الكتاب: تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي المؤلف: عبد الرحمن بن أبي بكر، جلال الدين السيوطي (المتوفى: 911هـ) حققه: أبو قتيبة نظر محمد الفاريابي الناشر: دار طيبة عدد الأجزاء: 2   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]   «التقريب والتيسير» للنووي بأعلى الصفحة، يليه - مفصولا بفاصل - شرحه «تدريب الراوي» للسيوطي ---------- تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي السيوطي الكتاب: تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي المؤلف: عبد الرحمن بن أبي بكر، جلال الدين السيوطي (المتوفى: 911هـ) حققه: أبو قتيبة نظر محمد الفاريابي الناشر: دار طيبة عدد الأجزاء: 2   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]   «التقريب والتيسير» للنووي بأعلى الصفحة، يليه - مفصولا بفاصل - شرحه «تدريب الراوي» للسيوطي [مقدمة السيوطي] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مُقَدِّمَةُ الْمُؤَلِّفِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ أَسْبَابَ مَنِ انْقَطَعَ إِلَيْهِ مَوْصُولَةً، وَرَفَعَ مَقَامَ الْوَاقِفِ بِبَابِهِ، وَآتَاهُ مُنَاهُ وَسُؤْلَهُ، وَأَدْرَجَ فِي زُمْرَةِ أَحْبَابِهِ مَنْ لَمْ تَكُنْ نَفْسُهُ بِزَخَارِفِ الْمُبْطِلِينَ مَعْلُولَةً، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، شَهَادَةً بِرِدَاءِ الْإِخْلَاصِ مَشْمُولَةً، وَلِلْمَلَكُوتِ الْأَعْلَى صَاعِدَةً مَقْبُولَةً، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، الَّذِي بَلَغَ بِهِ مِنْ إِكْمَالِ الدِّينِ مَأْمُولَهُ، وَآتَاهُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ، فَنَطَقَ بِجَوَاهِرِ الْحِكَمِ، وَفَاحَتْ مِنْ حَدَائِقِ أَحَادِيثِهِ فِي الْخَافِقَيْنِ شَذَا أَزْهَارِهَا الْمَطْلُولَةِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ ذَوِي الْأُصُولِ الْكَرِيمَةِ وَالْأَمْجَادِ الْمَأْثُولَةِ. أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ عِلْمَ الْحَدِيثِ رَفِيعُ الْقَدْرِ، عَظِيمُ الْفَخْرِ، شَرِيفُ الذِّكْرِ، لَا يَعْتَنِي بِهِ إِلَّا كُلُّ حَبْرٍ، وَلَا يُحْرَمُهُ إِلَّا كُلُّ غَمْرٍ، وَلَا تَفْنَى مَحَاسِنُهُ عَلَى مَمَرِّ الدَّهْرِ، وَكُنْتُ مِمَّنْ عَبَرَ إِلَى لُجَّةِ قَامُوسِهِ، حَيْثُ وَقَفَ غَيْرِي بِشَاطِئِهِ، وَلَمْ أَكْتَفِ بِوُرُودِ مَجَارِيهِ، حَتَّى بَقَرْتُ عَنْ مَنْبَعِهِ وَمَنَاشِئِهِ، وَقُلْتُ لِمَنْ عَلَى الرَّاحَةِ عَوَّلَ، مُتَمَثِّلًا بِقَوْلِ الْأَوَّلِ: لَسْنَا وَإِنْ كُنَّا ذَوِي حَسَبٍ ... يَوْمًا عَلَى الْأَحْسَابِ نَتَّكِلُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 23 نَبْنِي كَمَا كَانَتْ أَوَائِلُنَا ... تَبْنِي وَنَفْعَلُ مِثْلَ مَا فَعَلُوا مَعَ مَا أَمَدَّنِي اللَّهُ تَعَالَى بِهِ مِنَ الْعُلُومِ، كَالتَّفْسِيرِ الَّذِي بِهِ يُطَّلَعُ عَلَى فَهْمِ الْكِتَابِ الْعَزِيزِ، وَعُلُومِهِ الَّتِي دَوَّنْتُهَا وَلَمْ أُسْبَقْ إِلَى تَحْرِيرِهَا الْوَجِيزِ، وَالْفِقْهِ الَّذِي مَنْ جَهِلَهُ فَأَنَّى لَهُ الرِّفْعَةُ وَالتَّمْيِيزُ، وَاللُّغَةِ الَّتِي عَلَيْهَا مَدَارُ فَهْمِ السُّنَّةِ وَالْقُرْآنِ، وَالنَّحْوِ الَّذِي يَفْتَضِحُ فَاقِدُهُ بِكَثْرَةِ الزَّلَلِ وَلَا يَصْلُحُ الْحَدِيثُ لِلَحَّانٍ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ عُلُومِ الْمَعَانِي وَالْبَيَانِ، الَّتِي لِبَلَاغَةِ الْكِتَابِ وَالْحَدِيثِ تِبْيَانٌ، وَقَدْ أَلَّفْتُ فِي كُلِّ ذَلِكَ مُؤَلَّفَاتٍ، وَحَرَّرْتُ فِيهَا قَوَاعِدَ وَمُهِمَّاتٍ، وَلَمْ أَكُنْ كَغَيْرِي مِمَّنْ يَدَّعِي الْحَدِيثَ بِغَيْرِ عِلْمٍ، وَقُصَارَى أَمْرِهِ كَثْرَةُ السَّمَاعِ عَلَى كُلِّ شَيْخٍ وَعَجُوزٍ، غَيْرَ مُلْتَفِتٍ إِلَى مَعْرِفَةِ مَا يَحْتَاجُ الْمُحَدِّثُ إِلَيْهِ أَنْ يَحُوزَ، وَلَا مُكْتَرِثٍ بِالْبَحْثِ عَمَّا يَمْتَنِعُ أَوْ يَجُوزُ، ثُمَّ ظَنَّ الِانْفِرَادَ بِجَمْعِ الْكُتُبِ وَالضَّنِّ بِهَا عَلَى طُلَّابِهَا، فَهُوَ كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا عَارِيًا عَنِ الِانْتِفَاعِ بِخِطَابِهَا. إِنْ سُئِلَ عَنْ مَسْأَلَةٍ فِي الْمُصْطَلَحِ لَمْ يَهْتَدِ إِلَى جَوَابِهَا، أَوْ عَرَضَتْ لَهُ مَسْأَلَةٌ فِي دِينِهِ لَمْ يَعْرِفْ خَطَأَهَا مِنْ صَوَابِهَا، أَوْ لَوْ تَلَفَّظَ بِكَلِمَةٍ مِنَ الْحَدِيثِ لَمْ يَأْمَنْ أَنْ يَزِلَّ فِي إِعْرَابِهَا، فَصَارَ بِذَلِكَ ضُحْكَةً لِلنَّاظِرِينَ، وَهُزْأَةً لِلسَّاخِرِينَ، وَاللَّهُ تَعَالَى حَسْبِي وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ. هَذَا، وَقَدْ طَالَ مَا قَيَّدْتُ فِي هَذَا الْفَنِّ فَوَائِدَ وَزَوَائِدَ، وَعَلَّقْتُ فِيهِ نَوَادِرَ وَشَوَارِدَ، وَكَانَ يَخْطُرُ بِبَالِي جَمْعُهَا فِي كِتَابٍ، وَنَظْمُهَا فِي عِقْدٍ لِيَنْتَفِعَ بِهَا الطُّلَّابُ، فَرَأَيْتُ كِتَابَ " التَّقْرِيبِ وَالتَّيْسِيرِ " لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ الْحَافِظِ، وَلِيِّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 24 اللَّهِ تَعَالَى أَبِي زَكَرِيَّا النَّوَاوِيِّ، كِتَابًا جَلَّ نَفْعُهُ، وَعَلَا قَدْرُهُ، وَكَثُرَتْ فَوَائِدُهُ، وَغَزُرَتْ لِلطَّالِبِينَ مَوَائِدُهُ، وَهُوَ مَعَ جَلَالَتِهِ وَجَلَالَةِ صَاحِبِهِ وَتَطَاوُلِ هَذِهِ الْأَزْمَانِ مِنْ حِينِ وَضْعِهِ لَمْ يَتَصَدَّ أَحَدٌ إِلَى وَضْعِ شَرْحٍ عَلَيْهِ، وَلَا الْإِنَابَةِ إِلَيْهِ. فَقُلْتُ لَعَلَّ ذَلِكَ فَضْلٌ ادَّخَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِمَنْ يَشَاءُ مِنَ الْعَبِيدِ، وَلَا يَكُونُ فِي الْوُجُودِ إِلَّا مَا يُرِيدُ، فَقَوِيَ الْعَزْمُ عَلَى كِتَابَةِ شَرْحٍ عَلَيْهِ كَافِلٍ بِإِيضَاحِ مَعَانِيهِ، وَتَحْرِيرِ أَلْفَاظِهِ وَمَبَانِيهِ، مَعَ ذِكْرِ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَصْلِهِ مِنَ التَّفَاوُتِ فِي زِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ، أَوْ إِيرَادٍ أَوِ اعْتِرَاضٍ، مَعَ الْجَوَابِ عَنْهُ إِنْ كَانَ مُضِيفًا إِلَيْهِ زَوَائِدَ عَلِيَّةً، وَفَوَائِدَ جَلِيَّةً، لَا تُوجَدُ مَجْمُوعَةً فِي غَيْرِهِ، وَلَا سَارَ أَحَدٌ قَبْلَهُ كَسَيْرِهِ، فَشَرَعْتُ فِي ذَلِكَ مُسْتَعِينًا بِاللَّهِ تَعَالَى، وَمُتَوَكِّلًا عَلَيْهِ، وَحَبَّذَا ذَاكَ اتِّكَالًا، وَسَمَّيْتُهُ: " تَدْرِيبَ الرَّاوِي فِي شَرْحِ تَقْرِيبِ النَّوَاوِي "، وَجَعَلْتُهُ شَرْحًا لِهَذَا الْكِتَابِ خُصُوصًا، ثُمَّ لِمُخْتَصَرِ ابْنِ الصَّلَاحِ وَلِسَائِرِ كُتُبِ الْفَنِّ عُمُومًا. وَاللَّهَ تَعَالَى أَسْأَلُ أَنْ يَجْعَلَهُ خَالِصًا لِوَجْهِهِ، فَهُوَ بِإِجَابَةِ السَّائِلِ أَحْرَى، وَيَنْفَعَ بِهِ مُؤَلِّفَهُ وَقَارِئَهُ فِي الدُّنْيَا وَالْأُخْرَى. [فوائد من المقدمة] [الفائدة الْأُولَى فِي حَدِّ عِلْمِ الْحَدِيثِ وَمَا يَتْبَعُهُ] وَهَذِهِ الْمُقَدِّمَةُ فِيهَا فَوَائِدُ: الْأُولَى: فِي حَدِّ عِلْمِ الْحَدِيثِ وَمَا يَتْبَعُهُ: قَالَ ابْنُ الْأَكْفَانِيِّ فِي كِتَابِ إِرْشَادِ الْقَاصِدِ، الَّذِي تَكَلَّمَ فِيهِ عَلَى أَنْوَاعِ الْعُلُومِ: عِلْمُ الْحَدِيثِ الْخَاصُّ بِالرِّوَايَةِ: عِلْمٌ يَشْتَمِلُ عَلَى نَقْلِ أَقْوَالِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَفْعَالِهِ، وَرِوَايَتِهَا، وَضَبْطِهَا، وَتَحْرِيرِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 25 أَلْفَاظِهَا. وَعِلْمُ الْحَدِيثِ الْخَاصُّ بِالدِّرَايَةِ: عِلْمٌ يُعْرَفُ مِنْهُ حَقِيقَةُ الرِّوَايَةِ؛ وَشُرُوطُهَا، وَأَنْوَاعُهَا، وَأَحْكَامُهَا، وَحَالُ الرُّوَاةِ، وَشُرُوطُهُمْ، وَأَصْنَافُ الْمَرْوِيَّاتِ، وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا. انْتَهَى. فَحَقِيقَةُ الرِّوَايَةِ: نَقْلُ السُّنَّةِ وَنَحْوِهَا وَإِسْنَادُ ذَلِكَ إِلَى مَنْ عُزِيَ إِلَيْهِ بِتَحْدِيثٍ أَوْ إِخْبَارٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، وَشُرُوطُهَا: تَحَمُّلُ رَاوِيهَا لِمَا يَرْوِيهِ بِنَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ التَّحَمُّلِ، مِنْ سَمَاعٍ أَوْ عَرْضٍ أَوْ إِجَازَةٍ وَنَحْوِهَا. وَأَنْوَاعُهَا: الِاتِّصَالُ وَالِانْقِطَاعُ وَنَحْوُهُمَا. وَأَحْكَامُهَا: الْقَبُولُ وَالرَّدُّ. وَحَالُ الرُّوَاةِ: الْعَدَالَةُ وَالْجَرْحُ، وَشُرُوطُهُمْ فِي التَّحَمُّلِ وَفِي الْأَدَاءِ كَمَا سَيَأْتِي. وَأَصْنَافُ الْمَرْوِيَّاتِ: الْمُصَنَّفَاتُ مِنَ الْمَسَانِيدِ وَالْمَعَاجِمِ وَالْأَجْزَاءِ وَغَيْرِهَا، أَحَادِيثَ وَآثَارًا وَغَيْرَهُمَا، وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا: هُوَ مَعْرِفَةُ اصْطِلَاحِ أَهْلِهَا. وَقَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ جَمَاعَةَ: عِلْمُ الْحَدِيثِ: عِلْمٌ بِقَوَانِينَ يُعْرَفُ بِهَا أَحْوَالُ السَّنَدِ وَالْمَتْنِ. وَمَوْضُوعُهُ: السَّنَدُ وَالْمَتْنُ. وَغَايَتُهُ: مَعْرِفَةُ الصَّحِيحِ مِنْ غَيْرِهِ. وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَبُو الْفَضْلِ بْنُ حَجَرٍ: أَوْلَى التَّعَارِيفِ لَهُ أَنْ يُقَالَ: مَعْرِفَةُ الْقَوَاعِدِ وَالْمَعْرِفَةُ بِحَالِ الرَّاوِي وَالْمَرْوِيِّ، قَالَ: وَإِنْ شِئْتَ حَذَفْتَ لَفْظَ " مَعْرِفَةُ " فَقُلْتَ الْقَوَاعِدُ إِلَى آخِرِهِ. وَقَالَ الْكَرْمَانِيُّ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ: وَاعْلَمْ أَنَّ الْحَدِيثَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 26 مَوْضُوعُهُ ذَاتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ. وَحَدُّهُ: هُوَ عِلْمٌ يُعْرَفُ بِهِ أَقْوَالُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَفْعَالُهُ وَأَحْوَالُهُ. وَغَايَتُهُ: هُوَ الْفَوْزُ بِسَعَادَةِ الدَّارَيْنِ. وَهَذَا الْحَدُّ مَعَ شُمُولِهِ لِعِلْمِ الِاسْتِنْبَاطِ غَيْرُ مُحَرَّرٍ، وَلَمْ يَزَلْ شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ مُحْيِي الدِّينِ الْكَافِيجِيُّ يَتَعَجَّبُ مِنْ قَوْلِهِ: إِنَّ مَوْضُوعَ عِلْمِ الْحَدِيثِ ذَاتُ الرَّسُولِ، وَيَقُولُ: هَذَا مَوْضُوعُ الطِّبِّ لَا مَوْضُوعُ الْحَدِيثِ. وَأَمَّا السَّنَدُ فَقَالَ الْبَدْرُ بْنُ جَمَاعَةَ وَالطِّيبِيُّ: هُوَ الْإِخْبَارُ عَنْ طَرِيقِ الْمَتْنِ. قَالَ ابْنُ جَمَاعَةَ: وَأَخْذُهُ إِمَّا مِنَ السَّنَدِ، وَهُوَ مَا ارْتَفَعَ وَعَلَا مِنْ سَفْحِ الْجَبَلِ؛ لِأَنَّ الْمُسْنِدَ يَرْفَعُهُ إِلَى قَائِلِهِ، أَوْ مِنْ قَوْلِهِمْ: فُلَانٌ سَنَدٌ، أَيْ مُعْتَمَدٌ، فَسَمَّى الْإِخْبَارَ عَنْ طَرِيقِ الْمَتْنِ سَنَدًا لِاعْتِمَادِ الْحُفَّاظِ فِي صِحَّةِ الْحَدِيثِ وَضَعْفِهِ عَلَيْهِ. وَأَمَّا الْإِسْنَادُ فَهُوَ رَفْعُ الْحَدِيثِ إِلَى قَائِلِهِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 27 قَالَ الطِّيبِيُّ: وَهُمَا مُتَقَارِبَانِ فِي مَعْنَى اعْتِمَادِ الْحُفَّاظِ فِي صِحَّةِ الْحَدِيثِ وَضَعْفِهِ عَلَيْهِمَا. وَقَالَ ابْنُ جَمَاعَةَ: الْمُحَدِّثُونَ يَسْتَعْمِلُونَ السَّنَدَ وَالْإِسْنَادَ لِشَيْءٍ وَاحِدٍ. وَأَمَّا الْمُسْنَدُ بِفَتْحِ النُّونِ فَلَهُ اعْتِبَارَاتٌ: أَحَدُهَا: الْحَدِيثُ الْآتِي تَعْرِيفُهُ فِي النَّوْعِ الرَّابِعِ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ. الثَّانِي: الْكِتَابُ الَّذِي جُمِعَ فِيهِ مَا أَسْنَدَهُ الصَّحَابَةُ، أَيْ رَوَوْهُ، فَهُوَ اسْمُ مَفْعُولٍ. الثَّالِثُ: أَنْ يُطْلَقَ وَيُرَادَ بِهِ الْإِسْنَادُ، فَيَكُونُ مَصْدَرًا، كَمُسْنَدِ الشِّهَابِ، وَمُسْنَدِ الْفِرْدَوْسِ: أَيْ أَسَانِيدُ أَحَادِيثِهِمَا. وَأَمَّا الْمَتْنُ فَهُوَ: أَلْفَاظُ الْحَدِيثِ الَّتِي تَتَقَوَّمُ بِهَا الْمَعَانِي، قَالَهُ الطِّيبِيُّ. وَقَالَ ابْنُ جَمَاعَةَ: هُوَ مَا يَنْتَهِي إِلَيْهِ غَايَةُ السَّنَدِ مِنَ الْكَلَامِ، وَأَخْذُهُ إِمَّا مِنَ الْمُمَاتَنَةِ، وَهِيَ: الْمُبَاعَدَةُ فِي الْغَايَةِ؛ لِأَنَّهُ غَايَةُ السَّنَدِ، أَوْ مِنْ مَتَنْتُ الْكَبْشَ: إِذَا شَقَقْتُ جِلْدَةَ بَيْضَتِهِ وَاسْتَخْرَجْتُهَا، فَكَأَنَّ الْمُسْنِدَ اسْتَخْرَجَ الْمَتْنَ بِسَنَدِهِ؛ أَوْ مِنَ الْمَتْنِ وَهُوَ: مَا صَلُبَ وَارْتَفَعَ مِنَ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّ الْمُسْنِدَ يُقَوِّيهِ بِالسَّنَدِ وَيَرْفَعُهُ إِلَى قَائِلِهِ؛ أَوْ مِنْ تَمَتَّنَ الْقَوْسَ أَيْ شَدَّهَا بِالْعَصَبِ؛ لِأَنَّ الْمُسْنِدَ يُقَوِّي الْحَدِيثَ بِسَنَدِهِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 28 وَأَمَّا الْحَدِيثُ فَأَصْلُهُ: ضِدُّ الْقَدِيمِ، وَقَدِ اسْتُعْمِلَ فِي قَلِيلِ الْخَبَرِ وَكَثِيرِهِ؛ لِأَنَّهُ يُحَدَّثُ شَيْئًا فَشَيْئًا. وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ: الْمُرَادُ بِالْحَدِيثِ فِي عُرْفِ الشَّرْعِ: مَا يُضَافُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَكَأَنَّهُ أُرِيدَ بِهِ مُقَابَلَةُ الْقُرْآنِ لِأَنَّهُ قَدِيمٌ. وَقَالَ الطِّيبِيُّ: الْحَدِيثُ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالصَّحَابِيِّ وَالتَّابِعِيِّ وَفِعْلَهُمْ وَتَقْرِيرَهُمْ. وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ النُّخْبَةِ: الْخَبَرُ عِنْدَ عُلَمَاءِ الْفَنِّ مُرَادِفٌ لِلْحَدِيثِ، فَيُطْلَقَانِ عَلَى الْمَرْفُوعِ وَعَلَى الْمَوْقُوفِ وَالْمَقْطُوعِ. وَقِيلَ: الْحَدِيثُ مَا جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهَ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالْخَبَرُ مَا جَاءَ عَنْ غَيْرِهِ، وَمِنْ ثَمَّ قِيلَ لِمَنْ يَشْتَغِلُ بِالسُّنَّةِ: مُحَدِّثٌ، وَبِالتَّوَارِيخِ وَنَحْوِهَا أَخْبَارِيٌّ. وَقِيلَ: بَيْنَهُمَا عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مُطْلَقٌ، فَكُلُّ حَدِيثٍ خَبَرٌ وَلَا عَكْسَ. وَقِيلَ: لَا يُطْلَقُ الْحَدِيثُ عَلَى غَيْرِ الْمَرْفُوعِ إِلَّا بِشَرْطِ التَّقْيِيدِ. وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي النَّوْعِ السَّابِعِ: أَنَّ الْمُحَدِّثِينَ يُسَمُّونَ الْمَرْفُوعَ وَالْمَوْقُوفَ بِالْأَثَرِ، وَأَنَّ فُقَهَاءَ خُرَاسَانَ يُسَمُّونَ الْمَوْقُوفَ بِالْأَثَرِ وَالْمَرْفُوعَ بِالْخَبَرِ. وَيُقَالُ: أَثَرْتُ الْحَدِيثَ بِمَعْنَى رَوَيْتُهُ، وَيُسَمَّى الْمُحَدِّثُ أَثَرِيًّا نِسْبَةً لِلْأَثَرِ. [الفائدة الثَّانِيَةُ فِي حَدِّ الْحَافِظِ وَالْمُحَدِّثِ وَالْمُسْنِدِ] الثَّانِيَةُ: فِي حَدِّ الْحَافِظِ وَالْمُحَدِّثِ وَالْمُسْنِدِ. اعْلَمْ أَنَّ أَدْنَى دَرَجَاتِ الثَّلَاثَةِ، الْمُسْنِدُ بِكَسْرِ النُّونِ، وَهُوَ مَنْ يَرْوِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 29 الْحَدِيثَ بِإِسْنَادِهِ، سَوَاءٌ كَانَ عِنْدَهُ عِلْمٌ بِهِ أَوْ لَيْسَ لَهُ إِلَّا مُجَرَّدُ رِوَايَةٍ، وَأَمَّا الْمُحَدِّثُ فَهُوَ أَرْفَعُ مِنْهُ. قَالَ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ: إِذَا أُوصِيَ لِلْعُلَمَاءِ لَمْ يَدْخُلِ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ الْحَدِيثَ، وَلَا عِلْمَ لَهُمْ بِطُرُقِهِ وَلَا بِأَسْمَاءِ الرُّوَاةِ وَالْمُتُونِ؛ لِأَنَّ السَّمَاعَ الْمُجَرَّدَ لَيْسَ بِعِلْمٍ. وَقَالَ التَّاجُ بْنُ يُونُسَ فِي " شَرْحِ التَّعْجِيزِ ": إِذَا أُوصِيَ لِلْمُحَدِّثِ تَنَاوَلَ مَنْ عَلِمَ طُرُقَ إِثْبَاتِ الْحَدِيثِ وَعَدَالَةَ رِجَالِهِ؛ لِأَنَّ مَنِ اقْتَصَرَ عَلَى السَّمَاعِ فَقَطْ لَيْسَ بِعَالِمٍ. وَكَذَا قَالَ السُّبْكِيُّ فِي " شَرْحِ الْمِنْهَاجِ ". وَقَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ: ذَكَرَ عِيسَى بْنُ أَبَانٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: لَا يُؤْخَذُ الْعِلْمُ عَنْ أَرْبَعَةٍ؛ وَيُؤْخَذُ عَمَّنْ سِوَاهُمْ: لَا يُؤْخَذُ عَنْ مُبْتَدِعٍ يَدْعُو إِلَى بِدْعَتِهِ، وَلَا عَنْ سَفِيهٍ يُعْلِنُ بِالسَّفَهِ، وَلَا عَمَّنْ يَكْذِبُ فِي أَحَادِيثِ النَّاسِ، وَإِنْ كَانَ يَصْدُقُ فِي أَحَادِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا عَمَّنْ لَا يَعْرِفُ هَذَا الشَّأْنَ. قَالَ الْقَاضِي: فَقَوْلُهُ وَلَا عَمَّنْ لَا يَعْرِفُ هَذَا الشَّأْنَ، مُرَادُهُ إِذَا لَمْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 30 يَكُنْ مِمَّنْ يَعْرِفُ الرِّجَالَ مِنَ الرُّوَاةِ، وَلَا يَعْرِفُ هَلْ زِيدَ فِي الْحَدِيثِ شَيْءٌ أَوْ نَقَصَ؟ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: أَمَّا الْفُقَهَاءُ فَاسْمُ الْمُحَدِّثِ عِنْدَهُمْ لَا يُطْلَقُ إِلَّا عَلَى مَنْ حَفِظَ مَتْنَ الْحَدِيثِ، وَعَلِمَ عَدَالَةَ رِجَالِهِ وَجَرْحَهَا، دُونَ الْمُقْتَصِرِ عَلَى السَّمَاعِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ فِي تَارِيخِهِ بِسَنَدِهِ عَنْ أَبِي نَصْرٍ حُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ الشِّيرَازِيِّ قَالَ: الْعَالِمُ الَّذِي يَعْرِفُ الْمَتْنَ وَالْإِسْنَادَ جَمِيعًا، وَالْفَقِيهُ الَّذِي عَرَفَ الْمَتْنَ وَلَا يَعْرِفُ الْإِسْنَادَ، وَالْحَافِظُ الَّذِي يَعْرِفُ الْإِسْنَادَ وَلَا يَعْرِفُ الْمَتْنَ، وَالرَّاوِي الَّذِي لَا يَعْرِفُ الْمَتْنَ وَلَا يَعْرِفُ الْإِسْنَادَ. وَقَالَ الْإِمَامُ الْحَافِظُ أَبُو شَامَةَ: عُلُومُ الْحَدِيثِ الْآنَ ثَلَاثَةٌ: أَشْرَفُهَا حِفْظُ مُتُونِهِ وَمَعْرِفَةُ غَرِيبِهَا وَفِقْهِهَا. وَالثَّانِي: حِفْظُ أَسَانِيدِهَا وَمَعْرِفَةُ رِجَالِهَا وَتَمْيِيزُ صَحِيحِهَا مِنْ سَقِيمِهَا، وَهَذَا كَانَ مُهِمًّا وَقَدْ كُفِيَهُ الْمُشْتَغِلُ بِالْعِلْمِ بِمَا صُنِّفَ فِيهِ وَأُلِّفَ فِيهِ مِنَ الْكُتُبِ، فَلَا فَائِدَةَ إِلَى تَحْصِيلِ مَا هُوَ حَاصِلٌ. وَالثَّالِثُ: جَمْعُهُ وَكِتَابَتُهُ وَسَمَاعُهُ وَتَطْرِيقُهُ وَطَلَبُ الْعُلُوِّ فِيهِ، وَالرِّحْلَةُ إِلَى الْبُلْدَانِ، وَالْمُشْتَغِلُ بِهَذَا مُشْتَغِلٌ عَمَّا هُوَ الْأَهَمُّ مِنَ الْعُلُومِ النَّافِعَةِ، فَضْلًا عَنِ الْعَمَلِ بِهِ الَّذِي هُوَ الْمَطْلُوبُ الْأَصْلِيُّ، إِلَّا أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ لِأَهْلِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 31 الْبَطَالَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ بَقَاءِ سِلْسِلَةِ الْإِسْنَادِ الْمُتَّصِلَةِ بِأَشْرَفِ الْبَشَرِ. قَالَ: وَمِمَّا يُزَهِّدُ فِي ذَلِكَ أَنَّ فِيهِ يَتَشَارَكُ الْكَبِيرُ وَالصَّغِيرُ، وَالْفَدْمُ وَالْبَاهِمُ، وَالْجَاهِلُ وَالْعَالِمُ. وَقَدْ قَالَ الْأَعْمَشُ: حَدِيثٌ يَتَدَاوَلُهُ الْفُقَهَاءُ خَيْرٌ مِنْ حَدِيثٍ يَتَدَاوَلُهُ الشُّيُوخُ. وَلَامَ إِنْسَانٌ أَحْمَدَ فِي حُضُورِ مَجْلِسِ الشَّافِعِيِّ وَتَرْكِهِ مَجْلِسَ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، فَقَالَ لَهُ أَحْمَدُ: اسْكُتْ فَإِنْ فَاتَكَ حَدِيثٌ بِعُلُوٍّ تَجِدْهُ بِنُزُولٍ وَلَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 32 يَضُرُّكَ، وَإِنْ فَاتَكَ عَقْلُ هَذَا الْفَتَى أَخَافُ أَنْ لَا تَجِدَهُ. انْتَهَى. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: وَفِي بَعْضِ كَلَامِهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: وَهَذَا قَدْ كُفِيَهُ الْمُشْتَغِلُ بِمَا صُنِّفَ فِيهِ قَدْ أَنْكَرَهُ الْعَلَّامَةُ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ الزُّبَيْرِ وَغَيْرُهُ، وَيُقَالُ عَلَيْهِ: إِنْ كَانَ التَّصْنِيفُ فِي الْفَنِّ يُوجِبُ الِاتِّكَالَ عَلَى ذَلِكَ وَعَدَمَ الِاشْتِغَالِ بِهِ، فَالْقَوْلُ كَذَلِكَ فِي الْفَنِّ الْأَوَّلِ، فَإِنَّ فِقْهَ الْحَدِيثِ وَغَرِيبَهُ لَا يُحْصَى كَمْ صُنِّفَ فِيهِ، بَلْ لَوِ ادَّعَى مُدَّعٍ أَنَّ التَّصَانِيفَ فِيهِ أَكْثَرُ مِنَ التَّصَانِيفِ فِي تَمْيِيزِ الرِّجَالِ، وَالصَّحِيحِ مِنَ السَّقِيمِ لَمَا أَبْعَدَ، بَلْ ذَلِكَ هُوَ الْوَاقِعُ. فَإِنْ كَانَ الِاشْتِغَالُ بِالْأَوَّلِ مُهِمًّا فَالِاشْتِغَالُ بِالثَّانِي أَهَمُّ؛ لِأَنَّهُ الْمِرْقَاةُ إِلَى الْأَوَّلِ، فَمَنْ أَخَلَّ بِهِ خَلَطَ السَّقِيمَ بِالصَّحِيحِ، وَالْمُعَدَّلَ بِالْمُجَرَّحِ، وَهُوَ لَا يَشْعُرُ. قَالَ: فَالْحَقُّ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا فِي عِلْمِ الْحَدِيثِ مُهِمٌّ، وَلَا شَكَّ أَنَّ مَنْ جَمَعَهُمَا حَازَ الْقِدْحَ الْمُعَلَّى مَعَ قُصُورٍ فِيهِ إِنْ أَخَلَّ بِالثَّالِثِ، وَمَنْ أَخَلَّ بِهِمَا فَلَا حَظَّ لَهُ فِي اسْمِ الْحُفَّاظِ، وَمَنْ أَحْرَزَ الْأَوَّلَ وَأَخَلَّ بِالثَّانِي كَانَ بَعِيدًا مِنِ اسْمِ الْمُحَدِّثِ عُرْفًا، وَمَنْ أَحْرَزَ الثَّانِيَ وَأَخَلَّ بِالْأَوَّلِ لَمْ يَبْعُدْ عَنْهُ اسْمُ الْمُحَدِّثِ، وَلَكِنْ فِيهِ نَقْصٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْأَوَّلِ، وَبَقِيَ الْكَلَامُ فِي الْفَنِّ الثَّالِثِ، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 33 وَلَا شَكَّ أَنَّ مَنْ جَمَعَ ذَلِكَ مِنَ الْأَوَّلِينَ كَانَ أَوْفَرَ سَهْمًا وَأَحَظَّ قَسْمًا، وَمَنِ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ كَانَ أَخَسَّ حَظًّا وَأَبْعَدَ حِفْظًا، فَمَنْ جَمَعَ الثَّلَاثَةَ كَانَ فَقِيهًا مُحَدِّثًا كَامِلًا، وَمَنِ انْفَرَدَ بِاثْنَيْنِ مِنْهُمَا كَانَ دُونَهُ، إِلَّا أَنَّ مَنِ اقْتَصَرَ عَلَى الثَّانِي وَالثَّالِثِ فَهُوَ مُحَدِّثٌ صِرْفٌ، لَا حَظَّ لَهُ فِي اسْمِ الْفَقِيهِ، كَمَا أَنَّ مَنِ انْفَرَدَ بِالْأَوَّلِ فَلَا حَظَّ لَهُ فِي اسْمِ الْمُحَدِّثِ، وَمَنِ انْفَرَدَ بِالْأَوَّلِ وَالثَّانِي فَهَلْ يُسَمَّى مُحَدِّثًا؟ فِيهِ بَحْثٌ. انْتَهَى. وَفِي غُضُونِ كَلَامِهِ مَا يُشْعِرُ بِاسْتِوَاءِ الْمُحَدِّثِ وَالْحَافِظِ، حَيْثُ قَالَ: فَلَا حَظَّ لَهُ فِي اسْمِ الْحَافِظِ. وَالْكَلَامُ كُلُّهُ فِي الْمُحَدِّثِ. وَقَدْ كَانَ السَّلَفُ يُطْلِقُونَ الْمُحَدِّثَ وَالْحَافِظَ بِمَعْنًى، كَمَا رَوَى أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ بِسَنَدِهِ إِلَى أَبِي زُرْعَةَ الرَّازِيِّ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ أَبِي شَيْبَةَ يَقُولُ: مَنْ لَمْ يَكْتُبْ عِشْرِينَ أَلْفَ حَدِيثٍ إِمْلَاءً لَمْ يُعَدَّ صَاحِبَ حَدِيثٍ. وَفِي الْكَامِلِ لِابْنِ عَدِيٍّ مِنْ جِهَةِ النُّفَيْلِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ هُشَيْمًا يَقُولُ: مَنْ لَمْ يَحْفَظِ الْحَدِيثَ فَلَيْسَ هُوَ مِنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ. وَالْحَقُّ أَنَّ الْحَافِظَ أَخَصُّ، وَقَالَ التَّاجُ السُّبْكِيُّ فِي كِتَابِهِ مُعِيدِ النِّعَمِ: مِنَ النَّاسِ فِرْقَةٌ ادَّعَتِ الْحَدِيثَ فَكَانَ قُصَارَى أَمْرِهَا النَّظَرَ فِي مَشَارِقِ الْأَنْوَارِ لِلصَّاغَانِيِّ. فَإِنْ تَرَفَّعَتِ [ارْتَقَتْ] إِلَى مَصَابِيحِ الْبَغَوِيِّ، وَظَنَّتْ أَنَّهَا بِهَذَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 34 الْقَدْرِ تَصِلُ إِلَى دَرَجَةِ الْمُحَدِّثِينَ، وَمَا ذَلِكَ إِلَّا بِجَهْلِهَا بِالْحَدِيثِ، فَلَوْ حَفِظَ مَنْ ذَكَرْنَاهُ هَذَيْنِ الْكِتَابَيْنِ عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ وَضَمَّ إِلَيْهِمَا مِنَ الْمُتُونِ مِثْلَيْهِمَا لَمْ يَكُنْ مُحَدِّثًا، وَلَا يَصِيرُ بِذَلِكَ مُحَدِّثًا حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ، فَإِنْ رَامَتْ بُلُوغَ الْغَايَةِ فِي الْحَدِيثِ عَلَى زَعْمِهَا اشْتَغَلَتْ بِجَامِعِ الْأُصُولِ لِابْنِ الْأَثِيرِ، فَإِنْ ضَمَّتْ إِلَيْهِ " عُلُومَ الْحَدِيثِ " لِابْنِ الصَّلَاحِ أَوْ مُخْتَصَرَهُ الْمُسَمَّى " بِالتَّقْرِيبِ وَالتَّيْسِيرِ لِلنَّوَوِيِّ " وَنَحْوَ ذَلِكَ، وَحِينَئِذٍ يُنَادَى مَنِ انْتَهَى إِلَى هَذَا الْمَقَامِ: بِمُحَدِّثِ الْمُحَدِّثِينَ وَبُخَارِيِّ الْعَصْرِ، وَمَا نَاسَبَ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ الْكَاذِبَةَ، فَإِنَّ مَنْ ذَكَرْنَاهُ لَا يُعَدُّ مُحَدِّثًا بِهَذَا الْقَدْرِ، وَإِنَّمَا الْمُحَدِّثُ مَنْ عَرَفَ الْأَسَانِيدَ وَالْعِلَلَ، وَأَسْمَاءَ الرِّجَالِ وَالْعَالِيَ وَالنَّازِلَ، وَحَفِظَ مَعَ ذَلِكَ جُمْلَةً مُسْتَكْثَرَةً مِنَ الْمُتُونِ، وَسَمِعَ الْكُتُبَ السِّتَّةَ، وَمُسْنَدَ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَسُنَنَ الْبَيْهَقِيِّ، وَمُعْجَمَ الطَّبَرَانِيِّ، وَضَمَّ إِلَى هَذَا الْقَدْرِ أَلْفَ جُزْءٍ مِنَ الْأَجْزَاءِ الْحَدِيثِيَّةِ. هَذَا أَقَلُّ دَرَجَاتِهِ، فَإِذَا سَمِعَ مَا ذَكَرْنَاهُ وَكَتَبَ الطِّبَاقَ وَدَارَ عَلَى الشُّيُوخِ وَتَكَلَّمَ فِي الْعِلَلِ وَالْوَفَيَاتِ وَالْمَسَانِيدِ كَانَ فِي أَوَّلِ دَرَجَاتِ الْمُحَدِّثِينَ، ثُمَّ يَزِيدُ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ مَا يَشَاءُ. وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْهُ: وَمِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ طَائِفَةٌ طَلَبَتِ الْحَدِيثَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 35 وَجَعَلَتْ دَأْبَهَا السَّمَاعَ عَلَى الْمَشَايِخِ وَمَعْرِفَةَ الْعَالِي مِنَ الْمَسْمُوعِ وَالنَّازِلِ. وَهَؤُلَاءِ هُمُ الْمُحَدِّثُونَ عَلَى الْحَقِيقَةِ، إِلَّا أَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ يُجْهِدُ نَفْسَهُ فِي تَهَجِّي الْأَسْمَاءِ وَالْمُتُونِ وَكَثْرَةِ السَّمَاعِ مِنْ غَيْرِ فَهْمٍ لِمَا يَقْرَؤُهُ، وَلَا تَتَعَلَّقُ فِكْرَتُهُ بِأَكْثَرَ مِنْ أَنِّي حَصَّلْتُ جُزْءَ ابْنِ عَرَفَةَ عَنْ سَبْعِينَ شَيْخًا، وَجُزْءَ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ كَذَا كَذَا شَيْخًا. [وَجُزْءَ ابْنِ الْفِيلِ] وَجُزْءَ الْبِطَاقَةِ، وَنُسْخَةَ أَبِي مُسْهِرٍ، وَأَنْحَاءَ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا كَانَ السَّلَفُ يَسْتَمِعُونَ فَيَقْرَءُونَ فَيَرْحَلُونَ فَيُفَسِّرُونَ، وَيَحْفَظُونَ فَيَعْمَلُونَ، وَرَأَيْتُ مِنْ كَلَامِ شَيْخِنَا الذَّهَبِيِّ فِي وَصِيَّةٍ لِبَعْضِ الْمُحَدِّثِينَ فِي هَذِهِ الطَّائِفَةِ: مَا حَظُّ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ إِلَّا أَنْ يَسْمَعَ لِيَرْوِيَ فَقَطْ، فَلَيُعَاقَبَنَّ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ وَلَيُشْهِرَنَّهُ اللَّهُ بَعْدَ سَتْرِهِ مَرَّاتٍ، وَلَيَبْقَيَنَّ مُضْغَةً فِي الْأَلْسُنِ، وَعِبْرَةً بَيْنَ الْمُحَدِّثِينَ ثُمَّ لَيَطْبَعَنَّ اللَّهُ عَلَى قَلْبِهِ؛ ثُمَّ قَالَ: فَهَلْ يَكُونُ طَالِبٌ مِنْ طُلَّابِ السُّنَّةِ يَتَهَاوَنُ بِالصَّلَوَاتِ أَوْ يَتَعَانَى تِلْكَ الْعَادَاتِ؟ وَأَنْحَسُ مِنْهُ مُحَدِّثٌ يَكْذِبُ فِي حَدِيثِهِ وَيَخْتَلِقُ الْفُشَارَ، فَإِنْ تَرَقَّتْ هِمَّتُهُ الْمُفْتَنَةُ إِلَى الْكَذِبِ فِي النَّقْلِ وَالتَّزْوِيرِ فِي الطِّبَاقِ فَقَدِ اسْتَرَاحَ، وَإِنْ تَعَانَى سَرِقَةَ الْأَجْزَاءِ وَكَشْطَ الْأَوْقَافِ فَهَذَا لِصٌّ بِسَمْتِ مُحَدِّثٍ، فَإِنْ كَمَّلَ نَفْسَهُ بِتَلَوُّطٍ أَوْ قِيَادَةٍ، فَقَدْ تَمَّتْ لَهُ الْإِفَادَةُ، وَإِنِ اسْتُعْمِلَ فِي الْعُلُومِ فَقَدِ ازْدَادَ مَهَانَةً وَخَبْطًا، إِلَى أَنْ قَالَ: فَهَلْ فِي مِثْلِ هَذَا الضَّرْبِ خَيْرٌ؟ لَا أَكْثَرَ اللَّهُ مِنْهُمْ. اهـ. وَلِبَعْضِهِمْ: إِنَّ الَّذِي يَرْوِي وَلَكِنَّهُ ... يَجْهَلُ مَا يَرْوِي وَمَا يَكْتُبُ كَصَخْرَةٍ تَنْبُعُ أَمْوَاهُهَا ... تَسْقِي الْأَرَاضِيَ وَهِيَ لَا تَشْرَبُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 36 وَقَالَ بَعْضُ الظُّرَفَاءِ فِي الْوَاحِدِ مِنْ هَذِهِ الطَّائِفَةِ: إِنَّ قَلِيلَ الْمَعْرِفَةِ وَالْمَخْبَرَةْ ... يَمْشِي وَمَعَهُ أَوْرَاقٌ وَمَحْبَرَةْ مَعَهُ أَجْزَاءُ يَدُورُ بِهَا عَلَى شَيْخٍ وَعَجُوزْ ... لَا يَعْرِفُ مَا يَجُوزُ مِمَّا لَا يَجُوزْ وَمُحَدِّثٌ قَدْ صَارَ غَايَةَ عِلْمِهِ ... أَجْزَاءُ يَرْوِيهَا عَنِ الدِّمْيَاطِي وَفُلَانَةُ تَرْوِي حَدِيثًا عَالِيًا ... وَفُلَانٌ يَرْوِي ذَاكَ عَنْ أَسْبَاطِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ غَرِيبِهِمْ وَعَزِيزِهِمْ ... وَأَفْصَحُ عَنِ الْخَيَّاطِ وَالْحَنَّاطِ وَابْنُ فُلَانٍ مَا اسْمُهُ وَمَنِ الَّذِي ... بَيْنَ الْأَنَامِ مُلَقَّبٌ بِسُنَاطِ وَعُلُومُ دِينِ اللَّهِ نَادَتْ جَهْرَةً ... هَذَا زَمَانٌ فِيهِ طَيُّ بِسَاطِي وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ السُّبْكِيُّ: إِنَّهُ سَأَلَ الْحَافِظَ جَمَالَ الدِّينِ الْمِزِّيَّ عَنْ حَدِّ الْحِفْظِ الَّذِي إِذَا انْتَهَى إِلَيْهِ الرَّجُلُ جَازَ أَنْ يُطْلَقَ عَلَيْهِ الْحَافِظُ؟ قَالَ: يُرْجَعُ إِلَى أَهْلِ الْعُرْفِ، فَقُلْتُ: وَأَيْنَ أَهْلُ الْعُرْفِ؟ قَلِيلٌ جِدًّا، قَالَ: أَقَلُّ مَا يَكُونُ أَنْ يَكُونَ الرِّجَالُ الَّذِينَ يَعْرِفُهُمْ وَيَعْرِفُ تَرَاجِمَهُمْ وَأَحْوَالَهُمْ وَبُلْدَانَهُمْ أَكْثَرَ مِنَ الَّذِينَ لَا يَعْرِفُهُمْ، لِيَكُونَ الْحُكْمُ لِلْغَالِبِ، فَقُلْتُ لَهُ هَذَا عَزِيزٌ فِي هَذَا الزَّمَانِ، أَدْرَكْتَ أَنْتَ أَحَدًا كَذَلِكَ؟ فَقَالَ: مَا رَأَيْنَا مِثْلَ الشَّيْخِ شَرَفِ الدِّينِ الدِّمْيَاطِيِّ، ثُمَّ قَالَ: وَابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ كَانَ لَهُ فِي هَذَا مُشَارَكَةٌ جَيِّدَةٌ، وَلَكِنْ أَيْنَ الثَّرَى مِنَ الثُّرَى، فَقُلْتُ: كَانَ يَصِلُ إِلَى هَذَا الْحَدِّ؟ قَالَ: مَا هُوَ إِلَّا كَانَ يُشَارِكُ مُشَارَكَةً جَيِّدَةً فِي هَذَا، أَعْنِي فِي الْأَسَانِيدِ، وَكَانَ فِي الْمُتُونِ أَكْثَرَ لِأَجْلِ الْفِقْهِ وَالْأُصُولِ. وَقَالَ الشَّيْخُ فَتْحُ الدِّينِ بْنُ سَيِّدِ النَّاسِ: وَأَمَّا الْمُحَدِّثُ فِي عَصْرِنَا فَهُوَ: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 37 مَنِ اشْتَغَلَ بِالْحَدِيثِ رِوَايَةً وَدِرَايَةً، وَجَمَعَ رُوَاةً، وَاطَّلَعَ عَلَى كَثِيرٍ مِنَ الرُّوَاةِ وَالرِّوَايَاتِ فِي عَصْرِهِ، (وَتَمَيَّزَ فِي ذَلِكَ حَتَّى عُرِفَ فِيهِ حِفْظُهُ) وَاشْتُهِرَ فِيهِ ضَبْطُهُ، فَإِنْ تَوَسَّعَ فِي ذَلِكَ حَتَّى عَرَفَ شُيُوخَهُ، وَشُيُوخَ شُيُوخِهِ، طَبَقَةً بَعْدَ طَبَقَةٍ، بِحَيْثُ يَكُونُ مَا يَعْرِفُهُ مِنْ كُلِّ طَبَقَةٍ أَكْثَرَ مِمَّا يَجْهَلُهُ مِنْهَا فَهَذَا هُوَ الْحَافِظُ، وَأَمَّا مَا يُحْكَى عَنْ بَعْضِ الْمُتَقَدِّمِينَ مِنْ قَوْلِهِمْ: كُنَّا لَا نَعُدُّ صَاحِبَ حَدِيثٍ مَنْ لَمْ يَكْتُبْ عِشْرِينَ أَلْفَ حَدِيثٍ فِي الْإِمْلَاءِ، فَذَلِكَ بِحَسَبِ أَزْمِنَتِهِمْ. انْتَهَى. وَسَأَلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَبُو الْفَضْلِ بْنُ حَجَرٍ شَيْخَهُ أَبَا الْفَضْلِ الْعِرَاقِيَّ فَقَالَ: مَا يَقُولُ سَيِّدِي فِي الْحَدِّ الَّذِي إِذَا بَلَغَهُ الطَّالِبُ فِي هَذَا الزَّمَانِ اسْتَحَقَّ أَنْ يُسَمَّى حَافِظًا؟ وَهَلْ يُتَسَامَحُ بِنَقْصِ بَعْضِ الْأَوْصَافِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمِزِّيُّ وَأَبُو الْفَتْحِ فِي ذَلِكَ لِنَقْصِ زَمَانِهِ أَمْ لَا؟ فَأَجَابَ: الِاجْتِهَادُ فِي ذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ غَلَبَةِ الظَّنِّ فِي وَقْتٍ بِبُلُوغِ بَعْضِهِمْ لِلْحِفْظِ وَغَلَبَتِهِ فِي وَقْتٍ آخَرَ، وَبِاخْتِلَافِ مَنْ يَكُونُ كَثِيرَ الْمُخَالَطَةِ لِلَّذِي يَصِفُهُ بِذَلِكَ. وَكَلَامُ الْمِزِّيُّ فِيهِ ضَيِّقٌ، بِحَيْثُ لَمْ يُسَمِّ مِمَّنْ رَآهُ بِهَذَا الْوَصْفِ إِلَّا الدِّمْيَاطِيَّ، وَأَمَّا كَلَامُ أَبِي الْفَتْحِ فَهُوَ أَسْهَلُ، بِأَنْ يَنْشَطَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 38 بَعْدَ مَعْرِفَةِ شُيُوخِهِ إِلَى شُيُوخِ شُيُوخِهِ، وَمَا فَوْقُ، وَلَا شَكَّ أَنَّ جَمَاعَةً مِنَ الْحُفَّاظِ الْمُتَقَدِّمِينَ كَانَ شُيُوخُهُمُ التَّابِعِينَ أَوْ أَتْبَاعَ التَّابِعِينَ، وَشُيُوخُ شُيُوخِهِمُ الصَّحَابَةَ أَوِ التَّابِعِينَ، فَكَانَ الْأَمْرُ فِي هَذَا الزَّمَانِ أَسْهَلَ بِاعْتِبَارِ تَأَخُّرِ الزَّمَانِ، فَإِنِ اكْتَفَى بِكَوْنِ الْحَافِظِ يَعْرِفُ شُيُوخَهُ وَشُيُوخَ شُيُوخِهِ، أَوْ طَبَقَةً أُخْرَى، فَهُوَ سَهْلٌ لِمَنْ جَعَلَ فَنَّهُ ذَلِكَ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ حِفْظِ الْمُتُونِ وَالْأَسَانِيدِ، وَمَعْرِفَةِ أَنْوَاعِ عُلُومِ الْحَدِيثِ كُلِّهَا، وَمَعْرِفَةِ الصَّحِيحِ مِنَ السَّقِيمِ، وَالْمَعْمُولِ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ، وَاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ وَاسْتِنْبَاطِ الْأَحْكَامِ فَهُوَ أَمْرٌ مُمْكِنٌ بِخِلَافِ مَا ذُكِرَ مِنْ جَمِيعِ مَا ذُكِرَ، فَإِنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَى فَرَاغٍ وَطُولِ عُمُرٍ، وَانْتِفَاءِ الْمَوَانِعِ. وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: لَا يُولَدُ الْحَافِظُ إِلَّا فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ سَنَةً. فَإِنْ صَحَّ كَانَ الْمُرَادُ رُتْبَةَ الْكَمَالِ فِي الْحِفْظِ وَالْإِتْقَانِ، وَإِنْ وُجِدَ فِي زَمَانِهِ مَنْ يُوصَفُ بِالْحِفْظِ. وَكَمْ مِنْ حَافِظٍ غَيْرُهُ أَحْفَظُ مِنْهُ. انْتَهَى. وَمِنْ أَلْفَاظِ النَّاسِ فِي مَعْنَى الْحِفْظِ، قَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ: الْحِفْظُ: الْإِتْقَانُ، وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: الْإِتْقَانُ أَكْثَرُ مِنْ حِفْظِ السَّرْدِ، وَقَالَ غَيْرُهُ: الْحِفْظُ: الْمَعْرِفَةُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 39 قَالَ عَبْدُ الْمُؤْمِنِ بْنُ خَلَفٍ النَّسَفِيُّ: سَأَلْتُ أَبَا عَلِيٍّ صَالِحَ بْنَ مُحَمَّدٍ قُلْتُ: يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ هَلْ يَحْفَظُ؟ قَالَ: لَا، إِنَّمَا كَانَ عِنْدَهُ مَعْرِفَةٌ، قَالَ: قُلْتُ: فَعَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ كَانَ يَحْفَظُ؟ قَالَ: نَعَمْ وَيَعْرِفُ. انْتَهَى. وَمِمَّا رُوِيَ فِي قَدْرِ حِفْظِ الْحُفَّاظِ، قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: انْتَقَيْتُ الْمُسْنَدَ مِنْ سَبْعِمِائَةِ أَلْفِ حَدِيثٍ وَخَمْسِينَ أَلْفَ حَدِيثٍ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ: كَانَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يَحْفَظُ أَلْفَ أَلْفِ حَدِيثٍ، قِيلَ لَهُ: وَمَا يُدْرِيكَ؟ قَالَ: ذَاكَرْتُهُ فَأَخَذْتُ عَلَيْهِ الْأَبْوَابَ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: كَتَبْتُ بِيَدِي أَلْفَ أَلْفِ حَدِيثٍ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: أَحْفَظُ مِائَةَ أَلْفِ حَدِيثٍ صَحِيحٍ، وَمِائَتَيْ أَلْفِ حَدِيثٍ غَيْرِ صَحِيحٍ. وَقَالَ مُسْلِمٌ: صَنَّفْتُ هَذَا الْمُسْنَدَ الصَّحِيحَ مِنْ ثَلَاثِمِائَةِ أَلْفِ حَدِيثٍ مَسْمُوعَةٍ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 40 وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: كَتَبْتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمْسَمِائَةِ أَلْفِ حَدِيثٍ، انْتَخَبْتُ مِنْهَا مَا ضَمَّنْتُهُ كِتَابَ السُّنَنِ. وَقَالَ الْحَاكِمُ فِي الْمَدْخَلِ: كَانَ الْوَاحِدُ مِنَ الْحُفَّاظِ يَحْفَظُ خَمْسَمِائَةِ أَلْفِ حَدِيثٍ، سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ الرَّازِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ بْنَ وَارَةَ يَقُولُ: كُنْتُ عِنْدَ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بِنَيْسَابُورَ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ: صَحَّ مِنَ الْحَدِيثِ سَبْعُمِائَةِ أَلْفٍ وَكَسْرٌ، وَهَذَا الْفَتَى، يَعْنِي أَبَا زُرْعَةَ، قَدْ حَفِظَ سَبْعَمِائَةِ أَلْفٍ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: أَرَادَ مَا صَحَّ مِنَ الْأَحَادِيثِ، وَأَقَاوِيلِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ. وَقَالَ غَيْرُهُ: سُئِلَ أَبُو زُرْعَةَ عَنْ رَجُلٍ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّ أَبَا زُرْعَةَ يَحْفَظُ مِائَتَيْ أَلْفِ حَدِيثٍ، هَلْ يَحْنَثُ؟ قَالَ: لَا، ثُمَّ قَالَ: أَحْفَظُ مِائَةَ أَلْفِ حَدِيثٍ كَمَا يَحْفَظُ الْإِنْسَانُ سُورَةَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ؛ وَفِي الْمُذَاكَرَةِ ثَلَاثَمِائَةِ أَلْفِ حَدِيثٍ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الرَّازِيُّ الْحَافِظُ: كَانَ أَبُو زُرْعَةَ يَحْفَظُ سَبْعَمِائَةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 41 أَلْفِ حَدِيثٍ، وَكَانَ يَحْفَظُ مِائَةً وَأَرْبَعِينَ أَلْفًا فِي التَّفْسِيرِ وَالْقِرَاءَاتِ. قَالَ الْحَاكِمُ: وَسَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ أَبِي دَارِمٍ الْحَافِظَ بِالْكُوفَةِ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا الْعَبَّاسِ أَحْمَدَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ يَقُولُ: أَحْفَظُ لِأَهْلِ الْبَيْتِ ثَلَاثَمِائَةِ أَلْفِ حَدِيثٍ، قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ يَقُولُ: كَتَبْتُ بِأَصَابِعِي عَنْ مُطَيَّنٍ مِائَةَ أَلْفِ حَدِيثٍ. وَسَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ الْمُزَنِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ ابْنَ خُزَيْمَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ خَشْرَمٍ يَقُولُ: كَانَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ يُمْلِي سَبْعِينَ أَلْفَ حَدِيثٍ حِفْظًا. وَأَسْنَدَ ابْنُ عَدِيٍّ عَنِ ابْنِ شُبْرُمَةَ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: مَا كَتَبْتُ سَوْدَاءَ فِي بَيْضَاءَ إِلَى يَوْمِي هَذَا، وَلَا حَدَّثَنِي رَجُلٌ بِحَدِيثٍ قَطُّ إِلَّا حَفِظْتُهُ، فَحَدَّثْتُ بِهَذَا الْحَدِيثِ إِسْحَاقَ بْنَ رَاهَوَيْهِ فَقَالَ: تَعْجَبُ مِنْ هَذَا؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ مَا كُنْتُ لِأَسْمَعَ شَيْئًا إِلَّا حَفِظْتُهُ، وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى سَبْعِينَ أَلْفَ حَدِيثٍ، أَوْ قَالَ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ أَلْفَ حَدِيثٍ فِي كُتُبِي. وَأَسْنَدَ عَنْ أَبِي دَاوُدَ الْخَفَّافِ قَالَ: سَمِعْتُ إِسْحَاقَ بْنَ رَاهَوَيْهِ يَقُولُ: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى مِائَةِ أَلْفِ حَدِيثٍ فِي كُتُبِي، وَثَلَاثِينَ أَلْفًا أَسْرُدُهَا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 42 وَأَسْنَدَ الْخَطِيبُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ خَالِدٍ قَالَ: سَمِعْتُ إِسْحَاقَ بْنَ رَاهَوَيْهِ يَقُولُ: أَعْرِفُ مَكَانَ مِائَةِ أَلْفِ حَدِيثٍ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهَا، وَأَحْفَظُ سَبْعِينَ أَلْفَ حَدِيثٍ عَنْ ظَهْرِ قَلْبِي، وَأَحْفَظُ أَرْبَعَةَ آلَافِ حَدِيثٍ مُزَوَّرَةً. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: قَالَ أَبِي لِدَاوُدَ بْنِ عَمْرٍو الضَّبِّيِّ وَأَنَا أَسْمَعُ: كَانَ يُحَدِّثُكُمْ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ بِحِفْظِهِ؟ قَالَ نَعَمْ، مَا رَأَيْتُ مَعَهُ كِتَابًا قَطُّ، قَالَ لَهُ لَقَدْ كَانَ حَافِظًا؟ كَمْ كَانَ يَحْفَظُ؟ قَالَ شَيْئًا كَثِيرًا، قَالَ: أَكَانَ يَحْفَظُ عَشَرَةَ آلَافٍ؟ قَالَ: عَشَرَةَ آلَافٍ وَعَشَرَةَ آلَافٍ وَعَشَرَةَ آلَافٍ، فَقَالَ أَبِي: هَذَا كَانَ مِثْلَ وَكِيعٍ. وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: أَحْفَظُ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ أَلْفَ حَدِيثٍ بِإِسْنَادِهِ وَلَا فَخْرَ، وَأَحْفَظُ لِلشَّامِيِّينَ عِشْرِينَ أَلْفَ حَدِيثٍ. وَقَالَ يَعْقُوبُ الدَّوْرَقِيُّ: كَانَ عِنْدَ هُشَيْمٍ عِشْرُونَ أَلْفَ حَدِيثٍ. وَقَالَ الْآجُرِيُّ: كَانَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ يَحْفَظُ عَشَرَةَ آلَافِ حَدِيثٍ. [الفائدة الثَّالثةُ أول من صنف في الاصطلاح] الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: مِنْ أَوَّلِ مَنْ صَنَّفَ فِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 43 الِاصْطِلَاحِ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ الرَّامَهُرْمُزِيُّ، فَعَمِلَ كِتَابَهُ " الْمُحَدِّثَ الْفَاصِلَ " لَكِنَّهُ لَمْ يَسْتَوْعِبْ، وَالْحَاكِمُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ النَّيْسَابُورِيُّ لَكِنَّهُ لَمْ يُهَذَّبْ وَلَمْ يُرَتَّبْ، وَتَلَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ الْأَصْبَهَانِيُّ، فَعَمِلَ عَلَى كِتَابِهِ مُسْتَخْرَجًا، وَأَبْقَى فِيهِ أَشْيَاءَ لِلْمُتَعَقِّبِ، ثُمَّ جَاءَ بَعْدَهُمُ الْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ فَعَمِلَ فِي قَوَانِينِ الرِّوَايَةِ كِتَابًا سَمَّاهُ: " الْكِفَايَةَ " وَفِي آدَابِهَا كِتَابًا سَمَّاهُ: " الْجَامِعَ لِآدَابِ الشَّيْخِ وَالسَّامِعِ "، وَقَلَّ فَنٌّ مِنْ فُنُونِ الْحَدِيثِ إِلَّا وَقَدْ صَنَّفَ فِيهِ كِتَابًا مُفْرَدًا، فَكَانَ كَمَا قَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرِ بْنُ نُقْطَةَ: كُلُّ مَنْ أَنْصَفَ عَلِمَ أَنَّ الْمُحَدِّثِينَ بَعْدَهُ عِيَالٌ عَلَى كُتُبِهِ، ثُمَّ جَمَعَ مِمَّنْ تَأَخَّرَ عَنْهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ كِتَابَهُ " الْإِلْمَاعَ "، وَأَبُو حَفْصٍ الْمَيَانَجِيُّ جُزْءَ " مَا لَا يَسَعُ الْمُحَدِّثَ جَهْلُهُ " وَغَيْرَ ذَلِكَ. إِلَى أَنْ جَاءَ الْحَافِظُ الْإِمَامُ تَقِيُّ الدِّينِ أَبُو عَمْرٍو عُثْمَانُ بْنُ الصَّلَاحِ الشَّهْرُزُورِيُّ نَزِيلُ دِمَشْقَ فَجَمَعَ لَمَّا وَلِيَ تَدْرِيسَ الْحَدِيثِ بِالْمَدْرَسَةِ الْأَشْرَفِيَّةِ كِتَابَهُ الْمَشْهُورَ، فَهَذَّبَ فُنُونَهُ وَأَمْلَاهُ شَيْئًا فَشَيْئًا، وَاعْتَنَى بِتَصَانِيفِ الْخَطِيبِ الْمُفَرَّقَةِ فَجَمَعَ شَتَاتَ مَقَاصِدِهَا، وَضَمَّ إِلَيْهَا مِنْ غَيْرِهَا نُخَبَ فَوَائِدَ، فَاجْتَمَعَ فِي كِتَابِهِ مَا تَفَرَّقَ فِي غَيْرِهِ؛ فَلِهَذَا عَكَفَ النَّاسُ عَلَيْهِ، فَلَا يُحْصَى كَمْ نَاظِمٍ لَهُ، وَمُخْتَصِرٍ وَمُسْتَدْرِكٍ عَلَيْهِ، وَمُقْتَصِرٍ، وَمُعَارِضٍ لَهُ، وَمُنْتَصِرٍ. قَالَ: إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ تَرْتِيبُهُ عَلَى الْوَضْعِ الْمُنَاسِبِ: بِأَنْ يَذْكُرَ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَتْنِ وَحْدَهُ، وَمَا يَتَعَلَّقُ بِالسَّنَدِ وَحْدَهُ، وَمَا يَشْتَرِكَانِ فِيهِ مَعًا؛ وَمَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 44 يَخْتَصُّ بِكَيْفِيَّةِ التَّحَمُّلِ وَالْأَدَاءِ وَحْدَهُ، وَمَا يَخْتَصُّ بِصِفَاتِ الرُّوَاةِ وَحْدَهُ لِأَنَّهُ جَمَعَ مُتَفَرِّقَاتِ هَذَا الْفَنِّ مِنْ كُتُبٍ مُطَوَّلَةٍ فِي هَذَا الْحَجْمِ اللَّطِيفِ، وَرَأَى أَنَّ تَحْصِيلَهُ وَإِلْقَاءَهُ إِلَى طَالِبِيهِ أَهَمُّ مِنْ تَأْخِيرِ ذَلِكَ، إِلَى أَنْ تَحْصُلَ الْعِنَايَةُ التَّامَّةُ بِحُسْنِ تَرْتِيبِهِ. وَقَدْ تَبِعَهُ عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمُ الْمُصَنِّفُ وَابْنُ كَثِيرٍ وَالْعِرَاقِيُّ وَالْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ جَمَاعَةٌ، كَابْنِ جَمَاعَةَ وَالتَّبْرِيزِيِّ وَالطِّيبِيِّ وَالزَّرْكَشِيِّ. [الفائدة الرَّابِعَةُ أَنْوَاعَ عُلُومِ الْحَدِيثِ كَثِيرَةٌ لَا تُعَدُّ] الرَّابِعَةُ: اعْلَمْ أَنَّ أَنْوَاعَ عُلُومِ الْحَدِيثِ كَثِيرَةٌ لَا تُعَدُّ، قَالَ الْحَازِمِيُّ فِي كِتَابِ " الْعُجَالَةِ ": عِلْمُ الْحَدِيثِ يَشْتَمِلُ عَلَى أَنْوَاعٍ كَثِيرَةٍ تَبْلُغُ مِائَةً، كُلُّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 45 نَوْعٍ مِنْهَا عِلْمٌ مُسْتَقِلٌّ لَوْ أَنْفَقَ الطَّالِبُ فِيهِ عُمُرَهُ لَمَا أَدْرَكَ نِهَايَتَهُ. وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ الصَّلَاحِ مِنْهَا - وَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ - خَمْسَةً وَسِتِّينَ، وَقَالَ: وَلَيْسَ ذَلِكَ بِآخِرِ الْمُمْكِنِ فِي ذَلِكَ، فَإِنَّهُ قَابِلٌ لِلتَّنْوِيعِ إِلَى مَا لَا يُحْصَى إِذْ لَا تُحْصَى أَحْوَالُ رُوَاةِ الْحَدِيثِ، وَصِفَاتُهُمْ، وَأَحْوَالُ مُتُونِ الْحَدِيثِ، وَصِفَاتُهَا، وَمَا مِنْ حَالَةٍ مِنْهَا وَلَا صِفَةٍ إِلَّا وَهِيَ بِصَدَدِ أَنَّ تُفْرَدَ بِالذِّكْرِ وَأَهْلُهَا، فَإِذَا هِيَ نَوْعٌ عَلَى حِيَالِهِ. اهـ. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: وَقَدْ أَخَلَّ بِأَنْوَاعٍ مُسْتَعْمَلَةٍ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ: مِنْهَا الْقَوِيُّ وَالْجَيِّدُ وَالْمَعْرُوفُ وَالْمَحْفُوظُ وَالْمُجَوَّدُ وَالثَّابِتُ وَالصَّالِحُ. وَمِنْهَا فِي صِفَاتِ الرُّوَاةِ أَشْيَاءُ كَثِيرَةٌ، كَمَنِ اتَّفَقَ اسْمُ شَيْخِهِ وَالرَّاوِي عَنْهُ، وَكَمَنِ اتَّفَقَ اسْمُهُ وَاسْمُ شَيْخِهِ وَشَيْخِ شَيْخِهِ أَوِ اسْمُهُ وَاسْمُ أَبِيهِ وَجَدِّهِ، أَوِ اتَّفَقَ اسْمُهُ وَكُنْيَتُهُ، وَغَيْرُ ذَلِكَ. وَاسْتَدْرَكَ الْبُلْقِينِيُّ فِي مَحَاسِنِ الِاصْطِلَاحِ خَمْسَةَ أَنْوَاعٍ أُخَرَ غَيْرَ مَا ذُكِرَ، وَسَيَأْتِي إِلْحَاقُ كُلِّ ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ الصَّلَاحِ أَيْضًا أَحْكَامَ أَنْوَاعٍ فِي ضِمْنِ نَوْعٍ مَعَ إِمْكَانِ إِفْرَادِهَا بِالذِّكْرِ، كَذِكْرِهِ فِي نَوْعِ الْمُعْضَلِ أَحْكَامَ الْمُعَلَّقِ وَالْمُعَنْعَنِ، وَهُمَا نَوْعَانِ مُسْتَقِلَّانِ أَفْرَدَهُمَا ابْنُ جَمَاعَةَ، وَذَكَرَ الْغَرِيبَ وَالْعَزِيزَ وَالْمَشْهُورَ وَالْمُتَوَاتِرَ فِي نَوْعٍ وَاحِدٍ، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 46 وَهِيَ أَرْبَعَةٌ، وَوَقَعَ لَهُ عَكْسُ ذَلِكَ، وَهُوَ تَعَدُّدُ أَنْوَاعٍ وَهِيَ مُتَّحِدَةٌ، وَالْمُصَنِّفُ تَابِعٌ لَهُ فِي كُلِّ ذَلِكَ، وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَهَذَا حِينَ الشُّرُوعِ فِي الْمَقْصُودِ بِعَوْنِ الْمَلِكِ الْمَعْبُودِ. فَأَقُولُ: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 47 [مقدمة النووي] [الروايات الواردة في الابتداء بالبسملة] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ   [تدريب الراوي] أَخْبَرَنِي شَيْخُنَا شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ قَاضِي الْقُضَاةِ عَلَمُ الدِّينِ صَالِحُ بْنُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ سِرَاجِ الدِّينِ عُمَرَ بْنِ رَسْلَانَ الْبُلْقِينِيُّ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ إِجَازَةً مِنْهُمْ، كُلُّهُمْ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَحْمَدَ التَّنُوخِيِّ، أَنَّ أَبَا الْحَسَنِ بْنَ الْعَطَّارِ الدِّمَشْقِيَّ أَخْبَرَهُ قَالَ: أَخْبَرَنِي شَيْخُ الْإِسْلَامِ الْحَافِظُ أَبُو زَكَرِيَّا النَّوَاوِيُّ قَالَ: (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ، أَيْ أَبْدَأُ امْتِثَالًا لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ لَا يُبْدَأُ فِيهِ بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فَهُوَ أَقْطَعُ» ، رَوَاهُ الرُّهَاوِيُّ فِي الْأَرْبَعِينَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَتَصْدِيرُ ال نَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُتُبَهُ بِهَا مَشْهُورٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 48 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَرَوَى الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي تَفْسِيرِهِ مِنْ طَرِيقِ جَعْفَرِ بْنِ مُسَافِرٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ الْمُبَارَكِ الصَّنْعَانِيِّ، عَنْ بِلَالِ بْنِ وَهْبٍ الْجَنَدِيِّ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فَقَالَ: «هُوَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ، وَمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اسْمِ اللَّهِ الْأَكْبَرِ إِلَّا كَمَا بَيْنَ سَوَادِ الْعَيْنِ وَبَيَاضِهَا مِنَ الْقُرْبِ» . قَالَ الْحَاكِمُ: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ. وَرَوَى ابْنُ مَرْدَوَيْهِ فِي تَفْسِيرِهِ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْكَبِيرِ بْنِ الْمُعَافَى بْنِ عِمْرَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ ذَرٍّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: «لَمَّا نَزَلَتْ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ هَرَبَ الْغَيْمُ إِلَى الْمَشْرِقِ، وَسَكَنَتِ الرِّيَاحُ، وَهَاجَ الْبَحْرُ، وَأَصْغَتِ الْبَهَائِمُ بِآذَانِهَا، وَرُجِمَتِ الشَّيَاطِينُ، وَحَلَفَ اللَّهُ بِعِزَّتِهِ وَجَلَالِهِ أَنْ لَا يُسَمَّى اسْمُهُ عَلَى شَيْءٍ إِلَّا بَارَكَ فِيهِ» . وَرَوَى ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ فِي تَفْسِيرَيْهِمَا وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ مِنْ طَرِيقِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ يَحْيَى عَنْ مِسْعَرٍ عَنْ عَطِيَّةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ مَرْفُوعًا: «أَنَّ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَسْلَمَتْهُ أُمُّهُ إِلَى الْكُتَّابِ لِتُعَلِّمَهُ، فَقَالَ لَهُ الْمُعَلِّمُ: اكْتُبْ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، قَالَ لَهُ عِيسَى: وَمَا بِاسْمِ اللَّهِ؟ قَالَ الْمُعَلِّمُ: لَا أَدْرِي، فَقَالَ لَهُ عِيسَى: الْبَاءُ بَهَاءُ اللَّهِ، وَالسِّينُ سَنَاؤُهُ وَالْمِيمُ مَمْلَكَتُهُ، وَاللَّهُ إِلَهُ الْآلِهَةِ، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 49 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَالرَّحْمَنُ رَحْمَانُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَالرَّحِيمُ رَحِيمُ الْآخِرَةِ» ، وَهَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ جِدًّا. قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ: وَقَدْ يَكُونُ صَحِيحًا مَوْقُوفًا أَوْ مِنَ الْإِسْرَائِيلِيَّاتِ لَا مِنَ الْمَرْفُوعَاتِ. وَرَوَى ابْنُ جَرِيرٍ مِنْ طَرِيقِ بِشْرِ بْنِ عُمَارَةَ عَنْ أَبِي رَوْقٍ عَنِ الضَّحَّاكِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: اللَّهُ ذُو الْأُلُوهِيَّةِ وَالْعُبُودِيَّةِ عَلَى خَلْقِهِ أَجْمَعِينَ، وَالرَّحْمَنُ - الْفَعْلَانُ - مِنَ الرَّحْمَةِ، وَالرَّحِيمُ الرَّفِيقُ بِمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَرْحَمَهُ، وَالْبَعِيدُ الشَّدِيدُ عَلَى مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُضْعِفَ عَلَيْهِ الْعَذَابَ، وَبِشْرٌ ضَعِيفٌ، وَالضَّحَّاكُ لَمْ يَسْمَعْ مِنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَأَسْنَدَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ الْعَرْزَمِيِّ قَالَ: الرَّحْمَنُ لِجَمِيعِ الْخَلْقِ، الرَّحِيمُ بِالْمُؤْمِنِينَ، وَأَسْنَدَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: اللَّهُ هُوَ الِاسْمُ الْأَعْظَمُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 50 الْحَمْدُ لِلَّهِ   [تدريب الراوي] وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} [مريم: 65] قَالَ: لَا أَحَدَ يُسَمَّى اللَّهَ. وَأَسْنَدَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ قَالَ: الرَّحْمَنُ اسْمٌ مَمْنُوعٌ، أَيْ لَا يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يَتَسَمَّى بِهِ. وَأَسْنَدَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ الْحَسَنِ أَيْضًا قَالَ: الرَّحِيمُ اسْمٌ لَا يَسْتَطِيعُ النَّاسُ أَنْ يَنْتَحِلُوهُ، تَسَمَّى بِهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى. وَبِهَذِهِ الْآثَارِ عَرَفْتَ مُنَاسَبَةَ جَمِيعِ هَذِهِ الْأَسْمَاءِ الثَّلَاثَةِ فِي الْبَسْمَلَةِ. [الروايات الواردة في الابتداء بالحمدلة] (الْحَمْدُ لِلَّهِ) رَوَى الْخَطَّابِيُّ فِي غَرِيبِهِ، وَالدَّيْلَمِيُّ فِي مُسْنَدِ الْفِرْدَوْسِ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الْأَدَبِ بِسَنَدٍ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ، لَكِنَّهُ مُنْقَطِعٌ، عَنِ ابْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْحَمْدُ رَأْسُ الشُّكْرِ، مَا شَكَرَ اللَّهَ عَبْدٌ لَا يَحْمَدُهُ» . وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ، عَنِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ قَالَ: «سُرِقَتْ نَاقَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجَدْعَاءُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَئِنْ رَدَّهَا اللَّهُ عَلَيَّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 51 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] لَأَشْكُرَنَّ رَبِّي، فَرُدَّتْ، فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ "، فَنَظَرُوا هَلْ يُحْدِثُ صَوْمًا أَوْ صَلَاةً؟ فَظَنُّوا أَنَّهُ نَسِيَ، فَقَالُوا لَهُ، قَالَ: " أَلَمْ أَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ؟» . وَرَوَى ابْنُ جَرِيرٍ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُمَيْرٍ، وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا قُلْتَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَقَدْ شَكَرْتَ اللَّهَ فَزَادَكَ» . وَأَسْنَدَ مِنْ طَرِيقِ الضَّحَّاكِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ هُوَ الشُّكْرُ لِلَّهِ، وَالِاسْتِخْذَاءُ لِلَّهِ وَالْإِقْرَارُ بِنِعْمَتِهِ، وَابْتِدَاؤُهُ وَغَيْرُ ذَلِكَ. وَأَسْنَدَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقٍ أَحْسَنَ مِنْهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ كَلِمَةُ الشُّكْرِ، فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ قَالَ: شَكَرَنِي عَبْدِي. وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ مَرْفُوعًا: «الْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَأُ الْمِيزَانَ» . وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَمْرٍو، وَرَجُلٍ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ. وَفِي صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ وَالتِّرْمِذِيِّ مِنْ حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: «أَفْضَلُ الذِّكْرِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَفْضَلُ الدُّعَاءِ الْحَمْدُ لِلَّهِ» . وَرَوَى ابْنُ حِبَّانَ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: «كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ لَا يُبْدَأُ فِيهِ بِحَمْدِ اللَّهِ فَهُوَ أَقْطَعُ» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 52 الْفَتَّاحِ الْمَنَّانِ، ذِي الطَّوْلِ وَالْفَضْلِ وَالْإِحْسَانِ، الَّذِي مَنَّ عَلَيْنَا بِالْإِيمَانِ، وَفَضَّلَ دِينَنَا عَلَى سَائِرِ الْأَدْيَانِ، وَمَحَا بِحَبِيبِهِ وَخَلِيلِهِ عَبْدِهِ وَرَسُوَلِهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِبَادَةَ الْأَوْثَانِ.   [تدريب الراوي] وَرَوَى أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ الْأَسْوَدِ بْنِ سَرِيعٍ مَرْفُوعًا: «إِنَّ رَبَّكَ يُحِبُّ الْحَمْدَ» . [تفسير الفتاح والمنان وبيان معنى العبودية والخلة] (الْفَتَّاحِ) صِيغَةُ مُبَالَغَةٍ مِنَ الْفَتْحِ بِمَعْنَى الْقَضَاءِ، قَالَ تَعَالَى: {رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ} [الأعراف: 89] . (الْمَنَّانِ) صِيغَةُ مُبَالَغَةٍ مِنَ الْمَنِّ، بِمَعْنَى الْكَثِيرِ الْإِنْعَامِ، وَسَيَأْتِي فِي النَّوْعِ الْخَامِسِ وَالْأَرْبَعِينَ فِي أَثَرٍ مُسَلْسَلٍ عَنْ عَلِيٍّ: أَنَّهُ الَّذِي يَبْدَأُ بِالنَّوَالِ قَبْلَ السُّؤَالِ. (ذِي الطَّوْلِ) كَمَا وَصَفَ تَعَالَى بِذَلِكَ نَفْسَهُ فِي كِتَابِهِ، وَفَسَّرَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ فِيمَا أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، بِذِي السَّعَةِ وَالْغِنَى. (وَالْفَضْلِ وَالْإِحْسَانِ الَّذِي مَنَّ عَلَيْنَا بِالْإِيمَانِ) بِأَنْ هَدَانَا إِلَيْهِ وَوَفَّقَنَا لَهُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 53 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] (وَفَضَّلَ دِينَنَا) وَهُوَ الْإِسْلَامُ (عَلَى سَائِرِ الْأَدْيَانِ) كَمَا وَرَدَتْ بِذَلِكَ الْأَحَادِيثُ الْمَشْهُورَةُ. (وَمَحَا بِحَبِيبِهِ وَخَلِيلِهِ عَبْدِهِ وَرَسُولِهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِبَادَةَ الْأَوْثَانِ) أَيِ الْأَصْنَامِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا كُفَّارُ الْجَاهِلِيَّةِ فِي زَمَنِ الْفَتْرَةِ بَعْدَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ هُنَا أَرْبَعَ صِفَاتٍ مِنْ أَشْرَفِ أَوْصَافِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَالْحَبِيبُ وَرَدَ فِي حَدِيثِ التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا: «أَلَا وَأَنَا حَبِيبُ اللَّهِ وَلَا فَخْرَ» . وَرَوَى أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنِّي أَبْرَأُ إِلَى كُلِّ خَلِيلٍ مِنْ خُلَّتِهِ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا، وَإِنَّ صَاحِبَكُمْ خَلِيلُ اللَّهِ» . وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي تَفْسِيرِ الْخُلَّةِ وَاشْتِقَاقِهَا، فَقِيلَ: الْخَلِيلُ الْمُنْقَطِعُ إِلَى اللَّهِ بِلَا مِرْيَةٍ، وَقِيلَ الْمُخْتَصُّ بِهِ، وَقِيلَ الصَّفِيُّ الَّذِي يُوَالِي فِيهِ وَيُعَادِي فِيهِ، وَقِيلَ الْمُحْتَاجُ إِلَيْهِ. وَأَصْلُ الْمَحَبَّةِ الْمَيْلُ، وَهِيَ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى تَمْكِينُهُ لِعَبْدِهِ مِنَ السَّعَادَةِ وَالْعِصْمَةِ، وَتَهْيِئَةُ أَسْبَابِ الْقُرْبِ، وَإِفَاضَةُ الرَّحْمَةِ عَلَيْهِ، وَكَشْفُ الْحُجُبِ عَنْ قَلْبِهِ، وَالْأَكْثَرُ عَنْ أَنَّ دَرَجَةَ الْمَحَبَّةِ أَرْفَعُ، وَقِيلَ بِالْعَكْسِ؛ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَفَى ثُبُوتَ الْخُلَّةِ لِغَيْرِ رَبِّهِ، وَأَثْبَتَ الْمَحَبَّةَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 54 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] لِفَاطِمَةَ وَابْنِهَا وَأُسَامَةَ وَغَيْرِهِمْ، وَقِيلَ هُمَا سَوَاءٌ، وَالْعَبْدُ: مِنْ أَشْرَفِ صِفَاتِ الْمَخْلُوقِ. أَسْنَدَ الْقُشَيْرِيُّ فِي رِسَالَتِهِ عَنِ الدَّقَّاقِ قَالَ: لَيْسَ شَيْءٌ أَشْرَفَ مِنَ الْعُبُودِيَّةِ، وَلَا اسْمٌ أَتَمَّ لِلْمُؤْمِنِ مِنْهَا، وَلِذَلِكَ قَالَ فِي صِفَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ - وَكَانَ أَشْرَفَ أَوْقَاتِهِ: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ} [الإسراء: 1] {فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ} [النجم: 10] ، وَلَوْ كَانَ اسْمٌ أَجَلَّ مِنَ الْعُبُودِيَّةِ لَسَمَّاهُ بِهِ. وَأَسْنَدَ عَنْهُ أَيْضًا قَالَ: الْعُبُودِيَّةُ أَتَمُّ مِنَ الْعِبَادَةِ، فَأَوَّلًا عِبَادَةٌ وَهِيَ لِلْعَوَامِّ، ثُمَّ عُبُودِيَّةٌ وَهِيَ لِلْخَوَاصِّ، ثُمَّ عُبُودِيَّةٌ وَهِيَ لِخَوَاصِّ الْخَوَاصِّ. وَفِي الْمُسْنَدِ وَغَيْرِهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: «أَنَّ مَلَكًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ؛ أَفَمَلِكًا نَبِيًّا يَجْعَلُكَ، أَوْ عَبْدًا رَسُولًا؟ فَقَالَ جِبْرِيلُ: تَوَاضَعْ لِرَبِّكَ، يَا مُحَمَّدُ، قَالَ: " بَلْ عَبْدًا رَسُولًا» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 55 وَخَصَّهُ بِالْمُعْجِزَةِ وَالسُّنَنِ الْمُسْتَمِرَّةِ عَلَى تَعَاقُبِ الْأَزْمَانِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى سَائِرِ النَّبِيِّينَ وَآلِ كُلٍّ مَا اخْتَلَفَ الْمَلَوَانِ، وَمَا تَكَرَّرَتْ حِكَمُهُ وَذِكْرُهُ، وَتَعَاقَبَ الْجَدِيدَانِ.   [تدريب الراوي] وَالْأَشْهَرُ فِي مَعْنَى الرَّسُولِ أَنَّهُ إِنْسَانٌ أُوحِيَ إِلَيْهِ بِشَرْعٍ وَأُمِرَ بِتَبْلِيغِهِ، فَإِنْ لَمْ يُؤْمَرْ فَنَبِيٌّ فَقَطْ، وَمِمَّنْ جَزَمَ بِهِ الْحَلِيمِيُّ، وَقِيلَ: وَكَانَ مَعَهُ كِتَابٌ، أَوْ نَسْخٌ لِبَعْضِ شَرْعِ مَنْ قَبْلَهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَنَبِيٌّ فَقَطْ وَإِنْ أُمِرَ بِالتَّبْلِيغِ، فَالنَّبِيُّ أَعَمُّ عَلَيْهِمَا، وَقِيلَ هُمَا بِمَعْنًى، وَهُوَ الْأَوْلَى. ثُمَّ الْأَكْثَرُ عَلَى أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْسَلٌ إِلَى الْإِنْسِ وَالْجِنِّ دُونَ الْمَلَائِكَةِ، صَرَّحَ بِذَلِكَ الْحَلِيمِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ وَالرَّازِيُّ وَالنَّسَفِيُّ فِي تَفْسِيرَيْهِمَا. وَنَقَلَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ، مِنْهُمُ الْحَافِظُ أَبُو الْفَضْلِ الْعِرَاقِيُّ فِي نُكَتِهِ عَلَى ابْنِ الصَّلَاحِ، وَالشَّيْخُ جَلَالُ الدِّينِ الْمَحَلِّيُّ فِي شَرْحِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ، وَاخْتَارَ الْبَارِزِيُّ وَالسُّبْكِيُّ أَنَّهُ مُرْسَلٌ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَيْضًا، وَهُوَ اخْتِيَارِي وَقَدْ أَلَّفْتُ فِيهِ كِتَابًا، وَأَمَّا الْكَلَامُ فِي شَرْحِ اسْمِهِ مُحَمَّدٍ فَقَدْ بَسَطْنَاهُ فِي شَرْحِ الْأَسْمَاءِ النَّبَوِيَّةِ. [إدخاله في الصلاة سائر الأنبياء ومن هم آل النبي] (وَخَصَّهُ بِالْمُعْجِزَةِ) الْمُسْتَمِرَّةِ، أَيِ الْقُرْآنِ (وَالسُّنَنِ الْمُسْتَمِرَّةِ عَلَى تَعَاقُبِ الْأَزْمَانِ) فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا قَدْ أُعْطِيَ مِنَ الْآيَاتِ مَا مِثْلُهُ آمَنَ عَلَيْهِ الْبَشَرُ، وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِي أُوتِيتُ وَحْيًا أَوْحَاهُ اللَّهُ إِلَيَّ، فَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَكْثَرَهُمْ تَبَعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ» . أَيِ اخْتَصَصْتُهُ مِنْ بَيْنِهِمْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 56 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] بِالْقُرْآنِ الْمُعْجِزِ لِلْبَشَرِ، الْمُسْتَمِرِّ إِعْجَازُهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، بِخِلَافِ سَائِرِ الْمُعْجِزَاتِ فَإِنَّهَا انْقَضَتْ فِي وَقْتِهَا. (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ) وَسَلَّمَ (وَعَلَى سَائِرِ النَّبِيِّينَ وَآلِ كُلٍّ مَا اخْتَلَفَ الْمَلَوَانِ) أَيِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ، قَالَهُ فِي الصِّحَاحِ، يُقَالُ: لَا أَفْعَلُهُ مَا اخْتَلَفَ الْمَلَوَانِ، الْوَاحِدُ مَلًا بِالْقْصَرِ (وَمَا تَكَرَّرَتْ حِكَمُهُ وَذِكْرُهُ وَتَعَاقَبَ الْجَدِيدَانِ) أَيِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ أَيْضًا قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: إِنَّ الْجَدِيدَيْنِ إِذَا مَا اسْتَوْلَيَا ... عَلَى جَدِيدٍ أَدْنَيَاهُ لِلْبِلَى وَقِيلَ: هُمَا الْغَدَاةُ وَالْعَشِيُّ. وَأَدْخَلَ الْمُصَنِّفُ فِي الصَّلَاةِ سَائِرَ النَّبِيِّينَ، لِحَدِيثِ: «صَلُّوا عَلَى أَنْبِيَاءِ اللَّهِ وَرُسُلِهِ فَإِنَّهُمْ بُعِثُوا كَمَا بُعِثْتُ» . أَخْرَجَهُ الْخَطِيبُ وَغَيْرُهُ. وَآلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ: أَقَارِبُهُ الْمُؤْمِنُونَ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ وَالْمُطَّلِبِ، لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ فِي الصَّدَقَةِ: «إِنَّهَا لَا تَحِلُّ لِمُحَمَّدٍ وَلَا لِآلِ مُحَمَّدٍ» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 57 " أَمَّا بَعْدُ " فَإِنَّ عِلْمَ الْحَدِيثِ مِنْ أَفْضَلِ الْقُرَبِ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَكَيْفَ لَا يَكُونُ وَهُوَ بَيَانُ طَرِيقِ خَيْرِ الْخَلْقِ وَأَكْرَمِ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ؟ وَهَذَا كِتَابٌ اخْتَصَرْتُهُ مِنْ كِتَابِ " الْإِرْشَادِ " الَّذِي اخْتَصَرْتُهُ مِنْ عُلُومِ الْحَدِيثِ لِلشَّيْخِ الْإِمَامِ الْحَافِظِ الْمُتْقِنِ أَبِي عَمْرٍو عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَعْرُوفِ بِابْنِ الصَّلَاحِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أُبَالِغُ فِيهِ فِي الِاخْتِصَارِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ غَيْرِ إِخْلَالٍ بِالْمَقْصُودِ، وَأَحْرِصُ عَلَى إِيضَاحِ الْعِبَارَةِ، وَعَلَى اللَّهِ الْكَرِيمِ الِاعْتِمَادُ، وَإِلَيْهِ التَّفْوِيضُ وَالِاسْتِنَادُ.   [تدريب الراوي] وَقَالَ فِي حَدِيثٍ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ: «إِنَّ لَكُمْ فِي خُمْسِ الْخُمْسِ مَا يَكْفِيكُمْ أَوْ يُغْنِيكُمْ» . وَقَدْ قَسَّمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْخُمْسَ عَلَى بَنِي هَاشِمٍ وَالْمُطَّلِبِ تَارِكًا أَخَوَيْهِمْ بَنِي نَوْفَلٍ وَعَبْدِ شَمْسٍ مَعَ سُؤَالِهِمْ لَهُ كَمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. فَآلُ إِبْرَاهِيمَ: إِسْمَاعِيلُ وَإِسْحَاقُ وَأَوْلَادُهُمَا، وَيُقَاسُ بِذَلِكَ آلُ الْبَاقِينَ. وَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ عَنِ السُّنَّةِ بِالْحِكَمِ، أَخْذًا مِنْ تَفْسِيرِ الْحِكْمَةِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {يَعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} [البقرة: 129] ، وَقَوْلِهِ: {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ} [الأحزاب: 34] بِالسُّنَّةِ. قَالَ ذَلِكَ قَتَادَةُ وَالْحَسَنُ وَغَيْرُهُمَا. [ورود أما بعد في خطب النبي وبيان منهجه في الكتاب] (أَمَّا بَعْدُ) أَتَى بِهَا لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا خَطَبَ قَالَ: " أَمَّا بَعْدُ "، رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَذِكْرُهَا فِي خُطَبِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَشْهُورٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا، وَفِي حَدِيثِ: " إِنَّهَا فَصْلُ الْخِطَابِ الَّذِي أُوتِيَهُ دَاوُدُ " رَوَاهُ الدَّيْلَمِيُّ فِي مُسْنَدِ الْفِرْدَوْسِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ. (فَإِنَّ عِلْمَ الْحَدِيثِ مِنْ أَفْضَلِ الْقُرَبِ) جَمْعُ قُرْبَةٍ أَيْ مَا يُتَقَرَّبُ بِهِ (إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 58 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَكَيْفَ لَا يَكُونُ) كَذَلِكَ (وَهُوَ بَيَانُ طَرِيقِ خَيْرِ الْخَلْقِ وَأَكْرَمِ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ) وَالشَّيْءُ يَشْرُفُ بِشَرَفِ مُتَعَلِّقِهِ، وَهُوَ أَيْضًا وَسِيلَةٌ إِلَى كُلِّ عِلْمٍ شَرْعِيٍّ. أَمَّا الْفِقْهُ فَوَاضِحٌ، وَأَمَّا التَّفْسِيرُ: فَلِأَنَّ أَوْلَى مَا فُسِّرَ بِهِ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى مَا ثَبَتَ عَنْ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ، وَذَلِكَ يَتَوَقَّفُ عَلَى مَعْرِفَتِهِ. (وَهَذَا كِتَابٌ) فِي عُلُومِ الْحَدِيثِ (اخْتَصَرْتُهُ مِنْ كِتَابِ الْإِرْشَادِ الَّذِي اخْتَصَرْتُهُ مِنْ) كِتَابِ (عُلُومِ الْحَدِيثِ لِلشَّيْخِ الْإِمَامِ الْحَافِظِ الْمُحَقِّقِ الْمُتْقِنِ) تَقِيِّ الدِّينِ (أَبِي عَمْرٍو عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) الشَّهْرُزُورِيِّ ثُمَّ الدِّمَشْقِيِّ (الْمَعْرُوفِ بِابْنِ الصَّلَاحِ) ، وَهُوَ لَقَبُ أَبِيهِ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أُبَالِغُ فِيهِ فِي الِاخْتِصَارِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، مِنْ غَيْرِ إِخْلَالٍ بِالْمَقْصُودِ، وَأَحْرِصُ عَلَى إِيضَاحِ الْعِبَارَةِ، وَعَلَى اللَّهِ الْكَرِيمِ الِاعْتِمَادُ، وَإِلَيْهِ التَّفْوِيضُ وَالِاسْتِنَادُ) . [أنواع الحديث] [النوع الأول الصحيح] [حد الصحيح] (الْحَدِيثُ) فِيمَا قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي مَعَالِمِ السُّنَنِ، وَتَبِعَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ: يَنْقَسِمُ عِنْدَ أَهْلِهِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: (صَحِيحٌ، وَحَسَنٌ، وَضَعِيفٌ) لِأَنَّهُ إِمَّا مَقْبُولٌ أَوْ مَرْدُودٌ، وَالْمَقْبُولُ إِمَّا أَنْ يَشْتَمِلَ مِنْ صِفَاتِ الْقَبُولِ عَلَى أَعْلَاهَا أَوْ لَا، وَالْأَوَّلُ: الصَّحِيحُ، وَالثَّانِي: الْحَسَنُ، وَالْمَرْدُودُ لَا حَاجَةَ إِلَى تَقْسِيمِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا تَرْجِيحَ بَيْنَ أَفْرَادِهِ. وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ مَرَاتِبَهُ أَيْضًا مُتَفَاوِتَةٌ، فَمِنْهُ مَا يَصْلُحُ لِلِاعْتِبَارِ وَمَا لَا يَصْلُحُ، كَمَا سَيَأْتِي، فَكَانَ يَنْبَغِي الِاهْتِمَامُ بِتَمْيِيزِ الْأَوَّلِ مِنْ غَيْرِهِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الصَّالِحَ لِلِاعْتِبَارِ دَاخِلٌ فِي قِسْمِ الْمَقْبُولِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ قِسْمِ الْحَسَنِ لِغَيْرِهِ، وَإِنْ نُظِرَ إِلَيْهِ بِاعْتِبَارِ ذَاتِهِ، فَهُوَ أَعْلَى مَرَاتِبِ الضَّعِيفِ، وَقَدْ تَفَاوَتَتْ مَرَاتِبُ الصَّحِيحِ أَيْضًا وَلَمْ تُنَوَّعْ أَنْوَاعًا، وَإِنَّمَا لَمْ يُذْكَرِ الْمَوْضُوعُ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْحَقِيقَةِ بِحَدِيثٍ اصْطِلَاحًا، بَلْ بِزَعْمِ وَاضِعِهِ، وَقِيلَ: الْحَدِيثُ صَحِيحٌ وَضَعِيفٌ فَقَطْ، وَالْحَسَنُ مُدْرَجٌ فِي أَنْوَاعِ الصَّحِيحِ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ فِي نُكَتِهِ: وَلَمْ أَرَ مَنْ سَبَقَ الْخَطَّابِيَّ إِلَى تَقْسِيمِهِ الْمَذْكُورِ، وَإِنْ كَانَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 59 الْحَدِيثُ: صَحِيحٌ، وَحَسَنٌ، وَضَعِيفٌ. الْأَوَّلُ: الصَّحِيحُ، وَفِيهِ مَسَائِلُ: الْأُولَى: فِي حَدِّهِ، وَهُوَ مَا اتَّصَلَ سَنَدُهُ بِالْعُدُولِ الضَّابِطِينَ مِنْ غَيْرِ شُذُوذٍ وَلَا عِلَّةٍ.   [تدريب الراوي] . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 60 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] فِي كَلَامِ الْمُتَقَدِّمِينَ ذِكْرُ الْحَسَنِ، وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي كَلَامِ الشَّافِعِيِّ وَالْبُخَارِيِّ وَجَمَاعَةٍ، وَلَكِنَّ الْخَطَّابِيَّ نَقَلَ التَّقْسِيمَ عَنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ. وَهُوَ إِمَامٌ ثِقَةٌ، فَتَبِعَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ حَجَرٍ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ مِنَ الْعَامِّ الَّذِي أُرِيدَ بِهِ الْخُصُوصُ، أَيِ الْأَكْثَرِ، أَوِ الْأَعْظَمِ، أَوِ الَّذِي اسْتَقَرَّ اتِّفَاقُهُمْ عَلَيْهِ بَعْدَ الِاخْتِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ. (تَنْبِيهٌ) قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ: هَذَا التَّقْسِيمُ إِنْ كَانَ بِالنِّسْبَةِ لِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَلَيْسَ إِلَّا صَحِيحٌ وَكَذِبٌ، أَوْ إِلَى اصْطِلَاحِ الْمُحَدِّثِينَ، فَهُوَ يَنْقَسِمُ عِنْدَهُمْ إِلَى أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَجَوَابُهُ أَنَّ الْمُرَادَ الثَّانِي، وَالْكُلُّ رَاجِعٌ إِلَى هَذِهِ الثَّلَاثَةِ. (الْأَوَّلُ الصَّحِيحُ) وَهُوَ فَعِيلٌ - بِمَعْنَى فَاعِلٍ - مِنَ الصِّحَّةِ، وَهِيَ حَقِيقَةٌ فِي الْأَجْسَامِ، وَاسْتِعْمَالُهَا هُنَا مَجَازٌ. أَوِ اسْتِعَارَةٌ تَبَعِيَّةٌ. (وَفِيهِ مَسَائِلُ، الْأُولَى: فِي حَدِّهِ، وَهُوَ مَا اتَّصَلَ سَنَدُهُ) عَدَلَ عَنْ قَوْلِ ابْنِ الصَّلَاحِ: الْمُسْنَدُ الَّذِي يَتَّصِلُ إِسْنَادُهُ؛ لِأَنَّهُ أَخْصَرُ وَأَشْمَلُ لِلْمَرْفُوعِ وَالْمَوْقُوفِ. (بِالْعُدُولِ الضَّابِطِينَ) جَمْعٌ بِاعْتِبَارِ سِلْسِلَةِ السَّنَدِ، أَيْ بِنَقْلِ الْعَدْلِ الضَّابِطِ عَنِ الْعَدْلِ الضَّابِطِ إِلَى مُنْتَهَاهُ، كَمَا عَبَّرَ بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ، وَهُوَ أَوْضَحُ مِنْ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ إِذْ تُوهِمُ أَنْ يَرْوِيَهُ جَمَاعَةٌ ضَابِطُونَ عَنْ جَمَاعَةٍ ضَابِطِينَ، وَلَيْسَ مُرَادًا. قِيلَ: كَانَ الْأَفْضَلُ أَنْ يَقُولَ بِنَقْلِ الثِّقَةِ؛ لِأَنَّهُ مَنْ جَمَعَ الْعَدَالَةَ وَالضَّبْطَ، وَالتَّعَارِيفُ تُصَانُ عَنِ الْإِسْهَابِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 61 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] (مِنْ غَيْرِ شُذُوذٍ وَلَا عِلَّةٍ) فَخَرَجَ بِالْقَيْدِ الْأَوَّلِ الْمُنْقَطِعُ وَالْمُعْضَلُ وَالْمُعَلَّقُ وَالْمُدَلَّسُ وَالْمُرْسَلُ عَلَى رَأْيِ مَنْ لَا يَقْبَلُهُ، وَبِالثَّانِي مَا نَقَلَهُ مَجْهُولٌ عَيْنًا أَوْ حَالًا، أَوْ مَعْرُوفٌ بِالضَّعْفِ، وَبِالثَّالِثِ مَا نَقَلَهُ مُغَفَّلٌ كَثِيرُ الْخَطَأِ، وَبِالرَّابِعِ وَالْخَامِسِ الشَّاذُّ وَالْمُعَلَّلُ. 1 - [تَنْبِيهَاتٌ] الْأَوَّلُ: حَدَّ الْخَطَّابِيُّ الصَّحِيحَ بِأَنَّهُ: مَا اتَّصَلَ سَنَدُهُ وَعُدِّلَتْ نَقْلَتُهُ، قَالَ الْعِرَاقِيُّ: فَلَمْ يُشْتَرَطْ ضَبْطُ الرَّاوِي وَلَا السَّلَامَةُ مِنَ الشُّذُوذِ وَالْعِلَّةِ، قَالَ: وَلَا شَكَّ أَنَّ ضَبْطَهُ لَا بُدَّ مِنْهُ؛ لِأَنَّ مَنْ كَثُرَ الْخَطَأُ فِي حَدِيثِهِ وَفَحُشَ، اسْتَحَقَّ التَّرْكَ. قُلْتُ: الَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ ذَلِكَ دَاخِلٌ فِي عِبَارَتِهِ، وَأَنَّ بَيْنَ قَوْلِنَا: الْعَدْلُ وَعَدَّلُوهُ فَرْقًا؛ لِأَنَّ الْمُغَفَّلَ الْمُسْتَحِقَّ لِلتَّرْكِ لَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ فِي حَقِّهِ: عَدَّلَهُ أَصْحَابُ الْحَدِيثِ، وَإِنْ كَانَ عَدْلًا فِي دِينِهِ، فَتَأَمَّلْ. ثُمَّ رَأَيْتُ شَيْخَ الْإِسْلَامِ ذَكَرَ فِي نُكَتِهِ مَعْنَى ذَلِكَ فَقَالَ: إِنَّ اشْتِرَاطَ الْعَدَالَةِ يَسْتَدْعِي صِدْقَ الرَّاوِي وَعَدَمَ غَفْلَتِهِ وَعَدَمَ تَسَاهُلِهِ عِنْدَ التَّحَمُّلِ وَالْأَدَاءِ. وَقِيلَ: إِنَّ اشْتِرَاطَ نَفْيِ الشُّذُوذِ يُغْنِي عَنِ اشْتِرَاطِ الضَّبْطِ؛ لِأَنَّ الشَّاذَّ إِذَا كَانَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 62 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] هُوَ الْفَرْدَ الْمُخَالِفَ، وَكَانَ شَرْطُ الصَّحِيحِ أَنْ يَنْتَفِيَ، كَانَ مَنْ كَثُرَتْ مِنْهُ الْمُخَالَفَةُ وَهُوَ غَيْرُ الضَّابِطِ أَوْلَى. وَأُجِيبَ: بِأَنَّهُ فِي مَقَامِ التَّبْيِينِ، فَأَرَادَ التَّنْصِيصَ وَلَمْ يَكْتَفِ بِالْإِشَارَةِ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَأَمَّا السَّلَامَةُ مِنَ الشُّذُوذِ وَالْعِلَّةِ، فَقَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ فِي الِاقْتِرَاحِ: إِنَّ أَصْحَابَ الْحَدِيثِ زَادُوا ذَلِكَ فِي حَدِّ الصَّحِيحِ، قَالَ: وَفِيهِ نَظَرٌ عَلَى مُقْتَضَى نَظَرِ الْفُقَهَاءِ، فَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْعِلَلِ الَّتِي يُعَلِّلُ بِهَا الْمُحَدِّثُونَ لَا تَجْرِي عَلَى أُصُولِ الْفُقَهَاءِ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَالْجَوَابُ أَنَّ مَنْ يُصَنِّفُ فِي عِلْمِ الْحَدِيثِ إِنَّمَا يَذْكُرُ الْحَدَّ عِنْدَ أَهْلِهِ لَا عِنْدَ غَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ عِلْمٍ آخَرَ، وَكَوْنُ الْفُقَهَاءِ وَالْأُصُولِيِّينَ لَا يَشْتَرِطُونَ فِي الصَّحِيحِ هَذَيْنِ الشَّرْطَيْنِ لَا يُفْسِدُ الْحَدَّ عِنْدَ مَنْ يَشْتَرِطُهُمَا، وَلِذَا قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ بَعْدَ الْحَدِّ: فَهَذَا هُوَ الْحَدِيثُ الَّذِي يُحْكَمُ لَهُ بِالصِّحَّةِ بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ أَهْلِ الْحَدِيثِ، وَقَدْ يَخْتَلِفُونَ فِي صِحَّةِ بَعْضِ الْأَحَادِيثِ، لِاخْتِلَافِهِمْ فِي وُجُودِ هَذِهِ الْأَوْصَافِ فِيهِ، أَوْ لِاخْتِلَافِهِمْ فِي اشْتِرَاطِ بَعْضِهَا كَمَا فِي الْمُرْسَلِ. الثَّانِي: قِيلَ: بَقِيَ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ: وَلَا إِنْكَارَ. وَرُدَّ بِأَنَّ الْمُنْكَرَ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ وَابْنِ الصَّلَاحِ هُوَ وَالشَّاذُّ سِيَّانِ، فَذِكْرُهُ مَعَهُ تَكْرِيرٌ، وَعِنْدَ غَيْرِهِمَا أَسْوَأُ حَالًا مِنَ الشَّاذِّ؛ فَاشْتِرَاطُ نَفْيِ الشُّذُوذِ يَقْتَضِي اشْتِرَاطَ نَفْيِهِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 63 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] (الثَّالِثُ) : قِيلَ: لَمْ يُفْصِحْ بِمُرَادِهِ مِنَ الشُّذُوذِ هُنَا، وَقَدْ ذَكَرَ فِي نَوْعِهِ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ؛ أَحَدُهَا: مُخَالَفَةُ الثِّقَةِ لِأَرْجَحَ مِنْهُ. وَالثَّانِي: تَفَرُّدُ الثِّقَةَ مُطْلَقًا. وَالثَّالِثُ: تَفَرُّدُ الرَّاوِي مُطْلَقًا. وَرَدَّ الْأَخِيرَيْنِ؛ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ هُنَا الْأَوَّلَ. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: وَهُوَ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّ الْإِسْنَادَ إِذَا كَانَ مُتَّصِلًا وَرُوَاتُهُ كُلُّهُمْ عُدُولًا ضَابِطِينَ، فَقَدِ انْتَفَتْ عَنْهُ الْعِلَلُ الظَّاهِرَةُ. ثُمَّ إِذَا انْتَفَى كَوْنُهُ مَعْلُولًا فَمَا الْمَانِعُ مِنَ الْحُكْمِ بِصِحَّتِهِ؟ فَمُجَرَّدُ مُخَالَفَةِ أَحَدِ رُوَاتِهِ لِمَنْ هُوَ أَوْثَقُ مِنْهُ أَوْ أَكْثَرُ عَدَدًا لَا يَسْتَلْزِمُ الضَّعْفَ، بَلْ يَكُونُ مِنْ بَابِ صَحِيحٍ وَأَصَحَّ. قَالَ: وَلَمْ يُرْوَ مَعَ ذَلِكَ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ اشْتِرَاطُ نَفْيِ الشُّذُوذِ الْمُعَبَّرِ عَنْهُ بِالْمُخَالَفَةِ. وَإِنَّمَا الْمَوْجُودُ مِنْ تَصَرُّفَاتِهِمْ تَقْدِيمُ بَعْضِ ذَلِكَ عَلَى بَعْضٍ فِي الصِّحَّةِ. وَأَمْثِلَةُ ذَلِكَ مَوْجُودَةٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا، فَمِنْ ذَلِكَ أَنَّهُمَا أَخْرَجَا قِصَّةَ جَمَلِ جَابِرٍ مِنْ طُرُقٍ، وَفِيهَا اخْتِلَافٌ كَثِيرٌ فِي مِقْدَارِ الثَّمَنِ، وَفِي اشْتِرَاطِ رُكُوبِهِ، وَقَدْ رَجَّحَ الْبُخَارِيُّ الطُّرُقَ الَّتِي فِيهَا الِاشْتِرَاطُ عَلَى غَيْرِهَا، مَعَ تَخْرِيجِ الْأَمْرَيْنِ، وَرَجَّحَ أَيْضًا كَوْنَ الثَّمَنِ أُوقِيَّةً مَعَ تَخْرِيجِهِ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ، وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ مُسْلِمًا أَخْرَجَ فِيهِ حَدِيثِ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ فِي الِاضْطِجَاعِ قَبْلَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ، وَقَدْ خَالَفَهُ عَامَّةُ أَصْحَابِ الزُّهْرِيِّ كَمَعْمَرٍ وَيُونُسَ وَعَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَابْنِ أَبِي ذِئْبٍ وَشُعَيْبٍ، وَغَيْرِهِمْ عَنِ الزُّهْرِيِّ، فَذَكَرُوا الِاضْطِجَاعَ بَعْدَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ قَبْلَ صَلَاةِ الصُّبْحِ، وَرَجَّحَ جَمْعٌ مِنَ الْحُفَّاظِ رِوَايَتَهُمْ عَلَى رِوَايَةِ مَالِكٍ، وَمَعَ ذَلِكَ فَلَمْ يَتَأَخَّرْ أَصْحَابُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 64 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] الصَّحِيحِ عَنْ إِخْرَاجِ حَدِيثِ مَالِكٍ فِي كُتُبِهِمْ. وَأَمْثِلَةُ ذَلِكَ كَثِيرَةٌ. ثُمَّ قَالَ: فَإِنْ قِيلَ: يَلْزَمُ أَنْ يُسَمَّى الْحَدِيثُ صَحِيحًا وَلَا يُعْمَلَ بِهِ - قُلْتُ: لَا مَانِعَ مِنْ ذَلِكَ، لَيْسَ كُلُّ صَحِيحٍ يُعْمَلُ بِهِ، بِدَلِيلِ الْمَنْسُوخِ - قَالَ: وَعَلَى تَقْدِيرِ التَّسْلِيمِ، إِنَّ الْمُخَالِفَ الْمَرْجُوحَ لَا يُسَمَّى صَحِيحًا؛ فَفِي جَعْلِ انْتِفَائِهِ شَرْطًا فِي الْحُكْمِ لِلْحَدِيثِ بِالصِّحَّةِ نَظَرٌ، بَلْ إِذَا وُجِدَتِ الشُّرُوطُ الْمَذْكُورَةُ أَوَّلًا حُكِمَ لِلْحَدِيثِ بِالصِّحَّةِ مَا لَمْ يَظْهَرْ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ فِيهِ شُذُوذًا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الشُّذُوذِ، وَكَوْنُ ذَلِكَ أَصْلًا مَأْخُوذٌ مِنْ عَدَالَةِ الرَّاوِي وَضَبْطِهِ، فَإِذَا ثَبَتَ عَدَالَتُهُ وَضَبْطُهُ كَانَ الْأَصْلُ أَنَّهُ حَفِظَ مَا رَوَى حَتَّى يَتَبَيَّنَ خِلَافُهُ. (الرَّابِعُ) : عِبَارَةُ ابْنِ الصَّلَاحِ: وَلَا يَكُونُ شَاذًّا وَلَا مُعَلَّلًا. فَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ بِعِلَّةٍ قَادِحَةٍ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ ذَلِكَ يُؤْخَذُ مِنْ تَعْرِيفِ الْمَعْلُولِ حَيْثُ ذُكِرَ فِي مَوْضِعِهِ. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: لَكِنَّ مَنْ غَيَّرَ عِبَارَةَ ابْنِ الصَّلَاحِ، فَقَالَ مِنْ غَيْرِ شُذُوذٍ وَلَا عِلَّةٍ، احْتَاجَ أَنْ يَصِفَ الْعِلَّةَ بِكَوْنِهَا قَادِحَةً وَبِكَوْنِهَا خَفِيَّةً، وَقَدْ ذَكَرَ الْعِرَاقِيُّ فِي مَنْظُومَتِهِ الْوَصْفَ الْأَوَّلَ وَأَهْمَلَ الثَّانِيَ وَلَا بُدَّ مِنْهُ، وَأَهْمَلَ الْمُصَنِّفُ وَبَدْرُ الدِّينِ بْنُ جَمَاعَةَ الِاثْنَيْنِ، فَبَقِيَ الِاعْتِرَاضُ مِنْ وَجْهَيْنِ. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: وَلَمْ يُصِبْ مَنْ قَالَ: لَا حَاجَةَ إِلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الْعِلَّةِ لَا يُطْلَقُ إِلَّا عَلَى مَا كَانَ قَادِحًا. فَلَفْظُ الْعِلَّةِ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ. (الْخَامِسُ) : أُورِدَ عَلَى هَذَا التَّعْرِيفِ مَا سَيَأْتِي: إِنَّ الْحَسَنَ إِذَا رُوِيَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 65 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] ارْتَقَى مِنْ دَرَجَةِ الْحُسْنِ إِلَى مَنْزِلَةِ الصِّحَّةِ، وَهُوَ غَيْرُ دَاخِلٍ فِي هَذَا الْحَدِّ، وَكَذَا مَا اعْتُضِدَ بِتَلَقِّي الْعُلَمَاءِ لَهُ بِالْقَبُولِ. قَالَ بَعْضُهُمْ: يُحْكَمُ لِلْحَدِيثِ بِالصِّحَّةِ إِذَا تَلَقَّاهُ النَّاسُ بِالْقَبُولِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إِسْنَادٌ صَحِيحٌ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي الِاسْتِذْكَارِ: لِمَا حُكِيَ عَنِ التِّرْمِذِيِّ أَنَّ الْبُخَارِيَّ صَحَّحَ حَدِيثَ الْبَحْرِ: «هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ» ، وَأَهْلَ الْحَدِيثِ لَا يُصَحِّحُونَ مِثْلَ إِسْنَادِهِ، لَكِنَّ الْحَدِيثَ عِنْدِي صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ الْعُلَمَاءَ تَلَقَّوْهُ بِالْقَبُولِ. وَقَالَ فِي التَّمْهِيدِ: رَوَى جَابِرٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الدِّينَارُ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ قِيرَاطًا» ، قَالَ: وَفِي قَوْلِ جَمَاعَةِ الْعُلَمَاءِ وَإِجْمَاعِ النَّاسِ عَلَى مَعْنَاهُ غِنًى عَنِ الْإِسْنَادِ فِيهِ. وَقَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ الْإِسْفَرَايِينِيُّ: تُعْرَفُ صِحَّةُ الْحَدِيثِ إِذَا اشْتُهِرَ عِنْدَ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ بِغَيْرِ نَكِيرٍ مِنْهُمْ. وَقَالَ نَحْوَهُ ابْنُ فُورَكَ، وَزَادَ بِأَنْ مَثَّلَ ذَلِكَ بِحَدِيثِ: «فِي الرِّقَةِ رُبُعُ الْعُشْرِ وَفِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ» . وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ الْحَصَّارِ فِي تَقْرِيبِ الْمَدَارِكِ، عَلَى مُوَطَّأٍ مَالِكٍ: قَدْ يَعْلَمُ الْفَقِيهُ صِحَّةَ الْحَدِيثِ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي سَنَدِهِ كَذَّابٌ بِمُوَافَقَةِ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ أَوْ بَعْضِ أُصُولِ الشَّرِيعَةِ، فَيَحْمِلُهُ ذَلِكَ عَلَى قَبُولِهِ وَالْعَمَلِ بِهِ، وَأُجِيبَ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَدِّ الصَّحِيحُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 66 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] لِذَاتِهِ لَا لِغَيْرِهِ، وَمَا أُورِدَ مِنْ قَبِيلِ الثَّانِي. (السَّادِسُ) : أُورِدَ أَيْضًا: الْمُتَوَاتِرُ فَإِنَّهُ صَحِيحٌ قَطْعًا، وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ مَجْمُوعُ هَذِهِ الشُّرُوطِ. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: وَلَكِنْ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: هَلْ يُوجَدُ حَدِيثٌ مُتَوَاتِرٌ لَمْ يَجْتَمِعْ فِيهِ هَذِهِ الشُّرُوطُ؟ (السَّابِعُ) : قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: قَدِ اعْتَنَى ابْنُ الصَّلَاحِ وَالْمُصَنِّفُ بِجَعْلِ الْحَسَنِ قِسْمَيْنِ: أَحَدُهُمَا لِذَاتِهِ وَالْآخَرُ بِاعْتِضَادِهِ، فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَعْتَنِيَ بِالصَّحِيحِ أَيْضًا، وَيُنَبِّهَ عَلَى أَنَّ لَهُ قِسْمَيْنِ كَذَلِكَ، وَإِلَّا فَإِنِ اقْتَصَرَ عَلَى تَعْرِيفِ الصَّحِيحِ لِذَاتِهِ فِي بَابِهِ، وَذَكَرَ الصَّحِيحَ لِغَيْرِهِ فِي نَوْعِ الْحَسَنِ لِأَنَّهُ أَصْلُهُ، فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى تَعْرِيفِ الْحَسَنِ لِذَاتِهِ فِي بَابِهِ، وَيَذْكُرَ الْحَسَنَ لِغَيْرِهِ فِي نَوْعِ الضَّعِيفِ لِأَنَّهُ أَصْلُهُ. 1 - فَائِدَتَانِ الْأُولَى: قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: كَلَامُ ابْنِ الصَّلَاحِ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ لَهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَخَذَ الْحَدَّ الْمَذْكُورَ هُنَا مِنْ كَلَامِ مُسْلِمٍ، فَإِنَّهُ قَالَ: شَرْطُ مُسْلِمٍ فِي صَحِيحِهِ أَنْ يَكُونَ مُتَّصِلَ الْإِسْنَادِ بِنَقْلِ الثِّقَةِ عَنِ الثِّقَةِ مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى مُنْتَهَاهُ غَيْرَ شَاذٍّ وَلَا مُعَلَّلٍ، وَهَذَا هُوَ حَدُّ الصَّحِيحِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: وَلَمْ يَتَبَيَّنْ لِي أَخْذُهُ انْتِفَاءَ الشُّذُوذِ مِنْ كَلَامِ مُسْلِمٍ، فَإِنْ كَانَ وَقَفَ عَلَيْهِ مِنْ كَلَامِهِ فِي غَيْرِ مُقَدِّمَةٍ صَحِيحِهِ فَذَاكَ، وَإِلَّا فَالنَّظَرُ السَّابِقُ فِي السَّلَامَةِ مِنَ الشُّذُوذِ بَاقٍ. قَالَ: ثُمَّ ظَهَرَ لِي مَأْخَذُ ابْنِ الصَّلَاحِ، وَهُوَ أَنَّهُ يَرَى أَنَّ الشَّاذَّ وَالْمُنْكَرَ اسْمَانِ لِمُسَمًّى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 67 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَاحِدٍ. وَقَدْ صَرَّحَ مُسْلِمٌ بِأَنَّ عَلَامَةَ الْمُنْكَرِ أَنْ يَرْوِيَ الرَّاوِي عَنْ شَيْخٍ كَثِيرِ الْحَدِيثِ وَالرُّوَاةُ شَيْئًا يَنْفَرِدُ بِهِ عَنْهُمْ، فَيَكُونُ الشَّاذُّ كَذَلِكَ، فَيُشْتَرَطُ انْتِفَاؤُهُ. 1 - (الثَّانِيَةُ) : بَقِيَ لِلصَّحِيحِ شُرُوطٌ مُخْتَلَفٌ فِيهَا: مِنْهَا مَا ذَكَرَهُ الْحَاكِمُ مِنْ عُلُومِ الْحَدِيثِ: أَنْ يَكُونَ رَاوِيهِ مَشْهُورًا بِالطَّلَبِ، وَلَيْسَ مُرَادُهُ الشُّهْرَةَ الْمُخْرِجَةَ عَنِ الْجَهَالَةِ، بَلْ قَدْرٌ زَائِدٌ عَلَى ذَلِكَ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْنٍ: لَا يُؤْخَذُ الْعِلْمُ إِلَّا عَلَى مَنْ شُهِدَ لَهُ بِالطَّلَبِ، وَعَنْ مَالِكٍ نَحْوُهُ، وَفِي مُقَدِّمَةِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ: أَدْرَكْتُ بِالْمَدِينَةِ مِائَةً كُلُّهُمْ مَأْمُونٌ، مَا يُؤْخَذُ عَنْهُمُ الْحَدِيثُ، يُقَالُ: لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: وَالظَّاهِرُ مِنْ تَصَرُّفِ صَاحِبَيِ الصَّحِيحِ اعْتِبَارُ ذَلِكَ، إِلَّا إِذَا كَثُرَتْ مَخَارِجُ الْحَدِيثِ فَيَسْتَغْنِيَانِ عَنِ اعْتِبَارِ ذَلِكَ، كَمَا يُسْتَغْنَى بِكَثْرَةِ الطُّرُقِ عَنِ اعْتِبَارِ الضَّبْطِ التَّامِّ. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: اشْتِرَاطُ الضَّبْطِ يُغْنِي عَنْ ذَلِكَ، إِذِ الْمَقْصُودُ بِالشُّهْرَةِ بِالطَّلَبِ أَنْ يَكُونَ لَهُ مَزِيدُ اعْتِنَاءٍ بِالرِّوَايَةِ لِتَرْكَنَ النَّفْسُ إِلَى كَوْنِهِ ضَبَطَ مَا رَوَى. وَمِنْهَا مَا ذَكَرَهُ السَّمْعَانِيُّ فِي الْقَوَاطِعِ: أَنَّ الصَّحِيحَ لَا يُعْرَفُ بِرِوَايَةِ الثِّقَاتِ فَقَطْ، وَإِنَّمَا يُعْرَفُ بِالْفَهْمِ وَالْمَعْرِفَةِ وَكَثْرَةِ السَّمَاعِ وَالْمُذَاكَرَةِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 68 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: وَهَذَا يُؤْخَذُ مِنِ اشْتِرَاطِ انْتِفَاءِ كَوْنِهِ مَعْلُولًا؛ لِأَنَّ الِاطِّلَاعَ عَلَى ذَلِكَ إِنَّمَا يَحْصُلُ بِمَا ذُكِرَ مِنَ الْفَهْمِ وَالْمُذَاكَرَةِ وَغَيْرِهِمَا. وَمِنْهَا: أَنَّ بَعْضَهُمُ اشْتَرَطَ عِلْمَهُ بِمَعَانِي الْحَدِيثِ، حَيْثُ يَرْوِي بِالْمَعْنَى، وَهُوَ شَرْطٌ لَا بُدَّ مِنْهُ، لَكِنَّهُ دَاخِلٌ فِي الضَّبْطِ، كَمَا سَيَأْتِي فِي مَعْرِفَةِ مَنْ تُقْبَلُ رِوَايَتُهُ. وَمِنْهَا: أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ اشْتَرَطَ فِقْهَ الرَّاوِي. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا يُشْتَرَطُ عِنْدَ الْمُخَالَفَةِ أَوْ عِنْدَ التَّفَرُّدِ بِمَا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى. وَمِنْهَا: اشْتِرَاطُ الْبُخَارِيِّ ثُبُوتَ السَّمَاعِ لِكُلِّ رَاوٍ مِنْ شَيْخِهِ، وَلَمْ يَكْتَفِ بِإِمْكَانِ اللِّقَاءِ وَالْمُعَاصَرَةِ كَمَا سَيَأْتِي. وَقِيلَ: إِنَّ ذَلِكَ لَمْ يَذْهَبْ أَحَدٌ إِلَى أَنَّهُ شَرْطُ الصَّحِيحِ بَلِ الْأَصَحِّيَّةِ. وَمِنْهَا: أَنَّ بَعْضَهُمُ اشْتَرَطَ الْعَدَدَ فِي الرِّوَايَةِ كَالشَّهَادَةِ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: حَكَاهُ الْحَازِمِيُّ فِي شُرُوطِ الْأَئِمَّةِ عَنْ بَعْضِ مُتَأَخِّرِي الْمُعْتَزِلَةِ، وَحُكِيَ أَيْضًا عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: وَقَدْ فَهِمَ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ مِنْ خِلَالِ كَلَامِ الْحَاكِمِ فِي عُلُومِ الْحَدِيثِ، وَفِي الْمَدْخَلِ كَمَا سَيَأْتِي فِي شَرْطِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ، وَبِذَلِكَ جَزَمَ ابْنُ الْأَثِيرِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 69 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] فِي مُقَدِّمَةِ جَامِعِ الْأُصُولِ وَغَيْرِهِ، وَأَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ الْمَيَانَجِيُّ فِي كِتَابِ " مَا لَا يَسَعُ الْمُحَدِّثَ جَهْلُهُ ": شَرْطُ الشَّيْخَيْنِ فِي صَحِيحِهِمَا أَنْ لَا يُدْخِلَا فِيهِ إِلَّا مَا صَحَّ عِنْدَهُمَا، وَذَلِكَ مَا رَوَاهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اثْنَانِ فَصَاعِدًا، وَمَا نَقَلَهُ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ أَرْبَعَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ فَأَكْثَرُ، وَأَنْ يَكُونَ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ التَّابِعِينَ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعَةٍ. انْتَهَى. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: وَهُوَ كَلَامُ مَنْ لَمْ يُمَارِسِ الصَّحِيحَيْنِ أَدْنَى مُمَارَسَةٍ، فَلَوْ قَالَ قَائِلٌ: لَيْسَ فِي الْكِتَابَيْنِ حَدِيثٌ وَاحِدٌ بِهَذِهِ الصِّفَةِ لَمَا أَبْعَدَ. وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي شَرْحِ الْمُوَطَّأِ: كَانَ مَذْهَبُ الشَّيْخَيْنِ أَنَّ الْحَدِيثَ لَا يَثْبُتُ حَتَّى يَرْوِيَهُ اثْنَانِ. قَالَ: وَهُوَ مَذْهَبٌ بَاطِلٌ، بَلْ رِوَايَةُ الْوَاحِدِ عَنِ الْوَاحِدِ صَحِيحَةٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ حَدِيثِ: " الْأَعْمَالِ ": انْفَرَدَ بِهِ عُمَرُ، وَقَدْ جَاءَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي سَعِيدٍ، رَوَاهُ الْبَزَّارُ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ. قَالَ: وَحَدِيثُ عُمَرَ وَإِنْ كَانَ طَرِيقُهُ وَاحِدًا، وَإِنَّمَا بَنَى الْبُخَارِيُّ كِتَابَهُ عَلَى حَدِيثٍ يَرْوِيهِ أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدٍ فَهَذَا الْحَدِيثُ لَيْسَ مِنْ ذَلِكَ الْفَنِّ؛ لِأَنَّ عُمَرَ قَالَهُ عَلَى الْمِنْبَرِ بِمَحْضَرِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 70 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] الْأَعْيَانِ مِنَ الصَّحَابَةِ، فَصَارَ كَالْمُجْمَعِ عَلَيْهِ، فَكَأَنَّ عُمَرَ ذَكَّرَهُمْ لَا أَخْبَرَهُمْ. قَالَ ابْنُ رَشِيدٍ: وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ حِبَّانَ فِي أَوَّلِ صَحِيحِهِ - أَنَّ مَا ادَّعَاهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ وَغَيْرُهُ - مِنْ أَنَّ شَرْطَ الشَّيْخَيْنِ ذَلِكَ مُسْتَحِيلُ الْوُجُودِ، قَالَ: وَالْعَجَبُ مِنْهُ كَيْفَ يَدَّعِي عَلَيْهِمَا ذَلِكَ ثُمَّ يَزْعُمُ أَنَّهُ مَذْهَبٌ بَاطِلٌ، فَلَيْتَ شِعْرِي مَنْ أَعْلَمَهُ بِأَنَّهُمَا اشْتَرَطَا ذَلِكَ؟ إِنْ كَانَ مَنْقُولًا فَلْيُبَيِّنْ طَرِيقَهُ لِنَنْظُرَ فِيهَا، وَإِنْ كَانَ عَرَفَهُ بِالِاسْتِقْرَاءِ فَقَدْ وَهِمَ فِي ذَلِكَ، وَلَقَدْ كَانَ يَكْفِيهِ فِي ذَلِكَ أَوَّلُ حَدِيثٍ فِي الْبُخَارِيِّ، وَمَا اعْتَذَرَ بِهِ عَنْهُ فِيهِ تَقْصِيرٌ؛ لِأَنَّ عُمَرَ لَمْ يَنْفَرِدْ بِهِ وَحْدَهُ، بَلِ انْفَرَدَ بِهِ عَلْقَمَةُ عَنْهُ، وَانْفَرَدَ بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ، وَانْفَرَدَ بِهِ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدٍ، وَعَنْ يَحْيَى تَعَدَّدَتْ رُوَاتُهُ. وَأَيْضًا فَكَوْنُ عُمَرَ قَالَهُ عَلَى الْمِنْبَرِ لَا يَسْتَلْزِمُ أَنْ يَكُونَ ذَكَّرَ السَّامِعِينَ بِمَا هُوَ عِنْدَهُمْ، بَلْ هُوَ مُحْتَمِلٌ لِلْأَمْرَيْنِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُنْكِرُوهُ لِأَنَّهُ عِنْدَهُمْ ثِقَةٌ، فَلَوْ حَدَّثَهُمْ بِمَا لَمْ يَسْمَعُوهُ قَطُّ لَمْ يُنْكِرُوا عَلَيْهِ. اهـ. وَقَدْ قَالَ بِاشْتِرَاطِ رَجُلَيْنِ عَنْ رَجُلَيْنِ فِي شَرْطِ الْقَبُولِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ابْنِ عُلَيَّةَ، وَهُوَ مِنَ الْفُقَهَاءِ الْمُحَدِّثِينَ، إِلَّا أَنَّهُ مَهْجُورُ الْقَوْلِ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ، لِمَيْلِهِ إِلَى الِاعْتِزَالِ، وَقَدْ كَانَ الشَّافِعِيُّ يَرُدُّ عَلَيْهِ وَيُحَذِّرُ مِنْهُ. وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْجُبَّائِيُّ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ: لَا يُقْبَلُ الْخَبَرُ إِذَا رَوَاهُ الْعَدْلُ الْوَاحِدُ، إِلَّا إِذَا انْضَمَّ إِلَيْهِ خَبَرُ عَدْلٍ آخَرَ، أَوْ عَضَّدَهُ مُوَافَقَةُ ظَاهِرِ الْكِتَابِ، أَوْ ظَاهِرِ خَبَرٍ آخَرَ، أَوْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 71 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] يَكُونُ مُنْتَشِرًا بَيْنَ الصَّحَابَةِ، أَوْ عَمِلَ بِهِ بَعْضُهُمْ، حَكَاهُ أَبُو الْحَسَنِ الْبَصْرِيُّ فِي الْمُعْتَمَدِ، وَأَطْلَقَ الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ التَّمِيمِيُّ عَنْ أَبِي عَلِيٍّ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ إِلَّا إِذَا رَوَاهُ أَرْبَعَةٌ. وَلِلْمُعْتَزِلَةِ فِي رَدِّ خَبَرِ الْوَاحِدِ حُجَجٌ: مِنْهَا قِصَّةُ ذِي الْيَدَيْنِ، وَكَوْنُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَقَّفَ فِي خَبَرِهِ حَتَّى تَابَعَهُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ، وَقِصَّةُ أَبِي بَكْرٍ حِينَ تَوَقَّفَ فِي خَبَرِ الْمُغِيرَةِ فِي مِيرَاثِ الْجَدَّةِ حَتَّى تَابَعَهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ، وَقِصَّةُ عُمَرَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 72 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] حِينَ تَوَقَّفَ عَنْ خَبَرِ أَبِي مُوسَى فِي الِاسْتِئْذَانِ حَتَّى تَابَعَهُ أَبُو سَعِيدٍ. وَأُجِيبَ عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ: فَأَمَّا قِصَّةُ ذِي الْيَدَيْنِ، فَإِنَّمَا حَصَلَ التَّوَقُّفُ فِي خَبَرِهِ؛ لِأَنَّهُ أَخْبَرَهُ عَنْ فِعْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَمْرُ الصَّلَاةِ لَا يَرْجِعُ الْمُصَلِّي فِيهِ إِلَى خَبَرِ غَيْرِهِ، بَلْ وَلَوْ بَلَغُوا حَدَّ التَّوَاتُرِ، فَلَعَلَّهُ إِنَّمَا تَذَكَّرَ عِنْدَ إِخْبَارِ غَيْرِهِ. وَقَدْ بَعَثَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُسُلَهُ وَاحِدًا وَاحِدًا إِلَى الْمُلُوكِ وَوَفَدَ عَلَيْهِ الْآحَادُ مِنَ الْقَبَائِلِ فَأَرْسَلَهُ إِلَى قَبَائِلِهِمْ، وَكَانَتِ الْحُجَّةُ قَائِمَةً بِإِخْبَارِهِمْ عَنْهُ مَعَ عَدَمِ اشْتِرَاطِ التَّعَدُّدِ. وَأَمَّا قِصَّةُ أَبِي بَكْرٍ فَإِنَّمَا تَوَقَّفَ إِرَادَةً لِلزِّيَادَةِ فِي التَّوَثُّقِ، وَقَدْ قَبِلَ خَبَرَ عَائِشَةَ وَحْدَهَا فِي قَدْرِ كَفَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَأَمَّا قِصَّةُ عُمَرَ فَإِنَّ أَبَا مُوسَى أَخْبَرَهُ بِذَلِكَ الْحَدِيثِ عَقِبَ إِنْكَارِهِ عَلَيْهِ رُجُوعَهُ، فَأَرَادَ التَّثَبُّتَ فِي ذَلِكَ، وَقَدْ قَبِلَ خَبَرَ ابْنِ عَوْفٍ وَحْدَهُ فِي أَخْذِ الْجِزْيَةِ مِنَ الْمَجُوسِ، وَفِي الرُّجُوعِ عَنِ الْبَلَدِ الَّذِي فِيهَا الطَّاعُونُ، وَخَبَرَ الضَّحَّاكِ بْنِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 73 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] سُفْيَانَ فِي تَوْرِيثِ امْرَأَةِ أَشْيَمَ. قُلْتُ: وَقَدِ اسْتَدَلَّ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَدْخَلِ عَلَى ثُبُوتِ الْخَبَرِ بِالْوَاحِدِ بِحَدِيثِ: «نَضَّرَ اللَّهُ عَبْدًا سَمِعَ مَقَالَتِي فَوَعَاهَا فَأَدَّاهَا» ، وَفِي لَفْظٍ: «سَمِعَ مِنَّا حَدِيثًا فَبَلَّغَهُ غَيْرَهُ» ، وَبِحَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ: «بَيْنَمَا النَّاسُ بِقُبَاءَ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ إِذْ أَتَاهُمْ آتٍ فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ اللَّيْلَةَ قُرْآنًا، وَقَدْ أُمِرَ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْكَعْبَةَ فَاسْتَقْبِلُوهَا، وَكَانَتْ وُجُوهُهُمْ إِلَى الشَّامِ فَاسْتَدَارُوا إِلَى الْكَعْبَةِ» ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَقَدْ تَرَكُوا قِبْلَةً كَانُوا عَلَيْهَا بِخَبَرِ وَاحِدٍ وَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَبِحَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَنَسٍ: «إِنِّي لَقَائِمٌ أَسْقِي أَبَا طَلْحَةَ وَفُلَانًا وَفُلَانًا، إِذْ دَخَلَ رَجُلٌ فَقَالَ: هَلْ بَلَغَكُمُ الْخَبَرُ؟ قُلْنَا وَمَا ذَاكَ، قَالَ: حُرِّمَتِ الْخَمْرُ، قَالَ: أَهْرِقْ هَذِهِ الْقِلَالَ يَا أَنَسُ، قَالَ: فَمَا سَأَلُوا عَنْهَا وَلَا رَاجَعُوهَا بَعْدَ خَبَرِ الرَّجُلِ» . وَبِحَدِيثِ إِرْسَالِهِ عَلِيًّا إِلَى الْمَوْقِفِ بِأَوَّلِ سُورَةِ بَرَاءَةَ، وَبِحَدِيثِ يَزِيدَ بْنِ شَيْبَانَ: «كُنَّا بِعَرَفَةَ فَأَتَانَا ابْنُ مِرْبَعٍ الْأَنْصَارِيُّ فَقَالَ: إِنِّي رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْكُمْ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَقِفُوا عَلَى مَشَاعِرِكُمْ هَذِهِ» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 74 وَإِذَا قِيلَ صَحِيحٌ فَهَذَا مَعْنَاهُ، لَا أَنَّهُ مَقْطُوعٌ بِهِ، وَإِذَا قِيلَ غَيْرُ صَحِيحٍ فَمَعْنَاهُ لَمْ يَصِحَّ إِسْنَادُهُ   [تدريب الراوي] وَبِحَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ: «بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ رَجُلًا مِنْ أَسْلَمَ يُنَادِي فِي النَّاسِ: إِنَّ الْيَوْمَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ، فَمَنْ كَانَ أَكَلَ فَلَا يَأْكُلْ شَيْئًا» الْحَدِيثَ، وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَقَدِ ادَّعَى ابْنُ حِبَّانَ نَقِيضَ هَذِهِ الدَّعْوَى فَقَالَ: إِنَّ رِوَايَةَ اثْنَيْنِ عَنِ اثْنَيْنِ إِلَى أَنْ يَنْتَهِيَ لَا تُوجَدُ أَصْلًا، وَسَيَأْتِي تَقْرِيرُ ذَلِكَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْعَزِيزِ، وَنَقَلَ الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ الْبَغْدَادِيُّ: أَنَّ بَعْضَهُمُ اشْتَرَطَ فِي قَبُولِ الْخَبَرِ: أَنْ يَرْوِيَهُ ثَلَاثَةٌ إِلَى مُنْتَهَاهُ، وَاشْتَرَطَ بَعْضُهُمْ أَرْبَعَةً عَنْ أَرْبَعَةٍ، وَبَعْضُهُمْ خَمْسَةً عَنْ خَمْسَةٍ، وَبَعْضُهُمْ سَبْعَةً عَنْ سَبْعَةٍ. [قوله هذا حديث صحيح وهذا غير صحيح] (وَإِذَا قِيلَ) هَذَا حَدِيثٌ (صَحِيحٌ فَهَذَا مَعْنَاهُ) أَيْ: مَا اتَّصَلَ سَنَدُهُ مَعَ الْأَوْصَافِ الْمَذْكُورَةِ، فَقَبِلْنَاهُ عَمَلًا بِظَاهِرِ الْإِسْنَادِ (لَا أَنَّهُ مَقْطُوعٌ بِهِ) فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، لِجَوَازِ الْخَطَأِ وَالنِّسْيَانِ عَلَى الثِّقَةِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ: إِنَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ يُوجِبُ الْقَطْعَ، حَكَاهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ عَنْ قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ، وَعَزَاهُ الْبَاجِيُّ لِأَحْمَدَ وَابْنُ خُوَيْزِ مَنْدَادَ لِمَالِكٍ، وَإِنْ نَازَعَهُ فِيهِ الْمَازِرِيُّ، بِعَدَمِ وُجُودِ نَصٍّ لَهُ فِيهِ، وَحَكَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ حُسَيْنٍ الْكَرَابِيسِيِّ وَابْنُ حَزْمٍ عَنْ دَاوُدَ. وَحَكَى السُّهَيْلِيُّ عَنْ بَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ ذَلِكَ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ فِي إِسْنَادِهِ إِمَامٌ مِثْلُ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ وَسُفْيَانَ، وَإِلَّا فَلَا يُوجِبُهُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 75 وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يُجْزَمُ فِي إِسْنَادٍ أَنَّهُ أَصَحُّ الْأَسَانِيدِ مُطْلَقًا.   [تدريب الراوي] وَحَكَى الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ فِي التَّبْصِرَةِ عَنْ بَعْضِ الْمُحَدِّثِينَ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَشِبْهِهِ، أَمَّا مَا أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا فَسَيَأْتِي الْكَلَامُ فِيهِ. (وَإِذَا قِيلَ) هَذَا حَدِيثٌ (غَيْرُ صَحِيحٍ) لَوْ قَالَ: ضَعِيفٌ لَكَانَ أَخْصَرَ، وَأَسْلَمَ مِنْ دُخُولِ الْحَسَنِ (فَمَعْنَاهُ لَمْ يَصِحَّ إِسْنَادُهُ) عَلَى الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ، لَا أَنَّهُ كَذِبٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ؛ لِجَوَازِ صِدْقِ الْكَاذِبِ وَإِصَابَةِ مَنْ هُوَ كَثِيرُ الْخَطَأِ. [هل يُجْزَمُ فِي إِسْنَادِ أَنَّه ُ أَصَحُّ الْأَسَانِيدِ مُطْلَقًا] (وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يُجْزَمُ فِي إِسْنَادِهِ أَنَّهُ أَصَحُّ الْأَسَانِيدِ مُطْلَقًا) لِأَنَّ تَفَاوُتَ مَرَاتِبِ الصِّحَّةِ مُرَتَّبٌ عَلَى تَمَكُّنِ الْإِسْنَادِ مِنْ شُرُوطِ الصِّحَّةِ، وَيَعِزُّ وُجُودُ أَعْلَى دَرَجَاتِ الْقَبُولِ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ رِجَالِ الْإِسْنَادِ الْكَائِنِينَ فِي تَرْجَمَةٍ وَاحِدَةٍ؛ وَلِهَذَا اضْطَرَبَ مَنْ خَاضَ فِي ذَلِكَ إِذْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمُ اسْتِقْرَاءٌ تَامٌّ، وَإِنَّمَا رَجَّحَ كُلٌّ مِنْهُمْ بِحَسَبِ مَا قَوِيَ عِنْدَهُ خُصُوصًا إِسْنَادَ بَلَدِهِ لِكَثْرَةِ اعْتِنَائِهِ بِهِ، كَمَا رَوَى الْخَطِيبُ فِي الْجَامِعِ مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ سَعِيدٍ الدَّارِمِيِّ، سَمِعْتُ مَحْمُودَ بْنَ غَيْلَانَ يَقُولُ: قِيلَ لِوَكِيعِ بْنِ الْجَرَّاحِ: هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ، وَأَفْلَحُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ، وَسُفْيَانُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ، أَيُّهُمْ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: لَا نَعْدِلُ بِأَهْلِ بَلَدِنَا أَحَدًا، قَالَ أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ: فَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ: هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَحَبُّ إِلَيَّ، هَكَذَا رَأَيْتُ أَصْحَابَنَا يُقَدِّمُونَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 76 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] فَالْحُكْمُ حِينَئِذٍ عَلَى إِسْنَادٍ مُعَيَّنٍ بِأَنَّهُ أَصَحُّ عَلَى الْإِطْلَاقِ مَعَ عَدَمِ اتِّفَاقِهِمْ تَرْجِيحٌ بِغَيْرِ مُرَجِّحٍ. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: مَعَ أَنَّهُ يُمْكِنُ لِلنَّاظِرِ الْمُتْقِنِ تَرْجِيحُ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ مِنْ حَيْثُ حِفْظُ الْإِمَامِ الَّذِي رَجَّحَ وَإِتْقَانُهُ، وَإِنْ لَمْ يَتَهَيَّأْ ذَلِكَ عَلَى الْإِطْلَاقِ فَلَا يَخْلُو النَّظَرُ فِيهِ مِنْ فَائِدَةٍ؛ لِأَنَّ مَجْمُوعَ مَا نُقِلَ عَنِ الْأَئِمَّةِ مِنْ ذَلِكَ يُفِيدُ تَرْجِيحَ التَّرَاجِمِ الَّتِي حَكَمُوا لَهَا بِالْأَصَحِّيَّةِ عَلَى مَا لَمْ يَقَعْ لَهُ حُكْمٌ مِنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ. 1 - تَنْبِيهٌ عِبَارَةُ ابْنِ الصَّلَاحِ: وَلِهَذَا نَرَى الْإِمْسَاكَ عَنِ الْحُكْمِ لِإِسْنَادٍ أَوْ حَدِيثٍ بِأَنَّهُ أَصَحُّ عَلَى الْإِطْلَاقِ، قَالَ الْعَلَائِيُّ: أَمَّا الْإِسْنَادُ فَقَدْ صَرَّحَ جَمَاعَةٌ بِذَلِكَ، وَأَمَّا الْحَدِيثُ فَلَا يُحْفَظُ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ أَنَّهُ قَالَ: حَدِيثُ كَذَا أَصَحُّ الْأَحَادِيثِ عَلَى الْإِطْلَاقِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ الْإِسْنَادِ أَصَحَّ مِنْ غَيْرِهِ أَنْ يَكُونَ الْمَتْنُ كَذَلِكَ، فَلِأَجْلِ ذَلِكَ مَا خَاضَ الْأَئِمَّةُ إِلَّا فِي الْحُكْمِ عَلَى الْإِسْنَادِ. انْتَهَى. وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ حَذَفَهُ لِذَلِكَ، لَكِنْ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: سَيَأْتِي أَنَّ مِنْ لَازِمِ مَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ: إِنَّ أَصَحَّ الْأَسَانِيدِ مَا رَوَاهُ أَحْمَدُ عَنِ الشَّافِعِيِّ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنْ يَكُونَ أَصَحُّ الْأَحَادِيثِ الْحَدِيثَ الَّذِي رَوَاهُ أَحْمَدُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، فَإِنَّهُ لَمْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 77 وَقِيلَ: أَصَحُّهَا الزُّهْرِيُّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ، وَقِيلَ: ابْنُ سِيرِينَ عَنْ عَبِيدَةَ عَنْ عَلِيٍّ، وَقِيلَ: الْأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَقِيلَ الزُّهْرِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيٍّ، وَقِيلَ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، فَعَلَى هَذَا قِيلَ: الشَّافِعِيُّ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ.   [تدريب الراوي] يَرْوِ فِي مُسْنَدِهِ بِهِ غَيْرَهُ فَيَكُونُ أَصَحَّ الْأَحَادِيثِ عَلَى رَأْيِ مَنْ ذَهَبَ إِلَى ذَلِكَ. قُلْتُ: قَدْ جَزَمَ بِذَلِكَ الْعَلَائِيُّ نَفْسُهُ فِي عَوَالِي مَالِكٍ، فَقَالَ فِي الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ: إِنَّهُ أَصَحُّ حَدِيثٍ فِي الدُّنْيَا. [أَصَحُّ الْأَسَانِيدِ مُطْلَقًا] (وَقِيلَ: أَصَحُّهَا) مُطْلَقًا مَا رَوَاهُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شِهَابٍ (الزُّهْرِيُّ عَنْ سَالِمِ) بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ (عَنْ أَبِيهِ) ، وَهَذَا مَذْهَبُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ صَرَّحَ بِذَلِكَ ابْنُ الصَّلَاحِ. (وَقِيلَ) أَصَحُّهَا مُحَمَّدُ (ابْنُ سِيرِينَ عَنْ عَبِيدَةَ) السَّلْمَانِيِّ بِفَتْحِ الْعَيْنِ (عَنْ عَلِيِّ) بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْمَدِينِيِّ وَالْفَلَّاسِ وَسُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ، إِلَّا أَنَّ سُلَيْمَانَ قَالَ: أَجْوَدُهَا أَيُّوبُ السَّخْتِيَانِيُّ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، وَابْنُ الْمَدِينِيِّ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْنٍ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ حَكَاهُ ابْنُ الصَّلَاحِ. (وَقِيلَ) أَصَحُّهَا سُلَيْمَانُ (الْأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ) بْنِ يَزِيدَ النَّخَعِيِّ (عَنْ عَلْقَمَةَ) بْنِ قَيْسٍ (عَنْ) عَبْدِ اللَّهِ (بْنِ مَسْعُودٍ) وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ مَعِينٍ، صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ. (وَقِيلَ) أَصَحُّهَا (الزُّهْرِيُّ عَنْ) زَيْنِ الْعَابِدِينَ (عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ أَبِيهِ) الْحُسَيْنِ (عَنْ) أَبِيهِ (عَلِيِّ) بْنِ أَبِي طَالِبٍ، حَكَاهُ ابْنُ الصَّلَاحِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَالْعِرَاقِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 78 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] (وَقِيلَ) أَصَحُّهَا (مَالِكُ) بْنُ أَنَسٍ (عَنْ نَافِعٍ) مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ (عَنِ ابْنِ عُمَرَ) وَهَذَا قَوْلُ الْبُخَارِيِّ، وَصَدَّرَ الْعِرَاقِيُّ بِهِ كَلَامَهُ، وَهُوَ أَمْرٌ تَمِيلُ إِلَيْهِ النُّفُوسُ، وَتَنْجَذِبُ إِلَيْهِ الْقُلُوبُ. رَوَى الْخَطِيبُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ يَحْيَى بْنِ بَكْرٍ أَنَّهُ قَالَ لِأَبِي زُرْعَةَ الرَّازِيِّ: يَا أَبَا زُرْعَةَ، لَيْسَ ذَا زَعْزَعَةً، عَنْ زَوْبَعَةٍ، إِنَّمَا تَرْفَعُ السِّتْرَ فَتَنْظُرُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالصَّحَابَةِ حَدِيثَ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ. (فَعَلَى هَذَا قِيلَ) عِبَارَةُ ابْنِ الصَّلَاحِ، وَبَنَى الْإِمَامُ أَبُو مَنْصُورٍ عَبْدُ الْقَاهِرِ بْنُ طَاهِرٍ التَّمِيمِيُّ أَنَّ أَجَلَّ الْأَسَانِيدِ (الشَّافِعِيُّ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ) . وَاحْتَجَّ بِإِجْمَاعِ أَهْلِ الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ أَجَلُّ مِنَ الشَّافِعِيِّ، وَبَنَى بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ أَجَلَّهَا رِوَايَةُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ عَنِ الشَّافِعِيِّ عَنْ مَالِكٍ؛ لِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ أَجَلَّ مَنْ أَخَذَ عَنِ الشَّافِعِيِّ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَتُسَمَّى هَذِهِ التَّرْجَمَةُ سِلْسِلَةَ الذَّهَبِ، وَلَيْسَ فِي مُسْنَدِهِ عَلَى كِبَرِهِ بِهَذِهِ التَّرْجَمَةِ سِوَى حَدِيثٍ وَاحِدٍ وَهُوَ فِي الْوَاقِعِ أَرْبَعَةُ أَحَادِيثَ جَمَعَهَا وَسَاقَهَا مَسَاقَ الْحَدِيثِ الْوَاحِدِ، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 79 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] بَلْ لَمْ يَقَعْ لَنَا عَلَى هَذِهِ الشَّرِيطَةِ غَيْرُهَا، وَلَا خَارِجَ الْمُسْنَدِ. أَخْبَرَنِي شَيْخُنَا الْإِمَامُ تَقِيُّ الدِّينِ الشُّمُنِّيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ، أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ الْحَنْبَلِيُّ، أَنَا أَبُو الْحَسَنِ الْعُرْضِيُّ، أَخْبَرَتْنَا زَيْنَبُ بِنْتُ مَكِّيٍّ، ح وَأَخْبَرَنِي عَالِيًا مُسْنِدُ الدُّنْيَا عَلَى الْإِطْلَاقِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ مُقْبِلٍ الْحَلَبِيُّ مُكَاتَبَةً مِنْهَا، عَنِ الصَّلَاحِ بْنِ أَبِي عُمَرَ الْمَقْدِسِيِّ وَهُوَ آخِرُ مَنْ رَوَى عَنْهُ، أَنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ الْبُخَارِيِّ وَهُوَ آخِرُ مَنْ حَدَّثَ عَنْهُ، قَالَا: أَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّصَافِيُّ، أَنَا هِبَةُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ التَّمِيمِيُّ، أَنَا أَبُو بَكْرٍ الْقَطِيعِيُّ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنِي أَبِي، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ، أَنْبَأَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ، وَنَهَى عَنِ النَّجْشِ وَنَهَى عَنْ بَيْعِ حَبَلِ الْحَبَلَةِ وَنَهَى عَنِ الْمُزَابَنَةِ، وَالْمُزَابَنَةُ: بَيْعُ التَّمْرِ بِالتَّمْرِ كَيْلًا وَبَيْعُ الْكَرْمِ بِالزَّبِيبِ كَيْلًا» ، أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مُفَرَّقًا، مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ، وَأَخْرَجَهَا مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ، إِلَّا النَّهْيَ عَنْ حَبَلِ الْحَبَلَةِ فَأَخْرَجَهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ. 1 - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 80 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ: اعْتِرَاضُ مُغَلْطَايِ عَلَى التَّمِيمِيِّ فِي ذِكْرِهِ الشَّافِعِيَّ بِرِوَايَةِ أَبِي حَنِيفَةَ عَنْ مَالِكٍ، إِنْ نَظَرْنَا إِلَى الْجَلَالَةِ، وَابْنِ وَهْبٍ وَالْقَعْنَبِيِّ إِنْ نَظَرْنَا إِلَى الْإِتْقَانِ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ فِي " مَحَاسِنِ الْإِصْلَاحِ ": فَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ فَهُوَ وَإِنْ رَوَى عَنْ مَالِكٍ كَمَا ذَكَرَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، لَكِنْ لَمْ تَشْتَهِرْ رِوَايَتُهُ عَنْهُ، كَاشْتِهَارِ رِوَايَةِ الشَّافِعِيِّ، أَمَّا الْقَعْنَبِيُّ وَابْنُ وَهْبٍ فَأَيْنَ تَقَعُ رُتْبَتُهُمَا مِنْ رُتْبَةِ الشَّافِعِيِّ، وَقَالَ الْعِرَاقِيُّ فِيمَا رَأَيْتُهُ بِخَطِّهِ: رِوَايَةُ أَبِي حَنِيفَةَ عَنْ مَالِكٍ فِيمَا ذَكَرَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي غَرَائِبِهِ، وَفِي " الْمُدَبَّجِ " لَيْسَتْ مِنْ رِوَايَتِهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَالْمَسْأَلَةُ مَفْرُوضَةٌ فِي ذَلِكَ، قَالَ: نَعَمْ ذَكَرَ الْخَطِيبُ حَدِيثًا كَذَلِكَ فِي الرِّوَايَةِ عَنْ مَالِكٍ. وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: أَمَّا اعْتِرَاضُهُ بِأَبِي حَنِيفَةَ، فَلَا يَحْسُنُ؛ لِأَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ لَمْ تَثْبُتْ رِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ، وَإِنَّمَا أَوْرَدَهَا الدَّارَقُطْنِيُّ ثُمَّ الْخَطِيبُ لِرِوَايَتَيْنِ وَقَعَتَا لَهُمَا عَنْهُ بِإِسْنَادَيْنِ فِيهِمَا مَقَالٌ، وَأَيْضًا فَإِنَّ رِوَايَةَ أَبِي حَنِيفَةَ عَنْ مَالِكٍ إِنَّمَا هِيَ فِيمَا ذَكَرَهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 81 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] فِي الْمُذَاكَرَةِ، وَلَمْ يَقْصِدِ الرِّوَايَةَ عَنْهُ كَالشَّافِعِيِّ الَّذِي لَازَمَهُ مُدَّةً طَوِيلَةً وَقَرَأَ عَلَيْهِ الْمُوَطَّأَ بِنَفْسِهِ، وَأَمَّا اعْتِرَاضُهُ بِابْنِ وَهْبٍ وَالْقَعْنَبِيِّ، فَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: إِنَّهُ سَمِعَ الْمُوَطَّأَ مِنَ الشَّافِعِيِّ بَعْدَ سَمَاعِهِ لَهُ مِنِ ابْنِ مَهْدِيٍّ الرَّاوِي لَهُ عَنْ مَالِكٍ بِكَثْرَةٍ، قَالَ: لِأَنِّي رَأَيْتُهُ فِيهِ ثَبْتًا، فَعَلَّلَ إِعَادَتَهُ لِسَمَاعِهِ وَتَخْصِيصَهَا بِالشَّافِعِيِّ بِأَمْرٍ يَرْجِعُ إِلَى التَّثَبُّتِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الشَّافِعِيَّ أَعْلَمُ بِالْحَدِيثِ مِنْهُمَا. قَالَ: نَعَمْ، أَطْلَقَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ أَنَّ الْقَعْنَبِيَّ أَثْبَتُ النَّاسِ فِي الْمُوَطَّأِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمَوْجُودِينَ عِنْدَ إِطْلَاقِ تِلْكَ الْمَقَالَةِ، فَإِنَّ الْقَعْنَبِيَّ عَاشَ بَعْدَ الشَّافِعِيِّ مُدَّةً، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ مُعَارَضَةُ هَذِهِ الْمَقَالَةِ بِمِثْلِهَا، فَقَدْ قَالَ ابْنُ مَعِينٍ مِثْلَ ذَلِكَ فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ التِّنِّيسِيِّ. قَالَ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ وَجْهُ التَّقْدِيمِ مِنْ جِهَةِ مَنْ سَمِعَ كَثِيرًا مِنَ الْمُوَطَّأِ مِنْ لَفْظِ مَالِكٍ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ السَّمَاعَ مِنْ لَفْظِ الشَّيْخِ أَتْقَنُ مِنَ الْقِرَاءَةِ عَلَيْهِ، وَأَمَّا ابْنُ وَهْبٍ فَقَدْ قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ: إِنَّهُ غَيْرُ جَيِّدِ التَّحَمُّلِ، فَيَحْتَاجُ إِلَى صِحَّةِ النَّقْلِ عَنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ إِنْ كَانَ أَتْقَنَ الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ، ثُمَّ كَانَ كَثِيرَ اللُّزُومِ لَهُ. قَالَ: وَالْعَجَبُ مِنْ تَرْدِيدِ الْمُعْتَرِضِ بَيْنَ الْأَجَلِّيَّةِ وَالْأَتْقَنِيَّةِ، وَأَبُو مَنْصُورٍ إِنَّمَا عَبَّرَ بِأَجَلَّ، وَلَا يَشُكُّ أَحَدٌ أَنَّ الشَّافِعِيَّ أَجَلُّ مِنْ هَؤُلَاءِ، لِمَا اجْتَمَعَ لَهُ مِنَ الصِّفَاتِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 82 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] الْعَلِيَّةِ الْمُوجِبَةِ لِتَقْدِيمِهِ، وَأَيْضًا فَزِيَادَةُ إِتْقَانِهِ لَا يَشُكُّ فِيهَا مَنْ لَهُ عِلْمٌ بِأَخْبَارِ النَّاسِ، فَقَدْ كَانَ أَكَابِرُ الْمُحَدِّثِينَ يَأْتُونَهُ فَيُذَاكِرُونَهُ بِأَحَادِيثَ أَشْكَلَتْ عَلَيْهِمْ، فَيُبَيِّنُ لَهُمْ مَا أَشْكَلَ، وَيُوقِفُهُمْ عَلَى عِلَلٍ غَامِضَةٍ، فَيَقُومُونَ وَهُمْ يَتَعَجَّبُونَ، وَهَذَا لَا يُنَازِعُ فِيهِ إِلَّا جَاهِلٌ أَوْ مُتَغَافِلٌ. قَالَ: لَكِنَّ إِيرَادَ كَلَامِ أَبِي مَنْصُورٍ فِي هَذَا الْفَصْلِ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِتَرْجِيحِ تَرْجَمَةِ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَلَى غَيْرِهَا، إِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ مَا وَقَعَ فِي الْمُوَطَّأِ، فَرُوَاتُهُ فِيهِ سَوَاءٌ مِنْ حَيْثُ الِاشْتِرَاكُ فِي رِوَايَةِ تِلْكَ الْأَحَادِيثِ، وَيَتِمُّ مَا عَبَّرَ بِهِ أَبُو مَنْصُورٍ مِنْ أَنَّ الشَّافِعِيَّ أَجَلُّهُمْ، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ أَعَمَّ مِنْ ذَلِكَ، فَلَا شَكَّ، أَنَّ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ مِنْ حَدِيثِهِ خَارِجَ الْمُوَطَّأِ مَا لَيْسَ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، فَالْمَقَامُ عَلَى هَذَا مَقَامُ تَأَمُّلٍ، وَقَدْ نُوزِعَ فِي أَحْمَدَ بِمِثْلِ مَا نُوزِعَ فِي الشَّافِعِيِّ مِنْ زِيَادَةِ الْمُمَارَسَةِ وَالْمُلَازَمَةِ لِغَيْرِهِ؛ كَالرَّبِيعِ مَثَلًا، وَيُجَابُ بِمِثْلِ مَا تَقَدَّمَ. 1 - الثَّانِي: ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِابْنِ الصَّلَاحِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ خَمْسَةَ أَقْوَالٍ، وَبَقِيَ أَقْوَالٌ أُخَرُ: فَقَالَ حَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ: أَصَحُّ الْأَسَانِيدِ شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، يَعْنِي عَنْ شُيُوخِهِ، هَذِهِ عِبَارَةُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ فِي نُكَتِهِ. وَعِبَارَةُ الْحَاكِمِ: قَالَ حَجَّاجٌ: اجْتَمَعَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَابْنُ مَعِينٍ وَابْنُ الْمَدِينِيِّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 83 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] فِي جَمَاعَةٍ مَعَهُمْ فَتَذَاكَرُوا أَجْوَدَ الْأَسَانِيدِ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ: أَجْوَدُ الْأَسَانِيدِ: شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ عَامِرٍ أَخِي أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، ثُمَّ نَقَلَ عَنِ ابْنِ مَعِينٍ وَأَحْمَدَ مَا سَبَقَ عَنْهُمَا. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ، لَيْسَ إِسْنَادٌ أَثْبَتَ مِنْ هَذَا، أَسْنَدَهُ الْخَطِيبُ فِي الْكِفَايَةِ. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ حَجَرٍ: فَعَلَى هَذَا لِابْنِ مَعِينٍ قَوْلَانِ، وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الشَّاذَكُونِيُّ: أَصَحُّ الْأَسَانِيدِ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَعَنْ خَلَفِ بْنِ هِشَامٍ الْبَزَّارِ قَالَ: سَأَلْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ، أَيُّ الْأَسَانِيدِ أَثْبَتُ؟ قَالَ: أَيُّوبُ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، فَإِنْ كَانَ مِنْ رِوَايَةِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ، فَيَالَكَ. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ فَلِأَحْمَدَ قَوْلَانِ، وَرَوَى الْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ قَالَ: إِذَا كَانَ الرَّاوِي عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ ثِقَةً، فَهُوَ كَأَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَهَذَا مُشْعِرٌ بِجَلَالَةِ إِسْنَادِ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عِنْدَهُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 84 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَرَوَى الْخَطِيبُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ وَكِيعٍ قَالَ: لَا أَعْلَمُ فِي الْحَدِيثِ شَيْئًا أَحْسَنَ إِسْنَادًا مِنْ هَذَا: شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ مُرَّةَ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَالْعِجْلِيُّ: أَرْجَحُ الْأَسَانِيدِ وَأَحْسَنُهَا، سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَكَذَلِكَ رَجَّحَهَا النَّسَائِيُّ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: أَقْوَى الْأَسَانِيدِ الَّتِي تُرْوَى، فَذَكَرَ مِنْهَا الزُّهْرِيَّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عُمَرَ، وَرَجَّحَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ تَرْجَمَةَ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَكَذَا رَجَّحَ أَحْمَدُ رِوَايَةَ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ، عَلَى رِوَايَةِ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ، وَرَجَّحَ ابْنُ مَعِينٍ تَرْجَمَةَ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ؛ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ. 1 - الثَّالِثُ: قَالَ الْحَاكِمُ: يَنْبَغِي تَخْصِيصُ الْقَوْلِ فِي أَصَحِّ الْأَسَانِيدِ بِصَحَابِيٍّ أَوْ بَلَدٍ مَخْصُوصٍ، بِأَنْ يُقَالَ: أَصَحُّ إِسْنَادِ فُلَانٍ أَوِ الْفُلَانِيِّينَ كَذَا وَلَا يُعَمَّمُ، قَالَ: فَأَصَحُّ أَسَانِيدِ الصِّدِّيقِ: إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنْهُ. وَأَصَحُّ أَسَانِيدِ عُمَرَ: الزُّهْرِيُّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 85 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ: أَصَحُّ طَرِيقٍ يُرْوَى فِي الدُّنْيَا عَنْ عُمَرَ: الزُّهْرِيُّ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ عَنْهُ. قَالَ الْحَاكِمُ: وَأَصَحُّ أَسَانِيدِ أَهْلِ الْبَيْتِ: جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَلِيٍّ، إِذَا كَانَ الرَّاوِي عَنْ جَعْفَرٍ ثِقَةً، هَذِهِ عِبَارَةُ الْحَاكِمِ وَوَافَقَهُ مَنْ نَقَلَهَا وَفِيهَا نَظَرٌ، فَإِنَّ الضَّمِيرَ فِي جَدِّهِ إِنْ عَادَ إِلَى جَعْفَرٍ فَجَدُّهُ عَلِيٌّ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، أَوْ إِلَى مُحَمَّدٍ فَهُوَ لَمْ يَسْمَعْ مِنَ الْحُسَيْنِ. وَحَكَى التِّرْمِذِيُّ فِي الدَّعَوَاتِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ أَنَّهُ قَالَ فِي رِوَايَةِ الْأَعْرَجِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ عَنْ عَلِيٍّ هَذَا الْإِسْنَادَ: مِثْلَ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ. ثُمَّ قَالَ الْحَاكِمُ: وَأَصَحُّ أَسَانِيدِ أَبِي هُرَيْرَةَ: الزُّهْرِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْهُ، وَرَوَى قَبْلُ عَنِ الْبُخَارِيِّ أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْهُ، وَحَكَى غَيْرُهُ عَنِ ابْنِ الْمَدِينِيِّ مِنْ أَصَحِّ الْأَسَانِيدِ: حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 86 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] قَالَ: وَأَصَحُّ أَسَانِيدِ ابْنِ عُمَرَ: مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْهُ. وَأَصَحُّ أَسَانِيدِ عَائِشَةَ: عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْهَا، قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: هَذِهِ تَرْجَمَةٌ مُشَبَّكَةٌ بِالذَّهَبِ. قَالَ: وَمِنْ أَصَحِّ الْأَسَانِيدِ أَيْضًا الزُّهْرِيُّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْهَا. (وَقَدْ تَقَدَّمَ عَنِ الدَّارِمِيِّ قَوْلٌ آخَرُ) . وَأَصَحُّ أَسَانِيدِ ابْنِ مَسْعُودٍ: سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْهُ، وَأَصَحُّ أَسَانِيدِ أَنَسٍ: مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْهُ. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: وَهَذَا مِمَّا يُنَازَعُ فِيهِ، فَإِنَّ قَتَادَةَ وَثَابِتًا الْبُنَانِيَّ أَعْرَفُ بِحَدِيثِ أَنَسٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَلَهُمَا مِنَ الرُّوَاةِ جَمَاعَةٌ، فَأَثْبَتُ أَصْحَابِ ثَابِتٍ: حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، وَقِيلَ: حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، وَأَثْبَتُ أَصْحَابِ قَتَادَةَ: شُعْبَةُ، وَقِيلَ: هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ. وَقَالَ الْبَزَّارُ: رِوَايَةُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ: أَصَحُّ إِسْنَادٍ يُرْوَى عَنْ سَعْدٍ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ الْمِصْرِيُّ: أَثْبَتُ أَسَانِيدِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ: إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 87 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] حَكِيمٍ عَنْ عُبَيْدَةَ بْنِ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. قَالَ الْحَاكِمُ: وَأَصَحُّ أَسَانِيدِ الْمَكِّيِّينَ: سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ جَابِرٍ، وَأَصَحُّ أَسَانِيدِ الْيَمَانِيِّينَ: مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَأَثْبَتُ أَسَانِيدِ الْمِصْرِيِّينَ: اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ أَبِي الْخَيْرِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ. وَأَثْبَتُ أَسَانِيدِ الْخُرَاسَانِيِّينَ: الْحُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ. وَأَثْبَتُ أَسَانِيدِ الشَّامِيِّينَ: الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَطِيَّةَ عَنِ الصَّحَابَةِ. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ حَجَرٍ: وَرَجَّحَ بَعْضُ أَئِمَّتِهِمْ رِوَايَةَ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ عَنْ أَبِي ذَرٍّ، وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ عَنْ أَبِيهِ: لَيْسَ بِالْكُوفَةِ أَصَحُّ مِنْ هَذَا الْإِسْنَادِ: يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ عَنْ عَلِيٍّ. وَكَانَ جَمَاعَةٌ لَا يُقَدِّمُونَ عَلَى حَدِيثِ الْحِجَازِ شَيْئًا، حَتَّى قَالَ مَالِكٌ: إِذَا خَرَجَ الْحَدِيثُ عَنِ الْحِجَازِ انْقَطَعَ نُخَاعُهُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 88 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إِذَا لَمْ يُوجَدْ لِلْحَدِيثِ مِنَ الْحِجَازِ أَصْلٌ، ذَهَبَ نُخَاعُهُ، حَكَاهُ الْأَنْصَارِيُّ فِي كِتَابِ ذَمِّ الْكَلَامِ، وَعَنْهُ أَيْضًا: كُلُّ حَدِيثٍ جَاءَ مِنَ الْعِرَاقِ وَلَيْسَ لَهُ أَصْلٌ فِي الْحِجَازِ فَلَا يُقْبَلُ، وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا، مَا أُرِيدُ إِلَّا نَصِيحَتَكَ. وَقَالَ مِسْعَرٌ: قُلْتُ لِحَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ: أَيُّمَا أَعْلَمُ بِالسُّنَّةِ أَهْلُ الْحِجَازِ أَمْ أَهْلُ الْعِرَاقِ؟ فَقَالَ: بَلْ أَهْلُ الْحِجَازِ. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: إِذَا سَمِعْتَ بِالْحَدِيثِ الْعِرَاقِيِّ فَأَوْرِدْ بِهِ ثُمَّ أَوْرِدْ بِهِ. وَقَالَ طَاوُسٌ: إِذَا حَدَّثَكَ الْعِرَاقِيُّ مِائَةَ حَدِيثٍ فَاطْرَحْ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ. وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ: إِذَا حَدَّثَكَ الْعِرَاقِيُّ بِأَلْفِ حَدِيثٍ فَأَلْقِ تِسْعَمِائَةٍ وَتِسْعِينَ، وَكُنْ مِنَ الْبَاقِي فِي شَكٍّ. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: إِنَّ فِي حَدِيثِ أَهْلِ الْكُوفَةِ دَغَلًا كَثِيرًا. وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: حَدِيثُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَصَحُّ وَإِسْنَادُهُمْ أَقْرَبُ. وَقَالَ الْخَطِيبُ: أَصَحُّ طُرُقِ السُّنَنِ مَا يَرْوِيهِ أَهْلُ الْحَرَمَيْنِ " مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ "، فَإِنَّ التَّدْلِيسَ عَنْهُمْ قَلِيلٌ، وَالْكَذِبَ وَوَضْعَ الْحَدِيثِ عِنْدَهُمْ عَزِيزٌ. وَلِأَهْلِ الْيَمَنِ رِوَايَاتٌ جَيِّدَةٌ وَطُرُقٌ صَحِيحَةٌ، إِلَّا أَنَّهَا قَلِيلَةٌ، وَمَرْجِعُهَا إِلَى أَهْلِ الْحِجَازِ أَيْضًا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 89 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَلِأَهْلِ الْبَصْرَةِ مِنَ السُّنَنِ الثَّابِتَةِ بِالْأَسَانِيدِ الْوَاضِحَةِ مَا لَيْسَ لِغَيْرِهِمْ مَعَ إِكْثَارِهِمْ. وَالْكُوفِيُّونَ مِثْلُهُمْ فِي الْكَثْرَةِ، غَيْرَ أَنَّ رِوَايَاتِهِمْ كَثِيرَةُ الدَّغَلِ، قَلِيلَةُ السَّلَامَةِ مِنَ الْعِلَلِ. وَحَدِيثُ الشَّامِيِّينَ أَكْثَرُهُ مَرَاسِيلُ وَمَقَاطِيعُ، وَمَا اتَّصَلَ مِنْهُ مِمَّا أَسْنَدَهُ الثِّقَاتُ فَإِنَّهُ صَالِحٌ. وَالْغَالِبُ عَلَيْهِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَوَاعِظِ. وَقَالَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ: اتَّفَقَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ أَصَحَّ الْأَحَادِيثِ مَا رَوَاهُ أَهْلُ الْمَدِينَةِ، ثُمَّ أَهْلُ الْبَصْرَةِ، ثُمَّ أَهْلُ الشَّامِ. 1 - الرَّابِعُ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْبَرْدِيجِيُّ: أَجْمَعَ أَهْلُ النَّقْلِ عَلَى صِحَّةِ أَحَادِيثِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ، وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ وَابْنِ عُيَيْنَةَ وَمَعْمَرٍ وَالزُّبَيْدِيِّ وَعُقَيْلٍ، مَا لَمْ يَخْتَلِفُوا، فَإِذَا اخْتَلَفُوا تُوُقِّفَ فِيهِ. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ، أَنْ يَجْرِيَ هَذَا الشَّرْطُ فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ، فَيُقَالُ: إِنَّمَا يُوصَفُ بِالْأَصَحِّيَّةِ حَيْثُ لَا يَكُونُ هُنَاكَ مَانِعٌ مِنِ اضْطِرَابٍ أَوْ شُذُوذٍ. 1 - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 90 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] فَوَائِدُ الْأُولَى: تَقَدَّمَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ سَمِعَ الْمُوَطَّأَ مِنَ الشَّافِعِيِّ، وَفِيهِ مِنْ رِوَايَتِهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ الْعَدَدُ الْكَثِيرُ، وَلَمْ يَتَّصِلْ لَنَا مِنْهُ إِلَّا مَا تَقَدَّمَ. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي أَمَالِيهِ: لَعَلَّهُ لَمْ يُحَدِّثْ بِهِ أَوْ حَدَّثَ بِهِ وَانْقَطَعَ. الثَّانِيَةُ: جَمَعَ الْحَافِظُ أَبُو الْفَضْلِ الْعِرَاقِيُّ فِي الْأَحَادِيثِ الَّتِي وَقَعَتْ فِي الْمُسْنَدِ لِأَحْمَدَ، وَالْمُوَطَّأِ بِالتَّرَاجِمِ الْخَمْسَةِ الَّتِي حَكَاهَا الْمُصَنِّفُ، وَهِيَ الْمُطْلَقَةُ، وَبِالتَّرَاجِمِ الَّتِي حَكَاهَا الْحَاكِمُ وَهِيَ الْمُقَيَّدَةُ، وَرَتَّبَهَا عَلَى أَبْوَابِ الْفِقْهِ وَسَمَّاهَا: " تَقْرِيبَ الْأَسَانِيدِ ". قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: وَقَدْ أَخْلَى كَثِيرًا مِنَ الْأَبْوَابِ لِكَوْنِهِ لَمْ يَجِدْ فِيهَا تِلْكَ الشَّرِيطَةَ، وَفَاتَهُ أَيْضًا جُمْلَةٌ مِنَ الْأَحَادِيثِ عَلَى شَرْطِهِ لِكَوْنِهِ تَقَيَّدَ بِالْكِتَابَيْنِ لِلْغَرَضِ الَّذِي أَرَادَهُ مِنْ كَوْنِ الْأَحَادِيثِ الْمَذْكُورَةِ تَصِيرُ مُتَّصِلَةَ الْأَسَانِيدِ مَعَ الِاخْتِصَارِ الْبَالِغِ. قَالَ: وَلَوْ قُدِّرَ أَنْ يَتَفَرَّغَ عَارِفٌ لِجَمْعِ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ بِجَمِيعِ التَّرَاجِمِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِالْكِتَابِ، وَيَضُمُّ إِلَيْهَا التَّرَاجِمَ الْمَزِيدَةَ عَلَيْهِ لَجَاءَ كِتَابًا حَافِلًا حَاوِيًا لِأَصَحِّ الصَّحِيحِ. الثَّالِثَةُ: مِمَّا يُنَاسِبُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ: أَصَحُّ الْأَحَادِيثِ الْمُقَيَّدَةِ: كَقَوْلِهِمْ أَصَحُّ شَيْءٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 91 الثَّانِيَةُ: أَوَّلُ مُصَنَّفٍ فِي الصَّحِيحِ الْمُجَرَّدِ، صَحِيحُ الْبُخَارِيِّ، ثُمَّ مُسْلِمٍ   [تدريب الراوي] فِي الْبَابِ كَذَا، وَهَذَا يُوجَدُ فِي جَامِعِ التِّرْمِذِيِّ كَثِيرًا؛ وَفِي تَارِيخِ الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِمَا. وَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْأَذْكَارِ: لَا يَلْزَمُ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ صِحَّةُ الْحَدِيثِ، فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ: هَذَا أَصَحُّ مَا جَاءَ فِي الْبَابِ وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا، وَمُرَادُهُمْ أَرْجَحُهُ، أَوْ أَقَلُّهُ ضَعْفًا. ذَكَرَ ذَلِكَ عَقِبَ قَوْلِ الدَّارَقُطْنِيِّ: أَصَحُّ شَيْءٍ فِي فَضَائِلِ السُّوَرِ فَضْلُ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، وَأَصَحُّ شَيْءٍ فِي فَضَائِلِ الصَّلَوَاتِ فَضْلُ صَلَاةِ التَّسَابِيحِ، وَمِنْ ذَلِكَ أَصَحُّ مُسَلْسَلٍ، وَسَيَأْتِي فِي نَوْعِ الْمُسَلْسَلِ. الرَّابِعَةُ: ذَكَرَ الْحَاكِمُ هُنَا وَالْبُلْقِينِيُّ فِي مَحَاسِنِ الِاصْطِلَاحِ، أَوْهَى الْأَسَانِيدِ، مُقَابِلَةً لِأَصَحِّ الْأَسَانِيدِ، وَذِكْرُهُ فِي نَوْعِ الضَّعِيفِ أَلْيَقُ، وَسَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. [أَوَّلُ مُصَنَّفٍ فِي الصَّحِيحِ الْمُجَرَّدِ صحيح البخاري] (الثَّانِيَةُ) مِنْ مَسَائِلِ الصَّحِيحِ (أَوَّلُ مُصَنَّفٍ فِي الصَّحِيحِ الْمُجَرَّدِ صَحِيحُ) الْإِمَامِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ (الْبُخَارِيِّ) ، وَالسَّبَبُ فِي ذَلِكَ مَا رَوَاهُ عَنْهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَعْقِلٍ النَّسَفِيُّ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ فَقَالَ: لَوْ جَمَعْتُمْ كِتَابًا مُخْتَصَرًا لِصَحِيحِ سُنَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: فَوَقَعَ ذَلِكَ فِي قَلْبِي، فَأَخَذْتُ فِي جَمْعِ الْجَامِعِ الصَّحِيحِ. وَعَنْهُ أَيْضًا قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَأَنَّنِي وَاقِفٌ بَيْنَ يَدَيْهِ وَبِيَدِي مَرْوَحَةٌ أَذُبُّ عَنْهُ، فَسَأَلْتُ بَعْضَ الْمُعَبِّرِينَ فَقَالَ لِي: أَنْتَ تَذُبُّ عَنْهُ الْكَذِبَ، فَهُوَ الَّذِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 92 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] حَمَلَنِي عَلَى إِخْرَاجِ الْجَامِعِ الصَّحِيحِ. قَالَ: وَأَلَّفْتُهُ فِي بِضْعَ عَشْرَةَ سَنَةً. وَقَدْ كَانَتِ الْكُتُبُ قَبْلَهُ مَجْمُوعَةً مَمْزُوجًا فِيهَا الصَّحِيحُ بِغَيْرِهِ، وَكَانَتِ الْآثَارُ فِي عَصْرِ الصَّحَابَةِ وَكِبَارِ التَّابِعِينَ غَيْرَ مُدَوَّنَةٍ وَلَا مُرَتِّبَةٍ، لِسَيَلَانِ أَذْهَانِهِمْ وَسِعَةِ حِفْظِهِمْ، وَلِأَنَّهُمْ كَانُوا نُهُوا أَوَّلًا عَنْ كِتَابَتِهَا، كَمَا ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ؛ خَشْيَةَ اخْتِلَاطِهَا بِالْقُرْآنِ، وَلِأَنَّ أَكْثَرَهُمْ كَانَ لَا يُحْسِنُ الْكِتَابَةَ، فَلَمَّا انْتَشَرَ الْعُلَمَاءُ فِي الْأَمْصَارِ وَكَثُرَ الِابْتِدَاعُ مِنَ الْخَوَارِجِ وَالرَّوَافِضِ دُوِّنَتْ مَمْزُوجَةً بِأَقْوَالِ الصَّحَابَةِ وَفَتَاوَى التَّابِعِينَ وَغَيْرِهِمْ. فَأَوَّلُ مَنْ جَمَعَ ذَلِكَ: ابْنُ جُرَيْجٍ بِمَكَّةَ، وَابْنُ إِسْحَاقَ أَوْ مَالِكٌ بِالْمَدِينَةِ، وَالرَّبِيعُ بْنُ صَبِيحٍ أَوْ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ أَوْ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ بِالْبَصْرَةِ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ بِالْكُوفَةِ، وَالْأَوْزَاعِيُّ بِالشَّامِ، وَهُشَيْمٌ بِوَاسِطَ، وَمَعْمَرٌ بِالْيَمَنِ، وَجَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ بِالرَّيِّ، وَابْنُ الْمُبَارَكِ بِخُرَاسَانَ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ وَابْنُ حَجَرٍ: وَكَانَ هَؤُلَاءِ فِي عَصْرٍ وَاحِدٍ فَلَا نَدْرِي أَيُّهُمْ سَبَقَ. وَقَدْ صَنَّفَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ بِالْمَدِينَةِ مُوَطَّأً أَكْبَرَ مِنْ مُوَطَّأِ مَالِكٍ، حَتَّى قِيلَ لِمَالِكٍ: مَا الْفَائِدَةُ فِي تَصْنِيفِكَ؟ قَالَ: مَا كَانَ لِلَّهِ بَقِيَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 93 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْجَمْعِ بِالْأَبْوَابِ، أَمَّا جَمْعُ حَدِيثٍ إِلَى مِثْلِهِ فِي بَابٍ وَاحِدٍ فَقَدْ سَبَقَ إِلَيْهِ الشَّعْبِيُّ، فَإِنَّهُ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: هَذَا بَابٌ مِنَ الطَّلَاقِ جَسِيمٌ، وَسَاقَ فِيهِ أَحَادِيثَ، ثُمَّ تَلَا الْمَذْكُورِينَ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ عَصْرِهِمْ إِلَى أَنْ رَأَى بَعْضُ الْأَئِمَّةِ أَنَّ تُفْرَدَ أَحَادِيثُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّةً، وَذَلِكَ عَلَى رَأْسِ الْمِائَتَيْنِ، فَصَنَّفَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى الْعَبْسِيُّ الْكُوفِيُّ مُسْنَدًا، وَصَنَّفَ مُسَدَّدٌ الْبَصْرِيُّ مُسْنَدًا، وَصَنَّفَ أَسَدُ بْنُ مُوسَى الْأُمَوِيُّ مُسْنَدًا. وَصَنَّفَ نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ الْخُزَاعِيُّ الْمِصْرِيُّ مُسْنَدًا، ثُمَّ اقْتَفَى الْأَئِمَّةُ آثَارَهُمْ، فَقَلَّ إِمَامٌ مِنَ الْحُفَّاظِ إِلَّا وَصَنَّفَ حَدِيثَهُ عَلَى الْمَسَانِيدِ كَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ وَعُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَغَيْرِهِمْ. اهـ. قُلْتُ: وَهَؤُلَاءِ الْمَذْكُورُونَ فِي أَوَّلِ مَنْ جَمَعَ، كُلُّهُمْ فِي أَثْنَاءِ الْمِائَةِ الثَّانِيَةِ، وَأَمَّا ابْتِدَاءُ تَدْوِينِ الْحَدِيثِ فَإِنَّهُ وَقَعَ عَلَى رَأْسِ الْمِائَةِ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بِأَمْرِهِ، فَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ فِي أَبْوَابِ الْعِلْمِ: وَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ: انْظُرْ مَا كَانَ مِنْ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاكْتُبْهُ فَإِنِّي خِفْتُ دُرُوسَ الْعِلْمِ وَذَهَابَ الْعُلَمَاءِ. وَأَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي تَارِيخِ أَصْبَهَانَ بِلَفْظِ: كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى الْآفَاقِ: انْظُرُوا حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فَاجْمَعُوهُ. قَالَ فِي فَتْحِ الْبَارِي: يُسْتَفَادُ مِنْ هَذَا ابْتِدَاءُ تَدْوِينِ الْحَدِيثِ النَّبَوِيِّ، ثُمَّ أَفَادَ أَنَّ أَوَّلَ مَنْ دَوَّنَهُ بِأَمْرِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: ابْنُ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ. 1 - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 94 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] تَنْبِيهٌ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ: " الْمُجَرَّدِ " زِيَادَةٌ عَلَى ابْنِ الصَّلَاحِ، احْتَرَزَ بِهَا عَمَّا اعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِهِ، مِنْ أَنَّ مَالِكًا أَوَّلُ مَنْ صَنَّفَ الصَّحِيحَ، وَتَلَاهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَتَلَاهُ الدَّارِمِيُّ، قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَالْجَوَابُ أَنَّ مَالِكًا لَمْ يُفْرِدِ الصَّحِيحَ بَلْ أَدْخَلَ فِيهِ الْمُرْسَلَ وَالْمُنْقَطِعَ وَالْبَلَاغَاتِ، وَمِنْ بَلَاغَاتِهِ أَحَادِيثُ لَا تُعْرَفُ، كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، فَلَمْ يُفْرِدِ الصَّحِيحَ إِذَنْ، وَقَالَ مُغَلْطَايُ: لَا يُحْسِنُ هَذَا جَوَابًا، لِوُجُودِ مِثْلِ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْبُخَارِيِّ. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: كِتَابُ مَالِكٍ صَحِيحٌ عِنْدَهُ وَعِنْدَ مَنْ يُقَلِّدُهُ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ نَظَرُهُ مِنَ الِاحْتِجَاجِ بِالْمُرْسَلِ وَالْمُنْقَطِعِ وَغَيْرِهِمَا، لَا عَلَى الشَّرْطِ الَّذِي تَقَدَّمَ التَّعْرِيفُ بِهِ. قَالَ: وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَا فِيهِ مِنَ الْمُنْقَطِعِ وَبَيْنَ مَا فِي الْبُخَارِيِّ أَنَّ الَّذِي فِي الْمُوَطَّأِ هُوَ كَذَلِكَ مَسْمُوعٌ لِمَالِكٍ غَالِبًا، وَهُوَ حُجَّةٌ عِنْدَهُ، وَالَّذِي فِي الْبُخَارِيِّ قَدْ حُذِفَ إِسْنَادُهُ عَمْدًا لِقَصْدِ التَّخْفِيفِ إِنْ كَانَ ذَكَرَهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مَوْصُولًا، أَوْ لِقَصْدِ التَّنْوِيعِ إِنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ شَرْطِهِ لِيُخْرِجَهُ عَنِ مَوْضُوعِ كِتَابِهِ، وَإِنَّمَا يَذْكُرُ مَا يَذْكُرُ مِنْ ذَلِكَ تَنْبِيهًا وَاسْتِشْهَادًا وَاسْتِئْنَاسًا وَتَفْسِيرًا لِبَعْضِ آيَاتٍ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا سَيَأْتِي عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى التَّعْلِيقِ. فَظَهَرَ بِهَذَا أَنَّ الَّذِي فِي الْبُخَارِيِّ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ جَرَّدَ فِيهِ الصَّحِيحَ بِخِلَافِ الْمُوَطَّأِ، وَأَمَّا مَا يَتَعَلَّقُ بِمُسْنَدِ أَحْمَدَ وَالدَّارِمِيِّ فَسَيَأْتِي الْكَلَامُ فِيهِ فِي نَوْعِ الْحَسَنِ عِنْدَ ذِكْرِ الْمَسَانِيدِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 95 وَهُمَا أَصَحُّ الْكُتُبِ بَعْدَ الْقُرْآنِ، وَالْبُخَارِيُّ أَصَحُّهُمَا وَأَكْثَرُهُمَا فَوَائِدَ، وَقِيلَ: مُسْلِمٌ أَصَحُّ، وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ.   [تدريب الراوي] (ثُمَّ) تَلَا الْبُخَارِيَّ فِي تَصْنِيفِ الصَّحِيحِ: (مُسْلِمُ) بْنُ الْحَجَّاجِ تِلْمِيذُهُ، قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَقَدِ اعْتَرَضَ هَذَا بِقَوْلِ أَبِي الْفَضْلِ أَحْمَدَ بْنِ سَلَمَةَ: كُنْتُ مَعَ مُسْلِمِ بْنِ الْحَجَّاجِ فِي تَأْلِيفِ هَذَا الْكِتَابِ سَنَةَ خَمْسٍ وَمِائَتَيْنِ، وَهَذَا تَصْحِيفٌ إِنَّمَا هُوَ خَمْسِينَ بِزِيَادَةِ الْيَاءِ وَالنُّونِ؛ لِأَنَّ فِي سَنَةِ خَمْسٍ كَانَ عُمْرُ مُسْلِمٍ سَنَةً، بَلْ لَمْ يَكُنِ الْبُخَارِيُّ صَنَّفَ إِذْ ذَاكَ، فَإِنَّ مَوْلِدَهُ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِينَ وَمِائَةٍ. [تفضيل صحيح البخاري على صحيح مسلم] (وَهُمَا أَصَحُّ الْكُتُبِ بَعْدَ الْقُرْآنِ الْعَزِيزِ) قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَأَمَّا مَا رُوِّينَاهُ عَنِ الشَّافِعِيِّ مِنْ أَنَّهُ قَالَ: مَا أَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ كِتَابًا أَكْثَرَ صَوَابًا مِنْ كِتَابِ مَالِكٍ، وَفِي لَفْظٍ عَنْهُ: مَا بَعْدَ كِتَابِ اللَّهِ أَصَحُّ مِنْ مُوَطَّأِ مَالِكٍ، فَذَلِكَ قَبْلَ وُجُودِ الْكِتَابَيْنِ. (وَالْبُخَارِيُّ أَصَحُّهُمَا) أَيِ الْمُتَّصِلُ فِيهِ دُونَ التَّعَالِيقِ وَالتَّرَاجِمِ (وَأَكْثَرُهُمَا فَوَائِدَ) لِمَا فِيهِ مِنَ الِاسْتِنْبَاطَاتِ الْفِقْهِيَّةِ، وَالنُّكَتِ الْحِكَمِيَّةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. (وَقِيلَ مُسْلِمٌ أَصَحُّ، وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ) وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ؛ لِأَنَّهُ أَشَدُّ اتِّصَالًا وَأَتْقَنُ رِجَالًا، وَبَيَانُ ذَلِكَ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّ الَّذِينَ انْفَرَدَ الْبُخَارِيُّ بِالْإِخْرَاجِ لَهُمْ دُونَ مُسْلِمٍ أَرْبَعُمِائَةٍ وَبِضْعَةٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 96 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَثَلَاثُونَ رَجُلًا، الْمُتَكَلَّمُ فِيهِمْ بِالضَّعْفِ مِنْهُمْ ثَمَانُونَ رَجُلًا، وَالَّذِينَ انْفَرَدَ مُسْلِمٌ بِالْإِخْرَاجِ لَهُمْ دُونَ الْبُخَارِيِّ سِتُّمِائَةٍ وَعِشْرُونَ، الْمُتَكَلَّمُ فِيهِمْ بِالضَّعْفِ مِنْهُمْ مِائَةٌ وَسِتُّونَ. وَلَا شَكَّ أَنَّ التَّخْرِيجَ عَمَّنْ لَمْ يُتَكَلَّمْ فِيهِ أَصْلًا أَوْلَى مِنَ التَّخْرِيجِ عَمَّنْ تُكُلِّمَ فِيهِ، إِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الْكَلَامُ قَادِحًا. ثَانِيهَا: إِنَّ الَّذِينَ انْفَرَدَ بِهِمُ الْبُخَارِيُّ مِمَّنْ تُكُلِّمَ فِيهِ لَمْ يُكْثِرْ مِنْ تَخْرِيجِ أَحَادِيثِهِمْ، وَلَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ نُسْخَةٌ كَثِيرَةٌ أَخْرَجَهَا كُلَّهَا أَوْ أَكْثَرَهَا إِلَّا تَرْجَمَةَ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، بِخِلَافِ مُسْلِمٍ فَإِنَّهُ أَخْرَجَ أَكْثَرَ تِلْكَ النُّسَخِ كَأَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ، وَسُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ، وَالْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ، وَحَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ، وَغَيْرِ ذَلِكَ. ثَالِثُهَا: إِنَّ الَّذِينَ انْفَرَدَ بِهِمُ الْبُخَارِيُّ مِمَّنْ تُكُلِّمَ فِيهِمْ أَكْثَرُهُمْ مِنْ شُيُوخِهِ الَّذِينَ لَقِيَهُمْ وَجَالَسَهُمْ وَعَرَفَ أَحْوَالَهُمْ، وَاطَّلَعَ عَلَى أَحَادِيثِهِمْ عَرَفَ جَيِّدَهَا مِنْ غَيْرِهِ، بِخِلَافِ مُسْلِمٍ فَإِنَّ أَكْثَرَ مَنْ تَفَرَّدَ بِتَخْرِيجِ حَدِيثِهِ مِمَّنْ تُكُلِّمَ فِيهِ مِمَّنْ تَقَدَّمَ عَنْ عَصْرِهِ مِنَ التَّابِعِينَ فَمَنْ بَعْدَهُمْ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْمُحَدِّثَ أَعْرَفُ بِحَدِيثِ شُيُوخِهِ [وَبِصَحِيحِ حَدِيثِهِمْ مِنْ ضَعِيفِهِ] مِمَّنْ تَقَدَّمَ عَنْهُمْ. رَابِعُهَا: إِنَّ الْبُخَارِيَّ يُخَرِّجُ عَنِ الطَّبَقَةِ الْأُولَى الْبَالِغَةِ فِي الْحِفْظِ وَالْإِتْقَانِ، وَيُخَرِّجُ عَنْ طَبَقَةٍ تَلِيهَا فِي التَّثَبُّتِ وَطُولِ الْمُلَازَمَةِ اتِّصَالًا وَتَعْلِيقًا، وَمُسْلِمٌ يُخَرِّجُ عَنْ هَذِهِ الطَّبَقَةِ أُصُولًا كَمَا قَرَّرَهُ الْحَازِمِيُّ. خَامِسُهَا: إِنَّ مُسْلِمًا يَرَى أَنَّ لِلْمُعَنْعَنِ حُكْمَ الِاتِّصَالِ إِذَا تَعَاصَرَا وَإِنْ لَمْ يَثْبُتِ اللُّقَى، وَالْبُخَارِيُّ لَا يَرَى ذَلِكَ حَتَّى يَثْبُتَ كَمَا سَيَأْتِي، وَرُبَّمَا أَخْرَجَ الْحَدِيثَ الَّذِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 97 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالْبَابِ أَصْلًا، إِلَّا لِيُبَيِّنَ سَمَاعَ رَاوٍ مِنْ شَيْخِهِ لِكَوْنِهِ أَخْرَجَ لَهُ قَبْلَ ذَلِكَ مُعَنْعَنًا. سَادِسُهَا: إِنَّ الْأَحَادِيثَ الَّتِي انْتُقِدَتْ عَلَيْهِمَا نَحْوُ مِائَتَيْ حَدِيثٍ وَعَشَرَةِ أَحَادِيثَ كَمَا سَيَأْتِي أَيْضًا، اخْتَصَّ الْبُخَارِيُّ مِنْهَا بِأَقَلَّ مِنْ ثَمَانِينَ، وَلَا شَكَّ أَنَّ مَا قَلَّ الِانْتِقَادُ فِيهِ أَرْجَحُ مِمَّا كَثُرَ. وَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ: مِنْ أَخَصِّ مَا يُرَجَّحُ بِهِ كِتَابُ الْبُخَارِيِّ اتِّفَاقُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ الْبُخَارِيَّ أَجَلُّ مِنْ مُسْلِمٍ، وَأَصْدَقُ بِمَعْرِفَةِ الْحَدِيثِ وَدَقَائِقِهِ، وَقَدِ انْتَخَبَ عِلْمَهُ وَلَخَّصَ مَا ارْتَضَاهُ فِي هَذَا الْكِتَابِ. وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْبُخَارِيَّ أَجَلُّ مِنْ مُسْلِمٍ فِي الْعُلُومِ، وَأَعْرَفُ بِصِنَاعَةِ الْحَدِيثِ، وَأَنَّ مُسْلِمًا تِلْمِيذُهُ وَخِرِّيجُهُ، وَلَمْ يَزَلْ يَسْتَفِيدُ مِنْهُ وَيَتْبَعُ آثَارَهُ، حَتَّى قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: لَوْلَا الْبُخَارِيُّ مَا رَاحَ مُسْلِمٌ وَلَا جَاءَ. 1 - تَنْبِيهٌ عِبَارَةُ ابْنِ الصَّلَاحِ: وَرُوِّينَا عَنْ أَبِي عَلِيٍّ النَّيْسَابُورِيِّ شَيْخِ الْحَاكِمِ أَنَّهُ قَالَ: مَا تَحْتَ أَدِيمِ السَّمَاءِ كِتَابٌ أَصَحُّ مِنْ كِتَابِ مُسْلِمٍ، فَهَذَا وَقَوْلُ مَنْ فَضَّلَ مِنْ شُيُوخِ الْمَغْرِبِ كِتَابَ مُسْلِمٍ عَلَى كِتَابِ الْبُخَارِيِّ، إِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ أَنَّ كِتَابَ مُسْلِمٍ يَتَرَجَّحُ بِأَنَّهُ لَمْ يُمَازِجْهُ غَيْرُ الصَّحِيحِ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ بَعْدَ خُطْبَتِهِ إِلَّا الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ مَسْرُودًا غَيْرَ مَمْزُوجٍ بِمِثْلِ مَا فِي كِتَابِ الْبُخَارِيِّ، فَهَذَا لَا بَأْسَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 98 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] بِهِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ أَنَّ كِتَابَ مُسْلِمٍ أَرْجَحُ فِيمَا يَرْجِعُ إِلَى نَفْسِ الصَّحِيحِ، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّ كِتَابَ مُسْلِمٍ أَصَحُّ صَحِيحًا فَهُوَ مَرْدُودٌ عَلَى مَنْ يَقُولُهُ. اهـ. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ حَجَرٍ: قَوْلُ أَبِي عَلِيٍّ لَيْسَ فِيهِ مَا يَقْتَضِي تَصْرِيحَهُ بِأَنَّ كِتَابَ مُسْلِمٍ أَصَحُّ مِنْ كِتَابِ الْبُخَارِيِّ، خِلَافَ مَا يَقْتَضِيهِ إِطْلَاقُ الشَّيْخِ مُحْيِي الدِّينِ فِي مُخْتَصَرِهِ، وَفِي مُقَدِّمَةِ شَرْحِ الْبُخَارِيِّ لَهُ، وَإِنَّمَا يَقْتَضِي نَفْيَ الْأَصَحِّيَّةِ عَنْ غَيْرِ كِتَابِ مُسْلِمٍ عَلَيْهِ، أَمَّا إِثْبَاتُهَا لَهُ فَلَا؛ لِأَنَّ إِطْلَاقَهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ ذَلِكَ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ الْمُسَاوَاةَ، كَمَا فِي حَدِيثِ: «مَا أَظَلَّتِ الْخَضْرَاءُ وَلَا أَقَلَّتِ الْغَبْرَاءُ أَصْدَقَ لَهْجَةً مِنْ أَبِي ذَرٍّ» ، فَهَذَا لَا يَقْتَضِي أَنَّهُ أَصْدَقُ مِنْ جَمِيعِ الصَّحَابَةِ وَلَا مِنَ الصِّدِّيقِ، بَلْ نَفَى أَنْ يَكُونَ فِيهِمْ أَصْدَقُ مِنْهُ، فَيَكُونَ فِيهِمْ مَنْ يُسَاوِيهِ. وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ عُرْفَهُمْ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ مَاشٍ عَلَى قَانُونِ اللُّغَةِ أَنَّ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ قَالَ: مَا بِالْبَصْرَةِ أَعْلَمُ - أَوْ قَالَ أَثْبَتُ - مِنْ بِشْرِ بْنِ الْمُفَضَّلِ، أَمَّا مِثْلُهُ فَعَسَى، قَالَ: وَمَعَ احْتِمَالِ كَلَامِهِ ذَلِكَ فَهُوَ مُنْفَرِدٌ، سَوَاءٌ قَصَدَ الْأَوَّلَ أَوِ الثَّانِيَ. قَالَ: وَقَدْ رَأَيْتُ فِي كَلَامِ الْحَافِظِ أَبِي سَعِيدٍ الْعَلَائِيِّ مَا يُشْعِرُ بِأَنَّ أَبَا عَلِيٍّ لَمْ يَقِفْ عَلَى صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ، قَالَ: وَهَذَا عِنْدِي بَعِيدٌ، فَقَدْ صَحَّ عَنْ بَلَدِيِّهِ وَشَيْخِهِ أَبِي بَكْرِ بْنِ خُزَيْمَةَ أَنَّهُ قَالَ: مَا فِي هَذِهِ الْكُتُبِ كُلِّهَا أَجْوَدُ مِنْ كِتَابِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ. وَصَحَّ عَنْ بَلَدِيِّهِ وَرَفِيقِهِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَخْرَمِ أَنَّهُ قَالَ: قَلَّمَا يَفُوتُ الْبُخَارِيَّ وَمُسْلِمًا مِنَ الصَّحِيحِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 99 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] قَالَ: وَالَّذِي يَظْهَرُ لِي مِنْ كَلَامِ أَبِي عَلِيٍّ أَنَّهُ قَدَّمَ صَحِيحَ مُسْلِمٍ لِمَعْنًى آخَرَ غَيْرِ مَا يَرْجِعُ إِلَى مَا نَحْنُ بِصَدَدِهِ مِنَ الشَّرَائِطِ الْمَطْلُوبَةِ فِي الصِّحَّةِ، بَلْ لِأَنَّ مُسْلِمًا صَنَّفَ كِتَابَهُ فِي بَلَدِهِ بِحُضُورِ أُصُولِهِ فِي حَيَاةِ كَثِيرٍ مِنْ مَشَايِخِهِ، فَكَانَ يَتَحَرَّزُ فِي الْأَلْفَاظِ وَيَتَحَرَّى فِي السِّيَاقِ، بِخِلَافِ الْبُخَارِيِّ، فَرُبَّمَا كَتَبَ الْحَدِيثَ مِنْ حِفْظِهِ، وَلَمْ يُمَيِّزْ أَلْفَاظَ رُوَاتِهِ؛ وَلِهَذَا رُبَّمَا يَعْرِضُ لَهُ الشَّكُّ، وَقَدْ صَحَّ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: رُبَّ حَدِيثٍ سَمِعْتُهُ بِالْبَصْرَةِ فَكَتَبْتُهُ بِالشَّامِ، وَلَمْ يَتَصَدَّ مُسْلِمٌ لِمَا تَصَدَّى لَهُ الْبُخَارِيُّ مِنِ اسْتِنْبَاطِ الْأَحْكَامِ وَتَقْطِيعِ الْأَحَادِيثِ، وَلَمْ يُخْرِجِ الْمَوْقُوفَاتِ. قَالَ: وَأَمَّا مَا نَقَلَهُ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِ الْمَغَارِبَةِ، فَلَا يُحْفَظُ عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ تَقْيِيدُ الْأَفْضَلِيَّةِ بِالْأَصَحِّيَّةِ، بَلْ أَطْلَقَ بَعْضُهُمُ الْأَفْضَلِيَّةَ، فَحَكَى الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ أَبِي مَرْوَانَ الطُّبْنِيِّ - بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ، ثُمَّ نُونٍ - قَالَ: كَانَ بَعْضُ شُيُوخِي يُفَضِّلُ صَحِيحَ مُسْلِمٍ عَلَى صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ. قَالَ: وَأَظُنُّهُ عَنَى ابْنَ حَزْمٍ. فَقَدْ حَكَى الْقَاسِمُ التُّجِيبِيُّ فِي فَهْرَسَتِهِ عَنْهُ ذَلِكَ، قَالَ: لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ بَعْدَ الْخُطْبَةِ إِلَّا الْحَدِيثُ السَّرْدُ، وَقَالَ مَسْلَمَةُ بْنُ قَاسِمٍ الْقُرْطُبِيُّ مِنْ أَقْرَانِ الدَّارَقُطْنِيِّ: لَمْ يَصْنَعْ أَحَدٌ مِثْلَ صَحِيحِ مُسْلِمٍ، وَهَذَا فِي حُسْنِ الْوَضْعِ وَجَوْدَةِ التَّرْتِيبِ لَا فِي الصِّحَّةِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 100 وَاخْتَصَّ مُسْلِمٌ بِجَمْعِ طُرُقِ الْحَدِيثِ فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ.   [تدريب الراوي] [اختص مسلم بِجَمْعِ طُرُقِ الْحَدِيثِ فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ] وَلِهَذَا أَشَارَ الْمُصَنِّفُ حَيْثُ قَالَ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى ابْنِ الصَّلَاحِ: (وَاخْتَصَّ مُسْلِمٌ بِجَمْعِ طُرُقِ الْحَدِيثِ فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ) بِأَسَانِيدِهِ الْمُتَعَدِّدَةِ، وَأَلْفَاظِهِ الْمُخْتَلِفَةِ فَسَهُلَ تَنَاوُلُهُ، بِخِلَافِ الْبُخَارِيِّ فَإِنَّهُ قَطَّعَهَا فِي الْأَبْوَابِ، بِسَبَبِ اسْتِنْبَاطِهِ الْأَحْكَامَ مِنْهَا، وَأَوْرَدَ كَثِيرًا مِنْهَا فِي مَظِنَّتِهِ. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: وَلِهَذَا نَرَى كَثِيرًا مِمَّنْ صَنَّفَ الْأَحْكَامَ مِنَ الْمَغَارِبَةِ يَعْتَمِدُ عَلَى كِتَابِ مُسْلِمٍ فِي سِيَاقِ الْمُتُونِ دُونَ الْبُخَارِيِّ لِتَقْطِيعِهِ لَهَا. قَالَ: وَإِذَا امْتَازَ مُسْلِمٌ بِهَذَا فَلِلْبُخَارِيِّ فِي مُقَابَلَتِهِ مِنَ الْفَضْلِ مَا ضَمَّنَهُ فِي أَبْوَابِهِ مِنَ التَّرَاجِمِ الَّتِي حَيَّرَتِ الْأَفْكَارَ، وَمَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ أَبِي جَمْرَةَ عَنْ بَعْضِ السَّادَةِ قَالَ: مَا قُرِئَ صَحِيحُ الْبُخَارِيِّ فِي شِدَّةٍ إِلَّا فُرِجَتْ، وَلَا رُكِبَ بِهِ فِي مَرْكَبٍ فَغَرِقَ. 