الكتاب: إعلام السائلين عن كتب سيد المرسلين لابن طولون المؤلف: شمس الدين محمد بن علي بن خمارويه بن طولون الدمشقي الصالحي الحنفي (المتوفى: 953هـ) راجعه: عبد القادر الأرناؤوط حققه: محمود الأرناؤوط الناشر: الرسالة، بيروت الطبعة: الثانية، 1407 هـ - 1987 م عدد الأجزاء: 1   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] ---------- إعلام السائلين عن كتب سيد المرسلين لابن طولون ابن طولون الكتاب: إعلام السائلين عن كتب سيد المرسلين لابن طولون المؤلف: شمس الدين محمد بن علي بن خمارويه بن طولون الدمشقي الصالحي الحنفي (المتوفى: 953هـ) راجعه: عبد القادر الأرناؤوط حققه: محمود الأرناؤوط الناشر: الرسالة، بيروت الطبعة: الثانية، 1407 هـ - 1987 م عدد الأجزاء: 1   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] الأوَّلُ فِي كتَابِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَليُهِ وَسَلَّم إِلى النَّجَاشِيِّ مَلِكِ الْحَبَشَةِ وإنما بدأنا بِهِ لكونه أسلم لما وصلهُ الكتابُ، ورد جوابه ردًا حسنًا رَضِيَ اللَّه عنهُ. أَخْبَرَنَا الْجَمَالُ بْنُ الْمُبَرِّدِ , بِقَرَاءَتِي عَلَيْهِ، أَخْبَرَكُمْ أَبُو حَفْصٍ الرَّامِينِيِّ، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الْمُحِبِّ، أَنْبَأَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ سَعْدٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ بَقِيٍّ. ح , وَشَافَهَتْنِي عَالِيًا أُمُّ عَبْدِ الرَّزِاق الأُمُورِيَّةُ، عَنْ أُمِّ مُحَمَّدٍ الْعُمَرِيَّةِ، عَنْ أُمِّ عَبْدِ اللَّهِ الْكَمَالِيَّةِ، عَنْ أَبِي الْقَاسِمِ بْنِ بَقِيٍّ، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 51 أَنْبَأَنَا أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ بِشْكَوَالٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْقُرْطُبِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، أَنْبَأَنَا أَبُو عُمَرَ الإِشْبِيلِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبِي أَبُو مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا ابْنُ يُونُسَ، أَنْبَأَنَا بَقِيُّ بْنُ مَخْلَدٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَرْمَلَةَ الأَسْلَمِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ، يَقُولُ: " كَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى النَّجَاشِيِّ: تَعَالَ إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَنْ لا نَعْبُدَ إِلا اللَّهَ وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ , فَآمَنَ وَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ، وَأَرْسَلَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَدِيَّةٍ حُلَّةٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اتْركُوهُ مَا تَرَكَكُمْ ". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 52 وَبِهِ إِلَى ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ يَعْقُوبَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَوْنٍ، قَالَ: " بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ عَمْرَو بْنَ أُمَيَّةَ إِلَى النَّجَاشِيِّ، فَأَصْبَحَ يَتَكَلَّمُ بِلِسَانِ قَوْمِهِ، فَلَمَّا أَتَاهُ وَجَدَ لَهُمْ بَابًا صَغِيرًا يَدْخُلونَ مِنْهُ مُكَفِّرِينَ، فَلَمَّا رَأَى عَمْرُو ذَلِكَ وَلَّى ظَهْرَهُ الْقَهْقَرَى، قَالَ: فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى الْحَبَشَةِ فِي مَجْلِسِهِمْ عِنْدَ النَّجَاشِيِّ، حَتَّى هَمُّوا بِهِ، حَتَّى قَالُوا لِلنَّجَاشِيِّ: إِنَّ هَذَا لَمْ يَدْخُلْ كَمَا دَخَلْنَا، قَالَ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَدْخُلَ كَمَا دَخَلُوا؟ ، قَالَ: إِنَّا لا نَصْنَعُ هَذَا بِنَبِيِّنَا، وَلَوْ صَنَعْنَاهُ بِأَحَدٍ صَنَعْنَاهُ بِهِ، قَالَ: صَدَقَ دَعُوهُ، قَالُوا لِلنَّجَاشِيِّ: هَذَا يَزْعُمُ أَنَّ عِيسَى مَمْلُوكٌ: قَالَ: فَمَا تَقُولُ فِي عِيسَى، قَالَ: كَلِمَةُ اللَّهِ وَرُوحُهُ، قَالَ: فَقَالَ: مَا اسْتَطَاعَ عِيسَى أَنْ يَعْدُوَ ذَلِكَ " وَقَالَ أَبُو الفتح بْن سَيِّد النَّاسِ: ذكر ابْن إسحاق أَن عمرًا، قَالَ: يا أصحمة، عليَّ القولُ وعليك الاستماع، إنك كأنك فِي الرِّقة عَلَيْنَا منا، وكأنا فِي الثقة بكَ منك، لأنا لَمْ نظُن بكَ خيرًا قطُ إلا نلناهُ، وَلَمْ نَخَفْكَ عَلَى شَيْء قطُ إلا أمناهُ، وَقَدْ أخذنا الحُجةَ عليك من فيك، الإنجيلُ بيننا وبينك، شاهدٌ لا يُرد، وقاضٍ لا يجور، وَفِي ذَلِكَ الموقع الحرّ وإصابةٌ المَفْصلِ، وإلا فأنت فِي هَذَا النَّبِي الأُمّي، كاليهود فِي عِيسَى بْن مريم. وَقَدْ فرق النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُسلهُ إِلَى النَّاس، فوجه رجُلًا إِلَى كِسْرَى، ورجُلًا إِلَى قَيْصَر، ورجُلًا إِلَى المُقوقس، فرجاكَ لما لَمْ يرجُهم لهُ، وأمنك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 53 مَا عَلَى خافهم عَلَيْهِ، لخيرٍ سالفٍ، وأجرْ يُنتظر، فَقَالَ النجاشي: أشهَدُ بالله أنهُ النَّبِي الأمي الَّذِي ينتظره أهلُ الْكِتَاب، وأن بشاره مُوسى براكب الحمار كبشارة عِيسَى براكبِ الجمل، وأن العيان لَيْسَ بأشفى من الْخَبَر. وذكر الزيلعي فِي تخريج أحاديث الهداية وغيره، عَنِ الواقدي، أَن الَّذِي كتبه النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى النجاشي مَعَ عَمْرو صورته: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحَمْنِ الرَّحِيمِ، من مُحَمدِ رَسُولِ اللَّه، إِلَى النَجاشي مَلكِ الحبشَةَ، أسلِم أنتَ، فإني أحمدُ إليكَ اللَّه الَّذِي لا اللَّه إلا هُو، الملِكُ، القُدّوسُ، السّلامُ، الُمؤِمن، المُهيَمن، وأشهدُ أَن عِيسَى ابْن مريم روحُ اللَّه وَكلمتُهُ، ألقاها إِلَى مريم البَتول الطيبة الحصينة، فحملت بهِ، فخلقَهُ من روحِهِ، ونفخهُ كَمَا خَلقَ آدم بيده، وإني أدعوكَ إِلَى اللَّه وحدهُ لا شريكَ لهُ، والمُوالاةِ عَلَى طاعَتِهِ، وأن تتبعنَي وتُؤمن بالذي جاءني، فإني رسولُ اللَّه، إني أدعُوكَ وجَنَودَكَ إِلَى اللَّه عزَّ وجل، وَقَدْ بلغتُ ونصحتُ، فاقبلوا نصيحتي، والسلام علَى من اتّبعَ الهُدى» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 54 وذكر أَبُو موسى المديني، فِي التتمة لكتاب ابْن منده فِي الصَّحَابَة، أَن النجاشي كتب مَعَ ولده كتابًا جوابًا لكتاب النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ: " بِسْمِ اللَّهِ الرَّحَمْنِ الرَّحِيمِ، إِلَى مُحمدٍ رَسُولِ اللَّه، من أصحمة النجاشي، سلامٌ عليك يا نبي اللَّه، من اللَّه وَرَحمةُ اللَّه وبركاتُه، اللَّه الَّذِي لا اللَّه إلا هُو، الَّذِي هداني إِلَى الإِسْلام. أما بعدُ: فَقَدْ أتاني كتابُكَ يا رَسُول اللَّهِ، فيما ذكرتَ من أمر عِيسَى، فَوربّ السماء وَالأَرْض، إِن عِيسَى لا يزيدُ عَلَى مَا قلتَ ثُفْرُوقًا، وإنهُ كَمَا ذكرت ولقد عَرفنا مَا بعَثتَ بِهِ إلينا، ولقد قربنا ابْن عمّكَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 55 وأَصْحَابهُ، وأشهدُ أنك رَسُول اللَّهِ صادقًا مصدوقًا، وَقَدْ بايعتكَ وبايعتُ ابْن عمكَ، وأسلمتُ عَلَى يديه لِلَّهِ رب العالمين، وبعثتُ إليكَ بابني أرها ابْن الأصحم فإني لا أملك إلا نفسي، وإن شئتَ أَن آتيك يا رَسُول اللَّهِ فعلتُ، فإني أشهدُ أَن مَا تقوله حقٌ، والسلام عليك يا رَسُول اللَّهِ «. وذكر أَن ابنه خرج فِي ستين نفسًا من الحبشة فِي سفينة فِي البحر فلما توسطوا البحر غرقوا كلهم، علقه أَبُو موسى، عَنْ شيخه الإِمَام أَبِي الْقَاسِمِ إِسْمَاعِيل بْن مُحَمَّد بْن الفضل التميمي، أَنَّهُ ذكره فِي المغازي فِي حوادث السنة السابعة من الهجرة. وَقَالَ أَبُو الفتح ابْن سَيِّد النَّاسِ بَعْد أَن ذكر هَذَا الجواب بأنقص من هَذَا، الثُّفُروق، علاقة مَا بَيْنَ النواة والقمع، توفي النجاشي سَنَة تسع وأخبر النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بموته» وخرج بالناس إِلَى المصلى، فصلى عَلَيْهِ وكبر أربعًا انتهى ". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 56 تنبيه: قَدْ كَتَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى نجاشي آخر غَيْر هَذَا كَمَا أَخْبَرَنَا شيخنا هَذَا: أَنْبَأَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْفُولاذِيُّ، أَنْبَأَنَا التَّاجُ بْنُ بَرْدَسٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو الْفِدَاءِ بْنُ الْخَبَّازِ، أَنْبَأَنَا الأَرْبَلِيُّ، أَنْبَأَنَا الْفَرَاوِيُّ، أَنْبَأَنَا الْفَارِسِيُّ، أَنْبَأَنَا الْجَلُودِيُّ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سُفْيَانَ، أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ، حَدَّثَنِي يُوسُفُ بْنُ حَمَّادٍ الْمَعْنِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ إِلَى كِسْرَى، وَإِلَى قَيْصَرَ، وَإِلَى النَّجَاشِيِّ وَإِلى كُلِّ جَبَّارٍ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَلَيْسَ بِالنَّجَاشِيِّ الَّذِي صَلَّى عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» , وَبِهِ إِلَى مُسْلِمٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْد اللَّهِِ الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْد الوُهاب بْن عَطَاء، عَنْ سَعِيد، عَنْ قَتَادَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 57 , حَدَّثَنَا أنَسُ بْن مَالِك، عَنِ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِهِ، وَلَمْ يَقُلْ: وَلَيْسَ بِالنَّجَاشِيِّ الَّذِي صَلّى عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مُسْلِمٌ: وَحَدَّثَنِيهِ نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ، أَخْبَرَنِي أَبِي، حَدَّثَنِي خَالِدُ بْنُ قَيْسٍ، عَنْ قَتَادَة:، عَنْ أَنَسٍ، وَلَمْ يَذْكُرْ: وَلَيْسَ بِالنَّجَاشِيِّ الَّذِي صَلَّى عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 58 الثَاني فِي كِتَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى المنذِر بْن سَاوى العبدي وإنما ثنينا بِهِ لإسلامه رَضِيَ اللَّه عَنْهُ. أَخْبَرَنَا أَبُو الْبَقَاءِ مُحَمَّدُ بْنُ الْعِمَادِ الْعُمَرِيُّ، عَنْ أَبِي الْوَفَاءِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ الْحَلَبِيِّ، أَنْبَأَنَا السَّرَّاجُ عُمَرُ بْنُ عَلِيٍّ الْوَادِي آشِيُّ، الشَّهِيرُ بِابْنِ الْمُلَقِّنِ، أَنْبَأَنَا الْحَافِظُ فَتْحُ الدِّينِ أَبُو الْفَتْحِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَيِّدِ النَّاسِ، قَالَ: " كَتَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمُنْذِرِ بْنِ سَاوَى الْعَبْدِيِّ مَعَ الْحَضْرَمِيِّ كِتَابًا بَعْدَ انْصِرَافِهِ مِنَ الْحُديْبِيَةِ، ثُمَّ قَالَ: ذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ بِإِسْنَادِهِ , عَنْ عِكْرِمَةَ، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 59 قَالَ: وَجَدْتُ هَذَا الْكِتَابَ فِي كُتُبِ ابْنِ عَبَّاسٍ بَعْدَ مَوْتِهِ فَنَسَخْتُهُ فَإِذَا فِيهِ: " بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَلاءَ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ إِلَى الْمُنْذِرِ بْنِ سَاوَى، وَكَتَبَ مَعَهُ كِتَابًا إِلَيْهِ يَدْعُوهُ فِيهِ إِلَى الإِسْلامِ، فَكَتَبَ الْمُنْذِرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَمَّا بَعْدُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: فَإِنِّي قَرَأْتُ كِتَابَكَ عَلَى أَهْلِ الْبَحْرَيْنِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَحَبَّ الإِسْلامَ وَأُعْجِبَ بِهِ وَدَخَلَ فِيهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ كَرِهَهُ، وَبِأَرْضِي مَجُوسٌ، وَيَهُودٌ، فَأَحْدِثْ إِلَيَّ فِي ذَلِكَ أَمْرَكَ فَكَتَبَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحَمْنِ الرَّحِيمِ: مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى الْمُنْذِرِ بْنِ سَاوَى: سَلامٌ عَلَيْكَ، فَإِنِّي أَحْمَدُ إِلَيْكَ اللَّهَ، الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. أَمَّا بَعْدُ: فَإِنِّي أُذَكِّرُكَ اللَّهَ عزَّ وَجَلَّ فَإِنَهُ مَنْ يَنْصَحْ فِإِنَّمَا يَنْصَحُ لِنَفْسِهِ، وَمَنْ يُطِعْ رُسُلِي وَيَتَّبِعْ أمْرَهُمْ فَقَدْ أَطَاعَنِي، وَمَنْ يَنْصَحْ لُهمْ فَقَدْ نَصَحَ لِي، وَإِنَّ رُسُلِي قَدْ أَثْنَوْا عَلَيْكَ خَيْرًا، وَإِنِّي قَدْ شَفَعْتُكَ فِي قَوْمِكِ فَاتْرُكْ لِلْمُسْلِمِيَن مَا أَسْلَمُوا عَلَيْهِ، وَعَفَوْتُ عَنْ أَهْلِ الذُّنُوبِ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ، وَإِنَّكَ مَهْمَا تُصْلِحُ، فَلَنْ نَعْزِلَكَ، عَنْ عَمَلِكَ، وَمَنْ أَقَامَ عَلَى يَهُودِيَّةٍ، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 60 أَوْ مَجُوسِيَّةٍ فَعَليْهِ الْجِزْيَةُ ". ثُمَّ قَالَ: أَسْلَمَ الْمُنْذِرُ هَذَا بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَحَسُنَ إِسْلامُهُ، وَمَاتَ قَبْلَ رِدَّةِ أََهْْلِ الْبَحْرَيْنِ ". وَذَكَرَ ابْنُ قَانِعٍ أَنَّهُ وَفَدَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ أَبُو الرَّبِيعِ بْنُ سَالِمٍ لا يَصِحُّ ذَلِكَ وَقَدْ ذكر الزيلعي ذَلِكَ فِي آخر كتابه تخريج أحاديث الهداية، فَقَالَ: رَوَى الواقدي فِي آخر كِتَاب الردة، فَقَالَ: حَدَّثَنِي مُعَاذُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِِ بْنِ أَبِي جَهْمٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي خَيْثَمَةَ، قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَلاءَ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ إِلَى الْمُنْذِرِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 61 بْنِ سَاوَى الْعَبْدِيِّ بِالْبَحْرِينِ لِلَيَالِي بَقَيْنَ مِنْ رَجَبٍ سَنَةَ تِسْعٍ، مُنْصَرَفَهُ عَلَيْهِ السَّلامُ مِنْ تَبُوكَ، وَكَتَبَ إِلَيْهِ كِتَابًا فِيهِ: " بِسْمِ اللَّهِ الرَّحَمْنِ الرَّحِيمِ، مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ، إِلَى الْمُنْذِرِ بْنِ سَاوَى , سَلامٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى. أَمَّا بَعْدُ: فَإِنِّي أَدْعُوكَ إِلَى الإِسْلامِ فَأَسْلِمْ تَسْلَمْ، وَأَسْلِمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَكَ مَا تَحْتَ يَدَيْكَ، وَاعْلَمْ أَنَّ دِينِي سَيَظْهَرُ إِلَى مُنْتَهَى الْخُفِّ وَالْحَافِرِ ". وَخَتَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْكِتَابَ، فَخَرَجَ الْعَلاءُ بْنُ الْحَضْرَمِيِّ إِلَى الْمُنْذِر وَمَعَهُ نَفَرٌ فِيهِمْ أَبُو هُرَيْرَةَ، وَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اسْتَوْصِ بِهِمْ خَيْرًا» ، وَقَالَ: «إِنْ أَجَابَكَ إِلَى مَا دَعَوْتُهُمْ إِلَيْهِ، فَأَقِمْ حَتَّى يأْتِيكَ أَمْرِي، وَخُذِ الصَّدَقَةَ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَرُدَّهَا فِي فُقَرَائِهِمْ» ، قَالَ الْعَلاءُ: وَكَتَبَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كِتَابًا يَكُونُ مَعِي، وَكَتَبَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَائِضَ الإِبِلِ، وَالْبَقَرِ، وَالْغَنَمِ، وَالْحَرْثِ، وَالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ، عَلَى وَجْهِهَا، وَقَدِمَ الْعَلاءُ بْنُ الْحَضْرَمِيِّ عَلَيْهِ , فَقَرَأَ الْكِتَابَ، فَقَالَ: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 62 أَشْهَدُ أَنَّ مَا دَعَا إِلَيْهِ حَقٌ، وَأَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَكْرَمَ مَنْزِلَهُ وَرَجَعَ الْعَلاءُ فَأَخْبَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَبَرَهُ فَسُرَّ، ثُمَّ نَقَلَ مَا أَسْنَدَهُ الْوَاقِدِيّ، عَنْ عِكْرِمَةَ نَحْو مَا تَقَدَّمَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 63 الثَالِث فِي كِتَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى كِسْرَى أَخْبَرَتْنَا أُمُّ عَبْدِ الرَّزَّاقِ خَدِيجَةُ ابْنَةُ عَبْدِ الْكَرِيمِ الأَرْمَوِيَّةُ، أَخْبَرَتْنَا أُمُّ مُحَمَّدِ عَائِشَةُ ابْنَةُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْهَادِي، قَالَتْ: أَنْبَأَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْحَجَّارُ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِِ بْنُ الزُّبَيْدِيِّ، أَنْبَأَنَا أَبُو الْوَقْتِ السَّجْزِيُّ، أَنْبَأَنَا الدَّاوُدِيُّ، أَنْبَأَنَا السَّرْخَسِيُّ، أَنْبَأَنَا الْفَرْبَرِيُّ، أَنْبَأَنَا الْبُخَارِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِِ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ، " أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ بِكِتَابِهِ مَعَ عَبْدِ اللَّهِِ بْنِ حُذَافَةَ السَّهْمِيِّ إِلَى كِسْرَى، فَأَمَرَهُ أَنْ يَدْفَعَهُ إِلَى عَظِيمِ الْبَحْرَيْنِ، فَدَفَعَهُ عَظِيمُ الْبَحْرَيْنِ إِلَى كِسْرَى، فَلَمَّا قَرَأَهُ مَزَّقَهُ، فَحَسِبْتُ أَنَّ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: فَدَعَا عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنْ يُمَزَّقُوا كُلَّ مُمَزَّقٍ " الجزء: 1 ¦ الصفحة: 64 قَالَتْ عَائِشَةُ: وَأَنْبَأَتْنَا أُمُّ عَبْدِ اللَّهِِ زَيْنَبُ ابْنَةُ الْكَمَالِ الْمَقْدِسِيَّةِ، عَنِ ابْنِ بَقِيٍّ، أَنْبَأَنَا ابْنُ بَشْكُوَالٍ، أَنْبَأَنَا الْقُرْطُبِيُّ، أَنْبَأَنَا ابْن عَبْدِ الْبَرِّ، أَنْبَأَنَا أَبُو عُمَرَ الإِشْبِيلِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبِي، أَنْبَأَنَا ابْنُ يُونُسَ، أَنْبَأَنَا ابْنُ مَخْلَدٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَرْمَلَةَ الأَسْلَمِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ سَعْيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ، يَقُولُ: " كَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى كِسْرَى: أَمَّا بَعْدُ: {تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 64] ، قَالَ سَعِيدٌ: فَمَزَّقَ كِسْرَى الْكِتابَ، وَلَمْ يَنْظُرْ فِيهِ، فَقَالَ نَبِيُّ اللَّهِ: مُزِقَ وَمُزِّقَتْ أُمَّتُهُ، قَالَ الْجَمَالُ بْنُ الْمُبَرِّدُ: فَمَزَّقَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِدَعْوَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَزَّقَ مُلْكَهُ كُلَّ مُمَزَّقٍ ". انْتَهَى وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ فِي آَخِرِ كِتَابِهِ تخريج أحاديث الهداية: كِتَاب النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى كِسْرَى ملك الفرس، ذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ مِنْ حَدِيثِ الشِّفَاءِ بِنْتُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 65 عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ عَبْدَ اللَّهِِ بْنَ حُذَافَةَ السَّهْمِيَّ مُنْصَرَفَهُ مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ إِلَى كِسْرَى، وَبَعَثَ مَعَهُ كِتَابًا مَخْتُومًا فِيهِ: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحَمْنِ الرَّحِيمِ، مِنْ مُحَمَّدًا رَسُولِ اللَّهِ إِلَى كِسْرَى عَظِيمِ فَارِسٍ، سَلامٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى، وَآمَنَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهُ، وَشَهِدَ أَنَّ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عْبدُهُ وَرَسُولُهُ، أدْعُوكَ بِدِعَايَةِ اللَّهِ، فَإِنِّي أَنَا رَسُولُ اللَّهِ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً، ليُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا، وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ، أَسْلِمْ تَسْلَمْ، فَإِنْ أبَيْتَ فَإِنَّ عَلَيْكَ إِثْمَ الْمَجُوِسِ» . قَالَ عَبْدُ اللَّهِِ بْنُ حُذَافَةَ: فَانْتَهَيْتُ إِلَى بَابِهِ فَطَلَبْتُ الإِذْنَ عَلَيْهِ حَتَّى وَصَلْتُ إِلَيْهِ، فَدَفَعْتُ إِلَيْهِ كِتَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُرِئَ عَلَيْهِ، فَأَخَذَهُ وَمَزَّقَهُ، فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَزَّقَ اللَّهُ مُلْكَهُ» ، قَالَ: وأخرجه الْبُخَارِي مختصرًا، عَنِ ابْن عَبَّاس، ثُمَّ ذكر لفظ الْبُخَارِي المتقدم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 66 الرابعُ فِي كِتَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى قَيْصَر أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي عُمَرَ بِقَرَاءَتِي عَلَيْهِ، أَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ عُرْوَةَ، أَنْبَأَنَا أَبُو زَكَرِيَّا الرُّحْبِيُّ. ح وَأَخْبَرَتْنَا عَالِيًا أُمُّ عَبْدِ الرَّزَّاقِ خَدِيجَةُ ابْنَةُ عَبْدِ الْكَرِيمِ الأَرْمَوِيَّةُ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهَا، قَالَتْ: أَخْبَرَتْنَا أُمُّ مُحَمَّدِ بِنْتُ عَبْدُ الْهَادِي , قَالَتْ: وَأَبُو زَكَرِيَّا، أَنْبَأَنَا الشِّهَابُ بْنُ الشَّحْنَةِ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِِ بْنُ الزُّبَيْدِيُّ، أَنْبَأَنَا السِّجْزِيُّ، أَنْبَأَنَا الدَّوُدِيُّ، أَنْبَأَنَا السَّرْخَسِيُّ، أَنْبَأَنَا الْفِرْبَرِيُّ، أَنْبَأَنَا الْبُخَارِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِِ بْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ، أَنَّ أَبَا سُفيْانَ بْنَ حَرْبٍ , أَخْبَرَهُ " أَنَّ هِرَقْلَ أَرْسَلَ إِلَيْهِ فِي رَكْبٍ مِنْ قُرَيْشٍ، وَكَانُوا تُجَّارًا بِالشَّامِ فِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 67 الْمُدَّةِ الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَادَ فِيهَا أَبَا سُفْيَانَ وَكُفَّارِ قُرَيْشٍ، فَأَتَوهُ وَهُمْ بِإِيلِيَاءَ، فَدَعَاهُمْ فِي مَجْلِسِهِ وَحَوْلهُ عُظَمَاءُ الرُّومِ، ثُمَّ دَعَاهُمْ وَدَعَا بِتُرْجُمَانِهِ، فَقَالَ: أَيُّكُمْ أَقْرَبُ نَسَبًا بِهَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنُّهُ نَبِيٌّ؟ قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: فَقُلْتُ: أَنَا أَقْرَبُهُمْ نَسَبًا، فَقَالَ: أَدْنُوهُ مِنِّي، وَقَرِّبُوا أَصْحَابَهُ فَاجْعَلُوهُمْ عِنْدَ ظَهْرِهِ، ثُمَّ قَالَ لِتُرْجُمَانِهِ: قُل لَهُمْ: إِنِّي سَائِلٌ هَذَا عَنْ هَذَا الرَّجُلِ، فَإِنْ كَذِّبَنِي فَكَذِّبُوهُ. فَواللَّهِ لَوْلا الْحَيَاءُ مِنْ أَنْ يَأْثِرُوا عَلَيَّ كَذِبًا لكَذَبْتُ عَنْهُ، أَوْ قَالَ عَلَيْهِ، ثُمَّ كَانَ أَوَّلُ مَا سَأَلَنِي عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ: كَيْفَ نسُبُهُ فِيكُمْ؟ فَقُلْتُ: هُوَ فِينَا ذُو نَسَبٍ، قَالَ: فَهَلْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ مِنْكُمْ أَحَدٌ قَطُّ قَبْلَهُ؟ قُلْتُ: لا، قَالَ: فَهَلْ كَانَ مِنْ آَبَائِهِ مِنْ مَلِكٍ؟ قُلْتُ: لا , قَالَ: فَأَشْرَافُ النَّاسِ يَتَّبِعُونَهُ أَمْ ضُعَفَائُهُمْ؟ قُلْت: بَل ضُعَفَائُهُمْ، قَالَ: أَيَزِيدُونَ أَمْ يَنْقُصُونَ؟ قُلْتُ: بَلْ يَزِيدُونَ، قَالَ: فَهَلْ يَرْتَدُّ أَحَدٌ مِنْكُمْ سَخْطَةً لِدِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُل فِيهِ؟ قُلْت: لا، قَالَ: فَهَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالْكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ؟ قُلْتُ: لا، قَالَ: فَهَلْ يَغْدِرُ؟ قَلْتُ: لا، وَنَحْنُ مِنْهُ فِي مُدَّةٍ لا نَدْرِي مَا هُوَ فَاعِلٌ فِيهَا، قَالَ: لَمْ يُمْكِنِّي كَلِمَةً أُدْخِلُ فِيهَا شَيْئًا غَيْرَ هَذِهِ الْكَلِمَةِ، قَالَ: فَهَلْ قَاتَلْتُمُوهُ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: فَكَيْفَ كَانَ قِتَالُكُمْ إِيَّاهُ؟ قُلْتُ: الْحَرْبُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ سِجَالٌ، يَنَالُ مِنَّا، وَنَنَالُ مِنْهُ، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 68 قَالَ: مَاذَا يَأْمُرُكُمْ؟ قُلْتُ: يَقُولُ: اعْبُدُوا اللَّهَ وَحْدَهُ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَاتْرُكُوا مَا يَقُولُ آَبَاؤُكُمْ، وَيَأْمُرُنَا بِالصَّلاةِ، وَالصِّدْقِ، َالْعَفَافِ، وَالصِّلَةِ، فَقَالَ لِلتُرْجُمَانِ قُلْ لَهُ: سَأَلْتُكَ عَنْ نَسَبِهِ، فَذَكَرْتَ أَنَّهُ فِيكُمْ ذُو نَسَبٍ، فَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْعَثُ فِي نَسَبِ قَوْمِهَا، وَسَأَلْتُكَ هَلْ قَالَ أَحَدٌ مِنْكُمْ هَذَا الْقَوْلَ؟ فَذَكَرْتَ أَنْ لا، فَقُلُتُ: لَوْ كَانَ أَحَدٌ، قَالَ هَذَا الْقَوْلَ قَبْلَهُ، لَقُلْتُ: رَجُلٌ يَأْتَسِي بِقَوْلٍ قِيلَ قَبْلَهُ، وَسَأَلْتُكَ هَلْ كَانَ مِنْ آَبَائِهِ مَنْ مَلَكَ؟ فَذَكَرْتَ أَنْ لا، قُلْتُ: لَوْ كَانَ مِنْ آَبَائِهِ مَنْ مَلِكِ، قُلْتُ: رَجُلٌ يَطْلُبُ مُلْكَ أَبِيِهِ، وَسَأَلْتُكَ هَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ؟ فَذَكَرْتَ أَنْ لا، فَقَدْ أَعْرَفَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِيَذَرُ الْكَذِبَ عَلَى النَّاسِ، وَيَكْذِبُ عَلَى اللَّهِ، وَسَأَلْتُكَ أَشْرَافَ النَّاسِ اتَّبَعُوهُ أَمْ ضُعَفَاؤَهُمْ؟ فَذَكَرْتَ أَنَّ ضُعَفَاءَهُمُ اتَّبَعُوهُ، وَهُمْ أَتْبَاعُ الرُّسُلِ، وَسَأَلْتُكَ أَيَزِيدُونَ أَمْ يَنْقُصُونَ، فَذَكَرْتَ أَنَّهُمْ يَزِيدُونَ، وَكَذَلِكَ أَمْرُ الإِيمَانِ حَتَّى يَتِمَّ، وَسَأَلْتُكَ أَيَرْتَدَّ أَحَدٌ سَخْطَةً لِدِينِهِ بَعْد أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ، فَذَكَرْتَ أَنْ لا، وَكَذَلِكَ الإِيمَانُ حِينَ تُخَالِطُ بَشَاشَتُهُ القُلُوبَ، وَسَأَلْتُكَ هَلْ يَغْدُرُ؟ فَذَكَرْتَ أَنْ لا، وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ لا تَغْدُرُ، وَسَأَلْتُكَ بِمَا يَأْمُرُكُمْ؟ فَذَكَرْتَ أَنَّهُ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَيَنْهَاكُمْ عَنْ عِبَادَةِ الأَوْثَانِ، وَيَأْمُرُكُمْ بِالصَّلاةِ، وَالصِّدْقِ، وَالْعَفَافِ , وَالصِّلَةِ، فَإِنْ كَانَ مَا تَقُولُ حَقًا فَسَيَمْلِكُ مَوْضِعَ قَدَمَيَّ هَاتَيْنِ، وَقَدْ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّهُ خَارِجٌ، وَلَمْ أَكُنْ أَظُنُّ أَنَّهُ مِنْكُمْ، فَلَوْ أَعْلَمُ أَنِّي أَخْلُصُ إِلَيْهِ، لَتَجَشَّمْتُ لِقَاءَهُ، وَلَوْ كُنْتُ عِنْدَهُ لَغَسَلْتُ، عَنْ قَدَمَيْهِ، ثُمَّ دَعَا بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الَّذِي بَعَثَ بِهِ مَعَ دِحْيَةَ إِلَى عَظِيمِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 69 بُصْرَى، فَدَفَعَهُ إِلَى هِرَقلَ فَقَرَأَهُ، فَإِذَا فِيهِ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحَمْنِ الرَّحِيمِ، مِنْ مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللَّهِِ وَرَسُولِهِ، إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ، سَلامٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الهُدَى. أمَا بْعدُ: فَإِنِّي أَدْعُوكِ بِدِعَايَةِ الإِسْلامِ، أَسْلِمْ تَسْلَمْ، يُؤْتِكَ اللَّهُ أَجْرَكَ مَرَّتَيْنِ، فَإِن تَوَلَّيْتَ، فَإِنَّ عَلَيْكَ إِثْمَ اليَرِيسِيِّينَ، {يَأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 70 فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 64] ، قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: فَلَمَّا قَالَ مَا قَالَ، وَفَرَغَ مِنْ قِرَاءَةِ الْكِتَابِ، كَثُرَ عِنْدَهُ الصَّخَبُ، وَارْتَفَعَتِ الأَصْوَاتُ، وَأُخْرِجْنَا، فَقُلْتُ لأَصْحَابِي حِينَ أُخْرِجْنَا: لَقَدْ أَمِرَ أَمْرُ ابْنِ أَبِي كَبْشَةَ إِنَّهُ يَخَافُهُ مَلِكُ بَنِي الأَصْفَرِ، فَمَا زِلْتُ مُوقِنًا بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ سَيَظْهَرُ حَتَّى أَدْخَلَ اللَّهُ عَلَيَّ الإِسْلامُ " الجزء: 1 ¦ الصفحة: 71 وَكَانَ ابْنُ النَّاطُورِ , صَاحِبَ إِيلِيَاءَ وَهِرَقْلَ , أَسْقُفًا عَلَى نَصَارَى الشَّامِ يُحَدِّثُ أَنَّ هِرَقلَ حِينَ قَدِمَ إِيلِيَاءَ، أَصْبَحَ يَوْمًا خَبِيثَ النَّفْسِ، فَقَالَ بَعْضُ بَطَارِقَتِهِ قَدِ اسْتَنْكَرْنَا هَيْئَتَكَ، قَالَ ابْنُ النَّاطُورِ: وَكَانَ هِرَقْلُ حَزَّاءً يَنْظُرُ فِي النِّجُومِ، فَقَالَ لَهُمْ حِينَ سَأَلُوهُ: إِنِّي رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ حِينَ نَظَرْتُ فِي النِّجُومِ مَلِكَ الْخِتَانِ قَدْ ظَهَرَ، فَمَنْ يَخْتَتِنْ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ؟ قَالُوا، لَيْسَ يَخْتَتِنُ إِلا الْيَهُودُ، فَلا يَهُمَّنَّكَ شَأْنَهُمْ، وَاكْتُبْ إِلَى مَدَائِنَ مُلْكِكَ فَلْيَقْتُلُوا مَنْ فِيهِمْ مِنَ الْيَهُودِ، فَبَيْنَا هُمْ عَلَى أَمْرِهِمْ أُتِيَ هِرَقْلُ بِرَجُلٍ أَرْسَلَ بِهِ مَلِكُ غَسَّانَ يُخْبِرُ عَنْ خَبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا اسْتَخْبَرَهُ هِرَقْلُ، قَالَ: اذْهَبُوا فَانْظُرُوا أَمُخْتَتَنٌ هُوَ أَمْ لا؟ فَنَظَرُوا إِلَيْهِ , فَحَدَّثُوهُ أَنَّهُ مُخْتَتَنٌ، وَسَأَلَهُ عَنِ الْعَرَبِ، فَقَالَ: هُمْ يَخْتَتِنُونَ، فَقَالَ هِرَقْلُ: هَذَا مَلِكُ هَذِهِ الأُمَّةِ قَدْ ظَهَرَ، ثُمَّ كَتَبَ هِرَقْلُ إِلَى صَاحِبٍ لَهُ بِرُومِيَّةَ وَكَانَ نَظِيرَهُ فِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 72 الْعِلْمِ , وَصَارَ هِرَقْلُ إِلَى حِمْصَ فَلَمْ يَرُمْ حِمْصَ حَتَّى أَتَاهُ كِتَابٌ مِنْ صَاحِبِهِ يُوَافِقُ رَأْيَ هِرَقْلَ عَلَى خُرُوجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَّهُ نَبِيٌّ، فَأَذِنَ هِرَقْلُ لِعُظَمَاءِ الرُّومِ فِي دَسْكَرَةَ لَهُ بِحِمْصَ، ثُمَّ أَمَرَ بِأَبْوَابِهِ فَغُلِّقَتْ، ثُمَّ اطَّلَعَ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الرُّومِ هَلْ لَكُمْ فِي الْفَلاحِ وَالرُّشْدِ، وَأَنْ يَثْبُتَ لَكُمْ مُلْكُكُمْ فَتُبَايِعُوا هَذَا النَّبِيَّ؟ فَحَاصُوا حَيْصَةَ حُمُرِ الْوَحْشِ إِلَى الأَبْوَابِ فَوَجَدُوهَا قَدْ غُلِّقَتْ، فَلَمَّا رَأَى هِرَقْلُ نَفْرَتَهُمْ وَأَيِسَ مِنَ الإِيمَانِ، قَالَ: رُدُّوهُمْ عَلَيَّ، وَقَالَ: إِنِّي قُلْتُ مَقَالَتِي آَنِفًا أَخْتَبِرُ بِهَا شِدَّتَكُمْ عَلَى دِينِكُمْ فَقَدْ رَأَيْتُ، فَسَجَدُوا لَهُ وَرَضُوا عَنْهُ، فَكَانَ ذَلِكَ آَخِرِ شَأْنِ هِرَقْلَ وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِِ بْنِ أَبِي عُمَرَ سَمَاعًا عَلَيْهِ، أَنْبَأَنَا الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ نَاصِرِ الدِّينِ حُضُورًا فِي آَخِرِ الْخَامِسَةِ، أَنْبَأَنَا التَّاجُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ بَرْدَسٍ بِقَرِاءَتِي عَلَيْهِ، أَنْبَأَنَا أَبُو الْفِدَاءَ بْنِ الْخَبَّازِ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِِ الأَرْبَلِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِِ الْفَرَاوِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ الْفَارِسِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو أَحْمَدَ الْجَلُودِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ، حَدَّثَنَا الْحَافِظُ أَبُو الْحُسَيْنِ الْقُشَيْرِيُّ، أَنْبَأَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ، وَابْنُ أَبِي عُمَرَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَاللَّفْظُ لابْنِ رَافِعٍ، قَالَ ابْنُ رَافِعٍ، وَابْنُ أَبِي عُمَرَ، حَدَّثَنَا , وَقَالَ الأَخَرَانِ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّزَاقِ، أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ أَخْبَرَهُ مِنْ فِيِهِ إِلَى فِيهِ، قَالَ: " انْطَلَقْتُ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي كَانَتْ بَيْنِي وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ: فَبَيْنَمَا أَنَا بِالشَّامِ إِذْ جِيءَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 73 بِكِتَابٍ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى هِرَقْلَ، وَكَانَ دِحْيَةُ الْكَلْبِيُّ جَاءَ بِهِ، فَدَفَعَهُ إِلَى عَظِيمِ بُصْرَى، فَدَفَعَهُ عَظِيمُ بُصْرَى إِلَى هِرَقْلَ، فَقَالَ هِرَقْلُ: هَلْ هَاهُنَا أَحَدٌ مِنْ قَوْمِ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ؟ فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: فَقُلْتُ أَنَا، فَأَجْلَسُونِي بَيْنَ يَدَيْهِ، وَأَجْلَسُوا أَصْحَابِي خَلْفِي , فَدَعَا بِتُرْجُمَانِهِ , فَقَالَ: قُلْ لَهُمْ إِنِّي سَائِلٌ هَذَا، عَنْ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ، فَإِنْ كَذَّبَنِي فَكَذِّبُوهُ، قَالَ: فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: وَايْمُ اللَّهِ لَوْلا مَخَافَةُ أَنْ يُؤْثَرَ عَلَيَّ الْكَذِبَ لَكَذِبْتُ "، ثُمَّ ذَكَرَ بِمِثْلِ مَا قَدَّمْنَا إِلَى قَوْلِهِ حَتَّى أَدْخَلَ اللَّهُ عَلَيَّ الإِسْلامَ وَلَمْ يَذْكُرْ مَا بَعْدَهُ وَأَخْبَرَنَا الْمَحْيَوِيُّ يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ الْحَنَفِيُّ، أَخْبَرَتْنَا أُمُّ مُحَمَّدٍ عَائِشَةُ ابْنَةُ مُحَمَّدِ بْنِ الزَّيْنِ، عَنْ أُمِّ مُحَمَّدِ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحِيمِ، أَنْبَأَنَا أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ بَقِيٍّ، أَنْبَأَنَا أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ بَشْكُوَالٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْقُرْطُبِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، أَنْبَأَنَا أَبُو عُمَرَ الإِشْبِيلِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبِي أَبُو مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا ابْنُ يُونُسَ، أَنْبَأَنَا بَقِيُ بْنُ مَخْلَدٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَرْمَلَةَ الأَسْلَمِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ، يَقُولُ: " كَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى قَيْصَرَ فَقَرَأَهُ، فَقَالَ: هَذَا كِتَابٌ لَمْ أَسْمَعْ بِهِ بَعْدَ سُلَيْمَانَ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلامُ، بِسْمِ اللَّهِ الرَّحَمْنِ الرَّحِيمِ، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى أَبِي سُفْيَانَ، وَالْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ وَكَانَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 74 تَاجِرَيْنِ بِأَرْضِهِ فَسَأَلَهُمَا، عَنْ بَعْضِ شَأْنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَسَأَلَهُمَا مَنِ اتَّبَعَهُ فَقَالا: تَبِعَهُ النِّسَاءُ وَضَعْفَةُ النَّاسِ، فَقَالَ: أَرَأَيْتُمَا الَّذِينَ يَدْخُلُونَ مَعَهُ يَرْجِعُونَ، قَالَا: لا، قَالَ: هُوَ نَبِيٌ، لَيَمْلِكَنَّ مَا تَحْتَ قَدَمَيَّ، لَوْ كُنْتُ عِنْدَهُ لَقَبَّلْتُ قَدَمَيْهِ " أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْخَزْرَجِيُّ، أَخْبَرَتْنَا أُمُّ عَبْدِ اللَّهِِ ابْنَةُ الشَّمْسِ، أَنْبَأَنَا أَبُو الْحَجَّاجِ الْمُزِّيُّ، أَنْبَأَنَا ابْنُ الدَّرَجِيِّ، وَابْنُ الْحَدَّادِ، قَالَا:، أَنْبَأَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الصَّيْدَلانِيُّ، أَخْبَرَتْنَا فَاطِمَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللَّهِِ، قَالَتْ: أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرِ بْنِ رَيْدَةَ، أَنْبَأَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِِ الْحَضْرَمِيُّ، وَالْحُسَيْنُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَا: حَدَّثَنَا الْجُمَانِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَلَمَةَ بْنِ كَهِيلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِِ بْنِ شَدَّادٍ، عَنْ دِحْيَةَ الْكَلْبِيِّ، قَالَ: " بَعَثَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى قَيْصَرَ صَاحِبِ الرُّومِ بِكِتَابٍ، فَقُلْتُ: اسْتَأْذِنُوا لِرَسُولِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَى قَيْصَرَ، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ عَلَى الْبَابِ رَجُلًا يَزْعُمُ أَنَّهُ رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَفَزِعُوا لِذَلِكَ , فَقَالَ: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 75 أَدْخِلْهُ، فَأَدْخَلَنِي عَلَيْهِ وَعِنْدَهُ بَطَارِقَتُهُ فَأَعْطَيْتُهُ الْكِتَابَ فَقُرِئَ عَلَيْهِ فَإِذَا فِيهِ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحَمْنِ الرَّحِيمِ، مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى قَيْصَرِ الرُّومِ، قَالَ: فَقُرِئَ الْكِتَابُ حَتَّى فَرَغَ مِنْهُ ثُمَّ أَمَرَهُمْ فَخَرَجُوا مِنْ عِنْدِهِ، ثُمَّ بَعَثَ إِلَيَّ فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ، فَسَأَلَنِي فَأَخْبَرْتُهُ، فَبَعَثَ إِلَى الأَسْقُفِ فَدَخَلَ عَلَيْهِ وَكَانَ صَاحِبَ أَمْرِهِمْ، يُصْدِرُونَ عَنْ قَوْلِهِ، وَعَنْ رَأْيِهِ، فَلَمَّا قَرَأَ الْكِتَابَ، قَالَ الأَسْقُفُ: هُوَ وَاللَّهِ الَّذِي بَشَّرَنَا بِهِ مُوسَى وَعِيسَى الَّذِي كُنَّا نَنْتَظِرُ، قَالَ قَيْصَرُ: فَمَا تَأْمُرُنِي؟ قَالَ الأَسْقُفُ: أَمَّا أَنَا فَإِنِّي مُصَدِّقُهُ وَمُتَّبِعُهُ، فَقَالَ قَيْصَرُ: أَعْرِفُ أَنَّهُ كَذَلِكَ، وَلَكِنْ لا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَفْعَلَ، إِنْ فَعَلْتَ ذَهَبَ مُلْكِي، وَقَتَلَنِي الرُّومُ " وَأَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ يُوسُفُ بْنُ حَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ حَسَنِ بْنِ عَبْدِ الْهَادِي، أَنْبَأَنَا جَدِّي، أَنْبَأَنَا الصَّلاحُ بْنُ أَبِي عُمَرَ، أَنْبَأَنَا الْفَخْرُ بْنُ الْبُخَارِيِّ، أَنْبَأَنَا أَبُو الْيَمَانِ الِكِنْدِيُّ، وَأَبُو حَفْصِ بْنُ طَبَرْزَدَ، قَالَ الْكِنْدِي أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْحَرِيرِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَالِبٍ الْعِشَارِيُّ، قَالَ ابْنُ طَبَرْزَدَ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الأَنْصَارِيُّ، وَالْكَرْخِيُّ، قَالا: أَخْبَرَتْنَا خَدِيجَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ، قَالَتْ: أَخْبَرَنَا أَبُو طَالِبٍ الْعَشْرِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ سَمْعُونٍ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْخَتلِيُّ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا نَجِيحٌ أَبُو مَعْشَرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ، عَنْ دِحْيَةَ بْنِ خليْفَةَ، قَالَ: " وَجَّهَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى مَلِكِ الرَّومِ بِكِتَابِهِ وَهُوَ بِدِمَشْقَ، فَنَاوَلْتُهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 76 كِتَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَبَّلَ خَاتَمَهُ، وَوَضَعَهُ تَحْتَ شَيْءٍ كَانَ عَلَيْهِ قَاعِدًا، ثُمَّ نَادَى فَاجْتَمَعَ الْبَطَارِقَةُ وَقَوْمُهُ، فَقَامَ عَلَى وَسَائِدَ ثُنِيَتْ لَهُ، كَذَلِكَ كَانَتْ فَارِسُ وَالرُّومُ، وَلَمْ يَكُنْ لَهَا مَنَابِرُ، ثُمَّ خَطَبَ أَصْحَابَهُ , فَقَالَ: هَذَا كِتَابُ النَّبِيِّ الَّذِي بَشَّرَنَا بِهِ الْمَسِيحُ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: فَنَخَرُوا نَخْرَةً فَأَوْمَأ بِيَدِهِ أَنِ اسْكُتُوا، ثُمَّ قَالَ: إِنَّمَا اخْتَبَرْتُكُمْ كَيْفَ نُصْرَتُكُمْ لِلنَّصْرَانِيَّةِ، قَالَ: فَبَعَثَ إِلَيَّ مِنَ الْغَدِّ سِرًا فَأَدْخَلَنِي بَيْتًا عَظِيمًا فِيهِ ثَلاثِ مِائَةٌ وَثَلاثَةَ عَشْرَ صُورَةٍ، فَإِذَا هِيَ صُوَرُ الأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ، قَالَ: انْظُرْ مَنْ صَاحِبُكَ مِنْ هَؤُلاءِ؟ ، قَالَ: فَرَأَيْتُ صُورَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَأَنَّهُ يَنْظُرُ فَقُلْتُ هَذَا، قَالَ: صَدَقْتَ، فَقَالَ صُوْرَةُ مَنْ هَذَا، عَنْ يَمِينِهِ؟ قُلْتُ: رَجُلٌ مِنْ قَوْمِهِ يُقَالُ لَهُ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، قَالَ: فَمَنْ ذَا عَنْ يَسَارِهِ؟ قُلْتُ: رَجُلٌ مِنْ قَوْمِهِ يُقَالُ لَهُ: عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، قَالَ: أَمَّا إِنَّا نَجِدُ فِي الْكِتَابِ أَنَّ بِصَاحِبَيْهِ هَذَيْنِ يُتِمُّ اللَّهُ هَذَا الدِّينَ، فَلَمَّا قَدِمْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرْتُهُ , فَقَالَ: صَدَقَ , بِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ يَتِمُّ هَذَا الدِّينِ، وَيُفْتَحُ بَعْدِي " وَرَأَيْتُ فِي مَوْضِعٍ أَنَّهُ أَدْخَلَهُ بَيْتًا فِيهِ صِوَرٌ , فَقَالَ: انْظُرْ صَاحِبَكُمْ فِي هَذَهِ، فَنَظَرْتُ فَمَا رَأَيْتُ شَيْئًا، فَقُلْتُ: لا، فَقَالَ: صَدَقْتَ، ثُمَّ أَدْخَلَنِي بَيْتًا آَخَرَ، فَقَالَ: انْظُرْ هَلْ هُوَ فِي هَذِهِ؟ فَنَظَرْتُ فَلَمْ أَجِدْ أَحَدًا، أَدْخَلَنِي بَيْتًا آَخَرَ , فَقَالَ: انْظُرْ فِي هَذِهِ، فَنَظَرْتُ فَإِذَا صُورَةٌ كَأَنَّهَا صُورَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: هَذِهِ، فَقَالَ: صَدَقْتَ، ثُمَّ قَالَ: مَنْ هَذَا، عَنْ يَمِينِهِ , فَإِذَا صُورَةٌ كَأَنَّهَا صُورَةُ أَبِي بَكْرٍ، فَقُلْتُ: هَذَا ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ، فَأَرَانِي صُورَةً، عَنْ يَسَارِهِ، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 77 فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ فَقُلْتُ: عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَقَالَ: إِنَّا نَجِدُ فِي الْكِتَابِ أَنَّ هَذَا قَرْنًا مِنْ حَدِيدٍ وَفِي كِتَابِ مَعَالِمَ الإِسْلامِ لأَبِي يُوسُفَ يُوسُفَ الإِسْفَرَايِينِيِّ فِي حَدِيثِ هِرَقْلَ مَعَ هِشَامِ بْنِ الْعَاصِ، حِينَ بَعَثَهُ أَبُو بَكْرٍ أَنَّهُ أَرْسَلَ إِلَيْهِمْ لَيْلًا فَاسْتَعَادَ قَوْلَهُمْ وَأَنَّه دَعَا بِشَيْءٍ كَهَيْئَةِ الْبَرْعَةِ الْعَظِيمَةِ فِيهَا بُيُوتٌ صِغَارٌ عَلَيْهَا أَبْوَابُ فَفَتَحَ بَيْتًا وَقِفْلا فَاسْتَخْرَجَ حَرِيرَةً فِيهَا صُورَةٌ، ثُمَّ صَارَ يُخْرِجُ مِنْ كُلِّ بَيْتٍ صُورَةٍ مِنْ صِوَرِ الأَنْبِيَاءِ، ثُمَّ فَتَحَ بَابًا فِيهِ صُورَةٌ بَيْضَاءُ فَإِذَا وَاللَّهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا؟ قُلْنَا: نَعَمْ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: فَبَكَيْنَا، قَالَ: فَقَامَ قائِمًا ثُمَّ جَلَسَ، قَالَ: بِدِينِكُمْ إِنَّهُ لَهُوَ قُلْنَا: نَعَمْ وَاللَّهِ إِنَّهُ لَهُوَ، فَأَمْسَكَ سَاعَةً يَنْظُرُ إِلَيْنَا , ثُمَّ قَالَ: أَمَا إِنَّهُ كَانَ فِي آَخِرِ الْبُيُوتِ، وَلَكِنِّي عَجَلْتُهُ إِلَيْكُمْ لأَنْظُرَ مَا عِنْدَكُمْ، قُلْنَا مَنْ أَيْنَ لَكُمْ هَذِّهِ الصُّورَةُ؟ ، قَالَ: إِنَّ آَدَمَ سَأَلَ رَبَّهُ أَنْ يُرِيَهُ الأَنْبِيَاءَ مِنْ وَلَدِهِ، فَأَنْزَلَ عَلَيْهِ صُوَرَهُمْ، وَكَانَتْ فِي خِزَانَةِ آَدَمَ عِنْدَ مَغْرِبِ الشَّمْسِ، فَاسْتَخْرَجِهَا ذُو اْلَقْرَنَيْنِ، فدُفِعَتْ إِلَى دَانْيَالَ فَصَوَّرَهَا دَانْيَالَ، ثُمَّ قَالَ لَنَا: أَمَا وَاللَّهِ لَوَدَدْتُ أَنَّ نَفْسِي طَابَتْ بِالْخُرُوجِ مِنْ مُلْكِيِ وَإِنْ كُنْتُ عبدًا لِشَرِّكُمْ حَتَّى أَمُوتَ، ثُمَّ أَجَازَنَا وَسَرَّحَنَا. انْتَهَى وَقَالَ: أَبُو الْفَتْحِ بْنِ سَيِّدِ النَّاسِ: ذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 78 وَمِنْ حَدِيثِهِ خَرَجَ فِي الصَّحِيحِ: " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ إِلَى قَيْصَرَ يَدْعُوهُ إِلَى الإِسْلامِ، وَبَعَثَ بِكِتَابِهِ مَعَ دِحْيَةَ الْكَلْبِيِّ وَأَمَرَهُ أَنْ يَدْفَعَهُ إِلَى عَظِيمِ بُصْرَى، لَيَدْفَعَهُ إِلَى قَيْصَرَ، فَدَفَعَهُ عَظِيمُ بُصْرَى إِلَى قَيْصَرَ، وَكَانَ قَيْصَرُ لَمَّا كَشَفَ اللَّهُ عَنْهُ جُنُودَ فَارِسَ مَشَى مِنْ حِمْصَ إِلَى إِيلِيَاءَ شُكْرًا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِيمَا أَبْلاهُ مِنْ ذَلِكَ، فَلَمَّا جَاءَ قَيْصَرَ كِتَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: الْتَمِسُوا لَنَا هَاهُنَا مِنْ قَوْمِهِ أَحَدًا نَسْأَلُهُمْ عَنْهُ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَأَخْبَرَنِي أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ أَنَّهُ كَانَ بِالشَّامِ فِي رِجَالٍ مِنْ قُرَيْشٍ، قَدِمُوا تُجَّارًا وَذَلِكَ فِي الْهُدْنَةِ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَ كُفَّارِ قُرَيْشٍ، قَالَ: فَأَتَانَا رَسُولُ قَيْصَرَ فَانْطَلَقَ بِنَا حَتَّى قَدِمْنَا إِيلِيَاءَ، فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ فَإِذَا هُوَ جَالِسٌ فِي مَجْلِسِ مُلْكِهِ، عَلَيْهِ التَّاجُ وَحَوْلَهُ عُظَمَاءُ الرَّومِ , فَقَالَ لِتُرْجُمَانِهِ: سَلْهُمْ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ نَسَبًا بِهَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ؟ ثُمَّ ذَكَرَ بِمِثْلِ مَا قَدَّمْنَا مِمَّا فِي الصَّحِيحَيْنِ، وَزَادَ فِيهِ: وَيُرْوَى فِي خَبَرِ أَبِي سُفْيَانَ، أَنَّهُ قَالَ لِقَيْصَرَ لَمَّا سَأَلَهُ، عَنِ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّهَا الْمَلِكُ، أَلا أُخْبِرُكَ عَنْهُ خَبَرًا يُعْرَفُ بِهِ أَنَّهُ قَدْ كَذِبَ، قَالَ: وَمَا هُوَ؟ قُلْت لَهُ: زَعَمَ لَنَا أَنَّهُ خَرَجَ مِنْ أَرْضِنَا أَرْضِ الْحَرَمِ فِي لَيْلَةٍ فَجَاءَ مَسْجِدَكُمْ هَذَا مَسْجِدَ إِيلِيَاءَ وَرَجَعَ إِلَيْنَا فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ قَبْلَ الصَّبَاحِ، قَالَ: وَبَطْرِيقُ إِيلِيَاءَ عِنْدَ رَأْسِ قَيْصَرَ، فَقَالَ: هَذَا صَحِيحٌ، قَالَ: وَمَا عِلْمُكَ بِهَذَا؟ ، قَالَ: إِنِّي كُنْتُ لا أَنَامُ لَيْلَةً حَتَّى أُغْلِقَ أَبْوَابَ الْمَسْجِدِ، فَلَمَّا كَانَتْ تِلْكَ اللَّيْلَةُ أَغْلَقْتُ الأَبْوَابَ غَيْرَ بَابٍ وَاحِدٍ غَلَبَنِي فَاسْتَعَنْتُ عَلَيْهِ عُمَّالِي وَمَنْ يَحْضُرْنِي فَلَمْ نَسْتَطِعْ أَنْ نُحَرِّكَهُ، كَأَنَّمَا نُزَاوِلُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 79 جَبَلًا، فَدَعَوْتُ النَّجَّارِينَ فَنَظَرُوا إِلَيْهِ , فَقَالُوا: هَذَا بَابٌ سَقَطَ عَلَيْهِ النِّجَافُ وَالْبُنْيَانُ، فَلا نَسْتَطِيعُ أَنْ نُحَرِّكَهُ حَتَّى نُصْبِحَ، فَنَنْظُرَ مِنْ أَيْنَ أَتَى , فَرَجَعْتُ وَتَرَكْتُ الْبَابَيْنِ مَفْتُوحَيْنِ، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ غَدَوْتُ عَلَيْهِمَا فَإِذَا الْحَجَرُ الَّذِي فِي زَاوِيَةِ الْمَسْجِدِ مَثْقُوبٌ، وَإِذَا فِيهِ أَثَرُ مَرْبَطِ الدَّابَّةِ، فَقُلْتُ لأَصْحَابِي، مَا حُبِسَ هَذَا الْبَابُ اللَّيْلَةَ إِلا عَنْ نَبِيٍّ، وَقَدْ صَلَّى اللَّيْلَةَ فِي مَسْجِدِنَا هَذَا، فَقَالَ قَيْصَرُ لِقَوْمِهِ: يَا مَعْشَرَ الرَّومِ أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ بَيْنَ عِيسَى وَبَيْنَ السَّاعَةِ نَبِيًا بَشَّرَكُمْ بِهِ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ، تَرْجُونَ أَنْ يَجْعَلَهُ اللَّهُ فِيكُمْ، قَالُوا: بَلَى، قَالَ: فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ جَعَلَهُ فِي غَيْرِكُم، فِي أَقَلِّ مِنْكُمْ عَدَدًا، وَأَضْيَقَ مِنْكُمْ بَلَدًا، وَهِيَ رَحْمَةُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ يَضَعُهَا حَيْثُ شَاءَ ". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 80 الخَامسِ فِي كِتَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الُمقَوْقِسِ أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ يُوسُفُ بْنُ حَسَنِ الصَّالِحِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِِ النُّعْمَانِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جَمَاعَةٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدُ اللَّهِِ الْقُرَشِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ سَيِّدِ النَّاسِ، قَالَ: " كِتَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى المُقَوْقِسِ مَعَ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ، بِسْمِ اللَّهِ الرَّحَمْنِ الرَّحِيمِ، مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، إِلَى الْمُقَوْقِسِ عَظيمِ القِبْطِ، سَلامٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى. أَمَّا بَعْدُ: فَإِنِّي أدْعُوكَ بدِعايَةِ الإِسْلامِ أسْلِمْ تَسْلَمْ، وَأَسْلِمْ يُؤْتِكَ اللَّهُ أجْرَكَ مَرَّتَيْنِ، فَإِنْ تَوِلَّيْتَ فَإِنَّ عَلَيْكَ إثْمَ القِبْطِ، {يَأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 81 فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 64] , وَخَتَمَ الْكِتَابَ، فَخَرَجَ بِهِ حَاطِبُ حَتَّى قَدِمَ عَلَيْهِ الإِسْكَنْدَرِيَّةَ، فَانْتَهَى إِلَى حَاجِبِهِ فَلَمْ يُلْبِثْهُ أَنْ أَوْصَلَ إِلَيْهِ كِتَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ حَاطِبٌ لِلْمُقَوْقِسِ لَمَّا لَقِيَهُ إِنَّهُ قَدْ كَانَ قَبْلَكَ رَجُلٌ يَزْعُمُ أَنَّهُ الرَّبُّ الأَعْلَى فَأَخَذَهُ اللَّه نَكَالَ الآخِرَةِ وَالأُولَى، فَانْتَقَمَ بِهِ ثُمَّ انْتَقَمَ مِنْهُ، فَاعْتَبِرْ بِغَيْرِكَ وَلا يَعْتَبِرُ غَيْرُكَ بِكَ، قَالَ: هَاتِ، قَالَ: إِنَّ لَنَا دِينًا لَنْ نَدَعَهُ إِلا لِمَا هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ وَهُوَ الإِسْلامُ الْكَافِي بِهِ اللَّهُ مَا سِوَاهُ، إِنَّ هَذَا النَّبِيَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، دَعَا النَّاسَ فَكَانَ أَشَدَّهُمْ عَلَيْهِ قُرَيْشٌ وَأَعْدَاهُمْ لَهُ الْيَهُودُ وَأَقْرَبَهُمْ مِنْهُ النَّصَارَى، وَلَعَمْرِي مَا بِشَارَةُ مُوسَى بِعِيسَى، إِلا كَبِشَارَةِ عِيسَى بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَا دُعَاؤُنَا إِيَّاكَ إِلَى الْقُرْآنِ إِلا كَدُعَائِكَ أَهَلَ التَّوْارَةِ إِلَى الإِنْجِيلِ، وَكُلُّ نَبِيٍّ أَدَرَكَ قَوْمًا فَهُمْ مِنْ أُمَّتِهِ، فَالْحَقُّ عَلَيْهِم أَنْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 82 يُطِيعُوهُ، فَأَنْتَ مِمَّنْ أَدْرَكَهُ هَذَا النَّبِيُّ، وَلَسْنَا نَنْهَاكَ عَنْ دِينِ الْمَسِيحِ، وَلَكِنَّا نَأْمُرُكَ بِهِ، فَقَالَ الْمُقَوْقِسُ: إِنِّي قَدْ نَظَرْتُ فِي أَمْرِ هَذَا النَّبِيِّ فَوَجَدْتُهُ لا يَأَمْرُ بِمَزْهُودٍ فِيهِ، وَلا يَنْهَى، عَنْ مَرْغُوبٍ عَنْهُ، وَلَمْ أَجِدْهُ بِالسَّاحِرِ الضَّالِ، وَلا بِالْكَاهِنِ الْكَاذِبِ، وَوَجَدْتُ مَعَهُ آَيَةَ النُّبُوَّةِ بِإِخْرَاجِ الْخِبْءِ وَالإِخْبَارِ بالنَّجْوَى، وَسَأَنْظُرُ، وَأَخَذَ كِتَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَعَلَهُ فِي حُقٍّ مِنْ عَاجٍ وَخَتَمَ عَلَيْهِ، وَدَفَعَهُ إِلَى جَارِيَةٍ لَهُ، ثُمَّ دَعَا كَاتِبًا لَهُ يَكْتُبُ بِالْعَرَبِيَّةِ، فَكَتَبَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحَمْنِ الرَّحِيمِ، لِمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِِ , مِنَ الْمُقَوْقِسِ عَظِيمِ الْقِبْطِ سَلامٌ عَلَيْكَ، أَمَّا بَعْدُ: فَقَدْ قَرَأْتُ كِتَابَكَ، وَفَهِمْتُ مَا ذَكَرْتَ فِيهِ، وَمَا تَدْعُو إِلَيْهِ، قَدْ عَلِمْتَ أَنْ نَبِيًا بَقِيَ، وَكُنْتُ أَظُنُّ أَنَّهُ يَخْرُجُ بِالشَّامِ، وَقَدْ أَكْرَمْتَ رُسُولَكَ وَبَعَثْتُ إِلَيْكَ بِجَارِيَتَيْنِ لَهُمَا مَكَانٌ فِي الْقِبْطِ عَظِيمٌ، وَكِسْوَةٍ، وَأَهْدَيْتُ إِلَيْكَ بَغْلَةً لِتَرْكَبَهَا، وَالسَّلامُ عَلَيْكَ. وَلَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا، وَلَمْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 83 يُسْلِمْ، وَالْجَارِيَتَانِ مَارِيَةُ وَسِيرِينُ، وَالْبَغْلَةُ دُلْدُلُ بَقِيَتْ إِلَى زَمَنِ مُعَاوِيَةَ رَضْيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَكَانَتْ شَهْبَاءُ وَلَمَّا خَتَمَ الْكِتَابَ دَفَعَهُ إِلَى حَاطِبِ وَأَمَرَ لَهُ بِمِائَةِ دِينَارٍ وَخَمْسَةِ أَثْوَابٍ، وَقَالَ لَهُ: ارْجَعْ إِلَى صَاحِبِكَ وَلا تَسْمَعْ مِنْكَ الْقِبْطُ حَرْفًا وَاحِدًا، فَإِنَّ الْقِبْطَ لا يُطَاوِعُونَ فِي اتِّبَاعِهِ، وَأَنَا أَضِنُّ بِمُلْكِي أَنْ أُفَارِقَهُ، وَسَيَظْهَرُ صَاحِبُكَ عَلَى الْبِلادِ وَيَنْزِلُ بِسَاحَتِنَا هَذِهِ أَصْحَابُهُ مِنْ بَعْدِهِ، فَارْحَلْ مِنْ عِنْدِي، قَالَ: فَرَحَلْتُ مِنْ عِنْدِهِ وَلَمْ أَقُمْ عِنْدَهُ إِلا خَمْسَةَ أَيَّامٍ، فَلَّمَا قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَكَرْتُ لَهُ مَا قَالَ لِي، فَقَالَ: ضَنَّ الخَبِيثُ بُملْكِهِ وَلا بَقَاءَ لِمُلْكِهِ ". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 84 قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: اسْمُهُ جُرَيْجُ بْنُ مِينَا، أَثْبَتَهُ أَبُو عُمَرَ فِي الصَّحَابَةِ، ثُمَّ ضَرَبَ عَلَيْهِ، وَقَالَ: يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ لَمْ يُسْلِمْ، كَانَتْ شُبْهَتُهُ فِِي إِثْبَاتِهِ إِيَّاهُ فِِي الصَّحَابَةِ رِوَايَةً رَوَاهَا ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِِ بْنِ عُتْبَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي الْمُقَوْقِسُ: «أَنَّهُ أَهْدَى لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدَحًا مِنْ قَوَارِيرَ وَكَانَ يَشْرَبُ فِيهِ» ، قَالَ الزيلعي: عده ابْن قانع فِي الصَّحَابَة، وَرَوَى لَهُ الْحَدِيث المذكور، فَقَالَ أَخْبَرَنَا قاسم بْن زَكَرِيَّا، حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن عبدة، حَدَّثَنَا الْحُسَيْن بْن الْحَسَن، حَدَّثَنَا مندل، عَنْ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق بِهِ سندًا ومتنًا، وَقَالَ النووي فِي «تهذيب الأسماء واللغات» : وعده أَبُو نعيم، وابن منده فِي الصَّحَابَة وغلط فِيهِ، والصحيح أَنَّهُ مَاتَ نصرانيًا انتهى وَهَذَا الاختلاف كاخْتِلاف الْعُلَمَاء فِي إسلام قَيْصَر، والصحيح أَنَّهُ مَاتَ كافرًا وَلَمْ يسلم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 85 السَادِسُ فِي كِتَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى جُهَيُنَة أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِِ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الصِّدْقِ الْعَدَوِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يُوسُفَ بْنِ قُرَيْحٍ، أَخْبَرَنَا الصَّلاحُ بْنُ أَبِي عُمَرَ، أَخْبَرَنَا الْفَخْرُ بْنُ الْبُخَارِيِّ، أَخْبَرَنَا حَنْبَلُ، أَخْبَرَنَا ابْنُ الْحُصَيْنِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُذَهَّبِ، أَخْبَرَنَا الْقُطَيْعِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِِ بْنُ الإِمَامِ أَحْمَدَ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، وَابْنُ جَعْفَرٍ، قَالا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، وَقَالَ ابْنُ جَعْفَرٍ سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِِ بْنِ عُكَيْمٍ الْجُهَنِيُّ، قَالَ: «أَتَانَا كِتَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ بِأَرْضِ جُهَيْنَةَ، وَأَنَا غُلامٌ شَابٌ أَنْ لا تَنْتَفِعُوا مِنَ الْمَيْتَةِ بِإِهَابٍ وَلا عَصَبٍ» الجزء: 1 ¦ الصفحة: 86 وَبِهِ إِلَى الإِمَامِ أَحْمَدَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ الثَّقَفِيُّ، عَنْ خَالِدٍ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِِ بْنِ عُكَيْمٍ، قَالَ: «كَتَبَ إِلَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ وَفَاتِهِ بِشَهْرٍ أَنْ لا تَنْتَفِعوا مِنَ الْمَيْتَةِ بِإِهَابٍ وَلا عَصَبٍ» وَبِهِ إِلَيْهِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي الْعَبَّاسِ، حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ هِلالٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِِ بْنِ عُكَيْمٍ، قَالَ: " جَاءَنَا، أَوْ قَالَ: كَتَبَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ لا تَنْتَفِعُوا مِنَ الْمَيْتَةِ بِإِهَابٍ وَلا عَصَبٍ " وَبِهِ إِلَيْهِ، حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا عَبَّادُ يَعْنِي ابْنَ عَبَّادٍ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِِ بْنِ عُكَيْمٍ الْجُهَنِيِّ، قَالَ: " أَتَانَا كِتَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَرْضِ جُهَيْنَةَ وَأَنَا غُلامٌ شَابٌ قَبْلَ وَفَاتِهِ بِشَهْرٍ أَوْ شَهْرَيْنِ: أَنْ لا تَنْتَفِعُوا مِنَ الْمَيْتَةِ بِإِهَابٍ وَلا عَصَبٍ " وَبِهِ إِلَيْهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي لَيْلَى يُحَدِّثُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِِ بْنِ عُكَيْمٍ، قَالَ: " قُرِئَ عَلَيْنَا كِتَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَرْضِ جُهَيْنَةَ، وَأَنَا غُلامٌ شَابٌ: أَنْ لا تَنْتَفِعُوا مِنَ الْمَيْتَةِ بِإِهَابٍ وَلا عَصَبٍ « وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ، رَوَى أَصْحَابُ السُّنَنِ الأَرْبَعَةُ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِِ بْنِ عُكَيْمٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،» أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى جُهَيْنَةَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِشَهْرٍ أَنْ لا تَنْتَفِعُوا مِنَ الْمَيْتَةِ بِإِهَابٍ وَلا عَصَبٍ "، وَقَالَ: الترمذي: حَدِيث حَسَن، ورواه ابْن حبان فِي صحيحه وغيره الجزء: 1 ¦ الصفحة: 87 السَّابِعُ فِي كِتَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى زُهَيْرِ بْنِ أُقَيْشٍ أَخْبَرَنَا أَبُو الْبَقَاءِ مُحَمَّدُ بْنُ الْعِمَادِ الْعُمَرِيُّ , سَمَاعًا عَلَيْهِ، أَخْبَرَتْنَا عَائِشَةُ بِنْتُ الشَّرَائِحِيِّ، قَالَتْ: أَخْبَرَنَا أَبُو حَفْصِ بْنُ أُمَيْلَةَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ الْبُخَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو حَفْصِ بْنُ طَبَرْزَدَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَتْحِ الرُّومِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ، أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ النَّصْرِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ اللُّؤْلُئِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ، حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا قُرَّةُ، قَالَ: سَمِعْتُ يَزِيدَ ابْنَ عَبْدِ اللَّهِِ، قَالَ: " كُنَّا بِالْمَرْبَدِ , وَفِي نُسْخَةٍ بِالْمُزْدَلِفَةِ , فَجَاءَ رَجُلٌ أَشْعَثُ الرَّأْسَ، بِيَدَهِ قِطْعَةُ أَدِيمٍ أَحْمَرَ، فَقُلْنَا لَهُ: كَأَنَّكَ مِنَ أَهَلِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 88 الْبَادِيَةِ؟ ، قَالَ: أَجَلْ، قُلْنَا: نَاوِلْنَا هَذِهِ الْقِطَعَةَ الَّتِي فِي يَدِكِ، فَنَاوَلَنَاهَا، فَإِذَا فِيهَا مِنْ مُحَمَّدٍ رسُولِ اللَّهِ، إِلَى بَنِي زُهَيْرِ بْنِ أُقَيْشٍ، إِنَّكُمْ إِنْ شَهِدْتُمْ أَنَّ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَأَقَمْتُمُ الصَّلاةَ، وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ، وَأَدَّيْتُمُ الْخُمْسَ مِنَ الْغنمِ، وَسَهْمَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَسَهْمَ الصَّفِيِّ , أَنْتُمْ آَمِنُونَ بِأَمَانِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، فَقُلْنَا مَنْ كَتَبَ لَكَ هَذَا الْكِتَابَ؟ فَقَالَ: النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " وَكَتَبَ إِلَيَّ عَالِيًا أَبُو عَبْدِ اللَّهِِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عُمَرَ، عَنْ أُمِّ مُحَمَّدٍ بِنْتِ الْمُحْتَسِبِ، عَنْ أُمِّ عَبْدِ اللَّهِِ بِنْتِ الْكَمَالِ، قَالَتْ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ بَقِيٍّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ بَشْكُوَالٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدِ الْقُرْطُبِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ الأيْلِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبِي أَبُو مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ يُونُسَ، أَخْبَرَنَا ابْنُ مَخْلَدٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ قُرَّةَ بْنِ خَالِدٍ السَّدُوسِيِّ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِِ بْنِ الشخِيرِ، قَالَ: " كُنَّا جُلُوسًا بِهَذَا الْمَرْبَدِ بِالْبَصْرَةِ، فَجَاءَ أَعْرَابِيٌ مَعَهُ قِطْعَةٌ مِنْ أَدِيمٍ أَوْ قِطْعَةٍ مِنْ جَرَابٍ فَقَالَ: هَذَا كِتَابٌ كَتَبَهُ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: فَأَخَذْتُهُ فَقَرَأْتُهُ عَلَى الْقَوْمِ فَإِذَا فِيهِ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحَمْنِ الرَّحِيمِ: مِنْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 89 مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ، لِبَنِي زُهَيْرِ بْنِ أُقَيْشٍ، إِنَّكُمْ إِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ، وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ، وَأَعْطَيْتُمْ مِنَ الْمَغَانِمِ الْخُمُسَ، وَسَهْمَ النَّبِيِّ، وَالصَّفِيِّ، فَأَنْتُمْ آمِنُونَ بِأَمَانِ اللَّهِ، وَأَمَانِ رَسُولِهِ " قَالَ: فَمَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ شَيْئًا؟ قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «شَهْرُ الصَّبْرِ وَثَلاثَةُ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ يُذْهِبْنَ وَحَرَ الصَّدْرِ» ، وَذَكَرَ الزَّيْلَعِيُّ فِي آخِرِ كِتَابِهِ , وَقَالَ: قَالَ الْمُنْذِرِيُّ: وَهَذَا الرَّجُلُ هُوَ النَّمِرُ بْنُ تَوْلَبٍ الشَّاعِرُ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ سُمِّيَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 90 الثَّامِنُ فِي كِتَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى عُمَيْرِ ذي مَران وَإِلَى من أسْلَمَ من همدان أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ الْبَهَاءِ الصَّالِحِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَنْبَأَنَا الْحَافِظُ بْنُ الْمُحِبُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ بَقِيٍّ، أَنْبَأَنَا ابْنُ بَشْكُوالٍ، أَخْبَرَنَا الْقُرْطُبِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، أَخْبَرَنَا الإِشْبِيلِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبِي، أَخْبَرَنَا ابْنُ يُونُسَ، أَخْبَرَنَا ابْنُ مَخْلَدٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ مُجَالِدٍ، قَالَ: " كَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى جَدِّي وَهَذَا كِتَابُهُ عِنْدَنَا: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحَمْنِ الرَّحِيمِ: مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى عُمَيْرٍ ذِي مَرَّانٍ، وَإِلَى مَنْ أَسْلَمَ مِنْ هَمْدَانَ، سَلامٌ عَلَيْكُمْ، فَإِنِّي أَحْمَدُ إِلَيْكُمُ اللَّهَ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ. أَما بَعْدَ ذلِكُمْ: فَإِنَّهُ بَلَغَنَا إِسْلامُكُمْ مَرْجِعَنَا مِنْ أَرْضِ الرُّومِ، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 91 فَأَبْشِروا فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ هَدَاكُمْ بِهُدَاه، وَإِنَّكُمْ إِذَا شَهِدْتُمْ أَنَّ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَأَقَمْتُمُ الصَّلاةَ، وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ، فَإِنْ لَكُمْ ذِمَّةَ اللَّهِ، وَذِمَةَ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ، عَلَى دِمَائكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ، وَأَرْضُ الْبَوْنِ الَّتِي أَسْلَمْتُمْ عَلَيْهَا، سَهْلهَا وَجِبَلهَا وَعُيُونهَا، وَفُرُوعهَا، غَيْر مَظْلُومِينَ، وَلا مُضَيَّقٍ عَلَيْكُمْ، فَإِنَّ الصَّدَقَةَ لا تَحِلُّ لِمُحَمَّدٍ وَأَهْلِ بَيْتِهِ، وَإِنَّمَا هِيَ زَكَاةٌ تُزَكُّونَ بِهَا أَمَّوَالَكُمْ لِفُقَرَاءِ المُسْلِمِينَ، وَإِنَّ مَالِكًا، مُرَارَةَ الرُهَاوِيَّ، حَفِظَ الْغَيْبَ وَبَلَّغَ الْخَبَرَ، وَآَمُرْكَ بِهِ يَا ذَا مَرَّانٍ خَيْرًا، فَإِنَّهُ مَنْظُورٌ إِلَيْهِ "، وَكَتَبَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَليُحَيِّكُمْ رَبُكُمْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 92 التَاسِعُ فِي كِتَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أهْلِ خَيْبَرَ أَخْبَرَنَا السَّرَّاجُ عُمَرُ بْنُ عَلِيٍّ الْخَطِيبِ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَرَجِ بْنُ الطَّحَّانِ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِِ بْنُ أَبِي عُمَرَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ الْبُخَارِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو الْفَرَجِ بْنُ الْجَوْزِيِّ، أَنْبَأَنَا أَبُو الْفَضْلِ بْنُ نَاصِرٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو سَعْدٍ الْمُطَرِّزُ، أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ الْحَسَنِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ. ح قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى الدِّمَغَانِيُّ , حَدَّثَنَا مَسْلَمَةُ بْنُ الْفَضْلِ , عَنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مُحَمَّدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: " كَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى يَهُودِ خَيْبَرَ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحَمْنِ الرَّحِيمِ: مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 93 صَاحِبِ مُوسَى وَأَخِيهِ، وَالْمُصَدِّقِ لِمَا جَاءَ بِهِ مُوسَى، أَلا إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ، قَالَ لَكُمْ، يَا مَعْشَرَ يَهُودٍ، وَأَهْلَ التَّوْارَةِ، وَإِنَّكُمْ تَجِدُونَ ذَلِكَ فِي كِتَابِكُمُ أَنَّ: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} [الفتح: 29] "، إِلَى آَخِرِ السُّورَةِ، وَإِنِّي أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ الَّذِي أَنْزِلَ عَلَيْكُم وَأَنْشُدُكُمْ بِالَّذِي أَطْعَمَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ مِنَ أَسْبَاطِكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى، وَأَنْشُدُكُمْ بِالَّذِي أَيْبَسَ الْبَحْرَ لآَبَائِكُمْ حَتَّى أَنْجَاكُمْ مِنْ فِرْعَونَ وَعَمَلِهِ إِلا أَخْبَرْتُمُونَا هَلْ تَجِدُونَ فِيمَا أنَزَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ، أَنْ تُؤْمِنُوا بِمُحَمَّدٍ؟ فَإِنْ كُنْتُمْ لا تَجِدُونَ ذَلِكَ فِي كِتَابِكُمْ فَلا كُرْهَ لَكَمْ عَلَيْكُمْ: {قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ} [البقرة: 256] وَأَدْعُوكُمْ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَإِلَى نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " وَبِهِ إِلَى أَبِي نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ السُّدِّيِّ، حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَحْيَن بْنِ هَانِئٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ يَحْيَى الْكِنَانِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَوْلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ أَوْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " كَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى يَهُودِ خَيْبَرَ: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 94 بِسْمِ اللَّهِ الرَّحَمْنِ الرَّحِيمِ: مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ صَاحِبِ مُوسَى وَأَخِيهِ، وَالْمُصَّدْقِ لِمَا جَاءَ بِهِ مُوسَى، إنَّ اللَّهَ قَدْ قَالَ لَكُمْ، يَا مَعْشَرَ أَهْلِ التَّوْارَةِ، إِنَّكُمْ تَجِدُونَ فِي كِتَابِكُمُ {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} [الفتح: 29] ". إِلَى آَخِرِهِ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ، قَالَ الزَّيْلَعِيُّ فِي آخِرِ كِتَابِهِ: رَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ دَلائِلِ النُّبُوَّةِ، وَابْنُ هِشَامٍ فِي السِّيرَةِ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ إِسْحَاقَ، وَسَاقَهُ كَمَا تَقَدَّمَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 95 الْعَاشِرُ فِي كِتَابِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى جيفر وَعَبْد ابني الجلندِي أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَتْحِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ الْمَزِّيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ الْحَنَفِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْفَرْسِيسِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَتْحِ بْنُ سَيِّدِ النَّاسِ، قَالَ: " كِتَابُ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى جَيْفَرِ وَعَبْدِ ابْنَي الْجُلَنْدِي الأَزْدِيَّيْنِ مَلِكَيْ عُمَانَ مَعَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 96 بِسْمِ اللَّهِ الرَّحَمْنِ الرَّحِيمِ: مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ عبدِ اللَّهِ، إِلَى جَيْفَرِ وَعبْدِ ابْنَي الْجُلَنْدِيِّ، سَلامٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى. أَمَّا بَعْدُ: فَإِنِّي أَدْعُوكُمَا بِدِعَايَةِ الإِسْلامِ، أَسْلِمَا تَسْلَمَا، فَإِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً، لأُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ، وَإِنَّكُمَا إِنْ أَقْرَرْتُمَا بِالإِسْلامِ وَلَّيْتُكُمَا، وَإِنْ أَبَيْتُمَا أَنْ تُقِرِّا بِالإِسْلامِ، فَإِنَّ مُلْكَكُمَا زَائِلٌ عَنْكُمَا، وَخَيْلِي تَحِلُّ بِسَاحَتِكُمَا، وَتَظْهَرُ نُبُوَّتِي عَلَى مُلْكِكُمَا، وَكَتَبَ أُبيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَخَتَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْكِتَابَ، قَالَ: عَمْرُو: فَخَرَجْتُ حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى عُمَانَ، فَلَمَّا قَدِمْتُهَا عَمَدْتُ إِلَى عَبْدٍ وَكَانَ أَحْلَمُ الرَّجُلَيْنِ وَأَسْهَلُهُمَا خُلُقًا قُلْتُ: إِنِّي رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ إِلَيْكَ وَإِلَى أَخِيكَ، فَقَالَ: أَخِي مُقَدُّمٌ عِلَيَّ بِالسِّنَّ وَالْمُلْكِ، وَأَنَا أَوُصِلُكَ إِلَيْهِ حَتَّى يَقْرَأَ كِتَابَكَ، ثُمَّ قَالَ لِي: وَمَا تَدْعُو إِلَيْهِ؟ ، قُلْتُ: أَدْعُوكَ إِلَى اللَّهِ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَتَخْلَعُ مَا عُبِدَ مِنْ دُونَهِ، وَتَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، قَالَ يَا عَمْرُو: إِنَّكَ ابْنُ سَيِّدِ قَوْمِكَ، فَكَيْفَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 97 صَنَعَ أَبُوكَ، فَإِنَّ لَنَا فِيهِ قُدْوَةً؟ قُلْت: مَاتَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَوَدِدْتُ أَنَّهُ كَانَ أَسْلَمَ وَصَدَّقَ بِهِ، وَقَدْ كُنْتُ أَنَا عَلَى مِثْلِ رَأْيِهِ حَتَّى هَدَانِي اللَّهُ لِلإِسْلامِ، قَالَ: فَمَتَى تَبِعْتُهُ؟ قُلْتُ: قَرِيبًا، فَسَأَلَنِي أَيْنَ كَانَ إِسْلامِي؟ فَقُلْتُ: عِنْدَ النَّجَاشِيِّ، أَخْبَرْتُهُ أَنَّ النَّجَاشِيَّ قَدْ أَسْلَمَ، قَالَ: فَكَيْفَ صَنَعَ قَوْمُهُ بِمُلْكِهِ؟ فَقُلْتُ: أَقَرُّوهُ وَاتَّبَعُوهُ، قَالَ: وَالأَسَاقِفَةُ وَالرُّهْبَانَ اتَّبَعُوهُ؟ , قُلْت: نَعَمْ، قَالَ: انْظُرْ يَا عَمْرُو مَا تَقُولُ، إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ خَصْلَةٍ فِي رَجُلٍ أَفْضَحُ مِنَ الْكَذِبِ، قُلْتُ: مَا كَذَبْتُ وَمَا نَسْتَحِلُّهُ فِي دِينِنَا، ثُمَّ قَالَ مَا أَرَى هِرَقْلَ عَلِمَ بِإِسْلامِ النَّجَاشِيِّ، قُلْت: بَلَى، قَالَ: بِأَيِّ شَيْءٍ عَلِمْتَ ذَلِكَ، قُلْتُ: كَانَ النَّجَاشِيُّ يُخْرِجُ لهُ خَرْجًا، فَلَمَّا أَسْلَمَ وَصَدَّقَ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: لا وَاللَّهِ لَوْ سَأَلَنِي دِرْهَمًا وَاحِدًا مَا أَعْطَيْتُهُ، فَبَلَغَ هِرَقْلَ قَوْلُهُ , فَقَالَ لَهُ نِيَاقُ أُخَوهُ: أَتَدَعُ عَبْدَكَ لا يُخْرِجُ لَكَ خَرْجًا، وَتَدَيَّنَ دِينًا مُحْدَثًا، قَالَ هِرَقْلُ: رَجُلٌ رَغِبَ فِي دِينٍ وَاخْتَارَهُ لِنَفْسِهِ مَا أَصْنَعُ بِهِ؟ وَاللَّهِ لَوِلا الضَّنُّ بِمُلْكِي لَصَنَعْتُ كَمَا صَنَعَ، قَالَ: انْظُرْ مَا تَقُولُ يَا عَمْرُو، قُلْتُ: وَاللَّهِ صَدَقْتُكَ، قَالَ عَبْدٌ: فَأَخْبِرْنِي مَا الَّذِي يَأَمُرُ بِهِ وَيَنْهَى عَنْهُ، قُلْتُ: يَأْمُرُ بِطَاعَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَيَنْهَى عَنْ مَعْصِيَتِهِ، يَأْمُرُ بِالْبِرِّ وَصِلَةِ الرَّحِمِ , وَيَنْهَى، عَنِ الظُّلْمِ وَالْعُدْوَانَ، وَعَنِ الزِّنَا وَشُرْبِ الْخَمْرِ وَعِبَادَةِ الْحَجَرِ وَالْوَثَنِ وَالصَّلِيبِ، فَقَالَ: مَا أَحْسَنَ هَذَا الَّذِي يَدْعُو إِلَيْهِ، لَوْ كَانَ أَخِي يُتَابِعُنِي لَرَكِبْنَا حَتَّى نُؤْمِنَ بِمُحَمَّدٍ وَنُصَدِّقُ بِهِ، وَلَكِنَّ أَخِي أَضَنُّ بِمُلْكِهِ مِنْ أَنْ يَدَعَهُ وَيَصِيرُ ذَنبًا، قُلْتُ: إِنَّهُ إِنْ أَسْلَمَ مَلَّكَهُ رَسُولُ اللَّهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 98 صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قَوْمِهِ، فَأَخَذَ الصَّدَقَةَ مِنْ غَنِيِّهِمْ فَرَدَّهَا عَلَى فَقِيرِهِمْ، فَقَالَ: إِنَّ هَذَا الْخُلُقَ حَسَنٌ، وَمَا الصَّدَقَةُ؟ فَأَخْبَرْتَهُ بِمَا فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الصَّدَقَاتِ فِي الأَمْوَالِ حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى الإِبِلِ، قَالَ: يَا عَمْرُو: يُؤْخَذُ مِنْ سَوَائِمَ مَوَاشِينَا الَّتِي تَرْعَى الشَّجَرَ، وَتَرِدُ الْمِيَاهُ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ , فَقَالَ: واللَّهِ مَا أَرَى قَوْمِي فِي بُعْدِ دَارِهِمْ وَكَثْرَةِ عَدَدِهِمْ يُطِيعُونَ بِهَذَا، قَالَ: فَمَكَثْتُ بِبَابِهِ أَيَّامًا وَهُوَ يَعْبُرُ فَيُخْبِرُهُ كُلٌّ خَبَرِي، ثُمَّ إِنَّهُ دَعَانِي يَوْمًا فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ، فَأَخَذَ أَعْوَانُهُ بِضَبُعِي، فَقَالَ: دَعُوهُ، فأرسِلتُ، فَذَهَبْتُ لأَجْلِسَ، فَأَبَوا أَنْ يَدَعُونِي أَجْلِسَ، فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: تَكَلَّمْ بِحَاجَتِكَ، فَدَفَعْتُ إِلَيْهِ الْكِتَابَ مَخْتُومًا، فَفَضَّ خَاتَمَهُ، وَقَرَأَ حَتَّى انْتَهَى إِلَى آَخِرِهِ، ثُمَّ دَفَعَهُ إِلَى أَخِيهِ فَقَرَأَهُ مِثْلَ قِرَاءَتِهِ، إِلا أَنِّي رَأَيْتُ أَخَاهُ أَرَقَّ مِنْهُ، قَالَ: أَلا تُخْبِرُنِي، عَنْ قُرَيْشٍ كَيْفَ صَنَعَتْ؟ فَقُلْتُ: اتَّبَعُوهُ إِمَّا رَاغِبٌ فِي الدِّينِ، وَإِمَّا مَقْهُورٌ بِالسَيْفِ، قَالَ: وَمَنْ تَبِعَهُ؟ قُلْتُ: النَّاسُ قَدْ رَغِبُوا فِي الإِسْلامِ، وَاخْتَارُوهُ عَلَى غَيْرِهِ، وَعَرَفُوا بِعُقُولِهِمْ مَعَ هُدَى اللَّهِ إِيَّاهُمْ، أَنَّهُمْ كَانُوا فِي ضَلالٍ، فَمَا أَعْلَمُ أَحَدًا بَقِيَ غَيْرَكَ فِي هَذِهِ الْحَرَجَةِ، وَأَنْتَ إِنْ لَمْ تُسْلِمِ الْيَوْمَ وَتَتَّبِعْهُ تُوْطِئُكَ الْخَيْلُ، وَتُبِيدُ خَضْرَاءَكَ، فَاسْلَمْ تَسْلَمْ، وَيَسْتَعْمِلْكَ عَلَى قَوْمِكَ، وَلا تَدْخُلُ عَلَيْكَ الْخَيْلُ وَالرِّجَالُ، قَالَ: دَعْنِي يَوْمِي هَذَا وَارْجِعْ إِلَيَّ غَدًا، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 99 فَرَجَعْتُ إِلَى أَخِيهِ، فَقَالَ: يَا عَمْرُو! إِنِّي لأَرْجُو أَنْ يُسْلِمَ إِنْ لَمْ يَضِنَّ بِمُلْكِهِ، حَتَّى إِذَا كَانَ الْغَدُ، أَتَيْتُ إِلَيْهِ، فَأَبَى أَنْ يَأَذْنَ لِي فَانْصَرَفْتُ إِلَى أَخِيهِ فَأَخْبَرْتُهُ أَنِّي لَمْ أَصِلْ إِلَيْهِ، فَأَوْصَلَنِي إِلَيْهِ , فَقَالَ: إِنِّي فَكَرْتُ فِيمَا دَعَوْتَنِي إِلَيْهِ، فَإِذَا أَنَا أَضْعَفُ الْعَرَبِ إِنْ مَلَّكْتُ رَجُلًا مَا فِي يَدِي، وَهُوَ لا تَبْلُغُ خَيْلُهُ هَاهُنَا، وَإِنْ بَلَغَتْ خَيْلُهُ أَلْفَتْ قِتَالًا لَيْسَ كَقِتَالِ مَنْ لاقَى، قُلْتُ: وَأَنَا خَارِجٌ غَدًا، فَلَمَّا أَيْقَنَ بِمَخْرجِي، خَلا بِهِ أَخُوهُ، فَقَالَ: مَا نَحْنُ فِيمَا قَدْ ظَهَرَ عَلَيْهِ، وَكُلُّ مِنْ أَرْسَلَ إِلَيْهِ قَدْ أَجَابَهُ، فَأَصْبَحَ فَأَرْسَلَ إِلَيَّ فَأَجَابَ إِلَى الإِسْلامِ هُوَ وَأَخُوهُ جَمِيعًا، وَصَدَّقَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَخَلَّيَا بَيْنِي وَبَيْنَ الصَّدَقَةِ، وَبَيْنَ الْحُكْمِ فِيمَا بَيْنَهُمْ، فَكَانَا لِي عَوْنًا عَلَى مَنْ خَالَفَنِي "، وَنَقَلَهُ الزَّيْلَعِيُّ فِي آَخِرِ تَخْرِيجِهِ نَحْو هَذَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 100 تِنْبِيه قَدْ كَتَبَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كتابًا إِلَى أَهْل دَمَا، قرية من قُرى عُمان. أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ حَسَنٍ الصَّالِحِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِِ الصَّالِحِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الْمُحِبِّ، أَخْبَرَنَا الْقَاضِي سُلَيْمَانُ، أَخْبَرَنَا الْحَافِظُ ضِيَاءُ الدِّينِ. ح وَكَتَبَ إِلَيَّ عَالِيًا أَبُو عَبْدِ اللَّهِِ مُحَمَّدُ بْنُ الشِّهَابِ الْعُمَرِيُّ، عَنْ أُمِّ مُحَمَّدِ الْعُمَرِيَّةِ، عَنْ أُمِّ عَبْدِ اللَّهِِ الْمَقْدِسِيَّةِ، قَالَتْ: أَخْبَرَنَا الْحَافِظُ ضِيَاءُ الدِّينِ، قَالَ: قَرَأَ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ بِأَصْبَهَانَ وَأَنَا أَسْمَعُ، أَخَبَرَكُمُ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ الْحَدَّادُ، أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الأَصْبَهَانِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِِ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زِيَادٍ أَبُو جَمْرَةَ الْحِنْطِيُّ، حَدَّثَنِي أَبُو شَدَّادٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 101 رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ دَمَا، قَرْيَةٍ مِنْ قُرَى عُمَانَ، قَالَ: " جَاءَنَا كِتَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قِطْعَةِ أَدِيمٍ. مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى أَهْلِ عُمَانَ سَلامٌ. أَمَّا بَعْدُ: فَأَقِرُّوا بِشَهَادَةِ أَنَّ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، وَأَدُّوا الزَّكَاةَ، وَخُطُّوا الْمَسَاجِدَ كَذَا وَكَذَا، وِإِلا غَزَوْتُكُمْ " , قَالَ: أَبُو شَدَّادٍ فَلَمْ نَجِدْ أَحَدًا يَقْرَأُ عَلَيْنَا ذَلِكَ الْكِتَابَ، حَتَّى وَجَدْنَا غُلامًا بِتَوِّهِ فَقَرَأَهُ عَلَيْنَا، قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ: فَقُلْتُ لأَبِي شَدَّادٍ: فَمَنْ كَانَ يَوْمَئِذٍ عَلَى عُمَانَ يَلِي أَمْرَهُمْ، قَالَ: أَسْوارٌ مِنْ أَسَاوِرِ كِسْرَى يُقَالُ لَهُ: بستجان " الجزء: 1 ¦ الصفحة: 102 الحَادِي عَشَرَ فِي كِتَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى رِعْيَةَ السُّحَيْمِيِّ أَخْبَرَنَا الْبُرْهَانُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُثْمَانَ الْمَرْدَاوِيُّ، أَخْبَرَنَا النَّظَّامُ بْنُ مُفْلِحٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الْمُحِبِّ، أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ سَعْدِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ بَقِيٍّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ بَشْكُوَالٍ، أَخْبَرَنَا الْقُرْطُبِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، أَخْبَرَنَا الإِشْبِيلِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبِي، أَخْبَرَنَا ابْنُ مَخْلَدٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، أَنْبَأَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ: " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ إِلَى رِعْيَةَ السُّحَيْمِيِّ بِكِتَابٍ فَأَخَذَ كِتَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَقَعَ بِهِ دَلْوَهُ، فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرِيَّةً فَأَخَذُوا أَهْلَهُ وَمَالُهُ، وَأَفْلَتَ رِعْيَةُ عَلَى فَرَسٍ لَهُ عُرْيَانًا لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ، فَأَتَى ابْنَتَهُ وَكَانَتْ مُتَزَوِّجَةً فِي بَنِي هِلالٍ، قَالَ: وَكَانُوا أَسْلَمُوا فَأَسْلَمَتْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 103 عَلَيْهِمْ، وَكَانُوا دَعُوهُ إِلَى الإِسْلامِ، قَالَ: فَأَتَى ابْنَتَهُ وَكَانَ يَجْلِسُ الْقَوْمُ بِفِنَاءِ دَارِهَا فَأَتَى الْبَيْتَ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِ ابْنَتِهِ عُرْيَانًا فَأَلْقَتْ عَلَيْهِ ثَوْبًا وَقَالَتْ: مَالِكَ، قَالَ: كُلُّ شَرٍّ، مَا تُرِكَ لِي أَهْلٌ وَلا مَالٌ، قَالَ: أَيْنَ بَعْلُكَ، قَالَتْ: فِي الإِبِلِ، قَالَ: فَأَتَاهُ فَأَخْبَرَهُ، قَالَ: خُذْ رَاحِلَتِي بِرَحْلِهَا وَنُزَوِّدُكَ مِنَ اللَّبَنِ، قَالَ: لا حَاجَةَ لِي فِيهِ، وَلَكِنْ أَعْطِنِي قَعُودَ الرَّاعِي، وَإِدَاوَةً مِنْ مَاءٍ، فَإِنِّي أُبَادِرُ مُحَمَّدًا لا يُقَسِّمُ أَهْلِي وَمَالِي، فَانْطَلَقَ وَعَلَيْهِ ثَوْبٌ إِذَا غَطَّى بِهِ رَأْسَهُ خَرَجَتِ اسْتُهُ، وَإِذَا غَطَّى اسْتَهُ خَرَجَ رَأْسُهُ، فَانْطَلَقَ حَتَّى دَخَلَ الْمَدِينَةَ لَيْلا فَكَانَ بِحِذَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْفَجْرَ، قَالَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ابْسُطْ يَدَكَ فَلأُبَايِعَكَ، فَبَسَطَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ، فَلَمَّا ذَهَبَ رِعْيَةَ لِيَمْسَحَ عَلَيْهَا، قَبَضَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ابْسُطْ يَدَكَ، قَالَ: وَمَنْ أَنْتَ؟ ، قَالَ: رِعْيَةُ السُّحَيْمِيُّ، قَالَ: فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ يَهِزُّهَا، فَرَفَعَهَا ثُمَّ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ: هَذَا رِعْيَةُ السُّحَيْمِيُّ الَّذِي كَتَبْتُ إِلَيْهِ، فَأَخَذَ كِتَابِي فَرَقَعَ بِهِ دَلْوَهُ فَأَسْلَمَ، ثُمَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَهْلِي وَمَالِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَمَّا مَالُكَ فَقَدْ قُسِّمَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَأَمَّا أَهْلُكَ فَانْظُرْ مَنْ قَدَرْتَ عَلَيْهِ مِنْهُمْ، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 104 قَالَ: فَخَرَجْتُ وَإِذَا ابْنٌ لِي قَدْ عَرَفَ الرَّاحِلَةَ، وَإِذَا هُوَ قَائِمٌ عِنْدَهَا، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ فَقُلْتُ: هَذَا ابْنِي، فَأَرْسَلَ مَعِي بِلالًا , فَقَالَ: انْطَلِقْ مَعَهُ فَسَلْهُ أَبُوكَ هُوَ؟ "، فَإِن، قَالَ: نَعَمْ فَادْفَعْهُ إِلَيْهِ، " فَأَتَاهُ بِلالٌ , فَقَالَ: أَبُوكَ هُوَ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، فَدَفَعَهُ إِلَيْهِ، قَالَ: فَأَتَى بِلالٌ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ: وَاللِّهِ مَا رَأَيْتُ وَاحِدًا مِنْهُمَا مُسْتَعْبِرًا إِلَى صَاحِبِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ذَلِكَ جَفَاءُ الأَعْرَابِ» الجزء: 1 ¦ الصفحة: 105 الثَاني عَشَر فِي كِتَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الحَارثِ بْن أَبِي شمر الغسَّاني أَخْبَرَنَا الشَّمْسُ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمِصْرِيِّ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِِ الْغَرَافِيُّ، أَخْبَرَنَا الشَّمْسُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْفرسيسيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَتْحِ بْنُ سَيِّدِ النَّاسِ، قَالَ: " كِتَابُ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْحَارِثِ ابْنِ أَبِي شِمْرٍ الْغَسَّانِيِّ مَعَ شُجَاعِ بْنِ وَهْبٍ، ذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ , أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَليُهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ شُجَاعًا إِلَى الْحَارِثِ بْنِ أَبِي شِمْرٍ وَهُوَ بِغَوْطَةِ دِمَشْقِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ مَرْجِعَهُ مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحَمْنِ الرَّحِيمِ، مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ، إِلَى الْحَارِثِ ابْنِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 106 أَبِي شِمْرٍ: سَلامٌ عَلَى مَنْ اتَّبَعَ الْهُدَى، وَآَمَنْ بِهِ وَصَدَّقَ، وَإِنِّي أَدْعُوكَ إِلَى أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَحْدُهُ لا شَرِيكَ لهُ، يَبْقَى لَكَ مُلْكُكَ، وَخَتَمَ الْكِتَابَ ". وَخَرَجَ بِهِ شُجَاعُ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: فَلَمَّا قَدِمْتُ عَلَيْهِ انْتَهَيْتُ إِلَى حَاجِبِهِ، فَأَجِدْهُ يَوْمَئِذٍ مَشْغُولًا بِتَهْيِئَةِ الإِنْزَالِ وَالأَلْطَافِ لِقَيْصَرَ، وَهُوَ جَاءَ مِنْ حِمْصَ إِلَى إِيلِيَاءَ، فَأَقَمْتُ عَلَى بَابِهِ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلاثَةً، فَقُلْتُ لِحَاجِبِهِ: إِنِّي رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَليُهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِ، فَقَالَ حَاجِبُهُ: لا تَصِلْ إِلَيْهِ حَتَّى يَخْرُجَ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا، وَجَعَلَ حَاجِبَهُ , وَكَانَ رُومِيًا اسْمهُ مُرَى , يَسْأَلُنِي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَليُهِ وَسَلَّمَ وَمَا يَدْعُو إِلَيْهِ، فَكُنْتُ أُحَدِّثُهُ فَيَرِقَّ حَتَّى يَغْلِبَهُ الْبُكَاءُ، وَيَقُولُ: إِنِّي قَرَأْتُ فِي الإِنْجِيلِ وَأَجِدُ صِفَةَ هَذَا النَّبِيِّ بِعَيْنِهِ، فَكُنْتُ أَرَاهُ يَخْرُجُ بِالشَّامَ فَأَرَاهُ قَدْ خَرَجَ بِأَرْضِ الْقَرْظِ، فَإِنِّي أُؤْمِنُ بِهِ وَأُصَدِّقُهُ، وَأَنَا أَخَافُ مِنَ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي شِمْرٍ أَنْ يَقْتُلَنِي، قَالَ شُجَاعٌ: فَكَانَ يَكْرِمُنِي وَيُحْسِنُ ضِيَافَتِي وَيُخْبِرُنِي عَنِ الْحَارِثِ بِالْيَأْسِ مِنْهُ , وَيَقُول: هُوَ يَخَافُ قَيْصَرَ، قَالَ: فَخَرَجَ الْحَارِثُ يَوْمًا فَوَضَعَ التَّاجَ عَلَى رَأْسِهِ، فَأُذِنَ لِي عَلَيْهِ فَدَفَعْتُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 107 إِلَيْهِ كِتَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَليُهِ وَسَلَّمَ فَقَرَأَهُ ثُمَّ رَمَى بِهِ , وَقَالَ: مَنْ يَنْتَزِعُ مِنِّي مُلْكِي، أَنَا سَائِرٌ إِلَيْهِ وَلَوْ كَانَ بِالْيَمَنِ جِئْتُهُ، عَلَيَّ بِالنَّاسِ! فَلَمْ يَزَلْ جَالِسًا يَسْتَعْرِضَ حَتَّى اللَّيْلِ، وَأَمَرَ بِالْخَيْلِ أَنْ تَنْعَلَّ، ثُمَّ قَالَ: أَخْبِرْ صَاحِبَكَ بِمَا تَرَى، وَكَتَبَ إِلَى قَيْصَرَ يُخْبِرُهُ خَبَرِي، فَصَادَفُ قَيْصَرَ بِإِيلِيَاءَ وَعِنْدَهُ دِحْيَةُ الْكَلْبِيُّ، وَقَدْ بَعَثَهُ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَليُهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا قَرَأَ قَيْصَرُ كِتَابَ الْحَارِثِ، كَتَبَ إِلَيْهِ أَنْ لا تَسِرْ إِلَيْهِ وَالْهَ عَنْهُ وَوَافِنِي بِإِيلِيَاءَ، قَالَ: وَرَجَعَ الْكِتَابُ وَأَنَا مُقِيمٌ فَدَعَانِي , وَقَالَ: مَتَى تُرِيدُ أَنْ تَخْرُجَ إِلَى صَاحِبِكَ، قُلْتُ غَدًا، فَأَمَرَ لِي بِمِائَةِ مِثْقَالٍ ذَهَبًا، وَوَصَلَنِي سِرًّا بِنَفَقَةٍ وَكِسْوَةٍ وَقَالَ: اقْرَأَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَليُهِ وَسَلَّمَ مِنِّي السَّلامَ، وَأَخْبِرْهُ أَنِّي مُتَّبِعٌ دِينَهُ، قَالَ شُجَاعٌ: فَقَدِمْتُ عَلَى النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ , فَقَالَ: بَادَ مُلْكَهُ، وَأَقْرَأْتُهُ مِنْ مُرَى السَّلامَ وَأَخْبَرْتُهُ بِمَا قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَليُهِ وَسَلَّمَ: صَدَقَ " وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ فِي