على أثرى، ثم قدم رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأبو بكر، رضى الله عنه. وعن على، رضى الله عنه، قال: ما علمت أحدًا هاجر إلا مختفيًا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 5 إلا عمر بن الخطاب، فإنه لما همَّ بالهجرة تقلَّد سيفه، وتنكب فرسه، وانتضى فى يده أسهمًا، وأتى الكعبة وأشراف قريش بفنائها، فطاف سبعًا، ثم صلى ركعتين عند المقام، ثم أتى حلقهم واحدة واحدة، فقال: شاهت الوجوه، مَن أراد أن تثكله أمه، ويؤتم ولده، وترمل زوجته فليلقنى وراء هذا الوادى، فما تبعه منهم أحد. قال ابن إسحاق: هاجر عمر وزيد ابنا الخطاب، وسعيد بن زيد، وعمرو وعبد الله ابنا سراقة، وخنيث بن حذافة، وواقد بن عبد الله، وخولى وهلال ابنا أبى خولى، وعياش بن أبى ربيعة، وخالد، وإياس وعاقل بنو الكبير، فنزلوا على رفاعة بن المنذر فى بنى عمرو بن عوف. وشهد عمر، رضى الله عنه، مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بدرًا، وأُحُدًا، والخندق، وبيعة الرضوان، وخيبر، والفتح، وحنينًا، والطائف، وتبوك، وسائر المشاهد، وكان شديدًا على الكفار والمنافقين، وهو الذى أشار بقتل أسارى بدر، ونزل القرآن على وفق قوله فى ذلك، وكان عمر ممن ثبت مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوم أُحُد. وأما زهده وتواضعه، فمن المشهورات التى استوى الناس فى العلم بها. قال طلحة ابن عبد الله: كان عمر أزهدنا فى الدنيا، وأرغبنا فى الآخرة. وقال سعد بن أبى وقاص: قد علمت بأى شىء فضلنا عمر، كان أزهدنا فى الدنيا. وروينا أن عمر دخل على ابنته حفصة، فقدمت إليه مرقًا باردًا وصبت عليه زيتًا، فقال: إدامان فى إناء واحد، لا آكله حتى ألقى الله عز وجل. وعن أنس، قال: لقد رأيت فى قميص عمر أربع رقاع بين كتفيه. وعن أبى عثمان، قال: رأيت عمر يرمى الجمرة وعليه إزار مرقوع بقطعة جراب. وعن غيره أن قميص عمر كان فيه أربع عشرة رقعة أحدها من أدم. وأما فضائل عمر الثابتة عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فى الصحيح، فأكثر من أن تحصر، منها عن سعيد بن زيد أحد العشرة المشهود لهم بالجنة، رضى الله عنهم، قال: سمعت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: “أبو بكر فى الجنة، وعمر فى الجنة، وعثمان فى الجنة، وعلى فى الجنة، وطلحة فى الجنة، والزبير فى الجنة، وسعد بن مالك، هو ابن أبى وقاص، فى الجنة، وعبد الرحمن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 6 بن عوف فى الجنة، وأبو عبيدة بن الجراح فى الجنة”، وسكت عن العاشر، قالوا: من العاشر؟ قال: سعيد بن زيد، يعنى نفسه. رواه أبو داود، والترمذى، والنسائى، وغيرهم. قال الترمذى: حديث حسن صحيح. وعن أبى موسى الأشعرى فى حديثه الطويل المشهور، قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “افتح له، يعنى لعمر، وبشره بالجنة”. رواه البخارى ومسلم. وعن أبى سعيد الخدرى، قال: سمعت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: “بينا أنا نائم، رأيت الناس يعرضون علىَّ وعليهم قمص، فمنها ما تبلغ الثدى، ومنها ما دون ذلك، وعرض علىَّ عمر بن الخطاب وعليه قميص يجره” (1) ، قالوا: فما أولته يا رسول الله؟ قال: “الدين”. رواه البخارى ومسلم. وعن ابن عمر، قال: سمعت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: “بينا أنا نائم، أتيت بقدح لبن، فشربت منه حتى أنى لأرى الرى يخرج من أظفارى، ثم أعطبت فضلى عمر بن الخطاب” (2) ، قالوا: فما أولت ذلك يا رسول الله؟ قال: “العلم”. رواه البخارى ومسلم. وعن سعد بن أبى وقاص فى حديثه الطويل، أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال لعمر: “يا ابن الخطاب، والذى نفسى بيده ما لقيك الشيطان سالكًا فجًا إلا سلك فجًا غير فجك” (3) . رواه البخارى ومسلم. وعن أبى هريرة، قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “بينا أنا نائم، رأيتنى فى الجنة، وإذا امرأة تتوضأ إلى جانب قصر، فقلت: لمن هذا القصر؟ فقالوا: لعمر، فذكرت غيرتك” (4) ، فبكى عمر، وقال: أعليك أغار يا رسول الله. رواه البخارى ومسلم. وعن أبى هريرة أيضًا قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “لقد كان فيما قبلكم من الأمم ناس محدثون، فإن يكن فى أمتى أحد فإنه عمر”، رواه البخارى، ورواه مسلم من رواية عائشة، وفى روايتهما: قال ابن وهب: محدثون، أى ملهمون. وقال ابن عيينة: معناه مفهمون. وعن ابن عمر، وأبى هريرة أيضًا قالا: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “بينا أنا نائم، رأيتنى على قليب عليها دلو، فنزعت منها ما شاء الله، ثم أخذها أبو بكر، فنزع ذنوبًا أو ذنوبين، وفى نزعه ضعف، والله يغفر له، ثم جاء عمر فاستقى فاستحالت فى يده غربًا، فلم أر عبقريًا من الناس يفرى فرية حتى روى الناس وضربوا بعطن” (5) . رواهما البخارى ومسلم. قال العلماء: هذه إشارة   (1) أخرجه أحمد (3/86، رقم 11832) ، والبخارى (1/17، رقم 23) ، ومسلم (4/1859، رقم 2390) ، والترمذى (4/539، رقم 2286) ، والنسائى (8/113، 5011) . وأخرجه أيضا: أبو يعلى (2/467، 1290) ، والدارمى (2/170، رقم 2151) ، والطبرانى فى الأوسط (8/331، رقم 8782) ، وابن حبان (15/313، رقم 6890) . (2) أخرجه أحمد (2/130، رقم 6142) ، والبخارى (1/43، رقم 82) ، ومسلم (4/1859، رقم 2391) ، والترمذى (4/539، رقم 2284) وقال: حديث صحيح. (3) أخرجه البخارى (3/1347، رقم 3480) ، ومسلم (4/1863، رقم 2396) . وأخرجه أيضًا: الشاشى (1/174، رقم 119) . (4) حديث أبى هريرة: أخرجه البخارى (3/1185، رقم 3070) ، ومسلم (4/1862، رقم 2394) ، وابن ماجه (1/40، رقم 107) . وأخرجه أيضا: أحمد (2/339، رقم 8451) ، والنسائى فى الكبرى (5/41، رقم 8129) . (5) أخرجه أحمد (5/455، رقم 23852) قال الهيثمى (5/180) : فيه على بن يزيد وفيه ضعف وبقية رجاله ثقات. والطبرانى كما فى مجمع الزوائد (9/72) قال الهيثمى: إسناده حسن. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 7 إلى خلافة أبى بكر وعمر، وكثرة الفتوح وظهور الإسلام فى زمن عمر. وعن ابن عمر، وأنس، عن عمر، قال: وافقت ربى فى ثلاث: قلت: يا رسول الله، لو اتخذنا من مقام إبراهيم مصلى، فنزلت: {وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: 125] ، وقلت: يا رسول الله، يدخل على نسائك البر والفاجر، فلو أمرتهن يحتجبن، فنزلت آية الحجاب، واجتمع نساء النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فى الغيرة، فقلت: {عَسَى رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِّنكُنَّ} [التحريم: 5] ، فنزلت كذلك. رواه البخارى ومسلم، وفى رواية: “أسارى بدر”، بدل: “اجتماع النساء”. وعن ابن مسعود، قال: ما زلنا أعزة منذ أسلم عمر. رواه البخارى. وعن أبى هريرة، قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “بينا راع فى غنمه عدا الذئب، فأخذ منها شاة، فطلبها حتى استنقذها منه، فالتفت إليه الذئب، فقال: مَن لها يوم السبع، يوم ليس لها راع غيرى”، فقال الناس: سبحان الله، فقال النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “فإنى أومن به، وأبو بكر، وعمر، وما هما ثمت”. رواه البخارى، ورواه مسلم بمعناه. وعن محمد بن على بن أبى طالب، قال: قلت لأبى: أى الناس خير بعد رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ قال: أبو بكر، قلت: ثم مَن؟ قال: عمر. رواه البخارى. وعن ابن عباس، قال: إنى لواقف فى قوم يدعون الله تعالى لعمر، وقد وضع على سريره فتكنفه الناس يدعون فيصلون قبل أن يرفع، فلم يرعنى إلا رجل أخذ بمنكبى، فإذا علىّ، فترحم على عمر، وقال: ما خلفت أحدًا أحب إلىَّ أن ألقى الله بمثل عمله منك، وأيم الله إن كنت لأظن أن يجعلك الله مع صاحبيك لأنى كنت كثيرًا أسمع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: “ذهبت أنا وأبو بكر وعمر، ودخلت أنا وأبو بكر وعمر، وخرجت أنا وأبو بكر وعمر” (1) . رواه البخارى ومسلم. وعن ابن عمر، قال: كنا نخير بين الناس فى زمن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فنخير أبا بكر، ثم عمر، ثم عثمان. رواه البخارى. وعن عمرو بن العاص، أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعثه على جيش ذات السلاسل، قال: فأتيته فقلت: أى الناس أحب إليك؟، قال: “عائشة”، فقلت: مَن أحب الرجال؟ قال: “أبوها”، قلت: ثم مَن؟ قال: “ثم عمر”، فعد رجالاً. رواه البخارى، ومسلم. وعن أنس أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صعد أُحُدًا، وأبو بكر، وعمر، وعثمان، فرجف بهم، فقال: “أثبت أُحُد، فإنما عليك نبى،   (1) أخرجه مسلم في صحيحه (4/1859/2389) ، والبخاري في صحيحه (3/1345/3474) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 8 وصديق، وشهيدان” (1) . رواه البخارى. وعن أبى هريرة أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان على حراء هو وأبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلى، وطلحة، والزبير، فتحركت الصخرة، فقال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “اهدأ، فما عليك إلا نبى أو صديق أو شهيد”. رواه مسلم. وعن ابن عباس، قال: دخل عيينة بن حصن على عمر، فقال: هى يا ابن الخطاب، فوالله ما تعطينا الجزل ولا تحكم بيننا بالعدل، فغضب عمر حتى هَّم أن يوقع به، فقال الحر بن قيس: يا أمير المؤمنين، إن الله تعالى قال لنبيه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف: 199] ، وإن هذا من الجاهلين، فوالله ما جاوزها عمر حين تلاها عليه، وكان وقَّافا عند كتاب الله تعالى. رواه البخارى. وعن حفصة، قالت: قال عمر: اللهم ارزقنى شهادة فى سبيلك، واجعل موتى فى بلد رسولك، فقلت: أنى يكون هذا، فقال: يأتينى به الله إذا شاء. رواه البخارى. وعن ابن عمر، قال: ما رأيت أحدًا قط بعد رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من حين قبض كان أجد وأجود حتى انتهى من عمر. رواه البخارى. وعن ابن عمر، أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: “اللهم أعز الإسلام بأحب هذين الرجلين إليك: بأبى جهل، أو بعمر بن الخطاب”، وكان أحبهما إليه عمر. رواه الترمذى، وقال: حديث حسن صحيح. وعن ابن عمر، أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: “إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه” (2) . وقال ابن عمر: ما نزل بالناس أمر قط فقالوا فيه وقال عمر، إلا نزل فيه القرآن على نحو ما قال عمر. رواه الترمذى، وقال: حديث حسن صحيح. وعن عقبة بن عامر، قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “لو كان بعدى نبى لكان عمر بن الخطاب” (3) ) . رواه الترمذى، وقال: حديث حسن صحيح. وعن حذيفة، قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “اقتدوا بالذين من بعدى، أبى بكر وعمر” (4) . رواه الترمذى، وقال: حديث حسن غريب. وعن أنس، قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأبى بكر وعمر: “هذان سيدا كهول أهل الجنة من الأولين والآخرين، إلا النبيين والمرسلين” (5) . رواه الترمذى، وقال: حديث حسن غريب. وعن أبى سعيد الخدرى، قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “ما من نبى إلا له وزيران من أهل السماء، ووزيران من أهل الأرض، فأما وزيراى   (1) حديث أنس: أخرجه البخارى (3/1344، رقم 3472) ، وأبو داود (4/212، رقم 4651) ، والترمذى (5/624، رقم 3697) وقال: حسن صحيح. وأخرجه أيضًا: أبو يعلى (5/466 رقم 3196) وابن حبان (15/280 رقم 6865) . حديث سهل بن سعد: أخرجه أحمد (5/331، رقم 22862) ، وعبد بن حميد (ص 166، رقم 449) ، وأبو يعلى (13/509، رقم 7518) ، قال الهيثمى (9/55) : رجاله رجال الصحيح. وابن حبان (14/415، رقم 6492) ، والطبرانى (1/91، رقم 146) ، والضياء (1/466، رقم 340) . حديث عثمان: أخرجه الترمذى (5/625، رقم 3699) وقال: حسن صحيح غريب.. (2) حديث ابن عمر: أخرجه أحمد (2/53، رقم 5145) ، وعبد بن حميد (ص 245، رقم 758) ، والترمذى (5/617، رقم 3682) . وأخرجه أيضًا: ابن حبان (15/318، رقم 6895) ، والطبرانى فى الأوسط (3/338، رقم 3330) ، قال الهيثمى (9/66) : رجاله رجال الصحيح، غير عبد الله بن صالح كاتب الليث، وقد وثق وفيه ضعف. وتمام (2/19، رقم 1016) ، وابن عساكر (44/103) . حديث أبى ذر: أخرجه أحمد (5/165، رقم 21495) ، وأبو داود (3/139، رقم 2962) ، والحاكم (3/93، رقم 4501) . وأخرجه أيضًا: الطبرانى فى مسند الشاميين (2/382، رقم 1543) ، وابن عساكر (44/99) . قال الهيثمى (9/66) : رواه الطبرانى، وفيه أبو بكر بن أبى مريم، وقد اختلط. حديث أبى سعيد: أخرجه تمام (2/41، رقم 1086) ، وابن عساكر (44/101) . (3) حديث عقبة بن عامر: أخرجه أحمد (4/154، رقم 17441) ، والترمذى (5/619، رقم 3686) ، وقال: حسن غريب. والطبرانى (17/298، رقم 822) ، والرويانى (1/171، رقم 214) ، والحاكم (3/92، رقم 4495) وقال: صحيح الإسناد. وأخرجه أيضًا: ابن عدى (3/216) . حديث عصمة: أخرجه الطبرانى (17/180، رقم 475) . قال الهيثمى (9/68) : فيه الفضل بن المختار وهو ضعيف. (4) حديث حذيفة: أخرجه أحمد (5/382، رقم 23293) ، والترمذى (5/609، رقم 3662) ، وابن ماجه (1/37، رقم 97) . وأخرجه أيضاً: البزار (7/248، رقم 2827) ، والطبرانى فى الأوسط (4/140، رقم 3816) ، والحاكم (3/79، رقم 4454) ، والبيهقى (5/212، رقم 9836) . وابن عساكر (5/14) . حديث أنس: أخرجه ابن عساكر (44/233) . حديث ابن مسعود: أخرجه ابن عساكر (30/228) . وأخرجه أيضاً: الطبرانى فى الأوسط (7/168، رقم 7177) . (5) حديث على بن أبى طالب: أخرجه أحمد (1/80، رقم 602) ، والترمذى (5/611، رقم 3665) وقال: غريب. وابن ماجه (1/36، رقم 95) . وأخرجه أيضًا: ابن أبى شيبة (6/350، رقم 31941) ، والبزار (2/132، رقم490) ، وأبو يعلى (1/405، رقم 533) ، والديلمى (1/437، رقم 1781) . حديث أبى جحيفة: أخرجه الطبرانى (22/104، رقم 257) . وأخرجه أيضًا: ابن ماجه (1/38، رقم 100) ، وابن حبان (15/330، رقم 6904) ، والطبرانى فى الأوسط (4/272، رقم 4174) . حديث أنس بن مالك: أخرجه ابن عساكر (7/118) ، والضياء من طريق أبى يعلى (6/244، رقم2260) . وأخرجه أيضًا: ابن النجار (15/246) . حديث أبى سعيد: أخرجه البزار كما فى كشف الأستار (3/168، رقم 2492) ، والطبرانى فى الأوسط (4/359، رقم 4431) . قال الهيثمى (9/53) : فيه على بن عابس، وهو ضعيف. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 9 من أهل السماء فجبريل وميكائيل، وأما وزيراى من أهل الأرض فأبو بكر وعمر” (1) . رواه الترمذى، وقال: حديث حسن. وعن عمر، رضى الله عنه، قال: استأذنت النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فى العمرة فأذن لى، وقال: “لا تنسانا يا أخى من دعائك”، فقال كلمة ما يسرنى أن لى بها الدنيا. وفى رواية: قال: “أشركنا يا أخى فى دعائك” (2) . رواه أبو داود، والترمذى، وقال: حديث حسن. وعن أبى سعيد، أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: “إن أهل الدرجات العلا ليراهم مَن تحتهم كما ترون النجم الطالع فى أفق السماء، وأن أبا بكر وعمر ومنهم وأنعما” (3) . رواه أبو داود، والترمذى، ومعنى “وأنعما”: زادا فضلاً، وقيل: دخلا فى النعيم. وفى الموطأ عن يحيى بن سعيد الأنصارى، أن عمر بن الخطاب كان يحمل فى العام الواحد على أربعين ألف بعير، يحمل الرجل إلى الشام على بعير، والرجلين إلى العراق على بعير. وفى مسند الشافعى بإسناده عن مولى لعثمان، قال: بينا أنا مع عثمان فى مال بالعالية فى يوم صائف، إذ رأى رجلاً يسوق بكرين، وعلى الأرض مثل الفراش فى الحر، فقال: ما على هذا لو أقام بالمدينة حتى تبرد ثم يروح، فدنا الرجل، فقال: انظر، فنظر، فإذا عمر بن الخطاب، فقلت: هذا أمير المؤمنين، فقام عثمان فأخرج رأسه من الباب، فأذاه نفح السموم، فأعاد رأسه حتى حاذاه، فقال: ما أخرجك هذه الساعة؟ فقال: بكران من إبل الصدقة تخلفا وقد مضى بإبل الصدقة، فأردت أن ألحقهما بالحمى، وخشيت أن يضيعا فيسألنى الله عنهما، فقال: عثمان: يا أمير المؤمنين، هلم إلى الماء والظل ونكفيك، فقال: عد إلى ظلك، فقلت: عندنا مَن يكفيك، فقال: عد إلى ظلك، فمضى، فقال عثمان: مَن أحب أن ينظر إلى القوى الأمين فلينظر إلى هذا، فعاد إلينا فألقى نفسه. ومن المشهورات من كرامات عمر، رضى الله عنه، أنه كان يخطب يوم الجمعة بالمدينة، فقال فى خطبته: يا سارية بن حصن، الجبل الجبل، فالتفت   (1) أخرجه الترمذى (5/616، رقم 3680) وقال: حسن غريب. (2) أخرجه الترمذي في سننه (5/560/3562) . وابن ماجه في سننه (2/966/2894) . وأبي داود في سننه (2/80/1498) . وابن حنبل في مسنده (1/29/195) . والبيهقي في سننه الكبرى (5/251/10094) . وأبي يعلى في مسنده (9/377/5501) . (3) حديث أبى سعيد: أخرجه أحمد (3/98، رقم 11958) ، وعبد بن حميد (ص 280، رقم 887) ، والترمذى (5/607، رقم 3658) وقال: حسن. وابن ماجه (1/37، رقم 96) ، وأبو يعلى (2/369، رقم 1130) ، وابن حبان (16/404، رقم 7393) . وأخرجه أيضًا: ابن أبى شيبة (6/348، رقم 31925) ، وابن عساكر (30/193) . حديث جابر بن سمرة: أخرجه الطبرانى (2/254، رقم 2065) ، قال الهيثمى (9/54) : فيه الربيع بن سهل الواسطى ولم أعرفه وبقية رجاله ثقات. والبغوى (1/467، رقم 306) ، وابن عساكر من طريق البغوى (30/201) . حديث أبى هريرة: أخرجه ابن عساكر (30/199) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 10 الناس بعضهم إلى بعض، فلم يفهموا مراده، فلما قضى صلاته قال له على، رضى الله عنه: ما هذا الذى قلته؟ قال: وسمعته؟ قال: نعم، أنا وكل من فى المسجد، فقال: وقع فى خلدى أن المشركين هزموا إخواننا وركبوا أكتافهم، وأنهم يمرون بجبل، فإن عدلوا إليه قاتلوا من وجدوه وظفروا، وإن جاوزوه هلكوا، فخرج منى هذا الكلام، فجاء البشير بعد شهر، فذكر أنهم سمعوا فى ذلك اليوم وتلك الساعة حين جاوزوا الجبل صوتًا يشبه صوت عمر يقول: يا سارية بن حصن، الجبل الجبل، فعدلنا إليه ففتح الله علينا. وأحوال عمر، رضى الله عنه، وفضائله، وسيرته، ورفقه برعيته، وتواضعه، وجميل سيرته، واجتهاده فى الطاعة وفى حقوق المسلمين أشهر من أن تذكر، وأكثر من أن تحصر، ومقصود هذا الكتاب الإشارة إلى بعض المقاصد. ولى الخلافة، رضى الله عنه، باستخلاف أبى بكر، رضى الله عنه، له وكان أبو بكر شاور الصحابة فى استخلافه عمر، فأشار به عبد الرحمن بن عوف، وقال: هو أفضل من رأيك فيه، ثم استشار عثمان ابن عفان، فقال: أنت أخبرنا به، فقال: عِلمى به أن سريرته خير من علانيته، وأن ليس فينا مثله، وشاور معهما سعيد بن زيد، وأسيد بن حضير، وغيرهم من المهاجرين والأنصار، فقال أسيد: وهو أعلم للخير بعدك، يرضى للرضى، ويسخط للسخط، وسريرته خير من علانيته، ولن يلى هذا الأمر أحد أقوى عليه منه. ثم دعا أبو بكر عثمان بن عفان، فقال: اكتب: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما عهد أبو بكر بن أبى قحافة فى آخر عهده بالدنيا خارجًا منها، وعند أول عهده بالآخرة داخلاً فيها حين يؤمن الكافر، ويوقن الفاجر، ويصدق الكاذب، إنى مستخلف عليكم بعدى عمر بن الخطاب، فاسمعوا له وأطيعوا، فإنى لم آل الله ورسوله ودينه ونفسى وإياكم خيرًا، فإن عدل فذلك ظنى به وعلمى فيه، وإن بدَّل فلكل امرىء ما اكتسب، والخير أردت، ولا أعلم الغيب، وسيعلم الذين ظلموا أى منقلب ينقلبون، والسلام عليكم ورحمة الله. ثم أمره فختم الكتاب، وخرج به إلى الناس، فبايعوا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 11 عمر جميعًا ورضوا به، ثم دعا أبو بكر عمر، فأوضاه بما أوصاه، ثم خرج فرفع أبو بكر يديه مدًا، ثم قال: اللهم إنى لم أرد بذلك إلا صلاحهم، وخفت عليهم الفتنة، فعلمت منهم بما أنت أعلم به، فوليت عليهم خيرهم وأقواهم عليهم، وأحرصهم على ما أرشدهم، وقد حضرنى من أمرك ما حضرنى، فأخلفنى فيهم فهم عبادك، ونواصيهم فى يدك، وأصلح لهم ولاتهم، واجعله من خلفائك الراشدين، يتبع هدى نبى الرحمة، وأصلح له رعيته. وقد قدمنا أنه أول مَن سمى أمير المؤمنين، سمَّاه بذلك عدى بن حاتم، ولبيد بن ربيعة حين وفدا إليه من العراق، وقيل: سمَّاه به المغيرة بن شعبة، وقيل: إن عمر قال للناس: أنتم المؤمنون وأنا أميركم، فسمى أمير المؤمنين، وكان قبل ذلك يقال له: خليفة خليفة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فعدلوا عن تلك العبارة لطولها، ثم قام فى الخلافة أتم القيام، وجاهد فى الله حق جهاده، فجيَّش الجيوش، وفتح البلدان، ومَصَّر الأمصار، وأعز الإسلام، وأزل الكفر أشد إزلال، ففتح الشام، والعراق، ومصر، والجزيرة، وديار بكر، وأرمينية، وأذربيجان، وإيران، وبلاد الجبال، وبلاد فارس، وخورستان، وغيرهما. واختلفوا فى خراسان، فقيل: فتحها عثمان، وقيل: فتحها عمر، ثم انتفت ففتحها، والصحيح عندهم أن عثمان الذى فتحها. وكان عمر أول مَن دَوَّن الديوان للمسلمين، ورتب الناس على سابقتهم فى العطاء وفى الأذان والإكرام، فكان أهل بدر أول الناس دخولاً عليه، وكان على بن أبى طالب أولهم، وأثبت أسماءهم فى الديوان على قربهم من رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فبدأ ببنى هاشم، وبنى المطلب، ثم الأقرب فالأقرب. روينا عن عثمان، وعلى، رضى الله عنهما، قالا فى عمر: هذا هو القوى الأمين. وثبت فى صحيح البخارى وغيره، أن عمر، رضى الله عنه، أوَّل مَن جمع الناس لصلاة التراويح، فجمعهم على أُبىّ بن كعب، رضى الله عنه، وأجمع المسلمون فى زمنه وبعده على استحبابها. ورووا عن على، رضى الله عنه، أنه مر على المساجد فى رمضان وفيها القناديل تزهر، فقال: نَّور الله على عمر قبره كما نور علينا مساجدنا. وعن عبد الله بن عامر بن ربيعة، قال: خرجنا مع عمر إلى مكة، فما ضرب فسطاطًا ولا خباء حتى رجع، وكان الجزء: 2 ¦ الصفحة: 12 إذا نزل يلقى له كساء أو نطع على شجرة فيستظل به. وختم الله تعالى لعمر، رضى الله عنه، بالشهادة، وكان يسالها، فطعنه العلج عدو الله أبو لؤلؤة فيروز غلام المغيرة بن شعبة وهو قائم فى صلاة الصبح حين أحرم بالصلاة، طعنه بسكين مسمومة ذات طرفين، فضربه فى كتفه وخاصرته، وقيل: ضربه ست ضربات، فقال: الحمد لله الذى لم يجعل منيتى بيد رجل يَدَّعى الإسلام، وطعن العلج مع عمر ثلاثة عشر رجلاً توفى منهم سبعة، وعاش الباقون، فطرح مسلم عليه برنسًا، فلما أحس العلج أنه مقتول قتل نفسه. وشرب عمر، رضى الله عنه، لبنًا فخرج من جرحه، فعلم هو والناس أنه لا يعيش، فأشاروا عليه بالوصية، فجعل الخلافة شورى بين عثمان، وعلى، وطلحة، والزبير، وسعد، وعبد الرحمن بن عوف، وقال: لا أعلم أحدًا أحق بها من هؤلاء الذين توفى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو عنهم راض، وقال: يؤمر المسلمون أحد هؤلاء الستة. وحسب الدين عليه، فوجده ستة وثمانين ألفًا أو نحوه، فقال لابنه عبد الله: إن وفى مال آل عمر به فأدوه منه، وإلا فسل فى بنى عدى، فإن لم تف أموالهم فسل فى قريش ولا تعدهم إلى غيرهم. ثم بعث ابنه عبد الله إلى عائشة، رضى الله عنها، فقال: قل: يقرأ عليك عمر السلام، ولا تقل أمير المؤمنين، فإنى لست اليوم للمؤمنين أميرًا، وقل: يستأذن عمر بن الخطاب أن يدفن مع صاحبيه، فجاء فسلَّم واستأذن، فدخل فوجدها تبكى، فقال لها، فأذنت وقالت: كنت أدرته لنفسى ولأوثرنه اليوم على نفسى، فلما أقبل عبد الله من عندها قيل لعمر: هذا عبد الله، قال: ارفعونى، فأسنده رجل، فقال: ما لديك؟ فقال: الذى تحب، قد أذنت، قال: الحمد لله، ما كان شىء أهم إلىَّ من ذلك، فإذا أنا قُبضت فاحملونى، ثم سلم فقل: يستأذن عمر بن الخطاب، فإن أذنت لى فأدخلونى، وإن ردتنى ردونى إلى مقابر المسلمين، وأوصاهم أن يقتصدوا فى كفنه ولا يغالوا. وغسله ابنه عبد الله، وحمل على سرير رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وصلى عليه فى مسجد رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وصلى بهم عليه صهيب، وكبر أربعًا، ونزل فى قبره ابنه عبد الله، وعثمان بن عفان، وسعيد بن زيد، وعبد الرحمن بن عوف. وطُعن عمر، رضى الله عنه، يوم الأربعاء لأربع ليال بقين من ذى الحجة سنة ثلاث وعشرين من الهجرة، ودفن يوم الأحد هلال المحرم سنة أربع وعشرين، فكانت خلافته عشر سنين وخمسة أشهر وإحدى وعشرين يومًا، وقيل: توفى ربع بقين من ذى الحجة، وقيل: لثلاث، وقيل: لليلة، وقيل غير ذلك فى مدة الخلافة وتاريخ الطعن والوفاة. وتوفى وهو ابن ثلاث وستين سنة على الصحيح المشهور، ثبت ذلك فى الصحيح عن معاوية بن أبى سفيان، وقاله الجمهور، وقيل: كان له خمس وستون سنة، والصحيح أن سن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وسن أبى بكر، وعمر، وعلى، وعائشة ثلاث وستون. قالوا: وكان عمر، رضى الله عنه، طوالاً جدًا، أصلع، أعسر يسر وهو الذى يعمل بيديه جميعًا، وكان أبيض يعلوه حمرة، وإنما صار فى لونه سمرة فى عام الرمادة؛ لأنه أكثر أكل الزيت، وترك السمن للغلاء الذى وقع بالناس، فامتنع من أكل اللبن والسمن حتى لا يتميز على الضعفة. وقال زر بن حبيش: كان عمر آدم. قال الواقدى: لا يعرف عندنا أن عمر كان آدم إلا أن يكون رآه عام الرمادة. قال ابن عبد البر: وصفه زر بن حبيش وغيره أنه كان آدم شديد الأدمة. قال: وهو الأكثر عند أهل العلم. وقال ابن قتيبة فى المعارف: قال الكوفيون: كان آدم شديد الأدمة. وقال بعض الحجازيين: كان أبيض أمهق. وقال أنس: كان عمر يخضب بالحناء بحتًا. قالوا: وهو أول من اتخذ الدرة. قال ابن قتيبة: فتح الله تعالى فى ولايته بيت المقدس، ودمشق، وميسان، ودستميسان، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 13 وإيرزناد، واليرموك، ثم كانت وقعة الجابية، والأهواز وكورها على يد أبى موسى الأشعرى، وجلولاء سنة تسع عشرة، أميرها سعد بن أبى وقاص، وقيسارية وأميرها معاوية، ثم وقعة باب اليوى سنة عشرين، وأميرها عمرو بن العاص، ثم وقعة نهاوند سنة إحدى وعشرين، وأميرها النعمان بن مقرن المزنى، ثم فتح الرجان من الأهواز سنة اثنتين وعشرين، وأميرها المغيرة بن شعبة، وكانت اصطخر الأولى وهمذان سنة ثلاث وعشرين، وأما الرمادة وطاعون عمواس فكان سنة ثمان عشرة. قال: وحج عمر، رضى الله عنه، بالناس عشر سنين متوالية. قال: وأولاد عمر: عبد الله، وحفصة، أمهما زينب بنت مظعون، وعبيد الله أمه مليكة بنت جرول الخزاعية، وعاصم أمه جميلة بنت عاصم بن ثابت حمى النحل، وفاطمة وزيد أمهما أم كلثوم بنت على بن أبى طالب من فاطمة، رضى الله عنهم، ومجبر واسمه عبد الرحمن، وأبو شمحة واسمه أيضًا عبد الرحمن، وفاطمة، وبنات أخر. وأما موالى عمر، فمنهم أسلم، وهانىء، وأبو أمية جد المبارك بن فضالة بن أبى أمية، ومهجع مولى عمر، استشهد يوم بدر، ومالك الدار، وذكوان وهو الذى سار من مكة إلى المدينة فى يوم وليلة. وأحوال عمر غير منحصرة، وقد أشرنا إلى أطرافها، رضى الله عنه وأرضاه. 437 - عمر بن أبى ربيعة الشاعر: مذكور فى المهذب فى أول كتاب السير، هو منسوب إلى جده، وهو أبو حفص عمر ابن عبد الله بن أبى ربيعة، واسم أبى ربيعة عمرو بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم. كان أبوه عبد الله بن أبى ربيعة، وعمه عياش، بالشين المعجمة، صحابيين، وكان عبد الله من أشراف قريش فى الجاهلية، ومن أحسن الناس وجهًا، وهو الذى بعثته قريش مع عمرو بن العاص إلى النجاشى، وولاه رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الجَنَد، بفتح الجيم والنون، بلدًا باليمن ومخاليفها، فلم يزل عليها حتى قُتل عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، ثم ولاه عثمان، فلما حصر عثمان جاء ينصره فوقع عن راحلته فتوفى بقرب مكة. كنية عبد الله أبو عبد الرحمن. وأما ابنه عمر صاحب الترجمة، فهو الشاعر المشهور، وهو القائل: عمرك الله كيف يلتقيان الجزء: 2 ¦ الصفحة: 15 أيها المنكح الثريا سهيلا قالوا: الثريا هذه هى الثريا بنت عبد الله بن الحارث بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف القرشية الأموية المكية، وسهيل هو سهيل بن عبد الرحمن بن عوف الزهرى. 438 - عمر بن سعد: مذكور فى المهذب فى باب التعزير، هكذا هو فى نسخ المهذب: عمر بن سعد، وهو تصحيف فى الاسمين جميعًا، وصوابه: عمير بن سعيد، بزيادة الياء فى الاسمين، وسنوضحه فى النوع الثامن فى الأوهام إن شاء الله تعالى، وهو عمير بن سعيد أبو يحيى الكوفى التابعى. روى عن على، وسعد بن أبى وقاص، وابن مسعود، وعمار، وأبى موسى، رضى الله عنهم. روى عنه السبيعى، والأعمش، وأبو حَصين، بفتح الحاء، ومسعر، وغيرهم. واتفقوا على توثيقه وجلالته. قال الحكم: حسبك به. روى له البخارى ومسلم. توفى سنة خمس عشرة ومائة. 439 - عمر بن أبى سلمة الصحابى (1) : ابن أم سلمة، تكرر ذكره فى المهذب، وهو المذكور فى المهذب فى باب ستر العورة، وإنما نبهت على هذا الموضع؛ لأنه تصحف فيه. هو أبو حفص عمر بن أبى سلمة، واسم أبى سلمة عبد الله بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم القرشى المخزومى الصحابى ابن الصحابيين ربيب رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. ولد بأرض الحبشة مع أبويه وهما مهاجران فى أواخر السنة الثانية من هجرة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. رُوى له عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اثنا عشر حديثًا، روى البخارى ومسلم منها حديثين. روى عنه ابن المسيب، وعروة، ووهب بن كيسان، وغيرهم. توفى سنة ثلاث وثمانين. 440 - عمر بن شبة - بشين معجمة مفتوحة ثم موحدة مشددة - ابن عبيدة - بفتح العين - ابن زيد بن رابطة النميرى البصرى النحوى (2) : أبو زيد، سكن بغداد. روى عن يحيى القطان، وغندر، وعلى بن عاصم، ويزيد بن هارون، وخلق سواهم.   (1) انظر: الإصابة (2/519) ، والتاريخ الكبير (9/139) ، والثقات لابن حبان (3/263) ، والجرح والتعديل (6/117) ، والاستيعاب (2/474، 475) ، وتاريخ بغداد (1/194) ، وأسد الغابة (4/79) ، والبداية والنهاية (8/323) ، والوافى بالوفيات (22/501) ، وسير أعلام النبلاء (3/406 - 408) برقم (63) ، والعقد الثمين (6/307) ، وتهذيب التهذيب (7/455، 456) .. (2) الجرح والتعديل (6/624) ، وسير أعلام النبلاء (12/369) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (7/460، 461) . تقريب التهذيب (4918) ، وقال: “ابن شبة بفتح المعجمة وتشديد الموحدة النميري بالنون مصغر صدوق له تصانيف من كبار الحادية عشرة مات سنة اثنتين وستين وقد جاوز التسعين ق”.. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 16 روى عنه ابن ماجة، وأبو العباس الثقفى، وأبو نعيم، وعبد الملك بن محمد الجرجانى، وابن أبى الدنيا، وأبو شعيب الحرانى، وأبو القسم البغوى، ويحيى بن محمد بن صاعد، والقاضى المحاملى، وآخرون. قال ابن أبى حاتم: كتبت عنه مع أبى، وهو صدوق صاحب عربية وأدب. قال الخطيب البغدادى: كان ثقة، عالمًا بالسير وأيام الناس، وله مصنفات كثيرة. قال: واسم أبيه زيد، وشبة لقب له. توفى عمر بسر من رأى فى جمادى الآخرة سنة ثنتين وستين ومائتين وعمره سبع وثمانون سنة إلا أربعة أيام. 441 - عمر بن صالح: مذكور فى المختصر فى أول صدفة النخل والعنب [ ...... ] (1) . 442 - عمر بن عبد العزيز الخليفة الراشد والإمام العادل (2) : تكرر فى المختصر والمهذب. هو أبو حفص عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم ابن أبى العاص بن أمية بن عبد شمس القرشى الأموى التابعى بإحسان. سمع أنس بن مالك، والسائب بن يزيد، ويوسف بن عبد الله بن سلام. واستوهب من سهل بن سعد قدحًا شرب فيه رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فوهبه له. وروى عن خولة بنت حكيم، وسمع جماعات من التابعين، منهم سعيد بن المسيب، وعروة، وأبو بكر بن عبد الرحمن، والربيع بن سبرة، وعبد الله بن إبراهيم، وعامر بن سعد، والزهرى. روى عنه خلائق من التابعين منهم أبو سلمة بن عبد الرحمن، وأبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، ومحمد بن المنكدر، والزهرى، ويحيى الأنصارى، وحميد الطويل، وآخرون. وأجمعوا على جلالته، وفضله، ووفور علمه، وصلاحه، وزهده، وورعه، وعدله، وشفقته على المسلمين، وحُسن سيرته فيهم، وبذل وسعه فى الاجتهاد فى طاعة الله، وحرصه على اتباع آثار رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، والاقتداء بسنته وسنة الخلفاء الراشدين، وهو أحد الخلفاء الراشدين، ومناقبه أكثر من أن تحصر. وقد جمع ابن عبد الحكم فى مناقب عمر بن عبد العزيز مجلدًا مشتملاً على جميل سيرته وحُسن طريقته، وفيه من النفائس ما لا يستغنى عن معرفته والتأدب به. وذكر ابن سعد وغيره من   (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. (2) انظر: الجرح والتعديل (6/122) ، وسير أعلام النبلاء (5/114 - 148) برقم (148) ، وطبقات ابن سعد (5/330 - 408) ، والتاريخ الكبير (6/174، 175) ، وتاريخ ابن معين (2/432) ، وتاريخ اليعقوبى (2/301، 302) ، والأغانى (9/254 - 268) ، وصفة الصفوة (2/113 - 127) ، ونهاية الأرب (21/355 - 365) ، وتذكرة الحفاظ (1/118 - 121) ، وفوات الوفيات (3/133 - 135) ، والبداية والنهاية (9/192 - 219) ، ومرآة الجنان (1/208 - 211) ، والعقد الثمين (6/331) ، وغاية النهاية (1/593) ، وتاريخ الخميس (2/354، 355) ، والنجوم الزاهرة (1/246) ، والتاريخ الكبير (7/475 - 478) ، وتقريب التهذيب (2/59، 60) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 17 المتقدمين أيضًا له أشياء نفيسة، وأجمعوا أن أمه أم عاصم حفصة بنت عاصم بن عمر بن الخطاب، واسمها ليلى، سكنت دمشق. ولى الخلافة بعد ابن عمه سليمان بن عبد الملك، وبويع عمر بن عبد العزيز بالخلافة حين مات سليمان بن عبد الملك، ومات سليمان لعشر خلون من صفر سنة تسع وتسعين، وكانت خلافة عمر سنتين وخمسة أشهر نحو خلافة أبى بكر الصديق، رضى الله عنهما، فملأ الأرض قسطًا وعدلاً، وسن السنن الحسنة، وأمات الطرائق السيئة، وصلى أنس بن مالك خلفه قبل خلافته، ثم قال: ما رأيت أحدًا أشبه صلاة برسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من هذا الفتى. وقال أيوب السختيانى: لا أعلم أحدًا ممن أدركنا كان آخذًا عن نبى الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - منه. وقال سفيان الثورى: الخلفاء خمسة: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلى، وعمر بن عبد العزيز. وقال مالك بن دينار: لما ولى عمر بن عبد العزيز، قالت رعاء الشاة فى رءوس الجبال: من هذا الخليفة الصالح الذى قام على الناس؟ فقيل لهم: وما علمكم بذلك؟ قالوا: إنه إذا قام خليفة صالح كفت الذئاب والأسد عن شاءينا. وقال رجاء بن حيوة: كان عمر بن عبد العزيز قبل خلافته من أعطر الناس وألبسهم، فلما استخلف قَوَّموا ثيابه باثنى عشر درهمًا. وقال حميد بن زنجويه: قال أحمد بن حنبل: يروى فى الحديث أن الله تعالى يبعث على رأس كل مائة عام من يصحح لهذه الأمة دينها، فنظرنا فى المائة الأولى، فإذا هو عمر بن عبد العزيز. وهذا الحديث الذى ذكره أحمد رواه أبو داود فى سننه من رواية أبى هريرة، عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وحمله العلماء فى المائة الأولى على عمر، والثانية على الشافعى، والثالثة على أبى العباس بن سريج. وقال الحافظ أبو القاسم بن عساكر: عندى أنه يحمل على أبى الحسن الأشعرى، والمشهور أنه ابن سريج. رواه الحاكم أبو عبد الله، وأنشدوا فيه شعرًا. وفى الرابعة قيل: أبو سهل الصعلوكى، وقيل: القاضى ابن الباقلانى، وقيل: أبو حامد الإسفراينى، وفى الخامسة الإمام أبو حامد الغزالى، رحمه الله، والله أعلم. توفى عمر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 18 وهو بدير سمعان قرية قريبة من حمص، وقبره هناك مشهور يُزار ويتبرك به، كان نازلاً هناك فمرض ومات. ولد عمر بمصر سنة إحدى وستين، وتوفى يوم الجمعة لخمس بقين من رجب سنة إحدى ومائة وعمره تسع وثلاثون سنة وستة أشهر. وكان عمر أشج، يقال له: أشج بنى أمية، ضربته دابة فى وجهه، وكان عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، يقول: من ولدى رجل بوجهه شجة يملأ الأرض عدلاً. قال ابن قتيبة: كان لعمر بن عبد العزيز أربعة عشر ابنًا، منهم عبد الملك الولد الصالح ابن الصالح، كان من أعبد الناس، توفى فى خلافة أبيه وهو ابن سبع عشرة سنة وستة أشهر، وكان أحد المشيرين على عمر بمصالح الرعية، والمعينين له على الاهتمام بمصالح الناس، وكان وزيرًا صالحًا، وبطانة خير، رحمه الله، وكان أبر أهل عصره بوالده أو من أبرهم، وله مناقب مشهورة. قال البخارى فى تاريخه: أصل عمر بن عبد العزيز مدنى. وفى الطبقات لمحمد بن سعد: قالوا: ولد عمر بن عبد العزيز سنة ثلاث وستين. وبإسناده أن عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، قال: ليت شعرى من ذى الشين من ولدى الذى يملؤها عدلاً كما ملئت جورًا، وأراد بالشين الشجة التى كانت فى وجهه. وبإسناده المتفق على صحته عن عمرو بن دينار، عن ابن عمر، قال: إنا كنا نتحدث أن هذا الأمر لا ينقضى حتى بلى هذه الأمة رجل من ولد عمر يسير فيها بسيرة عمر، بوجهه شامة. قال: فكنا نقول: هو بلال بن عبد الله بن عمر، وكانت بوجهه شامة، حتى جاء الله بعمر بن عبد العزيز. وبإسناده عن ابن شوذب، قال: لما أراد عبد العزيز بن مروان أن يتزوج أن عمر بن عبد العزيز، قال لقيمه: اجمع لى أربع مائة دينار من طيب مالى، فإنى أريد أن أتزوج أهل بيت لهم صلاح، فتزوج أم عمر. وبإسناده عن حجاج الصواف قال: أمرنى عمر بن عبد العزيز وهو وال على الجزء: 2 ¦ الصفحة: 19 المدينة أن أشترى له ثيابًا، فاشتريت له ثيابًا، فكان ثوب بأربع مائة، فقطعه قميصًا، ثم لمسه بيده، فقال: ما أخشنه وأغلظه، ثم أمر بشراء ثوب له وهو خليفة، فاشتروه بأربعة عشر درهمًا، فلمسه فقال: سبحان الله ما ألينه وأرقه. وبإسناده أن سليمان بن عبد الملك عهد بالخلافة لعمر بن العزيز، فلما توفى سليمان وانصرف عمر من قبره، إذا دواب سليمان قد عرضت له، فأشار إلى بغيلة شهيباء فأتى بها، فركبها وانصرف، وإذا فرش فقال: لقد عجلتم، ثم تناول وسادة أرمنية فطرحها بينه وبين الأرض، ثم قال: أما والله لولا أنى فى حوائج المسلمين ما جلست عليك. وعن عبد الحميد بن سهيل، قال: رأيت عمر بن عبد العزيز بدأنا بأهل بيته، فرد ما كان بأيديهم من المظالم، ثم فعل ذلك بالناس بعد، فقال عمر بن الوليد: جئتم برجل من ولد عمر بن الخطاب فوليتموه عليكم ففعل هذا بكم. وعن أبى الزناد، قال: كتب إلينا عمر بن عبد العزيز بالعراق فى رد المظالم إلى أهلها، فرددناها حتى أنفدنا ما فى بيت مال العراق، وحتى حمل إلينا عمر المال من الشام. قال أبو الزنا: وكان عمر يرد المظالم إلى أهلها بغير البينة القاطعة، وكان يكتفى بأيسر ذلك إذا عرف وجهًا من مظلمة الرجل ردها عليه، ولم يكلفه تحقيق البينة، لما كان يعرفه من غشم الولاة قبله. وعن إبراهيم بن جعفر، عن أبيه، قال: ما كان يقدم على أبى بكر بن محمد كتاب من عمر إلا فيه ردّ مظلمة، أو إحياء سنة، أو إطفاء بدعة، أو قسم، أو تقدير عطاء، أو خير حتى خرج من الدنيا. وعن أبى بكر بن محمد، قال: كتب إلىَّ عمر أن أستبرأ الدواوين، فأنظر إلى كل جور جلده من قبلى من حق مسلم أو معاهد فأرده إليه، فإن كان أهل المظلمة ماتوا فادفعه إلى ورثتهم. وعن أبى موسى بن عبيدة، قال: سمعت كتاب عمر بن عبد العزيز إلى أبى بكر بن محمد: وإياك والجلوس فى بيتك، أخرج إلى الناس أس بينهم فى المجلس والمنظر، ولا يكن أحد من الناس آثر عندك من أحد، ولا تقولن هؤلاء من أهل بيت أمير المؤمنين، فإن أهل بيت أمير المؤمنين وغيرهم عندى اليوم سواء، بل أنا أحرى أن أظن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 20 بأهل بيت أمير المؤمنين أنهم يقهرون من نازعهم، وإذا أشكل عليك شىء فاكتب إلىَّ فيه. وعن حازم بن أبى حازم، قال: قال عمر فى كلام له: فلو كان بكل بدعة يميتها الله على يدى وبكل سنة ينعشها على يدى بضعة من لحمى حتى يأتى آخر ذلك على نفسى كان فى الله يسيرًا. وعن حماد بن أبى سليمان، قال: قام عمر بن عبد العزيز فى جامع دمشق، فقال بأعلى صوته: لا طاعة لنا فى معصية الله. وعن عبد الله بن واقد، قال: آخر خطبة خطبها عمر بن عبد العزيز، حمد الله تعالى وأثنى عليه، ثم قال: يا أيها الناس، والله لولا أن أنعش سُنَّة أو أشير بحث ما أحببت أن أعيش فواقًا. الفواق: ما بين الحلبتين. وعن سالم بن عبد الله، وخارجة بن زيد، قالا: إنا لنرجوا لسليمان بن عبد الملك فى استخلافه عمر بن عبد العزيز. وبإسناده أن عمر بن عبد العزيز لما استخلف باع كل ما كان يملكه من الفضول من عبد، ولباس، وعطر، وكل ما يستغنى عنه، فبلغ ثلاثة وعشرين ألف دينار، فجعله فى السبيل. وبإسناده عن خادم عمر بن عبد العزيز أنه لم يمتلأ من طعام من يوم ولى حتى مات، وأنه وضع المكث عن كل أرض، وأنه أمر بعمل الخانات بطريق خراسان، وأنه كتب إلى أبى بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، وكان يأتيه: أن افرض للناس، يعنى العطاء، إلا لتاجر، وأنه كتب إلى الناس: أن ارفعوا إلىَّ كل منفوس يفرض له، يعنى المولود، فإنما هو مالكم نرده عليكم، وأن أبا بكر بن محمد كان يعمل بالليل كعمله بالنهار لاستحثاث عمر إياه. وعن محمد بن قيس، قال: رأيت عمر بن عبد العزيز إذا صلى العشاء دعى بشمعة فيكتب فى أمر المسلمين وفى رد المظالم، فإذا أصبح جلس فى رد المظالم، وأمر بالصدقات أن تقسم لأهلها، فلقد رأيت من يتصدق عليه له فى العام القابل إبل فيها صدقة. وعن مهاجر بن يزيد قال: بعثنا عمر بن عبد العزيز فقسمنا الصدقة، فلقد رأيتنا وإنا لنأخذ الزكاة فى العام القابل ممن يتصدق عليه فى العام الماضى، ولقد كنت أراه يغسل ثيابه فما يخرج إلينا، ما له غيرها، وما أحدث بناء، ولقد رأيت عتبة له خربت فاكلم فى إصلاحها، ثم قال: يا مزاحم، هل لك فى تركها الجزء: 2 ¦ الصفحة: 21 فنخرج من الدنيا ولم نحدث شيئًا. قال: وحرم الطلاء فى كل أرض. الطلاء نوع من الأنبذة كان أهل العراق يستبيحونه. وعن عاصم بن كليب، قال: فدى عمر بن عبد العزيز رجلاً من العدو ردَّه بمائة ألف درهم. وبإسناده أن سيف عمر كان محلى بفضة فنزعها وحلاه بحديد. وبإسناد ضعيف أنه كان له ثلاثة عشر مؤذنًا. وبإسناد ضعيف أنه يمسح وجهه إذا توضأ، وكان يتوضأ من مس الذكر، ومن أكل ما مست النار حتى من السكر، ويقنع رأسه إذا دخل الخلاء، ويقول: الشفق البياض بعد الحمرة. وبإسناده أن عمر بن عبد العزيز عزل كاتبًا له كتب: بم، ولم يجعل السين. وأنه كان يأمر الناس إذا أخذ المؤذن فى الإقامة أن يستقبلوا القبلة. وعن ميمون بن مهران، قال: كان عمر بن عبد العزيز معلم العلماء. وعن روح بن عبادة، قال: أخرج مسك من الخزائن، فلما وضع بين يدى عمر أمسك بأنفه مخافة أن يجد رائحته، فقيل له فى ذلك، فقال: وهل يبتغى من هذا إلا ريحه. وعن نعيم بن عبد الله، قال: قال عمر: إنى لأدع كثيرًا من الكلام مخافة المباهات. وبإسناده أن عمر كتب فى المحبوسين: لا يقيد أحد بقيد يمنع من تمام الصلاة. وأنه قال: لا ينبغى أن يكون قاضيًا إلا مَن هو عفيف حليم عالم بما كان قبله، يستشير ذوى الرأى، لا يخاف ملامة الناس. وأن محمد بن كعب القرظى دخل على عمر، وكان عمر قبل الخلافة حسن الجسم، فجعل ينظر إليه لا يطرف، فقال: ما لك؟ قال: يا أمير المؤمنين، عهدى بك حُسن الجسم، وأراك قد اصفر لونك، ونحل جسمك، وذهب شعرك، فقال: كيف لو رأيتنى فى قبرى بعد ثلاث، وقد ابتدرت الحدقتان على وجنتى، وسال منخراى وفمى صديدًا ودودًا لكنت أشد لى نكرة. وبإسناده أن عمر خطب، فقال: يا أيها الناس اتقوا الله، فإن تقوى الله خلفًا من كل شىء، وليس لتقوى الله خلف. وأنه قال: معول المؤمنين الصبر. وبإسناده الصحيح أن رجلاً سأل عمر عن شىء من الأهواء، فقال: الزم دين الصبى والأعرابى واله عما سوى ذلك. وبإسناده الصحيح عن عمر بن ميمون، قال: كانت العلماء مع عمر بن عبد العزيز تلامذة. وبإسناده أن رجلاً الجزء: 2 ¦ الصفحة: 22 نال من عمر، فقيل له: ما يمنعك منه؟ فقال: إن المتقى ملجم. وأن عمر كتب إلى الأمراء: لا تركبوا فى الغزو إلا أضعف دابة فى الجيش سيرًا. وأنه قال: إقامة الحدود عندى كإقامة الصلاة. وأنه كتب إلى عامله باليمن: أما بعد، فإنى أكتب إليك أن ترد على المسلمين مظالمهم فتراجعنى، ولا تعلم بعد المسافة بينى وبينك، ولا تعرف حدث الموت حتى لو كتبت إليك برد شاة رجل كتبت أردها عفراء أم سوداء، فرد على المسلمين مظالمهم ولا تراجعنى. وأن رجلاً قال له: أبقاك الله، فقال: هذا قد فرغ منه، ادع لى بالصلاح. وأنه كان ينهى بناته أن ينمن مستلقيات، وقال: لا يزال الشيطان مطلاً على إحداكن إذا استلقت يطمع فيها. وأنه سُئل عن الجمل وصفين، وما كان فيهما، فقال: تلك دماء كف الله يدى عنها، فأنا أكره أن أغمس لسانى فيها. وأن رجلاً قال لعمر: لو تفرغت لنا، فقال: وأين الفراغ؟ ذهب الفراغ فلا فراغ إلا عند الله. وأنه قيل له أن يتحفظ فى طعامه وشرابه من السم، وفى خروجه بحرس كعادت من قبله، فقال: وأين هم، فلما أكثر عليه، قال: اللهم إن كنت تعلم أن أخاف يومًا دون يوم القيامة فلا تؤمن خوفى. وعن مجاهد، قال: أتينا عمر بن عبد العزيز ونحن نرى أنه سيحتاج إلينا، فما خرجنا من عنده حتى احتجنا إليه. وبإسناده أن عمر كان إذا سمر فى أمر العامة أسرج من بيت المال، وإذا سمر فى أمر نفسه أسرج من مال نفسه، فبينما هو ذات ليلة إذ نعس السراج، فقام فأصلحه، فقيل: إنا نكفيك، قال: أنا عمر حين قمت، وأنا عمر حين جلست. وأنه قال: ما كذبت منذ علمت أن الكذب شين. وأنه احتبس غلامًا له يحتطب له، فقال له الغلام: الناس كلهم بخير غيرى وغيرك، قال: اذهب فأنت حر. وأنه قال: والله لوددت لو عدلت يومًا واحدًا، وأن الله تعالى قبضنى. وعن ميمون بن مهران، قال: أقمت عند عمر ستة أشهر، ما رأيته غير ردائه إلا أنه كان يغلسه بنفسه من الجمعة إلى الجمعة. وعن سعيد بن سويد، أن عمر صلى بهم الجمعة وعليه قميص مرقوع الجيب من بين يديه ومن خلفه، فلما فرغ جلس وجلسنا معه، قال: فقال له رجل من القوم: يا أمير المؤمنين، إن الله قد أعطاك، فلو لبست وصنعت، فنكس مليًا حتى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 23 عرفنا أن ذلك قد سائه، ثم رفع رأسه، ثم قال: إن أفضل القصد عند الجدة، وأفضل العفو عند القدرة. وأحوال عمر بن عبد العزيز وفضائله غير منحصرة، وفيما أشرنا إليه كفاية. وكان مرضه الذى توفى فيه عشرين يومًا، وقيل له: مَن توصى بأهلك؟ فقال: أن ولى فيهم الله الذى نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين. وأوصى أن يُدفن معه شىء كان عنده من شعر النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأظفار من أظفاره، وقال: إذا مت فاجعلوه فى كفنى، ففعلوا ذلك. وعن يوسف بن ماهك، قال: بينما نحن نحثو التراب على قبر عمر بن عبد العزيز، سقط علينا رق من السماء مكتوب فيه: بسم الله الرحمن الرحيم، أمان من الله لعمر بن عبد العزيز من النار. * * * باب عمرو اتفقو على أن اسم عمرو يكتب فى حالتى الرفع والجر بالواو، ولا يكتب فى النصب واو، قالوا: وكتبت الواو للفرق بينه وبين عمر، وحذفت فى النصب لحصول الفرق بالألف، وجعلت الواو فيه دون عمر لخفت عمرو بثلاث أشياء: فتح أوله، وسكون ثانيه، وصرفه، فلا يجحف به الزيادة بخلاف عمر. 443 - عمرو بن أمية الضمرى الصحابى، رضى الله عنه (1) : مذكور فى مواضع من نكاح المختصر، وفى وكالت المهذب. هو أبو أمية عمرو بن أمية بن خويلد بن عبد الله بن إياس بن عبيد الله بن ناشرة بن كعب بن جدى، بضم الجيم وفتح الدال المهملة المخففة، ابن ضمرة بن بكر بن عبد مناة بن كنانة الكنانى الضمرى الصحابى الحجازى. أسلم قديمًا، وهاجر إلى الحبشة، ثم إلى المدينة، وأول مشاهده بئر معونة، بالنون، وكان رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يبعثه فى أموره، وبعثه عينًا إلى قريش وحده، فحمل خبيب، بضم الخاء، ابن عدى من الخشبة التى صلبوه عليها، وأرسله رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى النجاشى وكيلاً، لتزوج له أم حبيبة بنت أبى سفيان، وكان   (1) الطبقات الكبرى لابن سعد (4/248) ، والتاريخ الكبير للبخارى (6/2485) ، والجرح والتعديل (6/1216) ، والاستيعاب (3/1162) ، وأسد الغابة (4/86) ، وسير أعلام النبلاء (3/179) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (8/6) . تقريب التهذيب (4990) ، وقال: "صحابي مشهور أول مشاهده بئر معونة بالنون مات في خلافة معاوية ع".. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 24 من أنجاد العرب ورجالها. وقال ابن عبد البر: إنه إنما أسلم بعد غزوة أُحُد، والمشهور الأول. قالوا: وأسرته بنو عامر يوم بئر معونة، فأعتقوه عن رقبة كانت عليهم. رُوى له عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عشرون حديثًا، اتفق البخارى ومسلم على حديث وللبخارى آخر. روى عنه بنوه الثلاثة: جعفر، والفضل، وعبد الله، وآخرون. توفى بالمدينة قبيل وفاة معاوية. 444 - عمرو بن تغلب الصحابى (1) : بفتح المثناة من فوق، وإسكان الغين المعجمة، وكسر اللام. هو عمرو بن تغلب العبدى، من عبد القيس، وقيل: هو من بكر بن وائل، وقيل: من النمر بن قاسط بن هنب بن أفصى بن دعمى بن جذيلة بن أسد بن ربيعة بن نزار. وجميع المذكور فى نسبه يرجع إلى أسد بن ربيعة، فهو ربعى بالاتفاق، صحب النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ثم سكن البصرة. روى عن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حديثين رواهما البخارى. روى عنه الحسن البصرى، لم يرو عنه غيره. ثبت فى صحيح البخارى، عن عمرو بن تغلب، أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أتى بمال أو شىء فقسمه، فأعطى رجالاً وترك رجالاً، فبلغه أن الذين ترك عتبوا، فحمد الله تعالى، ثم أثنى عليه، ثم قال: “أما بعد، فوالله إنى لأعطى الرجل وأدع الرجل، والذى أدع أحب إلىَّ من الذى أعطى، ولكنى أعطى أقوامًا لما أرى فى قلوبهم من الجزع والهلع، وأكل أقوامًا إلى ما جعل الله فى قلوبهم من الغنى والخير، منهم عمرو بن تغلب”، فوالله ما أحب أن لى بكلمة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حُمر النعم. 445 - عمرو بن الجموح - بفتح الجيم - ابن زيد بن حرام - بالحاء - ابن كعب بن غنم بن كعب بن سلمة - بكسر اللام - الأنصارى السلمى: من بنى جشم بن الحزرج، شهد العقبة، واختلفوا فى شهوده بدرًا، واستشهد يوم أُحُد، ودفن هو وعبد الله بن عمرو بن حرام والد جابر فى قبر واحد، وكانا صهرين، ورووا أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال لنفر من بنى سلمة: “سيدكم عمرو بن الجموح”، وكان عمرو سيدًا من سادات بنى سلمة، وشريفًا من أشرافهم، وكان له أربعة بنين يقاتلون مع النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.   (1) الطبقات الكبرى لابن سعد (7/67) ، والتاريخ الكبير للبخارى (6/2477) ، والجرح والتعديل (6/1235) ، والاستيعاب (3/1166) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (8/8، 9) ، والإصابة (2/5783) . تقريب التهذيب (4994) ، وقال: “ابن تغلب بفتح المثناة وسكون المعجمة وكسر اللام ثم موحدة النمري بفتح النون والميم صحابي تأخر إلى بعد الأربعين خ س ق”.. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 25 ورووا أن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال فيه حين استشهد: “لقد رأيته فى الجنة”. 446 - عمرو بن الحارث بن أبى ضرار بن عايذ بن مالك بن جذيمة - بفتح الجيم وكسر الذال المعجمة - ابن سعد بن كعب بن عمرو الخزاعى المصطلقى الكوفى (1) : أخو جويرية بنت الحارث أم المؤمنين، رضى الله عنها، والمصطلق الذى نسب إليه هو جذيمة، وعمرو هذا صحابى. روى له البخارى حديثًا عن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وروى له غيره. روى عنه السبيعى وغيره. 447 - عمرو بن حريث الصحابى (2) : هو أبو سعيد عمرو بن حريث، آخره ثاء مثلثة، ابن عمرو بن عمرو بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشى المخزومى، سكن الكوفة، وهو أول قرشى اتخذ بالكوفة دارًا. روى عن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أحاديث، ومسح النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رأسه ودعا له بالبركة فى صفقته وبيعته، فكسب مالاً عظيمًا، فكان من أغنى أهل الكوفة، وولى لبنى أمية بالكوفة، وشهد القادسية وأبلى فيها، توفى النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وله اثنا عشرة سنة، وقيل: حملت به أمه عام بدر، توفى سنة خمس وثمانين وله عقب بالكوفة. روى عنه ابنه جعفر وجماعة من التابعين. 448 - عمرو بن حَزْم الصحابى (3) : تكرر فى المهذب فى صلاة العيد، وفى القصاص والديات. هو أبو الضحاك، ويقال: أبو محمد عمرو بن حزم بن زيد بن لوزان، بفتح اللام وإسكان الواو بذال معجمة، ابن عمرو بن عبد عوف بن غنم بن مالك بن النجار الأنصارى الخزرجى النجارى المدنى، وقيل فى نسبه غير هذا، أول مشاهده مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الخندق. واستعمله رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على نجران باليمن وهو ابن سبع عشرة سنة، وبعث معه كتابًا فيه الفرائض، والسنن، والصدقات، والجروح، والديات، وكتابه هذا مشهور فى كتب السنن، رواه أبو داود، والنسائى، وغيرهما مفرقًا، وأكملهم له رواية النسائى فى الديات، ولم يستوفه أحد منهم فى موضع. روى عنه ابنه محمد، والنضر بن عبد الله السلمى، وزناد بن نعيم الحضرمى. توفى بالمدينة سنة إحدى، وقيل: ثلاث، وقيل: أربع وخمسين. 449 -   (1) الطبقات الكبرى لابن سعد (6/196) ، والتاريخ الكبير للبخارى (6/2486) ، والجرح والتعديل (6/1249) ، والاستيعاب (3/1171) ، وتاريخ الإسلام (3/54) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (8/14) ، والإصابة (2/5800) . تقريب التهذيب (5002) ، وقال: “صحابي قليل الحديث بقي إلى بعد الخمسين ع”.. (2) الطبقات الكبرى لابن سعد (6/23) ، والتاريخ الكبير للبخارى (6/2479) ، والجرح والتعديل (6/254) ، والاستيعاب (3/1172) ، وأسد الغابة (4/97) ، وسير أعلام النبلاء (3/417) ، وتاريخ الإسلام (3/289) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (8/17، 18) ، والإصابة (2/5808) . تقريب التهذيب (5008) ، وقال: “صحابي صغير مات سنة خمس وثمانين ع”.. (3) التاريخ الكبير للبخارى (6/2478) ، والجرح والتعديل (6/1247) ، والاستيعاب (3/1172) ، وأسد الغابة (4/98) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (8/20، 21) ، والإصابة (2/5810) . تقريب التهذيب (5011) ، وقال: “صحابي مشهور شهد الخندق فما بعدها وكان عامل النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على نجران مات بعد الخمسين وقيل في خلافة عمر وهو وهم مد س ق”.. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 26 عمرو بن دينار التابعى (1) : تكرر فى المختصر، وذكره فى المهذب فى مواضع منها مسألة عدة امرأة المفقود، وفى وسط باب استيفاء القصاص، وفى عدد الشهور. هو أبو محمد عمرو بن دينار المكى المكى الجمحى مولاهم. سمع ابن عمر، وابن عباس، وابن عمرو، وجابرًا، والمسور، وآخرين من الصحابة، وخلائق من أئمة التابعين كسعيد بن المسيب، وطاووس، وعطاء بن أبى رباح، وأروى، ومحمد بن على، وسالم بن عبد الله، ومجاهد، وسعيد بن جبير، وابن أبى مليكة، وسليمان بن يسار، ووهب بن عتبة، والزهرى، وأشباههم. روى عنه جعفر الصادق، وأيوب، وقتادة، ومسعر، وابن أبى نجيح، والسفيانان، والحمادان، وخلائق من الأئمة، وأجمعوا على جلالته، وإمامته، وتوثيقه، وهو أحد أئمة التابعين، وأحد المجتهدين أصحاب المذاهب. قال سفيان بن عيينة: هو ثقة، ثقة، ثقة، ثقة، أربع مرات. قال: وحديث أسمعه من عمرو أحب إلىَّ من عشرين من غيره. وكان شعبة لا يقدم عليه أحدًا، وكان مولى ولكن شرفه بالعلم. وقال ابن أبى نجيح: ما رأيت أفقه من عمرو بن دينار، لا طاووس، ولا عطاء، ولا مجاهد. توفى سنة ست وعشرين ومائة، وقيل: سنة خمس، وقيل: تسع، وهو ابن ثمانين سنة. 450 - عمرو بن سلمة (2) : بكسر اللام، مذكور فى المهذب فى أول باب صفة الأئمة. هو أبو بريد، بموحدة مضمومة، وراء، وقيل: أبو يزيد، بمثناة وزاى، والصحيح المشهور الأول، عمرو بن سلمة بن نقيع، وقيل: ابن قيس الجرمى البصرى. ثبت فى صحيح البخارى   (1) الطبقات الكبرى لابن سعد (5/479، 480) ، والتاريخ الكبير للبخارى (6/2544) ، والجرح والتعديل (6/1280) ، وسير أعلام النبلاء (5/300) ، وتاريخ الإسلام (5/74) ، وميزان الاعتدال (3/6367) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (8/28 - 30) . تقريب التهذيب (5024) ، وقال: “ثقة ثبت من الرابعة مات سنة ست وعشرين ومائة ع”.. (2) التاريخ الكبير للبخارى (6/2497) ، والجرح والتعديل (6/1301) ، والاستيعاب (3/1179) ، وأسد الغابة (4/111) ، وسير أعلام النبلاء (3/523) ، وتاريخ الإسلام (3/290) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (8/42، 43) ، والإصابة (2/5857) . تقريب التهذيب (5042) ، وقال: “أبو بريد بالموحدة والراء ويقال بالتحتانية والزاي صحابي صغير خ د س”.. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 27 أنه كان يؤم قومه وهو صبى فى زمن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ لأنه كان أكثرهم قرآنًا، قالوا: ولم ير النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وقيل: رآه وليس بشىء، وأبوه صحابى. روى عن عمر، وأبو قلابة، وعاصم الأحول، وأبو الزبير المكى، وغيرهم. 451 - عمرو بن الشريد (1) : مذكور فى المختصر والمهذب فى الشهادات فى سماع الشعر، وهو تابعى، وأبوه صحابى سبق بيانه فى ترجمته، وهو أبو الوليد عمرو بن الشريد بن شريد الثقفى الطائفى. روى عن أبيه، وابن عباس، وأبى رافع. روى عنه الزهرى، وإبراهيم بن ميسرة، وآخرون، وهو ثقة. روى له البخارى ومسلم. 452 - عمرو بن شعيب (2) : تكرر فى المختصر والمهذب تكريرًا كثيرًا. هو أبو إبراهيم عمرو بن شعيب بن محمد ابن عبد الله بن عمرو بن العاص القرشى السهمى المدنى، ويقال: المكى، ويقال: الطائفى. سمع أباه، ومعظم رواياته عنه، وسعيد بن المسيب، وطاووسًا، وعروة، ومجاهدًا، وسليمان بن يسار، وغيرهما. روى عنه عطاء بن أبى رباح، وعمرو بن دينار، والزهرى، ويحيى الأنصارى، وثابت البنانى، وأبو إسحاق الشيبانى، وأيوب السختيانى، وأبو حازم، وداود بن أبى هند، وقتادة، والحكم، ووهب بن منبه، والزبير بن عدى، ومحمد بن إسحاق بن بشار، ومكحول، وحميد الطويل، وهشام بن عروة، ويزيد بن أبى حبيب، ويحيى بن أبى كثير، وحريز بن عثمان، بالحاء وبالزاى فى آخره، وعبد العزيز ابن رفيع، وداود بن قيس، وغيرهم، وكل هؤلاء المذكورين تابعيون، وهذا مما استدلوا به على جلالته، فإنه ليس بتابعى، بل هو من تابعى التابعين، روى عنه نيف وعشرون من التابعين، وفيهم عطاء وشبهه من الأعلام. قال الأوزاعى: ما رأيت قرشيًا أكمل من عمرو بن شعيب. وقال البخارى: رأيت أحمد بن حنبل، وعلى بن المدينى، وإسحاق بن راهويه يحتجون بحديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده. قال البخارى: من الناس عدهم. قال ابن أبى حاتم: سُئل يحيى بن معين عنه، فغضب فقال: ما شأنه روى عنه الأئمة. وروى مالك، عن رجل عنه، وفى رواية عن ابن   (1) الطبقات الكبرى لابن سعد (5/518) ، والتاريخ الكبير للبخارى (6/2579) ، والجرح والتعديل (6/1322) ، وتاريخ الإسلام (4/40) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (8/47، 48) . تقريب التهذيب (5049) ، وقال: “ثقة من الثالثة خ م د تم س ق”.. (2) التاريخ الكبير للبخارى (6/2578) ، والجرح والتعديل (6/1323) ، وسير أعلام النبلاء (5/165) ، وتاريخ الإسلام (4/285) ، وميزان الاعتدال (3/6383) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (8/48، 55) . تقريب التهذيب (5050) ، وقال: “صدوق من الخامسة مات سنة ثماني عشرة ومائة ر 4”.. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 28 معين قال: إذا حدث عن أبيه عن جده فهو كتاب. قال: فمن هاهنا جاء ضعفه. وسُئل أبو حاتم الرازى: أيما أحب إليك عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، أو بهز بن حكيم عن أبيه عن جده؟ فقال: عمرو أحب إلىَّ. وقال أبو زرعة: روى عنه الثقات، وإنما أنكروا عليه كثرة روايته عن أبيه، عن جده، وإنما سمع أحاديث كثيرة وأخذ صحيفة كانت عنده فرواها. وقال أبو زرعة أيضًا: هو ثقة يُحتج به. وفى رواية عنه قال: هو واهى الحديث. وقال الدارمى: هو ثقة روى عنه الذين نظروا فى أحوال الرجال كايوب، والزهرى، والحكم، قال: واحتج أصحابنا بحديثه. وقال جرير: كان مغيرة لا يعبأ بصحيفة عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده. وقال سفيان بن عيينة: حديثه عن أبيه عن جده عند الناس فيه شىء. وقال ابن عدى: قال أبو داود: قال أحمد بن حنبل: أصحاب الحديث إذا شاءوا احتجوا بحديثه عن أبيه عن جده، وإذا شاءوا تركوه. وقال إسحاق بن راهويه: عمرو ابن شعيب عن أبيه عن جده كأيوب عن نافع عن ابن عمر. وقال ابن عدى: روى عنه أئمة الناس وثقاتهم، ولكن أحاديثه عن أبيه عن جده مع احتمالهم إياه لم يدخلوها فى الصحاح. وأنكر بعضهم سماع شعيب من جده عبد الله بن عمرو، وقال: إنما سمع أباه محمد بن عبد الله بن عمرو، فتكون رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مرسلة، وهذا إنكار ضعيف، وأثبت الدارقطنى وغيره من الأئمة سماع شعيب من عبد الله، وقال أبو بكر النيسابورى: صح سماع شعيب من جده عبد الله. واعلم أن الشيخ أبا إسحاق الشيرازى صاحب التنبيه والمهذب قال فى كتاب اللمع فى الأصول: لا يجوز الاحتجاج بعمرو بن شعيب عن أبيه عن جده؛ لاحتمال أن المراد جده الأدنى، وهو محمد، فيكون مرسلاً، وكذا قال غيره من أصحابنا: لا يجوز الاحتجاج به، وقد أكثر صاحب المهذب فى المهذب من الاحتجاج به، وهذا مما يُنكر عليه، وجوابه أن الصحيح المختار صحة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 29 الاحتجاج به عن أبيه عن جده كما قاله الأكثرون كما سبق، فاختار فى المهذب هذا المذهب المختار، والله أعلم. 453 - عمرو بن العاصى الصحابى (1) : تكرر فيها كثيرًا، والجمهور على كتابة العاصى بالياء، وهو الفصيح عند أهل العربية، ويقع فى كثير من كتب الحديث والفقه أو أكثرها بحذف الياء، وهى لغة، وقد قرىء فى السبع نحوه كالكبير المتعالى والداع ونحوهما. هو أبو عبد الله، ويقال: أبو محمد عمرو بن العاصى بن وائل بن هاشم بن سعيد، بضم السين وفتح العين، ابن سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤى بن غالب القرشى السهمى. أسلم عام خيبر أول سنة سبع، وقيل: أسلم فى صفر سنة ثمان قبل الفتح بستة أشهر، وقيل غير ذلك، وقدم على رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هو وخالد بن الوليد، وعثمان بن طلحة فأسلموا، ثم أمره رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فى غزوة ذات السلاسل على جيش هم ثلاثمائة، فلما دخل بلادهم استمده فأمده بجيش من المهاجرين الأولين فيهم أبو بكر، وعمر، وأميرهم أبو عبيدة بن الجراح، رضى الله عنهم، وقال لأبى عبيدة: “لا تختلفا”. واستعمله رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على عمان، فلم يزل عليها حتى توفى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. ثم أرسله أبو بكر، رضى الله عنه، أميرًا إلى الشام، فشهد فتوحه، وولى فلسطين لعمرو بن الخطاب، رضى الله عنه. ثم أرسله عمر فى جيش إلى مصر ففتحها، ولم يزل واليًا عليها حتى توفى عمر، ثم أقره عثمان عليها أربع سنين ثم عزله، فاعتزل عمرو بفلسطين، وكان يأتى المدينة أحيانًا، ثم استعمله معاوية على مصر، فبقى عليها حتى توفى واليًا عليها، ودفن بها، وكانت وفاته ليلة عيد الفطر سنة ثلاث وأربعين، وقيل: ثنتين، وقيل: أربع، وقيل: ثمان، وقيل: إحدى وخمسين، والأول أصح، وكان عمره سبعين سنة، وصلى عليه ابنه عبد الله، وكان من أبطال العرب ودهاتهم، وكان قصيرًا، وذا رأى. ولما حضرته الوفاة قال: اللهم أمرتنى فلم أأتمر، ونهيتنى فلم أنزجر، ولست قويًا فأنتصر، ولا برئيًا فأعتذر، ولا مستكبرًا، بل مستغفرًا، لا إله إلا أنت، فلم يرل يرددها حتى توفى.   (1) الطبقات الكبرى لابن سعد (4/254، 7/493) ، والتاريخ الكبير للبخارى (6/2475) ، والجرح والتعديل (6/1342) ، والاستيعاب (3/1184) ، وأسد الغابة (4/115) ، وسير أعلام النبلاء (3/54) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (8/56، 57) ، والإصابة (3/5882) . تقريب التهذيب (5053) ، وقال: “الصحابي المشهور أسلم عام الحديبية وولي إمرة مصر مرتين وهو الذي فتحها مات بمصر سنة نيف وأربعين وقيل بعد الخمسين ع”.. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 30 وفى وفاته حديث مليح فى كتاب الإيمان من صحيح مسلم. رُوى له عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سبعة وثلاثون حديثًا، اتفقا على ثلاثة ولمسلم حديثان، وللبخارى بعض حديث. روى عنه أبو عثمان النهدى، وقيس بن أبى حازم، وعروة بن الزبير، وعبد الرحمن ابن شماسة، بفتح الشين وضمها. وأما حديث عقبة بن عامر أن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: “أسلم الناس، وآمن عمرو بن العاصى” (1) ، فضعيف رواه الترمذى من رواية ابن لهيعة، وقال: لا يُعرف إلا من حديث ابن لهيعة، وإسناده ليس بالقوى. 454 - عمرو بن عبسة الصحابى، رضى الله عنه (2) : ذكره فى المهذب فى أول صفة   (1) أخرجه أحمد (4/155، رقم 17449) ، والترمذى (5/687، رقم 3844) وقال: غريب وليس إسناده بالقوى. والرويانى (1/171، رقم 212) ، والطبرانى (17/306، رقم 845) . وأخرجه أيضا: ابن عساكر (46/134) . (2) الطبقات الكبرى لابن سعد (4/214) ، والتاريخ الكبير للبخارى (6/2474) ، والجرح والتعديل (6/1339) ، والاستيعاب (3/1192) ، وأسد الغابة (4/120) ، وسير أعلام النبلاء (2/456) ، وتاريخ الإسلام (3/57) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (8/69) ، والإصابة (3/5903) . تقريب التهذيب (5070) ، وقال: “صحابي مشهور أسلم قديما وهاجر بعد أحد ثم نزل الشام م 4”.. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 31 الوضوء، وفى باب الهدنة، لا ذكر له فى هذه الكتب فى غيرها. هو أبو نجيح، وقيل: أبو شعيب عمرو بن عبسة، بعين مهملة ثم باء موحدة مفتوحتين، ثم سين مهملة على وزن عدسة، وهذا الضبط لا خلاف فيه بين أهل الحديث، والأسماء، والتواريخ، والسير، والمؤتلف، وغيرهم من أهل الفنون، ورأيت جماعة ممن صنف فى ألفاظ المهذب يزيدون فيه نونًا، وهذا غلط فاحش، ومنكر ظاهر، وإنما ذكرته نتبيهًا عليه لئلا يغتر به. وهو عمرو بن عبسة بن عامر بن خالد بن غاضرة بن عتاب، ويقال: خفاف بن امرىء القيس بن بهثة، بموحدة مضمومة ثم هاء ساكنة ثم مثلثة، ابن سليم بن منصور بن عكرمة بن خصفة، بفتح الخاء المعجمة والصاد المهملة، ابن قيس عيلان، بالعين المهملة، ابن مصر بن نذار السلمى الصحابى الصالح. أسلمن قديمًا، وثبت فى صحيح مسلم أنه كان رابع أربعة فى الإسلام، وأنه قدم على رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مكة فأسلم رابع أربعة، وطلب من النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الإقامة معه بمكة، فقال: “إنك لا تقدر على ذلك الأن، ولكن ارجع إلى قومك، فإذا سمعت بخروجى فأتنى”، وأنه أتى النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعد ذلك إلى المدينة مهاجرًا، وحديث هجرته طويل مشتمل على جمل من أنواع العلم والأصول والقواعد، وهو بطوله فى صحيح مسلم قبيل صلاة الخوف، وكان أخا أبى ذر لأمه، وقد المدينة بعد الخندق فسكنها ثم نزل الشام. رُوى له عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثمانية وثلاثون حديثًا، روى مسلم منها الحديث المذكور. روى عنه جماعة من الصحابة، منهم ابن مسعود، وأبو إمامة، وسهل بن سعد، وجماعة من التابعين، سكن حمص، وتوفى بها. 455 - عمرو بن أبى عمرو (1) : مذكور فى المهذب فى آخر باب حد الزنا. هو أبو عثمان عمرو بن أبى عمرو، واسم أبى عمرو ميسرة، مولى المطلب بن عبد الله القرشى المخزومى. سمع أنس بن مالك، ومولاه المطلب، وعكرمة، وسعيد بن جبير، والمقبرى. روى عنه مالك بن أنس، ويزيد بن الهاد، وسليمان بن بلال، والدراوردى، وآخرون. قال أحمد بن حنبل: ليس به بأس. وقال ابن معين: هو ضعيف، ليس بالقوى. وقال أبو زرعة: ثقة.   (1) التاريخ الكبير للبخارى (6/2633) ، والجرح والتعديل (6/1398) ، وميزان الاعتدال (3/6414) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (8/82 - 84) . تقريب التهذيب (5083) ، وقال: “ثقة ربما وهم من الخامسة مات بعد الخمسين ع”.. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 32 وقال: لا بأس به. وقال ابن عدى: لا بأس به؛ لأن مالكًا روى عنه، ولا يروى مالك إلا عن صدوق ثقة. وروى له البخارى ومسلم. توفى فى أول خلافة المنصور. 456 - عمرو بن عوف (1) : جد كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف. ذكره فى المهذب فى صفة صلاة العيد كثير ابن عبد الله، عن أبيه، عن جده. هو أبو عبد الله عمرو بن عوف بن زيد بن مليحة، بضم الميم، وقيل: ملحة، بضمها أيضًا، ابن عمرو بن بكر بن أفرك بن عثمان بن عمرو ابن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر المزنى. كان قديم الإسلام، يقال: هاجر مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ويقال: أول مشاهده الخندق، وكان أحد البكائين فى غزوة تبوك الذين نزل فيهم قوله تعالى: {تَوَلَّوا وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ} [التوبة: 92] . توفى فى آخر خلافة معاوية. له عن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أحاديث. ومزينة التى ينسبون إليها هى أم أولاد عثمان بن عمرو. 457 - عمرو بن غزية بن عمرو بن ثعلبة بن خنساء بن مبذول بن عمرو بن غنم ابن مازن بن النجارى الأنصارى الخزرجى المازنى المدنى الصحابى: شهد العقبة، وبدرًا، وهو والد الحجاج بن عمرو بن غزية، وأخوته الحارث، وعبد الرحمن، وزيد، وسعيد، وأكبرهم الحارث له صحبة، واختلف فى صحبة الحجاج، ولم يصح لغيرهما من ولده صحبة، قاله ابن عبد البر. قالوا: وعمرو هو الذى أصاب من امرأة أجنبية كل شىء سوى الجماع، ثم أتى النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تائبًا فصلى العصر، فأنزل الله تعالى توبته: {وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَىِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [هود: 114] ، والحديث مشهور فى الصحيحين، لكن لم يعين اسمه فيهما. 458 - عمرو بن معد يكرب بن عبد الله بن عمرو بن خضم - بضم الخاء وإسكان الضاد المعجمتين - ابن عمرو بن زبيد الأصغر: وهو منبه بن ربيعة بن سلمة بن مارن بن ربيعة بن منبه بن زبيد الأكبر بن الحارث ابن صعب بن سعد العشيرة بن مدحج المدحجى التربيدى الصحابى أبو ثور. كذا نسبه ابن عبد البر. وقال ابن الكلبى: عصم بدل: خضم. وفد على النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فى وفد مراد؛ لأنه كان فارق قومه   (1) التاريخ الكبير للبخارى (6/2484) ، والجرح والتعديل (6/1341) ، والاستيعاب (3/1196) ، وأسد الغابة (4/124) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (8/85) ، والإصابة (3/5924) . تقريب التهذيب (5086) ، وقال: “صحابي مات في ولاية معاوية خت د ت ق”.. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 33 سعد العشيرة، ونزل فى مراد ووفد معهم فأسلم، وقيل: قدم فى وفد زبيد، وأسلم سنة تسع، وقيل: سنة عشر، قاله الواقدى، ورجع إلى بلاده، فلما توفى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ارتد مع الأسود العنسى، فسار إليه خالد بن سعيد بن العاصى، فقاتله فضربه خالد على عاتقه فانهزم، فأخذ خالد سيفه، فلما رأى عمرو الإمداد من أبى بكر الصديق، رضى الله عنه، إلى اليمن أسلم، ودخل على المهاجر بن أبى أمية بغير أمان، فأوثقه وبعثه إلى أبى بكر. فقال له أبو بكر، رضى الله عنه: أما تستحى كل يوم مأسورًا ومهزومًا، لو نصرت هذا الدين لرفعك الله تعالى، قال: لا جرم، لا أقيلن ولا أعود، فأطلقه وعاد إلى قومه، ثم عاد إلى المدينة، فبعثه أبو بكر، رضى الله عنه، إلى الشام، فشهد اليرموك، ثم بعثه عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، إلى العراق، وكتب إلى سعد بن أبى وقاص أن يصدر عن مشورته فى الحرب، فشهد القادسية، وله فيها بلاء حسن، واستشهد يوم القادسية، وقيل: بل مات سنة إحدى وعشرين بعد أن شهد وقعة نهاوند مع النعمان بن مقرن، وكان يقول الشعر الحسن. 459 - عمرو بن ميمون (1) : أبو عبد الله، وقيل: أبو يحيى الأودى الكوفى، من أود بن صعب بن سعد العشيرة. وهو معدود فى كبار التابعين، أدرك زمن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولم يلقه، وسمع عمر بن الخطاب، وسعد بن أبى وقاص، وابن مسعود، ومعاذًا، وأبا أيوب، وأبا مسعود، وابن عباس، وابن عمرو بن العاص، وأبا هريرة، وغيرهم من الصحابة، وخلقًا من التابعين. قال أبو إسحاق السبيعى: كان أصحاب رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يرضون عمرو بن ميمون. وقال ابن معين: هو ثقة. روى له البخارى ومسلم. قالوا: وأسلم عمرو بن ميمون فى زمن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وحج مائة حجة، وقيل: سبعين، وأدى صدقته إلى عمال النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قال عمرو بن ميمون: قدم علينا معاذ بن جبل اليمن رسولاً من عند رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مع السَّحَر رافعًا صوته بالتكبير، وكان حسن الصوت، فألقيت عليه مجنى، فما فارقته حتى جعلت عليه التراب، ثم صحب ابن مسعود، وتوفى سنة   (1) انظر: الإصابة (3/118) ، وطبقات ابن سعد (6/117، 118) ، والتاريخ الكبير (6/367) ، والثقات لابن حبان (5/166) ، والجرح والتعديل (6/258) ، وحلية الأولياء (4/148 - 154) ، والاستيعاب (2/542 - 554) ، وأسد الغابة (4/134) ، وسير أعلام النبلاء (4/158 - 161) برقم (58) ، وتذكرة الحفاظ (1/61) ، ومرآة الجنان (1/156) ، والعقد الثمين (6/417) ، وغاية النهاية (1/603) ، وتهذيب التهذيب (8/109، 110) ، والنجوم الزاهرة (1/195) .. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 34 خمس وسبعين، وقيل: سنة أربع وسبعين، وهو الذى روى البخارى فى صحيحه عنه أنه رأى قردة زنت فى الجاهلية، فاجتمعت القرود فرجموها. 460 - عمرو بن يحيى المازنى (1) : مذكور فى المختصر. هو عمرو بن يحيى بن عمارة بن أبى حسن الأنصارى المازنى المدنى التابعى. روى عن أبيه، وعباد بن تميم، ومحمد بن يحيى، وعباس بن سهل، وغيرهم. روى عنه يحيى الأنصارى، وأيوب، ويحيى بن أبى كثير، وابن جريج، ومالك، والثورى، وشعبة، وابن عيينة، وغيرهم من الأئمة. قال أبو حاتم: هو ثقة. روى له البخارى ومسلم. * * * باب عمارة، وعمران، وعمار، وعمير 461 - عمارة الجرمى: مذكور فى المختصر فى أول الحضانة، هو بضم العين، وهو عمارة بن ربيعة الجرمى. روى عن على بن أبى طالب، وعبسة بن سعيد. روى عنه يونس الجرمى. ذكره ابن أبى حاتم، عن أبيه. 462 - عمارة بن حمزة بن عبد المطلب: الصحابى ابن الصحابى، ابن عم رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. ذكره ابن عبد البر فى الصحابة. قال: وبه كان حمزة يكنى. قال: وقيل: كان يكنى بابنه يعلى. قال: ولا عقب لحمزة. قال: توفى النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولعمارة ويعلى ابنى حمزة أعوام، ولا أحفظ لهما رواية. 463 - عمران بن الحصين الصحابى، رضى الله تعالى عنه (2) : متكرر، وهو أبو نجيم، بضم النون وفتح الجيم، عمران بن الحصين بن عبيد بن خلف بن عبد شهم بن   (1) التاريخ الكبير للبخارى (6/2705) ، والجرح والتعديل (6/1485) ، وميزان الاعتدال (3/6476) ، وتاريخ الإسلام (5/290) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (8/118، 119) . تقريب التهذيب (5139) ، وقال: "ثقة من السادسة مات بعد الثلاثين ع".. (2) الطبقات الكبرى لابن سعد (7/9) ، و (4/287) ، والتاريخ الكبير للبخارى (6/2804) ، والجرح والتعديل (6/1641) ، والاستيعاب (3/1208) ، وأسد الغابة (4/136) ، وسير أعلام النبلاء (2/508) ، وتهذيب التهذيب (8/125، 126) ، والإصابة (3/6010) . تقريب التهذيب (5150) ، وقال: "أبو نجيد بنون وجيم مصغر أسلم عام خيبر وصحب وكان فاضلا وقضى بالكوفة مات سنة اثنتين وخمسين بالبصرة ع".. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 35 سالم بن غاضرة، بمعجمتين، ابن سلول بن حبشية بن سلول بن كعب بن عمرو بن ربيعة، وهو لحى بن حارثة بن عمرو بن عامر بن حارثة بن امرىء القيس بن ثعلبة بن مازن بن الأزد بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان الخزاعى البصرى، وقيل فى نسبه غير هذا. أسلم هو وأبو هريرة عام خيبر سنة سبع من الهجرة. رُوى له عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مائة وثمانون حديثًا، اتفقا منها على ثمانية، وانفرد البخارى بأربعة، ومسلم بتسعة. روى عنه أبو رجاء العطاردى واسمه تيم، ومطرف بن عبد الله، وزرارة بن أوفى، وزهدم، وعبد الله بن بريدة، وابن سيرين، والحسن، والشعبى، وأبو الأسود الدؤلى، وآخرون. نزل البصرة، وكان قاضيها، استقضاه عبد الله بن عامر أيامًا، ثم استعفاه فأعفاه، توفى بها سنة ثنتين وخمسين، وكان الحسن البصرى يحلف بالله تعالى ما قدم البصرة راكب خير لهم من عمران. وغزا مع النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غزوات، وبعثه عمر بن الخطاب، رضى الله تعالى عنه، إلى البصرة ليفقه أهلها، وكان من فضلاء الصحابة، وكان مجاب الدعوة، ولم يشهد تلك الحروب، وكان أبيض الرأس واللحية، وله عقب بالبصرة. وفى صحيح مسلم، عن عمران، قال: قد كان يسلم علىَّ حتى اكتويت، فتركت ثم تركت الكى، فعاد يعنى كانت الملائكة تسلم عليه ويراهم عيانًا كما جاء مصرحًا به فى غير صحيح مسلم. واختلف العلماء فى حصين والد عمران، هل أسلم وله صحبة أم لا؟ قال ابن الجوزى فى التلقيح الصحيح: إنه أسلم، ويؤيد ما قاله أن الترمذى روى فى كتابه فى باب جامع الدعوات بإسناده عن عمران بن الحصين، قال: قال النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأبى: “يا حصين، كم تعبد اليوم آلهًا؟ ”، قال: سبعة، ستة فى الأرض وواحدًا فى السماء، قال: “فأيهم تعد لرغبتك ورهبتك؟ ”، قال: الذى فى السماء، قال: “يا حصين، أما أنك لو أسلمت علمتك كلمتين تنفعانك”، فلما أسلم قال: يا رسول الله، علمنى الكلمتين اللتين وعدتنى، قال: “قل: اللهم ألهمنى رشدى، وأعذنى من شر نفسى”، قال الترمذى: هذا حديث حسن غريب. 464 - عمار بن أبى عمار التابعى (1) : مذكور فى المهذب فى صلاة الجنازة. هو أبو   (1) التاريخ الكبير للبخارى (7/108) ، والجرح والتعديل (6/2167) ، وتاريخ الإسلام (5/122) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (7/404) . تقريب التهذيب (4829) ، وقال: “صدوق ربما أخطأ من الثالثة مات بعد العشرين م 4”. . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 36 عمرو، ويقال: أبو عمر، ويقال: أبو عبد الله، عمار بن أبى عمار الهاشمى مولاهم. سمع أبا قتادة، وأبا هريرة، وعمران بن الحصين، وابن عباس، وغيرهم من الصحابة. روى عنه عطاء، ويونس بن عبيد، وخالد الحذاء، وحميد الطويل، وآخرون. واتفقوا على توثيقه. روى له البخارى ومسلم. 465 - عمار بن ياسر الصحابى، رضى الله تعالى عنهما (1) : تكرر فيها. هو أبو اليقضان، عمار بن ياسر بن عامر بن مالك بن كنانة بن قيس بن الحصين بن الوذيم، بكسر الذال المعجمة، ابن ثعلبة بن عوف بن حارثة بن عامر الأكبر ابن يام، بالمثناة تحت، ابن عنس، بالنون، ابن مالك بن أدد بن زيد بن يشجب العنسى، بالنون، الشامى الدمشقى. كان من السابقين إلى الإسلام، وكان هو وأبوه وأمه سمية ممن أسلم أولاً، وكان إسلام عمار وصهيب فى وقت واحد حين كان النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فى دار الأرقم بن أبى الأرقم، وأسلم بعد بضعة وثلاثين رجلاً، ونقلوا عن مجاهد قال: أوَّل من أظهر إسلامه أبو بكر، وبلال، وخباب، وصهيب، وعمار، وأمه سمية، وكان عمار وأبوه وأمه يعذبون فى الله تعالى على إسلامهم، ويمر بهم النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فيقول: “صبرًا آل ياسر، فإن موعدكم الجنة” (2) ، وقتل أبو جهل سمية، فهى أول شهيدة فى الإسلام. وأبوه ياسر عربى كما ذكرنا نسبه، وأمه سمية أمة لأبى حذيفة بن أبى حذيفة بن المغيرة المخزومى، فحالف ياسرًا وزوَّجه إياها، فولدت له عمارًا، فأعتقه أبو حذيفة، فهو مولاه. وفى عمار نزل قوله تعالى: {إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ} [النحل: 106] . وهاجر مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى المدينة، وشهد معه بدرًا، وأُحُدًا، والخندق، وجميع المشاهد، واختلفوا فى هجرته إلى الحبشة. رُوى له عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اثنان وستون حديثًا، اتفقا على حديثين منها، وانفرد البخارى بثلاثة، ومسلم بحديث. روى عنه على بن أبى طالب، وابن عباس، وأبو موسى، وأبو أمامة، وجابر، وعبد الله بن جعفر، وغيرهم من الصحابة، رضى الله عنهم، وابن المسيب، وابن الحنفية، وأبو وائل، وابنه محمد بن عمار، وآخرون من التابعين. قُتل بصفين مع على، رضى الله عنه، فى شهر ربيع الأول، وقيل: الآخر   (1) الطبقات الكبرى لابن سعد (3/246، 6/14) ، والتاريخ الكبير للبخارى (7/107) ، والجرح والتعديل (6/2165) ، والاستيعاب (3/1135) ، وأسد الغابة (4/43) ، وسير أعلام النبلاء (1/406) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (7/408، 410) . تقريب التهذيب (4836) ، وقال: “العنسي بنون ساكنة بين مهملتين ومهملة صحابي جليل مشهور من السابقين الأولين بدري قتل مع علي بصفين سنة سبع وثلاثين ع”.. (2) حديث عثمان: أخرجه الطبرانى (24/303، رقم 769) . قال الهيثمى (9/293) : رجاله ثقات. والخطيب (11/343) ، وابن عساكر من طريق ابن منده (43/368) ، وأبو نعيم فى المعرفة من طريق الطبرانى (6/3361، رقم 7690) وأورده الدارقطنى فى العلل (3/39، رقم 272) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 37 سنة سبع وثلاثين، وهو ابن ثلاث، وقيل: أربع وتسعين سنة. وأوصى أن يدفن بثيابه، فدفنه على، رضى الله عنه، فى ثيابه ولم يغسله. وكان آدم، طوالاً، لا يغير شيبه. وقال قبل أن يقتل: ائتونى بشربة لبن، فإنى سمعت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: “آخر شربة تشربها من الدنيا شربة لبن” (1) . وثبت فى الصحيحين أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: “ويح عمار تقتله الفئة الباغية” (2) . وكانت الصحابة يوم صفين يتبعونه حيث توجه؛ لعلمهم بأنه مع الفئة العادلة لهذا الحديث. قالوا: وكان عمارًا أول من بنى مسجدًا لله تعالى فى الإسلام، بنى مسجد قباء، وشهد قتال اليمامة فى زمن أبى بكر، رضى الله عنه، فأشرف على صخرة ونادى: يا معشر المسلمين، أمن الجنة تفرون؟ إلىَّ إلىَّ أنا عمار بن ياسر، وقطعت أذنه وهو يقاتل أشد القتال. واستعمله عمر، رضى الله عنه، على الكوفة. روينا بالإسناد الصحيح فى مسند الإمام أحمد بن حنبل، وكتاب الترمذى وغيرهما، عن على، رضى الله عنه، قال: جاء عمار يستأذن على النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقال: “ائذنوا له، مرحبًا بالطيب المطيب”. قال الترمذى: حديث حسن صحيح. وعن عائشة، رضى الله عنها، قالت: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “ما خير عمار بين أمرين إلا اختار أرشدهما” (3) . رواه الترمذى بإسناد صحيح على شرط مسلم. وعن حذيفة، رضى الله عنه، قال: كنا جلوسًا عند النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقال: “إنى لا أدرى ما قدر بقائى فيكم، فاقتدوا بالذين من بعد”، وأشار إلى أبى بكر، وعمر، “واهتدوا بهدى عمار، وما حدثكم ابن مسعود فصدقوه”. رواه الترمذى، وقال: حديث حسن. وروينا فى مسند الإمام أحمد، عن علقمة، عن خالد بن الوليد، عن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: “من عادى عمارًا عاداه الله، ومن أبغض عمارًا أبغضه الله” (4) ، هذا منقطع لم يدرك علقمة خالدًا. 466 - عمير مولى آبى اللحم الصحابى، رضى الله عنه (5) : مذكور فى المهذب فى قسم الغنيمة فى الرضخ للعبد، وآبى اللحم بهمزة ممدودة وكسر الباء، واسم آبى اللحم عبد الله، وقيل: خلف بن عبد الملك، وقيل: خلف بن مالك بن عبد الله الغفارى، قيل له: آبى اللحم؛ لأنه كان لا يأكل اللحم، وقيل: كان لا يأكل ما ذبح للأصنام،   (1) أخرجه أحمد (4/319، رقم 18900) عن أبى البخترى قال قال عمار يوم صفين: ائتونى بشربة لبن فإن رسول الله (قال ... ) . قال الهيثمى (7/243) : رواه أحمد والطبرانى، وبيَّن أن الذى سقاه أبو المخارق، ورجال أحمد رجال الصحيح إلا أنه منقطع. وأخرجه أيضًا: ابن أبى شيبة (7/552، رقم 37877) ، وأبو يعلى (3/188، رقم 1613) ، والحاكم (3/439، رقم 5669) وقال: صحيح على شرط الشيخين. وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه. (2) حديث أبى هريرة: أخرجه الترمذى (5/669، رقم 3800) وقال: حسن صحيح غريب. حديث إسماعيل بن عبد الرحمن الأنصارى: عزاه الحافظ فى الإصابة (1/234، ترجمة 530) للباوردى مرسلاً، وقال: وفى الإسناد ضرار بن صرد وهو ضعيف. وللحديث أطراف أخرى منها: “بؤسًا لك يا ابن سمية”، “تقتلك الفئة الباغية”، “ويحك يا ابن سمية”. (3) حديث عائشة: أخرجه الترمذى (5/668، رقم 3799) وقال: حسن غريب. والحاكم (3/438، رقم 5665) . حديث ابن مسعود: أخرجه ابن عساكر (43/404) . (4) أخرجه أحمد (4/89، رقم16860) ، والنسائى فى السنن الكبرى (5/73، رقم 8269) ، وابن حبان (15/556، رقم 7081) ، والحاكم (3/ 441، رقم 5674) وقال: هذا حديث صحيح الإسناد على شرط الشيخين. وأخرجه أيضًا: ابن أبى شيبة (6/386، رقم 32252) ، والخطيب (1/152) . قال الهيثمى (9/293) : رواه أحمد والطبرانى ورجاله رجال الصحيح. (5) الجرح والتعديل (6/2102) ، والاستيعاب (3/1212) ، وتاريخ الإسلام (3/199) ، وتهذيب التهذيب (8/151) ، والإصابة (3/6064) . تقريب التهذيب (5191) ، وقال: “صحابي شهد خيبر وعاش إلى نحو السبعين م 4”.. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 38 وآبى اللحم ومولاه عمير صحابيان، وشهد عمير خيبر وهو عبد مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فرضخ له وأعطاه شيفًا. رُوى له عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تسعة أحاديث، روى مسلم أحدها. روى عنه يزيد بن أبى عبيد، ومحمد بن زيد بن المهاجر، ومحمد بن إبراهيم. 467 - عمير بن الحمام - بضم الحاء المهملة وتخفيف الميم - ابن الجموح بن زيد ابن حزام الأنصارى الصحابى: شهد بدرًا واستشهد بها، وهو أوَّل قتيل من الأنصار، وكان النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - آخا بينه وبين عبيدة بن الحارث المطلبى، فاستشهدا فى وقعة بدر. 468 - عمير بن سلمة الضمرى الصحابى (1) : مذكور فى المهذب فى أول باب الهبة، ويقال فيه: الضمرى، والبهرى، والزهرى، والصحيح الضمرى، كذا رواه النسائى فى سننه فى حديثه، وكذا ذكره البخارى فى تاريخه، قال: ويقال فيه: الزهرى. وقال ابن أبى حاتم: الأصح فيه الزهرى، ويقال: البهزى، وحديثه المذكور فى المهذب صحيح رواه النسائى بإسناد صحيح. 469 - عمير بن أبى وقاص: أخو سعد بن أبى وقاص. سبق تمام نسبه فى ترجمة سعد، وكان عمير صحابيًا قديم الإسلام من المهاجرين، شهد بدرًا واستشهد بها، وكان عمره ست عشرة سنة، استصغره رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لما أراد المسير إلى بدر فرده فبكى، فأجازه، وكان سيفه طويلاً، فعقد عليه حمائله، وكان يقول: أحب الخروج لعل الله يرزقنى الشهادة، فرزقه الله إياها. 470 - عمير بن وهب بن خلف بن وهب بن حذافة بن جمح القرشى الجمحى الصحابى: يكنى أبا أمية، وهو ابن عم صفوان بن أمية. كان لعمير قدر وشرف فى قريش، وشهد بدرًا مع المشركين، وهو الذى حرش بين القوم وأنشب الحرب وأسر المسلمون ابنه وهبًا، فجاء إلى المدينة بمعاقده بينه وبين صفوان بن أمية ليقتل النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقدم المدينة وزعم أنه قدم لفك ابنه، فقال له رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "فما الذى شرطت لصفوان؟ "، فأسلم عمير وحسن إسلامه ورجع إلى مكة، فأسلم على يده ناس كثير، رضى الله عنه.   (1) التاريخ الكبير للبخارى (6/3229) ، والجرح والتعديل (6/2081) ، والاستيعاب (3/1217) ، وتهذيب التهذيب (8/147، 148) ، والإصابة (3/6038) . تقريب التهذيب (5183) ، وقال: “الضمري بفتح المعجمة وسكون الميم مدني له صحبة وحديث س”.. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 39 * * * باب العين والواو 471 - عوف الأعرابى (1) : وهو عوف بن أبى جميلة العبدى الهجرى البصرى، أبو سهل، عرف بالأعرابى. قال السمعانى: ولم يكن أعرابيًا. روى عن أبى عثمان النهدى، وأبى العالية، والحسن البصرى، وابن سيرين، وأبى رجاء، وأبى نضرة، وزرارة بن أبى أوفى، وآخرين من التابعين. روى عنه الثورى، وشعبة، ومعتمر، ويحيى القطان، وابن المبارك، والنضر بن شميل، ويزيد بن هارون، وآخرون من الأئمة، واتفقوا على توثيقه. روى له البخارى ومسلم. ولد سنة تسع وخمسين، وتوفى سنة ست، وقيل: سبع وأربعين ومائة. 472 - عوف بن مالك الأشجعى الصحابى (2) : مذكور فى المهذب فى أول العاقلة، وفى كتاب السير فى مسألة السلب. هو أبو عبد الرحمن، ويقال: أبو محمد، ويقال: أبو حماد، ويقال: أبو عمرو عوف بن مالك بن أبى عوف الأشجعى الغطفانى. أول مشاهده مع النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خيبر، وشهد معه فتح مكة، وكانت معه راية أشجع، نزل الشام، وسكن دمشق، وكانت داره عند سوق الغزل العتيق. روى له عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سبعة وستون حديثًا، روى البخارى منها واحدًا ومسلم خمسة. روى عنه أبو أيوب الأنصارى، والمقدام بن معدى كرب، وأبو هريرة. وروى عنه من التابعين جماعات منهم أبو مسلم، وأبو إدريس الخولانيان، وجبير بن نفير، ومسلم ابن قرضة، وشداد أبو عمار، وراشد بن سعد، ويزيد بن الأصم، وسليم بن عامر، وسالم أبو النضر، وأبو بردة بن أبى موسى، وشرح بن عبيدة، وضمرة بن حبيب، وكثير ابن مرة، وخلق سواهم، واتفقوا على أنه توفى بدمشق سنة ثلاث وسبعين فى خلافة عبد الملك بن مروان. وأما قول صاحب المهذب فى أول باب العاقلة: ابن عوف بن مالك، رجع عليه سيفه يوم خيبر فقتله، فغلط صريح، بل الذى   (1) الطبقات الكبرى لابن سعد (7/258) ، الجرح والتعديل (7/71) ، تاريخ الإسلام (6/111) ، ميزان الاعتدال (3/6530) ، تهذيب التهذيب (8/166، 167) ، تقريب التهذيب (5215) ، وقال: "ثقة رمي بالقدر وبالتشيع من السادسة مات سنة ست أو سبع وأربعين وله ست وثمانون ع".. (2) الجرح والتعديل (7/61) . تقريب التهذيب (5217) ، وقال: "صحابي مشهور ومات سنة ثلاث وسبعين ع". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 40 رجع عليه سيفه فقتله عامر بن الأكوع عم سلمة بن عمرو بن الأكوع، وحديثه فى الصحيحين مشهور، وسأوضح هذا فى النوع الثامن فى الأوهام إن شاء الله تعالى. 473 - عون بن عبد الله (1) : الراوى عن ابن مسعود. مذكور فى المختصر. هو عون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهزلى الكوفى، أخو عبيد الله بن عبد الله أحد الفقهاء السبعة. سمع ابن عمر، وأبا هريرة، ويوسف بن عبد الله بن سلام، وعائشة، رضى الله عنهم. وسمع من التابعين أخاه، وأبا بردة، وغيرهما. وروى عن ابن مسعود، وابن عباس مرسلاً لم يسمعهما. روى عنه الزهرى، وأبو الزبير، وأبو إسحاق الشيبانى، ومحمد بن عجلان، وآخرون من التابعين. قال يحيى بن معين وغيره: هو ثقة. روى له مسلم. 474 - عويم بن ساعدة بن عايش - بالشين المعجمة - ابن قيس بن النعمان بن زيد بن أمية بن مالك بن عوف بن عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس الأنصارى الأوسى الصحابى، رضى الله عنه (2) : أسلم قديمًا، وشهد العقبتين، وبدرًا، وأُحُدًا، والخندق، وسائر المشاهد مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، توفى فى خلافة عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، وهو ابن خمس أو ست وستين سنة، ووقف عمر على قبره، وقال: لا يستطيع أحد أن يقول: أنا خير من صاحب هذا القبر، ما نصبت لرسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - راية إلا وعويم تحت ظلها، رضى الله عنه. 475 - عويمر العجلانى الصحابى: مذكور فى اللعان فى هذه الكتب، وأيضًا فى طلاق المهذب. هو عويمر بن أبيض الأنصارى العجلانى. وقال الطبرى: هو عويمر بن الحارث بن زيد بن حارثة بن الجد بن العجلان، وهو صاحب اللعان الذى رمى زوجته بشريك بن السحماء، وكان لعانهما فى شعبان سنة تسع من الهجرة حين قدم رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من تبوك.   (1) الطبقات الكبرى لابن سعد (6/313) ، الجرح والتعديل (6/2138) ، سير أعلام النبلاء (5/103) ، تاريخ الإسلام (4/287) ، تهذيب التهذيب (8/171، 173) ، تقريب التهذيب (5223) ، وقال: "ثقة عابد من الرابعة مات قبل سنة عشرين ومائة م 4".. (2) انظر: الإصابة (3/44) ، وأسد الغابة (4/158) ، والاستيعاب (3/171) ، وسير أعلام النبلاء (1/503) (90) ، وطبقات ابن سعد (3/459) ، وحلية الأولياء (2/11) .. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 41 * * * باب العين والياء 476 - عياش بن أبى ربيعة الصحابى، رضى الله عنه (1) : الذى كان من المستضعفين بمكة، وكان رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يدعو لهم فى القنوت، وهو أبو عبد الرحمن، وقيل: أبو عبد الله عياش بن أبى ربيعة عمرو بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم القرشى المخزومى المكى، أخو عبد الله بن أبى ربيعة، وأخو أبو جهل لأمه وابن عمه. كان إسلام عياش قديمًا فى أول الأمر قبل أن يدخل رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دار الأرقم، وهاجر إلى الحبشة، وولد له بها ابنه عبد الله، ثم عاد إلى مكة، وهاجر إلى المدينة هو وعمر بن الخطاب، فقدم إليه أخواه لأمه أبو جهل والحارث ابنا هشام، فقالا: إن أمك حلفت لا يدخل رأسها دهن، ولا تستظل حتى تراك، فرجع معهما فحبساه بمكة وأوثقاه، فكان رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يدعو له ولجماعة من المستضعفين يسميهم بأسمائهم فى القنوت، واستشد عياش يوم اليرموك. وقال الطبرى: توفى بمكة. روى عنه ابناه عبد الله، والحارث، وروى عنه نافع مولى ابن عمر مرسلاً. 477 - عياض بن حمار الصحابى، رضى الله عنه (2) : مذكور فى المهذب فى أول اللقطة. هو عياض بن حمار، على لفظ الحمار الدابة المعروفة، ابن أبى حمار بن ناجية بن عقال بن محمد بن سفيان بن مجاشع بن دارم بن مالك بن حنضلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم التميمى المجاشعى، وقيل فى نسبه غير هذا، وصحف ابن مندة محمد بن سفيان هذا، فقال: مخمد، بالخاء المعجمة، وأسقط من نسبه جماعة، فغلطوه فيهما، نزل عياض البصرة وهو معدود فى أهلها. رُوى له عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثلاثون حديثًا، روى مسلم منها حديثًا. روى عنه مطرف، ويزيد ابنا عبد الله، والحسن البصرى، وغيرهم. 478 - عياض الأشعرى، رضى الله عنه (3) : مذكور فى المهذب فى عقد الذمة فى دخول   (1) الجرح والتعديل (7/17) . تقريب التهذيب (5268) ، وقال: "أسلم قديما وهاجر الهجرتين، واستشهد باليمامة وقيل باليرموك وقيل مات سنة خمس عشرة ق".. (2) الطبقات الكبرى لابن سعد (7/36) ، الجرح والتعديل (6/2274) ، الاستيعاب (3/1232) ، تهذيب التهذيب (8/200) ، الإصابة (3/6128) ، تقريب التهذيب (5274) ، وقال: "عياض بكسر أوله وتخفيف التحتانية وآخره معجمة ابن حمار بكسر المهملة وتخفيف الميم صحابي سكن البصرة وعاش إلى حدود الخمسين بخ م 4".. (3) الطبقات الكبرى لابن سعد (7/36) ، الجرح والتعديل (6/2274) ، الاستيعاب (3/1232) ، تهذيب التهذيب (8/200) ، الإصابة (3/6128) ، تقريب التهذيب (5274) ، وقال: "عياض بكسر أوله وتخفيف التحتانية وآخره معجمة ابن حمار بكسر المهملة وتخفيف الميم صحابي سكن البصرة وعاش إلى حدود الخمسين بخ م 4". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 42 المشرك المسجد. هو عياض بن عمرو الأشعرى، سكن الكوفة. ذكره ابن عبد البر، وابن مندة، وأبو نعيم، وغيرهم فى الصحابة. وقال ابن أبى حاتم: هو تابعى. روى عن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وعن جماعة من الصحابة. روى عنه الشعبى، وسماك بن حرب، وحصين. 479 - عياض بن غنم بن زهير بن أبى شداد بن ربيعة بن هلال بن وهيب بن ضبة ابن الحارث بن فهر القرشى (1) : أبو سعد، وقيل: أبو سعيد الصحابى، رضى الله عنه. أسلم قبل الحديبية وشهدها، وكان بالشام مع ابن عمه أبى عبيدة بن الجراح، فلما توفى أبو عبيدة استخلفه بالشام فأقره عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، وقال: لا أغير أميرًا أمره أبو عبيدة، وهو الذى فتح بلاد الجزيرة، وصالحه أهلها. قال الزبير بن بكار: وهو أول من أجاز الدروب، وكان صالحًا، فاضلاً، جوادًا، وكان يسمى زاد الركب، يطعم الناس زاده، فإذا نفذ نحر لهم بعيره، ولم يزل واليًا لعمر على حمص حتى توفى عياض بالشام سنة عشرين وهو ابن ستين سنة. 480 - عياض القاضى الإمام المالكى: مذكور فى الروضة فى كتاب الردة. هو أبو الفضل عياض بن موسى بن عياض اليحصبى السبتى المالكى، من أهل سبتة مدينة معروفة بالمغرب، وهو إمام بارع، متفنن، متمكن فى علم الحديث والأصولين، والفقه، والعربية، وله مصنفات فى كل نوع من العلوم المهمة، وكان من أصحاب الأفهام الثاقبة. قال الإمام أبو القاسم خلف عبد الملك بن مسعود بن موسى بن بشكوال الأنصارى المغربى فى كتابه المعروف بالصلة، قدم القاضى عياض الأندلس طالبًا للعلم، وعنى بلقاء الشيوخ والأخذ عنهم، وجمع من الحديث كثيرًا، له عناية كثيرة به، واهتمام بجمعه وتقييده، وهو من أهل اليقين فى العلم والذكاء واليقظة والفهم، واستقضى ببلده مدة طويلة، حُمدت سيرته فيها، ثم نقل عنها إلى قضاء غرناطة، فلم يطل أمره بها، وقدم علينا قرطبة فى شهر ربيع الآخر سنة إحدى وثلاثين   (1) انظر: الإصابة (2/50) ، والاستيعاب (3/128) ، وأسد الغابة (4/327) ، وسير أعلام النبلاء (2/254) ، والتاريخ الكبير (7/18) .. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 43 وخمسمائة، وأخذنا عنه بعض ما عنده. ولد نصف شعبان سنة ست وتسعين وأربعمائة، وتوفى بمراكش سنة أربع وأربعين وخمسمائة، رحمه الله. 481 - العيزار بن سالف عاقر ناقة الله تعالى: مذكور فى المهذب فى باب الهدية، هكذا هو فى نسخ المهذب: العيزار، وهو تصحيف بلا خلاف، وإنما هو قُدار، بقاف مضمومة، ثم دال مهملة مخففة، ثم ألف، ثم راء، هكذا ذكره جميع أهل التواريخ، والقصص، والأسماء، والجوهرى من أهل اللغة وغيرهم، وسأوضحه فى النوع الثامن فى الأوهام إن شاء الله تعالى، وسالف بكسر اللام وبعدها فاء. 482 - عيسى بن أبان الحنفى: مذكور فى الروضة فى ميراث ذوى الأرحام. هو أبو موسى عيسى بن أبان بن صدقة. قال الشيخ أبو إسحاق فى الطبقات، كان من أصحاب الحديث، ثم غلب عليه الرأى. قال: وتفقه على محمد بن الحسن صاحب أبى حنيفة. قال أبو حازم القاضى: ما رأيت لأهل بغداد حدثًا أزكى من عيسى بن أبان، وبشر بن الوليد. 483 - عيسى ابن مريم، عليه السلام: تكرر فى هذه الكتب. هو عبد الله، ورسوله، وكلمته، وروح منه. قال الله تعالى: {إِذْ قَالَتِ الْمَلآئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِى الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِى الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ} [آل عمران: 45، 46] . وقال تعالى: {وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَرَسُولاً إِلَى بَنِى إِسْرَائِيلَ أَنِّى قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِّى أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللهِ وَأُبْرِئُ الأكْمَهَ والأَبْرَصَ وَأُحْيِى الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللهِ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِى بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِى ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَىَّ مِنَ التَّوْرَاةِ} [آل عمران: 48 - 50] الآية. وقال تعالى: {إِذْ قَالَ اللهُ يَا عِيسَى إِنِّى مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَىَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا} [آل عمران: 55] . وقال تعالى: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ} [آل عمران: 59، 60] الآية. وقال تعالى: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُوا فِى دِينِكُمْ وَلاَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 44 تَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلاَّ الْحَقِّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ} إلى قوله تعالى: {لَّن يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبْدًا لِّلّهِ} [النساء: 171، 172] . وقال تعالى: {إِذْ قَالَ اللهُ يَا عِيسى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِى عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ} [المائدة: 110] إلى آخر السورة. وقال تعالى: {قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لأَهَبَ لَكِ غُلاَمًا زَكِيًّا} [مريم: 19] إلى آخر الآيات. والآيات فى فضله كثيرة مشهورة. وثبت فى الصحيحين عن أبى هريرة، عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "ما من بنى آدم من مولود إلا نخسه الشيطان حين يولد، فيستهل صارخًا من نخسه إياه، إلا مريم وابنها" (1) . وروياه من طرق بألفاظ متقاربة، وفى بعضها: ثم قال أبو هريرة: اقرءوا إن شئتم: {وِإِنِّى أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [آل عمران: 36] . وعنه قال: سمعت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: "أنا أولى الناس بابن مريم فى الدنيا والآخرة، ليس بينى وبينه نبى، الأنبياء أخوة أبناء علات، أمهاتهم شتى ودينهم واحد" (2) . رواه البخارى ومسلم. وفى الصحيحين فى حديث الأسرى، عن أنس، أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -   (1) أخرجه أحمد (2/233، رقم 7182) ، وابن أبى شيبة (6/288، رقم 31496) ، ومسلم (4/1838، رقم 2366) . (2) أخرجه البزار كما فى مجمع الزوائد (8/214) قال الهيثمى: قال البزار رواه الثورى عن سالم بن سعيد بن جبير مرسلاً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 45 رأى فى السماء الثانية ابنى الخالة عيسى ابن مريم ويحيى بن زكريا. وفى الصحيحين عن أبى هريرة، أن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حين أسرى به، قال: "ولقيت عيسى"، فنعته النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، "فإذا ربعة أحمر كأنما خرج من ديماس" (1) ، يعنى حمامًا. وفى الصحيحين عنه، عن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "رأى عيسى ابن مريم رجلاً يسرق، فقال له: أسرقت؟ قال: كلا والذى لا إله إلا هو، فقال عيسى: آمنت بالله وكذبت عينى" (2) . وفى الصحيحين عنه، قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "والذى نفسى بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكمًا عدلاً فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد حتى يكون السجدة الواحدة خيرًا من الدنيا وما فيها" (3) ، ثم يقول أبو هريرة: واقرءوا إن شئتم: {وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} [النساء: 159] . وفى الصحيحين عن عبادة بن الصامت، عن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، والجنة حق، والنار حق، أدخله الله الجنة على ما كان من العمل" (4) . وفى صحيح مسلم أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "ينزل عيسى على المنارة البيضاء شرثى دمشق" (5) . قال الإمام أبو إسحاق الثعلبى فى كتابه العرائس: اختلف العلماء فى مدة حمل مريم بعيسى، فقيل: تسعة أشهر، وقيل: ثمانية، وقيل: ستة، وقيل: ساعة، وقيل: ثلاث ساعات، ووضعته عند الزوال، وهى بنت عشر سنين، وكانت حاضت قبله حيضتين، وقيل: كانت بنت خمس عشرة سنة، وقيل: ثلاث عشرة، وأنه كلم الناس وهو ابن أربعين يومًا، ثم لم يتكلم بعدها حتى بلغ زمن كلام الصبيان. وكان زاهدًا لم يتخذ بيتًا ولا متاعًا، وكان قوته يومًا بيوم، وكان سياحًا فى الأرض، وكان يمشى على الماء، ويبرىء الأكمه والأبرص، ويحيى الموتى بإذن الله، ويخبرهم بما يأكلون ويدخرون فى بيوتهم، وكان له الحواريون الذين ذكرهم الله تعالى فى كتابه، وهم الأنصار، وكانوا اثنى عشر رجلاً، وكانوا أصفيائه وأنصاره ووزرائه، قيل: كانوا أولاد صيادين، وقيل: قصارين، وقيل: ملاحين. ومما أكرمه الله تعالى به تأييده بروح القدس. قال الله تعالى: {وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ} [البقرة: 87] ، قيل: هو الروح الذى نفخ فيه. وقيل: جبريل الذى كان يأتيه ويسير معه، وقيل: هو اسم الله الأعظم، وبه كان يحيى الموتى، ويرى الناس تلك العجائب، ومنها علمه التوراة والإنجيل، وكان يقرئهما حفضًا، ومنها أنه يخلق من الطين كهيئة الطير فينفخ فيه فيكون طيرًا بإذن الله. قال الثعلبى: قالوا: وإنما كان يخلق الخفاش خاصة؛ لأنه أكمل الطير خلقة، له ثدى، وأسنان، ويلد، ويحيض، ويطير. قال: وقال وهب بن منبه: كان يطير حتى يغيب عن الناس، ثم يقع ميتًا حتى يتميز فعل الله تعالى من فعل غيره. ومنها إبرائه الأكمه والأبرص، والأكمه الذى ولد أعمى، وإنما خص هذين لأنهما لا يرجا زوالهما، ولا حيلة للمخلوقين فيهما، وكان زمن الأطباء، فظهرت بهما المعجزة. ومنها إحيائه الموتى، قالوا: فأحيا جماعة منهم: العاذر أحياه بعد موته ودفنه بثلاثة أيام، فقام وعاش مدة، وولد له بعد ذلك، ومنهم ابن العجوز، وقصته مشهورة، أحياه وهو محمول على نعشه فى أكفانه، فعاش وولد له، ومنهم بنت العاشر، أحياها وولدت بعد ذلك، ومنهم سام بن نوح، عليه السلام، وعزير، وقصتهما مشهورة.   (1) أخرجه البخارى (3/1243، رقم 3214) ، ومسلم (1/154، رقم 168) ، والترمذى (5/300، رقم 3130) وقال: حسن صحيح. (2) أخرجه أحمد (2/314، رقم 8139) ، والبخارى (3/1271، رقم 3260) ، ومسلم (4/1838، رقم 2368) ، والنسائى (8/249، رقم 5427) ، وابن ماجه (1/679، رقم 2102) . (3) أخرجه أحمد (2/538، رقم 10957) ، والبخارى (3/1272، رقم 3264) ، ومسلم (1/135، رقم 155) ، والترمذى (4/506، رقم 2233) وقال: حسن صحيح. وابن ماجه (2/1363، رقم 4078) . وأخرجه أيضا: أبو عوانة (1/98، رقم 311) ، والبيهقى (9/180، رقم 18395) . (4) أخرجه أحمد (5/313، رقم 22727) ، والبخاري (3/1267، رقم 3252) ، ومسلم (1/57، رقم 29) ، وابن حبان (1/431، رقم 202) . وأخرجه أيضا: النسائي (6/331، رقم 11132) . (5) حديث أوس بن أوس: أخرجه الطبراني (1 / 217، رقم 590) ، قال الهيثمي (8/205) : رواه الطبراني ورجاله ثقات. وابن عساكر (1/ 227) ، وأورده ابن أبي حاتم في العلل= = (2/422، رقم 2271) وقال: قال أبي: إنما هو عن أوس بن أوس عن كعب قوله كذا يرويه الثقات. حديث كيسان: أخرجه الطبراني (19 / 196، رقم 440) ، وابن عساكر (1 / 228) ، وأخرجه أيضًا: البخاري في التاريخ (7 / 233، ترجمة 1002 كيسان) . حديث النواس: أخرجه عساكر (53 / 46) ، وأخرجه أيضًا: ابن قانع (3 / 163، ترجمة 1138) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 46 ومنها إخباره بالمغيبات، قال الله تعالى إخبارًا عنه: {وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِى بُيُوتِكُمْ} [آل عمران: 49] . ومنها مشيه على الماء. ومنها نزول المائدة عليه من السماء بنص القرآن. ومنها رفعه إلى السماء، هذا مختصر ما ذكره الثعلبى. وثبت فى الصحيحين أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "ينزل عيسى ابن مريم من السماء، ويقتل الدجال بباب لد" (1) . وأحاديثه فى قصة الدجال مشهورة فى الصحيح، وينزل عيسى حكمًا عدلاً كما سبق فى الحديث الصحيح لا رسولاً، وأنه يصلى وراء الإمام منا تكرمة من الله تعالى لهذه الأمة. وجاء أنه يتزوج بعد نزوله، ويُولد له، ويدفن عند النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. فصل قال الجوهرى فى صحاحه: عيسى اسم عبرانى أو سريانى، وجمعه عيسَون، بفتح السين، ومررت بالعيسين، ورأيت العيسين. قال: وأجاز الكوفيون ضم السين قبل الواو وكسرها قبل الياء، ولم يجزه البصريون، قالوا: لأن الألف إنما سقطت لاجتماع الساكنين، فوجب أن تبقى السين مفتوحة كما كانت، سواء كانت الألف أصلية أم غيرها. وكان الكسائى يفرق بينهما ويفتح فى الأصلية، فيقول: معطون، ويضم فى غيرها فيقول: عيسون، والنسبة إليه عيسوى، بقلب الياء واوًا، وإن شئت حذفتها، فقلت: عيسى وموسى بكسر السين، والله أعلم. 484 - عيسى بن يونس بن أبى إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعى الهمدانى - بإسكان الميم وبدال مهملة - الكوفى (2) : أخو إسرائيل بن يونس، رأى جده أبا إسحاق ولم يسمعه، وسمع إسماعيل بن أبى خالد، وعبيد الله العمرى، وهشام بن عروة، والأعمش، وعوفًا الأعرابى، ومالك بن أنس، والأوزاعى، وشعبة، وخلائق من الأئمة. روى عنه أبو يونس، والقعنبى، وابن وهب، وحماد بن سلمة، وإسحاق بن راهويه، وداود بن عمرو، والوليد   (1) أخرجه: الترمذي (4 / 515، رقم 2244) وقال: هذا حديث حسن صحيح. والطبراني (19/443، رقم 1075) ، وأخرجه أيضا: الطيالسي (ص 170، رقم 1227) ، وأحمد (3/420، رقم 15505) ، وابن حبان (15/221، رقم 6811) . (2) الطبقات الكبرى لابن سعد (7/488) والتاريخ الكبير للبخارى (6/2798) والجرح والتعديل (6/1618) وتاريخ بغداد للخطيب (11/152 - 156) وسير أعلام النبلاء (8/430) وتهذيب التهذيب (8/237 – 240) . تقريب التهذيب (5341) ، وقال: “السبيعي بفتح المهملة وكسر الموحدة ثقة مأمون من الثامنة مات سنة سبع وثمانين وقيل سنة إحدى وتسعين ع”.. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 47 بن مسلم، ومروان بن محمد، وأبو مسهر، وهشام بن عمار، وعلى بن المدينى، وأبو بكر أبى شيبة، ويحيى بن حسان، وأحمد بن حنبل، والوليد بن شجاع، وغيرهم من الأئمة. وأجمعوا على جلالته، وتوثيقه، وارتفاع مرتبته، وكان يسكن الشام، سُئل عنه ابن المدينى، فقال: بخ بخ، ثقة مأمون. وسُئل أحمد بن حنبل عنه، فقال: عيسى يسئل عنه. وأقوالهم بنحو هذا كثيرة مشهورة. روينا عن محمد بن المنذر، قال: حج الرشيد ومعه ابناه الأمين والمأمون، فدخل الكوفة، وقال لأبى يوسف: قل للمحدثين يأتونا فيحدثونا، فلم يتخلف عنه من شيوخ الكوفة إلا عبد الله بن إدريس وعيسى بن يونس، فركب الأمين والمأمون إلى عبد الله بن إدريس، فحدثهما بمائة حديث، فقال المأمون لابن إدريس: يا عم، أتأذن لى أن أعيدها عليك من حفظى، فأعادها كما سمعها. وكان ابن إدريس من أهل الحفظ، فعجب من حفظ المأمون، وقال المأمون: يا عم، إلى جانب مسجدك دار، إن أذنت اشتريناها ووسعنا بها المسجد، فقال: ما بى إلى هذه حاجة، قد أجزء من كان قبلى وهو يجيزنى. فنظر إلى قرح فى يد الشيخ، فقال: إن معنا متطببين وأدوية، أفتأذن لى أن أعالجك؟ قال: لا، هذا قد ظهر بى مثله وبرء، فأمر له بجائزة، وصدرا إلى عيسى بن يونس، فحدثهما، فأمر له المأمون بعشرة آلاف، فأبى أن يقبلها، فظن أنه استقلها، فأمر له بعشرين ألفًا، فقال عيسى: لا ولا أهليلجة ولا شربة ماء على حديث رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ولو ملئت لى هذا المسجد إلى السقف، فانصرف من عنده. ومناقبه كثيرة. قال أحمد بن حباب: غزا عيسى بن يونس خمسًا وأربعين غزوة، وحج خمسًا وأربعين حجة. قال ابن سعد: توفى بالحدث أول سنة إحدى وتسعين ومائة. وقال البخارى: سنة سبع وثمانين. وقال أبو داود: سنة ثمان وثمانين. 485 - عيينة بن حصين الصحابى المؤلف: مذكور فى المختصر فى قسم الفىء، ثم فى خراج السواد، وفى المهذب فى قسم الصدقات، وقال فى المختصر فى خراج السواد: عيينة بن بدر، وهما صحيحان، نسب إلى جد جده، هو أبو مالك عيينة بن حصين الجزء: 2 ¦ الصفحة: 48 بن حذيفة بن بدر بن عمرو بن جويرية بن لوزان بن ثعلبة بن عدى بن فزارة بن ذبيان بن بغيض بن ريث بن غطفان بن سعد بن قيس عيلان، بالمهملة، الفزارى. أسلم بعد الفتح، وقيل: قبله، وشهد حنينًا والطائف، وكان من المؤلفة والأعراب الجفات، ارتد وتبع طليحة الأسدى، وقاتل معه، فأسرته الصحابة، وحملوه إلى أبى بكر الصديق، رضى الله عنه، فأسلم فأطلقه، وهو عم الحر بن القيس، وكان الحر رجلاً صالحًا من أهل القرآن له منزلة رفيعة عند عمر بن الخطاب، رضى الله عنه. * * * حرف الغين المعجمة 486 - غيلان بن سلمة الصحابى (1) : مذكور فى النكاح من هذه الكتب، لكن صحفه فى الوسيط، فقال: سلمة بن غيلان، والصواب غيلان، وسنوضح غلطه فى نوع الأوهام إن شاء الله تعالى. هو غيلان بن سلمة بن معيب، بفتح العين المهملة، وكسر المثناة تحت المشددة، ابن مالك بن كعب بن عمرو بن سعد بن عوف بن ثقيف بن منبه بن بكر بن هوازن. أسلم بعد فتح الطائف، وكان تحته عشر نسوة فأسلمن معه، فأمره النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يختار أربعًا منهن، ويفارق باقيهن، وكان أحد أشراف ثقيف ومقدميهم، ووفد على كسرى وله معه خبر عجيب، وكان شاعرًا محسنًا. توفى فى آخر خلافة عمر بن الخطاب، رضى الله عنه. * * * حرف الفاء 487 - الفرافصة أبو حسان التابعى: مذكور فى المهذب فى أوائل الصيد والذبائح، هو بضم الفاء بلا خلاف. 488 - فرعون عدو الله: مذكور فى الروضة فى الوصية. قال العلماء بالتواريخ: هو فرعون موسى، عمّر أربع ومائة سنة، وكان اسمه وليد بن مصعب، وقيل غير ذلك، وليس فى الفراعنة أعتى منه، وليس هو فرعون يوسف، عليه السلام؛ لأن فرعون يوسف أسلم على يديه، والله أعلم.   (1) انظر: الإصابة (3/189) ، وأسد الغابة (4/172) ، والاستيعاب (3/189) ، والبداية والنهاية (7/143) . . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 49 489 - فروة بن عامر: وقيل: ابن عمرو، وقيل: ابن نفاثة، بضم النون وبعدها فاء ثم ألف ثم مثلثة، وقيل: ابن نباتة، وقيل: ابن نعامة الجذامى. ذكر هذه الأقوال فيه ابن الأثير. أهدى للنبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بغلته البيضاء. سكن عَمَّان، بفتح العين وتشديد الميم، من أرض البلقاء بالشام. وقال ابن إسحاق: منزله عمان ومان حولها. وكان عاملاً للروم على من يليهم من العرب، فأسلم وبعث إلى النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بغسلامه، وأهدى إليه البغلة، فلما سمعت الروم بإسلامه طلبوه فصلبوه على ذلك، رضى الله عنه. 490 - فضالة بن عبيد الصحابى، رضى الله عنه (1) : مذكور فى المهذب فى الربا، وفى آخر السرقة، وهو بفتح الفاء. وهو أبو محمد فضالة بن عبيد بن نافذ، بالمعجمة، ابن قيس بن صهيب بن الأحرم بن جحجبا، بجيمين مفتوحتين بينهما حاء ساكنة وبباء موحدة، ابن لفة بن عوف بن عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس الأنصارى الأوسى العمرى. أول مشاهده أُحُد، شهدها وما بعدها من المشاهد، ومنها بيعة الرضوان، وشهد فتح مصر. وسكن دمشق، وولى قضاءها لمعاوية، وأمره على غزو الروم فى البحر. رُوى له عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خمسون حديثًا، روى مسلم منها حديثين. روى عنه ثمامة بن سعد، وعلى بن رباح، بضم العين، وقيل: بفتحها، وحنش الصنعانى، وسلمة ابن صالح، وعمرو بن مالك، وعبد الله بن محيرز، وآخرون. توفى بدمشق ودفن بباب الصغير سنة ثلاث وخمسين، وقيل: سنة تسع وستين، والصحيح الأول، فقد نقلوا أن معاوية حمل نعشه، وقال لابنه: أَعِنِّى يا بنى، فإنك لا تحمل بعده مثله. وتوفى معاوية سنة ستين، وكان لفضالة عقب بدمشق. 491 - الفضل بن العباس بن عبد المطلب الهاشمى الصحابى (2) : ابن عم رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. تكرر فى المختصر والمهذب، كنيته أبو عبد الله، وقيل: أبو محمد، وقيل: أبو العباس، أمه وأم أخواته أم الفضل لبابة بنت الحارث الكبرى، وبه كانت هى والعباس يكنيان، شهد مع النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الفتح وحنينًا، وثبت معه يوم حنين حين انهزم الناس، وشهد معه حجة الوداع. وثبت فى الصحيحين أن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أردفه وراءه ليلة   (1) الطبقات الكبرى لابن سعد (7/401) والتاريخ الكبير للبخارى (7/556) والجرح والتعديل (7/433) وسير أعلام النبلاء (3/113) وأسد الغابة (4/182) والإستيعاب (3/1262) وتهذيب التهذيب (8/267، 268) والإصابة (3/6992) . تقريب التهذيب (5395) ، وقال: “أول ما شهد شهد أحدا ثم نزل دمشق وولي قضاءها ومات سنة ثمان وخمسين وقيل قبلها بخ م 4”.. (2) الطبقات الكبرى لابن سعد (4/54، 7/399) والتاريخ الكبير للبخارى (7/502) والجرح والتعديل (7/363) وسير أعلام النبلاء (3/444) وأسد الغابة (4/183) والإستيعاب (3/1269) وتهذيب التهذيب (8/280) والإصابة (3/7003) . تقريب التهذيب (5407) ، وقال: “وأكبر ولد العباس استشهد في خلافة عمر ع”.. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 50 المزدلفة، وكان من أجمل الناس، وحضر غسل النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وكان يصب الماء على علىّ، رضى الله عنه. رُوى له عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أربعة وعشرون حديثًا، اتفقا منها على حديثين. روى عنه أخوه عبد الله، وأبو هريرة، وربيعة بن الحارث. توفى بالشام فى طاعون عمواس سنة ثمان عشرة، هذا هو الأصح، وقيل: استشهد يوم أجنادين، وقيل: يوم مرج الصفر، وكلاهما سنة ثلاث عشرة، وقيل: يوم اليرموك سنة أربع عشرة أو خمس عشرة، ولم يترك ولدًا إلا أم كلثوم، تزوجها الحسن بن على ثم فارقها فتزوجها أبو موسى الأشعرى. 492 - فضل بن يزيد الرقاشى: مذكور فى المهذب فى كتاب السير فى الأمان، هكذا هو فى النسخ: فضل بن يزيد، وهو تصحيف بلا خلاف، وصوابه: فُضَيل، بضم الفاء وزيادة ياء فى فضل وحذفها من يزيد، هكذا ذكره أئمة هذا الفن: أبو عبد الله البخارى فى تاريخه، وابن أبى خيثمة فى تاريخه، وابن أبى حاتم فى الجرح والتعديل، وخلائق لا يحصون. قال البخارى: وهو فضيل بن زيد أبو حسان الرقاشى، يُعد فى البصريين. وقال ابن أبى حاتم: هو فضيل بن زيد الرقاشى أبو حسان، روى عن عمر، يعنى ابن الخطاب، وعبد الله بن مغفل. روى عنه عامر الأحول. قال يحيى بن معين: هو صدوق بصرى ثقة، والرقاشى بفتح الراء وتخفيف القاف، منسوب إلى رقاش قبيلة معروفة من ربيعة. 493 - فضيل بن عياض بن مسعود بن بشر (1) : أبو على التميمى اليربوعى الزاهد، ولد بسمرقند، ونشأ بأبيود، وكتب الحديث بالكوفة، ثم تحول إلى مكة فاستوطنها حتى توفى بها أول سنة تسع وثمانين ومائة. سمع سليمان التيمى، وحصين بن عبد الرحمن، ومنصور بن المعتمر، والأعمش، وحميد الطويل، ويحيى الأنصارى، وعبد الله بن عمر العمرى، والعلى بن المسيب، ومحمد بن إسحاق، وجعفر الصادق، وعطاء بن السائب، وزياد بن سعد، ومسلمًا الأعور، وأشعث بن سوار، وأبا هارون العبدى، وعوف الأعرابى، ومجالد بن سعيد، وبيان بن بشر، وأبا إسحاق الشيبانى، وعبد العزيز بن رفيع، ومحمد بن عجلان،   (1) الطبقات الكبرى لابن سعد (5/500) والتاريخ الكبير للبخارى (7/550) والجرح والتعديل (7/416) وسير أعلام النبلاء (8/372) وميزان الاعتدال (3/6768) وتهذيب التهذيب (8/294 - 297) . تقريب التهذيب (5431) ، وقال: “ثقة عابد إمام من الثامنة مات سنة سبع وثمانين ومائة وقيل قبلها خ م د ت س”.. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 51 ومحمد بن عبد الرحمن بن أبى ليلى، وأبان بن أبى عياش، ونظر بن خليفة، وليث بن أبى سليم، وسفيان الثورى، ويحيى بن عبيد الله، وهشام بن حسان، وغيرهم من الأئمة. روى عنه خلائق من الأئمة، منهم الثورى، وابن عيينة، ويحيى القطان، وحسين بن على الجعفى، وابن المبارك، والشافعى، والحميدى، والقعنبى، وابن مهدى، ويحيى بن يحيى، ويحيى بن صالح، ومسدد، وقتيبة، ويحيى الحمانى، ومؤمل بن إسماعيل، وإسحاق بن منصور، وآخرون. وأجمعوا على توثيقه، والاحتجاج به، وصلاحه، وزهده، وورعه، ونحوها من طرائق الأخرة. قال أحمد بن عبد الله العجلى: هو ثقة، كوفى، متعبد، رجل صالح. وقال ابن سعد: كان ثقة، ثبتًا، فاضلاً، عابدًا، ورعًا، كثير الحديث. قيل للفضيل: لما تحدث جعفر بن يحيى؟ قال: أنا أجلّ حديث رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن أُحَدِّث به جعفر بن يحيى. وروينا عن إسحاق بن إبراهيم الطبرى، قال: ما رأيت أحدًا أخوف على نفسه وارجا للناس من الفضيل، وكان صحيح الحديث، صدوق اللسان، شديد الهيبة للحديث، وكان يثقل عليه الحديث جدًا. وقال الفضيل: مَن عرف الناس استراح، يعنى أنهم لا يضرون ولا ينفعون. وقال: ما أدرك عندنا من أدرك بكثرة صلاة ولا صيام، ولكن بسخاء الأنفس، وسلامة الصدور، والنصح للأمة. وقال: ترك العمل بسبب الناس رياء، والعمل بسببهم شرك، والإخلاص يعافيك الله منهما. وحكمه ومناقبه كثيرة مشهورة. 494 - فيروز الديلمى الصحابى، رضى الله عنه (1) : مذكور فى نكاح المشرك من المختصر والمهذب، هو أبو عبد الله، وقيل: أبو عبد الرحمن، وقيل: أبو الضحاك فيروز الديلمى. قال محمد بن سعد: من أهل الحديث من يقول: فيروز الديلمى، ومنهم من يقول: فيروز بن الديلمى، وهو واحد، ويقال له: الحميرى؛ لنزوله فى حمير، وهو من أبناء الفرس الذين بعثهم كسرى إلى سيف بن ذى يزن إلى اليمن فنفوا الحبشة عنها واستولوا عليها. وفد فيروز على رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأسلم، وهو قاتل الأسود العنسى الكذاب الذى كان ادعى النبوة باليمن، قتله فى آخر حياة النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ووصل خبر قتله إياه فى مرض رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -   (1) الطبقات الكبرى لابن سعد (5/533) والتاريخ الكبير للبخارى (7/616) والكنى للدولابى (1/75) والجرح والتعديل (7/521) وأسد الغابة (4/186) والإستيعاب (3/1286) وتهذيب التهذيب (8/305) والإصابة (3/7010) . تقريب التهذيب (5444) ، وقال: “صحابي له أحاديث وهو الذي قتل الأسود الذي ادعى النبوة في زمن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومات في زمن عثمان وقيل بل في زمن معاوية بعد الخمسين 4”.. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 52 الذى توفى فيه، فقال - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "قتله الرجل الصالح فيروز الديلمى". وفى رواية: "قتله رجل مبارك من أهل بيت مباركين". هذا قول كثيرين أو الأكثرين أن فيروز قتل الأسود فى حياة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وقال خليفة بن الخياط، والواقدى وآخرون من أهل المغازى، إنما قتله فى خلافة أبى بكر، رضى الله عنه، سنة إحدى عشرة. وروى أنه قتل فى زمن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وحمل إليه رأسه، وأنكر الحاكم أبو أحمد هذا، وأطنب فى إنكاره والاستدلال على بطلانه، وقال: الصواب قول خليفة أنه قُتل فى زمن أبى بكر، ذكره فى ترجمة أبى عبد الرحمن. قال ابن مندة: يقال أن فيروز ابن أخت النجاشى. روى عنه ابناه الضحاك، وعبد الله، وغيرهما. توفى فى خلافة عثمان، رضى الله عنه. * * * حرف القاف 495 - القاسم بن ربيعة الغطفانى الجوشنى (1) : مذكور فى المختصر فى الديات فى باب أسنان الإبل. هو القاسم بن ربيعة بن جوشن الجوشنى، منسوب إلى جده، وهو تابعى. روى عن عمر بن الخطاب، وعبد الرحمن بن عوف، وابن عمر، وغيرهم، رضى الله عنهم. روى عنه على بن زيد بن جدعان، وخالد الحذاء، وحميد الطويل، وأيوب، وقتادة، وغيرهم. قال على بن المدينى: هو ثقة، وكان الحسن إذا سُئل عن شىء من النسب يقول: عليكم بالقاسم بن ربيعة. 496 - القاسم بن عبد الله بن عمر (2) : مذكور فى المختصر. هو القاسم بن عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر ابن الخطاب القرشى العدوى المدنى. روى عن محمد بن المنكدر، وعبد الله بن دينار. روى عنه هشام بن عمار، وابن وهب، وقتيبة، وابن المدينى. قال أحمد بن حنبل: هو كذاب، كان يضع الحديث،   (1) الطبقات الكبرى لابن سعد (7/152) والتاريخ الكبير للبخارى (7/719) والجرح والتعديل (7/632) وتهذيب التهذيب (8/312، 313) . تقريب التهذيب (5457) ، وقال: "جوشن بجيم ومعجمة وزن جعفر الغطفاني بفتح المعجمة ثم المهملة وبالفاء ثقة عارف بالنسب من الثالثة د س ق".. (2) التاريخ الكبير للبخارى (7/730) والجرح والتعديل (7/643) والمجروحين لابن حبان (2/212) وميزان الاعتدال (3/6812) وتهذيب التهذيب (8/320، 321) . تقريب التهذيب (5468) ، وقال: “متروك رماه أحمد بالكذب مات بعد الستين من الثامنة ق”.. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 53 ترك الناس حديثه. وقال ابن معين: هو ضعيف، ليس بشىء. وقال أبو حاتم: هو متروك. وقال أبو زرعة: هو ضعيف، متروك الحديث، منكر الحديث. 497 - القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود الهذلى (1) : أبو عبد الرحمن الكوفى، قاضيها. روى عن أبيه، وأبى ذر، وعبد الله بن عمر، وجابر ابن سمرة. روى عنه الأعمش، والمسعودى، ومسعر، وآخرون. قال ابن سعد: كان ثقة كثير الحديث. وقال يحيى بن معين: هو ثقة. وقال أحمد بن عبد الله: هو ثقة، رجل صالح، وكان لا يأخذ على القضاء والفتيا أجرًا، واتفقوا على توثيقه. قال على بن المدينى: لم يلق القاسم أحدًا من أصحاب رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غير جابر بن سمرة، قيل له: فلقى ابن عمر؟ فقال: كان يحدث عنه حديثين، ولم يسمع منه شيئًا. 498 - القاسم بن عبد الرحمن الشامى (2) : مذكور فى المهذب فى آخر باب ما يجب به القصاص. هو أبو عبد الرحمن القاسم بن عبد الرحمن الشامى الدمشقى، مولى خالد بن يزيد بن معاوية، ويقال: عبد الرحمن بن خالد بن يزيد، ويقال: مولى جويرية بنت أبى سفيان. وقال الطبرانى: مولى معاوية بن أبى سفيان. روى عن على بن أبى طالب، وعبد الله بن مسعود، وسلمان الفارسى، وأبى أيوب، وعقبة بن عامر، وأبى هريرة، وعائشة مرسلاً، وسمع أبا أمامة الباهلى. روى عنه العلاء ابن الحارث، وعبد الله بن العلاء بن زيد، وخلائق من التابعين وغيرهم. قال عبد الرحمن بن يزيد بن جابر: ما رأيت أحدًا أفضل من القاسم بن أبى عبد الرحمن. قالوا: وكان من فقهاء دمشق، وأدرك أربعين من المهاجرين. وقال يعقوب بن سفيان: عن كثير بن الحارث، عن القاسم، وكان قد أدرك أربعين بدريًا. وقال أحمد بن حنبل: تروى عنه أعاجيب، وتكلم فيه. وقال: ما أرى هذا إلا من قِبَل القاسم. وروى يحيى بن الحارث، عن القاسم، قال: لقيت مائة من أصحاب رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وقال يحيى بن معين: القاسم بن عبد الرحمن الشامى مولى معاوية، ويقال: مولى يزيد، ليس فى الدنيا القاسم بن عبد   (1) الطبقات الكبرى لابن سعد (6/303) والتاريخ الكبير للبخارى (7/710) والجرح والتعديل (7/647) وسير أعلام النبلاء (5/195) وتاريخ الإسلام (6/269) وميزان الاعتدال (3/6818) وتهذيب التهذيب (8/321، 322) . تقريب التهذيب (5469) ، وقال: “ثقة عابد من الرابعة مات سنة عشرين أو قبلها خ 4”. . (2) الطبقات الكبرى لابن سعد (7/449، 450) والتاريخ الكبير للبخارى (7/712) والجرح والتعديل (7/649) والمجروحين لابن حبان (2/211) وسير أعلام النبلاء (5/195) وميزان الاعتدال (3/6817) وتهذيب التهذيب (8/322 - 324) . تقريب التهذيب (5470) ، وقال: “صدوق يغرب كثيرا من الثالثة مات سنة اثنتي عشرة بخ 4”.. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 54 الرحمن شامى سواه. وقال الجوزجانى: كان حبارًا فاضلاً. وقال يعقوب بن سفيان: هو ثقة. وقال يحيى والترمذى: هو ثقة. وقال يعقوب ابن شيبة: هو ثقة. توفى سنة ثنتى عشرة، ويقال: ثمان عشرة ومائة. 499 - القاسم بن محمد التابعى الجليل (1) : أحد الفقهاء السبعة فقهاء المدينة، تكرر فى المختصر والمهذب، فذكره فى المهذب فى غسل الميت، وفى دفنه، وفى الأرحام، وفى الخيار فى النكاح، وفى الأقضية. هو أبو محمد، وقيل: أبو عبد الرحمن القاسم بن محمد بن أبى بكر الصديق، رضى الله عنهم. روى عن ابن عمر، وابن عباس، وأبى هريرة، ومعاوية، وعائشة، وآخرين من الصحابة وخلائق من التابعين. روى عنه جماعات من التابعين، منهم نافع مولى ابن عمر، وابن أبى مليكة، والزهرى، ويحيى الأنصارى، وأيوب، وربيعة، وآخرون، وأجمعوا على جلالته، وتوثيقه، وإمامته. روينا عن ابن عيينة، قال: كان القاسم بن محمد أفضل أهل زمانه. وقال ابن شوذب: ما أدركنا بالمدينة أحدًا نفضله على القاسم بن محمد. وقال أبو الزناد: ما رأيت أعلم من القاسم بن محمد. وقال ابن عيينة: كان أعلم الناس بحديث عائشة: القاسم، وعروة، وعمرة. وقال ابن معين: عبيد الله بن عمر، عن القاسم، عن عائشة، مسبك الذهب. وقال القاسم: استقلت عائشة بالفتوى خلافة أبى بكر وعمر وعثمان إلى أن ماتت، وكنت ملازمًا لها، وكنت أجالس البحر ابن عباس، وجلست مع ابن عمر، وأبى هريرة فأكثرت، وكان هناك، يعنى مع ابن عمر، علم جم، وورع، ووقوف عما لا يعلم. وقال أحمد بن عبد الله: كان القاسم من خيار التابعين وفقهائهم، ثقة، نزهًا، رجلاً، صالحًا. ولما حضرته الوفاة قال: أنت ربى وحسبى وسيدى. قال محمد بن سعد: توفى سنة ثنتى عشرة ومائة، وقيل: سنة ثمان ومائة، وهو ابن سبعين أو اثنتين وسبعين، وقد ذهب بصره، وكان ثقة، عالمًا، رفيعًا، فقيهًا، إمامًا، كثير الحديث، ورعًا. وقال غيره: توفى سنة إحدى أو ثنتين ومائة. 500 - قبيصة بن جابر الأسدى (2) : مذكور فى المهذب فى جزاء الصيد. هو   (1) الطبقات الكبرى لابن سعد (5/187) والتاريخ الكبير للبخارى (7/705) والجرح والتعديل (7/675) وسير أعلام النبلاء (5/53) وتاريخ الإسلام (4/182) وتهذيب التهذيب (8/333 - 335) . تقريب التهذيب (5489) ، وقال: “ثقة أحد الفقهاء بالمدينة قال أيوب ما رأيت أفضل منه من كبار الثالثة مات سنة ست ومائة على الصحيح ع”.. (2) الطبقات الكبرى لابن سعد (6/145) والتاريخ الكبير للبخارى (7/785) والجرح والتعديل (7/712) وتاريخ الإسلام (3/60) وتهذيب التهذيب (8/344، 345) . تقريب التهذيب (5510) ، وقال: “ثقة من الثانية مخضرم مات سنة تسع وستين بخ س”.. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 55 أبو العلاء قبيصة بن جابر بن وهب بن مالك بن عميرة بن حدان بن مرة بن الحارث بن سعد بن ثعلبة بن دودان بن أسد بن خزيمة الأسدى الكوفى التابعى. سمع عمر بن الخطاب، وطلحة بن عبيد الله، وعبد الرحمن بن عوف، وابن مسعود، ومعاوية، وعمرو بن العاص، والمغيرة، وغيرهم. روى عنه الشعبى، وعبد الملك بن عمير، وغيرهم. قال ابن سعد: كان ثقة، مات قبل سنة ثلاث وثمانين. 501 - قبيصة بن ذؤيب التابعى (1) : مذكور فى المهذب فى ميراث الجدة، وفى دية الهاشمية. هو أبو سعيد، ويقال: أبو إسحاق قبيصة بن ذؤيب بن حلحلة بن عمرو بن كليب بن أصرم الخزاعى المدنى. ولد عام الفتح، وقيل: عام الهجرة، والمشهور عام الفتح. وهو تابعى، سمع زيد بن ثابت، وأبا الدرداء، وأبا هريرة. روى عن أبى بكر الصديق، وعمر، وعبد الرحمن بن عوف، وعبادة بن الصامت، وجابر، وعمرو بن العاص، وابن عباس، وتميم الدارى، وعائشة، وأم سلمة، رضى الله عنهم، مرسلاً. روى عنه رجاء بن حيوة، والزهرى، ومكحول، وخلائق من التابعين وغيرهم، وأجمعوا على توثيقه وجلالته. قال الشعبى: قبيصة من أعلم الناس بقضاء زيد بن ثابت. وقال محمد بن سعد: سمع من عثمان بن عفان، وكان آثر الناس عند عبد الملك بن مروان، وكان على خاتمه. وكان البريد إليه، وكان يقرأ الكتب إذا وردت، ثم يدخلها إلى عبد الملك، فيخبره بما فيها، وكان ثقة مأمونًا، كثير الحديث. وقال مكحول: ما رأيت أعلم من قبيصة. وقال أبو الزناد فيما رواه عنه الأعمش: كان فقهاء المدينة سعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، وقبيصة بن ذؤيب، وعبد الملك بن مروان قبل أن يدخل فى الإمارة. توفى فى خلافة عبد الملك سنة ست أو سبع وثمانين. 502 - قبيصة بن المخارق الصحابى، رضى الله عنه (2) : مذكور فى المختصر فى قسم الصدقات. هو أبو بشر قبيصة بن المخارق بن عبد الله ابن شداد بن أبى ربيعة بن نهيك بن هلال بن عامر بن صعصعة العامرى الهلالى البصرى. وفد   (1) الطبقات الكبرى لابن سعد (5/176، 7/447) والتاريخ الكبير للبخارى (7/784) والكنى للدولابى (1/99) والجرح والتعديل (7/713) والإستيعاب (3/1272) وأسد الغابة (4/191) وتاريخ الإسلام (3/290) وسير أعلام النبلاء (4/282، 283) وتهذيب التهذيب (8/346، 347) . تقريب التهذيب (5512) ، وقال: “من أولاد الصحابة وله رؤية مات سنة بضع وثمانين ع”.. (2) الطبقات الكبرى لابن سعد (7/35) والتاريخ الكبير للبخارى (7/782) والكنى للدولابى (1/86) والجرح والتعديل (7/709) والإستيعاب (3/273) وأسد الغابة (4/192) والإصابة (3/7061) وتهذيب التهذيب (8/350) . تقريب التهذيب (5515) ، وقال: “صحابي سكن البصرة م د س”.. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 56 على رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأسلم، وروى عنه ستة أحاديث، روى مسلم أحدها. روى عنه أبو عثمان النهدى، وأبو قلابة، وكنانة بن نعيم، وابنه قطن بن قبيصة. 503 - قتادة بن دعامة (1) : بكسر الدال المهملة، التابعى. تكرر فى المهذب، فذكره فى أول الخلع، وأول العفو عن القصاص، وفى خراج السواد. هو أبو الخطاب قتادة بن دعامة بن قتادة بن عزيز، بفتح العين والزاى المكررة، ابن عمرو بن ربيعة بن الحارث بن سدوس بن شيبان بن ذهل بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن على بن بكر بن وائل السدوسى البصرى التابعى. ولد أعمى. سمع أنس بن مالك، وعبد الله بن سرجس، وأبا الطفيل، وابن المسيب، وأبا عثمان النهدى، والحسن، وابن سيرين، وعكرمة، وزرارة بن أوفى، والشعبى، وخلائق غيرهم من التابعين. روى عنه جماعة من التابعين، منهم سليمان التيمى، وحميد الطويل، والأعمش، وأيوب، وخلائق من تابعى التابعين، منهم مطر الوراق، وجرير بن حازم، وشعبة، والأوزاعى، وغيرهم. وأجمعوا على جلالته، وتوثيقه، وحفظه، وإتقانه، وفضله. قال أبو بكر بن عبد الله: مَن سره أن ينظر إلى أحفظ رجل أدركنا وأحرى أن يؤدى الحديث كما سمعه فلينظر إلى قتادة. وقال سعيد بن المسيب: ما أتانا عراقى أحفظ من قتادة. وقال شعبة: قال لى سفيان: وكان فى الدنيا مثل قتادة؟. روينا عن معمر، قال: جاء رجل إلى ابن سيرين، فقال: رأيت حمامة التقمت لؤلؤة فخرجت منها أعظم مما دخلت، ورأيت حمامة أخرى التقمت لؤلؤة، فخرجت أصغر مما دخلت، ورأيت حمامة أخرى التقمت لؤلة فخرجت كما دخلت سواء، فقال ابن سيرين: الحمامة الأولى الحسن، يسمع الحديث فيجوده بمنطقه، ثم يصل فيه من مواعظه، والثانية ابن سيرين يشك فيه فينقص منه، والثالثة قتادة، فهو أحفظ الناس. وروينا عن المدائنى، قال: سُئل أعرابى على باب قتادة وانصرف، ففقدوا قدحًا، فحج قتادة بعد عشر سنين، فوقف أعرابى فسأله، فسمع قتادة كلامه، فقال: هذا صاحب القدح، فسألوه فأقر. وقال ابن سعد: كان قتادة ثقة، مأمونًا، حجة فى الحديث. وقال قتادة: جالست الحسن ثنتى عشرة   (1) الطبقات الكبرى لابن سعد (7/229) والتاريخ الكبير للبخارى (7/827) والكنى للدولابى (1/166) والجرح والتعديل (7/756) وتاريخ الإسلام (4/295) وسير أعلام النبلاء (5/269) وميزان الاعتدال (3/6864) وتهذيب التهذيب (8/351 - 357) . تقريب التهذيب (5518) ، وقال: “ثقة ثبت يقال ولد أكمه وهو رأس الطبقة الرابعة مات سنة بضع عشرة ع”.. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 57 سنة، وما قلت برأيى منذ أربعين سنة. وقدم قتاد على ابن المسيب فسأله أيامًا فأكثر، فقال: تحفظ كل ما سئلتنى عنه؟ قال: نعم، سألتك عن كذا فقلت فيه كذا، وسألتك عن كذا فقلت فيه كذا، وقال فيه الحسن كذا، فذكر حديثًا كثيرًا، فقال ابن المسيب: ما كنت أظن الله خلق مثلك. وذكره أحمد بن حنبل، فأطنب فى الثناء عليه، ونشر من علمه، وفقهه، ومعرفته بالتفسير والاختلاف وغير ذلك، وقلّ من يتقدمه. قال: وكان أحفظ أهل البصرة ولا يسمع شيئًا إلا حفظه. وقرأت عليه صحيفة جابر مرة واحدة فحفظها. وكان من العلماء. وقال عبد الرحمن بن مهدى: قتادة أحفظ من خمسين مثل حميد. وقال أبو حاتم: أكبر أصحاب الحسن: قتادة، وأثبت أصحاب أنس: الزهرى، ثم قتادة. توفى قتادة سنة سبع عشرة، وقيل: ثمان عشرة ومائة، وهو ابن ست وخمسين، وقيل: سنة خمس وخمسين، رضى الله عنه. 504 - قتادة بن النعمان الصحابى، رضى الله عنه (1) : هو أبو عمرو، وقيل: أبو عمر، وقيل: أبو عبد الله، وقيل: أبو عثمان، قتادة بن النعمان بن زيد بن عامر بن سواد بن ظفر بن الخزرج بن عمرو بن مالك بن ألأوس الأنصارى الأوسى الظفرى المدنى، وهو أخو أبى سعيد الخدرى لأمه. شهد قتادة مع النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - العقبة، وأُحُدًا، وبدرًا، والخندق، وسائر المشاهد، وقلعت عينه يوم أُحُد، وقيل: يوم بدر، وقيل: يوم الخندق. قال ابن عبد البر: الأصح يوم أُحُد، فردَّها رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وكانت أحسن عينيه. وروينا أيضًا أنها صارت لا تُعرف، ولا يدرى أيهما التى كانت ذهبت، وكانت قد سالت على خده، وقيل: صارت فى يده. وروى الأصمعى، عن أبى معشر، قال: قدم عمر بن عبد العزيز رجل من ولد قتادة بن النعمان، فقال: ممن الرجل؟ فقال: فردت بكف المصطفى أحسن الرد فيا حسن ما عين ويا حسن ما رد أنا ابن الذى سالت على الخد عينه فعادت كما كانت لأول أمرها فقال عمر، رضى الله عنه:   (1) الطبقات الكبرى لابن سعد (3/452) والتاريخ الكبير للبخارى (7/823) والجرح والتعديل (7/753) والاستيعاب (3/1274) وأسد الغابة (4/195) وسير أعلام النبلاء (2/331) والإصابة (3/7076) وتهذيب التهذيب (8/638) . تقريب التهذيب (5521) ، وقال: “الظفري بمعجمة وفاء مفتوحتين صحابي شهد بدرا وهو أخو أبي سعيد لأمه مات سنة ثلاث وعشرين على الصحيح خ ت س ق”.. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 58 شيبا بماء فعادا بعد أبوالا تلك المكارم لا قعبان من لبن وأما قول أبى نعيم الأصبهانى: سالت عيناه، فغلطوه فيه، وإنما سالت إحداهما. وكان قتادة من فضلاء الصحابة، وكانت معه راية بنى ظفر يوم الفتح. رُوى له عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سبعة أحاديث، روى البخارى أحدها. روى عنه أبو سعيد الخدرى، ومحمود بن لبيد، وابنه عمرو بن قتادة، وعبيد بن حنين، وعياض بن عبد الله. توفى بالمدينة سنة ثلاث وعشرين، وصلى عليه عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، وهو ابن خمس وستين سنة، ونزل فى قبره محمد بن مسلمة، والحارث بن خزيمة. 505 - قثم بن العباس بن عبد المطلب الهاشمى (1) : ابن عم رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أمه أم الفضل، وهو صحابى، وقد غلط بعضهم فذكره فى التابعين، والصواب أنه صحابى، فكان قثم آخر الناس عهدًا برسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. روينا فى مسند أحمد بإسناد حسن عن مقسم مولى عبد الله بن الحارث، قال: اعتمرت مع على ابن أبى طالب، رضى الله عنه، فلما فرغ من عمرته سأله نفر من أهل العراق: أظن المغيرة بن شعبة يحدثكم أنه كان آخر الناس عهدًا برسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ فقالوا: أجل عن هذا جئنا نسألك، قال: أحدث الناس عهدًا به قثم بن العباس، ولما ولى على الخلافة ولى قثم مكة، فلم يزل عليها حتى قُتل على، رضى الله عنه، قاله خليفة بن الخياط. وقال الزبير: استعمله على المدينة، ثم سار أيام معاوية إلى سمرقند مع سعيد بن عثمان بن عفان، فاستشهد بها ولم يعقب قثم، وكان يشبه النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وفى صحيح البخارى عن ابن عباس، أن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حمل قثم بين يديه، أى على مركوبه. قال الحاكم أبو عبد الله فى تاريخ نيسابور: الصحيح أن قثم توفى بسمرقند وقبره بها، وقيل: بمرو. قال: وكان آخر الناس عهدًا برسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وحديث أم الفضل ناطق بذلك، ثم رواه بأسانيد كثيرة، وقال: وكان أخا الحسين بن على من الرضاعة. 506 - قَحْذَم (2) : مذكور فى المهذب فى خراج السواج، هو بقاف مفتوحة، ثم   (1) الطبقات الكبرى لابن سعد (3/452) والتاريخ الكبير للبخارى (7/823) والجرح والتعديل (7/753) والاستيعاب (3/1274) وأسد الغابة (4/195) وسير أعلام النبلاء (2/331) والإصابة (3/7076) وتهذيب التهذيب (8/638) . تقريب التهذيب (5521) ، وقال: “الظفري بمعجمة وفاء مفتوحتين صحابي شهد بدرا وهو أخو أبي سعيد لأمه مات سنة ثلاث وعشرين على الصحيح خ ت س ق”.. (2) الطبقات الكبرى لابن سعد (3/452) والتاريخ الكبير للبخارى (7/823) والجرح والتعديل (7/753) والاستيعاب (3/1274) وأسد الغابة (4/195) وسير أعلام النبلاء (2/331) والإصابة (3/7076) وتهذيب التهذيب (8/638) . تقريب التهذيب (5521) ، وقال: “الظفري بمعجمة وفاء مفتوحتين صحابي شهد بدرا وهو أخو أبي سعيد لأمه مات سنة ثلاث وعشرين على الصحيح خ ت س ق”.. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 59 حاء مهملة ساكنة، ثم ذال معجمة مفتوحة، ثم ميم. قال البخارى فى تاريخه: هو قحذم بن أبى قحذم الجرمى الأسدى البصرى. قال قتيبة: هو قحذم بن نصر بن معبد. سمع أباه، وسالم بن عبد الله، ومكحولاً، هذا كلام البخارى. وذكر ابن أبى حاتم مثله، وزاد: روى عنه قتيبة، وإبراهيم بن مهدى. 507 - قدامة بن عبد الله بن عمار بن معاوية العامرى الكلابى الصحابى (1) : من بنى كلاب بن ربيعة، كنيته أبو عبد الله، أسلم قديمًا، وسكن مكة، وشهد مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حجة الوداع وروى عنه. روى عنه أيمن بن نائل، وحميد بن كلاب. 508 - قدامة بن مظعون الصحابى، رضى الله عنه (2) : مذكور فى المهذب فى أول الوصية، ومظعون بالظاء المعجمة، هو أبو عمرو، وقيل: أبو عمر قدامة بن مظعون بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح القرشى الجمحى، وهو أخو عثمان بن مظعون، وخال ابن عمر. وكان تحته صفية بنت الخطاب، وهو من السابقين إلى الإسلام، هاجر إلى الحبشة مع أخويه عثمان وعبد الله، ثم هاجروا إلى المدينة، وشهد بدرًا، وأُحُدًا، والخندق، وسائر المشاهد مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، واستعمله عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، فى خلافته على البحرين. توفى سنة ست وثلاثين، وهو ابن ثمان وستين سنة. 509 - قرة بن إياس بن هلال بن رباب بن عبيد بن سارية بن ذبيان بن ثعلبة بن سليمان بن أوس بن عمرو المزنى الصحابى (3) : هو جد إياس بن معاوية بن قرة، قاضى البصرة الموصوف بالذكاء، وكان قرة يسكن البصرة. روى عن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أحاديث. روى عنه ابنه معاوية، وبه كان يكنى. 510 - القعقاع بن حكيم (4) : مذكور فى المختصر، هو كنانى مدنى تابعى. روى عن ابن عمر، وجابر، وأبى صالح السماك، وغيرهم. روى عنه سعيد المقبرى، وسهيل بن أبى صالح، ومحمد بن عجلان، وغيرهم، واتفقوا على توثيقه. 511 - قنبر: خادم على بن أبى طالب، رضى الله عنه. مذكور فى المهذب فى مسألة لا يحتجب القاضى، هو بفتح القاف والباء. قال ابن أبى حاتم: روى عن على.   (1) التاريخ الكبير للبخارى (7/795) والجرح والتعديل (7/724) والاستيعاب (3/1279) وأسد الغابة (4/198) وسير أعلام النبلاء (3/451) والإصابة (3/7984) وتهذيب التهذيب (8/364، 365) . تقريب التهذيب (5528) ، وقال: “صحابي قليل الحديث ت س ق”.. (2) انظر: الإصابة (3/228) ، وسير أعلام النبلاء (1/161) (10) ، وأسد الغابة (4/394) ، والاستيعاب (3/258) ، والتاريخ الكبير (7/178) .. (3) الطبقات الكبرى لابن سعد (7/32) والتاريخ الكبير للبخارى (7/809) والجرح والتعديل (7/738) والاستيعاب (3/1280) وأسد الغابة (4/202) والإصابة (3/7101) وتهذيب التهذيب (8/370) . تقريب التهذيب (5537) ، وقال: “صحابي نزل البصرة وهو جد إياس القاضي مات سنة أربع وستين بخ 4”.. (4) التاريخ الكبير للبخارى (7/835) والجرح والتعديل (7/763) وتاريخ الإسلام (4/186) وتهذيب التهذيب (8/383) . تقريب التهذيب (5558) ، وقال: “ثقة من الرابعة بخ م 4”. . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 60 512 - قيس بن أبى حازم (1) : مذكور فى المختصر، والمهذب فى خراج السواد. هو أبو عبد الله قيس بن أبى حازم، واسمه عبد عوف بن الحارث، وقيل: اسمه عوف الأحمسى، بالحاء والسين المهملتين، البجلى، الكوفى، التابعى، الجليل، المخضرم. أدرك الجاهلية، وجاء ليبايع النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فتوفى النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو فى الطريق، وأبوه صحابى. روى قيس عن جماعات من الصحابة. روى عنه جماعات من التابعين. قال جماعة من الحفاظ: روى قيس عن العشرة أصحاب رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، هكذا رويناه عن الحافظ عبد الرحمن بن يوسف بن خراش، والحاكم أبى عبد الله، وغيرهما. قال ابن خراش وغيره: وليس فى التابعين من روى عن العشرة غير قيس. وقال أبو داود السجستانى: روى عن تسعة منهم، ولم يرو عن عبد الرحمن بن عوف. قال أبو داود: أجود الناس إسنادًا قيس بن أبى حازم. توفى سنة أربع وثمانين، وقيل: سبع وثمانين، وقيل: ثمان وسبعين، رحمه الله. 513 - قيس بن سعد بن عبادة (2) : الصحابى ابن الصحابى. مذكور فى المهذب فى آخر صفة الوضوء. هو أبو الفضل، وقيل: أبو عبد الله، وقيل: أبو عبد الملك قيس بن سعد بن عبادة بن دليم، وسبق باقى نسبه فى ترجمة أبيه. وهو أنصارى، ساعدى، مدنى، صحابى ابن صحابى، جواد ابن جواد، وهم أربعة مشهورون بالكرم. روى عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ستة عشر حديثًا. روى عنه الشعبى، وابن أبى ليلى، وعمرو بن شرحبيل، وغيرهم. وكان من فضلاء الصحابة، وأحد دهاة العرب وذوى الرأى الصائب والمكيدة فى الحرب والنجدة، وكان شريف قومه غير مدافع، ومن بيت سيادتهم. قال الزهرى: كان قيس يحمل راية الأنصار مع النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وله فى جوده أخبار كثيرة مشهورة، ورووا أنه كان فى سرية فيها أبو بكر، وعمر، رضى الله عنهما، فكان يستدين ويطعم الناس، فقالا: إن تركناه أهلك مال أبيه، فَهَمَّا يمنعه، فسمع سعد، فقال للنبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: من يعذرنى منهما، يبخلان على ابنى. وصحب قيس بعد ذلك عليًا فى خلافته، وكان معه فى حروبه، واستعمله على مصر. توفى سنة ستين،   (1) الطبقات الكبرى لابن سعد (6/67) ، والتاريخ الكبير للبخارى (7/648) ، والجرح والتعديل (7/579) ، والاستيعاب (3/1285) ، وسير أعلام النبلاء (4/198) ، وتاريخ الإسلام (4/64) ، وميزان الاعتدال (3/6908) ، وتهذيب التهذيب (8/386) ، والإصابة (3/7274) . تقريب التهذيب (5566) ، وقال: “ثقة من الثانية مخضرم ويقال له رؤية، وقد جاز المائة وتغير ع”.. (2) الطبقات الكبرى لابن سعد (6/52) ، والتاريخ الكبير للبخارى (7/636) ، والجرح والتعديل (7/560) ، والاستيعاب (3/1289) ، وسير أعلام النبلاء (3/102) ، وأسد الغابة (4/215) ، وتهذيب التهذيب (8/395، 396) ، والإصابة (3/7177) . تقريب التهذيب (5576) ، وقال: “صحابي جليل مات سنة ستين تقريبا وقيل بعد ذلك ع”.. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 61 وقيل: تسع وخمسين، ولم يكن فى وجهه لحية ولا شعر، وكانت الأنصار تقول: وددنا أن نشترى لقيس لحية بأموالنا. وكان جميلاً. قال ابن عبد البر: وخبره فى السراويل عند معاوية باطل لا أصل له. روينا فى صحيح البخارى، عن أنس، قال: كان قيس بن سعد بين يدى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بمنزلة الشرطى من الأمير. قال الأنصارى: يعنى يلى أموره. وفى كتاب الترمذى، عن قيس، أن أباه دفعه إلى النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ليخدمه. 514 - قيس بن سعد (1) : أبو عبد الملك. مذكور فى المختصر فى اليمين مع الشاهد. هو أبو عبد الملك، وقيل: أبو عبد الله الحبشى المكى، مولى نافع بن علقمة، ويقال: مولى أم علقمة. روى عن طاووس، وعطاء بن أبى رباح، ومجاهد، وعمرو بن دينار. روى عنه هشام بن حسان، وجرير بن حازم، والحمادان، واتفقوا على توثيقه. قال ابن سعد: كان قد خلف عطاء فى مجلسه، وكان يعنى بقوله، واستقل بذلك لكنه لم يعمر، وكان ثقة، قليل الحديث. توفى سنة تسع عشرة ومائة. 515 - قيس بن السكن بن قيس بن زعوراء بن حرام بن جندب بن عامر بن غنم ابن عدى بن النجار الأنصارى النجارى الصحابى (2) : أبو زيد، غلبت عليه كنيته. شهد بدرًا، وقيل: اسمه سعد، وقيل: ثابت، ولا عقب له، وهو أحد الصحابة الذين جمعوا القرآن، أى حفظوا جميعه فى زمن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. 516 - قيس بن عاصم الصحابى (3) : مذكور فى المهذب فى باب ما يوجب الغسل، وحديثه المذكور فى المهذب هناك حديث حسن، هو أبو على، وقيل: أبو طلحة، وقيل: أبو قبيصة قيس بن عاصم بن خالد بن منقر، بكسر الميم وفتح القاف، ابن عبيد بن مقاعس، واسم مقاعس الحارث ابن عمرو بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تيم التميمى المنقرى. وفد على النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فى وفد بنى تميم سنة تسع من الهجرة فأسلم، وقال النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لما رآه: “هذا سيد أهل الوبر”. وكان قيس عاقلاً، حليمًا، مشهورًا بالحلم. وقيل للأحنف ابن قيس: ممن تعلمت الحلم؟ فقال: من قيس بن عاصم، رأيته يومًا قاعدًا بفناء داره محتبيًا بحمائل سيفه يحدث قومه، فأتى برجل مكتوف وآخر   (1) الطبقات الكبرى لابن سعد (5/483) ، والتاريخ الكبير للبخارى (7/689) ، والجرح والتعديل (7/562) ، وتاريخ الإسلام (4/297) ، وميزان الاعتدال (3/6915) ، وتهذيب التهذيب (8/397) . تقريب التهذيب (5577) ، وقال: “ثقة من السادسة مات سنة بضع عشرة خت م د س ق”.. (2) انظر: الإصابة (3/250) ، وطبقات ابن سعد (3/513) ، والاستيعاب (3/223) ، وأسد الغابة (4/216) ، وطبقات ابن سعد (3/513) ، والتاريخ الكبير (7/145) .. (3) الطبقات الكبرى لابن سعد (7/36) ، والتاريخ الكبير للبخارى (7/635) ، والجرح والتعديل (7/576) ، والاستيعاب (3/1294) ، وأسد الغابة (4/219) ، وتهذيب التهذيب (8/399، 400) ، والإصابة (3/7194) . تقريب التهذيب (5581) ، وقال: “المنقري بكسر الميم وسكون النون وفتح القاف صحابي مشهور بالحلم نزل البصرة بخ د ت س”.. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 62 مقتول، فقيل له: هذا ابن أخيك قتل ابنك، قال: فوالله ما حل حبوته ولا قطع كلامه، فلما أتمه التفت إلى ابن أخيه وقال: يا ابن أخى، بئس ما فعلت، أثمت عند ربك، فقطعت رحمك، وقتلت ابن عمك، ورميت نفسك بسهمك، وقللت عددك، ثم قال لابن له آخر: قم يا بنى إلى ابن عمك فحل كتافه، ووارى أخاك، وسق إلى أمك مائة ناقة من الإبل دية ابنها فإنها غريبة. وكان قيس حرم الخمر فى الجاهلية، وكان جوادًا، وخلف اثنين وثلاثين ابنًا. روى عن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أحاديث. روى عنه الأحنف بن قيس، والحسن البصرى، وابنه حكيم بن قيس، وآخرون. نزل قيس البصرة، وقال عند موته: لا تنوحوا علىَّ، فإن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم ينح عليه. 517 - قيس بن قهد (1) : بفتح القاف وإسكان الهاء، الصحابى. مذكور فى المهذب والوسيط فى الساعات المنهى عن الصلاة فيها، هكذا رواه صاحب المهذب والوسيط وغيرهما من الفقهاء وبعض المحدثين: قيس بن قهد، ورواه أكثر المحدثين: قيس بن عمرو، ولم يذكر أبو داود وآخرون من أهل السنن فيه إلا قيس بن عمرو. وذكر الترمذى الروايتين: ابن قهد، وابن عمرو، وقال: الصحيح ابن عمرو، وهذا هو الصحيح عند جميع حفاظ الحديث. وذكروا حديثه فى الركعتين بعد الصبح، وهو حديث ضعيف، قالوا: وهو جد يحيى ابن سعيد الأنصارى. قال أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، والأكثرون: قيس بن عمرو، هو جد يحيى بن سعيد بن قيس الأنصارى. وقال مصعب الزبيرى: جد يحيى هو قيس ابن قهد. قال ابن أبى خيثمة: غلط مصعب فى هذا،   (1) انظر: الإصابة (3/257) ، وأسد الغابة (4/224) ، والاستيعاب (3/236) ، والبداية والنهاية (7/221) ، والتاريخ الكبير (7/142) .. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 63 والقول ما قاله أحمد ويحيى. قال: وقيس بن عمرو، وقيس بن قهد كلاهما من بنى النجار. قال: وقيس بن قهد جد أبى مريم عبد الغفار بن القاسم الكوفى. قال ابن عبد البر: هو كما قال ابن أبى خيثمة، وقد أخطأ فيه مصعب، قال: وكلهم خطأه فيه. وقال ابن ماكولا: قيس بن قهد صحابى شهد بدرًا وما بعدها، توفى فى خلافة عثمان. روى عنه قيس بن أبى حازم، وابنه سليمان بن قيس، وأما المزنى فى المختصر، فقال فيه: قيس، ولم ينسبه للاختلاف فيه، واتفقوا على ضعف حديثه المذكور فى الركعتين بعد الصبح، رواه أبو داود، والترمذى، وغيرهما، وضعفوه. 518 - قيس بن مخرمة بن المطلب بن عبد مناف بن قصى القرشى المطلبى الصحابى (1) : أبو محمد، وقيل: أبو السائب. ولد هو ورسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عام الفيل، وكان من المؤلفة، ثم حسن إسلامه. روى عنه ابناه عبد الله ومحمد. 519 - قيس بن مكشوح: بضم الميم وضم الشين المعجمة. مذكور فى المهذب فى آخر باب ما على القاضى فى الخصوم. ومكشوح لقب لأنه كوى، وقيل: ضرب على كشحه، أى جنبه، واسم مكشوح هبيرة بن هلال، وقيل: عبد يغوث بن هبيرة بن هلال، والأول أشهر وأكثر. وقال الكلبى: هبيرة بن عبد يغوث، وقيس هذا يكنى أبا شداد، وهو بجلى حليف لبنى مراد. قيل: هو صحابى، وقيل: تابعى. قال الطبرى: هو صحابى. وقال غيره: تابعى أسلم زمن أبى بكر، وقيل: زمن عمر، رضى الله عنهما. حكى هذا كله ابن عبد البر. وقول من قال: أسلم فى زمن عمر، ضعيف أو باطل؛ لأنه أحد الجماعة الذين قتلوا الأسود العنسى، أو أعان على قتله. وكان قتله فى خلافة أبى بكر. وقيل: فى زمن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وقد سبق بيان هذا فى ترجمة فيروز. وكان قيس هذا أحد شجعان الإسلام وأبطالهم، وأهل النجدة، وله آثار صالحات فى الفتوحات فى زمن عمر وعثمان فى القادسية وغيرها، سار إلى العراق على مقدمة سعد بن أبى وقاص، وشهد قتال نهاوند، وقُتل مع على بصفين، وهو ابن أخت عمرو ابن معد يكرب.   (1) التاريخ الكبير للبخارى (7/645) ، والجرح والتعديل (7/586) ، والاستيعاب (3/1299) ، وأسد الغابة (4/226) ، وتهذيب التهذيب (8/402، 403) ، والإصابة (3/7235) . تقريب التهذيب (5588) ، وقال: “صحابي كان أحد المؤلفة ثم حسن إسلامه ت”.. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 64 520 - قيصر عظيم الروم فى الشام: مذكور فى المختصر فى آخر كتاب السير، وقيصر لقب لكل من ملك الروم، ويقال لكل من ملك الفرس: كسرى، والترك: خاقان، والحبشة: النجاشى، والقبط: فرعون، ومصر: العزيز، وحمير: تبع. وكان اسم قيصر الذى كان بالشام وكتب إليه النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كتابه: هِرَقل، بكسر الهاء وفتح الراء، هذا هو المشهور. وقال الجوهرى: يقال أيضًا: هرْقل، بإسكان الراء، ولا ينصرف للعجمة والعلمية. وتنازع ابنا عبد الحكم فى أنه هل كان يقال له: هرقل أم قيصر؟ وترافعا إلى الشافعى، رحمه الله تعالى، فقال: هو هرقل، وهو قيصر، فهرقل اسم علم له، وقيصر لقب. وفى الصحيح أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: “إذا هلك قيصر فلا قيصر بعده، وإذا هلك كسرى فلا كسرى بعده بالعراق” (1) ) . قال: وسبب الحديث أن قريشًا كانت تأتى الشام والعراق كثيرًا للتجارات فى الجاهلية، فلما أسلموا خافوا انقطاع سفرهم إليهما لمخالفتهم أهل الشام والعراق بالإسلام، فأجابهم النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على حسب حاجتهم، فقال: لا قيصر ولا كسرى بعدهما فى هذين الإقليمين، فلا ضرر عليكم، وكان كما قال - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فلم يكن قيصر بعده فى الشام إلى الأن، ولا يكون، ولا كسرى بعده فى العراق، ولا يكون، وقال - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "والذى نفسى بيده، لتنفقن كنوزهما فى سبيل الله" (2) ، فكان كذلك، ففتحت الصحابة الإقليمين فى زمن عمر بن الخطاب، رضى الله عنه. * * * حرف الكاف 521 - كثير بن عبد الله (3) : مذكور فى المهذب فى صلاة العيد. هو كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف، وتقدم باقى نسبه فى ترجمة أبيه، ومحمد بن كعب القرظى، وغيرهما. روى عنه مروان بن معاوية، وإسماعيل بن أبى أوس، وأم وهب، والقعنبى، وخلق سواهم، واتفقوا على ضعفه. قال الشافعى: كثير بن عبد الله المزنى، أحد الكذابين. وفى رواية: أحد أركان الكذب. وقال أحمد بن حنبل: مُنكر الحديث، ليس بشىء.   (1) حديث جابر بن سمرة: أخرجه أحمد (5/92، رقم 20901) ، والبخارى (3/1135، رقم 2953) ، ومسلم (4/2237، رقم 2919) ، وابن حبان (15/85، رقم 6690) . حديث أبى هريرة: أخرجه أحمد (2/233، رقم 7184) ، والبخارى (3/1135، رقم 2952) ، ومسلم (4/2237، رقم 2918) ، والترمذى (4/497، رقم 2216) ، وقال: حسن صحيح. وأخرجه أيضًا: ابن حبان (15/83، رقم 6689) . حديث أبى سعيد: أخرجه الطبرانى فى الأوسط (5/103، رقم 4798) ، وفى الصغير (2/11، رقم 689) ، قال الهيثمى (8/289) : فيه عبيد بن كثير التمار، وهو متروك. والخطيب (5/35) . (2) حديث جابر بن سمرة: أخرجه أحمد (5/92، رقم 20901) ، والبخارى (3/1135، رقم 2953) ، ومسلم (4/2237، رقم 2919) ، وابن حبان (15/85، رقم 6690) . حديث أبى هريرة: أخرجه أحمد (2/233، رقم 7184) ، والبخارى (3/1135، رقم 2952) ، ومسلم (4/2237، رقم 2918) ، والترمذى (4/497، رقم 2216) ، وقال: حسن صحيح. وأخرجه أيضًا: ابن حبان (15/83، رقم 6689) . حديث أبى سعيد: أخرجه الطبرانى فى الأوسط (5/103، رقم 4798) ، وفى الصغير (2/11، رقم 689) ، قال الهيثمى (8/289) : فيه عبيد بن كثير التمار، وهو متروك. والخطيب (5/35) . (3) التاريخ الكبير للبخارى (7/945) ، والجرح والتعديل (7/858) ، وميزان الاعتدال (3/6943) ، وتهذيب التهذيب (8/421) . تقريب التهذيب (5617) ، وقال: "ضعيف أفرط من نسبه إلى الكذب من السابعة ر د ت ق".. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 65 وقال لابن أبى خيثمة: لا تحدث عن كثير. وقال: كثير لا يساوى شيئًا. وقال عبد الله بن أحمد: ضرب أبى على أحاديث كثير فى المسند، ولم يحدث عنه. وقال يحيى بن معين: كثير ليس بشىء. وقال أبو زرعة: هو واهى الحديث. وقال النسائى: هو متروك الحديث. وقال ابن عدى: عامة ما يرويه لا يتابع عليه. 522 - كثير بن مرة (1) : مذكور فى المهذب فى الجزية، هو أبو شجرة، ويقال: أبو القاسم كثير بن مرة الحضرمى الرهاوى، بفتح الراء، الحمصى التابعى. سمع معاذ بن جبل، وابن عمرو، وعمر بن عبسة، وعقبة بن عامر، وأبا الدرداء، وعوف بن مالك، وغيرهم من الصحابة. روى عنه خالد بن معدان، ويزيد بن أبى حبيب، وشريح بن عبيد، وصالح بن أبى عريب، ومكحول، وآخرون، واتفقوا على جلالته وتوثيقه. قال البخارى، عن الليث، عن يزيد بن أبى حبيب: إن كثير بن مرة أدرك سبعين بدريًا. قال ابن سعد: ثقة. وقال أحمد بن عبد الله: شامى ثقة. 523 - كريب مولى ابن عباس (2) : مذكور فى المهذب فى رؤية هلال رمضان. هو أبو رشدين، بكسر الراء والدال، كريب بن أبى مسلم القرشى الهاشمى مولى ابن عباس. أدرك عثمان بن عفان، وزيد بن ثابت، وسمع ابن عباس، وأسامة، ومعاوية، والمسور، وعائشة، وأم سلمة، وميمونة، وأم الفضل، وغيرهم من الصحابة، رضى الله عنهم. روى عنه ابناه محمد، ورشدين، وعمرو بن دينار، وسالم بن أبى الجعد، والزهرى، وموسى بن عقبة، وغيرهم من التابعين. واتفقوا على توثيقه. روى له البخارى، ومسلم. قال البخارى وغيره: مات بالمدينة سنة ثمان وتسعين. 524 - كِسرى بن هرمز الكافر: عظيم الفرس فى العراق وحواليها، مذكور فى المختصر فى باب تفريق الخمس، ثم فى آخر كتاب السير فى باب إظهار دين الله تعالى، وهو بكسر الكاف وفتحها. قال ابن الجواليقى: الكسر أفصح، وهو فارسى معرب. قال: وجمعه: أكاسرة، وكسور، والنسبة إليه كَسروى، بفتح الكاف، وسبق فى ترجمة قيصر أن كل من ملك الروم يقال له: قيصر، ومن ملك الفرس يقال له: كسرى،   (1) الطبقات الكبرى لابن سعد (7/448) ، والتاريخ الكبير للبخارى (7/907) ، والجرح والتعديل (7/872) ، وسير أعلام النبلاء (4/46، 47) ، وتهذيب التهذيب (8/428، 429) . تقريب التهذيب (5631) ، وقال: “ثقة من الثانية ووهم من عده في الصحابة ر 4”.. (2) الطبقات الكبرى لابن سعد (5/293) ، والتاريخ الكبير للبخارى (7/994) ، والجرح والتعديل (7/956) ، وسير أعلام النبلاء (4/479، 480) ، وتاريخ الإسلام (4/48) ، وتهذيب التهذيب (8/433) . تقريب التهذيب (5638) ، وقال: “ثقة من الثالثة مات [قبل المائة] سنة ثمان وتسعين ع”.. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 66 وسبق هناك أيضًا بيان معنى قول رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده”. قال ابن قتيبة فى المعارف: هو كسرى أنوشروان بن قباز بن فيروز، وهو الذى ملك المنذر على العرب، وهو الذى قصده سيف بن ذى يزن يستنصره على الحبشة، فبعث معه قائدًا من قواده فى جند من الديلم، فافتتحوا اليمن، ونفوا السودان منها، وأقاموا هناك. قال: وكان ملك كسرى سبعًا وأربعين سنة وستة أشهر. 525 - كعب بن زهير الشاعر الصحابى، رضى الله عنه: مذكور فى المهذب فى الشهادات فى إنشاد الشعر. هو كعب بن زهير بن أبى سلمى، بضم السين، واسم أبى سلمى: ربيعة بن رباح، بكسر الراء، ابن قرط بن الحارث بن مازن بن خلاوة، بالخاء المعجمة، ابن ثعلبة بن ثور بن هزمة بن لاطم بن عثمان بن عمرو بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر المزنى. كان قد خرج هو وأخوه بُجَير، بضم الباء وفتح الجيم، إلى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فتقدم بجير ليكشف أمر النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ويأتى كعبًا فيخبره، فلما جاء بجير عرض عليه رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الإسلام فأسلم، فبلغ ذلك كعبًا، فأنشد أبياتًا ينكر فيها على أخيه إسلامه ويتعرض لغيره، فأهدر النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دمه، وقال: “من لقيه فليقتله”. فبعث إليه أخوه يعلمه بذلك ويقول: إنك لن تفلت من المسلمين، وأن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لا يأتيه أحد فيسلم إلا قبل منه، وأسقط ما كان قبله، فإذا أتاك كتابى هذا فأقبل وأسلم، فجاء كعب إلى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأسلم، وأنشد قصيدته المشهورة بانت سعاد. وكان قدومه وإسلامه بعد انصراف رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من الطائف، وكان لكعب ابنان: عقبة، والعوام، وكان كعب وابناه وأخوه وأبو زهير شعراء، أشعرهم زهير، ثم كعب. 526 - كعب بن سليم القرظى: معدود فى الصحابة. كان من سبى بنى قريظة الذين استحيوا حين وجدوهم لم يثبتوا، وهو والد محمد بن كعب القرظى، ولا يُعرف لكعب رواية، وغلطوا ابن مندة فى روايته حديثًا له. قالوا: اشتبه عليه بغيره. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 67 527 - كعب بن عجرة الصحابى، رضى الله عنه (1) : تكرر فى المهذب والوسيط فى كتاب الحج، وفى صفة الصلاة من المهذب، وعجرة بضم العين، هو أبو محمد، وقيل: أبو عبد الله، وقيل: أبو إسحاق كعب بن عجرة بن أمية بن عدى بن عبيد بن الحارث بن عمرو بن عوف بن غنم بن سواد بن مرى بن أراشة بن عامر بن عبيلة بن قسميل بن قران بن بلى حليف الأنصار. تأخر إسلامه، وشهد بيعة الرضوان وغيرها. رُوى له عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سبعة وأربعون حديثًا، اتفقا منها على حديثين، وانفرد مسلم بآخرين. روى عنه ابن عمر، وابن عباس، وجابر بن عبد الله، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وطارق بن شهاب، وأبو وائل، وابن أبى ليلى، وبنوه إسحاق، وعبد الملك، ومحمد، والربيع أولاد كعب، وزيد بن وهب، والشعبى، وغيرهم، وفيه نزل قوله تعالى: {فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة: 197] . سكن الكوفة، وتوفى بالمدينة سنة إحدى، وقيل: ثنتين، وقيل: ثلاث وخمسين، وله سبع وسبعون، وقيل: خمس وسبعون سنة. 528 - كعب بن عمرو (2) : ويقال: عمرو بن كعب الهمدانى اليامى، ويام بطن من همدان. وكعب هذا صحابى، وهو جد طلحة بن مصرف المذكور فى المهذب فى صفة المضمضة، عن أبيه، عن جده. سكن كعب الكوفة. 529 - كعب بن ماتع (3) : بالتاء المثناة فوق، هو كعب الأحبار التابعى المشهور. مذكور فى المختصر فى جزاء الصيد، وفى المهذب فى آخر الاستسقاء. هو أبو إسحاق كعب بن ماتع بن هينوع، ويقال: هيسوع، ويقال: عمرو بن قيس بن معن بن جشم بن عبد شمس بن وائل بن عوف بن جمهر بن قطن بن عوف بن زهير بن أيمن بن حمير بن سبأ الحميرى المعروف بكعب الأحبار. أدرك زمن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولم يره، وأسلم فى خلافة أبى بكر، وقيل: فى خلافة عمر، رضى الله عنهما، وصحب عمر وأكثر الرواية عنه. روى أيضًا عن صهيب. روى عنه جماعة من الصحابة، منهم ابن عمر، وابن عباس، وابن الزبير، وأبو هريرة، وخلائق من التابعين، منهم ابن المسيب. وكان يسكن حمص. ذكره أبو الدرداء فقال: إن عنده علمًا كثيرًا. واتفقوا على كثرة   (1) التاريخ الكبير للبخارى (7/954) ، والجرح والتعديل (7/897) ، والاستيعاب (3/1321) ، وأسد الغابة (4/243) ، وسير أعلام النبلاء (3/52) ، وتهذيب التهذيب (8/435، 436) ، والإصابة (3/7419) . تقريب التهذيب (5643) ، وقال: “صحابي مشهور مات بعد الخمسين وله نيف وسبعون ع”.. (2) الجرح والتعديل (7/905) ، والاستيعاب (3/1322) ، وأسد الغابة (4/245) ، وتهذيب التهذيب (8/436، 437) ، والإصابة (3/7424) . تقريب التهذيب (5645) ، وقال: “صحابي يقال إنه جد طلحة ابن مصرف وقيل هو عمرو ابن كعب د”.. (3) الطبقات الكبرى لابن سعد (7/445) ، والتاريخ الكبير للبخارى (7/962) ، والجرح والتعديل (7/906) ، وسير أعلام النبلاء (3/489) ، وتهذيب التهذيب (8/438، 440) . تقريب التهذيب (5648) ، وقال: “ثقة من الثانية مخضرم خ م د ت س فق”.. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 68 علمه وتوثيقه. وكان قبل إسلامه على دين اليهود، وكان يسكن اليمن. توفى فى خلافة عثمان سنة ثنتين وثلاثين، ودفن بحمص متوجهًا إلى الغزو، ويقال له: كعب الأحبار، وكعب الحبر، بكسر الحاء وفتحها؛ لكثرة علمه. ومناقبه وأحواله وحكمه كثيرة مشهورة. 530 - كعب بن مالك الصحابى، رضى الله عنه (1) : مذكور فى المهذب فى الصيد، والذبائح، والتفليس، والشهادات. هو أبو عبد الله، وقيل: أبو عبد الرحمن، ويقال: أبو محمد، وقيل: أبو بشير كعب بن مالك بن عمرو بن القين بن سواد بن غنم بن كعب بن سلمة، بكسر اللام، ابن سعد بن على الأنصارى الخزرجى السلمى، بفتح السين واللام. شهد العقبة، وأُحُدًا، وسائر المشاهد إلا بدرًا، وتبوك، وهو أحد الثلاثة الذين تاب الله عليهم وأنزل فيهم: {وَعَلَى الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَن لاَّ مَلْجَأَ مِنَ اللهِ إِلاَّ إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا} [التوبة: 118] ، والثلاثة: كعب بن مالك، ومرارة بن ربيعة، وهلال بن أمية، وحديث قصتهم طويل مشهور فى الصحيحين. رُوى لكعب عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثمانون حديثًا اتفقا على ثلاثة، وللبخارى حديث، ولمسلم حديثان. روى عنه بنوه عبد الله، وعبد الرحمن، ومحمد، وعبيد الله بنو كعب، وابن عباس، وجابر، وأبو أمامة الباهلى، ومحمد بن على بن الحسين، رضى الله عنهم، وآخرون. جرح كعب يوم أُحُد أحد عشر جرحًا فى سبيل الله، وهو أحد شعراء رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وكانوا ثلاثة: حسان بن ثابت، وعبد الله بن رواحة، وكعب بن مالك، وكان حسان يقبل على الأنساب، وابن رواحة يعيرهم بالكفر، وكعب يخوفهم الحرب. توفى بالمدينة فى زمن معاوية سنة ثلاث وخمسين، وقيل: سنة خمسين، رضى الله عنه.   (1) التاريخ الكبير للبخارى (7/953) ، والجرح والتعديل (7/902) ، والاستيعاب (3/1323) ، وأسد الغابة (4/247) ، وسير أعلام النبلاء (2/523) ، وتهذيب التهذيب (8/440، 441) ، والإصابة (3/7433) . تقريب التهذيب (5649) ، وقال: “صحابي مشهور وهو أحد الثلاثة الذين خلفوا مات في خلافة علي ع”.. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 69 * * * حرف اللام 531 - لاحق بن حميد (1) : مذكور فى المهذب فى خراج السواد. هو أبو مجلز لاحق بن حميد بن سعيد بن خالد ابن كثير بن جيش بن عبد الله بن سدوس السدوسى البصرى التابعى، ومجلز بكسر الميم وفتح اللام. قال صاحب المطالع: وكان حماد يقوله بفتح الميم، والمشهور كسرها. وقال ابن السكيت: هو مشتق من جلز السوط، وهو مقبضه. سمع لاحق هذا جماعات من الصحابة، منهم ابن عمر، وابن عباس، وأنس بن مالك، وأبو موسى الأشعرى، وعمران بن الحصين، وسمرة بن جندب، وجندب بن عبد الله، وحفصة أم المؤمنين، رضى الله تعالى عنهم، وجماعة من التابعين. روى عنه جماعات من التابعين، منهم أبو التياح، وأنس بن سيرين، وأيوب السختيانى، وقتادة، وسليمان التيمى، وجماعات من غيرهم. وذكر بعضهم أنه سمع حذيفة بن اليمان، وأنكره الأكثرون، وقالوا: لم يدركه، وممن أنكره شعبة، وابن معين، وابن خراش، واتفقوا على توثيقه. وقال خليفة بن خياط: توفى سنة ست ومائة. وقال ابن سعد: فى خلافة عمر بن عبد العزيز. 532 - لبيد الشاعر الصحابى، رضى الله تعالى عنه (2) : مذكور فى المهذب فى باب الربا. هو أبو عَقيل، بفتح العين، لبيد بن ربيعة بن مالك ابن جعفر بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن حفصة بن قيس عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان العامرى. هكذا ذكر نسبه أبو بكر محمد بن أبى خيثمة فى تاريخه. وفد على رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فأسلم وحسن إسلامه، وكان من فحول شعراء الجاهلية، وهو الذى ثبت فى الصحيح أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: “أصدق كلمة قالها الشاعر: ألا كل شىء ما خلا الله باطل” وكان لبيد من المعمرين، عاش مائة وأربعًا وخمسين سنة، وقيل: مائة وسبعًا وخمسين. وقال السمعانى: مات أول   (1) الطبقات الكبرى ابن سعد (7/216، 368) ، والتاريخ الكبير للبخارى (8/2911) ، والجرح والتعديل (9/526) ، وميزان الاعتدال (4/9439) ، وتاريخ الإسلام (4/225) ، وتهذيب التهذيب (11/171) . تقريب التهذيب (7490) ، وقال: "أبو مجلز بكسر الميم وسكون الجيم وفتح اللام بعدها زاي ثقة من كبار الثالثة مات سنة ست وقيل تسع ومائة وقيل قبل ذلك ع".. (2) انظر: أسد الغابة (4/260) ، والاستيعاب (3/324) ، والبداية والنهاية (7/222) ، والأغانى (15/361) ، والتاريخ الكبير (7/349) .. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 70 خلافة معاوية، وله مائة وأربعون سنة. قالوا: ولم يقل شعرًا بعد إسلامه، وكان يقول: أبدلنى الله تعالى به القرآن. وقيل: قال بيتًا واحدًا، وهو: والمرء يصلحه القرين الصالح ما عاتب المرء الكريم كنفسه وقال جمهور أهل الأخبار والسير: لم يقل شعرًا منذ أسلم، وكان شريفًا فى الجاهلية والإسلام. وكان نذر أن لا تَهبّ الصبا إلا نحر وأطعم، ثم نزل الكوفة وكان المغيرة بن شعبة يقول: إذا هبت الصبا أعينوا أبا عقيل على مرءوته، وهبَّت الصبا يومًا وهو بالكوفة، ولبيد مقتر مملق، فعلم بذلك الوليد بن عقبة بن أبى معيط، وكان أميرًا عليها، فخطب الناس وقال: إنكم قد عرفتم نذر أبى عقيل، وما وكد على نفسه، فأعينوا أخاكم، ثم نزل فبعث بمائة ناقة، وبعث الناس إليه فقضى نذره. وقال عمر بن الخطاب، رضى الله تعالى عنه، يومًا للبيد: أنشدنى شيئًا من شعرك، فقال: ما كنت لأقول شعرًا بعد أن علمنى الله تعالى البقرة وآل عمران، فزاده عمر فى عطائه خمسمائة. وكان اعتزل الفتن، وتوفى فى خلافة عثمان، رضى الله عنه، وقيل: فى أول خلافة معاوية، والأول أصح. 533 - لقمان الحيكم، عليه السلام: مذكور فى المهذب فى باب الاستطابة. قال الله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ} [لقمان: 12] الآيات. قال الإمام أبو إسحاق الثعلبى فى كتاب العرائس فى القصص: كان لقمان مملوكًا، وكان أهون مملوكى سيده عليه. قال: وأول ما ظهر من حكمته أنه كان مع مولاه، فدخل مولاه الخلاء، فأطال الجلوس، فناداه لقمان: إن طول الجلوس على الحاجة تنجع منه الكبد، ويورث الباسور، ويصعد الحرارة إلى الرأس، فأقعد هوينًا وقم، فخرج مولاه وكتب حكمته على باب الخلاء. وروى أنه كان عبدًا حبشيًا نجارًا. قال: وقال أبو هريرة، رضى الله عنه: مر رجل بلقمان والناس مجتمعون عليه، فقال: ألست العبد الأسود الذى كنت تراعينا بموضع كذا؟ قال: بلى، قال: فما بلغ بك ما أرى؟ قال: صدق الحديث، وأداء الأمانة، وترك ما لا يعنينى. قال: وعن لقمان أنه قال: ضرب الوالد ولده كالسماد للزرع. وقال لقمان لابنه: من يقارن قرين السوء لا يسلم. قال: ومن لا يملك لسانه يذم، يا بنى كن عبدًا للأخيار، يا بنى كن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 71 أمينًا تكن غنيًا، جالس العلماء وزاحمهم بركبتيك ولا تجادلهم، خذ منهم إذا ناولوك، والطف بهم فى السؤال ولا تفجرهم، إن ما تأذيت به صغيرًا انتفعت به كبيرًا، كن لأصحابك موافقًا فى غير معصية، ولا تحقرن من الأمور صغارها، فإن الصغار غدًا تصير كبارًا، إياك وسوء الخلق والضجر وقلة الصبر، إن أردت غنى الدنيا فاقطع طمعك مما فى أيدى الناس. وحكمه كثيرة مشهورة. 534 - لقيط بن صبرة الصحابى، رضى الله عنه (1) : مذكور فى صفة الوضوء من المختصر والمهذب، وصبرة بفتح الصاد وكسر الباء، ويجوز إسكان الباء مع فتح الصاد وكسرها، وهو أبو رزين، ويقال: أبو عاصم لقيط بن عامر بن صبرة بن عبد الله بن المنتفق بن عامر بن عقيل العقيلى الحجازى الطائفى، هكذا نسبه الجمهور. وقال بعضهم: لقيط بن عامر غير لقيط بن صبرة. قال ابن عبد البر وغيره: وليس هذا بشىء. قال عبد الغنى بن سعيد المصرى: أبو رزين العقيلى لقيط بن عامر هو لقيط ابن صبرة، وقيل: هو غيره، وليس بصحيح. وقال ابن عبد البر: يقال فيه: لقيط بن صبرة، ولقيط بن عامر، ولقيط بن المنتفق. وقال الترمذى فى كتاب العلل: سمعت البخارى يقول: أبو رزين العقيلى لقيط بن عامر، هو عندى لقيط بن صبرة. قال الترمذى: قلت له: أبو رزين العقيلى أهو لقيط بن صبرة؟ قال: نعم، قلت: فحديث أبى هاشم، عن عاصم بن لقيط بن صبرة، عن أبيه، هو عن أبى رزين العقيلى؟ قال: نعم. قال الترمذى: قال أكثر أهل الحديث: لقيط بن صبرة هو لقيط بن عامر. قال: وسألت عبد الله بن عبد الرحمن الدارمى عن هذا، فأنكر أن يكون لقيط بن صبرة هو لقيط بن عامر، وجعلهما مسلم بن الحجاج أيضًا فى كتاب الطبقات اثنين. روى عنه ابن أخيه وكيع بن عدس، ويقال: ابن حدس، وابنه عاصم بن لقيط، وعمرو ابن أوس، وغيرهم، قالوا: وكان النيى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يكره المسائل، فإذا سأله أبو رزين أعجبته مسألته. 535 - لوط النبى، عليه السلام: مذكور فى المهذب فى الاستثناء فى الطلاق، وفى القذف. هو لوط بن هارون بن تارح، وهو آزر، ولوط ابن أخى إبراهيم الخليل، عليهما السلام. قال الثعلبى: كان إبراهيم يحبه حبًا شديدًا، والآيات فى أحوال لوط،   (1) الطبقات الكبرى لابن سعد (5/461) ، والتاريخ الكبير للبخارى (7/1058) ، والاستيعاب (3/1340، 4/1657) ، وأسد الغابة (4/226) ، وتهذيب التهذيب (8/456، 457) ، والإصابة (3/7554) . تقريب التهذيب (5680) ، وقال: “صحابي مشهور وهو أبو رزين العقيلي والأكثر على أنهما اثنان بخ 4”.. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 72 عليه السلام، مشهورة، وهو أحد رسل الله عز وجل الذين انتصر لهم بإهلاك مكذبيهم، وقصته فى القرآن العزيز فى مواضع. قال الثعلبى: قال وهب بن منبه: خرج لوط من أرض بابل فى العراق مع عمه إبراهيم تابعًا له على دينه، مهاجرًا معه إلى الشام ومعهما سارة امرأة إبراهيم، وخرج معهما آزر أبو إبراهيم مخالفًا لإبراهيم فى دينه مقيمًا على كفره، حتى وصلوا حران، فمات آزر، فمضى إبراهيم ولوط وسارة إلى الشام، ثم مضوا إلى مصر، ثم عادوا إلى الشام، فنزل إبراهيم فلسطين، ونزل لوط الأردن، فأرسله الله تعالى إلى أهل سدوم وما يليها، وكانوا كفارًا يأتون الفواحش، ومنها إتيان الذكران، ما سبقهم بها من أحد من العالمين، ويتضارطون فى مجالسهم. فلما طال تماديهم فى غيهم ولم ينزجروا، دعا عليهم لوط، عليه السلام، قال الله تعالى: {قَالَ رَبِّ انصُرْنِى عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ} [العنكبوت: 30] ، فأجاب الله تعالى دعاءه، وبعث جبريل وميكائيل وإسرافيل، عليهم السلام، إهلاكهم وبشارة إبراهيم بالولد، فأقبلوا مشاة فى صفة رجال مُردٍ حِسَان، فنزلوا على إبراهيم ضيفانًا، فبشروه بإسحاق، ويعقوب. ولما جاء آل لوط العذاب فى السَّحَر اقتلع جبريل، عليه السلام، قريات قوم لوط الأربع فى كل قرية مائة ألف، ورفعهن على جناحه بين السماء والأرض حتى سمع أهل سماء الدنيا نباح كلابهم وصياح ديكتهم، ثم قلبهن فجعل عاليها سافلها، فذلك قول الله تعالى: {جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنضُودٍ مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ} [هود: 82، 83] . قالوا: أمطرت الحجارة على شذهم ومسافرهم، وأهلكت امرأة لوط مع الهالكين واسمها واغلة. قال أبو بكر بن عياش، عن أبى جعفر: استغنت رجال قوم لوط بوطء رجالهم، واستغنت نساؤهم بنسائهم، والله أعلم. 536 - الليث بن سعد الإمام (1) : المذكور فى المهذب، مذكور فى المختصر فى الطهارة. هو أبو الحارث الليث بن سعد ابن عبد الرحمن الفهمى، مولاهم المصرى الإمام البارع، هو من تابعى التابعين. سمع عطاء بن أبى رباح، وعبد الله بن أبى مليكة، ونافعًا مولى ابن عمر، وسعيد المقبرى، والزهرى، ويحيى الأنصارى، وأبا الزبير، وخلائق غيرهم من التابعين، وآخرين من تابعيهم. روى عنه محمد بن عجلان، وهشام بن سعد،   (1) انظر: طبقات ابن سعد (7/517) ، وتاريخ ابن معين (2/501) ، والتاريخ الكبير (7/246، 247) ، والجرح والتعديل (7/179، 180) ، والثقات لابن حبان (7/360) ، وميزان الاعتدال (3/423) ، وتهذيب التهذيب (8/459 - 465) ، وتقريب التهذيب (2/138) .. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 73 وهما من شيوخه، وقيس بن الربيع، وابن المبارك، وابن وهب، وابن لهيعة، وعبد الله بن صالح كاتبه، وخلائق لا يحصون من الأئمة وغيرهم. وأجمع العلماء على جلالته، وإمامته، وعلو مرتبته فى الفقه والحديث. وهو إمام أهل مصر فى زمانه. نقل أبو حاتم بن حبان، عن الشافعى، رضى الله عنه، أنه قال: كان الليث بن سعد أفقه من مالك، إلا أنه ضيعه أصحابه. وقال ابن وهب: ما كان فى كتب مالك وأخبرنى من أرضى من أهل العلم، فهو الليث بن سعد. وقال محمد بن سعد: كان الليث مولى لقريش، ولد سنة ثلاث أو أربع وتسعين، وكان ثقة، كثير الحديث وصحيحه، وكان استقل بالفتوى فى زمانه بمصر، وكان سريًا، نبيلاً، سخيًا. وقال أحمد بن حنبل: الليث كثير العلم، صحيح الحديث، ليس فى هؤلاء المصريين أثبت منه، ما أصح حديثه، فقال أحمد: رأيت من رأيت، فلم أر مثل الليث، كان فقيه البدن، عربى اللسان، يحسن القرآن والنحو، ويحفظ الحديث والشعر، حسن الذاكرة، وعد خصالاً جميلة عنه حتى بلغ عشرًا. وأقوال العلماء فى فضله كثيرة مشهورة. وقال قتيبة بن سعيد: لما قدم الليث المدينة، أهدى له مالك بن أنس من طرف المدينة، فبعث إليه الليث ألف دينار. وقال محمد بن رمح صاحب الليث: كان دخل الليث ثمانين ألف دينار، يعنى فى السنة، وما وجبت عليه زكاة قط. توفى الليث فى شعبان. قال ابن بكير: توفى الليث سنة خمس وسبعين ومائة. وقال ابن حبان: سنة ست أو سبع وسبعين. وقال ابن سعد: سنة خمس وستين، رضى الله عنه. 537 - ليث بن أبى سليم بن أبى زنيم (1) : مذكور فى المختصر فى باب إمامة المرأة. هو أبو بكر، ويقال: أبو بكير ليث بن أبى سليم بن أبى ذنيم الكوفى القرشى، مولاهم مولى عتبة أو عنبسة بن أبى سفيان، واسم أبى سليم أيمن، ويقال: أنس. روى ليث عن مجاهد، وطاووس، وعطاء بن أبى رباح، وابن الزبير، وابن أبى مليكة، والشعبى، وطلحة بن مصرف، وأبى بردة، وآخرين. روى عنه الثورى، وشعبة، وزائدة، وشريك، وزهير بن معاوية، والحسن بن صالح، وإسماعيل بن علية، وأبو إسحاق الفزارى،   (1) التاريخ الكبير للبخارى (7/1051) ، والجرح والتعديل (7/1014) ، وسير أعلام النبلاء (6/179) ، وتاريخ الإسلام (6/116) ، وميزان الاعتدال (3/6997) ، وتهذيب التهذيب (8/465 - 468) . تقريب التهذيب (5685) ، وقال: “ابن زنيم بالزاي والنون مصغر صدوق اختلط جدا ولم يتميز حديثه فترك من السادسة مات سنة ثمان وأربعين خت م 4”.. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 74 وآخرون. واتفق العلماء على ضعفه، واضطراب حديثه، واختلال ضبطه. توفى سنة ثلاث وأربعين ومائة، رحمه الله تعالى. * * * حرف الميم 538 - ماعز الأسلمى الصحابى، رضى الله عنه: مذكور فى المهذب فى الحدود وفى الإقرار. هو ماعز بن مالك الأسلمى، المعترف بالزنا المرجوم. قال ابن عبد البر: هو معدود فى المدنيين، كتب له رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كتابًا بإسلام قومه. روى عنه ابنه عبد الله حديثًا واحدًا، رحمه الله. 539 - مالك بن أنس الإمام، رحمه الله (1) : تكرر فى هذه الكتب. هو أبو عبد الله مالك بن أنس بن مالك بن أبى عامر بن عمرو بن الحارث بن غيمان، بالغين المعجمة والياء المثناة تحت، ابن خثيل، بالخاء المعجمة المضمومة وفتح الثاء المثلثة، ابن عمرو بن الحارث، وهو ذو أصبح الأصبحى المدنى، إمام دار الهجرة، وأحد أئمة المذاهب المتبوعة، وهو من تابعى التابعين. سمع نافعًا مولى ابن عمر، ومحمد بن المنكدر، وأبا الزبير، والزهرى، وعبد الله بن دينار، وأبا حازم، وخلائق آخرين من التابعين. روى عنه يحيى الأنصارى، والزهرى، وهما من شيوخه، وابن جريج، ويزيد بن عبد الله بن الهادى، والأوزاعى، والثورى، وابن عيينة، وشعبة، والليث بن سعد، وابن المبارك، وابن علية، والشافعى، وابن وهب، وإبراهيم بن هيمان، والقعنبى، وعبد الله ابن يوسف، وعبد الله بن نافع، ويحيى القطان، وعبد الرحمن بن مهدى، ومعن بن عيسى، وعبد الرحمن بن القاسم العتقى الضمرى، وأبو عاصم النبيل، وروح بن عبادة، والوليد بن مسلم، وأبو عامر العقدى، ويحيى بن يحيى، ويحيى بن عبد الله بن بكير، وعبد العزيز الأوسى، وقتيبة، وسعيد بن أبى مريم، وسعيد بن كثير بن عفير، ومطرف ابن عبد الله السيارى، وورقاء بن عمرو، وخلائق آخرون. وأجمعت طوائف العلماء   (1) التاريخ الكبير للبخارى (7/1323) ، الجرح والتعديل (8/902) ، سير أعلام النبلاء (8/43، 121) ، تهذيب التهذيب لابن حجر (10/5- 9) ، تقريب التهذيب (6425) ، وقال: "الفقيه إمام دار الهجرة رأس المتقنين وكبير المتثبتين حتى قال البخاري: أصح الأسانيد كلها مالك عن نافع عن ابن عمر من السابعة، مات سنة تسع وسبعين وكان مولده سنة ثلاث وتسعين وقال الواقدي بلغ تسعين سنة ع".. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 75 على إمامته، وجلالته، وعظم سيادته، وتبجيله، وتوقيره، والإذعان له فى الحفظ والتثبيت، وتعيظم حديث رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قال البخارى: أصح الأسانيد مالك، عن نافع، عن ابن عمر. وفى هذه المسألة خلاف، وسبق مرات، فعلى هذا المذهب قال الإمام أبو منصور التميمى: أصحها الشافعى، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وقال سفيان: ما كان أشد انتقاد مالك للرجال. وقال ابن المدينى: لا أعلم مالكًا ترك إنسانًا إلا من فى حديثه شىء. قال أحمد بن حنبل، وابن معين، وابن المدينى: أثبت أصحاب الزهرى مالك. وقال أبو حاتم: مالك ثقة، وهو إمام أهل الحجاز، وهو أثبت أصحاب الزهرى. وقال الشافعى: إذا جاء الأثر، فمالك النجم. وقال الشافعى أيضًا: لولا مالك وسفيان، يعنى ابن عيينة، لذهب علم الحجاز، وكان مالك إذا شك فى شىء من الحديث تركه كله. وقال أيضًا: مالك معلمى، وعنه أخذنا العلم. وقال حرملة: لم يكن الشافعى يقدم على مالك أحدًا فى الحديث. وقال وهب بن خالد: ما بين المشرق والغرب رجل آمن على حديث رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من مالك. وروينا بالإسناد الصحيح فى الترمذى وغيره، عن أبى هريرة، قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “يوشك أن تضرب الناس أباط المطى فى طلب العلم، فلا يجدون عالمًا أعلم من عالم المدينة” (1) . قال الترمذى: حديث حسن. قال: وقد روى عن سفيان بن عيينة، قال: هو مالك بن أنس. وروينا عن أبى سلمة الخزاعى، قال: كان مالك إذا أراد أن يخرج يُحَدِّث توضأ وضوءه للصلاة، ولبس أحسن ثيابه، ومشط لحيته، فقيل له فى ذلك، فقال: أوقر به حديث رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وروينا عن معن بن عيسى، قال: كان مالك إذا أراد أن يجلس للحديث اغتسل وتبخر وتطيب، فإن رفع أحد صوته فى مجلسه، قال: قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِىِّ} [الحجرات: 2] ، فمن رفع صوته عند حديث النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فكأنما رفع صوته فوق صوت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وروينا عن حبيب الوراق، قال: دخلت على مالك فسألته عن ثلاثة رجال: لِم لَم ترو عنهم؟ قال: فأطرق، ثم رفع رأسه، وقال: ما شاء الله، لا قوة إلا بالله، وكان كثيرًا   (1) أخرجه الترمذي (5 / 47، رقم 2680) وقال: هذا حديث حسن. والحاكم (1 / 168، رقم 307) وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه. وأخرجه أيضًا: البيهقي (1 / 385، رقم 1681) وقال: رواه الشافعي في القديم عن سفيان بن عيينة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 76 ما يقولها، فقال: يا حبيب، أدركت هذا المسجد وفيه سبعون شيخًا ممن أدرك أصحاب رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وروى عن التابعين، ولم نحمل الحديث إلا عن أهله. وقال بشر بن عمر: سألت مالكًا عن رجل، فقال: رأيته فى كتبى؟ قلت: لا، قال: لو كان ثقة لرأيته فى كتبى. وروينا عن عبد الله بن يوسف، عن خلف بن عمر، قال: كنت عند مالك، فأتاه ابن كثير قارىء المدينة، فناوله رقعة، فنظر فيها مالك، ثم جعلها تحت مصلاه، فلما قام من عنده ذهبت أقوم، فقال: اجلس يا خلف وناولنى الرقعة، فإذا فيها: رأيت الليلة فى منامى كأنه يقال لى: هذا رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جالس والناس حوله يقولون له: يا رسول الله، اعطنا يا رسول الله، مر لنا، فقال لهم: إنى قد كنزت تحت المنبر كنزًا كبيرًا، وقد أمرت مالكًا أن يقسمه فيكم، فاذهبوا إلى مالك، رضى الله عنه، فانصرف الناس وبعضهم يقول لبعض: ما ترون مالكًا فاعلاً، فقال بعضهم: ينفذ ما أمره به رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فرق مالك وبكى، ثم خرجت من عنده وتركته على تلك الحالة. وروى ابن أبى حاتم، عن عبد الرحمن بن مهدى، قال: أئمة الناس فى زمانهم أربعة: سفيان الثورى بالكوفة، ومالك بالحجاز، والأوزاعى بالشام، وحماد بن زيد بالبصرة. وبإسناده الصحيح عن الشافعى، رضى الله عنه، قال: ما فى الأرض كتاب من العلم أكثر صوابًا من موطأ مالك. قال العلماء: إنما قال الشافعى هذه قبل وجود صحيحى البخارى ومسلم، وهما أصح من الموطأ باتفاق العلماء. وعن أيوب بن سويد الرملى، قال: ما رأيت أحدًا قط أجود حديثًا من مالك بن أنس. وعن القعنبى قال: كنا عند حماد بن زيد، وجاءه نعى مالك بن أنس، فقال: رحم الله أبا عبد الله، ما خلف مثله. وعن عبد الرحمن بن مهدى، قال: ما أقدم على مالك فى صحة الحديث أحدًا. وعن يحيى بن سعيد القطان، قال: ما فى القوم أصح حديثًا من مالك. وعن أحمد بن حنبل، قال: مالك أثبت أصحاب الزهرى فى كل شىء. وكذا قال يحيى بن معين، وعمرو بن على: أثبت أصحاب الزهرى مالك. وقيل لأحمد بن حنبل: الرجل يحب أن يحفظ حديث رجل بعينه، قال: يحفظ حديث مالك، قيل: فالرأى؟ قال: رأى مالك. وقال أبو حاتم الرازى: مالك ثقة، إمام أهل الحجاز، وهو أثبت أصحاب الزهرى، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 77 وإذا اختلفوا فالحكم لمالك، ومالك تقى الرجال نقى الحديث، وهو أتقن حديثًا من الثورى والأوزاعى. قال: وحدثنا أحمد بن سنان، قال: سمعت عبد الرحمن بن مهدى يقول: كنا عند مالك، فجاء رجل فقال: يا أبا عبد الله، جئتك من مسيرة ستة أشهر، حملنى أهل بلدى مسألة أسألك عنها، فقال: سل، فسأله فقال: لا أحسن، فقطع بالرجل كأنه قد جاء إلى من يعلم كل شىء، قال: وأى شىء أقول لأهل بلدى إذا رجعت إليهم؟ فقال: قل: قال لى مالك بن أنس: لا أحسن. وعن خالد بن نزار الأبلى، قال: ما رأيت أحدًا أقرأ لكتاب الله تعالى من مالك. وعن ابن وهب، قال: قيل لأخت مالك: ما كان شغله فى بيته؟ قالت: المصحف والتلاوة. وعن على بن المدينى، قال: لم يكن بالمدينة أعلم بمذهب تابعيهم من مالك بن أنس. وعن شعبة، قال: دخلت المدينة ونافع حى ولمالك حلقة. وعن أبى مصعب، قال: رأيت معن بن عيسى جالسًا على العتبة وما ينطلق مالك بشىء إلا كتبه. وعن أبى مصعب أيضًا قال: كانوا يزدحمون على باب مالك بن أنس، فيقتتلون على الباب من الزحام، وكنا نكون عند مالك فلا يكلم هذا هذا، ولا يلتفت ذا إلى ذا، والناس قائلون برءوسهم هكذا، وكانت السلاطين تهابه وهم قائلون ومستمعون، وكان يقول فى المسألة: لا، أو نعم، فلا يقال له: من أين قلت هذا؟. وعن محمد بن رمح، قال: رأيت النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من أربعين سنة فى المنام، فقلت له: يا رسول الله، مالك والليث يختلفان فى مسألة، فقال النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: مالك، مالك، مالك، ورث جدى، يعنى إبراهيم، عليه السلام. وعن بكر قال: رأيت فى النوم أنى دخلت فى الجنة، فرأيت الأوزاعى وسفيان الثورى، ولم أر مالكًا، فقلت: وأين مالك؟ قالوا: وأين مالك، وأين مالك، رفع مالك، فما زال يقول: وأين مالك رفع مالك، حتى سقطت قلنسوته. وقال الإمام أبو القاسم عبد الملك بن زيد بن ياسين الدولقى فى كتابه الرسالة المصنفة فى بيان سبل السنة المشرفة: أخذ مالك على تسعمائة شيخ، منهم ثلاثمائة من التابعين، وستمائة من تابيعهم ممن اختاره، وارتضى دينه، وفقهه، وقيامه بحق الرواية وشروطها، وخلصت الثقة به، وترك الرواية عن أهل دين الجزء: 2 ¦ الصفحة: 78 وصلاح لا يعرفون الرواية. وأحوال مالك، رضى الله عنه، ومناقبه كثيرة مشهورة. توفى بالمدينة فى صفر سنة تسع وسبعين ومائة، قاله محمد بن سعد. وقال إسماعيل بن عبد الله بن أويس: مرض مالك أيامًا يسيرة، ثم توفى فى صبيحة أربع عشرة من شهر ربيع الأول سنة تسع وسبعين ومائة، وصلى عليه عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن على بن عبد الله بن عباس، وهو يومئذ والٍ على المدينة، ودفن بالبقيع، وقبره بباب البقيع، وعليه قبة. وولد مالك سنة ثلاث وتسعين من الهجرة، وقيل: سنة إحدى وتسعين، وقيل: سنة أربع، وقيل: سنة سبع. قالوا: وحمل به فى البطن ثلاث سنين. وقال عند وفاته: لله الأمر من قبل ومن بعد. 540 - مالك بن أوس بن الحدثان التابعى (1) : مذكور فى المختصر فى الربا، ثم فى باب تفريق أربعة أخماس الفىء، وفى المهذب فى قسم الفىء. هو أبو سعد، ويقال: أبو سعيد مالك بن أوس بن الحدثان، بفتح الحاء والدال المهملتين وبالثاء المثلثة، ابن الحارث بن عوف بن ربيعة بن يربوع بن وائلة بن دهمان بن نصر بن معاوية بن بكر بن هوازن النصرى، بالنون، المدنى التابعى. سمع عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعليًا، وطلحة، والزبير، وسعد بن أبى وقاص، وعبد الرحمن بن عوف، والعباس. وقيل: إنه رأى أبا بكر الصديق، رضى الله عنهم. أدرك زمن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وقيل: إنه رأى النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. ذكره أحمد بن صالح المصرى، ومحمد بن إسحاق بن خزيمة فى الصحابة، وجمهور العلماء على أنه تابعى. قالوا: وركب الخيل فى الجاهلية. روى عنه محمد بن جبير بن مطعم، ومحمد بن المنكدر، ومحمد بن عمرو بن عطاء، ومحمد بن عمر بن خلخلة، ومحمد بن شهاب الزهرى، ومحمد بن مسلم أبو الزبير، وآخرون. واتفقوا على توثيقه. توفى سنة إحدى وتسعين بالمدينة، رضى الله عنه. 541 - مالك بن التيهان الصحابى، رضى الله عنه: هو أبو الهيثم مالك بن التيهان، بفتح المثناة فوق وكسر المثناة تحت المشددة، ابن مالك ابن عبيد بن عمرو بن عبد الأعلى بن زعور بن جشم بن الحارث بن الخزرج بن عمرو، وهو النبيث بن مالك بن الأوس الأنصارى الأوسى، وقيل: أنه بلوى من بلى ابن   (1) الطبقات الكبرى لابن سعد (5/56) ، التاريخ الكبير للبخارى (7/1296) ، الجرح والتعديل (8/896) ، الإستيعاب (3/1346) ، أسد الغابة (4/272) ، سير أعلام النبلاء (4/171) ، تاريخ الإسلام (4/69) ، تهذيب التهذيب لابن حجر (10/10- 11) ، الإصابة (3/7595) ، تقريب التهذيب (6426) ، وقال: “الحدثان بفتح المهملتين والمثلثة، له رؤية، وروى عن عمر مات سنة اثنتين وتسعين وقيل سنة إحدى ع”.. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 79 عمرو بن الحاف بن قضاعة. وكان أحد الستة الذين لقوا رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أول ما لقيته الأنصار، وشهد العقبة الأولى والثانية، وهو أول من بايعه ليلة العقبة فى قول بنى عبد الأشهل. وقال بنو النجار: أول من بايعه أسعد بن زرارة. وقال بنو سلمة: أولهم كعب بن مالك. وقيل: البراء بن معرور، وكان مالك نقيب بنى عبد الأشهل هو والسيد بن حضير، شهد بدرًا، وأُحُدًا، والخندق، وسائر المشاهد مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وتوفى بالمدينة فى خلافة عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، سنة عشرين، وقيل: إحدى وعشرين، وقيل: قتل مع على، رضى الله عنه، بصفين سنة سبع وثلاثين، وقيل: مات بعد صفين بقليل. وقال الأصمعى أنه مات فى حياة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. واتفقوا على تغليط الأصمعى فى هذا. 542 - مالك بن الحويرث الصحابى، رضى الله عنه (1) : مذكور فى المهذب فى مواضع من صفة الصلاة، وصفة الأئمة. هو أبو سليمان مالك بن الحويرث، ويقال: مالك بن الحارث. وقال شعبة: مالك بن حويرثة، وهو ليثى، ويختلفون فى كيفية نسبه إلى بنى ليث، واتفقوا على أنه من بنى ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة بن خزيمة، وهو معدود فى البصريين. توفى بالبصرة سنة أربع وسبعين. رُوى له عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خمسة عشر حديثًا، اتفقا على حديثين، وانفرد البخارى بحديث. روى عنه أبو قلابة، ونصر بن عاصم، وغيرهما. وثبت فى الصحيحين أنه قدم على رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فى شببة متقاربين، فأقاموا عند النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عشرين ليلة، ثم أذن لهم فى الرجوع إلى أهلهم، وأمرهم أن يعلموهم. 543 - مالك بن دينار الزاهد (2) : وهو أبو يحيى مالك بن دينار البصرى الزاهد التابعى الناجى، بالنون والجيم، مولى امرأة من بنى ناجية بن سلمة بن لؤى بن غالب بن فهر. سمع مالك بن أنس، والحسن البصرى، ومحمد بن سيرين، والقاسم بن محمد، وسالم بن عبد الله، وسعيد بن جبير، وآخرين من الأئمة. روى عنه أبان بن يزيد، والسرى بن يحيى، وعبد الله بن شوذب، وجفر بن سليمان، وعبد العزيز بن   (1) الطبقات الكبرى لابن سعد (7/44) ، التاريخ الكبير للبخارى (7/1284) ، الجرح والتعديل (8/908) ، الاستيعاب (3/1349) ، تهذيب التهذيب لابن حجر (10/13- 14) ، الإصابة (3/7617) ، تقريب التهذيب (6433) ، وقال: “صحابي نزل البصرة مات سنة أربع وسبعين ع”.. (2) الطبقات الكبرى لابن سعد (7/243) ، التاريخ الكبير للبخارى (7/1320) ، الجرح والتعديل (8/916) ، سير أعلام النبلاء (5/362) ، تاريخ الإسلام (5/128) ، ميزان الإعتدال (3/7016) ، تهذيب التهذيب لابن حجر (10/14- 15) ، تقريب التهذيب (6435) ، وقال: “صدوق عابد من الخامسة مات سنة ثلاثين أو نحوها خت 4”.. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 80 عبد الصمد، وعبد السلام بن حرب، وأخوه عثمان ابن دينار. قال النسائى: هو ثقة. توفى سنة ثلاث وعشرين ومائة، وقيل: سنة تسع وعشرين. 544 - مالك بن الدخشم بن مالك بن غنم بن عوف بن عمرو بن عوف الصحابى: وقيل فى نسبه غير هذا، والدخشم بالدال المهملة المضمومة، ثم خاء معجمة ساكنة، ثم شين معجمة مضمومة، ثم ميم، ويقال: الدخيشم، بالتصغير، ويقال: الدخشن، والدخيشن، بالنون مكبرًا ومصغرًا. شهد بدرًا مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - باتفاق أهل المغازى والسير، واختلفوا فى شهوده العقبة، فقال ابن عقبة وابن إسحاق: شهدها. وقال أبو معشر: لم يشهدها. وعن الواقدى روايتان فى شهوده، وهو الذى أسر سهيل بن عمرو يوم بدر، وهو الذى أرسله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ليحرق مسجد الضرار هو ومعن بن عدى فأحرقاه، رحمهما الله تعالى. 545 - مالك بن ربيعة السلولى الصحابى (1) : كنيته أبو مريم، من بنى سلول من ولد مرة بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن أخى عامر بن صعصعة، نسبت أولاد مرة إلى أمهم سلول بنت ذهل بن شيبان ابن ثعلبة، وهو والد بريد، بالموحدة، ابن أبى مريم، شهد الحديبية وبايع تحت الشجرة، وهو كوفى. روى عنه ابنه بريد أن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دعا له أن يبارك فى ولده، فولد له ثمانون ذكرًا. 546 - مالك بن سنان بن عبيد بن ثعلبة بن عبيد بن الأبجر: بالجيم، والأبجر هو خدرة بن عوف بن الحارث بن الخزرج الأنصارى الخدرى الصحابى، وهو والد أبو سعيد الخدرى سعد بن مالك بن سنان، قُتل مالك يوم أُحُد شهيدًا. 547 - مالك بن صعصعة الأنصارى الخزرجى ثم المازنى (2) : من بنى مازن بن النجار الصحابى المدنى. رُوى له عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خمسة أحاديث، اتفق البخارى ومسلم على أحدها، وهو حديث الإسراء والمعراج، وهو أحسن أحاديث الإسراء. 548 - مالك بن عبد الله بن سنان بن سرح بن عمرو (3) : أبو حكيم الخثعمى، من   (1) الطبقات الكبرى لابن سعد (6/37، 7/54) ، التاريخ الكبير للبخارى (7/1280) ، الإستيعاب (3/1352) ، أسد الغابة (4/279) ، تهذيب التهذيب لابن حجر (10/16) ، الإصابة (3/7631) ، تقريب التهذيب (6437) .. (2) التاريخ الكبير للبخارى (7/1281) ، الجرح والتعديل (8/930) ، الإستيعاب (3/1352) ، أسد الغابة (4/281) ، تهذيب التهذيب لابن حجر (10/17- 18) ، الإصابة (3/7639) ، تقريب التهذيب (6442) .. (3) انظر: الإصابة (3/347) ، والتاريخ الكبير (7/303) ، والاستيعاب (3/375) ، وأسد الغابة (4/283) .. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 81 أهل فلسطين، وهو صحابى، وقيل: تابعى، وكان صالحًا كثير الصلاة بالليل، وكان أمير الجيوش فى غزو الروم أربعين سنة أيام معاوية وقبلها وبعدها أيام يزيد وأيام عبد الملك. 549 - مالك بن عوف الصحابى: مذكور فى المهذب فى كتاب السير فى مسألة قتل الشيخ الذى له رأى. هو أبو على مالك بن عوف بن سعد بن ربيعة بن يربوع بن وايلة، بالياء، ابن دهمان، بضم الدال، ابن نصر بن معاوية بن بكر بن هوازن النصرى، بالنون. وهو الذى كان رئيس المشركين يوم حنين حين انهزم المسلمون وعادت الهزيمة على المشركين، فلما انهزموا لحق مالك بالطائف، فقال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “لو أتانى مالك مسلمًا لرددت عليه أهله وماله”، فبلغه ذلك فلحق برسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وقد خرج من الجعرانة فأسلم، فأعطاه أهله وماله وأعطاه مائة من الإبل كما أعطى سائر المؤلفة، وكان معدودًا فيهم، ثم حسن إسلامه. واستعمله رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على من أسلم من قومه ومن قبائل قيس عيلان، وأنشد فى مدح النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ثم شهد فتح دمشق والقادسية. 550 - مالك بن مرارة الرهاوى: بفتح الراء، الصحابى، وقيل: ابن مرة، وقيل: ابن قرارة، والصحيح مرارة. قال عبد الغنى بن سعيد: هو منسوب إلى رها بن يزيد بن حرب بن علية بن جلد، بالجيم، ابن مالك بن أدد، قبيلة من مذحج. 551 - مالك بن هبيرة الصحابى، رضى الله عنه (1) : مذكور فى المهذب فى أقل الصلاة على الميت، وحديثه المذكور هناك صحيح رواه أبو داود، والترمذى، وابن ماجة، وغيرهم. قال الترمذى: حديث حسن. قال الحاكم: حديث صحيح، وهو مالك بن هبيرة بن خالد بن مسلم الكندى السلولى المصرى، كان أميرًا لمعاوية على الجيوش. 552 - المثنى بن أنس التابعى (2) : مذكور فى المختصر. هو مجالد بن سعيد، مذكور فى المهذب فى خراج السواد. هو أبو عمير، ويقال: أبو عمرو، ويقال: أبو سعيد مجالد، بالجيم وكسر اللام، ابن سعيد بن عمير الهمدانى الكوفى، وهو من تابعى التابعين. روى عن قيس بن أبى حازم، والشعبى، ومرة الهمدانى،   (1) الطبقات الكبرى لابن سعد (7/420) ، الجرح والتعديل (8/968) ، الإستيعاب (3/1361) ، أسد الغابة (4/296) ، تاريخ الإسلام (3/69) ، تهذيب التهذيب لابن حجر (10/24) ، تقريب التهذيب (6455) .. (2) الطبقات الكبرى لابن سعد (6/349) ، التاريخ الكبير للبخارى (8/1950) ، ضعفاء النسائى (552) ، الجرح والتعديل (8/1653) ، المجروحين لابن حبان (3/10) ، تاريخ الإسلام (6/129) ، ميزان الإعتدال (3/7070) ، تهذيب التهذيب لابن حجر (10/39، 41) ، تقريب التهذيب (6478) ، وقال: مجالد بضم أوله وتخفيف الجيم، ليس بالقوي وقد تغير في آخر عمره من صغار السادسة مات سنة أربع وأربعين م 4”.. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 82 وجبير بن نوف، وغيرهم. روى عنه إسماعيل بن أبى خالد، والسفيانان، ويحيى القطان، وعبد الله بن نمير، وأبو أسامة، وحفص بن غياث، وحماد بن زيد، وعيسى بن يونس، وابنه إسماعيل بن مجالد، وغيرهم، واتفقوا على تضعيفه. توفى سنة أربع وأربعين ومائة. 553 - مجاهد بن جبر الإمام المشهور (1) : تكرر ذكره فى المختصر والمهذب. هو أبو الحجاج مجاهد بن جبر، ويقال: ابن جبير، بالتصغير، المكى المخزومى، مولاهم مولى عبد الله بن أبى السائب، ويقال: مولى السائب ابن أبى السائب، ويقال: مولى قيس بن الحارث، وهو تابعى، إمام، متفق على جلالته وإمامته. سمع ابن عمر، وابن عباس، وجابر بن عبد الله، وابن عمرو بن العاص، وأبا سعيد، وأبا هريرة، وعائشة، وغيرهم من الصحابة، رضى الله عنهم. وسمع من التابعين طاووسًا، وابن أبى ليلى، ومصعب بن سعد، وآخرين. روى عنه طاووس، وعكرمة، وعمرو بن دينار، وأبو الزبير، والحكم، وابن عون، والأعمش، ومنصور، وحماد بن أبى سليمان، وطلحة بن مصرف، وأيوب السختيانى، وعبد الله بن أبى نجيح، وخلائق لا يحصون. واتفق العلماء على إمامته، وجلالته، وتوثيقه، وهو إمام فى الفقه، والتفسير، والحديث. قال مجاهد: عرضت القرآن على ابن عباس ثلاثين مرة. وقال خصيف: كان أعلمهم بالتفسير مجاهد. وقال أبو حاتم: لم يسمع مجاهد عائشة. ومناقبه كثيرة مشهورة. وقال ابن بكير: توفى مجاهد سنة إحدى ومائة، وهو ابن ثلاث وثمانين سنة، وقيل: توفى سنة مائة، وقيل: سنة ثنتين ومائة، وقيل: سنة ثلاث ومائة. 554 - مجزز المدلجى الصحابى، رضى الله عنه: مذكور فى المختصر فى باب القافة، وفى المهذب فى اللقيط والقافة، وهو مجزز، بضم الميم وفتح الجيم وبزائين معجمتين، الأولى مكسورة مشددة. وحكى صاحب المطالع، قاله ابن ماكولا وغيره بكسر الزاى. قال: وذكر الدارقطنى، وعبد الغنى، عن ابن جريج أنه قاله بفتحها، كذا نقله عنه أبو عمر بن عبد البر، وأبو على الغسانى. قال عبد الغنى: الكسر الصواب؛ لأنه يجز نواصى أسارى من العرب، وهو مجزز بن الأعور ابن جعدة بن   (1) الطبقات الكبرى لابن سعد (5/466) ، التاريخ الكبير للبخارى (7/1805) ، الجرح والتعديل (8/1469) ، سير أعلام النبلاء (4/449 - 457) ، تاريخ الإسلام (4/190) ، تاريخ الإسلام (3/7072) ، تهذيب التهذيب لابن حجر (10/42 - 44) ، تقريب التهذيب (6481) ، وقال: “ثقة إمام في التفسير وفي العلم من الثالثة مات سنة إحدى أو اثنتين أو ثلاث أو أربع ومائة وله ثلاث وثمانون ع”.. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 83 معاذ بن عتوارة بن عمرو بن مدلج الكنانى المدلجى، وحديثه فى الصحيح مشهور. 555 - محارب بن دثار (1) : مذكور فى المهذب فى طلاق البدعة، وفى الأقضية، وفى شهادة الزور، وهو بضم الميم وبحاء مهملة وبكسر الراء وبباء موحدة، ودثار بكسر الدال المهملة وبثاء مثلثة. وهو أبو دثار، ويقال: أبو مطرف، ويقال: أبو النصر، ويقال: أبو كردوس محارب بن دثار بن كردوس بن قرواش بن جعونة بن سلمة بن صخر بن ثعلبة بن سدوس الأوسى الكوفى، قاضيها، التابعى. سمع ابن عمر، وعبد الله، وجابر بن عبد الله بن يزيد الصحابيين، وجماعة من التابعين. روى عنه الأعمش، ومسعر، وشريك، والثورى، وابن عيينة، وشعبة، وخلائق من الأئمة. واتفقوا على توثيقه. قال ابن سعد: توفى فى ولاية خالد بن عبد الله. 556 - محمود بن الربيع الصحابى، رضى الله عنه (2) : هو أبو نعيم، ويقال: أبو محمد محمود بن الربيع بن سراقة بن عمرو بن زيد بن عبدة ابن عامر بن عدى بن كعب بن الخزرج بن الحارث بن خزرج الأنصارى الخزرجى المدنى. ثبت عنه فى الصحيح أنه قال: عقلت عن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مجة مجها فى وجهى من دلو من بئر فى دارنا، وأنا ابن خمس سنين. وروى عنه أنس بن مالك، وابنه أبو بكر بن أنس، ورجاء بن حيوة، والزهرى، ومكحول. قال الواقدى: توفى سنة تسع وتسعين، وهو ابن ثلاث وتسعين. وقال غيره: سنة ست وتسعين. 557 - محمود بن لبيد الصحابى، رضى الله عنه (3) : مذكور [ ...... ] (4) . هو أبو نعيم محمود بن لبيد بن عقبة بن رافع بن امرىء القيس ابن زيد بن عبد الأشهل الأنصارى الأشهلى المدنى. ولد فى حياة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ولم يصح له سماع ولا رواية عن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وقد روى عن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أحاديث مرسلة، واختلفوا فى صحبته، فقال ابن أبى حاتم: قال البخارى: له صحبة. وقال أبى: لا نعرف له صحبة. قال ابن عبد البر: قول البخارى أولى. قال: والأحاديث التى رواها تشهد بصحبته. قال: وهو أولى بأن لا يذكر فى الصحابة من محمود بن الربيع، فإنه أسن منه، وذكره مسلم فى الطبقة   (1) الطبقات الكبرى لابن سعد (6/307) ، التاريخ الكبير للبخارى (8/2040) ، الجرح والتعديل (8/1899) ، سير أعلام النبلاء (5/217) ، تاريخ الإسلام (4/297) ، ميزان الإعتدال (3/7078) ، تهذيب التهذيب لابن حجر (10/49- 50) ، 6492) ، وقال: محارب بضم أوله وكسر الراء، ابن دثار بكسر المهملة وتخفيف المثلثة، ثقة إمام زاهد من الرابعة مات سنة ست عشرة ع”.. (2) التاريخ الكبير للبخارى (7/1761) ، الجرح والتعديل (8/1328) ، الإستيعاب (3/1378) ، أسد الغابة (4/332) ، سير أعلام النبلاء (3/519) ، تاريخ الإسلام (4/52) ، تهذيب التهذيب لابن حجر (10/63) ، الإصابة (3/7818) ، تقريب التهذيب (6512) .. (3) الطبقات الكبرى لابن سعد (5/77) ، التاريخ الكبير للبخارى (7/1762) ، الجرح والتعديل (8/1329) ، الإستيعاب (3/1378) ، أسد الغابة (4/333) ، سير أعلام النبلاء (3/5417) ، تهذيب التهذيب لابن حجر (10/65- 66) ، الإصابة (3/7821) ، تقريب التهذيب (6517) ، وقال: صحابي صغير، وجل روايته عن الصحابة مات سنة ست وتسعين، وقيل: سنة سبع وله تسع وتسعون سنة بخ م 4”.. (4) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل قدر كلمتين. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 84 الثانية من التابعين، ولم يصنع شيئًا ولا علم منه ما علم من غيره. قال محمد بن سعد: وفى أبيه لبيد نزلت رخصة الإطعام لمن لا يقدر على الصوم. قال: وسمع عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، وكان له عقب فانقرضوا، فلم يبق منهم أحد. وتوفى محمود بالمدينة سنة ست وتسعين. قال: وكان ثقة، قليل الحديث. روى عنه عاصم بن عمرو بن قتادة. وروى محمود أيضًا عن عثمان بن عفان، وجابر. 558 - محمية بن جزء الصحابى، رضى الله عنه: هو محمية، بفتح الميم، وإسكان الحاء المهملة، وكسر الميم الثانية، ثم ياء مثناة تحت، ابن جزء، بفتح الجيم، وإسكان الزارى بعدها همزة، ابن عبد يغوث بن عويج بن عمرو ابن زبيد الأصغر الزبيدى. قال أبو نعيم: هو عم عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدى، وكان محمية قديم الإسلام، وهو من مهاجرة الحبشة، وتأخر رجوعه منها، وأول مشاهده المريسيع، وثبت فى الصحيحين أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - استعمله على الأخماس، رضى الله عنه. 559 - محيصة بن مسعود الصحابى، رضى الله عنه (1) : مذكور فى المختصر والمهذب فى القسامة، هو بضم الميم وفتح الحاء وكسر الياء المشددة، ويقال: بإسكان الياء، وهو أخو حويصة، وقد سبق فى ترجمة حويصة بيان نسبهما وحالهما، وهو أنصارى أوسى حارثى مدنى، كنيته أبو سعد، بعثه رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى أهل فدك يدعوهم إلى الإسلام، وشهد أُحُدًا، والخندق، وما بعدهما من المشاهد، وهو أصغر من حويصة، وأسلم قبل حويصة، وكان إسلامه قبل الهجرة، وأسلم على يده أخوه حويصة، وكان محيصة أفضل منه. روى عنه ابنه سعد بن محيصة، وابن ابنه حرام بن سعد بن محيصة، ومحمد بن سهل بن أبى حثمة، وغيرهم. 560 - مخرمة بن نوفل بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة القرشى الزهرى (2) : أبو صفوان، وقيل: أبو المسور، وقيل: أبو الأسود، والأول أصح، وهو والد المسور ابن مخرمة، وهو ابن عم سعد بن أبى وقاص بن أهيب. أسلم يوم الفتح، وكان من المؤلفة قلوبهم، وحسن إسلامه، وكان له سن وعلم بأيام الناس وبقريش خاصة، وكان يؤخذ عنه النسب، وشهد حنينًا مع النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وأعطاه النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -   (1) انظر: الإصابة (3/388) ، والاستيعاب (3/498) ، والتاريخ الكبير (8/53) ، وتهذيب التهذيب (10/67) ، والجرح والتعديل (8/426) ، وأسد الغابة (4/334) .. (2) انظر: الإصابة (3/390) ، والاستيعاب (3/415) ، والتاريخ الكبير (8/15) ، والجرح والتعديل (8/362) ، وأسد الغابة (4/337) ، وسير أعلام النبلاء (2/542 - 544) برقم (113) .. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 85 خمسين بعيرًا، وهو أحد من أقام أنصاب الحرم فى خلافة عمر بن الخطاب، أرسله عمر، رضى الله عنه، وأزهر ابن عبد عوف، وسعيد بن يربوع، وحويطب بن عبد العزى فحددوها. توفى بالمدينة سنة أربع وخمسين، وهو ابن مائة وخمس عشرة سنة، وعُمى فى آخر عمره، وكان النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يتقى لسانه. 561 - مخلد بن خفاف (1) : مذكور فى المختصر فى مسألة الخراج بالضمان، وهو بفتح الميم، وإسكان الخاء، وخفاف بضم الخاء المعجمة وتخفيف الخاء، وهو مخلد بن خفاف بن إيماء بن رحضة، بفتح الراء والحاء المهملتين والضاد المعجمة، الغفارى. قال ابن أبى حاتم: يقال: إن لخفاف ولأبيه ولجده صحبة، وكانوا ينزلون غبقة، ويأتون المدينة كثيرًا. روى عن عروة. روى عنه ابن أبى ذؤيب. قال ابن أبى حاتم: لم يرو عنه غير ابن أبى ذؤيب، وليس هذا إسنادًا تقوم بمثله الحجة، يعنى الحديث المروى عن مخلد، عن عروة، عن عائشة، عن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن الخراج بالضمان، غير أنى أقول به؛ لأنه أصلح من أراء الرجال. 562 - مرارة بن الربيع: ويقال: ابن ربيعة الأنصارى العمرى الصحابى، من بنى عمرو بن عوف، شهد بدرًا، وهو أحد الثلاثة الذين تاب الله عليهم. 563 - مرثد بن أبى مرثد الغنوى (2) : الصحابى ابن الصحابى، واسم أبى مرثد كناز بن الحصين، وسيأتى نسبه وحاله فى ترجمته من الكنى، شهد أبو مرثد وابنه مرثد بدرًا مع النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، واستشهد مرثد فى غزوة الرجيع مع عاصم بن ثابت فى صفر سنة ثلاث من الهجرة، وآخى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بينه وبين أوس بن الصامت، وكان يحمل الأسارى من مكة إلى المدينة لشدته وقوته. 564 - مرحب اليهودى: مذكور فى المختصر فى باب الأنفال، وهو بفتح الميم والحاء، قُتل كافرًا يوم خيبر، واختلفوا فى قاتله، فقيل: على بن أبى طالب، وقيل: محمد بن مسلمة الأنصارى، رضى الله عنهما. قال ابن عبد البر فى كتابه الدرر فى مختصر السيرة: قال محمد بن إسحاق: إن محمد بن مسلمة هو الذى قتل مرحبًا اليهودى بخيبر.   (1) التاريخ الكبير للبخارى (7/1908) ، الجرح والتعديل (8/1590) ، ميزان الإعتدال (4/8389) ، تهذيب التهذيب لابن حجر (10/74- 75) ، تقريب التهذيب (6536) ، وقال: “خفاف بضم المعجمة وفاءين الأولى خفيفة، مقبول من الثالثة 4”.. (2) الطبقات الكبرى لابن سعد (3/48) ، الجرح والتعديل (8/1377) ، الإستيعاب (3/1383) ، أسد الغابة (4/344) ، تهذيب التهذيب لابن حجر (10/82) ، الإصابة (3/7878) ، تقريب التهذيب (6548) ، وقال: الغنوي بفتح المعجمة والنون، صحابي استشهد في عهد النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سنة أربع د ت س”.. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 86 قال: وخالفه غيره، فقال: بل قتله على بن أبى طالب. قال ابن عبد البر: هذا هو الصحيح عندنا. ثم روى ذلك بإسناده عن بريدة، وسلمة بن الأكوع. وقال الشافعى فى المختصر: نفل النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوم خيبر محمد بن مسلمة سلب مرحب، ذكره فى أول باب جامع السير، وهذا تصريح منه بأن قاتله محمد بن مسلمة. وقال ابن الأثير: الصحيح الذى عليه أكثر أهل السير والحديث أن عليًا هو قاتله. قال المصنف، رحمه الله: قلت: وفى صحيح مسلم بإسناده عن سلمة بن الأكوع التصريح بأن عليًا هو الذى قتله. 565 - مروان بن الحكم (1) : تكرر فى المختصر والمهذب. هو أبو عبد الملك، يكنى بابنه عبد الملك بن مروان، وقيل: أبو القاسم، وقيل: أبو الحكم مروان بن الحكم بن أبى العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف القريشى الأموى، وهو ابن عم عثمان بن عفان بن أبى العاص، ولد مروان على عهد رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بمكة، وقيل: بالطائف سنة ثنتين من الهجرة. وقال مالك: ولد يوم أُحُد، وقيل: يوم الخندق، ولم يسمع النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ولا رآه؛ لأنه خرج إلى الطائف طفلاً لا يعقل حين نفى النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أباه الحكم، فكان مع أبيه بالطائف حتى استخلف عثمان، رضى الله عنه، فردهما، واستكتب عثمان مروان، ثم استعمله معاوية على المدينة، ومكة، والطائف، ثم عزله عن المدينة سنة ثمان وأربعين، واستعمل عليها سعيد بن العاص، وبقى عليها أميرًا إلى سنة أربع وخمسين، ثم عزله واستعمل الوليد بن عتبة بن أبى سفيان، ولم يزل عليها حتى مات معاوية، ولما مات معاوية بن يزيد بن معاوية ولم يعهد إلى أحد، بايع بعض الناس بالشام مروان بن الحكم بالخلافة، وبايع الضحاك بن قيس الفهرى بالشام لعبد الله بن زبير، فالتقيا واقتتلا بمرج راهط عند دمشق، فقتل الضحاك واستقام الأمر لمروان بالشام ومصر. قال ابن قتيبة: بويع بالجابية. قال: وكان أبوه الحكم أسلم يوم فتح مكة، وطرده رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى وج الطائف؛ لأنه كان يفشى سره. وتوفى فى خلافة عثمان. قال: وكان للحكم أحد وعشرون   (1) الطبقات الكبرى لابن سعد (5/35) ، التاريخ الكبير للبخارى (7/1579) ، الجرح والتعديل (8/1238) ، الإستيعاب (3/1387) ، أسد الغابة (4/348) ، تاريخ الإسلام (3/70) ، ميزان الإعتدال (4/8422) ، تهذيب التهذيب لابن حجر (10/91- 92) ، الإصابة (3/7914) ، تقريب التهذيب (6567) ، وقال: “لا تثبت له صحبة من الثانية، قال عروة بن الزبير: مروان لا يتهم في الحديث خ 4”.. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 87 ابنًا وثمان بنات. قال: وكان ولايته عشرة أشهر، وتوفى بالشام سنة خمس وستين، وكان له من الأولاد: عبد الملك، ومعاوية، وعبيد الله، وعبد الله، وأبان، وداود، وعبد العزيز، وعبد الرحمن، وبشر، ومحمد، وأم عمرو، وأم عثمان، وعمرة. 566 - المستورد بن شداد الصحابى، رضى الله عنه (1) : هو المستورد بن شداد بن عمرو بن حسل بن اللاحب بن حبيب بن عمرو بن شيبان ابن محارب بن فهر القريشى الفهرى، سمع من النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سبعة أحاديث، روى مسلم منها حديثين. سكن الكوفة ثم مصر، وروى عنه أهلهما. 567 - مسروق التابعى (2) : هو أبو عائشة مسروق بن الأجدع، بالجيم ودال مهملة، ابن مالك بن أمية بن عبد الله الهمدانى الكوفى التابعى المخضرم. روى عن أبى بكر الصديق، وعثمان، وعلى. وسمع عمر بن الخطاب، وابن مسعود، وخباب بن الأرت، وزيد بن ثابت، وابن عمرو، والمغيرة، وعائشة، رضى الله عنهم. روى عنه أبو وائل، وهو أكبر منه، وسليم ابن أسود، وابن الضحى، والشعبى، والنخعى، والسبيعى، وعبد الله بن مرة، وعبيد الله ابن عبد الله بن عقبة، وآخرون. واتفقوا على جلالته، وتوثيقه، وفضيلته، وإمامته. قال الشعبى: ما علمت أحدًا كان أطلب للعلم من مسروق. وقال مرة: ما ولدت همدانية مثل مسروق. وقال على بن المدينى: لا أقدم على مسروق أحدًا من أصحاب ابن مسعود، وصلى خلف أبى بكر، ولقى عمر وعليًا، ولم يرو عن عثمان شيئًا. وقال أبو داود: كان أبو مسروق أفرس فارس باليمن، وهو ابن أخت عمرو بن معدى كرب. وقال عمر بن الخطاب لمسروق: ما اسمك؟ قال: مسروق بن الأجدع، فقال: سمعت النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: “الأجدع شيطان”، أنت مسروق بن عبد الرحمن. قال الشعبى: فرأيته فى الديوان مسروق بن عبد الرحمن، وكان مسروق يصلى حتى تورمت قدماه. قال أبو سعد السمعانى: كان مسروق سُرِقَ فى صغره، فغلب عليه ذلك. توفى سنة ثنتين، وقيل: سنة ثلاث وستين، رحمه الله تعالى.   (1) الطبقات الكبرى لابن سعد (6/61) ، التاريخ الكبير للبخارى (8/1986) ، الجرح والتعديل (8/1661) ، الإستيعاب (4/1471) ، تهذيب التهذيب لابن حجر (10/106- 107) ، الإصابة (3/7928) ، تقريب التهذيب (6596) .. (2) الطبقات الكبرى لابن سعد (6/76- 84) ، التاريخ الكبير للبخارى (8/2065) ، الجرح والتعديل (8/1820) ، تاريخ بغداد للخطيب (13/232) ، سير أعلام النبلاء (4/63- 69) ، تهذيب التهذيب لابن حجر (10/109- 111) ، تقريب التهذيب (6601) ، وقال: “ثقة فقيه عابد مخضرم من الثانية مات سنة اثنتين، ويقال: سنة ثلاث وستين ع”.. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 88 568 - مسطح بن أثاثة (1) : هو بكسر الميم وإسكان السين، وأثاثة بهمزة مضمومة، ثم ثاء مثلثة مكررة. وهو أبو عباد، وقيل: أبو عبد الله مسطح بن أثاثة بن عباد بن عبد المطلب بن عبد مناف بن قصى القرشى المطلبى، ويقال: اسمه عوف، ومسطح لقب له، واسم أم مسطح سلمى بنت أبى رهم بن المطلب بن عبد مناف، وأمها رائطة بنت صخر بن عامر بن كعب خالة أبى بكر الصديق، رضى الله عنه. شهد مسطح بدرًا، وقيل: شهد صفين مع على، وقيل: توفى قبلها سنة أربع وثلاثين، والأول أكثر، فعلى هذا قالوا: مات سنة سبع وثلاثين. 569 - مسعر بن كدام - بكسر الكاف - ابن ظهير بن عبيدة - بضم العين - ابن الحارث بن هلال (2) : أبو سلمة العامرى الهلالى الكوفى. روى عن عمر بن سعيد النخعى، وأبى إسحاق السبيعى، وعبد الملك بن عمير، والأعمش، وخلائق، وغيرهم من التابعين. روى عنه سليمان التيمى، ومحمد بن إسحاق، والثورى، وشعبة، ومالك بن مغول، وابن عيينة، وابن المبارك، ويحيى القطان، ووكيع، ويزيد بن هارون، وخلائق، وغيرهم. واتفقوا على جلالته. قال هشام بن عروة: ما قدم علينا من العراق أفضل من أيوب السختيانى ومسعر. وقال يحيى بن سعيد: ما رأيت مثل مسعر، كان من أثبت الناس. وقال سفيان الثورى: كنا إذا شككنا فى شىء سألنا مسعرًا عنه. وقال شعبة: كنا نسمى مسعرًا المصحف. وقال أبو حاتم: مسعر أتقن وأجود حديثًا وأعلى إسنادًا من سفيان، وأتقن من حماد بن زيد. وقال إبراهيم بن سعد: كان شعبة وسفيان إذا اختلفا فى شىء قال: اذهب بنا إلى الميزان مسعر. توفى سنة خمس وخمسين ومائة. 