آَخِرِ كِتَابِهِ: كِتَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْحَارِثِ ابْنِ أَبِي شِمْرٍ الْغَسَّانِيِّ مَلِكِ الشَّامِ مَعَ شُجَاعِ بْنِ وَهْبٍ هَكَذَا عِنْدَ الْوَاقِدِيِّ، وعند ابْن هِشَام , أَن جبلة بْن الأيهم عوض الْحَارِث بْن أَبِي شمر، ثُمَّ قَالَ: ذكر الواقدي وساق مَا تقدم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 108 الَثالِثَ عَشَرَ فِي كَتابِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى هوذَة بنّ عَلِي الحَنَفيّ أَخْبَرَنَا أَبُو اللُّطْفِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ الْحَنَفِيُّ، أَخْبَرَنَا الشِّهَابُ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْقَادِرِ الْحَنَفِيُّ مُشَافَهَةً، أَخْبَرَنَا السِّرَاجُ عُمَرُ بْنُ عَلِي بْنِ الْمُلَقِّنِ أُذُنًا، أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَتْحِ ابْنُ سَيِّدِ النَّاسِ، قَالَ: " كِتَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى هَوْذَةَ بْنِ عَلِيٍّ الْحَنَفِيِّ صَاحِبِ الْيَمَامَةِ مَعَ سَلِيطِ بْنِ عُمَرَ الْعَامِرِيُّ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحَمْنِ الرَّحِيمِ، مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى هَوْذَةَ بْنِ عَلِيٍّ، سَلامٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى، وَاعْلَمْ أَنَّ دِينِي سيَظْهَرُ إِلَى مُنْتَهَى الْخُفِّ وَالْحَافِرِ، فَأَسْلِمْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 109 تَسْلَمْ، وَأَجْعَلْ لَكَ مَا تَحْتَ يَدَيْكَ، فَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِ سَلِيطٌ بِكِتَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَخْتُومًا، أَنْزَلَهُ وَحَيَّاهُ، وَقَرَأَ عَلَيْهِ الْكِتَاب، فرَدَّ رَدًّا دُونَ رَدٍّ، وَكَتَبَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا أَحْسَنَ مَا تَدْعُو إِلَيْهِ وَأَجْمَلُهُ، وَأَنَا شَاعِرُ قَوْمِي وَخَطِيبُهُمْ، وَالْعَرَبُ تَهَابُ مَكَانِي، فَاجْعَلْ لِي بَعْضَ الأَمْرِ أَتَّبِعْكَ. وَأَجَازَ سَلِيطًا بِجَائِزَةٍ وَكَسَاهُ أَثْوَابًا مِنْ نَسْجِ هَجْرٍ، فَقَدِمَ بِذَلِكَ كُلُهُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ وَدَفَعَ إِلَيْهِ كِتَابَهُ، فَقَرَأَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كِتَابَهُ وَقَالَ: «لَوْ سَأَلَنِي سَيَابَةً مِنَ الأَرْضِ مَا فَعَلْتُ، بَادَ وَبَادَ مَا فِي يَدَيْهِ» ، فَلَمَّا انْصَرَفَ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْفَتْحِ جَاءَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ بِأَنَّ هَوْذَةَ قَدْ مَاتَ، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أمَا إنَّ اليَمَامَةَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 110 سيَخْرُجُ بِهَا كَذَّابٌ يَتَنَبَّأ يُقْتَلُ بِهَا بَعْدِي» ، فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ يَقْتُلُهُ؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَليُهِ وَسَلَّمَ: «أَنْتَ وأَصْحَابُكَ» ، فَكَانَ كَذَلِكَ، وَذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ أَنَّ أَرَكُونَ دِمَشْقَ عَظِيمٌ مِنْ عُظَمَاءِ النَّصَارَى كَانَ عِنْدَهُ هَوْذَةَ، فَسَأَلَهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: جَاءَنِي كِتَابَهُ يَدْعُونِي إِلَى الإِسْلامِ، فَلَمْ أُجِبْهُ، فَقَالَ الأَرْكُونَ: لِمَ لا تُجِيبُهُ؟ ، قَالَ: ضَنَنْتُ بِدِينِي وَأَنَا مِلِكُ قَوْمِي، وَإِنْ تَبِعْتُهُ لَمْ أَمْلِكْ، قَالَ: بَلَى وَاللَّهِ، لِئِنْ تَبِعَتَهُ لَيُمَلِّكَنَّكَ، وَإِنَّ الْخَيْرَ لَكَ فِي اتِّبَاعِهِ، وَإِنَّهُ لَلنَّبِيُّ الْعَرَبِيُّ الَّذِي بَشَّرَ بِهِ عِيسَى بْنَ مَرْيمَ، وَإِنَّهُ لَمَكْتُوبٌ عِنْدَنَا فِي الإِنْجِيلِ، مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، وَذَكَرَ بَاقِي الْخَبَرَ، وَذَكَرَ ذَلِكَ كُلَّهُ الزَّيْلَعِيُّ إِلَى مَقْتَلِ مُسَيْلِمَةَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 111 الرابعُ عَشَر فِي كتابِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلى مُسَيلمَة الكَذَّاب أَخْبَرَنَا أَبُو الْمَحَاسِنِ يُوسُفُ بْنُ حَسَنِ الصَّالِحِيُّ، قَالَ: قَرَأَ عَلَيَّ شَيْخَنَا شِهَابُ الدِّينِ بْنُ زَيْدٍ وَأَنَا أَسْمَعُ، أَخْبَرَتْكُمْ عَائِشَةُ بِنْتُ عَبْدِ الْهَادِي، أَخْبَرَنَا الْمَلِكُ أَسَدُ الدِّينِ بْنُ أَيُّوبَ، أَخْبَرَنَا خَطِيبُ مَرْدا , أَخْبَرَنَا ابْنُ حَيْدَرَةَ , أَخْبَرَنَا ابْنُ رِفَاعَةَ , أَخْبَرَنَا الْخُلَعِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ النَّحَّاسِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ زنجَوِيهِ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنِ هِشَامٍ، قَالَ:، قَالَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 112 ابْنُ إِسْحَاقَ , " وَقَدْ كَانَ مُسَيْلَمَةُ بْنُ حَبِيبٍ، قَدْ كَتَبَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَليُهِ وَسَلَّمَ، مِنْ مُسَيْلِمَةَ رَسُولُ اللَّهِ، إِلَى مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ: سَلامٌ عَلَيْكَ. أَمَّا بَعْدُ: فَإِنِّي أُشْرِكْتُ مَعَكَ فِي الأَمْرِ، وَإِنَّ لَنَا نِصْفَ الأَرْضِ، وَلِقُرَيْشٍ نِصْفَ الأَرْضِ، وَلَكِنَّ قُرَيْشًا قَوْمٌ يَعْتَدُونَ. فقَدِم عَلَيْهِ رَسُولانِ بِهَذَا الْكِتَابِ " قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ فَحَدَّثَنِي شَيْخٌ مِنْ أَشْجَعَ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ نُعَيْمِ بْنِ مَسْعُودٍ الأَشْجَعِيِّ، عَنْ أَبِيهِ نُعَيْمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَليُهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَهُمَا حِينَ قَرَأَ كِتَابَهُ: " فَمَا تَقُولانِ أَنْتُمَا؟ قَالَا: نَقُولُ: كَمَا قَالَ، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أمَا وَاللَّهِ لَوْلا أنَّ الرُّسُلَ لا تُقْتَلُ، لَضَرَبْتُ أَعْنَاقَكُمَا , ثُمَّ كَتَبَ إِلَى مُسَيْلَمَةَ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحَمْنِ الرَّحِيمِ، مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ، إِلَى مُسَيْلَمَةَ الْكَذَّابِ: السَّلامُ عَلَى مَنِ اتَبَعَ الْهُدَى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 113 أَمَّا بَعْدُ: {إِنَّ الأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [الأعراف: 128] " وَقَدْ رُوِينَا مِنْ طُرِقٍ عَدِيدَةٍ صَحِيحَةٍ، أَنَّ مُسَيْلَمَةَ الْكَذَّابِ قَدِمَ إِلَى الْمَدِينَةَ فِي نَفَرٍ كَثِيرٍ، وَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَاهُ وَمَعَهُ ثَابِتُ بْنُ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ، فَقَالَ مُسَيْلَمَةُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنْ جَعَلْتَ لِي الأَمْرُ مِنْ بَعْدِكَ تَبِعْتُكَ، وَكَانَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِطْعَةُ جِرِيدٍ، فَقَالَ لَهُ: لَوْ سَأَلْتَنِي هَذِهِ الْقِطْعَةَ مَا أَعْطَيْتَكَهَا، وَلَنْ تَعْدُوَ أمْرَ اللَّهِ فِيكَ، وَلَئِنْ أَدْبَرْتَ ليَعْقِرَنَّكَ اللَّهُ، وَإِنِّي لأُرَاكَ الَّذِي رَأَيْتُ فِيكَ مَا رَأَيْتُ، وَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ قَدْ رَأَى فِي الْمَنَامِ كَأَنَّ فِي يَدِهِ سِوَارَيْنِ مِنْ ذَهَبٍ فَأَهَمَّهُ شَأْنُهُمَا، فَأُوحِيَ إِلَيْهِ انْفُخْهُمَا فَنَفَخَهُمَا فَطَارَا، قَالَ: «فَأَوَّلْتُهُمَا كَذَّابَيْنِ يَخْرُجَانِ بَعْدِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 114 أَحَدُهُمَا الْعَنْسِيُّ وَالآخَرُ مُسَيْلَمَةُ صَاحِبُ اليَمَامَةِ» . فَلَمَّا رَجَعَ مُسَيْلَمَةُ إِلَى الْيَمَامَةِ كَتَبَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنْ مُسَيْلَمَةَ رَسُولُ اللَّهِ إِلَى مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 115 أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ الأَرْضَ لَنَا وَلِقُرَيْشٍ نِصْفَيْنِ، وَلَكِنَّ قُرَيْشًا قَوْمٌ يَعْتَدُونَ عَلَيْنَا. فَكَتَبَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْو مَا تَقَدَّمَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 116 الخَامِسُ عَشَر فِي كِتَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الحَارِثِ بْنُ عَبْدِ كُلالٍ الْحِمْيَرِيِّ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي عُمَرَ، أنا أَبُو الْوَفَاءِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَلِيلٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ حَمْدَانَ الأَذْرَعِيُّ، عَنِ الْحَافِظِ فَتْحِ الدِّينِ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ الْيَعْمُرِيِّ، قَالَ: «قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كِتَابُ مُلُوكِ حِمْيَرَ وَرُسُولُهُمْ إِلَيْهِ بِإِسْلامِهِمْ، الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ كُلالٍ، وَنُعَيْمُ بْنُ عَبْدِ كِلالٍ، وَالنُّعْمَانُ قِيلَ ذِي رُعَيْنٍ» ، وَمُعَافِرٌ، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 117 وَهَمْدَانُ، وَبَعَثُوا إِلَيْهِ زَرْعَةَ ذُو يَزَنَ بِإِسْلامِهِمْ، فَكَتَبَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " بِسْمِ اللَّهِ الرَّحَمْنِ الرَّحِيمِ، مِنْ مُحَمِّدٍ رَسُولِ اللَّهِ النَّبِيِّ، إِلَى الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ كُلالٍ، وَإِلَى نُعَيْمِ بْنِ عَبْدِ كُلالٍ، وَإِلَى النُّعْمَانِ قَيل ذِي رُعَيْنٍ، وَمُعَافِرٍ، وَهَمْدَانَ. أَمَّا بَعْدُ: فَإِنِّي أَحْمَدُ إِلَيْكُمُ اللَّهَ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ، أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّهُ وَقَعَ بِنَا رُسُولُكُمْ مُنْقَلِبًا مِنْ أَرْضِ الرُّومِ، فَلَقِيَنَا بِالْمَدِينَةِ، فَبَلَغَ مَا أَرْسَلْتُمْ بِهِ وَخَبَرْنَا مَا قِبَلَكُمْ، وَأُنْبِأْنَا بِإِسْلامِكُمْ وَقَتْلِكُمُ الْمُشْرِكِينَ، وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ هَدَاكُمْ بِهُدَاهُ، إِنْ أَصْلَحْتُمْ وَأَطَعْتُمُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَأَقَمْتُمُ الصَّلاةَ، وَآَتَيْتُمُ الزَّكَاةَ، وَأَعْطَيْتُمْ مِنَ الْمَغَانِمِ خُمْسًا لِلَّهِ، وَسَهْمَ النَّبِيِّ وَصَفِيِّهِ، وَمَا كُتِبَ عَلَى الْمُؤْمِنيِنَ مِنَ الصَّدَقَةِ مِنَ الْعَقَارِ: عُشْرُ مَا سَقَتِ الْعَيْنِ، وَسَقَتِ السَّمَاءُ، وَعَلَى مَا سَقَى الْغَرْبُ نِصْفُ الْعُشْرِ. وَأَنَّ فِي الإِبِلِ الأَرْبَعِينِ ابْنَةَ لَبُونٍ، وَفِي الثَّلاثِينِ مِنَ الإِبِلِ ابْنَ لَبُونٍ ذَكَرٍ، وَفِي كُلِّ خَمْسٍ مِنَ الإِبِلِ شَاةً، وَفِي كُلِّ عَشْرٍ مِنَ الإِبِلِ شَاتَيْنِ، وَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ مِنَ الْبَقَرِ بَقَرَةً، وَفِي كُلِّ ثَلاثِينَ مِنَ الْبَقَرِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 118 تَبِيعًا جَذَعًا أَوْ جَذَعَةً، وَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ مِنَ الْغَنَمِ سَائِمَةٍ وَحْدِهَا شَاةً، وَأَنَّهَا فَرِيضَةُ اللَّهِ الَّتِي فَرَضَ عَلَى الْمُؤْمِنيِنَ فِي الصَّدَقَةِ، فَمَنْ زَادَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ، وَمَنْ أَدَّى ذَلِكَ وَأَشْهَدَ عَلَى إِسْلامِهِ، وَظَاهَرَ الْمُؤْمِنيِنَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ، فَإِنَّهُ مِنَ الْمُؤْمِنيِنَ، لهُ مَا لَهُمْ وَعَلَيْهِ مَا عَلَيْهِمْ، وَلَهُ ذِمَّةُ اللَّهِ وذَمَّةُ رَسُولِهِ. وَإِنَّهُ مَنْ أَسْلَمْ مِنْ يَهُودِيٍّ أَوْ نَصْرَانِيٍّ فَإِنَّهُ مِنَ الْمُؤْمِنيِنَ، لَهُ مَا لَهُمْ وَعَلَيْهِ مَا عَلَيْهِمْ وَمَنْ كَانَ عَلَى يَهُودِيَّةٍ أَوْ نَصْرَانِيَّةٍ فَإِنَّهُ لا يُرَدُّ عَنْهَا وَعَلَيْهِ الْجِزْيَةِ: عَلَى كُلِّ حَالِمٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى حُرٍ أَوْ عَبْدٍ دِينَارٌ وَافٍ مِنْ قِيمَةِ الْمُعَافرِ أَوْ عِوَضَهُ ثِيَابًا. فَمَنْ أَدَّى ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنَّ لَهُ ذِمَّةَ اللَّهِ وَذِمَّةَ رَسُولِهِ، وَمَنْ مَنَعَهُ فَإِنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ. أَمَّا بَعْدُ: فَإِن رَسُولَ اللَّهِ مُحَمَّدًا النَّبِيِّ أَرْسَلَ إِلَى زُرْعَةَ ذِي يَزَنَ، أَنْ إِذَا أَتَاكُمْ رُسُلٌ فَأَوْصِيكُمْ بِهِمْ خَيْرًا، مُعاذُ بْنُ جَبَلٍ، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 119 وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ، وَمَالِكُ بْنُ عُبَادَةَ، وَعُقْبَةَ بْنِ نَمِرٍ، وَمَالِكِ بْنِ مُرَّةَ، وأَصْحَابُهُمْ. وَأَنِ اجْمَعُوا مَا عِنْدَكُمْ مِنَ الصَّدَقَةِ وَالْجِزْيَةِ مِنْ مُخَالِيفِكُمْ وَأَبْلِغُوهَا رُسُلِي. وَإِنْ أَمِيرُهُمْ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ، فَلا يَنْقَلِبَنَّ إِلا رَاضِيًا. أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ مُحَمَّدًا يَشْهَدُ أَنَّ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَأَنَّهُ عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، ثُمَّ إِنَّ مَالِكَ بْنَ مَرَارَةَ الرُهَاوِيَّ قَدْ حَدَّثَنِي أَنَّكَ أَسْلَمْتَ مَنْ أَوَّلِ حِمْيَرَ، وَفَارَقْتَ الْمُشْرِكِينَ، فَأَبْشِرْ بِخَيْرٍ وَآَمُرُكَ بِحِمْيَرَ خَيْرًا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 120 وَلا تَخُونُوا وَلا تَخَاذَلُوا فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ هُوَ وَلِيُّ غَنِيِّكُمْ وَفَقِيرِكُمْ. وَإِنَّ الصَّدَقَةَ لا تُحْمَلُ لِمُحَمَّدٍ وَلا لأَهْلِ بَيْتِهِ، إِنَّمَا هِيَ زَكَاةٌ تُزَكَّى عَلَى فُقَرَاءِ الُمُسْلِمِينَ وَابْنِ السَّبِيلِ. وَإِنَّ مَالِكًا قَدْ بَلَّغَ الْخَبَرَ وَحَفِظَ الْغَيْبَ، وَآَمُرُكُمْ بِهِ خَيْرًا وَإِنِّي قَدْ أَرْسَلْتُ إِلَيْكُمْ مِنْ صَالِحِي أَهْلِي، وَأُولِي دِينِهِمْ، وَأُولِي عِلْمِهِمْ، وَآمُرَكُمْ بِهِمْ خَيْرًا فَإِنَّهُمْ مَنْظُورٌ إِلَيْهِمْ. وَالسَّلامُ عَليْكَمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ " الجزء: 1 ¦ الصفحة: 121 السَّادِسُ عَشَر فِي كتابِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِرفَاعَةَ إِلَى قَومِه أَخْبَرَنَا أَبُو الْمَحَاسِنِ يُوسُفُ بْنُ حَسَنِ بْنِ عَبْدِ الْهَادِي، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِِ النُّعْمَانِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جَمَاعَةَ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِِ الْقُرَشِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ سَيِّدِ النَّاسِ، قَالَ: " وَقَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هُدْنَةِ الْحُدَيْبِيَةِ قَبْلَ خَيْبَرَ، رِفَاعَةُ بْنُ زَيْدٍ الْجُذَامِيُّ، وَأَهْدَى لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غُلامًا، وَأَسْلَمَ وَحَسُنَ إِسْلامُهُ، وَكَتَبَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كِتَابًا إِلَى قَوْمِهِ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحَمْنِ الرَّحِيمِ، هَذَا كِتَابٌ مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ لِرِفَاعَةَ بْنِ زَيْدٍ: إِنِّي بَعَثْتُهُ لِقَوْمِهِ عَامَّةً، وَمَنْ دَخَلَ فِيهِمْ، يَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ، فَمَنْ أَقْبَلَ مِنْهُمْ فَفِي حِزْبِ اللَّهِ وَحِزْبِ رَسُولِهِ، وَمَنْ أَدْبَرَ فَلَهُ أَمَانُ شَهْرَيْن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 122 فَلَمَّا قَدِمَ رِفَاعَةُ إِلَى قَوْمِهِ أَجَابُوا وَأَسْلَمُوا، ثُمَّ سَارُوا إِلَى الْحرَّةِ حرَّةِ الرَّجْلاءِ فَنَزَلُوهَا " , وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ الْمِصْرِيُّ، قَالَ: وَقَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هُدْنَةِ الْحُدَيْبِيَةِ قَبْلَ خَيْبَرَ، رِفَاعَةُ بْنُ زَيْدٍ الْجُذَامِيُّ، وَأَهْدَى لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غُلامًا، وَأَسْلَمَ فَحَسُنَ إِسْلامُهُ، وَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى قَوْمِهِ كِتَابًا، فِي كِتَابِهِ: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحَمْنِ الرَّحِيمِ، هَذَا كِتَابٌ مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ لِرِفَاعَةَ بْنِ زَيْدٍ» وَذَكَرَ مَا تَقَدَّمَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 123 السَّابعَ عَشَرَ فِي كِتَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِوَفْدِ هَمْدَانَ أَخْبَرَنَا الْجَمَالُ يُوسُفُ بْنُ الْبَدْرِ الْعُمَرِيُّ، قَالَ: كَتَبَ إِلَيَّ التَّقِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ الْحَافِظُ، قَالَ: كَتَبَ إِلَيَّ التَّقِيُّ أَبُو الْفَتْحِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَاتِمٌ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَيِّدِ النَّاسِ، قَالَ: " وَقَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفْدُ هَمْدَانَ مِنْهُم مَالِكُ بْن ُنَمَطٍ، وَمَالِكُ بْنُ أَيْفَعَ، وَضِمَامُ بْنُ مَالِكٍ السَّلْمَانِيُّ، وَعُمَيْرَةُ بْنُ مَالِكٍ الْخَارِفِيُّ، فَلَقَوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرْجِعَهُ مِنْ تَبُوكَ وَعَلَيْهِمْ مُقَطَّعَاتُ الْحَبَرَّاتِ، وَالْعَمَائِمِ الْعَدَنِيَّةِ، عَلَى الرَّوَاحِلِ الْمُهْرِيَّةِ وَالأَرْحَبِيَّةِ، وَمَالِكُ بْنُ نَمَطٍ يَرْتَجِزُ بَيْنَ يَدَي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 124 فَكَتَبَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كِتَابًا أَقْطَعَهُمْ فِيهِ مَا سَأَلُوهُ، وَأَمَرَ عَلَيْهِ مَالِكُ بْنُ نَمَطَ، وَالْكِتَابُ الَّذِي كَتَبَ لَهُمْ: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحَمْنِ الرَّحِيمِ، هَذَا كِتَابٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ، لِمخْلافِ خَارِفٍ، وَأَهْلِ جنَابِ الْهضْبِ، وَحِقَافِ الرَّمْلِ مَعَ وَافِدِهَا ذِي الْمِشْعَارِ لِمَالِكِ بْنِ النَّمَطِ، وَمَنْ أَسْلَمَ مَعَهُ مِنْ قَوْمِهِ، عَلَى أَنَّ لَهُمْ فَرْاعَهَا، وَوَهَاطَهَا، مَا أَقَامُوا الصَّلاةَ، وَآتَوا الزَّكَاةَ، يَأْكُلُونَ عِلافَهَا وَيَرْعُونَ عَافِيهَا» . لَهُمْ بِذَلِكَ عَهْدُ اللَّهِ وَزِمَامُ رَسُولِهِ، وَشَاهِدُهُمُ الْمُهَاجِروُنَ وَالأَنْصَارُ " الجزء: 1 ¦ الصفحة: 125 الثَامنَ عَشَرَ فِي كِتَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أُكَيْدِرَ دَوْمَةَ أَخْبَرَنَا الْبَدْرِيُّ حَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنُ عُبَيْدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو حَفْصٍ الرَّامِينِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الْمُحِبِّ، أَخْبَرَنَا جَدِّي أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا النَّجِيبُ عَبْدُ اللَّطِيفِ الْحَرَّانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَرَجِ بْنُ الْجَوْزِيِّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الدَّيْنَوُرِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الْقَزْوِينِيُّ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو هَمَّامٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: سَمِعْتُ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ إِيَادِ بْنِ لَقِيطٍ السَّدُوسِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ، عَنِ الْقَيْسِ بْنِ النُّعْمَانِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 126 السَّكْوَنِيُّ، قَالَ: " خَرَجَتْ خَيْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَمِعَ أُكَيْدِرُ دَوْمَةِ الْجَنْدَلِ، فَانْطَلَقَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ بَلَغَنَا أَنَّ خَيْلَكَ انْطَلَقَتْ، وَإِنِّي خِفْتُ أَرْضِي وَمَالِي، فَاكْتُبْ لِي كِتَابًا لا يَعْرِضُوا مِنْ شَيْءٍ لِي، فَإِنِّي مُقِرُّ بِالَّذِي عَلَيَّ مِنَ الْحَقِّ، فَكَتَبَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ إِنَّ أُكَيْدَرًا أَخْرَجَ قبَاءً مِنْ دِيبَاجٍ مَنْسُوجٍ، مِمَّا كَانَ كِسْرَى يَكْسُوهُمْ , فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اقْبَلْ عَنِّي هَذَا فَإِنِّي أَهْدَيْتُهُ لَكَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ارْجِعْ بِقِبَائِكَ فَإِنَّهُ لَيْسَ يَلْبِسُ هَذَا فِي الدُّنْيَا أَحَدٌ إِلا حُرِمَهُ فِي الآَخِرَةِ، فَرَجَعَ بِهِ حَتَّى أَتَى مَنْزِلَهُ، وَإِنَّهُ وَجَدَ فِي نَفْسِهِ أَنْ يُرَدَّ عَلَيْهِ هَدِيَّتُهُ , فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: إِنَّا أَهْلُ بَيْتٍ يَشُقُّ عَلَيْنَا أَنْ تُرَدَّ عَلَيْنَا هَدِيَّتَنَا فَاقْبَلْ مِنِّي هَدِيَّتِي، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: انْطَلِقْ فَادْفَعْهُ إِلَى عُمَرَ بْنِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 127 الْخَطَّابِ، قَالَ: وَقَدْ كَانَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَدْ سَمِعَ مَا قَالَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَبَكَى وَدَمِعَتْ عَيْنَاهُ فَظَّنَ أَنَّهُ قَدْ لَحِقَهُ شَيْءٌ، فَانْطَلَقَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: أُحَدِّثُ فِي أَمْرٍ، قُلْتَ: فِي هَذَا الْقِبَاءِ مَا قُلْتَ ثُمَّ بَعَثْتَ بِهِ إِلَيَّ، فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى وَضَعَ يَدَهُ أَوْ ثَوْبَهُ عَلَى فِيهِ، ثُمَّ قَالَ: مَا بَعَثْتُ بِهِ إِلَيْكَ لِتَلْبِسَهُ، وَلَكِنْ تَبِيعَهُ وَتَسْتَعِينَ بِثَمَنِهِ " الجزء: 1 ¦ الصفحة: 128 التَاسعَ عَشَرَ فِي كِتَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى مُطَرِّفِ بْنِ بُهْصُلٍ أَخْبَرَنَا الْمَحْيَوِيُّ يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ الدِّمَشْقِيُّ، أَخْبَرَتْنَا أُمُّ مُحَمَّدُ بِنْتُ الشَّمْسِ، عَنْ أَبِي الْحَجَّاجِ الْمُزِّيِّ، أَخْبَرَنَا أَبُو زُرْعَةَ الْقَنْوَانِيُّ، وَالُمَؤِّيدُ بْنُ الأُخْوَةِ، وَزَاهِرٌ، قَالُوا: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ الْخَلالِ، أَخْبَرَنَا الرَّازِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ فَنَاكِيِّ، أَخْبَرَنَا الرُّوَيْانِيُّ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , حَدَّثَنَا الْجُنَيْدُ بْنُ أَيْمَنَ بْنِ دَرْوَةَ بْنِ نَضْلَةَ بْنِ بُهْصُلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ نَضْلَةَ، " أَنَّ رَجُلًا مِنْهُم يُقَالُ لَهُ: الأَعْشَى، وَاسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ الأَعْوَرَ، كَانَتْ عِنْدَهُ امْرَأَةٌ مِنْهُم يُقالُ لَهَا مُعَاذَةُ، فَخَرَجَ يَمْتَارَ لأَهْلِهِ مِنْ هَجَرَ، فَهَرَبَتِ امْرَأَتُهُ بَعْدَهُ نَاشِزًا عَلَيْهِ، فَعَاذَتْ بِرَجُلٍ مِنْهُمْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 129 يُقالُ لَهُ: مُطَرِّفُ بْنُ بُهْصُلِ بْنِ كَعْبِ بْنِ قَشْعِ بْنِ دَلفِ بْنِ أَمِيمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِِ، فَجَعَلَهَا خَلْفَ ظَهْرِهِ. فَلَمَّا قَدِمَ لَمْ يَجِدْهَا فِي بَيْتِهِ، فَأُخْبِرَ أَنَّهَا نَشَزَتْ عَلَيْهِ، وَأَنَّهَا عَاذَتْ بِمُطَرِّفِ بْنِ بُهْصُلٍ. فَأَتَاهُ فَقَالَ: يَا ابْنَ عَمِّ عِنْدَكَ امْرَأَتِي فَادْفَعْهَا إِلَيَّ، قَالَ: لَيْسَتْ عِنْدِي وَلَوْ كَانَتْ عِنْدِي لَمْ أَدْفَعْهَا إِلَيْكَ، وَكَانَ مُطَرَّفُ أَعَزَّ مِنْهُ، فَخَرَجَ حَتَّى أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنْشَأَ يَقُولُ: يَا سَيِّدَ النَّاسِ وَدَيَّانَ الْعَرَبْ ... إِلَيْكَ أَشْكُو ذِرْبَةٍ مِنَ الذَّرَبْ كَالذِّئْبَةِ الْغَبْشَاءِ فِي ظِلِّ السَّرَبْ ... خَرَجْتُ أَبْغِيهَا الطَّعَامَ فِي رَجَبْ فَخَلَّفَتْنِي بِنِزَاعٍ وَهَرَبْ ... أَخْلَفتِ الْعَهْدَ وَلَطَّتْ بِالذَّنَبْ وَقَذَفَتْنِي بَيْنَ عِيصٍ مُؤْتَشَبْ ... وَهُنَّ شَرُّ غَالِبٍ لِمَنْ غَلَبْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 130 فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " وَهُنَّ شَرُّ غَالِبٍ لِمَنْ غَلَبْ، فَشَكَا إِلَيْهِ امْرَأَتَهُ مُعَاذَةَ وَأَنَّهَا عِنْدَ رَجُلٍ مِنْهُم يُقَالُ لَهُ: مُطَّرِفُ بْنُ بُهْصُلٍ. فَكَتَبَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. «انْظُرِ امْرَأَةَ هَذَا مُعَاذَةَ فَادْفَعْهَا إِلَيْهِ» . فَأَتَاهُ كِتَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُرِئُ عَلَيْهِ , فَقَالَ: يَا مُعَاذَةُ هَذَا كِتَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيكِ وَأَنَا دَافِعُكِ إِلَيْهِ، قَالَتْ: خُذْ لِي الْعَهْدُ وَالْمِيثَاقُ أَنْ لا يُعَاقِبَنِي فَيِمَا صَنَعْتُ، فَأُخِذَ لَهَا ذَلِكَ عَلَيْهِ فَدَفَعَ إِلَيْهِ مُطَرَّفُ امْرَأَتَهُ فَأَنْشَأَ يَقُولُ: لَعَمْرُكَ مَا حُبِّي مُعَاذَةَ بِالَّذِي ... يُغَيِّرهُ الْوَاشِي وَلا قِدَمُ الْعَهْدِ وَلا سُوُءُ مَا جَاءَتْ بِهِ إذْ أَزَلَّهَا ... غُوَاةُ الرِّجَالِ إِذْ يُنَاجُونَهَا بَعْدِي " الجزء: 1 ¦ الصفحة: 131 العشرُونَ فِي كِتَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الضَّحَّاكِ بْنِ سُفْيَانِ أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ الْحِمْصِيُّ، أَخْبَرَتْنَا عَائِشَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ، عَنْ زَيْنِبَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحِيمِ، عَنْ يُوسُفَ بْنَ خَلِيلٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ نَصْرٍ. ح وَأَنْبَأَنَا الْجَمَالُ يُوسُفُ بْنُ حَسَنٍ الْعَدَوِيُّ، أَنْبَأَنَا جَدَيِّ، أَنْبَأَنَا الصَّلاحُ بْنُ أَبِي عُمَرَ، أَخْبَرَنَا الْفَخْرُ بْنُ الْبُخَارِيِّ، عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بْنِ نَصْرٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي الْعَلاءِ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ الأَزْدِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ اللَّهِِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَامِضُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِِ الشَّعْبِيُّ، عَنْ زُفَرَ بْنِ وُثَيْمَةَ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، أَنَّ ثَابِتَ بْنَ حَزْنٍ أَوْ حَزْمٍ، قَالَ: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 132 «إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ إِلَى الضَّحَّاكِ بْنِ سُفْيَانَ أَنْ يُوَرِّثَ امْرَأَةَ أَشِيمَ الضَّبَابِيِّ مِنْ دِيَتِهِ» الجزء: 1 ¦ الصفحة: 133 الحَادِي وَالْعِشُرُونَ فِي كَتابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى رَجُلٍ لَمْ يُسَمَّ أَخْبَرَنَا أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ خَلِيلٍ الصَّالِحِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الصَّالِحُّي، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الْمُحِبِّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ سَعْدٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ بَقِيٍّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ بَشْكُوَالٍ، أَخْبَرَنَا الْقُرْطُبِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، أَخْبَرَنَا الإِشْبِيلِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبِي، أَخْبَرَنَا ابْنُ يُونُسَ , أَخْبَرَنَا ابْنُ مَخْلَدٍ , أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ , حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ بْنِ مَوْهُبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا بُرْدَةَ , يَقُولُ: " كَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ: " أَسْلِمْ أَنْتَ , قَالَ: فَلَمْ يَفْرُغِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ كِتَابِهِ حَتَّى أَتَاهُ كِتَابٌ مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ أَنَّهُ يَقْرَأُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ السَّلامَ، فَرَدَّ عَلَيْهِ السَّلامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَسْفَلَ كِتَابِهِ " الجزء: 1 ¦ الصفحة: 134 الثَانِي وَالعَشرُونَ فِي كِتَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ رَوَى ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ فِي النُّوعِ السَّادِسِ وَالثَّلاثِينَ مِنِ الْقِسْمِ الْخَامِسِ مِنْ تَحْدِيثِ أَنَسٍ , أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ إِلَى بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ: «أَنْ أسْلِمُوا تَسْلَمُوا» ، قَالَ: فَمَا قَرَأَهُ إِلا رَجُلٌ مِنْهُمْ مِنْ بَنِي ضُبَيْعَةَ، فَهُمْ يُسَمَّوْنَ بَنِي الْكَاتِبِ، وذكر ذَلِكَ الزيلعي فِي آخر كتابه عَنْهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 135 الثَالِثُ وَالْعِشُرُونَ فِي كِتَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى خَالدِ بْنِ الْوَلِيدِ حِينَ بَعَثَهُ إِلَى بَنِي الْحَارِثِ بْنِ كَعْبٍ عَلَى مَا ذَكَرَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُ " بِسْمِ اللَّهِ الرَّحَمْنِ الرَّحِيمِ، مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ، إِلَى خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، سَلامٌ عَلَيْكَ، فَإِنِّي أَحْمَدُ إِلَيْكَ اللَّهَ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 136 أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ كِتَابَكَ جَاءَنِي مَعَ رَسُولِكَ يُخْبِرُنِي أَنَّ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ كَعْبٍ قَدْ أَسْلَمُوا قَبْلَ أَنْ تُقَاتِلَهُمْ، وَأَجَابُوا إِلَى مَا دَعَوْتَهُمْ إِلَيْهِ مِنَ الإِسْلامِ، وَشَهِدُوا أَنَّ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنْ قَدْ هَدَاهُمُ اللَّهُ بِهُدَاهُ، فَبَشِّرْهُمْ وَأنْذِرْهُمْ، وَأَقْبِلْ فِيهِمْ وَلْيُقْبِلْ مَعَكِ وَفْدُهُمْ، وَالسَّلامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ ". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 137 الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ فِي كِتَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ الأَنْصَارِيِّ حِينَ بَعَثَهُ إِلى بَنِي الْحَارِثِ بْنِ كَعْبٍ عَلَى مَا ذَكَرَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ: وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ إِلَيْهِمْ بَعْدَ أَنْ وَلّى وَفْدَهُمْ عَمْرُو بْنُ حَزْمٍ، لِيُفَقِّهَمْ فِي الدِّينِ، وَيُعَلِّمَهُمُ السُّنَّةَ وَمَعَالِمَ الإِسْلامِ، وَيَأْخُذَ مِنْهُم صَدَقَاتَهُمْ , وَكَتَبَ لَهُ كِتَابًا عَهَدَ إِلَيْهِ فِيهِ عَهْدَهُ، وَأَمَرَهُ فِيهِ بِأَمْرِهِ: " بِسْمِ اللَّهِ الرَّحَمْنِ الرَّحِيمِ، هَذَا بَيَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: 1] ، عَهْدٌ مِنْ مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ رسُولِ اللَّهِ لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، حِينَ بَعَثَهُ إِلَى اليَمَنِ، أَمَرَهُ بِتَقْوى اللَّهِ فِي أمْرِهِ كِلِّهِ فَإِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ وَأَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِالْحَقِّ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ، وَأَنْ يُبِشِّرَ النَّاسَ بِالْخَيْرِ، وَيَأْمُرَهُمْ بهِ، وَيُعَلِّمَ النَّاسَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 138 الْقُرْآنَ وَيُثَقِّفَهُمْ فِيهِ، وَيَنْهَى النَّاسَ، وَلا يَمَسَّ أَحَدٌ الْقُرَآنَ إِلا وَهُوَ طَاهِرٌ، ويُخْبِرَ النَّاسَ بِالَّذِي لَهُمْ وَالَّذِي عَلَيْهِمْ، وَيَليِنَ لِلنَّاسِ فِي الْحَقِّ، وَيَشْتَدَّ عَلَيْهِمْ فِي الظُّلْمِ، فَإِنَّ اللَّهَ كَرِهَ الظُّلْمَ وَنَهَى عَنْهُ، فَقَالَ: {أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} [هود: 18] وَيُبَشِّرَ النَّاسَ بِالْجَنَّةِ وَبِعَمَلِهَا، وَيُنْذِرَ النَّاسَ بِالنَّارِ وَبِظُلْمِهَا، وَيَسْتَأْلِفَ النَّاسَ حَتَّى يُفَقَّهُوا فِي الدِّينِ، وَيُعَلِّمَ النَّاسَ مَعَالِمَ الْحَجِّ وَسُنَنَهُ وَفَرائِضَهُ، وَمَا أمَرَ اللَّهُ بِهِ، وَالْحَجَّ الأَكْبَرَ، وَالْحَجَّ الأَصْغَرَ وَهُوَ الْعُمْرَةُ , ويَنْهى النَّاسَ أَنْ يُصَلِّيَ أَحَدٌ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ صَغِيِرٍ، إِلا أَنْ يَكُونَ ثَوْبًا وَاحِدًا يَثْنِي طَرَفَيْهِ عَلَى عَاتِقَيْهِ، وَيِنْهَى أَنْ يَحْتَبِي أَحَدٌ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ يُفْضِي بِفَرْجِهِ إِلَى السَّمَاءِ، وَيَنْهَى أَنْ يَقُصَّ أَحَدٌ شَعْرَ رَأْسِهِ فِي قَفَاهُ، ويَنْهَى إِذَا كَانَ بَيْنَ النَّاسِ هَيْجٌ، عَنِ الدُّعَاءِ إِلَى الْقَبَائِلِ وَالْعَشَائِرِ، وَلْيَكُنْ دُعَاؤُهُم إِلَى اللَّهِ وَحْدَهَ لا شَرِيكَ لَهُ، فَمَنْ لمْ يَدَعُ إِلَى اللَّهِ وَدَعَا إِلَى الْعَشَائِرِ وَالْقَبَائِلِ، فَلْيُقْطَعُوا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 139 بِالسَّيْفِ، حتَّى يَكُونَ دُعَاؤُهُمْ إِلَى اللَّهِ وَحْدَهَ لا شَرِيكَ لَهُ، وَيَأْمُرَ النَّاسَ بِإِسْبَاغِ الوُضوُءِ وُجُوههُمْ وأيْديهُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ، وَأَرْجُلهُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ، وَيَمْسَحُوا بُرُؤُوسِهِمْ كَمَا أمَرَ اللَّهُ، أَمَرَ بِالصَّلاةِ لِوَقَتْهَا، وَإِمَامِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالْخُشُوعِ، وَيُغَلِّسَ بِالصُّبْحِ، وَيَهُجِّرَ بِالْهَاجِرَةِ حَتَّى تَمِيلَ الشَّمْسُ، وَصَلاةِ الْعَصْرِ وَالشَّمْسُ فِي الأَرْضِ مُدْبِرَةٌ وَالْمَغْرِبِ حِينَ يُقْبِلَ اللَّيْلُ، وَلا يُؤَخَّرَ حَتَّى تبْدُوَ النُّجُومَ فِي السَّمَاءِ، وَالْعِشَاءُ أَوَّلَ اللَّيْلِ، وَأَمَرَهُ بِالسَّعْي إِلَى الْجُمُعَةِ إِذَا نُودِيَ لَهَا، وَالْغُسْلِ عِنْدَ الرَّوَاحِ إِلَيْهَا، وَأَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنَ الْمَغَانِمِ خُمْسَ اللَّهِ، وَمَا كُتِبَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَةِ مِنَ الْعَقَارِ عُشْرِ مَا سَقَتِ الْعَينُ وَسَقَتِ السَّمَاءُ، وَعَلَى مَا سَقَى الْغَرْبُ نِصْفُ الْعُشْرِ، وَفِي كُلِّ عَشْرٍ مِنَ الإِبِلِ شَاتَانِ، وَفِي كُلِّ عِشْرِينَ مِنَ الإِبِلِ أَرْبَعُ شِيَاهٍ، وَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ مِنَ الْبَقَرَ بَقَرةٌ، وَفِي كُلِّ ثَلاثِينَ مِنَ الْبَقَرِ تَبِيعٌ جَذَعٌ أَوْ جَذَعَةٌ، وَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ مِنَ الْغَنَمِ سَائِمَةٍ وَحْدِهَا شَاةٌ، فَإِنَّهَا فَرِيضَةُ اللَّهِ الَّتِي افْتَرَضَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَةِ، فَمَنْ زَادَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ، وَأَنَّهُ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ يَهُودِيٍّ أوْ نَصْرَانِيٍّ إِسْلامًا خَالِصًا مِنْ نَفْسِهِ، وَدَانَ بِدِينِ الإِسْلامِ، فَإِنَّهُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، لَهُ مِثْلُ مَا لهُمْ، وَعَلَيْهِ مِثْلُ مَا عَلَيْهِمْ، وَمَنْ كَانَ عَلَى نَصْرَانِيَّةٍ أوْ يَهُودِيَّةٍ فَإِنَّهُ لا يُفْتَنُ عَلَيْهَا، وَعَلَى كُلِّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 140 حَالِمٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى حُرٍّ أوْ عَبْدٍ، دِينَارٌ وَافٍ أَوْ عِوَضُهُ ثِيَابًا، فَمَنْ أَدَّى ذَلِكَ فَإِنَ لَهُ ذِمَّةَ اللَّهِ وَذِمَّةَ رَسُولِهِ، وَمَنْ مَنَعَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ وَالْمُؤْمِنِينَ جَمِيعًا صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَالسَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 141 الخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ فِي كِتَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى ثُمَامَةَ بْنِ أَثَالٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 142 ذكر غَيْر واحد انه لما قدم مَكَّة واعتمر، قَالَ لَهُ أَهْل مَكَّة صبأت يا ثمامة، فَقَالَ: لا، ولكن أسلمت وباعيت محمدًا، ولا والله لا يأتيكم من اليمامة حبة واحدة حَتَّى يأذن فِيهَا النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكانت اليمامة ريف مَكَّة إليهم يجلب الطعام منها، فلما رجع إِلَى اليمامة منع ذَلِكَ عَنْ أَهْل مَكَّة حَتَّى يأذن فِيهِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأرسل أَهْل مَكَّة إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يسألون منه أَن يكتب إِلَى ثمامة لَهُمْ، فكتب لَهُ كتابًا فِي ذَلِكَ، وأن يردَّ ذَلِكَ إليهم ففعل، وَهَذَا الْكِتَاب غَيْر الْكِتَاب المتقدم، وَهُوَ مَا ذكر ابْن سَيِّد النَّاسِ فِي السيرة أَن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كتب إِلَى ثمامة ابْن أثال، وهوذة بْن عَلِي الحنفيين مَعَ سليط بْن عَمْرو العامري، وبعث إليهما. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 143 السَّادِسُ وَالْعِشْرُونَ فِي كِتَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَبِي بَصِيرٍ وَأبي جَنْدَلٍ حِينَ هَرَبَا مِنْ كُفَّارِ قُرَيْشٍ، وَجَعَلاهُمَا وَمَنْ مَعْهُمَا لا يسمعان بعير لِقُرَيْشٍ كَتَبَتْ قُرَيْشٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْأَلُهُ بِأَرْحَامِهَا إِلا آَوَاهُمْ فَلا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 144 حَاجَةَ لَهُمْ بِهِمْ، فَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَبِي جَنْدَلٍ، وَإِلَى أَبِي بَصِيرٍ أَنْ يقْدِمَا عَلَيْهِ وَمَنْ مَعْهُمَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَلْحَقُوا بِبِلادِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ، فَقَدِمَ كِتَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِمَا، وَأَبُو بَصِيرٍ يَمُوتُ، فَمَاتَ وَكِتَابُ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي يَدِهِ يَقْرَأَهُ، فَدَفَنَهُ أَبُو جَنْدَلٍ مَكَانَهُ، وَجَعَلَ عِنْدَ قَبْرِهِ مَسْجِدًا، وَقَدِمَ أَبُو جَنْدَلٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَهُ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَرَجَعَ سَائِرُهُمْ إِلَى أَهْلِيهِمْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 145 وَهَذِهِ عِّدَّةُ كُتُبٍ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وُجِدَتْ مَنْقُولَةً مَجْمُوعَةً مِنْ وَضْعِ أَبِي جَعْفَرٍ الدَّيْبَلِيِّ أَخْبَرَنَا بِهَا أَبُو الْبَقَاءِ مُحَمَّدُ بْنُ الْعِمَادِ الْعُمَرِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَفَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَلَبِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مُحَمَّدٍ الصَّالِحِيُّ، خَبَّرَنَا أَبُو الْحَجَّاجِ يُوسُفُ بْنُ الزَّكِيِّ الْمُزِّيُ. ح وَكَتَبَ إِلَيَّ عَالِيا أَبُو عَبْدِ اللَّهِِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْفَخْرِ، عَنْ أُمِّ مُحَمَّدٍ عَائِشَةَ بِنْتِ الشَّمْسِ الْمَقْدِسِيِّ، عَنْ أَبِي الْحَجَّاجِ يُوسُفَ بْنَ الزَّكِيِّ الْمُزِّيِّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَتْحِ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْمَقْدِسِيُّ , أَخْبَرَنَا أَبُو الْبَرَكَاتِ أَنَّ مُلاعِبًا , أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيِّ الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ فِرَاسٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ النَّيْسَابُورِيِّ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الدَّيْبَلِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو يُونُسَ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْمَدِينِيُّ، حَدَّثَنَا عَتِيقُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 146 عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، " أَنَّ هَذِهِ عَطَايَا أَقْطَعَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِهَؤُلاءِ الْقَوْمِ: هَذَا كِتَابٌ مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَظِيمِ بْنِ الْحَارِثِ الْمُحَارِبِيِّ، أَنَّ لَهُ فَجًا لا يَحَاقُّهُ فِيهَا أَحَدٌ " وَكَتَبَ الأَرْقَمُ: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحَمْنِ الرَّحِيمِ، هَذَا كِتَابٌ مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ لِعَظِيمِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 147 بْنِ الْحَارِثِ الْمُحَارِبِيِّ، أَنَّ لُهُ الْمُجَمَّعَةَ مِنْ رَامِسٍ لا يَحَاقّهُ فِيهَا أَحَدٌ» وَكَتَبَ الأَرْقَمُ. «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحَمْنِ الرَّحِيمِ، هَذَا كِتَابٌ مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ، لُحُصَينِ بْنِ نَضَلَةَ الأَسْدِيِّ، أَنَّ لَهُ تَرْمَذَ وَكُتَيْفَةَ، لا يُحَاقُّهُ فِيهَا أَحَدٌ» وَكَتَبَ الْمُغِيرَةُ. «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحَمْنِ الرَّحِيمِ، هَذَا كِتَابٌ مِنْ مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ، لِبَنِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 148 جِفَالِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ زَيْدِ الْجُذَامِيِّينَ، أَنَّ لَهُمْ إِرَمَ لا يحِلُّهَا عَلَيْهِمْ أَحَدٌ أَنْ يَغْلِبَهُمْ عَلَيْهَا، وَلا يُحَاقَّهُمْ فِيهَا، فَمَنْ حَاقَّهُمْ فَلا حَقَّ لَهُ وَحَقَّهُمْ حَقُّ» كَتَبَ الأَرْقَمُ: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحَمْنِ الرَّحِيمِ، هَذَا مَا أَعْطَى مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَنِي الأَجَبِّ أَعْطَاهُمْ حَالِسًا» وَكَتَبَ الأَرْقَمُ: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحَمْنِ الرَّحِيمِ، هَذَا مَا أَعْطَى مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 149 رَاشِدَ بْنَ عَبْدِ رَبٍّ السَّلامِيَّ، أَعْطَاهُ غلْوَتَيْنِ بِسَهْمٍ، وَغلْوَةً بِحَجَرٍ بِرِهَاطٍ، لا يُحَاقُّه فِيهَا أَحَدٌ، وَمَنْ حَاقَّهُ فَلا حَقَّ لَهُ، وَحَقُّهُ حَقٌّ» وَكَتَبَ خَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 150 «بسمِ اللَّهِ الرَّحَمْن الرَّحيمِ، هَذَا مَا أَعْطَى مُحَمَّدٌ النَّبِيُّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَوْسَةَ بْنَ حِرْمَلَةَ الْجُهَنِيُّ مِنْ ذِي الْمُرُوءَةِ، أَعْطَاهُ مَا بَيْنَ بَلَكَثَةَ إِلَى الْمَصْنَعَةِ، إِلَى الْجَفَلاتِ، إِلَى الْجَدِّ جَبَلِ الْقِبَلَةِ لا يُحَاقَّهُ فِيهَا أَحَدٌ، فَمَنْ حَاقَّهُ لا حَقَّ لَهُ وَحَقُّهُ حَقٌّ» وَكَتَبَ الْعَلاءُ بْنُ عُقْبَةَ: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 151 " بِسْمِ اللَّهِ الرَّحَمْن الرَّحيمِ، هَذَا كِتَابٌ مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِبَنِي عَادِيَاءَ: أَنَّ لَهُمُ الذَّمَّةَ وَعَلَيْهِمُ الْجِزْيَةَ، وَلا عَدَاءَ وَلا جَلاءَ، اللَّيْلُ مَدٌّ، وَالنَّهَارُ شَدٌّ " وَكَتَبَ خَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحَمْن الرَّحيمِ، هَذَا كِتَابٌ مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّبِيِّ لَبِنَي عُرَيْضٍ طُعْمَةً مِنْ رَسُولِ اللَّهِ عَشْرَةَ أَوْسقٍ قَمْحًا، وَعَشْرةَ أَوْسقٍ شَعِيرًا فِي كُلِّ حَصَادٍ، وَخَمْسِينَ وَسَقًا تَمْرًا، يُوفَونَ ذَلِكَ كُلَّ عَامٍ لِحِيِنِهِ، لا يُظْلَمُونَ فِيهِ شَيْئًا» وَكَتَبَ خَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحَمْن الرَّحيمِ، هَذَا كِتَابٌ مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ لِتَمِيمِ بْنِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 152 أَوْسٍ الدَّارِيِّ أَنَّ لَهُ عَيْنُونَ، قَرْيَتُهَا كُلُّهَا، وَسَهْلُهَا وَجَبَلُهَا، وَمَاؤُهَا وَحَرْثُهَا، وَكُرُومُهَا، وَأَنْبَاطُهَا وَبَقَرُهَا، وَلِعَقِبِهِ مِنْ بَعْدِهِ، لا يُحَاقَّهُ فِيهَا أَحَدٌ، لا يَدْخُلُ عَلَيْهِ بِظُلْمٍ، فَمَنْ أَرَادَ ظُلْمَهُمْ، وَأَخْذَ مِنْهُمْ شَيْئًا فَإِنَّ عَلَيْهِ لَعْنَةَ اللَّهِ، وَالْمَلائِكَةِ، وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ» وَكَتَبَ عَلِيٌّ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 153 «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحَمْنِ الرَّحِيمِ، هَذَا مَا أَعْطَى مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ لَبَنِي شَمْخٍ مِنْ جُهَيْنَةَ، أَعْطَاهُمْ مَا خَطُّوا مِنْ صَفِينَةَ وَمَا حَرَثُوا، وَمَنْ حَاقَّهُمْ فَلا حَقَّ لَهُ، وَحَقَّهُمْ حَقٌّ» الجزء: 1 ¦ الصفحة: 154 وَكَتَبَ الْعَلاءُ بْنُ عُقْبَةَ: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحَمْن الرَّحيمِ، هَذَا كِتَابٌ مِنْ مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ رَسُولِ اللَّهِ لِبَنِي الْجُرْمُزِ بْنِ رَبِيعَةَ أَنَّهُمْ آَمِنُونَ فِي بِلادِهِمْ، وَأَنَّ لَهُمْ مَا أَسْلَمُوا عَلَيْهِ» وَكَتَبَ الْمُغِيرَةُ. «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحَمْنِ الرَّحِيمِ، هَذَا مَا أَعْطَى مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ بَنِي قُرَّةَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِِ بْنِ نُجَيْحٍ النَّهْدِيِّينَ، أَعْطَاهُمُ الْمِظَلَّةَ كُلَّهَا، أَرْضَهَا وَمَاءَهَا، وَسَهْلَهَا، وَجَبَلَهَا، مِمَّا يَرْعَونَ فِيهِ مَوَاشِيهِمْ» الجزء: 1 ¦ الصفحة: 155 وَكَتَبَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحَمْنِ الرَّحِيمِ، هَذَا مَا أَعْطَى مُحَمَّدٌ النَّبِيُّ الْعَبَّاسَ بْنَ مِرِدْاسٍ السَّلَمِيَّ، أَعْطَاهُ مَذْمُورًا، فَمْنَ حَاقَّهُ فَلا حَقَّ لَهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 156 فِيهَا وَحَقُّهُ حَقٌّ» وَكَتَبَ الْعَلاءُ بْنُ عُقْبَةَ وَشَهِدَ: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحَمْنِ الرَّحِيمِ، هَذَا مَا أَعْطَى مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ الْعَدَّاءَ بْنَ خَالِدٍ، وَمَنْ تَبِعَهُ مِنْ عَامِرِ بْنِ عِكْرِمَةَ، أَعْطَاهُمْ مَا بَيْنَ الْمِصْبَاعَةِ إِلَى الزَّجِّ وَلَوَابَةَ» وَكَتَبَ خَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 157 «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحَمْنِ الرَّحِيمِ، هَذَا مَا أَعْطَى مُحَمَّدٌ النَّبِيُّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لِجَمِيلِ بْنِ دَارَمَ الْعُذِرِيِّ، أَعْطَاهُ الرَّبَ لا يُحَاقُّهُ فِيهَا أَحَدٌ» وَكَتَبَ عَلِيٌّ: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحَمْنِ الرَّحِيمِ، مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ، إِلَى الْمُؤْمِنيِنَ إِنَّ عِضَاهَ وَجٍّ وَشَجَرَهُ وَصَيْدَهُ لا يُعْضَدُ، وَصَيْدُهُ لا يُقْتَلُ، فَمَنْ وُجِدَ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَإِنَّهُ يُجْلَدُ وَتُنْزَعُ ثِيَابُهُ، وَإِنْ تَعَدَّى ذَلِكَ أَحَدٌ، فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ فَيُبَلَّغُ مُحَمَّدًا النَّبِيَّ , وَإِنَّ هَذَا مِنْ مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ» الجزء: 1 ¦ الصفحة: 158 وَكَتَبَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ: " بِأَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلا يَتَعَدَّاهُ أَحَدٌ فَيَظْلِمُ نَفْسَهُ فِيمَا أَمَرَ بِهِ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحَمْن الرَّحيمِ، هَذَا كِتَابٌ مِنْ مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمِ، لِبَنِي مُعَاوِيَةَ بْنِ جَرْوَلَ الطَّائِيَّينِ: لِمَنْ أَسْلَمَ مِنْهُم، وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ، وَأَطَاعَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَأَعْطَى مِنَ الْمَغَانِمِ خُمْسَ اللَّهِ وَسَهْمَ النَّبِيِّ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَفَارَقَ الْمُشْرِكِينَ، وَأَشْهَدَ عَلَى إِسْلامِهِ فَإِنَّهُ آَمِنٌ بِأَمَانِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَإِنَّ لَهُمْ مَا أَسْلَمُوا عَلَيْهِ مِنْ بِلادِهِمْ وِمِيَاهِهِمْ، وَغَدْوَةِ الْغَنَمِ مِنْ وَرَاءِ بِلادِهِمْ، وَإِنَّ بِلادَهُمُ الَّتِي أَسْلَمُوا عَلَيْهَا مُثْبَتَةٌ " وَكَتَبَ الزُّبيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحَمْن الرَّحيمِ، هَذَا كِتَابٌ مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ، لِعَامِرٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 159 الأَسْوَدِ الْمُسْلِمِ أَنَّ لَهُ وَلِقَوْمِهِ طَيْءٍ مَا أَسْلَمُوا عَلَيْهِ مِنْ بِلادِهِمْ وَمِيَاهِهِمْ، مَا أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوا الزَّكَاةَ، وَفَارَقُوا الْمُشْرِكِينَ» وَكَتَبَ الْمُغِيرَةُ: " بِسْمِ اللَّهِ الرَّحَمْن الرَّحيمِ، هَذَا كِتَابٌ مِنْ مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِبَنِي جُوَيْنٍ الطَّائِيِّينَ: لِمَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ، وَفَارَقَ الْمُشْرِكِينَ، وَأَطَاعَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَأَعْطَى مِنَ الْمَغَانِمِ خُمْسَ اللَّهِ وَسَهْمَ رَسُولِهِ، وَأَشْهَدَ عَلَى إِسْلامِهِ، فَإِنَّ لَهُ أَمَانُ اللَّهِ وَمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِِ , وَإِنَّ لَهُمْ أَرْضَهُمْ وَمِيَاهَهُمْ وَمَا أَسْلَمُوا عَلَيْهِ، وَغَدْوَةَ الْغَنَمِ مِنْ وَرَائِهَا مُبَيَّتَةٍ " الجزء: 1 ¦ الصفحة: 160 وَكَتَبَ الزُّبَيْرُ: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحَمْنِ الرَّحِيمِ، هَذَا كِتَابٌ مِنْ مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لِبَنِي مَعْنٍ الطَّائِيِّينِ ثُمَّ الْبَعْلِيِّينَ، أَنَّ لَهُمْ مَا أَسْلَمُوا عَلَيْهِ مِنْ بِلادِهِمْ وَمِيَاهِهِمْ وَغَدْوَةِ الْغَنَمِ مِنْ وَرَائِهَا مُبَيَّتَةٍ، لا يُحَاقُّهُمْ فِيهَا أَحَدٌ، مَا أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوا الزَّكَاةَ، وَأَطَاعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَفَارَقُوا الْمُشْرِكِينَ، وَأَشْهَدُوا عَلَى إِسْلامِهِمْ وَأَمَّنُوا السَّبِيلَ» وَكَتَبَ الْعَلاءُ وَشَهِدَ: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحَمْن الرَّحيمِ، هَذَا كِتَابٌ مِنْ مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ لأَهْلِ جَرْشٍ، أَنَّ لَهُمْ حِمَاهُمُ الَّذِي أَسْلَمُوا عَلَيْهِ، فَمَنْ رَعَاهُ بِغَيْرِ بِسَاطِ أَهْلِهِ فَمَالُهُ سُحْتٌ، وَإِنَّ زُهَيْرَ بْنَ الْحماطَةَ , فَإِنَّ ابْنَهُ الَّذِي كَانَ فِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 161 خَثْعَمٍ فَأَمْسِكُوهُ فَإِنَّهُ عَلَيْهِم ضَامِنٌ. » وَشَهِدَ عُمُرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَمُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ وَكَتَبَ: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحَمْن الرَّحيمِ، هَذَا مَا أَعْطَى مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، الزُّبَيْرَ , أَعْطَاهُ سَوَارَقَ كُلَّهُ أَعْلاهُ وَأَسْفَلَهُ، مَا بَيْنَ مَوْرِعِ الْقَرْيَةِ، إِلَى مَوْقِتٍ إِلَى حِينِ الْمَلْحَمَةِ. لا يُحَاقُّهُ فِيهَا أَحَدٌ» وَكَتَبَ عَلِيٌّ: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحَمْنِ الرَّحيمِ، هَذَا مَا أَعْطَى مُحَمُّدٌ النَّبِيُّ رَسُولُ اللَّهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 162 صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَّاصَ بْنَ قُمَامَةَ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ قُمَامَةَ السُّلَمِيَّيْنِ، ثُمَّ بَنِي حَارِثَةَ، أَعْطَاهُمُ الْمحدِّبَ، وَهُوَ مَا بَيْنَ الْهَدِّ إِلَى الْوَابِدَةِ، إِنْ كَانَا صَادِقَيْنِ» ثُمَّ خَتَمَ هَذِهِ الْكُتُبَ بِالْعَهْدِ الَّذِي عَهِدَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، فَقَالَ وَبِالسِّنْدِ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، إِنَّ هَذَا عَهْدُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ أَرْسَلَهُ إِلَى الْيَمَنِ، فَذَكَرَ الْبَسْمَلَةَ ثُمَّ سَاقَهُ إِلَى آَخِرِهِ بِاللَّفْظِ الْمُتَّقَدَّمِ " الجزء: 1 ¦ الصفحة: 163