570 - مسلم بن الحجاج (3) : الإمام صاحب الصحيح. تكرر ذكره فى الروضة، وذكره فى المهذب فى موضع واحد فى باب قسم الفىء، ولا ذكر له فى المهذب فى غير هذا الموضع، ولا ذكر له فى الوسيط وباقى هذه الكتب الستة. هو الإمام أبو الحسين مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيرى، من بنى قشير، قبيلة من العرب معروفة، النيسابورى، إمام أهل   (1) انظر: الإصابة (3/408) ، وأسد الغابة (4/354) ، والاستيعاب (3/494) ، وحلية الأولياء (2/20) ، وسير أعلام النبلاء (1/187) (20) ، وطبقات ابن سعد (3/53) ، والعقد الثمين (6/443) .. (2) الطبقات الكبرى لابن سعد (6/364) ، التاريخ الكبير للبخارى (8/1971) ، الجرح والتعديل (8/1685) ، سير أعلام النبلاء (7/163) ، تاريخ الإسلام (6/287) ، ميزان الإعتدال (4/8470) ، تهذيب التهذيب لابن حجر (10/113- 115) ، تقريب التهذيب (6605) ، وقال: “ثقة ثبت فاضل من السابعة مات سنة ثلاث أو خمس وخمسين ع”.. (3) الجرح والتعديل (8/797) ، تاريخ بغداد للخطيب (13/100) ، سير أعلام النبلاء (12/557) ، تهذيب التهذيب لابن حجر (10/226) ، تقريب التهذيب (6623) ، وقال: “ثقة حافظ إمام مصنف عالم بالفقه مات سنة إحدى وستين وله سبع وخمسون سنة ت”.. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 89 الحديث. سمع قتيبة بن سعيد، والقعنبى، وأحمد بن حنبل، وإسماعيل بن أبى أويس، ويحيى ابن يحيى، وأبا بكر وعثمان ابنى أبى شيبة، وعبد الله بن أسماء، وشيبان بن فروخ، وحرملة بن يحيى صاحب الشافعى، ومحمد بن المثنى، ومحمد بن يسار، ومحمد بن مهران، ومحمد بن يحيى بن أبى عمر، ومحمد بن سلمة المرادى، ومحمد بن عمر، وربيحًا، ومحمد بن رمح، وخلائق من الأئمة وغيرهم. روى عنه أبو عيسى الترمذى، ويحيى بن صاعد، ومحمد بن مخلد، وإبراهيم بن محمد ابن سفيان الفقيه الزاهد، وهو راوية صحيح مسلم، ومحمد بن إسحاق بن خزيمة، ومحمد بن عبد الوهاب الفراء، وعلى بن الحسين، ومكى بن عبدان، وأبو حامد أحمد بن محمد الشرقى، وأخوه عبد الله، وحاتم بن أحمد الكندى، والحسين بن محمد بن زياد القبانى، وإبراهيم بن أبى طالب، وأبو بكر محمد بن النضر الجارودى، وأحمد بن سلمة، وأبو عوانة يعقوب بن إسحاق الإسفرائنى، وأبو عمر، وأحمد بن المبارك المستملى، وأبو حامد أحمد بن حمدون الأعمش، وأبو العباس محمد بن إسحاق بن السراج، وزكريا بن داود الخفاف، ونصر بن أحمد الحافظ يُعرف بنصرك، وخلائق. وأجمعوا على جلالته، وإمامته، وعلو مرتبته، وحذقه فى هذه الصنعة، وتقدمه فيها، وتضلعه منها، ومن أكبر الدلائل على جلالته، وإمامته، وورعه، وحذقه، وقعوده فى علوم الحديث، واضطلاعه منها، وتفننه فيها، كتابه الصحيح الذى لم يوجد فى كتاب قبله ولا بعده من حُسن الترتيب، وتلخيص طرق الحديث بغير زيادة ولا نقصان، والاحتراز من التحويل فى الأسانيد عند اتفاقها من غير زيادة، وتنبيهه على ما فى ألفاظ الرواة من اختلاف فى متن أو إسناد ولو فى حرف، واعتنائه بالنتبيه على الروايات المصرحة بسماع المدلسين وغير ذلك مما هو معروف فى كتابه، وقد ذكرت فى مقدمة شرحى لصحيح مسلم جُملاً من التنبيه على هذه الأشياء وشبهها مبسوطة ووضحته، ثم نبهت على تلك الدقائق والمحاسن فى أثنار الشرح فى مواطنها، وعلى الجملة فلا نظير لكتابه فى هذه الدقائق وسنعة الإسناد، وهذا عندنا من المحققات التى لا شك فيها للدلائل المتظاهرة عليها. ومع هذا فصحيح البخارى أصح وأكثر فوائد، هذا هو مذهب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 90 جمهور العلماء، وهو الصحيح المختار، لكن كتاب مسلم فى دقيق الأسانيد ونحوها أجود كما ذكرناه، وينبغى لكل راغب فى علم الحديث أن يعتنى به ويتفطن فى تلك الدقائق، فيرى فيها العجائب من المحاسن، وإن ضعف عن الاستقلال باستخراجها استعان بالشرح المذكور، وبالله التوفيق. وقد ذكرت فى مقدمة شرح صحيح مسلم جُملاً من المهمات المتعلقة به، التى لابد للراغب فيه من معرفتها مع بيان جملة من أحوال مسلم وأحوال رواة الكتاب عنه. واعلم أن مسلمًا، رحمه الله، أحد أعلام أئمة هذا الشأن، وكبار المبرزين فيه، وأهل الحفظ والإتقان والرحالين فى طلبه إلى أئمة الأقطار والبلدان، والمعترف له بالتقدم فيه بلا خلاف عند أهل الحذق والعرفان، والمرجوع إلى كتابه، والمعتمد عليه فى كل الأزمان. سمع بخراسان يحيى بن يحيى، وإسحاق بن راهوية، وآخرين، وبالرى محمد بن مهران، وأبا غسان، وآخرين، وبالعراق ابن حنبل، وعبد الله بن مسلمة، وآخرين، وبالحجاز سعيد بن منصور، وأبا مصعب، وآخرين، وبمصر عمرو بن سواد، وحرملة بن يحيى، وآخرين، وخلائق كثيرين. روى عنه جماعة من كبار أئمة عصره وحفاظه كما قدمنا، وفيهم جماعات فى درجته، منهم أبو حاتم الرازى، وموسى بن هارون، وأحمد بن سلمة، والترمذى، وغيرهم. وصَنَّف مسلم، رحمه الله، فى علم الحديث كُتبًا كثيرة، منها هذا الكتاب الصحيح الذى مَنّ الله الكريم وله الحمد والنعمة والفضل والمنة به على المسلمين، أبقى لمسلم به ذكرًا جميلاً، وثناءً حسنًا إلى يوم الدين، مع ما أعد له من الأجر الجزيل فى دار القرار، وعم نفعه المسلمين قاطبة. ومنها الكتاب المسند الكبير على أسماء الرجال، وكتاب الجامع الكبير على الأبواب، وكتاب العلل، وكتاب أوهام المحدثين، وكتاب التمييز، وكتاب من ليس له إلا راوٍ واحد، وكتاب طبقات التابعين، وكتاب المخضرمين، وغير ذلك. قال الحاكم أبو عبد الله: حدثنا أبو الفضل محمد بن إبراهيم، قال: سمعت أحمد بن سلمة يقول: رأيت أبا زرعة وأبا حاتم يقدمان مسلم بن الحجاج فى معرفة الصحيح على مشايخ عصرهما. وفى رواية: فى معرفة الحديث، ومن حقق نظره فى صحيح مسلم، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 91 رحمه الله، واطلع على ما أودعه فى إسناده وترتيبه، وحُسن سياقه، وبديع طريقه من نفائس التحقيق وجواهر التدقيق، وأنواع الورع والاحتياط والتحرى فى الروايات، وتلخيص الطرق واختصارها، وضبط متفرقها وانتشارها، وكثرة اطلاعه واتساع روايته، وغير ذلك مما فيه من المحاسن والأعجوبات واللطائف الظاهرت والخفيات، علم أنه إمام لا يلحقه من بعد عصره، وقل من يساويه، بل يدانيه من أهل دهره، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم. وقد اقتصرت من أخباره، رضى الله عنه، على هذا القدر، فإن أحواله، رضى الله عنه، ومناقبه ومناقب كتابه لا تستقصى؛ لبعدها عن أن تُحصى، وقد دللت بما ذكرت من الإشارة إلى حالته على ما أهملت من جميل طريقته، والله الكريم أسأل أن يجزل فى مثوبته، ويجمع بيننا وبينه مع أحبابنا فى دار كرامته بفضله وجوده ورحمته. توفى مسلم، رحمه الله تعالى، بنيسابور سنة إحدى وستين ومائتين. قال الحاكم أبو عبد الله فى كتاب المزكيين: سمعت أبا عبد الله بن الأخرم الحافظ، رحمه الله، يقول: توفى مسلم، رحمه الله، عشية الأحد، ودفن يوم الاثنين لخمس بقين من رجب سنة إحدى وستين ومائتين، وهو ابن خمس وخمسين سنة، رضى الله عنه. 571 - مسلم بن خالد الزنجى (1) : شيخ الشافعى، مذكور فى المختصر فى الأقضية، وفى أوائل الدعوى والبينات، وهو بفتح الزاى وكسرها، وهو الإمام أبو خالد مسلم بن خالد بن قرقرة. وقال ابن أبى حاتم: ابن جرجة. وقال الخطيب: هو مسلم بن خالد بن سعيد بن جرجة الزنجى المكى القرشى المخزومى، مولى أبى سفيان بن عبد الله بن عبد الأسد، وهو من تابعى التابعين. سمع ابن أبى مليكة، والزهرى، وعمرو بن دينار، وزيد بن أسلم، وهشام بن عروة، وعبيد الله العمرى، والعلاء بن عبد الرحمن، وابن أبى ذؤيب، وعمرو بن يحيى، وابن جريج. روى عنه الشافعى، والحميدى، وابن وهب، والقعنبى، وعبد الله بن محمد بن نفيل، وأحمد بن عبد الله بن يونس، وآدم بن أبى إياس، ومسدد، وهشام بن عمار، وأبو نعيم، وعبد الملك بن عبد العزيز الماجشون،   (1) الطبقات الكبرى لابن سعد (5/499) ، التاريخ الكبير للبخارى (7/1097) ، ضعفاء النسائى (569) ، الجرح والتعديل (8/800) ، سير أعلام النبلاء (8/158) ، ميزان الإعتدال (4/8485) ، تهذيب التهذيب لابن حجر (10/128- 130) ، تقريب التهذيب (6625) ، وقال: “صدوق كثير الأوهام من الثامنة مات سنة تسع وسبعين أو بعدها د ق”. . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 92 وعبد الأعلى بن حماد، ويحيى بن زكريا بن أبى زائدة، والأسود بن عامر، وعلى بن الجعد، وخلائق آخرون. وقال ابن أبى حاتم: مسلم الزنجى إمام فى الفقه والعلم، وكان أبيض مشربًا بحمرة، مليحًا، وإنما لقب بالزنجى لمحبته التمر. قالت له جاريته يومًا: ما أنت إلا زنجى؛ لأكله التمر، فبقى عليه هذا اللقب. وقال سويد بن سعيد: سُمى زنجيًا؛ لأنه كان شديد السواد. وقال إبراهيم الحربى: سُمى زنجيًا؛ لأنه كان أشقر. واختلفوا فى توثيقه وجرحه. قال ابن معين: هو ثقة. وفى رواية: ليس به بأس. وقال على بن المدينى: ليس هو بشىء. وقال البخارى: مُنكر الحديث. وقال أبو حاتم: ليس بذلك القوى، مُنكر الحديث، لا يُكتب حديثه ولا يُحتج به، يُعرف وينكر. وقال أحمد بن محمد بن الوليد: كان فقيهًا، عابدًا، يصوم الدهر، توفى بمكة سنة ثمانين ومائة، وكان كثير الغلط فى حديثه، وكان فى هديه نِعم الرجل. وقال ابن عدى: هو حسن الحديث، وأرجوا أن لا بأس به. وقال الشيخ أبو إسحاق فى الطبقات: كان مسلم بن خالد مفتى مكة بعد ابن جريج، وتوفى سنة تسع وسبعين ومائة، وقيل: سنة ثمانين ومائة. قال: وأخذ عنه الشافعى، رضى الله عنه، الفقه. قلت: ومسلم، رضى الله عنه، أحد أجدادنا فى سلسلة الفقه المتصلة منا إلى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كما سبق بيانها فى أول هذا الكتاب، وبالله التوفيق. 572 - مسلم بن يسار التابعى (1) : مذكور فى المختصر فى الزنا. هو أبو عبد الله مسلم بن يسار البصرى الفقيه، قيل: هو مولى عثمان بن عفان، وقيل: مولى طلحة بن عبيد الله، وقيل: مزنى. روى عن أبيه، وعبد الله بن عمر بن الخطاب، وابن عباس، وأبى الأشعث الصنعانى. روى عنه ابنه عبد الله، وأبو قلابة، وابن سيرين، وثابت البنانى، وأيوب، وغيرهم. قال خليفة بن خياط: كان مسلم يُعد خامس خمسة من فقهاء البصرة. وقال محمد بن سعد: كان ثقة، فاضلاً، ورعًا، عابدًا. وقال ابن عون: كان لا يفضل أحد فى ذلك الزمان. وقال ابن معين: هو ثقة،   (1) الطبقات الكبرى لابن سعد (7/168) ، التاريخ الكبير للبخارى (7/1166) ، الجرح والتعديل (8/868) ، سير أعلام النبلاء (4/510- 514) ، تاريخ الإسلام (4/54) ، ميزان الإعتدال (4/8510) ، تهذيب التهذيب لابن حجر (10/140- 141) ، تقريب التهذيب (6652) ، وقال: “ثقة عابد من الرابعة مات سنة مائة أو بعدها بقليل د س ق”.. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 93 رجل صالح. وقال أحمد بن حنبل، وأحمد بن عبد الله: هو ثقة. وقال ابن سعد: توفى سنة مائة أو سنة إحدى ومائة. وقال خليفة: سنة مائة. 573 - المسور بن مخرمة الصحابى، رضى الله عنه (1) : تكرر فى المهذب فى الحج والطلاق، هو بكسر الميم وإسكان السين وفتح الواو، وهو أبو عبد الرحمن، وقيل: أبو عثمان المسور بن مخرمة بن نوفل بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة القرشى الزهرى، أمه عاتكة بنت عوف أخت عبد الرحمن بن عوف، قيل: اسمها الشفاء. ولد بمكة بعد الهجرة بسنتين، وكان من فقهاء الصحابة وأهل الدين، ولم يزل مع خاله عبد الرحمن بن عوف فى أمر الشورى، وأقام بالمدينة إلى أن قُتل عثمان، ثم سار إلى مكة، فلم يزل بها حتى توفى معاوية، وأقام مع ابن الزبير بمكة، فقُتل فى حصار ابن الزبير، أصابه حجر المنجنيق وهو يصلى فى الحجر فقتله مستهل شهر ربيع الأول سنة أربع وستين، وقيل: سنة ثلاث وسبعين، ودفن بالحجون، وصلى عليه ابن الزبير. وللمسور ولأبيه صحة، وصح سماع المسور من رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، رُوى له عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اثنان وعشرون حديثًا، اتفقا على حديثين، وانفرد البخارى بأربعة، ومسلم بحديث. روى عنه أبو أمامة بن سهل بن حنيف وهو صحابى، وعلى بن حسين، رضى الله عنهما، وسعيد بن المسيب، وعبيد الله بن أبى رافع، وسليمان بن يسار، وجهم بن أبى الجهم، وابن أبى مليكة، وعروة بن الزبير، وابنته أم بكر، وغيرهم. وأما أبوه مخرمة، فكنيته أبو صفوان، وقيل: أبو المسور، وقيل: أبو الأسود، والأول أكثر، وهو ابن عم سعد بن أبى وقاص بن أهيب، وكان م مُسلمة الفتح والمؤلفة قلوبهم، ثم حسن إسلامه، وكان له سن وعلم بأيام الناس وبقريش خاصة، وكان يؤخذ عن النسب، وشهد حنينا مع النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وهو أحد من أقام أنصاب الحرم فى خلافة عمر ابن الخطاب، أرسله عمر، رضى الله عنه، وأرسل معه أزهر بن عبد عوف، وسعيد بن يربوع، وحويطب بن عبد العزى فحددوها. توفى بالمدينة سنة أربع وخمسين وعُمره مائة سنة وخمس عشر سنة، وعُمى فى آخر عُمره.   (1) التاريخ الكبير للبخارى (7/1798) ، الجرح والتعديل (8/1366) ، الاستيعاب (3/1399) ، أسد الغابة (4/365) ، سير أعلام النبلاء (3/360) ، تاريخ الإسلام (3/79) ، تهذيب التهذيب لابن حجر (10/150 - 152) ، الإصابة (3/8993) ، تقريب التهذيب (6671) ، وقال: “مقبول من السابعة حديثه في الطهارة من السنن، ولم يذكره المزي د”.. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 94 574 - مسيلمة الكذاب عدو الله: ذكره فى المهذب فى باب الضمان، ثم فى كتاب السير. هو مسيلمة بن حبيب، وهو من بنى حنيفة. قال ابن قتيبة: كنيته أبو ثمامة، وكان صاحب نيرنجات، وهو أول مَن أدخل البيضة فى قارورة. قال: وله عقب، وجمع جموعًا كثيرة من بنى حنيفة وغيرهم من سفهاء العرب وغوغائهم، وقصد قتال الصحابة فى أثر وفاة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فجهز عليه أبو بكر الصديق، رضى الله عنه، الجيوش وأميرهم خالد بن الوليد، رضى الله عنه، سنة إحدى عشرة من الهجرة، فقاتلوه فظهروا على مسيلمة فقتلوه كافرًا. قيل: قتله وحشى ابن حرب، وقيل غيره، وقتل خلائق من أتباعه، وانهزم مَن أفلت منهم، وطفئت آثارهم. 575 - المسيب (1) : والد سعيد بن المسيب، والمسيب صحابى، رضى الله عنه، وهو بفتح الياء على المشهور، وقيل: بكسرها، وهو قول أهل المدينة، وكان سعيد يكره فتحها. وهو أبو سعيد المسيب بن حزن، بفتح الحاء المهملة، وإسكان الزاى، ابن أبى وهب بن عمرو بن عايذ بن عمران بن مخزوم القرشى المخزومى الكوفى. وهو وأبوه حزن صحابيان، هاجرا إلى المدينة، وكان المسيب ممن بايع بيعة الرضوان تحت الشجرة فى قول. وقال مصعب: لا يختلف أصحابنا فى أن المسيب وأباه من مسلمة الفتح. قال أبو أحمد العسكرى: أحسب مصعبًا وهم؛ لأن المسيب حضر فى بيعة الرضوان وشهد اليرموك. روى عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سبعة أحاديث، اتفقا على حديثين، وانفرد البخارى بحديث، وهو راوى حديث وفاة أبى طالب. قالوا: ولم يرو عنه غير ابنه سعيد. 576 - مصرف: والد طلحة بن مصرف. مذكور فى المهذب فى صفة الوضوء. هو أبو طلحة مصرف ابن عمرو، ويقال: ابن كعب بن عمرو اليامى الكوفى التابعى. روى عن أبيه. روى عنه ابنه طلحة. وحديثه المذكور فى المهذب ضعيف، رحمه الله. 577 - مُصعب - بضم الميم - ابن سعد بن أبى وقاص (2) : مذكور فى المهذب فى صفة الصلاة، وهو تابعى، وهو مُصعب بن سعد بن أبى وقاص الزهرى، وقد   (1) التاريخ الكبير للبخارى (7/1782) ، الجرح والتعديل (8/1345) ، الاستيعاب (3/1400) ، أسد الغابة (4/366) ، تهذيب التهذيب لابن حجر (10/152) ، الإصابة (3/7996) ، تقريب التهذيب (6674) ، وقال: “حزن بفتح المهملة وسكون الزاي، له ولأبيه صحبة عاش إلى خلافة عثمان خ م د س”.. (2) انظر: الجرح والتعديل (8/303) ، والمعرفة والتاريخ (2/159) ، وطبقات ابن سعد (7/350، 351) ، وتهذيب التهذيب (10/160) ، وتقريب التهذيب (2/251) .. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 95 سبق تمام نسبه فى ترجمة أبيه، وهو مدنى سمع أباه، وعلى بن أبى طالب، وابن عمر. روى عنه مجاهد، وأبو إسحاق السبيعى، وعبد الملك بن عمير، وآخرون. واتفقوا على توثيقه. قال ابن سعد: كان ثقة، كثير الحديث. توفى سنة ثلاث ومائة. 578 - مصعب بن عمير الصحابى، رضى الله عنه: مذكور فى المهذب فى الكفن، وأول الفرائض، هو أبو عبد الله مصعب بن عمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصى بن كلاب بن مرة القرشى العبدرى. كان من فضلاء الصحابة وخيارهم، ومن السابقين إلى الإسلام، أسلم ورسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فى دار الأرقم، وكتم إسلامه خوفًا من أمه وقومه، وكان يختلف إلى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سرًا، فبصر به عثمان بن طلحة العبدرى يصلى، فأعلم به أمه وأهله فحبسوه، فلم يزل محبوسًا إلى أن هاجر إلى الحبشة، ثم عاد إلى مكة، ثم هاجر إلى المدينة بعد العقبة الأولى ليعلم الناس القرآن ويصلى بهم، بعثه رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مع الاثنى عشر أهل العقبة الثانية ليفقه أهل المدينة ويقرئهم القرآن، فنزل على أسعد بن زرارة، وكان يسمى بالمدينة المقرى. قالوا: وهو أول من جمع الجمعة بالمدينة، وأسلم على يديه سعد بن معاذ، وأسيد بن حضير، وكفى بذلك فضلاً وأثرًا فى الإسلام. قال البراء بن عازب: أول مَن قدم علينا من المهاجرين مصعب بن عمير، ثم عمرو بن أم مكتوم، ثم عمار بن ياسر، وسعيد بن أبى وقاص، وابن مسعود، وبلال، ثم عمر بن الخطاب، رضى الله عنهم. وشهد بدرًا، وأُحُدًا، واستشهد بأحد ومعه لواء المسلمين، قيل: كان عمره أربعين سنة أو أكثر قليلاً، ويقال: نزل فيه وفى أصحابه قوله تعالى: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ} [الأحزاب: 23] الآية، وكان قبل إسلامه أنعم فتى بمكة، وأجوده خلة، وأكمله شبابًا وجمالاً وجودًا، وكان أبواه يحبانه حبًا كثيرًا، وكانت أمه تكسوه أحسن ما يكون من الثياب بمكة، وكان أعطر أهل مكة، ثم انتهى به الحال فى الإسلام إلى أن كان عليه بردة مرقوعة بفروة. وثبت فى الصحيحين عن خباب بن الأرت، رضى الله عنه، قال: هاجرنا مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نلتمس وجه الله تعالى، فوقع الجزء: 2 ¦ الصفحة: 96 أجرنا على الله تعالى، فمنا من مات ولم يأكل من عمله شيئًا، منهم مصعب بن عمير، قُتل يوم أُحُد، ولم نجد له ما نكفنه به إلا بردته، إذا غطينا بها رأسه خرجت رجلاه، وإذا غطينا رجليه خرج رأسه، فأمرنا رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن نغطى رأسه، وأن نجعل على رجليه الأذخر، ومنا من أينعت له ثمرته، فهو يهديها. ومعنى أينعت: نضجت، وقوله: يهديها، بفتح أوله وكسر الدال وضمها، أى يجتنيها، وهو إشارة إلى ما فتح الله عليهم من الدنيا بعد وفاة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وكان مصعب زوج حمنة بنت جحش، رحمه الله. 579 - مطرف (1) : المذكور فى المهذب فى أواخر باب الدعاوى والبينات. هو بضم الميم، وفتح الطاء، وكسر الراء المشددة، وهو أبو أيوب مطرف بن مازن الكنانى. قال ابن أبى حاتم فى كتابه الجرح والتعديل: هو أبو أيوب مطرف بن مازن الكنانى مولاهم، ولى القضاء بصنعاء، وتوفى بالرقة، ويقال: بمنيج. روى عن معمر، ويعلى بن مقسم. روى عنه بقية ابن الوليد، وإبراهيم بن موسى، وأيوب بن محمد الوزان. قال يحيى بن معين: مطرف هذا كَذَّاب. هذا آخر كلام ابن أبى حاتم، وهذا الذى ذكرته من أن المذكور فى المهذب هو مطرف بن مازن، هو الصواب. وقد ذكر بعض المصنفين على المهذب أنه مطرف بن عبد الله بن الشخير، وهذا غلط فاحش وجهالة عظيمة، فإنه قال فى المهذب: قال الشافعى: رأيت مطرفًا يحلف الناس بصنعاء بالمصحف، ومعلوم أن الشافعى ولد سنة خمسين ومائة من الهجرة، وتوفى مطرف بن عبد الله سنة خمس ومائة من الهجرة. 580 - المطعم بن عدى الكافر: مذكور فى المهذب فى السير، هكذا ذكره فى المهذب أنه المطعم بن عدى، قتله النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوم بدر كافرًا فى الأسر، وهذا غلط فاحش، فإن مطعم بن عدى كان مات قبل يوم بدر بلا خلاف بين أهل التواريخ والسير وغيرهم. وفى الحديث أن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال يوم بدر فى أسارى بدر: “لو كان المطعم بن عدى حيًا فكلمنى فى هؤلاء السبى لأطلقتهم” (2) ، قالوا: وإنما الذى قُتل يوم بدر طعيمة   (1) انظر: طبقات ابن سعد (5/548) ، وتاريخ ابن معين (2/570) ، والتاريخ الكبير (7/398) ، والجرح والتعديل (8/314) ، وميزان الاعتدال (4/125، 126) ، ولسان الميزان (6/47، 48) .. (2) أخرجه أحمد (4/80، رقم 16779) ، والبخارى (4/1475، رقم 3799) ، وأبو داود (3/61، رقم 2689) ، وابن الجارود (ص 274، رقم 1091) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 97 بن عدى، لكنه قُتل فى حال القتال لا فى الأسر، ولا يصح ذكر واحد منهما فى هذا الموضع. 581 - المطلب بن عبد الله بن حنطب (1) : مذكور فى المختصر فى مواضع من باب ما يقع به الطلاق، وحنطب بفتح الخاء المهملة، وإسكان النون، وفتح الطاء المهملة. هو أبو الحكم المطلب بن عبد الله بن حنطب بن الحارث بن عبيد بن عمرو بن مخزوم القريشى المخزومى المدنى. قال ابن سعد: روى عن أبيه، وعمر بن الخطاب، وابن عمر، وابن عباس، وأنس، وأبى موسى الأشعرى، وأبى هريرة، وأبى رافع، وعائشة، وأم سلمة. روى عنه ابنه عبد العزيز، ومحمد بن عباد بن جعفر، وابن جريج، والأوزاعى. قال ابن سعد: كان كثير الحديث، لا يُحتج به، فإنه يرسل عن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كثيرًا، وليس له لقى، وعامة أصحابه يدلسون. وقال ابن أبى حاتم: روى عن هؤلاء مرسلاً، وعن جابر يشبه أن يكون أدركه، وعامة أحاديثه مرسلة. وقال يعقوب بن سفيان والدارقطنى: هو ثقة. وسُئل أبو زرعة عنه، فقال: ثقة، قيل: أسمع عائشة؟ فقال: أرجوا أن يكون سمعها. 582 - معاذ بن جبل الصحابى، رضى الله عنه (2) : تكرر فى هذه الكتب، هو بالذال المعجمة. هو أبو عبد الرحمن معاذ بن جبل بن عمرو بن أوس بن عائذ، بالمعجمة، ابن عدى بن كعب بن عمرو بن أدى بن سعد بن على بن أسد بن ساردة بن تزيد، بالمثناة فوق، ابن جشم بن الخزرج الأنصارى الخزرجى الجشمى المدنى الفقيه، الفاضل، الصالح. أسلم معاذ وهو ابن ثمانى عشرة سنة، وشهد العقبة الثانية مع السبعين من الأنصار، ثم شهد بدرًا، وأُحُدًا، والخندق، والمشاهد كلها مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وآخى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بينه وبين عبد الله بن مسعود. رُوى له عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مائة حديث وسبعة وخمسون حديثًا، اتفقا على حديثين، وانفرد البخارى بثلاثة، ومسلم بحديث. روى عنه ابن عمر، وابن عباس، وابن عمرو بن العاص، وأبو قتادة، وجابر، وأنس، وأبو أمامة، وأبو ثعلبة، وعبد الرحمن بن سمرة، وآخرون من الصحابة، رضى الله عنهم، وخلائق من التابعين. توفى فى طاعون عمواس بالشام سنة ثمانى عشرة، وقيل: سبعة عشر، والصحيح الأول، وقبره فى مشاق غور بيان، وعمواس التى نسب إليها الطاعون   (1) انظر: الجرح والتعديل (8/359) ، والتاريخ الكبير (8/7) ، وتاريخ ابن معين (2/570، 571) ، وسير أعلام النبلاء (5/317) برقم (154) ، وتهذيب التهذيب (10/178، 179) ، وتقريب التهذيب (2/254) .. (2) انظر: الإصابة (3/246) ، والاستيعاب (3/355) ، وأسد الغابة (5/194) ، والتاريخ الكبير (7/359) ، وحلية الأولياء (1/228) ، وسير أعلام النبلاء (1/443) (86) .. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 98 بالرملة وبيت المقدس، نُسب الطاعون إليها لأنه بدأ بها، هو بفتح العين والميم. وتوفى شهيدًا فى الطاعون، وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة، وقيل: أربع وثلاثين، وقيل: ثمان وثلاثين. روينا بالإسناد الصحيح فى سنن أبى داود، والنسائى، عن معاذ، أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أخذ بيده، وقال: “يا معاذ، والله إنى لأحبك”، وقال: “أوصيك يا معاذ لا تدعن فى دبر كل صلاة تقول: اللهم أعنى على ذكرك وشكرك وحُسن عبادتك” (1) . وروينا عن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: “يأتى معاذ يوم القيامة رتوة بين العلماء”، والرتوة رمية بسهم، وقيل: بحجر. وعن ابن مسعود قال: إن معاذًا كان أمة قانتًا لله حنيفًا، ولم يك من المشركين، قالوا: يا أبا عبد الرحمن، إن إبراهيم كان أمة، فقال: إنا كنا نشبه معاذًا بإبراهيم. وعن أنس، قال: جمع القرآن على عهد رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أربعة كلهم من الأنصار: أُبىّ ابن كعب، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو زيد. رواه البخارى ومسلم. وعن ابن عمرو بن العاص، قال: سمعت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: “خذو القرآن من أربعة: من عبد الله بن مسعود، وسالم مولى أبى حذيفة، ومعاذ بن جبل، وأُبىّ بن كعب” (2) . رواه البخارى ومسلم. وعن أنس، قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “أرحم أمتى لأمتى أبو بكر، وأشدهم فى أمر الله عمر، وأشدهم حياء عثمان، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، وأفرضهم زيد بن ثابت، وأقرأهم أُبىّ، ولكل أمة أمين، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح” (3) . رواه الترمذى، والنسائى، وابن ماجة بأسانيد صحيحة حسنة، وقال الترمذى: هو حديث حسن صحيح. وعن أبى هريرة، رضى الله عنه، قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “نِعم الرجل أبو بكر، نِعم الرجل عمر، نِعم الرجل أبو عبيدة بن الجراح، نِعم الرجل أسيد بن حضير، نِعم الرجل ثابت بن قيس بن شماس، نِعم الرجل معاذ بن جبل، نِعم الرجل معاذ بن عمرو ابن الجموح”. رواه الترمذى، والنسائى بإسناد صحيح. قال الترمذى: حديث حسن. وعن معاذ، رضى الله عنه، قال: كنت ردف النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ليس بينى وبينه إلا مؤخرة الرحل، فقال: “يا معاذ بن جبل”، قلت: لبيك يا رسول الله وسعديك، فذكر حديثًا: “هل تدرى ما حق الله على   (1) أخرجه أحمد (5/244، رقم 22172) ، وأبو داود (2/86، رقم 1522) ، والنسائى فى الكبرى (6/32، رقم 9937) ، والحاكم (1/407، رقم1010) ، وقال: صحيح الإسناد على شرط الشيخين. والطبرانى (20/60، رقم 110) ، وابن حبان (5/365، رقم 2021) . وأخرجه أيضا: عبد بن حميد (ص 71، رقم120) . (2) أخرجه البخارى (3/1372، رقم 3548) واللفظ له، ومسلم (4/1914، رقم 2464) ، وابن حبان (16/70، رقم 7128) . وأخرجه أيضًا: أحمد (2/189، رقم 6767) ، والنسائى فى الكبرى (5/9، رقم 8001) ، وأبو نعيم (1/176) ، والخطيب (8/160) . عن مسروق قال ذكر عبد الله عند عبد الله بن عمرو فقال ذاك رجل لا أزال أحبه بعد ما سمعت رسول الله (يقول ... فذكره. (3) أخرجه الطيالسى (ص 281، رقم 2096) ، وأحمد (3/281، رقم 14022) ، والترمذى (5/665، رقم 3791) وقال: حسن صحيح. والنسائى فى الكبرى (5/67، رقم 8242) ، وابن ماجه (1/55، رقم 154) ، وابن حبان (16/85، رقم 7137) ، والحاكم (3/477، رقم 5784) ، وقال: صحيح على شرط الشيخين. وأبو نعيم فى الحلية (3/122) ، والبيهقى (6/210، رقم 11966) ، والضياء (6/225، رقم 2240) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 99 العباد؟ وما حق العباد على الله؟ ” إلى آخره (1) ، رواه البخارى ومسلم. وثبت فى الصحيحين أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أرسله إلى اليمن يدعوه إلى الإسلام وشرائعه. ومعاذ، رضى الله تعالى عنه، أحد الذين كانوا يفتون على عهد رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهم ثلاثة من المهاجرين: عمر، وعثمان، وعلى، وثلاثة من الأنصار: أُبىّ بن كعب، ومعاذ ابن جبل، وزيد بن ثابت. وعن جابر بن عبد الله، قال: كان معاذ من أحسن الناس وجهًا وخلقًا، وأسمحهم كفًا، ولما وقع الطاعون بالشام قال معاذ: اللهم أدخل على آمعاذ نصيبهم من هذا، فطُعنت له امرأتان فماتتا، ثم طعن ابنه عبد الرحمن فمات، ثم طعن معاذ فجعل يغشى عليه، فإذا أفاق قال: رب غمنى غمك، فوعزتك أنك لتعلم أنى أحبك، ثم يغشى عليه، فإذا أفاق قال مثله، ولما حضرته الوفاة قال: مرحبًا بالموت، مرحبًا زائر حبيب جاء على فاقة، اللهم أنك تعلم أنى كنت أخافك، وأنا اليوم أرجوك إنى لم أكن أحب الدنيا وطول البقاء فيها لكرى الأنهار، ولا لغرس الأشجار، ولكن لظماء الهواجر، ومكابدة الساعات، ومزاحمة العلماء بالركب عند حلق الذكر. وفى الحديث أن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: “معاذ إمام العلماء يوم القيامة برتوة أو رتوتين” (2) ، الرتوة رمية الحجر. وقال ابن مسعود: إن معاذًا كان أمة قانتًا لله حنيفًا ولم يك من المشركين، فقيل له: إنما قال الله تعالى هذا فى إبراهيم، فأعاد ابن مسعود قوله، ثم قال: الأمة الذى يعلم الخير ويؤتم، والقانت المطيع لله عز وجل، وكذلك كان معاذ معلمًا للخير، مُطعيًا لله عز وجل ولرسوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وأحوال معاذ ومناقبه غير منحصرة، رضى الله عنه. 583 - معاذ القارىء (3) : المذكور فى المختصر فى باب صلاة التطوع من المختصر. قال البيهقى فى هذا الباب من السنن الكبير: هو أبو حليمة معاذ بن الحارث، شهد الجسر مع أبى عبيد الثقفى فى خلافة عمر بن الخطاب، رضى الله تعالى عنه، قال: وقيل: له صحبة، هذا كلام البيهقى. وقال ابن أبى حاتم فى كتابه: معاذ بن الحارث أبو حليمة الأنصارى القارىء، شهد الجسر. روى عن نافع، وسعيد المقبرى، وعبد الله بن الحارث، يقال: إنه قُتل يوم الحرة سنة ثلاث وستين بالمدينة. قال: وهو الذى أقامه عمر بن   (1) أخرجه أحمد (5/242، رقم 22149) ، والبخارى (5/2224، رقم 5622) ، ومسلم (1/58، رقم 30) ، والترمذى (5/26، رقم 2643) وقال: حسن صحيح. وابن ماجه (2/1435، رقم 4296) ، وابن حبان (2/82، رقم 362) . وأخرجه أيضا: النسائى فى الكبرى (6/55، رقم 10014) . (2) أخرجه أبو نعيم (1/229) . قال الهيثمى (9/311) : رواه الطبرانى مرسلا وفيه محمد بن عبد الله بن أزهر الأنصارى ولم أعرفه وبقية رجاله رجال الصحيح. (3) انظر: أسد الغابة (4/378) ، والتاريخ الكبير (7/361) ، وتهذيب التهذيب (10/188) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 100 الخطاب، رضى الله عنه، ليصلى بهم التراويح فى رمضان. وفى تاريخ البخارى أنه مدنى. ذكره ابن عبد البر، وابن مندة، وأبو نعيم الأصبهانى فى الصحابى، وذكروا خلافًا فى شهوده الخندق، وقيل: شهدها مع النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وقيل: لم يشهدها، ولم يدرك من زمنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلا ست سنين، ومن حديثه عن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: “منبرى على ترعة من ترع الجنة”. قال ابن مندة، وأبو نعيم: توفى قبل زيد بن ثابت. وقال ابن عبد البر: قُتل يوم الحرة سنة ثلاث وستين. 584 - معاذ بن الحارث بن رفاعة بن الحارث بن سواد بن مالك بن غنم بن مالك ابن النجار الأنصارى النجارى الصحابى: ويُعرف بابن عفراء، وهى أمه بنت عبيد بن ثعلبة من بنى غنم بن مالك بن النجار. شهد معاذ وأخواه عوف ومعوذ بنو عفراء بدرًا مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وقُتل عوف ومعوذ، وأسلم معاذ فشهد أُحُدًا، والخندق، وسائر المشاهد مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وذكر ابن إسحاق فيمن شهد بدرًا من الأنصار من بنى سواد بن مالك عوفًا، ومعوذًا، ومعاذًا، ورفاعة بنى الحارث، وهم بنو عفراء، وقيل: إن معاذًا بقى إلى زمن عثمان، وقيل: جرح ببدر وعاد إلى المدينة، فتوفى بها. وقال خليفة بن خياط: عاش معاذ إلى زمن على. وذكر الواقدى أن معاذ بن الحارث ورافع بن مالك الزرقى أول من أسلم من الأنصار بمكة، وأن معاذًا هذا من اليمانية الذين أسلموا أول من أسلم من الأنصار بمكة. قال: وآخى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بينه وبين معمر بن الحارث. قال: وتوفى معاذ فى زمن على، رضى الله عنه، سنة صفين، وأما قول ابن مندة أنه قتل ببدر، فاتفقوا على تغليطه فيه، وفى كلامه ما يرد على نفسه، ومعاذ هذا الذى شارك فى قتل أبى جهل. ثبت فى صحيح البخارى وغيره، عن أنس، قال: قال النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوم بدر: “من ينظر ما صنع أبو جهل؟ ”، فانطلق ابن مسعود فوجده قد ضربه أبناء عفراء حتى برد، فقال: أنت أبو جهل، وذكر تمام الحديث. 585 - معاوية بن حديج بن أبى حنيفة الكوفى الكندى التجيبى الصحابى (1) : كنيته أبو عبد الرحمن، وقيل: أبو نعيم، معدود فى المصريين، غزا إفريقية أميرًا ثلاث مرات، وأصيبت عينه فيها، وقيل: غزا الحبشة مع ابن أبى سرح، وتوفى قبل ابن عمر بيسير. 586 - معاوية بن الحكم الصحابى، رضى الله تعالى عنه (2) : مذكور فى المهذب فى باب ما يفسد الصلاة، وباب سجود السهو، وهو معاوية بن الحكم السُلمى، بضم السين، سكن المدينة، وحديثه المذكور فى المهذب فى هذين البابين رواه مسلم فى صحيحه، وقد روى معاوية عن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثلاثة عشر حديثًا. 587 - معاوية بن حيدة - بفتج الحاء المهملة وإسكان المثناة تحت - ابن معاوية بن قيس بن قشير بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة القشيرى البصرى الصحابى (3) : وهو جد بهز بن حكيم بن معاوية الراوى عن أبيه، عن جده، مذكور فى المهذب فى الزكاة، وغزا خراسان ومات بها، سُئل يحيى بن معين، عن بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده، فقال: إسناد صحيح إذا كان من دونهم ثقة. 588 - معاوية بن أبى سفيان (4) : الصحابى ابن الصحابى. تكرر فى هذه الكتب، هو أبو عبد الرحمن معاوية بن أبى سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصى القرشى الأموى، وأمه هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس، يجتمع أبوه وأمه فى عبد شمس، أسلم هو وأبوه أبو سفيان وأخوه يزيد بن أبى سفيان، وأمه هند فى فتح مكة، وكان معاوية يقول: إنه أسلم يوم الحديبية وكتم إسلامه من أبيه وأمه، وشهد مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حنينًا، فأعطاه من غنائم هوازن مائة بعير وأربعين أوقية، وكان هو وأبوه من المؤلفة قلوبهم، ثم حسن إسلامهما. وكان أحد الكُتاب لرسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ولما بعث أبو بكر، رضى الله تعالى عنه، الجيوش إلى الشام سار معاوية مع أخيه يزيد، فلما مات يزيد استخلفه على عمله بالشام، وهو دمشق، فأقره عمر، رضى الله عنه، مكانه. رُوى له عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مائة حديث وثلاثة وستون حديثًا، اتفق البخارى ومسلم على أربعة منها، وانفرد   (1) انظر: الإصابة (3/431) ، والنجوم الزاهرة (1/151) ، وطبقات ابن سعد (7/503) ، والتاريخ الكبير (7/328) ، والجرح والتعديل (8/377) ، والاستيعاب (3/406) ، ووفيات الأعيان (3/130) ، وأسد الغابة (4/383) ، وسير أعلام النبلاء (3/37) ، والبداية والنهاية (8/60) ، وتهذيب التهذيب (10/203) .. (2) انظر: الإصابة (3/432) ، وتهذيب التهذيب (10/205) ، والتاريخ الكبير (7/328) ، والجرح والتعديل (8/376) ، والاستيعاب (3/403) ، وأسد الغابة (4/384) . (3) انظر: الإصابة (3/432) ، والثقات لابن حبان (3/374) ، والجرح والتعديل (8/376) ، وطبقات ابن سعد (7/35) ، وتهذيب التهذيب (10/205، 206) ، والتاريخ الكبير (7/329) ، وأسد الغابة (8/376) . (4) انظر: والإصابة (3/433 - 435) ، والتاريخ الكبير (7/326 - 328) ، والجرح والتعديل (8/377) ، ومشاهير علماء الأمصار (50) برقم (326) ، والاستيعاب (3/395) ، وأسد الغابة (4/385 - 388) ، والكاشف (3/138، 139) ، وسير أعلام النبلاء (3/119 - 162) برقم (25) ، وتهذيب التهذيب (10/207) ، والشعر والشعراء (2/809) ، والطبقات الكبرى (3/32، 7/406) ، وتاريخ بغداد (1/207 - 210) ، والجمع بين رجال الصحيحين (2/489) ، ونهاية الأرب (20/543، 544) ، والبداية والنهاية (8/20، 117) ، والعقد الثمين (7/227) ، وشذرات الذهب (1/65) .. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 101 البخارى بأربعة، ومسلم بخمسة. روى عنه من الصحابة ابن عباس، وأبو الدرداء، وجرير بن عبد الله، والنعمان بن بشير، وابن عمر، وابن الزبير، وأبو سعيد الخدرى، والسائب بن يزيد، وأبو أمامة بن سهل. ومن التابعين ابن المسيب، وحميد بن عبد الرحمن، وغيرهما. ولما ولاه عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، الشام مكان أخيه يزيد بقى أميرًا خلافة عمر، ثم أقره عثمان، وولى الخلافة بعد ذلك عشرين سنة. قال محمد بن سعيد: بقى معاوية أميرًا عشرين سنة، وخليفة عشرين سنة. وقال الوليد بن مسلم: كان خلافته تسع عشرة سنة ونصفًا، وقيل: تسع عشرة سنة وثمانية أشهر وعشرين يومًا. وولى دمشق أربع سنين من خلافة عمر، واثنتى عشرة من خلافة عثمان، مع ما أضاف إليه من باقى الشام، وأربع سنين تقريبًا أيام خلافة على، وستة أشهر خلافة الحسن، وسلم إليه الخلافة سنة إحدى وأربعين، وقيل: سنة أربعين، والأول أصح. واتفقوا على أنه توفى بدمشق، ثم المشهور أنه توفى يوم الخميس لثمان بقين من رجب، وقيل: لنصف رجب سنة ستين من الهجرة، وقيل: سنة تسع وخمسين وهو ابن اثنين وثمانين سنة، وقيل: ثمان وسبعين سنة، وقيل: ست وثمانين، وهو من الموصوفين بالدهاء والحلم، وذكروا أن عمر بن الخطاب لما دخل الشام فرأى معاوية قال: هذا كسرى العرب. ولما حضرته الوفاة أوصى أن يكفن فى قميص كان رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كساه إياه، وأن يجعل مما يلى جسده، وكان عنده قلامة أظفار رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فأوصى أن تسحق وتجعل فى عينيه وفمه، وقال: افعلوا ذلك بى، وخلوا بينى وبين أرحم الراحمين. ولما نزل به الموت قال: يا ليتنى كنت رجلاً من قريش بذى طوى، وإنى لم أل من هذا الأمر شيئًا. وكان ابنه يزيد غائبًا بحوران وقت وفاة معاوية، فأرسل إليه البريد، فلم يدركه. وكان معاوية أبيض جميلاً يخضب، وروى عنه قال: مازلت أطمع بالخلافة منذ قال لى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “إن وليت فأحسن”. قال ابن قتيبة فى المعارف: لم يولد لمعاوية فى زمن خلافته ولد؛ لأنه ضرب على إليته فانقطع عنه الولد، ولد له قبلها عبد الرحمن لأم ولد، ويزيد أمه ميسورة بنت مجدل الكلبية، وعبد الله، وهند، ورملة، وصفية. روينا عن عبد الرحمن بن أبى عميرة الصحابى، رضى الله عنه، عن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال الجزء: 2 ¦ الصفحة: 103 لمعاوية: “اللهم اجعله هاديًا مهديًا”. رواه الترمذى، وقال: حديث حسن. وفى صحيح البخارى فى كتاب المناقب عن ابن أبى مليكة، قال: قيل لابن عباس: هل لك فى أمير المؤمنين معاوية ما أوتر إلا واحدة؟ قال: أصاب إنه فقيه. وفى الصحيحين عن فاطمة بنت قيس أنها قالت: يا رسول الله، إن معاوية وأبا جهم خطبانى ... إلى آخره. ذكره فى المهذب فى النكاح المراد بمعاوية معاوية بن أبى سفيان هذا، هو الصواب المشهور، وحكى أبو القاسم الرافعى فى كتاب النكاح من شرح الوجيز عن بعض العلماء أنه معاوية آخر. قال: والمشهور أنه ابن أبى سفيان. قلت: وقول من قال أنه غير ابن أبى سفيان غلط صريح، ففى صحيح مسلم عن فاطمة بنت قيس قالت: لما حللت ذكرت للنبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن معاوية بن أبى سفيان وأبا الجهم خطبانى، وذكرت تمام الحديث. 589 - معاوية بن معاوية المزنى: ويقال: الليثى، ويقال: معاوية بن مقرن المزنى. قال ابن عبد البر: هذا أولى بالصواب، وهو صحابى توفى فى حياة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وروينا فى دلائل النبوة للبيهقى وغيره، عن أنس، قال: نزل جبريل على النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو بتبوك، فقال: يا محمد، مات معاوية بن معاوية المزنى بالمدينة، فيجب أن تصلى عليه، قال: “نعم”، فضرب بجناحه الأرض، فلم تبق شجرة ولا أكمة إلا تضعضت، ورفع له حتى نظر إليه، فصلى عليه وخلفه صفان من الملائكة، فى كل صف ألف ملك، فقال النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “يا جبريل، بم نال هذه المنزلة؟ ”، قال بحبه: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] ، وقراءته إياها جائيًا وذاهبًا، وقائمًا وقاعدًا، وعلى كل حال. قال ابن عبد البر: ليس إسناده بقوى. 590 - معتمر بن سليمان بن طرخان (1) : أبو محمد التيمى البصرى. لم يكن من بنى تيم، وإنما نسب إليهم؛ لأنه نزل فيهم، وهو مولى لبنى مرة، وهو من تابعى التابعين. سمع أباه، وعبد الملك بن عمير، وإسماعيل بن أبى خالد، وعاصمًا الأحول، وأيوب السختيانى، ومنصور بن المعتمر، وخلائق. روى عنه ابن المبارك، وابن مهدى، وعبد الرزاق، وعفان، والحسن بن عرفة، وأحمد بن حنبل، وابن المدينى، وخلائق من   (1) الطبقات الكبرى لابن سعد (7/290) ، والتاريخ الكبير للبخارى (8/2110) ، والجرح والتعديل (8/1845) ، وسير أعلام النبلاء (8/420) ، وميزان الاعتدال (4/8648) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (10/227 - 228) ، تقريب التهذيب (6785) ، وقال: “ثقة من كبار التاسعة مات سنة سبع وثمانين ومائة، وقد جاوز الثمانين ع”.. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 104 الأئمة، وأجمعوا على توثيقه، وجلالته، ووصفه بالعبادة، ولد سنة ست ومائة، وتوفى سنة سبع وثمانين ومائة بالبصرة. 591 - معقل بن سنان الصحابى، رضى الله عنه (1) : مذكور فى المهذب والوسيط فى الصداق فى حديث يربوع بنت واشق، هو بفتح الميم، وإسكان العين المهملة، وهو أبو محمد، ويقال: أبو عبد الرحمن، وأبو يزيد، وأبو عيسى، وأبو سنان معقل بن سنان بن مظهر، بضم الميم وفتح الظاء المعجمة وكسر الهاء، ابن عركى بن فتيان بن سبيع، بضم السين، ابن بكر بن أشجع الأشجعى. شهد فتح مكة، ثم سكن الكوفة، ثم تحول إلى المدينة. قال الحاكم أبو أحمد فى كتابه الكنى: أنه قُتل يوم الحرة صبرًا، وكانت الحرة بالمدينة سنة ثلاث وستين، وكان فاضلاً تقيًا. رُوى له عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حديث يربوع بنت واشق، وهو حديث صحيح، رواه أبو داود، والترمذى، والنسائى، وابن ماجة، وغيرهم، وإسناده إسناد صحيح. قال الترمذى: هو حديث حسن صحيح. وخالفهم أبو بكر بن أبى خيثمة، فقال فى تاريخه فى ترجمة معقل هذا: حديث مختلف فيه. قال أبو سعيد الدرامى: ما خلق الله معقل بن سنان قط ولا كانت يربوع بنت واشق قط، وهذا الذى قاله الدارمى غلط منه وجهالة؛ لما علمه الحفاظ وغيرهم، والصواب ما قدمناه، وإنما ذكرت هذا لأنبه على بطلانه؛ لئلا يراه من لا يعرف حاله فيتوهمه صحيحًا. 592 - معقل بن مقرن الصحابى، رضى الله عنه: بفتح القاف، وكسر الراء المشددة، المزنى، وهو أخو سويد والنعمان بن مقرن، وكانوا سبعة أخوة: معقل، وسويد، والنعمان، وعقيل، وسنان، وعبد الرحمن، وسابع لم يسم، بنو مقرن، هاجروا وصحبوا النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وقيل: شهدوا الخندق. قال ابن عبد البر: قال الواقدى: قال ابن نمير: لا يُعرف فى أحد من الناس سبعة صحابيون مهاجرون غيرهم. وقد أنكر هذا، فقد ذكر ابن عبد البر فى الاستيعاب أيضًا أن بنى حارثة بن هند الأسلميين كانوا ثمانية، أسلموا كلهم وشهدوا بيعة الرضوان، ذكر ذلك فى ترجمة هند بنت حارثة، فقال: وشهد   (1) الطبقات الكبرى ابن سعد (4/282، 6/55) ، والتاريخ الكبير للبخارى (7/1704) ، والجرح والتعديل (8/1305) ، والاستيعاب (3/1431) ، وأسد الغابة (4/398) ، وسير أعلام النبلاء (2/576) ، وتاريخ الإسلام (3/83) ، وتهذيب التهذيب (10/233 - 234) ، والإصابة (3/8136) . تقريب التهذيب (6796) ، وقال: “صحابي نزل المدينة ثم الكوفة واستشهد بالحرة سنة ثلاث وستين 4”.. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 105 هند بن حارثة بيعة الرضوان مع أخوة له سبعة، وهم: هند، وأسماء، وخراش، وذؤيب، وفضالة، وسلمة، ومالك، وحمران. قال: ولم يشهدها أخوة فى عددهم غيرهم. قال: ولزم منهم النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اثنان: أسماء وهند، حتى ظنهما أبو هريرة خادمين له لطول لزومهما إياه، وكانا من أهل الصفة، وقد ذكرناهم فى ترجمة هند بن حارثة أيضًا من هذا الكتاب، فليعلم. 593 - معقل بن يسار (1) : بياء ثم سين مهملة، الصحابى، رضى الله عنه. مذكور فى المهذب فى أول الجنائز حديثه: “اقرؤا على موتاكم يس” (2) . رواه أبو داود، وابن ماجة بإسناد ضعيف. وهو أبو عبد الله، ويقال: أبو يسار، وأبو على معقل بن يسار بن معبر بن حراق بن لأى بن كعب بن عبيد بن ثور بن هذمة بن لاطم بن عثمان بن عمرو بن أد بن طابخة بن إلياس ابن مضر بن نزار بن معد بن عدنان المزنى البصرى. ومعبر بضم الميم، وفتح العين المهملة، وكسر الموحدة المشددة، وقيل: معير بكسر الميم، وإسكان العين، وفتح المثناة تحت، وحراق بضم الحاء المهملة، وقيل: حسان بدل حراق، ويقال لأولاد عثمان وأوس ابنى عمرو: بنو مزينة، نسبوا إلى أمهم مزينة بنت كلب بن وبرة. وكان معقل هذا من مشهورى الصحابة، شهد بيعة الرضوان، ونزل البصرة، وبها توفى فى آخر خلافة معاوية، وقيل: توفى أيام يزيد. رُوى له عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أربعة وثلاثون حديثًا، اتفقا على حديث، وانفرد البخارى بحديث، ومسلم بحديثين. روى عنه عمرو بن ميمون، وأبو عثمان النهدى، والحسن البصرى. قال أحمد بن عبد الله العجلى: ليس فى الصحابة من يكنى أبا على غير معقل بن يسار هذا، وهذا الذى قال مردود، فقد سبق أن طلق بن على كنيته أبو على. وذكر الحاكم أبو أحمد وغيره أن قيس بن عاصم كنيته أبو على، وقيل: أبو قبيصة، وكان لمعقل دار بالبصرة، وإليه يُنسب نهر معقل الذى فى البصرة، وإليه أيضًا يُنسب التمر المعقلى الذى بالبصرة. وروينا فى صحيح مسلم، عن معقل بن يسار هذا، قال: لقد رأيتنى يوم الشجرة والنبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يبايع الناس، وأنا رافع غصنًا من أغصانها عن رأسه، ونحن أربع عشر مائة، ولم نبايعه على الموت، ولكن بايعناه على أن لا نفر.   (1) الطبقات الكبرى ابن سعد (7/14) ، والتاريخ الكبير للبخارى (7/1705) ، والجرح والتعديل (8/1306) ، والاستيعاب (3/1432) ، وأسد الغابة (4/398) ، وسير أعلام النبلاء (2/576) ، وتهذيب التهذيب (10/235 - 236) ، والإصابة (3/8142) . تقريب التهذيب (6800) ، وقال: “صحابي ممن بايع تحت الشجرة وكنيته أبو علي على المشهور وهو الذي ينسب إليه نهر معقل بالبصرة مات بعد الستين ع”.. (2) أخرجه أحمد (5/26، رقم 20316) ، وأبو داود (3/191، رقم 3121) ، وابن ماجه (1/466، رقم 1448) ، وابن حبان (7/269، رقم 3002) ، والطبرانى (20/219، رقم 510) ، والحاكم (1/753، رقم 2074) ، والبيهقى (3/383، رقم 6392) . وأخرجه أيضاً: الطيالسى (ص 126، رقم 931) ، وابن أبى شيبة (2/445، رقم 10853) ، والنسائى فى الكبرى (6/265، رقم 10913) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 106 594 - معمر بن راشد (1) : الإمام المحدث المشهور، مذكور فى مواضع من المختصر منها نكاح المشرك، ثم أجل العنين، ثم الأشربة، وهو صاحب الزهرى، وشيخ عبد الرزاق، وهو أبو عروة مَعْمَر، بفتح الميم وإسكان العين، ابن راشد بن أبى عمرو البصرى، مولى عبد السلام بن صالح، وعبد السلام مولى عبد الرحمن بن قيس أخو المهلب بن أبى صفرة؛ لأنه سكن اليمن، أدرك الحسن، وشهد جنازته. وسمع عمرو بن دينار، والزهرى، وثابتًا البنانى، وسليمان التيمى، وزياد بن علاقة، والسبيعى، وقتادة السختيانى، وهمام بن منبه، ومحمد بن المنكدر، وزيد بن أسلم، وعبيد الله العمرى، وعاصمًا الأحول، وعاصم بن أبى النجود، وهشام بن عروة، ومنصور بن المعتمر، وإسماعيل بن أمية، وخالد الحذاء، وسهيل بن أبى صالح، وخلائق من الأئمة. روى عنه عمرو بن دينار، والسبيعى، وأيوب السختيانى، ويحيى بن أبى كثير، وهم من شيوخه، وابن جريج، وسعيد بن أبى عروبة، والثورى، وابن عيينة، وشعبة، وحماد ابن زيد، وابن المبارك، وابن علية، ومروان بن معاوية، ووهب بن خالد، ويزيد بن زريع، وعبد الأعلى بن عبد الأعلى، وعبد الواحد بن زياد، وغندر، وعيسى بن يونس، وعبد الرزاق بن همام، وخلائق من الأئمة وغيرهم. قال معمر: جلست إلى قتادة وأنا ابن أربع عشرة سنة، فما سمعت منه حديث إلا كأنه ينقش فى صدرى. وقال أحمد بن حنبل: لا يضم معمر إلى أحد إلا ومعمرًا أطلب للعلم منه، وهو أول من رحل إلى اليمن. وقال ابن معين: معمر أثبت فى الزهرى من ابن عيينة. قال: أثبت الناس فى الزهرى: مالك، ومعمر، ويونس. وقال ابن جريج: إن معمرًا شرب من العلم ما نقع. وقال أحمد بن عبد الله: سكن معمر صنعاء اليمن وتزوج بها، رحل إليه سفيان، وسمع منه هناك، وسمع هو من سفيان، ولما دخل معمر صنعاء كرهوا خروجه من عندهم، فقال رجل: نقيده، فزوجوه. واتفقوا على توثيقه، وجلالته. روى له البخارى ومسلم. توفى سنة ثلاث، وقيل: أربع وخمسين ومائة، وهو ابن ثمان وخمسين سنة. 595 - معمر العدوى الصحابى (2) : مذكور فى المهذب فى باب الزنا، وفى آخر   (1) الطبقات الكبرى ابن سعد (5/546) ، والتاريخ الكبير للبخارى (7/1631) ، والجرح والتعديل (8/1165) ، وسير أعلام النبلاء (7/5) ، وتاريخ الإسلام (6/294) ، وميزان الاعتدال (4/8682) ، وتهذيب التهذيب (10/243 - 246) . تقريب التهذيب (6809) ، وقال: “ثقة ثبت فاضل إلا أن في روايته عن ثابت والأعمش [وعاصم بن أبي النجود] وهشام ابن عروة شيئا وكذا فيما حدث به بالبصرة من كبار السابعة مات سنة أربع وخمسين وهو ابن ثمان وخمسين سنة ع”.. (2) الطبقات الكبرى ابن سعد (4/139) ، والتاريخ الكبير للبخارى (7/1621) ، والجرح والتعديل (8/1158) ، والاستيعاب (3/1434) ، وأسد الغابة (4/400) ، وتهذيب التهذيب (10/246) ، والإصابة (3/8151) . تقريب التهذيب (6811) ، وقال: “صحابي كبير من مهاجرة الحبشة م ت ق”.. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 107 باب النجش، وهو معمر بن عبد الله بن نضلة بن عبد العزى بن حرثان، بضم الحاء المهملة وإسكان الراء المهملة والثاء المثلثة، ابن عوف بن عبيد، بفتح العين وكسر الباء، ابن عويج، بفتح العين وكسر الواو وبالجيم، ابن عدى بن كعب بن لؤى بن غالب القريشى العدوى. يلتقى مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فى كعب، ويقال له: معمر بن أبى معمر، معدود فى أهل المدينة، أسلم رضى الله عنه قديمًا، وهاجر الهجرة الثانية إلى الحبشة، وقدم المدينة عام خيبر مع أصحاب السفينتين، وعاش عمرًا طويلاً، قيل: إنه الذى حلق شعر رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فى حجة الوداع، وهذه منقبة عظيمة لم يصل إليها غيره، وسيأتى بيانه إن شاء الله تعالى فى النوع السابع فى المبهمات. رُوى لمعمر عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سبعة أحاديث، روى مسلم فى صحيحه منها واحدًا، وهو الحديث المذكور فى المهذب: “لا يحتكر إلا خاطىء”. روى عنه سعيد بن المسيب، وبُسر بن سعيد، بضم الموحدة، ووقع فى نسخ المهذب فى باب النجش: معمر العذرى، بضم العين وإسكان الذال المعجمة وبالراء، وهو خطاء وتصحيف، وصوابه: العدوى، بفتح العين والدال المهملة وبالواو، نسبة إلى جده عدى بن كعب. 596 - معيقيب الصحابى، رضى الله عنه (1) : مذكور فى المهذب فى آخر باب ما يفسد الصلاة، وهو بميم مضمومة ثم عين مهملة مفتوحة مصغرًا، وهو معيقيب بن أبى فاطمة الدوسى، أسلم قديمًا بمكة، وهاجر إلى الحبشة الهجرة الثانية، ثم هاجر إلى المدينة، شهد بدرًا، وكان على خاتم رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، واستعمله أبو بكر وعمر، رضى الله عنهما، على بيت المال. رُوى له عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سبعة أحاديث، اتفقا على حديث واحد، وهو المذكور فى المهذب، وهو النهى عن مس الخصى، ولمسلم آخر وهو الذى سقط من يده خاتم رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فى بئر أريس فى المدينة فى خلاف عثمان، ومن حين سقط اختلفت الكلمة بين المسلمين، وكان الخاتم كالأمان. توفى معيقيب فى آخر خلافة عثمان، وقيل: فى سنة أربعين فى خلافة على، رضى الله عنه، وله عقب. 597 - مغفل الصحابى، رضى الله عنه: بضم الميم، وفتح الغين المعجمة، والفاء   (1) الطبقات الكبرى ابن سعد (4/116) ، والتاريخ الكبير للبخارى (8/2123) ، والجرح والتعديل (8/1938) ، والاستيعاب (4/1478) ، وأسد الغابة (4/402) ، وسير أعلام النبلاء (2/491) ، وتهذيب التهذيب (10/254 - 255) ، والإصابة (3/8164) . تقريب التهذيب (6825) ، وقال: “معيقيب بقاف وآخره موحدة مصغر، من السابقين الأولين هاجر الهجرتين وشهد المشاهد وولي بيت المال لعمر ومات في خلافة عثمان أو علي ع”.. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 108 المشددة. تكرر فى المهذب. هو والد عبد الله ابن مغفل المزنى الصحابى، ذكره ابن عبد البر فى الصحابة قال: قال أبو جعفر الطبرى: مغفل هذا هو أخو ذى النجادين المزنى. توفى مغفل بطريق مكة قبل أن يدخلها قبل فتح مكة بقليل سنة ثمان، رحمه الله. 598 - مغيث: بضم الميم، وكسر الغين المعجمة، زوجد بريرة. مذكور فى المختصر فى خيار الأمة باسمه، وذكره فى المهذب: زوج بريرة. قال ابن مندة، وأبو نعيم: هو مولى أبى أحمد بن جحش. وقال ابن عبد البر: هو مولى بنى مطيع، وقيل: كان مولى لبنى مخزوم، فهو قريشى بالولاء على قول من يقول: هو مولى بنى مخزوم، أو مولى بنى مطيع؛ لأنهم من عدى قريش. وأما أبو أحمد، فمن أشد خزيمة، ثم الصحيح المشهور أن مغيثًا كان عبدًا حال عتق بريرة، ثبت ذلك فى الصحيح عن عائشة، وقيل: كان حُرًا، وجاء ذلك فى رواية لمسلم، والمشهور أنه كان عبدًا. وفى صحيح البخارى، عن عكرمة، عن ابن عباس، أن زوج بريرة كان عبدًا يقال له: مغيث، كأنى أنظر إليه يطوف خلفها يبكى ودموعه تسيل على لحيته، فقال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “ألا تعجبون من حب مغيث بريرة ومن بغض بريرة مغيثًا” (1) ، فقال النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “لو راجعتيه”، قالت: يا رسول الله، تأمرنى؟ قال: “إنما أنا أشفع”، قالت: لا حاجة لى فيه. 599 - المغيرة بن شعبة الصحابى، رضى الله تعالى عنه (2) : تكرر فى هذه الكتب. قال ابن السكيت وآخرون من أهل اللغة: يقال: المغيرة، بضم الميم وكسرها، والضم أشهر. وهو أبو عبد الله، ويقال: أبو عيسى، ويقال: أبو محمد المغيرة بن شعبة بن أبى عامر بن مسعود بن معتب، بالعين المهملة المفتوحة، ابن مالك ابن كعب بن عمرو بن سعد بن عوف بن قسى بن منبه، وهو ثقيف بن بكر بن هوازن ابن منصور بن عكرمة بن خصفة، بفتح الخاء المعجمة والصاد المهملة، ابن قيس عيلان، بالعين المهملة، ابن مضر بن نزار بن معد بن عدنان الثقفى الكوفى الصحابى. أسلم عام الخندق. رُوى له عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مائة وستة وثلاثون حديثًا، اتفقا منها على تسعة، وانفرد البخارى   (1) أخرجه البخارى (5/2023، رقم 4979) ، وأبوداود (2/270، رقم 2231) ، والنسائى (8/245، رقم 5417) ، وابن ماجه (1/671، رقم 2075) . وأخرجه أيضا: ابن حبان (10/96، رقم 4273) . (2) الطبقات الكبرى ابن سعد (4/284، 6/20) ، والتاريخ الكبير للبخارى (7/1347) ، والجرح والتعديل (8/1005) ، والاستيعاب (4/1445) ، وأسد الغابة (4/406) ، وسير أعلام النبلاء (3/21) ، وتهذيب التهذيب (10/262 - 263) ، والإصابة (3/8179) . تقريب التهذيب (6840) ، وقال: “صحابي مشهور أسلم قبل الحديبية وولي إمرة البصرة ثم الكوفة مات سنة خمسين على الصحيح ع”.. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 109 بحديث، ولمسلم حديثان. روى عنه أبو أمامة الباهلى، والمسور بن مخرمة، وقرة المزنى الصحابيون، ومن التابعين جماعات منهم بنوه الثلاثة: عروة، حمزة، وعقار، بتشديد القاف وبعد الألف راء، وقيس بن أبى حازم، ومسروق، وأبو وائل، وأبو إدريس الخولانى، وعروة بن الزبير، والشعبى، ووراد كاتب المغيرة، ومولاه، وآخرون. وكان المغيرة موصوفًا بالدهاء والحلم. قال ابن الأثير: قيل: إن المغيرة أحصن ثلاثمائة امرأة فى الإسلام، وقيل: ألف، وشهد المغيرة الحديبية مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وله فى صلحها كلام مع عروة بن مسعود معروف، وولاه عمر بن الخطاب البصرة مدة، ثم نقله عنها فولاه الكوفة، فلم يزل عليها حتى قُتل عمر، فأقره عليها عثمان، ثم عزله. وشهد اليمامة، وفتح الشام، وذهبت عينه يوم اليرموك، وشهد القادسية، وشهد فتح نهاوند، وكان على ميسرة النعمان بن مقرن، وشهد فتح همدان وغيرها، واعتزل الفتنة بعد قتل عثمان، وشهد الحكمين، ثم استعمله معاوية على الكوفة، فلم يزل عليها حتى توفى بها سنة خمسين، وقيل: سنة إحدى وخمسين. قالوا: وهو أول من وضع ديوان البصرة. 600 - مقاتل بن حبان المفسر (1) : هو أبو بسطام مقاتل بن حبان البلخى الخراز، بالخاء المعجمة وراء، وهو مولى بكر ابن وائل، وهو من تابعى التابعين. روى عن سالم بن عبد الله بن عمر، وعكرمة مولى ابن عباس، وعطاء بن أبى رباح، وأبى بردة بن أبى موسى، وعمر بن عبد العزيز، ومجاهد، والحسن البصرى، وأبى الصديق الناجى، وشهر بن حوشب، وعبد الله بن بريدة، والضحاك بن مزاحم، وغيرهم. روى عنه علقمة بن مرثد، وعتاب بن محمد، وأبو جعفر الرازى، وعبد الله بن المبارك، وخلائق غيرهم. واتفقوا على توثيقه والثناء عليه. قال مروان بن محمد، ويحيى بن معين: هو ثقة. قال عبد الرحمن بن الحكم: ذاك مرتفع مرتفع. وقال الدارقطنى: صالح الحديث. وقال أحمد بن يسار: هم أربعة إخوة: مقاتل، والحسن، وبريدة، ومصعب بنو حبان، وكان مقاتل ناسكًا، فاضلاً، وكان هرب إلى كابل، ودعا خلقًا إلى الإسلام   (1) انظر: تقريب التهذيب (2/272) ، والجرح والتعديل (8/353) ، وتهذيب التهذيب (10/277) ، وميزان الاعتدال (4/171) ، وتاريخ ابن معين (2/583) ، والتاريخ الكبير (8/13) ، وسير أعلام النبلاء (6/340) برقم (144) ، وتذكرة الحفاظ (1/174) ، وطبقات المفسرين (2/329) .. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 110 فأسلموا، وذلك أيام أبى مسلم حين هربوا منه. وتوفى بكابل فتسلب عليه ملكها، فقيل: إنه ليس على دينك، فقال: إنه كان رجلاً صالحًا. 601 - مقاتل بن سليمان المفسر (1) : قال ابن أبى حاتم: هو مقاتل بن سليمان صاحب التفسير والمناكير. روى عن الضحاك، ومجاهد، والزهرى، وابن بريدة. روى عنه عبد الرزاق، وحرمى بن عمارة، وعلى بن الجعد، وعيسى بن أبى فاطمة. حدثنا أبو سعيد الأشج، قال: حدثنا أبو خالد الأحمر، قال: والله لقد مات الضحاك، وإن مقاتل بن سليمان له قرطان وهو فى الكتاب. وسُئل وكيع عن تفسير مقاتل، فقال: لا تنظروا فيه، فقال: ما أصنع به؟ قال: ادفنه، يعنى التفسير. وقال وكيع أيضًا: كان مقاتل بن سليمان كذابًا. وروى أن مقاتل بن سليمان جلس فى مسجد بيروت، فقال: لا تسألونى عن شىء دون العرش إلا أنبأتكم عنه، فقال الأوزاعى لرجل: قم إليه فاسأله ما ميراثه من جدتيه؟ فحار ولم يكن عنده جواب، فما بات فيها إلا ليلة واحدة، ثم خرج بالغداة. وقال أحمد بن حنبل: لا يعجبنى أن أروى عن مقاتل بن سليمان شيئًا. وقال عبد الرحمن ابن الحكم: ترك الناس حديثه. وقال يحيى بن معين: حديثه ليس بشىء. وقال أبو حاتم: هو متروك الحديث. 602 - مقداد بن الأسود (2) : تكرر فى المهذب، هو أبو الأسود، وقيل: أبو عمرو، وقيل: أبو معبد الصحابى، المقداد بن عمرو بن ثعلبة بن مالك بن ربيعة بن تمامة بن مطرود بن عمرو بن سعد بن دهير، بفتح الدال المهملة وكسر الهاء، ابن لؤى بن ثعلبة بن مالك بن الشريد، بفتح الشين المعجمة، ابن هون، ويقال: ابن أبى هون بن فابس، ويقال: فارس، ويقال: قاس ابن دريم بن القين بن أهود بن بهر بن عمرو بن الحاف بن قضاعة البهرانى الكندى الصحابى، وهو المقداد بن عمرو حقيقة. واشتهر بالمقداد بن الأسود؛ لأنه كان فى حِجر الأسود بن عبد يغوث بن وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤى بن غالب الزهرى فتبناه، فنُسب إليه، ويقال له: المقداد الكندى؛ لأنه أصاب دمًا فى بهراء، فهرب منهم إلى كندة، فحالفهم، ثم   (1) الطبقات الكبرى ابن سعد (7/373) ، والتاريخ الكبير للبخارى (8/1976) ، والجرح والتعديل (8/1630) ، وسير أعلام النبلاء (7/201) ، وتاريخ الإسلام (6/132) ، وميزان الاعتدال (4/8741) ، وتهذيب التهذيب (10/279 - 285) . تقريب التهذيب (6868) ، وقال: “كذبوه وهجروه ورمى بالتجسيم من السابعة مات سنة خمسين ومائة ل”.. (2) انظر: الاستيعاب (3/472) ، وأسد الغابة (4/409) ، وحلية الأولياء (1/172) ، والتاريخ الكبير (8/54) ، وطبقات ابن سعد (3/161) ، والإصابة (3/454) ، والعقد الثمين (7/268) ، وسير أعلام النبلاء (1/385) (81) ، ونهاية الأرب (19/461) .. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 111 أصاب دمًا فيهم، فهرب منهم إلى مكة، فحالف الأسود بن عبد يغوث فهو بهرانى، ويقال: الكندى، ويقال: زهرى، وهو قديم الإسلام والصحبة من السابقين إلى الإسلام. قال ابن مسعود: أول من أظهر إسلامه بمكة سبعة، منهم المقداد بن الأسود، وهاجر إلى الحبشة، ثم عاد إلى مكة، ثم هاجر إلى المدينة، وشهد مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بدرًا وسائر المشاهد، ولم يثبت أنه شهد بدرًا فارس مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غير المقداد، وقيل: كان الزبير فارسًا أيضًا. رُوى له عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اثنان وأربعون حديثًا، اتفقا على حديث واحد، ولمسلم ثلاثة، روى عنه من الصحابة على بن أبى طالب، وابن مسعود، وابن عباس، والسائب ابن يزيد، وسعيد بن العاص، والمستورد بن شداد، وطارق بن شهاب. وروى عنه خلائق من التابعين، منهم عبيد الله بن عدى، وهمام بن الحارث، وعبد الرحمن بن أبى ليلى، وسليم بن عامر، وميمون بن أبى شبيب، وجبير بن نفير، وأبو ظبية، بالظاء المعجمة، وغيرهم. توفى بالحرف على عشرة أميال من المدينة، وحمل على رقاب الرجال إلى المدينة، وقيل: توفى بالمدينة فى خلافة عثمان بن عفان سنة ثلاث وثلاثين، وهو ابن سبعين سنة، وصلى عليه عثمان، وأوصى إلى الزبير، وشهد فتح مصر، ومناقبه كثيرة. وفى صحيح البخارى، عن ابن مسعود، قال: شهدت من المقداد بن الأسود مشهدًا لأن أكون أنا صاحبه أحب إلىَّ مما عدله به، أتى النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو يدعو على المشركين يوم بدر، فقال: يا رسول الله، إنا لا نقول كما قالت بنو إسرائيل لموسى، عليه السلام: {اذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} [المائدة: 24] ، ولكن امضى ونحن معك، فكأنه سرى عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وفى الترمذى عن بريدة، قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “إن الله عز وجل أمرنى بحب أربعة، وأخبرنى أنه يحبهم”، قيل: يا رسول الله، سمهم لنا، فقال: “على منهم”، يقول ذلك ثلاثًا، “وأبو ذر، والمقداد، وسلمان” (1) ، قال الترمذى: حديث حسن. 603 - المقدام بن معدى كَرِب الصحابى، رضى الله عنه (2) : آخره ميم، مذكور فى مسح الأذنين فقط، وكرب بفتح الكاف وكسر الراء، أما الباء فيجوز كسرها مع   (1) أخرجه الترمذى (5/636، رقم 3718) ، وقال: حسن. وابن ماجه (1/53، رقم 149، والحاكم (3/141، رقم 4649) ، وتعقبه الذهبى فى التلخيص قائلا: ما خرج مسلم لأبى ربيعة الإيادى. وأبو نعيم فى الحلية (1/172) . (2) الطبقات الكبرى ابن سعد (7/415) ، والتاريخ الكبير للبخارى (7/1882) ، والجرح والتعديل (8/1393) ، والاستيعاب (4/1482) ، وسير أعلام النبلاء (3/427) ، وتاريخ الإسلام (3/306) ، وتهذيب التهذيب (10/287) ، والإصابة (3/8184) . تقريب التهذيب (6871) ، وقال: “صحابي مشهور نزل الشام ومات سنة سبع وثمانين على الصحيح وله إحدى وتسعون سنة خ 4”.. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 112 التنوين على الإضافة، ويجوز فتحها على البناء، وهما وجهان مشهوران فى العربية، وهو أبو كريمة، وقيل: أبو صالح، وأبو يحيى، وأبو بشر، والأول أشهر، المقدام بن معدى كرب بن عمرو بن يزيد بن معدى كرب الكندى. وفد على رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فى وفد كندة، عداده فى أهل الشام، سكن حمص. رُوى له عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سبعة وأربعون حديثًا. روى عنه خالد بن معدان، وشريح بن عبيد، وراشد بن سعد جبير بن نفير، وعبد الرحمن بن أبى عوف، والشعبى، وسليم بن عامر، وأبو عامر الهوزنى، وغيرهم. توفى بالشام سنة سبع وثمانين، وهو ابن إحدى وتسعين سنة. 604 - المقوقس: صاحب الإسكندرية الكافر، الذى أهدى لرسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مارية أم إبراهيم، وأختها سيرين، والبغلة. ذكره ابن مندة، وأبو نعيم فى كتاب الصحابة، وغلطا فى ذلك، فإنه لم يسلم ومازال نصرانيًا، ومنه فتح المسلمون مصر فى خلافة عمر، رضى الله تعالى عنه. قال ابن ماكولا: اسم المقوقس جريج، يعنى بجيمين، أولهما مضمومة. 605 - مكحول (1) : الفقيه التابعى. مذكور فى التحلل من الحج. هو أبو عبد الله مكحول بن زيد، ويقال: ابن أبى مسلم بن شاذل بن سند بن شروان بن يردك بن يغوث بن كسرى الكابلى الدمشقى، يقال: كابلى، ويقال: هذلى، فالكابلى من سبى كابل، والهذيلى قيل لأنه كان مولى لامرأة من هذيل، وقيل: كان مولى لسعيد بن العاص، فوهبه لامرأة من قريش فأعتقته، وكان يسكن دمشق، وداره عند طرف سوق الأحد. سمع أنس بن مالك، وأبا هند الدارى، ووائلة بن الأسقع، وأبا أمامة، وعبد الرحمن ابن غنم، وأبا جندل بن سهيل، وأم أيمن، وغيرهم من الصحابة. وسمع جماعات من التابعين منهم ابن المسيب، ووراد كاتب المغيرة، ومسروق، وأبو سلمة، وجبير بن نفير، وكريب، وأبو مسلم، وأبو إدريس الخولانيان، وعروة بن الزبير، وعبد الله بن محيريز، وعنبسة بن أبى سفيان، وخالد بن اللجلاج، وكثير بن مرة، وأم الدرداء   (1) الطبقات الكبرى ابن سعد (7/453) ، والتاريخ الكبير للبخارى (8/2008) ، والجرح والتعديل (8/1867) ، وسير أعلام النبلاء (5/155) ، وتاريخ الإسلام (5/3) ، وميزان الاعتدال (4/8749) ، وتهذيب التهذيب (10/289 - 293) . تقريب التهذيب (6875) ، وقال: “ثقة فقيه كثير الإرسال مشهور من الخامسة مات سنة بضع عشرة ومائة ر م 4”.. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 113 الصغرى، وخلق سواهم. روى عنه الزهرى، وحميد الطويل، ومحمد بن عجلان، ومحمد بن إسحاق، وعبد الله ابن العلاء بن زيد، وسالم بن عبد الله المحاربى، وموسى بن يسار، والأوزاعى، وسعيد ابن عبد العزيز، والعلاء بن الحارث، وثور بن يزيد، وأيوب بن موسى، ومحمد بن راشد المكحولى، ومحمد بن الوليد الزبيدى، وبرد بن سنان، وعبد الله بن عوف، ويحيى بن سعيد الأنصارى، وأسامة بن زيد الليثى، وبجير بن سعد، وصفوان بن عمرو، وثابت بن ثوبان، وخلائق لا يحصون. وقال أبو مسهر: لم يسمع مكحول عنبسة بن أبى سفيان، ولا أدرى أدركه أم لا. وقال ابن إسحاق: سمعت مكحولاً يقول: طفت الأرض فى طلب العلم. وقال أبو وهيب، عن مكحول: عقبت بمصر فلم أدع بها علمًا إلا احتويت عليه فيما أرى، ثم أتيت العراق فلم أدع بها علمًا إلا احتويت عليه فيما أرى، ثم أتيت الشام فغربلتها. وقال أبو حاتم: ما أعلم بالشام أفقه من مكحول. وقال ابن يونس: كان فقيهًا، عالمًا. واتفقوا على توثيقه، سكن دمشق. توفى بها سنة ثمانى عشرة ومائة. 606 - منصور بن المعتمر بن عبد الله بن ربيعة (1) : بضم الراء، وتشديد الباء المفتوحة، أبو عتاب السلمى الكوفى. وهو من كبار تابعى التابعين. سمع زيد بن وهب، وأبا وائل، وربعى بن حراش، وأبا حازم الأشجعى، وأبا الضحى النخعى، والشعبى، والزهرى، وسالم بن أبى الجعد، وسعيد بن جبير، ومجاهد، وخلائق. روى عنه سليمان التيمى، وأيوب، وحصين، والأعمش، ومسعد، والثورى، وهو أثبت الناس فيه، وشعبة، وابن عيينة، وزهير، وإسرائيل، وزايدة، ووهيب بن خالد، وفضيل بن عياض، وخلائق. واتفقوا على توثيقه، وجلالته، وإتقانه، وزهده، وعبادته. قال ابن مهدى: منصور أثبت أهل الكوفة. وقال ابن المدينى: إذا حدثك عن منصور ابن المعتمر ثقة فقد ملأت يديك لا تريد غيره. وقال الثورى: ما خلفت بالكوفة آمن على الحديث من منصور. روينا عن زايدة، قال: أقام منصور بن المعتمر أربعين سنة، صام نهارها، وقام ليلها، وكان يبكى الليل، فإذا أصبح اكتحل، وأهن، وبرق   (1) الطبقات الكبرى ابن سعد (6/337) ، والتاريخ الكبير للبخارى (7/1491) ، والجرح والتعديل (8/778) ، وسير أعلام النبلاء (5/402) ، وتاريخ الإسلام (5/305) ، وتهذيب التهذيب (10/312 - 315) . تقريب التهذيب (6908) ، وقال: “أبو عتاب بمثناة ثقيلة ثم موحدة ثقة ثبت وكان لا يدلس من طبقة الأعمش مات سنة اثنتين وثلاثين ومائة ع”.. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 114 شفتيه. قال: وكان منصور إذا رأيته قلت: رجل قد أصيب بمصيبة، ولقد قالت له أمه: ما هذا الذى تصنع بنفسك، تبكى الليل عامته لا تكاد تسكت، لعلك يا بنى قتلت نفسًا، قال: يا أمت، أنا أعلم بما صنعت بنفسى. وقال أبو يزيد الواسطى: كان أول ما يبلى من ثياب منصور ما يلى ركبتيه من كثرة السجود. قال أحمد بن عبد الله: منصور بن المعتمر كوفى، ثبت فى الحديث، ثقة، كان أثبت أهل الكوفة، وكان مثل القدح لا يختلف فيه أحد، متعبدًا، رجلاً صالحًا، أكره على القضاء، وكان قد عمش من كثرة البكاء، وصام ستين سنة وقامها. وقال زايدة: أُكره على القضاء فامتنع. وقالت فتاة لأبيها: يا أبت، الأسطوانة التى كانت فى دار منصور ما فعلت؟ فقال: يا بنية، ذاك منصور كان يصلى الليل فمات. توفى سنة ثنتين وثلاثين ومائة. 607 - منصور الفقيه: من أصحابنا، مذكور فى [ ...... ] (1) . هو أبو الحسن منصور بن إسماعيل بن عمرو التيمى الضرير الإمام. 608 - منقذ بن عمرو الصحابى، رضى الله عنه (2) : والد حبان بن منقذ، بفتح الحاء، مذكور فى المهذب والوسيط فى خيار الشرط، هو جد محمد بن يحيى بن حبان بن منقذ جده الأعلى، وهو منقذ، بكسر القاف، وبالذال المعجمة، ابن عمرو بن عطية بن خنساء بن مبذول بن عمرو بن غنم بن مازن بن النجار الأنصارى النجارى المازنى الصحابى المدنى. ذكره البخارى فى تاريخه، وبسط ترجمته بالنسبة إلى باقى تراجم تاريخه، فقال: هو صحابى. قال البخارى: قال ابن عياش بن الوليد: حدثنا عبد الأعلى، قال: ثنا ابن إسحاق، قال: ثنا محمد بن يحيى بن حبان، قال: كان جدى منقذ بن عمرو أصابته آمة فى رأسة فكسرت لسانه، ونازعت عقله، وكان لا يدع التجارة ولا يزال يغبن، فذكر ذلك للنبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقال: “إذا بعت فقل: لا خلابة، وأنت فى كل سلعة ابتعتها بالخيار ثلاث ليال” (3) . وعاش ثلاثين ومائة سنة، وكان فى زمن عثمان حين كثر الناس يبتاع فى السوق، فيصير إلى أهله فيلومونه فيرده، ويقول: إن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جعلنى   (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. (2) انظر: الإصابة (3/464) ، وأسد الغابة (4/420) ، والاستيعاب (3/444) ، والتاريخ الكبير (8/17) ، والبداية والنهاية (7/222) .. (3) حديث ابن عمر: أخرجه مالك (2/685، رقم 1368) ، والطيالسى (ص 256، رقم 1881) ، وأحمد (2/61، رقم 5271) ، والبخارى (2/745، رقم 2011) ، ومسلم (3/1165، رقم 1533) ، وأبو داود (3/282، رقم 3500) ، والترمذى (3/552، رقم 1250) وقال: حسن صحيح. والنسائى (7/252، رقم 4484) ، وابن حبان (11/432، رقم 5051) ، والحاكم (2/26، رقم 2201) . وأخرجه أيضًا: أبو عوانة (3/271، رقم 4934) ، والبيهقى (5/273، رقم 10239) . حديث أنس: أخرجه أبو داود (3/282، رقم 3501) ، والترمذى (3/552، رقم 1250) وقال: حسن صحيح غريب. والنسائى (7/252، رقم 4485) ، وابن ماجه (2/788، رقم 2354) ، والحاكم (4/113، رقم 7061) ، وقال: صحيح على شرط الشيخين. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 115 بالخيار ثلاثًا. وهذا الحديث هو الذى اعتمده أصحابنا فى جواز شرط الخيار ثلاثة أيام، وإسناده جيد، إلا أنه مرسل؛ لأن محمد بن يحيى لم يدرك منقذًا. 609 - المهاجر بن أبى أمية الصحابى، رضى الله تعالى عنه: مذكور فى المهذب فى آخر باب ما على القاضى فى الخصوم، لكنه وقع فى المهذب: المهاجر بن أمية، وهو غلط، وصوابه: المهاجر بن أبى أمية، وهو أخو أم سلمة أم المؤمنين، واسمها هند بنت أبى أمية، واسم أبى أمية حذيفة، ويقال: سهيل، ويقال: هشام، والصحيح المشهور حذيفة، والمهاجر أخو أم سلمة لأبويها. وهو المهاجر بن أبى أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم القريشى المخزومى الصحابى، كان اسمه الوليد فكرهه النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وسماه المهاجر، وأرسله إلى الحارث بن عبد كلال الحميرى باليمن، ثم استعمله على صدقات كندة، والصدف، فتوفى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولم يسر إليها، فبعثه أبو بكر الصديق، رضى الله عنه، إلى قتال من باليمن من المرتدين، فإذا فرغ سار إلى عمله، فسار إلى ما أمره به أبو بكر، رضى الله عنه، وهو الذى فتح حصن النجير بحضرموت مع زياد بن لبيد الأنصارى، وله فى قتال المرتدين باليمن آثار كثيرة. 610 - المهاجر بن قنفذ الصحابى، رضى الله عنه (1) : هو المهاجر بن قنفذ بن عمير بن جدهان بن عمر بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة ابن كعب بن لؤى القريشى التيمى، وكان عبد الله بن جدعان المشهور بالكرم فى الجاهلية عم أبيه، وهو جد محمد بن يزيد بن مهاجر، وقيل: إن اسم المهاجر عمرو، واسم قنفذ خلف، وأن مهاجرًا وقنفذًا لقبان، إنما قيل له: المهاجر؛ لأنه لما أراد الهجرة أخذه المشركون فعذبوه، ثم هرب منهم، وقدم على رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مسلمًا، فقال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “هذا المهاجر حقًا”، وقيل: إنه أسلم يوم فتح مكة، وسكن البصرة وتوفى بها. روى عنه أبو ساسان، وأما رواية الحسن البصرى عنه، فمرسلة بينهما أبو ساسان. وولى الشرطة لعثمان، وفرض له أربعة آلاف. 611 - المهاجر بن مخلد (2) : أبو مخلد البصرى، مولى البكرات، بفتح الباء والكاف.   (1) الطبقات الكبرى ابن سعد (5/452) ، والتاريخ الكبير للبخارى (7/1635) ، والجرح والتعديل (8/1177) ، والاستيعاب (4/1454) ، وأسد الغابة (4/416) ، وتهذيب التهذيب (10/322 - 323) ، والإصابة (3/8256) . تقريب التهذيب (6923) ، وقال: “قنفذ بضم القاف والفاء بينهما نون ساكنة “جدعان بضم الجيم وسكون المعجمة صحابي أسلم يوم الفتح وولاه عثمان شرطته مات بالبصرة د س ق”.. (2) التاريخ الكبير للبخارى (7/1648) ، والجرح والتعديل (8/1191) ، وميزان الاعتدال (4/8815) ، وتهذيب التهذيب (10/322) . تقريب التهذيب (6924) ، وقال: “البكرات بفتح الموحدة والكاف مقبول من السادسة ت س ق”.. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 116 مذكور فى المختصر فى أول باب مسح الخف، وهو من تابعى التابعين. روى عنه عبد الرحمن بن أبى بكرة، وأبو العالية، وأبو مسلم. روى عنه أيوب السختيانى، فقال: عن مولى لآل أبى بكرة، وعبد الوهاب بن عبد المجيد، وعوف بن أبى جميلة، فقال: عن أبى خالد. قال ابن معين: هو أبو مخلد، وخالد الحذاء، وحماد بن زيد، ووهيب. قال ابن أبى حاتم: سألت أبى عنه، فقال: لين الحديث، ليس بذاك، وليس بالمتقن، شيخ يُكتب حديثه. 612 - مهجع: بكسر الميم، وفتح الجيم، الصحابى، رضى الله عنه. هو مولى عمر بن الخطاب، رضى الله تعالى عنه، وهو أول قتيل من المسلمين يوم بدر، أتاه سهم غرب وهو بين الصفين فقتله، وهو من أهل اليمن. ونقلوا عن ابن عباس أنه قال: نزل فيه، وفى بلال، وصهيب، وخباب، وعمار، وعتبة بن غزوان، وأوس بن خولى، وعامر بن أبى فهيرة، قوله تعالى: {وَلاَ تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِىِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} [الأنعام: 52] . 613 - المهلب بن أبى صفرة (1) : واسم أبى صفرة ظالم بن سارق، ويقال: سراق بن صبح، أبو سعيد الأسدى، وهو تابعى، سمع ابن عمر، وابن عمرو، وسمرة، والبراء. وروى عنه السبيعى، وعمر بن سيف، وسماك بن حرب. قال أبو إسحاق السبيعى: ما رأيت أميرًا أفضل من المهلب. وقال ابن سعد: أدرك المهلب عمر بن الخطاب، رضى الله تعالى عنه، ولم يرو عنه شيئًا، وولى خراسان، ومات بمرو الروذ سنة ثلاث وثمانين فى خلافة عبد الملك بن مروان، واستخلف على خراسان ابنه يزيد بن المهلب، وذكر ابن أبى خيثمة أن مولده عام فتح مكة. وقال ابن قتيبة فى المعارف: كان المهلب أشجع الناس، وحمى البصرة من الشُّراة بعد إجلاء أهلها عنها، إلا مَن كانت به قوة، فهى تُسمى بَصرة المهلب. قال: ولم يكن يُعاب إلا بالكذب، وبقى والى خراسان خمس سنين، ثم مات. 614 - موسى بن عقبة (2) : إمام المغازى. تكرر فى المختصر. هو أبو محمد موسى   (1) انظر: الإصابة (3/535، 536) ، وسير أعلام النبلاء (4/383 - 385) برقم (155) ، وطبقات ابن سعد (7/129، 130) ، والجرح والتعديل (8/369) ، والثقات لابن حبان (5/451) ، والبدء والتاريخ (6/37) ، والتاريخ الكبير (8/25) ، وربيع الأبرار (1/684) ، ووفيات الأعيان (1/272، 2/33، 34، 36، 127، 305، 323، 5/350 - 359) ، ونهاية الأرب (21/259، 260) ، والبداية والنهاية (9/42، 43) ، ومرآة الجنان (1/165، 166) ، وفوات الوفيات (1/353، 396، 2/31) ، وتهذيب التهذيب (10/329، 330) ، وتقريب التهذيب (2/280) ، والنجوم الزاهرة (1/206) .. (2) التاريخ الكبير للبخارى (7/1247) والجرح والتعديل (8/693) وسير أعلام النبلاء (6/114) وتاريخ الإسلام (6/133) وتهذيب التهذيب (10/360 - 362) . تقريب التهذيب (6992) ، وقال: “ابن أبي عياش بتحتانية ومعجمة ثقة فقيه إمام في المغازي من الخامسة لم يصح أن ابن معين لينه مات سنة إحدى وأربعين وقيل بعد ذلك ع”.. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 117 بن عقبة بن أبى عياش الأسدى المدنى، مولى آل الزبير بن العوام. وهو تابعى، أدرك ابن عمر، وأنس بن مالك، وسهل بن سعد، وسمع أم خالد بنت خالد الصحابية، وعلقمة بن وقاص، وأبا الزبير، وكريبًا، ونافعًا، وعبد الله بن دينار، وسالمًا، وحمزة بنى ابن عمر، وآخرين. روى عنه يحيى الأنصارى، وابن جريج، ومالك، والسفيانان، وشعبة، وإبراهيم بن طهمان، وزهير ابن معاوية، وابن أبى الزناد، والدراوردى، وابن المبارك، وخلائق. واتفقوا على توثيقه. روى له البخارى ومسلم. قيل لمالك: عمن نأخذ المغازى؟ فقال: عليكم بمغازى الشيخ الصالح موسى بن عقبة، فإنها أصح المغازى عندنا. وفى رواية: فإنه ثقة. قال خليفة: مات ابن عقبة سنة إحدى وأربعين ومائة. 615 - موسى بن عمران النبى، عليه السلام: تكرر فى هذه الكتاب، هو نبى الله ورسوله، وصفيه، وكليمه. قال الله تعالى: {يَا مُوسَى إِنِّى اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاَتِى وَبِكَلاَمِى فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُن مِّنَ الشَّاكِرِينَ وَكَتَبْنَا لَهُ فِى الأَلْوَاحِ مِن كُلِّ شَىْءٍ} [الأعراف: 144، 145] الآيات. وقال تعالى: {إِنَّ اللهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ} [آل عمران: 33] . وقال تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاء وَذِكْرًا لِّلْمُتَّقِينَ} [الأنبياء: 48] . وقال تعالى: {وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى إِذْ رَأَى نَارًا فَقَالَ لأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّى آنَسْتُ نَارًا} [طه: 9، 10] الآية. وقال تعالى: {فَلَمَّا قَضَى مُوسَىالأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِن جَانِبِ الطُّورِ نَارًا} [القصص: 29] الآيات وما قبلها من أول السورة. وقال تعالى: {لاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِندَ اللَّهِ وَجِيهًا} [الأحزاب: 69] ، والآيات فى فضله وتكريم الله تعالى والثناء عليه وأنواع مكارمه معلومة. وأما الأحاديث الصحيحة فى فضله فكثيرة مشهورة، ففى الصحيحين أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: “يرحم الله موسى، قد أوذى بأكثر من هذا فصبر” (1) . وفى الصحيحين عن أبى هريرة، أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: “لا تخيرونى على موسى، فإن الناس يصعقون، فأكون أول من يفيق، فإذا موسى باطش بجانب العرش، فلا أدرى أكان فيمن صعق فأفاق أم كان ممن استثنى الله تعالى”، وهذا الحديث متأول؛ لأن نبينا - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أفضل المخلوقين، فيحتمل أن   (1) أخرجه أحمد (1/380، رقم 3608) ، والبخارى (3/1148، رقم 2981) ، ومسلم (2/739، رقم 1062) . وأخرجه أيضًا: ابن حبان (11/160، رقم 4829) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 118 هذا الكلام قبل أن يعلم أنه أفضل، فلما علم قال: “أنا سيد ولد آدم” (1) ، ويحتمل أن يكون قاله تواضعًا، ويحتمل أن يكون نهى عن تخيير يؤدى إلى الخصومة والفتنة، ويحتمل أن النهى عن تخيير يؤدى إلى الإزراء ببعضهم، ويحتمل لا تخيرونى فى نفس النبوة، فإنها لا تتفاوت، وإنما الفضائل بأمور أخرى معها، وهذه الأوجه الخمسة مقولة فى قوله: “لا تخيروا” بين الأنبياء، وفى الصحيحين مثله أو نحوه عن أبى سعيد الخدرى. وفى الصحيحين عن ابن عباس، عن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: “عُرِضَتْ علىَّ الأمم، فرأيت سوادًا كبيرًا سد الأفق، فقيل: هذا موسى فى قومه” (2) . وفى الصحيحين أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مرَّ ليلة أسرى به على موسى فى السماء السادسة، وأنه قال لرسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حين فرض الله تعالى عليه وعلى أمته خمسين صلاة كل يوم وليلة: “أما ترجع فتسأل الله التخفيف” (3) ، فمازال يقول له حتى جعلها خمسًا. وفى الصحيحين أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وصف موسى، فقال: “هو آدم، طوال، جعد كأنه من رجال شنؤة” (4) . وفى الصحيحين أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حين مرَّ بوادى الأزرق، وهو موضع بين مكة والمدينة، قال: “كأنى أنظر إلى موسى هابطًا من الثنية وله جؤار إلى الله تعالى بالتلبية”. وفى رواية: “واضعًا أصبعيه فى أذنيه له جؤار إلى الله تعالى بالتلبية”. وفى رواية: “على جمل أحمر مخطوم بخلبة” (5) ، والخلبة بضم الخاء المعجمة، الليف. قال أبو إسحاق الثعلبى فى كتابه العرائس: هو موسى بن عمران بن يصهر بن قاهت بن لاوى بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم، عليه السلام. وكان عُمر عمران حين توفى مائة وسبعًا وثلاثين سنة. قال: قال أهل التاريخ: لما مات الريان بن الوليد، وهو فرعون مصر الأول، صاحب يوسف الذى ولاه خزائن الأرض وأسلم على يديه، ملك بعده جبار وأبى أن يُسلم، ثم مات فملك بعده جبار آخر، وتوفى يوسف، وأقامت بنو إسرائيل بمصر، وقد كثروا ونشأ لهم ذرية وهم تحت أيدى العمالقة، وهم على بقايا من دينهم الذى كان يوسف ويعقوب وإسحاق وإبراهيم، عليهم السلام، شرعوه لهم متمسكين، حتى كان فرعون موسى الذى بعثه الله تعالى إليه، ولم يكن فى الفراعنة أعتا منه، ولا أقسى قلبًا منه، ولا أطول عمرًا فى الملك منه، ولا أسوأ ملكة لبنى إسرائيل، وكان يعذبهم ويستعبدهم، وجعلهم خدمًا وخولا، وعاش فيهم أربع ومائة سنة. ولما ولد موسى جرى له مع فرعون   (1) أخرجه ابن أبى شيبة (6/317، رقم 31728) ، ومسلم (4/1782، رقم 2278) ، وأبو داود (4/218، رقم 4673) . وأخرجه أيضًا: أحمد (2/540، رقم 10985) . (2) حديث ابن عباس: أخرجه أحمد (1/271، رقم 2448) ، والبخارى (5/2170، رقم 5420) ، ومسلم (1/199، رقم 220) . وأخرجه أيضًا: الترمذى (4/631، رقم 2446) وقال: حسن صحيح. والنسائى فى الكبرى (4/378، رقم 7604) ، وابن حبان (14/339، رقم 6430) . حديث عمران بن حصين: أخرجه الطبرانى (18/241، رقم 605) . وأخرجه أيضًا: ابن حبان (13/454، رقم 6089) . (3) أخرجه أحمد (3/148، رقم 12527) ، ومسلم (1/145، رقم 162) ، وأبو يعلى (6/109، رقم 3375) ، وفى (6/216، رقم 3499) . وأخرجه أيضًا: ابن أبى شيبة (7/333، رقم 36570) ، وأبو عوانة (1/113، رقم 344) . (4) أخرجه أحمد (1/342، رقم 3179) ، والبخارى (3/1182، رقم 3067) ، ومسلم (1/151، رقم 165) . (5) أخرجه أحمد (1/215، رقم 1854) ، ومسلم (1/152، رقم 166) . أخرجه أحمد (1/276، رقم2501) ، والبخارى (3/1224، رقم 3177) ، ومسلم (1/153، رقم 166) . وأخرجه أيضًا: البيهقى (5/176، رقم 9615) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 119 ما أخبر الله تعالى به فى كتابه، فلما كبر قتل القبطى، ثم خرج خائفًا يترقب، فلما ورد ماء مدين جرى له هناك مع شعيب ما جرى، وتزوج بنته كما أخبر الله تعالى به، فلما قضى موسى الأجل وهو أكمل الأجلين عشر سنين، ثبت ذلك فى الصحيح عن ابن عباس، سار بأهله فآنس من جانب الطور نارًا، فجرى له ما أخبر الله به فى كتابه. قال بعض المفسرين: لم يقرب موسى امرأة للاستمتاع من حين سمع كلام رب العالمين. وقال المفسرون فى قول الله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ} [الإسراء: 101] ، قالوا: وهى: العصا، واليد البيضاء، والطوفان، والجراد، والقمل، والضفادع، والدم، والطمسة، وفلق البحر. قال الثعلبى: وكان عُمر موسى، عليه السلام، حين توفى مائة وعشرين سنة. 616 - موسى بن أبى الجارود (1) : بالجيم، أحد أصحاب الشافعى والآخذين عنه والرواة عنه، تكرر ذكره فى الروضة. قال الشيخ أبو إسحاق: كنيته أبو الوليد. قال: وكان مكيًا. روى عن الشافعى الحديث، وكتاب الأمالى وغيره من الكتب. قال: وكان يفتى بمكة على مذهب الشافعى، رحمه الله. 617 - الموفق بن طاهر: من أصحابنا المصنفين، تكرر ذكره فى الروضة [ ...... ] (2) . * * * حرف النون 618 - النابغة الجعدى الصحابى، رضى الله تعالى عنه (3) : مذكور فى المهذب فى باب زكاة الثمار، واسمه قيس بن عبد الله، وقيل: عبد الله بن قيس، وقيل: حبان بن قيس بن عمرو بن عدس بن ربيعة بن جعدة بن كعب بن ربيعة ابن عامر بن صعصعة العامرى الجعدى، هذا هو الأشهر فى نسبه، وقيل فيه غير ذلك، وهو من الشعراء المشهورين، وفى الشعراء جماعة يقال لكل واحد منهم: النابغة، وهذا الذى فى المهذب هو الجعدى الصحابى، وكان من المعمرين، عاش فى الجاهلية والإسلام عمرًا طويلاً، قيل: عاش مائة وثمانين سنة. وقال ابن قتيبة فى المعارف: عاش مائتين وأربعين سنة، ومات   (1) تهذيب التهذيب (10/339) . تقريب التهذيب (6953) ، وقال: “صدوق من صغار العاشرة ت”.. (2) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. (3) انظر: الاستيعاب (3/581 - 593) ، وسيرة ابن هشام (3/198) ، والشعر والشعراء (1/208 - 214) ، وتجريد أسماء الصحابة (2/100) ، والبرصان والعرجان (284) ، والأغانى (5/1 - 34) ، وأسد الغابة (5/2 - 4) ، ووفيات الأعيان (2/50، 177، 214، 5/193) ، ورسائل الجاحظ (1/364) ، وخزانة الأدب (1/512) ، وذكر أخبار أصبهان (1/73) .. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 120 بأصبهان. قالوا: وعاش إلى أيام ابن الزبير، وتوفى ابن الزبير سنة ثلاث وسبعين. قال ابن عبد البر وغيره: إنما قيل له: النابغة؛ لأنه قال الشعر فى الجاهلية، ثم تركه نحو ثلاثين سنة، ثم نبغ فيه بعد فقاله، فقيل له: النابغة. قالوا: وفى شعره فى الجاهلية ضروب من التوحيد، وإثبات البعث، والجزاء، والجنة، والنار، وله قصيدة أولها: مَن لم يقلها فنفسه ظلما الحمد لله لا شريك له وفيه ضروب من دلائل التوحيد، والإقرار بالبعث، والجزاء، والجنة، والنار. وقيل: إن هذا الشعر لأمية بن الصلت. قالوا: وقد صححه يونس بن حبيب، وحماد الراوية، ومحمد بن سلام، وعلى بن سليمان الأخفش للنابغة الجعدى. وفد على النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأسلم، وأنشده قصيدته الرائية، وفيها: ويتلو كتابًا كالمجرة نيرا أتيت رسول الله إذ جاء بالهدى وروى النابغة عن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وهذا النابغة الجعدى أسن من النابغة الذبيانى، ومات الذبيانى، ثم عَمر الجعدى بعده طويلاً. 619 - ناجية الصحابى، رضى الله عنه (1) : بالنون والجيم، وهو ناجية بن جندب بن كعب، وقيل: ناجية بن كعب بن جندب، وقيل: ناجية بن جندب بن عمير بن يعمر بن دارم بن عمرو بن واثلة بن سهم بن مازن ابن سلامان بن أسلم الأسلمى، صاحب بدن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، معدود فى أهل المدينة، وشهد الحديبية، وبيعة الرضوان، قيل: كان اسمه ذكوان، فسماه رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ناجية، إذ نجا من قريش. توفى فى خلافة معاوية، وجعل أحمد بن حنبل فى مسنده صاحب البدن ناجية بن الحارث الخزاعى المصطلقى، والأول هو المشهور. 620 - ناصر العمرى: بضم العين، من أصحابنا أصحاب الوجوه، مذكور فى الروضة فى مسألة الدور فى الطلاق، واشتهر بالشريف ناصر العمرى، هو [ ...... ] (2) . 621 - نافع بن جبير التابعى (3) : مذكور فى المهذب فى أول الديات، هو أبو محمد، ويقال: أبو عبد الله نافع بن جبير ابن مطعم بن عدى بن نوفل بن عبد مناف بن   (1) انظر: الإصابة (3/541) ، والتاريخ الكبير (8/106) ، وتهذيب التهذيب (10/399) ، والطبقات الكبرى (4/314) ، والاستيعاب (3/571) ، وأسد الغابة (5/4، 5) .. (2) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. (3) الطبقات الكبرى ابن سعد (5/205) والتاريخ الكبير للبخارى (8/2257) والجرح والتعديل (8/2069) وسير أعلام النبلاء (4/541) وتاريخ الإسلام (4/62) وتهذيب التهذيب (10/404، 405) . تقريب التهذيب (7072) ، وقال: “ثقة فاضل من الثالثة مات سنة تسع وتسعين ع”.. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 121 قصى القريشى النوفلى المدنى التابعى الإمام الفاضل. سمع على بن أبى طالب، والزبير بن العوام، والعباس بن عبد المطلب، وابن عباس، وأبا هريرة، وعثمان بن أبى العاص، وأبا شريح، وسهل بن سعد، وجرير ابن عبد الله، ورافع بن خديج، وغيرهم من الصحابة، وجماعة من التابعين. روى عنه عروة بن الزبير، وعمرو بن دينار، والزهرى، وسعيد المقبرى، وصالح بن كيسان، وعبد الله بن بريدة، وخلائق آخرون من التابعين، واتفقوا على توثيقه وجلالته، توفى سنة تسع وتسعين. 622 - نافع بن الحارث بن كلدة: بفتح الكاف واللام، الصحابى، أبو عبد الله الثقفى، أخو أبى بكرة لأمه، وأمهما سمية، وسنستوفى الكلام فى نسبه فى ترجمة أخيه نفيع أبى بكرة، ونافع هذا هو أحد الأربعة الشهود بالزنا على المغيرة، وهم: نافع، وأبو بكرة، وهما أخوان لأبوين، وزياد ابن أبيه، وهو أخوهما لأمهما، والرابع شبل بن معبد، لكن زياد لم يجزم بالشهادة بحقيقة الزنا، فلم يثبت، ولم يحد المغيرة، وجَلَد عمر، رضى الله تعالى عنه، الثلاثة. وكان نافع هذا بالطائف حين حاصره النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فأمر النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مناديًا فنادى: “من أتانا من عبيدهم فهو حر”، فخرج إليه نافع وأخوه أبو بكرة فأعتقهما، وسكن نافع البصرة، وبنى بها دارًا، وأقطعه عمر عشرة أجربة، وهو أول من اقتنى الخيل بالبصرة. 623 - نافع بن عبد الحارث الصحابى (1) : مذكور فى المختصر فى الحج فى باب جزاء الطائر، وفى المهذب فى آخر باب ما يجوز بيعه. هو نافع بن عبد الحارث بن جبالة، بفتح الجيم وكسرها، ابن عمير الخزاعى. كان من فضلاء الصحابة، قيل: أسلم يوم الفتح، وأقام بمكة، واستعمله عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، على مكة، والطائف، وفيهما سادات قريش وثقيف، وله رواية عن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. روى عنه أبو الطفيل، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، وخميل، بضم الخاء المعجمة وباللام، وأنكر الواقدى صحبته، وقال: هو تابعى، والمشهور أنه صحابى. وقوله فى المهذب: إن عمر أمر نافعًا   (1) الجرح والتعديل (8/2067) والإستيعاب (4/1490) وتهذيب التهذيب (10/406، 407) . تقريب التهذيب (7076) ، وقال: “صحابي فتحي وأمره عمر على مكة قأقام بها إلى أن مات بخ م د س ق”.. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 122 بشراء دار بمكة للسجن، يعنى أمره بذلك حين كان عاملاً له عليها، ذكره الأزرقى وغيره. 624 - نافع بن عبد الرحمن (1) : أحد القراء السبعة، مذكور فى الروضة فى الإجازة على القراءة. هو أبو رؤيم، وقيل: أبو الحسن، وقيل: أبو عبد الرحمن، وقيل: أبو عبد الله نافع بن عبد الرحمن بن أبى نعيم الليثى، مولاهم المدنى، أصله من أصبهان، واستوطن المدينة، وتوفى بها سنة تسع وستين ومائة. قال ابن أبى حاتم: روى نافع هذا عن عامر بن عبد الله بن الزبير، وعبد الرحمن بن القاسم، ونافع مولى ابن عمر. روى عنه إسماعيل بن جعفر، وعيسى بن مثنى قالون، والأصمعى، والقعنبى، وابن أبى مريم. قال أحمد بن حنبل: كان يؤخذ عنه القرآن، وليس فى الحديث بشىء. وقال يحيى بن معين: هو ثقة. وقال أبو حاتم: هو صدوق صالح الحديث. 625 - نافع بن أبى نافع (2) : مذكور فى المختصر فى أول المسابقة. هو نافع بن أبى نافع البزاز، بالزاى المكررة، مولى أبى أحمد، وهو تابعى. روى عن أبى هريرة، ومعقل بن يسار. روى عنه ابن أبى ذؤيب. قال يحيى بن معين: هو ثقة. 626 - نافع مولى ابن عمر (3) : تكرر فى المختصر والمهذب. هو أبو عبد الله نافع بن هرمز، ويقال: ابن كاوس، ذكر القولين الحاكم أبو عبد الله فى تاريخ نيسابور. قال الحاكم: قال البخارى، والحسن بن الوليد: هو من سبى نيسابور. وقال عبد العيزيز بن أبى رواد: هو من سبى خراسان، سُبِىَ وهو صغير، فاشتراه ابن عمر، وقيل: من سبى كابل، وقيل: من سبى إيران شهر وهى نيسابور، كذا ذكرها الحاكم أبو عبد الله فى مواضع من أول تاريخه، وقيل: من سبى العرب، وقيل: من سبى جبال الطالقان. وهو تابعى جليل، سمع سيده ابن عمر، وأبا هريرة، وأبا سعيد الخدرى، وأبا لبابة، ورافع بن خديج، وعائشة، والربيع بنت معوذ، رضى الله تعالى عنهم، وسمع خلائق من التابعين، منهم القاسم بن محمد، وسالم بن عبد الله، ويزيد بن عبد الله، وأسلم مولى عمر، وإبراهيم بن عبد الله بن حسين، وعبد الله بن محمد بن أبى بكر الصديق، وغيرهم.   (1) التاريخ الكبير للبخارى (8/2281) والجرح والتعديل (8/2089) وتهذيب التهذيب (10/407، 408) . تقريب التهذيب (7077) ، وقال: “صدوق ثبت في القراءة من كبار السابعة مات سنة تسع وستين فق”.. (2) التاريخ الكبير للبخارى (8/2260، 2261) والجرح والتعديل (8/2074) وميزان الاعتدال (4/8999) وتهذيب التهذيب (10/410، 411) . تقريب التهذيب (7083) ، وقال: “ثقة من الثالثة د ت س”.. (3) التاريخ الكبير للبخارى (8/2270) والجرح والتعديل (8/2070) وسير أعلام النبلاء (5/95) وتاريخ الإسلام (5/10) وتهذيب التهذيب (10/412، 413) . تقريب التهذيب (7086) ، وقال: “ثقة ثبت فقيه مشهور من الثالثة مات سنة سبع عشره ومائة أو بعد ذلك ع”.. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 123 روى عنه أبو إسحاق السبيعى، والحكم بن عيينة، ومحمد بن عجلان، وبكير بن عبد الله بن الأشج، ويحيى الأنصارى، والزهرى، وصالح بن كيسان، وأيوب، وعبيد الله بن عمر، وأخوه عبد الله، وحميد الطويل، وميمون بن مهران، وموسى بن عقبة، وابن عون، والأعمش، وهؤلاء كلهم تابعيون، ومن غيرهم ابن جريج، والأوزاعى، ومالك، والليث، ويونس بن عبيد، وابن أبى ذؤيب، وبنوه عبد الله، وعمر، وأبو بكر بنو نافع، وابن أبى ليلى، والضحاك بن عثمان، وخلائق لا يحصون، وأجمعوا على توثيقه وجلالته. قال البخارى: أصح الأسانيد مالك، عن نافع، عن ابن عمر. وقال مالك: إذا سمعت من نافع حديثًا عن ابن عمر لا أبالى أن لا أسمعه من غيره. وقال عبيد الله بن عمر: لقد مَنَّ الله علينا بنافع. وقال ابن عيينة: أى حديث أوثق من حديث نافع. قال ابن سعد: بعث عمر بن عبد العزيز نافعًا إلى مصر يعلمهم السنن. قال: وكان ثقة، كثير الحديث، مات بالمدينة سنة سبع عشرة ومائة. وقال الهيثم، وأحمد بن حنبل: مات سنة عشرين. وقال النسائى: أثبت أصحاب نافع: مالك، ثم أيوب، ثم عبيد الله بن عمر، ثم عمر ابن نافع، ثم يحيى بن سعيد، ثم ابن عون، ثم صالح بن كيسان، وموسى بن عقبة، ثم أصحابه على طباقتهم. وقوله فى المهذب فى كتاب السير: روى نافع أن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أغار على بنى المصطلق، هذا مما ينكر على صاحب المهذب، فإنه ذكره مرسلاً كما ترى، وهو صحيح متصل عن نافع، عن ابن عمر، عن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، هكذا رواه متصلاً البخارى ومسلم فى صحيحيهما. 627 - نبيه بن وهب (1) : مذكور فى المختصر فى النكاح فى نكاح المحرم، وهو نبيه بن وهب بن عثمان بن أبى طلحة بن عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار بن قصى القريشى العبدرى الحجبى، سمع أبان بن عثمان، ومحمد بن الحنفية، وكعبًا مولى سعيد بن أبى العاص. روى عنه نافع مولى ابن عمر، وبنوه عبد الأعلى، وعبد الجبار، وعبد العزيز بنو نبيه، وأيوب بن موسى، وسعيد بن أبى هلال، وأبو الزناد. قال ابن سعد: توفى   (1) التاريخ الكبير للبخارى (8/2433) والجرح والتعديل (8/2250) وتاريخ الإسلام (5/167) وتهذيب التهذيب (10/418، 419) . تقريب التهذيب (7097) ، وقال: “نبيه بالتصغير ثقة من صغار الثالثة روى عنه نافع ومات قبله مات هو سنة ست وعشرين م 4”.. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 124 فى فتنة الوليد بن يزيد. قال: وكان ثقة، قليل الحديث، أحاديثه حسان. روى له مسلم فى صحيحه. 628 - نجدة الحرورى (1) : مذكور فى المهذب فى قسم الغنيمة. هو بفتح النون، وهو نجدة بن عامر الحنفى الحرورى الخارجى من رءوس الخوارج. 629 - نزار بن معد بن عدنان: أحد أجداد النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، مذكور فى المهذب والروضة فى نسب النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، هو بكسر النون، ثم زاى معجمة. 630 - نصر المقدسى الزاهد: تكرر فى الروضة. هو أبو الفتح نصر بن إبراهيم المقدسى، ثم الدمشقى، الإمام الزاهد، المجمع على جلالته وفضيلته. قال الحافظ أبو القاسم بن عساكر، رحمه الله: تأخرت وفاة الشيخ نصر، أدركنا جماعة ممن أدركه وتفقه به، وكان قد تفقه عند أبى عبد الله محمد بن بيان الكازرونى الفقيه، وسمع الحديث بدمشق وغيرها، ودرس العلم ببيت المقدس مدة، ثم أتى صور فأقام بها عشر سنين ينشر العلم بها، مع كثرة المخالفين له بها من الرافضة، ثم انتقل إلى دمشق فأقام بها سبع سنين يحدث، ويدرس الفقه، ويفتى على طريقة واحدة من الزهد فى الدنيا، والتنزه من الدنايا، والجرى على منهاج السلف من التقشف، وتجنب السلاطين، ورفض الطمع، والاجتزاء باليسير مما يصل إليه من غلة أرض له كانت بنابلس، يأتيه منها ما يقتاته، ولا يقبل من أحد شيئًا، وكانت أوقاته كلها مستغرقة فى عمل الخير، إما فى نشر علم، وإما فى صلاح عمل. قال الحافظ: وحكى عن بعض أهل العلم، قال: صحبت إمام الحرمين أبا المعالى بخراسان، ثم قدمت العراق، فصحبت الشيخ أبا إسحاق الشيرازى، وكانت طريقته عندى أفضل من طريقة أبى المعالى، ثم قدمت الشام، فرأيت الفقيه أبا الفتح نصر المقدسى، فكانت طريقته أحسن من طريقتهما جميعًا. توفى يوم الثلاثاء التاسع من المحرم سنة تسعين وأربعمائة بدمشق. قال الراوى: فخرجنا بجنازته بعد صلاة الظهر، فلم يمكنا دفنه إلى قرب المغرب؛ لأن الناس حالوا بيننا بينه، وكان الخلق متوافرين، ذكر الدمشقيون أنهم لم يروا جنازة مثلها. قال:   (1) انظر: المواعظ والاعتبار للمقريزى (2/354) ، وشذرات الذهب (1/74 - 76) ، والكامل للمبرد (2/251) .. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 125 وأقمنا على قبره سبع ليال نقرأ كل ليلة عشرين ختمة. وذكر الحافظ من كراماته وزهده جُملاً نفيسة. قلت: وقبره بباب الصغير بجنب قبر معاوية وأبى الدرداء، رضى الله عنهم، يُكثر الناس زيارته والدعاء عنده، وسمعنا الشيوخ يقولون: يستجاب الدعاء عنده يوم السبت، رضى الله عنه. وله مصنفات كثيرة فى المذهب وغيره، فعندى من مصنفاته كتاب الحجة على تارك المحجة، سمعته عن ابن الأنبارى، عن القاضى الحرستانى، عن أبى الفتح نصر الله بن محمد بن عبد القوى، عن الشيخ نصر المصنف، وكتاب الانتخاب الدمشقى فى المذهب، نحو بضعة عشر مجلدًا، وهو على هيئة تعليق القاضى أبى الطيب الطبرى، ويحذو حذوه، وينقل منه كثيرًا، وكتاب التهذيب فى المذهب نحو عشر مجلدات، وكتاب الكافى مجلد مختصر، وفيه حذو شيخه أبى الفتح سليم الرازى فى كتابه الكفاية، ولا يذكر فيه قولين ولا وجيهن، بل يخرج بالراجح عنده، وفيه نفائس، وله غير ذلك من الكتب، وله الأمالى والأجزاء الكثيرة. وصحبه الغزالى متبركًا به حين قدم الغزالى دمشق متزهدًا، وله حكايات عجيبة فى الورع يطول الكتاب بذكرها. 631 - النضر بن الحارث: بالضاد المعجمة، الذى قُتل يوم بدر كافرًا، مذكور فى كتاب السير من المختصر والمهذب. هو النضر بن الحارث بن علقمة بن كلدة، بفتح الكاف، ابن عبد مناف بن عبد الدار بن قصى القريشى العبدرى، أُسر يوم بدر، وقُتل كافرًا، قَتله على بن أبى طالب بأمر رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وأجمع أهل المغازى والسير على أنه قُتل يوم بدر كافرًا، وإنما قتل لأنه كان شديد الأذى للإسلام والمسلمين، ولما قُتل قالت أخته قتيلة فيه أبياتًا مشهورة من جملتها: من قومها والفحل فحل معرق من الفتى وهو المغيظ المحنق أمحمد ولانت صنو نجيبة ما كان ضرك لو مننت وربما وهذا الذى ذكرته من قتله يوم بدر كافرًا هو الصواب، وأما ابن مندة، وأبو نعيم الأصفهانى، فغلطا فيه غلطين فاحشين: أحدهما: إنما قالا فى نسبه: كلدة بن علقمة، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 126 وإنما هو علقمة بن كلدة، هكذا ذكره الزبير بن بكار، وابن الكلبى، وخلائق لا يحصون من أهل هذا الفن. والثانى: أنهما قالا: شهد النضر بن الحارث حنينًا مع النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وأعطاه مائة من الإبل، وكان مسلمًا من المؤلفة، وعزوا ذلك إلى ابن إسحاق، وهذا غلط بإجماع أهل السير والمغازى، فقد أجمعوا على ما ذكرناه أولاً أنه قُتل يوم بدر كافرًا، وقد أطنب الإمام ابن الأثير فى تغليطهما والرد عليهما. 632 - النضر بن شميل (1) : بضم الشين المعجمة، مذكور فى المختصر فى باب السلف والرهن. هو الإمام أبو الحسن النضر بن شميل بن خرشة بن يزيد بن كلثوم بن عميرة بن عروة بن جاهمة بن مجدر بن خزاعى بن مازن بن مالك بن عمرو بن تميم بن مرة بن أد بن طابخة بن إلياس ابن مضر بن نزار المازنى البصرى، الإمام فى العربية واللغة، سكن مرو، وهو من تابعى التابعين. سمع إسماعيل بن أبى خالد، وحميد الطويل، وهشام بن عروة، وابن عون، وعيسى ابن سويد، وحماد بن سلمة، وعوف بن أبى جميلة، وسعيد بن أبى عروبة، وشعبة، وسليمان بن المغيرة، والخليل بن أحمد، وهشامًا الدستوائى، وهشام بن حسان، وابن جريج، وآخرين. روى عنه على بن المدينى، وإسحاق بن راهويه، ويحيى بن معين، وأبو قدامة، وعبدة ابن عبد الرحيم، وإسحاق بن منصور، والحسين بن حريث، ويحيى بن يحيى، ومحمد بن رافع، والليث بن خالد البلخى، وخلائف آخرون. واتفقوا على توثيقه، وفضيلته. روى له البخارى ومسلم فى صحيحيهما. قال ابن المبارك: لم يكن أحد فى أصحاب الخليل يدانيه. وقال أيضًا: هو درة ضائعة بين مروين، يعنى كورة مرو، ومرو الروز. وقال العباس بن مصعب: كان النضر إمامًا فى العربية والحديث، وهو أول من أظهر السنة بمرو وجميع خراسان، وكان أروى الناس عن شعبة، وأخرج كُتبًا كثيرة لم يسبق إليها، وولى قضاء مرو. وقال أبو حاتم: هو ثقة، صاحب سنة. وقال ابن منجويه: كان النضر من فصحاء الناس وعلمائهم بالأدب وأيام الناس، ولد سنة ثلاث أو ثنتين وعشرين ومائة، وتوفى سنة أربع، وقيل: ثلاث ومائتين. أخبرنا شيخنا الحافظ أبو البقاء خالد،   (1) انظر: طبقات ابن سعد (7/373) ، والتاريخ الكبير (8/90) ، والجرح والتعديل (8/477، 478) ، والثقات لابن حبان (9/212) ، وميزان الاعتدال (4/258) ، وتهذيب التهذيب (10/437، 438) ، وتقريب التهذيب (2/301) .. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 127 رحمه الله، قال: أخبرنا أبو اليمن الكندى، أخبرنا أبو القاسم عبيد الله بن أبى محمد القاسم بن على بن محمد بن عثمان البصرى، قال: أخبرنا أبى، عن أبى على بن أبى أحمد التسترى، عن القاضى أبى القاسم عبد العزيز بن محمد العسكرى اللغوى، عن أبيه، عن إبراهيم بن حامد، عن محمد بن ناصح الأهوازى، قال: حدثنا النضر بن شميل، قال: كنت أدخل على المأمون فى سمرة، فدخلت ليلة وعلىَّ قميص مرقوع، فقال: يا نضر، ما هذا التقشف حتى تدخل على أمير المؤمنين فى هذه الخلقان؟ قلت: يا أمير المؤمنين، أنا شيخ ضعيف، وحر مرو شديد، فأتبرد بهذه الخلقان، قال: لا، ولكنك قَشِف. ثم أجرينا وأجرى هو ذكر النساء، فقال: حدثنا هشيم، عن مجالد، عن الشعبى، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “إذا تزوج الرجل المرأة لدينها وجمالها كان فيها سَداد من عوز” (1) ، فأورده بفتح السين، فقلت: صدق يا أمير المؤمنين هشيم، حدثنا عوف بن أبى جميلة، عن الحسن بن على بن أبى طالب، رضى الله تعالى عنه، قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “إذا تزوج الرجل المرأة لدينها وجمالها كان فيها سِداد من عوز”. وكان المأمون متكئًا فاستوى جالسًا وقال: يا نضر، كيف قلت سِداد؟ قلت: لأن السَداد هنا لحن، فقال: وتلحنى؟ فقلت: إنما لحن هشيم، وكان لحانة فتبع أمير المؤمنين لفظه، فقال: فما الفرق بينهما؟ قلت: السَداد بالفتح القصد فى الدين والسبيل، والسِداد بالكسر البلغة، وكلما سددت به شيئًا فهو سداد، قال: وتعرف العرب ذلك؟ قلت: نعم، هذا العرجى يقول: ليوم كريهة وسداد ثغر أضاعونى وأى فتى أضاعوا فقال المأمون: قبح الله من لا أدب له، ثم أطرق مليًا، ثم قال: ما مالك يا نضر؟ قلت: أريضة لى بمرو أتصابها وأتمززها، قال: أفلا نفيدك مالاً معها؟ قلت: إنى إلى ذلك لمحتاج، فأخذ القرطاس ولا أدرى ما يكتب، ثم قال: كيف تقول إذا أمرت أن يترب؟ قلت: أتربه، قال: فهو ماذا؟ قلت: مترب، قال: فمن الطين، قلت: طنه، قال: فهو ماذا؟ قلت: مطين، فقال: هذه أحسن من الأولى. ثم قال: يا غلام، أتربه وطنه، ثم صلى بنا العشاء،   (1) حديث ابن عباس: أخرجه الديلمى (1/1/156) كما فى الضعيفة (5/423، رقم 2401) ، قال المناوى (1/317) : وفيه هيثم بن بشير أورده الذهبى فى الضعفاء وقال حجة حافظ يدلس، وهو فى الزهرى لين. وحكم ابن الجوزى بوضعه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 128 وقال لخادمه: تبلغ معه إلى الفضل ابن سهل، قال: فلما قرأ الكتاب، قال: يا نضر، إن أمير المؤمنين قد أمر لك بخمسين ألف درهم، فما كان السبب فيه؟ فأخبرته ولم أكذبه، فقال: ألحنت أمير المؤمنين؟ فقلت: كلا، إنما لحن هشيم، وكان لحانة، فتبع أمير المؤمنين لفظه، وقد يتبع ألفاظ الفقهاء ورواة الآثار، ثم أمر لى الفضل من خاصته بثلاثين ألف درهم، فأخذت ثمانين ألف درهم بحرف أستفيد منى. 633 - النعمان بن بشير (1) : الصحابى ابن الصحابة والصحابية، رضى الله تعالى عنهم. تكرر ذكره فى المختصر والمهذب، وذكره فى الوسيط فى باب الهبة، لكنه وقع فيه غلط فى الوسيط سيأتى بيانه فى النوع الثامن من الأوهام إن شاء الله تعالى. هو أبو عبد الله النعمان بن بشير بن سعد بن ثعلبة بن جلاس، بضم الجيم وتخفيف اللام، كذا قيده الحافظ عبد الغنى المقدسى وغيره. وقال ابن ماكولا: هو خلاس، بفتح الخاء المعجمة وتشديد اللام، ابن زيد بن مالك بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج الأنصارى، وهو وأبوه وأمه حصابيون. اسم أمه عمرة بنت رواحة، شهد بشير العقبة الثانية، وبدرًا، وأُحُدًا، والمشاهد كلها مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وهو أول أنصارى بايع أبا بكر الصديق، رضى الله تعالى عنهما، واستشهد مع خالد بن الوليد بعين التمر سنة اثنتى عشرة من الهجرة بعد انصرافه من اليمامة. روى عنه ابنه النعمان، وجابر بن عبد الله، وروى عنه أيضًا عروة، والشعبى مرسلاً، فإنهما لم يدركاه، وولد النعمان على رأس أربعة عشر شهرًا من الهجرة، وهو أول مولود من الأنصار بعد الهجرة، وقيل فى مولده غير ما ذكرنا، لكن ما ذكرناه هو الأصح الأشهر. رُوى له عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مائة وأربعة عشر حديثًا، اتفق البخارى ومسلم منها على خمسة، وانفرد البخارى بحديث ومسلم بأربعة. روى عنه ابناه بشير ومحمد، وعروة ابن الزبير، والشعبى، وآخرون. قُتل بالشام بقرية من قرى حمص فى ذى الحجة سنة أربع وستين. وقال ابن أبى خيثمة: سنة ستين، استعمله معاوية على   (1) الطبقات الكبرى ابن سعد (6/53) والتاريخ الكبير للبخارى (8/2223) والجرح والتعديل (8/2033) وسير أعلام النبلاء (3/411) وأسد الغابة (5/22) والإستيعاب (4/1496) وتاريخ الإسلام (3/88) وتهذيب التهذيب (10/447 - 449) . تقريب التهذيب (7152) ، وقال: “له ولأبويه صحبة ثم سكن الشام ثم ولي إمرة الكوفة ثم قتل بحمص سنة خمس وستين وله أربع وستون سنة ع”.. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 129 حمص، ثم على الكوفة، واستعمله عليها بعده يزيد بن معاوية، وكان كريمًا، جوادًا، شاعرًا، رضى الله تعالى عنه. 634 - النعمان بن عمرو بن رفاعة بن سواد: وقيل: رفاعة بن الحارث بن سواد بن مالك بن غنم بن مالك بن النجار الصحابى، وهو الذى يقال له: نعيمان. شهد العقبة الثانية فى السبعين، وبدرًا، والمشاهد كلها مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قال الواقدى: بقى نعيمان حتى توفى فى أيام معاوية، كذا نقله ابن عبد البر، وكان كثير المزاح يَضحك النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من مزاحه، وهو صاحب سويبط بن حرملة، وقصتهما مشهورة، وأن نعيمان باع سويبطًا بالشام، وقال للذين اشتروه: هو ذو لسان، وسيقول أنه حر، فلا تعتبروا بقوله، وله أشياء كثيرة فى المزاح مشهورة. 635 - النعمان بن قوقل: بفتح القافين بينهما واو ساكنة، الصحابى، رضى الله عنه. هو النعمان بن مالك بن ثعلبة بن أحرم بن فهر بن ثعلبة بن قوقل، واسمه غنم بن عوف بن عمرو بن عوف، وقوقل لقب لثعلبة بن أحرم، فنسب النعمان إلى جده، شهد النعمان بدرًا، قاله موسى ابن عقبة. روى عنه جابر، وأبو صالح، ورواية أبى صالح عنه مرسلة، لم يدركه، استشهد يوم أُحُد. 636 - نعيم بن عبد الله النحام الصحابى، رضى الله عنه (1) : مذكور فى المهذب فى باب ما يجوز بيعه، وفى المختصر فى باب التدبير، وهو نعيم، بضم النون، والنحام بفتح النون وتشديد الحاء المهملة، وهو نعيم بن عبد الله بن سيد ابن عوف بن عبيد بن عويج، بفتح العين فيهما، ابن عدى بن كعب بن لؤى القريشى العدوى. والنحام وصف لنعيم لا لأبيه، وقيل له: النحام، للحديث المشهور أن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: “دخلت الجنة، فسمعت نحمة نعيم فيها” (2) ، والنحمة بفتح النون السعلة بفتح السين، وقيل: النحنحة الممدود آخرها، هذا هو الصواب أن نعيمًا هو النحام، ويقع فى كثير من كُتب الحديث: نعيم بن النحام، وكذا وقع فى بعض نسخ المهذب، وهو غلط؛ لأن النحام وصف لنعيم لا لأبيه. قالوا: وأسلم نعيم قديمًا فى أول الإسلام، قيل: أسلم بعد   (1) انظر: الإصابة (3/567) ، وأسد الغابة (5/32) ، والاستيعاب (3/555) ، وطبقات ابن سعد (4/138) .. (2) أخرجه ابن سعد (4/138) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 130 عشرة أنفس، وقيل: بعد ثمانية وثلاثين قبل إسلام عمر بن الخطاب، وكان يكتم إسلامه، وأقام بمكة فلم يهاجر إلا قبيل الفتح، ومنعه قومه لشرفه فيهم من الهجرة؛ لأنه كان ينفق على أرامل بنى عدى وأيتامهم ويمونهم، فقالوا: أقم عندنا على أى دين شئت، فوالله لا يتعرض إليك أحد إلا ذهبت أنفسنا جميعًا دونك، ثم هاجر عام الحديبية وشهد ما بعدها من المشاهد، فلما قدم المدينة كان معه أربعون من أهل بيته. قالوا: وأعتقه النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وقبله حين قدم، وقال له: “قومك خير لك من قومى”. روى عنه نافع، ومحمد بن إبراهيم التيمى، ولم يدركاه، فهو مرسل، واستشهد يوم اليرموك سنة خمس عشرة فى خلافة عمر، وقيل: استشهد يوم أجنادين سنة ثلاث عشرة فى خلافة أبى بكر الصديق، رضى الله عنه. 637 - نعيم بن مسعود بن عامر بن أنيس بن ثعلبة بن قنفذ بن خلادة بن سبيع بن بكر بن أشجع بن ريث - آخره مثلثة - ابن غطفان الغطفانى الأشجعى الصحابى (1) : أبو سلمة، أسلم فى وقعة الخندق، وهو الذى أوقع الخلفة بين قريظة وغطفان وقريش يوم الخندق، وخذل بعضهم عن بعض، وأرسل الله تعالى عليهم الريح والجنود، وكان نعيم يسكن المدينة وولده من بعده، وهو والد سلمة بن نعيم. توفى نعيم فى آخر خلافة عثمان، وقيل: أول خلافة على، رضى الله تعالى عنهم. 638 - النمر بن تولب - بفتح المثناة فوق واللام - ابن زهير بن قيس بن عبد كعب بن عوف بن الحارث بن عوف بن وائل بن قيس بن عوف بن عبد مناة بن أد العكلى (2) : ويقال لولد عوف بن وائل: عكل؛ لأنهم حضنتهم أمة اسمها عكل، فغلب عليهم، وكان النمر شاعرًا، مشهورًا، فصيحًا، جوادًا، ذكره ابن عبد البر، وابن مندة، وأبو نعيم الأصبهانى فى الصحابة، ورووا له حديثًا فى التصريح بسماعه من النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وقال الأصمعى: هو مخضرم أدرك الجاهلية والإسلام، يعنى فهو تابعى، والله أعلم. 639 - نوح النبى عليه السلام: ذكروه فى هذه الكتب فى صلاة الاستسقاء، وقد سبق أنه اسم أعجمى، والمشهور صرفه، وقيل: يجوز صرفه، وترك صرفه. قال   (1) الطبقات الكبرى ابن سعد (4/477) والتاريخ الكبير للبخارى (8/2306) والجرح والتعديل (8/2103) وأسد الغابة (5/33) والإستيعاب (4/1508) والإصابة (3/8779) وتهذيب التهذيب (10/466) . تقريب التهذيب (7174) ، وقال: “ابن أنيف بنون وفاء مصغر الأشجعي صحابي مشهور مات في أول خلافة علي د”.. (2) الطبقات الكبرى ابن سعد (7/39) ، والاستيعاب (4/1531) ، وأسد الغابة (5/39) ، وتهذيب التهذيب (10/474، 475) . تقريب التهذيب (7186) ، وقال: “صحابي له حديث في السنن لم يسم فيه وسماه فيه محمد ابن سلام في طبقات الشعراء وهو غير النمر ابن تولب الشاعر المشهور على الصحيح د س”. . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 131 الله تعالى: {ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا} [الإسراء: 3] . وقال تعالى: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ} [النساء: 163] . وقال تعالى: {وَنُوحًا هَدَيْنَا مِن قَبْلُ} [الأنعام: 84] . وقال تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلاَّ خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ فَأَنجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَا آيَةً لِّلْعَالَمِينَ} [العنكبوت: 14، 15] . وقال تعالى: {وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمْ الْبَاقِينَ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِى الآخِرِينَ سَلاَمٌ عَلَى نُوحٍ فِى الْعَالَمِينَ إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِى الْمُحْسِنِينَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ ثُمَّ أَغْرَقْنَا الآخَرِينَ وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لإِبْرَاهِيمَ إِذْ جَاء رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الصافات: 75 - 84] . وقال تعالى: {كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّى مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاء بِمَاء مُّنْهَمِرٍ وَفَجَّرْنَا الأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاء عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ تَجْرِى بِأَعْيُنِنَا جَزَاء لِّمَن كَانَ كُفِرَ} [القمر: 9 - 14] . وقال تعالى: {بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنذِرْ قَوْمَكَ} [نوح: 1] إلى آخر السورة. وذكر الله تعالى قصته مبسوطة فى سورة هود، عليه السلام. وثبت فى الصحيحين فى حديث الشفاعة أن الناس يأتون آدم، ثم نوحًا، وأن آدم يقول: ائتوا نوحًا، فإنه أول رسول إلى أهل الأرض. قال الإمام الثعلبى فى كتاب العرائس: هو نوح بن لامك بن متوشلح بن أخنوخ بن يرد بن مهلائيل بن قينان بن أنوش بن شيث بن آدم، عليه السلام، أرسله الله تعالى إلى ولد قابيل ومن تابعهم من ولد شيث. قال ابن عباس: وكان بطنان من ولد آدم أحدهما يسكن السهل والآخر يسكن الجبل، وكان رجال الجبل صِباحًا وفى النساء دمامة، وكان نساء الهسل صِباحًا وفى رجالهن دمامة، فكثرت الفاحشة فى أولاد قابيل، وكانوا قد كثروا فى طول الأزمان، وأكثروا الفساد، فأرسل الله تعالى إليهم نوحًا، عليه السلام، وهو ابن خمسين سنة، فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عامًا يدعوهم كما أخبر الله تعالى فى كتابه العزيز ويحذرهم ويخوفهم، فلم ينزجروا، ولهذا قال الله تعالى: {قَالَ رَبِّ إِنِّى دَعَوْتُ قَوْمِى لَيْلاً وَنَهَارًا فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِى إِلاَّ فِرَارًا} [نوح: 5، 6] . وقال تعالى: {وَقَوْمَ نُوحٍ مِّن قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى} [النجم: 52] . وقال تعالى: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 132 {وَقَوْمَ نُوحٍ مِّن قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ} [الذاريات: 46] . ولما طال دعاؤه لهم وإيذائهم له وتماديهم فى غيهم، سأل الله تعالى، فأوحى الله إليه أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن، فلما أخبر أنه لم يبق فى الأصلاب ولا فى الأرحام مؤمن، دعا عليهم، فقال: {رَّبِّ لاَ تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا} [نوح: 26] إلى آخرها. فأمره الله باتخاذ السفينة، فقال: يا رب، وأين الخشب؟ فقال: اغرس الشجر، فغرس الساج، وأتى على ذلك أربعون سنة، وكف عن الدعاء عليهم، وأعقم الله أرحام نسائهم، فلم يولد لهم ولد، فلما أدرك الشجر أمره الله تعالى بقطعه وتجفيفه وصنعه الفلك، وأعلمه كيف يصنعه، وجعل بابه فى جنبه، وكان طول السفينة ثمانين ذراعًا، وعرضها خمسين، وسمكها إلى السماء ثلاثين ذراعًا، والذراع إلى المنكب. وعن ابن عباس أن طولها ستمائة وستون ذراعًا، وعرضها ثلاثمائة وثلاثون ذراعًا، وسمكها ثلاثة وثلاثون ذراعًا. وأمر الله تعالى أن يحمل فيها من كل زوجين اثنين من الحيوان، وحشرها الله تعالى إليه من البر والبحر. قال مجاهد وغيره: كان التنور الذى ابتدأ الفوران منه فى الكوفة، ومنها ركب نوح السفينة. وقال مقاتل: هو بالشام بقرية يقال لها: عين الوردة، قريب من بعلبك. وعن ابن عباس أنه بالهند. قالوا: وأول ما حمل فى السفينة من الدواب الذرة، وآخره الحمار، وجعل السباع والدواب فى الطبقة السفلى، والوحوش فى الطبقة الثانية، والذر والآدميين فى الطبقة العليا. قيل: كان الآدميون الذين فى السفينة سبعة: نوح وبنوه: سام، وحام، ويافث، وأزواج بنيه، وقيل: ثمانية، وقيل: عشرة، وقيل: اثنان وسبعون، وقيل: ثمانون من الرجال والنساء، حكاه ابن عباس. وعن ابن عباس أن الماء ارتفع حين سارت السفينة على أطول جبل فى الأرض خمسة عشر ذراعًا. قالوا: وطافت السفينة بأهلها الأرض كلها فى ستة أشهر، ثم استقرت على الجودى، وهو جبل بأرض الموصل، وكان ركوبهم السفينة لعشر خلون من رجب، ونزلوا منها يوم عاشوراء من المحرم، وبنى هو ومن معه فى السفينة حين نزلوا البنار بباقردى من أرض الجزيرة. ولما حضرته الوفاة وصى إلى ابنه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 133 سام، وكان سام قد ولد قبل الطوفان بثمان وتسعين سنة، ويقال: إنه كان بكره، وقيل: كان نوح أطول الأنبياء عُمرًا، ولم ينقص له قوة، والناس بعده من ذريته. قال الله تعالى: {وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمْ الْبَاقِينَ} [الصافات: 77] . 640 - نوفل بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القريشى الهاشمى الصحابى: أبو الحارث ابن عم رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. كان أسن من أخوته، ومن سائر مَن أسلم من بنى هاشم، ومن حمزة، والعباس، رضى الله تعالى عنهم أجميعن. أُسر يوم بدر، ففداه العباس، فلما فداه أسلم، وقيل: أسلم وهاجر أيام الخندق، وآخى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بينه وبين العباس، وكانا شريكين فى الجاهلية متفاوضين متحابين. وشهد مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فتح مكة، وحنينًا، والطائف، وكان ممن ثبت يوم حنين مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وأعان رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوم حنين بثلاثة ألف رمح، فقال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "كأنى أنظر إلى رماحك تقصف أصلاب المشركين". توفى نوفل، رضى الله عنه، بالمدينة سنة خمس عشرة. 641 - نوفل بن معاوية الصحابى، رضى الله عنه (1) : مذكور فى المختصر فى أول نكاح المشرك، أسلم على خمس نسوة، فأمره رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بفراق واحدة وإمساك أربع. هو نوفل بن معاوية بن عروة، وقيل: نوفل بن معاوية ابن عمرو الدؤلى، من بنى الدؤل بن بكر بن عبد مناة بن كنانة. أسلم وشهد مكة، وهو أول مشاهده، ونزل المدينة وتوفى بها أيام يزيد بن معاوية. روى عن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. روى عنه أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث، وعبد الرحمن بن مطيع، وعراك بن مالك. * * * حرف الهاء 642 - هارون النبى، عليه السلام: أخو موسى النبى، عليه السلام، مذكور فى المهذب فى كتاب الوقف على الذرية. قال الله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاء وَذِكْرًا لِّلْمُتَّقِينَ} [الأنبياء: 48] . وقال تعالى: {وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ وَنَجَّيْنَاهُمَا وَقَوْمَهُمَا مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ وَنَصَرْنَاهُمْ فَكَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ وَآتَيْنَاهُمَا الْكِتَابَ الْمُسْتَبِينَ وَهَدَيْنَاهُمَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِمَا فِى الآخِرِينَ سَلاَمٌ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِى الْمُحْسِنِينَ إِنَّهُمَا مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ} [الصافات: 114 - 122] . وقال تعالى: {قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِى صَدْرِى وَيَسِّرْ لِى أَمْرِى وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِى يَفْقَهُوا قَوْلِى وَاجْعَل لِّى وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِى هَارُونَ أَخِى اشْدُدْ بِهِ أَزْرِى وَأَشْرِكْهُ فِى أَمْرِى} [طه: 25 - 32] إلى آخر القصة، والآيات فى فضله مشهورة. قال الثعلبى فى العرائس: قال كعب الأحبار: كان هارون فصيح اللسان، بَيّن الكلام، إذا تكلم تكلم بتؤدة، وكان أطول من موسى، وتوفى قبل موسى، عليهما السلام. وقد روى عن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن موسى، عليه السلام، دفنه فى شعب أحد. أخرجه إمام الشام ابن عساكر. وثبت فى الصحيحين من رواية أنس فى حديث الإسراء، أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "ثم عرج بنا إلى السماء الخامسة، فاستفتح جبريل، قيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد، ففتح لنا، فإذا أنا بهارون، فرحب ودعا لى بخير" (2) . وروينا فى تاريخ دمشق، عن أبى سعيد الخدرى، عن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال فى حديث الإسراء: “ثم صعدت إلى السماء الخامسة، فإذا أنا بهاون ونصف لحيته أبيض ونصفها أسود، يكاد لحيته تضرب سرته من طولها، قلت: يا جبريل، مَن هذا؟ قال: هذا المحبب فى قومه، هذا هارون بن عمران” (3) . وجمع هارون: هارونون. 643 - هبار بن الأسود الصحاب (4) : مذكور فى المختصر فى باب فوات الحج، هو بفتح الهاء وتشديد الباء الموحدة، هو هبار بن الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى بن قصى القريشى. أسلم بعد الفتح، وحسن إسلامه، وصحب النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. 644 - الهرمزان (: مذكور فى المهذب فى كتاب السير، هو بضم الهاء والميم، وهو اسم لبعض أكابر الفرس، وهو دهقانهم الأصغر، أسره أبو موسى الأشعرى   (1) التاريخ الكبير للبخارى (8/2371) ، والجرح والتعديل (8/2231) ، وتاريخ الإسلام (3/89) ، وتهذيب التهذيب (10/492، 493) . تقريب التهذيب (7217) ، وقال: "الديلي بكسر المهملة وسكون التحتانية صحابي من مسلمة الفتح وعاش إلى أول خلافة يزيد وعمّر مائة وعشرين سنة خ م س".. (2) أخرجه أحمد (3/148، رقم 12527) ، ومسلم (1/145، رقم 162) ، وأبو يعلى (6/109، رقم 3375) ، وفى (6/216، رقم 3499) . وأخرجه أيضًا: ابن أبى شيبة (7/333، رقم 36570) ، وأبو عوانة (1/113، رقم 344) . (3) أخرجه أيضًا: ابن جرير (15/13) ، وابن أبى حاتم (كما فى تفسير ابن كثير 3/14) ، والبيهقى فى دلائل النبوة طبعة العلمية (2/390) ، وفيه أبو هارون العبدى متروك الحديث كما قال الشيخ الغمارى فى المداوى (1/29) ، وقال المناوى (1/49) : إسناده ضعيف، لكن المتن صحيح فإنه قطعة من حديث الإسراء الذى خرجه الشيخان عن أنس، لكن فيه خلف فى الترتيب. وله شاهد عند الطبرانى فى الأوسط (7/41، رقم 6790) عن أنس بن مالك بلفظ: “آدم فى السماء الدنيا، وعيسى ويحيى فى الثانية، ويوسف فى الثالثة، وإدريس فى الرابعة، وهارون فى الخامسة، وموسى فى السادسة، وإبراهيم فى السابعة”. (4) انظر: الإصابة (3/597) ، والاستيعاب (3/609) ، وأسد الغابة (5/51) . . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 134 وبعثه إلى عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، فقال له عمر: تكلم، فلم يتكلم، فقال له: تكلم لا بأس عليك، فتكلم ثم طلب ماء فأحضر له، فقال له عمر أيضًا: اشرب فلا بأس عليك، ثم أراد عمر قتله لكونه أسيرًا، فقال له أنس: قد أمنته بقولك: لا بأس عليك، فتركه عمر، ثم أسلم الهرمزان. 645 - هزال الأسلمى الصحابى، رضى الله عنه (1) : مذكور فى المهذب فى باب القذف وفى الأقضية، هو بهاء مفتوحة وزاى مشددة، ثم ألف، ثم لام، وهو هزال بن ذباب بن يزيد بن كليب بن عامر بن خزيمة بن مازن بن الحارث بن سلامان بن أسلم بن أقصى الأسلمى، كذا نسبه ابن عبد البر وغيره. وقال ابن مندة، وأبو نعيم: هزال بن يزيد، فأسقطا أباه، وهو الذى قال له رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حين رجموا ماعزًا: “ألا سترته ولو بثوبك فكان خيرًا لك”. 646 - هزيل بن شرحبيل (2) : مذكور فى المهذب فى أوائل باب ميراث أهل الفرض، ثم فى أواخر باب ما يحرم من النكاح فى نكاح المحلل. هو بضح الهاء وفتح الزاى، وشرحبيل بضم الشين المعجمة، وشرحبيل عجمى لا ينصرف، وهزيل هذا أودى، تابعى، كوفى، جليل، ثقة. قيل: أدرك الجاهلية. روى له البخارى فى صحيحه، وهو أخو الأرقم. روى عن ابن مسعود، وروى عنه عبد الرحمن بن مروان. واعلم أنه قد يقع فى بعض نسخ المهذب وكُتب مُصَحفًا، فكتبوه الهذيل بالذال، وهو غلط صريح وجهل فاحش، وإنما هو بالزاى باتفاق العلماء من كل الطوائف. 647 - هشام بن إبراهيم بن المغيرة: مذكور فى المهذب فى باب الاستثناء فى الطلاق، فى شعر الفرزدق يمدحه، هكذا وقع فى المهذب: هشام بن إبراهيم بن المغيرة، خال هشام بن عبد الملك، وهو غلط، وإنما الممدوح ابن هذا، وهو إبراهيم بن هشام بن إبراهيم بن المغيرة؛ لأن أم هشام بن عبد الملك هى عائشة بنت هشام بن إبراهيم بن المغيرة أخت إبراهيم بن هشام بن إبراهيم بن المغيرة، وسأوضحه فى النوع الثامن فى الأوهام إن شاء الله تعالى.   (1) الطبقات الكبرى ابن سعد (4/323) ، والاستيعاب (4/1538) ، وأسد الغابة (5/60) ، وتهذيب التهذيب (11/31) ، والإصابة (3/8953) . تقريب التهذيب (7282) ، وقال: “هزال بتشديد الزاي صحابي ذكره ابن سعد في طبقة الخندقيين س”.. (2) الطبقات الكبرى ابن سعد (6/176) ، والتاريخ الكبير للبخارى (8/2877) ، وتاريخ الإسلام (3/309) ، وتهذيب التهذيب (11/31) ، والإصابة (3/9050) . تقريب التهذيب (7283) ، وقال: “هزيل بالتصغير ثقة مخضرم من الثانية خ 4”.. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 135 648 - هشام بن حكيم بن حزام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصى (1) : الصحابى ابن الصحابى، رضى الله عنهما، القريشى الأسدى، أمه زينب بنت العوام ابن خويلد بن أسد أخت الزبير، فالزبير خاله، وخديجة أم المؤمنين رضى الله عنها، عمة أبيه، أسلم يوم الفتح، وتوفى قبل أبيه حكيم، قاله ابن عبد البر وغيره. وقيل: استشهد بأجنادين. رُوى له عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ستة أحاديث، روى له مسلم حديثًا واحدًا. روى عنه جماعة من التابعين. قال محمد بن سعد: كان هشام بن حكيم رجلاً جليلاً مهيبًا. قال الزهرى وغيره: كان هشام يأمر بالمعروف فى رجال معه، وكان عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، يقول إذا بلغه أمر ينكره: أما ما بقيت أنا وهشام فلا يكون هذا. وهذا الذى سبق من أنه قيل: استشهد بأجنادين، قاله أبو نعيم الأصبهانى وغيره، وغلطهم فيه ابن الأثير، وقال: هذا وهم، والذى قتل بأجنادين هشام بن العاص سنة ثلاث عشرة من الهجرة، وقصة هشام بن حكيم مع عياض بن غنم تدل على أنه عاش بعد أجمادين، فإنه مرَّ على عياض بن غنم، وهو وال على حمص، وقد شمس ناسًا من النبط فى أداء الجزية، فقال له هشام: ما هذا يا عياض، إن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: “إن الله يعذب الذين يعذبون الناس فى الدنيا” (2) . رواه مسلم فى صحيحه، وحمص إنما فتحت بعد أجنادين بزمان طويل. 649 - هشام بن العاص بن وائل (3) : أخو عمرو بن العاص. وسبق بيان تمام نسبه، وهو صحابى فاضل قديم الإسلام، أسلم والنبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فى مكة، وهاجر إلى الحبشة، ثم قَدِم مكة حين بلغه هجرة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى المدينة ليهاجر إليه فحبسه قومه، فلم يتمكن حتى قدم المدينة مهاجرًا بعد الخندق، وكان أصغر سنًا من أخيه عمرو، وكان خيرًا، فاضلاً، استشهد بأجنادين، وقيل: باليرموك، رضى الله عنه. 650 - هشام بن عبد الملك الخليفة (4) : مذكور فى المهذب فى باب الاستثناء فى الطلاق فى شعر الفرزدق. هو أبو الوليد هشام بن عبد الملك بن مروان بن الحكم، وسبق بيان تمام نسبه فى ترجمتى أبيه وجده، وبويع له بالخلافة بعد أخيه يزيد   (1) التاريخ الكبير للبخارى (8/2664) ، والجرح والتعديل (9/226) ، والاستيعاب (4/1538) ، وأسد الغابة (5/61) ، وسير أعلام النبلاء (3/51) ، وتهذيب التهذيب (11/37) ، والإصابة (3/8963) . تقريب التهذيب (7290) ، وقال: “صحابي ابن صحابي له ذكر في الصحيحين في حديث عمر حيث سمعه يقرأ سورة الفرقان مات قبل أبيه ووهم من زعم أنه استشهد بأجنادين م د س”.. (2) حديث هشام بن حكيم بن حزام: أخرجه أحمد (3/403، رقم 15366) ، قال المناوى (2/304) : قال زين الحفاظ العراقى: إسناده صحيح. ومسلم (4/2018، رقم 2613) ، والنسائى فى الكبرى (5/236، رقم 8771) ، والطبرانى (22/170، رقم 437) . وأخرجه أيضًا: أبو داود (3/169، رقم 3045) . حديث عياض بن غنم: أخرجه أحمد (3/404، رقم 15370) ، والبيهقى فى شعب الإيمان (4/348، رقم 5355) ، وابن عساكر (47/265) . (3) انظر: الإصابة (3/604) ، وأسد الغابة (5/64) ، والاستيعاب (3/593) ، وطبقات ابن سعد (4/191) ، والعقد الثمين (7/374) ، وسير أعلام النبلاء (3/77) (16) .. (4) انظر: سير أعلام النبلاء (5/351) برقم (162) ، والنجوم الزاهرة (1/296) ، ومرآة الجنان (1/261) ، والبداية والنهاية (9/351) . . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 136 بن عبد الملك يوم الجمعة لخمس بقين من شوال سنة خمس ومائة، ولد بدمشق سنة قتل مصعب بن الزبير سنة ثنتين وسبعين، وتوفى هشام بالرصافة من أرض قنسرين فى شهر ربيع الآخر سنة خمس وعشرين ومائة. قال ابن قتيبة: وكانت ولايته عشرين سنة إلا شهرًا، وبلغ من السن ستًا وخمسين سنة، وهذا مخالف ما سبق من قول غيره أنه ولد سنة ثنتين وسبعين. قال ابن قتيبة: وكان هشام آخرهم. قال: وعزل عمر بن هبيرة عن العراق واستعمل خالد بن عبد الله القسرى سنة ست ومائة، ثم ولى يوسف بن عمر العراق سنة عشرين ومائة، وكان له عشرة بنين. 651 - هشام بن عروة (1) : التابعى المشهور، أحد الفقهاء السبعة، تكرر فى المختصر، وذكره فى أول باب الوصية، وفى أواخر الولاء فى الخيار فى النكاح فى تخيير المعتقة، وهو أبو المنذر هشام ابن عروة بن الزبير بن العوام القريشى الأسدى المدنى، سبق تمام نسبه فى ترجمة أبيه وجده، وهو تابعى. رأى عبد الله بن عمر بن الخطاب، ومسح رأسه ودعا له، وجابر بن عبد الله، وسهل بن سعد، وأنس بن مالك، وسمع عمه عبد الله بن الزبير، وأباه عروة، وخلائق من أئمة التابعين. روى عنه زهير بن معاوية، والضحاك بن عثمان، والحمادان، والسفيانان، وشعبة، ووكيع، وابن علية، وابن المبارك، والنضر بن شميل، وخلائق من الأئمة. واتفقوا على توثيقه، وجلالته، وإمامته. قال محمد بن سعد: كان ثقة، ثبتًا، حجة، كثير الحديث. توفى ببغداد، ودفن فى مقبرة الخيرزان سنة ست وأربعين ومائة، كذا قاله خليفة بن خياط. وقال أبو نعيم: سنة خمس وأربعين. وقال عمرو بن على: سنة سبع وأربعين. قال عبد الله بن داود: ولد هشام مقتل الحسين سنة إحدى وستين. 652 - هشيم بن بشير (2) : مذكور فى المختصر فى آخر باب الديات والأضحية، وهو بضم الهاء وفتح الشين، وبشير بفتح الباء، وهو أبو معاوية هشيم بن بشير بن القاسم بن دينار السلمى الواسطى، وقيل: إنه نجارى الأصل، وهو من تابعى التابعين. سمع عمرو بن دينار، وأبا الزبير، وسليمان التيمى، وعاصمًا الأحول، وإسماعيل ابن أبى خالد، وحميد الطويل، وأبا إسحاق الشيبانى، وداود بن أبى هند، وعبد العزيز ابن صهيب، وخالد الحذاء، والأعمش، وخلائق لا يحصون من الأئمة وغيرهم. روى عنه   (1) التاريخ الكبير للبخارى (8/2673) ، والجرح والتعديل (9/249) ، وسير أعلام النبلاء (6/34) ، وتاريخ الإسلام (6/145) ، وتهذيب التهذيب (11/48، 51) . تقريب التهذيب (7302) ، وقال: “ثقة فقيه ربما دلس من الخامسة مات سنة خمس أو ست وأربعين وله سبع وثمانون سنة ع”.. (2) الطبقات الكبرى ابن سعد (7/313) ، والتاريخ الكبير للبخارى (8/6867) ، والجرح والتعديل (9/486) ، وسير أعلام النبلاء (8/287) ، وميزان الاعتدال (4/9250) ، وتهذيب التهذيب (11/59، 64) . تقريب التهذيب (7312) ، وقال: “هشيم بالتصغير ابن بشير بوزن عظيم، ابن أبي خازم بمعجمتين، ثقة ثبت كثير التدليس والإرسال الخفي من السابعة مات سنة ثلاث وثمانين وقد قارب الثمانين ع”.. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 137 مالك، والثورى، وشعبة، وابن المبارك، وشعبة، وابن المبارك، ووكيع، وعبد الرحمن ابن مهدى، وخلائق لا يحصون. واتفقوا على توثيقه، وجلالته، وحفظه. قال يعقوب الدورقى: كان عند هشيم عشرون ألف حديث. وقال محمد بن حاتم المؤدب: قيل لهشيم: كم كنت تحفظ؟ قال: كنت أحفظ فى مجلس مائة، ولو سُئلت عنها بعد شهر لأجبت. وقال على بن معبد: جاء عراقى ذاكر مالك بن أنس بحديث، فقال مالك: وهل بالعراق أحد يحسن ويحدث إلا ذاك الواسطى، يعنى هشيمًا. وقال عمرو ابن عون: مكث هشيم يصلى الفجر بوضوء العشاء قبل أن يموت عشر سنين. وقال عبد الرحمن بن مهدى: ما رأيت أحفظ من هشيم، كان يقوى فى الحفظ على ما لا يقوى غيره، ورأى جماعة النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يحثهم على الأخذ عن هشيم. قال ابن سعد: كان ثقة، ثبتًا، كثير الحديث، يدلس كثيرًا، فما قال فى حديثه: أخبرنا، فهو حجة، وما لا فليس بشىء، ولد سنة أربع ومائة، وقيل: خمس. وتوفى ببغداد فى شعبان سنة ثلاث وثمانين ومائة، رحمه الله. 653 - هصيص بن كعب بن لؤى بن غالب القريشى: مذكور فى الروضة فى قسم الفىء والغنيمة، وهو أخو مرة بن كعب بن لؤى، وجد بنى جمح وبنى سهم، وهو بضم الهاء وبصادين مهملتين الأولى مفتوحة. 654 - هلال بن أمية الصحابى: تكرر فى لعان المهذب، هو هلال بن أمية بن عامر بن قيس بن عبد الأعلم بن عامر ابن كعب بن واقف، واسمه مالك بن امرىء القيس بن مالك بن الأوس الأنصارى الواقفى، مدنى، شهد بدرًا، وأُحُدًا، وكان قديم الإسلام، وكان يكسر أصنام بنى واقف، وكانت معه رايتهم يوم الفتح، وهو الذى قذف امرأته بشريك بن سحماء، وهو أحد الثلاثة الذين تاب الله عليهم وذكرهم فى سورة براءة، وهم: هلال، وكعب بن مالك، ومرارة بن الربيع، رضى الله تعالى عنهم. 655 - هلال بن أبى ميمون (1) : مذكور فى المختصر فى أول الحضانة. قال ابن أبى حاتم: هو هلال بن على. قال: ويقال: هلال بن أسامة. روى عن عطاء بن   (1) التاريخ الكبير للبخارى (8/2720) ، والجرح والتعديل (9/300) ، وسير أعلام النبلاء (5/265) ، وميزان الاعتدال (4/9259) ، وتهذيب التهذيب (11/82) . تقريب التهذيب (7344) ، وقال: “ثقة من الخامسة مات سنة بضع عشرة ع”.. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 138 يسار، وأبى ميمونة. روى عنه يحيى بن أبى كثير، وزياد بن سعد، ومالك بن أنس، وأسامة بن زيد، ومحمد بن حمران. قال أبو حاتم: يُكتب حديثه، وهو شيخ. 656 - همام بن منبه بن كامل بن سيج (1) : بسين مهملة مفتوحة، وقيل: مكسورة، ثم مثناة تحت ساكنة، ثم جيم، أبو عقبة اليمانى الصنعانى الإبناوى، بباء موحدة، ثم نون، وهو أخو وهب، ومعقل، وغيلان، وعبد الله، وعمر، وهم بنى منبه، وهمام تابعى، وكذا أخوه وهب، وكان همام أكبر من وهب. سمع ابن عباس، وأبا هريرة، ومعاوية، ويقال: رأى معاوية ولم يسمعه. وروى عنه أخوه وهب، ومعمر بن راشد، وعقيل بن معقل، واتفقوا على توثيقه. توفى سنة ثنتين، وقيل: إحدى وثلاثين ومائة، رحمه الله. 657 - هند بن حارثة الصحابى، رضى الله تعالى عنه (2) : قال ابن الأثير: هو هند بن حارثة بن هند، وقيل: هو هند بن حارثة بن سعد بن عبد الله بن غياث بن سعد بن عمرو بن عامر بن ثعلبة بن مالك بن أفصلا، ومالك بن أفصى هو أخو أسلم بن أفصى، حجازى، هكذا نسبه ابن عبد البر. وقال ابن مندة، وأبو نعيم: هو هند بن سماء بن حارثة بن هند الأسلمى. قال أبو نعيم: وقيل: هند بن حارثة، ونسب ابن الكلبى وابن ماكولا أخاه أسماء بن حارثة كما نسبه ابن عبد البر، وكلهم قالوا: إنه أسلمى، وهو من ولد مالك بن أفصى أخى أسلم بن أفصى، ولاشتهار أسلم ينتب ولد أخيه إليه. قال: وكان هند وإخوته ثمانية إخوة، أسلموا وصحبوا النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وشهدوا معه بيعة الرضوان، وهم أسماء، وهند، وخراش، وذؤيب، وحمران، وفضالة، وسلمة، ومالك، رضى الله عنهم، ولزم أسماء وهند النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وكانا يخدمانه، وكانا من أهل الصفة. قال أبو هريرة: ما كنت أرى هندًا وأسماء ابنى حارثة إلا خادمين لرسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من طول لزومهما بابه وخدمتهما إياه. 658 - هند بن أبى هالة التميمى الصحابى (3) : وهو ربيب رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أمه خديجة بنت خويلد، رضى الله عنهما، كان أبوه حليف بنى عبد الدار،   (1) الطبقات الكبرى ابن سعد (5/544) ، والتاريخ الكبير للبخارى (8/2847) ، والجرح والتعديل (9/453) ، وسير أعلام النبلاء (5/311) ، وتاريخ الإسلام (5/309) ، وتهذيب التهذيب (11/67) . تقريب التهذيب (7317) ، وقال: “ثقة من الرابعة مات سنة اثنتين وثلاثين على الصحيح ع”.. (2) الطبقات الكبرى ابن سعد (5/544) ، والتاريخ الكبير للبخارى (8/2847) ، والجرح والتعديل (9/453) ، وسير أعلام النبلاء (5/311) ، وتاريخ الإسلام (5/309) ، وتهذيب التهذيب (11/67) . تقريب التهذيب (7317) ، وقال: “ثقة من الرابعة مات سنة اثنتين وثلاثين على الصحيح ع”.. (3) التاريخ الكبير للبخارى (8/2855) ، والجرح والتعديل (9/489) ، والاستيعاب (4/1544) ، وأسد الغابة (5/17) ، وتهذيب التهذيب (11/72) ، والإصابة (3/9007) . تقريب التهذيب (7322) ، وقال: “النباش بنون ثم موحدة ثم معجمة التميمي ربيب النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمه خديجة بنت خويلد قيل استشهد يوم الجمل مع علي وقيل عاش بعد ذلك تم”.. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 139 واختلف فى اسم أبى هالة، فقيل: نباش بن زرارة بن وقدان، وقيل: مالك بن زرارة بن النباش، وقيل: مالك بن النباش بن زرارة، قاله الزبير بن بكار. وخالفه أكثر أهل النسب. وقال ابن الكلبى: هو أبو هالة هند بن النباش بن زرارة، وكان زوج خديجة أولاً، فولدت له هند بن هند، وابن ابنه هند بن هند بن هند، وشهد هند بن أبى هالة بدرًا، وقيل: لم يشهدها، بل شهد أُحُدًا، وقتل هند بن أبى هالة مع على يوم الجمل، وقتل ابنه هند بن هند بن أبى هالة مع مصعب بن الزبير يوم قتل المختار سنة سبع وستين، وقيل: بل مات بالبصرة، وانقرض عقبه. وروى هند بن أبى هالة حديث صفة النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وهو مشهور من روايته، يرويه عنه ابن أخته الحسن بن فاطمة بنت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ورضى عنها، وأما ابنه هند بن هند بن أبى هالة، فذكره ابن مندة وأبو نعيم فى الصحابة، رضى الله تعالى عنهم. 659 - هنيدة بن خالد (1) : الذى شهد عليًا، رضى الله عنه، وأقام على رجل حدًا، ذكره فى المهذب فى باب إقامة الحد، وهو بالهاء فى آخره، تصغير هند، وهو خزاعى، ويقال: نخعى. وقال فى المهذب: إنه كندى، والمعروف ما سبق. قال ابن أبى حاتم وغيره: كانت أم هنيدة هذا تحت عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، ونزل هنيدة الكوفة، وذكره ابن عبد البر، وابن مندة، وأبو نعيم، وغيرهم فى كتب الصحابة، قالوا: واختلف فى صحبته. روى عنه أبو إسحاق السبيعى. 660 - هُنَىّ (2) : مولى عمر بن الخطاب، رضى الله عنه. مذكور فى المختصر والمهذب فى كتاب إحياء الموات، فى مسألة الحمى، هو بضم الهاء وفتح النون وتشديد الياء، كذا ضبطه ابن ماكولا وغيره من أهل الإتقان فى هذا الشأن، وكذا ضبطناه فى صحيح البخارى وفى المهذب وغيرهما، ورأيت بخط بعض من لا تحقيق له أنه يقال أيضًا بالهمز، وهذا خطأ ظاهر نبهت عليه لئلا يغتر به. روى هنى عن أبى بكر، وعمر، ومعاوية، وعمرو بن العاص، رضى الله عنهم، وكان عامل عمر على الحمى، والله أعلم.   (1) انظر: الجرح والتعديل (9/120) ، والتاريخ الكبير (8/248) ، وتهذيب التهذيب (11/73) ، وتقريب التهذيب (2/322) .. (2) الطبقات الكبرى ابن سعد (5/11) ، والتاريخ الكبير للبخارى (8/2879) ، والجرح والتعديل (8/467) ، وتهذيب التهذيب (11/73) ، والإصابة (3/9056) . تقريب التهذيب (7325) ، وقال: “ثقة من الثانية له ذكر في البخاري بلا رواية خ”. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 140 * * * تم بحمد الله المجلد الأول ويليه بإذن الله المجلد الثانى وأوله: " حرف الواو " * * * تهذيب الأسماء واللغات للعلامة أبى زكريا محيى الدين بن شرف النووي المتوفى سنة 676 هـ تحقيق مصطفى عبد القادر عطا حرف الواو 661 - وابصة بن معبد الصحابى، رضى الله عنه (1) : هو أبو سالم، وقيل: أبو الشعثاء، وقيل: أبو سعيد وابصة بن معبد بن مالك بن عبيد الأسدى، من أسد خزيمة، كذا قاله ابن عبد البر، وقال ابن مندة، وأبو نعيم: وابصة بن معبد بن عتبة بن الحارث بن مالك بن الحارث بن بشير بن كعب بن سعد بن الحارث ابن ثعلبة بن دودان بن أسد بن خزيمة الأسدى. أسلم سنة تسع، سكن الكوفة، ثم تحول فأقام بالرقة إلى أن توفى بها. روى عن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أحاديث، روى عنه ابناه عمر، وسالم، والشعبى، وزياد بن أبى الجعد، وغيرهم، وكان وابصة كثير البكاء، لا يملك دمعته، وكان له بالرقة عقب، ومن ولده عبد الرحمن بن صخر قاضى الرقة أيام هارون الرشيد. 662 - واثلة بن الأسقع الصحابى، رضى الله عنه (2) : تكرر فى المهذب. هو أبو شداد، ويقال: أبو الأسقع، وقيل: أبو محمد، وقيل: أبو الخطاب، وقيل: أبو قرصافة، بكسر القاف، واثلة بن الأسقع بن عبد العزى بن عبد ياليل بن ناشب بن غيرة بن سعد بن ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة الكنانى الليثى، وقيل: إنه واثلة بن عبد الله بن الأسقع، قيل: أسلم والنبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يتجهز إلى تبوك، وشهدها معه، وشهد فتح دمشق وحمص، وقيل: إنه خدم النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثلاث سنين، وكان من أهل الصفة. رُوى له عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ستة وخمسون حديثًا، روى له البخارى حديثًا ومسلم آخر، سكن الشام فسكن دمشق، ثم استوطن بيت جبرين، وهى بلدة بقر بيت المقدس، ودخل البصرة، وكان له بها دار. روى عنه عبد الواحد بن عبد الله البصرى، بالصاد المهملة، وشداد بن عبد الله بن عامر اليحصبى، وأبو إدريس الخولانى، ومكحول، وأبو المليح، ويونس بن ميسرة، وخلق سواهم. توفى بدمشق سنة ست أو خمس وثمانين، وهو ابن ثمان   (1) الطبقات الكبرى ابن سعد (7/476) ، والتاريخ الكبير للبخارى (8/2647) ، والجرح والتعديل (9/203) ، والاستيعاب (4/1523) ، وأسد الغابة (5/76) ، وتهذيب التهذيب (11/100) ، والإصابة (3/9085) . تقريب التهذيب (7378) ، وقال: "وابصة بكسر الموحدة ثم مهملة صحابي نزل الجزيرة وعمّر إلى قرب سنة تسعين د ت ق".. (2) انظر: الإصابة (3/626) ، وسير أعلام النبلاء (3/383 - 387) برقم (57) ، وطبقات ابن سعد (7/407، 408) ، والتاريخ الكبير (8/187) ، والجرح والتعديل (9/47) ، والثقات لابن حبان (3/426) ، وحلية الأولياء (2/21 - 23) ، والاستيعاب (3/643) ، وصفة الصفوة (1/674 - 676) ، ووفيات الأعيان (5/281) ، ومرآة الجنان (1/175) ، وغاية النهاية (2/358) ، والبداية والنهاية (9/60) ، وتهذيب التهذيب (11/101، 102) ، وتقريب التهذيب (2/328) .. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 141 وتسعين سنة، قاله أبو مسهر. وقال سعيد بن خالد: توفى سنة ثلاث وثمانين، وهو ابن مائة وخمس سنين، والصحيح الأول. 663 - واسع بن حبان - بفتح الحاء المهملة - ابن منقذ (1) : سبق تمام نسبه فى ترجمة أبيه وجده، وهو تابعى، هذا هو الصحيح المشهور، وذكره البغوى الكبير. وقال فى صحته: يقال: سمع ابن عمر، وعبد الله بن زيد، وجابرًا، وأبا سعيد. روى عنه أخوه يحيى بن حبان، وابن أخيه محمد بن يحيى بن حبان، وهو ثقة. روى له البخارى ومسلم. 664 - وائل بن حجر الصحابى، رضى الله عنهما (2) : تكرر فى هذه الكتب فى صفة الصلاة وغيرها، وحجر بضم الحاء وسكون الجيم، وهو أبو هنيدة، ويقال: أبو هنيد، بلا هاء، وائل بن حجر بن ربيعة بن يعمر الحضرمى، كذا قاله ابن عبد البر. وقال الحافظ أبو القاسم بن عساكر: وائل بن حجر بن سعد بن مسروق بن وائل بن ضمعج بن وائل بن ربيعة بن وائل بن النعمان بن زيد بن مالك بن زيد. قال: وقيل غير ذلك. كان من ملوك حمير، ويقال للملك منهم: قَيْل، بفتح القاف وسكون الياء المثناة تحت، وجمعه: أقيال، وكان أبوه من ملوكهم، وفد وائل على رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وكان رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بشر أصحابه بقدومه قبل وصوله بأيام، وقال: “يأتيكم وائل بن حجر من أرض بعيدة من حضرموت طائعًا راغبًا فى الله عز وجل وفى رسول الله، وهو بقية الأقيال” (3) ، فلما دخل رحب به وأدناه من نفسه، وبسط له رداءه وأجلسه عليه مع نفسه، وقال: “اللهم بارك فى وائل وولده”، وأصعده على المنبر وأثنى عليه، واستعمله على بلاده، وأقطعه أرضًا، وأرسل معاوية بن أبى سفيان، وقال: “أعطه إياها”. رُوى له عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أحد وسبعون حديثًا، روى مسلم منها ستة، ولم يرو البخارى له شيئًا. نزل الكوفة، وعاش إلى أيام معاوية، ووفد عليه، وأجلسه معه على السرير، وشهد معه صفين، وكانت معه راية حضرموت. روى عنه ابناه علقمة وعبد الجبار، وقيل: لم يسمعه عبد الجبار. روى عنه أيضًا كليب بن شهاب، وحجر بن عنبس، وعبد الرحمن اليحصبى، وغيرهم. 665 -   (1) الطبقات الكبرى ابن سعد (6/318) ، والتاريخ الكبير للبخارى (8/2655) ، والجرح والتعديل (9/204) ، وتاريخ الإسلام (4/64) ، وتهذيب التهذيب (11/102) . تقريب التهذيب (7380) ، وقال: “ابن حبان بفتح المهملة ثم موحدة ثقيلة، صحابي ابن صحابي وقيل بل ثقة من الثانية ع”. (2) انظر: الإصابة (3/628) ، والتاريخ الكبير (8/175) ، وسير أعلام النبلاء (2/572 - 574) برقم (122) ، وتهذيب التهذيب (11/108) ، وأسد الغابة (5/81) ، والجرح والتعديل (9/42) ، والاستيعاب (3/646) .. (3) أخرجه البزار كما فى مجمع الزوائد (9/373) قال الهيثمى: فيه محمد بن حجر، وهو ضعيف. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 142 وحشى بن حرب الصحابى (1) : كنيته أبو وسمة، وهو من سودان مكة، ويقال له: الحبشى، وهو مولى طعمة بن عدى، وقيل: مولى جبير بن مطعم بن نوفل بن عبد مناف، وهو قاتل حمزة يوم أُحُد، وشارك فى قتل مسيلمة الكذاب يوم اليمامة، وكان يقول: قتلت فى جاهليتى خير الناس، وقتلت بعد إسلامى شر الناس. رُوى له عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أربعة أحاديث، وقيل: ثمانة، روى البخارى منها حديثًا فى قتله حمزة. روى عنه ابنه حرب بن وحشى، وعبيد الله بن عدى بن الجبار، وجعفر بن عمرو بن أمية، قيل: سكن دمشق، والصحيح المشهور أنه سكن حمص. 666 - وراد كاتب المغيرة (2) : مذكور فى المختصر فى مسح الخف، وهو أبو سعيد، ويقال: أبو ورد الثقفى الكوفى، كاتب المغيرة بن شعبة ومولاه. سمع المغيرة. روى عنه الشعبى، وعبد الملك بن عمير، ورجاء بن حيوة، وعبدة بن أبى لبابة، وعاصم بن بهدلة، وآخرون، واتفقوا على توثيقه وجلالته. روى له البخارى ومسلم. 667 - ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى بن قصى بن كلاب القريشى: وهو الذى أتته خديجة أم المؤمنين، رضى الله عنها، بالنبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فى حديث المبعث، وقال للنبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: هذا الناموس الذى أنزل على موسى، يا ليتنى فيها جذعا، يا ليتنى أكون حيًا إذ يخرجك قومك، فقال النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “أومخرجى هم؟ ”، قال: نعم، لم يأت أحد قط بمثل ما جئت به إلا عودى، وإن يدركنى يومك أنصرك نصرًا مؤزرًا. ثم لم يلبث ورقة بن نوفل أن توفى، وهذا الذى ذكرته كله ثابت فى الصحيحين بحروفه من رواية عائشة، رضى الله عنها. قال ابن مندة: واختلفوا فى إسلام ورقة، وهذا الحديث الذى ذكرته ظاهر فى إسلامه واتباعه وتصديقه. 668 - وكيع بن الجراح بن مليح بن عدى بن فرس بن حمحمة، وقيل: ابن فرس ابن سفيان بن الحارث بن عمرو بن عبيد بن رؤاس - بهمزة بعد الراء - ابن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة (3) : أبو سفيان الرؤاسى الكوفى. الإمام فى الحديث وغيره، وهو من تابعى التابعين، سمع إسماعيل بن أبى خالد، والأعمش، وهشام بن   (1) الطبقات الكبرى ابن سعد (7/418) ، والتاريخ الكبير للبخارى (8/2624) ، والجرح والتعديل (9/194) ، والاستيعاب (4/1564) ، وأسد الغابة (5/83) ، وتهذيب التهذيب (11/112) ، والإصابة (3/9109) . تقريب التهذيب (7400) ، وقال: “أبا دسمة بفتح المهملتين والميم صحابي نزل حمص ومات بها خ د ق”.. (2) التاريخ الكبير للبخارى (8/2644) ، والجرح والتعديل (9/206) ، وتاريخ الإسلام (3/211) ، وتهذيب التهذيب (11/112) . تقريب التهذيب (7401) ، وقال: “وراد بتشديد الراء ثقة من الثالثة ع”.. (3) الطبقات الكبرى ابن سعد (6/394) ، والتاريخ الكبير للبخارى (8/2618) ، والجرح والتعديل (9/168) ، وسير أعلام النبلاء (9/140) ، وميزان الاعتدال (4/9356) ، وتهذيب التهذيب (11/123) . تقريب التهذيب (7414) ، وقال: “الرؤاسي بضم الراء وهمزة ثم مهملة ثقة حافظ عابد من كبار التاسعة مات في آخر سنة ست وأول سنة سبع وتسعين [ومائة] وله سبعون سنة ع”.. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 143 عروة، وعبد الله بن عون، وعزرة ابن ثابت، وحنظلة بن أبى سفيان، ومالك بن مغول، وكهمس بن الحسن، وابن جريج، وزكريا بن إسحاق، وفضيل بن غزوان، وشريك بن عبد الله، والأوزاعى، والسفيانين، وخلائق من الكبار. روى عنه ابن المبارك، ويحيى بن آدم، ويزيد بن هارون، وقتيبة، وابن مهدى، وأحمد ابن حنبل، وابن راهوية، والحميدى، ومسدد، وابن المدينى، وابن معين، وابنا أبى شيبة، وابناه مليح وسفيان ابنا وكيع، وأحمد بن أبى الحوارى، ويحيى بن يحيى، وخلائق. وأجمعوا على جلالته، ووفور علمه، وحفظه، وإتقانه، وورعه، وصلاحه، وعبادته، وتوثيقه، واعتماده. قال أحمد بن حنبل: ما رأيت أوعى للعلم ولا أحفظ من وكيع، ما رأيته يشك فى حديث إلا يومًا واحدًا، ولا رأيت معه كتابًا ولا ورقة قط. وقال أحمد أيضًا: حدثنى من لم تر عيناك مثله، وكيع بن الجراح. وقال أحمد: هو أحب إلىَّ من يحيى بن سعيد، فقيل له: كيف فضلت وكيعًا؟ فقال: كان وكيع صديقًا لحفص بن غياث، فلما ولى القضاء هجره وكيع، وكان يحيى بن سعيد صديقًا لمعاذ بن معاذ، فولى القضاء معاذ، ولم يهجره يحيى. وقال أحمد: ما رأيتن رجلاً قط مثل وكيع فى العلم، والحفظ، والإسناد، والأبواب، ويحفظ الحديث جيدًا، ويذاكر بالفقه مع ورع واجتهاد، ولا يتكلم فى أحد. وقال ابن معين: ما رأيت أحدًا يحدث لله غير وكيع بن الجراح، وهو أحب إلىَّ من سفيان وابن مهدى، وهو أحب إلىَّ من أبى نعيم، وما رأيت رجلاً قط أحفظ من وكيع، ووكيع فى زمانه كالأوزاعى فى زمانه. وقال أحمد بن عبد الله: وكيع كوفى ثقة، عابد، صالح، من حفاظ الحديث، وكان يفتى. وقال ابن عمار: ما كان بالكوفة فى زمن وكيع أفقه ولا أعلم بالحديث من وكيع، وكان جهبذًا. وقال محمد بن سعد: توفى وكيع بفيد منصرفًا من الحج سنة سبع وتسعين ومائة، وكذا قال ابن نمير، والترمذى. وقال أحمد بن حنبل: ولد وكيع سنة سبع وعشرين ومائة. 669 - الوليد بن عقبة بن أبى معيط الصحابى (1) : مذكور فى المهذب فى صلاة العيدين، وفى أول الوكالة، وفى كتاب السير، وفى أول حد الخمر. هو أبو وهب الوليد   (1) الطبقات الكبرى ابن سعد (6/24، 7/476) ، والتاريخ الكبير للبخارى (8/2483) ، والجرح والتعديل (9/31) ، والاستيعاب (4/1552) ، وأسد الغابة (5/90) ، وسير أعلام النبلاء (3/412) ، وتهذيب التهذيب (11/142) ، والإصابة (3/9147) . تقريب التهذيب (7442) ، وقال: “له صحبة وعاش إلى خلافة معاوية د”.. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 144 بن عقبة بن أبى معيط، واسم أبى معيط أبان بن أبى عمرو، واسم أبى عمرو ذكوان بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصى القريشى الأموى، وأمه أروى بنت كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس بن عبد مناف، وأمها البيضاء أم حكيم بنت عبد المطلب عمة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فالوليد أخو عثمان بن عفان لأمه. أسلم يوم فتح مكة هو وأخوه خالد بن عقبة. قال ابن عبد البر: أظنه لما أسلم كان قد ناهز الحلم. وقال ابن ماكولا: كان طفلاً. وقال غيرهما: كان كبيرًا، وبعثه رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على صدقات بنى المصطلق. قال ابن عبد البر: ولا خلاف بين أهل العلم بتأويل القرآن فيما علمت أن قوله عز وجل: {إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ} [الحجرات: 6] نزلت فى الوليد بن عقبة، وذلك أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعثه مصدقًا إلى بنى المصطلق، فعاد وأخبر عنهم أنهم ارتدوا ومنعو الصدقة؛ لأنهم خرجوا إليه يتلقونه وهم متقلدون السيوف فرحًا وسرورًا بقدومه، فخافهم فرجع وأخبر النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بردتهم، فبعث إليهم رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خالد بن الوليد، فأخبروه الخبر وأنهم مسلمون، فنزلت الآية. قال: ومما يرد قول من قال: كان صغيرًا، أن الزبير بن بكار وغيره من علماء السير ذكروا أن الوليد وعمارة ابنى عقبة خرجا من مكة ليردا أختهما أم كلثوم بنت عقبة عن الهجرة، وكانت هجرتها فى الهدنة يوم الحديبية قبل الفتح، فمن يكون صغيرًا يوم الفتح لا يقوى لرد أخته قبل ذلك، ثم ولاه عثمان الكوفة، وكان من رجال قريش ظرفًا، وحلمًا، وشجاعة، وكرمًا، وأدبًا، وكان شاعرًا، وهو الذى صلى صلاة الصبح بأهل الكوفة أربع ركعات، فقال: أزيدكم، وكان سكران. قال ابن عبد البر: وخبر صلاته سكران قوله: أزيدكم، بعد أن صلى بهم الصبح أربعًا، مشهور من رواية الثقات من أهل الحديث، ولما شهدوا عليه بالشرب أمر عثمان فجُلد وعُزل من الكوفة، واستعمل عليها بعده سعيد بن العاص، ولما قُتل عثمان اعتزل الوليد الفتنة، وأقام بالرقة إلى أن توفى بها، وله بها عقب. روى عنه ثابت بن الحجاج، والشعبى، وغيرهما. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 146 670 - الوليد بن كثير المخزومى (1) : مذكور فى المختصر فى أول باب الماء الذى ينجس. هو أبو محمد الوليد القريشى المخزومى مولاهم المدنى، ثم سكن الكوفة. روى عن محمد بن كعب القرظى، ومحمد ابن عباد بن جعفر، وعبد الله بن عبد الله بن عمرو، ووهب بن كيسان، ونافع مولى الحارث بن عمرو، ومحمد بن إبراهيم، ومحمد بن عمرو بن عطاء، ومحمد بن جعفر بن الزبير، ومحمد بن عمرو بن حلحلة، ومعبد بن كعب بن مالك، وسعيد المقبرى، وآخرين. روى عنه إبراهيم بن سعد، وعيسى بن يونس، وأبو أسامة، وابن عيينة، والواقدى. قال إبراهيم بن سعد: كان ثقة، متبعًا للمغازى، حريصًا على علمه. وقال يحيى بن معين: هو ثقة. وقال ابن المدينى: هو صدوق. وقال ابن سعد: توفى بالكوفة سنة إحدى وخمسين ومائة. روى له البخارى ومسلم. 671 - الوليد بن مسلم الدمشقى (2) : صاحب الأوزاعى. مذكور فى المهذب فى أول العدد. هو أبو العباس الوليد بن مسلم الدمشقى الأموى مولاهم، وقيل: مولى العباس بن محمد بن على بن عبد الله بن عباس. سمع الأوزاعى، وصفوان بن عمرو، وثور بن يزيد، وابن جريج، والثورى، والليث، وسعيد بن عبد العزيز، وأبا إسحاق الفزارى، ومحمد بن حمزة، وسليمان بن موسى، ومحمد بن راشد، وبكر بن مضر، وابن لهيعة، وعبد الله بن العلاء بن زيد، وخلائق لا يحصون من الأئمة وغيرهم. روى عنه الليث بن سعد، وهو كاف فى جلالته، وأحمد بن حنبل، والحميدى، وأبو خيثمة، وهشام بن عمار، وصفوان بن صالح، والحسين بن حريث، وعبد الله بن وهب، ومحمد بن المبارك الصورى، وعبد الرحمن بن إبراهيم، ودهيم، وسليمان بن عبد الرحمن، ومحمد بن شعيب، وبقية، ونعيم بن حماد، وضمرة بن ربيعة، وإسحاق بن أبى إسرائيل، وخلائق لا يحصون. وأجمعوا على جلالته وارتفاع محله فى العلم وتوثيقه. قال يعقوب بن سفيان: كُنت أسمع أصحابنا يقولون: علم الشام عند إسماعيل بن عياش والوليد بن مسلم، فأما الوليد فمضى على سننه ميمونًا عند أهل العلم، متقنًا، صحيح العلم، فقال أحمد بن حنبل: ليس أحد أروى لحديث الشام من إسماعيل بن عياش   (1) الجرح والتعديل (9/62) ، وسير أعلام النبلاء (7/63) ، وتاريخ الإسلام (6/314) ، وميزان الاعتدال (4/9397) ، وتهذيب التهذيب (11/148) . تقريب التهذيب (7452) ، وقال: “صدوق عارف بالمغازي رمي برأي الخوارج من السادسة مات سنة إحدى وخمسين ع”.. (2) انظر: طبقات ابن سعد (7/470) ، وتاريخ ابن معين (2/634) ، والتاريخ الكبير (8/152، 153) ، والجرح والتعديل (9/16، 17) ، وميزان الاعتدال (4/347، 348) ، وتهذيب التهذيب (11/151 - 155) ، وتقريب التهذيب (2/336) .. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 147 والوليد بن مسلم. قال على بن المدينى: الوليد بن مسلم دخل الشام وعنده علم كثير، ولم نستمكن منه. توفى بذى المروة منصرفًا من الحج سنة خمس وتسعين ومائة، وقيل: أربع وتسعين، وله ثلاث وسبعون سنة. 672 - الوليد بن الوليد بن المغيرة القرشى المخزومى الصحابى: أخو خالد بن الوليد، رضى الله عنه وعن خالد، وهو ابن عم أم سلمة، حضر الوليد بدرًا مشركًا، فأسره عبد الله بن جحش، وقيل: أسره سليط الأنصارى المازنى، فقدم فى فدائه أخواه خالد وهشام، فتمنع عبد الله بن جحش، حتى افتكاه بأربعة آلاف درهم، فلما فدى أسلم، فقيل له: هلا أسلمت قبل أن تفدى؟ فقال: كرهت أن يظن بى أنى جزعت من الإسارة. فلما أسلم حبسه أهله بمكة عن الهجرة، فكان رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يدعو له فيمن يدعو له من المستضعفين المؤمنين بمكة، فيقول فى قنوته فى الصلاة: “اللهم أنج الوليد بن الوليد”، وحديثه هذا فى الصحيحين، ثم أفلت من حبسهم، ولحق برسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وشهد معه عمرة القضية. 673 - وهب بن عبد الله بن محصن بن حرثان: أبو سنان الأسدى الصحابى، وهو ابن أخى عكاشة بن محصن، وسبق تمام نسبه فى ترجمة عمه، قيل: إن وهبًا هذا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 148 أول من بايع بيعة الرضوان تحت الشجرة، ثم بايع الناس على بيعته. 674 - وهب بن منبه التابعى الأنصارى اليمانى (1) : أخو همام بن منبه، وسبق تمام نسبه وأخوته فى ترجمة همام، كنية وهب أبو عبد الله، ويقال: الذمارى، بكسر الذال المعجمة، منسوب إلى ذمار قرية على مرحلتين من صنعاء اليمن، وهو تابعى جليل من المشهورين بمعرفة الكُتب الماضية. سمع جابر بن عبد الله، وابن عباس، وابن عمرو بن العاص، وأبا سعيد الخدرى، وأبا هريرة، وأنسًا، والنعمان بن بشير. روى عنه عمرو بن دينار، وعوف الأعرابى، والمغيرة بن حكيم، وآخرون، واتفقوا على توثيقه. توفى سنة أربع عشرة ومائة، وقال ابن سعد: سنة عشر ومائة. 675 - وهيب بن الورد بن أبى الورد المخزومى، مولاهم المكى (2) : ويقال: اسمه عبد الوهاب، ووهيب لقب، وكنيته أو عثمان، ويقال: أبو أمية. روى عن عطاء مرسلاً، وعن عمر بن محمد بن المنكدر. روى عنه عبد الله بن المبارك، وعمارة ابن القعقاع، ومحمد بن يزيد بن خنيس. قال يحيى بن معين: هو ثقة. وقال أبو حاتم: كان من العباد، وكانت له أحاديث ومواعظ وزهد، وكان سفيان الثورى إذا حدث الناس وفرغ من حديثهم قال: قوموا بنا إلى الطيب، يعنى وهيبًا. توفى سنة ثلاث وخمسين ومائة. روى له مسلم. * * * حرف الياء 676 - ياسر بن عامر الصحابى: والد عمار، تقدم نسبه فى ترجمة عمار، كنيته   (1) انظر: الجرح والتعديل (4/24) ، والتاريخ الكبير (8/164) ، والبداية والنهاية (9/276 - 302) ، وطبقات ابن سعد (6/395) ، وسير أعلام النبلاء (4/544) برقم (219) ، وتاريخ ابن معين (2/636) ، وميزان الاعتدال (4/352) ، ووفيات الأعيان (6/35) ، ومعجم الأدباء (19/259) ، وحلية الأولياء (4/23) ، وتهذيب التهذيب (11/166) .. (2) الطبقات الكبرى ابن سعد (5/488) ، والتاريخ الكبير للبخارى (8/2612) ، والجرح والتعديل (9/157) ، وسير أعلام النبلاء (7/198) ، وتاريخ الإسلام (6/315) ، وتهذيب التهذيب (11/170) . تقريب التهذيب (7489) ، وقال: "ابن الورد بفتح الواو وسكون الراء القرشي مولاهم المكي أبو عثمان أو أبو أمية يقال اسمه عبد الوهاب ثقة عابد من كبار السابعة م د ت س".. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 149 أبو عمار، وهو حليف بنى مخزوم، وكان قدم من اليمن، فحالف أبا حذيفة بن المغيرة المخزومى، وَزَّوَجهُ أبو حذيفة أمة له اسمها سمية، فولدت له عمارًا، فأعتقها أبو حذيفة، وأسلم ياسر وسمية وابناهما عمار وعبد الله ابنا ياسر، وكان ياسر وعمار وسمية يُعَذَّبُون فى الله عز وجل، ويقول لهم النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "صبرًا آل ياسر، فإن موعدكم الجنة". 677 - يحيى بن آدم بن على الكوفى: أبو زكريا المخزومى، مولاهم. سمع مالك بن مغول، ومسعر، وسعيد بن سالم، وسفيان الثورى، وإسرائيل بن يونس، والحسن بن صالح، وزهير بن معاوية، وسفيان ابن عيينة، وإسماعيل بن عياش، وأبا معاوية، وابن المبارك، وأبا بكر بن عياش، وفضيل ابن عياض، وحماد بن سلمة، وجرير بن عبد الحميد، ووكيعًا، وعبد الله بن إدريس، وخلائق من الأئمة. وروى عنه أحمد بن حنبل، وابن راهوية، وابنا أبى شيبة، وابن معين، وآخرون. قال ابن معين، وأبو حاتم، وآخرون: هو ثقة. توفى سنة ثلاث ومائتين، وهو من العلماء المصنفين. 678 - يحيى بن أكثم (1) : بالثاء المثلثة، القاضى، هو أبو محمد يحيى بن أكثم بن محمد بن قطن بن سمعان التميمى المروزى، سكن بغداد، ولاه المأمون قضاءها. سمع عبد العزيز بن أبى حازم، وابن المبارك، وعبد الله بن إدريس، وسفيان بن عيينة، والفضل بن موسى، وجرير بن عبد الحميد، وعبد العزيز الدراوردى، وعيسى بن يونس، ووكيعًا، وآخرين. روى عنه أبو حاتم، والبخارى فى غير صحيحه، وروح بن الفرج، وأبو عيسى الترمذى، وآخرون. قال أبو الفضل صالح بن محمد: ولى يحيى بن أكثم قضاء البصرة وهو ابن إحدى وعشرين سنة، فاستزرته مشائخ البصرة واستصغروه، فقالوا: كم سن القاضى؟ فقال: سن عتاب بن أسيد حين ولاه رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مكة. وقال طلحة بن محمد بن جعفر: يحيى بن أكثم أحد أعلام الدنيا، ومن قد اشتهر أمره وعُرف خبره، ولم يخف على صغير وكبير فضله وعلمه ورياسته. وقال أحمد بن حنبل: ما عرفت فيه بدعة، فَذُكر له ما يرميه به الناس، فقال: سبحان الله، سبحان الله، ومن يقول هذا؟ وأنكره أحمد إنكارًا شديدًا. وقال الحاكم أبو عبد الله: كان من أئمة العلم،   (1) انظر: التاريخ الكبير (8/263) ، والجرح والتعديل (9/129) ، والثقات لابن حبان (9/265، 266) ، وتاريخ بغداد (14/191 - 204) ، والمختصر فى أخبار البشر (2/39، 40) ، وميزان الاعتدال (4/361، 362) ، وسير أعلام النبلاء (12/5 - 16) برقم (1) ، وتهذيب التهذيب (11/179 - 183) ، وتقريب التهذيب (2/342، 343) .. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 150 ومن نظر فى كتاب التنبيه له علم تقدمه فى العلوم. وقال أبو حاتم، فيه نظر، وأسأل الله السلامة. وقيل لأبى زرعة: كتبت عن يحيى بن أكثم؟ فقال: ما أطمعته فى هذا قط، ولقد كان شديد الإيجاب لى، لقد مرضت ببغداد فما أحسن أصف ما كان يولينى من التعاهد. وقيل لصالح بن محمد: أكان يُكتب عنه؟ قال: كان عنده حديث كثير، إلا أنى لم أكتب عنه؛ لأنه كان يحدث عن عبد الله بن إدريس بأحاديث لم أسمعها منه. توفى بالربذة منصرفًا من الحج سنة ثنتين وأربعين ومائتين، رحمه الله. 679 - يحيى بن جعدة (1) : مذكور فى المهذب فى العدد فى مسألة المفقود، ثم فى أواخر استيفاء القصاص. هو يحيى بن جعدة بن هبيرة بن أبى وهب بن عمرو بن عائذ، بالذال المعجمة، ابن عمران ابن مخزوم القريشى المخزومى الحجازى التابعى. سمع أبا هريرة، وزيد بن أرقم، وأم هانىء. روى عنه مجاهد، وعمرو بن دينار، وأبو الزبير، وحبيب بن أبى ثابت. قال أبو حاتم: هو ثقة. وقال ابن أبى حاتم: هو ابن أخت على بن أبى طالب، رضى الله عنه. 680 - يحيى بن حسان التنيسى (2) : مذكور فى أول البيوع من المختصر. هو أبو زكريا يحيى بن حسان بن حبان التنيسى، بكسر التاء المثناة فوق والنون، منسوب إلى تنيس بلدة معروفة من بلاد مصر، ويقال له: البصرى، بالباء الموحدة. وقال البخارى: هو شامى، وكله صحيح، فأصله بصرى، ثم سكن تنيس. وقال أبو حاتم بن حِبان، بكسر الحاء: أصله دمشقى، روى عن الليث، ومعاوية بن سلام، وعبد الواحد بن زياد، وحماد بن سلمة، وسليمان بن بلال، ووهي بن خالد، والهيثم بن حميد، وهشيم، وعيسى بن يونس. روى عنه الإمام محمد بن إدريس الشافعى، وأحمد بن صالح المصرى، والحسن بن عبد العزيز، ومحمد بن مسكين، ومحمد ابن سهل، وعبد الله بن عبد الرحمن الدارمى، وابنه محمد بن يحيى بن حسان، وغيرهم. واتفقوا على جلالته وتوثيقه. قال أبو سعيد بن يونس: كان ثقة، حسن الحديث، صنَّف كُتبًا وحدَّث بها. وقال أحمد بن حنبل: كان ثقة، صاحب حديث. وقال أيضًا: كان ثقة صالحًا. وقال أحمد بن عبد   (1) التاريخ الكبير للبخارى (8/2941) ، والجرح والتعديل (9/562) ، وتاريخ الإسلام (3/312) ، وتهذيب التهذيب (11/192) . تقريب التهذيب (7520) ، وقال: “ثقة وقد أرسل عن ابن مسعود ونحوه من الثالثة د تم س ق”.. (2) انظر: التاريخ الكبير (8/269) ، والجرح والتعديل (9/135) ، والثقات لابن حبان (9/252) ، وتهذيب التهذيب (11/197) ، وتقريب التهذيب (2/345) . . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 151 الله: كان ثقة، مأمونًا، عالمًا بالحديث. وقال مروان بن محمد: ما كنا نحسن لطلب الحديث حتى قدم يحيى بن حسان. توفى بمصر فى رجب سنة ثمان ومائتين، وهو ابن أربع وستين سنة. روى له البخارى، ومسلم. 681 - يحيى بن زكريا النبى، عليه السلام: مذكور فى المهذب فى الشهادات، وفى زكريا لغات سبقت فى ترجمته، ولفظ يحيى لفظ عجمى، وقد سبق فى ترجمة إبراهيم وآدم أن أسماء الأنبياء كلها عجمية إلا أربعة. وقال الواحدى: يحيلا لا ينصرف عربيًا كان أو عجميًا؛ لأنه لو كان عربيًا امتنع لشبه الفعل مع التعريف. قال العلماء: أول من سُمِّىَ بيحيى: يحيى بن زكريا، عليه السلام. قال الله تعالى: {لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيًّا} [مريم: 7] ، قال الواحدى: قال المفسرون: أول من آمن بعيسى يحيى، وكان يحيى أسن من عيسى، عليه السلام. قال العلماء بالتاريخ: قُتل يحيى قبل أبيه زكريا. وفضائله فى القرآن مشهورة. قال الله تعالى: {فَنَادَتْهُ الْمَلآئِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّى فِى الْمِحْرَابِ أَنَّ اللهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ} [آل عمران: 39] . وقال تعالى: {يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلاَمٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيًّا} [مريم: 7] . وقال سبحانه وتعالى: {يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا وَحَنَانًا مِّن لَّدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُن جَبَّارًا عَصِيًّا وَسَلاَمٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا} [مريم: 12 - 15] . وقال تعالى: {وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لاَ تَذَرْنِى فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ} [الأنبياء: 89] الآيتين. وثبت فى الصحيحين فى حديث الإسراء والمعراج، أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: “ثُم عُرج بى إلى السماء الثانية، فاستفتح جبريل، ففتح لنا، فإذا أنا بابنى الخالة عيسى ابن مريم ويحيى بن زكريا، فرحبا، ودعوا لى بخير”. وأما ما روينا فى مسند أبى يعلى الموصلى عنه، قال: حدثنا زهير بن حرب، عن عفان بن حماد بن سلمة، عن على بن زيد، عن يوسف بن مهران، عن ابن عباس، أن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: “ما أحد من ولد آدم إلا قد أخطأ أو هَمَّ بخطيئة، ليس يحيى بن زكريا”، فهو حديث ضعيف؛ لأن على بن زيد بن جدعان ضعيف، ويوسف بن مهران مختلف فى جرحه. قال الثعلبى: كان مولد يحيى قبل مولد عيسى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 152 بستة أشهر. وقال الكلبى: كان زكريا يوم بشر بالولد ابن ثنتين وتسعين سنة، وقيل: تسع وتسعين سنة. وعن الضحاك، عن ابن عباس: كان ابن عشرين ومائة سنة، وكانت امرأته بنت ثمان وتسعين سنة. قال: وقال كعب الأحبار: كان يحيى حسن الصورة والوجه، لين الجناح، قليل الشعر، قصير الأصابع، طويل الأنف، أقرن الحاجبين، رقيق الصوت، كثير العبادة، قويًا فى طاعة الله، وساد الناس فى عبادة الله تعالى وطاعته. وقال فى قوله تعالى: {وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا} [مريم: 12] : قيل: إن يحيى قال له أقرانه من الصبيان: اذهب بنا نلعب، فقال: ما للعب خُلقنا. قال: وقيل: إنه نبىء صغيرًا، فكان يعظ الناس، ويقف لهم فى أعيادهم وجمعهم ويدعوهم إلى الله تعالى، ثم ساح يدعو الناس، ولما بعثه الله تعالى إلى بنى إسرائيل أمره أن يأمرهم بخمس خصال، وهى: عبادة الله ولا يشركون به شيئًا، والصلوات، والصدقة، وذكر الله، والصيام. واتفقوا على أنه قُتل ظلمًا شهيدًا، وأُخذ رأسه ووضع فى طست، وغضب الله تعالى على قاتليه، وسلط عليهم بخت نصر وجيوشه، فجاسوا خلال الديار، وكان وعدًا مفعولاً. 682 - يحيى بن سعيد الأنصارى (1) : تكرر فى المختصر، وذكره فى المهذب فى أول الرضاع وأول حدث القذف. هو الإمام أبو سعيد يحيى بن سعيد بن قيس بن عمرو بن سهل بن ثعلبة بن الحارث بن زيد ابن ثعلبة بن غنم بن مالك بن النجار الأنصارى النجارى المدنى التابعى القاضى، قاضى المدينة، وأقدمه المنصور العراق، فولاه قضاء الهاشمية، وقيل: تولى القضاء ببغداد ولم يثبت. قال البخارى: وقال بعضهم: هو يحيى بن سعيد بن قيس بن فهر، ولا يصح. سمع أنس بن مالك، والسائب بن يزيد، وعبد الله بن عامر بن ربيعة، وأبا أمامة بن سهل بن حنيف، وسعيد بن المسيب، والقاسم بن محمد بن أبى بكر الصديق، وأبا سلمة ابن عبد الرحمن، وعروة بن الزبير، وسليمان بن يسار، وخلائق من الأئمة. روى عنه هشام بن عروة، وحميد الطويل، ويزيد بن عبد الله بن أسامة، وابن جريج، والأوزاعى، ومالك بن أنس، والسفيانان، والحمادان، والليث، وابن المبارك، وشعبة، ويحيى بن سعيد القطان،   (1) التاريخ الكبير للبخارى (8/2980) ، والجرح والتعديل (9/620) ، وسير أعلام النبلاء (5/468) ، وتاريخ الإسلام (6/149) ، وتهذيب التهذيب (11/211) . تقريب التهذيب (7559) ، وقال: “ثقة ثبت من الخامسة مات سنة أربع وأربعين أو بعدها ع”.. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 153 ويحيى بن سعيد الأموى، وخلائق لا يحصون من الأعلام. وأجمعوا على توثيقه، وجلالته، وإمامته. قال ابن عيينة: كان محدثو الحجاز: ابن شهاب، ويحيى بن سعيد، وابن جريج يجيئون بالحديث على وجهه. وقال جرير بن عبد الحميد: ما رأيت شيخًا أنبل منه. وقال ابن المبارك: كان من حفاظ الناس. وقال أبو حاتم: كان يوازن الزهرى. وقال أحمد بن حنبل: يحيى بن سعيد أثبت الناس. وقال أيوب السختيانى: ما تركت بالمدينة أفقه من يحيى بن سعيد. وقال سعيد بن عبد الرحمن الجمحى: ما رأيت أقرب شبهًا بابن شهاب من يحيى الأنصارى، ولولاهما لذهب كثير من السنن. وقال محمد بن سعد: كان يحيى الأنصارى ثقة، ثبتًا، كثير الحديث، حجة. وقال أحمد بن عبد الله: كان ثقة، رجلاً صالحًا، وله فقه. قال ابن سعد: توفى سنة ثلاث وأربعين ومائة. وقال آخرون: سنة أربع. وقيل: سنة ست وأربعين ومائة. 683 - يحيى بن سعيد القطان (1) : هو أبو سعيد يحيى بن سعيد بن فروخ التميمى، مولاهم البصرى القطان الإمام، من تابعى التابعين. سمع يحيى بن سعيد الأنصارى، وحنظلة بن أبى سفيان، وابن عجلان، وسيف بن سليمان، وهشام بن حسان، وابن جريج، وسعيد بن أبى عروبة، وابن أبى ذؤيب، والثورى، وابن عيينة، ومالكًا، ومسعرًا، وشعبة، وخلائق غيرهم. روى عنه الثورى، وابن عيينة، وابن مهدى، وعفان، وأحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وعلى بن المدينى، وإسحاق بن راهويه، وأبو عبيد القاسم بن سلام، وأبو خيثمة، وأبو بكر بن أبى شيبة، ومسدد، وعبيد الله بن عمر القواريرى، وعمرو بن على، وابن مثنى، وابن بشار، وخلائق من الأئمة وغيرهم. واتفقوا على إمامته، وجلالته، ووفور حفظه، وعلمه، وصلاحه. قال أحمد بن حنبل: ما رأيت مثل يحيى بن القطان فى كل أحواله. وقال يحيى بن معين: أقام يحيى القطان عشرين سنة يختم القرآن فى كل يوم وليلة، ولم يفته الزوال فى المسجد أربعين سنة، وما رؤى يطلب جماعة قط، يعنى ما فاتته فيحتاج إلى طلبها. وقال أحمد بن حنبل: يحيى القطان إليه المنتهى فى التثبت بالبصرة، وهو أثبت من وكيع، وابن مهدى، وأبى نعيم،   (1) الطبقات الكبرى ابن سعد (7/293) ، والتاريخ الكبير للبخارى (8/2983) ، والجرح والتعديل (9/624) ، وسير أعلام النبلاء (9/175) ، وميزان الاعتدال (4/9522) ، وتهذيب التهذيب (11/216) . تقريب التهذيب (7557) ، وقال: “ابن فروخ بفتح الفاء وتشديد الراء المضمومة وسكون الواو ثم معجمة التميمي أبو سعيد القطان البصري ثقة متقن حافظ إمام قدوة من كبار التاسعة مات سنة ثمان وتسعين [ومائة] وله ثمان وسبعون ع”.. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 154 ويزيد بن هارون، وقد روى عن خمسين شيخًا ممن روى عنهم سفيان. قال: ولم يكن فى زمان يحيى مثله. وقال أبو زرعة: هو من الثقاة الحفاظ. وقال يحيى بن معين: قال لى عبد الرحمن بن مهدى: لا ترى بعينك مثل يحيى القطان. وقال ابن منجويه: يحيى القطان من سادات أهل زمانه حفظًا، وورعًا، وفقهًا، وفضلاً، ودينًا، وعلمًا، وهو الذى مهد لأهل العراق رسم الحديث، وأمعن فى البحث عن الثقاة، وترك الضعفاء. وقال بندار: كتب عبد الرحمن بن مهدى عن يحيى القطان ثلاثين ألفًا وحفظهما. وقال زهير: رأيت يحيى القطان بعد وفاته وعليه قميص، مكتوب بين كتفيه: بسم الله الرحمن الرحيم، براءة ليحيى بن سعيد من النار. قال ابن سعد: توفى يحيى القطان فى صفر سنة ثمان وتسعين ومائة، وكان مولده سنة عشرين ومائة، رحمه الله. 684 - يحيى بن عبد الله بن بكير (1) : أبو زكريا المصرى المخزومى، مولاهم، صاحب مالك، هو مشهور بيحيى بن بكير، نسبة إلى جده، سمع مالكًا، والليث، وعبد العزيز بن أبى حازم، وعبد العزيز الدراوردى، وابن لهيعة، وبكر بن مضر، ومفضل بن فضالة، ومغيرة بن عبد الرحمن، وآخرين. روى عنه يحيى بن معين، وأبو عبيد، ومحمد بن يحيى الذهلى، وأبو حاتم، وأبو زرعة الرازيان، ويونس بن عبد الأعلى، والبخارى، وآخرون. روى عنه البخارى فى مواضع من صحيحه، وروى أيضًا عن محمد بن عبد الله عنه. وروى مسلم حديثًا واحدًا عن أبى زرعة عنه. قال أبو سعيد بن يونس: ولد سنة أربع وخمسين ومائة، وتوفى سنة إحدى وثلاثين ومائتين. وقال عبد الغنى بن سعيد: ولد سنة خمس وخمسين. 685 - يحيى بن عمارة (2) : مذكور فى المختصر. هو يحيى بن عمارة بن أبى حسن الأنصارى المازنى المدنى. سمع أبا سعيد الخدرى، وعبد الله بن زيد. روى عنه ابنه عمرو، والزهرى، وعمارة بن غزية، ومحمد بن يحيى بن حبان، وهو ثقة باتفاقهم. روى   (1) التاريخ الكبير للبخارى (8/3019) ، والجرح والتعديل (9/682) ، وميزان الاعتدال (4/9564) ، وتهذيب التهذيب (11/237) . تقريب التهذيب (7580) ، وقال: “ثقة في الليث وتكلموا في سماعه من مالك من كبار العاشرة مات سنة إحدى وثلاثين وله سبع وسبعون خ م ق”.. (2) التاريخ الكبير للبخارى (8/3058) ، والجرح والتعديل (9/725) ، وتاريخ الإسلام (4/68) ، وتهذيب التهذيب (11/259) . تقريب التهذيب (7612) ، وقال: “ثقة من الثالثة ع”.. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 155 له البخارى، ومسلم، وجده أبو حسن صحابى شهد العقبة، وبدرًا، واسمه تميم بن عبد عمرو. 686 - يحيى بن معين الإمام: هو أبو زكريا يحيى بن معين بن عون بن زياد بن بسطام بن عبد الرحمن، وقيل: ابن معين بن غياث بن زياد بن عون بن بسطام المرى من مرة غطفان مولاهم. قال ابن أبى خيثمة: سمعت يحيى يقول: أنا مولى للجنيد بن عبد الرحمن المقرى، ويحيى بن معين بغدادى، وهو إمام الحديث فى زمانه والمعول عليه فيه. قال الخطيب: أصله من الأنبار. سمع ابن المبارك، وهشيمًا، ووكيعًا، وابن عيينة، وابن مهدى، ويحيى القطان، وحفص بن غياث، وغندرًا، ومعاذ بن معاذ، وعبدة بن سليمان، ومروان بن معاوية، ويحيى بن زكريا بن أبى زائدة، وعبد الصمد بن عبد الوارث، وهشام بن يوسف، وعيسى بن يونس، ويعقوب بن إبراهيم الزهرى، وزكريا بن يحيى، وعفان بن مسلم، وأبا معاوية، وأبا مسهر، ووهب بن جرير، وقريش بن أنس، وحجاج بن محمد، وأبا حفص عمر بن عبد الرحمن الأبار، وقرادًا، والأصمعى، وحكام بن مسيم، وعبد الرزاق، وعلى بن عياش، وعبد الله بن صالح، وسوار بن عمارة الرملى، ويحيى بن صالح، وعبد الله بن يوسف التنيسى، وسعيد بن أبى مريم، وأبا اليمان، وعمرو بن الربيع، والحسن بن واقع، بالقاف، وإسماعيل بن علية، وجرير بن عبد الحميد، وعبد الله بن نمير، وأبا عبيدة الحداد، ومعن بن عيسى، وإسماعيل بن مجالد، وعلى بن هاشم، وعثمان بن عبيد، وأبا أسامة، وعباد بن عباد، ومحمد بن عبد الله الأنصارى، وخلائق. روى عنه أحمد بن حنبل، وزهير بن حرب، وأحمد ويعقوب ابنا إبراهيم الذورقيان، ومحمد بن يحيى الذهلى، ومحمد بن إسحاق الصاغانى، ومحمد بن سعد كاتب الواقدى، ومحمد بن هارون، وأبو زرعة الرازى، والدمشقى، وأبو حاتم، والبخارى، ومسلم، وأبو داود، وأحمد بن منصور، وأحمد بن الحسن بن عبد الجبار، وأحمد بن أبى الحوارى، وعباس بن محمد الدورى، وعبد الله بن الرمادى، وأحمد بن حنبل، ويعقوب بن شيبة، وأبو يعلى الموصلى، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 156 والحسين بن محمد، وخلائق لا يحصون. وأجمعوا على إمامته، وتوثيقه، وحفظه، وجلالته، وتقدمه فى هذا الشأن، واضطلاعه منه. قال الخطيب: كان إمامًا ربانيًا، عالمًا، حافظًا، ثبتًا، متقنًا. قال أحمد بن حنبل: السماع من يحيى بن معين شفاء لما فى الصدور. وقال على بن المدينى: ما رأيت فى الناس مثله. وقال أحمد بن حنبل: يحيى بن معين رجل خلقه الله لهذا الشأن، يُظهر كذب الكذابين، وكل حديث لا يعرفه يحيى ليس بحديث. وقال عباس الدورى: رأيت أحمد بن حنبل فى مجلس روح بن عبادة يسأل يحيى بن معين عن أشياء يقول له: يا أبا زكريا، كيف حديث كذا وكذا، كيف حديث كذا وكذا، يستثبته فى أحاديث سمعوها، فكل ما قال يحيى كتبه أحمد. وقال هارون بن بشير الرازى: رأيت يحيى بن معين استقبل القبلة رافعًا يديه يقول: اللهم إن كنت تكلمت فى رجل ليس هو عندى كَذَّابًا فلا تغفر لى. وقال يحيى: لو لم يكتب الحديث من ثلاثين وجهًا ما علقناه. وروينا عن أحمد بن عقبة، قال: سمعت يحيى بن معين يقول: كتبت بيدى هذه ستمائة ألف حديث. قال ابن عقبة: وأظن المحدثين كتبوا له ستمائة ألف وستمائة ألف. وقال محمد بن عبد الله: خلف يحيى من الكتب مائة قمطرًا وأربعة عشر قمطرًا وأربعة جباب مملوءة كُتبًا. وقال على بن المدينى: ما أعلم أحدًا كتب من الحديث ما كتب يحيى بن معين، وخلف والده معين ليحيى ألف ألف درهم وخمسين ألف درهم أنفقها كلها فى الحديث، حتى لم يبق له نعل يلبسها. وذكر ابن أبى حاتم فى أول كتابه الجرح والتعديل بإسناده، عن أبى عبيد القاسم بن سلام، قال: انتهى العلم إلى أربعة: أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وهو أكتبهم له، وعلى بن المدينة، وأبى بكر بن أبى شيبة. وقال أبو حاتم: كتب يحيى بن معين عن موسى بن إسماعيل قريبًا من ثلاثين ألف حديث، وأحواله وفضائله، رضى الله عنه، غير منحصرة. واتفقوا على أنه توفى بمدينة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وغُسل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 157 على السرير الذى غُسل عليه رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وحُمل على السرير الذى حُمل عليه رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ونودى عليه: هذه جنازة يحيى بن معين، ذابّ الكذب عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، والناس يبكون، واجتمعوا فى جنازته خلائق لا يحصون، ودفن فى البقيع. قال إبراهيم بن المنذر: رأى رجل فى المنام النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأصحابه مجتمعين، فقال: ما لكم مجتمعين؟ قال النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: جئت لهذا الرجل أصلى عليه، فإنه كان يذبّ الكذب عن حديثى. وقال بشر بن مبشر: رأيت يحيى بن معين فى المنام، فقال: زوجنى الله عز وجل أربعمائة حوراء بذبى الكذب عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. ورثاه الشعراء وأحسنوا المراثى، ومن أحسنها ما ذكره ابن أبى حاتم، فقال: قال سليمان بن معبد يرثى يحيى بن معين، رحمه الله، وذكر صدر القصيدة، ثم قال: لقد عظمت فى المسلمين رزية وقالوا وإنا قد دفناه فى الثرى فقلت ولم أملك بعينى عبرة ألا فى سبيل الله عظم رزيتى ومن ذا الذى يؤتى فيُسأل بعده لقد كان يحيى فى الحديث بقية فلما مضى مات الحديث بموته وصرنا حيارى بعد يحيى كأننا وليس بمغن عنك دمع سفحته لعمرك ما للناس فى الموت حيلة ولو أن مخلوقًا نجى من حمامه تعزى به عن كل ميت رزيته ولكنما أبكى على العلم إذ مضى سقى الله قبرًا بالبقيع مجاورًا فقد ترك الدنيا وفر بدينه وخار له ربى خوار نبيه وإنى لأرجو أن يكون محمد غداة نعى الناعون يحيى فاسمع فقال فؤادى حسرة يتصدع ولا جزعًا إنا إلى الله نرجع بيحيى إلى من نستريح ونفزع إذا لم يكن للناس فى العلم مقنع من السلف الماضين حين تقشعوا وأدرج فى أكفانه العلم أجمع رعية راع بثهم فتصدعوا ولكن إليه يستريح المفجع ولا لقضاء الله فى الخلق مدفع إذًا لنجى منه النبى المُشفع فرزء رسول الله أشجا وأفجع فما بعد يحيى فيه للناس نفزع نبى الهدى غيثًا يجود ويمرع الجزء: 2 ¦ الصفحة: 158 إلى الله حتى مات وهو ممتع وذو العرش يعطى من يشاء ويمنع له شافعًا يوم القيامة يشفع قال البخارى: توفى يحيى بن معين بالمدينة سنة ثلاث وثلاثين ومائتين، وله سبع وسبعون سنة إلا نحو عشرة أيام، رحمه الله. 687 - يحيى بن وثاب: بفتح الواو، وتشديد المثلثة، الكوفى، الأسدى، مولاهم التابعى القارى. سمع ابن عمر، وابن عباس. وروى عن ابن مسعود، وأبى هريرة، وعائشة مرسلاً. روى عنه الأعمش، وقتادة، ومقاتل بن حبان، وغيرهم. كان إمامًا فى القراءة، وروى حديثًا كثيرًا. قال الأعمش: كان يحيى بن وثاب أحسن الناس قراءة، وربما اشتهيت تقبيل رأسه لحُسن قراءته، وكان إذا قرأ لا يسمع فى المسجد حركة. قال: وكنت إذا رأيته قلت: هذا قد جاء من الحساب. واتفقوا على توثيقه. روى له البخارى ومسلم. توفى سنة ثلاث ومائة، قاله الهيثم بن عدى، وعمرو بن على. 688 - يحيى بن يحيى بن بكر بن عبد الرحمن بن يحيى بن حماد (1) : أبو زكريا النيسابورى التميمى، مولاهم. سمع عبيد الله بن إياد بن لقيط بن يزيد بن المقدام، وسمع مالك بن أنس، والليث، ومعتمر بن سليمان، وفضيل بن عياض، وأنس ابن عياض، ومسلمًا الزنجى، وابن عيينة، وابن المبارك، والحمادين، وأبا عوانة، وخلائق من الأئمة. روى عنه إسحاق بن راهويه، ومحمد بن يحيى، ومحمد بن رافع، ومحمد بن أسلم الطوسى، ومحمد بن عبد الوهاب، والبخارى ومسلم فى صحيحيهما، وخلائق. واتفقوا على توثيقه وجلالته. وقال إسحاق بن راهويه: هو أثبت من عبد الرحمن بن مهدى. قال: ولا رأيت مثله، ولا رأى هو مثله. وقال أحمد بن حنبل: ما أخرجت خراسان بعد ابن المبارك مثل يحيى بن يحيى. وقال الحسن بن سفيان: كنا إذا رأينا رواية ليحيى بن يحيى عن يزيد بن زريع قلنا: ريحانة خراسان عن ريحانة العراق. وقال إسحاق بن راهويه: مات يحيى بن يحيى وهو إمام أهل الدنيا. قال محمد بن أسلم: رأيت   (1) التاريخ الكبير للبخارى (8/3131) ، والجرح والتعديل (9/823) ، وتهذيب التهذيب (11/296) . تقريب التهذيب (7668) ، وقال: “ثقة ثبت إمام من العاشرة مات سنة ست وعشرين على الصحيح خ م ت س”.. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 159 النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فى المنام، فقلت: عمن كتب؟ فقال: عن يحيى بن يحيى. ووصفوه بأنه كان زاهدًا، صالحًا، وبأنه كان خيرًا، فاضلاً، صائنًا لنفسه، حسن الوجه، طويل اللحية. توفى سنة ست وعشرين ومائتين، وهو ابن أربع وثمانين سنة. 689 - يحيى بن يحيى بن قيس بن حارثة (1) : أبو عثمان الغسانى الدمشقى، سيد أهل دمشق، استعمله عمر بن عبد العزيز على قضاء الموصل. روى عن محمود بن لبيد الصحابى، وسعيد بن المسيب، وأبى إدريس الخولانى، وعروة، ومكحول، وآخرين. روى عنه ابنه هشام بن يحيى، وعبد الرحمن بن يزيد، وابن عون، ومحمد بن إسحاق، وسفيان بن عيينة، وآخرون. واتفقوا على توثيقه وجلالته. قال يحيى بن معين: كان ثقة، شاميًا، شريفًا، فقيهًا. وقال أبو محمد بن حبان: هو من فقهاء الشام وقرائهم، ولد يوم مرج راهط فى أيام معاوية بن يزيد سنة أربع وستين، وتوفى بدمشق سنة ثلاث وثلاثين ومائة. وقال ابن أبى حاتم: سنة خمس وثلاثين. قال: ويقال: إنه شرب شربة فشرق بها فمات. 690 - يرفأ: حاجب عمر بن الخطاب، رضى الله عنه. مذكور فى المهذب فى مسألة احتجاب القاضى. هو بفتح الياء وإسكان الراء، ومنهم من همزه، والصحيح المشهور أنه غير مهموز، ولم يذكر صاحب المحكم فى اللغة مع جلالته إلا ترك همزه، فذكره فى باب الراء والفاء والياء، وفى سنن البيهقى فى قسمة الفىء أنه يسمى اليرفا بالألف واللام. 691 - يزيد بن الأسود العامرى الصحابى، رضى الله عنه: مذكور فى المهذب فى باب صلاة الجماعة فيمن صلى منفردًا بغير جماعة. هو أبو جابر يزيد بن الأسود الحجازى السواءى، ويقال: الخزاعى، حليف لقريش، ويقال: العامرى، معدود فى الكوفيين، وهو منسوب إلى سواة بن عامر بن صعصعة، وسواة بضم السين وتخفيف الواو، يقال فيه: يزيد بن أبى الأسود أيضًا. شهد مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الصلاة، وروى عنه حديثه المذكور فى المهذب فيمن صلى فى رحله، ثم أدرك جماعة يصلون يعيدها معهم، وهو حديث حسن. روى عن ابنه جابر. 692 - يزيد بن الأسود التابعى: الرجل الصالح الذى استسقى به معاوية، مذكور فى المهذب   (1) الطبقات الكبرى ابن سعد (7/466) ، والتاريخ الكبير للبخارى (8/3129) ، والجرح والتعديل (9/822) ، وتاريخ الإسلام (5/312) ، وميزان الاعتدال (4/9649) ، وتهذيب التهذيب (11/299) . تقريب التهذيب (7670) ، وقال: “ثقة من السادسة مات سنة ثلاث وثلاثين على الصحيح د”.. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 160 فى أول صلاة الاستسقاء، هو [ ...... ] (1) . 693 - يزيد بن الأصم (2) : مذكور فى المختصر فى نكاح المحرم. هو أبو عوف يزيد بن الأصم، واسم الأصم عمرو، ويقال: عبد عمرو بن عدس بن معاوية بن عبادة بن البكاء بن عامر بن ربيعة بن صعصعة العامرى الكوفى التابعى، سكن الرقة، وهو ابن أخت ميمونة زوج النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وابن خالة ابن عباس، وأمه اسمها برزة بنت الحارث أخت ميمونة بنت الحارث، وأخت لبابة الكبرى أم ابن عباس، وأخت لبابة الصغرى أم خالد بن الوليد، ولهن أخوات أخر يأتى بيانهن فى النساء إن شاء الله تعالى. وقيل: إن يزيد رأى النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. روى عن سعد بن أبى وقاص. وسمع ابن عباس، وأبا هريرة، ومعاوية، وعوف بن مالك، وميمونة، وعائشة، وأم الدرداء. روى عنه ابنا أخيه عبد الله وعبيد الله، وميمون بن مهران، وجعفر بن برقان، ويزيد بن بريد بن جابر، والليث بن أبى سليم، وأبو إسحاق الشيبانى، وآخرون. واتفقوا على توثيقه. توفى بالرقة سنة ثلاث ومائة، وقيل: سنة ثلاث أو أربع، وقيل: سنة إحدى ومائة. قال ابن سعد: كان ثقة كثير الحديث.   (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. (2) انظر: الإصابة (3/672) ، والجرح والتعديل (9/252) ، والثقات لابن حبان (5/531) ، وطبقات ابن سعد (7/479) ، وأسد الغابة (5/104) ، وسير أعلام النبلاء (4/517 - 519) برقم (211) ، والعقد الثمين (7/460) ، والتاريخ الكبير (8/318) ، وحلية الأولياء (4/97 - 100) ، وتهذيب التهذيب (11/313، 314) ، وتقريب التهذيب (2/362) .. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 161 694 - يزيد بن الجراح: أخو أبى عبيدة بن الجراح، أحد العشرة، رضى الله عنهم، الفهرى، الصحابى. ذكره ابن منده، وأبو نعيم فى الصحابة، ولا يُعرف له حديث مسند. 695 - يزيد بن ركانة: مذكور فى المهذب فى أول المسابقة. قال: إنه صارع النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وهذا غلط، إنما المنقول عنه المصارعة ركانة بن عبد يزيد، وقد سبق فى ترجمة ركانة واضحًا، وهكذا حديث فى السنن، كما ذكرناه هناك، والحديث فى المصارعة ضعيف، وأما يزيد بن ركانة فصحابى أيضًا، ولكنه لا ذكر له فى المصارعة، وهو ابن ركانة المذكور فى المصارعة، وهو يزيد بن ركانة بن عبد يزيد، وسبق تمام نسبه فى ترجمة أبيه، والله أعلم. 696 - يزيد بن زمعة بن الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى بن قصى القريشى الأسدى الصحابى المكى: أسلم قديمًا، وهاجر إلى الحبشة، واستشهد يوم حنين فى قول الجمهور. وقال الزبير ابن بكار: يوم الطائف. 697 - يزيد بن أبى سفيان الصحابى (1) : مذكور فى المهذب فى كتب السير فى مسألة قتل شيوخ الكفار، وهو أبو خالد يزيد ابن أبى سفيان صخر بن حرب القريشى الأموى الصحابى ابن الصحابى، سبق تمام نسبه فى ترجمة أبيه وأخيه معاوية. قالوا: وكان أفضل بنى أبى سفيان، وتوفى ولا عقب له، وكان يقال له: يزيد الخير، أسلم يوم الفتح، وشهد حنينًا، وأعطاه النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مائة بعير وأربعين أوقية يومئذ، واستعمله أبو بكر الصديق، رضى الله عنه، على جيوش الشام حين بعثهم لفتوحه، وأوصاهم به، وخرج معه ليشيعه وهو راكب، وأبو بكر ماش بأمر أبى بكر. فلما استخلف عمر، رضى الله عنه، ولاه فلسطين وناحيتها، فلما توفى أبو عبيدة استخلف معاذًا، فلما توفى معاذ استخلف يزيد، فلما توفى يزيد استخلف أخاه   (1) انظر: الإصابة (3/656) ، والاستيعاب (3/649) ، وأسد الغابة (5/112) ، وسير أعلام النبلاء (1/328) (68) ، والعقد الثمين (7/462) ، وطبقات ابن سعد (7/405) ، ونهاية الأرب (19/358) .. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 162 معاوية، وكان موتهم فى طاعون عمواس سنة ثمانى عشرة. وقال الوليد بن مسلم: كانت وفاته سنة تسع عشرة بعد أن فتح قيسارية له رواية عن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. 698 - يزيد بن قيس بن الخطيم - هو بفتح الخاء المعجمة - ابن عدى بن عمرو بن سويد بن ظفر الأنصارى الظفرى الصحابى: وأبوه هو قيس بن الخطيم الشاعر المشهور، شهد بدرًا، وأُحُدًا، والمشاهد بعدها مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وجُرح يوم أُحُد اثنتى عشرة جراحة، واستشهد يوم جسر أبى عبيد بالعراق فى زمن عمر بن الخطاب، رضى الله عنه. ذكره ابن عبد البر فى الصحابة، وذكر ما ذكرناه. 699 - يزيد مولى المنبعث (1) : بنون ثم باء موحدة. مذكور فى المختصر فى اللقطة، هو تابعى مدنى. روى عن يزيد ابن خالد الجهنى. روى عنه بسر بن سعيد، بضم الباء الموحدة وبالسين المهملة، ويحيى ابن سعيد الأنصارى، وربيعة بن أبى عبد الرحمن. واتفقوا على توثيقه. روى له البخارى ومسلم. 700 - يزيد بن هارون بن زاذنى (2) : بالزاى والذال المعجمة، ويقال: زادان بن ثابت السلمى، مولاهم الواسطى. وأصله من بخارى، وكنية يزيد أبو خالد، وهو أحد الأئمة المشهورين بالحديث والفقه والصلاح، سمع سليمان التيمى، وداود بن أبى هند، ويحيى الأنصارى، وإسماعيل بن أبى خالد، وحميد الطويل، وأبا مالك الأشجعى، وعبد الله بن عون، ومحمد بن إسحاق، وغيرهم من التابعين. وسمع من تابعى التابعين جماعات، منهم سفيان الثورى، وابن أبى ذؤيب، ومالك، وشعبة، والحمادان، وخلائق لا يحصون. روى عنه موسى بن إسماعيل، وقتيبة، وآدم بن أبى إياس، وأحمد بن حنبل، وعلى ابن المدينى، ويحيى بن معين، وابن راهويه، وأبو بكر بن أبى شيبة، ومحمد بن عبد الرحيم صاعقة، وأحمد بن منيع، وأحمد بن سنان، وأحمد بن الفرات، وأحمد بن الوليد، وأحمد بن عبد الرحمن السقطى، وأحمد بن عبد الله النروسى، وأحمد بن عبيد بن ناصح، وخلائق لا يحصون، وأجمعوا على توثيقه، وجلالته، وحفظه، وإمامته. قال أحمد بن حنبل: كان حافظًا، متقنًا للحديث. وقال على بن المدينى، وابن معين: كان   (1) انظر: الجرح والتعديل (9/299) ، والتاريخ الكبير (8/362، 363) ، وتهذيب التهذيب (11/375) ، وتقريب التهذيب (2/373) .. (2) انظر: طبقات ابن سعد (7/314) ، وتاريخ ابن معين (2/677، 678) ، والتاريخ الكبير (8/368) ، والجرح والتعديل (9/295) ، والثقات لابن حبان (7/732) ، وتهذيب التهذيب (11/366 - 369) ، وتقريب التهذيب (2/372) .. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 163 ثقة. وقال أبو حاتم: هو ثقة، إمام، صدوق، لا يُسأل عن مثله. وقال أحمد بن عبد الله: كان يزيد ثقة، ثبتًا، حسن الصلاة، متعبدًا، وعُمى فى آخر عمره. وقال أبو بكر: ما رأيت أتقن حفظًا منه. وقال هشيم: ما بالبصريين مثله. وقال أحمد بن سنان: ما رأيت عالمًا أحسن صلاة من يزيد بن هارون يقوم كأنه اسطوانة يصلى بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء، ولم يكن يفتر من صلاة الليل والنهار. قال العلماء: هو وهشيم معروفان بطول صلاة الليل والنهار. وقال على بن المدينى: ما رأيت رجلاً قط أحفظ من يزيد بن هارون. وروينا عن يزيد قال: أحفظ عشرين ألف حديث بأسانيدها ولا فخر، وأحفظ للشاميين عشرين ألف حديث. وقال يحيى بن أبى طالب: سمعت يزيد بن هارون فى مجلسه ببغداد، وكان يقال: إن فى المجلس سبعين ألفًا. ولد سنة سبع عشرة ومائة، وتوفى سنة ست ومائتين. 701 - يزيد بن هرمز (1) : مذكور فى المهذب فى مسألة الرضخ للمرأة والعبد. هو أبو عبد الله يزيد بن هرمز الفارسى المدنى الليثى، مولاهم، ويقال: مولى بنى غفار، ويقال: مولى دوس، وهو تابعى. سمع ابن عباس، وأبا هريرة. روى عنه سعيد المقبرى، وعوف الأعرابى، والحارث بن أبى ذباب، ومحمد بن على بن الحسين، والمختار بن صفى، وغيرهم، وهو ثقة. روى له مسلم فى صحيحه، وكان رأس الموالى يوم الحرة. 702 - يعقوب بن إسحاق: النبى ابن النبى ابن النبى أبو الأنبياء، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين. تكرر فى المهذب فى الوقف وغيره، وهو أبو يوسف يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الرحمن، عليه السلام، تكرر الثناء عليه فى القرآن، وذكره الله تعالى فى سورة يوسف بالآيات المشهورة. وقال الله تعالى: {وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ} الآيات إلى قوله تعالى: {سَيَقُولُ السُّفَهَاء مِنَ النَّاسِ} [البقرة: 132 - 142] . وقال الله تعالى: {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِن قَبْلُ} [الأنعام: 84] . وقال تعالى: {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلاًّ جَعَلْنَا صَالِحِينَ وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا} [الأنبياء: 72، 73] الآية. وقال تعالى: {وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُوْلِى الأَيْدِى وَالأَبْصَارِ   (1) انظر: تاريخ ابن معين (2/678) ، والجرح والتعديل (9/293، 294) ، وطبقات ابن سعد (5/284) ، والتاريخ الكبير (8/367، 368) ، وميزان الاعتدال (4/440) ، والمغنى فى الضعفاء (2/754) ، وتهذيب التهذيب (11/369، 370) ، وتقريب التهذيب (2/372) .. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 164 إِنَّا أَخْلَصْنَاهُم بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ وَإِنَّهُمْ عِندَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الأَخْيَارِ} [ص: 45 - 47] . وثبت فى صحيح البخارى، أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: “الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم”. واعلم أن يعقوب هو إسرائيل المتكرر فى القرآن، وهو أبو الأنبياء من بنى إسرائيل وجدهم، وقد اشتهر أنه مدفون بالأرض المقدسة عند أبيه وجده فى البلدة المسماة بالخليل بقرب بيت المقدس. 703 - يعلى بن أمية الصحابى (1) : مذكور فى المهذب فى أول صلاة المسافر، وأول باب الإحرام، وأول باب صول الفحل. هو أبو خلف، ويقال: أبو خالد، ويقال: أبو صفوان يعلى بن أمية بن أبى عبيدة ابن همام بن الحارث بن بكر بن زيد بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم التميمى، ويقال له: يعلى بن منبة، بنون ساكنة ثم مثناة من تحت مخففة، وهى أمه. وقال الزبير بن بكار: هى جدته أم أبيه، وغلطه ابن عبد البر وغيره. أسلم يعلى يوم فتح مكة، وشهد حنينًا، والطائف، وتبوك مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وذكر ابن منده أنه شهد بدرًا، واتفقوا على تغليطه، واستعمله عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، على بعض اليمن، واستعمله عثمان على صنعاء، وكان يسكن مكة، وكان جوادًا معروفًا بالكرم. رُوى له عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثمانية وعشرون حديثًا، اتفق البخارى ومسلم على ثلاثة منها. روى عنه ابنه صفوان، وعطاء، ومجاهد، وعكرمة، وآخرون، وقُتل بصفين مع على، رضى الله عنه، سنة سبع وثلاثين. 704 - يناق البطريق الكافر: مذكور فى المهذب فى كتاب السير فى مسألة قتل الأسارى، وهو بياء مثناة من تحت مفتوحة، ثم نون مشددة، وبالقاف، قُتل كافرًا بالشام، وحُمل رأسه إلى المدينة إلى أبى بكر الصديق، رضى الله عنه، فأنكر نقل رأسه، وقال: أتحملون الجيف إلى مدينة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، والبطريق بكسر الباء، وهو كالأمير. قال ابن الجواليقى: البطريق بلغة الروم هو القائد، أى مقدم الجيوش وأميرها، وجمعه بطارقة، وتكلمت به العرب. 705 - يوسف بن عبد الله بن سلام الصحابى، رضى الله عنهما (2) : أشار إليه   (1) انظر: الإصابة (3/688) ، والبرصان والعرجان (137) ، والاستيعاب (3/661) ، وطبقات ابن سعد (5/456) ، وسير أعلام النبلاء (3/100) ، والتاريخ الكبير (8/414) ، والجرح والتعديل (9/301) ، وأسد الغابة (5/128) ، والعقد الثمين (7/478) ، وتهذيب التهذيب (11/399) .. (2) انظر: الإصابة (3/671) ، والجرح والتعديل (9/225) ، وأسد الغابة (3/264) ، والتاريخ الكبير (8/371) ، والاستيعاب (3/679 - 682) ، وسير أعلام النبلاء (3/509، 510) برقم (119) ، وتهذيب التهذيب (11/416) ، وتقريب التهذيب (2/381) .. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 165 فى المهذب فى مسألة من حلف لا يأكل أدمًا فأكل تمرًا، فروى حديثه، ويوسف هذا هو راويه، وكنيته يوسف أبو يعقوب، وسبق تمام نسبه فى ترجمة أبيه، وهو مدنى أجلسه رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فى حجره ووضع يده على رأسه وسماه يوسف، ذكره البخارى والجمهور فى الصحابة، وصرحوا بأنه صحابى. وقال ابن أبى حاتم: ليست له صحبة، وليس كما قال، وروى أيضًا عن عثمان، وعلى، وأبيه، وأبى الدرداء. روى عنه يزيد بن أبى أمية الأعور، وعمر بن عبد العزيز، ويحيى بن أبى الهيثم، ومحمد بن المنكدر، ويحيى الأنصارى، وعون بن عبد الله، ومحمد ابن يحيى بن حبان، وآخرون. 706 - يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الرحمن، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين: مذكور فى المهذب فى آخر باب الوقف، وفى يوسف ست لغات أو ستة أوجه: ضم السين، وفتحها وكسرها مع الهمز وبتركه، والفصيح الذى جاء به القرآن ضمها بلا همز، وهو اسم عجمى، والصواب أنه لا اشتقاق له، ولبعض المفسرين وغيرهم تخبيط فى اشتقاقه، ويوسف هذا نبى الله ابن نبى الله ابن نبى الله ابن نبى الله وخليله، صلوات الله وسلامه عليهم، وذكر الله تعالى قصته فى القرآن مبسوطة مفصلة أكمل البسط، وسورته مختصة بقصته إلى ما انضم إليها. والأحاديث الصحيحة متظاهرة بفضائله، منها حديث ابن عمران، أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: “الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم”، رواه البخارى. وعن أبى هريرة، قال: سُئل رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: مَن أكرم الناس؟ قال: “أتقاهم لله”، قالوا: ليس عن هذا نسألك، قال: “فأكرم الناس يوسف ابن نبى الله ابن نبى الله ابن نبى الله وخليل الله” (1) ، رواه البخارى. وعن أبى هريرة أيضًا، قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “ولو لبثت فى السجن ما لبث يوسف ثم أتانى الداعى لأجبته” (2) ، رواه البخارى ومسلم، وهذا لفظ البخارى. وعن أنس فى حديث الإسراء أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: “ثُم عُرج بى إلى السماء الثالثة، ففتح لنا، فإذا أنا بيوسف، إذا هو قد أعطى شطر الحسن، فرحب ودعا لى بخير” (3) . وذكر أبو   (1) أخرجه البخارى (3/1224، رقم 3175) ، ومسلم (4/1846، رقم 2378) . (2) أخرجه أحمد (2/326، رقم 8311) ، والبخارى (4/1650، رقم 4263) ، ومسلم (4/1839، رقم 151) ، والنسائى (6/305، رقم 11050) . وأخرجه أيضا: ابن ماجه (2/1335، رقم 4026) ، وابن حبان (14/88، رقم 6208) ، وأبو عوانة (1/78، رقم 230) . (3) أخرجه أحمد (3/148، رقم 12527) ، ومسلم (1/145، رقم 162) ، وأبو يعلى (6/109، رقم 3375) ، وفى (6/216، رقم 3499) . وأخرجه أيضًا: ابن أبى شيبة (7/333، رقم 36570) ، وأبو عوانة (1/113، رقم 344) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 166 إسحاق الثعلبى فى كتابه العرائس فى قصة يوسف أنه كان أبيض اللون، حسن الوجه، جعد الشعر، ضخم العين، مستوى الخلق، غليظ الساعدين والعضدين والساقين، خميص البطن، أقنى الأنف، صغير السرة، وكان بخده الأيمن خال أسود، وكان ذلك الخال يزين وجهه، وبين عينيه شامة تزيده حسنًا، وكان جده إسحاق حسنًا، وكانت أم إسحاق سارة حسنة. قالوا: وأعطى الله تعالى يوسف من الحُسن، وصفاء اللون، ونقاء البشرة، ما لم يعط أحدًا. قالوا: ورثت سارة هذا الحسن من جدتها حواء زوج آدم. قال الثعلبى، عن العلماء بأخبار الماضين: أقام يعقوب وأولاده بعد قدومهم على يوسف بمصر أربعًا وعشرين سنة بأغبط عيش، فلما حضرته الوفاة أوصاهم بأن يُحمل جسده إلى بيت المقدس، ويُدفن عند أبيه وجده، فخرج به يوسف وإخوته وعسكره محمولاً فى تابوت، وكان عُمر يعقوب مائة وسبعًا وأربعين سنة، وعاش يوسف بعد يعقوب ثلاث وعشرين سنة. وتوفى وهو ابن مائة وعشرين سنة، ودفن بمصر فى النيل، ثم حمله موسى فى زمنه إلى الشام حين خرجت بنو إسرائيل من مصر إلى الشام. 707 - يونس بن متى رسول الله، عليه السلام: مذكور فى المهذب فى باب الوقف، ومتى بفتح الميم، وتشديد التاء المثناة فوق، مقصورًا، وفى يونس ست لغات أو أوجه: ضم النون وكسرها وفتحها مع الهمز وتركه، والفصيح ضمها بلا همز، وبه جاء القرآن، والآيات فى رسالته وفضله معلومة. قال الله تعالى: {وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ} [الصافات: 139] الآيات. وقال تعالى: {وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا} [الأنبياء: 87] الآيتين، وذو النون هو يونس. وقال تعالى: {إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الخِزْىِ فِى الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ} [يونس: 98] . وقال تعالى: {فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ} [القلم: 50] . وثبت فى الصحيحين عن ابن عباس، قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “لا ينبغى لعبد أن يقول: أنا خير من يونس بن متى”، ونسبه إلى أبيه، وسقط فى بعض رواياتهما قوله: ونسبه إلى أبيه، وفى رواية البخارى: “ولا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 167 أقول إن أحدًا أفضل من يونس بن متى”. وفى الصحيحين أيضًا عن ابن عباس، قال: سرنا مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بين مكة والمدينة حتى أتينا على ثنية، فقال: “أى ثنية هذه؟ ”، قالوا: هرشى أولفت، فقال: “كأنى أنظر إلى يونس بن متى على ناقة حمراء عليه جبة، خطام ناقته ليف، مارًا بهذا الوادى ملبيًا”. 708 - يونس بن عبد الأعلى: صاحب الشافعى. مذكور فى المهذب فى باب ما يُفسد الصلاة، وتكرر فى الروضة. هو أبو موسى يونس بن عبد الأعلى بن ميسرة بن حفص بن حبان الصدفى، بفتح الصاد والدال، المصرى الإمام. سمع ابن عيينة، وأنس بن عياض، وإسماعيل بن أبى فديك، والوليد بن مسلم، ومحمد بن عبيد الطنافسى، والشافعى، وأشهب، وآخرين. روى عنه مسلم بن الحجاج فى صحيحه وأكثر الرواية عنه، وأبو حاتم الرازى، وابنه عبد الرحمن، وأبو زرعة، والنسائى، وابن ماجة، وآخرون. واتفقوا على توثيقه وجلالته. قال أبو حاتم: سمعت أبا الطاهر بن السرح يحث عليه ويعظم أمره. وقال ابن أبى حاتم: سمعت أبى يوثقه ويرفع من شأنه. وقال النسائى: هو ثقة، وأحد رواة النصوص الجديدة عن الشافعى، وأحد أصحابه. ولد فى ذى الحجة سنة سبعين ومائة، وتوفى فى شهر ربيع الآخر سنة أربع وستين ومائتين. 709 - يونس بن عبيد (1) : صاحب الحسن البصرى. مذكور فى المختصر فى آخر باب الأضحية، وفى آخر المهذب فى أوائل الولاء. هو أبو عبد الله يونس بن عبيد بن دينار العبدى، مولاهم البصرى التابعى الجليل، رأى أنس بن مالك، وسمع الحسن البصرى، وابن سيرين، وثابتًا البنانى، وآخرين. روى عنه سفيان الثورى، وشعبة، والحمادان، ومعتمر بن سليمان، ووهيب بن خالد، وخلائق. واتفقوا على توثيقه، وجلالته. قال سلمة بن علقمة: جالست يونس بن عبيد، فما استطعت أن أجد عليه كلمة. وقال أحمد بن حنبل، وابن معين، وأبو حاتم: هو ثقة. وقال ابن سعد: كان ثقة، كثير الحديث. وقال غيره: توفى سنة تسع وثلاثين ومائة. وقال محمد بن عبد الله الأنصارى: رأيت سليمان، وعبد الله بن على بن عبد الله بن عباس،   (1) انظر: التاريخ الكبير (8/402) ، والجرح والتعديل (9/242) ، وتهذيب التهذيب (11/442) .. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 168 وجعفرًا ومحمدًا ابنى سليمان بن على يحملون جنازة يونس بن عبيد على أعناقهم، فقال عبد الله بن على: هذا والله الشرف. وقال سعيد بن عامر: ما رأيت رجلاً قط أفضل من يونس، وأهل البصرة متفقون على هذا، والله أعلم. * * * النوع الثاني: الكنى حرف الألف باب أبي أحمد، وأبي إسحاق، وغيرهما 710 - أبو أحمد الجرجانى: من أصحابنا الوجوه، مذكور فى الروضة فى أول كتاب اللعان فى مسألة زنأت فى الجبل. هو أبو أحمد [ ...... ] (1) . 711 - أبو إسحاق الإسفراينى الفقيه: من أصحابنا أصحاب الوجوه، تكرر ذكره فى الوسيط والروضة، ولا ذكر له فى المهذب، ويقال له: الأستاذ أبو إسحاق، هو إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن مهران الأستاذ الأسفراينى الإمام فى الكلام، والأصول، والفقه، وغيرها. قال الحاكم أبو عبد الله النيسابورى فى تاريخ نيسابور: هو الفقيه الأصولى المتكلم المقدم فى هذه العلوم، الزاهد، انصرف من العراق بعد المقام بها، وقد أقرَّ له العلماء بالعراق وخراسان بالتقدم والفضل، واختار الوطن إلى أن خرج بعد الجهد إلى نيسابور، وبنيت له المدرسة التى لم يبن بنيسابور قبلها مثلها، ودرَّس فيها، وحدَّث، سمع بنيسابور الشيخ أبا بكر الإسماعيلى وأقرانه، وبالعراق أبا بكر الشافعى، ودعلج بن أحمد وأقرانهما. وقال أبو بكر السمعانى: حدَّث عنه المتقدمون من العلماء. قال الإمام أبو الحسن عبد الغافر بن إسماعيل الفارسى: كان الأستاذ أبو إسحاق الإسفراينى أحد العلماء الذين بلغوا حد الاجتهاد لتبحره فى العلوم، واستجماعه شروط الإمامة   (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 169 من العربية، والفقه، والكلام، والأصول، ومعرفته بالكتاب والسنة. قال: وكان من المجتهدين فى العبادة، المبالغين فى الورع. وقال أبو صالح المؤذن: سمعت أبا حاتم العبدوى يقول: كان الأستاذ أبو إسحاق يقول لى بعدما رجع من إسفراين: أشتهى أن يكون موتى بنيسابور، فتوفى بعد هذا الكلام بنحو خمسة أشهر يوم عاشوراء سنة ثمانى عشرة وأربعمائة، وصلى عليه الإمام الموفق. قال: وفوائده وفضائله وأحاديثه وتصانيفه أكثر من أن تستوعب فى مجلدات. وكان الأستاذ أحد الثلاثة الذين اجتمعوا فى عصر واحد على نصر مذهب الحديث والسنة فى المسائل الكلامية، القائمين بنصرة مذهب الشيخ أبى الحسن الأشعرى، وهم الأستاذ أبو إسحاق الإسفراينى، والقاضى أبو بكر الباقلانى، والإمام أبو بكر بن فورك، وكان الصاحب بن عباد يثنى عليهم الثناء الحسن، مع أنه معتزلى مخالف لهم، لكنه أنصفهم. وأما قول أبى بكر السمعانى: أنه توفى بإسفرائن، فأنكروه عليه، فالصواب أنه توفى بنيسابور، وحمل إلى إسفرائن. قال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح، رحمه الله: وكان الأستاذ أبو إسحاق ناصرًا لطريقة الفقهاء فى أصول الفقه، مضطلعًا بتأبيد مذهب الشافعى فى مسائل من الأصول أشكلت على كثير من المتكلمين الشافعيين، حتى جبنوا عن موافقته فيها، كمسألة نسخ القرآن بالسنة، ومسألة أن المصيب من المجتهدين واحد، حتى كان يقول: بأن كل مجتهد مصيب أوله سفسطة وآخره زندقة، ولا يصح قول من قال: إنه قول للشافعى. قلت: وله مسائل غريبة مهمة، منها أن الصائم لو ظن غروب الشمس بالاجتهاد، قال الأستاذ أبو إسحاق: لا يجوز له الفطر حتى يتيقنه، وجوزه جمهور الأصحاب، وهو الصحيح. 712 - أبو إسحاق الزجاج الإمام فى العربية (1) : مذكور فى الروضة فى الشرط فى الطلاق فيمن علق طلاقها بأول ولد، هو أبو إسحاق بن السرى بن سهل البصرى النحوى صاحب كتاب معانى القرآن. قال الخطيب فى تاريخ بغداد: كان أبو إسحاق الزجاج هذا من أهل الفضل والدين، حسن الاعتقاد، وحسن المذهب، له مصنفات حسان فى الأدب. روى عنه على بن عبد الله بن المغيرة، وغيره. ثم روى الخطيب   (1) طبقات النحويين واللغويين للزبيدى (111) وتاريخ بغداد (6/89 - 93) ومراتب النحويين (136) والمنتظم لابن الجوزى (6/176) والكامل فى التاريخ (8/145) وإنباه الرواة (1/159 - 166) ومعجم الأدباء (1/130 - 151) والمختصر فى أخبار البشر (2/72) وتاريخ ابن الوردى (1/258) ومرآة الجنان (2/262) والوافى بالوفيات للصفدى (5/347 - 350) والبداية والنهاية (11/148، 149) وطبقات النحاة لابن قاضى شبهة (1/165 - 168) وتاريخ الخميس (2/389) والنجوم الزاهرة (3/208) وبغية الوعاة (1/179، 180) والأعلام (1/40) ومعجم المؤلفين (1/33) .. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 170 بإسناده عن الزجاج، قال: كنت أخرط الزجاج، فاشتهيت النحو، فلزمت المبرد لتعلمه، وكان أبو على الفارسى أحد تلامذة الزجاج، وكان الزجاج يؤدب الوزير القاسم بن عبيد الله، ونال من جهته ونسبه مالاً عظيمًا فوق أربعين ألف دينار. وتوفى الزجاج يوم الجمعة لإحدى عشرة ليلة خلت من جمادى الآخرة سنة إحدى عشرة وثلاثمائة. 713 - أبو إسحاق السبيعى (1) : بفتح السين المهملة، وبعدها باء موحدة مكسورة، منسوب إلى جد القبيلة، اسمه السبيع بن مصعب بن معاوية، وأبو إسحاق هذا مذكور فى المهذب فى باب الضمان فى مسألة الكفالة بالبدن، هو تابعى كوفى. هو أبو إسحاق عمرو بن عبد الله بن على الهمدانى، ثم السبيعى، والسبيع بطن من همدان، ولد أبو إسحاق لسنتين بقيتا من خلافة عثمان. ورأى على بن أبى طالب، وأسامة بن زيد، والمغيرة بن شعبة، ولم يصح له سماع منهم، وسمع ابن عباس، وابن عمر، وابن الزبير، ومعاوية، وعمرو بن يزيد الخطمى، والنعمان بن بشير، وعمرو بن الحارث، وعمرو بن حريث، وزيد بن أرقم، والبراء بن عازب، وسليمان بن صرد، وحارثة، بالحاء، ابن وهب، وعدى بن حاتم، وجابر بن سمرة، ورافع بن خديج، وعروة البارقى، وأبا جحيفة، وعمارة بن رومية، وخالد بن عرفطة، وجرير بن عبد الله، والأشعث بن قيس، وحيشا، بضم الحاء المهملة، ابن جنادة، وسلمة بن قيس، والمسور بن مخرمة، وذا الجوشن، وعبد الرحمن بن أبزى، بفتح الهمزة والزاى وإسكان الباء الموحدة بينهما، وكل هؤلاء صحابة، رضى الله عنهم، وسمع آخرين من الصحابة. وسمع خلائق من التابعين، منهم عمرو بن ميمون، والأسود بن يزيد، وأبو الأحوص عوف بن مالك، ومسروق، وعبد الرحمن بن يزيد، وعبد الرحمن بن الأسود، وسعيد بن جبير، والشعبى، وآخرون. روى عنه سليمان التيمى، والأعمش، وإسماعيل بن أبى خالد، وقتادة، وشريك بن عبد الله، وعمارة بن زريق، ومنصور بن المعتمر، وسفيان الثورى، وهو أثبت الناس فيه، ومسعر، ومالك بن مغول، وابناه يوسف ويونس، وابن ابنه إسرائيل بن يونس، وسفيان بن عيينة، وزهير بن معاوية،   (1) انظر: التاريخ الكبير (6/347) ، والجرح والتعديل (6/242) ، وميزان الاعتدال (3/270) ، وطبقات ابن سعد (6/313) ، وتهذيب التهذيب (8/63) ، وتقريب التهذيب (2/73) .. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 171 وزائدة، والحسن بن صالح، وأبو بكر بن عياش، وخلائق، وأجمعوا على توثيقه وجلالته والثناء عليه. قال شعبة: كان أبو إسحاق السبيعى أحسن حديثًا من مجاهد، والحسن، وابن سيرين. وقال أحمد بن عبد الله العجلى: هو كوفى ثقة، سمع ثمانية وثلاثين من أصحاب النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، والشعبى أكبر منه بسنتين، ولم يسمع أبو إسحاق من علقمة بن قيس شيئًا. وقال أبو حاتم: هو ثقة، ويشبه بالزهرى فى كثرة الرواية. وقال على بن المدينى: روى السبيعى عن سبعين أو ثمانين لم يرو عنهم غيره. قال: وأحصينا مشائخه ثلاثمائة أو أربعمائة شيخ. توفى سنة ست وعشرين ومائة، وقيل: سبع وعشرين، وقيل: ثمان وعشرين، وقيل: تسع وعشرين. 714 - أبو إسحاق الشيرازى (1) : صاحب المهذب والتنبيه، وتكرر فى الروضة. هو الإمام أبو إسحاق إبراهيم بن على ابن يوسف بن عبد الله الشيرازى الفيروزأباذى، منسوب إلى فيروز أباذ، بفتح الفاء، وأصله بالفارسية: الكبير، وهى بليدة من بلاد فارس، وهو الإمام المحقق المتقن المدقق ذو الفنون من العلوم المتكاثرات والتصانيف النافعة المستجادات، الزاهد، العابد، الورع، المعرض عن الدنيا، المقبل بقلبه على الآخرة، الباذل نفسه فى نصر دين الله، المجانب للهوى، أحد العلماء الصالحين، وعباد الله العارفين، الجامعين بين العلم، والعبادة، والورع، والزهادة، المواظبين على وظائف الدين، المتبعين هدى سيد المرسلين - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ورضى الله عنهم أجمعين. ولد سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة، وتفقه بفارس على أبى الفرج بن البيضاوى، وبالبصرة على الجوزى، ثم دخل بغداد سنة خمس عشرة وأربعمائة، وتفقه على شيخه القاضى الإمام الجليل أبى الطيب الطبرى طاهر بن عبد الله، وجماعة من مشائخه المعروفين، وسمع الحديث من الإمام الحافظ أبى بكر البرقانى، بفتح الباء وكسرها، وأبى على بن شادان، وغيرهما من الأئمة المشهورين. ورأى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فى المنام،   (1) الأنساب (9/361، 362) وطبقات فقهاء اليمن (270) والمنتظم (16/228 - 231) وصفة الصفوة (4/66، 67) والمنتخب من السياق (124) والكامل فى التاريخ (10/132، 133) واللباب (2/451) ووفيات الأعيان (1/29 - 31) والمختصر فى أخبار البشر (2/194، 195) والعبر (3/283، 284) وسير أعلام النبلاء (18/542 - 464) والإعلام بوفيات الأعلام (196) والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد (42 - 46) وتاريخ ابن الوردى (1/381) ومرآة الجنان (3/110 - 119) والبداية والنهاية (12/124، 125) وطبقات الشافعية الكبرى للسبكى (3/88، 111) طبقات الشافعية للإسنوى (2/83 - 85) والوافى بالوفيات (6/62 - 66) وتاريخ الخميس (2/401) وطبقات الشافعية لابن قاضى شهبة (1/244 - 246) والنجوم الزاهرة (5/117، 118) وتاريخ الخلفاء (426) وديوان الإسلام (1/68، 69) والأعلام (1/51) ومعجم المؤلفين (1/69) .. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 172 فقال له: يا شيخ، فكان يفرح بذلك ويقول: سمانى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شيخًا. وقال: كنت أعيد كل درس مائة مرة، وإذا كان فى المسألة بيت شعر يستشهد به حفظت القصيدة كلها من أجله. وكان عاملاً بعلمه، صابرًا على خشونة العيش، معظمًا للعلم، مراعيًا للعمل بدقاته وبالاحتياط. كان يومًا يمشى وبعض أصحابه معه، فعرض له فى الطريق كلب، فحسره صاحبه، فنهاه الشيخ، وقال: أما علمت أن الطريق بينى وبينه مشترك. ودخل يومًا مسجدًا ليأكل فيه شيئًا على عادته، فنسى دينارًا فذكره فى الطريق، فرجع وجده فتركه ولم يمسه، وقال: ربما وقع من غيرى ولا يكون دينارى. قال الحافظ أبو سعد السمعانى: كان الشيخ أبو إسحاق إمام الشافعية، والمدرس ببغداد فى النظامية، شيخ الدهر، وإمام العصر، رحل إليه الناس من الأقطار، وقصدوه من كل النواحى والأمصار، وكان يجرى مجرى أبى العباس بن سريج. قال: وكان زاهدًا، ورعًا، متواضعًا، ظريفًا، كريمًا، سخيًا، جوادًا، طلق الوجه، دائم البشر، حسن المحاورة، مليح المجاورة، وكان يحكى الحكايات الحسنة، والأشعار المليحة، وكان يحفظ منها كثيرًا، وكان يضرب به المثل فى الفصاحة. وقال السمعانى أيضًا فى موضع آخر: تفرد الإمام أبو إسحاق الشيرازى بالعلم الوافر، كالبحر الزاخر مع السيرة الجميلة، والطريقة المرضية، جاءته الدنيا صاغرة فأباها، وأطرحها، وقلاها. قال: وكان عامة المدرسين بالعراق والجبال تلاميذه وأصحابه، وصنَّف فى الأصول، والفروع، والخلاف، والجدل، كُتبًا أضحت للدين أنجمًا وشُهبًا. قال: وكان يكثر مباسطة أصحابه ويكرمهم ويعظمهم، ويشترى طعامًا كثيرًا، فيدخل بعض المساجد فيأكل كل منه مع أصحابه، وما فضل تركوه لمن يرغب فيه، وكان طارحًا للتكلف. قال القاضى أبو بكر محمد بن عبد الباقى الأنصارى: حملت إليه فتوى، فرأيته فى الطريق، فمضى إلى دكان خباز أو بقال، وأخذ دواته وقلمه، وكتب جوابه، ومسح القلم فى ثوبه، وكان ذا نصيب وافر من مراقبة الله تعالى، والإخلاص، وإرادة إظهار الحق، ونصح الخلق. وقال أبو الوفاء بن عقيل: شاهدت شيخنا أبا إسحاق لا يخرج شيئًا إلى فقير إلا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 173 أحضر النية، ولا يتكلم فى مسألة إلا قدَّم الاستعاذة بالله تعالى، وأخلص القصد فى نصرة الحق، ولا صنَّف شيئًا إلا بعدما صلى ركعات، فلا جرم شاع اسمه واشتهرت تصانيفه شرقًا وغربًا ببركة إخلاصه. قالوا: وكان مستجاب الدعوة. قال القاضى محمد بن محمد الماهانى: إمامان لم يتفق لهما الحج: أبو إسحاق الشيرازى، والقاضى أبو عبد الله الدامغانى. أنشد السمعانى وغيره للرئيس أبى الخطاب على بن عبد الرحمن بن هارون بن الجراح شعرًا: سقيا لمن ألف التنبيه مختصرًا إن الإمام أبا إسحاق صنفه رأى علومًا عن الأفهام شاردة بقيت للشرع إبراهيم منتصرًا ألفاظه الغر واستقصى معانيه لله والدين لا للكبر والتيه فخازها ابن على كلها فيه تذود عنه أعاديه وتحميه قوله: مختصرًا، بكسر الصاد وألفاظه منصوبة. ولأبى الخطاب أيضًا: أضحت بفضل أبى إسحاق ناطقة بها المعانى كسلك العقد كامنة رأى علومًا وكانت قبل شاردة ولا زال علمك ممدودًا سرادقه صحائف شهدت بالعلم والورع واللفظ كالدر سهل صد ممتنع فخازها الألمعى الندب فى اللمع على الشريعة منصورًا على البدع ولأبى الحسن القابسى: إن شئت شرع رسول الله مجتهدًا فاقصد هديت أبا إسحاق مغتنمًا تفتى وتعلم حقًا كلما شرعا وادرس تصانيفه ثم احفظ اللمعا ونقل عنه، رحمه الله، أنه قال: بدأت فى تصنيف المهذب سنة خمس وخمسين وأربعمائة، وفرغت منه يوم الأحد آخر رجب سنة تسع وستين وأربعمائة. توفى ببغداد يوم الأحد، وقيل: ليلة الأحد الحادى والعشرين من جمادى الآخرة، وقيل: الأولى، سنة ثنتين وسبعين وأربعمائة، ودفن بباب البرز، وصلى عليه من الخلائق ما لا يعلمه إلا الله، ورؤى فى النوم وعليه ثياب بيض، فقيل له: ما هذا؟ فقال: عز العلم، رحمه الله. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 174 715 - أبو إسحاق المروزى (1) : تكرر فى المهذب، والوسيط، والروضة، وحيث أطلق أبو إسحاق فى المذهب، فهو المروزى، وقد يقيدونه بالحرورى، وقد يطلقونه، وهو إمام جماهير أصحابنا، وشيخ المذهب، وإليه ينتهى طريقة أصحابنا العراقيين، والخراسانيين، كما قدمنا فى مقدمة هذا الكتاب فى سلسلة الفقه. تفقه على أبى العباس بن سريج، ونشر مذهب الشافعى فى العراق، وسائر الأمصار، واسمه إبراهيم بن أحمد المروزى، المتفق على عدالته، وتوثيقه فى روايته ودرايته. قال الشيخ أبو إسحاق الشيرازى فى الطبقات: انتهت إليه الرياسة فى العلم ببغداد، وشرح المختصر، وصنَّف الأصول، وأخذ عنه الأئمة، وانتشر الفقه من أصحابه فى البلاد، وخرج إلى مصر وتوفى بها سنة أربعين وثلاثمائة. 716 - أبو إسرائيل الصحابى: مذكور فى المهذب فى باب النذر، هكذا صوابه: أبو إسرائيل، ويقع فى كثير من النسخ أو أكثرها ابن إسرائيل، وهو غلط، وهو صحابى، أنصارى، مدنى. قال الخطيب البغدادى فى كتابه الأسماء المبهمة: هو عامرى. قال: وقيل: اسمه قيس. قال: قال عبد الغنى المصرى: ليس فى أصحاب رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من كنيته أبو إسرائيل غيره، ولا مَن اسمه قيس غيره، ولا يُعرف إلا فى هذا الحديث، وحديثه المذكور فى المهذب رواه البخارى فى صحيحه، عن ابن عباس، قال: بينما رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يومًا يخطب، إذ هو برجل قائم، فسأل عنه، فقيل: أبو إسرائيل، نذر أن يقوم فى الشمس ولا يقعد، ويصوم ولا يفطر نهارًا، ولا يستظل، ولا يتكلم، فقال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “مروه فليستظل وليقعد وليتكلم وليتم صومه”. 717 - أبو الأسود الدؤلى التابعى (2) : مذكور فى المهذب فى أول باب التعزير، هكذا صوابه: الدؤلى، بضم الدال وبعدها همزة مفتوحة، ومنهم من يكسرها، والصحيح المشهور فتحها، وقيل فيه: الديلى، بكسر الدال وبالياء، وكذا وقع فى المهذب والصحيح، وهو منسوب إلى جد القبيلة الدؤل، وسمى بالدؤل التى هى دويبة معروفة بضم الدال وكسر الهمزة، ولكن فى النسبة يفتح مثل هذه الكسرة كما قالوا   (1) الأنساب لابن السمعانى (9/325) ومعجم البلدان (4/372، 273) والكامل فى التاريخ (11/86) واللباب (2/438) وطبقات فقهاء الشافعية (1/321) وطبقات الشافعية الكبرى للسبكى (7/31، 32) طبقات الشافعية للإسنوى (2/390، 391) وطبقات الشافعية لابن قاضى شهبة (1/333، 334) .. (2) انظر: الإصابة (2/241، 242) ، والبرصان والعرجان (122، 279) ، وإنباه الرواة (1/12 - 23) ، وطبقات الزبيدى (5) ، ونزهة الألباء (1 -8) ، ومراتب النحويين (11) ، وطبقات ابن سعد (7/99) ، ومرآة الجنان (1/144) ، ووفيات الأعيان (2/535 - 538) ، والتاريخ الكبير (6/334) ، والجرح والتعديل (4/503) ، والأغانى (12/297 - 334) ، ومعجم الأدباء (12/34 - 38) ، وأسد الغابة (3/69) ، وسير أعلام النبلاء (4/81 - 86) برقم (28) ، والبداية والنهاية (8/312) ، وغاية النهاية (1/345) ، وتهذيب التهذيب (12/10، 11) ، والكامل للمبرد (2/171) ، والنجوم الزاهرة (1/184) ، وبغية الوعاة (2/22) .. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 175 فى النسبة إلى ممر ممرى بفتح الميم، إلى الصدف بكسر الدال، صدفى بفتحها، ونظائره، وقد بسطت بيان هذه الأوجه فى نسبته فى أوائل شرح صحيح. واسم أبى الأسود هذا: ظالم بن عمرو بن سفيان بن جندل بن يعمر بن حلبس، بفتح الحاء المهملة وبالباء الموحدة وإسكان اللام بينهما، ابن نفاثة، بضم النون وتخفيف الفاء وبثاء مثلثة، ابن على بن الدول، ويقال: اسمه ظالم بن عمرو بن ظالم، وقيل: اسمه عمرو بن ظالم، وقيل: عثمان بن عمرو، وقيل: عمرو بن سفيان. وقال الواقدى: اسمه عويمر بن ظويلم، وهو بصرى، كان قاضى البصرة. سمع عمر ابن الخطاب، وعليًا، والزبير، وأبا ذر، وعمران بن الحصين، وأبا موسى الأشعرى، وابن عباس، وولى البصرة. قال يحيى بن معين، وأحمد بن عبد الله: هو ثقة. روى له البخارى ومسلم، وهو أول من تكلم فى النحو. 718 - أبو أمامة الباهلى الصحابى، رضى الله عنه (1) : تكرر فى هذه الكتب، هو أبو أمامة صدى، بضم الصاد وفتح الدال المهملتين وتشديد الياء، ويقال: الصدى بالألف واللام، كالعباس، وعباس، ولم يذكره الحاكم أبو أحمد فى كتابه الكنى إلا بالألف واللام. وهو صدى بن عجلان بن والبة، بالموحدة، ابن رياح، بكسر الراء، ابن الحارث بن معن بن مالك بن أعصر بن سعد بن قيس عيلان، بالعين المهملة، ابن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، ويقال فى إملاء نسبه غير هذا، وهو منسوب إلى باهلة، وهو من مشهورى الصحابة. رُوى له عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مائتا حديث وخمسون حديثًا، روى له البخارى منها خمسة، ومسلم ثلاثة. روى عنه رجاء بن حيوة، وخالد بن معدان، ومحمد بن زياد، وسليمان بن حبيب، وسليم بن عامر، وشرحبيل بن مسلم، وشداد أبو عمار، وأبو سلام ممطور الحبشى، والقاسم أبو عبد الرحمن الدمشقى، وسالم بن أبى الجعد، وأبو إدريس الخولانى، وغيرهم. سكن مصر، ثم حمص، وبها توفى سنة إحدى وثمانين، وقيل: ست وثمانين، وقيل: هو آخر من توفى من الصحابة بالشام، رضى الله عنه، وعامة حديثه عند الشاميين.   (1) انظر: الإصابة (2/182) ، وطبقات ابن سعد (7/411، 412) ، والتاريخ الكبير (4/326) ، والجرح والتعديل (4/454) ، والثقات لابن حبان (3/195) ، والاستيعاب (2/198، 199، 4/4، 5) ، وتهذيب تاريخ دمشق (6/419) ، وأسد الغابة (3/16، 5/138، 139) ، وسير أعلام النبلاء (3/359 - 363) برقم (52) ، وتجريد أسماء الصحابة (1/2786) ، ومرآة الجنان (1/177) ، والبداية والنهاية (9/73) ، وتهذيب التهذيب (4/420) ، وتقريب التهذيب (1/366) ، والوافى بالوفيات (16/305، 306) .. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 176 719 - أبو أمامة التيمى التابعى: مذكور فى المهذب فى أول الإجارة، ويقال: أبو أميمة. روى عن عمر بن الخطاب. روى عنه شعبة، والعلاء بن المسيب، والحسن بن عمرو الفقيمى. قال يحيى بن معين: هو ثقة، لا يُعرف اسمه. وقال أبو زرعة: هو كوفى لا بأس به. 720 - أبو أمية المخزومى: مذكور فى المهذب فى أول باب الإقرار، ذكره ابن أبى حاتم، وأشار إلى أنه مجهول. 721 - أبو أوفى الصحابى، رضى الله عنه: مذكور فى الزكاة من هذه الكُتب. اسمه علقمة بن خالد، وسبق تمام نسبه فى ترجمة ابنه عبد الله، وحديث المذكور رواه مسلم. 722 - أبو أيوب الصحابى، رضى الله عنه: تكرر فى هذه الكُتب. هو أبو أيوب خالد بن زيد بن كليب بن ثعلبة بن عبد عوف ابن غنم بن مالك بن النجار الأنصارى الخزرجى النجارى المدنى الصحابى الجليل. شهد العقبة، وبدرًا، وأُحُدًا، والخندق، وبيعة الرضوان، وجميع المشاهد مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ونزل عليه رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حين قدم المدينة مهاجرًا، وأقام عنده شهرًا حتى بنيت مساكنه ومسجده. رُوى له عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مائة وخمسون حديثًا، اتفق البخارى ومسلم على سبعة منها، وانفرد البخارى بحديث ومسلم بخمسة. روى عنه البراء بن عازب، وجابر بن سمرة، والمقدام بن معدى كرب، وأبو أمامة الباهلى، وزيد بن خالد الجهنى، وابن عباس، وعبد الله بن يزيد الخطمى، وكلهم صحابة، وسعيد بن المسيب، وسالم بن عبد الله، وعروة بن الزبير، وعطاء بن يزيد الليثى، وعبد الله بن حنين، وخلائق سواهم. توفى بأرض الروم غازيًا سنة خمسين، وقيل: سنة إحدى وخمسين، وقيل: سنة ثنتين وخمسين، وقبره بالقسطنطينية، رضى الله عنه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 177 * * * حرف الباء الموحدة 723 - أبو بردة الصحابى، رضى الله عنه (1) : مذكور فى المختصر فى أول كتاب الأضحية. اسمه هانىء، بنون بعدها همزة، ابن نيار، بنون مكسورة ثم ياء مثناة تحت مخففة بلا همزة، ابن عمرو بن عبيد بن كلاب بن غنم بن هبيرة بن ذهل بن هانى بن بلى بن عمرو بن حلوان بن الحاف بن قضاعة البلوى المدنى، وقيل: اسمه الحارث بن عمرو، وقيل: مالك بن هبيرة، والأول أشهر وأصح. شهد العقبة الثانية مع السبعين، وشهد بدرًا، وأُحُدًا، والخندق، وسائر المشاهد مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وروى عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، روى له البخارى ومسلم حديثًا واحدًا. روى عنه جابر بن عبد الله، ثم جماعة من التابعين. شهد مع على، رضى الله عنه، حروبه، وتوفى سنة خمس وأربعين، وقيل: سنة إحدى أو اثنتين وأربعين، ولا عقب له، وهو خال البراء بن عازب، رضى الله عنهم. 724 - أبو بردة التابعى بن أبى موسى الأشعرى (2) : مذكور فى المهذب فى صلاة العيدين فى التنفل قبل العيد، وربما صحف فى بعض النسخ بأبى برزة الصحابى الذى سيأتى ذكره بعد هذه الترجمة إن شاء الله تعالى، وشبهة المُصَحِّف أن المُصَنِّف قَدَّمه على أنس بن مالك الصحابى، رضى الله عنه، فى الترتيب، والعادة تقديم الصحابة على التابعين لا عكسه، وهذا العكس، مما يُنكر على صاحب المهذب، والصواب: أبو بردة بالدال، وهكذا ذكره البيهقى فى كتبه وآخرون، وهو أبو بردة بن أبى موسى الأشعرى، واسم أبى موسى عبد الله بن قيس، ويأتى تمام نسبه فى ترجمته، واسن أبى بردة عامر، هذا هو الصحيح المشهور الذى قاله الجمهور. وقال يحيى بن معين: اسمه الحارث. وفى رواية عنه: عامر، كقول الجمهور، وهو تابعى كوفى، ولى قضاء الكوفة فعزله الحجاج، وجعل أخاه أبا بكر مكانه. روى عن الزبير بن العوام، وعوف بن مالك، وسمع أباه، وعلى بن أبى طالب،   (1) انظر: الطبقات الكبرى (3/451) ، والجرح والتعديل (9/99) ، والتاريخ الكبير (8/227) ، وأسد الغابة (5/146) ، والاستيعاب (4/17) ، والإصابة (4/18) ، وتهذيب التهذيب (12/19) ، وسير أعلام النبلاء (2/35، 36) برقم (6) ، وأسد الغابة (5/146) .. (2) انظر: الجرح والتعديل (6/325) ، ووفيات الأعيان (3/10 - 12) ، وطبقات ابن سعد (6/268، 269) ، والبداية والنهاية (9/231) ، والنجوم الزاهرة (1/199) ، وتذكرة الحفاظ (1/95) ، والتاريخ الكبير (447، 448) ، أعلام النبلاء (4، 343 - 346) برقم (118) ، وتاريخ ابن معين (1/694) ، وأخبار القضاة (2/408 - 413) ، وتهذيب التهذيب (12/18، 19) ، وتقريب التهذيب (2/294) .. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 178 وابن عمر، والأغر المزنى، وعبد الله بن سلام، وعائشة، رضى الله عنهم، وسمع خلائق من التابعين. روى عنه جماعات من التابعين وغيرهم، منهم الشعبى، وأبو إسحاق السبيعى، وعبد الملك بن عمير، وعمر بن عبد العزيز، وثابت البنانى، ومحمد بن المنكدر، وقتادة، والقاسم بن مخيمرة، وأبو حصين، بفتح الحاء، عثمان بن عاصم، وسالم أبو النضر، وعاصم بن بهدلة، وأبو إسحاق الشيبانى، ومحمد بن واسع، وطلحة بن مصرف، وعبد الرحمن بن زيد بن الخطاب، ومكحول الدمشقى، وأخوه إسحاق بن أبى موسى، وبنوه أبو بكر، وعبد الله، وسعيد، وبلال بنو أبى بردة، وابن ابنه يزيد بن عبد الله بن أبى بردة، وخلائق آخرون. واتفقوا على توثيقه وجلالته. قال أحمد بن عبد الله العجلى: وأبو بردة وأخوه أبو بكر تابعيان كوفيان ثقتان. وقال محمد بن سعد: كان ثقة، كثير الحديث، وهو جد أبى الحسن الأشعرى الإمام فى علم الكلام. توفى أبو بردة بالكوفة سنة ثلاث ومائة، وقيل: سنة أربع ومائة، رحمه الله. 725 - أبو برزة الصحابى، رضى الله عنه (1) : مذكور فى المختصر فى أول كتاب البيوع، وفى المهذب فى مواقيت الصلاة فى وقت العشاء، هو بفتح الباء الموحدة، وإسكان الراء وبعدها زاى، وهى كنية مفردة لا يُعرف فى الصحابة أحد يكنى أبو برزة غيره، هكذا ذكره الحافظ أبو الفضل محمد بن ناصر بن محمد بن على بن عمر البغدادى فى كتابه التنبيه على ما فى الغريبين. وذكره الحاكم أبو أحمد فى الكنى المفردة، ومعناه: ليس فى الناس من يُكنى أبا برزة غيره، ومراد الحاكم مِن قَبله، وإلا فقد وقع فى الرواة من كنيته أبو برزة غيره، وهو أبو برزة الفضل بن محمد الحاسب، روينا عن ابن ماس، بالسين المهملة، عن أبى برزة الفضل بن موسى، عن أبى أنس بن مالك بن سليمان الألهانى فى تاريخ دمشق للحافظ أبى القاسم بن عساكر فى أبواب فضل دمشق، والله أعلم. واسم أبى برزة الصحابى: نضلة، بنون ثم ضاد معجمة، ابن عبيد، هذا هو الصحيح المشهور فى اسمه، ويقال: نضلة بن عمرو، ويقال: نضلة بن عبد الله. قال الحاكم أبو عبد الله فى تاريخ نيسابور، وقيل: اسمه عبد الله   (1) انظر: الإصابة (3/556) ، والتاريخ الكبير (8/118) ، وطبقات ابن سعد (4/298، 7/9) ، والجرح والتعديل (3/355) ، وحلية الأولياء (2/32) ، والاستيعاب (4/24) ، وتاريخ بغداد (1/182) ، وأسد الغابة (2/93، 3/268، 5/19) ، ووفيات الأعيان (6/366) ، وسير أعلام النبلاء (3/40 - 43) برقم (11) ، وتهذيب التهذيب (10/446) .. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 179 بن نضلة، وقيل: نضلة بن نيار، قال: وقيل: كان اسمه نضلة بن نيار، فسماه رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عبد الله، وقال: نيار شيطان. وأبو برزة هذا أسلمى من ولد أسلم بن أفصى بن حارثة، أسلم أبو برزة قديمًا، وشهد مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فتح مكة. رُوى له عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ستة وأربعون حديثًا، اتفق البخارى ومسلم على حديثين، وانفرد البخارى بحديثين، ومسلم بأربعة. روى عنه سيار بن سلامة، وأبو عثمان النهدى، والأزرق بن قيس، وغيرهم. نزل البصرة، وولد بها، ثم غزا خراسان، وقيل: إنه رجع إلى البصرة فتوفى بها، وقيل: توفى بخراسان فى خلافة معاوية أو يزيد، وقيل: توفى سنة ثنتين، وقيل: سنة أربع وستين. قال الحاكم أبو عبد الله فى تاريخ نيسابور: قيل: بخراسان، وقيل: بنيسابور، وقيل: بمفازة بين سجستان وهراة، وقيل: بالبصرة، رضى الله عنه. 726 - أبو بصير الصحابى، رضى الله عنه: مذكور فى المهذب فى باب الهدنة، هو بفتح الباء الموحدة، وكسر الصاد المهملة، اسمه عتبة بن أسيد، بفتح الهمزة وكسر السين، ابن جارية، بالجيم، ابن أسد بن عبد الله ابن أبى سلمة بن عبد الله بن غيرة، بكسر الغين المعجمة وفتح المثناة تحت، ابن عوف ابن ثقيف الثقفى، حليف بنى زهرة، وهو مشهور بكنيته. توفى فى حياة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وكانت وفاته بسيف البحر، بكسر السين، وهى ساحله فى الموضع الذى أقام فيه، وجاءه المستضعفون من المؤمنين من مكة، فأقاموا هناك حتى بلغوا ستين أو سبعين، وكان أبو بصير، رضى الله عنه، كبيرهم، وهو أول من أقام هناك، وقصته مشهورة فى صحيح البخارى وغيره. وتوفى بعد صلح الحديبية، وقيل: فتح مكة، وكان الصلح فى ذى القعدة سنة ست من الهجرة، وفتح مكة فى رمضان سنة ثمان، وصلى عليه أصحابه أبو جندل والباقون، ودفنوه هناك، رضى الله عنه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 180 * * * باب أبي بكر 727 - أبو بكر الصديق، رضى الله عنه (1) : متكرر فى هذه الكُتب، واسمه عبد الله بن أبى قحافة عثمان بن عامر بن عمير بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤى بن غالب القريشى التيمى. يلتقى مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فى مرة بن كعب. وأم أبى بكر أم الخير بنت صخر بن عامر بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة. أسلم أبو بكر وأمه وصحبا رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قال العلماء: لا يُعرف أربعة متناسلون بعضهم من بعض صحبوا رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلا آل أبى بكر الصديق، وهم: عبد الله بن أسماء بنت أبى بكر بن أبى قحافة، فهؤلاء الأربعة صحابة متناسلون، وأيضًا أبو عتيق بن عبد الرحمن بن أبى بكر بن أبى قحافة، رضى الله عنهم، وهذا الذى ذكرناه من أن اسم أبى بكر الصديق عبد الله هو الصحيح والمشهور، وقيل: اسمه عتيق، والصواب الذى عليه العلماء كافة أن عتيقًا لقب له لا اسم، ولقب عتيقًا لعتقه من النار، وقيل لحسن وجهه وجماله، قاله الليث بن سعد وجماعة. وروى الترمذى بإسناده، عن عائشة، رضى الله عنها، أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: “أبو بكر عتيق الله من النار” (2) ، فمن يومئذ سُمى عتيقًا. وقال مصعب بن الزبير وغيره: قيل له: عتيق؛ لأنه لم يكن فى نسبه شىء يُعاب به، وأجمعت الأئمة على تسميته صديقًا. قال على بن أبى طالب، رضى الله عنه: إن الله تعالى هو الذى سمى أبا بكر على لسان رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صديقًا، وسبب تسميته أنه بادر إلى تصديق رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولازم الصدق، فلم يقع منهم هناة ولا وقفة فى حال من الأحوال. وكانت له فى الإسلام مواقف رفيعة، منها قصته يوم ليلة الإسراء وثباته، وجوابه للكفار فى ذلك، وهجرته مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وترك عياله وأطفاله، وملازمته فى الغار وسائر الطريق، ثم كلامه يوم بدر، ويوم الحديبية حتى اشتبه الأمر على غيره فى تأخر دخول مكة، ثم بكاؤه حين قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “إن عبدًا خيره الله بين الدنيا وبين ما عند الله ... ”. ثم ثباته فى وفاة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وخطبته الناس وتسكينهم،   (1) انظر: طبقات ابن سعد (3/170) وما بعدها، وتاريخ الطبرى (3/418) وما بعدها، والإصابة (2/ت 4817) ، وأسد الغابة (3/205) ، والاستيعاب (3/963) ، والتاريخ الكبير (5/ت 1) ، وحلية الأولياء (1/28) ، والوفيات (3/64) ، وتهذيب التهذيب (5/315) ، وتهذيب الكمال (15/282) ، ومصادر ترجمة الصديق، رضى الله عنه، لا تعد ولا تحصى، ومناقبه أجل من أن يستوعبها كتاب.. (2) أخرجه الحاكم (2/450، رقم 3557) وقال: صحيح الإسناد. وابن عساكر (25/83) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 181 ثم قيامه فى قصة البيعة بمصلحة المسلمين، ثم اهتمامه وثباته فى بعض جيش أسامة بن زيد إلى الشام وتصميمه فى ذلك، ثم قيامه فى قتال أهل الردة، ومناظرته للصحابة حتى حجهم بالدلائل، وشرح الله صدورهم لما شرح الله صدره من الحق، وهو قتال أهل الردة، ثم تجهيزه الجيوش إلى الشام لفتوحه وإمدادهم بالأمداد، ثم ختم ذلك بمهم من أحسن مناقبه وأجل فضائله، وهو استخلافه على المسلمين عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، وتفرسه فيه، ووصيته له، واستيداعه الله الأمة، فخلفه الله عز وجل فيهم أحسن الخلافة، وظهر لعمر الذى هو حسنة من حسناته، وواحدة من فعلاته تمهيد الإسلام، وإعزاز الدين، وتصديق وعد الله تعالى بأنه يُظهر على الدين كله. وكم للصديق من مواقف وأثر، ومن يحصى مناقبه ويحيط بفضائله غير الله عز وجل، ولكن لابد من التذكر بنُبذ من ذلك، تبركًا للكتاب بها، ولعله يقف عليها من قد يخفى عليه بعضها. رُوى للصديق، رضى الله عنه، عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مائة حديث واثنان وأربعون حديثًا، اتفق البخارى ومسلم منها على ستة، وانفرد البخارى بأحد عشر، ومسلم بحديث، وسبب قلة رواياته مع تقدم صحبته وملازمته النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه تقدمت وفاته قبل انتشار اللأحاديث، واعتناء التابعين بسماعها وتحصيلها وحفظها. روى عنه عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعلى، وعبد الرحمن بن عوف، وابن مسعود، وحذيفة، وابن عمر، وابن عباس، وابن عمرو بن العاص، وزيد بن ثابت، والبراء بن عازب، وأبو هريرة، وعقبة بن الحارث، وابنته عائشة، وطارق بن شهاب. روى عنه جماعات من التابعين، منهم قيس بن أبى حازم، وأبو عبد الله الصنابحى، وخلق غيرهم. وهو أول مَن آمن بالنبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فى أحد الأقوال، وهو مذهب ابن عباس، وعمرو بن عنبسة، وحسان بن ثابت الصحابيين، وإبراهيم النخعى، وغيرهم. وقيل: أولهم على، وقيل: خديجة، وادع الثعلبى الإجماع فيه، وأن الخلاف إنما هو فى أولهم بعدها. وأسلم على يده خلائق من الصحابة، منهم خمسة من العشرة سبق بيانهم فى ترجمتهم، وهم عثمان، والزبير، وطلحة، وعبد الرحمن، وسعد بن أبى وقاص. وأعتق الجزء: 2 ¦ الصفحة: 182 سبعة كانوا يعذبون فى الله تعالى، منهم بلال، وعمار. وكان من رؤساء قريش فى الجاهلية، وأهل مشاورتهم، ومحببًا فيهم، ومألفاهم، فلما جاء الإسلام آثره على ما سواه، ودخل فيه أكمل دخول، ولم يزل مترقيًا فى معارفه متزايدًا فى محاسنه حتى توفى. وصحب النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من حين أسلم إلى أن توفى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فلم يفارقه فى حضر ولا سفر. وثبت فى الصحيحين عن عائشة، قالت: لم أعقل أبوى إلا وهما يدينان الدين، ولم يمر علينا يوم إلا يأتينا فيه رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طرفى النهار بكرة وعشيا، فلما ابتلى المسلمون خرج أبو بكر مهاجرًا نحو الحبشة. وذكرت الحديث ورجوعه من الطريق إلى النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، إلى أن قالت: فبينما نحن يومًا جلوس فى بيت أبى بكر بحر الظهيرة، قال قاتئل لأبى بكر: هذا رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - متقنعًا فى ساعة لم يكن يأتينا فيها، فقال أبو بكر: فداك أبى وأمى، ما جاء به فى هذه الساعة إلا أمر، فجاء رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فاستأذن فأذن له فدخل، فقال النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأبى بكر: “أخرج مَنْ عندك”، فقال أبو بكر: إنما هم أهلك بأبى أنت يا رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال: “فإنى قد أُذِنَ لى فى الخروج”، فقال أبو بكر: الصحابة، أى أسألك الصُّحْبَة، بأبى أنت يا رسول الله، قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “نعم”، قال أبو بكر: فخذ بأبى أنت يا رسول الله إحدى راحلتى هاتين، قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “بالثمن”. قالت عائشة، فجهزناهما أحب الجهاز، ووضعنا لهما سفرة فى جراب، فقطعت أسماء بنت أبى بكر قطعة من نطاقها فربطت به على فم الجراب، فبذلك سميت ذات النطاق، وفى رواية: ذات النطاقين. قالت: ثم لحق رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأبو بكر بغار فى جبل ثور، فمكثا فيه ثلاث ليال يبيت عندهما عبد الله بن أبى بكر وهو غلام شابق ثقف، ثم ذكرت تمام الحديث فى خروجهما إلى المدينة، ولحاق سراقة بن مالك بهما، وارتطام فرسه به فى جلد من الأرض. وهاجر، رضى الله عنه، مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وترك عياله، وأولاده وماله، رغبة فى طاعة الله تعالى ورسوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فأقام مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثلاثة أيام، وخبر الغار مشهور. قال الله تعالى: {ثَانِىَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِى الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا} [التوبة: 40] . وكان النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يكرمه ويجله، ويعرف الجزء: 2 ¦ الصفحة: 183 الصحابة مكانه، ويثنى عليه فى وجهه، واستخلفه فى الصلاة، ومناقبه غير منحصرة. قال ابن إسحاق: كان خروج النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأبى بكر، رضى الله عنه، للهجرة بعد العقبة الثانية بشهرين وأيام، بايعوه فى العقبة فى اليوم الأوسط من أيام التشريق، وخرجا لهلال شهر ربيع الأول. وشهد أبو بكر مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بدرًا، وأُحُدًا، والخندق، وبيعة الرضوان بالحديبية، وخيبر، وفتح مكة، وحنينًا، والطائف، وتبوك، وحجة الوداع، وسائر المشاهد. وأجمع أهل السير على أن أبا بكر، رضى الله عنه، لم يتخلف عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فى مشهد من مشاهده. قال محمد بن سعد: ودفع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رايته العظمى يوم تبوك إلى أبى بكر، وكانت سوداء، وكان فيمن ثبت معه يوم أُحُد ويوم حنين. فصل مختصر فى بعض الأحاديث الصحيحة المصرحة بفضل أبى بكر الصديق ، رضى الله عنه روينا عن البراء بن عازب، رضى الله عنهما، قال: اشترى أبو بكر من عازب رحلاً بثلاثة عشر درهمًا، فقال أبو بكر لعازب: مُر البراء ليحمل إلىَّ الرحل، فقال عازب: لا حتى تحدثنا كيف صنعت أنت ورسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حين خرجتما من مكة والمشركون يطلبونكما، فقال: ارتحلنا من مكة، فأحيينا أو سرينا ليلتنا ويومنا حتى أظهرنا، وقام قائم الظهيرة، فرميت ببصرى هل أرى من ظل نأوى إليه، فإذا صخرة أتيناها، فنظرت بقية ظل لها فسويته، ثم فرشت للنبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فيه، ثم قلت له: اضطجع يا نبى الله، فاضطجع النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. ثم انطلقت أنظر ما حولى هل أرى من الطلب أحدًا، فإذا أنا براعى غنم يسوق غنمه، فسألته فقلت: لمن أنت يا غلام؟ فقال: لرجل من قريش سماه فعرفته، فقلت: هل فى غنمك من لبن؟ قال: نعم، فقلت: هل أنت حالب لبنًا؟ قال: نعم، فأمرته فاعتقل شاة من غنمه، ثم أمرته أن ينفض ضرعها من الغبار، ثم أمرته أن ينفض كفيه فنفض، فحلب لى كتبة من الجزء: 2 ¦ الصفحة: 184 لبن، وقد جعلت لرسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إداوة على فمها خرقة، فصببت على اللبن حتى برد أسفله، فانطلقت به إلى النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فوافقته قد استيقظ، فقلت: اشرب يا رسول الله، فشرب حتى رضيت، ثم قلت: قد آن الرحيل يا رسول الله، قال: "بلى"، والقوم يطلبوننا، فلم يدركنا أحد منهم غير سراقة بن مالك على فرس له، فقلت: يا رسول الله، هذا الطلب قد لحقنا، فقال: "لا تحزن إن الله معناه". رواه البخارى ومسلم روياه أطول من هذا. وعن أنس، عن أبى بكر، رضى الله عنه، قال: قلت للنبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأنا فى الغار: لو أن أحدهم نظر تحت قدمه لأبصرنا، فقال: “ما ظنك يا أبا بكر باثنين الله ثالثهما” (1) ، رواه البخارى ومسلم، وفى رواية: نظرت إلى أقدام المشركين ونحن فى الغار وهم على رءوسنا، فقلت: يا رسول الله، لو أن أحدهم نظر إلى قدميه لأبصرنا، وذكر تمامه. وعن أبى سعيد الخدرى، قال: خطب رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الناس، وقال: “إن الله تبارك وتعالى خير عبدًا بين الدنيا وبين ما عنده، فاختار ذلك العبد ما عند الله”، فبكى أبو بكر، فعجبنا ببكائه أن يخبر رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن عبد خير، فكان رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - المُخَيَّر، وكان أبو بكر هو أعلمنا، فقال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “إن من أمن الناس علىَّ فى صحبته وماله أبا بكر، ولو كنت متخذًا خليلاً غير ربى لاتخذت أبا بكر خليلاً، ولكن إخوة الإسلام ومودته، لا يبقين بباب إلا سد، إلا باب أبى بكر” (2) ، رواه البخارى ومسلم. وعن ابن عمر، قال: كنا نخير بين الناس فى زمن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فنخير أبا بكر، ثم عمر، ثم عثمان. رواه البخارى. وعن ابن عباس، عن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: “لو كنت متخذًا من أمتى خليلاً لاتخذت أبا بكر، ولكن أخى وصاحبى” (3) ، رواه البخارى. وعن ابن جبير بن مطعم، قال: أتت امرأة إلى النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فأمرها أن ترجع إليه، قالت: أرأيت إن جئت ولم أجدك، كأنها تقول: الموت، فقال: “إن لم تجدينى فأتى أبا بكر”، رواه البخارى ومسلم من طرق. وعن عمار، قال: رأيت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وما معه إلا خمسة أعبد وامرأتان وأبو بكر. رواه البخارى. وعن أبى الدرداء، قال: كنت جالسًا عند النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، إذ أقبل أبو بكر آخذًا بطرف ثوبه حتى أبدى عن ركبتيه،   (1) حديث أنس عن أبى بكر: أخرجه أحمد (1/4، رقم 911) ، والبخارى (3/1337، رقم 3453) ، ومسلم (4/1854، رقم 2381) ، والترمذى (5/278، رقم 3096) وقال: حسن صحيح غريب. وأخرجه أيضا: ابن أبى شيبة (6/348، رقم 31929) ، وعبد بن حميد (ص 30، رقم 2) ، وأبو يعلى (1/68، رقم 66) ، وابن جرير فى التفسير (10/136) . (2) أخرجه أحمد (3/18، رقم 11150) ، والبخارى (1/177، رقم 454) ، ومسلم (4/1854، رقم 2382) . (3) أخرجه مسلم (4/1854، رقم 2382) ، والترمذى (5/608، رقم 3660) وقال: حسن صحيح. وأخرجه أيضًا: البخارى (3/1417، رقم 3691) ، وابن حبان (15/276، رقم 6861) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 185 فقال النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “أما صاحبكم فقد غامر فسلم”، وقال: إنى كان بينى وبين ابن الخطاب شىء، فأسرعت إليه، ثم قدمت فسألته أن يغفر لى فأبى علىَّ، فأقبلت إليك، فقال: “يغفر الله لك يا أبا بكر” ثلاثًا، ثم أن عمر ندم فأتى منزل أبى بكر، فسأل أيم أبو بكر، فقالوا: لا، فأتى النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فجعل وجه النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يتمعر حتى أشفق أبو بكر، فجثا على ركبتيه، فقال: يا رسول الله، أنا والله كنت أظلم مرتين، فقال النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “إن الله تعالى بعثنى إليكم فقلتم كذبت، وقال أبو بكر: صدقت، وواسانى بنفسه وماله، فهل أنتم تاركوا لى صاحبى”، مرتين، فما أدرى بعدها. رواه البخارى. قوله: تمعر بالعين المهملة: تغير. وعن عمرو بن العاص، أن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعثه على جيش ذات السلاسل، فأتيته فقلت: أى الناس أحب إليك؟ فقال: “عائشة”، فقلت: من الرجال، فقال: “أبوها”، فقلت: ثم من؟ قال: “عمر بن الخطاب”، فعدَّ رجالاً، رواه البخارى ومسلم. وعن أبى هريرة، قال: سمعت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: بينما راع فى غنمه عدا عليه الذئب، فأخذ منها شاة، فطلبه الراعى فالتفت إليه الذئب، فقال: من لها يوم السبع، يوم ليس لها راع غيرى، وبينما رجل يسوق بقرة قد حمل عليها، فالتفتت إليه فكلمته، فقالت: إنى لم أخلق لهذا، ولكنى خلقت للحرث، فقال الناس: سبحان الله، فقال النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “أؤمن بذلك، وأبو بكر، وعمر”، رواه البخارى ومسلم من طرق، وفى بعضها: وما ثم أبو بكر وعمر، أى لم يكونا فى المجلس، فشهد لهما بالإيمان بذلك لعلمه بكمال إيمانهما. وعن ابن عمر، قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “مَن جَرَّ ثوبه خُيَلاَء لم ينظر الله إليه يوم القيامة” (1) ، فقال أبو بكر: إن أحد شقى ثوبى يسترخى، إلا أن أتعاهد ذلك منه، فقال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “إنك لست تصنع ذلك خيلاء”، رواه البخارى. وعن أبى هريرة، قال: سمعت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: “من أنفق زوجين من شىء من الأشياء فى سبيل الله دُعى من أبواب الجنة: يا عبد الله، هذا خير، فمن كان من أهل الصلاة دُعى من باب الصلاة، ومن كان من أهل الجهاد دُعى من باب الجهاد، ومن كان من أهل الصدقة دُعى من باب الصدقة، ومن كان من أهل الصيام دُعى من باب الريان”، فقال أبو بكر: ما على من يُدعى من تلك الأبواب من ضرورة، هل يُدعى منها كلها أحد يا رسول الله؟ قال: “نعم، وأرجو أن تكون منهم يا أبا بكر”، رواه   (1) أخرجه أحمد (2/33، رقم 4884) ، والبخارى (3/1340، رقم 3465) ، ومسلم (3/1652، رقم 2085) ، وأبو داود (4/56، رقم 4085) ، والترمذى (4/223، رقم1730) وقال: حديث - حسن صحيح -. والنسائى (8 /206، رقم 5328) ، وابن ماجه (2/1181، رقم 3569) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 186 البخارى ومسلم. وعن أنس، أن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صعد أُحُدًا، وأبو بكر، وعمر، وعثمان، فرجف بهم، فقال: “اثبت أُحُد، فإنما عليك نبى وصديق وشهيدان”. رواه البخارى. وعن أبى موسى الأشعرى فى حديثه الطويل: حين دخل النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بئر أريس، قال: جلست عند الباب، فقلت: لأكونن بواب رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اليوم، فجاء أبو بكر، فقلت: يا رسول الله، هذا أبو بكر يستأذن، فقال: “ائذن له وبشره بالجنة ... ” وذكر الحديث، رواه البخارى ومسلم. وعن عروة بن الزبير، قال: سألت عبد الله بن عمرو بن العاص عن أشد ما صنع المشركون برسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال: رأيت عقبة بن أبى معيط جاء إلى النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو يصلى، فوضع رداءه فى عنقه، فخنقه به خنقًا شديدًا، فجاء أبو بكر حتى دفعه عنه، فقال: أتقتلون رجلاً أن يقول ربى الله، وقد جاءكم بالبينات من ربكم. رواه البخارى. وعن أبى هريرة، قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “من أصبح منكم اليوم صائمًا؟ ”، قال أبو بكر: أنا، قال: “فمن تبع منكم اليوم جنازة؟ ”، قال أبو بكر: أنا، قال: “فمن أطعم اليوم منكم مسكينًا؟ ”، قال أبو بكر: أنا، قال: “فمن عاد منكم اليوم مريضًا؟ ”، قال أبو بكر: أنا، فقال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “ما اجتمعن فى امرىء إلا دخل الجنة”. رواه مسلم. وعن عائشة قالت: قال لى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فى مرضه: “ادعى لى أبا بكر أباك وأخاك حتى أكتب كتابًا، فإنى أخاف أن يتمنى متمن ويقول قائل: أنا أولى، ويأبى الله المؤمنون إلا أبا بكر”. رواه مسلم. وعن ابن أبى مليكة، قال: سمعت عائشة، رضى الله عنها، وسُئلت: مَن كان رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مستخلفًا لو استخلفه؟ فقالت: أبا بكر، فقيل لها: مَن بعد أبى بكر؟ قالت: عمر، قيل لها: مَن بعد عمر؟ قال: أبو عبيدة بن الجراح، ثم انتهت إلى هذا. رواه مسلم. وعن محمد بن على بن أبى طالب، قال: قلت لأبى: أى الناس خير بعد رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ قال: أبو بكر، قلت: ثُم مَن؟ قال: عمر، وخشيت أن يقول عثمان، قلت: ثم أنت؟ قال: ما أنا إلا رجل من المسلمين. رواه البخارى. وعن أبى موسى الأشعرى، قال: مرض النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فاشتد مرضه، فقال: “مروا أبا بكر فليصل بالناس”، قالت عائشة: يا رسول الجزء: 2 ¦ الصفحة: 187 الله، إنه رجل رقيق القلب، إذا قام مقامك لم يستطع أن يصلى بالناس، فقال: مرى أبا بكر فليصل بالناس، فعادت فقال: “مرى أبا بكر فليصل بالناس، فإنكن صواحب يوسف”، فأتاه الرسول فصلى بالناس فى حياة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. رواه البخارى ومسلم، وقد روياه من رواية عائشة أيضًا بأطول من هذا. وعن أنس، أن أبا بكر كان يصلى بهم فى وجع النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الذى توفى فيه، وذكر الحديث بطوله. رواه البخارى ومسلم. وعن أبى هريرة، أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان على حراء هو وأبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلى، وطلحة، والزبير، فتحركت الصخرة، فقال النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “اهدأ فما عليك إلا نبى أو صديق أو شهيد”، رواه مسلم. وعن حذيفة، قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “اقتدوا بالذين من بعدى أبى بكر وعمر”. رواه الترمذى، وقال: حديث حسن. وعن أنس، قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأبى بكر وعمر: “هذان سيدا كهول أهل الجنة من الأولين والآخرين، إلا النبيين والمرسلين”. رواه الترمذى، وقال: حديث حسن غريب. وعن أبى سعيد الخدرى، قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “ما من نبى إلا وله وزيران من أهل السماء ووزيران من أهل الأرض، فأما وزيراى من أهل السماء فجبرائيل وميكائيل، وأما وزيراى من أهل الأرض فأبو بكر وعمر”. رواه الترمذى، وقال: حديث حسن. وعن سعد بن زيد، قال: سمعت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: “أبو بكر فى الجنة، وعمر فى الجنة، وعثمان فى الجنة، وعلى فى الجنة”، وقد ذكر تمام العشرة، وقد سبق بطوله فى ترجمة عمر بن الخطاب. رواه أبو داود، والترمذى، والنسائى، وغيرهم، وقال الترمذى: هو حديث حسن صحيح. وعن أبى هريرة، قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “أتانى جبريل فأخذ بيدى، فأرانى باب الجنة الذى يدخل منه أمتى”، فقال أبو بكر: يا رسول الله، وددت أنى كنت معك حتى أنظر إليه، فقال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “أما إنك يا أبا بكر أول مَن يدخل الجنة من أمتى” (1) ، رواه أبو داود. وعن عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، قال: أبو بكر سيدنا وخيرنا وأحبنا إلى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. رواه الترمذى، وقال: حديث حسن صحيح. وعن عبد الله بن شقيق، قال: قلت لعائشة: أى أصحاب رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان أحب   (1) أخرجه أبو داود (4/213، رقم 4652) ، والحاكم (3/77، رقم 4444) وقال: صحيح على شرط الشيخين. ووافقه الذهبى. وأخرجه أيضًا: عبد الله بن أحمد فى زوائد فضائل الصحابة (1/221، رقم 258) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 188 إلى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ قالت: أبو بكر، قلت: ثُم مَن؟ قالت: ثم عمر، قلت: ثُم مَن؟ قالت: أبو عبيدة بن الجراح، قلت: ثُم مَن؟ فسكتت. رواه الترمذى، والنسائى، وابن ماجة، وقال الترمذى: حديث صحيح. وعن أبى هريرة، قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “ما لأحد عندنا يد إلا وقد كافأناه، ما خلا أبا بكر، فإن له عندنا يدًا يكافيه الله عز وجل بها يوم القيامة، وما نفعنى مال أحد قط ما نفعنى مال أبى بكر، ولو كنت متخذًا خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً، ألا وإن صاحبكم خليل الله” (1) . رواه الترمذى، وقال: حديث حسن. وعن ابن عمر، أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال لأبى بكر: “أنت صاحبى على الحوض، وصاحبى فى الغار” (2) . رواه الترمذى، وقال: حديث حسن. وعن عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، قال: أمرنا رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن نتصدق، فوافق ذلك مالاً عندى، فقلت: اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يومًا، فجئت بنصف مالى، فقال لى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “ما أبقيت لأهلك؟ ”، فقلت: مثله، وأتى أبو بكر بكل ما عنده، فقال: “يا أبا بكر، ما أبقيت لأهلك؟ ”، فقال: أبقيت لهم الله ورسوله، فقلت: لا أسبقه إلى شىء أبدًا. رواه أبو داود فى كتاب الزكاة، والترمذى فى المناقب، وقال: هو حديث صحيح. وعن عائشة، أن أبا بكر دخل على رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقال: “أنت عتيق الله من النار” (3) ، فيومئذ سُمى عتيقًا. رواه الترمذى، وقال: غريب. وعن على، رضى الله عنه، وسُئل عن أبى بكر، فقال: سماه الله صديقًا على لسان جبريل ولسان محمد - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، كان خليفة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فى الصلاة، رضيه لديننا فرضيناه لدنيانا. وروينا بالإسناد الصحيح فى سنن أبى داود، عن سفيان الثورى، قال: الخلفاء خمسة: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلى، وعمر بن عبد العزيز، وأنه قال: مَن قال: إن عليًا كان أحق بالولاية من أبى بكر وعمر، فقد خطأ أبا بكر وعمر والمهاجرين والأنصار، وما أراه يرتفع له مع هذا عمل إلى السماء. ومناقب الصديق، رضى الله عنه، لا يمكن استقصاؤها ولا الإحاطة بعشر معشارها، إنما ذكرت هذه الأحرف تبركًا للكتاب بذكره، رضى الله عنه.   (1) أخرجه مسلم (1/377، رقم 532) ، والنسائى فى الكبرى (6/328، رقم 11123) ، وأبو عوانة (1/334، رقم 1192) ، وابن حبان (14/334، رقم 6425) . (2) حديث ابن الزبير: أخرجه أحمد (4/4، رقم 16152) ، والبخارى (3/1338، رقم 3458) . حديث ابن عباس: أخرجه البخارى (3/1338، رقم 3456) . (3) أخرجه الحاكم (2/450، رقم 3557) وقال: صحيح الإسناد. وابن عساكر (25/83) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 189 فصل فى علمه وزهده وتواضعه استدل أصحابنا على عظم علمه بقوله، رضى الله عنه، فى الحديث الثابت فى الصحيحين أنه قال: والله لأقتلن من فرَّق بين الصلاة والزكاة، والله لو منعوني عقالاً كانوا يؤدونه إلى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لقاتلتهم على منعه. واستدل الشيخ أبو إسحاق بهذا وغيره فى طبقاته على أن أبا بكر الصديق، رضى الله عنه، أعلم الصحابة؛ لأنهم كلهم وقفوا عن فهم الحكمة من المسألة إلا هو، ثم ظهر لهم بمباحثته لهم أن قوله هو الصواب، فرجعوا إليه. وروينا عن ابن عمر أنه سُئل: من كان يفتى الناس فى زمن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ فقال: أبو بكر، وعمر، وما أعلم غيرهما. وقد سبق قريبًا حديث أبى سعيد فى الصحيحين، قال: وكان أبو بكر أعلمنا. وروينا عن عائشة، رضى الله عنها، قالت: كان لأبى بكر الصديق غلام يخرج له الخراج، وكان أبو بكر يأكل من خراجه، فجاء يومًا بشىء، فأكل منه أبو بكر، فقال له الغلام: تدرى ما هذا؟ قال أبو بكر: وما هذا؟ قال: كنت تكهنت لإنسان فى الجاهلية وما أحسن الكهانة إلا أنى خدعته، فلقينى فأعطانى لذلك هذا الذى أكلت منه، فأدخل أبو بكر يده فقاء كل شىء فى بطنه. رواه البخارى. والخراج: شىء يجعله السيد على عبده يؤديه إلى السيد كل يوم، وباقى كسبه يكون للعبد، وكان رضى الله عنه إذا مدح يقول: اللهم أنت أعلم بى من نفسى، وأنا أعلم بنفسى منهم، اللهم اجعلنى خيرًا مما يظنون، واغفر لى ما لا يعلمون، ولا تؤاخذنى بما يقولون. وقيل له فى مرضه: ألا ندعوا لك طبيبًا؟ قال: قد نظر إلىَّ، قالوا: ما قال لك؟ قال: قال: إنى فعَّال لما أريد. وروينا فى تاريخ دمشق، عن هشام بن عروة، عن أبيه، قال: أسلم أبو بكر وله أربعون ألفًا، فأنفقها فى سبيل الله. وفيه عن خبيب، بضم الخاء المعجمة، عن عبد الرحمن، عن عمته أنيسة، قالت: نزل فينا أبو بكر سنتين قبل أن يُستخلف وسنة بعد استخلافه، فكان الجزء: 2 ¦ الصفحة: 190 جوارى الحى تأتينه بغنمهن فيحلبهن لهن. وذكر محمد بن سعد وغيره بإسنادهم أنه كان يحلب لأهل الحى المنائحهم، فلما استخلف قالت جارية من الحى: الأن لا يحلب لنا، فقال: بلى، لأحلبنهما لكم، وإنى أرجو أن لا يغيرنى ما دخلتى فيه عن خُلُق كنت عليه، فكان بعد الخلافة يحلب لهم. فصل استخلافه أجمعت الأمة على صحة خلافته وقدمته الصحابة، رضى الله عنهم، لكونه أفضلهم وأحقهم بها من غيره، وحديث بيعته مشهور فى الصحيحين معروف، وقد قال على، رضى الله عنه: قدم رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أبا بكر يصلى بالناس وأنا حاضر غير غائب، وصحيح غير مريض، ولو شاء أن يقدمنى لقدمنى، فرضينا لدنيانا من رضيه الله ورسوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لديننا. فصل ولد أبو بكر، رضى الله عنه، بعد الفيل بثلاث سنين تقريبًا، وهو أول خليفة فى الإسلام، وأول أمير أرسل على الحج، حج بالناس سنة تسع من الهجرة، وحديثه فى الصحيحين، وهو من كبار الصحابة الذين حفظوا القرآن كله. قالوا: ولا يعرف خليفة ورثه أبوه إلا هو، فإن أباه توفى بعده بنحو ستة أشهر، وهو أفضل الكُتاب لرسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وأول الخلفاء الراشدين وأفضلهم، وأول من عهد بالخلافة. والصحيح أنه توفى وله ثلاث وستون سنة كرسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وعمر بن الخطاب، رضى الله عنه، توفى آخر يوم الاثنين. 728 - أبو بكر الأودنى: من أصحابنا أصحاب الوجوه، ذكره فى الوسيط فى الخيار فى البيع، وأواخر الباب الأول من كتاب الإقرار، وفى كتاب الكفارات، وتكرر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 191 ذكره فى الروضة كثيرًا، وهو بإسكان الواو، وكسر الدال المهملة، وبعدها نون، ثم ياء النسب، وأما الهمزة فى أوله، فقال السمعانى فى الأنساب: هى مضمومة، وذكر ابن ماكولا بفتح الهمزة، وكذا رأيتها فى نسخة معتمدة من المؤتلف والمختلف فى أسماء الأماكن مفتوحة، ولكن لم ينص على فتحها فى الكتاب، إلا أن ترجمته وسياق كلامه يقتضى الفتح، وذكرها الشيخ أبو عمرو بن الصلاح بالفتح، ولم يذكر الضم، وهو منسوب إلى أودنة قرية من قرى بخارا. واسمه محمد بن عبد الله بن محمد بن بصير، بباء موحدة مفتوحة، ابن ورقة. قال الحاكم فى تاريخ نيسابور: محمد بن عبد الله بن محمد الفقيه أبو بكر البخارى ثم الأودنى، إمام الشافعيين بما وراء النهر فى عصره بلا مدافعة. قال: وكان من أزهد الفقهاء وأورعهم، وأكثرهم اجتهادًا فى العبادة، وأبكاهم على تقصيره، وأشدهم تواضعًا وإخياتا وإنابة. قال: وتوفى ببخارا سنة خمس وثمانين وثلاثمائة، رحمه الله. سمع الحديث ببخارا من يعقوب بن يوسف العاصمى وأقرانه، وبنسف من الهيثم ابن كليب وغيره. روى عنه الحاكم أبو عبد الله وغيره. ومن غرائب الأودنى ما حكيته عنه فى الروضة أنه قال: يحرم الربا فى كل شىء، فلا يجوز بيع مال بجنسه متفاضلاً، سواء المطعوم، والمكيل، والموزون، وغيره، وهو شاذ مردود. 729 - أبو بكر الحازمى (1) : المتأخر الحافظ، اسمه محمد بن موسى بن عثمان بن موسى بن عثمان بن حازم الحازمى، أحد الحفاظ المحققين المطلعين، له مصنفات نافعة، منها الناسخ والمنسوخ فى الحديث، لم يصنف فيه مثله، ومنها العجالة فى الأنساب، سمعتها على صاحب صاحبه، ومنها المؤتلف فى أسماء الأماكن، وكان قد شرع فى تخريج أحاديث المهذب، فبلغ أثناء كتاب الصلاة ولم يتمه، وله غير ذلك من المصنفات النفيسة، سمع أبا موسى الأصبهانى وطبقته من أصحاب أبى على الحداد، وغيرهم. 730 - أبو بكر بن الحداد المصرى (2) : من أئمة أصحابنا أصحاب الوجوه، تكرر فى المهذب والروضة كثيرًا. هو أبو بكر محمد بن أحمد القاضى المصرى، صاحب الفروع، وهو من نظار أصحابنا وكبارهم ومتقدميهم فى العصر والمرتبة، أخذ الفقه   (1) انظر: وفيات الأعيان (4/294، 295) برقم (597) ، والتكملة لوفيات النقلة (1/89 - 92) برقم (45) ، والمختصر المحتاج إليه (1/144، 145) ، وسير أعلام النبلاء (21/167 - 172) برقم (84) ، ومرآة الجنان (3/429) ، والوافى بالوفيات (5/88) ، والنجوم الزاهرة (6/109) .. (2) انظر: طبقات فقهاء ابلشافعية للعبادى (1/132) وطبقات الفقهاء للشيرازى (93) والأنساب لابن السمعانى (4/71، 72) والمنتظم (6/379) والولاة والقضاة للكندى (551 - 557) ووفيات الأعيان (3/336) وسير أعلام النبلاء (15/445 - 451) وتذكرة الحفاظ (3/899) ومرآة الجنان (2/336) والبداية والنهاية (11/229، 230) والوافى بالوفيات (2/69) وطبقات الشافعية الكبرى للسبكى (3/79 - 98) وطبقات الشافعية لابن قاضى شهبة (1/132، 133) والنجوم الزاهرة (3/313) ومعجم المؤلفين (8/320) والأعلام (2/310) .. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 192 عن أبى إسحاق المروزى، وكان إمامًا فى الفقه والعربية، وانتهت إليه إمامة مصر فى عصره. قال الشيخ أبو إسحاق: كان فقيهًا، مدققًا، وفروعه تدل على فضله. قال: وتوفى سنة خمس وأربعين وثلاثمائة. قلت: واعتنى الأئمة بشرح فروعه، فممن شرحه من أعلام أصحابنا القفال المروزى، والقاضى أبو الطيب، وأبو على السنجى، بكسر السين المهملة وبالجيم. 731 - أبو بكر السالوسى: من أصحابنا أصحاب الوجوه، مذكور فى الروضة فى الإجارة، وفى الاستيجار للقراءة، هو بالسين المهملة المكررة. 732 - أبو بكر الشاشى: المتأخر، تكرر فى الروضة، سيأتى فى الأنساب إن شاء الله تعالى. 733 - أبو بكر الصبغى: من أصحابنا أصحاب الوجوه، تكرر ذكره فى الروضة، فذكره فى آخر صلاة الجماعة، ثم فى صلاة الكسوف وغيره، وهو بكسر الصاد المهملة وإسكان الباء الموحدة وبالغين المعجمة، وهو أحد أئمة أصحابنا أصحاب الوجوه البارعين الجامعين بين الحديث والفقه. قال أبو سعد السمعانى: هو أبو بكر أحمد بن إسحاق بن أيوب بن يزيد بن عبد الرحمن الصبغى، أحد العلماء المشهورين بالفضل والعلم الواسع من أهل نيسابور، سمع بنيسابور إسماعيل بن قتيبة السلمى، وبالرى يعقوب بن يوسف القزوينى، وببغداد الحارث بن أبى أسامة، وبالبصرة همام بن على، وبواسط محمد بن عيسى بن السكن، وبمكة على بن عبد العزيز، وجماعة كثيرة. قال: وشمائله وفضائله أكثر من أن يسعها هذا الموضع، كانت ولادته فى رجب سنة ثمان وخمسين ومائتين، وتوفى فى شعبان سنة ثنتين وأربعين وثلاثمائة، هذا كلام السمعانى فى الأنساب. 734 - أبو بكر الصيرفى: من أئمة أصحابنا المتقدمين أصحاب الوجوه والمصنفين البارعين، اسمه محمد بن عبد الله. قال الخطيب البغدادى فى تاريخ بغداد: كان الصيرفى فهمًا، عالمًا، له تصانيف فى أصول الفقه، وسمع الحديث من أحمد المنصور الجزء: 2 ¦ الصفحة: 193 الرمادى، ومن بعده لكنه لم يرو كبير شىء. قال: وتوفى يوم الخميس لثمان بقين من شهر ربيع الآخر سنة ثلاثين وثلاثمائة. قال السمعانى فى الأنساب: هو بغدادى، فهم، عالم، ذكى. وقال غيرهما: كان إمامًا، بارعًا، متفننًا، وله مصنفات فى الأصول وغيره، وله وجوه كثيرة فى المهذب، ومن غرائبه إيجابه الحد على من وطىء فى النكاح بلا ولى إذا كان يعتقد تحريمه، والجمهور قالوا: لا حد. 735 - أبو بكر الطوسى: من أصحابنا أصحاب الوجوه، مذكور فى الروضة فى الإجارة. هو منسوب إلى طوس، بضم الطاء المهملة، مدينة معروفة بخراسان. قال السمعانى فى الأنساب: هذه نسبة إلى بلدة بخراسان، يقال له: طوس، وهى محتوية على بلدتين يقال لإحداهما: طابران، وللأخرى: نوقان. قال: ولهما أكثر من ألف قرية، وكان فتحها فى خلافة عثمان بن عفان، رضى الله عنه، على يد عبد الله بن عامر بن كريز سنة تسع وعشرين من الهجرة، خرج منها جماعة من العلماء والمحدثين قديمًا وحديثًا، واسم أبى بكر الطوسى هذا [ ...... ] (1) . 736 - أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم القريشى المخزومى المدنى التابعى (2) : أحد فقهاء المدينة السبعة، مذكور فى المهذب فى أواخر كتاب الصيام، وفى الخيار فى النكاح فى خيار الأمة إذا أعتقت تحت عبد، وتكرر فى المختصر، قيل: اسمه محمد، وكنيته أبو بكر، وقيل: اسمه أبو بكر، وكنيته أبو عبد الرحمن، والصحيح أن اسمه كنيته، سمع أباه عبد الرحمن الصحابى، وأبا مسعود البدرى، وأبا هريرة، وعائشة، وأم سلمة، وأسماء بنت عميس، وأم معقل الأسدية، ومروان بن الحكم، وغيرهم. روى عنه مجاهد، وعكرمة بن خالد، وعمر بن عبد العزيز، والشعبى، وعمرو بن دينار، والزهرى، وعبد ربه بن سعيد، والحكم بن عتيبة، بالتاء المثناة فوق وآخره باء موحدة، وسمى مولاه، وجامع بن شداد، وابناه عبد الله وعبد الملك ابنا أبى بكر، وعبد الواحد بن أيمن، وعبد الله بن كعب الحميرى، وآخرون. قال محمد بن سعد: ولد أبو بكر هذا فى خلافة عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، وكان يقال له: راهب قريش، لكثرة صلاته، وكان   (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. (2) انظر: الجرح والتعديل (9/336) ، وحلية الأولياء (2/187، 188) ، وطبقات ابن سعد (5/207) ، وصفة الصفوة (2/92) ، وتاريخ ابن معين (2/695) ، والتاريخ الكبير (9/9) ، وسير أعلام النبلاء (4/416 - 419) برقم (165) ، والبداية والنهاية (9/115) ، وتهذيب التهذيب (12/30 - 32) ، وتقريب التهذيب (2/398) ، وتذكرة الحفاظ (1/63، 64) ، ومرآة الجنان (1/198) ، ووفيات الأعيان (1/282، 283) .. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 194 مكفوفًا، واستصغر يوم الجمل هو وعروة بن الزبير فردًا. قال: وكان ثقة، فقيهًا، عالمًا، عاقلاً، سخيًا، كثير الحديث. قال ابن خراش: أبو بكر هذا أحد أئمة المسلمين. قال: هو وإخوته، عمر، وعكرمة، وعبد الله بنو عبد الرحمن بن الحارث كلهم ثقات، جلة، يُضرب بهم المثل، روى الزهرى عنهم كلهم إلا عمر، توفى أبو بكر بالمدينة. قال يحيى بن بكير: سنة أربع أو خمس وتسعين من الهجرة. وقال على بن المدينة: سنة ثلاث وتسعين. وقال الواقدى: سنة أربع. قال: وكان يقال لها: سنة الفقهاء؛ لكثرة من مات فيها منهم. 737 - أبو بكر الفارسى: من أئمة أصحابنا وكبارهم ومتقدميهم وأعلامهم، تكرر ذكره فى الروضة. هو الإمام أبو بكر أحمد بن الحسين بن سهل الفارسى، ذو المصنفات الباهرة، والفضائل المتظاهرة، تفقه على ابن العباس بن سريج، ومن غرائب أبى بكر الفارسى قوله: لا يحل صيد الكلب الأسود، وهو مذهب أحمد والمشهور لأصحابنا وغيرهم حِلَّهُ. 738 - أبو بكر بن لال: من أصحابنا أصحاب الوجوه، هو بلام ألف، ثم لام على وزن مال، وهو مذكور فى الروضة فى الفرائض، وميراث الأخوة. هو الإمام أبو بكر أحمد بن على بن أحمد بن لال الهمذانى، هكذا نسبه الشيخ أبو إسحاق فى الطبقات. قال: ولد سنة سبع وثلاثمائة، وتوفى سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة. قال: حكى لى سبطه أبو سعيد أنه أخذ الفقه عن أبى إسحاق المروزى، وأبى على بن أبى هريرة، وكان ورعًا متعبدًا، أخذ عنه فقهاء همذان، ومن غرائب ابن لال أنه حكى قولاً للشافعى أن الإخوة من الأبوين يسقطون فى مسألة المشركة، وبه قال ابن اللبان، وأبو منصور البغدادى، وهما من أئمة أصحابنا، وأئمة الناس فى الفرائض، والمشهور أنهم يشاركون أولاد الأم. 739 - أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم (1) : تكرر فى المهذب، فذكره فى صلاة العيدين فى باب التكبير فى العيد، وفى أول النكاح، وأول الخيار، وفى الديات. وذكره فيها   (1) انظر: الجرح والتعديل (9/337) ، والتاريخ الكبير (9/10) ، وطبقات ابن سعد (8/480) ، وتقريب التهذيب (2/399) ، وتهذيب التهذيب (12/38) .. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 195 كلها على الصواب، إلا باب التكبير فى العيد فغيره فيه، فقال: عن عبد الله بن محمد بن أبى بكر بن عمرو بن حزم، فقدم فى نسبه وأخر، وهذا غلط من كاتب أو سبق قلم بلا شك، وصوابه: عن عبد الله بن أبى بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، وكذا وقع فى بعض النسخ فى هذا الموضع، ولكن أكثرها أو كثيرها مغير عن الصواب كما ذكرته، والصواب: أبو بكر بن محمد بن عمرو ابن حزم، وهو أنصارى مدنى من تابعى التابعين، وثقات المسلمين وأئمتهم، يقال: اسمه كنيته لا اسم له غيرها، ويقال: اسمه أبو بكر، وكنيته أبو محمد، فكان للكنية كنية. قال الخطيب البغدادى: لا نظير له فى هذا إلا أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام كما سبق فى ترجمته أنه يقال: اسمه أبو بكر، وكنيته أبو عبد الرحمن. وسمع أبو بكر بن حزم هذا أباه، وعمر بن عبد العزيز، والقاسم بن محمد، وعباد بن تميم، وعمرو ابن سليم، وعمرة بنت عبد الرحمن، وغيرهم. روى عنه ابناه محمد، وعبد الله، وعمرو بن دينار، والزهرى، ويحيى الأنصارى، ويزيد بن عبد الله بن أسامة، وأبو بكر بن نافع، وإسحاق بن يحيى بن طلحة، والأوزاعى، والحجاج بن أرطأة، وآخرون. واتفقوا على توثيقه، وإمامته، وجلالته، ولوه القضاء والأمرة والموسم فى زمن سليمان بن عبد الملك، وعمر بن عبد العزيز. قال محمد بن سعد: أمه كبشة، وخالته عمرة بنت عبد الرحمن الراوية عن عائشة، وكان ثقى، كثير الحديث، توفى بالمدينة سنة عشرين ومائة، وهو ابن أربع وثمانين سنة. 740 - أبو بكر المحمودى: من أئمة أصحابنا أصحاب الوجوه، مذكور فى الوسيط فى باب الحيض، وتكرر فى الروضة، ولا ذكر له فى المهذب. هو أبو بكر [ ...... ] (1) . 741 - أبو بكر بن المنذر (2) : الإمام المشهور، أحد أئمة الإسلام، تكرر ذكره كثيرًا فى الروضة، وذكره فى المهذب فى صفة الصلاة فى رفع اليدين فى تكبيرات الانتقالات. هو الإمام أبو بكر محمد بن إبراهيم بن المنذر النيسابورى، المُجمع على إمامته، وجلالته، ووفور علمه، وجمعه بين التمكن فى علمى الحديث والفقه، وله المصنفات المهمة النافعة فى الإجماع والخلاف، وبيان مذاهب العلماء، منها الأوسط، والإشراف،   (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. (2) طبقات الفقهاء للشيرازى (108) ووفيات الأعيان (4/207) وسير أعلام النبلاء (14/490 - 492) وميزان الإعتدال (3/450، 451) وتذكرة الحفاظ (3/782، 783) والوافى بالوفيات (1/336) ومرآة الجنان (2/261، 262) وطبقات الشافعية الكبرى للسبكى (3/102 - 108) والعقد الثمين (1/407، 408) وطبقات الشافعية لابن قاضى شهبة (1/99) ولسان الميزان (5/27، 28) وتاريخ ابن الوردى (2/50، 51) والأعلام (6/184) ومعجم المؤلفين (8/330) .. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 196 وكتاب الإجماع، وغيرها. واعتماد علماء الطوائف كلها فى نقل المذاهب ومعرفتها على كتبه، وله من التحقيق فى كتبه ما لا يقاربه أحد، وهو فى نهاية من التمكن فى معرفة صحيح الحديث وضعيفه، وله عادات جميلة فى كتابه الإشراف، أنه إن كان فى المسألة حديث صحيح، قال: ثبت عن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كذا، أو صح عنه كذا، وإن كان فيها حديث ضعيف قال: روينا، أو يروى عن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كذا، وهذا الأدب الذى سلكه هو طريق حذاق المحدثين، وقد أهمله أكثر الفقهاء وغيرهم من أصحاب باقى العلوم. ثم له من التحقيق ما لا يدانا فيه، وهو اعتماده ما دلت عليه السنة الصحيحة عمومًا أو خصوصًا بلا معارض، فيذكر مذاهب العلماء، ثم يقول فى أحد المذاهب: وبهذا أقول، ولا يقول ذلك إلا فيما كانت صفته كما ذكرته، وقد يذكر دليله فى بعض المواضع، ولا يلتزم التقيد فى الاختيار بمذهب أخد بعينه، ولا يتعصب لأحد، ولا على أحد على عادة أهل الخلاف، بل يدور مع ظهور الدليل ودلالة السنة الصحيحة، ويقول بها مع مَن كانت، ومع هذا فهو عند أصحابنا معدود من أصحاب الشافعى، مذكور فى جميع كتبهم فى الطبقات. وذكره الشيخ أبو إسحاق الشيرازى صاحب المهذب فى كتابه طبقات الفقهاء فى أصحاب الشافعى، فقال: صنف فى اختلاف العلماء كُتبًا لم يصنف أحد مثلها. قال: واحتاج إلى كتبه الموافق والمخالف. قال: ولا أعلم عمن أخذ الفقه. قال: وتوفى بمكة سنة تسع أو عشر وثلاثمائة، رحمه الله. 742 - أبو بكر النيسابورى (1) : من أئمة أصحابنا أصحاب الوجوه المتقدمين، مذكور فى المهذب فى آخر باب التفليس. قال الشيخ أبو إسحاق فى الطبقات: هو أبو بكر عبد الله بن محمد بن زياد بن واصل بن ميمون النيسابورى، ولد سنة ثمان وثلاثين ومائتين، وتوفى سنة أربع وعشرين وثلاثمائة. قال: وهو مولى أبان بن عثمان بن عفان، وسكن بغداد، وكان زاهدًا، بقى أربعين سنة لم ينم الليل يصلى الصبح بطهارة العشاء. قال: وجمع بين الفقه والحديث، وله زيادات على كتاب المزنى.   (1) انظر: تاريخ بغداد (10/120 - 122) وطبقات الفقهاء للشيرازى (113) والإكمال لابن ماكولا (2/259) والمنتظم (6/286، 287) والمختصر فى أخبار البشر (2/84) وسير أعلام النبلاء (15/65 - 68) وتذكرة الحفاظ (3/819 - 821) وطبقات الشافعية الكبرى للسبكى (3/310 - 314) ومرآة الجنان (2/288، 289) والبداية والنهاية (1/186) وتهذيب التهذيب (5/132) والنجوم الزاهرة (3/259) .. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 197 قال الدارقطنى: ما رأيت أحفظ منه. وقال الدارقطنى أيضًا: كنا ببغداد فى مجلس فيه جماعة من الحفاظ يتذاكرون، فجاء رجل من الفقهاء فسألهم: من روى عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "جُعلت لى الأرض مسجدًا وجُعلت تربتها طهورًا"؟ فقالت الجماعة: روى هذا الحديث عنه فلان وفلان، فقال السائل: أريد هذه اللفظة، فلم يكن عند أحد منهم جواب، ثم قالوا: ليس لنا غير أبى بكر النيسابورى، فقاموا كلهم إليه، فسألوه عن هذه اللفظة، فقال: نعم، حدثنا فلان، عن فلان، وساق فى الوقت الحديث من حفظه، واللفظ فيه هذا آخر ما ذكره الشيخ أبو إسحاق، واتفق العلماء على توثيق أبى بكر هذا والثناء عليه، وأكثر الدارقطنى الرواية عنه فى سننه. * * * باب أبى بكرة بالهاء فى آخره 743 - أبو بكرة الصحابى، رضى الله عنه (1) : تكرر فى هذه الكُتب، اسمه نفيع بن الحارث بن كلدة، بكاف ولام مفتوحتين، ابن عمرو بن علاج بن أبى سلمة، وهو عبد العزى بن غيرة، بكسر الغين المعجمة، ابن عوف بن قسى، بفتح القاف وكسر السين المهملة، وهو ثقيف بن منبه الثقفى البصرى، وأمه سمية أمة للحارث بن كلاه، وهى أيضًا أم زياد بن أبيه، وإنما كنى أبا بكرة؛ لأنه تدلى من حصن الطائف إلى النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ببكرة، وكان أسلم وعجز عن الخروج من الطائف إلا هكذا. رُوى له عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مائة حديث واثنان وثلاثون حديثًا، اتفق البخارى ومسلم منها على ثمانية أحاديث، وانفرد البخارى بخمسة، ومسلم بحديث. روى عنه ابناه عبد الرحمن ومسلم، وربعى بن خراش، والحسن البصرى، والأحنف، وكان أبو بكرة من الفضلاء الصالحين، ولم يزل على كثرة العبادة حتى توفى، وكان أولاده أشرافًا بالبصرة فى كثرة العلم والمال الولايات. قال الحسن البصرى: لم يكن بالبصرة من الصحابة أفضل من عمران بن الحصين، وأبى بكرة، واعتزل أبو بكرة يوم الجمل، فلم يقاتل مع أحد من الفريقين. توفى بالبصرة سنة إحدى وخمسين، وقيل: سنة ثنتين وخمسين.   (1) انظر: الإصابة (3/571) ، وطبقات ابن سعد (7/15، 16) ، والتاريخ الكبير (8/112) ، والجرح والتعديل (8/489) ، والاستيعاب (4/23) ، وأسد الغابة (5/151) ، وسير أعلام النبلاء (3/5 - 10) برقم (1) ، والبداية والنهاية (8/57) ، وتهذيب التهذيب (10/469) ، والعقد الثمين (7/347) .. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 198 * * * حرف التاء المثناة فوق 744 - أبو تِحْي: بكسر التاء المثناة فوق، مذكور فى المهذب فى آخر قتال أهل البغى، لا ذكر له فى هذه الكُتب كلها إلا فى هذا الموضع من المهذب خاصة، واسمه حُكيم، بضم الحاء وفتح الكاف، ابن سعد، وهو تابعى كوفى حنفى، من بنى حنيفة، ثقة. روى عن على بن أبى طالب، وأبى موسى الأشعرى، وأبى هريرة، وأم سلمة، رضى الله عنهم. ذكره الحاكم أبو أحمد فى الكنى المفردة، معناه أنه ليس فى الرواة أحد يكنى بهذه الكنية غيره. * * * حرف الثاء المثلثة 745 - أبو ثعلبة الخُشَنى الصحابى، رضى الله عنه (1) : ذكره فى المهذب فى باب الآنية، وكرره هو وغيره فى باب الصيد والذبائح، هو بضم الخاء وفتح الشين المعجمتين وبعدها نون، منسوب إلى خشين، بضم الخاء، وهو بطن من قضاعة، وهو خشين بن النمر بن وبرة بن تغلب بن حلوان، واختلفوا فى اسم أبى ثعلبة هذا واسم ابنه على أقوال كثيرة، فقال أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وغيرهما: اسمه جرهم، وقيل: جرثوم، بضم الجيم فيهما، وبضم الثاء المثلثة فى الثانى، وقيل: عمرو، وقيل: الأشير، بكسر الشين المعجمة، وقيل غير ذلك، واسم أبيه ناشم، بالنون وشين معجمة مكسورة، ثم ميم، وقيل: ناشر بالراء، وقيل: ناشب بالباء الموحدة فى آخره، وقيل: ناشج بالجيم، وقيل: جرهم، وقيل: جرثومة، وقيل: جرثوم. وكان أبو ثعلبة ممن بايع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بيعة الضروان تحت الشجرة عام الحديبية سنة ست من الهجرة. روى عن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أحاديث. روى عنه أبو إدريس الخولانى، ومسلم ابن مشكم، بكسر الميم وإسكان الشين المعجمة. توفى فى خلافة معاوية، وقيل: فى خلافة عبد الملك سنة خمس وسبعين.   (1) انظر: الإصابة (4/29، 30) ، وطبقات ابن سعد (7/416) ، والتاريخ الكبير (2/250) ، والجرح والتعديل (2/543) ، والاستيعاب (4/27، 28) ، وأسد الغابة (5/154، 155) ، والبداية والنهاية (9/7، 8) ، وتهذيب التهذيب (12/49، 50) ، وسير أعلام النبلاء (2/567 - 571) برقم (120) .. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 199 746 - أبو ثور الفقيه الإمام (1) : من أصحابنا، تكرر فى المهذب والوسيط والروضة. هو أبو ثور إبراهيم بن خالد بن أبى اليمان الكلبى البغدادى الإمام الجليل، الجامع بين علمى الحديث والفقه، أحد الأئمة المجتهدين، والعلماء البارعين، والفقهاء المبرزين المتفق على إمامته، وجلالته، وتوثيقه، وبراعته. قال الخطيب البغدادى: هو أحد ثقات المأمونين، ومن الأئمة الأعلام فى الدين. قال: له كُتب مصنفة فى الأحكام، جمع فيها بين الفقه والحديث. وروينا عن الإمام أحمد ابن حنبل، قال: أبو ثور عندى فى صلاح سفيان الثورى. قال: وأنا أعرفه بالسنة منذ خمسين سنة. وسُئل الإمام أحمد بن حنبل عن مسألة، فقال: سل الفقهاء، سل أبا ثور. واعلم أن أحواله الجميلة، ومناقبه الظاهرة، وفضائله ومحاسنة المتظاهرة أكثر من أن تحصر، وأشهر من أن تشهر. سمع الحديث من ابن عيينة، وابن علية، ووكيع، وأبى معاوية الضرير، والشافعى، وموسى بن داود، ومحمد بن عبيد الطنافسى، ويزيد بن هارون، ومعاذ بن معاذ، وآخرين. روى عنه أبو حاتم الرازى، ومسلم بن الحجاج، وأكثر عنه فى صحيحه، وأبو داود، والترمذى، وابن ماجة، وعبيد بن محمد بن خلف، والقاسم بن زكريا، وإدريس ابن عبد الكريم، وآخرون. واتفقوا على توثيقه وجلالته. قال النسائى: هو ثقة مأمون، أحد الفقهاء. قالوا: وتوفى فى صفر سنة أربعين ومائتين، رحمه الله. واعلم أن أبا ثور، رحمه الله، كان بالجلالة التى أشرت إليها، وكان أولاً على مذهب أهل الرأى، فلما قدم الشافعى، رضى الله عنه، بغداد حضره أبو ثور، فرأى من علمه وفضله وحسن طريقته وجمعه بين الفقه والسنة ما صرفه عما كان عليه، ورده إلى طريقة الشافعى، ولازم الشافعى، وصار من أعلام أصحابه، وهو أحد أصحاب الشافعى البغداديين الأئمة الجلة، رواة كتاب الشافعى القديم، وهم أحمد بن حنبل، وأبو ثور، والكرابيسى، والزعفرانى، رحمهم الله أجمعين. ومع هذا الذى ذكرته من كون أبى ثور من أصحاب الشافعى، وأحد تلامذته والمنتفعين به، والآخذين عنه، والناقلين كتابه وأقواله، فهو صاحب مذهب مستقل، لا يُعد تفرده وجهًا فى المذهب بخلاف أبى القاسم الأنماطى، وابن سريج،   (1) انظر: الجرح والتعديل (2/97، 98) ، والثقات لابن حبان (8/74) ، وتهذيب الكمال (2/80 - 83) ، وسير أعلام النبلاء (12/72 - 76) برقم (19) ، وميزان الاعتدال (1/29، 30) ، وتهذيب التهذيب (1/118، 119) ، وتقريب التهذيب (1/35) .. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 200 وغيرهما من أصحابنا أصحاب الوجوه، هذا هو الصحيح المشهور. وقال الرافعى فى كتاب الغصب: أبو ثور وإن كان معدودًا وداخلاً فى طبقة أصحاب الشافعى، فله مذهب مستقل، لا يُعد تفرده وجهًا، هذا كلام الرافعى، وهو مقتضى قول ابن المنذر، وابن جرير، والساجى، وغيرهم من الأئمة المصنفين فى اختلاف مذهب العلماء، حيث يذكرونه مع الشافعى تارة موافقًا وتارة مخالفًا، ولا يذكرون باقى أصحاب الشافعى. وأما قول صاحب المهذب فى أول باب الغصب، وقال: أبو ثور من أصحابنا، فظاهره أنه عده صاحب وجه، ويؤيد هذا أنه ذكره فى الكتاب ناقلاً عنه ما يخالف فيه، مع أنه لا يذكر غيره من أصحاب المذاهب المخالفين كأبى حنيفة، ومالك، وأحمد، وغيرهم، إلا فى مثل قوله ليخرج من خلاف أبى حنيفة ونحوه، ومع هذا فيمكن تأويل كلام صاحب المهذب على موافقة الكثيرين فيما قدمناه عنهم، ويكون مراده بذكره حيث هو منسوب إلى الشافعى، معدود من أصحابه، إلا أن هذا ينتقض بأحمد بن حنبل وغيره، فإنه أخذ عن الشافعى، ولا يذكره كذكره أبا ثور. وأما ما سلكه صاحب المهذب فى أبى ثور، حيث يقول: قال أبو ثور كذا، وهذا خطأ، وحافظ على هذه العبارة، فلا يكاد يخل بها فمسلك فاسد، وعادة مُنكرة مستقبحة، فإن كثيرًا من المسائل التى يحكيها أبو ثور لا تكون ضعيفة إلى حد يقال فيه: وهذا خطأ، بل كثير منها مذهبه فيها قوى أو أقوى من مذهب الشافعى دليلاً، مع أن صاحب المهذب لا يستعمل هذه العبارة الفاسدة فى أكثر أصحابنا الذين لا يساوون أبا ثور، ولا يدانونه فى الفضيلة، وقد تكون وجوههم فى كثير من المسائل أضعف من مذهب أبى ثور، فالصواب إنكار هذه العبارة فى أبى ثور. * * * حرف الجيم 747 - أبو جحيفة الصحابى، رضى الله عنه (1) : مذكور فى المهذب فى الأذان،   (1) انظر: الإصابة (3/642) ، وتهذيب التهذيب (11/164) ، وطبقات ابن سعد (6/63، 64) ، والتاريخ الكبير (8/162) ، والجرح والتعديل (9/22) ، والاستيعاب (4/36) ، وأسد الغابة (5/157) ، وسير أعلام النبلاء (3/202، 203) برقم (44) ، وتاريخ بغداد (1/199) ، والبداية والنهاية (9/6) .. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 201 وفى استقبال القبلة، وهو بجيم مضمومة، ثم حاء مهملة مفتوحة، صحابى كوفى، واسمه وهب بن عبد الله، ويقال: وهب بن وهب السواى، بضم السين المهملة وتخفيف الواو وبالمد، منسوب إلى سواة بن عامر بن صعصعة. روى أبو جحيفة عن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خمسة وأربعين حديثًا، اتفق البخارى ومسلم على حديثين، وانفرد البخارى بحديثين، ومسلم بثلاثة. روى عنه ابنه عون، وإسماعيل بن أبى خالد، وأبو إسحاق السبيعى، وعلى بن الأقمر، والحكم بن عتيبة، بالمثناة فوق، وكان على بن أبى طالب، رضى الله عنه، يكرم أبا جحيفة ويسميه وهب الخير، ووهب الله، وكان يحبه ويثق به، وجعله على بيت المال بالكوفة، وشهد معه مشاهده كلها، ونزل الكوفة وابتنى بها دارًا. توفى سنة اثنين وسبعين، وتوفى النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو صبى لم يبلغ. 748 - أبو جعفر الإستراباذى: من أصحاب الوجوه، مذكور فى المهذب فى آخر باب الردة فى مسألة السحر، هو بكسر الهمزة وبسين مهملة ساكنة، ثم تاء مثناة فوق مكسورة، ثم راء، ثم ألف، ثم موحدة، ثم ذال معجمة، منسوب إلى إستراباذ بلدة معروفة بخراسان. 749 - أبو جعفر الترمذى (1) : من أصحابنا المتقدمين، مذكور فى المهذب فى باب الآنية فى أول الديات، منسوب إلى ترمذ، وفيها ثلاثة أقوال حكاها السمعانى فى الأنساب، أحدها ترمذ بكسر التاء والميم، قال: وهو الذى كنا نعرفه قديمًا، والثانى بضمهما جميعًا، قال: وهو الذى يقوله المتقنون وأهل المعرفة، والثالث بفتح التاء وكسر الميم، قال: وهو المتداول على ألسنة تلك البلدة، وكنت أقمت بها اثنى عشر يومًا. قال: وهى مدينة قديمة على طرف نهر بلخ الذى يقال له: جيحون، وخرج منها جماعة كثيرة من العلماء والمشائخ والفضلاء، منهم أبو عيسى الترمذى الإمام الحافظ المشهور، ومنهم أبو جعفر هذا صاحب الترجمة، وهو أبو جعفر محمد بن أحمد بن نصر الترمذى. قال: كان فقيهًا، فاضلاً، ورعًا، سديد السيرة، سكن بغداد وحدث بها عن يحيى بن بكير المصرى، ويوسف بن على، وكثير بن يحيى، وإبراهيم بن المنذر، ويعقوب   (1) تاريخ بغداد (1/365، 366) والمنتظم لابن الجوزى (6/80) والكامل فى التاريخ (8/13) ووفيات الأعيان (2/334) والمختصر فى أخبار البشر (2/62) وتاريخ ابن الوردى (1/249) وطبقات الشافعية الكبرى للسبكى (1/288) وطبقات الشافعية للإسنوى (1/298، 299) وتذكرة الحفاظ (2/639) ومرآة الجنان (2/224) والوافى بالوفيات للصفدى (2/70) والبداية والنهاية (11/107) .. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 202 بن حميد ابن كاسب. روى عنه أحمد بن كامل القاضى، وعبد الباقى بن قانع القاضى، وأحمد بن يوسف بن خلاد، وغيرهم. قال: وكان ثقة من أهل العلم والفضل والزهد فى الدنيا. قال الدارقطنى: هو ثقة مأمون ناسك. قال السمعانى: وذكر الدارقطنى عن أبى جعفر الترمذى، قال: كتبت الحديث تسعًا وعشرين سنة، وسمعت مسائل مالك وقوله، ولم يكن لى حسن رأى فى الشافعى، فبينا أنا قاعد فى مسجد النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالمدينة، إذ غفوت غفوة، فرأيت النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فى المنام، فسألته عن الأئمة إلى أن قلت: يا رسول الله، أكتب رأى مالك؟ فقال: منا وافق حديثى، قلت: أكتب رأى الشافعى؟ فطأطأ رأسه شبه الغضبان لقولى، وقال: ليس هذا بالرأى، هذا رد على من خالف سنتى، فخرجت فى أثر هذه الرؤيا إلى مصر وكتبت كُتب الشافعى. قال الدارقطنى: ولم يكن للشافعيين بالعراق أرأس منه ولا أشد ورعًا، وكان من التقلل فى المطعم على حال عظيمة فقرًا، وورعًا، وصبرًا على الفقر. أخبرنى إبراهيم بن السرى الزجاج، يعنى أبا إسحاق الزجاج الإمام فى العربية، أنه كان يجرى عليه أربعة دراهم فى الشهر، وكان لا يسأل أحدًا شيئًا. قال: وأخبرنى محمد ابن موسى بن حماد أنه أخبره أنه تقوت فى بضعة عشر يومًا بخمس حبات، أو قال: ثلاث حبات، قلت: كيف عملت؟ قال: لم يكن عندى غيرهم، فاشتريت بها لفتًا، فكنت آكل كل يوم واحدة. قال السمعانى: ولد فى ذى الحجة سنة مائتين، وتوفى لإحدى عشرة ليلة خلت من المحرم سنة خمس وتسعين ومائتين. وكذا ذكره الشيخ أبو إسحاق فى سنتى مولده ووفاته. قال السمعانى: ولم يغير شيبه. ومن مفردات أبى جعفر الترمذى النفيسة التى خالفه فيها جمهور الأصحاب، جزمه بطهارة شعر رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ولم يطرد فيه الخلاف المعروف فى شعر الآدميين المنفصل، ومن غرائبه المسألة المذكورة فى المهذب أنه لو أرسل سهمًا على حربى فأصابه وهو مسلم فمات به، قال: لا شىء على الرامى، والأصح الأشهر وجوب دية مسلم مخففة على العاقلة. 750 - أبو جعفر المنصور الخليفة (1) : مذكور فى آخر باب زكاة   (1) انظر: فيات الأعيان (2/294 - 297) .. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 203 الفطر. هو أبو جعفر عبد الله بن محمد بن على بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب القريشى الهاشمى، أمير المؤمنين، ابن عم رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، هو ثانى خلفاء بنى العباس، وأولهم أخوه أبو العباس عبد الله بن محمد بن على بن عبد الله بن عباس المعروف بالسفاح. قال ابن قتيبة: بويع أبو العباس السفاح يوم الجمعة لثلاث عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الآخر سنة ثنتين وثلاثين ومائة، وتوفى السفاح بالأنبار فى ذى الحجة سنة ست وثلاثين ومائة، وولى الخلافة بعده أخوه أبو جعفر المنصور، صاحب الترجمة. قال: وولى الخلافة وهو ابن إحدى وأربعين سنة تقريبًا، ومولده بالشراة فى ذى الحجة سنة خمس وتسعين من الهجرة، وبويع بالأنبار يوم مات أخوه أبو العباس السفاح، ومضى أبو جعفر حتى قدم الكوفة، فصلى بالناس، ثم شخص منها حتى قدم الأنبار، وقدم عليه أبو مسلم فقتله أبو جعفر فى شعبان سنة سبع وثلاثين ومائة برومية المدائن، وخرج أبو جعفر حاجًا سنة أربعين ومائة، وأحرم من الحرة، وأمر قبل خروجه بالمسجد الحرام أن يوسع فى سنة تسع وثلاثين ومائة. فلما قضى حجه صدر إلى المدينة فأقام بها مدة، ثم توجه إلى الشام حتى صلى فى بيت المقدس، ثم انصرف إلى الرقة، ثم سلك الفرات حتى نزل المدينة الهاشمية بالكوفة، وحضر الموسم سنة أربع وأربعين ومائة، ثم تحول إلى بغداد سنة خمس وأربعين ومائة، فبناها وأتم بناءها، واتخذها منزلاً سنة ست وأربعين. توفى حاجًا لسبع، وقيل: لست خلون من ذى الحجة سنة ثمان وخمسين ومائة عند بئر ميمون، ودفن بأعلى مكة، وكانت خلافته اثنين وعشرين سنة إلا أيامًا، ثم ولى بعده ابنه المهدى أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن محمد بن على بن عبد الله بن عباس يوم وفاة أبيه بمكة. قال ابن قتيبة: وكان للمنصور من الأولاد: المهدى واسمه محمد، وجعفر، وصالح، وسليمان، وعيسى، ويعقوب، والقاسم، وعبد العزيز، والعباس، والعالية. 751 - أبو جمرة (1) : الراوى عن ابن عباس. مذكور فى المهذب فى أول كتاب الشركة، لا ذكر له فى المهذب إلا هنا، ولا ذكر له فى باقى هذه الكُتب، هو بالجيم   (1) انظر: التاريخ الكبير (8/104) ، وتاريخ ابن معين (2/604) ، والجرح والتعديل (8/465) ، وتهذيب التهذيب (10/431) ، وتقريب التهذيب (2/300) .. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 204 والراء، واسمه نصر بن عمران بن عاصم بن واسع، ويقال: عاصم بدل عصام، البصرى الضبعى، بضاد معجمة مضمومة، ثم باء موحدة، وهو من التابعين المشهورين. سمع ابن عباس، وابن عمر، وجارية، بالجيم، ابن قدامة، وزهدم بن مضرب، وهلال بن حصين، وأبا بكر بن أبى موسى. روى عنه يزيد بن حميد، وقرة بن خالد، ومحمد بن أبى حفصة، وأيوب السختيانى، وأبان بن يزيد، وإبراهيم بن طهمان، والحمادان، وشعبة، وآخرون. واتفقوا على توثيقه. قال ابن معين، وأحمد بن حنل، وأبو زرعة، وآخرون: هو ثقة، روى له البخارى ومسلم. قال مسلم: كان مقيمًا بنيسابور، ثم انصرف إلى مرو، ثم إلى سرخس. وقال مسلم فى صحيحه من كتاب الجنائز فى حديث القطيعة: توفى أبو جمرة بسرخس. قال عمرو بن على والترمذى: توفى سنة ثمان وعشرين ومائة، وليس فى الرواة من يقال له: أبو جمرة بالجيم غيره. قال بعض الحافظ: يروى شعبة بن الحجاج عن سبعة عشر رجال كلهم عن ابن عباس يقال لكل واحد منهم أبو حمزة، بالحاء والزاى، إلا هذا نصر بن عمران، فإنه بالجيم والراء، وعلامته أنه يأتى مطلقًا عن ابن عباس، وأما غيره فقد يوصف أو ينسب. قال: وكان عمران والد أبى جمرة رجلاً جليلاً، وكان قاضى البصرة. روى عنه ابنه وغيره، وذكره ابن عبد البر، وابن مندة، وأبو نعيم الأصبهانى فى كتبهم فى الصحابة. قالوا: واختلف فى أنه صحابى أم تابعى. 752 - أبو جندل الصحابى، رضى الله عنه (1) : مذكور فى المهذب فى باب الهدنة. هو بفتح الجيم، وإسكان النون، وهو ابن سهيل ابن عمرو، وتقدم نسبه فى ترجمة أبيه. قال الزبير بن بكار وغيره: اسم أبى جندل العاصى، أسلم أبو جندل، رضى الله عنه، فحبسه أبوه وقيده، فهرب يوم الحديبية إلى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ورُدَّ إليهم بسبب العهد الذى جرى، ثم هرب والتحق بأبى بصير ورفقته، رضى الله عنهم، وأقاموا بسيف البحر، بكسر السين، وهو جانبه، وحديثهم مشهور فى الصحيح. قال موسى بن عقبة:   (1) انظر: الإصابة (4/34) ، وأسد الغابة (5/160) ، والاستيعاب (4/33) ، وطبقات ابن سعد (7/405) ، وسير أعلام النبلاء (1/192) (23) .. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 205 لم يزل أبو جندل وأبوه سهيل مجاهدين بالشام حتى توفيا، يعنى فى خلافة عمر بن الخطاب، رضى الله عنهم. 753 - أبو جهل: عدو الله، فرعون هذه الأمة، مذكور فى المهذب فى مواضع منها الإيمان، والسير، اسمه عمرو بن هشام، وسبق تمام نسبه فى ترجمة ابنه عكرمة، قُتل أبو جهل يوم بدر كافرًا، وكانت بدر فى السنة الثانية من الهجرة، قتله عمرو بن الجموح وابن عفراء الأنصاريان، وكانا حديثين، وحديثهما فى الصحيح مشهور، وفى كتب السنن أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حين رآه مقتولاً قال: "قُتل فرعون هذه الأمة". 754 - أبو الجهم: ويقال: أبو جهم، بحذف الألف واللام، الصحابى، رضى الله عنه، بفتح الجيم وإسكان الهاء. مذكور فى المختصر والمهذب فى الخطبة فى النكاح، أن فاطمة بنت قيس قالت: خطبنى معاوية وأبو الجهم. ومذكور فى المهذب أيضًا فى باب ما يفسد الصلاة فى حديث الخميصة ذات الأعلام والأنبجانية، واسمه عامر، وقيل: عبيد، بضم العين، ابن حذيفة بن غانم بن عامر بن عبد الله بن عَبِيد، بفتح العين وكسر الباء، ابن عويج، بفتحها أيضًا، ابن عدى بن كعب القريشى العدوى. أسلم يوم الفتح، وصحب النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وكان معظمًا فى قريش، ومقدمًا فيهم. قال الزبير بن بكار: كان أبو الجهم عالمًا بالنسب، وكان من المعمرين، شهد بنيان الكعبة فى الجاهلية، وشهد بنيانها فى أيام الزبير. قيل: إنه توفى فى أيام ابن الزبير، وقيل: إنه توفى فى أيام معاوية، وهو أحد دافنى عثمان بن عفان، وهم أربعة: حكيم بن حزام، وجبير ابن مطعم، ونيار بن مكرم، وأبو الجهم بن حذيفة. واعلم أن أبا الجهم هذا غير أبى الجهيم، بضم الجيم وفتح الهاء وزيادة ياء، راوى حديث التيمم بالجدار، وحديث المرور بين يدى المصلى، وحديثاه فى الصحيحين؛ لأنه أنصارى نجارى، اسمه عبد الله بن الحارث بن الصمة، بكسر الصاد المهملة، وهو صحابى أيضًا. * * * الجزء: 2 ¦ الصفحة: 206 حرف الحاء المهملة 755 - أبو حاتم المزنى الصحابى، رضى الله عنه: مذكور فى المهذب فى الكفاءة فى النكاح، لا ذكر له فى هذه الكُتب إلا هنا، وهو معدود فى أهل المدينة، قالوا: ولا يُعرف اسمه. قال الترمذى: لا يعرف له غير حديث الكفاءة. قال: وهو صحابى. وقال غيره: روى عنه محمد وسعيد ابنا عبيد. 756 - أبو حاتم القزوينى (1) : من أصحابنا أصحاب الوجوه. تكرر فى المهذب والروضة. هو شيخ صاحب المهذب، وهو القزوينى، بفتح القاف وكسر الواو، منسوب إلى قزوين، مدينة مشهورة بخراسان. قال الشيخ أبو إسحاق فى الطبقات: هو شيخنا أبو حاتم محمود بن الحسن الطبرى، المعروف بالقزوينى، تفقه بآمل على شيوخ البلد، ثم قدم بغداد، وحضر مجلس الشيج أبى حامد، ودرس الفرائض على ابن اللبان، وأصول الفقه على القاضى أبى بكر الأشعرى المعروف بابن الباقلانى، وكان حافظًا للمذهب والخلاف، صنَّف كُتبًا كثيرة فى المذهب والخلاف والأصول والجدل، ودرس ببغداد وآمل، ولم أنتفع بأحد فى الرحلة كما انتفعت به وبالقاضى أبى الطيب، وتوفى بآمل. هذا كلام الشيخ أبى إسحاق. وقال غيره فى نسبه: هو محمود بن الحسن بن محمد بن يوسف بن الحسن بن محمد ابن عكرمة بن أنس بن مالك الأنصارى الطبرى، من أهل آمل طبرستان، واشتهر بالقزوينى. 757 - أبو حازم التابعى (2) : مذكور فى المختصر فى بيع الغرر. هو سلمة بن دينار المدنى الأعرج، الزاهد، الفقيه، المشهور بالمحاسن، وهو مخزومى، مولى الأسود بن سفيان المخزومى، وقيل: مولى لبنى ليث، سمع سهل بن سعد الساعدى، وأكثر الرواية عنه فى الصحيحين وغيرهما، والنعمان بن أبى عياش الزرقى، وسعيد بن المسيب، وعطاء، وسعيدًا المقبرى، وأبا صالح، وعبد الله بن أبى قتادة، وأبا سلمة بن   (1) انظر: طبقات الفقهاء للشيرازى (109) والتدوين فى أخبار قزوين للرافعى (4/70) وسير أعلام النبلاء (18/128) وطبقات الشافعية الكبرى للسبكى (5/312 - 314) طبقات الشافعية للإسنوى (2/300، 301) وطبقات الشافعية لابن قاضى شهبة (1/222، 223) وديوان الإسلام لابن الغزى (2/148، 149) والأعلام (7/167) ومعجم المؤلفين (12/158) .. (2) انظر: تاريخ ابن معين (2/224) ، والجرح والتعديل (4/159) .. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 207 عبد الرحمن، وأبا إدريس الخولانى، وعطاء بن يسار، وعمرو بن شعيب، وأم الدرداء الصغرى، وآخرين. روى عنه ابناه عبد العزيز وعبد الجبار، والزهرى وهو أكبر من أبى حازم، ومحمد بن إسحاق، ومحمد بن عجلان، والمسعودى، ومالك بن أنس، وابن أبى ذؤيب، وعبيد الله ابن عمر، وموسى بن عبيدة، وسفيان الثورى، وعمرو بن صهبان، وسليمان بن بلال، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وهشام بن سعد، وأسامة بن زيد، ومعمر، وسفيان بن عيينة، وأخوه محمد بن عيينة، وخلائق لا يحصون. وأجمعوا على توثيقه وجلالته والثناء عليه. قال محمد بن إسحاق بن خزيمة: لم يكن فى زمن أبى حازم مثله، توفى سنة خمس وثلاثين ومائة، روى له البخارى ومسلم. قال يحيى بن صالح: قلت لابن أبى حازم: سمع أبوك أبا هريرة؟ قال: مَن حدَّثك أن أبى سمع أحدًا من الصحابة غير سهل بن سعد فقد كذب. واعلم أن فى هذا المرتبة اثنين يكنيان أبا حازم، أحدهما هذا المشهور بالرواية عن سهل، والثانى أبو حازم سلمان مولى عزة الأشجعية المشهورة بالرواية عن أبى هريرة، والله أعلم. 758 - أبو حامد الإسفراينى: إمام طريقة أصحابنا العراقيين، وشيخ المذهب، يُعرف بالشيخ أبا حامد الإسفراينى، هكذا تكرر فى كتب المذهب، وهو متكرر فى هذه الكُتب أكثر، واسمه أحمد بن محمد ابن أحمد أبو حامد الإسفراينى، ويُعرف بابن أبى طاهر. قال الخطيب فى تاريخ بغداد: قدم بغداد وهو حدث، فدرس فقه الشافعى على أبى الحسن بن المرزبان، ثم على أبى القاسم الداركى، وأقام ببغداد مشغولاً بالعلم حتى صار واحد وقته، وانتهت إليه الرياسة، وعظم جاهه عند الملوك والعوام، وحدث بشىء يسير عن عبد الله بن على، وأبى محمد الإسماعيلى، وإبراهيم بن محمد بن عبدك، وغيرهم. حدثنى عنه الحسن بن محمد الحلال، وعبد العزيز بن على الأزجى، ومحمد بن أحمد ابن شعيب الرويانى، وكان ثقة، وقد رأيته غير مرة، وحضرت تدريسه فى مسجد عبد الله بن المبارك، وهو المسجد الذى فى صدر قطيعة الربيع، وسمعت من يقول: إنه كان يحضر درسه ستمائة متفقه، وكان الناس يقولون: لو رآه الشافعى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 208 يفرح به. قال الخطيب: قال أبو حامد: ولدت سنة أربع وأربعين وثلاثمائة، وقدمت بغداد سنة أربع وستين وثلاثمائة، ودرس الفقه من سنة سبعين وثلاثمائة إلى أن مات. قال الخطيب: حدثنى الحسن بن أبى طالب، قال: أنشدنى أبو حامد بن أبى طاهر الإسفراينى، قال: كتب إلىَّ قاضى ترمذ: لا يغلون عليك الحمد فى ثمن الحمد يبقى على الأيام ما بقيت فليس حمد وإن أثمنت بالغالى والدهر يذهب بالأحوال والمال قال الخطيب: حدثنى محمد بن أحمد بن رزق الأسدى، قال: سمعت أبا الحسين القدورى يقول: ما رأيت فى الشافعيين أفقه من أبى حامد. قال الخطيب: وحدثنى أبو إسحاق إبراهيم بن على الشيرازى، يعنى صاحب التنبيه، قال: سألت القاضى أبا عبد الله الصيمرى: مَن أنظر مَن رأيت مِن الفقهاء؟ فقال: أبو حامد الأسفراينى. قال الخطيب: أنشدنى أبو إسحاق إبراهيم بن على الشيرازى، قال: أنشدنى أبو الفرج الدارمى لنفسه فى أبى حامد الأسفراينى وقد عاده: مرضت فارتحت إلى عائد ذاك الإمام ابن أبى طاهر فعادنى العالم فى واحد أحمد ذو الفضل أبو حامد ثم لقيت أبا الفرج الدارمى بدمشق فأنشدنيهما. قال الخطيب: توفى أبو حامد ليلة السبت لإحدى عشرة ليلة بقيت من شهر شوال سنة ست وأربعمائة، ودفن من الغد، وصليت على جنازته فى الصحراء، وكان يومًا مشهورًا بكثرة الناس، وعظم الحزن، وشديد البكار، ودفن فى داره إلى أن نقل منها، ودفن بباب حرب سنة عشر وأربعمائة، هذا آخر كلام الخطيب. وقال الشيخ أبو إسحاق فى الطبقات: انتهت إلى الشيخ أبى حامد الإسفراينى رياسة الدين والدنيا ببغداد، وعلق عنه تعليق فى شرح المزنى، وعلق عنه أصول الفقه، وطبق الأرض بأصحابه، وجمع مجلسه ثلاثمائة متفقه، واتفق الموافق والمخالف على تقديمه وتفضيله فى جودة الفقه، وحُسن النظر، ونظافة العلم. وقال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح، رحمه الله: وتأول الجزء: 2 ¦ الصفحة: 209 بعض العلماء حديث أبى هريرة، يعنى المشهور، فى كتاب الملاحم من سنن أبى داود وغيره، عن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “إن الله عز وجل يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها”، فكان على رأس المائة الأولى عمر بن عبد العزيز، وفى الثانية الشافعى، وفى الثالثة ابن سريج، وفى الرابعة أبو حامد الإسفراينى. وروى الشيخ أبو عمر بإسناده، أن المحاملى لما علم المقنع كتابه المشهور، أنكر عليه شيخه أبو حامد الإسفراينى لكونه جَرَّد فيه المذهب، وأفرده عن الخلاف، وذهب إلى أن ذلك مما يقصر الهمم عن تحصيل الفنين، ويحمل على الاكتفاء بأحدهما، ومنعه من حضور مجلسه، حتى احتال لسماع درسه من حيث لا يحضر المجلس. وعن أبى الفتح سليم بن أيوب الرازى، أن الشيخ أبا حامد كان فى ابتداء أمره يحرس فى درب، وأنه كان يطالع الدرس فى رتب الحرس، ويأكل من أجرة الحرس، وأنه أفتى وهو ابن سبع عشرة سنة، وأقام يُفتى إلى ثمانين سنة. قال: ولم دنت وفاته قال: لَمَّا تَفَقَّهْنَا مُتْنَا. ولما بلغ الشيخ أبا حامد أن المحاملى صَنَّف المجموع، والتجريد، والمقنع، قال أبو حامد: بَتَرَ كُتُبى بَتَرَ الله عُمره، فما عاش بعد ذلك إلا قليلاً. وأرسل أبو حامد إلى مصر فاشترى أمالى الشافعى بمائة دينار حتى كان يُخَرِّج منها. واعلم أن مدار كُتب أصحابنا العراقيين أو جماهيرهم مع جماعات من الخراسانيين على تعليق الشيخ أبى حامد، وهو فى نحو خمسين مجلدًا، جمع فيه من النفائس ما لم يشارك فى مجموعه من كثرة المسائل والفروع، وذكر مذاهب العلماء، وبسط أدلتها، والجواب عنها، وعنه انتشر فقه طريقة أصحابنا العراقيين. وممن تفقه على أبى حامد من أئمة أصحابنا: أقضى القضاة أبو الحسن الماوردى صاحب الحاوى، والقاضى أبو الطيب، وسليم بن أيوب الرازى، وأبو الحسن المحاملى، وأبو على السنجى، تفقه السنجى عليه وعلى القفال المروزى، وهما شيخا طريقى العراق وخراسان فى عصرهما، وعن هؤلاء المذكورين انتشر المذهب. واعلم أن نُسَخ تعليق أبى حامد تختلف فى بعض المسائل، وقد نبهت على كثير من ذلك فى شرح المهذب، والله أعلم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 210 759 - أبو حامد المروروذى (1) : بميم مفتوحة، ثم راء ساكنة، ثم واو مفتوحة، ثم راء مضمومة مشددة، ثم واو، ثم ذال معجمة، وقد يقال بتخفيف الراء، ويقال: المروذى بتشديد الراء المضمومة، وهكذا ذكره الحافظ عبد الغنى بن سعيد المصرى، وابن ماكولا، وغيرهما، والأول هو المشهور، وهو منسوب إلى مرو الروز، مدينة معروفة بخراسان، ويعرف بالقاضى أبى حامد، بخلاف الذى قبله، فإنه معروف فى كتب المذهب بالشيخ أبى حامد، فغلب فى الأول استعمال الشيخ، وفى الثانى القاضى. واسم القاضى أبى حامد هذا أحمد بن بشر بن عامر القاضى العامرى المروروذى، ثم البصرى، وهذا الذى ذكرناه من أن اسمه أحمد بن بشر بن عامر هو الصواب، كذا ذكره الحافظان عبد الغنى المصرى، وأبو نصر بن ماكولا، وآخرون. وذكره الشيخ أبو إسحاق فى الطبقات غلطًا، فقال: أحمد بن عامر بن بشر، وغلطوه العلماء فى ذلك، ونسبوه إلى السهو فيه. قال أبو إسحاق: صحب القاضى أبو حامد أبا إسحاق المروذى، وتوفى سنة ثنتين وستين وثلاثمائة، ونزل البصرة ودرس بها، وصنف الجامع فى المذهب، وشرح المختصر للمزنى، وصنف فى أصول الفقه، وكان إمامًا لا يشق غباره، وعنه أخذ فقهاء البصرة، رحمه الله، وتكرر ذكر القاضى أبى حامد فى المهذب والروضة، ولا ذكر له فى الوسيط وباقى الستة، وكتابه الجامع من أنفس الكُتب. 760 - أبو حثمة الصحابى، رضى الله عنه (2) : والد سهل بن أبى حثمة، وهو وابنه سهل صحابيان، رضى الله عنهما، وحثمة بحاء مهملة مفتوحة، ثم ثاء مثلثة ساكنة، واسم أبى حثمة عبد الله، وقيل: عامر بن صاعدة الأنصارى الأوسى الحارثى، وسبق تمام نسبه فى ترجمة ابنه سهل، شهد أُحُدًا مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وكان دليله إليها، وشهد معه أيضًا خيبر والمشاهد بعدها، وكان رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأبو بكر، وعمر، وعثمان يبعثونه خارصًا. وتوفى فى أول خلافة معاوية. ذكره ابن مندة، وابن عبد البر، وأبو نعيم الأصبهانى، وغيرهم.   (1) انظر: طبقات الفقهاء للشيرازى (114) وطبقات الشافعية الكبرى للسبكى (2/82) والوافى بالوفيات (6/265) والعبر (2/326) ووفيات الأعيان (1/69) والبداية والنهاية (11/209) ومرآة الجنان (2/375) وسير أعلام النبلاء (16/166، 167) .. (2) انظر: الاستيعاب (4/41) ، وأسد الغابة (5/169) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 211 761 - أبو حدرد الصحابى، رضى الله عنه: وهو والد أم الدرداء الكبرى خيرة، وهو أسلمى، قيل: اسمه سلامة بن عمر بن أبى سلامة. وقال أحمد بن حنبل: حدثت عن أبى إسحاق أن اسمه عبد الله. وقال على بن المدينى: اسمه عبيد، وهو حجازى، روى عنه ابنه حدرد بن أبى حدرد. 762 - أبو حذيفة بن عتبة الصحابى، رضى الله عنه (1) : مذكور فى المختصر فى آخر قتال البغاة، وهو الذى نهاه رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن قتل أبيه، واسم أبى حذيفة مشم، وقيل: هشيم، وقيل: هاشم بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصى القريشى العبشمى، وأمه فاطمة بنت صفوان بن أمية، وكان أبو حذيفة من السابقين إلى الإسلام، وهاجر إلى الحبشة، ثم إلى المدينة، وهو زوج سهلة بنت سهيل بن عمرو، واستشهد أبو حذيفة يوم اليمامة، ولا عقب له. قال ابن إسحاق وغيره: وكان من فضلاء الصحابة، جمع الله تعالى له الشرف والفضل، وكان إسلامه قبل دخول رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دار الأرقم، وآخى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بينه وبين عباد بن بشر. وشهد المشاهد كلها مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، واستشهد يوم اليمامة وله ثلاث أو أربع وخمسون سنة، وكان طويلاً، حسن الوجه، وهو مولى سالم مولى أبى حذيفة الصحابى الفاضل الجليل، وقد سبقت ترجمته فى سالم، وقُتل أبوه عتبة بن ربيعة يوم بدر كافرًا وألقى فى قليب بدر. 763 - أبو حرملة: مذكور فى المختصر فى صوم عاشوراء. روى عن أبى قتادة الصحابى، رضى الله عنه. روى عنه أبو الخليل، هكذا ذكره الشافعى فى المختصر. 764 - أبو الحسن الماسرجسى: من أئمة أصحابنا أصحاب الوجوه، مذكور فى مواضع من المهذب، منها باب إزالة النجاسة، وصفة الصلاة فى تطويل قراءة الركعة الأولى، وفى باب الإحداد، وتكرر ذكره فى الروضة، وهو بسين مهملة مفتوحة، ثم راء ساكنة، ثم جيم مكسورة، ثم سين مهملة مكسورة. وهو أبو الحسن محمد بن على بن سهل بن مفلح، بكسر اللام، وهو منسوب إلى جد من أجداده لأمه، واسمه   (1) انظر: الإصابة (264) ، والاستيعاب (4/39) ، وأسد الغابة (6/70) ، وسير أعلام النبلاء (1/164) (13) ، والعقد الثمين (3/295) .. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 212 ماسرجس. قال أبو سعد السمعانى: هو ابن بنت أبى على الحسن بن عيسى بن ماسرجس النيسابورى. وأبو على هذا سمع ابن المبارك، وابن عيينة، ووكيعًا، وغيرهم. سمع منه أحمد بن حنبل، والبخارى، ومسلم، وغيرهم، وغلبت هذه النسبة على أولاده وأعقابه. قال السمعانى: كان أبو الحسن الماسرجسى إمامًا من الفقهاء الشافعية، من أعلم الناس بالمذهب وفروع المسائل، تفقه بخراسان، والعراق، والحجاز، وصحب أبا إسحاق المروزى إلى أن مات، وسمع الحديث من خالد المؤمل بن الحسن بن عيسى، وأصحاب المزنى، وأصحاب يونس بن عبد الأعلى، وغيرهم. وسمع منه الحاكم أبو عبد الله، والقاضى أبو الطيب الطبرى، وغيرهما. توفى عشية الأربعاء، ودفن عشية الخميس سادس جمادى الآخرة، سنة أربع وثمانين وثلاثمائة، وهو ابن ست وثمانين سنة، وهذا المذكور فى وفاته هو لفظ الحاكم فى تاريخ نيسابور. ومن أجلَّ من تفقه عليه الماسرجسى: أبو إسحاق المروزى، ومن أجلَّ من تفقه على الماسرجسى: القاضى أبو الطيب الطبرى، وهو أحد أجدادنا فى سلسلة الفقه المتصلة برسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كما سبق بيانه فى مقدمة هذا الكتاب. ومن طرق أخبار الماسرجسى ما حكاه عنه الرافعى وغيره فى كتاب الديات، قال: رأيت صيادًا يرى الصيد على فرسخين. وقد نقلته فى الروضة. وروينا فى تاريخ دمشق فى ترجمة الماسرجسى عن المصنف الحافظ أبى القاسم بن عساكر، رحمه الله، قال: سمع الماسرجسى بدمشق الحسن بن جذلم، وبمكة أبا سعيد بن الأعرابى، وبمصر أبا طالب عمر بن الربيع بن سليمان، وآخرين سماهم الحافظ، وبنيسابور جماعات سماهم، وبالرى محمد بن عيسى، وببغداد جماعات كثيرين سماهم، وبالكوفة وبالبصرة سمع أبا بكر بن داسة، وبواسط وبالرقة وبحلب جماعات، وبهمذان وطوس. روى عنه الحاكم أبو عبد الله، وأبو نعيم، وأبو عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن، وغيرهم من الأئمة. قال الحاكم أبو عبد الله: كان الماسرجسى أحد أئمة الشافعيين بخراسان، وكان من أعرف أصحابه بالمذهب، وترتيبه، وفروعه، تفقه بخراسان والعراق والحجاز، وسحب أبا إسحاق المروزى إلى مصر، ولزمه حتى دفته، ثم انصرف إلى بغداد، وكان خليفة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 213 القاضى ابن على بن أبى هريرة فى مجالسه، وكان المجلس له بعد قيام القاضى أبى على، وانصرف إلى خراسان سنة أربع وأربعين، وعقد له مجلس الدرس والنظر، رحمه الله تعالى. ومن غرائب الماسرجسى الصحيحة النفيسة استحبابه تطويل قراءة الركعة الأولى على الثانية، والمشهور فى المذهب التسوية بينهما، ولكن قول الماسرجسى أصح. وقد ثبت فيه حديث أبى قتادة فى الصحيحين، والله أعلم. 765 - أبو الحسن بن المرزبان (1) : من أصحابنا أصحاب الوجوه، ذكره فى الروضة فى آخر باب إزالة النجاسة، وتكرر فى الروضة، ولا ذكر له فى باقى الكُتب الستة، والمرزبان بفتح الميم، ثم راء ساكنة، ثم زاء مضمومة، ثم باء موحدة، وهو فارسى معرب، وهو زعيم فلاحى العجم، وجمعه مرازبة، ذكره كله الجوهرى فى صحاحه. وهو أبو الحسن على بن أحمد بن المرزبان البغدادى، صاحب أبى الحسين بن القطان أحد المشهورين بالإمامة، وهو شيخ الشيخ أبى حامد الإسفراينى إمام طريقة أصحابنا العراقيين. قال الخطيب البغدادى: كان ابن المرزبان أحد الشيوخ الأفاضل، تفقه عليه أبو حامد الإسفراينى أول قدومه بغداد. وقال الشيخ أبو إسحاق: كان ابن المرزبان فقيهًا ورعًا. حكى عنه أنه قال: ما أعلم أن لأحد علىَّ مظلمة. قال: وكان فقيهًا يعلم أن الغيبة من المظالم. توفى فى رجب سنة ست وستين وثلاثمائة. 766 - أبو الحسن العبادى (2) : بفتح العين وتشديد الباء. من أصحابنا الفضلاء، تكرر ذكره فى الروضة، وهو صاحب كتاب الرقم، وهو ولد الشيخ أبى عاصم العبادى الإمام، واسم أبى الحسن [ ...... ] (3) . توفى فى جمادى سنة خمس وتسعين وأربعمائة، وهو ابن ثمانين سنة. 767 - أبو الحسين - بضم الحاء - ابن القطان (4) : من أصحابنا أصحاب الوجوه، تكرر فى المهذب والروضة، ومن مواضعه فى المهذب مسألة كلما طلقت امرأة فعبد حر، وكتاب اللعان، وهو أبو الحسين أحمد بن محمد بن أحمد بن القطان البغدادى. قال الخطيب البغدادى: هو من كبار الشافعيين، وله مصنفات فى أصول الفقه وفروعه.   (1) انظر: طبقات الفقهاء للشيرازى (91) وطبقات الشافعية الكبرى للسبكى (3/346) وتاريخ بغداد (11/325) والبداية والنهاية (11/289) ووفيات الأعيان (3/281) ومرآة الجنان (2/385) وسير أعلام النبلاء (16/246) .. (2) سير أعلام النبلاء (19/185) وطبقات الشافعية لابن هداية الله (65) ومعجم المؤلفين (1/257، 258) .. (3) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. (4) انظر: البداية والنهاية (11/269) ومرآة الجنان (2/371) ووفيات الأعيان (1/53) وتاريخ بغداد (4/365) والوافى بالوفيات (7/321) وطبقات الشافعية للإسنوى (2/298) وطبقات الفقهاء للشيرازى (113) .. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 214 قال: قال القاضى أبو الطيب: مات ابن القطان فى جمادى الأولى سنة تسع وخمسين وثلاثمائة. وقال الشيخ أبو إسحاق: آخر من عرفناه من أصحاب ابن سريج ابن القطان. قال: ودرس ببغداد، وأخذ عنه العلماء. 768 - أبو حفص الباب شامى: من أصحابنا أصحاب الوجوه المتقدمين، تكرر ذكره فى المهذب، فذكره فى مواضع أولها صفة الصلاة فى فصل السلام، وتكرر فى الروضة، وذكره فى الوسيط فى الصداق، هو بالباء الموحدة المكررة المفتوحة بعد الثانية منهما شين معجمة. قال أبو سعد السمعانى: هذه النسبة إلى باب الشام، وهو أحد المحال المشهور بالجانب الغربى من بغداد، وهذا من شواذ النسب، ومقتضاه فى العربية أن يقال: الشامى، ويجوز على رأى أن يقال: البابى. 769 - أبو حفص بن عمرو، رضى الله عنه: زوج فاطمة بنت قيس، مذكور فى المهذب فى التعريض بالخطبة، ويقال له أيضًا: أبو عمرو بن حفص بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم القريشى المخزومى، ويقال: أبو حفص بن المغيرة، قيل: اسمه أحمد، وقيل: عبد الحميد، وهو الأشهر وقول الأكثرين، وقيل: اسمه كنيته. بعثه النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مع على بن أبى طالب، رضى الله تعالى عنه، إلى اليمن، فطلق زوجته فاطمة وهو هناك. قيل: توفى هناك، وقيل: عاش بعد ذلك إلى خلافة عمر، رضى الله عنه، حكاه البخارى فى التاريخ، وحكى ابن عبد البر القول الأول. 770 - أبو حميد الساعدى الصحابى، رضى الله عنه (1) : تكرر فى صفة الصلاة من المهذب والوسيط، واسمه عبد الرحمن، وقيل: المنذر بن عمرو بن سعد بن مالك بن خالد بن ثعلبة بن حارثة، بالحاء المهملة، ابن عمرو بن الخزرج بن ساعدة، ويقال: ابن عمرو بن سعد بن المنذر بن مالك الأنصارى الساعدى المدنى الجليل. رُوى له عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ستة وعشرون حديثًا، اتفق البخارى ومسلم منها على ثلاثة، وللبخارى حديث ولمسلم آخر. روى عنه جابر بن عبد الله، وعروة بن الزبير، وعباس بن سهل   (1) انظر: الإصابة (4/46) ، والجرح والتعديل (5/237) ، والاستيعاب (4/42) ، وأسد الغابة (5/174) ، وسير أعلام النبلاء (2/481) .. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 215 بن سعد، وعمرو بن سليم، ومحمد بن عمرو بن عطاء، وعبد الملك بن سعيد بن سويد الأنصارى. توفى فى آخر خلافة معاوية. 771 - أبو حنيفة الإمام (1) : تكرر ذكره فى هذه الكُتب، هو الإمام البارع أبو حنيفة النعمان بن ثابت بن زُوطَى، بضم الزاى وفتح الطاء. قال الشيخ أبو إسحاق فى الطبقات: هو النعمان بن ثابت بن زوطى بن ماه مولى تيم الله بن ثعلبة، ولد سنة ثمانين من الهجرة، وتوفى ببغداد سنة خمسين ومائة، وهو ابن سبعين سنة. أخذ الفقه عن حماد بن أبى سليمان. قال: وكان فى زمنه أربعة من الصحابة: أنس بن مالك، وعبد الله بن أبى أوفى، وسهل بن سعد، وأبو الطفيل، ولم يأخذ عن أحد منهم. وقال الخطيب البغدادى فى التاريخ: هو أبو حنيفة التيمى، إمام أصحاب الرأى، وفقيه أهل العراق، رأى أنس بن مالك، وسمع عطاء بن أبى رباح، وأبا إسحاق السبيعى، ومحارب بن دثار، والهيثم بن حبيب الصراف، وقيس بن مسلم، ومحمد بن المنكدر، ونافعًا مولى عبد الله بن عمر، وهشام بن عروة، ويزيد الفقير، وسماك بن حرب، وعلقمة بن مرثد، وعطية العوفى، وعبد العزيز بن رفيع، وعبد الكريم أبا أمية، وغيرهم. روى عنه أبو يحيى الحمانى، وهشيم بن بشر، وعباد بن العوام، وعبد الله بن المبارك، ووكيع بن الجراح، ويزيد بن هارون، وعلى بن عاصم، ويحيى بن نصر، وأبو يوسف القاضى، ومحمد بن الحسن، وعمرو بن محمد العبقرى، وهوذة بن خليفة، وأبو عبد الرحمن المقرىء، وعبد الرزاق بن همام، وآخرون. قال الخطيب: وهو من أهل الكوفة، نقله أبو جعفر المنصور إلى بغداد فأقام بها حتى مات، ودفن بالجانب الشرقى منها فى مقبرة الخيزران، وقبره هناك ظاهر معروف. ثم روى الخطيب بإسناده، عن أحمد بن عبد الله بن صالح العجلى الإمام الحافظ، قال: أبو حنيفة النعمان بن ثابت، كوفى تيمى من رهط حمزة الزيات، وكان خزازًا يبيع الخز. وبإسناده عن عمرو بن حماد بن أبى حنيفة، قال: أبو حنيفة النعمان بن ثابت بن زوطى، فأما زوطى فإنه من أهل كابل، ولد ثابت على الإسلام، وكان   (1) انظر: المتروكين (100) ، وتذكرة الحفاظ (1/158) ، وميزان الاعتدال (4/265) ، والتاريخ الكبير (8/81) ، وتقريب التهذيب (2/302) ، وتهذيب التهذيب (10/449) ، والجرح والتعديل (8/449) ، والمجروحين (3/61) ، تاريخ بغداد (13/323) ، والعير (1/274) ، ووفيات الأعيان (5/455) ، وتاريخ ابن معين (2/607) ، ومرآة الجنان (1/309) ، والبداية والنهاية (10/107) ، وسير أعلام النبلاء (6/390) ، والنجوم الزاهرة (2/12) ، وشذرات الذهب (1/227) .. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 216 زوطى مملوكًا لبنى تيم الله بن ثعلبة فأعتق، فولاؤه لبنى تيم الله بن ثعلبة، وكان أبو حنيفة خزازًا، ودكانه معروف فى دار عمرو بن حريث. وقال أبو نعيم الفضل بن دكين: أصل أبى حنيفة من كابل. وقال أبو عبد الرحمن المقرىء: كان أبو حنيفة من أهل بابل. وقال يحيى بن النضر القريشى: كان والد أبى حنيفة من سباء. وقال الحارث بن إدريس: أصل أبى حنيفة من ترمذ. وقال إسحاق بن الهلول، عن أبيه، قال: ثابت والد أبى حنيفة من الأنبار. وبإسناده عن إسماعيل بن حماد بن أبى حنيفة، قال: أنا إسماعيل بن حماد بن النعمان ابن ثابت بن النعمان بن المرزبان من أبناء فارس الأحرار، والله ما وقع علينا رق قط، ولد جدى سنة ثمانين، وذهب ثابت إلى على بن أبى طالب وهو صغير، فدعا له بالبركة وفى ذريته، ونحن نرجو من الله أن يكون قد استجاب ذلك من على بن أبى طالب فينا. وبإسناده عن عبد الله بن عمرو الرقى، قال: كلم ابن هبيرة أبا حنيفة أن يلى له قضاء الكوفة فأبى عليه، فضربه مائة سوط وعشرة أسواط، فى كل يوم عشرة أسواط، وهو على الامتناع، فلما رأى ذلك خلى سبيله، وكان ابن هبيرة عاملاً على العراق فى زمن بنى أمية. وعن أبى بكر بن عياش، قال: ضُرب أبو حنيفة على القضاء. وعن الربيع بن عاصم، قال: أرسلنى يزيد بن عمر بن هبيرة، فقدمت بأبى حنيفة، فأراده على بيت المال فأبى، فضربه أسواطًا. وعن يحيى بن عبد الحميد، عن أبيه، قال: كان أبو حنيفة كل يوم أو يومين من الأيام يُضرب ليدخل فى القضاء فيأبى، ولقد بكى فى بعض الأيام، فلما أطلق قال لى: كان غم والدتى أشدّ علىَّ من الضرب. وعن إسماعيل بن سالم البغدادى، قال: أُكره أبو حنيفة على الدخول فى القضاء فلم يقبل. قال: وكان أحمد بن حنبل إذ ذكر ذلك بكى وترحم على أبى حنيفة. وبإسناده عن بشر بن الوليد الكندى، قال: أشخص المنصور أبو جعفر أمير المؤمنين أبا حنيفة، يعنى من الكوفة إلى بغداد، فأراده على أن يوليه القضاء فأبى، فحلف عليه لفعلن، فحلف أبو حنيفة أن لا، فحلف المنصور ليفعلن، فحلف أبو حنيفة أن لا يفعل، فقال الربيع الحاجب: ألا ترى أمير المؤمنين يحلف؟! قال أبو الجزء: 2 ¦ الصفحة: 217 حنيفة: أمير المؤمنين على كفارة أيمانه أقدر منى على كفارة أيمانى، فأمر به إلى السجن فى الوقت. والصحيح أنه توفى وهو فى السجن. وبإسناده عن معتب، قال: قال خارجة بن يزيد: دعا أبو جعفر المنصور أبا حنيفة إلى القضاء فأبى عليه فحبسه، ثم دعا به، فقال: أترغب عما نحن فيه؟ فقال أبو حنيفة: أصلح الله أمير المؤمنين، لا أصلح للقضاء، فقال له: كذبت، ثم عرض عليه الثانية، فقال أبو حنيفة: قد حكم علىَّ أمير المؤمنين أنى لا أصلح للقضاء لأنه نسبنى إلى الكذب، فإن كنت كذَّابًا فلا أصلح للقضاء، وإن كنت صادقًا فقد أخبرت أمير المؤمنين أنى لا أصلح، فردَّه فى الحبس. وبإسناده عن الربيع بن يونس، قال: رأيت أمير المؤمنين المنصور ينازل أبا حنيفة فى أمر القضاء، وهو يقول: اتق الله ولا تشرك فى أمانتك إلا مَن يَخاف الله، والله ما أنا مأمون الرضا، فكيف أكون مأمون الغضب، ولا أصلح لذلك، فقال له: كذبت، أنت تصلح، فقال: قد حكمت على نفسك، فكيف يحل لك أن تولى قاضيًا على أمانتك وهو كَذَّاب. وقيل: إنه قعد فى القضاء يومين، وبعض الثالث، فلما كان أبو حنيفة بعد يومين اشتكى، فمرض ستة أيام، ثم توفى. وقال أبو نعيم: كان أبو حنيفة حسن الوجه، حسن الثياب، طيب الريح، حسن المجلس، كثير الكرم، حسن المواساة لإخوانه. وقال أبو يوسف: كان أبو حنيفة ربعة من الرجال، ليس بالقصير ولا بالطويل، وكان أحسن الناس منطقًا، وأحلاهم نغمة، وأنبههم على ما تريد. وقال محمد بن جعفر بن إسحاق بن عمرو بن حماد بن أبى حنيفة: كان أبو حنيفة طوالاً، تعلوه سمرة، وكان لباسًا، حسن الهيئة، كثير التعطر، يُعرف بريح الطيب إذا أقبل وإذا خرج من منزله. وقال أبو حنيفة: قدمت البصرة وظننت أنى لا أُسأل عن شىء إلا أجبت فيه، فسألونى عن أشياء لم يكن عندى فيها جواب، فجعلت على نفسى أن لا أفارق حمادًا حتى يموت، فصحبته ثمانى عشرة سنة. وقال أبو حنيفة: ما صليت صلاة منذ مات حماد إلا استغفرت له مع والدى، وإنى لأستغفر لمن تعلمت منه علمًا أو علمته علمًا. وقال أبو حنيفة: دخلت على أبى جعفر أمير المؤمنين، فقال لى: يا أبا حنيفة، عن مَن أخذت العلم؟ فقلت: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 218 عن حماد، يعنى ابن أبى سليمان، عن إبراهيم، يعنى عن النخعى، عن عمر بن الخطاب، وعلى بن أبى طالب، وعبد الله بن مسعود، وعبد الله بن عباس، فقال أبو جعفر: بخ بخ، استوفيت يا أبا حنيفة. ودخل أبو حنيفة يومًا على المنصور، فقال المنصور: هذا عالم أهل الدنيا. وعن هشام ابن مهران، قال: رأى أبو حنيفة فى النوم كأنه ينبش قبر النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فبعث من سأل محمد بن سيرن، فقال محمد بن سيرين: مَن صاحب هذه الرؤيا؟ ولم يجبه عنها، ثم سأله الثانية، فقال مثل ذلك، ثم سأله الثالثة، فقال: صاحب هذه الرؤيا يثور علمًا لم يسبقه إليه أحد قبله. وفى حديث عن أبى هريرة، عن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: “إن فى أمتى رجلاً يقال له: أبو حنيفة، هو سراج الأمة”. قال الخطيب: هذا حديث موضوع، وكذا ذكره جماعة من الأئمة أنه موضوع. وعن ابن عيينة، قال: ما مقلت عينى مثل أبى حنيفة. وعن ابن المبارك، قال: كان أبو حنيفة آية، قيل له: فى الخير أم فى الشر؟ فقال: اسكت يا هذا، فإنه يقال: آية فى الخير، وغاية فى الشر، ثم تلى: {وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً} [المؤمنون: 50] . وعن ابن المبارك قال: ما كان أوقر مجلس أبى حنيفة، كنا يومًا فى المسجد الجامع، فوقعت حية فسقطت فى حِجر أبى حنيفة، فهرب الناس غيره، فما زاد على أن نفض الجبة وجلس مكانه. وعن سهل بن مزاحم، قال: بُذِلَتْ الدنيا لأبى حنيفة فلم يُرِدْهَا، وضُرب عليها بالسياط فلم يقبلها. وعن روح بن عبادة، قال: كنت عند ابن جريج سنة خمسين ومائة، فأتاه موته أبى حنيفة فاسترجع وتوجع، وقال: أى علم ذهب. وعن مسعر بن كدام، قال: ما أحسد أحدًا بالكوفة إلا رجلين: أبا حنيفة فى فقهه، والحسن بن صالح فى زهده. وعن الفضيل بن عياض، قال: كان أبو حنيفة فقيهًا، معروفًا بالفقه، مشهورًا بالورع، وسيع المال، معروفًا بالأفضال على من يطيق، صبورًا على تعليم العلم بالليل والنهار، كثير الصمت، قليل الكلام حتى ترد مسألة فى حلال أو حرام، وكان يُحسن يدل على الحق، هاربًا من السلطان. وعن أبى يوسف، قال: إنى لأدعو لأبى حنيفة قبل أبوى، ولقد سمعت أبا حنيفة يقول: إنى لأدعو لحماد مع والدى. وعن أبى بكر بن عياش، قال: مات أخو سفيان الجزء: 2 ¦ الصفحة: 219 الثورى، فاجتمع الناس إليه لعزائه، فجاء أبو حنيفة، فقام إليه سفيان وأكرمه وأقعده مكانه، وقعد بين يديه، ولما تفرق الناس قال أصحاب سفيان: رأيناك فعلت شيئًا عجيبًا، قال: هذا رجل من العلم بمكان، فإن لم أقم لعلمه قمت لِسِنِّهِ، وإن لم أقم لِسِنِّهِ قمت لفقِهِهِ، وإن لم أقم لفقِهِهِ قمت لوَرَعِهِ. وعن ابن المبارك، قال: ما رأيت فى الفقه مثل أبى حنيفة. وعن ابن المبارك، قال: رأيت مسعرًا فى حلقة أبى حنيفة جالسًا بين يديه يسأله ويستفيد منه، وما رأيت أحدًا قط تكلم فى الفقه أحسن من أبى حنيفة. وعن أبى نعيم، قال: كان أبو حنيقة صاحب غوص فى المسائل. وعن وكيع، قال: ما لقيت أفقه من أبى حنيفة، ولا أحسن صلاة منه. وعن النضر بن شميل، قال: كان الناس نيامًا عن الفقه حتى أيقظهم أبو حنيفة بما فتقه وبَيَّنَهُ ولَخَّصَهُ. وعن الشافعى، قال: الناس عيال على أبى حنيفة فى الفقه. وعن جعفر بن الربيع، قال: أقمت على أبى حنيفة خمس سنين، فما رأيت أطول صمتًا منه، فإذا سُئل عن الشىء من الفقه يفتح ويسأل كالوادى. وعن إبراهيم بن عكرمة، قال: ما رأيت أورع ولا أفقه من أبى حنيفة. وعن سفيان بن عيينة، قال: ما قدم مكة فى وقتنا رجل أكثر صلاة من أبى حنيفة. وعن يحيى بن أيوب الزاهد، قال: كان أبو حنيفة لا ينام الليل. وعن أبى عاصم النبيل، قال: كان أبو حنيفة يُسَمَّى الوتد؛ لكثرة صلاته. وعن زافر بن سليمان، قال: كان أبو حنيفة يحيى الليل بركعة يقرأ فيها القرآن. وعن أسد بن عمرو، قال: صلى أبو حنيفة صلاة الفجر بوضوء العشاء أربعين سنة، وكان عامة الليل يقرأ القرآن فى ركعة، وكان يُسمع بكاؤه حتى ترحمه جيرانه، وحُفظ عليه أنه ختم القرآن فى الموضع الذى توفى فيه سبعة آلاف مرة. وعن الحسن بن عمارة أنه غسل أبا حنيفة حين توفى، وقال: غفر الله لك، لم تفطر منذ ثلاثين سنة، ولم تتوسد يمينك فى الليل منذ أربعين سنة، ولقد أتعبت مَن بعدك. وعن ابن المبارك، أن أبا حنيفة صلى خمسًا وأربعين سنة الصلوات الخمس بوضوء واحد، وكان يجمع القرآن فى ركعتين. وعن أبى يوسف، قال: بينا أنا أمشى مع أبى حنيفة، سمع رجلاً يقول لرجل: هذا أبو الجزء: 2 ¦ الصفحة: 220 حنيفة لا ينام الليل، فقال أبو حنيفة: والله لا يتحدث عنى بما لا أفعله، فكان يحيى الليل صلاة ودعاء وتضرعًا. وعن مسعر بن كدام، قال: دخلت ليلة المسجد، فرأيت رجلاً يصلى، فاستحليت قراءته، فقرأ سبعًا، فقلت: يركع، ثم قرأ الثلث، ثم النصف، فلم يزل يقرأ القرآن حتى ختمه كله فى ركعة، فنظرت فإذا هو أبو حنيفة. وعن زائدة، قال: صليت مع أبى حنيفة فى المسجد العشاء، وخرج الناس، ولم يُعلم أن فى المسجد أحدًا، فأردت أن أسأله مسألة، فقام فافتتح الصلاة، فقرأ حتى بلغ هذه الآية: {فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ} [الطور: 27] ، فلم يزل يرددها حتى أذَّن المؤذن الصبح وأنا أنتظره. وعن القاسم بن معن، أن أبا حنيفة قام ليلة بهذه الآية: {بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ} [القمر: 46] ، يرددها ويبكى ويتضرع. وعن مكى بن إبراهيم: جالست الكوفيين، فما رأيت فيهم أورع من أبى حنيفة. وعن وكيع قال: كان أبو حنيفة قد جعل على نفسه أن لا يحلف بالله تعالى فى عرض كلامه إلا تصدق بدرهم، فحلف فتصدق به، ثم جعل إن حلف أن يتصدق بدينار، فكان إذا حلف صادقًا فى عرض كلامه تصدق بدينار، وكان إذا أنفق على عياله نفقة تصدق بمثلها، وكان إذا كسا ثوبًا جديدًا كسا بقدر ثمنه الشيوخ والعلماء، وكان إذا وضع بين يديه الطعام أخذ منه ضعف ما يأكل فجعله على الخبز، ثم يعطيه الفقير. وعن وكيع قال: كان أبو حنيفة عظيم الأمانة، وكان يؤثر رضا الله تعالى على كل شىء، ولو أخذته السيوف فى الله تعالى لاحتملها. وعن ابن المبارك، قال: ما رأيت أورع من أبى حنيفة، قد جرب بالسياط والأموال. وعن قيس بن الربيع، قال: كان أبو حنيفة ورعًا، فقيهًا، كثير البر والصلة لكل من لجأ إليه، كثير الأفضال على إخوانه، وكان يبعث البضائع إلى بغداد فيشترى بها الأمتعة، ويجلب إلى الكوفة، ويجمع الأرباح من سنة إلى سنة، فيشترى بها حوائج الأشياخ المحدثين وأثوابهم وكسوتهم، وما يحتجون إليه، ثم يعطيهم باقى الدنانير من الأرباح، ويقول: أنفقوها فى حوائجكم، ولا تحمدوا إلا الله تعالى، فإنه والله ما يجريه الله لكم على يدى، فما فى رزق الله حول لغيره. وعن حفص بن حمزة القريشى، قال: كان أبو حنيفة ربما مرَّ به الرجل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 221 فيجلس إليه لغير قصد ولا مجالسة، فإذا أقام سأل عنه، فإن كان به حاجة وصله، وإن مرض عاده حتى يجبره إلى مواصلته، وكان أكرم الناس مجالسة. وعن أبى يوسف، قال: كان أبو حنيفة لا يكاد يسأل حاجة إلا قضاها. وعن إسماعيل بن حماد بن أبى حنيفة، أن أبا حنيفة وهب لمعلم ابنه حماد خمسمائة درهم حين حذق حماد. وعن جعفر بن عون، قال: أتت امرأة إلى أبى حنيفة تشترى منه ثوب خز، فأخرج لها ثوبًا، فقالت: أنا ضعيفة، وإنها أمانة، فبعنى هذا الثوب بما يقوم عليك، فقال: خذيه بأربعة دراهم، فقالت: لا تسخر بى، أنا عجوز كبيرة، فقال: اشتريت ثوبين فبهت أحدهما برأس المال إلا أربعة دراهم، فبقى هذا بأربعة دراهم. وعن ابن المبارك، قال: قلت لسفيان الثورى: ما أبعد أبا حنيفة من الغيبة، ما سمعته يغتاب عدوًا له قط، قال: هو والله أعقل من أن يسلط على حسناته ما يذهب بها. وعن على بن عاصم، قال: لو وزن عقل أبى حنيفة بعقل نصف أهل الأرض لرجح بهم. وعن إسماعيل بن حماد بن أبى حنيفة، قال: كان عندنا طحان رافضى له بغلان، فسمى أحدهما أبا بكر والآخر عمر، فرمحه أحدهما فقتله، فأخبر أبو حنيفة، قال: انظرو الذى رمحه الذى سماه عمر، فنظروا فوجدوه كذلك. وعن عبد الواحد بن غياث، قال: كان أبو العباس الطوسى يسىء الرأى فى أبى حنيفة، وكان أبو حنيفة يعرف ذلك، فدخل أبو حنيفة على أمير المؤمنين المنصور، وكثر الناس، فقال الطوسى: اليوم أقتل أبا حنيفة، فقال لأبى حنيفة: إن أمير المؤمنين يأمرنا بضرب عنق الرجل، ما ندرى ما هو، فهل لنا قتله؟ فقال: يا أبا العباس، أمير المؤمنين يأمر بالحق أبو بالباطل؟ قال: بالحق، قال: اتبع الحق حيث كان ولا تسأل عنه، ثم قال أبو حنيفة لمن قرب منه: إن هذا أراد أن يوثقنى فربطته. وعن وكيع، قال: دخلت على أبى حنيفة، فرأيته مطرقًا مفكرًا، فرفع رأسه وأنشأ يقول شعر: إن يحسدونى فإنى غير لائمهم فدام لى ولهم ما بى وما بهم قبلى من الناس أهل الفضل قد حسدوا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 222 ومات أكثرنا غيظًا بما يجد وعاب بعض الناس عند ابن عائشة أبا حنيفة، فقال ابن عائشة: قال الشاعر: أقلوا عليكم ويحكم لا أبا لكم من اللوم أو سدوا المكان الذى سدوا ولد أبو حنيفة سنة ثمانين من الهجرة، وتوفى ببغداد سنة خمسين ومائة، هذا هو المشهور الذى قاله الجمهور، وكذا رواه الخطيب عن الجمهور. ثم روى عن يحيى بن معين رواية غريبة أنه توفى فى سنة إحدى وخمسين. وعن مكى بن إبراهيم أنه توفى سنة ثلاث وخمسين، والله أعلم. 772 - أبو حيان - بالياء المثناة تحت - التوحيدى (1) : من أصحابنا المصنفين، بفتح التاء المثناة فوق، منسوب إلى التوحيد. من غرائبه أنه قال فى بعض رسائله: لا ربا فى الزعفران. ووافقه عليه القاضى أبو حامد المروذى، والصحيح المشهور تحريم الربا فيه، والله أعلم. * * * (2/91) حرف الخاء المعجمة 773 - أبو خلف الطبرى: من أصحابنا أصحاب الوجوه، تكرر ذكره فى الروضة، ولا ذكر له فى غير الروضة من هذه الكُتب. هو من أصحاب القفال المروزى، واسم أبى خلف هذا [ ...... ] (2) . ومن غرائبه أنه قال: تجب الكفارة العظمى على كل من أفطر فى نهار رمضان بما يأثم به من سواء الجماع والأكل وغيرهما، والمشهور أنها لا تجب إلا فى الجماع، وأبو خلف هذا ممن صحح الوجه المختار، وهو أن من غرم فى معصية ثم تاب دفع إليه من الزكاة. 774 - أبو الخليل (3) : مذكور فى المختصر فى صوم عاشوراء، أظنه أبا الخليل صالح بن أبى مريم الضبعى البصرى. روى عن أبى موسى الأشعرى، وأبى سعيد الخدرى مرسلاً، وسمع عبد الله ابن الحارث، وأبا علقمة الهاشمى، وعكرمة، ومجاهدًا.   (1) انظر: معجم الأدباء (15/5 - 2) وميزان الإعتدال (2/355) ووفيات الأعيان (5/112، 113) وطبقات الشافعية الكبرى (4/2، 3) وطبقات الشافعية لابن هداية الله (114) وبغية الوعاة (2/190) ومعجم المؤلفين (7/205، 206) والوافى بالوفيات (22/39 - 41) وطبقات السبكى (5/286 - 289) وطبقات الإسنوى (1/301 - 303) وسير أعلام النبلاء (17/119 - 123) ولسان الميزان (7/38 - 41) .. (2) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. (3) انظر: تاريخ ابن معين (2/265) ، والتاريخ الكبير (4/289) ، والجرح والتعديل (4/475) ، وتهذيب التهذيب (4/402) ، وتقريب التهذيب (1/362، 363) .. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 223 روى عنه أيوب، وقتادة، ومطرف. قال يحيى بن معين: هو ثقة. روى له البخارى ومسلم. 775 - أبو خيثمة الصحابى، رضى الله عنه: هو أبو خيثمة الأنصارى الذى تأخر عن غزوة تبوك أيامًا، ثم لحق رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بتبوك، فقال: "كن أبا خيثمة"، وحديثه هذا مشهور فى صحيحى البخارى ومسلم، من رواية كعب بن مالك فى حديثه الطويل فى سبب توبة الله عليه، واسم أبى خيثمة عبد الله بن خيثمة. وقال ابن الكلبى: اسمه مالك بن قيس بن ثعلبة بن العجلان بن زيد بن غنم بن سالم بن عوف بن عمرو بن عوف بن الخزرج الأكبر الأنصارى السالمى المدنى. شهد مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُحُدًا وباقى المشاهد، وتأخر عن غزوة تبوك عشرة أيام، ثم لحقه فيها. قال ابن عبد البر: عاش أبو خيثمة هذا إلى زمن يزيد بن معاوية. قال: ولا أعلم فى الصحابة من يكنى أبا خيثمة إلا عبد الرحمن بن سبرة والد خيثمة بن عبد الرحمن صاحب ابن مسعود، فإنه يكنى أبا خيثمة بابنه خيثمة. 776 - أبو خيرة الصباحى العبدى الصحابى، رضى الله عنه: من ولد صباح بن لكيز بن أفصى بن عبد القيس، كان فى وفد عبد القيس. قال ابن ماكولا: لم يرو عن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من بنى صباح غيره، وصباح بصاد مهملة مضمومة، ثم با موحدة مخففة، ولكيز بضم اللام وفتح الكاف وبالزاى، وأفصى بالفاء والصاد المهملة. * * * حرف الدال المهملة 777 - أبو داود السجستانى (1) : صاحب السنن. تكرر ذكره فى الروضة، وذكره فى المهذب فى موضعين فقط فى آخر زكاة الفطر، وفى قسم الفىء، والسجستانى بكسر السين وفتحها والكسر أشهر والجيم مكسورة فيها، وسأوضحها إن شاء الله تعالى فى اللغات فى آخر حرف السين، واسم أبى داود: سليمان بن الأشعث بن شداد بن عمرو بن عامر، كذا نسبه ابن أبى حاتم. وقال محمد بن عبد العزيز الهاشمى: هو سليمان   (1) الجرح والتعديل (4/101، 102) والثقات لابن حبان (8/282) وتاريخ بغداد (9/55) وطبقات الحنابلة (1/159 - 162) وتهذيب تاريخ دمشق (6/246 - 248) والمنتظم (5/97، 98) ووفيات الأعيان (2/404، 405) والكامل فى التاريخ (7/142) وطبقات الشافعية الكبرى (2/48) والمختصر فى أخبار البشر (2/57) وسير أعلام النبلاء (13/203 - 221) وتذكرة الحفاظ (2/591 - 593) والبداية والنهاية (11/54 - 56) ومرآة الجنان (2/189، 190) والوافى بالوفيات (15/353، 354) وتاريخ ابن الوردى (1/240) وتهذيب التهذيب (4/169 - 173) وتقريب التهذيب (1/321) وطبقات المفسرين (1/201، 202) ومعجم المؤلفين (4/255، 256) .. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 224 بن بشر بن شداد. وقال أبو عبيد الآجرى، وأبو بكر بن داسة البصريان، والخطيب البغدادى: هو سليمان بن الأشعث بن إسحاق بن بشير بن شداد. وزاد الخطيب، فقال: ابن شداد بن عمرو بن عمران الأزدى. قال الحافظ أبو طاهر السلفى: هذا القول أمثل والقلب إليه أميل. سمع أبو داود: عبد الله بن مسلمة القعنبى، وأبا الوليد الطيالسى، وأبا عمرو الحوضى، وإبراهيم بن موسى الفراء، وعمرو بن عوف، وسليمان بن حرب، وموسى ابن إسماعيل، وأحمد بن عبد الله بن يونس، وأبا بكر وعثمان بنى أبى شيبة، وأبا سعيد الأشج، وأبا كريب، وهشام بن عمار، وأبا الجماهر محمد بن عثمان، وسليمان بن عبد الرحمن، ومحمد بن وزير، وهشام بن خالد الأزرق، وأبا النضر إسحاق بن إبراهيم الفراديسى، وأبا طاهر أحمد بن عمر بن شريح، وأحمد بن صالح، وأحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وإسحاق بن راهوية، وأبا ثور، وقتيبة بن سعيد، وخلائق غيرهم. روى عنه الترمذى، والنسائى، وأبو عوانة يعقوب بن إسحاق الإسفراينى، وعلى بن عبد الصمد علان، وابنه أبو بكر عبد الله بن أبى داود، وأحمد بن محمد بن هارون الخلال الحنبلى، ومحمد بن المنذر، وأبو سعيد أحمد بن محمد بن زياد الأعرابى، وأبو الحسن على بن محمد بن العبد، وإسماعيل الصفار، وأحمد بن سليمان النجاد، ومحمد ابن أبى بكر بن عبد الرزاق بن داسة التمار، وأبو على محمد بن أحمد بن عمرو اللؤلؤى، وهما اللذان يرويان عنه كتاب السنن، وخلائق غيرهم. ويقال لأبى داود: السجستانى، والسجزى، وسجز هى سجستان، واتفق العلماء على الثناء على أبى داود، ووضفه بالحفظ التام، والعلم الوافر، والإتقان، والورع، والدين، والفهم الثاقب فى الحديث وغيره. روينا عن الحافظ أحمد بن محمد بن ياسين الهروى، قال: كان أبو داود أحد حفاظ الإسلام لحديث رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وعلمه وعلله وسنده فى أعلى درجة النسك والعفاف والورع، ومن فرسان الحديث. وقال الحاكم أبو عبد الله: كان أبو داود إمام أهل الحديث فى عصره بلا مدافعة، سمعه بمصر، والحجاز، والشام، والعراقين، وخراسان، وكتب بخراسان قبل خروجه إلى العراق فى بلدة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 225 هراة، وكتب ببغداد عن قتيبة، وبالرى عن إبراهيم بن موسى، إلا أن أعلا إسناده موسى بن إسماعيل، والقعنبى، ومسلم بن إبراهيم. قال علان بن عبد الصمد: كان أبو داود من فرسان هذا الشأن. روينا عن موسى بن هارون، قال: خلق أبو داود فى الدنيا للحديث، وفى الآخرة للجنة. وقال أبو حاتم بن حبان: أبو داود أحد أئمة الدنيا فقهًا، وعلمًا، وحفظًا، ونسكًا، وإتقانًا، جمع، وصَنَّف، وذَبَّ عن السُنن. وروينا عن إبراهيم الحربى، قال: لما صنف أبو داود هذا الكتاب، يعنى كتاب السنن، ألين لأبى داود الحديث كما ألين لدواد الحديد. وروينا عن أبى عبد الله محمد بن مخلد، قال: كان أبو داود يفى بمذاكرة ألف حديث، فلما صَنَّف كتاب السنن وقرأه على الناس صار كتابه لأصحاب الحديث كالمصحف يتبعونه ولا يخالفونه، وأقر له أهل زمانه بالحفظ والتقدم فيه. وقال محمد بن صالح الهاشمى: قال لنا أبو داود: أقمت بطرسوس عشرين سنة أكتب المسند، فكتبت أربعة آلاف حديث، ثم نظرت فإذا مدار الأربعة آلاف على أربعة أحاديث لمن وفقه الله تعالى، فأولها حديث: “الحلال بَيِّن والحرام بَيِّن” (1) ، وثانيها حديث: “إنما الأعمال بالنيات” (2) ، وثالثها: “إن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا” (3) ، ورابعها: “من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه”. قلت: وقد قيل: مدار الإسلام على حديث: “الدين النصيحة” (4) ) ، وقيل غير ذلك، وقد جمعت كل ذلك فى كتاب الأربعين. وقال أبو بكر بن داسة: سمعت أبا داود يقول: كتبت عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خمسمائة ألف حديث، انتخبت منها ما ضمنته كتاب السنن، جمعت فيه أربعة آلاف وثمانمائة حديث، ذكرت الصحيح وما يشبهه، وما يقاربه، ويكفى الإنسان لدينه أربعة أحاديث، فذكر هذه الأربعة، إلا أنه ذكر بدل الثالث: “لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه” (5) . وروينا عن الإمام أبى سليمان الخطابى، قال: سمعت أبا سعيد بن الأعرابى ونحن نسمع منه كتاب السنن لأبى داود، وأشار إلى النسخة وهى بين يديه يقول: لو أن رجلاً لم يكن عنده من العلم إلا المصحف، ثم هذا الكتاب لم يحتج معهما إلى شىء من العلم البتة. قال الخطابى: وهذا كما قال لأن الله تعالى أنزل   (1) أخرجه أحمد (4/270، رقم 18398) ، والبخارى (1/28، رقم 52) ، ومسلم (3/1219، رقم 1599) ، وأبو داود (3/243، رقم 3329، رقم 3330) ، والترمذى (3/511، رقم 1205) وقال: حسن صحيح. والنسائى (7/241، رقم 4453) ، وابن ماجه (2/1318، رقم 3984) ، وأخرجه أيضًا: الدارمى (2/319، رقم 2531) ، والبيهقى (5/264، رقم 10180) . (2) أخرجه الطيالسى (1/9، رقم 37) ، والحميدى (1/16، رقم 28) ، والبخارى (6/2551، رقم 6553) ، ومسلم (3/1515، رقم 1907) ، وأبو داود (2/262، رقم 2201) ، والترمذى (4/179، رقم 1647) ، والنسائى (7/13، رقم 3794) ، وابن ماجه (2/1413، رقم 4227) ، وابن الجارود (1/27، رقم 64) ، والطحاوى (3/96) ، وابن حبان (2/113، رقم 388) ، والدارقطنى (1/50) . (3) أخرجه أحمد (2/328، رقم 8330) ، ومسلم (2/703، رقم 1015) ، والترمذى (5/220، رقم 2989) وقال: حسن غريب. وأخرجه أيضًا: الدارمى (2/389، رقم 2717) . (4) حديث تميم الدارى: أخرجه أحمد (4/102، رقم 16982) ، ومسلم (1/74، رقم 55) ، وأبو داود (4/286، رقم 4944) ، والنسائى (7/156، رقم 4197) ، وأبو عوانة (1/44، رقم 101) ، وابن خزيمة فى السياسة كما فى إتحاف المهرة للحافظ (3/8، رقم 2456) ، وابن حبان (10/435، رقم 4574) ، والبغوى فى الجعديات (1/392، رقم 2681) ، وابن قانع (1/109) ، والبيهقى فى شعب الإيمان (4/323، رقم 5265) ، وأبو نعيم فى المعرفة (1/449، رقم 1291) . وأخرجه أيضًا: الطبرانى (2/54، رقم 1267) ، وابن عساكر (11/54) . حديث أبى هريرة: أخرجه الترمذى (4/324، رقم 1926) ، وقال: حسن صحيح. والنسائى (7/157، رقم 4199) ، والدارقطنى فى الأفراد كما أطرافه لابن طاهر (5/346، رقم 5699) . وأخرجه أيضًا: أحمد (2/297، رقم 7941) ، والطبرانى فى الأوسط (4/122، رقم 3769) . حديث ابن عباس: أخرجه أحمد (1/351، رقم 3281) ، والطبرانى (11/108، رقم 11198) . وأخرجه أيضًا: أبو يعلى (4/259، رقم 2372) ، والبزار كما فى كشف الأستار (1/49، رقم 61) . قال الهيثمى (1/87) : قال أحمد عن عمرو بن دينار أخبرنى من سمع ابن عباس، وقال الطبرانى عن عمرو بن دينار عن ابن عباس، فمقتضى رواية أحمد الانقطاع بين= =عمرو وابن عباس ومع ذلك فيه عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان وقد ضعفه أحمد وقال: أحاديثه مناكير. ورواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح. حديث ثوبان: أخرجه ابن عساكر (9/307) . وأخرجه أيضًا: الطبرانى فى الأوسط (2/42، رقم 1184) . قال الهيثمى (1/87) : فيه أيوب بن سويد، وهو ضعيف لا يحتج به. (5) أخرجه ابن المبارك (1/236، رقم 677) ، والطيالسى (ص 268، رقم 2004) ، وأحمد (3/272، رقم 13901) ، وعبد بن حميد (ص 354، رقم 1174) ، والبخارى (1/14، رقم 13) ، ومسلم (1/67، رقم 45) ، والترمذى (4/667، رقم 2515) وقال: صحيح. والنسائى (8/115، رقم 5016) ، وابن ماجه (1/26، رقم 66) ، والدارمى (2/397، رقم 2740) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 226 كتابه تبيانًا لكل شىء. وقال تعالى: {مَّا فَرَّطْنَا فِى الكِتَابِ مِن شَىْءٍ} [الأنعام: 38] ، إلا أن البيان ضربان، بيان جلى تناوله القرآن نصًا، وبيان خفى تناوله القرآن ضمنًا، وكان تفصيل بيانه موكولاً إلى النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وهو معنى قوله تعالى: {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل: 44] ، فمن جمع الكتاب والسنة فقد استوفى نوعى البيان، وقد جمع أبو داود فى كتابه هذا من الحديث فى أصول العلم وأمهات السنن وأحكام الفقه ما لا نعلم متقدمًا سبقه إليه، ولا متأخرًا لحقه فيه. قال الخطابى: واعلموا رحمكم الله أن كتاب السنن لأبى داود كتاب شريف، لم يُصَنَّف فى حكم الدين كتاب مثله، وقد رزق القبول من الناس كافة، فصار حَكمًا بين فرق العلماء، وطبقات الفقهاء على اختلاف مذاهبهم، وعليه معول أهل العراق ومصر والمغرب وكثير من أقطار الأرض، وكان تصنيف علماء الحديث قبل أبى داود الجوامع والمسانيد ونحوها، فيجمع تلك الكُتب مع السنن والأحكام أخبارًا وقصصًا ومواعظ وآدابًا، فأما السنن المحضة فلم يقصد أحد منهم جمعها واستيفاءها، ولم يقدر على تلخيصها واختصار مواضعها من أثناء تلك الأحاديث الطويلة كما حصل لأبى داود، ولهذا حل كتابه عند أئمة أهل الحديث وعلماء الأثر محل العجب، فضربت فيه أكباد الإبل، ودامت إليه الرحل. وروينا عن المحسن بن محمد إبراهيم الواذارى، قال: رأيت النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فى المنام، فقال: من أراد أن يتمسك بالسنن فليقرأ كتاب أبى داود. ومناقب أبى داود وكُتبه كثيرة مشهورة، وفيما أشرت إليه كفاية. ولد أبو داود سنة ثنتين ومائة، وتوفى بالبصرة لأربع عشرة بقيت من شوال سنة خمس وسبعين ومائتين، رحمه الله. 778 - أبو دجانة الصحابى، رضى الله عنه (1) : بضم الدال، واسمه سماك بن خرشة، وقيل: سماك بن أوس بن خرشة بن كوذان ابن عبدود بن زيد بن ثعلبة بن طريف بن الخزرج بن ساعدة بن كعب بن الخزرج الأكبر الأنصارى الخزرجى الساعدى. من رهط سعد بن عبادة، يجتمعان فى طريف، شهد بدرًا مسلمًا، وكان من الأبطال الشجعان المعروفين، ودافع عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوم أُحُد، وشهد اليمامة، وله مشاركة   (1) انظر: الإصابة (4/252، 11/112) ، والاستيعاب (4/253) ، وأسد الغابة (2/451) ، وطبقات ابن سعد (3/556) ، والوافى بالوفيات (15/449) ، وسير أعلام النبلاء (1/243) (39) .. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 227 فى قتل مسيلمة الكذاب، وثبت فى صحيح مسلم عن أنس، أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أخذ سيفًا يوم أُحُد، فقال: “من يأخذ منى هذا؟ ”، فبسطوا أيديهم، كل إنسان منهم يقول: أنا أنا، قال: “فمن يأخذه بحقه؟ ”، فأحجم القوم، فقال أبو دجانة، رضى الله عنه: أنا آخذه بحقه، فأخذه ففلق به هام المشركين، أى شق به رءوسهم. 779 - أبو الدحداح: ويقال: أبو الدحداحة الأنصارى الصحابى، بفتح الدالين وبحائين مهملتين. قال ابن عبد البر: لا أقف على اسمه، ولا على نسبه، غير أنه من الأنصار حليف لهم. وقال غيره: اسمه ثابت، وفى صحيح مسلم أن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: “كم من عذق معلق أو مدلى فى الجنة لابن الدحداح” (1) ، أو قال: “لأبى الدحداح”. العِذق بكسر العين، الغصن من النخل عليه رطب. 780 - أبو الدرداء الصحابى، رضى الله عنه (2) : تكرر ذكره فى المهذب وغيره، اسمه عويمر، وقيل: عامر بن زيد بن قيس ابن عائشة ابن أمية بن مالك بن عامر بن عدى بن كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج الأنصارى. رُوى له عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مائة حديث وتسعة وسبعون حديثًا، اتفق البخارى ومسلم منها على حديثين، وانفرد البخارى بثلاثة، ومسلم بثمانية. روى عنه ابن عمر، وابن عباس، وأنس، وأبو أمامة، وفضالة بن عبيد، ويوسف بن عبد الله بن سلام، رضى الله عنهم. وروى عن خلائق من التابعين، منهم خالد بن ثعبان، ومعدان بن أبى طلحة، وأسد بن وداعة، وجبير بن نفير، وعلقمة بن قيس، وعمرو، وابنه بلال، وزوجته أم الدرداء الصغرى، وخلائق. وكان فقيهًا، حكيمًا، زاهدًا، شهد ما بعد أُحُد من المشاهد مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، واختلفوا فى شهوده أُحُدًا، وكان إسلامه تأخر قليلاً عن أول الهجرة، وولى قضاء دمشق فى خلافة عثمان. توفى بدمشق فى خلافة عثمان سنة إحدى، وقيل: ثنتين وثلاثين من الهجرة، وقبره وقبر زوجته أم الدرداء الصغرى بباب الصغير من دمشق مشهوران، وكان له امرأتان كل واحدة يقال لها: أم الدرداء، صحابية، وتابعية، تزوج التابعية بعد وفاة الصحابية، واسم الصحابية خيرة، والتابعية جهيمة، وكانت فقيهة حكيمة،   (1) حديث ابن مسعود: ذكره إبراهيم الحسينى (2/56) : وعزاه إلى ابن سعد. حديث سعيد بن المسيب: أخرجه البيهقى (6/158، رقم 1165) . (2) انظر: الإصابة (3/45) ، وأسد الغابة (5/185) ، والاستيعاب (4/59) ، والتاريخ الكبير (7/76) ، وحلية الأولياء (1/208) ، وطبقات ابن سعد (7/391) ، وسير أعلام النبلاء (2/335) (68) .. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 228 وسنوضحهما فى قسم النساء إن شاء الله تعالى. وآخى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بين أبى الدرداء وسلمان الفارسى، وحديث زيارة سلمان له فى حياة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مشهور فى صحيح البخارى وغيره. وعن أبى الدرداء، قال: "إنى لأدعو لسبعين رجلاً من إخوانى فى صلاتى أسميهم بأسمائهم وأسماء آبائهم". * * * حرف الذال المعجمة 781 - أبو ذر الصحابى، رضى الله عنه (1) : تكرر فى هذه الكُتب، اسمه جندب، بضم الجيم، وبضم الدال وبفتحها، ابن جنادة، بضم الجيم، وقيل: اسمه برير، بموحدة مضمومة، وراء مكررة، ابن جندب، وقيل: اسمه جندب بن عبد الله، وقيل: جندب بن السكن، والمشهور: جندب بن جنادة بن سفيان بن عبيد بن الرفيقة بن حرام بن غفار بن مليك بن ضمرة بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان الغفارى الحجازى، وأمه رملة بنت الرفيقة. وكان أبو ذر، رضى الله عنه، من السابقين إلى الإسلام، ثبت فى صحيح مسلم أنه قدم إلى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فى أول الإسلام، فقال: يا رسول الله، من اتبعك على هذا؟ قال: "حر وعبد"، وأنه أقام بمكة ثلاثين بين يوم وليلة، وأسلم ثم رجع إلى بلاد قومه بإذن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ثم هاجر إلى النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى المدينة، وصحبه حتى توفى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. رُوى له عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مائتا حديث وواحد وثمانون حديثًا، اتفق البخارى ومسلم منها على اثنى عشر حديثًا، وانفرد البخارى بحديثين، ومسلم بسبعة عشر. روى عنه ابن عباس، رضى الله عنه، وأنس بن مالك، وعبد الرحمن بن غنم، وزيد بن وهب، والمعرور بن سويد، بالعين المهملة، والأحنف بن قيس، وقيس بن عباد، بضم العين وتخفيف الباء، وأبو الأسود الدؤلى، وأبو المرواح، بضم الميم وبالحاء المهملة، وابن أخيه عبد الله بن الصامت، ويزيد بن شريط التيمى والد إبراهيم، وجبير بن نفير، وأبو مسلم،   (1) انظر: الإصابة (4/62) ، وأسد الغابة (1/301، 5/186) ، والاستيعاب (1/213) ، وطبقات ابن سعد (4/219) ، والتاريخ الكبير (2/221) ، والبرصان والعرجان (65) ، وحلية الأولياء (1/156) ، وسير أعلام النبلاء (2/46) (10) ، والوافى بالوفيات (11/193) .. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 229 وأبو إدريس الخولانيان، وخرشة بن الحر، وخلق سواهم. توفى أبو ذر بالربذة سنة اثنين وثلاثين. قال المدائنى: وصلى عليه ابن مسعود، ثم قدم ابن مسعود المدينة فأقام عشرة أيام ثم توفى، وكان أبو ذر طويلاً عظيمًا، رضى الله عنه، وكان زاهدًا، متقللاً من الدنيا، وكان مذهبه أنه يحرم على الإنسان ادخار ما زاد على حاجته، وكان قوالاً بالحق. * * * حرف الراء 782 - أبو رافع القبطى (1) : مولى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. تكرر فى المختصر والمهذب. اسمه أسلم، وقيل: إبراهيم، وقيل: ثابت، وقيل: هرمز، شهد مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُحُدًا، والخندق، والمشاهد بعدها، وزوجه رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مولاته سلمى، فولدت له عبيد الله بن أبى رافع، وشهد أبو رافع فتح مصر، وتوفى بالمدينة قبل قتل عثمان، وقيل: بعده، وكان أبو رافع مملوكًا للعباس، فوهبه لرسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فلما أسلم العباس أعتقه رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. 783 - أبو رافع الصائغ التابعى (2) : مذكور فى المهذب فى مسألة دعاء القنوت، رواه عن عمر، وهو أبو رافع نفيع المدنى الصائغ، أدرك الجاهلية، ولم يرى النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وسمع عمر بن الخطاب، وعثمان، وعليًا، وابن مسعود، وأبا موسى، وأبا هريرة، وحفصة، رضى الله عنهم. روى عنه الحسن البصرى، وبكر بن عبد الله المزنى، وثابت البنانى، وجماعات آخرون من التابعين، واتفق الحفاظ على توثيقه، واحتج به البخارى ومسلم فى صحيحيهما. قال ثابت البنانى: لما أُعتق أبو رافع بكى، فقيل له: ما يبكيك؟ قال: كان لى أجران ذهب أحدهما. 784 - أبو ربيع الإيلاقى: من أصحابنا أصحاب الوجوه، مذكور فى الروضة فى الباب الثانى من كتاب الرهن فى مسألة تخلل الخمر. وهو بهمزة مكسورة، ثم ياء مثناة من تحت وآخره قاف، هكذا ضبطه السمعانى، ثم قال: وهو منسوب إلى إيلاق، وهى ناحية من بلاد الشاش المتصلة بالترك على عشرة فراسخ من الشاش. قال: وهذه الناحية مِن حِّدنوبخت إلى فرغانة. قال: وذكر من دخلها أنه لم ير بلادًا أحسن ولا أنزه منها، وجبالها فيها الذهب والفضة، وقراها وعماراتها بين المياه المطردة والخضر. قال: وكان منها جماعة من الأئمة أشهرهم أبو الربيع، يعنى صاحب هذه الترجمة. قال: واسمه طاهر بن عبد الله، كان إمامًا فى الفقه، بارعًا فيه، تفقه بمرو على أبى بكر عبد الله بن أحمد القفال المروزى، وبنيسابور على أبى طاهر محمد بن محمد بن مجمش الزيادى، وببخارا على أبى عبد الله الحسين بن الحسن الحليمى، وأخذ الأصول عن الأستاذ أبى إسحاق إبراهيم بن محمد الإسفراينى، وتفقه عليه أهل الشاش، وروى الحديث عن أستاذيه وأبى نعيم عبد الملك بن الحسن وغيرهم. توفى فى سنة خمس وستين وأربعمائة، وهو ابن ست وتسعين سنة. ومن مسائله المستفادة ما حكيته عنه فى الروضة،   (1) انظر: الإصابة (4/67) ، وسير أعلام النبلاء (2/16) (3) ، والاستيعاب (4/68) ، وأسد الغابة (5/191) ، وطبقات ابن سعد (4/73) .. (2) انظر: الإصابة (4/74) ، والجرح والتعديل (8/489) ، وطبقات ابن سعد (7/122) ، وتاريخ ابن معين (2/610) ، وتذكرة الحفاظ (1/69) ، وسير أعلام النبلاء (4/414، 415) برقم (163) ، وتهذيب التهذيب (10/472) ، وتقريب التهذيب (2/306) .. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 230 ووافقه عليه رفيقه القاضى حسين وغيره أنه لو غلت الخمر وارتفعت إلا أعلا الدن، ثم نزلت ثم تخللت طهر الموضع الذى ارتفعت إليه كما يطهر ما يلاصقها. 785 - أبو رزين الأسدى التابعى (1) : مذكور فى المهذب فى أول كتاب الطلاق فى مسألة الحر يملك ثلاث طلقات. هو أبو رزين، بفتح الراء، مسعود بن مالك الأسدى الكوفى من أسد خزيمة مولى أبى وائل، شقيق بن سلمة. وهو تابعى روى عن على، وابن مسعود، وابن عباس، وأبى هريرة، رضى الله تعالى عنهم. روى عنه إسماعيل بن سميع، وإسماعيل بن أبى خالد، وابنه عبد الله بن مسعود، وعاصم بن أبى النجود، والأعمش، ومنصور. وكان أكبر من أبى وائل، وكان أبو رزين فقيهًا، عالمًا، فهمًا، واتفقوا على توثيقه، وحديثه المذكور فى المهذب مرسل.   (1) انظر: الجرح والتعديل (8/284) ، والتاريخ الكبير (7/423) ، وتاريخ ابن معين (2/561) ، وتهذيب التهذيب (10/118، 119) ، وتقريب التهذيب (2/243) .. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 231 * * * حرف الزاي 786 - أبو الزبير التابعى (1) : صاحب جابر بن عبد الله، مذكور فى المختصر فى بيع حاضر لباد، وفى التدبير، وفى المهذب فى وسط كتاب السرقة. هو أبو الزبير محمد بن مسلم بن تدريس، بتاء مثناة فوق، ثم دال مهملة ساكنة، ثم راء مضمومة، ثم سين مهملة، الأسدى المكى، مولى حكيم بن حازم. وهو تابعى، سمع جابرًا وأكثر الرواية عنه، وابن عمر، وابن عباس، وابن عمرو بن العاص، وابن الزبير، وأبا الطفيل، رضى الله عنهم. روى عنه هشام بن عروة، والزهرى، وسلمة بن كهيل، وأيوب، وعبد الله بن عون، ويحيى الأنصارى، وموسى بن عقبة، وداود بن أبى هند، وعمرو بن الحارث، وابن جريج، وسفيان الثورى، ومالك، وابن عيينة، وابن لهيعة. واتفقوا على توثيقه. قال يعلى بن عطاء: حدثنى أبو الزبير، وكان من أكمل الناس عقلاً وأحفظهم، قال أبو الزبير: كان عطاء قدمنى إلى جابر أحفظ لهم الحديث. وقال يحيى بن معين: أبو الزبير ثقة، وهو أثبت من أبى سفيان. وقال أحمد بن حنبل: أبو الزبير أحبُّ إلىَّ من أبى سفيان؛ لأن أبا الزبير أعلم بالحديث منه. وقال ابن عدى: روى مالك، عن أبى الزبير أحاديث، وكفى به صدقًا أن يُحدِّث عنه مالك، فإن مالكًا لا يُحَدِّث إلا عن ثقة. قال: ولا أعلم أحدًا من الثقات امتنع عن أبى الزبير، بل كتبوا عنه. روى له مسلم فى صحيحه محتجًا به، وروى له البخارى مقرونًا به غير محتج به على انفراده، ولا يقدح ذلك فى أبى الزبير، فقد اتفقوا على توثيقه والاحتجاج به. توفى سنة ثمان وعشرين ومائة. 787 - أبو الزبير: مؤذن بيت المقدس، مذكور فى المهذب فى باب الأذان. قال الحاكم أبو أحمد وغيره: لا يُعرف اسم أبى الزبير هذا، وروايته المذكورة فى المهذب عن عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، رواها أبو عبيد فى غريب الحديث، والبيهقى فى سننه.   (1) انظر: التاريخ الكبير (1/221) ، وطبقات ابن سعد (5/481) ، والجرح والتعديل (8/74) ، وميزان الاعتدال (4/37) ، وتهذيب التهذيب (9/440) ، وتقريب التهذيب (2/207) .. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 232 788 - أبو الزناد (1) : بزاى مكسورة، ثم النون. تكرر فى المختصر. هو الإمام أبو عبد الرحمن عبد الله بن ذكوان المدنى القرشى مولاهم، قيل: هو مولى رملة بنت شيبة بن ربيعة، وقيل: مولى آل عثمان بن عفان، واتفقوا على أن كنيته أبو عبد الرحمن كما ذكرنا، وأن أبا الزناد لقب له، اشتهر به، وكان يغضب منه، وكان ينبغى أن أذكره فى نوع الألقاب، لكن لا يفطن أكثر الناس له فيضيع عليهم موضعه، فلهذا ذكرته فى الكنى. واعلم أن أبا الزناد من التابعين، فإنه شهد مع عبد الله بن جعفر جنازة. سمع عروة ابن الزبير، والقاسم بن محمد، وأبا سلمة بن عبد الرحمن، والشعبى، وعلى بن الحسين، وعبد الرحمن الأعرج، وأكثر روايته عنه. وروى له عن ابن عمر، وأنس، وعمرو بن أبى سلمة، وأبى أمامة بن سهل مرسلاً. روى عنه ابن أبى مليكة، وهشام بن عروة، وأبو إسحاق الشيبانى، وعبد الله بن أبى بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، وموسى بن عقبة، والأعمش، ومحمد بن عجلان، وعبد الله العمرى، ومالك بن أنس، والسفيانان، والليث بن سعد، وزائدة، وشعيب بن أبى حمزة، وبنوه القاسم وأبو القاسم، وعبد الرحمن بنوا أبى الزناد، وخلائق غيرهم. واتفقوا على الثناء عليه، وكثرة علمه، وحفظه، وفضله، وتفننه فى العلوم، وتوثيقه، والاحتجاج به. قال أحمد بن حنبل: كان سفيان الثورى يسمى أبا الزناد أمير المؤمنين فى الحديث. وقال عبد ربه بن سعيد: رأيت أبا الزناد دخل مسجد رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ومعه من الأتباع مثل ما مع السلطان، فبين سائل عن فريضة، وسائل عن الحساب، وسائل عن الشعر، وسائل عن الحديث، وسائل عن معضلة. وقال على بن المدينى: لم يكن بعد كبار التابعين أعلم من ابن شهاب، ويحيى بن سعيد الأنصارى، وأبى الزناد، وبكير بن عبد الله بن الأشج. وقال الليث بن سعد: رأيت أبا الزناد وخلفه ثلاثمائة تابع من طالب علم، وفقه، وشعر، وصنوف العلم. قال مصعب: كان أبو الزناد فقيه أهل المدينة. وقال البخارى: أصح الأسانيد كلها مالك، عن نافع، عن ابن عمر، وأصح أسانيد أبى هريرة: أبو الزناد، عن الأعرج، عن أبى هريرة. وقال أحمد بن حنبل: أبو الزناد أعلم من ربيعة. وقال محمد بن سعد: كان أبو الزناد ثقة، كثير الحديث، فصيحًا، بصيرًا   (1) انظر: التاريخ الكبير (5/83) ، وتاريخ ابن معين (2/305) ، والجرح والتعديل (5/49) ، وتهذيب التهذيب (5/203) .. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 233 بالعربية، عالمًا، عاقلاً، مات فجأة فى مغتسله ليلة الجمعة لسبع عشرة خلت من شهر رمضان سنة ثلاثين ومائة، ومات وهو ابن ست وستين سنة، رحمه الله. 789 - أبو الزياد الكلابى: بعد الزاى ياء مثناة تحت، مذكور فى أول وكالة المهذب، ولا ذكر له فى هذه الكُتب إلا فى هذا الموضع. قال الخطيب فى تاريخ بغداد: أبو الزياد الكلابى أعرابى، قدم بغداد أيام أمير المؤمنين المهدى حين أصابت الناس المجاعة، فأقام ببغداد أربعين سنة، ومات بها، وله شعر كثير، وعلق عنه الناس أشياء كثيرة من اللغة وعلم العربية. 790 - أبو زيد المروزى (1) : من أئمة أصحابنا الخراسانيين أصحاب الوجوه، تكرر ذكره فى الوسيط والروضة، ولا ذكر له فى المهذب. هو أبو زيد محمد بن أحمد بن عبد الله بن محمد، الإمام البارع، النحرير، المدقق، الزاهد، العابد، النظار، المحقق، المشهور بالورع، والزهادة، والعلوم المتظاهرة، والعبادة. قال الحاكم أبو عبد الله فى تاريخ نيسابور: كان أبو زيد أحد أئمة المسلمين، ومن أحفظ الناس لمذهب الشافعى، رحمه الله تعالى، وأحسنهم نظرًا، وأزهدهم فى الدنيا، أقام بمكة سبع سنين، وحدث بها وببغداد بصحيح البخارى،   (1) انظر: تاريخ بغداد (1/314) والكامل فى التاريخ (9/16) والعبر (2/360) وتذكرة الحفاظ (3/950) والبداية والنهاية (11/299) ومرآة الجنان (2/397) وطبقات الفقهاء (115) وطبقات الشافعية الكبرى للسبكى (3/71) والعقد الثمين (1/297) والوافى بالوفيات (2/71) ووفيات الأعيان (4/208) والنجوم الزاهرة (4/141) والمنتظم (7/112) وطبقات الشافعية للإسنوى (2/379) وسير أعلام النبلاء (16/313 - 315) .. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 234 عن الفربرى، وهى أجل الروايات لجلالة أبى زيد. قال الحاكم: وسمعت أبا بكر البزار يقول: عادلت أبا زيد من نيسابور إلى مكة، فما أعلم أن الملائكة كتبت عليه خطيئة. وقال الشيخ أبو إسحاق فى طبقاته: كان الشيخ أبو زيد زاهدًا، حافظًا للمذهب، حسن النظر، مشهورًا بالزهد، وهو صاحب أبى إسحاق المروزى، وتفقه عليه أبو بكر القفال المروزى، وفقهاء مرو. قال: وتوفى بمرو سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة. وقال إمام الحرمين فى باب التيمم من النهاية: كان أبو زيد من أذكى الأئمة قريحة. وروى الإمام الحافظ أبو سعد السمعانى بإسناده عن الشيخ أبى زيد المروزى، قال: كنت نائمًا بين الركن والمقام، فرأيت النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فى المنام، فقال: يا أبا زيد، إلى متى تدرس كتاب الشافعى ولا تدرس كتابى؟ فقلت: يا رسول الله، وما كتابك؟ قال: جامع محمد بن إسماعيل، يعنى صحيح البخارى، رضى الله عنه. قال الحاكم: فقدم أبو زيد نيسابور غير مرة، منها لغزوة الروم، ومنها قدمت الخامسة متوجهًا إلى الحج فى شعبان سنة خمس وخمسين وثلاثمائة. قال: وسمع أبو زيد بمرو من أصحاب على بن حجر، وعلى بن خشرم، وأقرانهم، وأكثر الرواية عن أبى بكر المنكدرى. وتوفى بمرو فى رجب سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة. قال الحاكم: سمعت أبا الحسن محمد بن أحمد الفقيه، يقول: سمعت أبا زيد المروزى يقول: لما عزمت على الرجوع من مكة إلى خراسان، تقسى قلبى بذلك، وقلت: متى يكون هذا والمسافة بعيدة، والمشقة لا أحتملها، وقد طعنت فى السن، فرأيت فى المنام كأن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قاعدًا فى المسجد الحرام وعن يمينه شاب، فقلت: يا رسول الله، قد عزمت على الرجوع إلى خراسان والمسافة بعيدة، فالتفت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى الشاب، وقال: يا روح الله، اصحبه إلى وطنه، فأريت أنه جبريل، عليه السلام، فانصرفت إلى مرو، ولم أحس شيئًا من مشقة السفر، وبالله التوفيق. 791 - أبو زيد الأنصارى النحوى اللغوى (1) : صاحب الشافعى، وشيخ أبى عبيد القاسم بن سلام، هو الإمام أبو زيد سعيد بن أوس بن ثابت الأنصارى الإمام فى النحو واللغة. قال الخطيب فى تاريخ بغداد: حدَّث عن شعبة، وإسرائيل، وأبى عمرو، وابن العلاء المازنى. روى عنه أبى عبيد القاسم بن سلام، ومحمد بن سعد كاتب الواقدى، وأبو حاتم السجستانى، وأبو زيد عمرو بن شبة، وأبو حاتم الرازى، وأبو العيناء محمد بن القاسم، وغيرهم. قال الخطيب: وكان ثقة، ثبتًا من أهل البصرة، وقدم بغداد. ثم ذكر الخطيب بإسناده عن أبى عثمان المزانى، قال: كنا عند أبى زيد فجاء الأصمعى، فأكب على رأسه، وجلس وقال: هذا عالمنا ومعلمنا منذ ثلاثين سنة، فبينا نحن كذلك إذ جاء خلف الأحمر فأكب على رأسه وجلس وقال: هذا عالمنا ومعلمنا منذ عشرين سنة. وسُئل الأصمعى وأبو عبيدة عنه، فقالا معًا: ما شئت من عفاف وتقوى وإسلام. وقال صالح بن محمد الحافظ: أبو زيد ثقة. توفى سنة خمسة   (1) انظر: الجرح والتعديل (4/4، 5) ، وتهذيب الكمال (10/330 - 337) ، وميزان الاعتدال (2/126، 127) ، وتهذيب التهذيب (4/3 - 5) ، وتقريب التهذيب (1/291) .. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 235 عشرة ومائتين، وقيل: سنة أربع عشرة. وقال المبرد: حدثنى الرياشى، وهو أبو حاتم، أنه توفى سنة خمسة عشرة ومائتين، وله ثلاث وتسعون سنة. توفى بالبصرة، رحمه الله. * * * حرف السين المهملة 792 - أبو ساسان (1) : بسينين مهملتين. مذكور فى المهذب فى أول حد الخمر، واسمه حضين، بحاء مهملة مضمومة، ثم ضاد معجمة مفتوحة، ابن المنذر بن الحارث الرقاشى البصرى التابعى الثقة. سمع عثمان، وعليًّا، وأبا موسى الأشعرى، وغيرهم من الصحابة، رضى الله عنهم. روى عنه الحسن البصرى، وعبد الله بن فيروز، وعلى بن سويد، وداود بن أبى هند، وابنه يحيى بن حضين. توفى قبل المائة من الهجرة. قيل: أبو ساسان كنيته، وقيل: هو لقب، وكنيته أبو محمد، وبه قطع الحاكم أبو عبد الله فى تاريخ نيسابور. واتفقوا على توثيق أبى ساسان. 793 - أبو سباع: بكسر السين. مذكور فى المهذب فى باب المصراة. هو تابعى. ذكره الحاكم أبو عبد الله فى كتابه فى الكنى فيمن لا يُعرف اسمه، وحديثه المذكور فى المهذب رواه البيهقى فى السنن الكبير بإسناده. 794 - أبو سعد بن أحمد: من فقهاء أصحابنا، وهو شارح أدب القاضى لأبى عاصم العبادى، مذكور فى الروضة فى أول باب خيار النقص فى بيان عيوب المبيع، هو القاضى الإمام أبو سعد   (1) انظر: الجرح والتعديل (3/311، 312) ، وطبقات ابن سعد (7/155) ، والتاريخ الكبير (3/128) ، والكامل فى الأدب (3/13) ، وتهذيب تاريخ دمشق (4/377 - 380) ، وخزانة الأدب (2/90) ، والوافى بالوفيات (13/94) ، وأعيان الشيعة (27/277 - 296) ، وتهذيب التهذيب (2/395) ، وتقريب التهذيب (1/185) .. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 236 [ ...... ] (1) . 795 - أبو سعيد الخدرى الصحابى، رضى الله عنه (2) : تكرر فى هذه الكُتب. هو أبو سعيد سعد بن مالك بن سنان بن عبيد بن ثعلبة بن عبيد بن الأبجر، بالباء الموحدة وبالجيم، وهو خدرة الذى ينسب إليه أبو سعيد هذا، ابن عوف بن الحارث بن الخزرج الأنصارى الخزرجى الخدرى، بضم الخاء المعجمة وإسكان الدال المهملة. قال محمد بن سعد: وزعم بعض الناس أن خدرة إنما هى أم الأبجر، والصحيح أن خدرة هو الأبجر كما قدمناه، واسم أم أبى سعيد: أنيسة بنت أبى حارثة. استصغر أبو سعيد يوم أُحُد فَرُدَّ، وغزا بعد ذلك مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثنتى عشرة غزوة، وكان أبوه مالك صحابيًا استشهد يوم أُحُد، رضى الله عنه. رُوى لأبى سعيد عن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ألف حديث ومائة وسبعون حديثًا، اتفق البخارى ومسلم على ستة وأربعين منها، وانفرد البخارى بستة عشر، ومسلم باثنين وخمسين. وروى أبو سعيد عن جماعة من الصحابى أيضًا، منهم أبو بكر، وعمر، وعثمان، وزيد ابن ثابت، وأبو قتادة، وعبد الله بن سلام، وأبوه مالك بن سنان. وروى عنه جماعة من الصحابة، منهم عبد الله بن عمر، وعبد الله بن عباس، وجابر ابن عبد الله، وغيرهم، رضى الله عنهم أجميعن. وروى عنه خلائق من التابعين، منهم ابن المسيب، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة، وأبو سلمة وحميد ابنا عبد الرحمن بن عوف، وعامر بن سعد، وعطاء بن يزيد، وعطاء بن يسار، وعبيد بن حنين، بنونين، ونافع، وخلائق. وكان من فقهاء الصحابة وفضلائهم البارعين. روينا عن سهل بن سعد، قال: بايعت النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنا، وأبو ذر، وعبادة بن الصامت، وأبو سعيد الخدرى على أن لا تأخذنا فى الله لومة لائم. وعن حنظلة بن أبى سفيان الجمحى، عن أشياخه، قالوا: لم يكن من أحداث الصحابة أفقه من أبى سعيد الخدرى. وفى رواية: أعلم. ومناقبه كثيرة. توفى بالمدينة يوم الجمعة سنة أربع وستين، وقيل: سنة أربع وسبعين، ودفن بالبقيع. 796 - أبو سعيد الإصطخرى الفقيه (3) : من أصحابنا أصحاب الوجوه، تكرر ذكره فى الكُتب الكبار، منسوب إلى إصطخر البلدة المعروفة من بلاد فارس، وهو   (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. (2) انظر: الإصابة (2/35) ، التاريخ الكبير (4/44) ، والنجوم الزاهرة (1/192) ، والجرح والتعديل (4/93) ، وتهذيب تاريخ دمشق (6/110 - 115) ، والثقات لابن حبان3/150، 151) ، وأسد الغابة (2/289) ، وحلية الأولياء (1/369 - 371) ، وتهذيب الكمال (10/294 - 300) ، والاستيعاب (2/602) ، وسير أعلام النبلاء (3/168 - 172) برقم (28) ، وتاريخ بغداد (1/180، 181) ، وتذكرة الحفاظ (1/41) ، والوافى بالوفيات (15/148) ، وربيع الأبرار (4/321، 409، 465) ، والبداية والنهاية (9/3، 4) ، ومرآة الجنان (1/155) ، وتهذيب التهذيب (3/479 - 481) .. (3) انظر: تاريخ بغداد (7/268 - 270) والأنساب (1/291، 292) والمنتظم (6/312) ووفيات الأعيان (2/74، 75) ومعجم البلدان (1/211) وسير أعلام النبلاء (15/250 - 252) ومرآة الجنان (2/290) والبداية والنهاية (11/193) وطبقات الشافعية الكبرى للسبكى (3/230 - 253) والنجوم الزاهرة (3/267) .. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 237 بكسر الهمزة، قاله السمعانى وغيره، وقيل: بفتحها، وهى همزة قطع كسرت أو فتحت، ويجوز تخفيفه كالأحمر ونظائره، فيحصل فيه أربعة أوجه. واسم أبى سعيد الحسن بن أحمد بن يزيد بن عيسى بن الفضل بن بشار بن عبد الحميد بن عبد الله بن هانىء بن قبيصة بن عمرو بن عامر، قاله الخطيب فى تاريخ بغداد، وغيره. وقال الشيخ أبو إسحاق: كان أبو سعيد قاضى قم، وولى الحسبة ببغداد، وكان ورعًا، متقللاً من الدنيا، ولد سنة أربع وأربعين ومائتين، وتوفى سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة. قال: وصَّنف كتابًا حسنًا فى أدب القضاء. وقال الشيخ أبو حامد فى تعليقه: كان الإصطخرى بصيرًا بكتب الشافعى. قال الخطيب: سمع أبو سعيد الإصطخرى: سعدان بن نصر، وحفص بن عمرو، وأحمد بن منصور الرمادى، وعيسى بن جعفر الوراق، وعباس بن محمد الدورى، وأحمد بن سعد الزهرى، وأحمد بن حازم بن أبى عزرة، وحنبل بن إسحاق. روى عنه محمد بن المظفر، وأبو الحسن الدارقطنى، وأبو حفص بن شاهين، ويوسف بن عمر القواس، وأبو قاسم ابن الثلاج. قال الخطيب: كان الإصطخرى أحد الأئمة المذكورين، ومن شيوخ الفقهاء الشافعيين، وكان ورعًا، زاهدًا، متقللاً. وقال صالح بن أحمد بن محمد الحافظ: كان الإصطخرى أحد الفقهاء مع ما رزق من الديانة والورع، ودل كتابه الذى ألفه فى القضاء على سعة فهمه ومعرفته. قال الخطيب: حدثنى القاضى أبو الطيب الطبرى، قال: حكى لى عن أبى القاسم الداركى، قال: سمعت أبا إسحاق المروزى يقول: دخلت بغداد فلم يكن بها من يستحق أن أدرس عليه إلا أبو العباس بن سريج، وأبو سعيد الإصطخرى. قال القاضى أبو الطيب: وهذا يدل على أن أبا على بن خير إن لم يكن يقاس بهما، وكان من الورع والزهد بمكان، قال: ويقال: إنه كان قميصه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 238 وسراويله وعمامته وطيلسانه من شقة واحدة. قال: وله تصانيف كثيرة منها كتاب أدب القضاء، ليس لأحد مثله، وولى الحسبة ببغداد، وأحرق طاق اللعب من أجل ما يعمل فيها من الملاهى، واستفتاه القاهر الخليفة فى الصابئين فأفتاه بقتلهم؛ لأنه تبين له مخالفتهم اليهود والنصارى، وأنهم يعبدون الكواكب، فعزم الخليفة على قتلهم، فجمعوا مالاً كثيرًا فكف عنهم. قال القاضى: وحكى عن الداركى، قال: ما كان أبو إسحاق المروزى يُفتى بحضرة الإصطخرى إلا بإذنه، رحمهما الله تعالى. 797 - أبو سفيان بن الحارث الصحابى، رضى الله عنه (1) : هو ابن عم رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فإنه أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف. واختلفوا فى اسمه، فقال هشام بن الكلبى، وإبراهيم بن المنذر، والزبير بن بكار، وغيرهم: اسم أبى سفيان هذا: المغيرة، وقال الآخرون: اسمه كنيته، لا اسم له غيرها، وهو أخو النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من الرضاعة، أرضعتهما حليمة، وكان يشبه النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هو، وجعفر بن أبى طالب، والحسن بن على، وقثم بن العباس، رضى الله عنهم أجمعين. وكان شاعرًا، أسلم وحسن إسلامه، وشهد مع النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حنينًا، وأبلى فيها بلاء حسنًا، وهو من فضلاء الصحابة. وقال أبو سفيان عند موته: لا تبكوا علىَّ، فلم أفعل خطيئة منذ أسلمت. توفى بالمدينة سنة عشرين، وصلى عليه عمر بن الخطاب، وقيل: توفى سنة خمس عشرة. 798 - أبو سفيان بن حرب الصحابى (2) : تكرر ذكره فى هذه الكُتب. هو أبو سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس ابن عبد مناف بن قصى القرشى الأموى المكى، أسلم زمن الفتح، وكان شيخ مكة إذ ذاك، ورئيس قريش، ولقى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالطريق قبل دخوله مكة لفتحها فأسلم هناك، وشهد حنينًا، وأعطاه النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من غنائمها مائة بعير وأربعين أوقية، وشهد الطائف، وفقئت عينه يومئذ، وشهد اليرموك. روى له البخارى ومسلم حديث هرقل، من رواية ابن عباس، عن أبى سفيان، وكان أبو سفيان من تجار قريش وأشرافهم، وكان من المؤلفة، ثم حسن   (1) انظر: الإصابة (4/90) ، وأسد الغابة (5/215) ، والاستيعاب (4/83) ، وطبقات ابن سعد (4/49) ، وسير أعلام النبلاء (1/202) ، والعقد الثمين (7/253) .. (2) انظر: الإصابة (2/178) ، وأسد الغابة (5/216) ، والاستيعاب (4/85) ، والعقد الثمين (5/32) ، والوافى بالوفيات (16/284) ، وسير أعلام النبلاء (2/105) (13) ، ونهاية الأرب (19/449) ، والتاريخ الكبير (4/310) .. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 239 إسلامه، ونزل المدينة وتوفى بها سنة إحدى وثلاثين، وقيل: أربع وثلاثين، وهو ابن ثمان وثمانين سنة، وهو والد يزيد، ومعاوية، وأم حبيبة أولاد أبى سفيان وأخوتهم. 799 - أبو سفيان (1) : مولى ابن أبى أحمد. مذكور فى المختصر فى العرايا. هو تابعى، وهو مولى عبد الله بن أبى أحمد بن جحش الأسدى. وقال محمد بن سعد: هو مولى لبنى عبد الأشهل، وكان له انقطاع إلى أبى أحمد بن جحش، فنُسب إلى ولائه. واختلفوا فى اسم أبى سفيان هذا، فقيل: قزمان، بقاف مضمومة ثم زاى ساكنة. وقال الدارقطنى فى تسمية رجال مسلم: اسمه وهب. روى عن أبى سعيد الخدرى. روى عنه داود بن الحصين وغيره. وقال داود بن الحصين: كان أبو سفيان يؤم بنى عبد الأشهل وفيهم ناس من أصحاب النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، منهم محمد بن سلمة، وسلمة بن سلامة، ويصلى بهم وهو مكاتب. قال محمد بن سعد: وكان ثقة، قليل الحديث. روى له البخارى ومسلم. 800 - أبو سلمة الصحابى، رضى الله عنه: زوج أم سلمة، رضى الله عنهما، تكرر ذكره. هو أبو سلمة عبد الله بن عبد الأسد ابن هلال بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم القريشى المخزومى، كان قديم الإسلام، وهاجر إلى الحبشة ثم إلى المدينة بأم سلمة، وشهد بدرًا وأُحُدًا، وجُرح بها، واندمل جرحه ثم انتقض جرحه فمات منه، هكذا ذكره ابن عبد البر، وهو والد عمر بن أبى سلمة. 801 - أبو سلمة التابعى (2) : هو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وسبق باقى نسبه فى ترجمة أبيه عبد الرحمن ابن عوف القريشى الزهرى، أحد العشرة، رضى الله عنهم أجمعين، تكرر ذكر أبى سلمة فى المختصر، وذكره فى المهذب فى كتاب السير فى فصل الأمان عن عمر. واسم أبى سلمة عبد الله، وقيل: إسماعيل، والصحيح المشهور هو الأول، وهو مدنى من كبار التابعين، وهو أحد فقهاء المدينة السبعة على   (1) انظر: الجرح والتعديل (9/381) ، والتاريخ الكبير (9/39) ، وطبقات ابن سعد (5/307، 308) ، وتهذيب التهذيب (12/113) ، وتقريب التهذيب (2/429) .. (2) انظر: الجرح والتعديل (5/93، 94) ، والتاريخ الكبير (5/130) ، وتاريخ ابن معين (2/708) ، وسير أعلام النبلاء (4/287 - 292) برقم (108) ، وطبقات ابن سعد (5/155 - 157) ، والبداية والنهاية (9/116) ، وتذكرة الحفاظ (1/63) ، وتهذيب التهذيب (12/115 - 118) ، وتقريب التهذيب (2/430) .. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 240 أحد الأقوال كما سبق إيضاحه فى ترجمة خارجة بن زيد. سمع أبو سلمة جماعة من الصحابة، منهم عبد الله بن سلام، وابن عمر، وابن عباس، وابن عمرو بن العاص، وجابر بن عبد الله، وأبو سعيد الخدرى، وأبو أسيد، بضم الهمزة، ومعاوية بن الحكم، وربيعة بن كعب، وعائشة، وأم سلمة، وقيل: سمع حسان بن ثابت، ولم يسمع عمر بن الخطاب، بل روايته عنه مرسلة، وسمع جماعة من التابعين، منهم عطاء بن أبى رباح، وعروة، وبشير بن سعيد، بضم الباء، وعمر بن عبد العزيز. روى عنه خلائق من التابعين وغيرهم، فمن التابعين عامر الشعبى، وعبد الرحمن الأعرج، وعراك بن مالك، وعمرو بن دينار، وأبو حازم، وأبو سلمة بن دينار، والزهرى، ويحيى الأنصارى، ويحيى بن أبى كثير، وآخرون. وأم أبى سلمة تماضر بنت الأصبغ، وسيأتى بيانها فى ترجمتها إن شاء الله تعالى. واتفقوا على جلالة أبى سلمة، وإمامته، وعظم قدره، وارتفاع منزلته. روينا عن محمد ابن سعد، قال: كان ثقة، فقيهًا، كثير الحديث. توفى بالمدينة سنة أربع وتسعين، وهو ابن اثنتين وسبعين. قال: وهذا أثبت من قول مَن قال: سنة أربع ومائة. وقال أبو زرعة: هو ثقة إمام، قالوا: وكان صبيح الوجه. 802 - أبو السنابل بن بعكك الصحابى: الذى خطب سبعية الأسلمية، وهو بفتح السين، وبعكك بموحدة مفتوحة ثم عين مهملة ساكنة ثم كافين، وهو مصروف، وهو أبو السنابل بن بعكك بن الحجاج بن الحارث بن السباق بن عبد الدار، كذا نسبه ابن الكلبى، وابن عبد البر، وقيل فى نسبه غير هذا، واسمه عمرو، وقيل: حبة، بالباء الموحدة، وقيل: بالنون، حكاهما ابن ماكولا. أسلم يوم فتح مكة، وكان من المؤلفة، وكان شاعرًا، سكن الكوفة. 803 - أبو سهل الصعلوكى (1) : من أصحابنا أصحاب الوجوه، تكرر ذكره فى الروضة، ولا ذكر له فى المختصر والمهذب. هو الإمام البارع أبو سهل الصعلوكى النيسابورى الشافعى مذهبًا، الحنفى نسبًا، من بنى حنيفة. قال الحاكم أبو عبد الله فى تاريخ نيسابور: واسم أبى سهل هذا: محمد بن سليمان ابن محمد بن سليمان بن هارون   (1) انظر: طبقات الشافعية الكبرى للسبكى (3/167) والوافى بالوفيات (3/124) ومفتاح السعادة (2/177) والنجوم الزاهرة (4/136) ووفيات الأعيان (4/204) وطبقات الصوفية للسلمى (344) والعبر (2/352) ومرآة الجنان (2/393) وطبقات المفسرين لداودى (2/147) والأنساب لابن السمعانى (8/63) وطبقات الأولياء لابن الملقن (215، 216) وسير أعلام النبلاء (16/235 - 239) .. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 241 بن عيسى بن إبراهيم بن بشير الحنفى العجلى، الإمام الهمام، أبو سهل الفقيه، الأديب، اللغوى، النحوى، الشاعر، المتكلم، المفسر، المفتى، الصوفى، الكاتب، العروضى، خير زمانه، وبقية أقرانه، رضى الله عنه. ولد سنة ست وتسعين ومائتين، وسمع أول سماعه سنة خمس وثلاثمائة، وطلب الفقه، وتبحر فى العلوم قبل خروجه إلى العراق بسنتين، فإنه ناظر فى مجالس أبى الفضل البلعمى الوزير سنة سبع عشرة وثلاثمائة، وكان يقوم فى المجالس إذ ذاك. ثم خرج إلى العراق سنة ثنتين وعشرين وثلاثمائة، وهو إذ ذاك أوحد بين أصحابه، ثم دخل البصرة، ودرس بها، إلى أن استدعى إلى أصبهان، ثم انتقل إلى نيسابور، ودرس، وأفتى، ورأس أصحابه بنيسابور ثنتين وثلاثين سنة. ومن جملة شيوخه فى المذهب أبو إسحاق المروزى. قال أبو إسحاق المروزى: ذهبت الفائدة من مجلسنا بعد خروج أبى سهل النيسابورى. وقال الصاحب بن عباد: لا نرى مثل أبى سهل، ولا أرى هو مثل نفسه. وقال أبو بكر الصيرفى: خرج أبو سهل إلى خراسان، ولم ير أهل خراسان مثله. وقال الشيخ أبو إسحاق الشيرازى فى طبقاته: كان أبو سهل صاحب أبى إسحاق المروزى، وتوفى فى آخر سنة تسع وستين وثلاثمائة، وعنه أخذ الفقه أبو الطيب وفقهاء نيسابور. وقال أبو سعد السمعانى فى الأنساب: الصعلوكى منسوب إلى الصعلوك. قال: وكان أبو سهل هذا إمام عصره بلا مدافعة، المرجوع إليه فى العلوم، تفقه على أبى على الثقفى بنيسابور. قال: وسمع بخراسان أبا بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة، وأبا العباس محمد بن إسحاق السراج، وبالرى عبد الرحمن بن أبى حاتم، وببغداد الحسين بن إسماعيل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 242 المحاملى، وأبا بكر محمد بن القاسم الأنبارى، وآخرين. سمع منه الحاكم أبو عبد الله وآخرون. توفى ليلة الثلاثاء الخامس عشر من ذى القعدة سنة تسع وستين وثلاثمائة، وهو ابن ثلاث وسبعين سنة وأشهر. ومن غرائب أبى سهل ما حكاه عنه أبو سعد المتولى أنه قال: إذا نوى بغسله الجنابة والجمعة لا يجزيه لواحد منهما، والمشهور فى المذهب أنه يجزيه لهما. ومنها أنه اشترط النية فى إزالة النجاسة، حكاه عنه القاضى حسين، وابن الصباغ، والمتولى، والمشهور أنها لا تشترط، ونقل الماورى والبغوى فى شرح السنة الإجماع أنها لا تشترط. قال أبو العباس التسترى الصوفى: كان أبو سهل يقدم فى علوم الصوفية، ويتكلم فيها بأحسن الكلام، وصحب من أئمتهم المرتعش، والشبلى، وأبا على الثقفى، وغيرهم. وقال أبو عبد الرحمن السلمى: قال لى أبو سهل: عقوق الوالدين تمحوه التوبة، وعقوق الأستاذ لا يمحوه شىء البتة. * * * حرف الشين المعجمة 804 - أبو شريح الخزاعى الصحابى، رضى الله عنه (1) : مذكور فى المختصر فى باب ما يجب به القصاص، وفى المهذب فيه، وفى باب استيفاء القصاص، ثم فى باب العفو عن القصاص، وقال فى الباب الأول: هو أبو شريح الخزاعى، وفى الآخرين: أبو شريح الكعبى، وهو واحد، يقال فيه: الكعبى، والخزاعى، والعدوى. واختلف فى اسمه، فقيل: خويلد بن عمرو بن صخر بن عبد العزى بن معاوية، وقيل: اسمه عبد الرحمن بن عمرو، وقيل: عمرو بن خويلد، وقيل: هانىء بن عمرو، وقيل: كعب. أسلم قبل فتح مكة، وكان يوم فتح مكة حاملاً أحد ألوية بنى كعب. قال محمد بن سعد: توفى أبو شريح بالمدينة سنة ثمان وستين، رضى الله عنه. رُوى له عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عشرون حديثًا، اتفق البخارى ومسلم على حديثين، وانفرد البخارى بحديث. روى عنه نافع بن جبير، وسعيد المقبرى. 805 -   (1) انظر: الإصابة (4/101، 102) ، والتاريخ الكبير (3/224) ، والجرح والتعديل (3/398) ، وطبقات ابن سعد (4/295) ، والاستيعاب (4/101 - 103) ، وأسد الغابة (5/225، 226) ، وتهذيب التهذيب (12/125، 126) .. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 243 أبو الشعثاء التابعى (1) : مذكور فى المختصر فى العيب فى النكاح، وفى التدبير، هو بشين معجمة مفتوحة، ثم عين مهملة ساكنة، ثم ثاء مثلثة ممدودة، واسمه جابر بن زيد الأزدى البصرى. سمع ابن عباس، وابن عمر، والحكم بن عمرو، وغيرهم. روى عنه عمرو بن دينار، وقتادة، وعمرو بن زهدم. واتفقوا على توثيقه. قال أحمد بن حنبل، وعمرو بن على، والبخارى: توفى سنة ثلاث وتسعين. وقال محمد بن سعد: سنة ثلاث ومائة. وقال الهيثم: سنة أربعة ومائة. * * * حرف الصاد المهملة 806 - أبو صالح السمان الزيات التابعى (2) : تكرر فى المختصر، واسمه ذكوان، يقال له: السمان، والزيات، وكان يجلب السمن والزيت إلى الكوفة، وهو مدنى غطفانى، مولى جويرية بنت الأحمس. سمع سعد بن أبى وقاص، وابن عمر، وابن عباس، وجابرًا، وأبا سعيد، وأبا هريرة، وأبا عياش الزرقى، وعائشة. وسمع جماعة من التابعين. روى عنه عطاء بن أبى رباح، وعبد الله بن دينار، ومحمد بن سيرين، والزهرى، وحبيب بن أبى ثابت، ورجاء بن حيوة، ويحيى الأنصارى، وأبو إسحاق السبيعى، وخلائق من التابعين وغيرهم. واتفقوا على توثيقه وجلالته. قال أحمد بن حنبل: هو ثقة ثقة، من أجلِّ الناس وأوثقهم، وشهد الدار زمن عثمان ابن عفان، رضى الله عنه. توفى بالمدينة سنة إحدى ومائة. * * * حرف الضاد المعجمة 807 - أبو ضمضم: بضادين معجمتين مفتوحتين، مذكور فى المهذب فى باب القذف، ولا يُعرف له اسم، وقد ذكره أبو عمرو، وابن عبد البر فى الصحابة.   (1) انظر: الجرح والتعديل (2/494، 495) ، والتاريخ الكبير (2/204) ، وحلية الأولياء (3/85 - 92) ، وطبقات ابن سعد (7/179 - 182) ، وتذكرة الحفاظ (1/72، 73) ، وتاريخ ابن معين (2/73) ، وسير أعلام النبلاء (4/481 - 483) برقم (184) ، والبداية والنهاية (9/93) ، وربيع الأبرار (4/141) ، والنجوم الزاهرة (1/252) .. (2) انظر: الجرح والتعديل (3/450، 451) ، وطبقات ابن سعد (5/301) ، وسير أعلام النبلاء (5/36، 37) برقم (10) ، وتاريخ ابن معين (2/158) ، وتذكرة الحفاظ (1/89) ، والتاريخ الكبير (3/260، 261) ، وتهذيب التهذيب (3/219، 220) ، وتقريب التهذيب (1/238) .. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 244 * * * حرف الطاء 808 - أبو طاهر الزيادى (1) : من أصحابنا الخراسانيين أصحاب الوجوه، تكرر ذكره فى الروضة، ولا ذكر له فى غير هذه الكُتب الستة، واسمه محمد بن محمد بن محمش بن على بن داود بن أيوب بن محمد الزيادى. روى الحديث عن أبى بكر القطان، وأبى طاهر المحمد أباذى، وأبى عبيد الله الصفار، وأبى حامد بن بلال، وغيرهم. روى عنه أبو القاسم بن عليك، والحاكم أبو عبد الله، وأبو بكر البيهقى، وأحمد بن خلف، وغيرهم. توفى الحاكم قبله، وأثنى عليه الحاكم، فقال: هو أبو طاهر الزيادى الفقيه الأديب الشروطى، ولد سنة سبع عشرة وثلاثمائة، وابتدأ سماع الحديث سنة خمس وعشرين وثلاثمائة، وابتدأ الفقه سنة ثمان وعشرين، وتوفى بعد سنة أربعمائة، وكان أبوه من أعيان العباد الذين يتبرك بهم وبدعائهم. ومن غرائب أبى طاهر أنه قال: يجوز للذمى إحياء الموات فى دار الإسلام بإذن الإمام، وقال الجمهور: لا يجوز، كما لا يجوز بغير إذنه بالاتفاق. 809 - أبو طلحة الأنصارى الصحابى، رضى الله عنه (2) : تكرر فى المختصر والمهذب، اسمه زيد بن سهل بن الأسود بن حزام، بالزاى، ابن عمرو بن زيد مناة بن عدى بن عمرو بن مالك بن النجار الأنصارى المدنى. شهد العقبة، وبدرًا، وأُحُدًا، والخندق، والمشاهد كلها مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وهو أحد النقباء، رضى الله عنهم. رُوى له عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اثنان وتسعون حديثًا، اتفق البخارى ومسلم منها على حديثين، وانفرد البخارى بحديث، ومسلم بآخر، روى عنه جماعة من الصحابة، منهم ابن عباس، وأنس، وآخرون، وجماعات من التابعين. توفى بالمدينة سنة ثنتين وثلاثين، وقيل: أربع وثلاثين، وهو ابن سبعين سنة. كذا قال الأكثرون أنه توفى بالمدينة.   (1) انظر: الأنساب (6/360) والعبر (3/103) وتذكرة الحفاظ (3/1051) وسير أعلام النبلاء (17/276 - 278) والوافى بالوفيات (1/271، 272) طبقات الشافعية للإسنوى (1/609، 610) وطبقات الشافعية لابن قاضى شهبة (1/199، 200) وطبقات الشافعية الكبرى للسبكى (3/82) وتبصير المنتبه (4/1265) والأعلام (7/245) . . (2) انظر: الإصابة (1/566) ، والاستيعاب (4/113) ، وأسد الغابة (2/289) ، وطبقات ابن سعد (3/504) ، وسير أعلام النبلاء (2/27) (5) ، والوافى بالوفيات (15/31) .. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 245 وقال أبو زرعة الدمشقى: توفى بالشام، وقيل: فى البحر غازيًا. وروينا عن أبى زرعة الدمشقى، قال: عاش أبو طلحة بعد رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أربعين سنة يسرد الصوم، وهذا القول مخالف لما قدمناه عن الجمهور فى وفاته أنها كانت سنة ثنتين وثلاثين أو أربع. قالوا: وصلى عليه عثمان بن عفان، فكيف كان يسرد الصوم أربعين سنة بعد رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وروينا فى صحيح البخارى فى كتاب الجهاد عن أنس، قال: كان أبو طلحة لا يصوم على عهد رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من أجل الغزو، فلما قُبض رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم أره مفطرًا إلا يوم فِطر أو أضحى. وروينا فى مسند أبى يعلى الموصلى، عن أنس، قال: كان رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: “صوت أبى طلحة فى الجيش خير من مائة” (1) . 810 - أبو طيبة: الذى حجم النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، مذكور فى المختصر فى الأطعمة، وفى المهذب فى آخر نفقة الأقارب، وفى الوسيط فى أول كتاب الطهارة، هو بفتح الطاء المهملة، اسمه نافع، وقيل: ميسرة، وقيل: دينار، وكان عبدًا لبنى بياضة. 811 - أبو الطيب بن سلمة: من متقدمى أصحابنا وأئمتهم أصحاب الوجوه، تكرر فى المهذب، والوسيط، والروضة. هو الإمام أبو الطيب محمد بن الفضل بن سلمة بن عاصم البغدادى، واشتهر بأبى الطيب بن سلمة، نسب إلى جده. قال الخطيب البغدادى: كان من كبار الفقهاء ومتقدميهم. قال: ويقال: إنه درس على أبى العباس بن سريج. قال: وصنَّف كُتبًا عدة. وتوفى فى المحرم سنة ثمان وثلاثمائة. قال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح، رحمه الله: كان أبو الطيب هذا معروف النسب فى الفضل والأدب، فأبوه، على ما حكاه الخطيب، هو أبو طالب الفضل بن سلمة صاحب كتاب ضياء القلوب، وغيره من الكُتب فى الأدب وغيره، وجده هو سلمة بن عاصم صاحب الفراء، وشيخ ثعلب، وقد أكثر ثعلب عنه. ومن غرائب أبى الطيب بن سلمة أنه قال: يكفر تارك الصلاة وإن اعتقد وجوبها، حكاه عنه الشيخ أبو إسحاق فى تعليقه فى الخلاف، ونقلته إلى شرح المهذب. ومنها أنه قال: إذا أذن الولى للسفيه أن يتزوج فتزوج لم يصح كالصبى، والمذهب صحته، وبه قال الجمهور.   (1) أخرجه عبد بن حميد (ص 407، رقم 1384) . وأخرجه أيضًا: الضياء (5/44، رقم 1657) . أخرجه الحاكم (3/397، رقم 5503) وقال: ورواته عن آخرهم ثقات. أخرجه أحمد (3/112، رقم 12122) قال الهيثمى (9/312) : رواه أحمد وأبو يعلى ورجال الرواية الأولى رجال الصحيح، والحاكم (3/397، رقم 5503) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 246 ومنها: إذا قدم بدوى بطعام للجلب فى موضع يحرم بيع الحاضر للبادى، فاستشار البدرى حضريًا فى بيعه، فهل يرشده إلى ادخاره وبيعه على التدريج، فيه وجهان، قال ابن سلمة، وأبو إسحاق المروزى: يجب إرشاده لأداء النصيحة. وقال أبو حفص بن الوكيل: لا يرشده توسعة على الناس. ومنها: أنه يجوز بيع شاة فى ضرعها لبن بشاة فى ضرعها لبن، والصحيح الذى عليه سائر الأصحاب بطلانه. 812 - أبو الطيب الطبرى القاضى: شيخ صاحب المهذب، تكرر ذكره فى الكتب الثلاثة، وهو الإمام البارع فى علوم الفقه، القاضى أبو الطيب طاهر بن عبد الله بن طاهر الطبرى، من طبرستان، ثم البغدادى. قال الشيخ أبو إسحاق: هو شيخنا وأستاذنا، ولد سنة ثمان وأربعين وثلاثمائة، وتوفى سنة خمسين وأربعمائة، وهو ابن مائة وسنتين، لم يختل عقله، ولا تغير فهمه، يفتى مع الفقهاء، ويستدرك عليهم، ويقضى ويشهد، ويحضر المواكب بدار الخلافة إلى أن مات. تفقه بآمل على أبى على صاحب ابن القاض، وقرأ على أبى سعد الإسماعيلى، وعلى القاضى أبو القاسم بن كج، ثم ارتحل إلى نيسابور، وأدرك أبا الحسن الماسرجسى صاحب أبى إسحاق المروزى، فصحبه أربع سنين، وتفقه عليه، ثم ارتحل إلى بغداد، وعلق عن أبى محمد البافى، بالباء الموحدة والفاء، الخوارزمى صاحب الداركى، وحضر مجلس الشيخ أبى حامد الإسفراينى، ولم أر فيمن رأيت أكمل اجتهادًا وأشد تحقيقًا وأجود نظرًا منه. شرح مختصر المزنى، وَصَّف فى المذهب، والأصول، والخلاف، والجدل، كُتبًا كثيرة ليس لأحد مثلها، ولازمت مجلسه بضع عشرة سنة، ودرست أصحابه فى مسجده سنين بإذنه، ورتبنى فى حلقته، وسألنى أن أجلس فى مسجده للتدريس ففعلت ذلك فى سنة ثلاثين وأربعمائة، أحسن الله عنى جزاءه ورضى عنه وأرضاه. هذا كلام الشيخ أبى إسحاق فى طبقاته. وقال الخطيب البغدادى: هو طاهر بن عبد الله بن طاهر بن عمرو أبو الطيب الطبرى الفقيه الشافعى، سمع بجرجان أبا أحمد الغطريفى، وبنيسابور أبا الحسن الماسرجسى، وعليه درس الفقه، وسمع أيضًا من شيوخ نيسابور، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 247 وقدم بغداد فسمع موسى بن جعفر بن عمرو، وأبا الحسن الدارقطنى، والمعافا بن زكريا، والجريرى، بفتح الجيم، واستوطن بغداد ودرس بها وأفتى، ثم ولى القضاء بربع الكرخ بعد وفاة أبى عبد الله الصيمرى، فلم يزل على القضاء إلى حين وفاته. قال الخطيب: واختلفت إليه، وعلقت عنه الفقه سنين عدة، وسمعته يقول: ولدت بآمل سنة ثمان وأربعين وثلاثمائة، وخرجت إلى جرجان للقاء أبى بكر الإسماعيلى والسماع منه، فدخلت البلد يوم الخميس، واشتغلت بدخول الحمام، فلما جئت من الغد لقينى ابنه أبو سعد، فقال: شرب دواء لمرض كان به، فتجىء غدًا تسمع منه، فجئت من الغد يوم السبت، فإذا هو قد توفى بالليل. وابتدأ بالتفقه وله أربع عشرة سنة، ولم يخل به يومًا واحدًا حتى مات. وقال أبو محمد البافى، بالفاء: أبو الطيب الطبرى أفقه من أبى حامد الإسفراينى. وقال الإسفراينى: أبو الطيب أفقه من البافى. قال الخطيب: وكان أبو الطيب ثقة، صادقًا، دينًا، ورعًا، عارفًا بأصول الفقه وفروعه، محققًا فى علومه، سليم الصدر، حسن الخلق، صحيح المذهب، جيد اللسان، يقول الشعر على طريقة الفقهاء. توفى يوم السبت لعشر بقين من شهر ربيع الأول سنة خمسين وأربعمائة، ودفن من الغد فى مقبرة باب حرب، وحضرت الصلاة عليه فى جامع المنصور. قلت: ومن غرائب القاضى أبى الطيب قوله: إن خروج المنى ينقض الوضوء، والصحيح الذى قاله جمهور أصحابنا لا ينقضه، بل يوجب الغسل فقط. ومنها ما حكاه عنه صاحب الشيخ أبو إسحاق صاحب المهذب فى تعليقه أنه لو فرقت صيعان صبرة، فباع واحدًا مبهمًا صح البيع لعدم الضرر، والصحيح الذى قطع به جمهور أصحابنا بطلانه. ومنها أنه قال: إذا صلى الكافر فى دار الحرب كانت صلاته إسلامًا، والصحيح المنصوص للشافعى وجمهور الأصحاب أنها ليست بإسلام إلا أن تُسمع منه الشهادتان. والد أمامة بنت أبى العاص، رضى الله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 248 عنهما. مذكور فى المهذب فى أول باب من يصح لعانه، وفى المنّ على الأسير. هو أبو العاص بن الربيع بن عبد العزى بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصى القريشى العبشمى، زوج زينب بنت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وأمه هالة بنت خويلد أخت خديجة أم المؤمنين، رضى الله عنهما، لأبويها، كذا قاله ابن عبد البر وغيره. وقال ابن مندة، وأبو نعيم: اسم أمه هند بنت خويلد. واختلفوا فى اسم أبى العاص، فقيل: اسمه لقيط، وقيل: مهشم، وقيل: هشيم، والأول أشهر. قال ابن الأثير: وهو قول الأكثرين. وأُسر أبو العاص يوم بدر فمنَّ عليه بلا فداء كرامة لرسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بسبب زينب، ثم أسلم قبيل فتح مكة وحسن إسلامه، ورد عليه النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زينب بنكاح جديد، وقيل: بالنكاح الأول، وتوفيت زينب عنده، وتوفى هو سنة ثنتى عشرة من الهجرة، وردّ زينب إلى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعد بدر بقليل حين طلبها منه. 814 - أبو عاصم العبادى (1) : * * * حرف العين 813 - أبو العاص بن الربيع الصحابى، رضى الله عنه: تكرر فى الروضة، ولا ذكر له فى غيره من هذه الكُتب، هو بفتح العين، وتشديد الباء، منسوب إلى عباد جد جد أبيه، وهو أحد فقهاء أصحابنا أصحاب الوجوه. قال أبو سعد السمعانى فى الأنساب: هو القاضى أبو عاصم محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله ابن عباد العبادى الهروى، كان إمامًا، فقيهًا، مناظرًا، دقيق النظر، تفقه بهراة على القاضى أبى منصور الأزدى، وبنيسابور على القاضى أبى عمر البسطامى، وسمع الحديث الكثير، وحدث وصَنَّف كُتبًا فى الفقه، ككتاب المبسوط، والهادى إلى مذهب العلماء، وكتابًا فى الرد على القاضى السمعانى، وغيرها. ولد سنة خمس وسبعين وثلاثمائة، وتوفى فى شوال سنة ثمان وخمسين وأربعمائة، رحمه الله، هذا آخر كلام السمعانى. ومن مصنفات أبى عاصم كتاب الشرح، وكتاب الزيادات، وكتاب زيادات الزيادات، وكتاب الأطعمة، وكتاب أحكام المياه، وكتاب طبقات الفقهاء، وله الفتوى. ومن غرائب أبى عاصم [ ...... ] (2) . 815 - أبو عاصم النبيل (3) : مذكور فى المختصر فى بيع حاضر لباد، هو أبو عاصم   (1) انظر: الأنساب (8/336، 337) ووفيات الأعيان (4/214) والعبر (3/243) وسير أعلام النبلاء (18/180، 181) ومرآة الجنان (3/82، 83) والوافى بالوفيات (2/82، 83) وطبقات الشافعية الكبرى للسبكى (4/104 - 112) طبقات الشافعية للإسنوى (2/190، 191) وطبقات الشافعية لابن قاضى شهبة (1/237، 238) ومعجم المؤلفين (9/10) .. (2) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. (3) انظر: طبقات ابن سعد (7/295) ، والتاريخ الكبير (4/336) ، والجرح والتعديل (4/463) ، والثقات لابن حبان (6/483) ، وتهذيب الكمال (13/281 - 291) ، وميزان الاعتدال (2/325) ، وتهذيب التهذيب (4/450 - 453) ، وتقريب التهذيب (2/373) .. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 249 الضحاك بن مخلد بن الضحاك بن مسلم بن رافع بن رفيع بن الأسود بن عمرو بن والان بن ثعلبة بن شيبان الشيبانى البصرى النبيل. وهو من تابعى التابعين. سمع عبد الله بن عون، ويزيد بن أبى عبيد، ومحمد بن عجلان، وأيمن بن نايل، وعبد الرحمن بن وردان، وابن أبى ذؤيب، وعبد العزيز بن أبى رواد، والأوزاعى، وسعيد بن عبد الرحمن، وحيوة بن شريح، وثور ابن يزيد، وعمران القطان، وعبد العزيز بن جريج، ومالك بن أنس، والثورى، وسعيد ابن أبى عروبة، وجرير بن حازم، وسليمان التيمى، وسمع من جعفر الصادق حديثًا واحدًا، وعزرة بن ثابت، والمثنى بن عمرو، وخلائق غيرهم. روى عنه جرير بن حازم، وهو من شيوخه، وأحمد بن حنبل، وأبو خيثمة، وعلى بن المدينى، وعمرو بن على، ومحمد بن المثنى، ومحمد بن بشار، وأبو غسان المسمعى، وأبو بكر بن أبى شيبة، والحسن بن على الحلوانى، والأصمعى، وعبد بن حميد، وعبد الله بن داود الخريبى، بضم الخاء المعجمة، وهو أكبر منه، والبخارى، وروى عن واحد عنه، وأبو داود، وآخرون. واتفقوا على توثيقه، وجلالته، وحفظه. قال عمر بن شيبة: حدثنا أبو عاصم النبيل، والله ما رأيت مثله. وقال الخليل بن عبد الله القزوينى: أبو عاصم النبيل متفق عليه زهدًا، وعلمًا، وورعًا، وديانة، وإتقانًا. وقال البخارى: سمعت أبا عاصم يقول: منذ عقلت أن الغيبة حرام ما اغتبت أحدًا قط. وقال ابن سعد: كان ثقة، فقيهًا، توفى بالبصرة فى ذى الحجة سنة اثنتى عشرة ومائتين، وهو ابن تسعين سنة وأشهر، وقيل: توفى سنة ثلاث عشرة. واختلفوا فى سبب تلقيبه بالنبيل، فقيل: لأنه قدم بالفيل إلى البصرة، فخرج الناس يتفرجون، فجاء أبو عاصم إلى ابن جريج ليستفيد منه العلم، فقال ابن جريج: ما لك لم تخرج مع الناس؟ فقال: لا أجد منك عوضًا، فقال: أنت نبيل. وقيل: لأن شعبة حلف أن لا يحدّث أصحابه شهرًا، فبلغ ذلك أبا عاصم، فقصده فقال: حدث وغلامى العطار حر لوجه الله تعالى كفارة عن يمينك، فأعجبه ذلك، وقال: أبو عاصم نبيل، فَلُقِّبَ به. وقيل: لأنه كان يلبس الثياب الفاخرة، فإذا أقبل قال ابن جريج: جاء النبيل. وقيل غير ذلك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 250 816 - أبو العالية (1) : مذكور فى المهذب فى آخر باب الأطعمة، هو أبو العالية، بالعين المهملة وبالياء المثناة من تحت، واسمه رفيع، بضم الراء وفتح الفاء، ابن مهران البصرى الرايحى، بكسر الراء، مولى امرأة من بنى رياح بن يربوع، حى من بنى تميم، واسم مولاته أميته أعتقته سايبة، وهو من كبار التابعين المخضرمين، أدرك الجاهلية، وأسلم بعد وفاة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بسنتين، ودخل على أبى بكر الصديق، وصلى خلف عمر، رضى الله عنهما. وروى عن على، وابن مسعود، وأُبىّ بن كعب، وأبى أيوب، وأبى موسى، وابن عباس، وأبى برزة. روى عنه قتادة، وعاصم الأحول، وداود بن أبى هند، والربيع بن أنس، ومحمد بن واسع، وثابت البنانى، وحميد بن هلال، وحفصة بنت سيرين، وآخرون. قال يحيى بن معين، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وآخرون: هو ثقة. قال أبو القاسم الطبرى: هو ثقة، مُجمع على توثيقه. روى له البخارى ومسلم. وقال أبو بكر بن أبى داود فى كتابه شريعة القارىء: ليس أحد بعد الصحابة أعلم بالقرآن من أبى العالية، وبعده سعيد بن جبير، ثم السدى، ثم سفيان الثورى. 817 - أبو العباس بن سريج: الإمام المشهور. تكرر فى هذه الكُتب، وهو أحد أعلام أصحابنا، بل أوحدهم بعد الذين صحبوا الشافعى، وهو القاضى الإمام أبو العباس أحمد بن عمر بن سريج البغدادى، إمام أصحابنا، وهو الذى نشر مذهب الشافعى وبسطه. تفقه على أبى القاسم الأنماطى، وتفقه الأنماطى على المزنى، والمزنى على الشافعى. قال الخطيب البغدادى: هو إمام أصحاب الشافعى فى وقته، شرح المذهب ولخصه، وعمل المسائل فى الفروع، وصنَّف كُتبًا فى الرد على المخالفين من أصحاب الرأى وأهل الظاهر، وحدَّث شيئًا بشيراز عن الحسن بن محمد الزعفرانى، ومحمد بن سعيد العطار، وعلى بن الحسن بن إسكاب، وعباس بن عبد الله الترقفى، وعباس بن محمد الدورى، وعباس بن عبد الملك الدقيقى، وأبو داود السجستانى، ونحوهم. روى عنه سليمان بن أحمد الطرانى، وأبو أحمد الغطريفى محمد بن أحمد بن الغطريف. قال الخطيب: أنبأنا أبو سعيد المالينى، حدثنا عبد الله بن عدى الحافظ،   (1) انظر: الإصابة (1/528) ، وتاريخ ابن معين (2/166) ، والجرح والتعديل (3/510) ، وطبقات ابن سعد (7/112 - 117) ، وسير أعلام النبلاء (4/207 - 213) برقم (85) ، والوافى بالوفيات (14/138، 139) ، والتاريخ الكبير (3/326) ، وحلية الأولياء (2/217 - 224) ، وتهذيب تاريخ دمشق (5/326) ، وتذكرة الحفاظ (1/61، 62) ، وميزان الاعتدال (2/54) ، وغاية النهاية (1/284، 285) ، ولسان الميزان (7/471) ، والثقات لابن حبان (4/239) ، وتهذيب التهذيب (3/284 - 286) ، وتقريب التهذيب (1/252) .. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 251 قال: سمعت أبا على بن خيران يقول: سمعت أبا العباس بن سريج يقول: رأيت فى المنام كأنا مُطرنا كبريتًا أحمر، فملأت أكمامى وجبتى وحجرى منه، فعبر لى أنى أرزق علمًا عزيزًا كعز الكبريت الأحمر. أنشدنى ابن سريج لنفسه شعر: ولو كلما كلب عوى ملت نحوه ولكن مبالاتى بمن صاح أو عوى أجاوبه إن الكلاب كثير قليل لأنى بالكلاب بصير وقال أبو الحسن الدارقطنى: سمع ابن سريج: الحسن بن محمد الزعفرانى، وأحمد بن منصور الرمادى، وجالس داود الظاهرى وناظره، وكان يحضر مع ابنه محمد بن داود فى جامع الرصافة للنظر فيناظره، ويشتظهر عليه، وله مصنفات فى الفقه على مذهب الشافعى، وله رد على المخالفين والمتكلمين، وله ردّ على عيسى بن أبان العراقى فى الفقه. وقال الشيخ أبو إسحاق فى طبقاته: كان ابن سريج من عظماء الشافعيين وأئمة المسلمين، وكان يقال له: الباز الأشهب. قال: وولى القضاء بشيراز. قال: وكان يفضل على جميع أصحاب الشافعى حتى على المزنى. قال: وسمعت شيخنا أبا الحسن الشيرجى الفرضى يقول: إن فهرست كتب أبى العباس بن سريج يشتمل على أربعمائة مُصَنَّف، وقام بنصرة مذهب الشافعى، ورّد المخالفين، وفرع على كتب محمد بن الحسن. قال: وكان الشيخ أبو حامد يقول: نحن نجرى مع أبى العباس فى طواهر الفقه دون الدقائق. قال: وأخذ العلم عن أبى القاسم الأنماطى، وأخذه عن ابن سريج فقهاء الإسلام، وعنه انتشر فقه الشافعى فى أكثر الآفاق. وقال الشيخ أبو حامد فى تعليقه فى مسألة صفة الجلوس فى التشهد الأول: قال ابن سريج: متى عرف من أصول الشافعى شىء وذكره فى كتبه عمل به، فمتى وجد فى كتبه غير ذلك يؤول، ولم ينزل على ظاهره لئلا يُعد قولاً آخر له. توفى أبو العباس ببغداد لخمس بقين من جمادى الأولى سنة ست وثلاثمائة. قال الخطيب: بلغنى أنه بلغ سبعًا وخمسين سنة وستة أشهر، ودفن بحجرة بسويقة ابن غالب. 818 - أبو العباس بن القاص: بصاد مهملة مشددة، من أصحابنا أصحاب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 252 الوجوه المتقدمين، تكرر فى المهذب والوسيط والروضة، لكن فى الوسيط لا يسميه بابن القاص ولا بأبى العباس، بل يعرفه بصاحب التلخيص. قال السمعانى: هذا الوصف بالقاص هو لمن يتعاطى المواعظ والقصص. قال: هو الإمام أبو العباس أحمد بن أبى أحمد القاص الطبرى الفقيه الشافعى إمام عصره، له التصانيف المشهورة، تفقه على أبى العباس بن سريج. قال: وإنما قيل لأبيه: القاص؛ لأنه دخل بلاد الديلم فقصَّ على الناس ورغبهم فى الجهاد، وقادهم إلى الغزاة، ودخل بلاد الروم غازيًا، فبينا هو يقصّ لحقه وجد وغشية فمات، رضى الله عنه. واعلم أن أبا العباس من كبار أئمة أصحابنا المتقدمين، وله مصنفات كثيرة نفيسة، ومن أنفسها التلخيص، فلم يُصَنَّف قبله ولا بعده مثله فى أسلوبه، وقد اعتنى الأصحاب بشرحه، فشرحه أبو عبد الله الختن، ثم القفال، ثم صاحبه أبو على السنجى، وآخرون. ومن مصنفاته المفتاح، كتاب لطيف، وكتاب أدب القاضى، وكتاب المواقيت، وكتاب القبلة. قال الشيخ أبو إسحاق: كان ابن القاص من أئمة أصحابنا، له المصنفات الكثيرة. قال: وتمثل فيه أبو عبد الله الختن بقول الشاعر: عقم النساء فلن يلدن شبيهه إن النساء بمثله عقم قال: وعنه أخذ أهل طبرستان، يعنى الفقه. توفى بطرسوس سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة، رحمه الله. ومن غرائب ابن القاص الجزء: 2 ¦ الصفحة: 253 [ ...... ] (1) . 819 - أبو عبد الله الحناطى: من أصحابنا أصحاب الوجوه، تكرر فى الروضة، ولا ذكر له فى باقى هذه الكُتب، وهو بحاء مهملة مفتوحة، ثم نون مشددة، واتفق العلماء على أنه بالحاء المهملة والنون كما ذكرته، وقد رأيت بعض من لا أنس لهم بهذا الفن يصحفه ويغلط فيه، وربما أوهموا ضعيفًا صحة غلطهم. قال الإمام أبو سعد السمعانى فى كتابه الأنساب: لعل بعض أجداده كان يبيع الحنطة. قال: واسم أبى عبد الله هذا الحسين بن محمد بن الحسن الطبرى من طبرستان. قال: ويُعرف بالحناطى، قدم بغداد وحَدَّث بها عن عبد الله بن عدى، وأبى بكر أحمد بن إبراهيم الإسماعيلى، ونحوهما. روى عنه أبو منصور محمد بن أحمد بن شعيب الرويانى، والقاضى أبو الطيب الطبرى، وغيرهما. قلت: وله مصنفات نفيسة كثيرة الفوائد والمسائل الغريبة المهمة، ومن غرائبه   (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 254 [ ...... ] (1) . 820 - أبو عبد الله الختن: من أئمة أصحابنا. تنكرر ذكره فى المهذب والروضة، ولا ذكر له فى الوسيط، وذكره فى المهذب فى صفة الصلاة فى نية الخروج منها، وفى مسألة إذا وقع عليك طلاقى فأنت طالق قبله ثلاثًا. وهو الختن، بفتح الخاء المعجمة والتاء المثناة فوق ثم نون، وهو أبو عبد الله محمد بن الحسن بن إبراهيم الفارسى ثم الأستراباذى الفقيه الختن، ختن الإمام أبى بكر الإسماعيلى، أى زوج ابنته، فيقال له: الختن مطلقًا، ويقال: ختن أبى بكر الإسماعيلى. وكان أبو عبد الله الختن هذا أحد أئمة أصحابنا فى عصره، مقدمًا فى علم القراءات، ومعانى القرآن، وفى الأدب، وفى المذهب، وكان مبرزًا فى علم النظر والجدل، وسمع الحديث، وصَنَّف شرح التلخيص، وله وجوه مشهورة فى المذهب. قال السمعانى فى الأنساب: تخرج به جماعة من الفقهاء. قال: وكان له ورع وديانة، وله أربعة أولاد: أبو بشر الفضل، وأبو النضر عبيد الله، وأبو عمرو عبد الرحمن، وأبو الحسن عبد الواسع، قال: وكانت له رحلة إلى خراسان والعراق وأصبهان، سمع ببلده أبا نعيم عبد الملك بن محمد بن عدى الإستراباذى، وبأصبهان أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبرى، وأبا أحمد محمد بن أحمد الغسال القاضى، وببغداد أبا بكر محمد بن عبد الله الشافعى، ودعلج بن أحمد، وبنيسابور أبا العباس محمد بن يعقوب الأصم وطبقتهم. روى عنه حمزة بن يوسف السهمى. وكان يملى الحديث من سنة سبع وسبعين وثلاثمائة إلى أن توفى يوم عرفة سنة ست وثمانين وثلاثمائة. قال غير السمعانى: توفى وله خمس وسبعون سنة. 821 -   (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 255 أبو عبد الله بن الزبير (1) : من أصحابنا أصحاب الوجوه المتقدمين، تكرر ذكره فى المهذب والروضة، وذكره فى الوسيط فى باب الحيض، وذكره أيضًا فى باب المياه فى مسألة القلتين، وهو صاحب الكافى الذى ذكره هناك. هو أبو عبد الله الزبير بن أحمد بن سليمان بن عبد الله بن عاصم بن المنذر بن الزبير بن العوام، أحد العشرة المقطوع لهم بالجنة، رضى الله عنهم، هكذا ذكره الشيخ أبو إسحاق فى طبقاته. وقال الخطيب فى تاريخ بغداد، والسمعانى فى الأنساب، والجمهور، أن اسمه الزبير، وذكر عمر بن على المطوعى أن اسمه أحمد بن سليمان، كان أبو عبد الله الزبيرى هذا إمام أهل البصرة فى زمانه، حافظًا للمذهب، عارفًا بالأدب، عالمًا بالأنساب، صَنَّف كُتبًا كثيرة منها الكافى فى المذهب، مختصر نحو التنبيه وترتيبه عجيب غريب. قال الشيخ أبو إسحاق: صَنَّف كتاب النية، وكتاب ستر العورة، وكتاب الهداية، وكتاب الاستشارة، والاستخارة، وكتاب رياضة المتعلم، وكتاب الإمارة. مات قبل عشرين وثلاثمائة. وقال صاحب الحاوى فى آخر باب زكاة الحلى: قال أبو عبد الله الزبير، وهو شيخ أصحابنا فى عصره: إذا اتخذ الحلى للإجارة وجبت فيه الزكاة قولاً واحدًا، والمشهور فى المذهب أنه على قولين فى الحلى المباح المتخذ للاستعمال، والأصح لا تجب. سمع الحديث من جماعات، وروى عنه جماعات. قال السمعانى: وكان ثقة، وكان ضريرًا. قلت: ومن غرائب الزبيرى قوله فى الإقرارا: لو قال لى: عليك ألف، فقال: خذه أو زنه، كان إقرارًا، ولو قال: خذ أو زن، بلا هاء، لم يكن إقرارًا، والصحيح الذى عليه الجمهور أنهما ليسا إقرارًا. 822 - أبو عبد الله القطان: من أصحابنا أصحاب الوجوه، مذكور فى الروضة فى آخر الغصب. هو [ ...... ] (2) . 823 - أبو عبد الرحمن القزاز: من أصحابنا أصحاب الوجوه، مذكور فى الروضة فى أول الباب الثانى من كتاب الطلاق.   (1) تاريخ بغداد (8/471، 472) وطبقات الفقهاء للشيرازى (88) ووفيات الأعيان (2/69) سير أعلام النبلاء (15/ 57، 58) والوافى بالوفيات (14/186) وطبقات الشافعية الكبرى للسبكى (2/254) ومرآة الجنان (2/278) وغاية النهاية (1/292، 293) وطبقات الشافعية لابن قاضى شهبة (1/94، 95) والأعلام (3/84) ومعجم المؤلفين (4/179، 180) .. (2) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 256 824 - أبو عبيد القاسم بن سلام البغدادى الإمام (1) : المذكور فى المهذب، والتنبيه فى تفسير حبَل الحبَلة، وفى الروضة فى آخر كتاب الكفارات، وهو معدود فيمن أخذ الفقه عن الشافعى، وكان إمامًا بارعًا فى علوم كثيرة، منها التفسير، والقراءات، والحديث، والفقه، واللغة، والنحو، والتاريخ. قال الخطيب البغدادى: كان أبوه سلام عبدًا روميًا لرجل من أهل هراة، وسمع أبو عبيد إسماعيل بن جعفر، وشريكًا، وإسماعيل بن عباس، وإسماعيل بن علية، وهشيمًا، وسفيان بن عيينة، ويزيد بن هارون، ويحيى القطان، وحجاج بن محمد، وأبا معاوية، وعبد الرحمن بن مهدى، ومروان بن معاوية، وأبا بكر بن عياش، وآخرين. روى عنه محمد بن إسحاق الصاغانى، وابن أبى الدنيا، والحارث بن أبى أسامة، وعلى بن عبد العزيز البغوى، وآخرون. أقام ببغداد، ثم ولى قضاء طرسوس ثمانى عشرة سنة، ثم سكن مكة حتى مات بها. وقال عبد الله بن جعفر بن درستويه الفارسى: كان أبو عبيد من علماء بغداد المحدثين النحويين على مذهب الكوفيين، ومن أداة اللغة والغريب، وعلماء القرآن، وجمع صنوفًا من العلم، وصَنَّف الكُتب فى كل فن وأكثر، وكان ذا فضل ودين، ومذهب حسن. روى عن أبى زيد الأنصارى، وأبى عبيدة، والأصمعى، وغيرهم من البصريين، وابن الأعرابى، وأبى زياد الكلابى، والأموى، وأبى عمرو الشيبانى، والكسائى، والأحمر، والفراء من الكوفيين. وروى الناس من كتبه المصنفة بضعة وعشرين كتابًا، وكتبه مستحسنة، وطلابه فى كل بلد، والرواة عنه ثقات مشهورون، وقد سبقه غيره إلى جميع مصنفاته، فمن ذلك الغريب المصنف، وهو من أجلِّ كتبه فى اللغة، سبقه إليه النضر بن شميل، وكتابه فى الأموال من أحسن ما صُنِّف. قالوا: وكان أبو عبيد ورعًا، دينًا، جوادًا، وكان أبو عبيد مع عبد الله بن طاهر، فبعث أبو دلف إلى ابن طاهر يستهديه أبا عبيد مدة شهرين، فبعثه فأقام شهرين، فلما أراد الانصراف وصله أبو دلف بثلاثين ألف درهم، فلم يقبلها أبو عبيد، وقال: أنا فى ناحية رجل ما يحوجنى إلى صلة غيره، فلا آخذ ما على فيه نقص، فلما عاد إلى ابن طاهر وصله   (1) انظر: طبقات ابن سعد (7/355) ، وتاريخ ابن معين (2/479، 480) ، والتاريخ الكبير (7/172) ، والجرح والتعديل (7/111) ، والثقات لابن حبان (9/16) ، وتاريخ بغداد (12/403 - 416) ، ووفيات الأعيان (1/201) ، وميزان الاعتدال (3/171) ، وتهذيب التهذيب (8/315 - 318) ، وتقريب التهذيب (2/117) .. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 257 بثلاثين ألف دينار عوضًا عنها، فقال له أبو عبيد: أيها الأمير، قد قبلتها، ولكن أغنيتنى بمعروفك وبرك، وقد رأيت أن أشترى بها سلاحًا وخيلاً وأبعثها إلى الثغر ليكون الثواب متوافرًا على الأمير، ففعل. قال أبو عبيد: كنت فى تصنيف هذا الكتاب أربعين سنة، وأول من سمعه منى يحيى ابن معين، وكتبه أحمد بن حنبل. وروينا عن الأنبارى، قال: كان أبو عبيد يصلى ثلث الليل، وينام ثلثه، ويصنف الكُتب ثلثه. قال إسحاق بن راهوية: أبو عبيد أوسعنا علمًا، وأكثرنا أدبًا، وأجمعنا، ونحتاج إليه ولا يحتاج إلينا. وقال احمد بن كامل القاضى: كان أبو عبيد فاضلاً فى دينه، وعلمه، ربانيًا، متقنًا فى أصناف علوم الإسلام من القرآن، والفقه، والعربية، والأخبار، حسن الرواية، صحيح النقل، لا أعلم أحدًا من الناس طعن عليه فى شىء من أمره ودينه. وقال إبراهيم الحربى: كان أبو عبيد كأنه جبل نفخ فيه الروح، يُحسن كل شىء إلا الحديث. وسُئل يحيى بن معين عن أبى عبيد، فقال: مثلى يُسأل عن أبى عبيد؟! أبو عبيد يَسأل عن الناس. وقال يحيى بن معين، وأبو داود: هو ثقة. وقال أحمد بن حنبل: أبو عبيد ممن يزداد كل يوم خيرًا، خرج أبو عبيد إلى مكة سنة تسع عشرة ومائتين. وتوفى بها سنة أربع وعشرين ومائتين، وقيل: سنة ثلاث، وقال الخطيب: بلغنى أنه بلغ سبعًا وستين سنة، رحمه الله. 825 - أبو عبيد بن حربويه (1) : من أئمة أصحابنا أصحاب الوجوه، تكرر فى المهذب والروضة، وحربويه بحاء مهملة مفتوحة، ثم راء ساكنة، ثم باء موحدة، ثم واو مفتوحتين، ثم ياء ساكنة، ثم هاء، ويقال: بضم الباء مع إسكان الواو وفتح الياء، ويجرى هذان الوجهان فى كل نظائره كسيبويه، وراهوية، ونفطويه، وعمرويه، فالأول مذهب النحويين، وأهل الأدب، والثانى مذهب المحدثين. ويقال فى أبى عبيد هذا: ابن حرب، وكذا استعمله فى المهذب فى أحكام المياه من كتاب إحياء الموات، والأول أشهر، وأبو عبيد هذا وإبراهيم بن جابر من أصحابنا أول من حدد القلتين بخمسمائة رطل بغدادية، ثم تابعهما سائر الأصحاب، هكذا نقله صاحب الحاوى.   (1) تاريخ بغداد (11/395 - 398) وطبقات الفقهاء للشيرازى (110) والمنتظم (6/238، 239) وطبقات الشافعية الكبرى للسبكى (3/446 - 455) طبقات الشافعية للإسنوى (1/397) والبداية والنهاية (11/167) وتهذيب التهذيب (7/303، 304) والنجوم الزاهرة (3/231) والأعلام (5/87) .. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 258 ونقل الشافعى تحديده بالأرطال أيضًا، لكن المشهور أن الشافعى إنما حدد بخمس قِرب، وقد أوضحت هذا مبسوطًا فى شرح المهذب. واسم أبى عبيد هذا على بن الحسين، وله اختيارات غريبة فى المذهب، وتفرد بأشياء ضعيفة عند الأصحاب، منها قوله: إذا خرج الرجل جناحًا إلى شارع عام يشترط أن يرفع الجناح بحيث يمر تحته الفارس ناصبًا رمحه، والصواب ما قاله الجمهور أنه يشترط أن يمكن مرور المحمل والكنيسة. ومنها ما نقلته عنه فى الروضة فى كفارة الظهار أن من صام شهر رمضان بنية رمضان والكفارة أجزاه عنهما جميعًا، حكاه القاضى أبو الطيب عنه فى المجرد والمذهب أنه لا يجزيه عنهما. ومنها منعه تعجيل الزكاة، حكاه عنه الماوردى، والقاضى أبو الطيب فى المجرد، والمحاملى فى المجموع، وأنا فى الروضة. 826 - أبو عبيدة بن الجراح الصحابى، رضى الله عنه (1) : تكرر ذكره فى المختصر، والمهذب، وذكره فى الوسيط فى باب [ ...... ] (2) . هو أبو عبيدة عامر بن عبد الله بن الجراح بن هلال بن وهيب بن ضبة بن الحارث بن فهر بن مالك، يلتقى مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فى الأب السابع، وهو فهر، وأمه أم غنم أميمة بنت جابر. شهد بدرًا، وقُتل أباه يومئذ، وشهد ما بعدها من المشاهد مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، توفى أبو عبيدة سنة ثمانى عشر فى طاعون عمواس، وهى قرية بالشام بين الرملة وبيت المقدس، وهى بفتح العين والميم، ونسب الطاعون إليها؛ لأنه بدأ منها، وقيل: لأنه عم الناس وتواسوا فيه، وقبر أبى عبيدة بغوربيسان عند قرية تسمى عمتا، وعلى قبره من الجلالة ما هو لائق به، وقد زرته فرأيت عنده عجبًا. وصلى عليه معاذ بن جبل، ونزل فى قبره هو، وعمرو بن العاص، والضحاك بن قيس، وتوفى وهو ابن ثمان وخمسين سنة، وختم الله له بالشهادة، فإنه توفى بالطاعون، وهو شهادة لكل مسلم. وفى الصحيحين عن أنس، قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “إن لكل أمة أمينًا، وإن أميننا أيتها الأمة أبو عبيدة بن الجراح”. وفى رواية لمسلم: “هذا أمين هذه الأمة”.   (1) انظر: الإصابة (2/252) ، والاستيعاب (3/2) ، وطبقات ابن سعد (3/409) ، والتاريخ الكبير (6/444) ، وحلية الأولياء (1/100) ، وأسد الغابة (3/128) ، وسير أعلام النبلاء (1/5) (1) ، والوافى بالوفيات (16/575) ، والعقد الثمين (5/84) .. (2) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 259 827 - أبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود (1) : مذكور فى أول كتاب ديات المهذب. روى عن أبيه عبد الله بن مسعود، ولم يدركه. 828 - أبو عبيدة: مذكور فى باب عقد الذمة من المهذب فى بيان حد جزيرة العرب. هو معمر بن المثنى، وهو من كبار أئمة اللغة، وهو مذكور فيمن كان يعتقد مذهب الخوارج من أهل الأهواء. وقال أبو منصور الأزهرى فى أول تهذيب اللغة: ذكر أبو عبيد القاسم بن سلام أن أبا عبيدة تيمى من تيم قريش، وأنه مولى لهم. قال: وكان أبو عبيدة يوثقه ويكثر الرواية عنه فى كتبه. قال: ولأبى عبيدة كتب كثيرة فى الصفات والغرائب، وكتب أيام العرب ووقائعها، وكان الغالب عليه الشعر، والغريب، وأخبار العرب، وكان مخلاً بالنحو كثير الخطأ فى مقايس الأعراب، ومتهمًا فى رأيه، مقرًا بنشر مثالب العرب، جامعًا لكل غث وسمين، فهو مذموم من هذه الجهة غير موثوق به، هذا كلام الأزهرى. وقال الإمام أبو جعفر النحاس فى أول كتابه صناعة الكتاب: توفى أبو عبيدة سنة عشر ومائتين، ويقال: إحدى عشرة، وقد قارب المائة. 829 - أبو عزة الجمحى الكافر: قتله النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوم أُحُد صبرًا، مذكور فى كتاب السير من المختصر والمهذب، اسمه عمرو بن عبد الله، وكان شاعرًا يحرض بشعره على قتال المسلمين، وعَزَّة بفتح العين وتشديد الزاى وبعدها هاء، وكان النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - منَّ على أبى عزة هذا يوم بدر، فذهب إلى مكة وقال: سخرت بمحمد، فلما كان يوم أُحُد حضر وحرَّض بشعره على قتال المسلمين. 830 - أبو العشراء الدارمى التابعى: الراوى عن أبيه، مذكور فى الصيد، والذبائح فى المختصر والمهذب والوسيط، غلط فى الوسيط فيه، فجعله هو الراوى الصحابى، واسم أبيه مالك بن قهطم، ويقال: قحطم، بحاء مهملة وهو بكسر القاف، وقد اختلف فى اسم أبى العشراء، واسم أبيه، فقال البخارى: هو أسامة بن مالك بن قحطم، قاله أحمد بن حنبل، وقال بعضهم: عطارد بن بلز. قال: ويقال: يسار بن بلز بن مسعود   (1) انظر: طبقات ابن سعد (6/210) ، والتاريخ الكبير (9/51، 52) ، والجرح والتعديل (9/403) ، والثقات لابن حبان (5/561) ، وحلية الأولياء (4/204 - 210) ، وتاريخ ابن معين (2/288) ، وسير أعلام النبلاء (4/363) برقم (141) ، وتهذيب التهذيب (5/75، 76) ، وتقريب التهذيب (1/388) .. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 260 بن حولى بن حرملة بن قتادة من بنى نولة بن عبد الله بن فقيم بن دارم، نزل البصرة، هذا كلام البخارى. وقال أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين: اسم أبى العشراء أسامة بن مالك. وقال ابن عبد البر: وقيل: اسم أبى العشراء بلز بن قهطم، وقيل: عطارد بن برز، بفتح الراء وسكونها، وهو من دارم بن مالك بن زيد مناة من تميم، نقل هذا كله ابن عبد البر، لا يُعرف لأبى العشراء عن أبيه غير حديث الزكاة: “لو طعنت فى فخذها لأجزأ عنك”. 831 - أبو على البندنيجى: مذكور فى الروضة فى صفة الصلاة فيمن لا يحسن الفاتحة يقرأ سبع آيات، كتابه الجامع قلَّ فى كتب الأصحاب نظيره، كثير الموافقة للشيخ أبى حامد بديع فى الاختصار، مستوعب الأقسام، محذوف الأدلة. 832 - أبو على بن خيران (1) : تكرر فى المهذب، والوسيط، والروضة، اسمه الحسين بن صالح بن خيران من تاريخ بغداد. 833 - أبو على بن أبى هريرة: تكرر فيها. 834 - أبو على السنجى: من أصحابنا المصنفين أصحاب الوجوه، تكرر ذكره فى الوسيط، هو بكسر السين المهملة وإسكان النون وبالجيم، منسوب إلى سنج، قرية من قرى مرو، واسمه الحسين ابن شعيب، كبير القدر، عظيم الشأن، صاحب تحقيق وإتقان واطلاع كثير، تفقه على الإمامين شيخى الطريقتين أبى حامد الإسفراينى شيخ العراقيين، وأبى بكر القفال شيخ الخراسانيين، وجمع بين طريقيهما بالنظر الدقيق، والتحقيق الأنيق، جمع شرح فروع ابن الحداد، والتلخيص لأبى العباس بن القاص، فأتى فى شرحيهما بما هو لائق بتحقيقه وإتقانه، وعلو منصبه، وعظم شأنه، وله كتاب طويل جزيل الفوائد، عظيم العوائد. ذكر أبو القاسم الرافعى فى كتابه التذنيب أن إمام الحرمين لقب هذا الكتاب الكبير بالمذهب الكبير. سمع أبو على الحديث، فسمع مسند الشافعى، رحمه الله، من أبى بكر الحيرى. 835 - أبو على الطبرى (2) : من أصحابنا أصحاب الوجوه، متكرر الذكر. هو الإمام   (1) تاريخ بغداد (8/53، 54) وطبقات الفقهاء للشيرازى (110) والمنتظم (5/244، 245) والكامل فى التاريخ (8/247) ووفيات الأعيان (2/133) والمختصر فى أخبار البشر (2/77) وتاريخ ابن الوردى (1/263) وسير أعلام النبلاء (15/58 - 60) والوافى بالوفيات (12/378، 379) ومرآة الجنان (2/280) وطبقات الشافعية الكبرى للسبكى (3/271 - 274) والبداية والنهاية (11/171) والنجوم الزاهرة (3/235) .. (2) انظر: تاريخ بغداد (8/87) وطبقات الفقهاء للشيرازى (94) والمنتظم (7/5) ووفيات الأعيان (1/358) وسير أعلام النبلاء (16، 62، 63) ومرآة الجنان (2/345) والبداية والنهاية (11/238، 239) والوافى بالوفيات (12/204، 205) وطبقات الشافعية الكبرى للسبكى (3/280، 281) وطبقات الشافعية لابن قاضى شهبة (1/129) والنجوم الزاهرة (3/328) ومعجم المؤلفين (3/270، 271) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 261 البارع المتفق على جلالته ذو الفنون، أبو على الحسن بن القاسم، منسوب إلى طبرستان، تفقه على أبى على بن أبى هريرة. قال الشيخ أبو إسحاق: صَنَّف المجرد فى النظر، وهو أول كتاب صُنِّف فى الخلاف المجرد، وصَنَّف الإفصاح فى المذهب، وصنف أصول الفقه، وصنف الجدال. قال: ودرس ببغداد بعد أستاذه أبى على بن أبى هريرة. توفى سنة خمسين وثلاثمائة. 836 - أبو على الفارقى: هو القاضى أبو على الحسن بن إبراهيم [ ...... ] (1) . 837 - أبو عمرو بن حفص بن المغيرة: وقيل: أبو حفص بن المغيرة، ويقال: أبو حفص بن عمرو بن المغيرة القريشى المخزومى، زوج فاطمة، وقيل: اسمه أحمد، وقيل: عبد الحميد، وقيل: اسمه كنيته، بعثه النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى اليمن فطلقها هناك، ومات هناك. وقيل: عاش بعد ذلك. 838 - أبو عمرو بن حماس: الرجل الصالح المستجاب الدعوات، مذكور فى المختصر فى أول زكاة التجارة، وذكره ابن مندة، وأبو نعيم فى كتابيهما فى معرفة الصحابة فى ترجمة عمرو، وقالا: هو ليثى. وقال أبو نعيم: ولا تصح له صحبة. قال: ويقال فيه: أبو عمرو، وهو المشهور، واتفقوا على أنه بكسر الحاء وتخفيف السين المهملتين. 839 - أبو عمرو بن العلاء: مذكور فى الروضة فى الإجارة، والصداق [ ...... ] (2) . * * * حرف الفاء 840 - أبو الفتوح القاضى: تكرر ذكره فى الروضة، لا ذكر له فى غيرها من هذه الكُتب، هو القاضى أبو الفتوح عبد الله بن محمد بن على بن أبى علقمة، من فضلاء أصحابنا المتأخرين، له مصنفات حسنة من أغربها وأنفسها كتاب الخناثى، مجلد لطيف فيه نفائس حسنة، ولم يسبق إلى تصنيف مثله، وقد انتخبت أنا مقاصده مختصرة، وذكرتها فى أواخر باب ما ينقض الوضوء من شرح المهذب [ ...... ] (3) . 841 - أبو الفرج الدارمى (4) : فى الروضة.   (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. (2) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. (3) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. (4) انظر: تاريخ بغداد (2/361، 362) وطبقات الفقهاء للشيرازى (107) والأنساب (5/278) وتاريخ دمشق (مخطوطة التيمورية 38/387، 388) والكامل فى التاريخ (9/633) ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور (23/23) وسير أعلام النبلاء (18/52 - 54) والوافى بالوفيات (4/63) وطبقات الشافعية الكبرى للسبكى (3/77، 78) طبقات الشافعية للإسنوى (1/510) وطبقات الشافعية لابن قاضى شهبة (1/240، 241) ونفح الطيب (3/111) وديوان الإسلام (2/272، 273) والأعلام (7/133) ومعجم المؤلفين (10/266) .. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 262 842 - أبو الفرج السرخسى (1) : هو أبو الفرج الزاز بزائين من أصحابنا المصنفين، تكرر فى الروضة ذكره. هو الإمام، البارع، الصالح، الزاهد، الورع، أبو الفرج عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الرحمن بن زاز بن محمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن زاز بن حميد بن أبى عبد الله السرخسى التبريزى المعروف بالزاز، نزل مرو، وهو من تلامذة القاضى حسين. قال أبو سعد السمعانى: هو أحد أئمة الإسلام [ ...... ] (2) . 843 - أبو الفياض البصرى: اسمه محمد بن [ ...... ] (3) . * * * حرف القاف 844 - أبو القاسم الأنماطى (4) : تكرر ذكره فى الثلاثة الكتب الكبار. 845 - أبو القاسم الداركى (5) : من أصحابنا، ذكره فى المهذب فى غير موضع، أولها باب الصلاة على الميت، وفى باب بيع المصراة، وفى باب ما يدخل فى الرهن، وفى كتاب التفليس، وفى النكاح، وتكرر ذكره فى الروضة كثيرًا، وهو بالدال والراء المهملتين والراء مفتوحة، اسمه عبد العزيز بن عبد الله، قيل: هو منسوب إلى دارك قرية من قرى أصبهان، ذكره ابن معن. قال الشيخ أبو إسحاق فى الطبقات: كان فقيهًا، محصلاً، تفقه على أبى إسحاق المروزى، وانتهى التدريس إليه ببغداد، وعليه تفقه الشيخ أبو حامد الإسفراينى بعد موت الشيخ أبى الحسن بن المرزبان، وأخذ عنه عامة شيوخ بغداد، وغيرهم من أهل الآفاق، مات سنة خمس وسبعين وثلاثمائة، رحمه الله ورضى عنه. وقال الخطيب أبو بكر فى التاريخ: هو عبد العزيز بن عبد الله بن محمد بن عبد العزيز أبو القاسم الداركى الشافعى، نزل بنيسابور عدة سنين، ودرس بها الفقه، ثم سار إلى بغداد فسكنها إلى حين موته، وكان له حلقة للفتوى والنظر. قال أبو حامد الإسفراينى: ما رأيت أفقه من الداركى، وعن محمد بن أبى الفوارس. قال: كان الداركى ثقة فى الحديث، وكان يُتهم بالاعتزال. قال الخطيب: وسمعت عيسى بن   (1) انظر: المنتظم (17/69) ومعجم البلدان (3/209) والإعلام بوفيات الأعلام (203) وسير أعلام النبلاء (19/154، 155) والعبر (3/339) وعيون التواريخ (مخطوط 13/106، 107) وطبقات الشافعية الكبرى للسبكى (3/221، 222) طبقات الشافعية للإسنوى (1/237) ومرآة الجنان (3/156، 157) والبداية والنهاية (12/160) وطبقات الشافعية لابن قاضى شهبة (1/273) وديوان الإسلام (3/375) ومعجم المؤلفين (5/121، 122) .. (2) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. (3) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. (4) انظر: الأنساب (8/377) والمنتظم (16/203) وسير أعلام النبلاء (18/395، 396) والإعلام بوفيات الأعلام (194) والعبر (3/276، 277) ومرآة الجنان (3/101) .. (5) انظر: تاريخ بغداد (10/463 - 465) والمنتظم (7/129، 130) والعبر (2/370) وتذكرة الحفاظ (3/970) ومرآة الجنان (2/405) والبداية والنهاية (11/304) وطبقات الفقهاء للشيرازى (117، 118) وطبقات الشافعية الكبرى للسبكى (2/240) ووفيات الأعيان (3/188) والأنساب لابن السمعانى (5/276، 277) والكامل فى التاريخ (9/47) والنجوم الزاهرة (4/148) وسير أعلام النبلاء (16/404 - 406) وطبقات الشافعية للإسنوى (1/508) .. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 263 أحمد بن عثمان الهمذانى يقول: كان عبد العزيز بن عبد الله الداركى إذا جاءته مسألة يستفتى فيها تفكر طويلاً، ثمن أفتى فيها، وربما كان فتواه خلاف مذهب الشافعى وأبى حنيفة، فيقال له فى ذلك، فيقول: ويحكم حدَّث فلان عن فلان عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بكذا وكذا، والأخذ بالحديث عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أولى من الأخذ بقول الشافعى وأبى حنيفة إذا خالفاه، أو كما قال. وتوفى الداركى ليلة الجمعة لثلاث عشرة خلون من شوال سنة خمس وسبعين وثلاثمائة، ودفن يوم الجمعة فى الشونيزية، وهو ابن نيف وسبعين سنة، وقيل: توفى فى ذى القعدة من هذه السنة، والصحيح أنه توفى فى شوال، ومن غرائب الداركى أنه قال: لا يجوز السلم فى الدقيق، حكاه الرافعى، والمشهور الجواز. 846 - أبو القاسم الرافعى: تكرر فى الروضة. هو الإمام أبو القاسم عبد الكريم بن محمد بن عبد الكريم بن الفضل القزوينى الإمام البارع المتبحر فى المذهب، وعلوم كثيرة. قال الشيخ أبو عمرو ابن الصلاح، أظن أنى لم أر فى بلاد العجم مثله. قال: وكان ذا فنون، حسن السيرة، جميل الأثر، صَنَّف شرحًا كبيرًا للوجيز فى بضعة عشر مجلدًا، لم يُشَرح الوجيز بمثله. قال: بلغنا بدمشق وفاته فى سنة أربع وعشرين وستمائة، وكانت وفاته فى أوائلها أو فى أواخر السنة التى قبلها بقزوين. قال أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عمرو بن أبى بكر الصفار الإسفراينى فى أربعين خَرَّجها: شيخنا إمام الدين حقًا، وناصر السنة صدقًا، أبو القاسم بن عبد الكريم بن محمد بن عبد الكريم الرافعى القزوينى، رضى الله عنه، كان أوحد عصره فى العلوم الدينية أصولها وفروعها، ومجتهد زمانه فى مذهب الشافعى، رضى الله عنهما، وفريد وقته فى تفسير القرآن والمذهب، وكان له مجلس للتفسير، وتسميع الحديث بجامع قزوين، صَنَّف شرح مسند الشافعى، وأسمعه سنة تسع عشرة وستمائة، وشرح الوجيز، ثم صَنَّف أوجز منه، ووقعا موقعًا عظيمًا عند الخاصة والعامة، وصَنَّف كثيرًا. وكان زاهدًا، ورعًا، متواضعًا، سمع الحديث الكثير، وتوفى حدود سنة ثلاث وعشرين الجزء: 2 ¦ الصفحة: 264 وستمائة ودفن بقزوين. هذا آخر كلام الإسفراينى. قلت: الرافعى من الصالحين المتمكنين، وكانت له كرامات كثيرة ظاهرة، رحمه الله تعالى. 847 - أبو القاسم الصيمرى: من كبار أصحابنا أصحاب الوجوه، تكرر ذكره فى المهذب والروضة، هو بصاد مهملة مفتوحة، ثم ياء مثناة تحت ساكنة، ثم ميم مفتوحة، هذا هو الصحيح المشهور، وذكره ابن باطيش، بفتح الميم، كما ذكرته، ثم قال: ومن الناس من يضمها. قال: حكاه لى بعض أصحاب الحازمى عنه. قال ابن باطيش: هو منسوب إلى صيمرة بلدة قديمة فى طرف ولاية خورستان، كثيرة الناس، لها منبر وجامع. وقال الإمام أبو الفرج بن الجوزى فى تاريخه: الصيمرى منسوب إلى صيمر، نهر من أنهار البصرة عليه عدة قرى. قلت: وهذا هو الأظهر، فإن الصيمرى بصرى لا شك فيه، واسمه عبد الواحد بن الحسين. قال الشيخ أبو إسحاق فى الطبقات: سطن الصيمرى البصرة، وحضر مجلس القاضى أبى حامد المروروذى، وتفقه بصاحبه أبى الفياض البصرى، وارتحل إليه الناس من البلاد، وكان حافظًا للمذهب، حسن التصانيف. قلت: وهو ممن تفقه عليها أقضى القضاة الماوردى صاحب الحاوى، وصَنَّف كُتبًا كثيرة منها الإيضاح فى المذهب، وهو كتاب نفيس كثير الفوائد، قليل الوجود، ومن غرائب الصيمرى ما حكاه عنه فى المهذب أنه قال: لا يملك الكلاء النابت فى ملكه. ومنها أنه قال: لا يجوز مس المصحف لمن بعض بدنه نجس بغيره. 848 - أبو القاسم بن كج (1) : تكرر فى المهذب والروضة فقط. 849 - أبو القاسم الكرخى (2) : من أصحابنا، تكرر فى الروضة فى الزكاة وغيره. 850 - أبو قبيصة (3) : فى باب الهدى من المهذب فى عطب الهدى. 851 - أبو قتادة الصحابى (4) : تكرر فى المختصر والمهذب. 852 - أبو قرعة: فى المختصر فى صوم عاشوراء، عن أبى الخليل. 853 - أبو القعيس: مذكور فى رضاع المهذب.   (1) انظر: طبقات الفقهاء للشيرازى (118، 119) والمنتظم (7/275، 276) والأنساب (10/63) ووفيات الأعيان (7/65) والمختصر فى أخبار البشر (2/144) والعبر (3/92) وسير أعلام النبلاء (17/183، 184) وتاريخ ابن الوردى (1/326) والبداية والنهاية (11/355) وطبقات الشافعية الكبرى للسبكى (5/359، 361) طبقات الشافعية للإسنوى (2/340، 341) وطبقات الشافعية لابن قاضى شهبة (1/202، 203) ومرآة الجنان (3/12) وديوان الإسلام (4/87) والأعلام (8/214) ومعجم المؤلفين (13/273) .. (2) انظر: الأنساب (10/393) وطبقات الشافعية الكبرى للسبكى (4/206) .. (3) أخبار القضاة لوكيع (3/111، 112) وتاريخ بغداد (2/314، 315) والمنتظم لابن الجوزى (5/156) . . (4) انظر: الإصابة (4/158) ، وأسد الغابة (5/74) ، والاستيعاب (4/161) ، وصفة الصفوة (1/647) .. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 265 854 - أبو قلابة (1) : فى أواخر عشرة النساء من المهذب. * * * حرف اللام 855 - أبو لهب: عدو الله، مذكور فى المهذب فى باب [ ...... ] (2) . اسمه عبد العزى بن عبد المطلب ابن هاشم بن عبد مناف، مات بعد غزوة بدر بسبعة أيام ميتة شنيعة بداء يقال له: العدسة. 856 - أبو ليلى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن سهل بن أبى حثمة: مذكور فى المختصر فى أول القسامة، ينقل من الكنى فى آخر ابن أبى حاتم. * * * حرف الميم 857 - أبو مجلز التابعى (3) : مذكور فى المهذب فى الجزية، ثم فى خراج السواد، هو بكسر الميم، وبعدها جيم ساكنة، ثم لام مفتوحة، ثم زاى، هذا هو المشهور فى ضبطه، وحكى فتح الميم. 858 - أبو محذورة المؤذن، رضى الله عنه (4) : ذكره فى الأذان، مختلف فى اسمه، قيل: سمرة بن معير، بميم مكسورة، ثم عين مهملة سانة، ثم ياء مثناة من تحت مفتوحة، ثم راء، ويقال: اسمه أوس بن معير، كما ضبطناه، ويقال: سمرة بن عمير، ويقال: أوس بن معين، بضم الميم، وفتح العين، وتشديد الياء، وآخره نون. قال البغوى فى كتاب الأذان: ويقال: جابر بن معير. وذكر ابن قتيبة فى المعارف أن اسمه سليمان بن سمرة، وهو قريشى جمحى، روى أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمرَّ يده على رأسه وصدره إلى سرته، وأمره بالأذان بمكة عند منصرفه من حنين، فلم يزل يؤذن فيها، وكان من أحسن الناس صوتًا. توفى بمكة سنة تسع وخمسين، وقيل: سنة سبع وسبعين،   (1) انظر: الجرح والتعديل (5/57، 58) ، والنجوم الزاهرة (1/254) ، والوافى بالوفيات (17/185، 186) ، وتذكرة الحفاظ (1/94) ، وطبقات ابن سعد (7/183 - 185) ، وتهذيب تاريخ دمشق (7/426، 427) ، وميزان الاعتدال (2/425 - 429) ، والتاريخ الكبير (5/92) ، وسير أعلام النبلاء (4/468 - 475) برقم (178) ، وتاريخ ابن معين (2/309) ، وتهذيب التهذيب (5/224 - 226) ، وتقريب التهذيب (1/417) . . (2) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. (3) انظر: الجرح والتعديل (9/124) ، وتاريخ ابن معين (2/499) ، وطبقات ابن سعد (7/216) ، والتاريخ الكبير (8/258، 259) ، وتهذيب التهذيب (11/171، 172) ، وتقريب التهذيب (2/340) .. (4) انظر: الإصابة (4/176) ، والوافى بالوفيات (9/451) ، طبقات ابن سعد (5/450) ، والاستيعاب (4/177) ، وأسد الغابة (5/292) ، والتاريخ الكبير (4/177) ، والجرح والتعديل (4/155) ، وتهذيب التهذيب (12/222) .. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 266 ولم يهاجر، ولم يزل مقيمًا بمكة إلى أن مات، رضى الله عنه. قال ابن قتيبة: أسلم أبو محذورة بعد حنين، وبقى الأذان بمكة فى أبى محذورة وأولاده قرنًا بعد قرن إلى زمن الشافعى. وفى سنن أبى داود وغيره فى حديث الأذان، أن أبا محذورة كان لا يَجِزّ نَاصِيَتَهُ ولا يفرقها؛ لأن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مسح عليها. وفى رواية الشافعى فى الأم، وغير الشافعى، عن أبى محذورة، أن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - علمنى الأذان، ثم أعطانى صرة فيها شىء من فضة، ثم وضع يده على ناصيتى، ثم أمرها على وجهى، ثم ثدييى، ثم على كبدى، ثم بلغت يده سرتى، ثم قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “بارك الله فيك وبارك عليك”. 859 - أبو محمد الأصطخرى: من أصحابنا، مذكور فى الروضة فى باب السرقة. 860 - أبو محمد الجوينى: تكرر فى الروضة والوسيط. 861 - أبو محمد البافى: تكرر فى الروضة، فذكره فى شروط الصوم. من غرائبه قوله فى تفسير يوم الشك: ينقل من الروضة. 862 - أبو مخلد البصرى: من أصحابنا، تكرر فى الروضة، وذكره فى أول الخلع، هو بالخاء المعجمة. 863 - أبو مرثد الغنوى الصحابى (1) : فى المهذب فى التعزية. 864 - أبو مرزوق التجيبى (2) : مذكور فى المهذب فى فصل نكاح المحلل. هو التجيبى، بضم التاء المثناة فوق وكسر الجيم، ومن أهل اللغة والمحدثين من قال: هو بفتح التاء، والمشهور الضم، منسوب إلى تجيب، قبيلة معروفة، وهو مصرى تابعى ثقة. قال أحمد بن عبد الله العجلى: روى عن حبيش الصنعانى. روى عنه يزيد بن أبى حبيب، ولا يعارض هذا قول ابن أبى حاتم، سمعت أبى يقول: هو مجهول؛ لأنه لم يجرح فيه، بل قال: لا أعرفه، وقد عَرفه غيره. 865 - أبو مسعود الصحابى الأنصارى البدرى (3) : تكرر فى المختصر، وذكره فى المهذب فى آخر باب ما يجوز بيعه، وفى صفة الأئمة، وفى صلاة العيدين، وفى اختلاف الزوجين فى الصداق، وفى الشهادات.   (1) انظر: الإصابة (4/177) ، والاستيعاب (4/171) ، وأسد الغابة (5/294) ، ونهاية الأرب (19/127) .. (2) انظر: الجرح والتعديل (9/442) ، والتاريخ الكبير (9/72) ، وتهذيب التهذيب (12/228، 229) ، وتقريب التهذيب (2/470) .. (3) انظر: الإصابة (2/490) ، وسير أعلام النبلاء (2/493) (103) ، وأسد الغابة (5/296) ، والاستيعاب (3/105) ، والتاريخ الكبير (6/429) ، وطبقات ابن سعد (6/16) .. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 267 866 - أبو معبد الخزاعى، وأم معبد الخزاعية: التى قال النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأبو بكر، رضى الله عنه، عند خيمتها: أسلما جميعًا وهاجرا. ذكره فى تاريخ دمشق فى باب صفة النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. 867 - أبو معتمر بن عمرو بن رافع: روى عن عمرو بن جلدة. روى عنه ابن أبى ذؤيب، ذكره فى المختصر فى أول التفليس، حديثه فى سنن أبى داود، وتحقق منه. 868 - أبو معشر الدارمى الصحابى: مذكور فى المهذب فى الشهادة للولد والوالد. 869 - أبو منصور البغدادى الأستاذ: كان شيخ إمام الحرمين فى الفرائض وإمامهم، تكرر ذكره فى الروضة فى الوصايا وغيرها، وذكره فى الوسيط أيضًا فى الوصايا فى أواخر الباب الثانى. 870 - أبو المنهال: فى المختصر، عن ابن عباس، رضى الله عنه. روى عنه عبد الله بن أبى كثير. ذكره فى باب السلف والرهن. 871 - أبو موسى الأشعرى، رضى الله عنه (1) : تكرر فيها. هو عبد الله بن قيس بن سليم بن حضار بن حرب بن عامر بن بكر بن عامر بن عذر بن وايل بن ناجية بن جماهر بن الأشعر، هو نبت بن أدد بن زيد بن يشجب بن يعرب بن قحطان، أبو موسى الأشعرى الصحابى الكوفى، رضى الله عنه. وأم أبى موسى طيبة بنت وهب، امرأة من عك، أسلمت وتوفيت بالمدينة. قدم على رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مكة قبل هجرته إلى المدينة فأسلم، ثم هاجر إلى الحبشة، ثم هاجر إلى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مع أصحاب السفينتين بعد فتح خيبر، فأسهم لهم منها، ولم يسهم منها لأحد غاب عن فتحها غيرهم. قال الحافظ أبو بكر بن أبى داود السجستانى فى كتابه شريعة القارىء: لأبى موسى مع حسن صوته فضيلة ليست لأحد من أصحاب رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، هاجر ثلاث هجرات، هجرة من اليمن إلى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بمكة، وهجرة من مكة إلى الحبشة، وهجرة من الحبشة إلى المدينة. قال غيره: واستعمله رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على زبيد، وعدن، وساحل اليمن، واستعمله عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، على الكوفة والبصرة، وشهد وفاة أبى عبيدة بالأردن،   (1) انظر: الإصابة (2/359) ، وتهذيب التهذيب (5/362، 363) ، والتاريخ الكبير (5/22) ، والجرح والتعديل (5/138) ، والطبقات الكبرى (2/344) ، وحلية الأولياء (1/256) ، وسير أعلام النبلاء (2/380 - 402) برقم (82) ، والوافى بالوفيات (17/407) .. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 268 وخطبة عمر بالجابية، وقدم دمشق على معاوية. رُوى له عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثلاثمائة وستون حديثًا، اتفق البخارى ومسلم منها على خمسين، وانفرد البخارى بخمسة عشر، ومسلم بخمسة عشر. توفى بمكة، وقيل: بالكوفة سنة خمسين، وقيل: سنة إحدى وخمسين. وقال الهيثم، والواقدى: سنة اثنتين وأربعين. وقال البخارى: قال أبو نعيم: سنة أربعة وأربعين. وكذلك قال أبو بكر بن أبى شيبة، وزاد: وهو ابن ثلاث وستين سنة. وقال قتادة: بلغ أبا موسى أن قومًا يتأخرون من الجمعة لعدم وجود ثياب حسنة، فخرج إلى الناس فى عباءة، وكان أبو موسى قدم البصرة واليًا من جهة عمر بن الخطاب سنة سبع عشرة بعد عزل المغيرة، ثم كتب إليه عمر أن يسير إلى الأهواز، فأتاها ففتحها عنوة، وقيل: سلحًا، وافتتح أصبهان سنة ثلاث وعشرين. 872 - أبو المهلب: عم أبى قلابة. مذكور فى المهذب فى باب أروش الجنايات، اسمه عبد الرحمن بن عمرو، وقيل: معاوية بن عمرو، وقيل: عمرو بن معاوية. ذكر هذه الأقوال الثلاثة فيه البخارى فى تاريخه، وذكرها غيره، وقيل: اسمه النضر بن عمرو الحرمى الأزدى البصرى التابعى الكبير. روى عن عمر بن الخطاب، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 269 وعثمان بن عفان، وأُبىّ بن كعب، وعمران بن الحصين، رضى الله عنهم. روى عنه الحسن البصرى، وابن سيرين، وابن أبيه أبو قلابة عبد الملك ابن يزيد، وعوف الأعرابى، وكان أبو المهلب ثقة. روى له مسلم فى صحيحه. 873 - أبو ميسرة عمرو بن شرحبيل التابعى (1) : 874 - أبو ميمون: عن أبى هريرة فى المختصر فى أول الحضانة. * * * حرف النون 875 - أبو النجيح: مذكور فى المهذب فى أول باب الديات، هو بفتح النون وكسر الجيم وآخره حاء مهملة، واسمه يسار المكى مولى الأحنس بن شريق الثقفى. تابعى، روى عن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مرسلاً، وروى عن عمر بن الخطاب، وعثمان، وسعد بن أبى وقاص، وقيس بن سعد، رضى الله عنهم أجمعين، أيضًا مرسلاً. وسمع عبد الله بن عمر، وعبد الله بن عمرو، وأبا هريرة. روى عنه ابنه عبد الله، وعمرو بن دينار، وآخرون. قال وكيع: هو ثقة. وقد روى له مسلم فى صحيحه، وهو والد ابن أبى نجيح الذى تكثر روايته عن مجاهد. 876 - أبوالنضر: عن ابن عمر فى أوائل السلم من المهذب. * * * حرف الهاء 877 - أبو هريرة، رضى الله عنه (2) : اختلف فى اسمه اختلافًا كثيرًا جدًا. قال الإمام الحافظ أبو عمر ابن عبد البر: لم يختلف فى اسم أحد فى الجاهلية ولا فى الإسلام كالاختلاف فيه. وذكر ابن عبد البر أيضًا أنه اختلف فيه على عشرين قولاً، وذكر غيره نحو ثلاثين قولاً، واختلف العلماء فى الأصح منها، والأصح عند المحققين الأكثرين ما صححه البخارى وغيره من المتقنين أنه عبد الرحمن بن صخر. روى البيهقى وغيره عن الشافعى، رحمه الله، قال: أبو هريرة أحفظ مَن روى الحديث فى دهره، وأسلمت أمه، رضى الله عنه وعنها، وقصة إسلامها مذكورة فى صحيح مسلم. وروينا فى صحيح مسلم، عن أبى هريرة فى قصة إسلام أمه، قال: قلت: يا رسول الله، ادع الله أن يحببنى الله أنا وأمى إلى عباده المؤمنين ويحببهم إلينا، فقال النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "اللهم حبب عبيدك هذا وأمه إلى عبادك المؤمنين، وحبب إليهما المؤمنين"، فما خلق الله مؤمنًا يسمع بى ولا يرانى إلا أحبنى. قال الحميدى فى الجمع بين الصحيحين: وقد ذكره الإمام أبو بكر البرقانى، وأبو مسعود الدمشقى فى كتابيهما، وأوله عندهما عن أبى كثير، قال: حدثنا أبو هريرة، قال: والله ما خلق الله مؤمنًا يسمع بى ولا يرانى إلا أحبنى، قلت: وما علمك بذلك يا أبا هريرة؟ فذكر الحديث.   (1) انظر: الإصابة (3/114) ، وحلية الأولياء (4/141 - 147) ، وطبقات ابن سعد (6/106 - 109) ، والجرح والتعديل (6/237، 238) ، وسير أعلام النبلاء (4/135، 136) ، وتهذيب التهذيب (8/47) ، والتاريخ الكبير (6/341، 342) .. (2) الإصابة (4/202) ، وطبقات ابن سعد (2/362، 4/325) ، وتهذيب التهذيب (12/262) ، وحلية الأولياء (1/376 - 385) ، والبداية والنهاية (8/103) ، وأسد الغابة (5/315) ، والتاريخ الكبير (6/132، 133) ، وسير أعلام النبلاء (2/578 - 632) .. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 270 * * * حرف الواو 000 - أبو وائل: عن عبد الله، هو ابن مسعود، فى المهذب فى أول الاستسقاء، هو شقيق بن سلمة، وقد سبقت ترجمته فى الشين. 878 - أبو واقد الليثى الصحابى (1) : تكرر فى المهذب، وذكره فى أوائل الحدود من المختصر، وفى المهذب فى القراءة فى صلاة العيد، وفى الصيد. 879 - أبو وبرة الكلبى: مذكور فى أول كتاب الطلاق من المهذب، وفى أوائل باب حد الخمر، الذى نحفظه أنه بإسكان الباء وإسكانها، ذكره جماعة منهم ابن البردى، ورأيت فى كتاب ابن باطيش أنه يقال بفتحها، وهو مشهور بكنيته، ولا يُعرف اسمه. 880 - أبو الوضىء: مذكور فى المختصر فى أول كتاب البيوع، وفى المهذب فى أول باب عدد الشهود، وهو بفتح الواو، وكسر الضاد المعجمة، وبالهمزة الممدودة، واسمه عباد بن نسيب، بضم النون وفتح السين المهملة وبعدها مثناة من تحت ساكنة، ثم موحدة. وهو تابعى قيسى، سمع على بن أبى طالب، وأبا برزة الأسلمى، رضى الله عنهما. روى عنه جميل بن مرة، وبديل بن ميسرة. قال يحيى بن معين: هو ثقة. وقال البخارى: يُعد فى البصريين، وكان من فرسان على، وكان على شرطة على، رضى الله عنه. 881 - أبو الوليد الطيالسى: فى المهذب فى خراج السواد. 882 - أبو الوليد النيسابورى (2) : من أئمة أصحابنا، مذكور فى الروضة فى القنوت فى الوتر، وفى الصلاة على الميت، وغيرهما. قال أبو سعد السمعانى فى الأنساب: هو أبو الوليد حسان بن محمد ابن أحمد بن هارون بن حسان بن عبد الله بن عبد الرحمن بن عنبسة بن عبد الرحمن بن عنبسة بن سعيد بن العاص الأكبر بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناة القريشى الشافعى. إمام عصره، وفقيه خراسان، تفقه على أبى العباس بن سريج، وعاد إلى خراسان فنشر العلم، واشتغل بالدرس والعبادة، وسمع الحديث   (1) انظر: الإصابة (4/215، 216) ، والتاريخ الكبير (2/258) ، والجرح والتعديل (3/82) ، والاستيعاب (4/215، 266) ، وأسد الغابة (5/319، 320) ، وتهذيب التهذيب (12/270، 271) .. (2) انظر: طبقات فقهاء الشافعية للعبادى (74) والمنتظم (6/396) وسير أعلام النبلاء (15/492 - 496) وتذكرة الحفاظ (3/895 - 897) وطبقات الشافعية الكبرى للسبكى (2/191، 192) ومرآة الجنان (2/343) والبداية والنهاية (11/236) والنجوم الزاهرة (3/324) والأعلام (2/190) .. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 271 الكثير من أبى بكر الإسماعيلى، والحسن بن سفيان النسوى، وغيرهما. روى عنه الحاكم أبو عبد الله وغيره. توفى فى خامس شهر ربيع الأول سنة تسع وأربعين وثلاثمائة. ومن غرائبه أنه قال: إذا كرر المصلى الفاتحة مرتين بطلت صلاته، حكاه عنه إمام الحرمين فى فصل القراءة من صفة الصلاة، وهو خلاف نص الشافعى والأصحاب. ونقل صاحب العدة أن ابن خيران، وأبا يحيى البلخى، قال: تبطل. قال: وحكاه الشيخ أبو حامد عن القديم. ومن غرائبه أنه قال: الحجامة تفطر الصائم وتفطر الحاجم والمحجوم، وادعى أنه مذهب الشافعى لصحة الحديث، وكان يحلف أنه مذهب الشافعى، وغلطه الأصحاب؛ لأن الشافعى وقف على الحديث، وقال: هو منسوخ، ومن أصحابنا من تأوله. ومن غرائبه أيضًا أنه جَوَّز الصلاة على قبر نبينا - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فرادى. حكاه عنه فى المهذب، وقد ذكرته فى الروضة، وأنه قال: يستحب القنوت فى الوتر فى جميع رمضان، ووافقه على القنوت ثلاثة من أئمة أصحابنا، منهم أبو عبد الله الزبيرى، وأبو الفضل بن عبدان، وأبو منصور بن مهران. * * * حرف الياء 883 - أبو يحيى البلخى: تكرر ذكره فى المهذب، والوسيط، والروضة، وهو من كبار أصحابنا أصحاب الوجوه. قال ابن باطش: ذكره أبو حفص عمر بن على المطوعى فى كتاب المهذب فى ذكر أئمة المهذب، فقال: أبو يحيى البلخى، أصله من بلخ، أحد من فارق وطنه لأجل الدين، وقطع نفسه لضالة العلم، ومسح عرض الأرض، وسافر إلى أقاصى الدنيا فى طلب الفقه، حتى بلغ فى ذلك الغاية، وكان حسن البيان فى النظر، مرهف عرب اللسان فى الجدل، ومصداق ذلك فى دلائله التى نصبها لاختياراته وبراهينه التى كشف فيها عن وجوه تخريجاته. قلت: ومن غرائبه أنه جَوَّز للقاضى إذا أراد نكاح من لا ولى لها أن يتولى طرفى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 272 العقد. قال الرافعى: ويقال: إنه قال: لما كان قاضيًا بدمشق تزوج امرأة ولى أمرها بنفسه. ومن غرائبه أنه قال: لو شرط فى القراض أن يعمل رب المال مع العامل جاز. حكاه عنه العبادى فى الرقم، وقد ذكرته فى الروضة، والصحيح المعروف المنع. 884 - أبو يعقوب الأبيوردى: فى تيمم المهذب. 885 - أبو يعقوب: فى المهذب فى جزيرة العرب. 886 - أبو يوسف القاضى: صاحب أبى حنيفة، رحمه الله، مذكور فى المختصر فى أول جامع السير، تكرر ذكره فيه، وفى القافة، وغيرها. * * * النوع الثالث: فى الأنساب، والألقاب، والقبائل، ونحوها حرف الألف 887 - الأبهرى المالكى: فى الروضة فى كتاب البيوع فى آخر باب المناهى فى مسألة مبايعة من أكثر ماله حرام. 888 - الأصمعى: مذكور فى باب عقد الذمة فى حد جزيرة العرب، اسمه عبد الملك بن قريب، بضم القاف وفتح الراء وبعدها ياء مثناة من تحت ساكنة، ثم باء موحدة، ابن عبد الملك بن أصمع البصرى الإمام، صاحب اللغة، والغريب، والأخبار، والمُلح، يكنى أبا سعيد، من أئمة الحديث الكبار، والمعتمد عليه فيها. روى الحديث عن جماعات من الكبار، وروى عنه جماعات من الكبار. قال يحيى بن معين: سمعت الأصمعى يقول: سمع منى مالك بن أنس، واتفقوا على أنه ثقة. قال أبو منصور الأزهرى فى أول تهذيب اللغة: عن سلمة بن عاصم النحوى، قال: الأصمعى أزكى من أبى عبيدة، وأحفظ للغريب منه، وكان أبو عبيدة أكثر رواية منه، وكان هارون الرشيد قد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 273 استخلصه لمجلسه، وكان يرفعه على أبى يوسف القاضى، ويجيزه بجوائز كثيرة، وكان علمه على لسانه، وروى الأزهرى بإسناده عن الرياشى، قال: كان الأصمعى شديد التوقى لتفسير القرآن، صدوقًا صاحب سُنَّة، عُمَّر نيفًا وتسعين سنة، وله عقب. وقال أبو جعفر النحاس فى أول كتابه صناعة الكتاب: كان الأصمعى شديد التوقى لتفسير القرآن وحديث النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فيقال: أنه تكلم فيهما بعد ذلك لما لقيه أحمد بن حنبل، وأبو عبيد، وكان صدوقًا، ويقال: إنه ولد سنة ثلاث وعشرين ومائة، ومات وعمر نيفًا وتسعين سنة. قال: وسمعت على بن سليمان يقول: أهل النحو فيما نعلم معمرون، ولا يكسر هذا علينا إلا سيبويه. ومات الأصمعى سنة ست عشرة ومائتين. وروينا فى تاريخ الخطيب البغدادى، رحمه الله، عن عمر بن شبة، قال: سمعت الأصمعى يقول: أحفظ ستة عشر ألف أرجوزة. وذكر الخطيب عن الشافعى، قال: ما عبر أحد من العرب بأحسن عبارة من الأصمعى. وقال إبراهيم الحربى: كان أهل العربية من أهل البصرة أصحاب الأهواز إلا أربعة: أبو عمرو بن العلاء، والخليل، ويونس بن حبيب، والأصمعى. 889 - الأزرقى: صاحب تاريخ مكة. فى الروضة فى ذكر عرفات. 890 - الأعشى الشاعر: مذكور فى باب الشفعة فى المختصر، هو ميمون بن قيس بن جندل الأسدى المشهور. 891 - الأعمش: فى المهذب فى ميراث أهل الفرض. 892 - إمام الحرمين: فى الوسيط والروضة. 000 - الأوزاعى: عبد الرحمن بن عمرو، إمام أهل الشام، تقدم فى ترجمة عبد الرحمن. * * * حرف الباء الموحدة 000 - البخارى: الإمام أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم، تقدم ذكره فى ترجمة محمد. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 274 893 - البغوى: بفتح الباء فى الروضة. 894 - البويطى: هو أبو يعقوب يوسف بن يحيى، وتقدم فى الأسماء. قال الترمذى: البويطى قريشى، ذكره فى آخر الكتاب عند ذكر من روى عنه فقه الشافعى، رضى الله عنه. * * * حرف الثاء المثلثة 895 - ثعلب: مذكور فى باب الوقف من المهذب، والوسيط. هو الإمام المُجمع على إمامته، وكثرة علومه، وجلالته، أبو العباس أحمد بن يحيى بن زيد بن سيار الشيبانى، مولاهم إمام الكوفيين فى عصره لغة ونحوًا، وثعلب لقب له. قال الإمام أبو منصور الأزهرى، فى خطبة كتابه تهذيب اللغة: أجمع أهل هذه الصناعة من العراقيين أنه لم يكن فى زمن أبى العباس أحمد بن يحيى ثعلب وأبى العباس محمد بن يزيد المبرد مثلهما، وكان أحمد بن يحيى أعلم الرجلين، وأورعهما، وأرواهما للغات والغريب، وأوجزهما كلامًا، وأقلهما فضولاً، وكان محمد بن يزيد أعرب الرجلين بيانًا، وأحفظهما للشعر المحدث والأخبار الفصيحة، وأعلمهما بمواهب البصريين فى النحو ومقائسه، وكان أحمد بن يحيى حافظًا لمذاهب العراقيين، أعنى الكسائى، والفراء، والأحمر، وكان متقدمًا فى صناعته، عفيفًا عن الأطماع الدنية، ورعًا عن المكاسب الخبيثة. قال غير الأزهرى: سمع ثعلب: ابن الأعرابى، والأثرم، والزبير بن بكار، وأخذ عنه ابن الأنبارى، وأبو عمر الزاهد، وغيرهما، وكان ثقة، دينًا، صالحًا، ورعًا، حكى عن صاحبه أبى عمر الزاهد، قال: كنت فى مجلس أبى العباس ثعلب، فسأله سائل عن شىء، فقال: لا أدرى، فقال: أتقول لا أدرى وإليك تُضرب أكباد الإبل، وإليك الرحلة من كل بلد؟! فقال له ثعلب: لو كان لأمك بعدد ما لا أدرى بعر لاستغنت. ولد ثعلب، رحمه الله، سنة مائتين، وتوفى ببغداد يوم السبت لثلاث عشرة بقيت من جمادى الأولى سنة إحدى وتسعين ومائتين. قال الخطيب البغدادى: ودفن بمقبرة باب الشام، رحمه الله تعالى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 275 * * * حرف الجيم 896 - الجوزجانى: صاحب أبى حنيفة، فى الفرائض من الروضة فى توريث ذوى الأرحام. * * * حرف الحاء 897 - الحطيئة الشاعر: مذكور فى كتاب الأقضية من المهذب، هو بضم الحاء وفتح الطاء المهملتين، ويقال: بالهمز، وبتركه وتشديد الياء، واسمه جرول، بفتح الجيم، وإسكان الراء وفتح الواو، وإنما لُقِّب الحطيئة لقصره، وهو جرول بن أوس بن مالك العبسى، يكنى أبا مليكة. * * * حرف الخاء 898 - الخضرى: تكرر ذكره فى الوسيط، وهو من كبار أصحابنا أصحاب الوجوه، ومتقدمى أئمة المذهب. هو أبو عبد الله محمد بن أحمد المروزى الخضرى. قال أبو سعد السمعانى: هو نسبة إلى الجد، قال: وهو الخضرى، بكسر الخاء وإسكان الضاد المعجمتين. قال: والصحيح يعنى الأصل فى هذه النسبة: الخضرى، بفتح الخاء وكسر الضاد، ولكنهم خففوه لما ثقل عليهم. قال: والخضرى هو إمام مرو، ومتقدم الفقهاء الشافعية بها، تفقه عليه جماعة من الأئمة، وروى، يعنى الحديث، عن جماعة منهم القاضى أبو عبد الله المحاملى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 276 * * * حرف الدال 899 - الدارقطنى: فى الوسيط فى كتاب الحجر. 900 - الدراوردى: شيخ الشافعى، تكرر فى المختصر عن محمد بن عمر، وعن أبى سلمة. * * * حرف الذال 901 - ذو اليدين: فى سجود السهو، وباب ما يفسد الصلاة. * * * حرف الراء 902 - الرويانى: صاحب البحر، هو أبو المحاسن. قال أبو عمرو بن الصلاح: هو فى البحر، كثير النقل، قليل التصرف والتزييف والترجيح، وفعل فى الحلية ضد ذلك، فإنه أمعن فى الاختيارى حتى اختار كثيرًا من مذهب العلماء غير الشافعى. * * * حرف الزاى 903 - الزعفرانى (1) : صاحب الشافعى، رضى الله عنهما، ذكره فى الوسيط فى زكاة الدين، وهو أحد رواة القديم الأربعة عنه. قال صاحب الحاوى فى مسألة وقت المغرب: الزعفرانى أثبت أصحاب القديم، وهذا الزعفرانى هو أبو على الحسن بن محمد بن الصباح. قال أبو يحيى زكريا بن يحيى الساجى: سمعت الزعفرانى، يقول: قدم الشافعى فاجتمعنا، فقال: التمسوا مَن يقرأ لكم، فلم يُحسن أحد غيرى، وما كان فى وجهى شعرة، وإنى لأتعجب من انطلاق لسانى وجسارتى بين يديه، فقرأت الكُتب كلها إلا كتابين قرأهما هو المناسك والصلاة. قال الساجى: وسمعته يقول: إنى لأقرأ كتب الشافعى وتقرأ علىَّ منذ خمسين سنة. وروى البيهقى عن أبى حامد المروروذى القاضى. قال: كان القاضى الزعفرانى من أهل اللغة.   (1) انظر: الجرح والتعديل (3/36) ، والثقات لابن حبان (8/177) ، وتاريخ بغداد (7/407 - 410) ، ووفيات الأعيان (2/73، 74) ، وتهذيب الكمال (6/310 - 313) ، والمختصر فى أخبار البشر (2/49) ، وسير أعلام النبلاء (12/262 - 265) برقم (100) ، ومرآة الجنان (2/171، 172) ، والوافى بالوفيات (12/235) ، وتهذيب التهذيب (2/318، 319) ، وتقريب التهذيب (1/170) .. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 277 000 - الزهرى: محمد بن مسلم، سبق فى باب محمد. * * * حرف السين 904 - الساجى: فى المهذب فى خراج السواد. * * * حرف الشين 905 - الشعبى: تكرر فى المختصر، وهو فى المهذب فى التفليس فى أول باب الإيمان ففى الرجوع عن الشهادات عن على أظنه مرسلاً. * * * حرف الصاد 906 - صاحب البيان: هو أبو الخير يحيى بن أبى الخير سالم بن أسعد بن يحيى العمرانى بن عمران من قرية من اليمن، يقال لها: مصنعة سير، كان يحفظ المهذب، ويقوم به ليله، وشرحه بالبيان، نشر العلم ببلاد اليمن، ورحل إليه، وصَنَّف البيان، وغرائب الوسيط للغزالى وغير ذلك. توفى سنة ثمان وخمسين وخمسمائة. 907 - صاحب البحر: فيه يعنى فى الروضة. 908 - صاحب التقريب: متكرر فى الوسيط والروضة تكرارًا كثيرًا، هو الإمام أبو الحسن القاسم ابن الإمام أبى بكر محمد بن على القفال الشاشى، وهو القفال الكبير كما تقدم، وكان أبو الحسن هذا عظيم الشأن، جليل القدر، صاحب إتقان، وتحقيق، وضبط، وتدقيق، وكتابه التقريب كتاب عزيز، عظيم الفوائد من شروح مختصر المزنى، وقد يتوهم من لا اطلاع له على أن المراد بالتقريب تقريب الإمام أبى الفتح سليم بن أيوب الرازى صاحب الشيخ أبى حامد الإسفراينى، وذلك غلط، بل الصواب ما ذكرنا أنه تصنيف أبى الحسن ابن القفال. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 278 قال الإمام أبو القاسم الرافعى فى كتابه التذنيب: ويقال: إن صاحب التقريب أبوه القفال، قال: والأول أظهر، وهو الذى ذكره الشيخ أبو عاصم العبادى، والله أعلم. قلت: وقد وقع فى نسخ الوسيط فى كتاب الرهن، قال صاحب التقريب أبو القاسم، وهذا غلط، بل صوابه القاسم، وسيأتى بيانه فى نوع الأوهام. وقد قال الإمام الحافظ الفقيه المتقن أبو بكر البيهقى فى رسالته إلى الشيخ أبى محمد الجوينى، رحمه الله: نظرت فى كتاب التقريب، وكتاب جمع الجوامع، وعيون المسائل وغيرهما، فلم أر أحدًا منهم، فيما حكاه، أوثق من صاحب التقريب، رحمنا الله وإياه. وهو فى النصف الأول من كتابه أكثر حكاية لألفاظ الشافعى، رضى الله عنه، منه فى النصف الآخر، وقد غفل فى النصفين جميعًا من اجتماع الكتب له، أو أكثرها وذهاب بعضها فى عصرنا، عن حكاية ألفاظ لابد من معرفتها، لئلا يجترىء على تخطئة المزنى، رحمه الله، فى بعض ما يخطئه فيه، وهو منه برىء، وليتخلص به عن كثير من تخريجات أصحابنا. ثم ذكر البيهقى شواهد لما ذكره، فرضى الله عنه، ما أجزل كلامه، وأشد تحقيقه، وأكثر اطلاعه، وأثنى إمام الحرمين فى مواضع من النهاية على صاحب التقريب ثناء حسنًا. 000 - صاحب التلخيص: تكرر فى الوسيط، والروضة. هو أبو العباس أحمد بن القاص، وسبق بيانه. 909 - صاحب الحاوى: فيه، يعنى فى الروضة. 000 - صاحب الكافى: فى الوسيط فى مسألة القلتين، هو أبو عبد الله الزبيرى، سبق بيانه. 910 - ذكر صاحبى كعب بن مالك: فى الروضة فى كتاب عشرة النساء فى باب الشقاق، هما هلال بن أمية، ومرارة بن ربيع. 911 - صاحب المحكم: فى اللغة، مذكور فى الروضة فى أول الوليمة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 279 * * * حرف العين 912 - العراقيان: اللذان يقول فى المهذب فى مواضع كثيرة: قال فى اختلاف العراقيين. هما أبو حنيفة، ومحمد بن عبد الرحمن بن أبى ليلى، وقوله: العراقيين، بفتح الياء الأولى وكسر النون؛ لأنه مثنى، وإنما ضبطه لأنه قد يصحف، وهذا كتاب صنفه الشافعى، فذكر فيه المسائل التى اختلفا فيه، ويختار تارة ذاك وتارة يضعفهما، ويختار ثالثًا، وهذا الكتاب هو أحد كُتب الأم، وهو نحو نصف مجلد. 000 - العنسى: مذكور فى أول كتاب قتال البغاة من المختصر، وهو الكذَّاب الأسود. * * * حرف الفاء 913 - الفارقى: مذكور فى الروضة فى أول الثانى من الشفعة، هو تلميذ صاحب المهذب، وشيخنا فى السلسلة، وكتابه الفوائد قليل الجدوى. 914 - الفراء اللغوى النحوى الإمام: هو أبو زكريا يحيى بن زياد الكوفى. 915 - الفرزدق: مذكور فى المهذب فى الاستثناء فى الطلاق، هو همام بن غالب المجاشعى التميمى البصرى الشاعر المشهور التابعى المعروف، يكنى أبا فراس، سمع ابن عمرو، وأبا هريرة. قال البخارى فى التاريخ: روى عنه مروان الأصغر، وابن أبى نجيح، وابنه ليطة. 916 - الفورانى: تكرر ذكره فى الوسيط، هو صاحب الإبانة، وهو الإمام أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن فوران، بضم الفاء، وإسكان الواو، وبعد الألف نون، منسوب إلى جده، هكذا قال الإمام الحافظ أبو سعد السمعانى فى كتابه الأنساب. قال: وله تصانيف فى الفقه، وروى الحديث. توفى فى شهر رمضان سنة إحدى وستين وأربعمائة بمرو. وقال: وهو من أعيان تلامذة أبى بكر القفال، يعنى المروزى، وهذا الفورانى هو صاحب الإبانة، وهو شيخ الإمام أبى سعد المتولى صاحب التتمة، وسمى المتولى كتابه التتمة؛ لكونه تتميمًا للإبانة، وشرحًا لها، وتفريعًا عليها، وأثنى عليه فى خطبة التتمة. قال: وقد سمع البغوى منه، وروى عنه فى كتابه شرح السنة الذى يرويه، وحيث قال إمام الحرمين: قال بعض المصنفين، أو فى بعض التصانيف كذا، فمراده صاحب الإبانة. ويغلطه ويسىء القول فيه. وقال فى باب الأذان: والرجل غير موثوق بنقل ما ينفرد به، وأنكر العلماء على إمام الحرمين إفراطه فى الشناعة على الفورانى، وغلطوه فى إفراطه، وحيث قال صاحب البحر: قال بعض أصحابنا بخراسان فمراده الفورانى. * * * حرف القاف 917 - القاهر الخليفة: فى المهذب فى نكاح السامرة. 918 - القتبى: مذكور فى المهذب والوسيط فى كتاب الوقف، ثم فى أول كتاب العدد من المهذب، بضم القاف وفتح التاء بعدها موحدة، وقد يزيدون فيه ياء مثناة من تحت بين التاء والياء، والأول هو الفصيح المشهور الجارى على القواعد، وهو أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينورى الكاتب اللغوى الفاضل فى علوم كثيرة. سكن بغداد، وله مصنفات كثيرة جدًا، رأيت فهرستها ونسيت عددها، أظنها تزيد على ستين مصنفًا فى أنواع العلوم، فمن كتبه التى رأيتها: غريب القرآن، ومشكل القرآن، وغريب الحديث، ومختلف الحديث، وأدب الكاتب، والمعارف، وعيون الأخبار. قال السمعانى فى الأنساب: روى ابن قتيبة عن ابن راهوية، ومحمد بن زياد الزيادى، وغيرهما، ومات فجأة فى أول رجب سنة ست وسبعين ومائتين. قال: وقيل: مات فى ذى القعدة سنة سبعين ومائتين. وقال الإمام أبو منصور الأزهرى فى مقدمة كتابه تهذيب اللغة: سمع ابن قتيبة: حرملة بن يحيى. 919 - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 280 القفال الشاشى: مذكور فى موضع واحد من المهذب فى كتاب النكاح فى مسألة تزويج الجد بنت ابنه بابن ابنه، ليس له ذكر فى المهذب فى غير هذا الموضع، ولا ذكر له فى الوسيط، وإنما الذى فى الوسيط القفال المروزى كما سأذكره إن شاء الله تعالى. وذكر الشاشى فى الروضة فى مواضع كثيرة، منها فى آخر صلاة المسافر، فى جواز الجمع بالمرض، وفى باب العقيقة، وآخر الباب الثانى من كتاب الإقرار. ويُعرف هذا بالقفال الشاشى الكبير، والذى فى الوسيط، والنهاية، والتعليق للقاضى حسين، والإبانة، والتتمة، والتهذيب، والعدة، والبحر، ونحوها من كتب الخراسانيين، هو القفال المروزى الصغير، ثم أن الشاشى تكرر فى كتب التفسير، والحديث، والأصول، والكلام، والجدل، ويوجد فى كتب الفقه للمتأخرين من الخراسانيين، واشترك القفالان فى أن كل واحد منهما أبو بكر القفال الشافعى، لكن يتميزان بما ذكرنا من مظانهما، ويتميزان أيضًا بالاسم والنسب، فالكبير شاشى والصغير مروزى. والشاشى اسمه محمد بن على بن إسماعيل، تفقه على ابن سريج، وكان إمام عصره بما وراء النهر، واعلمهم بالأصول، ورحل فى طلب الحديث، سمع بخراسان أبا بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة، وأقرانه، وبالعراق محمد بن جرير الطبرى، والباغندى، وأقرانهما، وبالجزيرة أبا عروة، وبالشام أبا الجهم، وأقرانه، وبالكوفة وغيرها. وله مصنفات من أجلِّ المصنفات، وهو أول مَن صَنَّف الجدل، وشرح رسالة الشافعى، ورأيت له كتابًا نفيسًا فى دلائل النبوة، وكتابًا جليلاً فى محاسن الشريعة. قال الشيخ أبو إسحاق فى طبقاتنه: له مصنفات كثيرة ليس لأحد مثلها، وله كتاب فى أصول الفقه، وله شرح رسالة الشافعى، رضى الله عنه، وعنه انتشر فقه الشافعى فيما وراء النهر. قال: وتوفى سنة ست وثلاثين وثلاثمائة. قال غيره: توفى بشاش. وقال الإمام أبو عبد الله الحليمى: كان شيخنا القفال الشاشى أعلم من لقيته من علماء عصره. وقال أبو سعد السمعانى فى الأنساب: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 281 القفال الشاشى الفقيه الشافعى، من أهل الشاش، إمام عصره بلا مدافعة، كان فقيهًا، أصوليًا، محدثًا، لغويًا، شاعرًا، سار ذكره فى الشرق والغرب، له تصانيف مشهورة، ورحل إلى خراسان، والعراق، والحجاز، والشام، والثغور. ذوأبا العباس السراج، وأبا القاسم البغوى، وغيرهم. روى عنه الحاكم أبو عبد الله، وأبو عبد الله بن مندة، وأبو عبد الرحمن السلمى، وغيرهم. ولد سنة إحدى وتسعين ومائتين، ومات بالشاش فى ذى الحجة سنة خمس وستين وثلاثمائة. ومن غرائب القفال الشاشى ما نقلته عنه فى الروضة أنه قال: يجوز الجمع بين الصلاتين بعذر المرض. ومن غرائبه أن الأصحاب قالوا: إن أخرت العقيقة حتى بلغ سقط حكمها فى حق غير المولود، وهو مخير فى العقيقة عن نفسه، واستحسن القفال الشاشى أن يفعلها. ويروى أن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَقَّ عن نفسه بعد النبوة. ونقلوا عن نص الشافعى فى البويطى أنه لا يفعل ذلك واستغربوه. قال المُصَنِّف: ورأيت نصه فى البويطى: ولا يعق عن كبير. قال: وليس مخالفًا لما سبق، فإن معناه لا يعق عنه غيره، وليس فيه نفى عقه عن نفسه، والله تعالى أعلم. ومن غرائبه أنه قول قال: وهبت لك كذا، وخرجت منه إليك، قال: يكون إقرارًا بالإقباض؛ لأنه نسب إلى نفسه ما يشعر بالإقباض بعد العقد المفروغ منه، وخالفه الأصحاب فى ذلك، فقالوا: لا يكون مقرًا بالإقباض لجواز أن يريد الخروج عنه بالهبة، وفيما نروية بالإجازة فى شعب الإيمان للبيهقى، قال: أنشدنا أبو نصر بن قتادة، أنشدنا الشيخ أبو بكر القفال الشاشى، رحمه الله تعالى: أوسع رحلى على من نزل ... وزادى مباح على من أكل نقدم حاضر ما عندنا ... وإن لم يكن غير خبز وخل فأما الكريم فيرضى به ... وأما اللئيم فمن لم أبل * * * الجزء: 2 ¦ الصفحة: 282 حرف الكاف 920 - الكرابيسى: تكرر فى الثلاثة. هو الحسين بن على بن يزيد الكرابيسى البغدادى صاحب الإمام الشافعى، رضى الله عنه، وأشهرهم بإثبات مجلسه، وأحفظهم لمذهبه، وهو أحد رواة مذهبه القديم، والثانى الزعفرانى، والثالث أبو ثور، والرابع أحمد بن حنبل. ورواة الأقوال الجديدة ستة: المزنى، والربيعان الربيع بن سليمان الجيزى، والربيع بن سليمان المرادى، والبويطى، وحرملة، ويونس بن عبد الأعلى. وكنيته أبو على، وله تصانيف كثيرة فى أصول الفقه وفروعه. وكان متكلمًا، عارفًا بالحديث، وصَنَّف أيضًا فى الجرح والتعديل وغيره، وأخذ عنه الفقه خلق كثير، ونُسب إلى الكرابيس، وهى الثياب الغلاظ، وأحدها كرباس، بكسر الكاف، وهو لفظ فارسى معرب؛ لأنه كان يبيعها فنُسب إليها. وتوفى، رحمه الله، فى سنة خمس وأربعين، وقيل: سنة ثمان وأربعين ومائتين، وهو أشبه بالصواب. 921 - الكسائى: مذكور فى الروضة فى الصداق، إذا أصدقها تعليم آيات. 922 - الكسعى: مذكور فى المسابقة من المهذب، وهو بضم الكاف، وفتح السين، وكسر العين المهملتين، اسمه غامد، بالغين المعجمة وبالدال، ابن الحارث، من كسع، ثم من بنى محارب، وقيل: اسمه محارب بن قيس، وهو الذى يُضرب به المثل فى الندم. 923 - الكوفيون: الذين ذكرهم الشافعى، رحمه الله، فى باب الشفعة وغيرها، هم أبو حنيفة، ومحمد بن عبد الرحمن بن أبى ليلى، وأصحابهما. * * * حرف الميم 000 - الماسرجسى: هو أبو الحسن محمد بن على بن سهل، تكرر ذكره فى المهذب والروضة، وسبق ذكره فى الكنى فى ترجمة أبى الحسن الماسرجسى. 924 - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 283 المتنبى: الشاعر المعروف. ذكره فى كتاب السير من المهذب. هو أبو الطيب أحمد بن الحسين ابن الحسن بن عبد الله الجعفى الكوفى الشاعر الأديب المجيد، صاحب الديوان المعروف، وله من بدائع الشعر وحكمه أشياء عجيبة مشتملة على الآداب وغيرها، ولد بالكوفة سنة ثلاث وثلاثمائة، ونشأ بالبادية والشام، وقال الشعر فى صغره واعتنى الأئمة الفضلاء بشرح ديوانه، مات سنة أربع وخمسين وثلاثمائة. قال السمعانى فى الأنساب: إنما قيل له: المتنبى؛ لأنه ادَّعى النبوة فى بادية السماوة، وتبعه كثير من كلب وغيرهم، فخرج إليه لؤلؤ أمير حمص بالأخشيدية فأسره، وفرَّق أصحابه، وسجنه طويلاً، ثم أشهد عليه بأنه تاب وكذب نفسه فيما ادعاه، وأطلقه، فطلب الشعر، وقاله فأجاد، وفاق أهل عصره. وقيل: إنما قيل له: المتنبى؛ لأنه قال شعر: أنا فى أمة تداركها ... غريب كصالح فى ثمود واتصل بسيف الدولة ابن حمدان فأكثر مدحه، ثم صار إلى عضد الدولة بفارس فمدحه، وعاد إلى بغداد فقتل بالطريق بالقرب من النعمانية فى شهر رمضان الجزء: 2 ¦ الصفحة: 284 سنة أربع وخمسين وثلاثمائة. 925 - المزنى: هو أبو إبراهيم إسماعيل بن يحيى، تقدم فى الأسماء، صَنَّف المزنى كتابًا مفردًا على مذهبه لا على مذهب الشافعى، ذكره أبو على البندنيجى فى كتابه الجامع فى آخر باب الصلاة بالنجاسة. قال إمام الحرمين فى باب ما ينقض الوضوء من النهاية: وذهب المزنى إلى أن النوم فى عينه حدث ناقض للوضوء، كيف فرض وطر مذهبه فى القاعد المتمكن، وألحقه بجهات الغلبة على العقل، وخَرَّج ذلك قولاً للشافعى. قال: وإذا تفرد المزنى برأى فهو صاحب مذهب، وإذا خَرَّج للشافعى قولاً فتخريجه أولى من تريج غيره، وهو ملتحق بالمذهب لا محالة. وقال الرافعى فى باب الخلع فى مسألة خلع الوكيل وفيما علق عن إمام الحرمين أنه قال: أرى كل اختيار المزنى تخريجًا، فإنه لا يخالف أقوال الشافعى لا كأبى يوسف ومحمد، فإنهما يخالفان أصول صاحبهما. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 285 926 - المسعودى: من أصحابنا، تكرر ذكره فى الروضة، وذكره فى الوسيط فى كتاب الإيمان. هو محمد بن عبد الملك بن مسعود بن أحمد بن محمد بن مسعود المسعودى الإمام، أبو عبد الله المروزى، من أهل مرو، وأحد أصحاب القفال المروزى. قال أبو سعد السمعانى: كان المسعودى هذا إمامًا، فاضلاً، مبرزًا، عالمًا، زاهدًا، ورعًا، حسن السيرة، شرح مختصر المزنى فأحسن فيه، وسمع الحديث القليل من أستاذه القفال. توفى فى سنة نيف وعشرين وأربعمائة بمرو، هذا كلام السمعانى. وحكى الإمام أبو القاسم الفورانى صاحب الإبانة فى كتابه العمدة عن المسعود هذا أن المصلى صلاة العيد يقول بين كل تكبيرتين من التكبيرات الزوائد: سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، وجل ثناؤك، ولا إله غيرك، وهذا الذى قاله غريب، والمشهور عن الأصحاب: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر. وقيل غير ذلك، وقد أوضحته فى الروضة، وشرح المهذب. وفى هذا النقل فوائد منها بيان هذه المسألة. ومنها جلالة المسعودى، فإن الفورانى رفيقه فى صحبة القفال، فحكايته عنه فى تصنيفه دليل على عظم جلالته. ومنها أن صاحب البيان يقول فيه: قال المسعودى، ويكثر من هذا، ويريد به صاحب الإبانة، وهذا غلط فاحش، فاعرفه واجتنبه، وسببه أن الإبانة وقعت فى اليمن، واختلفوا لبعد الديار فى نسبتها، فنسبها بعضهم إلى المسعودى، وبعضهم إلى الفورانى، وهكذا ذكره شارح الإبانة، وهو أبو عبد الله الطبرى صاحب العدة فى خطبة العدة، ومن طرف المسعودى ما حكاه فى الوسيط عنه فى مسألة من حلف على البيض. 927 - المهدى الخليفة: فى المختصر فى باب الفىء. * * * حرف النون 928 - النابغة الشاعر: مذكور فى زكاة الثمار فى المهذب. هو النابغة الجعدى الصحابى، رضى الله عنه، وفى الشعراء جماعة يقال لكل واحد منهم: النابغة، وهذا الذى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 286 المهذب الجعدى الصحابى، وهو قيس بن عدى بن عدس، بالضم، ابن ربيعة بن جعدة، يكنى أبا ليلى، وفى نسبه خلاف، وكان من المعمرين، عاش فى الجاهلية، ثم فى الإسلام دهرًا طويلاً. قال ابن قتيبة: عاش مائتين وعشرين سنة، ومات بأصبهان. قال ابن عبد البر: إنما قيل له: النابغة؛ لأنه قال الشعر فى الجاهلية، ثم تركه نحو ثلاثين سنة، ثم نبغ فيه بعد فقاله، فقيل له: النابغة. وفى شعره فى الجاهلية ضروب من التوحيد، وإثبات البعث، والجزاء، والجنة، والنار. 929 - النجاشى: فى الجنائز منها كلها. * * * فصل فى القبائل ونحوها حرف الألف 930 - بنو أسد بن عبد العزى: أشجع بنى أمية فى النشوز من المهذب. 931 - الأنصار، رضى الله عنهم: ذكرهم الله تعالى فى مواضع من القرآن، قال الله تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ} [التوبة: 100] الآية. وقال تعالى: {لَقَد تَّابَ الله عَلَى النَّبِىِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِى سَاعَةِ الْعُسْرَةِ} [التوبة: 117] الآية. وفى صحيح البخارى فى كتاب المغازى، فى باب من قُتل يوم أُحُد، عن قتادة، قال: ما نعلم حيًا من أحياء العرب أكثر شهداء أعز يوم القيامة من الأنصار. قال قتادة: حدثنا أنس بن مالك، رضى الله عنه، أنه قتل منهم يوم أُحُد سبعون، ويوم بئر معونة سبعون، ويوم اليمامة سبعون، هذا لفظه فى صحيح البخارى. وقوله: أعز، وروى: أغر، شرحته فى حاشية البخارى. وفى صحيح البخارى، عن غيلان بن جرير، قال: قلت لأنس بن مالك، رضى الله عنه: أرأيت اسم الأنصارى، أكنتم تسمون به أم سماكم الله تعالى؟ قال: بل سمانا الله تعالى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 287 * * * حرف الباء 932 - بنو بكر: فى آخر الهدنة من المهذب. * * * حرف التاء 933 - بنو تميم وبنو طىء: كلاهما فى أول ميراث العصبة من المهذب. * * * حرف الثاء 934 - بنو ثقيف. * * * حرف الجيم 935 - بنو جمح: الجن، ينقل من قسم اللغات: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِّنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ} [الأحقاف: 29] ، {قُلْ أُوحِىَ} [الجن: 1] إلى آخر السورة. 936 - جهينة: * * * حرف الحاء 937 - فى حديث الأذان فى ... 938 - الحبشة: ذكره فى المهذب فى باب الأذان، هم جيل معروف، ويرجع نسبهم إلى حام بن نوح، عليه السلام، وهم أكثر الناس، وبلادهم أكثر البلاد. 939 - قوله فى باب الضمان من المهذب: استطرق رجلاً من بنى. 000 - حنيفة: هى قبيلة معروفة تنسب إلى حنيفة بن لجيم بن صعب بن على بن بكر بن وايل بن قاسط بن هنب، بهاء مكسورة، ثم نون ساكنة، ثم باء موحدة، ابن أفصى، بفتح الهمزة، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 288 وإسكان الفاء، وفتح الصاد المهملة، ابن دعمى، بدال مضمومة ثم عين ساكنة مهملتين ثم ميم مكسورة ثم ياء مشددة، ابن جديلة بن أسد بن ربيعة، وكان غالب هذه القبيلة باليمامة فى أوائل الإسلام، ثم تفرقوا. * * * حرف الخاء 940 - خثعم: بفتح الخاء، وإسكان المثناة، وفتح العين، ذكره فى المختصر فى الحج، وفى المهذب فيه وفى أول النكاح، وهى قبيلة معروفة. قال أبو الفتح الهمذانى فى كتاب الاشتقاق: خثعم جبل قيل: إن هذه القبيلة سميت بذلك لنزولها إياه وتعاقدها عليه، قال: وقيل: سموا بذلك من الخثعمة، وهى أن يدخل كل واحد من الرجلين أصبعه من منخر ناقته ينجوبه، ثم يتعاقدا. قال: وقيل: الخثعمة التلطخ بالدم. 941 - خزاعة: اسم للقبيلة المعروفة، جاء ذكرها فى كتاب السير من المهذب، وهى بضم الخاء وتخفيف الزاى. قال الأزهرى: قال الليث: يقال: خزع فلان عن أصحابه، إذا كان معهم فى مسير ثم خنس عنهم. وقال: سميت خزاعة بهذا الاسم لأنهم لما ساروا مع قومهم من مأرب، فانتهوا إلى مكة تخزعوا عنهم، فأقاموا، وسار الآخرون إلى الشام. وقال ابن السكيت: قال ابن الكلبى: إنما سموا بذلك خزاعة؛ لأنهم انخزعوا عن قومهم حين أقبلوا من مأرب، فنزلوا ظهر مكة. قال: وهم بنو عمرو بن ربيعة، وهى من حى حارثة، وهو أول من بحر البحاير، وغَيَّر دين إبراهيم، عليه السلام، وهذا ما ذكره الأزهرى. 942 - بنى خفاش، بنى شبابة: قوله فى أول زكاة الثمار من المهذب: كتب أبو بكر، رضى الله عنه، إلى بنى خفاش: أن أدوا زكاة الذرة والورس. ثم ذكر بعدهم بنى شبابة، بطن من فهم، أما خفاش فبخاء معجمة مضمومة، ثم فاء مشددة، ثم ألف، ثم شين معجمة، وضبطه بعض من صنف فى ألفاظ المهذب بكسر الخاء وضمها مع تخفيف الفاء فيهما. أما شبابة، فبشين معجمة مفتوحة، ثم باء موحدة مخففة، ثم ألف، ثم باء موحدة، ثم هاء. هذا هو الصواب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 289 الموجود فى النسخ المحققة، وكذا ذكره ابن ماكولا فى الإكمال، وهو أكمل المصنفات فى هذا الفن، وضبطه بعض المصنفين فى ألفاظ المهذب على وجهين، أحدهما هذا، والثانى: سيابة، بسين مهملة مفتوحة، ثم ياء مثناة من تحت مفتوحة، ثم ألف ساكنة، وزعم أن هذا هو الأظهر، وليس كما قال. وأما فهم فبفتح الفاء، وإسكان الهاء، قبيلة معروفة. 943 - الخوارج: تكرر ذكرهم فى قتال البغاة من جميع هذه الكُتب، هم طائفة خرجت على علىَّ، رضى الله عنه. تُنقل أحوالهم من المعارف، والسمعانى. * * * حرف الزاى 944 - بنو زريق: فى المهذب فى أول باب المسابقة، هم من الأنصار بتقديم الزاى. * * * حرف السين 945 - السامرة: بنو سعد، وبنو زهرة فى الرضاع من المهذب. 946 - بنو سلمة: بكسر اللام، قبيلة معروفة من الأنصار، ذكرها فى فصل السلب من كتاب السير من المهذب، وفى باب صفة الأئمة، والنسبة إليهم: سلمى، بفتح اللام، هذا هو الصحيح المعروف الذى قاله أهل اللغة، والمحققون من المحدثين، وقد كسرها كثيرون أو الأكثرون من المحدثين. 947 - بنو سليم: فى صفة الصلاة من المهذب، وكذلك بنو تميم، وبنو سهم. * * * حرف الشين 948 - بنو شبابة: فى زكاة الثمار، بطن من فهم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 290 * * * حرف الصاد 949 - الصابئون. * * * حرف الطاء 950 - طيىء: بالهمزة على المشهور، وقال صاحب التحرير فى شرح مسلم فى أول كتاب المناقب: يُهمز ولا يُهمز، وهو طيى بن أدد بن زيد بن كهلان بن سبأ بن حمير. * * * حرف العين 951 - بنو عبد العزى وبنو عبد الدار ابنى قصى. 952 - بنو عدى بن كعب. 953 - بنو عذرة: قبيلة مذكورة فى أول باب إحياء الموات من المختصر، هى بضم العين المهملة. 954 - بنو عقيل: قوله فى كتاب السير من المهذب أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فادى رجلين من عقيل، هو بضم العين، وفتح القاف، قبيلة معروفة. 955 - بنو عمرو بن عوف: ذكرهم فى المهذب فى صلاة الجمعة، قبيلة معروفة من الأنصار، رضى الله عنهم، ينسبون إلى عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس، وكان يسكنون قباء. * * * حرف الغين 956 - غطفان: فى آخر ردة المهذب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 291 * * * حرف الفاء 957 - الفقهاء السبعة: تكرر ذكرهم فى المختصر والمهذب. * * * حرف القاف 958 - قريش: {لإِيلاَفِ قُرَيْشٍ} [قريش: 1] الآية: فى مسلم، عن جابر رفعه صريحًا: "الناس تبع لقريش فى الخير والشر". وفى مسلم حديث واثلة: "إن الله اصطفى كنانة من قريش ... " الحديث. قال أهل الأنساب: قريش نوعان: قريش البطاح، وهم بنو كعب بن لوىء، وقريش الظواهر، وهم بنو عامر بن لؤى. 959 - قريظة والنضير: قبيلتان من يهود المدينة منسوبتان إلى القريظة والنضير أخوين. 960 - قضاعة: قبيلة معروفة، اختلف فى سبب تسميتها، فقال الأزهرى: قال ابن الأعرابى: هى مأخوذة من القضع، وهو القهر، يقال: قضعه قضعًا، والقضاعة أيضًا كلبة الماء، وكانوا أشداء كليبين فى الحروب. قال الأزهرى: وقال ابن الأعرابى فى موضع آخر: القضاعة القهر، وبه سميت قضاعة، هذا كلام الأزهرى. وقال صاحب المحكم: سمى قصاعة لانقضاعه مع أمه، والانقضاع والتقضع التفرق، قال: وقيل: هو من القهر. 961 - بنو قينقاع: قبيلة من اليهود فى المختصر فى أول السير. * * * حرف الكاف 962 - كنانة: تكرر فى المهذب. 963 - كندة: قبيلة معروفة فى المهذب فى آخر عقد الذمة فى دخول المشرك مسجدًا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 292 * * * حرف اللام 964 - بنو لحيان: فى السير. * * * حرف الميم 965 - المجوس بنو مخزوم. 966 - مزينة: فى المهذب فى أوائل السرقة، قبيلة معروفة نسبوا إلى أمهم، ينقل من السمعانى فى ترجمنة عبد الله بن مغفل المزنى. 967 - بنو مدلج: قال الرافعى: هم بطن من خزاعة، قال: وقيل: من بنى أسد. 968 - بنو المصطلق: فى المختصر والمهذب. 969 - الملائكة: تكرر ذكرهم فى الحديث: "خلق الملائكة من نور يسبحون الليل والنهار لا يفترون". {كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلآئِكَتِهِ} [البقرة: 285] ، {مَن كَانَ عَدُوًّا لِّلّهِ وَمَلآئِكَتِهِ} [البقرة: 98] ، {جَاعِلِ الْمَلاَئِكَةِ رُسُلاً أُولِى أَجْنِحَةٍ} [فاطر: 1] الآية من البخارى من باب شهود الملائكة بدرًا. 970 - المهاجرون: تكرر ذكرهم فى المهذب، هم من هاجر من مكة وغيرها، وقد تظاهرت الآيات والأخبار والإجماع على فضلهم: {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ} [التوبة: 100] الآية، {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا} [الأنفال: 72] ، {وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِرًا} [النساء: 100] . وحديث: "الهجرة تهدم ما قبلها". * * * حرف النون 971 - نصارى العرب: تنوخ، وبهراء، وتغلب، تكرر ذكرهم فى المهذب، وذكرهم فى المختصر فى الجزية. بهراء بفتح الباء الموحدة وإسكان الهاء بالمد، هى قبيلة معروفة من قضاعة، والنسبة إليها بهرانى، كصنعانى على غير القياس. 972 - بنو نفاثة: فى كتاب السير من المختصر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 293 973 -- بنو نوفل: وبنو عبد شمس ابنى عبد مناف. * * * حرف الهاء 974 - بنو هاشم وبنو المطلب: تكرروا فيها. 975 - هزيل: فى أول العفو عن القصاص. 976 - هوازن: تكررت فى السير. * * * حرف الياء 977 - اليهود: تكرر ذكرهم. * * * النوع الرابع: ما قيل فيه: ابن فلان، وأخو فلان 978 - ابن أبى أنيسة: مذكور فى المختصر فى أول باب الرهن غير مضمون. 000 - ابن أبى بكر الصديق: الذى نهى عن قتله يوم أُحُد، هو عبد الرحمن، مذكور فى المختصر فى آخر قتال البغاة. 979 - ابن أبى الحقيق اليهودى: فى الوسيط فى آخر الأول من أبواب الجمعة. 000 - ابن أبى ذؤيب: تكرر فى المختصر، اسمه محمد بن عبد الرحمن. 980 - ابن أبى ربيعة الصحابى، رضى الله عنه: مذكور فى المختصر فى الهدنة. 981 - ابن أبى فديك: شيخ الشافعى، تكرر فى المختصر. 000 - ابن أبى ليلى: تكرر فى المختصر والمهذب، هو محمد. 982 - ابن أبى مليكة: فى المهذب فى بيع العين الغائبة. 983 - ابن أبى نجيح: مذكور فى المختصر فى باب السلف والرهن، هو عبد الله بن يسار. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 294 000 - ابن أبى يحيى: شيخ الشافعى، مذكور فى المختصر فى مسح الخف، ضعيف واه عندهم، اسمه إبراهيم. 984 - ابن أثال: فى المهذب فى السير فى مسألة لا تقبل رسولهم. 985 - ابن الأدرع الصحابى: المذكور فى المهذب فى باب المسابقة، هو بفتح الهمزة، وإسكان الدال، وفتح الراء، وبالعين المهملات، اسم الأدرع: سلمة بن ذكوان. ذكره ابن مندة، وأبو نعيم، واسم أبى الأدرع محجن، يُنقل تمامه من الإكمال. 986 - ابن الأعرابى: الإمام اللغوى. مذكور فى الوقف من المهذب، والوسيط، واسمه محمد بن زياد، كنيته أبو عبد الله. قال الإمام أبو منصور الأزهرى فى أول تهذيب اللغة: كان أبو عبد الله بن الأعرابى كوفى الأصل، رجلاً صالحًا، ورعًا، زاهدًا، صدوقًا، وحفظ من الغرائب ما لم يحفظه غيره، وكانت له معرفة بأنساب العرب وأيامهم. روى عنه ابن السكيت، وشمر، وأبو سعيد الضرير، وأبو العباس ثعلب. قال غيره: مات سنة إحدى وثلاثين ومائتين. 987 - ابن أم مكتوم: هو عمرو بن قيس بن زائدة، ويقال: زياد بن الأصم، والأصم: جندب بن هرم بن رواحة بن حجر بن عبد بن معيط بن عامر بن لؤى بن غالب القريشى العامرى، ويقال: عبد الله بن زائدة القريشى، المعروف بابن أم مكتوم. مؤذن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، والصحيح فى اسمه عمرو كما ذكرنا أولاً. وقد ثبت فى صحيح مسلم أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سماه عمرًا، فقال لفاطمة بنت قيس فى حديثها فى قصة طلاق زوجها: "اعتدى فى بيت ابن عمك عمرو ابن أم مكتوم". وأم مكتوم اسمها عاتكة بنت عبد الله بن عنكثة، بعين مهملة مفتوحة، ثم نون ساكنة، ثم كاف مفتوحة، ثم ثاء مثلثة، ثم هاء، ابن عامر بن مخزوم، هو ابن خال خديجة بنت خويلد أم المؤمنين، رضى الله عنها وعنه؛ لأن أم خديجة فاطمة بنت زائدة بن الأصم. هاجر ابن أم مكتوم إلى المدينة قبل مقدم رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وبعد مصعب بن عمير، واستخلفه النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثلاث عشرة مرة فى غزواته على المدينة، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 295 وشهد فتح القادسية، وقُتل بها شهيدًا، وكان معه اللواء يومئذ، هذا هو المشهور، وذكر ابن قتيبة فى المعارف أنه شهد القادسية، ثم رجع إلى المدينة فمات بها. وهو الأعمى الذى ذكره الله سبحانه وتعالى فى كتابه فى قوله: {عَبَسَ وَتَوَلَّى أَن جَاءهُ الأَعْمَى} [عبس: 1، 2] ، وفضيلته مشهورة، رضى الله عنه. قال ابن الأثير: الأكثرون على أن اسمه عمرو، وقاله مصعب والزبير. قال: واستشهد بالقادسية. وقال الواقدى: رجع منها إلى المدينة فمات بها، واتفقوا على أن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - استخلفه على المدينة ثلاث عشرة مرة فى غزواته. قال ابن عبد البر: وأما قول قتادة عن أنس: استخلفه مرتين. فلم يبلغه ما بلغ غيره. تكرر فى باب الأذان من المختصر، والمهذب، والوسيط. 988 - قوله فى باب السير من المهذب: قالت أم هانىء، رضى الله عنها: يزعم ابن أمى أنه قاتل من أجرت ابن أمها. هو أخو على بن أبى طالب، رضى الله عنهما، وكان أخاها لأبويها. 989 - ابن بنت الشافعى: هو أحمد بن محمد بن عبد الله بن محمد بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب ابن عبيد بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف المطلبى الشافعى نسبًا ومذهبًا، وهو ابن بنت الشافعى الإمم، رضى الله عنه. هكذا يُعرف فى كُتب أصحابنا وغيرهم. وأمه زينب بنت الإمام الشافعى، وكنيته أبو محمد، هكذا ذكره الإمام الثقة أبو الحسين الرازى وغيره، وهكذا ذكره الشيخ أبو إسحاق فى المهذب فى الفصل الخامس من كتاب العدد أن كنيته أبو محمد. وفى بعض النسخ: أبو عبد الرحمن فيحقق، ويقع فى كتب أصحابنا اختلاف كثير جدًا فى اسمه وكنيته، وأكثر ما يقع فى كتب المهذب أن كنيته: أبو عبد الرحمن. وقال أبو حفص المطوعى فى كتابه فى شيوخ المذهب أن كنيته: أبو عبد الرحمن، واسمه أحمد بن محمد، فخالف فى كنيته، والصحيح المعروف الأول، فاحفظ ما حققته لك فى نسبه وكنيته. روى عن أبيه، وأبى الوليد بن أبى النجار. وروى عنه الإمام أبو يحيى الساجى، وذكر أبو الحسين الرازى أنه واسع العلم، وكان جليلاً فاضلاً، قيل: لم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 296 يكن فى آل شافع بعد الإمام الشافعى أجلّ منه، وقد ذكرت حاله فى كتاب طبقات الفقهاء مستوفًا، ولله الحمد. قلت: وانفرد ابن بنت الشافعى هذا بمسائل غريبة، منها قوله: إن المبيت بالمزدلفة ركن فى الحج، وقد وافقه عليه ابن خزيمة من أصحابنا. ومنها قوله: إن الذهاب من الصفا إلى المروة والرجوع يحسب مرة واحدة، والمعروف فى المذهب أنهما مرتان، وقد وافقه أبو حفص بن الوكيل، وأبو بكر الصيرفى. ومنها فى ذات التلفيق: إذا جاوزوهما ستة عشر يومًا، وقد وافقه فى هذا الخضرى وغيره، وقد أوضحتها كلها فى الروضة. ومنها قوله: إن المعتدة بالشهور إذا انكسر منها شهر انكسرت كلها، وقد ذكره فى المهذب. ومنها أنه لم يعتبر النصاب فى قطع السارق. ومنها أنه قال: المرتضع من لبن رجل لا يصير ابنه، وهو غلط، والصواب الذى عليه العلماء أنه يصير للأحاديث الصحيحة. وقد ذكرت مذهبه فى الروضة. 990 - ابن البيلمانى: فى المختصر فى أول الخراج. 991 - ابن جريج: تكرر فى المختصر، وهو مذكور فى المهذب والوسيط فى حديث القلتين، وهو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، بجيم مكررة الأولى مضمومة، القريشى الأموى، مولاهم المكى، أبو الوليد، ويقال: أبو خالد. وهو من تابعى التابعين. سمع طاووسًا، وعطاء بن أبى رباح، ومجاهدًا، وابن مليكة، ونافعًا مولى ابن عمر، ويحيى بن سعيد الأنصارى، والزهرى، وخلائق من التابعين. روى عنه الأنصارى، وهو وشيخه تابعى، والأوزاعى، والثورى، وابن عيينة، والليث، وابن علية، ويحيى القطان الأموى، ووكيع، وخلائق لا يحصون. قال أحمد بن حنبل: أول مَن صَنَّف الكُتب ابن جريج، وابن أبى عروبة. وقال عطاء ابن أبى رباح: سيد أهل الحجاز ابن جريج. وقال عبد الرزاق: كنت إذا رأيت ابن جريج يصلى علمت أنه يخشى الله عز وجل. وأقوال العلماء من السلف والخلف فى الثناء عليه وذكر مناقبه أكثر من أن تُحصر، وتوفى سنة خمسين ومائة، هذا قول الأكثرين، وقيل: سنة إحدى وخمسين، وقيل: تسع وأربعين، وقيل: سنة ستين، وقد جاوز المائة. واعلم أن ابن جريج الجزء: 2 ¦ الصفحة: 297 أحد شيوخنا وأئمتنا فى سلسلة الفقه كما سبق فى أول الكتاب، فإن الشافعى أخذ الفقه عن مسلم بن خالد الزنجى، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس. 992 - ابن جميل الصحابى: فى المهذب فى أول الوقف. 000 - ابن الحداد أبو بكر: سبق فى الكنى. 993 - ابن الحضرمى الصحابى: فى المختصر فى أول جامع السير. 994 - ابن خطل الكافر: أمر النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوم فتح مكة بقتله، مذكور فى باب السير من المهذب. اسمه عبد العزى، وقيل: اسمه غالب بن عبد الله بن عبد مناف بن أسعد بن جابر بن كثير بن تيم ابن غالب، كذا سماه ابن الكلبى، وسماه محمد بن إسحاق عبد الله بن خطل، بفتح الخاء المعجمة والطاء المهملة، قيل: قتله سعيد بن حريث، والسبب فى قتله أن كان أسلم ثم ارتد، وكانت له قينتان يغنيان بهجاء المسلمين. 995 - ابن خلف: مذكور فى المختصر فى أول التفليس. 000 - ابن الديلمى: مذكور فى المختصر فى نكاح المشرك. هو فيروز، وقد بيناه فى ترجمته. 996 - ابن سعيد بن العاص: الذى زوج أم حبيبة للنبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، مذكور فى نكاح المختصر. 997 - ابنا سعية: مذكوران فى كتاب السير من المختصر والمهذب، بفتح السين، وإسكان العين المهملتين، وبعدهما ياء مثناة من تحت، هذا هو الصواب، وقد حكى جماعة ممن صَنَّف فى ألفاظ المهذب أنه يقال بالشين المعجمة، وأنه يقال بالنون بدل الياء، وكله تصحيف، والمعروف فى كتب أهل هذا الفن ما ذكرناه أولاً، وما ذكره هذا القائل إنما أخذه، والله أعلم، من بعض كُتب الفقه المضبوطة ضبطًا فاسدًا. وأما هذان الابنان، فاسم أحدهما ثعلبة، والآخر أسيد، بفتح الهمزة وكسر السين، وقيل: بضم الهمزة وفتح السين، وقيل: أسد، بفتح الهمزة والسين بغير ياء، هذه ثلاثة أقوال ذكرها الجزء: 2 ¦ الصفحة: 298 أهل هذا الفن، وقد حققت هذا فى كتاب معرفة الصحابى، رضى الله عنهم. وتوفى هذان الابنان، رضى الله عنهما، فى حياة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. 998 - ابن شعوب: الذى قتل حنظلة ابن الراهب، رضى الله عنه، مذكور فى كتاب السير فى المختصر والمهذب، هو بفتح الشين، وضم العين المهملة، وبالباء الموحدة. قال الواقدى: هو الأسود بن شعوب الليثى. وقال ابن سعد: هو شداد بن أوس بن شعوب الليثى. وقال غيرهما: شداد بن شعوب الليثى المعروف بابن شعوب، وقيل: شداد بن الأسود. 000 - ابن شهاب: مذكور فى المهذب فى إحياء الموات، هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزهرى، سبق فى ترجمة محمد، وفى الأنساب. 999 - ابن الصباغ: صاحب الشامل، تكرر ذكره فى الروضة، هو الإمام أبو نصر عبد السيد بن محمد بن عبد الواحد بن محمد بن أحمد بن جعفر، هكذا روينا نسبه فى مشيخة أبى اليمن الكندى سماعًا من صاحبه شيخنا أبى البقاء خالد بن يوسف النابلسى حافظ عصره وإمامهم فى معرفة أسماء الرجال. 1000 - ابن صياد: الذى يقال له: الدجال، اسمه عبد الله، ولقبه صاف، وقد ذكره الحافظ عبد الغنى المقدسى فى ترجمة ابنه عمارة بن عبد الله بن صياد، وعمارة هذا ثقة. واتفقوا على توثيقه. روى عنه مالك فى الموطأ فى كتاب الأضحية حديث أبى أيوب الأنصارى: “الشاة تكفى عن أهل البيت فى الأضحية”، يُتَمَّم من الإكمال للمقدسى. قال ابن الأثير فى نهاية الغريب فى حرف صيد: وقيل: إنه دخيل فيهم، يعنى اليهود، واسمه صاف، وكان عنده كهانة. قال: ومات بالمدينة فى الأكثر، وقيل: فُقد يوم الحرة فلم يُوجد، وكانت الحرة فى زمن يزيد سنة ثلاث وستين. 000 - ابن عبد الله بن أُبىّ بن سلول: هو عبد الله بن عبد الله، وهو صحابى صالح ابن رأس المنافقين. 1001 - ابن عبد الحكم: المذكور فى باب الأذان من المهذب. هو أبو محمد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 299 عبد الله بن عبد الحكم بن أعين المصرى الراوى عن الشافعى أن لمس فرج البهيمة ينقض الوضوء، هكذا ذكره الشيخ أبو حامد فى تعليقه أن راوى هذه المسألة عن الشافعى هو عبد الله بن عبد الحكم، وإنما ذكرت هذا لئلا يتوهم أنه ابنه محمد بن عبد الله بن عبد الحكم صاحب الشافعى، وكلاهما روى عن الشافعى، لكن هذه المسألة عن عبد الله، وكان عبد الله مالكيًا، رئيسًا، جليلاً، له إحسان كثير إلى الشافعى. 1002 - ابن عتبة بن ربيعة الصحابى: فى المختصر فى أول الباب الثانى من السير. 1003 - ابن عقيل: الحنبلى المتأخر. مذكور فى الروضة فى أوائل باب تعليق الطلاق. 0000 - ابنا عمر بن الخطاب: المذكوران فى أول القراض من المختصر، هما عبد الله، وعبيد الله. 1004 - ابن قسيط: مذكور فى آخر باب المهذب، هو بضم القاف، وفتح السين المهملة، وبعدها ياء مثناة من تحت ساكنة، ثم طاء مهملة، واسمه يزيد بن عبد الله بن قسيط بن أسامة بن عمير الليثى المدنى، يكنى أبا عبد الله. سمع عبد الله بن عمر، وأبا هريرة، وأبا رافع، وسعيد بن المسيب، وأبا سلمة بن عبد الرحمن، وعروة بن الزبير، وعطاء بن يسار، وغيرهم. روى عنه مالك بن أنس، وابن أبى ذؤيب، ومحمد بن عجلان، والليث بن سعد، وغيرهم. قال محمد بن سعد: توفى سنة اثنتين وعشرين ومائة بالمدينة، وكان ثقة كثير الحديث، وحكاية صاحب المهذب عنه أن بلالاً كان يسلم على أبى بكر وعمر، رضى الله عنهما، يعنى عند استدعائه لهما إلى الصلاة، كما كان يسلم على النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعيد، فإن بلالاً لم يؤذن بعد النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، لا لأبى بكر، ولا لعمر، ولا لغيرهما، وقيل: إنه أذن لأبى بكر فى خلافته، والله أعلم. 1005 - ابن كثير: أحد القراء السبعة فى الروضة فى الاستئجار للقراءة. 1006 - ابن كيسان: الذى ذكره فى أول كتاب الإجارة من الوسيط عنه أنه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 300 أبطل الإجارة، اسمه عبد الرحمن الأصم، ذكره الرافعى، وكنيته أبو بكر، وقوله فى الوسيط: لا مبالاة بالقاشانى وابن كيسان، معناه: لا يُعتد بهما فى الإجماع، ولا يجرحه خلافهما، وهذا موافق لقول ابن الباقلانى، وإمام الحرمين، فإنهما قالا: لا يُعتد بالأصم فى الإجماع والخلاف. 1007 - ابن اللتبية: مذكور فى المهذب فى تحريم الرشوة على القاضى، اسمه عبد الله، واللتبية بضم اللام، وإسكان التاء المثناة من فوق، وبعدها باء موحدة، منسوب إلى بنى لتب بطن من الأسد، بفتح الهمزة، وإسكان السين، ويقال فيه: ابن اللتبية، بفتح التاء، ويقال فيه: ابن الاتبية، بالهمزة وإسكان التاء، وليسا بصحيحين، والصواب ما قدمته. ثم أن صاحب المهذب قال: إن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - استعمل رجلاً من بنى أسد يقال له: ابن اللتبية، كذا وقع فى المهذب، من بنى أسد، وهو غلط، والصواب رجلاً من الأسد، بفتح الهمزة، وإسكان السين، ويقال فيه: الأزد، بالزاى بدل السين، وسيأتى أيضًا بيان تصحيفه فى نوع الأوهام إن شاء الله تعالى. 1008 - ابن لهيعة: ذكره فى المهذب فى أول كتاب الحج، اسمه عبد الله بن لهيعة بن عقبة الغافقى المصرى، أبو عبد الرحمن، قاضى مصر، وهو ضعيف عند أهل الحديث، ذكره فى المهذب أنه انفرد بحديث جابر، رضى الله تعالى عنه: أن العمرة ليست بواجبة. والمشهور الصحيح أن الذى انفرد به إنما هو الحجاج بن أرطأة، وسيأتى إن شاء الله تعالى مبينًا فى النوع الأخير من الأوهام، ولهيعة بفتح اللام وكسر الهاء. ولد ابن لهيعة سنة سبع وتسعين للهجرة، ومات سنة أربع وسبعين ومائة. 1009 - ابن ماجة صاحب السنن، فى الروضة فى آخر الاستسقاء. 1010 - ابن مربع الصحابى: هو عبد الله بن مربع بن قبطى بن عمرو بن زيد بن جثم بن خارجة بن الحارث الأنصارى الحارثى، شهد أُحُدًا والخندق وما بعدهما من المشاهد معه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، واستشهد هو وأخوه عبد الرحمن يوم جسد أبى عبيد، وكان أبوهما مربع منافقًا أعمى، ولهما أخوان لأبويهما: زيد، ومرارة، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 301 صحابيان. 1011 - ابن المرزبان: من أصحابنا، تكرر فى الروضة والمهذب، وذكره فى آخر إزالة النجاسة فى ميراث العصبة فى إرث الحمل. 1012 - ابن مقلاص: من أصحابنا تلامذة الشافعى، رحمه الله، تكرر فى شرح الوجيز، وله روايات غريبة عن الشافعى، منها فى باب الربا، وفى مسألة معرفة أرش العيب أن المعتبر قيمته يوم القبض، والمشهور من نصه، وفى المهذب أن المعتبر أقل القيمتين من يومى القبض والبيع. ومنها أنه نقل قولاً غريبًا عن الشافعى أنه إذا رأى المبيع ثم غاب عنه وهو مما لا يتغير كالدار والأرض لا يصح بيعه كما قاله الأنماطى، وذكرته فى المجموع. وذكر البيهقى فى السنن الكبير فى مسح الأذنين بماء جديد أن اسم ابن مقلاص: عبد العزيز بن عمران بن أيوب بن مقلاص، وكذا ذكر الشيخ أبو إسحاق فى الطبقات، وذكر أن له روايات عن الشافعى فى مسائل فقه سمعها من الشافعى. قلت: وهو مصرى خزاعى مولاهم. 1013 - ابن ملجم: قاتل على، رضى الله تعالى عنه، مذكور فى قتال أهل البغى من المختصر، والمهذب، والوسيط، والوجيز، اسمه عبد الرحمن، وملجم بضم الميم، وإسكان اللام، وفتح الجيم، وهو من الخوارج، وهو من بنى مراد. 1014 - ابن الهاد: مذكور فى المختصر فى أول الاعتكاف، وهو شيخ مالك، واسمه يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد الليثى، منسوب إلى أبيه. 1015 - ابن هشام: مذكور فى المختصر فى باب النهى عن بيع وسلف، وهو عبد الملك بن هشام المصرى، صاحب النحو والمغازى، وكان علامة مصر فى العربية والشعر والمغازى، وقد ذكرناه فى ترجمة الشافعى فى المثنين على الشافعى. 1016 - قوله فى باب الهدنة من المهذب: فجاءت أم كلثوم بنت عقبة بن أبى معيط مسلمة، فجاء أخواها يطلبانها. هذان الأخوان أحدهما عمارة، والآخر الوليد ابنا عقبة، كذلك ذكرهما ابن هشام فى سيرة النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وذكرهما غيره أيضًا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 302 1017 - أخوا عائشة، رضى الله تعالى عنهم: ذكر فى المهذب فى باب الهبة أن أبا بكر الصديق قال لعائشة، رضى الله تعالى عنهما: المال اليوم للوارث، وإنما هما أخواك وأختاك، قالت: هذان أخواى، فمن أختاى؟ قال: ذو بطن بنت خارجة، فإنى أظنها جارية. معنى هذا الكلام إنما يرثنى أنت وأخواك وأختاك، فأما أخواها فهما: عبد الرحمن ومحمد ابنا أبى بكر، وأما أختاها فأسماء، وأم كلثوم ابنتا أبى بكر، وأم كلثوم هى التى كانت حملاً فى وقت كلام أبى بكر، فقالت عائشة: من أختاى؟ تعنى إنما لى أخت واحدة وهى أسماء، فمن الأخرى؟ فقال: هى ذو بطن بنت خارجة، يعنى الحمل الذى فى بطن بنت خارجة، فإنى أظن الحمل بنتًا لا ابنًا، وبنت خارجة هى زوجة أبى بكر، وكانت حاملاً حال كلام أبى بكر. وقوله: بطن، مجرور غير منون، وهو مضاف إلى بنت، وبنت مجرور بالإضافة، وبنت خارجة اسمها حبيبة بنت خارجة بن زيد بن أبى هريرة الأنصارى، وهذه القصة من كرامات أبى بكر، رضى الله تعالى عنه. 0000 - قوله فى أول صلاة الاستسقاء من المهذب عن عباد بن تميم، عن عمه: عبد الله بن زيد بن عاصم الصحابى المزنى، سبق فى ترجمته. 1018 - عم بنتى سعد بن الربيع الصحابى: فى المهذب فى ميراث البنين. 1019 - عم رافع بن جريج: فى المهذب فى المزارعة، هو ظهير بن رافع. 0000 - عم عباد بن تميم: فى أول الاستسقاء من المهذب، هو عبد الله بن زيد بن عاصم، تقدم بيانه فى ترجمته من نوع الأسماء. 1020 - مولى المغيرة بن شعبة: مذكور فى المهذب فى أول قسم الصدقات، هو هند الثقفى، كذا رواه البيهقى، سمى فى حديث المهذب. * * * النوع الخامس: فلان، عن أبيه، عن جده منهم: 1021 - بهز بن حكيم بن معاوية: فى الزكاة منه، يعنى من المهذب. 1022 - طلحة بن مصرف، عن أبيه، عن جده: فى صفة الوضوء، وجد طلحة: كعب بن عمرو، وقيل: عمرو بن كعب، هكذا قاله الجمهور. وقال ابن عبد البر: وقيل: صخر بن عمرو. 1023 - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 303 عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: تكرر كثيرًا فى المهذب. 1024 - كثير بن عبد الله، عن أبيه، عن جده: فى المهذب فى صلاة العيد. 1025 - أبو الأسود المالكى، عن أبيه، عن جده: فى المهذب فى الأقضية فى فصل يكره للقاضى أن يبيع ويشترى بنفسه. 1026 - أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن أبيه، عن جده: تكرر فى العيدين، وفى الجنايات والديات. * * * النوع السادس: ما قيل فيه: زوج فلانة 0000 - زوج بريرة: اسمه مغيث، بضم الميم، وكسر الغين المعجمة، سبق بيانه فى الأسماء. 1027 - زوج بروع بنت واشق: اسمه هلال بن مرة الأشجعى، وقيل: هلال بن مروان، ذكره ابن مندة، وأبو نعيم. 1028 - زوج سبيعة الأسلمية: اسمه سعد بن خولة، الذى رثى له النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إن مات بمكة، وكان بدريًا، رضى الله عنه، توفى عنها فى حجة الوداع، فوضعت بعد وفاته بليال، اختلف فى عددها، وقد سبق بيانها، وسعد هذا قريشى عامرى. 1029 - زوج الفريعة بنت مالك: مذكور فى مقام المعتدة. * * * النوع السابع: المبهمات والمشتبهات ونحوها 1030 - قولهما فى باب الغسل فى المختصر المزنى، والمهذب: أن امرأة أتت إلى النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تسأله عن الغسل من دم الحيض، فقال: "خذى فرصة من مسك"، هذه المرأة أسماء بنت يزيد بن السكن الأنصارية، خطيبة النساء، كذا جاء اسمها مبينًا، وكذا قاله الخطيب أبو بكر البغدادى فى كتابه الأسماء المبهمة. وجاء فى رواية فى صحيح مسلم تسميتها أسماء بنت شكل، بفتح الشين المعجمة والكاف، وقيل: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 304 يجوز إسكان الكاف، حكاه صاحب المطالع. 1031 - قوله فى باب ما يجوز بيعه، وفى باب التدبير من المهذب: أن رجلاً دبر غلامًا له، فباعه النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. اسم الغلام: يعقوب القبطى، وأما السيد الذى دبره فيقال له: أبو بكر. 1032 - الشاعر الذى أنشد له فى باب المسابقة فى المهذب: إن المذرع لا تغنى خؤولته اسمه عرهم بن قيس العدوى. 1033 - الشاعر الذى أنشد له فى المهذب فى باب ميراث أهل الفرض يمدح بنى أمية: ورثتم قناة المجد لا عن كلالة ... هو الفرزدق، وقد تقدم بيان نسبه فى الألقاب. 1034 - قوله فى باب ما يلحق من النسب فى المهذب: جاء رجل من بنى فزارة إلى النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقال: امرأتى جاءت بولد أسود. قيل: اسم هذا الرجل ضمضم بن قتادة، بضادين معجمتين مفتوحتين بينهما ميم ساكنة. 1035 - قوله فى أول الرضاع من المهذب، روى عن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أريد على بنت حمزة بن عبد المطلب، رضى الله عنه وعنهما، الذى أراده على ذلك، وخطبه وطلب منه التزويج بها هو: على بن أبى طالب، رضى الله عنه. 1036 - قوله فى المهذب فى أول كتاب الديات: أن عمر، رضى الله عنه، استشار أصحاب النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ورضى الله عنهم، فى جنين المرأة، فقال بعضهم: أنت والٍ ومؤدب، ليس عليك شىء. هذا القائل هو عبد الرحمن بن عوف. 1037 - الرجل الذى ذكره فى أول باب الهبة من المهذب أنه عقر حمارًا، فقال: يا رسول الله، أنا أصبته ... الحديث، هذا الرجل اسمه زيد بن كعب، وقيل: عمرو بن الحكم. 1038 - الرجل الذى قال: يا رسول الله، لو أن رجلاً وجد مع امرأته رجلاً فتكلم جلدتموه ... الحديث، ذكره فى اللعان من المهذب، قيل: هو سعد بن عبادة، وقيل: عاصم بن عدى. واختلفوا فى الذى وجد مع امرأته رجلاً وتلاعنا على ثلاثة أقوال، أحدها: أنه هلال بن أمية، والثانى: عاصم بن عدى، والثالث: عويمر العجلانى. قال الجزء: 2 ¦ الصفحة: 305 الإمام أبو الحسن الواحدى: أظهر هذه الأقوال أنه عويمر؛ لكثرة الأحاديث. قال: واتفقوا على أن الموجود زانيًا شريك بن السحماء. 1039 - قوله فى آخر باب ما يلحق من النسب من المهذب؛ لأن سعدًا نازع عبد ابن زمعة فى ابن وليدة زمعة، اسم هذا الابن عبد الرحمن بن زمعة، ففى الأحكام لعبد الحق، قال: اسمه عبد الرحمن، وأمه امرأة يمانية. قال: وله عقب بالمدينة. 1040 - قوله فى آخر باب العدد من المهذب: أن رجلاً استهوته الجن، هذا الرجل هو تميم الدارى الصحابى، رضى الله عنه، وهو تميم بن أوس بن خارجة، يكنى أبا رقية، بضم الراء، وفتح القاف، وتشديد الياء، أسلم سنة سبع من الهجرة، وكان بالمدينة، ثم انتقل إلى الشام فأقام ببيت المقدس بعد قتل عثمان، رضى الله عنه. روى عنه رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قصة الجساسة المخرجة فى صحيح مسلم، وهذه منقبة شريقة له. روى عنه جماعات من الصحابى، منهم ابن عباس، وأنس، وأبو هريرة، رضى الله عنهم، والله أعلم. 1041 - قوله فى آخر باب الردة من المهذب: سحر النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، كان هذا الساحر الذى سحر النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لبيد بن أعصم اليهودى. 1042 - السائل الذى سأل عطاء عن الدعاء للسلطان، فقال: إنه محدث، وإنما كانت الخطبة تذكيرًا ذكره فى صلاة الجمعة من المهذب. هو عبد الملك بن جريج، وعطاء هو ابن أبى رباح. قال الشافعى، رضى الله عنه، فى الأم: أخبرنا عبد المجيد، عن ابن جريج، قال: قلت لعطاء: الذى أرى الناس يدعون به فى الخطبة يومئذ أبلغك عن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أو عن مَن بعد النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ قال: لا، إنما أحدث إنما كانت الخطبة تذكيرًا هذا نصه. وعبد المجيد هذا شيخ الشافعى، هو ابن عبد العزيز بن أبى رواد المكى، أصله مروزى، واسم أبى رواد ميمون. قال يحيى بن معين: هو ثقة، كان يروى عن قوم ضعفاء، وكان أعلم الناس بحديث ابن جريج، وكان يغلو فى الإرجاء. وقال الرازى: لا يُحتج به. وقال أحمد بن حنبل: هو ثقة، وكان فيه غلو فى الإرجاء. قال أبو حاتم الرازى: ليس هو بالقوى. وقال ابن عدى: عامة ما أنكر عليه الإرجاء. روى له مسلم بن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 306 الحجاج مقرونًا بغيره، غير محتج به. روى له أبو داود، والترمذى، والنسائى. 1043 - الشاعر الذى أنشد: بغاث الطير أكثرها فراخًا مذكور فى باب الحجر من المهذب، اسمه العباس بن مرداس. 1044 - قوله فى باب السير من المهذب: قال رجل: غلبت هوازن، وقتل محمد، قيل: هذا القائل هو الشيطان، تصور فى صورة آدمى، وقيل: إنه آدمى. 1045 - الرجل الذى قال له عمر بن الخطاب، رضى الله عنه: من مؤذنوكم؟ قال: موالينا أو عبيدنا، فقال: إن ذلك لنقص كبير، ذكره فى باب الأذان من المهذب، اسم هذا الرجل قيس بن أبى حازم، كذلك رويناه مصرحًا به فى كتاب السنن الكبرى للإمام أبى بكر البيهقى، رضى الله عنه، وقيس هذا هو ابن أبى حازم، واسم أبى حازم عبد عوف بن الحارث، وقيل: عوف بن عبد الحارث الأحمسى البجلى، بالباء الموحدة وبالجيم المفتوحتين. وقيس كوفى يكنى أبا عبد الله، وهو من أفضل التابعين، رضى الله عنهم، أبوه صحابى، وقيس من المخضرمين بالخاء والضاد المعجمتين وفتح الراء، وهم الذين أدركوا الجاهلية، وحياة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وأسلموا ولا صحبة لهم، هكذا قاله جماعة. وقال ابن قتيبة فى كتابه المعارف: إنما يكون مخضرمًا إذا أدرك الإسلام كثيرًا، فلم يسلم إلا بعد رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قال غيره: كأنه تخضرم، أى قطع عن نظرائه الذين أدركوا الصحابة، وقيس هذا أدرك الجاهلية، وجاء ليبايع النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقبض النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو فى الطريق. قال الحافظ عبد الرحمن بن يوسف بن خراش: ليس أحد فى التابعين روى عن العشرة أصحاب رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلا قيس بن أبى حازم. وقال أبو داود السجستانى: روى عن التسعة، ولم يرو عن عبد الرحمن بن عوف، مات قيس سنة أربع وثمانين، وقيل: سنة سبع وثمانين، وقيل غير ذلك، رضى الله عنه، والله أعلم. 1046 - قوله فى المختصر والوسيط فى باب الربا، ومعتمد الباب ما روى الشافعى بإسناده عن مسلم بن يسار، ورجل آخر عن عبادة بن الصامت، رضى الله تعالى عنهما، فهذا فيه إبهام من وجهين: أحدهما اسم رواة إسناد الشافعى، والآخر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 307 اسم الرجل الراوى مع مسلم بن يسار عن عبادة. أما إسناد الشافعى فقد رواه الإمام البيهقى فى كتابه معرفة السنن والآثار: عن الربيع، قال: حدثنا الشافعى، حدثنا عبد الوهاب الثقفى، عن أيوب بن أبى تميمة، عن محمد بن سيرين، عن مسلم بن يسار، ورجل آخر، عن عبادة بن الصامت، رضى الله عنه. وهذا الإسناد ذكره الشافعى فى مختصر المزنى. قال البيهقى، رحمه الله: الرجل الآخر هو عبد الله بن عبيد الله. قال سلمة بن علقمة، عن محمد بن سيرين، رضى الله عنهما. قال البيهقى: وزعموا أن مسلم بن يسار لم يسمعه من عبادة نفسه، إنما سمعه من أبى الأشعث الصنعانى، عن عبادة، كذلك ذكره قتادة، عن أبى الجليل، عن مسلم المكى، عن أبى الأشعث، عن عبادة. قال: والحديث من هذا الوجه مخرج فى كتاب مسلم. قلت: أيوب بن أبى تميمة، بتاء مثناة من تحت، وهو أيوب السختيانى، بفتح السين، إمام مشهور، تابعى جليل، بصرى، وأبوه أبو تميمة اسمه كيسان، وكنية أيوب أبو بكر. مات سنة إحدى وثلاثين ومائة، هذا قول الأكثرين. وقال أبو عمر بن عبد البر فى كتابه التمهيد: توفى أيوب، رحمه الله، سنة اثنتين وثلاثين ومائة بطريق مكة راجعًا إلى البصرة فى طاعون الجارف، لا أعلم فى ذلك خلافًا. 1047 - قوله فى أول كتاب الطلاق من المهذب، لما روى الشافعى، رحمه الله، أن مكاتبًا لأم سلمة طلق امرأته، اسن هذا المكاتب نبهان، بفتح النون وإسكان الباء الموحدة، كنيته أبو يحيى. 1048 - قوله فى زكاة الفطر من المهذب، وأما حديث أبى سعيد، فقد قال أبو داود: روى سفيان الدقيق، ووهم فيه، ثم رجع عنه. المراد بأبى داود صاحب السنن، هو أبو داود سليمان بن الأشعث السجستانى، وقد تقدم فى ترجمته فى الكنى، وأما سفيان فهو ابن عيينة، وقد غلط بعض الفضلاء المصنفين فى ألفاظ المهذب غلطًا فاحشًا، فقال: أراد سفيان الثورى، وهذا خطأ لا شك فيه. 1049 - قولهما فى باب الجعالة فى حديث أبى سعيد الخدرى، رضى الله عنه، أن ناسًا من أصحاب النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أتوا حيًا من أحياء العرب، فلدغ سيد الحى، فرقاه رجل من أصحابه، وهذا الرجل هو أبو سعيد، راوى الحديث، وحديثه مخرج فى الصحيح، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 308 واسم أبى سعيد سعد بن مالك كما تقدم. 1050 - قوله فى أول كتاب الصلاة من المهذب، جاء رجل من أهل نجد ثائر الرأس يسأل عن الإسلام. ذكر ابن باطيش أن اسمه ضمام بن ثعلبة، وفيما قاله نظر، ووفادة ضمام وحديثه معروف فى الصحيحين بغير هذا اللفظ، وإن كان يقاربه. وفى الحديث الآخر أن رجلاً انصرف من الصلاة خلف معاذ لما أطال القراءة. قال الخطيب: هذا الرجل حرام يعنى بالراء ابن ملحان، خال أنس بن مالك. قال: واسم ملحان مالك بن خالد بن دينار بن حرام بن جندب بن عامر بن غنم بن عدى بن النجاد، هذا الذى قاله الخطيب، قاله جماعات غيره، وفى سنن أبى داود تسمية هذا المنصرف حرم بن أُبىّ بن كعب، وكذا سماه البخارى فى تاريخه الكبير، وزاد قولاً آخر، فروى أن اسمه سليم، بضم السين، وكذا حكى هذا القول غير البخارى، وقيل: اسمه حازم. 1051 - حديث أنس: صففت أنا واليتيم وراءه والعجوز من ورائنا. هذا اليتيم اسمه ضمرة والعجوز أم سليم أم أنس بن مالك، رضى الله عنهما. كذا فى صحيح البخارى وغيره تسميتها، وهذا هو الصواب، وجاء فى الصحيحين فى رواية عن أبى إسحاق بن عبد الله، عن أنس، عن جدته مليكة أنها صنعت طعامًا لرسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وقام وقمت أنا واليتيم والعجوز. فاختلف فى الضمير فى جدته إلى مَن يعود، فقيل: إلى أنس فتكون جدة أنس، وقيل إلى إسحاق وابن أخى أنس لأمه، فتكون جدة لإسحاق أمًا لأنس، والاعتماد على ما قدمناه من رواية البخارى، وأنها أم سليم أم أنس، ذكره فى باب صلاة النساء خلف الرجل قبل كتاب الجمعة ببابين. 1052 - قوله فى فصل السلب من كتاب السير من المهذب؛ لأن ابن مسعود قتل أبا جهل، وكان قد أثخته غلامان من الأنصار، هذان الغلامان هما ابنا عفراء، وهما عوذ ومعوذ، الأول بفتح المهملة وإسكان الواو وبعدها ذال معجمة. قال ابن عبد البر وغيره فى عوذ: عوف، بالفاء بدل الذال. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 309 1053 - الشاعر الذى أنشد له فى باب الحجر من المهذب: بغاث الطير أكثرها فراخا هو العباس بن مرداس السلمى الصحابى، كذا ذكره الجوهرى وغيره. وقيل: اسمه معاوية بن مالك، حكى هذا عن ابن الكلبى، وابن حبيب، وقيل: اسمه عتيبة وكنيته أبو مرداس. 1054 - قوله فى باب القذف من المهذب: قال الشاعر: وارق إلى الخيرات زنئأ فى الجبل هذا الشاعر امرأة من العرب كانت ترقص ابنًا لها، وهى تقول هذا الكلام، وهو نصف بيت من بيتين سأذكرهما فى فصل زنأ من قسم اللغات، هكذا قال ابن السكيت فى إصلاح المنطق، والأزهرى، والجوهرى، وغيرهم أن هذا الشعر لامرأة من العرب. وقال الإمام أبو زكريا التبريزى: بل هو لقيس بن عاصم المنقرى، وسيأتى بيانه فى فصل زنأ. 1055 - وفى أول الجنائز من المهذب أن امرأة سألت النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يدعو لها بالشفاء، فقال: "إن شئت دعوت لك ... " الحديث، هذه المرأة هى أم زفر، كذا قاله ابن باطيش. 1056 - الرجل الذى قال لرسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن أمه توفيت، أفينفعها إن تصدقت عنها؟ قال: نعم، ذكره فى آخر كتاب الوصايا من المهذب. قال ابن باطيش وغيره: هذا الرجل سعد بن عبادة، وأمه عمرة بنت مسعود. 1057 - الرجل الذى قتل مرحبًا اليهودى، مذكور فى المختصر فى باب الأنفال، هو على بن أبى طالب، وقيل: محمد بن مسلمة، وقد أوضحته فى ترجمة مرحب. 1058 - الرجل الذى قال: يا رسول الله، جاءت امرأتى بولد أسود، فقال - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “هل لك ابن أبل؟ ”، قال: نعم. اسم هذا الرجل ضمضم بن قتادة، رواه أبو موسى الأصبهانى بإسناده وضعفه. وقال: إسناد عجيب، وزاد فيه: فجاء عجائز من بنى عجل فأخبرت أنه كان للمرأة جدة سوداء. ذكره ابن الأثير فى حرف الضاد. 1059 - الرجل الذى قتل محمد بن طلحة السجاد، رضى الله عنهما، اسمه عصام البصرى، وقيل: كعب بن مدلج من بنى منقذ بن طريف، وقيل: شريح بن أبى أوفى العنسى، حكاها ابن باطيش. 1060 - الرجل الذى جاء إلى النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقال: يا رسول الله، إنى وجدت امرأة بالبستان فأصبت منها كل شىء، غير أنى لم أنكحها. مذكور فى أواخر حد الزنا من المهذب. قال الخطيب: هذا الرجل الذى أصاب المرأة هو أبو اليسر كعب بن عمرو الأنصارى، وقال غيره: عمرو بن غزية الأنصارى. 1061 - الحجام الذى حجم النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فى أول أجارة المهذب، هو أبو طيبة. 1062 - قول أم هانىء، رضى الله عنها: أجرت رجلاً. مذكور فى كتاب السير من المهذب، جاء فى الصحيح: فلان ابن هبيرة، وجاء فى الأنساب للزبير بن بكار: الحارث ابن هشام. وقال الحافظ عبد الغنى المقدسى فى ترجمة عبد الله بن أبى ربيعة: قال بعض أهل العلم عبد الله بن أبى ربيعة، هو الذى استجار بأم هانىء، فأراد على قتله ومعه الحارث بن هشام. قلت: كلاهما صحيح، قد روى الأزرقى فى تاريخ مكة بإسناده عن أم هانىء، قالت: يا رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أجرت حمرين لى من المشركين، فتغلب علىّ عليهما ليقتلهما. قال: وكان الذى أجارت أم هانىء: عبد الله بن أبى ربيعة بن المغيرة، والحارث بن هشام بن المغيرة، كلاهما من بنى مخزوم. 1063 - الرجل الذى سمعه النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: لبيك عن شبرمة. مذكور فى كتاب الحج. قال الخطيب: لا أحفظ اسم الملبى. وذكر ابن باطيش الجزء: 2 ¦ الصفحة: 310 أنه قيل أن اسمه: نبيشة. 1064 - الرجل الذى قال: يا رسول الله، إنى نذرت إن فتح الله عليك مكة أن أصلى فى بيت المقدس ذكره فى باب النذر من المهذب. قال الخطيب: هذا الرجل هو الرشيد بن سويد الثقفى. 1065 - اليهودى الذى رهن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - درعه عنده، مذكور فى أول الرهن من المهذب، هو أبو الشحم. 1066 - قوله فى حديث ابن مسعود، رضى الله عنه: كان لرسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حاديان. ذكره فى المهذب فى كتاب الشهادات، الحاديان أحدهما: أنجشة حادى النساء، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 311 والآخر البراء بن مالك أخو أنس بن مالك، وهو حادى الرجال. 1067 - حديث القراض أن عبد الله وعبيد الله ابنى عمر بن الخطاب، رضى الله عنهما، مرا بعامل لعمر فأعطاهما مالاً، فقال رجل من جلساء عمر: لو جعلته قراضًا. العامل: أبو موسى الأشعرى، والقائل: لو جعلته قراضًا، عبد الرحمن بن عوف. 1068 - حديث رافع بن خديج عن بعض عمومته فى النهى عن المخابرة، هو ظهير بن رافع، بضم الظاء المعجمة. 1069 - الأنصارى الذى نازع الزبير فى شراج الحرة. قال ابن باطيش: هو حاطب ابن أبى بلتعة، وقيل: ثعلبة بن حاطب، وقيل: حمد، وقوله فى حاطب لا يصح، فإنه ليس أنصاريًا، وقد ثبت فى صحيح البخارى أن هذا الأنصارى القائل كان بدريًا. 1070 - الرجل الذى سأل النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن الوضوء بماء البحر مذكور فى [ ...... ] (1) ، اسمه العركى، بفتح العين والراء وبعدهما كاف ثم ياء، قاله السمعانى فى الأنساب. 1071 - قوله فى المختصر فى باب بيع الطعام قبل أن يستوفى، روى عن عمر أو ابن عمر أنهم كانوا يبتاعون الطعام جزافًا، فبعث النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَن يأمرهم بانتقاله. الرواى هو ابن عمر لا عمر، وحديثه صحيح مشهور. 1072 - قول المزنى فى آخر باب زكاة المعدن من مختصره فى اشتراط الحولية فى المعدن: أخبرنى من أثق به بذلك عنه، يعنى عن الشافعى. قال الإمام أبو القاسم الرافعى فى شرح الوجيز: ذكر بعض الشارحين أن أخته روت لهم ذلك عن الشافعى، رضى الله عنه، فلم يحب تسميتها. 1073 - قوله فى الرضاع من المختصر: شهدت سوداء أنها أرضعت رجلاً وامرأة تناكحا. هذا الرجل عقبة بن الحارث، والمرأة أم يحيى بنت أبى أهاب. 1074 - الشاعر الذى أنشد له فى المهذب والوسيط فى باب الوصايا: كل الأرامل قد قضيت حاجته هذا الشاعر هو جرير، والمخاطب بقوله: قضيت، هو عمر بن عبد العزيز   (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 312 فى حال خلافته. كذا رويناه فى حلية الأولياء لأبى نعيم فى ترجمة عمر بن عبد العزيز، رضى الله عنه، وهى قصة طويلة وحكاية مليحة. 1075 - الشاعر المذكور فى المهذب فى الكفاءة فى النكاح هو معاوية. 1076 - قوله فى الوسيط فى بيع العرايا فى خمسة أوسق، شك الراوى، هذا الراوى هو داود بن الحصين الأموى المدنى، وقد سبق بيانه فى ترجمة داود. 1077 - قوله فى باب صلاة الجماعة من المهذب: وقال النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “من يتصدق على هذا فيصلى معه”، فقام رجل فصى معه. هذا الذى قام هو أبو بكر الصديق، رضى الله عنه، ذكره البيهقى، وقد أوضحته فى شرح المهذب. 1078 - الرجل الذى حلق شعر رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اختلف فى اسمه، فذكر ابن الأثير فى مختصر الأنساب فى ترجمة الكلبى أن اسمه خراش بن أمية بن ربيعة بن الفضل بن منقذ بن عوف بن عفيف، والكلبى منسوب إلى كليب بن حبيشة، وقيل: الحالق هو معتمر بن عبد الله العدوى، وقد سبق بيانه فى ترجمته، وهذا أصح وأشهر، وفى صحيح البخارى قال: زعموا أنه معمر بن عبد الله. 1079 - قوله فى المهذب فى صفة الصلاة فى القراءة: روى رجل من جهينة القراءة بـ {إِذَا زُلْزِلَتِ} [الزلزلة: 1] ، هذا الرجل اسمه عبد الله. 1080 - القائل باشتراط اللفظ فى نية الصلاة، وبتحريم نظر كل واحد من الزوجين إلى فرج صاحبه، هو أبو عبد الله الزبيرى، حكاهما عنه الماوردى فى ذكر مسألة النظر فى باب ستر العورة. 1081 - الرجل الذى نادى يوم خيبر بتحريم الحُمر الأهلية، هو أبو طلحة، رواه أبو يعلى الموصلى فى مسنده من رواية أنس بن مالك. 1082 - الأعرابى الذى أحرم وعليه جبة وخلوق، ذكره فى المختصر، هو [ ...... ] (1) . 1083 - قوله فى أول كتاب الخراج من الوسيط: وقد تعتبر فضيلة العدد والذكورة، وتأبد   (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 313 العصمة عند بعض العلماء، أما فضيلة العدد فالقائل بأنها تعتبر: عبد الله بن الزبير، ومعاذ بن جبل، والزهرى، وابن سيرين، فقالوا: لا يقتل الجماعة بالواحد، ولكن ولى الدم يقتل واحدًا منهم ويأخذ من الباقين حصصهم من الدية. وقال ربيعة وداود: لا قصاص على واحد منهم، بل يجب الدية موزعة على الجميع. وحكى القاضى حسين، وإمام الحرمين، وغيرهما عن مالك أنه يقتل واحد منهم يختاره الولى، ولا شىء على الباقين. قالوا: وهو قول الشافعى فى القديم. وقال الغزالى فى البسيط: يقرع بينهم عند مالك، فيُقتل من خرجت عليه القرعة. قال: وهو قول الشافعى فى القديم. وأما فضيلة الذكورة، فالقائل بأنها تعتبر: الحسن البصرى، فقال: إذا قتلت المرأة رجلاً قُتلت به، وأخذ من مالها نصف دية الرجل، وإذا قتلها الرجل قُتل بها، وأخذ من مالها نصف دية لورثة الرجل، وهذا الذى ذهب إليه الحسن البصرى رواية عن عطاء بن أبى رباح، وهى أيضًا رواية شاذة عن على بن أبى طالب، رضى الله عنه. وقد رواه الغزالى فى الوسيط، وشيخه، والقاضى حسين عنه مقتصرين عليهما. وقال أصحابنا العراقيون: ليست هذه الرواية عنه بصحيحة، بل الصحيح عنه كمذهبنا أن كل واحد منهما يُقتل بالآخر بلا مال، وأما القائل باعتبار فضيلة تأبد العصمة فهو أبو حنيفة، فقال: لا يُقتل الذمى بالمعاهد، وهو احتمال لإمام الحرمين. 1084 - قوله فى باب صفة القضاء من المهذب: أن رجلاً من حضرموت ورجلاً من كندة اختصما فى أرض، أما الكندى فاسمه امرؤ القيس بن عابس، بالباء الموحدة والسين المهملة، وأما الحضرمى فربيعة بن عبدان، بعين مهملة مكسورة، ثم باء موحدة ساكنة، ثم ألف، ثم نون، وقيل: ربيعة بن عيدان، بفتح العين وبالياء المثناة من تحت، وجاء اسمه مبين فى صحيح مسلم وغيره كما ذكرته. قال الخطيب البغدادى: ليس بالصحابة من اسمه امرؤ القيس غير هذا. وذكر أن أبا نعيم قال فى الحضرمى: ربيعة بن عبدان، بالكسر والموحدة، وأن أبا سعيد بن يونس المصرى قاله بالفتح والمثناة. 1085 - قوله فى أول كتاب الشهادات من المختصر والمهذب: أن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 314 ابتاع فرسًا من أعرابى فجحده. قال الخطيب البغدادى: اسم هذا الأعرابى سواء بن الحارث، وقيل: سواء بن قيس المحاربى. 1086 - قوله فى المهذب فى أول باب الإقرار: أتى رجل من أسلم، فقال: يا رسول الله، إن الآخر زنا. هذا الرجل هو ماعز، رضى الله عنه. 1087 - قوله فى أول كتاب قسم الفىء والغنائم من الوسيط: وقال بعض العلماء: يقسم الخمس ستة أسهم. هذا القائل هو أبو العالية، بالعين المهملة والياء المثناة من تحت، الرياحى، بكسر الراء وبالياء المثناة من تحت، واسمه رفيع، بضم الراء، ابن مهران، بكسر الميم، البصرى التابعى، هذا حكاه أصحابنا عن أبى العالية، وحكاه الإمام أبو إسحاق الثعلبى المفسر عن الربيع بن أنس أيضًا. 1088 - قوله فى المهذب فى قتل الصيد أن عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، وضع ثوبه فى دار الندوة فوقع عليه طائر فأخذته حية، فحكم عليه من معه بالجزاء الذى حكم عليه عثمان بن عفان، رضى الله عنه، ونافع بن الحارث، كذا بينه الشافعى والبيهقى فى روايتهما، وقد أوضحته فى شرح المهذب. 1089 - قولهما فى صلاة الخوف عن صالح بن خوات، عمن صلى مع النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. المصلى معه أبوه خوات، ويحقق من صحيح مسلم وغيره. 1090 - السائل رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن الوضوء بماء البحر. قال السمعانى: هو العركى، بفتح العين والراء، فأوهم أنه اسمه، وليس هو باسم له، بل العركى ملاح السفينة، وصف له، واسم هذا السائل عبيد، وقيل: عبد. قال أبو موسى الأصبهانى فى كتابه معرفة الصحابة: قال ابن منيع: إن اسمه عبد. وأورده الطبرانى فيمن اسمه عبيد، وذكره أبو نعيم الأصبهانى فى كتابه معرفة الصحابة فيمن اسمه عبيد. 1091 - عبد الله المذكور فى المهذب فى وقت الصلاة، هو ابن مسعود، وهو المذكور فى أول الاستسقاء، وفى فصل كراهة النعى من باب صلاة الميت، وفى ذكر التكبيرة الرابعة منه، وفى الصيام فى مسألة السجود، وفى صفة الحج والتكبير بصلاة الصبح بمزدلفة يوم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 315 النحر، وفى أول النكاح، ونكاح التحليل، وآخر الرجعة. 1092 - سعد المذكور فى الوسيط فى الحج فى سلب من اصطاد فى حرم المدينة، هو سعد بن أبى وقاص، سبق ذكره فى ترجمته. 1093 - سفيان المذكور فى المهذب فى آخر زكاة الفطر، هو ابن عيينة. * * * النوع الثامن: فى الأوهام وشبهها 1094 - قوله فى المهذب فى باب التكبير فى العيدين: وعن عبد الله بن محمد بن أبى بكر بن عمرو بن حزم. هكذا وقع فى كثير من النسخ المعتمدة أو فى أكثرها، وهو غلط من الكاتب، أو سبق قلم لا شك فيه. والصواب ما وقع فى عدة من النسخ: عن عبد الله بن أبى بكر بن محمد بن عمرو بن حزم. وقد ذكره المصنف فى الفصل الأول من صلاة العيدين، وفى أول كتاب الجنايات على الصواب، وقد تقدم فى ترجمة أبى بكر. 1095 - قوله فى أول كتاب الحج من المهذب فى حديث جابر، رضى الله عنه، أن العمرة ليست بواجبة. قال: رفعه ابن لهيعة، وهو ضعيف. والمشهور أن الذى تفرد برفعه إنما هو الحجاج بن أرطأة، والله أعلم. واسم ابن لهيعة عبد الله، ولهيعة بفتح اللام، وقد تقدم بيان اسمه. 1096 - وفى كتاب الصلح من المهذب فى الشهادة على الهلال، قال: روى الحسين ابن حريث الجدلى. كذا وقع فى المهذب: ابن حريث، بضم الحاء وبعد الراء ياء، هو غلط لا شك فيه، والصواب ابن الحارث، بفتح الخاء وبالألف من غير ياء، وقد تقدم بيانه فى باب الحسين. 1097 - قوله فى باب استيفاء القصاص: كان عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، يقول: لا ترث المرأة من دية زوجها. حتى قال له الضحاك بن قيس: كتب إلىَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "أن ورث امرأة أشيم الضبابى من دية زوجها"، كذا وقع فى المهذب فى هذا الموضع: الضحاك بن قيس، وهو غلط. والصواب: الضحاك بن سفيان، وقد ذكره المصنف على الصواب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 316 فى كتاب الأقضية فى فصل كتاب القاضى إلى القاضى، وقد تقدم ذكره فى ترجمته. 1098 - وفى كتاب السير من المهذب أن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قتل يوم بدر ثلاثة من قريش: مطعم بن عدى، والنضر بن الحارث، وعقبة بن أبى معيط، كذا وقع فى المهذب: مطعم ابن عدى، وهو غلط. وصوابه: طعيمة، بطاء مضمومة، ثم عين مفتوحة، ثم ياء مثناة من تحت ساكنة، ثم ميم، ثم هاء، وهو ابن عدى، وأما مطعم بن عدى فمات قبل يوم بدر. 1099 - وفى باب التعذير من المهذب لما روى عمر بن سعد عن على قال: ما من رجل أقمت عليه حدًا فمات فأجد فى نفسى إلا شارب الخمر، فإنه لو مات وديته؛ لأن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم يسنه، هكذا وقع فى نسخ المهذب: عمر بن سعد، وهو غلط وتصحيف فى الاسمين جميعًا، وصوابه: عمير بن سعيد، بزيادة الياء فيهما، وهو مشهور معروف عند أهل هذا الفن. وهو عمير بن سعيد أبو يحيى النخعى الكوفى، تابعى ثقة، توفى سنة خمس عشرة ومائة، وحديثه هذا صحيح رواه البخارى ومسلم فى صحيحيهما بلفظه، وهو الذى ذكرته من ضبط صوابه لا خلاف فيه بين أهل العلم بهذا الفن، وهو مشهور فى كتبهم وفى كتب الحديث وغيرهما، وربما وقع فى بعض نسخ الجمع بين الصحيحين للحميدى: عمير بن سعد، بحذف الياء من سعيد، وذلك خطأ لا شك فيه، إما من الحميدى، وإما من بعض النساخ. 1100 - قوله فى باب عدد الطلاق من المهذب: وقال الفرزدق يمدح هشام بن إبراهيم بن المغيرة خال هشام بن عبد الملك: وما مثله فى الناس إلا مملكًا أبو أمه حى أبوه يقاربه هكذا وقع فى المهذب: يمدح هشام، وهو غلط، والصواب: يمدح إبراهيم بن هشام ابن إبراهيم بن المغيرة خال هشام بن عبد الملك؛ لأن أم هشام بن عبد الملك هى عائشة بنت هشام بن إبراهيم أخت إبراهيم بن هشام بن إبراهيم هذا الممدوح، فالهاء فى قوله: أبو أمه، راجعة إلى المملك، وهو هشام بن عبد الملك، والهاء فى قوله: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 317 أبوه، عائدة على الممدوح، والمراد بالأب هشام بن إبراهيم بن المغيرة، فهو أبو أم الملك وأبو الممدوح جميعًا، ومعنى البيت: وما مثله فى الناس حى يقاربه إلا مملك أبو أم ذلك المملك، وهو أبو هذا الذى أمدحه، ونصب مملكًا لأنه استثناء مقدم له. 1101 - قوله فى باب السير من المهذب: روى فضل بن يزيد الرقاشى، قال: جهز عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، جيشًا كنت فيه. كذا وجدناه فى نسخ المهذب: فضيل ابن يزيد، بإثبات الياء فى يزيد، وحذفها فى فضل، ونقل بعض الأئمة عن خطأ المصنف أنه رواه بحذفها، وكل هذا غلط صريح وتصحيف. والصواب: فضيل بن زيد، بإثبات الياء فى فضيل وحذفها من يزيد، هكذا ذكره أئمة هذا الفن ابن أبى خيثمة، وابن أبى حاتم، وغيرهما. قال ابن أبى حاتم فى كتاب الجرح والتعديل: فضيل بن زيد الرقاشى، يكنى أبا حسان، كناه حماد بن سلمة. روى عن عمر، وعبد الله بن مغفل. روى عنه عامر الأحول. قال يحيى بن معين: هو رجل صدوق بصرى ثقة، والرقاشى بفتح الراء وتخفيف القاف، منسوب إلى رقاش قبيلة معروفة من ربيعة. 1102 - قوله فى أول باب النذر من المهذب: أن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مرَّ على رجل قائمًا فى الشمس لا يستظل، فسأل عنه، فقيل: هذا ابن إسرائيل، نذر أن يقف ولا يقعد، إلى آخره. هكذا يوجد فى أكثر النسخ أو كثير منها: ابن إسرائيل، وكذا ذكره بعض فضلاء المصنفين فى ألفاظ المهذب أنه وجد بخط المصنف، وهو غلط بلا شك. والصواب: أبو إسرائيل، كذا هو فى روايات الحديث فى صحيح البخارى، وسنن أبى داود، وغيرهما من رواية ابن عباس، وكذا وقع فى بعض نسخ المهذب: أبو، بالواو على الصواب، والله أعلم. قال الحافظ أبو بكر الخطيب البغدادى فى كتابه الأسماء المبهمة: قال عبد الغنى بن سعيد المصرى: ليس فى الصحابة من كنيته أبو إسرائيل غير هذا، ولا يُعرف إلا فى هذا الحديث، واسمه قيس، وليس فى الصحابة من اسمه قيس غيره. 1103 - قوله فى باب المسابقة من المهذب: النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صارع يزيد بن ركانة. كذا قاله، وهو خطأ. والصواب: ركانة بن عبد يزيد بن هشام بن المطلب بن عبد مناف الجزء: 2 ¦ الصفحة: 318 القريشى المطلبى، أسلم يوم الفتح، وكان أشد الناس، توفى فى المدينة سنة أربعين، وقد سبق بيانه فى ترجمة ركانة. 1104 - قوله فى أول باب أحكام المياه من المهذب: لما روى إياس بن عمرو، أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نهى عن بيع فضل الماء، هكذا هو فى النسخ: إياس بن عمرو، بفتح العين وبواو فى الخط فى آخره، كذا نقله بعض الأئمة عن خط المصنف، وهو غلط بلا شك. وصوابه: إياس بن عبد، بالباء والدال غير مضاف، وهو إياس بن عبد المزنى الحجازى، وقد تقدم بيانه فى النوع الأول. 1105 - قوله فى أول الهبة من المهذب: أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خرج من المدينة حتى أتى الروحاء، فإذا حمار عقير، فجاء رجل من فهر، فقال: يا رسول الله، إنى أصبت هذا الحمار. هكذا وقع فى النسخ رجل من فهر، بفاء مكسورة وراء، وكذا نقله بعض الأئمة الفضلاء عن خط المصنف، وهو غلط وتصحيف. والصواب: رجل من بهز، بفتح الباء الموحدة وبالزاى، وحديثه مشهور رواه النسائى وغيره، واتفقوا على أنه بالباء والزاى. قال الخطيب: واسم هذا البهزى زيد بن كعب، ذكره فى آخر حرف الزاى. 1106 - قوله فى باب الأقضية من المهذب فى فضل الرشوة: أن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - استعمل رجلاً من بنى أسد يقال له: ابن اللتبية. كذا وقع فى المهذب، من بنى أسد، وهو غلط. والصواب: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 319 رجل من الأَسْد، بفتح الهمزة وإسكان السين، ويقال فيهم أيضًا: الأَزْد، بالزاى بدل السين، وقد تقدم بيانه فى نوع الأبناء. 1107 - قوله فى المهذب فى آخر باب أدب القاضى: لما روى أن أبا بكر الصديق، رضى الله عنه، كتب إلى المهاجر بن أمية: أن ابعث إلىَّ بقيس بن مكشوح. كذا وقع فى نسخ المهذب: المهاجر بن أمية، وهو غلط، وصوابه: المهاجر بن أبى أمية، وهو أخو أم سلمة أم المؤمنين لأبويها. 1108 - قوله فى الوسيط فى الباب الثانى من الهبة: لأنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال للنعمان بن بشير، وقد وهب بعض أولاده شيئًا: “أيسرك أن يكونوا لك فى البر سواء؟ ”، فقال: نعم، فقال: فارجع. هكذا وقع فى الوسيط، وهو غلط لا شك فيه. والصواب منه: قال له بشير بن النعمان وقد وهب لابنه النعمان، وحديثه مشهور فى الصحيحين وغيرهما. فإن قيل: يحتمل أنهما قصتان جرتا للنعمان ولابنه، فهو غلط؛ لأن النعمان توفى النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو صبى لم يبلغ، فكيف يحتمل أن يكون له ولد، والله أعلم. 1109 - قوله فى المهذب فى باب العاقلة: أن عوف بن مالك الأشجعى ضرب مشركًا بالسيف، فرجع السيف عليه فقتله، فامتنع أصحاب رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من الصلاة عليه، وقالوا: قد بطل جهاده، فقال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “بل مات مجاهدًا”. هذا النقل خطأ صريح بلا شك، فإن عوف بن مالك الأشجعى مات بعد النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بأزمان متطاولة، فإنه مات سنة ثلاث وسبعين من الهجرة، وإنما جرت هذه القصة لعامر بن الأكوع، رضى الله عنه، بخيبر، وحديثه مخرج فى الصحيح. وعوف بن مالك غطفانى يكنى أبا عبد الرحمن، ويقال: أبو محمد، ويقال: أبو حماد، ويقال: أبو عمرو، شهد فتح مكة مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ويقال: كانت معه راية أشجع يومئذ، فنزل الشام، وسكن دمشق، وكانت داره بها عند سوق الغزل العتيق. وقال الواقدى: شهد عوف بن مالك خيبر مسلمًا، وتحول إلى الشام فى خلافة أبى بكر الصديق، رضى الله عنه، فنزل حمص، رُوى له عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سبعة وسبعون حديثًا. 1110 - قوله فى المهذب فى آخر باب النجش فى تحريم الاحتكار: وروى معمر العذرى، قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “لا يحتكر إلا خاطىء”، هكذا وجد فى أصل المصنف، وكذا هو فى النسخ: معمر العذرى، بعين مضمومة وذال معجمة ساكنة ثم راء، وهو غلط وتصحيف. وصوابه: العدوى، بفتح العين والدال المهملتين وبالواو، منسوب إلى عدى بن كعب بن لؤى، وقد تقدم بيانه فى ترجمته. 1111 - قوله فى الوسيط فى باب الأذان: أن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال لأبى سعيد الخدرى، رضى الله عنه: “إنك رجل تحب الغنم والبادية، فإذا دخل وقت الصلاة فأذّن وارفع صوتك، فإنه لا يسمع صوتك شجر ولا مدر ولا حجر إلا شهد لك يوم القيامة”، هكذا هو فى نسخ الوسيط، وكذا قاله أيضًا شيخنا إمام الحرمين، وهو غلط وتغيير للصواب. وإنما صوابه ما ثبت فى صحيح البخارى وغيره: عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبى صعصعة، قال: قال لى أبو سعيد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 320 الخدرى: إنى أراك تحب الغنم والبادية، فإذا كنت فى باديتك أو غنمك فأذَّنت بالصلاة فارفع صوتك بالنداء، فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا إنس ولا شىء إلا شهد له يوم القيامة. قال أبو سعيد، رضى الله عنه: سمعته من رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. 1112 - قوله فى آخر باب صلاة التطوع من المهذب: لما روى عبد الله بن عمر، رضى الله عنهما، أن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: “أحب الصلاة إلى الله تعالى صلاة داود، عليه السلام”. الحديث هكذا هو فى أكثر النسخ: عبد الله بن عمر، بضم العين وبغير واو فى الخط، وهو خطأ. وصوابه: عبد الله بن عمرو، بفتح العين وبواو، وهو ابن عمرو بن العاص، وحديثه فى الصحيح مشهور معروف. 1113 - قوله فى المهذب فى فصل سهم الفقراء من قسم الصدقات: لما روى عبيد الله بن عبد الله بن الخيار، أن رجلين سألا رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الصدقة، فقال: “أعطيكما بعد أن أعلمكما أنه لا حَظَّ فيها لغنى ولا لقوى”، يكتب هكذا، وقع فى أكثر نسخ المهذب: عبيد الله بن عبد الله بن الخيار، وهو خطأ بلا شك. وصوابه: عبيد الله بن عدى بن الخيار، هكذا هو فى روايات هذا الحديث فى سنن أبى داود، والنسائى، والبيهقى، وغيرها، وهكذا هو فى كتب أسماء الرجال وغيرها، ولا خلاف فيه، وقد تقدم بيانه فى ترجمته فى النوع الأول. 1114 - قوله فى الوسيط فى أول الباب الثانى من كتاب السير: نهى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حذيفة وأبا بكر عن قتل أبويهما. هكذا هو فى نسخ الوسيط، وهو غلط صريح وتصحيف قبيح فى الاسمين جميعًا، وإنما صوابه: نهى أبا حذيفة، واسمه مهشم، بكسر الميم وإسكان الهاء وفتح الشين المعجمة، وقيل: اسمه هشيم، بضم الهاء، وهو أبو حذيفة ابن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف، وشهد بدرًا، وروى أن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نهاه عن قتل أبيه يوم بدر. وأما أبو بكر، فهو الصديق، رضى الله عنه، فالصواب أنه نهاه عن قتل ابنه، بالنون، وهو ابنه عبد الرحمن، وذلك يوم بدر، فصحف أبو حذيفة وابنه بالنون بأبيه بالياء، والله أعلم. وهذا الذى ذكرناه من صواب الاسمين هو الجزء: 2 ¦ الصفحة: 321 المشهور المعروف الموجود فى كتب المغازى وكتب الحديث التى ذكر فيها هذان الحديثان، ولا خلاف بينهما فيما ذكرناه، والله أعلم. 1115 - قوله فى الوسيط فى باب صلاة العيد: أن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أرخص لحمزة، رضى الله عنه، فى لبس الحرير، هذا مما أنكر عليه، وغلط فى قوله: حمزة، فإنه لا يُعرف، وإنما صوابه: أرخص لعبد الرحمن بن عوف والزبير، وحديثهما فى الصحيحين من رواية أنس. 1116 - قوله فى باب العقيقة من مختصر المزنى: حديث أم كرز، عن سباع بن وهب، صوابه: سباع بن ثابت، وقد سبق بيانه واضحًا فى ترجمة سباع. 1117 - قوله فى المهذب فى أول كتاب الأيمان، فى اليمين الغموس: والدليل عليه ما روى الشعبى، عن عبد الله بن عمر، قال: جاء أعرابى إلى النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقال: يا رسول الله، ما الكبائر ... إلى آخر الحديث، هكذا هو فى نسخ المهذب: عبد الله بن عمر، بضم العين وبغير واو فى الخط، وهو تصحيف. وصوابه: عبد الله بن عمرو، بفتح العين وبواو فى الخط، هكذا هو فى صحيح البخارى فى مواضع منه وفى غيره. 1118 - قوله فى الوسيط فى الركن الرابع من الباب الأول من كتاب الإقرار: وقال صاحب التلخيص: قوله: زنه إقرار، هذا مما أنكروه عليه، وقالوا صواب: قال الزبيرى صاحب الكافى: كذا قاله الرافعى وغيره؛ لأن صاحب التلخيص لم يذكر المسألة فى التلخيص، وذكرها فى كتابه المفتاح، وأجاب فيها بالمهذب أنه ليس بإقرار، ثم قال: وفيه قول آخر أنه إقرار، قاله الزبيرى تخريجًا. 1119 - قوله فى المهذب فى فصل أصحاب المسائل من كتاب الأقضية: روى سليمان بن حريث، قال: شهد رجل عند عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، فقال له عمر: لست أعرفك، ولا يضرك أنى لا أعرفك، فأتنى بمن يعرفك، إلى آخر القصة، هكذا وقع فى نسخ المهذب: سليمان بن حريث، بالحاء المهملة المضمومة، وبعدها راء، ثم مثناة من تحت، ثم ثاء مثلثة، وهو تصحيف. وإنما رواه الإمام الحافظ أبو بكر الخطيب البغدادى فى كتابه الكفاية بإسناده عن داود بن شريد، بضم الراء، عن الفضل بن زياد، عن شيبان، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 322 عن سليمان الأعمش، عن سليمان بن مسهر، عن خرشة بن الحر، قال: شهد رجل عند عمر، فذكره بلفظه إلى آخره. وخرشة هو بخاء معجمة، ثم راء، ثم شين معجمة مفتوحات وبعدهن هاء، وهو خرشة بن الحر، بضم الحاء المهملة وتشديد الراء، الفزارى الكوفى، مات سنة أربع وسبعين. ذكر البخارى فى تاريخه الكبير وغيره من العلماء أنه كان يتيمًا فى حجر عمر ابن الخطاب، رضى الله عنه. ومن الرواة عنه المعروفين بذلك، وليس فى هذه الدرجة، أعنى درجة من يروى عن عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، من الصحابة والتابعين، من يسمى ابن حريث، فتعين أن الذى فى المهذب غلط وتحصيف. 1120 - قوله فى الوسيط فى أول باب العاقلة: مما روى أن مولى لصفية بنت عبد المطلب، رضى الله عنها، جنى، فقضى عمر، رضى الله عنه، بأرش الجناية على ابن عمها. كذا وقع فى الوسيط: ابن عمها، وهو غلط، فإنه ليس لها ابن عم، فإن عبد المطلب لم يكن له أخ. وصوابه: ابن أخيها، وهو على بن أبى طالب، رضى الله عنه، وكان لها عشرة أخوة أحدهم أبو رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فإنها عمته - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وقد وقع فى النهاية لإمام الحرمين أقبح مما وقع فى الوسيط. 1121 - قوله فى المهذب فى باب الهدنة: وروى سليم بن عامر، قال: كان بين معاوية والروم عهد، فسار معاوية فى أرضهم، فقال عمر بن عبسة. وقد وقع فى أكثر النسخ: ابن عنبسة، بزيادة نون، وهذا تصحيف بلا شك، وقد أوضحته فى باب عمرو، وربما غلط فى سليم، فقيل: سليمان، أبو سلمان، وقد تقدم فى ترجمة سليم إيضاحه. 1122 - قوله فى باب صول الفحل من المهذب: قاتل يعلى بن أمية رجلاً، فعض أحدهما صاحبه، هكذا هو فى المهذب، وهو غلط. وصوابه: قاتل أجير ليعلى بن أمية رجلاً، وحديثه فى الصحيح معروف. 1123 - قوله فى المهذب فى كتاب السير، فيمن أسلم من الكفار قبل الأسر عصم دمه وماله: لما روى عن عمر، رضى الله عنه، أن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: “أُمرت أن أقاتل الناس الجزء: 2 ¦ الصفحة: 323 حتى يقولوا: لا إله إلا الله”، هكذا هو فيما رأيته من نسخ المهذب: عمر، وصوابه: ابن عمر، وحديثه مذكور فى الصحيحين مشهور. 1124 - قوله فى المهذب والوسيط فى باب الساعات التى تكره الصلاة فيها: لما روى قيس بن قهد، هكذا رواه بعض الرواة، والصحيح الذى عليه الجمهور من أهل الحديث أنه: قيس بن عمرو، وقد سبق بيانه فى ترجمة قيس. 1125 - قوله فى المهذب فى صلاة العيد: وإذا حضر جاز أن يتنفل إلى أن يخرج الإمام، لما روى عن ابى برزة، وأنس، والحسن، وجابر بن زيد، أنهم كانوا يصلون. هكذا هو فى نسخ المهذب عن أبى برزة، بفتح الباء وبزاى بعد الراء، وهو خطأ وتصحيف بلا شك، وصوابه: أبو بردة، بضم الباء وبالدال المهملة، وهو أبو بردة بن أبى موسى الأشعرى، كذا بينه البيهقى فى كتابه السنن الكبير، ومعرفة السنن والآثار، وذكره غيره أيضًا، وأبو بردة تابعى، وتقديم المصنف له فى الترتيب على أنس، رضى الله عنه، يدل على أنه ظنه أبو برزة الصحابى. 1126 - قوله فى الوسيط فى أواخر الباب الأول من كتاب الجمعة: إن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سأل ابن أبى الحقيق عن كيفية القتل بعد قفوله من الجهاد، هكذا فى نسخ الوسيط، وهو غلط لا شك فيه، وصوابه ما قاله الإمام الشافعى وغيره من أئمة العلماء، وسأل الذين قتلوا ابن أبى الحقيق؛ لأن ابن أبى الحقيق هو المقتول بلا خلاف بين أهل العلم كان يؤذى النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - والمسلمين، فبعث إليه النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جماعة من أصحابه فقتلوه بخيبر فرجعوا، والنبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على المنبر، فقال: “أقتلتموه؟ ”، قالوا: نعم. والحديث طويل معروف، وكان ينبغى أن يقول ما قاله الإمام الشافعى كما ذكرناه، أو يقول: سأل قتلة ابن أبى الحقيق، والله أعلم. والحقيق بضم الحاء المهملة، وبقافين بينهما ياء مثناة من تحت ساكنة، وابن أبى الحقيق هذا هو أبو رافع اليهودى. 1127 - قوله فى السواك من المهذب: وروت عائشة، رضى الله عنها، أن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان الجزء: 2 ¦ الصفحة: 324 إذا قام من النوم يشوص فاه بالسواك، كذا هو فى المهذب عن عائشة، وإنما هو من رواية حذيفة، كذا هو فى الصحيحين وغيرهما من كُتب الحديث. 1128 - قوله فى المهذب فى كتاب الصوم فى قبلة الصائم: لما روى جابر، قال: قبلت وأنا صائم، فأتيت النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقلت: قبلت وأنا صائم، فقال: “أرأيت لو تمضمضت وأنت صائم”. هكذا هو فى المهذب، وهو خطأ، والصواب: عن جابر، عن عمر بن الخطاب، قال: قبلت وأنا صائم، وذكر باقى الحديث، هكذا رواه أحمد بن حنبل فى مسنده، وأبو داود، والنسائى فى سننهما، والبيهقى، ومن لا يُحصى من أئمة الحديث وغيرهم. قال النسائى: هو حديث مُنكر. 1129 - قوله فى المهذب فى باب موقف الإمام والمأمون: لما روى أن حذيفة صلى على دكان والناس أسفل منه، فجذبه سليمان حتى أنزله، هكذا هو فى المهذب: فجذبه سلمان، وكذا رواه البيهقى فى السنن الكبير بإسناد ضعيف جدًا، والصحيح المشهور: فجذبه أبو مسعود، وهو أبو مسعود الأنصارى البدرى، هكذا رواه الشافعى، وأبو داود، والبيهقى، ومَن لا يُحصى من أئمة الحديث ومصنفيهم، ولا خلاف فيه. 1130 - قوله فى مكاح المشرك من الوسيط: أسلم ابن عيلان على عشرة نسوة. كذا وقع فى الوسيط، وكذا قاله إمام الحرمين ابن عيلان، وهو غلط وتصحيف. وصوابه: غيلان بن سلمة، وقد ذكره فى المختصر والمهذب على الصواب. 1131 - قوله فى الباب الثانى من كتاب الرهن من الوسيط: قال صاحب التقريب أبو القاسم بن القفال الشاشى: ينبغى أن يكون هكذا، يوجد فى نسخ الوسيط كلها: أبو القاسم، وهو غلط وتصحيف، وصوابه: القاسم بن محمد بن على، وكنيته أبو الحسن، وتقدم ذكره فى نوع الأنساب، ورأيت بخط الشيخ تقى الدين ابن الصلاح، رحمه الله، على حاشية نسخته بالوسيط، قال: ليس اسمه ونسبه فى أصل المصنف الذى هو بخطه، وقد شاهدته، وضرب الشيخ تقى الدين على أبى القاسم بن القفال الشاشى، وبقى: قال صاحب التقريب: ينبغى. 1132 - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 325 قوله فى الوسيط فى باب صفة الوضوء: ولو حلق الشعر الذى مسح عليه لم تلزمه الإعادة، خلافًا لابن خيران. ثم قوله فى الوسيط أيضًا فى أول الزكاة: وقال ابن خيران: يتخير بين مذهب الشافعى وأبى حنيفة، هكذا وقع فى الوسيط فى الموضعين: ابن خيران، بالخاء ثم الياء ثم الراء ثم ألف ثم نون، وهو حطأ صريح، وتصحيف قبيح. وصوابه فى الموضعين: ابن جرير، بالجيم والراء المكررة، وهو أبو جعفر محمد بن جرير الطبرى الإمام المشهور، مجتهد صاحب مذهب مستقل. وقوله: ابن خيران، يقتضى أن يكون وجهًا فى مذهبنا، فإن أبا على بن خيران من كبار أصحابنا أصحاب الوجوه كما تقدم فيه فى ترجمته، وهذا الذى نقله عنه خطأ بلا شك، وقد بينت ذلك موضحًا فى المجموع من شرح المهذب، والله أعلم. 1133 - قوله فى كتاب السير من المهذب: أتى برأس يناق البطريق، هكذا ضبطناه، وكذا هو فى نسخ محققة: يناق، بياء مثناة من تحت مفتوحة، ثم نون مشددة، ثم ألف، ثم قاف، وهذا هو الصواب، وذكر بعض الأئمة الفضلاء المصنفين فى ألفاظ المهذب أنه وجده بخط المصنف بتقديم النون، وهو تصحيف. والبطريق المقدم جمعه بطارقة، وهو عجمى. 1134 - قوله فى المهذب فى باب عقد الهدنة: أن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: “حتى أشاور السعود”، يعنى سعد بن معاذ، وسعد بن عبادة، وأسعد بن زرارة، هكذا هو فى نسخ المهذب: أسعد بن زرارة، وهو غلط وتصحيف بلا شك فيه؛ لأن هذه القضية كانت فى غزوة الخندق سنة خمس من الهجرة، وأسعد بن زرارة مات فى شوال من السنة الأولى من الهجرة، وإنما صوابه: سعد بن زرارة. 1135 - قوله فى باب الهدنة من المهذب: إن ناقة صالح، عليه السلام، عقرها العيزار بن سالف، هكذا هو فى النسخ، وكذا هو بخط المصنف: العيزار، بعين مهملة، ثم ياء مثناة من تحت ساكنة، ثم زاى، ثم ألف، ثم راء، وهو غلط وتصحيف. وصوابه: قدار، بقاف مضمومة، ثم دال الجزء: 2 ¦ الصفحة: 326 مهملة مخففة، ثم ألف، ثم راء، عقرها كذا قاله أهل التواريخ والمفسرون، والجوهرى فى صحاحه، وغيره من أهل اللغة. 1136 - قوله فى الوسيط فى آخر الباب الثانى من كتاب الوصية فى الصدقة عن الميت. قال سعد بن أبى وقاص: يا رسول الله، إن أمى أصمتت، ولو نطقت لتصدقت، أفينفعها إن تصدقت عنها؟ قال: “نعم”. هكذا هو فى النسخ: سعد بن أبى وقاص، وهو غلط بلا شك. وصوابه: سعد بن عبادة، هكذا رواه البخارى فى صحيحه، ومالك فى الموطأ، وأبو داود، والنسائى، وخلائق من الأئمة رووه بمعناه. 1137 - قوله فى الوسيط فى آخر الباب الثانى من كتاب الوصية: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لعلى، رضى الله عنه، لما قضى دين ميت: “الآن بردت جلدته”. صوابه: قال لأبى قتادة لا لعلى، حديثه صحيح مشهور. 1138 - فى الوسيط فى آخر باب التعزية، فإن قيل: أليس قال: إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه. هكذا رواه عمر. قلنا: قال ابن عمر: ما قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هذا، إنما قال: “يزيد الكافر عذابًا ببكاء أهله عليه، حسبكم قوله تعالى: {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164] ”. وقالت عائشة، رضى الله عنها: ما كذب عمر، ولكنه أخطأ ونسى، إنما مرَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على يهودية ماتت ابنتها ... إلى آخره. هكذا وقه هذا كله فى الوسيط فى جميع النسخ، وفيه غلطان فاحشان لا شك فيهما: أحدهما: قوله فى الأول: قلنا: قال ابن عمر، صوابه: قالت عائشة، فهى التى أنكرت على عمر، ولم ينكر عليه ابن عمر، بل روى مثله فى الصحيحين من طريق. والثانى: قوله فى الثانى: وقالت عائشة: ما كذب عمر، وصوابه: ما كذب ابن عمر، هكذا ثبت الحديثان فى الصحيحين وغيرهما، كما ذكرت صوابه، ولا شك فى غلط الغزالى فيهما، ولا عذر له فيهما ولا تأويل. 1139 - قوله فى الوسيط فى أول اللعان: أنه ورد أولاً فى عوف بن مالك العجلانى، هكذا هو فى النسخ: عوف، وهو غلط صريح، وصوابه عويمر العجلانى، هكذا هو الجزء: 2 ¦ الصفحة: 327 فى الصحيحين وغيرهما من كُتب الحديث، بل فى كل كُتب الحديث، والفقه، والتواريخ، والأنساب، وغيرها، ففى جميعها أنه عويمر، والله أعلم، وبه التوفيق. * * * القسم الثاني من كتاب الأسماء: فى النساء وفيه ثمانية أنواع: النوع الأول: فى الأسماء الصريحة حرف الألف 1140 - أسماء بنت أبى بكر الصديق، رضى الله عنهما (1) : امرأة الزبير بن العوام، رضى الله عنه، مذكور فى المختصر والمهذب. واسم أمها قتلة، بفتح القاف، وإسكان التاء فوقها نقطتان، قاله ابن ماكولا وغيره، قالوا: ويقال أيضًا: قتيلة، بقاف مضمومة، ثم تاء مثناة من فوق مفتوحة، ثم ياء مثناة من تحت ساكنة، ثم لام، ثم هاء، بنت عبد العزى بن عبد أسعد بن نضر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤى بن غالب، ضبطه فى تاريخ دمشق: قتيلة بنت العرى، وعلم علامة الراء بخط الحافظ أبى محمد، وفى مواضع عبد العزى، بالزاى كما هنا. أسلمت أسماء قديمًا بعد سبعة عشر إنسانًا، وكانت أسماء أسن من عائشة، رضى الله عنهما، وهى أختها لأبيها، وكان عبد الرحمن بن أبى بكر أخو أسماء شقيقها، سماها رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذات النطاقين؛ لأنها صنعت للنبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولأبيها سفرة لما هاجرا، فلم تجد ما تشدها به، فشقت نطاقها، وشدت به السفرة، فسماها النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذات النطاقين. هاجرت إلى المدينة وهى حامل بعبد الله بن الزبير، فولدته بعد الهجرة،   (1) انظر: الإصابة (4/229) ، والاستيعاب (4/232 - 234) ، وطبقات ابن سعد (8/249 - 255) ، والبداية والنهاية (8/346) ، وتهذيب التهذيب (12/397) ، والعقد الثمين (8/177) ، وأسد الغابة (5/292) ، ومرآة الجنان (1/151) ، وحلية الأولياء (2/55 - 57) ، والوافى بالوفيات (9/57، 58) .. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 328 فكان أول مولود ولد فى الإسلام بعد الهجرة، وقد تقدم ترجمته. قال عروة بن الزبير: بلغت أسماء مائة سنة، لم يسقط لها سن، ولم يُنكر من عقلها شىء. رُوى لأسماء عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ستة وخمسون حديثًا. روى عنها عبد الله بن عباس، وابناها عبد الله وعروة، وعبد الله بن أبى مليكة، وغيرهم. وتوفيت بمكة فى جمادى الأولى سنة ثلاث وسبعين بعد قتل ابنها عبد الله بيسير، لم يبق بعد إنزاله من الخشبة إلا ليالى يسيرة، قيل: ثلاث ليال، وقيل: عشر، وقيل: شعرون، وقيل: بضع وعشرون. ولأسماء منقبة رويناها فى ترجمة ابنها عبد الله أنها وابنها وأباها وجدها أربعة صحابيون لا يُعرف لغيرهم إلا لمحمد بن عبد الرحمن بن أبى بكر بن أبى قحافة. وذكر ابن الأثير اختلاف العلماء والروايات فى إسلام قتلة أم أسماء، وأكثر الروايات أنها لم تسلم. وفى تاريخ دمشق: قال ابن أبى الزناد: كانت أسماء أكبر من عائشة بعشر سنين. وعن الحافظ أبى نعيم، قال: ولدت أسماء قبل هجرة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بسبع وعشرين سنة، وكان لأبيها أبى بكر حين ولدت له إحدى وعشرون سنة. وعن أسماء أنها كانت تصدع وتضع يدها على رأسها، وتقول: بذنبى، وما يغفره الله أكثر. وبإسناد الحافظ، عن أسماء كانت تقول لبناتها ولأهلها: أنفقوا وأنفقن وتصدقن لا تجدن فقدة. وفى تاريخ دمشق أن أسماء بنت أبى بكر شهدت غزوة اليرموك مع زوجها الزبير. وفيه عن خليفة بن خياط، قال: ولدت أسماء للزبير: عبد الله، وعروة، والمنذر، والمهاجر بنى الزبير. وفيه عن الزبير بن بكار، أنها ولدت للزبير: عبد الله، وعروة، وعاصمًا، والمنذر، والمهاجر، وخديجة، وأم حسن، وعائشة. وفى تاريخ دمشق عن فاطمة بنت المنذر، أن أسماء قالت لأهلها: أجمروا ثيابى إذا مت ثم حنطونى، ولا تذروا على كفنى حنوظًا، ولا تتبعونى بنار، ولا تدفنونى ليلاً. وفى طبقات ابن سعد بإسناد الصحيحين، عن فاطمة بنت المنذر، أن أسماء بنت أبى بكر كانت تمرض المرضة، فتعتق كل مملوك لها. وفى طبقات ابن سعد، عن الواقدى، قال: كان سعيد بن المسيب من أعبر الناس للرؤيا، وكان أخذ ذلك عن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 329 أسماء بنت أبى بكر، وأخذته أسماء عن أبيها أبى بكر. وفى طبقات ابن سعد، أن أسماء قالت لابنها عبد الله بن الزبير حين قاتل الحجاج: يا بنى، عش كريمًا، ومت كريمًا، ولا يأخذك اليوم أسيرًا. وفى تاريخ دمشق بإسناد مصنفه، عن أبى الزبير، قال: ما رأيت امرأتين قط أجود من عائشة وأسماء، وجودهما مختلف، أما عائشة فكانت تجمع الشىء إلى الشىء حتى إذا اجتمع عندها وضعته مواضعه، وأما أسماء فإنها كانت لا تدخر شيئًا لغد. وفيه بإسناده عن عروة، قال: ضرب الزبير أسماء، فصاحت بابنها عبد الله بن الزبير، فأقبل، فلما رآه قال: أمك طالق إن دخلت، فقال له ابنه عبد الله: أتجعل أمى عرضة ليمينك؟! فاقتحم عليه فخلصها منه فبانت منه. وبإسناده عن مصعب بن الزبير، قال: فرض عمر الأعطية، ففرض لأسماء ألف درهم. وفى رواية: فرض عمر للمهاجرات ألفًا ألفًا، منهن أم عبد وأسماء. وعن منصور بن عبد الرحيم، عن أمه صعبة، قالت: لما صُلب ابن الزبير دخل ابن عمر المسجد، وذلك حين قتل ابن الزبير وهو مصلوب، فقيل له: إن أسماء من ناحية المسجد، فمال إليها، فقال: إن هذه الجثث ليست بشىء، وأما الأرواح فعند الله، فاتقى الله، وعليك بالصبر، فقالت: وما يمنعنى وقد أهدى رأس يحيى بن زكريا إلى بغى من بغايا بنى إسرائيل. 1141 - أسماء بنت عميس (1) : امرأة أبى بكر الصديق. مذكورة فى المختصر، وفى المهذب فى باب غسل الميت والإحرام، وعميس بعين مهملة مضمومة، ثم ميم مفتوحة مخففة، ثم ياء مثناة من تحت ساكنة، ثم سين مهملة. وأم أسماء هند بنت عوف بن زهير الكنانية، وأسماء خثعمية من بنى خثعم بن أنمار بن معد بن عدنان، كانت تحت جعفر بن أبى طالب، رضى الله عنه، وهاجرت معه إلى أرض الحبشة، ثم قتل عنها يوم مؤتة، فتزوجها أبو بكر الصديق، رضى الله عنه، فمات عنها ثم تزوجها على، رضى الله عنه، وولدن لجعفر: عبد الله، ومحمدًا، وعونًا، وولدت لأبى بكر: محمدًا، وولدت لعلى: يحيى. وروى عنها من الصحابة عمر بن الخطاب، وأبو موسى الأشعرى، وعبد الله بن عباس، وابنها عبد الله بن جعفر. ومن غير الصحابة: عروة بن الزبير، وعبد الله بن   (1) انظر: الإصابة (4/231) ، وسير أعلام النبلاء (24/282 - 287) برقم (56) ، والطبقات الكبرى (8/280) ، وأسد الغابة (5/395، 396) ، والوافى بالوفيات (9/53) ، والأغانى (11/67) ، والاستيعاب (4/234) ، وتهذيب التهذيب (12/398) .. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 330 شداد. وأسماء هى أخت ميمونة بنت الحارث زوج النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وأخت أم الفضل امرأة العباس، وأخت أخواتها لأمهن، وكن عشر أخوات لأم، وقيل: تسع، وكانت أسماء أكرم الناس أصهارًا، فمن أصهارها رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وحمزة، والعباس، وغيرهم. أسلمت قديمًا. قال ابن سعد: أسلمت قبل دخول رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دار الأرقم بن أبى الأرقم بمكة، وبايعت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. 1142 - أمامة بنت أبى العاص بن الربيع (1) : واسم أبى العاص مهشم، وقيل: لقيط، وقيل: ياسر، وقيل: القاسم. مذكور فى المهذب فى باب طهارة البدن، وفى باب ما يفسد الصلاة، وفى أول باب من يصح لعانه، وفى لعان المختصر. وهى أمامة بنت أبى العاص بن الربيع بن عبد العزى بن عبد مناف القريشية العبشمية، أمها زينب بنت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، كان النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يحبها ويحملها فى الصلاة، وثبت ذلك فى الصحيح. تزوجها على بن أبى طالب، رضى الله عنهما، بعد وفاة فاطمة، رضى الله عنها، وكانت فاطمة أوصت عليًا أن يتزوجها، ثم تزوجها بعد علىّ المغيرة بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم، فولدت له يحيى، وبه كان يكنى، وماتت عند المغيرة، وقيل: إنها لم تلد لعلى ولا للمغيرة، وليس لزينب بنت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ولا لرقية، ولا لأم كلثوم، رضى الله عنهن، عقب، وإنما العقب لفاطمة، رضى الله عنهن. * * * حرف الباء 1143 - بحينة أم عبد الله بن بحينة: مذكورة فى باب صفة الصلاة، ثم فى باب سجود السهو، وهى بباء موحدة مضمومة، ثم حاء مهملة مفتوحة، ثم ياء مثناة من تحت ساكنة، ثم نون، ثم هاء، وهى بحينة بنت الأرت، وهو الحارث بن المطلب بن عبد مناف. قال محمد بن سعد: بحينة، واسمها عبدة بنت الحارث، وأمها أم صيفى بنت   (1) انظر: الإصابة (4/236) ، والاستيعاب (4/244) ، وأسد الغابة (5/400) ، والوافى بالوفيات (9/377) ، والطبقات الكبرى (8/232) .. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 331 الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى. قال: وأسلمت بحينة، وبايعت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. 1144 - بروع بنت واشق: مذكورة فى كتاب الصداق منها، وفى الشهادات من المختصر، وهى بروع، بباء موحدة مكسورة، ثم راء مهملة ساكنة، ثم واو مفتوحة، ثم عين مهملة، وأبواها واشق، بالشين المعجمة المكسورة، وبالقاف، وهى كلابية رواسية، وقيل: أشجعية، وكانت امرأة هلال بن مرة. قال الجوهرى فى صحاح اللغة: أصحاب الحديث يقولونه بكسر الباء، والصواب الفتح؛ لأنه ليس فى الكلام فعول إلا: خروع، وعتود، اسم واد. وذكر صاحب المحكم فى اللغة فى بروع نحو قول الجوهرى. وقد قال القلعى سماعنا فيه بالباء المعجمة بموحدة مكسورة، والراء المهملة. قال: والمعروف عند أهل اللغة فى الأسماء: تزوع، بالتاء المعجمة بثنتين من فوق وبالزاى المعجمة، وهذا الذى قاله تصحيف ليس بمعروف. 1145 - بريرة بنت صفوان: مولاة عائشة بنت أبى بكر الصديق، رضى الله عنه. قيل: كانت لعتبة بن أبى لهب، وذكرها بقى بن مخلد فيمن روى حديثًا واحدًا عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، تكررت بريرة فيها. 1146 - بسرة بنت صفوان: روت حديث نقض الوضوء من مس الذكر، وحديثها هذا حديث حسن صحيح، قاله الترمذى. ورواه أبو داود، والترمذى، والنسائى، وابن ماجة، مذكورة فى المختصر والمهذب، وهى بضم الباء الموحدة، وسكون السين المهملة، وهى بسرة بنت صفوان بن نوفل بن أسد بن عبد العزى بن قصى القريشية الأسدية، وهى خالة مروان بن الحكم، وجدة عبد الملك بن مروان، وهى بنت أخى ورقة بن نوفل، وهى أخت عقبة بن أبى معيط لأمه. قيل: هى بسرة بنت صفوان بن أمية، وأمها سالمة بنت أمية بن حارثة بن الأوقص الأسلمية، كانت تحت المغيرة بن أبى العاص، فولدت له معاوية وعائشة. روى عنها عبد الله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 332 بن عمرو بن العاص، وعروة بن الزبير، ومروان بن الحكم. رُوى لها عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أحد عشر حديثًا. 1147 - بلقيس: ملكة سبأ التى أسلمت مع سليمان لله رب العالمين. قال ابن مكى: الأجود والأكثر كسر الباء من بلقيس، وقيل بفتحها. قال فى تاريخ دمشق: هى بلقيس بنت شرحبيل. قال: وقيل: بلقس، بغير ياء. وقال: ويقال: اسمها تلمص، مشددة الميم، ومن ولد صيفى بن زرعة بن عفير، ثم ذكر نسبها متصلاً إلى أيمن بن الهميسع بن الحمير بن سبأ ابن يشجب بن يعرب بن قحطان، ملكة سبأ. قال: بلغنى أنها ملكت اليمن تسع سنين، ثم كانت خليفة عليها من قِبل سليمان بن داود، عليه السلام، أربع سنين. ثم روى بإسناده أن سليمان تزوجها. وعن قتادة، قال: ذكر لنا أن ملكة سبأ كانت ملكة باليمن كانت فى بيت مملكة يقال لها: بلقيس بنت شرحبيل، هلك ملكها فملكها قومها. وبإسناده عن أبى هريرة، عن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: كان أحد أبوى بلقيس جنيًا. وعن الحسن أنه أنكر هذا، وقال: لا يتوالدون، يعنى أن المرأة من الإنس لا تلد من الجن. وعن مجاهد، قال: كان تحت يدها اثنا عشر ألف قيل، تحت كل قيل ألف. القيل: بفتح القاف، المَلك. وعن مجاهد بإسناد ضعيف، قال: ملك ذو القرنين الأرض كلها إلا بلقيس صاحبة سبأ، وتحيلت عليه حتى كتب لها أمانًا بملكها، فلم ينج منه أحد غيرها. وعن قتادة، قال: كتب سليمان إلى بلقيس: {إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ أَلاَّ تَعْلُوا عَلَىَّ وَأْتُونِى مُسْلِمِينَ} [النمل: 30، 31] ، وكذلك كانت الأنبياء تكتب لا تطنب، إنما تكتب جملاً. * * * حرف التاء 1148 - تماضر بنت الأصبغ الكلبية: التى طلقها عبد الرحمن بن عوف فى مرضه، فورثها عثمان بن عفان، رضى الله عنهما، مذكورة فى المهذب فى الفرائض فى إرث المبتوتة فى المرض، هى بضم التاء وكسر الضاد المعجمة، وآخرها راء مهملة، وأبوها الأصبغ بفتح الهمزة، وسكون الصاد المهملة، وبعدها باء موحدة مفتوحة، ثم غين الجزء: 2 ¦ الصفحة: 333 معجمة، سماها فى المهذب، وأشار فى الوسيط إليها، قال: تورث زوجة المريض، يعنى على القديم، ويدل عليه قصة عبد الرحمن بن عوف. وقصة عبد الرحمن بن عوف ما ذكرنا أنه طلق امرأته فى مرض موته، فورثها عثمان ابن عفان، رضى الله عنه. أخرج قصتها الإمام مالك بن أنس فى موطأه، ورواها الشافعى، عن مالك، وعن غيره، وهذا لا يصح الاستدلال به، فإن الزبير، رضى الله عنه، خالف عثمان فى ذلك، وإذا اختلف الصحابة لم يكن قول بعضهم حجة، وهذا هو جواب القول الصحيح الجديد عن فعل عثمان. قال محمد بن سعد: تماضر بنت الأصبغ بن عمرو بن ثعلبة بن حصن بن كلب، وأمها جويرية بنت وبرة بن رومان من بنى كنانة. ثم روى بإسناده عن صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن، أن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعث عبد الرحمن بن عوف إلى كلب. وقال: إن استجابوا لك فتزوج ابنة ملكهم، أو ابنة سيدهم، فلما قدم عبد الرحمن دعاهم إلى الإسلام فاستجابوا، وأقام من أقام على أعطاء الجزية، فتزوج عبد الرحمن بن عوف تماضر بنت الأصبغ بن عمرو ملكها، ثم قدم المدينة، وهى أم أبى سلمة بن عبد الرحمن ابن عوف. قال محمد بن عمر، يعنى الواقدى: وهى أول كلبية نكحها قريشى، ولم تلد لعبد الرحمن بن عوف غير أبى سلمة، وكان عبد الرحمن طلقها ثلاثًا طلقة واحدة فى مرضه، وهى آخر طلاقها، يعنى تمام الثلاث. وفى رواية أنه طلقها ثلاثًا، فورثها عثمان بعد انقضاء العدة، وكان عبد الرحمن متعها جارية سوداء لما طلقها. قال الواقدى: ثم تزوج الزبير بن العوام تماضر بنت الأصبغ بعد عبد الرحمن بن عوف، فلم تلبث عنده إلا يسيرًا حتى طلقها، هذا ما ذكره ابن سعد، وهكذا جاء فى رواية مالك أن عثمان ورثها بعد انقضاء العدة، وجاء فى رواية الشافعى، رضى الله عنه، عن غير مالك، أن عبد الرحمن مات وهى فى العدة، فورثها عثمان، وذكر الروايتين ابن الأ ثير فى شرح مسند الشافعى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 334 * * * حرف الجيم 1149 - جدابة بنت وهب: راوية حديث العزل، روى حديثها هذا أبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجة، وغيرهم. قال الترمذي: هو حديث حسن صحيح، ويقال: بنت جندل، وهي بضم الجيم، وبالدال المهملة المخففة، قاله الدارقطنى وغيره. قال الدارقطنى: ومن ذكرها بالذال المعجمة فقد أخطأ. وحكى صاحب المطالع فيه الاختلاف فى الدال المعجمة والمهملة، وأن بعضهم شدد الدال المهملة، والصواب ما قاله الدارقطنى، رحمه الله تعالى. أسلمت جدامة بمكة، وبايعت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وهاجرت مع قومها إلى المدينة، وكانت تحت أنس بن قتادة بن ربيعة من بنى عمرو بن عوف. روت عنها عائشة، رضى الله عنها، رُوى لها عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حديثان فيما ذكر أبو عبد الرحمن بقى بن مخلد وغيره. وروينا في صحيح مسلم ضبط جدامة بالمهملة والمعجمة. قال مسلم: والصحيح المهملة، وهى رواية يحيى بن يحيى، عن مالك، وفى رواية خلف بن هشام عن مالك بالمعجمة، والذى فى صحيح مسلم وغيره: جدامة بنت وهب. وفى رواية له: جدامة بنت وهب، وهى أخت عكاشة، ولعلها أختها لأمه، وإلا فهو عكاشة بن محصن، وقيل: إنها أخت رجل آخر اسمه عكاشة، ليس هو عكاشة الأسدى المشهور، والظاهر الأول؛ لأنها أسدية وهو أسدى. وقال محمد بن جرير الطبرى: إنها جذامة بنت جندل، هاجرت. قال: والمحدثون يقولون: بنت وهب. 1150 - جميلة: التى كان اسمها عاصية، فسماها رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جميلة، ذكرها فى المهذب فى باب العقيقة، وهى جميلة بنت ثابت الأنصارية، أخت عاصم بن ثابت، وهى امرأة عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، وأم عاصم بن عمر، تكنى أم عاصم بابنها عاصم بن عمر بن الخطاب، كان اسمها عاصية، فلما أسلمت سماها رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جميلة، تزوجها عمر ابن الخطاب، رضى الله عنه، سنة سبع من الهجرة، ذكر هذا كله ابن الأثير، ثم قال: جميلة بنت عمر بن الخطاب، روى حماد بن سلمة، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، أن ابنتا لعمر كان يقال لها: عاصية، فسماها رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جميلة. قال ابن الأثير: هكذا أخرجه الغسانى مستدركًا على ابن عمر. قال: وليس بشىء، فإن جميلة امرأة عمر، وهى بنت ثابت، كان اسمها عاصية فسماها رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جميلة، وقد تقدم ذلك. قلت: وقد ذكر مسلم بن الحجاج، رحمه الله تعالى، حديث حماد بن سلمة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 335 المذكور فى صحيحه كما تقدم، ولا يمكن رفعه، فيحتمل أنها كانتا اثنتين. 1151 - جميلة بنت سعد: فى المهذب فى أول كتاب العدد، عن عائشة، رضى الله عنها. 1152 - جميلة: التى ذكرها فى أوله كتاب الخلع من المهذب الصحيح أنها حبيبة بنت سهل، وسيأتى إن شاء الله بيانها فى نوع الأوهام. 1153 - جويرية أم المؤمنين، رضى الله عنها: وهى بضم الجيم، وفتح الواو. وهى جويرية بنت الحارث بن أبى ضرار بن حبيب الخزاعية المصطقية، سباها رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوم المريسيع، وهى غزوة بنى المصطلق فى السنة الخامسة من الهجرة، قاله الواقدى. وقال خليفة بن خياط: فى السادسة. قال ابن قتيبة فى المعارف: كان يوم بنى المصطلق وبنى لحيان فى شعبان سنة خمس. قال ابن سعد وغيره: كانت جويرية، رضى الله عنها، تحت مسافع بن صفوان ذى الشفرين، فقتل يوم المريسيع. روينا فى صحيح مسلم، عن ابن عباس، رضى الله عنهما، قال: كان اسم جويرية برة، فحول رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسمها فسماها جويرية، وكان يكره أن يقال: خرج من عند برة. وذكر محمد بن سعد بإسناده أنها توفيت فى شهر ربيع الأول سنة ست وخمسين فى خلافة معاوية، رضى الله عنه، وصلى عليها مروان بن الحكم، وهو يومئذ والى المدينة. وروى أيضًا عن محمد بن يزيد، عن جدته، وكانت مولاة جويرية، عن جويرية، قالت: تزوجنى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأنا بنت عشرين سنة، قالت: وتوفيت جويرية سنة خمسين وهى بنت خمس وستين سنة. روى عنها ابن عباس، ومولاه كريب، وعبد الله بن شداد بن الهادى، وأبو أيوب يحيى بن مالك الأزدى. رُوى لها عن رسول الجزء: 2 ¦ الصفحة: 336 الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سبعة أحاديث. روينا عن عائشة، قالت: وقعت جويرية بنت الحارث فى سهم ثابت بن خنيس فأسلمت فكاتبها، وكانت امرأة حلوة ملاحة، فجاءت النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تستعين فى كتابتها، فقال: "أو خير لك من ذلك أؤدي عنك كتابتك وأتزوجك"، قالت: نعم، ففعل فبلغ الناس أنه تزوجها، فقالوا: أصهار رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فأرسلوا ما كان فى أيديهم من سبي المصطلق، فلقد أعتق بها مائة أهل بيت من بني المصطلق، فما أعلم امرأة كانت أعظم بركة على قومها منها. وفي تاريخ دمشق أن أباها الحارث أسلم. * * * حرف الحاء 1154 - حبيبة بنت سهل المختلعة: يتمم من الأوهام فى النوع الثامن وغيره. ذكر محمد بن سعد فى الطبقات ترجمة لحبيبة بنت سهل، فقال: حبيبة بنت سهل بن ثعلبة بن الحارث بن زيد بن ثعلبة بن غنم ابن مالك بن النجار، وأمها عمرة بنت مسعود بن قيس بن عمرو بن زيد مناة من بنى مالك بن النجار، تزوج حبيبة ثابت بن قيس بن شماس، وأسلمت حبيبة وبايعت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فخالعها ثم تزوجها أُبىّ بن كعب، وكان رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - همَّ أن يتزوجها، فكره ذلك لغيرة الأنصار. وقال الخطيب البغدادى فى كتابه الأسماء المبهمة، وقد ذكرته فيما اختصرته من كتابه فى ترجمة ابن عباس، قال الخطيب: هذه المختلعة حبيبة بنت سهل، وقيل: جميلة بنت عبد الله بن أُبىّ بن سلول. قلت: هكذا رأيته فى نسخ كتاب الخطيب، والمشهور جميلة بنت أُبىّ، أخت عبد الله لا ابنته. قال ابن الأثير: وقيل: كانت بنت عبد الله، وهو وهم. وقوله فى أول خلع المهذب: روى أن جميلة بنت سهل كانت تحت ثابت بن قيس، كذا وقع فى المهذب: جميلة، والصحيح أنها حبيبة بنت سهل بن ثعلبة الأنصارية. كذا ثبت اسمها فى رواية الحفاظ، وكذا ذكرها مالك فى الموطأ، والشافعى فى المختصر وغيره، وأبو داود، والنسائى، والبيهقى، وغيرهم. وقد روى: جميلة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 337 بنت أُبىّ. قال أبو عمر بن عبد البر: يجوز أن تكون جميلة وحبيبة اختلعتا من ثابت بن قيس. قال: وأهل البصرة يقولون: المختلفعة من ثابت جميلة بنت أُبىّ، وأهل المدينة يقولون: حبيبة بنت سهل، وكيف كان فقول المصنف: جميلة بنت سهل غلط. قال محمد بن سعد فى الطبقات: جميلة بنت عبد الله بن أُبىّ بن مالك بن الحارث بن عبيد بن مالك بن سالم بن غنم بن عوف، أمها خولة بنت المنذر بن حرام بن عمرو بن زيد مناة بن عدى بن عمرو بن مالك بن النجار، تزوج جميلة حنلظة بن أبى عامر الراهب، فقُتل عنها يوم أُحُد شهيدًا، وولدت عبد الله بن حنظلة بعده، ثم خلف عليها ثابت بن قيس بن شماس بن مالك بن الدخشم، ثم خلف عليها حبيب بن سباق، فأسلمت جميلة، وبايعت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وأخو جميلة عبد الله بن أُبىّ لأبيها وأمها، شهد بدرًا وقُتل ابناها عبد الله بن حنظلة ومحمد بن ثابت بن قيس يوم الحرة، وحنظلة ابن الراهب هو غسيل الملائكة، ثم ذكر ابن سعد ترجمة حبيبة كما تقدم. 1155 - حفصة بنت عمر بن الخطاب أمير المؤمنين، رضى الله عنه وعنها: تكررت فيها أمها وأم أخيها عبد الله بن عمر: زينب بنت مظعون بن حبيب بن وهب بن حذافة، تزوجها رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سنة ثلاث من الهجرة، قاله ابن المسيب، والواقدى، وخليفة، وابن المدينى، وقيل: سنة اثنتين، وهو قول أبى عبيدة، وروى ابن سعد أنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تزوجها فى شعبان على رأس ثلاثين شهرًا قبل أُحُد، وكذا قال خليفة بن خياط أنه تزوجها فى شعبان سنة ثلاث. وكانت حفصة من المهاجرات، وكانت قبل رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تحت خنيس بن حذافة، وخنيس بحاء معجمة مضمومة، ثم نون مفتوحة، ثم ياء مثناة من تحت ساكنة، ثم سين مهملة، وكان ممن شهد بدرًا، وتوفى بالمدينة. قال ابن سعد: توفى عنها مقدم النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من بدر، فطلقها النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طلقة ثم راجعها بأمر جبريل، عليه السلام، قال: إنها صوامة قوامة وزوجتك فى الجنة. وفى رواية: إنها صؤوم قؤوم، وإنها من نسائك فى الجنة. وروى ابن سعد بإسناده الجزء: 2 ¦ الصفحة: 338 عن عمرو، رضى الله عنه، أنه قال: وُلدت حفصة وقريش تبنى البيت قبل مبعث النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بخمس سنين، وأوصى عمر إلى حفصة، وأوصت حفصة إلى أخيها عبد الله بن عمر. وروى ابن سعد، عن نافع، قال: ما ماتت حفصة حتى ما تفطر. قال ابن سعد: قالو الواقدى: توفيت حفصة فى شعبان سنة خمس وأربعين، وهى بنت ستين سنة. وقال أبو معشر: توفيت سنة إحدى وأربعين. وقال ابن أبى خيثمة: توفيت أول ما بويع معاوية، وبويع معاوية فى جمادى الأولى سنة إحدى وأربعين. وقال أحمد بن محمد بن أيوب: توفيت سنة سبع وعشرين. ونحوه قال ابن قتيبة فى المعارف، قال: توفيت فى خلافة عثمان، وقيل: سنة سبع وأربعين، وقيل: سنة خمسين. وروينا فى تاريخ دمشق، عن مصنفه، قال: لا أدرى قول من قال: توفيت سنة ثمان وعشرين محفوظًا. وروى ابن سعد أن مروان بن الحكم صلى عليها وحمل بين عمودى سريرها من عند دار آل حزم إلى دار المغيرة بن شعبة، وحمله أبو هريرة من دار المغيرة إلى قبرها، ونزل فى قبرها أخواها عبد الله وعاصم، وبنو أخيها سالم وعبد الله وحمزة بنو عبد الله بن عمر، ورُوى لها عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ستون حديثًا، والله أعلم. 1156 - حليمة السعدية: التى أرضعت النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، هى حليمة بنت عبد الله بن الحارث بن شجنة بن جابر بن رزام بن ناصرة بن قصية بن سعد بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة ابن قيس عيلان بن مضر، وزوجها الحارث بن عبد العزى بن رفاعة بن ملان بن ناصرة ابن فصية بن سعد بن بكر، يكنى أبا ذؤيب، وأولادها منه عبد الله، وكانت حينئذ ترضعه، وأنيسة، وخذامة، وهى الشيماء أولاد الحارث، نقلت هذه الجملة من تاريخ دمشق، وكنية حليمة أم كبشة. 1157 - حمنة بنت جحش: مذكورة فى كتاب الحيض، هى بفتح الحاء، وإسكان الميم، وبعدها نون، وجحش بجيم مفتوحة، ثم حاء ساكنة، ثم سين معجمة، وهى أخت زينب بنت جحش أمن المؤمنين، رض الله عنها، وسيأتى فى ترجمة زينب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 339 تمام نسبها إن شاء الله تعالى، كانت حمنة تحت مصعب بن عمير، رضى الله عنه، فاستشهد عنها يوم أُحُد، فتزوجها طلحة ابن عبيد الله، وكانت مستحاضة، واختلف العلماء هل كانت مستحاضة مبتدأة أم معتادة، والخلاف مشهور فى كتب أصحابنا فى المذهب وفى كتب غيرهم، واختار الخطابى وجماعات من أصحابنا أنها كانت مبتدأة، واختار الإمام الشافعى، رحمه الله تعالى، فى الأم أنها كانت معتادة، وقد أوضحت هذا كله فى شرح المهذب. 1158 - حواء أم البشر، عليها السلام: مذكورة فى آخر باب ميراث العصية من المهذب، هى بالمد. قال أقضى القضاة الماوردى فى تفسيره: اختلف العلماء فى الوقت الذى خلقت فيه حواء على قولين، أحدهما قاله ابن عباس، وابن مسعود، رضى الله عنهما، دخل آدم، عليه السلام، الجنة وحده، فلما استوحش خلقت له حواء فى الجنة من ضلعه. والثانى قاله ابن إسحاق أنها خلقت من ضلعه قبل دخوله الجنة، ثم أدخلا جميعًا إلى الجنة. وفى تاريخ دمشق لابن عساكر الحافظ أبى القاسم أن حواء سكنت ببيت لهيا، قرية معروفة من غوطة دمشق. وفيه بإسناده عن ابن عباس، قال: سميت حواء لأنها أم كل شىء حى. وفيه أن حواء أهبطت من الجنة بجدة. وفيه عن عثمان بن الساج، قال: بلغنى أن حواء ولدت لآدم أربعين ولدًا فى عشرين بطنًا، وكانت تلد غلامًا وجارية. وعن ابن إسحاق، عن الزهرى وغيره، أنهم قالوا: ولد دم فى الجنة هابيل وقابيل وأختاهما. قال ابن إسحاق: بلغنى عن غير هؤلاء أنه لم يولد لآدم فى الجنة، والله أعلم أى ذلك كان. وعن محيريز بن عبد الله، عن ابن المسيب، قال: سمعت عمر بن الخطاب، يقول: سمعت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: “أخبرنى جبريل، عليه السلام، أن الله تعالى بعثه إلى أمنا حواء حين دميت فنادت ربها: جاء منى دم لا أعرفه، فناداها: لأُدميَنّك وذريتك، ولأجعلنه لكن كفارة وطهورًا”. قال الدارقطنى: حديث غريب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 340 * * * حرف الخاء 1159 - خديجة أم المؤمنين، رضى الله عنها: هى خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصى بن كلاب، وأمها فاطمة بنت زائدة بن الأصم بن بنى عامر بن لؤى، تزوج رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خديجة وهو ابن خمس وعشرين سنة، وهى أم أولاده كلهم، رضى الله عنهم، إلا إبراهيم، رضى الله عنه، فإنه من مارية القبطية، ولم يتزوج رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قبل خديجة غيرها، ولا تزوج فى حياتها غيرها، وبقيت معه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أربعًا وعشرين سنة وأشهرًا، ثم توفيت قبل الهجرة بثلاث سنين، وقيل: بخمس، وقيل: بأربع، والصحيح الأول، وكانت وفاتها بعد وفاة أبى طالب بثلاثة أيام. روى البخارى فى صحيحه فى باب مناقب خديجة، رضى الله عنه، عن عروة، عن عائشة، قالت: تزوجنى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعد خديحة بثلاث سنين. وروى البخارى أيضًا فى باب مناقب عائشة، عن عروة، قال: توفيت خديجة قبل مخرج رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى المدينة بثلاث سنين، فلبث سنتين أو قريبًا من ذلك، فنكح عائشة وهى بنت ست، وبنى بها وهى بنت تسع سنين. وذكر الزهرى وخلائق من العلماء أنها أول مَنْ أسلم وآمن بالنبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. ونقل الثعلبى الإجماع عليه، وقيل: أبو بكر، وقيل غير ذلك. ولخديجة مناقب كثيرة فى الصحيح معروفة، منها عن على، رضى الله عنه، عن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: “خير نسائها مريم، وخير نسائها خديجة”. رواه البخارى ومسلم فى صحيحيهما. وعن أبى هريرة، رضى الله عنه، قال: “أتى جبريل النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقال: يا رسول الله، هذه خديجة قد أتت معها إناء فيه إدام أو طعام أو شراب، فإذا هى أتتك فأقرأ عليها السلام من ربى ومنى، وبشرها ببيت فى الجنة من قصب، لا صخب فيه ولا نصب”. رواه البخارى. وفى صحيح البخارى، عن عائشة، رضى الله عنها، قالت: كان النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يكثر ذكر خديجة. وفى مسند أبى يعلى الموصلى بإسناد حسن، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 341 أفضل نساء أهل الجنة خديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد، ومريم ابنة عمران، وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون”. وفى تاريخ دمشق عن ابن عباس وعائشة، أن كنية خديجة أم هند، كنيت بولدها من أبى هالة. وروينا فى تاريخ دمشق أن خديجة كانت تسمى فى الجاهلية: الطاهرة، قالوا: وكانت قبل النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زوجة لعتيق بن عائذ المخزومى، فمات عنها وله منها ولد، ثم تزوجها أبو هالة مالك، وقيل: هند بن زرارة، وقيل: تزوجها أبو هالة قبل عتيق، ثم تزوجها رسو لالله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولها يومئذ خمس وأربعون سنة، وقيل: ثمان وعشرون، وقيل: أربعون. وفى تاريخ دمشق أنها توفيت فى رمضان سنة عشر من النبوة وهى بنت خمس وستين سنة، ودفنت بالحجون، ونزل النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فى حفرتها، وذلك بعد خروج بنى هاشم من الشعب بيسير. 1160 - خنساء بنت خذام الأنصارية الصحابية: مذكورة فى المختصر، ثم فى المهذب فى كتاب النكاح، وهى التى أنكحها أبوها وهى كارهة، فردَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نكاحها، روى حديثها هذا أبو داود، والنسائى، وغيرهما، وهى خنساء، بفتح الخاء المعجمة، وبعدها نون ساكنة والألف ممدودة، بنت خذام، بخاء معجمة مكسورة، ثم ذال معجمة مخففة، ابن خالد، وقيل: ابن وديعة من بنى عمرو بن عوف، وكنية خذام أبو وديعة، والصحيح أن أباها كان زوجها وهى ثيب، وقيل: وهى بكر. رُوى لها عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثمانية أحاديث. 1161 - خولة بنت مالك بن ثعلبة: راوية كفارة الظهار، وهى المجادلة، ذكرها فى المهذب، وهكذا وقع فى بعض نسخ المهذب: خولة بنت مالك بن ثعلبة، وفى بعضها: خويلة، بزيادة ياء، وهما مرويان، ورواية أبى داود بالياء، وفى بعض الروايات: خولة بنت ثعلبة بن أصرم، وفى بعضها: خولة بنت ثعلبة بن مالك، وفى بعضها: خويلة بنت خويلد، بالتصغير فيهما، وهى أنصارية، امرأة أوس بن الصامت، رضى الله عنه، ويقال فيها أيضًا: جميلة، بفتح الجيم، كذا جاء فى رواية لأبى داود، والبيهقى، وغيرهما. 1162 - خولة بنت يسار: بالياء المثناة من تحت، ثم بالسين المهملة. مذكورة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 342 فى باب إزالة النجاسة من المهذب، روى حديثها البيهقى فى رواية أبى هريرة بإسناد ضعيف وضعفه، ثم روى بإسناد عن إبراهيم الحربى الإمام. قال: لم نسمع بخولة بنت يسار إلا فى هذا الحديث. * * * حرف الراء 1163 - الربيع بنت معوذ بن عفراء الصحابية الأنصارية: مذكورة فى أول صفة الوضوء، وفى أوائل السير من المهذب، وهى بضم الراء، وفتح الباء الموحدة، وكسر الياء المشددة، ومعوذ بضم الميم، وفتح العين المهملة، وكسر الواو، وبعدها ذال معجمة، هذا هو الأشهر، وحكى فيه صاحب المطالع كسر الواو وفتحها، وحكى عن بعضهم أنه لا يجيز الكسر. وعفراء بعين مهملة مفتوحة، ثم فاء ساكنة، ثم راء، ثم ألف ممدودة، وهى الربيع بنت معوذ بن الحارث بن رفاعة بن الحارث الأنصارية، وهى ممن بايع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تحت الشجرة بيعة الرضوان. روى عنها أهل المدينة، وأبوها معوذ هو أحد الذين قتلوا أبا جهل بن هشام عدو الله يوم بدر، وقد تقدم ذكره فى نوع الأبناء من قسم الرجال يكتب مناقب الربيع من الباب الذى بعد شهود الملائكة بدرًا من البخارى، جلس على فراشى حين بنى بى، ومن الحميدى فى مسندها. وفى صحيح البخارى، عن خالد بن ذكوان، عن الربيع بنت معوذ، رضى الله عنهما، قالت: دخل النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غداة بنى بى، فجلس على فراشى كمجلسك هذا منى، وجويريات يضربن بالدف يندبن من قتل من آبائهن يوم بدر، حتى قال إحداهن: وفينا نبى يعلم ما فى غد، فقال النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "لا تقولى هذا، وقولى ما كنتى تقولين) . وفى رواية: "دعى هذه وقولى الذى كنت تقولين". وفى البخارى عن خالد أيضًا، عنها قالت: كن نغزوا مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نسقى القوم ونخدمهم ونرد القتلى والجرحى إلى المدينة. وفى الصحيحين عن خالد بن ذكوان أيضًا، عنها قالت: أرسل رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار التى حول المدينة: " الجزء: 2 ¦ الصفحة: 343 من كان أصبح صائمًا فليتم صومه، ومن كان أصبح مفطرًا فليتم بقية يومه"، فكنا بعد ذلك نصومه ونصومه صبياننا الصغار منهم، ونذهب إلى المسجد فنجعل لهم اللعبة من العهن، فإذا بكا أحدهم على الطعام أعطيناها إياه حتى يكون عند الإفطار. 1164 - الربيع بنت النضر بن أنس: مذكورة فى القصاص، وهى بضم الراء، وفتح الباء، وكسر الياء مثل التى قبلها، صحابية أنصارية نجارية، من بنى عدى بن النجار، وقد تقدم تمام نسبها فى ترجمة أخيها أنس، وهى عمة أنس بن مالك، وهى أم حارثة بن سراقة الذى استشهد بين يدى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ببدر، فأتت أمه الربيع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقالت: يا رسول الله، أخبرنى عن حارثة، فإن كان فى الجنة صبرت واحتسبت، وإن كان غير ذلك اجتهدت فى البكاء، فقال: "إنها جنات، وإنه أصاب الفردوس الأعلى". * * * حرف الزاي 1165 - زينب بنت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ورضى عنها: مذكورة [ ...... ] (1) ، وهى زوجة أبى العاص بن الربيع، وهو ابن خالتها هالة بنت خويلد، وهو القائل حين سافر إلى الشام: ذكرت زينب لما دركت أرما ... فقلت سقيا لشخص بسكن الحرما بنت الأمين جزاها الله صالحة ... وكل بعل سيبنى بالذى علما توفيت زينب سنة ثمان من الهجرة، كذا قاله خليفة بن خياط، وابن أبى خيثمة، وآخرون، ولدت لأبى العاص: عليًا، وأمامة. 1166 - زينب أم المؤمنين، رضى الله عنها: وهى زينب بنت جحش بن رئاب الأسدية، تكنى أم الحكم، وأمها أميمة بنت عبد المطلب عمة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وكانت زينب قديمة الإسلام، ومن المهاجرات مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، تزوجها رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فى سنة خمس من الهجرة، قاله قتادة، والواقدي، وبعض أهل المدينة. وقال ابن المسيب، وأبو عبيدة، وخليفة بن خياط: تزوجها رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -   (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 344 سنة ثلاث. وروى ابن سعد أنه تزوجه لهلال ذى القعدة سنة خمس من الهجرة، وهى بنت خمس وثلاثين سنة، وكانت قبل رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تحت زيد بن حارثة مولى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ثم طلقها فاعتدت، ثم زوجها إليه سبحانه وتعالى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فأنزل فيها: {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا} [الأحزاب: 37] ، وكانت تفتخر على نساء رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وتقول: زوجنى الله عز وجل من السماء. وكانت امرأة صناعًا تعمل بيدها وتتصدق به فى سبيل الله عز وجل. وعن ابن عباس، رضى الله عنهما، قال: لما أخبرت زينب بتزويج رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لها سجدت. وعن أم سلمة، قالت: وكانت زينب لرسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - معجبة، وكان يستكثر منها، وكانت امرأة صالحة صوامة قوامة. وعن عائشة قالت: يرحم الله زينب بنت جحش، لقد نالت فى هذه الدنيا الشرف الذى لا يبلغه شرف، أن الله عز وجل زوجها نبيه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فى الدنيا، ونطق به القرآن، إن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال لنا ونحن حوله: "أسرعكن بى لحوقًا أطولكن باعًا"، فبشرها رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بسرعة لحوقها به - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وهى زوجته فى الجنة. قالت عائشة: فكنا إذا اجتمعنا فى بيت إحدانا بعد رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نمد أيدينا فى الجدار نتطاول، فلم نزل نفعل ذلك حتى توفيت زينب بنت جحش، وكانت امرأة قصيرة، رحمها الله تعالى، ولم تكن أطولنا، فعرفنا حينئذ أن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنما أراد بطول اليد الصدقة، وكانت زينب امرأة صناع اليد، فكانت تدبغ وتخرز وتتصدق به فى سبيل الله. ومناقبها كثيرة. توفيت سنة عشرين وهى بنت ثلاث وخمسين سنة، ذكره ابن سعد، وأجمع أهل السير أنها أول نساء رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - موتًا بعده، ودفنت بالبقيع فيما بين دار عقيل ودار ابن الحنفية، قاله ابن سعد، وصلى عليها عمر بن الخطاب، رضى الله عنهما، ونزل فى قبرها أسامة بن زيد، ومحمد بن عبد الله بن جحش، وعبد الله بن أبى أحمد بن جحش، ومحمد بن طلحة بن عبد الله، وهو ابن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 345 أختها حمنة، فكلهم محارم لها، رضى الله عنها,. وهى أول امرأة جعل عليها النعش، أشارت به أسماء بنت عميس، كانت رأته فى الحبشة، وكان عمر، رضى الله عنه، يطلع إلى شىء يسترها، فأشارت به أسماء. رُوى لها عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أحد عشر حديثًا، والمشهور الذى عليه الجمهور أنها توفيت سنة عشرين. وقال خليفة بن خياط: سنة إحدى وعشرين. 1167 - زينب امرأة عبد الله بن مسعود: مذكورة فى الكتابين فى باب صدقة التطوع، وقد اختلف العلماء فى اسم امرأة ابن مسعود، فقال جماعة: اسمها زينب كما وقع فى المهذب والوسيط، ولعله هو قول الأكثرين، وهى زينب بنت عبد الله بن معاوية الثقفية، وقيل: اسمها رابطة، وقيل: ربطة بنت عبد الله، هكذا ذكر هذه الأقوال الثلاثة فيها جماعة من العلماء، منهم الخطيب الحافظ أبو بكر البغدادى فى كتاب الأسماء المبهمة، وجعل محمد بن سعد كاتب الواقدى زينب ورابطة امرأتين لعبد الله بن مسعود، فقال: رابطة بنت عبد الله امرأة عبد الله بن مسعود، وأم ولده، وكانت امرأة صناعًا، وذكر سؤالها النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن النفقة على زوجها وأولادهما، ثم قال: زينب بنت أبى معاوية الثقفية امرأة عبد الله بن مسعود، أسلمت وبايعت، ثم روى لها حديثًا. قلت: وبعض أهل اللغة ينكر وجود رابطة فى كلام العرب. وذكر أبو عمر الزاهد فى آخر شرح الفصيح، عن ابن الأعرابى، قال: يقال: ربطة لا غير، ولم يحك العرب رابطة، وأفصح اللغات عائشة، وقد حكيت عيشة بلغة صحيحة فصيحة. 1168 - زينب بنت كعب بن عجرة: مذكورة فى باب مقام المعتدة من المهذب، وهى تابعية، تروى عن فريعة بنت مالك. يروى عنها ابن أخيها سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة. قال على بن المدينى: لم يرو عنها غير سعد بن إسحاق. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 346 * * * حرف السين 1169 - سبيعة الأسلمية الصحابية، رضى الله عنها: مذكورة فى كتاب العدد من المختصر والمهذب، وهى بسين مهملة مضمومة، ثم باء موحدة مفتوحة، ثم ياء مثناة من تحت ساكنة، ثم عين مهملة، ثم هاء، وهى سبيعة بنت الحارث الأسلمية، كانت امرأة سعد بن خولة، رضى الله عنه، فتوفى عنها بمكة فى حجة الوداع وهى حامل، فوضعت بعد وفاة زوجها بليال، قيل: شهر، وقيل: خمس وعشرون، وقيل أقل من ذلك، والله أعلم. رُوى لها عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اثنا عشر حديثًا. وفى الصحيحين عن سبيعة أنها قالت: إنها كانت تحت سعد بن خولة، وكان ممن شهد بدرًا، فتوفى عناه فى حجة الوداع وهى حامل، فلم تنشب أن وضعت حملها. 1170 - سعاد امرأة كعب بن زهير: المرادة بقوله: بانت سعاد فقلبى اليوم متبول مذكورة فى المهذب فى الشهادات فى سماع الشعر. 1171 - سلمى أم رافع: ذكرها فى المهذب فى كتاب الجنائز، وهى بفتح السين بلا خلاف، وقد غلط بعض المصنفين فى ألفاظ المهذب، حيث قال: هى بالضم، وهى مولاة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وقيل: مولاة صفية بنت عبد المطلب، وهى امرأة أبى رافع مولى النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأم ولده، وكانت قابلة بنى فاطمة بنت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وقابلة إبراهيم ابن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وشهدت خيبر مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وذكر الإمام أحمد بن حنبل فى مسنده ترجمة لأبى سلمى، وذكر فيها الحديث المذكور فى المهذب عن سلمى هذه. وقال الإمام أبو نعيم الأصبهانى: هى فيما أرى امرأة أبى رافع. 1172 - سهلة بنت سهيل الصحابية، رضى الله عنها: مذكورة فى الوسيط فى أول كتاب الرضاع، هى بفتح السين، وإسكان الهاء، وأبوها بضم السين على التصغير، وهى امرأة أبى حذيفة المذكورة فى المختصر فى الرضاع. 1173 - سهيمة امرأة ركانة: مذكورة فى المهذب فى أول كتاب الطلاق الجزء: 2 ¦ الصفحة: 347 وأواخر اليمين فى الدعاوى، هى بضم السين المهملة وفتح الهاء وإسكان الياء. 1174 - سودة أم المؤمنين، رضى الله عنها: مذكورة فيها، وهى سودة بنت زمعة بن قيس بن عبد شمس بن عبدود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤى بن غالب القريشية العامرية أم المؤمنين، قيل: كنيتها أم الأسود كانت قبل رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تحت ابن عمها السكران بن عمرو أخى سهل بن عمرو، وكان السكران بن عمرو، رضى الله عنه، مسلمًا، وهو من مهاجرة الحبشة، ثم قدما مكة فمات بها السكران مسلمًا، قاله ابن إسحاق وغيره. قال ابن قتيبة: ومات ولم يعقب. قال ابن سعد: أسلمت سودة بمكة قديمًا وبايعت، وأسلم زوجها السكران بن عمرو وخرجا جميعًا مهاجرين إلى أرض الحبشة فى الهجرة الثانية. قال: واسم أم سودة الشموس بنت قيس بن عمرو بن عبد شمس، قال: وتزوج النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سودة، رضى الله عنها، فى رمضان سنة عشر من النبوة بعد وفاة خديجة، وقيل: تزوج عائشة ودخل بها بمكة، وهاجر بها إلى المدينة، وهكذا قال غيره أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تزوجها قبل عائشة، وهو قول ابن إسحاق، وقتادة، وأبى عبيدة، وابن قتيبة، وغيرهم، فهى أول امرأة تزوجها بعد خديجة. قال ابن الأثير: وقال عقيل: عن الزهرى. وقال عبد الله بن محمد بن عقيل: تزوجها بعد عائشة، ورواه يونس عن الزهرى. رُوى لها عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خمسة أحاديث، روى عنها عبد الله بن عباس، ماتت فى آخر خلافة عمر، رضى الله عنه وعنها، وهذا قول الأكثرين. وذكر محمد بن سعد، عن الواقدى: أنها توفيت فى شوال سنة أربع وخمسين فى خلافة معاوية بن أبى سفيان بالمدينة. قال الواقدى: وهذا أثبت عندنا، والله أعلم. قال ابن إسحاق: أول مَن تزوجها النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خديجة، ثم سودة، ثم عائشة، ثم حفصة، ثم زينب بنت خزيمة أم المساكين، ثم أم حبيبة، ثم أم سلمة، ثم زينب بنت جحش، ثم جويرية، ثم صفية، ثم ميمونة، رضى الله عنهن. * * * حرف الصاد 1175 - صفية بنت حييى بن أخطب أم المؤمنين، رضى الله عنها: تكررت الجزء: 2 ¦ الصفحة: 348 فيها، وهى صفية المذكورة فى أوائل الوصية من المهذب فى الوصية للذمى، وحيى بحاء مهملة، ثم يائين مثناتين من تحت الأولى مفتوحة والثانية مشددة، ويقال: بضم الحاء وبكسرها، وأخطب بفتح الهمزة، وبالخاء المعجمة، وهى نضيريه من بنى نضير، وهى من ولد هارون بن عمران أخى موسى بن عمران، عليهما السلام، وأمها برة بنت سموأل، سباها رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عام خيبر فى شهر رمضان سنة سبع من الهجرة، عتقها وتزوجها وجعل عتقها صداقها، وقد اختلف فى معناه، وهو مذكور فى الوسيط أو غيره، وكانت عاقلة من عقلاء النساء. رُوى لها عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عشر أحاديث. قال الواقدى، وأبو عبيدة، وابن البرقى: ماتت سنة خمسين. وذكر ابن سعد عن غيره أنها توفيت سنة اثنتين وخمسين. وذكر ابن قتيبة فى المعارف وغيره أنها توفيت سنة ست وثلاثين، وهذا غريب ضعيف، واتفقوا على أنها دفنت بالبقيع، وتزوجها النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولم تبلغ سبع عشرة سنة. 1176 - صفية بنت شيبة، رضى الله عنها: مذكورة فى المهذب فى فصل السعى، وقبله فى آخر باب ما يجب بمحظورات الإحرام، وهى صفية بنت شيبة حاجب الكعبة الكريمة، زادها الله شرفًا، وهو شيبة بن عثمان بن أبى طلحة، واسم أبى طلحة هذا عبد الله بن عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار بن قصى القريشية الصحابية. قالت: رأيت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يستلم الركن بمحجن. رواه أبو داود. ولها فى الصحيحين خمسة أحاديث، والمشهور أن لها صحبة، وقيل: تابعية، حكاه ابن الأثير. 1177 - صفية بنت عبد المطلب، رضى الله عنها: عمة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، مذكورة فى باب العاقلة من المختصر، والوسيط، وهى أم الزبير ابن العوام، أحد العشرة المقطوع لهم بالجنة، رضى الله عنهم، وهى أخت حمزة بن عبد المطلب لأمه أيضًا، أسلمت صفية وهاجرت إلى المدينة، وبها توفيت فى خلافة عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، وقد أجمعوا على إسلامها، واختلفوا فى أختيها: عاتكة، وأروى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 349 * * * حرف الضاد 1178 - ضباعة بنت الزبير: مذكورة فى المهذب والوسيط فى باب الفوات والإحصار، وهى ضباعة بنت الزبير ابن عبد المطلب بن هاشم القريشية الهاشمية، بنت عم رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، كانت تحت المقداد بن الأسود، فولدت له عبد الله، وكريمة، وقُتل عبد الله يوم الجمل مع عائشة. روى عن ضباعة: عبد الله بن عباس، وجابر، وأنس، وعائشة، وعروة، وعبد الرحمن الأعرج، وسعيد بن المسيب، وابنتها كريمة، وكنية ضباعة: أم حكيم. كذلك ذكر كنيتها الإمام الشافعى، رحمه الله تعالى، فيما رواه البيهقى عنه فى مناقبه. وأما قوله فى الوسيط: ضباعة الأسلمية، فغلط فاحش، وصوابه: الهاشمية، وسيأتى إيضاحه فى النوع الثامن فى الأوهام، إن شاء الله تعالى. * * * حرف الطاء 1179 - طليحة الأسدية: مذكور فى المهذب فى أول باب اجتماع العدتين، هى بضم الطاء، وفتح اللام، وإسكان الياء، وبالحاء المهملة، وبعدها هاء التأنيث. * * * حرف العين 1180 - عائشة أم المؤمنين بنت أبى بكر الصديق، رضى الله عنهما: وأمها أم رومان، بضم الراء وسكون الواو على المشهور. وقال ابن عبد البر فى الاستيعاب، يقال: بفتح الراء وضمها، بنت عامر بن عويمر بن عبد شمس، والخلاف فى نسبها كثير، وأم رومان هى أم عائشة، وعبد الرحمن بن أبى بكر. توفيت أم رومان فى سنة ست فى ذى الحجة، قاله الواقدى والزبير، وقيل: توفيت سنة أربع أو خمس. قال ابن الأثير: ومن زعم أنها توفيت سنة أربع أو خمس فقد وهم، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 350 فإنه صح أنها كانت فى الإفك حية، وكان الإفك فى شعبان سنة ست، ونزل النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فى قبرها واستغفر لها، أسلمت قبل الهجرة، رضى الله عنها. كنية عائشة أم عبد الله، كناها رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أم عبد الله بابن أختها عبد الله بن الزبير، رضى الله عنهم أجمعين، وذكر أبو بكر بن أبى خيثمة فى تاريخه عن ابن إسحاق، أن عائشة أسلمت صغيرة بعد ثمانية عشر إنسانًا ممن أسلم، تزوجها النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بمكة قبل الهجرة لسنتين فى قول أبى عبيدة، وقال غيره: بثلاث سنين، وقيل: سنة ونصف أو نحوها، وهى بنت ست سنين، وقيل: سبع، والأول أصح، وبنى بها بعد الهجرة بالمدينة بعد منصرفه من بدر فى شوال سنة اثنتين بنت تسع سنين، وقيل: بنى بها بعد الهجرة بسبعة أشهر، وهو ضعيف، وقد أوضحت ضعفه فى أول شرح صحيح البخارى. وهى من أكثر الصحابة رواية، رُوى لها عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ألفا حديث ومائتا حديث وعشرة أحاديث، اتفق البخارى ومسلم منها على مائة وأربعة وسبعين حديثًا، وانفرد البخارى بأربعة وخمسين، ومسلم بثمانية وستين، روى عنها خلق كثير من الصحابة والتابعين، وفضائلها ومناقبها مشهورة معروفة. روينا عن الإمام أبى محمد الحسينى بن مسعود البغوى صاحب التهذيب من أصحابنا، قال: روى أن عائشة كانت تفتخر بأشياء أعطيتها لم تعطها امرأة غيرها، منها أن جبريل أتى بصورتها فى سرقة من حرير، وقال: هذه زوجتك، وروى أنه أتى بصورتها فى راحته، وأن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم يتزوج بكرًا غيرها، وقبض رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ورأسه فى حجرها، ودفن فى بيتها، وكان ينزل عليه الوحى وهو معها فى لحافها، ونزلت براءتها من السماء، وأنها بنت خليفة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وصديقه، وخلقت طيبة ووعدت مغفرة ورزقًا. وكان مسروق إذا روى عن عائشة، قال: حدثتنى الصديقة بنت الصديق حبيبة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - المبرأة فى السماء، رضى الله عنها، توفيت ليلة الثلاثاء لسبع عشرة خلت من شهر رمضان سنة سبع وخمسين، وقيل: سنة ست وخمسين، وقيل: سنة ثمان وخمسين، وصلى عليها أبو هريرة، رضى الله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 351 عنه، وأمرت أن تدفن بالبقيع ليلاً، فدفنت من ليلتها بعد الوتر، واجتمع على جنازتها أهل المدينة وأهل العوالى، وقالوا: لم نر ليلة أكثر ناسًا منها. والمشهور فى عائشة الذى لم يذكر الأكثرون غيره أنها عائشة، بالألف. وقال أبو عمرو الزاهد فى آخر شرح الفصيح: عن ثعلب، عن ابن الأعرابى: أفصح اللغات عائشة. قال: وقد حكيت عايشة بلغة فصيحة. قال: وعائشة مأخوذة من العيش. قلت: وحكى هذه اللغة أيضًا على بن حمزة,. وفى الصحيحين عن أنس، رضى الله عنه، عن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام". وفى مسلم فى أبواب قيام الليل: عن القاسم ابن محمد، عن عائشة، قالت: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "أحب الأعمال إلى الله تعالى أدومها وإن قل". قال: وكانت عائشة إذا عملت العمل لزمته. واعلم أن عائشة لم تدخل الشام قط، وإنما ذكرت هذا لأنى رأيت من اشتبه عليه ذلك فتوهم دخولها دمشق، وهذا خطأ صريح، وجهل قبيح، ولا خلاف بين أهل التواريخ والحديث أنها لم تدخل الشام، وممن نص على عدم دخولها الشام الحافظ أبو القاسم بن عساكر فى باب ذكر مساجد دمشق. 1181 - عائشة بنت طلحة: مذكورة فى المختصر فى صوم التطوع. * * * حرف الفاء 1182 - فاطمة الزهراء بنت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ورضى عنها: تكررت فيها، كنيتها أم الهاد، روينا ذلك فى تاريخ دمشق، وذكره خلائق من العلماء أمها خديجة بنت خويلد أم المؤمنين، رضى الله عنها، والصحيح أنها أصغر بنات رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سنًا. قال ابن عبد البر: وقيل: إن رقية أصغرهن، وقيل: أصغرهن أم كلثوم، والصحيح الأول. أنكحها رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على بن أبى طالب، رضى الله عنه، بعد وقعة أُحُد، وقيل: أنه تزوجها بعد أن بنى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعائشة بأربع أشهر ونصف، وبنى بها بعد تزويجه إياها بسبعة أشهر ونصف، وكان سنها يوم تزوجها خمس الجزء: 2 ¦ الصفحة: 352 عشرة سنة وخمسة أشهر، وتوفيت بعد رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بستة أشهر، وقيل: بثلاثة أشهر، وقيل: بثمانية أشهر، وقيل: بسبعين يومًا، وقيل: بشهرين، والصحيح الأول. قيل: توفيت لثلاث خلون من شهر رمضان سنة إحدى عشرة، وكان عمرها سبعًا وعشرين سنة، وقيل: ثلاثين، وقيل: إحدى وثلاثين. وقال الكلبى: كان عمرها خمسًا وثلاثين سنة، وغسلها على وأسماء بنت عميس، وصلى عليها على، وقيل: العباس. وأوصت أن تدفن ليلاً ففعل ذلك بها، ونزل فى قبرها على، والعباس، والفضل بن العباس، رضى الله عنهم أجمعين، وولدت لعلى الحسن، والحسين، وزينب، وأم كلثوم، تزوج زينب عبد الله بن جعفر، فولدت له عليًا، وعونًا، وأما أم كلثوم فتزوجها عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، فولدت له زيدًا، ثم تزوجها بعد وفاة عمر عون بن جعفر، ومات عنها، ثم تزوجها محمد بن جعفر، ثم عبد الله بن جعفر, 1183 - فاطمة بنت قيس: التى طلقها زوجها، وخطبها معاوية، وأبو الجهم، فتزوجت أسامة، تكرر ذكرها فى المختصر والمهذب، وحديثها صحيح معروف، وهى فاطمة بنت قيس بن خالد الأكبر ابن وهب بن ثعلبة الفهرية القريشية، وهى أخت الضحاك بن قيس، وكانت أكبر منه بعشر سنين، وكانت من المهاجرات الأول ذات عقل وافر وكمال، وفى بيتها اجتمع أصحاب الثورى، رُوى لها عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أربعة وثلاثون حديثًا، وروى عنها جماعة من كبار التابعين، رضى الله عنها وعنهم أجمعين. 1184 - فاطمة بنت أبى حبيش: مذكورة فى باب الغسل من المهذب، وفى الحيض، وكانت مستحاضة، رضى الله عنها، وحبيش بحاء مهملة مضمومة، ثم باء موحدة مفتوحة، ثم ياء مثناة من تحت ساكنة، ثم شين معجمة، واسم أبى حبيش قيس بن المطلب بن أسعد بن عبد العزى بن قصى، وهى قريشية أسدية. 1185 - الفريعة بنت مالك: مذكورة فى المهذب فى باب مقام المعتدة، ثم فى باب نفقة المعتدة، تكررت فى العدد من المختصر، هى بضم الفاء، وفتح الراء وبالعين المهملة، ويقال لها أيضًا: الفارعة، أنصارية خدرية، وهى أخت أبى سعيد الخدرى. قال الجزء: 2 ¦ الصفحة: 353 محمد بن سعد: هى أخته لأبيه وأمه، وأمهما أنيسة بنت أبى خارجة عمرو بن قيس بن مالك. وقال غيره: اسم أمها حبيبة بنت عبد الله بن أُبىّ بن سلول، شهدت الفريعة، رضى الله عنها، بيعة الرضوان مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وحديثها المذكور صحيح، رواه أبو داود، والترمذى، والنسائى، وابن ماجة بأسانيد صحيحة. قال الترمذى: حديث حسن صحيح. حرف اللام 1186 - لبابة بنت الحارث الصحابية: مذكورة فى الوسيط فى أواخر باب المياه النجسة، وهى أم الفضل المذكورة فى المهذب فى أول باب صوم التطوع، وهى بضم اللام، وبباء موحدة مكررة، وهى لبابة بنت الحارث بن حزن الهلالية، أخت ميمونة أم المؤمنين، ولبابة هذه زوجة العباس بن عبد المطلب، وأم أولاده، وكانت من المنجيات، ولدت للعباس ستة رجال لم تلد امرأة مثلهم: الفضل، وعبد الله، ومعبد، وعبيد الله، وقثم، وعبد الرحمن. وأسلمت لبابة هذه قديمًا. قال الكلبى، ومحمد بن سعد، وغيره: هى أول امرأة أسلمت بعد خديجة، وكان النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يزورها، وهى لبابة الكبرى، وأختها لبابة الصغرى أم خالد بن الوليد، اختلف فى صحبتها وإسلامها، فأثبتها الواقدى، رُوى لأم الفضل عن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثلاثون حديثًا اتفقا على حديثين، ولمسلم حديث. * * * حرف الميم 1187 - مارية، رضى الله عنها: مذكورة فى المهذب فى أول باب عتق أم الولد، وهى سرية رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وأم ابنه إبراهيم، أهداها له المقوقس ملك مصر. روينا عن ابن أبى خيثمة، وخليفة بن خياط، قال: قدم حاطب بن أبى بلتعة سنة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 354 سبع من عند المقوقس بمارية أم إبراهيم ابن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وبغلته دلدل وحماره يعفور، وكانت مارية بيضاء جعدة جميلة، فأسلمت فتسراها رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وكانت حسنة الدين، توفيت سنة ست عشرة فى خلافة عمر، هكذا قاله الواقدى، وخليفة، وأبو عبيد، وقيل: سنة خمس عشرة، ودفنت بالبقيع. 1188 - مريم بنت عمران الصديقة، أم عيسى، عليه السلام: ذكر الإمام الحافظ أبو القاسم فى تاريخ دمشق أنها كانت بالربوة. قال: ويقال: إن قبرها بالنيرب، ولم يصح، وذكر نسبها، وإنها من أولاد سليمان بن داود بينها وبينه أربعة وعشرون أبًا، ثم روى أقوال المفسرين فى قول الله تعالى: {وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ} [المؤمنون: 50] ، قالوا: أرض دمشق، واسم أم مريم حَنَّة، بفتح الحاء المهملة وتشديد النون. وعن مجاهد قال: لما قيل: {يَا مَرْيَمُ اقْنُتِى لِرَبِّكِ} [آل عمران: 43] ، كانت تقوم حتى تورم قدماها، وفى رواية: تصلى حتى ترم قدماها. قال الحافظ: وبلغنى أن مريم بقيت بعد رفع عيسى خمس سنين، وكان عمرها ثلاثًا وخمسين سنة. وعن أبى أمامة، قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "أعلمت أن الله زوجنى فى الجنة مريم ابنة عمران، وكليم أخت موسى، وآسية امرأة فرعون"، فقلت: هنيئًا لك يا رسول الله. وفى الصحيح: "ما من مولود يولد إلا ويمسه الشيطان، إلا عيسى وأمه". وفى الحديث الصحيح: "كمل من النساء أربع: مريم ابنة عمران ... " الحديث. وفى الصحيح: "خير نسائها مريم". 1189 - ميمونة بنت الحارث أم المؤمنين، رضى الله عنها: مذكورة فى مواضع من المختصر والمهذب، وفى نكاح الوسيط، وهى بنت الحارث ابن حزن الهلالية، تزوجها رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سنة ست من الهجرة، وقيل: سنة سبع، قيل: كان اسمها برة، فسماها رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ميمونة، قاله كريب، عن ابن عباس. رُوى لها عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ستة وأربعون حديثًا، ماتت بسرف، وهو بسين مهملة مفتوحة، ثم راء مكسورة، ثم فاء، وهو ماء بينه وبين مكة عشرة أميال، قاله ابن قتيبة وغيره. وقال صاحب المطالع: هو على ستة أميال من مكة، وقيل: سبعة، وقيل: تسعة، وقيل: اثنا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 355 عشر. قلت: وهو إلى جهة المدينة ودفنت هناك، وبنى بها النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هناك أيضًا. توفيت سنة إحدى وخمسين، قاله خليفة بن خياط وغيره، وهو الأظهر، وقيل: سنة اثنتين وخمسين، وقيل: سنة ثلاث وخمسين، وقيل: سنة ست وستين، وهذه الأقوال الثلاثة شاذة باطلة، وقد صرح الحافظ ابن عساكر بضعفها. وفى الحديث الصحيح ما يبطلها، فإن فى الصحيح أنها توفيت قبل عائشة، وصلى عليها عبد الله بن عباس، ودخل قبرها هو ويزيد بن الأصم، وعبد الله بن شداد بن الهاد، وهم أبناء أخواتها، وعبيد الله الخولانى، وكان يتيمًا فى حجرها. قيل: كانت ميمونة، رضى الله عنها، قبل أن يتزوجها رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عند أبى رهم، براء مهملة مضمومة، ثم هاء ساكنة، ثم ميم، ابن عبد العزى، وقيل: عند سخبرة بن أبى رهم، وقيل: عند حويطب بن عبد العزى، وقيل: عند فروة بن عبد العزى، حكاه ابن الأثير. قال ابن قتيبة فى المعارف: كانت أم ميمونة امرأة من جرش يقال لها: هند بنت عمرو، وهى مشتقة من اليمن، وهى البركة، والميمون المبارك. * * * حرف النون 1190 - نايلة بنت الفرافصة الكلبية: امرأة عثمان بن عفان، رضى الله عنه، مذكورة فى باب ما يحرم من النكاح من المهذب، وهى نايلة، بالياء المثناة من تحت بعد الألف، والفرافصة بفتح الفاء الأولى وكسر الثانية، وبالصاد المهملة، كذا ذكره الأمير أبو نصر بن ماكولا وغيره، ورأينا كثيرًا من الناس يغلطون فيه، ويضمون ألفاء الأولى. وحكى عن ابن الكلبى أنه قال: كل اسم فى العرب فرافصة فبضم الفاء الأولى، إلا نايلة بنت الفرافصة فبفتحها. وفى تاريخ دمشق: نايلة بنت الفرافصة بن الأحوص بن عمير زوج عثمان بن عفان، سمعت عثمان، روى عنها النعمان بن بشير وغيره، قدمت على معاوية بعد قتل عثمان فخطبها، فابت أن تنكحه، ولدت لعثمان أم خالد، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 356 وأروى، وأم أبان، وكانت أحظى نساء عثمان عنده فى وقتها، وتزوجها وهى نصرانية، وأسلمت عنده على يده. * * * حرف الهاء 1191 - هند امرأة أبى سفيان بن حرب: تكرر فيها فى نفقة الأقارب وغيره، وهى هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف القريشية العبشمية، فهى أم معاوية بن أبى سفيان، أسلمت فى الفتح بعد إسلام زوجها أبى سفيان بليلة وحسن إسلامها، وشهدت اليرموك مع زوجها أبى سفيان، توفيت فى أول خلافة عمر، رضى الله عنه، فى اليوم الذى مات فيه أبو قحافة والد أبى بكر الصديق، رضى الله عنهما. وروى الأزرقى وغيره أن هندًا هذه لما أسلمت جعلت تضرب صنمًا فى بيتها بالقدوم فلذة فلذة وتقول: كنا معك فى غرور. وفى تاريخ دمشق أن هندًا هذه قدمت على ابنها معاوية فى خلافة عمر بن الخطاب، رضى الله عنه. روى عنها ابنها معاوية، وعائشة. * * * النوع الثاني: فى الكنى حرف الألف 1192 - أم أيمن الصحابية، رضى الله عنها: مذكورة فى كتب الطهارة من الوسيط. هى حاضنة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، واسمها بركة، بفتح الباء الموحدة والراء، وكنيت بابنها أيمن، رضى الله عنه، وهو بفتح الهمزة والميم، وهى مولاة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وحاضنته، أعتقها وزوجها مولاه زيد بن حارثة، فولدت له أسامة بن زيد. روينا فى صحيح مسلم، عن الزهرى، رحمه الله، قال: كان من شأن أم أيمن أم أسامة ابن زيد أنها كانت وصيفة لعبد الله بن عبد المطلب، وكانت من الحبشة، فلما ولدت آمنة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعدما توفى أبوه كانت أم أيمن تحضنه حتى كبر رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأعتقها، ثم أنكحها زيد بن حارثة، ثم توفيت بعدما توفى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 357 بخمسة أشهر، هذا كلام الزهرى. وذكر الإمام ابن الأثير أم أيمن، فقال: أسلمت قديمًا فى أول الإسلام، وهاجرت إلى الحبشة وإلى المدينة، وبايعت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وهى التى شربت بول رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وقيل: أن التى شربته بركة جارية أم حبيبة، وإنما كنيت أم أيمن بابنها أيمن بن عبيد، تزوجها زيد بن حارثة بعد عبيد الحبشى، وكان رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: "أم أيمن أمى بعد أمى"، وكان يزورها فى بيتها. توفيت بعد رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بخمسة أشهر، وقيل: بستة أشهر، هذا كلام ابن الأثير. وقال محمد بن سعد كاتب الواقدى فى طبقاته: أم أيمن اسمها بركة. قال محمد بن عمر، يعنى الواقدى: شهدت أُحُدًا، وخيبر، وتوفيت فى خلافة عثمان بن عفان. قلت: هذا الذى قاله الواقدى من وفاتها شاذ منكر مردود، وإنما نذكر مثله ليعلم أنا قد اطلعنا عليه ونعتقد بطلانه مخافة من اغترار واقف عليه. استشهد أيمن، رضى الله عنه، يوم حنين، وقد روينا عن الشافعى إكفاره على من روى عن مجاهد، عن أيمن، عن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "لا يقطع السارق إلا فى ثمن المجن"، وكان ثمن المجن يومئذ دينارًا. قال الشافعى: قتل أيمن يوم حنين قبل مولد مجاهد. قال القاضى عياض فى شرح مسلم: أم أيمن اسمها بركة، وهى أم أسامة، كان أسامة أسود وأبوه زيد أبيض، ولم أر لأحد أن أم أيمن كانت سوداء إلا أحمد بن سعيد الصدفى، فذكر فى تاريخه عن عبد الرزاق، عن ابن سيرين أنها كانت سوداء، فعلى هذا خرج لون أسامة كلونها. قال: وقد نسبها الناس، فقالوا: هى أم أيمن بركة بنت محصن ابن ثعلبة بن عمرو بن حفص بن مالك بن سلمة بن عمرو بن النعمان. قال القاضى عياض: وقد ذكر مسلم فى كتاب الجهاد، عن ابن شهاب، أن أم أيمن كانت من الحبشة، وكذا ذكر الواقدى. قال: وذكر بعض المؤرخين أن أم أيمن هذه كانت من سبى جيش أبرهة صاحب الفيل لما انهزم أبرهة عن مكة، أخذها عبد المطلب من فل عسكره، وهذا يؤكد ما ذكره ابن سيرين، هذا آخر كلام القاضى عياض. * * * حرف الحاء 1193 - أم حبيبة أم المؤمنين، رضى الله عنها: تكررت فى المهذب، وفى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 358 الوسيط فى الحيض، اسمها رملة، وقيل: هند، والصحيح المشهور رملة، وبه قال الأكثرون، كنيت بابنتها حبيبة بنت عبيد الله بن جحش، وكانت من السابقين إلى الإسلام، وهى بنت أبى سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس ابن عبد مناف، هاجرت مع زوجها عبيد الله بن جحش إلى الحبشة، فتوفى عنها، فتزوجها رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهى هناك سنة ست من الهجرة. قال أبو عبيد، وخليفة: ويقال: سنة سبع. قال أبو عبيد القاسم بن سلام، والواقدى: توفيت سنة أربع وأربعين. وقال ابن أبى خيثمة: توفيت قبل وفاة معاوية بسنة، وتوفى معاوية فى رجب سنة ستين، وهذا غريب ضعيف، والله أعلم. قال الحافظ أبو القاسم فى تاريخ دمشق: قدمت دمشق زائرة أخاها معاوية. قال: وقيل: إن قبرها بها. قال: والصحيح أنها ماتت بالمدينة. قال ابن مندة: توفيت سنة اثنتين وأربعين، وقيل: سنة أربع وأربعين. قال: وكان النجاشى أمهرها من عنده عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وكان وليها عثمان بن عفان. وقال الكلاباذى أبو نصر: أمهرها النجاشى أربعة آلاف درهم، وبعثها إلى النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مع شرحبيل بن حسنة. وقال أبو نعيم الأصبهانى: أمهرها النجاشى أربعمائة دينار، وتولاها عثمان بن عفان، وقيل: خالد بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس. وقال غيره: كان التزويج سنة ست من الهجرة، وقيل: سنة سبع، وقدم بها إلى المدينة ولها بضع وثلاثون سنة، وكان الخاطب عمرو بن أمية الضمرى، وكان زوجها قبل النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عبيد الله بن جحش، تنصر بالحبشة ومات نصرانيًا، وهو أخو عبد الله بن جحش الصحابى الجليل، واستشهد يوم أُحُد. * * * حرف الدال 1194 - أم الدرداء: مذكورة فى باب صوم التطوع من المهذب، وهى بالمد، وهى زوجة أبى الدرداء، وهى صحابية، واعلم أن لأبى الدرداء زوجتين كل واحدة منهما كنيتها أم الدرداء، وهما كبرى وصغرى، فالكبرى صحابية، والصغرى تابعية، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 359 واسم الكبرى خيرة، بفتح الخاء المعجمة، وهى هذه المذكورة فى المهذب، واسم الصغرى هجيمة، بضم الهاء، وفتح الجيم، وبعدها ياء مثناة تحت ساكنة، ثم ميم، ويقال: جهيمة بنت حيى، وقل: حيى الأصابية، ويقال: الوصابية، والوصاب بطن من حمير. قال البخارى فى صحيحه فى أبواب صفة الصلاة: وكانت أم الدرداء، يعنى هذه، فقيهة. واتفقوا على وصفها بالفقه، والعقل، والفهم، والجلالة. توفى عنها أبو الدرداء بدمشق، فخطبها معاوية فلم تفعل، وهى أم بلال بن أبى الدرداء، وسمعت أبا الدرداء، وأبا هريرة، وعائشة، روى عنها خلائق من كبار التابعين. روى لها مسلم فى صحيحه. قال الحميدى فى آخر الجمع بين الصحيحين: قال أبو بكر البرقانى: أم الدرداء الصغرى هى التى روت فى الصحيح، وأما أم الدرداء الكبرى الصحابية فليس لها فى الصحيحين حديث. وفى تاريخ دمشق فى ترجمة أم الدرداء الكبرى الصحابية، قال: اسمها خيرة بنت أبى حدرد، واسم أبى حدرد سلامة بن عمير، وهى أخت عبد الله بن أبى حدرد، وهى أسلمية، ويقال: كنيتها أم محمد، توفيت أم الدرداء فى حياة أبى الدرداء، وفى التاريخ فى ترجمة أم الدرداء الصغرى هجيمة أنها روت عن أبى الدرداء، وأبى هريرة، وعائشة، وكانت زاهدة فقيهة. وفى تاريخ دمشق أن أم الدرداء الصغرى، قالت لأبى الدرداء عند الموت: إنك خطبتنى إلى أبوى فى الدنيا فأنكحوك، وأنا أخطبك إلى نفسك فى الآخرة. قال: فلا تنكحى بعدى، فخطبها معاوية بن أبى سفيان، فأخبرته بالذى كان، فقال: عليك بالصوم. وفى رواية: أن معاوية خطبها بعد وفاة أبى الدرداء، فقالت: قال أبو الدرداء: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "المرأة لزوجها الأخير"، فلست بمتزوجة بعد أبى الدرداء زوجًا حتى أتزوجه فى الجنة. وفى رواية: خطبها معاوية، فقالت: لا والله لا أتزوج زوجًا فى الدنيا حتى أتزوج أبا الدرداء إن شاء الله تعالى فى الجنة. وفى رواية: لست أريد بأبى الدرداء بدلاً. وعن عوف بن عبد الله، قال: جلسنا إلى أم الدرداء، فقلنا لها: أمللناك، فقالت: لقد طلبت العبادة فى كل شىء، فما أصبت لنفسى شيئًا أشفى من مجالسة العلماء ومذاكرتهم، ثم اختبئت وأمرت رجلاً يقرأ فقرأ، ولقد وصلنا لهم القول. وعنها قالت: أفضل العلم المعرفة. وعن عبد ربه بن سليمان بن عمر، قال: كتبت لى أم الدرداء فى لوحى فيما تعلمنى: تعلموا الحكمة صغارًا تعلمونها كبارًا، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 360 وإن كان زراع حاصد ما زرع من خير أو شر. وعن ميمون، قال: ما دخلت على أن الدرداء فى ساعة الصلاة إلا وجدتها تصلى. وعنها عفا الله عنها، قالت: {وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ} [العنكبوت: 45] ، وإن صليت فهو من ذكر الله عز وجل، وإن صمت فهو من ذكر الله عز وجل، وكل خير تعمله فهو من ذكر الله عز وجل، وكل شر تجتنبه فهو من ذكر الله عز وجل، وأفضل ذلك تسبيح الله عز وجل. وأتاها رجل، فقال: قد نال منك رجل عند عبد الملك، فقالت: أن نؤمن بما فينا فطال ما زكينا بما ليس فينا. وقالت لرجل يصحبهم فى السفر: ما يمنعك أن تقرأ وتذكر الله عز وجل كما يصنع أصحابك؟ قال: ما معى من القرآن إلا سورة، وقد رددتها حتى أدبرتها، فقالت: وإن القرآن ليدبر؟ ما أنا بالتى أصحبك إن شئت أن تقوم، وإن شئت تتأخر، فضرب دابته وانطلق. رويته بإسنادى فى كتاب الزهد. وروينا فى المستصفى عن سعيد بن عبد العزيز، قال: كانت أم الدرداء هجيمة تقيم ببيت المقدس وبدمشق ستة أشهر. * * * حرف الراء 1195 - أم رومان: امرأة ارتدت، فى أول ردة المهذب. * * * حرف السين 1196 - أم سلمة أم المؤمنين، رضى الله عنها: تكررت فيها اسمها هند، هذا هو الصحيح المشهور. قال ابن الأثير: وقيل: اسمها رملة. قال: وليس بشىء، كنيت بابنها سلمة بن أبى سلمة، وهى هند بنت أبى أمية، واسمه حذيفة، ويقال: سهيل، ويقال: هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم المخزومية، وأمها عاتكة بنت عامر بن ربيعة، كانت قبل رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عند أبى سلمة عبد الله بن عبد الأسد. قال ابن سعد: هاجر بها أبو سلمة إلى أرض الحبشة فى الهجرتين جميعًا، فولدت له هناك زينب بنت أبى سلمة، وولدت له بعد ذلك سلمة، وعمر، ودرة بنى أبى سلمة. وروى ابن سعد، عن عمر بن أبى سلمة، قال: خرج أبى إلى أُحُد، فرماه أبو أسامة الجشمى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 361 فى عضده بسهم، فمكث شهرًا يداوى جرحه، ثم برأ الجرح، وبعثه رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى أبى قطن فى المحرم على رأس خمسة وثلاثين شهرًا، فغاب تسعًا وعشرين ليلة، ثم رجع فدخل المدينة لثمان خلون من صفر سنة أربع، والجرح منتقض، فمات منه لثمان خلون من شهر جمادى الآخرة سنة أربع من الهجرة، فاعتدت أمى وحلت لعشر ليال بقين من شوال سنة أربع، وتزوجها رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فى ليال بقين من شوال سنة أربع، وتوفيت فى ذى القعدة سنة تسع وخمسين. وروى عن غير عمر أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تزوجها فى شوال، وجمعها إليه فى شوال، وكذا قاله خليفة بن خياط وغيره: تزوجها فى شوال سنة أربع. وروينا فى تاريخ دمشق، عن ابن المسيب، أن أم سلمة كانت من أجمل الناس، وعن المطلب بن عبد الله بن حنطب، قال: دخلت أيم العرب على سيد المرسلين أول العشاء عروسًا، وقامت من آخر الليل تطحن، يعنى أم سلمة، رضى الله عنها، وذكر أن أبا هريرة صلى عليها بالبقيع، وأن ابنها عمر، قال: نزلت فى قبر أم سلمة أنا وأخى سلمة، وعبد الله بن عبد الله بن أبى أمية، وعبد الله بن وهب بن زمعة الأسدى، وكان لها يومئذ أربع وثمانون سنة، وهى آخر أمهات المؤمنين وفاة. وهذا الذى ذكره ابن سعد من أنها ماتت سنة تسع وخمسين وصلى عليها أبو هريرة هو الصحيح، وقيل: صلى عليها سعيد بن زيد أحد العشرة، حكاه صاحب الكمال، وابن الأثير، وهذا مشكل، فإن سعيد بن زيد، رضى الله عنه، مات سنة إحدى وخمسين، وأم سلمة ماتت سنة تسع وخمسين كما تقدم، بل ذكر أحمد بن أبى خيثمة أنها توفيت فى ولاية يزيد بن معاوية، وولى يزيد فى رجب سنة ستين، ومات فى شهر ربيع الأول سنة أربع وستين، واتفقوا على أن أم سلمة دفنت بالبقيع. وفى تاريخ دمشق أنها توفيت فى شوال سنة تسع وخمسين، وفى رواية سنة إحدى وستين حين جاء نعى الحسين. قال ابن عساكر: هذا هو الصحيح. وقال ابن الأثير: قيل: توفيت أم سلمة فى شهر رمضان أو شوال سنة تسع وخمسين، قال: وكانت هى وزوجها أول مَن هاجر إلى الحبشة. 1197 - أم سليمان الصحابية، رضى الله عنها: مذكورة فى المهذب فى جمرة العقبة، قالت: رأيت النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يرمى الجمرة من بطن الوادى وهو راكب، هكذا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 362 صوابها: أم سليمان، ووقع فى نسخ المهذب: أم سليم، وهو غلط بلا شك، وسنوضحه فى نوع الأوهام إن شاء الله تعالى، وكنيتها الأصلية أم جندب، إنما وصفت بابنها سليمان بن عمرو بن الأحوص. 1198 - أم سليم: مذكورة فى باب الغسل من المهذب والوسيط، اختلف فى اسمها، فقيل: سهلة، وقيل: رملة، وقيل: أنيسة، وقيل: رميثة، وقيل: الرميصاء، وهى بنت ملحان، بكسر الميم، وقيل: بفتحها، وهى أم أنس بن مالك خادم رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لا خلاف فى هذا بين أهل العلم، وذلك من المشهور المعروف فى الصحيحين، وكتب الأسماء والتواريخ وغيرها. وقال الغزالى فى الوسيط: هى جدة أنس، وكذلك قاله شيخه، والصيدلانى، ومحمد بن يحيى، وصاحب البحر، وهو غلط بالاتفاق، وسيأتى فى نوع الأوهام إن شاء الله تعالى. وكانت أم سليم هذه هى وأختها خالتين لرسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من جهة الرضاع، وكانت من فاضلات الصحابيات، وكانت تحت أبى طلحة. أخبرنا الشيخ شمس الدين، قال: أنا السلمى، والزبيدى، قال: أنا أبو الوقت، قال: أنا الدراوردى، قال: أنا المحمودى، قال: أنا الفربرى، قال: أنا البخارى، قال: أنا حجاج ابن منهال، قال: أنا عبد العزيز بن الماجشون، قال: أنا محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله، رضى الله عنهما، قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "رأيتنى دخلت الجنة، فإذا أنا بالرميصاء امرأة أبى طلحة، وسمعت خشفة فقلت: من هذا؟ فقال: هذا بلال، ورأيت قصرًا بفنائه جارية، فقلت: لمن هذا؟ فقالوا: لعمر بن الخطاب، فأردت أن أدخله، فذكرت غيرتك"، فبكى عمر، وقال: بأبى وأمى يا رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أعليك أغار. هذا حديث صحيح، رواه البخارى ومسلم فى صحيحيهما نفيس يشتمل على فوائد منها عدة مناقب لعمر، ومنقبة لبلال، ومنقبة لأم سليم الرميصاء، ومنها أن الجنة مخلوقة، وهذا لفظه فى صحيح البخارى، ورويناه فى قصة أم سليم فى صحيح مسلم أيضًا من رواية أنس بن مالك، عن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فى كتاب الفضائل. 1199 - أم سليم: المذكورة فى فصل رمى جمرة العقبة من المهذب، كذا وقع فى النسخ: أم سليم، وصوابه: أم سليمان، بزيادة ألف ونون كما تقدم، عرفت بابنها الجزء: 2 ¦ الصفحة: 363 سليمان بن عمرو بن الأحوص، وكنيتها الحقيقة أم جندب، وهى أزدية صحابية مشهورة، رضى الله عنها، وسنزيد بيانها فى فصل الأوهام، إن شاء الله تعالى. * * * حرف العين 1200 - أم عطية الصحابية، رضى الله عنها: مذكورة فى المهذب فى باب الحيض، وباب الغسل، ومواضع من كتاب الجنائز، وباب الإحداد، وهى من فاضلات الصحابيات والغازيات منهن مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وكانت تغسل الميتات، وهى التى غسلت بنت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، واسمها نسية، بنون ثم سين مهملة، ثم منهم من ضم النون وفتح السين، ومنهم من فتح النون وكسر السين، فممن ذكر هذا الخلاف فى النون والسين منها الإمام الحافظ أبو بكر الخطيب فى كتابه الأسماء المبهمة، فنقل فى حرف النون منه عن على بن المدينى، أن عبد العزيز بن المختار قالها بضم النون، وأن يزيد بن زريع قالها بفتح النون، ونقل الخلاف فيها جماعة من المتأخرين كالحافظ أبى القاسم بن عساكر، والحافظ عبد الغنى المقدسى، وغيرهما. وخالفهما ابن ماكولا وجماعة، فقالوا: نسيبة بالضم، هى أم عطية، وأما بالفتح فهى أم عمارة، ثم قيل فى أم عطية أنها بنت كعب، وقيل: بنت الحارث، فأحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وابن مندة، وأبو نعيم وجماعة يقولون: بنت كعب، وقال ابن عبد البر وجماعة: هى بنت الحارث. رُوى لها عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أربعون حديثًا، اتفق البخارى ومسلم على ستة، وانفرد كل واحد منهما بحديث واحد. * * * حرف الغين 1201 - أم غُراب: بضم الغين، سمى باسم الغراب الطائر المعروف، مذكورة فى آخر باب عقد الذمة من المهذب، هى تابعية. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 364 * * * حرف الفاء 1202 - أم الفضل بنت الحارث الصحابية: مذكورة فى المهذب فى أول صوم التطوع فى أوائل الرضاع، هى زوجة العباس، واسمها لبابة بنت الحارث، سبق بيانها فى الأسماء فى ترجمة لبابة. * * * حرف الكاف 1203 - أم كرز الصحابية، رضى الله عنها: مذكورة فى باب العقيقة من المختصر والمهذب، وفى أوائل الأضحية من المهذب، وهى بكاف مضمومة، ثم راء ساكنة، ثم زاى، هى خزاعية مكية، وحديثها فى العقيقة حديث صحيح، رواه أبو داود، والترمذى، والنسائى، وابن ماجة، وغيرهم. قال الترمذى: حديث حسن صحيح. 1204 - أم كلثوم بنت على بن أبى طالب، رضى الله عنه وعنها: مذكورة فى صلاة الميت من المهذب، هى بضم الكاف، وهى بنت فاطمة، رضى الله عنها، بنت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ولدت فى حياة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، تزوجها عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، فولدت له زيدًا، ورقية، وتوفيت أم كلثوم هى وابنها زيد بن عمر فى يوم واحد، وقد تقدم بيان ذلك فى ترجمة زيد. 1205 - أم كلثوم بنت عقبة بن أبى معيط: مذكورة فى باب عقد الهدنة من المختصر والمهذب، هى بضم الكاف، واسم أبى معيط أبان بن أبى عمرو ذكوان بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، اسلمت أم كلثوم، رضى الله عنها، وهاجرت وبايعت النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وكانت هجرتها سنة سبع من الهجرة، وأم كلثوم هذه مذكورة أيضًا فى المهذب فى قسم الصدقات فى مسألة سقوط نصيب العامل إذا فرق المال بنفسه، وهى أخت عثمان بن عفان، رضى الله عنه. ولما هاجرت تزوجها زيد بن حارثة، فاستشهد يوم مؤتة، ثم تزوجها الزبير بن العوام، ثم طلقها، ثم تزوجها الجزء: 2 ¦ الصفحة: 365 عبد الرحمن بن عوف فمات عنها، ثم تزوجها عمرو بن العاص، رضى الله عنه، فماتت عنده، قيل: أقامت عنده شهرًا ثم ماتت. قال الحاكم أبو أحمد فى كتابه الأسماء والكنى: هى أول مهاجرة من مكة إلى المدينة، وهى أم حميد بن عبد الرحمن بن عوف التابعى المشهور. 1206 - أم كلثوم بنت عبد الرحمن: مذكورة فى المختصر فى الهبة فى باب عطية الرجل ولده. 1207 - أم كلثوم: مولاة أسماء. مذكورة فى المهذب فى صوم التطوع فى مسألة صوم الدهر. * * * حرف الميم 1208 - أم معبد: التى نزل النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فى هجرته عند خيمتها، اسمها عاتكة بنت خالد، أسلمت، رضى الله عنها، روينا هذا كله فى تاريخ دمشق. * * * حرف الهاء 1209 - أم هانىء بنت أبى طالب، رضى الله عنها: أخت على، رضى الله عنه، لأبويها. مذكورة فى باب صلاة التطوع من المهذب، وفى فصل الأمان من باب السير منه، وهانىء بهمزة فى آخره لا خلاف فيه بين أهل اللغة والأسماء، وكلهم مصرحون به، واسم أم هانىء فاختة، هذا هو المشهور، وقيل: اسمها هند، قاله الإمامان الشافعى، وأحمد بن حنبل، وغيرهما، وقيل: فاطمة، حكاه ابن الأثير. أسلمت عام الفتح، وكانت تحت هبيرة بن عمرو، فولدت له عمرًا، وهانئًا، ويوسف، وجعدة. روى لها عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ستة وأربعون حديثًا. * * * حرف الياء 1210 - أم يحيى بنت أبى إهاب: مذكورة فى المهذب فى آخر باب عدد الشهود، وإهاب بكسر الهمزة، وهو أبو إهاب ابن عزيز، بفتح العين المهملة، وبزاى مكررة، وحديثها فى صحيح البخارى وغيره. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 366 * * * النوع الثالث: فى الأنساب والألقاب حرف الغين 1211 - الغامدية: التى أقرت على نفسها بالزنا، رضى الله عنها، تكررت فى المهذب، قيل: اسمها سبيعة، وقيل: أبية، حكاهما الخطيب. * * * النوع الرابع: ما قيل فيه: بمن فلان، أو أمه، أو أخته، أو عمته، أو خالته 1212 - بنت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: التى توفيت، فأمرهن بغسلها ثلاثًا أو خمسًا أو سبعًا، ويبدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها، مذكورة فى الجنائز من المهذب، وحديثها هذا فى الصحيحين، اسمها زينب، رضى الله عنها، هذا هو الصحيح المشهور، والله أعلم. 1213 - ابنة حمزة بن عبد المطلب، رضى الله عنها: التى اختصموا فى حضانتها، مذكورة فى الحضانة من المهذب، اسمها فاطمة، وقيل: اسمها عمارة، وقيل: أمامة. 1214 - بنت كعب بن عجرة، رضى الله عنه وعنها: مذكورة فى المهذب، اسمها زينب. 1215 - بنت عبد الرحمن بن أبى بكر الصديق: فى المختصر فى النكاح. هى [ ...... ] (1) . 1216 - قوله فى أول الوصية من المهذب فى حديث سعد بن أبى وقاص، رضى الله عنه، قال: قلت: يا رسول الله، لى مال كثير، وليس يرثنى إلا ابنتى. اسم هذه البنت عائشة، ولم يكن لسعد ذلك الوقت إلا هذه البنت، ثم عوفى من ذلك المرض،   (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 367 وجاءه بعد ذلك أولاد كثيرون معروفون، تقدم بيانهم فى ترجمته، ويأتى فى حرف الواو من اللغات فى فصل ورث. 1217 - قوله فى قسم الخمس من المهذب أن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أسهم لأم الزبير، اسمها صفية بنت عبد المطلب، وهى عمة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. 1218 - ذكر فى الصداق من المهذب قوله تعالى حكاية عن شعيب، عليه السلام: {إِنِّى أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَىَّ} [القصص: 27] ، اختلف فى اسمهما، فقيل: إحداهما صفوراء، والأخرى لياء، قاله الشعبى وغيره. وقال ابن إسحاق: إحداهما صفوراء، والأخرى شرهاء، وقيل: شرقاء، وقيل: الكبرى صفوراء، والصغرى صفيراء، وقيل: التى تزوجها موسى، عليه السلام، اسمها صفوراء، وهى التى جاءته تمشى على استحياء، وقالت لأبيها: استأجره. وروينا فى حلية الأولياء: إن التى تزوجها موسى، عليه السلام، اسمها صفراء، كذا هو فى الأصول المحققة صفراء. 1219 - قوله فى النكاح من المهذب أن ابن عمر، رضى الله عنهما، تزوج بنت خالة عثمان بن مظعون، رضى الله عنه، فذهبت أختها إلى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وقالت: بنتى تكره ذلك، هذه الأم اسمها خولة بنت حكيم بن أمية، وهى التى وهبت نفسها للنبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وأما البنت المزوجة فاسمها زينب. 1220 - أم النعمان بن بشير، رضى الله عنهم: مذكورة فى أوائل باب الهبة من المهذب، اسمها عمرة بنت رواحة، وهى أخت عبد الله بن رواحة. 1221 - أم سعد بن عبادة: مذكورة فى المهذب فى الصلاة على الميت بعد دفنه، قيل: إنها عمرة بنت مسعود بن قيس. 1222 - أم عائشة أم المؤمنين، رضى الله عنها: مذكورة فى أول نكاح الوسيط فى الخصائص، وفى المهذب فى أول كتاب الطلاق، وفى تخيير الزوجة، سبق بيانها فى ترجمة بنتها عائشة. 1223 - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 368 أخت عمر بن الخطاب، رضى الله عنه وعنها: التى سمعها تقرأ طه، مذكورة فى آخر باب عقد الذمة من المهذب، اسمها فاطمة. 1224 - أختا عائشة: اللتان أرادهما أبو بكر الصديق، رضى الله عنه، بقوله لعائشة: إنما هما أخواك وأختاك، قالت: هذان أخواى، فمن أختاى؟ فقال: ذو بطن بنت خارجة، فإنى أظنها جارية. ذكر هذه القصة فى باب الهبة من المهذب، وقد تقدم بيانهما فى أسماء الرجال فى النوع الرابع فى الأخوة، وهاتان الأختان هما أسماء بنت أبى بكر، وأم كلثوم، وهى التى كانت حملاً، وقد تقدم هناك إيضاح القصة، وأم كلثوم هذه تزوجها عمر بن الخطاب، رضى الله عنه. 1225 - أخت عقبة بن عامر: مذكورة فى آخر نذر المهذب، اسمها [ ...... ] (1) . 1226 - خالة جابر: المعتدة، مذكورة فى آخر باب مقام المعتدة من المهذب. * * * النوع السادس: ما قيل فيه: زوجة فلان 1227 - زوجة حبان بن منقذ: التى قضى عثمان وعلى وزيد، رضى الله عنهم، أنها لا تنقضى عدتها إلا بالحيض، مذكورة فى أول كتاب العدد من الوسيط، هى أنصارية لم أر اسمها، وقد يظن أنها زينب الصغرى بنت ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم الهاشمية، فإنها كانت زوجته كما تقدم فى ترجمة حبان، وهذا الظن خطأ، بل هى أنصارية كما ذكرنا، وقد روى حديثها مالك بن أنس فى الموطأ، والبيهقى وغيرها، وقالوا فيه: كانت تحت حبان امرأتان هاشمية وأنصارية، فطلق الأنصارية وهى ترضع، فمرت بها سنة، ثم هلك عنها ولم تحض، فقضى لها عثمان بالميراث، هذا لفظ الموطأ، فظاهر عبارة الغزالى أنها كانت ممن انقطع حيضها بغير عارض، وذلك خطأ كما ذكرناه. 1228 - امرأة حكيم بن حزام، وأبى سفيان بن حرب، وصفوان بن   (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 369 أبى أمية، وعكرمة بن أبى جهل: مذكورات فى المختصر فى نكاح المشرك، اسم امرأة أبى سفيان هند، سبق فى ترجمتها. 1229 - امرأة رفاعة القرظى: التى تزوجها عبد الرحمن بن الزبير، بفتح الزاى، اختلف فى اسمها، فقيل سهيمة، وقيل: عائشة، وقيل: تميمة، حكى الأقوال الثلاثة ابن الأثير فى مواضع من كتابه، وذكرها فى حرف التاء: تميمة بنت وهب بن عبيد القرظية مطلقة رفاعة القرظى، وقال فيها: القلعى: تميمة، بضم التاء، بنت وهب الفزارى. وذكرها أبى بكر الخطيب البغدادى فى الأسماء المبهمة، فقال: هى تميمة، وقيل: سهمية بنت وهب بن عبيد، وذكر غيرهم أنه يقال فيها: تميمة، بفتح التاء، وتميمة بضم التاء. 1230 - امرأة ابن مسعود: مذكورة فى المختصر فى صدقة التطوع، هى زينب الثقفية، تقدم بيانها فى ترجمتها. 1231 - زوجة عقيل بن أبى طالب، رضى الله عنه: التى وقع بينه وبينها الشقاق، فبعث عثمان، رضى الله عنه، الحكمين لسببهما ذكرها فى المهذب فى باب النشوز اسمها فاطمة بنت عقبة كذلك، رواه الشافعى، رحمه الله. 1232 - امرأة أبى حذيفة الصحابى والصحابية، رضى الله عنهما: مذكورة فى الرضاع من المختصر، اسمها سهلة بنت سهيل، سبق إيضاحها فى ترجمتها فى حرف السين. * * * النوع السابع: المبهمات كامرأة 1233 - المرأة اليهودية التى أهدت لرسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الشاة المسمومة: اسمها زينب بنت الحارث أخت مرحب اليهودى، روينا ذلك فى مغازى ابن عقبة، وفى دلائل النبوة تصنيف البيهقى، رحمه الله. 1234 - المرأتان اللتان ضربت إحداهما الأخرى فقتلتها وقتلت جنينها: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 370 وهما مذكورتان فى باب دية الجنين من المهذب والوسيط إحداهما مليكة، والأخرى أم غطيف، بضم الغين المعجمة، وفتح الطاء المهملة، كذلك روينا تسميتها فى كتاب النسائى عن ابن عباس، رضى الله عنهما، وذكر بعض العلماء أن المقتولة اسمها مليكة بنت عويمر، والقاتلة أم غفيف بن مسروح، وكذا قال: غفيف بالفاء، وقيل غير ذلك، وقد أوضحته فى أول كتاب الإشارات فى الأسماء المبهمات. 1235 - قوله فى نكاح المهذب: تزوج ابن عمر، رضى الله عنهما، بنت خالة عثمان بن مظعون، فقالت أمها: أن ابنتى تكره ذلك، اسم البنت زوينب، والأم خولة بنت حكيم بن أمية. 1236 - قوله فى أول الصداق من المهذب: أن امرأة قالت: قد وهبت لك نفسى يا رسول الله، اسمها خولة بنت حكيم بن أمية، وقيل: أم شريك، وهو الأشهر، وقول الأكثرين. وقال ابن سعد: اسمها غزية بنت جابر بن حكيم. 1237 - امرأة لوط، عليه السلام: مذكورة فى باب عدد الطلاق من المهذب، وفى باب الإقرار، قيل: اسمها واهلة. 1238 - امرأة أيوب، عليه السلام، ورضى الله عنها: اسمها رحمة. 1239 - قوله فى باب استيفاء القصاص من المهذب: أن امرأة من جهينة أتت النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وقالت أنها زنت وهى حبلى، اسمها سبيعة. 1240 - قوله فى كتاب السير من المهذب: أن ظعينة كان معها كتاب من حاطب ابن أبى بلتعة، رضى الله عنه، اسمها سارة، وقيل: أم سارة. 1241 - ذكر فى كتاب عقد الهدنة من المهذب قول الله تعالى: {وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ} [المسد: 4] ، هذه المرأة يقال لها: أم جميل بنت حرب بن أمية، أخت أبى سفيان صخر بن حرب، وقرىء فى السبع: حمالة بالرفع والنصب، وقد تقدم بيانها فى حرف الحاء من اللغات. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 371 1242 - المرأة التى زنى بها ماعز، رضى الله عنه، قيل: اسمها فاطمة، وقيل: منيرة، وهى أمة الهزال، رضى الله عنه. 1243 - الشاعر الذى أنشد له فى باب القذف من المهذب: وارق إلى الخيرات هى امرأة من العرب كانت ترقص ابنها وتنشد هذا، وقيل غير ذلك، وقد قدمت بيانه فى المبهمات من أسماء الرجال. 1244 - المرأة التى تزوجها النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فرأى بكشحها بياضًا، فقال: “الحقى بأهلك”، اسمها العالية بنت ظبيان، قاله ابن باطيش. 1245 - المرأة السوداء التى شهدت عند النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنها أرضعت مذكورة فى الرضاع من المهذب. 1246 - المرأة المستعيذة التى فارقها رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وقال لها: “الحقى بأهلك”، مذكورة فى أول نكاح الوسيط، اختلف فى اسمها، والأصح أن اسمها أميمة، وروينا فى آخر كتاب دلائل النبوة للإمام البيهقى عنه، قال: روينا فى حديث أبى أسيد الساعدى فى قصة الجونية التى استعاذت فألحقها بأهلها: أن اسمها أميمة بنت النعمان ابن شراحيل. قال: وذكر ابن مندة فى كتابه المعرفة أنها أميمة بنت النعمان، وأنه يقال: إنها فاطمة بنت الضحاك، ويقال: إنها مليكة الليثية، قال: والصحيح أنها أميمة، والله أعلم. قلت: وقيل: اسمها عمرة. قال الخطيب فى الأسماء المبهمة: اسمها أسماء. قال هشام بن محمد الكلبى: اسمها أسماء بنت النعمان بن الحارث بن شراحيل بن عبيد بن الجون. قوله فى الوسيط: فعلمها نساؤه كلمة، هذا باطل ليس بصحيح، وقد رواه محمد ابن سعد فى طبقاته بهذه الزيادة وإسناده ضعيف. 1247 - المرأة السائلة عن غسل الحيض، فقال: “خذى فرصة”، مذكورة فى المهذب، هى أسماء بنت يزيد، وقيل غير ذلك، ينقل من المبهمات وعلوم الحديث. 1248 - قوله فى الباب الثانى من كتاب الحيض من الوسيط، لقوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 372 لبعض المستحاضات: “تحيضى فى علم الله”، هذه المستحاضة هى حمنة بنت جحش، رضى الله عنها، وقد تقدم بيانها فى ترجمتها. 1249 - المرأة التى طلقها ابن عمر، رضى الله عنهما، وهى حائض، اسمها أمية بنت غفار، قاله ابن باطيش. 1250 - المرأة الغامدية التى زنت، اسمها سبيعة، وقيل: أبية، ذكرهما الخطيب. 1251 - المرأة التى رآها عمر بن أبى ربيعة مقتولة، وأنشد الشعر بسببها، مذكورة فى كتاب السير من المهذب، اسمها عمرة بنت النعمان بن بشير، وهى امرأة المختار حكاه ابن باطيش. 1252 - الجارية السوداء التى زنت فرفعت إلى عمر، رضى الله عنه، فقال: عروس بدرهمين، مذكورة فى أول حد الزنا من المهذب، هى أمة عجمية نوبية، أعتقها حاطب، كانت قد أسلمت وصلت وصامت وهى بنت، كذا ذكرها الخطيب البغدادى بإسناده فى آخر كتاب الفقيه والمتفقه فى فصل مشاورة المفتى أصحابه، وذكر فى روايته أن عمر، رضى الله عنه، جلدها مائة وغربها عامًا وظاهر حكاية صاحب المهذب أنه لم يجلدها. 1253 - الجارية التى غربها رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، مذكورة فى المختصر فى باب ما يقع من الطلاق، وهى مارية. 1254 - المسكينة التى توفيت ليلاً، فصلى عليها النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، يقال لها: أم محجن، مذكورة فى المهذب فى الصلاة على الميت فى قبره. 1255 - المرأة التى ارتضع النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وحمزة، رضى الله عنه، منها أشار إليها فى أول الرضاع من المهذب، اسمها ثويبة، بثاء مثلثة مضمومة، وقبل الهاء باء موحدة، وكانت مولاة لأبى لهب عم النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ارتضع منها قبل حليمة السعدية، وقبل قدوم حليمة، وقد تقدم بيانه فى ترجمته - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. 1256 - الظعينة التى ذهب إليها على، والزبير، والمقداد، رضى الله عنهم، إلى روضة خاخ، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 373 مذكورة فى كتاب السير من المهذب. قال الخطيب البغدادى: يقال لها: أم سارة، مولاة لعمران بن حنفى القريشى. 1257 - العجوز، فى حديث أنس، قمنا وراءه والعجوز من ورائنا، هى أم سليم. 1258 - امرأة أيوب النبى، عليه السلام: مذكورة فى باب جامع الإيمان من المهذب، قال فى تاريخ دمشق: هى رحمة بنت إفرائيم بن يوسف بن يعقوب بن إسحاق ابن إبراهيم الخليل، عليه السلام، ويقال: اسمها ليا بنت ميشا بن يوسف بن يعقوب بن إسحاق، ويقال لها: بنت يعقوب بن إسحاق، ويقال: رحمة بنت ميشة بن يوسف بن يعقوب، وكانت زوج أيوب، عليه السلام، بأرض الشام. 1259 - الحائض التى قال لها النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "اصنعى ما يصنع الحاج، غير أن لا تطوفى"، مذكورة فى المختصر، هى عائشة، رضى الله عنها، حديثها هذا فى الصحيحين. 1260 - مرضعة إبراهيم ابن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، هى أم سيف، ويقال لها أيضًا: أم بردة، واسمها خولة بنت المنذر الأنصارية، ذكرها القاضى عياض. * * * النوع الثامن: فى الأوهام وشبهها 1261 - قوله فى أول المهذب: لما رأى أن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال لأسماء بنت أبى بكر فى دم الحيض تصيب الثوب: "حتيه ... " الحديث، هكذا رواه فى المهذب، وكذا روى فى رواية ضعيفة، رواه الشافعى فى الأم، والصحيح المشهور الذى رواه البخارى ومسلم فى صحيحيهما وغيرهما من المحققين من المحدثين وغيرهما لما روت أسماء أن امرأة سألت النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن ذلك، وقد بينت ذلك فى المجموع من شرح المهذب. 1262 - قوله فى الغسل من الوسيط: روى أن أم سليم جدة أنس بن مالك، قالت: يا رسول الله، هل على إحدانا من غسل إذا احتلمت؟ هكذا وقع فى الوسيط أم سليم جدة أنس، وكذا ذكره الصيدلانى، ثم إمام الحرمين، ثم القاضى الرويانى صاحب البحر، ثم محمد بن يحيى تلميذ الغزالى، وهو غلط بلا شك، فإن أم سليم هى أم أنس لا جدته، لا خلاف فى ذلك بين أهل العلم بهذا الفن، وقد تقدم بيانه فى الكنى، والله أعلم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 374 1263 - قوله فى أول الجنائز من المهذب لما روت أم سلمى أم ولد رافع، كذا وقع وهو غلط، والصواب أم رافع أو أم ولد أبى رافع، وقد تقدم بيانه فى ترجمة أبى سلمى. 1264 - قوله فى أول الخلع من المهذب: روى أن جميلة بنت سهل كانت تحت ثابت بن قيس، كذا وقع فى المهذب: جميلة، والصحيح أنها حبيبة بنت سهل بن ثعلبة الأنصارية، كذا ثبت اسمها فى رواية الحفاظ، وكذا ذكرها مالك فى الموطأ، والشافعى فى المختصر وغيره، وأبو داود، والنسائى، والبيهقى، وغيرهم، وقد روى جميلة بنت أُبىّ. قال أبو عمر بن عبد البر: يجوز أن تكون جميلة وحبيبة اختلعتا من ثابت بن قيس، قال: وأهل البصرة يقولون: المختلعة من ثابت جميلة بنت أُبىّ، وأهل المدينة يقولون: حبيبة بنت سهل، وكيف كان فقول المصنف: جميلة بنت سهل، غلط. قال محمد بن سهل فى الطبقات: جميلة بنت عبد الله بن أُبىّ بن مالك بن الحارث بن عبيد بن مالك بن سالم بن غنم بن عوف، أمها خولة بنت المنذر بن حرام بن عمرو بن زيد مناة بن عدى بن عمرو بن مالك بن النجار، تزوج جميلة حنظلة بن أبى عامر الراهب، فقُتل عنها يوم أُحُد شهيدًا، وولدت عبد الله بن حنظلة بعده، ثم خلف عليها ثابت بن قيس بن شماس، ثم تزوجها مالك بن الدخشم، ثم خلف عليها حبيب بن سباق، فأسلمت جميلة وبايعت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وأخو جميلة عبد الله بن أُبىّ لأبيها وأمها، شهد بدرًا، وقتل ابناها عبد الله بن حنظلة، ومحمد بن ثابت بن قيس يوم الحرة، وحنظلة بن الراهب هو غسيل الملائكة. ثم ذكر ابن سعد ترجمة لحبيبة بنت سهل، فقال: حبيبة بنت سهل بن ثعلبة بن الحارث بن زيد بن ثعلبة بن غنم بن مالك بن النجار، وأمها عمرة بنت مسعود بن قيس ابن عمرو بن زيد مناة من بنى مالك بن النجار، تزوج حبيبة ثابت بن قيس بن شماس، وأسلمت حبيبة معه، وبايعت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فخالعها ثم تزوجها أُبىّ بن كعب، وكان رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هم أن يتزوجها، فكره ذلك لغيرة الأنصار. وقال الخطيب البغدادى فى كتابه الأسماء المبهمة، وقد ذكرته فيما اختصرته من كتابه فى ترجمة ابن عباس، قال الجزء: 2 ¦ الصفحة: 375 الخطيب: هذه المختلعة حبيبة بنت سهل، وقيل: جميلة بنت عبد الله بن أُبىّ بن سلول. قلت: هكذا رأيته فى نسخ كتاب الخطيب، والمشهور: جميلة بنت أُبىّ أخت عبد الله لا ابنته. قال ابن الأثير: وقيل: كانت بنت عبد الله، وهو وهم. 1265 - قوله فى آخر الباب الثانى من كتاب الحيض من الوسيط: لقول بنت جحش: كنا لا نعتد بالصفرة وراء العادة شيئًا، هكذا هو فى أكثر النسخ: لقول بنت جحش، وفى بعضها لقول زينب بنت جحش. وقال إمام الحرمين فى النهاية: لقول حمنة بنت جحش، وهذا كله مُنكر لا يُعرف فى كُتب الحديث ولا غيرها، وصوابه: لقول أم عطية: كنا لا نعتد بالصفرة والكدرة شيئًا، كذا رواه أبو عبد الله البخارى فى صحيحه، والنسائى. 1266 - قوله فى المهذب فى فصل رمى جمرة العقبة: لما روت أم سليم، قالت: رأيت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يرمى الجمرة من بطن الوادى، هكذا وقع فى النسخ: أم سليم، آخره ميم، وهو خطأ بلا شك فيه، وصوابه: أم سليمان بعد الميم ألف، ثم نون، وهذا متفق عليه عند أهل الحديث والأسماء والتواريخ والأنساب، وحديثها هذا فى سنن أبى داود، وسنن ابن ماجة، والبيهقى، وغيرهم، وجمع كتب الحديث يقولون: عن سليمان ابن عمرو بن الأحوص، عن أمه، قالت: رأيت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يرمى الجمرة ... إلى آخره، وهى أم جندب الأزدية، صحابية معروفة. 1267 - قوله فى باب العاقلة من الوسيط: أن جاريتين اختصمتا، كذا فى النسخ: جاريتين، تثنية جارية، وهو تصحيف، وصوابه: جارتين، تثنية جارة، والمراد زوجتان، والحديث فى الصحيح مشهور، وفيه بيان كونهما جارتين لا جاريتين. 1268 - قوله فى أواخر الحج من الوسيط فى استباحة التحلل: لما روى أن ضباعة الأسلمة، كذا هو فى النسخ: الأسلمية، وهو خطأ بلا شك، وصوابه: الهاشمية، فإنها ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب بن هاشم بنت عم رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وقد تقدم بيانها فى الأسماء. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 376 1269 - قوله فى المهذب فى باب غسل الميت: لما روت أم سليم أن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال: "فإذا كان فى آخر غسلة من الثلاث أو غيرها فاجعلى فيه شيئًا من كافور"، هكذا هو فى نسخ المهذب: أم سليم، وهو غلط، وصوابه: أم عطية، وحديثها هذا مشهور فى الصحيحين وغيرهما. 1270 - قوله فى المهذب فى باب صوم التطوع: أن سلمان زار أبا الدرداء، فرأى أم سلمة مبتذلة، هكذا هو فى نسخ المهذب، وهو غلط صريح، وصوابه: فرأى أم الدرداء، هكذا هو صحيح البخارى، وجميع كُتب الحديث وغيرها، وهو المعروف؛ لأن أم الدرداء هى زوجة أبى الدرداء، وأما أم سلمة فلا تعلق لها بأبى الدرداء، رضى الله عنهم أجمعين، والحمد لله وحده. تم بحمد الله القسم الأول الجزء: 2 ¦ الصفحة: 377 رب يسر ولا تعسر يا كريم القسم الثاني [في اللغات] حرف الألف إبط: الإبط معروف بكسر الهمزة وإسكان الباء وفيه لغتان التأنيث والتذكير، حكاهما أهل اللغة أرجحهما التذكير. قال ابن السكيت: الإبط مذكر وقد يؤنث. أبو: يطلق الأب على زوج الأم مجازًا، ومن ذلك ما رويناه في مسند أبي عوانة في حديث أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه: "لما صنعت أم سليم الطعام وبعثه أبو طلحة زوج أمه أم سليم ليدعو رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال أنس: فلما رآني رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: دعانا أبوك؟ قلت: نعم". وفي رواية: "أرسلك أبوك؟ قال: نعم". وفي روايات: "قال أنس: يا رسول الله إن أبي يدعوك"، وفي رواية: "قال أنس: فلما رجعت قلت: يا أبتاه قد قلت لرسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ". وفي رواية: "يا أبت". أثل: قوله في كتاب السير من "المهذب" في فصل السلب: في حديث أبي قتادة رضي الله تعالى عنه: "وأنه لأول مال تأثلته في الإسلام" هو: بهمزة مفتوحة بعد التاء وبعدها ثاء مثلثة مشددة معناه الجزء: 3 ¦ الصفحة: 3 اتخذته أصلاً، وهو مأخوذ من الأثلة بفتح الهمزة وإسكان الثاء، هي أصل الشيء والتأثيل التأصيل، يقال: مجد مؤثل، وأثيل. أثم: في سنن أبي داود في باب ما قيل في الخلفاء: عن سعيد بن زيد أحد العشرة رضي الله تعالى عنهم أجمعين قال: أشهد على التسعة أنهم في الجنة ولو شهدت على العاشر لم إيثم. قال الخطابي: إيثم لغة لبعض العرب، تقول: إيثم مكان آثم وله نظائر في كلامهم. أجر: قال الواحدي: قال الأخفش: من العرب من يقول أجرت غلامي أجرًا فهو مأجور، وآجرته إيجارًا فهو مؤجر، وآجرته على فاعلته فهو مؤاجر. قال: وقال المبرد: يقال أجرت داري ممدود وآجرته ممدود، والأول أكثر إيجارًا وإيجارة، هذا كلام الواحدي. قال الأزهري في “شرح المختصر”: الأجر أصله الثواب، يقال: أجرت فلانًا من عمله كذا أي أثبته منه، والله تعالى يأجر العبد أي يثيبه، والثواب العوض من ثاب يثوب أي رجع، كأن المثيب يعوضه مثل ما أسدي إليه. قلت: والمشهور فيه الإجارة بكسر الهمزة. قال أبو القاسم الرافعي، وحكى الجياني في “الشامل” فيها أيضًا ضم الهمزة. أجص: الإجاص بكسر الهمز وتشديد الجيم نون بينهما: ثمر معروف، وهو الذي تسميه أهل دمشق الخوخ، الواحدة إجاصة. قال الجوهري: هو دخيل، يعني ليس عربيًا لأن الجيم والصاد لا يجتمعان في كلمة واحدة في كلام العرب. أجل: قد تكرر في “المهذب والتنبيه” قوله: إذا اختلف التعاقدان في تعجيل العوض أو تأجيله قد ينكر عليه جمعه بينهما. ويقال: ما اختلفا في أحدهما فقد اختلفا في الآخر، فلا فائدة في جمعه بينهما، فيجاب بأنهما صورتان، وليس فيه تكرار فاختلافهما في تعجيله أن يقول أحدهما هو حال، ويقول الآخر هو مؤجل، واختلافهما في تأجيله أن يقول أحدهما هو مؤجل إلى شهر، فيقول الآخر إلى شهرين. أجن: الإجانة بكسر الهمزة وتشديد الجيم وجمعها إجاجين، هو الإناء الذي تغسل فيه الثياب. قال الجوهري: ولا يقال إيجانة، وقوله في باب المساقاة: يجب على العامل الجزء: 3 ¦ الصفحة: 4 إصلاح الأجاجين، هي ما حول المغارس محوط عليه تشبه الأجانة التي يغسل فيها. أخر: ولا يشترط في الآخر إلا يبقى بعده شيء، فيقول في الثلاثة: أما الأول فقام، وأما الآخر فصلى، وأما الأخر فذهب. ومنه حديث الثلاثة: “أما أحدهم فأوى إلى الله تعالى، وأما الآخر … ”الخ. روياه في صحيحيهما، واستعمله في “الوسيط” في الثاني من الحيض، والآخر من أسماء الله تعالى. قال الله تعالى: {هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ} (الحديد: من الآية3) . قال الإمام أبو بكر الباقلاني في كتاب “هداية المسترشدين” في علم الكلام: المراد بالآخر أنه سبحانه وتعال عالم قادر وعلى صفاته التي كان عليها في الأزل، وأنه يكون كذلك بعد موت الخلق، وبطلان علومهم وحواسهم وقدرهم وانتقاض أجسامهم وصورهم، وتعلقت المعتزلة بهذا الاسم واحتجوا به في فناء الأجسام وذهابها بالكلية، ومذهب أهل الحق خلاف ذلك، وحملت المعتزلة الآخر على أنه الآخر بعد فناء خلقه. وأجاب الباقلاني بما سبق: أن المراد بالآخر بصفاته بعد موتهم إلى آخر ما سبق – قال: ولهذا يقال آخر مَن بقي مِن بني فلان فلان، يُراد حياته ولا يُراد فناء جواهر موتاهم وعدمها واستمرار وجود أجزائها، فإن هذا مما لا يخطر على بال، فبطل تعلقهم بالآخر. أخو: قال الإمام أبو الحسن أحمد بن فارس اللغوي النحوي في كتابه “المجمل” تأخيت الشي مثل تحريته. قال: قال بعض أهل العلم: سمي الأخوان لتآخي كل واحد منهما بالآخر ما تأخاه الآخر. قال: ولعل الأخوة مشتقة من هذا، والإخاء ما يكون بين الإخوان. قال: وذكر أن الإخوة للولادة والإخوان للأصدقاء، والنسبة إلى الأخت أخوي، يعني: بضم الهمزة، وإلى الأخ أخوي يعني بفتحها، هذا آخر ما ذكر ابن فارس. وقال الإمام أبو الحسن علي بن أحمد الواحدي رحمه الله تعالى في كتابه “البسيط في تفسير القرآن العزيز”: {فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً} [آل عمران: من الآية103) . قال: قال الزجاج أصل الأخ في اللغة من التوخي، وهو الطلب، فالأخ مقصده مقصد أخيه، فكذلك هو في الصداقة أن يكون إرادة كل واحد من الإخوان موافقة لما يريد صاحبه. قال الواحدي: قال أبو حاتم: قال أهل البصرة الإخوة في النسب والإخوان في الصداقة. قال أبو حاتم: وهذا غلط يقال للأصدقاء والأنسباء: أخوة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 5 وإخوان قال الله سبحانه وتعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} (الحجرات: من الآية10) لم يعين النسب، وقال عز وجل: {أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ} (النور: من الآية61) وهذا في النسب والله تعالى أعلم. قلت: ومما جاء في الإخوان في النسب قوله تعالى: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ} إلى قوله: {أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ} (النور: من الآية31) . وذكر ابن السكيت وغيره أنه يقال في جمع الأخ إخوة وأخوة بكسر الهمزة وضمها لغتان. أذن: الأذان الإعلام، وأذان الصلاة معروف، ويقال فيه الأذان والأذين والإيذان قاله الهروي. قال: وقال شيخي: الأذين هو المؤذن المُعْلِم بأوقات الصلاة فعيل بمعنى مفعل. وقال الأزهري في “شرح ألفاظ المختصر”: الأذان إسم من قولك آذنت فلانًا بكذا أوذنه إيذانًا أي أعلمته إعلامًا إعلام الصلاة، ويقال: أذن المؤذن تأذينًا وأذانًا، أي أعلم الناس بوقت الصلاة، فوضع الاسم موضع المصدر. قال: وأصل هذا من الأذن، كأنه يلقي في آذان الناس بصوته ما إذا سمعوه علموا أنهم قد ندبوا إلى الصلاة. وقوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “ما أذن الله تعالى لشيء كأذنه لنبي”، فقوله: “أذن” بكسر الذال، وقوله: “كأذنه” بفتح الذال. قال الهروي معناه ما استمع والله تعالى لا يشغله سمع عن سمع، والأُذُن بضم الهمزة وبضم الذال وسكونها أذن الحيوان مؤنثة وتصغيرها أذينة. وفي الحديث: سئل النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن بيع الرطب بالتمر فقال: أينقص الرطب إذا يبس؟ فقيل: نعم، فقال: فلا إذن. فقوله: إذن حرف مكافأة وجواب يكتب بالنون، فإذا وقفت على إذن، قلت: إذا كما تقول رأيت زيدا، قاله الجوهري. أرب: قوله في “التنبيه”: ولا يجوز بيع الأَرْبُون فيه لغات كثيرة حاصلها: ست أربون وأربون وأربان، وعربون وعربون وعربان، ذكره ابن قتيبة في موضعين من “أدب الكاتب” أحدهما في باب “ما ينقص منه ويزاد فيه” والآخر في باب ما جاء فيه أربع لغات: أربان، وأربون، وعربان، وعربون، الأولى بضم الهمزة وسكون الراء، وضم الباء، والثانية بفتح الهمزة وسكون الباء وهذه المذكورة في التنبيه، والثالثة والرابعة على الجزء: 3 ¦ الصفحة: 6 مثال الأولى والثانية إلا أنهما بالعين بدل الهمزة، هذا ما ذكره ابن قتيبة وذكر صاحب “المحكم” عربان وعربون بالضم كما تقدم، وزاد ثالثة عربون بفتح العين والراء، قال: والأربان يعني بالضم لغة في العربان. قال ابن الجواليقي في كتابه “المعرب” الأربان والأربون عجمي يعني معربًا، وأما معناه فقال صاحب “الحاوي” فيه: روى عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نهى عن بيع العربان، وروي عن بيع الأربون قال مالك: وهو أن يشتري الرجل العبد أويتكارى الدابة ثم يقول: أعطيك دينارًا على أني إن رجعت عن البيع فما أعطيتك لك، وهذا بيع باطل للنهي عنه، وللشرط فيه، ولأن معنى القمار قد تضمنه، والله تعالى أعلم. هذا ما ذكره في “الحاوي”. وهذا الحديث رويناه في “موطأ مالك” رضي الله عنه، عن مالك، عن الثقة عنده، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده أنه قال: نهى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن العربان. قال مالك: وذكر فيما نرى - والله أعلم - أن يشتري الرجل العبد أو الوليدة أو تكارى الدابة، ثم يقول للذي اشترى منه أو تكارى منه أنا أعطيك دينارًا أو درهما أو أكثر من ذلك أو أقل على أني إن أخذت السلعة أو ركبت ما تكاريت منك، فالذي أعطيك هو من ثمن السلعة أو من كراء الدابة، وإن تركت السلعة فما أعطيتك فهو لك باطل بغير شيء، هذا ما رويناه في الموطأ، وهذا الشرط إنما يبطل البيع على مذهبنا إذا كان في نفس عقد البيع لا سابقًا ولا متأخرًا، فإن سبق أو تأخر فلا تأثير، وهو لغو لا يلزم به شيء والله أعلم. قال الإمام أبو سليمان الخطابي رحمه الله في كتابه “معالم السنن” وهو شرح سنن أبي داود، قال بعد أن ذكر الحديث: وتفسير مالك هذا تفسير بيع العربان، قال: وقد اختلف الناس في جواز هذا البيع فأبطله مالك والشافعي للخبر، ولما فيه من الشرط الفاسد والغرر، ويدخل ذلك في أكل المال بالباطل، وأبطله أصحاب الرأي. وقد روي عن ابن عمر رضي الله عنهما: أنه أجاز هذا البيع، ويروى ذلك أيضًا عن عمر، ومال أحمد بن حنبل إلى القول بإجازته، وقال: أي شيء أقدر أن أقول، وهذا عمر رضي الله عنه، يعني أجازه وضعف الحديث فيه لأنه منقطع، وكانت رواية مالك فيه عن بلاغ، هذا ما ذكره الجزء: 3 ¦ الصفحة: 7 الخطابي. أرف: ذكر في الشفعة “من المهذب” قول عثمان بن عفان رضي الله عنه، والأرف يقطع كل شفعة، الأرف بضم الهمزة وفتح الراء جمع أرفة بضم الهمزة وإسكان الراء كغرفة وغرف، وهي معالم الحدود بين الأرضين، ويقال: أرف على الأرض بضم الهمزة وكسر الراء المشددة إذا جعلت لها حدود. أرك: الأراك مذكور في السواك من التنبيه، وإحياء الموات من “المهذب” والحج من “الوسيط” وهو بفتح الهمزة، وهو شجر معروف من الحمض، الواحدة أراكة. أزر: قوله في “الوجيز” الاضطباع أن يجعل وسط إزاره في أبطه هذا مما ينكر عليه، فإن لفظ الشافعي والأصحاب رضي الله تعالى عنهم أن يجعل وسط ردائه لأوسط إزاره، والرداء هنا أليق، وقد أشار الإمام الرافعي إلى إنكاره عليه قول المزني في باب صفة الحج الشاذروان عندي تأزير البيت، هو بزاي ثم راء بينهما ياء. قال الرافعي: سمي بذلك لأنه كالإزار له، قال: وقد يقال التأزيز بزاءين وهو التأسيس، وسيأتي بيان حقيقة الشاذروان في حرف الشين إن شاء الله تعالى. أسا: في حديث الوضوء: “فمن زاد على الثلاثة أو نقص فقد أساء وظلم”. قيل: أساء في النقص وظلم في الزيادة، فإن الظلم وضع الشيء موضعه ومجاوزة الحد، وقيل عكسه، فإن الظلم قد استعمل في النقص. قال الله تعالى: {آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئاً} (الكهف: من الآية33) وقيل: أساء فيهما وظلم فيهما، وهذه الإساءة والظلم للكراهة، ولا تقتضي إثما وقد أوضحت كل هذا في “شرح المهذب” إسك: قولهم وفي إسكتي المرأة الدية، هما بكسر الهمزة وفتح الكاف هكذا ذكره الجوهري في صحاحه، وأهل اللغة مطلقا، قال الأزهري: هما حرفا فرجها. قال: ويفترق الاسكتان والشفران بان الاسكتين ناحيتا الفرج، والشفرين طرفا الناحيتين. وكذا قال الجوهري: الاسكتان بكسر الهمزة جانبا الفرج وهما قذتاه والمأسوكة هي التي أخطأت خافضتها موضع الخفض. وأما قول أبي المجد إسماعيل بن أبي البركات ابن أبي الرضا بن هبة الله ابن محمد المعروف بابن باطيش الموصلي في كتابه “شرح الجزء: 3 ¦ الصفحة: 8 ألفاظ المهذب”: أن الأسكتين بفتح الهمزة، وأن الجوهري نص عليهما بالفتح فغلط صريح، وجهل قبيح، جمع فيه باطلين، أحدهما زعمه الفتح، والثاني نسبته ذلك إلى الجوهري، وهو بريء منه، فقد صرح في صحاحه بكسر الهمزة، وراجعته نسخة مرات، والله يغفر لنا أجمعين. إصطبل: بكسر الهمزة وهي همزة أصلية فكل حروف الكلمة أصول، وهو عجمي معرب، وهو بيت الخيل ونحوها. أفف: قولهم أف فيها عشر لغات، حكاهن القاضي عياض وآخرون: ضم الهمزة مع ضم الفاء وكسرها وفتحها بلا تنوين وبالتنوين فهذه ست، وأف بضم الهمزة وإسكان الفاء وإف بكسر الهمزة وفتح الفاء، وأفى وأفه بضم همزتيهما، قالوا: وأصل الأف والتف وسخ الأظفار، وتستعمل هذه الكلمة في كل ما يستقذر، وهي إسم فعل يستعمل في الواحد والاثنين والجمع والمؤنث بلفظ واحد، قال الله تعالى: {فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً} (الاسراء: من الآية23) . قال الهروي: يقال لكل ما يضجر منه ويستثقل: أف له، وقيل: معناه الاحتقار مأخوذ من الأفف وهو القليل. أفق: قال أهل اللغة: الآفاق النواحي، الواحد: أُفُق بضم الهمزة والفاء، وأُفْق بإسكان الفاء، قالوا: إن النسبة إليه أُفُقي بضم الهمزة والفاء وبفتحهما لغتان مشهورتان، وأما قول الغزالي وغيره في كتاب “الحج”: الحاج الأفاقي فمنكر، فإن الجمع إذا لم يسم به لا ينسب إليه، وإنما ينسب إلى واحده. أفن: الأفيون، بفتح الهمزة وإسكان الياء المثناة من تحت، ذكره في “الروضة” في أول كتاب البيع في بيع ما ينتفع به وهو من العقاقير التي تقتل، ويصح بيعه لأنه ينتفع به. إلى: قول الله تبارك وتعالى: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} (المائدة: من الآية6) قال الأزهري في “تهذيب اللغة”: جعل أبو العباس وجماعة من النحويين “إلى” بمعنى مع ههنا، وأوجبوا غسل المرافق والكعبين. قال: وقال المبرد: وهو قول الزجاج: اليد من أطراف الأصابع إلى الكتف، والرجل من الأصابع إلى أصل الفخذين، فلما كانت المرافق والكعبان داخلة في تحديد اليد والرجل كانت داخلة فيما يغسل وخارجة مما لا يغسل، ولو كان المعنى مع المرافق لم يكن في المرافق فائدة، وكانت اليد كلها يجب أن تغسل، ولكنه الجزء: 3 ¦ الصفحة: 9 لما قيل إلى المرافق اقتطعت في الغسل من حد المرفق. قال الأزهري: وقد أشبعت هذا بأكثر من هذا الشرح في تفسير الحروف التي فسرتها من كتب الشافعي، فانظر فيها إن أردت ازديادًا في البيان قول الغزالي وغيره حد الوجه من مبتدأ سطح الجبهة إلى منتهى الذقن طولاً ومن الأذن إلى الأذن عرضًا. قال الإمام أبو القاسم الرافعي: أعلم أن كلمتي “من” و“إلى” إذا دخلتا في مثل هذا الكلام قد يُراد بهما دخول ماوردتا عليه في الحد، وقد يراد خروجه، مثال الأول: حضر القوم من فلان إلى فلان، ومثال الثاني: من هذه الشجرة إلى هذه الشجرة عشرة أذرع، وهما في قوله من مبتدأ سطح الجبهة إلى منتهى الذقن بالمعنى الأول، إذ لا يريد بمبتدأ السطح إلا أوله، وبمنتهى الذقن إلا آخره، ومعلوم أنهما داخلان في الوجه، وفي قوله: من الأذن إلى الأذن مستعملاً في المعنى الثاني؛ لأن الأذنين ليستا من الوجه، وقول الله عز وجل: {وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ} (النساء: من الآية2) “إلى” بمعنى “مع” قال الأزهري: العرب تقول: إليك عني، أي: أمسك وكف، وتقول: إليك كذا وكذا، أي خذه، وإذا قالوا: اذهب إليك، فمعناه اشتغل بنفسك وأقبل عليها. والإيلاء في اللغة: الحلف، تقول آلى يولي إيلاء وتألى تأليا، والألية: اليمين، والجمع ألايا، كعطية وعطايا، والإيلاء في الشرع الحلف على ترك وطء الزوجة في القبل مطلقًا أومدة تزيد على أربعة أشهر، وكان الإيلاء طلاقًا في الجاهلية، فغير الشرع حكمه. قال أصحابنا: وكان الإيلاء والظهار طلاقًا في الجاهلية. وذكر صاحب “الحاوي والبيان” خلافا لأصحابنا أنه هل عُمل بهما في أول الإسلام أولاً. قال صاحب “الحاوي”: قال جمهور أصحابنا: لم يعمل به. وقال بعضهم: عمل به. قال صاحب “البيان”: الأصح أنه لم يعمل به. قال صاحب “الحاوي”: وكان طلاقًا لا رجعة فيه. والألية: بفتح الهمزة وجمعها: أليات بفتح الهمزة واللام، والتثنية أليان بياء واحدة هذه اللغة المشهورة، وفيه لغة أخرى أليتان بياء مثناة تحت ثم تاء مثناة فوق. وثبت في “صحيح البخاري” وغيره في حديث سهل بن سعد: أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال في حديث عويمر العجلاني في اللعان: “فإن جاءت به عظيم الأليتين”. وفي حديث ابن عباس، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “سابغ الأليتين” بتاء بعد الياء، هكذا هو في جميع النسخ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 10 أمس: قال الجوهري: أمس إسم حرك آخره لالتقاء الساكنين، واختلف العرب فيه فأكثرهم يبنيه على الكسر معرفة، ومنهم من يعربه معرفة، وكلهم يعربه إذا دخل عليه الألف واللام أو صيره نكرة أو إضافة، يقول: مضى الأمس المبارك، ومضى أمسنا، وكل غد صائر أمسًا. وقال سيبويه قد جاء في ضرورة الشعر: مذ أمس بالفتح، قال: ولا يصغر أمس كما لا يصغر غد، والبارحة، وكيف، وأين، ومتى، وأى، وما، وعند، وأسماء الشهور والأسبوع غير الجمعة، هذا ما ذكره الجوهري. قال الأزهري: قال الفراء: ومن العرب من يخفض الأمس وإن أدخل عليه الألف واللام. وقال أبو سعيد: تقول جاءني أمس فإذا نسبت شيئًا إليه كسرت الهمزة، فقلت: إمس على غير القياس. وقال ابن السكيت: تقول ما رأيته إمس، فإن لم تره يومًا قبل ذلك قلت: ما رأيته مذ أول من أمس، فإن لم تره من يومين قبل ذلك قلت: ما رأيته مذ أو من أول من أمس. وقال الإمام أبو الحسن بن خروف في كتابه “شرح الجمل”: للعرب في أمس لغات، أهل الحجاز يبنونه على الكسر في كل حال، ولا علة لبنائه إلا إرادة التخفيف، تشبيها بالأصوات كنعاق لصوت الغراب، وبنو تميم يبنونه على الكسر في الجر والنصب ويعربونه في الرفع من غير صرف، ومنهم من يعربه في كل حال ولا يصرفه، وعليه قوله: مذ أمسا. قال: ووهم أبو القاسم صاحب “الجمل” في قوله، ومن العرب من يبنيه على الفتح، والذي أوقعه في ذلك قول سيبويه، وقد فتح قوم “أمس” في “مذ” لما رفعوا. أمم: لفظة “الأمة” تُطلق على معان منها من صدق النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وآمن بما جاء به، وتبعه فيه، وهذا هو الذي جاء مدحه في الكتاب والسنة كقوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً} (البقرة: من الآية143) . {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ} (آل عمران:110) . وكقوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “شفاعتي لأمتي” وقوله: “تأتي أمتي غرا محجلين” وغير ذلك. ومنها مَن بعث إليهم النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من مسلم وكافر، ومنه قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودى ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار” رواه مسلم في صحيحه في كتاب “الإيمان”. أمن: قال الجوهري، وجمهور الجزء: 3 ¦ الصفحة: 11 أهل اللغة: آمين في الدعاء يُمد ويَقصر، قالوا: وتشديد الميم خطأ، وهو مبني على الفتح مثل: أين، وكيف، لاجتماع الساكنين وتقول: أمن تأمينا. قال الإمام الواحدي في تفسيره “البسيط”: وأما معناه فقال الإمام الثعلبي: قال ابن عباس: سألت النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن معنى آمين فقال: “افعل”. وقال قتادة: كذلك يكون، وقال هلال بن يساف، ومجاهد: “آمين” اسم من أسماء الله تعالى. وقال سهل: معناه: لا يقدر على هذا أحد سواك، وقال الترمذي: معناه لا تخيب رجاءنا. وقال عطية العوفي: آمين كلمة عبرانية أو سريانية، وليست عربية. وقال عبد الرحمن بن زيد: “آمين” كنز من كنوز العرش لا يعلم أحد تأويله إلا الله تعالى. وقال أبو بكر الوراق: آمين قوة للدعاء، واستنزال للرحمة. قال الضحاك: “آمين” أربعة أحرف مقطعة من أسماء الله عز وجل، وهي خاتم رب العالمين يختم به براءة أهل الجنة، وبراءة أهل النار، دليله ما روى أبو هريرة رضي الله تعالى عنه عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: “آمين خاتم رب العالمين على عباده المؤمنين”. وقال عطاء: “آمين” دعاء. وأن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: “ما حسدكم اليهود على شيء ما حسدوكم على آمين، وتسليم بعضكم على بعض”. وقال وهب بن منبه: “آمين أربعة أحرف يخلق الله عز وجل من كل حرف ملكًا يقول: اللهم اغفر لمن قال آمين. هذا ما ذكره الثعلبي رحمه الله تعالى. قال الإمام المتبحر الواحدي رحمه الله تعالى في كتابه “البسيط”: في آمين لغات، المد: وهو المستحب، لما روي عن علي رضي الله عنه أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان إذا قال ولا الضالين قال: “آمين” يمد بها صوته، والقصر: كما قال: “آمين” فزاد الله ما بيننا بعدًا، والإمالة مع المد، روي ذلك عن حمزة والكسائى، والتشديد مع المد، روي ذلك عن الحسن والحسين بن الفضل، ويحقق ذلك: ما ورى عن جعفر الصادق رضي الله عنه أنه قال في تأويله: قاصدين نحوك، وأنت أكرم من أن تُخَيِّب قاصدًا. قال: وقال أبو إسحاق: معناها اللهم استجب، وهي موضوعة في موضع إسم الاستجابة، كما أن: “صه” موضوع موضع سكوتًا، وحقها من الإعراب الوقف لأنها بمنزلة الأصوات إذ كان غير مشتق من فعل، إلا أن النون حسنة فيها لالتقاء الساكنين، ولم تكسر لثقل الكسرة بعد الياء، كما فتحوا أين وكيف، هذا ما ذكره الواحدي. وفيه فوائد: من أحسنها إثبات لغة التشديد في آمين التي لم يذكرها الجمهور، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 12 بل أنكروها، وجعلوها من قول العامة. وقال الإمام أبو منصور الأزهري في كتابه شرح ألفاظ “المختصر” للمزني قولين آمين استجابة للدعاء وفيه لغتان: قصر الألف ومدها والميم مخففة في اللغتين يوضعان موضع الاستجابة للدعاء، كما أن “صه” و“مه” يوضع للإسكات وحقهما من الإعراب الوقف لأنهما بمنزلة الأصوات، فإن حركتهما تحرك بفتح النون، كقوله: آمين فزاد الله ما بيننا بعدا. وقال القاضي الإمام أبو الفضل عياض المغربي السبتي في كتابه “الإكمال في شرح صحيح مسلم”: معنى آمين استجب لنا، وقيل: معناه كذلك نسأل لنا، والمعروف فيها المد وتخفيف الميم وحكى ثعلب فيها القصر، وأنكره غيره، وقال: إنما جاء مقصورًا في ضرورة الشعر، وقيل: هي كلمة عبرانية مبنية على الفتح، وقيل: بل هو إسم من أسماء الله تعالى، وقيل: معناه “يا آمين” استجب لنا والمدة همزة النداء، وعوض عن الياء. قال: وحكى الداوودي تشديد الميم مع المد، وقال: هي لغة شاذة ولم يعرفها غيره، وخطأ ثعلب قائلها، هذا ما ذكره القاضي عياض. وقال ابن قرقول - بضم القافين - وهو أبو إسحاق صاحب “مطالع الأنوار”: آمين مطولة ومقصورة ومخففة، وأنكر أكثر العلماء تشديد الميم، وأنكر ثعلب قصر الهمزة إلا في الشعر، وصححه يعقوب في الشعر وغيره، والنون مفتوحة أبدًا مثل: أين، وكيف، واختلف في معناه، قيل: كذلك يكون، وقيل: هو اسم من أسماء الله تعالى أصله القصر، فأدخلت عليه همزة النداء، قال: وهذا لا يصح؛ لأنه ليس في أسماء الله تعالى اسم مبني ولاغير معرب، مع أن أسماء الله تعالى لا تثبت إلا بقرآن أو سنة متواترة، وقد عدم الطريقان في آمين، وقيل: آمين درجة في الجنة تجب لقائلها، وقيل: هو طابع الله على عباده يدفع به عنهم الآفات، وقيل: معناه اللهم أمنا بخير، هذا ما ذكره صاحب “المطالع”. وقال الإمام أبو عبد الله صاحب “التحرير في شرح صحيح مسلم”: في آمين لغتان فتح الألف من غير مد، والثانية بالمد وهي مبنية. قال بعضهم: بنيت لأنها ليست عربية، أو أنها إسم فعل كصه ومه، ألا ترى أن معناها: اللهم استجب وأعطنا ما سألناك. وقالوا: إن مجيء آمين دليل على أنها ليست عربية، إذ ليس في كلام العرب فاعيل، فأما آرى فليس بفاعيل، بل هو عند جماعة فاعول، وعند بعضهم فاعلى، وعند بعضهم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 13 فاعى بالنقصان. وقد قال جماعة إن آمين - يعني المقصورة - لم يجىء عن العرب، والبيت الذي ينشد: آمين فزاد الله ما بيننا بعدا. لا يصح على هذا الوجه، وإنما هو: فآمين زاد الله ما بيننا بعدا. قال: وكثير من العامة يشددون الميم منها وهو خطأ لا وجه له. هذا آخر كلام صاحب “التحرير” أنم: قال الإمام الزبيدي: الأنام: الخلق، قال: ويجوز الأنيم، وقال الإمام الواحدي: قال الليث: الأنام ما على ظهر الأرض من جميع الخلق. قال: واختلف المفسرون في قوله تعالى: {وَالأَرْضَ وَضَعَهَا لِلأَنَامِ} (الرحمن:10) فقال ابن عباس: هم الناس. وعن مجاهد، وقتادة، والضحاك: الخلق والخلائق. وعن عطاء: لجميع الخلق. وقال الكلبى: للخلق كلهم الذين بثهم فيها. قال الواحدي: وهذه الأقوال تدل على أن المراد بالأنام كل ذي روح، وهو قول الشعبي. وقال الحسن: للجن والإنس، وهو اختيار الزجاج أنى: قولهم باب الآنية. قال الجوهري في “الصحاح” الإناء معروف، وجمعه: آنية، وجمع الآنية الأواني مثل: سقاء، وأسقية، وأساقي. وقوله في “المهذب” في باب بيع المصراة: فإن كان المبيع إناء من فضة وزنه ألف وقيمته ألفان فكسره ثم علم به عينًا، هذا تفريع على قولنا يجوز اتخاذ الآنية فتكون الصنعة محترمة لها قيمة. والصحيح أنه لا يجوز اتخاذها. وقوله في “الوسيط” في باب زكاة النقدين: ولو كانت له آنية من الذهب والفضة مختلطًا وزنه ألف هذه العبارة رديئة، فإنه استعمل لفظ الآنية في الواحد، وذلك لا يجوز عند أهل اللغة، فإن الآنية جمع إناء كما تقدم، والله أعلم أهل: قوله في باب الوديعة من “الوسيط”: لو نقل الوديعة من قرية آهلة إلى قرية غير آهلة يجوز أن تقرأ قرية آهلة بتنوين قرية، ومد الألف أي قرية عامرة، ويجوز قرية أهله بإضافة قرية إلى أهله أي أهل المودع، وهذا أشبه بمراد الغزالي هنا، والأول موافق للفظ الشافعي رضي الله عنه. أول: قال الواحدي في تفسير قول الله عز وجل: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ} (آل عمران: من الآية96) قال الزجاج: معنى الأول في اللغة ابتداء الشيء. قال الزجاج: ثم يجوز أن يكون له ثان، ويجوز ألا يكون، كما تقول هذا أول ما كسبته جائز أن يكون بعده كسب، وجائز ألا يكون، ومرادك هذا ابتداء كسى. قلت: ومما الجزء: 3 ¦ الصفحة: 14 يستدل به على أن لفظة أول لا يشترط أن يكون له ثان قول الله تعالى: {إِنْ هِيَ إِلا مَوْتَتُنَا الأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ} (الدخان:35) وهم كانوا يعتقدون أنه ليس لهم موتة بعدها. قال الواحدي في تفسير قول الله عز وجل: {وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ} (البقرة: من الآية41) وقد قال الشيخ أبو علي السنجي: الذي محله من الإتقان ما سبق ذكره في ترجمته إذا قال لزوجته: إن كان أول ولد تلدينه من هذا الحمل ذكرًا فأنت طالق، فولدت ذكرًا، ولم يكن غيره. قال أبو علي: اتفق أصحابنا على أنه يقع الطلاق، وليس من شرط كونه أولا أن تلد بعده آخرًا إنما الشرط ألا يتقدم عليه غيره، وحكى المتولي وجهًا أنه لا يقع الطلاق في هذه المسألة. قال: لأن الأول يقتضي آخرًا، كما أن الآخر يقتضي أولاً، وهو شاذ ضعيف مردود، وقد ذكرت المسألة في “الروضة” مطلب في معنى التأويل والتفسير، أما التأويل: فقال العلماء: هو صرف الكلام عن ظاهره إلى وجه يحتمله أوجبه برهان قطعي في القطعيات، وظني في الظنيات، وقيل هو التصرف في اللفظ بما يكشف عن مقصوده، وأما التفسير فهو بيان معنى اللفظة القريبة أو الخفية، والأيل في أواخر باب الربا من “الروضة” وهو بفتح الياء المثناة من تحت المشددة وقبلها همزة تضم وتكسر لغتان حكاهما الجوهري وأرجحهما الضم، وهو ذكر الوعول، ورأيته في المجمل مضبوطًا بكسر الهمزة فقط. أون: قال أبو البقاء في قول الله تعالى: {فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ} (البقرة: من الآية187) حقيقة الآن الوقت الذي أنت فيه، وقد يقع على الماضي القريب منك، وعلى المستقبل القريب وقوعه تنزيلاً للقريب منزلة الحاضر، وهو المراد هنا؛ لأن قوله تعالى: {فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ} أي: فالوقت الذي كان يحرم عليكم الجماع فيه من الليل قد أبحناه لكم فيه، فعلى هذا الآن ظرف لباشروهن؛ وقيل الكلام محمول على المعنى تقديره: فالآن أبحنا لكم أن تباشروهن، ودل على المحذوف لفظ الأمر الذي يراد به الإباحة، فعلى هذا الآن على حقيقته، وقال أبو البقاء قبل هذا في قوله تعالى: {قَالُوا الآنَ جِئْتَ بِالْحَقّ} ِ (البقرة: من الآية71) في الآن أربعة أوجه: أحدها تحقيق الهمزة وهو الأصل، والثاني إلقاء حركة الهمزة على اللام وحذفها وحذف ألف اللام في هذين الوجهين لسكونها وسكون اللام في الأصل لأن حركة اللام هنا عارضة، والثالث الجزء: 3 ¦ الصفحة: 15 كذلك، إلا أنهم حذفوا ألف اللام لما تحركت اللام، فظهرت الواو في قالوا، والرابع: إثبات الواو في اللفظ وقطع ألف اللام وهو بعيد. قال الإمام الواحدي: الآن هو الوقت الذي أنت فيه، وهو حد الزمانين حد الماضي من آخره وحد المستقبل من أوله. قال: وذكر الفراء في أصله قولين: أحدهما: أن أصله أوان حذفت منه الألف وغيرت واوه إلى الألف، ثم أدخلت عليه الألف واللام والألف واللام له ملازمة غير مفارقة، والثاني: أصله آن ماضي يأين بني إسمًا لحاضر الوقت ثم ألحق به الألف واللام، وترك على بنائه. وقال أبو على الفارسى: “الآن” مبني لما فيه من مضارعة الحرف، وهو تضمنه معناه، وهو تضمنه معنى التعريف. قال: والألف واللام زائدتان، ولا توحش من قولنا، فقد قال بزيادته سيبويه والخليل في قولهم: مررت بهم الجم الغفير نصبه على نية إلغاء الألف واللام، نحو طرا وقاطبة. وقال به أبو الحسن الأخفش في قولهم: مررت بالرجل خير منك، ومررت بالرجل مثلك، أن اللام زائدة. قال أبو علي: والقولان اللذن قالهما الفراء لا يجوز واحد منهما. أوى: يقال أوى زيد - بالقصر - إذا كان فعلاً لازمًا، وآوى غيره بالمد إذا كان متعديًا، وقد جاء القرآن العزيز بهما قال الله تعالى في اللازم: {أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ} (الكهف: من الآية63) وقوله تعالى: {إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ} (الكهف: من الآية10) وقال في المتعدي: {وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ} (المؤمنون: من الآية50) . وقال تعالى: {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَى} (الضحى:6) هذا هو الفصيح المشهور في المسألتين، وقيل: يقال في كل وحد بالمد والقصر، لكن القصر في اللازم أفصح، والمد في المتعدي أفصح وأكثر، وممن حكى هذا القول القاضي عياض في “شرح مسلم” في آخر كتاب الحج في حرم المدينة، وفي كتاب الأدب: في حديث “الثلاثة الذين جاؤوا إلى الحلقة ووجد أحدهم فرجة”، وأما قول الله تعالى: {قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ} (هود:80) قال صاحب “المطالع”: أو إذا كانت للتقرير، أو التوبيخ، أو الرد، أو الإنكار، أو الاستفهام كانت مفتوحة الواو، وإذا جاءت للشك، أو التقسيم، أو الإبهام، أو التسوية، أو التخيير، أو بمعنى الواو على رأي بعضهم، أو بمعنى حتى، أو بمعنى بل، أو بمعنى إلى، وكيف كانت عاطفة، فهي ساكنة الواو. قال: فمن ذلك أو فعلموها على التوبيخ. قولهم: لزمه أكثر الأمرين الجزء: 3 ¦ الصفحة: 16 من الدية أو القيمة مثلا، قال الرافعي: الأغلب في ألسنة الفقهاء في مثل هذا كلمة "أو" و"لو" قيل: من الدية والقيمة بالواو لكان صحيحًا أو أوضح. أيض: قال الجوهري: فعلت ذلك أيضًا. قال ابن السكيت: هو من آض يئيض أيضًا، أي عاد ورجع، وآض فلان إلى أهله: أي رجع. فصل في أسماء المواضع الأبطح: مذكور في باب الأذان من "المهذب" هو بين مكة ومنى يضاف إلى كل واحدة منهما، وهو البطحاء. وقد ذكره المصنف في باب استقبال القبلة فقال: البطحاء. أجنادين: بفتح الهمزة وبعدها جيم ساكنة ثم نون ثم ألف ثم دال مهملة ثم ياء مثناة من تحت، ثم نون. قال الإمام الحافظ أبو بكر محمد بن موسى بن عثمان بن موسى بن عثمان بن حازم الحازمي في كتابه "المختلف والمؤتلف في أسماء الأماكن": يقولها أكثر أصحاب الحديث بفتح الدال. قال: ومن المحققين من يكسر الدال، وهو موضع مشهور بالشام ناحية دمشق كانت بها وقعة مشهورة بين المسلمين والروم. أحد: بضم الهمزة والحاء: جبل بجنب مدينة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زادها الله فضلاً وشرفًا على نحو ميلين، وكانت غزوة أحد يوم السبت لإحدى عشرة خلت من شوال على راس اثنين وثلاثين شهرًا من الهجرة. وفي الصحيح: "أُحد جبل يحبنا ونحبه" وهذا الحديث على ظاهره إذ لا استحالة فيه، ولا يلتفت إلى تأويل من تأوله. أذربيجان: مذكورة في باب صلاة المسافر من "الوسيط" وهي بهمزة مفتوحة غير ممدودة ثم ذال معجمة ساكنة ثم راء مفتوحة ثم باء موحدة مكسورة ثم ياء مثناة من تحت ثم جيم ثم ألف ثم نون هذا هو الأشهر والأكثر في ضبطها. قال صاحب "المطالع": هذا هو المشهور. قال: ومد الأصيلي والمهلب الهمزة، يعني مع فتح الذال. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 17 قال: وفتح عبد الله بن سليمان وغيره الباء. قال الشيخ تقي الدين بن الصلاح: الأشهر فيها مد الهمزة مع فتح الذال وإسكان الراء. قال: والأفصح القصر وإسكان الذال، وهي ناحية تشتمل على بلاد معروفة. الأردن: الكورة المعروفة من أرض الشام بقرب بيت المقدس، وهي بضم الهمزة وإسكان الدال وتشديد النون. قال أبو الفتح محمد بن جعفر الهمداني النحوي في كتابه “اشتقاق أسماء البلدان” قال: أهل العلم إنما سمي بذلك من قولهم للنعاس الثقيل: أردن، قال: فسمي بذلك لثقل هوائه فسمي بالنعاس المخثر جسم صاحبه. أصبهان: بفتح الهمزة وكسرها، والفتح أشهر وبالباء والفاء. قال صاحب “المطالع”: قيدنا بالفتح عن جميع شيوخنا، قال: وقيدها أبو عبيد البكري بالكسر، قال: وأهل المشرق يقولونه أصفهان بالفاء، وأهل المغرب بالباء، وهي مدينة عظيمة. قال الإمام الحافظ أبو محمد ابن عبد القادر الرهاوي في كتابه “الأربعين” الذي أخبرنا به عنه صاحباه جمال الدين وزين الدين هي من أكبر مدن الإسلام وأكثرها حديثًا ما خلا بغداد. قال الإمام أبو الفتح الهمداني النحوي: ومن المدن العظام أصبهان بفتح الهمزة. قال: فإن كان الإسم عربيًا فهو مؤلف من لفظتين ضم أحدهما إلى الآخر، الأول منهما: فعل وهو أص من أصت الناقة فهي أصوص إذا كانت كريمة موثقة الخلق، واللفظ الثاني: إسم وهو بهان، ومثاله فعال، من قولهم للمرأة بهانة، وهي الضحوك، وقيل: الطيبة النفس والريح، فلما ضم أحد هذين اللفظين إلى الآخر، وسمي بهما هذا البلد، خفف الأول منهما بحذف الصاد الثانية لئلا يجتمع في الكلمة ثقل التضعيف والتأليف، وكأنها سميت لطيب تربتها وهوائها وصحتها. إصطخر: البلدة المعروفة التي ينسب إليها أبو سعيد الاصطخري وهي - بكسر الهمزة وفتح الطاء وهمزتها همزة قطع - هكذا قيده جماعة من الأئمة المحققين، ومن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 18 المتأخرين الشيخ تقي الدين بن الصلاح، وقاله أبو الفتح الهمداني بفتح الهمزة، وقال: هي همزة قطع. قلت: ويجوز حذفها في الوصل تحفيفًا على قراءة من قرأ من الأرض، ومنه قولهم: مررت بلجمة يعنون بالأجمة. الإل: بكسر الهمزة وتخفيف اللام وآخره لام، هو: جبل صغير بعرفات، ويقف عليه الإمام. الأنبار: مذكورة في الفرائض من “المهذب” بفتح الهمزة، وإسكان النون، وهي بلدة معروفة على شط الفرات على نحو مرحلتين من بغداد. قال أبو الفتح الهمداني: ولا يعرف باني الأنبار ولا الحيرة. وقال: وهما قديمتان، يقال: إنهما قبل الطوفان. الأندلس: الإقليم المعروف بالمغرب يقال بفتح الهمزة والدال هذا هو المشهور، ويقال بضمهما ولم يذكر أبو الفتح الهمداني إلا الضم فيهما. قال: حكي عن بعضهم أن وزنه فُنْعُلُلْ. قال أبو الفتح: وهذا مثال لم يجىء عليه شيء من الكلام علمناه، قال: وقال غيره هو انفعل واشتقاقه من الدلس وهو الظلمة، ومن ذلك المدالسة والتدليس والمدالسة المواربة. أوطاس: مذكورة في باب الاستبراء ومواضع، وهو بفتح الهمزة وإسكان الواو وبالطاء والسين المهملتين، وهو واد في بلاد هوازن، وبه كانت غزوة النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هوازن يوم حنين. قال أبو الفتح الهمداني: أوطاس من قولهم وطست الشيء أوطسه وطسُا إذا وطئته وطئًا شديدًا، فأوطاس جمع: وطس بالتحريك، كجبل وأجبال. قال: فسمي المكان بذلك لأنه مُوطَّا مُليَّن. قال: ويمكن أن يكون من الوطيس، وهو حفرة يختبز فيها، فسمي بذلك لأنه مكان ذاهب في الأرض كالهوة ونحوه. أيلة: مذكورة في أوائل باب الجزية من “المهذب” هي بفتح الهمزة وإسكان الياء المثناة من تحت وفتح اللام، وهي بلدة معروفة في طرف الشام على ساحل البحر متوسطة بين مدينة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ودمشق ومصر بينها وبين المدينة نحو خمس عشرة مرحلة، وبينها وبين دمشق نحو اثنتي عشرة مرحلة، وبينها وبين مصر نحو ثماني مراحل. قال صاحب “مطالع الأنوار”: قال أبو عبيدة: هي مدينة من الشام. وقال الحازمي في “المؤتلف في أسماء الأماكن”: هي بلدة بحرية، وقيل: هي آخر الحجاز وأول الشام. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 19 إيليا: مذكورة في باب النذر من "الوسيط": وهو بيت المقدس زاده الله شرفًا، وهو بهمزة مكسورة ثم ياء مثناة من تحت ساكنة ثم لام مكسورة ثم ياء أخرى ثم ألف ممدود، هذا هو الأشهر وقال صاحب "مطالع الأنوار": وحكى البكري فيها القصر قال: ولغة ثالثة: أَلْيَاء بحذف الياء الأولى وسكون اللام والمد قال: قيل معناه بيت الله. قلت: وفي مسند أبي يعلى الموصلي في مسند ابن عباس رضي الله عنهما: عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فيه الإيلا بألف ولام، وهو غريب. حرف الباء بأر: البئر مؤنثة مهموزة يجوز تخفيفها وجمعها في القلة أبار، وآبار بالمد على القلب، وفي الكثرة بئار، وبأرت بئرا أي حفرتها، وأبأرت الرجل جعلت له بئرًا. بتت: قال الزجاج في "كتاب فعلت وأفعلت": يقال بت القاضي الحكم عليه، وأبته إذا قطعه أي ألزمه، وبت الحبل وأبته. بثر: قوله ذلك ابن عمر رضي الله عنهما بثره، ذكره في شرائط الصلاة من "الوسيط": البثرة بفتح الباء وسكون الثاء وبفتحها أيضًا: خراج صغير. قال الجوهري: البثر والبثور خراج صغير، واحدتها بثرة. وقد بثر وجهه يبثر، وكذلك بثر وجهه بالكسر، وبثر بالضم ثلاث لغات. قال صاحب "المحكم": البثر والبثير خراج صغير، وخص بعضهم به الوجه، واحدته بثرة وبثرة. قال الأزهري: قال أبو عبيد، عن الكسائى: بثر وجهه يبثر بثرًا، وهو وجه بثر من البثير، وبثر يبثر بثرًا. قال الأزهري: البثور مثل الْجَدَري، يقيح على الوجه وغيره من بدن الإنسان، واحدها بثر. بحر: قول الغزالي وغيره في الحديث دم الحيض بحراني، هو بفتح الباء. قال أهل اللغة: يقال دمه بحراني وباحر إذا كان خالص الحمرة. وقال إمام الحرمين: الصحيح أنه الناصع اللون، يقال دمه باحر وبحراني إذا كان لا يشوب لونه لون دم الاستحاضة، أحمر رقيق ضارب إلى الشُقْرَة في غالب الأمر، فإذن دم الحيض أقوى لونًا ومتانة من الاستحاضة، هذا كلام الإمام. بخت: البخاتي من الإبل مذكورة في الزكاة: نوع من الإبل معروف. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 20 قال أهل اللغة: الواحد منهما بختيٌ، وجمعه البُخْت بضم الباء وإسكان الخاء، ويجمع أيضًا على البخاتيّ بتشديد الياء وبتخفيفها لغتان مشهورتان. قال أبو حاتم السجستاني في كتابه “المذكر والمؤنث”: البخت مؤنثة، جمع البختي والبختية. قال: ويقال: بخاتي بتشديد الياء ومخففة. قال: وبخاتي أيضًا بفتح الياء، قال الجوهري: البخت من الإبل معرب، وبعضهم يقول: هو عربي، وجمعها مصروف؛ لأنه جمع الجمع بخلاف مدائني. بخع: قوله تعالى: {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ} (الكهف: من الآية6) قال الأزهري: قال الفراء: أي محرج، وقاتل. قال الأخفش: بخعت لك نفسي ونصحي أبخع بخوعًا أي جهدتها، وفي الحديث: “أهل اليمن أبخع طاعة”. قال الأصمعي: أنصح. وقال غيره: أبلغ. وقال صاحب “المحكم”: بخع نفسه ويحمدونه ظرفاء حججها قتلها غيظُا أو غمًا. بدا: قال الزجاج في كتاب “فعلت وأفعلت”: يقال: بدأ الله الخلق بداء وأبدأهم إبْدَاءً. قال الله تعالى: {اللَّهُ يَبْدأُ الْخَلْقَ} (يونس: من الآية34) . وقال تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} (العنكبوت:19) . بدد: قولهم لا بد من كذا قال أهل اللغة: معناه لا انفكاك ولا فراق منه، ولا مندوحة عنه، أي هو لازم جزمًا. قال الجوهري: ويقال البُدُّ العوض. بدن: قال أهل اللغة: البدن الجسد. وقال صاحب العين: “البدن من الجسسد ما سوى الشوى، والرأس. قال أهل اللغة: الشوى: اليدان والرجلان والرآس من الآدميين، وكل ما ليس متصلاً. قال الجوهري: البدن السمن والاكتناز، تقول منه بدن الرجل بالفتح يبدن بدنًا إذا ضخم، وكذلك بدن بالضم يبدن بدانة فهو بادن، وامرأة بادن أيضًا وبدين وبدن بالتشديد أسن، أما البدنة فحيث أطلقت في كتب الحديث والفقه فالمراد بها البعير ذكرًا كان أو أنثى، وشرطها أن تكون في سن الأضحية وهي التي استكملت خمس سنين ودخلت في السادسة، هذا معناها في الكتب المذكورة، ولا تطلق في هذه الكتب ما ذكرنا بلا خلاف. وأما أهل اللغة فقال كثيرون منهم أو أكثرهم: تطلق على الناقة والبقرة. وقال الأزهري في “شرح ألفاظ المختصر”: البدنة لا تكون إلا من الإبل والبقر والغنم، هذا كلام الأزهري. وقال الماوردي في كتابه “التفسير” في قول الله عز وجل: {والبُدْن} قال الجمهور: هي الإبل، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 21 وقيل الإبل والبقر، وهو قول عطاء وجابر، وقيل: الإبل والبقر والغنم. قال: وهو شاذ، وأما إطلاقها على الذكر والأنثى من حيث اللغة فصحيح، وممن نص عليه وصرح به صاحب كتاب “العين” فقال: البدنة ناقة أو بقرة كذلك الذكر والأنثى منها يُهدَى إلى مكة هذا لفظه. وجمع البدنة: بدن بضم الدال وإسكانها وممن نص على الضم صاحب “الصحاح” بدع: البِدعة بكسر الباء في الشرع هي إحداث ما لم يكن في عهد رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وهي منقسمة إلى: حسنة وقبيحة. قال الشيخ الإمام المجمع على إمامته وجلالته وتمكنه في أنواع العلوم وبراعته أبو محمد عبد العزيز بن عبد السلام رحمه الله ورضي عنه في آخر كتاب “القواعد”: البدعة منقسمة إلى: واجبة، ومحرمة، ومندوبة، ومكروهة، ومباحة. قال: والطريق في ذلك أن تعرض البدعة على قواعد الشريعة، فإن دخلت في قواعد الإيجاب فهي واجبة، أو في قواعد التحريم فمحرمة، أو الندب فمندوبة، أو المكروه فمكروهة، أو المباح فمباحة، وللبدع الواجبة أمثلة منها: الاشتغال بعلم النحو الذي يفهم به كلام الله تعالى وكلام رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وذلك واجب؛ لأن حفظ الشريعة واجب، ولا يتأتى حفظها إلا بذلك وما لا يتم الواجب إلا به، فهو واجب، الثاني حفظ غريب الكتاب والسنة في اللغة، الثالث تدوين أصول الدين وأصول الفقه، الرابع الكلام في الجرح والتعديل، وتمييز الصحيح من السقيم، وقد دلت قواعد الشريعة على أن حفظ الشريعة فرض كفاية فيما زاد على المتعين ولا يتأتى ذلك إلا بما ذكرناه، وللبدع المحرمة أمثلة منها: مذاهب القدرية والجبرية والمرجئة والمجسمة والرد على هؤلاء من البدع الواجبة، وللبدع المندوبة أمثلة منها إحداث الرُبِط والمدارس، وكل إحسان لم يعهد في العصر الأول، ومنها التراويح، والكلام في دقائق التصوف، وفي الجدل، ومنها جمع المحافل للاستدلال إن قصد بذلك وجه الله تعالى. وللبدع المكروهة أمثلة: كزخرفة المساجد، وتزويق المصاحف، وللبدع المباحة أمثلة: منها المصافحة عقب الصبح والعصر، ومنها: التوسع في اللذيذ من المآكل، والمشارب، والملابس، والمساكن، ولبس الطيالسة، وتوسيع الأكمام. وقد يختلف في بعض ذلك فيجعله بعض العلماء من البدع المكروهة، ويجعله آخرون الجزء: 3 ¦ الصفحة: 22 من السنن المفعولة في عهد رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فما بعده، وذلك كالاستعاذة في الصلاة والبسملة هذا آخر كلامه. وروى البيهقي بإسناده في “مناقب الشافعي” عن الشافعي رضي الله عنه قال: المحدثات من الأمور ضربان: أحدهما: ما أحدث مما يخالف كتابًا أو سنة أو أثرًا أو إجماعًا، فهذه البدعة الضلالة، والثانية: ما أحدث من الخير لا خلاف فيه لواحد من العلماء، وهذه محدثة غير مذمومة، وقد قال عمر رضي الله عنه في قيام شهر رمضان: نعمت البدعة هذه، يعني أنها محدثة لم تكن، وإذا كانت ليس فيها رد لما مضى، هذا آخر كلام الشافعي رضي الله تعالى عنه. بدا: بلا همزة، قال أهل اللغة: بدا الشيء يبدو بدوا بتشديد الواو، كقعد قعودًا، أي ظهر، وابتديته أظهرته، وبدا القوم بَدْوًا خرجوا إلى البادية، كقتلوا قتلاً، وبداله في الأمر بلا همزة بَدَاءً وبدًا بالمد والقصر حكاه عياض أي حدث له فيه رأي لم يكن، وهو ذو بَدَوَاتٍ أي يتغير رأيه، ومنه قوله في مسح الخف امسح سبعًا، وما بدالك والبَدَاءُ محال على الله تعالى بخلاف النسخ، والْبَدوُ والبادية بمعنى. ومنه الحديث في باب صلاة الجماعة “ما من ثلاثة في قرية أو بَدْوٍ”. والنسب إليه بدوي، وفي الحديث “من بدا جفا” أي من نزل البادية صار فيه جفاء الأعراب، والبداوة الإقامة في البادية. قال الجوهري: بكسر الباء وفتحها، وهي خلاف الحضارة. قال: قال ثعلب: لا أعرف فتحها إلا عن أبي زيد وحده، والنسبة إليه بداوي وباداه بالعداوة أي جاهره، وتبادوا بالعداوة تجاهروا، وتبدى أقام بالبادية، وتبادى تشبَّه بأهل البادية، وأهل المدينة يقولون: بدينا بمعنى بدأنا، هذا كله كلام الجوهري. بذرق: قوله في أول الحج من “الوسيط” و“الوجيز” وجد بَذْرَقة بأجرة يعني خفيرًا، وهي لفظة عجمية عربت، وهو بفتح الباء وإسكان الذال وفتح الراء وبعدها قاف ثم هاء والذال معجمة. وقال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح: يقال بالدال المهملة وبالمعجمة وقوله في محرم المرأة يبذرقها أي يخفرها. برا: قال الإمام أبو القاسم الرافعي: الاستبراء عبارة عن التربص الواجب بسبب ملك اليمين حدوثًا أو زوالاً، خص بهذا الاسم لأن هذا التربص مُقَدَّرٌ بأقل ما يَدُل على البراءة من غير تكرر، وخص الجزء: 3 ¦ الصفحة: 23 التربص الواجب بسبب النكاح باسم العدة اشتقاقًا من العدد لما فيه من التعدد. قاله المتولي في “التتمة” ويقال: بَرَأت من المرض، وبرئت منه، وبروت، وأبرأته من الدين فبرأ منه. برح: البارحة اسم الليلة الماضية، وقال ثعلب والجمهور: لا يقال البارحة إلا بعد الزوال، ويقال فيما قبله الليلة. وقد ثبت في صحيح مسلم في آخر كتاب الرؤيا متصلاً بكتاب المناقب: عن سمرة بن جندب قال: كان النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا صلى الصبح أقبل علينا بوجهه الكريم، فقال: “هل رأى أحد منكم البارحة رؤيا” هكذا هو في جميع النسخ: البارحة، فيحمل قول ثعلب على أن ذاك حقيقة وهذا مجاز، وإلا فقوله مردود بهذا الحديث. برر: قوله في خطبتي “الروضة” و“المنهاج”: الحمد لله البر. قال إمام الحرمين: البر خالق البر، وحكى الواحدي وغيره أنه الصادق فيما وعد أولياءه، وقولهم في الدعاء عند رؤية الكعبة الكريمة: اللهم زد هذا البيت تشريفًا وتكريمًا وتعظيمًا ومهابة، وزد من شرفه وعظمه ممن حجه واعتمره تشريفًا وتكريمًا وتعظيمًا وبرًا. هكذا هو يذكر المهابة أولاً وحدها، والبر وحده ثانيًا لا يجمع بينهما، وقد ذكروه في “الوسيط” و“المهذب” و“التنبيه” و“الروضة” على الصواب، ووقع في “المختصر” ذكر المهابة في الموضعين، وحذف البر فيهما، ووقع في “الوجيز” ذكر المهابة والبر جميعًا في الأول، وذكر البر وحده ثانيًا. قال الإمام أبو القاسم الرافعي رحمه الله تعالى: أعلم أن الجمع بين المهابة والبر لم نره إلا لصاحب الوجيز ولا ذكر له في الحديث الوارد بهذا الدعاء، ولا في كتب الأصحاب والبيت لا يتصور منه بر، ولا يصح إطلاق هذا اللفظ عليه إلا أن يعني البر إليه. قال: وأما الثاني فالثابت في الخبر البر فقط، ولم تثبت الأئمة ما نقله المزني، هذا آخر كلام الرافعي. قلت: ولإطلاق البر على البيت وجه صحيح، وهو أن يكون معناه أكثر زائريه، فبره بكثرة زيارته، كما أن من جملة بر الوالدين والأقارب والأصدقاء زيارتهم واحترامهم، ولكن المعروف ما تقدم عن الكتب الأربعة. وقد روى أبو الوليد محمد بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن الوليد بن عقبة بن الأزرق بن عمرو بن الحارث أبي شمر الغساني الأزرقي صاحب “تاريخ مكة” فيه حديثًا عن مكحول، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 24 أنه كان إذا رأى البيت رفع يديه، وقال: “اللهم زد هذا البيت تشريفًا وتعظيمًا وتكريمًا ومهابة وبرًا وزد من شرفه” إلى آخره، هكذا ذكره جَمَعَ أولاً بين المهابة والبر كما وقع في “الوجيز” لكن هذه الرواية مرسلة وفي إسنادها رجل مجهول، وآخر ضعيف. قوله في آخر “الوجيز”: لا قطع على النباش في برية ضائعة. قال الرافعي: يجوز برية بالباء الموحدة، ولا يجوز تربة بالمثناة فوق. قلت: والأول أصوب وإن كانا جائزين. برز: في الحديث: “اتقوا الملاعن الثلاث: البَرَازَ في الموارد، والظل، وقارعة الطريق” قال الإمام أبو سليمان الخطابي: البَرَازُ هنا مفتوحة الباء وهو اسم للفضاء الواسع من الأرض كَنَّوْا به عن حاجة الإنسان كما كنوا عنها بالخلاء، يقال: تبرز الرجل إذا تَغوَّط، وهو أن يخرج إلى البراز كما قيل يخلا إذا صار إلى الخلاء. قال الخطابي: وأكثر الرواة يقولون: البراز بكسر الباء، وهو غلط، وإنما البراز: مصدر بارزت الرجل في الحرب مبارزة، وبرازا، هذا آخر كلام الخطابي. وذكر بعض من صنف في ألفاظ “المهذب” من الفضلاء أنه البراز بكسر الباء، قال: ولا تقل بفتحها، قال: لأن البراز بالكسر كناية عن ثقل الغذاء، وهو المراد، وهذا الذي قاله هذا القائل هو الظاهر أو الصواب. قال الجوهري وغيره من أهل اللغة: البراز بكسر الباء ثقل الغذاء وهو الغائط وأكثر الرواة عليه وهذا يعين المصير إليه لأن المعنى عليه ظاهر ولا يظهر معنى الفضاء الواسع إلا بتأويل وكلفة، فإذ لم تكن الرواية عليه لم يُصَرْ إليه والله أعلم، ويقال برز الرجل يبرز بروزًا أي خرج وظهر، وأبرزه غيره إبرازًا وَبَرَّزَهُ تبريزًا، والمبارزة في الحرب معروفة، وبَرَّزَ الرجل في العلم وغيره إذا فاق نظراءه فيه، وكذلك الفرس إذا سبق وامراة بَرْزَة بفتح الباء وإسكان الراء تَبْرُزُ وتخرج في حوائجها وليست مخدرة. والذهب الإبريز هو الخالص، تكرر ذكره في كلام الغزالي، وهو بكسر الهمزة والراء وإسكان الباء الموحدة بينهما. برسم: الأبرسيم معروف، قال ابن السكيت، والجوهري، وغيرهما: هو بكسر الهمزة والراء وفتح السين وهو منصرف معرفة ونكرة، لأن العرب عربته وأدخلت عليه الألف واللام، وأجرتهُ مجرى ما أصْلُ بنائه لهم، وكذلك الديباج، والأجر، والزنجبيل، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 25 ونظائرها. وقال آخرون: إبرسيم بفتح الراء وكسر الهمزة وفتحها فحصل ثلاث لغات. وأما المبرسم فقال الجوهري: البرسام علة معروفة، وقد برسم الرجل فهو مبرسم. وأما قوله في باب الضمان من “مختصر المزني”: لا يصح ضمان المبرسم الذي يهذي، فقال صاحب “الحاوي”: لا اعتبار بالهذيان فمتى كان المبرسم زائل العقل بطل ضمانه وسائر عقوده، سواء كان يهذي أم لا، ولأصحابنا عن قوله يهذي جوابان: أحدهما أنه زيادة ذكرها المزني لغوًا، والثاني لها فائدة وذلك أن المبرسم يهذي في أول برسامه لقوة جسمه، فإذا طال به أضعف جسمه فلم يهذ فأبطل ضمانه في الحالة التي هو فيها صاحب قوة، فالحال التي دونها أولى. برق: قال الزجاج في كتاب “فعلت وأفعلت”: قال أبو عبيدة وأبو زيد: يقال برق وأبرق إذا أوعد وتهدد، وبرقت السماء وأبرقت، قال: والاختيار برق وبرقت، والله أعلم. برك: قال الإمام الواحدي في قول الله تعالى: {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} (المؤمنون: من الآية14) أي استحق التعظيم والثناء بأنه لم يزل ولا يزال، وقيل: معناه ثبت الخير عنده، قاله ابن فارس. وقيل: معناه تعالى إلى، والبركة العلو والنماء. حكاه الأزهري عن ثعلب، وقيل: تعظم وتمجد. قاله الخليل بن أحمد، وقيل غيره. وأصله من البروك، وهو الثبوت، ومنه بركة الماء وبركة البعير، وأما برَكُ الماءِ فواحدتها بِركة بكسر الباء وإسكان الراء، هذا هو المشهور. قال صاحب “مطالع الأنوار”: يقال هكذا ويقال بفتح الباء وكسر الراء. برن: التمر البَرْني بفتح الباء وسكون الراء، قال صاحب “المحكم”: هو ضرب من التمر أصفر مدور، وهوأجود التمر، واحدته برنية. قال أبو حنيفة: وأصله فارسي. قال: إنما هو بَارِنيِ، فالبار الحمل ونيِ تعظيم ومبالغة. برنس: البرنس بضم الباء والنون وإسكان الراء وهو الثوب العروف مذكور في حد لباس المُحرم، وحديثه صحيح مخرج في صحيح البخاري ومسلم وغيرهما. قال الإمام أبو منصور الأزهري، وصاحب “المحكم” وغيرهما من الأئمة: البُرْنُس كل ثوب رأسه منه مُلْتزِق به دَرَّاعَةً كانت أو جُبَّة أو ممطرا. بري: بريت القلم بريًا وأبريت الناقة، جعلت لها بُرَّةً. بزز: ذكر في أول زكاة التجارة من “المهذب” قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 26 في البَز صدقة هو بفتح الباء وبالزاي، وهذا وإن كان ظاهرًا لا يحتاج إلى تقييد، فإنما قيدته لأنني بلغني أن بعض الكُتَّاب صحفه بالبُر بضم الباء وبالراء. قال أهل اللغة: البز الثياب التي هي أمتعة البزاز. بزل: قال الجوهري: بزل البعير يبزل بزولاً فُطِرَ نابُه أي انشق، فهو بازل ذكرا كان أو أنثى، وذلك في السنة الثامنة، والجمع: بُزْل وبُزَّل وبَوَازِل. والبازل أيضًا اسم للسن التي طلعت هذا كلام الجوهري. وقوله في الجمع: بزل وبزل الأول بضم الباء وإسكان الزاي، والثاني بضم الباء وفتح الزاي المشددة. وقوله في صدقة المواشي من “المهذب”: كالثنايا والبزل، يجوز هذان الوجهان فيه، وإنما نبهت عليه لأني رأيت اثنين صَنَّفَا فيه، ضبطه أحدهما بأحد الوجهين، والآخر بالآخر، وغلَّطَ أحَدُهُمَا صاحبه. بسر: قال الجوهري: الْبُسْر أوله طَلْع، ثم خلال، ثم بلح، ثم بُسْر، ثم رُطب، ثم تمر، الواحدة بُسْرة، وبُسُرة، والجمع بُسُرات وبُسَر، وأبسر النخل: صارما عليه بُسْرًا. بشر: البشر الآدميون، قال ابن فارس في “المجمل” سموا بشرًا لظهورهم. قال أبو حاتم السجستاني في كتابه “المذكر والمؤنث”: البشر يكون للرجل والمرأة، وللجمع من الذكور والإناث، تقول: هو بشر، وهي بشر، وهم بشر، وهن بشر، وأما في الاثنين فهما بشران، وفي القرآن العزيز: {أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا} (المؤمنون: من الآية47) قال أهل اللغة: البشرة ظاهر جلد الإنسان والأَدَمَةَ - بفتح الهمزة والدال - باطن الجلد، قالوا: وباشر الرجل المرأة من ذلك؛ لأنه يفضي ببشرته إلى بشرتها، ويقال: بشرت فُلانًا بكذا أبشره تبشيرا، وبشرته - بتخفيف الشين – أبشره بشرا كقتلته أقتله قتلاً لغتان. قال ابن فارس وغيره: والبشارة تكون بالخير والشر، فإذا أطلقت كانت في الخير، والمقيدة مثل قوله عز وجل: {فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} (آل عمران: من الآية21) . قال الواحدي: التبشير إيراد الخبر السار الذي يظهر رجاء في بشرة المخبر، ثم كثر استعماله حتى صار بمنزلة الإخبار. قال: وقال قوم أصله فيما يسر ويغم لأنه يظهر في بشرة الوجه أثر الغم، كما يظهر أثر السرور. قال أهل اللغة: ويقال بشارة وبشارة بكسر الباء وضمها. قال الزجاج في كتاب “فعلت وأفعلت” يقال: بشرت الأديم وأبشرته، وأديم مَبْشور ومُبْشر إذا بَشرتَه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 27 بصر: يقال: أبصرت الشيء إذا رأيته، وبَصُرت به أَبْصُرُ إذا علمته. بطأ: قال الزجاج: بطؤ الرجل في الأمر بطئا وأبطأ إبطاء. بطح: قوله في التيمم من “الوسيط”: يدخل في التراب البطحاء، وهو التراب اللين في مسيل الماء، فالبطحاء بفتح الباء وبالمد، ويقال فيه الأبطح، ذكره الأزهري، وهذا التفسير الذي فسره به هو الصحيح، وبه فسره الأزهري، وذكر اصحابنا العراقيون فيه تفسيرين: أحدهما وبه قطع القاضي أبو الطيب: أنه مجرى السيل إذا جف واستحجر، والثاني: أنها الأرض الصلبة، ذكره الشيخ أبو حامد، وصاحب “الحاوي” وغيرهما. بطن: قال: أقضى القضاة الماوردي في “الأحكام السلطانية” في الباب الثامن عشر في وضع الديوان وأحكامه، قال: رتبت أنساب العرب ست مراتب، جمعت طبقات أنسابهم وهي شعب، ثم قبيلة، ثم عمارة، ثم بطن، ثم فخذ، ثم فصيلة، فالشعب النسب الأبعد مثل: عدنان، وقحطان سمي شعبا لأن القبائل منه تتشعب، ثم القبيلة وهي ما انقسمت فيه أنساب الشعب مثل: ربيعة، ومضر، سميت قبيلة لتقابل الأنساب فيها، ثم العمارة وهي ما انقمست فيه أنساب القبائل: كقريش وكنانة، ثم البطن وهو ما انقسمت فيه أنساب العمارة مثل بني عبد مناف، وبني مخزوم، ثم الفخذ وهو ما انقسمت فيه أنساب البطن مثل بني هاشم، وبني أمية، ثم الفصيلة وهي ما انقسمت فيه أنساب الفخذ مثل: بني العباس وبني أبي طالب، فالفخذ يجمع الفصائل، والبطن يجمع الإفخاذ، والعمارة تجمع البطون، والقبيلة تجمع العمائر، والشعب يجمع القبائل، فإذا تباعدت الأنساب صارت القبائل شعوبًا، والعمائر قبائل، هذا آخر كلام الماوردي. بعث: يقال: بعثه وابتعثه بمعنى أرسله، وبَعَث الكتاب، وبَعَث به. بعد: قولهم في أول الكتب “أما بعد” متكرر في كتب العلماء، وقد ثبت في الصحيحين وغيرهما في أحاديث كثيرة: أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يقول في خطبته وشبهها أما بعد، واختلف في المبتدىء به، وفي ضبطه، فقال جماعة من العلماء: إن فصل الخطاب الذي أعطي داود عليه الصلاة والسلام هو قوله أما بعد، وأنه أول من قال أما بعد. روينا هذا عن أبي موسى الأشعري رضي الله تعالى عنه في “كتاب الجزء: 3 ¦ الصفحة: 28 الأربعين” للحافظ عبد القادر الرهاوي. قال أبو جعفر النحاس في كتابه “صناعة الكتاب”: أن أول من قال أما بعد قس ابن ساعدة. قال النحاس: وقال أبو سلمة بن عبد الرحمن: أول من قالها كعب بن لؤي. قلت: وروينا هذا أيضًا في “الأربعين” قال: وهو أول من سمى يوم الجمعة الجمعة، وكان يقال لها العروبة. قال النحاس: وسئل أبو إسحاق عن معنى أما بعد، فقال: قال سيبويه رحمه الله تعالى: معناها مهما يكن من شيء. قال أبو إسحاق: إذا كان رجل في حديث، فأراد أن يأتي بغيره قال: أما بعد. قال: والذي قاله هو الذي عليه النحويون، ولهذا لم يجيزوا في أول الكلام أما بعد؛ لأنها إنما ضمت لأجل ما حذف منها مما يرجع إلى ما تقدم. قال النحاس: واختلف النحويون في علة ضم قبل وبعد على بضعة عشر قولاً وإن كانوا قد أجمعوا على أن قبل وبعد إذا كانا غايتين فسبيلهما ألا يعربا. قال النحاس: وأجاز الفراء أما بعدًا بالنصب والتنوين. قال: وأجاز أيضًا أما بعد بالرفع والتنوين، وأجاز هشام أما بعد بفتح الدال. قال النحاس: وهذا الذي معروف. قال: وتقول أما بعد أطال الله بقاك فإني نظرت في الأمر الذي كتبت فيه، هذا اختيار النحويين، ويجوز أما بعد فأطال الله بقاك إني قد نظرت في ذلك فتدخل الفاء في أطال، وإن كان معترضًا لقربه من أما، ويجوز أما بعد فأطال الله بقاك فإني، فتدخل الفاء فيهما جميعًا، ونظيره أن زيدًا لفي الدار لجالس، ويجوز أما بعد فأطال الله بقاك فإني نظرت، ويجوز ثم إني نظرت، ويجوز: أما بعد وأطال الله بقاك فإني نظرت، ويجوز أما بعد ثم أطال الله بقاك فإني نظرت، وأجود من هذا: أما بعد أطال الله بقاك، هذا آخر كلام أبي جعفر النحاس. قلت: وروينا في “كتاب الأربعين” للحافظ عبد القادر الرهاوي رحمه الله تعالى قال: روى قول النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في خطبه وكتبه أما بعد: سعد بن أبي وقاص، وعبد الله بن مسعود، وأبو سعيد الخدري، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عمرو، وعقبة بن عامر، وأبو هريرة، وسمرة بن جندب، وعدى بن حاتم، وأبي حميد الساعدي، والطفيل بن سخبرة، وجرير بن عبد الله، وأبو سفيان بن حرب، وزيد بن أرقم، وأبو بكرة، وأنس بن مالك، وزيد بن خالد، وقرة بن دعموص البهزي، والمسور بن مخرمة، وجابر بن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 29 سمرة، وعمرو بن ثعلب، وزر بن أنس السلمي، والأسود ابن شريع، وأبو شريح الخزاعي، وعمرو بن حزم، وعبد الله بن عكيم، وعقبة بن مالك، وعائشة، وأسماء ابنتا أبي بكر الصديق رضي الله عنهم أجمعين، ثم ذكر رواياتهم بالإسناد. بعض: بعض الشيء جزؤه، ونقل صاحب “المهذب” في مسألة أنت طالق ثلاثًا بعضهن للسنة: أن البعض يطلق على القليل والكثير حقيقة، أما قولهم أبعاض الصلاة تجبر بسجود السهو، فمرادهم بها التشهد الأول وجلوسه، والقنوت في الصبح، أو وتر رمضان وقيامه، والصلاة على النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في التشهد الأول، وعلى آله إذا جعلناهما سنة. قال الرافعي: للصلاة مفروضات ومندوبات، فالمفروضات الأركان والشروط، والمندوب قسمان: مندوبات يشرع سجود السهو لتركها، ومندوبات لا يشرع السجود لها، فالقسم الأول يسمى أبعاضًا، ومنهم من يسمي الأول مسنونات، والثاني هيئات قال إمام الحرمين: وليس في تسميتها أبعاضا توقيف، ولعل معناها أن الفقهاء قالوا يتعلق السجود ببعض السنة دون بعض، والتى يتعلق بها السجود أقل مما لا يتعلق به، ولفظ البعض في أقل مسمى الشيء أغلب استعمالاً وإطلاقًا، فلهذا سميت هذه أبعاضًا. وقال بعضهم: السنن المجبورة بالسجود قد تأكد أمرها، وجاوز سائر السنن، وبذلك القدر من التأكيد شاركت الأركان فسميت أبعاضا به تشبيها بالأركان التي هي أبعاض وأجزاء حقيقة، هذا آخر كلام الرافعي. بغى: قال الإمام أبو سليمان الخطابي في كتاب “الزيادات في شرح ألفاظ مختصر المزني” رحمهما الله تعالى ورضي عنهما انبغى لفظة يكررها الشافعي رضي الله عنه، وأنكرها عليه بعض الناس، وقالوا: إنما تكلم به على لفظ المستقبل، وأميت منه الماضي كما: أماتوا ودع ووذر، قال الخطابي: والذي قاله الشافعي صحيح، قال ثعلب: عن سلمة، عن الفراء، عن الكسائى: والعرب تقول ينبغي وانبغى فصيحتان، قال ثعلب عن الأحمر: قرأ اللحياني على الكسائى انبغى في النوادر، وقد تكلم بودع أيضًا. وأنشد الليث: أكبر نفعا من الذي ودعوا وكان ما قدموا لأنفسهم آخر كلام الخطابي. وقال الواحدي: في قول الله تعالى: {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ} (يّس: من الآية69) قال الزجاج: معناه الجزء: 3 ¦ الصفحة: 30 ما يسهل له، واصل ينبغي من قولهم بغيت الشيء أبغيه، أي طلبته، فانبغى لي أي حصل وتسهل، كما تقول كسرته فانكسر. ومن المواضع التي استعمل الشافعي “انبغى” فيها باب عدة المطلقة يملك زوجها رجعتها، وباب القافة. وأما قولهم في كتاب البغي والباغي: فالباغي في اصطلاح الفقهاء هو المخالف للإمام الخارج عن طاعته بالامتناع من أداء ماعليه أو غيره، وله شروط معروفة في كتب المذهب سمي باغيًا لأنه السهو والبغي الظلم. وقيل: لمجاوزته الحد المشروع، وقيل لطلبه الاستعلاء على الإمام، من قولهم: بغيت كذا أي طلبته، ومنه قوله تعالى: {قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصاً} (الكهف:64) . واتفق أصحابنا على البغاة إذا وجدت شروط تسميتهم أنهم بغاة ليسوا فساقًا لكنهم مخطئون في شبهتهم وتأويلهم، واختلف أصحابنا في أنهم عصاة أم لا مع اتفاقهم على أنهم ليسوا فسقة، ومن قال يَعْصُون قال ليست كل معصية فسقًا، والبغي في اللغة التعدي والاستطالة. بقق: البق معروف، الواحدة بقة، قال الزجاج: البقاق كثير الكلام. بقل: البقل معروف، قال الزجاج: بقل وجه الغلام، وأبقل: أي خرجت لحيته. بكر: قال في “مشارق الأنوار”: البكرة التي يستقى بها بإسكان الكاف وفتحها لغتان، قال الزجاج في كتاب “فعلت وأفعلت”: بكر الرجل في حاجته يبكر بكورًا وأبكر إبكارًا. وقال غيره: بكر أيضًا مشددة. بلط: البلوط الذي يؤكل مذكور في “الروضة” في الربا، وهو معروف وهو بفتح الباء، والبلاط بفتح الباء الحجارة المفروشة في الدار وغيرها، ولا خلاف في فتح الباء، وممن نص عليه الجوهري. بلع: قال أهل اللغة: بلعت الشيء بكسر اللام أبلعه بفتحها بلعًا بإسكانها، وأبلعته غيري، قال الجوهري: والبالوعة ثقب في وسط الدار، وكذلك البلوعة. بلل: قال الزجاج في كتاب “فعلت وأفعلت”: يقال بل المريض من مرضه يبل بلولاً وأبل إبلالاً واستبل استبلالاً. بلى: قال الجوهري: البلوة والبلية بكسر الباء فيهما، والبلية بفتحها وتشديد الياء، والبلوى والبلاء واحدة، والجمع البلايا وبلاه الله تعالى بلاء وأبلاه إبلاء حسنًا، وابتلاه اختبره، والتبالي الاختبار، ويكون البلاء الذي هو الاختبار في الخير والشر، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 31 وقوله لا أباليه لا أكترث له، وإذا قالوا لم أبل حذفوا الألف تخفيفا لكثرة الاستعمال كما حذفوا الياء من قولهم لا أدر، وكذلك يفعلون فى المصدر، فيقولون: ما أباليه بالة والأصل بالية مثل عافاه الله تعالى عافية. وناس من العرب يقولون: لم أبله، وبلى الثوب يبلي بلى بكسر الباء، فإن فتحتها مددت، قال العجاج: كر الليال واختلاف الأحوال والمرء يبليه بلاء السربال وأبليت الثوب فبلي وبلى حرف لجواب التحقيق يوجب ما قال لك لأنها ترك للنفي، هذا آخر كلام الجوهري. وقولهم: لا أبالي به قد استعملوه في هذه الكتب وغيرها وهو صحيح، وقد أنكره بعض المتحذلقين من أهل زماننا، وزعم أن الفقهاء يلحنون في هذا، وأن الصواب لا أباليه، وأنه لم يسمع من العرب إلا هذا، وغلط هذا الزاعم بل أخبرنا بجهالته، وقلة بضاعته، بل يقال: لا أبالي به صحيح مسموع من العرب. وقد روى الخطيب الحافظ أبو بكر البغدادي الإمام في أول كتابه “آداب الفقيه والمتفقه” بإسناده: عن معاوية رضي الله تعالى عنه: أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: “من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين، ومن لم يبال به لم يفقهه”، ورويناه هكذا في “حلية الأولياء”. وثبت في الصحيحين: عن أبي برزة رضي الله تعالى عنه قال: كان رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لا يبالي بتأخير العشاء هكذا هو في الصحيحين بتأخير بالباء. وثبت في “صحيح البخاري”: عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: “ليأتين على الناس زمان لا يبالي المرء بما أخذ المال أمن حلال أم من حرام” ذكره في باب قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبا أَضْعَافاً مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (آل عمران:130) في اول كتاب البيوع. وثبت في صحيح مسلم، وسنن أبي داود في كتاب الجنائز منهما: أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أتته امرأة تبكي على صبي لها، فقال لها: اتقي الله واصبري، فقالت: وما تبالي بمصيبتي. وثبت في صحيح البخاري في كتاب “الإيمان”: في باب كيف كانت يمين النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه: أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال لأصحابه: “أترضون أن تكونوا ربع أهل الجنة، قالوا: بلى” هكذا هو في الأصول الجزء: 3 ¦ الصفحة: 32 وفيه التصريح باستعمال بلى جواب النفي. وثبت في صحيح مسلم في كتاب “الهبة”: أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال لوالد النعمان بن بشير في حديث هبته له دون باقي أولاده: “أيسرك أن يكونوا إليك في البر سواء”. قال: بلى. قال: “فلا آذن”. بني: وأما قوله في “الوسيط” و“الوجيز” في مواضع كثيرة: (ابتنت يده على يد الغاصب) ففيه وجهان يبتنيان على القولين ونحو ذلك، فيقع في غالب النسخ يبتنيان بياء مثناة تحت في أوله ثم باء موحدة ثم تاء مثناة فوق، وهكذا يقع ابتنت أوله موحدة ثم مثناة فوق ثم نون، وهذا لحن لأن الابتناء متعد كالبنا فلا يستعمل لازمًا، وصوابه: ينبنيان بمثناة تحت ثم نون ثم موحدة وكذا انبنت بنون ثم موحدة ويجوز ابتنيت بموحدة ساكنة ثم مثناة فوق مضمومة ثم نون مكسورة ثم مثناة تحت مفتوحة ثم مثناة فوق. وقد ذكر الإمام أبو القاسم الرافعي في أوائل “كتاب الغصب” معنى ما ذكرته في الإنكار وبيان الصواب. بها: قوله من “المهذب” في باب من يصح لعانه وكيف اللعان، وفي باب اليمين في الدعاوي: أن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه رأى قومًا يحلفون بين البيت والمقام، فقال: لقد خشيت أن يبهأ الناس بهذا البيت، قوله: يبهأ هو بياء مثناة من تحت مفتوحة ثم باء موحدة ساكنة ثم هاء ثم همزة، ومعناه: يأنسون به فتقل حرمته عندهم، وتذهب مهابته من قلوبهم. قال أهل اللغة: يقال بهأت بالرجل وبهيت به بالفتح والكسر أبهأ بهاء وبهواء أي أنست به. قال الأصمعي: يقال: ناقة بهاء بفتح الباء وبالمد إذا كانت قد أنست بالحالب، وهو من بهأت به أي أنست. قال أبو عمرو الزاهد في “شرح الفصيح” عن الفراء يقال بهيت به وبهأت به وبسئت وبسأت كله بمعنى أنست به. قلت: ضبطه بحروفه وحركاته إلا أن بدل الهاء سين مهملة، وأما البها من الحسن فهو من بهي الرجل على وزن مهموز، فليس من هذه المادة والترجمة. بهم: الإبهام العظمى من الأصابع وهي مؤنثة، وتذكر أيضًا، والتأنيث أكثر وأشهر، ولم يذكر الجوهري غيره. وقال ابن خروف في “شرح الجمل”: تذكيرها قليل، وجمعها أباهم على وزن أكابر. وقال: قال الجوهري: أباهيم بزيادة ياء. والبهمة: اسم للذكر الجزء: 3 ¦ الصفحة: 33 والأنثى من أولاد الضأن والمعز من حين يولد، هكذا قاله الجمهور. قال الزبيدي في “مختصر العين”: البهمة اسم لولد الضأن والمعز والبقر، وجمعها بهم وبهام هذا كلامه. وقال الجوهري: البهام جمع بهم والبهم جمع بهمة وهي أولاد الضأن، ويقع على الذكر والأنثى والسخال أولاد المعز، فإذا اجتمعت البهام والسخال قلت لهما جميعا بهام وبهم. قال الزبيدي في “مختصر العين” البهيمة كل ذات أربع من دواب البر والبحر. بوز: البازي مخفف الياء ولا يجوز تشديدها، وقد أولع كثير من الناس بتشديدها، وهو هذا الطائر المعروف، ويقال فيه: باز ياء وهو مذكر. قال أبو حاتم السجستاني في كتابه “المذكر والمؤنث”: الباز مذكر لا اختلاف فيه، يقال البازي والباز، فمن قال البازي قال في التثنية بازيان وبزاة في الجمع كقاضيان وقضاة، ومن قال باز قال: بازان، وأبواز، وبيزان، قال أبو زيد: يقال للبزاة والشواهين وغيرهما مما يصيد صقور واحدها صقر مذكر والأنثى صقرة، هذا آخر كلام أبي حاتم. قال الجوهري: الباز لغة في البازي وذكر ابن مكي: فيه ثلاث لغات بازي بالتخفيف، قال وهي أعلاهن، وباز، وبازي بالتشديد. ورطن: قوله في “الوسيط” في باب بيع الأصول والثمار اللفظ الثاني الباغ هو بالباء الموحدة والغين المعجمة وهو البستان، وهي لفظة فارسية. وذكر أبو عمرو في “شرح الفصيح”: عن الأصمعي أنه كان يأبى أن يقول بغداد بالذال المعجمة ويقول داذ شيطان، وبغ بستان. قال الكسائى وغيره: هي بغداذ، وبغداد، وبغدان، ومغدان، وسيأتي في موضعه إن شاء الله تعالى. بوق: البوق المذكور في حديث الأذان بضم الباء وهو معروف وفي "المهذب": فقالوا: البوق فكرهه من أجل اليهود فجعله من شعار اليهود، وقد قال الجوهري في "الصحاح": أنشد الأصمعي: زمر النصارى زمرت في البوق. وهذا يدل على أن البوق عندهم للنصارى والذي جاء في صحيح مسلم: "فقال بعضهم: ناقوسًا مثل ناقوس النصارى". وقال بعضهم: قرنا مثل قرن اليهود، وفي صحيح البخاري: "وقال بعضهم بوقًا مثل قرن اليهود". بين: قال أهل اللغة: يقال بان الأمر واستبان بمعنى، وأما قولهم بينا زيد جالس جرى كذا، ويقال بينما بزيادة ميم، فأصله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 34 بين. قال الجوهري: بينا فعلى أشبعت الفتحة فصارت ألفًا وأصله بين، قال: وبينما بمعناه زيدت فيه ما، تقول: بينا نحن نرقبه إذا أتانا أي أتانا بين أوقات رقبتنا إياه والجمبل مما يضاف إليها أسماء الزمان، كقولك أتيتك زمن الحجاج أمير ثم حذف المضاف الذي هو أوقات وولى الظرف الذي هو بين الجملة التي أقيمت إليه، وكان الأصمعي يخفض ما بعد بينا إذا صلح في موضعه بين وغيره يرفع ما بعد بينا وبينما على الابتداء والخبر. باب الباء وحدها قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "من توضأ فبها ونعمت" هو حديث صحيح رواه أبو داود، والترمذي وغيرهما، قال الترمذي وغيره: هو حديث حسن. قال الهروي: قال الأصمعي: قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - "فبها" أي فبالسنة أخذ، قال: وسمعت الفقيه أبا حامد الشاوكي يقول: أراد فبالرخصة أخذ، وذلك أن السنة الغسل يوم الجمعة، فأضمر ولم يذكر الأزهري في "شرح ألفاظ المختصر"، والخطابي في "معالم السنن" سوى قول الأصمعي حكاه عنه. وقال صاحب "الشامل": معناه فبالفريضة أخذ، ونعمت الخلة: الفريضة. قال الخطابي: ونعمت الخصلة، أو نعمت الفعلة أو نحو ذلك. قال: وإنما ظهرت الهاء التي هي علامة التأنيث لإظهار السنة أو الخصلة أو الفعلة، وكذا قال الأزهري: هذه التاء في نعمت هي تاء التأنيث، قال: ونعم ونعمت ضد بئس وبئست، وهما في الأصل نعم ونعمت فخففا. قلت: وهذا هو المشهور في ضبطه، نعمت بكسر النون وإسكان العين وفتح الميم. قال القلعي وغيره: وروي ونعمت بفتح النون وكسر العين وإسكان العين وفتح التاء. وروي: ونعمت بفتح النون والميم وكسر العين على الأصل، والله تعالى أعلم. ومعنى قول الأصمعي: فبالسنة أخذ، أي: بما جوزته السنة وجاءت به، والله تعالى أعلم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 35 فصل في أسماء المواضع باب بني شيبة: مذكور في "الوسيط" و"الوجيز" و"الروضة" هو: أحد أبواب المسجد الحرام زاده الله تعالى فضلاً، ويستحب الدخول منه لكل قادم سواء كان على طريقه أو لم يكن بلا خلاف بين أصحابنا بخلاف دخول مكة من ثنية كداء، فإن فيه خلافًا وكل هذا واضح في هذه الكتب بحمد الله تعالى. والحكمة في الدخول من باب بني شيبة: أنه في جهة باب وجه الكعبة والركن الأسود. قوله في باب الحضانة من "المهذب" أن امرأة قالت: يا رسول الله، هذا ابني سقاني من بئر أبي عنبة، هو عنبة بكسر العين المهملة وفتح النون واحدة العنب، وهذه البئر على ميل من المدينة. بئر بضاعة: بضم الباء وكسرها لغتان مشهورتان ذكرهما ابن فارس في "المجمل" والجوهري وغيرهما، والضم أشهر وأوضح وهي بالمدينة بديار بني ساعدة، قيل: هو اسم للبئر، وقيل: كان إسمًا لصاحبها فسميت باسمه. بئر رومة: ذكر في "المهذب" في باب الوقف: أن عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه اشتراها ووقفها، وهي بضم الراء وبعدها واو ساكنة ثم ميم ثم هاء، وهي بئر معروفة بمدينة النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قال الإمام الحافظ أبو بكر الحازمي في كتابه "المؤتلف والمختلف" في أسماء الأماكن: هذه البئر تنسب إلى رومة الغفاري. قال أبو عبد الله بن منده: رومة صاحب بئر رومة، يقال: إنه أسلم، قال: واشتراها عثمان رضي الله عنه بخمسة وثلاثين ألف درهم. بئر معونة: بالنون، وهي قبل نجد بين أرض بني عامر وحرة بني سليم، وكانت غزوتها في أول سنة أربع من الهجرة بعد أحد بأشهر، وقتل بها خلق من فضلاء الصحابة رضي الله تعالى عنهم، وكان الجيش الذي حضرها أربعين من خيار المسلمين منهم المنذر بن عمرو بن خنيس المعتنق للموت، ويقال المعتنق ليموت، والحارث بن الصمة، وحرام بن ملحان، وعروة بن شماس بن أبي الصلت السلمي، ورافع بن زيد ابن ورقاء، وعامر بن فهيرة فقتلوا كلهم إلا كعب بن زيد، وعمرو بن أمية الضمري، ذكره ابن الأثير في ترجمة المنذر بن عمرو. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 36 بدر: موضع الغزوة العظمي لرسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ماء معروف وقرية عامرة على نحو أربع مراحل من المدينة قال ابن قتيبة في كتابه "المعارف" بدر كانت لرجل يدعى بدرا فسميت باسمه. قال أبو اليقظان: كان بدر رجلاً من بني غفار نسب الماء إليه، وكانت وقعة بدر لسبع عشرة خلت من شهر رمضان في السنة الثانية من الهجرة. ثبت في الصحيحين: من رواية البراء بن عازب: أن عدة أهل بدر ثلاثمائة وبضعة عشر. وفي صحيح مسلم: كانوا ثلاثمائة وتسعة عشر من رواية عمر. وثبت في البخاري: عن ابن مسعود أن يوم بدر كان يومًا حارًا وكانت يوم الجمعة، هذا هو المشهور. وروى الحافظ أبو القاسم بن عساكر في "تاريخ دمشق" في باب مولد النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بإسناد فيه ضعف: أنها كانت يوم الاثنين، قال: والمحفوظ أنها كانت يوم الجمعة. البحرين: مذكور في باب صدقة المواشي من "المهذب" هو: بفتح الباء وإسكان الحاء على صيغة تثنية البحر، وهو اسم لإقليم معروف، والنسبة إلى البحرين بحراني بنون قبل ياء النسب. قال ابن فارس في "المجمل": البحرين بين البصرة وعمان. بخارى: مذكورة في "الروضة" في كتاب الأضحية، هي: بضم الباء، وهي البلدة المشهورة بما وراء النهر، وقد خرج منها من العلماء في كل فن خلائق لا يحصون، ولها تاريخ مشهور، ومن أعلام أهلها الإمام أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري صاحب الصحيح. بزاخة: مذكورة في باب الردة من “المهذب”، وهي: بضم الباء وتخفيف الزاي والخاء المعجمة، وهو موضع. قال صاحب “مطالع الأنوار”: هو موضع بالبحرين. قال: وقال الأصمعي: هو ماء لطي. وقال الشيباني ماء لبني أسد. بصرى: بضم الباء مدينة حوران حسنة صلحًا في شهر ربيع الأول لخمس بقين منه سنة ثلاث عشرة، وهي أول مدينة فتحت بالشام، ذكره كله ابن عساكر، وردها النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مرتين. البصرة: بفتح الباء البلدة المشهورة مصرها عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وفيها ثلاث لغات: فتح الباء، وضمها، وكسرها. حكاهن الأزهري أفصحهن الفتح وهو المشهور، ويقال لها: البصيرة بالتصغير، وتدمر الجزء: 3 ¦ الصفحة: 37 والمؤتفكه؛ لأنها اؤتفكت بأهلها في أول الدهر، أي انقلبت. قاله صاحب “المطالع”. قال أبو سعيد السمعاني: يقال للبصرة قبة الإسلام، وخزانة العرب، بناها عتبة بن غزوان في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه سنة سبع عشرة، وسكنها الناس سنة ثماني عشرة، ولم يعبد الصنم قط على أرضها، كذا قاله لي أبو الفضل عبد الوهاب بن أحمد بن معاوية الواعظ بالبصرة، هكذا كلام السمعاني. والنسبة إلى البصرة: بصرى بكسر الباء وفتحها وجهان مشهوران، ولم يقولوه بالضم وإن ضمت البصرة على لغة لأن النسب مسموع، والبصرة داخلة في سواد العراق وليس لها حكمه، كذا قاله الشيخ أبو إسحاق في “المهذب” وغيره من أصحابنا. البطحاء: مذكورة في باب استقبال القبلة من “المهذب” هي بطحاء مكة وهو - بفتح الباء وبالخاء المهملة وبالمد - وهي الأبطح، وقد تقدم بيانه في حرف الهمزة. بطن نخل: الذي صلى به رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صلاة الخوف مذكور في باب صلاة الخوف من “الوسيط” ونخل - بفتح النون وإسكان الخاء المعجمة - وهو مكان من نجد من أرض غطفان، هكذا قاله صاحب “المطالع” والجمهور. وقال الحازمي: بطن نخل قرية بالحجاز، ولا مخالفة بينهما. بغداذ: قال أبو سعيد السمعاني في كتابه “الأنساب” البغداذي - بفتح الباء المنقوطة بواحدة وسكون الغين المعجمة وفتح الدال المهملة وفي آخرها الذال المعجمة - وهذه نسبة إلى بغداذ، وإنما سميت بهذا الاسم لأن كسرى أهدى إليه خصي من المشرق، فأقطعه بغداذ، وكان لهم صنم يعبدونه بالمشرق يقال له: البغ، فقال بغداذ يقول: أعطاني الصنم. قال: والفقهاء يكرهون هذا الاسم من أجل هذا، وسماها أبو جعفر المنصور: مدينة السلام لأن دجلة كان يقال لها وادي السلام. وروي أن رجلاً ذكر عند عبد العزيز بن أبي رواد بغداذ فسأله عن معنى هذا الإسم، فقال: بغ بالفارسية صنم، وداذ عطيته، وكان ابن المبارك يقول: لا يقال بغداذ، يعني بالذال المعجمعة، فإن بغ شيطان وداذ عطيته، وأنهما شرك، ولكن يقول بغداد يعني بالدالين المهملتين وبغدان كما تقول العرب، وكان الأصمعي لا يقول بغداذ، وينهي عن ذلك ويقول مدينة السلام؛ لأنه سمع في الحديث أن بغ صنم وداذ عطيته بالفارسية، كأنها عطية الصنم، وكان أبو عبيدة، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 38 وأبو زيد يقولان: بغداذ وبغداد، ومغدان وبندان جميعها راجع إلى أنه عطية الصنم، وقيل: عطية الملك، وقال بعضهم: إن بغ بالعجمية بستان، وداذ اسم رجل يعني بستان داذ، والله أعلم. هذا آخر كلام السمعاني. وذكر الخطيب البغدادي هذا كله بمعناه في أول “تاريخ بغداذ” وزاد عن ابن الأنبارى قال: من العرب من يقول بغدان بالباء والنون، ومنهم من يقول بغداد بالباء والدالين. قال ابن الأنبارى: وهاتان اللغتان هما السائرتان في العرب المشهورتان. قال ابن الأنبارى: قال اللحياني: وبعضهم يقول بغذاذ - يعنى بالذالين المعجمتين - وهي أشذ اللغات وأقلها. قال ابن الأنبارى: وبغداد في جميع اللغات تذكر وتؤنث، فيقال: هذه بغداد وهذا بغدان. وقال الفتح الهمداني في كتابه “الاشتقاق” في حرف الزاي: ومن أسماء بغداد الزوراء. البقيع: المذكور في الجنائز، هو بقيع الغرقد، مدفن أهل المدينة، وهو بالباء وهو البقيع المذكور في قوله: كنا نبيع الإبل في البقيع بالدراهم فنأخذ الدنانير. وأما قول الشيخ عماد الدين بن باطيش: لم أجد أحدًا ضبط البقيع في هذا الحديث، وأن الظاهر أنه كان يبيع بالنقيع - بالنون - فإنه أشبه بالبيع من البقيع الذي هو مدفن، فليس كما قال، بل هو البقيع بالباء وهو المدفن، ولم يكن في ذلك الوقت كثرت فيه القبور، وأما قول الشيخ أبي عبد الله محمد بن معن في كتابه "ألفاظ المهذب" أنه بالياء. قال: وقيل هو بالنون، فالظاهر أن حكايته النون عن ابن باطيش، وأما المذكور في إحياء الموات في الحمى فهو النقيع بالنون، هذا هو المشهور الذي قاله الجمهور من اللغويين والمحدثين وغيرهم. وقال بعض أهل اللغة: هو بالباء، حكاه صاحب "مطالع الأنوار" وسيأتي بيانه في النون إن شاء الله تعالى. بكة: زادها الله شرفًا، جاء ذكرها في القرآن العزيز: بكة، ومكة بالباء والميم، فقال جماعات من العلماء: هما لغتان بمعنى واحد. وقال آخرون: هما بمعنيين، واختلفوا على هذا، فقيل: مكة الحرم كله، وبكة بالباء المسجد خاصة، حكاه الماوردي في "الأحكام السلطانية" عن الزهري، وزيد بن سالم، وقيل: مكة اسم للبلد، وبكة اسم للبيت، حكاه الماوردي عن النخعي وغيره، وقيل: مكة البلد، وبكة البيت، وموضع الطواف، سميت بكة لازدحام الناس بها يبك بعضهم بعضًا، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 39 أي يدفعه في زحمة الطواف. البويرة: مذكورة في باب السير من "المهذب" في قطع أشجار الكفار، هي بضم الباء وفتح الواو وبالراء المهملة، وهي نخل بقرب المدينة. البيت: اسم علم للكعبة زادها الله تعالى تشريفًا وتكريمًا وتعظيمَا ومهابة. ويقال: البيت الحرام، كما قال الله تعالى: {جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَاماً لِلنَّاس} (المائدة: من الآية97) . حرف التاء تبع: قال الزجاج وغيره يقال: تبع الشيء وأتبعه بمعنى قال الله تعالى: {فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ} (يونس: من الآية90) . تبل: ذكر في "الروضة" في أوله باب الربا التوابل توابل قدر الطبخ، هو بفتح أول وكسر الباء الموحدة بعد الألف، وهو جمع، وواحدة تابل وتابل بكسر الباء وفتحها لغتان، ذكره الجوهري قال قال أبو عبيد: يقال منه توبلت القدر. تبن: التبن معروف، والتبان مذكور في باب الكفن وباب الإحرام بالحج من "المهذب" هو بضم التاء وتشديد الباء، وهو سراويل قصير جدًا. وقال الجوهري: هو مقدار شبر يستر العورة المغلظة فقط يكون للملاحين. تجر: التجارة تقليب المال وتصريفه لطلب النماء، ويقال منها أتجر يتجر، ويقال تجر يتجر تجرًا وتجارة، والجمع تجار كصاحب وصحاب، ويقال أيضًا: تجار كفاجر وفجار، وقوله في آخر باب زكاة الزرع من "المهذب" يجب العشر والخراج، ولا يمنع أحدهما الاخر كأجرة المتجر، وزكاة التجارة، فالمتجر بفتح الميم وإسكان التاء وفتح الجيم، والمراد به المخزن، وكذا صرح به صاحب "المهذب" في كتابه في الخلاف، فقال كأجرة المخزن، وكذا ذكر غيره من أصحابنا. ترب: التراب معروف، والصحيح المشهور الذي قاله الإمام الفراء والمحققون أنه جنس لا يثنى ولا يجمع، ونقل أبو عمرو الزاهد في "شرح الفصيح" عن المبرد أنه قال: هو جمع واحدته ترابة، والنسبة إلى التراب ترابي. وذكر أبو جعفر النحاس في كتابه "صناعة الكتاب": في التراب الجزء: 3 ¦ الصفحة: 40 خمس عشرة لغة، فقال: يقال تراب ردينة يعني على مثال جعفر واذكرها فحصب بفتح أولهما والإثلب والأثلب الأول بكسر الهمزة واللام، والثاني بفتحهما والثاء مثلثة فيهما، ومنه قولهم بفيه الأثلب، وهو الكثكث بفتح الكافين وبالثاء المثلثة المكررة والكثكث بكسر الكافين والدقعم بكسر الدال والعين والدقعاء بفتح الدال والمد، والرغام بفتح الراء والغين المعجمة، ومنه أرغم الله تعالى أنفه أي الصقه بالرغام، وهو البرا مقصور مفتوح الباء الموحدة، كالعصا والكلخم بكسر الكاف والخاء المعجمة وإسكان اللام بينهما والكملخ بكسر الكاف واللام وإسكان الميم بينهما والخاء أيضا معجمة. والعثير بكسر العين المهملة وإسكان الثاء المثلثة وبعدها مثناة من تحت مفتوحة. قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "عليك بذات الدين تربت يداك" مذكور في نكاح "المهذب" وقوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "فأين الشبه تربت يمينك" مذكور في الغسل من "الوسيط" معناه في الأصل أفتقرت يداك أي افتقرت وأضيفت إلى اليد؛ لأن غالب الاكتساب والتصرفات تكون بها، ثم إن العرب استعملت هذ اللفظة في كلامها غير مريدة معناها في الأصل، ولا تقصد بها الدعاء بوقوع الفقر، بل مرادهم إيقاظ المخاطب بذلك المذكور لعيتني به، ولهذا نظائر كثيرة في كلامهم، والله تعالى أعلم. هذا هو الصحيح الذي قاله المحققون. وقال بعض العلماء: معناه خبت وافتقرت إن لم تفعل ما أرشدتك إليه. قال الزجاج: يقال: تربت الكتاب بالتخفيف، وأتربته لغتان، أي جعلت عليه التراب. ترجم: الترجمة بفتح التاء والجيم، عن لغة بلغة أخرى، يقال منه ترجم يترجم ترجمة، فهو مترجم، وهو الترجمان بضم التاء وفتحها لغتان والجيم مضمومة فيهما والتاء في هذ اللفظة أصلية ليست بزائدة، والكلمة رباعية، وغلطوا الجوهري رحمه الله في جعله التاء زائدة وذكره الكلمة في فصل رجم. تعس: قال الزجاج: يقال تعسه الله تعالى، وأتعسه لغتان. تعتع: التعتة الحركة العنيفة، وقد الجزء: 3 ¦ الصفحة: 41 تعتعه، والتعتعة أن يعي بكلامه من حصر وعي، وقد تعتع في كلامه وتعتعه العي وتعتعة الدابة ارتطامها في الرمل ونحوه. تقن: قال أهل اللغة: إتقان الأمر إحكامه وقد أتقن الرجل الشيء يتقنه إتقانًا، ورجل تقن بكسر التاء وإسكان القاف أي حاذق، وقوله في إحياء الموات من "المهذب": وحريم النهر ملقى الطين وما يخرج منه من التقن هو بكسر التاء وإسكان القاف. قال ابن فارس في "المجمل": التقن الطين والحمأ. تمر: وقوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في حديث عبد الله بن سلام رضي الله تعالى عنه، وهو مذكور في باب السلم من "المهذب": "ولكن أبيعك تمرًا معلومًا" فقوله: تمرًا هو بالتاء المثناة لا بالثاء المثلثة، وهذا الحديث أخرجه ابن ماجه في سننه بمعناه. قال الشيخ أبو محمد الجويني في كتاب الزكاة من كتابه "الفروق" كنت بالمدينة فدخل علي بعض أصدقائي فقال: كنا عند الأمير فتذاكروا أنواع تمر المدينة، فبلغت أنواع الأسود ستين نوعًا، ثم قالوا: وأنواع الأحمر، فبلغت هذا المبلغ. تمم: قولهم: "اللهم رب هذه الدعوة التامة" هي دعوة الأذان. قال صاحب "المطالع": معنى الدعوة التامة، الكلمة الكاملة، وكمالها أن الأذان دعاء إلى طاعة الله تعالى، وفلاح في الآخرة، ونعيم دائم، وثواب كامل هذا كلامه، وهذا لما اشتمل عليه الأذان من التوحيد، والإقرار بالنبوة، والأذكار وغيرها من الخيرات، يقال: تم الشيء وتممته وأتممته لغتان، يقال: تم الله عليك نعمته وأتمها، أي أسبغها. قاله الزجاج. تنا: قوله في "التنبيه" في النكاح: بنت تاجر وأتأن، هكذا هو في النسخ بنون منونة وهو لحن بلا خلاف، وصوابه تأنى بالتاء والهمز. وهذا لا خلاف فيه بين أهل اللغة. قال أهل اللغة: يقال: تنأت بالبلد إذا قطنته. قال ابن فارس، والجوهري: ومنه التأني. قال الجوهري: وجمعه تناء بالضم وتشديد النون والمد، كفاجر وفجار، والأسم التَّنَاءة. تور: قولهم فعل الشيء تارة أخرى، أي مرة أخرى. قال الواحدي: قال الليث: الألف في تارة واو، وجمعها تير وتارات. قال: والفعل أترت الشيء أي أعدته تارة وتارتين وتيرا. قال الجوهري: وربما قالوا تار بحذف الهاء، قال الراجز: "بالويل تارا والثبور تارا" قال: ويقال: أتار إذا أعاد مرة بعد أخرى. توز: قوله في أوائل البيع من " الجزء: 3 ¦ الصفحة: 42 الوسيط" في مسائل بيع الغائب: الفأرة من المسك كالمسح من التوزي، وهو بفتح التاء المثناة من فوق وتشديد الواو المفتوحة وبالزاي وهي نسبة إلى توز بلدة من بلاد فارس مما يلي الهند، كذا قيدها السمعاني والحازمي ومن لا يحصى من العلماء، ولا خلاف فيه، قال السمعاني والحازمي وغيرهما: ويقال فيها أيضًا توج بالجيم. تير: قوله في "الوسيط" في أول كتاب الجراح: لو ألقاه في تيار البحر، هو بفتح التاء وتشديد الياء، قال أهل اللغة: هو موج البحر، ولو قال صاحب الكتاب: ألقاه في البحر لكان أعم وأحسن. فصل في أسماء المواضع تبوك: مذكورة في باب المسح على الخفين من "المهذب" هي بفتح التاء وضم الباء، وهي في طرف الشام صانه الله تعالى من جهة القبلة، وبينها وبين مدينة النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نحو أربع عشرة مرحلة وبينها وبين دمشق إحدى عشرة مرحلة، وكانت غزوة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تبوك سنة تسع من الهجرة، ومنها راسل عظماء الروم، وجاء إليه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من جاء، وهي آخر غزواته بنفسه. قال الأزهري: أقام النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بتبوك بضعة عشر يومًا، والمشهور ترك صرف تبوك للتأنيث والعلمية، ورويته في صحيح البخاري: في حديث كعب في أواخر كتاب المغازي عن كعب ولم يذكر عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حتى بلغ تبوكًا، هكذا هو في جميع النسخ تبوكا بالألف تغليبا للموضع. تستر: مذكور في باب قتل المرتد في "المهذب" وهي بتاءين مثناتين من فوق الأولى مضمومة والثانية مفتوحة بينهما سين مهملة ساكنة، وهي مدينة مشهورة بخورستان. تكريت: بفتح التاء، مدينة معروفة بالعراق، قال أبو الفتح الهمداني: هي تفعيل من قولهم حول كريت؛ أي تام كامل، فسميت بذلك لتكامل الأشياء المطلوبة بها. التنعيم: بفتح التاء، هو عند طرف حرم مكة من جهة المدينة والشام، على ثلاثة أميال وقيل أربعة من مكة، سمي بذلك لأن عن يمينه جبلاً يقال له: نعيم، وعن شماله جبلاً يقال له: ناعم، والوادي نعمان. وقوله في "التنبيه": الأفضل أن يُحرم بالعمرة من الجزء: 3 ¦ الصفحة: 43 التنعيم مما أنكروه عليه، والصواب أن يقول يحرم من الجعرانة، فإن لم يكن فمن التنعيم، وهكذا قاله هو في "المهذب" والأصحاب قالوا: وبعد التنعيم الحديبية، وإنما ذكرت التنعيم هنا وإن كانت التاء زائدة مراعاة للفظ، كما قدمت الاعتذار عنه في الخطبة، ونقل الأزرقي عن عطاء بن أبي رباح أنه قال الموضع الذي اعتمرت منه عائشة رضي الله تعالى عنها هو وضع المسجد وراء الأكمة. تهامة: مذكورة في الكتب في بابي الحيض، والزكاة، وفي مواقيت الحج، وكتاب الجزية من "المهذب" هي بكسر التاء، وهي اسم لكل مانزل عن نجد من بلاد الحجاز، ومكة من تهامة. قال ابن فارس في "المجمل": سميت تهامة من التهم يعني - بفتح التاء والهاء - وهو شدة الحر وركود الريح، وقال صاحب "المطالع": سميت بذلك لتغير هوائها، يقال: تهم الدهر إذا تغير. وذكر الحافظ الحازمي في "المؤتلف" أنه يقال في جمع أرض تهامة تهائم. تيماء: بفتح التاء وبالمد بلدة معروفة بين الشام والمدينة على نحو سبع أو ثمان مراحل من المدينة. قال أبو الفتح الهمداني: هي فعلى من التيم، قال: والتيم في العربية العبد، ومنه قولهم تيم الله أي عبد الله، وقد تيمه الحب أي استعبده، فكأن هذه الأرض قيل لها تيماء لأنها مذللة معبدة. حرف الثاء ثدي: الثدي بفتح الثاء يذكر ويؤنث لغتان مشهورتان، والتذكير أشهر، ولم يذكر الفراء وثعلب غيره، فممن ذكر اللغتين ابن فارس والجوهري، واستعمله في "التنبيه" مؤنثا في قوله: وأن جنى على الثدي شلت، فأثبت الثاء في فشلت وجمعه أثد كأيد وثدي وثدي بضم الثاء وكسرها والدال مكسورة الوقوف والياء فيهما مشددة، وقال الجوهري: الثدي للمرأة والرجل. قال ابن فارس: الثدي للمرأة، ويقال لذلك من الرجل ثندوة بفتح الثاء بلا همز وثندؤة بالضم والهمز فأشار إلى تخصيصه. وقد ثبت في الحديث الصحيح: أن رجلا وضع ذباب سيفه بين ثدييه. ثرى: قال الزجاج: ثرى القوم وأثروا كثرت أموالهم، وثرى المكان وأثرى إذا ندى بعد يَبَس، وكثر فيه الندى. ثغر: قولهم أهم المصالح سد الجزء: 3 ¦ الصفحة: 44 الثغور، وهو جمع ثغر بفتح الثاء وإسكان الغين، وهو الطرف الملاصق من بلاد المسلمين بلاد الكفار، ومنه قولهم في باب الوقف: وقف على ثغر طرسوس، والمراد بسد الثغور الأنفاق على الأجناد ونحوهم من المقيمين لحفظها. قولهم: قلع سن صبي لم يثغر، هو بضم الياء وإسكان الثاء المثلثة وفتح الغين، يقال: ثغر الصبي بضم الثاء وكسر الغين يثغر فهو مثغور، كضرب يضرب فهو مضروب إذا سقطت رواضعه. فإذا نبتت قيل أتغر بتاء مثناة فوق مشددة على مثال اتغرر قلبت الثاء تاء ثم أدغمت، وقولهم: لا تقلع سن البالغ الذي لم يثغر. قال الرافعي: المراد منه المثغور وغير المثغور، وجرى ذكر الصبي والبالغ على العادة الغالبة في الحالين. ثلث: قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “لا تصروا الغنم فمن ابتاعها بعد ذلك فهو بخير النظرين بعد أن يحلبها ثلاثًا” الحديث، فقوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثلاثًا معناه ثلاثة أيام، وقد جاء في صحيح مسلم التصريح بذلك، فقال: “من ابتاع مصراة فهو بالخيار ثلاثة أيام” رواه كذلك من طريقين. وفى رواية أبى يعلى الموصلى: “من ابتاع محفلة فهو بالخيار ثلاثة أيام”، وإنما بينت هذا مع أنه ظاهر؛ لأن بعض الناس توهم أن المراد ثلاث حلبات، وهذا خطأ. وحديث المصراة هذا ثابت متفق على صحته، أخرجه البخاري ومسلم، وسيأتي إن شاء الله تعالى الكلام على الباقي من ألفاظه. ولا يقال لو كان المراد الأيام لقال ثلاثة ولم يقل ثلاثا كما توهم بعض الجهلة، فإن لغة العرب أنهم إذا لم يذكروا الأيام حذفوا الهاء، وإن كان المراد الأيام يقولون صمنا عشرًا، وسرنا خمسًا، وسيأتي بيان هذا إن شاء الله في حرف السين من قوله: “من صام رمضان فأتبعه بست من شوال”. ثمر: في حديث سهل بن أبي خيثمة رضي الله تعالى عنه: أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - “نهى عن بيع الثمر بالتمر” الأول بالثاء المثلثة، والثاني بالمثناة. ثمن: قال الأزهري: قال الليث: ثمن كل شيء قيمته، قال قال الفراء: إذا اشتريت ثوبًا بكساء أيهما شئت تجعله ثمنًا لصاحبه؛ لأنه ليس من الأثمان، وما كان ليس من الأًثمان مثل الرقيق العروض فهو على هذا تدخل الباء في أيهما شئت، فإذا جئت إلى الدراهم والدنانير وضعت الباء في الثمن لأن الدراهم ثمن أبدلوا والباء، إنما تدخل في الأثمان، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 45 فإذا اشتريت أحد هذين - يعني الدنانير أو الدراهم - وأتيت بصاحبه أدخلت الباء في أيهما شئت لأن كل واحد منهما في هذا الموضع مبيع، وثمن هذا ما ذكره الأزهري عن الفراء. قال الهروي أيضًا: الثمن قيمة الشيء. وقال صاحب "المحكم": الثمن ما استحق به الشيء. قال: والجمع أثمان وأثمن لا يتجاوز به أدنى العدد، وقد أثمنه بسلعته، وأثمن له. قال صاحب "المحكم" الثمن والثمن والثمين من الأجزاء معروف، وهي الأثمان والثمانية من العدد معروف أيضًا، يقال: ثمان على لفظ يمان، وليس بنسب وقد جاء في مصروف حكاه سيبويه وقال أبو على الفارسى ثمان للنسب، وحكى ثعلب ثمان في حال الرفع. قال الأزهري: قال أبو حاتم عن الأصمعي: يقال ثمانية رجال وثماني نسوة، ولا يقال ثمان، وقال: هن ثماني عشرة امرأة مفتوحة الياء، وهما اسمان جعلا إسمًا واحدًا، ففتحت أواخرهما، وكذلك رأيت ثماني عشرة امرأة، ومررت بثماني عشرة امرأة. ثوب: قال الزجاج: يقال ثاب إلى الرجل جسمه إثابة أي رجع بعد النحول. ثوى: قال الزجاج: قال أبو عبيدة وأبو الخطاب: يقال ثوى الرجل بالمكان وأثوى أي أقام به، والله تعالى أعلم. فصل في أسماء المواضع ثبير: المذكور في صفة الحج، هو بثاء مثلثة مفتوحة ثم باء موحدة مكسورة ثم ياء مثناة من تحت ثم راء، وهو جبل عظيم بالمزدلفة على يسار الذاهب منها إلى منى، وعلى يمين الذاهب من منى إلى عرفات، فهذا هو المراد في مناسك الحج، وللعرب جبال أخرى يسمى كل واحد منها ثبير، قال أبو الفرج الهمداني: كان محمد بن الحسن يقول إن في العرب أربعة أجبال إسم كل واحد منها ثبير، وكلها حجازية. ثنية كدي: تأتي في الكاف إن شاء الله تعالى حرف الجيم جبب: وقوله في أول كتاب الحج من "المهذب" لقوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "الإسلام يجب ما قبله" صحيح، وهو حديث رواه مسلم في صحيحه من رواية الجزء: 3 ¦ الصفحة: 46 عمرو بن العاصي في حديث طويل، ولفظه في مسلم: "الإسلام يهدم ما قبله"، والذي وقع في "المهذب" يجب بالجيم والباء الموحدة. وروينا في "كتاب الأنساب" للزبير بن بكار يحت بالحاء والتاء المثناة، وهو صحيح أيضًا بمعنى الأول والله تعالى أعلم. وفي الحديث الآخر: "التوبة تجب ما قبلها" ذكره في آخر باب قطع الطريق، والجب في اللغة: القطع والمجبوب المقطوع ذكره، وهو أقسام: مقطوع كله وبعضه، وله تفاصيل وأحكام معروفة في كتب المذهب، والجبة من الثياب معروفة جمعها جباب، وفي حديث علي رضي الله تعالى عنه في قصة حمزة والشرب خرج إلى الناقتين "فاجتب أسنمتهما"، وفي رواية فجب، وفي رواية العالمين فأجب، وهي غريبة، ويقال جب ذكره وأجبه. جبر: وقد قال الشافعي رضي الله تعالى عنه في باب الرضاع إذا بلغ الموقوف جبر على الانتساب، أي قهر وأكره، وأنكر هذا عليه جماعة قالوا إنما يقال أجبر، وهذا الإنكار غلط، نقل البيهقي في كتابه رد الانتقاد على ألفاظ الشافعي عن الفراء والمبرد أنه يقال أجبرته وجبرته بمعنى أكرهته. وقال الخليل في كتابه "العين": الجبر الإكراه وذكر الزجاج في كتاب "فعلت وأفعلت" أنه يقال جبرت الرجل على الأمر وأجبرته، أي: أكرهته. جدد: قوله في "المهذب" في أول باب التكبير في حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: "أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يخرج في العيدين مع الفضل بن العباس" إلى قوله: "ويأخذ طريق الحدادين" وهذا الحديث أخرجه البيهقي في سننه بإسناد ضعيف، ورويناه في سنن البيهقي الجدادين بالجيم والحدادين بالحاء المهملة معًا، وضبطناه في "المهذب" عن شيخنا كمال الدين سلار رحمه الله تعالى بالحاء. وذكره ابن البرزي في كتابه في ألفاظ "المهذب" وغيره ممن صنف في ألفاظ "المهذب" بالجيم وبالحاء جميعًا والله تعالى أعلم. قوله في الجنائز من "المهذب" في حديث فاطمة رضي الله تعالى عنها: "فلبست ثيابًا جددًا" هو بضم الدال لجمع جديد، كسرير وسرر وشبهه، هذه هي اللغة المشهورة. قال جماعات من أهل اللغة: لا يجوز أن يقال جدد بفتح الدال، وأنكر هذا المحققون من أهل النحو والتصريف واللغة، وقالوا: يجوز الفتح على التخفيف، وكذلك بفتح الراء من سرير، وما أشبهه مما يكون الحرف الثاني والثالث منه واحدا، وقد ذكرت ذلك الجزء: 3 ¦ الصفحة: 47 أيضا في حرف السين، ونقلت أقوال أهل اللغة فيه. وفي حديث أبي هريرة: أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "ثلاث جدهن جد وهزلهن جد النكاح، والطلاق، والعتاق" هكذا وقع هذا الحديث في "الوسيط" وكذا وقع في بعض نسخ "المهذب" وفي بعضها والرجعة بدل العتاق، وهذا هو الصواب، وهكذا رواه أئمة الحديث: النكاح، والطلاق، والرجعة، رواه أبو داود، والترمذي، وابن ماجه، والبيهقي، وغيرهم. قال الترمذي: هو حديث حسن. وقوله في دعاء الاستفتاح: "وتعالى جدك" مفتوح الجيم أي ارتفعت عظمتك، وقيل المراد بالجد الغنى وكلاهما حسن، ولم يذكر الخطابي إلا العظمة، ومنه قوله تعالى إخبارًا عن الجن: {وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا} (الجن: من الآية3) أي عظمته، وقوله: "ولا ينفع ذا الجد منك الجد" هو بفتح الجيم فيهما على الصحيح المشهور، وحكى ابن عبد البر وجماعة كسر الجيم أيضًا. قال الزجاج: يقال جد في الأمر وأجد إذا ترك الهوينى. قال: ومنه جاد مجد. جدل: الجدل والجدال والمجادلة مقابلة الحجة بالحجة، وتكون بحق وباطل فإن كان للوقوف على الحق كان محمودًا. قال الله تعالى: {وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (النحل: من الآية125) وإن كان في مرافعة أو كان جدالاً بغير علم كان مذمومًا. قال الله تعالى: {مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا} (غافر: من الآية4) وأصله الخصومة الشديدة وسمي جدلاً لأن كل واحد منهما يحكم خصومته وحجته إحكامًا بليغًا على قدر طاقته تشبها بجدل الحبل، وهو إحكام قتله، يقال جادله يجادله مجادلة وجدالا، وعلى هذا التفصيل الذي ذكرته ينزل ما جاء في الجدل من الذم والإباحة والمدح، وقد ذكر الخطيب في كتابه كتاب "الفقيه والمتفقة" جميع ما جاء في الجدل ونزله على هذا التفصيل وبين ذلك أحسن بيان، وكذلك ذكره غيره، وقد صار الجدل علما مستقلا، وصنفت فيه كتب لا تحصى، وممن صنف فيه الشيخان صاحبا هذه الكتب أبو إسحاق، والغزالي، وكتاباهما معروفان. وأول من صنف فيه أبو علي الطبري ذكر في "المهذب" في باب العقيقة أن في الحديث أنها تطبخ جدولا وهو بضم الجيم والدال، وهو الأعضاء، وأحدها جدل بفتح الجيم وإسكان الدال، فمعنى الحديث أنها تفصل أعضاؤها ولا تكسر وذكر في باب المياه في "الوسيط" الجدول وهو بفتح الجيم وإسكان الدال وفتح الواو وهو النهر الصغير. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 48 جدي: الجدي بفتح الجيم قال الأزهري في باب العين والياء من "تهذيب اللغة": قال أبو عمرو: العبعب بالفتح الجدي. وقال ابن الأعرابي: وهو العبعب - يعني بضم العينين - والعطعط، والعريض، والأمر، والهلع، والطلى، واليعمور، والبيعر، والرعام، والقرام، والدغال، واللساد. قال صاحب "المحكم" في باب العين والخاء واللام: الخالع إسم للجدي. جذم: قوله في باب الأذان من "المهذب": هو بكسر وإسكان الذال المعجمة، وهو أصل الحائط، قال أهل اللغة: جذم الشيء أصله. جرب: الجريب المذكور في باب هو بفتح الجيم وكسر الراء. قال الأزهري في "تهذيب اللغة": الجريب من الأرض مقدار معلوم المساحة وهو عشرة أقفزة كل قفيز منها عشرة أعشر، فالقفيز جزء من مائة جزء من الجريب. قال قال الليث: وجمع جريب الأرض جربان، والعدد أجربة. جرثم: قوله في "الوسيط" في كتاب الخراج في مسائل الإكراه على القتل لو أكره إنسانًا على أن يرمي على طلل غرفة فرمى المكره إنسانًا يظنه الرامي جرثومة الجرثومة هنا بضم الجيم والثاء المثلثة هي شيء مجتمع من تراب أو أحجار أو نحوها، قال الجوهري يقال: تجرثم الشيء وأجرنثم إذا اجتمع. جرد: قال أهل اللغة: رجل أجرد بين الجرد بفتح الجيم والراء لا شعر عليه، والجمع جرد، وفرس أجرد إذا رق شعره، وأرض جردة، وفضاء أجرد لا نبات فيه والجمع أجارد. قال الجوهري: والجريد الذي تجرد عنه الخوص ولا يسمى جريدا ما دام عليه الخوص، وإنما يسمى سعفا الواحدة جريدة، وكل شيء جردته عن شيء فقد جردته عنه والمقشور المجرود وما قشر عنه جرادة، ورجل جارود أي: مشؤوم، وسنة جارود أي: شديدة المحل، ويقال: جريدة من خيل للجماعة جردت عن باقي الجيش لوجه، وعام جريد أي تام، قال الكسائى: ما رأيته مذ أجردان أو مذ جريدان أي: يومان أو شهران، ويقال: فلان حسن الجردة، والمجرد والمتجرد كقولك حسن العرية والمعرى، وهما بمعنى، والجردة بالفتح البردة المتجردة الخلق، والتجريد التعرية من الثياب، وتجريد السيف انتضاؤه، والتجرد التعري، وتجرد للأمر أي: جد فيه، وأنجرد بنا السير أي: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 49 أمتد وطال، وانجرد فيه الثوب انسحق، ولأن الجراد معروف الواحدة جرادة. قال الجوهري: تقع الجرادة على الذكر والأنثى، والجراد: اسم جنس كالبقر والبقرة، وجردت الأرض فهي مجرودة أي: أكل الجراد نبتها. قولهم: تصريف الجريد مذكور في حرف الصاد. وأما قوله في “الوجيز” في المساقاة، ويلزمه تصريف الجرين ورد الثمار إليه فهكذا هو في النسخ الجرين بالنون، وقد أنكره عليه بعض الأئمة، وقال: إنما قال الشافعي رحمه الله تعالى: وتصريف الجريد بالدال، قال: والصواب أن يقال: وتصريف الجريد وتسوية الجرين ورد الثمار إليه، وأجاب الرافعي عنه فقال: قد علم أن التجفيف قد يحوج إلى تسوية الجرين، وحمل التصريف على التسوية ليس ببعيد، ولا ضرورة إلى تغليط صاحب الكتاب، وغايته أن يكون تصريف الجريد مسكوتا عنه. جرس: الجاورس المذكور في زكاة النبات، هو بفتح الواو وإسكان الراء، وهو حب صغار شبيه بالذرة، إلا أنه أصغر منها، وأصله كالقصب أقصر ساقا من الذرة، وهو معرب. جرن: الجرين بفتح الجيم وكسر الراء، هو الموضع الذي يجفف فيه الثمار، قال الجوهري: هو الجرين، والجرن بضم الجيم وإسكان الراء، وجرن الثوب جرونا إنسحق ولان، فهو جارن، وكذلك الزرع، والجرن الأرض الغليظة، وقوله في المساقاة من ”الوجيز” ويلزم العالم تصريف الجرين، هكذا هو بالنون، وقد سبق بيانه في فصل جرد. جرو: قال أهل اللغة: الجرو والجرو، والجرو بكسر الجيم وضمها، وفتحها ثلاث لغات هو ولد الكلب والسباع، والجمع أجر وجرأ، وجمع الجرأ أجرية، قال الجوهري: والجرو والجروة يعني بكسرهما هو الصغير من القثاء، وكذلك جر الحنظل، والرمان، وكلبة مجرو ومجرية أي معها جراؤها. جزر: الجزر الذي يؤكل بفتح الجيم والزاي، الواحدة جزرة بفتحهما، ويقال: جزر في الجمع، وجزرة في الواحدة بكسر الجيم وفتح الزاي قاله في المحكم وغيره، وقال في المحكم، قال ابن دريد: لا أحسبها عربية، وقال أبو حنيفة: أصله فارسي. جزيرة العرب: قد ذكر في المهذب حدها، والاختلاف فيه، قال صاحب المحكم: إنما سميت بذلك لأن بحر فارس الجزء: 3 ¦ الصفحة: 50 وبحر الحبش ودجلة والفرات قد أحاطوا بها، والجزيرة أرض بنجزر عنها الماء والجزور بفتح الجيم من الإبل. قال الجوهري: يقع على الذكر والأنثى، وهي تؤنث والجمع الجزر، قال صاحب المحكم: الجزور الناقة الجزورة، والجمع جزائر وجزر وجزرات جمع الجمع كطرق وطرقات. قال الجوهري: جزرت الجزور أجزرها بالضم، واجتزرتها إذا نحرتها وجلدتها، قال: والمجزر بكسر الزاي موضع جزرها. جزف: الجزاف بيع الشيء واشتراؤه بلا كيل ولا وزن، وهو يرجع إلى المساهلة، قاله في المحكم، قال: وهو دخيل، وقال الجوهري: هو فارسي معرب، وذكره الجوهري بكسر الجيم، وجدته كذا مضبوطا في نسخة معتمدة، وكذلك نص عليه غير واحد من الأئمة منهم صاحب مطالع الأنوار، وذكره صاحب المحكم بكسر الجيم وفتحها، قال: وهو وتبطلها أيضًا، قال الجوهري: أخذته مجازفة وجزافًا، ورأيته مضبوطا في نسخة معتمدة من تهذيب اللغة للأزهري عليها خط الأزهري، قال يقال: جزاف، وجزاف ضبط الأول بالكسر، والثاني بالضم، فحصل ثلاث لغات كسر الجيم وفتحها وضمها، والله تعالى أعلم. جزى: والجزية بكسر الجيم، جمعها جزى بالكسر أيضًا كقربة، وقرب ونحوه، وهي مشتقة من الجزاء كأنها جزاء إسكاننا إياه في دارنا، وعصمتنا دمه، وماله، وعياله، وقيل: هي مشتقة من جزي يجزى إذا قضى، قال الله تعالى: {واتقوا يوما لا تجزى} أي: لا تقضي. جسق: قوله في المهذب في باب حد السرقة: وإن سرق من البيوت التي فى غير العمران كالجواسق التي في البساتين، هي جمع جوسق بفتح الجيم وإسكان الواو وفتح السين المهملة وهو القصر، كذا قاله الجوهري، وغيره، قال ابن الجواليقي وغيره: هو فارسي معرب. قال أهل اللغة: لم تجتمع الجيم والقاف في كلمة من كلام العرب، وإنما يجتمعان في المعرب. قال الجوهري: أو في حكاية. جسم: قال الجوهري: قال أبو زيد: الجسم الجسد، وكذلك الجسمان والجثمان، وقال الأصمعي: الجسم والجسمان الجسد، والجثمان الشخص، وقد جسم الشيء بالضم أي: عظم، فهو جسيم وجسام. قال أبو عبيدة: تجسمت فلانًا من بين القوم أي: اخترناه، كأنك قصدت جسمه، وتجسم من الجسم، والأجسم الأعظم، وأما الجسم الذي يطلقه الجزء: 3 ¦ الصفحة: 51 المتكلمون فهو ماتركب من جزءين فصاعدًا، والجوهر الفرد ما تحيز، والعرض ما قام به الجسم، أو بالجسم، أو بالجوهر، لا غنى به عنه متحركًا كان أو ساكنًا، وقد اختلفوا في إثبات الجوهر الفرد، قالوا: وهذه الأقسام الثلاثة هي جملة المخلوقات لا يخرج عنها شيء منها، والله سبحانه وتعالى منزه وعن كل واحدة منها، ويستحيل ذلك عليه سبحانه وتعالى. جيس: قوله في باب بيع الأصول والثمار من المهذب: إن كانت الثمرة مما يقطع بسرا كالجيسوان هو بجيم مكسورة، ثم ياء مثناة من تحت ساكنة، ثم سين مهملة مفتوحة، ثم واو، ثم ألف، ثم نون، وهو جنس من البسر أسود اللون، نخلته غليظة الجذع طويلة العنق، أطول النخل عنقا طويلة الجريد، والخوص كثيرة السعف قائمته دقيقة الشوك مزدوجة الشوك، طويلة العرجون والشمراخ، وبسرتها تؤكل حمراء أو خضراء، فإذا رطبت فسدت، وقيل: إنها نخلة مريم عليها السلام. جعر: قوله في باب السلم من الوسيط: ولو أسلم في الرديء لم يجز إلا في رداءة النوع كالجعرور، هو بضم الجيم والراء المهملة، وبينهما عين ساكنة مهملة، وهو رديء التمر. قال الأزهري: قال الأصمعي: الجعرور ضرب من الدقل يحمل شيئًا صغارا لا خير فيه. قال ابن فارس: قال أبو عبيدة: الجعرور الدقل. جعل: وأما قولهم باب الجعالة: فهي بكسر الجيم، وأصلها في اللغة وفي اصطلاح العلماء ما يجعل للإنسان على شيء يفعله، ومثلها الجعل والجعيلة، وصورتها أن يقول من رد عبدي الآبق أو دابتي الضالة، أونحوهما فله كذا، وهو عقد صحيح للحاجة، وتعذر الإجارة في أكثره. جفر: قولهم: في جزاء الصيد: “في اليربوع جفرة، وفي الأرنب عناق”، الجفرة بفتح الجيم وإسكان الفاء، قال أهل اللغة: هي الأنثى من ولد المعز تفطم وتفصل عن أمها فتأخذ في الرعي، وذلك بعد أربعة أشهر، والذكر جفر، وأما العناق: فهي الأنثى من ولد المعز من حين يولد إلى أن يرعى. قال الرافعي: هذا معناهما في اللغة، قال: لكن يجب أن يكون المراد بالجفرة هنا ما دون العناق، فإن الأرنب خير من اليربوع، وقال عياض في حديث أم زرع: قال ابن الانبارى وابن دريد: الجفرة من أولاد الضأن، وقال أبو عبيدة وغيره: من أولاد المعز. قوله في مختصر المزني يقول في السلم في البعير غير مودن نقي من العيوب سبط الخلق مجفر الجنين، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 52 قال الرافعي: المودن ناقص الخلقة، والسبط المديد القامة الوافر الأعضاء، ومجفر الجنين عظيمهما وواسعهما، قال: واتفق الأصحاب على أن ذكر هذه الأمور تأكيدا وليس بشرط. جفل: يقال جفل القوم، وأجفلوا إذا انهزموا بجماعتهم. جفن: الجفنة بفتح الجيم وإسكان الفاء، قال الأزهري: في باب قعر، قال ابن الأعرابي: القعر والجفنة والمعجن والشيزى والدسيعة بمعنى. جفا: قال الإمام أبو منصور الأزهري: قال الليث: يقال: جفا الشيء يجفو جفاء ممدودا كالسرج يجفو عن الظهر إذا لم يلزم، وكالجنب عن الفراش، وتجافى مثله، والحجة في أن جفا لازما بمعنى تجافى. قول العجاج يصف الثور: وشجر الهداب عنه فجفا يقول: رفع هداب الأرطي بقرنه حتى تجافى عنه، ويقال: جافيت جنبي عن الفراش فتجافى، وأجفيت القتب عن ظهر البعير فجفا. قال الليث: والجفا يقصر ويمد نقيض الصلة. قال الأزهري: قلت: الجفاء ممدود عند النحويين، وما أعلم أحدا أجاز فيه القصر، قال: والجفوة ألزم في ترك الصلة من الجفا؛ لأن الجفا قد يكون في فعلاته إذا لم يكن له ملق ولا لبق، قال الأزهري: تقول جفوته أجفوه جفوة أي: مرة واحدة، وجفاء كثيرا مصدر عام، والجفاء يكون في الخلقة، والخلق يقال رجل جافى الخلقة، وجافي الخلق إذا كان غليظ العشرة، ويكون الجفا في سوء العشرة، والخرق في المعاملة والتحامل عند الغضب وسورته على الجليس، هذا آخر ما نقلته عن الأزهري. وقال صاحب المحكم: جفا الشيء جفاء وتجافي لم يلزم مكانه، واجتفيته أنزلته عن مكانه، وجفا جنبه عن الفراش، وتجافى نبا عنه ولم يطمئن عليه، وجفا الشيء عليه ثقل، والجفاء نقيض الصلة وهو من ذلك، وقد جفاه جفوا وجفاءا وجفاه ماله لم يلازمه، ورجل فيه جفوة وجفوة، فإذا كان هو المجفو قيل: به جفوة. جلب: الجلباب بكسر الجيم هو الملحفة، وجمعه جلابيب والجلبان معروف، وهو أكبر من الماش. قال أهل اللغة: وهو الخلن بضم الخاء، وتشديد اللام المفتوحة، وله في كتاب الصيام من المختصر والوسيط، وأكره العلك؛ لأنه يجلب الغم. ذكر الروياني في البحر: أنه ضبط بالجيم وبالحاء المهملة، فمن قال: بالجيم، فمعناه يجلب الريق ويجمعه فربما ابتلعه، وذلك مفطر في أحد الوجهين، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 53 ومكروه في الآخر، قال: وقيل: معنى يجلب الغم أي يطيب النكهة ويزيل الخلوف، ومن قاله بالحاء فمعناه يمتص الريق ويجهد الصائم فيورث العطش. جلو: قال الزجاج وغيره: يقال جلا القوم، وأجلوا عن ديارهم إذا رحلوا عنها. جمر: جمار الرمي في الحج معروفة: وهي الحصى، وصفتها معروفة في هذه الكتب، وكذا كيفية الرمي، وأحكامه. وروى أبو الوليد الأزرقي عن ابن عباس وابن عمر وأبي سعيد الخدري وسعيد بن جبير رضي الله تعالى عنهم، قالوا: ما تقبل من الجمار رفع، وما لم يتقبل ترك، قال ابن عباس: وكل بها ملك. جمع: يوم الجمعة معروف، ويقال: بضم الميم وإسكانها وفتحها، فأما الضم والإسكان فمشهورتان، وأما الفتح فغريبة حكاها الواحدي عن الفراء رحمهما الله تعالى. قال الفراء: الضم قراءة عامة القراء، والإسكان قراءة الأعمش، والفتح لغة بني عقيل، كأنهم ذهبوا بها إلى صفة اليوم؛ لأنه يجمع الناس، كما يقال: ضحكة للذي يكثر الضحك، وسمي يوم الجمعة لاجتماع الناس فيه، هذا هو الأشهر في اللغة، وجاء في الحديث عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أنها سميت به لأن آدم عليه السلام جمع فيها خلقه، وقيل: لأن المخلوقات اجتمع خلقها، وفرع منها في يوم الجمعة، وجمع الجمعة جمع وجمعات، ويقال: جمع القوم بتشديد الميم يجمعون أي: شهدوا الجمعة فصلوها، وكان يوم الجمعة يسمى في الجاهلية العروبة بالألف واللام. قال الإمام أبو جعفر النحاس في كتابه صناعة الكتاب: لا يعرفه أهل اللغة إلا بالألف واللام إلا شاذا، قال: ومعناه اليوم البين المعظم من أعرب إذا بين. قال: ولم يزل يوم الجمعة معظما عند أهل كل ملة، قال: ويقال له حربة أي مرتفع عال كالحربة، قال: وقيل: من هذا اشتق المحراب، ويقال: جامع الرجل امرأته أي وطئها، وقولهم في العيد والكسوف ينادى لهما الصلاة جامعة هو بنصب الصلاة، وجامعة الصلاة على الإفراد وجامعة على الحال ويوم الجمعة. قيل: لم يسم بالجمعة إلا في الأسلام، وقيل: سماه كعب بن لؤي، وكانت قريش تجتمع إليه فيه فيخطبهم فيه، ويذكرهم بمبعث النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ويأمرهم بالإيمان به، وممن ذكر الخلاف في الجمعة السهيلي، ويقال: جمعت الشيء المفرق وأجمعه جمعا فاجتمع، والرجل المجتمع بكسر الميم هو الذي بلغ أشده. قال الجوهري وغيره: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 54 ولا يقال ذلك للنساء، ويقال للجارية إذا شبت، قد جمعت الثياب أي لبست الدرع والخمار والملحفة، وقد تجمع القوم أي اجتمعوا، ويقال للموضع الذي يجتمعون فيه مجمع القوم، بفتح الميم وكسرها مثل مطلع، ومطلع ذكرها الجوهري، ويقال للمزدلفة: جمع بفتح الجيم وإسكان الميم سميت به لاجتماع الناس بها، وقيل: جمعهم بين الوقوف بها، وجمع الكف بضم الجيم وإسكان الميم هو حين يقبض أصابعها، ويقال: فلانه من زوجها بجمع، وجمع بضم الميم وكسرها أي لم يطأها، وماتت فلانة بجمع بضم الميم أي ماتت وولدها في جوفها، والجامع المسجد الأعظم من مساجد البلد جمعه الناس، ويقال: المسجد الجامع ومسجد الجامع وهو على ظاهره من الإضافة، عند النحويين الكوفيين وعند البصريين لا يجوز إضافة الشيء إلى نفسه، فيقولون: معناه مسجد المكان الجامع والجمعاء من البهائم التي لم يذهب من ثديها شيء، قال الكسائى وغيره: يقال: أجمعت الأمر وعلى الأمر إذا عزمت عليه والأمر مجمع، ويقال: هذا الشيء مجموع أي جمع من ها هنا وها هنا. ويقال: استجمع السيل أي اجتمع من كل مكان، ويقال: قبضت حقي أجمع للتوكيد، ويقال: جاء القوم بأجمعهم بضم الميم وفتحها لغتان فصيحتان مشهورتان الضم أجودهما، معناه كلهم، ويقال: جماع الأمر كذا أي الذي يجمعه، وقوله في خطبة التنبيه إذا قرأه المنتهي تذكر به جميع الحوادث، وفي خطبة الوجيز بنحوه هذا من العام الذي يراد به الخصوص أي تذكر كثيرا منها، ويجوز أن يراد به الحقيقة لمن كان متبحرا وجامعه على أمر كذا أي اجتمع معه عليه كذا، قال الجوهري: وقال الحريري: في درة الغواص لا يقال اجتمع فلان مع فلان، وإنما يقال اجتمع فلان وفلان. جمل: وقعة الجمل في خلافة علي رضي الله عنه مشهورة، كانت سنة ست وثلاثين، وكانت صفين سنة سبع وثلاثين، وكانت وقعة الجمل في جمادى الأولى سنة ست وثلاثين، وذكر ابن الأثير في كتابه معرفة الصحابة في ترجمة يعلى بن أمية أن إسم الجمل الذي كانت عليه عائشة رضي الله عنها يوم الجمل عسكر. جنب: يقال: أجنب الرجل، وجنب بضم الجيم وكسر النون من الجنابة، والأول أفصح وأشهر، ورجل جنب وامرأة جنب ورجلان ورجال ونساء جنب كله بلفظ واحد هذا هو الفصيح، وبه جاء القرآن وفي لغة مشهورة يثنى ويجمع، فيقال: جنبان الجزء: 3 ¦ الصفحة: 55 وجنبون وأجناب. جنن: قال الأزهري في باب عنن، قال عمر بن أبي عمرو عن أبيه: يقال للمجنون معنون ومصروع ومخفوع ومعتوه وممنوه وممنه إذا كان مجنونا، وزاد في باب العين والهاء والراء وممسوس. قال صاحب المحكم في باب خلع: الخلاع والخيلع والخولع كالخبل والجنون يصيب الإنسان، وقيل: هو فزع يبقى في الفؤاد يكاد يعتري منه الوسواس. قال الإمام أبو الحسن الواحدي في آخر سورة الأحقاف من تفسيره: اختلف العلماء في حكم مؤمني الجن، فروى سفيان عن الليث: أن ثوابهم أن يجاروا من النار، ثم يقال لهم كونوا ترابا كالبهائم، قال: وهذا مذهب جماعة من أهل العلم، قالوا: لا ثواب لهم إلا النجاة من النار، وذهب آخرون: أنهم كما يعاقبون بالإساءة يجازون بالإحسان وهو مذهب مالك وابن أبي ليلى. قال الضحاك: والجن يدخلون ويأكلون ويشربون. قال الزجاج: يقال جنه الليل وأجنه وجن عليه، إذا أظلم وستره جنونا وجنانا وإجنانا، وجننت الميت وأجننته دفنته، وفي صحيح البخاري في باب ذكر الجن في أول كتاب مبعث النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن أبي هريرة رضي الله عنه: أنه كان يحمل مع النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أداوة لوضوئه وحاجته، فبينما هو يتبعه بها، فقال: من هذا، فقال: أنا أبو هريرة، فقال: ابغني أحجارا استنفض بها، ولا تأتني بعظم ولا بروثة، فأتيته بأحجار أحملها في طرف ثوبي حتى وضعتها إلى جنبه، ثم انصرفت حتى إذا فرغ مشيت، فقلت: ما بال العظم والروثة، قال: هما من طعام الجن، وأنه أتاني وفد جن نصيبين ونعم الجن، فسألوني الزاد فدعوت الله تعالى أن لا يمروا بعظم ولا روثة إلا وجدوا عليها طعامًا. جهبذ: الجهبذ بكسر الجيم، والباء الموحدة، وبالذال المعجمة هو الفائق في تمييز جيد الدراهم من رديئها، والجمع جهابذة، وهي عجمية، وقد تطلق على البارع في العلم استعارة، وقيل: الجهابذة السماسرة، ذكره شارح مقامات الحريري في المقامة السادسة. جهد: قال الرازي: الاجتهاد في عرف الفقهاء هو استفراغ الوسع في النظر فيما لا يلحقه فيه لوم. الرجعة: الجوهر معروف الواحدة جوهرة، قال الجوهري وغيره: هو معروف، وأما الجوهر الفرد الذي يستعمله المتكلمون فهو ما تحيز، وقد سبق ذكره في فصل جسم. جهل: قال الإمام أبو الحسن الواحدي في كتابه البسيط في التفسير في الجزء: 3 ¦ الصفحة: 56 قول الله تعالى {يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ} (آل عمران: من الآية154) قال: الجاهلية زمان الفترة قبل الإسلام. قال الجوهري: الجهل خلاف العلم، وقد جهل فلان جهلاً وجهالة، وتجاهل أرى من نفسه ذلك وليس به، واستجهله عده جاهلاً واستخفه أيضًا، والتجهيل أن تنسبه إلى الجهل، والمجهلة الأمر الذي يحملك على الجهل، ومنه قولهم الولد مجهلة، وقولهم كان ذلك في الجاهلية الجهلاء توكيد للأول، يشتق له من اسمه ما يؤكد به، كما يقال وتد واتد، وليلة ليلاء، ويوم أيوم، هذا كلام الجوهري. قلت: والجهل عند أهل الأصول اعتقاد الشيء جزما على خلاف ما هو به، وقوله في الوسيط في باب الربا في مسألة: مد عجوة، والتقويم تخمين وجهل لا يفيد معرفة في الربا، قال الإمام الرافعي: أراد بالجهل هنا عدم العلم، وإلا فحقيقة المشهور هو الجزم بكون الشيء على خلاف ما هو، وهو ضد التخمين، والظن فلا يكون الشيء تخمينا وجهلا بذلك المعنى. جوح: قال الأزهري: قال الشافعي رضي الله عنه: جماع الجوائح كل ما أذهب الثمرة أو بعضها من أمر سماوي بغير جناية آدمي. قال الأزهري: والجائحة تكون بالبرد يقع من السماء، وتكون بالبرد المحرق أو الحر المفرط حتى يبطل الثمر، وقال الأزهري أيضًا في كتاب شرح ألفاظ المختصر: الجوائح جمع الجائحة، وهي الآفة تصيب ثمر النخل من حر مفرط أو برد يعظم حجمه فينفض الثمر ويلقيه. قال الإمام أبو سليمان الخطابي: الجوائح هي الآفات التي تصيب الثمار فتهلكها، يقال: جاحهم الدهر يجوحهم، واجتاحهم الزمان إذا أصابهم بمكروه عظيم، وفي الحديث أمر بوضع الجوائح معناه أن يسقط من الثمن ما يقابل الثمرة التي تلفت بالجائحة. جود: الجواد من أسماء الله تعالى، قال أبو جعفر النحاس في أسماء الله تعالى وصفاته: الجواد في كلام العرب، الذي يتفضل على شيء لا يستحق، والذي يعطي من لا يسأل، ويعطي الكثير، ولا يخاف الفقر، من قولهم: مطر جواد إذا كان كثيرا، وفرس جواد إذا كان يعدو كثيرا. جون: ذكر في باب العدد من الوسيط: أن الجون مشترك بين الضوء والظلمة، وهو بفتح الجيم وإسكان الواو. قال أهل اللغة: الجون يطلق على الأسود والأبيض، قالوا: والسدفة تطلق على الظلمة والضوء، فهذا الذي قاله الغزالي مخالف للغة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 57 فصل في أسماء المواضع الجحفة: ميقات أهل الشام ومصر والمغرب بضم الجيم، وإسكان الحاء، وهي قرية كبيرة كانت عامرة ذات منبر، وهي على طريق المدينة على نحو سبع مراحل من المدينة، ونحو ثلاث مراحل من مكة، وهي المساجد من البحر بينها وبينه نحو ستة أميال. قال صاحب المطالع وغيره: سميت جحفة؛ لأن السيل جحفها وحمل أهلها، ويقال لها: مهيعة بفتح الميم وإسكان الهاء وفتح الياء المثناة من تحت. قال عياض في شرح مسلم: يقال أيضًا: مهيعة كمعيشة. قال أبو الفتح الهمداني: هي فعلة من قولهم جحف السيل، واجتحف إذا اقتلع ما يمر به من شجر وغيره، وهذا الأسم من باب الغرفة، كما تقول غرفت غرفة بالفتح، وما يغرفه غرفة بالضم، كذلك جحف السيل جحفة بالفتح والمجحوف حجفة بالضم. جدة: مذكورة في باب صلاة المسافرين، وعقد الذمة من المهذب هي بضم الجيم وتشديد الدال المهملة، وهي بلدة على ساحل البحر بينها وبين مكة مرحلتان. قال العلماء: الجد والجدة شاطىء البحر، وبه سميت جدة المدينة المعروفة على ساحل البحر بقرب مكة شرفها الله تعالى. جزيرة العرب: مذكورة في كتاب الجزية، وفي حدها قولان مشهوران، وقد حكاهما في المهذب. الجعرانة: بكسر الجيم وإسكان العين وتخفيف الراء، هكذا صوابها عند إمامنا الشافعي والأصمعي رضي الله عنهما، وأهل اللغة ومحققي المحدثين وغيرهم ومنهم من يكسر العين ويشدد الراء، وهو قول عبد الله بن وهب وأكثر المحدثين، قال صاحب مطالع الأنوار: أصحاب الحديث يشددونها، وأهل الأتقان والأدب يخطؤنهم ويخففون، وكلاهما صواب، وحكى إسماعيل الجزء: 3 ¦ الصفحة: 58 القاضي عن علي بن المديني: قال: أهل المدينة يثقلونها ويثقلون الحديبية، وأهل العراق يخففونهما، ومذهب الأصمعي تخفيف الجعرانة، وسمع من العرب من يثقلها، وبالتخفيف قيدها الخطابي، وبه قرأنا على المتقنين، وهي ما بين الطائف ومكة، وهي إلى مكة أقرب، هذا كلام صاحب المطالع. جلولاء: ذكرها في باب الاستبراء من المهذب، وهي بفتح اللام وبالمد، وهي بلدة بينها وبين بغداد نحو مرحلة، كانت بها غزاة للمسلمين في زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، غنموا من الفرس سبايا وغيرهن بحمد الله تعالى وفضله، قالوا: وكانت جلولاء تسمى فتح الفتوح، بلغت غنائمها ثمانية آلاف ألف. الجمرات: التي في الحج مواضع معروفة: الأولى والوسطى من منى، والثالثة جمرة العقبة، ليست من منى بل هي حد منى من الجانب الغربي جهة مكة، والجمرة اسم لمجتمع الحصى، ويقال: جمرة العقبة الجمرة الكبرى. جمع: مذكور في صفة الحج من المهذب: هي بفتح الجيم، وإسكان الميم، وهي المزدلفة سميت بذلك لاجتماع الناس فيها. وقال الواحدي: لجمعهم بين المغرب والعشاء. جهنم: اسم لنار الآخرة، نسأل الله الكريم العافية منها، ومن كل بلاء. قال الإمام أبو الحسن الواحدي: قال يونس وأكثر النحويين: جهنم اسم للنار التي يعاقب الله تعالى بها في الآخرة، وهي عجمية لا تنصرف للتعريف والعجمة. قال: وقال آخرون: جهنم اسم عربي، سميت نار الآخرة بها لبعد قعرها، ولم تنصرف للتعريف والتأنيث. قال قطرب: حكي لنا عن رؤبة أنه قال: ركية جهنام يريد بعيدة القعر، هذا ما ذكره الواحدي في سورة البقرة، وذكر في قوله تعالى: {لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ} (الأعراف: من الآية41) قال: جهنم لا تنصرف للتعريف والتأنيث، قال: وقال بعض أهل اللغة: واشتقاقها من الجهومة وهي الغلظ، يقال: جهم الوجه أي غليظه، فسميت جهنم لغلظ أمرها في العذاب. الجولان: بفتح الجيم وإسكان الواو، كورة معروفة، وهو إقليم مشتمل على نحو مائتي قرية، قاعدتها بليدتنا نوى، وهي طرفه الشرقي، وبين نوى ودمشق دون مرحلتين، وطول الجولان أكثر من مرحلة، وعرضه نحو مرحلة، وله ذكر كثير في المغازي وأشعار العرب، وهو الذي قال فيه النابغة: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 59 بكى حارث الجولان من فقد ربه ... وحوران منه موحش متضائل وهو الذي عناه حسان بن ثابت رضي الله تعالى عنه بقوله: قد عنى جاسم إلى بيت رأس ... فالحوابي فحارث الجولان قيل: حارث جبل، وقيل: رجل بعينه، قال أبو الفتح الهمداني: مثال الجولان فعلان بفتح الأول وإسكان الثاني، وهو مشتق من الجولان بفتحهما من جال يجول، فالجولان بفتح بالإسكان، الاسم سمي بذلك لاتساعه، هذا كلام أبي الفتح، وكذا ذكر الحازمي في المؤتلف: أن الجولان ساكن الواو، وهذا لا خلاف فيه. جابية: وأما الجابية: فقرية معروفة بجنب نوى على ثلاثة أميال منها من جانب الشمال، وإلى هذه القرية ينسب باب الجابية أحد أبواب دمشق. قال أبو الفتح: سميت الجابية تشبيها بما يجبى فيه الماء، فإن الجابية اسم للحوض، فسميت جابية لكثرة مياهها، قال: والجابية أيضًا جماعة القوم، فيجوز أن تكون سميت بذلك لاجتماع الناس بها وكثرتهم فيها لكونها أرض خصب وخير. جيحون: بفتح الجيم وإسكان الحاء المهملة، مذكور في الروضة في أول كتاب الحج في فصل الاستطاعة في ركوب البحر، وهو النهر المعروف في طرف خراسان عند بلخ. قال أبو الفتح الهمداني: يمكن أن يكون فعلونا وفيعولا، فإن جعلته فعلونا كان من الاجتياح، والنون زائدة سميت بذلك لأخذه مياه الأنهار التي بقربه، واجتذابه إياها إلى نفسه، يقال من ذلك جاحه يجيحه ويجوحه لغتان، فإن جعلته ملدا فالنون أصل، وهو من الجحن بفتح الجيم والحاء، يقال: غلام لجحن إذا كان سيء الغذاء، فكأنه قيل له جيحون لقلة أصله وصغر وبعيرا، ولك في جيحون إن كان عربيا الصرف على معنى التذكير، وترك الصرف على معنى التأنيث، وإن كان عجميا فيترك الصرف لا غير، ونهر آخر يقال له جيحان، ويكون فعلانا وفيعالا من ذلك، هذا آخر كلام أبي الفتح. وقال الحافظ أبو بكر الحازمي: سيحان نهر عند المصيصة له ذكر في الآثار، قال: وهو غير سيحون، وأما الجوهري فقال في الصحاح في فصل: جحن جيحون نهر بلخ وهو فيعول، قال: وجيحان نهر بالشام، والصواب أن جيحان نهر المصيصة من بلاد الأرمن، وسيحان نهر آذنة، وهما عظيمان جدا أكبرهما الجزء: 3 ¦ الصفحة: 60 جيحان، هكذا أخبرت الثقاة الذين شاهدوهما، وغلط الجوهري في قوله جيحان نهر بالشام. حرف الحاء حبر: الحبر الذي يكتب به مكسور الحاء، وأما العالم فيقال: بفتح الحاء وكسرها لغتان مشهورتان، والمحبرة وعاء الحبر، وفيها لغتان فتح الميم وكسرها، وممن ذكر اللغتين فيها شيخنا جمال الدين بن مالك رضي الله تعالى عنهما في كتابه المثلث قوله: برد حبرة هو بكسر الحاء وفتح الباء كعنبة وهي مفردة، والجع حبر وحبرات كعنبة وعنب وعنبات، ويقال: برد حبرة على الوصف، وبرد حبرة على الإضافة، وهو أكثر في استعمالهم، ويقال: برد حبير على الوصف، وهو ثوب يمان يكون من قطن أو كتان مخطط، محبر أي: مزين، والتحبير التزيين والتحسين. حبس: قال الجوهري: الحبس ضد التخلية، وحبسته واحتبسته بمعنى، واحتبس أيضا بنفسه يتعدى ولا يتعدى، وتحبس على كذا أي حبس نفسه على ذلك، والحبسة بالضم الاسم من الاحتباس، ويقال للصمت حبسه، واحتبست فرسا في سبيل الله تعالى أي: وقفت، فهو محتبس وحبيس، والحبس بالضم ما وقف، والحبس بالكسر خشب أو حجارة تبنى في مجرى الماء لتحبس الماء، فيشرب منه القوم، ويسقوا أموالهم، والجمع أحباس، ويسمى مصنعة الماء حبسا. حبل: في الصحيح عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: نهى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن بيع حبل الحبلة، وهو بفتح الحاء والباء في حبل وفي الحبلة. قال القاضي عياض: ورواه بعضهم بإسكان الباء في الأول وهو قوله حبل وهذا غلط، والصواب الفتح. قال أهل اللغة: الحبلة هنا جمع حابل كظالم وظلمة، وفاجر وفجرة، وكاتب وكتبة. قال الأخفش: يقال حبلت المرأة فهي حابل، ونسوة حبلة. قال ابن الأنبارى وغيره: الهاء في الحبلة للمبالغة، واتفق أهل اللغة: على أن الحبل مختص بالآدميات، وإنما يقال في غيرهن الحمل، يقال: حبلت المرأة ولدا وحبلت بولد وحبلت من زوجها وحملت الشاة والبقرة والناقة ونحوها، ولا يقال: حبلت. قال أبو عبيدة: لا يقال لشيء من الحيوان حبل إلا ما جاء في هذا الحديث، واختلفوا في المراد بالنهي عن بيع الحبل الحبلة، فقيل: هو البيع بثمن مؤجل إلى أن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 61 تلد الناقة ويلد ولدها، وهذا تفسير ابن عمر رضي الله تعالى عنهما ومالك والشافعي وغيرهم رحمهم الله تعالى. وقيل: هو بيع ولد ولد الناقة الحامل في الحال، قاله أبو عبيدة وأبو عبيد وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه، وهو أقرب إلى اللغة، لكن الأول أقوى؛ لأنه تفسير الراوي وهو أعرف، والبيع باطل على التقديرين. حتت: في الحديث "حتيه ثم اقرضيه" قالوا: الحت هو الحك، والقرض هو تقطيعه، وقلعه بالظفر. قال الأزهري: في باب العين والتاء. قرأ ابن مسعود "عتى حين" في موضع حتى. حجن: قوله في المهذب في الطواف: استلم الركن بمحجن هو بميم مكسورة وحاء مهملة ساكنة ثم جيم مفتوحة ثم نون، وهي عصا معقفة الرأس كالصولجان جمعه محاجين. حدق: قال أهل اللغة: الحدقة سواد العين وجمعها حداق وحدق. قال ابن فارس: يقال للحدقة الحنديقة يعني بكسر الحاء ونون بعدها. ويقال: حدق القوم بالرجل وأحدقوا به أي أطافوا به وأحاطوا. قالوا: والتحديق والحداقة شدة النظر. وفي الحديث: "فحدقني القوم بأبصارهم" ذكره في باب ما يفسد الصلاة من المهذب هو بفتح الحاء والدال المهملتين والدال مخففة، هكذا الرواية فيه. وجاء في صحيح مسلم وسنن أبي داود "فرماني"، وهذا ظاهر المعنى، وأما رواية "حدقني" فرويناها في مسند أبي عوانة الاسفراييني كما ذكرها في المهذب. وكذا رواه الخطيب البغدادي في كتاب الفقيه والمتفقه وهي مشكلة، ولم يذكر أهل اللغة في هذه الكتب المشهورة "حدقني" بمعنى نظر، وإنما ذكروا حدق بالتشديد إذا نظر نظرًا شديدًا لكنه لازم غير متعد. يقال: حدق إليه. وذكر جماعة من المتأخرين: أن معنى حدقني رموني بأحداقهم والمعروف في نحو هذا حدقني أصاب حدقتي، ولكن قد جوز هذا هنا شيخنا جمال الدين بن مالك رضي الله تعالى عنه، وهو إمام أهل اللغة والأدب في هذه الاعصار بلا مدافعة، قال: ومثله قولهم عنته أصبته بالعين وركبه البعير أصابه بركبته ونظائره. وأما الحديقة فاختلف أهل اللغة فيها، فقال الليث: الحديقة أرض ذات شجر مثمر. وقال أبو عبيدة معمر: الحديقة الحائظ يعني البستان، وقال الفراء: إنما يقال حديقة لكل بستان، فإن لم يكن لا يقال حديقة. حدم: قولهم في باب الحيض دم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 62 الحيض هو المحتدم القاني المحتدم بالحاء والدال المهملتين والدال مكسورة. قال أصحابنا: هو اللذاع للبشرة بحدته، قالوا: وهو مأخوذ من احتدام النهار وهو اشتداد حره، وقال أهل اللغة: هو الذي اشتدت حمرته حتى أسود والفعل منه احتدم. حذف: قوله في باب صدقة التطوع من المهذب: أن رجلا جاء بمثل البيضة من الذهب، فقال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "هاتها مغضبا" فحذفه بها حذفة لو أصابه لأوجعه أوعقره. قوله: حذفه هو بالحاء المهملة والذال المعجمة، هكذا ضبطناه في كتب الحديث كسنن أبي داود وغيره وفي المهذب، وكذا هو في النسخ، وكذا قيده كل من تكلم على ألفاظ المهذب ومعناه رماه بها، قالوا: وهو مجاز، فإن الحذف يكون بالعصا ونحوها، والقذف يكون بالحصاة ونحوها، فالحاذف هو النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كذا جاء في الحديث بيانه. حذم: قوله في باب الأذان من المهذب لما روي عن ابن الزبير مؤذن بيت المقدس قال: قال لي عمر رضي الله تعالى عنه: "إذا أذنت فترسل، وإذا أقمت فاحذم" هذا الحديث، رويناه في كتاب السنن الكبير للبيهقي رحمه الله تعالى قوله: فأحذم هو بالحاء المهملة، وكسر الذال المعجمة، والهمزة في أوله همزة وصل يقال حذم يحذم حذما. قال الأصمعي وغيره: الحذم والحذر قطع التطويل. قال ابن فارس: كل شيء أشرعت فيه فقد حذمته، هذا الذي ذكرناه هو الصواب المشهور. ونقل بعض الأئمة: أنه رأى هذا بخط المصنف. ورأيت في كتاب الشيخ أبي القاسم بن البرزي أنه قال: روي فاجذم بالجيم، قال: وروي بالخاء المعجمة، قال: والذي ذكره شيخنا بالخاء المعجمة وهو من الخذم وهو السرعة. قلت: وقد ذكره غيره بالأوجه الثلاثة الجيم والحاء والخاء والذال المعجمة فيها كلها مكسورة، وفسروا رواية الجيم بالقطع أي: قطع التطويل، وهذان الوجهان صحيحان في اللغة، ولكن المعروف ما قدمته، وقد ذكره أبو القاسم الزمخشري في الخاء المعجمة، وقال هو اختيار أبي عبيد. حرص: قال صاحب المحكم: الحرص شدة الأرادة، والشره إلى المطلوب، وقد حرص عليه يحرص، ويحرص حرصا وحرصا، ورجل حريص من قوم حرصاء وحراص، وامرأة حريصة في نسوة حراص وحرائص، وحرص الثوب يحرصه حرصا خرقه. وقيل: هو أن يدقه حتى يجعل فيه ثقبا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 63 وشقوقا، والحرصة من الشجاج التي حرصت من وراء الجلد ولم تخرقه، والحارصة والحريصة أول الشجاج، وهي التي تحرص الجلد تشقه قليلا، وحرص القصار الثوب شقه، والحارصة السحابة التي تحرص وجه الأرض أي: تقشره من شدة وقعها. وقال الهروي في الغريبين في الشجاج: الحارصة وهي التي تحرص الجلد أي: تشقه وكذا. قال القزاز في جامعه: حرصت رأسه أحرصه يعني بكسر الراء حرصا إذا قشرت الجلد عن عظمه، وكذا ذكر حرصت رأسه أحرصه بكسر الراء في المضارع غير واحد منهم صاحب المحكم والهروي والقزاز في جامعه، والجوهري في صحاحه. حرم: قوله في الوجيز في فصل الطواف فرع لو طاف المحرم بالصبي الذي أحرم عنه أجزأ عن الصبي. قال الإمام الرافعي: الأولى أن يقرأ أحرم بضم الهمزة وكسر الراء إذ لا فرق بين أن يكون الحامل وليه الذي أحرم عنه أو غيره. حسر: قال الشافعي رضي الله عنه في كتاب المزارعة: وإن تكاراها والماء قائم عليها وقد ينحسر يعني الماء. قال البيهقي في كتابه: رد الانتقاد على ألفاظ الشافعي رضي الله عنه، قال المعترض: لا تقول العرب انحسر الماء عن شيء، وإنما تقول حسر الماء عن كذا، قاله الخليل في كتاب العين. قال: وجوابه: أن أبا العباس كوشاذ الأديب قال: يقال: حسر الماء وانحسر لغتان. حس: قوله في المهذب في باب الآنية: ويقبل قول الأعمى يعني في تنجيس الماء؛ لأن له طريقا إلى العلم به بالحس والخبر، هكذا ضبطناه بالحاء، وهو الصواب، وكذلك وجدناه في نسخ قوبلت أو قرئت على المصنف رحمه الله تعالى، وليس هو بالجيم لأن الحس بالحاء أعم، والله تعالى أعلم. حسن: قول الله تعالى {وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً} (الإسراء: من الآية23) ذكره في المهذب في أول باب نفقة الأقارب. قال المفسرون وأصحاب المعاني والإعراب: معناه وأوصى بالوالدين إحسانا، وبعضهم يقول: أمر بالوالدين إحسانا، ومعناه أمر أن تحسنوا إليهما بالبر لهما والعطف عليهما. قال الفراء: تقول العرب: آمرك به خيرا، وأوصيك به خيرا، قال: وكأن معناه أوصيك أن تفعل به خيرا، ثم تحذف أن فتنصب خيرا بالأمر والوصية. حشر: قال أهل اللغة: الحشر، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 64 وقال الأصمعي: الحشمة الغضب والاستحياء، واحشمة واحتشمت منه بمعنى. قال الكميت: ورأيت الشريف في أعين الناس وضيعا وقل منه احتشامي ورجل حشم أي: محتشم لغرابة الرجل خدمه، ومن يغضب له سموا بذلك؛ لأنهم يغضبون له. حشو: قوله في مختصر المزني: إذا لم يمكنه الرمل أحببت أن يصير في حاشية الطواف، قال الأزهري في تفسير هذا اللفظ: الحاشية الناحية، وحاشية الثوب وكل شيء ناحيته، وحاشية كل شيء طرفه الأقصى، وكذا حشى كل شيء ناحيته، ومنه قولهم: حاشى الله، وكذا قولهم في الاستثناء حاشى من الحشى، وهوالناحية، وإذا استثنى شيئا فقد نحاه عما حلف عليه، قاله ابن الأعرابي وابن الأنبارى، هذا كلام الأزهري. حصب: الحصباء بفتح الحاء وإسكان الصاد وبالمد الحصى الصغار مذكور في المهذب في الدفن: والحصبة بفتح الحاء وبفتح الصاد وكسرها وإسكانها ثلاث لغات الإسكان أفصح، وأشهر، ولم يذكر كثيرون أو الأكثرون سواه، وممن حكى الثلاث صاحب نهاية الغريب، والحصبة بثر تخرج في الجسد تقول منه حصب جلده بكسر الصاد يحصب. حصر: قولهم: لو اختلط عدد محصور بعدد محصور أو بغير محصور، هذا اللفظ مما تكرر في أبواب من هذه الكتب، وقل من بين حقيقة الفرق بينهما، وقد نقلت في الروضة في أواخر باب الصيد والذبائح فيه كلام الغزالي. قال الإمام الغزالي: إن قلت: كل عدد فهو محصور في علم الله تعالى، ولو أراد إنسان حصر أهل بلد لعذر عليه، إن تمكن منهم، فاعلم أن تحديد أمثال هذه الامور غير ممكن، وإنما يضبط بالتقريب، فنقول: كل عدد لو اجتمع في صعيد واحد لعسر على الناظر عده بمجرد النظر كالألف ونحوه فهو غير محصور، وما سهل كالعشرة والعشرين فهو محصور، وبين الطرفين أوساط متشابهة تلحق بأحد الطرفين بالظن، وما وقع الشك فيه استفتى فيه القلب، هذا كلام الغزالي. حصن: الإحصان في الشرع خمسة أقسام: أحدها الإحصان في الزنا الذي يوجب الرجم على الزاني، وهو الوطء بنكاح، والثاني: الإحصان في المقذوف، وهو العفة، وهو الذي يوجب على قاذفه ثمانين جلدة، والثالث: الإحصان بمعنى الحرية، والرابع: الإحصان بمعنى التزويج، والخامس: الإحصان بمعنى الإسلام، فأما الإحصان في الزنا فليس الجزء: 3 ¦ الصفحة: 65 له ذكر في القرآن العزيز إلا في قوله تعالى: {مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ} (النساء: من الآية24) قالوا: معناه مصيبين بالنكاح لا بالزنا، وأما الأربعة الباقية فمذكورة في الكتاب العزيز، فأما الإحصان في المقذوف فهو المراد بقول الله عز وجل: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} (النور: من الآية4) وفي قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} (النور: من الآية23) الإحصان بمعنى الحرية فهو المراد بقوله تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} (المائدة: من الآية5) وفي قوله تعالى {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ} (النساء: من الآية25) أما الإحصان بمعنى التزويج فهو المراد بقوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ} إلى قوله: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} (النساء: من الآية24) وأما الإحصان بمعنى الإسلام فهو المراد بقوله تعالى: {فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ} (النساء: من الآية25) . واختلف العلماء في المراد بأحصن هذا، فقيل: أسلمن، وقيل: تزوجن، وقد قرىء بفتح الهمزة وضمها قراءتان في السبع. قال الواحدي: من ضمها فمعناه أحصن بالآزواج أي: تزوجن، قاله ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وسعيد بن جبير ومجاهد وقتادة رحمهم الله تعالى. ومن فتحها فمعناه أسلمن كذا، قاله ابن عمر وابن مسعود رضي الله تعالى عنهم والشعبي وإبراهيم والسدي رحمهم الله تعالى. فأما شرط المحصن الذي يرجم في الزنا: فهو البالغ العاقل الحر الواطىء في نكاح صحيح في حال تكليفه وحريته، وأما المحصن الذي يجلد قاذفه ثمانين جلدة: فهو البالغ العاقل الحر المسلم العفيف، وإن شئت قلت في الموضعين: المكلف بدلا عن البالغ العاقل، والأول أولى لئلا يخرج السكران والنائم فإنهما ليسا مكلفين. قال الإمام الواحدي: الإحصان في اللغة أصله المنع، وكذلك الحصانة، ومنه مدينة حصينة، ودرع حصينة أي: تمنع صاحبها من الجرح، والحصن الموضع الحصين لمنعه، والحصان بكسر الحاء الفرس لمنعه لصاحبه من الهلاك، والحصان بفتح الحاء المرأة العفيفة لمنعها فرجها من الفساد، وحصنت المرة تحصن حصنا فهي حصان، مثل جبنت تجبن جبنا فهي جبان. وقال سيوبيه: وقالوا أيضا: حصنا. قال أبو عبيد: والكسائى والزجاج حصانة. وقال شمر: امرأة حصان وحاصن: هي العفيفة، فحصل من هذا أنه يقال امرأة حصان وحاصن بينة الحصن، فالحصن والحصانة ثلاثة مصادر. قال الزجاج: يقال: امرأة حصان بينة التحصين، وفرس حصان بين التحصن والتحصين، وبناء حصين بين الحصانة، ولو الجزء: 3 ¦ الصفحة: 66 قيل في هذا كله الحصانة لجاز بإجماع. قال الواحدي: وأما الإحصان فيقع على معان ترجع إلى معنى واحد منها الحرية والعفاف، وكون المرأة ذات زوج، فالإحصان هو أن يحمي الشيء ويمنع، والحرة تحصن نفسها وتحصن هي أيضا، والعفة مانعة من الزنا، والعفيفة تمنع نفسها من الزنا، والإسلام مانع من الفواحش، والمحصنة المزوجة لأن الزوج يمنعها. قال الواحدي: واختلف القراء في قوله تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ} فقرأوا بفتح الصاد وكسرها في جميع القرآن، إلا الحرف الأول في النساء {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ} (النساء: من الآية24) فإنهم أجمعوا على فتحه، قاله أبو عبيدة، هذا آخر كلام الواحدي. حفل: في الحديث: "من ابتاع محفلة" مذكور في باب المصراة من المهذب: المحفلة بضم الميم وفتح الحاء المهملة وفتح الفاء. قال الهروي رحمه الله تعالى: المحفلة الشاة، أو البقرة، أو الناقة لا يحلبها صاحبها أياما ليجتمع لبنها في ضرعها، فإذا احتلبها المشتري حسبها عزيرة فزاد في ثمنها، فإذا حلبها بعد ذلك وجدها ناقصة اللبن عما حلبها أيام تحفيلها. وقال صاحب المحكم: حفل اللبن في الضرع يحفل حفلا وحفولا وتحفل، واحتفل اجتمع، وحفله هو، وضرع حافل، والجمع حفل، وناقة حافلة، وحفول، وشاة حافل. وقال الجوهري: التحفيل مثل التصرية، وهو ألا تحلب الشاة أياما ليجتمع اللبن في ضرعها للبيع، والشاة محفلة، ومصراة، وكذا قال الأزهري وغيره. المحفلة معناها: المصراة، وقال غيره: هي مأخوذة من الاحتفال وهو الاجتماع. قال الإمام أبو سليمان الخطابي رحمه الله تعالى في حديث المحفلة: ليس إسناده بذاك، وكذا قال الإمام البيهقي في معرفة السنن والآثار: هذه الرواية غير قوية، يعني حديث ابن عمر في المحفلة. حقب: قال الهروي الحاقب الذي احتاج إلى الخلاء فلم يتبرز، وحصر غائطه شبه بالبعير، الحقب الذي دنا الحقب من ثيله فمنعه من أن يبول. حقد: قولهم "حقد المعدن" أي: امتنع خروج النيل منه، وأصل الحقد المنع. تقول العرب: حقد المعدن منع نيله، وحقدت السماء منعت قطرها، وحقد فلان على فلان منعه بره ولطفه. حقق: قولهم: يقول إذا رفع رأسه من الركوع: أهل الثناء والمجد حق ما قاله العبد كلنا لك عبد، هكذا هو في كتب الفقه، والذي في صحيح مسلم وسنن أبي داود وسائر، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 67 وهذا هو الصواب، وتقديره: أحق ما قال العبد لا مانع لما أعطيت إلى آخره، واعترض بينهما قوله وكلنا لك عبد، وهذا الاعتراض كثير في القرآن والسنة وفي كلام العرب، وقد جمعت جملة منه في آخر صفة الوضوء من شرح المهذب، ومنه قوله تعالى: {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ} (الروم:17) اعترض قوله: {وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} (الروم: من الآية18) وأمثاله كثيرة، وقولهم فلان أحق بكذا وكذا، وصار المتحجر أحق به وأشباهه، وفي الحديث: "الأيم أحق بنفسها". قال الأزهري في شرح ألفاظ المختصر: لفظ أحق في كلام العرب له معنيان: أحدهما: استيعاب الحق كله كقولك فلان أحق بماله أي: لا حق لأحد فيه غيره، والثاني: على ترجيح الحق وإن كان للآخر فيه نصيب، كقولك فلان أحسن وجها من فلان لا تريد به نفي الحسن عن الأول بل تريد الترجيح، قال: وهذا معنى قول النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "الأيم أحق بنفسها من وليها" أي: لا يفتات عليها، فيزوجها بغير إذنها، ولم يرد إبطال حق الولي فإنه هو الذي يعقد عليها وينظر لها. حقل: في حديث جابر رضي الله عنه: "أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نهى عن المحاقلة"، وفسره في الحديث في المهذب: "أن يبيع الرجل الزرع بمائة فرق حنطة". حقن: قال الهروي: الحاقن للبول كالحاقب بالغائط. قال شمر: الحقن والحاقن الذي حقن بوله. حكر: الاحتكار بكسر التاء، قال الجوهري: احتكار الطعام جمعه وحبسه يتربص به الغلاء، قال: وهو الحكرة بالضم. حكك: قوله في المهذب في باب طهارة البدن؛ لأن الإنسان لا يخلو من بثرة وحكة، الحكة: بكسر الحاء وهي الجرب، قاله الجوهري. حكم: قوله نجاسة حكمية وعينية، فالحكمية: هي التي لا يحس لها طعم ولا لون ولا ريح، والعينية نقيضها. حلب: المحلب المذكور في زكاة الخلطة هو بفتح الميم، وهو موضع المحلب، وهذا يشترط الاتحاد فيه في ثبوت الخلطة بلا خلاف، وأما الحلب بكسر الميم: فهو الإناء الذي يحلب فيه، وفي اشتراط الاتحاد فيه لثبوت الخلطة وجهان، أصحهما لا يشترط، وكذا الوجهان في اشتراط اتحاد الحالب، والأصح أنه لا يشترط أيضًا، وهذا الذي ذكرته هنا من النفائس المغتنمة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 68 حلقم: الحلقوم بضم الحاء والقاف، قال الجوهري: هو الحلق، وقد أوضحه الشيخ أبو إسحاق في المهذب، فقال في باب الصيد والذبائح: الحلقوم: مجرى النفس، والمريء مجرى الطعام، وقد ذكرت في الروضة: أن الحلقوم مجرى النفس خروجا ودخولا، والمريء مجرى الطعام والشراب وهو تحت الحلقوم، ويقال لهما: مع الودجين الأوداج. حلل: قوله في باب ستر العورة من المهذب وعن ابن مسعود: أنه رأى أعرابيا عليه شملة قد ذيلها وهو يصلي، قال: إن الذي يجر ثوبه من الخيلاء في الصلاة ليس من الله عز وجل في حل ولا حرام، هكذا ذكره المصنف موقوفا على ابن مسعود من قوله، وذكر البغوي صاحب التهذيب في شرح السنة: أن بعضهم وقفه على ابن مسعود، وبعضهم رفعه إلى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وقوله: "ليس من الله عز وجل في حل ولا حرام" معناه أنه بعيد عن رضا الله عز وجل. قال القلعي: معناه ليس من الله تعالى في شيء، قال الواحدي: الإمام المفسر في قول الله سبحانه وتعالى: {فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ} (آل عمران: من الآية28) أي: ليس من دين الله في شيء فحذف الدين اكتفاء بالمضاف إليه، والمعنى: أنه قد برىء من الله تعالى، والجواب دينه. وقال بعض من شرح أحاديث المهذب: في قول ابن مسعود معناه: لا يؤمن بحلال الله تعالى وحرامه، وقوله ذيلها جعل لها ذيلاً، والشملة والخيلاء تأتي في بابها إن شاء الله تعالى، وأما تسمية الزوج حليلاً والمرأة حليلة، فقيل: لأن كل واحد منهما تحل مباشرته لصاحبه، وقيل: لأنهما يحلان بمكان واحد، وقيل: لأن كل وحد منهما يحل إزار صاحبه، وقيل: لأنه يحال صاحبه أي: ينازله. قوله في المهذب: وإن أدخل في إحليله مسبارا الإحليل بكسر الهمزة واللام. قال أهل اللغة: هو الثقب الذي في رأس الذكر يخرج منه البول، وجمعه كصيحاني الحلة ثوبان. عند جمهور أهل اللغة: لا تكون إلا ثوبين سميت به؛ لأن أحدهما يحل فوق الآخر، قيل: ويقال للثوب الواحد الجديد قريب العهد حلة؛ لأنه يحل من طيه، حكاه عياض في شرح مسلم في مناقب سعد بن معاذ. حلو: في حديث أبي مسعود البدري رضي الله عنه: "أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نهى عن حلوان الكاهن"، وهو حديث صحيح متفق على صحته، أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما، وهو بضم الحاء وسكون اللام. قال الإمام أبو سليمان الجزء: 3 ¦ الصفحة: 69 الخطابي رحمه الله تعالى: حلوان الكاهن هو ما يأخذه المتكهن على كهانته وهو محرم، وفعله باطل، يقال: حلوت الرجل شيئًا يعني رشوته، قال: وحلوان العراف حرام كذلك، وذكر الفرق بين الكاهن والعراف وهو مذكور في حرف الكاف. قال: قال ابن الأعرابي: ويقال: مطلقتي الكاهن الشيع والصهميم، قال الهروي: الحلوان ما يعطاه الكاهن على كهانته، يقال: حلوته أحلوه حلوانا، قال: وقال بعضهم: أحيله من الحلاوة شبه بالشيء الحلو، يقال: حلوت فلانا إذا أطعمته الحلوى، كما يقال عسلته وتمرته. قال أبو عبيد: ويطلق الحلوان أيضا على غير هذا، وهو أن يأخذ الرجل مهر ابنته لنفسه، وذلك عيب عند النساء، قالت امرأة تمدح زوجها: لا يأخذ الحلوان عن بناتنا حمد: الحمد هو الثناء على المحمود بجميل صفاته، وأفعاله، والشكر الثناء عليه بإنعامه على الشاكر، ونقيض الحمد الذم، ونقيض الشكر الكفر، والحمد أعم، ويقال: حمده بكسر الميم يحمده بفتحها، وفي الحديث الحسن في سنن أبي داود وابن ماجه ومسند أبي عوانة المخرج على شرط مسلم عن أبي هريرة: أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بالحمد لله فهو أقطع"، وفي رواية: "كل كلام لا يبدأ فيه الحمد لله فهو أجذم"، وفي رواية "بسم الله الرحمن الرحيم". وقد أوضحت روايته، وطرقه، ومعناه في شرح المهذب ولهذا الحديث بدا العلماء في أوائل كتبهم بالحمد لله، ومعنى أقطع ناقص قليل البركة واجذم بمعناه، وهو بالجيم وذال معجمة. قال الإمام الواحدي: الألف واللام في الحمد يحتمل كونها للجنس أي: جميع المحامد لله تعالى؛ لأنه الموصوف بصفات الكمال في نعوته، وأفعاله الحميدة، ويحتمل كونها للعهد أي: الحمد لله الذي حمد به نفسه، وحمدته أولياؤه، واللام في لله لام الإضافة، ولها معنيان الملك والاختصاص. قال ابن فارس: سمي نبينا محمد - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - محمدا لكثرة خصاله المحمودة يعني: ألهم الله تعالى أهله تسميته بذلك لما علم من خصاله الحميدة، قال أهل اللغة: رجل محمد ومحمود أي: كثير الخصال المحمودة: وأنشد الجوهري وغيره: إلى الماجد القرم الجواد المحمد إليك أبيت اللعن كان كلالها القرم السيد. حمر: في الحديث المتفق على ضعفه في أول المهذب: أن النبي - صلّى الله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 70 عليه وسلم - قال لعائشة: "يا حميراء لا تفعلي هذا فإنه يورث البرص"، قال المتكلمون على هذا الحديث من الطوائف: المراد بالحميراء هنا البيضاء. قال أهل اللغة: تقول العرب لشديد البياض أحمر. ومنه الحديث عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "بعثت إلى الأسود والأحمر" والمراد بالأحمر العجم وهم بيض. وقيل: المراد بهم الجن، والتصغير في الحميراء هنا تصغير تحبيب، كقولهم يا بني ويا أخي، قولهم حمار قبان هو دويبة تشبه الخنفساء تحمل العذرة. ونحوها قوله في الوسيط في استيفاء القصاص: له القصاص في حمارة القيظ، هو بفتح الحاء المهملة وتخفيف الميم وتشديد الراء وهو شدة حره. قال الجوهري: وربما خففت الراء في الشعر للضرورة. قال: والجمع حمار. حمص: الحمص: هو الحب المعروف، هو بكسر الحاء بلا خلاف، وفي الميم لغتان الفتح والكسر، الكوفيون بالفتح، والبصريون بالكسر. حمق: نص الشافعي والأصحاب رحمهم الله تعالى: على أنه يجزىء عتق الأحمق في كفارة الظهار وغيرها، فيحتاج إلى ضبطه. وقد ذكرته في أواخر باب تعليق الطلاق من الروضة: فيما إذا قالت له زوجته: أنت أحمق، فقال: إن كنت أحمق فأنت طالق. واختلفت عبارة الأصحاب في ضبطه، وذكروه في باب كفارة الظهار ففي المهذب والتهذيب: أنه من يفعل الشيء فى غير موضعه مع علمه بقبحه. وفي التتمة والبيان: أنه من يفعل مع علمه بقبحه. وفي الحاوي: أنه الذي يضع كلامه فى غير موضعه فيأتي بالحسن في موضع القبيح وعكسه. وقال أبو العباس الروياني من أصحابنا: الأحمق من نقصت مرتبة أموره وأحواله عن مراتب أمثاله نقصا بينا بلا مرض ولا سبب. وقال أبو عمر الزاهد في شرح الفصيح: سئل أبو العباس ثعلب عن الأحمق، فقال: هو الكاسد العقل لا ينتفع بعقله. قال ابن الأعرابي: انحمقت النوق إذا كسدت. قال الجوهري: الحمق، والحمق قلة العقل، وقد حمق الرجل بالضم حماقة، فهو أحمق. ويقال أيضا: حمق بالكسر يحمق حمقا مثل غنم يغنم غنما، فهو حمق، وامرأة حمقاء، وقوم ونسوة حمق وحمقى وحماقى، وحمقت النوق بالضم كسدت، واحمقت المرأة جاءت بولد أحمق فهي محمق ومحمقة، فإن كان عداتها أن تلد الحمقى فهي محماق. ويقال: أحمقت الرجل إذا وجدته أحمق، وحمقته نسبته إلى الحمق، وحامقته ساعدته على حمقه، واستحمقته عددته أحمق، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 71 وتحامق تكلف الحماقة، وانحمقت النوق كسدت، وانحمق الثوب أخلق. حمم: قول الله عز وجل: {حم} جاء ذكره في المهذب في سجود التلاوة، وقال الأزهري: قال بعضهم: معناه قضى ما هو كائن. وذكر الماوردي فيه خمس تأويلات، أحدها: أنه اسم من أسماء الله تعالى أقسم به قاله ابن عباس رضي الله عنهما، والثاني: أنه اسم من أسماء القرآن قاله قتادة، والثالث: أنها حروف مقطعة من أسماء الله تعالى الذي هو الرحمن الرحيم، الرابع: هو محمد قاله جعفر بن محمد، والخامس: هو فواتح السور قاله مجاهد، والله أعلم. ذكر في باب العاقلة في المهذب أبياتا من الشعر فيها يناشدني "حم" قيل: معناه القرآن أي: يستجير مني بالقرآن. وفي الحديث: "شعاركم حم لا ينصرون". قال الأزهري: سئل أبو العباس عن قوله "حم لا ينصرون" فقال: معناه والله لا ينصرون، الكلام خبر ليس بدعاء رأيته في فصل م ح. وقال أبو سليمان الخطابي في معالم السنن في كتاب الجهاد عن أبي العباس أحمد بن يحيى ثعلب، قال: معناه الخبر، ولو الدعاء لكان مجزوما أي: لا ينصروا، وإنما هو إخبار، كأنه قال: والله لا ينصرون. وقد روي عن ابن عباس رحمهما الله أنه قال: حم، اسم من أسماء الله تعالى. قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "لا يبولن أحدكم في مستحمه ثم يغتسل فيه فإن عامة الوسواس منه" ذكره في المهذب، هو بضم الميم، وفتح الحاء، أخرجه أبو داود في سننه، والترمذي في جامعه وغيرهما. قال الترمذي: هو حديث غريب. قال الخطابي رحمه الله تعالى: المستحم المغتسل سمي باسم الحميم، وهو الماء الحار الذي يغتسل به. قال: وإنما ينهى عن ذلك إذا لم يكن المكان جلدا صلبا، أو مبلطا، أو لم يكن له مسلك ينفذ فيه البول، ويسيل فيه الماء، فيتوهم المغتسل أنه أصابه شيء من قطره، ورشاشه فيورثه الوسواس. وقال أبو عيسى الترمذي: قد كره قوم من أهل العلم البول في المغتسل، ورخص فيه آخرون منهم ابن سيرين، فقيل له: إنه يقال: إن عامة الوسواس منه، فقال: ربنا الله لا نشرك به شيئا. وقال ابن المبارك: وقد وسع في البول في المغتسل إذا جرى فيه الماء، والحمام بالتشديد معروف. قال الأزهري: قال الليث: الحميم الماء الحار، والحمام مشتق من الحميم يذكره العرب. قال: ويقال: طاب حميمك وحمتك للذي يخرج من الحمام أي: طاب عرفك، والحمى معروفة وحم الرجل واحمه الله تعالى فهو محموم ذكره الأزهري الجزء: 3 ¦ الصفحة: 72 وغيره. والحممة المذكورة في باب الاستطابة بضم الحاء وفتح الميمين وتخفيفهما، قال الأزهري: قال الليث: الحمم الفحم البارد الواحدة حممة قوله في المهذب روى ابن مسعود رضي الله تعالى عنه: "أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نهى عن الاستنجاء بالحممة"، هذا بعض حديث أخرجه أبو داود في سننه، ولفظه عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه. قال: "قدم وفد الجن على رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقالوا: يا محمد أنه أمتك أن يستنجوا بعظم أو روثة أو حممة، فإن الله تعالى جعل لنا فيها رزقا، قال: فنهى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - "، فالحممة بضم الحاء وفتح الميمين وتخفيفهما. قال الأمام أبو سليمان الخطابي رحمه الله تعالى: الحمم الفحم، وما أحرق من الخشب، والعظام ونحوهما، والاستنجاء به منهي عنه؛ لأنه جعل رزقا للجن، فلا يجوز إفساده عليهم، قال: وفيه أيضًا أنه إذا مس ذلك المكان، وناله أدنى غمز وضغط تفتت لرخاوته، فعلق به شيء متلوثا بما يلقاه من تلك النجاسة. قال: وفي معناه الاستنجاء بالتراب وفتات المدر ونحوهما. وذكر البغوي رحمه الله تعالى في شرح السنة هذا الحديث، ثم قال: فقد قيل: كلها طعام الجن والاستنجاء منهي عنه، وقيل المراد منها: العظم المحترق، والله تعالى أعلم. الحمام: الطير المعروف، قال أهل اللغة: الحمام عند العرب ذوات الأطواق نحو الفواخت والقمارى والقطا والوراشين وأشباهها. قالوا: والحمامة تقع على الذكر والأنثى، وجمع الحمامة: البغوي، وحمامات، وحمائم. وقد ذكره في الوسيط مجموعا في كتاب الوقف في قوله: وإن وقف على حمامات مكة. والله أعلم. حنا: الحناء الذي يخضب به معروف، وهو بكسر الحاء، وتشديد النون، وبالمد، وأصله الهمز. يقال: حنأت لحيته تحنئة، وتحنينا إذا خضبتها، والحناء جمع الحناءة. كذا قاله ابن ولاد في المقصور والممدود له. وقال الجوهري: الحناءة أخص من الحناء. حنت: الحانوت معروف يذكر ويؤنث لغتان، وهو الدكان. قال الجوهري: الحانوت معروف يذكر ويؤنث لغتان، وأصله حانوه مثل ترقوه، فلما سكنت الواو انقلبت هاء التأنيث تاء، وجمعها حوانيت لأن الرابع منه حرف لين، وإنما يرد الاسم الذي جاوز أربعة أحرف إلى الرباعي في الجمع والتصغير، إذا لم يكن الرابع منه حرف لين، هذا كلام الجوهري. وذكر هذا الحرف في فصل حين؛ لأنه أصله، وإنما ذكرته هنا أنا لأن المتفقهين وأكثر من يطالع هذا الكتاب لا يعرفون له مظنة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 73 غير هذا الفصل، فأردت التسهيل عليهم كما سبق التزامه في الخطبة، وقد نبهت على أصله، فحصل الجمع بين الغرضين، وأما قوله في الوجيز في أول الباب الثالث من كتاب الإجارة: استأجر دكانا أو حانوتا فهو مما أنكر عليه، وصوابه حذف أحدهما، فإن الدكان هو الحانوت كذا قاله الجوهري وغيره، وسيأتي بيانه في حرف الدال، إن شاء الله تعالى، وقد سبق إنكاره للإمام الرافعي. حنط: الحنوط المذكور في طيب الميت هو بفتح النون، ويقال: الحناط بكسر الحاء. قال الازهري: يدخل في الحنوط الكافور، وذريرة القصب، والصندل الأحمر والأبيض. قال غيره: الحنوط كل شيء خلط من الطيب للميت خاصة، وقد حنط الميت تحنيطا، وتحنط الرجل بالحنوط، إذا استعمله متأهبا للموت، وكان هذا عادة لجماعة من الصحابة رضي الله تعالى عنهم في الغزوات، والحنطة بكسر الحاء البر والقمح. قال الجوهري: جمعها حنط. حنك: قوله في المهذب في العقيقة: "يستحب أن يحنك المولود بالتمر"، واستند بحديث أنس رضي الله تعالى عنه في ذلك، وهو حديث صحيح. قال صاحب المطالع: التحنيك هو أن تمضغ التمرة، وتجعلها في في الصبي، ويحك بها حنكه بسبابته حتى تتحلل في حلقه، والحنك أعلى داخل الفم. والله تعالى أعلم. قال الهروي: يقال: حنكه وحنكه يعني بتخفيف النون وتشديدها. حوذ: في الحديث: "ما من ثلاثة في قرية أو بدو لا تقام فيهم الجماعة إلا قد استحوذ عليهم الشيطان" ذكره في باب صلاة الجماعة من المهذب، ومعنى استحوذ: استولى وغلب وتمكن منهم. حول: قال صاحب المحكم: الحول سنة بأسرها، والجمع أحوال وحؤول، وحال الحول حولا تم، وأحاله الله علينا أتمه، وحال عليه الحول حولا وحؤولا أتى، وأحال الشيء واحتال أتى عليه حول كامل، وأحول الصبي أتى عليه حول من مولده، وأحال الحول بلغه، والحول والحيل والحيلة والحويل والمحالة والاحتيال والتحول والتحيل كل ذلك الحذق وجودة النظر والقدرة على دقة التصرف، ورجل حول وحولة وحول وحوالي وحوالي وحولول شديد الاحتيال، وما أحوله وأحيله وهو أحول منك وأحيل ولا محالة من ذلك أي: لا بد، والمحال من الكلام ما عدل به عن وجهه، وحوله جعله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 74 محالا، وأحال أتى بمحال، ورجل محوال كثير الكلام، وكلام مستحيل محال، وحاول الشيء محاولة وحوالا رامه، وكلما حجز بين شيئين فقد حال بينهما حولا، واسم ذلك الشيء الحوال، وتحول عن الشيء زال عنه إلى غيره، وحوله إليه أزاله، والاسم الحول، والحويل، وفي التنزيل لا يبغون عنها حولا، وحال الشيء حولا وحؤولا يحول قوله لا حول ولا قوة إلا بالله. قال الهروي: قال أبو الهيثم: الحول الحركة، يقال: أحال الشخص إذا تحرك، ويقال: استحل هذ الشخص أي: أنظر هل يتحرك أم لا، وكأن القائل يقول: لا حرك ولا استطاعة إلا بمشيئة الله عز وجل. وكذا قاله أبو عمر في الشرح عن أبي العباس قال: معناه لا حول في دفع شر، ولا قوة في درك خير إلا بالله. وقيل: لا حول عن معصية الله تعالى إلا بعصمته، ولا قوة على طاعة الله إلا بعونه. ويحكى هذا عن عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه، ويقال عن قولهم: لا حول ولا قوة إلا بالله. الحوقلة بفتح الحاء وإسكان الواو بعدها قاف ثم لام، كذا قالها الأزهري في التهذيب والأكثرون من العلماء، وقال الجوهري في صحاحه: هي الحولقة بتقديم اللام على القاف، والمعروف المشهور هو الأول. قال ابن الأثير رحمه الله تعالى في شرح مسند الشافعي رضي الله تعالى عنه على الأول: تكون الحاء من الحول، والقاف من القوة، واللام من الله تعالى، وعلى الثاني: الحاء والواو واللام من الحول، والقاف، قال: والأول أولى، ومثل الحوقلة الحيعلة والحمدلة والبسملة والهيللة والسبحلة، وسيأتي بيان ذلك في فصل الحيعلة إن شاء الله تعالى. والحيلة: بكسر الحاء الاسم من الاحتيال. قال الجوهري: وكذلك الحول والحيل، يقال: لا حيل ولا قوة في حول. قال الفراء: يقال: هو أحيل منك وأحول أي: أكثر حيلة، وما أحيله لغة في ما أحوله. قال أبو زيد: يقال: ماله حيلة، ولا محالة، ولا احتيال ولا محال بمعنى واحد. وقولهم: لا محالة أي: لا بد. يقال: الموت آت لا محالة، والحوالة بفتح الحاء. يقال: احتال عليه بالدين حوالة، واحتال من الحيلة، وحوله عن القبلة أي: أداره عنها فتحول. قال الجوهري: وحول أيضا بنفسه يتعدى، ولا يتعدى قوله في باب الأذان عقب قول النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "الأئمة ضمناء، والمؤذنون أمناء، والأمين أحسن حالا من الضمين" فسره المحاملي في التجريد، فقال: لأن الأمين متطوع بما يفعله، والضامن يفعل الجزء: 3 ¦ الصفحة: 75 ما يجب عليه. قوله في أول كتاب الرهن من المهذب: لأن الحاجة تدعو إلى شرط الرهن بعد ثبوت الدين، وحال ثبوته. فقوله: حال منصوب على الظرف. حيض: قال أهل اللغة: يقال: حاضت المرأة تحيض حيضا ومحيضا فهي حائض بغير هاء لأن هذه صفة لا تكون للمذكر، فلم يحتج إلى إلحاق الهاء فيه للفرق، بخلاف مسلمة وقائمة. وحكى الجوهري عن الفراء: أنه يقال أيضًا: حائضة بالهاء. وأنشد: كحائضة يزني بها غير طاهر قال أهل اللغة: عركت بفتح العين والراء، تعرك عروكا كقعدت تقعد قعودا أي: حاضت. قال الهروي في الغريبين: يقال: حاضت المرأة، وتحيضت ودرست وعركت وطمثت تحيض حيضا ومحيضا ومحاضا إذا سال دمها في أوانه، فإذا سال فى غير أوقاته المعلومة فهي المستحاضة. قال أهل اللغة: ويقال: نساء حيض وحوائض، والحيضة بفتح الحاء المرة الواحدة من الحيض، والحيضة بكسر الحاء اسم للحالة والهيئة. وفي الحديث: "خذي ثياب حيضتك" هذا بالكسر، وفي الحديث الآخر: "إذا أقبلت الحيضة". قال الخطابي: المحدثون يقولونها بالفتح وهو خطأ، والصواب الكسر؛ لأن المراد الحالة. ورد القاضي عياض وغيره قول الخطابي، وقالوا: الأظهر الفتح؛ لأن المراد إذا أقبل الحيض. وفي الحديث "تحيضي في علم الله تعالى" أي: التزمي أحكام الحيض، وافعلي فعلهن، وكل هذه الأحاديث صحيحة، وفي الحديث الآخر: "لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار" المراد: بالحائض البالغة هنا كما في الحديث الآخر: "غسل الجمعة واجب على كل محتلم" وليس للتقييد بالحائض هنا مفهوم يعمل عليه، فيكون دليلا على أن غير البالغة من المميزات تقبل صلاتها بغير خمار، بل هذا من التقييد الخارج على سبب لكونه الغالب، كما في قوله تعالى: {وَرَبَائِبُكُمُ اللاتِي فِي حُجُورِكُمْ} (النساء: من الآية23) وقوله تعالى: {وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ} (الإسراء: من الآية31) وقوله: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} (البقرة: من الآية229) وقوله تعالى: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} (النساء: من الآية101) وقوله تعالى: {وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً} (النور: من الآية33) ومن زعم أن هذه الآية ليست مما نحن فيه فهو جاهل، أولم يفكر، والله تعالى أعلم. قال أهل اللغة: والحيضة بالكسر أيضًا اسم للخرقة التي تستثفر بها المرأة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 76 قال الجوهري: ومنه قول عائشة رضي الله تعالى عنها: "ليتني كنت حيضة ملقاة" قال: وكذلك المحيضة، وجمعها محائض، هذا ما يتعلق بتصريف الكلمة. وأما أصلها فقال الإمام أبو منصور الأزهري في كتابه شرح ألفاظ مختصر المزني رحمهما الله تعالى: الحيض دم يرخيه رحم المرأة بعد بلوغها في أوقات معتادة، وأصله من حاض السيل وفاض إذا سال يسمى حيضًا لسيلان الدم في الأوقات المعتادة. قال: والاستحاضة أن يسيل الدم فى غير أوقاته المعتادة. قال: ودم الحيض يخرج من قعر الرحم، ويكون أسود محتدما أي: حارا كأنه محترق، وأما دم الاستحاضة فيسيل من العاذل، وهو عرق فمه الذي يسيل منه في أدنى الرحم دون قعره. قال: وذكر ذلك عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما هذا كلام الأزهري، وقوله: العادل هو بالعين المهملة وكسر الدال المعجمة وباللام. وقال الهروي: قال ابن عرفة: الحيض والمحيض اجتماع الدم إلى ذلك المكان، وبه سمي الحوض لاجتماع الماء فيه. ثم ذكر: أن الحيض هو سيلان الدم في أوقاته المعتادة. فقد اتفق الهروي وشيخه الأزهري: على أن الاستحاضة عبارة عن جريان الدم فى غير أوقاته. وقد اختلف أصحابنا في حقيقة الاستحاضة، فذهب جماعة إلى أن الاستحاضة لا تكون إلا دما متصلاً بالحيض، ليس بحيض أن ترى الدم في زمن الحيض، ويجاوز خمسة عشر يومًا متصلاً، فأما إذا رأت الدم قبل تسع سنين، أو رأت بعد تسع متصل بالحيض، فإن رأت دون أقل الحيض فليس هذا باستحاضة بل يسمى دم فساد. وذهب جماعة من أصحابنا إلى أن الجميع يسمى استحاضة، فممن قال بالأول صاحب الحاوي، فقال قال الشافعي رضي الله عنه: لو رأت الدم قبل استكمال تسع سنين فهو دم فساد، لا يقال له يحض ولا استحاضة؛ لأن الاستحاضة لا تكون على أثر حيض. ثم قال بعد هذا بأسطر: النساء أضرب: طاهر وحائض ومستحاضة وذات فساد، فالطاهر ذات النقاء، والحائض من ترى الدم في أوانه، والمستحاضة من ترى الدم على أثر الحيض على صفة لا يكون حيضا، وذات الفساد من يبتدىء بها دم لا يكون حيضًا. هذا آخر كلام صاحب الحاوي. وقد أشار كثير من أصحابنا أو أكثرهم إلى معنى ما قال، وهو أن الاستحاضة الدم المتصل بدم الحيض، فإن لم يتصل فدم فساد. وصرح أبو عبد الله الزبيري في كتابه الكافي والقاضي حسين وصاحبه صاحب الجزء: 3 ¦ الصفحة: 77 التتمة وصاحب العدة وغيرهم بخلاف هذا، فقالوا: دم الاستحاضة ضربان: متصل بدم الحيض، وغير متصل، فالمتصل: أن ترى البالغة الدم، وتجاوز خمسة عشر، وغير المتصل: التي لها دون تسع سنين إذا رأت الدم، والكبيرة إذا رأته وانقطع لدون يوم وليلة. وهذا الذي قاله هؤلاء صحيح مليح موافق لما قدمته عن إمامي اللغة الأزهري والهروي، وقد استعمل في المهذب والتنبيه الاستحاضة بهذا المعنى، فقال في المهذب في فصل النفاس: فإن أدر الدم قبل الولادة خمسة أيام، فمن أصحابنا من قال: هو استحاضة، وقال في التنبيه: وفي الدم الذي تراه الحامل قولان: أصحهما أنه حيض، والثاني: أنه استحاضة، والله تعالى أعلم. وذكر أصحابنا اختلاف العلماء في المحيض المذكور في القرآن العزيز، قالوا: مذهبنا أن الحيض والمحيض بمعنى الحيض، كما قدمناه. وقال بعض العلماء: هو زمن الحيض. وقال بعضهم: مكان الحيض هو نفس الفرج. وقد أوضحت هذا كله بأدلته في شرح المهذب. قال صاحب الحاوي: وللحيض خمسة أسماء أخر الطمث، ويقال: امرأة طامث، والعراك: ويقال: امرأة عارك ونسوة عوارك، والضحك: وامرأة ضاحك ونسوة ضواحك، والاكبار: والمرأة مكبر، والاعصار: والمرأة المعصر، وأنشد في كل هذا أبياتا أوضحتها في شرح المهذب. قال: قال الجاحظ في كتاب الحيوان: والذي يحيض من الحيوان أربع: المرأة والأرنب والخفاش والضبع. وروينا في سنن الإمام البيهقي رحمه الله تعالى: أنه قيل لعائشة رضي الله عنها: ما تقولين في العراك، قالت: الحيض تعنون، قالوا: نعم، قالت: سموه كما سماه الله عز وجل. وثبت في الصحيح أنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال في الحيض: "هذا شيء كتبه الله تعالى على بنات آدم فظاهره أنه لم يزل فيهن". وحكى أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري رضي الله عنه في صحيحه عن بعض العلماء: أنه قال: كان أول ما أرسل الحيض على بني إسرائيل. قال البخاري: وحديث النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أكثر يعني أنه عام في جميع بنات آدم. وحكى صاحب الحاوي وغيره عن ابن عباس رضي الله عنهما في سبب ابتداء الحيض: أن الله عز وجل قال: يا آدم ما حملك على أكل الشجرة، قال: زينته لي حواء، قال: إني عاقبتها لا تحمل إلا كرها، ولا تضع إلا كرها، ودميتها، والله تعالى أعلم. وأعلم: أن باب الحيض من الأبواب العويصة، وقد اعتنى أصحابنا رحمهم الله تعالى بإيضاحه، فبينوه أحسن بيان، وبسطوه الجزء: 3 ¦ الصفحة: 78 أوضح بسط، وقد جمع فيه إمام الحرمين نحو نصف مجلدة في النهاية، وجمع غيره نحوه، ولم يكن فيه أعظم تصنيفا من كتاب أبي الفرج الدارمي من أصحابنا العراقيين في طبقة القاضي أبي الطيب الطبري، فجمع مجلدة ضخمة في مسألة المستحاصة المتحيرة وحدها، لم يخلط معها غيرها، وقد جمعت أنا فيه في شرح المهذب جملة مستكثرة نحو مجلدة، مع أني حرصت على ترك الإطالة. ونسأل الله تعالى التوفيق. حيعل: قوله في باب الأذان: يقول بعد الحيعلة: هي بفتح الحاء وإسكان الياء وفتح العين. قال الإمام أبو منصور الأزهري في أول كتابه تهذيب اللغة بعد أن فرغ من مقدمة الكتاب وشرع في الأبواب. قال الليث: قال الخليل بن أحمد رحمه الله تعالى: العين والحاء لا يلتقيان في كلمة واحدة أصلية الحروف لقرب مخرجيهما إلا أن يؤلف فعل من جمع بين كلمتين مثل حي على فيقال منه حيعل. قال الأزهري: وهو كما قال الخليل رحمه الله تعالى: وأنشده غيره: إلى أن دعا داعي الصلاة بحيعلا ألا رب طيف منك بات معانقي ومعنى حي على الصلاة: أسرعوا إليها وهلموا إليها واقبلوا. ومثله في الحديث: "إذا ذكر الصالحون فحي هلا بعمر" معناه: أقبلوا على ذكره. وقيل: أسرعوا إلى ذكره، ومثل الحيعلة عبارة عن حي على كذا، قولهم: الحمدلة، والبسملة، والهيللة، والسبحلة، إشارة إلى الحمد لله، وبسم الله، ولا إله إلا الله، وسبحان الله، ومثله قولهم: ولا حول ولا قوة إلى بالله الحوقلة والحولقة، كما قدمناه في فصلها. حين: قال البخاري في صحيحه في أول تفسير سورة الأعراف: الحين عند العرب من ساعة إلى ما لا يحصى عدده. حيي: الحياء: ممدود، وهو خصلة من خصال الإيمان، كما صح عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: "الحياء من الإيمان" وصح عنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: "الحياء خير كله". قال الواحدي: قال أهل اللغة: أصل الاستحياء من الحياة، واستحيا الرجل من قوة الحياة فيه لشدة علمه بمواقع العيب، فالحياء من قوة الحس، ولطفه، وقوة الحياة. وقال مجد الدين ابن الأثير في باب ما ينقض الوضوء من مسند الشافعي رضي الله عنه: الحياء تغير، وانكسار يعرض للإنسان من تخوف ما يعاب به، ويذم عليه، واشتقاقه من الحياة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 79 فكأن الحي جعل متنكس القوة منتقض الحياة لما يعتريه من الانكسار والتغير. يقال: استحيت منه واستحييته بمعنى. ويقال: استحييت بياء واحدة أسقطوا الياء الأولى، وألقوا حركتها على الحاء، والأصل إثبات الياءين، وهي لغة أهل الحجاز، وحذف الأولى لغة تميم، والله تعالى أعلم. وقولهم في باب الغسل في حديث أم سليم رضي الله عنها: "أن الله لا يستحيي من الحق" معناه لا يستحيي أن يبين ما هو الحق. فصل في أسماء المواضع الحجاز: مذكور في كتاب الجزية، قال في المهذب: قال الشافعي رضي الله عنه: هي مكة والمدينة واليمامة ومخاليفها، وهكذا فسره أصحابنا، كما فسره الإمام الشافعي رضي الله عنه قال في المهذب: قال الأصمعي: سمي حجازا؛ لأنه حجز بين تهامة ونجد، وهذا الذي نقله عن الأصمعي قاله أيضا وغيره، وقيل: هذا في حده واشتقاقه. الحجر: حجر الكعبة زادها الله تعالى شرفا، هو بكسر الحاء وإسكان الجيم، هذا هو الصواب المعروف الذي قاله العلماء من أصحاب الفنون. ورأيت بعض الفضلاء المصنفين في ألفاظ المهذب أنه يقال أيضا: حجر بفتح الحاء كحجر الإنسان سمي حجرا لاستدارته. والحجر: عرصة ملصقة بالكعبة منقوشة على صورة نصف دائرة، وعليه جدار، وارتفاع الجدار من الأرض نحو ستة أذرع، وعرضه نحو خمسة أشبار. وقيل: خمسة وثلث، وللجدار طرفان: ينتهي أحدهما: إلى ركن البيت العراقي، والآخر: إلى الركن الشامي، وبين كل واحد من الطرفين وبين الركن فتحة يدخل منها إلى الحجر، وتدويرة الحجر تسع وثلاثون ذراعا وشبر، وطول الحجر من الشاذوران الملتصق بالكعبة إلى الجدار المقابل له من الحجر أربعة وثلاثون قدما ونصف قدم، وما بين الفتحتين أربعون قدما إلا نصف قدم، وميزاب البيت يضرب في الحجر. وقد اختلفت الروايات، وأقوال أصحابنا في أن الحجر كله من البيت، أو ستة أذرع فحسب أم سبعة، وهذا الموضع لا يحتمل بسطها فأشرت إلى أصلها، وقد أوضحته في كتاب الإيضاح في المناسك الذي جمعته. الحجر الأسود: زاده الله تعالى شرفا، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 80 وهو في ركن الكعبة الذي يلي البيت من جانب المشرق، ويقال له: الركن الأسود، ويقال له وللركن اليماني: الركنان اليمانيان، وارتفاع الحجر الأسود من الأرض ذراعان وثلثا ذراع، قاله الأزرقي، قاله: وذرع ما بين الركن الأسود والمقام ثمانية وعشرون ذراعًا. وثبت في الحديث الصحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “نزل الحجر الأسود من الجنة وهو أشد بياضًا من اللبن، فسودته خطايا بني آدم” رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح. وروى الأزرقي في فضله وما يتعلق به أشياء كثيرة: منها عن ابن عباس رضي الله عنهما، وعبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قالا: الركن والمقام من الجنة، قالا: ولولا ما مسه من أهل الشرك، ما مسه ذو عاهة إلا شفي. وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: أنزل الله الركن والمقام مع آدم ليلة نزل. الحجون: بفتح الحاء بعدها جيم مضمومة، وهو من حرم مكة، زادها الله تعالى شرفًا، وهو: الجبل المشرف على مسجد جبل الحرس بأعلى مكة على يمينك، وأنت مصعد. الحديبية: بضم الحاء وفتح الدال وتخفيف الياء، كذا قاله الشافعي رضي الله عنه وأهل اللغة وبعض أهل الحديث، وقال أكثر المحدثين: بتشديد الياء وهما وجهان مشهوران، وقد تقدم في حرف الجيم، ثم ذكر الجعرانة فيها زيادة، قال صاحب مطالع الأنوار: ضبطناها بالتخفيف عن المتقنين، وأما عامة الفقهاء والمحدثين فيشددونها، قال: وهي قرية ليست بالكبيرة سميت ببئر هناك عند مسجد الشجرة، قال: وهي على نحو مرحلة من مكة، وكان الصحابة الذين بايعوا تحت الشجرة، وهي شجرة سمرة بيعة الرضوان يوم الحديبية ألف وأربعمائة، وقيل: ألفا وخمسمائة، وقيل: ألفا وثلاثمائة. وقد روى البخاري ومسلم في صحيحيهما هذه الروايات الثلاث في باب غزوة الحديبية، والأشهر ألف وأربعمائة. وفي البخاري عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، قال: قال لنا رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوم الحديبية: “أنتم خير أهل الأرض وكنا ألفا وأربعمائة” وكذا قال البيهقي، وأكثر الروايات: أن أهل الحديبية كانوا ألفا وأربعمائة رضي الله تعالى عنهم. حديثة الموصل: المذكورة في حد سواد العراق، هي: بفتح الحاء وكسر الدال، بعدها ياء مثناة من تحت ساكنة، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 81 ثم ثاء مثلثة، ثم هاء. الحرة: المذكورة في المهذب في حديث: “رجم ماعز رضي الله تعالى عنه الحرة التي خارج المدينة، وللمدينة حرتان وهما لابتاها”، وقد تقدم تفسيرهما. الحرم: حرم مكة زادها الله تعالى شرفًا وفضلاً، وهو: ما أحاط بمكة من جوانبها، وأطاف بها، جعل الله عز وجل حكمه حكمها في الحرمة تشريفا لهًا، وأعلم: أن معرفة حدود الحرم من أهم ما ينبغي أن يعتنى به، فإنه يتعلق به أحكام كثيرة، وقد اعتنيت بتحقيق حدوده، وأوضحته في كتاب الإيضاح في المناسك غاية الإيضاح: فحد الحرم من طريق المدينة دون التنعيم عند بيوت نفار بكسر النون، وهو على ثلاثة أميال، وحده من طريق اليمن طرف أضاه لبن بكسر اللام وإسكان الباء الموحدة، على سبعة أميال، ومن طريق العراق على ثنية جبل المقطع علىسبعة أميال أيضًا. قال الأزرقي: سمي جبل المقطع؛ لأنهم قطعوا منه أحجار الكعبة في زمن ابن الزبير، وقيل: إنما سمي المقطع؛ لأنهم كانوا في الجاهلية إذا خرجوا من الحرم علقوا في رقاب إبلهم من قشور شجر الحرم، وإن كان رجلا علق في رقبته فأمنوا به حيث توجهوا، وقالوا: هؤلاء وفد الله تعالى إعظاما للحرم، وإذا رجعوا دخلوا الحرم قطعوا ذلك هنالك فسمي المقطع، ومن طريق الجعرانة في شعب آل عبد الله بن خالد على تسعة أميال عشرة إلا واحدا، ومن طريق الطائف على عرفات من بطن نمرة على سبعة أميال عشر إلا ثلاثة، ومن طريق جدة منقطع الأعشاش علىعشرة أميال، هكذا ذكر هذه الحدود أبو الوليد الأزرقي في كتاب تاريخ مكة، وأصحابنا في كتب الفقه منهم الشيخ أبو إسحاق في المهذب في باب عقد الذمة، وكذا صاحب الحاوي في الأحكام السلطانية، إلا أنهما لم يذكرا حده من طريق اليمن. وذكره الأزرقي والجماهير وانفرد الأزرقي فقال: حده من طريق الطائف أحد عشر ميلاً، وقال الجمهور: سبعة فقط كما قدمناه، وهي سبعة عشر إلا ثلاثة، فاعتمد ما لخصته من حد الحرم الكريم، فما أظنك تجده أوضح من هذا. قال الأزرقي: في أنصاب الحرم على رأس الثنية ما كان من وجوهها في هذا الشق فهو حرم، وما كان في ظهرها فهو حل، قال: وبعض الأعشاش في الحل، وبعضها في الحرم، ذكره في آخر الكتاب. أما حرم المدينة فقد ثبت بيانه في الصحيح، ففيه الجزء: 3 ¦ الصفحة: 82 أكمل مقنع، وأبلغ كفاية. روينا في صحيحي البخاري ومسلم عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “المدينة حرم ما بين عير إلى ثور” هكذا هو في الصحيح، وغيرهما “عير إلى ثور” وعير بفتح العين المهملة وإسكان المثناة تحت. قال أبو عبيد القاسم بن سلام وغيره من العلماء: عير جبل بالمدينة، وأما ثور فجبل لا يعرف أهل المدينة بها جبلاً. يقال له: ثور، قالوا: فنرى أن أصل الحديث ما بين عير إلى أحد. وقال الحازمي: الرواية الصحيحة ما بين عير إلى أحد. وقيل: إلى ثور، وليس بشيء. وثبت في الصحيحين من روايات جماعة من الصحابة رفعوه “ما بين لآبتيها حرام” وفي مسلم “ما بين مأزميها واللابة” والمأزم معروفان مذكوران في هذا الكتاب في موضعهما. قال الماوردي: واختلف الناس في مكة وما حولها هل صارت حرمًا وأمنا بسؤل إبراهيم - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أم كانت قبله؟ كذلك على قولين: أحدهما: لم تزل حرما آمنا من الجبابرة ومن الخسوف والزلازل، وإنما سأل إبراهيم عليه السلام ربه سبحانه وتعالى أن يجعله آمنا من الجدب والقحط، وأن يرزق أهله من كل الثمرات، لقوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “إن مكة حرمها الله تعالى ولم يحرمها الناس” رواه البخاري في صحيحه من رواية أبي شريح وقوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوم فتح مكة: “فإن هذا بلد حرمه الله تعالى يوم خلق السموات والأرض وهو حرام بحرمة الله تعالى إلى يوم القيامة، وأنه لم يحل القتال لأحد قبلي، وأنه لم يحل إلا ساعة من نهار فهو حرام حرمة الله إلى يوم القيامة” رواه البخاري في صحيحه في كتاب الحج بهذا اللفظ من رواية ابن عباس رضي الله عنهما، والقول الثاني: إن تحريمها كان بسؤال إبراهيم عليه السلام وكانت قبله حلالاً، لقوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “إن إبراهيم حرم مكة، وإني حرمت المدينة” رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما من رواية أبي هريرة رضي الله عنه. قال الماوردي: والذي يختض به حرم مكة من الأحكام التي تخالف سائر البلاد خمسة أحكام، أحدها: أن لا يدخلها أحد إلا بإحرام حج أو عمرة. والثاني: ألا يحارب أهلها فإن بغوا على أهل العدل، فقد ذهب بعض إلى تحريم قتالهم، ويضيق عليهم حتى يرجعوا عن البغي، ويدخلوا في أحكام أهل العدل، والذي عليه أكثر الفقهاء أنهم يقاتلون على بغيهم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 83 إذا لم يمكن ردهم عن البغي إلا بالقتال؛ لأن قتال أهل البغي من حقوق الله تعالى التي لا تجوز إضاعتها ولأن يكون محفوظا في حرم الله تعالى أولى من أن يكون مضيعا فيه. والحكم الثالث: تحريم صيده على المحلين، والمحرمين من أهل الحرم، وممن طرأ عليه. الحكم الرابع: تحريم قطع شجرة. الحكم الخامس: أنه يمنع جميع من خالف دين الإسلام من دخوله مقيمًا كان أو مارا. هذا مذهب الشافعي رضي الله عنه وأكثر الفقهاء، وجوزه أبو حنيفة إذا لم يستوطنوه، هذا آخر كلام الماوردي. وترك من الأحكام التي يتميز بها الحرم اللقطة، فإن لقطة الحرم لا تحل إلا لمنشد لا للمتملك على المذهب الصحيح بخلاف غيره، وترك أيضًا تحريم إخراج أحجاره وترابه منه إلى غيره وهو حرام، وبيانه مشهور في كتب المذهب، وترك أيضًا إدخال الأحجار والتراب من غيره إليه فإنه مكروه، وترك اختصاص نحر الهدايا ودماء الحج به، وترك وجوب قصده بالنذر بخلاف غيره كمسجد رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وبيت المقدس أحد القولين فيهما، وترك أيضا تغليظ الدية بالقتل فيه، وترك أيضًا تحريم دفن المشرك فيه، وأنه إن دفن ينبش إن لم يتقطع، وإنه لا يجوز له في الدخول إليه على حال وإنه لا دم على المتمتع والقارن إذا كانا من أهله، وإنه لا يجوز الإذن إحرام المقيم به بالحج خارجه، أنه لا يكره فيه صلاة النافلة التي لا سبب لها في أوقات الكراهة تشريفا لها، وأنه يحرم استقبال الكعبة واستدبارها بالبول والغائط في الصحراء، وهذا الذي ذكره الماوردي من أن البغاة إذا امتنعوا في الحرم يقاتلون عند أكثر الفقهاء هو الصحيح، وقد نص عليه الشافعي في كتابه اختلاف الحديث من كتب الأم، وقال القفال المروزي في أول كتاب النكاح في ذكر خصائص النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لا يجوز القتال بمكة، حتى لو تحصن جماعة من الكفار بمكة لا يجوز لنا قتالهم فيها، وهذا الذي قاله فاسد مردود، نبهت عليه لئلا يغتر به. وأما الحديث الصحيح بالنهي عن القتال فيها، فمعناه: لا يجوز نصب القتال وقتالهم بما يعم إذا أمكن إصلاح الحال بدون ذلك، بخلاف ما إذ تحرز كفار في بلد آخر. وأما حرم المدينة: فحده مابين جبليها طولا وما بين لابتيها عرضا، ففي الصحيحين عن علي رضي الله عنه وعن أبي هريرة رضي الله عنه ما ذكرناه قبل هذا. وفي المناسك وفي صحيح البخاري في كتاب الجزء: 3 ¦ الصفحة: 84 الدعاء في باب التعوذ من غلبة الرجال عن عمرو بن أبي عمرو مولى المطلب عن أنس قال: أشرف النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على المدينة، فقال: اللهم إني أحرم ما بين جبليها مثل ما حرم إبراهيم مكة” ورواه مسلم في آخر الحج، ويشترك الحرمان في أمور ويختلفان في أمور. حضرموت: مذكورة في باب صفة القضاء من المهذب في قوله: إن رجلاً من حضرموت، ورجلاً من كندة تحاكما إلى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو بفتح الحاء وإسكان الضاد المعجمة وفتح الميم. قال صاحب مطالع الأنوار وهذيل: بضم الميم منها، وهذا غريب. قال أهل اللغة: يجوز فيه بناء الإسمين على الفتح، فتفتح التاء والراء، ويجوز بناء الأول، وإعراب الثاني كإعراب ما لا ينصرف، فيقال: هذا حضرموت برفع التاء، ويجوز إعراب الأول والثاني، فيقال: هذا حضرموت برفع الراء وجر التاء وتنوينها، والنسبة إليه حضرمي، وجماعة حضارمة، والتصغير حضيرموت ويصغر الأول. قال أهل اللغة: حضرموت: اسم لبلد باليمن، وهو أيضًا اسم لقبيلة، واختلف المتكلمون على الحديث وألفاظ المهذب في المراد بحضرموت في هذا الحديث، فقيل: البلدة، وقيل: القبيلة، وهو الأظهر. الحطيم: زاده الله تعالى فضلاً وشرفًا، وهذا الموضع المشهور بالمسجد الحرام بقرب الكعبة الكريمة، روى الأزرقي في كتاب مكة عن ابن جريج، قال الحطيم: ما بين الركن الأسود والمقام وزمزم والحجر سمي حطيمًا؛ لأن الناس يزدحمون على الدعاء فيه، ويحطم بعضهم بعضًا، والدعاء فيه مستجاب، قال: وقل: من حلف هناك آثما إلا عجلت عقوبته. وروى أشياء كثيرة في ناس كثيرين عجلت عقوباتهم باليمين الكاذبة فيه، وبالدعاء عليهم لظلمهم. حفر أبي موسى: مذكور في حد جزيرة العرب في باب عقد الذمة من المهذب هو بفتح الحاء والفاء وبالراء، هو منسوب إلى أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، وهو من البصرة على ست مراحل، سمي حفر أبي موسى؛ لأن أبا موسى الأشعري رضي الله عنه لما أقبل إلى البصرة أخذ عل فلج، حتى نزل بالحفر فعطش الناس فأمر ببئر فحفرت فأنبطت عذبة. فقيل: حفر أبي موسى وهو بمعنى المحفور. كما قال: خيط أي مخيوط، وهدم بمعنى مهدوم، ويسمى التراب أيضًا حفرا بمعنى محفور كما ذكرنا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 85 الحفياء: مذكورة في باب المسابقة من المهذب، وهي: بحاء مهملة مفتوحة، ثم فاء ساكنة، ثم ياء مثناة من تحت، ثم ألف ممدود وهذا هو الأشهر، ويقال: بالقصر. قال صاحب المطالع: الحفيا تمد وتقصر، قال: وضبطه بعضهم بضم الحاء وهو خطأ. قلت: وذكر الإمام الحافظ أبو بكر الحازمي في كتابه المختلف والمؤتلف في أسماء الأماكن أنه يقال فيها أيضًا: الحيفا، بتقديم الياء على الفاء، ذكره في حرف الحاء. قال: والأشهر تقديم الفاء، والله تعالى أعلم. حلوان: مذكور في حد سواد العراق، هو بضم الحاء وإسكان اللام، قال الإمام الحازمي في المؤتلف والمختلف: حلوان البلد المعروف، وهو: آخر مما يلي المشرق، نسب إلى حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة؛ لأنه بناه. حمص: مدينة معروفة من مشارق الشام، لا ينصرف للعجمة والعلمية، والتأنيث كماه وجوز، وهي من المدن الفاضلة، وفي حديث ضعيف: “أنها مدن الجنة”، وكانت في أول الأمر أشهر بالفضل من دمشق. وذكر الثعلبي في العرائس في فضل الشام: أنه نزل حمص تسعمائة رجل من الصحابة. حنين: تكرر ذكره في كتاب السير من المهذب وهو واد بين مكة والطائف وراء عرفات، بينه وبين مكة بضعة عشر ميلاً، وهو مصروف كما نطق به القرآن العظيم. الحيرة: مذكورة في استطاعة المرأة في كتاب الحج من المهذب حديثها في صحيح البخاري رحمه الله، وهي بكسر الحاء وإسكان الياء المثناة من تحت بعدها راء ثم هاء وهي مدينة معروفة عند الكوفة، وهي مدينة النعمان، فهذه هي المذكورة في الحديث في كتب المذهب، وليست بالحيرة المحلة المعروفة بنيسابور، والله تعالى أعلم. حرف الخاء خبث: قوله عند دخول الخلاء: "اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث" حديثه في الصحيحين من رواية أنس، وهو بضم الباء، ويجوز تخفيفها بإسكانها كما في نظائره ككتب ورسل وعنق وأذن ونحوها، هذا هو الصواب. وأما قول الإمام أبي سليمان الخطابي: أن المحدثين يروونه بإسكان الباء، وأنه خطأ منهم، فليس بصواب منه؛ لأن إسكان الباء في هذا الباب، وهو باب فعل بضمتين جائز بلا خلاف بين أهل اللغة والتصريف والنحو، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 86 وهو أجل من أن ينكر هذا، ولعله أراد الإنكار على من يقول أصله الإسكان، وأما الإسكان على سبيل التخفيف، فلا يمنعه أحد، ومع هذا فعبارته مشكلة. وأما معناه فقال الخطابي: الخبث جمع خبيث، والمراد: ذكور الشياطين، والخبائث جمع خبيثة، والمراد: أناث الشياطين. وقال غيره: الخبث بالإسكان الشر، وقيل: الكفر، وقيل: الشيطان والخبائث المعاصي. قال أهل اللغة: أصل الخبث في كلام العرب المذموم، والمكروه، والقبيح من قول أو فعل أو مال أو طعام أو شراب أو شخص أو حال. وقال أبو عمر المزاهد: قال ابن الأعرابي: الخبث في كلام العرب المكروه، فإن كان من الكلام فهو الشتم، وإن كان من الملل فهو الكفر، وإن كان من الطعام فهو الحرام، وإن كان من الشراب فهو الضار. خبر: وأما المخابرة، فقال أبو عبيد، والأكثرون من أهل اللغة، والفقهاء: هي مأخوذة من الخبير، وهو: الأكار بتشديد الكاف وهو الفلاح الحراث. وقال آخرون: من الخبار، وهي: الأرض اللينة، والمزارعة قريب من المخابرة، وقيل: من الخبر بضم الخاء، وهو: النصيب. قال الجوهري: قال أبو عبيد: هو النصيب من سمك أو لحم. قال: ويقال: تخبروا خبرة إذا اشتروا شاة فذبحوها واقتسموا لحمها. وقال ابن الأعرابي: هي مشتقة من خيبر؛ لأن أول هذه المعاملة كان فيها من النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، واختلف أصحابنا فيهما هل هما بمعنى أم لا، فقال بعضهم: هما بمعنى واحد، وادعى صاحب البيان: أن هذا قول أكثر أصحابنا، وليس كما قاله، بل الصحيح الذي ذهب إليه جمهورهم، ونص عليه الشافعي رضي الله عنه، ونقله صاحب الشامل، والمحققون عن الجمهور: أنهما مختلفان، والمخابرة: هي المعاملة على الأرض ببعض ما يخرج منها، ويكون البذر من العامل، والمزارعة مثلها، إلا أن البذر من مالك الأرض. قال الرافعي: وقد يقال: المخابرة اكتراء الأرض ببعض ما يخرج منها، والمزارعة اكتراء العامل ليزرع الأرض ببعض ما يخرج منها، ولا يختلف المعنى بهذا الاختلاف. وأعلم أن المشهور من مذهبنا إبطال المخابرة، والمزارعة جميعًا، وهو نص الشافعي والأصحاب رضي الله عنهم، وذهب جماعة من محققي أصحابنا إلى صحتهما، وهو قول ابن سريج وابن خزيمة، واختاره أيضا الخطابي، وقد أوضحته في الروضة، ولله الحمد. وممن قال من أهل اللغة: أن المخابرة والمزارعة بمعنى واحد صاحب الجزء: 3 ¦ الصفحة: 87 الصحاح، وقاله أيضًا الإمام أبو سليمان الخطابي رحمه الله تعالى في معالم السنن. قال الخطابي: الخبر النصيب. خبل: قوله في المهذب في أول صفة الصلاة: وإن كان بلسانه خبل، هو بفتح الخاء المعجمة وإسكان الباء الموحدة، وهو فساد فيه. قال ابن السكيت: الخبل فساد، قال الجوهري: الخبل بالتسكين الفساد، وجمعه خبول. وقال الهروي: الخبل فساد الأعضاء، ورجل خبل ومختبل. قال: قال شمر: الخبال والخبل الفساد. ختم: الخاتم والخاتم بفتح التاء وكسرها، والخيتام والخاتام كله بمعنى، والجمع خواتيم هذه اللغات الأربع مشهورة. خدع: قال الإمام أبو منصور الأزهري: قال أبو عبيد: قال أبو زيد: يقال خدعته خدعا وخديعة، وأجاز غيره خدعا بالفتح، ويقال: رجل خداع وخدوع وخدعة وإذا كان خداعا، والخدعة ماخدع به. وقال أبو عبيد: سمعت الكسائى يقول: الحرب خدعة يعني بضم الخاء وفتح الدال، قال: وقال أبو زيد مثله، ورجل خدعة إذا كان يخدع، وروي في الحديث: “الحرب خدعة” أي: ينقضي أمرها بخدعة واحدة، وقيل: الحرب خدعة ثلاث لغات، وأجودها ما قال الكسائى وأبو زيد خدعة. قال الإمام الواحدي في البسيط من التفسير: اختلف أهل اللغة في أصل الخداع، فقام قوم أصله من إخفاء الشيء. قال الليث: أخدعت الشيء أي: أخفيته. وقال آخرون: أصل اخداع والخدع الفساد. قال ابن الأعرابي: الخادع الفاسد من الطعام. وغيره قوله في الوسيط في كتاب شرب الخمر: ويتقي يعني: الجلاد المقاتل كالقرط والأخدع، فالأخدع بفتح الهمزة على وزن الأحمر. قال الإمام الأزهري: الأخدعان عرقان في صفحتي العنق قد خفيا وبطنا، والأخادع الجمع، ورجل مخدوع قد أصيب أخدعه. وقال صاحب المحكم: وقيل: الأخدعان الودجان، قال: وخدعه يخدعه خدعا قطع أخدعه. قوله في الوسيط والله تعالى لا يخادع في العزائم، ذكره في كتاب السير في مسألة الهزيمة معناه، والله أعلم لا يخفى عليه شيء كما تقدم في معنى الخداع. قال الواحدي: قال اللحياني وأبو عبيدة خادعت الرجل بمعنى خدعته. قال الأزهري: والمخدع والمخدع الخزانة، قال: وأخدعت الشيء أخفيته، وقال صاحب المحكم: الخدع إظهار خلاف ما يخفيه خدعه يخدعه خدعا وخدعا وخديعة وخدعة وخداعا وخدعه واختدعه. وقيل: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 88 الخدع والخدع والخداع الآسم، وتخادع القوم خدع بعضهم بعضا، وانخدع أرى أنه قد خدع، والخدع ما يخدع به، ورجل خدعة يخدع كثيرا، وخدعة يخدع الناس كثيرًا، ورجل خداع وخدع وخيدع وخدوع كثير الخداع، وكذلك المرأة بغير هاء، وخادعت فلانًا رمت خدعه، وخدعته ظفرت به. وقال: الحرب خدعة وخِدْعة وخُدَعة، فمن قال: خدعة فمعناه من خدع فيها خدعة فزلقت قدمه وعطب فليس لها إقالة. ومن قال: خدعة أراد أنها تخدع، كما يقال رجل لعنة يلعن كثيرًا، وإذا خدع أحد صليت صاحبه في الحرب، فإنما خدعت هي. ومن قال: خدعة أراد أنها تخدع أهلها، ورجل مخدع خدع في الحرب مرة بعد مرة، والخيدع الذي لا يوثق بمودته، والخيدع السراب لذلك، وطريق خيدع وخادع جائر مخالف للقصد لا يفطن به، وخدعت الشيء وأخدعته كتمته وأخفيته، والمخدع الخزانة. قال سيبويه: لم يأت مفعل اسما إلا المخدع، وما سواه صفة، والمخدع والمخدع لغة في المخدع. خدم: وروينا في صحيح البخاري في كتاب النكاح في باب النقيع والشراب الذي لا يسكر في العرس. عن سهل بن سعد: أن امرأة أبي سعد كانت خادمتهم في عرسهم هكذا هو في معظم الأصول خادمتهم بالتاء. خرج: وأما قول الغزالي رحمه الله تعالى وغيره من الأصحاب رحمهم الله تعالى في المسألة قولان: بالنقل والتخريج. فقال الإمام أبو القاسم الرافعي في كتاب التيمم معناه: أنه إذا ورد نصان عن صاحب المذهب مختلفان في صورتين متشابهتين، ولم يظهر بينهما ما يصلح فارقا، فالأصحاب يخرجون نصه في الصورة الأخرى لاشتراكهما في المعنى، فيجعل في كل واحدة من الصورتين قولان: منصوص ومخرج. المنصوص في هذه هو المخرج في تلك، والمنصوص في تلك هو المخرج في هذه، فيقولون فيهما قولان: بالنقل والتخريج أي: نقل المنصوص من هذ الصورة إلى تلك الصورة، وخرج منها، وكذلك بالعكس. ويجوز أن يراد بالنقل الرواية، ويكون المعنى في كل واحدة من الصورتين قول منقول أي: مروي عنه وآخر مخرج، ثم الغالب في مثل هذا: عدم إطباق الأصحاب على هذا التصرف، بل ينقسمون غالبا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 89 فريقين منهم من يقول، ومنهم من يمتنع، ويستخرج فارقا بين الصورتين يستند إليه افتراق النصين، هذا كلام الرافعي. وقد اختلف أصحابنا في القول المخرج هل ينسب إلى الشافعي رضي الله تعالى عنه؟ فمنهم من قال: ينسب، والصحيح الذي قاله المحققون: لا ينسب؛ لأنه لم يقله، ولعله لو روجع ذكر فارقًا ظاهرًا، قوله في المهذب في باب الكفن، ويجعل الحنوط على خراج نافذ، إذا كان الخراج بضم الخاء المعجمة وتخفيف الراء، وهو القرحة في الجسد. خرع: قولهم: اخترع الدليل أو الحكم، وما أشبهه. فمعناه ارتجله وابتكره، ولم يسبق إليه. قال الأزهري: اخترعه أي: اخترقه. قال: والخرع الشق، يقال: خرعته فانخرع أي: شققته فانشق، وانخرعت القناة إذا انشقت. قال صاحب المحكم: اخترع الشيء ارتجله، والاسم الخرعة. خسف: يقال: خسف القمر، وخسفت الشمس، وكسف وكسفت، وانخسف وانخسفت، وانكسف وانكسفت، وخسفا وكسفا، كلها لغات صحيحة، وصحت وثبتت كلها في صحيح البخاري، ومسلم من لفظ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قال الأزهري في باب العين والخاء والشين: قال أبو زيد: يقال: خسفت الشمس وكسفت وخسفت بمعنى واحد. خشع: قال الإمام الأزهري: التخشع لله تعالى الإخبات والتذلل. وقال الليث: خشع الرجل يخشع خوشعا، إذا رمى ببصره إلى الأرض، والخشوع قريب من الخضوع، إلا أن الخضوع في البدن، وهو الإقرار بالأستخذاء، والخشوع في البدن والصوت والبصر، هذا كلام الأزهري. وقال صاحب المحكم: خشع واختشع وتخشع رمى ببصره نحو الأرض، وخفض صوته، وقوم خشع متخشعون. وقال الواحدي: الخشوع في اللغة السكون، قال: وعلى هذا يدور كلام المفسرين في تفسير الخشوع في الصلاة. قال الأزهري: هو سكون المرء في صلاته. وقال السدي: خاشعون متواضعون. وقال مجاهد: ساكنون. وقال عمرو بن دينار: هو السكوت وحسن الهيئة. خصر: قولهم في التنبيه: هذا كتاب مختصر، اختلفت عبارات العلماء في معنى المختصر. فقال الشيخ أبو حامد الإسفرايني شيخ أصحاب العراقيين في تعليقه حقيقة الاختصار: ضم بعض الشيء إلى بعض، قال: ومعناه عند الفقهاء رد الكثير إلى القليل، وفي القليل معنى الكثير، قال: وقيل: هو إيجاز اللفظ مع الجزء: 3 ¦ الصفحة: 90 استيفاء المعنى، ولم يذكر صاحب الشامل غير هذا الثاني، وذكرهما جميعًا المحاملي في المجموع. وقال صاحب الحاوي: قال الخليل بن أحمد: هو ما دل قليله على كثيره، سمي اختصارا لاجتماعه، كما سميت المخصرة مخصرة لاجتماع السيور، ومخصر الإنسان لاجتماعه ودقته. خضر: قوله في المهذب في باب السير: مر رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الخضراء كتيبة فيها المهاجرون والأنصار لا يرى منهم إلا الحقد. قال الأصمعي: الخضراء: اسم من أسماء الكتيبة، والكتيبة الخيل المجتمعة، وقيل: سميت خضراء لكثرة الحديد فيها، والعرب تسمي أخضر. قال الجوهري: يقال: كتيبة خضراء للتي يعلوها سواد الحديد. خضع: قال الأزهري: خضع في كلام العرب يكون لازمًا ومتعديا، تقول: خضعته فخضع، وخضع الرجل رقبته فاختضعت. وقال صاحب المحكم: خضع يخضع خضعا وخضوعا واختضع ذل، ورجل خيضع واخضع وخضيع ألان كلامه للمرأة، خضعه الكبر يخضعه خضعًا وخضوعا وأخضعه حناه وخضع هو وأخضع انحنى. خطأ: قال الجوهري رحمه الله تعالى: الخطأ: نقيض الصواب، وقد يمد، وقرىء بهما في قول الله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلا خَطَأً} (النساء: من الآية92) تقول منه أخطأت وتخطأت بمعنى واحد، ولا تقل أخطيت، وبعضهم يقوله، والخطأ الذنب من قول الله تعالى: {إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئاً كَبِيراً} (الاسراء: من الآية31) أي: إثما، تقول منه خطىء يخطأ خطأ، وخطئة على فعلة، والاسم الخطيئة على فعيلة، ولك أن تشدد الياء؛ لأن كل ياء ساكنة قبلها كسرة أو واو ساكنة قبلها ضمة، وهما زائدتان للمد لا للإلحاق، ولا هما من نفس الكلمة، فإنك تقلب الهمزة بعد الواو واوا، وبعد الياء ياء، وتدغم، فتقول: في مقروء مقرو، وفي خبيء خبي بتشديد الواو والياء. قال أبو عبيدة: خطىء وأخطأ بمعنى واحد لغتان، قال: وفي المثل مع الخواطىء سهم صائب يضرب للذي يكثر منه الخطأ، ويأتي في الأحيان بالصواب. قال الأموي: المخطىء من أراد شيئا فصار إلى غيره، والخاطىء من تعمد لما لا ينبغي، وتقول: خطأته تخطئة وتخطيئا، إذا قلت له أخطأت، وتخطأت له في المسألة أي: أخطأت، وجمع الخطيئة خطايا، وكان الأصل خطائي على وزن فعائل، فلما اجتمعت الهمزتان قلبت الثانية ياء؛ لأن قبلها كسرة، ثم استثقلت والجمع ثقيل، وهو معتل مع الجزء: 3 ¦ الصفحة: 91 ذلك، فقلبت الياء ألفًا، ثم قلبت الهمزة الأولى ياء لخفائها ما بين الألفين، هذا آخر كلام الجوهري. وفي مسند أبي عوانة وأبي يعلى الموصلي عن سيعد بن جبير قال: خرجت مع ابن عمر فمررنا بفتيان من قريش قد نصبوا طيرا وهم يرمونه، وقد جعلوا لصاحب الطير كل خاطئة من نبلهم، ورويناه بهذه الحروف في صحيحي البخاري ومسلم. وفي حديث أبي ذر أحد قواعد الإسلام: “يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي، يا عبادي إنكم تخطؤون بالليل والنهار” ولم يقل تخطأون. خطب: قال الإمام أبو منصور الأزهري: قال الليث: الخطب سبب الأمر، تقول: ما خطبك أي: ما أمرك، وتقول: هذا خطب جليل، وخطب يسير، وجمعه خطوب، والخطبة مصدر الخطيب، وهو يخطب المرأة، ويختطبها خطبة، وخطبني. وقال الفراء في قول الله تعالى: {مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ} (البقرة: من الآية235) الخطبة: مصدر الخطب، وهو بمنزلة قولك: أنه لحسن القعدة والجلسة، قال: والخطبة مثل الرسالة التي لها أول وآخر. قال الأزهري: والذي قال الليث: أن الخطبة مصدر الخطيب، لا يجوز إلا على وجه، وهو أن الخطبة اسم للكلام الذي يتكلم به الخطيب فيوضع، والعرب تقول: فلان خطب فلانة إذا كان يخطبها. وقال الليث: الخطاب مراجعة الكلام، وخطب الخاطب على المنبر يخطب خطابة، واسم الكلام الخطبة. وقال الزجاج أيضًا في معاني القرآن: الخطبة بالضم ما له أول وآخر نحو الرسالة، وجمع الخطيب خطباء، وجمع الخاطب خطاب، هذا ما ذكره الأزهري. وقال صاحب المحكم: الخطب الشأن، أو الأمر صغر أو كبر، وخطب المرأة يخطبها خطبا، وخطبة الأولى عن اللحياني، واختطبها وخطبها عليه وهي خطبة، والجمع أخطاب، وكذلك خطبة وخطبة الضم عن كراع، وخطبا وخطيبة وهو خطبها، والجمع كالجمع، وكذلك هو خطيبها، والجمع خطيبون، ولا يكسر، ورجل خطاب كثير التصرف في الخطبة، واختطب القوم فلانًا دعوه إلى تزويج صاحبتهم، والخطاب والمخاطبة مراجعة الكلام، وخطب الخاطب على المنبر يخطب خطابة، واسم الكلام الخطبة. وقال ثعلب: خطب على القوم خطبة فجعلها مصدرا، ولا أدري كيف ذلك إلا أن يكون وضع الاسم. وذهب أبو إسحاق: إلى أن الخطبة عند العرب الكلام المنثور المسجع ونحوه، ورجل خطيب حسن الخطبة. قال الجوهري: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 92 خطب على المنبر خطبة بالضم، وخطبت المرأة خطبة بالكسر، واختطبت فيهما، والخطيب الخاطب، والخطيب الخطبة، والخطابية من الرافضة ينسبون إلى أبي الخطاب، وكان يأمر أصحابه أن يشهدوا على من خالفهم بالزور، وقد خطب الرجل بالضم، خطابة بالفتح صار خطيبا. وقال أقضى القضاة أبو الحسن الماوردي الفقيه الشافعي صاحب الحاوي من أصحابنا في كتابه التفسير: الخطبة بكسر الخاء، هي: طلب النكاح، والخطبة بالضم تأليف كلام يتضمن وعظا وإبلاغا، وهذا الذي قاله حسن مفصح عن معنى اللفظة، والله تعالى أعلم. وأعلم: أن الخطب المشهورة ثلاث عشرة خطبة: خطبتان للجمعة، وخطبتان للعيد، وخطبتان للكسوف، وخطبتان للاستسقاء، وخمس خطب في الحج، وواحدة في اليوم السابع من ذي الحجة بمكة عند الكعبة بعد صلاة الظهر، وثنتان بعرفات في مسجد إبراهيم عليه السلام بعد الزوال وقبل صلاة الظهر، وخطبة بعد صلاة الظهر بمنى يوم النحر، والصلاة أفراد إلا التي عند عرفات فإنها خطبتان وقبل صلاة الظهر. قال الماوردي في الأحكام السلطانية في باب ولاية الحج: جميع الخطب مشروعة بعد الصلاة إلا خطبتي الجمعة ملكا والتى بعرفات. الخطابية: الطائفة المبتدعة من الرافضة نسبوا إلى أبي الخطاب الكوفي، حكاه ابن الصباغ. خطر: قال الإمام أبو منصور الأزهري رحمه الله تعالى: قال الليث: الخطر ارتفاع المكانة والمنزلة والمال والشرف، ويقال للرجل الشريف: هو عظيم الخطر. وقال ابن السكيت: الخطر والسبق والندب واحد، وهو كله الذي يوضع في النضال والرهان، فمن سبق أخذه، ويقال فيه: كل فعل مشددا إذا أخذه. قال الليث: والأشراف على شفا هلكة هو الخطر، والإنسان يخاطر بنفسه إذا أشفى بها على خطر ملك، أو نيل ملك، ويقول: خطر ببالي وعلى بالي كذا وكذا يخطر خطورا، إذا وقع ذلك في بالك وهمك. قال الفراء: يقال: أنه لعظيم الخطر وصغير الخطر في حسن فعاله، وشرفه، وسوء فعاله، ولؤمه، والخاطر: ما يخطر في القلب من تدبير أو أمر، هذا ما نقلته من كتاب الأزهري، وقال صاحب المحكم: الخاطر الهاجس، والجمع الخواطر، وقد خطر بباله وعليه يخطِر ويخطُر الأخيرة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 93 عن ابن جني خطورًا إذا ذكره بعد نسيان. خطط: قال الإمام أبو منصور الأزهري رحمه الله تعالى: قال الليث: الخط الكتابة ونحوه مما يخط، والخطة الأرض التي يختطها الرجل لم تكن له، قال: وإنما كسرت الخاء لأنها أخرجت على مصدر أفعل، وقال في موضع أخر من الفصل: اختط فلان خطة إذا تحجر موضعًا، وخط عليه بجدار، وجمعها الخطط. قال صاحب المحكم: خط الشيء يخطه خطا كتبه بقلم أو غيره، والتخطيط التسطير، والماشي يخط برجله الأرض على التشبيه بذلك، وثوب مخطط فيه خطوط، وكذلك تمر مخطط، وخط وجهه واختط صارت فيه خطوط، والخطة كالخط كأنها اسم للطريقة، والخط والخطة الأرض تترك من غير أن ينزلها نازل قبل ذلك، وقد خطها لنفسه خطا واختطها، وكلما خططته فقد خططت عليه. قال الجوهري: الخطة بالكسر الأرض يختطها الرجل لنفسه، وهو أن يعلم عليها علامة بالخط ليعلم أنه قد أحتازها ليبنيها إذا أراد، ومنه خطط الكوفة والبصرة، والخطة بالضم القصة والأمر، وفي رأسه خطة إذا جاء وفي نفسه حاجة قد عزم عليها، والعامة تقول: خطية، وقولهم: خطة نائية أي مقصد بعيد، وقولهم: خذ خطة أي: خذ خطة الانتصاف، ومعناه انتصف، والخطة من الخطط كالنقطة من النقط، واختط الغلام نبت عذاره، والله تعالى أعلم. وقول الغزالي في كتاب الجمعة: خطة البلد. وفي باب الوقف خطة الإسلام، وأشباه هذا كله بكسر الخاء على ما تقدم قوله في الجنين: إن بدا فيه التخطيط وجبت فيه الغرة وانقضت العدة. قال الرافعي في باب دية الجنين: التخطيط: قد يفسر بصورة الأعضاء من اليد والأصابع وغيرهما، وقد يفسر بالشكل والتقطيع الكلي، قبل تبيين آحاد أعضائه وهيئآتها، وهي الأكثر. قال أبو الفتح الهمداني في كتاب الآشتقاق: الخط: قرية ينسب إليها الرماح، يقال: رماح خطية بفتح الخاء، قال: ومنهم من يكسرها، وقيل لها ذلك؛ لأنها على ساحل البحر، والساحل يقال له الخط؛ لأنه فاصل بين الماء والتراب، هذا كلام أبي الفتح. واقتصر الجمهور على أن الرمح الخطي بفتح الخاء، وقل من ذكر الكسر. خطف: قال الأزهري: يقال: خطفت الشيء واختطفته، إذا اجتذبته بسرعة، والخطاف طائر معروف، وجمعه خطاطيف. قال الأصمعي: الخطاف هو الجزء: 3 ¦ الصفحة: 94 الذي يجري في البكرة إذا كان من حديد، فإن كان من خشب فهو القعو. قال أبو الخطاب: وخطفت السفينة وخطفت أي: سارت. وقال صاحب المحكم: الخطف الأخذ بسرعة واستلاب خطفه، وخطفه يخطفه واختطفه وتخطفه. قال سيبويه: خطفه واختطفه كما قالوا نزعه وانتزعه، ورجل خيطف خاطف وسيف مخطف يخطف البصر بلمعه، وخطف البرق البصر، وخطفه يخطف ذهب به، وخطف واختطفه استرقه، والخطاف العصفور الأسود وهو الذي تدعوه العامة عصفور الجنة، هذا كلام صاحب المحكم. والخطاف المذكور في كتاب الأطعمة، قال أصحابنا: لا يحل أكله، هذا هو الذي ذكره الأزهري، وصاحب المحكم: وهو هذا الذي يأوي إلى البيوت عند ارتفاع البرد، وإقبال الربيع، وهو بضم الخاء وتشديد الطاء. خفر: قوله: أن تجد طريقا آمنا خفارة، يقال: بضم الخاء وفتحها وكسرها ثلاث لغات حكاها صاحب المحكم، قال: وهي جعل الخفير، قال: وقد خفر الرجل وخفر به وعليه يخفره خفرا أجاره ومنعه وأمنه، وكذلك يخفر به فلان خفيري أي: الذي أجيره، والخفير المجير كل واحد منهما خفير لصاحبه، والاسم من ذلك كله الخفرة والخفارة، وقيل: الخفرة والخفارة، والخفارة الأمانة وهو من ذلك الأول، والخفرة أيضًا الخفير الذي هو المجير، والخفارة أيضًا جعل الخفير، قال: وخفرته خفرا، وأخفره نقض عهده وغدره، وأخفر الذمة لم يف بها، هذا كله كلام صاحب المحكم. وقال الجوهري: خفرت بالرجل أخفر بالكسر خفرا إذا أجرته وتخفرت بفلان إذا استجرت به وسألته أن يكون لك خفيرا، وأخفرته نقضت عهده، ويقال أيضا: أخفرته إذا بعثت معه خفيرا، والاسم الخفرة بالضم، وهي الذمة، يقال: وقت خفرتك. خفش: قال أهل اللغة: الخفاش طائر معروف يطير بالليل، وجمعه خفافيش، وأما الرجل الأخفش المذكور في الديات، وذكره في الروضة في عيوب البيع فهو نوعان، ذكرهما الجوهري وغيره، أحدهما: أن يكون ضعيف البصر من أصل الخلقة. والثاني: يكون لعلة، وهو الذي يبصر بالليل دون النهار، وفي الغيم دون الصحو. خلب: في الحديث: “نهى عن كل ذي مخلب من الطير” هو بكسر الميم وإسكان الخاء المعجمة وفتح اللام. قال الجزء: 3 ¦ الصفحة: 95 أهل اللغة والفقه وغيرهم: المخلب للطير كالظفر للآدمي، وفي الحديث: “قل لا خلابة” هي بكسر الخاء وتخفيف اللام والباء وهي الخديعة، يقال منه خلبه يخلبه بضم اللام، واختلبه مثله. خلع: قال الإمام أبو منصور الأزهري: يقال: خلع الرجل ثوبه وخلع امرأته وخالعها إذا افتدت منه بمالها فطلقها، وأبانها من نفسه، قال: وسمي ذلك الفراق خلعا؛ لأن الله عز وجل جعل النساء لباسا للرجال والرجال لباسا لهن، فقال: {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ} (البقرة: من الآية187) وهي ضجيعه وضجيعته، فإذا افتدت منه بمال تعطيه ليبينها منه فأجابها إلى ذلك، فقد بانت منه وخلع كل واحد منهما لباس صاحبه، قال: والاسم من ذلك الخلع والمصدر الخلع، وقد اختلعت المرأة منه اختلاعا، إذا افتدت بمالها، فهذا معنى الخلع عند الفقهاء قال: وخلعة المال وخلعته خياره يعني بضم الخاء وكسرها، قال: وقال أبو سعيد: سمي خيار المال خلعة؛ لأنه لم يخلع قلب الناظر إليه، قال: والخلعة يعني بالكسر من الثياب ما خلعته فطرحته على آخر أو لم تطرحه، قال: والخلع كالنزع إلا أن فيه مهلة، قال: وأصابه في بعض أعضائه خلع وهو زوال المفاصل من غير بينونة، ويقال للشاطر من الفتيان خليع؛ لأنه خلع رسنه، وتخلع الرجل في الشراب شربه بالليل والنهار، والخليع الذي خلعه أهله وتبرؤا منه، وخلع من الدين والحياء، وقوم خلعاء مبينو الخلاعة، هذا آخر كلام الأزهري رحمه الله تعالى. وفي كتاب المثلث لشيخنا جمال الدين بن مالك رضي الله عنه: الخلعة بالضم لغة في الخلع، وهو مصدر خلع المرأة، قوله في دعاء القنوت من المهذب: ونخلع من يفجرك أي: نترك ونهجر من يعصيك، قوله في أخر باب الخلع من المهذب: وإن قال أحدهما: خالعتني على ألف درهم، وقال الآخر: بل ألف مطلق تخالعا، قوله: خالعتني هو بفتح التاء خطاب للمذكر، ومراده: قال أحد الزوجين أو أحد الشخصين أو أحد الإنسانين فيكونان مذكرين. قال الجوهري: خلع الوالي عزل، وخالعت المرأة بعلها فهي خالع، والاسم الخلعة، وقال صاحب المحكم: خلع الشيء يخلعه خلعا، واختلعه كنزعه، إلا أن في الخلع مهلة، وسوى بعضهم بين الخلع والنزع: وخلع الربقة من عنقه نقض عهده، وتخالع القوم نقضوا العهد، وخلع دابته يخلعها خلعا وخلعا أطلقها من قيدها، وخلع عذاره ألقاه عن نفسه فعدا بشر الجزء: 3 ¦ الصفحة: 96 وهو على المثل، وخلع امرأته خلعا وخلاعا فاختلعت أزالها عن نفسه وطلقها، أنشد ابن الأعرابي: مال أردن منك انخلاعا مولعات بهات هات وأن شفر شفر مال قل، وخلعه عن النسب أزاله، وخلع الرجل خلاعة فهو خليع تباعد، والخليع الشاطر منه، والأنثى خليعة بالهاء، وتخلع في مشيته هز منكبيه وأشار بيديه، والخلع والخلع زوال المفصل من اليد أو الرجل من غير بينونة، وخلع أوصالها أزالها، وثوب خليع خليق، هذا آخر كلام صاحب المحكم. خلف: وفي الحديث: “أربعون خلفة في بطونها أولادها” هذا مما يسألون عنه، فيقال: الخلفة التي ولدها، فما حكمة قوله في بطونها أولادها؟ وجوابه من خمسة أوجه: أحدها: أنه توكيد وأيضاح. والثاني: أنه تفسير لها لا قيد. والثالث: أنه نفي لوهم متوهم يتوهم أنه يكفي في الخلفة أن تكون حملت في وقت ما، ولا يشترط حملها حالة دفعها في الدية. والرابع: أنه إيضاح لحكمها، وأن يشترط في نفس الأمر أن تكون حاملاً، ولا يكفي قول أهل الخبرة: أنها خلفة إذا تبينا أنه لم يكن ولد. والخامس: ذكره الرافعي أنه قبل أن الخلفة تطلق أيضا على التي ولدت وولدها يتبعها. خلق: قولهم في السجود: فتبارك الله أحسن الخلقين، معناه: أحسن المصورين والمقدرين. خلل: تكرر في الأحاديث في المهذب ذكر الخليل في حديث “هذا وضوئي ووضوء خليلي إبراهيم” وقوله: “أوصاني خليلي بثلاث”. قال الإمام أبو الحسن الواحدي في قول الله عز وجل: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً} (النساء: من الآية125) قال أبو بكر ابن الأنبارى: الخليل معناه المحب الكامل المحبة، والمحبوب الموفى بحقيقة المحبة اللذان ليس في حبهما نقص، ولا خلل، قال: فتأويل قول الله تعالى: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً} اتخذا الله إبراهيم محبا له خالص الحب، ومحبوبا له، وشرفه بلزوم هذا الاسم له، الذي لا يستحق مثله إلا أنبياؤه ومن شرفه الله تعالى ورفع قدره. قال ابن الأنبارى: وقال بعض أهل العلم: معناه واتخذ الله إبراهيم فقيرا إليه، لا يجعل فقره وفاقته إلى غيره، ولا ينزل حوائجه بسواه، فالخليل الجزء: 3 ¦ الصفحة: 97 على هذا القول فعيل من الخلة بمعنى الفقير. ونحو هذا قال الزجاج: الخليل المحب الذي ليس في محبته خلل، فجائز أن يكون إبراهيم سمي خليلاً؛ لأنه الذي أحبه الله تعالى محبة تامة، وأحب الله هو محبة تامة، قال: وقيل: الخليل الفقير. قال الواحدي: فهذان القولان ذكرهما جميع أهل المعاني، والاختيار هو الأول؛ لأن الله عز وجل خليل وإبراهيم خليل الله عز وجل، ولا يجوز أن يقال الله تعالى خليل إبراهيم من الخلة التي هي الحاجة، هذا آخر كلام الواحدي. وقال القاضي عياض رحمه الله تعالى: أصل الخلة الاختصاص والاستصفاء، وقيل: أصلها الانقطاع إلى من خاللت، وقيل: الخلة صفاء المودة، وقيل: هي المحبة والألطاف. خلو: قوله: إذا أراد دخول الخلاء أي: موضع التغوط، يقال له: الخلاء، والمذهب، والمرفق، والمرحاض، وأصله الخلوة؛ لأنه شيء يستخلي به قوله في الوجيز في باب الصيد والذبائح لو رمى سهما في خلوة ولا يرجو صيدا حرم. قال الإمام الرافعي: ذكر الخلوة لا معنى له في هذا المعنى، إلا أن يريد في موضع خال عن الصيد. خمر: الخمر: هي الشراب المعروف، وهي مؤنثة في اللغة الفصيحة المشهورة، وذكر أبو حاتم السجستاني في كتابه المذكر والمؤنث في موضعين منه: أن قوما فصحاء يذكرونها، قال: سمعت ذلك ممن أثق به منهم، وذكرها أيضًا ابن قتيبة في أدب الكاتب فيما جاء فيه لغتان التذكير والتأنيث، ولا يقال: خمرة بالهاء في اللغة الفصيحة، وقد تكرر استعمالها بالهاء في الوسيط، وهي لغة ولا إنكار عليه، وقد روينا في الجعديات الكتاب المعروف عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: “الشيطان يحب الخمرة” هكذا هو في الرواية بالهاء، وكذا ذكر هذه اللغة الجوهري وغيره. قال الجوهري: خمرة وخمر وخمور كتمرة وتمر وتمور. وذكر أبو حاتم أنه يقال: خمرة، كما قالوا: دقيقة وسويقة وذهبة وعسلة. قال شيخنا جمال الدين بن مالك في كتابه المثلث: الخمرة هي الخمر. قال الإمام أبو الحسن الواحدي: الخمر عند أهل اللغة: سميت خمرا لسترها العقل. قال الليث: اختمار الخمر إدراكها وغليانها، ومخمرها متخذها، وخمرت الدابة أخمرها سقيتها الخمر. قال الكسائى: يقال: اختمرت خمرا، ولا يقال: أخمرتها، وأصل هذا الحرف التغطية، وقيل: سميت خمرا؛ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 98 لأنها تغطى حتى تدرك. وقال ابن الأنبارى: سميت خمرًا؛ لأنها تخامر العقل أي: تخالطه، هذا كلام أهل اللغة في هذا الحرف، وأما حدها فقد اختلف العلماء فيه، فقال سفيان الثوري وأبو حنيفة وأهل الرأي: الخمر ما اعتصر من العنب والنخلة، فيغلى بطبعه دون عمل النار، وما سوى ذلك ليس بخمر. وقال مالك والشافعي وأحمد وأهل الأثر رضي الله عنهم: إن الخمر كل شراب مسكر، فسواء كان عصيرا أو نقيعا مطبوخا كان أونيئا، واللغة تشهد لهذا. قال الزجاج: القياس إن ما عمل عمل الخمر يقال له خمر، وأن يكون في التحريم بمنزلتها، هذا آخر كلام الواحدي. خمس: قوله في المختصر في باب السلم يقال في العبد: أنه خماسي أو سداسي، وأنه يصف سنه. قال الرافعي: واختلفوا في تفسيره، فقيل: المراد بالخماسي والسداسي التعرض للقدر يعني: خمسة أشبار أو ستة، وقيل: المراد السن يعني: ابن خمس أو ست، ومن قال بالأول حمل قوله يصف سنه على المعنى الثاني، ومن قال بالثاني حمل قوله يصف سنه على الأسنان المعروفة، وأنه يذكر أنه مفلج الأسنان أو غيره، وذلك من طريق الأولى دون الاشتراط. وحكى المسعودي: أن الخماسي والسداسي صنفان من عبيد النوبة معروفان عنده. قلت: قال البيهقي في كتابه رد الانتقاد على ألفاظ الشافعي رضي الله عنهما: قد اعترض الشافعي رضي الله عنه في هذا، فقيل: إن أهل اللغة يقولون: عبد خماسي، ولا يقولون: عبد سداسي ولا سباعي. قال: وجوابه أن الأزهري قال: الخماسي الذي يكون خمسة أشبار، وإنما يقال: خماسي ورباعي فيمن يزداد طولاً، ويقال في الثوب سباعي. قال الأزهري: والسداسي في الرقيق والوصائف أيضًا جائز أيضا عندي. قال البيهقي: وقال أبو منصور الخمشادي في كتابه: اختلفت العرب في السداسي، فمنهم من ينكره ومنهم من يجوزه كالخماسي. قال البيهقي: وبلغني أن ذلك لغة هذيل، ثم روى البيهقي في ذلك حديثا من حديث عبد الله بن عتبة بن مسعود ابن أخي عبد الله بن مسعود، قال: “أذكر أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أخذني وأنا خماسي أوسداسي، فأجلسني في حجره، ومسح رأسي ودعا لي، وأدركتني البركة”. خمع: قال صاحب المحكم: خمعت الضبع تخمع خمعا وخموعا وخماعا عرجت، وكذلك كل ذي عرج وبنو خماعة بطن. خنث: المخنث بكسر النون الجزء: 3 ¦ الصفحة: 99 وفتحها والكسر أفصح، والفتح أشهر، وهو الذي خلقه خلق النساء في حركاته وهيئته وكلامه ونحو ذلك، وهو ضربان، أحدهما: من يكون ذلك خلقة له لا يتكلفه ولا صنع له فيه، فهذا لا إثم عليه ولا ذم ولا عيب، إذ لا فعل له ولا كسب. والثاني: من يتكلف ذلك فليس ذلك هو بخلقة فيه، فهذا هو المذموم الآثم الذي جاءت الأحاديث بلعنه، قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “لعن الله المخنثين، ولعن المتشبهين بالنساء من الرجال” سمي مخنثا؛ لانكسار كلامه ولينه، يقال: خنثت الشيء إذا عطفته. أما الخنثى فضربان: أشهرهما من له فرج النساء وذكر الرجال، والثاني: من ليس له واحد منهما، وإنما له خرق يخرج منه البول وغيره لا يشبه واحدا منهما، وهذا الثاني ذكره البغوي والماوردي وغيرهما، وقد وقع هذا الخنثى في البقر، فجاءني جماعة أثق بهم يوم عرفة سنة أربع وسبعين وستمائة، قالوا: إن عندهم بقرة هي خنثى ليس له فرج الأنثى ولا ذكر الثور، وإنما لها خرق عند ضرعها يخرج منه البول، وسألوا عن جواز التضحية بها، فقلت لهم تجزئ لأنها ذكر أو أنثى، وكلاهما مجزىء، وليس فيه ما ينقص اللحم واستثبتهم فيه، فقال صاحب التتمة في أول كتاب الزكاة: يقال: ليس فيه شيء من الحيوانات خنثى إلا في الآدمي والإبل، قلت: وتكون في البقر كما حكيته. خندق: الخندق معروف مفتوح الخاء والدال، ذكره ابن قتيبة في باب ما يتكلم به العرب من الكلام الأعجمي. خنزير: الخنزير هو بكسر الخاء وهو معروف. قال أبو البقاء العكبري في كتاب إعراب القرآن في سورة البقرة: النون في الخنزير أصل، وهو على مثال عزبيب، قال: وقيل: هي زائدة مأخوذة من الخزر. خوف: في أبيات المرأة التي أنشدت الشعر في باب الإيلاء من المهذب: مخافة ربي، يجوز في مخافة الرفع والنصب، والرفع أجود. خير: الخير ضد الشر، تقول: منه خرت يا رجل فأنت خائر، وخار الله تعالى لك، والخيار خلاف الأشرار، والخيار الاسم من الاختيار، والخيار القثاء، وليس بعربي، قال هذه الجملة الجوهري، قال: والاستخارة طلب الخير وخيرته بين الشيئين أي: فوضت إليه الخيار، وفلانة خير الناس ولا تقل خيرة الناس، وفلان خير الناس ولا تقل أخير. لا يثنى ولا يجمع؛ لأنه في معنى الجزء: 3 ¦ الصفحة: 100 افعل، ورجل خير وخير مشدد ومخفف، وكذلك امرأة خيرة وخيرة، هذا كلام الجوهري. وقال الفراء رحمه الله تعالى: يقال لامرأة خير وخيرة، وخيرة: ثلاثة أوجه وكذلك الجمع. قال المبرد: والفاضلة قوله في الحديث: “لم أجد إلا جملا خيارًا” ذكره في باب القرض من المهذب: هو بكسر الخاء المعجمة وتخفيف الياء أي: جيدا مختارا، يقال: جمل خيار، وإبل خيار، وناقة خيار بلفظ واحد، ذكره صاحب مطالع الأنوار. قوله في المهذب في آخر الخلع: فإن قال: طلقتك بعوض، فقالت: طلقتني بعد مضي الخيار، بانت بإقراره، والقول في العوض قولها. معنى قولها بعد مضي الخيار: إني التمست منك الطلاق على العوض فلم تطلقني عقيب سؤالي بحيث يصلح أن يكون جوابا بل طلقتني بعد ذلك طلاقا مستأنفا، والله تعالى أعلم. وقولهم: وصلاته على محمد خير خلقه، وهو - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خير الخلق، ودلائله واضحة، وثبت في صحيح البخاري في باب قول الله عز وجل: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ} (البقرة: من الآية30) عن أنس رضي الله تعالى عنه قال: قالت اليهود في عبد الله بن سلام: أعلمنا وابن أعلمنا وأخيرنا وابن أخيرنا، كذا هو في الأصول أخيرنا بالألف فيهما. خيل: الخيل والخيلاء تكرر ذكرهما، قال الإمام الواحدي في أول سورة آل عمران الخيل، جمع لا واحد له من لفظه كالقوم والرهط والنساء. قال: سميت خيلا لاختيالها في مشيتها بطول أذنابها، والإختلال مأخذ من التخيل وهو التشبه بالشيء فالمختال يتخيل في صورة من هو أعظم منه كبرا، والخيال صورة الشيء، والأخيل الشقراق؛ لأنه يتخيل مرة أحمر ومرة أخضر، هذا آخر كلام الواحدي. وكذا قال جمهور الأئمة: إن الخيل لا واحد له من لفظه. وقال أبو البقاء في إعرابه مثل ما قال الجمهور: قال: وقيل: واحده خائل مثل طائر وطير وواحد الخيل عند الجمهور فرس، والفرس: اسم للذكر والأنثى. قال أبو حاتم السجستاني في كتابه المذكر والمؤنث: الخيل: مؤنثة، وتجمع على خيول، وتصغير الخيل خييل، قال: وقولهم يا خيل الله اركبي معناه: يا أصحاب الله خيل الله اركبوا. خيم: قوله في المهذب في باب قسم الصدقات: وإن كان من الخيم هو بفتح الخاء وإسكان الياء، ويجوز كسر الخاء وفتح الياء، يقال في الواحدة خيمة، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 101 والجماعة خيم كتمرة وتمر، وجمع الخيم خيام ككلب وكلاب، ذكره الواحدي في تفسير قوله تعالى: {حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ} (الرحمن:72) . وقال الجوهري: جمع الخيمة خيمات وخيم مثل بدرة وبدرات وبدر، والخيم مثل الخيمة وجمعه خيام كفرخ وفراخ. قال الأزهري: قال ابن الأعرابي: الخيمة لا تكون إلا من أربعة أعواد ثم تسقف بالثمام، ولا تكون من ثياب. قال الأزهري: وقال غيره: المظلة تكون من ثياب، والخباء بيت صغير من صوف أو شعر، فإذا كان بيتا من شعر فهو دوح يعني بالحاء المهملة، فإن كان من آدم فهو من طراف يعني بالفاء. وقال ابن السكيت: الخيام أعواد تنصب يجعل عليها عوارض، ويلقى عليها الثمام، وسعف النخل يسكن القيظ، وهي أبرد من الأخبية. قال الأزهري بعد حكايته هذا كله: الخيام تكون للعبيد، والإماء سويت للزوايا وربما يظلل بها، والنواطير يسوونها يتظللون بها، ويراعون الثمار من اخصاصها، هذا آخر كلام الأزهري في شرح المختصر. فصل في أسماء المواضع خانقين: قوله في كتاب الصيام من المهذب: أتانا كتاب عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، ونحن بخانقين أن الأهلة بعضها أكبر من بعض هي بخاء معجمة ثم ألف ثم نون ثم قاف مكسورتين ثم ياء مثناة من تحت ساكنة ثم نون، وهي بليدة بالعراق بينها وبين بغداد نحو ثلاث مراحل في جهة الجبال. خراسان: الإقليم العظيم المعروف موطن الكثير، أو الأكثر من علماء المسلمين رضي الله تعالى عنهم، قال أبو الفتح الهمداني: ويقال له أيضًا خرسان بحذف الألف وإسكان الراء. الخندق: المذكور في قولهم يوم الخندق تكرر ذكره في هذه الكتب: هو خندق مدينة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حفره رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأصحابه رضي الله تعالى عنهم لما تحزبت عليهم الأحزاب فيوم الخندق هو يوم الأحزاب، وكان في سنة أربع من الهجرة، وقيل: سنة خمس، وكانت مدة حصارهم خمسة عشر يومًا، ثم أرسل الله تعالى على الجزء: 3 ¦ الصفحة: 102 الكفار ريحا وجنودا لم يرها المسلمون فهزمهم بها في صحيح البخاري في أول باب غزوة الخندق، قال: قال موسى بن عقبة: كانت عزوة الخندق في سنة أربع، وحديث ابن عمر عرضت يوم أحد ويوم الخندق. خيبر: البلدة المعروفة على نحو أربع مراحل من المدينة إلى جهة الشام ذات نجيل ومزارع، فتحها رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في أوائل سنة سبع من الهجرة، أقام رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - علىحصارهم بضع عشرة ليلة، وذكر الحازمي في المؤتلف: أن أراضي خيبر يقال لها خبابر بفتح الخاء. حرف الدال دبر: الدبر بضم الباء وإسكانها دبر الحيوان، وهو الآخر من كل شيء، وتدبير المماليك معروف. والمقابلة التي قطع من مقدم أذنها فلقة، وتدلت في مقابلة الأذن ولم تنفصل، والمدابرة التي قطع من مؤخر أذنها فلقة، وتدلت منه ولم تنفصل، والفلقة الأولى تسمى الأقبالة، والأخرى تسمى الأدبارة، هذا هو المهشور في كتب اللغة والحديث والفقه. وقال أبو عبيدة معمر بن المثنى في كتابه غريب الحديث: المقابلة من الشاء الموسومة بالنار في باطن أذنها، والمدابرة في ظاهر أذنها، وفي الحديث: رجل يأتي الصلاة دبارا أي: بعد فواتها، وهو بكسر الدال، وحكم الوطء في الدبر حكم الوطء في القبل، إلا في أحكام التحليل والتحصين، والخروج من التعنين، والخروج من الإيلاء، وتغيير إذن البكر في النكاح، وأن الأمة لا يلحق السيد ولدها بوطئه في الدبر بخلاف القبل، وفي مسألتي البكر والأمة وجه ضعيف، قال الرافعي: التدبير تعليق العتق بدبر الحياة سمي تدبيرا من لفظ الدبر، وقيل: لأنه دبر أمر دنياه باستخدامه واسترقاقه، وأمر آخرته بإعتاقه، وهذا عائد إلى الأول؛ لأن التدبير في الأمر مأخوذ من لفظ الدبر أيضًا لأنه نظر في عواقب الأمور وإدبارها. دبس: الدبس معروف قوله في المهذب في الصيد والذبائح: وإن رمى الصيد بالبندق والدبوس هو بفتح الدال، وهو الجزء: 3 ¦ الصفحة: 103 معروف، وجمعه دبابيس: أنشد فيه للعرب ثم قال أراه معربًا. دحو: قال أهل اللغة: الدحو البسط، قال الله تعالى: {وَالأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا} (النازعات:30) أي: بسطها، يقال: دحوت الشيء أدحوه دحوا، ويقال للاعب بالجوز: أبعد المدى وادحه أي: ارمه. قوله في المسابقة من المهذب: ولا تجوز المسابقة على مداحاة الأحجار هو بضم الميم. قيل: هو السبق بالأحجار والرمي بها. وقيل: هو أن تحفر حفرة ثم ترمي الأحجار إليها فمن وقع حجره فيها، فقد سبق. وقيل: هو إشالة الأحجار باليد. وقيل: هو أن يضرب بعضهم إلى بعض، وكل هذا لا تجوز المسابقة فيه على عوض. دخن: قال الجوهري: دخان النار معروف، والجمع دواخن، كما قالوا: عثان وعواثن على غير قياس، والدخن أيضا الدخان، ومنه هدنة على دخن أي: سكون لعلة لا للصلح. درج: قوله في باب الأذان: يرتل الأذان، ويدرج الإقامة. فقوله: يدرج يجوز فيه وجهان، أحدهما: يدرج بضم الياء وكسر الراء. والثاني: بفتح الياء وفتح الراء ومعناه يدخل بعض كلماتها في بعض ولا يترسل فيها، ويقطع بعضها عن بعض، بخلاف الإذان. قال الأزهري في شرح بعض ألفاظ المختصر: إدراج الإقامة: هو أن يصل بعضها ببعض، ولا يترسل فيها ترسله في الأذان. قال: وأصل الإدراج الطي، يقال: أدرجت الكتاب والثوب ودرجتهما إدراجا، ودرجا إذا طويتهما على وجوههما. وذكر في باب اللقطة من المهذب: الدراج وهو نوع من الطير معروف. قال أهل اللغة: الدراج بضم الدال وتشديد الراء، وبعدها ألف الواحدة درجة كذلك، إلا أنها بغير ألف وهي طائر باطن جناحيه أسود، وظاهرهما أغبر على خلقة القطا إلا أنها ألطف. درر: قوله: ضربه عمر رضي الله تعالى عنه بالدرة، هي بكسر الدال وتشديد الراء، وهي معروفة، ويقال لها: العرقة، بفتح العين والراء، وبالقاف ذكره صاحب المحكم. درك: وأما ضمان الدرك فهو بفتح الدال، وبفتح الراء، وإسكانها لغتان: حكاهما الجوهري، وقال الجوهري: الدرك التبعة. قال أبو سعيد المتولي في كتاب التتمة: سمي ضمان الدرك لالتزامه الغرامة عند إدراك المستحق عين ماله. قوله في مختصر المزني: أشهر الحج شوال، وذو القعدة، وتسع من الجزء: 3 ¦ الصفحة: 104 ذي الحجة، وهو يوم عرفة، فمن لم يدركه من قبل الفجر يوم النحر، فقد فاته الحج، هذا نصه. قال الرافعي: قال المسعودي: قوله: هو يوم عرفة معناه: التاسع يوم عرفة، وفيه معظم الحج، وقوله: فمن لم يدركه، قال الأكثرون معناه: من لم يدرك الأحرام بالحج. وقال المسعودي: أي: من لم يدرك الوقوف بعرفة. درهم: في الدرهم ثلاث لغات حكاهن أبو عمر الزاهد في شرح الفصيح عن شيخه وأستاذه ثعلب عن سلمة عن الفراء، قال: أفصح اللغات درهم، والثانية: درهم، الثالث: درهام يعني: الأولى بفتح الهاء، والثانية بكسرها، والدال مكسورة فيهن، واحتج بعضهم لدرهام بقول الشاعر: لجاز في آفاقها خاتامي لو أن عندي مائتي درهام دفن: قال صاحب البحر في باب الاعتكاف: اختلف العلماء في قول النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في البصاق في المسجد خطيئة وكفارتها دفنها. فقال بعضهم: المراد دفنها في المسجد، وقال بعضهم: المراد أخراجها من المسجد. دقع: في الحديث: “لا تحل المسالة إلا من فقر مدقع”، ذكره في المهذب في باب بيع النجش: وهو بضم الميم وسكون الدال وكسر القاف. قال الهروي: قال أبو عبيد: الدقع الخضوع في طلب الحاجة مأخوذة من الدقعاء، وهو التراب، ومنه الحديث: “لا تحل المسألة إلا من فقر مدقع” أي: شديد يفضي بصاحبه إلى الدقعاء. وقال ابن الأعرابي: الدقع سوء احتمال الفقر. قال الجوهري: فقر مدقع أي: ملصق بالدقعاء، والدقعاء التراب، يقال: دقع الرجل بالكسر أي: لصق بالتراب ذلا. قال صاحب المحكم: دقع الرجل دقعًا، وأدقع لصق بالدقعاء وغيره من أي شيء كان، ودقع وأدقع افتقر. وذكر الأزهري مثل قول الهروي، وقال: قال شمر: أدقع فلان فهو مدقع إذا لزق بالأرض فقرًا، ويقال: دقع أيضًا، قال ابن شميل: الدقعاء والأدقع والدقاع التراب، ورأيت القوم صقعى دقعى أي: لاصقين بالأرض من الجوع والديقوع الشديد. قال صاحب المحكم: والدقعم يعني بكسرتين الدقعاء الميم زائدة، والدقع بفتحتين سوء احتمال الفقر، والدقعاء الذرة. دكك: الدكة بفتح الدال كذا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 105 ضبطه أهل اللغة، قالوا: وهي المكان المرتفع الذي يباع عليه. دكن: الدكان بضم الدال المهملة معروف، وهو مذكر. قال الجوهري: الدكان واحد الدكاكين، وهي الحوانيت فارسي معرب. وقوله في الوجيز في أول الباب الثالث من الإجارة: استأجرت دكانا أو حانوتا، مما أنكر عليه؛ لأنهما بمعنى كما ترى، وقد ذكرناه في حرف الحاء. دلب: الدولاب المذكور في باب الزكاة وباب المساقاة وهو الذي يستقى عليه معروف. قال الجوهري وغيره: هو فارسي معرب، وذكره الشيخ تقي الدين بن الصلاح رحمه الله تعالى وغيره: قبله ممن اعتنى بألفاظ المهذب بفتح الدال. والذي رأيته أنا في صحاح الجوهري مضبوطا بضمها، وجمعها دواليب، قوله في باب المساقاة من الروضة: لا تجوز المساقاة على الدلب هو بضم الدال وإسكان اللام، وهو شجر معروف لا ثمر له الواحدة دلبة، وأرض مدلبة ذات دلب. دلو: في الصحيحين من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه في حديثه الطويل المشتمل على معجزات، قال: “دخل النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بئر أريس وكشف عن ساقيه، ودلاهما في البئر، قال: ثم جاء أبو بكر رضي الله عنه ودلى رجليه في البئر، ثم جاء عمر رضي الله عنه ودلى رجليه في البئر”، هكذا هو في النسخ. دمم: قوله في أول النكاح من المهذب عن عمر رضي الله عنه: “لا تزوجوا بناتكم من الرجل الدميم”، هو بالدال المهملة المفتوحة، ومن قالها بالمعجمة فقد صحف بلا خلاف بين أهل اللغة. قال الجوهري: الدميم القبيح، وقد دممت يا رجل تدم، وتدم دمامة أي: صرت دميما. وروينا في حلية الأولياء في آخر ترجمة سفيان الثوري عن هشام ابن عروة عن أبيه عن الزبير بن العوام رضي الله عنه، قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “يعمد أحدكم إلى ابنته فيزوجها القبيح الدميم إنهم يردن ماتريدون”. دور: قوله في المهذب في باب الأذان: ولا يستدير، لما روى أبو جحيفة، قال: “رأيت بلالا خرج إلى الأبطح”، إلى قوله: “لوى عنقه يمينا وشمالا ولم يستدير”، هكذا ضبطنا اللفظ في المهذب: ولا يستدير بكسر الدال وبعدها ياء مثناة من تحت، وكذا ضبطنا الحديث: لم يستدير، لا أنه لم يستدبر بالباء الموحدة، وضبطنا قوله في التنبيه: يستدبر بالباء الموحدة، وحديث الجزء: 3 ¦ الصفحة: 106 أبي جحيفة رضي الله عنه هذا أخرجه أبو داود هكذا في سننه، واختلف ضبط الرواة فيه في يستدير ويستدبر، ورواه الترمذي، وقال فيه: “رأيت بلالا يؤذن، ويدور ويتبع فاه ههنا وههنا”. وقال الترمذي: هو حديث حسن صحيح، وهذا الحديث مخرج في الصحيحين من غير لفظ يستدير، لفظ رواية البخاري: “رأيت بلالا يؤذن فجعلت أتتبع فاه ههنا وههنا بالأذان”، ومسلم يقول: يمينا وشمالا، ويقول: حي على الصلاة حي على الفلاح. دون: قال الجوهري: دون نقيض فوق، وهو تقصير عن الغاية، ويكون ظرفًا، والدون الحقير الخسيس، ولا يشتق منه فعل، وبعضهم يقول: دان منه يدون دونا، وأدين إدانة، ويقال: هذا دون ذاك أي: أقرب منه، ويقال في الإغراء بالشيء دونكه، وأما الديوان فبكسر الدال على المشهور، وفي لغة بفتحها، وهو فارسي معرب. قال الجوهري: أصله دوان، فعوض من إحدى الواوين ياء؛ لأنه يجمع على دواوين، ولو كانت الياء أصلية لقالوا: دياوين، ويقال: دونت الديوان. قال أقضى القضاة الماوردي في الأحكام السلطانية: الديوان موضوع لحفظ الحقوق من الأموال والأعمال، ومن يقوم بها من الجيوش والعمال، قال: وفي سبب تسميته ديوانا وجهان، أحدهما: أن كسرى يتحقق يومًا على كتاب ديوانه فرآهم يحسبون مع أنفسهم، فقال: دوانة أي: مجانين، ثم حذفت الهاء لكثرة الاستعمال تخفيفًا. والثاني: أن الديوان بالفارسية اسم للشياطين، فسمي الكتاب باسمهم لحذقهم بالأمور، ووقوفهم على الجلي والخفي، وجمعهم لما شذ وتفرق، وسمى مكانهم باسمهم، وأول من وضع الديوان في الإسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وفي سببه أقوال. وذكر الماوردي في أحكام الديوان وشروطه وأحكامه وما يتعلق به أكثر من كراسة مشتملة على نفائس، نقلت منها إلى الروضة جملاً في باب قسم الفيء. والله تعالى أعلم. ديت: قوله في المذهب في فصل الغناء من كتاب الشهادات: إن اتخذ جارية ليجمع الناس لغنائها ردت شهادته؛ لأنه دياثة، هي بكسر الدال، وتخفيف الياء، وهي فعل الديوث، وهو الذي يقر السوء على أهله كذا قاله جماعات. وقال الزبيدي: هو الذي يدخل الرجل عل امرأته. وقال الجوهري: هو الذي لا غيرة له، وكل هذا متقارب. دير: قول الشافعي رضي الله عنه في الجزية وأصحاب الديارات قد أنكره الجزء: 3 ¦ الصفحة: 107 جماعة، وقالوا: إن أرادوا جمع دير فصوابه ديور كعين وعيون. قال البيهقي: قال أبو منصور الخمشادي: هي لغة صحيحة تستعمل في نواحي الشام وبلاد الروم، وهي جمع الجمع، يقال: دار وديار وديارات كجمل وجمالات. وروى البيهقي بإسناده: أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "إنما هلك من كان قبلكم بتشديدهم على أنفسهم، وستجدون بقاياهم في الصوامع والديارات". فصل في اسماء المواضع داريا: القرية المعروفة بجنب دمشق على دون ثلاثة أميال، وهي بفتح الراء وتشديد الياء المثناة من تحت، وكان فضلاء السلف يسكنونها، وممن سكنها من الصحابة رضي الله عنهم بلال المؤذن، وبها قبران مشهوران يقصدان للزيارة لسيدين جليلين أبي مسلم الخولاني وأبي سليمان الداراني رضي الله عنهما. قال أبو الفتح الهمداني: داريا وزنها فعليا من الدار، والألف للتأنيث إنما زيدت فيها هذه الزوائد دلالة على التكثير؛ لأنها كانت مجمعا لدور آل جفنة الغسانيين ومنازلهم، ومثلها من الكلام مرحيا وبرديا، حكاهما سيبويه. دجلة: النهر المشهور بالعراق، وهو بكسر الدال، ولا يدخلها الألف واللام. قال أبو الفتح الهمداني: يجوز أن تكون مشتقة من قولهم: بعير مدجل أي: كظهرين بالقطران طليا كثيرا قد عم جسده، وجرى عنه، وبذلك سمي الدجال؛ لأنه مطلي بالكفر والعناد ولأنه يطلي أصحابه بذلك، وسميت دجلة لتغطيتها بمائها ما يمر عليه وغلبتها عليه. قال: ويجوز أن تكون مشتقة من معنى الكثرة، ومنها اشتقاق الدجال لكثرة جموعه، فسميت دجلة لكثرة مائها. قال: ويجوز أن تكون من معنى السرعة، والدوام من قولهم للإبل التي تحمل الأثقال دجالة، فسميت دجلة لدوام جريها وسرعته. دومة الجندل: مذكورة في باب الجزية من المهذب يقال: بضم الدال وفتحها وجهان مشهوران، والواو ساكنة فيهما وأشار الحازمي وغيره من المحدثين إلى ترجيح الضم. قال الجوهري في صحاحه أصحاب اللغة: يقولونه بضم الدال، وأهل الجزء: 3 ¦ الصفحة: 108 الحديث يفتحونهما. وقال ابن دريد: الصواب ضم. قال: وأخطأ المحدثون في الفتح. قال صاحب المطالع: ويقال فيها: دوما، حكاه عن الواقدي. قال صاحب المطالع وهي بقرب تبوك. وقال الحازمي: هي أرض بالشام بينها وبين دمشق خمس ليال، وبينها وبين المدينة خمس عشرة ليلة، وهذان القولان ليسا بجيدين، والصواب ما نقله الإمام الحافظ أبو القاسم بن عساكر في تاريخ دمشق عن الواقدي، قال: كانت غزوة دومة الجندل أول غزوات الشام، وهي من المدينة على ثلاث عشرة مرحلة، ومن الكوفة على عشر مراحل، ومن دمشق على عشر مراحل في برية، وهي أرض نخل وزرع يسقون على النواضح، وحولها عيون قليلة، وزرعهم الشعير، وهي مدينة عليها سور، ولها حصن عادي مشهور في العرب، هذا آخر حكاية الحافظ، لم ينكر منها شيئا، ومحله من الاتقان والمعرفة بأرفع الغايات. ويقاربه ما قاله الإمام أبو الفتح الهمداني في كتاب الاشتقاق قال: دومة الجندل قرية على عشر مراحل من الكوفة، وثمان من دمشق، وثنتي عشر من مصر، وعشر من المدينة، وفيها اجتمع الحكمان. قال: والدومة مجتمع الشيء ومستداره، فكأنما سميت دومة؛ لأن مكانها مستدار الجندل. حرف الذال المعجمة ذبب: الذباب معروف، واحدته ذبابة، وجمعه في القلة أذبة، وفي الكثرة ذبان بكسر الذال وتشديد الباء كغراب وأغربة وغربان، وقراد وأقردة وقردان. قال الجوهري: قال أبو عبيد: يقال: أرض مذبة يعني بفتح الميم والذال، أي: ذات ذباب. وقال الفراء: أرض مذبومة كما يقال أرض موحوشة أي: ذات وحش. قال الواحدي: قال الزجاجي: سمي هذا الطائر ذبابًا لكثرة حركته، واضطرابه. وقال غير الواحدي سمي بذلك؛ لأنه يذب أي: يدفع، والذب المنع والدفع. ذرع: الذراع ذراع اليد فيه لغتان التذكير والتأنيث، والذراع الذي يذرع به يقال منه ذرعت الثوب، وغيره أذرعه ذرعا، وجمع الذراع أذرع وذرعان، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 109 الأول جمع قلة، والثاني كثرة، وقد ذرعه القيء أي: غلبه وسبقه، وضاق بالأمر ذرعا، إذا لم يطقه، ولم يقو عليه. قال الإمام أبو منصور الأزهري: الذرع يوضع موضع الطاقة، قال: والأصل فيه أن يذرع البعير بيديه في سيره ذرعا على قدر سعة خطوته، فإذا حمل عليه أكثر من طاقته ضاق ذرعه عن ذلك فضعف ومد عنقه، فجعل ضيق الذرع عبارة عن ضيق الوسع والطاقة، فيقال: ما لي ذرع ولا ذراع أي: مالي طاقة، والدليل على صحة هذا: أنهم يجعلون الذراع موضع الذرع، فيقولون: ضقت به ذرعا. قال الواحدي: لم أجد أحدا ذكر في أصل الذرع أحسن ما ذكره الأزهري، قال: وذكر ابن الانبارى فيه قولين: أحدهما: أن أصله من ذرع فلانا القيء إذا غلبه وسبقه فمعنى ضاق ذرعه أي: ضاق عن حبس المكروه في نفسه. والثاني: قريب من معنى قول الأزهري، وقول الأزهري أبين وأحسن، والذريعة بفتح الذال الوسيلة، وتذرع بذريعة أي: توسل بوسيلة، وجمعها ذرائع، والقتل الذريع السريع، وأذرعات بفتح الهمزة وكسر الراء، كذا قيدها صاحب الصحاح، وهي بلدة معروفة بالشام حماها الله تعالى بينها وبين دمشق مرحلتان، وإلى بصرى دون مرحلة، وإلى القدس نحو أربع مراحل، والنسبة إليها أذرعي بفتح الراء. قال أبو الفتح الهمداني في اشتقاق البلدان: أذرعات جمع للسابع، وأذرعة جمع ذراع في لغة من ذكر، قال: وكأنها سميت بذلك؛ لأنها كانت صغيرة متقاربة الأقطار متدانية البيوت، ثم أدنى بعضها شيئًا فشيئًا ليصح خروجهم من الواحد إلى الجمع، ثم جمع الجمع قوله في المهذب في باب المسابقة، قال الشاعر: كالبغل يعجز عن شوط المحاضير إن المذرع لا تغنى خؤولته المذرع: بضم الميم وفتح الذال المعجمة وفتح الراء، هو الذي أمه أشرف من أبيه كذا قاله الجمهور. وقال ابن فارس في المجمل: المذرع من الرجال هو الذي أمه عربية وأبوه خسيس غير عربي. قال ابن فارس وغيره: سمي بذلك للرقمتين اللتين في ذراع البغل؛ لأنهما أتيا من ناحية الحمار، ومعنى هذا البيت أن الشاعر هجا آل ذي الجدين حيث زوجوا سليما مولى زياد بعض بناتهم؛ لأنه ليس كفؤا، وشبهه بإتيان الحمار الفرس. فقوله: لا تغني خؤولته أي: لا تكفي فضيلة نسب أمه وكرم أخواله وكونهم عربا، والمحاضير الخيل الجياد الشديدة العدو مأخوذ من الحضر، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 110 وهو العدو، فمعناه: المذرع ناقص، ولا يرفعه شرف خاله، كما أن البغل لا يرفعه شرف خاله، وهو الفرس، ولهذا تراه يعجز عن شوط الفرس. ذرق: ذرق الطائر معروف، وهو منه كالروث من الفرس، والحمار وهو بفتح الذال المعجمة وإسكان الراء، وفعله ذرق يذرق، ويذرق بضم الراء وكسرها في المضارع، حكاهما الجوهري. ذكر: قد تكرر في الكتب قولهم: ذكر الله سبحانه وتعالى. قال الإمام أبو الحسن الواحدي: أصل الذكر في اللغة: التنبيه على الشيء، ومن ذكرك شيئا فقد نبهك عليه، وإذا ذكرته فقد نبهته عليه، قال: ومعنى الذكر حضور المعنى في النفس، ثم يكون تارة بالفعل، وتارة بالقول، وليس بشرط أن يكون بعد نسيان، هذا كلام الواحدي. وقد اتفق العلماء: على أن الذكر على ضربين: ذكر القلب، وذكر اللسان، قالوا: وذكر اللسان يتوصل به إلى إدامة ذكر القلب، قالوا: وذكر القلب أفضل من ذكر اللسان، وإذا ذكر بالقلب واللسان معا فهو الذكر الكامل. وفي حديث الزكاة: “ابن لبون ذكرا” اختلف العلماء في الحكمة في قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “ذكرا” مع أن ابن اللبون لا يكون إلا ذكرا، فقيل: هو تأكيد ونفي لغلط يتطرق إلى ذلك، فإن أسنان الزكاة كلها مؤنثة، وهذا وحده مذكر فحسن تأكيده بذكر الذكر، وقيل: هو تنبيه على العلة كأن المعنى لا تستكثره أيها الدافع لكبر سنه، فإنه ناقص لكونه ذكرا، ولا تستقله أيها الأحد فإنه وإن كان ذكرا أسن من بنت المخاض. قال الجوهري: الذكر خلاف الأنثى، والجمع ذكور وذكران وذكارة كحجر وحجارة، والذكر المعروف، والجمع مذاكير على غير قياس، كأنهم فرقوا بين الذكر الذي هو الفحل، وبين الذكر الذي هو العضو في الجمع. قال الأخفش: هو من الجمع الذي لا واحد له، والذكر والذكر بالكسر خلاف النسيان وكذا التذكرة، وقولهم: اجعله منك على ذكر، وذكر بمعنى الذكر الصيت والغناء، وذكرت الشيء بعد النسيان، وذكرته بلساني وبقلبي، وتذكرته وأذكرته غيري، وذكرته بمعنى، والتذكرة ما تستذكر به الحاجة، وأذكرت المرأة ولدت ذكرا، والمذكار التي عادتها تلد الذكور. ذكى: في الحديث: “ذكاة الجنين ذكاة أمه” وهو حديث حسن، رواه أبو الجزء: 3 ¦ الصفحة: 111 داود وغيره، والرواية المشهورة: “ذكاة أمه” برفع ذكاة، وبعض الناس ينصبها، ويجعلها بالنصب دليلا لأصحاب أبي حنيفة رحمه الله تعالى في أنه لا يحل إلا بذكاة، ويقولون: تقديره كذكاة أمه، حذفت الكاف فانتصب، وهذا ليس بشيء؛ لأن الرواية المعروفة بالرفع. وكذا نقله الإمام أبو سليمان الخطابي وغيره وتقديره: على الرفع يحتمل أوجها، أحسنها أن ذكاة الجنين خبر مقدم، وذكاة أمه مبتدأ، والتقدير: ذكاة أم الجنين ذكاة له. كقول الشاعر: بنونا بنو أبنائنا ونظائره وذلك لأن الخبر ما حصلت به الفائدة، ولا تحصل إلا بما ذكرناه، وأما رواية النصب على تقدير صحتها، فتقديرها: ذكاة الجنين حاصلة وقت ذكاة أمه، وأما قولهم: تقديره كذكاة أمه فلا يصح عند النحويين بل هو لحن، وإنما جاء النصب بإسقاط الحرف في مواضع معروفة عند الكوفيين بشرط ليس موجودا ههنا. والله تعالى أعلم. ذمم: قولهم: ثبت المال في ذمته، وتعلق بذمته، وبرئت ذمته، واشتغلت ذمته مرادهم بالذمة الذات، والذمة في اللغة: تكون للعهد، وتكون للأمانة، ومنه قول النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “يسعى بذمتهم أدناهم ومن صلى الصبح فهو في ذمة الله عز وجل”، ولهم ذمة الله ورسوله فاصطلح الفقهاء على استعمال لفظ الذمة موضع الذات والنفس، فقولهم: وجب في ذمته أي: في ذاته ونفسه؛ لأن الذمة العهد والأمانة حملهما النفس والذات، فسمى محلها باسمها. ذنب: قوله في باب السلم من المهذب: إذا أسلم في الرطب لا يلزمه قبول المذنب، المذنب بضم الميم وفتح الذال المعجمة وكسر النون المشددة، وهو البسر الذي بدأ فيه الأرطاب من قبل ذنبه فحسب. قال الجوهري: وقد ذنبت البسرة فهي مذنبة. ذوق: يقال: ذقت الشيء أذوقه ذوقا وذواقا ومذاقا ومذاقة وما ذقت ذواقا: أي شيئًا وذقت ما عند فلان أي: خيرته، وذقت القوس أي: جذبت وترها لأنظر ما شدتها وأذاقه الله وبال أمره، وتذوقته أي ذقته شيئًا بعد شيء، وأمر مستذاق أي: مجرب معلوم والذواق الملول. قوله في باب الديات من المهذب: وإن جنى على لسانه فذهب ذوقه، ولم يحس بشيء من المذاق، وهي الخمسة الحلاوة، والمرارة، والحموضة، والملوحة والعذوبة، المذاق: بفتح الجزء: 3 ¦ الصفحة: 112 الميم وتخفيف الذال والقاف. ذوي: قولهم: ذو كذا معناه: صاحبه هذا معناه في اللغة، وأما قولهم في باب الأيمان: وإن حلف بصفة من صفات الذات، وقول صاحب المهذب في كتاب الطلاق والبياض: أعراض تحل الذات فمرادهم بالذات الحقيقة، وهذا اصطلاح للمتكلمين، وقد أنكره بعض الأدباء عليهم، وقال: لا يعرف ذات في لغة العرب بمعنى حقيقة، وإنما ذات بمعنى صاحبة، وهذا الإنكار منكر بل الذي قاله الفقهاء والمتكلمون صحيح، وقد قال الإمام أبو الحسن الواحدي في أول سورة الأنفال في قول الله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ} (الأنفال: من الآية1) . قال أبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب معنى ذات بينكن أي: الحالة التي بينكم، فالتأنيث عنده للحالة، وهو قول الكوفيين: قال: وقال الزجاج: معنى ذات بينكم حقيقة وصلكم، والبين الوصل. قال الواحدي: فذات عنده بمعنى النفس، كما يقال ذات الشيء ونفسه. قال الواحدي: وقال صاحب النظم: ذات كناية عن الخصومة والمنازعة ههنا وهي الواقعة بينهم. وفي الحديث في صلاة العيد: أمرنا بأن نخرج ذوات الخدور أي: صواحب الخدور وهي بكسر التاء منصوب، يقال: بكسر التاء في حال النصب والجر وترفع في الرفع، وأما ذات المفردة فتلحقها الحركات الثلاث. فصل في أسماء المواضع ذات الرقاع: بكسر الراء مذكورة في باب صلاة الخوف، قال صاحب المطالع: قيل: هو أسم شجرة سميت الغزوة به، وقيل: لأن أقدامهم نقبت فلفوا عليها الخرق، وبهذا فسرها مسلم في كتابه، وقيل: سميت برقاع كانت في ألويتهم، والأصح أنه موضع لقوله في خبر جابر حتى إذا كنا بذات الرقاع هذا كلام صاحب المطالع، وقد ثبت في الصحيحين عن أبي موسى الأشعري قال: تنقبت أقدامنا فكنا نلف على أقدامنا الخرق، فسميت غزوة ذات الرقاع كما كنا نعصب أرجلنا من الخرق. قال الشيخ تقي الدين بن الصلاح رحمه الله تعالى: يجمع بين هذا وبين قول جابر بأن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 113 يقال: سميت البقعة ذات الرقاع لما ذكره أبو موسى، قلت: معناه أن جابرا قال: حتى إذا كنا بالبقعة التي صار اسمها ذات الرقاع، فالصواب ما قاله أبو موسى لأنه صحابي شاهد الأمر، وفسر تفسيرا موافقا للواقع وللغة، ولم يخالفه صريح غيره فلا يعدل عنه. ذات السلاسل: بسينين مهملتين الأولى مفتوحة، والثانية مكسورة، واللام مخففة موضع معروف بناحية الشام في أرض بني عذرة، قال ابن هشام في سيرة النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: سار عمرو بن العاصي رضي الله عنه حتى إذا كان على ماء بأرض جذام يقال له السلسل، وقال: وبذلك سميت تلك الغزوة ذات السلاسل، وكانت غزوة ذات السلاسل في جمادى الآخرة سنة ثمان من الهجرة، وكان غزوة مؤتة قبلها في جمادى الأولى، وقال الحافظ أبو القاسم بن عساكر في كتابه تاريخ دمشق: كانت غزوة ذات السلاسل بعد مؤتة، فيما ذكره أهل المغازي سوى ابن إسحاق فإنه قال: هي قبل مؤتة، والمشهورة في ذات السلاسل فتح السين الأولى، وذكر ابن الأثير في كتابه نهاية الغريب: أنها بالضم وهو اسم ماء يقال له سلاسل بمعنى سلسال، وهو السهل، وأظن ابن الأثير استنبطه من الصحاح الجوهري من غير نقل عنده فيه، ولا دلالة في كلامه. ذات عرق: ميقات أهل العراق هو بكسر العين المهملة، وإسكان الراء بعدها قاف، وهو على مرحلتين من مكة. قال الحازمي: وهي الحد بين أهل نجد وتهامة. ذوالحليفة: ميقات أهل المدينة زادها الله شرفا بضم الحاء المهملة وفتح اللام وإسكان الياء المثناة من تحت وبالفاء وهو على نحو ستة أميال من المدينة، وقيل: سبعة، وقيل: أربعة، وفي شرح مسلم لعياض: ذو الحليفة ماء لبني جشم، وربما اشتبه هذا بالحليفة على لفظ الميقات، وهي موضع بين حاذة وذات عرق من تهامة أو بحليقة بفتح الحاء وكسر اللام وبالقاف على اثني عشر ميلا من المدينة بينها وبين ديار بني سليم، أو اشتبه بحليفة مثل الذي قبله، إلا أنه بالفاء، وهو جبل بمكة يشرف على أجبال ذكرهن عن الحازمي، وقد نظم بعض الشعراء المواقيت الخمس في بيتين، فقال: وبذي الحليفة يحرم المدن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 114 ولأهل نجد قرن فاستبن عرق العراق يلملم اليمن والشام جحفة إن مررت بها ذو طوى: مذكور في باب دخول مكة من الروضة وغيرها هو بفتح الطاء على الأفصح، ويجوز ضمها وكسرها وبفتح الواو المخففة، ويصرف ولا يصرف لغتان قرىء بهما في السبع، موضع عند باب مكة بأسفل مكة في صوب طريق العمرة المعتادة ومستجاب عائشة، ويعرف اليوم بأبار الزاهر يستحب لمن دخل مكة أن يغتسل به بنية غسل دخول مكة أي: داخل كان ممن يصح إحرامه بحج أو عمرة حتى الحائض والنفساء والصبي هذا إن مر به وإلا اغتسل في غيره. ذو مرخ: بميم ثم راء مفتوحتين، ثم خاء معجمة، المذكور في شعر الحطيئة في كتاب الأقضية من المهذب وسيأتي بيانه في حرف الميم. إن شاء الله تعالى حرف الراء ربب: قول الله تبارك وتعالى: {وَرَبَائِبُكُمُ اللاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} (النساء: من الآية23) قال الإمام أبو إسحاق بن إبراهيم السري الزجاج في كتابه معاني القرآن: قال أبو العباس محمد بن يزيد: {اللاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} نعت للنساء اللواتي هن أمهات الربائب دون غير. قال أبو العباس: والدليل على ذلك أن إجماع الناس أن الربيبة تحل إذا لم يدخل بأمها، وأن من أجاز أن يكون قوله: {مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} هو لأمهات نسائكم يكون معناه: وأمهات نسائكم اللاتي دخلتم بهن، فيخرج أن يكون اللاتي دخلتم بهن الربائب. قال الزجاج: والدليل على أن ما قاله أبو العباس هو الصحيح أن الجزء من الخبرين إذا اختلفا لم يكن نعتهما واحدا، لا يجوز النحويون مررت بنسائك وهربت من نساء زيد الظريفات على أن تكون الظريفات نعتا لهؤلاء النساء، ولهؤلاء النساء قال: والذين جعلوا أمهات نسائكم بمنزلة قوله: {مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} إنما يجوز لهم أن يكون منصوبا على أعني، فيكون المعنى اللاتي دخلتم بهن. قال: وأن يكون {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ} من تمام تلك التحريمات المبهمات في أول الآية، وتكون الربائب هن اللاتي يحللن إذا لم يدخل الجزء: 3 ¦ الصفحة: 115 بأمهاتهن فقط ودون أمهات نسائكم هو الجيد البالغ، فأما الربيبة فهي بنت امرأة الرجل من غيره، ومعناها مربوية؛ لأن الرجل هو يربيها. قال: ويجوز أن تسمى ربيبة؛ لأنه تولى تربيتها وكانت في حجره، أو لم تكن تربت في حجره لأن الرجل إذا تزوج بأمها سمي ربيبها، والعرب تسمي الفاعلين والمفعولين بما يقع بهم ويوقعونه. فيقال: هذا مقتول أي: قد وقع به القتل، وهذا قاتل أي: قد قتل، هذا آخر كلام الزجاج رحمه الله تعالى. وقال غيره: الدليل على أنه لا يجوز عود قوله تعالى: {اللاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} إلى أمهات النساء، بل يختص بأمهات الربائب، أن النساء في الموضعين يختلف موجب إعرابهما وجرهما ولا يجوز وصفهما بلفظ واحد. ربط: قال أهل اللغة: يقال: ربط الشيء أي: شده يربطه، ويربطه بكسر الباء في المضارع وضمها، وممن حكاهما الأخفش والجوهري. والموضع مربط، ومربط: بفتح الباء وكسرها، والرباط المرابطة بالثغر، وأيضًا واحد الرباطات وهي الأبنية المعروفة، ورباط الخيل مرابطتها، والرباط ما تشد به القربة والدابة وغيرهما، وفلان رابط الجاش وربيط الجاش أي: شديد القلب. قال الجوهري: كأنه يربط نفسه عن الفرار. وقول الغزالي في مواضع من الوسيط والوجيز: في الرابطة قيود، مراده بالرابطة الضابط الذي ذكره النحويون، ولعله مأخوذ مما حكاه أهل اللغة عن العرب، قالوا: جيش رابطة، ورابطة من الخيل أي: جماعة. ربع: الربع من العدد معروف، وهو جزء من أربعة، يقال: ربع، وربع بإسكان الباء وضمها، وربيع بفتح الراء وكسر الباء، وبعدها ياء ثلاث لغات ذكرها في المحكم. قال: ويطرد ذلك في هذه الكسور عند بعضهم، قال: والجمع أرباع وربوع. ويوم الأربعاء معروف، وفيه ثلاث لغات ذكرها صاحب المحكم أربِعًا وأربَعًا وأربُعًا بكسر الباء وفتحها وضمها، والأشهر والأجود الكسر. قال صاحب المحكم: هذا اليوم الرابع من الأسبوع؛ لأن أول الأيام عندهم الأحد بدليل هذه التسمية، ثم الاثنان ثم الثلاثاء ثم الأربعاء. قال: ولكنهم اختصوه بهذا البناء يعني: اختصوا أيام الأسبوع كما اختصوا الدبران والسماك لما ذهبوا إليه من الفرق. قال اللحياني: كان أبو زياد يقول: مضى الأربعاء بما فيه فيفرده ويذكره. وكان أبو إسحاق الزجاج الجزء: 3 ¦ الصفحة: 116 يقول: مضت الأربعاء بما فيهن فيؤنث ويجمع يخرجه مخرج العدد. وحكي عن ثعلب: في جمعه أرابع، ولست من هذا على ثقة. وحكي أيضا عنه عن ابن الأعرابي لا شك أربعاويًا أي: ممن يصوم الأربعاء وحده، هذا ما ذكره في المحكم، ويسمى يوم الأربعاء دبارًا بضم الدال وتخفيف الباء الموحدة، ويجمع أربعاوات قولهم في كتاب الزكاة في المائتين هي أربع خمسينات وخمس أربعينات، هذا قد أنكره بعض أهل العربية، قال: ولا يجوز جمع الخمسين والأربعين ونحوهما، وهذا الإنكار ضعيف، والصواب جوازه، وقد حكاه ابن بري وغيره عن سيبويه. قال: كل مذكر لم يجمع جمع تكسير يجوز جمعه بالألف والتاء قياسًا كحمام وحمامات، فيجوز أربعينات ونحوها، وفي الحديث: “لم أجد إلا جملا رباعيًا” ذكره في باب القرض من المهذب: هو بفتح الراء وكسر العين وتخفيف الياء، وهو الفتي من الإبل، يقال: هذا جمل باع، ومررت برباع، ورأيت رباعيًا مثل قاض سواء، والرباعية من الأسنان بتخفيف الياء. قوله في الزكاة من المهذب: ابن الشظاظان وابن المربعة هي بكسر الميم وإسكان الراء، ويقال فيها المربع أيضًا، وهي عصى يأخذ الرجلان بطرفيها ليحملا الحمل ويضعاه على ظهر البعير، ويقال منه ربعت البعير، واليربوع بفتح الباء حيوان معروف، أكبر من كبار الفار قريب الشبه منه، والياء زائدة وجمعه يرابيع. ربو: الربا مقصورة، وأصله الزيادة. قال الإمام الثعلبي رحمه الله تعالى: الربا زيادة على أصل المال من غير بيع، يقال: ربا الشيء إذا زاد، ويقال: الربا والرما. وقال عمر رضي الله تعالى عنه: إني أخاف عليكم الرما يعني: الربا، قال: وقياس كتابته بالياء لكسر أوله، وقد كتبوه في القرآن بالواو. قال الفراء: إنما كتبوه كذلك؛ لأن أهل الحجاز تعلموا الكتابة من الحيرة، ولغتهم الربو، فعلموهم صورة الحرف على لغتهم، وكذلك قرأها أبو سماك العدوي بالواو. وقرأ حمزة والكسائى بالإمالة لمكان الكسرة بالراء، وقرأ الباقون بالتفخيم بفتحة الباء، فأما اليوم فأنت فيه بالخيار، إن شئت كتبت بالياء، أو على ما في المصاحف، أو بالألف، هذا ما ذكره الثعلبي. وقال الجوهري: ربا الشيء يربو ربوا أي: زاد، قال: والربا في البيع ويثنى ربوان وربيان، وقد أربا الرجل، والربية مخففة لغة في الربا، قال: والرماء الجزء: 3 ¦ الصفحة: 117 بالمد الربا، وارما فلان أي: أربا. قال الإمام الواحدي: الربا في اللغة الزيادة، يقال: ربا الشيء يربو ربوا، وأربا الرجل إذا عامل في الربا، قال: والربا في الشرع اسم للزيادة على أصل المال من غير بيع. وقال أبو البقاء العكبري: لام الربا واو؛ لأنه من ربا يربو وتثنيته ربوان. قال: ويكتب بالألف، وأجاز الكوفيون كتبه وتثنيته بالياء، قالوا: لأجل الكسرة التي في أوله، قال: وهو خطأ عندنا، وذكر في المهذب قول الله تعالى: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ} (البقرة: من الآية275) . قال الواحدي: معنى يأكلون الربا يعاملون، وخص الأكل معظم الأمر، كما قال الله تعالى: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً} (النساء: من الآية10) وكما لا يجوز أكل مال اليتيم لا يجوز إتلافه، ولكنه نبه بالأكل على ما سواه، وقوله تعالى: {لا يَقُومُونَ} (البقرة: من الآية275) يعني: يوم القيامة من قبورهم، وقوله تعالى: {إِلا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ} (البقرة: من الآية275) التخبط معناه: الضرب على غير استواء، وخبط البعير وتخبطه إذا مسه بخبل أو جنون؛ لأنه كالضرب على غير استواء في الادهاش، وتسمى إصابة الشيطان بالجنون أو الخبل خبطة، ويقال به خبطة من جنون والمس الجنون، يقال: مس الرجل وبه مسيس، وأصله من المس باليد كأن الشيطان يمس الإنسان فيجنه ثم سمي الجنون مسا، كما أن الشيطان يتخبطه ويطأه برجله، فيخبله فيسمى الجنون خبطة، فالتخبط بالرجل والمس باليد. فأما التفسير فقال قتادة: إن أكل الربا يبعث يوم القيامة مجنونًا، وذلك علم لأكلة الربا يعرفهم بهم أهل الموقف يعلم أنهم أكلة الربا في الدنيا. قال الزجاج: لا يقومون في الآخرة إلا كما يقوم المجنون من حال جنونه، فعلى هذا معنى الآية: يقومون مجانين كمن أصابه الشيطان بجنون. قال ابن قتيبة: يريد أنه إذا بعث الناس من قبورهم خرجوا مسرعين، لقوله تعالى: {يَخْرُجُونَ مِنَ الأَجْدَاثِ سِرَاعاً} (المعارج: من الآية43) إلا أكلة الربا فإنهم يقومون ويسقطون كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان ويسقط؛ لأنهم أكلوا الربا في الدنيا فأرباه الله تعالى في بطونهم يوم القيامة حتى أثقلهم، فهم ينهضون ويسقطون ويريدون الإسراع فلا يقدرون. قال: وهذا المعنى غير الأول يريد أن أكلة الربا لا يمكنهم الإسراع في المشي كالذى الجزء: 3 ¦ الصفحة: 118 خبله الشيطان فأصابه بخبل في أعضائه من عرج أو زمانة فهو يقوم ويسقط، وهذا ليس من الجنون في شيء والأول قول أهل التفسير. ويؤكد هذا الثاني ما روي في قصة الإسراء: أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - “إنطلق به جبريل إلى رجال كثير كل رجل منهم بطنه مثل البيت الضخم يقوم أحدهم فتميل به بطنه فيصرع، قال: قلت: يا جبريل من هؤلاء، قال: الذي يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس” هذا ما ذكره الواحدي، وقال الماوردي: قوله تعالى: {يَأْكُلُونَ الرِّبا} (البقرة: من الآية275) يعني: يأخذون الربا، فعبر عن الأخذ بالأكل؛ لأن الأخذ إنما يراد للأكل. رتت: الأرت المذكور في صفة الأئمة، وهو بفتح الراء وتشديد التاء المثناة من فوق، قال صاحب البيان: قال أصحابنا: هو الذي يدغم حرفا في حرف، يعني: على خلاف الإدغام الجائز في العربية، وأما أهل اللغة: فقالوا: الأرت الذي في كلامه عجمة، وهي الرتة بضم الراء. رجف: قولهم في كتاب الجهاد: لا يأذن الإمام لمرجف. قال الواحدي في سورة الأحزاب: الارجاف إشاعة الباطل للاغتمام به. رجل: قول الله تبارك وتعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً} (البقرة: من الآية239) قال الإمام الواحدي رحمه الله تعالى: أراد فإن خفتم عدوا فحذف المفعول لإحاطة العلم به. قال: والرجال جمع راجل مثل تاجر وتجار وصاحب وصحاب، والراجل هو الكائن على رجله ماشيا كان أو واقفا، ويقال في جمع راجل مثل راحل رجل ورجالة ورجالة ورجال ورجال. والركبان: جمع راكب مثل فارس وفرسان، ومعنى الآية: فإن لم يمكنكم أن تصلوا قائمين موفين للصلاة حقوقها فصلوا مشاة على أرجلكم وركبانا على ظهور دوابكم فإن ذلكم يجزيكم. قال المفسرون: هذا في حال المسابقة والمطاردة يكبر الرجل مستقبل القبلة إن أمكنه وإن لم يمكنه غير مستقبل القبلة ثم يقرأ ويومىء للركوع والسجود. قال ابن عمر في تفسير هذه الآية: مستقبلي القبلة وغير مستقبليها، هذا ما ذكره الواحدي. وقد ذكر في المهذب قول ابن عمر رضي الله تعالى عنهما عقب الآية: وكان بعض شيوخنا يذهب إلى أنه تفسير، كما قال الواحدي، وبعضهم يقول: ليس بتفسير بل هو بيان حكم من أحكام صلاة الخوف، وجاء عن نافع مولى ابن عمر رضي الله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 119 تعالى عنهم أنه قال: لا أرى عبد الله بن عمر ذكر ذلك إلا عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - والله تعالى أعلم بالصواب. رحب: الإبل الأرحبية مذكورة في زكاة الوسيط والروضة بفتح الهمزة، والحاء منسوبة إلى أرحب بطن من همدان القبيلة المعروفة. ردب: الأردب بكسر الهمزة وإسكان الراء، وفتح الدال المهملة مكيال لأهل مصر معروف. قال الروياني في البحر: الأردب أربعة وعشرون صاعا وهو أربعة وستون منا. رسغ: قال الأزهري في كتاب الجنايات من شرح المختصر: الرسغ مفصل ما بين الكف والساعد. وقال صاحب الصحاح: الرسغ من الدواب الموضع المستدق الذي بين الحافر وموصل للوظيف من اليد والرجل، يقال: رسغ ورسغ مثل عشر وعشر. قال ابن دريد في الجمهرة: الرسغ موضع الكف في الذراع، وموصل القدم في الساق، ومن ذوات الحافر موصل وظيفي اليدين والرجلين في الحافر ومن الإبل موصل الأوظفة في الأخفاف. قال: وجمع الرسغ أرساغ، ويقال: رصغ بالصاد. وفيه حديث: “في كم قميص رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى الرصغ”، في سنن أبي داود والترمذي والنسائي وذكرته في آخر باب الجوع من الرياض، وفيه حديث في صفة الصلاة: “فوضع يده اليمنى على كف اليسرى والرسغ والساعد”، هكذا هو في سنن أبي داود والبيهي وغيرهما من رواية وائل بن حجر، وهو حديث صحيح. رسل: الرسول واحد رسل الله سبحانه وتعالى صلوات الله عليهم أجمعين. قال الإمام أبو منصور الأزهري في شرح ألفاظ المختصر: الرسول هو الذي يبلغ أخبار من بعثه أخذا من قولهم جاءت الإبل رسلاً أي: متتابعة. قال الواحدي: في قول الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ} (الحج: من الآية52) الرسول: الذي أرسل إلى الخلق بإرسال جبريل عليه الصلاة والسلام إليه عيانا وحاوره شفاها، والنبي: الذي تكون نبوته إلهاما أو منامًا فكل رسول نبي وليس كل نبي رسولاً. قال الواحدي: وهذا معنى قول الفراء الرسول النبي، والجواب: والنبي المحدث الذي لم يرسل، هذا كلام الواحدي وفيه نقص في صفة النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فإن ظاهره أن النبوة المجردة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 120 لا تكون برسالة ملك بذلك، وليس هو كذلك، وكلام الفراء الذي استشهد به يرد عليه وجمع الرسول رسل بضم السين وإسكانها على التخفيف. قال الهروي وغيره: يطلق لفظ الرسول على الواحد والاثنين والجمع، ومنه قوله تعالى: {فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (الشعراء:16) على أحد الأقوال، وقول الله تعالى: {وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفاً} (المرسلات:1) قولان مشهوران، أحدهما: الملائكة، والثاني: الرياح. وحكى الماوردي صاحب الحاوي في تفسيره عن أبي صالح، قال: هي الرسل. قوله في الوسيط في كتاب الطلاق: فروع متفرقة نذكرها أرسالا معناه متتابعة، وهو بفتح أوله، وقولهم: أرسل الصيد والبهيمة ونحوهما أي: أطلقه وخلاه، وراسل صديقه وغيره كتب إليه رسالة. قوله في آخر كتاب المسابقة من المهذب: إذا اختلف الرامي ورسيله هو بفتح الراء وكسر السين ومعناه: مراسله أي: مسابقه. قال أهل اللغة: رسيل الرجل هو الذي يراسله في نضال أو غيره، وراسله مراسلة فهو مراسل ورسيل واسترسل الشعر نزل، وقوله في صفة الوضوء في المهذب: اللحية المسترسلة هي بكسر السين، يقال: افعل كذا على رسلك أي: بتؤدة وتأن وهو بكسر الراء وفتحها لغتان الكسر أشهر، وقوله في مختصر المزني والمهذب: يستحب أن يترسل في أذانه. قال الأزهري: معناه يتمهل فيه ويبين كلامه تبينًا يفهمه من سمعه، قال: وهو من قولك: جاء فلان على رسله أي: على هينته غير عجل ولا متعب نفسه، والمرسل من الحديث هو الذي انقطع إسناده وسقط بعض رواته، هذا معناه عند الفقهاء وأصحاب الأصول والخطيب البغدادي وغيره من المحدثين. وقال جماعات من أهل الحديث أو أكثرهم: هو الذي سقط فيه الصحابي وحده، ولا يحتج به عندنا إلا بشروط مشهورة، وقد ذكرته مبينًا في كتاب الإرشاد مع فصل حسن في مرسل سعيد بن المسيب وغيره، وقد يكون الرسول من رسل الله تعالى ملكًا وقد يكون آدميًا، قال الله تعالى: {اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ} (الحج: من الآية75) وقد يكون نبيا وقد لا يكون ولا يكون النبي إلا آدميًا. رشا: الرشاء بكسر الراء وبالمد هو الحبل، وجمعه بتغريب سقاء، وأسقية على القاضي وغيره من الولاة معروفة، وهي بضم الراء وكسرها الجزء: 3 ¦ الصفحة: 121 لغتان فصيحتان مشهورتان، وجمعهما رشا بضم الراء وكسرها، ويقال: منها رشاه يرشوه رشوا إذا اعطاه، وارتشى أخذها، واسترشاه طلب الرشوة. قال بعض العلماء: الرشوة مأخوذة من الرشا لأنه يتوصل بها إلى مطلوبه كالحبل، ولهذا قيل الرشوة رشا الحاجة، ثم الرشوة محرمة على القاضي وغيره من الولاة مطلقًا؛ لأنها تدفع إليه ليحكم بحق أو ليمتنع من ظلم، وكلاهما واجب عليه، فلا يجوز أخذ العوض عليه، وأما دافع الرشوة فإن توصل بها إلى باطل فحرام عليه، وهو المراد بالراشي الملعون، وإن توصل بها إلى تحصيل حق، ودفع ظلم فليس بحرام، ويختلف الحال في جوازه ووجوبه باختلاف المواضع. رشد: في الحديث: “أرشد الله الأئمة” قال صاحب المحكم: الرشد والرشد والرشاد نقيض الغي رشد يرشد رشدا ورشدا ورشاداً، وهو راشد ورشيد ورشد أمره رشد فيه، وقيل: إنما ينصب على توهم رشده أمره وإن لم يستعمل هكذا، وأرشده إلى الأمر ورشده هداه واسترشده طلب منه الرشد. قال الهروي: الرشد والرشد، والرشاد الهدي والاستقامة، يقال: رشد يرشد رشدًا، ورشد يرشد رشدًا لغة فيه. قال الجوهري: رشد يرشد رشدا ورشدا بالكسر يرشد رشدا لغة فيه وقال الواحدي: الرشد في اللغة إصابة الخير، وهو نقيض الغي وحب الرشاد نبت يقال له الثفاء، قاله في المحكم. رشش: قال الجوهري: الرش الماء والدمع والدم، وقد رششت المكان رشا، وترشش عليه الماء، قال: والرشاش بالفتح ما ترشش من الدم والدمع يعني: الماء ونحوها. رطب: قال أهل اللغة: الرطب بفتح الراء خلاف اليابس، تقول: منه رطب الشيء بضم الطاء يرطب رطوبة، فهو رطب ورطيب ورطبته ترطيبًا، وغصن رطيب ناعم، والمرطوب صاحب الرطوبة، والرطب بضم الراء وإسكان الطاء الكلأ، ويقال: بضم الطاء أيضًا كعسر وعسر، والرطبة بفتح الراء القضيب. قال الجوهري: هي القضيب ما دام رطبا والجمع رطاب، تقول: منه رطبت الفرس رطبا ورطوبًا، والرطب بضم الراء وفتح الطاء، رطب التمر الواحدة رطبة، والجمع رطاب وأرطاب، وجمع الرطبة رطبات ورطب، وأرطب البسر صار رطبا، ورطبت القوم ترطيبًا أطعمتهم الرطب، وأرض مرطبة كثيرة الكلأ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 122 وقوله في المهذب في باب من يصح لعانه في الحديث “من حلف على يمين ولو بسواك من رطب” هو بضم الراء وإسكان الطاء. رطل: الرطل بكسر الراء وفتحها لغتان مشهورتان، الكسر أجود وغالب استعماله يراد به الوزن. وقال الأزهري في شرح ألفاظ المختصر في أول كتاب البيع: الرطل يكون وزنًا ويكون كيلا، وقوله في باب الزنا من المختصر والوسيط والوجيز. راطل مائة دينار كأنه معناه وازن وأعلم أن الرطل متى أطلقوه في هذه الكتب ونحوها أرادوا به رطل بغداد، وقد يصرحون به وقد لا يصرحون لشهرته والعلم به، ومن أهم ما ينبغي أن يعرف ضبط رطل بغداد، فإنه يترتب عليه أحكام كثيرة في الزكاة والكفارات وغيرهما مما هو معروف، وهو مائة وثمانية وعشرون درهما وأربعة أسباع درهم فإنه تسعون مثقالا وكل مثقال درهم وثلاثة أسباع درهم، وقيل: مائة وثمانية وعشرون فقط، وقيل: مائة وثلاثون، وبهذا جزم الغزالي في الوسيط والوجيز والرافعي ولكنه ضعيف، والأظهر الأول، وقد أوضحت اعتبار هذا التقدير هل هو بالوزن أم بالكيل في الروضة في بابي زكاة المعشرات وزكاة الفطر. رعع: قال صاحب المحكم: رعاع الناس سقاطهم وسفلتهم، والرعرعة حسن شباب الغلام وتحركه، وشاب رعرع ورعرعة ورعرع ورعراع أي: مراهق، وقيل: محتلم، وقيل: قد تحرك وكبر، وقد ترعرع ورعرعه الله تعالى. وقال الأزهري: رعرعت سنه وترعرعت إذا تحركت. رغس: قوله في أول حد الزنا في الجارية التي زنت مرغوس بدرهمين، هو بالغين المعجمة والسين المهملة، هكذا نص عليه القاضي عياض في كتابه التنبيهات، وكذا رأيته مضبوطا في نسخة معتمدة من كتاب آداب الفقيه، والمتفقه تصنيف الخطيب البغدادي. قال الأزهري: رجل مرغوس أي: كثير الخير. وقال صاحب المحكم: الرغس النماء والبركة والكثرة، وقد رغسه الله تعالى رغسًا، ووجه مرغوس طلق مبارك مرزوق، ورغسه الله تعالى مالا وولدا أعطاه كثيرا منه، وامرأة مرغوثة ولود، وشاة مرغوثة كثيرة الولد، والرغس النكاح. وقال الأزهري: امرأة مرغوث أي ولود، كذا قال: مرغوس بلا هاء. قلت: وهذا الحرف الذي في المهذب يقوله الفقهاء بالعين المهملة والشين المعجمة وليس كذلك. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 123 رفع: قوله في المهذب في باب الأذان: لما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعًا “يؤذن لكم خياركم” فقوله: مرفوعا يعني: مضافا إلى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: “يؤذن لكم خياركم”. قال الحافظ أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب البغدادي رحمه الله تعالى: المرفوع ما أخبر فيه الصحابي عن قول رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أو فعله، وأما هذا الحديث فقد أخرجه الإمام الحافظ أبو بكر البيهقي في السنن الكبير، وأخرجه أيضًا ابن ماجة في سننه. رفق: المرفق مرفق اليد فيه لغتان مشهورتان، كسر الميم مع فتح الفاء، وعكسه فتح الميم مع كسر الفاء. قال الواحدي: قال الفراء: أكثر العرب على كسر الفاء. وقال الأصمعي: لا أعرف إلا الكسر، وذكر قطرب وغيره اللغتين، والرفق ضد العنف، فيقال: منه رفق به يرفق، وحكى أبو زيد رفقت به وأرفقته وترفقت بمعنى، والرفيق ضد الأخرق، ويقال: أرفقته أي: نفعته، والرفقة بضم الراء وكسرها، الجماعة يترافقون في السفر، والجمع رفاقة، تقول: رافقته فترافقنا، وهو رفيقي ومرافقي وجمع رفيق رفقاء. قال الأزهري في شرح ألفاظ المختصر: سموا رفقة؛ لأنهم يترافقون فينزلون معا ويحملون معا، ويرتفق بعضهم ببعض، ومرافق الدار كمصب الماء ونحوه، واحدها مرفق. رقب: الرقبى بضم الباء نوع من الهبة، وكذلك العمري، ولهما ثلاث صور مذكورة في هذه الكتب وغيرها، وهي مشتقة من الرقوب؛ لأن كل واحد منهما يرقب موت صاحبه، وكانت الجاهلية تسميها هذين الإسمين. رقع: في الحديث: “لقد حكمت بحكم الله من فوق سبعة أرقعة” ذكره في المهذب في كتاب السير. قال الهروي: سبعة أرقعة يعني: طباق السماء كل سماء منها رقعت التي تليها كما يرقع الثوب بالرقعة، قال: ويقال الرقيع: اسم لسماء الدنيا؛ لأنها رقعت بالأنوار التي فيها. وقال الأزهري في تهذيب اللغة مثل ما ذكره الهروي: قال صاحب المحكم: الأرقع والرقيع إسمان للسماء الدنيا سميت بذلك؛ لأنها مرقوعة بالنجوم والله تعالى أعلم. قال: وقيل: كل واحدة من السموات رقيع للأخرى، والجمع أرقعة، وفي الحديث سبعة أرقعة على التذكير ذهب إلى معنى السقف، وكذا قال الجوهري الرقيع سماء الدنيا، وكذلك سائر الجزء: 3 ¦ الصفحة: 124 السموات، وذكر في معنى تذكير سبعة أرقعة، كما قال في المحكم. قال الأزهري: قالوا: الرقيع الرجل الأحمق سمي رقيعًا؛ لأن عقله كأنه أخلق فاسترم فاحتاج إلى أن يرقع، ورجل مرقعان وامرأة مرقعانة، وقد رقع يرقع رقاعة، ورقعت الثوب، ورقعته ورقعني فما ارتقعت به أي: لم أكترث به، ورقع الغرض بسهمه أصابه وكل إصابة رقع، ورقعه رقعًا قبيحًا إذا شتمه وهجاه، ورقع ذنبه بسوط ضربه به وبالبعير رقعة، ونقبة من جرب وهو أول الجرب، هذا آخر كلام الأزهري. وقال صاحب المحكم: رقع الثوب، والأديم يرقعه رقعًا، ورقعه ألحم خرقه وفيه مترقع لمن يصلحه أي: موضع ترقيع، وكل ما سددت من خلله فقد رقعته ورقعته، وقد تجاوزوا بذلك إلى ما ليس بعين، فقالوا: أجد فيك مرقعًا للكلام، وشاعر مرقع يصل الكلام فيرقع بعضه ببعض، والرقعة ما رقع به، وجمعها رقع ورقاع، والرقعاء من النساء دقيقة الساقين، ويقال للمرأة الحمقاء رقعاء مولدة، هذا آخر كلام المحكم. ركب: قال الله تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً} (البقرة: من الآية239) تقدم تفسيره في فصل الراء مع الجيم، قوله في أواخر كتاب الديات من الوسيط: لو قال: أنا ضامنون كذا وقع في النسخ ركبان بالنون في آخره، وهو منكر، والمعروف في اللغة أن يقال فيهم ركاب السفينة، قاله أهل اللغة، والركبان راكبو الإبل خاصة، وبعضهم يقول: راكبو الدواب. ركد: قال أهل اللغة: ركد الماء يركد بضم الكاف ركودا أي: سكن، وكذلك السفينة والريح، وركدت الشمس إذا قام قائم الظهيرة، وكل ثابت في مكان فهو راكد وركد القوم هدؤا، والمراكد المواضع التي يركد فيها الإنسان وغيره. قال الجوهري: جفنة ركود أي: مملوءة. ركع: قال الإمام أبو منصور الأزهري: صلاة الصبح ركعتان، وصلاة الظهر أربع ركعات، وكل قومة يتلوها الركوع والسجدتان من الصلوات كلها فهي ركعة، ويقال: ركع المصلي ركعة وركعتين وثلاث ركعات، وأما الركوع فهو أن يخفض المصلي رأسه بعد القومة التي فيها القراءة حتى يطمئن ظهره راكعًا، يقال: ركع ركوعًا والأول تقول فيه ركع ركعة، وكل شيء ينكب لوجهه ويمس بركبتيه الأرض أو لا يمسها بعد أن يخفض رأسه فهو راكع، وجمع الراكع ركع وركوع، وهذا ما ذكره الجزء: 3 ¦ الصفحة: 125 الأزهري في تهذيب اللغة. وقال في شرح ألفاظ المختصر: الركوع الانحناء. ركن: أما الفرق بين الركن والشرط، فقال الرافعي في أول صفة الصلاة: الركن والشرط يشتركان في أنه لابد منهما، وكيف يفترقان، قيل: كافتراق العام والخاص والشرط ما لا بد منه، فعلى هذا كل ركن شرط ولا ينعكس، قلت: وبهذا جزم الشيخ أبو حامد الإسفرايني في تعليقه في أول باب ما يجزي من الصلاة، وقال الأكثرون: يفترقان افتراق الخاص قوم الشرط يما يتقدم على الصلاة كالطهارة، وستر العورة، والأركان بما تشتمل عليه الصلاة، قال: وذلك أن تفرق بينهما بعبارتين إحداهما: أن تقول: الأركان هي المفروضات المتلاحقة التي أولها التكبير وآخرها التسليم، ولا يلزم التروك؛ لأنها دائمة تلحق ولا تلحق، ويعنى بالشروط ما يعتبر في الصلاة بحيث يقارن كل معتبر سواه، والركن ما يعتبر لا على هذ الوجه مثاله الطهارة تعتبر مقارنتها للركوع والسجود. رمض: الصوم والصيام في اللغة هو الإمساك عن الشيء، وفي الشريعة إمساك عن أشياء مخصوصة في وقت مخصوص من شخص مخصوص، قولهم: شهر رمضان، أما الشهر فقال أهل اللغة: هو مأخوذ من الشهرة، يقال: شهر الشيء يشهره شهرا إذا أظهره، فسمي الشهر شهرًا لشهرة أمره في حوائج الناس إليه في معاملتهم ومناسكهم من حجهم وصومهم وغير ذلك من أمورهم. وأما رمضان فاختلفوا في اشتقاقه على أقوال حكاها الواحدي المفسر، أحدها: أنه مأخوذ من الرمض، وهو حر الحجارة من شدة حر الشمس، فسمى هذا الشهر رمضان؛ لأن وجوب صومه صادف شدة الحر، وهذا القول حكاه الأصمعي عن أبي عمرو. والقول الثاني: وهو قول الخليل: أنه مأخوذ من الرميض، وهو من السحاب والمطر ما كان في آخر القيظ وأول الخريف، سمي رميضًا؛ لأنه يدرأ سخونة الشمس، فسمي هذا الشهر رمضان؛ لأنه يغسل الأبدان من الآثام. والقول الثالث: أنه من قولهم: رمضت النصل أرمضه رمضا، إذا دققته بين حجرين ليرق، فسمي هذا الشهر رمضان؛ لأنهم كانوا يرمضون أسلحتهم فيه ليقضوا منها أوطارهم في شوال قبل دخول الأشهر الحرم، قال: وهذا القول يحكى عن الأزهري. قال الواحدي: فعلى قول الأزهري: الاسم جاهلي، وعلى الجزء: 3 ¦ الصفحة: 126 القولين الأولين يكون الاسم إسلاميًا، وقيل: الإسلام لا يكون له هذا الاسم. قال الواحدي: وروى سلمة عن الفراء: أنه يقال هذا شهر رمضان، وهذا شهر ربيع، ولا يذكر الشهور مع أسماء سائر الشهورة العربية ويجمع رمضان رمضانات، هذا آخر كلام أهل اللغة، وقد اختلف العلماء في أنه هل يكره أن يقال رمضان من غير ذكر الشهر فذهب بعض المتقدمين إلى كراهته، قال أصحابنا: يكره أن يقال جاء رمضان من غير ذكر الشهر، وكذلك دخل رمضان وحضر رمضان وما أشبه ذلك مما لا قرينة فيه تدل على أن المراد الشهر، فإن ذكر معه قرينة تدل على أنه الشهر كقولك صمت رمضان وجاء رمضان الشهر المبارك وما أشبه ذلك لم يكره، هكذا قاله أصحابنا. ونقله صاحب الحاوي وصاحب البيان وجماعة آخرون عن الأصحاب، واحتج الأصحاب في ذلك بما جاء في الحديث عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “لا تقولوا رمضان فإن رمضان اسم من أسماء الله تعالى، ولكن قولوا شهر رمضان” وهذا الحديث رواه البيهقي وضعفه، والضعف بين عليه، وروى الكراهة في ذلك عن مجاهد والحسن البصري. قال البيهقي: والطريق إليهما في ذلك ضعيف، والصحيح والله تعالى أعلم ما ذهب إليه الإمام أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري في صحيحه، وجماعات من المحققين: أنه لا كراهة في ذلك مطلقًا كيفما قيل؛ لأن الكراهة لا تثبت إلا بالشرع، ولم يثبت في ذلك شيء، وقد صنف جماعة لا يحصون في أسماء الله تعالى مصنفات مبسوطة فلم يثبتوا هذا الاسم، وقد ثبت في الأحاديث الصحيحة جواز ذلك، وذلك مشهور في الصحيحين وغيرهما، ولو قصدت جمع ذلك رجوت أن تزيد أحاديثه على مائتين، لكن الغرض الإشارة إلى حديث منها، ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: “إذا جاء رمضان حسنة أبواب الجنة، وغلقت أبواب النار، وصفدت الشياطين” وفي بعض الروايات “إذا دخل رمضان” وفي رواية لمسلم “إذا كان رمضان” وفي الصحيح حديث: “بني الإسلام على خمس منها” و“صوم رمضان”. رمل: الرمل معروف، وجمعه رمال. قال الجوهري: والرملة أخص منه، وأما الرمل في الطواف فهو بفتح الراء الجزء: 3 ¦ الصفحة: 127 والميم، وهو إسراع المشي مع تقارب الخطى دون الوثوب، والعدو وهو الخبب. قال الشافعي رضي الله تعالى عنه في مختصر المزني رضي الله عنه: الرمل هو الخبب. قال الإمام الرافعي: وقد غلط من الأئمة من جعله دون الخبب. قلت: قال أهل اللغة: الرمل والرملان الهرولة، ويقال منه رمل بفتح الميم يرمل بضمها. قال الجوهري: وغيره من أهل اللغة: الأرمل من الرجال من لا زوجة له، والأرملة التي لا زوج لها، وقد أرملت المرأة إذا مات عنها زوجها. وأنشد: فمن لحاجة هذا الأرمل الذكر هذي الأرامل قد قضيت حاجتها وقال ابن فارس: أرمل الرجل إذا لم يكن معه زاد، ثم أنشد هذا البيت، فذهب في معناه إلى غير ما ذهب إليه غيره. رمن: الرمان معروف، ونونه أصلية لقولهم مرمنة للمكان الذي يكثر فيه، والواحدة رمانة، وهو من الفاكهة باتفاق أهل اللغة، وسيأتي في فصل الفاكهة بيان ذلك إن شاء الله تعالى. رنب: الأرنب، قال الجوهري: هي واحدة الأرانب. قال صاحب المحكم: الأرنب معروف، يكون للذكر والأنثى، وقيل: الأرنب الأنثى، والخزز الذكر، والجمع أرانب وأران عن اللحياني، فأما سيبويه فلم يجز أران إلا في الشعر. رنج: الرانج المذكور في بيع الأصول والثمار، ضبطناه بكسر النون، وكذلك وجدته في نسخة معتمدة من صحاح الجوهري مضبوطًا بالكسر، ورأيته في نسخة من المحكم مفتوح النون. قال الجوهري: هو الجوز الهندي، قال: وما أظنه عربيًا. وقال صاحب المحكم: هو النارجيل، وهو جوز الهند، حكاه أبو حنيفة. وقال: أحسبه معربًا. روح: قوله: سبوح قدوس رب الملائكة والروح، قيل: الروح جبريل عليه السلام، وقيل: ملك عظيم أعظم الملائكة خلقا، وقيل: أشرف الملائكة، وقيل: خلق كهيئة الناس، وقيل: أرواح بني آدم، حكى هذه الأقوال الماوردي في تفسيره قوله في الوسيط في كتاب الديات: لو أوقد نارا على السطح في يوم ريح، الصواب فيه إسكان الياء من ريح وإضافة يوم إليه، ومعناه: في يوم ذي ريح، ومراده ريح شديدة، ولو قال: في يوم راح لكان أولى، أو قال في يوم ريح شديدة، وأما ما قاله بعضهم: أن صوابه الجزء: 3 ¦ الصفحة: 128 ريح بفتح الراء وكسر الياء المشددة فليس بصحيح، فإن الريح طيب الريح، ومراد المصنف ريح شديدة فيفسد المعنى. رود: قال أهل اللغة: الإرادة المشيئة. قال الجوهري: أصلها الواو، ومذهب أهل السنة: أن الله تعالى مريد بإرادة قديمة، وهي صفة من صفات الذات، ولم يزل مريدًا. قال الإمام أبو بكر بن الباقلاني في كتابه هداية المسترشدين: فإن قيل: يلزم على قولكم أنه لم يزل مريدًا إنه لم يزل راضيًا ومحبًا وقاصدًا ومختارًا ومواليًا ومعاديًا وغضبان وساخطًا وكارهًا ورحمانًا ورحيمًا، قلنا: كذلك نقول لأن جميع هذه الأسماء والصفات راجعة إلى الإرادة فقط. روق: في حديث أم سلمة رضي الله تعالى عنها: “أن امرأة كانت تهراق الدم” حديثها مشهور، وهو حديث صحيح، رواه مالك في الموطأ وأبو داود والنسائي وابن ماجه والبيهقي، وغيرهم بإسناد صحيح، على شرط البخاري ومسلم. وتهراق بضم التاء وفتح الهاء والدم منصوب على التشبيه بالمفعول به أو على التمييز على مذهب الكوفيين هرقت الماء وأهرقته. ذهب بعض اللغويين: إلى أن هرقت فعلت وأهرقت أفعلت، وأنهما بمعنى واحد، وهذا قول من لا يحسن التصريف؛ لأنه يوهم أن الهاء أصل، وهو غلط، بل هما فعلان رباعيان معتلان بالعين أصلهما أرقت، فالهاء بدل من همزة أفعلت في هرقت كأرحت الماشية وهرحتها وأبرت الثوب وهبرته، والهاء في أهرقت عوض من ذهاب حركة عين الفعل عنها، ونقلها إلى الياء؛ لأن أصله أريقت أو أروقت على اختلاف فيه، فنقلت حركة الواو والياء إلى الراء فانقلب حرف العلة ألفا لانفتاح ما قبله الآن، وتحركه في الأصل ثم حذفت الألف لسكونها وسكون القاف، والساقط إن كان واوًا فهو من راق الشيء يروق، وإن كان ياء فقد حكى راق الماء يريق إذا انصب. والدليل على أن الهاء فيهما ليست فاء الفعل كما توهم: أنها لو كانت لزم جرى هرقت في تصريفه كضربت، فيقال: هرقت أهرق هرقا كضربت أضرب ضربًا، أو مجرى غيره من الثلاثية التي مضارعها بضم العين، ويجيء مصادرها مختلفة، ويلزم جرى أهرقت كأكرمت أكرم أكرامًا، ولم تقل العرب شيئًا من الجزء: 3 ¦ الصفحة: 129 ذلك، بل يقولون في مضارع هرقت أهريق بضم الهمزة وفتح الهاء، فضمها يدل على أنه رباعي أعني: هرقت لا ثلاثي، واسم فاعله مهريق، واسم مفعوله مهراق، فيفتحون الهاء؛ لأنها بدل من همزة، ولو يثبت على تصريف الفعل لفتحت، فتقول: في أرقت إذا لم تحذف همزته يوريق، وفي اسم فاعله موريق، وفي مفعوله موراق، وقالوا: في مصدره هراقة كأراقة وإذا صرفوا أهرقت بسكون الهاء، فمضارعة أهريق، واسم فاعله مهريق، ومفعوله مهراق، ومصدره إهراقة، فأسكنوا الهاء في الجميع، فدل على أنه رباعي معتل، وليس بفعل صحيح، وأن هاءه بدل من همزة أرقت أو عوض كما سبق، والشاهد على سكون هاء مهريق قول العديل بن الفرخ العجلي: لرقارق آل فوق رابية جلد فكنت كمهريق الذي في سقائه والشاهد على سكون إهراقه قول ذي الرمة: لأعزلة عنها وفي النفس أن أثنى فلما دنت إهراقة الماء أنصتت روم: الروم جيل من الناس معروف، كالعرب والفرس والزنج وغيرهم، والروم: الذين تسميهم أهل هذه البلاد الإفرنج. قال الإمام الواحدي رحمه الله تعالى: هم جيل من ولد روم بن عيصو بن إسحاق غلب اسم أبيهم عليهم فصار كالاسم للقبيلة، قال: وإن شئت هو جمع رومي منسوب إلى روم بن عيصو، كما يقال زنجي وزنج ونحو ذلك. قال أهل اللغة: رام فلان الشيء يرومه روما أي: طلبه، والمرام بفتح الميم المطلب. قال ابن الأعرابي: يقال رومت فلانا ورومت بفلان إذا جعلته يطلب الشيء. روى: يقال: رويت من الماء واللبن ونحوهما، أروى ريا وريا بكسر الراء وفتحها وروى مثل رضا ثلاث لغات حكاهن الجوهري، وارتويت وترويت بمعنى رويت ويوم التروية بفتح التاء وإسكان الراء، ذكره في المهذب في صفة الحج: هو اليوم الثامن من ذي الحجة سمي يوم التروية؛ لأنهم كانوا يرتوون فيه الماء ويحملونه معهم في ذهابهم من مكة إلى عرفات. ويقال: رويت الحديث والشعر رواية فأنا راو، والجمع رواة، ويقال: رويت القوم أرويهم أي: استقيت لهم، ورويته الحديث والشعر إي: حملته إياه وجعلته راويا له. قال الجوهري: ويقال أيضًا أرويته إياه والمصدر تروية، ويقال: فلان رواية للشعر إذا وصف بكثرة روايته، والهاء للمبالغة والراية العلم، وجمعه رايات، والراوية البعير أو البغل أو الحمار الذي يستقى عليه، هذا أصلها، ثم استعملت مجازا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 130 في المزادة، ويقال: رؤيت في الأمر أي: نظرت فيه وفكرت فيه. قال الجوهري: يهمز ولا يهمز، ويقال: ماء روى بكسر الراء والقصر وبفتحها مع المد أي: عذب، ويقال رجل له رواء بضم الراء وبالمد أي: منظر، ومن هذا قوله في خطبة الوجيز وهداية ينمحق في روائها أباطيل الخيالات. ريف: قولهم في باب الأطعمة من كتاب المهذب: ويرجع في معرفة ما يستطاب من الحيوانات الذي جهلنا حاله إلى العرب من أهل الريف والقرى الريف بكسر الراء وإسكان الياء. قال أهل اللغة: هو الأرض التي فيها زرع وخصب، وجمعه أرياف، وأريفن أي: سرن إلى الريف وأرافت الأرض بلا همز مثال أقامت معناه أخصبت، وهي أرض ريفة بتشديد الياء. فصل في أسماء المواضع رام هرمز: مذكور في المهذب في باب صلاة المسافرين وفي فصل الأمان من باب السير: وهي بفتح الميم الأولى وضم الهاء وإسكان الميم الثانية، وهي من بلاد خورستان بقرب شيراز. الربذة: ذكرها في باب الربا من المهذب: هي براء ثم باء موحدة ثم ذال معجمة مفتوحات ثم هاء، وهو موضع قريب من مدينة النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من منازل حاج العراق، وبها قبر أبي ذر الغفاري رضي الله تعالى عنه صاحب رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قال الحازمي في المختلف والمؤتلف: هي من منازل الحاج بين السليلة والعمق. وقال صاحب مطالع الأنوار: وهي على ثلاث مراحل من المدينة المساجد من ذات عرق. راذان: في حديث ابن مسعود: "لا تتخذوا الضيعة". قال عبد الله: براذان بالمدينة ما بالمدينة هذه اللفظة مما رأيت خلائق غلطوا فيها، وآخرين تحيروا فيها فلم يدروا ما هي ولا كيف هي تقال، وآخرين صحفوها، وصوابها: أن راذان بالراء والذال المعجمة وآخره نون، قاله الحازمي في كتابه في الأماكن. وهي ناحية من سواد العراق تشتمل على قرى كثيرة ذوات مزارع، وهي صقعان راذان الأعلى وراذان الأسفل، هذا كلام الحازمي. والباء التي في قوله براذان هي باء الجر، ليست من الكلمة، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 131 ومعنى الكلام لا سيما إن اتخذتم الضيعة براذان أو بالمدينة يعني: في راذان أو في المدينة، وإنما خص هذين الموضعين لنفاستهما وكثرة الرغبة فيهما. الردم: المذكور في أول باب دخول مكة من الروضة هو بفتح الراء وإسكان الدال المهملة، وهو موضع معروف بمكة زادها الله تعالى شرفًا يرى الداخل الكعبة الكريمة منها. الروحاء: مذكورة في أول باب الهبة من المهذب هي بفتح الراء وإسكان الواو وبالحاء المهملة ممدودة، وهي موضع من عمل الفرع بضم الفاء وإسكان الراء، وبينها وبين مدينة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ستة وثلاثون ميلاً، كذا جاء في صحيح مسلم في باب الأذان عن سليمان الأعمش، قال: قلت لأبي سفيان وهو طلحة بن نافع التابعي المشهور: كم بينها وبين المدينة، قال: ستة وثلاثون ميلاً. وحكى صاحب المطالع: أن بينهما أربعين ميلاً وأن في كتاب ابن أبي شيبة بينهما ثلاثون ميلاً والله تعالى أعلم. روضة خاخ: مذكورة في آخر كتاب السير في المهذب في فصل: وإن تجسس رجل من المسلمين للكفار لم يقتل، هي بخاءين معجمتين عند المدينة، وبها وجد علي ورفيقه الظعينة التي معها كتاب من حاطب بن أبي بلتعة إلى أهل مكة، قاله الحازمي. وقال ابن الأثير: هي موضع بين مكة والمدينة. الري: مذكورة في الوسيط في صلاة المسافر، وهي مدينة كبيرة من مدن الجبال، وينسب إليها رازي، وهو من شواذ النسب. حرف الزاي زبب: الزبيب الذي يؤكل معروف، الواحدة زبيبة، ويقال: زبب فلان عنبه تزبيبًا أي: جعله زبيبًا. وقوله في الوسيط في باب الأحداث: زبيبة الحسن. وقوله في موانع النكاح: ستدخل زُبيبة الصغير هي بضم الزاي، تصغير الزب وهو الذكر، وألحقت الياء فيه كما ألحقت في عسيلة ودهينة ونحو ذلك. زبزب: قوله في المهذب والتنبيه: لا تجوز المسابقة على الزبازب بالزاي المكررة الأولى مفتوحة والثانية مكسورة وبالباء الموحدة المكررة، وهو جمع زبزب على الجزء: 3 ¦ الصفحة: 132 مثال جعفر، وهي سفينة صغيرة تتخذ للحرب تشبه الزورق الطويل، وليست عربية. زبل: المزبلة بفتح الميم والباء، وبضم الباء أيضًا لغتان، موضع الزبل بكسر الزاي: وهو السرجين، يقال: زبلت الأرض إذا أسمدتها، قاله كله الجوهري. والزبيل بفتح الزاي: وبعدها ياء مكسورة مخففة نون، وهو القفة، وجمعه زبل بضم الزاي وسكون الباء، قاله في المحكم. قال الجوهري فإن كسرته شددت، فقلت: زبيل أو زنبيل؛ لأنه ليس في الكلام فعليل بالفتح. زحر: قوله في باب الوصية: الزحير المتواتر هو بفتح الزاي وكسر الحاء وهو استطلاق البطن قاله الجوهري، قال: وكذلك الزحار بالضم، قال: والزحير التنفس بشدة، يقال: زحرت المرأة عند الولادة تزحر وتزحر. زرع: المزارعة المعاملة على الأرض ببعض ما يخرج منها، ويكون البذر من مالك الأرض والمخابرة مثلها إلا أن البذر من العامل، وقيل: هما بمعنى، وقد سبق بيانهما وبسط القول فيهما في حرف الخاء. قال أهل اللغة: الزرع واحد الزروع وموضعه مزرعة ومزدرع، والزرع أيضًا طرح البذر، والزرع أيضًا الإنبات، يقال: زرعه الله تعالى أي: أنبته الله تعالى، ومنه قوله تعالى: {أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ} (الواقعة:64) . زرق: قوله في أول الباب الثالث من اللعان من الوسيط؛ لأنه يحتمل انزراق المني، كذا وقع انزراق. زعزع: في باب الإيلاء من المهذب في أبيات الشعر: لزعزع من هذا السرير جوانبه فوالله لولا الله لا شيء غيره هو بضم الزاي الأولى وكسر الثانية، قال الإمام الأزهري: زعزعزت الشيء إذا أردت إزالته من منبته فحركته تحريكا ومنه قول الشاعر: لزعزع من هذا السرير جوانبه وقال صاحب المحكم: وزعزعته زعزعة، وأنشد البيت، ثم قال: ويروى: لولا الله أني أراقبه زعق: قال الأزهري: قال الليث وغيره: الزعاق الماء المر الغليظ الذي لا يطلق شربه من أجوجته، وطعام مزعوق أكثر ملحه، وذكر صاحب المحكم مثله، وزاد الواحد والجمع في الزعاق سواء، وأزعق أنبط ماء زعاقا، وزعق القدر يزعقها زعقًا، وأزعقها أكثر ملحها، وزعق دوابه طردها مسرعا. وقيل: الزاعق الذي يسوق ويصيح بها صياحًا شديدًا، وزعقة المؤذن صوته الجزء: 3 ¦ الصفحة: 133 هذا كلام صاحب المحكم هنا. وقال الأزهري في باب العين والقاف والذال المعجمة: قال الليث: الزعاق بمنزلة الذعاق، ومعناه المر، سمع ذلك من بعضهم، فلا أدري ألغة أم لثغة. قال الأزهري: لم أسمع ذعاق بالذال لغير الليث، قال: وقال ابن دريد: زعقه وزعقه صاح به وأفزعه، قال الأزهري: وهذا من أباطيل ابن دريد، وذكر صاحب المحكم هاتين اللفظتين ولم ينكرهما. زعم: قال الإمام الواحدي المفسر رحمه الله تعالى في قول الله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ} (النساء: من الآية60) قال: الزُعم والزَعم لغتان، وأكثر ما يستعمل القول فيما لا يتحقق. قال ابن المظفر: أهل العربية يقولون: زعم فلان إذا شك فيه، ولم يدر لعله كذب أو باطل. وعن الأصمعي الزعم الكذب. وقال شريح: زعموا كنية الكذب. وقال ثعلب عن ابن الأعرابي: الزعم القول يكون حقًا ويكون باطلاً، وأنشد في الزعم الذي هو حق لأمية بن أبي الصلت: سينجزكم ربكم ما زعم وإني أذين لكم أنه ومثل ذلك قال شمر: وأنشد للجعدي رضي الله تعالى عنه في الزعم الذي هو حق يذكر نوحا عليه الصلاة والسلام: إن الله موف للناس ما زعما نودي قم واركبن بأهلك وهذا بمعنى التحقيق هذا آخر كلام الواحدي، وروينا في الحديث المرفوع عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: زعم جبريل كذا، وروينا في مسند أبي عوانة عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، قال: زعمنا أن سهم ذي القربى لنا، فأبى علينا قومنا أي: قلنا واعتقدنا. وروينا في حديث ضمام بن ثعلبة رضي الله تعالى عنه أنه قال لرسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "زعم رسولك أن علينا خمس صلوات في كل يوم وليلة، وزعم أن علينا الزكاة، وزعم كذا وكذا" الحديث. وزعم في كل هذا بمعنى: قال، وليس فيها تشكك، وقد أكثر سيبويه رحمه الله تعالى في كتابه الذي هو قدوة أهل العربية من قوله زعم الخليل كذا، وزعم أبو الخطاب وهما شيخاه، ويعني: بزعم قال. زغب: قوله في الروضة في أول الحجر: الزغب الذي حول الفرج لا أثر له في البلوغ، وهو بفتح الزاي والغين المعجمة. قال أهل اللغة: هو الشعيرات الصفر فوق الفرج، وقد زغب الفرج تزغيبًا، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 134 وازتغب إذا طلع زغبه، وازتغب الشعر إذا نبت بعد الحلق. زلل: ذكر الغزالي رحمه الله تعالى في باب الوليمة من كتابيه: زلة الصوفية، وهي بفتح الزاي وتشديد اللام، وهي الطعام يحملونه من المائدة. قال أهل اللغة: الزلة من الألفاظ المثلثة، فالزلة بفتح الزاي الخطيئة، وهي السقطة، وهي الطعام الذي يدعى إليه الناس، وهي المحمول من المائدة لقريب أو صديق، والزلة بكسر الزاي الحجارة الملس، والزلة بضم الزاي ضيق النفس. زمر: قوله: مُزمور الشيطان هو بضم الميم وفتحها لغتان، حكاهما ابن الأثير، ويقال: مزمار، ويقال: مزمارة بالهاء في آخره، رواه البخاري في صحيحه في كتاب الجهاد في باب الدرق. زمل: ذكره في المهذب الزاملة في استطاعة الحج. قال أهل اللغة: هو البعير الذي يستظهر به المسافر يحمل عليه طعامه ومتاعه. زنا: قوله في الوسيط في باب صلاة الجماعة: وقد قال - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "لا يصلين أحدكم وهو زناء" هذا الحديث بهذا اللفظ رواه أبو عبيد في غريب الحديث بإسناد ضعيف، وهو صحيح المعنى، فقد روى أبو هريرة رضي الله تعالى عنه: أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "لا يحل لرجل يؤمن بالله واليوم الآخر أن يصلي وهو حاقن حتى يتخفف" رواه أبو داود وغيره وعن ثوبان رضي الله عنه نحوه رواه أبو داود والترمذي، وقال: حديث حسن. وعن عائشة رضي الله تعالى عنها: أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "لا صلاة بحضرة الطعام ولا لمن يدافعه الأخبثان" رواه مسلم في صحيحه، والأخبثان البول والغائط، أما ضبط اللفظة التي في حديث الوسيط فهي زناء بزاي مفتوحة ثم نون مخففة ثم ألف ممدودة، ومعناه: الحاقن، هو الذي اضطره البول وهو يدافعه. قال الجوهري: تقول منه زنأ البول بالهمز يزنأ زنوءا، إذا احتقن. قوله في المهذب في باب القذف قال الشاعر: وارق إلى الخيرات زنأ في الجبل الجزء: 3 ¦ الصفحة: 135 هذا الذي أتى به بعض بيتين. قال ابن السكيت في إصلاح المنطق، والأزهري والجوهري، وغيرهم من أهل اللغة وغيرهم: قالت امرأة من العرب ترقص ابنا لها: ولا تكونن كهلوف وكل وارق إلى الخيران زنأ في الجبل اشبه أبا أمك أو أشبه حمل يصيح في مضجعه قد انجدل قال الأزهري: حمل يعني: بفتح الحاء والميم اسم رجل، والهلوف يعني: بكسر الهاء وفتح اللام المشددة الرجل العظيم الخلق، والوكل يعني: بفتح الواو والكاف الرجل الضعيف، وانجدل سقط إلى الجدلة يعني: بفتح الجيم وهي الأرض، وكل هؤلاء ذكروا البيتين لامرأة من العرب وأنشدوهما كما قدمته، إلا الجوهري فإنه قال: أشبه أبا أمك أو أشبه عمل بعين بدل الحاء، ذكره في فصل العين من حروف اللام، وقال: عمل اسم رجل، وسمى المرأة فقال: هي منفوسة بنت زيد الخيل. وقال أبو زكريا التبريزي إنكارا على الجوهري: وإنما قال قيس بن عاصم المنقري: يرقص ابنا له، فقال: "أشبه أبا أمك أو أشبه عمل" يعني: عملي، ولم يرد عمل اسم رجل كما قال الجوهري، واقتصر الجوهري في فصل الزاي من حرف الهمزة على القدر الذي في المهذب، ونسبه إلى قيس بن عاصم المنقري، فقال: وقال قيس بن عاصم المنقري: "وارق إلى الخيرات زنأ في الجبل" هذا بيان حال الشعر، وأما ضبط اللفظة فهي بفتح الزاي وإسكان النون وبعدها همزة منصوبة منونة، ومعناه: صعودا. قال أهل اللغة: يقال: زنأ في الجبل يزنأ زنأ وزنوءا بمعنى صعد. زنى: قال الله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} (النور: من الآية2) وقال تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} (المائدة: من الآية38) يقال: ما الحكمة في أن بدأ في الزنى بالمرأة وفي السرقة بالرجل، وما الحكمة في أن جعل حد السارق بعقوبة العضو الذي وقعت به الجناية وهو اليد، وفي الزاني بغيره؟ والجواب عن الأول: أن الزنى من المرأة أقبح فإنه يترتب عليه تلطيخ فراش الرجل وفساد الأنساب؛ ولأنه في العادة يستقبح منها هي في إخفائه أكثر من الرجل، وغير ذلك من الأمور التي تقتضي زيادة قبحه منها على الرجل، ولهذا كان تقديمها أهم، وأما السرقة فالغالب وقوعها من الرجال فقدموا لذلك. وأما الحكمة الثانية: فلآن قطع اليد يحصل به عقوبة محل الجناية من غير مفسدة، وفي قطع الذكر مفسدة، وهو إبطال النسل المندوب إلى إكثاره، ولأن الحد لزجر المحدود وغيره، فإذا قطعت اليد وحصل الزجر، ولو قطع الذكر لم يدر به. ولم يجمل قوله في المهذب: ولو قال للرجل: يا زانية بالهاء كان قذفًا؛ لأن الهاء قد تزاد للمبالغة، كقولهم علامة ونسابة، هكذا قاله جماعة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 136 من أصحابنا، وأنكره آخرون. قال الرافعي: لم يرض إمام الحرمين وآخرون هذا، قالوا: وليس هذا مما يجري فيه القياس بل هو مسموع، ولا يصح أن يقال لمن يكثر القتل قاتلة، ولا قتالة، وإنما دليل كونه قد قال به إنه إذا حصلت الإشارة إلى العين، لم ينظر إلى علامة التذكير والتأنيث، كما لو قال لعبده: أنت حرة؛ لأنه لحن لا يمنع الفهم ولا يدفع العار. زوج: يقال للرجل زوج وللمرأة زوج، هذه اللغة الفصيحة المشهورة التي جاء بها القرآن العزيز، ويقال أيضًا: للمرأة زوجة بالهاء، وهي لغة مشهورة حكاها جماعة من أهل اللغة. قال أبو حاتم السجستاني في المذكر والمؤنث: لغة أهل الحجاز زوج، وهي التي جاء بها القرآن، والجمع أزواج، قال: وأهل نجد يقولون: زوجة للمرأة، قال: وأهل مكة والمدينة يتكلمون بذلك أيضًا، وأنشد: قد صار في رأسه التخويص والنزع زوجة اشمطعر هوب بوادره وثبت في صحيحي البخاري ومسلم عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال في صفة أهل الجنة: لكل واحد منهم زوجتان، هكذا هو في الصحيحين بالتاء. وفي صحيح مسلم: أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "هذه زوجتي فلانة" يعني صفية في حديثه الطويل الذي فيه "إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم". وثبت في صحيح البخاري في حديث ابن أبي مليكة: "أن ابن عباس دخل على عائشة رضي الله تعالى عنهم في مرضها، فقال: أنت بخير إن شاء الله تعالى زوجة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولم ينكح بكرا غيرك". وفي أوائل كتاب النكاح من صحيح البخاري في باب كثرة النساء عن ابن عباس قال: "هذه ميمونة زوجة النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " هكذا هو بالهاء، ويقال: تزوج الرجل امرأة، وتزوج بامرأة، وزوجت زيدًا امرأة، وزوجته بامرأة يعدى بنفسه، وبالباء لغتان مشهورتان، حكاهما جماعات من أهل اللغة: عن ابن قتيبة في أدب الكاتب، وأفصحهما تزوج امرأة معدى بنفسه، قال الله تعالى: {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا} (الأحزاب: من الآية37) وأما قوله تعالى: {وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ} (الدخان: من الآية54) . فقد اختلف العلماء في المراد بالتزويج ههنا، فقال الإمام أبو الحسن الواحدي في البسيط: قال أبو عبيدة: معناه الجزء: 3 ¦ الصفحة: 137 جعلناهم أزواجا كما يزوج النعل بالنعل أي: جعلناهم اثنين اثنين. وقال يونس: أي قرناهم بهن، وليس من عقد التزويج. قال يونس: والعرب لا تقول تزوجت بها، وإنما تقول تزوجتها. قال الواحدي: وقال ابن سلام - يعني أبا عبيدة: تميم يقولون: تزوجت بامرأة وتزوجت امرأة، قال: وحكى الكسائى أيضًا: زوجناه امرأة وزوجناه بامرأة، قال: وقال الأزهري: تقول العرب: زوجته امرأة، وتزوجت امرأة، وليس من كلامهم تزوجت بامرأة. قال: وقوله تعالى: {وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ} أي: قرناهم، قال: وقال الفراء: هي لغة في أزد شنوءة، هذا كلام الأزهري. وقال الأخفش: قول أبي عبيد حسن والله تعالى أعلم، وجزم البخاري في صحيحه: بأن معنى زوجناهم أنكحناهم، وفي صحيح البخاري عن أنس في قصة أم حرام وركوب البحر في الغزو، قال: فتزوج بها عبادة بن الصامت، ذكره في كتاب الجهاد في باب ركوب البحر. زود: قال أهل اللغة: الزاد طعام يتخذ للسفر، يقال: تزودت لسفري، وزودت فلانًا فتزود، والمزود بكسر الميم ما يجعل فيه الزاد. زون: قوله في باب المسابقة على الحراب: والزانات هي بالزاي والنون، وهي نوع من الحراب تكون مع الديلم رأسها دقيق، وحديدتها عريضة. زيت: الزيت معروف، ويقال له الخيلع بفتح الخاء المعجمة وإسكان الياء وفتح اللام، ذكره صاحب المحكم في باب خلع عن كراع، والله تعالى أعلم. فصل في أسماء المواضع زمزم: زادها الله تعالى شرفًا بزاءين وفتحهما وإسكان الميم بينهما، وهي بئر في المسجد الحرام، زاده الله تعالى شرفًا بينها وبين الكعبة، زادها الله تعالى شرفًا ثمان وثلاثون ذراعا، قيل: سميت زمزم لكثرة مائها، يقال: ماء زمزم وزمزوم بانتساخ إذا كان كثيرًا، وقيل: لضم هاجر عليها السلام لمائها حين انفجرت وزمها إياها، وقيل: لزمزمة جبريل وكلامه، وقيل: إنه غير مشتق. ولها أسماء أخر ذكرها الأزرقي وغيره: هزمة جبريل، والهزمة الغمزة بالعقب في الأرض، وبرة، وشباعة، والمضنونة، وتكتم، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 138 ويقال لها: طعام طعم، وشفاء سقم، وشراب الأبرار. وجاء في الحديث: "ماء زمزم طعام طعم، وشفاء سقم"، و"جاء ماء زمزم لما شرب له" معناه من شربه لحاجة نالها، وقد جربه العلماء والصالحون لحاجات أخروية ودنيوية، فنالوها بحمد الله تعالى، وفضله، وفي الصحيح عن أبي ذر الغفاري رضي الله تعالى عنه: أنه أقام شهرًا بمكة، لا قوت له إلا ماء زمزم، وفضائلها أكثر من أن تحصر، والله تعالى أعلم. وروى الأزرقي عن العباس بن عبد المطلب رضي الله تعالى عنه، قال: تنافس الناس في زمزم في زمن الجاهلية حتى إن كان أهل العيال يفدون بعيالهم فيشربون فيكون صبوحا لهم، وقد كنا نعدها عونا على العيال. قال العباس: وكانت زمزم في الجاهلية تسمى شباعة، وفي غريب الحديث لابن قتيبة عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه، قال: "خير بئر في الآرض زمزم، وشر بئر في الأرض برهوت". قال ابن قتيبة: برهوت بئر بحضرموت، يقال: إن أرواح الكفار فيها، وذكر له دلائل. قال الأزرقي: كان ذرع زمزم من أعلاها إلى أسفلها ستين ذراعًا كل ذلك بنيان، وما بقي فهو جبل منقور، وهي تسعة وعشرون ذراعا، وذرع تدوير فم زمزم أحد عشر ذراعا، وسعة فم زمزم ثلاث أذرع وثلثا ذراع، وعلى البئر مكبس ساج مربع فيه اثنتا بكرة يستقى عليها، وأول من عمل الرخام على زمزم وعلى الشباك وفرش أرضها بالرخام أبو جعفر أمير المؤمنين في خلافته. قال الأزرقي: ولم تزل السقاية بيد عبد مناف، فكان يسقى الماء من بئر كرادم وبئر خم على الإبل في المزاد والقرب، ثم يسكب ذلك الماء في حياض من أدم بفناء الكعبة، فيرده الحاج حتى يتفرقوا، وكان يستعذب لذلك الماء، ثم وليها من بعده ابنه هاشم بن عبد مناف، ولم يزل يسقي الحاج حتى توفي، فقام بأمر السقاية من بعده ابنه عبد المطلب بن هاشم، فلم يزل كذلك حتى حفر زمزم، فعفت على آبار مكة كلها، فكان منها يشرب الحاج، وكانت لعبد المطلب إبل كثيرة، فإذا كان الموسم جمعها، ثم يسقي لبنها بالعسل في حوض من آدم ثم زمزم، ويشتري الزبيب فينبذه بماء زمزم، وكانت إذ ذاك غليظة جدا، وكان للناس أسقية كثيرة يستقون منها الماء، ثم ينبذون فيها القبضات من الزبيب والتمر ليكثر غلظ الماء، وكان الماء العذب بمكة عزيزًا، لا يوجد إلا لإنسان يستعذب له من بئر ميمون وخارج من مكة، فلبث الجزء: 3 ¦ الصفحة: 139 عبد المطلب يسقي الناس حتى توفي، فقام بأمر السقاية بعده ابنه العباس بن عبد المطلب، فلم تزل في يده، وكان للعباس كرم بالطائف، فكان يحمل زبيبه، وكان يداين أهل الطائف، ويقتضي منهم الزبيب، فينبذ ذلك كله، ويسقيه الحاج في أيام الموسم، حتى مضت الجاهلية، وصدر من الإسلام ثم أقرها النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في يد العباس يوم الفتح، ثم لم تزل في يد العباس حتى توفي فوليها بعده ابنه عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما، فكان يفعل ذلك كفعله، ولا ينازعه فيها منازع، حتى توفي فكانت بيد ابنه علي بن عبد الله يفعل كفعل ابيه وجده، يأتيه الزبيب من الطائف، فينبذه حتى توفي، ثم كانت بيده إلى الآن. حرف السين سار: قوله في أول الوسيط: الطهورية مخصوصة بالماء من بين سائر المائعات، قد أنكره الشيخ تقي الدين رحمه الله تعالى فقال: في كلامه هذا استعمال للفظة سائر بمعنى الجميع، وذلك مردود عند أهل اللغة، معدود في غلط العامة، وأشباههم من الخاصة. قال أبو منصور الأزهري في تهذيب اللغة: أهل اللغة اتفقوا على أن معنى سائر الباقي. قال الشيخ: ولا التفات إلى قول الجوهري صاحب اللغة سائر الناس جميعهم، فإنه ممن لا يقبل ما ينفرد به، وقد حكم عليه بالغلط في هذا من وجيهن، أحدهما: في تفسير ذلك بالجميع، والثاني: في أنه ذكره في فصل سير، وحقه أن يذكره في فصل سار؛ لأنه من السؤر بالهمز، وهو بقية الشراب وغيره. قال الشيخ: وقول الغزالي صحيح من حيث الحكم، أن هذه الخصوصية، إنما هي بالنسبة إلى المائعات فحسب لا مطلقًا، فإن التراب طهور أيضًا بنص الحديث، فهذا وجه يصح به هذا الكلام، وقد استعمل الغزالي رحمه الله تعالى سائر بمعنى الجميع، في مواضع كثيرة من الوسيط، وهي لغة صحيحة ذكرها غير الجوهرى، لم ينفرد بها الجوهري، بل وافقه عليها الإمام أبو منصور الجواليقي في أول كتابه شرح أدب الكاتب أن سائر بمعنى: الجميع، واستشهد على ذلك، وإذا اتفق هذان الإمامان على نقلها فهي لغة. وقال ابن دريد: سائر الشيء يقع على معظمه، وجله ولا يستغرقه. كقولهم جاء سائر بني فلان أي: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 140 جلهم، ولك سائر المال أي: معظمه. قال ابن بري: ويدل على صحة قوله قول ابن مضرس: وليس له من سائر الناس عاذر فما حسن أن يعذر المرء نفسه وقال ذو الرمة: وسائر اليسير إلا ذاك منجذب معرسا في بياض الصبح وقعته إلا ذاك المستثنى التعريس من السير، فسائر بمعنى: الجميع، وأنكر أبو علي أن يكون سائر من السؤر بمعنى: البقية؛ لأنها تقتضي الأقل، والسائر الأكثر، ولحذفهم عينها في نحو قوله: كلون الثؤر وهي إذا ما سارها وسود ماء المرد فاها فلونه لأنها لما اعتلت بالقلب اعتلت بالحذف، ولو كانت العين همزة في الأصل لما حذفت. قال ابن ولاد: سائر يوافق بقية، في نحو أخذت من المال بعضه وتركت سائره؛ لأن المتروك بمنزلة البقية، يفارقها من حيث أن السائر لما كثر، والبقية لما قل، ولهذا تقول: أخذت من الكتاب ورقة، وتركت سائره، ولا تقول: تركت بقيته، وقوله الصحيح: أن سائر بمعنى الباقي قل أو كثر لا شاهد عليه؛ لأنه استعمل للأكثر والبقية للأقل، كما قال أبو علي: وقال ابن بري: من جعل سائر من سار يسير، فيجوز أن يقول: لقيت سائر القوم أي: الجماعة التي يسير فيها هذا الاسم، وأنشدوا على ذلك قول ابن الرقاع: توفي فليغفر له سائر الذنب وحجر وزيان وإن يك حافظا وابن أحمر: فلم تعدموا من سائر الناس باغيا فلا يأتنا منكم كتاب بروعة وقول ذي الرمة، وقد سبق قول ابن أحمر: ومالت حماحمه وسائره ندى قضيبا من الريحان غله الندى وقال الأحوص: إلى غيركم من سائر الناس مجمع فإني لأستحييكم أن يقودني وقال المعري: فهو فرض في سائر الأبدان أشرب العالمون حبك طبعا وقال الأحوص: رقد القوم سائر الحراس فجلتها لنا لبابة ولما سبب: والأصبع السبابة، وهي تلي الأبهام سميت بذلك؛ لأن الناس يشيرون بها عند السب. سبج: قوله في باب جامع الإيمان من المهذب: وإن لبس شيئا من الخرز، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 141 والسبج هو السبج بسين مهملة ثم باء موحدة مفتوحتين ثم جيم، وهو خرز أسود يلبس في العراق كثيرًا، وهو فارسي معرب. قال الجوهري: وقال ابن فارس في المجمل: هو عربي. سبح: التسبيح في اللغة التنزيه، ومعنى سبحان الله تنزيها له من النقائص مطلقًا، ومن صفات المحدثات كلها، وهو اسم منصوب على أنه واقع موقع المصدر لفعل محذوف، تقديره: سبحت الله تعالى. قال النحويون وأهل اللغة: يقال: سبحت الله تعالى تسبيحًا وسبحانًا، فالتسبيح مصدر، وسبحان واقع موقعه ولا يستعمل غالبًا إلا مضافًا كقولنا سبحان الله، وهو مضاف إلى المفعول به أي: سبحت الله تعالى؛ لأنه المسبح المنزه. قال أبو البقاء رحمه الله تعالى: ويجوز أن يكون مضافًا إلى الفاعل لأن المعنى تنزه الله تعالى، وهذا الذي قاله وإن كان له وجه فالمشهور المعروف هو الأول، قالوا: وقد جاء غير مضاف كقول الشاعر: فسبحانه ثم سبحانًا أنزهه قال أهل اللغة والمعاني والتفسير وغيرهم: ويكون التسبيح بمعنى الصلاة، ومنه قول الله سبحانه وتعالى: {فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ} (الصافات:143) أي المصلين، والسبحة بضم السين صلاة النافلة، ومنه قوله في الحديث: سبحة الضحى وغيرها، ومنه ما حكاه في هيئة الجمعة من المهذب: قعود الإمام يقطع السبحة. قال الجوهري رحمه الله تعالى: السبحة التطوع من الذكر والصلاة، تقول: قضيت سبحتي، قالوا: وإنما قيل: للمصلي مسبح لكونه معظما لله عز وجل بالصلاة وعبادته إياه وخضوعه له، فهو منزه بصورة حاله، قالوا: وجاء التسبيح بمعنى: الاستثناء، ومنه قوله تعالى: {قال أوسطهم ألم أقل لكم لولا تسبحون} أي: تستثنون، وتقولون: إن شاء الله تعالى، وهو راجع إلى معنى التعظيم لله عز وجل للتبرك باسمه. قال الإمام الواحدي رحمه الله تعالى: قال سيبويه رحمه الله تعالى: معنى سبحان الله براءة الله من السوء، وسبحان الله بهذا المعنى معرفة يدل على ذلك. قول الأعشى: سبحان من علقمة الفاجر أي: براءة منه، قال: وهو ذكر تعظيم لله تعالى لا يصلح لغيره، وإنما ذكره الشاعر نادرًا، ورده إلى الأصل وأجراه كالمثل. قلت: ومراد سيبويه رحمه الله تعالى: إنه اسم معرفة لا ينصرف إذا لم يضف للعلمية، وزيادة الألف والنون، ولهذا لم يصرفه الأعشى، ومنهم من يصرفه ويجعله نكرة، كما تقدم في البيت السابق والله تعالى أعلم. قلت: هذا أصل هذه الجزء: 3 ¦ الصفحة: 142 الكلمة، ثم أنها يؤتى بها للتعجب، ومن ذلك قول الله عز وجل: {سبحنك هذا بهتن عظيم} . قال أبو القاسم الزمخشري: سبحانك هنا للتعجب من عظم الأمر. قلت: فإن قيل: فما معنى التعجب في كلمة التسبيح، قلنا: الأصل في ذلك أن يسبح الله تعالى عند رؤية العجيب من صنائعه، ثم كثر حتى استعمل في كل متعجب منه. قلت: ومنه الحديث الصحيح عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال للمغتسلة من الحيض: “خذي فرصة من مسك فتطهري بها” قالت: كيف أتطهر بها. قال: “سبحان الله تطهري بها” وفي الحديث الآخر في الصحيح: أن أبا هريرة لما سأل عنه رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فاغتسل ثم جاء وقال: كنت جنبًا، فقال - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “سبحان الله إن المؤمن لا ينجس” ومعنى الحديثين: التعجب من خفاء هذا الأمر الذي لا يخفى، ومثله ماحكاه في أول باب العدد من المهذب عن الوليد بن مسلم قال: قلت لمالك بن أنس رحمه الله تعالى: حديث جميلة عن عائشة رضي الله تعالى عنها: “لا تزيد المرأة على السنتين في الحمل”، قال مالك: سبحان الله من يقول هذا، هذه امرأة محمد بن عجلان جارتنا تحمل أربع سنين، أراد مالك رحمه الله تعالى التعجب من أنكار هذا الأمر مشاهدة المحسوس. ونظائر ما ذكرنا كثيرة، وكذلك يقولون في التعجب: لا إله الا الله، وممن ذكر هذين اللفظتين في ألفاظ التعجب من النحويين الإمام أبو بكر ابن السراج رحمه الله تعالى في كتابه الأصول، والله تعالى أعلم. وقوله في السجود من المهذب يقول: “سبوح قدوس”، فيهما لغتان مشهورتان، أفصحهما وأكثرهما ضم أولهما وثانيهما، والثانية فتح أولهما مع ضم ثانيهما. قال الجوهري: سبوح من صفات الله تعالى، قال ثعلب: كل اسم على فعول فهو مفتوح الأول إلإ السبوح والقدوس، فإن الضم فيهما أكثر وكذلك الزروج. وقال ابن فارس في المجمل: سبوح هو الله عز وجل، وكذلك قاله الزبيدي في مختصر العين، فحصل خلاف في أنه اسم الله تعالى أو صفة من صفاته، وتسمية هذا خلافًا يحرم على بعض أصحابنا المتكلمين من أن صفاته سبحانه وتعالى لا يقال هي الذات ولا غيرها، ويكون المراد بالسبوح والقدوس المسبح والمقدس، فكأنه قال: مسبح مقدس رب الملائكة والروح عز وجل. والله تعالى أعلم. والسُبْحة: بضم السين وإسكان الباء، خرز منظومة يسبح الجزء: 3 ¦ الصفحة: 143 بها معروفة، تعتادها أهل الخير مأخوذة من التسبيح، والمسبحة بضم الميم وفتح السين وكسر الباء المشددة الأصبع السبابة، وهي التي تلي الإبهام سميت بذلك؛ لأن المصلي يشير بها إلى التوحيد والتنزيه لله سبحانه وتعالى عن الشرك. قال أصحابنا: وتكون إشارته عند الهمزة من قوله إلا الله في قوله أشهد أن لا إله إلا الله. وأما صلاة التسبيح المعروفة: فسميت بذلك لكثرة التسبيح فيها على خلاف العادة في غيرها، وقد جاء فيها حديث حسن في كتاب الترمذي وغيره، وذكرها المحاملي وصاحب التتمة وغيرهما من أصحابنا، وهي سنة حسنة، وقد أوضحتها أكمل إيضاح، وسأزيدها إيضاحا في شرح المهذب مبسوطة إن شاء الله تعالى. ومعنى سبوح قدوس: المبرأ من النقائص والشريك، وكل ما لا يليق بالإليهة، وقدوس: المطهر من كل ما لا يليق بالخالق. قال الهروي: وقيل: القدوس المبارك. قال القاضي عياض: وقيل فيه: سبوحا قدوسا أي: أسبح سبوحًا، أو أذكر أو أعظم أو أعبد، والسباحة بكسر السين العوم في الماء، يقال: سبح يسبح بفتح الباء فيهما. والله تعالى أعلم. سبط: يقال شعر سبط بكسر الباء وفتحها، أي: مسترسل، وسبط الشعر بكسر الباء يسبط بفتحها سبطا بالفتح أيضًا، ورجل سبط الشعر، وسبط بكسر الباء وإسكانها، والساباط سقيفة بين حائطين تحتها طريق أو نحوه، والجمع سوابط وساباطات، وفي الحديث: أتى سباطة قوم فبال قائمًا، بضم السين وتخفيف الباء، وهي ملقى الكناسة والتراب، ونحوهما تكون بفناء الدار، وسباط بضم السين اسم الشهر المعروف في شهور الروم. سبع: قوله في مختصر المزني، ويضطبع الطائف حتى يكمل سبعة، اختلفت نسخ المختصر فيه ففي بعضها سبعة بالباء الموحدة قبل العين أي: طوفاته السبعة، وفي بعضها سعية بمثناة من تحت بعد العين، وهي السعي بين الصفا والمروة. وينبني على هذا الخلاف في لفظ اختلاف أصحابنا: في أنه يضطبع في الركعتين بعد الطواف أم لا؟ فمن قال: بالباء، قال: إذا فرغ الطواف أزال الاضطباع ثم صلى ثم أعاد الآضطباع للسعي. ومن قاله: بالمثناة، قال: يستديم الاضطباع في الطواف والصلاة والسعي، والصحيح عند الأصحاب هو الأول، وقد أوضحته في الروضة، وأرجو إيضاحه في المناسك. سبغ: قولهم إن اقتصر في الوضوء الجزء: 3 ¦ الصفحة: 144 على مرة وأسبغ أجزأه، وإن نقص عن المد والصاع، وأسبغ أجزأه، معنى أسبغ: عمم الأعضاء واستوعبها، ومنه ثوب سابغ، ودرع سابغة. سبق: في الحديث: "لا سبق إلا في خف أو حافر أو نصل" قال الإمام أبو سليمان الخطابي في معالم السنن: السبق بفتح السين والباء، ما يجعل للسابق على سبقه من جعل ونوال، وأما السبق بسكون الباء، فهو مصدر سبقت الرجل أسبقه سبقًا، قال: والرواية الصحيحة في هذا الحديث السبق مفتوحة الباء، يريد أن العطاء والجعل لا يستحق إلا في سباق الخيل والإبل، وما في معناهما من النضال وهو الرمي، هكذا قال الشيخ تقي الدين بن الصلاح رحمه الله تعالى: أن الرواية الصحيحة فيه فتح الباء، وقوله في باب المسابقة من المهذب: أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال لعلي رضي الله تعالى عنه: يا علي قد جعلت إليك هذ السبقة بين الناس، هو بضم السين وإسكان الباء، هكذا قيده جماعة من المصنفين في ألفاظ المهذب، وذكر بعض المصنفين منهم: أنه روي بفتح السين، وأنكره المحققون، وقالوا: الصواب الضم، ومعناه أمر المسابقة. قال الإمام الواحدي في تفسير أول سورة الحجر: سبق إذا كان واقعا على شخص فمعناه جاز وخلف، كقولك سبق زيد عمرًا أي جازه وخلفه وراءه. ومعنى استأخر قصر عنه ولم يبلغه، وأما إذا كان واقعًا على زمان، فهو بالعكس من هذا، كقولك سبق فلان الحول، وسبق عام كذا أي: مضى قبل مجيئه ولم يبلغه. ومعنى استأخر عنه جاوزه وخلفه وراءه، فقوله تعالى: {مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا} (الحجر: من الآية5) أي: لا تقصر عنه فتهلك قبل بلوع الأجل، وما يستئخرون أي: يتجاوزنه ويتأخر الأجل عنهم. سجد: قال الأزهري: السجود أصله التطامن والميل. وقال الواحدي: أصله في اللغة الخضوع والتذلل، قال: وسجود كل شيء في القرأن طاعته لما سجد له، هذا أصله في اللغة، ثم قيل: لكل من وضع جبهته على الأرض سجد؛ لأنه غاية الخضوع. سحر: قولها: بين سحري ونحري، السحر: فتح السين وضمها لغتان، وإسكان الحاء المهملتين وهو الرئة وما يتعلق بها. قال القاضي عياض: وقيل: إنما هو شجري بالشين المعجمة والجيم أي: ضمته إلى نحرها الجزء: 3 ¦ الصفحة: 145 مشبكة يديها عليه، والصواب المعروف هو الأول. سحل: قوله في المهذب في باب الكفن "كفن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في ثلاث أثواب سحولية" هو بضم الحاء المهملة، وروي بفتح السين وضمها، والفتح قول الأكثرين وروايتهم. قال الأزهري في تفسير هذا الحديث: سحول بفتح السين مدينة في ناحية اليمن تحمل منها الثياب، فيقال لها السحولية، قال: وأما السحولية بضم السين فهي الثياب البيض، قال غير الأزهرى: السحولية بالفتح نسبة إلى سحول قرية ظاهرا، وبالضم ثياب القطن، وقيل: بالضم ثياب نقية من القطن خاصة، وفي رواية لمسلم: ثلاثة أثواب سحولية بضم السين، قالوا: هو جمع سحل وهو ثوب القطن. سدد: قوله في المهذب في باب طهارة البدن والثوب: وإن حمل يعني المصلي قارورة فيها نجاسة وقد سد رأسها، ففيه وجهان: قوله: سد هو بالسين المهملة، قال صاحب البيان: لم يذكر الشيخ أبو إسحاق بأي شيء سد رأسها، وسائر أصحابنا قالوا: إذا سد رأسها بالصفر والرصاص وما أشبههما، والتحم بالقارورة ففيه وجهان: وأما إذا سد رأسها بشمعة أو خرقة وما أشبههما فلا تصح صلاته وجهًا واحدًا، قال: وأطلاق الشيخ يحمل على الصفر والرصاص وما أشبههما. سدر: في الحديث: "المحرم يغسله بماء وسدر"، وفيه حديث صحيح مخرج في صحيح البخاري ومسلم السدر معروف، وهو من شجر النبق، ويطلق السدر على الغاسول المعروف، وعلى الشجرة، وواحدة الشجر سدرة، ويجمع على سدرات وسدارات وسدرات وسدر، الأولى بكسر السين وإسكان الدال، والثانية كسر السين وفتح الدال، والثالثة كسرهما، والرابعة كسر السين وفتح الدال من غير ألف بعدهما، وكذلك تجمع كسرة. سرر: قال الله تعالى: {لا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرّاً إِلا أَنْ تَقُولُوا قَوْلاً مَعْرُوفاً} (البقرة: من الآية235) قال صاحب المهذب: وفسر الشافعي رضي الله تعالى عنه: السر بالجماع؛ لأنه يفعل سرًا، وقد اختلف المفسرون وغيرهم في هذا، فنقل عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وغيره: أنه الجماع، كما قال الشافعي رضي الله تعالى عنه: وذهب جماعات إلى أن المراد بالسر الزنا، حكاه الواحدي عن الحسن وقتادة والضحاك والربيع، وهو رواية عطية بن ابن عباس، قالوا: وكان الرجل يدخل على المرينة، وهو يعرض بالنكاح الجزء: 3 ¦ الصفحة: 146 فيقول لها: دعيني فإذا وفيت عدتك أظهرت نكاحك، فنهى الله سبحانه وتعالى عن ذلك. وقال الشعبي والسدي: لا تأخذ عليها ميثاقًا أن لا تنكح غيره، وجمع الواحدي الأقوال، ثم قال: فحصل في السر أربعة أقوال: النكاح، والجماع، والزنا، والسر الذي تخفيه وتكمته عن غيرك. قال: وقوله تعالى: {إِلا أَنْ تَقُولُوا قَوْلاً مَعْرُوفاً} (البقرة: من الآية235) يعني به التعريض بالخطبة وتقديره: قولاً معروفًا في هذا الموضع؛ لأن التعريض مأذون فيه معروف، والتصريح مزجور عنه فهو معروف. قال: ويجوز أن يكون المعنى قولاً معروفًا منه الفحوى دون التصريح، والسرير معروف: وهو مشترك بين سرير المولود وسرير الميت وهو نفسه، وسرير الملك، وجمعه أسرَّة وسرر بضم السين والراء، كما قال الله تعالى: {عَلَى سُرُرٍ} (الحجر: من الآية47) هذه هي اللغة الفصيحة المشهورة، ويجوز فتح الراء الأولى عند المحققين من النحويين وأهل اللغة. قال الجوهري في صحاحه: جمع السرير سرر، إلا أن بعضهم يستثقل اجتماع الضمتين مع التصغير، فيرد الأولى منهما إلى الفتح لخفته، فيقول: سرر، وكذلك ما أشبهه كذليل وذلل ونحوه، هذا كلام الجوهري. وقد ذكر الفتح شيخنا جمال الدين بن مالك رحمه الله تعالى في كتابه المثلث، قال: ولكن الضم أقيس، وأشهر وأنشد في المهذب في باب الإيلاء: لزعزع من هذا السرير جوانبه المراد بالسرير هنا: نفس المرة التي أنشدت الشعر شبهت نفسها بالسرير من حيث أنها فراش للرجل مركوب كسرير الخشب الذي يجلس عليه. وقال الواحدي في تفسير سورة الحجر: قال أبو عبيدة: يقال: في جمع السرير سرر بضم الراء وسرر بفتحها، وكل فعيل من المضاعف يجمع على فعل، وفعل بالضم والفتح. وقال المفضل: بعض تميم وكلب يفتحون؛ لأنهم يستثقلون ضمتين متواليتين في حرفين من جنس واحد. وقال بعض أهل المعاني: السرير مجلس رفيع موطوء للسرور، وهو مأخوذ منه؛ لأنه مجلس سرور. وقال الإمام أبو علي عمر بن محمد بن عمر الشلوبيني في كتابه شرح الجزولية عند قول صاحب الجزولية: وإنما فتحوا عين فعل في مضاعفه والأعرف الضم. قال الشلوبيني: مثاله سرر، وسرر جمع سرير، وجدد وجدد جمع جديد، وهذا قياس في النحو مطرد عند النحويين، وذلك يرد قول يعقوب وغيره في قولهم: ثياب جدد، ولا تقول جدد إنما الجدد الجزء: 3 ¦ الصفحة: 147 الطرائف، فإن الضم في جدد جمع جديد، جائز على ما ذكرناه ولم يعرفه يعقوب. وقال أبو عمر الزاهد في شرح الفصيح في أوائل باب المضموم أوله: سمعت المبرد يقول: ثياب جدد، وثياب جدد وسرير وسرر وسرر لغتان فصيحتان، وقولهم: تسرى بجارية، قال الأزهري: تسرى بمعنى تسرر لكن كثرت الراءات، فقلبت إحداهن ياء، كما قالوا: تظنيت من الظن، وأصله تظننت. وقال البيهقي في كتابه رد الانتقاد على ألفاظ الشافعي: قال أبو العلاء بن كموشاد: يقال: تسرى الجارية وتسررها واستسرها. سرف: قال الأزهري وغيره: السرف مجاوزة الحد المعروف لمثله. سرق: قال الجوهري: سرق منه مالا يسرق سرقا بالتحريك، يعني: بفتح الراء. قال: والاسم السرق، والسرقة بكسر الراء فيهما، قال: وربما قالوا: سرقه مالا وسرقه نسبه إلى السرقة. قوله في المهذب في باب السلم: بعد أن ذكر ابن عمر رضي الله تعالى عنهما في السلم في السرق: والسرق الحرير، فالسرق بفتح السين والراء المهملتين، ولكن قال الجوهري: هو شقق الحرير، ثم قال: قال أبو عبيد: إلا أنها البيض منها الواحدة منها سرقة. قال: وأصلها بالفارسية سرة أي: جيد، فعربوه كما عرب برق للحمل، ويلحق للقباء، واستبرق للغليظ من الديباج. والله تعالى أعلم. سرل: قال الأزهري: أما سرل فليس بعربي صحيح، والسراويل أعجمية عربت، وجاء السراويل على لفظ الجماعة وهي واحدة، وقد سمعت غير واحد من الأعراب يقول: سروال، وإذا قالوا: سراويل أنثوا. وفي حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: "أنه كره السراويل المخرفجة" يعني: الواسعة الطويلة، قال: وقال الليث: السراويل أعجمية أعربت وأنثت، والجمع سراويلات، قال: وسرولته أي: ألبسته السراويل، هذا ما ذكره الأزهري. وقال صاحب المحكم: السراويل فارسي معرب يذكر ويؤنث، ولم يعرف الأصمعي فيها إلا التأنيث، والجمع سراويلات. قال سيبويه: ولا يكسر؛ لأنه لو كسر لم يرجع إلى لفظ الواحد فترك، وقد قيل: سراويل جمع واحده سروالة، وسروله فتسرول ألبسه إياها فلبسها، والسراوين السراويل: زعم يعقوب أن النون فيها بدل من اللام. وقال الجوهري السراويل معروف يذكر ويؤنث، والجمع السراويلات. قال سيبويه: سراويل واحدة وهي أعجمية أعربت الجزء: 3 ¦ الصفحة: 148 فأشبهت من كلامهم مما لا ينصرف في معرفة ولا نكرة، فهي مصروفة في النكرة ومن النحويين من لا يصرفه في النكرة، ويزعم أنه جمع سروال وسروالة، والعمل على القول الأول والثاني أقوى. وقال أبو حاتم السجستاني في كتابه المذكر والمؤنث، السراويل مؤنثة لا يذكرها من علمناه. قال: وبعض العرب يظن السراويل جماعة، قال: وسمعت من الأعراب من يقول: الشراويل بالشين يعني المعجمة. سطل: السطل بفتح السين وإسكان الطاء، ويقال أيضا: السطيل. قال الزبيدي: جمع السطل سطول. قال: وهي طسيسة صغيرة على هيئة التور له عروة. سعد: قال أهل اللغة: السعد اليمن. سعل: قال الأزهري في باب العين والهاء والكاف: الهكاع السعال يعني: بضم الهاء. سعن: قوله في المهذب في باب عقد الذمة في كتاب النصارى في الصلح: ولا يخرج سعانينا ولا باعونا هو بسين مفتوحة ثم عين مهلمتين وبالنون، وهو عيد معروف لهم، وهو منصوب بإسقاط الحرف أي: لا يخرج في السعانين. وقال أبو السعادات ابن الأثير في كتابه النهاية في غريب الحديث: هو عيد لهم قبل عيدهم الكبير بأسبوع. قال: وهو سرياني معرب. قال: وقيل: هو جمع واحده سعنون، وهو الذي ذكرته من أنه بالسين المهملة لا خلاف فيه وممن قيده كذلك، ونص عليه من العلماء أبو السعادات ابن الأثير وغيره، وتقوله العوام وأشباههم من المتفقهين بالشين المعجمة، وذلك خطأ ظاهر. سعى: قوله في مختصر المزني: ويضطبع حتى يكمل سعيه، كذا وقع في بعض النسخ، وفي بعضها سبعة بموحدة قبل العين، وتقدم بيانه في حرف السين والموحدة. سفتج: قوله في باب القرض: اقترض على أنه يكتب له سفتجة هي بالسين المهملة والتاء وإسكان الفاء بينهما وبالجيم، وهو كتاب يكتبه المستقرض للمقرض إلى نائبه ببلد آخر ليعطيه ما أقرضه، وهي لفظة أعجمية. سفر: قوله في الوسيط والوجيز والروضة في مواضع: إن صرح الوكيل بالسفارة وهي بكسر السين وهي النيابة. قال الرافعي في آخر الباب الرابع من كتاب الجزء: 3 ¦ الصفحة: 149 الخلع: أصل السفارة الإصلاح، يقال: سفرت بين القوم أي: أصلحت، ثم سمي الرسول سفيرًا؛ لأنه يسعى في الإصلاح، ويبعث له غالبًا. سفل: قال الإمام أبو منصور الأزهري رحمه الله تعالى: قال الليث: الأسفل نقيض الأعلى، والسفلى نقيض العليا، والسفل نقيض العلو في التسفل، والتعلي والسافلة نقيض العالية في النهر والرمح ونحوه، والسافل: نقيض العالي، والسفلة نقيض العلية، والسفال نقيض العلاء. ويقال: أمرهم في سفال وفي علاء، والسفول مصدر وهو نقيض علو، والسفل نقيض العلو في البناء، هذا ما ذكره الأزهري. وقال صاحب المحكم رحمه الله تعالى: السفل، والسفل يعني: بضم السين وكسرها، والسفلة يعني: بالكسر نقيض العلو، والأسفل نقيض الأعلى يكون إسمًا وظرفًا، وقد سفل وسفل يعني: بفتح الفاء وضمها يسفل فيهما يعني: بضم الفاء سفالا وسفولا وتسفل، وسفلة الناس وسفلتهم أسافلهم وغوغاؤهم. وقيل: سفالة كل شيء وعلاوته أسفله وأعلاه. سقمن: السقمونيا: بفتح السين الميم وكسر النون مقصورة، وهي من العقاقير التي تقتل، ويصح بيعها؛ لأنه ينتفع بقليلها، وقد ذكرتها في الروضة في أول كتاب البيع؟ سكر: السكر معروف، والسكر المذكور في باب زكاة الثمار من المهذب: وهو نوع من النخل وهو بضم السين وتشديد الكاف مثل السكر المعروف، وتفسيره مذكور في باب الهاء في فصل هلب لمصلحة اقتضته، وأعلم أن المذهب الصحيح الذي جزم به أصحابنا وغيرهم في الأصول: أن السكران ليس مكلفًا. وقال الشيخ أبو محمد الجويني في باب الأذان من كتابه الفروق، والقاضي حسين في فتاويه فيه، وصاحب التهذيب فيه: هو مكلف، واحتج بقول الله تعالى: {لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} (النساء: من الآية43) وأجاب الغزالي في المتسصفى عن الآية. سكن: السكين معروف، قال أبو جعفر النحاس في كتابه صناعة الكاتب حكي عن الأصمعي: أن السكين تذكر، وزعم الفراء أنه يذكر ويؤنث، وحكى الكسائى سكينه، وحكى ابن السكيت سكين حديد وحداد. زاد غيره حدادًا بالتخفيف، والجمع حداد يعني: بكسر الحاء، وسكين محدد ومحددة ومحد ومحدة، لأنك تقول: أحددت السكين وحددته. ويقال: سكين مجلى ومجلو، واشتقاق السكين من سكن أي: هدأ ومات الجزء: 3 ¦ الصفحة: 150 أي: السكون بها. قال النحاس: قال أبو إسحاق: واشتقاق المدية من المدي؛ لأنها مدى الأجل. قال ابن الأعرابي: يقال: للسكين مدية، ومَدية، ومِدية ثلاث لغات، والنصاب أصل الشيء، وأنصبت السكين جعلت له نصابا، وأقبضتها وأقربتها جعلت لها مقبضا وقرابا، وقربتها أدخلتها في القراب، وكذا غلفتها وأغلفتها، والشفرة الجانب الذي يقطع من السكين، والذي لا يقطع به يقال له كل، حكاه أبو زيد، والحديدة الذاهبة في النصاب سيلان، وحد رأس السكين الذباب، والذي يليه الظبة، وجانبت السكين غمدته مقلوبًا، هذا آخر كلام النحاس. سلب: في الحديث: "لا تغالو في الكفن فإنه يسلب سلبًا سريعًا" فسر تفسيرين أحدهما: يبلى عاجلا، فلا فائدة في المغالاة فيه. والثاني: أن النباش يقصده إذا كان غاليًا نفيسًا فيسلبه، والسلب: اجتذاب الثوب عن الملابس. سلم: السلام: اسم من أسماء الله تعالى، واختلف العلماء في معناه، فذكر إمام الحرمين في كتابه الإرشاد فيه ثلاثة أقوال، أحدها: معناه ذو السلاة من كل آفة ونقيصة، فيكون من أسماء التنزيه. والثاني: معناه مالك تسليم العباد من المهالك، فيرجع إلى القدرة. والثالث: معناه ذو السلام علىالمؤمنين في الجنان، فيرجع إلى الكلام القديم والقول الأزلي، هذا كلام إمام الحرمين. وقال غيره: معناه الذي سلم خلقه من ظلمه، وقيل: معناه مسلم المسلمين من العذاب، وقيل: المسلم على المصطفين، لقوله تعالى {وَسَلامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى} (النمل: من الآية59) أي: ذو السلام وأما السلام من الصلاة. وقوله في التشهد: السلام عليك أيها النبى ورحمة الله وبركاته، وسلام الإنسان على الآخر فهو بمعنى السلامة أي: لكم السلام والسلامة. وذكر الأزهري فيه قولين، أحدهما: معناه اسم السلام وهو الله عز وجل عليك. والثاني: سلم الله عليك تسليما وسلامًا، ومن سلم الله تعالى عليه سلم من الآفات. وقيل: معناه السلام عليكم أي: الله معكم على بمعنى مع. قال الهروي: ويقال: نحن مسالمون لكم. قال أبو جعفرالنحاس: قولهم: سلام عليكم هو بالرفع، قال: ويجوز بالنصب، إلا أن الاختيار الرفع، قال: وقد قال النحويون: ما كان مشتقًا من فعل، فالاختيار فيه النصب نحو قولك: سقيًا لزيد وويل له لأن ويلا لا فعل له، ويجوز في أحدهما ما جاز في الأخر إلا أن الاختيار ما قدمناه. قال: وكان يجب على هذا أن ينصب سلام؛ لأن منه فعلا ولكن اختير الرفع؛ لأنه أعم، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 151 وليس يراد أفعل فعلا، فيكون المعنى تحية عليك. قال النحاس في موضع آخر: إنما قالوا: سلام عليك في أول الكتاب لأنه ما ابتدىء به ولم يتقدمه ما يكون به معرفة، وجب أن يكون نكرة. وقالوا في الآخر: السلام عليك؛ لأنه إشارة إلى الأول، وقدموا السلام على الرحمة؛ لأن السلام اسم من أسماء الله تعالى. قوله: استلم الحجر الأسود. قال الهروي: قال الأزهري: استلام الحجر افتعال من السلام وهو التحية، كما يقال: افترأت السلام، ولذلك أهل اليمن يسمون الركن الأسود المحيا: معناه أن الناس يحيونه. وقال العتبي: هو افتعال من السلام، وهي الحجارة واحدتها سلمة، تقول: استلمت الحجر إذا لمسته، كما تقول اكتحلت من الكحل، هذا ما ذكره الهروي. وقال الجوهري: استلم الحجر إما بالقبلة أو باليد، ولا يهمز؛ لأنه مأخوذ من السلام وهو الحجر، وبعضهم يهمزه. وقال صاحب المحكم: استلم الحجر واستلأمه قبله أو اعتنقه، وليس أصله الهمز. قال الواحدي في تفسير سورة هود في قوله سبحانه وتعالى: {قَالُوا سَلاماً} (هود: من الآية69) قال سلام. قال: قال: أكثر ما يستعمل سلام بغير ألف ولام، وذلك أنه في مثل الدعاء، فهو مثل قولهم: خير بين يديك، لما كان في معنى المنصوب استخير فيه الابتداء بالنكرة، فمن ذلك قوله تعالى: {قَالَ سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي} (مريم: من الآية47) وقوله تعالى: {جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ * سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ} (الرعد:24) وقوله تعالى: {سَلامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ} (الصافات:79) {سَلامٌ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ} (الصافات:120) وغير ذلك، وجاء بالألف واللام في قوله تعالى: {وَالسَّلامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى} (طه: من الآية47) قال: وقال الأخفش: ومن العرب من يقول: سلام عليكم، ومنهم من يقول: السلام عليكم، فالذين ألحقوا الألف واللام حملوه على غير المعهود، والذين لم يلحقوه حملوه على غير المعهود، وزعم أن فيهم من يقول: سلام عليكم فلا ينون، وحمل ذلك على وجهين، أحدهما: أنه حذف الزيادة من الكلمة كما تحذف من الأصل في نحو لم يك. والآخر: أنه لما كثر استعمال هذه الكلمة وفيها الألف واللام حذفا لكثرة الاستعمال كما حذفا من اللهم فقالوا لهم. وقرأ حمزة، قال: سلم بكسر السين. قال الفراء: وهو في معنى سلام، كما قالوا: حل وحلال وحرم وحرام؛ لأن التفسير جاء بأنهم سلموا عليه فرد عليهم، وأنشد: كما اكتل بالبرق الغمام اللوائح الجزء: 3 ¦ الصفحة: 152 مررنا فقلنا آيه سلم فسلمت فهذا دليل على أنهم سلموا فردت عليهم فعلى هذا القراءتان بمعنى. قال أبو علي: ويحتمل أن يكون سلم خلاف العدو والحرب؛ لأنهم لما تخلفوا عن طعام إبراهيم عليه السلام فنكرهم. فقال: سلم أي: أنا سلم ولست بحرب ولا عدو، فلا تمتنعوا من طعامي كطعام العدو. قلت: فعلى هذا لا يكون قوله: سلم، جوابا لقولهم: سلامًا، بل حذف جواب ذلك للدلالة، فلما قعدوا عنده وأحضر الطعام فامتنعوا، قال: سلم والله تعالى أعلم. قال أهل العلم: ويسمى السلام تحية، ومنه قول الله سبحانه وتعالى: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} (النساء: من الآية86) قال بعض العلماء: سمي تحية؛ لأنه يستقبل به محياه وهو وجهه، وسلم بضم السين وفتح اللام معروف، وهو الدرجة والمرقاة، قاله في المحكم، قال: ويذكر ويؤنث، قال ابن عقيل: يبنى له في السموات السلاليم لا يحرز المرء أحجار البلاد ولا احتاج فزاد الياء، هذا ما ذكره في المحكم. وقال الجوهري: السلم واحد السلاليم. وقال الهروي في قوله تعالى: {أَوْ سُلَّماً فِي السَّمَاءِ} (الأنعام: من الآية35) أي: مصعدا، وهو الشيء الذي سلمك إلى مصعدك، مأخوذ من السلامة. وقال أبو حاتم السجستاني في المذكر والمؤنث: السلم مذكر، وفي القرآن العزيز {أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ} (الطور: من الآية38) قال: وقد ذكروا التأنيث أيضا عن العرب، قوله في الوسيط في بيع الأصول والثمار: اللفظ الثالث الدار ولا يندرج تحتها المنقولات كالرفوف المنقولة والسلاليم، كذا وقع السلاليم بالياء جمع سلم كما تقدم. قال أهل اللغة: ويقال: سلمت الشيء إلى فلان فتسلمه أي: أخذه، وسلم فلان من كذا يسلم سلامة، وسلمه الله تعالى منه، والتسليم السلام، والتسليم للشيء والاستسلام له. والاستسلام له الانقياد له وأسلم أمره إلى الله عز وجل أي: فوضه إليه، وأسلم دخل في دين الإسلام، وأسلمت زيدًا لكذا أي: خذلته، ويقال: تسالم القوم مسالمة وتسالما والسليم اللديغ. قال أهل اللغة: في وجه تسميته بذلك قولان، أحدهما: التفاؤل بسلامته. والثاني: أنه أسلم لما به، والسلم الذي هو نوع من البيع معروف، ويقال فيه: السلف. قال الأزهري في شرح ألفاظ المختصر: السلم والسلف واحد، ويقال: سلم وأسلم وسلف وأسلف بمعنى واحد، هذا قول جميع أهل اللغة، هذا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 153 ما ذكره الأزهري. وأما معناه وحده في الشرع، فقال إمام الحرمين: فيه عبارتان للأصحاب مشعرتان بمقصوده، أحدهما: أنه عقد علي موصوف في الذمة ببدل يعطى عاجلا. والثانية: أنه عقد يفتقر إلى بدل ما يستحق تسليمه عاجلا في مقابلة ما لا يستحق تسليمه عاجلا. قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "على كل سلامى من أحدكم صدقة" ذكره في باب صلاة التطوع من المهذب، وهو بضم السين وتخفيف اللام وفتح الميم مثل حبارى. قال الهروي: قال أبو عبيد: كأن المعنى على كل عظم من عظام ابن آدم صدقة. وقال ابن فارس والجوهري: المراد بالسلامى عظام الأصابع. وقال صاحب المطالع كلامًا يجمع كل هذا، فقال على كل عظم ومفصل، قال: وأصله عظام الكف والأكارع. قولهم في كتاب الحج: اللهم أنت السلام ومنك السلام فحينا ربنا بالسلام. قال القاضي أبو الطيب في كتابه المجرد السلام الأول هو اسم من أسماء الله تعالى، وقوله: ومنك السلام أي: السلامة من الآفات، قال: وقوله حينا ربنا بالسلام أي اجعل تحيتنا في وفودنا عليك السلامة من الآفات، قولهم جاز بشرط بالإجماع سلامة العاقبة. قال الإمام أبو القاسم الرافعي في آخر كتاب الوديعة: هذا اللفظ يكثر استعماله، وليس المراد منه اشتراط السلامة في نفس الجواز، حتى إذا لم يسلم ذلك الشيء يتبين عدم الجواز، بل المراد إنما يجوز التأخير ويشترط عليه التزام خطر الضمان. سمت: قال الأزهري: قال الليث: التسمية ذكر الله تعالى على كل شيء، والتسميت قولك للعاطس يرحمك الله. قال الأزهري: وقال أبو العباس: يقال: سمت العاطس تسميتا، وشمته تشميتا إذا دعوت له بالهدى، وقصدت التسميت المستقيم والأصل فيه السين فقلبت شينا. قال صاحب المحكم: التسميت الدعاء للعاطس معناه: هداك الله تعالى إلى السمت، وذلك لما في العطاس من الانزعاج والقلق هذا قول الفارسى وقد سمته. وقال ثعلب: سمته إذا عطس فقال له يرحمك الله أخذا من السمت أي: الطريق والقصد، كأنه قصده بذلك الدعاء، وقد يجعلون السين شينا. وقال الهروي في باب الشين المعجمة: قال أبو عبيد: يقال: سمت العاطس وشمته بالسين والشين، إذا دعا له بالخير، والسين أعلى اللغتين. وقال أبو بكر: يقال: سمت فلانًا وسمت عليه إذا دعوت له، وكل داع بالخير فهو مسمت ومشمت. وقال أحمد بن يحيى: الأصل الجزء: 3 ¦ الصفحة: 154 فيها السين من السمت، وهو القصد والهدى. قال ثعلب: ومعناه بالمعجمة أبعد الله عنك الشماتة. سمح: السماح والسماحة الجود، وسمح به إذا جاء به. وسمح لي أي: أعطاني وما كان سمحا، ولقد سمح بالضم فهو سمح، وقوم سمحاء كأنه جمع سميح ومساميح، كأنه جمه مسماح، وامرأة سمحة ونسوة سماح عن ثعلب، والمسامحة المساهلة وتسامحوا تساهلوا. قال: هذه الجملة الجوهري، وذكر الأزهري عن الليث: رجل سمح ورجال سمحاء ورجل مسماح ورجال مساميح. قال: وقال أبوزيد: سمح لي بذلك يسمح سماحة، وهي الموافقة على ما طلب وسمح لي أعطاني. قال ابن قتيبة في أدب الكاتب يقال: سمح وأسمح بمعنى. سمر: السمور المذكور في باب الأطعمة طائر معروف، وهو بفتح الميم المشددة مثل سفود وكلوب. سمع: قوله في الصلاة: سمع الله لمن حمده أي: تقبل منه حمده وجازاه به. قال الإمام أبو الحسن الواحدي في تفسير قول الله عز وجل: {إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ} (يّس:25) معناه: فاسمعوا مني، قاله أبو عبيدة والمبرد. قال: وهذا مثل قولك: سمعت فلانا وإنما المسموع قوله، ولكنه من المحذوف، وهو من أكثر الكلام يجري على الألسنة. وحق الكلام أن تقول: سمعت من فلان ما قال قوله في التنبيه في باب الجمعة، والمقيم في موضع لا يسمع فيه النداء من الموضع الذي تقام فيه الجمعة، هو بضم الياء من يسمع، فإنه لا يشترط سمع إنسان بعينه، بل متى سمع إنسان في القرية لزمت الجمعة جميع أهلها. سمم: السمسم بكسر السينين معروف، والسم القاتل بضم السين وفتحها وكسرها ثلاث لغات، وكذلك اللغات الثلاث في سم الخياط: وهي ثقبته والضم والفتح مشهوران، وحكى الكسر جماعة منهم صاحب مطالع الأنوار، وجمعه سمام وسموم، وأفصحهن الفتح، ومسام البدن ثقبه وهي بفتح الميم وتشديد الميم الثانية، وسام أبرص بتشديد الميم. قال أهل اللغة: هو كبار الوزغ. قال أهل اللغة والنحو: سام أبرص اسمان جعلا اسما واحدًا، ويجوز فيه وجهان أحدهما: أن تبنيهما على الفتح كخمسة عشر. والثاني: أن تعرب الأول وتضيفه إلى الثاني، ويكون الثاني مفتوحا لكونه لا ينصرف. قال أهل اللغة: وتقول في التثنية هذان ساما أبرص، وفي الجمع هؤلاء سوام أبرص، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 155 وإن شئت قلت: هؤلاء السوام، ولا تذكر أبرص، وإن شئت قلت: هؤلاء البرصة والأبارص. سمو: السماء هو السقف المعروف، مشتقة من السمو وهو العلو، وفيها لغتان التذكير والتأنيث. قال أبو الفتح الهمداني: أما التذكير فلأحد ثلاثة أوجه: أحدها على معنى السقف. والثاني: على اللفظ. والثالث: على أنه جمع مذكر وقع أولا فيكون جمع سماء مثل العطا جمع عطاء، كذا سمى أبو الفتح هذا جمعًا وهو اصطلاح أهل اللغة. وأما أهل النحو والتصريف: فيسمونه اسم جمع، أو اسم جنس، ولا يسمونه جمعًا. قال أبو الفتح: وأما التأنيث فلوجهين، أحدهما: أنه من باب الأسماء الموضوعة للتأنيث كالآتان والعناق. والثاني: جمع سماء على لغة أهل الحجاز، فإنهم يؤنثون هذا الضرب فيقولون: هذا الصخر وهذه النمر وهذه السعير على معنى الصخور والنمور. ومذهب أهل السنة وجمهور أهل اللغة: أن الاسم هو المسمى، ومذهب المعتزلة: أنه غيره، وقد يقع على التسمية، وقد أوضحته في شرح مسلم في مناقب عائشة رضي الله تعالى عنها. سنخ: سنخ السن المذكور في باب الديات هو بكسر السين المهملة وإسكان النون وبالخاء المعجمة، وجمعه أسناخ، وهو أصل السن المستتر باللحم، وسنخ كل شيء أصله. سنن: السنة سنة النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أصلها الطريقة، وتطلق سنته - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على الأحاديث المروية عنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وتطلق السنة على المندوب. قال جماعة من أصحابنا في أصول الفقه: السنة والمندوب والتطوع والنفل والمرغب فيه والمستحب كلها بمعنى واحد، وهو ما كان فعله راجحا على تركه ولا إثم في تركه، ويقال: سن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كذا أي: شرعه وجعله شرعا، وقوله في باب التعزير من المهذب في حديث علي رضي الله تعالى عنه: "ما من رجل أقمت عليه حدا فمات فأجد في نفسي إلا شارب الخمر فإنه لو مات وديته" لأن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم يسنه، هذا حديث صحيح. وقوله: لم يسنه، قيل: معناه لم يسن الزيادة على الأربعين تعزيرًا فأنا إذا زدتها تعزيرًا فمات وديته، والثاني: معناه لم يسنه بالسوط بل بالنعال، وأطراف الثياب. وقوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في المجوس: "سنوا بهم سنة أهل الكتاب" مذكورة في الجزية الجزء: 3 ¦ الصفحة: 156 من المهذب، وذكر لفظه في الوسيط ولم يروه، معناه: أسلكوا بهم مسلك أهل الكتاب، واحكموا فيهم حكمهم هذا في الجزية خاصة، لا في حل المناكحة والذبيحة، وقولهم: أقل سن تحيض فيه المرأة، وقولهم: إن كانت في سن من تحيض وسن اليأس وسن البلوغ وسن التمييز، والمراد في الكل الزمان، قوله في آخر باب المسابقة من المهذب في السهم المزدلف؛ لأن الأرض تزيله عن سننه، يقال: بفتح السين وضمها لغتان مشهورتان، ومعناه: عن وجهه وقصده. سهم: قوله في الوجيز في الركن الثاني من الباب الأول في المساقاة: وليكن الثمر مخصوصًا بهما مشروطًا على الاستهام، يعني: بالاستهام الاشتراك. سود: جاء في الحديث: أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نهى عن بيع العنب حتى يسود، ذكره في باب بيع الأصول والثمار يسود بفتح الياء وإسكان السين وفتح الواو وتشديد الدال، هذه اللغة الفصيحة التي جاء بها القرآن العزيز، في قوله عز وجل: {يوم تبيض وجوه وتسود وجوه} وفيه أربع لغات فتح الياء كما ذكرناه، وكسرها ويسواد، ويبياض بفتح الياء، وكسرها مع زيادة الألف. سوك: السواك بكسر السين. قال ابن قتيبة في باب ما جاء مكسورًا، والعامة تضمه السواك بالكسر، ولا يقال: السواك يعني بالضم. قال الأزهري: قال الليث: السواك فعلك بالسواك والمسواك، يقال: ساك فاه يسوكه سوكا، فإذا قلت: استاك لم يذكر الضم، قال: والسواك تؤنثه العرب. وفي الحديث: "إن السواك مطهرة للفم" أي: تطهر الفم. قال الأزهري: ما سمعت أن السواك يؤنث، وهو عندي من غدد الليث، والسواك يذكر، وقولهم: مطهرة للفم كقولهم: الولد مجبنة مجهلة مبخلة. قال الليث: يقال: جاءت الإبل تساوك إذا جاءت تحرك رؤوسها. قال الأزهري: قلت: تقول العرب جاءت الغنم هزلاء تساوك أي: تتمايل من الهزال والضعف، وهكذا رواه ابن جبلة عن أبي عبيد، هذا ما ذكره الأزهري. وقال الجوهري: السواك المسواك بجمع على سوك مثل كتاب وكتب، وسوك فاه تسويكا، وإذا قلت: استاك أو تسوك لم تذكر الفم، وجاءت الإبل تساوك أي: تتمايل من الضعف فى مشيتها. وقال صاحب المحكم: ساك الشئ سوكا دلكه، وساك فمه بالعود واستاك مشتق من ذلك، واسم العود المسواك يذكر ويؤنث، والسواك كالمسواك، والجمع سوك. قال أبو حنيفة: ربما همز، فقيل: سؤك، هذا ما ذكره في المحكم. ورأيت في نسخة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 157 صحيحة منه على الحاشية السواك والمسواك يذكران هذا هو الصحيح، استدراك على المصنف. قال صاحب التحرير في شرح صحيح مسلم: السواك هو استعمال عود أو غيره في الأسنان ليذهب الصفرة عنها، ويقلع القلح عن بياضها، والأحاديث في فضل السواك كثيرة معروفة في الصحيحين وغيرهما، ومن أحسنها وأغربها وفيه فائدة لطيفة عزيزة، ما رواه الإمام أبو عيسى الترمذي رحمه الله تعالى في أول كتاب النكاح بإسناده عن أبي أيوب رضي الله تعالى عنه، قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "أربع من سنن المرسلين الحناء والتعطر والسواك والنكاح" قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب. سوي: قوله في المهذب في الهدي "استوت ناقته على البيداء"، يعني: علت على البيداء. قال المرزوقي في شرح الفصيح: تقول هذا الشيء يساوي ألفًا أي: يستوي معه في القدر، قال: والعامة تقول: يسوى وليس بشيء. قال: والسواء وسط الشيء واستقامته، ولذلك قيل: سويت الشيء وسواء السبيل منه. وكذلك قوله مائة سواء في صحيح مسلم في آخر كتاب النذر: أن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أعتق عبدًا كان ضربه، ثم قال: ما لي فيه من الأجر ما يسوى هذا. وفي صحيح البخاري في أوائل كتاب الحدود في باب لعن السارق عن الأعمش، قال: أن الحبل الذي يقطع فيه ما يسوى دراهم، كذا هو في الأصول يسوي، واعتذر صاحبهم عن كلام ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، فقال: هو تغيير من بعض الرواة. سيج: في المهذب في الجنازة السياج وهو الطيلسان الأخضر المقوي. وقيل: هو الحسن، منها قوله في التنبيه وغيره: أدخل ساجا في بناء فعفن فيه الساج بتخفيف الجيم نوع من الخشب، وهو من أجوده، والواحدة منه ساجة، وجمعه السيجان. قال القاضي عياض في المشارق: بعضهم يجعل هذا في حرف الياء وبعضهم في حرف الواو. سود: قال الإمام الواحدي في قصة يحيى بن زكريا عليهما الصلاة والسلام في سورة آل عمران: في قول الله تعالى: {وَسَيِّداً وَحَصُوراً} (آل عمران: من الآية39) يقال: ساد فلان قومه يسودهم سوددا وسيادة إذا صار رئيسهم. قال الزجاج: السيد الذي يفوق في الخير قومه. وقال بعض أهل اللغة: السيد المالك الذي تجب طاعته، ولهذا يقال: سيد الغلام، ولا يقال سيد الثوب. وقال الفراء: السيد المالك، والسيد الرئيس، والسيد الحكيم، والسيد الجزء: 3 ¦ الصفحة: 158 السخي، والسيد الزوج، ومنه قوله تعالى: {وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ} (يوسف: من الآية25) أي: زوجها، وقال أبو حيوة: سمي سيدًا لأنه يسود. سواد الناس: أي أعظمهم، هذا قول أهل اللغة في السيد. وأما التفسير: فقال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: السيد الكريم على ربه عز وجل. وقال قتادة: السيد العابد الورع الحليم. وقال عكرمة: السيد هو الذي لا يغلبه غضبه. سير: قولهم كتاب السير: هو بكسر السين وفتح الياء، جمع سيرة، وهي الطريقة. قال الرافعي: يقال: إنها من سار يسير، وترجموه بكتاب السير؛ لأن الأحكام المذكورة فيه متلقاة من رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في غزواته، ومقصودهم به الكلام في الجهاد وأحكامه، وترجمه بعضهم بكتاب الجهاد، وترجمه في التنبيه بباب قتال المشركين، قوله في الوجيز في مسائل قبض الرهن: لا بد من مضي زمان يمكنه المسير فيه إلى البيت، ونص الشافعي رضي الله تعالى عنه: أنه لا يكون قبضًا لما لم يصل إلى بيته، هكذا هو فيما عندنا من النسخ المسير بالسين، ولم يصر بالصاد. قال الإمام الرافعي: يجوز فيهما السين والصاد، ولفظ الشافعي رضي الله تعالى عنه، والوسيط بالصاد. فصل في أسماء المواضع سجستان: التي ينسب إليها أبو داود السجستاني، روينا عن الحافظ عبد القادر الرهاوي في كتابه الأربعين، قال: اسمه ذريح، وسجستان: اسم لتلك الديار، فلما كانت ذريح قصبة ذلك الأقليم ودار مملكتها غلب عليها الاسم، وهي خلف كرمان مسيرة مائة فرسخ، منها أربعون فرسخا مفازة ليس بها ماء، وهي التي ناحية الهند على حد غزنة. قال: وكرمان اسم لتلك الديار التي قصبتها بردشير، وقد غلب اسم كرمان على بردشير، حتى كانت مقصد القوافل والملوك والعساكر، وإنما كرمان اسم لتلك الديار، وهي تشتمل على مدن، وكرمان وراء أصبهان إلى ناحية الهند مسيرة مائة وثلاثين فرسخا، وما وراءها إلى ناحية سجستان وغزنة والهند كله مفازة. وقال الحافظ أبو بكر الحازمي في كتاب المؤتلف في الأماكن: سجز بالسين المهملة المكسورة وبالجيم الساكنة وآخره زاي، اسم لسجستان، ويقال في النسبة إليها سجزي. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 159 سر من رأى: المدينة المشهورة بالعراق. قال أبو الفتح الهمداني: يقال: بضم السين وبفتحها. سقاية العباس: رضي الله تعالى عنه موضع بالمسجد الحرام، زاده الله تعالى شرفا، يستقى فيها الماء ليشربه الناس، وبينها وبين زمزم أربعون ذراعا. حكى الأزرقي في كتابه تاريخ مكة وغيره من العلماء: أن السقاية حياض من أدم، كانت على عهد قصي بن كلاب توضع بفناء الكعبة، ويستقى فيها الماء العذب من الآبار على الإبل، ويسقاه الحاج، فجعل قصي عند موته أمر السقاية لابنه عبد مناف، ولم تزل مع عبد مناف يقوم بها، فكان يسقي الماء من بئر كرادم وغيره إلى أن مات، ومن حصون خيبر. السلالم: جاء ذكره في سنن أبي داود وغيره، هو بضم السين وتخفيف اللام، كذا قاله أبو الفتح وغيره. السماوة: مذكورة في حد جزيرة العرب من باب عقد الذمة من المهذب: هي بفتح السين وتخفيف الميم، قيل: هي أرض لبني كلب لها طول ولا عرض لها، تأخذ من ظهر الكوفة إلى جهة مصر. قال أبوالفتح الهمداني: سميت بذلك لعلوها وارتفاعها. سواد العراق: اختلف في وجه تسميته سوادًا. فالمشهور أنه سمي سوادًا لسواده بالزرع والأشجار؛ لأن الخضرة ترى من البعد سوداء، وقيل: إن المسلمين الذين قدموا العراق للفتح رضي الله تعالى عنهم لما أقبلوا قالوا: ما هذا السواد فسمي به. وقيل: سمي سوادًا لكثرته من الأعظم، وهذا منقول عن الأصمعي. حرف الشين شبب: قال الحافظ أبوبكر الحازمي في كتابه المؤتلف والمختلف: ذو الشب شق في أعلى جبل جهينة، يستخرج من أرضه الشب. شدخ: قوله في المهذب في باب السلم: إذا أسلم في الرطب، لا يلزمه قبول المشدخ، المشدخ: بضم الميم وفتح الشين المعجمة وفتح الدال المهملة وآخره خاء معجمة. قال الجوهري: المشدخ البسر يغمر حتى ينشدخ. شذا: قوله في المهذب في باب المسابقة: اختلفوا في المسابقة على سفن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 160 الحرب كالذباذب، والشذوات: هي بفتح الشين وتخفيف الذال المعجمتين، وهو نوع من سفن الحرب، ويقال في واحدتها شذاة، ويجمع أيضا على الشذا بالقصر بحذف الهاء، وهي لفظة عربية صحيحة. شرب: قول الغزالي في كتاب الشهادات: وما هو من شعار الشرب. قال الرافعي: يجوز فيه فتح الشين على أنه جمع شارب كصاحب وصحب، ويجوز ضمها أي: شعار شرب الخمر. شرج: في الحديث “شِراج الحرة” مذكور في إحياء الموات، هو بكسر الشين وتخفيف الراء، وهو جمع شرجة بفتح الشين والراء، وهي مسيل الماء. قوله في المهذب في باب السرقة: إذا سرق اللبن من الحائط المشرج. التشريج: التنضيج، وإضافة بعضه إلى بعض واتصاله، وقوله: في مسح الخف لبس خفا له شرج، وهو بفتح الشين والراء له عرى. شرر: وفي أواخر كتاب النكاح من صحيح مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه، قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “إن من أشر الناس عند الله تعالى يوم القيامة، الرجل الذي يفضي إلى امرأته وتفضي إليه، ثم ينشر سرها وتنشر سره” كذا في الأصول المعتمدة وغيرها أشر بالألف. شرط: قد قدمنا في فصل ركن بيان الفرق بين الركن والشرط وحقيقة الشرط، وأما قول الغزالي وغيره: إذا صلى بنجاسة ناسيًا ففي وجوب الإعادة قولان: بناء على أن إزالة النجاسة شرط أم منهي عنه. فقال الرافعي: معناه أن خطاب الشرع قسمان: خطاب تكليف بالأمر والنهي، وهذا يؤثر فيه النسيان، ولهذا لا يأثم الناس بترك المأمور به، ولا بفعل المنهي عنه؛ لأنه لم يبق مكلفا عند النسيان بل التحق بالمجنون وغيره ممن لا يخاطب. والقسم الثاني: خطاب الاخبار، وهو ربط الأحكام بالأسباب، وجعل الشيء شرطا هو من هذا القبيل؛ لأن معناه إذا لم يوجد كذا في كذا فهو غير معتد به، والنسيان لا يؤثر في هذا القسم، ولهذا يجب الضمان على من أتلف مال غيره ناسيًا. شرع: الشريعة ما شرع الله تعالى لعباده من الدين، وقد شرع لهم شرعا أي: سن. قال الهروي: قال ابن عرفة: الشرعة والشريعة سواء، وهو الظاهر المستقيم من الجزء: 3 ¦ الصفحة: 161 المذهب، يقال: شرع الله تعالى هذا أي: جعله مذهبًا ظاهرًا، قلت: قد ذكر الواحدي وغيره عن أهل اللغة في قول الله عز وجل {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الأَمْرِ} (الجاثية: من الآية18) أقوالا، فقالوا: الشريعة الدين، والملة، والمنهاج، والطريقة، والسنة، والقصد. قالوا: وبذلك سميت شريعة النهر؛ لأنه يوصل منها إلى الانتفاع، والشرائع في الدين المذاهب التي شرعها الله تعالى لخلقه. شرك: في الحديث: “وقت الظهر والفيء مثل الشراك” هو بكسر الشين، وهو أحد سيور النعل التي تكون على وجهها، وتقديره هنا ليس للتحديد والاشتراط، ولكن الزوال لا يتبين بأقل منه. شزن: روي في المهذب في باب سجود التلاوة، حديث أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه قال: “خطبنا رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يومًا فقرأ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فلما مر بالسجود تشزنا للسجود” إلى آخر الحديث، هذا حديث صحيح رواه أبو داود في سننه والبيهقي وغيرهما. قال البيهقي: هو حديث حسن الإسناد صحيح، وقوله: تشزنا كذا وقع في المهذب وفي سنن أبي داود أيضًا، وغيره بتاء في أوله ثم شين معجمة مفتوحة، ثم زاي معجمة مشددة، ثم نون مشددة ثم ألف. قال الإمام أبو سليمان الخطابي: معناه استوفزنا للسجود وتهيأنا له. قال: وأصله من الشزن وهو القلق، يقال: بات فلان على شزن إذا بات قلقا يتقلب من جنب إلى جنب. قلت: وجاء في رواية البيهقي في السنن الكبير: تهيأ الناس للسجود، وفي معرفة السنن والآثار للبيهقي: تيسرنا بالسين والراء المهملتين وبزيادة بعد التاء من التيسير. قال: وقال بعضهم: تشزنا يعني كما ذكره أبو داود وصاحب المهذب. شسع: قال أهل اللغة: شسع النعل بشين معجمة مكسورة ثم سين مهملة ساكنة، وهو أحد سيور النعل الذي يدخل بين الأصبعين، ويدخل طرفه في الثقب الذي في صدر النعل المشدودة في الزمام، هو السير الذي يعقد فيه الشسع جمعه شسوع. شعر: والشعار الثوب الذي يلي الجسد، والدثار فوقه، قالوا: سمي شعارا؛ لأنه يلي شعر البدن، وأما إشعار الهدي فهو من الأعلام، وهو أن يضرب صفحة سنامها اليمنى بحديدة، وهي مستقبلة القبلة فيدميها، ويلطخها بالدم ليعلم أنها هدي، وقد ذكرت في الروضة وغيرها اختلاف أصحابنا في أنه يقدم التقليد على الاشعار أم يؤخره الجزء: 3 ¦ الصفحة: 162 وتقديمه هو المنصوص. وذكرت أيضا قول صاحب البحر أنه إن قرن هديين في حبل أشعر أحدهما في الصفحة اليمنى والآخر في اليسرى ليشاهدا. وأعلم أن الإشعار سنة للأحاديث الصحيحة، ولا نظر إلى ما فيه من الإيلام؛ لأنه لا منع إلا ما منعه الشرع، وهذا الإيلام شبيه بالوسم والكي. وذكر أصحابنا للإشعار فوائد: منها إذا اختلطت بغيرها تميزت. ومنها إذا ضلت عرفت، ومنها أن السارق ربما ارتدع فتركها، ومنها أنها قد تعطب فتنحر، فإذا رأى المساكين عليها العلامة أكلوها، ومنها أن المساكين يتبعونها إلى المنحر لينالوا منها، ومنها إظهار هذا الشعار العظيم، وفيه حث لغيره على التشبه به. قوله في الوسيط والوجيز في أول الحج في ركوب البحر: لا يلزم المستشعر هو الجبان، وهو بسكون الشين قبل العين وكسر العين. وقوله في الوجيز: يلزم غير المستشعر دون الجبان، هو مما أنكره عليه الإمام الرافعي، فقال: الجبان والمستشعر هنا بمعنى. قال: ولو قال: لم يلزم غير المستشعر دون المستشعر، أو غير الجبان دون الجبان، لكان أحسن وأقرب إلى الأفهام. وقد استعمل في الوسيط حسنا، فقال: المستشعر وغير المستشعر. قال الإمام أبو القاسم علي بن جعفر بن علي السعدي الصقلي المعروف بابن القطاع في كتابه الشافي في علم القوافي: قد رأى قوم منهم الأخفش وهو شيخ هذه الصناعة بعد الخليل: أن مشطور الرجز ومنهوكه، ومشطور السريع ومنهوك المنسرح ليس بشعر، لقول النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “الله مولانا ولا مولى لكم” وقوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “هل أنت إلا أصبع دميت وفي سبيل الله ما لقيت” وقوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب” وقوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “لا هم إن الدار دار الآخرة” وقوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “الجار قبل الدار” قال ابن القطاع: وهذا الذي زعمه الأخفش وغيره غلط بين، وذلك أن الشاعر إنما سمي شاعرًا لوجوه: منها أنه شعر القول وقصده وأراده واهتدى إليه وأتى به كلاما مزونا على طريقة الضرب مقفى. فأما إذا خلا من هذه الأوصاف أو بعضها فلا يستحق أن يسمى شاعرًا ولا قوله شعرًا، بدليل أنه لو قال كلامًا موزونًا إنه لم يقصد به الشعر، ولم يقفه لم يسم ذلك الكلام شعرًا ولا قائله شاعرًا بإجماع الجزء: 3 ¦ الصفحة: 163 العلماء والشعراء، وكذلك لو قفاه وقصد به الشعر غير أنه لم يأت به موزونًا، وكذلك لو أتى به موزونًا مقفى غير أنه لم يقصد به الشعر ولا أراده لم يستحق ذلك، بدليل أن كثيرا من الناس يأتون بكلام موزون مقفى غير أنهم ما شعروا به ولا قصدوه ولا أرادوه، فلا يستحقون التسمية بذلك، وإذا تفقد ذلك وجد في كلام الناس كثيرًا، كما قال بعض السؤال اختموا صلاتكم بالدعاء والصدقة في أمثال لهذا كثيرة. وبدليل أن الكلام لا يكون شعرًا ولا صاحبه شاعرًا إلا بالأوصاف التي ذكرناها، وهي الوزن على طريقة العرب والتقفية مع القصد والإرادة من الشاعر، فإذا خلا من هذه الأوصاف أو من بعضها فليس بشعر البتة ولا قائله شاعر. والنبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم يقصد بكلامه ذلك الشعر ولا شعر له ولا أراده ولا يعد ما وافق الموزون شعرًا لذلك، وإن كان كلامًا موزونًا. ألا ترى أنه جاء في كتاب الله تعالى من هذا شيء كثير، فهو جار مجراه فموافقة الإنسان الشعر في الوزن مع عدم القصد من قائله والإرادة له، فلا حكم له، فهذا مختصر ما ذكره ابن القطاع، وقد بسطه بسطًا كثيرًا في آخر كتابه المذكور وبه ختم كتابه. شعع: قال أهل اللغة: شعاع الشمس بضم الشين، وهو ما يرى من ضوئها عند ذروها مثل الحبال والقضبان مقبلة إليك إذا نظرت إليها. قال صاحب المحكم بعد أن ذكر هذا المشهور، وقيل: هذا الذي تراه ممتدًا كالرماح بعد الطلوع، قال: وقيل: هو انتشار ضوئها، والجمع أشعة وشعع بضم الشينوالعين وأشعت الشمس نشرت شعاعها. قال الأزهري: قال أبو عمرو: والشعشع بضم الشين هو الغلام الحسن الوجه الخفيف الروح، وقوله في المهذب في فصل جواز قتل دواب الكفار في باب السير في بيت الشعر: بضربة مثل شعاع الشمس لأحمين صاحبي ونفسي أراد به حصول واضحة عظيمة بينة، وكذا قوله في شعر الآخر في باب الأقضية من المهذب: الأمر أضوأ من شعاع الشمس معناه: براءتي مما رميت به واضحة جلية لا خفاء بها. شفف: قال أهل اللغة: الشف بفتح الشين ستر رقيق. قال الجوهري: قال أبو نصر: هو ستر أحمر رقيق من صوف يستشف، ما وراءه الشف بكسرها الفضل، والريح الجزء: 3 ¦ الصفحة: 164 تقول: منه شف يشف شفًا بكسرها في المضارع والمصدر. قال ابن السكيت: والشف أيضا النقصان وهو من الأضداد، وشف عليه ثوبه يشف شفوفا وشففًا أي: رق حتى يرى ما خلفه وثوب شف. وشف أي: رقيق وشف جسمه ويشف شفوفا أي: نحل وأشففت بعض ولدي على بعض أي: فضلتهم والشفيف لذع البرد. قوله في الروضة الشفان مطر وزيادة، هكذا ذكره الرافعي تقليدًا لصاحب التقريب، فهو الذي ذكره منفردًا به عن الأصحاب، وهو بفتح الشين المعجمة وتشديد الفاء وآخره نون. قال أهل اللغة: الشفان برد ريح فيها نداوة. قال صاحب المجمل: ويقال: الشفيف أيضًا، فهذا قول أهل اللغة فيه، وهو تصريح بأنه ليس بمطر فضلا عن كونه مطرًا وزيادة، فقوله مطر وزيادة تساهل وإطلاق فاسد، وصوابه: أن يقال الشفان له حكم المطر، لتضمنه القدر المبيح من المطر؛ لأن المبيح من المطر هو ما يبل الثوب، وهذا موجود في الشفان، فصار كالثلج الذي يبل. شفق: أجمع العلماء على أن وقت صلاة العشاء يدخل بغيبوبة الشفق. والأحاديث الصحيحة مشهورة بذلك. ولكن اختلفوا في الشفق المراد به هل هو الأحمر أو الأبيض، والأحمر يتقدم والأبيض يتأخر، فذهب الشافعي والجمهور رضي الله تعالى عنهم إلى أنه الحمرة، وذهب أبو حنيفة وآخرون: إلى أنه البياض. وروى البيهقي بإسناده الصحيح، عن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما، أنه قال: الشفق الحمرة. ورواه البيهقي أيضًا عن عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وابن عباس وأبي هريرة وعبادة بن الصامت وشداد بن أوس رضي الله تعالى عنهم. ورواه عن مكحول وسفيان الثوري ورواه مرفوعًا إلى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وليس بثابت عنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وحكى ابن المنذر في الأشراف أنه الحمرة عن ابن أبي ليلى ومالك والثوري وأحمد وإسحاق وأبي يوسف ومحمد بن الحسن، قال: وروي ذلك عن ابن عمر وابن عباس وعن ابن عباس أيضًا أنه البياض. قال: وروينا عن أنس وأبي هريرة وعمر بن عبد العزيز: ما يدل على أنه البياض، وبه قال أبو حنيفة، قال ابن المنذر: الشفق البياض، وحكى القاضي أبو الطيب عن أبي ثور وداود: أنه الحمرة، وعن زفر والمزني: أنه البياض، وحكاه غيره عن معاذ بن جبل الصحابي. ونقل البغوي عن أكثر أهل العلم: أنه الحمرة. واستدل أصحابنا للحمرة بأشياء من الحديث والمعنى لا يظهر الجزء: 3 ¦ الصفحة: 165 منها دلالة محققة، والذي ينبغي أن يعتمد أن المعروف عند العرب: أن الشفق الحمرة، وذلك مشهور في شعرهم ونثرهم، ويدل عليه نقل أئمة اللغة. قال الإمام أبو منصور الأزهري في شرح ألفاظ المختصر: الشفق عند العرب الحمرة. روى سلمة عن الفراء قال: سمعت بعض العرب يقول: عليه ثوب مصبوغ كأنه الشفق وكان أحمر. وقال ابن فارس في المجمل: قال ابن دريد: الشفق الحمرة. قال ابن فارس: وقال أيضا الخليل: الشفق الحمرة التي من غروب الشمس إلى وقت العشاء الآخرة، وذكر قول الفراء ولم يذكر ابن فارس غير هذا. وقال الزبيدي في مختصر العين: الشفق الحمرة بعد غروب الشمس. وقال الخطابي في معالم السنن حكي عن الفراء: أنه الحمرة. قال: وأخبرني أبو عمر عن ثعلب: أن الشفق البياض. قال الخطابي: وقال بعضهم: الشفق اسم للحمرة والبياض، إلا أنه إنما يطلق على أحمر ليس بقاني، وأبيض ليس بناصع، وإنما يعلم المراد به بالأدلة لا بنفس الاسم كالقر، وغيره من الأسماء للشتاء. شقص: الشقص المذكور في باب الشفعة هو بكسر الشين وإسكان القاف، وهو القطعة من الأرض والطائفة من الشيء، قاله أهل اللغة كلهم، والشقص هو الشريك. شكر: الشكر هو الثناء على المشكور بإنعامه على الشاكر، وقد سبق في فصل حمد ذكر الشكر، والحمد ونقيضهما، ويقال: شكرته وشكرت له. قال الجوهري وغيره: وباللام أفصح وبه جاء القرآن. والشكران بمعنى الشكر وتشكرت له. شكك: أعلم أن الشك عند الأصوليين هو تردد الذهن بين أمرين على حد السواء، قالوا: التردد بين الطرفين إن كان على السواء فهو الشك، وإلا فالراجح ظن والمرجوح وهم. قال الإمام الغزالي في أوائل باب الحلال والحرام من الإحياء: الشك عبارة عن اعتقادين متقابلين نشأ عن سببين، فما لا سبب له لا يثبت عقده في النفس حتى يساوي العقد المقابل له فيصر شكا، فلهذا يقول: من شك هل صلى ثلاثًا أم أربعًا أخذ بالثلاث؛ لأن الأصل عدم الزيادة، ولو سئل الإنسان أن صلاة الظهر التي صلاها من عشر سنين كانت ثلاثًا أم أربعًا لم يتحقق قطعًا أنها أربع، لجواز أن تكون ثلاثًا، فهذا التجويز لا يكون شكا إذ لم يحضره سبب أوجب اعتقاد كونها ثلاثًا، فاحفظ حقيقته حتى لا يشتبه بالوهم والتجويز لغير سبب. قلت: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 166 وأعلم أن الفقهاء يطلقون في كثير من كتب الفقه لفظ الشك على التردد بين الطرفين، مستويا كان أو راجحا، كقولهم شك في الحديث، أو في النجاسة، أو في صلاته، أو في طوفه، ونيته، وطلاقه وغير ذلك، وقد أوضحت ذلك في مواضع من شرح المهذب. شهد: الشهيد المقتول في سبيل الله تعالى اختلف في تسميته شهيدًا، فقال النضر بن شميل سمي بذلك؛ لأنه حي، فإن أرواحهم شهدت وحضرت دار السلام، وأرواح غيرهم إنما تشهدها يوم القيامة. وقال ابن الأنبارى: لأن الله تعالى وملائكته عليهم السلام يشهدون لهم بالجنة. وقيل: لأنه يشهد عند خروج روحه ما أعد الله تعالى له من الثواب والكرامة. وقيل: لأن ملائكة الرحمة يشهدونه فيأخذون روحه. وقيل: لأنه شهد له بالإيمان وخاتمة الخير بظاهر حاله. وقيل: لأن عليه شاهدًا شهد بكونه شهيدًا وهو الدم، فإنه يبعث يوم القيامة وأوداجه تشخب دما. وحكى الأزهري وغيره قولا آخر: أنه سمي شهيدًا؛ لأنه ممن يشهد على الأمم يوم القيامة، وعلى هذا القول لا اختصاص له بهذا السبب. وأعلم أن الشهيد ثلاثة أقسام، أحدها: المقتول في حرب الكفار بسبب قتالهم فهذا له حكم الشهداء في ثواب الآخرة وفي أحكام الدنيا، وهو أنه لا يغسل ولا يصلى عليه. والثاني: شهيد في الثواب دون أحكام الدنيا، وهو المبطون والمطعون وصاحب الهدم والغريق، والمرأة التي تموت في نفاسها، والمقتول دون ماله وغيرهم ممن وردت الأحاديث الصحيحة بتسميته شهيدًا فهذا يغسل ويصلى عليه وله ثواب الشهداء، ولا يلزم أن يكون ثوابهم مثل ثواب الأول. والثالث من غل في الغنيمة، وشبهه ممن وردت الآثار بنفي تسميته شهيدًا، إذا قتل في حرب الكفار فهذا له حكم الشهداء في الدنيا، فلا يغسل ولا يصلى عليه، وليس له ثوابهم الكامل في الآخرة. شهر: الشهر واحد الشهور، وهو مأخوذ من الشهرة، يقال: شهرت الشيء أشهره شهرة وشهرًا أظهرته هذه اللغة المشهورة. ويقال أيضا: أشهرته حكاها الزبيدي في مختصر العين إذا أظهرته وأعلنته واشتهر أي: ظهر وشهرته تشهيرًا وشهر سيفه أي: سله، فسمي الشهر شهرا لشهرة أمره لحاجات الناس إليه في عباداتهم ومعاملاتهم وغيرها، ويقال: أشهرنا دخلنا في الشهر. وقوله في الجزء: 3 ¦ الصفحة: 167 باب السلم من المهذب: الأجل المعلوم كشهور العرب والفرس والروم الشهور عند الجميع اثنا عشر شهرًا، كما أخبر الله سبحانه وتعالى بقول الله تعالى: {إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السموت والأرض منها أربعة حرم} فأما شهور المسلمين فمنها أربعة حرم، كما قال الله عز وجل، واتفق العلماء على أنها ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب، واختلفوا في كيفية عدها على قولين: حكاهما أبو جعفر النحاس في كتابه صناعة الكتاب. قال: ذهب الكوفيون إلى أنه يقال المحرم ورجب وذو القعدة وذو الحجة. قال: والكتاب يميلون إلى هذا القول ليأتوا بهن من سنة واحدة. قال: وأهل المدينة يقولون: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب وقوم ينكرون هذا، ويقولون: جاءوا بها من سنتين. قال النحاس: وهذا غلط بين وجهل باللغة؛ لأنه قد علم المراد، وأن المقصود ذكرهما، وأنها في كل سنة فكيف يتوهم أنها من سنتين، قالوا: والأولى والاختيار ما قاله أهل المدينة؛ لأن الأخبار قد تظاهرت عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كما قالوا من رواية ابن عمر وأبي هريرة وأبي بكرة رضي الله تعالى عنهم قالوا: وهذا أيضًا قول أكثر أهل التأويل، قالوا: وأدخلت الألف واللام في المحرم دون غيره. قال: وجاء من الشهور ثلاثة مضافة شهر رمضان وشهرا هذه الشهور. واشتقاقها مذكور في تراجمها من الكتاب. وأما شهور الفرس فأيلول وتشرين الأول والثاني، وهذه الثلاثة فصل الخريف وكانون الأول وكانون الثاني وسباط بالسين المهملة، وهذه الثلاثة فصل الشتاء وآذار بالذال المعجمة ونيسان وأيار وحزيران وتموز وآب وهذه الستة فصل الصيف. وفي الحديث في خروج النساء يوم العيد “ولا يلبسن الشهرة من الثياب” هو بضم الشين ومعناه: الثياب الفاخرة التي تشتهر بها عن غيرها لحسنها. شوب: قال أهل اللغة: الشوب الخلط، وقد شبت الشيء بضم الشين أشوبه، فهو مشوب إذا خلطته. شوش: قوله: يشوش على الناس، ويشوش القواعد، وما أشبهه هذا قد استعمله الغزالي رحمه الله تعالى في مواضع كثيرة، واستعمله صاحب المهذب في باب صلاة الجماعة وفي آخر باب المسابقة: وهو غلط عند أهل اللغة، عده ابن الجواليقي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 168 وجماعة من العلماء في لحن العوام، وقالوا: الصواب يهوش بضم الياء وفتح الهاء وكسر الواو، ومعناه الخلط واللبس. وقال أهل اللغة: الهوشة الاضطراب، وقد هوش القوم، قالوا: وكل شيء خلطته فقد هوشته، وقد أجاز الجوهري في صحاحه التشويش، وقال: التشويش التخليط، وقد تشوش عليه الأمر. وقال ابن الجواليقي في كتابه لحن العوام: تقول: هوشت الشيء إذا خلطته، ولا تقل شوشته. فقد أجمع أهل اللغة: على أن التشويش لا أصل له في اللغة، وأنه من كلام المولدين، قال: وخطأوا الليث فيه. شوط: قال أهل اللغة: الشوط بفتح الشين هو الطلق بفتح الطاء واللام، يقال: جرى شوطا. قال الزبيدي: الشوط جرى مرة إلى الغاية وجمعه أشواط. وأما قول الغزالي في الوسيط والوجيز في مسائل الطواف: لم يعتد بذلك الشوط، فهذا من قد ينكر عليه؛ لأن الشافعي رضي الله تعالى عنه نص على كراهة تسمية الطواف شوطًا أو دورا. ورواه عن مجاهد رضي الله تعالى عنهما، وإنما تسمى المرة طوفة، والمرتان طوفتان، والمرات طوفات، والمجموع طواف. فإن قيل: ذكر الجوهري في صحاح اللغة أنه يقال: طاف بالبيت سبعة أشواط، من الحجر إلى الحجر شوط، وهذا يدل على صحة استعماله، فجوابه: أن الجوهري يتكلم فيما كانت العرب تستعمله، وهذا لا ينكره، وإنما يقول الشافعي رضي الله تعالى عنه: أنه مكروه في الشرع، وقد ثبت في صحيحي البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، قال: أمرهم رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يرملوا ثلاثة أشواط، قال: ولم يمنعه أن يأمرهم أن يرملوا الأشواط كلها، إلا الإبقاء عليهم. شوه: قال ثعلب: قال ابن الأعرابي: المرأة الشوهاء تطلق على القبيحة وعلى الحسنة فهو من الأضداد. شيأ: الشيء الجزء الصغير شيىء بضم الشين وكسرها لغتان، قالوا: ولا يقال شوى، وجمعه أشياء غير مصروف، ولأهل النحو والتصريف في عدم صرفه وتحقيق أصله كلام طويل لا يحتاج إليه الفقهاء. وتصغير أشياء على أشياء بتشديد الياء ويجمع على أشاوي بكسر الواو وتشديد الياء. وأشاوى مثل الصحارى. قال أهل اللغة: والمشيئة الإرادة، وقد شئت الشيء أشاوة. ويقال كل شيء بشيئة الله تعالى الجزء: 3 ¦ الصفحة: 169 بكسر الشين على وزن شيعة أي: بمشيئته، وفرق أصحابنا بين المحبة والمشيئة، قالوا: ولهذا يقال الإنسان يشاء دخول الدار ولا يحبه ويحب ولده ولا يسوغ فيه المشيئة، وقد ذكرت هذا في الروضة في تعليق الطلاق بالمشيئة قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “إن في أعين الأنصار شيئا” مذكور في نكاح المهذب، وهو حديث صحيح رواه مسلم في صحيحه من رواية أبي هريرة رضي الله تعالى عنه وهكذا ضبطناه في صحيح مسلم شيئا بهمز بعد الياء، وهذا هو الصواب، وهكذا وجد بخط المصنف، وهكذا هو في النسخ المعتمدة من المهذب. وروي شينًا بالنون بدل الهمز. وعلى الأول اختلفوا في المراد بالشيء، فقيل: عمش. وقيل: زرقة. وقيل: بنو. وقيل: ضعف في الأجفان. وقيل: بياض في الأجفان. وفي الحديث: “أيما امرأة أدخلت على قوم من ليس منهم فليست من الله في شيء” ذكره في باب ما يلحق من النسب أي: ليست من دين الله تعالى في شيء، ومعناه ليست مرتبطة بدينه وليست في ذمته، بل هي في معنى المتبرىء منه سبحانه وتعالى. عافانا الله تعالى. واعلم: أن مذهب أهل السنة أن المعدوم لا يسمى شيئا، وقالت المعتزلة: يسمى شيئا ووافقوا على أن المحال لا يسمى شيئا، فلا يكون داخلا في قول الله عز وجل: {وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (البقرة: من الآية284) . قال أصحابنا وغيرهم من المتكلمين: لا يوصف الله سبحانه وتعالى بالقدرة على المستحيل، واستدل أصحابنا على أن المعدوم لا يسمى شيئا بقول الله عز وجل: {وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً} (مريم: من الآية9) وأما قول الله تعالى: {إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ} (الحج: من الآية1) . فقال أصحابنا: سماها شيئا لتحقق وقوعها فسماها باسم الواقع، كما قال تعالى: {هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ} (الصافات: من الآية21) ، {وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ} (الأعراف: من الآية44) ، {وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ} (الأعراف: من الآية50) ونحو ذلك. شيخ: الشيخ من الآدميين، يقال في جمعه شيوخ ومشيخة وشيخة ومشيوخاء، حكاه أبو عمرو عن ابن الأعرابي، وذكر في المهذب في أول كتاب الحدود الحديث المشهور: "الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة" المراد: بالشيخ والشيخة الرجل والمرأة المحصنين، وليس معناه أنه لا يرجم أحدهما إلا إذا زنا بمحصن بل ذلك من التقييد الذي لا مفهوم له، فلو زنى محصن ببكر رجم المحصن وجلد البكر، ومعنى البتة هنا رجما لا بد منه ولا مندوحة عنه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 170 فصل في أسماء المواضع الشام: إقليمنا المعروف، حماه الله تعالى وصانه وسائر بلاد الإسلام وأهله. تكرر ذكره في هذه الكتب هو بهمزة ساكنة مثل رأس، ويجوز تخفيفه بحذفها كما في رأس وشبهه، وفيه لغة أخرى شآم بالمد، حكاهما جماعة، والشين مفتوحة بلا خلاف. قال صاحب المطالع: وأباها أكثرهم، وهو مذكر هذا هو المشهور. وقال الجوهري: يذكر ويؤنث قال أهل اللغة: ينسب إليه الشأمي بالهمز وحذفها مع الياء، وشآم بالمد من غير ياء كثمان. قال سيبويه وغيره: ويجوز شأمي بالمد مع الياء ومنعه غيره؛ لأن الألف عوض عن ياء النسب، فلا يجمع بينهما، والصحيح جوازه، فقد حكاه سيبويه وهو إمام هذا الفن. قال الجوهري: وتقول امرأة شآمية بالتشديد والمد وشامية بالتخفيف. وأما سبب تسميته شآما فذكر الحافظ أبو القاسم بن عساكر رحمه الله تعالى في أول تاريخ دمشق بابًا في ذلك، فروى فيه أنه قال: سمي شآمًا لأن قومًا من بني كنعان بن حام تشاءموا إليها. وعن ابن الانبارى أنه قال فيه وجهان: يجوز أن يكون مأخوذا من اليد الشومى وهي اليسرى، ويجوز أن يكون فعلا من الشؤم، يقال: قد أشأم إذا أتى الشام. وعن ابن فارس أنه فعل من اليد الشومى. قال: قال قوم: هو من شوم الإبل، وهي سودها. وعن ابن المقفع سميت شامًا بسام بن نوح واسمه بالسريانية شام وعن ابن الكلبى سمي شاما بشامات له سود وحمر وبيض. وقال غيره: سميت شامًا لكونها عن شمال الأرض، وأما حد الشام فالمشهور أنه من العريش إلى الفرات طولا وقيل إلى نابلس. وأما العرض فمن كذا. وروينا في تاريخ دمشق وغيره أن الشام دخله عشرة آلاف عين رأت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. شاذروان الكعبة: زادها الله تعالى شرفًا هو بفتح الذال المعجمة وسكون الراء، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 171 وهو بناء لطيف جدا ملصق بحائط الكعبة وارتفاعه عن الأرض في بعض المواضع نحو شبرين، وفي بعضها نحو شبر ونصف، وعرضها في بعضها نحو شبرين ونصف، وفي بعضها نحو شبر ونصف. الشط: قوله في باب في المهذب عن أبي الوليد الطيالسي رحمه الله تعالى: أدركت الناس بالبصرة تحمل التمر من الفرات فيطرح على حافة الشط، المراد: بالشط دجلة. الشعب: قوله في أول باب قسم الغنيمة والفيء من المهذب: أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قسم غنائم بدر بشعب من شعاب الصفراء، هكذا ضبطناه في المهذب بشعب بكسر الشين. والشعب: الطريق بين الجبلين. وقال الحافظ أبو بكر الحازمي في كتاب المؤتلف في أسماء الأماكن: شعب بضم الشين واد بين مكة والمدينة يصب في الصفراء، وليس في هذا مخالفة لما ضبطناه في المهذب: فإن هذا الذي ضبطه الحازمي يحتمل أنه غير الذي في المهذب ولو قدر أنه هو صح أن يقال فيه شعب من الشعاب بالكسر ويكون صفة، وإن كان له اسم علم بالضم. قال الحازمي: وأما سير بفتح السين المهملة بعدها ياء مثناة من تحت مشددة مكسورة فكثيب بين المدينة وبدر، يقال: هناك قسم النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غنائم بدر. قال: وقد يخالف في لفظه، قلت: ولا منافاة بين هذا والأول، والله تعالى أعلم. حرف الصاد صبر: الصبر في اللغة: الحبس وقتله صبرا حبسه للقتل، والصبر في الشرع: صفة محمودة، ومعناه: حبس النفس على ما أمرت به من مكابدة الطاعات، والصبر على البلاء، وأنواع الضرر فى غير معصية، والصبر من أعظم الأصول التي يعتمدها الزهاد وسالكو طريق الآخرة، وهو باب من أبواب كتب الرقائق، وقد جمعت أنا فيه جملة من الأحاديث الصحيحة مع الآثار في كتاب رياض الصالحين، وقد أمر الله تعالى به في مواضع كثيرة كقوله "اصبروا وصابروا"، وفي الحديث الصحيح الصبر ضياء. والصبرة من الطعام وغيره هي الكومة المجموعة. قال الروياني في البحر: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 172 سميت بذلك لإفراغ بعضها على بعض، يقال: صبرت المتاع وغيره إذا جمعته وضممت بعضها إلى بعض. صبع: الأصبع معروفة وفيها لغات كسر الهمزة وفتحها وضمها مع الحركات الثلاث في الباء فهذه تسع، والعاشرة أصبوع بضم الهمزة والباء. وأما قول الشافعي رضي الله تعالى عنه في المختصر في كتاب السبق والرمي: الصلاة جائزة في المضربة، والأصابع إذا كان جلدها مذكى أو مدبوغا، والمضربة هي التي يلبسها الرامي كفه السرى حتى لا يصيبها الوتر. قال الشيخ أبو حامد: الأصحاب يقولون: المضربة بالتشديد، ولفظ الشافعي المضربة بالتخفيف بناها بناء الآلات، وأما الأصابع فجلد يجعله الرامي في إبهامه، وسبحته من يده اليمنى ليمد بها الوتر. ومراد الشافعي رحمه الله تعالى: أنه لا بأس باستصحابها في الصلاة بشرط الطهارة، ويتعلق النظر فيهما أيضا بكشف اليد في السجود. صحب: قولهم: اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه، اختلف في الصحابي على مذهبين، الصحيح: الذي قاله المحدثون والمحققون من غيرهم: “أنه كل مسلم رأى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولو ساعة” وبهذا صرح البخاري في صحيحه والباقون، وسواء جالسه أم لا. والثاني: واختاره جماعة من أهل الأصول وأكثرهم: أنه من طالت صحبته له - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ومجالسته على سبيل التبع. قال الإمام القاضي أبو بكر الباقلاني: لا خلاف بين أهل اللغة: أن الصحابي مشتق من الصحبة، جار على كل من صحب غيره قليلاً أو كثيرًا، يقال: صحبه شهرًا يومًا ساعة، وهذا يوجب في حكم اللغة إجراء هذا على من صحب النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولو ساعة، هذا هو الأصل، ومع هذا فقد تقرر للائمة عرف في أنهم لا يستعملونه إلا فيمن كثرت صحبته واتصل لقاؤه، ولا يجري ذلك على من لقي المرء ساعة ومشى معه خطا، وسمع منه حديثا، فوجب أن لا يجري في الاستعمال إلا على من هذا حاله، هذا كلام القاضي المجمع على إمامته مطلقًا، وفيه تقدير للمذهبين. ورد لحكاية السمعاني عن أهل اللغة حيث قال: والصحابي من حيث اللغة، والظاهر يقع على من طالت صحبته ومجالسته على طريق التبع والأخذ، قال: وهذا طريق الأصوليين. وأما قول الجزء: 3 ¦ الصفحة: 173 الفقهاء وأصحاب الشافعي وأصحاب أبي حنيفة: فمجاز مستفيض للموافقة بينهم، وشدة ارتباط بعضهم ببعض كالصاحب، ويجمع صاحب على صحب كراكب وركب، وصحاب كجائع وجياع، وصحبة بالضم كفاره وفرهة، وصحبان كشاب، وشبان والأصحاب جمع صحب كفرخ وأفراخ، والصحابة الأصحاب وجمع الأصحاب أصاحيب. وقوله في النداء: أيا صاح معناه: صاحبي، وصحبته بكسر الحاء أصحبه بفتحها، الصحبة بضم الصاد، وصحابة بالفتح. صدق: الصداق: اسم لما تستحقه المرأة بعقد النكاح، قيل: إنه مشتق من الصدق بفتح الصاد وإسكان الدال، وهو الشيء الشديد الصلب، فكأنه أشد الأعراض لزوما، من حيث أنه لا ينفك عن النكاح ولا يستباح بضع المنكوحة إلا به، وفيه لغات: صداق وصداق بفتح الصاد وكسرها، وصدقة بفتح الدال، وصدقة بضمهما، وله ستة أسماء: أخر المهر، والفريضة، والنحلة، والأجر، والعليقة، والعقر بضم العين. والله أعلم. صرر: قوله في كتاب الحج من مختصر المزني: لا يحج الصرورة عن غيره، وقد استعمله بهذا المعنى في الوسيط في أول كتاب السير: هو الصرورة بفتح الصاد المهملة وتخفيف الراء المضمومة وآخره هاء، وهو الذي لم يحج. قال الأزهري: الصرورة الذي لم يحج، يقال: رجل صرورة وامرأة صرورة إذا لم يحجا، قال: ويقال أيضا: للرجل الذي لم يتزوج ولم يأت النساء صرورة، لصره على ماء ظهره وإيقافه إياه، وقيل: للذي لم يحج صرورة لصره على نفقته. وحكى الأزرقي في تاريخ مكة: أنه كان من عادة الجاهلية أن الرجل يحدث الحدث يقتل الرجل أو يضربه أو يلطمه، فيربط لحا من لحا الحرم قلادة في رقبته، ويقول: أنا صرورة، فيقال: دعوا الصرورة لجهله فلا يعرض له أحد، فقال النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “لا صرورة في الإسلام وإن من أحدث حدثا أخذ بحدثه” هذا ما حكاه الأزرقي. وقال الإمام أبو سليمان الخطابي: هذا الحديث يفسر تفسيرين، أحدهما: أن الصرورة الرجل الذي انقطع عن النكاح، وتبتل على طريق رهبانية النصارى. والثاني: أن الصرورة من لم يحج، فمعناه على هذا: أن سنة الدين أن لا يبقى أحد من الناس يستطيع الحج فلا يحج، حتى لا يكون صرورة في الإسلام. قال: وقد يستدل به من يقول: إن الصرورة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 174 لا يجوز أن يحج عن غيره، وتقدير الكلام عنده: أن الصرورة إذا شرع في الحج عن غيره صار الحج عن نفسه، وانقلب إلى فرضه. صرف: قال الشافعي رضي الله تعالى عنه والأصحاب رحمهم الله: يلزم العامل في المساقاة تصريف الجريد، والجريد سعف النخل. فذكر الأزهري والأصحاب في معناه سببين، أحدهما: أنه قطع ما يضر تركه يابسًا وغير يابس. والثاني: ردها عن وجوه العناقيد، وتسوية العناقيد بينها لتصيبها الشمس، وليتيسر قطعها عند الإدراك. وأما قوله في الوجيز في كتاب المساقاة: على العامل تصريف الجرين ورد الثمار إليه، فهكذا هو في النسخ الجرين بالنون، وهو صحيح فتصريفه تسويته، وقد سبق بيانه في حرف الجيم في جرد وفي جرن. صرم: في باب الأقطاع من المهذب في كلام أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه: وازرت الصريمة والغنيمة أن تهلك ماشيته تأتي فتقول: يا أمير المؤمنين الصريمة والغنيمة، بضم أولها وفتح ثانيها على التصغير الصرمة والغنم. قال أهل اللغة: الصرمة من الإبل خاصة، قالوا: وهو اسم لما جاوز الذود إلى الثلاثين، والذود من الخمسة إلى العشرة، هكذا قاله الأزهري وابن فارس والجوهري وغيرهم. قال الزبيدي في مختصر العين: الصريمة القطيع من الإبل وغيرها والله أعلم. قال الأزهري: والغنيمة ما بين الأربعين إلى المائة من الشاء، قال: والغنم ما يفرد لها راع على حدة، وهي ما بين المائتين إلى أربعمائة. صرى: قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “لا تصروا الإبل” هو بضم التاء وفتح الراء هذه رواية الأكثرين. قال صاحب المطالع: هو من صرى يصرى إذا جمع، وهو تفسير مالك والكافة من الفقهاء وأهل اللغة، وبعض الرواة يقول: لا تصروا الإبل، وهو خطأ على هذا التفسير، ولكنه يخرج على تفسير من فسره بالربط والشد من صر يصر، ويقال فيها المصرورة وهو تفسير الشافعي رضي الله تعالى عنه لهذه اللفظة كأنه يحبسه فيها يربط أخلافها، هذا ما ذكره صاحب المطالع. وقال الإمام أبو منصور الأزهري في شرح المختصر: ذكر الشافعي رضي الله تعالى عنه المصراة، ففسرها: أنها الناقة تصر أخلافها ولا تحلب أياما حتى يجتمع اللبن في ضرعها، فإذا حلبها المشتري فنحت. قال الأزهري: وجائز الجزء: 3 ¦ الصفحة: 175 أن يكون سميت مصراة من صر أخلافها، كما قال الشافعي رحمه الله، وجائز أن تكون مصراة من الصري وهو الجمع، يقال: صريت الماء في الحوض إذا جمعته، ويقال لذلك الماء صرى، قال: ومن جعله من الصر، قال: كانت المصراة في الأصل مصررة، فاجتمعت ثلاث لينزعها، فقلبت إحداهن ياء، كما قالوا: تظنيت من الظن هذا ما ذكره الأزهري. وقال أبو سليمان الخطابي في معالم السنن: اختلف أهل العلم واللغة في المصراة ومن أين أخذت واشتقت، فقال الشافعي رضي الله تعالى عنه: التصرية أن تربط الناقة والشاة وتترك من الحلب اليومين والثلاثة حتى يجتمع لها لبن، فيراه مشتريها كثيرًا فيزيد في ثمنها، فإذا تركت بعد تلك الحلبة حلبة أو اثنتين، عرف أن ذلك ليس بلبنها. قال أبو عبيد: المصراة الناقة أو البقرة أو الشاة التي قد صرى اللبن في ضرعها، يعني: حقن فيه أيامًا فلم يحلب، وأصل التصرية حبس الماء وجمعه، يقال: منها صريت الماء، ويقال: إنما سميت المصراة؛ لأنها مياه اجتمعت. قال أبو عبيد: ولو كان من الربط لكان مصرورة أو مصررة. قال الخطابي: كأنه يريد به الرد على الشافعي. قال الخطابي: قول أبي عبيد حسن، وقول الشافعي صحيح، والعرب تصر ضروع الحلوبات إذا أرسلتها تسرح، ويمسون ذلك الرباط صرارا، فإذا راحت حلت تلك الأصرة وحلبت، ومن هذا حديث أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه: أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: “لا يحل لرجل يؤمن بالله واليوم الآخر أن يحل صرار ناقته بغير إذن صاحبها فإنه خاتم أهلها عليها” قال: ويحتمل أن تكون المصراة أصلها المصرورة، أبدل إحدى الراءين ياء، ومنه قوله تعالى: {قد خاب من دساها} أي: أحملها بمنع الخير، وأصله دسسها، ومثله في الكلام كثير، هذا ما ذكره الخطابي، وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، قال: “نهى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن النجش والتصرية” وهذا يدل لرواية الجمهور. صعد: قولهم التيمم مثلا ضربتان فصاعدا، أي: فما زاد، وهو منصوب على الحال. صعق: قال الأزهري: الصاعقة والصعقة الصيحة يغشى منها على من يسمعها أو يموت، وهو قوله تعالى: {وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ} (الرعد: من الآية13) يعني: أصوات الرعد، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 176 ويقال لها: الصواقع أيضًا. قال الليث: والصعق مثل: الغشي يأخذ الإنسان من الحر وغيره، وأصعقته الصيحة قتلته هذا، آخر كلام الأزهري. وقال صاحب المحكم: صعق الإنسان صعقا وصعقا، فهو صعق غشي عليه، وذهب عقله من صوت يسمعه كالهدة الشديدة، ومثله إذا مات والصاعقة العذاب، وقيل: هي قطعة من نار تسقط بأثر الرعد، لا تأتي على شيء إلا أحرقته، فصعق وصعق أصابته صاعقة، وصعقته السماء وأصعقتهم ألقت عليهم صاعقة. بنو: والصفرة المذكورة في كتاب الحيض مع الكدرة وقل من بينهما من أصحابنا. وقد قال الشيخ أبو حامد الاسفراييني في تعليقه: الصفرة والكدرة ليستا بدم، وإنما هو ماء أصفر وماء كدر. وقال إمام الحرمين في النهاية: الصفرة شيء كالصديد تعلوه صفرة، وليس على شيء من الدماء القوية والضعيفة. قال: والكدرة شيء كدر ليس على ألوان الدماء. صفف: قال أهل اللغة: الصف واحد الصفوف، وصافوهم في القتال والمصف بفتح الميم، والمصاف الموقف في الحرب وجمعه مصاف، وصففت القوم فاصطفوا إذا أقمتهم في صف الحرب أو الصلاة، وصفت الإبل قوائمها فهي صافة وصواف، وصففت السرج جعلت له صفة، والصفصف المستوى من الأرض. وقول أنس رضي الله تعالى عنه: صففت أنا واليتيم وراءه، ذكره في موقف الإمام والمأموم من المهذب هو بفتح الصاد والفاء الأولى أي: صففنا أنفسنا، هذا هو الصواب المعروف في رواية الحديث والفقه. وحكى الشيخ عماد الدين بن ياسين رحمه الله تعالى في كتابه ألفاظ المهذب: أنه روي بضم الصاد على ما لم يسم فاعله، قال: وهو أحسن، وهذه الرواية غريبة جدًا، وما أظنها تصح من جهة النقل، ولكنها صحيحة في المعنى. وأصحاب الصفة زهاد من الصحابة رضي الله تعالى عنهم، وهم الفقراء الغرباء الذين كانوا يأوون إلى مسجد النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وكانت لهم في آخره صفة، وهي مكان مقتطع من المسجد مظلل عليه يبيتون فيه ويأوون إليه، قاله إبراهيم الحربي والقاضي عياض وأصله من صف البيت وهو شيء كالظلة قدامه. وكان أبو هريرة رضي الله تعالى عنه عريفهم حين هاجروا، وكانوا يقلون ويكثرون، ففي وقت كانوا سبعين وفي وقت غير ذلك، وقد الجزء: 3 ¦ الصفحة: 177 بلغوا أربعمائة كما ذكره القرطبي في تفسير سورة النور، ومثله في الكشاف في سورة البقرة، ثم قوله تعالى: {لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} (البقرة: من الآية273) فيزيدون بمن يقدم عليهم، وينقصون بمن يموت أو يسافر أو يتزوج. صفق: قوله في المهذب: ويجب ستره العورة بما لا يصف البشرة من ثوب صفيق الثوب الصفيق المتين، قاله في المحكم. قال: وقد صفق صفاقة وأصفقه الحائك، ومن هذا قوله في المهذب: وإن لبس جوربا جاز المسح عليه بشرطين، أحدهما: أن يكون صفيقا. وقولهم: تفريق الصفقة في البيع مأخوذ من قولك: صفقت له في البيع والبيعة: أي ضربت يدك على يده بالبيعة، وعلى يده صفقا ضرب بيده على يده، وذلك عند وجوب البيع والاسم منها الصفقة والصفقى. صقع: قولهم في المهذب في الأذان والإقامة: فإن اتفق أهل بلد أو صقع على تركها قوتلوا الصقع بضم الصاد وسكون القاف هو الناحية، والسقع بالسين لغة فيه، كذا قاله الجوهري وصاحب المحكم. وقال الأزهري في تهذيب اللغة في حرف العين مع الصاد: والصقع الناحية والجمع الأصقاع، وقد صقع فلان نحو صقع، كذا أي قصده. ثم قال في حرف العين مع السين. قال الخليل رحمه الله: كل صاد تجيء قبل القاف، وكل سين تجيء قبل القاف، فللعرب فيه لغتان منهم من يجعلها سينًا ومنهم من يجعلها صادًا، لا يبالون أمتصلة كانت بالقاف أو منفصلة بعد أن يكونا في كلمة واحدة، إلا أن الصاد في بعض الكلمات أحسن والسين في بعضها أحسن، قال: وكل ناحية صقع وسقع والسين أحسن هذا كلام الأزهري، وقال صاحب المحكم مثله. وقال أبو عمرو الزاهد في شرح الفصيح في باب المفتوح أوله يقال صقع الدين بالصاد وبالسين وبالزاي، قال: ويقال للجانب من كل شيء صقع، وهكذا بالسين والزاي يعني: بضم الصاد والسين والزاي. قال الأزهري: وصقعت الأرض وأصقعت أصابها الصقيع، وأرض صقعة ومصقوعة، وأصقع الشجر فالشجر صقع ومصقع. وقال صاحب المحكم: الصاقعة كالصاعقة والزعبل الجليد، والأصقع من الطير ما كان على رأسه بياض وخطيب مصقع بليغ، قيل: هو من رفع الصوت. وقيل: لأنه يذهب في كل صقع من الكلام أي: ناحية، وهو هذا كلام الجزء: 3 ¦ الصفحة: 178 صاحب المحكم. وقال الليث في المحكم الخطيب: مسقع بالسين أحسن منه والصاد جائز. صلح: قال الإمام أبو أسحاق الزجاج في كتابه معاني القرآن العزيز في قول الله تعالى في صفة يحيى بن زكريا - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في سورة آل عمران: {وَنَبِيّاً مِنَ الصَّالِحِينَ} (آل عمران: من الآية39) قال: الصالح هو الذي يؤدي إلى الله عز وجل ما افترض عليه ويؤدي إلى الناس حقوقهم، هذا قول الزجاج. وكذا قال صاحب مطالع الأنوار: الرجل الصالح هو المقيم بما يلزمه من حقوق الله سبحانه وتعالى وحقوق الناس. صلخ: قوله في الوسيط في كتاب الكفارات: الأصم الأصلخ، هو بالخاء المعجمة الذي لا يسمع شيئًا أصلا، يقال: أصلخ بين الصلخ. صلد: قال أهل اللغة: حجر صلد أي: صلب أملس، وهو بفتح الصاد وإسكان اللام، ذكره في تيمم الوسيط. صلو: الصلاة في اللغة: الدعاء، هذا قول جماهير العلماء من أهل اللغة والفقه وغيرهم، وسميت الصلاة الشرعية صلاة لاشتمالها عليه هذا على مذهب الجمهور من أصحابنا وغيرهم من أهل الأصول: أن الصلاة ونحوها من الأسماء الشرعية منقولة من اللغة، وأما من قال منهم: أنه ليس في الأسماء، منقول إلى الشرع بل كلها مبقاة على موضوعها في اللغة، وإنما زيد عليها زيادات كالركوع والسجود وغيرهما، كما أضيف إليها الطهارة، فلا يحتاج هذا القائل إلى نقل بل هي عنده الدعاء في الشرع واللغة. واختلف العلماء في اشتقاق الصلاة، فالأشهر الأظهر أنها من الصلوين، وهما عرقان من جانبي الذنب، وعظمان ينحنيان في الركوع والسجود. قالوا: ولهذا كتبت الصلاة في المصحف بالواو، وقيل: مشتقة من أشياء كثيرة، لا يصح دعوى الاشتقاق فيها، لاختلاف الحروف الأصلية، وقد تقرر أن من شروط الاشتقاق الاتفاق في الحروف الأصلية كما سبق في حرف السين. قال العلماء: الصلاة من الله رحمة، ومن الملائكة استغفار، ومن الآدمي تضرع ودعاء، وممن ذكر هذا التقسيم الإمام الأزهري وآخرون. صمخ: صماخ الأذن الخرق النافذ في أصلها إلى الرأس، وهو بكسر الصاد جمعه أصمخة، ويقال فيه: سماخ بالسين لغتان ذكرهما جماعات من أهل اللغة. وفي صحيح مسلم في حديث أبي ذر في قصة إسلامه في الجزء: 3 ¦ الصفحة: 179 باب مناقبه: “فضرب على أسمختهم”، هكذا هو في جميع النسخ، أسمختهم صماخ الأذن بكسر الصاد، ويقال أيضا بالسين بدل الصاد والصاد أفصح. ولم يذكر ابن السكيت في إصلاح المنطق وصاحبه ابن قتيبة في أدب الكاتب إلا الصاد، وجعلا السين من غلط العامة، وممن ذكر اللغتين ابن فارس في المجمل ذكر الصاد في بابها والسين في بابها، قال: في السين والسماخ لغة في الصماخ. صنف: قوله في أول خطبة الوسيط صنفت هذا الكتاب، قال أهل اللغة: التصنيف التمييز، وصنفت الشيء جعلته أصنافًا فكأن المصنف لكتاب مبين النوع أو القدر الذي أتى به في كتابه من غيره، وأما الصنف بكسر الصاد فهو النوع. قال الجوهري وغيره: والصنف بفتح الصاد لغة فيه، وصنفة الثوب والإزار طرته، وهي جانبه الذي لا هدب فيه. قال الجوهري وغيره: ويقال هي حاشية الثوب أي: جانب كان، وهي بفتح الصاد وكسر النون، وقد ذكرها في المهذب في باب الكفن. صهر: قال أهل اللغة: صهره وأصهره إذا قربه، ومنه المصاهرة في النكاح. صوت: قوله في المهذب في المؤذن: يكون صيتا هو بفتح الصاد وكسر الياء المشددة وبعدها تاء مثناة من فوق. قال الأزهري في شرح ألفاظ المختصر: الصيت على وزن السيد الدوال، وهو الرفيع الصوت، قال: وهو فيعل بتقديم الياء من صات يصوت، وأما الصوت فهو الذي يسمعه الناس، وذهب صيت فلان في الناس أي: ذكره وشرفه، هذا آخر كلام الأزهري. وقال الجوهري في صحاحه: رجل صيت أي: شديد الصوت، قال: وكذلك رجل صات أي: شديد الصوت، قال: وهذا كقولهم رجل مال أي: كثير الماء، ورجل نال كثير النوال، وأصله كله فعل بكسر العين، وقد صات الشيء يصوت صوتًا وكذلك صوت تصويتًا، قال: والصيت الذكر الجميل الذي ينشر في الناس دون القبيح، يقال: ذهب صيته في الناس وأصله من الواو، وربما قالوا: انتشر صوته في الناس بمعنى الصيت. صون: قال أهل اللغة: يقال: صنت الشئ أصونه صونا وصيانة وصيانا بالكسر، فهو مصون. قال الجوهري: ولا تقل مصان، قال: ويقال: ثوب مصون، ومصوون الأول على النقص، والثاني: على الإتمام. وقوله في الروضة في بيع الغائب: إن كان المرى صوانا له كقشر الرمان هو بكسر الصاد وضمها، قال الجوهري: الصوان، والصوان الجزء: 3 ¦ الصفحة: 180 بالكسر والضم، والصيان بالكسر هو الوعاء الذي يصان فيه الشيء. قال الجوهري: والصوان بالتشديد يعني: وفتح الصاد ضرب من الحجارة الواحدة صوانة. فصل في أسماء المواضع الصخرة الشريفة: ببيت المقدس مذكورة في باب اللعان وغيره، في مكان تغليظ اليمين، هي معروفة، وفضلها مشهور، وقد صنف الحافظ أبو محمد القاسم الحافظ الكبير أبي القاسم بن علي بن الحسن المعروف بابن عساكر الدمشقي كتابه المشهور المستقصى في شرف الأقصى، أتى فيه بأشياء كثيرة من فضلها وغيره، وقد سمعته على صاحبه الشيخ أبي محمد بن أبي اليسر عن المصنف. الصفا: هو مبدأ السعي مقصور، وهو مكان مرتفع عند باب المسجد الحرام، وهو أنف من جبل أبي قبيس، وهو الآن إحدى عشرة درجة فوقها أزج كإيوان، وعرض فتحة هذا الأزج نحو خمسين قدمًا، وأما المروة فلاطئة جدا، وهي ممن أنف جبل قيقعان وهي درجتان، وعليها أيضًا أزج كإيوان، وعرض ما تحت الأزج نحو أربعين قدمًا، فمن وقف عليها كان محاذيًا للركن العراقي، وتمنعه العمارة من رؤيته، وقولهم: إذا نزل من الصفا سعى حتى يكون بينه وبين الميل الأخضر المعلق بفناء المسجد نحو ست أذرع، فيسعى سعيا شديدًا حتى يحاذي الميلين الأخضرين اللذين بفناء المسجد، وحذاء دار العباس ثم يمشي حتى يصعد المروة. اعلم: أن السعي وهو ما بين الصفا والمروة واد، وهو سوق البلد ملاصق للمسجد الحرام. قوله في باب قسم الغنيمة ثم في باب القسمة من المهذب قسم النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غنائم بدر بشعب من شعاب الصفراء. الصفراء: هي بفتح الصاد والمد موضع بقرب بدر إلى جهة المدينة بينهما نحو فرسخين أو ثلاثة، وهو واد كثير النخل والزرع. صفين: مذكور في قتال أهل البغي من المهذب: وهو موضع بقرب الفرات معروف بين الرقة وبالس، وهو بكسر الصاد والفاء المشددة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 181 صنعاء: بفتح الصاد وإسكان النون وبالمد، ذكرها في أول الجنايات من المهذب في قول عمر رضي الله تعالى عنه: لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلهم، وذكرها في باب اليمين في الدعاوى: أن الشافعي رحمه الله قال: رأيت قاضيًا. وفي رواية عنه: رأيت مطرقًا بصنعاء يحلف على المصحف، هي في الموضعين اليمن قاعدة اليمن ومدينته العظمى، وهي من عجائب الدنيا. كما قال الشافعي رحمه الله: وينسب إليها صنعاني على غير قياس، وإنما قيدتها بصنعاء اليمن لئلا تشتبه بصنعاء دمشق، قرية كانت في جانبها الغربي في ناحية الربوة، وبصنعاء الروم. وذكر الحازمي في المؤتلف: أن صنعاء اليمن يقال لها: أزال بفتح الهمزة والزاي وآخرها لام يجوز كسرها وضمها ذكره في باب الهمزة، وذكر الحازمي أيضًا في حرف الضاد المعجمة: أن صنعان لغة قليلة في صنعاء. الصين: مذكور في باب الإيلاء من المهذب: وهو بكسر الصاد وإسكان الياء، وهو إقليم عظيم معروف بالمشرق يشتمل على مدن كثيرة. قال الجوهري: والصواني الأواني المنسوبة إليها. حرف الضاد ضحو: قال القاضي عياض رحمه الله: قال صاحب الأفعال: يقال: ضحيت وضحوت ضحيا وضحوا أي: برزت للشمس، وضحيت ضحى أصابتني الشمس. قال الله عز وجل: {وَأَنَّكَ لا تَظْمَأُ فِيهَا وَلا تَضْحَى} (طه:119) وقال الشافعي في المختصر في باب صوم عرفة: أحب للحاج ترك صوم عرفة؛ لأنه حاج مضحى مسافر، هكذا هو في المختصر. ونقله القاضي أبو الطيب في المجرد والأصحاب مضحى، قالوا: معناه بارز للشمس. ضرب: وأما قول الشافعي رحمه الله في كتاب المسابقة الصلاة في المضربة والأصابع جائزة، فقد سبق بيانه في فصل صبع: المضاربة القراض والمقارضة بمعنى سميت مضاربة؛ لأن كل واحد منهما يضرب في الربح بسهم، وقيل: لما فيه من الضرب بالمال والتقليب، واشتقاق القراض من القرض، وهو القطع من قولهم: قرض الفأر الثوب أي: قطعه، ومن المقراض؛ لأنه يقطع فسمي قرضا؛ لأن المالك يقطع قطعة من ماله فيدفعها إلى العامل يتجر فيها، أو لأنه قطع من الربح قطعة، وقيل: مشتق من المقارضة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 182 وهي المساواة. ضعع: قال الأزهري: ضعضع فلان إذا خضع وذل، وضعضعه الدهر. والعرب تسمي الفقير متضعضعًا، وقد تضعضع إذا افتقر، والضعضع الضعيف. قال ابن شميل: رجل ضعضاع لا رأي له ولا حزم، والضعضاع الضعيف من كل شيئ. قال صاحب المحكم: الضعضعة الخضوع، وضعضعت الأمر فتضعضع، وتضعضع الرجل ضعف وخف جسمه من مرض أو حزن، وتضعضع ماله قل. قال الأزهري في باب الصاد المهملة مع العين، قال أبو سعيد: تصعصع وتضعضع بمعنى واحد إذا ذل وخضع. ضلع: وقد ثبت في صحيحي البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “استوصوا بالنساء خيرًا فإن المرأة خلقت من ضلع وإن اعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج” رواه البخاري في صحيحه في باب قول الله عز وجل: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً} (البقرة: من الآية30) ورواه مسلم في كتاب الطلاق من طريقين. ضلل: الضلال خلاف الهدى، وضل عن الطريق ذهب من غيره، وأضل الماء في رحله ذهب عنه. قولهم في باب اللقطة: ضالة الإبل والغنم. قال الأزهري وغيره: لا تقع الضالة إلا على الحيوان، فأما المتاع فلا يسمى ضالا بل يسمى لقطة، يقال: ضل الإنسان والبعير وغيرهما من الحيوان فهو ضال. والضوال جمع ضالة، ويقال لها الهوامي والهوافي، واحدتها هامية وهافية وهمت وهفت وهملت، إذا ذهبت على وجهها بلا راع ولا سائق. ضمن: الضمان مصدر ضمنت الشيء أضمنه ضمانا إذا كفلت به فأنا ضامن وضمين. قال صاحب المحكم: ضمن الشيء وبه ضمنا وضمانا وضمنه أياه كفله فجعله يتعدى بنفسه وبحرف الجر، وقوله في المهذب: الأمين أحسن حالا من الضمين. يعني الضامن كما تقدم. قال الهروي: وقوله في الحديث الإمام ضامن: يريد أنه يحفظ على القوم صلاتهم، ومعنى الضمان الحفظ والرعاية. وقال غير الهروي: معناه ضمان الدعاء أي: يعم القوم به، ولا يخص به نفسه، وقيل معناه: أنه يتحمل القراءة عن القوم في بعض الأحوال، وكذلك يتحمل القيام عمن أدركه راكعا، حكاهما البغوي في شرح السنة. وقال الشافعي في الأم: يحتمل ضمنا لما غابوا من المخالفة بالقراءة والذكر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 183 وقال صاحب الأحوذي في شرح الترمذي: معنى ضمان الإمام لصلاة المأموم، هو التزام بشروطها وحفظ صلاته في نفسه؛ لأن صلاة المأموم تبتني عليه، وقيل معناه: أنهم إذا قاموا بالصلاة بالجماعة سقط فرض الكفاية عن سائر الناس بفعلهم، قوله: نهى عن بيع المضامين. قال أبو عبيدة معمر بن المثنى: فيما رأيته في غريب الحديث له، وهو أول من صنف غريب الحديث عن بعض العلماء، وعند بعضهم النضر بن شميل المضامين ما في أصلاب الفحول، وكذلك قاله صاحبه أبو عبيد القاسم بن سلام، وكذلك حكاه عنه الهروي، وكذلك ذكره الجوهري وغيرهم. وقال صاحب المحكم: المضامين ما في بطون الحوامل من كل شيئ كأنهن تضمنه، قال: ومنه الحديث وناقة ضامن ومضمان وحامل من ذلك أيضًا. قال الأزهري في شرح ألفاظ المختصر: المضامين ما في أصلا الفحول، سميت بذلك لأن الله تعالى أودعها ظهورها، فكأنها ضمنتها. وحكى صاحب مطالع الأنوار عن مالك بن أنس الإمام أنه قال: المضامين الأجنة في البطون. وعن ابن حبيب من أصحابه: هو ما في ظهور الفحول، قال: وقيل: المضامين ما يكون في بطون مثل حبل الحبلة. قوله في كتاب البيع من الوسيط: توالي من الضمانين، قد فسره هو في البسيط بأن معناه: أن يكون مضمونا له. وعليه قولهم في كتاب الحكايات وآخر كتاب الرهن من المهذب وغير ذلك: وإن جرحه فبقي ضمانا إلى أن مات، ونحو ذلك من المجازات هو بفتح الضاد وكسر الميم، وهو على وزن وجع، ومعناه أي متألمًا. ضنا: قوله في مختصر المزني والوسيط والوجيز في باب التيمم هل يتيمم لشدة الضنا فيه قولان: الضنا مقصور مفتوح الضاد. قال ابن فارس في المجمل: هو داء يخامر صاحبه وكل ما ظن أنه برىء منه نكس. وقال الرافعي في شرح الوجيز: هو المرض المدنف، قال: وهو الذي يجعله ضمنا فهو نوع مرض، هذا كلام الرافعي، وهو قريب من قول ابن فارس. قال أهل اللغة: يقال منه ضنى بفت الضاد وكسر النون، يضنى بفتح النون هنا، فهو ضن بضاد ثم نون مكسورة منونة كشيخ وضنى على وزن عصى. قال الجوهري: واللغتان فيه مثل حرى وحر، قال: ويقال فيه تركته ضنا وضنيا، فإذا قلت ضنا استوى فيه المذكر والمؤنث والجمع؛ لأنه مصدر في الأصل فإذا كسرت النون ثنيت وجمعت كما قلنا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 184 في حر، ويقال: أضناه أي: أثقله. ضوع: الضوع مذكور في الروضة في باب الأطعمة، هو بضم الضاد المعجمة وفتح الواو وبالعين المهملة. قال صاحب المجمل: الضوع طائر. قال المفضل: هو ذكر البوم وجمعه ضيعان. وقال الزبيدي: الضوع طائر من جنس الهام. وقال الجوهري: هو طير الليل من جنس الهام. والله أعلم. حرف الطاء طبب: الطبيب العالم، وجمع القلة أطبة والكثير أطباء تقول ما كنت طبيبا ولقد طببت بكسر الباء، والمتطبب: الذي يتعاطى علم رآه، والطَب والطُب بفتح الطاء وضمها لغتان في الطب فكل حاذق طبيب عند العرب، قال هذه الجملة الجوهري. طبع: في الحديث: “من توضأ ثم قال سبحانك اللهم وبحمدك” إلى آخره “طبع بطابع فلم يكسر إلى يوم القيامة”. قال أهل اللغة: الطبع الختم، وطبع الشيء أي: ختم، والطابع بفتح الباء وكسرها لغتان، وهو الذي يختم به. قال أهل اللغة: والطبع السجية. وقوله في باب زكاة الثمار من المهذب: الناقة المطبعة هو بضم الميم وفتح الطاء والباء المشددة. قال أهل اللغة: هي المثقلة بالحمل. طحلب: الطحلب المذكور في باب المياه من المهذب: والروضة هو بضم الطاء وإسكان الحاء المهملتين وتضم اللام وتفتح لغتان مشهورتان، وهو شيء أخضر يعلو الماء، ويقال قد طحلب الماء. طرب: قال أهل اللغة: الطرب خفة تصيب الإنسان لشدة حزن أو سرور. قالوا: ولا يختص بالسرور والفعل. قال أهل اللغة: التطريب مد الصوت. طرث: الطرثوت ذكره في الروضة في أول باب الربا، هو بضم الطاء المهملة وإسكان الراء وبثاءين مثلثتين الأولى مضمومة، وهو نبت يؤكل باردًا وفي القحط. طرف: الطرفاء بالمد شجر من شجر البوادي، واحدها طرفة. طرق: الطريق يذكر ويؤنث لغتان فصيحتان. قال أبو حاتم السجستاني: في المذكر والمؤنث الطريق، يؤنثه أهل الحجاز الجزء: 3 ¦ الصفحة: 185 ويذكره أهل نجد وأكثر العرب. قال: والقرآن كله يدل على التذكير، قال الله تعالى: {وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ} (الاحقاف: من الآية30) قوله في باب الضمان من المهذب: استطرقت رجلا فحلا معناه: طلبت منه فحلا لأنزيه على دابتي. طعم: الطعام ما يؤكل، والطعم بفتح الطاء ما يؤديه الذوق، يقال: طعمه مر، والطعام بالضم الطعام، وطعم يطعم بكسر العين في الماضي، وفتحها في المستقبل طعما، فهو طاعم إذا أكل أو ذاق مثل غنم يغنم غنما فهو غانم، وأطعمته أنا واستطعمته طلبت منه الطعام، ورجل مطعام كثير الاطعام والقرى، ومطعم بكسر الميم وفتح العين كثير الأكل، ومطعم بضم الميم مرزوق، والطعمة بضم الطاء المأكلة، يقال: جعلت هذه الضيعة طعمة لفلان، قاله الجوهري. وقولهم: ويجزي في بول الغلام الذي لم يطعم النضح هو بفتح الياء أي: الذي لم يأكل، والمراد: الذي لم يأكل غير اللبن وغير ما يحنك به وما أشبهه، فإذا أكل الخبز وما أشبهه وجب الغسل، وفي الحديث نهى عن بيع الثمرة حتى تطعم، هو بضم التاء وإسكان الطاء وكسر العين. قال أهل اللغة: يقال: أطعمت الثمرة أدركت وصار لها طعم، ومنه الحديث المشهور في قصة الدجال، قال: أخبروني عن نخل ببستان هل أطعم، وقد ذكر الشيخ أبو القاسم ابن البرزي وغيره ممن جمع ألفاظ المهذب: أن قوله هنا يطعم بفتح الياء والعين، وقال ابن باطيش: المختار أنه بضم الياء وفتح العين، وهذا غلط صريح وخطأ قبيح، والصواب ما ذكرناه أولا، واللفظة مشهورة في كتب اللغة والحديث كما قدمته، وإنما نقصد بيان بطلان هذا لئلا يغتر به أو يوهم أنه يقال بالوجهين. قال ابن فارس وغيره من أهل اللغة: الطعام يقع على كل ما يطعم حتى الماء. قال الله تعالى: {فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي} (البقرة: من الآية249) وقال النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في زمزم: “إنها طعام طعم، وشفاء سقم” قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “أبيت عند ربي يطعمني ويسقيني”، الصحيح عند العلماء من المحدثين والفقهاء وغيرهم: أن معناه أعطى قوة الطاعم والشارب. وقيل: يطعم من طعام أهل الجنة حقيقة. قال الرافعي: قال المسعودي: أصح ما قيل في معناه: أعطى قوة الطاعم والشارب. طعن: قوله في المهذب في كتاب الديات: وإن طعن وجنته. وفي أثناء كتاب السير منه أيضا شعر المتنبي: بالراي قبل تطاعن الفرسان ولربما طعن الفتى أقرانه وبعده بقليل فى شعر ابن شعوب: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 186 بطعنة مثل شعاع الشمس لأحمين صاحبي ونفسي الطعن: الضرب بالرمح وبالقرن وما يجري مجراهما، وتطاعنوا واطعنوا واستعير في الوقيعة في قال الله تعالى: {لَيّاً بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْناً فِي الدِّينِ} (النساء: من الآية46) ، وقال تعالى: {وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ} (التوبة: من الآية12) ونهى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن الطعن في الأنساب، وجعله من أخلاق الجاهلية، وجعله كفرا هو والنياحة، والاستسقاء بالأنواء. والطاعون المذكور في باب الوصية: مرض معروف، هو بثر وورم مؤلم جدًا، يخرج مع لهب ويسود ما حواليه أو يخضر أو يحمر حمرة بنفسجية كدرة، ويحصل معه خفقان القلب والقيء، ويخرج في المراق والأباط غالبًا، والأيدي والأصابع وسائر الجسد. طفر: قوله في أول النكاح من الوسيط: وإن زالت البكارة بوثبة أو بطفرة، الطفرة بفتح الطاء المهملة وإسكان الفاء. قال صاحب العين وصاحب المجمل: يقال: طفر إذا وثب في ارتفاع. وقال الجوهري والزبيدي في مختصر العين: طفر معناه وثب فعلى هذا هما بمعنى، وعلى الأول يكون الوثوب عامًا في الارتفاع والتقدم، والطفر مختص بالارتفاع، ويمكن حمل الثاني على موافقة الأول. طفل: قال الإمام أبو الحسن الواحدي في كتابه البسيط في أول سورة الحج: قال أبو الهيثم: الصبي يدعى طفلا حين يسقط من بطن أمه إلى أن يحتلم. قال أبو الهيثم: والعرب تقول جارية طفل، وجاريتان طفل، وجوار طفل، وغلام طفل، وغلمان طفل، ويقال: طفل وطفلة، وطفلان وطفلتان في القياس، وأطفال ويقال: طفلات، وأطفلت المرأة والظبية إذا صارت ذات طفل. وقال المفسرون وأصحاب المعاني والنحويون وأهل اللغة في قول الله تعالى: {أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ} (النور: من الآية31) المراد بالطفل هنا الأطفال. قال المبرد وغيره: مجازه مجاز المصدر. طلس: قال أهل اللغة: الطلس المحو والطمس، وقد طلست الكتاب أطلسه بكسر اللام طلسا فتطلس، والأطلس والطلس بكسر الطاء الخلق، وجمعه أطلاس، يقال رجل أطلس الثوب، والطيلسان بفتح الطاء واللام واحد الطيالسة. قال الجوهري: والهاء في الجمع للعجمة؛ لأنه فارسي معرب. قال: ولا يجوز ترخيمة؛ لأنه ليس في كلام العرب، فيعل بكسر العين إلا معتلا نحو سيد وميت. وذكر القاضي عياض في المشارق في حرف السين مع الياء في تفسير الساحة: أن الطيلسان يقال بفتح اللام الجزء: 3 ¦ الصفحة: 187 وكسرها وضمها وهو أقل. هذا كلامه وهو غريب، والمشهور الفتح. طلق: حد الطلاق تصرف مملوك للزوج يحدثه بلا سبب فينقطع النكاح به، ويقال في المرأة هي طالق وطالقة بالهاء، والمشهور الفصيح حذف الهاء، وهو المستعمل في الحديث والفقه وغيرهما، ووقع في نسخ المهذب: طالقة بالهاء، في قوله في باب الشرط في الطلاق في فصل: وإن قال أنت طالق اليوم، قال: وقوله هذا يحتمل أن يكون طالقة بطلاقها اليوم. ووقع في بعض المواضع من التنبيه طالقتان، وهو جار على هذه اللغة. طلل: قوله في المهذب في دية الجنين ومثل ذلك يطل، روي يطل بالياء المثناة المضمومة وتشديد اللام المضمومة، وروي بطل بفتح الباء الموحدة واللام المخففة، وقد تقدم ذلك في حرف الباء، ومعنى يطل بالمثناة يهدر. قال الجوهري: قال أبو زيد: يقال طل دمه فهو مطلول وأطل، وطله الله تعالى وأطله أي: أهدره. قال: ولا يقال طل دمه بفتح الطاء، وأبو عبيدة والكسائى يقولانه، قال أبو عبيدة القاسم: فيه ثلاث لغات طل وطل وأطل، وقوله في الوسيط في أول كتاب الجراح في مسائل الإكراه على القتل: لو رمى إلى طلل هو بفتح الطاء واللام، وهو الشيء المرتفع، ويقال لشخص الإنسان طلل وطلالة بالفتح. قال أهل اللغة: يقال: أطل على الشيء أي: أشرف، وتطال بالتشديد إذا مد عنقه ينظر إلى شيء يبعد عنه. طهر: الطهارة في اللغة: النظافة والتنزة عن الأدناس. وفي الشرع: رفع الحدث وإزالة النجاسة، أو ما في معناهما كالتيمم وتجديد الوضوء، والغسلة الثانية الثالثة وفي الوضوء، وإزالة النجاسة، والاغسال المسنونة، وطهارة المستحاضة، وسلس البول، وما في معناهما من حدث دائم، فكل هذه طهارات ولا يرفع ولا يزل نجسا، ومن اقتصر على أن الطهارة رفع الحدث، وإزالة النجس فليس بمصيب، فإنه حد ناقص لأنه يخرج منه ما ذكرناه، والله تعالى أعلم. ويقال: طهر الشيء بفتح الهاء وضمها لغتان مشهورتان الفتح أفصحهما يطهر طهرا وطهارة. وقوله في أول الوسيط والوجيز: يستحب الاستطهار في إزالة النجاسة بغسلة ثانية وثالثة. قال الإمام أبو القاسم الرافعي: يجوز أن يقرأ بالطاء المهملة وبالظاء المعجمة، فالمهملة معناه طلب الطهر، وبالمعجمة الاحتياط، وهذا كله كما الجزء: 3 ¦ الصفحة: 188 قال الشافعي رحمه الله تعالى في أول المبتدأه المميزة إذا استحيضت ولا يتطهر بثلاثة أيام قرىء بهما جميعًا هذا كلام الرافعي. وقد ذكر صاحب البحر في باب الحيض: أن قول الشافعي لا يستظهر قرىء بالوجهين بالمعجمة والمهملة، ولم يرجح واحد منهما، كما لم يرجحه الرافعي، والصحيح الصواب المشهور المعروف المختار أنه بالمعجمة في الموضعين. طوف: الطائفة من الشيء قطعة منه قاله الجوهري وغير الجوهري في قوله تعالى: {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} (النور: من الآية2) قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: الواحد فما فوقه. وقال الهروي: يجوز أن يقال للواحد طائفة، يراد بها نفس طائفة. قال الإمام الثعلبي: اختلفوا في الطائفة في قوله تعالى: {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} قال النخعي ومجاهد: أقله رجل واحد. وقال عطاء وعكرمة: رجلان. وقال أبو زيد: أربعة. وحكى الواحدي هذه الأقوال، وزاد عن الزهري أنهم ثلاثة فصاعدا، وعن الحسن أنهم عشرة، وعن قتادة قال: هم نفر من المسلمين، وعن ابن عباس في رواية: أنهم أربعة إلى أربعين. قال الواحدي: قال الزجاج: أما من قال واحد فهو على غير ما عند أهل اللغة لأن الطائفة في معنى جماعة، وأقل الجماعة اثنان، وأقل ما يجب في الطائفة عندي اثنان. قال الواحدي: والذي ينبغي أن يتحرى في شهادة عذاب الزنا أن يكونوا جماعة لأن الأغلب على الطائفة الجماعة. وحكي عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن شيخ مالك أنه قال الطائفة هنا خمسة. هذه مذاهب المفسرين والعلماء، وأما مذهبنا فالطائفة عندنا أربعة. قال الشيخ أبو حامد الاسفرايني: جعل الشافعي رضي الله تعالى عنه الطائفة في هذه الآية أربعة، وفي صلاة الخوف ثلاثة، وفي قوله تعالى: {فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ} (التوبة: من الآية122) قال: الطائفة واحد فصاعدا، هذا كلام أبي حامد، ومذهبنا أن حضور الطافة عذاب الزنا مستحب وليس بواجب، والله تعالى أعلم. وقد قال الشافعي والأصحاب في قول الله تعالى: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ} (النساء: من الآية102) إلى آخر الآية، المراد بالطائفة التي يصلي بها الإمام ثلاثة فصاعدا، وكذلك الطائفة التي تكون في وجه العدو، والمراد بهم ثلاثة فصاعدا. قال الشافعي والأصحاب: ويكره أن يصلى صلاة الخوف الجزء: 3 ¦ الصفحة: 189 بأقل من ستة سوى الإمام: ثلاثة منهم خلفه وثلاثة في وجه العدو، وهكذا نص عليه الشافعي في مختصر المزني، واتفق أصحابنا عليه، قالوا: فإن خالف أساء وكره كراهة تنزيهية وصحت صلاتهم، وأعترض أبو بكر بن داود على الشافعي رضي الله تعالى عنهم وقال: قوله أقل الطائفة ثلاثة خطأ لأن الطائفة في الشرع، واللغة تطلق على واحد. أما اللغة فحكى ثعلب عن الفراء أنه قال مسموع عن العرب أن الطائفة الواحد، وأما الشرع فقد احتج الشافعي في قبول خبر الواحد بقوله تعالى: {فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّين} فحملها على الواحد، وأجاب أصحابنا عن اعتراضه بأجوبة: أحدها وهو المشهور، والراجح أن يسلم له أن الطائفة يجوز أن تطلق على واحد، وإنما قال الشافعي في الخوف: يستحب أن لا تكون الطائفة أقل من ثلاثة لقوله تعالى في الطائفة الأولى {وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ} (النساء: من الآية102) وقال سبحانه وتعالى في الطائفة الأخرى: {وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ} (النساء: من الآية102) فعبر عنهم بضمير الجمع في هذه المواضع كلها وأقل الجمع ثلاثة، وأما الطائفة في الآية التي استشهد بها فإنما حملناها على الواحد بالقرينة، وهو أن الإنذار يحصل بالواحد، وفي آية الزنا حملناها على أربعة؛ لأن المقصود إظهار ذلك في ملأ من الناس فلا يحصل بواحد ولأنها البينة التي يثبت بها الزنا، فإن قيل فقد قال سبحانه وتعالى: {فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ} (التوبة: من الآية122) فأعاد ضمير الجمع، فالجواب أن الجمع عائد إلى الطوائف التي تجتمع من الفرق، والله تعالى أعلم. قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “إنها من الطوافين عليكم أو الطوافات” قال الهروي في تفسير هذا الحديث. قال أبو الهيثم: الطائف الخادم الذي يخدمك برفق، وجمعه الطوافون. وقال صاحب المحكم: الطوافون الخدام والمماليك. وقال الإمام أبو سليمان الخطابي: يتأول هذا الحديث على وجهين، أحدهما: أن يكون شبهها بخدم البيت وبمن يطوف على أهله للخدمة ومعالجة المهنة. والآخر: أن يكون شبهها بمن يطوف للحاجة والمسألة يريد أن الأجر في مواساتها كالأجر في مواساة من يطوف للحاجة ويتعرض للمسألة. وقال صاحب المطالع أي من الجزء: 3 ¦ الصفحة: 190 المتكررين: وما لا ينفك عنه ولا يقدر على التحفظ منه، والطائف المتكرر بالخدمة الملاطف فيها، قال: وقوله أو الطوافات يحتمل الشك، ويحتمل ذكر الصنفين من الذكور والإناث. قلت: ويشبه أن يكون معنى الحديث والله أعلم: أن الطوافين من الخدم والصغار سقط الحجاب في حقهم للضرورة بكثرة مداخلتهم بخلاف غيرهم من الأحرار التابعين، فهكذا يسقط حكم النجاسة في الهرة بخلاف غيرها من الحيوانات؛ لأن الهرة من الطوافين. وقد أشار إلى هذا المعنى الإمام أبو بكر بن العربي المالكي صاحب كتاب الأحوذي في شرح الترمذي، وهذا الحديث حديث صحيح مشهور، رواه مالك في موطئه وأبو داود والترمذي وغيرهما. قال الترمذي: هو حديث حسن صحيح. والله تعالى أعلم. طيب: قوله في المهذب في قسم الفيء حلف المطيبين، هو بفتح الطاء المخففة وكسر الياء، ومعهم حلف الفضول بضم الفاء، هما حلفان كانا في قريش قبل نبوة نبينا - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. والحِلْف بكسر الحاء وإسكان اللام هو العهد والبيعة، أحدهما: أنه وقع تنازع بين بني عبد مناف وبني عبد الدار، فيما كان إلى قصي من الحجابة والسقاية والرفادة واللواء، فتبع عبد مناف قبائل منهم أسد بن عبد العزى وتيم وزهرة وبنو الحارث بن فهر، وتحالفوا أنهم لا يتخاذلون، وأنهم ينصرون المظلومين، ويدفعون الظالمين، وتبع عبد الدر جمح وسهم ومخزوم وعدي وتحالفوا أيضًا وهؤلاء يسمون الأحلاف، وعبد مناف ومن معهم يسمون المطيبين لأنهم خرجوا جفنة فملأوها طيبًا فكانوا يغمسون أيديهم فيها ويتبايعون، وقيل: لأنهم أخرجوا من طيب أموالهم شيئًا أعدوه للأضياف. والحلف الثاني: أنه كان في قريش من يستضعف الغريب فيظلمه ويأخذ ماله فأنكروا ذلك، وتبايعوا على منع الظالم من الظلم في دار عبد الله بن جدعان اجتمع عليه بنو هاشم وبنو المطلب وأسد بن عبد العزى وزهرة وتيم وسمي هذا حلف الفضول، قيل: لأنهم أخرجوا فضول أموالهم للأضياف، وقيل: لأنه قام بأمرهم جماعة اسم كل واحد منهم فضل منهم: الفضل بن الحارث، والفضل بن وداعة، والفضل بن فضالة. وكان رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - معهم في حلف الفضول، وكان أيضا في الحلف الأول مع المطيبين، نقلته من شرح الوجيز. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 191 فصل في أسماء المواضع الطائف: بلد معروف على مرحلتين من مكة في جهة المشرق. قال الشافعي رضي الله تعالى عنه: أحد غزوات النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - التي قاتل فيها غزاة الطائف. ذكره في المختصر في السير. طبرية الشام: مذكورة في باب الإقرار، هي مدينة معروفة بالشام ذات حصن في ناحية الأردن، وهي داخلة في الأرض المقدسة بينها وبين بيت المقدس نحو مرحلتين، وإنما قالوا طبرية الشام ليحترزوا عن طبرستان البلدة المعروفة بعراق العجم، فإنه ينسب إليها طبري، وإليها ينسب أبو علي الطبري، والقاضي أبو الطيب الطبري، وهي بفتح الطاء والباء والراء وإسكان السين، كذا قيدها الحازمي وغيره، وهي مذكورة في الروضة في مواضع منها القنوت في الوتر. طرسوس: بفتح الطاء والراء وسينين مهملتين الأولى مضمومة مذكورة في كتاب الوقف من الكتابين، وهي مدينة معروفة في بلد الأرمن مجاورة للشام من ناحية الفرات، وقد استولى عليها الكفار في هذه الأعصار. وقول الغزالي: إن وقف شيئا على الثغور كطرسوس، واتسعت خطة الإسلام حواليها، أراد بهذا حال طرسوس قبل هذه الأعصار. طوس: كورة من كور نيسابور إلى ناحية مرو الشاهجان، وطابران قصبة طوس، قاله الهروي. حرف الظاء ظبي: الظبي معروف، والأنثى ظبية بالهاء، وجمع الظبي في القلة أظب كدلو وأدل ووزنه أفعل، وجمعه في الكثرة ظباء وظبي كثدي، وهو على وزن فعول. قال الجوهري: ويقال أيضا ظبيات بفتح الباء. وأما قوله في التنبيه: فإن أتلف ظبيًا ماخضًا فكذا وقع في النسخ وهو لحن وصوابه ظبية ماخضا؛ لأن الماخض الحامل، ولا يقال في الأنثى إلا ظبية والذكر ظبي. ظرب: قولهم في دعاء الاستسقاء: " الجزء: 3 ¦ الصفحة: 192 اللهم علىالظراب" بكسر الظاء، وهي الروابي الصغار، واحدها ظرب بفتح الظاء وكسر الراء. ظفر: قال الأزهري: قال الليث: الظفر ظفر الأصبع وظفر الطائر، والجمع الأظفار وجماعات الأظفار أظافير، ويقال ظفر فلان في وجه فلان إذا غرز ظفره في لحمه فعقره، وكذلك التظفير في القثاء والبطيخ والأشياء كلها، ويقال للظفر أظفور وجمعه أظافير. وقال صاحب المحكم: الظفر والظفر معروف يكون للإنسان وغيره، وأما قراءة من قرأ كل ظفر بالكسر فشاذ غير مأنوس به لا يعرف ظفر بالكسر، وقيل: الظفر لما لا يصيد ومن الطير المخلب لما يصيد كله يذكر صرح ذلك اللحياني والجمع أظفار وهو الأظفور، وعلى هذا قولهم أظافير لا على أن جمع أظفار الذي هو جمع ظفر؛ لأنه ليس كل جمع يجمع، وأما من لم يقل الأظفر فإن أظافير عنده إنما جمع الجمع، فجمع ظفرا على أظفار ثم أظفار على أظافير، ورجل الاظفار عريضها، ولا فعل لها من جهة السماع، وظفره يظفره وظفره وأظفره غرز في وجهه ظفره. قال الإمام الثعلبي المفسر رحمه الله تعالى في قول الله تبارك وتعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ} (الأنعام: من الآية146) قال: وقرأ الحسن ظفر مكسورة الظاء ساكنة الفاء، وقرأ أبو السماك بكسر الظاء والفاء وهي لغة. وقال أبو البقاء العكبري رحمه الله تعالى في كتابه إعراب القرآن: {كُلَّ ذِي ظُفُرٍ} الجمهور على ضم الظاء والفاء، ويقرأ بإسكان الفاء، ويقرأ بكسر الظاء والإسكان. قال الجوهري: الظفر جمعه أظفار وأظفور وأظافير. وقال ابن السكيت: يقال رجل أظفر بين الظفر إذا كان طويل الأظفار، كما يقال رجل أشعر لطويل الشعر. قال صاحب المحكم: والظفر ضرب من العطر أسود متفلق من أصله على شكل ظفر الإنسان، والجمع أظفار وأظافير. قال صاحب العين: لا واحد له وظفر ثوبه طيبه بالظفر، قال: والظفر الفوز بالمطلوب، وقد ظفر به أو عليه فظفره ظفرا وأظفره الله تعالى به أو عليه. ورجل مظفر وظفر وهو مظفور به وظفير لا يحاول أمرًا إلا ظفر به وظفره دعا له بالظفر. قال الأزهري: قال الليث: الظفر الفوز بما طلبت، وتقول: ظفر الله تعالى فلانا على فلان وكذا ظفره وظفرت به فأنا ظافر به وهو مظفور به، وتقول: أظفرني الله تعالى به وفلان مظفر لا يؤوب إلا بالظفر فيعل نعته للكثرة والمبالغة، فإن قيل: ظفر الله تعالى فلانا أي جعله مظفرًا جاز وحسن أيضًا. قال ابن روح: تظافر القوم عليه وتظافروا وتظاهروا بمعنى واحد. ظلل: قولهم: آخر وقت الظهر إذا صار كل شيء مثله هذا مما رأيت بعض الجاهلين يتكلم فيه بأباطيل في الفرق بين الظل والفيء، والصواب ما ذكره الإمام أبو محمد ابن مسلم بن قتيبة في أول أدب الكتاب قال: يذهبون يعني العوام إلى أن الظل والفيء بمعنى، وليس كذلك بل الظل يكون غدوة وعشية ومن أول النهار إلى آخره، ومعنى الظل الستر، ومنه قولهم: أنا في ظلك ومنه ظل الجنة، وظل شجرها إتمامه وسترها ونواحيها، وظل الليل سواده لأنه يستر كل شيء، وظل الشمس ما سترته الشخوص من مسقطها. وأما الفيء فلا يكون إلا بعد الزوال، ولا يقال لما قبل الزوال فيء، وإنما سمي بعد الزوال فيئا لأنه ظل فاء من جانب إلى جانب أي: رجع، والفيء الرجوع، هذا كلام ابن قتيبة وهو نفيس، وقد ذكره غيره ما ليس بصحيح فلم أعرج عليه والله تعالى أعلم. وقولهم أخشاب المظلة فوق البعير هي بكسر الميم وفتح الظاء وتشديد اللام، نص عليه الجوهري وغيره، وأصله البيت من شعر. ظلم: قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الوضوء: "فمن زاد على هذا فقد أساء وظلم" قد تقدم معنى الظلم والإساءة هنا في فصل أساء فلا نعيده. وقوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "ليس لعرق السهو حق" يأتي إن شاء الله تعالى في حرف العين، ويقال ظلمه يظلمه ظلما ومظلمة. قال الجوهري: وقال هو وغيره: أصل الظلم وضع الشيء فى غير موضعه، قال: والظلمة خلاف النور والظلمة بضم اللام لغة فيه، والجمع ظلم وظلمات، وقد أظلم الليل وقالوا: ما أظلمه ومما أضوأه، وهو شاذ، والظلام أول الليل والظلماء والظلمة. وقال صاحب المحكم: الظلمة ذهاب النور، وهي الظلماء، والظلام اسم يجمع ذلك كالسواد. وقيل: الظلام أول الليل وإن كان مقمرا. وقال الهروي: يقال أظلم الليل وظلم، قولهم؛ لأنه لم يستدرك الظلامة، الظلامة بضم الظاء. قال الجوهري رحمه الله تعالى: الظلامة والظلمة والمظلمة ما تطلبه عند الظالم، وهو اسم ما أخذ منك. وقال صاحب المحكم: الظلامة ما تظلمه وهي المظلمة، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 193 وقال غيرهما: جمع ظلامة ظلام بضم الظاء. قال أهل اللغة: أصل الظلم وضع الشيء فى غير موضعه، قالوا هم وأصحابنا المتكلمون وهو أيضا: التصرف فى غير ملك. قال أصحابنا وغيرهم: ويستحيل أن يقع الظلم من الله تعالى فإن العالم ملكه فلا يتصرف فى غير ملكه، وقوله تعالى: {إن الله لا يظلم مثقال ذرة} وأشباهه من الآيات الكريمة معناه: لا يتصور الظلم في حقه سبحانه وتعالى، ولا يقع منه هذا، معناه الذي يجب على كل أحد اعتقاده، وأما ما يقع في كتب المفسرين لا يعاقب بغير جرم خطأ صريح وجهل قبيح، مردود على قائله، وإن كان كبير المرتبة فلا يعتد بما يراه من ذلك. وقول الله تبارك وتعالى: {وما ربك بظلام للعبيد} هذا مما يسأل عنه كثيرًا عن الحكمة في بنائه على فعال الذي هو للكثرة، ولا يلزم من نفي الظلم الكثير نفي القليل بخلاف العكس، والجواب: من أوجه ذكر منها أبو البقاء العكبري في كتابه إعراب القرآن أربعة أوجه في سورة آل عمران أحدها: أن فعالا قد جاء ولا يراد به الكثرة كقول طرفة: ولكن متى يسترفد القوم أرفد ولست بحلال التلاع مخافة لا يريد أنه يحل التلاع قليلا لأن ذلك يدفعه. قوله: متى يسترفد القوم أرفد، وهذا يدل على نفي الحل في كل حال. والجواب الثاني: أن ظلاما هنا للكثرة لأنه مقابل للعباد، وفي العباد كثرة إذا قوبل بهم الظلم كان كثيرا. والثالث: أنه إذا انتفى الظلم الكثير انتفى القليل ضرورة؛ لأن الذي يظلم إنما يظلم لانتفاعه بالظلم، فإذا ترك الظلم الكثير مع زيادة نفعه في حق من يجوز عليه النفع والضر كان للظلم القليل المنفعة أترك. الوجه الرابع: أنه على النسب أي لا ينسب إلى الظلم، فيكون من باب بزاز وتمار وعطاء. فهذه الأقوال التي ذكرها أبو البقاء وهي مشهورة في كتب المتقدمين، والراجح عند جماعة هو الوجه الأول وأنشدوا فيه أبياتا كثيرة نحو البيت المذكور. ظنن: قوله في المهذب في آخر مقام المعتدة ولأن الليل مظنة الفساد، ووقع في بعض النسخ بالظاء المعجمة والنون، وفي بعضها بالطاء المهملة والياء المثناة من تحت، وهذا الذي بالمهملة هو الأكثر في النسخ، وبه ضبطه بعض الأئمة الفضلاء الناقلي عن خط المصنف، وكلاهما صحيح، أما بالمعجمة فقال أهل اللغة: مظنة الشيء الجزء: 3 ¦ الصفحة: 195 موضعه، وأما بالمهملة: فشبه الليل بالمطية، التي هي الراحلة التي تركب، ويتوصل بها إلى الغرض، وذلك لستر الليل وعدم المزعج فيه. ظهر: صلاة الظهر معروفة سميت ظهرا لظهورها وبروزها، ظهار الزوج من زوجته معروف، وهو أن يقول أنت علي كظهر أمي، وهو مأخوذ من الظهر. قال العلماء: إنما خص الظهر بهذا دون البطن والفخذ والفرج، وإن كانت أولى بهذا لأنها محل الاستمتاع لأن الظهر موضع الركوب، والمرأة مركوبة إذا غشيها الزوج وهو راكب: أي مرتفع على مركوب، فكأنه قال: ركوبك علي حرام كركوب أمي، فإن أمي لا تكون ظهرا أي: موطوءة فكذا أنت فأقام الظهر مقام المركوب وأقام الركوب مقام الوطء. وفي الحديث "إنما الصدقة عن ظهر غنى" معناه والله تعالى أعلم. عن غنى ظاهر وهو ما زاد على الكفاية، فأما قدر الحاجة والكفاية فلا صدقة منه، قوله في الوسيط والوجيز: يستحب الاستظهار بغسلة ثانية وثالثة. وقوله في مختصر المزني: ولا يستظهر لثلاثة أيام كله بالظاء المعجمة، ويجوز أيضًا بالمهملة، وقد تقدم بيانه في الطاء قوله في المهذب في باب الآنية فيما إذا اشتبه عليه ماء مطلق وماء مستعمل ففيه وجهان، أحدهما: لا يتحرى إلى آخره. والثاني: يتحرى لأنه يجوز أن يسقط الفرض بالظاهر مع القدرة على اليقين. فقوله بالظاهر هو بالظاء المعجمة هكذا ضبطناه وهو الصواب، وليس هو بالطاء المهملة؛ لأنه بالمعجمة أعم؛ ولأنه لا يختص بباب النجاسة، والله تعالى أعلم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 196 حرف العين وهو الحرف الذي اعتمده الخليل بن أحمد رضي الله تعالى عنه، وبدأ به كتابه، وتابعه الناس عليه. قال الأزهري: قال الليث: قال الخليل: لم يأتلف العين والغين في شيء من كلام العرب. عبب: قال الإمام أبو منصور الأزهري جاء في بعض الأخبار مصوا الماء مصا ولا تعبوه عبا. والعب: أن يشرب الماء ولا يتنفس، وقيل: إنه يورث الأكباد، وقد روي في خبر مرفوع. وقال أبو عمرو: العب أن يشرب الماء دعرقة بلا عبث. والدعرقة أن يصب الماء مرة واحدة. والعبث أن يقطع الجرع. قال الأزهري: قال الشافعي رضي الله تعالى عنه: الحمام من الطير ما عب وهدر، وذلك أن الحمام يعب الماء عبًا ولا يشرب كما تشرب الطير شيئًا فشيئًا. وقال صاحب المحكم: شرب الماء بلا مص، وهو الجرع، وقيل: تتابع الجرع، يقال عبه يعبه عبًا وعب في الإناء والماء عبًا أي كرع. ويقال في الطائر عب ولا يقال شرب. وفي الحديث "أن الله تعالى قد وضع عنكم عبية الجاهلية" قال أبو عبيدة واللحياني والأزهري وصاحب المحكم وجماعات من المتقدمين وغيرهم: هي بضم العين وكسرها لغتان، ومعناهما الكبر والفخر. قال الأزهري: لا أدري أهي فعيلة من العب أو من العبو وهو الضوء. قال الإمام أبو القاسم الرافعي: العب هو شرب الماء جرعا والهدير ترجيعه وصوته تغريده، قال: والأشبه أن يقال ما له عب وله هدير، قال: ولو اقتصروا في تفسير الحمام على العب لكفاهم، ذلك يدل عليه نص الشافعي رحمه الله تعالى في عيون المسائل، قال: وما عب في الماء عبا فهو البغوي، وما شرب قطره قطرة كالدجاج فليس بحمام. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 2 عبق: قال أهل اللغة: يقال عبق به الطيب بكسر الباء أي: لزق أو يعبق بفتحها عبقًا بالفتح، وعباقية على وزن ثمانية. عتر: ذكر في الروضة في باب العقيقة قول النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “لا فرع ولا عتيرة” وذكر اختلاف الأصحاب في أنهما مكروهان أم لا، وهذا الحديث في صحيح البخاري من رواية أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، وفيه في صحيح البخاري الفرع أول النتاج كانوا يذبحونه لطواغيتهم، والعتيرة في رجب. قال الخطابي في شرح صحيح البخاري: أحسب هذا التفسير من كلام الزهري راوي الحديث. قال الخطابي: وأصل العتيرة النسيكة التي تعتر أي: تذبح، وكان أهل الجاهلية يذبحونها في رجب ويسمونها الرجبية، فنهى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عنها، وكان ابن سيرين من بين أهل العلم يذبحها في رجب. قلت: لا خلاف أن تفسير العتيرة ما ذكره إلا أنها في العشر الأول من رجب. كذا قال الجوهري: العتر والعتيرة بمعنى كذبح وذبيحة، وقد عتر الرجل يعتر بكسر التاء في المضارع عترا بفتح العين وإسكان التاء إذا ذبح العتيرة، ويقال هذه أيام ترجيب وتعتير. عتق: قوله في الحديث: نهى عن الصلاة في سبع مواطن منها فوق بيت الله العتيق بمعنى الكعبة المعظمة. واختلف العلماء في سبب تسميته عتيقا، فروى الواحدي في الوسيط بإسناده عن عبد الله بن الزبير رضي الله تعالى عنهما: أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: إنما سمى الله تعالى البيت العتيق لأن الله تعالى أعتقه من الجبابرة فلم يظهر جبار قط، قال: وهذا قول أكثر المفسرين. وقال الإمام أبو منصور الأزهري في تهذيب اللغة: قال الحسن: والبيت القديم. قال: وقال غيره: البيت العتيق أعتق من الغرق أيام الطوفان، وقيل: إنه أعتق من الجبابرة ولم يدعه منهم أحد. وذكر صاحب المحكم الأقوال الثلاثة التي ذكرها الأزهري، قال: والأول أولى يعني أنه سمي به لقدمه، وذكر الهروي أيضًا هذه الأقوال وقدم الأول منها. وقال صاحب مطالع الأنوار: العرب تقول لكل مثناة في الجودة عتيق، ومنه سميت الكعبة البيت العتيق. وذكر أيضًا هذه الأقوال الثلاثة، قال الأزهري عن شمر: العاتق الجارية التي قد أدركت وبلغت ولم تتزوج بعد. وقال ابن الأعرابي: العاتق الجارية التي قد بلغت أن تدرع الجزء: 4 ¦ الصفحة: 3 وعتقت من الصبا والاستعانة بها، وإنما سميت عاتقا لهذا. وقال الجوهري: جارية عاتق أي: شابة أول ما أدركت فخدرت في بيت أهلها ولم تبن إلى زوج. وقال صاحب المحكم: جارية عاتق شابة، وقيل: العاتق البكر التي لم تبن عن أهلها، وقيل: هي بين التي أدركت وبين التي عنست. والعاتق أيضا التي لم تتزوج سميت بذلك لأنها عتقت عن رحمة أبويها ولم يملكها زوج بعد. قال الفارسى: وليس بقوي والجمع في ذلك كله عواتق. قال الجوهري: العتق الكرم يقال ما أبين، والعتق في وجه فلان يعني الكرم والعتق الجمال والعتق الحرية، وكذلك العتاق بالفتح، والعتاقة بالفتح تقول منها: عتق العبد يعتق بالكسر عتقا وعتاقا وعتاقة فهو عتيق وعاتق وأعتقته أنا، وفلان مولى عتاقة، ومولى عتيق، ومولاة عتيقة، وموال عتقاء، ونساء عتائق، وذلك إذا أعتقن وعتق الشيء بالضم عتاقة أي: قدم وصار عتيقا، وكذلك عتق يعتق مثل دخل يدخل فهو عاتق، ودنانير عتق وعتقته أنا تعتيقًا. والعتيق القديم من كل شيء حتى قالوا رجل عتيق أي قديم. عن أبي عبيد: والعتيق العبد المعتق، والعتيق الكريم من كل شيء، والخيار من كل شيء التمر والماء والبازي والشحم، والعاتق موضع الرداء من المنكب يذكر ويؤنث، وفرس عتيق أي: رائع والجمع العتاق، وإنما قيل: قنطرة عتيقة بالهاء، وقنطرة جديد بلا هاء لأن العتيقة بمعنى الفاعلة، والجديدة بمعنى المفعولة، ليفرق بين ما له الفعل وبين ما الفعل واقع عليه، هذا ما ذكره الجوهري. وقال الأزهري: عتيق التمر وغيره، وعتق يعتق إذا صار قديمًا. قال الأصمعي: العاتقان ما بين الجزء: 4 ¦ الصفحة: 4 المنكبين والعتق والجمع العواتق. وقال ابن الأعرابي: كل شيء بلغ النهاية في جودة أو رداءة أو حسن أو قبح فهو عتيق، وجمعه عتق، قال: وبكرة عتيقة إذا كانت نجيبة كريمة، هذا آخر كلام الأزهري. وقال صاحب المحكم: العتق خلاف الرق، عتق يعتق وعتقًا وعتاقا وعتاقة فهو عتيق وجمعه عتقاء، وأعتقته فهو معتق وعتيق والجمع كالجمع، وأمة عتيق وعتيقة في إماء عتائق وحلف بالعتاق أي بالاعتاق، وفرس عتيق أي رائع كريم، وقد عتق عتاقة، والاسم العتق العتيق القديم من كل شيء، وقد عتق عتاقًا وعتاقة. وقال بعض حذاق اللغويين: العتق للموات كالخمر والتمر، والقدم للموات والحيوان جميعًا، وعتق الشمس وعتق أي قدم عن اللحياني، والعاتق ما بين المنكب، والعتق مذكر وقد أنث وليس يثبت. قال اللحياني: وهو مذكر لا غير، والجمع عتق وعتق وعواتق، وهذا ما ذكره في المحكم. وقد ذكر ابن قتيبة العاتق في باب ما يذكر ويؤنث لغتان، وقال ابن السكيت: هو مذكر وقد يؤنث، وأنشد بيتًا في تأنيثه. وقال شيخنا جمال الدين في كتابه المثلث: العتق بالكسر التخلص من العبودية، وهو نجابة الإنسان وغيره، وهو قدم الشيء وقد يضم، والعتق بالضم جمع عتيق، وهو الجيد والجميل والقديم أيضًا، قال: والعتاق بالفتح عتق العبد، والعتاق بالكسر جمع عتيق، والعتاق بالضم الجيد الجميل. قال الأزهري رحمه الله تعالى في باب العتق من كتابه شرح ألفاظ مختصر المزني: وإنما قيل: لمن أعتق نسمة أعتق رقبة وفك رقبة، وخصت الرقبة دون جميع الأعضاء لأن ملك السيد لعبده كالحبل في رقبته وكالغل، فإذا أعتق فكأنه فك من ذلك، وذكر أبو محمد بن قتيبة في أول كتابه غريب الحديث مثله أو نحوه. قال الأزهري في شرح ألفاظ المختصر: العتق مأخوذ من قولهم عتق الفرس إذا سبق ونجا، وعتق فرخ الطير إذا طار فاستقل فكأن العبد لما فكت رقبته من الرق تخلص وذهب حيث شاء. قال صاحب مطالع الأنوار: يقال عتق المملوك يعتق عتقا وعتاقة بالفتح فيهما وعتاقا أيضا بالفتح، والاسم العتق بالكسر، قال: ولا يقال عتق إنما هو أعتق إذا أعتقه سيده، قال: والذهب العتق بضم العين والتاء جمع عتيق، وهي القديمة، قال: وفي رواية بعض شيوخ الموطأ بفتح التاء وشدها على مثال سجد، قال: والأول أشبه، والله تعالى أعلم. وقوله في التنبيه وغيره: وإن نذر عتق رقبة كذا وقع في النسخ، وكان الأصوب أن يقول إعتاق مصدر أعتق. عته: قال الإمام أبو منصور الأزهري: قال أبو عمرو المعتوه والمخفوق المجنون. وقال ابن الأعرابي عن المفضل: رجل معته إذا كان مجنونا مضطربا في خلقه، قال: وقال الأصمعي نحوا من ذلك. وقال الليث: المعتوه المدهوش مس جنون، قال: والتعته التجنن، هذا ما ذكره الأزهري في باب عته، وقال في عنن، قال أبو عمرو: يقال للمجنون معنون ومهروع ومحموع ومعتوه وممنوه وممنه إذا كان مجنونا. قال صاحب المحكم: يقال عته الرجل عتها وعتاها وهو بين العته، والعته من لا عقل له. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 5 عثث: قال الأزهري: العثث السوس الواحدة عثة، وقد عث الصوف إذا أكله العث، ويقال للمرأة ما هي إلا عثة. وقال صاحب المحكم: العثة السوسة والأرضة، والجمع العث وعثث، وعث الصوف والثوب يعثه عثًا إذا أكله، والعث دويبة تأكل الجلود، وقيل: دويبة تعلق بالاهاب فتأكله، هذا قول ابن الأعرابي. قال ابن دريد: بغير هاء دواب تقع في الصوف، فدل على أن العث جمع، وقد يجوز أن يعني بالعث الواحدة، وعبر عنه بالدواب لأنه حسن معناه الجمع، وإن كان معناه واحدا، هذا آخر كلام صاحب المحكم. عثر: في الحديث: “فيما سقت السماء أو كان عثريا العشر” العثري بعين مهملة ثم ثاء مثلثة مفتوحتين ثم راء مهملة مكسورة ثم ياء مشددة. قال صاحب الطوالع وحكى ابن المرابط عثريا بسكون الثاء قال والأول أعرف. قال الشيخ تقي الدين ابن الصلاح رحمه الله تعالى: هو عند بعض أهل اللغة العذى، قال: والأصح ما ذهب إليه الأزهري وغيره من أهل اللغة: أنه مخصوص بما سقى من ماء السيل فيجعل عاثور، وهو شبه ساقية تحفر له يجري فيها الماء إلى أصوله سمي ذلك عاثورا؛ لأنه يتعثر بها الإشارة الذي لا يشعر بها، وهذا هو الذي فسره الشيخ أبو إسحاق رحمه الله تعالى في مهذبه ولكن لم يقيده بماء السيل والمطر، فأشكل على القلعي اليمني شارح ألفاظه، فقال في معرض الإنكار: العثرى هو ما سقت السماء، لا اختلاف فيه بين أهل اللغة فوقع ولم يسلم أيضًا من حديث أنه أطلق أيضًا ولم يقيد. والله تعالى أعلم، هذا كلام الشيخ تقي الدين. وروينا في سنن ابن ماجه عن يحيى بن آدم، أنه قال: البعل والعثري ما يزرع للسحاب وللمطر خاصة ليس يصيبه إلا ماء المطر، والبعل ما كان من الكروم قد ذهبت عروقه في الأرض إلى الماء فلا يحتاج إلى السقي الخمس سنين والست. فذكر الجوهري في صحاحه وغيره: أن العثري الزرع الذي لا يسقيه إلا ماء المطر. وذكر ابن فارس في المجمل قولين: أحدهما هذا، والثاني وأشار إلى ترجيحه أنه ما سقي من النخل سحا والسح الماء الجاري. عجب: ذكر في باب الصيد والذبائح عجب الذنب هو بفتح العين وإسكان الجيم، وهو أصل الذنب. عجج: في الحديث “أفضل الحج العج والثج” ذكره في المهذب العج بفتح الجزء: 4 ¦ الصفحة: 6 العين. قال الأزهري رحمه الله تعالى: قال أبو عبيد: رفع الصوت بالتلبية، والثج سيلان دماء الهدي، ويقال: عج القوم يعجون وضح يضجون، إذا رفعوا أصواتهم بالدعاء والاستغاثة، قال: والعجاج غبار يثور به الريح الواحدة عجاجة وفعله التعجيج، قال: وقال اللحياني: رجل عجاج ثجاج إذا كان صياحا. قال غيره: عج أي: صاح. قال صاحب المحكم: عج يعج ويعج عجا وعجيجا رفع صوته، وعجة القوم وعجيجهم صياحهم وجلبتهم، ورجل عجاج صياح والأنثى بالهاء، ونهر عجاج تسمع لمائه عجيجًا، وعج البيت دخانًا فتعجج ملأه. عجر: قوله في الروضة في أول الجنايات: “العجار من المقاتل”، هو بكسر العين وتخفيف الجيم، وهو ما بين الخصية وحلقة الدبر. عدد: في حديث أبيض بن حمال ذكر الماء العد ذكراه في باب الاقطاع والحمى من المهذب والوسيط فالعد بكسر العين وتشديد الدال المهملة. قال أبو منصور الأزهري: قال أبو عبيد: سمعت الأصمعي يقول: الماء العد الدائم الذي لا ينقطع مثل ماء العين وماء البئر، وجمع العد أعداد. وقال شمر: قال أبو عبيدة: العد القديمة من الركايا. قال: وهو من قولهم حسب عداي قديم. قال: وقال أبو عدنان: سألت أبا عبيدة عن الماء العد، فقال لي: الماء العد بلغة تميم الكثير، وهو بلغة بكر بن وائل الماء القليل، قال: وقالت لي الكلابية: الماء العد الركي، يقال: أمن العد هذا أم من ماء السماء، قالت: ومأكل ركية عد قل أم كثر، هذا آخر كلام الأزهري. وقال صاحب المحكم: الماء العد الذي له مادة وهذا نحو الأول، وقولهم في كتاب الفرائض مسألة المعادة: هو بضم الميم وتشديد الدال المفتوحة. قال الأزهري: قال شمر: العد أهل الذي يعادي بعضهم بعضًا على الميراث. قال الأزهري: العدة الجماعة قلت أو كثرت، يقال: عدة رجال وعدة نساء، قال: والعدة مصدر عددت الشيء عدًا وعدة، قال: والعدة عدة المرأة شهورا كانت أو أقراء، أو وضع حمل حملته من زوجها، وجمع عدتها عدد، وأصل ذلك كله من العد قول الله تبارك وتعالى: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} (البقرة: من الآية203) مذهبنا أنها أيام التشريق، هي ثلاثة أيام بعد يوم النحر: أولها: وهو الحادي عشر من ذي الحجة ويسمى يوم النفر، وثانيها: يوم الثاني عشر وهو يوم النفر الأول، وثالثها يوم الثالث عشر وهو يوم النفر الثاني. قال الإمام: أقضى القضاة الماوردي صاحب الجزء: 4 ¦ الصفحة: 7 الحاوي في تفسير قوله تعالى: {فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} هي أيام منى في قول جميع المفسرين، وإن خالف بعض الفقهاء في أن شرك بين بعضها وبين الأيام المعلومات. وقال الإمام الواحدي: الأصح أن هذه الأيام يراد بها أيام التشريق أيام منى سماها معدودات لقلتها كقوله تعالى: {مَعْدُودَةً} (البقرة: من الآية80) وجمعها على الألف، والتاء تدل على القلة نحو دريهمات وحمامات. قال: وأكثر العلماء على ما ذكرنا، وهو أن الأيام المعدودات أيام التشريق وهي ثلاثة أيام بعد يوم النحر. وقال الإمام الأزهري في تهذيب اللغة: الأيام المعدودات في الآية ثلاثة بعد يوم النحر، وهو قول ابن عباس والضحاك والشافعي رضي الله تعالى عنهم. قال: وقال الزجاج: كل عدد قل أو كثر فهو معدود، ومعدودات تدل على القلة؛ لأن كل قليل يجمع بالألف والتاء نحو دريهمات وحمامات، وقد يجوز أن تقع الألف والتاء للتكثير. قال الأزهري: قال أبو زيد: يقال انقضت عدة الرجل إذا انقضى أجله، وجمعها العدد، ومثله انقضت مدته وهي المدد. قال: وقال أبو العباس عن ابن الأعرابي: يقال هذا عداده وعده ونده ونديده وبده وبديده وسيه وزنه وزنه وحيده وحيده وعفره وغفره ودنه أي: مثله، وفي الحديث: “ما زالت أكلة خيبر تعادني”. قال أبو عبيد: قال الأصمعي: هو من العداد، وهي الشيء الذي يأتيك لوقت مثل الحمى الربع والغب. قال الأزهري: قلت: معناه تؤذيني وتراجعني في روينا معدودة. قال الأزهري: ويقال فلان عداده في بني فلان إذا كان ديوانه معهم، والعدائد النظراء واحدهم عديد وعداد القوس صوتها والعديد الكثرة، ويقال: ما أكثر عديد بني فلان وهذه الدراهم تعديد هذه إذا كانت بعددها، ويقال: إنهم ليتعادون على عشرة الآف أي: يزيدون عليها في العدد، ويقال: هم يتعادون إذا اشتركوا فيما يتعادونه بعضهم بعضًا من المكارم وغيرها، والعدة ما أعد للأمر بحدث مثل الأهبة، ويقال: أعددت للأمر عدته، والعدات الرماة، ويقال: أتيت فلانا في يوم عداد أي: يوم جمعة أو فطر أو عيد، وفلان به عداد من اللمم وهو يشبه الجنون يأخذ الإنسان في أوقات معلومة، هذا آخر كلام الأزهري. قال صاحب المحكم: العد إحصاء الشيء عده يعده عدًا وتعدادًا وعدده، وحكى اللحياني عده معدًا، وحكى اللحياني أيضًا عن العرب عددت الدراهم أفرادًا ووحادًا، وأعددت الدراهم الجزء: 4 ¦ الصفحة: 8 أفرادًا ووحادًا. ثم قال: لا أدري أمن العدد أم من العدة، فشكه في ذلك يدل على أن أعددت لغة في عددت ولا أعرفها. والعدد مقدار ما يعد ومبلغه والجمع أعداد، وعددت من الأفعال المتعدية إلى مفعولين بعد اعتقاد حذف الوسط، والوسط حرف الجر، يقولون: عددتك المال وعددت لك المال عددتك وعددت لك ولم يذكر المال، وإعداد الشيء واستعداده واعتداده وتعدده إحصاؤه. قال ثعلب: يقال استعددت للمسائل وتعددت واسم ذلك العدة. قال ابن دريد: والعدة من السلاح ما اعتددته خص به السلاح لفظًا فلا أدري أخصه في المعنى أم لا؟ وعدان الشباب والملك أولهما وأفضلهما. والعدان الزمان، والعهد وجبتك على عدان تفعل ذلك عدان، تقول ذلك أي حينه، هذا آخر كلام صاحب المحكم. قال الشيخ الإمام العلامة النحوي الزبيدي في شرح المجمل له: لما كان المضاف يتعرف بالمضاف إليه ويتنكر به كان حكم الاسم المضاف إلى النكرة، إذا عرف دخول الألف واللام على الثاني فتعرف بهما، فيتعرف الأول بالإضافة إلى الثاني المتعرف بالألف واللام، ولا تدخل الألف واللام على الأول لأنهما لا يجتمعان مع الإضافة، وكذا كل عدد مضاف إذا عرف أدخلناه على الاسم المضاف فيتعرف بهما، ويتعرف العدد بإضافته إلى ذلك الاسم سواء أضيف العدد إلى واحد أو إلى جمع، نحو: ثلاثة الرجال ومائة الدراهم وألف الدراهم وشاهده: ثلاث الأيامى والديار البلاقع وهل يرجع التسليم أو يكشف العمى ومنه: فسما فأدرك خمسة الأشبار والعدد المفسر بواحد مركب وغير مركب: فالمركب يكتفي فيه بدخول الألف واللام نحو أحد عشر درهما تقول فيه الأحد عشر درهمًا؛ لأن المركب حكمه وحكم غير المركب واحد؛ لأن المركب صار كالمفرد مركب، فالوجه لإدخالهما على الاسم الأول كالاسم المفرد إذا أدخلناه في أوله لا في آخره هذا هو المختار. ومنهم من يدخلهما في الأول والثاني نحو الخمسة العشر درهما، ووجهه أن الإسمين المركبين وإن صارا كالاسم الواحد، فالأصل أيضًا أن يراعى فيهما كونهما اسمين فأدخلنا في كل واحد منهما على حدته وهذا جيد، والأول أجود. ومنهم من يدخلهما في الأول والثاني الجزء: 4 ¦ الصفحة: 9 والتمييز فيقول هذه الخمسة العشر الدراهم، وهذا قبيح لدخول الألف واللام على التمييز، وحكمه وجوب تنكيره، ولكن لما كان التمييز مشتبها بالمفعول دخلتا عليه فنصب على التشبيه بالمفعول به لا أنه تمييز فلذا دخلتاه وإن قبح، والعدد المجموع بواو ونون وياء ونون يدخل عليه الألف واللام لا على التمييز بعده نحو العشرون رجلا، فتدخل على الأول والثاني لأنهما ليسا مركبين، فيتعرف كل واحد منهما على حدته، ويجوز الثلاثة والعشرون رجلا لأنهما وإن كانا غير مركبين فالثاني منهما معطوف على الأول، ولجمع العطف لهما أشبها التركيب لأنهما عدد واحد، وتعريف التمييز في هذا وجهه كوجهه فيما تقدم. عدن: قال الإمام الرافعي في إحياء الموات: المعادن هي البقاع التي أودعها الله تعالى شيئا من الجواهر المطلوبة، وهي قسمان: ظاهرة وباطنة، فالظاهرة: هي التي يبدو جوهرها بلا عمل، وإنما السعي والعمل لتحصيله وذلك كالنفط والكبريت والقار والمومياء والبرام والقطران وأحجار الرحى وشبهها، وهذه لا يملكها أحد بالاحياء والعمارة وإن أراد بها النيل، ولا يختص بها المحتجر أيضًا، وليس للسلطان إقطاعها بل هي مشتركة بين الناس كالماء والحطب والكلأ. وأما الباطنة: فهي التي لا يظهر جوهرها إلا بالعمل في المعالجة كالذهب والفضة والفيروزج والياقوت والرصاص والنحاس والحديد وسائر الجواهر المبثوثة في طبقات الأرض وهل يملك هذه بالاحياء، فيه وجهان أظهرهما أنها كالظاهرة. عذب: الماء العذب هو الطيب كذا قاله أهل اللغة والمفسرون. قال الواحدي: سمي عذبًا لأنه يعذب العطش أي: يمنعه، قال: وأصل العذب في كلام العرب المنع، يقال عذبته عذبًا إذا منعته، وعذب عذوبًا إذا امتنع، قال: وسمي العذاب عذابًا لأنه يمنع المعاقب من المعاودة لما جرمه، ويمنع غيره من مثل فعله، قال: والعذاب كل ما يعيي الإنسان ويشق عليه. عذر: قوله في الوسيط في أول كتاب السير والنظر في طرفين في الواجبات على الكفاية وفي المعاذير المسقطة. المراد بالمعاذير الأعذار، وهذا مما ينكر عليه، فيقال العذر لا يجمع على معاذير، وإنما جمعه المعروف أعذار فيجاب بأن هذا صحيح فصيح موافق لقول الله عز وجل: {وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ} (القيامة:15) فإن جمهور العلماء من المفسرين الجزء: 4 ¦ الصفحة: 10 وأهل العربية: على أن المراد معاذيره الاعذار. وروي في مسند أبي عوانة في كتاب اللعان: أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: “لا شخص أحب إليه المعاذير من الله تعالى” ولذلك بعث النبيين مبشرين ومنذرين، والمراد بالمعاذير الاعذار، فقد جاء في الروايات الأخر العذر وبه يصح المعنى، فقد جاءت المعاذير في الكتاب والسنة بمعنى الأعذار فوجب قبوله، وهو - والله تعالى أعلم - جمع معذور بمعنى العذر، فالمعذور على هذا مصدر كما قالوا مجنون ومجلود ومعقول بمعنى الجنون والجلد، والعقل فهي مصادر مسموعة خارجة عن القياس وكذا المعذور بمعنى العذر، فالمعاذير جمع معذور، وإن لم يسمع واحده كما قالوا في جمع المذكر مذاكير. عذط: العذيوط مذكور في الوسيط والروضة في خيار النكاح، وهو بكسر العين وإسكان الذال المعجمة وفتح الياء المثناة من تحت وإسكان الواو والطاء المهملة، وهو الذي يخرج منه الغائط عند جماعة، والمرأة عذيوطة والمصدر عذيطة بكسر العين. عذق: قال الأزهري: قال الأصمعي وغيره: العذق بالفتح هو التحلة نفسها. والعذق بالكسر الكباسة والجمع عذوق وأعذاق. وقال ابن الأعرابي: اعتذق الرجل واعتذب إذا أرسل لعمامته عذبتين من خلف، هذا ما ذكره الأزهري. وقال صاحب المحكم: العذق بالفتح كل غصن له شعب والعذق أيضًا النخلة. والعذق: يعني بالكسر الصنو من النخل والعنقود من العنب وجمعه أعذاق وعذوق. عرب: قول الغزالي: لغو اليمين قول: لا والله وبلى والله، لا يخفى أن لغو اليمين لا يختص بالعرب، وكان حقه أن يقول قول الناس، ولعل سبب ذكره العرب أن لغو اليمين في كلامهم أكثر، وقد يمنع هذا، ويحتمل أنه أراد أن هذا كان معروفا عند العرب، فنزل قول الله تعالى: {لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} (البقرة: من الآية225) وحمل على ذلك. عرج: قال أهل اللغة: يقال عرج في السلم ونحوه يعرج بضم الراء عروجًا أي ارتقى، وعرج أيضًا بفتح الراء إذا أصابه شيء في رجله فجمع، ومشى مشية الأعرج ذا لم يكن خلقة أصلية، فإذا كان خلقة قلت: عرج بكسر الراء، كذا ذكره الجوهري وغيره، قال: ويقال من الثاني أعرج بين العرج، وقوم عرج الجزء: 4 ¦ الصفحة: 11 وعرجان، وأعرجه الله تعالى، وما أشد عرجه، ولا يقال ما أعرجه، والعرجان بفتح العين والراء مشية الأعرج. وعرج على الشيء بالتشديد تعريجًا إذا أقام عليه، ويقال ما لي عليه عرجة ولا عرجة بضم العين وفتحها ولا تعريج ولا تعرج أي: إقامة والمعراج السلم، ومنه ليلة المعراج لنبينا - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هو بكسر الميم وفتحها لغتان ذكرهما الأخفش وغيره قال: وهما كالمرقاة والمرقاة، ويقال في جمعه المعارج والمعاريج بإثبات الياء وحذفها كالمفاتح والمفاتيح. وقوله في المهذب في باب استيفاء القصاص: أن رجلا طعن رجلا بقرن في رجله فعرج هو بفتح الراء على ما ذكرناه، وكذا ضبطه بعض المحققين المصنفين في ألفاظ المهذب. عدا: قوله في الوسيط والبسيط والوجيز إذا غاب إلى مسافة العدوى. قال إمام الحرمين وغيره: هي التي يمكن قطعها في اليوم الواحد ذهابا ورجوعا، ومعناه أن يتمكن المبتكر إليها من الرجوع إلى منزله قبل الليل. قال الرافعي: مأخذ لفظها ففي الصحاح أن العدوى الاسم من الاعداء وهي المعونة، يقال أعدى الأمير فلانًا على خصمه إذا أعانه عليه، والعدوى أيضًا ما يعدي من جرب وغيره، وهي مجاوزته من صاحبه إلى غيره، فقيل لهذه المسافة مسافة العدوى لأن القاضي يعدي من استعدى به على الغائب إليها فيحضره، ويمكن أن يجعل من الأعداء بالمعنى الثاني لسهولة المجاوزة من أحد الموضعين إلى الآخر هذا كلام الرافعي. عرر: قال الله تعالى: {وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} (الحج: من الآية36) ذكر في باب الأضحية من المهذب وذكر تفسير الحسن ومجاهد. وقال الإمام أبو منصور الأزهري: قال جماعة من أهل اللغة: القانع الذي يسأل، والمعتر الذي يطيف بك، ولا يطلب ما عندك سألك أو سكت عن السؤال. قال ابن الأعرابي: عراه واعتراه وعره واعتره بمعنى واحد إذا أتاه وطلب معروفه. وقال الإمام أبو إسحاق الثعلبي المفسر: روى العوفي عن ابن عباس وليث عن مجاهد: أن القانع الذي يقنع بما يعطى ويرضى بما عنده ولا يسأل الناس. والمعتر الذي يمر بك ويتعرض لك ولا يسألك. وقال عكرمة وإبراهيم وقتادة: القانع المتعفف الجالس في بيته، والمعتر السائل الذي يعتريك فيسألك، وهي رواية الوالبي عن ابن عباس. وعن مجاهد: الجزء: 4 ¦ الصفحة: 12 القانع أهل مكة وجارك وإن كان غنيًا والمعتر الذي يعتريك ويأتيك فيسألك. وعلى هذه التأويلات يكون القانع من القناعة وهو الرضى والتعفف وترك السؤال. قال سعيد بن جبير والكلبي: القانع الذي يسألك والمعتر الذي يتعرض لك ويريك نفسه ولا يسألك، وعلى هذا القول يكون القانع من القنوع وهو السؤال. وقال زيد بن أسلم: القانع المسكين الذي يطوف ويسأل والمعتر الصديق الزائر. وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد: القانع الطامع والمعتر من يعتر بالبدن من غني أو فقير. وقال أبو زيد: القانع المسكين والمعتر الذي يعتر القوم برسوم وليس بمسكين ولا يكون له ذبيحة، فيجيء إلى القوم لأخذ لحمهم. وقال الحسن: المعترى وهو مثل المعتر يقال اعتراه وعراه وأعراه إذا أتاه طالبا معروفه، هذا ما ذكره الثعلبي. قال صاحب المحكم: المعتر الفقير، وقيل المعترض للمعروف من غير أن يسأل. عره واعتره واعتر به. قال: والعرعر شجر عظيم جبلي لا يزال أخضر. قوله في المهذب في باب من تقبل شهادته لم ترد لمعرة، هي بفتح الميم والعين وهي العيب. عرس: العرس بضم الراء وإسكانها لغتان مشهورتان، وهي مؤنثة وتذكر. ويقال أعرس اتخذ عرسًا، وأعرس بامرأته إذا بنى بها، وكذا إذا وطأها. قال الجوهري: ولا يقال عرس، ونقل غيره عرس أيضًا، وفي صحيح البخاري في أبواب الوليمة عن سهل ابن سعد، قال: عرس أبو أسد، ودعا النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأصحابه فما صنع لهم طعامًا إلا امرأته. عرق: قوله في المهذب قال في اختلاف العراقيين هو بفتح الياء الأولى وكسر النون على لفظ التثنية، والمراد بهما ابن أبي ليلى وأبو حنيفة رحمهما الله تعالى، وابن أبي ليلى هو محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، واسم أبي ليلى مختلف فيه، قيل: اسمه يسار وهو قول مسلم بن الحجاج ومحمد بن عبد الله بن نمير، وقيل: اسمه داود بن بلال، وقيل: سيار بن نمير، وقيل: اسمه بلال، وقيل: اسمه بليل بباء موحدة مضمومة ثم لام مفتوحة ثم ياء مثناة من تحت ساكنة، وقيل: لا يحفظ اسمه وسيأتي إن شاء الله تعالى في الأسماء والقبائل في اختلاف العراقيين، هو للإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه، وهو كتاب صنفه الشافعي رضي الله تعالى عنه من جملة كتب الأم، يذكر فيه المسائل التي اختلف الجزء: 4 ¦ الصفحة: 13 فيها أبو حنيفة وابن أبي ليلى فتارة يختار أحدهما ويزيف الآخر، وتارة يزيفهما معا ويختار غيرهما، وهو كتاب حجمه لطيف. قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “ليس لعرق السهو حق” أخرجه أبو داود في سننه عن هشام بن عروة عن أبيه عن سعد بن زيد أحد العشرة رضي الله تعالى عنهم عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وأخرجه الترمذي أيضًا، وأخرجه مالك في الموطأ عن هشام بن عروة عن أبيه عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مرسلا فلم يذكر فيه سعيدًا، وإسناد أبي داود صحيح، رجاله رجال الصحيح. قال الإمام أبو سليمان الخطابي رحمه الله تعالى: من الناس من يرويه على إضافة العرق إلى الظالم، وهو الغارس الذي غرسه فى غير حقه، ومنهم من يجعل الظالم من نعت العرق يريد به الغراس والشجر وجعله ظالمًا لأنه ثبت حقه. قال صاحب المطالع: معناه لعرق ذي ظلم على النعت ومن أضافه إلى الظالم فبين، وأحسن ما قيل فيه أنه كل ما احتفر أو غرس بغير حق كما قال مالك. ولم يذكر الأزهري في تهذيب اللغة وصاحبه ابن فارس في المجمل فيه إلا تنوين عرق على النعت، وكذا قاله أيضًا الأزهري في شرح الفاظ المختصر: قال لأن الغارس ظالم، وإذا كان ظالمًا فعرق ما غرس ظالم. وأصل الظلم وضع الشيء موضعه. قال الإمامان أبو عبد الله مالك بن أنس والشافعي رضي الله تعالى عنهم: العرق الظالم كل ما احتفر أو بني أو غرس ظلمًا في حق امرىء بغير خروجه منه، هذا لفظ الشافعي. ولفظ مالك: العرق الظالم كل ما احتفر أو غرس أو أخذ بغير حق. وفي هذا ذكر معنى الحديث وهو أن اختيار هذين الإمامين في ضبط هذا الحديث تنوين عرق. وقال الأزهري: قال أبو عبيد: قال هشام بن عروة: وهو الذي روى الحديث العرق الظالم أن يجيء الرجل إلى أرض قد أحياها رجل قبله فيغرس فيها غرسًا. قلت: وهذا أيضًا تصريح بأن هؤلاء الأئمة رووه بالتنوين. وفي حديث المستحاضة إنما ذلك عرق هو بكسر العين، ومعناه أن الاستحاضة تخرج من عرق يسمى العاذل بكسر الذال المعجمة بخلاف الحيض، فإنه يخرج من قعر الرحم، وقد قدمت بيان هذا في فصل حيض موضحًا غاية الإيضاح. قال: وقال الأزهري: قال ابن الأعرابي: العرق أهل الشرف واحدهم عريق وعروق، والعرق أهل السلام في الدين، وغلام عريق نحيف الجسم خفيف الجزء: 4 ¦ الصفحة: 14 الروح وجمعه عراق، وهي العظام الذي يؤخذ منها هين اللحم، ويبقى عليها لحوم رقيقة طيبة فتكسر وتطبخ، وتؤخذ إهالتها من طفاحتها، ويؤكل ما على العظام من لحم رقيق وتتمشمش العظام، ولحمها من أطيب اللحمان عندهم، يقال عرقت العظم وتعرقته وأعرقته إذا أخذت اللحم عنه نهشًا بأسنانك، وعظم معروق إذا ألقى عنه لحمه، والعراق مثل العراق. قال الدباسي: يقال عرقت العظم وأعرقه، وفرس معروق ومعرق إذا لم يكن على قصبه لحم، وفرس معرق أي مضمر، وعرق فرسك تعريقًا أي أجره حتى يعرق ويضمر ويذهب وهل لحمه، وأعرق الشجر وتعرق امتدت عروقه في الأرض، والعرقة الطرة تنسج على جوانب الفسطاط، والعرقة خشبة تعرض على الحائط بين اللبن، وجري الفرس عرقًا أو عرقين أي طلقًا أو طلقين، والعرق النفع والثواب، ولقيت منه ذات العراقي أي الداهية، ويقال للخشبتين اللتين يعرضان على الدلو كالصليب العرقوتان والجمع العراقي، وعرقيت الدلو عرقاة إذا شددت عليه العرقوتين، والعرب تقول في الدعاء استأصل الله عرقاته بنصب التاء؛ لأنهم يجعلونها واحد مؤنثة. قال الأزهري: ومن كسر التاء فجعلها جمع عرقة فقد أخطأ. قال الليث: العراقة من الشجر أرومه الأوسط ومنه تتشعب العروق، هو على تقدير فعلاة، والعرق الجبل الصغير ويقال تركت الحق معرقًا وصادحا وسانحًا أي لائحًا بينا، وعرق في الأرض عروقا أي ذهب فيهان هذا آخر كلام الأزهري. وقال صاحب المحكم رحمه الله تعالى: العرق ما جرى من أصول الشعر من ماء الجلد، اسم للجنس لا يجمع، هو في الحيوان أصل وفي غيره مستعار، يقال عرق عرقًا ورجل عرق كثير العرق، فأما عرقة فبناء مطرد في كل فعل ثلاثي كضحكة وهزأة، ولربما غلط بمثل هذا ولم يشعر بمكان اطراده، فذكر كما يذكر ما يطرد. فقد قال بعضهم: رجل عرق وعرقة كثير العرق، فيسوى بين عرق وعرقة وعرق غير مطرد وعرقة مطرد كما ذكرنا، وأعرقت الفرس وعرقته أجريته ليعرق، وعرق الحائط عرقا ندى، وكذلك الأرض الثرية إذا نتج فيها الندى حتى يلتقي هو والثرى، وعرق الزجاجة ما نتح به من الشراب وغيره مما فيها، ولبن عرق فاسد الطعم، وذلك من أن تشد قربة على جنب البعير بلا وقاية فيصيبها عرقه. وقيل: هو الخبيث الحمض، وقد عرق عرقا، والعرق اللبن لأنه الجزء: 4 ¦ الصفحة: 15 عرق يتحلب في العروق حتى ينتهي إلى الضرع، وما أكثر عرق إبلك وغنمك أي لبنها ونتاجها، وعرق التمر دبسه، وناقة دائمة العرق أي الدرة. وقيل: دائمة اللبن وفي غنمه عرق أي نتاج كثير، وعرق كل شيء أصله والجمع أعراق وعروق، ورجل معرق في الحسب، وقد عرق فيه أعمامه وأخواله وأعرقوا، وأعرق فيه إعراق العبيد والإماء إذا خالطه ذلك وتخلق بأخلاقهم، وعرق فيه اللئام، ويجوز في الشعر أنه لمعروق له في الكرم على توهم حذف الزائد، وتداركه اعراق خير واعراق شر، وكذلك الفرس وغيره، وقد أعرق وعروق كل شيء أطناب تتشعب منه واحدها عرق وأعرق، وعرق الشجر امتدت عروقه، والعرقاة الأصل الذي يذهب في الأرض سفلا وتتشعب منه العروق. وقال بعضهم: أعرقه وعرقاة فجمع بالتاء، وعرقاة كل شيء، وعرقاته أصله وما يقوم عليه ويقال استأصل الله عرقاتهم وعرقاتهم أي شأفتهم، فعرقاتهم بالكسر جمع عرق كأنه عرق، وعرقات كعرس وعرسات، إلا أن عرسًا أنثى، فيكون هذا من المذكر الذي جمع بالألف والتاء كسجل وسجلات وحمام وحمامات. ومن قال: عرقاتهم أجراه مجرى سعلاة، وقد يكون عرقاتهم جمع عرق وعرقة. كما قال بعضهم: رأيت بناتك فشبهوها بهاء التأنيث التي في قناتهم وفتاتهم لأنهم للتأنيث، كما أن هذه له، والذي سمع من العرب الفصحاء عرقاتهم بالكسر، والعرق: الأرض الملح التي لا تنبت. وقال أبو حنيفة رضي الله تعالى عنه: العرق سبخة تنبت الشجر، واستعرقت إبلكم أتت ذلك المكان، وإبل عراقية منسوبة إلى العراق على غير قياس. والعراق العظم بغير لحم فإن كان عليه لحم فهو عرق. وقيل: العرق الذي قد كان أخذ أكثر لحمه والعرق بالتشقق من اللحم وجمعها عراق، وهو من الجمع العزيز وله نظائر. وحكى ابن الأعرابي في جمعه: عراق بالكسر، وهو أقيس وعرق العظم يعرقه عرقا وتعرقه واعترقه أكل ما عليه، ورجل معروق ومعترق ومعرق قليل اللحم، وكذلك الخد، وعرقته الخطوب تعرقه أخذت منه، والعرق الزبيب نادر، والعرقة الدرة التي يضرب بها، والعرقوة خشبة معروضة على الدلو والجمع عرق يعني بفتح العين وإسكان الراء وأصله عرقو، إلا أنه ليس في الكلام اسم آخره واو قبلها حرف مضموم، وإنما يختص بهذا الضرب الأفعال نحو سرو ونهو ودهو، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 16 فإذا أدى قياس إلى مثل هذا رفض فعدلوا إلى إبدال الواو ياء، فكأنهم حولوا عرقوًا إلى عرقي، ثم كرهوا الكسرة على الياء فأسكنوها وبعدها النون ساكنة، فالتقى ساكنان فحذفوا الياء وبقيت الكسرة دالة عليها، وثبتت النون إشعارًا بالصرف، فإذا لم يلتق ساكنان ردوا الياء، فقالوا: رأيت عرقيها، والعرقاة العرقوة وذات العراقي هي الدلو، والدلو من أسماء الداهية، وعرق في الأرض يعرق عرقًا ذهب، والعراقي عند أهل اليمن التراقي، هذا آخر كلام صاحب المحكم. قوله في حديث المظاهر والمجامع في شهر رمضان “فأتي النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعرق من تمر العرق” بفتح العين والراء. قال الأزهري: هكذا رواه ابن جبلة عن أبي عبيد عرق يعني بفتح الراء. قال الأزهري: وأصحاب الحديث يخففونه يعني بسكون الراء. قال الأصمعي: العرق الشقيقة المنسوجة من الخوص قبل أن يجعل منها زبيل فسمي الزبيل عرقًا، وكذلك كل شيء يصطف مثل الطير إذا اصطفت في السماء فهي عرقة. قال غيره: وكذلك كل شيء مظفور فهو عرق، هذا أخر كلام الأزهري. وقال صاحب المحكم: العرق والعرقة الزبيل. وفي حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنه: “لا تغالوا في صداق النساء فإن الرجل يغالي في صداقها حتى يقول تجشمت إليك عرق القربة” قال الأزهري: قال أبو عبيد: قال الكسائى: معناه أن تقول تصببت وتكلفت حتى عرقت كعرق القربة، وعرقها سيلان مائها. قال أبو عبيد: هو أن يقول تكلفت لك ما لم يبلغه أحد حتى تجشمت ما لا يكون لأن القربة لا تعرق، ومثل هذا قولهم حتى يشيب الغراب ويبيض القار. قال الأصمعي: عرق القربة كلمة معناها الشدة ولا أدري ما أصلها. قال ابن الأعرابي: علق القربة وعرقها واحد، وهو معلاق تحمل فيه القربة، فهذا آخر كلام الأزهري عن حكاية أبي عبيد. عرم: قد تكرر في الوسيط لفظ العرامة كقوله في باب حد قاطع الطريق: إذا فترت قوة السلطان وثار ذوو العرامة في البلاد، فالعرامة بفتح العين وتخفيف الراء، يقال: عرم الرجل بكسر الراء وفتحها وضمها والعين مفتوحة بكل حال فهو عارم وهو الشرير المفسد. وقيل: هو الجاهل الشرس. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 17 عري: في الأحاديث أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رخص في العرايا، فقد فسرت في الكتب الثلاثة فلا حاجة إلى تفسيرها. قال الهروي: واحدة العرايا عرية فعيلة بمعنى مفعولة من عراه يعروه، ويحتمل أن تكون من عرى يعري كأنها عريت من جملة التحريم، فعريت أي حلت وخرجت، فهي فعيلة بمعنى فاعلة. ويقال: هو عرو من هذا الأمر أي خلو منه. قال الأزهري: هي فعيلة بمعنى فاعلة. وقيل: هي مشتقة من عروت الرجل إذا ألممت به؛ لأن صاحبها يتردد إليها. وقيل: سميت بذلك لتخلي صاحبها الأول عنها من بين سائر نخيله ذلك. قوله في باب ستر العورة من المهذب: وإن اجتمع نساء عراة، هكذا وقع في الكتاب عراة وهو لحن، وصوابه عاريات كضاربة وضاربات، قوله: كانوا يطوفون بالبيت عراة. حكى أبو الوليد الأزرقي في تاريخ مكة: أن الذين كانوا يطوفون عراة هم العرب العرباء غير قريش أهل مكة، فأما أهل مكة قريش فإنهم كانوا يطوفون مستترين، ثم روى الأزرقي: أن العرب كانت تطوف بالبيت عراة إلا قريش وأحلافها، فمن جاء من غيرهم وضع ثيابه خارج المسجد. قال: وقال ابن جريج: لما أن أهلك الله أبرهة صاحب الفيل وسلط عليه الطير الأبابيل عظم جميع العرب قريشًا وأهل مكة، وقالوا: هم أهل الله قاتل عنهم وكفاهم مؤونة عدوهم، فازدادوا في تعظيم الحرم والمشاعر الحرام، ورأوا أن دينهم خير الأديان، وقالت قريش وأهل مكة: نحن أهل الله بنو إبراهيم خليل الله وولاة البيت الحرام وسكان حرمه، فليس لأحد من العرب مثل حقنا ولا مثل منزلتنا، ولا تعرف العرب لأحد مثل ما تعرف لنا، فابتدعوا عند ذلك أحداثا في دينهم أداروها بينهم، فقالوا: لا تعظموا شيئا من الحل كما تعظموا الحرم، فإنكم إن فعلتم ذلك استخفت العرب بحرمكم، فتركوا الوقوف بعرفة والإفاضة منها، وهم يعتقدون أنها من المشاعر العظام ودين إبراهيم عليه السلام، ويقرون سائر العرب أن يقفوا عليها وأن يفيضوا منها، وقالوا: نحن لا ينبغي لنا أن نخرج من الحرم ولا نعظم غيره، ثم جعلوا لمن ولد من سائر العرب من سكان الحل والحرم، مثل الذي لهم بولادتهم إياهم يحل لهم ما يحل لهم ويحرم عليهم ما يحرم عليهم، وكانت كنانة وخزاعة قد دخلوا معهم في ذلك ثم ابتدعوا أمورًا لم تكن، حتى قالوا: لا ينبغي لنا أن الجزء: 4 ¦ الصفحة: 18 نأقط الأقط ولا نسلؤا السمن ونحن محرمون، ولا ندخل بيتًا من شعر ولا نستظل إلا في بيوت الأدم، ثم زادوا في الابتداع، فقالوا: لا ينبغي لأهل الحرم أن يأكلوا من طعام جاؤوا به معهم من الحل في الحرم إذا جاؤوا حجاجا أو معتمرين، ولا يأكلوا في الحرم إلا من طعام أهل الحرم إما قراء وإما شراء. وكان مما ابتدعوا: أنهم إذا حج الصرورة إنسان من غير الحمس، والحمس من أهل مكة قريش وخزاعة وكنانة، ومن دان دينهم ممن ولدوا من حلفائهم فلا يطوف إلا عريانًا رجلا كان أو امرأة، إلا أن يطوف في ثوب أحمسي إما بإعارة وإما بإجارة، فيقف الغريب بباب المسجد، ويقول من يعيرني ثوبا، فإن أعاره أحمسي ثوبا أو أكراه طاف به، وإن لم يعره ألقى ثيابه بباب المسجد من خارج، ثم دخل الطواف وهو عريان، فإذا فرغ من طوافه خرج فيجد ثيابه كما تركها لم تمس، فيأخذها فيلبسها، ولا يعود إلى الطواف بعد ذلك عريانا، ولم يكن يطوف عريانا إلا الصرورة من غير الحمس، فأما الحمس فكانت تطوف في ثيابها، فإن قدم غير أحمسي من رجل أو امرأة، ولم يجد ثياب أحمسي يطوف فيها ومعه فضل ثياب يلبثها غير ثيابه التي عليه طاف بثيابه ثم جعلها لقا، واللقى: أن يطرح ثيابه بين أساف ونائلة، فلا يمسها أحد ولا ينتفع بها حتى تبلى من وطء الأقدام والشمس والرياح والمطر، فجاءت امرأة لها جمال وهيئة فطلبت ثيابا لأحمسي فلم تجدها، ولم تجد بدًا من الطواف عريانة، فنزعت ثيابها بباب المسجد ثم دخلت المسجد عريانة فوضعت يدها على فرجها وجعلت تقول: فما بدا منه فلا أحله اليوم يبدو بعضه أو كله فجعل فتيان مكة ينظرون إليها وكان لها وتزوجت في قريش. وجاءت امرأة تطوف عريانة ولها جمال، فأعجبت رجلا فطاف إلى جنبها ليمسها فأدنى عضده إلى عضدها فالتزقت عضده بعضدها، فخرجا من المسجد هاربين على وجوههما فزعين لما أصابهما، فلقيهما شيخ من قريش فأخبراه، فأفتاهما أن يعودا إلى مكانهما الذي أصابهما فيه ما أصابهما فيدعوا ويخلصا أن لا يعودا، فرجعا فدعوا الله تعالى وأخلصا إليه أن لا يعودا فافترقت أعضادهما، فذهب كل واحد منهما إلى ناحية، هذا آخر ما حكاه الجزء: 4 ¦ الصفحة: 19 الأزرقي عن ابن جريج. وروى الأزرقي عن ابن عباس، قال: كانت قبائل من العرب من بني عامر وغيرهم يطوفون عراة الرجال بالنهار والنساء بالليل، وكانوا يقولون: لا نطوف في الثياب التي قارفنا فيها الذنوب. عزز: قال الإمام أبو منصور الأزهري رحمه الله تعالى: العزيز من صفات الله تعالى الحسنى. قال أبو إسحاق بن السري: هو الممتنع فلا يغلبه شيء. وقال غيره: هو القوي الغالب على كل شيء. وقيل: هو الذي ليس كمثله شىء. قال: وقوله تعالى: {فعززنا بثالث} معناه قوينا وشددنا. قال الإمام الواحدي رحمه الله تعالى في كتابه البسيط في التفسير: اختلف قول أهل اللغة في معنى العزيز واشتقاقه، فقال أبو إسحاق العزيز في صفات الله تعالى: الممتنع فلا يغلبه شيء، وهذا قول المفضل. قال: العزيز الذي لا تناله الأيدي، وعلى هذا القول العزيز من عز يعز بفتح العين إذا اشتد، يقال: عز علي ما أصاب فلانًا أي اشتد وتعزز لحم الناقة، إذا صلب واشتد، والعزاز: الأرض الصلبة فمعنى العزة في اللغة الشدة، ولا يجوز في وصف الله تعالى الشدة، ويجوز العزة وهي امتناعه على من أراده. قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: العزيز الذي لا يوجد مثله. قال الفراء: يقال عز الشيء يعز بالكسر إذا قل حتى لا يكاد يوجد عزة فهو عزيز. وقال الكسائى وابن الانبارى وجماعة من أهل اللغة: العزيز القوي الغالب، تقول العرب: عز فلان فلانًا يعزه عزا إذا غلبه، قال الله تعالى: {وعزنى في الخطاب} هذا ما ذكره الواحدي. قال أهل اللغة: العز والعزة بمعنى، وهي الرفعة والامتناع والشدة والغلبة، ورجل عزيز من قوم أعزة وأعزاء وأعزاز. قال صاحب المحكم: ولا تقل عززا كراهة التضعيف، قال: وامتناع هذا مطرد، فما كان من هذا النحو المضاعف، قال: وأما قولهم عز عزيزًا إما أن يكون للمبالغة وإما أن يكون بمعنى معز، قال: واعتز به وتعزز أي: تشرف وعز علي يعز عزًا وعزة وعزازة كرم، قال: وعززت القوم وعززتهم وأعززهم قويتهم، قال: وقال ثعلب في كتابه الفصيح: “إذا عز أخوك فهن” معناه إذا تعظم أخوك شامخًا عليك فالتزم له الهوان. قال أبو إسحاق: هذا خطأ من ثعلب إنما هو فهن بكسر الهاء، معناه إذا اشتد فهن من هان يهين إذا صار هينًا لينًا فإن العرب لا تأمر بالهوان؛ لأنهم أعزة أباؤن للضيم. قال صاحب المحكم: عندي أن قول ثعلب الجزء: 4 ¦ الصفحة: 20 صحيح لقول ابن أحمر: إذا عز ابن عمك أن تهونا دببت لها الضراء رجاء أبقي قلت: ولم يذكر الأزهري وجماعة إلا فهن بالضم. قوله في كتاب الحج: إنك أنت الأعز الأكرم، الأعز: معناه العزيز. قال الأزهري: يقال ملك أعز وعزيز بمعنى واحد، وكذا قاله صاحب المحكم وغيره. قال الأزهري: عز الرجل يعز عزا وعزة إذا قوي بعد ذله، وتقول العرب من عز بز أي: من غلب سلب. وفي الحديث استعز برسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قال أبو عمرو: استعز بفلان أي غلب في كل أمر من مرض أو عاهة، قال: واستعز الله بفلان معزاز، واستعز بحقي أي غلبني، وفلان معزاز المرض شديده. قال الأزهري: قال الفراء: العزة بيت الطيبة، وبها سميت المرأة عزة. عزف: المعازف الملاهي وتشمل الأوتار والمزامير حكاه الرافعي. قال الجوهري: عزفت نفسي عن الشيء تعزف وتعزف عزوفا أي زهدت فيه وانصرفت عنه، والعزيف: صوت الجن وعزفت الجن تعزف بالكسر عزيفًا، والمعازف الملاهي، والعازف اللاعب بها وعزفت عزفا. عزى: قال الأزهري في شرح ألفاظ المختصر التعزية التأسية لمن يصاب بمن يعز عليه، وهو أن يقال له تعز بعزاء الله تعالى، وعزاء الله تعالى قوله عز وجل: {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} (البقرة:156) وكقوله عز وجل: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ} (الحديد: من الآية22، 23) قال: والعزاء اسم أقيم مقام التعزية، ومعنى تعز بعزاء الله تعالى تصبر بالتعزية التي عزاك الله تعالى بها، وأصل العزاء: الصبر وعزيت فلانا أمرته بالصبر، هذا كلام الأزهري. وقال صاحب المحكم في باب عزز: قولهم تعزيت عنه أي: تصبرت أصلها تعززت أي: تشددت مثل تظنيت من تظننت، والاسم منه العزاء. عسس: قال أهل اللغة: يقال: عس يعس عسًا واعتس يعتس إذا طاف بالليل، فيكشف عن أهل الريبة ورجل عاس، قال أكثرهم: والجمع عسس كخادم وخدم. وقال صاحب المحكم: جمعه عساس وعسسة ككافر وكفار وكفرة، قال: والعسس اسم للجمع. وقيل: جمع عاس، قال: وقيل: العاس يقع على الواحد والجمع، واعتس الشيء أي طلبه ليلا وقصده، وذئب عسعس الجزء: 4 ¦ الصفحة: 21 وعساس أي طلوب لصيد بالليل. وقيل: يقع هذا الاسم على كل السباع إذا طلب الصيد بالليل. وقيل: هو الذي لا ينقاد. وقيل: العسعاس الخفيف من كل شيء، وعسعس الليل عسعسة أدبر، كذا قاله الأكثرون. ونقل الفراء إجماع المفسرين عليه، وقال آخرون: معناه أقبل، وقال آخرون: هو من الأضداد، يقال إذا أقبل وإذا أدبر، وقد بسط الأزهري القول فيه، ونقله عن أئمة اللغة بجميع ما ذكرته. عسف: قوله في الوسيط والوجيز والمنهاج راكب تعاسيف هو من العسف. قال الأزهري: العسف ركوب الأمر بغير روية وركوب الفلاة وقطعها صوب. عسم: قوله في باب الديات من المهذب في يد الأعسم الدية. قال ابن الأعرابي وغيره من أهل اللغة وصاحب الشامل وغيره من أصحابنا في كتب المذهب: العسم اعوجاج وميل في رسغ اليد، والرسغ مفصل الكف من الذراع. قال صاحب الشامل: هو جار مجرى عين الأحول. وقال ابن فارس في المجمل: العسم يبس في المرفق. وقال الجوهري: هو يبس مفصل الرسغ حتى يعوج الكف والقدم، ورجل أعسم وامرأة عسماء. عسى: قال الإمام أبو الحسن الواحدي المفسر في كتابه في قول الله تبارك وتعالى: {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} (البقرة: من الآية216) عسى عند العامة شك وتوهم، وهي عند الله تبارك وتعالى يقين وواجب، وعسى فعل متصرف درج مضارعه وبقي ماضيه، تقول: عسيتما وعسيتم يتكلم فيه على فعل ماض، وأميت ما سواه من وجوه فعله ويرتفع الاسم بعده كما يرتفع بعد الفعل، يقال منه أعسى لفلان أن يفعل كذا مثل أحرى وأخلق بعده، وبالعسي أن تفعل كما تقول بالحري أن تفعل ومعناه من جميع الوجوه قريب وقرب وأقرب به، ومنه قوله تعالى: {عَسَى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ بَعْضُ} (النمل: من الآية72) أي: قرب، وقوله تعالى: {عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيباً} (الإسراء: من الآية51) أي: قرب ذلك وكثرت عسى على الألسنة حتى صارت كأنها مثل لعل، وتأويل عسى التقريب، وجاءت عسى في القرآن بدخول أن كقوله تعالى: {عسى ربكم أن يرحمكم} و {عسى أن يكون ردف لكم} ولما كثرت عند العرب في ألفاظهم أسقطوا أن، كما قال الشاعر: له كل يوم في خليقته أمر الجزء: 4 ¦ الصفحة: 22 عسى فرج يأتي به الله أنه وقال آخر: يكون وراءه فرج قريب عسى الكرب الذي أمسيت فيه هذا آخر ما ذكره الواحدي هنا. وذكر في قوله تعالى: {هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ} (البقرة: من الآية246) قرأ نافع وحده عسيتم بكسر السين، واللغة الفصيحة المشهورة فيها فتحها. قال: ووجه قراءة نافع ما حكاه ابن الأعرابي أنهم يقولون هو عسى بكذا، وما أعساه وأعسى به، وقولهم عسى يقوي عسيتم بكسر السين ألا ترى أن عسى مثل شج وحرفان، قالوا: يلزمكم أن تقرؤوا عسى ربكم. قيل: القياس هذا، وله أن يأخذ باللغتين فيستعمل إحداهما في موضع والأخرى في موضع. قال الإمام أبو إسحاق الثعلبي في تفسيره في قوله تعالى: {هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ} قال: قرأ نافع وطلحة والحسن عسيتم بكسر السين في القرآن كله وهي لغة، والباقون بالفتح وهي اللغة الفصيحة. قال أبو عبيد: لو جاز عسيتم يعني بالكسر لقرىء عسى ربكم يعني بالكسر مثله. والجواب: عما ذكره الواحدي كما تقدم. وقال الإمام أبو البقاء النحوي في كتابه إعراب القرآن في هذه الآية: جمهور القراء على فتح السين لأنه على فعل تقول عسى مثل رمى وتقرأ بكسرها وهي لغة، والفعل منها عسى مثل خشي، واسم الفاعل مثل عم حكاه ابن الأعرابي. قال الواحدي في قول الله تعالى: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً} (الاسراء: من الآية79) قال المفسرون: كلهم عسى من الله عز وجل واجب. قال أهل المعاني: وإنما كان كذلك لأن معنى عسى في اللغة التقريب والإطماع، ومن أطمع إنسانا في شيء حرمه كان عارا، والله تعالى أكرم من أن يطمع إنسانا في شيء ثم لا يعطيه ذلك. عشر: العشر من الشهر فيه لغتان التأنيث والتذكير، والتأنيث أكثر في الأحاديث وكلام العرب، ومنه الأحاديث الصحيحة في طلب ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان، ومما جاء في التذكير حديث أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه في صحيح مسلم في آخر كتاب الصيام في حديث ليلة القدر، قال: إن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اعتكف العسر الأول من رمضان ثم اعتكف العشر الأوسط، ثم قال - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “إني أعتكف العشر الأول ألتمس هذه الليلة ثم اعتكفت العشر الأوسط ثم أتيت فقيل لي إنها في العشر الأواخر” هذا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 23 هو في جميع النسخ العشر الأوسط من كلام النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وفي رواية بعده من كلام أبي سعيد العشر الوسطى. عشش: العش للطائر معروف، وهو ما يجمعه من قطع العيدان والحشيش ونحوها، فيبيض فيه في جبل أو شجرة أو سقف أو نحو ذلك. قال صاحب المحكم: جمعه أعشاش وعشاش وعشوش وعششة. قال: واعتش الطائر اتخذ عشا وكذلك عشعش. قال الأزهري: قال أبو عبيد من أمثالهم: “ليس هذا بعشك فادرجي” يضرب مثلا لمن يرفع نفسه فوق قدره، ونحوه: “تلمس أعشاشك” أي: تلمس التجني والعلل في ذويك. عشق: قال الأزهري: سئل أحمد بن يحيى عن الحب والعشق أيهما أحمد، فقال: الحب لأن العشق فيه إفراط. قال ابن الأعرابي: والعشق اللبلاب واحدتها عشيقة. قال: وسمي العاشق عاشقا لأنه يذبل ممن شدة الهوى كما تذبل العشقة إذا تركت. قال أبو عبيدة: امرأة عاشق بلا هاء وحكاه عن الكسائى. قال الليث: عشق يعشق عشقا وعشقا العشق الاسم. قال غيره: والعشق بالسين والشين اللزوم للشيء لا يفارقه، ولذلك قيل للكلف عاشق للزومه هواه، والمعشق العشق هذا كلام الأزهري. وقال الليث في العين بعد ذكره ما نقله الأزهري عنه يقال للفاعل عاشق وعاشقة، وللمفعول معشوق ومعشوقة. وقال صاحب المحكم: العشق عجب المحب بالمحبوب يكون في عفاف الحب ودعارته عشقه عشقا وعشقا وتعشقه. وقيل: العشق الاسم، ورجل عاشق وعشيق كثير العشق، وامرأة عاشق وعاشقة، والعشقة شجرة تخضر ثم تدق وتصفر قاله الزجاج، وزعم أن اشتقاق العاشق من ذلك. عصب: في الحديث: “إلا ثوب عصب” مذكور في العدة من المهذب هو بعين مفتوحة ثم صاد ساكنة مهملتين ثم باء موحدة، وهي برود اليمن يعصب غزلها ثم يصبغ معصوبا ثم ينسج. عصص: قال الأزهري: قال ابن الأعرابي: يقال في عجب الذنب هو العُصْعُص والعُصْعَص والعُصَص والعَصَص والعُصْعُوص كلها صحيحة. قال صاحب المحكم: عص الشيء يعص بفتح العين عصًا إذا صلب واشتد وجمع العصعوص عصاعص. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 24 عضب: المعضوب المذكور في كتاب الحج العاجز عن الحج بنفسه لزمانة أو كسر أو مرض لا يرجى زواله أو كبر بحيث لا يستمسك على الراحلة إلا بمشقة شديدة هذا حده عند أصحابنا، وتفصيله في هذه الكتب واضح معروف، وهو بالعين المهملة والضاد المعجمة، وهو من العضب بفتح العين وإسكان الضاد وهو القطع، هكذا قاله أهل اللغة، وقالوا يقال منه عضبته أي قطعته. قال الجوهري في الصحاح: المعضوب الضعيف، قلت: فيجوز أن يكون تسمية الفقهاء العاجز عن الحج معضوبا لهذا، ويجوز أن يكون من القطع لأن الزمانة ونحوها قطعت حركته، وهذا هو الذي قاله الشارحون لألفاظ الفقهاء، ثم هذا الذي ذكرناه من كونه بالضاد المعجمة، هو المشهور المعروف الذي قاله الجماهير بل الجميع. وقال الإمام أبو القاسم الرافعي: بالمعجمة، ثم قال: وقيل: هو المعصوب بالصاد المهملة كأنه ضرب على عصبه فتعطلت أعضاؤه. قول الشافعي رضي الله تعالى عنه في المختصر في زكاة الفطر: ويزكي عمن كان مرهوبا أو مغصوبا، المشهور أنه مغصوب بالغين المعجمة والصاد المهملة. قال صاحب الحاوي: ومنهم من رواه معضوب بالعين المهملة والضاد المعجمة أي زمنًا وله وجه أيضًا. عضض: قال الأزهري: العض بالأسنان والفعل عضضت يعني بكسر الضاد أعض، والأمر منه عض واعضض. قال صاحب المحكم: العض الشد بالأسنان على الشيء، وكذلك عض الحية، ولا يقال للعقرب. وقد عضضته أعضه وعضضت عليه عضًا وعضاضًا وعضيضًا ويقال عَضَّضْتُه تميمية، والعض باللسان أن يتناوله بما لا ينبغي، والفعل كالفعل وكذلك المصدر، ودابة ذات عضيض وعضاض وفرس عضوض وكلب عضوض وناقة عضوض بغير هاء. وقال الأزهري: قال الفراء: العضاض ما لان من الأنف. وقال الفراء: والعضاضي الرجل الناعم اللين مأخوذ منه. قال الأزهري: واليعضوض ثمر أسود والياء ليست أصلية له ذكر في حد وفد عبد القيس. قال الزبيدي في مختصر العين: لا يدخله السوس أبدًا. عضل: العضل بفتح العين وإسكان الضاد، هو منع الولي الأيم من التزويج، ومنع الزوج امرأته من حسن الصحبة الجزء: 4 ¦ الصفحة: 25 لتفتدي منه، وكلاهما محرم بنص القرآن العزيز. قال أهل اللغة: العضل المنع، يقال عضل فلان أيمه إذا منعها من التزويج فهو يعضلها، ويعضلها بكسر الضاد وضمها. قالوا: وأصل العضل الضيق يقال عضلت المرأة إذا نشب الولد فى بطنها، وكذلك عضلت الأرض بالجيش إذا ضاقت بهم كثرة، وأعضل الداء الأطباء إذا أعياهم. ويقال داء عضال بضم العين كغراب وامرأة عضال وأعضل الأمر أي اشتد. عضو: قوله في أول كتاب الرهن من المهذب لأن الرهن إنما جعل ليحفظ عوض ما زال ملكه عنه من مال ومنفعة وعضو، فقوله وعضو هو بضم العين ثم ضاد ثم واو هذا هو الصحيح الصواب، وهكذا هو في نسخة قوبلت مع الشيخ أبي إسحاق المصنف رحمه الله تعالى، ويوجد في أكثر النسخ، وعوض بتقديم الواو على الضاد وهو غلط أو فاسد من حيث النقل والمعنى، والصواب ما تقدم أنه عضو بتقديم الضاد. فقوله ليحفظ عوض ما زال ملكه عنه من مال ومنعفة وعضو. أما عوض المال فهو ثمن المبيع وقيمة المتلف والمسلم فيه وغير ذلك. وأما عوض المنفعة فأجرة الدار وشبهها ومال الخلع وغيره. وأما عوض العضو فأرش الجناية والمهر، فإن أرش الجناية عوض العضو المجنى عليه وكذلك الصداق، ولا يقال كيف يقال زال ملك الإنسان من عضوه، وكيف يملك الإنسان نفسه أو بعضها، لأنا نقول سماه مالكا مجازًا وكثيرًا ما يطلق أصحابنا هذه العبارة لا سيما في أبواب النكاح، إذ يقولون ملكت المرأة نفسها بالخلع وبالطلاق فيسمون ذلك وأشباهه ملكا من حيث أنه يتصرف في نفسه تصرف المالك في ملكه ومراد المصنف - والله تعالى أعلم - أن يضبط أنواع الدين الذي يكون الرهن عليه، وقد ذكر ذلك أولا في قوله: يجوز أخذ الرهن على دين السَّلم، وعوض القرض، والثمن، والأجرة، والصداق، وعوض الخلع، ومال الصلح، وأرش الجناية، وغرامة المتلف، والله تعالى أعلم. عطى: قوله في الوجيز في كتاب الصداق تزوجها على أن يعطي أباها ألفًا. قال الرافعي: يجوز أن يعطي بالياء والتاء وبيانهما يعرف من الخلاف والتفصيل الذي في المسألة. عفص: العفص الذي يدبغ به معروف الواحدة عفصة. وفي باب اللقطة يعرف عفاصها هو بكسر العين وبالفاء. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 26 قال أهل اللغة والفقهاء: هو الوعاء الذي يكون فيه اللقطة سواء كان من جلد أو خرقة أو غيرهما. قالوا: ويطلق العفاص أيضًا على الجلد الذي يلبسه رأس القارورة لأنه كالوعاء له، فأما الذي يدخل في فم القارورة من خشبة أو جلد أو خرقة مجموعة ونحو ذلك فهو الصمام بكسر الصاد. ويقال: عفصتها عفصًا إذا شددت العفاص عليها، واعتفصته إعفاصا إذا جعلت لها عفاصًا. عفف: قال أبو منصور الأزهري: يقال: عف الإنسان عن المحارم يعف عفة وعفًا وعفافا فهو عفيف، وجمعه أعفاء، وامرأة عفيفة الفرج ونسوة عفائف. وقال صاحب المحكم: العفة الكف عما لا يحل ولا يحمد، يقال: عف يعف عفة وعفافا وعفافة وتعفف واستعفف، ورجل عف، وعفيف والأنثى بالهاء، وجمع العفيف أعفة وأعفاء، ولم يكسروا العف. وقيل: العفيفة من النساء السيدة الحرة، ورجل عفيف، وعف عن المسألة والحرص، والجمع كالجمع هذا آخر كلام صاحب المحكم. قال الجوهري: ويقال أعفه الله تعالى. قال الزبيدي في مختصر العين: عفان فعلان من العفة. عقب: أركبه عقبة أي نوبة لأن كل واحد منهما يعقب صاحبه ويركب موضعه. قال صاحب العين: العقبة مقدار فرسخين، ويقال اعتقبا وتعاقبا. قال الواحدي: سمي العقاب عقابا لأنه يعقب الذنب. عقد: قال صاحب المحكم: العقد نقيض الحل عقده يعقده عقدا وتعاقدا وعقده واعتقده كعقده وقد انعقد وتعقد. قال سيبويه: وقالوا: هو مني كعقد الإزار أي بتلك المنزلة له، فحذف وأوصل الفعل والعقدة حجم العقد، والجمع عقد، والعقد الخيط ينظم فيه الخرز، والجمع عقود، والمعقاد خيط تنظم فيه خرزات وتعلق في عنق الصبي، وعقد التاج فوق رأسه واعتقده عصبه به، وعقد العهد واليمين يعقدهما عقدًا، وعقدهما أكد عقدهما، والعقد العهد، والجمع عقود وعاقده عاهده وتعاقدوا تعاهدوا، والعقيد الحليف، وعقد البناء بالجص يعقده عقدا ألزقه والعقد ماعقدت من البناء، والجمع أعقاد وعقود، وعقد العسل والربُّ ونحوهما يعقد ويعقد. وأعقدته فهو معقد وعقيد، والعقيد عسل يعقد حتى يخثر، وفي لسانه عقدة وعقد أي التواء، ورجل أعقد في لسانه الجزء: 4 ¦ الصفحة: 27 عقدة وعقد كلامه أعوصه وعماه، وعقد على الشيء لزمه، وعقد النكاح والبيع وجوبهما. قال الفارسى: هو من الشد والربط، وعقد كل شيء إبرامه، واعتقد الشيء صلبه، وتعقد الإخاء استحكم، وعقد الشحم يعقد انبنى وظهر، والعقد المتراكم من الرمل واحده عقدة والجمع أعقاد، والعقد بالفتح لغة في العقد، هذا آخر كلام صاحب المحكم. وقال الأزهري: أعقدت العسل ونحوه. وروى بعضهم عقدته، والكلام اعتقدت، وموضع العقد من الحل معقد وجمعه معاقد، هذا آخر كلام الأزهري. وقال الليث في العين: تعقد السحاب إذا صار كأنه عقد مضروب مبني، والعقدة الضيعة والجمع العقد، واعتقد الرجل مالا وإخاء، وعقد الرجل والمرأة فهو أعقد وهي عقداء، إذا كان في لسانه عقدة وغلظ في وسطه، والفعل عقد يعقد عقدًا. عقر: قولهم في الشفعة: لا تجب إلا في عقار هو بفتح العين. قال الأزهري: قال أبو عبيد: سمعت الأصمعي يقول: عقر الدار أصلها في لغة الحجاز، فأما أهل نجد فيقولون: عقر، قال: ومنه قيل العقار وهو المنزل والأرض والضياع، هذا آخر كلام الأزهري. وقال أبو إسحاق الزجاج في معاني القرآن العزيز في قوله تعالى في سورة آل عمران حكاية عن زكريا عليه السلام: {وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ} (آل عمران: من الآية40) قال: والعقار كل ما له أصل، قال: وقد قيل إن النخل خاصة يقال لها عقار. قال: وعقر دار القوم أصل مقالهم الذي عليه معولهم، وإذا انتقلوا منه لنجعة رجعوا إليه، هذا آخر كلام الزجاج. وفي حديث النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “خمس من قتلهن فلا جناح عليه” فذكر فيهن الكلب العقور. قال الأزهري: قال أبو عبيد: بلغني عن سفيان بن عيينة، أنه قال: معناه كل سبع يعقر، ولم يخص به الكلب. قال أبو عبيد: ولهذا يقال لكل جارح أو عاقر كلب عقور مثل الأسد والفهد والنمر وما أشبهها. وفي أول باب الهبة من المهذب في الحديث: “مر بحمار عقير” معناه معقور فعيل، بمعنى مفعول كالقتيل والذبيح والجريح والعصير ونظائرها والمراد حمار وحش، وجمع العقير عقرى كقتلى ومرضى وجرحى، الذكر والأنثى فيه سواء. قال الأزهري: والعقاقير الأدوية التي يستشفى بها. قال أبو الهيثم: العقار والعقاقير كل نبت ينبت مما فيه شفاء، قوله في الوسيط في مواضع منها كتاب الرهن بدل المنفعة الجزء: 4 ¦ الصفحة: 28 ككسب العبد والعقر لا يتعدى إليه الرهن، العقر هنا بضم العين المهملة وإسكان القاف وبعدها راء مهملة وهو المهر، ويعني بها هنا مهر الأمة المرهونة لو وطئت اليسرى أو زنا. قال الأزهري: قال ابن شميل: عقر المرأة مهرها وجمعه الاعقار. وقال أحمد بن حنبل: العقر المهر. قال ابن المظفر: عقر المرأة دية فرجها إذا غصبت فرجها. وقال أبو عبيد عقر المرأة ثواب تثابه المرأة من نكاحها، هذا ما ذكره الأزهري. وقال الإمام أبو الحسن عبد الغافر الفارسى في مجمع الغرائب العقر ما تعطاه المرأة على وطء الشبهة لأن الواطىء إذا افتضها عقرها فسمى مهرها عقرًا ثم استعمل في الثيب وغيرها. قال الواحدي في البسيط في أول سورة آل عمران: العاقر من النساء التي لا تلد، يقال عقرت المرأة يعني بضم القاف تعقر عقرًا وعقارة وعقر، ثم قال: ويقال أيضًا: عقر الرجل وعقَر وعقِر بضم القاف وفتحها وكسرها إذا لم يُحبل ورجل عاقر ورجال ونساء عقر، ويقال: أعقر الله تعالى رحمها فهي معقرة ورمل عاقر لا ينبت شيئًا. قال شيخنا جمال الدين بن مالك في المثلث: عقرت المرأة بضم القاف وفتحها وكسرها إذا انقطع حملها، وكذلك الرجل إذا لم يولد له، وعقمت بالكسر والضم صارت لا تلد وكذلك الرجل، وفي الحديث: أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: في شأن صفية رضي الله تعالى عنها “عقرى حلقى” هكذا يرويه المحدثون بالألف، التي هي ألف التأنيث ويكتبونه بالياء ولا ينونونه، وهكذا نقله جماعة لا يحصون عن روايات المحدثين، وهو صحيح فصيح. قال الأزهري: قال أبو عبيد: معنى عقرى عقرها الله تعالى وحلقى حلقها الله تعالى يعني عقر الله تعالى جسدها، وأصابها بوجع في حلقها. قال أبو عبيد: أصحاب الحديث يروونه عقرى حلقى، وإنما هو عقرًا حلقًا. قال: وهذا على مذهب العرب في الدعاء على الشيء إرادة لوقوعه. قال شمر: قلت لأبي عبيد: لم لا تجيز عقرى، قال: فعلى تجيء نعتًا ولم تجىء في الدعاء، فقلت: روى ابن شميل عن العرب مُطَّيْرى، وعقرى أخف منها فلم ينكره، هذا آخر كلام الأزهري. وقال صاحب المحكم: ويقال للمرأة عقرى حلقى معناه عقرها الله تعالى وحلقها أي: حلق شعرها أو أصابها بوجع في حلقها، فعقرى ههنا مصدر كدعوى، وقيل: عقرى حلقى يعقر قومها ويحلقهم بشؤمها، وقيل: العقرى الحائض، وقيل: عقرى حلقى أي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 29 عقرها الله تعالى وحلقها، هذا آخر كلام صاحب المحكم. وقيل معناه عاقر لا تلد، وعلى الأقوال كلها كلمة استعت فيها العرب فصارت تطلقها، ولا تريد حقيقة معناها الذي وضعت له كتربت يداك وقاتله الله ما أشجعه. وقال صاحب المحكم: العقر والعِقر العقم، وقد عقرت المرأة عَقارة وعِقارة وعَقَرت تَعْقر عَقرًا وعُقرًا وعَقَرت عِقارًا وهي عاقر، وكذلك الناقة وجمعها عقر ورجل عاقر وعقير لا يولد له، ولم نسمع في المرأة عقيرًا، والعُقْرة خرزة تشدها المرأة على حقويها لئلا تحبل، وعَقُر الأمر عُقُرًا لم ينتج عاقبة والعاقر من الرمل ما لا ينبت. وقيل: هي الرملة التي تنبت جنباتها ولا ينبت وسطها، والعقر شبيه بالحز عقره يعقره وعقره، والعقير: المعقور، والجمع عقرى الذكر والأنثى سواء، وعقر الفرس عقرًا قطع قوائمه، وعقر الناقة يعقرها ويعقرها عقرًا، وعقرها إذ فعل بها ذلك حتى تسقط فنحرها مستمكنا منها، وكذلك كل فعيل مصروف عن مفعول به فإنه بغير هاء. قال اللحياني: وهو الكلام المجتمع عليه، ومنه ما يقال بالهاء، وعاقر صاحبه فاخره في عقر الإبل، وتعاقر الرجلان عقرا إبلهما ليرى أيهما أعقر لها، والعقيرة ما عقر من صيد أو غيره، وعقيرة الرجل صوته إذا غنى أو بكى أو قرأ، والعقيرة الرجل الشريف يقتل وعقر القتب، والرحل ظهر الناقة، والسرج ظهر الدابة، يعقره عقرًا حزه وأدبره واعتقر الظهر وانعقر دبر وسرج معقار ومِعقر ومُعقر وعُقَرة وعُقَر وعاقور يعقر ظهر الدابة، وكذلك الرحل. وقيل: لا يقال معقر إلا لما عادته أن يعقر، ورجل عُقَرة وعُقَر ومِعقر يعقُر الإبل من إتعابه إياها، ولا يقال عقور، والجمع عقر، وكلأ أرض كذا عُقَار وعقار، يعقر الماشية وعقر النخلة عقرا فهي عقرة قطع رأسها فيبست، وبيضة العقر التي تمتحن بها المرأة عند الافتضاض. وقيل: هي أول بيضة تبيضها الدجاجة؛ لأنها تعقرها. وقيل: هي آخر بيضة تبيضها إذا هرمت. وقيل: هي بيضة الديك يبيضها في السنة مرة. ويقال للذي لا غناء عنده بيضة العقر على التشبيه بذلك، وبيضة العقر الأبتر الذي لا ولد له وعُقْر القوم وعَقرهم محلتهم بين الدار والحوض، وعقر الحوض وعقره مؤخره. وقيل: مقام الشاربة منه، وناقة عقرة تشرب من عقر الحوض، وعقر النار وعقرها أصلها الذي تتأجج منه. وقيل: معظمها ومجتمعها، وعقر الدار وعقرها أصلها. وقيل: وسطها، وهذا البيت عقر القصيدة أي خيارها، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 30 والعقر والعقار المنزل والضيعة، وخص بعضهم بالنخل العقار، وعقر البيت متاعه ونضده الذي لا يتبدل إلا في الأعياد، والحقوق الكبار. وقيل: عقار المتاع خياره. وقيل: عقاره متاعه ونضده إذا كان حسنا كثيرًا، وعاقر الشيء معاقرة وعقارا لزمه والعقار الخمر لأنها عاقرت الدن لزمته. وقيل: لأن أصحابه تعاقروا بها أي: يلازمونها. وقيل: هي التي تعقر شاربها. وقيل: التي لا يلبث أن يسكر، وعقر الرجل عقرا فجأه الروع فلم يقدر أن يتقدم أو يتأخر. وقيل: عقر دهش والعقر والعقر القصر. وقيل: القصر المنهدم بعضه على بعض. وقيل: البناء المرتفع، هذا آخر كلام صاحب المحكم. وقال الأزهري: قال ابن شميل: ناقة عقير وجمل عقير، والعقر لا يكون إلا في القوائم. قال الأزهري: والعقر عند العرب كشف عرقوب البعير، ثم يجعل النحر عقرًا لأن ناحر البعير يعقر، ثم ينحر. وذكر في سبب تسمية الخمر عقارًا كمهر، وهو داء في الرحم، وعقرة العلم النسيان وبيضة العقر. يقال: إنها بيضة الديك، وذلك أنه يبيض في السنة بيضة واحدة تضرب مثلا للعطية القليلة لا التي لا يربها معطيها ببر يتلوها، والعاقرة الملاعنة، والعقاقير الأدوية التي يستشفى بها. وقال أبو الهيثم: العقار والعقاقير كل نبت ينبت مما في شفاء، هذا آخر كلام الأزهري. عقص: قوله في قصة الظعينة في قصة حاطب رضي الله تعالى عنه فأخرجت الكتاب من عقاصها مذكور في آخر كتاب السير من المهذب العقاص بكسر العين. قال الأزهري: قال أبو عبيد: العقص ضرب من الضفر، وهو أن يلوي الشعر على الرأس، ولها تقول النساء لها عقصة، وجمعها عقصة وعقاص. وقال الليث: العقص أن تأخذ المرأة كل خصلة من شعرها فتلويها ثم تعقدها، حتى يبقى فيها التواء، ثم ترسلها فكل خصلة عقيصة. قال: والمرأة ربما اتخذت عقيصة من شعر غيرها. قال أبو عبيد عن أبي زيد: العقصاء من الشعر التي التوى قرناها على أذنيها من خلفها، هذا كلام الأزهري. وقال صاحب المحكم: العقيصة الخصلة، والجمع عقائص وعقاص وهي العقصة، ولا يقال للرجل عقصة وعقصت شعرها تعقصه عقصا شدته في قفاها. عقق: قال الإمام أبو منصور الأزهري: قال أبو عبيد: قال الأصمعي وغيره: العقيقة أصلها الشعر الذي يكون على رأس الصبي حين يولد، وإنما سميت الشاة التي تذبح الجزء: 4 ¦ الصفحة: 31 عنه في تلك الحال عقيقة لأنه يحلق عنه ذلك الشعر عند الذبح، ولهذا قال في الحديث: “أميطوا عنه الأذى” يعني بالأذى ذلك الشعر الذي يحلق عنه، قال: وهذا مما قلت لك إنهم ربما سموا الشيء باسم غيره إذا كان معه أو من شبهه، فسميت الشاة عقيقة لعقيقة الشعر. قال أبو عبيد: وكذلك كل مولود من البهائم، فإن الشعر الذي يكون عليه حين يولد عقيقة وعقة. وقال الأزهري: ويقال لذلك الشعر عقيق بغير هاء. قال الأزهري: العق في الأصل الشق والقطع، وسميت الشعرة الذي يخرج الولد من بطن أمه، وهي عليه عقيقة لأنها إذا كانت على رأس الأنسي حلقت فقطعت، وإن كانت على البهيمة فإنها تتنسل. وقيل: للذبيحة عقيقة لأنها تذبح أي تشق حلقومها ومريها وودجاها قطعا كما سميت ذبيحة بالذبح، وهو الشق. قال ابن السكيت: عق فلان عن ولده إذا ذبح عنه يوم أسبوعه، قال: وعق فلان أباه يعقه عقا، وقال غيره: عق فلان والديه يعقهما عقوقا إذا قطعهما ولم يصل رحمه منهما، وجمع العاق القاطع لرحمه عققة. ويقال أيضًا: رجل عق. قال ابن الأعرابي: العقق قاطعوا الأرحام. قال الأزهري: والعرب تقول لكل مسيل ما شقه السيل في الأرض فأنهره ووسعه عقيق. وفي بلاد العرب أربعة أعقة وهي أودية شقتها السيول عادية، فمنها: عقيق عارض اليمامة وهو واد واسع مما يلي العرمة يتدقق فيه شعاب العارض، وفيه عيون عذبة الماء، ومنها: عقيق بناحية المدينة فيها عيون ونخيل، ومنها: عقيق آخر يتدفق ماؤه في غوري تهامة هو الذي ذكره الشافعي رضي الله تعالى عنه، فقال: ولو أهلوا من العقيق لكان أحب إلي، ومنها: عقيق القنان تجري إليه مياه قلل نجد وجباله. وقال الأصمعي: الأعقة الأودية. وقال أبو عبيدة: عقيقة الصبي غرلته إذا ختن. قال صاحب المحكم: عق والده يعقه عقا وعقوقا شق عصى طاعته. قال: وقد يعم بلفظ الرحم الفعل كالفعل والمصدر كالمصدر ورجل عقق وعقق وعق بمعنى عاق والمعقة العقوق. قال: والعقيقة الشعر الذي يولد به العربي الجلد والعلقة كالعقيقة، وقيل: العقة في الناس والخمر خاصة، وأعقت الحامل نبت شعر ولدها وعق عن ابنه يعق ويعق حلق عقيقته أو ذبح عن شاة والعقوق من البهائم الحامل. وقيل: هي من الحامل خاصة والجمع عقق وعقائق، وإذا طلب الجزء: 4 ¦ الصفحة: 32 الإنسان فوق ما يستحق، قالوا: طلب الأبلق العقوق فكأنه طلب أمرًا لا يكون أبدًا لأنه لا يكون الأبلق عقوقًا، ويقال: إن رجلا سأل معاوية أن يزوجه أمه، فقال: أمرها إليها، وقد أبت أن تتزوج فقال: فولني مكان كذا، فقال معاوية: متمثلا: لم ينله أراد بيض الأنوق طلب الأبلق العقوق فلما والأنوق طائر أبيض يبيض في قنن الجبال فبيضه في حرز، إلا أنه يطمع فيها، فمعناه: أنه طلب ما لا يكون، فلما لم يجد ذلك طلب ما يطمع في الوصول إليه، وهو مع ذلك بعيد. وماعق وعقاق شديد المرارة، الواحد والجمع فيه سواء، والعقيق: خرز أحمر يتخذ منه الفصوص الواحدة عقيقة، وعقعق الطائر بصوته ذهب، وجاء والعقعق طائر معروف من ذلك، هذا آخر كلام صاحب المحكم. عقل: قال الأزهري: قال ابن الأعرابي: العقل التثبت في الأمور، والعقل القلب، والقلب العقل. قال: وقال غيره: سمي العقل عقلاً لأنه يعقل صاحبه عن التورط في المهالك أي: يحبسه. وقال آخرون: العقل هو التمييز الذي يتميز به الإنسان عن سائر الحيوان، قال: والمعقول ما تعقله بقلبك، والمعقول العقل يقال ما له معقول أي: ما له عقل، ويقال: اعتقل لسانه إذا لم يقدر على الكلام. قال: والعقل في كلام العرب الدية سميت عقلا لأن الدية كانت ثم العرب إبلا لأنها كانت أموالهم، فسميت الدية عقلا لأن القاتل كان يكلف أن يسوق إبل الدية إلى فناء ورثة المقتول فيعقلها بالعقل، ويسلمها إلى أوليائه. وأصل العقل مصدر عقلت البعير بالعقال أعقله عقلا، وهو حبل يثنى به يد البعير إلى ركبتيه فتشد به، ويقال: عقلت فلانا إذا أعطيت ديته ورثته وعقلت عن فلان إذا ألزمته جناية فغرمت ديتها عنه، والمعقل الملجأ، وعقل الدواء بطنه يعقله عقلا إذا أمسكه بعد استطلاقه، وذلك الدواء عقول وعقل أيضًا بطنه، وعقل المصدق الصدقة قبضها، واعتقل رمحه وضعه بين ركابه وساقه، واعتقل الشاة وضع رجلها بين فخذه، وساقه فحلبها، ولفلان عقلة يعقل بها الناس، إذا صارعهم عقل أرجلهم، والعقيلة الكريمة من النساء والإبل وغيرهما، والجمع العقائل، وعقل الظل إذا قام قائم الظهيرة، وعقل فلان فلانًا وعكله إذا أقامه على إحدى الجزء: 4 ¦ الصفحة: 33 رجليه، وهو معقول منذ اليوم، وصار دم فلان معقلة على قومه إذا غرموه، واعتقل فلان من دم صاحبه إذا أخذ العقل، والمعاقل حيث تعقل الإبل، وعقلت المرأة شعرها إذا مشطته، والماشطة العاقلة، والدرة الكبيرة الصافية عقيلة البحر، والعقنقل من الرمل ما ارتكم، وتعقل بعضه ببعض ويجمع عقنقلات، وعقاقل وأعقلت فلانا لقيته عاقلا، وعقلته جعلته عاقلا، هذا آخر كلام الأزهري. وقال صاحب المحكم: العقل ضد الحمق، والجمع عقول عقل يعقل عقالا وعقالا فهو عاقل من قوم عقلاء. قال إمام الحرمين في أول الإرشاد: العقل علوم ضرورية، والدليل على أنه من العلوم استحالة الاتصاف به مع تقدير الخلو من جميع العلوم، وليس العقل من العلوم النظرية، إذ شرط النظر تقدم العقل، وليس العقل جميع العلوم الضرورية، فإن الضرير ومن لا يدرك يتصف بالعقل، مع انتفاء علوم ضرورية عنه، فبان بهذا: أن العقل من العلوم الضرورية وليس كلها، هذا كلام الإمام. واختلف الناس في محل العقل هل هو في القلب أم في الدماغ، فذهب أصحابنا من المتكلمين أنه في القلب، وبه قال جمهور المتكلمين وهو قول الفلاسفة. وقالت الأطباء: هو في الدماغ، وهو محكي عن أبي حنيفة. احتج أصحابنا بقول الله تعالى: {أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها} وقوله تعالى: {إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب} وبقوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب” فجعل - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صلاح الجسد وفساده تابعًا للقلب، مع أن الدماغ من جملة الجسد، واحتج القائلون بالدماغ: بأنه إذا فسد الدماغ فسد العقل. والجواب: أن الله تعالى أجرى العادة بفساد العقل عند فساد الدماغ مع أن العقل ليس فيه، ولا امتناع في هذا، والمعقول العقل، وهو أحد المصادر التي جاءت على مفعول كالميسور والمعسور، وعاقله فعقله بعقله إذا كان أعقل منه، وعقل الشيء يعقله عقلا فهمه، وقلب عقول فهم، وتعاقل أظهر أنه عاقل فهم وليس كذلك، وعقل الدواء بطنه، يعقله ويعقله عقلا أمسكه، واعتقل لسانه امتسك، وعقله عن حاجته يعقله، وعقَّله وتعقله واعتقله حبسه، وعقل البعير يعقله عقلا، وعقَّله واعتقله شد وظيفه إلى ذراعه وكذلك الناقة، وقد يعقل العرقوبان، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 34 والعقال الرباط الذي يربط به والجمع عقل، وهم على معاقلهم الأولى أي: على حال الديات التي كانت في الجاهلية، وعلى معاقلهم أيضًا أي: على مراتب آبائهم، وأصله من ذلك، وفلان عقال المئين وهو الرجل الشريف إذا أسر فدى بمئين من الإبل، والعقل اصطكاك الركبتين، وقيل: التواء في الرجل، وقيل: هو أن يفرط الروح في الرجلين حتى يصطك العرقوبان، وداء ذو عقال لا يبرأ منه، والعقيلة من النساء المخدرة، وعقيلة القوم سيدهم، وعقيلة كل شيء أكرمه، وعقائل الإنسان كرائم ماله، وعاقول البحر معظمه وقيل: موجه، وعاقول النهر ما اعوج منه، والعاقول ما التبس من الأمور، وأرض عاقول لا يهتدى إليها، والعقل ضرب من الوشي الأحمر. وقيل: هو ثوب أحمر يجلل به الهودج، وعقله يعقله عقلا، واعتقله صرعه وعقل إليه يعقل عقلا وعقولا لجأ، والعقل الحصن وجمعه عقول وهو المعقول، وفلان معقل لقومه أي ملجأ على هذا المثل، هذا آخر كلام صاحب المحكم. قولهم: التمر المعقلي هو بفتح الميم وإسكان العين هو نوع معروف. قيل: منسوب إلى معقل بن يسار الصحابي رضي الله تعالى عنه. قال ابن ماكولا في الأنساب: وإليه أيضا ينسب نهر معقل بالبصرة. وفي الحديث: “لو منعوني عقالا لقاتلتهم” قيل: هو العقال الذي هو الحبل. وقيل: هو صدقة عام، والخلاف فيه مشهور للمتقدمين والمتأخرين من الفقهاء، وأهل الحديث واللغة وكلاهما يسمى عقالا في اللغة. عكب: العنكبوت معروفة، وهي هذه الناسجة، قال الجوهري: الغالب عليها التأنيث، قال: وجمعها عناكب والعنكبات العنكبوت أيضًا. وقال أبو حاتم السجستاني: العنكبوت مؤنثة، وجمعها عنكبوتات وعناكيب وعناكب، وربما ذكر العنكبوت في الشعر. قال الواحدي: قال الليث: العنكبوت دويبة تنسج نسجًا رفيعًا مهلهلا بين الهواء والأرض وعلى رأس التين. قال: وتجمع العناكب والعناكيب والعنكبوتات وتصغر عنيكبًا وعنيكيبًا، وأهل اليمن تقول: العنكبوه بالهاء. وحكي عن الفراء أيضًا أنها مؤنثة وقد يذكرها بعض العرب. عكف: قال الله تعالى: {وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} (البقرة: من الآية187) يقال: عكف يعكف ويعكف إذا أقام قوله تعالى: {والهدى} . معكوفا: قال الإمام أبو منصور الأزهري في التهذيب: قال المفسرون وغيرهم من أهل اللغة: الجزء: 4 ¦ الصفحة: 35 عاكفون مقيمون في المساجد، يقال: عكف يعكف ويعكف إذا أقام، قوله تعالى: {والهدى معكوفا} فإن مجاهدًا وعطاء قالا محبوسًا. وكذلك قال الفراء: يقال عكفته أعكفه عكفا إذا حبسته. قال الأزهري: ويقال عكفته عكفا فعكف يعكف عكوفا، وهو لازم وواقع يعني: متعديا، كما يقال رجعته فرجع، إلا أن مصدر اللازم العكوف، ومصدر الواقع العكف. وقال الليث: يقال عكف يعكف ويعكف عكفًا وعكوفا، وهو إقبالك على الشيء لا ترفع عنه وجهك. عكن: في الحديث: “أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - التحف بملحفة ورسية” قال الراوي: فكأني أنظر إلى أثر الورس في عكنة مذكور في باب صفة الوضوء من المهذب. قوله: عكنه هو بضم العين وفتح الكاف، جمع عكنة بضم العين وإسكان الكاف. قال الأزهري: قال الليث وغيره: العكن الانطواء في بطن الجارية من السمن واحدة العكن عكنة، ولو قيل جارية عكناء لجاز، ولكنهم يقولون معكنة، ويقال تعكن الشيء تعكنًا إذا ركم بعضه على بعض وانثنى. علس: العلس المذكور في زكاة النبات هو بفتح العين واللام المخففة، وهو صنف من الحنطة يكون حبتان منه في نبت. روى الإمام أبو منصور الأزهري في كتابه تهذيب اللغة عن الإمام الشافعي رحمه الله تعالى أنه قال: العلس ضرب من القمح يكون في الكمام منه حبتان، وهو في ناحية اليمن ولم يذكر غير هذا، وكذا قال الجوهري وهو طعام أهل صنعاء وصنعاء قاعدة اليمن. وأما قول الغزالي في الوسيط: أنه حنطة توجد بالشام فأنكر عليه فإنه لا يعرف ذلك في الشام، ولا قيل أنه كان فيه، وذكر بعض فضلاء المصنفين في ألفاظ المهذب: أنه حنطة صلبة سمراء عسرة الاستنقاء جدًا، لا تنقى إلا بالمهارس، وهي طيبة الخبز سنبلها لطاف قليلة الريع. علق: قولهم في نجاسة العلقة وجهان: هي العلقة التي هي أصل الإنسان يعني: لو ألقت المرأة العلقة ففي نجاستها وجهان، قال الله تعالى: {ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً} (المؤمنون: من الآية14) قال الأزهري: العلقة الدم الجامد الغليظ، ومنه قيل: لهذه الدابة التي تكون في الماء علقة لأنها حمراء كالدم، وكل دم غليظ علق. قال: أقضى القضاة أبو الحسن الماوردي في تفسيره سورة اقرأ العلق جمع علقة، والعلق قطعة من دم رطب سميت الجزء: 4 ¦ الصفحة: 36 بذلك؛ لأنها تعلق لرطوبتها بما تمر عليه، فإذا جفت لم تكن علقة. وقال صاحب المحكم: العلق الدم ما كان. قال: وقيل هو الجامد قبل أن ييبس. وقيل: هو ما اشتدت حمرته والقطعة منه علقة. قوله في الوسيط: لو حمل علاق المصحف هو بكسر العين. قال الأزهري: العلاقة بالكسر علاقة السيف والسوط يعني: وشبههما، وكذا قاله صاحب المحكم وجماعات قوله في كتاب البيع من الوسيط: إذا انضم إلى البيع معه علقة هي بضم العين وإسكان اللام يعني بقية ودعوى. قال الأزهري: عندهم علقة من طعامهم أي بقية. قال: وقال ابن شميل: يقال لفلان في هذه الدار علاقة أي: بقية نصيب وفي الدعوى له علاقة. قال الأزهري: الإعلاق معالجة عذرة الصبي ودفعها بالأصبع، يقال: أعلقت عنه أمه عذرة إذا فعلت ذلك به، وغمزت ذلك الموضع بأصبعها ودفعته. والعلق: الدواهي وهي أيضا المنايا والاشغال، وعلق العلق بحنك الدابة تعلق علقًا، إذا عض على موضع العذرة من حلقه فشرب الدم، والمعلوق من الناس والدواب الذي أخذ العلق بحلقه عند الشرب، ويقال: علق فلان فلانة وعلقها تعليقا، وهو معلق القلب بها إذا أحبها. والعلاقة: بفتح العين الهوى اللازم للقلب، والعلاقة بكسر العين علاقة السيف والسوط، وعلق يفعل كذا كطفق، وفي الحديث: “أرواح الشهداء في أجواف طير خضر تعلق من ثمار الجنة”. قال الأزهري: معناه تتناول بأفواهها، يقال: علقت تعلق علوقا، والمعلق قدح يعلقه الراكب معه، وجمعه معاليق، والعلقة من الطعام والمركب ما يتبلغ به وإن لم يكن تامًا، وعندهم علقة من متاعهم أي: بقية، وما في الأرض علاق أي: ما يتبلغ به، وامرأة معلقة إذا لم ينفق عليها زوجها ولم يخل سبيلها، فهي لا أيم ولا ذات بعل، والعلق: الشيء النفيس وهو علق مضغة أي: مص به وجمعه أعلاق، وما عليه علقة إذا لم يكن عليه ثياب لها قيمة، والعلق في الثوب ما علق به، وفلان معلاق وذو معلاق أي: شديد الخصومة، ومعلاق الرجل لسانه إذا كان جدلا، والمعلاق والمعلوق بكسر الميم في الأول وضمها في الثاني، ما تعلق عليه الشيئ، وتعليق الباب نصبه وتركيبه، والعليق القصيم يعلق على الدابة، ويقال للشارب عليق، والعليق نبات معروف يتعلق بالشجر ويلتوي عليه، هذا آخر كلام الأزهري. وقال صاحب المحكم: الجزء: 4 ¦ الصفحة: 37 علق بالشيء علقًا وعلقة نشب فيه، وهو عالق به أي: نشيب فيه، وأعلق فاحتككت علق الصيد بحبالته، وعلق الشيء علقًا وعلق به لزمه، وعلقت نفسه الشيء فهي علقة وعلاقية وعلقنة لهجت به، والعلاقة الحب اللازم للقلب، وقد علقها علقا وعلاقة وعلق بها وتعلقها وتعلق بها وعلقها وعلق بها. قال اللحياني: العلق الهوى يكون للرجل في المرأة وإنه لذو علق في فلانة كذا عداه بفي. قال اللحياني عن الكسائى: لها في قلبي علق حب وعلاقة حب، قال: ولم يعرف الأصمعي علق حب ولا علاقة حب، إنما عرف علاقة حب بالفتح وعلق حب، قال: بفتح العين واللام، وعلق الشيء بالشيء ومنه وعليه تعليقًا ناطه، والعلاقة ما علقته به، وتعلق الشيء ما علقه من نفسه، وعلاقة السوط هي ما في مقبضه من السير، وكذلك علاقة القدح والمصحف وما أشبه ذلك، وأعلق السوط والمصحف والقدح جعل لها علاقة، وعلقه على الوتد، وعلق الشيء خلفه كما تعلق الحقيبة وغيرها من وراء الرجل، وتعلق به وتعلقه على حذف الوسيط سواء، وعلق الثوب من الشجر علقا، وعلوقا بقي متعلقا به، والعلق الجذبة في الثوب وغيره، وهو منه، والعلق كل ما علق. قال اللحياني: وهو العلوق، والمعالق بغير ياء، والمعلاق والمعلوق ما علق به من عنب ونحوه، لا نظير له إلا مغرود لضرب من الكمأة، ومغفور ومغثور ومغبور لغة في مغثور ومزمور، ومعاليق العقد السيوف، ويجعل فيها من كل ما يحس فيه، والأعاليق كالمعاليق كلاهما ما علق، ولا واحد للأعاليق، وكل شيء علق فيه شيء فهو معلاقه، والمعلقة بعض أداة الراعي، وعلق به علقا وعلوقا تعلق، والعلوق ما تعلق بالإنسان، والعلوق المسة، ويقال ما بينهما علاقة يعني بفتح العين أي: شيء يتعلق به أحدهما على الآخر، ولي في الأمر علوق ومتعلق أي: مفترض، والعليق القضيم يعلق على الدابة، وعلقها على الدابة وعلقها علق عليها، وعلق به علقا خاصمه، والعلاقة الخصومة، يقال: لفلان في أرض بني فلان علاقة أي: خصومة، والعلاقى مقصور الألقاب، واحدتها علاقية، وهي أيضا العلائق واحدتها علاقة لأنها تعلق على الناس، والعلق دود أسود في الماء المعروف الواحدة علقة، وعلق الدابة علقا تعلقت به العلقة، وعلقت به علقا لزمته، والمعلوق الذي أخذ العلق بحلقه عند الشرب، والعلوق التي لا تحب زوجها، ومن النوق التي لا تألف الفحل ولا ترأم الولد، وكلاهما على الفال. وقيل: هي التي ترأم بأنفها ولا تدر، وقيل: هي التي عطفت على ولد غيرها، ولم تدر الجزء: 4 ¦ الصفحة: 38 عليه، والعلق المال الكريم، يقال علق خير، وقد قالوا: علق شر والجمع أعلاق، والعلق الخمر لنفاستها. وقيل: هي القديمة، والعلقة الثوب النفيس يكون للرجل، والعلقة قميص بلا كمين. وقيل: ثوب صغير للصبي. وقيل: أول ثوب يلبسه المولود. وقال اللحياني: العلق الثوب الكريم أوالترس أو السيف، وكذا الشيء الواحد الكريم الروحانيين، ويقال له العلوق، وعلق علاقا وعلوقا أكل، وأكثر ما يستعمل في الجحد، يقال: ما ذقت علاقا ولا علوقا. وفي الحديث: “أروح الشهداء تعلق من ثمار الجنة” بضم اللام تصيب، ورواه الفراء تعلق بفتح اللام، والعلقى شجر تدوم خضرته في القيظ، ولها أفنان طوال رقاق وورق لطاف، فبعضهم يجعل ألفها للتأنيث وبعضهم يجعلها للالحاق، والعلائق الصنائع، هذا آخر كلام صاحب المحكم. وقال الأزهري في باب علق: قال ابن الأعرابي: يقال علق مصة وعلق مطة بمعنى واحد سمي علقا؛ لأنه علق به بحبه إياه يقال ذلك لكل ما أحبه. قوله في المهذب في باب الربا في حديث فضالة بن عبيد رضي الله تعالى عنه: “أتى بقلادة معلقة بذهب” هكذا هو بالعين المهملة والقاف فهكذا هو في روايات الحديث، وعند الفقهاء المحققين، وكذا ضبطه ابن البرزي وغيره من المتكلمين على ألفاظ المهذب. وحكى ابن معن أنه روى أيضا بغين معجمة وفاء، وهذا الذي حكاه، وإن كان صحيح المعنى فهو غير معروف في الروايات. علل: قال الإمام أبو منصور الأزهري: عل ولعل حرفان وضعا للترجي في قول النحويين. وقال يونس في قول الله تعالى: {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ} (الكهف: من الآية6) و {فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ} (هود: من الآية12) قال: معناه كأنك فاعل ذلك إن لم يؤمنوا، قال: ولعل لها مواضع في كلام العرب من ذلك قوله تعالى: {لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} (الأنعام: من الآية152) و {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (البقرة: من الآية21) و {لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ} (طه: من الآية44) قال: معناها كي كقولك ابعث إلي بدابتك لعلي أركبها بمعنى كي، قال: وتقول: انطلق بنا لعلنا نتحدث أي: كي نتحدث. وقال ابن الأنبارى: لعل تكون ترجيًا، وتكون بمعنى كي، وتكون ظنا كقولك لعلي أحج العام، معناه أظنني سأحج، وتكون بمعنى عسى، تقول: لعل عبد الله أن يقوم معناه عسى، وتكون بمعنى الاستفهام كقولك لعلك تشتمني، فإنما قيل معناه هل تشتمني. وقال ابن السكيت: في لعل لغات تقول بعض العرب: لعلني، وبعضهم لعني، وبعضهم علني، وبعضهم لأني ولأنني، وبعضهم لو أنني، هذا ما الجزء: 4 ¦ الصفحة: 39 ذكره الأزهري في باب العين واللام، وذكر في باب العين والنون. قال الفراء: لأنك، وأنك، ولعنك بمعنى لعلك. قال الأزهري: وقال ابن الأعرابي: لعنك لبني تميم. قال: وبنو تيم الله بن ثعلبة يقولون: ورعنك، يقولون ذلك يريدون لعلك. وقال اللحياني: ومن العرب من يقول وعنك ولغنك بالغين بمعنى لعلك. قوله: بالغين يعني المعجمة، هذا آخر كلام الأزهري. قال الإمام أبو إسحاق الثعلبي المفسر في تفسيره المشهور عند ذكر تفسير قول الله تعالى: {وَلأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} (البقرة: من الآية150) في لعل ست لغات: لعل، وعل، ولعن، وعن، ورعن، ولعا. ولها ستة أوجه: هي من الله تعالى واجبة، ومن الناس على معان تكون بمعنى الاستفهام: كقول القائل لعلك فعلت ذلك مستفهما. وتكون بمعنى الظن: يقول قام فلان، فيقال لعل ذلك بمعنى أظن وأرى ذلك. وتكون بمعنى الإيجاب: بمعنى ما أخلقه كقولك وقد وجبت الصلاة، فيقال لعل ذلك أي: ما أخلقه، وتكون بمعنى الترجي والتمني: كقولك لعل الله تعالى أن يرزقني مالا. وتكون بمعنى عسى: يكون ما يراد كقوله تعالى: {لَعَلِّي أَبْلُغُ الأَسْبَابَ} (غافر: من الآية36) . وتكون بمعنى كي: على الجزاء كقوله تعالى: {انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآياتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ} (الأنعام: من الآية65) أي: لكي يفقهون، هذا آخر ما ذكره الثعلبي. قال صاحب المحكم: العلة الحدث يشغل صاحبه عن وجهه، وقد اعتل الرجل وهذا علة لهذا أي سبب، والعلة المرض يقال منه: عل يعل واعتل وأعله الله تعالى، ورجل عليل، وحروف العلة والاعتلال الألف والياء والواو سميت بذلك للينها وثبوتها. واستعمل أبو إسحاق لفظة المعلول في المتقارب من العروض، واستعمله في المضارع، وأرى هذا إنما هو على طرح الزائد كأنه جاء على عل وإن لم يلفظ به، وإلا فلا وجه له، والمتكلمون يستعملون لفظ المعلول في هذا كثيرًا وبالجملة، فلست منها على ثقة ولا ثلج؛ لأن المعروف إنما هو أعله الله تعالى فهو معل، اللهم إلا أن يكون على ما ذهب إليه سيبويه، من قولهم مجنون ومسلول من أنه جاء على جننته وسللته، وإن لم يستعملا في الكلام استغناء عنهما بأفعلت، قال: وإذا قالوا: جن وسل فإنما يقولون جعل فيه الجنون والسل، كما قالوا: حرف وصل، هذا آخر كلام صاحب المحكم. وقال الإمام الواحدي في قول الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (البقرة:21) قال ابن الأنبارى: لعل تكون ترجيًا، وتكون بمعنى كي وتكون ظنا. وقال يونس وقطرب: الجزء: 4 ¦ الصفحة: 40 لعل تأتي في كلام العرب بمعنى كي. وقال سيبويه: لعل كلمة ترجية وتطميع للمخاطين أي: كونوا على رجاء وطمع أن تتقوا بعبادتكم عقوبة الله تعالى أن تحل بكم، كما قال في قصة فرعون: {لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} (طه: من الآية44) كأنه قال: اذهبا أنتما على رجائكما وطمعكما والله تعالى من وراء ذلك، وعالم بما يؤول إليه أمره - والله تعالى أعلم - هذا آخر كلام الواحدي هنا. وكذلك قال أبو إسحاق الزجاج في كتابه معاني القرآن العزيز في هذه الآية: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (البقرة: من الآية21) قال: فيها قولان، أحدهما: معناه عند أهل اللغة كي تتقوا. قال: والذي ذهب إليه سيبويه في مثل هذا: أنه فرح لهم، كما قال الله عز وجل في قصة فرعون: {لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} (طه: من الآية44) أي: كأنه قال اذهبا أنتما على رجائكما والله تعالى من وراء ذلك، وكذا قال الزجاج والواحدي في قول الله تعالى: {كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} (آل عمران: من الآية103) قالا: معناه لتكونوا على رجاء هدايته، وقد كرر الواحدي هذا القول في مواضع كثيرة. وقال صاحب المحكم: لعل ولعل يعني: بفتح اللام الثانية وكسرها طمع وإشفاق كعل. قال: وقال بعض النحويين: اللام الأولى زائدة مؤكدة، وإنما هو عل. وأما سيبويه فجعلها حرفا واحدًا غير مزيد. وحكى أبو زيد: أن لغة عقيل لعل زيد منطلق بكسر اللام الأخيرة من لعل وجر زيد، قال كعب بن سعد الغنوي: لعل أبي متوقد منك قريب فقلت أدعوا أخرى وأرفع الصوت ثانيا وقال أبو الحسن الأخفش: قال أبو عبيدة: أنه سمع لام لعل مفتوحة في لغة من جر بها، في قول الشاعر: جهارا من زهير أو أسيد لعل الله يمكنني عليها قال الأزهري: قال أبو زيد في نوادرة: يقال: هما أخوان من علة وهما ابنا علة إذا كانت أماهما شتى والأب واحد، وهم بنو العلات، وهم أخوة من علة وعلات، كل هذا من كلامهم، ونحن إخوان من علة، وهو أخي من علة، وهما أخوان من ضرتين، ولم يقولوا من ضرة وهم أولاد العلات. قال الأصمعي: تعللت بالمرأة لهوت بها. وقال صاحب المحكم: تعلل بالأمر واعتل به تشاغل، وعلله بطعام، وحديث ونحوهما شغله، وتعلت المرأة من نفاسها، وتعللت خرجت منه وطهرت، وبنو العلة من العالمين وجمعها علائل. علو: وأما قولهم في بابي السجود الجزء: 4 ¦ الصفحة: 41 والتلاوة: إذا فعل كذا فعليه سجود السهو، وسجود التلاوة على المستمع كهو على القارىء، وأشباه ذلك مع أن سجود السهو وسجود التلاوة سنتان عندنا بلا خلاف. فقال الرافعي: لفظة على هنا ليست للإيجاب بل المراد تأكيد الاستحباب، قال: وكثيرا ما يتكرر هذا في كلام الأصحاب في هاتين السجدتين، ومرادهم ما ذكرنا، قال: وقد يستعملون لفظ الوجوب واللزوم في ذلك والمراد تأكيد الاستحباب. قلت: ومن هذا المعنى قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “غسل الجمعة واجب على كل محتلم وإذا عطس فحمد الله تعالى فحق على من سمعه أن يسمته”. عمد: في الحديث: “لا يعمد إلى أسد من أسد الله تعالى ثم يعطيك سلبه” ذكره في الإيمان من المهذب معنى يعمد يقصد هو بكسر الميم، والعمدة ما يعتمد عليه، والعمود معروف، وجمعه عمد وعمد بضم العين والميم وفتحهما. والعمد ضد الخطأ، وعمد الخطأ في الجنايات معروف. قال الواحدي: قال الفراء: العمد والعمد جمع العمود كأدم وأدم، والعماد والعمود ما يعمد الشيء به. يقال: عمدت الحائط أعمده بضم الميم إذا دعمته، فاعتمد الحائط على العماد أي امتسك به، وفلان عمدة قومه أي: يعتمدونه فيما ينوبهم. عمر: قوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} (البقرة: من الآية196) قال الأزهري: العمرة مأخوذ من الاعتمار وهو الزيارة، يقال: أتانا فلان معتمرا أي: زائرًا. قال: ويقال الاعتمار القصد، قال: وقيل: إنما قيل الفاء لأنه قصد لعمل في موضع عامر. وقال الجوهري: العمرة في الحج أصلها من الزيارة، والجمع العمر، والعمرى بضم العين نوع من الهبة، ولها ثلاث صور مشهورة في هذه الكتب وغيرها، وهي مشتقة من العمر، وقد سبق في باب الراء أن الرقبى والعمرى ينفذ من هبات الجاهلية. قال الجوهري: عمرويه شيئان جعلا واحدًا وكذلك سيبويه، وبني على الكسر لأن آخره أعجمي مضارع للأصوات فشبه بغاق، فإن نكرته نونت، فقلت: مررت بعمرويه، وعمرويه آخر. ذكر المبرد في تثنيته: وجمعه العمرويهان والعمرويهون. وذكر غيره: أن من قال: هذا عمرويه وسيبويه، ورأيت عمرويه وسيبويه، فأعربه وثناه وجمعه، ولم يشرطه المبرد، وعمرو: اسم رجل يكتب بالواو فرقا بينه وبين عمر، ويسقطها النصب لأن الألف تلحقها، ويجمع على عمور، قاله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 42 الجوهري. وقال الأزهري في آخر تهذيب اللغة في آخر باب الواوات: زيدت الواو في عمرو دون عمر؛ لأن عمر أثفل من عمرو، وهكذا ذكر هذا الفرق أبو جعفر النحاس في صناعة الكتاب. قال الجوهري: عمرت الخراب أعمره عمارة فهو عامر أي: معمور مثل دافق أي: مدفوق، ومكان عمير أي: عامر. قوله في المهذب في استقبال القبلة: إذا ركب في عمارته وفي الحج لا يلزمه حتى يجد عمارته هي بفتح العين. قال ابن البرزي ثم ابن باطيش في شرحهما ألفاظ المهذب: هي بفتح العين وتشديد الميم والتاء وفتحها، وذكرها غيرهما بتخفيف الميم، وهي مركب صغير على هيئة مهد الصبي أو قريبة من صورته، ولعلها مأخوذة من العمارة بفتح العين وتخفيف الميم، وهي كل شيء جعلته على رأسك من عمامة أو قلنسوة أو تاج، ذلك ذكره الأزهري والجوهري عن أبي عبيدة، لكن الجوهري: ذكر عمارة بالهاء في آخره، وهي عامرة وعمر فلان المكان سكنه وعمره جعله عامرا بفتح الميم فيهما، وعمر الرجل طال عمره بفتح العين وكسر الميم، وعمر بالكسر أيضًا بالمكان أقام فيه، وعمرت الدار ضد خربت بضم الميم عن قطرب وبفتحها عن غيره، ويقال: طال عمره وعمره وعمره بضم العين والميم وبضم العين وإسكان الميم وبفتح العين وإسكان الميم، والتزموا في القسم لعمرك وعمرك بفتح العين. قال الزجاج وغيره: لأن الفتح أخف سمرات لكثرة القسم. قال المفسرون في قول الله تعالى: {لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ} (الحجر:72) معناه وحياتك. قال: وهو خطاب للنبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قال الزجاج: وهذه آية عظيمة في تفضيل النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وقيل معناه: وعيشك. وقيل: ومدة بقائك حيا. قال الأزهري: والعمران أبو بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما فغلب عمر لأنه أخف الأسمين. وقيل: شبه العمرين قبل خلافة عمر بن عبد العزيز يعني: ما جاء في الحديث أنهم قالوا لعثمان رضي الله تعالى عنه: يوم الدار تسلك سيرة العمرين. قال الأزهري: قال أبو عبيدة: فإن قيل كيف بدأ بعمر قبل أبي بكر وهو قبله وهو أفضل منه، فإن العرب تفعل هذا يبدأون بالأخس يقولون ربيعة ومضر وسليم وعامر ولم يترك قليلا ولا كثيرًا. وعن قتادة: أنه قال أعتق العمران فيمن بينهما من الخلفاء العالمين الأولاد، ففي قول قتادة الجزء: 4 ¦ الصفحة: 43 العمران عمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنهما يعني؛ لأنه لم يكن بين أبي بكر وعمر خليفة. عمق: العمق بفتح العين وضمها قعر البئر ونحوها، وكذلك الوادي وشبهه. عمم: قال الأزهري: العم أخو الأب. قال أبو عبيد: قال أبو زيد: يقال تعممت الرجل إذا دعوته عما ومثله تخولت خالا. قال الأزهري: ويجمع العم أعمامًا وعمومة. قال ابن السكيت: يقال هما ابنا عم ولا يقال هما ابنا خال، ويقال هما ابنا خالة ولا يقال عما ابنا عمة. قال الأزهري: والعمامة من لباس الناس معروفة، والجمع العمائم، وقد تعممها الرجل واعتم بها، وإنه لحسن العمة، والعرب تقول للرجل إذا سود قد عمم، وذلك أن العمائم تيجان العرب، وكانوا إذا سودوا رجلا عمموه عمامة حمراء، وكانت الفرس تتوج ملوكها، فيقال له متوج، وتقول العرب رجل معم مخول إذا كان كريم الأعمام والأخوال. وقال الليث: ويقال فيه معم مخول أيضًا. قال الأزهري: ولم أسمعه لغيره، ولكن يقال رجل معم ملم إذا كان يعم الناس ببره وفضله، ويلمهم أي يصلح أمرهم ويجمعهم، والمعمم السيد الذي يقلده القوم أمورهم، ويلجأ إليه العوام، هذا آخر كلام الأزهري. وكذا في أصله معم ملم بكسر الميم فيهما. وقال صاحب المحكم: بضمهما وهو أظهر. وقال الجوهري: المعم المخول الكثير الأعمام والأخوال الكريمهم وقد يكسران. قولهم السفر عذر عام، والمرض عذر عام، ونحو ذلك معناه أنه كثير ليس بنادر كالاستحاضة لأنه هو الأغلب الأكثر. قوله في المهذب في باب التيمم: وإن سفت عليه الريح ترابا عمه، هكذا ضبطناه على شيوخنا عمه بالعين المهملة وكذا عرفناه أى: استوعب جميع العضو. ورأيت فى ألفاظ المهذب لابن البرزى ثم لابن باطيش الإمامين، قالا: قوله غمه هو بغين معجمة أي: غطاه. قلت: وهذا صحيح أيضًا، فقد قال أهل اللغة: غممت الشيء غطيته، والله تعالى أعلم. وقال صاحب المحكم: العم أخو الأب، والجمع أعمام وعموم وعمومة. قال سيبويه: أدخلوا فيها الهاء لتخفيف التأنيث، ونظيره البعولة والفحولة. وحكى ابن الأعرابي في أدنى العدد أعم وأعمومون بإظهار التضعيف جمع الجمع، وكان الحكم أعمون لكن هذا حكاه. والأنثى عمة والمصدر العمومة، وما كنت عمًا، ولقد عممت، ورجل معم، ومعم كثر الأعمام، واستعم الرجل اتخذه عمًا، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 44 وتعممه إذا دعاه عمًا، وتعممته النساء دعونه عمًا كما تقول تأخاه وتأباه وتبناه، وهما ابنا عم تفرد العم، ولا تثنيه لأنك إنما تريد أن كل واحد منهما مضاف إلى هذه الكنية، هذا قول سيبويه. والعمامة معروفة، وربما كنى بها عن البيضة والمغفر، والجمع عمائم، وعمام الأخيرة عن اللحياني. قال اللحياني: والعرب تقول لما وضعوا عمائمهم عرفناهم فإما أن يكون جمع عمامة جمع تكسير، وإما أن يكون من باب طلحة وطلح، وعمهم الأمر يعمهم شملهم، والعامة خلاف الخاصة. قال ثعلب: سميت بذلك لأنها تعم بالشر، والأعم الجماعة عن أبي زيد قال: وليس في الكلام أفعل يدل على غير هذا إلا أن يكون اسم جنس كالاروي، والأمر الذي هو الأمعاء، هذا آخر كلام صاحب المحكم، وهذا الذي حكاه عن ثعلب في سبب تسمية العامة محتمل لكن الأظهر - والله تعالى أعلم - أنهم سموا بذلك لعمومهم وكثرتهم بالنسبة إلى الخاصة. قال ابن فارس في المجمل والجوهري: المعمم الكثير الأعمام الكريمهم والعمية الكبر. قال الجوهري: ويقال يا بن عمي ويا بن عم ويا بن عم ثلاث لغات: قال: والنسبة إلى عم عموي كأنه منسوب إلى عمي، قاله الأخفش. عنز: في حديث أبي جحيفة رضي الله تعالى عنه: “أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خرج في حلة حمراء فركز غنزة فجعل يصلي إليها بالبطحاء” هذا حديث متفق على صحته العنزة بعين مهملة ثم نون ثم زاي مفتوحات ثم هاء. قال أبو عبيدة وغيره: هي مثل نصف الرمح وأطول فيها سنان مثل سنان الرمح. قال بعضهم: لكن سنانها في أسفلها، بخلاف الرمح فإن سنانه في أعلاه. عنف: العنف بضم العين وإسكان النون ضد الرفق، وهذا الذي ذكرته من ضمه هو المعروف في كتب اللغة، وممن نص على ضمه ابن الأثير في نهاية الغريب. قال الجوهري: العنف ضد الرفق، تقول منه عنُف عليه بضم النون وعنف به أيضًا، والعنيف الذي ليس له رفق بركوب الخيل، والجمع عنف، والتعنيف التعيير، واللوم وعنفوان الشيء أوله بضم العين والفاء. عنق: قال صاحب المحكم: العنق، والعنق وصلة ما بين الرأس والجسد، يذكر ويؤنث، والتذكير أغلب. وقيل: من ثقل أنث ومن خفف ذكر. قال سيبويه: عنق مخفف من عنق، وجمعها أعناق، لم الجزء: 4 ¦ الصفحة: 45 يجاوزوا هذا البناء، والعنق طول العنق وغلظه، يقال عنق عقنًا فهو أعنق، والأنثى عنقاء، ورجل معنق، وامرأة معنقة طويلا العنق، وهضبة عنقاء، ومعنقة طويلة، وعانقه معانقة وعناقا التزمه فأدنى عنقه من عنقه. وقيل: المعانقة في المودة والاعتناق في الحرب، والعنيق المعانق، وكلب أعنق في عنقه بياض، والمعنقة قلادة توضع في عنق الكلب، وأعنقه قلده إياها، واعتنقت الدابة في الرحل فأخرجت عنقها، وعنق الشتاءء الصيف والسنة وكل شيء أوله، والجمع أعناق، وعنق الجبل ما أشرف منه والجمع كالجمع، والأعناق الرؤساء، والعنق الجماعة من الناس تذكر، والجمع كالجمع، وجاء القوم عنقًا عنقًا أي طوائف، وله عنق في الخير أي: سابقة، والعنق بفتحتين من السير هو المنبسط، وسير عنق وعنيق، وأعنقت الدابة وهي معنق ومعناق وعنيق، والعناق الحرة، والعناق الأنثى من المعز، والجمع أعنق وعنق وعنوق. قال سيبويه رحمه الله تعالى: أما تكسيرهم إياه على أفعل إذا كانا يعنقان على باب فعل، وشاة معناق تلد العنوق، وعناق الأرض دويبة أصغر من الظهر يصيد كل شيء حتى الطير، والعناق الداهية والخيبة، والعناق النجم الأوسط من بنات نعش الكبرى، والعنقاء الداهية، والعنقاء طائر ضخم ليس بالعقاب. وقيل: العنقاء المغرب كلمة لا أصل لها، ويقال إنها طائر عظيم لا يرى إلا في الدهور، ثم كثر ذلك حتى سموا الداهية عنقاء مغربا ومغربة. وقيل: سميت عنقاء لأنه كان في عنقها بيضا كالطوق. وقال كراع: العنقاء فيما يزعمون طائر يكون عند مغرب الشمس، هذا آخر كلام صاحب المحكم. وقال الأزهري في قوله عز وجل: {فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ} (الشعراء: من الآية4) قال أكثر المفسرين: الأعناق هنا الجماعات، وقيل الرقاب، والعنق مؤنثة وقد ذكره بعضهم، والعنق: القطعة من المال والقطعة من العمل خيرا كان أو شرا. وفي الحديث: “المؤذنون أطول أعناقا يوم القيامة” قال ابن الأعرابي: معناه أكثر الناس أعمالا. وقال غيره: هو من طول العنق لأن الناس يومئذ في الكرب وهم في الروح والنشاط مشرئبون لأن يؤذن لهم في دخول الجنة، والعنقة القلادة، والمعنقة بضم الميم والتشديد دويبة، وكان ذلك على عنق الدهر أي: قديمة، والعناق الأنثى من أولاد العز إذا أتت عليها سنة، وجمعها عنق، وهذا جمع نادر، ويقولون في العدد الأقل ثلاث أعنق، وانطلقوا معنقين أي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 46 مسرعين، وأعنقت إليه أعنق أعناقا، ورجل معنق، وقوم معنقون ومعانيق، وأعنقت الثريا غابت، وأعنقت النجوم تقدمت للمغيب، والمعنق السابق هذا آخر كلام الأزهري. وفي العناق من أولاد المعز كلام سبق في فصل الجفرة. عن: قال الإمام أبو منصور الأزهري في فصل عنن: قال النحويون: عن ساكنة النون حرف وضع لمعنى ما عداك وتراخى عنك، يقال: انصرف عني وتنح عني. قال أبو زيد: العرب تزيد عنك يقال خذ ذا عنك المعنى خذ ذا وعنك زائدة. قال: وقال الفراء: لغة قريش ومن جاورهم أن وتميم وقيس وأسد ومن جاورهم يجعلون ألف أن إذا كانت مفتوحة عينًا، يقولون: أشهد عنك رسول الله فإذا كسروا رجعوا إلى الألف. قال: والعرب تقول لأنك وتقول لعنك بمعنى لعلك. وقال صاحب المحكم: عن تكون حرفا واسما بدليل قولهم من عنه. قال أبو أسحاق: يجوز حذف النون من عن يجوز للشاعر، كما يجوز له حذف نون من وكأن حذفه، إنما هو لالتقاء الساكنين إلا أن حذف نون من في الشعر أكثر من حذف نون عن لأن دخول من في الكلام أكثر من دخول عن. عنن: قولهم شركة العنان هي بكسر العين وتخفيف النون. قال الأزهري: قال الفراء: شاركه شركة عنان أي اشتركا في شيء عن لهما أي: عرض. وقال ابن السكيت: شاركه شركة عنان أي: اشتراكا في شيء خاص كأنه عن لهما أي: عرض فاشترياه واشتركا فيه. قال الأزهري: وقال غيرهما: سميت هذه شركة عنان لمعارضة كل واحد منهما صاحبه بمال مثل مال صاحبه، وعمل فيه مثل عمله بيعًا وشراء، يقال: عانه عنانا ومعانة كما يقال عارضه معارضة وعراضًا. قال: وسمي عنان اللجام عنانا لاعتراض سيرين على صفحتي عنق الدابة من عن يمينه وشماله. قال الكسائى: أعننت اللجام إذا عملت له عنانا. وقال الأصمعي: أعننت الفرس وعننته بالألف، وغير الألف إذا عملت له عنانا. وقال غيره: جمع العنان أعنة. وقال أبو الهيثم: وسمي عنوان الكتاب عنوانًا لأنه يعن له من ناحيته. قال: وأصله عننان، فلما كثرت النونات قلبت أحداها واوا، ومن قال علوان جعل النون لامًا لأنها أخف وأظهر من النون. قال: وكلما استدللت بشيء تظهره على غيره فهو عنوان له، قال: وعننت الكتاب وأعننته وعنونته وعلونته بمعنى الجزء: 4 ¦ الصفحة: 47 واحد. قال الليث: العلوان لغة في العنوان غير جيدة. قال: وهو فيما ذكر مشتق من المعنى، هذا ما ذكره الأزهري. وقال صاحب المحكم: جمع العنان أعنة وعنن وعنون. وقولهم في عيوب الزوج العنة بضم العين وتشديد النون والرجل عنين بكسر العين والنون. قال الأزهري: قال أبو الهيثم: سمي العنين عنينًا لأنه يعن ذكره عن قبل المرأة من عن يمينه وشماله فلا يقصده. قال أبو عبيد عن الأموي: امرأة عنينة وهي التي لا تريد الرجال. وقال ابن الأعرابي: العنن جمع العنين وجمع المعنون، يقال عن الرجل وعنن وأعنن فهو عنين معنون معن معنن. قال صاحب المحكم: التعنين الحبس، والعنين الذي لا يأتي النساء بين العنانة والعنينة والعنينية وقد عن عنها، وهو مما تقدم كأنه اعترضه ما يحبسه عن النساء، ويقال عن الشيء يعن ويعن عننًا وعنونًا ظهر أمامك، وعن وعنونا واعتن اعترض، والاسم العنين والعنان، ورجل معن يعترض في كل شيء ويدخل فيما لا يعنيه، والأنثى بالهاء، والمعانة والمعارضة، والعنة الخطيرة من الخشب تجعل للإبل والغنم تحبس فيها وجمعه عنن، والعنان السحاب، وقيل: هي من السحاب التي تمسك الماء واحدتها عنانة، وأعنان السماء نواحيها، وعنانها ما بدا لك منها إذا نظرت إليها، هذا آخر كلام صاحب المحكم. وقال الأزهري في الحديث: “لو بلغت خطيئته عنان السماء” يريد السحاب. قال: ورواه بعضهم أعنان السماء فإن كان أعنان محفوظًا فهي النواحي، وأعنان كل شيء نواحيه. قال الرافعي: شركة العنان أخذت من عنان الدابة، إما لاستواء الشريكين في ولاية الفسخ والتصرف واستحقاق الربح على قدر رأس المال كاستواء طرفي العنان، وأما لأن كل واحد منهما يمنع الآخر من التصرف مما يشتهى كمنع العنان الدابة، وأما لأن الأخذ بعنان الدابة حبس إحدى يديه على العنان، والأخرى مطلقة يستعملها فيما أراد، كذلك الشريك منع نفسه بالشركة عن التصرف في المشترك كما يشتهي وهو مطلق التصرف في سائر أمواله، وقيل: هي من عن الشيء أي ظهر، إما لأنه ظهر لكل واحد منهما، وإما لأنهما أظهرا وجوه الشركة، ولذلك اتفقوا على صحتها، وقيل: هي من المعانة، وهي المعارضة لأن كل واحد يخرج بماله في معارضة الآخر. عهد: قال الإمام الأزهري رحمه الله تعالى: قال أبو عبيد: العهد في أشياء الجزء: 4 ¦ الصفحة: 48 مختلفة فمنها الحفاظ ورعاية الحرمة ومنها الوصية كقول سعد حين خاصم عبيد الله بن زمعة في ابن أمته، فقال: ابن اخي عهد إلي فيه أخي أي: أوصى. ومنه قوله تعالى: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ} (يّس: من الآية60) يعني: الوصية. قال: والعهد الأمان. قال الله تعالى: {لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ} (البقرة: من الآية124) وقال تعالى: {فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ} (التوبة: من الآية4) قال: ومن العهد أيضًا اليمين يحلفها الرجل يقول على عهد الله تعالى. ومن العهد أن تعهد الرجل على حال أو في مكان فتقول عهدي به في مكان كذا وكذا أو في حال كذا. قال: وأما قول الناس أخذت عليه عهد الله تعالى وميثاقه فإن العهد ههنا اليمين وقد ذكرناه. قال الأزهري: العهد الميثاق ومنه قوله تعالى: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ} (النحل: من الآية91) . وقال أبو الهيثم: العهد جمع العهدة وهو الميثاق، واليمين الذي تستوثق بها ممن يعاهدك. قال: وإنما سمي اليهود والنصارى أهل العهد للذمة التي أعطوها والعهدة المشترطة عليهم ولهم. قال: والعهد والعهدة واحد تقول برئت إليك من عهدة هذا العبد أي: مما يدركك فيه من عيب كان معهودًا فيه عندي. قال: ويقال استعهد فلان من فلان أي: كتب إليه عهده. قال: وإنما قيل: ولي العهد لأنه ولي الميثاق الذي يؤخذ على من بايع الخليفة والعهد ما عهدته، يقال عهدي بفلان وهو شاب أي: أدركته فرأيته كذلك وكذلك المعهد. وقال الليث: المعاهدة الاعتهاد والتعاهد والتعهد واحد وهو أخذك العهد بما عهدته. وقال ابن شميل: يقال متى عهدك بفلان أي متى رؤيتك إياه وعهده رؤيته. وقال أبو زيد: تعهدت ضيعتي وكل شيء ولا يقال تعاهدت. قال الأزهري: وأجازهما الفراء وحكاهما ابن السكيت. قال الليث: والمعهد الموضع الذي كنت عهدته أو عهدت به هوى لك، والجمع المعاهد، ويقال: أنا أعهدك من هذا الأمر أي: أنا كفيلك، وأنا أعهدك من إباقة أي: أبرئك من إباقه، وفي عقله عهدة أي: ضعف، وفي خطه عهدة أي: إذا لم يقم حروفه، ويقال عاهدت الله تعالى أن لا أفعل كذا، هذا آخر كلام الأزهري. وقال صاحب المحكم: والعهد الحفاظ، ومنه حس العهد والإيمان، والعهد الالتقاء، والعهد المنزل المعهود به الشيء سمي بالمصدر، وتعهد الشيء وتعاهده واعتهده تفقده وأخذت العهد به، وأما ضمان العهدة المعروف الجزء: 4 ¦ الصفحة: 49 فيقال فيه أيضًا ضمان الدرك كما سبق في حرف الدال، وهو أن يشتري الرجل سلعة فيضمن رجل للمشتري ثمنها الذي دفعه إلى البائع إن خرجت مستحقة وتفاصيله معروفة. قال أبو سعيد المتولي في التتمة: سمي به لالتزامه ما في عهدة البائع رده، وقيل هو مأخوذ من قول العرب الأمر عهدة أي: لم يحكم لعدو في عقله عهدة أي: ضعف، وكأنه الضامن ضمن ضعف العقد، والتزم ما يحتاج فيه من غرم. عهر: في الحديث المشهور: “الولد للفراش وللعاهر الحجر” قال الإمام أبو منصور الأزهري في تهذيب اللغة: العاهر الزاني. قال: وقال أبو عبيد: معنى قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “وللعاهر الحجر” أي: لا حق له في النسب وهذا كقولك له التراب أي لا شيء له. قال: وقال أبو زيد: يقال للمرأة الفاجرة عاهرة ومعاهرة ومسافحة. وروى أبو عمرو عن أحمد بن يحيى والمبرد أنهما قالا: هي العهيرة الفاجرة، قالا والياء فيها زائدة، والأصل فيه عهرة مثل تمرة، هذا آخر ما ذكره الأزهري. وكذا قال الخطابي وغيره من الأئمة: العاهر الزاني. وفي الحديث الآخر: “أيما عبد تزوج بغير إذن سيده فهو عاهر” ذكره في كتاب الكتابة من المهذب، وهو حديث أخرجه الجماعة أو داود والترمذي وغيرهما بأسانيدهم عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قال الترمذي: وهو حديث حسن صحيح، رواه ابن ماجه بإسناده عن ابن عمر عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قال الترمذي: لا يصح عن ابن عمر، والصحيح عن جابر. قلت: وعبد الله بن محمد بن عقيل مختلف في الاحتجاج به، فاحتج به أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وضعفه جماعة كثيرون، والله تعالى أعلم. وقال صاحب المحكم: عهر إليها يعهر عهرًا وعهورًا وعهارة وعهورة وعاهرها عهارًا أتاها ليلا للفجور، وقيل: هو الفجور أي وقت كان يكون في الأمة والحرة، وامرأة عاهر بغير هاء إلا أن يكون على الفعل ومعاهرة. عهن: قال الأزهري: العهن الصوف المصبوغ ألوانا وجمعه عهون. وقال الليث: يقال لكل صوف عهن والقطعة عهنة. وقال صاحب المحكم: العهن الصوف المصبوغ ألوانا، وقيل: المصبوغ أي لون كان. وقيل: كل صوف عهن. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 50 عوج: قال أهل اللغة: العوج بفتح العين والواو في كل منتصب كالحائط، والعود وشبهه، والعوج بكسر العين ما كان في بساط أو أرض أو دين أو معاش، ويقال فلان في دينه عود بكسر العين. وقال صاحب المطالع: قال أهل اللغة: العوج بفتح العين في كل شخص مرئي، والكسر فيما ليس بمرئي كالرأي والكلام، وانفرد عنهم أبو عمرو الشيباني فقال: هما بالكسر معا ومصدرهما معًا بالفتح، حكاه ثعلب عنه. قلت: وفي الحديث: “إن المراة خلقت من ضلع أعوج فإن استمتعت بها استمتعت وبها عوج” ذكره في الطلاق من المهذب، وهو مخرج في صحيحي البخاري ومسلم. واختلف في ضبط عوج فضبطه كثيرون بفتح العين، وضبطه الحافظ أبو القاسم وآخرون من المحققين بالكسر، وهو الصواب الجاري على ما ذكره أهل اللغة كما ذكرنا. عوذ: في الوسيط في أول كتاب النكاح: ونكح رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - امرأة فعلمها نساؤه أن تقول عند لقائه أعوذ بالله منك، وقلن هذه كلمة تعجبه فقالت ذلك، فقال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “لقد استعذت بمعاذ ألحقي بأهلك” هذا الحديث أخرجه البخاري في صحيحه، ولكن ليس فيه قوله: “فعلمها نساؤه أن تقول عند لقائه أعوذ بالله منك” فهذه الزيادة ليس لها أصل صحيح، وهي ضعيفة جدًا من حيث الإسناد ومن حيث المعنى، وقد رواها محمد بن سعد كاتب الواقدي في كتابه الطبقات لكن بإسناد ضعيف، وقد اختلف في اسمها فقيل أسماء بنت النعمان الجونية. وقوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - “بمعاذ” هو بفتح الميم ومعناه بملجأ ومستجار. قال صاحب المطالع: العوذ والعياذ والمعاذ بمعنى الملجأ واللجأ واللياذ والله تعالى أعلم. ونحوه قال الهروي: وقال يقال هو عوذي أي لجاي. قال: والمعاذ في هذا الحديث الذي يعاذ به، والله تعالى معاذ من عاذ به أي: تمسك وامتنع به. عور: قوله في المهذب: وقالت عائشة رضي الله تعالى عنها: “يتوضأ أحدكم من الطعام الطيب ولا يتوضأ من الكلمة العوراء” فالعوراء بالمد. قال الهروي: قال ابن الأعرابي: العرب تقول للرديء من كل شيء من الأمور والأخلاق أعور، والأنثى من هذا عوراء، قال ومنه يقال للكلمة القبيحة عوراء، وكذا قال الإمام أبو الحسن عبد الغافر بن في كتابه مجمع الغرائب في حديث عائشة العوراء الكلمة القبيحة الزائغة عن الرشد. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 51 عول: العول في الفرائض بفتح العين وإسكان الواو، وهو إذا ضاق المال عن سهام أهل الفروض تعال المسألة أي: ترفع سهامها على كل واحد بقدر فرضه لأن كل واحد يأخذ فرضه بتمامه إذا انفرد، فإذا ضاق المال وجب أن يقتسموا على قدر الحقوق كأصحاب الديون والوصايا. واتفقت الصحابة رضي الله تعالى عنهم على العول في زمن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه حين ماتت امرأة في خلافته وتركت زوجا وأختين، وكانت أول فريضة أعيلت في الإسلام، فجمع الصحابة رضي الله تعالى عنهم وقال لهم: فرض الله تعالى للزوج النصف وللأختين الثلثين، فإن بدأت بالزوج لم يبق للأختين حقهما، وإن بدأت بالأختين لم يبق للزوج حقه، فأشيروا عليّ فأشار عليه العباس رضي الله تعالى عنه بالعول، وقال: أرأيت لو مات رجل وترك ستة دراهم لرجل عليه ثلاثة ولآخر أربعة أليس يجعل المال سبعة أجزاء، فأخذت الصحابة رضي الله تعالى عنهم بقوله، ثم أظهر ابن عباس رضي الله تعالى عنهما فيه الخلاف بعد ذلك وأنكر العول. وقال: إن الذي أحصى رمل عالج عددًا لم يجعل في المال نصفًا ونصفا وثلثا، هكذا رويناه في سنن البيهقي، وكذا ذكره إمام الفرائض وغيرها أبو الحسن محمد بن يحيى بن سراقة، وعلى هذا فالمسألة التي وقعت في حال مخالفة ابن عباس كانت زوجًا وأختا وأمًا وهي المقصودة بهذا الشعر، وليس مراده التي حدثت في زمن عمر رضي الله تعالى عنه، وأما قول الغزالي: أنه قال لم يجعل في المال نصفًا وثلثين فليس بمعروف ولا منقول، ولم يأخذ بقول ابن عباس في نفي العول إلا طائفة يسيرة، حكاه ابن سراقة عن أهل الظاهر ثم أجمعت الأمة على إثبات العول، وأهل الظاهر لا يعتد بخلافهم، وابن عباس محجوج بإجماع الصحابة تفريعًا على المختار أنه لا يشترط في الإجماع انقراض العصر، ثم على مذهب ابن عباس يقدم الأقوى من ذوي الفروض، ويدخل النقص على غيره وبيانه أن كل من لا ينقص فرضه إلا إلى فرض كالزوج والزوجة والأم والجدة وولد الأم، فهو مقدم على من يسقط فرضه في حال التعصيب، وهي البنات وبنات الابن والأخوات للأبوين أو للأب، والله تعالى أعلم. وأما قول الغزالي في الوسيط والوجيز: والعول الرفع فمما أنكر عليه لأن العول مصدر عال يعول عولا فهو لازم، فسبيله أن يقول هو الارتفاع لا الرفع، فإن الأزهري وغيره الجزء: 4 ¦ الصفحة: 52 من أهل اللغة فسروه بالارتفاع والزيادة، وقالوا: يقال عالت الفريضة إذا ارتفعت مأخوذ من قولهم عال الميزان فهو عائل أي: شال وارتفع. قال الرافعي: وقد قال بعضهم يقال عال الرجل الفريضة وأعالها فيعديه، فعلى هذا يصح كلام الغزالي والله أعلم. عيب: قال الجوهري: العيب والعيبة والعاب بمعنى واحد. يقال أعاب المتاع إذا صار ذا عيب وعبته أنا يتعدى ولا يتعدى، فهو معيب ومعيوب أيضًا على الأصل، ويقال ما فيه معابة ومعاب أي: عيب، والمعايب العيوب، وعيبه نسبه إلى العيب، وعيبه جعله ذا عيب وتعيبه مثله، والعيبة ما يجعل فيه الثياب والجمع عيب، مثل بدرة وبدر وعياب وعيبات. قلت: والعيب ستة أقسام: عيب في المبيع، وفي رقبة الكفارة، والغرة، والأضحية والهدي والعقيقة، وفي أحد الزوجين، وفي الإجارة. وحدودها مختلفة: فالعيب المؤثر في المبيع الذي يثبت بسببه الخيار، هو ما نقصت به المالية أو الرغبة أو العين كالخصى، والعيب في الكفارة ما أضر ومعناه إضرارا بينا، والعيب في الأضحية أو الهدي أو العقيقة هو مانقص به اللحم، والعيب في النكاح ما ينفر عن الوطء ويكسر سورة التواق، والعيب في الإجارة ما يؤثر في المنفعة تأثيرًا يظهر به تفاوت الأجرة، لا ما يظهر به تفاوت قيمة الرقبة لأن العقد على المنفعة، فهذا تقريب ضبطها، وهي مذكورة في هذه الكتب بحقائقها وفروعها وعيب الغرة في الجنين كالمبيع. عين: لفظة العين مشتركة في أشياء كثيرة، جمعها أو أكثرها شيخنا جمال الدين بن مالك رضي الله تعالى عنه في كتابه المثلث مختصرة، قال: العين حاسة النظر، ومنبع الماء والجاسوس، والسحابة القبيلة، ومطر لا يقلع أيامًا، وعوج في الميزان، والإصابة بالعين وإصابة العين، والمعاينة، والدينار، والشيء الحاضر، وخيار الشيء وذاته وسيد القوم ونقرة في جانب الركبة أو مقدمها، ولغة في العين وهم أهل الدار واحد الأعيان، وهم الأخوة لأب وأم، وعين الشمس وعين القبلة معروفتان، هذا آخر كلام الشيخ جمال الدين. قال غيره: تجمع عين الحيوان على أعين وأعيان وعيون، ذكره أبو حاتم السجستاني من المذكر والمؤنث، وذكره غيره. قال أبو حاتم: وتصغيرها عيينة بضم العين، ويجوز كسرها، وكذلك جميع ما تصغره في المذكر والمؤنث إذا كان ثانيه ياء أصلها الياء وما أشبه ذلك، يجوز في تصغيره الضم والكسر والضم أفصح، وكذلك العيون والعيوب والجيوب الجزء: 4 ¦ الصفحة: 53 والشيوخ وما أشبه ذلك، يجوز في تصغيره الضم والكسر والضم أفصح، ولا يجوز في عين وما أشبهها عوينة، وتقول العامة ذو العوينتين، وهو غلط والصواب العيينتين. قوله في الوسيط في آخر الباب الأول من كتاب البيع: فيما إذا رأى ثوبين ثم سرق أحدهما فقد اشترى معينا مرئيا. قوله معينا هو بالعين المهملة والنون هذا هو الصواب، وقد يصحفه بعض الناس. وبيع العينة بكسر العين معروف وهو مشتق من العين. قال صاحب الحاوي: سميت عينة لأنها أخذ عين بربح والعين الدراهم والدنانير. قوله في الوسيط والوجيز في صوم رمضان: أن ينوي لكل يوم نية معينة، المشهور فتح الياء من معينة. وقال الإمام أبو القاسم الرافعي في شرح الوجيز: يجوز فتح الياء وكسرها، ففتحها لأن الناوي يعينها ويخرجها عن التعليق، وكسرها لكونها تعين الصوم. وقولهم: حلق العانة سنة، المراد: حلق الشعر الذي فوق ذكر الرجل وحوله، والشعر الذي حول قبل المرأة هذا هو المشهور المعروف. ورأيت في كتاب الودائع المنسوب إلى أبي العباس ابن سريج رحمه الله تعالى خلاف هذا. فقال في باب البدن من الفرائض والسنن وهو في أوائل الكتاب عقب باب التيمم: حلق العانة سنة، والعانة الشعر المستدير حول الحلقة التي يخرج منها الغائط. قال: والعامة تظنها الشعر النابت فوق الذكر وتحت السرة وليس الأمر كما ظنوا، هذا كلامه، وتفسيره العانة بما حول الدبر خاصة، وإنكار ما حول الذكر شاذ مردود، فالأولى حلق الجميع أعني ما حول القبل والدبر، والسنة في الرجل الحلق وفي المرأة النتف. فصل في أسماء المواضع بير أبي عنبة: تقدمت في الباء. ذات عرق: تقدمت في الذال. عالج: الذي يضاف إليه رمل عالج ذكره في الوسيط في الفرائض هو بكسر اللام وبعدها جيم، وهو موضع بالبادية كثير الرمال. العالية: مذكورة في باب صلاة الجمعة من المهذب: وهي مواضع وقرى بقرب مدينة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من جهة الشرق، وأقرب العوالي إلى المدينة على أربعة أميال، وقيل: على ثلاثة وأبعدها ثمانية. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 54 عبادان: من العراق مذكورة في حد سواد العراق هي بفتح العين وتشديد الباء الموحدة وبالدال المهملة. قال الحازمي في المؤتلف في أسماء الأماكن: عبادان جزيرة مشهورة تحت البصرة مقصودة للزيارة، وكانت قديما من ثغور المسلمين. قال: ويروى في فضائلها أحاديث غير ثابتة. عدن: مذكورة في حد جزيرة العرب من باب عقد الذمة من المهذب: هي بفتح العين والدال المهملتين، مدينة معروفة باليمن يقال فيها عدن أبين. قال الحازمي في المؤتلف: يقال نسب إلى أبين بن زهير بن أيمن بن الهميسع بن حمير بن سبأ. قال صاحب الحاوي في باب زكاة المعادن: يقال عدن إذا أقام، وسميت البلدة عدنا لأن تبعا كان يحبس فيها أصحاب الجرائم. العذيب: بضم العين المهملة وفتح الذال منزل الحاج العراقي قريب من الكوفة. قال الحازمي: وهو والعذيب أيضًا موضع بالبصرة والعذيب في ديار كلب. العراق: الإقليم المعروف. قال الماوردي في الأحكام السلطانية: سمي عراقا لاستواء أرضه وخلوها عن جبال تعلوا أو أودية تنخفض، والعراق في كلام العرب الاستواء. وقال الأزهري في تهذيب اللغة: قال أبو عمرو: سميت العراق عراقا لقربها من البحر، قال: وأهل الحجاز يسمون ما كان من البحر عراقا، قال: وقال الليث: العراق شاطىء على طوله، وقيل: لبلد العراق عراق لأنه على شاطىء دجلة والفرات حتى يتصل بالبحر. قال الأزهري: هؤلاء العراق معرب، وأصله عيران فعربته العرب، فقالوا: هذا عراق وأعرق أخذ في بلاد العراق. وقال صاحب المحكم رحمه الله تعالى: العراق من بلاد فارس حتى يتصل بالبحر مذكر سمي بذلك لأنه على شاطىء دجلة، وكل شاطىء ماء عراق، وقيل: سمي العراق عراقا لأنه استكف أرض العرب. وقيل: سمي به لتواشج عروق الشجر والنخل فيه، كأنه أراد عرقا ثم جمع على عراق. وقيل: سمي به لأن العجم سمته إيران شهر، ومعناه كثرة النخل والشجر، فعرب فقيل عراق. وقيل: سمي بعراق المزادة وهي الجلدة التي تجعل في ملتقى طرفي الجلد إذا خرز في أسفلها لأن العراق بين الريف والبر، والعراقان الكوفة والبصرة، هذا آخر كلام صاحب المحكم. قال: وحكى ثعلب اعترقوا بمعنى اعرقوا أي أتوا العراق. عرفات: وعرفة: اسم لموضع الوقوف. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 55 قيل: سميت بذلك لأن آدم عرف حواء عليهما الصلاة والسلام هناك. وقيل: لأن جبريل عرف إبراهيم عليهما الصلاة والسلام المناسك هناك، وجمعت عرفاتن وإن كان موضعًا واحدًا لأن كل جزء منه يسمى عرفة، ولهذا كانت مصروفة كقصبات. قال النحويون: ويجوز ترك صرفه، كما يجوز ترك صرف عامات وأذرعات على أنها اسم مفرد لبقعة. قال الواحدي وغيره: وعلى هذا تتوجه قراءة أشهب العقيلى فإذا أفضتم من عرفت بفتح التاء. قال الزجاج: والوجه الصرف بالتنوين عند جميع النحويين، وأما حد عرفات فالموضع الذي يجوز فيه الوقوف. قال الماوردي في الحاوي: قيل: سميت عرفات لتعارف آدم وحواء فيها لأن آدم أهبط من الجنة بأرض الهند وحواء بجدة فتعارفا بالموقف، وقيل: لأن جبريل عرف إبراهيم عليهما الصلاة والسلام فيها المناسك. وقيل: سميت بذلك للجبال التي فيها، والجبال هي الأعراف، وكل عال نات فهو عرف، ومنه عرف الفرس والديك. قال: قال القاسم بن محمد: سميت بذلك لأن الناس يعترفون فيها بذنوبهم ويسألون غفرانها فتغفر. عسفان: بعين مضمومة ثم سين ساكنة مهملتين قرية جامعة بها منبر، وهي بين مكة والمدينة على نحو مرحلتين من مكة. وقد نقل صاحب المهذب في أول باب صلاة المسافر عن الإمام مالك رحمه الله تعالى أنه قال: "بين مكة وعسفان أربعة برد" وهذا الذي نقله عن مالك رحمه الله تعالى صحيح عنه ذكره في الموطأ. وأربعة البرد ثمانية وأربعون ميلا وذلك مرحلتان، وهذا الذي ذكرناه هو الصواب، وأما قول صاحب المطالع: أن بينهما ستة ثلاثين ميلا فليس بمنقول. عسكر مكرم: مذكورة في الروضة في أول كتاب البيع مدينة مشهورة في بلاد سير نحو شيراز. العقيق: المذكور في ميقات أهل العراق، وهو واد يدفق ماؤه في غوري تهامة كذا ذكره الأزهري في تهذيب اللغة، وهو أبعد من ذات عرق بقليل. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 56 حرف الغين غبب: قوله في التنبيه: "ويدهن غبًا" هو بكسر الغين. قال صاحب البيان وغيره: الأدهان غبًا أن يدهن يومًا ثم يترك حتى يجف رأسه ثم يدهن. قال الهروي في الحديث: "زر غبًا تزدد حبًا" يقال غب الرجل إذا جاء زائرًا بعد أيام، وأغب عطاؤه إذا جاء غبا، والغب من أوراد الإبل أن ترد يومًا ويومًا لا. وقال الإمام الأزهري مثله أو نحوه، فقال: قال أبو عمرو: غب الرجل إذا جاء زائرًا بعد أيام، ومنه قوله: "زر غبًا تزدد حبًا" وأما الغب من ورود الماء فهو أن يشرب يومًا ويومًا لا. وقال صاحب المحكم: الغب الإتيان في اليومين ويكون أكثر، وأغب القوم وغب عنهم جاء يومًا وترك يومًا. وقال ثعلب: غب الشيء في نفسه يغب غبا، وأغبني وقع بي، والغب من الحمى أن تأخذ يومًا وتدع يومًا آخر، وهو مشتق من غب الورد لأنها تأخذ يومًا وترفه يومًا، وهي حمى غب على الصفة للحمى، وأغبته الحمى، وأغبت عليه وغبت غبًا، ورجل مغب أغبته الحمى كذلك. روي عن أبي زيد على لفظ الفاعل. وقال الجوهري: الغب في الزيارة. قال الحسن في كل أسبوع يقال: “زر غبًا تزدد حبًا”. غبر: قوله في الوجيز في غسل ولوغ الكلب: ولو ذر التراب على المحل لم يكف بل لا بد من مائع يغبر به فيوصله إليه. قال الرافعي: يجوز أن يقرأ بالباء الموحدة من التغبير، ويجوز أن يقرأ بالياء من التغيير أي: يغير التراب، ذلك المائع فيوصل المائع التراب إليه، ويمكن أن يجعل الفعل للمائع على معنى أنه يغير التراب عن هيئته، فيتهيأ للنفوذ والوصول إلى جميع الأجزاء، وفي بعض النسخ يغبر به، والكل جائز. غبن: قوله: باعه واشتراه بغبن هو بفتح العين وسكون الباء. قال صاحب المحكم: الغبن في البيع والشراء الوكس. قال الجوهري: يقال غبنه في البيع بالفتح أي: خدعه، وقد غبن فهو مغبون والغبنة من الغبن كالشتمة من الشتم. وقال الهروي: يقال غبنه في البيع يغبنه غبنًا، وأصل الغبن النقص، ومنه يقال غبن فلان ثوبه إذا ثنى طرفه فكفه. وقال صاحب المحكم: الجزء: 4 ¦ الصفحة: 57 غبنه يغبنه هذا الأكثر. وقد حكي بفتح الباء في يغبنه وكل هؤلاء لم يذكروا في الغبن في البيع إلا فتح الغين مع سكون الباء. وذكر ابن السكيت في باب فعلت وفعل: باتفاق معنى الغبن والغبن بفتح الباء وسكونها، ثم قال: والغبن أكثر في الشراء والبيع، والغبن بتحريك الباء في الرأي يقال غبنت رأيي غبنًا. غرر: في حديث الوضوء: “تأتي أمتي يوم القيامة غرًا محجلين من آثار الوضوء فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل” وفي الحديث الآخر: “نهى عن بيع الغرر” وفي الحديث الأخر: “في الجنين غرة عبد أو أمة” وفي صفة أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه فرد نشر الإسلام على غره، ذكره في باب بيع الغرر من المهذب: فأما الغرة في الوضوء ففيها أختلاف كبير للأصحاب، وقد ذكرت ذلك مستقصى في شرح المهذب، والحاصل منه وجهان: أظهرهما أن تطويل الغرة هو غسل مقدمات الرأس مع الوجه وكذلك صفحة العنق، والتحجيل غسل بعض العضد مع اليد، وغسل بعض الساق عند غسل الرجل. والثاني: أن الغرة غسل شيء من اليد والرجل، وأصل الغرة بياض في جبهة الفرس فوق قدر الدرهم، والغرة أيضًا أول الشيء وخياره، وأما بيع الغرر فهو مفسر في هذه الكتب مشهور معلوم. وقوله: “في الجنين غرة عبد أو أمة” هكذا هو في الرواية وكذا المعروف غرة منونة وعبد أو أمة مرفوعان، والغرة اسم للعبد واسم للأمة. قال الجوهري في صحاحه: الغرة العبد والأمة، ومنه الحديث فذكره قال: وكأنه عبر عن الجسم كله بالغرة. وحكى القاضي عياض في الإكمال وصاحب المطالع: أنه روي أيضًا بإضافة غرة إلى عبد، قالا: والصواب التنوين أو هو أصوب. وفي صحيح البخاري في كتاب الديات في باب جنين: المرأة عن المغيرة بن شعبة، قال: قضى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالغرة عبد أو أمة. وقوله: “نشر الإسلام على غره” هو بفتح العين وتشديد الراء، وهو التكسير في الثوب وغيره من الطي أي: مواضع الطي، وهو معنى قوله في المهذب أي: على طيه، والنشر بفتح النون والشين المنتشر. قوله في باب الإقرار من المهذب له عندي تبن في غرارة هي بكسر الغين والجمع غرائر. قال الجوهري: أظنها معربة. غرل: قال الإمام الحافظ أبو بكر الحازمي من المتأخرين في كتابه المؤتلف والمختلف في أسماء الأماكن: قال أئمة اللغة: الراء واللام لم يجتمعا في كلمة واحدة إلا في أربع: وهي أرل إسم جبل، وورل، وغرلة، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 58 وأرض حرلة فيها حجارة وغلظ. غزو: ذكر الواحدي في قول الله عز وجل: {إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزّىً} (آل عمران: من الآية156) الغزى: جمع غاز مثل شاهد وشهد ونائم ونوم وصائم وصوم وقائل وقول، ومثله من الناقص عاف وعفى، ويجوز غزاة مثل قاض وقضاة ودعاة ورماة، ويجوز غزاء بالمد مثل ضراب، قال: ومعنى الغزو في كلام العرب قصد العدو والمغزى المقصد. قال: روى عمرو عن أبيه الغزو القصد وكذلك الغوز، وقد غزاه وغازه غزوًا وغوزًا إذا قصده. قال الأزهري: ويجمع الغازي غزى مثل ناجي ونجى القوم يتناجون، هذا آخر كلام الواحدي. وقال أبو البقاء العكبري: يقرأ يعني في الشواذ، وكانوا غزى بتخفيف الزاي، قال: وفيه وجهان، أحدهما: أن أصله غزاة فحذف الهاء تخفيفًا لأن الياء دليل الجمع، وقد حصل ذلك من نفس الصيغة. والثاني: أنه أراد قراءة الجماعة المشددة فحذف إحدى الزايين كراهية التضعيف، والله تعالى أعلم. غسل: الغسل بالفتح مصدر غسل الشيء غسلا، والغسل بالكسر ما يغسل به الرأس من سدر وخطمي ونحوهما، والغسل بالضم اسم للاغتسال، واسم للماء الذي يغتسل به وهو أيضًا جمع غسول بفتح الغين، وهو ما يغسل به الثوب من أشنان ونحوه. وفي المهذب في حديث ميمونة رضي الله تعالى عنها: “أدنيت لرسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غسلا من الجنابة” وفي حديث قيس بن سعد رضي الله عنه: “أتانا رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فوضعنا له غسلا” الغسل في هذين الحديثين مضموم الغين، والمراد به الماء الذي يغتسل به كما تقدم، وهذا الذي ذكرته من ضم الغين في هذين الحديثين مجمع عليه عند أهل اللغة والحديث والفقه وغيرهم. وأما قول الشيخ عماد الدين بن باطيش رحمه الله تعالى في كتابه ألفاظ المهذب: أنه مكسور الغين فخطأ صريح، وتصحيف قبيح، ومنكر لم يسبق إليه، وباطل لا يتابع عليه، وإنما قصدت بذكره التحذير من الاغترار به، والله تعالى يغفر لنا أجمعين. قولهم في باب غسل الجنابة وغسل الميت. وقولهم: وجب عليه وضوء وغسل، ويجب الغسل من خروج المني وشبهه هذا كله، يجوز بضم الغين وفتحها لغتان فصيحتان والفتح أشهرهما، وقد غلط الفقهاء في ضمهم إياه وجهل ولم يطلع على اللغة الأخرى. وقد جمع شيخنا جمال الدين بن مالك إمام الجزء: 4 ¦ الصفحة: 59 أهل الأدب في وقته بلا مدافعة رضي الله تعالى عنه في المثلث بين اللغتين غير مرجح إحداهما، مع شدة معرفته، وتحقيقه وتمكنه واطلاعه وتدقيقه ثم سألته عنه أيضًا، فقال: إذا أريد به الاغتسال فالمختار ضمه، ويجوز فتحه كقولنا غسل الجنابة أي: اغتسالها، ومن فتحه أراد غسل يديه غسلا. قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة” قال جمهور العلماء من المحدثين وأصحاب غريب الحديث وأصحابنا في كتب الفقه وغيرهم: المراد غسلا كغسل الجنابة في الصفة فيتوضأ له، ويستقصى في أيصال الماء إلى المعاطف التي في البدن وإلى الشعور كلها، ويدلك ما يقدر عليه من بدنه، ولا يتساهل بترك شيء من سننه ليكون هذا الغسل سنة. وحكى جماعة من أصحابنا في كتب الفقه: المراد غسل الجنابة حقيقة، قالوا: فيستحب لمن له زوجة أو مملوكة يستبيح وطئها أن يجامعها، ويغتسل للجنابة منها يوم الجمعة، وهذا كما قال - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الحديث الآخر: “من غسل واغتسل” على تفسير من فسره أنه يجامع، والحكمة فيه أنه تسكن نفسه وتذهب أو تفتر شهوته، لقوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - “من غسل” واعلم أن حقيقة الغسل في الجنابة وغسل أعضاء الاغتسال، هو جريان الماء على العضو فلا بد من جريانه، فإن أمسه الماء ولم يجر لم يجزه بلا خلاف، نص عليه الشافعي رحمه الله تعالى، وقد أوضحته في مواضع من شرح المهذب: وإذا جرى كفاه، ولا يشترط الدلك وإمرار اليد على العضو، هذا مذهبنا ومذهب الجمهور. وقال مالك والمزني: يشترط إمرار اليد. وقد ذكرت المسألة بدلائلها في مواضع من شرح المهذب، وأوضحتها في باب صفة الغسل: ولو أفاض الماء على العضو فجرى، لكن لم يثبت عليه لكونه كان على العضو أثر دهن ذائب أجزأه، فإن الشرط جريان الماء لا ثبوته. قال أصحابنا في مسألة اشتراط الماء لإزالة النجاسة: لا يعرف الغسل في اللغة إلا بالماء، ولم تطلقه العرب على غير الماء. غصب: الغصب في اللغة أخذ الشيء ظلمًا، قاله الجوهري وصاحب المحكم وغيرهما. قال الجوهري: تقول منه غصبه منه وغصبه عليه بمعنى والاغتصاب مثله والشيء غصب ومغصوب. قال صاحب الجزء: 4 ¦ الصفحة: 60 المحكم: غصب الشيء يغصبه، واغتصبه أخذه ظلمًا، وغصبه علىالشيء قهره، هذا كلام هذين الإمامين. وقد شاع في استعمال مصنفي الفقهاء قولهم غصب منه ثوبًا فيعدونه بمن، والمعروف في اللغة ما قدمناه غصبه ثوبًا معدى بنفسه. وقد أنكر بعض فضلاء زماننا هذا الاستعمال على الفقهاء، ونسبهم إلى اللحن فيه، وقد قدمنا في فصل بيع: أنه يجوز بعت منه فرسًا وذكرنا وجهه ولا يمتنع مثله هنا، والصواب في حد الغصب في الشرع: أنه الاستيلاء على حق غيره فيدخل في هذا غصب الكلب والسرجين وجلد الميتة، ونحو ذلك من النجاسات التي يجوز اقتناؤها، ويدخل في غصب المنافع والأعيان والحقوق والاختصاصات. وأما قول جماعة من أصحابنا: أن الغصب هو الاستيلاء على مال الغير فليس بمرضي لأنه ليس بحد جامع لما ذكرناه، والله تعالى أعلم. غصص: قوله في كتاب الطهارة من الوسيط: غص بلقمة الأجود فيه فتح الغين لا ضمها، وبه قيده الشيخ تقي الدين رحمه الله تعالى، وقال ابن السكيت: غصصت باللقمة أغص بها غصصًا. قال: وقال أبو عبيدة: وغصصت لغة في الزيادات. غفر: قوله في المهذب: روت عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: “ما خرج رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من الغائط إلا قال غفرانك” هذا الحديث أخرجه أبو داود والترمذي وغيرهما لفظ روايتهما عن عائشة رضي الله تعالى عنها: “أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان إذا خرج من الغائط قال غفرانك” وفي رواية الترمذي: “إذا خرج من الخلاء” قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، قال: ولا يعرف في هذا الباب إلا حديث عائشة، قلت: غفرانك منصوب النون. قال الإمام أبو سليمان الخطابي: الغفران مصدر كالمغفرة، قال: وإنما نصبه بإضمار الطلب والمسألة كأنه يقول: اللهم إني أسألك غفرانك، كما تقول: اللهم عفوك ورحمتك يريد هب لي عفوك ورحمتك. قال: وقيل: في تأويل ذلك وفي تعقيبه الخروج من الخلاء بهذا قولان، أحدهما: أنه استغفر من ترك ذكر الله سبحانه وتعالى مدة لبثه في الخلاء، وكان - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لا يهجر ذكر الله سبحانه وتعالى الجزء: 4 ¦ الصفحة: 61 إلا عند الحاجة، فكأنه رأى هجران ذكر الله تعالى في تلك الحال تقصيرًا، وعده على نفسه دينا فتداركه فالاستغفار. وقيل: معناه التوبة من تقصيره في شكر النعمة التي أنعم سبحانه بها عليه فأطعمه ثم هضمه ثم سهل خروج الأذى منه فرأى شكره قاصرًا عن بلوغ حق هذه النعمة ففزع إلى الاستغفار منه، والله تعالى أعلم. غلصم: الغلصمة مذكورة في الوسيط في صفة الوضوء في فصل المضمضة، هي بفتح الغين وإسكان اللام وفتح الصاد المهملة. قال ابن فارس في المجمل والجوهري وغيرهما: هي رأس الحلقوم. زاد الجوهري وهو الموضع الناتىء في الحلق. غلق: يقال: أغلقت الباب هذه اللغة مشهورة، وفي لغة قليلة غلقت. وثبت في صحيح البخاري من كلام ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: دخلوا البيت ثم غلقوا عليهم هكذا هو في الأصول غلقوا بلا ألف. قال الزجاج: وتلقت الباب، وأتلقته بمعنى أغلقته. غلم: قال الإمام أبو الحسن الواحدي في تفسيره البسيط في قصة يحيى وزكريا صلى الله عليهما وسلم في سورة آل عمران قال: الغلام الشاب من الناس، وأصله من الغلمة والاغتلام، وهو شدة طلب النكاح، ويقال غلام بين الغلومية والغلوم والغلامية، هذا آخر كلامه. ويجمع الغلام على غلمان وغلمة، الأول جمع كثرة والثاني جمع قلة. قال القاضي عياض وغيره: واسم الغلام يقع على الصبي من حين يولد في جميع حالاته إلى أن يبلغ. وقوله في الوسيط في حديث الأعرابي الذي جامع في شهر رمضان مهد عذره بالغلمة هي بضم الغين وإسكان اللام، وهي مصدر غلم إذا اشتدت حاجته إلى النكاح، ويقال فيها الغلم بفتح الغين واللام. غلو: يقال: غلت القدر تغلي غليًا وغليانا وأغليتها أنا، وغلا فلان في الأمر يغلو غلواً إذا جاوز فيه الحد، وأغلاه الله تعالى، وغلوت بالسهم غلوًا إذا رميت به أبعد ما تقدر عليه، والغلوة بفتح الغين غاية ما يصل إليه السهم، وغالى فلان بكذا إذا اشتراه بثمن غال، والغالية من الطيب هي المسك والعنبر يعجنان بالبان. قال الجوهري في الصحاح: يقال أول من سماها بذلك سليمان بن عبد الملك، يقال منه تغاليت بالغالية. غمد: قال الجوهري وغيره: غمدت السيف أغمده غمدًا وأغمدته إغمادا فهو الجزء: 4 ¦ الصفحة: 62 مغمود ومغمد. غمر: ذكر في المهذب في الشهادات في الحديث: لا تقبل شهادة ذي غمر هو بكسر الغين وإسكان الميم، وهو الغل والحقد. يقال منه غمر صدره على وزن علم أي حقد والله تعالى أعلم. ويقال غمر الماء الشيء غطاه، والغمرة الشدة، والجمع غمر كنوبة ونوب، ودخلت في غمار الناس وغمارهم يعني بضم الغين وكسرها أي: في زحمتهم وكثرتهم، والغمرة بالضم طلاء يتخذ من الورس، وقد غمرت المرأة وجهها تغمر تغميرًا أي: طلت به وجهها ليصفو لونها، ويقال الغمنة بالنون على وزن، والغامر من الأرض خلاف العامر بالعين المهملة. قال الجوهري: وقال بعضهم: الغامر ما لم يرزع مما يحتمل الزراعة، وإنما قيل له غامر لأن الماء يبلغه فيغمره، وهو فاعل بمعنى مفعول. قال: وما لم يبلغه الماء من موات الأرض لا يقال له غامر. غمس: اليمين الغموس بفتح الغين وضم الميم، هي أن يحلف على ماض كاذبا عالمًا سميت غموسًا لأنها تغمس صاحبها في الإثم، ويستحق صاحبها أن يغمس في النار، وهي من المعاصي الكبائر، كما ذكرناه في الروضة في كتاب الإيمان والشهادات. غمم: قوله في الحديث: “فإن غم عليكم الهلال” هو بضم الغين أي: غطى. وسيأتي في في فصل الغين مع الميم والياء إن شاء الله تعالى. وقولهم في صفة الوضوء نزل الغمم إلى جبهته، الغمم مصدر، والأغم هو الذي نزل الشعر إلى جبهته فستراها، والغم الهم، والغمة بالضم هي الغم. وقوله في المهذب في التيمم: سفت عليه الريح ترابا غمه، يقال بالغين المعجمة ومعناه غطاه، ويقال بالمهملة، ومعناه استوعبه وهما متقاربان، وقد ضبط بالوجهين إلا أن المهملة أشهر وأجود، وقد تقدم في العين المهملة والغمام بالفتح السحاب. وقوله في باب ما يجب به القصاص من المهذب: غمه بمخدة فمات، هو بفتح الغين المعجمة وتشديد الميم أي: غطى وجهه وسد موضع نفسه من فمه وأنفه. غمى: قال صاحب المحكم: غمى على المريض وأغمى غشى عليه، ورجل مغمى عليه ومغمى عليه كذلك الاثنان، والجمع المؤنث لأنه مصدر، وقد ثناه بعضهم وجمعه يقال رجلان غميان ورجال أغماء. وذكر الجوهري مثله، وقال: قد أغمي عليه فهو مغمى عليه، وغمي عليه فهو مغمى الجزء: 4 ¦ الصفحة: 63 عليه على مفعول. قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الهلال: “فإن غم عليكم”. قال الخطابي: هو من قولك غممت الشيء إذا غطيته، وغم علينا الهلال، وغمي وأغمي فهو مغمى، وكان على السماعي، وهي ليلة غماء وصمنا للغمى، والغمى والغمية والغمة إذا صاموا رؤية، ذكر ذلك كله الهروي. قال صاحب المجمل: غم الهلال إذا لم ير لأنه يستره غيم أو غيره. قال الأزهري في الشرح: غم علينا الهلال غما فهو مغموم وغمي فهو مغمى وأغمي فهو مغمى. غنم: قال أهل اللغة: المغنم والغنيمة بمعنى يقال غنم القوم يغنمون غنما بالضم. قال أصحابنا: الغنيمة في اللغة الفائدة. قال أصحابنا: المال المأخوذ من الكفار منقسم إلى ما يحصل بغير قتال، وإيجاف خيل وركاب، وإلى حاصل بذلك، ويسمى الأول فيئًا والثاني غنيمة. ثم ذكر المسعودي وطائفة من أصحابنا: أن اسم كل واحد من المالين يقع على الآخر إذا أفرد بالذكر، فإذا جمع بينهما افترقا كاسمي الفقير والمسكين. وقال الشيخ أبو حاتم القزويني وغيره: اسم الفيء يشمل المالين، واسم الغنيمة لا يتناول الأول. وفي لفظ الشافعي رحمه الله تعالى في المختصر: ما يشعر بهذا. قال القاضي أبو الطيب: الفرق بين الفيء والغنيمة وإن كان الجميع راجعًا من الكفار، أن الفيء رجع من غير صنع منا فسمي فيئًا لأنه فاء بنفسه، وفي الغنيمة لنا صنع فلم يرجع بنفسه، بل رده الغانمون على أنفسهم بتوفيق الله تعالى. غنى: قال أهل اللغة: الغنى مقصور مكسور الأول هو اليسار، يقال منه غني الرجل فهو غني، وتغنى الرجل واستغنى بمعنى واحد، وأغناه الله تعالى وتغانوا أي استغنى بعضهم عن بعض، والغناء بالكسر أيضًا، وبالمد هو الصوت المعروف، والأغنية بمعنى الغنى، والجمع الأغاني، يقال منه تغنى وغنى بمعنى. والغناء بفتح الغين والمد هو النفع والمعنى واحد، المغاني وهو المواضع التي كان بها أهلوها، وغنيت المرأة بزوجها غنيانا أي استغنت، وغني بالمكان أقام به، وغنى أي: عاش، وأغنيت عنك مغنى فلان، ومغناة فلان، ومغنى فلان ومغناه فلان بالضم والفتح أي أجزأت عنك مجزاه. ويقال ما يغني عنك هذا أي: ما يجزىء عنك وما ينفعك. وقوله في المهذب في باب السير قال الشاعر: وعلىالغانيات جر الذيول الجزء: 4 ¦ الصفحة: 64 كتب القتل والقتال علينا أراد بالغانيات: النساء. واختلف أهل اللغة في الغانية، فقيل: هي المزوجة لأنها غنيت بزوجها عن غيره. وأنشد ابن الأعرابي ثم الجوهري في صحاحه على هذا قول جميل صاحب بثينة: وأحببت لما أن غنيت الغوانيا أحب الأيامى إذ بثينة أيم أراد بالأيامي: اللاتي لا أزواج لهن، وبالغواني المزوجات. وقوله لما أن غنيت بكسر التاء رجع من الغيبة إلى خطابها، ومعناه: أحب كل من كان مثلها لحبي لها فأحببت الأيامي إذ هي أيم، فلما أن غنيت أي تزوجت أحببت المزوجات. وقيل: الغانية الشابة الجميلة الناعمة. وقيل: هي البارعة في الجمال التي أغناها جمالها عن الزينة. غول: قال الإمام أبو السعادات المبارك بن محمد المعروف بابن الأثير الجزري في نهاية الغريب في الحديث: "لا غول ولا صفر" الغول: أحد الغيلان، وهي جنس من الجن والشياطين، كانت العرب تزعم أن الغول في الفلاة تتراءى للناس فتتغول تغويلا أي: تتلون تلونا في صور شتى، وتغولهم أي: تضلهم عن الطريق وتهلكهم، فنفاه النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأبطله. وقيل: معنى "لا غول" ليس نفيًا لوجود الغول، بل هو إبطال لزعم العرب في تلونه بالصور المختلة واغتياله. فقوله: لا غول أي: لا تستطيع أن تضل أحدًا، ويشهد له الحديث الأخر: "لا غول ولكن السعالى" والسعالى سحرة الجن أي: ولكن في الجن سحرة لهم تلبيس وتخييل. ومنه الحديث الأخر: "إذا تغولت الغيلان فنادوا بالأذان" أي: أدفعوا شرها بذكر الله تعالى، وهذا يدل على أنه لم يرد بنفيها عدمها. ومنه حديث أبي داود: "كان لي تمر في سهوة فكانت الغول تجيء فتأخذ" هذا آخر كلام ابن الأثير. غير: قوله في الوجيز في غسل ولوغ الكلب: ولو ذر التراب على المحل لم يكف بل لا بد من مائع يغيره، وقد قدمنا بيانه في فصل غبر، وأنه يجوز بالباء والياء. قال الإمام أبو نزار الحسن بن أبي الحسن النحوي في كتابه المسائل السفرية: منع قوم دخول الألف واللام على غير وكل وبعض، وقالوا: هذه كما لا تتعرف بالإضافة لا تتعرف بالألف واللام، قال: وعندي أنه تدخل اللام على غير وكل وبعض، فيقال الجزء: 4 ¦ الصفحة: 65 فعل الغير ذلك والكل خير من البعض، وهذا لأن الألف واللام هنا ليستا للتعريف، ولكنها المعاقبة للأضافة نحو قول الشاعر: كان بين فكها والفك إنما هو كان بين فكها وفكها، فهذا لأنه من نص على أن غيرًا يتعرف بالإضافة في بعض المواضع، ثم أن الغير يحمل على الضد، والكل يحمل على الجملة، والبعض يحمل على الجزء، فصلح دخول الألف واللام أيضًا من هذا الوجه، والله تعالى أعلم. فصل في أسماء المواضع غزنة: مذكورة في الروضة في الباب الثاني من كتاب الإقرار في فصل الإقرار بدرهم وهي بفتح الغين المعجمة وبالزاي وبعدها نون على وزن قصعة، وهي مدينة مشهورة بخراسان، منها جماعات من الأئمة في العلوم، ودراهمها أكثر وزنًا من دراهم الإسلام. كراع الغميم: مذكور في كتاب الصيام من مختصر المزني: هو بضم الكاف، والغميم بفتح الغين وكسر الميم، وهو واد بين مكة والمدينة، بينه وبين مكة نحو مرحلتين، وهو قدام عسفان بثمانية أميال يضاف هذا الكراع إليه، وهو جبل أسود بطرف الحرة يمتد إليه، وهذا الذي ذكرته من فتح الغين وكسر الميم هو الصواب المشهور المعروف عند أهل الحديث واللغة والتواريخ والسير وغيرهم. قال صاحب مطالع الأنوار في باب الغين: هو بفتح الغين وكسر الميم وبضم الغين وفتح الميم. وقال في باب الكاف: هو بالفتح وقد صغره بعض الشعراء. قلت: وهذا تصحيف، وكأنه اشتبه عليه. قال الإمام الحافظ أبو بكر الحازمي في كتابه المؤتلف والمختلف في الأماكن: الغميم بفتح الغين كراع، الغميم موضع بين مكة والمدينة. قال: وأما الغميم بضم الغين وفتح الميم فواد في ديار حنظلة من بني سليم، هذا كلام الحازمي وقد صرح بأن الغميم غير الغميم، والله تعالى أعلم. إذا علم ما ذكرته فقد وقع في كلام المزني وهم، وذلك أنه احتج على جواز فطر المسافر إذا سافر في أثناء النهار وهو صائم بهذا الحديث. فقال روى عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه صام في مخرجه إلى مكة في رمضان حتى إذا بلغ كراع الغميم أفطر، وأمر من صام بالإفطار، وهذا استدلال باطل بلا شك، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 66 وذلك لأن معنى الحديث أنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صام بعد خروجه من المدينة أيامًا فلما وصل بعد أيام إلى كراع الغميم أفطر، فإن كراع الغميم عن المدينة نحو سبع مراحل، فكيف يستدل بهذا على جواز الفطر في يوم إنشاء السفر. قوله في أول باب اللقطة من المهذب: "عسى الغوير أبؤسا" هو بضم الغين وفتح الواو تصغير الغائر، واختلف فيه فقيل: هو ماء بأرض السماوة، وهي بين الشام والعراق وسبب هذا المثل، ومعنى كلام عمر رضي الله تعالى عنه ذكرناه في فصل عسى. غور: المذكور في كتاب السير من الوسيط والوجيز في قوله سبايا غور، هو غور تهامة مما يلي اليمن. حرف الفاء فأر: الفأرة هي الحيوان المعروف، وجمعه فيران، وفأرة المسك نافجته، وهي وعاؤه وذكر الفيران فؤر بفتح الفاء وبعدها همزة مضمومة، وجمعه فؤور، وقد فئر المكان بكسر الهمزة إذا كثرت فيرانه، وهو مكان فئر كفرح يفرح فرحا فهو فرح ومصدره فأر، وكل هذا مهموز، وقد غلط من قال من الفقهاء وغيرهم: أن الفأرة لا تهمز، أو فرق بين فأرة المسك والحيوان، بل الصواب: أن الجميع مهموز، وتخفيفه بترك الهمزة كما في نظائره كرأس وشبهه، وقد جمع بين الفأرتين في الهمز شيخنا جمال الدين في المثلث، وفي صحاح الجوهري: أن فأرة مهموزة. فأفاء: الفأفاء المذكور في الروضة في باب صفة الأئمة: هو بهمزتين بعد الفاءين وبالمد صرح به الجوهري وغيره، قال: وهو الذي يتردد بالفاء، قال: ويقال رجل فأفاء على وزن فعلال وفيه فأفأة. فتح: قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “مفتاح الصلاة الطهور وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم” رواه علي ابن أبي طالب رضي الله تعالى عنه أخرجه أبو داود والترمذي وغيرهما. قال البغوي في شرح السنة: هو حديث حسن. وقال الترمذي فيه: هذا الحديث أصح شيء في هذا الباب وأحسن. قلت: مفتاح بكسر الميم، وسيأتي إن شاء الله تعالى بيانه بأتم من هذا قريبا. قال الإمام أبو بكر بن العربي في كتابه الأحوذي في شرح الترمذي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 67 قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “مفتاح الصلاة الوضوء” ومجاز ما يفتحها من غلقها، وذلك أن الحدث مانع منها، فهو كالغلق موضوع على المحدث حتى إذا توضأ انحل الغلق، وهذه استعارة بديعة لا يقدر عليها إلا النبوة، ومعنى تحريمها التكبير في حرف الحاء. وقال الإمام أبو سليمان الخطابي رحمه الله تعالى في المعالم: في هذا الحديث من الفقه، أن تكبيرة الافتتاح جزء من أجزاء الصلاة لأنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أضافها إلى الصلاة كما يضاف إليها سائر أجزائها من ركوع وسجود، وإذا كان كذلك لم يجز أن يعري مبادئها من النية لكن يضامها، كما لا يجزيه إلا بمضامة سائر شرائطها، قال: وفيه دليل أن الصلاة لا تجوز إلا بلفظ التكبير دون غيره من الأذكار، وذلك لأنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قد عينه بالألف واللام اللتين هما للتعريف، والألف واللام مع الإضافة يفيدان السلب والإيجاب، وهو أن يسلب الحكم فيما عدا المذكور كقولك فلان مبيته المساجد أي: لا مأوى له غيرها، وحيلة الهم الصبر أي: لا مدفع له إلا بالصبر، ومثله في الكلام كثير، وفيه دليل على أن التحليل لا يقع بغير السلام، لما ذكرناه من المعنى. فثث: قال الشافعي رضي الله تعالى عنه: لا زكاة في الفث وإن كان قويًا، هو بفتح الفاء وتشديد الثاء المثلثة. قال الإمام البيهقي في كتاب رد الانتقاد على الشافعي رحمه الله تعالى. قال أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة: سألت بعض الأعراب عن الفث، فقال: نبت يكون بالبادية له حب مدور، فإذا أصابهم قحط حصدوه وتركوه في حفرة أيامًا، ثم يخرج فيداس ويدق فيؤكل. قال الأزهري: الفث حب بري ليس مما ينبته الآدميون، إذا قل قوت أهل البادية دقوه واجتزوا به في المجاعة. فجل: الفجل بضم الفاء معروف واحدته فجلة وفجلة. قال صاحب المحكم: الفجل والفجل جميعًا. عن أبي حنيفة: أرومة نبات خبيثة الجشأ، واحدتها فجلة وفجلة وهو من ذلك. فحش: قوله تعالى: {وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا} (لأعراف: من الآية28) احتج بهذه الآية أصحابنا على وجوب ستر العورة، ونقلوا عن المفسرين أنهم قالوا: الفاحشة أنهم كانوا يطوفون بالبيت العتيق عراة، وهذا التفسير هو قول الأكثرين من المفسرين. وقيل: المراد بالفاحشة الشرك، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 68 قاله ابن عباس، فيما نقله الواحدي، ونقله الماوردي عن الحسن. قال الماوردي والأكثرون: على أنه الطواف بالبيت عراة. قال الواحدي: قال الزجاج: الفاحشة ما يشتد قبحه من الذنوب. وقد نقل صاحب المهذب عن ابن عباس أنه فسرها بالطواف بالبيت عراة، فيكون عن ابن عباس روايتان، والله تعالى أعلم. قال الواحدي: واحتج أصحابنا على وجوب ستر العورة للصلاة والطواف، بقوله تعالى: {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} (لأعراف: من الآية31) لأن الطواف صلاة. فحل: قوله في التنبيه: وقيل: إن تمرة الفحال للبائع بكل حال، الفحال بضم الفاء وتشديد الحاء، وهو ذكر النخل، وجمعه فحاحيل، وكذا قال في المهذب: فحال، وهذا هو المشهور في اللغة. وقال في الوسيط: فحول بضم الحاء وبعدها واو، وهو جمع فحل، وكذلك قاله الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه، وهما لغتان، وقد أنكر هذا على الشافعي من لا معرفة له باللغة كمعرفة الشافعي، فقال: لا يقال في اللغة فحول، وإنما يقال فحال، وهذا خطأ ممن يقوله، بل هما لغتان. وقد قال أبو محمد بن قتيبة في أدب الكاتب: وهو فحال الفحل، ولا يقال فحل، فأنكر على ابن قتيبة أبو منصور ابن الجواليقي شارح كتابه، وأشار إلى الإنكار عليه أيضًا أبو محمد عبد الله بن محمد بن السيد البطليوسي في كتابه الاقتضاب. قال ابن الجواليقي: قول ابن قتيبة موافق عليه، قد حكى فيه فحل أيضًا، وجمعه فحول. وفي حديث عثمان رضي الله تعالى عنه: “لا شفعة في بئر ولا فحل” وفي الحديث: “أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دخل دار رجل من الأنصار وفي ناحية البيت فحل من تلك الفحول” أي: حصير من تلك الحصر التي ترمل من سعف الفحال من النخل، فتكلم به على التجوز، كما قالوا: فلان يلبس القطن والصوف. وقال أحيحة ابن الجلاح: تابري من حنذ نؤمكم تابري يا خيرة الغسيل إذ ضن أهل الفحل بالفحول قال: وكان الصواب أن يقول كذا، ولا يقال فحال النخل، كما قال ابن السكيت. قلت: حنذ بحاء مهملة ثم نون مفتوحتين ثم ذال معجمة، اسم قرية بقرب المدينة. فرت: الماء الفرات هو الطيب. قال الواحدي: هو أعذب المياه أي: أطيبها. قال: وقد فرت الماء يعني بضم الراء يفرت فروته إذا عذب أي: طاب. قال الجوهري: الجزء: 4 ¦ الصفحة: 69 يقال ماء فرات ومياه فرات. فرج: في حديث بسرة بنت صفوان رضي الله تعالى عنها أنها سمعت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: “من مس ذكره فليتوضأ” وفي رواية “من مس فرجه” هذا حديث مشهور رواه الإمام أبو محمد الدارمي وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه والبيهقي وغيرهم في سننهم. قال الترمذي: هو حديث حسن صحيح، ورواية أكثرهم “من مس ذكره” وفي إحدى روايتي الدارمي “من مس فرجه” قال أصحابنا: الفرج يطلق على القبل والدبر من الرجل والمرأة، وما يستدل به لإطلاق الفرج على القبل حديث علي رضي الله تعالى عنه قال: أرسلنا المقداد إلى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فسأله عن المذي يخرج من الإنسان كيف يفعل به، فقال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “توضأ وانضح فرجك” رواه مسلم في صحيحه، والفرجة بين الصفين وفي المكان مطلقًا، كقوله إذا وجد فرجة أسرع، وما أشبهه كله بضم الفاء وسكون الراء وبفتح الفاء أيضًا جائز، وأما الفرجة بالفتح فهي الفرجة من الهم. قال الأزهري: يقال ما لهذا الغم من فرجة ولا فرجة ولا فرجة يعني: بضم الفاء وفتحها وكسرها، وأنشد ابن الأعرابي: ــر له فرجة كحل العقال ربما تجزع النفوس من الأمـ قال: ويقال فرجة وفرجة وفرجة اسم وفرجة مصدر. وقال صاحب المحكم: الفرج الخلل بين الشيئين، والجمع فروج ولا تكسر ذلك، قال: والفرجة والفرجة كالفرج. وقيل: الفرجة الخلل بين الشيئين، والفرجة الراحة من حزن أو من مرض. قال أمية بن أبي الصلت: ـــر له فرجة كحل العقال ربما تكره النفوس من الأمـ قال: وقيل: الفرجة في الأمر والفرجة بالضم في الجدار والباب، والمعنيان مقتربان، وقد فرج له يفرج فرجًا وفرجة، هذا ما ذكره صاحب المحكم. وقال الجوهري في الصحاح: فرج الله تعالى غمك وفرجه يفرجه بالكسر والفرج العورة، والفرج الثغر وموضع المخافة، والفرجة بالضم فرجة الحائط وما أشبهه، والفرج بالكسر الذي لا يكتم السر. قال صاحب المحكم: الفرج انكشاف الكرب، وقد فرج الله عنه وفرجه فانفرج وتفرج، والفروج الفتى من أولاد الدجاج، والضم فيه لغة رواه اللحياني، قال غيره: فرج القوم للرجل وسعوا له. فرس: في سنن البيهقي الكبير في أول كتاب البيوع في باب من جوز بيع العين الغائبة بإسناده: أن عبد الرحمن بن الجزء: 4 ¦ الصفحة: 70 عوف اشترى من عثمان بن عفان فرسًا بأربعين ألف درهم أو نحو ذلك الفرس الذي اشتراه من الأعرابي فجحده، فشهد خزيمة بن ثابت اسمه المرتجز وحديثه في سنن أبي داود وغيره من رواية عمارة بن خزيمة بن ثابت عن عمه الصحابي. فرصد: قوله في الوسيط في بيع الأصول والثمار: وإن كان مما يقصد منه الورق كالفرصاد، هو بكسر الفاء وسكون الراء وبالصاد والدال المهملتين. قال الجوهري: هو التوت الأحمر. وقال الأزهري: قال الليث: الفرصاد شجر معروف، وأهل البصرة يسمون الشجرة فرصادًا وحمله التوت، قال: وقال بعضهم: هو الفرصاد، والفرصيد لحمل هذه الشجرة. قلت: ومراد الغزالي رحمه الله تعالى شجر التوت مطلقًا، والله تعالى أعلم. وذكر ابن قتيبة في باب ما يصحف فيه العوام، قال: قال الأصمعي: الفرس تقول توت، والعرب تقول توت، وقد شاع الفرصاد في الناس كلهم. فرض: قال الإمام أبو منصور الأزهري في تهذيب اللغة، قال: نقلت عن ابن الأعرابي: الفرض الحز في القدح وفي الزند وفي السير، وغيره قال: ومنه فرض الصلاة وغيرها: إنما هو لازم للعبد كلزوم الحز للقدح، قال: والفرض ضرب من التمر، قال: والفرض الهبة، يقال: ما أعطاني فرضًا ولا قرضًا، قال: والفرض القراءة، يقال فرضت جزئي أي: قرأته، قال: والفرض السنة، فرض رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أي سن. قال الأزهري: وقال غيره فرض رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أي: أوجب وجوبا لازمًا، قال: وهذا هو الظاهر. قال أبو عبيد: الفرض الترس. قال الأصمعي: يقال فرض له في العطاء يفرض فرضًا، وأفرض له إذا جعل له فريضة، والفرض مصدر كل شيء تفرضه فتوجبه على الإنسان بقدر معلوم، والاسم الفريضة. قال أبو الهيثم: فرائض الإبل التي تجب يعني في الزكاة، وقال غيره: سميت فريضة لأنها فرضت أي: أوجبت في عدد معلوم من الإبل فهي مفروضة وفريضة، وأدخلت فيها الهاء لأنها جعلت اسما لا نعتا هذا آخر كلام الأزهري رحمه الله تعالى. وقال الجوهري في صحاحه: الفرض ما أوجبه الله عز وجل سمي بذلك لأن له معالم وحدودًا، والفرض العطية المرسومة، وفرضت الرجل وأفرضته إذا أعطيته، وفرضت في العطاء وفرضت له في الديوان، والفارض الفرضي الذي يعرف الفرائض، وقد فرض الله تعالى علينا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 71 كذا وافترضه أي: أوجب، والاسم الفريضة، ويسمى العلم بقسمة المواريث فرائض. وفي الحديث أفرضكم زيد هذا آخر كلام الجوهري. وقال صاحب المحكم: الفريضة من الإبل والبقر ما بلغ عدده الزكاة، وأفرضت الماشية وجبت فيها الفريضة، ورجل فارض وفريض عالم بالفرائض كقولك عالم وعليم. عن ابن الأعرابي في الحديث في صوم التطوع آكل وإن كنت قد فرضت الصوم، معناه نويته. فسط: الفسطاط بيت من شعر كذا قاله أهل اللغة، وفيه ست لغات فسطاط وفستاط وفساط بضم الفاء فيهن وكسرها، والضم أجود. فصح: قوله في الوسيط في باب السلم: فصح النصارى هو بكسر الفاء وسكون الصاد المهلة وبالحاء المهملة. قال ابن دريد: هو عيد النصارى، وقد تكلمت به العرب، قال حسان: ـــن سراعا أكلة المرجان قد دنا الفصح فالولائد ينظمـ وقال الجوهري: أفصح النصارى إذا جاء فصحهم. قال صاحب المحكم: الفصح فطور النصارى. وقال صاحب المحكم أيضًا: الفصاحة البيان، فصح فصاحة فهو فصيح من قوم فصحاء وفصاح وفصح. قال سيبويه: كسروه تكسير الاسم نحو قضيب وقضب وامرأة فصيحة وفصاح وفصائح، وفصح الأعجمي تكلم بالعربية وفهم عنه، وأفصح تكلم بالفصاحة، وكذلك الصبي، وفصح الرجل وتفصح إذا كان عربي اللسان فازداد فصاحة، والتفصيح استعمال الفصاحة. وقيل: التشبه بالفصحاء. وقيل: جميع الحيوان ضربان أعجم وفصيح والفصيح كل ناطق والأعجم كل ما لا ينطق، وقد أفصح الكلام وأفصح به وأفصح عن الأمر وأفصح الصبح بدا ضوؤه واستبان وكل ما وضح فقد أفصح وأفصح لك فلان بين ولم يجمجم. وحكى اللحياني فصحه الصبح أي: هجم عليه، هذا آخر ما حكاه صاحب المحكم. فضح: قال أهل اللغة: يقال فضحه يفضحه فضحا وفضحة، ويقال: فضحه فافتضح. قال الفراء: ويقال فضحك الصبح أي: بينك للناس. قال الواحدي في تفسير سورة الحجر يقال: فضحه إذا أبان من أمره ما يلزمه العار. وأما قول الغزالي رحمه الله تعالى في كتاب اللعان لأن اللعان إفضاح فهو خطأ، ولحن ظاهر، وصوابه فضح كما ذكرنا. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 72 فضى: في الحديث: “إذا أفضى أحدكم بيده إلى فرجه فليتوضأ” قال صاحب المهذب: والإفضاء لا يكون إلا بباطن الكف يعني: الإفضاء باليد لا يكون إلا بباطن الكف، وإلا فالإفضاء يطلق على الجماع وغيره، وهذه العبارة التي قالها صاحب المهذب هي عبارة الإمام الشافعي رحمه الله تعالى في البويطي، فإنه قال فيه في هذا الحديث: والإفضاء ببطن الكف ليس بظاهرها. وروى البيهقي بإسناده عن الشافعي رحمه الله تعالى أنه قال: والإفضاء باليد إنما هو ببطنها، كما يقال أفضى بيده مبايعًا وأفضى بيده إلى الأرض ساجدًا وإلى ركبته راكعًا، وهذا الذي نقله هو نص الشافعي في الأم، وهذا الذي ذكراه كذلك هو مشهور في كتب اللغة. قال ابن فارس في المجمل: أفضى بيده إلى الأرض إذا مسها بباطن راحته في سجوده، والفضاء بالمد المكان الواسع، قاله أهل اللغة. فظع: في الحديث: “لا تحل المسألة إلا لثلاثة لذي غرم مفظع” ذكره في المهذب في باب النجش: المفظع بضم الميم وإسكان الفاء وكسر الظاء. قال الإمام أبو سليمان الخطابي رحمه الله تعالى: الغرم المفظع هو أن يلزمه الفظيعة الفادحة حتى ينقطع به فتحل له الصدقة، فيعطى من سهم الغارمين. فكه: الفاكهة واحدة الفواكه وبائعها فاكهاني بكسر الكاف. قال الواحدي في قول الله تعالى: {فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ} (الرحمن:68) ثم النخل والرمان من جملة الفاكهة غير أنهما ذكرا على التفصيل للتفضيل كقوله تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى} (البقرة: من الآية238) فأعاد الصلاة تشديدًا لها كذلك أعيد النخل والرمان ترغيبا لأهل الجنة، هذا قول الفراء. وقال الزجاج: قال يونس النحوي: وهو يتلو الخليل في القدم، والحذق أن النخل والرمان من أفضل الفواكه، وإنما فصلا بالواو لفضلهما، وغلط أهل العراق في قولهم لا يحنث الحالف أن لا يأكل الفاكهة بأكل التمر والرمان، فظنوا أنهما لما ذكرا بعد الفاكهة ليسا من الفاكهة، وهو خلاف جميع أهل اللغة ولا حجة لهم في الآية. قال الأزهري: ما علمت أحدًا من العرب، قال في النخل والكرم وثمارهما: أنهما ليستا من الفاكهة، وإنما قاله من قاله لقلة علمه بكلام العرب وعلم اللغة وتأويل القرآن العربي المبين، والعرب الجزء: 4 ¦ الصفحة: 73 تذكر أشياء جملة ثم تخص شيئًا منه بالتسمية تنبيها على فضل فيه. قال الله تعالى: {مَنْ كَانَ عَدُوّاً لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ} (البقرة: من الآية98) فمن قال: ليسا من الملائكة فهو كافر، ومن قال أن تمر النخل والرمان ليسا من الفاكهة لإفراد الله تعالى لهما بعد الفاكهة فهو جاهل، هذا كلام الأزهري وهو آخر كلام الواحدي. قلت: وليس في هذه الآية تعلق لمن أخرج النخل والرمان من الفاكهة ولا شبهة تعلق بوجه ما، وذلك أن الفاكهة نكرة تصلح للقليل والكثير وللجنس الواحد والأكثر، فلما عطف النخل والرمان عليها أشعر ذلك بأنهما لم يدخلا في قوله تعالى: {فِيهِمَا فَاكِهَةٌ} (الرحمن: من الآية68) ولا يلزم من هذا خروجهما من جنس الفاكهة كلها، وهذا ظاهر لا خفاء فيه. فقد: ذكر في المهذب في باب مما ينقض الوضوء في حديث عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: افتقدت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فوقعت يدي على أخمص قدميه كذا وقع افتقدت، وكذا هو في إحدى روايتي مسلم في صحيحه، وفي الرواية الأخرى فقدت، وكلاهما صحيح فهما لغتان فقدا بمعنى واحد. قال أهل اللغة: فقدت الشيء أفقده بكسر القاف وضمها لغتان، وفقدًا وفقدانا وفقدانا بكسر الفاء وضمها لغتان، قالوا: وكذلك افتقدته أفقده افتقادا مثله، ويقال تفقدت الشيء أي: طلبته عند غيبته، وفقدت المرأة زوجها أو ولدها تفقده فهي فاقد بلا هاء. فلت: قال الجوهري: يقال أفلت الشيء وتفلت وانفلت بمعنى، وأفلته غيره وافتلت الكلام أي: ارتجله، وافتلت فلان على ما لم يسم فاعله أي: مات فجأة، وافتلتت نفسه أيضًا، وكساء فلوت لا ينظم طرفاه على لابسه لصغره، ويقال كان ذلك الأمر فلتة أي: فجأة إذا لم يكن عن تدبر ولا ترو. فلذ: قال أهل اللغة: الفلذة بكسر الفاء القطعة من الكبد أو من اللحم أو من المال وغيرها، والجمع فلذ، وفلذت له من مالي أي: قطعت. قال الجوهري: وأفلذته المال أي: أخذت من ماله فلذة، قال: والفالوذ والفالوذق معربان. قال ابن السكيت: ولا يقال الفالوذج. فلع: قوله في المهذب في باب ما يفسد البيع من الشروط إذا باع فلعة بشرط أن يحذوها. الفلعة: بكسر الفاء وإسكان اللام، وجمعها فلع على وزن قربة وقرب. قال الشيخ الإمام أبو الفتح نصر بن الجزء: 4 ¦ الصفحة: 74 إبراهيم المقدسي ثم الدمشقي الزاهد رحمه الله تعالى في كتابه التهذيب في المذهب في باب السلم: الفلع هي المشركة يعني التي لم يعمل فيه شراك بكسر الشين المعجمة، وهو السير الذي يكون على القدم يستمسك بسببه النعل في الرجل، ولعلها سميت فلعة من الفلوع. قال أهل اللغة: فلعت الشيء فلعًا فانفلع بمعنى شققته فانشق، وفلعته وتفلعت قدمه تشققت فهي الفلوع الواحد فلع، وفلع بفتح الفاء وكسرها، وقوله يحذوها معناه يجعلها حذاء. فلن: قال الجوهري: قال ابن السراج: فلان كناية عن اسم يسمى به المحدث عنه خاص غالب، ويقال في النداء يا فل فتحذف الألف والنون لغير ترخيم، ولو كان ترخيما لقالوا يا فلا، وربما جاء الحذف فى غير النداء ضرورة، ويقال الناس الفلان والفلانة بالألف واللام، هذا ما ذكره الجوهري. وقد روينا في مسند أبي يعلى الموصلي بإسناد صحيح على شرط مسلم في مسند ابن عباس، قال أبو يعلى: ثنا شيبان بن فروخ ثنا أبو عوانة عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس قال: ماتت شاة لسودة بنت زمعة فقالت: يا رسول الله ماتت فلانة تعني الشاة فقال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “فهلا أخذتم مسكها” قلنا: ينفذ مسك شاة قد ماتت، وذكر الحديث هكذا في كل النسخ المعتمدة فلانة بغير ألف ولام، وهذا تصريح بجوازه فهما لغتان. فهر: قوله في المهذب في باب ستر العورة: كأنهم اليهود خرجوا من فهورهم، هكذا وقع في المهذب من فهورهم على الجمع وهو بضم الفاء والهاء. ورواه الهروي في الغريبين فهرهم بضم الفاء وسكون الهاء من غير واو وبلفظ الواحد، قال: أي موضع مدراسهم، قال: وهي كلمة بنطية عربت. وقال الجوهري: فهر اليهود بالضم مدراسهم وأصلها بهر عبرانية فعربت. وقال صاحب المحكم: فهر اليهود موضع مدراسهم الذي يجتمون إليه في عيدهم. قال: وقيل: هو يوم يأكلون فيه ويشربون، وأصله بهر أعجمي أعرب والنصارى يقولون فخر. قال ابن دريد: لا أحسب الفهر عربيًا صحيحًا. فوض: قال أهل اللغة: فوض إليه الأمر أي: وكله ورده إليه، وقوم فوضى أي: متساوون لا رئيس لهم، وجاء القوم فوضى أي: مختلطًا بعضهم ببعض، وأموالهم فوضى بينهم أي: مشتركون فيها. قال الجوهري: الجزء: 4 ¦ الصفحة: 75 وفيضوضاء وفيضوض مثله بالمد والقصر، وفاوضته في أمره أي: جاريته، وتفاوضوا في الأمر أي فاوض بعضهم بعضًا فيه، وشركة المفاوضة معروفة مشهورة بحدودها وشروطها في هذه الكتب، وهي باطلة عندنا وعند جماهير العلماء، وصححها أبو حنيفة رحمه الله تعالى بشروط له، وقد أطنب الشافعي رحمه الله تعالى في الاستدلال على إبطالها وجعلها كالقمار، وأما المفوضة في النكاح فالمشهور فيها كسر الواو. وحكى الرافعي أيضًا فتحها، وقد نقح الكلام فيها تنقيحًا يقتضيه تحقيقه وجلالته واطلاعه وبراعته، وقد نقلت ذلك مختصرًا في الروضة، وخلاصته التي يليق ذكرها في هذا الكتاب أن التفويض جعلك الأمر إلى غيرك، ويقال هو الإهمال، ومنه لا تصلح الناس فوضى، وتسمى المرأة مفوضة لتفويضها أمرها إلى الزوج أو الولي بلا مهر، أو لأنها أهملت الأمر، ومفوضة بفتح الواو لأن الولي فوض أمرها في المهر إلى الزوج أي: أهلمه. قال أصحابنا التفويض ضربان: تفويض مهر وتفويض بضع، فتفويض المهر: أن تقول لوليها زوجني على أن يكون المهر ما شئت أنت أو ما شئت أنا أو ما شاء الخاطب أو فلان، فإن زوجها بما عين المذكور مشيئته صح النكاح بالمسمى، وإن كان دون مهر المثل، وإن زوجها بلا مهر أو على ما ذكرت من الإبهام ففي صحة النكاح خلاف، والأصح صحته بمهر المثل. وأما تفويض البضع: فالمراد منه أخلاء النكاح من المهر، وهو نوعان: تفويض صحيح وفاسد، فالصحيح: أن يصدر من مستحق المهر النافذ التصرف. والفاسد: كتفويض الصبية والسفيهة، وتفصيل هذا كله وفروعه ومقتضى التفويض في المهر مذكور في هذه الكتب، ولكن نبهت على التقسيم الذي قد يغفل عنه. فوق: فوق نقيض تحت يكون اسما وظرفا مبنيًا فإذا أضيف أعرب. وحكى الكسائى أفوق ينام أم أسفل بالفتح على حذف المضاف وترك البناء قاله صاحب المحكم. والفاقة الحاجة والمفتاق المحتاج قاله في المحكم. وقال الجوهري: وافتاق الرجل أي: افتقر ولا يقال فاق، وأفاق من مرضه ومن غشيته أي: رجعت الصحة إليه أو رجع إلى الصحة قاله الهروي. قال: ومنه قوله تعالى: {فلما أفاق} قال: وقال بعضهم: الإفاقة الراحة، وأفاق المريض إذا استراح. قال صاحب المحكم: أفاق العليل إفاقة واستفاق نقه، والاسم الفواق، وكذلك الجزء: 4 ¦ الصفحة: 76 السكران إذا صحا، ورجل مستفيق كثير النوم. عن ابن الأعرابي: وأفاق عنه النعاس أقلع. قال صاحب المجمل: أفاق السكران يفيق وأظنه من رجوع العقل إليه. وقال غيره: الفواق بالفتح والضم هو الإفاقة وهو الراحة أيضًا. وقولهم فواق ناقة بضم الفاء وفتحها لغتان فصيحتان قرىء بهما، قالوا: والفواق قدر ما بين الحلبتين وأطلقه هكذا أكثرهم وأوضح بعضهم. فقال الإمام أبو محمد بن قتيبة في غريب القرآن: فواق الناقة ما بين الحلبتين، وهو أن تحلب الناقة، وتترك ساعة حتى ينزل شيء من اللبن ثم تحلب فما بين الحلبتين فواق. وقال الإمام أبو سليمان الخطابي في كتاب الجهاد: الفواق ما بين الحلبتين، قال: وقيل وهو ما بين الشخبتين. فين: في الحديث: "لا يخلو المؤمن من الذنب يصيبه الفينة بعد الفينة" ذكره في الوسيط في أول كتاب الشهادات هو بفتح الفاء وإسكان الياء المثناه من تحت بعدها نون وجمعها فينات. قال أهل اللغة: الفينات الساعات، والفينة بعد الفينة أي: الحين بعد الحين، قالوا: ويجوز حذف الألف واللام، فيقولون لفينة فينة، كذا حكاه الجوهري. فصل في أسماء المواضع فحل: موضع مشهور في الشام ببلاد الأردن، كانت به وقعة مشهورة للصحابة رضي الله تعالى عنهم مع المشركين، وأظهر الله تعالى المسلمين عليهم. قال الدارقطني: هو بكسر الفاء وإسكان الحاء المهملة، وكذا ذكره الحازمي في المؤتلف والمختلف، وروينا في تاريخ دمشق عن مصنفه الحافظ أبي القاسم ابن عساكر، قال: قال الدارقطني: بكسر الفاء، قال: ورأيته بخط أبي بشر محمد بن أحمد بن حماد الدولابي الحافظ فحل بفتح الفاء وسكون الحاء وهو الصواب، هكذا قاله أبو القاسم. وذكر في موضع آخر: أن بعض العلماء قاله بفتح الفاء وكسر الحاء وضعفه. قال أبو القاسم: أهل الشام يقولون إن وقعة فحل كانت قبل فتح دمشق، وذكر سيف بن عمر أنها كانت بعد فتح دمشق. فدك: مذكورة في باب إقامة الحد من المهذب هي بفتح الفاء والدال المهملة، وهي مدينة بينها وبين مدينة النبي - صلّى الجزء: 4 ¦ الصفحة: 77 الله عليه وسلم - مرحلتان وقيل ثلاث. الفرات: بضم الفاء وبالتاء الممدودة في الخط في حالتي الوصل والوقف تكرر ذكرها في المهذب في مواضع كثيرة، وهو النهر المعروف بين الشام والجزيرة، وربما قيل بين الشام والعراق، كما قاله في باب جامع الإيمان من المهذب وهو من أنهار الجنة، كما جاءت به الأحاديث الصحيحة المشهورة عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وأما قول ابن باطيش: يقال إنه من أنهار الجنة فعبارة قبيحة من أقبح العبارات وأنكر المنكرات، فإن هذه العبارة لا تقال فيما صح عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فإنها تقتضي تشكك القائل في معناها ونسأل الله تعالى التوفيق والهداية. وثبت في الصحيحين أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: إن النيل والفرات يخرجان من أصل سدرة المنتهى. قال الحازمي في المؤتلف والمختلف في أسماء الأماكن: مطلع الفرات من بلاد الروم ومنقطعه في أعمال البصرة. فراوة: مذكورة في الروضة في باب القصاص في الأطراف في التفاوت الثاني بالصفات: هي بفتح الفاء وضمها وتخفيف الراء، فأما الفتح فهو المشهور بين أهل الحديث وغيرهم، وأما الضم فحكاه الإمام الحافظ أبو سعيد السمعاني في الأنساب ويقال فيها: فراووة بواوين وهي بليدة من ثغر خراسان، وإليها ينسب الإمام أبو عبد الله محمد بن الفضل الفراوي الفقيه من أصحابنا، الذي يقال له: فقيه الحرمين، وينسب إليها أيضًا الشيخ الصالح ذو الكنى أبو القاسم أبو بكر أبو الفتح منصور الفراوي شيخ شيخنا في رواية صحيح مسلم. حرف القاف قبر: القبر مدفن الإنسان وجمعه قبور، والمقبرة بفتح الميم الباء أيضًا لغتان مشهورتان واحدة المقابر. وحكى شيخنا جمال الدين بن مالك رحمه الله تعالى ورضي عنه فيها لغة ثالثة وهي كسر الباء قاله الجوهري. قال: وقد جاء في الشعر المقبر. وقال صاحب المحكم: المقبرة موضع القبور. قال الجوهري: وقبرت الميت أقبره وأقبره قبرًا أي: دفنته، وأقبرته أي: أمرت بأن يقبر. قال ابن السكيت: أقبرته أي: صيرت له قبرا يدفن فيه، وقوله تعالى: {ثم أماته فأقبره} أي: جعله ممن الجزء: 4 ¦ الصفحة: 78 يقبر، ولم يجعله يلقى للكلاب، وإن كان القبر مما أكرم به بنو آدم. قبط: قوله في المهذب في حد باب السرقة: روي أن عثمان رضي الله تعالى عنه قطع سارقا سرق قبطية من منبر رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو بقاف تضم وتكسر ثم ياء موحدة ثم طاء مهملة مكسورة ثم ياء مشددة ثم هاء. قال أكثر أهل اللغة: وغريب الحديث هي بضم القاف. وقال الجوهري: هي بكسر القاف، وقد تضم وهي منسوبة إلى القبط الجيل المعروف، فمن كسر فلكون المنسوب إليه مكسورا، ومن ضم قال هذا مما غير في النسب، كما نسبوا إلى الدهر دهري بالضم، ولم يذكر جماعة من المتأخرين المطلعين فيها إلا الضم، منهم صاحب المطالع، واتفقوا على أن جمعها قباطي بفتح القاف، وهي ثياب تعمل بمصر كذا قاله الهروي والجمهور. وقال الزبيدي في مختصر العين: هو ثوب من كتان يتخذ بمصر. وقال الجوهري: هي ثياب بيض رقاق من كتان يتخذ بمصر - والله تعالى أعلم - فيحتمل أن هذه القبطية كانت سترة وزينة على المنبر. قبل: القبلة التي يصلي إليها معناها الجهة. قال الهروي: إنما سميت قبلة لأن المصلى يقابلها وتقابله. وقال الإمام الواحدي في البسيط: القبلة الوجهة وهي الفعلة من المقابلة، وأصل القبلة في اللغة الحالة التي يقابل الشيء غيره عليها، كالجلسة للحال التي يجلس عليها، إلا أنها الآن صارت كالعلم للجهة التي تستقبل في الصلاة، وقال غيره: هذا الشيء قبالة هذا بالضم أي: في الجهة التي تقابله. وقوله في المهذب: أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ركع ركعتين قُبُل الكعبة، وقال: “هذه القبلة” هذا حديث متفق على صحته أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما. وقوله: قبل ضبطناه بضم القاف والباء. قال صاحب المطالع: قبل كل شيء وقبله، وقبله ما استقبلك منه. قال القلعي في تفسير هذا الحديث: قبل الكعبة أي: مقابلها بحيث يقابلها ويعاينها، يقال: قبل وقبل. قلت: وجاء في رواية ابن عمر رضي الله تعالى عنهما في الصحيح فصلى ركعتين في وجه الكعبة، وهذا هو المراد بقبلها وهو أحسن ما قيل فيه إن شاء الله تعالى، وأما قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “هذه القبلة”. فقال الإمام أبو سليمان الخطابي رضي الله تعالى عنه معناه: أن أمر القبلة قد استقر على هذا البيت لا ينسخ بعد اليوم فصلوا إلى الكعبة أبدًا فهي قبلتكم، ويحتمل وجهًا آخر وهو أنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 79 علمهم السنة في مقام الإمام واستقباله القبلة من وجه الكعبة دون أركانها وجوانبها الثلاثة، وإن كانت الصلاة من جميع جهاتها مجزية، والله تعالى أعلم. قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “لا يزال الله تعالى مقبلا على عبده في صلاته ما لم يلتفت فإذا التفت صرف عنه وجهه” أي: لا يزال ثواب الله تعالى وبره ورحمته ولطفه متوجهًا إليه فإذا التفت قطع عنه ذلك. ومثله في الحديث الآخر: فإن الله تعالى قبل وجهه، وقوله في باب الأضحية المقابلة والمدابرة بفتح الباء فيهما، وقد تقدم في حرف الدال القبيلة واحدة القبائل، وقد تقدم في حرف الباء في فصل بطن بيان القبيلة والشعب والفخذ والبطن وغيرها، والقبل والمقبل نقيض الدبر والمدبر، وقبلة الرجل والمرأة معروفين قيل: إنهما من المقابلة، وأظنها من الإقبال إلى الشيء وعليه. قثأ: القثاء بكسر القاف وضمها لغتان وبالمد وهو معروف. قال الجوهري: القثاء الخيار والواحدة قثاءة، والمقثأة والمقثوءة موضع القثاء، وأقثأت الأرض إذا كانت كثيرة القثاء. قال الإمام أبو إسحاق الثعلبي: قرأ يحيى بن وثاب وطلحة بن مصرف والأشعث العقيلى وقثائها بضم القاف، وهي لغة تميم، وذكر ابن السكيت في الباب ما يضم ويكسر قثاء وقثاء. قحد: قوله في الروضة في أول الباب الثاني من الديات: القمحدوة بقاف ثم ميم مفتوحتين ثم حاء مهملة ساكنة ثم دال مهملة مضمومة ثم واو مفتوحة ثم هاء، وهي ما خلف الرأس. قال الجوهري: جمعها قماحد والميم زائدة. قحم: قوله في باب الوكالة من المهذب: أن للخصومات قحما، وفسره في الكتاب بالمهالك، وهو بضم القاف وفتح الحاء المهملة المخففة، وهي المهالك كما فسره. قال الجوهري: سميت بذلك لأنها تقحم بصاحبها على ما لا يريده، واحدتها قحمة بضم القاف وإسكان الحاء كركبة وركب. قوله في باب السير من المهذب وفي كتاب قسم الغنيمة من الروضة: ولا يدخل دار الحرب فرسًا قحما هو بفتح القاف وإسكان الحاء المهملة. قال أهل اللغة: هو الهرم مثل القحل بفتح القاف وباللام. قد: قال الإمام أبو الحسن الواحدي رحمه الله تعالى في قوله تعالى: {قد أفلح المؤمنون} قد: حرف يوجب به الشيء كقولك قد كان كذا، فأدخل قد توكيدًا لتصديق ذلك، وهو جواب لقولك لم يفعل ذلك. قال: وقال النحويون: قد تقرب الجزء: 4 ¦ الصفحة: 80 الماضي من الحال حتى تلحقه بحكمه، ألا تراهم يقولون قد قامت الصلاة قبل حال قيامها. قال الفراء: الحال في الفعل الماضي لا يكون إلا بإضمار قد أو بإظهارها كقوله تعالى: {أو جاءوكم حصرت صدورهم} وقد ههنا يجوز أن تكون تأكيدًا لفلاح المؤمنين، ويجوز أن تكون تقريبًا للماضي من الحال، ويكون المعنى أن الفلاح قد حصل لهم، وأنه في الحال عليه هذا كلام الواحدي. وقال الجوهري: قد حرف لا يدخل إلى على الأفعال وهو جواب لقولك لما يفعل، قال: وزعم الخليل: أن هذا لمن ينتظر الخبر تقول قد مات فلان، ولو أخبره وهو لا ينتظره لم يقل قد مات، ولكن يقول مات فلان. قال الجوهري: وقد يكون قد بمعنى ربما، وإن جعلته إسما شددته، فقلت: كتبت قدًا حسنة، وكذلك كي وهو ولو؛ لأن هذه الحروف لا دليل على ما نقص منها، فيجب أن يزاد في أواخرها ما هو من جنسها وتدغم، إلا في الألف فإنك تهمزها، ولو سميت رجلا بلا أو ما ثم زدت في آخره ألفا همزت؛ لأنك تحرك الثانية، والألف إذا تحركت صارت همزة هذا كلام الجوهري. قدر: قال أهل اللغة: القدر بإسكان الدال وفتحها لغتان، هو قدر الله تعالى الذي يجب الإيمان به كله خيره وشره حلوه ومره نفعه وضره. ومذهب أهل الحق إثبات القدر والإيمان به كله كما ذكرناه. وقد جاء من النصوص القطعيات في القرآن العزيز والسنن الصحيحة المشهورات في إثباته ما لا يحصى من الدلالات. وقد أكثر العلماء في إثباته من المصنفات المستحسنات، فرضي الله تعالى عنهم وأجزل لهم المثوبات. وذهبت القدرية إلى إنكاره، وأن الأمر أنف أي: مستأنف، لم يسبق به علم الله تعالى الله عن قولهم الباطل علوًا كبيرًا. وقد جاء في الحديث تسميتهم “مجوس هذه الأمة” لكونهم جعلوا الأفعال للفاعلين، فزعموا أن الله تعالى يخلق الخير، وأن العبد يخلق الشر جل الله تعالى عن قولهم الباطل. قال إمام الحرمين وغيره من متكلمي أصحابنا وابن قتيبة من أئمة أصحاب اللغة: اتفقنا نحن وهم على ذم القدرية وهم يسموننا قدرية لإثبات القدر ويموهون بذلك، وهذا جهل منهم ومباهتة، بل هم المسمون بذلك لأوجه: أحدها: النصوص الصريحة الجزء: 4 ¦ الصفحة: 81 في القرآن والسنة الصحيحة المشهورة في إثبات القدر. والثاني: أن الصحابة رضي الله تعالى عنهم فمن بعدهم من السلف لم يزالوا على الإيمان بإثبات القدر وإغلاظ القول على من ينفيه. وفي أول صحيح مسلم عن ابن عمر قال: أخبروهم أني بريء منهم وأنهم براء مني حتى يؤمنوا بالقدر كله خيره وشره. والثالث: أنا أثبتناه لله تعالى وهم زعموه لأنفسهم، وادعوا أنهم مخترعون لأفعالهم ولم يتقدم بها علم، فمن أثبته لنفسه كان بأن ينسب إليه أولى ممن نفاه عن نفسه وأثبته لغيره، وهذا الثالث هو قول ابن قتيبة ثم إمام الحرمين رحمهما الله تعالى، والله تعالى أعلم. قول الله سبحانه وتعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} (القدر:1) اختلف في معناه على ثلاثة أقوال، أصحها وأشهرها: أن معناها أنزل إلى السماء الدنيا جملة واحدة في ليلة القدر، ثم نزل بعد ذلك على رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - منجمًا في أوقات مختلفة في ثلاث وعشرين سنة أو عشرين أو خمس وعشرين على حسب الاختلاف في مدة إقامته - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بمكة بعد النبوة. والثاني: معناه أنزل في عشرين ليلة قدر من عشرين سنة فكان ينزل إلى السماء الدنيا في كل سنة ما يريد الله تعالى إنزاله في السماء منجمًا، ثم ينزل على رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في السنة منجمًا. والثالث: معناه ابتدأ إنزاله في ليلة القدر ثم نزل في جميع الأوقات من جميع السنين. روى الحاكم أبو عبد الله في المستدرك على الصحيحين عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: “أنزل القرآن جملة واحدة إلى السماء الدنيا في ليلة القدر ثم نزل بعد ذلك في عشرين سنة”. قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ورواه من طريق آخر بمعناه، وقال: صحيح على شرطهما. وحكى الواحدي وغيره القول الثاني عن مقاتل وقاله أيضًا الإمام أبو عبد الله الحليمي، والقول الثالث حكاه الماوردي عن الشعبي، وهو ضعيف مخالف لما صح عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، ومحله من القرآن بالمرتبة المعروفة. وقوله في أول باب المسابقة في الحديث: “حق على الله تعالى أن لا يرفع من هذه القدرة شيء إلا وضعه”. ذكر جماعات ممن شرح ألفاظ المهذب منهم أبو القاسم بن التوزي وابن باطيش وغيرهما: أنه القدرة بضم القاف وبالدال المهملة، قالوا: والقدرة هي بمعنى المقدور كالخلقة بمعنى المخلوق ونظائره. قال: وروي أيضًا بفتح القاف وبالذال الجزء: 4 ¦ الصفحة: 82 المعجمة أي: المستقذرة، وتكون الإشارة إلى زينة الدنيا به. وروى أبو داود هذا الحديث في أول كتاب الأدب من سننه بلفظين، أحدهما: حق على الله تعالى أن لا يرفع شيئا إلا وضعه، والثاني: أن لا يرفع شيء من الدنيا إلا وضعه. قدم: قول الشافعي رضي الله تعالى عنه: القديم هو الذي قاله ببغداد، وصنفه في كتاب سماه كتاب الحجة، كذا قاله صاحب الشامل في خطبة الشامل، وهذا الكتاب القديم يرويه عن الشافعي أربعة من كبار أصحابه العراقيين: أحمد بن حنبل، وأبو ثور، والكرابيسي، والزعفراني، قال القفال في كتابه شرح التلخيص فيما نهى عنه النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أكثر مذهب الشافعي القديم مثل مذهب مالك رضي الله تعالى عنهما. قرأ: قال الإمام مطلقا ذو الفنون أبو الحسن علي بن أحمد الواحدي رضي الله تعالى عنه في كتابه البسيط عند ذكر قول الله تعالى: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرأن} قال رحمه الله تعالى: القرآن اسم لكلام الله تعالى، واختلفوا في اشتقاقه وهمزه، فقرأه ابن كثير بغير همز، ثم روى بإسناده ما رواه البيهقي وغيره عن الإمام الشافعي إمامنا رضي الله تعالى عنه: أنه كان يقول القرآن اسم وليس بمهموز، ولم يؤخذ من قرأت ولكنه اسم لكتاب الله تعالى مثل التوراة والإنجيل. قال الشافعي: ويهمز قرأت ولا يهمز القرآن. وقال الواحدي: وقول الشافعي أنه اسم لكتاب الله تعالى تنبيه إلى أنه ليس بمشتق، وقد قال بهذا جماعات، قالوا: إنه اسم لكلامه يجري مجرى الإعلام في أسماء غيره، كما قيل في اسم الله تعالى أنه غير مشتق من معنى يجري مجرى اللقب في صفة غيره. وذهب آخرون إلى أنه مأخوذ من قرنت الشيء بالشيء إذا ضممت أحدهما إلى الآخر، فسمي به لاقتران السور والآيات والحروف؛ ولأن العبارة عنه قرن بعضه إلى بعض فهو مشتق من قرن، والاسم مهموز، ومن هذا يقال للجمع بين الحج والعمرة قران. وذكر الأشعري رحمه الله تعالى هذا المعنى في بعض كتبه، فقال: إن كلام الله تعالى يسمى قرآنا لأن العبارة عنه قرن بعضه إلى بعض بصدق. وقال الفراء: أظن أن القرأن سمى من القرائن، وذلك أن الآيات يصدق بعضهًا بعضًا ويشابه بعضها بعضًا فهي قرائن فمذهب هؤلاء أنه غير مهموز. وأما الذين الجزء: 4 ¦ الصفحة: 83 همزوا فاختلفوا، فقالت طائفة: إنه مصدر القراءة. قال أبو الحسن اللحياني: يقال قرأت القرآن فأنا اقرأه قراءة وقرأ وقرآنا وهو الاسم، فقوله: وهو الاسم يعني أن القرآن يكون مصدرًا لقرآت، ويكون اسما لكتاب الله تعالى، ومثل القرآن من المصادر الرجحان والنقصان والغفران، هذا هو الأصل ثم أن المقروء يسمى قرآنا لأن المفعول يسمى بالمصدر، كما قالوا: للمشروب شراب وللمكتوب كتاب، واشتهر هذا الاسم في المقروء حتى إذا طرق الأسماع سبق إلى القلوب أنه هو، ولهذا لا يجوز أن يقال إن القرآن مخلوق مع كون القراءة مخلوقة لأن القرآن اشتهر تسميته للمقروء. وقال أبو إسحاق الزجاج: معنى القرآن معنى الجمع، يقال ما قرأت الناقة سلى قط إذا لم يضطم رحمها على ولد، وهذا مذهب أبي عبيدة. قال: إنما سمي القرآن قرآنًا لأنه يجمع السور ويضمها، وأصل القرآن الجمع، ومن هذا الأصل قرء المرأة وهو أيام إجتماع الدم في رحمها. وقال قطرب: في القرآن قولين، أحدهما: ما ذكرناه وهو قول أبي إسحاق وأبي عبيدة. والثاني: أنه يسمى قرآنا لأن القارىء يظهره ويبينه ويلقيه من فيه أخذًا من قول العرب ما قرأت الناقة سلى قط أي: ما رمت بولد ونحو هذا. قال أبو الهيثم واللحياني: ما أسقطت ولدًا قط وتأويله ماحملت قط، والقرآن يلفظه القارىء من فيه ويلقيه، فسمي قرآنا، ومعنى قرأت القرآن لفظت به. قال أبو إسحاق: وهذا القول ليس بخارج من الصحة، فتبين على هذا أنه اسم منقول من اسم الحدث، كما أن قولنا زيد في إسم رجل منقول من مصدر زاد يزيد، فأما دخول لام التعريف بعد النقل فكدخوله في الحارث وفي الفضل والعباس بعد النقل. ومذهب الخليل وسيبويه في هذه الأسماء التي سمي بها وفيها الألف واللام: أنها بمنزلة صفات غالبة كالنابغة والصعق، وهذا فيما ينقل من الصفات، فأما الفضل فإنما دخله الألف واللام لأنه مصدر في الأصل، وعلى هذا دخلت الألف واللام في القرآن، ومن هذه الأسماء ما يكون اللام فيه تعريفًا ثانيًا كما قاله في اسم الشمس وإلاهة والآلهة، ومنها ما يكون اللام فيه زائدة نحو قوله يا ليت أم العمرو كانت صاحبي، قال: وقول من يقول إن القرآن غير مهموز، من قرنت الشيء بالشيء أخذها، وإنما هو تخفيف الهمزة ونقل حركتها إلى الساكن قبلها فصار اللفظ به كفعال من قريت، وليس منه ألا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 84 ترى أنك لو سميت رجلا بقران مخفف الهمزة لم تصرفه في المعرفة كما لا تصرف عثمان، ولو أردت به فعالا من قرنت لا تصرفه في المعرفة ولا النكرة، وذكر ذلك أبو علي في المسائل الحلبية، هذا آخر ما ذكره الواحدي. وأول ما نزل من القرآن: أول سورة اقرأ وهو قوله تعالى: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الأِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الأِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} (العلق:1: 5) } إلى هنا ثبت في صحيح مسلم. ووقع في أول صحيح البخاري إلى قوله تعالى: {وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ} وهو مختصر، والزيادة من الثقة مقبولة، وقيل: أول ما نزل {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} (المدثر:1) وهو غلط، والصواب أنه أول ما نزل بعد فترة الوحي كما ثبت في الصحيحين، وقد بينته في أول الشرح لصحيحي البخاري ومسلم، وآخر ما نزل من السور براءة ومن الآيات {وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ} (البقرة: من الآية281) الآية، وقيل: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ} (النساء: من الآية176) إلى آخرها، وقيل: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ} (التوبة: من الآية128) إلى آخر الآيتين، وقيل: آية الربا. وأما الأقراء في العدة، فقال أهل اللغة: القرء، والقرء بفتح القاف وضمها لغتان حكاهما القاضي عياض وأبو البقاء في إعرابه وغيرهما، أشهرهما الفتح وهو الذي قاله جمهور أهل اللغة واقتصروا عليه وممن حكى اللغتين في قرء، وقرء الخطابي في معالم السنن في كتاب الحيض في أول أبواب المستحاضة وجمعه في القلة أقراء وفي الكثرة قروء. قال الإمام الواحدي: هذا الحرف من الأضداد، يقال للحيض والأطهار قرء، والعرب تقول: أقرأت المرأة في الأمرين جميعًا، وعلى هذا يونس وأبو عمرو بن العلاء وأبو عبيد أنها من الأضدادن وهي في لغة العرب مستعملة في المعنيين جميعًا وكذلك في الشرع، ومن هذا الاختلاف في اللغة وقع الخلاف في الأقراء بين الصحابة وفقهاء الأمة، فعند علي وابن مسعود وأبي موسى الأشعري ومجاهد ومقاتل وفقهاء الكوفة: أنها الحيض. وعند زيد بن ثابت وابن عمر وعائشة ومالك والشافعي وأهل المدينة: أنها الأطهار. وهذا الخلاف فيما ذكر منها في العدة فأما كونه حيضًا وطهرًا، وإن اللفظ صالح لهما جميعًا فمما لا يختلف فيه أحد. وأصل هذا اللفظ واشتقاقه مختلف فيه أيضًا. قال أبو عبيد: أصله من دنو وقت الشيء، وروى الأزهري عن الشافعي: أن القرء إسم للوقت، فلما كان الحيض يجيء لوقت والطهر يجيء لوقت، جاز أن تكون الجزء: 4 ¦ الصفحة: 85 الأقراء حيضًا وأطهارًا. وذكر أبو عمرو بن العلاء: أن القرء الوقت وهو يصلح للحيض ويصلح للطهر. ويقال: هذا قاريء الرياح لوقت هبوبها، وأنشد أهل اللغة للهذلي: إذا هبت لقاريها الرياح أي: لوقت هبوبها، ولهذا يقال: أقرأت النجوم إذا طلعت، وأقرأت إذا أفلت فعلى هذا الأصل: القرء يجوز أن يكون الحيض لأنه وقت سيلان الدم، ويكون الطهر لأنه وقت إمساكه على عادة جارية فيه. وقال قوم: أصل القرء الجمع، يقال ما قرأت الناقة سلى قط أي: ما جمعت في رحمها ولدا قط. قال الأخفش: يقال ما قرأت حيضة أي: ما ضمت رحمها على حيضة، والقرآن من القرء الذي هو الجمع، وقرأ القارىء أي: جمع الحروف بعضها إلى بعض في لفظ، وهذا الأصل يقوى أن الأقراء هي الأطهار. قال أبو إسحاق يعني الزجاج: والذي عندي في حقيقة هذا أن القرء الجمع من قولهم قريت الماء في الحوض، وإن كان قد ألزم الياء فهو جمعت، وقرأت القرآن لفظت به مجموعًا. وإنما القرء اجتماع الدم في الرحم، وذلك إنما يكون في الطهر هذا كلام الزجاج. وذكر أبو حاتم عن الأصمعي أنه قال: في قوله تعالى: {ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} (البقرة: من الآية228) جاء هذا على غير قياس، والقياس ثلاثة أقرؤ لأن القروء للجمع الكثير، ولا يجوز أن يقال ثلاثة فلوس إنما يقال ثلاثة أفلس فإذا كثرت فهي الفلوس. قال أبو حاتم: وقال النحويون: في هذا أراد ثلاثة من القروء. وقال أهل المعاني: لما كانت كل مطلقة يلزمها هذا دخله معنى الكثرة، فأتى ببناء الكثرة للاشعار بذلك فالقروء كثيرة إلا أنها في القسمة ثلاثة، هذا آخر ما ذكره الإمام الواحدي. وقال الزمخشري في كتابه الكشاف: فإن قلت لم جاء المميز على جمع الكثرة قروء دون القلة التي هي الأقراء؟ قلت: يتوسعون في ذلك فيستعملون كل واحد من الجمعين مكان الآخر لاشتراكهما في الجمعية، ألا ترى إلى قوله تعالى: {يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ} (البقرة: من الآية228) وما هي إلا نفوس كثيرة. قال: ولعل القروء كانت أكثر استعمالا في جمع قرء من الأقراء، فأوثر عليه تنزيلا لقليل الاستعمال منزلة المهمل، فيكون مثل قولهم ثلاثة شسوع. قال: وقرأ الزهري ثلاثة قرو بغير همز. قرح: الماء القراح المذكور في غسل الميت، هو بفتح القاف وتخفيف الراء. قال الأزهري وغيره: الماء القراح هو الخالص الذي لم يجعل فيه كافور ولا حنوط. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 86 قرر: باب الإقرار معروف. قال الرافعي: الإقرار الإثبات من قولهم قر الشيء يقر وأقررته وقررته، وليس تسمية هذا الباب إقرارًا لأنه ابتداء إثبات بل لأنه إخبار عن ثبوت ووجوب سابق. قرص: في الحديث: “حتيه ثم اقرصيه قرصه تقطيعه وقلعه بالظفر” وقد سبق بيانه في الحاء. قرض: قال الإمام الواحدي في تفسيره: القرض اسم لكل ما يلتمس منه الجزاء، يقال أقرض فلان فلانا إذا أعطاه ما يتجازاه منه، والاسم منه القرض، وهو ما أعطيته لتكافأ عليه هذا إجماع من أهل اللغة. قال الكسائى: القرض ما أسلفت من عمل صالح أو سيء. وقال الأخفش: تقول العرب لك عندي قرض صدق وقرض سوء لأمر يأتي فيه مسرته ومساءته. وقال ابن كيسان: القرض أن تعطي شيئًا ليرجع إليك مثله أو ليقضى شبهه، وأصله في اللغة: القطع ومنه المقراض، ومعنى أقرضته قطعت له قطعة تجازى عليها، وانقرض القوم إذا هلكوا لانقطاع أثرهم. قال: شبه الله عز وجل عمل المؤمنين لله عز وجل على ما يرجون ثوابه بالقرض؛ لأنهم إنما يعطون ما ينفقون ابتغاء ما وعدهم الله عز وجل من جزيل الثواب. قال: والقرض في قوله عز وجل: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً} (البقرة: من الآية245) اسم لا مصدر، ولو كان مصدرًا لكان إقراضًا. قال أهل المعاني: هذا تطلف من الله عز وجل في الاستدعاء إلى أعمال البر لذلك أضاف الإقراض إلى نفسه، كأنه قيل من ذا الذي يعمل عمل المقرض بأن يقدم، فيأخذ أضعاف ما قدم في وقت فقره وحاجته، وتأويله من ذا الذي يقدم إلى الله عز وجل ما يجد ثوابه عنده، هذا ما ذكره الواحدي في سورة البقرة، ثم ذكر في سورة الحديد صفة القرض الحسن، فقال: قال أهل العلم: القرض الحسن أن يجمع به حلالا وأن يكون من أكرم وأجود ما يملكه لا من رديئه، وأن يكون في حال صحته وحاجته ورجائه الحياة، وأن يضعه في الأحوج الأحق بالدفع إليه، وأن يكتمه وأن لا يتبعه منا ولا أذى، وأن يقصد به وجه الله تعالى فلا يرائي به، وأن لا يستكثر ما يتصدق به، وأن يكون من أحب ماله إليه، فهذه الأوصاف إذا استكملها كان قرضًا حسنًا. وقال يحيى بن معاذ الرازي رضي الله تعالى عنه: عجبت لمن يبقى له مال ورب العرش يستقرضه. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 87 قرع: بضم القاف وإسكان الراء من الاستهام وهي معروفة. قال الأزهري: يقال أقرعت بين الشركاء في شيء يقتسمونه فاقترعوا عليه وتقارعوا فقرعهم فلان وهى القرعة. وقال صاحب المحكم: قارعه فقرعه يقرعه أي: أصابته القرعة دونه، وقارع بينهم وأقرع، وقارعة الطريق أعلاه. قال الأزهري والجوهري: وقيل: هو ما برز منه. وقيل: صدر الطريق. قوله في الوسيط في كتاب الحج: ولو دهن الأقرع رأسه فلا بأس، الأقرع: هو الذي صلع رأسه فلم يبق عليه شعر، ورجل أقرع وامرأة قرعاء، وهو القرع قاله الأزهري. قال الجوهري: الأقرع الذي ذهب شعر رأسه من آفة، وقد قرع فهو أقرع بين القرع، وذلك الموضع من الرأس القرعة، والقوم قرع وقرعان. وكذا قال صاحب المحكم: القرع ذهاب الشعر من داء. قال صاحب المحكم: حية أقرع متمعط شعر الرأس لجمعه السم فيه، والتقريع قص الشعر، والتقرع بئر يخرج بالفصلان، وحاشية الإبل يسقط وبرها، وفي المثل: أجرد من القرع وقرع الشيء يقرعه قرعًا أي ضربه، والمقرعة خشبة تضرب بها البغال والحمير. وقيل: كل ما قرع به مقرعة، والقراع والمقارعة مضاربة القوم في الحرب، وقد تقارعوا وقريعك الذي يقارعك، والقارعة القيامة، والقارعة الشدة، والقراع طائر يقرع يابس العيدان بمنقاره فيدخل فيه، والجمع قراعات، ولم يكسر، وترس قراع صلب لصبره على القرع، والقراع من كل شيء الصلب الأسفل الضيق الفم، وقرع الفحل الناقة يقرعها قرعا وقراعا ضربها، وناقة قريعة يكثر الفحل ضرابها ويبطىء لقاحها، واستقرعت البقر إذا ارادت الفحل، والتقريع التأنيب. وقيل: الإيجاع باللوم، واقترع الشي اختاره، وأقرعوه خيار مالهم أعطوه إياه، والقريعة والقرعة خيار المال، والقريع الفحل وهو من ذلك. وقيل: لأنه يقرع الناقة، وجمعه أقرعة، والمقروع كالقريع الذي هو الخيار، واستقرعه جملا فأقرعه إياه أي: أعطاه ليضرب أينقه، وقرع قرعا فهو قرع ذائد عن الشيء، والقريع الجبان، وقرعه صرفه، وقوارع القرآن منه مثل آية الكرسي، وليس لأنها تصرف الفزع عمن قرأها، وأقرع الفرس كبحه، وأقرع إلى الحق رجع، وقرعه بالحق الجزء: 4 ¦ الصفحة: 88 رماه به، وقرع المكان خلا، وقريعة البيت خير موضع فيه إن كان في حر فمظلة أو في قر فمكنة. وقيل: قريعته سقفه، والقرع حمل اليقطين الوحدة قرعة. قال أبو حنيفة: هو القرع واحدتها قرعة فحرك ثانيها، والمقرعة منبته كالمبطخة والمقثأة، هذا آخر كلام صاحب المحكم. وقال الأزهري: قال ابن الأعرابي: القرع والسبق والندب الخطر الذي يسبق عليه يعني: المال، وأصبحت الرياض قرعا قد جردتها المواشي فلم تترك فيها شيئًا من الكلأ. وقولهم: ألف أقرع هو التام، وترس أقرع وقراع أي صلب، وفلان قريع الكتيبة وقريعها أي رئيسها، وقرعة كل شيء خياره، والقرعة الجراب الواسع يلقى فيه الطعام. وقال أبو عمرو: هو الجراب الصغير وجمعه قرع. وفي الحديث: “قرع المسجد” أي: قل أهله كما يقرع الرأس إذا قل شعره. وفي الحديث: “نعم البضع لا يقرع أنفه” أصله: أن الرجل يأتي بناقة كريمة إلى رجل له فحل فيسأله أن يطرقها فحله فإن أخرج إليه فحلا ليس بكريم قرع أنفه، وقال: لا أريده. وقولهم: قرع سنه الندم، وقرع الإناء فم الشارب إذا استوفى ما فيه، واقترع فلان أي: اختير، وقريعة الإبل كريمتها، وجفان مقرعات أي: مثقلات، وأقرعت نعلي وخفي إذا جعلت عليهما رقعة كثيفة، وقرع التيس العنز إذا قفطها. قال الأموي: يقال للضأن استوبلت، وللمعز استدرت، وللبقرة استقرعت، وللكلبة استحرمت، وأقرعت فلانًا كففته، وهو مقرع لكذا ومعرق أي مطبق، وقرع مكان يده من المائدة تقريعًا إذا ترك مكان يده من المائدة فارغًا، وسأتقرع أي أنقلب، وقرعهم أقلقهم وووبخهم، وأقرع المسافر دنا من منزله، وأقرع داره آجرا إذا فرشها بالآجر، وأقرع الشر دام، وأقرع الرجل عن صاحبه، وانقرع كف، وأقرع الغائص والمائح انتهى إلى الأرض، والقراعة القداحة التي يقتدح بها النار، وقوارع القرآن نحو ما قال صاحب المحكم، وقرع الرجل إذا قمر في النضال، وقرع افتقر، وقرع اتعظ، وقرعناك واقترعناك وقرحناك واقترحناك ومخرناك وامتخرناك وانتضلناك أي اخترناك، والقريع المقروع، والقريع الغالب، ويقال: أنزل الله تعالى به قارعة وقرعاء ومقرعة وبيضاء ومبيضة، وهي المصيبة التي لا تدع مالا ولا غيره، هذا آخر كلام الأزهري. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 89 قرقب: قوله في باب السلم من المهذب: لا يجوز السلم في ثوب عمل فيه من غير غزله كالقرقوبي، هو بقاف مفتوحة ثم راء ساكنة ثم قاف مضمومة ثم واو ساكنة ثم باء موحدة مكسورة ثم ياء النسب، هكذا ضبطه بعض الأئمة الفضلاء المصنفين في ألفاظ المهذب، وقال: كذا تقوله العامة، وإنما هو قرقبى بضم القافين من غير واو، ورأيت بعض الفضلاء يقول بضم القاف الأولى مع إثبات الواو، والواو ثابتة في النسخ، وقد فسره المصنف. قرن: في الحديث: “إن الشمس تطلع ومعها قرن شيطان” ذكره في الساعات التي نهى عن الصلاة فيها من الوسيط، وهو حديث صحيح رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما من رواية ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: “لا تتحروا بصلاتكم طلوع الشمس ولا غروبها فإنها تطلع بقرني شيطان” وأما الرواية التي وقعت في الوسيط فهي مرسلة، واختلف العلماء في المراد بقرن الشيطان على أقوال كثيرة. قال الهروي: قيل: قرناه ناحيتا رأسه، قال: وقال الحربي: هذا مثل معناه حينئذ يتحرك الشيطان ويتسلط. وقيل: معنى القرن القوة أي: تطلع حين قوة الشيطان، وقال غير الهروي: قرنه أمته وشيعته، والراجح عند جماعة من المحققين كونه على ظاهره، وهو أن المراد جانبا رأسه ومعناه: أنه يدنى رأسه إلى الشمس في هذه الأوقات ليصير الساجد لها كالساجد له، والله تعالى أعلم. وفي الحديث الآخر: “خيركم قرني” مذكور في باب الشهادات من المهذب اختلف أيضًا فيه على أقوال كثيرة. قال الهروي: القرن كل طبقة مقترنين في وقت، ومنه: قيل لأهل كل مدة أو طبقة بعث فيها نبي. قلت: السنون أو كثرت قرن. ومنه الحديث: “خيركم قرني - يعني أصحابي - ثم الذين يلونهم” يعني التابعين بإحسان، واشتقاقه من الاقتران. وقيل: القرن ثمانون سنة. وقيل: أربعون. وقيل: مائة. وقال ابن الأعرابي: القرن الوقت. وقال غيره: قيل للزمان قرن لأنه يقرن أمه بأمة وعالما بعالم، وهو مصدر قرنت جعل اسم للوقت أو لأهله، هذا آخر كلام الهروي. وقال غيره: قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “خيركم قرني” المراد منه الصحابة. وقيل: جميع من كان حيًا على عهد رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وحكى الحربي فيه أقوالا، ثم قال: وليس في هذا شيء واضح، ورأى أن القرن كل أمة هلكت فلم يبق منها أحد، والله تعالى أعلم. وقرن الموضع الجزء: 4 ¦ الصفحة: 90 الذي يحرم منه، وهو ميقات أهل نجد، وهو بإسكان الراء، اتفق العلماء عليه واتفقوا على تغليط الجوهري في فتح الراء منه، وفي قوله: إن أويس القرني رضي الله تعالى عنه منسوب إليه، وهذا غلطه فيهما الإمام ابن بري، ويقال فيه قرن المنازل وهو على قدر مرحلتين من مكة، والقران في الحج معروف. وفي حديث أم عطية رضي الله تعالى عنها في غسل بنت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ورضي الله تعالى عنها قالت: “فضفرنا ناصيتها ثلاثة قرون” أي: ثلاث ضفائر وذوائب، فالقرون والذوائب والضفائر والغدائر كلها بمعنى واحد، وهي خصل الشعر المضفورة، وقولهم في باب النكاح إذا وجد أحد الزوجين بالآخر جنونا أو جذامًا أو برصًا أو رتقًا أو قرنًا ثبت له الخيار. قال أهل اللغة: القرن بإسكان الراء هو العفلة بفتح العين المهملة والفاء، وهو لحمة تكون في فم فرج المرأة، والقرن بفتح الراء مصدر قرنت تقرن قرنا على وزن برصت تبرص برصا، فيجوز أن يقال هذا الذي ذكروه في كتاب النكاح بالفتح والإسكان، الفتح على ارادة المصدر والإسكان على إرادة الاسم، ونفس العفلة، إلا أن الفتح أرجح لكونه موافقًا لباقي العيوب، فإنها كلها مصادر، وعطف مصدر على مصدر أحسن من عطف اسم على مصدر، هذا الذي ذكرناه هو الصواب، وقد غلط من أنكر على الفقهاء قولهم ذلك بالفتح، بل الصواب جوازه ورجحانه. قال الإمام العلامة أبومحمد عبد الله بن بريء. قال الفراء: القرن هو العيب، وهو من قولك امرأة قرناء بينة القرن، وأما القرن بالإسكان فاسم العفلة، والقرن بالفتح اسم العيب، والله تعالى أعلم. ويقال: قرنت بين الشيئين أقرن بضم الراء في المضارع هذه اللغة الفصيحة، ويقال كسرها في لغة قليلة. قزع: قوله في باب السواك من التنبيه وباب العقيقة من المهذب: ويكره القزع، هو بفتح القاف والزاي، ثبت في الصحيحين من رواية ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، قال: نهى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن القزع. قال الأزهري في تهذيب اللغة: قال أبو عبيد: هو أن يحلق رأس الصبي ويترك منه مواضع فيها الشعر متفرقة، وهكذا ذكره الهروي وابن فارس والجوهري. يقال: قزع رأسه تقزيعًا إذا حلق شعره، وبقيت منه بقايا في نواحي رأسه. وقال الليث عن الخليل بن أحمد إمام أهل اللغة والعربية مطلقا في الحديث “نهى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 91 عن القزع” وهو لغة أخذ بعض الشعر وترك بعضه من الرأس. وكذا قال صاحب المحكم في تفسير القزع في الحديث: هو أخذ بعض الشعر وترك بعضه. قلت: وإلى هذا أشار في المهذب بقوله: ويكره أن يترك على بعض رأسه الشعر للنهي عن القزع، فظاهر كلامه أن مطلق البعض مكروه. قوله في باب القصاص في الجروح والأعضاء من المهذب: وإن كانت الموضحة في مقدم الرأس أو مؤخره أو في قنزعته هي بضم القاف وإسكان النون وفتح الزاي وضمها لغتان. قال أهل اللغة: هي الشعر حوالي الرأس، وأنشدوا لحميد الأرقط يصف الصلع: كأن طسا بين قنزعته ويجمع على قنازع، وأرادوا بحوالي الرأس جوانبه. وأما قول ابن باطيش: القنزعة أعلى موضع في الرأس فلا نعرفه صحيحا في اللغة، وإن كان صحيح المعنى في هذا الموضع. قال صاحب المحكم: القزع أيضًا قطع من السحاب رقاق، كأنها ظل إذا مرت من تحت السحابة الكبيرة. وقيل القزع السحاب المتفرق واحدتها قزعة، وما في السماء قزعة وقزاع أي: لطخة غيم، والقُزَّعة والقُزْعة خصل من الشعر تترك على رأس الصبي كالذوائب متفرقة في نواحي الرأس، ورجل مقزع ومتفزع لا يرى على رأسه إلا شعيرات متفرقة تطاير مع الريح، والقزعة موضع الشعر المتفرق من الرأس. وروينا بالإسناد المتقدم إلى أبي عوانة الاسفرايني، قال: ثنا موسى بن سعد الدين عن عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن نافع عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رأى غلاما قد حلق بعض رأسه وترك بعضه فنهاهم عن ذلك، وقال: “احلقوا كله أو ذروا كله” قال الأزهري: والقزعة ولد الزنا. قسط: في المهذب في باب الأحداث: في الحديث الترخيص للمغتسلة في نبذة من قسط وأظفار، هو بضم القاف، ويقال فيه كست بضم الكاف وبالتاء في آخره، وهو بخور معروف، ليس من مقصود الطيب. قسم: قولهم كتاب القسامة: هي بفتح القاف. قال الرافعي: قال الأئمة: القسامة في اللغة اسم للأولياء الذين يحلفون على دعوى الدم، وفي لسان الفقهاء: هي اسم للأيمان، قال: وقال الجوهري: هي الأيمان تقسم على الأولياء في الدم، وعلى التقديرين فهي اسم أقيم، يقال: أقسم إقساما وقسامة كأكرم إكراما الجزء: 4 ¦ الصفحة: 92 وكرامة. قال الإمام: ولا اختصاص لها بأيمان الدماء، إلا أن الفقهاء استعملوها فيها، وأصحابنا استعملوها في الأيمان التي يقع الابتداء فيها بالمدعي، وصورتها: أن يوجد قتيل بموضع لا يعرف قاتله ولا بينة، ويدعي وليه قتله على شخص أو جماعة، وتوجد قرينة تشعر بتصديق الولي في دعواه، ويقال له: اللوث فيحلف الولي خمسين يمينًا، ويثبت القتل فتجب الدية لا القصاص، وفي قول يجب القصاص. قشع: قال صاحب المحكم: انقشع عنه الشيء وتقشع غشيه ثم انجلى عنه كالظلام عن الصبح، والهم عن القلب، والسحاب عن الجو، والقشع: السحاب الذاهب المتقشع عن وجه السماء، والقَشعة والقِشعة قطعة منه تبقى في أفق السماء إذا تقشع الغيم، وقد أقشع الغيم وانقشع، وتقشع وقشعته الريح قشعًا، وأقشع القوم وتقشعوا وانقشعوا إذا ذهبوا وافترقوا. قصد: قال الجوهري: القصد إثبات الشيء تقول قصدته وقصدت له وقصدت إليه بمعنى، وقصدت قصده أي: نحوت نحوه، وأقصد السهم أي أصاب، والقصد العدل، والقصد بين الإسراف والتقتير، وهو مقتصد في النفقة، والقاصد القريب، يقال: يننا وبين الماء ليلة قاصدة أي: هينة السير لا تعب فيه ولا بطء. والقصيد: جمع قصيدة من الشعر كسفين جمع سفينة في أول باب غزاة أوطاس من صحيح البخاري عن أبي موسى الأشعري رضي الله تعالى عنه: في رجل أراد قتله فقصدت له. وفي كتاب الأيمان من صحيح مسلم في باب من قتل رجلا من الكفار بعد أن قال لا إله إلا الله عن جندب بن عبد الله البجلي رضي الله تعالى عنه: “أن رجلا من المشركين كان إذا شاء أن يقصد إلى رجل من المسلمين قصد له فقتله، وأن رجلا من المسلمين قصد غفلته”. هذا لفظه بحروفه، وهكذا في مسلم مرتب هذا الترتيب، وفيه شيء يستظرف، وهو جمعه اللغات الثلاث في سطر واحد قصدت إليه وقصدت له وقصدته. قصر: القصارة المذكورة في باب التفليس: وهو قصارة الثوب، هي بكسر القاف، وهكذا ما أشبهها من الصنائع مكسورة كلها. قال أبو إسحاق الزجاج في كتابه معاني القرآن العزيز في أول سورة البقرة في قول الله تعالى: {وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ} (البقرة: من الآية7) وقال: كلما كان مشتملا على الشي فهو في كلام العرب مبني على فعالة نحو الغشاوة، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 93 والعمامة والقلادة والعصابة، قال: وكذلك أسماء الصناعات، معنى الصناعة الاشتمال على كل ما فيها نحو الخياطة والقصارة، قال: وكذلك كل من استولى على شيء، فاسم ما استولى عليه الفعالة نحو الخلافة والإمارة، هذا كلام الزجاج. وذكر الواحدي في البسيط في هذا الموضع مثله سواء، قال عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه: صلاة الأضحى والجمعة والعيدين ركعتان، قصر ذكره في بابي الجمعة والعيدين من المهذب معناه: شرعت ركعتين من أصلها، ولم تشرع أربعًا ثم قصرت. وقوله في المختصر في تفسير الحديث: أول الوقت رضوان الله تعالى، وآخره عفو الله تعالى. قال الشافعي: الرضوان إنما يكون للمحسنين، والعفو يشبه أن يكون للمقصرين، في تسميته مقصر تأويلان لأصحابنا المتقدمين مشهوران في كتب المذهب، أحدهما: أنه مقصر بالنسبة إلى من صلى في أول الوقت، وإن كان لا إثم عليه. والثاني: مقصر بتفويت الأفضل، كما يقال من ترك صلاة الضحى فهو مقصر، وإن كان لا يأثم. ويقال: قصر المسافر الصلاة وقصرها بتخفيف الصاد وتشديدها لغتان مشهورتان حكاهما جماعات: منهم ابن فارس في كتابه حلية الفقهاء، والتخفيف أفصح، وأشهر وبه جاء القرآن وروايات الأحاديث الصحيحة وهو القصر والتقصير، وهو رد الرباعية إلى ركعتين. قصع: في الحديث: “ناقة تقصع بجرتها” قال الأزهري: قال أبو عبيد: القصع ضمك الشيء على الشيء حتى تقتله أو تهشمه، ومنه قصع القملة، قال: وقصع الجرة شدة بعض الأسنان إلى بعض، قال أبو زيد: القصع هو المضغ بعد الدسع، والدسع هو أن تنزع الجرة من كرشها، وقال أبو سعيد: الضرير قصع الناقة الجرة استقامة خروجها من الجوف إلى الشدق غير متقطعة ولا نزرة، ومتابعة بعضها بعضًا، وإنما تفعل هذا إذا كانت مطمئنة ساكنة لا تسير، فإذا خافت شيئا قطعت الجرة ولم تخرجها، هذا كلام الأزهري. قال صاحب المحكم: القصعة الصحفة تشبع العشرة، والجمع قصاع وقصع، وقصع الماء قصعا أبتلعه جرعا، وقصع الماء عطشه يقصعه قصعا، وقصعه سكنه وقتله، والقصع قتل الصؤاب والقملة بين الظفرين، وقصع البعير بجرته مضغها، وقيل: هو أن يردها إلى جوفه، وقيل: هو أن يملأ بها فاه. قصى: في الحديث: “ما من ثلاثة في قرية أو بدو لا تقام فيهم الجماعة إلا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 94 وقد استحوذ عليهم الشيطان عليك بالجماعة فإنما يأخذ الذئب القاصية” ذكره في صلاة الجماعة من المهذب، القاصية: البعيدة شبه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تمكن الشيطان من المنفرد عن الجماعة، بتمكن الذئب من الشاة المنفردة البعيدة من الأهل والغنم. قضى: قول الله عز وجل: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ} (الإسراء: من الآية23) مذكور في أول نفقة الأقارب من المهذب، قال الواحدي: قال عامة المفسرين وأهل اللغة: معنى قضى هنا أمر. وقال غيره: أوجب. وقيل: ووصى. وكذلك قرأها علي وعبد الله بن مسعود وأبي بن كعب، وروي هذا عن ابن عباس، قال: والتصقت إحدى الواوين بالصاد فصارت قافا. قال الفراء: تقول العرب تركته يقضي أمور الناس أي: يأمر فيها فينفذ أمره، والله تعالى أعلم، والقضاء الولاية المعروفة ممدود. قال الأزهري: القضاء في الأصل إحكام الشيء والفراغ منه، ويكون القضاء أيضًا الحكم. وقيل للحاكم قاض لأنه يمضي الأحكام ويحكمها، ويكون قضى بمعنى أوجب فيجوز أن يكون سمي قاضيا لإيجابه الحكم على من يجب عليه، هذا آخر كلام الأزهري. وأما عمرة النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - المسماة عمرة القضاء وعمرة القضية فكانت في ذي القعدة سنة سبع من الهجرة، وكان النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أحرم بالعمرة في ذي القعدة سنة ست، فصده المشركون ثم صالحهم، وقاضى سهيل بن عمرو على الهدنة ثم اعتمر في السنة السابعة. وقيل: لها عمرة القضاء والقضية لمقاضاة سهيل بن عمرو لا لأنها قضاء عمرة سنة ست بلى لما ذكرناه. ووقعت عمرة سنة سبع قضاء، وأما سنة ست فحسبت عمرة في الثواب، فقد جاءت الأحاديث الصحيحة بأن عمر النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أربع: منها عمرة الحديبية سنة ست، وعمرة القضاء سنة سبع، وعمرة الجعرانة سنة ثمان، وعمرة مع حجة سنة عشر. قطط: قولهم: ما فعلته قط، هي لتوكيد نفي الماضي، وفيها لغات: قط وقط بفتح القاف وضمها مع تشديد الطاء المضمومة فيهما، وقط بفتح القاف وتشديد الطاء المكسورة، وقط بفتح القاف وإسكان الطاء، وقط بكسر القاف وكسر الطاء المخففة. قطع: قوله في المهذب: أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أقطع بلال بن الحارث المعادن القبلية، ذكره في زكاة المعدن. قال الأزهري في تهذيب اللغة: يقال: استقطع فلان الإمام قطيعة، فأقطعه إياها إذا سأله أن يقطعها له ويبينها ملكا له فأعطاه إياها. قال الجوهري: الجزء: 4 ¦ الصفحة: 95 والاقطاع يكون تمليكا وغير تمليك. قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “إذا صلى أحدكم فليصل إلى السترة، وليدن منها لا يقطع الشيطان عليه صلاته” ذكره في استقبال القبلة من المهذب: فيقطع مرفوع العين، وهذا الحديث أخرجه أبو داود في سننه بهذا اللفظ عن سهل بن أبي خثمة رضي الله تعالى عنه عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولعل معناه - والله تعالى أعلم - أنه إذا لم يدن منها. قال الأزهري: قال أبو عمرو: وقطاع النخل وقطاعه مثل الصرام والصرام، وأقطع النخل إقطاعا حان قطاعه، ومقاطع القرآن مواضع الوقوف ومبادئه مواضع الابتداء، وفلان قطع أي: شبهه في قده وخلقه، وجمعه أقطاع. قال الأزهري: ويقال قطع فلان رحمه قطعًا إذا لم يصلها، والاسم القطيعة، ويقال لقاطع رحمه قطعة وقطع بضم القاف وفتح الطاء، ويقال قطعت الحبل قطعًا فانقطع، وقطعت النهر قطعًا وقطوعا ومنقطع، كل شيء حيث ينقطع مثل منقطع الرمل والحرة وشبههما، والمقطع الشيء نفسه. قال الفراء: سمعت بعض العرب يقول: غلبني فلان على قطعان من أرض يريد أرضا مفروزة مثل القطيعة، فإذا أردت قطعة من شيء قطع منه. قلت: قطعة والقطعة يعني بفتحتين موضع القطع من يد الأقطع، يقال ضربه بقطعته. وقال الليث: يقولون قطع الرجل ولا يقولون قطع الأقطع لأن الأقطع لا يكون أقطع حتى يقطعه غيره، ولو لزمه ذلك من قبل نفسه لقيل قطع أو قطع، قال: ويجمع الأقطع على قطعان. قال الليث: يقال قاطعت فلانا على كذا وكذا من الأجر، والعمل مقاطعة. قال: وسيف قاطع وقطاع ومقطع وكل شيء يقطع به فهو مقطع، والمقطع موضع القطع، والمقطع مصدر كالقطع، والمقطع غاية ما قطع، يقال: مقطع الثوب ومقطع الرمل للذي لا رمل وراءه، ورجل قطوع لإخوانه ومقطاع لا يثبت على مؤاخاة، وبنو قطيعة حي من العرب النسبة إليهم قطعي. قال: وقطاع الطريق الذين يعارضون أبناء السبيل فيقطعون بهم السبيل، وشيء حسن التقطيع إذا كان حسن القد، هذا آخر ما نقلته من كلام الأزهري. وقال صاحب المحكم: القطع إبانة بعض أجزاء الجرم من بعض فصلا، يقال قطعه يقطعه قطعا، وقطيعة وقطوعا، وقطعة واقتطعه فانقطع وتقطع، وشيء قطيع مقطوع، والقِطعة والقَطعة والقطاعة ما قطعته منه، وخص اللحياني بالقطاعة قطاعة الأديم والجوار، وهو ما قطع من الجوار أو من النخالة، وتقاطع الجزء: 4 ¦ الصفحة: 96 الشيء بان بعضه من بعض، وأقطعه أياه أذن له في قطعه، وحبل اقطاع مقطوع كأنهم جعلوه كل جزء منه قطعًا، وإن لم يتكلم به، وكذلك ثوب أقطاع وقطع، والأقطع المقطوع اليد، والجمع قطع وقطعان، ويد قطعاء مقطوعة، وقد قطع قطعا، والقَطعة والقِطعة موضع القطع من اليد. وقيل: بقية اليد المقطوعة، ومقطع كل شيء ومنقطعه آخره، وقطع به النهر وأقطعه إياه وأقطعه به جاوزه، وهو من الفصل بين الأجزاء، وانقطع الشيء ذهب وقته ومنه انقطع الحر والبرد، وانقطع كلامه وقف فلم يمض، وقطع لسانه أسكته بإحسانه إليه، وانقطع لسانه ذهبت سلاطته، وقطعه قطعا وأقطعه بكته، وهو قطيع القول ومنه قطع، وقطع قطاعة وأقطعت الداجة انقطع بيضها، وقطع به وانقطع وأقطع وأقطع ضعف عن النكاح، وانقطع بالرجل والبعير كلاً، والقطع والقطيعة الهجران ضد الوصل، وتقاطع القوم تصارموا، وقطع رحمه قطعا، ورجل قطعة وقطع ومقطع وقطاع يقطع رحمه، واقتطع طائفة من الشيء أخذه، والقطيعة ما اقتطعته منه، وأقطعني إياها أذن لي في اقتطاعها، واستقطعه إياها سأله أن يقطعه إياها، والقطيع الطائف من الغنم والنعم ونحوه، فالغالب عليه أنه من عشر إلى أربعين. وقيل: ما بين خمس عشرة إلى خمس وعشرين، والجمع أقطاع وأقطعة وقطعان وقطاع وأقاطيع. قال سيبويه: وهو مما جمع على غير بناء واحده، ونظيره عنده حديث وأحاديث، والقطعة كالقطيع والقطع، والقطاع اللصوص يقطعون الأرض، والقطع والقطعة والقطيع والقطع والقطاع طائفة من الليل تكون من أول الليل إلى ثلثه، وقطع الجواد الحبل خلفه ومضى، هذا آخر كلام صاحب المحكم. قطف: قوله في الوسيط في بيع الأصول والثمار: الإبقاء مستحق للبائع إلى أوان القطاف يعني إلى أوان قطعه، يقال: قطاف وقطاف بكسر القاف وفتحها. قال صاحب المحكم: قطف الشيء يقطفه قطفًا وقطفانا وقطافا وقطافا قطعه، والقطف ما قطف من الثمر، وهو أيضا العنقود ساعة يقطف، والجمع قطوف والقطاف، والقطاف: أوان قطف الثمر، وأقطف العنب حان أن يقطف. وقال الجوهري: القطاف بالكسر العنقود. وقال الهروي: القطف العنقود، وهو اسم لكل ما يقطف كالذبح والطحن. قولهما في باب الإجارة: الدابة القطوف هي بفتح الجزء: 4 ¦ الصفحة: 97 الطاء، وهو البطء في السير. قعد: قال صاحب المحكم: القعود نقيض القيام، قعد يقعد قعودًا، وأقعدته وقعدت به، والمقعد والمقعدة، والمقعدة مكان القعود. قال سيبويه: هو مني مقعد القابلة، وذلك إذا دنا فالتزق من بين يديك، يريد بتلك المنزلة ولكنه حذف وأوصل، كما قالوا دخلت البيت أي في البيت، ومن العرب من يرفعه ويجعله هو الأول على قولهم انت مني مرأى ومسمع. والقعدة بالكسر الضرب من القعود، وبالفتح المرة الواحدة منه، وذو القعدة إسم شهر كانت العرب تقعد فيه وتحج في ذي الحجة. وقولهم في الدعاء: إن كنت كاذبًا فحلبت قاعدًا معناه: ذهبت إبلك فصرت تحلب الغنم لأن حالب الغنم لا يكون إلا قاعدًا، وأقعد الرجل لم يقدر على النهوض، وبه قعاد أي داء يقعده، وما قعدك واقتعدك أي حبسك، ورجل قعدى وقعدى عاجز كأنه يؤثر القعود والقعدة والقعودة. والقعود من الإبل ما اتخذه الراعي للركوب وحمل الزاد، والجمع أقعدة. وقعد وقعدان وقعائد واقتعدها اتخذها قعودًا. وقيل: القعود القلوص. وقيل: القعود البكر إلى أن يثنى ثم هو جمل والقعود أيضًا الفصيل، وقاعد الرجل قعد معه، وقعيد الرجل مقاعده، وقعيدا كل إنسان حافظاه عن اليمين وعن الشمال، وقعيدة الرجل وقعيدة بيته امرأته، وقعدت المرأة عن الحيض والولد تقعد قعودا فهي قاعد انقطع عنها، والقاعدة والقاعد أصل الأس والقعدد، والقعدد الجبان اللئيم القاعد عن الحرب والمكارم، والقعدد الخامل والقعدد والقعدد أملك القرابة في النسب، وفلان أقعد من فلان أي أقرب منه إلى جده الاكبر، هذا آخر كلام صاحب المحكم. وقال الأزهري: قال أبو الهيثم: القواعد من صفات الإناث، لا يقال رجال قواعد ويقال رجل قاعد عن الغزو، وقوم قعاد وقاعدون، وقعدك الله مثل نشدتك، وقعدك الله أي الله معك، وقعيدك الله لتفعلن كذا القعيد الاب، وقعدت الرجل وأقعدته خدمته. قال الفراء: تقول العرب قعد فلان يشتمني وقام يشتمني بمعنى طفق وجعل. وقال أبو عمرو: القعدد القريب النسب من الجد الأكبر، والقعدد البعيد النسب من الجد الأكبر وهو من الأضداد. وقال النضر بن شميل: القعود في الإبل من الذكور، والقلوص من الإناث. وقال ابن الأعرابي: البكرة الأنثى قلوص، والبكر الذكر قعود، إلى أن يثنيا ثم هو جمل. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 98 قال الأزهري: وعلى هذا التفسير قول من شاهدت من العرب لا يكون القعود إلا البكر الذكر، وجمعه قعدان والقعادين جمع الجمع، قال: ولم نسمع قعودة بالهاء لغير الليث. وأخبرني المنذري: أنه قرأ بخط أبي الهيثم ذكر الكسائى: أنه سمع من يقول قعودة للقلوص وللذكر قعود. قال الأزهري: وهذا عند الكسائى من نادر الكلام الذي سمعه من بعضهم، وكلام أكثر العرب على غيره. قال ابن السكيت: ما يقعدني عن ذلك الأمر إلا شغل أي ما حبسني. قال ابن الأعرابي: القعد الشراة الذين يحكمون ولا يحاربون. قال الأزهري: هو جمع قاعد كحارس وحرس وخادم وخدم، والقعدي من الخوارج الذي يرى رأي القعد الذين يرون التحكيم حقًا، غير أنهم قعدوا عن الخروج على الناس، هذا آخر كلام الأزهري. قعر: قال صاحب المحكم: قعر كل شيء أقصاه، وجمعه قعور، ونهر قعير بعيد القعر، وكذلك بئر قعيرة وقعير وقد قعرت قعارة وقصعة قعيرة كذلك، وقعر البئر يقعرها قعرًا انتهى إلى قعرها، وكذا الإٌناء إذا شربت جميع ما فيه حتى تنتهى إلى قعره، وقعر الثريدة أكلها من قعرها، وأقعر البئر جعل لها قعرا. وقال ابن الأعرابي: قعر البئر يقعرها عمقها وقعر الحفر كذلك، ورجل بعيد القعر أي الغور، وقعر الفم داخله، وقعر في كلامه وتقعر تشدق، وتكلم بأقصى قعر فمه، ورجل قيعر وقيعار متقعر في كلامه، وإناء قعران في قعره شيء، وقصعة قعرى وقعرة فيها ما يغطي قعرها، واسم ذلك الشيء القعرة، والقعرة وقعب مقعار واسع بعيد القعر، والمقعر الذي يبلغ قعر الشيء، وامرأة قعرة وقعيرة بعيدة الشهوة. وقيل: هي التي تجد الغلمة في قعر فرجها، وضربه فقعره أي: صرعه، وقعر النخلة والشجرة قطعها من أصلها فسقطت وانقعرت. وقيل: كل ما انصرع فقد انقعر وتقعر، هذا آخر كلام صاحب المحكم. وقال الأزهري: قعر الرجل بالتشديد إذا روى فنظر فيما يغمض من الرأي حتى يستخرجه. وقال ابن الأعرابي: القعر بفتحتين العقل التام، ويقال: ما خرج من أهل هذا القعر أحد مثله، كقولك من أهل هذا الغائط مثل البصرة والكوفة. قعل: قال أهل اللغة: القعال ما تناثر عن نور العنب وشبهه من كمامه، واحدته قعالة، وأقعل النور انشقت عنه قعالته، والاقتعال تنحية القعال، والقاعلة الجزء: 4 ¦ الصفحة: 99 الجبل الطويل، وجمعه قواعل، والمقتعل السهم الذي لم يبر بريا جيدًا، والقعولة في المشي إقبال القدم كله على الأخرى، هذا كلام صاحب المحكم. وقال الأزهري: القيعلة المرأة الجافية الغليظة وأيضًا العقاب الذي يسكن قواعل الجبال، والاقتعال الانتصاب في الركوب، وصخرة مقعالة منتصبة لا أصل لها في الأرض. قفز: قد تكرر استعمال القفيز في كتب الفقه، ويريدون به التمثيل، والقفيز في الأصل مكيال معروف، وهو مكيال يسع اثني عشر صاعا، والصاع خمسة أرطال وثلث بالبغدادي، هكذا قاله أهل اللغة وأصحاب الغريب وغيرهم. قال أبو منصور الأزهري في شرح ألفاط المختصر: الأردب أربعة وعشرون صاعا وهو أربعة وستون منا، والقيعل نصف الأردب، قال: والكرستون ففيزًا، والقفيز ثمانية مكاكيك، والمكوك صاع ونصف وهو ثلاث كيلجات، والصاع خمسة أرطال وثلث رطل، والمد ربع الصاع، والفرق ثلاثة أصوع، وهي ستة عشر رطلا. قال الإمام أبو منصور الأزهري: وأخبرني المنذري عن المبرد أنه قال القسط وزن أربعمائة واحد وثمانين درهما. وقال في الصحاح: والقسط مكيال وهو نصف صاع. وفي الغريبين للهروي عن أبي عبيدة: أن القسط والوسق ستون صاعا، والبهار وزن ثلاثمائة رطل، والكر اثنا عشر وسقا، وهو الوقر، هذا آخر كلام الأزهري نقلته بحروفه وكماله لكثرة فوائده. وأما القفاز الذي يلبس ذكره في باب الإحرام، وفي باب ستر العورة من المهذب: وهو بضم القاف وتشديد الفاء، وهو لباس للكف يتخذ من الجلود وغيرها، تلبسه نساء العرب ليقي أيديهن الحر ويحفظ نعومتها، ويلبسه أيضًا حملة الجوارح من البزاة وغيرها. قلت: قوله في المهذب في باب الحجر: والقرض يروى أن المسافر وماله لعلي، قلت: قوله يروى أي: ليس هذا خبرًا عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنما هو من كلام بعض السلف. قيل: إنه عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه، وذكر ابن السكيت والجوهري في صحاحه: إن لبعض الأعراب، والقلت بفتح القاف واللام وآخره تاء مثناة من فوق وهو الهلاك. قال الجوهري: تقول منه قلت بكسر اللام والمقلتة بفتح الميم المهلكة. قلج: القولنج المذكور في باب الوصية مرض معروف، وهو بضم القاف وإسكان الجزء: 4 ¦ الصفحة: 100 الواو وفتح اللام، ويقال فيه قولون وليس بعربي، وهو مرض يحدث بالأمعاء. قلح: القلح المذكور في باب السواك بفتح القاف واللام. قال الجوهري وغيره: صفرة تعلو الأسنان. وقال صاحب المحكم: القلح والقلاح يعني بضم القاف في الناس وغيرهم. قال: وقيل: هو أن تكثر الصفرة على الأسنان، وتغلظ ثم تسود، أو تحضر. قال: وقد قلح يعني بكسر اللام، وكذلك صرح به الجوهري قلحًا فهو قلح وأقلح، وجمع الأقلح قلح، ومنه الحديث: “لا تدخلوا علي قلحا”. قلد: التقليد قبول قول المجتهد والعمل به. وقال القفال في أول شرح التلخيص: هو قبول قول القائل إذا لم يعلم من أين قاله. وقال الشيخ أبو إسحاق: هو قبول القول بلا دليل. قال القفال: كأنه جعل قادة له. قلس: في الحديث: “من قاء في صلاته أو قلس” هو بفتح القاف واللام. قال الجوهري: القلس يعني بإسكان اللام هو القذف، وقد قلس يقلس فهو قالس. قال: وقال الخليل: القلس ما خرج من الحلق ملء الفم أو دونه، وليس هو بقيء فإن عاد فهو القيء، هذا كلام الجوهري. قلت: وقوله: قاء أو فلس يحتمل أن يكون شكا من الراوي في إحدى اللفظتين، ويحتمل أن يكون للتقسيم يعني سواء كان هذا أو ذاك، وهذا الحديث ضعيف لا يصح الاحتجاج به، وأما القلنسوة التي تلبس فالنون فيها زائدة، وهي معروفة، وفيها لغتان ذكرهما الجوهري وغيره. قال الجوهري: القلنسوة والقلنسية إذا حسنة القاف ضممت السين، وإذا ضممت القاف كسرت السين وقلبت الواو ياء، فإذا جمعت أو صغرت فأنت بالخيار في حذف الواو والنون لأنهما زائدتان، فإن شئت حذفت الواو فقلت قلانس، وإن شئت حذفت النون فقلت قلاس، وإنما حذفت النون لالتقاء الساكنين، وإن شئت عوضت فيهما ياء فقلت قلانيس أو قلاسي، وتقول في التصغير قلينسة، وإن شئت قلت قليسية، ولك أن تعوض فيهما فتقول قلينيسة، وقليسية بتشديد الياء الأخيرة، وإن جمعت القلنسوة بحذف الهاء فقلت قلنس وأصله قلنسو، إلا أن الواو رفضت لأنه ليس في الأسماء اسم آخره حرف علة وقبله ضمة، فإذا أدى إلى ذلك قياس وجب رفضه، وتبدل من الضمة كسرة فيصير آخر الاسم ياء مكسورًا ما قبلها فيصير كقاض وغاز في التنوين، وكذا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 101 القول في أحق وأدل جمع حقو ودلو، ويقال قلسيته فتقلسي وتقلنس وتقلس أي: ألبسته القلنسوة فلبسها، هذا آخر كلام الجوهري. قلع: قولهم: فإذا حاصر الإمام قلعة هي بفتح القاف وإسكان اللام، وهي الحصن وجمعه قلوع، قاله الأزهري عن ابن الأعرابي، وسيأتي كلام صاحب المحكم فيها. قال الأزهري: وأقلع الرجل عن عمله إذا كف عنه، والقلاع الساعي إلى السلطان بالباطل، والقلاع القواد، والقلاع النباش، والقلاع الكذاب. قال ابن الأعرابي: القلاع الذي يقع في الناس عند الأمراء يسمى قلاعا لأنه يأتي المتمكن عند الأمير فلا يزال يقع فيه ويشي به حتى يزيله، ويقلعه من مرتبته، والقلاع شراع السفن، والجمع قلع، والقلاع والخراع واحد، وهو أن يكون صحيحا فيقع ميتا، وانقلع وانخرع والقلع الكنف تكون فيه الأدوات، والقلعة يعني بفتح القاف واللام السحابة الضخمة، والجمع قلع، والحجارة الضخمة أيضًا قلع، والقلع بكسر القاف وإسكان اللام الرجل البليد الذي لا يفهم، والقلع أيضا الذي لا يفهم، والقلع أيضا الذي لا يثبت على الخيل، وفي صفة النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - “إذا مشى تقلع”، وفي رواية: “إذا زال زال تقلعا” معناهما واحد أي يرفع رجليه رفعا ثابتا لا كمن يمشي اختيالا، والقليع المرأة الضخمة الجافية، وكل هذا مأخوذ من القلعة، وهي السحابة الضخمة، وكذلك قلعة الجبل والحجارة. قال الفراء: القلاعة والقلاعة تخفف وتشدد هي قشر الأرض الذي يرتفع عن الكمأة، قال: ومرج القلعة اسم للقرية التي دون حلوان، ولا يقال القلعة. قال الأصمعي: القلع الوقت الذي تقلع فيه الحمى، والقلوع اسم من الانقلاع، قال الليث: القلاع الطين الذي ينشق إذا أنضب عنه الماء كل قطعة منه قلاعة يعني بالتشديد فيهما، والقلاع بالتخفيف من أدواء الفم معروف، هذا آخر كلام الأزهري. وقال صاحب المحكم: القلع انتزاع الشيء من أصله قلعه يقعله قلعا وقلعه واقتلعه وانقلع واقتلع وتقلع. قال سيبويه: قلعت الشيء حولته عن موضعه، واقتلعته لمولاهم والقلاع والقلاعة والقلاعة قشر الأرض الذي يرتفع عن الكمأة فيدل عليها، والقلاع أيضًا الطين الذي يتشقق إذا نضب عنه الماء فكل قطعة منه قلاعة، والقلاع أيضًا الطين اليابس، واحدته قلاعة، والقلاعة المدرة المقتلعة، ورمى بقلاعة أي: بحجة الجزء: 4 ¦ الصفحة: 102 تسكته، وهي على المثل، والقلاع صخور عظام مقتلعة، واحدته قلاعة، والقلعة صخرة عظيمة تنقلع عن الجبل صعبة المرتقى، والقلعة حصن منيع في جبل، وجمعها قلاع وقلع. وقيل: القلعة بسكون اللام حصن مشرف، وجمعه قلوع، وقلع الوالي قلعا وقلعة فانقلع عزل، والدنيا دار قلعة أي: انقلاع، والقلعة من المال ما لا يدوم، والقلعة الرجل الضعيف، وقلع الرجل قلعا، وهو قلع وقلع وقلعة وقلعة وقلاع لم يثبت على السرج، والقلع والقلع الكنف، وجمعه قلعة وقلاع، وأقلع المطر والحمى وغيرهما انجلى، والقلع حين إقلاع الحمى، والقلعة الشقة وجمعها قلع، والقلوع طائر أحمر الرجلين، هذا آخر كلام صاحب المحكم. قلل: قوله في الركوع: “وما استقلت به قدمي” معناه: حملته. قال صاحب المحكم: استقله حمله ورفعه. قال ابن الأثير في كتابه الشافي في شرح مسند الشافعي رضي الله تعالى عنه في قوله: “وما استقلت به قدمي” أقللت الشيء واستقللت به إذا حملته، قال: والسين في استقللت يجوز أن تكون سين التكلف والتعاطي، وأن تكون سين التفرد بالشيء والمراد به ما حملته قدمي أي: جميع جسمي، قال: وفائدة قوله: “وما استقلت به قدمي” بعد قوله “سمعي وبصري وعظمي”، وإن كانت هذه الأشياء قد جمعت أكثر جسد الإنسان، فإنه تأكيد وتتميم لما عسى أن يكون قد أحل به هذا اللفظ فلم يشمله فاستدرك، فقال: “ما استقلت به قدمي” فأنى بهذا اللفظ الحاوي لجميع البدن. قمط: في باب الصلح من الوسيط معاقد القمط. قال أهل اللغة: القمط بكسر القاف وإسكان الميم ما تشد به الاخصاص. قال الجوهري: القمط يعني بكسر القاف وإسكان الميم ما تشد به الاخصاص، قال: ومنه معاقد القمط. قال الشافعي رحمه الله تعالى في المختصر: ولا نظر إلى من إليه الدواخل ولا الخوارج ولا أنصاف اللبن ولا معاقد القمط. قال الأزهري في شرح المختصر: والخوارج ما خرج من أشكال البناء مخالف لأشكال ناحيته، وذلك تحسين وتزيين لا يدل على ملك يثبت وحكم يجب، قال: ومعاقد القمط يكون في الأخصاص التي تبنى وتسوى من الحصر وشقايف الخوص، قال: والقمط هي الشرط، وهي حبال دقاق تشد بها الحصر التي تسقف بها الاخصاص وحواجزها، فلا يحكم بمعاقدها ودواخلها وخوارجها الجزء: 4 ¦ الصفحة: 103 لأنها لا تثبت ملكا، وإن كان العرف جرى أن ما دخل يكون أحسن مما خرج، هذا آخر كلام الأزهري. قمل: القمل معروف واحدتها قملة، وقد قمل رأسه بفتح القاف وكسر الميم قملا بالفتح فيهما إذا كثر قمله. قال في المحكم: ويقال لها قمال يعني في الواحدة. قنا: قوله في باب الحيض من المهذب: “دم الحيض هو المحتدم القانىء الذي يضرب” والقانىء بهمز آخر كالقارىء يقال: قنأ يقنىء فهو قانىء مثل قرأ يقرأ فهو قارىء، والمصدر قنوء على وزن ركوع هذا أصله، ويجوز تخفيف همزته. قال أهل اللغة: القانىء هو الذي اشتدت حمرته. وقال أصحابنا: هو الذي اشتدت حمرته حتى صارت تضرب إلى السواد. قنت: قال الجوهري: القنوت الطاعة هذا هو الأصل، ومنه قوله تعالى: {وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ} (الأحزاب: من الآية35) ثم سمي القيام في الصلاة قنوتا، ومنه الحديث: “أفضل الصلاة طول القنوت” ومنه قنوت الوتر، هذا آخر كلام الجوهري. قنطر: قال الله تعالى: {وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَاراً} (النساء: من الآية20) قال أبو البقاء العكبري في إعرابه في أول سورة آل عمران: النون في القنطار أصل ووزنه فعلال مثل حملان، قال: وقيل: النون زائدة، واشتقاقه من قطر يقطر إذا جرى، والذهب والفضة يشبهان الماء في الكثرة وسرعة التقلب، هذا كلام أبي البقاء وجزم أبو منصور الجواليقي في كتابه المعرب حكاية عن ابن الانبارى والمشهور في كتب اللغة: أنه رباعي ونونه أصل، وبهذا جزم الهروي في الغريبين والزبيدي في مختصر العين، وذكر المفسرون في قوله تعالى في سورة آل عمران في والقنطير اختلافا كثيرا، فذهب جماعة إلى أن القنطار هو مال عظيم محدود. وحكى أبو عبيدة عن العرب: أنهم يقولون هو وزن لا يحد، وذهب الأكثرون إلى تحديده ثم اختلفوا فقيل: هو اثنا عشر ألف أوقية، رواه أبو هريرة عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وروي عنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه ألف دينار. وقيل: ألف ومائتا أوقية، رواه أبي بن كعب وهو قول ابن عمر ومعاذ بن جبل، ورواية عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهم، وقيل: اثنا عشر ألف درهم أو ألف دينار وهو قول الحسن. وقيل: هو ملأ جلد ثور ذهبًا أو فضة. وقيل: هو ثمانية آلاف مثقال ذهب أو فضة. وقيل: أربعة آلاف دينار. وقيل: ألف ومائتا مثقال. وقيل: ثمانون ألفا. وقيل: الجزء: 4 ¦ الصفحة: 104 سبعون ألفا. وقيل: أربعون مثقال. وقيل: غير ذلك. والله تعالى أعلم. قنع: قوله تعالى: {وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} (الحج: من الآية36) تقدم تفسيرهما في حرف العين في فصل عرر. والمقنعة والمقنع بكسر الميم فيهما اسم لما تقنع به المرأة رأسها، قاله اللحياني وصاحب المحكم وغيرهما. قال صاحب المحكم: قنع بنفسه قنعا، وقناعة رضي، ورجل قانع من قوم قنع وقنع من قنعين وقنيع من قنيعين وقنعاء، وامرأة قنيع وقنيعة من نسوة قنائع، ورجل قنعاني وقنعان ومقنع وكلاهما لا يثنى ولا يجمع ولا يؤنث يقنع به ويرضى برأيه وقضائه، وربما ثني وجمع وفلان قنعان من فلان لنا أي: تقنع به بدلا منه، يكون ذلك في الدم وغيره، ورجل قنعان يرضى باليسير، وقنع يقنع قنوعا ذل للسؤال. وقيل: سأل وقد استعمل القنوع في الرضى. وقيل: هي قليلة، حكاهما ابن جني، وأنشد فيهما بيتين. وقيل: القنوع الطمع، والقانع خادم القوم وأجيرهم. وفي الحديث: “لا تقبل شهادة القانع” وأقنع يديه في القنوت مدهما، واسترحم ربه سبحانه وتعالى، وأقنع رأسه رفعه، وشخص ببصره نحو الشيء لا يصرفه عنه، وأقنعت الإناء في النهر استقبلت به جريته ليمتلىء أو أملته لتصب ما فيه، وقنعه بالسيف والسوط والعصا علاه به، والقنوع بمنزلة الحدور من سفح الجبل مؤنث، والقنع ما بقي من الماء في قرب الجبل، والمقنع والمقنعة ما تغطي به المرأة رأسها، والقناع أوسع من المقنعة، وقد تقنعت به وقنعت رأسها، وألقى عن وجهه قناع الحياء وهو على المثل، وربما سموا الشيب قناعا لكونه موضع القناع من الرأس، ورجل مقنع عليه بيضة ومغفر، وتقنع في السلاح دخل، والمقنع المغطى رأسه، والقنع والقناع الطبق من عسب النخل يوضع فيه الطعام، والجمع أقناع وأقنعة، هذا آخر كلام صاحب المحكم. وقال الأزهري: قال ابن السكيت: من العرب من يجوز القنوع بمعنى القناعة، وكلام العرب الجيد الفرق بينهما، وأقنعني كذا أي: أرضاني، والقناع والمقنعة ما تغطي به المرأة رأسها ومحاسنها من ثوب. وقال الليث: القناع أوسع من المقنعة. قال الأزهري: ولا فرق عند الثقات من أهل اللغة بين القناع والمقنعة، وهو مثل اللحاف والملحفة والقرام والمقرمة، هذا آخر كلام الأزهري. قنن: العبد القن بكسر القاف الجزء: 4 ¦ الصفحة: 105 وتشديد النون هو عند الفقهاء: من لم يحصل فيه شيء من أسباب العتق ومقدماته بخلاف المكاتب والمدبر والمعلق عتقه على صفة والمستولدة هذا معناه في اصطلاح الفقهاء، وسواء كان أبواه مملوكين أو معتقين أو حرين أصليين بأن كانا كافرين واسترق هو أو أحدهما بصفة، والآخر بخلافها. وأما أهل اللغة: فإنهم يقولون القن هو العبد إذا ملك هو وأبواه كذا صرح به صاحب المجمل والجوهري وغيرهما. قال الجوهري: ويستوي فيه الواحد والاثنان والجمع والمؤنث، قال: وربما قالوا عبيد أقنان لم يجمع على أقنة، والله تعالى أعلم. قال الجوهري: القوانين: الأصول، واحدها قانون وليس بعربي. قال: مستهلكها بكسر القاف والتشديد هي ما يجعل فيه الشراب، والجمع القناني. قهد: قوله في المهذب في باب الربا في بيت لبيد: لمقعر قهد هو بفتح القاف وسكون الهاء. قال الجوهري في هذا البيت: القهد مثل القهب، وهو الأبيض الأكدر. وقال صاحب المحكم: القهد الأبيض، قال: وخص بعضهم به البيض من أولاد الظباء والبقر. قال: وجمعه قهاد. قول: قال أهل اللغة: القول والقال والقيل والقولة، وأما قول الأصحاب جاز. وقيل: لا يجوز، وشبه ذلك فهو ترجيح للأول، وأن الاعتماد عليه والثاني ضعيف. قال الرافعي: في أول استقبال القبلة إذا أطلق المذهبيون الحكم ثم قالوا: وقيل: كذا فهو إشارة إلى ترجيح الأول إلا إذا نصوا على خلافه. قلت: وقوله: إلا إذا نصوا على خلافه فيه فائدة حسنة يجاب بها عن قوله في التنبيه في مواضع قليلة، منها قوله في كتاب الغصب: وإن أراد صاحب الثوب قلع الصبغ وامتنع الغاصب أجبر. وقيل: لا يجبر وهو الأصح. قيأ: القيء معروف الفعل منه قاء بالمد. قال الأزهري في باب العين: والثاء المثلثة. قال ابن الأعرابي: قع يقع وايقع يقع واثع يثع وهاع وياع كل ذلك إذا قاء. قال الأزهري: وروى الليث هذا الحرف تع بالتاء المثناة من فوق إذا قاء. قال الأزهري: وهذا خطأ إنما هو بالمثلثة لا غير، هذا كلام الأزهري. وقال صاحب المحكم في باب العين: والتاء المثناة تع تعًا واتع قاء كثع كلاهما عن ابن دريد، ثم قال في باب العين: والمثلثة ثععت يعني بكسر العين ثعا وثععا وتععت قئت وتععت بفتح العين اتع بكسرها تعا مثلها. وقال الجزء: 4 ¦ الصفحة: 106 ابن دريد: تع وثع سواء، وقد تقدم واثع القيء اندفع. والله تعالى أعلم. قيح: قال الجوهري: القيح المدة لا يخالطها دم تقول منه قاح الجرح يقيح، وقيح الجرح وتقيح. قين: قال صاحب المحكم: القين الحداد. وقيل: كل صانع قين، والجمع أقيان وقيون، وقال: يقين قيانة وقينا صار قينا، وقان الحديدة قينا عملها وسواها، وقان الإناء يقينه قينا أصلحه، والتقين التزين بألوان الزينة، وتقين الرجل واقتان تزين، وقانت المرأة نفسها قينا، وقينتها زينتها، وتقين النبت واقتان حسن، والقينة الأمة المغنية تكون من التزين لأنها كانت تزين، وربما قالوا للمتزين باللباس من الرجال قينة، وقيل: القينة الأمة مغنية كانت مغنية، والقين العبد، والجمع قيان، والقينة الدبر. وقيل: هي أدنى فقرة من فقر الظهر إليه. وقيل: هي القطن، وهي ما بين الوركين. وقيل: هي الهزمة التي هنالك، هذا آخر كلام صاحب المحكم. وقال الإمام أبو منصور الأزهري في تهذيب اللغة: قال الليث: القين والقينة العبد والأمة. قال الليث: وعوام الناس يقولون القينة المغنية. قال الأزهري: إنما قيل للمغنية قينة إذا كان الغناء صناعة لها، وذلك من عمل الإماء دون الحرائر. وقال ثعلب عن ابن الأعرابي: القينة الماشطة، والقينة المغنية، والقينة الجارية تخدم حسب هذا آخر كلام الأزهري. وقال الجوهري في صحاحه: القينة الأمة مغنية كانت أو غير مغنية، والجمع القيان. قال أبو عمرو: كل عبد عند العرب قين، والأمة قينة، وبعض الناس يظن القينة المغنية خاصة، وليس هو كذلك، هذا آخر كلام الجوهري. وقال ابن فارس: القين والقينة العبد والأمة. قال: والعامة تسمي المغنية القينة. وقال صاحب مطالع الأنوار: القينة المغنية والقينة أيضًا الأمة وأيضا الماشطة. فصل في أسماء المواضع القادسية: في هي بكسر الدال والسين المهملتين وتشديد الياء، بينهما وبين الكوفة نحو مرحلتين، وبينها وبين بغداد نحو خمس مراحل. قاف: المذكور في كتاب الله العزيز، قال المفسرون: هو جبل محيط بالدنيا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 107 كلها نقله الواحدي عن أكثر المفسرين. قال: وقالوا هو من زبرجد وهو من وراء الحجاب الذي تغيب الشمس من ورائه بمسيرة سنة وما بينهما ظلمة. قال: وهذا قول مقاتل وابن بريدة وعكرمة والضحاك ومجاهد ورواية عطاء وأبي الجوزاء عن ابن عباس. قال الفراء: على هذا القول كان يجب أن يظهر الاعراب في قاف لأنه اسم وليس بهجاء. قال: ولعل القاف وحدها ذكرت من اسمه، كما قال الشاعر: قلت لها قفي قالت قاف وقال قتادة: قاف اسم من أسماء القرآن. وقال مجاهد: قاف فاتحة السورة، وهذا مذهب أهل اللغة. قال أبو عبيدة والزجاج: افتتحت السورة به كما افتتح غيرها بحروف الهجاء نحو {ن} و {الم} و {الر} وحكى الفراء والزجاج: أن قومًا من أهل اللغة قالوا: معنى قاف قضي الأمر أو قضي ما هو كائن، واحتجوا بقول الشاعر: قلت لها قفي قالت قاف معناه: قالت قف، هذا كلام الواحدي. قباء: مذكورة في باب الاستطابة من المهذب هو بضم القاف وتخفيف الباء وبالمد وهو مذكر منون مصروف، هذه هي اللغة الفصيحة المشهورة. وحكى صاحب مطالع الأنوار وغيره فيه لغة أخرى وهي القصر حكاها في المطالع عن الخليل، وأخرى وهي التأنيث، وترك الصرف، والمختار ما قدمته وهو الذي قاله الجمهور، ونقله صاحب المطالع عن أبي عبيد البكري وعن أبي علي القالي. قبر أم رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ذكر الأزرقي في موضعه ثلاثة أقوال، أحدها: أنه بمكة في دار نابغة، والثاني أنه بمكة أيضا في شعب أبي ذر، والثالث أنه بالأبواء. قلت: هذا الثالث أصح. قبل: المعادن القبلية مذكورة في زكاة المعدن من المهذب: وهي بالقاف والباء الموحدة المفتوحتين وكسر اللام بعدهما، وهو موضع من ناحية الفرع، والفرع بضم الفاء وإسكان الراء قرية ذات نخل وزرع ومياه جامعة بين مكة والمدينة على نحو أربع مراحل من المدينة. أبوقبيس: زاده الله تعالى شرفا مذكور في باب استقبال القبلة من الوسيط والروضة، هو بضم القاف وفتح الباء، وهو الجبل المعروف بنفس مكة. حكى الجوهري في سبب تسميته بذلك قولين: الصحيح منهما أن أول من نهض يبني فيه رجل من مذحج، يقال له أبو قبيس فلما صعد في البناء سمي أبا قبيس. والثاني: ضعيف الجزء: 4 ¦ الصفحة: 108 أو غلط فتركته. قال أبو الوليد الأزرقي: الاخشبان بمكة هما الجبلان أحدهما أبو قبيس وهو الجبل المشرف على الصفا إلى السويد إلى الخندمة، وكان يسمى في الجاهلية الأمين لأن الحجر الأسود كان مستودعا فيه عام الطوفان. قال الأزرقي: وبلغني عن بعض أهل العلم من أهل مكة أنه قال: إنما سمي أبا قبيس لأن رجلا كان يقال له أبو قبيس بني فيه فلما صعد فيه بالبناء سمى الجبل أبا قبيس، ويقال كان الرجل من إياد، قال: ويقال اقتبس منه الحجر الأسود فسمي أبا قبيس، والقول الأول أشهرهما عند أهل مكة. قال مجاهد: أول جبل وضعه الله تعالى على الأرض حين مادت أبو قبيس. وأما الأخشب الآخر فهو الجبل الذي يقال له الأحمر وكان يسمى في الجاهلية الأعرف، وهو الجبل المشرف على قعيقعان وعلى دور عبد الله بن الزبير. القدس: بضم القاف هو بيت المقدس زاده الله تعالى شرفا، يقال بفتح الميم وإسكان القاف وكسر الدال، ويقال بضم الميم وفتح القاف وفتح الدال المشددة لغتان مشهورتان. قال الجوهري في صحاحه بيت المقدس يشدد ويخفف والنسبة إليه مقدسي مثال مجلسي ومقدسي، قال امرؤ القيس: كما شبرق الولدان ثوب المقدسي يعني يهوديا والقدس، والقدس: الطهر إسم ومصدر، ومنه قيل للجنة حظيرة القدس، والتقديس التطهير، والأرض المقدسة المطهرة، هذا كلام الجوهري. وقال الواحدي في أول سورة البقرة: البيت المقدس يعني بالتخفيف المطهر. قال: وقال أبو علي: وأما بيت المقدس يعني بالتخفيف فلا يخلو إما أن يكون مصدرا أو مكانا، فإن كان مصدرًا كان كقوله تعالى: {إليه مرجعكم} ونحوه من المصادر، وإن كان مكانا فالمعنى بيت المكان الذي جعل فيه الطهارة أو بيت مكان الطهارة، وتطهيره على معنى إخلائه من الأصنام وإبعاده منها، انتهى قول أبي علي. وقال الزجاج: البيت المقدس أي المكان المطهر، وبيت المقدس أي: المكان الذي يطهر فيه من الذنوب، هذا ما ذكره الواحدي. وقال غيره: البيت المقدس وبيت المقدس لغتان الأولى على الصفة، والثانية على إضافة الموصوف إلى صفته كصلاة الأولى ومسجد الجامع. قرن: ميقات أهل نجد، ويقال له قرن المنازل بفتح الميم، وقرن الثعالب كذا قاله صاحب المطالع وغيره، وكذلك الجزء: 4 ¦ الصفحة: 109 قال القاضي عياض وآخرون، قال: وأصل القرن أنه كان جبلا صغيرا انقطع من جبل كبير هو بفتح القاف وإسكان الراء لا خلاف في هذا بين رواة الحديث وأهل اللغة والفقهاء وأصحاب الأخبار وغيرهم، وغلطوا الجوهري صاحب الصحاح في قوله: إنه بفتح الراء، وفي قوله إن أويسا القرني رضي الله تعالى عنه منسوب إليه، فإن الصواب المشهور لكل أحد: أن هذا ساكن الراء، وأن أويسًا القرني رضي الله تعالى عنه منسوب إلى قرن بالفتح بطن من مراد القبيلة المعروفة، وقد قدمت شعرًا في نظم المواقيت في الحاء عند ذكر ذي الحليفة، وأما التقييد بكونه قرن المنازل: فذكر الرافعي أن بعض شارحي المختصر، قال: قرن اثنان أحدهما في هبوط يقال له قرن المنازل، والآخر على ارتفاع بالقرب منه، وهي القرية وكلاهما ميقات. قزح: بضم القاف وفتح الزاي وبالحاء المهملة، جبل معروف بالمزدلفة يقف الحجاج عليه للدعاء بعد الصبح يوم النحر. قال الأزرقي: وعلى قزح أسطوانة من حجارة مدورة تدويرها أربعة وعشرون ذراعا وطولها في السماء اثنا عشر ذراعًا، وفيها خمس وعشرون درجة، وهي على خشبة مرتفعة كان يوقد عليها في خلافة هارون الرشيد بالشمع ليلة المزدلفة، وكان قبل ذلك يوقد بالحطب، وبعد هارون يوقد بمصابيح كبار يصل ضوؤها مكانا بعيدًا ثم مصابيح صغار. قزوين: مذكورة في باب الأضحية من الروضة هي بفتح القاف وكسر الواو وكذا قيدها السمعاني وغيره، وهي مدينة كبيرة معروفة بخراسان. قعيقعان: مذكورة في الروضة في كتاب الحج في أول دخول مكة هو بضم القاف الأولى وفتح العين وبعدها مثناة من تحت ساكنة وكسر القاف الثانية، وهو جبل مكة المعروف مقابل لأبي قبيس. قال محمد بن إسحاق: سمي قعيقعان لقعقعة السلاح عندهم حين اقتتلت جرهم وغيرها هناك، وقال ابن إسحاق في موضع آخر: سمي بذلك لأن تبعًا الثالث لما جاء مكة بنية إكرامه الكعبة وأهلها ونحر الإبل بها كان سلاحه في قعيقعان فسمي بذلك. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 110 حرف الكاف كبش: قولهم في الشهادات: "شهد شاهد أنه سرق كبشا أبيض، وآخر أنه سرق كبشا أسود" هكذا هو كبشا بالباء الموحدة والشين المعجمة، وصحفه بعضهم كيسا بالمثناة والمهملة، والحكم لا يختلف، لكن قال في الأم كبشًا أقرن، ذكر هذه الجملة صاحب الشامل. كتب: قالوا: الكتابة مأخوذة من الكتب، وهو الضم والجمع، وكتبت القربة ضممت رأسها بالوكاء، وكتبت الكتاب لضمك حروفه، وكتابة العبد لضم نجم إلى نجم. قال الرافعي: وقيل لأنها توثق بالكتاب لأنها مؤجلة، وما يدخله الأجل يستوثق بكتابته، وعقد الكتابة خارج عن قياس المعاقدات لأنها جارية بين السيد والعبد؛ لأن العوضيين من السيد؛ لأن المكاتب متردد بين الحر والعبد، لا يستقل كالحر، ولا يتضيق تضيق العبد لكن الحاجة دعت إليها فأبيحت، فإن السيد لا يسمح بالإعتاق مجانا، فاحتمل الشرع فيها ما لا يحتمل في غيرها تشوقا إلى العتق، كما احتمل الجهل بعوض القراض، وعمل الجعالة وهي سنة. وفي قول غريب: واجبة، وقد أوضحت أحكامها في هذه الكتب. قال أهل اللغة: يقال كتب يكتب كتبا وكتابة وكتابا ثلاثة مصادر والكتاب في اصطلح المصنفين اسم للمكتوب مجازًا، وهو من باب تسمية المفعول بالمصدر، وهو كثير والكتاب في اصطلاحهم كالجنس الجامع لأنواع تلك الأنواع وهي الأبواب، وكتاب الطهارة يشمل أبوابًا: باب المياه وباب الآنية وباب الوضوء وغيرها، وجمع الكتاب كتب بضم التاء ويجوز إسكانها. كثر: قال أهل اللغة: الكثرة بفتح الكاف نقيض القلة، وفيها لغة رديئة بكسر الكاف وقد كثر الشيء بضم الثاء، فهو كثير وقوم كثير وكثيرون وكاثرته فكثرته أي: زدت عليه في الكثرة، واستكثرت من الشيء أي: أكثرت منه، والمكاثرة والتكاثر بمعنى، وعدد كاثر أي: كثير، وفلان يستكثر بمال غيره، والكثر بضم الكاف وكسرها وإسكان الثاء الكثير، يقال الحمد لله تعالى على القل والكثر، والقل والكثر والكثار بضم الكاف الكثير، والكوثر: النهر الذي في الجزء: 4 ¦ الصفحة: 111 الآخرة أكرم الله سبحانه وتعالى نبينا محمدا - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - به، ترد عليه أمته - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من شرب منه لا يظمأ أبدًا أشد بياضًا من الثلج وأحلى من العسل، نسأل الله الكريم أن يسقينا منه وسائر أحبائنا والمسلمين أجمعين، والكثر بفتح الكاف والثاء كذا قاله الجماهير من أهل الحديث واللغة والغريب، وخالفهم ابن دريد في الجمهرة، فقال: هو بإسكان الثاء، قال: وفتحها قوم وهو جمَّار النخل، كذا قاله الجمهور. وقال الجوهري: ويقال طلعه، ويقال قد أكثر النخل أي: أطلع، وفي الحديث: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “ما من صاحب إبل لا يغفل فيها حقها، إلا جاءت يوم القيامة أكثر ما كانت” ذكره في أول باب العارية من المهذب، هكذا ضبطناه في صحيح مسلم. وفي المهذب أكثر ما كانت بالثاء المثلثة، وقد تصحف بالباء الموحدة فلهذا ضبطته، قيل: معناه أكثر عدد ملكه في عمره، وجاء في روايات في الصحيح “أوفر ما كانت”. والله تعالى أعلم. كثف: قوله في ستر العورة: “تكثف جلبابها” هو بضم التاء وفتح الكاف، وبعد الكاف ثاء مثلثة مكسورة مشددة ثم فاء، ومعناه يتخذه كثيفا أي: غليظا ثخينا، وهذه العبارة ذكرها الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه، لكن اختلف في ضبطها، فحكى الشيخ أبو حامد في تعليقه والمحاملي في التجريد فيه ثلاثة أوجه، أحدها: تكثف بالثاء المثلثة وبعدها فاء كما ذكره صاحب المهذب فيه وفي التنبيه. والثاني: تكتف بالتاء المثناة من فوق بعد الكاف، قال: وأراد أنها تعقد إزارها حتى لا ينحل عند الركوع والسجود فتبدو عورتها، والثالث: تكفت بفاء بعد الكاف وبعد الفاء تاء مثناة. قال: ومعناه أنها تجمع إزارها عليها؛ لأن الكفت هو الجمع. وحكى هذه الأوجه الثلاثة في ضبط لفظ الشافعي أيضًا صاحب البيان. قال صاحب المحكم: الكثيف والكثاف الكثير وهو أيضًا الغليظ، والمتراكم الملتف من كل شيء كثف كثافة وتكاثف وكثفه كثره وغلظه. كدر: الكدرة المذكورة في باب الحيض هي ما كدر، وليس على شيء من ألوان الدماء القوية والضعيفة، وقد تقدم بيانها في فصل الصاد والفاء عند الصفرة. كدم: قال الجوهري: الكدم العض بأدنى الفم، وقد كدمه يكدمه ويكدمه. كذب: قال الإمام الواحدي: حقيقة الجزء: 4 ¦ الصفحة: 112 الكذب الإخبار عن الشيء بخلاف ما هو به، وقد يستعار لفظ الكذب فيما ليس بكذب في الحقيقة. وقال ابن السكيت: يقال: كذب يكذب كذبا فهو كاذب وكذوب وكيذبان. قلت: مذهبنا ومذهب الجمهور أن الكذب الإخبار عن الشيء بخلاف ما هو به سواء أخبر عمدًا أو سهوًا، واشترطت المعتزلة العمدية. وفي الأحاديث الصحيحة “من كذب علي متعمدًا” وهذا يدل على أن الكذب يكون في الأحاديث عمدًا وغيره. وأعلم أن الكذب يطلق على الخبر المخالف لما أخبر عنه ماضيًا كان أو مستقبلا، وأنكر بعضهم استعماله في المستقبل وهذا خطأ. ففي صحيح مسلم عن جابر: أن عبدًا لحاطب جاء يشكو حاطبًا فقال: يا رسول الله ليدخلن حاطب النار، فقال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “كذبت لا يدخلها فإنه شهد بدرا والحديبية” وفي صحيح البخاري في آخر تفسير سورة النور عن عائشة رضي الله تعالى عنها في حديث الإفك، فقام سعد فقال: يا رسول الله إئذن لي في أن أضرب أعناقهم، وقام رجل من الخزرج فقال: كذبت وذكر الحديث، ومنه قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ} (الحشر: من الآية11) إلى قوله تعالى: {وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} (المنافقون: من الآية1) . كرب: في الحديث: “من كشف عن مسلم كربة من كرب الدنيا” ذكره في باب القرض من المهذب: الكربة بضم الكاف وسكون الراء، وجمعها كرب بضم الكاف وفتح الراء. قال الجوهري: الكربة بالضم الغم الذي يأخذ بالنفس، وكذلك الكرب على وزن الضرب تقول منه كربه الغم إذا اشتد عليه. وقوله في الباب الثاني من المساقاة في الروضة: تقلب الأرض بالمساحي وكرابها، بكسر الكاف وتخفيف الراء. قال أهل اللغة: كربت الأرض إذا قلبتها بالحرث. كرز: قوله في المهذب في باب السلم: وفي السلم في الأواني المختلفة الأعلى والأسفل كالإبريق والمنارة، والكراز وجهان: الكراز بضم الكاف وبعدها راء مهملة مخففة ثم ألف ثم زاي معجمة، وهي القارورة. قال صاحب المحكم: الكراز القارورة. وقال ابن دريد: لا أدري أعربي أم أنهم قد تكلموا بها، والجمع كرزان. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 113 كرس: الكرسي معروف، هو بضم الكاف وكسرها لغتان الضم أفصح وأشهر. قال الجوهري: هو مضموم وربما كسروه، وجمعه كراسي، وكراسي بتشديد الياء وتخفيفها لغتان ذكرهما ابن السكيت في كل ما كان من هذا القبيل، مفرده مشددا كالسراري والبخاتي والعواري، وقد تقدم ذلك في أبوابها. قال الجوهري: والكراسة واحدة الكراس والكراريس. وقال أبو جعفر النحاس في صناعة الكتاب: معنى الكراسة الكتب المضموم بعضها إلى بعض، والورق الملصق بعضه ببعض، من قولهم: رسم مكرس إذا ألصقت الريح التراب به. قال: وقال الخليل: هي مأخوذة من أكراس الغنم، وهي أن تبول شيئًا بعد شيء فيتلبد. وقال الماوردي في تفسيره: أصل الكرسي العلم، ومنه قيل للصحيفة يكون فيها علم كراسة. كرع: قال الإمام أبو منصور الأزهري رحمه الله تعالى: قال الليث: الكراع من الإنسان ما دون الركبة، ومن الدواب ما دون كعوبها، ويقال: هذه كراع، وهو الوظيف، قال: وكراع كل شيء طرفه، وكراع الأرض ناحيتها. قال الليث: والكراع اسم يجمع الخيل والسلاح، إذا ذكر مع السلاح والكراع الخيل نفسها. كرم: الكريم من أسماء الله تعالى، ذكره إمام الحرمين في الإرشاد، وفي معناه ثلاثة أقوال: فقال معناه المفضل. وقيل: العفو. وقيل: العلي، وكل نفيس كريم. وفي الحديث: “لا يجلس على تكرمته إلا بإذنه” التكرمة بفتح التاء وكسر الراء بلا خلاف، وهي ما يختص به الإنسان من فراش أو وسادة ونحوهما، هذا هو المشهور. قال القاضي أبو الطيب: وقيل هي المائدة. كسب: قال أهل اللغة: الكسب الجمع، يقال كسب الشيء واكتسبه، وفلان طيب الكسب وطيب المكسبة مثل المغفرة، وطيب الكسبة بكسر الكاف، وكسب الرجل ما لا يتعدى إلى مفعولين، ويقال في لغة قليلة: أكتسبه مالا وتكسب فلان أي: تكلف الكسب والكواسب الجوارح، والكسب بضم الكاف وإسكان السين، هو عصارة الدهن، وقد ذكروه في باب الربا. كشش: قوله في أول باب بيع الأصول والثمار من المهذب: لأن المقصود من الفحال هو الكش الذي تلقح به الاناث. الكش: بضم الكاف وتشديد الشين المعجمة كذا ضبطه بعض الأئمة الجزء: 4 ¦ الصفحة: 114 الفضلاء المصنفين في ألفاظ المهذب وابن باطيش وغيرهما، وذكره غيره بفتح الكاف، وليس بعربي. كعب: قول الله تبارك وتعالى: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} (المائدة: من الآية6) قال الإمام أبو منصور الأزهري في تهذيب اللغة: قرأ ابن كثير وأبو عمرو وأبو بكر عن وحمزة {وَأَرْجُلَكُمْ} خفضًا، والأعشى عن أبي بكر بالنصب مثل حفص. وقرأ يعقوب والكسائى ونافع بن عامر {وَأَرْجُلَكُمْ} نصبًا، وهي قراءة ابن عباس يرده إلى قوله تعالى: {فَاغْسِلُوا} . وكان الشافعي يقرأ: {وَأَرْجُلَكُمْ} يعني بفتح اللام. قال الأزهري: واختلف الناس في الكعبينن وسأل ابن جابر أحمد بن يحيى عن الكعبين، فأومأ ثعلب إلى رجله إلى المفصل منها بسبابته، فوضع السبابة عليه ثم قال: هذا قول المفضل وابن الأعرابي، وأومأ إلى المنجمين وقال: هذا قول أبي عمرو بن العلاء والأصمعي وكل قد أصاب. وقال الليث: كعب الإنسان ما أشرف فوق رسغه. وقال أبو عبيد عن الأصمعي: الكعبان العظمان الناتئان من جانبي القدمين، وأنكر قول الناس: أنه في ظهر القدم وهو قول الشافعي، هذا ما ذكره الأزهري في التهذيب، وقال في كتابه شرح ألفاظ مختصر المزني: هما العظمان النائتان في منتهى الساق مع القدم، وهما ناتئان عن يمنة القدم ويسرتها، قال: وهذا قول الأصمعي والشافعي. وقال الإمام الواحدي في كتابه الوسيط في التفسير: بعض ما ذكره الأزهري، واختلاف الرواية عن الأصمعي كما تقدم، ثم قال: ولا يعرج على قول من يقول: إن الكعب في ظهر القدم، فإنه خارج عن اللغة والاخبار وإجماع الناس. قال صاحب مطالع الأنوار: في كل رجل كعبان، وهما عظما طرفي الساق عند ملتقى القدم، هذا قول الأصمعي وأبي زيد. قلت: مذهبنا ومذهب جمهور العلماء: أن المراد بالكعبين في الآية العظمان الناتئان عند مفصل الساق والقدم، وحكى أصحابنا عن محمد بن الحسن: أن الكعب موضع الشراك على ظهر القدم استشهادا بأن ذلك لغة أهل اليمن. قال صاحب الحاوي: وحكي عن أبي عبد الله الزبيري من أصحابنا: أن الكعبين في لغة العرب ما قاله محمد، وإنما عدل عنه الشافعي بالشرع، وأنكر سائر أصحابنا ذلك، وقالوا: بل الكعب ما وصفه الشافعي لغة وشرعا، أما اللغة: فمن وجهين نقلا واشتقاقا، فأما النقل: فهو محكي عن قريش ونزار كلها مضر وربيعة لا يختلف لسان جميعهم: أن الكعب اسم الناتىء بين الساق والقدم، وهم أولى بأن يكون لسانهم معتبرًا في الأحكام من أهل اليمن؛ لأن القرآن بلسانهم نزل. وأما الاشتقاق: فهو أن الكعب لغة في لغة العرب كلها: اسم لما استدار وعلا، ولذلك قالوا: كعب ثدي الجارية إذا علا واستدار، وسميت الكعبة كعبة لاستدارتها وعلوها، وليس يتصل بالقدم فيستحق هذا الاسم، إلا ما وصفه الشافعي لعلوه واستدارته، فهذا ما تقتضيه اللغة نقلا واشتقاقًا. وأما الشرع: فمن وجهين نص واستدلال، أما النص: فحديث أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: “إزرة المسلم إلى نصف الساق، ولا حرج فيما بينه وبين الكعبين، وما كان أسفل من ذلك فهو في النار” وقال - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لجابر بن سليم: “ارفع إزارك إلى نصف الساق فإن أبيت فإلى الكعبين” فدل نص هذين الحديثين على أن الكعبين من أسفل الساق لا ما قالوه، وأما الاستدلال فبقوله تعالى: {وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} (المائدة: من الآية6) فلما ذكر الأرجل بلفظ الجمع، وذكر الكعبين بلفظ التثنية، ولم يذكره بلفظ الجمع، كما ذكر في أن تكون التثنية راجعة إلى كل رجل، فيكون في كل رجل كعبان، ولا يكون إلا فيما وصفه الشافعي من المستدير بين الساق والقدم، وعلى ما قالوه يكون في كل رجل كعب واحد، هذا ما ذكره صاحب الحاوي فيه. والكعبة المعظمة البيت الحرام. قال الإمام الأزهري: البيت الحرام هو الكعبة بفتح الكاف، سمي كعبة لارتفاعه وتربعه، وكل بيت مرتفع عند العرب فهو كعبة. قال الأزهري: قال أبو عبيد: الكاعب الجارية التي كعب ثديها، وكعب بالتشديد والتخفيف والجمع الكواعب. قال الأزهري: قال أبو سعيد: أعلى الله تعالى كعبه أي: أعلى جده. كفر: قال الإمام أبو منصور الأزهري في شرح ألفاظ المختصر: أصل الكفر التغطية والستر، يقال لليل كافر لأنه يستر الأشياء بظلمته، ويقال للذي لبس درعا وفوقها ثوب كافر لأنه سترها، وفلان كفر النعمة إذا سترها ولم يشكرها، قال: وقال بعض العلماء: الكفر أربعة أنواع: كفر إنكار، وكفر جحود، وكفر عناد، وكفر نفاق، وهذه الأربعة من لقي الله تعالى بواحد منها لم يغفر له. كفف: قد كثر في الوسيط وغيره من كتب الفقه استعمال لفظ كافة بالألف الجزء: 4 ¦ الصفحة: 115 واللام، فيقولون: هذا مذهب الكافة وهو قول الكافة، ويقولون: إنما هذا مذهب كافة العلماء فيضيفون كافة، ومرادهم بذلك الجميع، وأكثر من استعملها الخطيب ابن نباتة رحمه الله تعالى، وهذا غلط عند أهل النحو واللغة، فلا يجوز استعمال كافة مضافة ولا بالألف واللام، ولا تستعمل إلا حالا، فيقال: هذا مذهب العلماء كافة، وقول الناس كافة، فتنصب كافة على الحال، كما قال الله تعالى: {ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً} (البقرة: من الآية208) وقال تعالى: {وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً} (التوبة: من الآية36) . قال الإمام الواحدي في تفسير هذه الآية: قال الفراء: كافة معناه جميعًا، وكافة لا تكون مذكرة ولا مجموعة، ولا يقال كافين ولا كافات لأنها وإن كانت على لفظ فاعلة، فإنها في مثل العاقبة والعافية، ولذلك لم تدخل فيها العرب الألف واللام لأنها في معنى قولك قاموا معًا وقاموا جميعًا، هذا كلام الفراء. وقال الزجاج: كافة منصوب على الحال، وهو مصدر على فاعله كالعاقبة والعافية، ولا يجوز أن يثنى ولا يجمع، كما إذا قلت قاتلوهم عامة لم يثن ولم يجمع، وكذلك خاصة هذا مذهب النحويين، انتهى كلام الواحدي. وقال الواحدي أيضًا في قوله تعالى: {ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً} (البقرة: من الآية208) معناه في جميع شرائعه، قال: ومعنى كافة في اللغة: الحجر والمنع، يقال كففت فلانا عن السوء فكف يكف كفًا سواء لفظ اللازم والمتعدي، ومنه كفة القميص لأنها تمنع الثوب من الانتشار، وقيل: لطرف اليد كف لأنه يكف بها عن سائر البدن، ورجل مكفوف كف بصره من أن ينظر، فكافة معناها مانعة ثم صارت اسما للجملة الجامعة لأنها تمنع من الشذوذ والتفرق، انتهى كلامه. وفي الحديث: “عالة يتكففون الناس” معناه: يمدون أيديهم إلى الناس يسألونهم، وكفة الميزان معروفة وهي بكسر الكاف، وكف الإنسان معروفة وهي مؤنثة. قال الإمام أبو حاتم السجستاني: في المذكر والمؤنث الكف مؤنثة. وقال بعضهم: يذكر ويؤنث معروف. كلف: قال الواحدي في تفسير آخر سورة ص: التكلف إدخال الكلفة على نفسك، وهي المشقة من غير داع إليها، قال: وصفة المتكلف صفة نقص تجري مجرى الذم لأنه لا يحس بالعافية أن يتكلف مالم يجب عليه ولم يؤمر به. كلكن: وقوله في باب الاحداد من المهذب: ويحرم عليها أن تخمر وجهها الجزء: 4 ¦ الصفحة: 117 بالدمام وهو الكلكون، فالكلكون بكاف مفتوحة ثم لام مشددة مفتوحة أيضًا ثم كاف ثانية مضمومة ثم واو ساكنة ثم نون كذا ضبطناه، وكذا ضبطه بعض الأئمة الفضلاء المصنفين في ألفاظ المهذب وفوائده قال: وأصله كلكون بضم الكاف وسكون اللام. قال: والكل الورد والكون اللون أي: لون الورد، وهي لفظة أعجمية معربة. كلم: قال الإمام أبو منصور الأزهري: الكلام معروف، والكلمة لغة تميمية، والكلمة لغة حجازية، والجمع في لغة تميم الكلم. قال الأزهري: الكلمة تقع على الحرف الواحد من حروف الهجاء، وتقع على لفظة مؤلفة من جماعة حروف ذوات معنى، وتقع على قصيدة بكمالها وخطبة بأسرها، يقال: قال الشاعر في كلمته أي: في قصيدته. قال: والقرآن كلام الله تعالى، وكلم الله تعالى، وكلمته، وكلماته، وكلام الله تعالى لا يحد ولا يعد، وهو غير مخلوق، تبارك الله وتعالى عما يقول المفترون علوًا كبيرًا، ويقال رجل تكلامة حسن الكلام. قال ابن السكيت: يقال كانا متهاجرين فأصبحا يتكالمان ولا تقل يتكلمان. وقال الليث: كليمك الذي تكلمه ويكلمك، هذا ما ذكره الأزهري رحمه الله تعالى. وقال صاحب المحكم: الكلام القول، وقيل: الكلام ما كان مكتفيًا بنفسه، وهو الجملة، والقول ما لم يكن مكتفيا بنفسه وهو الجزء من الجملة. قال سيبويه: أعلم أن قلت إنما وقعت في الكلام على أن يحكى بها، وإنما يحكى بها ما كان كلامًا لا قولا. قال: ومن أدل الدليل على الفرق بين الكلام والقول إجماع الناس على أن يقولوا القرآن كلام الله تعالى، ولم يقولوا القرآن قول الله تعالى. قال أبو الحسن: ثم إنهم قد يتوسعون فيضعون كل واحد منهما موضع الاخر، ومما يدل على أن الكلام هو الجمل المتركبة في الحقيقة قول كثير: خروا لعزة ركعا وسجودا لو يسمعون كما سمعت كلامها فمعلوم أن الكلمة الواحدة لا تشجي ولا تحزن ولا تتملك قلب السامع، وإنما ذلك فيما طال من الكلام ومل. قال سيبويه: هذا باب أقل ما يكون عليه الكلم، فذكر هنالك حرف العطف وفاءه ولام الابتداء وهمزة الاستفهام، وغير ذلك مما هو على حرف واحد، ويسمى كل واحدة من ذلك كلمة، قال: والكلمة اللفظة الجزء: 4 ¦ الصفحة: 118 حجازية، وجمعها كلم تذكر وتؤنث، يقال: هو الكلما، وهي الكلمة تميمية، وجمعها كلم، ولم يقولوا كلما على اطراد فعل في جمع فعلة. وأما ابن جني فقال: بنو تميم يقولون كلمة، وكلم ككسرة وكسر، وتكلم الرجل تكلما وتكلاما وكلمه كلاما وكالمه ناطقه، ورجل تكلام وتكلامة وتكلامة وكلماني جيد الكلام فصيح. وقال ثعلب: رجل كلماني كثير الكلام فعبر عنه بالكثرة. قال: والأنثى كلمانية، والكلم الجرح، والجمع كلوم وكلام، وكلمه يكلمه كلما، وكلمه كلما جرحه، ورجل مكلوم وكليم والجمع كلمى. وقال الجوهري: الكلام اسم جنس يقع على القليل والكثير، والكلم لا يكون أقل من ثلاث كلمات؛ لأنه جمع كلمة مثل نبق ونبقة، ولهذا قال سيبويه: هذا باب علم ما الكلم من العربية، ولم يقل ما الكلام لأنه أراد نفس ثلاثة أشياء: الاسم والفعل والحرف، فجاء بما لا يكون إلا جمعا وترك ما يمكن أن يقع على الواحد والجماعة، قال: وتميم تقول هي كلمة بكسر الكاف. وحكى الفراء فيها ثلاث لغات كلمة وكلمة وكلمة مثل كبد وكبد وكبد، وورق وورق وورق، يقال: كلمته تكليما وكلاما مثل كذبته تكذيبا وكذابا، وتكلمت كلمة وتكلمته وكالمته جاوبته، والكلماني المنطيق. وفي الحديث: “الصلاة لا يحل فيها شيء من كلام الناس” معناه: الكلام الذي جرت به عادتهم في مخاطبتهم ونحوه، وأما كلامهم بالتسبيح والدعاء والثناء على الله سبحانه وتعالى فمطلوب فيها. وفي الحديث: “واستحللتم فروجهن بكلمة الله تعالى” مذكور في كتاب النكاح من المهذب. قال الهروي رحمه الله تعالى في هذا الحديث: يعني بكلمة الله، والله تعالى أعلم. قوله تعالى: {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} (البقرة: من الآية229) وقال الإمام أبو سليمان الخطابي: قيل فيه وجوه أحسنها: المراد به قوله تعالى {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} وقال غيرهما: هي قوله سبحانه وتعالى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} (النساء: من الآية3) هذا هو الصحيح. وقيل: المراد كلمة التوحيد إذ لا تحل مسلمة لكافر. قولهم: علم الكلام والمتكلمون: المراد بالكلام أصول الدين، وبالمتكلمين أصحاب هذا العلم. قال السمعاني في الأنساب في ترجمة المتكلم: إنما قيل لهذا النوع من العلم الكلام لأن أول خلاف وقع في كلام الله تعالى أمخلوق هو أم لا فتكلم الناس فيه، فسمي هذا العلم علم الكلام، وإن كان جميع العلوم الجزء: 4 ¦ الصفحة: 119 نشرها بالكلام. كمل: قال الأزهري: قال الليث: كمل الشيء يكمل كمالا وكمل يكمل فهو كامل في اللغتين، وأكملت وأتممته، والكمال: التمام الذي تجزأ منه أجزاؤه، يقال لك نصفه وبعضه وكماله، ويقال كملت له عدد حقه تكميلا وتكملة فهو مكمل، ويقال هذا المكمل عشرين. وقال الجوهري: الكمال التمام، وفيه ثلاث لغات: كَمل وكُمل وكِمل والكسر أردؤها، وتكامل وأكملته أنا، ورجل كامل، وقوم كملة مثل حافد وحفدة، وأعطه هذا المال كملا أي كله. وقال صاحب المحكم: كمل الشيء يكمل وكمل، وكمل كمالا وكمولا، وشيء كميل كامل جاؤوا به على كمل، وتكمل لكمل، وأكمله هو استكمله، وكمله استتمه وجمله. كمه: الأكمه المذكور في باب السلم من المهذب: المراد به من خلق أعمى، وهذا هو المشهور في معناه، وقد ذكر البخاري في صحيحه في باب قول الله تعالى: {إِذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ} (آل عمران:45) قال: قال مجاهد: الأكمه يبصر بالنهار ولا يبصر بالليل. كندج: قوله في باب بيع الغرر من المهذب: وفي بيع النحل في الكندوج وجهان: الكندوج بضم الكاف ثم نون ساكنة، ثم دال مهملة مضمومة، ثم واو ساكنة، ثم جيم وهي لفظة أعجمية، والمراد به وعاء النحل، وهو هذه القوصرة المعروفة له، وتسميها العرب الخلية، وكذا يسميها أهل هذه البلاد فالخلية عربية. كنس: يقال: كنست البيت أكنسه بضم السين، نص عليه الجوهري كنسا فأنا كانس، وكناس للتكثير، والكناسة القمامة، وهي المكنوسة كالنخالة والقراضة وأشباهها، والمكنسة بكسر الميم ما يكنس به، والكنيسة المتعبد للكفار. قال الجوهري: هي للنصارى. كنف: قول عمر بن الخطاب في عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنهما: “كنيف ملىء علما” ذكره في باب العفو عن القصاص من المهذب، هو بضم الكاف وفتح النون وإسكان الياء تصغير كنف بكسر الكاف، وهو الوعاء الذي يجعل فيه الخياط أداته كأنه أشار إلى قصر ابن مسعود، وكان رضي الله تعالى عنه قصيرا جدا يكاد الجالس يواريه، وهو تصغير تحبب وتعظيم، لا تصغير تحقير. كهر: في حديث معاوية بن الحكم رضي الله تعالى عنه: “ما كهرني ولا شتمني” ذكره في باب ما يفسد الصلاة من المهذب، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 120 وحديثه هذا الذي ذكره في المهذب حديث صحيح رواه مسلم. وقوله: “كهرني” بتخفيف الهاء وفتحها وبالراء المهملة. قال الهروي: قال أبو عبيد: الكهر الانتهار. وفي قراءة عبد الله رضي الله تعالى عنه: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ} (الضحى:9) والكهر فى غير هذا ارتفاع النهار. كهف: قوله: “يستسحب أن يقرأ سورة الكهف” الكهف: هو الغار في الجبل. قال الثعلبي: الكهف هو الغار في الجبل. قال الماوردي: هو غار الجبل الذي أوى إليه القوم رضي الله تعالى عنهم. كهن: في الحديث: “أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نهى عن حلوان الكاهن” وهو حديث صحيح متفق على صحته أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما، معناه الشيء الذي يعطاه الكاهن على كهانته، والكاهن: هو الذي يقضي على الغائب بالنجم بالتخمين، قاله الواحدي في الوسيط. قال الإمام أبو منصور الأزهري رحمه الله تعالى في تهذيب اللغة: قال الليث: كهن الرجل يكهن كهانة، وقلما كان يقول ألا تكهن الرجل، وتقول كان فلان كاهنا ولقد كهن. قال الأزهري: وكانت الكهانة في العرب قبل مبعث النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فلما بعث نبينا - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وحرست السماء بالشهب ومنعت الجن والشياطين من وإلقائه إلى الكهنة، بطل علم الكهانة، وأرهق الله تعالى أباطيل الكهان بالقرآن الذي به فرق الله عز وجل بين الحق والباطل، وأطلع الله تعالى نبينا محمدًا - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالوحي على ما يشاء من علم الغيوب، التي عجزت الكهنة عن الإحاطة به، فلا كهانة اليوم بحمد الله تعالى ومنَّه وإغنائه بالتنزيل عنها. وقال الإمام أبو سليمان الخطابي في معنى هذا الحديث: “حلوان الكاهن” هو ما يأخذه المتكهن على كهانته، وهو محرم وفعله باطل، وحلوان العراف حرام، كذلك قال: والفرق بين الكاهن والعراف: أن الكاهن إنما يتعاطى الخبر عن الكوائن في مستقبل الزمان ويدعي معرفة الأسرار، والعراف هو الذي يتعاطى معرفة الشيء المسروق ومكان الضالة ونحوهما من الأمور، هكذا ذكره في كتاب البيوع من معالم السنن. وذكر في آخر الكتاب في قول النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “من أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد برىء مما أنزل الله على محمد - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ” قال: الكاهن هو الذي يدعي مطالعة علم الغيب ويخبر الناس عن الكوائن، وكان في العرب كهنة يدعون أنهم يعرفون كثيرا من الأمور، فمنهم من الجزء: 4 ¦ الصفحة: 121 كان يزعم أن له رئيا من الجن وتابعا يلقي إليه الأخبار، ومنهم من كان يدعي أنه يستدرك الأمور بفهم أعطيه، وكان منهم من يسمى عرافا، وهو الذي يزعم أنه يعرف الأمور بمقدمات وأسباب يستدل بها على مواقعها كشيء سرق فيعرف المطبون به السرقة، ومتهم المرأة بالريبة فيعرف من صاحبها، ونحو ذلك من الأمور، ومنهم من كان يسمي المنجم كاهنا، فالحديث يشمل النهي عن إتيان هؤلاء كلهم والرجوع إلى قولهم وتصديقهم على ما يدعون من هذه الأمور، ومنهم من كان يدعو الطبيب كاهنا، وربما دعوه أيضا عرافا فهذا غير داخل في جملة النهي، وإنما هو مغالطة في الأسماء، وقد أثبت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الطب وأباح العلاج والتداوي، هذا ما ذكره الخطابي رحمه الله تعالى. وقال أبو محمد البغوي صاحب التهذيب في كتابه شرح السنة في أول كتاب البيوع في باب بيع الكلب: اتفق أهل العلم على تحريم مهر البغي وحلوان الكاهن، قال: وحلوان الكاهن ما يأخذه المتكهن على كهانته، وفعل الكهانة باطل، لا يجوز أخذ الأجرة عليه. وقال الماوردي صاحب الحاوي في آخر كتابه الأحكام السلطانية: ويمنع المحتسب من التكسب بالكهانة واللهو، ويؤدب عليه الآخذ والمعطي. كيس: قال صاحب المحكم: الكيس الخفة والنوقد كاس كيسا، فهو كيس وكيس والجمع أكياس. قال سيبويه: كسروا كيسا على أفعال تشبيها بفاعل، ويدلك على أنه فيعل أنهم قد سلموه، فلو كان فعلا لم يسلموه، والأنثى كيسة، وكيسة والكوسى والكيسى جماعة الكيسة. عن كراع قال: وعندي أنها تأنيث الأكيس، وقال مرة: لا يوجد على مثالها إلا ضيقي وضوقى في جمع ضيقة وطوبى جمع طيبة، ولم يقولوا طيبى قال: وعندي أن ذلك تأنيث الأفعل، والكوسى الكيس عن السيرافي، ورجل مكيس كيس، وأكاست المرأة، وأكيست ولدت ولدا كيسا، وكذلك الرجل وامرأة مكياس تلد الأكياس، وتكيس الرجل أظهر الكيس، والكيس اسم رجل، والكيس الجماع، والكيس من الأوعية، وعاء معروف يكون للدراهم والدنانير والدر والياقوت، والجمع كيسة، هذا آخر كلام صاحب المحكم. وقال الأزهري: يقال كاس الرجل يكيس كيسا. قال ابن الأعرابي: الكيس العقل والكيس الجماع، ويقال: كايست فلانا فكسته أكيسه كيسا أي: غلبته بالكيس، هذا قول أهل اللغة، وقول الأصحاب في كتب المذهب: هذا من كيس الربيع هذا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 122 من كيس فلان هو بكسر الكاف، ومرادهم أن هذا من عنده وتخرج لنفسه وتصرفه، وليس هو منصوصا للشافعي. كيف: لفظة كيف استفهام عن الحال، ويقال فيها أيضا كي بحذف الفاء، نقله الشيخ أبو عبد الله بن مالك في العمدة رحمه الله تعالى. كذا: قال الشافعي ثم الأصحاب رحمهم الله تعالى: إذا قال له علي كذا وكذا درهما لزمه درهمانز وقال جماعة من العلماء: يلزمه أحد وعشرون درهما، قالوا: لأنه أول عدد يدخله الواو، قالوا: ولو قال كذا درهما لزمه أحد عشر درهما لأنه أول ما ينصب فيه الدرهم. وقال الإمام أبو سليمان الخطابي رحمه الله تعالى في كتاب شرح الزيادات في شرح ألفاظ مختصر المزني: هذا الذي قاله هؤلاء قد يجوز أن يحمل الكلام عليه إذا أراده المقر ونواه، وأما إذا أهمل الكلام إهمالا، فلا يجوز أن يحكم بذلك عليه، والذمم على البراءة فلا تشغل إلا بما لا يشك في صحته، فقوله له على كذا وكذا بمنزلة قوله له على شيء وشيء، وهو محتمل لأصناف الأشياء، فلما قال: درهما كان مخبرا بالجنس الذي أراد ونصب الدرهم على التمييز كقول الله تعالى: {وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ} (الكهف: من الآية25) وكقول الشاعر: من الدهر أعواما وذا الدهر عاشر فمر بهذا الربع هيهات تسعة قوله في الوسيط والوجيز في كتاب قسم الفيء سهم لذوي القربى، وهم المدلون بقرابة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كبني هاشم وبني المطلب هذه الكاف خطأ، والصواب حذفها، لأنهما لا ثالث لهما، وإدخال الكاف يقتضي مشاركة غيرهم، والله تعالى أعلم. فصل في أسماء المواضع كداء: بفتح الكاف والمد هي الثنية التي بأعلى مكة وهو معروف، وأما كدًا بضم الكاف والقصر والتنوين فمن أسفل مكة، هذا هو الصواب المشهور الذي قاله جماهير العلماء من المحدثين وأهل الأخبار واللغة والفقه، وما سوى هذا فليس بشيء، وأما قول الإمام أبي القاسم الرافعي: أن الذي يشعر به كلام الأكثرين أن السفلى أيضا بالمد، ويدل عليه أنهم كتبوها بالألف ومنهم من كتبها بالياء، فليس قوله هذا بشيء، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 123 ولا يلزم من كتابتها بالألف مدها، فإن الثلاثي إذا كان من ذوات الواو تعين كتبه بالألف، سواء مد أو قصر كعصا، وإن كان من ذوات الياء وليس منونا كتب بالياء ويجوز بالألف أيضا، وإن كان منونا فمنهم من يقول لا يكتب إلا بالألف، ومنهم من جوزه بالياء، وهذا والله تعالى أعلم من كدوت، وأما قول القاضي حسين في تعليقه في أول باب دخول مكة من الثنية العليا: وهي كدا بضم الكاف، ويخرج من السفلى وهي كداء بفتح الكاف، فغلط وتصحيف ظاهر، وهو كلام معكوس إما من المصنف وإما من غيره. كراع الغميم: ذكرته في باب الغين واضحا مبسوطا. الكعبة: البيت الحرام زادها الله تشريفا وتكريما وتعظيما ومهابة، هو اسم للبيت العتيق خاصة سميت بذلك لاستدارتها وعلوها، وقيل: لتربيعها. وقد تقدم إيضاح هذا في فصل الكاف مع العين والباء من اللغات. وقد بنيت الكعبة الكريمة خمس مرات: إحداها: بناء الملائكة قبل آدم، والثانية: بناء إبراهيم عليه السلام، والثالثة: بناء قريش في الجاهلية، وقد حضر رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هذا البناء كما ثبت في الحديث الصحيح، والرابعة: بناء ابن الزبير رضي الله تعالى عنهما، والخامسة: بناء الحجاج بن يوسف الثقفي، وهذا هو البناء الموجود اليوم، وهكذا كانت الكعبة في زمن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قال المارودي في الأحكام السلطانية: وكانت الكعبة بعد إبراهيم عليه السلام مع جرهم، والعمالقة إلى أن انقرضوان وخلفهم فيها قريش بعد استيلائهم على الحرم لكثرتهم بعد القلة وعزتهم بعد الذلة، فكان أول من جدد بناء الكعبة من قريش بعد إبراهيم عليه السلام قصي بن كلاب، وسقفها بخشب الدوم وجريد النخل، ثم بنتها قريش بعده ورسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ابن خمس وعشرين سنة، وشهد بناءها، وكان بابها بالأرض. فقال أبو حذيفة بن المغيرة: يا قوم ارفعوا باب الكعبة حتى لا يدخل إلا بسلم فإنه لا يدخلها حينئذ إلا من أردتم، فإن جاء أحد ممن تكرهون رميتم به فسقط، وصار نكالا لمن يراه، ففعلت قريش ذلك، وكان سبب بنائها: أن الكعبة استهدمت، وكانت فوق القامة فأرادوا تعليتها. وقد ذكرت جملا مما يتعلق بالكعبة ومبدأ أمرها وأحكامها الآن في كتاب المناسك، وضمنته من النفائس الغريبة مما يستطرف، وذكرت في هذا الكتاب عند ذكر مكة وبكة والبيت والحرام جملا كثيرة تتعلق بها، وهي معروفة في مواضعها. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 124 يوم الكلاب: مذكور في باب الأنية وباب ما يكره لبسه في المهذب، هو بضم الكاف وتخفيف اللام، اسم ماء كانت به وقعة. قيل: إنه بين الكوفة والبصرة. الكوفة: البلدة المعروفة ودار الفضل وأهله مصرها عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، واختلف في سبب تسميتها بذلك فقيل: لاستدارتها. تقول العرب: رأيت كوفانا وكوفا للرملة المستديرة. وقيل: سميت كوفة لاجتماع الناس، من قول العرب تكوف الرمل إذا ركب بعضه بعضا. وقيل: لأن طينها خالطه حصى، وكلما كان كذلك فهو كافة. قال الحازمي وغيره: ويقال أيضًا للكوفة كوفان بضم الكاف وإسكان الواو وآخره نون. وذكر ابن قتيبة في غريبه عند ذكر صفة النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه يقال لها كوفان بضم الكاف وفتحها، رويناهما في تاريخ دمشق في هذا الموضع، والله تعالى أعلم وله الحمد والفضل والمنة. حرف اللام اللام: اللام على ثمانية أضرب لام الملك كقولك: المال لزيد، ولام الاختصاص كقولك: هذا أخ لزيد، ولام الاستعانة كقولك: يا للرجال، ولام التعجب كقولك: يا للعجب أي يا عجب احضر فهذا وقتك، ولام العلة كقولك: صحبتك لتكرمني، ولام العاقبة كقول الله عز وجل: {فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً} (القصص: من الآية8) أي: عاقبة ذلك، ولام الجحود كقول الله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ} (لأنفال: من الآية33) ولام التاريخ كقولك: كتبته لثلاث خلون أي: بعد ثلاث. لألأ: اللؤلؤ معروف، وسيأتي إن شاء الله تعالى في فصل (مرج) الفرق بين اللؤلؤ والمرجان، وفيه أربع لغات: وهي أربع قراءات قرىء بهن في القراءات السبع إحداهن: بهمزتين، والثانية: لولو بغير همز فيهما، والثالثة: بهمز الأول دون الثاني، والرابعة: عكسه. قال الفراء رحمه الله تعالى: سمعت العرب تقول لصاحب اللؤلؤ: لاء مثل لعال، والقياس لأء مثال لعاع. لبأ: قال الأصحاب: يجب على الأم أن تسقي الولد اللباء لأنه لا يعيش بدونه. قال الرافعي: مرادهم الغالب أولانه لا يقوى ولا تشتد بنيته إلا به وإلا فيشاهد من يعيش بلا لباء، والله تعالى أعلم. لبث: قال الأزهري: قال الليث: الجزء: 4 ¦ الصفحة: 125 اللبث المكث، والفعل لبث. قال الأزهري: يقال لبث يلبث لبثا ولبثا ولباثا كل ذلك جائز، وتلبث تلبثا فهو متلبث. قال صاحب المحكم: لبث بالمكان لبثا ولبثانا ولباثا ولبثته وتلبث أقام. لثغ: الألثغ المذكور في باب صفة الأئمة، وهو بالثاء المثلثة، وهو من يبدل حرفا بحرف فيجعل السين تاء والراء غينا ونحو ذلك، كذا نقله صاحب البيان عن أصحابنا. لحم: قوله: “وإن اشتد الخوف والتحم القتال” قال الأزهري في شرح المختصر: التحام القتال قطع بعضهم لحوم بعض، والملحمة المقتلة وجمعها ملاحم. وفي الحديث: “الولاء لحمة كلحمة النسب” قال جمهور أهل اللغة: لحمة النسب ولحمة الثوب بضم اللام فيهما. وحكى الأزهري وغيره عن ابن الأعرابي أنهما بفتح اللام. قال الأزهري: معنى الحديث قرابته كقرابة النسب، ولحمة الثوب ما في عرضه وسداه ما في طوله. لطف: قال إمام الحرمين في الإرشاد: اللطف عند أهل الحق خلق قدرة الطاعة وخالفت فيه المعتزلة. قال ابن فارس في المجمل: اللطف من الله عز وجل لعباده الرأفة والرفق. قال أهل اللغة: اللطف واللطف الرفق والبر. لعق: الملعقة بكسر الميم. قال الأزهري: الملعقة ما يلعق به، ويقال لعقت الشيء ألعقه لعقا. واللعوق: اسم كل طعام يلعق من دواء أو عسل، واللعقة: بالضم الشيء القليل منه ولعقت لعقة واحدة بالفتح، واللعاق بالفتح ما بقي في فيك من طعام لعقته. قال الفراء: يقال للرجل إذا مات لعق أصبعه. قال ابن دريد: اللعوقة سرعة الإنسان فيما أخذ فيه من عمل في خفة ونزق، ورجل لعوق مسلوب العقل، هذا آخر كلام الأزهري. وقال صاحب المحكم: مثل هذا كله، وزاد: وألعقته الشيء ولعقته إياه ولعقت الماشية الأرض لم تدع من نباتها شيئا. لعن: اللعن في اللغة: هو الطرد والإبعاد، يقال لعنه الله تعالى يلعنه لعنا فهو ملعون ولعين، ويقال رجل لعنة بفتح العين أي: كثير اللعن، ولعنة بإسكانها أي يلعنه الناس، واللعان والملاعنة والتلاعن بمعنى واحد، وهو ملاعنة الرجل امرأته وهو معروف، ويقال منه تلاعنا والتعنا ولاعن القاضي بينهما، وسمي لعانا لما فيه من قول الرجل وعلي لعنة الله إن كنت من الكاذبين، وإنما اختير لفظ اللعن على لفظ الغضب، وإن كانا موجودين في اللعان لكون اللعنة متقدمة في الآية الكريمة، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 126 وفي الواقع من صورة اللعان. وقيل: يجوز أن يكون سمي لعانا لما فيه من الطرد والإبعاد لكل واحد منهما عن صاحبه، ووقوع الحرمة المؤبدة بخلاف المطلق والمظاهر والمولى، والله تعالى أعلم. وقوله في المهذب في باب صلاة الاستسقاء: وقال مجاهد في قوله تعالى: {وَيَلْعَنُهُمُ اللاعِنُونَ} (البقرة: من الآية159) قال: دواب الأرض تلعنهم، هذا الذي قاله أحد الأقوال في الآية، وقال ابن عباس: اللاعنون كل شيء إلا الجن والإنس. قال أهل العربية: وإنما قال الله تعالى {اللاعِنُونَ} بالواو والنون، ولم يقل اللاعنات لأنه وصفها بصفة من يعقل فجمعها جمع من يعقل، كما قال الله تعالى: {أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ} (يوسف: من الآية4) و {يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ} (النمل: من الآية18) {وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا} (فصلت: من الآية21) {وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} (يّس: من الآية40) وقال قتادة: هم الملائكة. وقال عطاء: الجن والإنس. وقوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “من أخفر مسلما فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين” ذكره في فصل الأمان من كتاب السير من المهذب. وقوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “اتقوا الملاعن الثلاث البراز في الموارد والظل وقارعة الطريق” سميت ملاعن لأن الناس يلعنون فاعل ذلك، فهي مواضع لعن والله تعالى أعلم. واللعان: مصدر لاعن يلاعن، وجعل اللعان المعروف حجة للمضطر إلى قذف من لطخ فراشه وألحق العار به وسمي لعانا لاشتماله على كلمة اللعن. قال إمام الحرمين: وخصت بهذه التسمية لأن اللعن كلمة غريبة في مقام الحجج من الشهادات والإيمان، والشيء يشتهر بما يقع فيه من الغريب، وعلى ذلك جرى معظم تسميات سور القرآن، ولم يسم بما يسبق من لفظ الغضب لأن الغضب يقع في جانب المرأة، وجانب الرجل أقوى لأن لعانه يسبق لعانها، وقد ينفك عن لعانها ولا ينعكس. قال الرافعي: قالت طائفة من أصحابنا: كل ملعون مغضوب عليه ولا ينعكس، وقد ورد باللعان الكتاب والسنة وأجمعت عليه الأمة، وفيمن نزلت آية اللعان بسببه خلاف أوضحته في شرح الوسيط. وروينا في صحيح مسلم عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: “لا ينبغي لصديق أن يكون لعانًا” وما يجوز من اللعن وما يحرم ولعن أصحاب الصفات فقد أوضحته في أواخر كتاب الأذكار في الألفاظ التي ينهى عنها فينقل إلى هنا ملخصا. واختلف العلماء في اللعان ما هو فمذهبنا المشهور الذي نص عليه الشافعي رضي الله تعالى عنه وجمهور الأصحاب: أن اللعان يمين. وقال أبو حنيفة: شهادة. وقال القاضي حسين في تعليقه: الجزء: 4 ¦ الصفحة: 127 اختلفوا في اللعان، والأصح أنه يمين. وقيل: يمين أكدت بالشهادة. وقيل: يمين مشوبة بشهادة. وقيل: شهادة أكدت باليمين. وقال إمام الحرمين: ما يحرمه العلماء في حقيقة اللعان أن أصحاب أبي حنيفة يقولون هو شهادة، وأصحابنا يقولون يمين، والمنصف من أصحابنا يقول فيه شوب اليمين والشهادة، فأصدق شاهد على كونه يمينا أنه يصدر عمن هو في مقام الخصومة وهو يحاول تصديق نفسه ولا يجيء هذا في الشهادة، وفيه من أحكام الشهادة شيء واحد وهو أنه لو نكل عن اللعان ثم أراده كان له اللعان كما لو لم يقم المدعي البينة، ثم أراد إقامتها وليس هو كاليمين في هذا، فإن من نكل عن اليمين ثم أرادها، لم يكن له والله أعلم، وفي اللعان لطيفة وهي أنها يمين مكررة أربع مرات، ولا يعرف يمين مكرر إلا اللعان والقسامة. لفو: قال أهل اللغة: يتغلظ تداركته وألفيته وجدته. لقح: قول الغزالي رحمه الله تعالى في الوسيط: الملقاح هو ما في بطن الأم، وفي بعض النسخ: الملاقيح ما في بطن الأم. قال الشيخ تقي الدين بن الصلاح رحمه الله تعالى: والأول لا يكاد يصح من حيث اللغة، وإن كان قد قال في البسيط الملاقيح جمع ملقاح، إذ واحد الملاقيح عند صاحب صحاح اللغة ملقوحة. قلت كذلك قال أبو عبيدة معمر ابن المثنى: فيما رأيته في غريب الحديث له، وكذلك. قال القاسم ابن سلام أبو عبيد والأزهري وغيرهم: الملاقيح الأجنة الواحدة ملقوحة. قال الجوهري: هو من قولهم لقحت كالمحموم من حم والمجنون من جن. قال: والملاقيح ما في بطون النوق من الأجنة، وكذا قال أبو عبيدة معمر: الملاقيح ما في بطون الحوامل من الإبل خاصة. وقال الأزهري في الشرح واحدة: الملاقيح ملقوحة لأن أمها لقحتها أي: حملتها، واللاقح الحامل. قال: والملاقيح الأجنة التي في بطون الأمهات، وكذا قال ابن فارس في المجمل: الملاقيح التي تكون في البطون، ولم يخص الأزهري وابن فارس الإبل، وخصها أبو عبيدة والجوهري، واللقحة بكسر اللام وفتحها والكسر أفصح، ولم يذكر الجوهري وغيره إلا الكسر، وممن ذكر الفتح ابن الأثير، وهي الناقة القريبة العهد بالولادة نحو شهرين أو ثلاثة ثم هي اللبون، وجمع اللقحة لقح كقربة وقرب ويقال لها لقوح، وجمعها لقاح. لقط: اللقطة: هو الشيء الملتقط وهي بفتح القاف هذه اللغة الفصيحة المشهورة، وفيها لغة أخرى بإسكانها. قال الإمام أبو الجزء: 4 ¦ الصفحة: 128 منصور الأزهري في كتاب شرح ألفاظ مختصر المزني: روى الليث بن المظفر عن الخليل أنه قال اللقطة بفتح القاف، هو الذي يلتقط الشيء، واللقطة بإسكانها هو الشيء الملتقط. قال الأزهري: هذا الذي قاله قياس لأن فعلة جاء في أكثر كلامهم فاعلا وفعلة، جاء أن كلام العرب جاء في اللقطة على خلاف القياس، أجمع أهل اللغة ورواة الاخبار على أن اللقطة يعني بالفتح هو الشيء الملتقط، وكذلك قال الفراء وابن الأعرابي والأصمعي، هذا آخر كلام الأزهري، والله تعالى أعلم. وأما اللقيط: فهو الصبي المنبوذ الملقوط. قال الرافعي: يقال للصبي المقلى الضائع لقيط وملقوط ومنبوذ. قال شيخنا أبو عبد الله بن مالك في اللقطة أربع لغات: لقطة ولقطة ولقاطة بضم اللام ولقطة بفتح اللام والقاف. لقع: قال صاحب المحكم: لقعه بعينه يلقعه لقعا أصابه وبالبعرة رماه، ولا يكون اللقع البعر مما يرمى به، واللقع العيب، والفعل كالفعل، والمصدر كالمصدر، ورجل تلقاع وتلقاعة عيبة، وتلقاعة أيضا كثير الكلام لا نظير له إلا تكلامة، وامرأة تلقاعة كذلك، ورجل لقاعة كتلقاعة. وقيل: هو الذي يصيب مواقع الكلام وفيه لقاعات. واللقاعة أيضًا الداهية المتفصح. وقيل: هو الظريف اللبق، واللقعة الذي يتلقع بالكلام ولا شيء عنده واللقاع، واللقاع: الذباب الأخضر الذي يلسع الناس واحدته لقاعة ولقاعة هذا آخر كلام صاحب المحكم. وقال الأزهري: امرأة ملقعة فحاشة ومر فلان يلقع أسرع والتقع لونه واستقع والتمع وانتطع ونطع واستنطع كله بمعنى واحد أي: تغير. لكع: قوله في أول كتاب النكاح من الوسيط: روى أن عمر رضي الله تعالى عنه قال لجارية متقنعة: “أتتشبهين بالحرائر يالكعاء” فلكعاء بفتح اللام وإسكان الكاف وبالمد. قال الأزهري: عبد لكع أوكع وأمة لكعاء ووكعاء وهي الحمقاء. قال البكري: هذا شتم للعبد والأمة. قال أبو عبيد: اللكع عند العرب العبد أو الأمة. وقال غيره: اللكع الأحمق وامرأة لكاع ولكيعة. لكم: قال الأزهري: قال الليث: اللكم اللكز في الصدر يقال لكمه يلكمه لكما. وقال صاحب المحكم: اللكم الضرب باليد مجموعة. وقيل: هو اللكز والدفع لكمه يلكمه لكما. لمس: قول الله تبارك وتعالى: الجزء: 4 ¦ الصفحة: 129 {أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ} (النساء: من الآية43) وقرىء لامستم وهما قراءتان في السبع وهو محمول عند الشافعي، وغيره على التقاء البشرتين، وتفصيل ذلك وتقريره معروف في كتب الفقه، ويقال: منه لمس يلمس ويلمس بضم الميم في المضارع وكسرها لغتان مشهورتان، وبيع الملامسة مأخوذ من اللمس، وهو مفسر في هذه الكتب وفي الحديث: أن رجلا قال للنبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إن امرأتي لا ترد يد لامس، قال: “طلقها” قال: إنني أحبها قال: “أمسكها” ذكره في كتاب الطلاق من المهذب هو حديث صحيح مشهور، رواه أبو داود والنسائي وغيرهما من رواية عكرمة عن ابن عباس ولفظه في سنن أبي داود أنه قال: امرأتي لا تمنع يد لامس قال النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “غربها” قال: أخاف أن تتبعها نفسي قال “فأستمتع بها” وإسناده إسناد صحيح واحتج به إمامنا الشافعي، ثم قال الأصحاب وغيرهم من العلماء: على أن التعريض بالقذف لا يكون قذفا، واحتجوا به على أن المرأة إذا لم تكن عفيفة استحب للزوج طلاقها، واحتج به بعضهم على صحة نكاح الزانية وعلى أن الزوجة إذا زنت لا ينفسخ نكاحها، وهذا كله مصير منهم إلى أن المراد بقوله “لا ترد يد لامس” معناه: لا تمنع من يريدها للزنا، وكذا فسره الإمام أبو سليمان الخطابي إمام هذا الفن فقال في معالم السنن قوله: “لا تمنع يد لامس” معناه الزانية وإنها مطاوعة من أرادها لا ترد يده. قال: وقوله: “غربها” أي: أبعدها بالطلاق وأصل الغرب البعد، قال: وفيه دليل على جواز نكاح الفاجرة. قال: وقوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “فاستمتع بها” أي لا تمسكها إلا بقدر ما تقضي متعة النفس منها ومن وطرها، والاستمتاع بالشيء الانتفاع به إلى مدة، ومنه نكاح المتعة، ومنه قوله تعالى: {إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ} (غافر: من الآية39) هذا آخر كلام الخطابي. قلت: فكأنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أشار عليه أولا بفراقها نصحية له، وشفقة عليه في تنزهه من معاشرة من هذا حالها، فأعلم الرجل شدة محبته لها وخوفه فتنة بسبب فراقها، فرأى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - المصلحة له في هذا الحال إمساكها خوفا من مفسدة عظيمة تترتب على فراقها، ودفع أعظم الضررين بأخفهما متعين ولعله يرجى لها الصلاح بعد، والله تعالى أعلم. وهذا الحديث مما قد يعرض فيه إشكال فبسطنا الكلام فيه بعض البسط لهذا المعنى، وإلا فهذا الكتاب مبني على الاختصار الجزء: 4 ¦ الصفحة: 130 فاندفع بحمد الله تعالى الإشكال وزال بلفظه الاعضال، وقد ذكر في معنى الحديث قول آخر: وهو أنه أراد لا ترد من يلتمس منها مالا يقول هي سخية تعطي تضيع ما كان عندها، وفي كتاب النسائي قال: يقول هي سخية تعطي، ورد أصحابنا هذا التأويل وقالوا: لو أراد هذا لقال يد ملتمس، وجواب آخر: وهو لو أراد هذا لقال أحرز مالك عنها، وذكر فيه معنى آخر قاله بعض المتأخرين قال: معناه أمسكها عن الزنا إما بمراقبتها وإما بكثرة جماعها. لمم: في حديث الظهار: أن أوس بن الصامت كان به لمم وكان إذا اشتد لممه ظاهر من امرأته، قال الشيخ إبراهيم المروزي: المراد باللمم الإلمام بالنساء وشدة التوق إليهن. لهث: قال أهل اللغة: يقال لهث الكلب بفتح الهاء وكسرها لغتان يلهث بفتحها فيهما لهثا بإسكانها، والاسم اللهث بفتحها، واللهاث بضم اللام، ورجل لهثان وامرأة لهثى كعطشان وعطشى، وهو الكلب الذي أخرج لسانه من شدة العطش والحر. لو: قال الإمام أبو منصور الأزهري في أول كتاب تهذيب اللغة في مخارج الحروف: قال الخليل بن أحمد رحمه الله تعالى: إذا صيرت الحرف الثاني مثل قد وهل ولو اسما أدخلت عليه التشديد، فقلت: هذه لو مكتوبة وهذه قد حسنة الكتبة وأنشد: أن ليتا وأن لو عناء ليت شعري وأين متى ليت فشدد لو حين جعلها اسما لون: قول الله عز وجل: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ} (الحشر: من الآية5) جاء ذكر هذه الآية الكريمة في كتاب السير من المهذب، قال جماعات من أهل العربية: أصل اللينة لونة بالواو، وهي من اللون فقلبت الواو ياء لسكونها وانكسار ما قبلها كما في ميزان وميقات وميعاد وبابه، وقال آخرون: بل الياء أصل وهي من اللين، وممن حكى هذا الخلاف الهروي، واختلف أهل اللغة والتفسير في المراد: باللينة فالأظهر أنها النخل مطلقا، وقيل: النخل كله إلا العجوة. وقيل: هي الغسيل. وقيل: هي النخل الكرام الجيدة. وقيل: إنها العجوة خاصة، ذكر هذه الأقوال الماوردي وغيره. وقيل: إنها جميع النخل إلا العجوة والبرني، حكاه الهروي عن أبي عبيدة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 131 فصل في أسماء المواضع لوب: قوله: "ما بين لابتيها أهل بيت" وفي المهذب: "ما بين لابتي المدينة" بفتح الباء وهما تثنية لابة بلا همز واللابة الحرة، وهي أرض ملسة حجارة سوداء، والمدينة زادها الله تعالى شرفا بين لابتين في جانبي الشرق والغرب. قال الجوهري: ويقال فيها لابة ولوبة، وجمعها لاب ولوب ولابات. قال: وقال أبو عبيدة: يقال لوبة ونوبة. ومنه قيل للأسود لوبي ونوبي. حرف الميم ما: قال الإمام السيد الشريف النسب العلامة ذو الشرفين أبو السعادات هبة الله بن عبد الله بن علي بن محمد بن حمزة العلوي الحسني المعروف بابن الشجري رضي الله تعالى عنه: وكان مولده سنة خمس وخمسين وأربعمائة، وتوفي في شهر رمضان سنة اثنين وأربعين وخمسمائة، قال في كتاب الأمالي: ما يتصرف من المعاني كتصرف ما، وهي تنقسم إلى ضربين: إسم وحرف، فالإسمية: تنقسم إلى ستة أضرب وكذا الحرفية، فالضرب الثاني كونها استفهامية كقولك ما معك، فما في موضع رفع بالابتداء، فإن قلت ما أخرت كانت في موضع نصب لأن الفعل مشغول عنها، فإن أدخلت عليها حرف خفض لزمك في الأغلب حذف ألفها من اللفظ، والخط تقول: عم سألت وفيم جئت فرقوا بهذا بينها وبين الخبرية التي بمعنى الذي كما جاء في التنزيل: {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ} (النبأ:1) {وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ} (الأنعام: من الآية132) وقال في الاستفهامية: {فَبِمَ تُبَشِّرُونَ} (الحجر: من الآية54) وقال في الخبرية: {بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ} (البقرة: من الآية4) ومن العرب من يقول لم فعلت بإسكان الميم، قال ابن مقبل: فما روعن منك ولا سبينا أاحظل لم ذكرت نساء قيس وقال الآخر: لهموم طارقات وذكر يا أبا الأسود لم خليتني قال: ومن العرب من يثبت الألف، فيقول: لما تفعل كذا وفيما جئت وعلى ما تشتمني، قال حسان: كخنزير تمرغ في دمان الجزء: 4 ¦ الصفحة: 132 على ما قام يشتمني لئيم الدمان السرجين. وقال آخر: أهل اللواء ففيما يكثر القتل إنا قتلنا بقتلانا سراتكم قال: وإنما يستفهمون بما ذوي العقول من الحيوان وغيره، وقد يستفهمون بها عن صفات ذوي العقل نحو: أن تقول من عندك، فيقول: زيد، فلا تعرفه باسمه، فتقول: وما زيد، فيقول: شاب عطار أو شيخ بزاز كما جاء في التنزيل. {قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ} (الشعراء:23) وقال بعض النحويين: إنها قد تجيء بمعنى من واستشهد بقوله تعالى: {فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ} (التين:7) قال: والمعنى فمن يكذبك لأن التكذيب لا يكون إلا من الآدميين، واستشهد أيضا بما حكاه أبو زيد عن العرب في ما الخبرية: سبحان ما سخركن لنا، هذا ما ذكره ابن الشجري. مترس: قوله في فصل الأمان من باب السير من المهذب: إذا قال للحربي مترس فهو أمان هو بميم ثم تاء مثناة من فوق مفتوحتين ثم راء ثم سين مهملتين ساكنتين، ومعناه: لا تخف وهي لفظة فارسية، وقد حققت ما ذكرته فيها. وذكر صاحب مطالع الأنوار: أن فيها خلافا منهم من ضبطها كما ذكرناه، ومنهم من ضبطها بإسكان التاء وفتح الراء، ومنهم من يقول مطرس يبدل التاء طاء. مثل: ذكر في المهذب في باب المصراة حديث ابن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما: أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: “من ابتاع محفلة فهو بالخيار ثلاثة أيام فإن ردها رد معها مثل - أو مثلي - لبنها قمحا” هكذا وقع في المهذب مثل أو مثلي بالتثنية في قوله أو مثلي، وهكذا رواه أبو داود في سننه ورواه ابن ماجه من الطريق التي رواها أبو داود ولفظه: “فإن ردها رد معها مثل لبنها” أو قال: “مثل لبنها قمحا” فلفظة مثل مفردة في الموضعين، وهكذا ذكره البيهقي في معرفة السنن والآثار، ولفظه “رد معها مثل” أو قال “مثل لبنها قمحا” وإنما ذكرت هذه الروايات ليتضح أو يتبين أن لفظة أو في قوله أو مثل للشك لا للتقسيم، واختلاف الحال كما قاله بعضهم، وقد تقدم في حرف الحاء عند ذكر المحفلة بيان: أن هذا قوي. قال أهل اللغة: يقال مثل بالقتيل والحيوان تمثل مثلا بالتخفيف في الجمع كقتل يقتل قتلا إذا قطع أطرافه أو كلاهما أو أذنه أو مذاكيره ونحو ذلك، والاسم المثلة، قالوا: وأما مثل بالتشديد فهو للمبالغة. مثن: قوله في المهذب في باب الصيام: لأن مما يصل إلى المثانة لا يصل إلى الجزء: 4 ¦ الصفحة: 133 الجوف هي المثانة بفتح الميم وبعدها ثاء مثلثة مخففة ثم ألف ثم نون مخففة ثم هاء. قال صاحب المحكم: المثانة مستقر البول من الرجل والمرأة، ومثن مثنا فهو مثن وأمثن، والأنثى مثناء اشتكى مثانته، ومثن مثنا فهو ممثون ومثين كذلك رجع المثانة، وهو أيضا أن لا يستمسك البول فيها. مجد: قوله في الدعاء في التشهد: “إنك حميد مجيد”. قال الواحدي: الحميد الذي تحمد فعاله، وهو بمعنى المحمود والله تعالى الحميد المحمود المستحمد إلى عباده، قال: والمجيد الماجد وهو ذو الشرف والكرم، يقال: مجد الرجل يمجد مجدا ومجادة ومجد يمجد لغتان، قال الحسن والكلبي: المجيد الكريم وهو قول أبي إسحاق. وقال ابن الأعرابي: المجيد الرفيع. قال أهل المعاني: المجيد الكامل الشرف، والرفعة، والكرم، والصفات المحمودة، وأصله من قولهم: مجدت الدابة إذا أكثرت علفها، رواه أبو عبيد عن أبي عبيدة. قوله في الاعتدال من الركوع: “أهل الثناء والمجد أهل منصوب على النداء” قيل: ويجوز رفعه أي: أنت أهل الثناء. قال ابن دريد في الجمهرة: المجد لله عز وجل الثناء الجميل يقال: سبح الله تعالى ومجده أي: ذكر آلاءه، ذكره في الوسيط في أسنان الزكاة المجيدية. قال الشيخ تقي الدين بن الصلاح رحمه الله تعالى: ثبت من وجوه أن المجيدية بضم الميم وفتح الجيم. مجر: في حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: “أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نهى عن المجر” وفسره في المهذب أنه اشتراء ما فى الأرحام، وهكذا فسره غيره، وهو بفتح الميم وإسكان الجيم، والمشهور في كتب اللغة أنه اشتراء ما في بطن الناقة خاصة. وقال الرافعي: فسره أبوعبيد بما في الرحم. قال: وقيل: هو الربا. وقيل: هو المحاقلة والمزاينة، وقد سبق ذكرهما. مجن: قال الجوهري: قولهم مجانا أي: بلا بدل. قال: وهو فعال لأنه مصروف، والمجن بكسر الميم الترس. مجنق: قال الجوهري: المنجنيق هو الذي ترمى به الحجارة معربة، وأصلها بالفارسية من جه نيك أي: ما أجودني وهي مؤنثة. وقال بعضهم: تقديرها مفعليل لقولهم كنا نجنق مرة ونرشق مرة، والجمع منجنيقات. وقال سيبويه: هو فنعليل الميم أصلية لقولهم في الجمع مجانيق وفي التصغير مجينيق هذا كلام الجوهري، ولم يذكر هو وكثيرون إلا فتح الميم، وذكر الجواليقي فتحها وكسرها. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 134 مدد: قوله في باب الأذان من المهذب والتنبيه: “يتشهد مرتين سرا ثم يرجع فيمد صوته” قال جماعة: قوله فيمد ليس بجيد، وصوابه فيرفع صوته، فإن المد لا يلزم أن يكون فيه رفع، والمراد الرفع، وهذا الذي أنكروه ليس بمنكر بل يصح استعمال مد صوته بمعنى رفعه، وقد سمع ذلك عن العرب، وقد روينا في مسند أبي عوانة الاسفرايني عن سعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنه، قال أصاب النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غنيمة فأخذت منها سيفا فأتيت به النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقلت: نفلنيه، فقال: “رده” فرجعت إليه مرة أخرى فقلت: أعطنيه فمد لي صوته، وقال: “رده من حيث أخذته” فقوله: فمد لي صوته معناه رفعه وزجرني عن ذلك. مدن: المدينة معروفة والجمع مدائن بالهمز ومدائن بلا همز لغتان الهمز أفصح وأكثر وبه جاء القرآن، قال الجوهري: يقال مدن بالمكان أي: أقام به، ومنه سميت المدينة وهي فعيلة، وتجمع على مدائين بالهمز وعلى مدن ومدن بإسكان الدال وضمها، قال: وفيه قول آخر: أنها مفعلة من دنت أي: ملكت، قال: وسألت أبا علي الفسوي عن همز مدائن، فقال: فيه قولان من جعله فعيلة من قولك مدن بالمكان همزة ومن جعله مفعلة من قولك دين أي: ملك لم يهمزه كما لا يهمز معايش. قال: وإذا نسبت إلى مدينة النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قلت: مدني، وإذا نسبت إلى مدينة المنصور قلت: مديني، وإذا نسبت إلى مدائن كسرى، قلت: مدائني للفرق بين النسب لئلا يختلط هذا كلام الجوهري. وقوله في الفرق بين الأنساب هذا هو الأغلب، وقد جاء بخلافه وذلك معروف عند أهل الحديث، وقال قطرب وابن فارس هي من دان أي: الطاعة. مذر: مذرت البيضة بفتح الميم وكسر الذال فسدت وأمذرتها الدجاجة، قاله الجوهري وصاحب المحكم وصاحب المجمل. وزاد صاحب المحكم: مذرت مذرا فهي مذرة. واتفق أهل اللغة أنها: بالذال المعجمة. وقوله في المهذب في باب بيع المصراة: إن كسر المبيع فوجده لا قيمة للباقي كالبيض المذر هو بفتح الميم كسر الذال وبالراء، والمراد به استحال دمًا أو نحوه بحيث لا ينتفع به، وكذا قوله في البسيط في الباب الثاني في المياه النجسة، وإن استحالت البيضة مذرة فيخرج على الوجهين، المراد استحالت دما وليس المراد مطلق الدم، فإن المذرة تطلق على التي اختلط صفارها الجزء: 4 ¦ الصفحة: 135 بياضها، وليست تلك مرادة في هذين الموضعين، والله تعالى أعلم. مذي: المذي: الذي يخرج من الإنسان يكون للرجال والنساء. قال إمام الحرمين: هو في النساء أكثر منه في الرجال، قال: وإذا هاجت المرأة خرج منها. قال أصحابنا: وهو ماء رقيق أبيض لزج يخرج عند شهوة كملاعبته زوجته وأمته ونظره ونحو ذلك، ويخرج بغير شهوة ولا دفق معه ولا يعقبه فتور وربما لم يحس بخروجه. ويقال رجل مذاء إذا أعتى وخروج المذي، ويقال المذي بإسكان الذال وتخفيف الياء، والمذي بكسر الذال وتشديد الياء، والمذي بالكسر والتخفيف ثلاث لغات الأوليان مشهورتان. قال الأزهري وغيره: الإسكان أكثر، وأما الثالثة فحكاها أبو عمر الزاهد في شرح الفصيح قال أبو عمر: قال ابن الأعرابي: ويقال في الفعل مذّي ومذي بتخفيف الذال وتشديدها، وبالألف ثلاث لغات: الأولى أفصح، وكذا يقال في لودى ودى وودى وأودى، وكذا في المني منى ومنى وأمنى قال: والأولى أفصح في كل ذلك. مرى: قال الجوهري: المروءة الإنسانية، قال: ولك أن تشدد. قال أبو زيد: مرؤ الرجل أي: صار ذا مروءة فهو مريء على فعيل وتمرأ تكلف المروءة. قال الرافعي: واختلفت العبارات في المروءة، فقيل: صاحب المروءة من يصون نفسه عن الأدناس ولا يشينها عند الناس. وقيل: الذي يسير بسيرة أمثاله في زمانه ومكانه. وذكر الإمام أبو عبد الله البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه في باب قول الله عز وجل: {وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُدَ ذَا الأَيْدِ} (صّ: من الآية17) قال: يقال للمرأة نعجة، ويقال لها شاة، وكذا قال الواحدي العرب تكنى عن المرة بالشاة والنعجة. مرج: المرجان المذكور في زكاة الذهب والفضة وفي كتاب السلم من المهذب هو الخرز الأحمر المعروف، والمشهور في كتب اللغة: أن المرجان هو صغار اللؤلؤ ولا يمكن حمل الذي في المهذب على صغار اللؤلؤ لأنه عطف المرجان على اللؤلؤ والعقيق، فدل على إرادته الخرز الأحمر. وقد اختلف العلماء في قول الله عز وجل: {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَان} (الرحمن: من الآية22) قال الواحدي: قال الفراء: اللؤلؤ العظام والمرجان الصغار وهو قول جميع أهل اللغة في المرجان أنه الصغار من اللؤلؤ. وقال أبو الهيثم: اختلفوا في المرجان، فقال بعضهم: هو صغار اللؤلؤ. وقال آخرون: هو البسذ وهو جوهر أحمر، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 136 يقال: إن الجن تطرحه في البحر وهذا قول ابن مسعود وعطاء الخراساني في المرجان في هذه الآية. وقال ابن عباس والحسن وابن زيد وقتادة: اللؤلؤ الكبير والمرجان الصغير. وقال مقاتل: ضد هذا، فقال: اللؤلؤ الصغار والمرجان العظام وهذا قول مجاهد والسدي ومرة، ورواه عكرمة عن ابن عباس هذا آخر كلام الواحدي. قلت: والميم في المرجان أصلية والنون زائدة، وهي فعلان هكذا ذكره أهل اللغة في فصل مرج. وقال الأزهري: لا أدري ثلاثي هو أم رباعي، وهذا عجب فكيف يكون رباعيا وليس في الكلام فعلال إلا في المضاعف كالزلزال والقلقال والسلسال والوسواس. وأما ما حكاه الفراء من قولهم ناقة فيها خزعال أي: عرج فهو شاذ، ومنهم من أنكره والاقسطال وهو الغبار. مرد: الغلام الأمرد الذي لم تنبت لحيته بعد. وأصل هذه المادة من الملاسة فسمي الأمرد لملاسة وجهه، ومثله صرح ممرد مملس، وشيطان مريد أي: متملس من الخير ومردوا على النفاق. قال الجوهري: غلام أمرد بين المرد، ولا تقل جارية مرداء. قال الأصمعي: يقال تمرد فلان زمانا ثم خرج وجهه وذلك أن يبقى أمرد حينا. مرط: قوله: ينشق مريطاؤك، هو بضم الميم وفتح الراء ثم ياء مثناة من تحت ساكنة ثم طاء مهملة وهي ممدودة ومقصورة لغتان وهي مؤنثة. قال الجوهري: المريطاء ما بين السرة والعانة. قال الأصمعي: وهي ممدودة، ومنه قول عمر فذكره، قال الهروي: هذه الكلمة جاءت مصغرة، وذكر أبو عمرو في شرح الفصيح فقال: ما دون السرة المثلة والمثلة، والمريط والمريطاء ممدودة والمريطي مقصورة، والمرفق والمرافق والثنة. وقال ابن فارس في المجمل: المريطاء ما بين الصدر إلى العانة. مرو: قولهم: ثوب مروي هو بفتح الميم وإسكان الراء وتشديد الياء منسوب إلى مرو مدينة معروفة بخراسان، وينسب إليها إيضا مروزي بزيادة زاي وهو من شواذ النسب. مري: في كتاب الإيمان من المهذب: إذا حلف لا يأكل أدما فأكل المري حنث هو بضم الميم وسكون الراء وتخفيف الياء، وهو أدم معروف وليس هو عربيا، وهو يشبه الذي تسميه الناس الكافح، والكافح ليس هو عربيا لكنه عجمي معرب، وذكر الجزء: 4 ¦ الصفحة: 137 الجواليقي في آخر كتابه في لحن العوام فيما جاء ساكنا فحركوه المري. وقال الجوهري في صحاحه: هو المري بكسر الراء وتشديدها وتشديد الياء، قال: كأنه منسوب إلى المرارة، قال: والعامة تخففه. مسح: قوله في الوسيط في مسائل بيع الغائب كالمسح من التوزي، هو بكسر الميم وإسكان السين المهملة وبالحاء المهملة، وهو ثوب من الشعر غليظ معروف، ويقال له البلاس بفتح الباء الموحدة. قال ابن الجواليقي: جمعه بلس وجمع المسح مسوح. مسك: المسك بكسر الميم هو الطيب المعروف. قال الجوهري: هو معرب، قال: وكانت العرب تسميه المشموم وهو مذكر. قال أبو حاتم في كتاب المؤنث والمذكر: فإن أنثه إنسان فعلى مذهب العسل والذهب؛ لأنك تقول مسكة ومسك كما تقول ذهبة حمراء وعسلة. وأنشد الجوهري في تأنيثه: جديد ومن أردانها المسك تنفح لقد عاجلتني بالسباب وثوبها وقال: أراد الرائحة، وأما المسك بفتح الميم فهو الجلد، ومنه قوله في المهذب في كتاب الصداق: القنطار ملء مسك ثور ذهبا، ومنه قول العرب: غلام في مسك شيخ، وجمعه مسوك كفلوس والسين في كل هذا ساكنة. وأما قول ابن باطيش في الجلد: أنه مسك بفتح الميم والسين جميعا فخطأ صريح، وغلط قبيح بأتفاق أهل اللغة. وأما قوله في زكاة الذهب والفضة من المهذب: روي “أن امرأة أتت النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وفي يدها مسكتان من ذهب” فهو بفتح الميم وفتح السين أيضا الواحدة مسكة بفتحهما أيضا، وهو سوار يتخذ من القرون غالبا، وهذا الحديث يدل على أنه يتخذ أيضا من الذهب، ويقال: أمسكت الشيء بيدي ومسكته بتخفيف السين وتشديدها ثلاث لغات: فما أمسكت ومسكت بالتشديد فمشهورتان، وأما مسكت مخففة فذكرها الهروي في الغريبين وغيره. قال الجوهري: ويقال أيضا تمسكت به واستمسكت به ومسكت به وامتسكت به كله بمعنى اعتصمت به وأمسكت عن الكلام سكت، وما تماسك أن فعل كذا أي: ما تمالك وما لبث، ويقال فيه مسكة من خير بضم الميم وإسكان السين أي: بقية. والإمساك: اسم للبخل. قال الجوهري: يقال فيه إمساك ومساك ومساكة يعني بفتح الميم فيهما أي: بخل، قال: فالمسك البخل يعني بضمتين. وفي الحديث: “إن أبا سفيان رجل مسيك” أي: شحيح بخيل، وهو عند أهل اللغة الجزء: 4 ¦ الصفحة: 138 بفتح الميم وتخفيف السين على وزن شحيح وبخيل، وأما المحدثون فيقولونه بكسر الميم وتشديد السين. قال صاحب المطالع: ضبطه أكثر المحدثين بكسر الميم، ورواية المتقنين بفتح الميم وتخفيف السين، وكذا هو لأبي بحر المستملي، قال: وبالوجهين قيدته على أبي الحسين وبالفتح ذكره أهل اللغة؛ لأن أمسك لا يبني منه فعيل إنما يبنى من الثلاثي، وقد يقال مسكة لغة قليلة، هذا كلام صاحب المطالع. قلت: ورواية المحدثين صحيحة على هذه اللغة أعني: مسكة بتخفيف السين، وقد قدمتها. مشط: المشط فيه لغات ضم الميم مع إسكان الشين ومع فتحها أيضا وكسر الميم مع إسكان الشين، ويقال ممشط بميمين الأولى مكسورة، ويقال له المشقىء بكسر الميم وإسكان الشين المعجمة وبالقاف مهموز وغير مهموز، والمشقاء بالمد، والمكد بكسر الميم وفتح الكاف، والقيلم بفتح القاف وإسكان المثناة من تحت وفتح اللام، والمرجل بكسر الميم، ذكرها كلها أبوعمر الزاهد في أول شرح الفصيح، وفي صحيح البخاري في أول كتاب مبعث النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عند حديث: أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: “لقد كان من قبلكم ليمشط بمشاط الحديد ما دون عظامه من لحم وعصب ما يصرفه ذلك عن دينه” هكذا هو في جميع النسخ بمشاط. قال صاحب مطالع الأنوار: هو بكسر الميم. قلت: فيكون أما جمع مشط بكسر الميم كذئب وذئاب وبئر وبئار، وإما جمع مشط بالفتح ككلب وكلاب. مطط: ذكر في المهذب في آخر صلاة الجمعة قال: قال الشافعي رضي الله تعالى عنه: يكون كلامه في الخطبة مترسلا مبينا معربا تغن ولا تمطيط. قال الأزهري في الشرح: المط الإفراط في مد الحرف، يقال مط كلامه إذا مده، فإذا أفرط فيه فقد مططه. مطي: قوله في المهذب في باب مقام المعتدة: لا تخرج بالليل لأن الليل مطية الفساد. ووقع في بعض النسخ مظنة بالظاء المعجمة والنون وفي أكثرها بالطاء المهملة والياء المثناة من تحت، وكذا ضبطه بالمهملة بعض الأئمة الفضلاء الناقلين عن خط المصنف، وقد تقدم أيضا في حرف الظاء المعجمة في فصل ظنن. قال أهل اللغة: المطية تذكر وتؤنث وجمعها مطايا ومطي، قيل: مأخوذة من المطا مقصور وهو الظهور وجمعه أمطاء كقفاء وأقفاء. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 139 وقال الأصمعي: سميت مطية لأنها تمط في سيرها أي: تمد مأخوذة من المطو وهو المد. قال أبو زيد: يقال منه امتطيتها أي: اتخذتها مطية. مع: قال صاحب المحكم: مع إسم معناه الصحبة، وكذلك مع بسكون العين غير أنه مع حركة العين يكون اسما وحرفا، ومع السكون حرف. وأنشد سيبويه: وإن كانت زيارتكم لماما وريشي منكم وهواي معكم وقال اللحياني: وحكى الكسائى عن ربيعة وغنم: أنهم يسكنون العين من معْ فيقولون معكم ومعنا، قال: فإذا جاءت الألف واللام، وألف الوصل اختلفوا فيها فبعضهم يفتح العين وبعضهم يكسرها فيقولون مع القوم أو مع ابنك، وبعضهم يقولون مع القوم أو مع ابنك، أما من فتح العين مع الألف واللام فبناه على قولك كنا معَا فلما جعلها حرفا وأخرجها من الاسم حذف الألف وترك العين على فتحها، فقال: معَ القوم ومعَ ابنك، قال: وهو كلام عامة العرب يعني بفتح العين مع الألف واللام ومع ألف الوصل، قال: وأما من سكن فقال معْكم ثم كسر عند ألف الوصل فإنه أخرجه مخرج الأدوات مثل هل وبل وقد وكم، فقال معْ القوم كقولك كم القوم وبل القوم وتقول جئت من معهم أي: من عندهم بفتح الميم والعين، هذا آخر كلام صاحب المحكم. وقال الأزهري: مع كلمة تضم الشيء إلى الشيء وأصلها معا، قال: قال الليث: وإذا أكثر الرجل من قول مع قيل هو يمعمع معمعة، ودرهم معمعي كتب عليه مع مع. وقال ابن الأعرابي: معمع الرجل إذا لم يحصل على مذهب يقول لكل أنا معك، ومنه قيل لمثله امع وامعة، والمعمعان شدة الحر والنوم، والمعمعاني شدة الحر، ويقال للحرب معمعة. وقال الجوهري: مع للمصاحبة، وقد تسكن وتنون تقول جاؤوا معا. معى: المعا: بكسر الميم مقصور جمعه أمعاء بالمد. قال الواحدي: مثل ضلع وأضلاع، قال: وتثنيته معيان يعني بفتح العين، قال: وهو جميع ما في البطن من الحوايا. وقال غيره: الأمعاء المصارين وهو قريب منه. مقل: في الحديث: “إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فامقلوه” هو بضم القاف، وقال: مقله يمقله مقلا أي: غمسه، وهذا الحديث في صحيح البخاري. والمقلة: شحمة العين التي تجمع السواد والبياض، ويقال مقلته أي: نظرت إليه بمقلتي، حكاه الجوهري عن أبي عمرو. وفي كتاب المساقاة من الجزء: 4 ¦ الصفحة: 140 الروضة في المساقاة على شجر: المقل وجهان: هو بضم الميم وإسكان القاف. قال الجوهري: المقل ثمر الدوم. مكس: قال أهل اللغة: المماكسة هي المكالمة في النقص من الثمن، ومنه مكس الظلمة وهو ما ينقصونه من أموال الناس ويأخذونه منهم. ملح: قال المزني في أول المختصر: قال الشافعي رضي الله تعالى عنه: كل ماء من بحر عذب أو مالح فالتطهير به جائز، هكذا قاله مالح، وأنكره المبرد وغيره ممن تتبع ألفاظ الشافعي رضي الله تعالى عنه، وقالوا: هذا لحن، وإنما يقال ملح كما قال الله تعالى. وأجاب أصحابنا باجوبة أصحها: أن في الماء أربع لغات: ماء ملح، ومالح، ومليح، وملاح. قال إمام أبو سليمان الخطابي في كتابه الزيادات في شرح ألفاظ مختصر المزني: الجواب عن اعتراض هذا المعترض: أن اللغة تعطي اللفظين معا. قال الشاعر: لأصبح طعم البحر من ريقها عذبا ولو تفلت في البحر والبحر مالح وقال آخر: وأنى منها بين غاد ورائح ومن بارد عذب زلال بمالح وللرزق أسباب تروح وتغتدي قنعت بثوب العدم حلة فلهذا قال الخطابي: فيه ثلاث لغات ماء ملح، ومالح، وملاح، كما قالوا أجاج وزعاق وزلال، قال: والكل جائز، قال: وإنما نزل من اللغة العالية إلى التي هي أدنى للإيضاح والبيان وحسما للإشكال، والالتباس لئلا يتوهم متوهم أنه أراد بالملح المذاب فيظن أن الطهارة به جائزة، هذا كلام الخطابي، وأنشد أصحابنا في مالح بيتا لمحمد بن حازم: ومازج عذبا من إخائك مالح تلونت ألوانا علي كثيرة وأنشدوا على مليح، قول خالد بن يزيد في رملة بنت الزبير: مليحا شربنا ماءه باردا عذبا ولو وردت ماء وكان قبيله فهذا الذي ذكرناه هو الجواب الصحيح، وذكروا جوابا ثانيا: أن الشافعي إمام في اللغة فقوله فيها حجة. وجوابا ثالثًا أن هذه اللفظة ليست من كلام الشافعي، وإنما هي من كلام المزني وغير عبارة الشافعي، وهذا الجواب ليس بشيء، وكيف ينسب الخطأ إلى المزني وعنه مندوحة. وقولهم لم يذكر الشافعي: هذا ليس بصحيح، وقد أنكره الإمام الحافظ الفقيه أبو بكر البيهقي الشافعي فقال في رسالته إلى الشيخ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 141 أبي محمد الجويني: أن أكثر أصحابنا ينسبون الغلط في هذا إلى المزني، ويزعمون أن هذه اللفظة لم توجد للشافعي. قال البيهقي: وقد سمى الشافعي البحر مالحا في كتابين أحدهما: في أمالي الحج في مسألة كون صيد البحر حلالا للمحرم، والثاني: في المناسك الكبير، وذكر البيهقي أيضا هذين النصين في كتابه كتاب رد الانتقاد على ألفاظ الشافعي. قال البيهقي: وذكر الإمام أبو منصور الأزهري محمد بن عبد الله الفقيه الأديب قال: أخبرني أبو عمر غلام ثعلب قال: سمعت ثعلبا يقول: كلام العرب ماء مالح وسمك مالح، وقد جاء عن العرب ماء ملح. قال أبومنصور: وإذا حكى ثعلب هذا عن العرب كان حجة. قال أبو منصور: وسألت أبا حامد الجارولجي صاحب التكملة عن قول الشافعي ماء مالح، فقال: صحيح جائز تقول ماء ملح ومالح وكلاهما لغة. قال البيهقي: وفيما حكى أبو منصور الخمشادي في كتابه عن أبي محمد بن درستويه صاحب المبرد، قال: ويقال ماء مالح ومليح. قال أبو مصنور: وسألت أبا العلاء الحسن بن كوشاد وهو أوحد أهل عصره أدبا وفصاحة عن هذا، فقال: يقال ماء ملح إذا كان أصله ملحا ومالح إذا مازجته ملوحة. قال البيهقي: وقد روينا في السنن الكبير عن أبي هريرة، قال: أتى نفر رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقالوا: إنا نصيد في البحر ومعنا الماء العذب فربما تخوفنا العطش فهل يصلح أن نتزود من البحر المالح، فقال: “نعم”. وروى البيهقي حديثا آخر مرسلا بإسناده: أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان إذا شرب الماء قال: “الحمد لله الذي جعله عذبا فراتا برحمته ولم يجعله مالح أجاجا بذنوبنا” والملاح: بفتح الميم وتشديد اللام. وفي الحديث: “ضحى بكبشين أملحين” قال أهل اللغة: الأملح الذي فيه بياض وسواد وبياضه أكثر. ملك: الملك بضم الميم مصدر الملك بكسر الميم، ومنه قولهم في التلبية: إن الحمد لك والملك، وقولهم: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وإما ملك من مال أو غيره فيقال فيه هو ملك فلان، وملك يمينه بكسر الميم وفتحها وضمها ثلاث لغات: الكسر أفصح وأشهر، والملاك: والملاك بكسر الميم وفتحها، والأملاك كله بمعنى التزويج والأملاك أفصح وأشهر. روينا في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 142 خلقت الملائكة من نور، وخلق الجان من مارج من نار، وخلق آدم مما وصف لكم”. ملل: قال أهل اللغة: يقال مللت الشيء بكسر اللام أمله بفتحها ومللت منه مللا وملالة وملة أي: سئمته واستمللته بمعنى مللته، ورجل ملول ومل وملولة وذو ملة، وامرأة ملولة، وأمله وأمل عليه أي: أماله، يقال أدل فأمل وأمل عليه بمعنى: أملى، والملة الدين، وفلان يتملل على فراشه ويتململ إذا لم يستقر من الوجع كأنه على ملة، وهي الرماد الحار. وقوله في خطبة الوسيط: الذي هو داعية الإملال أي: السآمة. ملأ: قال الجوهري: أمليت الكتاب أملي وأمللته أمله لغتان جيدتان جاء بهما القرآن، واستمللته الكتاب سألته أن يمليه عليَّ، وأقمت عنده ملوة من الدهر، وملاوة وملاوة وملوة وملاوة أي: حينا وبرهة، حكاهن الفراء. والملى: من الزمان الطويل، ومضى ملى من النهار أي: ساعة طويلة، والملوان: الليل والنهار، وأمليت له في غيه أي: أطلت، وأملى الله تعالى له أي: أمهله. قلت: والاملاء من كتب الشافعي رحمه الله تعالى يتكرر ذكره في هذه الكتب وغيرها من كتب أصحابنا، وهو من كتب الشافعي الجديدة بلا خلاف، وهذا أظهر من أن أذكره، ولكن استعمله في المهذب في مواضع استعمالا يوهم أنه من الكتب القديمة، فمن تلك المواضع في باب صلاة الجماعة في مسألة من أحرم منفرداً ثم دخل في الجماعة، وفي باب مواقيت الصلاة في فصل وقت العشاء فنبهت عليه، وقد أوضحت في شرح المهذب حاله، وأزلت ذلك الوهم بفضل الله تعالى. وقد ذكر الإمام الرافعي في مواضع كثيرة بيان كونه في الكتب الجديدة، وذكره في صلاة الجماعة والصلاة على الميت وغيرهما، وكأنه خاف ما خفته من تطرق الوهم، وأما الأمالي القديمة الذي ذكره في المهذب في آخر باب إزالة النجاسة فمن الكتب القديمة وهو غير الإملاء المذكور. من: تكرر في الأحاديث الصحيحة: “من غشنا فليس منا”، “من حمل علينا السلاح فليس منا”، ”من لم يتغن بالقرآن فليس منا” قال جمهور العلماء: المراد بهذا كله ليس على سنتنا أو على هدينا أو أدبنا أو مكارم أخلاقنا. وروينا في كتاب الترمذي رحمه الله تعالى في أبواب البر والصلة: في باب الجزء: 4 ¦ الصفحة: 143 عن سفيان الثوري رحمه الله تعالى: أنه كان ينكر هذا التفسير، ومراده والله تعالى أعلم: أن هذا التفسير يخفف النهي، ويجرء الجاهل على انتهاك الحرمات، والنبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عبر بهذه العبارات ليكون أبلغ في الزجر، فلا ينبغي أن يفسر ويشاع تفسيرها، هذا مراد سفيان الثوري رحمه الله تعالى. وقول الفقهاء: باع منه كذا، هكذا يستعملونه بمن، وقد عد هذه جماعة من لحن الفقهاء، وقالوا: صوابه باعه كذا يعدى بنفسه، وهذا الانكار غير صحيح، بل قد صح استعمالها عن العرب، ففي صحيح البخاري في حديث وصية الزبير عن عبد الله بن الزبير قال: “باع عبد الله بن جعفر نصيبه من معاوية بستمائة ألف” يعني: نصيبه الذي استوفاه من ابن الزبير. وفي حديث آخر: “فباع منه فرسا” وفي مسند أبي يعلى الموصلي عن عبد الرحمن بن وعلة النسائي وهو عربي، ومن الثقات، وقد روى له مسلم في صحيحه قال: سئل ابن عباس عن بيع الخمر من أهل الذمة، وذكر الحديث. في صحيح البخاري في كتاب النكاح في باب من قال لا نكاح إلا بولي: عن معقل بن يسار قال: زوجت أختا لي من رجل. قيل: اسم هذه جميل بضم الجيم، وذكرها في تفسيره، وعبد الغني في المؤتلف، وفي صحيح مسلم في باب الأمر بوضع الجوائح عن جابر بن عبد الله قال: قال: “أرايت لو بعت من أخيك تمرا ثم أصابته جائحة فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئا، ثم تأخذ مال أخيك بغير حق” فعلى هذا يجوز أن تكون اللفظة تعدى بنفسها وبمن، ويجوز أن تكون من زائدة على مذهب الأخفش في جواز زيادة من في الواجب. وفي البخاري في أول البيوع في باب ما قيل في الصواغ: عن علي قال: “واعدت رجلا أن يرتحل معي فيأتي بأذخر أردت أن أبيع من الصواغين وأستعين به” هكذا هو في جميع الأصول من الصواغين، وكذا هو في صحيح مسلم من الصواغين. وفي أول كتاب البيوع من البخاري في باب من اشترى شيئا فوهبه من بايعه: عن ابن عمر: أن عمر كان له جمل فقال له النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “بعنيه” فباعه من رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وفي أول الباب عن ابن عمر قال: “بعت من عثمان مالا بالوادي”. وفي صحيح مسلم في حديث جابر في بيعه الجمل، قال: قال النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “بعنيه” فبعته منه بخمس أوراق. منن: المنون: الموت. قال أبو حاتم السجستاني: سمعناها مؤنثة، قال: وقد ذكرها الجزء: 4 ¦ الصفحة: 144 قوم كثيرون، ويروى لأبي ذؤيب: أمن المنون وريبه تتوجع ويروى: وريبها وهو أكثر. قال: وقد جعلوا المنون جمعا. قال عدي بن زيد: من ذا عليه من أن يضام خفير من دانت المنون عن ابن أم قال الإمام أبو القاسم عبد الواحد بن علي بن عمر بن إسحاق الأسدي في كتاب شرح اللمع في باب المفعول له: أعلم: أن الباء تقوم مقام اللام، قال الله تعالى: {فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ} (النساء: من الآية160) وكذلك، قال الله تعالى: {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرائيلَ} (المائدة: من الآية32) . منى: المنى بفتح الميم مقصور على وزن العصا، هو رطل وتثنيته منوان، وجمعه أمناء، وقد يقال في لغة قليلة في الواحد من بتشديد النون، وكذا وقع في أكثر نسخ الوسيط في مسألة القلتين، وذكره في المهذب في بيع الغرر في مسائل بيع الصبرة والسمن في ظرفه يقال من على اللغة الفصيحة. مهر: قوله في كتاب زكاة الإبل المهرية: هي بفتح الميم وإسكان الهاء منسوبة إلى مهرة ابن حيدان بفتح الحاء المهملة وإسكان المثناة تحت ابن عمرو بن الحارث بن قضاعة قبيلة كبيرة، كذا قاله السمعاني في الأنساب إلا أنه لم يقل إن الإبل منسوبة إليه، ولكن قاله جماعات غيره. وقال الواحدي في البسيط في تفسير الأحقاف: قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: الأحقاف واد بين عمان والمهرة وإليه ينسب الجمال المهرية. موت: في الحديث: أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: “موتان الأرض لله تعالى ولرسوله ثم هي لكم مني” ذكره في إحياء الموات من المهذب. قال أهل اللغة: الموتان بفتح الميم والواو هو الموات. قال الأزهري في شرح ألفاظ المختصر: يقال للأرض التي ليس لها مالك ولا بها ماء ولا عمارة ولا ينتفع بها، ألا أن يجري إليها ماء، وتستنبط فيها عين، أو تحفر فيها بئر موات وميتة، وموتان بفتح الميم والواو وكل شيء من متاع الأرض لا روح فيه فهو موتان ويقال فلان يتبع الموتان، فأما ما كان ذا روح فهو الحيوان، وأرض ميتة إذا يبست ويبس نباتها، فإذا سقاها السماء صارت حية بما يخرج من نباتها، ورجل موتان الفؤاد إذا ذكي ولا فهم يعني بإسكان الواو، ووقع في المال موتان وموات الجزء: 4 ¦ الصفحة: 145 يعني: بضم الميم فيهما وهو الموت الذريع، هذا آخر كلام الأزهري. قال أهل اللغة: ويقال مات الإنسان يموت ويمات فهو ميت وميت والجمع موتى وأموات وميتون وميتون، ويقال أماته الله تعالى وموته والمتماوت صفة للناسك المرائي قاله الجوهري، والمستميت للأمر المسترسل له والمستميت أيضا المستقتل الذي لا يبالي في الحرب من الموت. قال الجوهري: ويستوي في قولك ميت وميت المذكر والمؤنث قال الله تعالى: “لنحى به بلدة ميتا” ولم يقل ميته، قال: قال الفراء: يقال لمن لم يمت أنه مائت عن قليل وميت، ولا يقولون لمن مات هذا مائت. قال أهل اللغة والفقهاء: الميتة ما فارقته الروح بغير زكاة وهى محرمة كلها إلا السمك والجراد فإنهما حلالان بإجماع المسلمين، وإلا جلد الميتة إذا دبغ فإن في حله إذا كان الحيوان مأكول اللحم قولين: وإن كان غير مأكول فطريقان أحدهما: لا يحل قولا واحدا. والثاني: أنه على الخلاف في المأكول وإلا الجنين بعد زكاة أمه إذا انفصل ميتا، والصيد إذا قتله الكلب المعلم والسهم وما في معناهما: إذا أرسله من هو من أهل الزكاة ولم تدرك زكاته، وقد يقال في هذا هذه زكاة ولكن عده صاحب الحاوي وغيره في الميتات المستثناة، وكل الميتات نجسات إلا هذه المذكورات، وإلا الأدمي فإنه ظاهر على أصح القولين مسلما كان أو كافرًا، وإلا ما ليس له نفس سائلة فإنه طاهر على وجه ضعيف، والمختار المشهور أنه نجس لكن لا ينجس ما مات فيه على المذهب الصحيح، وإلا دود الخل والجبن والتفاح والباقلاء والتين وما أشبهها، فإن في جواز أكلها ثلاثة أوجه أصحها يجوز أكلها مع ما مات فيه، ولا يجوز أكلها منفردة، والثاني: يجوز مطلقا، والثالث: لا يجوز أكلها مطلقا. وقد أوضحت كل هذه المسائل بدلائلها وبسطت القول فيها في شرح المهذب ثم في شرح التنبيه، وإنما أشرت إلى أحرف منها هنا لذكر الميتة، والله تعالى أعلم. وفي الحديث: “من مات وهو مفارق للجماعة فإنه يموت ميتة جاهلية” ذكره في المهذب في أول قتال أهل البغي: وهي بكسر الميم وإسكان الياء. قال أهل اللغة: والميتة بكسر الميم إسم للحالة، وكذلك القتلة والذبحة، ويقال مات فلان ميتة حسنة وطيبة. وأما قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في البحر: “الحل ميتته” فبفتح الميم بلا خلاف بين أهل اللغة والحديث والفقه، ومعناه: الحيوان الجزء: 4 ¦ الصفحة: 146 الميت فيه. قال أهل اللغة: والموتة بضم الميم وإسكان الواو ضرب من الجنون، وأمات فلان إذا مات له ابن أو بنون، وأماتت المرأة إذا مات ولدها. وفي الحديث: “طريق مئتاء” بكسر الميم وبعدها همزة وبالمد وتسهل فيقال: ميتاء بياء ساكنة كما في نظائره. قال صاحب المطالع: معناه كثير السلوك عليه مفعال من الإتيان، قال: وقال أبو عبيد: وقال بعضهم: طريق مأتي أي يأتي عليه الناس، وهو صحيح أيضا. موث: يقال: ماث التمر ونحوه في الماء يموثه ويميثه لغتان بالواو والياء ومثته بكسر الميم أميثه، ويقال “أماثه في الماء” لغة قليلة حكاها الهروي وصاحب المطالع، والمشهور الأول ماث ثلاثي، وقد ثبت أماث بالألف في صحيح البخاري في كتاب الوليمة في حديث سهل بن سعد، قال: “بلت المرأة تمرا ثم أماثته”. مول: روينا في حلية الأولياء عن سفيان الثوري رحمه الله تعالى، قال: سمي المال لأنه يميل القلوب. قلت: وهذه مناسبة في المعنى، وإلا فليس مشتقا من ذلك فإن عين المال واو والإمالة من الميل ياء، ومن شروط الاشتقاق: الاتفاق في الحروف الأصلية. قال الجوهري: تصغير المال مويل ومال الرجل يمول ويمال مولا ومؤولا إذا صار ذا مال وتمول مثله وموله غيره. ورجل مال أي: كثير المال. ميل: وأما القصر ثمانية وأربعون ميلا بالهاشمي. فقال أبو الحسن علي بن سعيد بن عبد الرحمن العبدري من أصحابنا في كتاب الكفاية في مسائل الخلاف بين العلماء كلهم: الميل أربعة آلاف خطوة كل خطوة ثلاثة أقدام بوضع قدم أمام قدم ويلصق به. قال القلعي: الميل أربعة آلاف خطوة أو ستة الآف ذراع أو اثنا عشر ألف قدم، والذراع أربعة وعشرون أصبعا، والأصبع ثلاث شعيرات مضمومة بعضها إلى بعض عرضا، هكذا قال ثلاث شعيرات وهو غلط وصوابه ست شعيرات، والله تعالى أعلم. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 147 فصل في أسماء المواضع مأرب: مذكور في كتاب إحياء الموات: هو بهمزة ساكنة بعد الميم ثم راء مكسورة ثم باء موحدة، ويجوز تخفيف الهمزة وجعلها ألفا كما في رأس وشبهه. المأزمان: المذكوران في صفة الحج هما بهمزة ساكنة بعد الميم الأولى وبعدها زاي مكسورة وهما مثنيان، واحدهما مأزم، وهو الذي ذكرته من كونه مهموزا، متفق عليه لا خلاف فيه بين أهل اللغة والحديث والضبط، لكن يجوز تخفيفها بقلب الهمزة ألفا، كما في رأس وشبهه، ولا يصح إنكار من أنكر على المتفقهين ترك الهمزة، ونسبهم إلى اللحن بل هو غالط، فإن تخفيف هذه الهمزة جائز باتفاق أهل العربية فمن همز فهو على الأصل، ومن لم يهمز فهو على التخفيف، فهما جائزان فصيحان، والمأزمان جبلان بين عرفات والمزدلفة بينهما طريق، هذا معناهما عند الفقهاء، فقولهم على طريق المأزمين أي: الطريق التي بينهما، وأما أهل اللغة فقالوا: المأزم الطريق الضيق بين الجبلين. وذكر الجوهري قولا آخر فقال: المأزم أيضا موضع الحرب، ومنه سمي الموضع الذي بين مزدلفة وعرفة مأزمين. محسر: مذكور في صفة الحج هو بميم مضمومة ثم حاء مفتوحة ثم سين مشددة مكسورة ثم راء مهملات في صحيح مسلم في باب استحباب استدامة التلبية حتى يرمي جمرة العقبة عن ابن عباس: "أن وادي محسر من منى". المحصب: المذكور في صفة الحج وهو الذي نزله النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حين انصرف من منى، وهو بميم مضمومة ثم حاء ثم صاد مشددة مهملتين مفتوحتين ثم باء موحدة، وهو اسم لمكان متسع بين مكة ومنى. قال صاحب المطالع: هو أقرب إلى منى، قال: وهو الأبطح والبطحاء وخيف بني كنانة، والمحصب أيضا موضع الجمار من منى، ولكن ليس هو المراد بالمحصب هنا. قلت: وقد أوضحت حد المحصب في الروضة، وأنه ما بين الجبلين إلى المقابر وليست المقبرة منه، وقال: وسمي لاجتماع الحصى فيه بحمل السيل إليه فإنه موضع منهبط، وهو بقرب مكة. وقول صاحب المطالع: أنه أقرب إلى منى ليس بصحيح. قال أصحابنا في كتب الجزء: 4 ¦ الصفحة: 148 المذهب: حد المحصب ما بين الجبلين إلى المقابر وليست المقبرة منه، قال: وسمي لاجتماع الحصباء فيه لأنه منهبط وتحمل السيل إليه الحصباء. وقال الأزرقي في حد المحصب من الحجون: مصعدا في الشق الأيسر وأنت ذاهب إلى منى حرمان مرتفعا عن بطن الوادي، فذلك كله المحصب، والحجون هو الجبل المشرف على مسجد الحرس بأعلى مكة على يمينك وأنت مصعد. المدينة: مدينة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، زادها الله تعالى فضلا وشرفا، ولها أسماء: المدينة وطيبة بفتح الطاء المهملة وإسكان الباء وبعدها باء موحدة، وطابة. وفي صحيح مسلم عن جابر بن سمرة رضي الله تعالى عنهما: أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: “إن الله عز وجل سمى المدينة طابة” قيل: سميت بذلك من الطيب، وهي الرائحة الحسنة، والطاب والطيب لغتان بمعنى واحد. وقيل: مأخوذة من الشيء الطيب لخلوصها من الشرك وطهارتها منه. وقيل: لطيبها لساكنيها لأمنهم ودعتهم فيها. وقيل: من طيب العيش بها، ويقال طاب لي الشيء أي: وافقني، ومن أسمائها الدار سميت بذلك لأمنها وللاستقرار بها، ومن أسمائها: يثرب، وروينا في كتاب الترمذي عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “آخر قرية من قرى الإسلام خرابا المدينة” قال الترمذي: حديث حسن. مرج الصفر: الموضع المعروف بقرب دمشق بينهما دون مرحلة. قال أبو الفتح الهمداني: الصفر هنا جمع صافر كشاهد وشهد، والصافر طير جبان، ومنه قولهم أجبن من صافر. والصافر: اللص ولا شيء أجبن منه لخوفه أن يفاجا على تلك الحال، والصافر أيضا كل من الطير، قال: فإن كان الصفر هنا من المعنى الأول فلأنه موضع مخافة تكون به اللصوص التي يصفر بعضها لبعض، وإن كان من الثاني فلأنه مكان خال يجتمع فيه الطير فيصفر. مر: مذكور في أول صلاة المسافر من المهذب في قوله: قال عطاء: قلت لابن عباس: أقصر إلى مرّ، قال: لا، وهو بفتح الميم وتشديد الراء، ويقال له مر الظهران بفتح الظاء المعجمة وإسكان الهاء فمر قرية ذات نخل وثمار وزرع ومياه، والظهران: إسم للوادي، هكذا نقله الحازمي عن سنان، وهو على أميال من مكة إلى الجزء: 4 ¦ الصفحة: 149 جهة المدينة والشام. قال الحازمي: قال الواقدي: بين مكة ومر خمسة أميال. وقال صاحب المطالع: بينهما يريد يعني أربعة أميال. قال: وقال ابن وضاح: بينهما أحد وعشرون ميلا. وقيل: ستة عشر ميلا. قلت: من قال خمسة أو أربعة أميال أو نحوها فهو غلط وإنكار للحس، بل الصواب أحد القولين الآخرين، والله تعالى أعلم. وقوله: “أقصر إلى مر” يعني إذا سافرت من مكة إلى مر. المروة: بفتح الميم بينتها في حرف الصاد مع الصفا. المزدلفة: فيها مسجد. قال الأزرقي والماوردي في الأحكام السلطانية وغيره من أصحابنا: المزدلفة ما بين وادي محسر ومأزمي عرفة، وليس الحران منها، وتسمى جمعا بفتح الجيم وإسكان الميم لاجتماع الناس بها، وسميت المزدلفة لازدلاف الناس إليها أي: اقترابهم. وقيل: لاجتماع الناس بها. وقيل: لاجتماع آدم وحواء. وقيل: لمجيء الناس إليها في زلف من الليل أي: ساعات. قال الأزرقي: في ذرع مسجدها تسع وخمسون ذراعا وشبر في مثله. المسجد الأقصى: هو بيت المقدس باتفاق العلماء، وكذا نقل الاتفاق عليه الواحدي قالوا كلهم: وسمي الأقصى لبعد ما بينه وبين المسجد الحرام. المسجد الحرام: زاده الله تعالى فضلا وشرفا. قال الأزرقي: في ذرع المسجد الحرام مكسرا مائة ألف ذراع وعشرون ألف ذراع، وذرعه طولا من باب بني جمح إلى باب بني هاشم الذي عنده العلم الأخضر مقابل دار العباس ابن عبد المطلب أربعمائة ذراع وأربعة أذرع مع جدرانه ثم يمر في بطن الحجر لاصقا بوجه الكعبة، وعرضه من باب دار الندوة إلى الجدار الذي يلي الوادي عند باب الصفا لاصقا بوجه الكعبة ثلاثمائة ذراع وأربعة أذرع. قال الأزرقي: وأما عدد أساطين المسجد الحرام فمن شقه الشرقي مائة وثلاث أسطوانات، ومن شقه الغربي مائة أسطوانه وخمس أسطواناتن ومن شقه الشامي مائة وخمس وثلاثون أسطوانه، ومن شقه اليماني مائة واحد وأربعون أسطوانه، طول كل أسطوانه عشرة أذرع، وتدويرها ثلاثة أذرع، وبعضها يزيد على بعض في الطول، والغلظ من هذه الأساطين على الأبواب عشرون أسطوانه منها: على الأبواب التي بلي الوادي والصفا عشر، وعلى التي تلي باب بني جمح الجزء: 4 ¦ الصفحة: 150 أربع، وعلى الأبواب التي تلي المسعى ست، وذرع ما بين كل أسطوانتين من أساطينه ستة أذرع وثلاث عشرة أصبعا، وذرع ما بين الركن الأسود إلى مقام إبراهيم عليه السلام تسعة وعشرون ذراعا وتسع أصابع، وذرع ما بين جدار الكعبة من وسطها إلى المقام سبعة وعشرون ذراعا، وذرع ما بين شاذروان الكعبة والمقامات ستة وعشرون ذراعا ونصف، ومن الركن الشامي إلى المقام ثمانية وعشرون ذراعا، وتسع عشرة أصبعا من الركن الذي فيه الحجر الأسود إلى حد حجرة زمزم ستة وثلاثون ذراعا ونصف، ومن الركن الأسود إلى رأس زمزم أربعون ذراعا، ومن وسط جدار الكعبة إلى جدار المسعى مائتا ذراع وثلاثة عشر ذراعا، ومن وسط جدار الكعبة إلى الجدار الذي يلي باب بني جمح مائة وتسعة وتسعون ذراعا، ومن وسط جدار الكعبة إلى الجدار الذي يلي الوادي مائة ذراع وأحد وأربعون ذراعا وثماني عشرة أصبعا، ومن وسط جدار الكعبة الذي يلي الحجر إلى الجدار الذي يلي دار الندوة مائة ذراع وتسعة وثلاثون ذراعا وأربع عشرة أصبعا، ومن الركن الأسود إلى وسط باب الصفا مائة وخمسون ذراعا وست أصابع، ومن الركن الشامي إلى وسط باب بني شيبة مائتا ذراع وخمسة وأربعون ذراعا وخمس أصابعن ومن الركن الأسود إلى سقاية العباس وهو بيت الشراب خمسة وأربعون عشرة ذراعا، ومن الركن الأسود إلى الصفا مائتا ذراع واثنان وتسعون ذراعا وثماني عشرة أصبعا، ومن المقام إلى جدار المسجد الذي يلي المسعى مائة ذراع وثمانية وثمانون ذراعان ومن المقام إلى الدار الذي يلي باب بني جمح مائتا ذراع وثمانية عشر ذراعا، ومن المقام إلى الجدار الذي يلي دار الندوة مائتا ذراع وخمسة وأربعون ذراع، ومن المقام إلى الجدار الذي يلي الصفا مائة ذراع وأربعة وستون ذراعا ونصف ذراع، ومن المقام إلى جدار حجرة زمزم اثنان وعشرون ذراعا، ومن المقام إلى حرف زمزم أربعة وعشرون ذراعا وعشرون أصبعا. قال: وللمسجد الحرام ثلاثة وعشرون بابا، فيها ثلاث وأربعون طاقا من ذلك الباب الأول الكبير الذي يقال له باب بني شيبة، وهو باب بني عبد شمس بن عبد مناف، وبهم كان يعرف في الجاهلية والإسلام عند أهل مكة فيه اسطوانتان وعليه ثلاث طاقات، والطاقات طولها عشرة الجزء: 4 ¦ الصفحة: 151 أذرع، ووجوهها منقوشة بالفسيفساء، وعلى الباب روشن ساج منقوش مزخرف بالزخرف، والذهب طول الروشن سبعة وعشرون ذراعا، وعرضه ثلاثة أذرع ونصف، ومن الروشن إلى الأرض سبعة عشر ذراعا، وما بين مصراعي الباب أربع وعشرون ذراعا، وفي عتبة الباب أربع مراقي داخلة ينزل بها في المسجد الحرام. ثم ذكر باقي الأبواب مفصلة، قال: وذرع جدار المسجد الذي يلي باب المسعى، وهو الشرقي ثمانية عشر ذراعا في السماء، وطول الجدار الذي يلي الوادي وهو الشق اليماني في السماء اثنان وعشرون ذراعا، وطول الجدار الذي يلي باب بني جمح وهو الغربي اثنان وعشرون ذراعا ونصف، وطول الجدار الذي يلي دار الندوة وهو الشامي تسعة عشر ذراعا ونصف، وعدد شرافات المسجد الحرام مائتا شرافة واثنتان وسبعون شرافة ونصف شرافة، وعدد قناديله أربعمائة وخمسة وخمسون قنديلا، وذرع ما بين الصفا والمروة سبعمائة ذراع، وستة وستون ذراعا ونصف ذراع. وأعلم: أن المسجد الحرام ويراد به الكعبة فقط، وقد يراد به المسجد حولها معها، وقد يراد به مكة كلها مع الحرم حولها بكماله. وقد جاءت نصوص الشرع بهذه الأقسام الأربعة: فمن الأول قول الله تعالى: {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} (البقرة: من الآية144) ، ومن الثاني قول النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام”، ومن الثالث: قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام إلى آخره” ومن الرابع: قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} (التوبة: من الآية28) وأما قوله تعالى: {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} (البقرة: من الآية196) فقال العلماء من أصحابنا وغيرهم: حاضروه من كان منه لا تقصر فيها الصلاة. ثم اختلف أصحابنا في أن هذه المسافة هل تعتبر من نفس مكة أو من طرف الحرم؟ والأصح من طرف الحرم، فتحصل من هذا خلاف في المراد بالمسجد الحرام هل هو كل الحرم وهو الأصح، أم مكة وحدها. وأما قوله تعالى: {وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً} (الحج: من الآية25) فحمله الشافعي رضي الله تعالى عنه وأصحابه ومن وافقهم على المسجد الحرام الذي حول الكعبة مع الكعبة، فقالوا: هذا يستوي فيه الناس، ولا يجوز بيعه ولا إجارته، وأما ما سواه من دور مكة وسائر بقاع الحرم الجزء: 4 ¦ الصفحة: 152 فيجوز بيعها وأجارتها، وحمله أبو حنيفة وأصحابه ومن وافقهم على جميع الحرم، فلم يجوزوا بيع شيء منه ولا إجارته، والمسألة مشهورة بالخلاف. وأما قوله تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا} (الاسراء: من الآية1) فقال المفسرون: إن المراد به مكة، وكان الإسراء من بيت أم هانىء بنت أبي طالب رضي الله تعالى عنها، وليس ما ادعوه من الحرم بذلك. قال الأزرقي: ومن باب المسجد الحرام، وهو الباب الكبير باب بني عبد شمس الذي يعرف اليوم ببني شيبة إلى أول الأميال، وموضعه على جبل الصفا. والميل الثاني الذي في حد جبل المغيرة، والميل طوله ثلاثة أذرع وهو من الأميال المروانية. وموضع الميل الثالث بين مأزمي منى. وموضع الميل الرابع دون الجمرة الثالثة التي تلي مسجد الخيف بخمس عشر ذراعا. وموضع الميل الخامس وراء قرن الثعالب بمائة ذراع. وموضع الميل السادس في جدار حائط محسر وبين جدار حائط محسر ووادي محسر خمسمائة ذراع، وخمس وأربعون ذراعا. وموضع الميل السابع دون مسجد مزدلفة بمائتي ذراع وسبعين ذراعا. وموضع الميل الثامن من حد الجبل دون مأزمي عرفة، وهو بحيال سقاية زبيدة والطريق بينه وبين سقاية زبيدة، وهو على يمينك وأنت متوجه إلى عرفات. وموضع الميل التاسع ما بين مأزمي عرفة بفم الشعب الذي يقال له شعب المبال الذي بال فيه رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حين دفع من عرفة ليلة المزدلفة. وموضع الميل العاشر حيال سقاية ابن برمك وبينهما طريق، وهو في حد الجبل جبل المنظر. وموضع الميل الحادي عشر في جدار الدكان الذي تدور حوله قبلة مسجد عرفة مسجد إبراهيم خليل الرحمن صلواته وسلامه على خليله، بينه وبين جدار المسجد خمسة وعشرون ذراعا. وموضع الميل الثاني عشر خلف الإمام حيث يقف عشية عرفة على قرن يقال له النابت بينه وبين موقف رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عشرة أذرع، فما بين المسجد الحرام وبين موقف الإمام بعرفة بريد لا يزيد ولا ينقص، هذا كلام الأزرقي. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 153 مسجد الخيف: مسجد عرفة الذي يقال له مجسد إبراهيم عليه السلام. قال الأزرقي: في ذرع ما بين مسجد مزدلفة إلى مسجد عرفة ثلاثة أميال وثلاثة آلاف وثلاثمائة وسبعة عشر ذراعا، قال: وذرع سعة مسجد عرفة من مقدمه إلى مؤخره مائة ذراع وثلاثة وستون ذراعا، ومن جانبه الأيمن إلى جانبه الأيسر بين عرفة والطريق مائتا ذراع وثلاثة عشر ذراعا وله مائتا شرافة وثلاثة شرافات ونصف وله عشرة أبواب، ومن حد الحرم إلى مسجد عرفة ألف ذراع وستمائة ذراع وخمسة أذرع، ومن نمرة وهو الجبل الذي عليه أنصاب الحرم على يمينك إذا خرجت من مأزمي عرفة تريد الموقف، ومن تحت جبل عرفة غار أربعة في خمسة أذرع ذكروا أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان ينزله يوم عرفة حتى يروح إلى الموقف وهو منزل الأئمة إلى اليوم، والغار داخل في حد دار الإمام، ومن الغار إلى مسجد عرفة ألفا ذراع وإحدى عشر ذراعا، ومن مسجد عرفة إلى موقف الإمام عشية عرفة ميل، يكون الميل خلف الإمام إذا وقف، وهو على حيال جبل المشاة. المشعر الحرام: بفتح الميم كذا التلاوة في القرآن والرواية في الحديث، قال صاحب المطالع الأنوار: ويجوز كسر الميم لكنه لم يرو إلا بالفتح. وقد حكى الجوهري وغيره لغة الكسر ومعنى الحرام المحرم الذي يحرم فيه الصيد وغيره فإنه من الحرم، ويجوز أن يكون معناه ذو الحرمة. وأختلف فيه فالمعروف في كتب أصحابنا في المذهب: أن المشعر الحرام قزح وهو جبل معروف بالمزدلفة، والمعروف في كتب التفسير والحديث والأخبار والسير أنه المزدلفة كلها، وسمي مشعرًا لما فيه من الشعائر، وهي معالم الدين وطاعة الله تعالى، وثبت في صحيح البخاري في كتاب الحج في باب من قدم ضعفة أهله بليل: عن سالم بن عبد الله قال: “كان عبد الله بن عمر يقدم ضعفة أهله فيقفون عند المشعر الحرام بالمزدلفة ويذكرون الله تعالى” وهذا دليل على ما قاله أصحابنا. مصر: البلد المعروفة فيها لغتان الصرف وتركه، والفصيح الذي جاء به القرآن ترك الصرف، ومما ذكر في مفاخرها إسلام السحرة، وكانوا خلائق في لحظة واحدة {قالوا آمنا برب العلمين} قوله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 154 في باب مواقيت الحج من المهذب: “لما فتح المصران أتوا عمر رضي الله تعالى عنه يعني ليحد لهم ميقاتا” المصران: بكسر الميم والنون تثنية مصر، وهو البلد الكبير العظيم، والمراد بهما الكوفة والبصرة. المقام: مقام إبراهيم خليل الله عليه السلام هو في المسجد الحرام، قبالة باب البيت وهو موضع معروف، هذا مراد الفقهاء بقولهم: يصلي ركعتي الطواف خلف المقام، وشبه ذلك من ألفاظهم. وأما المفسرون: فقد اختلفوا فيه اختلافا كثيرًا منشرا، وقد قدمنا عن ابن عباس وابن عمرو بن العاصي في باب الحاء في المواضع: أنهما قالا “الحجر الأسود والمقام من الجنة”. قال أبو الوليد الأزرقي في ذرع المقام ذراع: قال: وهو مربع سعة أعلاه أربعة عشر أصبعا في أربعة عشر أصبعا، ومن أسفله مثل ذلك، وفي طرفيه من أعلاه وأسفله طوقان من ذهب، وما بين الطوقين من الحجر من المقام بارز، بلا ذهب عليه طوله من نواحيه، كلها تسع أصابع، وعرضه عشر أصابع عرضا في عشر أصابع طولا، وعرض حجر المقام من نواحيه إحدى وعشرون أصبعا ووسطه مربع، والقدمان داخلتان في الحجر تسع أصابع، ودخولهما منحرفتان، وبين القدمين من الحجر أصبعان، ووسطه قد استدق من التمسح به، والمقام في حوض من ساج مربع حوله رصاص، وعلى الحوض صفائح رصاص ملبس به، وعلى المقام صندوق ساج مسقف، ومن وراء المقام ملبس بساج في الأرض، في طرفيه سلسلتان يدخلان في أسفل الصندوق ويقفل عليهما فيهما قفلان، وهذا الموضع الذي فيه المقام اليوم هو الموضع الذي كان فيه في الجاهلية، ثم في زمن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وبعده، ولم يغير من موضعه إلا أنه جاء سيل في زمن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه يقال له سيل أم نهشل؛ لأنه ذهب بأم نهشل بنت عبيدة بن أبي أحيحة فماتت فيه، فاحتمل ذلك السيل المقام من موضعه هذا، فذهب به إلى أسفل مكة فأتي به فربطوه في أستار الكعبة في وجهها، وكتبوا بذلك إلى عمر، فأقبل عمر رضي الله تعالى عنه من المدينة فزعا فدخل بعمرة في شهر رمضان وقد الجزء: 4 ¦ الصفحة: 155 غبي موضعه وعفاه السيل، فجمع عمر الناس وسألهم عن موضعه وتشاوروا عليه حتى اتفقوا على موضعه الذي كان فيه فجعل فيه، وعمل عمر الردم لمنع السيل، فلم يعله سيل بعد ذلك إلى الآن، وروى الأزرقي أن موضع المقام الذي هو فيه الآن هو موضعه في الجاهلية وفي زمن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأبي بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما، وكان ذهب به السيل في خلافة عمر فقدم عمر فرده إلى موضعه بمحضر من الناس. وروي نحو هذا عن عروة ابن الزبير وآخرين: وبعث أمير المؤمنين المهدي ألف دينار لينصبوا بها المقام وكان قد انثلم، ثم أمر المتوكل أن يجعل عليه ذهب فوق ذلك الذهب أحسن من ذلك العمل، فعمل في مصدر الحاج سنة ست وثلاثين ومائتين فهو الذهب الذي عليه اليوم، وهو فوق الذي عمله المهدي، والله تعالى أعلم. مكة: زادها الله تعالى شرفا وفضلا، هي أفضل الأرض عند الشافعي وجماعات من العلماء وبعدها المدينة وعند مالك المدينة أفضل ثم مكة وسنبين أدلة ذلك موضحة إن شاء الله تعالى في المجموع في شرح المهذب. قيل: سميت مكة لقلة مائها من قولهم امتك الفصيل ضرع أمه إذا امتصه. وقيل: لأنها تمك الذنوب أي: تذهب بها. ولمكة أسماء: بكة بالباء وقد تقدمت في الباء وتقدم الخلاف في الفرق بينهما، والبلد الأمين، والبلدة، وأم القرى، وأم رحم: بضم الراء وإسكان الحاء، نقله الماوردي في الأحكام السلطانية عن مجاهد، وقال: سميت به لأن الناس يتراحمون فيها ويتوادعون. وصلاح: بفتح الصاد وكسر الحاء مبني على الكسر كقطام وحذام ونظائرهما، حكاه مصعب الزبيري. قال الماوردي: لأمنها. والباسة: بالباء والسين المهملة. قال المارودي: لأنها تبس مَنْ ألحد فيها أي: تحطمه وتهلكه، ومنه قوله تعالى: {وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسّاً} (الواقعة:5) ، قال الماوردي وصاحب المطالع وغيرهما: ويروى الناسة بالنون. قال في المطالع: ويقال الناسة. قال الماوردي: لأنها تنس من ألحد فيها أي: تطرده وتنفيه كذا قاله الماوردي. وقال الجوهري في صحاحه: قال الأصمعي: النس النبس يقال نس ينس وينس أي: يبس، وجاءنا بخبزة ناسة، ومنه قيل: لمكة الناسة لقلة مائها. وقال صاحب المطالع: ومن أسمائها: الحاطمة: لحطمها الملحدين، والرأس: مثل رأس الإنسان، وكوبى: باسم بقعة فيها, والعرش والقادس والمقدسة من الجزء: 4 ¦ الصفحة: 156 التقديس فهذه ستة عشر اسما. وأعلم: أن كثرة الأسماء تدل على عظم المسمى كما في أسماء الله تعالى وأسماء رسوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولا نعلم بلدا أكثر أسماء من مكة والمدينة لكونهما أفضل الأرض، وذلك المقتضية للتسمية. قال الماوردي: ولم تكن مكة ذات منازل، وكانت قريش بعد جرهم، والعمالقة ينتجعون جبالها وأوديتها ولا يخرجون من حرمها انتسابا إلى الكعبة لاستيلائهم عليها، وتخصصها بالحرم لحلولهم فيه، ويرون أنهم سيكون لهم بذلك شأن كلما كثر فيهم العدد. الملتزم: ذكروه في هذه الكتب، وقالوا: هو ما بين ركن الكعبة والباب يعنون: بين الركن الذي فيه الحجر الأسود وباب الكعبة وهذا متفق عليه. وقال الأزرقي: وذرعه أربعة أذرع وهو بضم الميم وإسكان اللام وفتح التاء والزاي سمي بذلك؛ لأن الناس يلتزمونه في الدعاء، ويقال له المدعى والمتعود بفتح الواو، وهو من المواضع التي يستجاب فيها الدعاء هناك، وهي مواضع ذكرتها في المناسك. منى: بكسر الميم تصرف ولا تصرف، واقتصر ابن قتيبة في أدب الكاتب على أنها لا تصرف، واقتصر الجوهري في الصحاح على أن منى مذكر مصروف سميت بذلك لما تمنى فيها من الدماء أي: تراق وتصب، هذا هو المشهور الذي قاله الجماهير من أهل اللغة وغيرهم، ونقل الأزرقي وغيره أنها سميت بذلك؛ لأن آدم لما أراد مفارقة جبريل عليه السلام قال له: تمن، قال: أتمنى الجنة. وقيل: أنها من قولهم منى الله تعالى الشيء أي: قدره فسميت بذلك لما جعل الله تعالى من الشعائر فيها. قال الجوهري: قال يونس: امتنى القوم إذا أتوا منى. وقال ابن الأعرابي: أمنى القوم وهي من حرم مكة زادها الله تعالى شرفا، وهي شعب ممدود بين جبلين أحدهما ثبير والآخر الضائع، وحدها من جهة الغرب ومن جهة مكة جمرة العقبة، ومن الشرق وجهة مزدلفة وعرفات بطن المسيل إذا هبطت من وادي محسر. وقال بعض المصنفين في هذا ذرع منى من جمرة العقبة إلى وادي محسر سبعة آلاف ذراع ومائتا ذراع ومائتا ذراع، ومن مكة إلى منى ثلاثة أميال. قال الأزرقي وأصحابنا: هي ما بين جمرة العقبة ووادي محسر. قال الأزرقي: ذرع ما بين جمرة العقبة ووادي محسر سبعة الآف ذراع ومائتا ذراع، قال: وعرض منى من مؤخر المسجد الجزء: 4 ¦ الصفحة: 157 الذي يلي الجبل إلى الجبل الذي بحذائه ألف ذراع وثلاثمائة ذراع، قال: ومن جمرة العقبة إلى الجمرة الوسطى أربعمائة ذراع وسبعة وثمانون ذراعا واثنتا عشرة أصبعا، ومن الجمرة الوسطى إلى الجمرة التي تلي مسجد الخيف ثلاثمائة ذراع وخمسة أذرع، ومن الجمرة التي تلي مسجد الخيف ثلاثماءة ذراع وخمسة أذرع، ومن الجمرة التي تلي مسجد الخيف إلى أوسط أبواب المسجد ألف ذراع وثلاثمائة ذراع وإحدى وعشرون ذراعا، هذا كلام الأزرقي. حرف النون نبر: المنبر مكسور الميم وهو من النبر وهو الارتفاع. قال الجوهري: نبرت الشيء انبره نبرًا رفعته، ومنه سمي المنبر قلت: واتخاذ المنبر سنة تواترت الأخبار بمنبر رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وكان له ثلاث درجات، كذا رويناه في صحيح مسلم وغيره من رواية سهل بن سعد الساعدي: "ويستحب أن يكون المنبر على يمين المحراب قريبًا منه" وروى الأزرقي في كتاب مكة: أن أول من خطب بمكة على منبر معاوية بن أبي سفيان قدم معه من الشام سنة حج في خلافته منبر صغير على ثلاث درجات، وكانت الخلفاء والولاة قبل ذلك يخطبون على أرجهلم قيامًا في وجه الكعبة وفي الحجر، وكان ذلك المنبر الذي قدم به معاوية ربما خرب فيعمر ولا يزاد فيه، حتى حج هارون الرشيد في خلافته فأهدى له عامله على مصر موسى بن عيسى منبرًا عظيما فيه تسع درجات منقوشات مكان منبر مكة، ثم أخذ منبر مكة القديم فجعل لعرفة. نبط: قال العلماء: الاستنباط استخراج ما خفي، المراد به من اللفظ، وسمي النبط والاستنباط لاستخراجهم ينابيع الأرض بحيث لا يهتدي إليها غيرهم كاهتدائهم. نبع: يقال: نبع الماء ينبع وينبع وينبع بضم الباء في المضارع، وفتحها وكسرها ثلاث لغات حكاهن الواحدي في تفسير سورة الزمر عن الكسائى والفراء، وحكاهن أيضًا في سورة سبحان عن الليث والفراء، قال في سبحان نبع الماء ينبع وينبع وينبع نبعًا ونبوعا ونبعانا. نبغ: قوله في خطبة الوجيز: المبتدعة الجزء: 4 ¦ الصفحة: 158 النابغة أي: الظاهرة، يقال نبغ الشيء ينبغ وينبغ بضم الباء وفتحها نبوغا أي: ظهر فهو نابغ. نتر: قال صاحب المحكم: النتر الجذب بجفاء نتره ينتره نترا فانتتر، واستنتر الرجل من بوله اجتذبه، واستخرج بقيته من الذكر عند الاستنجاء. قال الأزهري: قال الليث: النتر جذب فيه جفوة، وذكر الجوهري والهروي مثله. نثر: في المهذب عن عمرو بن عبسة رضي الله تعالى عنه: أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: “ما منكم من أحد يقرب وضوءه ثم يتمضمض ثم يستنشق وينتثر إلا جرت خطايا فيه وخياشيمه مع الماء” هذا حديث صحيح أخرجه البخاري في صحيحه قبيل كتاب صلاة الخوف بنحو ورقة. قال الأزهري في تهذيب اللغة: قال ابن الأعرابي: النثرة طرف الأنف. ومنه قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الطهارة: “استنثر” قال: ومعناه استنشق وحرك النثرة في الطهارة. وروى سلمة عن الفراء أنه قال: نثر الرجل وانتثر واستنثر إذا حرك النثرة في الطهارة. قال الأزهري: وروي لنا هذا الحرف عن أبي عبيد أنه قال في حديث النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “إذا توضأت فأنثر” بألف مقطوعة، ولم يفسره أبو عبيد. قال الأزهري: وأهل اللغة لا يجيزون انتثر من الانتثار، وإنما يقال: نثر ينثر وانتثر ينتثر واستنثر يستنثر. وروى أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: “إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه ماء ثم لينثر” هكذا رواه أهل الضبط لألفاظ الحديث، وهو الصحيح عندي قوله: لينثر وليستنثر على غير ما فسره الفراء وابن الأعرابي. قال بعض أهل العلم: معنى الاستنثار والنثر: أن يستنشق الماء ثم يستخرج ما فيه من أذى أو مخاط. ومما يدل على هذا الحديث الآخر: أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يستنشق ثلاثا في كل مرة يستنثر فجعل الاستنثار غير الاستنشاق، وأما قول ابن الأعرابي: النثرة طرف الأنف فصحيح، هذا ما ذكره الأزهري. قال صاحب المحكم: النثرة الخيشوم وما والاه، واستنثر الإنسان استنشق الماء ثم استخرج ذلك بنفس الأنف. وقال الهروي في الغريبين في نثروا ستنثر في الطهارة، يقال نثر ينثر بكسر الثاء، ونثر الذكر ينثره بضم الثاء لا غير. وقال الخطابي في معالم السنن: استنثر معناه: استنشق الماء ثم أخرجه من أنفه، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 159 وأصله مأخوذ من النثرة وهي الأنف. وقال صاحب مطالع الأنوار: الاستنثار طرح الماء من الأنف بعد استنشاقه. قال: وقال ابن قتيبة: الاستنشار والاستنثار سواء، مأخوذ من النثرة وهي الأنف. قال: ولم يقل شيئًا، وقد فرق بينهما في الحديث بقوله: “فليجعل في انفه ماء ثم لينتثر” فدل على أنه طرحه بريح الأنف مبتدئا. قوله في باب الوليمة: والنثر بفتح النون وإسكان الثاء. قال الأزهري: قال الليث: النثر نثرك الشيء بيدك ترمي به متفرقا نثر ينثره مثل نثر اللوز والجوز والسكر وهو النثار، يقال: شهدت نثار فلان. قال صاحب المحكم: النثر رميك الشيء متفرقا نثره ينثره وينثره نثرًا ونثارًا ونثرة فانتثر وتنثر وتناثر. قوله في باب الربا والجعالة من المهذب: روى المزني في المنثور عنه يعني: بقوله عنه الشافعي رضي الله تعالى عنه والمنثور كتاب من كتب المزني التي نقلها عن الشافعي، وقد تكرر ذكر المنثور في المهذب والروضة. نج: في الحديث: “أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ضحك حتى بدت نواجذه” ذكره في كتاب الصيام من المهذب هو بالذال المعجمة بلا خلاف بين أهل العلم مطلقا. قال أبو العباس ثعلب وجماهير أهل اللغة وغيرهم: المراد بالنواجذ هنا الأنياب، وكان معظم ضحك النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تبسما. وقيل: المراد بالنواجذ هنا الضواحك. وقيل: المراد بهما الأضراس، وهذا هو الأشهر في إطلاق النواجذ في اللغة. قال ابن الأثير في النهاية: وعلى هذا القول يكون المراد مبالغة مثله في ضحكه، أن يراد ظهور نواجذه في الضحك. قال: وهذا أقيس الأقوال لاشتهار النواجذ بأواخر الأسنان. وضعف القاضي عياض والمحققون هذا القول، وقالوا: الصواب أنها الأنياب. نجش: روى ابن عمر رضي الله تعالى عنهما “أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نهى عن النجش”. النجش: بفتح النون وإسكان الجيم. قال الهروي رحمه الله تعالى: قال أبو بكر: معنى النهي عن النجش أي: لا يمدح أحدكم السلعة ويزيد في ثمنها وهو لا يريد شراءها ليسمعه غيره فيزيد، قال: وأصل النجش مدح الشيء وإطراؤه. قال الهروي: وقال غيره: النجش تنفير الناس عن الشيء إلى غيره والأصل فيه تنفير الوحش من مكان إلى مكان. قال صاحب الحاوي: أصل النجش الإثارة للشيء، ولهذا قيل للصياد النجاش، والناجش لإثارته الصيد، ولهذا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 160 قيل لطالب السلعة نجاش، والطلب نجش، قال: وحقيقة النجش المنهي عنه في البيع أن يحضر الرجل السوق فيرى السلعة تباع بثمن فيزيد في ثمنها وهو لا يرغب في ابتياعها، ليقتدي به الراغب فيزيد لزيادته ظنا منه بأن تلك الزيادة لرخص السلعة اغترارا به، وهذه خدعة محرمة. نجل: الإنجيل: اسم لكتاب الله تعالى المنزل على عيسى عليه السلام وهو إفعيل، واللغة المشهورة فيه كسر الهمزة، وهي قراءة القراء السبعة وغيرهم، وقراءة الحسن بفتح الهمزة، واختلف النحويون في اشتقاقه، فذكر أبو جعفر النحاس في كتابه صناعة الكتاب فيه ثلاثة أقوال: أحدها: أنه من نجلت الشيء أي: أخرجته، وولد الرجل نجله فيكون معناه: خرج به دارس من الحق. والثاني: أنه من تناجل القوم إذا تنازعوا. قال: وحكى ذلك أبو عمرو الشيباني فسمي إنجيلا لما وقع فيه من التنازع؛ لأنه وقع فيه من التنازع ما لم يقع في شيء من كتب الله عز وجل. والقول الثالث: أنه سمي إنجيلا لأنه أصل من العلم الذي أطلع الله عز وجل خلقه عليه، مشتق من قولهم نجله إذا ولده، وكان أصلا له. قال: وجمع الإنجيل أناجيل. وقال غير النحاس: هو أفعيل من النجل، وهو الأصل الذي يتفرع عن غيره، واستنجل الوادي إذا نز ماؤه. وقيل: هو من السعة من قولهم نجلت الاهاب إذا شققته، ومن عين نجلاء أي: واسعة الشق، وتضمن الإنجيل سعة لم تكن لليهود. نجم: قول الله تبارك وتعالى: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى} (النجم:1) جاء ذكره في باب سجود التلاوة في المهذب. قال الماوردي: فيه أربعة أقوال: أحدها: نجوم القرآن إذا نزلت الآية وكانت تنزل نجوما قاله مجاهد. والثاني: أنه الثريا. والثالث: الزهرة قاله السدي. والرابع: جماعة النجوم قاله الحسن، وليس يمتنع أن يعبر عنها بلفظ الواحد. قلت: والزهرة بفتح الهاء وإسكانها. قال الواحدي في الوسيط: النجم القرآن سمي نجما لتفرقه في النزول، والعرب تسمي التفرق نجوما والمفرق منجما، وهو قول ابن عباس وفي رواية عنه: أنه الثريا. وفي رواية أخرى عنه يعني: الرجوم من النجوم، وهو ما ترمى به الشياطين عند استراق السمع. قوله عز وجل: {وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ} (النحل:16) ذكره في استقبال القبلة من الجزء: 4 ¦ الصفحة: 161 المهذب. قال الإمام الثعلبي: قال مجاهد وإبراهيم: أراد جمع النجوم فمنها ما تكون علامات ومنها ما يهتدون به. وقال السدي: يعني الثريا وبنات نعش والفرقدين والجدي يهتدون بها إلى الطريق والقبلة. قولهم في الكتابة: إنما تصح على نجمين وحل النجم وأدى نجما من نجوم كتابته، وغير ذلك من ألفاظهم كله بفتح النون. قال الرافعي: النجم في الأصل الوقت، ويقال: كانت العرب لا تعرف الحساب ويبنون أمورهم على طلوع النجم والمنازل، فيقول أحدهم: إذا طلع نجم الثريا أديت حقك فسميت الأوقات نجوما، ثم سمي المؤدي في الوقت نجما. نحل: النحل: مفتوح النون ساكن الحاء معروف. قال الأزهري: قال الليث: النحل دبر العسل الواحدة نحلة. قال: وقال أبو إسحاق في قول الله عز وجل: {وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ} (النحل: من الآية68) جائز أن يكون سمي نحلا لأن الله عز وجل نحل الناس العسل الذي يخرج من بطونها. قال: وقال غيره من أهل الغريب: النحل يذكر ويؤنث، وأنثها الله تعالى فقال: {أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتاً} (النحل: من الآية68) والواحدة نحلة، ومن ذكر النحل فلأن لفظه لفظ مذكر، ومن أنثه فلأنه جمع نحلة. وذكر الإمام الواحدي هذا الذي ذكره الأزهري، ثم قال: وهي مؤنثة في لغة الحجاز، وكذا أنثها الله سبحانه وتعالى، وكذلك كل جمع ليس بينه وبين واحده إلا الهاء. قال الجوهري: النحل والنحلة الدبر يقع على الذكر والأنثى حتى تقول يعسوب. نحو: النحو: في اللغة القصد، ومنه سمي علم النحو لأنه قصد لكلام العرب. يقال: نحاه وانتحاه وتنحاه إذا قصده، ونحيته وانتحيته ونحوته قصدته. نخع: قوله في باب الصيد والذبائح من المهذب: “يكره أن يبالغ في الذبح إلى النخاع” وفسره، ثم قال الماوردي عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: أنه نهى عن النخع فقوله النخاع فيه ثلاث لغات مشهورة فتح النون وضمها وكسرها، والنخع بفتح النون وإسكان الخاء. قال الأزهري: نخع الذبيحة أن يعجل الذابح فيبلغ القطع إلى النخاع، والنخاع فيما أخبر أبو العباس عن ابن الأعرابي: “خيط أبيض يكون داخل عظم الرقبة ويكون ممتدا إلى الصلب” وقال ابن الأعرابي أيضا: النُخاع والنِخاع يعني بالكسر والضم “خيط الفقار المتصل بالدماغ” هذا ماذكره الأزهري في تهذيب اللغة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 162 وقال في شرح ألفاظ المختصر: النخع قطع النخاع وهو الخيط الأبيض الذي مادته من الدماغ في جوف الفقار كلها إلى عجب الذنب، وإنما تنخع الذبيحة إذا أبين رأسها. وقال صاحب المحكم: النخاع والنخاع: عرق أبيض في داخل العنق ينقاد في فقار الصلب حتى يبلغ عجب الذنب، وهو يسقى العظام، ونخع الشاة نخعا قطع نخاعها، والمنخع موضع قطع النخاع، والنخع القطع الشديد مشتق من قطع النخاع، والنخاعة ما تفله الإنسان كالنخامة، وتنخع الرجل رمى بنخاعته، وانتخع فلان عن أرضه بعد، والنخع أبو قبيلة من ذلك. نخل: النخل والنخيل بمعنى والواحدة نخلة، قاله الجوهري. ندد: في الحدديث: “ند بعير” أي: نفر وذهب على وجهه شاردا، يقال: ند يند بكسر النون ندا وندادا وندودا والند بفتح النون الطيب المعروف. وقال ابن فارس في المجمل والجوهري وغيرهما: ليس هو بعربي. قيل: هو مخلوط من مسك وكافور، والند بكسر النون هو المثل وجمعه أنداد، ويقال في الواحد أيضا النديد والنديدة بزيادة الهاء. ندل: المنديل بكسر الميم وهو معروف. قال ابن فارس: لعل المنديل مأخوذ من الندل وهو النقل. وقال غيره: هو مأخوذ من الندل وهو الوسخ لأنه يندل به. قال أهل اللغة: يقال تندلت بالمنديل. قال الجوهري: ويقال أيضا تمندلت بالمنديل، قال: وأنكر الكسائى تمندلت. وقال الجوهري في فصل ندل: يقال تمندلت بالمنديل لغة في تندلت. وقال أبو عمرو في شرح الفصيح: قال ابن الأعرابي: تقول العرب أندل لي هذا أي: أنقله من مكان إلى مكان، يقال منه ندلت أندل ندلا وندولا ومندولا، قال: ومنه أخذ المنديل لأنه ينقل من واحد إلى واحد. نذر: ثبت في صحيح البخاري عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما في مواضع من الكتاب، قال: “نهى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن النذر” وهكذا رواه في باب أيفاء النذر من العبد القدر، ثم في باب الوفاء بالنذور رواه مسلم أيضا من طرق. نزع: قال أهل اللغة: يقال نزعت الشيء أنزعه بكسر الزاي نزعا إذا قلعته، وفلان في النزع بفتح النون وإسكان الزاي أي: في قلع الحياة وإخراج الروح، ونزع عن الأمر ينزع نزوعا إذا انتهى عنه، وأقلع ونزع الولد إلى أبيه أو خاله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 163 أو غيره أي: أشبهه وذهب إليه في الشبه، ونزع في القوس نزعا أي: مدها ونازع الرجل صاحبه منازعة أي: جاذبه في الخصومة، وبينهم نزاعة بفتح النون أي خصومة، والتنازع التخاصم، وانتزعت الشيء فانتزع أي: قلعته فاقتلع، والمنزعة ما يرجع إليه الرجل من أمر وتدبيره ورأيه، والنزعتان بفتح النون والزاي واحدتهما نزعة بفتحهما، وهو المعروف المشهور في كتب اللغة. وذكر البيهقي في كتابه رد الانتقاد على ألفاظ الشافعي عن أبي العلاء بن كوشاد الأديب الأصبهاني: أنه يقال نزعة بفتح الزاي وبإسكانها لغتان، قال: يروون ذلك عن ابي عمرو الشيباني وغيره. قلت: والنزعتان هما الموضعان اللذان يحيطان بالناصية ينحسر الشعر عنها في بعض الناس، وذلك محمود عند العرب يمدحون به، ويقال منه رجل أنزع بين النزع. قال أهل اللغة: ولا يقال امرأة نزعاء، لكن يقال غراء، والنزعتان من الرأس عندنا وعند جماهير العلماء، واستحب الشافعي والأصحاب رحمهم الله تعالى غسلهما مع الوجه للخروج من خلاف من قال هما من الوجه. وقوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “ما لي أنازع القرآن” بفتح الزاي معناه أجاذبه وأزاحم في قراءته، قوله في باب الربا من المهذب: غبس كواسب لا يمن طعامها لمعفر قهد تنازع شلوه هذا البيت قبله بيت آخر يظهر معنى هذا، وهو: عرض الشقائق طوفها وبغامها خنساء ضيعت الفرير فلم يرم الخنساء: بقرة وحشية، والفرير فتح الفاء وكسر الراء، وهو ولد البقرة، وقولهم: فلم يرم بفتح الياء وكسر الراء معناه: لم يبرح، وعرض بضم العين هو الناحية، والشقائق بفتح الشين المعجمة جمع شقيقة، وهي رملة فيها نبات. وقيل: أرض غليظة بين رملين. وقيل: رمل رقيق بين رملين ضخمين، وقوله: طوفها بفتح الطاء ورفع الفاء أي: ذهابها ومجيئها وهو فاعل يرم، وبغامها بضم الباء الموحدة وبالغين المعجمة ورفع الميم معطوف على طوفها والبغام الصوت، وأما بيت الكتاب فاللام في قوله لمعفر مكسورة، وهي لام التعليل أي: من أجل معفر، وهو الذي عفر بالتراب أي: سحب في التراب، والقهد بضم القاف وإسكان الهاء الذي يعلو بياضه حمرة. وقيل: هو الذي له بياض يخالطه حمرة أو صفرة. وقوله ينازع شلوه أي: يجاذب عضوه. وقوله غبس أي: ذباب جمع الجزء: 4 ¦ الصفحة: 164 أغبس، وهو الذي لونه كلون الرماد. وقوله كواسب أي: تكسب لنفسها. وقوله لا يمن طعامها فيه قولان: أحدهما: أنه لا منة عليها فيه بل يأخذه بالقهر والغلبة لا بالسؤال والمسكنة، بخلاف السنور وشبهه. والثاني: أنه لا ينقص ولا يقطع كقول الله تعالى: {أجر غير ممنون} ومعنى البيتين: أن هذه البقرة الخنساء ضيعت ولدها في رعيها فهي لا تبرح تطوف عليه، ولا تبرح تطوف في ناحية الرمل لأجل المعفر ظانة أنه فيها، ولا تعلم أن الذباب تنازعت وتجاذبت أعضاءه، واالله تعالى أعلم. نسك: قال صاحب المحكم: النسك والنسك العبادة يعني بضم النون وكسرها والسين ساكنة فيهما، وقيل لثعلب: هل يسمى الصوم نسكا. فقال: كل حق لله عز وجل يسمى نسكا يعني بضم النون وإسكان السين نسك ينسك نسكا، ونسك يعني بفتح السين وضمها في الماضي وبضمها في المضارع وبإسكانها مع فتح النون، قال: وتنسك ورجل ناسك، والجمع نساك والنسك والنسيكة الذبيحة. وقيل: النسك الدم والنسيكة الذبح يعني بكسر الذال وهو البقرة. قال: والمنسك والمنسك شرعة النسك، وفي التنزيل: {وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا} (البقرة: من الآية128) أي: متعبداتنا. وقيل: المنسك النسك نفسه، والمنسك الموضع الذي يذبح فيه النسائك، ونسك الثوب غسله، هذا ما ذكره صاحب المحكم. قال الأزهري: وقال الليث: النسك العبادة، رجل ناسك عابد، وقد نسك ينسك نسكا. قال: والنسك الذبيحة، والمنسك الموضع الذي تذبح فيه النسائك، والمنسك النسك نفسه، قال النضر: نسك الرجل إلى طريقة جميلة إذا داوم عليها، وينسكون البيت يأتونه. وقال الفراء: المنسك في كلام العرب الموضع المعتاد الذي تعتاده، ويقال إن لفلان منسكا يعتاده في خير كان أو غيره، وبه سميت المناسك. وقال ابن الأعرابي: النسك سبائك الفضة كل سبيكة منها نسيكة. وقيل للمتعبد ناسك لأنه خلص نفسه وصفاها لله من دنس الآثام كالسبيكة المخلصة من الخبث، هذا ما ذكره الأزهري. وقال الهروي: كل متعبد متنسك ثم سميت أمور الحج مناسك، ويقال: نسك إذا ذبح ينسك نسكا، والذبيحة نسيكة وجمعها نسك، ومنه قوله تعالى: {أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} (البقرة: من الآية196) والنسك الطاعة. قال: وقال بعضهم: النسك ما أمرت الشريعة به، والورع ما نهى عنه. قال: قال الأزهري في قوله تعالى: {إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي} (الأنعام: من الآية162) النسك كل ما الجزء: 4 ¦ الصفحة: 165 يتقرب به إلى الله تعالى، وقول الناس فلان ناسك من النساك أي: عابد من العباد يؤدي المناسك وما فرض عليه وما يتقرب به إليه. وقال ابن عرفة في قوله تعالى: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكاً} (الحج: من الآية34) أي: مذهبا من طاعة الله تعالى، يقال نسك فلان نسك قومه إذا سلك مذهبهم، هذا ما ذكره الهروي. وقال الجوهري: النسك العبادة، وقد نسك وتنسك أي: تعبد، ونسك بالضم نساكة أي: صار ناسكا، والناسك العابد، والنسيكة الذبيحة، والجمع نسك ونسائك، تقول منه نسك لله ينسك والمنسك والمنسك: الموضع الذي تذبح في النسائك. قال الشيخ أبو حامد الاسفرايني من أصحابنا في كتابه التعليق: قال أصحابنا: يقال للحج نسك بتخفيف السين، والنسك العبادة يقال رجل ناسك إذا كان كثير العبادة، والنسيك الذبيحة، والمنسك موضع الذبح، والجمع مناسك. قال: وإنا سمي الحج مناسك لمواضع النسك فيه. قال الإمام الواحدي: ثم ذكر قول الله تعالى: {وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا} (البقرة: من الآية128) النسك في اللغة على معنيين أحدهما: ذبح، والآخر: عبد، فلا ندري أيهما الأصل. وقال في قوله تعالى: {فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} (البقرة: من الآية196) قوله تعالى: {أَوْ نُسُكٍ} جمع نسيكة وهي الذبيحة ينسكها لله عز وجل أي: يذبحا، قال: وأصل النسك العبادة، والناسك العابد هذا أصل معنى النسك، ثم قيل: للذبيحة نسك لأنها من أشرف العبادات التي يتقرب بها إلى الله سبحانه وتعالى، هذا آخر كلام الواحدي. وقال أبو محمد بن قتيبة في آخر سورة الأنعام من كتابه غريب القرآن: أصل النسك ما يتقرب به إلى الله تعالى. قوله في كتاب الصيام من المهذب في الحديث: “أمرنا رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن ننسك لرؤية الهلال” المراد: بالنسك هنا الصوم وهو عبادة داخل في اسم النسك على ما تقدم، ويجوز أن يكون المراد العبادة مطلقا من صوم وصلاة العيدين والتضحية والتكبير في العيدين وغير ذلك من العبادة المتعلقة برؤية الهلال، والله تعالى أعلم. نسم: قوله في آخر الباب الأول من كتاب اللقطة من الوسيط: البعير الذي وجد مذبوحا، وقد غمس منسمه في دمه هو بفتح الميم وإسكان النون وكسر السين، وهو خف البعير كذا قاله الجوهري. وقال ابن فارس: هو باطن خف البعير. وقال الزبيري في مختصر العين: هو كظفر الإنسان. وقال الجزء: 4 ¦ الصفحة: 166 الجوهري: قال الكسائى: هو مشتق من الفعل يقال نسم به ينسم نسما. قال الأصمعي: قالوا للنعامة أيضا منسم كما قالوا للبعير منسم. نسو: النسوة بكسر النون وضمها لغتان مشهورتان، ذكرهما ابن السكيت وغيره: هو جمع لا واحد له من لفظه وواحده امرأة وأما النساء. فقد قال أبو البقاء في إعراب قول الله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} (البقرة: من الآية187) هو جمع نسوة. وقيل: لا واحد له، والهمزة في النساء مبدلة من واو كقولك في معناه نسوة، والله أعلم. نشب: قال أهل اللغة: نشب الشيء في الشيء بكسر الشين ينشب بفتحها نشوبا أي: علق فيه، وأنشبته أنا فيه أي: أعلقته فانتشب، وانشب أعلق، ونشبت الحرب بينهم، والنشاب السهام الواحدة نشابة، والناشب صاحب النشاب. نشد: قوله في الوسيط والوجيز في أول كتاب الإيمان: “ولا تجب كفارة اليمين بالمناشدة” وهي: أن يقسم غيره عليه. قال الرافعي: يقال ناشده إذا ذكره الله تعالى ونشدتك الله أي: سألتك بالله أنشد نشدا كأنك ذكرته إياه فنشد أي: تذكر. وقيل: معنى نشدتك بالله أي: سألتك بالله، برفع نشيدي أي: صوتي، وسمي طالب الضالة ناشدًا لرفعه صوته بالطلب. نشر: قوله في المهذب في باب بيع الغرر عن عائشة رضي الله تعالى عنها في صفة أبي بكر رضي الله تعالى عنه: فرد نشر الإسلام على غرة النشر، بفتح النون والشين المعجمة ومعناه المنتشر، ومثله قول الغزالي حد المكره في كتاب الطلاق من الوسيط والوجيز هذه الطريقة أضم للنشر هي بفتح النون والشين أي: الانتشار. وفي حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه “أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان ينشر أصابعه في الصلاة نشرًا” ذكره في صفة الصلاة من المهذب، هذا الحديث رواه الترمذي وضعفه. قال البغوي في شرح السنة: هذا الحديث لا يصح. قال الجوهري: نشر المتاع وغيره ينشره نشرًا بسطه. نشو: النشوة مبادىء السكر وهو بفتح النون وإسكان الشين، هذه اللغة المشهورة. قال الجوهري: وزعم يونس أنه سمع فيه كسر النون، والرجل نشوان وقد انتشى. والنشا المتخذ من الحنطة مذكور في آخر باب الربا من الروضة، وهو مقصور مفتوح النون. قال الجوهري: هو النشاستج فارسي معرب حذف شطره تخفيفًا كما قالوا للمنازل منا. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 167 نصع: قوله في الوسيط في كتاب الحيض البحراني الناصع اللون. قال العلماء: الناصع هو خالص اللون. قال الأصمعي: هو كل ثوب خالص البياض أو الصفرة أو الحمرة فهو ناصع. قال الجوهري: الناصع الخالص من كل شيء، وقد نصع الشيء ينصع بفتح الصاد فيهما نصوعًا إذا وضح وبان. نصف: قال القاضي في المشارق: وصاحب المطالع يقال هو نصف الشيء ونصفه ونصفه بكسر النون وضمها وفتحها، ولغة رابعة نصيفه بفتح النون وزيادة ياء، ونقلا كل ذلك عن الخطابي. نصل: قال الجوهري: النصل نصل السهم والسيف والسكين والرمح وجمعه نصول ونصال، ونصل الحافر خرج من موضعه، ونصل شعره ينصل يعني بضم الصاد نصولا زال عنه الخضاب، ولحيته ناصل وتنصل من كذا أي: تبرأ، وتنصلت الشيء واستنصلته إذا استخرجته. نضب: ذكر في الوسيط والروضة: نضوب الماء في غسل الأرض النجسة. قال أهل اللغة: نضب الماء ينضب بضم الضاد نضوبا أي: غار في الأرض وسفل، ونضوب القوم بعدهم. قال الأصمعي: الناضب البعيد، ومنه قيل: للماء إذا ذهب نضب أي بعد. نطر: قال الجوهري: الناطر والناطور: حارس الكرم. قال غيره: يقال بالطاء المهملة والمعجمة. ورجح الرافعي في باب المساقاة المهملة، وكذلك رجحه غيره. نطع: النطع معروف، وفيه أربع لغات مشهورة كسر النون وفتحها مع إسكان الطاء وفتحها وأفصحها كسر النون وفتح الطاء، وجمعه نطوع وأنطاع، وتنطع في الأمر وفي الكلام أي: تعمق وبالغ فيه. نظر: قال الجوهري: النظر تأمل الشيء بالعين وكذلك النظران بفتح الظاء، وقد نظرت إلى الشيء والنظر الانتظار، وداري تنظر إلى دار فلان ودورنا تناظر أي تقابل، والناظر في المقلة السواد الأصفر الذي فيه إنسان العين، ويقال للعين الناظرة والناظر الحافظ، والنظرة بكسر الظاء التأخير وأنظرته أخرته. واستنظره استمهله، وتنظره انتظره في مهلة، وقولهم نظار مثل قطام أي: انتظره وناظره من المناظرة، والمنظرة المرقبة، وامرأة حسنة المنظر والمنظرة أيضا. والنظارة يعني: بتشديد الظاء هم القوم ينظرون إلى الشيء ونظير الجزء: 4 ¦ الصفحة: 168 الشيء مثله. وحكى أبو عبيدة: النظر والنظير بمعنى كالند والنديد. قال الفراء: فلان نظيرة قومه وأملاكه قومه أي: ينظر إليه منهم، ويجمعان على نظائر. قوله في الوسيط والوجيز والروضة في باب الاعتكاف: لا يجوز الخروج لأجل النظارة هي بفتح النون وتخفيف الظاء المعجمة، يستعملها العجم يعنون بها النظر إلى ما يقصد النظر إليه، وليست بمعروفة في هذه اللغة بهذا المعنى. قال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح رحمه الله تعالى: لا يجوز أن يقرأه لأجل النظارة بتشديد الظاء، وهم القوم الذين ينظرون إلى الشيء كذا قاله الجوهري. نعج: قال أهل اللغة: النعجة الشاة الأنثى من الضأن. قال الجوهري: النعجة من الضأن والجمع نعاج ونعجات، وكذا قال صاحب المجمل والزبيدي في مختصر العين: وخلائق لا يحصون النعجة الأنثى من الضأن. قال الواحدي: النعجة الأنثى من الضأن. نعنع: النعنع مذكور في باب بيع الأصول والثمار من المهذب: هو البقل المعروف. يقال بضم النونين وفتحهما والفتح أشهر. ولم يذكر ابن فارس في المجمل والجوهري وجماعة سوى الفتح. وممن حكى اللغتين صاحب المحكم. قال الجوهري: النعناع بقل معروف، وكذلك النعنع مقصور منه، والنعنع بالضم الرجل الطويل. قال صاحب المحكم: النعنع والنعنع بقلة طيبة الريح. قال أبو حنيفة: النعنع، هكذا ذكره بعض الرواة بالضم بقلة طيبة الريح، والطعم فيها حرارة على اللسان. قال أبو حنيفة: والعامة تقول نعنع بالفتح، هذا آخر كلام صاحب المحكم. نعق: قال صاحب المحكم: نعق بالغنم ينعق نعقا ونعاقا ونعيقا ونعقانا صاح يكون ذلك في الضأن والمعز، ونعق الغراب نعيقا ونعاقا، والغين في الغراب أحسن. واستعار بعضهم النعيق في الأرانب هذا آخر كلام صاحب المحكم. وقال الأزهري: قال أهل اللغة: النعيق دعاء الراعي الشاء. وقال الليث: نعق الغراب ونغق يعني: بالغين المعجمة وبالمهملة. قال الأزهري: الثقاة من الأئمة يقولون كلام العرب نغق الغراب بالمعجمة، ونعق الراعي بالمهملة، ويجوز نعب. قال الأزهري: وهذا هو الصحيح. نعل: النعل: التي تلبس معروفة، وهي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 169 مؤنثة، ونعل السيف الحديدة التي تعمل في أسفله وهي أيضا مؤنثة. وقال أبو حاتم السجستاني في كتابه المذكر والمؤنث: النعل مؤنثة، قال: وكذلك نعل السيف والدابة والنعل من الأرض، ويقال: انعلت الدابة هذه اللغة الفصيحة، ويقال على لغة نعلت بلا ألف. وقوله في باب النذر من التنبيه: وغمس نعله في دمه يعني النعل الذي كان الهدي مقلدًا به فالضمير في نعله يعود إلى الهدي، وهذا النعل هو الذي تقدم في قوله حذب العرب ونحوها. وقوله في باب الحجر من المهذب في فصل الحجر على السفيه: أن عبد الله بن جعفر رضي الله تعالى عنهما: ابتاع أرضا بستين ألفا، فقال عثمان رضي الله تعالى عنه: ما يسرني أن تكون لي بنعلي، المراد به هذه النعل المعروفة التي تلبس، ومعناه المبالغة في غبنه في صفقته. نفس: النفس تطلق على أشياء منها نفس الحيوان وذات الشيء والدم والآدمي، ومنه قوله تعالى: {النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} (المائدة: من الآية45) وأما قولهم: “وما ليس له نفس سائله” فالمراد: بالنفس الدم، ومنه قول الشاعر: وليست على غير السيوف تسيل تسيل على حد السيوف نفوسنا ويجوز في إعراب سائلة ثلاثة أوجه: الرفع والنصب مع تنوينهما، والفتح بلا تنوين، وهذا الحيوان الذي ليست له نفس سائلة كالذبابة والزنبور والنحلة والنملة والقمل والبراغيث والخنفساء والعقرب والصراصر وبنات وردان وحمار قبان ونحوها، وكذا سام أبرص على الأصح. وقيل له نفس سائلة وأما الحية فالأصح أن لها نفسا سائلة. والثاني: لا، والضفدع لها نفس سائلة على المشهور وهو المذهب. وقيل: فيهما وجهان: ثانيهما ليس لها نفس سائلة ثم هذا الحيوان لا ينجس ما مات فيه على المذهب، وفي قول ينجسه وسواء الماء الناقص عن القلتين وسائر المائعات وإن كثرت. وهذا الخلاف في نجاسة الماء والمائع، وأما الحيوان فنجس نفسه قولا واحدا. وقيل في نجاسته قولان: كتنجيسه، وهذا في الحيوان الأجنبي وفي المتولد من نفس الشيء كدود الخل والجبن والفاكهة والباقلاء، فلا ينجسه قولا واحدا، فإذا خرج منه ثم أعيد فيه أو وضع في غيره صار كالأجنبي، وأما النفاس فهو الدم الخارج بسبب الولادة، وفي حقيقته خمسة أوجه: قال أهل اللغة: يقال نفست المرأة إذا ولدت بكسر الفاء، وفي النون لغتان: أشهرهما ضمها الثاني فتحها، ويقال في الحيض الجزء: 4 ¦ الصفحة: 170 نفست المرأة بفتح النون على المشهور، وقال الأكثرون لا يجوز ضمها. وحكى القاضي عياض في شرح مسلم في كتاب الحج في حديث أسماء حين نفست: أنه يقال بالضم والفتح في الحيض والولادة، قال: لكن الضم في الولادة أكثر، والفتح في الحيض أكثر. وقال إبراهيم الحربي: وغير واحد لا يقال في الحيض ألا بالفتح، وحكى صاحب الأفعال الوجهين فيهما جميعا. نفع: النفع: ضد الضر يقال نفعه بكذا ينفعه وانتفع به، والاسم المنفعة. نقس: الناقوس المذكور في حديث الأذان بضم القاف، قال الجوهري: هو الذي تضرب به النصارى لأوقات الصلاة، والنقس: ضرب الناقوس. وزاد صاحب المحكم فيه: والنقس يعني بفتح النون وسكون القاف ضرب النواقيس، وهو الخشبة الطويلة، والوبيلة: الخشبة القصيرة، وجمع الناقوس نواقيس. نقض: قال الإمام أبو منصور الأزهري: قال: إفساد ما أبرمته من عقد أو بناء، والنقض يعني بضم النون اسم للبناء المنقوض إذا هدم، والنقض والنقضة يعني بكسر النون هما الجمل والناقة اللذان قد هزلتهما الأسفار وأدبرتهما، والجمع الأنقاض، والنقض يعني بالكسر منتقض الكمأة من الأرض، إذا أرادت أن تخرج نقضت وجه الأرض نقضا فانتقضت الأرض، ويقال: انتقضت الجرح بعد البرء وانتقض الأمر بعد التئامه، وانتقض أمر الثغر بعد سده، هذا آخر كلام الأزهري. وقال صاحب المحكم: النقض ضد الإبرام نقضه ينقضه نقضا وانتقض وتناقض والنقض يعني بضم النون البناء المنقوض، وناقضه في الشيء مناقضة ونقاضا، والنقض ما نقضت والجمع أنقاض. وقال ابن فارس في المجمل والجوهري في صحاحه النقض، والنقض لغتان بكسر النون هو المنقوض. قال الجوهري: كالنكث. قلت: فقد حصل في نقض البناء وهو منقوض لغتان ضم النون وكسرها، فالأزهري وصاحب المحكم اقتصرا على الضم، وابن فارس والجوهري على الكسر والضم أولى لجلالة المقتصرين عليه والكسر هو القياس كالذبح والمدعى، والنكث بمعنى المذبوح، والمدعى والمنكوث وليس بحسن ما فعله ابن باطيش وجماعة من شارحي ألفاظ المهذب من اقتصارهم على الكسر، وإيهامهم أنه متعين اغتراراً بما في صحاح الجوهري. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 171 نقع: قال الأزهري: قال أبو عبيد: سمعت أبا زيد يقول الطعام الذي يصنع عند الأملاك النقيعة يقال منه نقعت أنقع نقوعا قال. وقال الفراء: النقيعة ما صنعه الرجل عند قدومه من السفر يقال أنقعت أنقاعا. وقال ابن شميل: النقيعة طعام الأملاك وربما نقعوا على عدة من الإبل إذا بلغتها جزورا منها أي: نحروه فتلك النقيعة. وقال الأصمعي: النقيعة ما نحر من النهب. وقال ابن السكيت: النقيعة المحض من اللبن يبرد. وقال الأزهري: قد ذكرت اختلافهم في النقيعة، ومأخذه عندي من النقع وهو النحر أو القتل، يقال سم ناقع أي: قاتل. وأما اللبن الذي يبرد فهو النقيع والنقيعة، وأصله من أنقعت اللبن فهو نقيع، ولا يقال منقع ولا يقولون نقعته، وهذا سماعي من العرب. ويقال سم ناقع ونقيع ومنقوع أي: ثابت. وقيل: سم منقع وموت ناقع أي: دائم، ونقعت بالماء ومنه أنقع نقوعا شربت حتى رويت، وأنقعني الماء، والنقيع الغبار، والنقع رفع الصوت، ونقع الصارخ بصوته، وأنقع تابعه وأدامه، وفلان منقع أي: يستغني برأيه وأصله من نقعت، ونقع البئر فضل مائه وهو المنهي عن بيعه، والنقيع البئر الكثيرة الماء والجمع أنقعة، ونقع الماء عليه أي: أروى عطشه، ونقع الماء ينقع نقوعا ثبت، والنقوع ما أنقعت من الشيء، يقال سقونا نقوعا لدواء نقع من الليل، والنقيع شراب يتخذ من الزبيب ينقع في الماء طبخ، واستنقع الماء اجتمع في نهر وغيره، ونقع ينقع نقوعا ونقعت بذلك نفسي اطمأنت إليه وانتقع لونه تغير، هذا كلام الأزهري. وقال صاحب المحكم: النقع الماء الناقع، والنقيع البئر الكثيرة الماء مذكر، والجمع أنقعة، وكل مجتمع ماء نقع والجمع نقعان والنقع القاع. وقيل: الأرض الحرة الطيبة الطين ليس فيها انهباط ولا ارتفاع. وقيل: هو ما ارتفع من الأرض والجمع نقاع وانقع، واستنقع في الماء ثبت فيه يبترد، ونقع الشيء في الماء وغيره ينقعه نقعا فهو نقيع وأنقعه نبذه، والنقيع والنقوع شيء ينقع فيه الزبيب وغيره ثم يصفى ماؤه ويشرب، والنقاعة ما أنقعت من ذلك، ونقع الماء العطش ينقعه نقعا ونقوعا أذهبه، والمنقع والمنقعة إناء ينقع فيه الشيء، ونقاعة كل شيء الماء الذي ينقع فيه، والنقيعة طعام يصنع للقادم عند السفر، والنقيعة طعام الرجل ليلة إملاكه، ونقع الموت كثر، ونقع الصارخ بصوته ينقع نقوعا وأنقعه بلغه، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 172 وما نقع بخبره أي: ما عاج به ولا صدقه، والنقاع المتكثر بما ليس عنده من مدح نفسه بالشجاعة والسخاء وما أشبهه، ونقع له الشر أدامه، والنقوع ضرب من الطيب، هذا آخر كلام صاحب المحكم. نقل: في الحديث: “نهى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - النساء عن الخروج إلا عجوز في منقلها المنقلان الخفان” كذا قاله أهل اللغة وغيرهم تقييد. وذكر إمام الحرمين بكسر الميم وفتحها لغتان والقاف مفتوحة فيهما. قال الأزهري في تهذيب اللغة: قال أبو عبيد: قال الأموي: المنقل الخف. قال أبو عبيد: لولا أن الرواية على فتح الميم ما كان وجه الكلام في المنقل إلا الكسر. قال الأزهري: وروى أبو العباس عن ابن الأعرابي أنه قال: يقال للخف المندل والمنقل بكسر الميم فيهما، هذا كلام الأزهري. وذكر شيخنا جمال الدين في المثلث: أن المنقل بالكسر والفتح الخف وبالضم الخف المصلح. وقوله في باب بيع الغرر من المهذب: “أن عثمان بن عفان اشترى من طلحة بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما أرضا بالمدينة ناقله بأرض له بالكوفة” قوله ناقله هو بفتح القاف على وزن بايعه وبادله ومعناه بادله، ومثله ناقلت فلانا الحديث إذا حدثته وحدثك، والله تعالى أعلم. والنقلة بضم النون وإسكان القاف انتقال القوم من موضع إلى موضع، والنقل تحويل الشيء قاله الأزهري عن الليث، وهو معروف. قال الأزهري: قال أبو العباس: النقل الذي يتنقل به على الشراب لا يقال إلا بفتح النون. وذكر جماعة كثيرون من أهل اللغة: أن ما يتنقل به على الشراب نقل بالضم كذا ذكره ابن فارس في المجمل، ثم قال: وقال ابن دريد: هو بالفتح. قولهم في المسألة قولان: بالنقل والتخريج ذكرنا معناه في الخاء. نمر: النمرة شملة من صوف مخططة. وقيل: فيها أمثال الأهلة وهي بفتح النون وكسر الميم، ويجوز تخفيفها بإسكان الميم، ويجوز كسر النون مع إسكان الميم كما في نظائره، والنمر الحيوان المعروف ميمه مكسورة، ويجوز إسكانها مع فتح النون وكسرها كما في الشملة، ونمرة الموضع المعروف عند عرفات، وهي بفتح النون وكسر الميم، ويجوز فيها ما في نمرة الصوف. نمل: النمل المعروف الواحدة منه نملة الجزء: 4 ¦ الصفحة: 173 بفتح النون وإسكان الميم هذا هو المشهور. وحكى أبو البقاء في إعرابه يقال: بإسكان الميم وضمها لغتان. قال الواحدي: ويقال في الجماعة منها نمل ونمال، وأما الأنملة التي في رأس الأصبع ففيها لغات أفصحها وأشهرها فتح الهمزة مع ضم الميم، والثانية بضمهما، والثالثة بفتحهما، والرابعة بكسر الهمزة وفتح الميم، ذكرهن على هذا الترتيب أبو عمر الزاهد في شرح الفصيح عن ابن الأعرابي، وقال: أخبرني ثعلب عن ابن الأعرابي قال: هي الأنملة وبعدها أنملة والثالثة أنملة والرابعة أنملة والأنامل أطراف الأصابع، وهكذا قال أكثر أهل اللغة: أنها أطراف الأصابع. قال أبو علي المرزوقي في شرح الفصيح: وربما سميت الأصابع الأنامل، وذكر البيهقي في كتابه رد الانتقاد عن الإمام أبي العلاء بن كوشاد الأصبهاني: أنه نقل عن أبي عمرو الشيباني وأبي حاتم السجستاني والحربي أنهم قالوا: لكل أصبع ثلاث أنملات، وكذلك ذكره الشافعي رحمه الله تعالى. نمى: قولهم في باب الصيد والذبائح قال ابن عباس: كل ما أصميت ودع ما أنميت. قال الرافعي: قال الشافعي رحمه الله تعالى: معنى ما أصميت أي: ما قتلته بسهمك أو كلبك وأنت تراه، وما أنميت ما غاب عنك فقتلته. نهى: قال أهل اللغة: النهي خلاف الأمر، ونهيته عن كذا فانتهى عنه وتناهى أي: كف، وتناهوا عن المنكر أي: نهى بعضهم بعضا، ويقال هو نهو عن المنكر بفتح النون وضم الهاء على فعول كشكور، وأنهيت إليه الخبر فانتهى وتناهى أي: بلغ والإنهاء الإبلاغ والنهاية الغاية ومنه بلغ نهايته. قال الجوهري: والنهية بالضم مثله، ويقال: هذا رجل ناهيك من رجل ونهيك من رجل ونهاك من رجل معناه أنه: يعني به ينهاك عن تطلب غيره، وهذه امرأة ناهيتك من امرأة تذكر وتؤنث وتثنى وتجمع لأنه اسم فاعل، وإذا قلت: نهيك من رجل كما تقول حسبك من رجل لم تثن ولم تجمع لأنه مصدر، ويقال في المعرفة هذا عبد الله ناهيك من رجل بنصب ناهيك على الحال، قال هذه الجملة الجوهري. وفي الحديث: “أولو الأحلام والنهى” هو بضم النون وفتح الهاء. قال الواحدي: قال اللحياني: النهية يعني بضم النون العقل وجمعها النهى، ورجل نهى ونه من قوم نهين، وسمي العقل نهية لأنه ينتهي إلى ما أمر به ولا يتجاوزه. قال الزجاج: الجزء: 4 ¦ الصفحة: 174 فلان ذو نهية أي: عقل ينتهي به عن القبائح ويدخل به في المحاسن. قال الزجاج: وقال بعض أهل اللغة: هو الذي ينتهي إلى رأيه وعقله. قال الزجاج: وهذا أحسن وهذا معنى قول اللحياني. وقال أبو على الفارسى: يجوز أن يكون النهى مصدرا كالهدى، وأن يكون جمعا كالظلم، قال: والنهى معناه في اللغة البيان والحبس ومنه النهي، والنهى للمكان الذي ينتهى إليه الماء فيستنقع. قال الواحدي: يرجع القولان في اشتقاق النهية إلى قول واحد وهو الحبس، فالنهية: هي التي تنهى وتحبس عن القبائح، هذا آخر كلام الواحدي. نور: المنارة التي يؤذن عليها بفتح الميم ذكره الجوهري وغيره، والمنارة: التي يوضع عليها السراج بفتح الميم أيضا ذكرها الجوهري وصاحب المحكم. قال الجوهري: هي مفعلة من الاستنارة بفتح الميم، والجمع المناور بالواو لأنه من النور، ومن قال منائر وهمز فقد شبه الأصل بالزائد، كما قالوا مصائب وأصله مصاوب. قال صاحب المحكم: جمع المنارة مناور على القياس ومنائر مهموز قياس. قال ثعلب: إنما ذلك لأن العرب تشبه الحرف بالحرف فشبهوا منارة، وهي مفعلة من النور بفعالة فكسروها تكسيرها. وأما سيبويه فيحمل ما همز من هذا على الغلط، وقد وقع في التنبيه في باب السلم المنائر بالهمز ولم أره في شيء من النسخ بالواو، فإذا كان جائزا على أحد اللغتين فلا بأس وإن كان الأجود بالواو. قال أبو حاتم السجستاني: في المذكر والمؤنث النار مؤنثة وجمعها أنور ونيران ونور النورة المذكورة في المياه. قال ابن الصلاح: هي حجارة بيض رخوة فيها خطوط. نيك: قال الأزهري في تهذيب اللغة: قال الليث: النيك معروف، والفاعل نايك، والمفعول به منيوك ومنيك، والأنثى منيوكة. نجد: مذكورة في باب مواقيت الحج وفي زكاة الثمار وفي الصلاة من المهذب ومواضع أخرى: هي بفتح النون، وهي ما بين حرثين إلى سواد الكوفة وحده من العرب الحجاز، وعن يسار الكعبة اليمن، ونجد كلها من عمل اليمامة، ذكره الجزء: 4 ¦ الصفحة: 175 صاحب المطالع واالله تعالى أعلم. فصل في أسماء المواضع نجران: مذكورة في باب عقد الذمة من المهذب في قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "أخرجوا اليهود من الحجاز وأهل نجران من جزيرة العرب" هي بفتح النون وإسكان الجيم، وهي بلدة معروفة كانت منزلا للأنصار، وهي بين مكة واليمن على نحو سبع مراحل من مكة. قال في المهذب: وأما نجران فليست من الحجاز، ولكن صالحهم رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على أن لا يأكلوا الربا فأكلوه ونقضوا العهد فأمر بإخراجهم، فأجلاهم عمر رضي الله تعالى عنه، وهذا الذي قاله في المهذب هو الصواب. وأنها ليست من الحجاز الذي هو مكة والمدينة واليمامة ومحالفيها. وأما قول الإمام الحافظ أبي بكر الحازمي في كتابه المؤتلف والمختلف في الأماكن: نجران من محاليف مكة من صوب اليمن ففيه تساهل. وقال الجوهري في الجزء: 4 ¦ الصفحة: 176 صحاحه: نجران بلدة من اليمن. بطن نخل: المذكور في صلاة الخوف من الوسيط تقدم بيانه في حرف الباء. دار الندوة: مذكورة في الحج من المهذب في جزاء الصيد: هو بفتح النون وإسكان الدال وبالواو ثم الهاء، وهي معروفة بمكة قصي بن كلاب ثم صارت قريش تحضرها إذا حزبها أمر. قال الحازمي: وهي اليوم في المسجد الحرام، قال أقضى القضاة الماوردي في الأحكام السلطانية دار الندوة: هي أول دار بنيت بمكة صارت بعد قصي لعبد الدار بن قصي، فابتاعها معاوية في الإسلام من عكرمة بن عامر بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي وجعلها دار الأمانة، وقد تقدم بيان هذا عند ذكر مكة في حرف الميم. وحكى الأزرقي في تاريخ مكة: إنما سميت دار الندوة لاجتماع الندى فيها يتشاورون ويبرمون أمورهم، والندى الجماعة ينتدون أي: يتحدثون. وروى الأزرقي: أن معاوية بن أبي سفيان حج وهو خليفة فاشترى دار الندوة من ابن الزبير العبدري بمائة ألف درهم. وفي كتاب الأزرقي أن دار الندوة صارت كلها في المسجد الحرام وهي في جانبه الشمالي. نصيبين: مذكورة في أول البيع من الروضة: وهي بفتح النون وكسر الصاد والباء الموحدة، وهي مدينة مشهورة بالجزيرة منها كثير من العلماء. قال الجوهري في صحاحه: نصيبين اسم بلد وفيه للعرب مذهبان منهم من يجعله اسما واحدا، ويلزمه الإعراب كما يلزم الأسماء المفردة التي لا تتصرف، فيقول: هذه النصيبين ومررت نصيبين ورأيت نصيبين والنسبة نصيبين، ومنه من يجريه مجرى الجمع فيقول: هذه نصيبون ومررت بنصيبين ورأيت نصيبين، وكذا القول في يبرين وفلسطين وسيلحين وياسمين وقنسرين، والنسبة على هذا القول نصيبي ويبري وكذا أخواتهما. النقيع: الذي حماه رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مذكور في كتاب إحياء الموات من مختصر المزني والمهذب والوسيط وفي كتاب الحج في الوسيط: هو بفتح النون وكسر القاف وهو في صدر وادي العقيق على نحو عشرين ميلا من المدينة. قال الشافعي رحمه الله تعالى في مختصر المزني: وهو بلد ليس بالواسع الذي يضيق على من حوله المرعى إذا حمي يعني بالبلد الأرض. وقال صاحب مطالع الأنوار: مساحته ميل في بريد وفيه شجر ويستجم حتى يغيب فيه الراكب، قال: واختلف الرواة في ضبطه فقيده النسفي وأبو ذر والقابسي والصدفي وابن ماهان وغيرهم بالنون، وكذا ذكره الهروي والخطابي. قال الخطابي: وقد صحفه بعض أصحاب الحديث فقاله بالباء وهذا خطأ، إنما الذي بالباء بقيع الغرقد مدفن أهل المدينة. قال: وقال أبو عبيد البكري: هو بالباء مثل بقيع الغرقد، وأما نقيع الخضمات بقرب المدينة فبالنون. كذا قيده الحازمي وغيره، ونقل الحازمي: أن الخطابي قال: من قاله بالباء فقد أخطأ، وهو قرية بقرب المدينة على ميل من منازل بني سلمة، قاله أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى. نقله الشيخ أبو حامد في تعليقه في كتاب الجمعة في صلاة الجمعة في القرى، ونقلته في شرح المهذب. نمرة: مذكورة في صفة الحج: وهي بفتح النون وكسر الميم، وهي عند الجبل الذي عليه أنصاب الحرم عن يمينك إذا خرجت من مأزمي عرفة تريد الموقف، قاله الأزرقي وغيره، وقد تقدم بيانه في ذكر مسجد عرفة. وروى الأزرقي عن عطاء بن أبي رباح رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بنمرة يوم عرفة كان فى منزل الخلفاء اليوم إلى الصخرة الساقطة بأسفل الجبل عن يمينك وأنت ذاهب إلى عرفات، والله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 177 تعالى أعلم. نهاوند: قال السمعاني: هي بضم النون وهي مدينة من بلد الجبل. قيل: أن نوحا عليه السلام بناها، وكان اسمها نوحا وند فأبدلوا الحاء هاء. النهروان: مذكور في قتال أهل البغي في المهذب: وهو مكان بقرب بغداد وهو بفتح النون والراء وإسكان الهاء بينهما هذا هو المشهور في ضبطه، وكذا ضبطه أبو العباس ثعلب وابن قتيبة في أدب الكاتب والجوهري في صحاحه وآخرون. وقال ابن الانبارى: هو بضم النون والراء. وذكره ابن الجواليقي في كتابه المعرب بالوجهين فقال: النهروان بفتح النون والراء فارسي معرب، قال: وقال أبو عمرو: سمعت من يقول نهروان بضمها. ذكره السمعاني في الأنساب بالضم فقط، قال: وهي بلدة قديمة لها عدة نواحي خرب أكثرها وهي بقرب بغداد. نيسابور: بفتح النون من أعظم مدن خراسان وأشهرها وأكثرها أئمة من أصحاب أنواع العلوم. وللحاكم أبي عبد الله بن البيع النيسابوري كتاب كبير في تاريخها مشتمل على نفائس كثيرة، وروينا عن الحافظ عبد القادر الرهاوي في كتابه الأربعين قال: العالمين مدائن خراسان أربع نيسابور ومرو وبلخ وهراة. قال السمعاني في الأنساب: نيسابور أحسن مدن خراسان وأجمعها للخيرات، وإنما قيل لها نيسابور لأن سابور لما رآها قال: يصلح أن يكون هنا مدينة، وكان قصبا وأمر بقطعه وأن تبنى مدينة، فقيل نيسابور إلى القصب، وقد جمع الحاكم لها تاريخا في مجلدات. قلت: ويقال لنيسابور أيضا أبر شهر، كذا ذكره الحاكم في مواضع كثيرة في أول تاريخها. نيل مصر: مذكور في باب أحكام المياه من كتاب إحياء الموات من المهذب: هو بكسر النونن وهو النهر المعروف، وهو من أنهار الجنة كما جاء في الحديث الصحيح. حرف الهاء هتك: قوله في المهذب في أواخر كتاب المسابقة: كما لو عرض دون العرض شيء فهتكه هو بفتح الهاء والتاء المخففة ومعناه: خرقه ونفذ منه. قال أهل الجزء: 4 ¦ الصفحة: 178 اللغة: يقال هتكت الشيء هتكا فانهتك، والهتك خرق الستر عما وراءه. هجر: قال الواحدي: المهاجر الذي فارق عشيرته ووطنه. وأصله من الهجر الذي هو ضد الوصل، ومنه قيل للقبيح الهجر لأنه ينبغي أن يهجر، والهاجرة وقت يهجر فيه العمل. هجع: قول الله تبارك وتعالى: {كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} (الذريات:17) جاء ذكره في صلاة التطوع من المهذب. قال المفسرون وأهل االلغة: الهجوع النوم بالليل. وقال الإمام الواحدي في كتابه الوسيط في التفسير: الهجوع النوم بالليل دون النهار، قال: وما صلة، والمعنى كانوا يهجعون قليلا من الليل يصلون أكثر الليل. قال عطاء: وذلك حين أمروا بقيام الليل ثم نزلت الرخصة، قال: ويجوز أن يكون المعنى كان الليل الذي ينامون فيه كله قليلا ويكون إسما للجنس، وهذا معنى قول سعيد بن جبير عن ابن عباس، قال: كانوا أقل ليلة تمر بهم إلا صلوا فيها. قال مطرف بن الشخير: قل ليلة أتت عليهم هجوعا كلها. وقال مجاهد: كانوا لا ينامون كل الليل، قال: واختار قوم الوقف على قوله تعالى: {قَلِيلاً} وهو قول الضحاك ومقاتل، ثم ابتدأ فقال: {مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} وهذا على معنى نفي النوم عنهم البتة. قال عطاء: والمراد بهؤلاء القليل ثمانون من نصارى نجران آمنوا بمحمد - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وصدقوه، هذا آخر كلام الواحدي. قال الأزهري: يقال أتيت فلانا بعد هجعة أي: بعد نومة خفيفة من أول الليل، وقد هجع يهجع هجوعا إذا نام، وقوم هجوع ونسوة هجع وهواجع وهجع القوم تهجيعا إذا ناموا، ومعنى هجيع من الليل وهزيع بمعنى واحد. قال صاحب المحكم: الهجوع النوم بالليل خاصة، ونسوة هجع وهجوع وهواجع وهواجعات جمع الجمع. هدب: في حديث المطلقة ثلاثا “ليس معه إلا مثل هذه” الهدبة هي بضم الهاء وإسكان الدال هذه اللغة الفصيحة. قال الجوهري: ويقال بضم الدال أيضا في لغة ويقال هدب بضم الهاء وإسكان الدال هاء في آخره وهي طرف الثوب، شبهت ذكره في الاسترخاء وعدم الانتشار عند الإفضاء إليها بالخرقة وكنت عنه بما ذكرت. وأما أهداب العين فهي الشعور النابتة على أشفار العين، واحدها هدب ضم الهاء وإسكان الدال، وقيل فيه لغة بفتحهما، ورجل أهدب كثير شعر أشفار الجزء: 4 ¦ الصفحة: 179 العين، والهندباء مذكور في بيع الأصول والثمار من المهذب وهو بقل معروف، وهو بكسر الدال يمد ويقصر لغتان، ويقال فيه أيضا هندباء بفتح الدال وهندباء وهندب. هدد: الهدهد بضم الهاءين وإسكان الدال بينهما طائر معروف ذو خطوط متوجة، ويقال أيضا فيه هدهد بضم الهاء الأولى وكسر الثانية، وجمعه هداهد بفتح الأولى وهو محرم، ويقال هد البناء يهد بضم الهاء هدا. هدي: الهدي: والهدي لغتان فصيحتان مشهورتان إسكان الدال مع تخفيف الياء وكسر الدال مع تشديد الياء. قال صاحب البحر: وهو اسم لما يهدى إلى مكة وحرمها، زادها الله تعالى شرفا تقربا إلى الله تعالى من النعم وغيرها من الأموال، إلا أنه عند الإطلاق اسم للنعم، فلهذا قال أصحابنا: إذا نذر هديا، وسماه لزمه ما سمى، وإن أطلق فقولان القديم أنه يجزيه ما يقع عليه الاسم. قال صاحب البحر: حتى تجزيه تمرة أو زبيبة لأنه يقع عليه اسم الهدي لغة وشرعا، ودليله في حديث الجمعة من راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة، والجديد الأصح لا يجزيه إلا ما يجزي في الأضحية من النعم وأما الهدية، والفرق بينها وبين الهبة والصدقة، والاختلاف في اشتراط الإيجاب والقبول فيها، فسنذكره إن شاء الله تعالى في فصل وهب. والهداية والهدي يطلق بمعنيين أحدهما خلق الإيمان واللطف، والآخر بمعنى البيان فمن الأول {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا} (الأعراف: من الآية43) ونظائره، ومن الثاني قول الله تعالى: {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ} (الانسان: من الآية3) {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ} (البلد:10) أي: بينا له طريقي الخير والشر، {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ} (فصلت: من الآية17) أي: بينا لهم الطريق. هذب: قال أهل اللغة: التهذيب التنقية والتصفية، والمهذب المنقى من العيوب، ورجل مهذب أي: مطهر الأخلاق. هذذ: قوله في المهذب في وجوب قراءة الفاتحة على المأموم: أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: “لعلكم تقرأون خلف إمامكم قلنا: نعم هذا يا رسول الله، قال: لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب” هذا الحديث صحيح رواه أبو داود والترمذي وغيرهما بأسانيد صحيحة، وهذا هو في سنن أبي داود والدارقطني والبيهقي وغيرهم: هذا بتشديد الذال ومنصوب مكتوب بالألف. قال الخطابي في تفسير هذا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 180 الحديث: الهذ سرد القراءة ومداركتها في سرعة واستعجال قال: وقيل: أراد بالهذ هنا الجهر بالقراءة، فهذا صواب هذه اللفظة ولا خلاف فيها بين المحدثين والشارحين وغيرهم، ووقع في المهذب: “أجل يا رسول الله نفعل هذا” بزيادة لفظة نفعل وهكذا هو في رواية البيهقي والذال المشددة أيضا أي: نفعل القراءة بالهذ ونهذها هذا، وفي رواية الدارقطني: “نهذه هذا وندرسه درسا”. ورواية أبي داود وأكثر روايات الدارقطني: “أجل يا رسول الله هذا” وإنما بسطت الكلام في هذه اللفظة لأني أخاف تصحيفها ممن لم يأخذ ألفاظ الحديث من مظانها محققة. هذى: قال الجوهري: هذى في مرضه يهذي ويهذو هذيا وهذيانا. وأما قوله في مختصر المزني في باب الضمان: ولا يصح ضمان المبرسم الذي يهذي. فقد ذكر صاحب الحاوي في معناه وجهين لأصحابنا، وقد سبق بيانه في حرف الباء في برسم. هرر: الهر السنور والأنثى هرة، وقوله في صلاة الخوف من المهذب والوسيط: “صلى علي رضي الله تعالى عنه ليلة الهرير” هو بفتح الهاء وكسر الراء وبعدها ياء ثم راء أخرى، وهي حرب جرت بينه وبين الخوارج وكان بعضهم بهر على بعض فسميت بذلك. وقيل: هي ليلة صفين بين علي ومعاوية رضي الله تعالى عنهما. هرو: قولهم: “ثوب هروي ودينار هروي” هو بفتح الهاء والراء وكسر الواو وتشديد الياء منسوب إلى هراة، وهي إحدى مدن خراسان المشهورة. وقوله في الوسيط والوجيز في باب الربا: “لا يصح بيع الهروي بالهروي” الهروي نقد فيه ذهب وفضة. هزع: قال الأزهري: قال أبو عبيد: قال الأحمر: مضى هزيع من الليل وجرس وجوش، هذا كله بمعنى واحد. قال صاحب المحكم: الهزيع صدر من الليل. وقيل: ثلثه أونحوه والجمع هزع. هزل: قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “ثلاث جدهن جد وهزلهن جد” تقدم في الجيم، والهزل: ضد الجد، وقد هزل بفتح الهاء والزاي يهزل بكسر الزاي. قوله: سمن ثم هزل هو بضم الهاء وكسر الزاي. قال الجوهري: الهزال ضد السمن، يقال: هزلت الدابة هزالا على مالم يسم فاعله، وهزلتها أنا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 181 هزلا فهو مهزول. هشش: ذكر في المهذب في أول كتاب المسابقة: “أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - راهن على فرس فجاءت سابقة فهش لذلك وأعجبه هو بفتح الهاء وتشديد الشين أي: سر بذلك وفرح به وظهر السرور على وجهه الكريم. قال الجوهري: الهشاشة الارتياح والخفة للمعروف، قال: ويقال هششت لفلان بكسر الشين أهش، بفتح الهاء هشاشة ورجل هش بش. هلث: قوله في باب زكاة الثمار من المهذب: وإن كان رطبا لا يجيء منه التمر كالهلياث، والسكر الهلياث بكسر الهاء وإسكان اللام وبعدها ياء مثناة من تحت ثم ألف ثم ثاء مثلثة. نقل بعض الفضلاء المصنفين في ألفاظ المهذب عن أبي حاتم السجستاني أنه قال في كتاب النخل: الهلياث نخلة صحيحة الجذع جيدة الرأس حمراء الليف، مادة الجريد قائمة الفرع طويلة الخوص مسترسلة السعف دقيقة الشوك، وهي أصح النخل وأطولها عرجونا طويلة الشمراخ تدلى أعذاقها، وبسرتها صفراء دقيقة الأسفل غليظة الرأس وبسرتها بشعة الطعم، ورطبها أطيب الرطب يجيء مع آخر السكر، قال: والسكر بضم السين المهملة وتشديد الكاف نخلة ثمرتها صفراء، وهي أرق الرطب، وجذعها أجود أجذاع النخل الجيدة الرأس حمراء الرطب فيه سواد قليل، قائمة الفرع مادة الجريد طويلة الخوص في سعفها صفرة، وفي خوصها استرخاء صافية اللون مستديرة الجريد غليظة الشوك، وفي شوكها سواد قليل طويلة العرجون، والشمراخ تؤكل خضراء وصفراء ومدركة، وهي من النخل التي لا تموت حتى تسقط أو تضرب، هذا آخر ما نقل عن السجستاني رحمه الله تعالى. وذكر صاحب البيان في باب زكاة الثمار: أن الهلياث والسكر كثير الماء قليل اللحم والشحم والبرني والمعقلي قليل الماء كثير اللحم والشحم. هلج: ذكر في أول باب الربا من الروضة: الإهليلج هو بكسر الهمزة واللام الأولى وفتح اللام الثانية هكذا ضبطه أهل اللغة. قال الجوهري: هو معرب. قال الجوهري: قال ابن السكيت: هو الإهليلج والاهليلجة بالكسر يعني بكسر اللام ولا تقل هليلجة. قال: وقال الجزء: 4 ¦ الصفحة: 182 ابن الأعرابي: هو بفتح اللام وليس في الكلام صدفه بالكسر، ولكن أفعلل مثل أهليلج وإبريسم. هلع: قال أهل اللغة: الهلوع الضجور، وقد هلع يهلع هلعا. وقال الزجاج: هو الذي يفزع ويجزع. وقال صاحب المحكم: الهلع الحرص. وقيل: الجزع وقلة الصبر. وقيل: هو أسوأ الجزع، يقال: هلع هلعا وهلوعا وهلاعا، ورجل هلع وهالع وهلوع وهلواع وهلواعة جزوع حريص، وشيخ هالع أي: محزن وهلع هلعا جاع. همس: قوله في الوسيط في مسألة الخرص: بالتأبير الصحة همسة حصلت من همس القوم. قال أهل اللغة: والتفسير الهمس هو الصوت الخفي، يقال: همس بحديثه إذا أخفاه. قال أبو عبيدة: الهمس واللكز والذب بمعنى واحد، وهو الصوت الخفي، والحروف المهموسة التي يذكرها أهل العربية عشرة يجمعها حثه شخص فسكت. هملج: في كتاب الإجارة من المهذب والوسيط: ذكر المهملج من الدواب وهو بضم الميم وفتح الهاء وإسكان الميم وكسر اللام، وهو الذي يكون حسن السير في سرعة كذا قاله أهل اللغة. وذكر صاحب المحيط الوزير أبو القاسم ابن عباس: أن الهملاج حسن سير الدابة في سرعة وبخترة. قال أهل اللغة: وجمع الهملاج هماليج كسرادح وسراديح وهي الناقة الكريمة، ويقال للذكر والأنثى هملاج، والفعل منه هملج يهملج هملجة فهو مهملج كدحرج يدحرج دحرجة فهو مدحرج. قال الجوهري: هو فارسي معرب. هود: قال الإمام أبو الحسن الواحدي في البسيط: قال الليث: الهود التوبة. وقوله عز وجل: {إنا هدنا إليك} أي: تبنا إليك. وقال غيره: هاد في اللغة معناه مال، يقال: هاد يهود هيادة وهودا. وقال المبرد في قوله تعالى: {هدنا إليك} أي: ملنا إليك، ويقال: لمن تاب هاد لأن من تاب من شيء مال عنه. قال الليث: سميت اليهود يهودا اشتقاقا من هادوا أي: تابوا من عبادة العجل، فعلى هذا القول لزمهم هذا الاسم في ذلك الوقت. وقال غيره: سموا بذلك لأنهم مالوا عن دين الإسلام وعن دين موسى، فعلى هذا إنما سموا يهودا بعد أنبيائهم. وقال ابن الأعرابي: يقال هاد إذا رجع من خير إلى شر ومن شر إلى خير، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 183 وسموا اليهود بذلك لتخليطهم وكثرة انتقالهم من مذاهبهمز وحكي عن أبي عمرو بن العلاء أنه قال: سميت اليهود لأنهم يتهودون أي: يتحركون عند قراءة التوراة وعلى هذا التهود تفعل من الهيد بمعنى الحركة، يقال هدته أهيده هيدا كأنك تحركه ثم تصلحه. وقيل: اليهود معرب من يهوذا بن يعقوب عليهما الصلاة والسلام بالذال المعجمة عرب ثم نسب الواحد إليه. فقيل: يهودى ثم حذفت الياء في الجمع. فقيل: يهود وكل جمع منسوب إلى جنس فهو بإسقاط ياء النسبة كقولهم زنجي وزنج ورومي وروم، هذا الكلام في أصل هذا الحرف. ويقال: هاد إذا دخل في اليهودية وتهود إذا تشبه بهم ودخل في دينهم، وهود إذا دعي إلى اليهودية، ومنه الحديث: “فأبواه يهودانه” هذا آخر كلام الواحدى. وفي حديث القسامة: “تحلف لكم اليهود” لفظة يهود مرفوعة غير منونة فلا تنصرف لأن العرب أجرته إسما للقبيلة فامتنع صرفه لتأنيثه وتعريفه، وكذلك مجوس. قال أبو حاتم السجستاني: يهود مجوس لا يتصرفان لأنهما إسمان لأمتين كالاسمين للقبيلتين. قال: وأما المجوس واليهود فالمراد مذهب المجوسي واليهودي. هوس: قوله في الوسيط: وقيل: يجب في الشم الحكومة لأن التأذي به مع كثرة الإتيان أكثر من التلذذ، وهذا هوس الهوس بفتح الهاء والواو طرف من الجنون، كذا قاله الجوهري في صحاحه. هون: الهون بفتح الهاء هو السكينة والوقار والهون بالضم الهوان. قوله في باب الاستطابة من المهذب: حكاية عن لقمان عليه الصلاة والسلام “فاقعد هوينا وأخرج” قوله: هوينا هو بضم الهاء وفتح الواو وإسكان منون تصغير هونا، والمشهور فيه الهوينا بالألف واللام كالدنيا. وقد قيل: هونا، كما قيل دنيا والهوينا تأنيث الأهون والهاوون الذي يدق فيه معروف. قال ابن فارس في المجمل: الهاوون الذي يدق فيه عربي صحيح، قال: كأنه فاعول من الهون، قال: ولا يقال هاون لأنه ليس في الكلام فاعل يعني: لا يقال هاون بواو واحدة مضمومة، وكذا قاله غيره، وفيه لغة أخرى هاون بفتح الواو ذكرها الجوهري، قال: وأصله بالواوين لأن جمعه هوانين مثل قانون وقوانين الجزء: 4 ¦ الصفحة: 184 فحذفوا منه الواو الثانية استثقالا، وفتحوا الأولى لأنه ليس في كلامهم فاعل بالضم. هيأ: قوله في مختصر المزني في صفة الحج: “وتطوف المرأة على هيئتها” قال صاحب العين: روي هيئتها وروي هينتها أي: سكينتها. هيم: قوله في الوسيط: “الهائم وراكب التعاسيف لا يترخص” الهائم هو الذاهب مقصود صحيح. قال أبو عبد الله البخاري في أول كتاب البيوع من صحيحه: “الهائم المخالف القصد في كل شيء”. وأما جمع الغزالي بين الهائم وراكب التعاسيف، فقد قال الشيخ أبو الفتوح العجلي: هما عبارتان عن شيء واحد وليس كما قال، بل الهائم الخارج على وجهه لا يدري أين يتوجه وإن سلك طريقا مسلوكا، وراكب التعاسيف لا يسلك طريقا فهما مشتركان في أنهما لا يقصدان موضعا معلوما، وإن اختلفا فيما ذكرناه. قال أهل اللغة: يقال: هام على وجهه يهيم هيما وهيمانا ذهب من عشق أو غيره، وقلب مستهام أي: هائم، والهيام داء يأخذ الإبل فتهيم في الأرض لا ترعى يقال منه ناقة هيماء، وهذا مذكور في الروضة في أول باب الأضحية. هيه: قال الإمام الواحدي رحمه الله تعالى: هيهات إسم يسمى به إسم الفعل، وهو بعد في الخبر لا في الأمر، ومعنى هيهات بعد، وليس له اشتقاق لأنه بمنزلة الأصوات وفيه زيادة معنى ليست في بعد، وهو أن المتكلم بهيهات يخبر عن اعتقاده واستبعاد ذلك الذي يخبر عن بعده، فكأنه بمنزلة قوله بعد جدا وما أبعده، لا على أن يعلم المخاطب مكان ذلك الشيء في البعد، ففي هيهات زيادة على بعد وإن كان تفسيره بعد. قال الفراء في قوله تعالى حكاية عنهم: {هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ} (المؤمنون:36) لو لم تكن اللام في ما كان صوابا، قال: ودخول اللام عربي، ومثله في الكلام هيهات لك وهيهات أنت منا وهيهات لأرضك، وأنشد: وهيهات خل بالعقيق نواصله فهيهات هيهات العقيق وأهله فمن لم يدخل اللام رفع الاسم، ومعنى هيهات بعد فكأنه قال بعد العقيق. ومن أدخل اللام قال: هيهات أداة ليست مأخوذة من فعل، فإذا دخلت اللام كما يقال هلم لك إذا لم تكن مأخوذة من فعل. وقال الزجاج: هيهات موضعها الرفع وتأويلها الجزء: 4 ¦ الصفحة: 185 البعد لما توعدون، قال: ويقال هيهات ما قلت وهيهات لما قلت، فمن قال هيهات لما قلت معناه البعد لقولك. قال أبو على الفارسى: قول الزجاج: إن هيهات في موضع رفع، وإجراؤه إياها مجرى البعد في أن موضعه رفع في قولك البعد لزيد خطأ، وذلك أن هيهات اسم سمي به الفعل، فهو إسم لبعد كما أن شتان كذلك وهيهات أشبه الأصوات نحو مه وصه وما لا حظ له في الاعراب، فكما لا يجوز أن يحكم لشتان بموضع من الإعراب من حيث كان اسما للفعل ولا موضع له من الإعراب، كما لا موضع للهمزة من قوله أقام زيد، كذلك لا يجوز أن يحكم لهيهات بأن موضعه رفع، ولو جاز أن يكون موضعه رفعا لدلالته على معنى البعد لكان شتان أيضًا مرتفعًا لدلالته على ذلك، وليس للاسم الذي يسمى به الفعل موضع من الإعراب كما لم يكن للفعل الذي جعل هذا اسما له موضع، فإذا ثبت أنه اسم سمي به الفعل لا يخلو من ذلك ولولا أن شتان وهيهات لبعد في قولك شتان زيد وهيهات العقيق، وأن الاسم مرتفع به إذ لا يخلو أن يكون بمنزلة الفعل أو يمنزلة المبتدأ، ولا يجوز أن يكون بمنزلة المبتدأ لأن المبتدأ هو الخبر في المعنى أو يكون له فيه ذكر، وليس هيهات بالعقيق ولا شتان بزيد، ولو كان إسما للمصدر لما وجب بناؤه لأن المعنى الواحد قد يسمى بعده إسما، ويكون ذلك كله معربا، وأيضا فإنك تقول هيهات المنازل وهيهات الديار، فلو كان هيهات مبتدأ لوجب أن يجمع إذ لا يكون المبتدأ واحدا والخبر جمعا. وأظن الذي حمل أبا إسحاق على أن هيهات معناه البعد رفعا أنه لم ير في قوله هيهات فاعلا ظاهرا مرتفعا، فحمله على أن موضعه رفع كالبعد، والقول في هذا أن في هيهات ضميرًا مرتفعًا، وذلك أن الضمير عائد إلى قوله: “إنكم مخرجون” الذي هو بمعنى الإخراج فصار في هيهات هذا الضمير العائد إلى الأخراج فصار في هيهات ضميرا له، والمعنى: هيهات إخراجكم للوعد أي: بعد إخراجكم الوعد، ففاعل هيهات في قول الشاعر: فهيهات العقيق الاسم الظاهر، وإنما كرر هيهات في الآية والبيت للتأكيد. وأما قوله: ويقال هيهات ما قلت وهيهات لما قلت، فمن قال هيهات فمعناه: البعد لما قلت، ومن قال هيهات الجزء: 4 ¦ الصفحة: 186 لما قلت فمعناه: البعد لقولك، فقد ذكرنا: أن هيهات لا يجوز أن يكون للبعد، وأنه اسم سمي به الفعل فأجازته هيهات. ما قلت على أنه للبعد ليس بجائز، وإنما قلت يرتفع بهيهات كما يرتفع ببعد، وأما إجازته هيهات ما قلت فإنما قاسه على قوله تعالى: {هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ} (المؤمنون:36) وليس قولك مبتدأ هيهات لما قلت مثل الآية؛ لأن التي في الآية فيها ضمير كما أعلمتك ولا ضمير فيها مبتدأ، فبان أن قوله هيهات لما قلت ليس كما قاسه؛ لأنه خال من ضمير الفاعل، فإن قال هيهات لقولك وكان في هيهات ضمير كما في الآية جاز وإلا امتنع. وقوله: وأما من نون هيهات فجعلها نكرة، ويكون المعنى بعد لما قلت، ففيه اختلاف قيل: إنه إذا نون كان نكرة لأن هذه التنوينة في الأصوات إنما تثبت علما للتنكير وتحذف علما للتعريف، كقولهم عاقٍ وعاقِ وايهٍ وايهِ فجائز أن يكون المراد بهيهات إذا نون التنكير. وقيل: إنه إذا نون أيضا كان معرفة كما كان قبل التنوين لأن التنوين في مسلمات ونحوه نظير النون في مسلمين، فهي إذا ثبتت لم تدل على التنكير كما تدل عليه في عاق؛ لأنه بمنزلة ما لا يدل على تعريف ولا تنكير فهو على تعريفه الذي كان عليه قبل دخول التنوين، إذ ليس التنوين فيه ليث في عاق. قال أبو العباس: وهذا الوجه قوي، هذا آخر كلام أبي على الفارسى. قال الواحدي: فحصل في معنى هيهات ثلاثة أقوال: أحدهم أنه بمنزلة الصفة كقولك بعيد، وهو قول الفراء. والثاني: أنه منزلة البعد وهو قول الزجاج وابن الانبارى. والثالث: أنه بمنزلة بعد وهو قول أبي علي وغيره من حذاق النحويين، فهو على هذه الأقوال بمنزلة الصفة والمصدر والفعل وفيه لغات فتح التاء بلا تنوين. قال الفراء: هما أداتان جمعتا كخمسة عشر، قال: ويجوز أن يكون نصبها كنصب ربت وثمت، واللغة الثانية: هيهاتا بالتنوين مع الفتح، قال ابن الانبارى: هو شبيه بقوله تعالى: {فقليلا ما يؤمنون} . والثالثة: هيهات بكسر التاء، قال الفراء: هو بمنزلة وراك. والرابعة: الكسر مع التنوين، قال ابن الانبارى: شبهوه بالأصوات كعاق. والخامسة: هيهات بالرفع بغير تنوين. والسادسة: هيهات بالرفع والتنوين، قال: ومن العرب من يقول إيهات في هذه اللغات كلها، ومنهم من يقول إيها بلا تنوين وبحذف التاء كما حذفت الياء من حاش لله، والمستعمل من هذه اللغات كلها استعمالا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 187 غالبا الفتح بلا تنوين. قال الأزهري: واتفق أهل اللغة على أن تاء هيهات ليست بأصلية. قال أبو عمرو ابن العلاء: إذا وصلت هيهات فدع التاء على حالها، وإذا وقفت فقل هيهاه، ويدل على هذا ما قال سيبويه: إنها بمنزلة عرقات يعني: في التأنيث، وإذا كان كذلك كان الوقف بالهاء. قال الفراء: كان الكسائى يختار الوقف على الهاء، وأنا أختار التاء في الوقف على هيهات، وعنده أن هذه التاء ليست بتاء تأنيث، هذا آخر ما ذكره الواحدي. قال الجوهري في فصل إيه: ومن العرب من يقول إيها في معنى هيهات، وربما قالوا أيهات وربما قالوا أيهان بالنون كالتثنية، والله تعالى أعلم. فصل في أسماء المواضع هجر: المذكور في حديث: "القلتين" هي بفتح الهاء والجيم، قرية بقرب مدينة النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كانت هذه القلال تعمل بها أولا، ثم عملت بالمدينة وغيرها، ولسيت هذه هجر البحرين المدينة المعروفة التي هي قصبة البحرين، بل هذه غيرها. وأما قوله في المهذب في أول باب الجزية: "أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أخذ الجزية من مجوس هجر" فالمراد بها هجر البحري. قال الحازمي: بين هجر البحرين وبين يبرين سبعة أيام. قال الجوهري في صحاحه: هجر إسم بلد مذكر مصروف، قال: والنسبة إليها هاجري. وقال أبو القاسم الزجاجي في الجمل: هجر يذكر ويؤنث. وفي صحيح البخاري في باب هجرة النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن أبي موسى الأشعري عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "رأيت في المنام أني أهاجر من مكة إلى أرض بها نخل فذهب وهلي إلى أنها اليمامة أو الهجر فإذا هي المدينة" كذا في جميع النسخ الهجر بالألف واللام، لكنه حديث معلق بصيغة جزم. همذان: المدينة العظيمة الجبال، وعراق العجم مذكورة في باب صلاة المسافرين من الوسيط، وهي بفتح الميم وبالذال المعجمة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 188 حرف الواو وأد: في المهذب في عشرة النساء حديث الغزل: "هو الوأد الخفي" رواه مسلم. قال أهل اللغة: الوأد بالهمز دفن البنت وهي حية، وكانت العرب تفعله خشية الإملاق وربما فعلوه خوف العار، والموؤدة بالهمز البنت المدفونة حية. يقال منه وأدت المرأة ولدها وأدًا. قيل: سميت موؤدة لأنها تثقل بالتراب، ومنه قوله تعالى: {وَلا يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا} (البقرة: من الآية255) . وبش: في الحديث: "هذه أوباش قريش" ذكره في باب السير من المهذب. قال أهل اللغة: الأوباش الأخلاط. قال الجوهري: والأوباش من الناس الأخلاط مثل الأوشاب، قال: ويقال هو جمع مقلوب من البوش كذا قاله الجوهري في فصل وبش، وقال في فصل بوش: البوش الجماعة من الناس المختلطين يقال بوش بائش، قال: والأوباش جمع مقلوب منه. وجر: قال القاضي عياض: أوجره ووجره لغتان الأولى أفصح وأشهر، إذا ألقيت الوجور في حلقه، وهو الوجور بفتح الواو، وهو ما صب في وسط الفم في الحلق، واللدود ما صب في أحد جانبيه. وجز: قال أهل اللغة: أوجزت الكلام قصرته، وهو كلام موجز بفتح الجيم وموجز بكسرها ووجز ووجز. وأما قول الغزالي في خطبة الوجيز: وأوجزت لك المذهب البسيط الطويل، فالظاهر أنه أراد بالمذهب البسيط كتابه البسيط، وذكره أبو القاسم الرافعي في كتابه التذنيب: أنه يجوز أن يريد به مطلق المذهب، وأن يريد به كتابه المعروف بالبسيط. وجع: في الحديث: "لا تحل المسألة إلا لثلاثة لذي فقر مدقع أو لذي عدم مفظع أو لذي دم موجع" ذكره في المهذب في باب النجش، فموجع بضم الميم وإسكان الواو وكسر الجيم. قال الإمام الخطابي رحمه الله تعالى: الدم الموجع هو أن تتحمل حمالة في حقن الدماء، وإصلاح ذات البين فتحل له المسألة فيها، والله تعالى أعلم. قوله في التنبيه في باب صلاة المريض: “وإن كان به وجع فقيل له إن صليت مستلقيا” هكذا ضبطناه وجع بالتنوين إضافة إلى العين، وكذا وجد في نسخة المصنف رحمه الله تعالى، وقد يقع في كثير من النسخ أو في أكثرها وجع العين بالإضافة إلى الجزء: 4 ¦ الصفحة: 189 العين والأول أجود، والله تعالى أعلم. وحد: الدراهم الأحدية ذكرها في المهذب في باب ما ينقض الوضوء وزكاة المعدن: وهي بفتح الهمزة والحاء المخففة، وهي المكتوب فيها: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (الاخلاص:1) إلى آخرها وكان هذه الدراهم في أوائل الإسلام. ودع: ثبت في الحديث الصحيح عن عائشة رضي الله تعالى عنها: أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: “إن شر الناس عند الله تعالى منزلة يوم القيامة من ودعه أو تركه الناس اتقاء فحشه” هكذا رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما ورواه أبو داود والترمذي على الشك. وروينا في مسند أبي عوانة الاسفرايني عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه أنه قال: “إن أدعكم فلا استحلف عليكم فقد ودعكم خير مني” قال القاضي عياض في شرح مسلم في حديث سبب نزول قول الله تعالى: {وَالضُّحَى * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى} (الضحى:1، 2) النحويون ينكرون الماضي من ودع ووذر والمصدر أيضًا، قالوا: إنما جاء منهما المستقبل والأمر لا غير. قال القاضي: وقد جاء الماضي والمستقبل منهما جميعًا. وفي صحيح مسلم لينتهين قوم عن ودعهم الجماعات. وقال الشاعر: أكثر نفعًا من الذي ودعوا وكان ما قدموا لأنفسهم وقال: غاله في الحب حتى ودعه ليت شعري في خليلي ما الذي غاله بالغين المعجمة أي: أخذه. ورس: الورس نبت أصفر يكون باليمن يصبغ به الثياب والخز وغيرهما، يقال: ورست الثوب توريسا إذا صبغته بالورس. قال الجوهري وغيره: ويقال ملحفة وريسة أي: مصبوغة بالورس، كذا قاله أهل اللغة: وريسة براء مكسورة ثم ياء ساكنة ثم سين مفتوحة. ووقع في المهذب في آخر باب صفة الوضوء: “فأتيناه بملحفة ورسة” كذا هو في جميع نسخ المهذب ورسية بإسكان الراء وبعدها سين مكسورة ثم ياء مشددة، وكذا رواه البيهقي في السنن الكبير وغيره من أهل الحديث. ورا: التورية: أن يوهم غير مراده فيقصد شيئا ويتكلم بما يفهم منه غيره، قال: وأصله من وراء كأنه جعل البيان وراء ظهره وأعرض عنه. حديث الشفاعة: يقول إبراهيم عليه السلام: “إني كنت خليلا من وراء وراء” هكذا سمع مبنيا على الجزء: 4 ¦ الصفحة: 190 الفتح، وهكذا ضبطناه عن مشايخنا في مسلم وفي المستخرج عليه لأبي نعيم، ومعناه من خلف حجاب. ومثله حديث معقل: أنه حدث ابن زياد بحديث فقال: “إنني سمعته من رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أو من وراء وراء” أي: ممن جاء خلفه وبعده، هكذا شرح معناه الأئمة المحققون. وقال ابن الأثير: وروي مبنيا على الفتح ثم شرحه، فقال: من وراء حجاب وهاتان الكلمتان أوردهما ابن دحية مفتوحتين فرد عليه سنان، وقال: لا يجوز فيهما إلا البناء على الضم كقبل وبعد إذا قطعتا عن الإضافة بنيتا على الضم، ومنع ابن دحية الضم. وقال أبو البقاء: الصواب “وراء وراء” لأن تقديره من وراء ذلك أو من وراء شيء آخر، فإن صح الفتح قبل. قلت: صح الفتح والحمد لله لأن سماع الأئمة وتنبيههم على الفتح أقوى دليل على أنه ما روي بالضم، فحق أبي البقاء أن يقول: إن صح الضم، ولا يقول إن صح الفتح وتوجيهه أعني الفتح: أن تكون الكلمة مؤكدة كشذر مذر وشغر مغر وسقطوا بين بين، وورد في حديث معاذة الأسدي: “اللهم اجعل قوت فلان يوم يوم” ركبهما وبناهما على الفتح نحو لقيته صباح مساء، وإن ورد منصوبا منونا جاز جوازا جيدا، وأما بناء قبل وبعد على الفتح فضعيف عند البصريين، وإن حكاه الكوفيون فلا يجوز في القرآن العزيز لعدم فصاحته، ولا في حديث رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وزع: قال الجوهري: وزعته كففته أزعه وزعا فاتزع أي: كف، والأوزاع الجماعات، والتوزيع القسمة والتفريق، وتوزعوه تقسموه، واستوزعت الله تعالى شكره، فأوزعني أي: استلهمته فألهمني. وقوله في كتاب الرهن: “فيما إذا رهن الجارية الحسناء إن كان مما تزعه الحشمة” هو بفتح التاء والزاي المخففتين أي: يكفه الحياء ويمنعه. وسق: قوله: “خمسة أوسق” هي جمع وسق بفتح الواو وكسرها. قال الهروي: كل شيء حملته فقد وسقته، قال: وقال غيره: الوسق ضمك الشيء إلى الشيء بعضه إلى بعض. قال صاحب المحكم: جمع الوسق والوسق أوسق ووسوق، ويقال بكسر الواو وجمعه أوساق، قال: والأول أكثر وأشهر. وسم: قوله: “والمستحب أن يسم الجزء: 4 ¦ الصفحة: 191 إبل الصدقة والبقر والغنم” قال الخطابي: إنما توسم لتتميز عن أملاكه وينزه صاحبها عن حبها من شرائها لئلا يكون عائدًا فيما أخرجه إلى الله تعالى، قال: وفيه تأكيد إشعار البدن لتتميز من أملاكه، وفيه أن النهي عن المثل وتعذيب الحيوان مخصوص به. قال الجوهري: وسمه وسما وسمة إذا أثرت فيه بسمة وكي، والهاء عوض عن الواو، قال: الميسم المكواة، وأصل الياء واو فإن شئت قلت في جمعه مياسم على اللفظ، وإن شئت قلت مواسم على الأصل. قال الأزهري: قال الليث: الوسم أثر كية تقول بعير موسوم أي: قد وسم بسمة تعرف بها إما كية وإما قطع في أذن، قال: والميسم المكواة، وهو الشيء الذي توسم به الدواب والجمع المواسم. قال غيره: يقال وسمه يسمه وسما وسمة، وأصله من السمة وهي العلامة، ومنه قوله تعالى: {سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ} (الفتح: من الآية29) أي: علامات إيمانهم وخشوعهم. ومنه موسم الحج لأنه معلم لجميع الناس، وفلان موسوم بالخير وعليه سمة الخير أي: علامته، وتوسمت فيه كذا أي: رأيت فيه علامة. وقوله في الديات من المهذب: “كان ينشد في الموسم”. وقوله في الوسيط في القسم الثالث من كتاب البيوع: “إذ من عادة العرب في الموسم شراء صبرة مكايلة المواسم” بفتح الميم جمع موسم. قال الأزهري: قال الليث: موسم الحج سمى موسما لأنه معلم يجتمع إليه، قال: وكذلك كانت مواسم أسواق العرب في الجاهلية. وصي: قال أهل اللغة: يقال أوصيته بكذا وأوصيت ووصيت له وصيت إليه جعلته وصيا. قال الرافعي: قال الأزهري: اللفظة مشتقة من قولهم وصي الشيء بالشيء يصيه إذا أوصله به، وأرض واصية كثيرة النبات، وسمى هذا التصرف وصية لما فيه من وصل القربة الواقعة بعد الموت بالقربات المنجزة في الحياة، ودلائل الكتاب والسنة وإجماع الأمة متعاضدة على أصل الوصية. وضم: قوله في باب الوليمة من الروضة: والوصيمة هي الطعام المتخذ عند المصيبة، هي بفتح الواو وكسر الضاد المعجمة، وهي لفظة عربية حكاها الجوهري عن الفراء. وعظ: قال ابن فاراس في المجمل: الوعظ التخويف، والعظة الاسم منه. قال الخليل: وهو التذكير بالخير فيما يرق الجزء: 4 ¦ الصفحة: 192 له قلبه. وقال الجوهري في الصحاح: الوعظ النصح والتذكير بالعواقب، يقال وعظته وعظا وعظة فاتعظ أي: قبل الموعظة. وقال الزبيدي في مختصر العين: الوعظ والموعظة والعظة سواء. وغر: قوله في الوسيط في أول كتاب النكاح في خصائص النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “فإن ذلك يوغر صدورهن” هو بضم الياء المثناة تحت وإسكان الواو وكسر الغين المعجمة أي: تحميها من الغيظ. قال الجوهري: الوغر شدة توقد الحر، ومنه قيل في صدره عليَّ وغر بإسكان الغين أي: ضغن وعداوة، وتوقد من الغيظ، والصدر بالفتح تقول وغر صدره علي يوغر وغورا فهو واغر الصدر علي، وقد أوغرت صدره على فلان أي: أحميته من الغيظ، وأوغرت الماء أي: أغليته. وفق: التوفيق خلاف الخذلان. قال إمام الحرمين وغيره من أصحابنا المتكلمين: التوفيق خلق قدرة الطاعة، والخذلان خلق قدرة المعصية، والموفق في شيء لا يتضرر منه خلافه. وقح: قوله في كتاب السير من الوسيط: “إذا أخذ الشحم لتوقيح الدواب” قال الجوهري: توقيح الحافر تصليبه بالشحم المذاب. وقص: الوقص في الزكاة: هو ما بين النصابين، وفيه لغتان فتح القاف وإسكانها والمشهور في كتب اللغة فتحها. وقد عد الإمام ابن بري من لحن الفقهاء الإسكان المشهور في كتب اللغة وألسنة الفقهاء إسكانها. وقد عد القاضي أبو الطيب في تعليقه وصاحب الشامل وغيرهما فصلا في أن الصواب الإسكان، وتغليط من زعم من أهل اللغة أنه بالفتح، ونقلوا أن أكثر أهل اللغة قالوه بالإسكان، ثم قيل هو مشتق من قولهم رجل أوقص إذا كان قصير العنق لم يبلغ عنقه حد أعناق الناس، فسمي وقص الزكاة لنقصانه عن النصاب. قال أهل اللغة والقاضي أبو الطيب وصاحب الشامل وغيره من أصحابنا: الشنق بالشين المعجمة والنون المفتوحتين وبالقاف هو ما بين الفريضتين أيضًا مثل الوقص. قال القاضي: أكثر أهل اللغة يقولون الشنق مثل الوقص لا فرق بينهما. وقال الأصمعي: الشنق يختص بأوقاص الإبل، والوقص يختص بالبقر والغنم. قلت: وقد قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى في الجزء: 4 ¦ الصفحة: 193 البويطي: وليس في الشنق من الإبل والبقر والغنم شيء، قالوا: والشنق ما بين شيئين من العدد، قال: وليس في الأوقاص شيء، قال: والأوقاص ما لم يبلغ ما تجب الزكاة فيه، هذا نصه في البويطي بحروفه ومنه نقلته. قلت: والمشهور في كتب اللغة والفقه: “أن الوقص ما بين الفريضتين”، وقد استعملوه أيضا فيما لا زكاة فيه، وإن كان دون أول النصاب كالأربعة من الإبل، وهذا النص الذي نقلته من البويطي موافق لهذا، وقال الشافعي في مختصر المزني: “الوقس ما لم يبلغ الفريضة” هكذا رأيته في نسخ مختصر المزني بالسين المهملة، وكذا رواه الإمام الحافظ أبو بكر البيهقي في كتابه معرفة السنن والآثار عن الربيع عن الشافعي، قال البيهقي: كذا في رواية الربيع الوقس بالسين، قال: وهو في كتاب البويطي بالصاد. وروى البيهقي بإسناده في السنن عن المسعودي راوي هذا الحديث أنه قال: “في أوقاص البقر الأوقاص ما دون الثلاثين وما بين الأربعين والستين” قال المسعودى: وهي الأوقاس بالسين فلا تجعلها بالصاد. قلت: فحصل من جميع هذا أنه يقال وقص بفتح القاف وإسكانها، ووقس بالسين وشنق، وأنه يستعمل فيما لم تجب فيه الزكاة مطلقا، لكن أكثر استعماله فيما بين الفريضتين، وأن منهم من فرق بين الشنق والوقص كما تقدم، والله تعالى أعلم. وقع: سورة الواقعة هي القيامة كذا قاله ابن عباس وأبو عبيدة والأخفش وغيرهم، فالواقعة والقيامة والآزفة والقارعة بمعنى واحد. قال الواحدي: هذا الذي قاله هؤلاء من أن الواقعة هي القيامة هو الصحيح، قال: وأما قول مقاتل أنها الصيحة، وهي النفخة الأخيرة فبعيد؛ لأن الله تعالى وصفها بقوله تعالى: {خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ} (الواقعة:3) وهذا من صفة القيامة لا من صفة النفخة. وقف: الوقف والتحبيس والتسبيل بمعنى واحد، وهي هذه الصدقة المعروفة، وهذه ألفاظ صريحة فيها، والوقف في اصطلاح العلماء عطية مؤبدة بشروط معروفة وهي مما اختص به المسلمون. قال إمامنا الشافعي رضي الله تعالى عنه: لم يحبس أهل الجاهلية فيما علمته دارا ولا أرضا تبررا بحبسها، قال: وإنما حبس أهل الإسلام. قال صاحب التهذيب: الوقف أن يحبس عينا من أعيان ماله فيقطع الجزء: 4 ¦ الصفحة: 194 تصرفه عنها، ويجعل منافعها لوجه من وجوه الخير تقربا إلى الله تعالى. قال صاحب التتمة: حقيقة الوقف تحبيس مال يمكن الانتفاع به مع بقاء عينه يقطع تصرف الواقف وغيره عن رقبته وتصرف منافعه، وفوائده إلى وجوه البر يقصد به التقرب إلى الله تعالى، قال: وسمي وقفا لأن عين المال موقوفة، ويسمى حبسا لأن عين المال تصير محبوسة على تلك الجهة بعينها. قال أصحابنا: العطايا أقسام الوقف والهدية والهبة والعمري والرقبى والمنحة والعارية وصدقة التطوع والوصية والاقطاع، وقد ذكرنا حد الوقف، وسيأتي حد الهبة والهدية والصدقة في فصل وهب إن شاء الله تعالى. وقى: الآوقية: بضم الهمزة على المشهور وفيها لغة قليلة الاستعمال، وقية بحذف الألف، وقد ثبتت هذه اللغة القليلة في صحيح البخاري من كلام رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من روايات ذكرها في باب إذا اشترط البائع ظهر الدابة إلى مكان مسمى، جاز من حديث جابر في بيعة الجمل، وذكرها مسلم فيه، وجاءت بها أحاديث صحيحة أخرى. وكد: قال أهل اللغة: يقال وكدت الأمر والعقد والعهد واليمين والسرج وغير ذلك، أوكده توكيدا وأكدته تأكيدا. قال الجوهري: والواو أفصح، قال: وكذلك أوكده وأكده إيكادا فيهما أي: شده وأتقنه، وتأكد الأمر وتوكد أي: استوثق. وكل: الوكيل معروف، ويقال منه وكله توكيلا والاسم الوكالة، والوكالة بفتح الواو وكسرها لغتان فصيحتان، ذكرهما ابن السكيت وغيره. والتوكل الاعتماد، يقال توكلت على الله تعالى أو على فلان توكلا أي: اعتمدت عليه، والاسم التكلان بضم التاء وإسكان الكاف، وهذا الأمر موكول إلى فلان ووكلت الأمر إليه وكلا ووكولا إذا فوضته إليه وجعلته نائبا. قال الجوهري: ويقال واكلت فلانا مواكلة إذا اتكلت عليه واتكل عليك. وقوله في الخطبة: حسبي الله ونعم الوكيل، قيل: الوكيل في صفته سبحانه وتعالى بمعنى: الموكول إليه. وقيل: الموكول إليه بتدبير خلقه بمصالح خلقه. وقيل: الحافظ. ولد: قال الجوهري: الولد يكون واحدا وجمعا، وكذلك الولد يعني بضم الواو وإسكان اللام، والولد بكسر الواو لغة في الولد، والوليد الصبي والعبد، والجمع الجزء: 4 ¦ الصفحة: 195 ولدان وولدة والوليدة الصبية والأمة والجمع الولائد، ويقال ولدت المرأة ولادًا وولادة، ويقال أولدت أي: حان ولادها، والوالد الأب والوالدة الأم وهما الوالدان، وتولد الشيء من الشيء يعني: حصل منه، وميلاد الرجل إسم الوقت الذي ولد فيه، والمولد إسم للموضع الذي ولد فيه، وولد الرجل إبله توليدا كما يقال نتجها نتجا، ورجل مولد إذا كان محض، هذا آخر كلام الجوهري. وله: في الحديث: “لا توله والدة بولدها” مذكور في كتاب البيع هو بضم التاء وفتح الواو واللام المشددة، ويجوز في الهاء الوجهان في نظائره وهما رفعها وإسكانها، فالإسكان على النهي والرفع على أنه نهي بلفظ الخبر وهو أبلغ في الزجر، وقد تقدمت نظائره. قال أهل اللغة: والغريب الوله ذهاب العقل والتحير من شدة الحزن، ويقال رجل واله وامرأة والهة بإثبات الهاء وحذفها، وممن ذكر الوجهين فيهما ابن فارس، ويقال في الفعل منه وله بفتح اللام يله بكسرها ووله بكسرها يوله بفتحها لغتان فصيحتان ذكرهما الهروي وغيره، قالوا: ومعنى التوليه المنهي عنه في الحديث: أن يفرق بين المرأة وولدها فتجعل والهة. ولي: قولهم في المحجور عليه مولى عليه، هو بفتح الميم وإسكان الواو كسر اللام وتشديد الياء، ويقال أيضًا بضم الميم وفتح الواو وتشديد اللام المفتوحة مثل المصلى عليه. قال الإمام أبو السعادات المبارك بن محمد بن عبد الكريم الجزري في كتابه نهاية الغريب: اسم المولى يقع على معان كثيرة، فذكر ستة عشر معنى، فقال: هو الرب والمالك والسيد والمنعم والمعتق والناصر والمحب والتابع والجار وابن العم والحليف والعقيد والصهر والعبد والمنعم عليه والمعتق، قال: وأكثرها قد جاءت في الحديث فيضاف كل واحد منها إلى ما يقتضيه الحديث الوارد فيه، وكل من ولي أمرًا أو قام به فهو مولاه ووليه، وقد تختلف مصادر هذه الأسماء. وهب: قال أهل اللغة: يقال وهبت له شيئا وهبا ووهبانا بإسكان الهاء وفتحها وهبة، والاسم الموهب، والموهبة بكسر الهاء فيهما. قال الجوهري: والاتهاب قبول الهبة، والاستيهاب سؤال الهبة، وتواهب القوم أي: وهب بعضهم بعضا، ورجل وهاب وإبريق أي: كثير الهبة لأمواله، والهاء للمبالغة. وأما قول الغزالي وغيره الجزء: 4 ¦ الصفحة: 196 في كتب الفقه: وهبت من فلان كذا فهو مما ينكر على الفقهاء لإدخالهم لفظة من وإنما الجيد وهبت زيدًا مالا ووهب له مالا. وجوابه: أن إدخال من هنا صحيح، وهي زائدة وزيادتها في الواجب جائزة عند الكوفيين من النحويين، وعند الأخفش من البصريين. وقد روينا أحاديث فيها: “وهبت منه كذا”، ويقال: هب زيدا منطلقا بمعنى أحسب فيعدى إلى مفعولين ولا يستعمل منه ماض ولا مستقبل. قال أصحابنا: والهبة في اصطلاح العلماء: تمليك العين بغير عوض، وقد زاد صاحب التتمة زيادة حسنة، فقال: تمليك الغير عينا للتودد واكتساب المحبة، وهذا الذي قاله تخرج به صدقة التطوع من الحد وهي مندوب إليها بالإجماع لدخولها في عموم قوله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} (المائدة: من الآية2) وقوله تعالى: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} (آل عمران: من الآية92) وقوله تعالى: {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} (البقرة: من الآية177) إلى قوله تعالى: {وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ} (البقرة: من الآية177) وقوله تعالى: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً} (النساء:4) وللحديث عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “تهادوا تحابوا” والهبة والهدية متقاربتان فالأمر بأحدهما أمر بالاخر. قال صاحب التتمة: والهدية في معنى الهبة إلا أن غالب ما يستعمل لفظ الهدية فيما يحمل إلى إنسان أعلى منه. قلت: هذا ليس كما قال، بل تستعمل في حمل الإنسان إلى نظيره ومن فوقه ودونه. قال صاحب التتمة: وأما الصدقة فهي صرف المال إلى المحتاجين بقصد التقرب إلى الله تعالى. وقال صاحب الشامل: الهبة والهدية وصدقة التطوع بمعنى واحد كل واحد من ألفاظها يقوم مقام الآخر، إلا أنه إذا دفع شيئًا ينوي به التقرب إلى الله تعالى إلى المحتاجين فهو صدقة، وإن دفع ذلك إلى غير محتاج للتقرب إليه والمحابة فهي هبة وهدية. وكذا قال الشيخ نصر المقدسي في تهذيبه: الهبة والهدية ما يقصد بهما في الغالب التواصل والتحابب، والصدقة ما يقصد به التقرب إلى الله تعالى. وقال الرافعي كلاما لخصته في الروضة. وهد: الوهدة بفتح الواو وإسكان الهاء هي المكان المطمئن، وجمعها وهاد ووهد، قاله الجوهري. وهن: قال الآزهري في تهذيب الجزء: 4 ¦ الصفحة: 197 اللغة: قال الليث: الوهن الضعف في العمل والأمر وكذلك في العظم ونحوه، وقد وهن العظم يهن وهنا وأوهنه يوهنه، ورجل واهن في الأمر والعمل موهون في العظم والبدن، والوهن لغة فيه. وقال أبو عبيد: الموهن فيه والوهن نحو نصف من الليل، هذا آخر ما نقلته عن الأزهري. وقال صاحب المحكم: الوهن الضعف في العلم والأمر ونحوه، والوهن لغة فيه، ويقال: وهن ووهن يهن وهنا فيهما ووهنه هو وأوهنه، ورجل واهن ضعيف لا بطش عنده، والأنثى واهنة وهن وهن هذا آخر كلامه. وقال الجوهري في صحاحه: الوهن الضعف، وقد وهن الإنسان ووهنه غيره يتعدى ولا يتعدى، ووهن أيضا بالكسر، وهنا أي ضعف، وأوهنته أيضًا ووهنته توهينا. وقال ابن فارس في المجمل: وهن الشيء يهن، وأوهنته أنا ووهنته ضعفته. حرف الواو المفردة قوله في دعاء الاستفتاح: "سبحانك اللهم وبحمدك" قال الخطابي: أخبرني ابن خلاد قال: سألت الزجاج عن الواو في قوله "وبحمدك" فقال: معناه سبحانك اللهم وبحمدك سبحتك. فصل في أسماء المواضع وج الطائف: المنهي عن صيده، مذكور في كتاب الحج من المهذب والوسيط: هو بفتح الواو وتشديد الجيم، قال في المهذب: وهو واد في الطائف، وكذا قال غيره من أصحابنا الفقهاء، وأما أهل اللغة فيقولون: هو بلد الطائف، وربما اشتبه هذا بوح بالحاء المهملة ناحية بعمان ذكره الحازمي في الأماكن. وقال الحازمي: وج إسم لحصون الطائف. وقيل: لواحد منها. وحديث: "تحريم صيد وج" رواه أبو داود في سننه من رواية الزبير بن العوام رضي الله تعالى عنه وإسناده ضعيف. قال البخاري: لا يصح ثنية الوداع بفتح الواو، وتقدم بيانها في الثاء. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 198 حرف الياء يدي: قال أصحابنا وغيرهم من الفقهاء وأهل اللغة: اليد إسم لهذه الجارحة المعروفة من المنكب إلى رؤوس الأصابع. قال أبو سليمان الخطابي في كتاب التيمم من معالم السنن: "ما بين المنكب إلى أطراف الأصابع" كله إسم لليد، قال: وقد يقسم بدن الإنسان على سبعة أراب اليدان والرجلان ورأسه وظهره وبطنه، وقد يفصل كل عضو منها فيقع تحته أسماء خاصة كالعضد في اليد والذراع والكف، فاسم اليد يشتمل على هذه الأشياء كلها، وإنما يترك العموم في الأشياء ويصار إلى الخصوص بدليل يفهم أن المراد من الاسم بعضه لا كله، وهو مما عدم دليل الخصوص، كان الجواب إجراء الاسم على عمومه، واستيفاء مقتضاه برمته، هذا آخر كلام الخطابي ومحله من العلم مطلقا، ومن اللغة خصوصا بالغاية العليا. يرع: قوله في أول الشهادة من الوسيط والوجيز والروضة: في اليراع وجهان: هو بفتح الياء وتخفيف الراء وبالعين المهملة وهو جمع يراعة، أو إسم جنس واحدته يراعة، وهي الزمارة التي تسميها الناس الشبابة. قال أهل اللغة: اليراع القصب الواحدة يراعة. قال صاحب المحكم في باب العين مع الهاء والراء: الهيرعة القصبة التي يزمر بها الراعي. واعلم: أن المذهب الصحيح المختار تحريم استماع اليراع، صححه البغوي وغيره. وقد صنف الإمام أبو القاسم عبد الملك بن زيد بن ياسين الثعلبي الدولعي خطيب دمشق ومفتيها المحقق في علومه كتابا، مشتملا على نفائس وأطنب في دلائل تحريمه رحمه الله تعالى. يس: قول الله تبارك وتعالى: {يس} جاء ذكره في كتاب الجنائز. قال الماوردي: هذه السورة مكية في قول الجميع، إلا ابن عباس وقتادة فإنهما قالا: إلا آية منها وهي قوله تعالى: {وإذا قيل لهم} الآية، قال الماوردي في قوله عز وجل: {يس} خمس تأويلات: أحدها: أنه إسم من أسماء الله تعالى أقسم به، قاله ابن عباس. والثاني: أنه فواتح من كلام الله تعالى افتتح به كلامه، قاله مجاهد. والرابع: أنه يا محمد، قاله محمد بن الحنفية. وروي عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه، قال: سمعت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: "إن الله تعالى سماني الجزء: 4 ¦ الصفحة: 199 في القرآن سبعة أسماء محمد وأحمد وطه ويس والمزمل والمدثر وعبد الله" والخامس: انه يا إنسان، قاله الحسن وعكرمة والضحاك وسعيد بن جبير، ثم اختلفوا، فقال سعيد بن جبير وعكرمة: هو بلغة الحبشة. وقال آخرون: بلغة كلب. وقال الشعبي: بلغة طيء أنها بالسريانية، والله تعالى أعلم. هذا ما ذكره الماوردي، ولم أر في هذه النسخة التي حصلت لي القول الثالث، وأظنه يا رجل كما حكاه غيره. ومن قال إنها بالسريانية فمعناه ذلك أصلها، ثم عربته العرب، وتكلمت به. وقوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "سماني عبد الله" يعني في قول الله تعالى: {وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ} (الجن: من الآية19) وذلك مذكور في الأسماء من هذا الكتاب من أسمائه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قال الإمام أبو الحسن الواحدي: من قال معناه يا إنسان، فوجهه من العربية أنه اكتفى بالسين من إنسان كما يكتفي بالحرف من الكلمة. وقال الإمام أبو البقاء العكبري النحوي في كتابه إعراب القرآن: الجمهور على إسكان النون من "يس" ومنهم من يظهر النون لأنه حقق بذلك إسكانها، ومنهم من يكسر النون على أصل التقاء الساكنين، ومنهم من يفتحها كما في ابن. وقيل الفتحة إعراب، قال: و"يس" إسم للصورة كهابيل، والتقدير: اتل يس، والقرآن قسم على كل وجه، هذا آخر كلام أبي البقاء. وقد اختلفت القراء السبعة في إمالة فتحة الياء من يس، فأمالها أبو بكر وحمزة والكسائى، وأما الباقون فأخلصوا فتحها، واختلفوا أيضًا في إظهار النون وإدغامها في الواو وكل ذلك فصيح. يقن: قال الإمام أبو القاسم الرافعي في باب الاجتهاد في المياه: اعلم أن الفقهاء كثيرًا ما يعبرون بلفظ المعرفة واليقين عن الاعتقاد القوي علما كان أو ظنا مؤكدا، ويجري ذلك في لسان أهل العرف. يمن: ذكر القاضي عياض في شرح مسلم في أحاديث الحوض في أول كتاب المناقب قولين: أحدهما: "أن جميع المؤمنين من الأمم يأخذون كتبهم بأيمانهم ثم يعذب الله تعالى من يشاء من عصاتهم". والثاني: "إنما يأخذه بيمينه الناجون من النار خاصة"، والله تعالى أعلم. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 200 فصل في أسماء المواضع يبرين: مذكورة في المهذب في باب عقد الذمة في حد جزيرة العرب: هي بفتح الياء وإسكان الباء الموحدة وكسر الراء بعدها ياء مثناة من تحت ساكنة ثم نون، وهو موضع معروف وراء اليمامة وفيه نخل، ذكره الجوهري في صحاحه في فصل الباء الموحدة من باب النون فجعل الياء زائدة والنون أصلا وهي عنده يفعيل. وغلطوه في هذا، وقالوا: بل الصواب ذكره في فصل الياء المثناة من تحت من باب الراء لأن الياء أصل والنون زائدة، وهو فعلين لقولهم فيه يبرون، وقد تقدم في حرف النون عند ذكر نصيبين شيء يتعلق يبرين. يلملم: ميقات أهل اليمن هو بفتح الياء واللامين وإسكان الميم بينهما، ويقال فيه يألملم بهمزة بعد الياء، وهو على مرحلتين من مكة. وفي شرح مسلم لعياض يلملم جبل تهامة على مرحلتين من مكة شرفها الله تعالى. اليمامة: بفتح الياء مدينة من اليمن على مرحلتين من الطائف وأربع من مكة، سميت باسم جارية زرقاء كانت تبصر الراكب من مسيرة ثلاثة أيام، يقال أبصر من زرقاء اليمامة فسميت اليمامة لكثرة ما أضيفت إليها، والنسبة إليها يمامي. اليمن: الإقليم المعروف، ويقال في النسب إليه رجل يمني ويمان بالتخفيف من غير ياء لأن الألف بدل منها فلا يجتمعان. وحكى سيبويه يماني بالياء المشددة وقوم يمنيون ويمانية ويمانيون ويمانون على حكاية سيبويه ذكر هذا كله الجوهري وغيره، وممن حكاه عن سيبويه أيضًا صاحب مطالع الأنوار. وذكر أبو محمد ابن السيد في كتابه الاقتضاب في شرح أدب الكتاب: أن المبرد وغيره أيضا حكوا أن التشديد في اليماني لغة، وأنشد الجوهري لأمية بن خلف: يمانيا يظل يشد كيرًا ... وينفخ دائما لهب الشواظ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 201 قلت: واليمن تشتمل على تهامة وعلى نجد اليمن. والمراد بقولهم ميقات حجاج اليمن يلملم أي: ميقات أهل تهامة لأن أهل نجد اليمن ميقاتهم قرن. وقد ذكرت هذا في الروضة، ولكن نبهت عليه هنا إكمالا لهذا الكتاب، والله تعالى أعلم بالصواب، إليه المرجع والمآب إنه الكريم الوهاب والحمد لله رب العالمين - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على سيدنا محمد خاتم النبيين والمرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين. * * * بحمد الله وتوفيقه تم الجزء الثاني من القسم الثاني من "تهذيب الأسماء واللغات" وبه ينتهي الكتاب * * * الجزء: 4 ¦ الصفحة: 202