1 - [فَوَائِدُ] الْأُولَى: قَالَ ابْنُ الْمُلَقِّنِ: رَأَيْتُ بَعْضَ الْمُتَأَخِّرِينَ قَالَ: إِنَّ الْكِتَابَيْنِ سَوَاءٌ فَهَذَا قَوْلٌ ثَالِثٌ، وَحَكَاهُ الطُّوفِيُّ فِي شَرْحِ الْأَرْبَعِينَ وَمَالَ إِلَيْهِ الْقُرْطُبِيُّ. الثَّانِيَةُ: قَدَّمَ الْمُصَنِّفُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ وَأَخَّرَ مَسْأَلَةَ إِمْكَانِ التَّصْحِيحِ فِي هَذِهِ الْأَعْصَارِ، عَكْسَ مَا صَنَعَ ابْنُ الصَّلَاحِ لِمُنَاسَبَةٍ حَسَنَةٍ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْكَلَامُ فِي الصَّحِيحِ نَاسَبَ أَنْ يَذْكُرَ الْأَصَحَّ، فَبَدَأَ بِأَصَحِّ الْأَسَانِيدِ، ثُمَّ انْتَقَلَ إِلَى أَخَصَّ مِنْهُ، وَهُوَ أَصَحُّ الْكُتُبِ. الثَّالِثَةُ: ذَكَرَ مُسْلِمٌ فِي مُقَدِّمَةِ صَحِيحِهِ أَنَّهُ يُقَسِّمُ الْأَحَادِيثَ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 101 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] الْأَوَّلُ: مَا رَوَاهُ الْحُفَّاظُ الْمُتْقِنُونَ. وَالثَّانِي: مَا رَوَاهُ الْمَسْتُورُونَ وَالْمُتَوَسِّطُونَ فِي الْحِفْظِ وَالْإِتْقَانِ. وَالثَّالِثُ: مَا رَوَاهُ الضُّعَفَاءُ وَالْمَتْرُوكُونَ. وَأَنَّهُ إِذَا فَرَغَ مِنَ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ أَتْبَعُهُ الثَّانِيَ وَأَمَّا الثَّالِثُ فَلَا يُعَرَّجُ عَلَيْهِ. فَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي مُرَادِهِ بِذَلِكَ: فَقَالَ الْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ: إِنَّ الْمَنِيَّةَ اخْتَرَمَتْ مُسْلِمًا قَبْلَ إِخْرَاجِ الْقِسْمِ الثَّانِي وَأَنَّهُ إِنَّمَا ذَكَرَ الْقِسْمَ الْأَوَّلَ. قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: وَهَذَا مِمَّا قَبِلَهُ الشُّيُوخُ وَالنَّاسُ مِنَ الْحَاكِمِ وَتَابَعُوهُ عَلَيْهِ. قَالَ: وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ، بَلْ ذَكَرَ حَدِيثَ الطَّبَقَةِ الْأُولَى وَأَتَى بِحَدِيثِ الثَّانِيَةِ عَلَى طَرِيقِ الْمُتَابَعَةِ وَالِاسْتِشْهَادِ، أَوْ حَيْثُ لَمْ يَجِدْ فِي الْبَابِ مِنْ حَدِيثِ الْأُولَى شَيْئًا، وَأَتَى بِأَحَادِيثِ طَبَقَةٍ ثَالِثَةٍ، وَهُمْ أَقْوَامٌ تَكَلَّمَ فِيهِمْ أَقْوَامٌ وَزَكَّاهُمْ آخَرُونَ، مِمَّنْ ضُعِّفَ أَوِ اتُّهِمَ بِبِدْعَةٍ، وَطَرَحَ الرَّابِعَةَ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ. قَالَ: وَالْحَاكِمُ تَأَوَّلَ أَنَّ مُرَادَهُ أَنْ يُفْرِدَ لِكُلِّ طَبَقَةٍ كِتَابًا، وَيَأْتِيَ بِأَحَادِيثِهَا خَاصَّةً مُفْرَدَةً، وَلَيْسَ ذَلِكَ مُرَادَهُ. قَالَ: وَكَذَلِكَ عِلَلُ الْأَحَادِيثِ الَّتِي ذَكَرَ أَنَّهُ يَأْتِي بِهَا قَدْ وَفَّى بِهَا فِي مَوَاضِعِهَا مِنَ الْأَبْوَابِ، مِنِ اخْتِلَافِهِمْ فِي الْأَسَانِيدِ كَالْإِرْسَالِ وَالْإِسْنَادِ وَالزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ وَتَصَاحِيفِ الْمُصَحِّفِينَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 102 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] قَالَ: وَلَا يُعْتَرَضُ عَلَى هَذَا بِمَا قَالَهُ ابْنُ سُفْيَانَ صَاحِبُ مُسْلِمٍ: إِنَّ مُسْلِمًا أَخْرَجَ ثَلَاثَةَ كُتُبٍ مِنَ الْمُسْنَدَاتِ، أَحَدُهَا هَذَا الَّذِي قَرَأَهُ عَلَى النَّاسِ، وَالثَّانِي يُدْخِلُ فِيهِ عِكْرِمَةَ وَابْنَ إِسْحَاقَ وَأَمْثَالَهُمَا، وَالثَّالِثُ يُدْخِلُ فِيهِ مِنَ الضُّعَفَاءِ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُطَابِقُ الْغَرَضَ الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ الْحَاكِمُ مِمَّا ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ فِي صَدْرِ كِتَابِهِ. اهـ. قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَمَا قَالَهُ عِيَاضٌ ظَاهِرٌ جِدًّا. الرَّابِعَةُ: قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: قَدْ عِيبَ عَلَى مُسْلِمٍ رِوَايَتُهُ فِي صَحِيحِهِ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الضُّعَفَاءِ وَالْمُتَوَسِّطِينَ الَّذِينَ لَيْسُوا مِنْ شَرْطِ الصَّحِيحِ، وَجَوَابُهُ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا أَنَّ ذَلِكَ فِيمَنْ هُوَ ضَعِيفٌ عِنْدَ غَيْرِهِ ثِقَةٌ عِنْدَهُ، الثَّانِي: أَنَّ ذَلِكَ وَاقِعٌ فِي الْمُتَابَعَاتِ وَالشَّوَاهِدِ لَا فِي الْأُصُولِ، فَيَذْكُرُ الْحَدِيثَ أَوَّلًا بِإِسْنَادٍ نَظِيفٍ وَيَجْعَلُهُ أَصْلًا، ثُمَّ يُتْبِعُهُ بِإِسْنَادٍ أَوْ أَسَانِيدَ فِيهَا بَعْضُ الضُّعَفَاءِ عَلَى وَجْهِ التَّأْكِيدِ وَالْمُبَالَغَةِ، وَالزِّيَادَةُ فِيهِ تُنَبِّهُ عَلَى فَائِدَةٍ فِيمَا قَدَّمَهُ. الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ ضَعْفُ الضَّعِيفِ الَّذِي اعْتَدَّ بِهِ طَرَأَ بَعْدَ أَخْذِهِ عَنْهُ، بِاخْتِلَاطٍ: كَأَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنِ أَخِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ، اخْتَلَطَ بَعْدَ الْخَمْسِينَ وَمِائَتَيْنِ بَعْدَ خُرُوجِ مُسْلِمٍ مِنْ مِصْرَ. الرَّابِعُ: أَنْ يَعْلُوَ بِالضَّعِيفِ إِسْنَادُهُ، وَهُوَ عِنْدَهُ مِنْ رِوَايَةِ الثِّقَاتِ نَازِلٌ، فَيَقْتَصِرُ عَلَى الْعَالِي وَلَا يُطَوِّلُ بِإِضَافَةِ النَّازِلِ إِلَيْهِ، مُكْتَفِيًا بِمَعْرِفَةِ أَهْلِ الشَّأْنِ ذَلِكَ، فَقَدْ رُوِّينَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 103 وَلَمْ يَسْتَوْعِبَا الصَّحِيحَ وَلَا الْتَزَمَاهُ. قِيلَ: وَلَمْ يَفُتْهُمَا إِلَّا الْقَلِيلُ وَأُنْكِرُ هَذَا. وَالصَّوَابُ أَنَّهُ لَمْ يَفُتِ الْأُصُولَ الْخَمْسَةَ إِلَّا الْيَسِيرُ، أَعْنِي الصَّحِيحَيْنِ، وَسُنَنَ أَبِي دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِيِّ.   [تدريب الراوي] أَنَّ أَبَا زُرْعَةَ أَنْكَرَ عَلَيْهِ رِوَايَتَهُ عَنْ أَسْبَاطِ بْنِ نَصْرٍ، وَقَطَنٍ، وَأَحْمَدَ بْنِ عِيسَى الْمِصْرِيِّ، فَقَالَ: إِنَّمَا أَدْخَلْتُ مِنْ حَدِيثِهِمْ مَا رَوَاهُ الثِّقَاتُ عَنْ شُيُوخِهِمْ، إِلَّا أَنَّهُ رُبَّمَا وَقَعَ إِلَيَّ عَنْهُمْ بِارْتِفَاعٍ وَيَكُونُ عِنْدِي مِنْ رِوَايَةِ أَوْثَقَ مِنْهُ بِنُزُولٍ فَأَقْتَصِرُ عَلَى ذَلِكَ، وَلَامَهُ أَيْضًا عَلَى التَّخْرِيجِ عَنْ سُوَيْدٍ، فَقَالَ: مِنْ أَيْنَ كُنْتُ آتِي بِنُسْخَةِ حَفْصٍ عَنْ مَيْسَرَةَ بِعُلُوٍّ؟ [البخاري ومسلم لم يستوعبا الصحيح في كتابيهما] (وَلَمْ يَسْتَوْعِبَا الصَّحِيحَ) فِي كِتَابَيْهِمَا (وَلَا الْتَزَمَاهُ) أَيِ اسْتِيعَابَهُ. فَقَدْ قَالَ الْبُخَارِيُّ: مَا أَدْخَلْتُ فِي كِتَابِ الْجَامِعِ إِلَّا مَا صَحَّ، وَتَرَكْتُ مِنَ الصِّحَاحِ خَشْيَةَ أَنْ يَطُولَ الْكِتَابُ، وَقَالَ مُسْلِمٌ: لَيْسَ كُلُّ شَيْءٍ عِنْدِي صَحِيحٍ وَضَعْتُهُ هَاهُنَا، إِنَّمَا وَضَعْتُ مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ، يُرِيدُ مَا وَجَدَ عِنْدَهُ فِيهَا شَرَائِطَ الصَّحِيحِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَظْهَرِ اجْتِمَاعُهَا فِي بَعْضِهَا عِنْدَ بَعْضِهِمْ، قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ. وَرَجَّحَ [الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ] ، أَنَّ الْمُرَادَ مَا لَمْ تَخْتَلِفِ الثِّقَاتُ فِيهِ فِي نَفْسِ الْحَدِيثِ مَتْنًا وَإِسْنَادًا، لَا مَا لَمْ يُخْتَلَفْ فِي تَوْثِيقِ رُوَاتِهِ، قَالَ: وَدَلِيلُ ذَلِكَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: «فَإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا» هَلْ هُوَ صَحِيحٌ؟ فَقَالَ: عِنْدِي هُوَ صَحِيحٌ، فَقِيلَ لِمَ لَمْ تَضَعْهُ هُنَا؟ فَأَجَابَ بِذَلِكَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 104 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] قَالَ: وَمَعَ هَذَا فَقَدِ اشْتَمَلَ كِتَابُهُ عَلَى أَحَادِيثَ اخْتَلَفُوا فِي مَتْنِهَا أَوْ إِسْنَادِهَا، وَفِي ذَلِكَ ذُهُولٌ مِنْهُ عَنْ هَذَا الشَّرْطِ، أَوْ سَبَبٌ آخَرُ. وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: قِيلَ: أَرَادَ مُسْلِمٌ إِجْمَاعَ أَرْبَعَةٍ: أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَابْنِ مَعِينٍ وَعُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَسَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ الْخُرَاسَانِيِّ. قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: وَقَدْ أَلْزَمَهُمَا الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ إِخْرَاجَ أَحَادِيثَ عَلَى شَرْطِهِمَا لَمْ يُخْرِجَاهَا، وَلَيْسَ بِلَازِمٍ لَهُمَا، لِعَدَمِ الْتِزَامِهِمَا ذَلِكَ، قَالَ: وَكَذَلِكَ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: قَدِ اتَّفَقَا عَلَى أَحَادِيثَ مِنْ صَحِيفَةِ هَمَّامٍ وَانْفَرَدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِأَحَادِيثَ مِنْهَا، مَعَ أَنَّ الْإِسْنَادَ وَاحِدٌ. قَالَ الْمُصَنِّفُ: لَكِنْ إِذَا كَانَ الْحَدِيثُ الَّذِي تَرَكَاهُ أَوْ أَحَدُهُمَا مَعَ صِحَّةِ إِسْنَادِهِ فِي الظَّاهِرِ أَصْلًا فِي بَابِهِ، وَلَمْ يُخَرِّجَا لَهُ نَظِيرًا وَلَا مَا يَقُومُ مَقَامَهُ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُمَا اطَّلَعَا فِيهِ عَلَى عِلَّةٍ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُمَا نَسِيَاهُ أَوْ تَرَكَاهُ خَشْيَةَ الْإِطَالَةِ أَوْ رَأَيَا أَنَّ غَيْرَهُ يَسُدُّ مَسَدَّهُ. (قِيلَ) أَيْ قَالَ الْحَافِظُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ الْأَخْرَمِ (وَلَمْ يَفُتْهُمَا إِلَّا الْقَلِيلُ وَأَنْكَرَ هَذَا) الْقَوْلَ الْبُخَارِيُّ فِيمَا نَقَلَهُ الْحَازِمِيُّ وَالْإِسْمَاعِيلِيُّ: وَمَا تَرَكْتُ مِنَ الصِّحَاحِ أَكْثَرُ. قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَالْمُسْتَدْرَكُ لِلْحَاكِمِ كِتَابٌ كَبِيرٌ يَشْتَمِلُ مِمَّا فَاتَهُمَا عَلَى شَيْءٍ كَثِيرٍ، وَإِنْ يَكُنْ عَلَيْهِ فِي بَعْضِهِ مَقَالٌ فَإِنَّهُ يَصْفُو لَهُ مِنْهُ صَحِيحٌ كَثِيرٌ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 105 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] قَالَ الْمُصَنِّفُ زِيَادَةً عَلَيْهِ: (وَالصَّوَابُ أَنَّهُ لَمْ يَفُتِ الْأُصُولَ الْخَمْسَةَ إِلَّا الْيَسِيرُ؛ أَعْنِي الصَّحِيحَيْنِ وَسُنَنَ أَبِي دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِيِّ) . قَالَ الْعِرَاقِيُّ: فِي هَذَا الْكَلَامِ نَظَرٌ. لِقَوْلِ الْبُخَارِيِّ: أَحْفَظُ مِائَةَ أَلْفِ حَدِيثٍ صَحِيحٍ وَمِائَتَيْ أَلْفِ حَدِيثٍ غَيْرِ صَحِيحٍ، قَالَ: وَلَعَلَّ الْبُخَارِيَّ أَرَادَ بِالْأَحَادِيثِ الْمُكَرَّرَةِ الْأَسَانِيدَ وَالْمَوْقُوفَاتِ، فَرُبَّمَا عَدَّ الْحَدِيثَ الْوَاحِدَ الْمَرْوِيَّ بِإِسْنَادَيْنِ حَدِيثَيْنِ. زَادَ ابْنُ جَمَاعَةَ فِي الْمَنْهَلِ الرَّوِيِّ: أَوْ أَرَادَ الْمُبَالَغَةَ فِي الْكَثْرَةِ، قَالَ: وَالْأَوَّلُ أَوْلَى، قِيلَ: وَيُؤَيِّدُ أَنَّ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ، أَنَّ الْأَحَادِيثَ الصِّحَاحَ الَّتِي بَيْنَ أَظْهُرِنَا - بَلْ وَغَيْرَ الصِّحَاحِ - لَوْ تُتُبِّعَتْ مِنَ الْمَسَانِيدِ وَالْجَوَامِعِ وَالسُّنَنِ وَالْأَجْزَاءِ وَغَيْرِهَا لَمَا بَلَغَتْ مِائَةَ أَلْفٍ بِلَا تَكْرَارٍ، بَلْ وَلَا خَمْسِينَ أَلْفًا، وَيَبْعُدُ كُلَّ الْبُعْدِ أَنْ يَكُونَ رَجُلٌ وَاحِدٌ حَفِظَ مَا فَاتَ الْأُمَّةَ جَمِيعَهُ، فَإِنَّهُ إِنَّمَا حَفِظَهُ مِنْ أُصُولِ مَشَايِخِهِ وَهِيَ مَوْجُودَةٌ. وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: حَصْرُ الْأَحَادِيثِ يَبْعُدُ إِمْكَانُهُ، غَيْرَ أَنَّ جَمَاعَةً بَالَغُوا فِي تَتَبُّعِهَا وَحَصَرُوهَا. قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: صَحَّ سَبْعُمِائَةِ أَلْفٍ وَكَسْرٌ، وَقَالَ: جَمَعْتُ مِنَ الْمُسْنَدِ أَحَادِيثَ انْتَخَبْتُهَا مِنْ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِمِائَةِ أَلْفٍ وَخَمْسِينَ أَلْفًا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 106 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: وَلَقَدْ كَانَ اسْتِيعَابُ الْأَحَادِيثِ سَهْلًا لَوْ أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ، بِأَنْ يَجْمَعَ الْأَوَّلُ مِنْهُمْ مَا وَصَلَ إِلَيْهِ، ثُمَّ يَذْكُرُ مَنْ بَعْدَهُ مَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ مِمَّا فَاتَهُ مِنْ حَدِيثٍ مُسْتَقِلٍّ أَوْ زِيَادَةٍ فِي الْأَحَادِيثِ الَّتِي ذَكَرَهَا، فَيَكُونُ كَالذَّيْلِ عَلَيْهِ، وَكَذَا مَنْ بَعْدَهُ فَلَا يَمْضِي كَثِيرٌ مِنَ الزَّمَانِ إِلَّا وَقَدِ اسْتُوعِبَتْ وَصَارَتْ كَالْمُصَنَّفِ الْوَاحِدِ، وَلَعَمْرِي لَقَدْ كَانَ هَذَا فِي غَايَةِ الْحُسْنِ. قُلْتُ: قَدْ صَنَعَ الْمُتَأَخِّرُونَ مَا يَقْرُبُ مِنْ ذَلِكَ، فَجَمَعَ بَعْضُ الْمُحَدِّثِينَ عَمَّنْ كَانَ فِي عَصْرِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ زَوَائِدَ سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ عَلَى الْأُصُولِ الْخَمْسَةِ، وَجَمَعَ الْحَافِظُ أَبُو الْحَسَنِ الْهَيْثَمِيُّ زَوَائِدَ مُسْنَدِ أَحْمَدَ عَلَى الْكُتُبِ السِّتَّةِ الْمَذْكُورَةِ فِي مُجَلَّدَيْنِ، وَزَوَائِدَ مُسْنَدِ الْبَزَّارِ فِي مُجَلَّدٍ ضَخْمٍ، وَزَوَائِدَ مُعْجَمِ الطَّبَرَانِيِّ الْكَبِيرِ فِي ثَلَاثَةٍ، وَزَوَائِدَ الْمُعْجَمَيْنِ الْأَوْسَطِ وَالصَّغِيرِ فِي مُجَلَّدَيْنِ، وَزَوَائِدَ أَبِي يَعْلَى فِي مُجَلَّدٍ، ثُمَّ جَمَعَ هَذِهِ الزَّوَائِدَ كُلَّهَا فِي كِتَابٍ مَحْذُوفِ الْأَسَانِيدِ، وَتَكَلَّمَ عَلَى الْأَحَادِيثِ، وَيُوجَدُ فِيهَا صَحِيحٌ كَثِيرٌ، وَجَمَعَ زَوَائِدَ الْحِلْيَةِ لِأَبِي نُعَيْمٍ فِي مُجَلَّدٍ ضَخْمٍ، وَزَوَائِدَ فَوَائِدِ تَمَّامٍ وَغَيْرَ ذَلِكَ. وَجَمَعَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ زَوَائِدَ مَسَانِيدِ إِسْحَاقَ، وَابْنِ أَبِي عُمَرَ، وَمُسَدَّدٍ، وَابْنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَالْحُمَيْدِيِّ، وَعَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ، وَأَحْمَدَ بْنِ مَنِيعٍ، وَالطَّيَالِسِيِّ فِي مُجَلَّدَيْنِ، وَزَوَائِدَ مُسْنَدِ الْفِرْدَوْسِ فِي مُجَلَّدٍ، وَجَمَعَ صَاحِبُنَا الشَّيْخُ زَيْنُ الدِّينِ قَاسِمٌ الْحَنَفِيُّ زَوَائِدَ سُنَنِ الدَّارَقُطْنِيِّ فِي مُجَلَّدٍ. [وَجَمَعْتُ زَوَائِدَ شُعَبِ الْإِيمَانِ لِلْبَيْهَقِيِّ فِي مُجَلَّدٍ] ، وَكُتُبُ الْحَدِيثِ الْمَوْجُودَةُ سِوَاهَا كَثِيرَةٌ جِدًّا، وَفِيهَا الزَّوَائِدُ بِكَثْرَةٍ فَبُلُوغُهَا الْعَدَدَ السَّابِقَ لَا يَبْعُدُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. 1 - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 107 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] [تَنْبِيهَاتٌ] أَحَدُهَا: ذَكَرَ الْحَاكِمُ فِي الْمَدْخَلِ: أَنَّ الصَّحِيحَ عَشَرَةُ أَقْسَامٍ، وَسَيَأْتِي نَقْلُهَا عَنْهُ، وَذَكَرَ مِنْهَا فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ الَّذِي هُوَ الدَّرَجَةُ الْأُولَى: وَاخْتِيَارُ الشَّيْخَيْنِ أَنْ يَرْوِيَهُ الصَّحَابِيُّ الْمَشْهُورُ بِالرِّوَايَةِ، وَلَهُ رَاوِيَانِ ثِقَتَانِ، إِلَى آخِرِ كَلَامِهِ الْآتِي عَنْهُ، ثُمَّ قَالَ: وَالْأَحَادِيثُ الْمَرْوِيَّةُ بِهَذِهِ الشَّرِيطَةِ لَا يَبْلُغُ عَدَدُهَا عَشَرَةَ آلَافِ حَدِيثٍ، انْتَهَى. وَحِينَئِذٍ يُعْرَفُ مِنْ هَذَا الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِ ابْنِ الْأَخْرَمِ، فَكَأَنَّهُ أَرَادَ: لَمْ يَفُتْهُمَا مِنْ أَصَحِّ الصَّحِيحِ الَّذِي هُوَ الدَّرَجَةُ الْأُولَى وَبِهَذَا الشَّرْطِ إِلَّا الْقَلِيلُ، وَالْأَمْرُ كَذَلِكَ. الثَّانِي: لَمْ يُدْخِلِ الْمُصَنِّفُ سُنَنَ ابْنِ مَاجَهْ فِي الْأُصُولِ، وَقَدِ اشْتُهِرَ فِي عَصْرِ الْمُصَنِّفِ وَبَعْدَهُ جَعْلُ الْأُصُولِ سِتَّةً بِإِدْخَالِهِ فِيهَا، قِيلَ: وَأَوَّلُ مَنْ ضَمَّهُ إِلَيْهَا ابْنُ طَاهِرٍ الْمَقْدِسِيُّ، فَتَابَعَهُ أَصْحَابُ الْأَطْرَافِ وَالرِّجَالُ وَالنَّاسُ، وَقَالَ الْمِزِّيُّ: كُلُّ مَا انْفُرِدَ بِهِ عَنِ الْخَمْسَةِ فَهُوَ ضَعِيفٌ، قَالَ الْحُسَيْنِيُّ: يَعْنِي مِنَ الْأَحَادِيثِ، وَتَعَقَّبَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: بِأَنَّهُ انْفَرَدَ بِأَحَادِيثَ كَثِيرَةٍ وَهِيَ صَحِيحَةٌ، قَالَ: فَالْأَوْلَى حَمْلُهُ عَلَى الرِّجَالِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 108 وَجُمْلَةُ مَا فِي الْبُخَارِيِّ: سَبْعَةُ آلَافٍ وَمِائَتَانِ وَخَمْسَةٌ وَسَبْعُونَ حَدِيثًا بِالْمُكَرَّرَةِ وَبِحَذْفِ الْمُكَرَّرَةِ أَرْبَعَةُ آلَافٍ، وَمُسْلِمٍ بِإِسْقَاطِ الْمُكَرَّرِ نَحْوُ أَرْبَعَةِ آلَافٍ.   [تدريب الراوي] الثَّالِثُ: سُنَنُ النَّسَائِيِّ الَّذِي هُوَ أَحَدُ الْكُتُبِ السِّتَّةِ أَوِ الْخَمْسَةِ، هِيَ الصُّغْرَى دُونَ الْكُبْرَى، صَرَّحَ بِذَلِكَ التَّاجُ بْنُ السُّبْكِيِّ قَالَ: وَهِيَ الَّتِي يُخَرِّجُونَ عَلَيْهَا الْأَطْرَافَ وَالرِّجَالَ، وَإِنْ كَانَ شَيْخُهُ الْمِزِّيُّ ضَمَّ إِلَيْهَا الْكُبْرَى، وَصَرَّحَ ابْنُ الْمُلَقِّنِ بِأَنَّهَا الْكُبْرَى، وَفِيهِ نَظَرٌ. وَرَأَيْتُ بِخَطِّ الْحَافِظِ أَبِي الْفَضْلِ الْعِرَاقِيِّ، أَنَّ النَّسَائِيَّ لَمَّا صَنَّفَ الْكُبْرَى أَهْدَاهَا لِأَمِيرِ الرَّمْلَةِ فَقَالَ لَهُ: كُلُّ مَا فِيهَا صَحِيحٌ، فَقَالَ: لَا، فَقَالَ: مَيِّزْ لِيَ الصَّحِيحَ مِنْ غَيْرِهِ، فَصَنَّفَ لَهُ الصُّغْرَى. [عدد أحاديث البخاري ومسلم] (وَجُمْلَةُ مَا فِي) صَحِيحِ (الْبُخَارِيِّ) قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِهِ: مِنَ الْأَحَادِيثِ الْمُسْنَدَةِ (سَبْعَةُ آلَافِ) حَدِيثٍ (وَمِائَتَانِ وَخَمْسَةٌ وَسَبْعُونَ حَدِيثًا بِالْمُكَرَّرَةِ، وَبِحَذْفِ الْمُكَرَّرَةِ أَرْبَعَةُ آلَافٍ) . قَالَ الْعِرَاقِيُّ: هَذَا مُسَلَّمٌ فِي رِوَايَةِ الْفَرَبْرِيِّ، وَأَمَّا رِوَايَةُ حَمَّادِ بْنِ شَاكِرٍ فَهِيَ دُونَ رِوَايَةِ الْفَرَبْرِيِّ بِمِائَتَيْ حَدِيثٍ، وَرِوَايَةُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَعْقِلٍ دُونَهُمَا بِثَلَاثِمِائَةٍ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 109 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: وَهَذَا قَالُوهُ تَقْلِيدًا لِلْحَمَوِيِّ، فَإِنَّهُ كَتَبَ الْبُخَارِيَّ عَنْهُ وَعَدَّ كُلَّ بَابٍ مِنْهُ ثُمَّ جَمَعَ الْجُمْلَةَ، وَقَلَّدَهُ كُلُّ مَنْ جَاءَ بَعْدَهُ نَظَرًا إِلَى أَنَّهُ رَاوِي الْكِتَابِ، وَلَهُ بِهِ الْعِنَايَةُ التَّامَّةُ. قَالَ: وَلَقَدْ عَدَّدْتُهَا وَحَرَّرْتُهَا فَبَلَغَتْ بِالْمُكَرَّرَةِ سِوَى الْمُعَلَّقَاتِ وَالْمُتَابَعَاتِ سِتَّةَ آلَافٍ وَثَلَاثَمِائَةٍ وَسَبْعَةً وَتِسْعِينَ حَدِيثًا، وَبِدُونِ الْمُكَرَّرَةِ أَلْفَيْنِ وَخَمْسَمِائَةٍ وَثَلَاثَةَ عَشَرَ حَدِيثًا، وَفِيهِ مِنَ التَّعَالِيقِ أَلْفٌ وَثَلَاثُمِائَةٍ وَأَحَدٌ وَأَرْبَعُونَ، وَأَكْثَرُهَا مُخَرَّجٌ فِي أُصُولِ مُتُونِهِ، وَالَّذِي لَمْ يُخَرِّجْهُ مِائَةٌ وَسِتُّونَ، وَفِيهِ مِنَ الْمُتَابَعَاتِ وَالتَّنْبِيهِ عَلَى اخْتِلَافِ الرِّوَايَاتِ ثَلَاثُمِائَةٍ وَأَرْبَعَةٌ وَثَمَانُونَ. هَكَذَا وَقَعَ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ، وَنُقِلَ عَنْهُ مَا يُخَالِفُ هَذَا يَسِيرًا. قَالَ: وَهَذَا خَارِجٌ عَنِ الْمَوْقُوفَاتِ وَالْمَقَاطِيعِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 110 ثُمَّ إِنَّ الزِّيَادَةَ فِي الصَّحِيحِ تُعْرَفُ مِنَ السُّنَنِ الْمُعْتَمَدَةِ: كَسُنَنِ أَبِي دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيِّ، وَالنَّسَائِيِّ، وَابْنِ خُزَيْمَةَ، وَالدَّارَقُطْنِيِّ، وَالْحَاكِمِ، وَالْبَيْهَقِيِّ، وَغَيْرِهَا مَنْصُوصًا عَلَى صِحَّتِهِ، وَلَا يَكْفِي وُجُودُهُ فِيهَا إِلَّا فِي كِتَابِ مَنْ شَرَطَ الِاقْتِصَارَ عَلَى الصَّحِيحِ. وَاعْتَنَى الْحَاكِمُ بِضَبْطِ الزَّائِدِ عَلَيْهِمَا، وَهُوَ مُتَسَاهِلٌ، فَمَا صَحَّحَهُ وَلَمْ نَجِدْ فِيهِ لِغَيْرِهِ مِنَ الْمُعْتَمَدِينَ تَصْحِيحًا وَلَا تَضْعِيفًا حَكَمْنَا بِأَنَّهُ حَسَنٌ إِلَّا أَنْ يَظْهَرَ فِيهِ عِلَّةٌ تُوجِبُ ضَعْفَهُ، وَيُقَارِبُهُ فِي حُكْمِهِ صَحِيحُ أَبِي حَاتِمِ ابْنِ حِبَّانَ.   [تدريب الراوي] [فَائِدَتَانِ] الْأُولَى: سَاقَ الْمُصَنِّفُ هَذَا الْكَلَامَ مَسَاقَ فَائِدَةٍ زَائِدَةٍ. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: وَلَيْسَ ذَلِكَ مُرَادَ ابْنِ الصَّلَاحِ، بَلْ هُوَ تَتِمَّةُ قَدْحِهِ فِي كَلَامِ ابْنِ الْأَخْرَمِ، أَيْ أَنَّ الْبُخَارِيَّ قَالَ: أَحْفَظُ مِائَةَ أَلْفِ حَدِيثٍ صَحِيحٍ، وَلَيْسَ فِي كِتَابِهِ إِلَّا هَذَا الْقَدْرُ، وَهُوَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمِائَةِ أَلْفٍ يَسِيرٌ. الثَّانِيَةُ: وَافَقَ مُسْلِمٌ الْبُخَارِيَّ عَلَى تَخْرِيجِ مَا فِيهِ إِلَّا ثَمَانَمِائَةٍ وَعِشْرِينَ حَدِيثًا. (وَ) جُمْلَةُ مَا فِي صَحِيحِ (مُسْلِمٍ بِإِسْقَاطِ الْمُكَرَّرِ نَحْوُ أَرْبَعَةِ آلَافٍ) هَذَا مَزِيدٌ عَلَى ابْنِ الصَّلَاحِ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَهُوَ يَزِيدُ عَلَى الْبُخَارِيِّ بِالْمُكَرَّرِ لِكَثْرَةِ طُرُقِهِ، قَالَ: وَقَدْ رَأَيْتُ عَنْ أَبِي الْفَضْلِ أَحْمَدَ بْنِ سَلَمَةَ أَنَّهُ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ حَدِيثٍ. وَقَالَ الْمَيَانَجِيُّ: ثَمَانِيَةُ آلَافٍ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَعِنْدِي فِي هَذَا نَظَرٌ. [مظان معرفة الزيادة على الصحيح] (ثُمَّ إِنَّ الزِّيَادَةَ فِي الصَّحِيحِ) عَلَيْهِمَا (تُعْرَفُ مِنْ) كُتُبِ (السُّنَنِ الْمُعْتَمَدَةِ كَسُنَنِ أَبِي دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيِّ، وَالنَّسَائِيِّ) وَابْنِ خُزَيْمَةَ، وَالدَّارَقُطْنِيِّ، وَالْحَاكِمِ، وَالْبَيْهَقِيِّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 111 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَغَيْرِهَا مَنْصُوصًا عَلَى صِحَّتِهِ) فِيهَا (وَلَا يَكْفِي وُجُودُهُ فِيهَا إِلَّا فِي كِتَابِ مَنْ شَرَطَ الِاقْتِصَارَ عَلَى الصَّحِيحِ) كَابْنِ خُزَيْمَةَ وَأَصْحَابِ الْمُسْتَخْرَجَاتِ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَكَذَا لَوْ نَصَّ عَلَى صِحَّتِهِ أَحَدٌ مِنْهُمْ، وَنُقِلَ عَنْهُ ذَلِكَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ كَمَا فِي سُؤَالَاتِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَسُؤَالَاتِ ابْنِ مَعِينٍ وَغَيْرِهِمَا. قَالَ: وَإِنَّمَا أَهْمَلَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ بِنَاءً عَلَى اخْتِيَارِهِ أَنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنَّ يُصَحِّحَ فِي هَذِهِ الْأَعْصَارِ، فَلَا يَكْفِي وُجُودُ التَّصْحِيحِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ، كَمَا لَا يَكْفِي وُجُودُ أَصْلِ الْحَدِيثِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ. وَاعْتَنَى الْحَافِظُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (الْحَاكِمُ) فِي الْمُسْتَدْرَكِ (بِضَبْطِ الزَّائِدِ عَلَيْهِمَا) مِمَّا هُوَ عَلَى شَرْطِهِمَا أَوْ شَرْطِ أَحَدِهِمَا، أَوْ صَحِيحٌ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ شَرْطُ أَحَدِهِمَا، مُعَبِّرًا عَنِ الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، أَوْ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ أَوْ مُسْلِمٍ، وَعَنِ الثَّانِي بِقَوْلِهِ: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَرُبَّمَا أَوْرَدَ فِيهِ مَا هُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ، وَرُبَّمَا أَوْرَدَ فِيهِ مَا لَمْ يَصِحَّ عِنْدَهُ مُنَبِّهًا عَلَى ذَلِكَ، (وَهُوَ مُتَسَاهِلٌ) فِي التَّصْحِيحِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: اتَّفَقَ الْحُفَّاظُ عَلَى أَنَّ تِلْمِيذَهُ الْبَيْهَقِيَّ أَشَدُّ تَحَرِّيًا مِنْهُ، وَقَدْ لَخَّصَ الذَّهَبِيُّ مُسْتَدْرَكَهُ، وَتَعَقَّبَ كَثِيرًا مِنْهُ بِالضَّعْفِ وَالنَّكَارَةِ، وَجَمَعَ جُزْءًا فِيهِ الْأَحَادِيثُ الَّتِي فِيهِ وَهِيَ مَوْضُوعَةٌ، فَذَكَرَ نَحْوَ مِائَةِ حَدِيثٍ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 112 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْمَالِينِيُّ: طَالَعْتُ الْمُسْتَدْرَكَ الَّذِي صَنَّفَهُ الْحَاكِمُ مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى آخِرِهِ، فَلَمْ أَرَ فِيهِ حَدِيثًا عَلَى شَرْطِهِمَا. قَالَ الذَّهَبِيُّ: وَهَذَا إِسْرَافٌ وَغُلُوٌّ مِنَ الْمَالِينِيِّ، وَإِلَّا فَفِيهِ جُمْلَةٌ وَافِرَةٌ عَلَى شَرْطِهِمَا، وَجُمْلَةٌ كَثِيرَةٌ عَلَى شَرْطِ أَحَدِهِمَا، لَعَلَّ مَجْمُوعَ ذَلِكَ نَحْوُ نِصْفِ الْكِتَابِ، وَفِيهِ نَحْوُ الرُّبْعِ مِمَّا صَحَّ سَنَدُهُ، وَفِيهِ بَعْضُ الشَّيْءِ، أَوْ لَهُ عِلَّةٌ، وَمَا بَقِيَ وَهُوَ نَحْوُ الرُّبْعِ فَهُوَ مَنَاكِيرُ أَوْ وَاهِيَاتٌ لَا تَصِحُّ، وَفِي بَعْضِ ذَلِكَ مَوْضُوعَاتٌ. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: وَإِنَّمَا وَقَعَ لِلْحَاكِمِ التَّسَاهُلُ لِأَنَّهُ سَوَّدَ الْكِتَابَ لِيُنَقِّحَهُ فَأَعْجَلَتْهُ الْمَنِيَّةُ، قَالَ: وَقَدْ وَجَدْتُ فِي قُرَيْبِ نِصْفِ الْجُزْءِ الثَّانِي مِنْ تَجْزِئَةِ سِتَّةٍ مِنَ الْمُسْتَدْرَكِ: إِلَى هُنَا انْتَهَى إِمْلَاءُ الْحَاكِمِ، قَالَ: وَمَا عَدَا ذَلِكَ مِنَ الْكِتَابِ لَا يُؤْخَذُ عَنْهُ إِلَّا بِطَرِيقِ الْإِجَازَةِ، فَمِنْ أَكْبَرِ أَصْحَابِهِ وَأَكْثَرِ النَّاسِ لَهُ مُلَازَمَةً الْبَيْهَقِيُّ، وَهُوَ إِذَا سَاقَ عَنْهُ مِنْ غَيْرِ الْمُمَلَّى شَيْئًا لَا يَذْكُرُهُ إِلَّا بِالْإِجَازَةِ، قَالَ: وَالتَّسَاهُلُ فِي الْقَدْرِ الْمُمَلَّى قَلِيلٌ جِدًّا بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا بَعْدَهُ. (فَمَا صَحَّحَهُ وَلَمْ نَجِدْ فِيهِ لِغَيْرِهِ مِنَ الْمُعْتَمَدِينَ تَصْحِيحًا وَلَا تَضْعِيفًا حَكَمْنَا بِأَنَّهُ حَسَنٌ، إِلَّا أَنْ يَظْهَرَ فِيهِ عِلَّةٌ تُوجِبُ ضَعْفَهُ) . قَالَ الْبَدْرُ بْنُ جَمَاعَةَ: وَالصَّوَابُ أَنَّهُ يُتَتَبَّعُ وَيُحْكَمُ عَلَيْهِ بِمَا يَلِيقُ بِحَالِهِ مِنَ الْحُسْنِ أَوِ الصِّحَّةِ أَوِ الضَّعْفِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 113 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَوَافَقَهُ الْعِرَاقِيُّ وَقَالَ: (إِنَّ حُكْمَهُ عَلَيْهِ بِالْحُسْنِ فَقَطْ تَحَكُّمٌ) ، قَالَ: إِلَّا أَنَّ ابْنَ الصَّلَاحِ قَالَ ذَلِكَ بِنَاءً عَلَى رَأْيِهِ: أَنَّهُ قَدِ انْقَطَعَ التَّصْحِيحُ فِي هَذِهِ الْأَعْصَارِ، فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُصَحِّحَهُ؛ فَلِهَذَا قُطِعَ النَّظَرُ عَنِ الْكَشْفِ عَلَيْهِ. وَالْعَجَبُ مِنَ الْمُصَنِّفِ كَيْفَ وَافَقَهُ هُنَا مَعَ مُخَالَفَتِهِ لَهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمَبْنِيِّ عَلَيْهَا كَمَا سَيَأْتِي، وَقَوْلُهُ فَمَا صَحَّحَهُ، احْتِرَازٌ مِمَّا خَرَّجَهُ فِي الْكِتَابِ وَلَمْ يُصَرِّحْ بِتَصْحِيحِهِ فَلَا يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ. (وَيُقَارِبُهُ) أَيْ صَحِيحَ الْحَاكِمِ (فِي حُكْمِهِ صَحِيحُ أَبِي حَاتِمِ بْنِ حِبَّانَ) قِيلَ: إِنَّ هَذَا يُفْهِمُ تَرْجِيحَ كِتَابِ الْحَاكِمِ عَلَيْهِ، وَالْوَاقِعُ خِلَافُ ذَلِكَ، قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ أَنَّهُ يُقَارِبُهُ فِي التَّسَاهُلِ، فَالْحَاكِمُ أَشَدُّ تَسَاهُلًا مِنْهُ؛ قَالَ الْحَازِمِيُّ: ابْنُ حِبَّانَ أَمْكَنُ فِي الْحَدِيثِ مِنَ الْحَاكِمِ. قِيلَ: وَمَا ذَكَرَ مِنْ تَسَاهُلِ ابْنِ حِبَّانَ لَيْسَ بِصَحِيحٍ؛ فَإِنَّ غَايَتَهُ أَنَّهُ يُسَمِّي الْحَسَنَ صَحِيحًا، فَإِنْ كَانَتْ نِسْبَتُهُ إِلَى التَّسَاهُلِ بِاعْتِبَارِ وِجْدَانِ الْحَسَنِ فِي كِتَابِهِ فَهِيَ مُشَاحَّةٌ فِي الِاصْطِلَاحِ، وَإِنْ كَانَتْ بِاعْتِبَارِ خِفَّةِ شُرُوطِهِ، فَإِنَّهُ يُخَرِّجُ فِي الصَّحِيحِ مَا كَانَ رَاوِيهِ ثِقَةً غَيْرَ مُدَلِّسٍ، سَمِعَ مِنْ شَيْخِهِ وَسَمِعَ مِنْهُ الْآخِذُ عَنْهُ، وَلَا يَكُونُ هُنَاكَ إِرْسَالٌ وَلَا انْقِطَاعٌ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِي الرَّاوِي جَرْحٌ وَلَا تَعْدِيلٌ وَكَانَ كُلٌّ مِنْ شَيْخِهِ وَالرَّاوِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 114 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] عَنْهُ ثِقَةً، وَلَمْ يَأْتِ بِحَدِيثٍ مُنْكَرٍ فَهُوَ عِنْدَهُ ثِقَةٌ. وَفِي كِتَابِ الثِّقَاتِ لَهُ كَثِيرٌ مِمَّنْ هَذِهِ حَالُهُ، وَلِأَجْلِ هَذَا رُبَّمَا اعْتَرَضَ عَلَيْهِ فِي جَعْلِهِمْ ثِقَاتٍ مَنْ لَمْ يَعْرِفْ حَالَهُ، وَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا مُشَاحَّةَ فِي ذَلِكَ، وَهَذَا دُونَ شَرْطِ الْحَاكِمِ، حَيْثُ شَرَطَ أَنْ يُخَرِّجَ عَنْ رُوَاةٍ خَرَّجَ لِمِثْلِهِمُ الشَّيْخَانِ فِي الصَّحِيحِ، فَالْحَاصِلُ: أَنَّ ابْنَ حِبَّانَ وَفَّى بِالْتِزَامِ شُرُوطِهِ، وَلِمَ يُوَفِّ الْحَاكِمُ. 1 - [فَوَائِدُ] الْأُولَى: صَحِيحُ ابْنِ حِبَّانَ، تَرْتِيبُهُ مُخْتَرَعٌ لَيْسَ عَلَى الْأَبْوَابِ وَلَا عَلَى الْمَسَانِيدِ؛ وَلِهَذَا سَمَّاهُ: " التَّقَاسِيمَ وَالْأَنْوَاعَ " وَسَبَبُهُ أَنَّهُ كَانَ عَارِفًا بِالْكَلَامِ وَالنَّحْوِ وَالْفَلْسَفَةِ؛ وَلِهَذَا تُكُلِّمَ فِيهِ وَنُسِبَ إِلَى الزَّنْدَقَةِ، وَكَادُوا يَحْكُمُونَ بِقَتْلِهِ، ثُمَّ نُفِيَ مِنْ سِجِسْتَانَ إِلَى سَمَرْقَنْدَ، وَالْكَشْفُ مِنْ كِتَابِهِ عَسِرٌ جِدًّا، وَقَدْ رَتَّبَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ عَلَى أَبْوَابٍ، وَعَمِلَ لَهُ الْحَافِظُ أَبُو الْفَضْلِ الْعِرَاقِيُّ أَطْرَافًا وَجَرَّدَ الْحَافِظُ أَبُو الْحَسَنِ الْهَيْثَمِيُّ زَوَائِدَهُ عَلَى الصَّحِيحَيْنِ فِي مُجَلَّدٍ. 1 - الثَّانِيَةُ: صَحِيحُ ابْنِ خُزَيْمَةَ أَعْلَى مَرْتَبَةً مِنْ صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ، لِشِدَّةِ تَحَرِّيهِ، حَتَّى أَنَّهُ يَتَوَقَّفُ فِي التَّصْحِيحِ لِأَدْنَى كَلَامٍ فِي الْإِسْنَادِ، فَيَقُولُ: إِنْ صَحَّ الْخَبَرُ، أَوْ إِنْ ثَبَتَ كَذَا وَنَحْوَ ذَلِكَ، وَمِمَّا صُنِّفَ فِي الصَّحِيحِ أَيْضًا - غَيْرُ الْمُسْتَخْرَجَاتِ الْآتِي ذِكْرُهَا - السُّنَنُ الصِّحَاحُ لِسَعِيدِ بْنِ السَّكَنِ. 1 - الثَّالِثَةُ: صَرَّحَ الْخَطِيبُ وَغَيْرُهُ بِأَنَّ الْمُوَطَّأَ مُقَدَّمٌ عَلَى كُلِّ كِتَابٍ مِنَ الْجَوَامِعِ وَالْمَسَانِيدِ، فَعَلَى هَذَا هُوَ بَعْدَ صَحِيحِ الْحَاكِمِ، وَهُوَ رِوَايَاتٌ كَثِيرَةٌ، وَأَكْبَرُهَا رِوَايَةُ الْقَعْنَبِيِّ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 115 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَقَالَ الْعَلَائِيُّ: رَوَى الْمُوَطَّأَ عَنْ مَالِكٍ جَمَاعَاتٌ كَثِيرَةٌ وَبَيْنَ رِوَايَاتِهِمِ اخْتِلَافٌ مِنْ تَقْدِيمٍ وَتَأْخِيرٍ وَزِيَادَةٍ وَنَقْصٍ، وَمِنْ أَكْبَرِهَا وَأَكْثَرِهَا زِيَادَاتٍ رِوَايَةُ أَبِي مُصْعَبٍ، قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: فِي مُوَطَّأِ أَبِي مُصْعَبٍ هَذَا زِيَادَةٌ عَلَى سَائِرِ الْمُوَطَّآتِ نَحْوُ مِائَةِ حَدِيثٍ. وَأَمَّا ابْنُ حَزْمٍ فَإِنَّهُ قَالَ: أَوْلَى الْكُتُبِ الصَّحِيحَانِ، ثُمَّ صَحِيحُ ابْنِ السَّكَنِ، وَالْمُنْتَقَى لِابْنِ الْجَارُودِ، وَالْمُنْتَقَى لِقَاسِمِ بْنِ أَصْبَغَ، ثُمَّ بَعْدَ هَذِهِ الْكُتُبِ كِتَابُ أَبِي دَاوُدَ، وَكِتَابُ النَّسَائِيِّ، وَمُصَنَّفُ قَاسِمِ بْنِ أَصْبَغَ، وَمُصَنَّفُ الطَّحَاوِيِّ، وَمَسَانِيدُ أَحْمَدَ وَالْبَزَّارِ وَابْنَيْ أَبِي شَيْبَةَ أَبِي بَكْرٍ وَعُثْمَانَ، وَابْنِ رَاهَوَيْهِ وَالطَّيَالِسِيِّ وَالْحَسَنِ بْنِ سُفْيَانَ وَالْمُسْنَدِيِّ، وَابْنِ سَنْجَرَ، وَيَعْقُوبَ بْنِ شَيْبَةَ، وَعَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ، وَابْنِ أَبِي غَرَزَةَ وَمَا جَرَى مَجْرَاهَا الَّتِي أُفْرِدَتْ لِكَلَامِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَرْفًا. ثُمَّ بَعْدَهَا الْكُتُبُ الَّتِي فِيهَا كَلَامُهُ وَكَلَامُ غَيْرِهِ، ثُمَّ مَا كَانَ فِيهِ الصَّحِيحُ فَهُوَ أَجَلُّ، مِثْلُ مُصَنَّفِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَمُصَنَّفِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَمُصَنَّفِ بَقِيِّ بْنِ مَخْلَدٍ، وَكِتَابِ مُحَمَّدِ بْنِ نَصْرٍ الْمَرْوَزِيِّ، وَكِتَابِ ابْنِ الْمُنْذِرِ، ثُمَّ مُصَنَّفِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، وَمُصَنَّفِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ، وَمُصَنَّفِ وَكِيعٍ، وَمُصَنَّفِ الْفِرْيَابِيِّ، وَمُوَطَّأِ مَالِكٍ، وَمُوَطَّأِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، وَمُوَطَّأِ ابْنِ وَهْبٍ، وَمَسَائِلِ ابْنِ حَنْبَلٍ، وَفِقْهِ أَبِي عُبَيْدٍ، وَفِقْهِ أَبِي ثَوْرٍ، وَمَا كَانَ مِنْ هَذَا النَّمَطِ مَشْهُورًا كَحَدِيثِ شُعْبَةَ وَسُفْيَانَ وَاللَّيْثِ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَالْحُمَيْدِيِّ وَابْنِ مَهْدِيٍّ وَمُسَدَّدٍ وَمَا جَرَى مَجْرَاهَا، فَهَذِهِ طَبَقَةُ مُوَطَّأِ مَالِكٍ، بَعْضُهَا أَجْمَعُ لِلصَّحِيحِ مِنْهُ، وَبَعْضُهَا مِثْلُهُ وَبَعْضُهَا دُونَهُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 116 الثَّالِثَةُ: الْكُتُبُ الْمُخَرَّجَةُ عَلَى الصَّحِيحَيْنِ. لَمْ يُلْتَزَمْ فِيهَا مُوَافَقَتُهُمَا فِي الْأَلْفَاظِ فَحَصَلَ فِيهَا تَفَاوُتٌ فِي اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى، وَكَذَا مَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَالْبَغَوِيُّ وَشِبْهُهُمَا قَائِلِينَ: رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ أَوْ مُسْلِمٌ، وَقَعَ فِي بَعْضِهِ تَفَاوُتٌ فِي الْمَعْنَى، فَمُرَادُهُمْ أَنَّهُمَا رَوَيَا أَصْلَهُ فَلَا يَجُوزُ أَنْ تَنْقُلَ مِنْهَا حَدِيثًا وَتَقُولَ: هُوَ كَذَا فِيهِمَا إِلَّا أَنْ تُقَابِلَهُ بِهِمَا، أَوْ يَقُولَ الْمُصَنِّفُ: أَخْرَجَاهُ بِلَفْظِهِ بِخِلَافِ الْمُخْتَصَرَاتِ مِنَ الصَّحِيحَيْنِ فَإِنَّهُمْ نَقَلُوا فِيهَا أَلْفَاظَهُمَا.   [تدريب الراوي] وَلَقَدْ أَحْصَيْتُ مَا فِي حَدِيثِ شُعْبَةَ مِنَ الصَّحِيحِ فَوَجَدْتُهُ ثَمَانَمِائَةِ حَدِيثٍ وَنَيِّفًا مُسْنَدَةً وَمُرْسَلًا يَزِيدُ عَلَى الْمِائَتَيْنِ، وَأَحْصَيْتُ مَا فِي مُوَطَّأِ مَالِكٍ، وَمَا فِي حَدِيثِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ فَوَجَدْتُ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنَ الْمُسْنَدِ خَمْسَمِائَةٍ وَنَيِّفًا مُسْنَدًا وَثَلَاثَمِائَةٍ وَنَيِّفًا مُرْسَلًا، وَفِيهِ نَيِّفٌ وَسَبْعُونَ حَدِيثًا قَدْ تَرَكَ مَالِكٌ نَفْسُهُ الْعَمَلَ بِهَا، وَفِيهَا أَحَادِيثُ ضَعِيفَةٌ وَهَّاهَا جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ، انْتَهَى مُلَخَّصًا مِنْ كِتَابِهِ مَرَاتِبِ الدِّيَانَةِ. [الْكُتُبُ الْمُخَرَّجَةُ عَلَى الصَّحِيحَيْنِ] (الثَّالِثَةُ) مِنْ مَسَائِلِ الصَّحِيحِ (الْكُتُبُ الْمُخَرَّجَةُ عَلَى الصَّحِيحَيْنِ) كَالْمُسْتَخْرَجِ لِلْإِسْمَاعِيلِيِّ، وَلِلْبَرْقَانِيِّ وَلِأَبِي أَحْمَدَ الْغِطْرِيفِيِّ، وَلِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي ذُهْلٍ وَلِأَبِي بَكْرِ بْنِ مَرْدَوَيْهِ عَلَى الْبُخَارِيِّ، وَلِأَبِي عَوَانَةَ الْإِسْفَرَايِينِيِّ، وَلِأَبِي جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ، وَلِأَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ رَجَاءِ النَّيْسَابُورِيِّ، وَلِأَبِي بَكْرٍ الْجَوْزَقِيِّ، وَلِأَبِي حَامِدٍ الشَّارِكِيِّ، وَلِأَبِي الْوَلِيدِ حَسَّانَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْقُرَشِيِّ، وَلِأَبِي عِمْرَانَ مُوسَى بْنِ الْعَبَّاسِ الْجُوَيْنِيِّ، وَلِأَبِي النَّصْرِ الطُّوسِيِّ، وَلِأَبِي سَعِيدِ بْنِ أَبِي عُثْمَانَ الْحِيرِيِّ عَلَى مُسْلِمٍ، وَلِأَبِي نُعَيْمٍ الْأَصْبَهَانِيِّ، وَأَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَخْرَمِ، وَأَبِي ذَرٍّ الْهَرَوِيِّ، وَأَبِي مُحَمَّدٍ الْخَلَّالِ، وَأَبِي عَلِيٍّ الْمَاسَرْجِيِّ، وَأَبِي مَسْعُودٍ سُلَيْمَانَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْأَصْبَهَانِيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ الْيَزْدِيِّ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا، وَلِأَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدَانَ الشِّيرَازِيِّ عَلَيْهِمَا فِي مُؤَلَّفٍ وَاحِدٍ. وَمَوْضُوعُ الْمُسْتَخْرَجِ كَمَا قَالَ الْعِرَاقِيُّ: أَنْ يَأْتِيَ الْمُصَنِّفُ إِلَى الْكِتَابِ فَيُخَرِّجَ أَحَادِيثَ بِأَسَانِيدَ لِنَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِ صَاحِبِ الْكِتَابِ؛ فَيَجْتَمِعَ مَعَهُ فِي شَيْخِهِ أَوْ مَنْ فَوْقَهُ. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: وَشَرْطُهُ أَنْ لَا يَصِلَ إِلَى شَيْخٍ أَبْعَدَ حَتَّى يَفْقِدَ سَنَدًا يُوَصِّلُهُ إِلَى الْأَقْرَبِ إِلَّا لِعُذْرٍ مِنْ عُلُوٍّ أَوْ زِيَادَةٍ مُهِمَّةٍ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 117 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] قَالَ: وَلِذَلِكَ يَقُولُ أَبُو عَوَانَةَ فِي مُسْتَخْرَجِهِ عَلَى مُسْلِمٍ بَعْدَ أَنْ يَسُوقَ طُرُقَ مُسْلِمٍ كُلَّهَا: مِنْ هُنَا أَخْرَجَهُ، ثُمَّ يَسُوقُ أَسَانِيدَ يَجْتَمِعُ فِيهَا مَعَ مُسْلِمٍ فِيمَنْ فَوْقَ ذَلِكَ، وَرُبَّمَا قَالَ: مِنْ هُنَا لَمْ يُخْرِجَاهُ، قَالَ: وَلَا يَظُنُّ أَنَّهُ يَعْنِي الْبُخَارِيَّ وَمُسْلِمًا، فَإِنِّي اسْتَقْرَيْتُ صَنِيعَهُ فِي ذَلِكَ فَوَجَدْتُهُ إِنَّمَا يَعْنِي مُسْلِمًا، وَأَبَا الْفَضْلِ أَحْمَدَ بْنَ سَلَمَةَ، فَإِنَّهُ كَانَ قَرِينَ مُسْلِمٍ، وَصَنَّفَ مِثْلَ مُسْلِمٍ، وَرُبَّمَا أَسْقَطَ الْمُسْتَخْرِجُ أَحَادِيثَ لَمْ يَجِدْ لَهُ بِهَا سَنَدًا يَرْتَضِيهِ، وَرُبَّمَا ذَكَرَهَا مِنْ طَرِيقِ صَاحِبِ الْكِتَابِ. ثُمَّ إِنَّ الْمُسْتَخْرَجَاتِ الْمَذْكُورَةَ (لَمْ يُلْتَزَمْ فِيهَا مُوَافَقَتُهُمَا) أَيِ الصَّحِيحَيْنِ (فِي الْأَلْفَاظِ) لِأَنَّهُمْ إِنَّمَا يَرْوُونَ بِالْأَلْفَاظِ الَّتِي وَقَعَتْ لَهُمْ عَنْ شُيُوخِهِمْ (فَحَصَلَ فِيهَا تَفَاوُتٌ) قَلِيلٌ (فِي اللَّفْظِ) وَ (فِي الْمَعْنَى) أَقَلُّ. (وَكَذَا مَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ) فِي السُّنَنِ وَالْمَعْرِفَةِ وَغَيْرِهِمَا (وَالْبَغَوِيُّ) فِي شَرْحِ السُّنَّةِ (وَشِبْهُهُمَا قَائِلِينَ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ أَوْ مُسْلِمٌ، وَقَعَ فِي بَعْضِهِ) أَيْضًا (تَفَاوُتٌ فِي الْمَعْنَى) وَفِي الْأَلْفَاظِ. (فَمُرَادُهُمْ) بِقَوْلِهِمْ ذَلِكَ (أَنَّهُمَا رَوَيَا أَصْلَهُ) أَيْ أَصْلَ الْحَدِيثِ دُونَ اللَّفْظِ الَّذِي أَوْرَدُوهُ، وَحِينَئِذٍ (فَلَا يَجُوزُ) لَكَ (أَنْ تَنْقُلَ مِنْهَا) أَيْ مِنَ الْكُتُبِ الْمَذْكُورَةِ مِنَ الْمُسْتَخْرَجَاتِ وَمَا ذَكَرَ (حَدِيثًا وَتَقُولَ) فِيهِ (هُوَ كَذَا فِيهِمَا) أَيِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 118 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] الصَّحِيحَيْنِ (إِلَّا أَنْ تُقَابِلَهُ بِهِمَا أَوْ يَقُولَ الْمُصَنِّفُ أَخْرَجَاهُ بِلَفْظِهِ، بِخِلَافِ الْمُخْتَصَرَاتِ مِنَ الصَّحِيحَيْنِ فَإِنَّهُمْ نَقَلُوا فِيهَا أَلْفَاظَهُمَا) مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَلَا تَغْيِيرٍ فَلَكَ أَنْ تَنْقُلَ مِنْهَا، وَتَعْزُوَ ذَلِكَ لِلصَّحِيحِ وَلَوْ بِاللَّفْظِ. وَكَذَا الْجَمْعُ بَيْنَ الصَّحِيحَيْنِ لِعَبْدِ الْحَقِّ، أَمَّا الْجَمْعُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْحُمَيْدِيِّ الْأَنْدَلُسِيِّ فَفِيهِ زِيَادَةُ أَلْفَاظٍ، وَتَتِمَّاتٌ عَلَى الصَّحِيحَيْنِ بِلَا تَمْيِيزٍ. قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَذَلِكَ مَوْجُودٌ فِيهِ كَثِيرًا، فَرُبَّمَا نَقَلَ مَنْ لَا يُمَيِّزُ بَعْضَ مَا يَجِدُهُ فِيهِ عَنِ الصَّحِيحِ أَوْ أَحَدِهِمَا وَهُوَ مُخْطِئٌ، لِكَوْنِهِ زِيَادَةً لَيْسَتْ فِيهِ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَهَذَا مِمَّا أُنْكِرَ عَلَى الْحُمَيْدِيِّ لِأَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ كِتَابَيْنِ، فَمِنْ أَيْنَ تَأْتِي الزِّيَادَةُ؟ قَالَ: وَاقْتَضَى كَلَامُ ابْنِ الصَّلَاحِ أَنَّ الزِّيَادَاتِ الَّتِي تَقَعُ فِي كِتَابِ الْحُمَيْدِيِّ لَهَا حُكْمُ الصَّحِيحِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مَا رَوَاهَا بِسَنَدِهِ كَالْمُسْتَخْرَجِ، وَلَا ذَكَرَ أَنَّهُ يَزِيدُ أَلْفَاظًا وَاشْتَرَطَ فِيهَا الصِّحَّةَ حَتَّى يُقَلَّدَ فِي ذَلِكَ. قُلْتُ: هَذَا الَّذِي نَقَلَهُ عَنِ ابْنِ الصَّلَاحِ وَقَعَ لَهُ فِي الْفَائِدَةِ الرَّابِعَةِ، فَإِنَّهُ قَالَ: وَيَكْفِي وُجُودُهُ فِي كِتَابِ مَنِ اشْتَرَطَ الصَّحِيحَ، وَكَذَلِكَ مَا يُوجَدُ فِي الْكُتُبِ الْمُخَرَّجَةِ مِنْ تَتِمَّةٍ لِمَحْذُوفٍ أَوْ زِيَادَةِ شَرْحٍ، وَكَثِيرٌ مِنْ هَذَا مَوْجُودٌ فِي الْجَمْعِ لِلْحُمَيْدِيِّ. انْتَهَى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 119 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَهَذَا الْكَلَامُ قَابِلٌ لِلتَّأْوِيلِ فَتَأَمَّلْ. ثُمَّ رَأَيْتُ عَنْ شَيْخِ الْإِسْلَامِ قَالَ: قَدْ أَشَارَ الْحُمَيْدِيُّ إِجْمَالًا وَتَفْصِيلًا إِلَى مَا يُبْطِلُ مَا اعْتُرِضَ بِهِ عَلَيْهِ، أَمَّا إِجْمَالًا فَقَالَ فِي خُطْبَةِ الْجُمَعِ: وَرُبَّمَا زِدْتُ زِيَادَاتٍ مِنْ تَتِمَّاتٍ وَشَرْحٍ لِبَعْضِ أَلْفَاظِ الْحَدِيثِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَقَفْتُ عَلَيْهَا فِي كُتُبِ مَنِ اعْتَنَى بِالصَّحِيحِ كَالْإِسْمَاعِيلِيِّ وَالْبَرْقَانِيِّ. وَأَمَّا تَفْصِيلًا فَعَلَى قِسْمَيْنِ: جَلِيٍّ وَخَفِيٍّ، أَمَّا الْجَلِيُّ فَيَسُوقُ الْحَدِيثَ ثُمَّ يَقُولُ فِي أَثْنَائِهِ: إِلَى هُنَا انْتَهَتْ رِوَايَةُ الْبُخَارِيِّ، وَمِنْ هُنَا زِيَادَةُ الْبَرْقَانِيِّ، وَأَمَّا الْخَفِيُّ فَإِنَّهُ يَسُوقُ الْحَدِيثَ كَامِلًا أَصْلًا وَزِيَادَةً، ثُمَّ يَقُولُ: أَمَّا مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى مَوْضِعِ كَذَا، فَرَوَاهُ فُلَانٌ وَمَا عَدَاهُ زَادَهُ فُلَانٌ، أَوْ يَقُولُ: لَفْظَةُ كَذَا زَادَهَا فُلَانٌ وَنَحْوُ ذَلِكَ، وَإِلَى هَذَا أَشَارَ ابْنُ الصَّلَاحِ بِقَوْلِهِ: فَرُبَّمَا نَقَلَ مَنْ لَا يُمَيِّزُ، وَحِينَئِذٍ فَلِزِيَادَتِهِ حُكْمُ الصِّحَّةِ لِنَقْلِهِ لَهَا عَمَّنِ اعْتَنَى بِالصَّحِيحِ. مُهِمَّةٌ مَا تَقَدَّمَ عَنِ الْبَيْهَقِيِّ وَنَحْوِهِ مِنْ عَزْوِ الْحَدِيثِ إِلَى الصَّحِيحِ وَالْمُرَادُ أَصْلُهُ، لَا شَكَّ أَنَّ الْأَحْسَنَ خِلَافُهُ، وَالِاعْتِنَاءُ بِالْبَيَانِ حَذَرًا مِنْ إِيقَاعِ مَنْ لَا يَعْرِفُ الِاصْطِلَاحَ فِي اللَّبْسِ، وَلِابْنِ دَقِيقِ الْعِيدِ فِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ حَسَنٌ وَهُوَ: أَنَّكَ إِذَا كُنْتَ فِي مَقَامِ الرِّوَايَةِ فَلَكَ الْعَزْوُ وَلَوْ خَالَفَ؛ لِأَنَّهُ عَرَفَ أَنَّ أَجَلَّ قَصْدِ الْمُحَدِّثِ السَّنَدُ وَالْعُثُورُ عَلَى أَصْلِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 120 وَلِلْكُتُبِ الْمُخَرَّجَةِ عَلَيْهِمَا فَائِدَتَانِ: عُلُوُّ الْإِسْنَادِ، وَزِيَادَةُ الصَّحِيحِ، فَإِنَّ تِلْكَ الزِّيَادَاتِ صَحِيحَةٌ لِكَوْنِهَا بِإِسْنَادِهِمَا.   [تدريب الراوي] الْحَدِيثِ، دُونَ مَا إِذَا كُنْتَ فِي مَقَامِ الِاحْتِجَاجِ فَمَنْ رَوَى فِي الْمَعَاجِمِ وَالْمَشْيَخَاتِ وَنَحْوِهَا فَلَا حَرَجَ عَلَيْهِ فِي الْإِطْلَاقِ، بِخِلَافِ مَنْ أَوْرَدَ ذَلِكَ فِي الْكُتُبِ الْمُبَوَّبَةِ، لَا سِيَّمَا إِنْ كَانَ الصَّالِحُ لِلتَّرْجَمَةِ قِطْعَةً زَائِدَةً عَلَى مَا فِي الصَّحِيحِ. [فوائد الْكُتُبُ الْمُخَرَّجَةُ] (وَلِلْكُتُبِ الْمُخَرَّجَةِ عَلَيْهِمَا فَائِدَتَانِ) : إِحْدَاهُمَا: (عُلُوُّ الْإِسْنَادِ) لِأَنَّ مُصَنَّفَ الْمُسْتَخْرَجِ لَوْ رَوَى حَدِيثًا مَثَلًا مِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ لَوَقَعَ أَنْزَلَ مِنَ الطَّرِيقِ الَّذِي رَوَاهُ بِهِ فِي الْمُسْتَخْرَجِ، مِثَالُهُ: أَنَّ أَبَا نُعَيْمٍ لَوْ رَوَى حَدِيثًا عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ مِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ أَوْ مُسْلِمٍ لَمْ يَصِلْ إِلَيْهِ إِلَّا بِأَرْبَعَةٍ، وَإِذَا رَوَاهُ عَنِ الطَّبَرَانِيِّ عَنِ الدَّبَرِيِّ - بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ - عَنْهُ وَصَلَ بِاثْنَيْنِ، وَكَذَا لَوْ رَوَى حَدِيثًا فِي مُسْنَدِ الطَّيَالِسِيِّ مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ أَرْبَعَةٌ، شَيْخَانِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُسْلِمٍ، وَمُسْلِمٌ وَشَيْخُهُ، وَإِذَا رَوَاهُ عَنِ ابْنِ فَارِسٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ حَبِيبٍ عَنْهُ وَصَلَ بِاثْنَيْنِ. (وَ) الْأُخْرَى (زِيَادَةُ الصَّحِيحِ فَإِنَّ تِلْكَ الزِّيَادَاتِ صَحِيحَةٌ لِكَوْنِهَا بِإِسْنَادِهِمَا) . قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: هَذَا مُسَلَّمٌ فِي الرَّجُلِ الَّذِي الْتَقَى فِيهِ إِسْنَادُ الْمُسْتَخْرِجِ وَإِسْنَادُ مُصَنِّفِ الْأَصْلِ، وَفِيمَنْ بَعْدَهُ، وَأَمَّا مَنْ بَيَّنَ الْمُسْتَخْرِجِ وَبَيَّنَ ذَلِكَ الرَّجُلِ فَيَحْتَاجُ إِلَى نَقْدٍ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَخْرِجَ لَمْ يَلْتَزِمِ الصِّحَّةَ فِي ذَلِكَ، وَإِنَّمَا جُلُّ قَصْدِهِ الْعُلُوُّ، فَإِنْ حَصَلَ وَقَعَ عَلَى غَرَضِهِ، فَإِنْ كَانَ مَعَ ذَلِكَ صَحِيحًا أَوْ فِيهِ زِيَادَةُ حُسْنٍ حَصَلَتِ اتِّفَاقًا، وَإِلَّا فَلَيْسَ ذَلِكَ هِمَّتَهُ. قَالَ: قَدْ وَقَعَ ابْنُ الصَّلَاحِ هُنَا فِيمَا فَرَّ مِنْهُ فِي عَدَمِ التَّصْحِيحِ فِي هَذَا الزَّمَانِ، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 121 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] لِأَنَّهُ أَطْلَقَ تَصْحِيحَ هَذِهِ الزِّيَادَاتِ ثُمَّ عَلَّلَهَا بِتَعْلِيلٍ أَخَصَّ مِنْ دَعْوَاهُ، وَهُوَ كَوْنُهَا بِذَلِكَ الْإِسْنَادِ، وَذَلِكَ إِنَّمَا هُوَ مِنْ مُلْتَقَى الْإِسْنَادِ إِلَى مُنْتَهَاهُ. [تَنْبِيهٌ] لَمْ يَذْكُرِ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِابْنِ الصَّلَاحِ لِلْمُسْتَخْرَجِ سِوَى هَاتَيْنِ الْفَائِدَتَيْنِ، وَبَقِيَ لَهُ فَوَائِدُ أُخَرُ: مِنْهَا الْقُوَّةُ بِكَثْرَةِ الطُّرُقِ لِلتَّرْجِيحِ عِنْدَ الْمُعَارَضَةِ، ذَكَرَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي مُقَدِّمَةِ شَرْحِ مُسْلِمٍ، وَذَلِكَ بِأَنْ يَضُمَّ الْمُسْتَخْرِجُ شَخْصًا آخَرَ فَأَكْثَرَ مَعَ الَّذِي حَدَّثَ مُصَنِّفُ الصَّحِيحِ عَنْهُ، وَرُبَّمَا سَاقَ لَهُ طُرُقًا أُخْرَى إِلَى الصَّحَابِيِّ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنِ اسْتِخْرَاجِهِ، كَمَا يَصْنَعُ أَبُو عَوَانَةَ. وَمِنْهَا: أَنْ يَكُونَ مُصَنِّفُ الصَّحِيحِ رَوَى عَمَّنِ اخْتَلَطَ وَلَمْ يُبَيِّنْ هَلْ سَمَاعُ ذَلِكَ الْحَدِيثِ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ قَبْلَ الِاخْتِلَاطِ أَوْ بَعْدَهُ؟ فَيُبَيِّنُهُ الْمُسْتَخْرِجُ، إِمَّا تَصْرِيحًا أَوْ بِأَنْ يَرْوِيَهُ عَنْهُ مِنْ طَرِيقِ مَنْ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ إِلَّا قَبْلَ الِاخْتِلَاطِ. وَمِنْهَا: أَنْ يُرْوَى فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُدَلِّسٍ بِالْعَنْعَنَةِ، فَيَرْوِيهِ الْمُسْتَخْرِجُ بِالتَّصْرِيحِ بِالسَّمَاعِ. فَهَاتَانِ فَائِدَتَانِ جَلِيلَتَانِ، وَإِنْ كُنَّا لَا نَتَوَقَّفُ فِي صِحَّةِ مَا رُوِيَ فِي الصَّحِيحِ مِنْ ذَلِكَ غَيْرَ مُبِينٍ، وَنَقُولُ: لَوْ لَمْ يَطَّلِعْ مُصَنِّفُهُ عَلَى أَنَّهُ رُوِيَ عَنْهُ قَبْلَ الِاخْتِلَاطِ، وَأَنَّ الْمُدَلِّسَ سَمِعَ لَمْ يُخْرِجْهُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 122 الرَّابِعَةُ: مَا رَوَيَاهُ بِالْإِسْنَادِ الْمُتَّصِلِ فَهُوَ الْمَحْكُومُ بِصِحَّتِهِ، وَأَمَّا مَا حُذِفَ مِنْ مُبْتَدَأِ إِسْنَادِهِ وَاحِدٌ أَوْ أَكْثَرُ فَمَا كَانَ مِنْهُ بِصِيغَةِ الْجَزْمِ كَقَالَ، وَفَعَلَ، وَأَمَرَ، وَرَوَى، وَذَكَرَ فُلَانٌ، فَهُوَ حُكْمٌ بِصِحَّتِهِ عَنِ الْمُضَافِ إِلَيْهِ. وَمَا لَيْسَ فِيهِ جَزْمٌ كَيُرْوَى، وَيُذْكَرُ، وَيُحْكَى، وَيُقَالُ، وَرُوِيَ، وَذُكِرَ، وَحُكِيَ عَنْ فُلَانٍ كَذَا، فَلَيْسَ فِيهِ حُكْمٌ بِصِحَّتِهِ عَنِ الْمُضَافِ إِلَيْهِ. وَلَيْسَ بِوَاهٍ لِإِدْخَالِهِ فِي الْكِتَابِ الْمَوْسُومِ بِالصَّحِيحِ.   [تدريب الراوي] فَقَدْ سَأَلَ السُّبْكِيُّ الْمِزِّيَّ: هَلْ وُجِدَ لِكُلِّ مَا رَوَيَاهُ بِالْعَنْعَنَةِ طُرُقٌ مُصَرَّحٌ فِيهَا بِالتَّحْدِيثِ؟ فَقَالَ: كَثِيرٌ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يُوجَدْ وَمَا يَسَعُنَا إِلَّا تَحْسِينُ الظَّنِّ. وَمِنْهَا: أَنْ يَرْوِيَ عَنْ مُبْهَمٍ: كَحَدَّثَنَا فُلَانٌ أَوْ رَجُلٌ، أَوْ فُلَانٌ وَغَيْرُهُ، أَوْ غَيْرُ وَاحِدٍ، فَيُعَيِّنُهُ الْمُسْتَخْرَجُ. وَمِنْهَا: أَنْ يَرْوِيَ عَنْ مُهْمَلٍ، كَمُحَمَّدٍ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ مَا يُمَيِّزُهُ عَنْ غَيْرِهِ مِنَ الْمُحَمَّدِينَ، وَيَكُونُ فِي مَشَايِخِ مَنْ رَوَاهُ كَذَلِكَ مَنْ يُشَارِكُهُ فِي الِاسْمِ، فَيُمَيِّزُهُ الْمُسْتَخْرَجُ. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: وَكُلُّ عِلَّةٍ أُعِلَّ بِهَا حَدِيثٌ فِي أَحَدِ الصَّحِيحَيْنِ جَاءَتْ رِوَايَةُ الْمُسْتَخْرَجِ سَالِمَةً مِنْهَا، فَهِيَ مِنْ فَوَائِدِهِ، وَذَلِكَ كَثِيرٌ جِدًّا. [فَائِدَةٌ] لَا يَخْتَصُّ الْمُسْتَخْرَجُ بِالصَّحِيحَيْنِ، فَقَدِ اسْتَخْرَجَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ عَلَى سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ، وَأَبُو عَلِيٍّ الطُّوسِيُّ عَلَى التِّرْمِذِيِّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ عَلَى التَّوْحِيدِ لِابْنِ خُزَيْمَةَ، وَأَمْلَى الْحَافِظُ أَبُو الْفَضْلِ الْعِرَاقِيُّ عَلَى الْمُسْتَدْرَكِ مُسْتَخْرَجًا لَمْ يُكْمَلْ. [ما رواه الشيخان بالإسناد المتصل وغير المتصل] (الرَّابِعَةُ) مِنْ مَسَائِلِ الصَّحِيحِ (مَا رَوَيَاهُ) أَيِ الشَّيْخَانِ (بِالْإِسْنَادِ الْمُتَّصِلِ فَهُوَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 123 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] الْمَحْكُومُ بِصِحَّتِهِ، وَأَمَّا مَا حُذِفَ مِنْ مُبْتَدَأٍ إِسْنَادُهُ وَاحِدٌ أَوْ أَكْثَرُ) وَهُوَ الْمُعَلَّقُ، وَهُوَ فِي الْبُخَارِيِّ كَثِيرٌ جِدًّا، كَمَا تَقَدَّمَ عَدَدُهُ، وَفِي مُسْلِمٍ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ فِي التَّيَمُّمِ، حَيْثُ قَالَ: وَرَوَى اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، فَذَكَرَ حَدِيثَ أَبِي الْجُهَيْمِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ الصِّمَّةِ: «أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نَحْوِ بِئْرِ جَمَلٍ» . الْحَدِيثَ، وَفِيهِ أَيْضًا مَوْضِعَانِ فِي الْحُدُودِ وَالْبُيُوعِ رَوَاهُمَا بِالتَّعْلِيقِ عَنِ اللَّيْثِ بَعْدَ رِوَايَتِهِمَا بِالِاتِّصَالِ، وَفِيهِ بَعْدَ ذَلِكَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ مَوْضِعًا كُلُّ حَدِيثٍ مِنْهَا رَوَاهُ مُتَّصِلًا، ثُمَّ عَقَّبَهُ بِقَوْلِهِ: وَرَوَاهُ فُلَانٌ. وَأَكْثَرُ مَا فِي الْبُخَارِيِّ مِنْ ذَلِكَ مَوْصُولٌ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ كِتَابِهِ، وَإِنَّمَا أَوْرَدَهُ مُعَلَّقًا اخْتِصَارًا وَمُجَانَبَةً لِلتَّكْرَارِ وَالَّذِي لَمْ يُوصِلْهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِائَةٌ وَسِتُّونَ حَدِيثًا، وَصَلَهَا شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي تَأْلِيفٍ لَطِيفٍ سَمَّاهُ: " التَّوْفِيقَ "، وَلَهُ فِي جَمِيعِ التَّعْلِيقِ وَالْمُتَابَعَاتِ وَالْمَوْقُوفَاتِ كِتَابٌ جَلِيلٌ بِالْأَسَانِيدِ سَمَّاهُ: " تَغْلِيقَ التَّعْلِيقِ "، وَاخْتَصَرَهُ بِلَا أَسَانِيدَ فِي آخَرَ سَمَّاهُ: " التَّشْوِيقَ إِلَى وَصْلِ الْمُهِمِّ مِنَ التَّعْلِيقِ ". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 124 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] (فَمَا كَانَ مِنْهُ بِصِيغَةِ الْجَزْمِ كَقَالَ وَفَعَلَ وَأَمَرَ وَرَوَى وَذَكَرَ فُلَانٌ فَهُوَ حُكْمٌ بِصِحَّتِهِ عَنِ الْمُضَافِ إِلَيْهِ) لِأَنَّهُ لَا يَسْتَجِيزُ أَنْ يَجْزِمَ بِذَلِكَ عَنْهُ إِلَّا وَقَدْ صَحَّ عِنْدَهُ عَنْهُ، لَكِنْ لَا يَحْكُمُ بِصِحَّةِ الْحَدِيثِ مُطْلَقًا، بَلْ يَتَوَقَّفُ عَلَى النَّظَرِ فِيمَنْ أَبْرَزَ مِنْ رِجَالِهِ، وَذَلِكَ أَقْسَامٌ: أَحَدُهَا: مَا يَلْتَحِقُ بِشَرْطِهِ، وَالسَّبَبُ فِي عَدَمِ إِيصَالِهِ إِمَّا الِاسْتِغْنَاءُ بِغَيْرِهِ عَنْهُ، مَعَ إِفَادَةِ الْإِشَارَةِ إِلَيْهِ وَعَدَمِ إِهْمَالِهِ بِإِيرَادِهِ مُعَلَّقًا اخْتِصَارًا، وَإِمَّا كَوْنُهُ لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ شَيْخِهِ، أَوْ سَمِعَهُ مُذَاكَرَةً، أَوْ شَكَّ فِي سَمَاعِهِ، فَمَا رَأَى أَنَّهُ يَسُوقُهُ مَسَاقَ الْأُصُولِ، وَمِنْ أَمْثِلَةِ ذَلِكَ قَوْلُهُ فِي الْوَكَالَةِ: قَالَ عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ: حَدَّثَنَا عَوْنٌ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «وَكَّلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِزَكَاةِ رَمَضَانَ» . الْحَدِيثَ، وَأَوْرَدَهُ فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ وَذَكَرَ إِبْلِيسَ، وَلَمْ يَقُلْ فِي مَوْضِعٍ مِنْهَا: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ، فَالظَّاهِرُ عَدَمُ سَمَاعِهِ لَهُ مِنْهُ. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: وَقَدِ اسْتَعْمَلَ هَذِهِ الصِّيغَةَ فِيمَا لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ مَشَايِخِهِ فِي عِدَّةِ أَحَادِيثَ، فَيُورِدُهَا مِنْهُمْ بِصِيغَةِ: قَالَ فُلَانٌ، ثُمَّ يُورِدُهَا فِي مَوْضِعٍ آخَرَ بِوَاسِطَةٍ بَيْنَهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 125 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَبَيْنَهُمْ، كَمَا قَالَ فِي التَّارِيخِ: قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ فَذَكَرَ حَدِيثًا، ثُمَّ يَقُولُ: حَدَّثُونِي بِهَذَا عَنْ إِبْرَاهِيمَ. قَالَ: وَلَكِنْ لَيْسَ ذَلِكَ مُطَّرِدًا فِي كُلِّ مَا أَوْرَدَهُ بِهَذِهِ الصِّيغَةِ، لَكِنْ مَعَ هَذَا الِاحْتِمَالِ لَا يَحِلُّ حَمْلُ مَا أَوْرَدَهُ بِهَذِهِ الصِّيغَةِ عَلَى أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْ شُيُوخِهِ. وَبِهَذَا الْقَوْلِ يَنْدَفِعُ اعْتِرَاضُ الْعِرَاقِيِّ عَلَى ابْنِ الصَّلَاحِ فِي تَمْثِيلِهِ بِقَوْلِهِ قَالَ: عَفَّانُ، وَقَالَ الْقَعْنَبِيُّ بِكَوْنِهِمَا مِنْ شُيُوخِهِ، وَأَنَّ الرِّوَايَةَ عَنْهُمْ وَلَوْ بِصِيغَةٍ لَا تُصَرِّحُ بِالسَّمَاعِ، مَحْمُولَةٌ عَلَى الِاتِّصَالِ كَمَا سَيَأْتِي فِي فُرُوعٍ عَقِبَ الْمُعْضَلِ، ثُمَّ قَوْلُنَا: فِي هَذَا التَّقْسِيمِ مَا يَلْتَحِقُ بِشَرْطِهِ، وَلَمْ يَقُلْ: إِنَّهُ عَلَى شَرْطِهِ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ صَحَّ فَلَيْسَ مِنْ نَمَطِ الصَّحِيحِ الْمُسْنَدِ فِيهِ، نَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ كَثِيرٍ. الْقِسْمُ الثَّانِي: مَا لَا يَلْتَحِقُ بِشَرْطِهِ وَلَكِنَّهُ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ غَيْرِهِ، كَقَوْلِهِ فِي الطَّهَارَةِ وَقَالَتْ عَائِشَةُ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُ اللَّهَ عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهِ.» أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ. الثَّالِثُ: مَا هُوَ حَسَنٌ صَالِحٌ لِلْحُجَّةِ كَقَوْلِهِ فِيهِ: وَقَالَ بَهْزُ بْنُ حَكِيمٍ عَنْ أَبِيهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 126 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] عَنْ جَدِّهِ: «اللَّهُ أَحَقُّ أَنْ يُسْتَحْيَا مِنْهُ» وَهُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ مَشْهُورٌ أَخْرَجَهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ. الرَّابِعُ: مَا هُوَ ضَعِيفٌ لَا مِنْ جِهَةِ قَدْحٍ فِي رِجَالِهِ، بَلْ مِنْ جِهَةِ انْقِطَاعٍ يَسِيرٍ فِي إِسْنَادِهِ، قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ: قَدْ يَصْنَعُ الْبُخَارِيُّ ذَلِكَ إِمَّا لِأَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْ ذَلِكَ الشَّيْخِ بِوَاسِطَةِ مَنْ يَثِقُ بِهِ عَنْهُ، وَهُوَ مَعْرُوفٌ مَشْهُورٌ عَنْ ذَلِكَ الشَّيْخِ، أَوْ لِأَنَّهُ سَمِعَهُ مِمَّنْ لَيْسَ مِنْ شَرْطِ الْكِتَابِ، فَنَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الْحَدِيثِ بِتَسْمِيَةِ مَنْ حَدَّثَ بِهِ لَا عَلَى التَّحْدِيثِ بِهِ عَنْهُ، كَقَوْلِهِ فِي الزَّكَاةِ: وَقَالَ طَاوُسٌ: قَالَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ لِأَهْلِ الْيَمَنِ: ائْتُونِي بِعَرْضِ ثِيَابٍ، الْحَدِيثَ، فَإِسْنَادُهُ إِلَى طَاوُسٍ صَحِيحٌ، إِلَّا أَنَّ طَاوُسًا لَمْ يَسْمَعْ مِنْ مُعَاذٍ. وَأَمَّا مَا اعْتَرَضَ بِهِ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ نَقْضِ هَذَا الْحُكْمِ بِكَوْنِهِ جَزْمٌ فِي مُعَلَّقٍ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ فِي التَّوْحِيدِ، وَقَالَ الْمَاجِشُونُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تُفَاضِلُوا بَيْنَ الْأَنْبِيَاءِ» الْحَدِيثَ، فَإِنَّ أَبَا مَسْعُودٍ الدِّمَشْقِيَّ جَزَمَ بِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِصَحِيحٍ؛ لِأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْفَضْلِ إِنَّمَا رَوَاهُ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ لَا عَنْ أَبِي سَلَمَةَ. وَقَوَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُ أَخْرَجَهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ كَذَلِكَ، فَهُوَ اعْتِرَاضٌ مَرْدُودٌ، وَلَا يَنْقُضُ الْقَاعِدَةَ، وَلَا مَانِعَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ شَيْخَانِ وَكَذَلِكَ أَوْرَدَهُ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ الطَّيَالِسِيِّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 127 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] فِي مُسْنَدِهِ فَبَطَلَ مَا ادَّعَاهُ. (وَمَا لَيْسَ فِيهِ جَزْمٌ كَيُرْوَى وَيُذْكَرُ وَيُحْكَى وَيُقَالُ وَرُوِيَ وَذُكِرَ وَحُكِيَ عَنْ فُلَانٍ كَذَا) كَذَا قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: أَوْ فِي الْبَابِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَلَيْسَ فِيهِ حُكْمٌ بِصِحَّتِهِ عَنِ الْمُضَافِ إِلَيْهِ) . قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: لِأَنَّ مِثْلَ هَذِهِ الْعِبَارَاتِ تُسْتَعْمَلُ فِي الْحَدِيثِ الضَّعِيفِ أَيْضًا، فَأَشَارَ بِقَوْلِهِ: أَيْضًا إِلَى أَنَّهُ رُبَّمَا يُورِدُ ذَلِكَ فِيمَا هُوَ صَحِيحٌ، إِمَّا لِكَوْنِهِ رَوَاهُ بِالْمَعْنَى، كَقَوْلِهِ فِي الطِّبِّ: وَيُذْكَرُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الرُّقَى بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ، فَإِنَّهُ أَسْنَدَهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ بِلَفْظِ: «أَنَّ نَفَرًا مِنَ الصَّحَابَةِ مَرُّوا بِحَيٍّ فِيهِ لَدِيغٌ» ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ فِي رُقْيَتِهِمْ لِلرَّجُلِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ، وَفِيهِ: «إِنَّ أَحَقَّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا كِتَابُ اللَّهِ» . أَوْ لَيْسَ عَلَى شَرْطِهِ كَقَوْلِهِ فِي الصَّلَاةِ: وَيُذْكَرُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ قَالَ: «قَرَأَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الْمُؤْمِنُونَ " فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ، حَتَّى إِذَا جَاءَ ذِكْرُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 128 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] مُوسَى وَهَارُونَ أَخَذَتْهُ سَعْلَةٌ فَرَكَعَ» ، وَهُوَ صَحِيحٌ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، إِلَّا أَنَّ الْبُخَارِيَّ لَمْ يُخَرِّجْ لِبَعْضِ رُوَاتِهِ. أَوْ لِكَوْنِهِ ضَمَّ إِلَيْهِ مَا لَمْ يَصِحَّ فَأَتَى بِصِيغَةٍ تُسْتَعْمَلُ فِيهِمَا، كَقَوْلِهِ فِي الطَّلَاقِ وَيُذْكَرُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَابْنِ الْمُسَيَّبِ وَذَكَرَ نَحْوًا مِنْ ثَلَاثَةٍ وَعِشْرِينَ تَابِعِيًّا. وَقَدْ يُورِدُهُ أَيْضًا فِي الْحَسَنِ كَقَوْلِهِ فِي الْبُيُوعِ: وَيُذْكَرُ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ: «إِذَا بِعْتَ فَكِلْ، وَإِذَا ابْتَعْتَ فَاكْتَلْ» هَذَا الْحَدِيثُ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ طَرِيقِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، وَهُوَ صَدُوقٌ، عَنْ مُنْقِذٍ مَوْلَى عُثْمَانَ، وَقَدْ وُثِّقَ، عَنْ عُثْمَانَ، وَتَابَعَهُ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، وَمِنْ طَرِيقِهِ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ فِي الْمُسْنَدِ، إِلَّا أَنَّ فِي إِسْنَادِهِ ابْنَ لَهِيعَةَ، وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ مِنْ حَدِيثِ عَطَاءٍ عَنْ عُثْمَانَ، وَفِيهِ انْقِطَاعٌ، وَالْحَدِيثُ حَسَنٌ لِمَا عَضَّدَهُ مِنْ ذَلِكَ. وَمِنْ أَمْثِلَةِ مَا أَوْرَدَهُ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ ضَعِيفٌ قَوْلُهُ فِي الْوَصَايَا: وَيُذْكَرُ «عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَضَى بِالدَّيْنِ قَبْلَ الْوَصِيَّةِ» ، وَقَدْ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مَوْصُولًا مِنْ طَرِيقِ الْحَارِثِ عَنْ عَلِيٍّ، وَالْحَارِثُ ضَعِيفٌ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 129 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَقَوْلُهُ فِي الصَّلَاةِ: وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفْعُهُ: «لَا يَتَطَوَّعُ الْإِمَامُ فِي مَكَانِهِ» ، وَقَالَ عَقِبَهُ: وَلَمْ يَصِحَّ، وَهَذِهِ عَادَتُهُ فِي ضَعِيفٍ لَا عَاضِدَ لَهُ مِنْ مُوَافَقَةِ إِجْمَاعٍ أَوْ نَحْوِهِ، عَلَى أَنَّهُ فِيهِ قَلِيلٌ جِدًّا، وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ اللَّيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَلَيْثٌ ضَعِيفٌ، وَإِبْرَاهِيمُ لَا يُعْرَفُ، وَقَدِ اخْتُلِفَ عَلَيْهِ فِيهِ. (وَ) مَا أَوْرَدَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ مِمَّا عَبَّرَ عَنْهُ بِصِيغَةِ التَّمْرِيضِ، وَقُلْنَا لَا يُحْكَمُ بِصِحَّتِهِ (لَيْسَ بِوَاهٍ) أَيْ سَاقِطٌ جِدًّا (لِإِدْخَالِهِ) إِيَّاهُ (فِي الْكِتَابِ الْمَوْسُومِ بِالصَّحِيحِ) ، وَعِبَارَةُ ابْنِ الصَّلَاحِ: وَمَعَ ذَلِكَ فَإِيرَادُهُ لَهُ فِي أَثْنَاءِ الصَّحِيحِ يُشْعِرُ بِصِحَّةِ أَصْلِهِ إِشْعَارًا يُؤْنَسُ بِهِ وَيُرْكَنُ إِلَيْهِ. قُلْتُ: وَلِهَذَا رَدَدْتُ عَلَى ابْنِ الْجَوْزِيِّ حَيْثُ أَوْرَدَ فِي الْمَوْضُوعَاتِ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا: «إِذَا أُتِيَ أَحَدُكُمْ بِهَدِيَّةٍ فَجُلَسَاؤُهُ شُرَكَاؤُهُ فِيهَا» ، فَإِنَّهُ أَوْرَدَهُ مِنْ طَرِيقَيْنِ عَنْهُ، وَمِنْ طَرِيقٍ عَنْ عَائِشَةَ وَلَمْ يُصِبْ، فَإِنَّ الْبُخَارِيَّ أَوْرَدَهُ فِي الصَّحِيحِ فَقَالَ: وَيُذْكَرُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَلَهُ شَاهِدٌ آخَرُ مِنْ حَدِيثِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ رُوِّينَاهُ فِي فَوَائِدِ أَبِي بَكْرٍ الشَّافِعِيِّ، وَقَدْ بَيَّنْتُ ذَلِكَ فِي مُخْتَصَرِ الْمَوْضُوعَاتِ، ثُمَّ فِي كِتَابِي " الْقَوْلُ الْحَسَنُ فِي الذَّبِّ عَنِ السُّنَنِ ". 1 - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 130 الْخَامِسَةُ: الصَّحِيحُ أَقْسَامٌ: أَعْلَاهَا مَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ، ثُمَّ مَا انْفَرَدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ، ثُمَّ مُسْلِمٌ، ثُمَّ عَلَى شَرْطِهِمَا، ثُمَّ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ، ثُمَّ مُسْلِمٍ، ثُمَّ صَحِيحٌ عِنْدَ غَيْرِهِمَا.   [تدريب الراوي] [فَائِدَةٌ] قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: إِذَا تَقَرَّرَ حُكْمُ التَّعَالِيقِ الْمَذْكُورَةِ فَقَوْلُ الْبُخَارِيِّ: مَا أَدْخَلْتُ فِي كِتَابِي إِلَّا مَا صَحَّ، وَقَوْلُ الْحَافِظِ أَبِي نَصْرٍ السِّجْزِيِّ: أَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ وَغَيْرُهُمْ أَنْ رَجُلًا لَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّ جَمِيعَ الْبُخَارِيِّ صَحِيحٌ، قَالَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا شَكَّ فِيهِ، لَمْ يَحْنَثْ، مَحْمُولٌ عَلَى مَقَاصِدِ الْكِتَابِ وَمَوْضُوعِهِ، وَمُتُونِ الْأَبْوَابِ الْمُسْنَدَةِ دُونَ التَّرَاجِمِ وَنَحْوِهَا. اهـ. وَسَيَأْتِي فِي الْمَسْأَلَةِ مَزِيدُ كَلَامٍ قَرِيبًا، وَيَأْتِي تَحْرِيرُ الْكَلَامِ فِي حَقِيقَةِ التَّعْلِيقِ حَيْثُ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ عَقِبَ الْمُعْضَلِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. [الصحيح أقسام] (الْخَامِسَةُ: الصَّحِيحُ أَقْسَامٌ) مُتَفَاوِتَةٌ بِحَسَبِ تَمَكُّنِهِ مِنْ شُرُوطِ الصِّحَّةِ، وَعَدَمِهِ (أَعْلَاهَا: مَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ. ثُمَّ مَا انْفَرَدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ) وَوَجْهُ تَأَخُّرِهِ عَمَّا اتَّفَقَا عَلَيْهِ اخْتِلَافُ الْعُلَمَاءِ أَيُّهُمَا أَرْجَحُ. (ثُمَّ) مَا انْفَرَدَ بِهِ (مُسْلِمٌ. ثُمَّ) صَحِيحٌ (عَلَى شَرْطِهِمَا) وَلَمْ يُخْرِجْهُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، وَوَجْهُ تَأَخُّرِهِ عَمَّا اتَّفَقَا عَلَيْهِ اخْتِلَافُ الْعُلَمَاءِ أَيُّهُمَا أَرْجَحُ، ثُمَّ مَا انْفَرَدَ بِهِ مُسْلِمٌ ثُمَّ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِهِمَا وَلَمْ يُخْرِجْهُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، وَوَجْهُ تَأَخُّرِهِ عَمَّا أَخْرَجَهُ أَحَدُهُمَا تَلَقِّي الْأُمَّةِ بِالْقَبُولِ لَهُ. (ثُمَّ) صَحِيحٌ (عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 131 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] ثُمَّ) صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ (مُسْلِمٍ. ثُمَّ صَحِيحٌ عِنْدَ غَيْرِهِمَا) مُسْتَوْفًى فِيهِ الشُّرُوطُ السَّابِقَةُ. 1 - [تَنْبِيهَاتٌ] الْأَوَّلُ: أُورِدَ عَلَى هَذَا أَقْسَامٌ: أَحَدُهَا: الْمُتَوَاتِرُ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ عَدَالَةٌ، وَالْكَلَامُ فِي الصَّحِيحِ بِالتَّعْرِيفِ السَّابِقِ. الثَّانِي: الْمَشْهُورُ، قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: وَهُوَ وَارِدٌ قَطْعًا: وَأَنَا مُتَوَقِّفٌ فِي رُتْبَتِهِ؛ هَلْ هِيَ قَبْلَ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ أَمْ بَعْدَهُ. الثَّالِثُ: مَا أَخْرَجَهُ السِّتَّةُ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ مَنْ لَمْ يَشْتَرِطِ الصَّحِيحَ فِي كِتَابِهِ لَا يَزِيدُ تَخْرِيجُهُ لِلْحَدِيثِ قُوَّةً. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَيُمْنَعُ بِأَنَّ الْفُقَهَاءَ قَدْ يُرَجِّحُونَ بِمَا لَا مَدْخَلَ لَهُ فِي ذَلِكَ الشَّيْءِ كَتَقْدِيمِ ابْنِ الْعَمِّ الشَّقِيقِ عَلَى ابْنِ الْعَمِّ لِلْأَبِ، وَإِنْ كَانَ ابْنُ الْعَمِّ لِلْأُمِّ لَا يَرِثُ، قَالَ الْعِرَاقِيُّ: نَعَمْ، مَا اتَّفَقَ السِّتَّةُ عَلَى تَوْثِيقِ رُوَاتِهِ أَوْلَى بِالصِّحَّةِ مِمَّا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَإِنِ اتَّفَقَ عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ. الرَّابِعُ: مَا فَقَدَ شَرْطًا كَالِاتِّصَالِ عِنْدَ مَنْ يَعُدُّهُ صَحِيحًا. الْخَامِسُ: مَا فَقَدَ تَمَامَ الضَّبْطِ وَنَحْوَهُ مِمَّا يَنْزِلُ إِلَى رُتْبَةِ الْحَسَنِ عِنْدَ مَنْ يُسَمِّيهِ صَحِيحًا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 132 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: وَعَلَى ذَلِكَ يُقَالُ: مَا أَخْرَجَهُ السِّتَّةُ إِلَّا وَاحِدًا مِنْهُمْ، وَكَذَا مَا أَخْرَجَهُ الْأَئِمَّةُ الَّذِينَ الْتَزَمُوا الصِّحَّةَ، وَنَحْوُ هَذَا إِلَى أَنْ تَنْتَشِرَ الْأَقْسَامُ فَتَكْثُرَ حَتَّى يَعْسُرَ حَصْرُهَا. 1 - [التَّنْبِيهُ الثَّانِي] قَدْ عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ أَصَحَّ مَنْ صَنَّفَ فِي الصَّحِيحِ ابْنُ خُزَيْمَةَ ثُمَّ ابْنُ حِبَّانَ ثُمَّ الْحَاكِمُ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: أَصَحُّهَا بَعْدَ مُسْلِمٍ مَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الثَّلَاثَةُ، ثُمَّ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ أَوْ وَالْحَاكِمُ، ثُمَّ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ. [ثُمَّ ابْنُ خُزَيْمَةَ فَقَطْ] ، ثُمَّ ابْنُ حِبَّانَ فَقَطْ، ثُمَّ الْحَاكِمُ فَقَطْ، إِنْ لَمْ يَكُنِ الْحَدِيثُ عَلَى شَرْطِ أَحَدِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ، فَلْيُتَأَمَّلْ. 1 - [التَّنْبِيهُ الثَّالِثُ] قَدْ يَعْرِضُ لِلْمَفُوقِ مَا يَجْعَلُهُ فَائِقًا، كَأَنْ يَتَّفِقَا عَلَى إِخْرَاجِ حَدِيثٍ غَرِيبٍ، وَيُخَرِّجُ مُسْلِمٌ أَوْ غَيْرُهُ حَدِيثًا مَشْهُورًا، أَوْ مِمَّا وُصِفَتْ تَرْجَمَتُهُ بِكَوْنِهَا أَصَحَّ الْأَسَانِيدِ، وَلَا يَقْدَحُ ذَلِكَ فِيمَا تَقَدَّمَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ بِاعْتِبَارِ الْإِجْمَالِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَمِنْ هُنَا يُعْلَمُ أَنَّ تَرْجِيحَ كِتَابِ الْبُخَارِيِّ عَلَى مُسْلِمٍ إِنَّمَا الْمُرَادُ بِهِ تَرْجِيحُ الْجُمْلَةِ، لَا كُلِّ فَرْدٍ مِنْ أَحَادِيثِهِ عَلَى كُلِّ فَرْدٍ مِنْ أَحَادِيثِ الْآخَرِ. 1 - [التَّنْبِيهُ الرَّابِعُ] فَائِدَةُ التَّقْسِيمِ الْمَذْكُورِ تَظْهَرُ عِنْدَ التَّعَارُضِ وَالتَّرْجِيحِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 133 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] [التَّنْبِيهُ الْخَامِسُ] فِي تَحْقِيقِ شَرْطِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ، قَالَ ابْنُ طَاهِرٍ: شَرْطُ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ أَنْ يُخَرِّجَا الْحَدِيثَ الْمُجْمَعَ عَلَى ثِقَةِ رِجَالِهِ إِلَى الصَّحَابِيِّ الْمَشْهُورِ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَلَيْسَ مَا قَالَهُ بِجَيِّدٍ؛ لِأَنَّ النَّسَائِيَّ ضَعَّفَ جَمَاعَةً أَخْرَجَ لَهُمُ الشَّيْخَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُمَا أَخْرَجَا مَنْ أُجْمِعَ عَلَى ثِقَتِهِ إِلَى حِينِ تَصْنِيفِهِمَا، فَلَا يَقْدَحُ فِي ذَلِكَ تَضْعِيفُ النَّسَائِيِّ بَعْدَ وُجُودِ الْكِتَابَيْنِ. وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: تَضْعِيفُ النَّسَائِيِّ إِنْ كَانَ بِاجْتِهَادِهِ أَوْ نَقْلِهِ عَنْ مُعَاصِرٍ فَالْجَوَابُ ذَلِكَ، وَإِنْ نَقَلَهُ عَنْ مُتَقَدِّمٍ فَلَا، قَالَ: وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ مَا قَالَهُ ابْنُ طَاهِرٍ هُوَ الْأَصْلُ الَّذِي بَنَيَا عَلَيْهِ أَمْرَهُمَا، وَقَدْ يُخْرَجَانِ عَنْهُ لِمُرَجِّحٍ يَقُومُ مَقَامَهُ. وَقَالَ الْحَاكِمُ فِي عُلُومِ الْحَدِيثِ: وَصْفُ الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ أَنْ يَرْوِيَهُ الصَّحَابِيُّ الْمَشْهُورُ بِالرِّوَايَةِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَهُ رَاوِيَانِ ثِقَتَانِ، ثُمَّ يَرْوِيَهُ مِنْ أَتْبَاعِ التَّابِعِينَ الْحَافِظُ الْمُتْقِنُ الْمَشْهُورُ بِالرِّوَايَةِ، وَلَهُ رُوَاةٌ ثِقَاتٌ. وَقَالَ فِي الْمَدْخَلِ: الدَّرَجَةُ الْأُولَى مِنَ الصَّحِيحِ اخْتِيَارُ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ، وَهُوَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 134 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] أَنْ يَرْوِيَ الْحَدِيثَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَحَابِيٌّ زَائِلٌ عَنْهُ اسْمُ الْجَهَالَةِ، بِأَنْ يَرْوِيَ عَنْهُ تَابِعِيَّانِ عَدْلَانِ، ثُمَّ يَرْوِي عَنْهُ التَّابِعِيُّ الْمَشْهُورُ بِالرِّوَايَةِ عَنِ الصَّحَابَةِ وَلَهُ رَاوِيَانِ ثِقَتَانِ، ثُمَّ يَرْوِيهِ عَنْهُ مِنْ أَتْبَاعِ التَّابِعِينَ حَافِظٌ مُتْقِنٌ وَلَهُ رُوَاةٌ مِنَ الطَّبَقَةِ الرَّابِعَةِ، ثُمَّ يَكُونُ شَيْخُ الْبُخَارِيِّ أَوْ مُسْلِمٍ حَافِظًا مَشْهُورًا بِالْعَدَالَةِ فِي رِوَايَتِهِ، ثُمَّ يَتَدَاوَلُهُ أَهْلُ الْحَدِيثِ بِالْقَبُولِ إِلَى وَقْتِنَا، كَالشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ. فَعَمَّمَ فِي عُلُومِ الْحَدِيثِ شَرْطَ الصَّحِيحِ مِنْ حَيْثُ هُوَ، وَخَصَّصَ ذَلِكَ فِي الْمَدْخَلِ بِشَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَقَدْ نَقَضَ عَلَيْهِ الْحَازِمِيُّ مَا ادَّعَى أَنَّهُ شَرْطُ الشَّيْخَيْنِ بِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنَ الْغَرَائِبِ الَّتِي تَفَرَّدَ بِهَا بَعْضُ الرُّوَاةِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ إِنَّمَا أَرَادَ أَنَّ كُلَّ رَاوٍ فِي الْكِتَابَيْنِ يَشْتَرِطُ أَنْ يَكُونَ لَهُ رَاوِيَانِ، لَا أَنَّهُ يَشْتَرِطُ أَنْ يَتَّفِقَا فِي رِوَايَةِ ذَلِكَ الْحَدِيثِ بِعَيْنِهِ. قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْغَسَّانِيُّ وَنَقَلَهُ عِيَاضٌ عَنْهُ: لَيْسَ الْمُرَادُ أَنْ يَكُونَ كُلُّ خَبَرٍ رَوَيَاهُ يَجْتَمِعُ فِيهِ رَاوِيَانِ عَنْ صَحَابِيِّهِ ثُمَّ عَنْ تَابِعِيِّهِ فَمَنْ بَعْدَهُ، فَإِنَّ ذَلِكَ يَعِزُّ وُجُودُهُ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ أَنَّ هَذَا الصَّحَابِيَّ وَهَذَا التَّابِعِيَّ رَوَى عَنْهُ رَجُلَانِ خَرَجَ بِهِمَا عَنْ حَدِّ الْجَهَالَةِ. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: وَكَأَنَّ الْحَازِمِيَّ فَهِمَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ الْحَاكِمِ: كَالشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ يُشْتَرَطُ فِيهَا التَّعَدُّدُ، وَأُجِيبَ بِاحْتِمَالِ أَنْ يُرِيدَ بِالتَّشْبِيهِ بَعْضَ الْوُجُوهِ لَا كُلَّهَا، كَالِاتِّصَالِ وَاللِّقَاءِ وَغَيْرِهِمَا. وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ الْمَوَّاقِ: مَا حَمَلَ الْغَسَّانِيُّ عَلَيْهِ كَلَامَ الْحَاكِمِ وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ عِيَاضٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 135 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَغَيْرُهُ لَيْسَ بِالْبَيِّنِ، وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا رَوَى عَنْهُمَا أَنَّهُمَا صَرَّحَا بِذَلِكَ وَلَا وُجُودَ لَهُ فِي كِتَابَيْهِمَا وَلَا خَارِجًا عَنْهُمَا، فَإِنْ كَانَ قَائِلُ ذَلِكَ عَرَفَهُ مِنْ مَذْهَبِهِمَا بِالتَّصَفُّحِ لِتَصَرُّفِهِمَا فِي كِتَابَيْهِمَا فَلَمْ يُصِبْ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَيْنِ مَعًا فِي كِتَابَيْهِمَا، وَإِنْ كَانَ أَخَذَهُ مِنْ كَوْنِ ذَلِكَ أَكْثَرِيًّا فِي كِتَابَيْهِمَا فَلَا دَلِيلَ فِيهِ عَلَى كَوْنِهِمَا اشْتَرَطَاهُ، وَلَعَلَّ وُجُودَ ذَلِكَ أَكْثَرِيًّا إِنَّمَا هُوَ لِأَنَّ مَنْ رَوَى عَنْهُ أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدٍ، أَكْثَرُ مِمَّنْ لَمْ يَرْوِ عَنْهُ إِلَّا وَاحِدٌ مِنَ الرُّوَاةِ مُطْلَقًا، لَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَنْ خُرِّجَ لَهُ مِنْهُمْ فِي الصَّحِيحَيْنِ. وَلَيْسَ مِنَ الْإِنْصَافِ إِلْزَامُهُمَا هَذَا الشَّرْطَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَثْبُتَ عَنْهُمَا ذَلِكَ مَعَ وُجُودِ إِخْلَالِهِمَا بِهِ. لِأَنَّهُمَا إِذَا صَحَّ عَنْهُمَا اشْتِرَاطُ ذَلِكَ كَانَ فِي إِخْلَالِهِمَا بِهِ دَرَكٌ، عَلَيْهِمَا. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: وَهَذَا كَلَامٌ مَقْبُولٌ وَبَحْثٌ قَوِيٌّ. وَقَالَ فِي مُقَدِّمَةِ شَرْحِ الْبُخَارِيِّ: مَا ذَكَرَهُ الْحَاكِمُ وَإِنْ كَانَ مُنْتَقَضًا فِي حَقِّ بَعْضِ الصَّحَابَةِ الَّذِينَ أَخْرَجَ لَهُمْ إِلَّا أَنَّهُ مُعْتَبَرٌ فِي حَقِّ مَنْ بَعْدَهُمْ، فَلَيْسَ فِي الْكِتَابِ حَدِيثُ أَصْلٍ مِنْ رِوَايَةِ مَنْ لَيْسَ لَهُ إِلَّا رَاوٍ وَاحِدٌ فَقَطْ. وَقَالَ الْحَازِمِيُّ مَا حَاصِلُهُ: شَرْطُ الْبُخَارِيِّ أَنْ يُخَرِّجَ مَا اتَّصَلَ إِسْنَادُهُ بِالثِّقَاتِ الْمُتْقِنِينَ الْمُلَازِمِينَ لِمَنْ أَخَذُوا عَنْهُ مُلَازَمَةً طَوِيلَةً، وَأَنَّهُ قَدْ يُخْرِجُ أَحْيَانًا عَنْ أَعْيَانِ الطَّبَقَةِ الَّتِي تَلِي هَذِهِ فِي الْإِتْقَانِ وَالْمُلَازَمَةِ لِمَنْ رَوَوْا عَنْهُ، فَلَمْ يَلْزَمُوهُ إِلَّا مُلَازَمَةً يَسِيرَةً، وَشَرْطُ مُسْلِمٍ أَنْ يُخَرِّجَ حَدِيثَ هَذِهِ الطَّبَقَةِ الثَّانِيَةِ، وَقَدْ يُخْرِجُ حَدِيثَ مَنْ لَمْ يَسْلَمْ مِنْ غَوَائِلِ الْجَرْحِ، إِذَا كَانَ طَوِيلَ الْمُلَازَمَةِ لِمَنْ أَخَذَهُ عَنْهُ، كَحَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ فِي ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ وَأَيُّوبَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 136 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَقَالَ الْمُصَنِّفُ: إِنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِمْ عَلَى شَرْطِهِمَا: أَنْ يَكُونَ رِجَالُ إِسْنَادِهِ فِي كِتَابَيْهِمَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُمَا شَرْطٌ فِي كِتَابَيْهِمَا وَلَا فِي غَيْرِهِمَا. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَهَذَا الْكَلَامُ قَدْ أَخَذَهُ مِنِ ابْنِ الصَّلَاحِ، حَيْثُ قَالَ فِي الْمُسْتَدْرَكِ: أَوْدَعَهُ مَا لَيْسَ فِي وَاحِدٍ مِنَ الصَّحِيحَيْنِ مِمَّا رَآهُ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَقَدْ أَخْرَجَا عَنْ رُوَاتِهِ فِي كِتَابَيْهِمَا. قَالَ: وَعَلَى هَذَا عَمِلَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ، فَإِنَّهُ يَنْقُلُ عَنِ الْحَاكِمِ تَصْحِيحَهُ لِحَدِيثٍ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ مَثَلًا، ثُمَّ يَعْتَرِضُ عَلَيْهِ بِأَنَّ فِيهِ فُلَانًا وَلَمْ يُخَرِّجْ لَهُ الْبُخَارِيُّ، وَكَذَا فَعَلَ الذَّهَبِيُّ فِي مُخْتَصَرِ الْمُسْتَدْرَكِ. قَالَ: وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْهُمْ بِجَيِّدٍ، فَإِنَّ الْحَاكِمَ صَرَّحَ فِي خُطْبَةِ الْمُسْتَدْرَكِ بِخِلَافِ مَا فَهِمُوهُ عَنْهُ، فَقَالَ: وَأَنَا أَسْتَعِينُ اللَّهَ تَعَالَى عَلَى إِخْرَاجِ أَحَادِيثَ رُوَاتُهَا ثِقَاتٌ قَدِ احْتَجَّ بِمِثْلِهَا الشَّيْخَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا. فَقَوْلُهُ: بِمِثْلِهَا، أَيْ بِمِثْلِ رُوَاتِهَا، لَا بِهِمْ أَنْفُسِهِمْ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِمِثْلِ تِلْكَ الْأَحَادِيثِ، وَإِنَّمَا تَكُونُ مِثْلَهَا إِذَا كَانَتْ بِنَفْسِ رُوَاتِهَا، وَفِيهِ نَظَرٌ. قَالَ: وَتَحْقِيقُ الْمِثْلِيَّةِ أَنْ يَكُونَ بَعْضُ مَنْ لَمْ يُخَرَّجْ عَنْهُ فِي الصَّحِيحِ مِثْلَ مَنْ خُرِّجَ عَنْهُ فِيهِ، أَوْ أَعْلَى مِنْهُ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ، وَتُعْرَفُ الْمِثْلِيَّةُ عِنْدَهُمَا إِمَّا بِنَصِّهِمَا عَلَى أَنَّ فُلَانًا مِثْلُ فُلَانٍ، أَوْ أَرْفَعُ مِنْهُ، وَقَلَّمَا يُوجَدُ ذَلِكَ، وَإِمَّا بِالْأَلْفَاظِ الدَّالَّةِ عَلَى مَرَاتِبِ التَّعْدِيلِ، كَأَنْ يَقُولَا فِي بَعْضِ مَنِ احْتَجَّا بِهِ: ثِقَةٌ أَوْ ثَبْتٌ أَوْ صَدُوقٌ أَوْ لَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 137 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] بَأْسَ بِهِ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ مِنْ أَلْفَاظِ التَّعْدِيلِ، ثُمَّ يُوجَدُ عَنْهُمَا أَنَّهُمَا قَالَا ذَلِكَ أَوْ أَعْلَى مِنْهُ فِي بَعْضِ مَنْ لَمْ يَحْتَجَّا بِهِ فِي كِتَابَيْهِمَا، فَيُسْتَدَلُّ بِذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ عِنْدَهُمَا فِي رُتْبَةِ مَنِ احْتَجَّا بِهِ؛ لِأَنَّ مَرَاتِبَ الرُّوَاةِ مِعْيَارُ مَعْرِفَتِهَا أَلْفَاظُ الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ. قَالَ: وَلَكِنْ هُنَا أَمْرٌ فِيهِ غُمُوضٌ لَا بُدَّ مِنَ الْإِشَارَةِ إِلَيْهِ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ لَا يَكْتَفُونَ فِي التَّصْحِيحِ بِمُجَرَّدِ حَالِ الرَّاوِي فِي الْعَدَالَةِ وَالِاتِّصَالِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إِلَى غَيْرِهِ، بَلْ يَنْظُرُونَ فِي حَالِهِ مَعَ مَنْ رَوَى عَنْهُ فِي كَثْرَةِ مُلَازَمَتِهِ لَهُ أَوْ قِلَّتِهَا، أَوْ كَوْنِهِ فِي بَلَدِهِ مُمَارِسًا لِحَدِيثِهِ، أَوْ غَرِيبًا مِنْ بَلَدِ مَنْ أَخَذَ عَنْهُ، وَهَذِهِ أُمُورٌ تَظْهَرُ بِتَصَفُّحِ كَلَامِهِمْ وَعَمَلِهِمْ فِي ذَلِكَ. انْتَهَى كَلَامُهُ. وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: مَا اعْتَرَضَ بِهِ شَيْخُنَا عَلَى ابْنِ دَقِيقِ الْعِيدِ وَالذَّهَبِيِّ لَيْسَ بِجَيِّدٍ؛ لِأَنَّ الْحَاكِمَ اسْتَعْمَلَ لَفْظَةَ مِثْلَ فِي أَعَمَّ مِنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ فِي الْأَسَانِيدِ وَالْمُتُونِ، دَلَّ عَلَى ذَلِكَ صَنِيعُهُ، فَإِنَّهُ تَارَةً يَقُولُ: عَلَى شَرْطِهِمَا، وَتَارَةً عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ، وَتَارَةً عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، وَتَارَةً صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَلَا يَعْزُوهُ لِأَحَدِهِمَا. وَأَيْضًا فَلَوْ قَصَدَ بِكَلِمَةِ (مِثْلَ) مَعْنَاهَا الْحَقِيقِيَّ حَتَّى يَكُونَ الْمُرَادَ، وَاحْتَجَّ بِغَيْرِهَا مِمَّنْ فِيهِمْ مِنَ الصِّفَاتِ مِثْلُ مَا فِي الرُّوَاةِ الَّذِينَ خَرَّجَا عَنْهُمْ، لَمْ يَقُلْ قَطُّ: عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ، فَإِنَّ شَرْطَ مُسْلِمٍ دُونَهُ، فَمَا كَانَ عَلَى شَرْطِهِ فَهُوَ عَلَى شَرْطِهِمَا؛ لِأَنَّهُ حَوَى شَرْطَ مُسْلِمٍ وَزَادَ. قَالَ: وَوَرَاءَ ذَلِكَ كُلِّهِ أَنْ يُرْوَى بِإِسْنَادٍ مُلَفَّقٍ مِنْ رِجَالِهِمَا كَسِمَاكٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَسِمَاكٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ فَقَطْ، وَعِكْرِمَةُ انْفَرَدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ وَالْحَقُّ أَنَّ هَذَا لَيْسَ عَلَى شَرْطِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا. وَأَدَقُّ مِنْ هَذَا أَنْ يَرْوِيَا عَنْ أُنَاسٍ ثِقَاتٍ ضُعِّفُوا فِي أُنَاسٍ مَخْصُوصِينَ، مِنْ غَيْرِ حَدِيثِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 138 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] الَّذِينَ ضُعِّفُوا فِيهِمْ، فَيَجِيءُ عَنْهُمْ حَدِيثٌ مِنْ طَرِيقِ مَنْ ضُعِّفُوا فِيهِ، بِرِجَالٍ كُلُّهُمْ فِي الْكِتَابَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا فَنِسْبَتُهُ أَنَّهُ عَلَى شَرْطِ مَنْ خَرَّجَ لَهُ غَلَطٌ، كَأَنْ يُقَالَ فِي هُشَيْمٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ: كُلٌّ مِنْ هُشَيْمٍ وَالزُّهْرِيِّ أَخْرَجَا لَهُ، فَهُوَ عَلَى شَرْطِهِمَا، فَيُقَالُ: بَلْ لَيْسَ عَلَى شَرْطِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا إِنَّمَا أَخْرَجَا لِهُشَيْمٍ مِنْ غَيْرِ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ، فَإِنَّهُ ضُعِّفَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ رَحَلَ إِلَيْهِ فَأَخَذَ مِنْهُ عِشْرِينَ حَدِيثًا، فَلَقِيَهُ صَاحِبٌ لَهُ وَهُوَ رَاجِعٌ فَسَأَلَهُ رِوَايَتَهُ، وَكَانَ ثَمَّ رِيحٌ شَدِيدَةٌ فَذَهَبَتْ بِالْأَوْرَاقِ مِنْ يَدِ الرَّجُلِ، فَصَارَ هُشَيْمٌ يُحَدِّثُ بِمَا عَلِقَ مِنْهَا بِذِهْنِهِ، وَلَمْ يَكُنْ أَتْقَنَ حِفْظَهَا فَوَهِمَ فِي أَشْيَاءَ مِنْهَا، ضُعِّفَ فِي الزُّهْرِيِّ بِسَبَبِهَا. وَكَذَا هَمَّامٌ ضَعِيفٌ فِي ابْنِ جُرَيْجٍ مَعَ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا أَخْرَجَا لَهُ، لَكِنْ لَمْ يُخْرِجَا لَهُ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ شَيْئًا، فَعَلَى مَنْ يَعْزُو إِلَى شَرْطِهِمَا أَوْ شَرْطِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَسُوقَ ذَلِكَ السَّنَدَ بِنَسَقِ رِوَايَةِ مَنْ نُسِبَ إِلَى شَرْطِهِ وَلَوْ فِي مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِهِ. وَكَذَا قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: مَنْ حَكَمَ لِشَخْصٍ بِمُجَرَّدِ رِوَايَةِ مُسْلِمٍ عَنْهُ فِي صَحِيحِهِ بِأَنَّهُ مِنْ شَرْطِ الصَّحِيحِ فَقَدْ غَفَلَ وَأَخْطَأَ، بَلْ ذَلِكَ مُتَوَقِّفٌ عَلَى النَّظَرِ فِي كَيْفِيَّةِ رِوَايَةِ مُسْلِمٍ عَنْهُ، وَعَلَى أَيِّ وَجْهٍ اعْتَمَدَ عَلَيْهِ. 1 - [تَتِمَّةٌ] أَلَّفَ الْحَازِمِيُّ كِتَابًا فِي شُرُوطِ الْأَئِمَّةِ ذَكَرَ فِيهِ شَرْطَ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا فَقَالَ: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 139 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] مَذْهَبُ مَنْ يُخَرِّجُ الصَّحِيحَ أَنْ يَعْتَبِرَ حَالَ الرَّاوِي الْعَدْلِ فِي مَشَايِخِهِ وَفِيمَنْ رَوَى عَنْهُمْ وَهُمْ ثِقَاتٌ أَيْضًا، وَحَدِيثُهُ عَنْ بَعْضِهِمْ صَحِيحٌ ثَابِتٌ يَلْزَمُهُ إِخْرَاجُهُ، وَعَنْ بَعْضِهِمْ مَدْخُولٌ لَا يَصِحُّ إِخْرَاجُهُ إِلَّا فِي الشَّوَاهِدِ وَالْمُتَابَعَاتِ، وَهَذَا بَابٌ فِيهِ غُمُوضٌ، وَطَرِيقُهُ مَعْرِفَةُ طَبَقَاتِ الرُّوَاةِ عَنْ رَاوِي الْأَصْلِ وَمَرَاتِبِ مَدَارِكِهِمْ. وَلْنُوَضِّحْ ذَلِكَ بِمِثَالٍ: وَهُوَ أَنْ تَعْلَمَ أَنَّ أَصْحَابَ الزُّهْرِيِّ مَثَلًا عَلَى خَمْسِ طَبَقَاتٍ وَلِكُلِّ طَبَقَةٍ مِنْهَا مَزِيَّةٌ عَلَى الَّتِي تَلِيهَا وَتَفَاوُتٌ: فَمَنْ كَانَ فِي الطَّبَقَةِ الْأُولَى فَهِيَ الْغَايَةُ فِي الصِّحَّةِ، وَهُوَ غَايَةُ مَقْصِدِ الْبُخَارِيِّ، كَمَالِكٍ وَابْنِ عُيَيْنَةَ، وَيُونُسَ وَعُقَيْلٍ الْأَيْلِيَّيْنِ وَجَمَاعَةٍ. وَالثَّانِيَةُ شَارَكَتِ الْأُولَى فِي الْعَدَالَةِ، غَيْرَ أَنَّ الْأُولَى جَمَعَتْ بَيْنَ الْحِفْظِ وَالْإِتْقَانِ وَبَيْنَ طُولِ الْمُلَازَمَةِ لِلزُّهْرِيِّ بِحَيْثُ كَانَ مِنْهُمْ مَنْ يُلَازِمُهُ فِي السَّفَرِ وَيُلَازِمُهُ فِي الْحَضَرِ كَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَالنُّعْمَانِ بْنِ رَاشِدٍ. وَالثَّانِيَةُ لَمْ تُلَازِمِ الزُّهْرِيَّ إِلَّا مُدَّةً يَسِيرَةً، فَلَمْ تُمَارِسْ حَدِيثَهُ وَكَانُوا فِي الْإِتْقَانِ دُونَ الطَّبَقَةِ الْأُولَى، كَجَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ وَسُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ السُّلَمِيِّ وَزَمَعَةَ بْنِ صَالِحٍ الْمَكِّيِّ، وَهُمْ شَرْطُ مُسْلِمٍ. وَالثَّانِيَةُ: جَمَاعَةٌ لَزِمُوا الزُّهْرِيَّ مِثْلَ أَهْلِ الطَّبَقَةِ الْأُولَى، غَيْرَ أَنَّهُمْ لَمْ يَسْلَمُوا مِنْ غَوَائِلِ الْجَرْحِ، فَهُمْ بَيْنَ الرَّدِّ وَالْقَبُولِ، كَمُعَاوِيَةَ بْنِ يَحْيَى الصَّدَفِيِّ وَإِسْحَاقَ بْنِ يَحْيَى الْكَلْبِيِّ، وَالْمُثَنَّى بْنِ الصَّبَّاحِ، وَهُمْ شَرْطُ أَبِي دَاوُدَ وَالنَّسَائِيِّ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 140 وَإِذَا قَالُوا: صَحِيحٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى صِحَّتِهِ فَمُرَادُهُمُ اتِّفَاقُ الشَّيْخَيْنِ، وَذَكَرَ الشَّيْخُ أَنَّ مَا رَوَيَاهُ أَوْ أَحَدُهُمَا فَهُوَ مَقْطُوعٌ بِصِحَّتِهِ وَالْعِلْمُ الْقَطْعِيُّ حَاصِلٌ فِيهِ. وَخَالَفَهُ الْمُحَقِّقُونَ وَالْأَكْثَرُونَ. فَقَالُوا: يُفِيدُ الظَّنَّ مَا لَمْ يَتَوَاتَرْ.   [تدريب الراوي] وَالرَّابِعَةُ: قَوْمٌ شَارَكُوا الثَّالِثَةَ فِي الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ، وَتَفَرَّدُوا بِقِلَّةِ مُمَارَسَتِهِمْ لِحَدِيثِ الزُّهْرِيِّ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُلَازِمُوهُ كَثِيرًا، وَهُمْ شَرْطُ التِّرْمِذِيِّ. وَالْخَامِسَةُ: نَفَرٌ مِنَ الضُّعَفَاءِ وَالْمَجْهُولِينَ لَا يَجُوزُ لِمَنْ يُخَرِّجُ الْحَدِيثَ عَلَى الْأَبْوَابِ أَنْ يُخَرِّجَ حَدِيثَهُمْ إِلَّا عَلَى سَبِيلِ الِاعْتِبَارِ وَالِاسْتِشْهَادِ، عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ فَمَنْ دُونَهُ، فَأَمَّا عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ فَلَا. [قولهم صَحِيحٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى صِحَّتِهِ] (وَإِذَا قَالُوا: صَحِيحٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى صِحَّتِهِ فَمُرَادُهُمُ اتِّفَاقُ الشَّيْخَيْنِ) لَا اتِّفَاقُ الْأُمَّةِ، قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: لَكِنْ يَلْزَمُ مِنِ اتِّفَاقِهِمَا اتِّفَاقُ الْأُمَّةِ عَلَيْهِ لِتَلَقِّيهِمْ لَهُ بِالْقَبُولِ. (وَذَكَرَ الشَّيْخُ) يَعْنِي ابْنَ الصَّلَاحِ (أَنَّ مَا رَوَيَاهُ أَوْ أَحَدُهُمَا فَهُوَ مَقْطُوعٌ بِصِحَّتِهِ وَالْعِلْمُ الْقَطْعِيُّ حَاصِلٌ فِيهِ) ، قَالَ: خِلَافًا لِمَنْ نَفَى ذَلِكَ، مُحْتَجًّا بِأَنَّهُ لَا يُفِيدُ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّمَا تَلَقَّتْهُ الْأُمَّةُ بِالْقَبُولِ لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِمُ الْعَمَلُ بِالظَّنِّ. وَالظَّنُّ قَدْ يُخْطِئُ. قَالَ: وَقَدْ كُنْتُ أَمِيلُ إِلَى هَذَا وَأَحْسَبُهُ قَوِيًّا. ثُمَّ بَانَ لِي أَنَّ الَّذِي اخْتَرْنَاهُ أَوَّلًا هُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّ ظَنَّ مَنْ هُوَ مَعْصُومٌ مِنَ الْخَطَأِ لَا يُخْطِئُ، وَالْأُمَّةُ فِي إِجْمَاعِهَا مَعْصُومَةٌ مِنَ الْخَطَأِ وَلِهَذَا كَانَ الْإِجْمَاعُ الْمَبْنِيُّ عَلَى الِاجْتِهَادِ حُجَّةً مَقْطُوعًا بِهَا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 141 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَقَدْ قَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ: لَوْ حَلَفَ إِنْسَانٌ بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ: أَنَّ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ مِمَّا حَكَمَا بِصِحَّتِهِ مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَا أَلْزَمْتُهُ الطَّلَاقَ، لِإِجْمَاعِ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى صِحَّتِهِ. قَالَ: وَإِنْ قَالَ قَائِلٌ، إِنَّهُ لَا يَحْنَثُ وَلَوْ لَمْ يُجْمِعِ الْمُسْلِمُونَ عَلَى صِحَّتِهَا، لِلشَّكِّ فِي الْحِنْثِ، فَإِنَّهُ لَوْ حَلَفَ بِذَلِكَ فِي حَدِيثٍ لَيْسَ هَذِهِ صِفَتَهُ لَمْ يَحْنَثْ، وَإِنْ كَانَ رُوَاتُهُ فُسَّاقًا. فَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُضَافَ إِلَى الْإِجْمَاعِ هُوَ الْقَطْعُ بِعَدَمِ الْحِنْثِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، وَأَمَّا عِنْدَ الشَّكِّ فَعَدَمُ الْحِنْثِ مَحْكُومٌ بِهِ ظَاهِرًا مَعَ احْتِمَالِ وَجُودِهِ بَاطِنًا حَتَّى تُسْتَحَبَّ الرَّجْعَةُ. قَالَ الْمُصَنِّفُ: (وَخَالَفَهُ الْمُحَقِّقُونَ وَالْأَكْثَرُونَ، فَقَالُوا: يُفِيدُ الظَّنَّ مَا لَمْ يَتَوَاتَرْ) . قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: لِأَنَّ ذَلِكَ شَأْنٌ لِلْآحَادِ، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا، وَتَلَقِّي الْأُمَّةِ بِالْقَبُولِ، إِنَّمَا أَفَادَ وُجُوبَ الْعَمَلِ بِمَا فِيهِمَا، مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى النَّظَرِ فِيهِ، بِخِلَافِ غَيْرِهِمَا فَلَا يُعْمَلُ بِهِ حَتَّى يُنْظَرَ فِيهِ وَيُوجَدَ فِيهِ شُرُوطُ الصَّحِيحِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ إِجْمَاعِ الْأُمَّةِ عَلَى الْعَمَلِ بِمَا فِيهِمَا إِجْمَاعُهُمْ عَلَى الْقَطْعِ بِأَنَّهُ كَلَامُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: وَقَدِ اشْتَدَّ إِنْكَارُ ابْنِ بُرْهَانَ عَلَى مَنْ قَالَ بِمَا قَالَهُ الشَّيْخُ، وَبَالَغَ فِي تَغْلِيطِهِ. انْتَهَى. وَكَذَا عَابَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَلَى ابْنِ الصَّلَاحِ هَذَا الْقَوْلَ. وَقَالَ: إِنَّ بَعْضَ الْمُعْتَزِلَةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 142 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] يَرَوْنَ: أَنَّ الْأُمَّةَ إِذَا عَمِلَتْ بِحَدِيثٍ اقْتَضَى ذَلِكَ الْقَطْعَ بِصِحَّتِهِ، قَالَ وَهُوَ مَذْهَبٌ رَدِيءٌ، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: مَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَمَنْ تَبِعَهُمَا مَمْنُوعٌ، فَقَدْ نَقَلَ بَعْضُ الْحُفَّاظِ الْمُتَأَخِّرِينَ مِثْلَ قَوْلِ ابْنِ الصَّلَاحِ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ، كَأَبِي إِسْحَاقَ وَأَبِي حَامِدٍ الْإِسْفَرَايِينِيِّ، وَالْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَالشَّيْخِ أَبِي إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيِّ، وَعَنِ السَّرَخْسِيِّ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ، وَالْقَاضِي عَبْدِ الْوَهَّابِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ، وَأَبِي يَعْلَى، وَأَبِي الْخَطَّابِ، وَابْنِ الزَّاغُونِيِّ مِنَ الْحَنَابِلَةِ، وَابْنِ فُورَكَ، وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْكَلَامِ مِنَ الْأَشْعَرِيَّةِ، وَأَهْلُ الْحَدِيثِ قَاطِبَةً، وَمَذْهَبُ السَّلَفِ عَامَّةً أَنَّهُمْ يَقْطَعُونَ بِالْحَدِيثِ الَّذِي تَلَقَّتْهُ الْأُمَّةُ بِالْقَبُولِ، بَلْ بَالَغَ ابْنُ طَاهِرٍ الْمَقْدِسِيُّ فِي صِفَةِ التَّصَوُّفِ، فَأَلْحَقَ بِهِ مَا كَانَ عَلَى شَرْطِهِمَا، وَإِنْ لَمْ يُخْرِجَاهُ. وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: مَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ مِنْ جِهَةِ الْأَكْثَرِينَ، أَمَّا الْمُحَقِّقُونَ فَلَا، فَقَدْ وَافَقَ ابْنَ الصَّلَاحِ أَيْضًا مُحَقِّقُونَ. وَقَالَ فِي شَرْحِ النُّخْبَةِ: الْخَبَرُ الْمُحْتَفُّ بِالْقَرَائِنِ يُفِيدُ الْعِلْمَ خِلَافًا لِمَنْ أَبَى ذَلِكَ، قَالَ: وَهُوَ أَنْوَاعٌ: مِنْهَا مَا أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ فِي صَحِيحَيْهِمَا مِمَّا لَمْ يَبْلُغِ التَّوَاتُرَ، فَإِنَّهُ احْتَفَّ بِهِ قَرَائِنُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 143 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] مِنْهَا: جَلَالَتُهُمَا فِي هَذَا الشَّأْنِ وَتَقَدُّمُهُمَا فِي تَمْيِيزِ الصَّحِيحِ عَلَى غَيْرِهِمَا، وَتَلَقِّي الْعُلَمَاءِ لِكِتَابَيْهِمَا بِالْقَبُولِ، وَهَذَا التَّلَقِّي وَحْدَهُ أَقْوَى فِي إِفَادَةِ الْعِلْمِ مِنْ مُجَرَّدِ كَثْرَةِ الطُّرُقِ الْقَاصِرَةِ عَنِ التَّوَاتُرِ، إِلَّا أَنَّ هَذَا مُخْتَصٌّ بِمَا لَا يَنْتَقِدُهُ أَحَدٌ مِنَ الْحُفَّاظِ مِمَّا فِي الْكِتَابَيْنِ، وَبِمَا لَمْ يَقَعِ التَّجَاذُبُ بَيْنَ مَدْلُولَيْهِ مِمَّا وَقَعَ فِي الْكِتَابَيْنِ، حَيْثُ لَا تَرْجِيحَ لِاسْتِحَالَةِ أَنْ يُفِيدَ الْمُتَنَاقِضَانِ الْعِلْمَ بِصِدْقِهِمَا مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ، وَمَا عَدَا ذَلِكَ فَالْإِجْمَاعُ حَاصِلٌ عَلَى تَسْلِيمِ صِحَّتِهِ. قَالَ: وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّهُمْ إِنَّمَا اتَّفَقُوا عَلَى وُجُوبِ الْعَمَلِ بِهِ لَا عَلَى صِحَّةِ مَعْنَاهُ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّهُمُ اتَّفَقُوا عَلَى وُجُوبِ الْعَمَلِ بِكُلِّ مَا صَحَّ، وَلَوْ لَمْ يُخْرِجَاهُ، فَلَمْ يَبْقَ لِلصَّحِيحَيْنِ فِي هَذَا مَزِيَّةٌ، وَالْإِجْمَاعُ حَاصِلٌ عَلَى أَنَّ لَهُمَا مَزِيَّةً، فِيمَا يَرْجِعُ إِلَى نَفْسِ الصِّحَّةِ. قَالَ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: الْمَزِيَّةُ الْمَذْكُورَةُ كَوْنُ أَحَادِيثِهِمَا أَصَحَّ الصَّحِيحِ، قَالَ: وَمِنْهَا الْمَشْهُورُ إِذَا كَانَتْ لَهُ طُرُقٌ مُتَبَايِنَةٌ سَالِمَةٌ مِنْ ضَعْفِ الرُّوَاةِ وَالْعِلَلِ، وَمِمَّنْ صَرَّحَ بِإِفَادَتِهِ الْعِلْمَ النَّظَرِيَّ، الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ الْبَغْدَادِيُّ. قَالَ: وَمِنْهَا الْمُسَلْسَلُ بِالْأَئِمَّةِ الْحُفَّاظِ الْمُتْقِنِينَ حَيْثُ لَا يَكُونُ غَرِيبًا، كَحَدِيثٍ يَرْوِيهِ أَحْمَدُ مَثَلًا وَيُشَارِكُهُ فِيهِ غَيْرُهُ عَنِ الشَّافِعِيِّ، وَيُشَارِكُهُ فِيهِ غَيْرُهُ عَنْ مَالِكٍ، فَإِنَّهُ يُفِيدُ الْعِلْمَ عِنْدَ سَمَاعِهِ بِالِاسْتِدْلَالِ مِنْ جِهَةِ جَلَالَةِ رُوَاتِهِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 144 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] قَالَ: وَهَذِهِ الْأَنْوَاعُ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا لَا يَحْصُلُ الْعِلْمُ بِصِدْقِ الْخَبَرِ مِنْهَا إِلَّا لِلْعَالِمِ الْمُتَبَحِّرِ فِي الْحَدِيثِ الْعَارِفِ بِأَحْوَالِ الرُّوَاةِ وَالْعِلَلِ، وَكَوْنُ غَيْرِهِ لَا يَحْصُلُ لَهُ الْعِلْمُ بِصِدْقِ ذَلِكَ لِقُصُورِهِ عَنِ الْأَوْصَافِ الْمَذْكُورَةِ لَا يَنْفِي حُصُولَ الْعِلْمِ لِلْمُتَبَحِّرِ الْمَذْكُورِ. انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ كَثِيرٍ: وَأَنَا مَعَ ابْنِ الصَّلَاحِ فِيمَا عَوَّلَ عَلَيْهِ وَأَرْشَدَ إِلَيْهِ، قُلْتُ: وَهُوَ الَّذِي أَخْتَارُهُ وَلَا أَعْتَقِدُ سِوَاهُ. نَعَمْ يَبْقَى الْكَلَامُ فِي التَّوْفِيقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا ذَكَرَهُ أَوَّلًا مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِمْ: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، أَنَّهُ وُجِدَتْ فِيهِ شُرُوطُ الصِّحَّةِ، لَا أَنَّهُ مَقْطُوعٌ بِهِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، فَإِنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا هُنَا، فَلْيُنْظَرْ فِي الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا، فَإِنَّهُ عَسِرٌ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَنَبَّهَ لَهُ. 1 - تَنْبِيهٌ اسْتَثْنَى ابْنُ الصَّلَاحِ مِنَ الْمَقْطُوعِ بِصِحَّتِهِ فِيهِمَا، مَا تُكُلِّمَ فِيهِ مِنْ أَحَادِيثِهِمَا فَقَالَ: سِوَى أَحْرُفٍ يَسِيرَةٍ تَكَلَّمَ عَلَيْهَا بَعْضُ أَهْلِ النَّقْدِ مِنَ الْحُفَّاظِ كَالدَّارَقُطْنِيِّ وَغَيْرِهِ. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: وَعِدَّةُ ذَلِكَ مِائَتَانِ وَعِشْرُونَ حَدِيثًا، اشْتَرَكَا فِي اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ، وَاخْتَصَّ الْبُخَارِيُّ بِثَمَانِينَ إِلَّا اثْنَيْنِ، وَمُسْلِمٌ بِمِائَةٍ وَعَشَرَةٍ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 145 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] فَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ: مَا ضَعُفَ مِنْ أَحَادِيثِهِمَا مَبْنِيٌّ عَلَى عِلَلٍ لَيْسَتْ بِقَادِحَةٍ. وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: فَكَأَنَّهُ مَالَ بِهَذَا إِلَى أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِمَا ضَعِيفٌ، وَكَلَامُهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ يَقْتَضِي تَقْرِيرَ قَوْلِ مَنْ ضَعَّفَ، فَكَانَ هَذَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَقَامِهِمَا وَأَنَّهُ يَدْفَعُ عَنِ الْبُخَارِيِّ. وَيُقَرِّرُ عَلَى مُسْلِمٍ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَقَدْ أَفْرَدْتُ كِتَابًا لِمَا تُكُلِّمَ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا مَعَ الْجَوَابِ عَنْهُ، قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: وَلَمْ يُبَيَّضْ هَذَا الْكِتَابُ وَعُدِمَتْ مُسَوَّدَتُهُ، وَقَدْ سَرَدَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ مَا فِي الْبُخَارِيِّ مِنَ الْأَحَادِيثِ الْمُتَكَلَّمِ فِيهَا فِي مُقَدِّمَةِ شَرْحِهِ وَأَجَابَ عَنْهَا حَدِيثًا حَدِيثًا. وَرَأَيْتُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِمُسْلِمٍ تَأْلِيفًا مَخْصُوصًا فِيمَا ضُعِّفَ مِنْ أَحَادِيثِهِ بِسَبَبِ ضَعْفِ رُوَاتِهِ، وَقَدْ أَلَّفَ الشَّيْخُ وَلِيُّ الدِّينِ الْعِرَاقِيُّ كِتَابًا فِي الرَّدِّ عَلَيْهِ، وَذَكَرَ بَعْضُ الْحُفَّاظِ أَنَّ فِي كِتَابِ مُسْلِمٍ أَحَادِيثَ مُخَالِفَةً لِشَرْطِ الصَّحِيحِ، بَعْضُهَا أَبْهَمَ رَاوِيَهُ، وَبَعْضُهَا فِيهِ إِرْسَالٌ وَانْقِطَاعٌ، وَبَعْضُهَا فِيهِ وِجَادَةٌ وَهِيَ فِي حُكْمِ الِانْقِطَاعِ، وَبَعْضُهَا بِالْمُكَاتَبَةِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 146 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَقَدْ أَلَّفَ الرَّشِيدُ الْعَطَّارُ كِتَابًا فِي الرَّدِّ عَلَيْهِ وَالْجَوَابِ عَنْهَا حَدِيثًا حَدِيثًا، وَقَدْ وَقَفْتُ عَلَيْهِ، وَسَيَأْتِي نَقْلُ مَا فِيهِ مُلَخَّصًا مُفَرَّقًا فِي الْمَوَاضِعِ اللَّائِقَةِ بِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَنُعَجِّلُ هُنَا بِجَوَابٍ شَامِلٍ لَا يَخْتَصُّ بِحَدِيثٍ دُونَ حَدِيثٍ. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي مُقَدِّمَةِ شَرْحِ الْبُخَارِيِّ: الْجَوَابُ مِنْ حَيْثُ الْإِجْمَالُ عَمَّا انْتُقِدَ عَلَيْهِمَا، أَنَّهُ لَا رَيْبَ فِي تَقَدُّمِ الْبُخَارِيِّ ثُمَّ مُسْلِمٍ عَلَى أَهْلِ عَصْرِهِمَا وَمَنْ بَعْدَهُ مِنْ أَئِمَّةِ هَذَا الْفَنِّ فِي مَعْرِفَةِ الصَّحِيحِ وَالْعِلَلِ، فَإِنَّهُمْ لَا يَخْتَلِفُونَ أَنَّ ابْنَ الْمَدِينِيِّ كَانَ أَعْلَمَ أَقْرَانِهِ بِعِلَلِ الْحَدِيثِ، وَعَنْهُ أَخَذَ الْبُخَارِيُّ ذَلِكَ، وَمَعَ ذَلِكَ فَكَانَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ إِذَا بَلَغَهُ عَنِ الْبُخَارِيِّ شَيْءٌ يَقُولُ: مَا رَأَى مِثْلَ نَفْسِهِ، وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ أَعْلَمَ أَهْلِ عَصْرِهِ بِعِلَلِ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ، وَقَدِ اسْتَفَادَ مِنْهُ ذَلِكَ الشَّيْخَانِ جَمِيعًا. وَقَالَ مُسْلِمٌ: عَرَضْتُ كِتَابِي عَلَى أَبِي زُرْعَةَ الرَّازِيِّ فَمَا أَشَارَ أَنَّ لَهُ عِلَّةً تَرَكْتُهُ، فَإِذَا عُرِفَ ذَلِكَ، وَتَقَرَّرَ أَنَّهُمَا لَا يُخَرِّجَانِ مِنَ الْحَدِيثِ إِلَّا مَا لَا عِلَّةَ لَهُ، أَوْ لَهُ عِلَّةٌ غَيْرُ مُؤَثِّرَةٍ عِنْدَهُمَا، فَبِتَقْدِيرِ تَوْجِيهِ كَلَامِ مَنِ انْتَقَدَ عَلَيْهِمَا، يَكُونُ قَوْلُهُ مُعَارِضًا لِتَصْحِيحِهِمَا، وَلَا رَيْبَ فِي تَقْدِيمِهِمَا فِي ذَلِكَ عَلَى غَيْرِهِمَا، فَيَنْدَفِعُ الِاعْتِرَاضُ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ. 1 - وَأَمَّا مِنْ حَيْثُ التَّفْصِيلُ فَالْأَحَادِيثُ الَّتِي انْتُقِدَتْ عَلَيْهِمَا سِتَّةُ أَقْسَامٍ: الْأَوَّلُ: مَا يَخْتَلِفُ الرُّوَاةُ فِيهِ بِالزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ مِنْ رِجَالِ الْإِسْنَادِ، فَإِنْ أَخْرَجَ صَاحِبُ الصَّحِيحِ الطَّرِيقَ الْمَزِيدَةَ، وَعَلَّلَهُ النَّاقِدُ بِالطَّرِيقِ النَّاقِصَةِ فَهُوَ تَعْلِيلٌ مَرْدُودٌ؛ لِأَنَّ الرَّاوِيَ إِنْ كَانَ سَمِعَهُ فَالزِّيَادَةُ لَا تَضُرُّ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ سَمِعَهُ بِوَاسِطَةٍ عَنْ شَيْخِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 147 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] ثُمَّ لَقِيَهُ فَسَمِعَهُ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَسْمَعْهُ فِي الطَّرِيقِ النَّاقِصَةِ فَهُوَ مُنْقَطِعٌ، وَالْمُنْقَطِعُ ضَعِيفٌ وَالضَّعِيفُ لَا يُعِلُّ الصَّحِيحَ، وَمِنْ أَمْثِلَةِ ذَلِكَ: مَا أَخْرَجَاهُ مِنْ طَرِيقِ الْأَعْمَشِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قِصَّةِ الْقَبْرَيْنِ. قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي انْتِقَادِهِ: قَدْ خَالَفَ مَنْصُورٌ، فَقَالَ: عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ حَدِيثَ مَنْصُورٍ عَلَى إِسْقَاطِ طَاوُسٍ، قَالَ: وَحَدِيثُ الْأَعْمَشِ أَصَحُّ. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: وَهَذَا فِي التَّحْقِيقِ لَيْسَ بِعِلَّةٍ، فَإِنَّ مُجَاهِدًا لَمْ يُوصَفْ بِالتَّدْلِيسِ، وَقَدْ صَحَّ سَمَاعُهُ مِنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَمَنْصُورٌ عِنْدَهُمْ أَتْقَنُ مِنَ الْأَعْمَشِ، وَالْأَعْمَشُ أَيْضًا مِنَ الْحُفَّاظِ، فَالْحَدِيثُ كَيْفَمَا دَارَ دَارَ عَلَى ثِقَةٍ، وَالْإِسْنَادُ كَيْفَمَا دَارَ كَانَ مُتَّصِلًا، وَقَدْ أَكْثَرَ الشَّيْخَانِ مِنْ تَخْرِيجِ مِثْلِ هَذَا، وَإِنْ أَخْرَجَ صَاحِبُ الصَّحِيحِ الطَّرِيقَ النَّاقِصَةَ، وَعَلَّلَهُ النَّاقِدُ بِالْمَزِيدَةِ، تَضَمَّنَ اعْتِرَاضُهُ دَعْوَى انْقِطَاعٍ فِيمَا صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ، فَيُنْظُرُ: إِنْ كَانَ الرَّاوِي صَحَابِيًّا أَوْ ثِقَةً غَيْرَ مُدَلِّسٍ قَدْ أَدْرَكَ مَنْ رَوَى عَنْهُ إِدْرَاكًا بَيِّنًا، أَوْ صَرَّحَ بِالسَّمَاعِ إِنْ كَانَ مُدَلِّسًا مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى، فَإِنْ وُجِدَ ذَلِكَ انْدَفَعَ الِاعْتِرَاضُ بِذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ وَكَانَ الِانْقِطَاعُ ظَاهِرًا، فَمُحَصَّلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ إِنَّمَا أَخْرَجَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 148 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] مِثْلَ ذَلِكَ حَيْثُ لَهُ سَائِغٌ وَعَاضِدٌ، وَحَفَّتْهُ قَرِينَةٌ فِي الْجُمْلَةِ تُقَوِّيهِ، وَيَكُونُ التَّصْحِيحُ وَقَعَ مِنْ حَيْثُ الْمَجْمُوعُ. مِثَالُهُ: مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مَرْوَانَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا: «إِذَا صَلَّيْتِ الصُّبْحَ فَطُوفِي عَلَى بَعِيرِكِ وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ» الْحَدِيثَ. قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: هَذَا مُنْقَطِعٌ، وَقَدْ وَصَلَهُ حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ زَيْنَبَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، وَوَصَلَهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ كَذَلِكَ. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: حَدِيثُ مَالِكٍ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ مَقْرُونٌ بِحَدِيثِ أَبِي مَرْوَانَ، وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ زَيْنَبَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ مُوصَلًا، وَعَلَيْهَا اعْتَمَدَ الْمِزِّيُّ فِي الْأَطْرَافِ، وَلَكِنْ مُعْظَمُ الرِّوَايَاتِ عَلَى إِسْقَاطِ زَيْنَبَ. قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْجَيَّانِيُّ: وَهُوَ الصَّحِيحُ. وَكَذَا أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ بِإِسْقَاطِهَا مِنْ حَدِيثِ عَبْدَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ، وَمُحَاضِرٍ، وَحَسَّانَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، كُلُّهُمْ عَنْ هِشَامٍ وَهُوَ الْمَحْفُوظُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 149 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] مِنْ حَدِيثِهِ، وَإِنَّمَا اعْتَمَدَ الْبُخَارِيُّ فِيهِ رِوَايَةَ مَالِكٍ الَّتِي أَثْبَتَ فِيهَا ذَكْرَ زَيْنَبَ، ثُمَّ سَاقَ مَعَهَا رِوَايَةَ هِشَامٍ الَّتِي أُسْقِطَتْ مِنْهَا، حَاكِيًا لِلْخِلَافِ فِيهِ عَلَى عُرْوَةَ كَعَادَتِهِ، مَعَ أَنَّ سَمَاعَ عُرْوَةَ مِنْ أُمِّ سَلَمَةَ لَيْسَ بِالْمُبْعَدِ. قَالَ: وَرُبَّمَا عَلَّلَ بَعْضُ النُّقَّادِ أَحَادِيثَ ادُّعِيَ فِيهَا الِانْقِطَاعُ، لِكَوْنِهَا مَرْوِيَّةً بِالْمُكَاتَبَةِ وَالْإِجَازَةِ، وَهَذَا لَا يَلْزَمُ مِنْهُ الِانْقِطَاعُ عِنْدَ مَنْ يُسَوِّغُ ذَلِكَ، بَلْ فِي تَخْرِيجِ صَاحِبِ الصَّحِيحِ لِمِثْلِ ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى صِحَّتِهِ عِنْدَهُ. 1 - الْقِسْمُ الثَّانِي: مَا يَخْتَلِفُ الرُّوَاةُ فِيهِ بِتَغْيِيرِ رِجَالِ بَعْضِ الْإِسْنَادِ، وَالْجَوَابُ عَنْهُ: أَنَّهُ إِنْ أَمْكَنَ الْجَمْعُ، بِأَنْ يَكُونَ الْحَدِيثُ عِنْدَ ذَلِكَ الرَّاوِي عَلَى الْوَجْهَيْنِ فَأَخْرَجَهُمَا الْمُصَنِّفُ وَلَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى أَحَدِهِمَا، حَيْثُ يَكُونُ الْمُخْتَلِفُونَ فِي ذَلِكَ مُتَعَادِلِينَ فِي الْحِفْظِ وَالْعَدَدِ، أَوْ مُتَفَاوِتِينَ، فَيُخْرِجُ الطَّرِيقَةَ الرَّاجِحَةَ وَيُعْرِضُ عَنِ الْمَرْجُوحَةِ، أَوْ يُشِيرُ إِلَيْهَا، فَالتَّعْلِيلُ بِجَمِيعِ ذَلِكَ لِمُجَرَّدِ الِاخْتِلَافِ غَيْرُ قَادِحٍ، إِذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ مُجَرَّدِ الِاخْتِلَافِ اضْطِرَابٌ يُوجِبُ الضَّعْفَ. 1 - الثَّالِثُ: مَا تَفَرَّدَ فِيهِ بَعْضُ الرُّوَاةِ بِزِيَادَةٍ لَمْ يَذْكُرْهَا أَكْثَرُ مِنْهُ، أَوْ أَضْبَطُ، وَهَذَا لَا يُؤَثِّرُ التَّعْلِيلُ بِهِ، إِلَّا إِنْ كَانَتِ الزِّيَادَةُ مُنَافِيَةً بِحَيْثُ يَتَعَذَّرُ الْجَمْعُ، وَإِلَّا فَهِيَ كَالْحَدِيثِ الْمُسْتَقِلِّ، إِلَّا إِنْ وَضَحَ بِالدَّلِيلِ الْقَوِيِّ أَنَّهَا مُدْرَجَةٌ مِنْ كَلَامِ بَعْضِ رُوَاتِهِ فَهُوَ مُؤَثِّرٌ، وَسَيَأْتِي مِثَالُهُ فِي الْمُدْرَجِ. 1 - الرَّابِعُ: مَا تَفَرَّدَ بِهِ بَعْضُ الرُّوَاةِ مِمَّنْ ضُعِّفَ، وَلَيْسَ فِي الصَّحِيحِ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 150 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] غَيْرُ حَدِيثَيْنِ تَبَيَّنَ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا قَدْ تُوبِعَا. أَحَدُهُمَا: حَدِيثُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ: «أَنَّ عُمَرَ اسْتَعْمَلَ مَوْلًى لَهُ يُدْعَى هُنَيًّا» الْحَدِيثَ بِطُولِهِ. قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: إِسْمَاعِيلُ ضَعِيفٌ. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: وَلَمْ يَنْفَرِدْ بِهِ، بَلْ تَابَعَهُ مَعْنُ بْنُ عِيسَى عَنْ مَالِكٍ، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 151 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] ثُمَّ إِنَّ إِسْمَاعِيلَ ضَعَفَّهُ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ، وَقَالَ أَحْمَدُ وَابْنُ مَعِينٍ فِي رِوَايَةٍ: لَا بَأْسَ بِهِ، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَحَلُّهُ الصِّدْقُ، كَانَ مُغَفَّلًا. وَقَدْ صَحَّ أَنَّهُ أَخْرَجَ لِلْبُخَارِيِّ أُصُولَهُ، وَأَذِنَ لَهُ أَنْ يَنْتَقِيَ مِنْهَا، وَهُوَ مُشْعِرٌ بِأَنَّ مَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْهُ مِنْ صَحِيحِ حَدِيثِهِ؛ لِأَنَّهُ كَتَبَ مِنْ أُصُولِهِ، وَأَخْرَجَ لَهُ مُسْلِمٌ أَقَلَّ مِمَّا أَخْرَجَ لَهُ الْبُخَارِيُّ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 152 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] ثَانِيهِمَا: حَدِيثُ أُبَيِّ بْنِ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: «كَانَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَسٌ يُقَالُ لَهُ اللُّحَيْفُ» . قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ؛ أُبَيٌّ ضَعِيفٌ. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: تَابَعَهُ عَلَيْهِ أَخُوهُ عَبْدُ الْمُهَيْمِنِ. 1 - الْقِسْمُ الْخَامِسُ: مَا حُكِمَ فِيهِ عَلَى بَعْضِ الرُّوَاةِ بِالْوَهْمِ، فَمِنْهُ مَا لَا يُؤَثِّرُ قَدْحًا، وَمِنْهُ مَا يُؤَثِّرُ. السَّادِسُ: مَا اخْتُلِفَ فِيهِ بِتَغْيِيرِ بَعْضِ أَلْفَاظِ الْمَتْنِ، فَهَذَا أَكْثَرُهُ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ قَدْحٌ، لِإِمْكَانِ الْجَمْعِ أَوِ التَّرْجِيحِ، انْتَهَى. 1 - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 153 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] [فَائِدَةٌ تَتَعَلَّقُ بِالْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ] قَالَ الْحَاكِمُ: الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ يَنْقَسِمُ عَشَرَةَ أَقْسَامٍ: خَمْسَةٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا، وَخَمْسَةٌ مُخْتَلَفٌ فِيهَا: فَالْأَوَّلُ مِنَ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا: اخْتِيَارُ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ، وَهُوَ الدَّرَجَةُ الْأُولَى مِنَ الصَّحِيحِ، وَهُوَ الْحَدِيثُ الَّذِي يَرْوِيهِ الصَّحَابِيُّ الْمَشْهُورُ إِلَى آخِرِ كَلَامِهِ السَّابِقِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا فِيهِ. الثَّانِي: مِثْلُ الْأَوَّلِ، إِلَّا أَنَّهُ لَيْسَ لِرَاوِيهِ الصَّحَابِيِّ إِلَّا رَاوٍ وَاحِدٌ، مِثَالُهُ حَدِيثُ عُرْوَةَ بْنِ مُضَرِّسٍ، لَا رَاوِيَ لَهُ غَيْرُ الشَّعْبِيِّ، وَذَكَرَ أَمْثِلَةً أُخْرَى، وَلَمْ يُخْرِجَا هَذَا النَّوْعَ فِي الصَّحِيحِ. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: بَلْ فِيهِمَا جُمْلَةٌ مِنَ الْأَحَادِيثِ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ لَيْسَ لَهُمْ إِلَّا رَاوٍ وَاحِدٌ، وَقَدْ تَعَرَّضَ الْمُصَنِّفُ لِذَلِكَ فِي نَوْعِ الْوُحْدَانِ، وَسَيَأْتِي فِيهِ مَزِيدُ كَلَامٍ. الثَّالِثُ: مِثْلُ الْأَوَّلِ إِلَّا أَنَّ رَاوِيَهُ مِنَ التَّابِعِينَ لَيْسَ لَهُ إِلَّا رَاوٍ وَاحِدٌ، مِثْلُ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ فَرُّوخٍ، وَلَيْسَ فِي الصَّحِيحِ مِنْ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ شَيْءٌ، وَكُلُّهَا صَحِيحَةٌ. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي نُكَتِهِ: بَلْ فِيهِمَا الْقَلِيلُ مِنْ ذَلِكَ، كَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَدِيعَةَ، وَعُمَرَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، وَرَبِيعَةَ بْنِ عَطَاءٍ. الرَّابِعُ: الْأَحَادِيثُ الْأَفْرَادُ الْغَرَائِبُ الَّتِي يَنْفَرِدُ بِهَا ثِقَةٌ مِنَ الثِّقَاتِ، كَحَدِيثِ الْعَلَاءِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 154 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، فِي النَّهْيِ عَنِ الصَّوْمِ إِذَا انْتَصَفَ شَعْبَانُ، تَرَكَهُ مُسْلِمٌ لِتَفَرُّدِ الْعَلَاءِ بِهِ، وَقَدْ أَخْرَجَ بِهَذِهِ النُّسْخَةِ أَحَادِيثَ كَثِيرَةً. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: بَلْ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنْهُ، لَعَلَّهُ يَزِيدُ عَلَى مِائَتَيْ حَدِيثٍ، وَقَدْ أَفْرَدَهَا الْحَافِظُ ضِيَاءُ الدِّينِ الْمَقْدِسِيُّ، وَهِيَ الْمَعْرُوفَةُ بِغَرَائِبِ الصَّحِيحِ. الْخَامِسُ: أَحَادِيثُ جَمَاعَةٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ عَنْ آبَائِهِمْ عَنْ أَجْدَادِهِمْ، لَمْ تَتَوَاتَرِ الرِّوَايَةُ عَنْ آبَائِهِمْ عَنْ أَجْدَادِهِمْ إِلَّا عَنْهُمْ، كَعَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، [وَبَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جِدِّهِ] ، وَإِيَاسِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، أَجْدَادُهُمْ صَحَابَةٌ، وَأَحْفَادُهُمْ ثِقَاتٌ، فَهَذِهِ أَيْضًا مُحْتَجٌّ بِهَا، مُخَرَّجَةٌ فِي كُتُبِ الْأَئِمَّةِ دُونَ الصَّحِيحَيْنِ. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: لَيْسَ الْمَانِعُ مِنْ إِخْرَاجِ هَذَا الْقِسْمِ فِي الصَّحِيحَيْنِ كَوْنَ الرِّوَايَةِ وَقَعَتْ عَنِ الْأَبِ عَنِ الْجَدِّ، بَلْ لِكَوْنِ الرَّاوِي أَوْ أَبِيهِ لَيْسَ عَلَى شَرْطِهِمَا، وَإِلَّا فَفِيهِمَا أَوْ فِي أَحَدِهِمَا، مِنْ ذَلِكَ: رِوَايَةُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، وَرِوَايَةُ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، وَرِوَايَةُ أُبَيِّ بْنِ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، وَرِوَايَةُ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، وَرِوَايَةُ الْحَسَنِ وَعَبْدِ اللَّهِ ابْنَيْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَنْ أَبِيهِمَا عَنْ جَدِّهِمَا، وَرِوَايَةُ حَفْصِ بْنِ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، وَغَيْرُ ذَلِكَ. قَالَ: وَأَمَّا الْأَقْسَامُ الْمُخْتَلَفُ فِيهَا فَهِيَ: الْمُرْسَلُ، وَأَحَادِيثُ الْمُدَلِّسِينَ إِذَا لَمْ يَذْكُرُوا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 155 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] سَمَاعَهُمْ، وَمَا أَسْنَدَهُ ثِقَةٌ وَأَرْسَلَهُ ثِقَاتٌ، وَرِوَايَاتُ الثِّقَاتِ غَيْرِ الْحُفَّاظِ الْعَارِفِينَ، وَرِوَايَاتُ الْمُبْتَدَعَةِ إِذَا كَانُوا حَاذِقِينَ. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: أَمَّا الْأَوَّلُ وَالثَّانِي فَكَمَا قَالَ، وَأَمَّا الثَّالِثُ فَقَدِ اعْتَرَضَ عَلَيْهِ الْعَلَائِيُّ، بِأَنَّ فِي الصَّحِيحَيْنِ عِدَّةَ أَحَادِيثَ اخْتُلِفَ فِي وَصْلِهَا وَإِرْسَالِهَا. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ فِيمَا هُوَ أَعَمُّ مِنَ الصَّحِيحَيْنِ، وَأَمَّا الرَّابِعُ فَقَالَ الْعَلَائِيُّ: هُوَ مُتَّفَقٌ عَلَى قَبُولِهِ وَالِاحْتِجَاجِ بِهِ إِذَا وُجِدَتْ فِيهِ شَرَائِطُ الْقَبُولِ، وَلَيْسَ مِنَ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ أَلْبَتَّةَ، وَلَا يَبْلُغُ الْحُفَّاظُ الْعَارِفُونَ نِصْفَ رُوَاةِ الصَّحِيحَيْنِ، وَلَيْسَ كَوْنُهُ حَافِظًا شَرْطًا وَإِلَّا لَمَا احْتُجَّ بِغَالِبِ الرُّوَاةِ. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: الْحَاكِمُ إِنَّمَا فَرَضَ الْخِلَافَ فِيهِ بَيْنَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَبَيْنِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ. قَالَ: وَأَمَّا الْخَامِسُ فَكَمَا ذَكَرَ مِنَ الِاخْتِلَافِ فِيهِ، لَكِنَّ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَحَادِيثَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الْمُبْتَدِعَةِ عُرِفَ صِدْقُهُمْ وَاشْتَهَرَتْ مَعْرِفَتُهُمْ بِالْحَدِيثِ فَلَمْ يُطْرَحُوا لِلْبِدْعَةِ، قَالَ: وَقَدْ بَقِيَ عَلَيْهِ مِنَ الْأَقْسَامِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا، رِوَايَةُ مَجْهُولِ الْعَدَالَةِ، وَكَذَا قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ. وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجَيَّانِيُّ فِيمَا حَكَاهُ الْمُصَنِّفُ: النَّاقِلُونَ سَبْعُ طَبَقَاتٍ: ثَلَاثٌ مَقْبُولَةٌ وَثَلَاثٌ مَرْدُودَةٌ، وَالسَّابِعَةُ مُخْتَلَفٌ فِيهَا، فَالْأُولَى مِنَ الْمَقْبُولَةِ: أَئِمَّةُ الْحَدِيثِ وَحُفَّاظُهُمْ، يُقْبَلُ تَفَرُّدُهُمْ وَهُمُ الْحُجَّةُ عَلَى مَنْ خَالَفَهُمْ. وَالثَّانِيَةُ: دُونَهُمْ فِي الْحِفْظِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 156 السَّادِسَةُ: مَنْ رَأَى فِي هَذِهِ الْأَزْمَانِ حَدِيثًا صَحِيحَ الْإِسْنَادِ فِي كِتَابٍ أَوْ جُزْءٍ لَمْ يَنُصَّ عَلَى صِحَّتِهِ حَافِظٌ مُعْتَمَدٌ. قَالَ الشَّيْخُ: لَا يُحْكَمُ بِصِحَّتِهِ لِضَعْفِ أَهْلِيَّةِ أَهْلِ هَذِهِ الْأَزْمَانِ، وَالْأَظْهَرُ عِنْدِي جَوَازُهُ لِمَنْ تَمَكَّنَ وَقَوِيَتْ مَعْرِفَتُهُ.   [تدريب الراوي] وَالضَّبْطِ لَحِقَهُمْ بَعْضُ وَهَمٍ، وَالثَّالِثَةُ: قَوْمٌ ثَبَتَ صِدْقُهُمْ وَمَعْرِفَتُهُمْ لَكِنْ جَنَحُوا إِلَى مَذَاهِبِ الْأَهْوَاءِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونُوا غُلَاةً وَلَا دُعَاةً. فَهَذِهِ الطَّبَقَاتُ احْتَمَلَ أَهْلُ الْحَدِيثِ الرِّوَايَةَ عَنْهُمْ، وَعَلَيْهِمْ يَدُورُ نَقْلُ الْحَدِيثِ، وَالْأُولَى مِنَ الْمَرْدُودَةِ مَنْ وُسِمَ بِالْكَذِبِ وَوَضْعِ الْحَدِيثِ، وَالثَّانِيَةُ مَنْ غَلَبَ عَلَيْهِ الْوَهَمُ وَالْغَلَطُ، وَالثَّالِثَةُ قَوْمٌ غَلَوْا فِي الْبِدْعَةِ وَدَعَوْا إِلَيْهَا، فَحَرَّفُوا الرِّوَايَاتِ لِيَحْتَجُّوا بِهَا. وَأَمَّا السَّابِعُ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ: فَقَوْمٌ مَجْهُولُونَ انْفَرَدُوا بِرِوَايَاتٍ، فَقَبِلَهُمْ قَوْمٌ وَرَدَّهُمْ آخَرُونَ، قَالَ الْعَلَائِيُّ: وَهَذِهِ الْأَقْسَامُ الَّتِي ذَكَرَهَا ظَاهِرَةٌ، لَكِنَّهَا فِي الرُّوَاةِ. انْتَهَى. [مسألة تصحيح الأحاديث في هذه الأزمان] (السَّادِسَةُ) مِنْ مَسَائِلِ الصَّحِيحِ (مَنْ رَأَى فِي هَذِهِ الْأَزْمَانِ حَدِيثًا صَحِيحَ الْإِسْنَادِ فِي كِتَابٍ أَوْ جُزْءٍ لَمْ يَنُصَّ عَلَى صِحَّتِهِ حَافِظٌ مُعْتَمَدٌ) فِي شَيْءٍ مِنَ الْمُصَنَّفَاتِ الْمَشْهُورَةِ. (قَالَ الشَّيْخُ) ابْنُ الصَّلَاحِ (لَا يُحْكَمُ بِصِحَّتِهِ لِضَعْفِ أَهْلِيَّةِ أَهْلِ هَذِهِ الْأَزْمَانِ) قَالَ: لِأَنَّهُ مَا مِنْ إِسْنَادٍ مِنْ ذَلِكَ إِلَّا وَنَجِدُ فِي رِجَالِهِ مَنِ اعْتَمَدَ فِي رِوَايَتِهِ عَلَى مَا فِي كِتَابِهِ. عَرِيًّا عَمَّا يُشْتَرَطُ فِي الصَّحِيحِ مِنَ الْحِفْظِ وَالضَّبْطِ وَالْإِتْقَانِ. قَالَ فِي الْمَنْهَلِ الرَّوِيِّ: مَعَ غَلَبَةِ الظَّنِّ أَنَّهُ لَوْ صَحَّ لَمَا أَهْمَلَهُ أَئِمَّةُ الْأَعْصَارِ الْمُتَقَدِّمَةِ؛ لِشِدَّةِ فَحْصِهِمْ وَاجْتِهَادِهِمْ، قَالَ الْمُصَنِّفُ (وَالْأَظْهَرُ عِنْدِي جَوَازُهُ لِمَنْ تَمَكَّنَ وَقَوِيَتْ مَعْرِفَتُهُ) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 157 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ عَمَلُ أَهْلِ الْحَدِيثِ، فَقَدْ صَحَّحَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ أَحَادِيثَ لَمْ نَجِدْ لِمَنْ تَقَدَّمَهُمْ فِيهَا تَصْحِيحًا، فَمِنَ الْمُعَاصِرِينَ لِابْنِ الصَّلَاحِ: أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الْقَطَّانِ صَاحِبُ كِتَابِ الْوَهْمِ وَالْإِيهَامِ صَحَّحَ فِيهِ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ: «أَنَّهُ كَانَ يَتَوَضَّأُ وَنَعْلَاهُ فِي رِجْلَيْهِ، وَيَمْسَحُ عَلَيْهِمَا، وَيَقُولُ: كَذَلِكَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُ» ، أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ. وَحَدِيثُ أَنَسٍ: كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْتَظِرُونَ الصَّلَاةَ فَيَضَعُونَ جَنُوبَهُمْ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَنَامُ ثُمَّ يَقُومُ إِلَى الصَّلَاةِ، أَخْرَجَهُ قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ. وَمِنْهُمُ الْحَافِظُ ضِيَاءُ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْمَقْدِسِيُّ جَمَعَ كِتَابًا سَمَّاهُ " الْمُخْتَارَةَ " الْتَزَمَ فِيهِ الصِّحَّةَ، وَذَكَرَ فِيهِ أَحَادِيثَ لَمْ يُسْبَقْ إِلَى تَصْحِيحِهَا، وَصَحَّحَ الْحَافِظُ زَكِيُّ الدِّينِ الْمُنْذِرِيُّ حَدِيثَ بَحْرِ بْنِ نَصْرٍ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ، وَيُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدٍ، وَأَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، فِي غُفْرَانِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ. ثُمَّ صَحَّحَ الطَّبَقَةَ الَّتِي تَلِي هَذِهِ، فَصَحَّحَ الْحَافِظُ شَرَفُ الدِّينِ الدِّمْيَاطِيُّ حَدِيثَ جَابِرٍ: «مَاءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِبَ لَهُ» . ثُمَّ صَحَّحَ طَبَقَةً بَعْدَ هَذِهِ، فَصَحَّحَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ السُّبْكِيُّ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ فِي الزِّيَادَةِ. قَالَ: وَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ دَأْبَ مَنْ بَلَغَ أَهْلِيَّةَ ذَلِكَ مِنْهُمْ، إِلَّا أَنَّ مِنْهُمْ مَنْ لَا يَقْبَلُ ذَلِكَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 158 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] مِنْهُمْ، وَكَذَا كَانَ الْمُتَقَدِّمُونَ رُبَّمَا صَحَّحَ بَعْضُهُمْ شَيْئًا فَأُنْكِرَ عَلَيْهِ تَصْحِيحُهُ. وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: قَدِ اعْتَرَضَ عَلَى ابْنِ الصَّلَاحِ كُلُّ مَنِ اخْتَصَرَ كَلَامَهُ، وَكُلُّهُمْ دَفَعَ فِي صَدْرِ كَلَامِهِ مِنْ غَيْرِ إِقَامَةِ دَلِيلٍ، وَلَا بَيَانِ تَعْلِيلٍ، وَمِنْهُمْ مَنِ احْتَجَّ بِمُخَالَفَةِ أَهْلِ عَصْرِهِ وَمَنْ بَعْدَهُ لَهُ فِي ذَلِكَ، كَابْنِ الْقَطَّانِ وَالضِّيَاءِ الْمَقْدِسِيِّ وَالزَّكِيِّ الْمُنْذِرِيِّ وَمَنْ بَعْدَهُمْ، كَابْنِ الْمَوَّاقِ وَالدِّمْيَاطِيِّ وَالْمِزِّيِّ وَنَحْوِهِمْ، وَلَيْسَ بِوَارِدٍ؛ لِأَنَّهُ لَا حُجَّةَ عَلَى ابْنِ الصَّلَاحِ بِعَمَلِ غَيْرِهِ، وَإِنَّمَا يُحْتَجُّ عَلَيْهِ بِإِبْطَالِ دَلِيلٍ أَوْ مُعَارَضَتِهِ بِمَا هُوَ أَقْوَى مِنْهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَا سَلَفَ لَهُ فِي ذَلِكَ، وَلَعَلَّهُ بَنَاهُ عَلَى جَوَازِ خُلُوِّ الْعَصْرِ مِنَ الْمُجْتَهِدِ، وَهَذَا إِذَا انْضَمَّ إِلَى مَا قَبْلَهُ مِنْ أَنَّهُ لَا سَلَفَ لَهُ فِيمَا ادَّعَاهُ، وَعَمَلُ أَهْلِ عَصْرِهِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ عَلَى خِلَافِ مَا قَالَ انْتَهَضَ دَلِيلًا لِلرَّدِّ عَلَيْهِ. قَالَ: ثُمَّ إِنَّ فِي عِبَارَتِهِ مُنَاقَشَاتٍ: مِنْهَا قَوْلُهُ: فَإِنَّا لَا نَتَجَاسَرُ، ظَاهِرُهُ وَأَنَّ الْأَوْلَى تَرْكُ التَّعَرُّضِ لَهُ لِمَا فِيهِ مِنَ التَّعَبِ وَالْمَشَقَّةِ، وَإِنْ لَمْ يَنْهَضْ إِلَى دَرَجَةِ التَّعَذُّرِ فَلَا يَحْسُنُ قَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ: فَقَدْ تَعَذَّرَ. وَمِنْهَا: أَنَّهُ ذَكَرَ مَعَ الضَّبْطِ الْحِفْظَ وَالْإِتْقَانَ، وَلَيْسَتْ مُتَغَايِرَةً. وَمِنْهَا: أَنَّهُ قَابَلَ بَعْدَمِ الْحِفْظِ مَعَ وُجُودِ الْكِتَابِ، فَأَفْهَمَ أَنَّهُ يَعِيبُ مَنْ حَدَّثَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 159 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] مِنْ كِتَابِهِ وَيُصَوِّبُ مَنْ حَدَّثَ عَنْ ظَهْرِ قَلْبِهِ، وَالْمَعْرُوفُ أَنَّ أَئِمَّةَ الْحَدِيثِ خِلَافُ ذَلِكَ، وَحِينَئِذٍ فَإِذَا كَانَ الرَّاوِي عَدْلًا لَكِنْ لَا يَحْفَظُ مَا سَمِعَهُ عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ وَاعْتَمَدَ عَلَى مَا فِي كِتَابِهِ فَحَدَّثَ مِنْهُ فَقَدْ فَعَلَ اللَّازِمَ لَهُ، فَحَدِيثُهُ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ صَحِيحٌ. قَالَ: وَفِي الْجُمْلَةِ مَا اسْتَدَلَّ بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ مِنْ كَوْنِ الْأَسَانِيدِ مَا مِنْهَا إِلَّا وَفِيهِ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ دَرَجَةَ الضَّبْطِ الْمُشْتَرَطَةِ فِي الصَّحِيحِ، إِنْ أَرَادَ أَنَّ جَمِيعَ الْإِسْنَادِ كَذَلِكَ فَهُوَ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّ مِنْ جُمْلَتِهِ مَنْ يَكُونُ مِنْ رِجَالِ الصَّحِيحِ، وَقَلَّ أَنْ يَخْلُوَ إِسْنَادٌ عَنْ ذَلِكَ، وَإِنْ أَرَادَ أَنَّ بَعْضَ الْإِسْنَادِ كَذَلِكَ فَمُسَلَّمٌ، لَكِنْ لَا يَنْهَضُ دَلِيلًا عَلَى التَّعَذُّرِ، إِلَّا فِي جُزْءٍ يَنْفَرِدُ بِرِوَايَتِهِ مَنْ وُصِفَ بِذَلِكَ. أَمَّا الْكِتَابُ الْمَشْهُورُ الْغَنِيُّ بِشُهْرَتِهِ عَنِ اعْتِبَارِ الْإِسْنَادِ مِنَّا إِلَى مُصَنِّفِهِ كَالْمَسَانِيدِ وَالسُّنَنِ، مِمَّا لَا يُحْتَاجُ فِي صِحَّةِ نِسْبَتِهَا إِلَى مُؤَلِّفِهَا إِلَى اعْتِبَارِ إِسْنَادٍ مُعَيَّنٍ، فَإِنَّ الْمُصَنِّفَ مِنْهُمْ إِذَا رَوَى حَدِيثًا، وَوُجِدَتِ الشَّرَائِطُ فِيهِ مَجْمُوعَةً، وَلَمْ يَطَّلِعِ الْمُحَدِّثُ الْمُتْقِنُ الْمُطَّلِعُ فِيهِ عَلَى عِلَّةٍ لَمْ يَمْتَنِعِ الْحُكْمُ بِصِحَّتِهِ، وَلَوْ لَمْ يَنُصَّ عَلَيْهَا أَحَدٌ مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ. قَالَ: ثُمَّ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ مِنْ قَبُولِ التَّصْحِيحِ مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ وَرَدِّهِ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ، قَدْ يَسْلَتْزِمُ رَدَّ مَا هُوَ صَحِيحٌ، وَقَبُولَ مَا لَيْسَ بِصَحِيحٍ، فَكَمْ مِنْ حَدِيثٍ حَكَمَ بِصِحَّتِهِ إِمَامٌ مُتَقَدِّمٌ اطَّلَعَ الْمُتَأَخِّرُ فِيهِ عَلَى عِلَّةٍ قَادِحَةٍ تَمْنَعُ مِنَ الْحُكْمِ بِصِحَّتِهِ، وَلَا سِيَّمَا إِنْ كَانَ ذَلِكَ الْمُتَقَدِّمُ مِمَّنْ لَا يَرَى التَّفْرِقَةَ بَيْنَ الصَّحِيحِ وَالْحَسَنِ، كَابْنِ خُزَيْمَةَ وَابْنِ حِبَّانَ. قَالَ: وَالْعَجَبُ مِنْهُ كَيْفَ يَدَّعِي تَعْمِيمَ الْخَلَلِ فِي جَمِيعِ الْأَسَانِيدِ الْمُتَأَخِّرَةِ، ثُمَّ يَقْبَلُ تَصْحِيحَ الْمُتَقَدِّمِ، وَذَلِكَ التَّصْحِيحُ إِنَّمَا يَتَّصِلُ لِلْمُتَأَخِّرِ بِالْإِسْنَادِ الَّذِي يَدَّعِي فِيهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 160 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] الْخَلَلَ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْخَلَلُ مَانِعًا مِنَ الْحُكْمِ بِصِحَّةِ الْإِسْنَادِ، فَهُوَ مَانِعٌ مِنَ الْحُكْمِ بِقَبُولِ ذَلِكَ التَّصْحِيحِ، وَإِنْ كَانَ لَا يُؤَثِّرُ فِي الْإِسْنَادِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ لِشُهْرَةِ الْكِتَابِ، كَمَا يُرْشِدُ إِلَيْهِ كَلَامُهُ، فَكَذَلِكَ لَا يُؤَثِّرُ فِي الْإِسْنَادِ الْمُعَيَّنِ الَّذِي يَتَّصِلُ بِهِ رِوَايَةُ ذَلِكَ الْكِتَابِ إِلَى مُؤَلِّفِهِ، وَيَنْحَصِرُ النَّظَرُ فِي مِثْلِ أَسَانِيدِ ذَلِكَ الْمُصَنِّفِ مِنْهُ فَصَاعِدًا، لَكِنْ قَدْ يُقَوِّي مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ ابْنُ الصَّلَاحِ بِوَجْهٍ آخَرَ، وَهُوَ ضَعْفُ نَظَرِ الْمُتَأَخِّرِينَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمُتَقَدِّمِينَ. وَقِيلَ: إِنَّ الْحَامِلَ لِابْنِ الصَّلَاحِ عَلَى ذَلِكَ، أَنَّ الْمُسْتَدْرَكَ لِلْحَاكِمِ كِتَابٌ كَبِيرٌ جِدًّا يَصْفُو لَهُ مِنْهُ تَصْحِيحٌ كَثِيرٌ، وَهُوَ مَعَ حِرْصِهِ عَلَى جَمْعِ الصَّحِيحِ غَزِيرُ الْحِفْظِ كَثِيرُ الِاطِّلَاعِ وَاسِعُ الرِّوَايَةِ، فَيَبْعُدُ كُلَّ الْبُعْدِ أَنْ يُوجَدَ حَدِيثٌ بِشَرَائِطِ الصِّحَّةِ لَمْ يُخْرِجْهُ، وَهَذَا قَدْ يُقْبَلُ، لَكِنَّهُ لَا يَنْهَضُ دَلِيلًا عَلَى التَّعَذُّرِ. قُلْتُ: وَالْأَحْوَطُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ أَنْ يُعَبَّرَ عَنْهُ بِصَحِيحِ الْإِسْنَادِ، وَلَا يُطْلَقُ التَّصْحِيحُ لِاحْتِمَالِ عِلَّةٍ لِلْحَدِيثِ خَفِيَتْ عَلَيْهِ، وَقَدْ رَأَيْتُ مَنْ يُعَبِّرُ خَشْيَةً مِنْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ صَحِيحٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَكَثِيرًا مَا يَكُونُ الْحَدِيثُ ضَعِيفًا أَوْ وَاهِيًا، وَالْإِسْنَادُ صَحِيحٌ مُرَكَّبٌ عَلَيْهِ، فَقَدْ رَوَى ابْنُ عَسَاكِرَ فِي تَارِيخِهِ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ فَارِسٍ ثَنَا مَكِّيُّ بْنُ بُنْدَارٍ ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْقَزْوِينِيُّ، ثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ ثَنَا مَالِكٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 161 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] مَرْفُوعًا: «خَلَقَ اللَّهُ الْوَرْدَ الْأَحْمَرَ مِنْ عَرَقِ جِبْرِيلَ لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ، وَخَلَقَ الْوَرْدَ الْأَبْيَضَ مِنْ عَرَقِي، وَخَلَقَ الْوَرْدَ الْأَصْفَرَ مِنْ عَرَقِ الْبُرَاقِ» . قَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ: هَذَا حَدِيثٌ مَوْضُوعٌ، وَضَعَهُ مَنْ لَا عِلْمَ لَهُ، وَرَكَّبَهُ عَلَى هَذَا الْإِسْنَادِ الصَّحِيحِ. 1 - [تَنْبِيهٌ] لَمْ يَتَعَرَّضِ الْمُصَنِّفُ وَمَنْ بَعْدَهُ كَابْنِ جَمَاعَةَ وَغَيْرِهِ مِمَّنِ اخْتَصَرَ ابْنُ الصَّلَاحِ، وَالْعِرَاقِيُّ فِي الْأَلْفِيَّةِ وَالْبُلْقِينِيُّ، وَأَصْحَابُ النُّكَتِ إِلَّا لِلتَّصْحِيحِ فَقَطْ، وَسَكَتُوا عَنِ التَّحْسِينِ، وَقَدْ ظَهَرَ لِي أَنْ يُقَالَ فِيهِ: إِنَّ مَنْ جَوَّزَ التَّصْحِيحَ فَالتَّحْسِينُ أَوْلَى، وَمَنْ مَنْعَ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُجَوِّزَهُ، وَقَدْ حَسَّنَ الْمِزِّيُّ حَدِيثَ «طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ» مَعَ تَصْرِيحِ الْحُفَّاظِ بِتَضْعِيفِهِ، وَحَسَّنَ جَمَاعَةٌ كَثِيرُونَ أَحَادِيثَ صَرَّحَ الْحُفَّاظُ بِتَضْعِيفِهَا، ثُمَّ تَأَمَّلْتُ كَلَامَ ابْنِ الصَّلَاحِ فَرَأَيْتُهُ سَوَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّصْحِيحِ حَيْثُ قَالَ: فَآلَ الْأَمْرُ إِذًا فِي مَعْرِفَةِ الصَّحِيحِ وَالْحَسَنِ إِلَى الِاعْتِمَادِ عَلَى مَا نَصَّ عَلَيْهِ أَئِمَّةُ الْحَدِيثِ فِي كُتُبِهِمْ إِلَى آخِرِهِ. وَقَدْ مَنَعَ فِيمَا سَيَأْتِي - وَوَافَقَهُ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ - أَنْ يَجْزِمَ بِتَضْعِيفِ الْحَدِيثِ اعْتِمَادًا عَلَى ضَعْفِ إِسْنَادِهِ، لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ لَهُ إِسْنَادٌ صَحِيحٌ غَيْرُهُ، فَالْحَاصِلُ أَنَّ ابْنَ الصَّلَاحِ سَدَّ بَابَ التَّصْحِيحِ وَالتَّحْسِينِ وَالتَّضْعِيفِ عَلَى أَهْلِ هَذِهِ الْأَزْمَانِ لِضَعْفِ أَهْلِيَّتِهِمْ، وَإِنْ لَمْ يُوَافِقْ عَلَى الْأَوَّلِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْحُكْمَ بِالْوَضْعِ أَوْلَى بِالْمَنْعِ قَطْعًا إِلَّا حَيْثُ لَا يَخْفَى؛ كَالْأَحَادِيثِ الطِّوَالِ الرَّكِيكَةِ الَّتِي وَضَعَهَا الْقُصَّاصُ، أَوْ مَا فِيهِ مُخَالَفَةٌ لِلْعَقْلِ أَوِ الْإِجْمَاعِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 162 وَمَنْ أَرَادَ الْعَمَلَ مِنْ كِتَابٍ فَطَرِيقُهُ أَنُ يَأْخُذَهُ مِنْ نُسْخَةٍ مُعْتَمَدَةٍ قَابَلَهَا هُوَ أَوْ ثِقَةٌ بِأُصُولٍ صَحِيحَةٍ، فَإِنْ قَابَلَهَا بِأَصْلٍ مُحَقَّقٍ مُعْتَمَدٍ أَجْزَأَهُ.   [تدريب الراوي] وَأَمَّا الْحُكْمُ لِلْحَدِيثِ بِالتَّوَاتُرِ أَوِ الشُّهْرَةِ فَلَا يَمْتَنِعُ إِذَا وُجِدَتِ الطُّرُقُ الْمُعْتَبَرَةُ فِي ذَلِكَ، وَيَنْبَغِي التَّوَقُّفُ عَنِ الْحُكْمِ بِالْفَرْدِيَّةِ وَالْغَرَابَةِ، وَعَنِ الْعِزَةِ أَكْثَرَ. [من أراد الاحتجاج بحديث من الكتب المعتمدة] (وَمَنْ أَرَادَ الْعَمَلَ) أَوِ الِاحْتِجَاجَ (بِحَدِيثٍ مِنْ كِتَابٍ) مِنَ الْكُتُبِ الْمُعْتَمَدَةِ، وَقَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: حَيْثُ سَاغَ لَهُ ذَلِكَ (فَطَرِيقُهُ أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْ نُسْخَةٍ مُعْتَمَدَةٍ قَابَلَهَا هُوَ أَوْ ثِقَةٌ بِأُصُولٍ صَحِيحَةٍ) . قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: لِيَحْصُلَ لَهُ بِذَلِكَ - مَعَ اشْتِهَارِ هَذِهِ الْكُتُبِ، وَبُعْدِهَا عَنْ أَنْ يُقْصَدَ بِهَا التَّبْدِيلُ وَالتَّحْرِيفُ - الثِّقَةُ بِصِحَّةِ مَا اتَّفَقَتْ عَلَيْهِ تِلْكَ الْأُصُولُ، وَفَهِمَ جَمَاعَةٌ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ الِاشْتِرَاطَ، وَلَيْسَ فِيهِ مَا يُصَرِّحُ بِذَلِكَ، وَلَا يَقْتَضِيهِ مَعَ تَصْرِيحِ ابْنِ الصَّلَاحِ بِاسْتِحْبَابِ ذَلِكَ فِي قِسْمِ الْحَسَنِ، حَيْثُ قَالَ فِي التِّرْمِذِيِّ: فَيَنْبَغِي أَنْ تُصَحِّحَ أَصْلَكَ بِجَمَاعَةِ أُصُولٍ، فَأَشَارَ بِيَنْبَغِي إِلَى الِاسْتِحْبَابِ، وَلِذَلِكَ قَالَ الْمُصَنِّفُ زِيَادَةً عَلَيْهِ (فَإِنْ قَابَلَهَا بِأَصْلٍ مُحَقَّقٍ مُعْتَمَدٍ أَجْزَأَهُ) وَلَمْ يُورِدْ ذَلِكَ مَوْرِدَ الِاعْتِرَاضِ، كَمَا صَنَعَ فِي مَسْأَلَةِ التَّصْحِيحِ قَبْلَهُ، وَفِي مَسْأَلَةِ الْقَطْعِ بِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ، وَصَرَّحَ أَيْضًا فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ بِأَنَّ كَلَامَ ابْنِ الصَّلَاحِ مَحْمُولٌ عَلَى الِاسْتِظْهَارِ وَالِاسْتِحْبَابِ دُونَ الْوُجُوبِ، وَكَذَا فِي الْمَنْهَلِ الرَّوِيِّ. 1 - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 163 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] [خَاتِمَةٌ] زَادَ الْعِرَاقِيُّ فِي أَلْفِيَّتِهِ هُنَا لِأَجْلِ قَوْلِ ابْنِ الصَّلَاحِ، حَيْثُ سَاغَ لَهُ ذَلِكَ أَنَّ الْحَافِظَ أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بْنَ خَيْرِ بْنِ عُمَرَ الْأَمَوِيَّ - بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ - الْإِشْبِيلِيَّ، خَالَ أَبِي الْقَاسِمِ السُّهَيْلِيِّ قَالَ فِي بَرْنَامَجِهِ: اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَقُولَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَا حَتَّى يَكُونَ عِنْدَهُ ذَلِكَ الْقَوْلُ مَرْوِيًّا، وَلَوْ عَلَى أَقَلِّ وُجُوهِ الرِّوَايَاتِ، لِحَدِيثِ: «مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ» . انْتَهَى. وَلَمْ يَتَعَقَّبْهُ الْعِرَاقِيُّ، وَقَدْ تَعَقَّبَهُ الزَّرْكَشِيُّ فِي جُزْءٍ لَهُ فَقَالَ فِيمَا قَرَأْتُهُ بِخَطِّهِ: نَقْلُ الْإِجْمَاعِ عَجِيبٌ، وَإِنَّمَا حُكِيَ ذَلِكَ عَنْ بَعْضِ الْمُحَدِّثِينَ، ثُمَّ هُوَ مُعَارَضٌ بِنَقْلِ ابْنِ بُرْهَانَ إِجْمَاعَ الْفُقَهَاءِ عَلَى الْجَوَازِ، فَقَالَ فِي الْأَوْسَطِ: ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ كَافَّةً إِلَى أَنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ الْعَمَلُ بِالْحَدِيثِ عَلَى سَمَاعِهِ، بَلْ إِذَا صَحَّ عِنْدَهُ النُّسْخَةُ جَازَ لَهُ الْعَمَلُ بِهَا، وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ، وَحَكَى الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ الْإِسْفَرَايِينِيُّ الْإِجْمَاعَ عَلَى جَوَازِ النَّقْلِ مِنَ الْكُتُبِ الْمُعْتَمَدَةِ، وَلَا يُشْتَرَطُ اتِّصَالُ السَّنَدِ إِلَى مُصَنِّفِيهَا، وَذَلِكَ شَامِلٌ لِكُتُبِ الْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ. وَقَالَ إِلْكِيَا الطَّبَرِيُّ فِي تَعْلِيقِهِ: مَنْ وَجَدَ حَدِيثًا فِي كِتَابٍ صَحِيحٍ جَازَ لَهُ أَنْ يَرْوِيَهُ وَيَحْتَجَّ بِهِ، وَقَالَ قَوْمٌ مِنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَرْوِيَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْهُ، وَهَذَا غَلَطٌ، وَكَذَا حَكَاهُ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي الْبُرْهَانِ عَنْ بَعْضِ الْمُحَدِّثِينَ، وَقَالَ: هُمْ عُصْبَةٌ لَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 164 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] مُبَالَاةَ بِهِمْ فِي حَقَائِقِ الْأُصُولِ، يَعْنِي الْمُقْتَصِرِينَ عَلَى السَّمَاعِ لَا أَئِمَّةَ الْحَدِيثِ. وَقَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي جَوَابِ سُؤَالٍ كَتَبَهُ إِلَيْهِ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ: وَأَمَّا الِاعْتِمَادُ عَلَى كُتُبِ الْفِقْهِ الصَّحِيحَةِ الْمَوْثُوقِ بِهَا فَقَدِ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذَا الْعَصْرِ عَلَى جَوَازِ الِاعْتِمَادِ، وَالْإِسْنَادِ إِلَيْهَا؛ لِأَنَّ الثِّقَةَ قَدْ حَصَلَتْ بِهَا كَمَا تَحْصُلُ بِالرِّوَايَةِ، وَلِذَلِكَ اعْتَمَدَ النَّاسُ عَلَى الْكُتُبِ الْمَشْهُورَةِ فِي النَّحْوِ وَاللُّغَةِ وَالطِّبِّ وَسَائِرِ الْعُلُومِ لِحُصُولِ الثِّقَةِ بِهَا وَبُعْدِ التَّدْلِيسِ، وَمَنِ اعْتَقَدَ أَنَّ النَّاسَ قَدِ اتَّفَقُوا عَلَى الْخَطَأِ فِي ذَلِكَ فَهُوَ أَوْلَى بِالْخَطَأِ مِنْهُمْ، وَلَوْلَا جَوَازُ الِاعْتِمَادِ عَلَى ذَلِكَ لَتَعَطَّلَ كَثِيرٌ مِنَ الْمَصَالِحِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِهَا، وَقَدْ رَجَعَ الشَّارِعُ إِلَى قَوْلِ الْأَطِبَّاءِ فِي صُوَرٍ، وَلَيْسَتْ كُتُبُهُمْ مَأْخُوذَةً فِي الْأَصْلِ إِلَّا عَنْ قَوْمٍ كُفَّارٍ، وَلَكِنْ لَمَّا بَعُدَ التَّدْلِيسُ فِيهَا اعْتُمِدَ عَلَيْهَا، كَمَا اعْتُمِدَ فِي اللُّغَةِ عَلَى أَشْعَارِ الْعَرَبِ وَهُمْ كُفَّارٌ، لِبُعْدِ التَّدْلِيسِ. انْتَهَى. قَالَ: وَكُتُبُ الْحَدِيثِ أَوْلَى بِذَلِكَ مِنْ كُتُبِ الْفِقْهِ وَغَيْرِهَا، لِاعْتِنَائِهِمْ بِضَبْطِ النُّسَخِ وَتَحْرِيرِهَا. فَمَنْ قَالَ: إِنَّ شَرْطَ التَّخْرِيجِ مِنْ كِتَابٍ يَتَوَقَّفُ عَلَى اتِّصَالِ السَّنَدِ إِلَيْهِ فَقَدْ خَرَقَ الْإِجْمَاعَ، وَغَايَةُ الْمُخَرِّجِ أَنْ يَنْقُلَ الْحَدِيثَ مِنْ أَصْلٍ مَوْثُوقٍ بِصِحَّتِهِ وَيَنْسُبَهُ إِلَى مَنْ رَوَاهُ، وَيَتَكَلَّمَ عَلَى عِلَّتِهِ وَغَرِيبِهِ وَفِقْهِهِ. قَالَ: وَلَيْسَ النَّاقِلُ لِلْإِجْمَاعِ مَشْهُورًا بِالْعِلْمِ مِثْلَ اشْتِهَارِ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةِ. قَالَ: بَلْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ فِي الرِّسَالَةِ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُحَدَّثَ بِالْخَبَرِ وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ سَمِعَهُ. فَلَيْتَ شِعْرِي أَيُّ إِجْمَاعٍ بَعْدَ ذَلِكَ! . قَالَ: وَاسْتِدْلَالُهُ عَلَى الْمَنْعِ بِالْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ أَعْجَبُ وَأَعْجَبُ، إِذْ لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 165 النَّوْعُ الثَّانِي: الْحَسَنُ. قَالَ الْخَطَّابِيُّ: هُوَ مَا عُرِفَ مَخْرَجُهُ وَاشْتُهِرَ رِجَالُهُ، وَعَلَيْهِ مَدَارُ أَكْثَرِ الْحَدِيثِ، وَيَقْبَلُهُ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ، وَاسْتَعْمَلَهُ عَامَّةُ الْفُقَهَاءِ.   [تدريب الراوي] اشْتِرَاطُ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا فِيهِ تَحْرِيمُ الْقَوْلِ بِنِسْبَةِ الْحَدِيثِ إِلَيْهِ حَتَّى يَتَحَقَّقَ أَنَّهُ قَالَهُ، وَهَذَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى رِوَايَتِهِ، بَلْ يَكْفِي فِي ذَلِكَ عِلْمُهُ بِوُجُودِهِ فِي كُتُبِ مَنْ خَرَّجَ الصَّحِيحَ. أَوْ كَوْنُهُ نَصَّ عَلَى صِحَّتِهِ إِمَامٌ، وَعَلَى ذَلِكَ عَمَلُ النَّاسِ. [النَّوْعُ الثَّانِي الْحَسَنُ] [تعريف الحسن] (النَّوْعُ الثَّانِي: الْحَسَنُ) لِلنَّاسِ فِيهِ عِبَارَاتٌ: (قَالَ) أَبُو سُلَيْمَانَ (الْخَطَّابِيُّ: هُوَ مَا عُرِفَ مَخْرَجُهُ وَاشْتُهِرَ رِجَالُهُ) فَأَخْرَجَ بِمَعْرِفَةِ الْمَخْرَجِ الْمُنْقَطِعَ، وَحَدِيثَ الْمُدَلِّسِ قَبْلَ بَيَانِهِ. قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: وَهَذَا الْحَدُّ صَادِقٌ عَلَى الصَّحِيحِ أَيْضًا، فَيَدْخُلُ فِي حَدِّ الْحَسَنِ. وَكَذَا قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ وَصَاحِبُ الْمَنْهَلِ الرَّوِيِّ، وَأَجَابَ التِّبْرِيزِيُّ بِأَنَّهُ سَيَأْتِي أَنَّ الصَّحِيحَ أَخَصُّ مِنْهُ، وَدُخُولُ الْخَاصِّ فِي حَدِّ الْعَامِ ضَرُورِيٌّ، وَالتَّقْيِيدُ بِمَا يُخْرِجُهُ عَنْهُ مُخِلٌّ لِلْحَدِّ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَهُوَ مُتَّجِهٌ قَالَ: وَقَدِ اعْتَرَضَ ابْنُ رَشِيدٍ مَا نُقِلَ عَنِ الْخَطَّابِيِّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 166 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] بِأَنَّهُ رَآهُ بِخَطِّ الْحَافِظِ أَبِي عَلِيٍّ الْجَيَّانِيِّ، وَاسْتَقَرَّ حَالُهُ - بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَبِالْقَافِ وَبِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ دُونَ رَاءٍ فِي أَوَّلِهِ - قَالَ: وَذَلِكَ مَرْدُودٌ، فَإِنَّ الْخَطَّابِيَّ قَالَ ذَلِكَ فِي خُطْبَةِ مَعَالِمِ السُّنَنِ، وَهُوَ فِي النُّسَخِ الصَّحِيحَةِ، كَمَا نُقِلَ عَنْهُ، وَلَيْسَ لِقَوْلِهِ: وَاسْتَقَرَّ حَالُهُ، كَبِيرُ مَعْنًى، وَقَالَ ابْنُ جَمَاعَةَ يَرِدُ عَلَى هَذَا الْحَدِّ: ضَعِيفٌ عُرِفَ مَخْرَجُهُ وَاشْتُهِرَ رِجَالُهُ بِالضَّعْفِ. ثُمَّ قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي تَتِمَّةِ كَلَامِهِ: (وَعَلَيْهِ مَدَارُ أَكْثَرِ الْحَدِيثِ) لِأَنَّ غَالِبَ الْأَحَادِيثِ لَا تَبْلُغُ رُتْبَةَ الصَّحِيحِ (وَيَقْبَلُهُ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ) ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْحَدِيثِ شَدَّدَ، فَرَدَّ بِكُلِّ عِلَّةٍ، قَادِحَةٍ كَانَتْ أَمْ لَا. كَمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ أَبِي حَاتِمٍ أَنَّهُ قَالَ: سَأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيثٍ فَقَالَ: إِسْنَادُهُ حَسَنٌ، فَقُلْتُ: يُحْتَجُّ بِهِ؟ فَقَالَ: لَا، (وَاسْتَعْمَلَهُ) أَيْ عَمِلَ بِهِ (عَامَّةُ الْفُقَهَاءِ) ، وَهَذَا الْكَلَامُ فَهِمَهُ الْعِرَاقِيُّ زَائِدًا عَلَى الْحَدِّ فَأَخَّرَ ذِكْرَهُ وَفَصَلَهُ عَنْهُ. وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: بَلْ هُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْحَدِّ، لِيُخْرِجَ الصَّحِيحَ الَّذِي دَخَلَ فِيمَا قَبْلَهُ، بَلْ وَالضَّعِيفَ أَيْضًا. 1 - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 167 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] [تَنْبِيهٌ] حَكَى ابْنُ الصَّلَاحِ بَعْدَ كَلَامِ الْخَطَّابِيِّ أَنَّ التِّرْمِذِيَّ حَدَّ الْحَسَنَ، بِأَنْ لَا يَكُونَ فِي إِسْنَادِهِ مَنْ يُتَّهَمُ بِالْكَذِبِ، وَلَا يَكُونَ شَاذًّا، وَيُرْوَى مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ نَحْوُ ذَلِكَ، وَأَنَّ بَعْضَ الْمُتَأَخِّرِينَ قَالَ: هُوَ الَّذِي فِيهِ ضَعْفٌ قَرِيبٌ مُحْتَمَلٌ وَيُعْمَلُ بِهِ، وَقَالَ: كُلُّ هَذَا مُبْهَمٌ لَا يَشْفِي الْغَلِيلَ، وَلَيْسَ فِي كَلَامِ التِّرْمِذِيِّ وَالْخَطَّابِيِّ مَا يَفْصِلُ الْحَسَنَ مِنَ الصَّحِيحِ. انْتَهَى. وَكَذَا قَالَ الْحَافِظُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ الْمَوَّاقِ: لَمْ يَخُصَّ التِّرْمِذِيُّ الْحَسَنَ بِصِفَةٍ تُمَيِّزُهُ عَنِ الصَّحِيحِ، فَلَا يَكُونُ صَحِيحًا إِلَّا وَهُوَ غَيْرُ شَاذٍّ، وَرُوَاتُهُ غَيْرُ مُتَّهَمِينَ، بَلْ ثِقَاتٌ. قَالَ ابْنُ سَيِّدِ النَّاسِ: بَقِيَ عَلَيْهِ أَنَّهُ اشْتَرَطَ فِي الْحَسَنِ أَنْ يُرْوَى مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، وَلَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ فِي الصَّحِيحِ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: إِنَّهُ حَسَّنَ أَحَادِيثَ لَا تُرْوَى إِلَّا مِنْ وَجْهٍ وَاحِدٍ، كَحَدِيثِ إِسْرَائِيلَ عَنْ يُوسُفَ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا خَرَجَ مِنَ الْخَلَاءِ قَالَ: غُفْرَانَكَ» ، فَإِنَّهُ قَالَ فِيهِ: حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَلَا نَعْرِفُ فِي الْبَابِ إِلَّا حَدِيثَ عَائِشَةَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 168 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] قَالَ: وَأَجَابَ ابْنُ سَيِّدِ النَّاسِ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ بِأَنَّ الَّذِي يُحْتَاجُ إِلَى مَجِيئِهِ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ مَا كَانَ رُوَاتُهُ فِي دَرَجَةِ الْمَسْتُورِ، وَمَنْ لَمْ تَثْبُتْ عَدَالَتُهُ، قَالَ: وَأَكْثَرُ مَا فِي الْبَابِ أَنَّ التِّرْمِذِيَّ عَرَّفَ بِنَوْعٍ مِنْهُ لَا بِكُلِّ أَنْوَاعِهِ. وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: قَدْ مَيَّزَ التِّرْمِذِيُّ الْحَسَنَ عَنِ الصَّحِيحِ بِشَيْئَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ رَاوِيهِ قَاصِرًا عَنْ دَرَجَةِ رَاوِي الصَّحِيحِ، بَلْ وَرَاوِي الْحَسَنِ لِذَاتِهِ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ مُتَّهَمٍ بِالْكَذِبِ، فَيَدْخُلُ فِيهِ الْمَسْتُورُ وَالْمَجْهُولُ وَنَحْوُ ذَلِكَ، وَرَاوِي الصَّحِيحِ لَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ ثِقَةً، وَرَاوِي الْحَسَنِ لِذَاتِهِ لَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ مَوْصُوفًا بِالضَّبْطِ، وَلَا يَكْفِي كَوْنُهُ غَيْرَ مُتَّهَمٍ. قَالَ: وَلَمْ يَعْدِلِ التِّرْمِذِيُّ عَنْ قَوْلِهِ ثِقَاتٌ، وَهِيَ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ، إِلَى مَا قَالَهُ إِلَّا لِإِرَادَةِ قُصُورِ رُوَاتِهِ عَنْ وَصْفِ الثِّقَةِ، كَمَا هِيَ عَادَةُ الْبُلَغَاءِ. الثَّانِي: مَجِيئُهُ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ، عَلَى أَنَّ عِبَارَةَ التِّرْمِذِيِّ فِيمَا ذَكَرَهُ فِي الْعِلَلِ الَّتِي فِي آخِرِ جَامِعِهِ " وَمَا ذَكَرْنَا فِي هَذَا الْكِتَابِ: حَدِيثٌ حَسَنٌ، فَإِنَّمَا أَرَدْنَا بِهِ حُسْنَ إِسْنَادِهِ " إِلَى آخِرِ كَلَامِهِ. قَالَ ابْنُ سَيِّدِ النَّاسِ: فَلَوْ قَالَ قَائِلٌ: إِنَّ هَذَا إِنَّمَا اصْطَلَحَ عَلَيْهِ فِي كِتَابِهِ وَلَمْ يَقُلْهُ اصْطِلَاحًا عَامًّا لَكَانَ لَهُ ذَلِكَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 169 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَقَوْلُ ابْنِ كَثِيرٍ: هَذَا الَّذِي رُوِيَ عَنِ التِّرْمِذِيِّ فِي أَيِّ كِتَابٍ قَالَهُ وَأَيْنَ إِسْنَادُهُ عَنْهُ، مَرْدُودٌ بِوُجُودِهِ فِي آخِرِ جَامِعِهِ كَمَا أَشَرْنَا إِلَيْهِ. وَقَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: قَوْلُ التِّرْمِذِيِّ مُرَادِفٌ لِقَوْلِ الْخَطَّابِيِّ فَإِنَّ قَوْلَهُ: وَيُرْوَى نَحْوُهُ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ، كَقَوْلِهِ: مَا عُرِفَ مَخْرَجُهُ وَقَوْلُ الْخَطَّابِيِّ: اشْتُهِرَ رِجَالُهُ، يَعْنِي بِهِ السَّلَامَةَ مِنْ وَصْمَةِ الْكَذِبِ، كَقَوْلِ التِّرْمِذِيِّ: وَلَا يَكُونُ فِي إِسْنَادِهِ مَنْ يُتَّهَمُ بِالْكَذِبِ وَزَادَ التِّرْمِذِيُّ وَلَا يَكُونُ شَاذًّا، وَلَا حَاجَةَ إِلَيْهِ؛ لِأَنَّ الشَّاذَّ يُنَافِي عِرْفَانَ الْمَخْرَجِ، فَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ أَسْقَطَهُ لِذَلِكَ. لَكِنْ قَالَ الْعِرَاقِيُّ: تَفْسِيرُ قَوْلِ الْخَطَّابِيِّ: مَا عُرِفَ مَخْرَجُهُ بِمَا تَقَدَّمَ مِنَ الِاحْتِرَازِ عَنِ الْمُنْقَطِعِ وَخَبَرِ الْمُدَلِّسِ أَحْسَنُ؛ لِأَنَّ السَّاقِطَ مِنْهُ بَعْضُ الْإِسْنَادِ لَا يُعْرَفُ فِيهِ مَخْرَجُ الْحَدِيثِ إِذْ لَا يُدْرَى مَنْ سَقَطَ، بِخِلَافِ الشَّاذِّ الَّذِي أُبْرِزَ كُلُّ رِجَالِهِ فَعُرِفَ مَخْرَجُ الْحَدِيثِ مِنْ أَيْنَ، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: اشْتِهَارُ الرِّجَالِ أَخَصُّ مِنْ قَوْلِ التِّرْمِذِيِّ: وَلَا يَكُونُ فِي الْإِسْنَادِ مُتَّهَمٌ، لِشُمُولِهِ الْمَسْتُورَ. وَمَا حَكَاهُ ابْنُ الصَّلَاحِ عَنْ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ أَرَادَ بِهِ ابْنَ الْجَوْزِيِّ، فَإِنَّهُ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الْعِلَلِ الْمُتَنَاهِيَةِ وَفِي الْمَوْضُوعَاتِ. قَالَ ابْنُ دَقِيقٍ: وَلَيْسَ مَا ذَكَرَهُ مَضْبُوطًا بِضَابِطٍ يَتَمَيَّزُ بِهِ الْقَدْرُ الْمُحْتَمَلُ مِنْ غَيْرِهِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 170 قَالَ الشَّيْخُ: هُوَ قِسْمَانِ: أَحَدُهُمَا: مَا لَا يَخْلُو إِسْنَادُهُ مِنْ مَسْتُورٍ لَمْ تَتَحَقَّقْ أَهْلِيَّتُهُ، وَلَيْسَ مُغَفَّلًا كَثِيرَ الْخَطَأِ، وَلَا ظَهَرَ مِنْهُ سَبَبٌ مُفَسِّقٌ، وَيَكُونُ مَتْنُ الْحَدِيثِ مَعْرُوفًا بِرِوَايَةِ مِثْلِهِ أَوْ نَحْوِهِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ. الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ رَاوِيهِ مَشْهُورًا بِالصِّدْقِ وَالْأَمَانَةِ، وَلَمْ يَبْلُغْ دَرَجَةَ الصَّحِيحِ لِقُصُورِهِ فِي الْحِفْظِ وَالْإِتْقَانِ، وَهُوَ مُرْتَفِعٌ عَنْ حَالِ مَنْ يُعَدُّ تَفَرُّدُهُ مُنْكَرًا. ثُمَّ الْحَسَنُ كَالصَّحِيحِ فِي الِاحْتِجَاجِ بِهِ وَإِنْ كَانَ دُونَهُ فِي الْقُوَّةِ؛ وَلِهَذَا أَدْرَجَتْهُ طَائِفَةٌ فِي نَوْعِ الصَّحِيحِ.   [تدريب الراوي] قَالَ الْبَدْرُ بْنُ جَمَاعَةَ: وَأَيْضًا فِيهِ دَوْرٌ لِأَنَّهُ عَرَّفَهُ بِصَلَاحِيَّتِهِ لِلْعَمَلِ بِهِ، وَذَلِكَ يَتَوَقَّفُ عَلَى مَعْرِفَةِ كَوْنِهِ حَسَنًا. قُلْتُ: لَيْسَ قَوْلُهُ: " وَيُعْمَلُ بِهِ " مِنْ تَمَامِ الْحَدِّ بَلْ زَائِدٌ عَلَيْهِ؛ لِإِفَادَةِ أَنَّهُ يَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ كَالصَّحِيحِ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ فَصَلَهُ مِنَ الْحَدِّ، حَيْثُ قَالَ: مَا فِيهِ ضَعْفٌ قَرِيبٌ مُحْتَمَلٌ فَهُوَ الْحَدِيثُ الْحَسَنُ، وَيَصْلُحُ الْبِنَاءُ عَلَيْهِ وَالْعَمَلُ بِهِ. وَقَالَ الطِّيبِيُّ: مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ مَعْرِفَةَ الْحَسَنِ مَوْقُوفَةٌ عَلَى مَعْرِفَةِ الصَّحِيحِ وَالضَّعِيفِ؛ لِأَنَّ الْحَسَنَ وَسَطٌ بَيْنَهُمَا، فَقَوْلُهُ: قَرِيبٌ، أَيْ قَرِيبٌ مَخْرَجُهُ إِلَى الصَّحِيحِ مُحْتَمِلٌ لِكَوْنِ رِجَالِهِ مَسْتُورِينَ. [أقسام الحسن وحكم الاحتجاج به] (قَالَ الشَّيْخُ) ابْنُ الصَّلَاحِ، بَعْدَ حِكَايَتِهِ الْحُدُودَ الثَّلَاثَةَ وَقَوْلِهِ مَا تَقَدَّمَ: قَدْ أَمْعَنْتُ النَّظَرَ فِي ذَلِكَ وَالْبَحْثَ جَامِعًا بَيْنَ أَطْرَافِ كَلَامِهِمْ مُلَاحِظًا مَوَاقِعَ اسْتِعْمَالِهِمْ فَتَنَقَّحَ لِي، وَاتَّضَحَ أَنَّ الْحَدِيثَ الْحَسَنَ (هُوَ قِسْمَانِ: أَحَدُهُمَا: مَا لَا يَخْلُو إِسْنَادُهُ مِنْ مَسْتُورٍ لَمْ تَتَحَقَّقْ أَهْلِيَّتُهُ، وَلَيْسَ مُغَفَّلًا كَثِيرَ الْخَطَأِ) فِيمَا يَرْوِيهِ، وَلَا هُوَ مُتَّهَمٌ بِالْكَذِبِ فِي الْحَدِيثِ (وَلَا ظَهَرَ مِنْهُ سَبَبٌ) آخَرُ (مُفَسِّقٌ وَيَكُونُ مَتْنُ الْحَدِيثِ) مَعَ ذَلِكَ (مَعْرُوفًا بِرِوَايَةِ مِثْلِهِ أَوْ نَحْوِهِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ) أَوْ أَكْثَرَ حَتَّى اعْتُضِدَ بِمُتَابَعَةِ مَنْ تَابَعَ رَاوِيَهُ عَلَى مِثْلِهِ، أَوْ بِمَا لَهُ مِنْ شَاهِدٍ، وَهُوَ وُرُودُ حَدِيثٍ آخَرَ نَحْوِهِ، فَيَخْرُجُ بِذَلِكَ عَنْ أَنْ يَكُونَ شَاذًّا أَوْ مُنْكَرًا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 171 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] قَالَ: وَكَلَامُ التِّرْمِذِيِّ عَلَى هَذَا الْقِسْمِ يَتَنَزَّلُ. الْقِسْمُ (الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ رَاوِيهِ مَشْهُورًا بِالصِّدْقِ وَالْأَمَانَةِ وَ) لَكِنْ (لَمْ يَبْلُغْ دَرَجَةَ الصَّحِيحِ لِقُصُورِهِ) عَنْ رُوَاتِهِ (فِي الْحِفْظِ وَالْإِتْقَانِ، وَهُوَ) مَعَ ذَلِكَ (مُرْتَفِعٌ عَنْ حَالِ مَنْ يُعَدُّ تَفَرُّدُهُ) أَيْ مَا يَنْفَرِدُ بِهِ مِنْ حَدِيثِهِ (مُنْكَرًا) . قَالَ: وَيُعْتَبَرُ فِي كُلِّ هَذَا مَعَ سَلَامَةِ الْحَدِيثِ مِنْ أَنْ يَكُونَ شَاذًّا أَوْ مُنْكَرًا، سَلَامَتُهُ مِنْ أَنْ يَكُونَ مُعَلَّلًا. قَالَ: وَعَلَى هَذَا الْقِسْمِ يَتَنَزَّلُ كَلَامُ الْخَطَّابِيِّ. قَالَ: فَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ جَامِعٌ لِمَا تَفَرَّقَ فِي كَلَامِ مَنْ بَلَغَنَا كَلَامُهُ فِي ذَلِكَ، قَالَ: وَكَأَنَّ التِّرْمِذِيَّ ذَكَرَ أَحَدَ نَوْعَيِ الْحَسَنِ، وَذَكَرَ الْخَطَّابِيُّ النَّوْعَ الْآخَرَ، مُقْتَصِرًا كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى مَا رَأَى أَنَّهُ يُشْكِلُ، مُعْرِضًا عَمَّا رَأَى أَنَّهُ لَا يُشْكِلُ، أَوْ أَنَّهُ غَفَلَ عَنِ الْبَعْضِ وَذَهَلَ. انْتَهَى كَلَامُ ابْنِ الصَّلَاحِ. قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: وَعَلَيْهِ مُؤَاخَذَاتٌ وَمُنَاقَشَاتٌ. وَقَالَ ابْنُ جَمَاعَةَ يَرِدُ عَلَى الْأَوَّلِ مِنَ الْقِسْمَيْنِ: الضَّعِيفُ وَالْمُنْقَطِعُ وَالْمُرْسَلُ الَّذِي فِي رِجَالِهِ مَسْتُورٌ، وَرُوِيَ مِثْلُهُ أَوْ نَحْوُهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، وَعَلَى الثَّانِي الْمُرْسَلُ الَّذِي اشْتُهِرَ رَاوِيهِ بِمَا ذُكِرَ، فَإِنَّهُ كَذَلِكَ وَلَيْسَ بِحَسَنٍ فِي الِاصْطِلَاحِ. قَالَ: وَلَوْ قِيلَ: الْحَسَنُ كُلُّ حَدِيثٍ خَالٍ عَنِ الْعِلَلِ، وَفِي سَنَدِهِ الْمُتَّصِلِ مَسْتُورٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 172 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] لَهُ بِهِ شَاهِدٌ، أَوْ مَشْهُورٌ قَاصِرٌ عَنْ دَرَجَةِ الْإِتْقَانِ، لَكَانَ أَجْمَعَ لِمَا حَدَّدُوهُ وَأَخْصَرَ. وَقَالَ الطِّيبِيُّ: لَوْ قِيلَ الْحَسَنُ مُسْنَدُ مَنْ قَرُبَ مِنْ دَرَجَةِ الثِّقَةِ، أَوْ مُرْسَلُ ثِقَةٍ، وَرُوِيَ كِلَاهُمَا مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ وَسَلِمَ مِنْ شُذُوذٍ وَعِلَّةٍ، لَكَانَ أَجْمَعَ الْحُدُودِ وَأَضْبَطَهَا وَأَبْعَدَ عَنِ التَّعْقِيدِ. وَحَدَّ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي النُّخْبَةِ الصَّحِيحَ لِذَاتِهِ: بِمَا نَقَلَهُ عَدْلٌ تَامُّ الضَّبْطِ مُتَّصِلَ السَّنَدِ غَيْرَ مُعَلَّلٍ وَلَا شَاذٍّ، ثُمَّ قَالَ: فَإِنْ خَفَّ الضَّبْطُ فَهُوَ الْحَسَنُ لِذَاتِهِ. فَشَرَكَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّحِيحِ فِي الشُّرُوطِ إِلَّا إِتْمَامَ الضَّبْطِ، ثُمَّ ذَكَرَ الْحَسَنَ لِغَيْرِهِ بِالِاعْتِضَادِ. وَقَالَ شَيْخُنَا الْإِمَامُ تَقِيُّ الدِّينِ الشُّمُنِّيُّ: الْحَسَنُ خَبَرٌ مُتَّصِلٌ قَلَّ ضَبْطُ رَاوِيهِ الْعَدْلِ، وَارْتَفَعَ عَنْ حَالِ مَنْ يُعَدُّ تَفَرُّدُهُ مُنْكَرًا، وَلَيْسَ بِشَاذٍّ وَلَا مُعَلَّلٍ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: الْحَسَنُ لَمَّا تَوَسَّطَ بَيْنَ الصَّحِيحِ وَالضَّعِيفِ عِنْدَ النَّاظِرِ، كَأَنَّ شَيْئًا يَنْقَدِحُ فِي نَفْسِ الْحَافِظِ، قَدْ تَقْصُرُ عِبَارَتُهُ عَنْهُ، كَمَا قِيلَ فِي الِاسْتِحْسَانِ، فَلِذَلِكَ صَعُبَ تَعْرِيفُهُ، وَسَبَقَهُ إِلَى ذَلِكَ ابْنُ كَثِيرٍ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 173 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] [تَنْبِيهٌ] الْحَسَنُ أَيْضًا عَلَى مَرَاتِبَ، كَالصَّحِيحِ. قَالَ الذَّهَبِيُّ: فَأَعْلَى مَرَاتِبِهِ بَهْزُ بْنُ حَكِيمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، وَعَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، وَابْنُ إِسْحَاقَ عَنِ التَّيْمِيِّ، وَأَمْثَالُ ذَلِكَ مِمَّا قِيلَ: إِنَّهُ صَحِيحٌ، وَهُوَ مِنْ أَدْنَى مَرَاتِبِ الصَّحِيحِ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ مَا اخْتُلِفَ فِي تَحْسِينِهِ وَتَضْعِيفِهِ، كَحَدِيثِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَعَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ وَحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ وَنَحْوِهِمْ. (ثُمَّ الْحَسَنُ كَالصَّحِيحِ فِي الِاحْتِجَاجِ بِهِ وَإِنْ كَانَ دُونَهُ فِي الْقُوَّةِ؛ وَلِهَذَا أَدْرَجَتْهُ طَائِفَةٌ فِي نَوْعِ الصَّحِيحِ) كَالْحَاكِمِ وَابْنِ حِبَّانَ وَابْنِ خُزَيْمَةَ، مَعَ قَوْلِهِمْ بِأَنَّهُ دُونَ الصَّحِيحِ الْمُبَيَّنِ أَوَّلًا، وَلَا بِدْعَ فِي الِاحْتِجَاجِ بِحَدِيثٍ لَهُ طَرِيقَانِ لَوِ انْفَرَدَ كُلٌّ مِنْهُمَا لَمْ يَكُنْ حُجَّةً، كَمَا فِي الْمُرْسَلِ، إِذَا وَرَدَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ مُسْنَدٍ، أَوْ وَافَقَهُ مُرْسَلٌ آخَرُ بِشَرْطِهِ كَمَا سَيَجِيءُ، قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ. وَقَالَ فِي الِاقْتِرَاحِ: مَا قِيلَ مِنْ أَنَّ الْحَسَنَ يُحْتَجُّ بِهِ، فِيهِ إِشْكَالٌ لِأَنَّ ثَمَّ أَوْصَافًا يَجِبُ مَعَهَا قَبُولُ الرِّوَايَةِ إِذَا وُجِدَتْ فِي الرَّاوِي، فَإِنْ كَانَ هَذَا الْمُسَمَّى بِالْحَسَنِ مِمَّا وُجِدَتْ فِيهِ عَلَى أَقَلِّ الدَّرَجَاتِ الَّتِي يَجِبُ مَعَهَا الْقَبُولُ فَهُوَ صَحِيحٌ، وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ لَمْ يَجُزِ الِاحْتِجَاجُ بِهِ وَإِنْ سُمِّيَ حَسَنًا، اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ يُرَدَّ هَذَا إِلَى أَمْرٍ اصْطِلَاحِيٍّ، بِأَنْ يُقَالَ إِنَّ هَذِهِ الصِّفَاتِ لَهَا مَرَاتِبُ وَدَرَجَاتٌ فَأَعْلَاهَا وَأَوْسَطُهَا يُسَمَّى صَحِيحًا، وَأَدْنَاهَا يُسَمَّى حَسَنًا، وَحِينَئِذٍ رَجَعَ الْأَمْرُ فِي ذَلِكَ إِلَى الِاصْطِلَاحِ وَيَكُونُ الْكُلُّ صَحِيحًا فِي الْحَقِيقَةِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 174 وَقَوْلُهُمْ: حَدِيثٌ حَسَنُ الْإِسْنَادِ أَوْ صَحِيحُهُ، دُونَ قَوْلِهِمْ: حَدِيثٌ صَحِيحٌ أَوْ حَسَنٌ: لِأَنَّهُ قَدْ يَصِحُّ أَوْ يَحْسُنُ الْإِسْنَادُ دُونَ الْمَتْنِ لِشُذُوذٍ أَوْ عِلَّةٍ، فَإِنِ اقْتَصَرَ عَلَى ذَلِكَ حَافِظٌ مُعْتَمَدٌ فَالظَّاهِرُ صِحَّةُ الْمَتْنِ وَحُسْنُهُ، وَأَمَّا قَوْلُ التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، فَمَعْنَاهُ رُوِيَ بِإِسْنَادَيْنِ، أَحَدُهُمَا يَقْتَضِي الصِّحَّةَ، وَالْآخَرُ الْحُسْنَ.   [تدريب الراوي] [قَوْلُ الْحُفَّاظِ حَدِيثٌ حَسَنُ الْإِسْنَادِ أَوْ صَحِيحُهُ] (وَقَوْلُهُمْ) أَيِ الْحُفَّاظِ هَذَا (حَدِيثٌ حَسَنُ الْإِسْنَادِ أَوْ صَحِيحُهُ دُونَ قَوْلِهِمْ حَدِيثٌ صَحِيحٌ أَوْ حَسَنٌ لِأَنَّهُ قَدْ يَصِحُّ أَوْ يَحْسُنُ الْإِسْنَادُ) لِثِقَةِ رِجَالِهِ (دُونَ الْمَتْنِ لِشُذُوذٍ أَوْ عِلَّةٍ) وَكَثِيرًا مَا يَسْتَعْمِلُ ذَلِكَ الْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ. (فَإِنِ اقْتَصَرَ عَلَى ذَلِكَ حَافِظٌ مُعْتَمَدٌ) وَلَمْ يَذْكُرْ لَهُ عِلَّةً وَلَا قَادِحًا (فَالظَّاهِرُ صِحَّةُ الْمَتْنِ وَحُسْنُهُ) لِأَنَّ عَدَمَ الْعِلَّةِ وَالْقَادِحَ هُوَ الْأَصْلُ وَالظَّاهِرُ. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: وَالَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ أَنَّ الْإِمَامَ مِنْهُمْ لَا يَعْدِلُ عَنْ قَوْلِهِ: صَحِيحٌ إِلَى قَوْلِهِ: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ إِلَّا لِأَمْرٍ مَا. (وَأَمَّا قَوْلُ التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ) كَعَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ وَيَعْقُوبَ بْنِ شَيْبَةَ هَذَا (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَهُوَ مِمَّا اسْتُشْكِلَ؛ لِأَنَّ الْحَسَنَ قَاصِرٌ عَنِ الصَّحِيحِ فَكَيْفَ يَجْتَمِعُ إِثْبَاتُ الْقُصُورِ وَنَفْيُهُ فِي حَدِيثٍ، (فَمَعْنَاهُ) أَنَّهُ (رُوِيَ بِإِسْنَادَيْنِ: أَحَدُهُمَا يَقْتَضِي الصِّحَّةَ وَالْآخَرُ يَقْتَضِي الْحُسْنَ) فَصَحَّ أَنْ يُقَالَ فِيهِ ذَلِكَ، أَيْ حَسَنٌ بِاعْتِبَارِ إِسْنَادٍ، صَحِيحٌ بِاعْتِبَارِ آخَرَ. قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: يَرِدُ عَلَى ذَلِكَ الْأَحَادِيثُ الَّتِي قِيلَ فِيهَا ذَلِكَ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 175 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] لَهَا إِلَّا مَخْرَجٌ وَاحِدٌ، كَحَدِيثٍ خَرَّجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: «إِذَا بَقِيَ نِصْفُ شَعْبَانَ فَلَا تَصُومُوا» ، وَقَالَ فِيهِ: حَسَنٌ صَحِيحٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ عَلَى هَذَا اللَّفْظِ، وَأَجَابَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: بِأَنَّ التِّرْمِذِيَّ إِنَّمَا يَقُولُ ذَلِكَ مُرِيدًا تَفَرُّدَ أَحَدِ الرُّوَاةِ عَنِ الْآخَرِ لَا التَّفَرُّدَ الْمُطْلَقَ. قَالَ: وَيُوَضِّحُ ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ فِي الْفِتَنِ مِنْ حَدِيثِ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَرْفَعُهُ: «مَنْ أَشَارَ إِلَى أَخِيهِ بِحَدِيدَةٍ» الْحَدِيثَ. قَالَ فِيهِ: حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، فَاسْتَغْرَبَهُ مِنْ حَدِيثِ خَالِدٍ لَا مُطْلَقًا. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَهَذَا الْجَوَابُ لَا يَمْشِي فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي يَقُولُ فِيهَا: لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، كَالْحَدِيثِ السَّابِقِ. وَقَدْ أَجَابَ ابْنُ الصَّلَاحِ بِجَوَابٍ ثَانٍ هُوَ: أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحُسْنِ اللُّغَوِيُّ دُونَ الِاصْطِلَاحِيِّ، كَمَا وَقَعَ لِابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ حَيْثُ رَوَى فِي كِتَابِ الْعِلْمِ حَدِيثَ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ مَرْفُوعًا: «تَعَلَّمُوا الْعِلْمَ فَإِنَّ تَعَلُّمَهُ لِلَّهِ خَشْيَةٌ وَطَلَبَهُ عِبَادَةٌ» الْحَدِيثَ بِطُولِهِ، وَقَالَ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ جِدًّا، وَلَكِنْ لَيْسَ لَهُ إِسْنَادٌ قَوِيٌّ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 176 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] فَأَرَادَ بِالْحُسْنِ حُسْنَ اللَّفْظِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ مُوسَى الْبَلْقَاوِيِّ وَهُوَ كَذَّابٌ يُنْسَبُ إِلَى الْوَضْعِ عَنْ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْعَمِّيِّ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ. وَرُوِّينَا عَنْ أُمَيَّةَ بْنِ خَالِدٍ قَالَ: قُلْتُ لِشُعْبَةَ تُحَدِّثُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الْعَرْزَمِيِّ وَتَدَعُ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ أَبِي سُلَيْمَانَ - وَقَدْ كَانَ حَسَنَ الْحَدِيثِ - فَقَالَ: مِنْ حُسْنِهَا فَرَرْتُ، يَعْنِي أَنَّهَا مُنْكَرَةٌ. وَقَالَ النَّخَعِيُّ: كَانُوا يَكْرَهُونَ إِذَا اجْتَمَعُوا أَنْ يُخْرِجَ الرَّجُلُ أَحْسَنَ مَا عِنْدَهُ، قَالَ السَّمْعَانِيُّ: عَنَى بِالْأَحْسَنِ الْغَرِيبَ، قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: وَيَلْزَمُ عَلَى هَذَا الْجَوَابِ أَنْ يُطْلَقَ عَلَى الْحَدِيثِ الْمَوْضُوعِ إِذَا كَانَ حَسَنَ اللَّفْظِ أَنَّهُ حَسَنٌ، وَذَلِكَ لَا يَقُولُهُ أَحَدٌ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ إِذَا جَرَوْا عَلَى اصْطِلَاحِهِمْ. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: وَيَلْزَمُ عَلَيْهِ أَيْضًا، أَنَّ كُلَّ حَدِيثٍ يُوصَفُ بِصِفَةٍ فَالْحُسْنُ تَابِعُهُ، فَإِنَّ كُلَّ الْأَحَادِيثِ حَسَنَةُ اللَّفْظِ بَلِيغَةُ الْمَعَانِي، وَلَمَا رَأَيْنَا الَّذِي وَقَعَ لَهُ هَذَا كَثِيرَ الْفَرْقِ، فَتَارَةً يَقُولُ: حَسَنٌ فَقَطْ، وَتَارَةً: صَحِيحٌ فَقَطْ، وَتَارَةً: حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَتَارَةً: صَحِيحٌ غَرِيبٌ، وَتَارَةً: حَسَنٌ غَرِيبٌ، فَعَرَفْنَا أَنَّهُ لَا مَحَالَةَ جَارٍ مَعَ الِاصْطِلَاحِ، مَعَ أَنَّهُ قَالَ فِي آخِرِ الْجَامِعِ: وَمَا قُلْنَا فِي كِتَابِنَا " حَدِيثٌ حَسَنٌ " فَإِنَّمَا أَرَدْنَا بِهِ حُسْنَ إِسْنَادِهِ عِنْدَنَا، فَقَدْ صَرَّحَ بِأَنَّهُ أَرَادَ حُسْنَ الْإِسْنَادِ فَانْتَفَى أَنْ يُرِيدَ حُسْنَ اللَّفْظِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 177 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَأَجَابَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ بِجَوَابٍ ثَالِثٍ: وَهُوَ أَنَّ الْحَسَنَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْقُصُورُ عَنِ الصِّحَّةِ إِلَّا حَيْثُ انْفَرَدَ الْحُسْنُ، أَمَّا إِذَا ارْتَفَعَ إِلَى دَرَجَةِ الصِّحَّةِ فَالْحُسْنُ حَاصِلٌ لَا مَحَالَةَ تَبَعًا لِلصِّحَّةِ؛ لِأَنَّ وُجُودَ الدَّرَجَةِ الْعُلْيَا وَهِيَ الْحِفْظُ وَالْإِتْقَانُ لَا يُنَافِي وُجُودَ الدُّنْيَا كَالصِّدْقِ، فَيَصِحُّ أَنْ يُقَالَ حَسَنٌ بِاعْتِبَارِ الصِّفَةِ الدُّنْيَا صَحِيحٌ بِاعْتِبَارِ الْعُلْيَا، وَيَلْزَمُ عَلَى هَذَا أَنَّ كُلَّ صَحِيحٍ حَسَنٌ، وَقَدْ سَبَقَهُ إِلَى نَحْوِ ذَلِكَ ابْنُ الْمَوَّاقِ. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: وَشِبْهُ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ فِي الرَّاوِي: صَدُوقٌ فَقَطْ وَصَدُوقٌ ضَابِطٌ، فَإِنَّ الْأَوَّلَ قَاصِرٌ عَنْ دَرَجَةِ رِجَالِ الصَّحِيحِ، وَالثَّانِيَ مِنْهُمْ، فَكَمَا أَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا لَا يَضُرُّ وَلَا يُشْكِلُ، فَكَذَلِكَ الْجَمْعُ بَيْنَ الصِّحَّةِ وَالْحُسْنِ. وَلِابْنِ كَثِيرٍ جَوَابٌ رَابِعٌ وَهُوَ: أَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الصِّحَّةِ وَالْحُسْنِ دَرَجَةٌ مُتَوَسِّطَةٌ بَيْنَ الصَّحِيحِ وَالْحَسَنِ، قَالَ: فَمَا يَقُولُ فِيهِ حَسَنٌ صَحِيحٌ أَعْلَى رُتْبَةً مِنَ الْحَسَنِ وَدُونَ الصَّحِيحِ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَهَذَا تَحَكُّمٌ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ، وَهُوَ بَعِيدٌ. وَلِشَيْخِ الْإِسْلَامِ جَوَابٌ خَامِسٌ وَهُوَ: التَّوَسُّطُ بَيْنَ كَلَامِ ابْنِ الصَّلَاحِ وَابْنِ دَقِيقِ الْعِيدِ فَيُخَصُّ جَوَابُ ابْنِ الصَّلَاحِ بِمَا لَهُ إِسْنَادَانِ فَصَاعِدًا، وَجَوَابُ ابْنِ دَقِيقِ الْعِيدِ بِالْفَرْدِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 178 وَأَمَّا تَقْسِيمُ الْبَغَوِيِّ أَحَادِيثَ الْمَصَابِيحِ إِلَى حِسَانٍ وَصِحَاحٍ مُرِيدًا بِالصِّحَاحِ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ، وَبِالْحِسَانِ مَا فِي السُّنَنِ فَلَيْسَ بِصَوَابٍ؛ لِأَنَّ فِي السُّنَنِ الصَّحِيحَ، وَالْحَسَنَ، وَالضَّعِيفَ، وَالْمُنْكَرَ.   [تدريب الراوي] قَالَ: وَجَوَابٌ سَادِسٌ وَهُوَ: الَّذِي أَرْتَضِيهِ وَلَا غُبَارَ عَلَيْهِ، وَهُوَ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ فِي النُّخْبَةِ وَشَرْحِهَا: أَنَّ الْحَدِيثَ إِنْ تَعَدَّدَ إِسْنَادُهُ فَالْوَصْفُ رَاجِعٌ إِلَيْهِ بِاعْتِبَارِ الْإِسْنَادَيْنِ أَوِ الْأَسَانِيدِ، قَالَ: وَعَلَى هَذَا فَمَا قِيلَ فِيهِ ذَلِكَ فَوْقَ مَا قِيلَ فِيهِ صَحِيحٌ فَقَطْ إِذَا كَانَ فَرْدًا؛ لِأَنَّ كَثْرَةَ الطُّرُقِ تُقَوِّي، وَإِلَّا فَبِحَسَبِ اخْتِلَافِ النُّقَّادِ فِي رَاوِيهِ، فَيَرَى الْمُجْتَهِدُ مِنْهُمْ بَعْضَهُمْ يَقُولُ فِيهِ: صَدُوقٌ، وَبَعْضَهُمْ يَقُولُ فِيهِ: ثِقَةٌ، وَلَا يَتَرَجَّحُ عِنْدَهُ قَوْلُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَوْ يَتَرَجَّحُ، وَلَكِنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُشِيرَ إِلَى كَلَامِ النَّاسِ فِيهِ، فَيَقُولُ ذَلِكَ، وَكَأَنَّهُ قَالَ: حَسَنٌ عِنْدَ قَوْمٍ صَحِيحٌ عِنْدَ قَوْمٍ. قَالَ: وَغَايَةُ مَا فِيهِ أَنَّهُ حُذِفَ مِنْهُ حَرْفُ التَّرَدُّدِ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ أَنْ يَقُولَ حَسَنٌ أَوْ صَحِيحٌ. قَالَ: وَعَلَى هَذَا مَا قِيلَ فِيهِ حَسَنٌ صَحِيحٌ دُونَ مَا قِيلَ فِيهِ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ الْجَزْمَ أَقْوَى مِنَ التَّرَدُّدِ. انْتَهَى. وَهَذَا الْجَوَابُ مُرَكَّبٌ مِنْ جَوَابِ ابْنِ الصَّلَاحِ وَابْنِ كَثِيرٍ. [تَقْسِيمُ الْبَغَوِيِّ أَحَادِيثَ الْمَصَابِيحِ إِلَى حِسَانٍ مريدا بها السنن وَصِحَاحٍ مريدا بها ما في الصحيح] (وَأَمَّا تَقْسِيمُ الْبَغَوِيِّ أَحَادِيثَ الْمَصَابِيحِ إِلَى حِسَانٍ وَصِحَاحٍ مُرِيدًا بِالصِّحَاحِ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ، وَبِالْحِسَانِ مَا فِي السُّنَنِ فَلَيْسَ بِصَوَابٍ؛ لِأَنَّ فِي السُّنَنِ الصَّحِيحَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 179 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَالْحَسَنَ وَالضَّعِيفَ وَالْمُنْكَرَ) كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ، وَمَنْ أَطْلَقَ عَلَيْهَا الصِّحَاحَ، كَقَوْلِ السَّلَفِيِّ فِي الْكُتُبِ الْخَمْسَةِ: اتَّفَقَ عَلَى صِحَّتِهَا عُلَمَاءُ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، وَكَإِطْلَاقِ الْحَاكِمِ عَلَى التِّرْمِذِيِّ الْجَامِعَ الصَّحِيحَ، وَإِطْلَاقِ الْخَطِيبِ عَلَيْهِ وَعَلَى النَّسَائِيِّ اسْمَ الصَّحِيحِ فَقَدْ تَسَاهَلَ. قَالَ التَّاجُ التِّبْرِيزِيُّ: وَلَا أَزَالُ أَتَعَجَّبُ مِنَ الشَّيْخَيْنِ يَعْنِي ابْنَ الصَّلَاحِ وَالنَّوَوِيَّ فِي اعْتِرَاضِهِمَا عَلَى الْبَغَوِيِّ، مَعَ أَنَّ الْمُقَرَّرَ أَنَّهُ لَا مُشَاحَّةَ فِي الِاصْطِلَاحِ، وَكَذَا مَشَى عَلَيْهِ عُلَمَاءُ الْعَجَمِ آخِرُهُمْ شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ الْكَافِيجِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَأُجِيبَ عَنِ الْبَغَوِيِّ بِأَنَّهُ يُبَيِّنُ عَقِبَ كُلِّ حَدِيثٍ الصَّحِيحَ وَالْحَسَنَ وَالْغَرِيبَ، قَالَ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ. فَإِنَّهُ لَا يُبَيِّنُ الصَّحِيحَ مِنَ الْحَسَنِ فِيمَا أَوْرَدَهُ مِنَ السُّنَنِ، بَلْ يَسْكُتُ، وَيُبَيِّنُ الْغَرِيبَ وَالضَّعِيفَ غَالِبًا، فَالْإِيرَادُ بَاقٍ فِي مَزْجِهِ صَحِيحَ مَا فِي السُّنَنِ بِمَا فِيهَا مِنَ الْحَسَنِ. وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: أَرَادَ ابْنُ الصَّلَاحِ أَنْ يُعَرِّفَ أَنَّ الْبَغَوِيَّ اصْطَلَحَ لِنَفْسِهِ أَنْ يُسَمِّيَ السُّنَنَ الْأَرْبَعَةَ: الْحِسَانَ، لِيَسْتَغْنِيَ بِذَلِكَ عَنْ أَنْ يَقُولَ عَقِبَ كُلِّ حَدِيثٍ: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 180 فُرُوعٌ: أَحَدُهَا: كِتَابُ التِّرْمِذِيِّ أَصْلٌ فِي مَعْرِفَةِ الْحَسَنِ، وَهُوَ الَّذِي شَهَرَهُ. وَتَخْتَلِفُ النُّسَخُ مِنْهُ فِي قَوْلِهِ: حَسَنٌ صَحِيحٌ وَنَحْوُهُ، فَيَنْبَغِي أَنْ تَعْتَنِيَ بِمُقَابَلَةِ أَصْلِكَ بِأُصُولٍ مُعْتَمَدَةٍ، وَتَعْتَمِدَ مَا اتَّفَقَتْ عَلَيْهِ، وَمِنْ مَظَانِّهِ سُنَنُ أَبِي دَاوُدَ، فَقَدْ جَاءَ عَنْهُ أَنَّهُ يَذْكُرُ فِيهِ الصَّحِيحَ وَمَا يُشْبِهُهُ وَيُقَارِبُهُ، وَمَا كَانَ فِيهِ وَهَنٌ شَدِيدٌ بَيَّنَهُ، وَمَا لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ شَيْئًا فَهُوَ صَالِحٌ، فَعَلَى هَذَا مَا وَجَدْنَاهُ فِي كِتَابِهِ مُطْلَقًا وَلَمْ يُصَحِّحْهُ غَيْرُهُ مِنَ الْمُعْتَمَدِينَ وَلَا ضَعَّفَهُ فَهُوَ حَسَنٌ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ.   [تدريب الراوي] أَخْرَجَهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ، فَإِنَّ هَذَا اصْطِلَاحٌ حَادِثٌ لَيْسَ جَارِيًا عَلَى الْمُصْطَلَحِ الْعُرْفِيِّ. [فُرُوعٌ مظنة الأحاديث الحسنة سنن الترمذي وأبي داود] [فُرُوعٌ] (أَحَدُهَا) فِي مَظِنَّةِ الْحَسَنِ، كَمَا ذَكَرَ فِي الصَّحِيحِ مَظَانَّهُ، وَذَكَرَ فِي كُلِّ نَوْعٍ مَظَانَّهُ مِنَ الْكُتُبِ الْمُصَنَّفَةِ فِيهِ إِلَّا يَسِيرًا نَبَّهَ عَلَيْهِ. (كِتَابُ) أَبِي عِيسَى (التِّرْمِذِيِّ أَصْلٌ فِي مَعْرِفَةِ الْحَسَنِ وَهُوَ الَّذِي شَهَرَهُ) وَأَكْثَرَ مِنْ ذِكْرِهِ. قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَيُوجَدُ فِي مُتَفَرِّقَاتٍ مِنْ كَلَامِ بَعْضِ مَشَايِخِهِ، وَالطَّبَقَةِ الَّتِي قَبْلَهُ كَأَحْمَدَ وَالْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِمَا. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَكَذَا مَشَايِخُ الطَّبَقَةِ الَّتِي قَبْلَ ذَلِكَ كَالشَّافِعِيِّ، قَالَ فِي اخْتِلَافِ الْحَدِيثِ - عِنْدَ ذِكْرِ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ: «لَقَدِ ارْتَقَيْتُ عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ لَنَا.» الْحَدِيثَ -: حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ مُسْنَدٌ حَسَنُ الْإِسْنَادِ. وَقَالَ فِيهِ أَيْضًا، وَسَمِعْتُ مَنْ يَرْوِي بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ «أَنَّ أَبَا بَكْرَةَ ذَكَرَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ رَكَعَ دُونَ الصَّفِّ» ، الْحَدِيثَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 181 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَكَذَا يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ فِي مُسْنَدِهِ، وَأَبُو عَلِيٍّ الطُّوسِيُّ أَكْثَرَا مِنْ ذَلِكَ إِلَّا أَنَّهُمَا أَلَّفَا بَعْدَ التِّرْمِذِيِّ. (وَتَخْتَلِفُ النُّسَخُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ كُتُبِ التِّرْمِذِيِّ (فِي قَوْلِهِ حَسَنٌ أَوْ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَنَحْوُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ تَعْتَنِيَ بِمُقَابَلَةِ أَصْلِكَ بِأُصُولٍ مُعْتَمَدَةٍ، وَتَعْتَمِدَ مَا اتَّفَقَتْ عَلَيْهِ. وَمِنْ مَظَانِّهِ) أَيْضًا (سُنَنُ أَبِي دَاوُدَ فَقَدْ جَاءَ عَنْهُ أَنَّهُ يَذْكُرُ فِيهِ الصَّحِيحَ وَمَا يُشْبِهُهُ وَيُقَارِبُهُ، وَمَا كَانَ فِيهِ وَهَنٌ شَدِيدٌ بَيَّنَهُ، وَمَا لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ شَيْئًا فَهُوَ صَالِحٌ) ، قَالَ: وَبَعْضُهَا أَصَحُّ مِنْ بَعْضٍ. (فَعَلَى هَذَا مَا وَجَدْنَا فِي كِتَابِهِ مُطْلَقًا) وَلَمْ يَكُنْ فِي أَحَدِ الصَّحِيحَيْنِ، (وَلَمْ يُصَحِّحْهُ غَيْرُهُ مِنَ الْمُعْتَمَدِينَ) الَّذِينَ يُمَيِّزُونَ بَيْنَ الصَّحِيحِ وَالْحَسَنِ (وَلَا ضَعَّفَهُ فَهُوَ حَسَنٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 182 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ) لِأَنَّ الصَّالِحَ لِلِاحْتِجَاجِ لَا يَخْرُجُ عَنْهُمَا، وَلَا يَرْتَقِي إِلَى الصِّحَّةِ إِلَّا بِنَصٍّ، فَالْأَحْوَطُ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْحَسَنِ، وَأَحْوَطُ مِنْهُ التَّعْبِيرُ عَنْهُ بِصَالِحٍ. وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ يَنْدَفِعُ اعْتِرَاضُ ابْنِ رَشِيدٍ بِأَنَّ مَا سَكَتَ عَلَيْهِ قَدْ يَكُونُ عِنْدَهُ صَحِيحًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ عِنْدَ غَيْرِهِ. وَزَادَ ابْنُ الصَّلَاحِ أَنَّهُ قَدْ لَا يَكُونُ حَسَنًا عِنْدَ غَيْرِهِ، وَلَا مُنْدَرِجًا فِي حَدِّ الْحَسَنِ، إِذْ حَكَى ابْنُ مَنْدَهْ أَنَّهُ سَمِعَ مُحَمَّدَ بْنَ سَعْدٍ الْبَاوَرْدِيَّ يَقُولُ: كَانَ مِنْ مَذْهَبِ النَّسَائِيِّ أَنْ يُخْرِجَ عَنْ كُلِّ مَنْ لَمْ يُجْتَمَعْ عَلَى تَرْكِهِ، قَالَ ابْنُ مَنْدَهْ: وَكَذَلِكَ أَبُو دَاوُدَ يَأْخُذُ مَأْخَذَهُ، وَيُخْرِجُ الْإِسْنَادَ الضَّعِيفَ إِذَا لَمْ يَجِدْ فِي الْبَابِ غَيْرَهُ؛ لِأَنَّهُ أَقْوَى عِنْدَهُ مِنْ رَأْيِ الرِّجَالِ. وَهَذَا أَيْضًا رَأْيُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، فَإِنَّهُ قَالَ: إِنَّ ضَعِيفَ الْحَدِيثِ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 183 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] رَأْيِ الرِّجَالِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْدِلُ إِلَى الْقِيَاسِ إِلَّا بَعْدَ عَدَمِ النَّصِّ، وَسَيَأْتِي فِي هَذَا الْبَحْثِ مَزِيدُ كَلَامٍ، حَيْثُ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ الْعَمَلَ بِالضَّعِيفِ، فَعَلَى مَا نُقِلَ عَنْ أَبِي دَاوُدَ يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِقَوْلِهِ " صَالِحٌ " الصَّالِحَ لِلِاعْتِبَارِ دُونَ الِاحْتِجَاجِ، فَيَشْمَلَ الضَّعِيفَ أَيْضًا، لَكِنْ ذَكَرَ ابْنُ كَثِيرٍ أَنَّهُ رُوِيَ عَنْهُ: وَمَا سَكَتَ عَنْهُ فَهُوَ حَسَنٌ. فَإِنْ صَحَّ ذَلِكَ فَلَا إِشْكَالَ. 1 - [تَنْبِيهٌ] اعْتَرَضَ ابْنُ سَيِّدِ النَّاسِ مَا ذُكِرَ فِي شَأْنِ سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ فَقَالَ: لَمْ يَرْسُمْ أَبُو دَاوُدَ شَيْئًا بِالْحُسْنِ، وَعَمَلُهُ فِي ذَلِكَ شَبِيهٌ بِعَمَلِ مُسْلِمٍ الَّذِي لَا يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُهُ عَلَى غَيْرِهِ، أَنَّهُ اجْتَنَبَ الضَّعِيفَ الْوَاهِيَ، وَأَتَى بِالْقِسْمَيْنِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي، وَحَدِيثُ مَنْ مَثَّلَ بِهِ مِنَ الرُّوَاةِ مِنَ الْقِسْمَيْنِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي مَوْجُودٌ فِي كِتَابِهِ دُونَ الْقِسْمِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 184 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] الثَّالِثِ، قَالَ: فَهَلَّا أُلْزِمَ مُسْلِمٌ مِنْ ذَلِكَ مَا أُلْزِمَ بِهِ أَبُو دَاوُدَ فَمَعْنَى كَلَامِهِمَا وَاحِدٌ، قَالَ: وَقَوْلُ أَبِي دَاوُدَ وَمَا يُشْبِهُهُ، يَعْنِي فِي الصِّحَّةِ، وَيُقَارِبُهُ، يَعْنِي فِيهَا أَيْضًا، هُوَ نَحْوُ قَوْلِ مُسْلِمٍ: لَيْسَ كُلُّ الصَّحِيحِ يَجِدُهُ عِنْدَ مَالِكٍ وَشُعْبَةَ وَسُفْيَانَ، فَاحْتَاجَ أَنْ يَنْزِلَ إِلَى مِثْلِ حَدِيثِ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، وَعَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ وَيَزِيدَ بْنِ زِيَادٍ، لِمَا يَشْمَلُ الْكُلَّ مِنِ اسْمِ الْعَدَالَةِ وَالصِّدْقِ، وَإِنْ تَفَاوَتُوا فِي الْحِفْظِ وَالْإِتْقَانِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الطَّرِيقَيْنِ، غَيْرَ أَنَّ مُسْلِمًا شَرَطَ الصَّحِيحَ، فَتَحَرَّجَ مِنْ حَدِيثِ الطَّبَقَةِ الثَّالِثَةِ، وَأَبَا دَاوُدَ لَمْ يَشْتَرِطْهُ فَذَكَرَ مَا يَشْتَدُّ وَهَنُهُ عِنْدَهُ، وَالْتَزَمَ الْبَيَانَ عَنْهُ. قَالَ: وَفِي قَوْلِ أَبِي دَاوُدَ: إِنَّ بَعْضَهَا أَصَحُّ مِنْ بَعْضٍ. مَا يُشِيرُ إِلَى الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا فِي الصِّحَّةِ وَإِنْ تَفَاوَتَتْ، لِمَا يَقْتَضِيهِ صِيغَةُ أَفْعَلَ فِي الْأَكْثَرِ، وَأَجَابَ الْعِرَاقِيُّ بِأَنَّ مُسْلِمًا الْتَزَمَ الصَّحِيحَ، بَلِ الْمُجْمَعَ عَلَيْهِ فِي كِتَابِهِ، فَلَيْسَ لَنَا أَنْ نَحْكُمَ عَلَى حَدِيثٍ خَرَّجَهُ بِأَنَّهُ حَسَنٌ عِنْدَهُ، لِمَا عُرِفَ مِنْ قُصُورِ الْحَسَنِ عَنِ الصَّحِيحِ، وَأَبُو دَاوُدَ قَالَ: مَا سَكَتَ عَنْهُ فَهُوَ صَالِحٌ، وَالصَّالِحُ يَشْمَلُ الصَّحِيحَ وَالْحَسَنَ، فَلَا يَرْتَقِي إِلَى الْأَوَّلِ إِلَّا بِيَقِينٍ. وَثَمَّ أَجْوِبَةٌ أُخْرَى: مِنْهَا: أَنَّ الْعَمَلَيْنِ إِنَّمَا تَشَابَهَا فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا أَتَى بِثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ، لَكِنَّهَا فِي سُنَنِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 185 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] أَبِي دَاوُدَ رَاجِعَةٌ إِلَى مُتُونِ الْحَدِيثِ، وَفِي مُسْلِمٍ إِلَى رِجَالِهِ، وَلَيْسَ بَيْنَ ضَعْفِ الرَّجُلِ وَصِحَّةِ حَدِيثِهِ مُنَافَاةٌ، وَمِنْهَا: أَنَّ أَبَا دَاوُدَ قَالَ: مَا كَانَ فِيهِ وَهَنٌ شَدِيدٌ بَيَّنْتُهُ، فَفُهِمَ أَنَّ ثَمَّ شَيْئًا فِيهِ وَهَنٌ غَيْرُ شَدِيدٍ لَمْ يَلْتَزِمْ بَيَانَهُ. وَمِنْهَا: أَنَّ مُسْلِمًا إِنَّمَا يَرْوِي عَنِ الطَّبَقَةِ الثَّالِثَةِ فِي الْمُتَابَعَاتِ لِيَنْجَبِرَ الْقُصُورُ الَّذِي فِي رِوَايَةِ مَنْ هُوَ فِي الطَّبَقَةِ الثَّانِيَةِ؛ ثُمَّ إِنَّهُ يُقِلُّ مِنْ حَدِيثِهِمْ جِدًّا، وَأَبُو دَاوُدَ بِخِلَافِ ذَلِكَ. 1 - [فَوَائِدُ] الْأُولَى: مِنْ مَظَانِّ الْحَسَنِ أَيْضًا سُنَنُ الدَّارَقُطْنِيِّ فَإِنَّهُ نَصَّ عَلَى كَثِيرٍ مِنْهُ قَالَهُ فِي الْمَنْهَلِ الرَّوِيِّ. الثَّانِيَةُ: عِدَّةُ أَحَادِيثِ كِتَابِ أَبِي دَاوُدَ أَرْبَعَةُ آلَافٍ وَثَمَانِمِائَةِ حَدِيثٍ، وَهُوَ رِوَايَاتٌ، أَتَمُّهَا رِوَايَةُ أَبِي بَكْرِ بْنِ دَاسَةَ، وَالْمُتَّصِلَةُ الْآنَ بِالسَّمَاعِ رِوَايَةُ أَبِي عَلِيٍّ اللُّؤْلُؤِيِّ. الثَّالِثَةُ: قَالَ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ الزُّبَيْرِ: أَوَّلُ مَا أُرْشِدُ إِلَيْهِ مَا اتَّفَقَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى اعْتِمَادِهِ، وَذَلِكَ الْكُتُبُ الْخَمْسَةُ وَالْمُوَطَّأُ الَّذِي تَقَدَّمَهَا وَضْعًا وَلَمْ يَتَأَخَّرْ عَنْهَا رُتْبَةً. وَقَدِ اخْتَلَفَتْ مَقَاصِدُهُمْ فِيهَا، وَلِلصَّحِيحَيْنِ فِيهَا شُفُوفٌ، وَلِلْبُخَارِيِّ لِمَنْ أَرَادَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 186 وَأَمَّا مُسْنَدُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَأَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ وَغَيْرِهِمَا مِنَ الْمَسَانِيدِ، فَلَا تَلْتَحِقُ بِالْأُصُولِ الْخَمْسَةِ، وَمَا أَشْبَهَهَا فِي الِاحْتِجَاجِ بِهَا، وَالرُّكُونِ إِلَى مَا فِيهَا.   [تدريب الراوي] التَّفَقُّهَ مَقَاصِدُ جَلِيلَةٌ، وَلِأَبِي دَاوُدَ فِي حَصْرِ أَحَادِيثِ الْأَحْكَامِ وَاسْتِيعَابِهَا مَا لَيْسَ لِغَيْرِهِ، وَلِلتِّرْمِذِيِّ فِي فُنُونِ الصِّنَاعَةِ الْحَدِيثِيَّةِ مَا لَمْ يُشَارِكْهُ غَيْرُهُ، وَقَدْ سَلَكَ النَّسَائِيُّ أَغْمَضَ تِلْكَ الْمَسَالِكِ وَأَجَلَّهَا. وَقَالَ الذَّهَبِيُّ: انْحَطَّتْ رُتْبَةُ جَامِعِ التِّرْمِذِيِّ عَنْ سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ وَالنَّسَائِيِّ لِإِخْرَاجِهِ حَدِيثَ الْمَصْلُوبِ وَالْكَلْبِيِّ وَأَمْثَالِهِمَا. [وجه عدم التحاق المسانيد بالأصول الخمسة] (وَأَمَّا مُسْنَدُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَأَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ وَغَيْرِهِمَا مِنَ الْمَسَانِيدِ) . قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: كَمُسْنَدِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى، وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ، وَالدَّارِمِيِّ، وَعَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ، وَأَبِي يَعْلَى الْمَوْصِلِيِّ، وَالْحَسَنِ بْنِ سُفْيَانَ، وَأَبِي بَكْرٍ الْبَزَّارِ، فَهَؤُلَاءِ عَادَتُهُمْ أَنْ يُخْرِجُوا فِي مُسْنَدِ كُلِّ صَحَابِيٍّ مَا رَوَوْهُ مِنْ حَدِيثِهِ، غَيْرَ مُقَيَّدِينَ بِأَنْ يَكُونَ مُحْتَجًّا بِهِ أَوْ لَا، (فَلَا تَلْتَحِقُ بِالْأُصُولِ الْخَمْسَةِ وَمَا أَشْبَهَهَا) . قَالَ ابْنُ جَمَاعَةَ: مِنَ الْكُتُبِ الْمُبَوَّبَةِ كَسُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ (فِي الِاحْتِجَاجِ بِهَا وَالرُّكُونِ إِلَى مَا فِيهَا) لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ عَلَى أَبْوَابٍ إِنَّمَا يُورِدُ أَصَحَّ مَا فِيهِ لِيَصْلُحَ لِلِاحْتِجَاجِ. 1 - [تَنْبِيهَاتٌ] الْأَوَّلُ: اعْتُرِضَ عَلَى التَّمْثِيلِ بِمُسْنَدِ أَحْمَدَ بِأَنَّهُ شَرَطَ فِي مُسْنَدِهِ الصَّحِيحَ، قَالَ الْعِرَاقِيُّ وَلَا نُسَلِّمُ ذَلِكَ، وَالَّذِي رَوَاهُ عَنْهُ أَبُو مُوسَى الْمَدِينِيُّ: أَنَّهُ سُئِلَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 187 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] عَنْ حَدِيثٍ فَقَالَ: انْظُرُوهُ فَإِنْ كَانَ فِي الْمُسْنَدِ وَإِلَّا فَلَيْسَ بِحُجَّةٍ، فَهَذَا لَيْسَ بِصَرِيحٍ فِي أَنَّ كُلَّ مَا فِيهِ حُجَّةٌ، بَلْ مَا لَيْسَ فِيهِ لَيْسَ بِحُجَّةٍ، قَالَ: عَلَى أَنَّ ثَمَّ أَحَادِيثُ صَحِيحَةٌ مُخَرَّجَةٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَلَيْسَتْ فِيهِ، مِنْهَا حَدِيثُ عَائِشَةَ فِي قِصَّةِ أُمِّ زَرْعٍ، قَالَ: وَأَمَّا وُجُودُ الضَّعِيفِ فِيهِ فَهُوَ مُحَقَّقٌ، بَلْ فِيهِ أَحَادِيثُ مَوْضُوعَةٌ جَمَعْتُهَا فِي جُزْءٍ، وَلِعَبْدِ اللَّهِ ابْنِهِ فِيهِ زِيَادَاتٌ فِيهَا الضَّعِيفُ وَالْمَوْضُوعُ. انْتَهَى. وَقَدْ أَلَّفَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ كِتَابًا فِي رَدِّ ذَلِكَ سَمَّاهُ: " الْقَوْلُ الْمُسَدَّدُ فِي الذَّبِّ عَنِ الْمُسْنَدِ " قَالَ فِي خُطْبَتِهِ: فَقَدْ ذَكَرْتُ فِي هَذِهِ الْأَوْرَاقِ مَا حَضَرَنِي مِنَ الْكَلَامِ عَلَى الْأَحَادِيثِ الَّتِي زَعَمَ بَعْضُ أَهْلِ الْحَدِيثِ أَنَّهَا مَوْضُوعَةٌ، وَهِيَ فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ ذَبًّا عَنْ هَذَا التَّصْنِيفِ الْعَظِيمِ الَّذِي تَلَقَّتْهُ الْأُمَّةُ بِالْقَبُولِ وَالتَّكْرِيمِ، وَجَعَلَهُ إِمَامُهُمْ حُجَّةً يُرْجَعُ إِلَيْهِ وَيُعَوَّلُ عِنْدَ الِاخْتِلَافِ عَلَيْهِ. ثُمَّ سَرَدَ الْأَحَادِيثَ الَّتِي جَمَعَهَا الْعِرَاقِيُّ وَهِيَ تِسْعَةٌ، وَأَضَافَ إِلَيْهَا خَمْسَةَ عَشَرَ حَدِيثًا أَوْرَدَهَا ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمَوْضُوعَاتِ وَهِيَ فِيهِ، وَأَجَابَ عَنْهَا حَدِيثًا حَدِيثًا. قُلْتُ: وَقَدْ فَاتَهُ أَحَادِيثُ أُخَرُ أَوْرَدَهَا ابْنُ الْجَوْزِيِّ وَهِيَ فِيهِ، وَجَمَعْتُهَا فِي جُزْءٍ سَمَّيْتُهُ " الذَّيْلَ الْمُمَهَّدَ " مَعَ الذَّبِّ عَنْهَا، وَعِدَّتُهَا أَرْبَعَةَ عَشَرَ حَدِيثًا. وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي كِتَابِهِ تَعْجِيلِ الْمَنْفَعَةِ: فِي رِجَالِ الْأَرْبَعَةِ: لَيْسَ فِي الْمُسْنَدِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 188 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] حَدِيثٌ لَا أَصْلَ لَهُ إِلَّا ثَلَاثَةَ أَحَادِيثَ أَوْ أَرْبَعَةً، مِنْهَا حَدِيثُ عَبْدِ «الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، أَنَّهُ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ زَحْفًا» ، قَالَ: وَالِاعْتِذَارُ عَنْهُ أَنَّهُ مِمَّا أَمَرَ أَحْمَدُ بِالضَّرْبِ عَلَيْهِ فَتُرِكَ سَهْوًا، أَوْ ضُرِبَ وَكُتِبَ مِنْ تَحْتِ الضَّرْبِ، وَقَالَ فِي كِتَابِهِ " تَجْرِيدِ زَوَائِدِ مُسْنَدِ الْبَزَّارِ ": إِذَا كَانَ الْحَدِيثُ فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ لَمْ نَعْزُهُ إِلَى غَيْرِهِ مِنَ الْمَسَانِيدِ. وَقَالَ الْهَيْثَمِيُّ فِي زَوَائِدِ الْمُسْنَدِ: مُسْنَدُ أَحْمَدَ أَصَحُّ صَحِيحًا مِنْ غَيْرِهِ، وَقَالَ ابْنُ كَثِيرٍ: لَا يُوَازِي مُسْنَدَ أَحْمَدَ كِتَابٌ مُسْنَدٌ فِي كَثْرَتِهِ وَحُسْنِ سِيَاقَاتِهِ، وَقَدْ فَاتَهُ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ جِدًّا، بَلْ قِيلَ: إِنَّهُ لَمْ يَقَعْ لَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ الَّذِينَ فِي الصَّحِيحَيْنِ قَرِيبًا مِنْ مِائَتَيْنِ. وَقَالَ الْحُسَيْنِيُّ فِي كِتَابِهِ التَّذْكِرَةِ فِي رِجَالِ الْعَشَرَةِ: عِدَّةُ أَحَادِيثِ الْمُسْنَدِ أَرْبَعُونَ أَلْفًا بِالْمُكَرَّرِ. الثَّانِي: قِيلَ وَإِسْحَاقُ يُخْرِجُ أَمْثَلَ مَا وَرَدَ عَنْ ذَلِكَ الصَّحَابِيِّ فِيمَا ذَكَرَهُ أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ عَنْهُ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ جَمِيعُ مَا فِيهِ صَحِيحًا، بَلْ هُوَ أَمْثَلُهُ بِالنِّسْبَةِ لِمَا تَرَكَهُ، وَفِيهِ الضَّعِيفُ. الثَّالِثُ: قِيلَ وَمُسْنَدُ الدَّارِمِيِّ لَيْسَ بِمُسْنَدٍ بَلْ هُوَ مُرَتَّبٌ عَلَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 189 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] الْأَبْوَابِ. وَقَدْ سَمَّاهُ بَعْضُهُمْ بِالصَّحِيحِ، قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: وَلَمْ أَرَ لِمُغَلْطَاي سَلَفًا فِي تَسْمِيَةِ الدَّارِمِيِّ صَحِيحًا، إِلَّا قَوْلَهُ إِنَّهُ رَآهُ بِخَطِّ الْمُنْذِرِيِّ، وَكَذَا قَالَ الْعَلَائِيُّ. وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: لَيْسَ دُونَ السُّنَنِ فِي الرُّتْبَةِ، بَلْ لَوْ ضُمَّ إِلَى الْخَمْسَةِ لَكَانَ أَمْثَلَ مِنِ ابْنِ مَاجَهْ، فَإِنَّهُ أَمْثَلُ مِنْهُ بِكَثِيرٍ. وَقَالَ الْعِرَاقِيُّ: اشْتُهِرَ تَسْمِيَتُهُ بِالْمُسْنَدِ كَمَا سَمَّى الْبُخَارِيُّ كِتَابَهُ بِالْمُسْنَدِ لِكَوْنِ أَحَادِيثِهِ مُسْنَدَةً، قَالَ: إِلَّا أَنَّ فِيهِ الْمُرْسَلَ وَالْمُعْضَلَ وَالْمُنْقَطِعَ وَالْمَقْطُوعَ كَثِيرًا، عَلَى أَنَّهُمْ ذَكَرُوا فِي تَرْجَمَةِ الدَّارِمِيِّ أَنَّ لَهُ الْجَامِعَ وَالْمُسْنَدَ وَالتَّفْسِيرَ، وَغَيْرَ ذَلِكَ، فَلَعَلَّ الْمَوْجُودَ الْآنَ هُوَ الْجَامِعُ وَالْمُسْنَدُ فَقَطْ. الرَّابِعُ: قِيلَ: وَمُسْنَدُ الْبَزَّارِ يُبَيِّنُ فِيهِ الصَّحِيحَ مِنْ غَيْرِهِ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَلَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ إِلَّا قَلِيلًا، إِلَّا أَنَّهُ يُتَكَلَّمُ فِي تَفَرُّدِ بَعْضِ رُوَاةِ الْحَدِيثِ وَمُتَابَعَةِ غَيْرِهِ عَلَيْهِ. [فَائِدَةٌ] قَالَ الْعِرَاقِيُّ: يُقَالُ: إِنَّ أَوَّلَ مُسْنَدٍ صُنِّفَ مُسْنَدُ الطَّيَالِسِيِّ، قِيلَ: وَالَّذِي حَمَلَ قَائِلَ هَذَا الْقَوْلِ عَلَيْهِ تَقَدُّمُ عَصْرِ أَبِي دَاوُدَ عَلَى أَعْصَارِ مَنْ صَنَّفَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 190 الثَّانِي: إِذَا كَانَ رَاوِي الْحَدِيثِ مُتَأَخِّرًا عَنْ دَرَجَةِ الْحَافِظِ الضَّابِطِ، مَشْهُورًا بِالصِّدْقِ وَالسِّتْرِ فَرُوِيَ حَدِيثُهُ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ قَوِيٍّ وَارْتَفَعَ مِنَ الْحَسَنِ إِلَى الصَّحِيحِ.   [تدريب الراوي] الْمَسَانِيدَ، وَظَنَّ أَنَّهُ هُوَ صَنَّفَهُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّمَا هُوَ مِنْ جَمْعِ بَعْضِ الْحُفَّاظِ الْخُرَاسَانِيِّينَ، جَمَعَ فِيهِ مَا رَوَاهُ يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ خَاصَّةً عَنْهُ، وَشَذَّ عَنْهُ كَثِيرٌ مِنْهُ، وَيُشْبِهُ هَذَا مُسْنَدَ الشَّافِعِيِّ، فَإِنَّهُ لَيْسَ تَصْنِيفَهُ، وَإِنَّمَا لَقَطَهُ بَعْضُ الْحُفَّاظِ النَّيْسَابُورِيِّينَ مِنْ مَسْمُوعِ الْأَصَمِّ مِنَ الْأُمِّ وَسَمَّعَهُ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ كَانَ سَمَّعَ الْأُمَّ - أَوْ غَالِبَهَا - عَلَى الرَّبِيعِ عَنِ الشَّافِعِيِّ وَعُمِّرَ، فَكَانَ آخِرَ مَنْ رَوَى عَنْهُ، وَحَصَلَ لَهُ صَمَمٌ فَكَانَ فِي السَّمَاعِ عَلَيْهِ مَشَقَّةٌ. [حكم حديث راوي تأخر عن درجة الحافظ الضابط] الثَّانِي: (إِذَا كَانَ رَاوِي الْحَدِيثِ مُتَأَخِّرًا عَنْ دَرَجَةِ الْحَافِظِ الضَّابِطِ) مَعَ كَوْنِهِ (مَشْهُورًا بِالصِّدْقِ وَالسِّتْرِ) وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ مَنْ هَذَا حَالُهُ فَحَدِيثُهُ حَسَنٌ (فَرُوِيَ حَدِيثُهُ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ) وَلَوْ وَجْهًا وَاحِدًا آخَرَ كَمَا يُشِيرُ إِلَيْهِ تَعْلِيلُ ابْنِ الصَّلَاحِ (قَوِيٍّ) بِالْمُتَابَعَةِ وَزَالَ مَا كُنَّا نَخْشَاهُ عَلَيْهِ مِنْ جِهَةِ سُوءِ الْحِفْظِ، وَانْجَبَرَ بِهَا ذَلِكَ النَّقْصُ الْيَسِيرُ، (وَارْتَفَعَ) حَدِيثُهُ (مِنْ) دَرَجَةِ (الْحَسَنِ إِلَى) دَرَجَةِ (الصَّحِيحِ) . قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: مِثَالُهُ حَدِيثُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ» . فَمُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ مِنَ الْمَشْهُورِينَ بِالصِّدْقِ وَالصِّيَانَةِ، لَكِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْإِتْقَانِ، حَتَّى ضَعَّفَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ جِهَةِ سُوءِ حِفْظِهِ، وَوَثَّقَهُ بَعْضُهُمْ لِصِدْقِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 191 الثَّالِثُ: إِذَا رُوِيَ الْحَدِيثُ مِنْ وُجُوهٍ ضَعِيفَةٍ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَحْصُلَ مِنْ مَجْمُوعِهَا حُسْنٌ، بَلْ مَا كَانَ ضَعْفُهُ لِضَعْفِ حِفْظِ رَاوِيهِ الصَّدُوقِ الْأَمِينِ زَالَ بِمَجِيئِهِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ وَصَارَ حَسَنًا، وَكَذَا إِذَا كَانَ ضَعْفُهَا لِإِرْسَالٍ زَالَ بِمَجِيئِهِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، وَأَمَّا الضَّعْفُ لِفِسْقِ الرَّاوِي فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِ مُوَافَقَةُ غَيْرِهِ.   [تدريب الراوي] وَجَلَالَتِهِ، فَحَدِيثُهُ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ حَسَنٌ، فَلَمَّا انْضَمَّ إِلَى ذَلِكَ كَوْنُهُ رُوِيَ مِنْ أَوْجُهٍ أُخَرَ حَكَمْنَا بِصِحَّتِهِ، وَالْمُتَابَعَةُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لَيْسَتْ لِمُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بَلْ لِأَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَقَدْ رَوَاهُ عَنْهُ أَيْضًا الْأَعْرَجُ، وَسَعِيدٌ الْمَقْبُرِيُّ، وَأَبُوهُ وَغَيْرُهُمْ. وَمَثَّلَ غَيْرُ ابْنِ الصَّلَاحِ بِحَدِيثِ الْبُخَارِيِّ عَنْ أُبَيِّ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ فِي ذِكْرِ خَيْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنَّ أُبَيًّا هَذَا ضَعَّفَهُ - لِسُوءِ حِفْظِهِ - أَحْمَدُ وَابْنُ مَعِينٍ وَالنَّسَائِيُّ، وَحَدِيثُهُ حَسَنٌ، لَكِنْ تَابَعَهُ عَلَيْهِ أَخُوهُ عَبْدُ الْمُهَيْمِنِ فَارْتَقَى إِلَى دَرَجَةِ الصِّحَّةِ. [حُكْمُ حَدِيثٍ رُوِيَ مِنْ وُجُوهٍ ضَعِيفَةٍ] (الثَّالِثُ: إِذَا رُوِيَ الْحَدِيثُ مِنْ وُجُوهٍ ضَعِيفَةٍ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَحْصُلَ مِنْ مَجْمُوعِهَا) أَنَّهُ (حَسَنٌ بَلْ مَا كَانَ ضَعْفُهُ لِضَعْفِ حِفْظِ رَاوِيهِ الصَّدُوقِ الْأَمِينِ زَالَ بِمَجِيئِهِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ) ، وَعَرَفْنَا بِذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ حَفِظَهُ وَلَمْ يَخْتَلَّ فِيهِ ضَبْطُهُ، (وَصَارَ) الْحَدِيثُ (حَسَنًا) بِذَلِكَ، كَمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 192 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ (ق 58 \ أ) بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ أَبِيهِ، «أَنَّ امْرَأَةً مِنْ بَنِي فَزَارَةَ تَزَوَّجَتْ عَلَى نَعْلَيْنِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَرَضِيتِ مِنْ نَفْسِكِ وَمَالِكِ بِنَعْلَيْنِ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، فَأَجَازَ» . قَالَ التِّرْمِذِيُّ: وَفِي الْبَابِ، عَنْ عُمَرَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَائِشَةَ، وَأَبِي حَدْرَدٍ، فَعَاصِمٌ ضَعِيفٌ لِسُوءِ حِفْظِهِ، وَقَدْ حَسَّنَ لَهُ التِّرْمِذِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ لِمَجِيئِهِ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ. (وَكَذَا إِذَا كَانَ ضَعْفُهَا لِإِرْسَالٍ) ، أَوْ تَدْلِيسٍ، أَوْ جَهَالَةِ رِجَالٍ، كَمَا زَادَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ (زَالَ بِمَجِيئِهِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ) وَكَانَ دُونَ الْحَسَنِ لِذَاتِهِ. مِثَالُ الْأَوَّلِ يَأْتِي فِي نَوْعِ الْمُرْسَلِ، وَمِثَالُ الثَّانِي مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ مِنْ طَرِيقِ هُشَيْمٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ مَرْفُوعًا: «إِنَّ حَقًّا عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَغْتَسِلُوا يَوْمَ الْجُمْعَةِ، وَلْيَمَسَّ أَحَدُهُمْ مِنْ طِيبِ أَهْلِهِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَالْمَاءُ لَهُ طِيبٌ» . فَهُشَيْمٌ مَوْصُوفٌ بِالتَّدْلِيسِ، لَكِنْ لَمَّا تَابَعَهُ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ أَبُو يَحْيَى التَّيْمِيُّ، وَكَانَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 193 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] لِلْمَتْنِ شَوَاهِدُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَغَيْرِهِ حَسَّنَهُ. (وَأَمَّا الضَّعْفُ لِفِسْقِ الرَّاوِي) ، أَوْ كَذِبِهِ، (فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِ مُوَافَقَةُ غَيْرِهِ) لَهُ، إِذَا كَانَ الْآخَرُ مِثْلَهُ ; لِقُوَّةِ الضَّعْفِ وَتَقَاعُدِ هَذَا الْجَابِرِ. نَعَمْ يَرْتَقِي بِمَجْمُوعِ طُرُقِهِ، عَنْ كَوْنِهِ مُنْكَرًا أَوْ لَا أَصْلَ لَهُ. صَرَّحَ بِهِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ، قَالَ: بَلْ رُبَّمَا كَثُرَتِ الطُّرُقُ حَتَّى أَوْصَلَتْهُ إِلَى دَرَجَةِ الْمَسْتُورِ وَالسَّيِّئِ الْحِفْظِ، بِحَيْثُ إِذَا وُجِدَ لَهُ طَرِيقٌ آخَرُ فِيهِ ضَعْفٌ قَرِيبٌ مُحْتَمَلٌ ارْتَقَى بِمَجْمُوعِ ذَلِكَ إِلَى دَرَجَةِ الْحَسَنِ. 1 - خَاتِمَةٌ مِنَ الْأَلْفَاظِ الْمُسْتَعْمَلَةِ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ فِي الْمَقْبُولِ: الْجَيِّدُ، وَالْقَوِيُّ، وَالصَّالِحُ وَالْمَعْرُوفُ، وَالْمَحْفُوظُ، وَالْمُجَوَّدُ، وَالثَّابِتُ. فَأَمَّا الْجَيِّدُ: فَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي الْكَلَامِ عَلَى أَصَحِّ الْأَسَانِيدِ لَمَّا حَكَى ابْنُ الصَّلَاحِ (ق 58 \ ب) ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ أَنَّ أَصَحَّهَا: الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ: عِبَارَةُ أَحْمَدَ أَجْوَدُ الْأَسَانِيدِ، كَذَا أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ. قَالَ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ابْنَ الصَّلَاحِ يَرَى التَّسْوِيَةَ بَيْنَ الْجَيِّدِ وَالصَّحِيحِ، كَذَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ بَعْدَ أَنْ نَقَلَ ذَلِكَ مِنْ ذَلِكَ يُعْلَمُ أَنَّ الْجَوْدَةَ يُعَبَّرُ بِهَا عَنِ الصِّحَّةِ. وَفِي " جَامِعِ التِّرْمِذِيِّ " فِي الطِّبِّ: هَذَا حَدِيثٌ جَيِّدٌ حَسَنٌ، وَكَذَا قَالَ غَيْرُهُ، لَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 194 النَّوْعُ الثَّالِثُ: الضَّعِيفُ: وَهُوَ مَا لَمْ يَجْمَعْ صِفَةَ الصَّحِيحِ أَوِ الْحَسَنِ. وَيَتَفَاوَتُ ضَعْفُهُ كَصِحَّةِ الصَّحِيحِ، وَمِنْهُ مَا لَهُ لَقَبٌ خَاصٌّ: كَالْمَوْضُوعِ، وَالشَّاذِّ، وَغَيْرِهِمَا.   [تدريب الراوي] مُغَايَرَةَ بَيْنَ جَيِّدٍ وَصَحِيحٍ عِنْدَهُمْ، إِلَّا أَنَّ الْجِهْبِذَ مِنْهُمْ لَا يَعْدِلُ عَنْ صَحِيحٍ إِلَى جَيِّدٍ إِلَّا لِنُكْتَةٍ، كَأَنْ يَرْتَقِيَ الْحَدِيثُ عِنْدَهُ عَنِ الْحَسَنِ لِذَاتِهِ، وَيَتَرَدَّدُ فِي بُلُوغِهِ الصَّحِيحَ، فَالْوَصْفُ بِهِ أَنْزَلُ رُتْبَةً مِنَ الْوَصْفِ بِصَحِيحٍ، وَكَذَا الْقَوِيُّ. وَأَمَّا الصَّالِحُ فَقَدْ تَقَدَّمَ فِي شَأْنِ سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ أَنَّهُ شَامِلٌ لِلصَّحِيحِ وَالْحَسَنِ، لِصَلَاحِيَتِهِمَا لِلِاحْتِجَاجِ، وَيُسْتَعْمَلُ أَيْضًا فِي ضَعِيفٍ يَصْلُحُ لِلِاعْتِبَارِ. وَأَمَّا الْمَعْرُوفُ فَهُوَ مُقَابِلُ الْمُنْكَرِ، وَالْمَحْفُوظُ مُقَابِلُ الشَّاذِّ، وَسَيَأْتِي تَقْرِيرُ ذَلِكَ فِي نَوْعَيْهِمَا، وَالْمُجَوَّدُ وَالثَّابِتُ يَشْمَلَانِ أَيْضًا الصَّحِيحَ. قُلْتُ: وَمِنْ أَلْفَاظِهِمْ أَيْضًا الْمُشَبَّهُ، وَهُوَ يُطْلَقُ عَلَى الْحَسَنِ وَمَا يُقَارِبُهُ، فَهُوَ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ كَنِسْبَةِ الْجَيِّدِ إِلَى الصَّحِيحِ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: أَخْرَجَ عَمْرُو بْنُ حُصَيْنٍ الْكِلَابِيُّ أَوَّلَ شَيْءٍ أَحَادِيثَ مُشَبَّهَةً حِسَانًا، ثُمَّ أَخْرَجَ بَعْدُ أَحَادِيثَ مَوْضُوعَةً فَأَفْسَدَ عَلَيْنَا مَا كَتَبْنَا. [النَّوْعُ الثَّالث الضعيف] (النَّوْعُ الثَّالِثُ: الضَّعِيفُ: وَهُوَ مَا لَمْ يَجْمَعْ صِفَةَ الصَّحِيحِ أَوِ الْحَسَنِ) جَمَعَهُمَا تَبَعًا لِابْنِ الصَّلَاحِ. وَإِنْ قِيلَ: إِنَّ الِاقْتِصَارَ عَلَى الثَّانِي أَوْلَى ; لِأَنَّ مَا لَمْ يَجْمَعْ صِفَةَ الْحَسَنِ فَهُوَ عَنْ صِفَاتِ الصَّحِيحِ أَبْعَدُ، وَلِذَلِكَ لَمْ يَذْكُرْهُ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 195 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَقَدْ قَسَّمَهُ ابْنُ حِبَّانَ إِلَى خَمْسِينَ إِلَّا قِسْمًا. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: وَلَمْ نَقِفْ عَلَيْهَا. ثُمَّ قَسَّمَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ إِلَى أَقْسَامٍ كَثِيرَةٍ بِاعْتِبَارِ فَقْدِ صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِ الْقَبُولِ السِّتَّةِ، وَهِيَ الِاتِّصَالُ وَالْعَدَالَةُ وَالضَّبْطُ وَالْمُتَابَعَةُ فِي الْمَسْتُورِ وَعَدَمُ الشُّذُوذِ وَعَدَمُ الْعِلَّةِ، وَبِاعْتِبَارِ فَقْدِ صِفَةٍ مَعَ صِفَةٍ أُخْرَى تَلِيهَا أَوَّلًا، أَوْ مَعَ أَكْثَرَ مِنْ صِفَةٍ إِلَى أَنْ تَفْقِدَ السِّتَّةَ. فَبَلَغَتْ فِيمَا ذَكَرَهُ الْعِرَاقِيُّ فِي شَرْحِ الْأَلْفِيَّةِ اثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ قِسْمًا (ق 59 \ أ) ، وَوَصَّلَهُ غَيْرُهُ إِلَى ثَلَاثَةٍ وَسِتِّينَ. وَجَمَعَ فِي ذَلِكَ شَيْخُنَا قَاضِي الْقُضَاةِ شَرَفُ الدِّينِ الْمَنَاوِيُّ كُرَّاسَةً. وَنَوَّعَ مَا فَقَدَ الِاتِّصَالَ إِلَى مَا سَقَطَ مِنْهُ الصَّحَابِيُّ، أَوْ وَاحِدٌ غَيْرُهُ، أَوِ اثْنَانِ، وَمَا فَقَدَ الْعَدَالَةَ إِلَى مَا فِي سَنَدِهِ ضَعْفٌ أَوْ مَجْهُولٌ، وَقَسَّمَهَا بِهَذَا الِاعْتِبَارِ إِلَى مِائَةٍ وَتِسْعَةٍ وَعِشْرِينَ قِسْمًا بِاعْتِبَارِ الْعَقْلِ، وَإِلَى وَاحِدٍ وَثَمَانِينَ بِاعْتِبَارِ إِمْكَانِ الْوُجُودِ، وَإِنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ وُقُوعُهَا، وَقَدْ كُنْتُ أَرَدْتُ بَسْطَهَا فِي هَذَا الشَّرْحِ. ثُمَّ رَأَيْتُ شَيْخَ الْإِسْلَامِ قَالَ: إِنَّ ذَلِكَ تَعَبٌ لَيْسَ وَرَاءَهُ أَرَبٌ. فَإِنَّهُ لَا يَخْلُو إِمَّا أَنْ يَكُونَ لِأَجْلِ مَعْرِفَةِ مَرَاتِبِ الضَّعِيفِ، وَمَا كَانَ مِنْهَا أَضْعَفَ أَوْ لَا، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ فَلَا يَخْلُو مِنْ أَنْ يَكُونَ لِأَجْلِ أَنْ يُعْرَفَ أَنَّ مَا فَقَدَ مِنَ الشَّرْطِ أَكْثَرَ أَضْعَفُ أَوْ لَا، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ فَلَيْسَ كَذَلِكَ ; لِأَنَّ لَنَا مَا يَفْقِدُ شَرْطًا وَاحِدًا، وَيَكُونُ أَضْعَفَ مِمَّا يَفْقِدُ الشُّرُوطَ الْخَمْسَةَ الْبَاقِيَةَ، وَهُوَ مَا يَفْقِدُ الصِّدْقَ، وَإِنْ كَانَ الثَّانِيَ فَمَا هُوَ؟ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 196 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَإِنْ كَانَ لِأَمْرٍ غَيْرِ مَعْرِفَةِ الْأَضْعَفِ، فَإِنْ كَانَ لِتَخْصِيصِ كُلِّ قِسْمٍ بِاسْمٍ، فَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَإِنَّهُمْ لَمْ يُسَمُّوا مِنْهَا إِلَّا الْقَلِيلَ، كَالْمُعْضَلِ، وَالْمُرْسَلِ، وَنَحْوِهِمَا، أَوْ لِمَعْرِفَةِ كَمْ يَبْلُغُ قِسْمًا بِالْبَسْطِ فَهَذِهِ ثَمَرَةٌ مُرَّةٌ، أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ، فَمَا هُوَ. انْتَهَى. فَلِذَلِكَ عَدَلْتُ عَنْ تَسْوِيدِ الْأَوْرَاقِ بِتَسْطِيرِهِ. (وَيَتَفَاوَتُ ضَعْفُهُ) بِحَسَبِ شِدَّةِ ضَعْفِ رُوَاتِهِ وَخِفَّتِهِ، وَقَوْلُهُ: (كَصِحَّةِ الصَّحِيحِ) إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ مِنْهُ أَوْهَى كَمَا أَنَّ فِي الصَّحِيحِ أَصَحَّ. قَالَ الْحَاكِمُ: فَأَوْهَى أَسَانِيدِ الصِّدِّيقِ: صَدَقَةُ الدَّقِيقِيُّ، عَنْ فَرْقَدٍ السَّبَخِيِّ، عَنْ مُرَّةَ الطَّيِّبِ، عَنْهُ. وَأَوْهَى أَسَانِيدِ أَهْلِ الْبَيْتِ: عَمْرُو بْنُ شِمْرٍ، عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ، عَنِ الْحَارِثِ الْأَعْوَرِ، عَنْ عَلِيٍّ. وَأَوْهَى أَسَانِيدِ الْعُمَرِيِّينَ: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، فَإِنَّ الثَّلَاثَةَ لَا يُحْتَجُّ بِهِمْ (ق 59 \ ب) . وَأَوْهَى أَسَانِيدِ أَبِي هُرَيْرَةَ: السَّرِيُّ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ يَزِيدَ الْأَوْدِيِّ، عَنْ أَبِيهِ عَنْهُ. وَأَوْهَى أَسَانِيدِ عَائِشَةَ: نُسْخَةٌ عِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ شِبْلٍ، عَنْ أُمِّ النُّعْمَانِ عَنْهَا. وَأَوْهَى أَسَانِيدِ ابْنِ مَسْعُودٍ: شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي فَزَارَةَ، عَنْ أَبِي زَيْدٍ، عَنْهُ. وَأَوْهَى أَسَانِيدِ أَنَسٍ: دَاوُدُ بْنُ الْمُحَبَّرِ، عَنْ قَحْذَمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبَانِ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 197 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] عَنْهُ. وَأَوْهَى أَسَانِيدِ الْمَكِّيِّينَ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَيْمُونٍ الْقَدَّاحُ، عَنْ شِهَابِ بْنِ خِرَاشٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَزِيدَ الْخَوْزِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَأَوْهَى أَسَانِيدِ الْيَمَانِيِّينَ: حَفَصُ بْنُ عُمَرَ الْعَدَنِيُّ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ أَبَانٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ فِيهِمَا: لَعَلَّهُ أَرَادَ إِلَّا عِكْرِمَةَ، فَإِنَّ الْبُخَارِيَّ يَحْتَجُّ بِهِ قُلْتُ: لَا شَكَّ فِي ذَلِكَ. وَأَمَّا أَوْهَى أَسَانِيدِ ابْنِ عَبَّاسٍ مُطْلَقًا: فَالسُّدِّيُّ الصَّغِيرُ مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ، عَنِ الْكَلْبِيِّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْهُ. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: هَذِهِ سِلْسِلَةُ الْكَذِبِ لَا سِلْسِلَةُ الذَّهَبِ ثُمَّ قَالَ الْحَاكِمُ: وَأَوْهَى أَسَانِيدِ الْمِصْرِيِّينَ: أَحْمَدُ بْنُ الْحَجَّاجِ بْنِ رِشْدِينَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ قُرَّةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ كُلِّ مَنْ رَوَى عَنْهُ، فَإِنَّهَا نُسْخَةٌ كَبِيرَةٌ. وَأَوْهَى أَسَانِيدِ الشَّامِيِّينَ: مُحَمَّدُ بْنُ قَيْسٍ الْمَصْلُوبُ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زَحْرٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ. وَأَوْهَى أَسَانِيدِ الْخُرَاسَانِيِّينَ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَلِيحَةَ، عَنْ نَهْشَلِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 198 النَّوْعُ الرَّابِعُ: الْمُسْنَدُ: قَالَ الْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ: هُوَ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ مَا اتَّصَلَ سَنَدُهُ إِلَى مُنْتَهَاهُ، وَأَكْثَرُ مَا يُسْتَعْمَلُ فِيمَا جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دُونَ غَيْرِهِ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: هُوَ مَا جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَاصَّةً مُتَّصِلًا كَانَ أَوْ مُنْقَطِعًا، وَقَالَ الْحَاكِمُ وَغَيْرُهُ: لَا يُسْتَعْمَلُ إِلَّا فِي الْمَرْفُوعِ الْمُتَّصِلِ.   [تدريب الراوي] (وَمِنْهُ) - أَيِ الضَّعِيفِ - (مَا لَهُ لَقَبٌ خَاصٌّ، كَالْمَوْضُوعِ، وَالشَّاذِّ، وَغَيْرِهِمَا) ، كَالْمَقْلُوبِ، وَالْمُعَلَّلِ، وَالْمُضْطَرِبِ، وَالْمُرْسَلِ، وَالْمُنْقَطِعِ، وَالْمُعْضَلِ، وَالْمُنْكَرِ. فَائِدَةٌ: صَنَّفَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ كِتَابًا فِي الْأَحَادِيثِ الْوَاهِيَةِ، وَأَوْرَدَ فِيهِ جُمَلًا فِي كَثِيرٍ مِنْهَا عَلَيْهِ انْتِقَادٌ. [النَّوْعُ الرابع المسند] (النَّوْعُ الرَّابِعُ) مِنْ مُطْلَقِ أَنْوَاعِ عُلُومِ الْحَدِيثِ لَا خُصُوصِ (ق 60 \ أ) التَّقْسِيمِ السَّابِقِ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ (الْمُسْنَدُ، قَالَ الْخَطِيبُ) أَبُو بَكْرٍ (الْبَغْدَادِيُّ) فِي " الْكِفَايَةِ ": (هُوَ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ مَا اتَّصَلَ سَنَدُهُ) مِنْ رَاوِيهِ (إِلَى مُنْتَهَاهُ) فَيَشْمَلُ الْمَرْفُوعَ وَالْمَوْقُوفَ وَالْمَقْطُوعَ، وَتَبِعَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ فِي الْعُدَّةِ، وَالْمُرَادُ اتِّصَالُ السَّنَدِ ظَاهِرًا، فَيَدْخُلُ مَا فِيهِ انْقِطَاعٌ خَفِيٌّ، كَعَنْعَنَةِ الْمُدَلِّسِ وَالْمُعَاصِرِ الَّذِي لَمْ يَثْبُتْ لَقْيُهُ، لِإِطْبَاقِ مَنْ خَرَّجَ الْمَسَانِيدَ عَلَى ذَلِكَ. قَالَ الْمُصَنِّفُ كَابْنِ الصَّلَاحِ، (وَ) لَكِنْ (أَكْثَرُ مَا يُسْتَعْمَلُ فِيمَا جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دُونَ غَيْرِهِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 199 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ) فِي " التَّمْهِيدِ ": (هُوَ مَا جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَاصَّةً، مُتَّصِلًا كَانَ) ، كَمَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (أَوْ مُنْقَطِعًا) ، كَمَالِكٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: فَهَذَا مُسْنَدٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ أُسْنِدَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ مُنْقَطِعٌ ; لِأَنَّ الزُّهْرِيَّ لَمْ يَسْمَعْ مِنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ يَسْتَوِي الْمُسْنَدُ وَالْمَرْفُوعُ. وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنْ يَصْدُقَ عَلَى الْمُرْسَلِ وَالْمُعْضَلِ وَالْمُنْقَطِعِ إِذَا كَانَ مَرْفُوعًا، وَلَا قَائِلَ بِهِ. (وَقَالَ الْحَاكِمُ وَغَيْرُهُ: لَا يُسْتَعْمَلُ إِلَّا فِي الْمَرْفُوعِ الْمُتَّصِلِ) بِخِلَافِ الْمَوْقُوفِ، وَالْمُرْسَلِ، وَالْمُعْضَلِ، وَالْمُدَلَّسِ، وَحَكَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَلَيْسَ بِبَعِيدٍ مِنْ كَلَامِ الْخَطِيبِ، وَبِهِ جَزَمَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي " النُّخْبَةِ " فَيَكُونُ أَخَصَّ مِنَ الْمَرْفُوعِ. قَالَ الْحَاكِمُ: مِنْ شَرْطِ الْمُسْنَدِ أَنْ لَا يَكُونَ فِي إِسْنَادِهِ: أُخْبِرْتُ عَنْ فُلَانٍ، وَلَا حُدِّثْتُ عَنْ فُلَانٍ، وَلَا بَلَغَنِي عَنْ فُلَانٍ، وَلَا أَظُنُّهُ مَرْفُوعًا، وَلَا رَفَعَهُ فُلَانٌ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 200 النَّوْعُ الْخَامِسُ: الْمُتَّصِلُ: وَيُسَمَّى الْمَوْصُولَ: وَهُوَ مَا اتَّصَلَ إِسْنَادُهُ مَرْفُوعًا كَانَ أَوْ مَوْقُوفًا عَلَى مَنْ كَانَ.   [تدريب الراوي] [النَّوْعُ الخامس المتصل] (النَّوْعُ الْخَامِسُ: الْمُتَّصِلُ، وَيُسَمَّى الْمَوْصُولَ) أَيْضًا، (وَهُوَ مَا اتَّصَلَ إِسْنَادُهُ) . قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ بِسَمَاعِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ رُوَاتِهِ مِمَّنْ فَوْقَهُ. قَالَ (ق 60 \ ب) ابْنُ جَمَاعَةَ: أَوْ إِجَازَتِهِ إِلَى مُنْتَهَاهُ. (مَرْفُوعًا كَانَ) إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (أَوْ مَوْقُوفًا عَلَى مَنْ كَانَ) هَذَا اللَّفْظُ الْأَخِيرُ زَادَهُ الْمُصَنِّفُ عَلَى ابْنِ الصَّلَاحِ، وَتَبِعَهُ ابْنُ جَمَاعَةَ، فَقَالَ: عَلَى غَيْرِهِ ; فَيَشْمَلُ أَقْوَالَ التَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ، وَابْنُ الصَّلَاحِ قَصَرَهُ عَلَى الْمَرْفُوعِ وَالْمَوْقُوفِ. ثُمَّ مَثَّلَ الْمَوْقُوفَ بِمَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ عُمَرَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي اخْتِصَاصِهِ بِالْمَوْقُوفِ عَلَى الصَّحَابِيِّ. وَأَوْضَحَهُ الْعِرَاقِيُّ فَقَالَ: وَأَمَّا أَقْوَالُ التَّابِعِينَ إِذَا اتَّصَلَتِ الْأَسَانِيدُ إِلَيْهِمْ، فَلَا يُسَمُّونَهَا مُتَّصِلَةً فِي حَالَةِ الْإِطْلَاقِ، أَمَّا مَعَ التَّقْيِيدِ فَجَائِزٌ وَوَاقِعٌ فِي كَلَامِهِمْ، كَقَوْلِهِمْ: هَذَا مُتَّصِلٌ إِلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، أَوْ إِلَى الزُّهْرِيِّ، أَوْ إِلَى مَالِكٍ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ. قِيلَ: وَالنُّكْتَةُ فِي ذَلِكَ أَنَّهَا تُسَمَّى مَقَاطِيعَ، فَإِطْلَاقُ الْمُتَّصِلِ عَلَيْهَا، كَالْوَصْفِ لِشَيْءٍ وَاحِدٍ بِمُتَضَادَّيْنِ لُغَةً. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 201 النَّوْعُ السَّادِسُ: الْمَرْفُوعُ: وَهُوَ مَا أُضِيفَ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَاصَّةً لَا يَقَعُ مُطْلَقُهُ عَلَى غَيْرِهِ مُتَّصِلًا كَانَ أَوْ مُنْقَطِعًا، وَقِيلَ: هُوَ مَا أَخْبَرَ بِهِ الصَّحَابِيُّ عَنْ فِعْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ قَوْلِهِ. النَّوْعُ السَّابِعُ: الْمَوْقُوفُ: وَهُوَ الْمَرْوِيُّ عَنِ الصَّحَابَةِ قَوْلًا لَهُمْ أَوْ فِعْلًا أَوْ نَحْوَهُ مُتَّصِلًا كَانَ أَوْ مُنْقَطِعًا، وَيُسْتَعْمَلُ فِي غَيْرِهِمْ مُقَيَّدًا، فَيُقَالُ: وَقَفَهُ فُلَانٌ عَلَى الزُّهْرِيِّ وَنَحْوُهُ، وَعِنْدَ فُقَهَاءِ خُرَاسَانَ تَسْمِيَةُ الْمَوْقُوفِ بِالْأَثَرِ وَالْمَرْفُوعِ بِالْخَبَرِ. وَعِنْدَ الْمُحَدِّثِينَ كُلُّ هَذَا يُسَمَّى أَثَرًا.   [تدريب الراوي] [النَّوْعُ السادس المرفوع] (النَّوْعُ السَّادِسُ الْمَرْفُوعُ وَهُوَ مَا أُضِيفَ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَاصَّةً) قَوْلًا كَانَ أَوْ فِعْلًا، أَوْ تَقْرِيرًا (لَا يَقَعُ مُطْلَقُهُ عَلَى غَيْرِهِ مُتَّصِلًا كَانَ، أَوْ مُنْقَطِعًا) بِسُقُوطِ الصَّحَابِيِّ مِنْهُ، أَوْ غَيْرِهِ. (وَقِيلَ) : أَيْ قَالَ الْخَطِيبُ: (وَهُوَ مَا أَخْبَرَ بِهِ الصَّحَابِيُّ، عَنْ فِعْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ قَوْلِهِ) ، فَأَخْرَجَ بِذَلِكَ الْمُرْسَلَ. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: الظَّاهِرُ أَنَّ الْخَطِيبَ لَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ، وَأَنَّ كَلَامَهُ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ ; لِأَنَّ غَالِبَ مَا يُضَافُ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِنَّمَا يُضِيفُهُ الصَّحَابِيُّ. قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَمَنْ جَعَلَ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ الْمَرْفُوعَ فِي مُقَابَلَةِ الْمُرْسَلِ، أَيْ حَيْثُ يَقُولُونَ مَثَلًا رَفَعَهُ فُلَانٌ، وَأَرْسَلَهُ فُلَانٌ، فَقَدَ عَنَى بِالْمَرْفُوعِ الْمُتَّصِلَ. [النَّوْعُ السابع الموقوف] [تعريف الموقوف] (النَّوْعُ السابِعُ الْمَوْقُوفُ وَهُوَ الْمَرْوِيُّ عَنِ الصَّحَابَةِ قَوْلًا لَهُمْ، أَوْ فِعْلًا، أَوْ نَحْوَهُ) أَيْ تَقْرِيرًا (مُتَّصِلًا كَانَ) إِسْنَادُهُ، (أَوْ مُنْقَطِعًا، وَيُسْتَعْمَلُ فِي غَيْرِهِمْ) كَالتَّابِعِينَ (مُقَيَّدًا، فَيُقَالُ: وَقَفَهُ فُلَانٌ عَلَى الزُّهْرِيِّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 202 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] أَوْ غَيْرِهِ، (ق 61 \ أ) ، وَعِنْدَ فُقَهَاءِ خُرَاسَانَ تَسْمِيَةُ الْمَوْقُوفِ بِالْأَثَرِ، وَالْمَرْفُوعِ بِالْخَبَرِ) . قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الْفَوْرَانِيُّ مِنْهُمْ: الْفُقَهَاءُ يَقُولُونَ: الْخَبَرُ مَا يُرْوَى عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْأَثَرُ مَا يُرْوَى عَنِ الصَّحَابَةِ. وَفِي نُخْبَةِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ: وَيُقَالُ لِلْمَوْقُوفِ وَالْمَقْطُوعِ: الْأَثَرُ. قَالَ الْمُصَنِّفُ زِيَادَةً عَلَى ابْنِ الصَّلَاحِ (وَعِنْدَ الْمُحَدِّثِينَ كُلُّ هَذَا يُسَمَّى أَثَرًا) لِأَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ أَثَرْتُ الْحَدِيثَ، أَيْ رَوَيْتُهُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 203 فُرُوعٌ: أَحَدُهَا: قَوْلُ الصَّحَابِيِّ: كُنَّا نَقُولُ أَوْ نَفْعَلُ كَذَا. إِنْ لَمْ يُضِفْهُ إِلَى زَمَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَهُوَ مَوْقُوفٌ، وَإِنْ أَضَافَهُ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ مَرْفُوعٌ. وَقَالَ الْإِمَامُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ: مَوْقُوفٌ. وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ. وَكَذَا قَوْلُهُ: كُنَّا لَا نَرَى بَأْسًا بِكَذَا فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ وَهُوَ فِينَا، أَوْ بَيْنَ أَظْهُرِنَا أَوْ كَانُوا يَقُولُونَ، أَوْ يَفْعَلُونَ، أَوْ لَا يَرَوْنَ بَأْسًا بِكَذَا فِي حَيَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَكُلُّهُ مَرْفُوعٌ، وَمِنَ الْمَرْفُوعِ قَوْلُ الْمُغِيرَةِ: كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ يَقْرَعُونَ بَابَهُ بِالْأَظَافِيرِ.   [تدريب الراوي] [فُرُوعٌ الأول قَوْلُ الصَّحَابِيِّ كُنَّا نَقُولُ أَوْ نَفْعَلُ كَذَا] فَرُوعٌ ذَكَرَهَا ابْنُ الصَّلَاحِ بَعْدَ النَّوْعِ الثَّامِنِ، وَذِكْرُهَا هُنَا أَلْيَقُ. (أَحَدُهَا: قَوْلُ الصَّحَابِيِّ كُنَّا نَقُولُ) كَذَا، (أَوْ نَفْعَلُ كَذَا) ، أَوْ نَرَى كَذَا، (إِنْ لَمْ يُضِفْهُ إِلَى زَمَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَهُوَ مَوْقُوفٌ) . كَذَا قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ تَبَعًا لِلْخَطِيبِ، وَحَكَاهُ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ، عَنِ الْجُمْهُورِ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ، وَأَصْحَابِ الْفِقْهِ، وَالْأُصُولِ، وَأَطْلَقَ الْحَاكِمُ وَالرَّازِيُّ وَالْآمِدِيُّ أَنَّهُ مَرْفُوعٌ. وَقَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ: إِنَّهُ الظَّاهِرُ، وَمَثَّلَهُ بِقَوْلِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - ( «كَانَتِ الْيَدُ لَا تُقْطَعُ فِي الشَّيْءِ التَّافِهِ» ) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 204 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَحَكَاهُ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، عَنْ كَثِيرٍ مِنَ الْفُقَهَاءِ، قَالَ: وَهُوَ قَوِيٌّ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى، وَصَحَّحَهُ الْعِرَاقِيُّ وَشَيْخُ الْإِسْلَامِ. وَمِنْ أَمْثِلَتِهِ: مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: «كُنَّا إِذَا صَعِدْنَا كَبَّرْنَا، وَإِذَا نَزَلْنَا سَبَّحْنَا» . (وَإِنْ أَضَافَهُ فَالصَّحِيحُ) الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَالْأُصُولِ (أَنَّهُ مَرْفُوعٌ) قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: لِأَنَّ ظَاهِرَ ذَلِكَ مُشْعِرٌ بِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اطَّلَعَ عَلَى ذَلِكَ، وَقَرَّرَهُمْ عَلَيْهِ، لِتَوَفُّرِ دَوَاعِيهِمْ عَلَى سُؤَالِهِمْ عَنْ أُمُورِ دِينِهِمْ، وَتَقْرِيرِهِ أَحَدَ وُجُوهِ السُّنَنِ الْمَرْفُوعَةِ. وَمِنْ أَمْثِلَةِ ذَلِكَ، قَوْلُ جَابِرٍ: «كُنَّا نَعْزِلُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» - " أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ. وَقَوْلُهُ: «كُنَّا نَأْكُلُ لُحُومَ الْخَيْلِ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» - "، رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ. (وَقَالَ الْإِمَامُ) أَبُو بَكْرٍ (الْإِسْمَاعِيلِيُّ) إِنَّهُ (مَوْقُوفٌ) (ق 61 \ أ) ، وَهُوَ بَعِيدٌ جِدًّا. (وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 205 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: وَقَالَ آخَرُونَ: إِنْ كَانَ ذَلِكَ الْفِعْلُ مِمَّا لَا يَخْفَى غَالِبًا كَانَ مَرْفُوعًا، وَإِلَّا كَانَ مَوْقُوفًا، وَبِهَذَا قَطَعَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ. فَإِنْ كَانَ فِي الْقِصَّةِ تَصْرِيحٌ بِاطِّلَاعِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَمَرْفُوعٌ إِجْمَاعًا، كَقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ: كُنَّا نَقُولُ وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَيٌّ: أَفْضَلُ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، وَيَسْمَعُ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَا يُنْكِرُهُ، رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ، وَالْحَدِيثُ فِي الصَّحِيحِ بِدُونِ التَّصْرِيحِ الْمَذْكُورِ. (وَكَذَا قَوْلُهُ) أَيْ فِي الصَّحَابِيِّ (كُنَّا لَا نَرَى بَأْسًا بِكَذَا فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ وَهُوَ فِينَا، أَوْ) وَهُوَ (بَيْنَ أَظْهُرِنَا، أَوْ كَانُوا يَقُولُونَ، أَوْ يَفْعَلُونَ، أَوْ لَا يَرَوْنَ بَأْسًا بِكَذَا فِي حَيَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَكُلُّهُ مَرْفُوعٌ) ، مُخَرَّجٌ فِي كُتُبِ الْمَسَانِيدِ. (وَمِنَ الْمَرْفُوعِ: قَوْلُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ «كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْرَعُونَ بَابَهُ بِالْأَظَافِيرِ» ) . قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ بَلْ هُوَ أَحْرَى بِاطِّلَاعِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: وَقَالَ الْحَاكِمُ: هَذَا يَتَوَهَّمُهُ مَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الصَّنْعَةِ مُسْنَدًا لِذِكْرِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 206 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهِ، وَلَيْسَ بِمُسْنَدٍ بَلْ هُوَ مَوْقُوفٌ، وَوَافَقَهُ الْخَطِيبُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ. قَالَ: وَقَدْ كُنَّا أَخَذْنَاهُ عَلَيْهِ، ثُمَّ تَأَوَّلْنَاهُ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِمُسْنَدٍ لَفْظًا، وَإِنَّمَا جَعَلْنَاهُ مَرْفُوعًا مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى قَالَ: وَكَذَا سَائِرُ مَا سَبَقَ مَوْقُوفٌ لَفْظًا، وَإِنَّمَا جَعَلْنَاهُ مَرْفُوعًا مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى. انْتَهَى. وَالْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ، وَعَنْ شَيْخِ الْإِسْلَامِ، تَعِبَ النَّاسُ فِي التَّفْتِيشِ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ فَلَمْ يَظْفَرُوا بِهِ. قُلْتُ: قَدْ ظَفِرْتُ بِهِ بِلَا تَعَبٍ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ. فَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي " الْمَدْخَلِ "، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ (ق 62 \ أ) فِي عُلُومِ الْحَدِيثِ، وَحَدَّثَنِي الزُّبَيْرُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الزَّيْبَقِيُّ، ثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى الْمِنْقَرِيُّ، ثَنَا الْأَصْمَعِيُّ، ثَنَا كَيْسَانُ مَوْلَى هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ فَذَكَرَهُ، ثُمَّ أَشَارَ بَعْدَهُ إِلَى حَدِيثِ أَنَسٍ. وَمِنَ الْمَرْفُوعِ أَيْضًا اتِّفَاقًا، الْأَحَادِيثُ الَّتِي فِيهَا ذِكْرُ صِفَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَنَحْوُ ذَلِكَ. أَمَّا قَوْلُ التَّابِعِيِّ مَا تَقَدَّمَ، فَلَيْسَ بِمَرْفُوعٍ قَطْعًا، ثُمَّ إِنْ لَمْ يُضِفْهُ إِلَى زَمَنِ الصَّحَابَةِ، فَمَقْطُوعٌ لَا مَوْقُوفٌ، وَإِنْ أَضَافَهُ فَاحْتِمَالَانِ لِلْعِرَاقِيِّ، وَجْهُ الْمَنْعِ أَنَّ تَقْرِيرَ الصَّحَابِيِّ قَدْ لَا يُنْسَبُ إِلَيْهِ، بِخِلَافِ تَقْرِيرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 207 الثَّانِي: قَوْلُ الصَّحَابِيِّ: أُمِرْنَا بِكَذَا، أَوْ نُهِينَا عَنْ كَذَا، أَوْ مِنَ السُّنَّةِ كَذَا، أَوْ أُمِرَ بِلَالٌ أَنْ يَشْفَعَ الْأَذَانَ، وَمَا أَشْبَهَهُ كُلُّهُ مَرْفُوعٌ عَلَى الصَّحِيحِ الَّذِي قَالَهُ الْجُمْهُورُ. وَقِيلَ: لَيْسَ بِمَرْفُوعٍ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ قَوْلِهِ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ بَعْدَهُ.   [تدريب الراوي] وَلَوْ قَالَ: كَانُوا يَفْعَلُونَ، فَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: لَا يَدُلُّ عَلَى فِعْلِ جَمِيعِ الْأُمَّةِ، بَلِ الْبَعْضُ فَلَا حُجَّةَ فِيهِ إِلَّا أَنْ يُصَرِّحَ بِنَقْلِهِ، عَنْ أَهْلِ الْإِجْمَاعِ فَيَكُونُ نَقْلًا لَهُ، وَفِي ثُبُوتِهِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ خِلَافٌ. [الثَّانِي قَوْلُ الصَّحَابِيِّ أُمِرْنَا بِكَذَا أَوْ نُهِينَا عَنْ كَذَا أَوْ مِنَ السُّنَّةِ كَذَا] (الثَّانِي: قَوْلُ الصَّحَابِيِّ: أُمِرْنَا بِكَذَا) ، كَقَوْلِ أُمِّ عَطِيَّةَ: «أُمِرْنَا أَنْ نُخْرِجَ فِي الْعِيدَيْنِ الْعَوَاتِقَ، وَذَوَاتِ الْخُدُورِ، وَأُمِرَ الْحُيَّضُ أَنْ يَعْتَزِلْنَ مُصَلَّى الْمُسْلِمِينَ» ، أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ. (أَوْ نُهِينَا عَنْ كَذَا) كَقَوْلِهَا أَيْضًا: «نُهِينَا عَنِ اتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ، وَلَمْ يُعْزَمْ عَلَيْنَا» ، أَخْرَجَاهُ أَيْضًا. (أَوْ مِنَ السُّنَّةِ كَذَا) كَقَوْلِ عَلِيٍّ: «مِنَ السُّنَّةِ وَضْعُ الْكَفِّ عَلَى الْكَفِّ فِي الصَّلَاةِ تَحْتَ السُّرَّةِ» ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ دَاسَةَ وَابْنِ الْأَعْرَابِيِّ. (أَوْ «أُمِرَ بِلَالٌ أَنْ يَشْفَعَ الْأَذَانَ» ) ، وَيُوتِرَ الْإِقَامَةَ: أَخْرَجَاهُ، عَنْ أَنَسٍ. (وَمَا أَشْبَهَ كُلُّهُ مَرْفُوعٌ عَلَى الصَّحِيحِ الَّذِي قَالَهُ الْجُمْهُورُ) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 208 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: لِأَنَّ مُطْلَقَ ذَلِكَ يَنْصَرِفُ بِظَاهِرِهِ إِلَى مَنْ لَهُ الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ، وَمَنْ يَجِبُ اتِّبَاعُ سُنَّتِهِ، وَهُوَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ غَيْرُهُ: لِأَنَّ مَقْصُودَ الصَّحَابِيِّ بَيَانُ الشَّرْعِ لَا اللُّغَةِ، وَلَا الْعَادَةِ، وَالشَّرْعُ يُتَلَقَّى مِنَ الْكِتَابِ (ق 62 \ ب) ، وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ وَالْقِيَاسِ، وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُرِيدَ أَمْرَ الْكِتَابِ ; لِكَوْنِ مَا فِي الْكِتَابِ مَشْهُورًا يَعْرِفُهُ النَّاسُ، وَلَا الْإِجْمَاعَ ; لِأَنَّ الْمُتَكَلِّمَ بِهَذَا مِنْ أَهْلِ الْإِجْمَاعِ، وَيَسْتَحِيلُ أَمْرُهُ نَفْسَهُ، وَلَا الْقِيَاسَ إِذْ لَا أَمْرَ فِيهِ، فَتَعَيَّنَ كَوْنُ الْمُرَادِ أَمْرَ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (وَقِيلَ: لَيْسَ بِمَرْفُوعٍ) ; لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْآمِرُ غَيْرَهُ، كَأَمْرِ الْقُرْآنِ أَوِ الْإِجْمَاعِ أَوْ بَعْضِ الْخُلَفَاءِ، أَوِ الِاسْتِنْبَاطِ، وَأَنْ يُرِيدَ سُنَّةَ غَيْرِهِ. وَأُجِيبَ بِبُعْدِ ذَلِكَ مَعَ أَنَّ الْأَصْلَ الْأَوَّلُ. وَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ فِي حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ فِي قِصَّتِهِ مَعَ الْحَجَّاجِ حِينَ قَالَ لَهُ: إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ السُّنَّةَ فَهَجِّرْ بِالصَّلَاةِ، قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَقُلْتُ لِسَالِمٍ: أَفَعَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ: وَهَلْ يَعْنُونَ بِذَلِكَ إِلَّا سُنَّتَهُ. فَنَقَلَ سَالِمٌ، وَهُوَ أَحَدُ الْفُقَهَاءِ السَّبْعَةِ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَأَحَدُ الْحُفَّاظِ مِنَ التَّابِعِينَ عَنِ الصَّحَابَةِ، أَنَّهُمْ إِذَا أَطْلَقُوا السُّنَّةَ لَا يُرِيدُونَ بِذَلِكَ إِلَّا سُنَّةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَأَمَّا قَوْلُ بَعْضِهِمْ: إِنْ كَانَ مَرْفُوعًا فَلِمَ لَا يَقُولُونَ فِيهِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 209 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] فَجَوَابُهُ: أَنَّهُمْ تَرَكُوا الْجَزْمَ بِذَلِكَ تَوَرُّعًا وَاحْتِيَاطًا، وَمِنْ هَذَا قَوْلُ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَنَسٍ: مِنَ السُّنَّةِ إِذَا تَزَوَّجَ الْبِكْرَ عَلَى الثَّيِّبِ أَقَامَ عِنْدَهَا سَبْعًا. أَخْرَجَاهُ. قَالَ أَبُو قِلَابَةَ: لَوْ شِئْتُ لَقُلْتُ: إِنَّ أَنَسًا رَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيْ لَوْ قُلْتُ لَمْ أَكْذِبْ ; لِأَنَّ قَوْلَهُ: مِنَ السُّنَّةِ هَذَا مَعْنَاهُ. لَكِنَّ إِيرَادَهُ بِالصِّيغَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا الصَّحَابِيُّ أَوْلَى، وَخَصَّصَ بَعْضُهُمُ الْخِلَافَ بِغَيْرِ الصِّدِّيقِ، أَمَّا هُوَ فَإِنْ قَالَ ذَلِكَ، فَمَرْفُوعٌ بِلَا خِلَافٍ. قُلْتُ: وَيُؤَيِّدُ الْوَقْفَ فِي غَيْرِهِ مَا أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي الْمُصَنَّفِ، عَنْ حَنْظَلَةَ السُّدُوسِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: (ق 63 \ أ) : " كَانَ يُؤْمَرُ بِالسَّوْطِ فَيُقْطَعُ ثَمَرَتُهُ، ثُمَّ يُدَقُّ بَيْنَ حَجَرَيْنِ، ثُمَّ يُضْرَبُ بِهِ، فَقُلْتُ لِأَنَسٍ: فِي زَمَانِ مَنْ كَانَ هَذَا؟ قَالَ فِي زَمَانِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ". فَإِنْ صَرَّحَ الصَّحَابِيُّ بِالْأَمْرِ كَقَوْلِهِ: أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَا خِلَافَ فِيهِ، إِلَّا مَا حُكِيَ عَنْ دَاوُدَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 210 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَبَعْضِ الْمُتَكَلِّمِينَ أَنَّهُ لَا يَكُونُ حُجَّةً حَتَّى يُنْقَلَ لَفْظُهُ، وَهَذَا ضَعِيفٌ، بَلْ بَاطِلٌ ; لِأَنَّ الصَّحَابِيَّ عَدْلٌ عَارِفٌ بِاللِّسَانِ. فَلَا يُطْلَقُ ذَلِكَ إِلَّا بَعْدَ التَّحْقِيقِ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَحُكْمُ قَوْلِهِ: مِنَ السُّنَّةِ، قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي مُتْعَةِ الْحَجِّ: سُنَّةُ أَبِي الْقَاسِمِ، وَقَوْلُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فِي عِدَّةِ أُمِّ الْوَلَدِ: لَا تُلَبِّسُوا عَلَيْنَا سُنَّةَ نَبِيِّنَا، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَقَوْلُ عُمَرَ فِي الْمَسْحِ: أَصَبْتَ السُّنَّةَ، صَحَّحَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ. قَالَ: وَبَعْضُهَا أَقْرَبُ مِنْ بَعْضٍ، وَأَقْرَبُهَا لِلرَّفْعِ سُنَّةُ أَبِي الْقَاسِمِ، وَيَلِيهَا سُنَّةُ نَبِيِّنَا، وَيَلِي ذَلِكَ أَصَبْتَ السُّنَّةَ. (وَلَا فَرْقَ بَيْنَ قَوْلِهِ) ، أَيِ الصَّحَابِيِّ مَا تَقَدَّمَ (فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ بَعْدَهُ) ، أَمَّا إِذَا قَالَ ذَلِكَ التَّابِعِيُّ، فَجَزَمَ ابْنُ الصَّبَّاغِ فِي الْعُدَّةِ أَنَّهُ مُرْسَلٌ، وَحَكَى فِيهِ، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 211 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] إِذَا قَالَهُ ابْنُ الْمُسَيَّبِ وَجْهَيْنِ: هَلْ يَكُونُ حُجَّةً أَوْ لَا، وَلِلْغَزَالِيِّ فِيهِ احْتِمَالَانِ بِلَا تَرْجِيحٍ: هَلْ يَكُونُ مَوْقُوفًا، أَوْ مَرْفُوعًا مُرْسَلًا. وَكَذَا قَوْلُهُ مِنَ السُّنَّةِ: فِيهِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ، وَصَحَّحَ وَقْفَهُ، وَحَكَى الدَّاوُدِيُّ الرَّفْعَ عَنِ الْقَدِيمِ. 1 - تَكْمِلَةٌ مِنَ الْمَرْفُوعِ أَيْضًا مَا جَاءَ عَنِ الصَّحَابِيِّ، وَمِثْلُهُ لَا يُقَالُ مِنْ قِبَلِ الرَّأْيِ، وَلَا مَجَالَ لِلِاجْتِهَادِ فِيهِ فَيُحْمَلُ عَلَى السَّمَاعِ، جَزَمَ بِهِ الرَّازِيُّ فِي " الْمَحْصُولِ "، وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ. وَتَرْجَمَ عَلَى ذَلِكَ الْحَاكِمُ فِي كِتَابِهِ " مَعْرِفَةِ الْمَسَانِيدِ الَّتِي لَا يُذْكَرُ سَنَدُهَا "، وَمِثْلُهُ بِقَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ: مَنْ أَتَى سَاحِرًا أَوْ عَرَّافًا فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَدْ أَدْخَلَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي كِتَابِهِ " التَّقَصِّي " عِدَّةَ (63 \ ب) أَحَادِيثَ مِنْ ذَلِكَ، مَعَ أَنَّ مَوْضُوعَ الْكِتَابِ لِلْمَرْفُوعَةِ، مِنْهَا حَدِيثُ سَهْلِ بْنِ أَبِي خَيْثَمَةَ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ، وَقَالَ فِي " التَّمْهِيدِ ": هَذَا الْحَدِيثُ مَوْقُوفٌ عَلَى سَهْلٍ، وَمِثْلُهُ لَا يُقَالُ مِنْ قِبَلِ الرَّأْيِ. نَقَلَ ذَلِكَ الْعِرَاقِيُّ، وَأَشَارَ إِلَى تَخْصِيصِهِ بِصَحَابِيٍّ لَمْ يَأْخُذْ عَنْ أَهْلِ الْكِتَابِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 212 الثَّالِثُ: إِذَا قِيلَ فِي الْحَدِيثِ عِنْدَ ذِكْرِ الصَّحَابِيِّ. يَرْفَعُهُ أَوْ يُنْمِيهِ أَوْ يَبْلُغُ بِهِ أَوْ رِوَايَةً كَحَدِيثِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رِوَايَةً " تُقَاتِلُونَ قَوْمًا صِغَارَ الْأَعْيُنِ "، فَكُلُّ هَذَا وَشِبْهُهُ مَرْفُوعٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَإِذَا قِيلَ عِنْدَ التَّابِعِيِّ، يَرْفَعُهُ، فَمَرْفُوعٌ مُرْسَلٌ وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ: تَفْسِيرُ الصَّحَابِيِّ مَرْفُوعٌ فَذَاكَ فِي تَفْسِيرٍ يَتَعَلَّقُ بِسَبَبِ نُزُولِ آيَةٍ أَوْ نَحْوِهِ، وَغَيْرُهُ مَوْقُوفٌ.   [تدريب الراوي] وَصَرَّحَ بِذَلِكَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي " شَرْحِ النُّخْبَةِ " جَازِمًا بِهِ، وَمَثَّلَهُ بِالْإِخْبَارِ عَنِ الْأُمُورِ الْمَاضِيَةِ مِنْ بَدْءِ الْخَلْقِ، وَأَخْبَارِ الْأَنْبِيَاءِ، وَالْآتِيَةِ كَالْمَلَاحِمِ وَالْفِتَنِ وَأَحْوَالِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَعَمَّا يَحْصُلُ بِفِعْلِهِ ثَوَابٌ مَخْصُوصٌ أَوْ عِقَابٌ مَخْصُوصٌ. قَالَ: وَمِنْ ذَلِكَ فِعْلُهُ مَا لَا مَجَالَ لِلِاجْتِهَادِ فِيهِ، فَيَنْزِلُ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ عِنْدَهُ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي صَلَاةِ عَلِيٍّ فِي الْكُسُوفِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ أَكْثَرَ مِنْ رُكُوعَيْنِ. قَالَ: وَمِنْ ذَلِكَ حُكْمُهُ عَلَى فِعْلٍ مِنَ الْأَفْعَالِ، بِأَنَّهُ طَاعَةٌ لِلَّهِ أَوْ لِرَسُولِهِ أَوْ مَعْصِيَةٌ كَقَوْلِهِ: «مَنْ صَامَ يَوْمَ الشَّكِّ فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ» . وَجَزَمَ بِذَلِكَ أَيْضًا الزَّرْكَشِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ نَقْلًا، عَنِ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ. وَأَمَّا الْبُلْقِينِيُّ، فَقَالَ: الْأَقْرَبُ أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِمَرْفُوعٍ؛ لِجَوَازِ إِحَالَةِ الْإِثْمِ عَلَى مَا ظَهَرَ مِنَ الْقَوَاعِدِ، وَسَبَقَهُ إِلَى ذَلِكَ أَبُو الْقَاسِمِ الْجَوْهَرِيُّ، نَقَلَهُ عَنْهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَرَدَّهُ عَلَيْهِ. [الثَّالث إِذَا قِيلَ فِي الْحَدِيثِ عِنْدَ ذِكْرِ الصَّحَابِيِّ يَرْفَعُهُ أَوْ يُنْمِيهِ أَوْ يَبْلُغُ بِهِ] (الثَّالِثُ: إِذَا قِيلَ فِي الْحَدِيثِ عِنْدَ ذِكْرِ الصَّحَابِيِّ: يَرْفَعُهُ) ، أَوْ رَفَعَ الْحَدِيثَ، (أَوْ يُنْمِيهِ أَوْ يَبْلُغُ بِهِ) ، كَقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «الشِّفَاءُ فِي ثَلَاثَةٍ: شَرْبَةُ عَسَلٍ وَشَرْطَةُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 213 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] مِحْجَمٍ وَكَيَّةُ نَارٍ» . رَفَعَ الْحَدِيثَ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَرَوَى مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: «كَانَ النَّاسُ يُؤْمَرُونَ أَنْ يَضَعَ الرَّجُلُ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى ذِرَاعِهِ الْيُسْرَى فِي الصَّلَاةِ» . قَالَ أَبُو حَازِمٍ: لَا أَعْلَمُ إِلَّا أَنَّهُ يُنْمِي ذَلِكَ. وَكَحَدِيثِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَبْلُغُ بِهِ: «النَّاسُ تَبَعُ قُرَيْشٍ» . أَخْرَجَاهُ. (أَوْ رِوَايَةً كَحَدِيثِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رِوَايَةً: «تُقَاتِلُونَ قَوْمًا صِغَارَ الْأَعْيُنِ» ) (ق 64 \ أ) أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ. (فَكُلُّ هَذَا، وَشِبْهُهُ) قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: كَيَرْوِيهِ، وَرَوَاهُ بِلَفْظِ الْمَاضِي، (مَرْفُوعٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَإِذَا قِيلَ عِنْدَ التَّابِعِيِّ: يَرْفَعُهُ) ، أَوْ سَائِرُ الْأَلْفَاظِ الْمَذْكُورَةِ، (فَمَرْفُوعٌ مُرْسَلٌ) . قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: وَلَمْ يَذْكُرُوا مَا حُكْمُ ذَلِكَ، لَوْ قِيلَ: عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 214 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] قَالَ: وَقَدْ ظَفِرْتُ لِذَلِكَ بِمِثَالٍ فِي مُسْنَدِ الْبَزَّارِ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَرْوِيهِ، أَيْ عَنْ رَبِّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - فَهُوَ حِينَئِذٍ مِنَ الْأَحَادِيثِ الْقُدُسِيَّةِ. تَكْمِلَةٌ وَمِنْ ذَلِكَ الِاقْتِصَادُ عَلَى الْقَوْلِ مَعَ حَذْفِ الْقَائِلِ: كَقَوْلِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ أَسْلَمُ وَغِفَارٌ وَشَيْءٌ مِنْ مُزَيْنَةَ، الْحَدِيثَ. قَالَ الْخَطِيبُ: إِلَّا أَنَّ ذَلِكَ اصْطِلَاحٌ خَاصٌّ بِأَهْلِ الْبَصْرَةِ. لَكِنْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ أَنَّهُ قَالَ: كُلُّ شَيْءٍ حَدَّثْتُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فَهُوَ مَرْفُوعٌ. فَائِدَةٌ أَخْرَجَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ الْمَرْوَزِيُّ فِي كِتَابِ " الْعِلْمِ "، قَالَ: حَدَّثَنَا الْقَوَارِيرِيُّ، ثَنَا بِشْرُ بْنُ مَنْصُورٍ، ثَنَا ابْنُ أَبِي رَوَّادٍ، قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يَقُولَ فِي الْحَدِيثِ رِوَايَةً، يَقُولُ: إِنَّمَا الرِّوَايَةُ الشِّعْرُ. وَبِهِ إِلَى ابْنِ أَبِي رَوَّادٍ، قَالَ: كَانَ نَافِعٌ يَنْهَانِي أَنْ أَقُولَ رِوَايَةً، قَالَ: فَرُبَّمَا نَسِيتُ، فَقُلْتُ: رِوَايَةً فَيُنْظَرُ إِلَيَّ فَأَقُولُ نَسِيتُ. وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ: تَفْسِيرُ الصَّحَابِيِّ مَرْفُوعٌ) ، وَهُوَ الْحَاكِمُ، قَالَ فِي " الْمُسْتَدْرَكِ ": لِيَعْلَمْ طَالِبُ الْحَدِيثِ أَنَّ تَفْسِيرَ الصَّحَابِيِّ الَّذِي شَهِدَ الْوَحْيَ وَالتَّنْزِيلَ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ حَدِيثٌ مُسْنَدٌ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 215 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] (فَذَلِكَ فِي تَفْسِيرٍ يَتَعَلَّقُ بِسَبَبِ نُزُولِ آيَةٍ) ، كَقَوْلِ جَابِرٍ: " كَانَتِ الْيَهُودُ تَقُولُ: مَنْ أَتَى امْرَأَتَهُ مِنْ دُبُرِهَا فِي قُبُلِهَا، جَاءَ الْوَلَدُ أَحْوَلَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} [البقرة: 223] . الْآيَةَ ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ. (أَوْ نَحْوِهِ) مِمَّا لَا يُمْكِنُ أَنْ يُؤْخَذَ إِلَّا عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا مَدْخَلَ لِلرَّأْيِ فِيهِ، (وَغَيْرُهُ مَوْقُوفٌ) . قُلْتُ: وَكَذَا يُقَالُ فِي التَّابِعِيِّ، إِلَّا أَنَّ الْمَرْفُوعَ (ق 64 \ ب) مِنْ جِهَتِهِ مُرْسَلٌ. 1 - فَوَائِدُ الْأُولَى: مَا خَصَّصَ بِهِ الْمُصَنِّفُ، كَابْنِ الصَّلَاحِ، وَمَنْ تَبِعَهُمَا قَوْلَ الْحَاكِمِ، قَدْ صَرَّحَ بِهِ الْحَاكِمُ فِي عُلُومِ الْحَدِيثِ، فَإِنَّهُ قَالَ: وَمِنَ الْمَوْقُوفَاتِ مَا حَدَّثَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ كَامِلٍ بِسَنَدِهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ} [المدثر: 29] ، قَالَ: تَلْقَاهُمْ جَهَنَّمُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَتَلْفَحُهُمْ لَفْحَةً، فَلَا تَتْرُكُ لَحْمًا عَلَى عَظْمٍ. قَالَ فَهَذَا وَأَشْبَاهُهُ يُعَدُّ فِي تَفْسِيرِ الصَّحَابَةِ مِنَ الْمَوْقُوفَاتِ، فَأَمَّا مَا نَقُولُ: إِنَّ تَفْسِيرَ الصَّحَابَةِ مُسْنَدٌ، فَإِنَّمَا نَقُولُهُ فِي غَيْرِ هَذَا النَّوْعِ، ثُمَّ أَوْرَدَ حَدِيثَ جَابِرٍ فِي قِصَّةِ الْيَهُودِ. وَقَالَ فَهَذَا وَأَشْبَاهُهُ مُسْنَدٌ لَيْسَ بِمَوْقُوفٍ، فَإِنَّ الصَّحَابِيَّ الَّذِي شَهِدَ الْوَحْيَ وَالتَّنْزِيلَ، فَأَخْبَرَ، عَنْ آيَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي كَذَا، فَإِنَّهُ حَدِيثٌ مُسْنَدٌ. انْتَهَى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 216 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] فَالْحَاكِمُ أَطْلَقَ فِي " الْمُسْتَدْرَكِ "، وَخَصَّصَ فِي عُلُومِ الْحَدِيثِ، فَاعْتَمَدَ النَّاسُ تَخْصِيصَهُ، وَأَظُنُّ أَنَّ مَا حَمَلَهُ فِي " الْمُسْتَدْرَكِ " عَلَى التَّعْمِيمِ، الْحِرْصُ عَلَى جَمْعِ الصَّحِيحِ، حَتَّى أَوْرَدَ مَا لَيْسَ مِنْ شَرْطِ الْمَرْفُوعِ، وَإِلَّا فَفِيهِ مِنَ الضَّرْبِ الْأَوَّلِ الْجَمُّ الْغَفِيرُ، عَلَى أَنِّي أَقُولُ: لَيْسَ مَا ذَكَرَهُ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنَ الْمَوْقُوفِ، لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ مَا يَتَعَلَّقُ بِذِكْرِ الْآخِرَةِ، وَمَا لَا مَدْخَلَ لِلرَّأْيِ فِيهِ مِنْ قَبِيلِ الْمَرْفُوعِ. الثَّانِيَةُ: مَا ذَكَرُوهُ مِنْ أَنَّ سَبَبَ النُّزُولِ مَرْفُوعٌ، قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: يُعَكِّرُ عَلَى إِطْلَاقِهِ مَا إِذَا اسْتَنْبَطَ الرَّاوِي السَّبَبَ، كَمَا فِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ: " أَنَّ الْوُسْطَى الظُّهْرُ "، نَقَلْتُهُ مِنْ خَطِّهِ. الثَّالِثَةُ: قَدِ اعْتَنَيْتُ بِمَا وَرَدَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي التَّفْسِيرِ، وَعَنْ أَصْحَابِهِ، فَجَمَعْتُ فِي ذَلِكَ كِتَابًا حَافِلًا فِيهِ أَكْثَرُ مِنْ عَشَرَةِ آلَافِ حَدِيثٍ. الرَّابِعَةُ: قَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ السُّنَّةَ قَوْلٌ، وَفِعْلٌ، وَتَقْرِيرٌ، وَقَسَّمَهَا شَيْخُ الْإِسْلَامِ إِلَى صَرِيحٍ وَحُكْمٍ. فَمِثَالُ الْمَرْفُوعِ قَوْلًا صَرِيحًا: قَوْلُ الصَّحَابِيِّ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَحَدَّثَنَا وَسَمِعْتُ (ق 65 \ أ) . وَحُكْمًا: قَوْلُهُ مَا لَا مَدْخَلَ لِلرَّأْيِ فِيهِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 217 النَّوْعُ الثَّامِنُ: الْمَقْطُوعُ: وَجَمْعُهُ: الْمَقَاطِعُ وَالْمَقَاطِيعُ، وَهُوَ الْمَوْقُوفُ عَلَى التَّابِعِيِّ قَوْلًا لَهُ، أَوْ فِعْلًا، وَاسْتَعْمَلَهُ الشَّافِعِيُّ، ثُمَّ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْمُنْقَطِعِ.   [تدريب الراوي] فَالْمَرْفُوعُ مِنَ الْفِعْلِ صَرِيحًا قَوْلُهُ: فَعَلَ أَوْ رَأَيْتُهُ يَفْعَلُ. قَالَ شَيْخُنَا الْإِمَامُ الشُّمُنِّيُّ: وَلَا يَتَأَتَّى فِعْلٌ مَرْفُوعٌ حُكْمًا. وَمَثَّلَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ بِمَا تَقَدَّمَ عَنْ عَلِيٍّ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ. قَالَ شَيْخُنَا: وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ عِنْدَهُ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ مِنْ فِعْلِهِ، لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ مِنْ قَوْلِهِ، وَالتَّقْرِيرُ صَرِيحًا: قَوْلُ الصَّحَابِيِّ: فَعَلْتُ أَوْ فُعِلَ بِحَضْرَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَحُكْمًا حَدِيثُ الْمُغِيرَةِ السَّابِقُ. [النَّوْعُ الثَّامِنُ الْمَقْطُوعُ] (النَّوْعُ الثَّامِنُ: الْمَقْطُوعُ، وَجَمْعُهُ الْمَقَاطِعُ، وَالْمَقَاطِيعُ، وَهُوَ الْمَوْقُوفُ عَلَى التَّابِعِيِّ قَوْلًا لَهُ، أَوْ فِعْلًا، وَاسْتَعْمَلَهُ الشَّافِعِيُّ، ثُمَّ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْمُنْقَطِعِ) الَّذِي لَمْ يَتَّصِلْ إِسْنَادُهُ، وَكَذَا فِي كَلَامِ أَبِي بَكْرٍ الْحُمَيْدِيِّ، وَالدَّارَقُطْنِيِّ. إِلَّا أَنَّ الشَّافِعِيَّ اسْتَعْمَلَ ذَلِكَ قَبْلَ اسْتِقْرَارِ الِاصْطِلَاحِ، كَمَا قَالَ فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ: " حَسَنٌ وَهُوَ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ ". فَائِدَةٌ جَمَعَ أَبُو حَفْصٍ ابْنُ بَدْرٍ الْمَوْصِلِيُّ كِتَابًا سَمَّاهُ: " مَعْرِفَةَ الْوُقُوفِ عَلَى الْمَوْقُوفِ " أَوْرَدَ فِيهِ مَا أَوْرَدَهُ أَصْحَابُ الْمَوْضُوعَاتِ فِي مُؤَلَّفَاتِهِمْ فِيهَا، وَهُوَ صَحِيحٌ عَنْ غَيْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِمَّا عَنْ صَحَابِيٍّ أَوْ تَابِعِيٍّ فَمَنْ بَعْدَهُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 218 النَّوْعُ التَّاسِعُ: الْمُرْسَلُ: اتَّفَقَ عُلَمَاءُ الطَّوَائِفِ عَلَى أَنَّ قَوْلَ التَّابِعِيِّ الْكَبِيرِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَذَا وَفَعَلَهُ يُسَمَّى مُرْسَلًا، فَإِنِ انْقَطَعَ قَبْلَ التَّابِعِيِّ وَاحِدٌ أَوْ أَكْثَرُ قَالَ الْحَاكِمُ وَغَيْرُهُ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ: لَا يُسَمَّى مُرْسَلًا بَلْ يَخْتَصُّ الْمُرْسَلُ بِالتَّابِعِيِّ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنْ سَقَطَ قَبْلَهُ وَاحِدٌ فَهُوَ مُنْقَطِعٌ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ فَمُعْضَلٌ وَمُنْقَطِعٌ، وَالْمَشْهُورُ فِي الْفِقْهِ وَالْأُصُولِ، أَنَّ الْكُلَّ مُرْسَلٌ وَبِهِ قَطَعَ الْخَطِيبُ. وَهَذَا اخْتِلَافٌ فِي الِاصْطِلَاحِ وَالْعِبَارَةِ، وَأَمَّا قَوْلُ الزُّهْرِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ صِغَارِ التَّابِعِينَ: قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَالْمَشْهُورُ عِنْدَ مَنْ خَصَّهُ بِالتَابِعِيِّ أَنَّهُ مُرْسَلٌ كَالْكَبِيرِ. وَقِيلَ: لَيْسَ بِمُرْسَلٍ بَلْ مُنْقَطِعٌ وَإِذَا قَالَ: فُلَانٌ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ فُلَانٍ. فَقَالَ الْحَاكِمُ: مُنْقَطِعٌ لَيْسَ مُرْسَلًا، وَقَالَ غَيْرُهُ مُرْسَلٌ.   [تدريب الراوي] وَقَالَ إِنَّ إِيرَادَهُ فِي الْمَوْضُوعَاتِ غَلَطٌ، فَبَيْنَ الْمَوْضُوعِ وَالْمَوْقُوفِ فَرْقٌ. وَمِنْ مَظَانِّ الْمَوْقُوفِ وَالْمَقْطُوعِ " مُصَنَّفُ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ "، وَعَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَتَفَاسِيرُ: ابْنِ جَرِيرٍ، وَابْنِ أَبِي حَاتِمٍ، وَابْنِ الْمُنْذِرِ، وَغَيْرِهِمْ. [النَّوْعُ التَّاسِعُ الْمُرْسَلُ] [تعريف الْمُرْسَلُ] (النَّوْعُ التَّاسِعُ: الْمُرْسَلُ اتَّفَقَ عُلَمَاءُ الطَّوَائِفِ عَلَى أَنَّ قَوْلَ التَّابِعِيِّ الْكَبِيرِ) ، كَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ، وَقَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَذَا، أَوْ فَعَلَهُ، يُسَمَّى مُرْسَلًا. فَإِنِ انْقَطَعَ قَبْلَ التَّابِعِيِّ) هَكَذَا عَبَّرَ ابْنُ الصَّلَاحِ تَبَعًا لِلْحَاكِمِ، وَالصَّوَابُ: قَبْلَ الصَّحَابِيِّ، (وَاحِدٌ أَوْ أَكْثَرُ، قَالَ الْحَاكِمُ وَغَيْرُهُ (ق 65 \ ب) مِنَ الْمُحَدِّثِينَ: لَا يُسَمَّى مُرْسَلًا، بَلْ يَخْتَصُّ الْمُرْسَلُ بِالتَّابِعِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَإِنْ سَقَطَ قَبْلَهُ) ، تَقَدَّمَ مَا فِيهِ (وَاحِدٌ، فَهُوَ مُنْقَطِعٌ. وَإِنْ كَانَ السَّاقِطُ أَكْثَرَ) مِنْ وَاحِدٍ عَلَى التَّوَالِي، (فَمُعْضَلٌ، وَمُنْقَطِعٌ) أَيْضًا. (وَالْمَشْهُورُ فِي الْفِقْهِ وَالْأُصُولِ أَنَّ الْكُلَّ مُرْسَلٌ، وَبِهِ قَطَعَ الْخَطِيبُ) وَقَالَ: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 219 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] إِلَّا أَنَّ أَكْثَرَ مَا يُوصَفُ بِالْإِرْسَالِ مِنْ حَيْثُ الِاسْتِعْمَالُ، مَا رَوَاهُ التَّابِعِيُّ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ الْمُصَنِّفُ: (وَهَذَا اخْتِلَافٌ فِي الِاصْطِلَاحِ، وَالْعِبَارَةِ) ، لَا فِي الْمَعْنَى ; لِأَنَّ الْكُلَّ لَا يُحْتَجُّ بِهِ عِنْدَ هَؤُلَاءِ وَلَا هَؤُلَاءِ، وَالْمُحَدِّثُونَ خَصُّوا اسْمَ الْمُرْسَلِ بِالْأَوَّلِ، دُونَ غَيْرِهِ، وَالْفُقَهَاءُ وَالْأُصُولِيُّونَ عَمَّمُوا. (وَأَمَّا قَوْلُ الزُّهْرِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ صِغَارِ التَّابِعِينَ: قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَالْمَشْهُورُ عِنْدَ مَنْ خَصَّهُ بِالتَّابِعِيِّ يَعْنِي أَنَّهُ مُرْسَلٌ كَالْكَبِيرِ. وَقِيلَ: لَيْسَ بِمُرْسَلٍ بَلْ مُنْقَطِعٌ) ; لِأَنَّ أَكْثَرَ رِوَايَاتِهِمْ عَنِ التَّابِعِينَ. تَنْبِيهٌ يُرَدُّ عَلَى تَخْصِيصِ الْمُرْسَلِ بِالتَّابِعِيِّ مَنْ سَمِعَ مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ كَافِرٌ، ثُمَّ أَسْلَمَ بَعْدَ مَوْتِهِ، فَهُوَ تَابِعِيٌّ اتِّفَاقًا، وَحَدِيثُهُ لَيْسَ بِمُرْسَلٍ، بَلْ مَوْصُولٌ، لَا خِلَافَ فِي الِاحْتِجَاجِ بِهِ، كَالتَّنُوخِيِّ رَسُولِ هِرَقْلَ، وَفِي رِوَايَةٍ قَيْصَرَ، فَقَدْ أَخْرَجَ حَدِيثَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَأَبُو يَعْلَى، فِي مُسْنَدَيْهِمَا، وَسَاقَاهُ مَسَاقَ الْأَحَادِيثِ الْمُسْنَدَةِ. وَمَنْ رَأَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غَيْرَ مُمَيِّزٍ، كَمُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، فَإِنَّهُ صَحَابِيٌّ، وَحُكْمُ رِوَايَتِهِ حُكْمُ الْمُرْسَلِ لَا الْمَوْصُولِ، وَلَا يَجِيءُ فِيهِ مَا قِيلَ فِي مَرَاسِيلِ الصَّحَابَةِ ; لِأَنَّ أَكْثَرَ رِوَايَةِ هَذَا أَوْ شِبْهِهِ عَنِ التَّابِعِينَ بِخِلَافِ الصَّحَابِيِّ الَّذِي أَدْرَكَ وَسَمِعَ، فَإِنَّ احْتِمَالَ رِوَايَتِهِ عَنِ التَّابِعِينَ بَعِيدٌ جِدًّا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 220 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] فَائِدَةٌ قَالَ الْعِرَاقِيُّ: قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ إِنَّ الْإِرْسَالَ رِوَايَةُ الرَّجُلِ عَمَّنْ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ قَالَ: فَعَلَى هَذَا هُوَ قَوْلٌ رَابِعٌ فِي حَدِّ الْمُرْسَلِ. (وَإِذَا قَالَ) الرَّاوِي فِي الْإِسْنَادِ: (فُلَانٌ، عَنْ رَجُلٍ) ، أَوْ شَيْخٍ (عَنْ فُلَانٍ فَقَالَ الْحَاكِمُ) : هُوَ (مُنْقَطِعٌ لَيْسَ مُرْسَلًا، وَقَالَ غَيْرُهُ) حَكَاهُ ابْنُ الصَّلَاحِ، عَنْ بَعْضِ كُتُبِ الْأُصُولِ (مُرْسَلٌ) . قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَكُلٌّ مِنَ الْقَوْلَيْنِ خِلَافُ مَا عَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ، فَإِنَّهُمْ ذَهَبُوا إِلَى أَنَّهُ مُتَّصِلٌ فِي سَنَدِهِ مَجْهُولٌ، حَكَاهُ الرَّشِيدُ الْعَطَّارُ، وَاخْتَارَهُ الْعَلَائِيُّ. قَالَ: وَمَا حَكَاهُ ابْنُ الصَّلَاحِ، عَنْ بَعْضِ كُتُبِ الْأُصُولِ، أَرَادَ بِهِ " الْبُرْهَانَ " لِإِمَامِ الْحَرَمَيْنِ، فَإِنَّهُ ذَكَرَ ذَلِكَ فِيهِ، وَزَادَ كُتُبَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّتِي لَمْ يُسَمَّ حَامِلُهَا، وَزَادَ فِي " الْمَحْصُولِ " مَنْ سُمِّيَ بِاسْمٍ لَا يُعْرَفُ بِهِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 221 ثُمَّ الْمُرْسَلُ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْمُحَدِّثِينَ وَالشَّافِعِيِّ وَكَثِيرٍ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَأَصْحَابِ الْأُصُولِ. وَقَالَ مَالِكٌ، وَأَبُو حَنِيفَةَ فِي طَائِفَةٍ: صَحِيحٌ، فَإِنْ صَحَّ مُخْرَجُ الْمُرْسَلِ بِمَجِيئِهِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ مُسْنَدًا أَوْ مُرْسَلًا أَرْسَلَهُ مَنْ أَخَذَ عَنْ غَيْرِ رِجَالِ الْأَوَّلِ كَانَ صَحِيحًا، وَيَتَبَيَّنُ بِذَلِكَ صِحَّةُ الْمُرْسَلِ وَأَنَّهُمَا صَحِيحَانِ لَوْ عَارَضَهُمَا صَحِيحٌ مِنْ طَرِيقٍ رَجَّحْنَاهُمَا عَلَيْهِ إِذَا تَعَذَّرَ الْجَمْعُ، هَذَا كُلُّهُ فِي غَيْرِ مُرْسَلِ الصَّحَابِيِّ، أَمَّا مُرْسَلُهُ فَمَحْكُومٌ بِصِحَّتِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ الصَّحِيحِ. وَقِيلَ: إِنَّهُ كَمُرْسَلِ غَيْرِهِ إِلَّا أَنْ يُبَيِّنَ الرِّوَايَةَ عَنْ صَحَابِيٍّ.   [تدريب الراوي] قَالَ: وَعَلَى ذَلِكَ مَشَى أَبُو دَاوُدَ فِي كِتَابِ " الْمَرَاسِيلِ "، فَإِنَّهُ يَرْوِي فِيهِ مَا أُبْهِمَ فِيهِ الرَّجُلُ. قَالَ: بَلْ زَادَ الْبَيْهَقِيُّ عَلَى هَذَا فِي " سُنَنِهِ "، فَجَعَلَ مَا رَوَاهُ التَّابِعِيُّ، عَنْ رَجُلٍ مِنَ الصَّحَابَةِ لَمْ يُسَمَّ مُرْسَلًا، وَلَيْسَ بِجَيِّدٍ، اللَّهُمَّ إِلَّا إِنْ كَانَ يُسَمِّيهِ مُرْسَلًا، وَيَجْعَلُهُ حُجَّةً كَمَرَاسِيلِ الصَّحَابَةِ، فَهُوَ قَرِيبٌ. وَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ، عَنِ الْحُمَيْدِيِّ، قَالَ: إِذَا صَحَّ الْإِسْنَادُ، عَنِ الثِّقَاتِ، إِلَى رَجُلٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، فَهُوَ حُجَّةٌ كَمَرَاسِيلِ الصَّحَابَةِ، وَإِنْ لَمْ يُسَمَّ ذَلِكَ الرَّجُلُ. وَقَالَ الْأَثْرَمُ: قُلْتُ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: إِذَا قَالَ رَجُلٌ مِنَ التَّابِعِينَ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَلَمْ يَسْمَعْهُ، فَالْحَدِيثُ صَحِيحٌ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: وَفَرَّقَ الصَّيْرَفِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ بَيْنَ أَنْ يَرْوِيَهُ التَّابِعِيُّ، عَنِ الصَّحَابِيِّ مُعَنْعَنًا، أَوْ مُصَرَّحًا بِالسَّمَاعِ. قَالَ: وَهُوَ حَسَنٌ مُتَّجِهٌ، وَكَلَامُ مَنْ أَطْلَقَ قَبُولَهُ مَحْمُولٌ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ. انْتَهَى. [حكم المرسل] (ثُمَّ الْمُرْسَلُ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ) ، لَا يُحْتَجُّ بِهِ (عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْمُحَدِّثِينَ وَالشَّافِعِيِّ) ، كَمَا حَكَاهُ عَنْهُمْ مُسْلِمٌ فِي صَدْرِ صَحِيحِهِ، وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي " التَّمْهِيدِ "، وَحَكَاهُ الْحَاكِمُ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ، وَمَالِكٍ، (وَكَثِيرٍ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَأَصْحَابِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 222 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] الْأُصُولِ) . وَالنَّظَرُ لِلْجَهْلِ بِحَالِ الْمَحْذُوفِ ; لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ صَحَابِيٍّ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ضَعِيفًا، وَإِنِ اتَّفَقَ أَنْ يَكُونَ الْمُرْسَلُ (ق 66 \ ب) لَا يُرْوَى إِلَّا عَنْ ثِقَةٍ فَالتَّوْثِيقُ مَعَ الْإِبْهَامِ غَيْرُ كَافٍ كَمَا سَيَأْتِي ; وَلِأَنَّهُ إِذَا كَانَ الْمَجْهُولُ الْمُسَمَّى لَا يُقْبَلُ، فَالْمَجْهُولُ الْمُسَمَّى عَيْنًا وَحَالًا أَوْلَى. (وَقَالَ مَالِكٌ) فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ، (وَأَبُو حَنِيفَةَ فِي طَائِفَةٍ) ، مِنْهُمْ أَحْمَدُ فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ (صَحِيحٌ) . قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي " شَرْحِ الْمُهَذَّبِ ": وَقَيَّدَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، وَغَيْرُهُ ذَلِكَ بِمَا إِذَا لَمْ يَكُنْ مُرْسِلُهُ مِمَّنْ لَا يَحْتَرِزُ وَيُرْسِلُ عَنْ غَيْرِ الثِّقَاتِ، فَإِنْ كَانَ فَلَا خِلَافَ فِي رَدِّهِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: مَحَلُّ قَبُولِهِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، مَا إِذَا كَانَ مُرْسِلُهُ مِنْ أَهْلِ الْقُرُونِ الثَّلَاثَةِ الْفَاضِلَةِ، فَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِهَا فَلَا، لِحَدِيثِ: ثُمَّ يَفْشُوا الْكَذِبُ صَحَّحَهُ النَّسَائِيُّ. وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَأَجْمَعَ التَّابِعُونَ بِأَسْرِهِمْ عَلَى قَبُولِ الْمُرْسَلِ، وَلَمْ يَأْتِ عَنْهُمْ إِنْكَارُهُ، وَلَا عَنْ أَحَدٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ بَعْدَهُمْ إِلَى رَأْسِ الْمِائَتَيْنِ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: كَأَنَّهُ يَعْنِي أَنَّ الشَّافِعِيَّ أَوَّلُ مَنْ رَدَّهُ، وَبَالَغَ بَعْضُهُمْ فَقَوَّاهُ عَلَى الْمُسْنَدِ. وَقَالَ: مَنْ أَسْنَدَ فَقَدْ أَحَالَكَ، وَمَنْ أَرْسَلَ فَقَدْ تَكَفَّلَ لَكَ. (فَإِنْ صَحَّ مُخْرَجُ الْمُرْسَلِ بِمَجِيئِهِ) ، أَوْ نَحْوِهِ (مِنْ وَجْهٍ آخَرَ مُسْنَدًا أَوْ مُرْسَلًا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 223 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] أَرْسَلَهُ مَنْ أَخَذَ) الْعِلْمَ، (، عَنْ غَيْرِ رِجَالِ) الْمُرْسَلِ (الْأَوَّلِ كَانَ صَحِيحًا) هَكَذَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الرِّسَالَةِ، مُقَيِّدًا لَهُ بِمُرْسَلِ كِبَارِ التَّابِعِينَ، وَمَنْ إِذَا سَمَّى مَنْ أَرْسَلَ عَنْهُ سَمَّى ثِقَةً، وَإِذَا شَارَكَهُ الْحُفَّاظُ الْمَأْمُونُونَ لَمْ يُخَالِفُوهُ، وَزَادَ فِي الِاعْتِضَادِ أَنْ يُوَافِقَ قَوْلَ صَحَابِيٍّ، أَوْ يُفْتِيَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ بِمُقْتَضَاهُ، فَإِنْ فُقِدَ شَرْطٌ مِمَّا ذُكِرَ لَمْ يُقْبَلْ مُرْسَلُهُ. فَإِنْ وُجِدَتْ قَبْلُ، (وَيَتَبَيَّنُ بِذَلِكَ صِحَّةُ الْمُرْسَلِ) ، (وَأَنَّهُمَا) أَيِ الْمُرْسَلُ، وَمَا عَضَّدَهُ، (صَحِيحَانِ لَوْ عَارَضَهُمَا صَحِيحٌ مِنْ طَرِيقٍ) وَاحِدَةٍ، (رَجَّحْنَاهُمَا عَلَيْهِ) بِتَعَدُّدِ الطُّرُقِ، (إِذَا تَعَذَّرَ الْجَمْعُ) بَيْنَهُمَا. 1 - فَوَائِدُ الْأُولَى: اشْتُهِرَ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَا يَحْتَجُّ بِالْمُرْسَلِ، إِلَّا مَرَاسِيلَ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَفِي الْإِرْشَادِ وَالْإِطْلَاقِ فِي النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ (ق 67 \ أ) غَلَطٌ، بَلْ هُوَ يَحْتَجُّ بِالْمُرْسَلِ بِالشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ، وَلَا يَحْتَجُّ بِمَرَاسِيلِ سَعِيدٍ إِلَّا بِهَا أَيْضًا. قَالَ: وَأَصْلُ ذَلِكَ أَنَّ الشَّافِعِيَّ قَالَ فِي مُخْتَصَرِ الْمُزَنِيِّ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى، عَنْ بَيْعِ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ» . وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ جَزُورًا نُحِرَتْ عَلَى عَهْدِ أَبِي بَكْرٍ، فَجَاءَ رَجُلٌ بِعَنَاقٍ، فَقَالَ: أَعْطُونِي بِهَذِهِ الْعَنَاقِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 224 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا يَصْلُحُ هَذَا، قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَكَانَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، يُحَرِّمُونَ بَيْعَ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ. قَالَ: وَبِهَذَا نَأْخُذُ، وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَالَفَ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ، وَإِرْسَالُ ابْنِ الْمُسَيَّبِ عِنْدَنَا حَسَنٌ. انْتَهَى. فَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي مَعْنَى قَوْلِهِ: وَإِرْسَالُ ابْنِ الْمُسَيَّبِ عِنْدَنَا حَسَنٌ، عَلَى وَجْهَيْنِ حَكَاهُمَا الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ فِي اللُّمَعِ، وَالْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ وَغَيْرُهُمَا. أَحَدُهُمَا: مَعْنَاهُ أَنَّهُ حُجَّةٌ عِنْدَهُ بِخِلَافِ غَيْرِهَا مِنَ الْمَرَاسِيلِ، قَالُوا: لِأَنَّهَا فُتِّشَتْ فَوُجِدَتْ مُسْنَدَةً. وَالثَّانِي أَنَّهَا لَيْسَتْ بِحُجَّةٍ عِنْدَهُ بَلْ هِيَ كَغَيْرِهَا، قَالُوا وَإِنَّمَا رَجَّحَ الشَّافِعِيُّ بِمُرْسَلِهِ، وَالتَّرْجِيحُ بِالْمُرْسَلِ جَائِزٌ، قَالَ الْخَطِيبُ: وَهُوَ الصَّوَابُ. وَالْأَوَّلُ لَيْسَ بِشَيْءٍ ; لِأَنَّ فِي مَرَاسِيلِهِ مَا لَمْ يُوجَدْ مُسْنَدًا بِحَالٍ مِنْ وَجْهٍ يَصِحُّ، وَكَذَا قَالَ الْبَيْهَقِيُّ. قَالَ: وَزِيَادَةُ ابْنِ الْمُسَيَّبِ فِي هَذَا عَلَى غَيْرِهِ أَنَّهُ أَصَحُّ التَّابِعِينَ إِرْسَالًا فِيمَا زَعَمَ الْحُفَّاظُ. قَالَ الْمُصَنِّفُ: فَهَذَانِ إِمَامَانِ حَافِظَانِ فَقِيهَانِ شَافِعِيَّانِ مُتَضَلِّعَانِ مِنَ الْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ وَالْأُصُولِ وَالْخِبْرَةِ التَّامَّةِ بِنُصُوصِ الشَّافِعِيِّ وَمَعَانِي كَلَامِهِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 225 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] قَالَ: وَأَمَّا قَوْلُ الْقَفَّالِ: مُرْسَلُ ابْنِ الْمُسَيَّبِ حُجَّةٌ عِنْدَنَا، فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى التَّفْصِيلِ الْمُتَقَدِّمِ. قَالَ: وَلَا يَصِحُّ تَعَلُّقُ مَنْ قَالَ (ق 67 \ ب) : إِنَّهُ حُجَّةٌ، بِقَوْلِهِ: إِرْسَالُهُ حَسَنٌ ; لِأَنَّ الشَّافِعِيَّ لَمْ يَعْتَمِدْ عَلَيْهِ وَحْدَهُ، بَلْ لِمَا انْضَمَّ إِلَيْهِ مِنْ قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ، وَمَنْ حَضَرَهُ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَقَوْلِ أَئِمَّةِ التَّابِعِينَ الْأَرْبَعَةِ الَّذِينَ ذَكَرَهُمْ، وَهُمْ أَرْبَعَةٌ مِنْ فُقَهَاءِ الْمَدِينَةِ السَّبْعَةِ. وَقَدْ نَقَلَ ابْنُ الصَّبَّاغِ، وَغَيْرُهُ هَذَا الْحُكْمَ، عَنْ تَمَامِ السَّبْعَةِ، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ، فَهَذَا عَاضِدٌ ثَانٍ لِلْمُرْسَلِ. انْتَهَى. وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: ذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي الْحَاوِي، أَنَّ الشَّافِعِيَّ اخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِي مَرَاسِيلِ سَعِيدٍ، فَكَانَ فِي الْقَدِيمِ يَحْتَجُّ بِهَا بِانْفِرَادِهَا ; لِأَنَّهُ لَا يُرْسِلُ حَدِيثًا إِلَّا يُوجَدُ مُسْنَدًا ; وَلِأَنَّهُ لَا يَرْوِي إِلَّا مَا سَمِعَهُ مِنْ جَمَاعَةٍ، أَوْ مِنْ أَكَابِرِ الصَّحَابَةِ، أَوْ عَضَّدَهُ قَوْلُهُمْ، أَوْ رَآهُ مُنْتَشِرًا عِنْدَ الْكَافَّةِ، أَوْ وَافَقَهُ فِعْلُ أَهْلِ الْعَصْرِ، وَأَيْضًا فَإِنَّ مَرَاسِيلَهُ سُبِرَتْ، فَكَانَتْ مَأْخُوذَةً عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، لِمَا بَيْنَهُمَا مِنَ الْمُوَاصَلَةِ، وَالصِّهَارَةِ، فَصَارَ إِرْسَالُهُ كَإِسْنَادِهِ عَنْهُ، وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ فِي الْجَدِيدِ أَنَّهُ كَغَيْرِهِ. ثُمَّ هَذَا الْحَدِيثُ الَّذِي أَوْرَدَهُ الشَّافِعِيُّ مِنْ مَرَاسِيلِ سَعِيدٍ يَصْلُحُ مِثَالًا لِأَقْسَامِ الْمُرْسَلِ الْمَقْبُولِ، فَإِنَّهُ عَضَّدَهُ قَوْلُ صَحَابِيٍّ وَأَفْتَى أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِمُقْتَضَاهُ، وَلَهُ شَاهِدٌ مُرْسَلٌ آخَرُ أَرْسَلَهُ مَنْ أَخَذَ الْعِلْمَ مِنْ غَيْرِ رِجَالِ الْأَوَّلِ، وَشَاهِدٌ آخَرُ مُسْنَدٌ، فَرَوَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 226 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] الْبَيْهَقِيُّ فِي " الْمَدْخَلِ " مِنْ طَرِيقِ الشَّافِعِيِّ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ أَبِي بَزَّةَ قَالَ: قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فَوَجَدْتُ جَزُورًا قَدْ جُزِرَتْ، فَجُزِّئَتْ أَرْبَعَةَ أَجْزَاءٍ، كُلُّ جُزْءٍ مِنْهَا بِعَنَاقٍ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَبْتَاعَ مِنْهَا جُزْءًا، فَقَالَ لِيَ الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى أَنْ يُبَاعَ حَيٌّ بِمَيِّتٍ، فَسَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ الرَّجُلَ فَأُخْبِرْتُ عَنْهُ خَبَرًا. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: فَهَذَا حَدِيثٌ أَرْسَلَهُ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، وَرَوَاهُ الْقَاسِمُ بْنُ أَبِي بَزَّةَ، عَنْ رَجُلٍ (ق 68 \ أ) مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مُرْسَلًا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ سَعِيدٍ، فَإِنَّهُ أَشْهَرُ مِنْ أَنْ لَا يَعْرِفَهُ الْقَاسِمُ بْنُ أَبِي بَزَّةَ الْمَكِّيُّ حَتَّى يَسْأَلَ عَنْهُ. قَالَ: وَقَدْ رُوِّينَاهُ مِنْ حَدِيثِ الْحَسَنِ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَّا أَنَّ الْحُفَّاظَ اخْتَلَفُوا فِي سَمَاعِ الْحَسَنِ مِنْ سَمُرَةَ فِي غَيْرِ حَدِيثِ الْعَقِيقَةِ، فَمِنْهُمْ مَنْ أَثْبَتَهُ، فَيَكُونُ مِثَالًا لِلْفَصْلِ الْأَوَّلِ يَعْنِي مَا لَهُ شَاهِدٌ مُسْنَدٌ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُثْبِتْهُ فَيَكُونُ أَيْضًا مُرْسَلًا انْضَمَّ إِلَى مُرْسَلِ سَعِيدٍ. انْتَهَى. الثَّانِيَةُ: صَوَّرَ الرَّازِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ الْأُصُولِ الْمُسْنَدَ الْعَاضِدَ، بِأَنْ لَا يَكُونَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 227 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] مُنْتَهِضَ الْإِسْنَادِ، لِيَكُونَ الِاحْتِجَاجُ بِالْمَجْمُوعِ، وَإِلَّا فَالِاحْتِجَاجُ حِينَئِذٍ بِالْمُسْنَدِ فَقَطْ، وَلَيْسَ بِمَخْصُوصٍ بِذَلِكَ، كَمَا تَقَدَّمَ الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ. الثَّالِثَةُ: زَادَ الْأُصُولِيُّونَ فِي الِاعْتِضَادِ أَنْ يُوَافِقَهُ قِيَاسٌ أَوِ انْتِشَارٌ مِنْ غَيْرِ إِنْكَارٍ، أَوْ عَمَلُ أَهْلِ الْعَصْرِ بِهِ، وَتَقَدَّمَ فِي كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ ذِكْرُ الصُّورَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمَا دَاخِلَتَانِ فِي قَوْلِ الشَّافِعِيِّ: وَأَفْتَى أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِمُقْتَضَاهُ. الرَّابِعَةُ: قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ لَا أَقْبَلُ الْمُرْسَلَ، وَلَا فِي الْأَمَاكِنِ الَّتِي قَبِلَهَا الشَّافِعِيُّ حَسْمًا لِلْبَابِ، بَلْ وَلَا مُرْسَلَ الصَّحَابِيِّ إِذَا احْتُمِلَ سَمَاعُهُ مِنْ تَابِعِيٍّ. قَالَ: وَالشَّافِعِيُّ لَا يُوجِبُ الِاحْتِجَاجَ بِهِ فِي هَذِهِ الْأَمَاكِنِ بَلْ يَسْتَحِبُّهُ، كَمَا قَالَ: أَسْتَحِبُّ قَبُولَهُ، وَلَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقُولَ: الْحُجَّةُ تَثْبُتُ بِهِ ثُبُوتَهَا بِالْمُتَّصِلِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: فَائِدَةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ عَارَضَهُ مُتَّصِلٌ قُدِّمَ عَلَيْهِ، وَلَوْ كَانَ حُجَّةً مُطْلَقًا ; تَعَارَضَا، لَكِنْ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: مُرَادُ الشَّافِعِيِّ بِقَوْلِهِ أَسْتَحِبُّ: أَخْتَارُ، وَكَذَا قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. 1 - الْخَامِسَةُ: إِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْبَابِ دَلِيلٌ سِوَى الْمُرْسَلِ، فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ لِلشَّافِعِيِّ: ثَالِثُهَا وَهُوَ الْأَظْهَرُ يَجِبُ الِانْكِفَافُ لِأَجْلِهِ. السَّادِسُ: تَلَخَّصَ فِي الِاحْتِجَاجِ بِالْمُرْسَلِ عَشَرَةُ أَقْوَالٍ: حُجَّةٌ مُطْلَقًا، لَا يُحْتَجُّ بِهِ مُطْلَقًا، يُحْتَجُّ بِهِ (ق 68 \ ب) إِنْ أَرْسَلَهُ أَهْلُ الْقُرُونِ الثَّلَاثَةِ، يُحْتَجُّ بِهِ إِنْ لَمْ يُرْوَ إِلَّا عَنْ عَدْلٍ، يُحْتَجُّ بِهِ إِنْ أَرْسَلَهُ سَعِيدٌ فَقَطْ، يُحْتَجُّ بِهِ إِنِ اعْتَضَدَ، يُحْتَجُّ بِهِ إِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْبَابِ سِوَاهُ، هُوَ أَقْوَى مِنَ الْمُسْنَدِ، يُحْتَجُّ بِهِ نَدْبًا لَا وُجُوبًا، يُحْتَجُّ بِهِ إِنْ أَرْسَلَهُ صَحَابِيٌّ. السَّابِعَةُ: تَقَدَّمَ فِي قَوْلِ ابْنِ جَرِيرٍ: إِنَّ التَّابِعِينَ أَجْمَعُوا عَلَى قَبُولِ الْمُرْسَلِ، وَإِنَّ الشَّافِعِيَّ أَوَّلُ مَنْ أَبَاهُ، وَقَدْ تَنَبَّهَ الْبَيْهَقِيُّ لِذَلِكَ، فَقَالَ فِي " الْمَدْخَلِ ": بَابُ مَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى ضَعْفِ الْمَرَاسِيلِ بَعْدَ تَغَيُّرِ النَّاسِ وَظُهُورِ الْكَذِبِ وَالْبِدَعِ، وَأَوْرَدَ فِيهِ مَا أَخْرَجَهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 228 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] مُسْلِمٌ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، قَالَ: لَقَدْ أَتَى عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ وَمَا يُسْأَلُ عَنْ إِسْنَادِ حَدِيثٍ، فَلَمَّا وَقَعَتِ الْفِتْنَةُ سُئِلَ عَنْ إِسْنَادِ الْحَدِيثِ، فَيُنْظَرُ مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ يُؤْخَذُ مِنْ حَدِيثِهِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ تُرِكَ حَدِيثُهُ. الثَّامِنَةُ: قَالَ الْحَاكِمُ فِي عُلُومِ الْحَدِيثِ: أَكْثَرُ مَا تُرْوَى الْمَرَاسِيلُ مَنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ، وَمِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَمِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ، عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَمِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَزِيدَ النَّخَعِيِّ، وَمِنْ أَهْلِ مِصْرَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ، وَمِنْ أَهْلِ الشَّامِ، عَنْ مَكْحُولٍ. قَالَ: وَأَصَحُّهَا كَمَا قَالَ ابْنُ مَعِينٍ، مَرَاسِيلُ ابْنِ الْمُسَيَّبِ ; لِأَنَّهُ مِنْ أَوْلَادِ الصَّحَابَةِ وَأَدْرَكَ الْعَشَرَةَ، وَفَقِيهُ أَهْلِ الْحِجَازِ، وَمُفْتِيهِمْ، وَأَوَّلُ الْفُقَهَاءِ السَّبْعَةِ الَّذِينَ يَعْتَدُّ مَالِكٌ بِإِجْمَاعِهِمْ، كَإِجْمَاعِ كَافَّةِ النَّاسِ، وَقَدْ تَأَمَّلَ الْأَئِمَّةُ الْمُتَقَدِّمُونَ مَرَاسِيلَهُ فَوَجَدُوهَا بِأَسَانِيدَ صَحِيحَةٍ، وَهَذِهِ الشَّرَائِطُ لَمْ تُوجَدْ فِي مَرَاسِيلِ غَيْرِهِ. قَالَ: وَالدَّلِيلُ عَلَى عَدَمِ الِاحْتِجَاجِ بِالْمُرْسَلِ غَيْرِ الْمَسْمُوعِ مِنَ الْكِتَابِ، قَوْلُهُ تَعَالَى: {لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ} [التوبة: 122] ، وَمِنَ السُّنَّةِ حَدِيثُ: تَسْمَعُونَ وَيُسْمَعُ مِنْكُمْ، وَيُسْمَعُ مِمَّنْ يَسْمَعُ مِنْكُمْ. التَّاسِعَةُ: تَكَلَّمَ الْحَاكِمُ عَلَى مَرَاسِيلِ سَعِيدٍ فَقَطْ، دُونَ سَائِرِ مَنْ ذُكِرَ مَعَهُ، وَنَحْنُ نَذْكُرُ ذَلِكَ: فَمَرَاسِيلُ عَطَاءٍ، (ق 69 \ أ) ، قَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: كَانَ عَطَاءٌ يَأْخُذُ عَنْ كُلِّ ضَرْبٍ، مُرْسَلَاتُ مُجَاهِدٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ مُرْسَلَاتِهِ بِكَثِيرٍ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 229 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: مُرْسَلَاتُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَصَحُّ الْمُرْسَلَاتِ، وَمُرْسَلَاتُ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ لَا بَأْسَ بِهَا، وَلَيْسَ فِي الْمُرْسَلَاتِ أَضْعَفُ مِنْ مُرْسَلَاتِ الْحَسَنِ، وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، فَإِنَّهُمَا كَانَا يَأْخُذَانِ، عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ، وَمَرَاسِيلُ الْحَسَنِ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِيهَا عَنْ أَحْمَدَ. وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: مُرْسَلَاتُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ الَّتِي رَوَاهَا عَنْهُ الثِّقَاتُ صِحَاحٌ، مَا أَقَلَّ مَا يَسْقُطُ مِنْهَا. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: كُلُّ شَيْءٍ قَالَ الْحَسَنُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَجَدْتُ لَهُ أَصْلًا ثَابِتًا، مَا خَلَا أَرْبَعَةَ أَحَادِيثَ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ: مَا قَالَ الْحَسَنُ فِي حَدِيثِهِ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَّا وَجَدْنَا لَهُ أَصْلًا إِلَّا حَدِيثًا أَوْ حَدِيثَيْنِ. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: وَلَعَلَّهُ أَرَادَ مَا جَزَمَ بِهِ الْحَسَنُ. وَقَالَ غَيْرُهُ: قَالَ رَجُلٌ لِلْحَسَنِ يَا أَبَا سَعِيدٍ إِنَّكَ تُحَدِّثُنَا فَتَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَوْ كُنْتَ تُسْنِدُهُ لَنَا إِلَى مَنْ حَدَّثَكَ؟ فَقَالَ الْحَسَنُ: أَيُّهَا الرَّجُلُ مَا كَذَبْنَا وَلَا كُذِّبْنَا، وَلَقَدْ غَزَوْنَا غَزْوَةً إِلَى خُرَاسَانَ وَمَعَنَا فِيهَا ثَلَاثُمِائَةٍ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 230 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَقَالَ يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ: سَأَلْتُ الْحَسَنَ قُلْتُ: يَا أَبَا سَعِيدٍ إِنَّكَ تَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنَّكَ لَمْ تُدْرِكْهُ؟ فَقَالَ يَا ابْنَ أَخِي: لَقَدْ سَأَلْتَنِي عَنْ شَيْءٍ مَا سَأَلَنِي عَنْهُ أَحَدٌ قَبْلَكَ، وَلَوْلَا مَنْزِلَتُكَ مِنِّي مَا أَخْبَرْتُكَ، إِنِّي فِي زَمَانٍ كَمَا تَرَى؟ وَكَانَ فِي زَمَنِ الْحَجَّاجِ، كُلُّ شَيْءٍ سَمِعْتَنِي أَقُولُهُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَهُوَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ غَيْرَ أَنِّي فِي زَمَانٍ لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَذْكُرَ عَلِيًّا. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ: وَكَانَ مَا أَسْنَدَ مِنْ حَدِيثِهِ أَوْ رَوَى عَمَّنْ سَمِعَ مِنْهُ، فَهُوَ حَسَنٌ حُجَّةٌ، وَمَا أَرْسَلَ مِنَ الْحَدِيثِ فَلَيْسَ بِحُجَّةٍ. وَقَالَ الْعِرَاقِيُّ: مَرَاسِيلُ (ق 69 \ ب) الْحَسَنِ عِنْدَهُمْ شِبْهُ الرِّيحِ. وَأَمَّا مَرَاسِيلُ النَّخَعِيِّ، فَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: مَرَاسِيلُ إِبْرَاهِيمَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ مَرَاسِيلِ الشَّعْبِيِّ. وَعَنْهُ أَيْضًا: أَعْجَبُ إِلَيَّ مِنْ مُرْسَلَاتِ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَالْقَاسِمِ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ. وَقَالَ أَحْمَدُ: لَا بَأْسَ بِهَا. وَقَالَ الْأَعْمَشُ: قُلْتُ لِإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ: أَسْنِدْ لِي، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، فَقَالَ: إِذَا حَدَّثْتُكُمْ، عَنْ رَجُلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ فَهُوَ الَّذِي سَمِعْتُ، وَإِذَا قُلْتُ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَهُوَ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ. 1 - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 231 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] الْعَاشِرَةُ: فِي مَرَاسِيلَ أُخَرَ ذَكَرَهَا التِّرْمِذِيُّ فِي جَامِعِهِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَغَيْرُهُمَا. مَرَاسِيلُ الزُّهْرِيِّ: قَالَ ابْنُ مَعِينٍ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ: لَيْسَ بِشَيْءٍ، وَكَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ: قَالَ: لِأَنَّا نَجِدُهُ يَرْوِي عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ أَرْقَمَ. وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: مُرْسَلُ الزُّهْرِيِّ شَرٌّ مِنْ مُرْسَلِ غَيْرِهِ ; لِأَنَّهُ حَافِظٌ، وَكُلَّمَا قَدَرَ أَنْ يُسَمِّيَ سَمَّى، وَإِنَّمَا يَتْرُكُ مَنْ لَا يُحِبُّ أَنْ يُسَمِّيَهُ. وَكَانَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ لَا يَرَى إِرْسَالَ قَتَادَةَ شَيْئًا، وَيَقُولُ: هُوَ بِمَنْزِلَةِ الرِّيحِ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: مُرْسَلَاتُ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ مُرْسَلَاتِ عَطَاءٍ، قِيلَ: فَمُرْسَلَاتُ مُجَاهِدٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ، أَوْ مُرْسَلَاتُ طَاوُسٍ؟ قَالَ: مَا أَقْرَبَهُمَا. وَقَالَ أَيْضًا: مَالِكٌ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ سُفْيَانَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، وَكُلٌّ ضَعِيفٌ. وَقَالَ أَيْضًا: سُفْيَانُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ شِبْهُ لَا شَيْءَ ; لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ فِيهِ إِسْنَادٌ صَلُحَ. وَقَالَ: مُرْسَلَاتُ أَبِي إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيِّ، وَالْأَعْمَشِ، وَالتَّيْمِيِّ، وَيَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ شِبْهُ لَا شَيْءَ، وَمُرْسَلَاتُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ لَيْسَ بِشَيْءٍ، وَمُرْسَلَاتُ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ أَحَبُّ إِلَيَّ، وَمُرْسَلَاتُ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ مُرْسَلَاتِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 232 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَمُرْسَلَاتُ ابْنِ عُيَيْنَةَ شِبْهُ الرِّيحِ، وَسُفْيَانَ بْنِ سَعِيدٍ، وَمُرْسَلَاتُ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ أَحَبُّ إِلَيَّ، (ق 70 \ أ) ، وَلَيْسَ فِي الْقَوْمِ أَصَحُّ حَدِيثًا مِنْهُ. الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ: وَقَعَ فِي " صَحِيحِ مُسْلِمٍ " أَحَادِيثُ مُرْسَلَةٌ، فَانْتُقِدَتْ عَلَيْهِ، وَفِيهَا مَا وَقَعَ الْإِرْسَالُ فِي بَعْضِهِ، فَأَمَّا هَذَا النَّوْعُ فَعُذْرُهُ فِيهِ أَنَّهُ يُورِدُهُ مُحْتَجًّا بِالْمُسْنَدِ مِنْهُ لَا بِالْمُرْسَلِ، وَلَمْ يَقْتَصِرْ عَلَيْهِ لِلْخِلَافِ فِي تَقْطِيعِ الْحَدِيثِ، عَلَى أَنَّ الْمُرْسَلَ مِنْهُ قَدْ تَبَيَّنَ اتِّصَالُهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، كَقَوْلِهِ فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، ثَنَا حُجَيْنٌ ثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى، عَنِ الْمُزَابَنَةِ. الْحَدِيثَ. قَالَ: وَأَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا تَبْتَاعُوا التَّمْرَ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهُ، وَلَا تَبْتَاعُوا التَّمْرَ بِالتَّمْرِ» ، وَقَالَ سَالِمٌ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَنَّهُ رَخَّصَ فِي الْعَرِيَّةِ. الْحَدِيثَ. وَحَدِيثُ سَعِيدٍ وَصَلَهُ مِنْ حَدِيثِ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَمِنْ حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ مِينَا، وَأَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ. وَأَخْرَجَهُ هُوَ وَالْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ. وَحَدِيثُ سَالِمٍ وَصَلَهُ مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، وَأَخْرَجَ فِي الْأَضَاحِي حَدِيثَ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي وَاقِدٍ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، عَنْ أَكْلِ لُحُومِ الضَّحَايَا بَعْدَ ثَلَاثٍ» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 233 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعَمْرَةَ فَقَالَتْ: صَدَقَ، سَمِعْتُ عَائِشَةَ تَقُولُ الْحَدِيثَ. فَالْأَوَّلُ مُرْسَلٌ وَالْآخَرُ مُسْنَدٌ، وَبِهِ احْتُجَّ. وَقَدْ وَصَلَ الْأَوَّلَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ. وَفِيهِ مِنْ هَذَا النَّمَطِ نَحْوُ عَشَرَةِ أَحَادِيثَ، وَالْحِكْمَةُ فِي إِيرَادِ مَا أَوْرَدَهُ مُرْسَلًا بَعْدَ إِيرَادِهِ مُتَّصِلًا إِفَادَةُ الِاخْتِلَافِ الْوَاقِعِ فِيهِ. وَمِمَّا أَوْرَدَهُ مُرْسَلًا، وَلَمْ يَصِلْهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ حَدِيثُ أَبِي الْعَلَاءِ بْنِ الشِّخِّيرِ: كَانَ حَدِيثُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَنْسَخُ بَعْضُهُ بَعْضًا، الْحَدِيثُ لَمْ يُرْوَ مَوْصُولًا (ق 70 \ ب) عَنِ الصَّحَابَةِ مِنْ وَجْهٍ يَصِحُّ. الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ: صَنَّفَ فِي الْمَرَاسِيلِ أَبُو دَاوُدَ، ثُمَّ أَبُو حَاتِمٍ، ثُمَّ الْحَافِظُ أَبُو سَعِيدٍ الْعَلَائِيُّ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ. (هَذَا كُلُّهُ فِي غَيْرِ مُرْسَلِ الصَّحَابِيِّ، أَمَّا مُرْسَلُهُ) ، كَإِخْبَارِهِ، عَنْ شَيْءٍ فَعَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ نَحْوِهِ مِمَّا يُعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يَحْضُرْ لِصِغَرِ سِنِّهِ أَوْ تَأَخُّرِ إِسْلَامِهِ، (فَمَحْكُومٌ بِصِحَّتِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ الصَّحِيحِ) الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ، وَأَطْبَقَ عَلَيْهِ الْمُحَدِّثُونَ الْمُشْتَرِطُونَ لِلصَّحِيحِ الْقَائِلُونَ بِضَعْفِ الْمُرْسَلِ، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ ذَلِكَ مَا لَا يُحْصَى ; لِأَنَّ أَكْثَرَ رِوَايَاتِهِمْ، عَنِ الصَّحَابَةِ، وَكُلُّهُمْ عُدُولٌ، وَرِوَايَاتُهُمْ عَنْ غَيْرِهِمْ نَادِرَةٌ، وَإِذَا رَوَوْهَا بَيَّنُوهَا، بَلْ أَكْثَرُ مَا رَوَاهُ الصَّحَابَةُ، عَنِ التَّابِعِينَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 234 النَّوْعُ الْعَاشِرُ: الْمُنْقَطِعُ: الصَّحِيحُ الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ الْفُقَهَاءُ، وَالْخَطِيبُ، وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَغَيْرُهُمْ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ أَنَّ الْمُنْقَطِعَ مَا لَمْ يَتَّصِلْ إِسْنَادُهُ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ كَانَ انْقِطَاعُهُ، وَأَكْثَرُ مَا يُسْتَعْمَلُ فِي رِوَايَةِ مَنْ دُونَ التَّابِعِيِّ، عَنِ الصَّحَابِيِّ كَمَالِكٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ. وَقِيلَ: هُوَ مَا اخْتَلَّ مِنْهُ رَجُلٌ قَبْلَ التَّابِعِيِّ مَحْذُوفًا كَانَ أَوْ مُبْهَمًا، كَرَجُلٍ. وَقِيلَ: هُوَ مَا رُوِيَ عَنْ تَابِعِيٍّ أَوْ مَنْ دُونَهُ قَوْلًا لَهُ أَوْ فِعْلًا، وَهَذَا غَرِيبٌ ضَعِيفٌ.   [تدريب الراوي] لَيْسَ أَحَادِيثَ مَرْفُوعَةً، بَلْ إِسْرَائِيلِيَّاتٌ، أَوْ حِكَايَاتٌ، أَوْ مَوْقُوفَاتٌ. (وَقِيلَ: إِنَّهُ كَمُرْسَلِ غَيْرِهِ) لَا يُحْتَجُّ بِهِ، (إِلَّا أَنْ يُبَيِّنَ الرِّوَايَةَ، عَنْ صَحَابِيٍّ) ، زَادَهُ الْمُصَنِّفُ عَلَى ابْنِ الصَّلَاحِ، وَحَكَاهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْإِسْفَرَايِينِيِّ، وَقَالَ: الصَّوَابُ الْأَوَّلُ. [النَّوْعُ العاشر المنقطع] (النَّوْعُ الْعَاشِرُ: الْمُنْقَطِعُ، الصَّحِيحُ الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ الْفُقَهَاءُ، وَالْخَطِيبُ، وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، وَغَيْرُهُمْ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ أَنَّ الْمُنْقَطِعَ: مَا لَمْ يَتَّصِلْ إِسْنَادُهُ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ كَانَ انْقِطَاعُهُ) ، سَوَاءٌ كَانَ السَّاقِطُ مِنْهُ الصَّحَابِيَّ أَوْ غَيْرَهُ، فَهُوَ وَالْمُرْسَلُ وَاحِدٌ. (وَ) لَكِنْ (أَكْثَرُ مَا يُسْتَعْمَلُ فِي رِوَايَةِ مَنْ دُونَ التَّابِعِيِّ، عَنِ الصَّحَابِيِّ، كَمَالِكٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَقِيلَ: هُوَ مَا اخْتَلَّ) ، أَيْ سَقَطَ (مِنْهُ رَجُلٌ قَبْلَ التَّابِعِيِّ) ، هَكَذَا عَبَّرَ ابْنُ الصَّلَاحِ تَبَعًا لِلْحَاكِمِ، وَالصَّوَابُ قَبْلَ الصَّحَابِيِّ (مَحْذُوفًا كَانَ) الرَّجُلُ، (أَوْ مُبْهَمًا كَرَجُلٍ) هَذَا بِنَاءٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ أَنَّ فُلَانًا، عَنْ رَجُلٍ يُسَمَّى مُنْقَطِعًا، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 235 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْأَكْثَرِينَ عَلَى خِلَافِهِ، ثُمَّ إِنَّ هَذَا الْقَوْلَ هُوَ الْمَشْهُورُ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ السَّاقِطُ وَاحِدًا فَقَطْ، أَوِ اثْنَيْنِ، لَا عَلَى التَّوَالِي كَمَا جَزَمَ بِهِ الْعِرَاقِيُّ وَشَيْخُ الْإِسْلَامِ. (وَقِيلَ: هُوَ مَا رُوِيَ، عَنْ تَابِعِيٍّ، أَوْ مَنْ دُونَهُ قَوْلًا لَهُ، أَوْ فِعْلًا، (ق 71 \ أ) ، وَهَذَا غَرِيبٌ ضَعِيفٌ) ، وَالْمَعْرُوفُ أَنَّ ذَلِكَ مَقْطُوعٌ، لَا مُنْقَطِعٌ كَمَا تَقَدَّمَ. ثُمَّ إِنَّ الِانْقِطَاعَ قَدْ يَكُونُ ظَاهِرًا وَقَدْ يَخْفَى فَلَا يُدْرِكُهُ إِلَّا أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ، وَقَدْ يُعْرَفُ بِمَجِيئِهِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ بِزِيَادَةِ رَجُلٍ، أَوْ أَكْثَرَ. 1 - فَائِدَةٌ ذَكَرَ الرَّشِيدُ الْعَطَّارُ أَنَّ فِي " صَحِيحِ مُسْلِمٍ " بِضْعَةَ عَشَرَ حَدِيثًا فِي إِسْنَادِهَا انْقِطَاعٌ. وَأُجِيبَ عَنْهَا بِتَبْيِينِ اتِّصَالِهَا إِمَّا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عِنْدَهُ، أَوْ مِنْ ذَلِكَ الْوَجْهِ عِنْدَ غَيْرِهِ. وَهِيَ حَدِيثُ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، «عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ لَقِيَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي بَعْضِ طُرُقِ الْمَدِينَةِ» ، الْحَدِيثَ. صَوَابُهُ حُمَيْدٌ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْمُزَنِيِّ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، كَمَا أَخْرَجَهُ الْخَمْسَةُ، وَأَحْمَدُ، وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُسْنَدَيْهِمَا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 236 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَحَدِيثُ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّعْدِيِّ، عَنْ عُمَرَ فِي الْعَطَاءِ، صَوَابُهُ: السَّائِبُ، عَنْ حُوَيْطِبِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى، كَذَا ذَكَرَهُ الْحُفَّاظُ. قَالَ النَّسَائِيُّ: لَمْ يَسْمَعْهُ السَّائِبُ مِنِ ابْنِ السَّعْدِيِّ، إِنَّمَا رَوَاهُ، عَنْ حُوَيْطِبٍ عَنْهُ، كَمَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَالنَّسَائِيُّ. وَحَدِيثُ يَعْلَى بْنِ الْحَارِثِ الْمُحَارِبِيِّ، عَنْ غَيْلَانَ، عَنْ عَلْقَمَةَ فِي قِصَّةِ مَاعِزٍ، صَوَابُهُ: يَعْلَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ غَيْلَانَ، كَذَا أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ. وَحَدِيثُ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنِ الْمُسْتَوْرِدِ بْنِ شَدَّادٍ مَرْفُوعًا: «تَقُومُ السَّاعَةُ وَالرُّومُ أَكْثَرُ النَّاسِ» . قَالَ الرَّشِيدُ: عَبْدُ الْكَرِيمِ لَمْ يُدْرِكِ الْمُسْتَوْرِدَ، وَلَا أَبُوهُ الْحَارِثُ لَمْ يُدْرِكْهُ، كَمَا قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ قَالَ: وَإِنَّمَا أَوْرَدَهُ هَكَذَا فِي الشَّوَاهِدِ، وَإِلَّا فَقَدَ وَصَلَهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، عَنِ اللَّيْثِ، عَنْ مُوسَى بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْمُسْتَوْرِدِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 237 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَحَدِيثُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ أَبِي عَمْرِو بْنِ حَفْصٍ فِي الطَّلَاقِ، قَالَ: فِي سَمَاعِ عُبَيْدِ اللَّهِ مِنْ أَبِي عَمْرٍو نَظَرٌ، وَقَدْ وَصَلَهُ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى، عَنِ الشَّعْبِيِّ، وَأَبِي سَلَمَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ. وَحَدِيثُ مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ (ق 71 \ ب) فِي الَّذِي وَقَصَتْهُ نَاقَتُهُ. قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: إِنَّمَا سَمِعَهُ مَنْصُورٌ مِنَ الْحَكَمِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ سَعِيدٍ، كَمَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَهُوَ الصَّوَابُ. وَوَصَلَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي وَحْشِيَّةَ، وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدٍ. وَحَدِيثُ مَكْحُولٍ، عَنْ شُرَحْبِيلَ بْنِ السِّمْطِ، عَنْ سَلْمَانَ: " رِبَاطُ يَوْمٍ "، فِي سَمَاعِ مَكْحُولٍ مِنْهُ نَطَرٌ، فَإِنَّهُ مَعْدُودٌ فِي الصَّحَابَةِ الْمُتَقَدِّمِينَ الْوَفَاةَ، وَالْأَصَحُّ أَنَّ مَكْحُولًا إِنَّمَا سَمِعَ أَنَسًا وَأَبَا مُرَّةَ وَوَاثِلَةَ، وَأُمَّ الدَّرْدَاءِ. وَحَدِيثُ أَيُّوبَ، عَنْ عَائِشَةَ: «إِنَّ اللَّهَ أَرْسَلَنِي مُبَلِّغًا وَلَمْ يُرْسِلْنِي مُتَعَنِّتًا» ; قَالَ: فَإِنَّ أَيُّوبَ لَمْ يُدْرِكْ عَائِشَةَ، إِلَّا أَنَّهُ أَوْرَدَ ذَلِكَ زِيَادَةً فِي آخِرِ حَدِيثٍ مُسْنَدٍ، وَلَمْ يَرَ اخْتِصَارَهُمَا وَلَهُ عَادَةٌ بِذَلِكَ فِي عِدَّةِ أَحَادِيثَ، وَهِيَ مُتَّصِلَةٌ فِي حَدِيثِ التَّخْيِيرِ، مِنْ رِوَايَةِ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 238 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَحَدِيثُ أَبِي سَلَّامٍ الْحَبَشِيِّ، عَنْ حُذَيْفَةَ: «إِنَّا كُنَّا بِشَرٍّ فَجَاءَ اللَّهُ بِخَيْرٍ» . قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: أَبُو سَلَّامٍ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ حُذَيْفَةَ، وَلَا نُظَرَائِهِ الَّذِينَ نَزَلُوا الْعِرَاقَ. وَهُوَ مُتَّصِلٌ فِي كِتَابِهِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، عَنْ حُذَيْفَةَ. وَحَدِيثُ مَطَرٍ، عَنْ زَهْدَمٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى فِي الدَّجَاجِ. قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: لَمْ يَسْمَعْ مَطَرٌ مِنْ زَهْدَمٍ، إِنَّمَا رَوَاهُ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْهُ. وَقَدْ وَصَلَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طُرُقٍ أُخْرَى، عَنْ زَهْدَمٍ. وَحَدِيثُ قَتَادَةَ، عَنْ سِنَانِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قِصَّةِ الْبُدْنِ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: قَتَادَةُ لَمْ يَسْمَعْ هَذَا مِنْ سِنَانٍ، إِلَّا أَنَّهُ أَخْرَجَهُ فِي الشَّوَاهِدِ، وَقَدْ وَصَلَهُ قَبْلَ ذَلِكَ، عَنْ طَرِيقِ أَبِي التَّيَّاحِ، عَنْ مُوسَى بْنِ سَلَمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 239 النَّوْعُ الْحَادِيَ عَشَرَ: الْمُعْضَلُ: هُوَ بِفَتْحِ الضَّادِ. يَقُولُونَ: أَعْضَلَهُ فَهُوَ مُعْضَلٌ وَهُوَ مَا سَقَطَ مِنْ إِسْنَادِهِ اثْنَانِ فَأَكْثَرُ، وَيُسَمَّى مُنْقَطِعًا، وَيُسَمَّى مُرْسَلًا عِنْدَ الْفُقَهَاءِ وَغَيْرِهِمْ كَمَا تَقَدَّمَ، وَقِيلَ: إِنَّ قَوْلَ الرَّاوِي: بَلَغَنِي، كَقَوْلِ مَالِكٍ: بَلَغَنِي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لِلْمَمْلُوكِ طَعَامُهُ وَكِسْوَتُهُ» . يُسَمَّى مُعْضَلًا عِنْدَ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ، وَإِذَا رَوَى تَابِعُ التَّابِعِيِّ، عَنْ تَابِعِيٍّ حَدِيثًا وَقَفَهُ عَلَيْهِ وَهُوَ عِنْدَ ذَلِكَ التَّابِعِيِّ مَرْفُوعٌ مُتَّصِلٌ فَهُوَ مُعْضَلٌ.   [تدريب الراوي] وَحَدِيثُ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ عَائِشَةَ " جَاءَتْنِي مِسْكِينَةٌ تَحْمِلُ ابْنَتَيْنِ " الْحَدِيثَ. قَالَ أَحْمَدُ: عِرَاكٌ، عَنْ عَائِشَةَ مُرْسَلٌ. وَقَالَ مُوسَى بْنُ هَارُونَ: لَا نَعْلَمُ لَهُ سَمَاعًا مِنْهَا، وَإِنَّمَا يَرْوِي عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ. وَقَالَ الرَّشِيدُ: لَا يَبْعُدُ سَمَاعُهُ مِنْهَا، وَهُمَا فِي عَصْرٍ وَاحِدٍ (ق 72 \ أ) ، وَبَلَدٍ وَاحِدٍ، وَمَذْهَبُ مُسْلِمٍ أَنَّ هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى السَّمَاعِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ خِلَافُهُ. وَحَدِيثُ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ قَالَ: " سَمِعْتُ ابْنَتِي بَرَّةَ " الْحَدِيثَ. سَقَطَ بَيْنَ يَزِيدَ وَمُحَمَّدٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ. كَذَا رَوَاهُ الْمِصْرِيُّونَ، عَنِ اللَّيْثِ، وَأَخْرَجَهُ هَكَذَا أَبُو دَاوُدَ إِلَّا أَنَّ مُسْلِمًا وَصَلَهُ مِنْ طَرِيقِ الْوَلِيدِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ. [النَّوْعُ الْحَادِيَ عَشَرَ الْمُعْضَلُ] [تعريف الْمُعْضَلُ] (النَّوْعُ الْحَادِيَ عَشَرَ: الْمُعْضَلُ هُوَ بِفَتْحِ الضَّادِ) ، وَأَهْلُ الْحَدِيثِ (يَقُولُونَ: أَعْضَلَهُ، فَهُوَ مُعْضَلٌ) . قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَهُوَ اصْطِلَاحٌ مُشْكِلُ الْمَأْخَذِ مِنْ حَيْثُ اللُّغَةُ، أَيْ لِأَنَّ مُفْعَلًا بِفَتْحِ الْعَيْنِ لَا يَكُونُ إِلَّا مِنْ ثُلَاثِيٍّ لَازِمٍ، عُدِّيَ بِالْهَمْزَةِ، وَهَذَا لَازِمٌ مَعَهَا، قَالَ: وَبَحَثْتُ فَوَجَدْتُ لَهُ قَوْلَهُمْ: أَمْرٌ عَضِيلٌ أَيْ مُسْتَغِلَقٌ شَدِيدٌ، وَفَعِيلٌ بِمَعْنَى فَاعِلٍ يَدُلُّ عَلَى الثُّلَاثِيِّ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ لَنَا: عَضُلَ قَاصِرًا، وَأَعْضَلَ مُتَعَدِّيًا، كَمَا قَالُوا: ظَلُمَ اللَّيْلُ وَأَظْلَمَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 240 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَهُوَ مَا سَقَطَ مِنْ إِسْنَادِهِ اثْنَانِ، فَأَكْثَرُ) بِشَرْطِ التَّوَالِي، أَمَّا إِذَا لَمْ يَتَوَالَ فَهُوَ مُنْقَطِعٌ مِنْ مَوْضِعَيْنِ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَلَمْ أَجِدْ فِي كَلَامِهِمْ إِطْلَاقَ الْمُعْضَلِ عَلَيْهِ. (وَيُسَمَّى) الْمُعْضَلُ (مُنْقَطِعًا) أَيْضًا، (وَيُسَمَّى مُرْسَلًا عِنْدَ الْفُقَهَاءِ، وَغَيْرِهِمْ كَمَا تَقَدَّمَ) فِي نَوْعِ الْمُرْسَلِ. (وَقِيلَ إِنَّ قَوْلَ الرَّاوِي: بَلَغَنِي، كَقَوْلِ مَالِكٍ) فِي الْمُوَطَّأِ: (بَلَغَنِي، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لِلْمَمْلُوكِ طَعَامُهُ وَكُسْوَتُهُ» ) بِالْمَعْرُوفِ، وَلَا يُكَلَّفُ مِنَ الْعَمَلِ إِلَّا مَا يُطِيقُ. (يُسَمَّى مُعْضَلًا عِنْدَ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ) ، نَقَلَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ، عَنِ الْحَافِظِ أَبِي نَصْرٍ السِّجْزِيِّ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَقَدِ اسْتُشْكِلَ ; لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ السَّاقِطُ وَاحِدًا، فَقَدْ سَمِعَ مَالِكٌ مِنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي هُرَيْرَةَ، كَسَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ وَنُعَيْمٍ الْمُجْمِرِ، وَمُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ. وَالْجَوَابُ: أَنَّ مَالِكًا وَصَلَهُ خَارِجَ الْمُوَطَّأِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ، عَنْ أَبِيهِ، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 241 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَعَرَفْنَا بِذَلِكَ (ق 72 \ ب) سُقُوطَ اثْنَيْنِ مِنْهُ. قُلْتُ: بَلْ ذَكَرَ النَّسَائِيُّ فِي التَّمْيِيزِ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَجْلَانَ لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ أَبِيهِ، بَلْ رَوَاهُ، عَنْ بُكَيْرٍ، عَنْ عَجْلَانَ. قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِينَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَذَا، مِنْ قَبِيلِ الْمُعْضَلِ. فَائِدَةٌ صَنَّفَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ كِتَابًا فِي وَصْلِ مَا فِي الْمُوَطَّأِ مِنَ الْمُرْسَلِ وَالْمُنْقَطِعِ، وَالْمُعْضَلِ. قَالَ: وَجَمِيعُ مَا فِيهِ مِنْ قَوْلِهِ بَلَغَنِي، وَمِنْ قَوْلِهِ، عَنِ الثِّقَةِ عِنْدَهُ مِمَّا لَمْ يُسْنِدْهُ أَحَدٌ وَسِتُّونَ حَدِيثًا، كُلُّهَا مُسْنَدَةٌ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِ مَالِكٍ، إِلَّا أَرْبَعَةً لَا تُعْرَفُ، أَحَدُهَا: «إِنِّي لَا أَنْسَى وَلَكِنْ أُنَسَّى لَأَسِنَّ» ، وَالثَّانِي: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُرِيَ أَعْمَارَ النَّاسِ قَبْلَهُ، أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ ذَلِكَ، فَكَأَنَّهُ تَقَاصَرَ أَعْمَارَ أُمَّتِهِ» ، وَالثَّالِثُ: قَوْلُ مُعَاذٍ: «آخِرُ مَا أَوْصَانِي بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ وَضَعْتُ رِجْلِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 242 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] فِي الْغَرْزِ أَنْ قَالَ: أَحْسِنْ خُلُقَكَ لِلنَّاسِ» ، وَالرَّابِعُ: «إِذَا أَنْشَأَتْ بَحْرِيَّةٌ ثُمَّ تَشَاءَمَتْ فَتِلْكَ عَيْنٌ غَدِيقَةٌ» . (وَإِذَا رَوَى تَابِعُ التَّابِعِيِّ، عَنْ تَابِعِيٍّ حَدِيثًا، وَقَفَهُ عَلَيْهِ، وَهُوَ عِنْدَ ذَلِكَ التَّابِعِيِّ مَرْفُوعٌ مُتَّصِلٌ فَهُوَ مُعْضَلٌ) ، نَقَلَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ، عَنِ الْحَاكِمِ. وَمَثَّلَهُ بِمَا رُوِيَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: «يُقَالُ لِلرَّجُلِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: عَمِلْتَ كَذَا وَكَذَا فَيَقُولُ: مَا عَمِلْتُهُ، فَيُخْتَمُ عَلَى فِيهِ» ، الْحَدِيثَ. أَعْضَلَهُ الْأَعْمَشُ وَوَصَلَهُ فُضَيْلُ بْنُ عَمْرٍو، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَكَرَ الْحَدِيثَ. قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَهَذَا جَيِّدٌ حَسَنٌ ; لِأَنَّ هَذَا الِانْقِطَاعَ بِوَاحِدٍ مَضْمُومًا إِلَى الْوَقْفِ، يَشْتَمِلُ عَلَى الِانْقِطَاعِ بِاثْنَيْنِ، الصَّحَابِيِّ، وَرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَلِكَ بِاسْتِحْقَاقِ اسْمِ الْإِعْضَالِ أَوْلَى. انْتَهَى. قَالَ ابْنُ جَمَاعَةَ: وَفِيهِ نَظَرٌ، أَيْ لِأَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ لَا يُقَالُ مِنْ قَبِيلِ الرَّأْيِ، فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمُرْسَلِ، وَذَلِكَ ظَاهِرٌ لَا شَكَّ فِيهِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 243 فُرُوعٌ: أَحَدُهَا: الْإِسْنَادُ الْمُعَنْعَنُ، وَهُوَ فُلَانٌ، عَنْ فُلَانٍ، قِيلَ: إِنَّهُ مُرْسَلٌ، وَالصَّحِيحُ الَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ، وَقَالَهُ الْجَمَاهِيرُ مِنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ وَالْأُصُولِ، أَنَّهُ مُتَّصِلٌ. بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ الْمُعَنْعِنُ مُدَلِّسًا، وَبِشَرْطِ إِمْكَانِ لِقَاءِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا، وَفِي اشْتِرَاطِ ثُبُوتِ اللِّقَاءِ وَطُولِ الصُّحْبَةِ وَمَعْرِفَتِهِ بِالرِّوَايَةِ عَنْهُ خِلَافٌ، مِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَشْتَرِطْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، وَهُوَ مَذْهَبُ مُسْلِمِ بْنِ الْحَجَّاجِ، وَادَّعَى الْإِجْمَاعَ فِيهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ شَرَطَ اللِّقَاءَ وَحْدَهُ، وَهُوَ قَوْلُ الْبُخَارِيِّ وَابْنِ الْمَدِينِيِّ وَالْمُحَقِّقِينَ. وَمِنْهُمْ مَنْ شَرَطَ طُولَ الصُّحْبَةِ وَمِنْهُمْ مَنْ شَرَطَ مَعْرِفَتَهُ بِالرِّوَايَةِ عَنْهُ. وَكَثُرَ فِي هَذِهِ الْأَعْصَارِ اسْتِعْمَالُ عَنْ فِي الْإِجَازَةِ، فَإِذَا قَالَ أَحَدُهُمْ: قَرَأْتُ عَلَى فُلَانٍ عَنْ فُلَانٍ، فَمُرَادُهُ أَنَّهُ رَوَاهُ عَنْهُ بِالْإِجَازَةِ.   [تدريب الراوي] ثُمَّ رَأَيْتُ، عَنْ شَيْخِ الْإِسْلَامِ أَنَّ لِمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ شَرْطَيْنِ: أَحَدُهُمَا (ق 73 \ أ) أَنْ يَكُونَ مِمَّا يَجُوزُ نِسْبَتُهُ إِلَى غَيْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنْ لَمْ يَكُنْ، فَمُرْسَلٌ، الثَّانِي أَنْ يُرْوَى مُسْنَدًا مِنْ طَرِيقِ ذَلِكَ الَّذِي وَقَفَ عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ، فَمَوْقُوفٌ لَا مُعْضَلٌ ; لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ قَالَهُ مِنْ عِنْدِهِ، فَلَمْ يَتَحَقَّقْ شَرْطُ التَّسْمِيَةِ مِنْ سُقُوطِ اثْنَيْنِ. فَائِدَتَانِ الْأُولَى: قَالَ شَيْخُنَا الْإِمَامُ الشُّمُنِّيُّ: خَصَّ التِّبْرِيزِيُّ الْمُنْقَطِعَ، وَالْمُعْضَلَ بِمَا لَيْسَ فِي أَوَّلِ الْإِسْنَادِ، وَأَمَّا مَا كَانَ فِي أَوَّلِهِ فَمُعَلَّقٌ، وَكَلَامُ ابْنِ الصَّلَاحِ أَعَمُّ. الثَّانِيَةُ: مِنْ مَظَانِّ الْمُعْضَلِ، وَالْمُنْقَطِعِ، وَالْمُرْسَلِ، كِتَابُ " السُّنَنِ " لِسَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ، وَمُؤَلَّفَاتُ ابْنِ أَبِي الدُّنْيَا. [فروع الأول الْإِسْنَادُ الْمُعَنْعَنُ] (فُرُوعٌ: أَحَدُهَا الْإِسْنَادُ الْمُعَنْعَنُ، وَهُوَ) قَوْلُ الرَّاوِي: (فُلَانٌ، عَنْ فُلَانٍ) بِلَفْظِ:، عَنْ مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ لِلْحَدِيثِ، وَالْإِخْبَارِ، وَالسَّمَاعِ. (قِيلَ: إِنَّهُ مُرْسَلٌ) حَتَّى يَتَبَيَّنَ اتِّصَالُهُ. (وَالصَّحِيحُ الَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ، وَقَالَهُ الْجَمَاهِيرُ مِنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ وَالْأُصُولِ أَنَّهُ مُتَّصِلٌ) . قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَلِذَلِكَ أَوْدَعَهُ الْمُشْتَرِطُونَ لِلصَّحِيحِ فِي تَصَانِيفِهِمْ، وَادَّعَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 244 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] أَبُو عَمْرٍو الدَّانِي إِجْمَاعَ أَهْلِ النَّقْلِ عَلَيْهِ، وَكَادَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ يَدَّعِي إِجْمَاعَ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ عَلَيْهِ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: بَلْ صَرَّحَ بِادِّعَائِهِ فِي مُقَدِّمَةِ " التَّمْهِيدِ " (بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ الْمُعَنْعِنُ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ (مُدَلِّسًا، وَبِشَرْطِ إِمْكَانِ لِقَاءِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا) ، أَيْ لِقَاءِ الْمُعَنْعِنِ مَنْ رَوَى عَنْهُ بِلَفْظِ عَنْ، فَحِينَئِذٍ يُحْكَمُ بِالِاتِّصَالِ إِلَّا أَنْ يَتَبَيَّنَ خِلَافُ ذَلِكَ. (وَفِي اشْتِرَاطِ ثُبُوتِ اللِّقَاءِ) ، وَعَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِإِمْكَانِهِ، (وَطُولِ الصُّحْبَةِ) ، وَعَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِثُبُوتِ اللِّقَاءِ، (وَمَعْرِفَتِهِ بِالرِّوَايَةِ عَنْهُ) ، وَعَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِالصُّحْبَةِ خِلَافٌ: مِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَشْتَرِطْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ) ، وَاكْتَفَى بِإِمْكَانِ اللِّقَاءِ، وَعَبَّرَ عَنْهُ بِالْمُعَاصَرَةِ، (وَهُوَ مَذْهَبُ مُسْلِمِ بْنِ الْحَجَّاجِ، وَادَّعَى الْإِجْمَاعَ فِيهِ) فِي خُطْبَةِ صَحِيحِهِ، وَقَالَ إِنَّ اشْتِرَاطَ ثُبُوتِ اللِّقَاءِ قَوْلٌ مُخْتَرَعٌ لَمْ يُسْبَقْ (ق 73 \ ب) قَائِلُهُ إِلَيْهِ، وَأَنَّ الْقَوْلَ الشَّائِعَ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهِ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْأَخْبَارِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا، أَنَّهُ يَكْفِي أَنْ يَثْبُتَ كَوْنُهُمَا فِي عَصْرٍ وَاحِدٍ، وَإِنْ لَمْ يَأْتِ فِي خَبَرٍ قَطُّ أَنَّهُمَا اجْتَمَعَا أَوْ تَشَافَهَا. قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَفِيمَا قَالَهُ مُسْلِمٌ نَظَرٌ، قَالَ: وَلَا أَرَى هَذَا الْحُكْمَ يَسْتَمِرُّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 245 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] بَعْدَ الْمُتَقَدِّمِينَ فِيمَا وُجِدَ مِنَ الْمُصَنِّفِينَ فِي تَصَانِيفِهِمْ، مِمَّا ذَكَرُوهُ عَنْ مَشَايِخِهِمْ قَائِلِينَ فِيهِ: ذَكَرَ فُلَانٌ أَوْ قَالَ فُلَانٌ، أَيْ فَلَيْسَ لَهُ حُكْمُ الِاتِّصَالِ مَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْ شَيْخِهِ إِجَازَةٌ. (وَمِنْهُمْ مَنْ شَرَطَ اللِّقَاءَ وَحْدَهُ، وَهُوَ قَوْلُ الْبُخَارِيِّ، وَابْنِ الْمَدِينِيِّ وَالْمُحَقِّقِينَ) مِنْ أَئِمَّةِ هَذَا الْعِلْمِ. قِيلَ: إِلَّا أَنَّ الْبُخَارِيَّ لَا يَشْتَرِطُ ذَلِكَ فِي أَصْلِ الصِّحَّةِ، بَلِ الْتَزَمَهُ فِي جَامِعِهِ، وَابْنُ الْمَدِينِيِّ يَشْتَرِطُهُ فِيهَا. وَنَصَّ عَلَى ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ فِي الرِّسَالَةِ. (وَمِنْهُمْ مَنْ شَرَطَ طُولَ الصُّحْبَةِ) بَيْنَهُمَا، وَلَمْ يَكْتَفِ بِثُبُوتِ اللِّقَاءِ، وَهُوَ أَبُو الْمُظَفَّرِ السَّمْعَانِيُّ. (وَمِنْهُمْ مَنْ شَرَطَ مَعْرِفَتَهُ بِالرِّوَايَةِ عَنْهُ) ، وَهُوَ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ. وَاشْتَرَطَ أَبُو الْحَسَنِ الْقَابِسِيُّ أَنْ يُدْرِكَهُ إِدْرَاكًا بَيِّنًا، حَكَاهُ ابْنُ الصَّلَاحِ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَهَذَا دَاخِلٌ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَ الشُّرُوطِ. فَلِذَلِكَ أَسْقَطَهُ الْمُصَنِّفُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 246 الثَّانِي: إِذَا قَالَ: حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ أَنَّ ابْنَ الْمُسَيَّبِ حَدَّثَهُ بِكَذَا أَوْ قَالَ: قَالَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ كَذَا، أَوْ فَعَلَ كَذَا، أَوْ كَانَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ يَفْعَلُ، وَشِبْهُ ذَلِكَ، فَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَجَمَاعَةٌ: لَا تَلْتَحِقُ أَنَّ وَشِبْهُهَا بِعَنْ بَلْ يَكُونُ مُنْقَطِعًا حَتَّى يَتَبَيَّنَ السَّمَاعُ، وَقَالَ الْجُمْهُورُ: (أَنَّ) كَـ (عَنْ) ، وَمُطْلَقُهُ مَحْمُولٌ عَلَى السَّمَاعِ بِالشَّرْطِ الْمُتَقَدِّمِ.   [تدريب الراوي] قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: مَنْ حَكَمَ بِالِانْقِطَاعِ مُطْلَقًا شَدَّدَ، وَيَلِيهِ مَنْ شَرَطَ طُولَ الصُّحْبَةِ، وَمَنِ اكْتَفَى بِالْمُعَاصَرَةِ سَهَّلَ، وَالْوَسَطُ الَّذِي لَيْسَ بَعْدَهُ إِلَّا التَّعَنُّتُ مَذْهَبُ الْبُخَارِيِّ، وَمَنْ وَافَقَهُ، وَمَا أَوْرَدَهُ مُسْلِمٌ عَلَيْهِمْ، مِنْ لُزُومِ رَدِّ الْمُعَنْعَنِ دَائِمًا، لِاحْتِمَالِ عَدَمِ السَّمَاعِ لَيْسَ بِوَارِدٍ ; لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ مَفْرُوضَةٌ فِي غَيْرِ الْمُدَلِّسِ، وَمَنْ عَنْعَنَ مَا لَمْ يَسْمَعْهُ فَهُوَ مُدَلِّسٌ. قَالَ وَقَدْ وَجَدْتُ فِي بَعْضِ الْأَخْبَارِ وُرُودَ عَنْ فِيمَا لَمْ يُمْكِنْ سَمَاعُهُ مِنَ الشَّيْخِ، وَإِنْ كَانَ الرَّاوِي سَمِعَ مِنْهُ الْكَثِيرَ، كَمَا رَوَاهُ أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَبَّابِ بْنِ الْأَرَتِّ أَنَّهُ خَرَجَ عَلَيْهِ الْحَرُورِيَّةُ، فَقَتَلُوهُ حَتَّى جَرَى (ق 74 \ أ) دَمُهُ فِي النَّهْرِ، فَهَذَا لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ أَبُو إِسْحَاقَ سَمِعَهُ مِنَ ابْنِ خَبَّابٍ، كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمَقْتُولُ. قُلْتُ: السَّمَاعُ إِنَّمَا يَكُونُ مُعْتَبَرًا فِي الْقَوْلِ، وَأَمَّا الْفِعْلُ، فَالْمُعْتَبَرُ فِيهِ الْمُشَاهَدَةُ، وَهَذَا وَاضِحٌ. (وَكَثُرَ فِي هَذِهِ الْأَعْصَارِ اسْتِعْمَالُ عَنْ فِي الْإِجَازَةِ، فَإِذَا قَالَ أَحَدُهُمْ) مَثَلًا (قَرَأْتُ عَلَى فُلَانٍ، عَنْ فُلَانٍ، فَمُرَادُهُ أَنَّهُ رَوَاهُ عَنْهُ بِالْإِجَازَةِ) ، وَذَلِكَ لَا يُخْرِجُهُ، عَنِ الِاتِّصَالِ. [الثاني استعمال أن وعن في الإجازة] (الثَّانِي: إِذَا قَالَ) الرَّاوِي، كَمَالِكٍ مَثَلًا: (حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ أَنَّ ابْنَ الْمُسَيَّبِ حَدَّثَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 247 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] بِكَذَا أَوْ قَالَ) الزُّهْرِيُّ: (قَالَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ كَذَا، أَوْ فَعَلَ كَذَا، أَوْ) قَالَ (كَانَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ يَفْعَلُ، وَشِبْهَ ذَلِكَ. فَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَجَمَاعَةٌ) مِنْهُمْ فِيمَا حَكَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، عَنِ الْبَرْدِيجِيِّ (لَا تَلْتَحِقُ أَنَّ وَشِبْهُهَا بِعَنْ) فِي الِاتِّصَالِ، (بَلْ يَكُونُ مُنْقَطِعًا، حَتَّى يَتَبَيَّنَ السَّمَاعُ) فِي ذَلِكَ الْخَبَرِ بِعَيْنِهِ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى. (وَقَالَ الْجُمْهُورُ) فِيمَا حَكَاهُ عَنْهُمُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ مِنْهُمْ: مَالِكٌ (أَنَّ كَعَنْ) فِي الِاتِّصَالِ، (وَمُطْلَقُهُ مَحْمُولٌ عَلَى السَّمَاعِ بِالشَّرْطِ الْمُتَقَدِّمِ) مِنَ اللِّقَاءِ، وَالْبَرَاءَةِ مِنَ التَّدْلِيسِ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَلَا اعْتِبَارَ بِالْحُرُوفِ، وَالْأَلْفَاظِ، وَإِنَّمَا هُوَ بِاللِّقَاءِ، وَالْمُجَالَسَةِ، وَالسَّمَاعِ، وَالْمُشَاهَدَةِ. قَالَ: وَلَا مَعْنَى لِاشْتِرَاطِ تَبَيُّنِ السَّمَاعِ لِإِجْمَاعِهِمْ عَلَى أَنَّ الْإِسْنَادَ الْمُتَّصِلَ بِالصَّحَابِيِّ سَوَاءٌ أَتَى فِيهِ بِعَنْ، أَوْ بِأَنَّ، أَوْ بَقَالَ أَوْ بِسَمِعْتُ فَكُلُّهُ مُتَّصِلٌ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَلِقَائِلٍ أَنْ يُفَرِّقَ بِأَنَّ لِلصَّحَابِيِّ مَزِيَّةً حَيْثُ يُعْمَلُ بِإِرْسَالِهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ. قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَوَجَدْتُ مِثْلَ مَا حُكِيَ عَنِ الْبَرْدِيجِيِّ لِلْحَافِظِ يَعْقُوبَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُسْنَدِهِ، فَإِنَّهُ ذَكَرَ مَا رَوَاهُ أَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ، «عَنْ عَمَّارٍ قَالَ: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 248 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] أَتَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يُصَلِّي فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ عَلَيَّ السَّلَامَ» ، وَجَعَلَهُ مُسْنَدًا مَوْصُولًا. وَذَكَرَ رِوَايَةَ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ لِذَلِكَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ «أَنَّ عَمَّارًا مَرَّ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (ق 74 \ ب) وَهُوَ يُصَلِّي» ، فَجَعَلَهُ مُرْسَلًا مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ، قَالَ: إِنَّ عَمَّارًا فَعَلَ، وَلَمْ يَقُلْ، عَنْ عَمَّارٍ انْتَهَى. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَلَمْ يَقَعْ عَلَى مَقْصُودِ يَعْقُوبَ، وَبَيَانُ ذَلِكَ: أَنَّ مَا فَعَلَهُ يَعْقُوبُ هُوَ صَوَابٌ مِنَ الْعَمَلِ، وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ عَمَلُ النَّاسِ، وَهُوَ لَمْ يَجْعَلْهُ مُرْسَلًا مِنْ حَيْثُ لَفْظُ أَنَّ بَلْ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ لَمْ يَسْنِدْ حِكَايَةَ الْقِصَّةِ إِلَى عَمَّارٍ، وَإِلَّا فَلَوْ قَالَ: إِنَّ عَمَّارًا، قَالَ: مَرَرْتُ لَمَا جَعَلَهُ مُرْسَلًا، فَلَمَّا أَتَى بِلَفْظِ إِنَّ عَمَّارًا مَرَّ، كَانَ مُحَمَّدٌ هُوَ الْحَاكِيَ لِقِصَّةٍ لَمْ يُدْرِكْهَا ; لِأَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ مُرُورَ عَمَّارٍ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَكَانَ نَقْلُهُ لِذَلِكَ مُرْسَلًا. قَالَ: وَالْقَاعِدَةُ أَنَّ الرَّاوِيَ إِذَا رَوَى حَدِيثًا فِي قِصَّةٍ أَوْ وَاقِعَةٍ، فَإِنْ كَانَ أَدْرَكَ مَا رَوَاهُ بِأَنْ حَكَى قِصَّةً وَقَعَتْ بَيْنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبَيْنَ بَعْضِ الصَّحَابَةِ، وَالرَّاوِي لِذَلِكَ صَحَابِيٌّ أَدْرَكَ تِلْكَ الْوَاقِعَةَ، فَهِيَ مَحْكُومٌ لَهَا بِالِاتِّصَالِ، وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ شَاهَدَهَا، وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ تِلْكَ الْوَاقِعَةَ، فَهُوَ مُرْسَلُ صَحَابِيٍّ، وَإِنْ كَانَ الرَّاوِي تَابِعِيًّا فَهُوَ مُنْقَطِعٌ، وَإِنْ رَوَى التَّابِعِيُّ، عَنِ الصَّحَابِيِّ قِصَّةً أَدْرَكَ وُقُوعَهَا، فَمُتَّصِلٌ، وَكَذَا إِنْ لَمْ يُدْرِكْ وُقُوعَهَا، وَلَكِنْ أَسْنَدَهَا لَهُ وَإِلَّا فَمُنْقَطِعَةٌ. قَالَ: وَقَدْ حَكَى اتِّفَاقَ أَهْلِ التَّمْيِيزِ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ عَلَى ذَلِكَ، ابْنُ الْمَوَّاقِ. قَالَ: وَمَا حَكَاهُ ابْنُ الصَّلَاحِ: قِيلَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ مِنْ أَنَّ عَنْ وَأَنَّ لَيْسَا سَوَاءً مُنَزَّلٌ أَيْضًا عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ، فَإِنَّ الْخَطِيبَ رَوَاهُ فِي " الْكِفَايَةِ " بِسَنَدِهِ إِلَى أَبِي دَاوُدَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 249 الثَّالِثُ: التَّعْلِيقُ الَّذِي يَذْكُرُهُ الْحُمَيْدِيُّ وَغَيْرُهُ فِي أَحَادِيثَ مِنْ كِتَابِ الْبُخَارِيِّ، وَسَبَقَهُمْ بِاسْتِعْمَالِهِ الدَّارَقُطْنِيُّ، صُورَتُهُ أَنْ يُحْذَفَ مِنْ أَوَّلِ الْإِسْنَادِ وَاحِدٌ فَأَكْثَرُ، وَكَأَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ تَعْلِيقِ الْجِدَارِ أَوِ الطَّلَاقِ لِقَطْعِ الِاتِّصَالِ، وَاسْتَعْمَلَهُ بَعْضُهُمْ فِي حَذْفِ كُلِّ الْإِسْنَادِ كَقَوْلِهِ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَوْ عَطَاءٌ أَوْ غَيْرُهُ كَذَا، وَهَذَا التَّعْلِيقُ لَهُ حُكْمُ الصَّحِيحِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي نَوْعِ الصَّحِيحِ، وَلَمْ يَسْتَعْمِلُوا التَّعْلِيقَ فِي غَيْرِ صِيغَةِ الْجَزْمِ كَيُرْوَى عَنْ فُلَانٍ كَذَا، أَوْ يُقَالُ عَنْهُ، وَيُذْكَرُ، وَيُحْكَى، وَشِبْهِهَا بَلْ خَصُّوا بِهِ صِيغَةَ الْجَزْمِ، كَقَالَ، وَفَعَلَ، وَأَمَرَ، وَنَهَى، وَذَكَرَ، وَحَكَى، وَلَمْ يَسْتَعْمِلُوهُ فِيمَا سَقَطَ وَسَطُ إِسْنَادِهِ.   [تدريب الراوي] ، قَالَ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ قِيلَ لَهُ: إِنَّ رَجُلًا قَالَ: قَالَ عُرْوَةُ: إِنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَعَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ سَوَاءٌ قَالَ: كَيْفَ هَذَا سَوَاءٌ؟ لَيْسَ هَذَا بِسَوَاءٍ. فَإِنَّمَا فَرَّقَ أَحْمَدُ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ ; لِأَنَّ عُرْوَةَ فِي اللَّفْظِ الْأَوَّلِ لَمْ يُسْنِدْ ذَلِكَ إِلَى عَائِشَةَ، وَلَا أَدْرَكَ الْقِصَّةَ، فَكَانَتْ مُرْسَلَةً، وَأَمَّا اللَّفْظُ الثَّانِي فَأَسْنَدَ ذَلِكَ إِلَيْهَا بِالْعَنْعَنَةِ، فَكَانَتْ مُتَّصِلَةً انْتَهَى. تَنْبِيهٌ كَثُرَ اسْتِعْمَالُ أَنَّ أَيْضًا فِي هَذِهِ الْأَعْصَارِ فِي الْإِجَازَةِ، وَهَذَا وَمَا تَقَدَّمَ فِي عَنْ فِي الْمَشَارِقَةِ، أَمَّا الْمَغَارِبَةُ فَيَسْتَعْمِلُونَهَا فِي السَّمَاعِ وَالْإِجَازَةِ مَعًا، وَهَذَانِ الْفَرْعَانِ (ق 75 \ أ) حَقُّهُمَا أَنْ يُفْرَدَا بِنَوْعٍ يُسَمَّى الْمُعَنْعَنَ كَمَا صَنَعَ ابْنُ جَمَاعَةَ وَغَيْرُهُ. [الثالث حكم التعليق الذي يذكره البخاري والحميدي وصورته] (الثَّالِثُ: التَّعْلِيقُ الَّذِي يَذْكُرُهُ الْحُمَيْدِيُّ، وَغَيْرُهُ) مِنَ الْمَغَارِبَةِ (فِي أَحَادِيثَ مِنْ كِتَابِ الْبُخَارِيِّ، وَسَبَقَهُمْ بِاسْتِعْمَالِهِ الدَّارَقُطْنِيُّ، صُورَتُهُ أَنْ يُحْذَفَ مِنْ أَوَّلِ الْإِسْنَادِ وَاحِدٌ فَأَكْثَرُ) عَلَى التَّوَالِي بِصِيغَةِ الْجَزْمِ، وَيُعْزَى الْحَدِيثُ إِلَى مَنْ فَوْقِ الْمَحْذُوفِ مِنْ رُوَاتِهِ، وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُعْضَلِ عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مِنْ وَجْهٍ، فَيُجَامِعُهُ فِي حَذْفِ اثْنَيْنِ فَصَاعِدًا، وَيُفَارِقُهُ فِي حَذْفِ وَاحِدٍ، وَفِي اخْتِصَاصِهِ بِأَوَّلِ السَّنَدِ. (وَكَأَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ تَعْلِيقِ الْجِدَارِ أَوِ الطَّلَاقِ لِقَطْعِ الِاتِّصَالِ) فِيهِمَا. (وَاسْتَعْمَلَهُ بَعْضُهُمْ فِي حَذْفِ كُلِّ الْإِسْنَادِ، كَقَوْلِهِ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 250 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، أَوْ عَطَاءٌ، أَوْ غَيْرُهُ كَذَا) ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ أَصْحَابُ الْأَطْرَافِ لِأَنَّ مَوْضُوعَ كُتُبِهِمْ بَيَانُ مَا فِي الْأَسَانِيدِ مِنِ اخْتِلَافٍ أَوْ غَيْرِهِ. (وَهَذَا التَّعْلِيقُ لَهُ حُكْمُ الصَّحِيحِ) إِذَا وَقَعَ فِي كِتَابٍ الْتُزِمَتْ صِحَّتُهُ، (كَمَا تَقَدَّمَ فِي) الْمَسْأَلَةِ الرَّابِعَةِ مِنْ (نَوْعِ الصَّحِيحِ. وَلَمْ يَسْتَعْمِلُوا التَّعْلِيقَ فِي غَيْرِ صِيغَةِ الْجَزْمِ، كَيُرْوَى عَنْ فُلَانٍ كَذَا، أَوْ يُقَالُ عَنْهُ، وَيُذْكَرُ وَيُحْكَى وَشِبْهِهَا، بَلْ خَصُّوا بِهِ صِيغَةَ الْجَزْمِ، كَقَالَ وَفَعَلَ، وَأَمَرَ، وَنَهَى، وَذَكَرَ، وَحَكَى) ، كَذَا قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَقَدِ اسْتَعْمَلَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي غَيْرِ الْمَجْزُومِ بِهِ، مِنْهُمُ الْحَافِظُ أَبُو الْحَجَّاجِ الْمِزِّيُّ حَيْثُ أَوْرَدَ فِي الْأَطْرَافِ مَا فِي الْبُخَارِيِّ مِنْ ذَلِكَ مُعَلِّمًا عَلَيْهِ عَلَامَةَ التَّعْلِيقِ. بَلِ الْمُصَنِّفُ نَفْسُهُ أَوْرَدَ فِي الرِّيَاضِ حَدِيثَ عَائِشَةَ: «أُمِرْنَا أَنْ نُنْزِلَ النَّاسَ مَنَازِلَهُمْ» ، وَقَالَ ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ تَعْلِيقًا، فَقَالَ: وَذُكِرَ عَنْ عَائِشَةَ. (وَلَمْ يَسْتَعْمِلُوهُ فِيمَا سَقَطَ وَسَطُ إِسْنَادِهِ) ; لِأَنَّ لَهُ اسْمًا يَخُصُّهُ مِنَ الِانْقِطَاعِ، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 251 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَالْإِرْسَالِ، وَالْإِعْضَالِ. أَمَّا مَا عَزَاهُ الْبُخَارِيُّ لِبَعْضِ شُيُوخِهِ بِصِيغَةِ: قَالَ فُلَانٌ، وَزَادَ فُلَانٌ، وَنَحْوُ فُلَانٍ، وَنَحْوُ ذَلِكَ، فَلَيْسَ حُكْمُهُ حُكْمَ التَّعْلِيقِ، عَنْ شُيُوخِ شُيُوخِهِ وَمَنْ فَوْقَهُمْ (ق 75 \ ب) ، بَلْ حُكْمُهُ حُكْمُ الْعَنْعَنَةِ مِنَ الِاتِّصَالِ بِشَرْطِ اللِّقَاءِ وَالسَّلَامَةِ مِنَ التَّدْلِيسِ، كَذَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ. قَالَ: وَبَلَغَنِي عَنْ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنَ الْمَغَارِبَةِ أَنَّهُ جَعَلَهُ قِسْمًا مِنَ التَّعْلِيقِ ثَانِيًا، وَأَضَافَ إِلَيْهِ قَوْلَ الْبُخَارِيِّ، وَقَالَ لِي فُلَانٌ، وَزَادَنَا فُلَانٌ، فَوَسَمَ كُلَّ ذَلِكَ بِالتَّعَلُّقِ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ هَاهُنَا هُوَ الصَّوَابُ، وَقَدْ خَالَفَ ذَلِكَ فِي نَوْعِ الصَّحِيحِ، فَجُعِلَ مِنْ أَمْثِلَةِ التَّعْلِيقِ قَوْلُ الْبُخَارِيِّ: قَالَ عَفَّانُ كَذَا، وَقَالَ الْقَعْنَبِيُّ كَذَا، وَهُمَا مِنْ شُيُوخِ الْبُخَارِيِّ ; وَالَّذِي عَلَيْهِ عَمَلُ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ، كَابْنِ دَقِيقِ الْعِيدِ وَالْمِزِّيِّ أَنَّ لِذَلِكَ حُكْمَ الْعَنْعَنَةِ. قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ هُنَا: وَقَدْ قَالَ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ حَمْدَانَ النَّيْسَابُورِيُّ، وَهُوَ أَعْرَفُ بِالْبُخَارِيِّ: كُلُّ مَا قَالَ الْبُخَارِيُّ: قَالَ لِي فُلَانٌ، أَوْ قَالَ لَنَا، فَهُوَ عَرْضٌ وَمُنَاوَلَةٌ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 252 الرَّابِعُ: إِذَا رَوَى بَعْضُ الثِّقَاتِ الضَّابِطِينَ الْحَدِيثَ مُرْسَلًا، وَبَعْضُهُمْ مُتَّصِلًا، أَوْ بَعْضُهُمْ مَوْقُوفًا، وَبَعْضُهُمْ مَرْفُوعًا، أَوْ وَصَلَهُ هُوَ أَوْ رَفَعَهُ فِي وَقْتٍ أَوْ أَرْسَلَهُ وَوَقَفَهُ فِي وَقْتٍ فَالصَّحِيحُ أَنَّ الْحُكْمَ لِمَنْ وَصَلَهُ أَوْ رَفَعَهُ سَوَاءٌ كَانَ الْمُخَالِفُ لَهُ مِثْلَهُ أَوْ أَكْثَرَ ; لِأَنَّ ذَلِكَ زِيَادَةُ ثِقَةٍ وَهِيَ مَقْبُولَةٌ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ الْحُكْمُ لِمَنْ أَرْسَلَهُ، أَوْ وَقَفَهُ، قَالَ الْخَطِيبُ: وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْمُحَدِّثِينَ، وَعِنْدَ بَعْضِهِمُ الْحُكْمُ لِلْأَكْثَرِ وَبَعْضِهِمْ لِلْأَحْفَظِ، وَعَلَى هَذَا لَوْ أَرْسَلَهُ أَوْ وَقَفَهُ الْأَحْفَظُ لَا يَقْدَحُ الْوَصْلُ وَالرَّفْعُ فِي عَدَالَةِ رَاوِيهِ، وَقِيلَ: يَقْدَحُ فِيهِ وَصْلُهُ مَا أَرْسَلَهُ الْحُفَّاظُ.   [تدريب الراوي] وَقَالَ غَيْرُهُ: الْمُعْتَمَدُ فِي ذَلِكَ مَا حَقَّقَهُ الْخَطِيبُ مِنْ أَنَّ قَالَ لَيْسَتْ كَعَنْ، فَإِنَّ الِاصْطِلَاحَ فِيهَا مُخْتَلِفٌ، فَبَعْضُهُمْ يَسْتَعْمِلُهَا فِي السَّمَاعِ دَائِمًا كَحَجَّاجِ بْنِ مُوسَى الْمِصِّيصِيِّ الْأَعْوَرِ، وَبَعْضُهُمْ بِالْعَكْسِ لَا يَسْتَعْمِلُهَا إِلَّا فِيمَا لَمْ يَسْمَعْهُ دَائِمًا، وَبَعْضُهُمْ تَارَةً كَذَا، وَتَارَةً كَذَا كَالْبُخَارِيِّ، فَلَا يُحْكَمُ عَلَيْهَا بِحُكْمٍ مُطَّرِدٍ. وَمِثْلُ قَالَ " ذَكَرَ " اسْتَعْمَلَهَا أَبُو قُرَّةَ فِي سُنَنِهِ فِي السَّمَاعِ، لَمْ يَذْكُرْ سِوَاهَا فِيمَا سَمِعَهُ مِنْ شُيُوخِهِ فِي جَمِيعِ الْكِتَابِ. تَنْبِيهٌ فَرَّقَ ابْنُ الصَّلَاحِ وَالْمُصَنِّفُ أَحْكَامَ الْمُعَلَّقِ فَذَكَرَا بَعْضَهُ هُنَا، وَهُوَ حَقِيقَتُهُ، وَبَعْضُهُ فِي نَوْعِ الصَّحِيحِ، وَهُوَ حُكْمُهُ، وَأَحْسَنُ مِنْ صَنِيعِهِمَا صَنِيعُ الْعِرَاقِيِّ حَيْثُ جَمَعَهُمَا فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ فِي نَوْعِ الصَّحِيحِ، وَأَحْسَنُ مِنْ ذَلِكَ صَنِيعُ ابْنِ جَمَاعَةَ حَيْثُ أَفْرَدَهُ بِنَوْعٍ مُسْتَقِلٍّ هُنَا. [الرابع رواية بَعْضُ الثِّقَاتِ الضَّابِطِينَ الْحَدِيثَ مُرْسَلًا وَبَعْضُهُمْ مُتَّصِلًا أَوْ بَعْضُهُمْ مَوْقُوفًا وَبَعْضُهُمْ مَرْفُوعًا] (الرَّابِعُ إِذَا رَوَى بَعْضُ الثِّقَاتِ الضَّابِطِينَ الْحَدِيثَ مُرْسَلًا، وَبَعْضُهُمْ مُتَّصِلًا، أَوْ بَعْضُهُمْ مَوْقُوفًا، وَبَعْضُهُمْ مَرْفُوعًا، أَوْ وَصَلَهُ هُوَ أَوْ رَفَعَهُ فِي وَقْتٍ، أَوْ أَرْسَلَهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 253 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَوَقَفَهُ فِي وَقْتٍ آخَرَ. (فَالصَّحِيحُ) عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ وَالْأُصُولِ (أَنَّ الْحُكْمَ لِمَنْ وَصَلَهُ (ق 76 \ أ) أَوْ رَفَعَهُ، سَوَاءٌ كَانَ الْمُخَالِفُ لَهُ مِثْلَهُ) فِي الْحِفْظِ وَالْإِتْقَانِ، (أَوْ أَكْثَرَ) مِنْهُ (لِأَنَّ ذَلِكَ) أَيِ الرَّفْعَ وَالْوَصْلَ، (زِيَادَةُ ثِقَةٍ، وَهِيَ مَقْبُولَةٌ) عَلَى مَا سَيَأْتِي. وَقَدْ سُئِلَ الْبُخَارِيُّ، عَنْ حَدِيثِ «لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ» ، وَهُوَ حَدِيثٌ اخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ فَرَوَاهُ شُعْبَةُ، وَالثَّوْرِيُّ عَنْهُ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُرْسَلًا، وَرَوَاهُ إِسْرَائِيلُ بْنُ يُونُسَ فِي آخَرِينَ، عَنْ جَدِّهِ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ مُوسَى مُتَّصِلًا، فَحَكَمَ الْبُخَارِيُّ لِمَنْ وَصَلَهُ، وَقَالَ: الزِّيَادَةُ مِنَ الثِّقَةِ مَقْبُولَةٌ، هَذَا مَعَ أَنَّ مَنْ أَرْسَلَهُ شُعْبَةُ وَسُفْيَانُ، وَهُمَا جَبَلَانِ فِي الْحِفْظِ وَالْإِتْقَانِ. وَقِيلَ: لَمْ يَحْكُمِ الْبُخَارِيُّ بِذَلِكَ لِمُجَرَّدِ الزِّيَادَةِ، بَلْ لِأَنَّ لِحُذَّاقِ الْمُحَدِّثِينَ نَظَرًا آخَرَ وَهُوَ الرُّجُوعُ فِي ذَلِكَ إِلَى الْقَرَائِنِ دُونَ الْحُكْمِ بِحُكْمٍ مُطَّرِدٍ، وَإِنَّمَا حَكَمَ الْبُخَارِيُّ لِهَذَا الْحَدِيثِ بِالْوَصْلِ ; لِأَنَّ الَّذِي وَصَلَهُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ سَبْعَةٌ: مِنْهُمْ إِسْرَائِيلُ حَفِيدُهُ، وَهُوَ أَثْبَتُ النَّاسِ فِي حَدِيثِهِ، لِكَثْرَةِ مُمَارَسَتِهِ لَهُ، وَلِأَنَّ شُعْبَةَ، وَسُفْيَانَ سَمِعَاهُ مِنْهُ فِي مَجْلِسِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 254 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَاحِدٍ بِدَلِيلِ رِوَايَةِ الطَّيَالِسِيِّ فِي مُسْنَدِهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ يَقُولُ لِأَبِي إِسْحَاقَ: أَحَدَّثَكَ أَبُو بُرْدَةَ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، فَرَجَعَا كَأَنَّهُمَا وَاحِدٌ، فَإِنَّ شُعْبَةَ إِنَّمَا رَوَاهُ بِالسَّمَاعِ عَلَى أَبِي إِسْحَاقَ بِقِرَاءَةِ سُفْيَانَ، وَحَكَمَ التِّرْمِذِيُّ فِي جَامِعِهِ بِأَنَّ رِوَايَةَ الَّذِينَ وَصَلُوهُ أَصَحُّ. قَالَ: لِأَنَّ سَمَاعَهُمْ مِنْهُ فِي أَوْقَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ، وَشُعْبَةُ وَسُفْيَانُ سَمِعَاهُ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ، وَأَيْضًا سُفْيَانُ لَمْ يَقُلْ لَهُ: وَلَمْ يُحَدِّثْكَ بِهِ أَبُو بُرْدَةَ إِلَّا مُرْسَلًا، وَكَانَ سُفْيَانُ قَالَ لَهُ: أَسَمِعْتَ الْحَدِيثَ مِنْهُ، فَقَصْدُهُ إِنَّمَا هُوَ السُّؤَالُ، عَنْ سَمَاعِهِ لَهُ لَا كَيْفِيَّةِ رِوَايَتِهِ لَهُ. (وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: الْحُكْمُ لِمَنْ أَرْسَلَهُ، أَوْ وَقَفَهُ، قَالَ الْخَطِيبُ: وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْمُحَدِّثِينَ. وَعَنْ بَعْضِهِمُ الْحُكْمُ لِلْأَكْثَرِ) . عَنْ (بَعْضِهِمْ) الْحُكْمُ (ق 76 \ ب) (لِلْأَحْفَظِ، وَعَلَى هَذَا) الْقَوْلِ (لَوْ أَرْسَلَهُ، أَوْ وَقَفَهُ الْأَحْفَظُ لَا يَقْدَحُ الْوَصْلُ وَالرَّفْعُ فِي عَدَالَةِ رَاوِيهِ) ، وَمُسْنَدُهُ مِنَ الْحَدِيثِ غَيْرُ الَّذِي أَرْسَلَهُ، (وَقِيلَ يَقْدَحُ فِيهِ وَصْلُهُ مَا أَرْسَلَهُ) ، أَوْ رَفْعُهُ مَا وَقَفَهُ (الْحُفَّاظُ) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 255 النَّوْعُ الثَّانِيَ عَشَرَ: التَّدْلِيسُ وَهُوَ قِسْمَانِ، الْأَوَّلُ: تَدْلِيسُ الْإِسْنَادِ بِأَنْ يَرْوِيَ عَمَّنْ عَاصَرَهُ مَا لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْهُ مُوهِمًا سَمَاعَهُ، قَائِلًا: قَالَ فُلَانٌ، أَوْ عَنْ فُلَانٍ وَنَحْوَهُ، وَرُبَّمَا لَمْ يُسْقِطْ شَيْخَهُ وَأَسْقَطَ غَيْرَهُ ضَعِيفًا أَوْ صَغِيرًا تَحْسِينًا لِلْحَدِيثِ، الثَّانِي: تَدْلِيسُ الشُّيُوخِ بِأَنْ يُسَمِّيَ شَيْخَهُ أَوْ يُكَنِّيَهُ أَوْ يَنْسُبَهُ أَوْ يَصِفَهُ بِمَا لَا يُعْرَفُ.   [تدريب الراوي] وَصَحَّحَ الْأُصُولِيُّونَ فِي تَعَارُضِ ذَلِكَ مِنْ وَاحِدٍ فِي أَوْقَاتٍ أَنَّ الْحُكْمَ لَمَّا وَقَعَ مِنْهُ أَكْثَرَ، فَإِنْ كَانَ الْوَصْلُ أَوِ الرَّفْعُ أَكْثَرَ قُدِّمَ، أَوْ ضِدَّهُمَا فَكَذَلِكَ. قُلْتُ: بَقِيَ عَلَيْهِمْ مَا إِذَا اسْتَوَيَا، بِأَنْ وَقَعَ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي وَقْتٍ فَقَطْ، أَوْ وَقْتَيْنِ فَقَطْ فَائِدَةٌ: قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: لَا تَعَارُضَ بَيْنَ مَا وَرَدَ مَرْفُوعًا مَرَّةً، وَمَوْقُوفًا عَلَى الصَّحَابِيِّ أُخْرَى ; لِأَنَّهُ يَكُونُ قَدْ رَوَاهُ، وَأَفْتَى بِهِ. [النَّوْعُ الثَّانِيَ عَشَرَ التَّدْلِيسُ] [أقسام التَّدْلِيسُ] (النَّوْعُ الثَّانِيَ عَشَرَ: التَّدْلِيسُ، وَهُوَ قِسْمَانِ) بَلْ ثَلَاثَةٌ أَوْ أَكْثَرُ كَمَا سَيَأْتِي. (الْأَوَّلُ: تَدْلِيسُ الْإِسْنَادِ بِأَنْ يَرْوِيَ عَمَّنْ عَاصَرَهُ) ، زَادَ ابْنُ الصَّلَاحِ: أَوْ لَقِيَهُ (مَا لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْهُ) ، بَلْ سَمِعَهُ، عَنْ رَجُلٍ عَنْهُ (مُوهِمًا سَمَاعَهُ) حَيْثُ أَوْرَدَهُ بِلَفْظٍ يُوهِمُ الِاتِّصَالَ، وَلَا يَقْتَضِيهِ (قَائِلًا: قَالَ فُلَانٌ، أَوْ عَنْ فُلَانٍ، وَنَحْوَهُ) وَكَأَنَّ فُلَانًا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَاصَرَهُ فَلَيْسَ الرِّوَايَةُ عَنْهُ بِذَلِكَ تَدْلِيسًا عَلَى الْمَشْهُورِ. وَقَالَ قَوْمٌ إِنَّهُ تَدْلِيسٌ، فَحَدُّوهُ بِأَنْ يُحَدِّثَ الرَّجُلُ، عَنِ الرَّجُلِ بِمَا لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْهُ بِلَفْظٍ لَا يَقْتَضِي تَصْرِيحًا بِالسَّمَاعِ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَعَلَى هَذَا فَمَا سَلِمَ أَحَدٌ مِنَ التَّدْلِيسِ، لَا مَالُكٌ، وَلَا غَيْرُهُ. وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ، وَأَبُو الْحَسَنِ بْنُ الْقَطَّانِ: هُوَ أَنْ يَرْوِيَ عَمَّنْ سَمِعَ مِنْهُ مَا لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَذْكُرَ أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْهُ. وَقَالَ: وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِرْسَالِ أَنَّ الْإِرْسَالَ رِوَايَتُهُ عَمَّنْ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 256 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ هُوَ الْمَشْهُورُ. وَقَيَّدَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ بِقِسْمِ اللِّقَاءِ، وَجَعَلَ قِسْمَ الْمُعَاصَرَةِ إِرْسَالًا خَفِيًّا، وَمِثْلُ قَالَ وَعَنْ وَأَنَّ مَا لَوْ أَسْقَطَ أَدَاةَ الرِّوَايَةِ، وَسَمَّى الشَّيْخَ فَقَطْ، فَيَقُولُ فُلَانٌ. قَالَ عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ: كُنَّا عِنْدَ ابْنِ عُيَيْنَةَ فَقَالَ: الزُّهْرِيُّ، فَقِيلَ لَهُ: حَدَّثَكُمُ الزُّهْرِيُّ؟ فَسَكَتَ، ثُمَّ قَالَ: الزُّهْرِيُّ (ق 77 \ أ) فَقِيلَ لَهُ: سَمِعْتَهُ مِنَ الزُّهْرِيِّ فَقَالَ: لَا، وَلَا مِمَّنْ سَمِعَهُ مِنَ الزُّهْرِيِّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، لَكِنْ سَمَّى شَيْخُ الْإِسْلَامِ هَذَا تَدْلِيسَ الْقَطْعِ. (وَرُبَّمَا لَمْ يُسْقِطْ شَيْخَهُ، وَأَسْقَطَ غَيْرَهُ) أَيْ شَيْخَ شَيْخِهِ، أَوْ أَعْلَى مِنْهُ ; لِكَوْنِهِ (ضَعِيفًا) ، وَشَيْخُهُ ثِقَةً، (أَوْ صَغِيرًا) ، وَأَتَى فِيهِ بِلَفْظٍ مُحْتَمِلٍ، عَنِ الثِّقَةِ الثَّانِي، (تَحْسِينًا لِلْحَدِيثِ) ، وَهَذَا مِنْ زَوَائِدِ الْمُصَنِّفِ عَلَى ابْنِ الصَّلَاحِ، وَهُوَ قِسْمٌ آخَرُ مِنَ التَّدْلِيسِ يُسَمَّى تَدْلِيسَ التَّسْوِيَةِ. سَمَّاهُ بِذَلِكَ ابْنُ الْقَطَّانِ، وَهُوَ شَرُّ أَقْسَامِهِ ; لِأَنَّ الثِّقَةَ الْأَوَّلَ قَدْ لَا يَكُونُ مَعْرُوفًا بِالتَّدْلِيسِ، وَيَجِدُهُ الْوَاقِفُ عَلَى السَّنَدِ كَذَلِكَ بَعْدَ التَّسْوِيَةِ، قَدْ رَوَاهُ، عَنْ ثِقَةٍ آخَرَ فَيَحْكُمُ لَهُ بِالصِّحَّةِ، وَفِيهِ غُرُورٌ شَدِيدٌ، وَمِمَّنِ اشْتُهِرَ بِفِعْلِ ذَلِكَ بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ. قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي الْعِلَلِ: سَمِعْتُ أَبِي، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ الَّذِي رَوَاهُ إِسْحَاقُ ابْنُ رَاهَوَيْهِ، عَنْ بَقِيَّةَ: حَدَّثَنِي أَبُو وَهْبٍ الْأَسَدِيُّ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ حَدِيثَ: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 257 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] «لَا تَحْمَدُوا إِسْلَامَ الْمَرْءِ حَتَّى تَعْرِفُوا عُقْدَةَ رَأْيِهِ» ، فَقَالَ أَبِي: هَذَا الْحَدِيثُ لَهُ عِلَّةٌ قَلَّ مَنْ يَفْهَمُهَا، رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ كُنْيَتُهُ أَبُو وَهْبٍ، وَهُوَ أَسَدِيٌّ، فَكَنَّاهُ بَقِيَّةُ، وَنَسَبَهُ إِلَى بَنِي أَسَدٍ كَيْ لَا يُفْطَنُ لَهُ، حَتَّى إِذَا تُرِكَ إِسْحَاقُ لَا يُهْتَدَى لَهُ، قَالَ: وَكَانَ بَقِيَّةُ مِنْ أَفْعَلِ النَّاسِ لِهَذَا. وَمِمَّنْ عُرِفَ بِهِ أَيْضًا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ. قَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: كَانَ يُحَدِّثُ بِأَحَادِيثِ الْأَوْزَاعِيِّ مِنَ الْكَذَّابِينَ، ثُمَّ يُدَلِّسُهَا عَنْهُمْ. وَقَالَ صَالِحٌ جَزَرَةُ: سَمِعْتُ الْهَيْثَمَ بْنَ خَارِجَةَ يَقُولُ: قُلْتُ لِلْوَلِيدِ: قَدْ أَفْسَدْتَ حَدِيثَ الْأَوْزَاعِيِّ، قَالَ: كَيْفَ؟ قُلْتُ: تَرْوِي عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ نَافِعٍ وَعَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ وَعَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، وَغَيْرُكَ يُدْخِلُ بَيْنَ الْأَوْزَاعِيِّ وَبَيْنَ نَافِعٍ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَامِرٍ الْأَسْلَمِيَّ، وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الزُّهْرِيِّ أَبَا الْهَيْثَمِ قُرَّةَ (ق 77 \ ب) [فَمَا يَحْمِلُكَ عَلَى هَذَا؟] قَالَ: أُجِلُّ الْأَوْزَاعِيَّ أَنْ يَرْوِيَ عَنْ مِثْلِ هَؤُلَاءِ، قُلْتُ فَإِذَا رَوَى [الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ] هَؤُلَاءِ، وَهُمْ ضُعَفَاءُ أَحَادِيثَ مَنَاكِيرَ، فَأَسْقَطْتَهُمْ أَنْتَ، وَصَيَّرْتَهَا مِنْ رِوَايَةِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنِ الثِّقَاتِ، ضَعُفَ الْأَوْزَاعِيُّ، فَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَى قَوْلِي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 258 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] قَالَ الْخَطِيبُ: وَكَانَ الْأَعْمَشُ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ يَفْعَلُونَ مِثْلَ هَذَا. قَالَ الْعَلَائِيُّ: وَبِالْجُمْلَةِ فَهَذَا النَّوْعُ أَفْحَشُ أَنْوَاعِ التَّدْلِيسِ مُطْلَقًا وَشَرُّهَا. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَهُوَ قَادِحٌ فِيمَنْ تَعَمَّدَ فِعْلَهُ. وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: لَا شَكَّ أَنَّهُ جَرْحٌ، وَإِنْ وُصِفَ بِهِ الثَّوْرِيُّ، وَالْأَعْمَشُ، فَالِاعْتِذَارُ أَنَّهُمَا لَا يَفْعَلَانِهِ إِلَّا فِي حَقِّ مَنْ يَكُونُ ثِقَةً عِنْدَهُمَا ضَعِيفًا عِنْدَ غَيْرِهِمَا. قَالَ: ثُمَّ ابْنُ الْقَطَّانِ إِنَّمَا سَمَّاهُ تَسْوِيَةً بِدُونِ لَفْظِ التَّدْلِيسِ، فَيَقُولُ: سَوَّاهُ فُلَانٌ، وَهَذِهِ تَسْوِيَةٌ، وَالْقُدَمَاءُ يُسَمُّونَهُ تَجْوِيدًا، فَيَقُولُونَ جَوَّدَهُ فُلَانٌ، أَيْ ذَكَرَ مَنْ فِيهِ مِنَ الْأَجْوَادِ، وَحَذَفَ غَيْرَهُمْ. قَالَ: وَالتَّحْقِيقُ أَنْ يُقَالَ: مَتَى قِيلَ تَدْلِيسُ التَّسْوِيَةِ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنَ الثِّقَاتِ الَّذِينَ حُذِفَتْ بَيْنَهُمُ الْوَسَائِطُ فِي ذَلِكَ الْإِسْنَادِ، قَدِ اجْتَمَعَ الشَّخْصُ مِنْهُمْ بِشَيْخِ شَيْخِهِ فِي ذَلِكَ الْحَدِيثِ، وَإِنْ قِيلَ: تَسْوِيَةٌ بِدُونِ لَفْظِ التَّدْلِيسِ لَمْ يَحْتَجْ إِلَى اجْتِمَاعِ أَحَدٍ مِنْهُمْ بِمَنْ فَوْقَهُ، كَمَا فَعَلَ مَالِكٌ، فَإِنَّهُ لَمْ يَقَعْ فِي التَّدْلِيسِ أَصْلًا، وَوَقَعَ فِي هَذَا، فَإِنَّهُ يَرْوِي عَنْ ثَوْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَثَوْرٌ لَمْ يَلْقَهُ وَإِنَّمَا رَوَى، عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْهُ فَأَسْقَطَ عِكْرِمَةَ لِأَنَّهُ غَيْرُ حُجَّةٍ عِنْدَهُ، وَعَلَى هَذَا يُفَارِقُ الْمُنْقَطِعَ، بِأَنَّ شَرْطَ السَّاقِطِ هُنَا أَنْ يَكُونَ ضَعِيفًا، فَهُوَ مُنْقَطِعٌ خَاصٌّ. ثُمَّ زَادَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ تَدْلِيسَ الْعَطْفِ، وَمَثَّلَهُ بِمَا فَعَلَ هُشَيْمٌ، فِيمَا نَقَلَهُ عَنْهُ الْحَاكِمُ، وَالْخَطِيبُ، أَنَّ أَصْحَابَهُ قَالُوا لَهُ: نُرِيدُ أَنْ تُحَدِّثَنَا الْيَوْمَ شَيْئًا لَا يَكُونُ فِيهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 259 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] تَدْلِيسٌ، فَقَالَ: خُذُوا، ثُمَّ أَمْلَى عَلَيْهِمْ مَجْلِسًا يَقُولُ فِي كُلِّ حَدِيثٍ مِنْهُ: حَدَّثَنَا فُلَانٌ وَفُلَانٌ، ثُمَّ يَسُوقُ السَّنَدَ وَالْمَتْنَ، فَلَمَّا فَرَغَ (ق 78 \ أ) قَالَ: هَلْ دَلَّسْتُ لَكُمُ الْيَوْمَ شَيْئًا؟ قَالُوا: لَا قَالَ بَلَى، كُلُّ مَا قُلْتُ فِيهِ وَفُلَانٌ ; فَإِنِّي لَمْ أَسْمَعْهُ مِنْهُ. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: وَهَذِهِ الْأَقْسَامُ كُلُّهَا يَشْمَلُهَا تَدْلِيسُ الْإِسْنَادِ، فَاللَّائِقُ مَا فَعَلَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ مِنْ تَقْسِيمِهِ قِسْمَيْنِ فَقَطْ، قُلْتُ: وَمِنْ أَقْسَامِهِ أَيْضًا مَا ذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي حَفْصٍ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ الَمُقَدَّمِيِّ، أَنَّهُ كَانَ يُدَلِّسُ تَدْلِيسًا شَدِيدًا، يَقُولُ: سَمِعْتُ، وَحَدَّثَنَا، ثُمَّ يَسْكُتُ، ثُمَّ يَقُولُ: هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، الْأَعْمَشُ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: كَانَ يَقُولُ حَجَّاجٌ: سَمِعْتُهُ، يَعْنِي حَدَّثَنَا آخَرُ. وَقَالَ جَمَاعَةٌ: كَانَ أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ يَقُولُ: لَيْسَ أَبُو عُبَيْدَةَ ذَكَرَهُ، وَلَكِنْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْأَسْوَدِ، عَنْ أَبِيهِ، فَقَوْلُهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ تَدْلِيسٌ يُوهِمُ أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْهُ. وَقَسَّمَهُ الْحَاكِمُ إِلَى سِتَّةِ أَقْسَامٍ: الْأَوَّلُ: قَوْمٌ لَمْ يُمَيِّزُوا بَيْنَ مَا سَمِعُوهُ، وَمَا لَمْ يَسْمَعُوهُ. الثَّانِي: قَوْمٌ يُدَلِّسُونَ، فَإِذَا وَقَعَ لَهُمْ مَنْ يُنَفِّرُ عَنْهُمْ، وَيَلِجُ فِي سَمَاعَاتِهِمْ ذَكَرُوا لَهُ، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 260 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَمَثَّلَهُ بِمَا حَكَى ابْنُ خَشْرَمٍ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ. الثَّالِثُ: قَوْمٌ دَلَّسُوا عَنْ مَجْهُولِينَ لَا يُدْرَى مَنْ هُمْ، وَمَثَّلَهُ بِمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ الْمَدِينِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي حُسَيْنٌ الْأَشْقَرُ، حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ نَوْفٍ قَالَ: بِتُّ عِنْدَ عَلِيٍّ، فَذَكَرَ كَلَامًا، قَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ فَقُلْتُ لِحُسَيْنٍ: مِمَّنْ سَمِعْتَ هَذَا؟ فَقَالَ: حَدَّثَنِيهِ شُعَيْبٌ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ نَوْفٍ، فَقُلْتُ لِشُعَيْبٍ: مَنْ حَدَّثَكَ بِهَذَا؟ فَقَالَ: أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْجَصَّاصُ، فَقُلْتُ: عَمَّنْ؟ قَالَ:، عَنْ حَمَّادٍ الْقَصَّارِ، فَلَقِيتُ حَمَّادًا، فَقُلْتُ لَهُ: مَنْ حَدَّثَكَ بِهَذَا؟ قَالَ: بَلَغَنِي عَنْ فَرْقَدٍ السَّبَخِيِّ، عَنْ نَوْفٍ. فَإِذَا هُوَ قَدْ دَلَّسَ عَنْ ثَلَاثَةٍ وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ مَجْهُولٌ، وَحَمَّادٌ لَا يُدْرَى مَنْ هُوَ، وَبَلَغَهُ عَنْ فَرْقَدٍ، وَفَرْقَدٌ لَمْ يُدْرِكْ نَوْفًا. الرَّابِعُ: قَوْمٌ دَلَّسُوا عَنْ قَوْمٍ سَمِعُوا مِنْهُمُ الْكَثِيرَ، وَرُبَّمَا فَاتَهُمُ الشَّيْءُ عَنْهُمْ، فَيُدَلِّسُونَهُ (ق 78 \ ب) . الْخَامِسُ: قَوْمٌ رَوَوْا عَنْ شُيُوخٍ لَمْ يَرَوْهُمْ، فَيَقُولُونَ: قَالَ فُلَانٌ، فَحُمِلَ ذَلِكَ عَنْهُمْ عَلَى السَّمَاعِ وَلَيْسَ عِنْدَهُمْ سَمَاعٌ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَهَذِهِ الْخَمْسَةُ كُلُّهَا دَاخِلَةٌ تَحْتَ تَدْلِيسِ الْإِسْنَادِ، وَذَكَرَ السَّادِسَ، وَهُوَ تَدْلِيسُ الشُّيُوخِ الْآتِي. الْقِسْمُ الثَّانِي (تَدْلِيسُ الشُّيُوخِ بِأَنْ يُسَمِّيَ شَيْخَهُ أَوْ يُكَنِّيَهُ، أَوْ يَصِفَهُ بِمَا لَا يُعْرَفُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 261 أَمَّا الْأَوَّلُ فَمَكْرُوهٌ جِدًّا، ذَمَّهُ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ، ثُمَّ قَالَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ: مَنْ عُرِفَ بِهِ صَارَ مَجْرُوحًا مَرْدُودَ الرِّوَايَةِ وَإِنْ بَيَّنَ السَّمَاعَ، وَالصَّحِيحُ التَّفْصِيلُ، فَمَا رَوَاهُ بِلَفْظٍ مُحْتَمِلٍ لَمْ يُبَيِّنْ فِيهِ السَّمَاعَ فَمُرْسَلٌ، وَمَا بَيَّنَهُ فِيهِ كَسَمِعْتُ، وَحَدَّثَنَا، وَأَخْبَرَنَا وَشِبْهِهَا فَمَقْبُولٌ مُحْتَجٌّ بِهِ، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ هَذَا الضَّرْبِ كَثِيرٌ، كَقَتَادَةَ، وَالسُّفْيَانَيْنِ وَغَيْرِهِمْ، وَهَذَا الْحُكْمُ جَارٍ فِيمَنْ دَلَّسَ مَرَّةً، وَمَا كَانَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَشِبْهِهِمَا، عَنِ الْمُدَلِّسِينَ بِعَنْ مَحْمُولٌ عَلَى ثُبُوتِ السَّمَاعِ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى، وَأَمَّا الثَّانِي فَكَرَاهَتُهُ أَخَفُّ، وَسَبَبُهَا تَوْعِيرُ طَرِيقِ مَعْرِفَتِهِ، وَتَخْتَلِفُ الْحَالُ فِي كَرَاهَتِهِ بِحَسَبِ غَرَضِهِ، لِكَوْنِ الْمُغَيَّرِ اسْمُهُ ضَعِيفًا، أَوْ صَغِيرًا، أَوْ مُتَأَخِّرَ الْوَفَاةِ، أَوْ سَمِعَ مِنْهُ كَثِيرًا، فَامْتَنَعَ مِنْ تَكْرَارِهِ عَلَى صُورَةٍ، وَتَسَمَّحَ الْخَطِيبُ وَغَيْرُهُ بِهَذَا.   [تدريب الراوي] قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: وَيَدْخُلُ أَيْضًا فِي هَذَا الْقِسْمِ التَّسْوِيَةُ، بِأَنْ يَصِفَ شَيْخَ شَيْخِهِ بِذَلِكَ. [حكم التَّدْلِيسُ] (أَمَّا) الْقِسْمُ (الْأَوَّلُ فَمَكْرُوهٌ جِدًّا، ذَمَّهُ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ) ، وَبَالَغَ شُعْبَةُ فِي ذَمِّهِ، فَقَالَ: لَأَنْ أَزْنِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُدَلِّسَ. وَقَالَ: التَّدْلِيسُ أَخُو الْكَذِبِ. قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَهَذَا مِنْهُ إِفْرَاطٌ، مَحْمُولٌ عَلَى الْمُبَالَغَةِ فِي الزَّجْرِ عَنْهُ وَالتَّنْفِيرِ. (ثُمَّ قَالَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ) مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَالْفُقَهَاءِ (مَنْ عُرِفَ بِهِ صَارَ مَجْرُوحًا مَرْدُودَ الرِّوَايَةِ) مُطْلَقًا، (وَإِنْ بَيَّنَ السَّمَاعَ) . وَقَالَ جُمْهُورُ مَنْ يَقْبَلُ الْمُرْسَلَ: يَقْبَلُ مُطْلَقًا، حَكَاهُ الْخَطِيبُ. وَنَقْلُ الْمُصَنِّفِ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ الِاتِّفَاقَ عَلَى رَدِّ مَا عَنْعَنَهُ تَبَعًا لِلْبَيْهَقِيِّ وَابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ مَحْمُولٌ عَلَى اتِّفَاقِ مَنْ لَا يَحْتَجُّ بِالْمُرْسَلِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 262 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] لَكِنْ حَكَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، عَنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ أَنَّهُمْ قَالُوا: يُقْبَلُ تَدْلِيسُ ابْنِ عُيَيْنَةَ ; لِأَنَّهُ إِذَا وَقَفَ أَحَالَ عَلَى ابْنِ جُرَيْجٍ وَمَعْمَرٍ وَنُظَرَائِهِمَا. وَرَجَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ قَالَ: وَهَذَا شَيْءٌ لَيْسَ فِي الدُّنْيَا إِلَّا لِسُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، فَإِنَّهُ كَانَ يُدَلِّسُ وَلَا يُدَلِّسُ إِلَّا عَنْ ثِقَةٍ مُتْقِنٍ، وَلَا يَكَادُ يُوجَدُ لَهُ خَبَرٌ دَلَّسَ فِيهِ إِلَّا وَقَدْ بَيَّنَ سَمَاعَهُ، عَنْ ثِقَةٍ مِثْلِ ثِقَتِهِ، ثُمَّ مَثَّلَ ذَلِكَ بِمَرَاسِيلِ كِبَارِ التَّابِعِينَ، فَإِنَّهُمْ لَا يُرْسِلُونَ إِلَّا عَنْ صَحَابِيٍّ. وَسَبَقَهُ إِلَى ذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ، وَأَبُو الْفَتْحِ الْأَزْدِيُّ، وَعِبَارَةُ الْبَزَّارِ: مَنْ كَانَ يُدَلِّسُ عَنِ الثِّقَاتِ كَانَ تَدْلِيسُهُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ مَقْبُولًا. وَفِي الدَّلَائِلِ لِأَبِي بَكْرٍ الصَّيْرَفِيِّ: مَنْ ظَهَرَ تَدْلِيسُهُ (ق 79 \ أ) عَنْ غَيْرِ الثِّقَاتِ، لَمْ يُقْبَلْ خَبَرُهُ حَتَّى يَقُولَ: حَدَّثَنِي، أَوْ سَمِعْتُ. فَعَلَى هَذَا هُوَ قَوْلٌ ثَالِثٌ مُفَصَّلٌ غَيْرُ التَّفْصِيلِ الْآتِي. قَالَ الْمُصَنِّفُ كَابْنِ الصَّلَاحِ: وَعَزَى لِلْأَكْثَرِينَ مِنْهُمُ الشَّافِعِيُّ وَابْنُ الْمَدِينِيِّ، وَابْنُ مَعِينٍ وَآخَرُونَ (وَالصَّحِيحُ التَّفْصِيلُ فَمَا رَوَاهُ بِلَفْظٍ مُحْتَمِلٍ، لَمْ يُبَيِّنْ فِيهِ السَّمَاعَ، فَمُرْسَلٌ) لَا يُقْبَلُ، (وَمَا بَيَّنَ فِيهِ كَسَمِعْتُ، وَحَدَّثَنَا، وَأَخْبَرَنَا، وَشِبْهِهَا، فَمَقْبُولٌ يُحْتَجُّ بِهِ، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ، وَغَيْرِهِمَا مِنْ هَذَا الضَّرْبِ كَثِيرٌ كَقَتَادَةَ وَالسُّفْيَانَيْنِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 263 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَغَيْرِهِمْ) كَعَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَالْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ ; لِأَنَّ التَّدْلِيسَ لَيْسَ كَذِبًا، وَإِنَّمَا هُوَ ضَرْبٌ مِنَ الْإِيهَامِ. (وَهَذَا الْحُكْمُ جَارٍ) كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ (فِيمَنْ دَلَّسَ مَرَّةً) وَاحِدَةً. (وَمَا كَانَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَشِبْهِهِمَا) مِنَ الْكُتُبِ الصَّحِيحَةِ، (، عَنِ الْمُدَلِّسِينَ بِعَنْ، فَمَحْمُولٌ عَلَى ثُبُوتِ السَّمَاعِ) لَهُ (مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى) وَإِنَّمَا اخْتَارَ صَاحِبُ الصَّحِيحِ طَرِيقَ الْعَنْعَنَةِ عَلَى طَرِيقِ التَّصْرِيحِ بِالسَّمَاعِ، لِكَوْنِهَا عَلَى شَرْطِهِ دُونَ تِلْكَ. وَفَصَّلَ بَعْضُهُمْ تَفْصِيلًا آخَرَ، فَقَالَ: إِنْ كَانَ الْحَامِلُ لَهُ عَلَى التَّدْلِيسِ تَغْطِيَةَ الضَّعِيفِ فَجَرْحٌ ; لِأَنَّ ذَلِكَ حَرَامٌ وَغِشٌّ وَإِلَّا فَلَا. (وَأَمَّا) الْقِسْمُ (الثَّانِي، فَكَرَاهَتُهُ أَخَفُّ) مِنَ الْأَوَّلِ، (وَسَبَبُهَا تَوْعِيرُ طَرِيقِ مَعْرِفَتِهِ) عَلَى السَّامِعِ، كَقَوْلِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُجَاهِدٍ أَحَدِ أَئِمَّةِ الْقُرَّاءِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، يُرِيدُ أَبَا بَكْرِ بْنَ أَبِي دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيَّ، وَفِيهِ تَضْيِيعٌ لِلْمَرْوِيِّ عَنْهُ وَالْمَرْوِيِّ أَيْضًا ; لِأَنَّهُ قَدْ لَا يُفْطَنُ لَهُ، فَيُحْكَمُ عَلَيْهِ بِالْجَهَالَةِ. (وَتَخْتَلِفُ الْحَالُ فِي كَرَاهَتِهِ بِحَسَبِ غَرَضِهِ) ، فَإِنْ كَانَ (لِكَوْنِ الْمُغَيَّرِ اسْمُهُ ضَعِيفًا) ، فَيُدَلِّسُهُ حَتَّى لَا يُظْهِرَ رِوَايَتَهُ، عَنِ الضُّعَفَاءِ، فَهُوَ شَرُّ هَذَا الْقِسْمِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَيْسَ بِجَرْحٍ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 264 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَجَزَمَ ابْنُ الصَّبَّاغِ فِي الْعُدَّةِ بِأَنَّ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ لِكَوْنِ شَيْخِهِ غَيْرَ ثِقَةٍ عِنْدَ النَّاسِ، فَغَيَّرَهُ لِيُقْبَلَ خَبَرُهُ، يَجِبُ أَنْ لَا يُقْبَلَ خَبَرُهُ، (ق 79 \ ب) وَإِنْ كَانَ هُوَ يَعْتَقِدُ فِيهِ الثِّقَةَ فَقَدْ غَلِطَ فِي ذَلِكَ، لِجَوَازِ أَنْ يَعْرِفَ غَيْرُهُ مِنْ جَرْحِهِ مَا لَا يَعْرِفُهُ هُوَ. وَقَالَ الْآمِدِيُّ إِنْ فَعَلَهُ لِضَعْفِهِ فَجَرْحٌ، أَوْ لِضَعْفِ نَسَبِهِ، أَوْ لِاخْتِلَافِهِمْ فِي قَبُولِ رِوَايَتِهِ فَلَا. وَقَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ: إِنْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ سُئِلَ عَنْهُ لَمْ يُبَيِّنْهُ، فَجَرْحٌ، وَإِلَّا فَلَا. وَمَنَعَ بَعْضُهُمْ إِطْلَاقَ اسْمِ التَّدْلِيسِ عَلَى هَذَا، رَوَى الْبَيْهَقِيُّ فِي " الْمَدْخَلِ "، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَامِرٍ: كَانَ الثَّوْرِيُّ يُدَلِّسُ؟ قَالَ: لَا، قُلْتُ: أَلَيْسَ إِذَا دَخَلَ كُورَةً يَعْلَمُ أَنَّ أَهْلَهَا لَا يَكْتُبُونَ حَدِيثَ رَجُلٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ، وَإِذَا عُرِفَ الرَّجُلُ بِالِاسْمِ كَنَّاهُ، وَإِذَا عُرِفَ بِالْكُنْيَةِ سَمَّاهُ، قَالَ: هَذَا تَزْيِينٌ لَيْسَ بِتَدْلِيسٍ. (أَوْ) لِكَوْنِهِ (صَغِيرًا) فِي السِّنِّ، (أَوْ مُتَأَخِّرَ الْوَفَاةِ) حَتَّى شَارَكَهُ فِيهِ مَنْ هُوَ دُونَهُ، فَالْأَمْرُ فِيهِ سَهْلٌ. (أَوْ سَمِعَ مِنْهُ كَثِيرًا، فَامْتَنَعَ مِنْ تَكْرَارِهِ عَلَى صُورَةٍ) وَاحِدَةٍ، إِيهَامًا لِكَثْرَةِ الشُّيُوخِ، أَوْ تَفَنُّنًا فِي الْعِبَارَةِ، فَسَهْلٌ أَيْضًا، (وَ) قَدْ (تَسَمَّحَ الْخَطِيبُ وَغَيْرُهُ) مِنَ الرُّوَاةِ الْمُصَنِّفِينَ (بِهَذَا) . 1 - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 265 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] تَنْبِيهٌ مِنْ أَقْسَامِ التَّدْلِيسِ مَا هُوَ عَكْسُ هَذَا، وَهُوَ إِعْطَاءُ شَخْصٍ اسْمَ آخَرَ مَشْهُورٍ تَشْبِيهًا، ذَكَرَهُ ابْنُ السُّبْكِيِّ فِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ، قَالَ: كَقَوْلِنَا أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، يَعْنِي الذَّهَبِيَّ تَشْبِيهًا بِالْبَيْهَقِيِّ، حَيْثُ يَقُولُ ذَلِكَ يَعْنِي بِهِ الْحَاكِمَ. وَكَذَا إِيهَامُ اللُّقَى وَالرِّحْلَةِ، كَحَدَّثَنَا مَنْ وَرَاءَ النَّهْرِ، يُوهِمُ أَنَّهُ جَيْحُونُ، وَيُرِيدُ نَهْرَ عِيسَى بِبَغْدَادَ، أَوِ الْجِيزَةِ بِمِصْرَ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِجَرْحٍ قَطْعًا ; لِأَنَّ ذَلِكَ مِنَ الْمَعَارِيضِ لَا مِنَ الْكَذِبِ. قَالَهُ الْآمِدِيُّ فِي الْأَحْكَامِ، وَابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ فِي " الِاقْتِرَاحِ ". 1 - فَائِدَةٌ قَالَ الْحَاكِمُ: أَهْلُ الْحِجَازِ، وَالْحَرَمَيْنِ، وَمِصْرَ، وَالْعَوَالِي، وَخُرَاسَانَ، وَالْجِبَالِ، وَأَصْبَهَانَ، وَبِلَادِ فَارِسَ، وَخُوزِسْتَانَ، وَمَا وَرَاءَ النَّهْرِ: لَا يُعْلَمُ أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّتِهِمْ دَلَّسُوا. قَالَ: وَأَكْثَرُ الْمُحَدِّثِينَ تَدْلِيسًا أَهْلُ الْكُوفَةِ، وَنَفَرٌ يَسِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ. قَالَ: وَأَمَّا أَهْلُ بَغْدَادَ فَلَمْ يُذْكَرْ (ق 80 \ أ) ، عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِهَا التَّدْلِيسُ، إِلَّا أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْبَاغَنْدِيَّ الْوَاسِطِيَّ، فَهُوَ أَوَّلُ مَنْ أَحْدَثَ التَّدْلِيسَ بِهَا، وَمَنْ دَلَّسَ مِنْ أَهْلِهَا إِنَّمَا تَبِعَهُ فِي ذَلِكَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 266 النَّوْعُ الثَّالِثَ عَشَرَ: الشَّاذُّ هُوَ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَجَمَاعَةٍ مِنْ عُلَمَاءِ الْحِجَازِ: مَا رَوَى الثِّقَةُ مُخَالِفًا لِرِوَايَةِ النَّاسِ لَا أَنْ يَرْوِيَ مَا لَا يَرْوِي غَيْرُهُ، قَالَ الْخَلِيلِيُّ: وَالَّذِي عَلَيْهِ حُفَّاظُ الْحَدِيثِ، أَنَّ الشَّاذَّ مَا لَيْسَ لَهُ إِلَّا إِسْنَادٌ وَاحِدٌ يَشِذُّ بِهِ ثِقَةٌ، أَوْ غَيْرُهُ، فَمَا كَانَ عَنْ غَيْرِ ثِقَةٍ فَمَتْرُوكٌ، وَمَا كَانَ عَنْ ثِقَةٍ تُوُقِّفَ فِيهِ، وَلَا يُحْتَجُّ بِهِ، وَقَالَ الْحَاكِمُ: هُوَ مَا انْفَرَدَ بِهِ ثِقَةٌ وَلَيْسَ لَهُ أَصْلٌ بِمُتَابِعٍ. وَمَا ذَكَرَاهُ مُشْكِلٌ بِأَفْرَادِ الْعَدْلِ الضَّابِطِ كَحَدِيثِ «إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» ، وَالنَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الْوَلَاءِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا فِي الصَّحِيحِ، فَالصَّحِيحُ التَّفْصِيلُ: فَإِنْ كَانَ بِتَفَرُّدِهِ مُخَالِفًا أَحْفَظَ مِنْهُ وَأَضْبَطَ، كَانَ شَاذًّا مَرْدُودًا وَإِنْ لَمْ يُخَالِفِ الرَّاوِي، فَإِنْ كَانَ عَدْلًا حَافِظًا مَوْثُوقًا بِضَبْطِهِ كَانَ تَفَرُّدُهُ صَحِيحًا، وَإِنْ لَمْ يُوثَقْ بِضَبْطِهِ، وَلَمْ يَبْعُدْ عَنْ دَرَجَةِ الضَّابِطِ كَانَ حَسَنًا، وَإِنْ بَعُدَ كَانَ شَاذًّا مُنْكَرًا مَرْدُودًا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الشَّاذَّ الْمَرْدُودَ: هُوَ الْفَرْدُ الْمُخَالِفُ وَالْفَرْدُ الَّذِي لَيْسَ فِي رُوَاتِهِ مِنَ الثِّقَةِ وَالضَّبْطِ مَا يُجْبَرُ بِهِ تَفَرُّدُهُ.   [تدريب الراوي] وَقَدْ أَفْرَدَ الْخَطِيبُ كِتَابًا فِي أَسْمَاءِ الْمُدَلِّسِينَ ثُمَّ ابْنُ عَسَاكِرَ. 1 - فَائِدَةٌ اسْتُدِلَّ عَلَى أَنَّ التَّدْلِيسَ غَيْرُ حَرَامٍ، بِمَا أَخْرَجَهُ ابْنُ عَدِيٍّ، عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: لَمْ يَكُنْ فِينَا فَارِسٌ يَوْمَ بَدْرٍ إِلَّا الْمِقْدَادَ، قَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ: قَوْلُهُ فِينَا ; يَعْنِي الْمُسْلِمِينَ ; لِأَنَّ الْبَرَاءَ لَمْ يَشْهَدْ بَدْرًا. [النَّوْعُ الثَّالِثَ عَشَرَ الشَّاذُّ] (النَّوْعُ الثَّالِثَ عَشَرَ: الشَّاذُّ، وَهُوَ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَجَمَاعَةٍ مِنْ عُلَمَاءِ الْحِجَازِ: مَا رَوَى الثِّقَةُ مُخَالِفًا لِرِوَايَةِ النَّاسِ، لَا أَنْ يَرْوِيَ) الثِّقَةُ (مَا لَا يَرْوِي غَيْرُهُ) ، هُوَ مِنْ تَتِمَّةِ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ. (قَالَ) الْحَافِظُ أَبُو يَعْلَى (الْخَلِيلِيُّ: وَالَّذِي عَلَيْهِ حُفَّاظُ الْحَدِيثِ أَنَّ الشَّاذَّ مَا لَيْسَ لَهُ إِلَّا إِسْنَادٌ وَاحِدٌ يَشِذُّ بِهِ ثِقَةٌ أَوْ غَيْرُهُ، فَمَا كَانَ) مِنْهُ (عَنْ غَيْرِ ثِقَةٍ فَمَتْرُوكٌ) لَا يُقْبَلُ، (وَمَا كَانَ عَنْ ثِقَةٍ تُوُقِّفَ فِيهِ وَلَا يُحْتَجُّ بِهِ) . فَجُعِلَ الشَّاذُّ مُطْلَقَ التَّفَرُّدِ لَا مَعَ اعْتِبَارِ الْمُخَالَفَةِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 267 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] (وَقَالَ الْحَاكِمُ: هُوَ مَا انْفَرَدَ بِهِ ثِقَةٌ، وَلَيْسَ لَهُ أَصْلٌ بِمُتَابِعٍ) لِذَلِكَ الثِّقَةِ. قَالَ: وَيُغَايِرُ الْمُعَلَّلَ بِأَنَّ ذَلِكَ وُقِفَ عَلَى عِلَّتِهِ الدَّالَّةِ عَلَى جِهَةِ الْوَهْمِ فِيهِ، وَالشَّاذُّ لَمْ يُوقَفْ فِيهِ عَلَى عِلَّةٍ كَذَلِكَ. فَجَعَلَ الشَّاذَّ تَفَرُّدَ الثِّقَةِ، فَهُوَ أَخَصُّ مِنْ قَوْلِ الْخَلِيلِيِّ. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: وَبَقِيَ مِنْ كَلَامِ الْحَاكِمِ: وَيَنْقَدِحُ فِي نَفَسِ النَّاقِدِ أَنَّهُ غَلِطَ، وَلَا يَقْدِرُ عَلَى إِقَامَةِ الدَّلِيلِ عَلَى ذَلِكَ، قَالَ: وَهَذَا الْقَيْدُ لَا بُدَّ مِنْهُ، قَالَ: وَإِنَّمَا يُغَايِرُ الْمُعَلَّلَ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ، قَالَ: وَهَذَا عَلَى هَذَا أَدَقُّ مِنَ الْمُعَلَّلِ بِكَثِيرٍ، فَلَا يَتَمَكَّنُ مِنَ الْحُكْمِ بِهِ إِلَّا مَنْ مَارَسَ الْفَنَّ غَايَةَ الْمُمَارَسَةِ، وَكَانَ فِي الذُّرْوَةِ مِنَ الْفَهْمِ الثَّاقِبِ وَرُسُوخِ الْقَدَمِ فِي الصِّنَاعَةِ. قُلْتُ: وَلِعُسْرِهِ لَمْ يُفْرِدْهُ أَحَدٌ بِالتَّصْنِيفِ، وَمِنْ أَوْضَحِ أَمْثِلَتِهِ مَا أَخْرَجَهُ فِي " الْمُسْتَدْرَكِ " مِنْ طَرِيقِ عُبَيْدِ بْنِ غَنَّامٍ النَّخَعِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: (ق 80 \ ب) فِي كُلِّ أَرْضٍ نَبِيٌّ كَنَبِيِّكُمْ، وَآدَمُ كَآدَمَ وَنُوحٌ كَنُوحٍ، وَإِبْرَاهِيمُ كَإِبْرَاهِيمَ، وَعِيسَى كَعِيسَى، وَقَالَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ. وَلَمْ أَزَلْ أَتَعَجَّبُ مِنْ تَصْحِيحِ الْحَاكِمِ لَهُ، حَتَّى رَأَيْتُ الْبَيْهَقِيَّ قَالَ: إِسْنَادُهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 268 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] صَحِيحٌ، وَلَكِنَّهُ شَاذٌّ بِمَرَّةٍ. قَالَ الْمُصَنِّفُ كَابْنِ الصَّلَاحِ، (وَمَا ذَكَرَاهُ) ; أَيِ الْخَلِيلِيُّ وَالْحَاكِمُ (مُشْكِلٌ) ، فَإِنَّهُ يُنْتَقَضُ (بِأَفْرَادِ الْعَدْلِ الضَّابِطِ) الْحَافِظِ (كَحَدِيثِ «إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» ) ، فَإِنَّهُ حَدِيثٌ فَرْدٌ تَفَرَّدَ بِهِ عُمَرُ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ عَلْقَمَةُ عَنْهُ، ثُمَّ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، ثُمَّ عَنْهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ. (وَ) كَحَدِيثِ (النَّهْيِ، عَنْ بَيْعِ الْوَلَاءِ) ، وَهِبَتِهِ، تَفَرَّدَ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ. (وَغَيْرِ ذَلِكَ) مِنَ الْأَحَادِيثِ الْأَفْرَادِ (مِمَّا) أُخْرِجَ (فِي الصَّحِيحِ) ، كَحَدِيثِ مَالِكٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ دَخَلَ مَكَّةَ وَعَلَى رَأْسِهِ الْمِغْفَرُ» . تَفَرَّدَ بِهِ مَالِكٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 269 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] فَكُلُّ هَذِهِ مُخَرَّجَةٌ فِي الصَّحِيحِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إِلَّا إِسْنَادٌ وَاحِدٌ، تَفَرَّدَ بِهِ ثِقَةٌ. وَقَدْ قَالَ مُسْلِمٌ: لِلزُّهْرِيِّ نَحْوُ تِسْعِينَ حَرْفًا يَرْوِيهِ، وَلَا يُشَارِكُهُ فِيهِ أَحَدٌ بِأَسَانِيدَ جِيَادٍ. قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: فَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ، وَغَيْرُهُ مِنْ مَذَاهِبِ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ يُبَيِّنُ لَكَ أَنَّهُ لَيْسَ الْأَمْرُ فِي ذَلِكَ عَلَى الْإِطْلَاقِ الَّذِي قَالَاهُ، وَحِينَئِذٍ (فَالصَّحِيحُ التَّفْصِيلُ فَإِنْ كَانَ) الثِّقَةُ (بِتَفَرُّدِهِ مُخَالِفًا أَحْفَظَ مِنْهُ، وَأَضْبَطَ) . عِبَارَةُ ابْنِ الصَّلَاحِ: لِمَا رَوَاهُ مَنْ هُوَ أَوْلَى مِنْهُ بِالْحِفْظِ لِذَلِكَ. وَعِبَارَةُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ: لِمَنْ هُوَ أَرْجَحُ مِنْهُ لِمَزِيدِ ضَبْطٍ، أَوْ كَثْرَةِ عَدَدٍ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ وُجُوهِ التَّرْجِيحَاتِ. (كَانَ) مَا انْفَرَدَ بِهِ (شَاذًّا مَرْدُودًا) . قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: وَمُقَابِلُهُ يُقَالُ لَهُ: الْمَحْفُوظُ. قَالَ: مِثَالُهُ. مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَوْسَجَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ رَجُلًا تُوُفِّيَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يَدَعْ وَارِثًا إِلَّا مَوْلًى هُوَ أَعْتَقَهُ» ، الْحَدِيثَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 270 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَتَابَعَ ابْنَ عُيَيْنَةَ عَلَى وَصْلِهِ ابْنُ جُرَيْجٍ وَغَيْرُهُ (ق 81 \ أ) ، وَخَالَفَهُمْ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، فَرَوَاهُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَوْسَجَةَ، وَلَمْ يَذْكُرِ ابْنَ عَبَّاسٍ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: الْمَحْفُوظُ حَدِيثُ ابْنِ عُيَيْنَةَ. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: فَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ مِنْ أَهْلِ الْعَدَالَةِ وَالضَّبْطِ، وَمَعَ ذَلِكَ رَجَّحَ أَبُو حَاتِمٍ رِوَايَةَ مَنْ هُمْ أَكْثَرُ عَدَدًا مِنْهُ، قَالَ: وَعُرِفَ مِنْ هَذَا التَّقْرِيرِ: أَنَّ الشَّاذَّ مَا رَوَاهُ الْمَقْبُولُ مُخَالِفًا لِمَنْ هُوَ أَوْلَى مِنْهُ، قَالَ: وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ فِي حَدِّ الشَّاذِّ بِحَسَبِ الِاصْطِلَاحِ. وَمِنْ أَمْثِلَتِهِ فِي الْمَتْنِ: مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ فَلْيَضْطَجِعْ عَنْ يَمِينِهِ» . قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: خَالَفَ عَبْدُ الْوَاحِدِ الْعَدَدَ الْكَثِيرَ فِي هَذَا، فَإِنَّ النَّاسَ إِنَّمَا رَوَوْهُ مِنْ فِعْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا مِنْ قَوْلِهِ: وَانْفَرَدَ عَبْدُ الْوَاحِدِ مِنْ بَيْنِ ثِقَاتِ أَصْحَابِ الْأَعْمَشِ بِهَذَا اللَّفْظِ. (وَإِنْ لَمْ يُخَالِفِ الرَّاوِيَ) بِتَفَرُّدِهِ غَيْرُهُ، وَإِنَّمَا رَوَى أَمْرًا لَمْ يَرْوِهِ غَيْرُهُ، فَيُنْظَرُ فِي هَذَا الرَّاوِي الْمُنْفَرِدِ، (فَإِنْ كَانَ عَدْلًا، حَافِظًا مَوْثُوقًا بِضَبْطِهِ، كَانَ تَفَرُّدُهُ صَحِيحًا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 271 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَإِنْ لَمْ يُوثَقْ بِضَبْطِهِ، وَ) لَكِنْ (لَمْ يَبْعُدْ عَنْ دَرَجَةِ الضَّابِطِ، كَانَ) مَا انْفَرَدَ بِهِ (حَسَنًا، وَإِنْ بَعُدَ) مِنْ ذَلِكَ (كَانَ شَاذًّا مُنْكَرًا مَرْدُودًا. وَالْحَاصِلُ إِنَّ الشَّاذَّ الْمَرْدُودَ هُوَ الْفَرْدُ الْمُخَالِفُ، وَالْفَرْدُ الَّذِي لَيْسَ فِي رُوَاتِهِ مِنَ الثِّقَةِ، وَالضَّبْطِ مَا يُجْبَرُ بِهِ تَفَرُّدُهُ) ، وَهُوَ بِهَذَا التَّفْسِيرِ يُجَامِعُ الْمُنْكَرَ وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ. 1 - تَنْبِيهٌ مَا تَقَدَّمَ مِنَ الِاعْتِرَاضِ عَلَى الْخَلِيلِيِّ وَالْحَاكِمِ بِأَفْرَادِ الصَّحِيحِ، أَوْرَدَ عَلَيْهِ أَمْرَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُمَا إِنَّمَا ذَكَرَا تَفَرُّدَ الثِّقَةِ، فَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِمَا تَفَرُّدُ الضَّابِطِ الْحَافِظِ لِمَا بَيْنَهُمَا مِنَ الْفَرْقِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُمَا أَطْلَقَا الثِّقَةَ فَشَمِلَ الْحَافِظَ وَغَيْرَهُ. وَالثَّانِي أَنَّ حَدِيثَ النِّيَّةِ لَمْ يَنْفَرِدْ بِهِ عُمَرُ، بَلْ رَوَاهُ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ، كَمَا ذَكَرَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ (ق 81 \ ب) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 272 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] بَلْ ذَكَرَ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ مِنْدَهْ أَنَّهُ رَوَاهُ سَبْعَةَ عَشَرَ أُخَرُ مِنَ الصَّحَابَةِ، عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، وَابْنُ مَسْعُودٍ، وَابْنُ عُمَرَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَمُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ، وَعُتْبَةُ بْنُ عَبْدٍ السُّلَمِيُّ، وَهِلَالُ بْنُ سُوَيْدٍ، وَعُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ، وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَعُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ، وَأَبُو ذَرٍّ الْغِفَارِيُّ، وَعُتْبَةُ بْنُ النُّدَّرِ، وَعُتْبَةُ بْنُ مُسْلِمٍ. وَزَادَ غَيْرُهُ: أَبَا الدَّرْدَاءِ، وَسَهْلَ بْنَ سَعْدٍ، وَالنُّوَاسَ بْنَ سَمْعَانَ، وَأَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ، وَصُهَيْبَ بْنَ سِنَانٍ، وَأَبَا أُمَامَةَ الْبَاهِلِيَّ، وَزَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ، وَرَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ، وَصَفْوَانَ بْنَ أُمَيَّةَ، وَغُزَيَّةَ بْنَ الْحَارِثِ، أَوِ الْحَارِثَ بْنَ غُزَيَّةَ، وَعَائِشَةَ، وَأُمَّ سَلَمَةَ، وَأُمَّ حَبِيبَةَ، وَصَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيٍّ. وَذَكَرَ ابْنُ مَنْدَهْ أَنَّهُ رَوَاهُ عَنْ عُمَرَ غَيْرُ عَلْقَمَةَ، وَعَنْ عَلْقَمَةَ غَيْرُ مُحَمَّدٍ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ غَيْرُ يَحْيَى. وَأَنَّ حَدِيثَ النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الْوَلَاءِ رَوَاهُ غَيْرُ ابْنِ دِينَارٍ. فَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي الْعِلَلِ الْمُفْرَدِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ. وَأَخْرَجَهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي " الْكَامِلِ "، حَدَّثَنَا عِصْمَةُ الْبُخَارِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 273 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] فَهْدٍ، ثَنَا مُسْلِمٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ يُونُسَ يَعْنِي ابْنَ عُبَيْدٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ حَدِيثَ الْأَعْمَالِ لَمْ يَصِحَّ لَهُ طَرِيقٌ غَيْرُ حَدِيثِ عُمَرَ، وَلَمْ يَرِدْ بِلَفْظِ حَدِيثِ عُمَرَ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ، وَعَلِيٍّ، وَأَنَسٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ. فَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ فَقَدْ صَرَّحُوا بِتَغْلِيطِ ابْنِ أَبِي رَوَّادٍ الَّذِي رَوَاهُ، عَنْ مَالِكٍ، وَمِمَّنْ وَهَّمَهُ فِيهِ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ. وَحَدِيثُ عَلِيٍّ فِي أَرْبَعِينَ عَلَوِيَّةً بِإِسْنَادٍ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ، فِيهِ مَنْ لَا يُعْرَفُ. وَحَدِيثُ أَنَسٍ رَوَاهُ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي أَوَّلِ أَمَالِيهِ مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَنَسٍ، وَقَالَ: غَرِيبٌ جِدًّا، وَالْمَحْفُوظُ حَدِيثُ عُمَرَ، (ق 82 \ أ) . وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَوَاهُ الرَّشِيدُ الْعَطَّارُ فِي جُزْءٍ لَهُ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ. وَسَائِرُ أَحَادِيثِ الصَّحَابَةِ الْمَذْكُورِينَ إِنَّمَا هِيَ فِي مُطْلَقِ النِّيَّةِ كَحَدِيثِ: «يُبْعَثُونَ عَلَى نِيَّاتِهِمْ» ، وَحَدِيثِ: «لَيْسَ لَهُ مِنْ غَزَاتِهِ إِلَّا مَا نَوَى» ، وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَهَكَذَا يَفْعَلُ التِّرْمِذِيُّ فِي الْجَامِعِ، حَيْثُ يَقُولُ، وَفِي الْبَابِ عَنْ فُلَانٍ وَفُلَانٍ، فَإِنَّهُ لَا يُرِيدُ ذَلِكَ الْحَدِيثَ الْمُعَيَّنَ، بَلْ يُرِيدُ أَحَادِيثَ أُخَرَ يَصِحُّ أَنْ تُكْتَبَ فِي الْبَابِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 274 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَهُوَ عَمَلٌ صَحِيحٌ إِلَّا أَنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ يَفْهَمُونَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ مَنْ سَمَّى مِنَ الصَّحَابَةِ يَرْوُونَ ذَلِكَ الْحَدِيثَ بِعَيْنِهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ قَدْ يَكُونُ كَذَلِكَ وَقَدْ يَكُونُ حَدِيثًا آخَرَ يَصِحُّ إِيرَادُهُ فِي ذَلِكَ الْبَابِ، وَلَمْ يَصِحَّ مِنْ طَرِيقٍ عَنْ عُمَرَ إِلَّا الطَّرِيقَ الْمُتَقَدِّمَةَ. قَالَ الْبَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ: لَا يَصِحُّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَّا مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ، وَلَا عَنْ عُمَرَ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ عَلْقَمَةَ، وَلَا عَنْ عَلْقَمَةَ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدٍ، وَلَا عَنْ مُحَمَّدٍ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ يَحْيَى. وَأَمَّا حَدِيثُ النَّهْيِ، فَقَالَ التِّرْمِذِيُّ فِي الْجَامِعِ وَالْعِلَلِ: أَخْطَأَ فِيهِ يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ تَفَرَّدَ بِهَذَا الْحَدِيثِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ عَقِبَ مَا أَوْرَدَهُ: مَا أَسْمَعُهُ إِلَّا مِنْ عِصْمَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ فَهْدٍ، وَإِبْرَاهِيمُ مُظْلِمُ الْأَمْرِ لَهُ مَنَاكِيرُ. نَعَمْ حَدِيثُ الْمِغْفَرِ لَمْ يَنْفَرِدْ بِهِ مَالِكٌ بَلْ تَابَعَهُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ابْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ، رَوَاهَا الْبَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ. وَأَبُو أُوَيْسِ بْنُ أَبِي عَامِرٍ، رَوَاهَا ابْنُ عَدِيٍّ فِي " الْكَامِلِ "، وَابْنُ سَعْدٍ فِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 275 النَّوْعُ الرَّابِعَ عَشَرَ: مَعْرِفَةُ الْمُنْكَرِ، قَالَ الْحَافِظُ الْبَرْدِيجِيُّ: هُوَ الْفَرْدُ الَّذِي لَا يُعْرَفُ مَتْنُهُ عَنْ غَيْرِ رَاوِيهِ، وَكَذَا أَطْلَقَهُ كَثِيرُونَ، وَالصَّوَابُ فِيهِ التَّفْصِيلُ الَّذِي تَقَدَّمَ فِي الشَّاذِّ.   [تدريب الراوي] " الطَّبَقَاتِ ". وَمَعْمَرٌ رَوَاهَا ابْنُ عَدِيٍّ وَالْأَوْزَاعِيُّ نَبَّهَ عَلَيْهَا الْمِزِّيُّ فِي الْأَطْرَافِ. وَعَنِ ابْنِ الْعَرَبِيِّ أَنَّ لَهُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ طَرِيقًا غَيْرَ طَرِيقِ مَالِكٍ. وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: قَدْ جَمَعْتُ طُرُقَهُ فَوَصَلَتْ إِلَى سَبْعَةَ عَشَرَ. [النَّوْعُ الرَّابِعَ عَشَرَ مَعْرِفَةُ الْمُنْكَرِ] (النَّوْعُ الرَّابِعَ عَشَرَ: مَعْرِفَةُ الْمُنْكَرِ، قَالَ الْحَافِظُ) أَبُو بَكْرٍ (الْبَرْدِيجِيُّ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ (ق 82 \ ب) ، وَسُكُونِ الرَّاءِ، وَكَسْرِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ بَعْدَهَا تَحْتِيَّةٌ وَجِيمٌ، نِسْبَةً إِلَى بَرْدِيجَ قُرْبَ بَرْدَعَةَ، بِإِهْمَالِ الدَّالِ بَلَدٌ بِأَذْرَبِيجَانَ، وَيُقَالُ لَهُ الْبَرْذَعِيُّ أَيْضًا (هُوَ) الْحَدِيثُ (الْفَرْدُ الَّذِي لَا يُعْرَفُ مَتْنُهُ، عَنْ غَيْرِ رَاوِيهِ، وَكَذَا أَطْلَقَهُ كَثِيرُونَ) مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ. قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: (وَالصَّوَابُ فِيهِ التَّفْصِيلُ الَّذِي تَقَدَّمَ فِي الشَّاذِّ) وَأَنَّهُ بِمَعْنَاهُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 276 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] قَالَ: وَعِنْدَ هَذَا نَقُولُ: الْمُنْكَرُ قِسْمَانِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي الشَّاذِّ، فَإِنَّهُ بِمَعْنَاهُ. مِثَالُ الْأَوَّلِ: وَهُوَ الْمُفْرَدُ الْمُخَالِفُ لِمَا رَوَاهُ الثِّقَاتُ رِوَايَةُ مَالِكٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ، وَلَا الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ» . فَخَالَفَ مَالِكٌ غَيْرَهُ مِنَ الثِّقَاتِ فِي قَوْلِهِ: عُمَرُ بْنُ عُثْمَانَ بِضَمِّ الْعَيْنِ، وَذَكَرَ مُسْلِمٌ فِي التَّمْيِيزِ أَنَّ كُلَّ مَنْ رَوَاهُ مِنْ أَصْحَابِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: بِفَتْحِهَا، وَأَنَّ مَالِكًا وَهِمَ فِي ذَلِكَ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَفِي هَذَا التَّمْثِيلِ نَظَرٌ: لِأَنَّ الْحَدِيثَ لَيْسَ بِمُنْكَرٍ، وَلَمْ يُطْلِقْ عَلَيْهِ أَحَدٌ اسْمَ النَّكَارَةِ فِيمَا رَأَيْتُ، وَغَايَتُهُ أَنْ يَكُونَ السَّنَدُ مُنْكَرًا، أَوْ شَاذًّا لِمُخَالَفَةِ الثِّقَاتِ لِمَالِكٍ فِي ذَلِكَ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ شُذُوذِ السَّنَدِ وَنَكَارَتِهِ وُجُودُ ذَلِكَ الْوَصْفِ فِي الْمَتْنِ، وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي نَوْعِ الْمُعَلَّلِ، أَنَّ الْعِلَّةَ الْوَاقِعَةَ فِي السَّنَدِ قَدْ تَقْدَحُ فِي الْمَتْنِ، وَقَدْ لَا تَقْدَحُ، كَمَا سَيَأْتِي. قَالَ فَالْمِثَالُ الصَّحِيحُ لِهَذَا الْقِسْمِ: مَا رَوَاهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ مِنْ رِوَايَةِ هَمَّامِ بْنِ يَحْيَى، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ وَضَعَ خَاتَمَهُ» ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ بَعْدَ تَخْرِيجِهِ: هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ، وَإِنَّمَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 277 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] يُعْرَفُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «اتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ وَرِقٍ» ، ثُمَّ أَلْقَاهُ. قَالَ: وَالْوَهْمُ فِيهِ مِنْ هَمَّامٍ، وَلَمْ يَرْوِهِ إِلَّا هَمَّامٌ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ بَعْدَ تَخْرِيجِهِ: هَذَا حَدِيثٌ غَيْرُ مَحْفُوظٍ. فَهَمَّامُ بْنُ يَحْيَى ثِقَةٌ احْتَجَّ بِهِ أَهْلُ الصَّحِيحِ، وَلَكِنَّهُ خَالَفَ النَّاسَ، فَرَوَى عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ هَذَا الْمَتْنَ بِهَذَا السَّنَدِ، وَإِنَّمَا رَوَى النَّاسُ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ الْحَدِيثَ الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ أَبُو دَاوُدَ، فَلِهَذَا حُكِمَ عَلَيْهِ بِالنَّكَارَةِ. وَمِثَالُ الثَّانِي: وَهُوَ الْفَرْدُ الَّذِي لَيْسَ فِي رُوَاتِهِ مِنَ الثِّقَةِ، وَالْإِتْقَانِ مَا يُحْتَمَلُ مَعَهُ تَفَرُّدُهُ، مَا رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي زَكِيرٍ يَحْيَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، مَرْفُوعًا. «كُلُوا الْبَلَحَ بِالتَّمْرِ فَإِنَّ ابْنَ آدَمَ إِذَا أَكَلَهُ غَضِبَ الشَّيْطَانُ» ، الْحَدِيثَ. قَالَ النَّسَائِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ. تَفَرَّدَ بِهِ أَبُو زَكِيرٍ، وَهُوَ شَيْخٌ صَالِحٌ، أَخْرَجَ لَهُ مُسْلِمٌ فِي الْمُتَابَعَاتِ غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْ مَبْلَغَ مَنْ يُحْتَمَلُ تَفَرُّدُهُ، بَلْ قَدْ أَطْلَقَ عَلَيْهِ الْأَئِمَّةُ الْقَوْلَ بِالتَّضْعِيفِ، فَقَالَ ابْنُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 278 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] مَعِينٍ: ضَعِيفٌ، وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: لَا يُحْتَجُّ بِهِ، وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ: لَا يُتَابَعُ عَلَى حَدِيثِهِ، وَأَوْرَدَ لَهُ ابْنُ عَدِيٍّ أَرْبَعَةَ أَحَادِيثَ مَنَاكِيرَ. 1 - تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ: قَدْ عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ، بَلْ مِنْ صَرِيحِ كَلَامِ ابْنِ الصَّلَاحِ، أَنَّ الشَّاذَّ وَالْمُنْكَرَ بِمَعْنًى. وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: إِنَّ الشَّاذَّ، وَالْمُنْكَرَ يَجْتَمِعَانِ فِي اشْتِرَاطِ الْمُخَالَفَةِ، وَيَفْتَرِقَانِ فِي أَنَّ الشَّاذَّ رِوَايَةُ ثِقَةٍ أَوْ صَدُوقٍ، وَالْمُنْكَرَ رِوَايَةُ ضَعِيفٍ. قَالَ: وَقَدْ غَفَلَ مَنْ سَوَّى بَيْنَهُمَا. ثُمَّ مَثَّلَ الْمُنْكَرَ بِمَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ حُبَيِّبٍ - بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ، وَتَشْدِيدِ التَّحْتِيَّةِ بَيْنَ مُوَحَّدَتَيْنِ، أُولَاهُمَا مَفْتُوحَةٌ - ابْنَ حَبِيبٍ - بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ بِوَزْنِ كَرِيمٍ - أَخِي حَمْزَةَ الزَّيَّاتِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْعَيْزَارِ بْنِ حُرَيْثٍ، عَنِ ابْنِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 279 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ أَقَامَ الصَّلَاةَ، وَآتَى الزَّكَاةَ، وَحَجَّ، وَصَامَ، وَقَرَى الضَّيْفَ دَخَلَ الْجَنَّةَ» . قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: هُوَ مُنْكَرٌ ; لِأَنَّ غَيْرَهُ مِنَ الثِّقَاتِ رَوَاهُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ مَوْقُوفًا، وَهُوَ الْمَعْرُوفُ. وَحِينَئِذٍ فَالْحَدِيثُ الَّذِي لَا مُخَالَفَةَ فِيهِ، وَرَاوِيهِ مُتَّهَمٌ بِالْكَذِبِ، بِأَنْ لَا يُرْوَى إِلَّا مِنْ جِهَتِهِ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلْقَوَاعِدِ الْمَعْلُومَةِ، أَوْ عُرِفَ بِهِ فِي غَيْرِ الْحَدِيثِ النَّبَوِيِّ، أَوْ كَثِيرُ الْغَلَطِ أَوِ الْفِسْقِ أَوِ الْغَفْلَةِ يُسَمَّى الْمَتْرُوكَ، وَهُوَ نَوْعٌ مُسْتَقِلٌّ ذَكَرَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ. كَحَدِيثِ صَدَقَةَ الدَّقِيقِيِّ، عَنْ فَرْقَدٍ، عَنْ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ، وَحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ، عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ. الثَّانِي: عِبَارَةُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ فِي " النُّخْبَةِ ": فَإِنْ خُولِفَ الرَّاوِي بِأَرْجَحَ، فَالرَّاجِحُ يُقَالُ لَهُ: الْمَحْفُوظُ، وَمُقَابِلُهُ، يُقَالُ لَهُ: الشَّاذُّ. وَإِنْ وَقَعَتِ الْمُخَالَفَةُ مَعَ الضَّعْفِ، فَالرَّاجِحُ يُقَالُ لَهُ: الْمَعْرُوفُ، وَمُقَابِلُهُ يُقَالُ لَهُ: الْمُنْكَرُ، وَقَدْ عَلِمْتَ مِنْ ذَلِكَ تَفْسِيرَ الْمَحْفُوظِ وَالْمَعْرُوفِ، وَهُمَا مِنَ الْأَنْوَاعِ الَّتِي أَهْمَلَهَا ابْنُ الصَّلَاحِ وَالْمُصَنِّفُ، وَحَقُّهُمَا أَنْ يُذْكَرَا، كَمَا ذُكِرَ الْمُتَّصِلُ مَعَ مَا يُقَابِلُهُ مِنَ الْمُرْسَلِ وَالْمُنْقَطِعِ وَالْمُعْضَلِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 280 النَّوْعُ الْخَامِسَ عَشَرَ: مَعْرِفَةُ الِاعْتِبَارِ وَالْمُتَابَعَاتِ وَالشَّوَاهِدِ. هَذِهِ أُمُورٌ يَتَعَرَّفُونَ بِهَا حَالَ الْحَدِيثِ، فَمِثَالُ الِاعْتِبَارِ: أَنْ يَرْوِيَ حَمَّادٌ مَثَلًا حَدِيثًا لَا يُتَابَعُ عَلَيْهِ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَيُنْظَرُ هَلْ رَوَاهُ ثِقَةٌ غَيْرُ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فَغَيْرُ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَإِلَّا فَصَحَابِيٌّ غَيْرُ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَيُّ ذَلِكَ وُجِدَ عُلِمَ أَنَّ لَهُ أَصْلًا يُرْجَعُ إِلَيْهِ، وَإِلَّا فَلَا، وَالْمُتَابَعَةُ أَنْ يَرْوِيَهُ عَنْ أَيُّوبَ غَيْرُ حَمَّادٍ، وَهِيَ الْمُتَابَعَةُ التَّامَّةُ، أَوْ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ غَيْرُ أَيُّوبَ، أَوْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ غَيْرُ ابْنِ سِيرِينَ، أَوْ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَحَابِيٌّ آخَرُ. فَكُلُّ هَذَا يُسَمَّى مُتَابَعَةً، وَتَقْصُرُ عَنِ الْأُولَى بِحَسَبِ بُعْدِهَا مِنْهَا، وَتُسَمَّى الْمُتَابَعَةُ شَاهِدًا، وَالشَّاهِدُ أَنْ يُرْوَى حَدِيثٌ آخَرُ بِمَعْنَاهُ وَلَا يُسَمَّى هَذَا مُتَابَعَةً، وَإِذَا قَالُوا فِي مِثْلِهِ: تَفَرَّدَ بِهِ أَبُو هُرَيْرَةَ أَوِ ابْنُ سِيرِينَ أَوْ أَيُّوبُ أَوْ حَمَّادٌ كَانَ مُشْعِرًا بِانْتِفَاءِ الْمُتَابَعَاتِ، وَإِذَا انْتَفَتْ مَعَ الشَّوَاهِدِ، فَحُكْمُهُ مَا سَبَقَ فِي الشَّاذِّ، وَيَدْخُلُ فِي الْمُتَابَعَةِ وَالِاسْتِشْهَادِ رِوَايَةُ مَنْ لَا يُحْتَجُّ بِهِ، وَلَا يَصْلُحُ لِذَلِكَ كُلُّ ضَعِيفٍ.   [تدريب الراوي] الثَّالِثُ: وَقَعَ فِي عِبَارَتِهِمْ: أَنْكَرُ مَا رَوَاهُ فُلَانٌ كَذَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الْحَدِيثُ ضَعِيفًا، وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ أَنْكَرُ مَا رَوَى يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ: «إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِأُمَّةٍ خَيْرًا قَبَضَ نَبِيَّهَا قَبْلَهَا» . قَالَ: وَهَذَا طَرِيقٌ حَسَنٌ رُوَاتُهُ ثِقَاتٌ، وَقَدْ أَدْخَلَهُ قَوْمٌ فِي صِحَاحِهِمْ. انْتَهَى. وَالْحَدِيثُ فِي " صَحِيحِ مُسْلِمٍ ". وَقَالَ الذَّهَبِيُّ: أَنْكَرُ مَا لِلْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ مِنَ الْأَحَادِيثِ حَدِيثُ حِفْظِ الْقُرْآنِ، وَهُوَ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ وَحَسَّنَهُ، وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ. [النَّوْعُ الْخَامِسَ عَشَرَ مَعْرِفَةُ الِاعْتِبَارِ وَالْمُتَابَعَاتِ وَالشَّوَاهِدِ] (النَّوْعُ الْخَامِسَ عَشَرَ: مَعْرِفَةُ الِاعْتِبَارِ وَالْمُتَابَعَاتِ، وَالشَّوَاهِدِ، هَذِهِ أُمُورٌ) يَتَدَاوَلُهَا أَهْلُ الْحَدِيثِ (يَتَعَرَّفُونَ بِهَا حَالَ الْحَدِيثِ) يَنْظُرُونَ هَلْ تَفَرَّدَ بِهِ رَاوِيهِ أَمْ لَا؟ وَهَلْ هُوَ مَعْرُوفٌ أَوْ لَا؟ فَالِاعْتِبَارُ أَنْ يَأْتِيَ إِلَى حَدِيثٍ لِبَعْضِ الرُّوَاةِ فَيَعْتَبِرَهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 281 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] بِرِوَايَاتِ غَيْرِهِ مِنَ الرُّوَاةِ بِسَبْرِ طُرُقِ الْحَدِيثِ ; لِيُعْرَفَ هَلْ شَارَكَهُ فِي ذَلِكَ الْحَدِيثِ رَاوٍ غَيْرُهُ، فَرَوَاهُ عَنْ شَيْخِهِ أَوْ لَا؟ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَيُنْظَرُ هَلْ تَابَعَ أَحَدٌ شَيْخَ شَيْخِهِ، فَرَوَاهُ عَمَّنْ رَوَى عَنْهُ؟ وَهَكَذَا إِلَى آخِرِ الْإِسْنَادِ وَذَلِكَ الْمُتَابَعَةُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَيُنْظَرُ هَلْ أَتَى بِمَعْنَاهُ حَدِيثٌ آخَرُ؟ وَهُوَ الشَّاهِدُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَالْحَدِيثُ فَرْدٌ، فَلَيْسَ الِاعْتِبَارُ قَسِيمًا لِلْمُتَابِعِ وَالشَّاهِدِ، بَلْ هُوَ هَيْئَةُ التَّوَصُّلِ إِلَيْهِمَا. (فَمِثَالُ الِاعْتِبَارِ أَنْ يَرْوِيَ حَمَّادٌ) ابْنُ سَلَمَةَ (مَثَلًا حَدِيثًا لَا يُتَابَعُ عَلَيْهِ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَيُنْظَرَ هَلْ رَوَاهُ ثِقَةٌ غَيْرُ أَيُّوبَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ) ثِقَةٌ غَيْرُهُ، (فَغَيْرُ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ ثِقَةٌ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ غَيْرُهُ، (فَصَحَابِيٌّ غَيْرُ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَيُّ ذَلِكَ وُجِدَ عُلِمَ) بِهِ (أَنَّ لَهُ أَصْلًا يُرْجَعُ إِلَيْهِ، وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ (فَلَا) أَصْلَ لَهُ. كَالْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أُرَاهُ رَفَعَهُ «أَحْبِبْ حَبِيبَكَ هَوْنًا مَا» الْحَدِيثَ. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 282 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] أَيْ مِنْ وَجْهٍ يَثْبُتُ، وَإِلَّا فَقَدَ رَوَاهُ الْحَسَنُ بْنُ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، وَالْحَسَنُ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ، لَا يَصْلُحُ لِلْمُتَابَعَاتِ. (وَالْمُتَابَعَةُ أَنْ يَرْوِيَهُ، عَنْ أَيُّوبَ غَيْرُ حَمَّادٍ، وَهِيَ الْمُتَابَعَةُ التَّامَّةُ، أَوْ) لَمْ يَرْوِهِ عَنْهُ غَيْرُهُ، وَرَوَاهُ (، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ غَيْرُ أَيُّوبَ أَوْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، غَيْرُ ابْنِ سِيرِينَ أَوْ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَحَابِيٌّ آخَرُ) ، غَيْرُ أَبِي هُرَيْرَةَ (فَكُلُّ هَذَا يُسَمَّى مُتَابَعَةً، وَتَقْصُرُ عَنِ) الْمُتَابَعَةِ (الْأُولَى بِحَسَبِ بُعْدِهَا مِنْهَا) ، أَيْ بِقَدْرِهِ (وَتُسَمَّى الْمُتَابَعَةُ شَاهِدًا) أَيْضًا. (وَالشَّاهِدُ أَنْ يُرْوَى حَدِيثٌ آخَرُ بِمَعْنَاهُ، وَلَا يُسَمَّى هَذَا مُتَابَعَةً) ، فَقَدْ حَصَلَ اخْتِصَاصُ الْمُتَابَعَةِ بِمَا كَانَ بِاللَّفْظِ، سَوَاءٌ كَانَ مِنْ رِوَايَةِ ذَلِكَ الصَّحَابِيِّ أَمْ لَا، وَالشَّاهِدُ أَعَمُّ، وَقِيلَ: هُوَ مَخْصُوصٌ بِمَا كَانَ بِالْمَعْنَى كَذَلِكَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 283 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: قَدْ يُسَمَّى الشَّاهِدُ مُتَابَعَةً أَيْضًا، وَالْأَمْرُ سَهْلٌ، مِثَالُ مَا اجْتَمَعَ فِيهِ الْمُتَابَعَةُ التَّامَّةُ وَالْقَاصِرَةُ وَالشَّاهِدُ. مَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ فِي " الْأُمِّ "، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ، فَلَا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوُا الْهِلَالَ، وَلَا تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا الْعِدَّةَ ثَلَاثِينَ» ، فَهَذَا الْحَدِيثُ بِهَذَا اللَّفْظِ، ظَنَّ قَوْمٌ أَنَّ الشَّافِعِيَّ تَفَرَّدَ بِهِ، عَنْ مَالِكٍ، فَعَدُّوهُ فِي غَرَائِبِهِ ; لِأَنَّ أَصْحَابَ مَالِكٍ رَوَوْهُ عَنْهُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، بِلَفْظِ: «فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ» ، لَكِنْ وَجَدْنَا لِلشَّافِعِيِّ مُتَابِعًا، وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ، كَذَلِكَ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْهُ، عَنْ مَالِكٍ، وَهَذِهِ مُتَابَعَةٌ تَامَّةٌ، وَوَجَدْنَا لَهُ مُتَابَعَةً قَاصِرَةً فِي صَحِيحِ ابْنِ خُزَيْمَةَ مِنْ رِوَايَةِ عَاصِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ «فَأَكْمِلُوا الْعِدَّةَ ثَلَاثِينَ» ، وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ بِلَفْظِ: «فَاقْدُرُوا ثَلَاثِينَ» ، وَوَجَدْنَا لَهُ شَاهِدًا رَوَاهُ النَّسَائِيُّ مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ حُنَيْنٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 284 النَّوْعُ السَّادِسَ عَشَرَ: مَعْرِفَةُ زِيَادَاتِ الثِّقَاتِ وَحُكْمُهَا، وَهُوَ فَنٌّ لَطِيفٌ تُسْتَحْسَنُ الْعِنَايَةُ بِهِ، وَمَذْهَبُ الْجُمْهُورِ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَالْمُحَدِّثِينَ قَبُولُهَا مُطْلَقًا، وَقِيلَ: لَا تُقْبَلُ مُطْلَقًا، وَقِيلَ: تُقْبَلُ إِنْ زَادَهَا غَيْرُ مَنْ رَوَاهُ نَاقِصًا، وَلَا تُقْبَلُ مِمَّنْ رَوَاهُ مَرَّةً نَاقِصًا.   [تدريب الراوي] دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ بِلَفْظِهِ سَوَاءً، وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، بِلَفْظِ «فَإِنْ أُغْمِيَ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلَاثِينَ» ، وَذَلِكَ شَاهِدٌ بِالْمَعْنَى. (وَإِذَا قَالُوا فِي مِثْلِهِ) أَيِ الْحَدِيثِ (تَفَرَّدَ بِهِ أَبُو هُرَيْرَةَ) ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (أَوِ ابْنُ سِيرِينَ) ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (أَوْ أَيُّوبُ) ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ (أَوْ حَمَّادٌ) ، عَنْ أَيُّوبَ، (كَانَ مُشْعِرًا بِانْتِفَاءِ) وُجُوهِ (الْمُتَابَعَاتِ) فِيهِ، (وَإِذَا انْتَفَتْ) الْمُتَابَعَاتُ (مَعَ الشَّوَاهِدِ، فَحُكْمُهُ مَا سَبَقَ فِي الشَّاذِّ) مِنَ التَّفْصِيلِ. (وَيَدْخُلُ فِي الْمُتَابَعَةِ وَالِاسْتِشْهَادِ رِوَايَةُ مَنْ لَا يُحْتَجُّ بِهِ، وَلَا يَصْلُحُ لِذَلِكَ كُلُّ ضَعِيفٍ) كَمَا سَيَأْتِي فِي أَلْفَاظِ الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ. [النَّوْعُ السَّادِسَ عَشَرَ مَعْرِفَةُ زِيَادَاتِ الثِّقَاتِ وَحُكْمُهَا] [حكم زيادة الثقة] (النَّوْعُ السَّادِسَ عَشَرَ: مَعْرِفَةُ زِيَادَاتِ الثِّقَاتِ وَحُكْمُهَا، وَهُوَ فَنٌّ لَطِيفٌ تُسْتَحْسَنُ الْعِنَايَةُ بِهِ) ، وَقَدِ اشْتَهَرَ بِمَعْرِفَةِ ذَلِكَ جَمَاعَةٌ كَأَبِي بَكْرٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ النَّيْسَابُورِيِّ، وَأَبِي الْوَلِيدِ حَسَّانِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْقُرَشِيِّ وَغَيْرِهِمَا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 285 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] (وَمَذْهَبُ الْجُمْهُورِ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَالْمُحَدِّثِينَ قَبُولُهَا مُطْلَقًا) ، سَوَاءٌ وَقَعَتْ مِمَّنْ رَوَاهُ أَوَّلًا نَاقِصًا أَمْ مِنْ غَيْرِهِ، وَسَوَاءٌ تَعَلَّقَ بِهَا حُكْمٌ شَرْعِيٌّ أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ غَيَّرَتِ الْحُكْمَ الثَّابِتَ أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ أَوْجَبَتْ نَقْضَ أَحْكَامٍ ثَبَتَتْ بِخَبَرٍ لَيْسَتْ هِيَ فِيهِ أَمْ لَا، وَقَدِ ادَّعَى ابْنُ طَاهِرٍ الِاتِّفَاقَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ. (وَقِيلَ: لَا تُقْبَلُ مُطْلَقًا) ، لَا مِمَّنْ رَوَاهُ نَاقِصًا، وَلَا مِنْ غَيْرِهِ. (وَقِيلَ: تُقْبَلُ إِنْ زَادَهَا غَيْرُ مَنْ رَوَاهُ نَاقِصًا، وَلَا تُقْبَلُ مِمَّنْ رَوَاهُ مَرَّةً نَاقِصًا) . وَقَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ فِيهِ: إِنْ ذَكَرَ أَنَّهُ سَمِعَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الْخَبَرَيْنِ فِي مَجْلِسَيْنِ، قُبِلَتِ الزِّيَادَةُ، وَكَانَا خَبَرَيْنِ يُعْمَلُ بِهِمَا، وَإِنْ عَزَى ذَلِكَ إِلَى مَجْلِسٍ وَاحِدٍ، وَقَالَ: كُنْتُ أُنْسِيتُ هَذِهِ الزِّيَادَةَ ; قُبِلَ مِنْهُ، وَإِلَّا وَجَبَ التَّوَقُّفُ فِيهَا. وَقَالَ فِي " الْمَحْصُولِ ": فِيهِ الْعِبْرَةُ بِمَا وَقَعَ مِنْهُ أَكْثَرُ، فَإِنِ اسْتَوَى قُبِلَتْ مِنْهُ. وَقِيلَ: إِنْ كَانَتِ الزِّيَادَةُ مُغَيِّرَةً لِلْإِعْرَابِ، كَانَ الْخَبَرَانِ مُتَعَارِضَيْنِ، وَإِلَّا قُبِلَتْ، حَكَاهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ، عَنِ الْمُتَكَلِّمِينَ، وَالصَّفِيُّ الْهِنْدِيُّ عَنِ الْأَكْثَرِينَ، كَأَنْ يَرْوِيَ فِي أَرْبَعِينَ شَاةٌ، ثُمَّ فِي أَرْبَعِينَ نِصْفُ شَاةٍ. وَقِيلَ: لَا تُقْبَلُ إِنْ غَيَّرَتِ الْإِعْرَابَ مُطْلَقًا. وَقِيلَ: لَا تُقْبَلُ إِلَّا إِنْ أَفَادَتْ حُكْمًا. وَقِيلَ: تُقْبَلُ فِي اللَّفْظِ دُونَ الْمَعْنَى، حَكَاهُمَا الْخَطِيبُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 286 وَقَسَّمَهُ الشَّيْخُ أَقْسَامًا. أَحَدُهَا: زِيَادَةٌ تُخَالِفُ الثِّقَاتِ فَتُرَدُّ كَمَا سَبَقَ، الثَّانِي: مَا لَا مُخَالَفَةَ فِيهِ كَتَفَرُّدِ ثِقَةٍ بِجُمْلَةِ حَدِيثٍ فَيُقْبَلُ، قَالَ الْخَطِيبُ: بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ. الثَّالِثُ: زِيَادَةُ لَفْظَةٍ فِي حَدِيثٍ لَمْ يَذْكُرْهَا سَائِرُ رُوَاتِهِ كَحَدِيثِ «جُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا» . انْفَرَدَ أَبُو مَالِكٍ الْأَشْجَعِيُّ، فَقَالَ: «وَتُرْبَتُهَا طَهُورًا» . فَهَذَا يُشْبِهُ الْأَوَّلَ، وَيُشْبِهُ الثَّانِيَ، كَذَا قَالَ الشَّيْخُ، وَالصَّحِيحُ قَبُولُ هَذَا الْأَخِيرِ، وَمَثَّلَهُ الشَيْخُ أَيْضًا بِزَيَادَةِ مَالِكٍ فِي حَدِيثِ الْفِطْرَةِ " مِنَ الْمُسْلِمِينَ "، وَلَا يَصِحُّ التَّمْثِيلُ بِهِ فَقَدْ وَافَقَ مَالِكًا عُمَرُ بْنُ نَافِعٍ وَالضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ.   [تدريب الراوي] وَقَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ: إِنْ زَادَهَا وَاحِدٌ، وَكَانَ مَنْ رَوَاهُ نَاقِصًا جَمَاعَةً لَا يَجُوزُ عَلَيْهِمُ الْوَهْمُ، سَقَطَتْ. وَعِبَارَةُ غَيْرِهِ: لَا يَغْفُلُ مِثْلُهُمْ عَنْ مِثْلِهَا عَادَةً. وَقَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ مِثْلَهُ، وَزَادَ: أَنْ يَكُونَ مِمَّا يَتَوَافَرُ الدَّوَاعِي عَلَى نَقْلِهِ. وَقَالَ الصَّيْرَفِيُّ وَالْخَطِيبُ: يُشْتَرَطُ فِي قَبُولِهَا كَوْنُ مَنْ رَوَاهَا حَافِظًا. وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: اشْتُهِرَ عَنْ جَمْعٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ الْقَوْلُ بِقَبُولِ الزِّيَادَةِ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ، وَلَا يَتَأَتَّى ذَلِكَ عَلَى طَرِيقِ الْمُحَدِّثِينَ الَّذِينَ يَشْتَرِطُونَ فِي الصَّحِيحِ وَالْحَسَنِ أَنْ لَا يَكُونَ شَاذًّا، ثُمَّ يُفَسِّرُونَ الشُّذُوذَ بِمُخَالَفَةِ الثِّقَةِ مَنْ هُوَ أَوْثَقُ مِنْهُ وَالْمَنْقُولَ عَنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِينَ كَابْنِ مَهْدِيٍّ، وَيَحْيَى الْقَطَّانِ، وَأَحْمَدَ، وَابْنِ مَعِينٍ، وَابْنِ الْمَدِينِيِّ، وَالْبُخَارِيِّ، وَأَبِي زُرْعَةَ، وَأَبِي حَاتِمٍ، وَالنَّسَائِيِّ، وَالدَّارَقُطْنِيِّ، وَغَيْرِهِمْ: اعْتِبَارُ التَّرْجِيحِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالزِّيَادَةِ الْمُنَافِيَةِ، بِحَيْثُ يَلْزَمُ مِنْ قَبُولِهَا رَدُّ الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى. انْتَهَى. [تقسيم زيادة الثقات] وَقَدْ تَنَبَّهَ لِذَلِكَ ابْنُ الصَّلَاحِ، وَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ حَيْثُ قَالَ: (وَقَسَّمَهُ الشَّيْخُ أَقْسَامًا، أَحَدُهَا: زِيَادَةٌ تُخَالِفُ الثِّقَاتِ) فِيمَا رَوَوْهُ، (فَتُرَدُّ كَمَا سَبَقَ) فِي نَوْعِ الشَّاذِّ. (الثَّانِي مَا لَا مُخَالَفَةَ فِيهِ) لِمَا رَوَاهُ الْغَيْرُ أَصْلًا، (كَتَفَرُّدِ ثِقَةٍ بِجُمْلَةِ حَدِيثٍ) لَا تَعَرُّضَ فِيهِ لِمَا رَوَاهُ الْغَيْرُ بِمُخَالَفَةٍ أَصْلًا، (فَيُقْبَلُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 287 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] قَالَ الْخَطِيبُ: بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ) أَسْنَدَهُ إِلَيْهِ لِيَبْرَأَ مِنْ عُهْدَتِهِ. (الثَّالِثُ زِيَادَةُ لَفْظَةٍ فِي حَدِيثٍ لَمْ يَذْكُرْهَا سَائِرُ رُوَاتِهِ) ، وَهَذِهِ مَرْتَبَةٌ بَيْنَ تِلْكَ الْمَرْتَبَتَيْنِ، (كَحَدِيثِ) حُذَيْفَةَ ( «جُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا» . انْفَرَدَ أَبُو مَالِكٍ) سَعْدُ بْنُ طَارِقٍ (الْأَشْجَعِيُّ، فَقَالَ: وَ) جُعِلَتْ (تُرْبَتُهَا) لَنَا (طَهُورًا) ، وَسَائِرُ الرُّوَاةِ لَمْ يَذْكُرُوا ذَلِكَ، (فَهَذَا يُشْبِهُ الْأَوَّلَ) . وَالْمَرْدُودُ مِنْ حَيْثُ إِنَّ مَا رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ عَامٌّ، وَمَا رَوَاهُ الْمُنْفَرِدُ الْمَرْدُودُ بِالزِّيَادَةِ مَخْصُوصٌ، وَفِي ذَلِكَ مُغَايَرَةٌ فِي الصِّفَةِ، وَنَوْعٌ مِنَ الْمُخَالَفَةِ يَخْتَلِفُ بِهِ الْحُكْمُ، (وَيُشْبِهُ الثَّانِي) الْمَقْبُولَ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُمَا (كَذَا قَالَ الشَّيْخُ) ابْنُ الصَّلَاحِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ: (وَالصَّحِيحُ قَبُولُ هَذَا الْأَخِيرِ) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 288 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] قَالَ: (وَمَثَّلَهُ الشَّيْخُ أَيْضًا بِزِيَادَةِ مَالِكٍ فِي حَدِيثِ الْفِطْرَةِ " مِنَ الْمُسْلِمِينَ ") . وَنُقِلَ عَنِ التِّرْمِذِيِّ أَنَّ مَالِكًا تَفَرَّدَ بِهَا، وَأَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ وَأَيُّوبَ وَغَيْرَهُمَا، رَوَوُا الْحَدِيثَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ بِدُونِ ذَلِكَ. قَالَ الْمُصَنِّفُ: (وَلَا يَصِحُّ التَّمْثِيلُ بِهِ فَقَدْ وَافَقَ مَالِكًا) عَلَيْهَا جَمَاعَةٌ مِنَ الثِّقَاتِ، مِنْهُمْ: (عُمَرُ بْنُ نَافِعٍ) ، وَرِوَايَتُهُ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ فِي صَحِيحِهِ، (وَالضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ) ، وَرِوَايَتُهُ عِنْدَ مُسْلِمٍ فِي صَحِيحِهِ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَكَثِيرُ بْنُ فَرْقَدٍ، وَرِوَايَتُهُ فِي مُسْتَدْرَكِ الْحَاكِمِ، وَسُنَنِ الدَّارَقُطْنِيِّ، وَيُونُسُ بْنُ يَزِيدَ فِي بَيَانِ الْمُشْكِلِ لِلطَّحَاوِيِّ، وَالْمُعَلَّى بْنُ إِسْمَاعِيلَ فِي صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْعُمَرِيُّ فِي سُنَنِ الدَّارَقُطْنِيِّ. قِيلَ: وَزِيَادَةُ التُّرْبَةِ فِي الْحَدِيثِ السَّابِقِ، يُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِهَا الْأَرْضُ مِنْ حَيْثُ هِيَ أَرْضٌ لَا التُّرَابُ، فَلَا يَبْقَى فِيهِ زِيَادَةٌ وَلَا مُخَالَفَةٌ لِمَنْ أَطْلَقَ. وَأُجِيبَ: بِأَنَّ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ التَّصْرِيحَ بِالتُّرَابِ، ثُمَّ إِنْ عَدَّهَا زِيَادَةً بِالنِّسْبَةِ إِلَى حَدِيثِ حُذَيْفَةَ، وَإِلَّا فَقَدْ وَرَدَتْ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ، رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالْبَيْهَقِيُّ بِسَنَدٍ حَسَنٍ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 289 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] فَائِدَةٌ مِنْ أَمْثِلَةِ هَذَا الْبَابِ حَدِيثُ الشَّيْخَيْنِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: الصَّلَاةُ لِوَقْتِهَا» ، زَادَ الْحَسَنُ بْنُ مُكْرَمٍ، وَبُنْدَارٌ فِي رِوَايَتِهِمَا: فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا، صَحَّحَهَا الْحَاكِمُ وَابْنُ حِبَّانَ. وَحَدِيثُ الشَّيْخَيْنِ، عَنْ أَنَسٍ: «أُمِرَ بِلَالٌ أَنْ يَشْفَعَ الْأَذَانَ، وَيُوتِرَ الْإِقَامَةَ» ، زَادَ سِمَاكُ بْنُ عَطِيَّةَ: إِلَّا الْإِقَامَةَ، وَصَحَّحَهَا الْحَاكِمُ وَابْنُ حِبَّانَ. وَحَدِيثُ عَلِيٍّ: «إِنَّ السَّهَ وِكَاءُ الْعَيْنِ» ، زَادَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى: «فَمَنْ نَامَ فَلْيَتَوَضَّأْ» . [النَّوْعُ السَّابِعَ عَشَر مَعْرِفَةُ الْأَفْرَادِ] (النَّوْعُ السَّابِعَ عَشَرَ: مَعْرِفَةُ الْأَفْرَادِ، تَقَدَّمَ مَقْصُودُهُ) فِي الْأَنْوَاعِ الَّتِي قَبْلَهُ. قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: لَكِنْ أَفْرَدْتُهُ بِتَرْجَمَةٍ، كَمَا أَفْرَدَهُ الْحَاكِمُ وَلِمَا بَقِيَ مِنْهُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 290 النَّوْعُ السَّابِعَ عَشَرَ مَعْرِفَةُ الْأَفْرَادِ، تَقَدَّمَ مَقْصُودُهُ. فَالْفَرْدُ قِسْمَانِ: أَحَدُهُمَا: فَرْدٌ، عَنْ جَمِيعِ الرُّوَاةِ وَتَقَدَّمَ. وَالثَّانِي: بِالنِّسْبَةِ إِلَى جِهَةٍ كَقَوْلِهِمْ: تَفَرَّدَ بِهِ أَهْلُ مَكَّةَ وَالشَّامِ، أَوْ فُلَانٌ عَنْ فُلَانٍ، أَوْ أَهْلُ الْبَصْرَةِ، عَنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَشِبْهِهِ، وَلَا يَقْتَضِي هَذَا ضَعْفَهُ إِلَّا أَنْ يُرَادَ بِتَفَرُّدِ الْمَدَنِيِّينَ انْفِرَادُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، فَيَكُونُ كَالْقِسْمِ الْأَوَّلِ.   [تدريب الراوي] (فَالْفَرْدُ قِسْمَانِ: أَحَدُهُمَا فَرْدٌ) مُطْلَقٌ، تَفَرَّدَ بِهِ وَاحِدٌ، (عَنْ جَمِيعِ الرُّوَاةِ، وَ) قَدْ (تَقَدَّمَ حُكْمُهُ. وَالثَّانِي:) فَرْدٌ نِسْبِيٌّ (بِالنِّسْبَةِ إِلَى جِهَةٍ) خَاصَّةٍ، (كَقَوْلِهِمْ: تَفَرَّدَ بِهِ أَهْلُ مَكَّةَ وَالشَّامِ) ، أَوِ الْبَصْرَةِ، أَوِ الْكُوفَةِ، أَوْ خُرَاسَانَ، (أَوْ) تَفَرَّدَ بِهِ (فُلَانٌ عَنْ فُلَانٍ) ، وَإِنْ كَانَ مَرْوِيًّا مِنْ وُجُوهٍ، عَنْ غَيْرِهِ (أَوْ أَهْلُ الْبَصْرَةِ، عَنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ) أَوِ الْخُرَاسَانِيُّونَ، عَنِ الْمَكِّيِّينَ، (وَشِبْهِهِ. وَلَا يَقْتَضِي هَذَا ضَعْفَهُ) مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ فَرْدًا، (إِلَّا أَنْ يُرَادَ بِتَفَرُّدِ الْمَدَنِيِّينَ) مَثَلًا: (انْفِرَادُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ) تَجَوُّزًا، أَوْ يُقَالَ: لَمْ يَرْوِهِ ثِقَةٌ، إِلَّا فُلَانٌ (فَيَكُونَ) حُكْمُهُ (كَالْقِسْمِ الْأَوَّلِ) ; لِأَنَّ رِوَايَةَ غَيْرِ الثِّقَةِ كَلَا رِوَايَةٍ، فَيُنْظَرُ فِي الْمُتَفَرِّدِ بِهِ هَلْ بَلَغَ رُتْبَةَ مَنْ يُحْتَجُّ بِتَفَرُّدِهِ أَوْ لَا؟ فِي غَيْرِ الثِّقَةِ هَلْ بَلَغَ رُتْبَةَ مَنْ يُعْتَبَرُ بِحَدِيثِهِ أَوْ لَا؟ مِثَالُ مَا انْفَرَدَ بِهِ أَهْلُ بَلَدٍ: مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، عَنْ أَبِي الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيِّ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: «أُمِرْنَا أَنْ نَقْرَأَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَمَا تَيَسَّرَ» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 291 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] قَالَ الْحَاكِمُ: تَفَرَّدَ بِذِكْرِ الْأَمْرِ فِيهِ أَهْلُ الْبَصْرَةِ، مِنْ أَوَّلِ الْإِسْنَادِ إِلَى آخِرِهِ، وَلَمْ يُشَارِكْهُمْ فِي هَذَا اللَّفْظِ سِوَاهُمْ. وَمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ فِي صِفَةِ وُضُوءِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «وَمَسَحَ رَأْسَهُ بِمَاءٍ غَيْرِ فَضْلِ يَدَيْهِ» . قَالَ الْحَاكِمُ: هَذَا سُنَّةٌ غَرِيبَةٌ تَفَرَّدَ بِهَا أَهْلُ مِصْرَ وَلَمْ يُشَارِكْهُمْ فِيهَا أَحَدٌ. وَمَا رَوَاهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ الضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «صَلَّى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى سُهَيْلِ بْنِ بَيْضَاءَ، وَأَخِيهِ فِي الْمَسْجِدِ» . قَالَ الْحَاكِمُ: تَفَرَّدَ بِهِ أَهْلُ الْمَدِينَةِ. وَمَا رَوَاهُ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ الْمَكِّيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ خَرَجْتَ مِنْ عِنْدِي، وَأَنْتَ طَيِّبُ النَّفْسِ، ثُمَّ رَجَعْتَ إِلَيَّ حَزِينًا، فَقَالَ: إِنِّي دَخَلْتُ الْكَعْبَةَ وَوَدِدْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ دَخَلْتُهَا، أَوْ أَكُونُ أَتْعَبْتُ أُمَّتِي» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 292 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] قَالَ الْحَاكِمُ: تَفَرَّدَ بِهِ أَهْلُ مَكَّةَ. وَمِثَالُ مَا تَفَرَّدَ بِهِ فُلَانٌ، عَنْ فُلَانٍ مَا رَوَاهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ، مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ وَائِلِ بْنِ دَاوُدَ، عَنِ ابْنِهِ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَوْلَمَ عَلَى صَفِيَّةَ بِسَوِيقٍ وَتَمْرٍ» . قَالَ ابْنُ طَاهِرٍ: تَفَرَّدَ بِهِ وَائِلٌ، عَنِ ابْنِهِ، وَلَمْ يَرْوِهِ عَنْهُ غَيْرُ سُفْيَانَ، وَقَدْ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ التُّوزِيُّ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَرَوَاهُ جَمَاعَةٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ بِلَا وَاسِطَةٍ. وَمِثَالُ مَا تَفَرَّدَ بِهِ أَهْلُ بَلَدٍ، عَنْ أَهْلِ بَلَدٍ، وَالْمُرَادُ: تَفَرُّدُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حَدِيثُ النَّسَائِيِّ: «كُلُوا الْبَلَحَ بِالتَّمْرِ» . قَالَ الْحَاكِمُ: هُوَ مِنْ أَفْرَادِ الْبَصْرِيِّينَ، عَنِ الْمَدَنِيِّينَ، تَفَرَّدَ بِهِ أَبُو زَكِيرٍ، عَنْ هِشَامٍ. وَمِثَالُ مَا تَفَرَّدَ بِهِ ثِقَةٌ: حَدِيثُ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كَانَ يَقْرَأُ فِي الْأَضْحَى وَالْفِطْرِ بِقَافْ، وَاقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 293 النَّوْعُ الثَّامِنَ عَشَرَ: الْمُعَلَّلُ: وَيُسَمُّونَهُ الْمَعْلُولَ، وَهُوَ لَحْنٌ، وَهَذَا النَّوْعُ مِنْ أَجَلِّهَا، يَتَمَكَّنُ مِنْهُ أَهْلُ الْحِفْظِ وَالْخِبْرَةِ وَالْفَهْمِ الثَّاقِبِ، وَالْعِلَّةُ عِبَارَةٌ عَنْ سَبَبٍ غَامِضٍ خَفِيٍّ قَادِحٍ مَعَ أَنَّ الظَّاهِرَ السَّلَامَةُ مِنْهُ. .   [تدريب الراوي] تَفَرَّدَ بِهِ ضَمْرَةُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ، وَلَمْ يَرْوِهِ أَحَدٌ مِنَ الثِّقَاتِ غَيْرُ ضَمْرَةَ، وَرَوَاهُ مِنْ غَيْرِهِمُ ابْنُ لَهِيعَةَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ. فَائِدَةٌ: صَنَّفَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي هَذَا النَّوْعِ كِتَابًا حَافِلًا، وَفِي مَعَاجِمِ الطَّبَرَانِيِّ أَمْثِلَةٌ كَثِيرَةٌ لِذَلِكَ. [النَّوْعُ الثَّامِنَ عَشَرَ الْمُعَلَّلُ] [تعريف المعلل] (النَّوْعُ الثَّامِنَ عَشَرَ: الْمُعَلَّلُ، وَيُسَمُّونَهُ الْمَعْلُولَ) ، كَذَا وَقَعَ فِي عِبَارَةِ الْبُخَارِيِّ، وَالتِّرْمِذِيِّ، وَالْحَاكِمِ، وَالدَّارَقُطْنِيِّ، وَغَيْرِهِمْ، (وَهُوَ لَحْنٌ) لِأَنَّ اسْمَ الْمَفْعُولِ مِنْ أَعَلَّ الرُّبَاعِيِّ لَا يَأْتِي عَلَى مَفْعُولٍ، بَلْ وَالْأَجْوَدُ فِيهِ أَيْضًا مُعَلٌّ بِلَامٍ وَاحِدَةٍ ; لِأَنَّهُ مَفْعُولُ أَعَلَّ قِيَاسًا، وَأَمَّا مُعَلَّلٌ فَمَفْعُولُ عَلَّلَ، وَهُوَ لُغَةٌ بِمَعْنَى أَلْهَاهُ بِالشَّيْءِ، وَشَغَلَهُ، وَلَيْسَ هَذَا الْفِعْلُ بِمُسْتَعْمَلٍ فِي كَلَامِهِمْ. (وَهَذَا النَّوْعُ مِنْ أَجَلِّهَا) ، أَيْ أَجَلِّ أَنْوَاعِ عُلُومِ الْحَدِيثِ، وَأَشْرَفِهَا وَأَدَقِّهَا، وَإِنَّمَا (يَتَمَكَّنُ مِنْهُ أَهْلُ الْحِفْظِ وَالْخِبْرَةِ وَالْفَهْمِ الثَّاقِبِ) ، وَلِهَذَا لَمْ يَتَكَلَّمْ فِيهِ إِلَّا الْقَلِيلُ، كَابْنِ الْمَدِينِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَالْبُخَارِيِّ، وَيَعْقُوبَ بْنِ شَيْبَةَ، وَأَبِي حَاتِمٍ، وَأَبِي زُرْعَةَ، وَالدَّارَقُطْنِيِّ. قَالَ الْحَاكِمُ: وَإِنَّمَا يُعَلَّلُ الْحَدِيثُ مِنْ أَوْجُهٍ لَيْسَ لِلْجَرْحِ فِيهَا مَدْخَلٌ، وَالْحُجَّةُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 294 وَتَتَطَرَّقُ إِلَى الْإِسْنَادِ الْجَامِعِ شُرُوطُ الصِّحَّةِ ظَاهِرًا،، وَتُدْرَكُ بِتَفَرُّدِ الرَّاوِي، وَبِمُخَالَفَةِ غَيْرِهِ لَهُ مَعَ قَرَائِنَ تُنَبِّهُ الْعَارِفَ عَلَى وَهْمٍ بِإِرْسَالٍ، أَوْ وَقْفٍ، أَوْ دُخُولِ حَدِيثٍ فِي حَدِيثٍ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، بِحَيْثُ يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهُ فَيَحْكُمُ بِعَدَمِ صِحَّةِ الْحَدِيثِ أَوْ يَتَرَدَّدُ فَيَتَوَقَّفُ.   [تدريب الراوي] فِي التَّعْلِيلِ عِنْدَنَا بِالْحِفْظِ وَالْفَهْمِ وَالْمَعْرِفَةِ لَا غَيْرَ. وَقَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ: لَأَنْ أَعْرِفَ عِلَّةَ حَدِيثٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَكْتُبَ عِشْرِينَ حَدِيثًا لَيْسَ عِنْدِي. (وَالْعِلَّةُ عِبَارَةٌ عَنْ سَبَبٍ غَامِضٍ خَفِيٍّ قَادِحٍ) فِي الْحَدِيثِ، (مَعَ أَنَّ الظَّاهِرَ السَّلَامَةُ مِنْهُ) . قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: فَالْحَدِيثُ الْمُعَلَّلُ، مَا اطُّلِعَ فِيهِ عَلَى عِلَّةٍ تَقْدَحُ فِي صِحَّتِهِ، مَعَ ظُهُورِ السَّلَامَةِ. [متى تدرك العلة] (وَيَتَطَرَّقُ إِلَى الْإِسْنَادِ الْجَامِعِ شُرُوطُ الصِّحَّةِ ظَاهِرًا، وَتُدْرَكُ) الْعِلَّةُ (بِتَفَرُّدِ الرَّاوِي وَبِمُخَالَفَةِ غَيْرِهِ لَهُ مَعَ قَرَائِنَ) تَنْضَمُّ إِلَى ذَلِكَ، (تُنَبِّهُ الْعَارِفَ) بِهَذَا الشَّأْنِ (عَلَى وَهْمٍ) وَقَعَ (بِإِرْسَالٍ) فِي الْمَوْصُولِ، (أَوْ وَقْفٍ) فِي الْمَرْفُوعِ، (أَوْ دُخُولِ حَدِيثٍ فِي حَدِيثٍ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ بِحَيْثُ يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ، فَيَحْكُمُ بِعَدَمِ صِحَّةِ الْحَدِيثِ أَوْ يَتَرَدَّدُ فَيَتَوَقَّفُ) فِيهِ، وَرُبَّمَا تَقْصُرُ عِبَارَةُ الْمُعَلَّلِ عَنْ إِقَامَةِ الْحُجَّةِ عَلَى دَعْوَاهُ، كَالصَّيْرَفِيِّ فِي نَقْدِ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 295 وَالطَّرِيقُ إِلَى مَعْرِفَتِهِ جَمْعُ طُرُقِ الْحَدِيثِ وَالنَّظَرُ فِي اخْتِلَافِ رُوَاتِهِ وَضَبْطِهِمْ وَإِتْقَانِهِمْ، وَكَثُرَ التَّعْلِيلُ بِالْإِرْسَالِ بِأَنْ يَكُونَ رَاوِيهِ أَقْوَى مِمَّنْ وَصَلَ، وَتَقَعُ الْعِلَّةُ فِي الْإِسْنَادِ وَهُوَ الْأَكْثَرُ، وَقَدْ تَقَعُ فِي الْمَتْنِ، وَمَا وَقَعَ فِي الْإِسْنَادِ قَدْ يَقْدَحُ فِيهِ وَفِي الْمَتْنِ. كَالْإِرْسَالِ وَالْوَقْفِ، وَقَدْ يَقْدَحُ فِي الْإِسْنَادِ خَاصَّةً، وَيَكُونُ الْمَتْنُ مَعْرُوفًا صَحِيحًا، كَحَدِيثِ يَعْلَى بْنِ عُبَيْدٍ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ حَدِيثُ «الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ» غَلِطَ يَعْلَى إِنَّمَا هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ.   [تدريب الراوي] قَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ: فِي مَعْرِفَةِ عِلَّةِ الْحَدِيثِ إِلْهَامٌ، لَوْ قُلْتَ لِلْعَالِمِ بِعِلَلِ الْحَدِيثِ: مِنْ أَيْنَ قُلْتَ هَذَا؟ لَمْ يَكُنْ لَهُ حُجَّةٌ، وَكَمْ مِنْ شَخْصٍ لَا يَهْتَدِي لِذَلِكَ. وَقِيلَ لَهُ أَيْضًا: إِنَّكَ تَقُولُ لِلشَّيْءِ: هَذَا صَحِيحٌ، وَهَذَا لَمْ يَثْبُتْ، فَعَمَّنْ تَقُولُ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَتَيْتَ النَّاقِدَ، فَأَرَيْتَهُ دَرَاهِمَكَ، فَقَالَ: هَذَا جَيِّدٌ، وَهَذَا بَهْرَجٌ، أَكُنْتَ تَسْأَلُ، عَنْ مَنْ ذَلِكَ، أَوْ تُسَلِّمُ لَهُ الْأَمْرَ؟ قَالَ: بَلْ أُسَلِّمُ لَهُ الْأَمْرَ، قَالَ: فَهَذَا كَذَلِكَ، لِطُولِ الْمُجَالَسَةِ وَالْمُنَاظَرَةِ وَالْخِبْرَةِ. وَسُئِلَ أَبُو زُرْعَةَ: مَا الْحُجَّةُ فِي تَعْلِيلِكُمُ الْحَدِيثَ؟ فَقَالَ: الْحُجَّةُ أَنْ تَسْأَلَنِي عَنْ حَدِيثٍ لَهُ عِلَّةٌ فَأَذْكُرَ عِلَّتَهُ ثُمَّ تَقْصِدَ ابْنَ وَارَةَ فَتَسْأَلَهُ عَنْهُ فَيَذْكُرَ عِلَّتَهُ ثُمَّ تَقْصِدَ أَبَا حَاتِمٍ فَيُعَلِّلَهُ، ثُمَّ تُمَيِّزَ كَلَامَنَا عَلَى ذَلِكَ الْحَدِيثِ، فَإِنْ وَجَدْتَ بَيْنَنَا خِلَافًا، فَاعْلَمْ أَنَّ كُلًّا مِنَّا تَكَلَّمَ عَلَى مُرَادِهِ، وَإِنْ وَجَدْتَ الْكَلِمَةَ مُتَّفِقَةً فَاعْلَمْ حَقِيقَةَ هَذَا الْعِلْمِ، فَفَعَلَ الرَّجُلُ ذَلِكَ فَاتَّفَقَتْ كَلِمَتُهُمْ، فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ هَذَا الْعِلْمَ إِلْهَامٌ. [الطريق إلى معرفة العلة مع ذكر أمثلة لها] (وَالطَّرِيقُ إِلَى مَعْرِفَتِهِ جَمْعُ طُرُقِ الْحَدِيثِ وَالنَّظَرُ فِي اخْتِلَافِ رُوَاتِهِ، وَ) فِي (ضَبْطِهِمْ وَإِتْقَانِهِمْ) . قَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: الْبَابُ إِذَا لَمْ تُجْمَعْ طُرُقُهُ لَمْ يُتَبَيَّنْ خَطَؤُهُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 296 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] (وَكَثُرَ التَّعْلِيلُ بِالْإِرْسَالِ) لِلْمَوْصُولِ، (بِأَنْ يَكُونَ رَاوِيهِ أَقْوَى مِمَّنْ وَصَلَ، وَتَقَعُ الْعِلَّةُ فِي الْإِسْنَادِ، وَهُوَ الْأَكْثَرُ، وَقَدْ تَقَعُ فِي الْمَتْنِ، وَمَا وَقَعَ) مِنْهَا (فِي الْإِسْنَادِ قَدْ يَقْدَحُ فِيهِ وَفِي الْمَتْنِ) أَيْضًا، (كَالْإِرْسَالِ، وَالْوَقْفِ، وَقَدْ يَقْدَحُ فِي الْإِسْنَادِ خَاصَّةً، وَيَكُونُ الْمَتْنُ مَعْرُوفًا صَحِيحًا. كَحَدِيثِ يَعْلَى بْنِ عُبَيْدٍ) الطَّنَافِسِيِّ، أَحَدِ رِجَالِ الصَّحِيحِ (، عَنْ) سُفْيَانَ (الثَّوْرِيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ) ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (حَدِيثُ «الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ» ، غَلِطَ يَعْلَى) عَلَى سُفْيَانَ فِي قَوْلِهِ: عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، (إِنَّمَا هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ) ، هَكَذَا رَوَاهُ الْأَئِمَّةُ مِنْ أَصْحَابِ سُفْيَانَ، كَأَبِي نُعَيْمٍ الْفَضْلِ بْنِ دُكَيْنٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ الْفِرْيَابِيِّ، وَمَخْلَدِ بْنِ يَزِيدَ، وَغَيْرِهِمْ. وَمِثَالُ الْعِلَّةِ فِي الْمَتْنِ: مَا انْفَرَدَ بِهِ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ مِنْ رِوَايَةِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ: حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ قَتَادَةَ أَنَّهُ كَتَبَ إِلَيْهِ يُخْبِرُهُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ حَدَّثَهُ، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 297 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] قَالَ: «صَلَّيْتُ خَلْفَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، فَكَانُوا يَسْتَفْتِحُونَ بِـ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: 2] ، لَا يَذْكُرُونَ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: 1] مِنْ أَوَّلِ قِرَاءَةٍ، وَلَا فِي آخِرِهَا» . ثُمَّ رَوَاهُ مِنْ رِوَايَةِ الْوَلِيدِ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، أَخْبَرَنِي إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسًا يَذْكُرُ ذَلِكَ. وَرَوَى مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: «صَلَّيْتُ وَرَاءَ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، فَكُلُّهُمْ كَانَ لَا يَقْرَأُ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: 1] ، وَزَادَ فِيهِ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ مَالِكٍ: صَلَّيْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» . هَذَا الْحَدِيثُ مَعْلُولٌ، أَعَلَّهُ الْحُفَّاظُ بِوُجُوهٍ جَمَعْتُهَا، وَحَرَّرْتُهَا فِي الْمَجْلِسِ الرَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنَ الْأَمَالِي بِمَا لَمْ أُسْبَقْ إِلَيْهِ، وَأَنَا أُلَخِّصُهَا هُنَا: فَأَمَّا رِوَايَةُ حُمَيْدٍ، فَأَعَلَّهَا الشَّافِعِيُّ بِمُخَالَفَةِ الْحُفَّاظِ مَالِكًا، فَقَالَ فِي سُنَنِ حَرْمَلَةَ فِيمَا نَقَلَهُ عَنِ الْبَيْهَقِيِّ: فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: قَدْ رَوَى مَالِكٌ فَذَكَرَهُ، قِيلَ لَهُ: خَالَفَهُ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، وَالْفَزَارِيُّ، وَالثَّقَفِيُّ، وَعَدَدٌ لَقِيتُهُمْ سَبْعَةٌ، أَوْ ثَمَانِيَةٌ مُتَّفِقِينَ مُخَالِفِينَ لَهُ، وَالْعَدَدُ الْكَثِيرُ أَوْلَى بِالْحِفْظِ مِنْ وَاحِدٍ، ثُمَّ رَجَّحَ رِوَايَتَهُمْ بِمَا رَوَاهُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ يَفْتَتِحُونَ الْقِرَاءَةَ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: 2] » قَالَ الشَّافِعِيُّ: يَعْنِي يَبْدَءُونَ بِقِرَاءَةِ أُمِّ الْقُرْآنِ قَبْلَ مَا يُقْرَأُ بَعْدَهَا، وَلَا يَعْنِي أَنَّهُمْ يَتْرُكُونَ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: 1] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 298 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: وَهَذَا هُوَ الْمَحْفُوظُ، عَنْ قَتَادَةَ وَغَيْرِهِ عَنْ أَنَسٍ. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ، وَكَذَا رَوَاهُ عَنْ قَتَادَةَ أَكْثَرُ أَصْحَابِهِ كَأَيُّوبَ، وَشُعْبَةَ، وَالدَّسْتُوَائِيِّ، وَشَيْبَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَسَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، وَأَبِي عَوَانَةَ، وَغَيْرِهِمْ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: فَهَؤُلَاءِ حُفَّاظُ أَصْحَابِ قَتَادَةَ، وَلَيْسَ فِي رِوَايَتِهِمْ لِهَذَا الْحَدِيثِ مَا يُوجِبُ سُقُوطَ الْبَسْمَلَةِ، وَهَذَا هُوَ اللَّفْظُ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ فِي الصَّحِيحَيْنِ، وَهُوَ رِوَايَةُ الْأَكْثَرِينَ، وَرَوَاهُ كَذَلِكَ أَيْضًا، عَنْ أَنَسٍ، ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ، وَإِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، وَمَا أَوَّلَهُ عَلَيْهِ، وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي رِوَايَةِ الدَّارَقُطْنِيِّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ، «فَكَانُوا يَسْتَفْتِحُونَ بِأُمِّ الْقُرْآنِ» . قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَيَقُولُونَ إِنَّ أَكْثَرَ رِوَايَةِ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ إِنَّمَا سَمِعَهَا، عَنْ قَتَادَةَ وَثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَنَّ ابْنَ عَدِيٍّ صَرَّحَ بِذِكْرِ قَتَادَةَ بَيْنَهُمَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ، فَتَبَيَّنَ انْقِطَاعُهَا وَرُجُوعُ الطَّرِيقَيْنِ إِلَى وَاحِدَةٍ. وَأَمَّا رِوَايَةُ الْأَوْزَاعِيِّ، فَأَعَلَّهَا بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الرَّاوِيَ عَنْهُ - وَهُوَ الْوَلِيدُ - يُدَلِّسُ تَدْلِيسَ التَّسْوِيَةِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ صَرَّحَ بِسَمَاعِهِ مِنْ شَيْخِهِ، وَإِنْ ثَبَتَ أَنَّهُ لَمْ يَسْقُطْ بَيْنَ الْأَوْزَاعِيِّ وَقَتَادَةَ أَحَدٌ، فَقَتَادَةُ وُلِدَ أَكْمَهَ ; فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ أَمْلَى عَلَى مَنْ كَتَبَ إِلَى الْأَوْزَاعِيِّ، وَلَمْ يُسَمِّ هَذَا الْكِتَابَ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَجْرُوحًا أَوْ غَيْرَ ضَابِطٍ، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 299 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] فَلَا تَقُومُ بِهِ الْحُجَّةُ مَعَ مَا فِي أَصْلِ الرِّوَايَةِ بِالْكِتَابَةِ مِنَ الْخِلَافِ، وَأَنْ بَعْضَهُمْ يَرَى انْقِطَاعَهَا. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: اخْتُلِفَ فِي أَلْفَاظِ هَذَا الْحَدِيثِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا مُتَدَافِعًا مُضْطَرِبًا: مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: صَلَّيْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَذْكُرُ عُثْمَانَ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَقْتَصِرُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُثْمَانَ. وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَذْكُرُ، «فَكَانُوا لَا يَقْرَءُونَ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: 1] » . وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: «فَكَانُوا لَا يَجْهَرُونَ بِـ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: 1] » . وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: «فَكَانُوا يَجْهَرُونَ بِـ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: 1] » . وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: «فَكَانُوا يَفْتَتِحُونَ الْقِرَاءَةَ بِـ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: 2] » . وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: «فَكَانُوا يَقْرَءُونَ بِـ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: 1] » . قَالَ: وَهَذَا اضْطِرَابٌ لَا تَقُومُ مَعَهُ حُجَّةٌ لِأَحَدٍ، وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَنَسًا لَمْ يَرْوِ نَفْيَ الْبَسْمَلَةِ، وَأَنَّ الَّذِي زَادَ ذَلِكَ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ، رَوَى بِالْمَعْنَى فَأَخْطَأَ، مَا صَحَّ عَنْهُ أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ سَأَلَهُ، أَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَسْتَفْتِحُ بِـ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: 2] ، أَوْ بِـ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: 1] ؟ فَقَالَ: إِنَّكَ سَأَلْتَنِي عَنْ شَيْءٍ مَا أَحْفَظُهُ، وَمَا سَأَلَنِي عَنْهُ أَحَدٌ قَبْلَكَ، أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ بِسَنَدٍ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 300 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَمَا قِيلَ: مِنْ أَنَّ مَنْ حَفِظَ عَنْهُ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ سَأَلَهُ فِي حَالِ نِسْيَانِهِ، فَقَدْ أَجَابَ أَبُو شَامَةَ بِأَنَّهُمَا مَسْأَلَتَانِ، فَسُؤَالُ أَبِي سَلَمَةَ عَنِ الْبَسْمَلَةِ، وَتَرْكِهَا، وَسُؤَالُ قَتَادَةَ عَنِ الِاسْتِفْتَاحِ بِأَيِّ سُورَةٍ. وَقَدْ وَرَدَ مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ عَنْهُ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُسِرُّ بِـ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: 1] » ، أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ، عَنْ طَرِيقِ مُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْحَسَنِ عَنْهُ. وَابْنُ خُزَيْمَةَ مِنْ طَرِيقِ سُوَيْدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ عِمْرَانَ الْقَصِيرِ، عَنِ الْحَسَنِ عَنْهُ. وَوَرَدَ مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ، عَنِ الْمُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَجْهَرُ بِـ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: 1] » ، رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْخَطِيبُ. وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى، عَنِ الْمُعْتَمِرِ. وَقَدْ وَرَدَ ثُبُوتُ قِرَاءَتِهَا فِي الصَّلَاةِ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، مِنْ طُرُقٍ عِنْدَ الْحَاكِمِ، وَابْنِ خُزَيْمَةَ، وَالنَّسَائِيِّ، وَالدَّارَقُطْنِيِّ، وَالْبَيْهَقِيِّ، وَالْخَطِيبِ. فَابْنُ عَبَّاسٍ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ، وَالْحَاكِمِ، وَالْبَيْهَقِيِّ. وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وَعَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ، وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَالنُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ، وَابْنُ عُمَرَ، وَالْحَكَمُ بْنُ عَمْرٍو، وَعَائِشَةُ، وَأَحَادِيثُهُمْ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ. وَسَمُرَةُ بْنُ جُنْدُبٍ، وَأُبَيٌّ وَحَدِيثُهُمَا عِنْدَ الْبَيْهَقِيِّ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 301 وَقَدْ تُطْلَقُ الْعِلَّةُ عَلَى غَيْرِ مُقْتَضَاهَا الَّذِي قَدَّمْنَاهُ، كَكَذِبِ الرَّاوِي، وَغَفْلَتِهِ، وَسُوءِ حِفْظِهِ وَنَحْوِهَا مِنْ أَسْبَابِ ضَعْفِ الْحَدِيثِ، وَسَمَّى التِّرْمِذِيُّ النَّسْخَ عِلَّةً وَأَطْلَقَ بَعْضُهُمُ الْعِلَّةَ عَلَى مُخَالَفَةٍ لَا تَقْدَحُ كَإِرْسَالِ مَا وَصَلَهُ الثِّقَةُ الضَّابِطُ حَتَّى قَالَ: مِنَ الصَّحِيحِ صَحِيحٌ مُعَلَّلٌ كَمَا قِيلَ مِنْهُ صَحِيحٌ شَاذٌّ.   [تدريب الراوي] وَبُرَيْدَةُ، وَمُجَالِدُ بْنُ ثَوْرٍ، وَبُسْرٌ أَوْ بِشْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، وَحُسَيْنُ بْنُ عُرْفُطَةَ، وَأَحَادِيثُهُمْ عِنْدَ الْخَطِيبِ. وَأُمُّ سَلَمَةَ عِنْدَ الْحَاكِمِ. وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ. فَقَدْ بَلَغَ ذَلِكَ مَبْلَغَ التَّوَاتُرِ، وَقَدْ بَيَّنَّا طُرُقَ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ كُلَّهَا فِي كِتَابِ " قَطْفِ الْأَزْهَارِ الْمُتَنَاثِرَةِ فِي الْأَخْبَارِ الْمُتَوَاتِرَةِ "، وَتَبَيَّنَ بِمَا ذَكَرْنَاهُ أَنَّ لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ السَّابِقِ تِسْعَ عِلَلٍ: الْمُخَالَفَةُ مِنَ الْحُفَّاظِ وَالْأَكْثَرِينَ، وَالِانْقِطَاعُ، وَتَدْلِيسُ التَّسْوِيَةِ مِنَ الْوَلِيدِ، وَالْكِتَابَةُ، وَجَهَالَةُ الْكَاتِبِ، وَالِاضْطِرَابُ فِي لَفْظِهِ، وَالْإِدْرَاجُ، وَثُبُوتُ مَا يُخَالِفُهُ عَنْ صَحَابِيِّهِ، وَمُخَالَفَتُهُ لِمَا رَوَاهُ عَدَدُ التَّوَاتُرِ. قَالَ الْحَافِظَ أَبُو الْفَضْلِ الْعِرَاقِيُّ: وَقَوْلُ ابْنِ الْجَوْزِيِّ: إِنَّ الْأَئِمَّةَ اتَّفَقُوا عَلَى صِحَّتِهِ، فِيهِ نَظَرٌ، فَهَذَا الشَّافِعِيُّ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ، وَالْبَيْهَقِيُّ، وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ لَا يَقُولُونَ بِصِحَّتِهِ، أَفَلَا يَقْدَحُ كَلَامُ هَؤُلَاءِ فِي الِاتِّفَاقِ الَّذِي نَقَلَهُ. [إطلاق العلة على غير مقتضاها] (وَقَدْ تُطْلَقُ الْعِلَّةُ عَلَى غَيْرِ مُقْتَضَاهَا الَّذِي قَدَّمْنَاهُ) مِنَ الْأَسْبَابِ الْقَادِحَةِ، (كَكَذِبِ الرَّاوِي) ، وَفِسْقِهِ (وَغَفْلَتِهِ، وَسُوءِ حِفْظِهِ، وَنَحْوِهَا مِنْ أَسْبَابِ ضَعْفِ الْحَدِيثِ) ، وَذَلِكَ مَوْجُودٌ فِي كُتُبِ الْعِلَلِ. (وَسَمَّى التِّرْمِذِيُّ النَّسْخَ عِلَّةً) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 302 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] قَالَ الْعِرَاقِيُّ: فَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ عِلَّةٌ فِي الْعَمَلِ بِالْحَدِيثِ فَصَحِيحٌ، أَوْ فِي صِحَّتِهِ فَلَا ; لِأَنَّ فِي الصَّحِيحِ أَحَادِيثَ كَثِيرَةً مَنْسُوخَةً. (وَأَطْلَقَ بَعْضُهُمُ الْعِلَّةَ عَلَى مُخَالَفَةٍ لَا تَقْدَحُ) فِي صِحَّةِ الْحَدِيثِ، (كَإِرْسَالِ مَا وَصَلَهُ الثِّقَةُ الضَّابِطُ، حَتَّى قَالَ: مِنَ الصَّحِيحِ صَحِيحٌ مُعَلَّلٌ، كَمَا قِيلَ: مِنْهُ صَحِيحٌ شَاذٌّ) ، وَقَائِلُ ذَلِكَ: أَبُو يَعْلَى الْخَلِيلِيُّ فِي " الْإِرْشَادِ ". وَمَثَّلَ الصَّحِيحَ الْمُعَلَّلَ بِحَدِيثِ مَالِكٍ: «لِلْمَمْلُوكِ طَعَامُهُ» ، السَّابِقِ فِي نَوْعِ الْمُعْضَلِ فَإِنَّهُ أَوْرَدَهُ فِي الْمُوَطَّأِ مُعْضَلًا، وَرَوَاهُ عَنْهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، وَالنُّعْمَانُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مَوْصُولًا. وَقَالَ: فَقَدْ صَارَ الْحَدِيثُ بِتَبْيِينِ الْإِسْنَادِ صَحِيحًا يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ. قِيلَ: وَذَلِكَ عَكْسُ الْمُعَلَّلِ، فَإِنَّهُ مَا ظَاهِرُهُ السَّلَامَةُ، فَاطُّلِعَ فِيهِ بَعْدَ الْفَحْصِ عَلَى قَادِحٍ، وَهَذَا كَانَ ظَاهِرُهُ الْإِعْلَالَ بِالْإِعْضَالِ، فَلَمَّا فُتِّشَ تَبَيَّنَ وَصْلُهُ. 1 - فَائِدَةٌ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: أَجَلُّ كِتَابٍ صُنِّفَ فِي الْعِلَلِ كِتَابُ ابْنِ الْمَدِينِيِّ، وَابْنِ أَبِي حَاتِمٍ، وَالْخَلَّالِ، وَأَجْمَعُهَا كِتَابُ الدَّارَقُطْنِيِّ. قُلْتُ: وَقَدْ صَنَّفَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِيهِ " الزَّهْرَ الْمَطْلُولَ فِي الْخَبَرِ الْمَعْلُولِ ". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 303 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَقَدْ قَسَّمَ الْحَاكِمُ فِي عُلُومِ الْحَدِيثِ أَجْنَاسَ الْمُعَلَّلِ إِلَى عَشَرَةٍ، وَنَحْنُ نُلَخِّصُهَا هُنَا بِأَمْثِلَتِهَا: أَحَدُهَا أَنْ يَكُونَ السَّنَدُ ظَاهِرُهُ الصِّحَّةُ وَفِيهِ مَنْ لَا يُعْرَفُ بِالسَّمَاعِ مِمَّنْ رَوَى عَنْهُ، كَحَدِيثِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ جَلَسَ مَجْلِسًا، فَكَثُرَ فِيهِ لَغَطُهُ، فَقَالَ قَبْلَ أَنْ يَقُومَ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ، غُفِرَ لَهُ مَا كَانَ فِي مَجْلِسِهِ ذَلِكَ» ، فَرُوِيَ أَنَّ مُسْلِمًا جَاءَ إِلَى الْبُخَارِيِّ، وَسَأَلَهُ عَنْهُ، فَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ مَلِيحٌ، إِلَّا أَنَّهُ مَعْلُولٌ، حَدَّثَنَا بِهِ مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثَنَا وُهَيْبٌ، ثَنَا سُهَيْلٌ، عَنْ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَوْلُهُ: وَهَذَا أَوْلَى ; لِأَنَّهُ لَا يُذْكَرُ لِمُوسَى بْنِ عُقْبَةَ سَمَاعٌ مِنْ سُهَيْلٍ. الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْحَدِيثُ مُرْسَلًا مِنْ وَجْهٍ، رَوَاهُ الثِّقَاتُ الْحُفَّاظُ، وَيُسْنَدُ مِنْ وَجْهٍ ظَاهِرُهُ الصِّحَّةُ. كَحَدِيثِ قَبِيصَةَ بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، وَعَاصِمٍ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَنَسٍ، مَرْفُوعًا: «أَرْحَمُ أُمَّتِي أَبُو بَكْرٍ، وَأَشَدُّهُمْ فِي دِينِ اللَّهِ عُمَرُ» ، الْحَدِيثَ. قَالَ، فَلَوْ صَحَّ إِسْنَادُهُ، لَأُخْرِجَ فِي الصَّحِيحِ، إِنَّمَا رَوَى خَالِدٌ الْحَذَّاءُ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ مُرْسَلًا. الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ الْحَدِيثُ مَحْفُوظًا عَنْ صَحَابِيٍّ وَيُرْوَى عَنْ غَيْرِهِ لِاخْتِلَافِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 304 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] بِلَادِ رُوَاتِهِ، كَرِوَايَةِ الْمَدَنِيِّينَ عَنِ الْكُوفِيِّينَ. كَحَدِيثِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، مَرْفُوعًا: «إِنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ فِي الْيَوْمِ مِائَةَ مَرَّةٍ» . قَالَ: هَذَا إِسْنَادٌ لَا يَنْظُرُ فِيهِ حَدِيثِيٌّ إِلَّا ظَنَّ أَنَّهُ مِنْ شَرْطِ الصَّحِيحِ، وَالْمَدَنِيُّونَ إِذَا رَوَوْا عَنِ الْكُوفِيِّينَ زَلَقُوا، وَإِنَّمَا الْحَدِيثُ مَحْفُوظٌ، عَنْ رِوَايَةِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنِ الْأَغَرِّ الْمُزَنِيِّ. الرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ مَحْفُوظًا عَنْ صَحَابِيٍّ، فَيُرْوَى عَنْ تَابِعِيٍّ يَقَعُ الْوَهْمُ بِالتَّصْرِيحِ بِمَا يَقْتَضِي صِحَّتَهُ، بَلْ وَلَا يَكُونُ مَعْرُوفًا مِنْ جِهَتِهِ. كَحَدِيثِ زُهَيْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «يَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ بِالطُّورِ» . قَالَ: أَخْرَجَ الْعَسْكَرِيُّ، وَغَيْرُهُ هَذَا الْحَدِيثَ فِي الْوُحْدَانِ، وَهُوَ مَعْلُولٌ، أَبُو عُثْمَانَ لَمْ يَسْمَعْ مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا رَآهُ، وَعُثْمَانُ إِنَّمَا رَوَاهُ عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، وَإِنَّمَا هُوَ عُثْمَانُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ. الْخَامِسُ: أَنْ يَكُونَ رُوِيَ بِالْعَنْعَنَةِ، وَسَقَطَ مِنْهُ رَجُلٌ، دَلَّ عَلَيْهِ طَرِيقٌ أُخْرَى مَحْفُوظَةٌ. كَحَدِيثِ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، «أَنَّهُمْ كَانُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَاتَ لَيْلَةٍ فَرُمِيَ بِنَجْمٍ فَاسْتَنَارَ» ، الْحَدِيثَ. قَالَ: وَعِلَّتُهُ أَنَّ يُونُسَ مَعَ جَلَالَتِهِ قَصَّرَ بِهِ، وَإِنَّمَا هُوَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، حَدَّثَنِي رِجَالٌ، هَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ، وَشُعَيْبٌ، وَصَالِحٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَغَيْرُهُمْ، عَنِ الزُّهْرِيِّ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 305 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] السَّادِسُ: أَنْ يُخْتَلَفَ عَلَى رَجُلٍ بِالْإِسْنَادِ وَغَيْرِهِ، وَيَكُونَ الْمَحْفُوظُ عَنْهُ مَا قَابَلَ الْإِسْنَادَ. كَحَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، قَالَ: قُلْتُ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ: " مَا لَكَ أَفْصَحَنَا» الْحَدِيثَ. قَالَ: وَعِلَّتُهُ مَا أُسْنِدَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ خَشْرَمٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ بَلَغَنِي أَنَّ عُمَرَ، فَذَكَرَهُ. السَّابِعُ: الِاخْتِلَافُ عَلَى رَجُلٍ فِي تَسْمِيَةِ شَيْخِهِ أَوْ تَجْهِيلِهِ. كَحَدِيثِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ حَجَّاجِ بْنِ فُرَافِضَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، مَرْفُوعًا: «الْمُؤْمِنُ غِرٌّ كَرِيمٌ، وَالْفَاجِرُ خِبٌّ لَئِيمٌ» . قَالَ: وَعِلَّتُهُ مَا أُسْنِدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَثِيرٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، فَذَكَرَهُ. الثَّامِنُ: أَنْ يَكُونَ الرَّاوِي عَنْ شَخْصٍ أَدْرَكَهُ وَسَمِعَ مِنْهُ، وَلَكِنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ أَحَادِيثَ مُعَيَّنَةً، فَإِذَا رَوَاهَا عَنْهُ بِلَا وَاسِطَةٍ، فَعِلَّتُهَا أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْهَا مِنْهُ. كَحَدِيثِ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَنَسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إِذَا أَفْطَرَ عِنْدَ أَهْلِ بَيْتٍ، قَالَ: " أَفْطَرَ عِنْدَكُمُ الصَّائِمُونَ» الْحَدِيثَ. قَالَ: فَيَحْيَى رَأَى أَنَسًا، وَظَهَرَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ، أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ هَذَا الْحَدِيثَ، ثُمَّ أُسْنِدَ عَنْ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثْتُ عَنْ أَنَسٍ، فَذَكَرَهُ. التَّاسِعُ: أَنْ يَكُونَ طَرِيقُهُ مَعْرُوفَةً، يَرْوِي أَحَدُ رِجَالِهَا حَدِيثًا مِنْ غَيْرِ تِلْكَ الطَّرِيقِ، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 306 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] فَيَقَعُ مَنْ رَوَاهُ مِنْ تِلْكَ الطَّرِيقِ - بِنَاءً عَلَى الْجَادَّةِ - فِي الْوَهْمِ -. كَحَدِيثِ الْمُنْذِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْحِزَامِيِّ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْمَاجَشُونِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ، قَالَ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ» ، الْحَدِيثَ. قَالَ: أَخَذَ فِيهِ الْمُنْذِرُ طَرِيقَ الْجَادَّةِ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهَ بْنُ الْفَضْلِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ عَلِيٍّ. الْعَاشِرُ: أَنْ يُرْوَى الْحَدِيثُ مَرْفُوعًا مِنْ وَجْهٍ، وَمَوْقُوفًا مِنْ وَجْهٍ. كَحَدِيثِ أَبِي فَرْوَةَ يَزِيدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، ثَنَا أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، مَرْفُوعًا: «مَنْ ضَحِكَ فِي صَلَاتِهِ يُعِيدُ الصَّلَاةَ، وَلَا يُعِيدُ الْوُضُوءَ» . قَالَ: وَعِلَّتُهُ مَا أَسْنَدَ وَكِيعٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ قَالَ: سُئِلَ جَابِرٌ، فَذَكَرَهُ. قَالَ الْحَاكِمُ: وَبَقِيَتْ أَجْنَاسٌ لَمْ نَذْكُرْهَا، وَإِنَّمَا جَعَلْنَا هَذِهِ مِثَالًا لِأَحَادِيثَ كَثِيرَةٍ. وَمَا ذَكَرَهُ الْحَاكِمُ مِنَ الْأَجْنَاسِ يَشْمَلُهُ الْقِسْمَانِ الْمَذْكُورَانِ فِيمَا تَقَدَّمَ، وَإِنَّمَا ذَكَرْنَاهُ تَمْرِينًا لِلطَّالِبِ، وَإِيضَاحًا لِمَا تَقَدَّمَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 307 النَّوْعُ التَّاسِعَ عَشَرَ: الْمُضْطَرِبُ هُوَ الَّذِي يُرْوَى عَلَى أَوْجُهٍ مُخْتَلِفَةٍ مُتَقَارِبَةٍ، فَإِنْ رُجِّحَتْ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ بِحِفْظِ رَاوِيهَا أَوْ كَثْرَةِ صُحْبَتِهِ الْمَرْوِيَّ عَنْهُ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ: فَالْحُكْمُ لِلرَّاجِحَةِ، وَلَا يَكُونُ مُضْطَرِبًا. وَالِاضْطِرَابُ يُوجِبُ ضَعْفَ الْحَدِيثِ لِإِشْعَارِهِ بِعَدَمِ الضَّبْطِ، وَيَقَعُ فِي الْإِسْنَادِ تَارَةً، وَفِي الْمَتْنِ أُخْرَى، وَفِيهِمَا مِنْ رَاوٍ أَوْ جَمَاعَةٍ.   [تدريب الراوي] [النَّوْعُ التَّاسِعَ عَشَرَ الْمُضْطَرِبُ] (النَّوْعُ التَّاسِعَ عَشَرَ: الْمُضْطَرِبُ: هُوَ الَّذِي يُرْوَى عَلَى أَوْجُهٍ مُخْتَلِفَةٍ) مِنْ رَاوٍ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ، أَوْ أَكْثَرَ، أَوْ مِنْ رَاوٍ ثَانٍ، أَوْ رُوَاةٍ (مُتَقَارِبَةٍ) . وَعِبَارَةُ ابْنِ الصَّلَاحِ (مُتَسَاوِيَةٍ) . وَعِبَارَةُ ابْنِ جَمَاعَةَ (مُتَقَاوِمَةٍ) - بِالْوَاوِ وَالْمِيمِ - أَيْ وَلَا مُرَجِّحَ. (فَإِنْ رُجِّحَتْ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ) ، أَوِ الرِّوَايَاتِ (بِحِفْظِ رَاوِيهَا) مَثَلًا، (أَوْ كَثْرَةِ صُحْبَتِهِ الْمَرْوِيَّ عَنْهُ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ) مِنْ وُجُوهِ التَّرْجِيحَاتِ، (فَالْحُكْمُ لِلرَّاجِحَةِ، وَلَا يَكُونُ) الْحَدِيثُ (مُضْطَرِبًا) ، لَا الرِّوَايَةُ الرَّاجِحَةُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَلَا الْمَرْجُوحَةُ، بَلْ هِيَ شَاذَّةٌ، أَوْ مُنْكَرَةٌ كَمَا تَقَدَّمَ. (وَالِاضْطِرَابُ يُوجِبُ ضَعْفَ الْحَدِيثِ ; لِإِشْعَارِهِ بِعَدَمِ الضَّبْطِ) مِنْ رُوَاتِهِ، الَّذِي هُوَ شَرْطٌ فِي الصِّحَّةِ وَالْحُسْنِ. (وَيَقَعُ) الِاضْطِرَابُ (فِي الْإِسْنَادِ تَارَةً، وَفِي الْمَتْنِ أُخْرَى، وَ) يَقَعُ (فِيهِمَا) ، أَيِ الْإِسْنَادِ وَالْمَتْنِ مَعًا، وَهَذِهِ مَزِيدَةٌ عَلَى ابْنِ الصَّلَاحِ (مِنْ رَاوٍ) ، وَاحِدٍ أَوْ رَاوِيَيْنِ (أَوْ جَمَاعَةٍ) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 308 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] مِثَالُهُ فِي الْإِسْنَادِ: مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ أَبِي عَمْرِو بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حُرَيْثٍ، عَنْ جَدِّهِ حُرَيْثٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، مَرْفُوعًا: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ، فَلْيَجْعَلْ شَيْئًا تِلْقَاءَ وَجْهِهِ» الْحَدِيثَ، وَفِيهِ: «فَإِنْ لَمْ يَجِدْ عَصًا يَنْصِبُهَا بَيْنَ يَدَيْهِ، فَلْيَخُطَّ خَطًّا» . اخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى إِسْمَاعِيلَ اخْتِلَافًا كَثِيرًا: فَرَوَاهُ بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، وَرَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ عَنْهُ هَكَذَا. وَرَوَاهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْهُ، عَنْ أَبِي عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَرَوَاهُ حُمَيْدُ بْنُ الْأَسْوَدِ عَنْهُ، عَنْ أَبِي عَمْرِو بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو، عَنْ جَدِّهِ حُرَيْثِ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَرَوَاهُ وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ، وَعَبْدُ الْوَارِثِ، عَنْهُ، عَنْ أَبِي عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ، عَنْ جَدِّهِ حُرَيْثٍ. وَرَوَاهُ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْهُ، عَنْ حُرَيْثِ بْنِ عَمَّارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَرَوَاهُ ذَوَّادُ بْنُ عُلْبَةَ الْحَارِثِيُّ عَنْهُ، عَنْ أَبِي عَمْرِو بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ جَدِّهِ حُرَيْثِ بْنِ سُلَيْمَانَ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ: لَا أَعْلَمُ أَحَدًا بَيَّنَهُ وَبَيَّنَ نَسَبَه غَيْرَ ذَوَّادٍ. وَرَوَاهُ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْهُ وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى ابْنِ عُيَيْنَةَ: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 309 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] فَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ أَبِي مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ، عَنْ جَدِّهِ حُرَيْثٍ رَجُلٍ مِنْ بَنِي عُذْرَةَ. وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَّامٍ الْبِيكَنْدِيُّ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، مِثْلَ رِوَايَةِ بِشْرِ بْنِ الْمُفَضَّلِ، وَرَوْحٍ. وَرَوَاهُ مُسَدَّدٌ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ أَبِي عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَرَوَاهُ عَمَّارُ بْنُ خَالِدٍ الْوَاسِطِيُّ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ أَبِي عَمْرِو بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ، عَنْ جَدِّهِ حُرَيْثٍ بْنِ سُلَيْمٍ هَكَذَا. مَثَّلَ ابْنُ الصَّلَاحِ بِهَذَا الْحَدِيثِ لِمُضْطَرِبِ الْإِسْنَادِ. وَقَالَ الْعِرَاقِيُّ فِي النُّكَتِ: اعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ ذَكَرَ أَنَّ التَّرْجِيحَ إِذَا وُجِدَ انْتَفَى الِاضْطِرَابُ، وَقَدْ رَوَاهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَهُوَ أَحْفَظُ مِمَّنْ ذَكَرَهُمْ، فَيَنْبَغِي أَنْ تُرَجَّحَ رِوَايَتُهُ عَلَى غَيْرِهَا، وَأَيْضًا فَإِنَّ الْحَاكِمَ وَغَيْرَهُ صَحَّحُوا هَذَا الْحَدِيثَ. قَالَ: وَالْجَوَابُ أَنَّ وُجُوهَ التَّرْجِيحِ فِيهِ مُتَعَارِضَةٌ، فَسُفْيَانُ وَإِنْ كَانَ أَحْفَظَ إِلَّا أَنَّهُ انْفَرَدَ بِقَوْلِهِ: (أَبِي عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ، عَنْ أَبِيهِ) ، وَأَكْثَرُ الرُّوَاةِ يَقُولُونَ: عَنْ جَدِّهِ، وَهُمْ بِشْرٌ، وَرَوْحٌ، وَوُهَيْبٌ، وَعَبْدُ الْوَارِثِ، وَهُمْ مِنْ ثِقَاتِ الْبَصْرِيِّينَ، وَأَئِمَّتِهِمْ، وَوَافَقَهُمْ عَلَى ذَلِكَ مِنْ حُفَّاظِ الْكُوفَةِ ابْنُ عُيَيْنَةَ، وَقَوْلُهُمْ أَرْجَحُ لِلْكَثْرَةِ، وَلِأَنَّ إِسْمَاعِيلَ بْنَ أُمَيَّةَ مَكِّيٌّ، وَابْنُ عُيَيْنَةَ كَانَ مُقِيمًا بِهَا، وَالْأَمْرَانِ مِمَّا يُرَجَّحُ بِهِ، وَخَالَفَ الْكُلَّ ابْنُ جُرَيْجٍ، وَهُوَ مَكِّيٌّ، فَتَعَارَضَتْ حِينَئِذٍ وُجُوهُ التَّرْجِيحِ، وَانْضَمَّ إِلَى ذَلِكَ جَهَالَةُ رَاوِي الْحَدِيثِ، وَهُوَ شَيْخُ إِسْمَاعِيلَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَرْوِ عَنْهُ غَيْرُهُ مَعَ الِاخْتِلَافِ فِي اسْمِهِ، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 310 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَاسْمِ أَبِيهِ، وَهَلْ يَرْوِيهِ، عَنْ أَبِيهِ، أَوْ جَدِّهِ، أَوْ هُوَ نَفْسُهُ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَقَدْ حَكَى أَبُو دَاوُدَ تَضْعِيفَ هَذَا الْحَدِيثِ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، فَقَالَ عَنْهُ: لَمْ نَجِدْ شَيْئًا نَشُدُّ بِهِ هَذَا الْحَدِيثَ، وَلَمْ يَجِئْ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَضَعَّفَهُ أَيْضًا الشَّافِعِيُّ، وَالْبَيْهَقِيُّ، وَالنَّوَوِيُّ فِي الْخُلَاصَةِ. انْتَهَى. وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: أَتْقَنُ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ رِوَايَةُ بِشْرٍ وَرَوْحٍ، وَأَجْمَعُهَا رِوَايَةُ حُمَيْدِ بْنِ الْأَسْوَدِ، وَمَنْ قَالَ: أَبُو عَمْرِو بْنُ مُحَمَّدٍ أَرْجَحُ مِمَّنْ قَالَ: أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ عَمْرٍو، فَإِنَّ رُوَاةَ الْأَوَّلِ أَكْثَرُ، وَقَدِ اضْطَرَبَ مَنْ قَالَ: أَبُو مُحَمَّدٍ ; فَمَرَّةً وَافَقَ الْأَكْثَرِينَ فَتَلَاشَى الْخِلَافُ. قَالَ:، وَالَّتِي لَا يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهَا رِوَايَةُ مَنْ قَالَ: أَبُو عَمْرِو بْنُ حُرَيْثٍ مَعَ رِوَايَةِ مَنْ قَالَ: أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ وَرِوَايَةُ مَنْ قَالَ: حُرَيْثُ بْنُ عَمَّارٍ، وَمَا فِي الرِّوَايَاتِ يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهَا، فَرِوَايَةُ مَنْ قَالَ: عَنْ جَدِّهِ، لَا تُنَافِي مَنْ قَالَ: عَنْ أَبِيهِ ; لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنَّهُ أَسْقَطَ الْأَبَ، فَتَبَيَّنَ الْمُرَادُ بِرِوَايَةِ غَيْرِهِ، وَرِوَايَةُ مَنْ قَالَ: عَنْ أَبِي عَمْرِو بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حُرَيْثٍ يُدْخِلُ فِي الْأَثْنَاءِ عَمْرًا لَا تُنَافِي مَنْ أَسْقَطَهُ؛ لِأَنَّهُمْ يُكْثِرُونَ نِسْبَةَ الشَّخْصِ إِلَى جَدِّهِ الْمَشْهُورِ، وَمَنْ قَالَ: سُلَيْمٌ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ اخْتَصَرَهُ مِنْ سُلَيْمَانَ كَالتَّرْخِيمِ. قَالَ: وَالْحَقُّ أَنَّ التَّمْثِيلَ لَا يَلِيقُ إِلَّا بِحَدِيثٍ لَوْلَا الِاضْطِرَابُ لَمْ يَضْعُفْ، وَهَذَا الْحَدِيثُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 311 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] لَا يَصْلُحُ مِثَالًا، فَإِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي ذَاتٍ وَاحِدَةٍ، فَإِنْ كَانَ ثِقَةً لَمْ يَضُرَّ هَذَا الِاخْتِلَافُ فِي اسْمِهِ أَوْ نَسَبِهِ، وَقَدْ وُجِدَ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الصَّحِيحِ، وَلِهَذَا صَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ؛ لِأَنَّهُ عِنْدَهُ ثِقَةٌ، وَرَجَّحَ أَحَدَ الْأَقْوَالِ فِي اسْمِهِ وَاسْمِ أَبِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثِقَةً فَالضَّعْفُ حَاصِلٌ بِغَيْرِ جِهَةِ الِاضْطِرَابِ، نَعَمْ يَزْدَادُ بِهِ ضَعْفًا. قَالَ: وَمِثْلُ هَذَا يَدْخُلُ فِي الْمُضْطَرِبِ لِكَوْنِ رُوَاتِهِ اخْتَلَفُوا، وَلَا مُرَجِّحَ، وَهُوَ وَارِدٌ عَلَى قَوْلِهِمْ: الِاضْطِرَابُ يُوجِبُ الضَّعْفَ. قَالَ: وَالْمِثَالُ الصَّحِيحُ حَدِيثُ أَبِي بَكْرٍ، أَنَّهُ قَالَ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَاكَ شِبْتَ، قَالَ: شَيَّبَتْنِي هُودٌ وَأَخَوَاتُهَا» . قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: هَذَا مُضْطَرِبٌ فَإِنَّهُ لَمْ يُرْوَ إِلَّا مِنْ طَرِيقِ أَبِي إِسْحَاقَ، وَقَدِ اخْتُلِفَ عَلَيْهِ فِيهِ عَلَى نَحْوِ عَشَرَةِ أَوْجُهٍ، فَمِنْهُمْ مَنْ رَوَاهُ مُرْسَلًا، وَمِنْهُمْ مَنْ رَوَاهُ مَوْصُولًا، وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهُ مِنْ مُسْنَدِ أَبِي بَكْرٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهُ مِنْ مُسْنَدِ سَعْدٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهُ مِنْ مُسْنَدِ عَائِشَةَ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَرُوَاتُهُ ثِقَاتٌ لَا يُمْكِنُ تَرْجِيحُ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ، وَالْجَمْعُ مُتَعَذَّرٌ. قُلْتُ: وَمِثْلُهُ حَدِيثُ مُجَاهِدٍ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ سُفْيَانَ، «عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي نَضْحِ الْفَرَجِ بَعْدَ الْوُضُوءِ» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 312 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] قَدِ اخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى عَشَرَةِ أَقْوَالٍ: فَقِيلَ: عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ الْحَكَمِ أَوِ ابْنِ الْحَكَمِ، عَنْ أَبِيهِ، وَقِيلَ: عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ سُفْيَانَ أَوِ ابْنِ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ أَبِيهِ، وَقِيلَ:، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ الْحَكَمِ غَيْرَ مَنْسُوبٍ، عَنْ أَبِيهِ، وَقِيلَ: عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ ثَقِيفٍ، عَنْ أَبِيهِ، وَقِيلَ:، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ الْحَكَمِ، أَوِ الْحَكَمِ بْنِ سُفْيَانَ، وَقِيلَ: عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ سُفْيَانَ بِلَا شَكٍّ، وَقِيلَ: عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ ثَقِيفٍ، يُقَالُ لَهُ الْحَكَمُ أَوْ أَبُو الْحَكَمِ، وَقِيلَ: عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي الْحَكَمِ، أَوْ أَبِي الْحَكَمِ بْنِ سُفْيَانَ، وَقِيلَ: عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ سُفْيَانَ، أَوِ ابْنِ أَبِي سُفْيَانَ، وَقِيلَ: عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ ثَقِيفٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَمِثَالُ الِاضْطِرَابِ فِي الْمَتْنِ: فِيمَا أَوْرَدَهُ الْعِرَاقِيُّ حَدِيثُ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ قَالَتْ: «سُئِلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، عَنِ الزَّكَاةِ فَقَالَ: إِنَّ فِي الْمَالِ لَحَقًّا سِوَى الزَّكَاةِ» ; رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ هَكَذَا مِنْ رِوَايَةِ شَرِيكٍ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ فَاطِمَةَ، وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بِلَفْظِ: «لَيْسَ فِي الْمَالِ حَقٌّ سِوَى الزَّكَاةِ» . قَالَ فَهَذَا اضْطِرَابٌ لَا يَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ. قِيلَ: وَهَذَا أَيْضًا لَا يَصْلُحُ مِثَالًا، فَإِنَّ شَيْخَ شَرِيكٍ ضَعِيفٌ، فَهُوَ مَرْدُودٌ مِنْ قِبَلِ ضَعْفِ رَاوِيهِ لَا مِنِ اضْطِرَابِهِ، وَأَيْضًا فَيُمْكِنُ تَأْوِيلُهُ بِأَنَّهَا رَوَتْ كُلًّا مِنَ اللَّفْظَيْنِ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَقِّ الْمُثْبَتُ الْمُسْتَحَبُّ، وَبِالْمَنْفِيِّ الْوَاجِبُ. وَالْمِثَالُ الصَّحِيحُ مَا وَقَعَ فِي حَدِيثِ الْوَاهِبَةِ نَفْسِهَا مِنَ الِاخْتِلَافِ فِي اللَّفْظَةِ الْوَاقِعَةِ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 313 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] فَفِي رِوَايَةِ: «زَوَّجْتُكَهَا» ، وَفِي رِوَايَةٍ: «زَوَّجْنَاكَهَا» ، وَفِي رِوَايَةٍ «أَمْكَنَّاكَهَا» ، وَفِي رِوَايَةٍ: «مَلَّكْتُكَهَا» ; فَهَذِهِ أَلْفَاظٌ لَا يُمْكِنُ الِاحْتِجَاجُ بِوَاحِدٍ مِنْهَا، حَتَّى لَوِ احْتَجَّ حَنَفِيٌّ مَثَلًا عَلَى أَنَّ التَّمْلِيكَ مِنْ أَلْفَاظِ النِّكَاحِ لَمْ يَسُغْ لَهُ ذَلِكَ. قُلْتُ: وَفِي التَّمْثِيلِ بِهَذَا نَظَرٌ أَوْضَحُ مِنَ الْأَوَّلِ، فَإِنَّ الْحَدِيثَ صَحِيحٌ ثَابِتٌ، وَتَأْوِيلُ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ سَهْلٌ، فَإِنَّهَا رَاجِعَةٌ إِلَى مَعْنًى وَاحِدٍ بِخِلَافِ الْحَدِيثِ السَّابِقِ. وَعِنْدِي أَنَّ أَحْسَنَ مِثَالٍ لِذَلِكَ: حَدِيثُ الْبَسْمَلَةِ السَّابِقِ، فَإِنَّ ابْنَ عَبْدِ الْبَرِّ أَعَلَّهُ بِالِاضْطِرَابِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَالْمُضْطَرِبُ يُجَامِعُ الْمُعَلَّلَ ; لِأَنَّهُ قَدْ تَكُونُ عِلَّتُهُ ذَلِكَ. تَنْبِيهٌ وَقَعَ فِي كَلَامِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ السَّابِقِ أَنَّ الِاضْطِرَابَ قَدْ يُجَامِعُ الصِّحَّةَ، وَذَلِكَ بِأَنْ يَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي اسْمِ رَجُلٍ وَاحِدٍ وَأَبِيهِ، وَنِسْبَتِهِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَيَكُونُ ثِقَةً فَيُحْكَمُ لِلْحَدِيثِ بِالصِّحَّةِ، وَلَا يَضُرُّ الِاخْتِلَافُ فِيمَا ذَكَرَ مَعَ تَسْمِيَتِهِ مُضْطَرِبًا، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ، وَكَذَا جَزَمَ الزَّرْكَشِيُّ بِذَلِكَ فِي مُخْتَصَرِهِ، فَقَالَ: وَقَدْ يَدْخُلُ الْقَلْبُ وَالشُّذُوذُ وَالِاضْطِرَابُ فِي قِسْمِ الصَّحِيحِ وَالْحَسَنِ. فَائِدَةٌ صَنَّفَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي الْمُضْطَرِبِ كِتَابًا سَمَّاهُ: " الْمُقْتَرِبَ ". [النَّوْعُ الْعِشْرُونَ الْمُدْرَجُ] [أقسام المدرج] [الأول يَذْكُرَ الرَّاوِي عَقِب الحديث كَلَامًا لِنَفْسِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ فَيَرْوِيَهُ مَنْ بَعْدَهُ مُتَّصِلًا] النَّوْعُ الْعِشْرُونَ: الْمُدْرَجُ هُوَ أَقْسَامٌ، أَحَدُهَا: مُدْرَجٌ فِي حَدِيثِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَنْ يَذْكُرَ الرَّاوِي عَقِيبَهُ كَلَامًا لِنَفْسِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ فَيَرْوِيَهُ مَنْ بَعْدَهُ مُتَّصِلًا فَيُتَوَهَّمُ أَنَّهُ مِنَ الْحَدِيثِ. (النَّوْعُ الْعِشْرُونَ الْمُدْرَجُ، هُوَ أَقْسَامٌ: أَحَدُهَا: مُدْرَجٌ فِي حَدِيثِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَنْ يَذْكُرَ الرَّاوِي عَقِيبَهُ كَلَامًا لِنَفْسِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ فَيَرْوِيَهُ مَنْ بَعْدِهِ مُتَّصِلًا) بِالْحَدِيثِ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ (فَيُتَوَهَّمَ أَنَّهُ مِنَ) تَتِمَّةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 314 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] (الْحَدِيثِ) الْمَرْفُوعِ، وَيُدْرَكُ ذَلِكَ بِوُرُودِهِ مُنْفَصِلًا فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى، أَوْ بِالتَّنْصِيصِ عَلَى ذَلِكَ مِنَ الرَّاوِي، أَوْ بَعْضِ الْأَئِمَّةِ الْمُطَّلِعِينَ، أَوْ بِاسْتِحَالَةِ كَوْنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ ذَلِكَ. مِثَالُ ذَلِكَ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، ثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ ثَنَا زُهَيْرٌ، ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْحُرِّ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُخَيْمِرَةَ: قَالَ أَخَذَ عَلْقَمَةُ بِيَدِي فَحَدَّثَنِي أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ أَخَذَ بِيَدِهِ، «وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخَذَ بِيَدِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، فَعَلَّمَنَا التَّشَهُّدَ فِي الصَّلَاةِ، الْحَدِيثَ، وَفِيهِ: " إِذَا قُلْتَ هَذَا - أَوْ قَضَيْتَ هَذَا - فَقَدْ قَضَيْتَ صَلَاتَكَ إِنْ شِئْتَ أَنْ تَقُومَ فَقُمْ، وَإِنْ شِئْتَ أَنْ تَقْعُدَ فَاقْعُدْ» . فَقَوْلُهُ: إِذَا قُلْتَ إِلَى آخِرِهِ، وَصَلَهُ زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ بِالْحَدِيثِ الْمَرْفُوعِ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ هَذِهِ، وَفِيمَا رَوَاهُ عَنْهُ أَكْثَرُ الرُّوَاةِ. قَالَ الْحَاكِمُ: وَذَلِكَ مُدْرَجٌ فِي الْحَدِيثِ مِنْ كَلَامِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَكَذَا قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَالْخَطِيبُ. وَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْخُلَاصَةِ: اتَّفَقَ الْحُفَّاظُ عَلَى أَنَّهَا مُدْرَجَةٌ، وَقَدْ رَوَاهُ شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ، عَنْ زُهَيْرٍ، فَفَصَلَهُ، فَقَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَإِذَا قُلْتَ ذَلِكَ إِلَى آخِرِهِ ; رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَقَالَ شَبَابَةُ ثِقَةٌ، وَقَدْ فَصَلَ آخِرَ الْحَدِيثِ، وَجَعَلَهُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَهُوَ أَصَحُّ مِنْ رِوَايَةِ مَنْ أَدْرَجَ، وَقَوْلُهُ أَشْبَهُ بِالصَّوَابِ ; لِأَنَّ ابْنَ ثَوْبَانَ رَوَاهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 315 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] عَنِ الْحَسَنِ، كَذَلِكَ مَعَ اتِّفَاقِ كُلِّ مَنْ رَوَى التَّشَهُّدَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، وَعَنْ غَيْرِهِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، عَلَى ذَلِكَ. وَكَذَا مَا أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، وَجَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: «مَنْ أَعْتَقَ شِقْصًا، وَذَكَرَ فِيهِ الِاسْتِسْعَاءَ» . قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِيمَا انْتَقَدَهُ عَلَى الشَّيْخَيْنِ: قَدْ رَوَاهُ شُعْبَةُ، وَهِشَامٌ، وَهُمَا أَثْبَتُ النَّاسِ فِي قَتَادَةَ فَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ الِاسْتِسْعَاءَ، وَوَافَقَهُمَا هَمَّامٌ، وَفَصَلَ الِاسْتِسْعَاءَ مِنَ الْحَدِيثِ، وَجَعَلَهُ مِنْ قَوْلِ قَتَادَةَ. قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: وَذَلِكَ أَوْلَى بِالصَّوَابِ. وَكَذَا حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ رَفَعَهُ: «مَنْ مَاتَ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَمَنْ مَاتَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ النَّارَ، فَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَلِمَةً، وَقُلْتُ أَنَا أُخْرَى» فَذَكَرَهَا. فَأَفَادَ ذَلِكَ أَنَّ إِحْدَى الْكَلِمَتَيْنِ مِنْ قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ، ثُمَّ وَرَدَتْ رِوَايَةٌ ثَالِثَةٌ أَفَادَتْ أَنَّ الْكَلِمَةَ الَّتِي هِيَ مِنْ قَوْلِهِ هِيَ الثَّانِيَةُ، وَأَكَّدَ ذَلِكَ رِوَايَةٌ رَابِعَةٌ اقْتَصَرَ فِيهَا عَلَى الْكَلِمَةِ الْأُولَى مُضَافَةً إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَفِي الصَّحِيحِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: «لِلْعَبْدِ الْمَمْلُوكِ أَجْرَانِ "، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 316 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] لَوْلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْحَجُّ وَبِرُّ أُمِّي لَأَحْبَبْتُ أَنْ أَمُوتَ، وَأَنَا مَمْلُوكٌ» . فَقَوْلُهُ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ. إِلَخْ مِنْ كَلَامِ أَبِي هُرَيْرَةَ ; لِأَنَّهُ يَمْتَنِعُ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَتَمَنَّى الرِّقَّ، وَلِأَنَّ أُمَّهُ لَمْ تَكُنْ إِذْ ذَاكَ مَوْجُودَةً حَتَّى يَبَرَّهَا. تَنْبِيهٌ هَذَا الْقِسْمُ يُسَمَّى مُدْرَجَ الْمَتْنِ، وَيُقَابِلُهُ مُدْرَجُ الْإِسْنَادِ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ، اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ فِي الْأَوَّلِ عَلَى نَوْعٍ وَاحِدٍ تَبَعًا لِابْنِ الصَّلَاحِ، وَأَهْمَلَ نَوْعَيْنِ، وَأَهْمَلَ مِنَ الثَّانِي نَوْعًا، وَهُوَ عِنْدَ ابْنِ الصَّلَاحِ. فَأَمَّا مُدْرَجُ الْمَتْنِ: فَتَارَةً يَكُونُ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ، كَمَا ذَكَرَهُ، وَتَارَةً فِي أَوَّلِهِ، وَتَارَةً فِي وَسَطِهِ، كَمَا ذَكَرَهُ الْخَطِيبُ، وَغَيْرُهُ. وَالْغَالِبُ وُقُوعُ الْإِدْرَاجِ آخِرَ الْخَبَرِ، وَوُقُوعُهُ أَوَّلَهُ أَكْثَرُ مِنْ وَسَطِهِ ; لِأَنَّ الرَّاوِيَ يَقُولُ كَلَامًا يُرِيدُ أَنْ يَسْتَدِلَّ عَلَيْهِ بِالْحَدِيثِ، فَيَأْتِي بِهِ بِلَا فَصْلٍ، فَيُتَوَهَّمُ أَنَّ الْكُلَّ حَدِيثٌ. مِثَالُهُ مَا رَوَاهُ الْخَطِيبُ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي قُطْنٍ وَشَبَابَةَ، فَرَّقَهُمَا عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَسْبِغُوا الْوُضُوءَ، وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ» . فَقَوْلُهُ: «أَسْبِغُوا الْوُضُوءَ» ، مُدْرَجٌ مِنْ قَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ، كَمَا بُيِّنَ فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ، عَنْ آدَمَ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «أَسْبِغُوا الْوُضُوءَ، فَإِنَّ أَبَا الْقَاسِمِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 317 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] قَالَ الْخَطِيبُ: وَهِمَ أَبُو قُطْنٍ وَشَبَابَةُ فِي رِوَايَتِهِمَا لَهُ، عَنْ شُعْبَةَ عَلَى مَا سُقْنَاهُ، وَقَدْ رَوَاهُ الْجَمُّ الْغَفِيرُ عَنْهُ، كَرِوَايَةِ آدَمَ. وَمِثَالُ الْمُدْرَجِ فِي الْوَسَطِ، وَالسَّبَبُ فِيهِ إِمَّا اسْتِنْبَاطُ الرَّاوِي حُكْمًا مِنَ الْحَدِيثِ قَبْلَ أَنْ يَتِمَّ فَيُدْرِجَهُ، أَوْ تَفْسِيرُ بَعْضِ الْأَلْفَاظِ الْغَرِيبَةِ وَنَحْوُ ذَلِكَ. فَمِنَ الْأَوَّلِ مَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي " السُّنَنِ " مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ بُسْرَةَ بِنْتِ صَفْوَانَ قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ، أَوْ أُنْثَيَيْهِ، أَوْ رُفْغَيْهِ فَلْيَتَوَضَّأْ» . قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: كَذَا رَوَاهُ عَبْدُ الْحَمِيدِ، عَنْ هِشَامٍ، وَوَهِمَ فِي ذِكْرِ الْأُنْثَيَيْنِ وَالرُّفْغِ وَإِدْرَاجِهِ لِذَلِكَ فِي حَدِيثِ بُسْرَةَ، وَالْمَحْفُوظُ أَنَّ ذَلِكَ قَوْلُ عُرْوَةَ، وَكَذَا رَوَاهُ الثِّقَاتُ، عَنْ هِشَامٍ مِنْهُمْ أَيُّوبُ، وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، وَغَيْرُهُمَا، ثُمَّ رَوَاهُ مِنْ طَرِيقِ أَيُّوبَ بِلَفْظِ: «مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ، فَلْيَتَوَضَّأْ» ، قَالَ: وَكَانَ عُرْوَةُ يَقُولُ: إِذَا مَسَّ رُفْغَيْهِ أَوْ أُنْثَيَيْهِ أَوْ ذَكَرَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ. وَكَذَا قَالَ الْخَطِيبُ. فَعُرْوَةُ لَمَّا فَهِمَ مِنْ لَفْظِ الْخَبَرِ أَنَّ سَبَبَ نَقْضِ الْوُضُوءِ مَظِنَّةُ الشَّهْوَةِ، جَعَلَ حُكْمَ مَا قَرُبَ مِنَ الذَّكَرِ كَذَلِكَ، فَقَالَ ذَلِكَ، فَظَنَّ بَعْضُ الرُّوَاةِ، أَنَّهُ مِنْ صُلْبِ الْخَبَرِ، فَنَقَلَهُ مُدْرَجًا فِيهِ، وَفَهِمَ الْآخَرُونَ حَقِيقَةَ الْحَالِ فَفَصَلُوا. وَمِنَ الثَّانِي حَدِيثُ عَائِشَةَ فِي بَدْءِ الْوَحْيِ: «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَتَحَنَّثُ فِي غَارِ حِرَاءَ» - وَهُوَ التَّعَبُّدُ - اللَّيَالِيَ ذَوَاتِ الْعَدَدِ، فَقَوْلُهُ: وَهُوَ التَّعَبُّدُ، مُدْرَجٌ مِنْ قَوْلِ الزُّهْرِيِّ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 318 وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ مَتْنَانِ بِإِسْنَادَيْنِ، فَيَرْوِيَهُمَا بِأَحَدِهِمَا.   [تدريب الراوي] وَحَدِيثُ فَضَالَةَ: «أَنَا زَعِيمٌ، وَالزَّعِيمُ: الْحَمِيلُ بِبَيْتٍ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ» . الْحَدِيثَ. فَقَوْلُهُ: وَالزَّعِيمُ: الْحَمِيلُ، مُدْرَجٌ مِنْ تَفْسِيرِ ابْنِ وَهْبٍ، وَأَمْثِلَةُ ذَلِكَ كَثِيرَةٌ. قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: وَالطَّرِيقُ إِلَى الْحُكْمِ بِالْإِدْرَاجِ فِي الْأَوَّلِ وَالْأَثْنَاءِ ضَعِيفٌ، لَا سِيَّمَا إِنْ كَانَ مُقَدَّمًا عَلَى اللَّفْظِ الْمَرْوِيِّ، أَوْ مَعْطُوفًا عَلَيْهِ بِوَاوِ الْعَطْفِ. [الثاني عِنْدَ الراوي مَتْنَانِ بِإِسْنَادَيْنِ فَيَرْوِيَهُمَا بِأَحَدِهِمَا] (الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ مَتْنَانِ) مُخْتَلِفَانِ (بِإِسْنَادَيْنِ) مُخْتَلِفَيْنِ، (فَيَرْوِيَهُمَا بِأَحَدِهِمَا) ، أَوْ يَرْوِيَ أَحَدَهُمَا بِإِسْنَادِهِ الْخَاصِّ بِهِ، وَيَزِيدَ فِيهِ مِنَ الْمَتْنِ الْآخَرِ مَا لَيْسَ فِي الْأَوَّلِ، أَوْ يَكُونَ عِنْدَهُ الْمَتْنُ بِإِسْنَادٍ، إِلَّا طَرَفًا مِنْهُ، فَإِنَّهُ عِنْدَهُ بِإِسْنَادٍ آخَرَ، فَيَرْوِيَهُ تَامًّا بِالْإِسْنَادِ الْأَوَّلِ. وَمِنْهُ أَنْ يَسْمَعَ الْحَدِيثَ مِنْ شَيْخِهِ إِلَّا طَرَفًا مِنْهُ، فَيَسْمَعَهُ بِوَاسِطَةٍ عَنْهُ، فَيَرْوِيَهُ تَامًّا بِحَذْفِ الْوَاسِطَةِ. وَابْنُ الصَّلَاحِ ذَكَرَ هَذَيْنِ الْقِسْمَيْنِ دُونَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ، وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ رَأَى دُخُولَهُمَا فِيمَا ذَكَرَهُ. مِثَالُ ذَلِكَ: حَدِيثٌ رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا تَبَاغَضُوا، وَلَا تَحَاسَدُوا، وَلَا تَدَابَرُوا، وَلَا تَنَافَسُوا» ، الْحَدِيثَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 319 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] فَقَوْلُهُ: «وَلَا تَنَافَسُوا» مُدْرَجٌ، أَدْرَجَهُ ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ مِنْ حَدِيثٍ آخَرَ لِمَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ، وَلَا تَجَسَّسُوا، وَلَا تَنَافَسُوا، وَلَا تَحَاسَدُوا» . وَكِلَا الْحَدِيثَيْنِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ، وَلَيْسَ فِي الْأَوَّلِ، «وَلَا " تَنَافَسُوا» ، وَهِيَ فِي الثَّانِي، وَهَكَذَا الْحَدِيثَانِ عِنْدَ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ. قَالَ الْخَطِيبُ: وَهِمَ فِيهَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، وَإِنَّمَا يَرْوِيهَا مَالِكٌ فِي حَدِيثِهِ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ. وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ مِنْ رِوَايَةٍ زَائِدَةٍ، وَشَرِيكٌ - فَرَّقَهُمَا - وَالنَّسَائِيُّ مِنْ رِوَايَةِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، كُلُّهُمْ عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ فِي صِفَةِ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فِيهِ: «ثُمَّ جِئْتُهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي زَمَانٍ فِيهِ بَرْدٌ شَدِيدٌ، فَرَأَيْتُ النَّاسَ عَلَيْهِمْ جُلُّ الثِّيَابِ تَحَرَّكُ أَيْدِيهِمْ تَحْتَ الثِّيَابِ» . فَقَوْلُهُ: ثُمَّ جِئْتُهُمْ إِلَى آخِرِهِ، لَيْسَ هُوَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، وَإِنَّمَا أُدْرِجَ عَلَيْهِ، وَهُوَ مِنْ رِوَايَةِ عَاصِمٍ، عَنْ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ وَائِلٍ، عَنْ بَعْضِ أَهْلِهِ، عَنْ وَائِلٍ. وَهَكَذَا رَوَاهُ مُبَيَّنًا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، وَأَبُو بَدْرٍ شُجَاعُ بْنُ الْوَلِيدِ ; فَمَيَّزَا قِصَّةَ تَحْرِيكِ الْأَيْدِي، وَفَصَلَاهَا مِنَ الْحَدِيثِ، وَذَكَرَا إِسْنَادَهُمَا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 320 الثَّالِثُ: أَنْ يَسْمَعَ حَدِيثًا مِنْ جَمَاعَةٍ مُخْتَلِفِينَ فِي إِسْنَادِهِ أَوْ مَتْنِهِ فَيَرْوِيَهُ عَنْهُمْ بِاتِّفَاقٍ، وَكُلُّهُ حَرَامٌ، وَصَنَّفَ فِيهِ الْخَطِيبُ كِتَابًا شَفَى وَكَفَى.   [تدريب الراوي] قَالَ مُوسَى بْنُ هَارُونَ الْحَمَّالُ:، وَهُمَا أَثْبَتُ مِمَّنْ يَرْوِي رَفْعَ الْأَيْدِي تَحْتَ الثِّيَابِ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ وَائِلٍ. [الثالث يَسْمَعَ الراوي حَدِيثًا مِنْ جَمَاعَةٍ مُخْتَلِفِينَ فِي إِسْنَادِهِ أَوْ مَتْنِهِ فَيَرْوِيَهُ عَنْهُمْ بِاتِّفَاقٍ] (الثَّالِثُ: أَنْ يَسْمَعَ حَدِيثًا مِنْ جَمَاعَةٍ مُخْتَلِفِينَ فِي إِسْنَادِهِ، أَوْ مَتْنِهِ، فَيَرْوِيَهُ عَنْهُمْ بِاتِّفَاقٍ) ، وَلَا يُبَيِّنَ مَا اخْتُلِفَ فِيهِ. وَلَفْظَةُ الْمَتْنِ مَزِيدَةٌ هُنَا، كَأَنَّهُ أَرَادَ بِهَا مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنْ يَكُونَ الْمَتْنُ عِنْدَهُ بِإِسْنَادٍ، إِلَّا طَرَفًا مِنْهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مِثَالُهُ. وَمِثَالُ اخْتِلَافِ السَّنَدِ حَدِيثُ التِّرْمِذِيِّ: عَنْ بُنْدَارٍ، عَنِ ابْنِ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ وَاصِلٍ، وَمَنْصُورٍ، وَالْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قُلْتُ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ» ؟ " الْحَدِيثَ. فَرِوَايَةُ وَاصِلٍ هَذِهِ مُدْرَجَةٌ عَلَى رِوَايَةِ مَنْصُورٍ وَالْأَعْمَشِ ; لِأَنَّ وَاصِلًا لَا يَذْكُرُ فِيهِ عَمْرًا، بَلْ يَجْعَلُهُ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، هَكَذَا رَوَاهُ شُعْبَةُ، وَمَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ، وَمَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ، وَسَعِيدُ بْنُ مَسْرُوقٍ، عَنْ وَاصِلٍ كَمَا ذَكَرَهُ الْخَطِيبُ وَقَدْ بَيَّنَ الْإِسْنَادَيْنِ مَعًا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ فِي رِوَايَتِهِ، عَنْ سُفْيَانَ، وَفَصَلَ أَحَدَهُمَا مِنَ الْآخَرِ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، وَالْأَعْمَشِ، كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 321 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَعَنْ سُفْيَانَ، عَنْ وَاصِلٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ عَمْرٍو. وَقَالَ عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ: فَذَكَرْتُهُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَكَانَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، وَمَنْصُورٌ، وَوَاصِلٌ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَمْرٍو، فَقَالَ: دَعْهُ، دَعْهُ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: لَكِنْ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ، عَنْ بُنْدَارٍ، عَنِ ابْنِ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ وَاصِلٍ، وَحْدَهُ، وَعَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَمْرٍو، فَزَادَ فِي السَّنَدِ عَمْرًا مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ أَحَدٍ، وَكَأَنَّ ابْنَ مَهْدِيٍّ لَمَّا حَدَّثَ بِهِ عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، وَالْأَعْمَشِ، وَوَاصِلٍ بِإِسْنَادٍ وَاحِدٍ ظَنَّ الرُّوَاةُ، عَنِ ابْنِ مَهْدِيٍّ اتِّفَاقَ طُرُقِهِمْ، فَاقْتَصَرَ عَلَى أَحَدِ شُيُوخِ سُفْيَانَ. (وَكُلُّهُ) ، أَيِ الْإِدْرَاجُ بِأَقْسَامِهِ (حَرَامٌ) بِإِجْمَاعِ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ. وَعِبَارَةُ ابْنِ السَّمْعَانِيِّ وَغَيْرِهِ: " مَنْ تَعَمَّدَ الْإِدْرَاجَ فَهُوَ سَاقِطُ الْعَدَالَةِ، وَمِمَّنْ يُحَرِّفُ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ، وَهُوَ مُلْحَقٌ بِالْكَذَّابِينَ ". وَعِنْدِي أَنَّ مَا أُدْرِجَ لِتَفْسِيرِ غَرِيبٍ لَا يُمْنَعُ، وَلِذَلِكَ فَعَلَهُ الزُّهْرِيُّ وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ. (وَصَنَّفَ فِيهِ) ، أَيْ نَوْعِ الْمُدْرَجِ (الْخَطِيبُ كِتَابًا) ، سَمَّاهُ: " الْفَصْلَ لِلْوَصْلِ الْمُدْرَجِ فِي النَّقْلِ "، (شَفَى وَكَفَى) عَلَى مَا فِيهِ مِنْ إِعْوَازٍ. وَقَدْ لَخَّصَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ، وَزَادَ عَلَيْهِ قَدْرَهُ مَرَّتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ فِي كِتَابٍ سَمَّاهُ: " تَقْرِيبَ الْمَنْهَجِ بِتَرْتِيبِ الْمُدْرَجِ ". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 322 النَّوْعُ الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ: الْمَوْضُوعُ: هُوَ الْمُخْتَلَقُ الْمَصْنُوعُ، وَشَرُّ الضَّعِيفِ، وَتَحْرُمُ رِوَايَتُهُ مَعَ الْعِلْمِ بِهِ فِي أَيِّ مَعْنًى كَانَ إِلَّا مُبَيَّنًا، وَيُعْرَفُ الْوَضْعُ بِإِقْرَارِ وَاضِعِهِ. أَوْ مَعْنَى إِقْرَارِهِ، أَوْ قَرِينَةٍ فِي الرَّاوِي أَوِ الْمَرْوِيِّ، فَقَدْ وُضِعَتْ أَحَادِيثُ يَشْهَدُ بِوَضْعِهَا رَكَاكَةُ لَفْظِهَا وَمَعَانِيهَا.   [تدريب الراوي] [النَّوْعُ الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ الْمَوْضُوعُ] [تعريف الوضع وكيفية معرفته] (النَّوْعُ الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ: الْمَوْضُوعُ: هُوَ) الْكَذِبُ (الْمُخْتَلَقُ الْمَصْنُوعُ، وَ) هُوَ شَرُّ الضَّعِيفِ) ، وَأَقْبَحُهُ (وَتَحْرُمُ رِوَايَتُهُ مَعَ الْعِلْمِ بِهِ) ، أَيْ بِوَضْعِهِ (فِي أَيِّ مَعْنًى كَانَ) سَوَاءٌ الْأَحْكَامُ وَالْقَصَصُ وَالتَّرْغِيبُ وَغَيْرُهَا (إِلَّا مُبَيَّنًا) ، أَيْ مَقْرُونًا بِبَيَانِ وَضْعِهِ، لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ: «مَنْ حَدَّثَ عَنِّي بِحَدِيثٍ يَرَى أَنَّهُ كَذِبٌ، فَهُوَ أَحَدُ الْكَاذِبِينَ» . (وَيُعْرَفُ الْوَضْعُ) لِلْحَدِيثِ (بِإِقْرَارِ وَاضِعِهِ) أَنَّهُ وَضَعَهُ، كَحَدِيثِ فَضَائِلِ الْقُرْآنِ الْآتِي، اعْتَرَفَ بِوَضْعِهِ مَيْسَرَةُ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي " التَّارِيخِ الْأَوْسَطِ ": حَدَّثَنِي يَحْيَى الْأَشْكُرِيُّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ جَرِيرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ صُبْحٍ، يَقُولُ: أَنَا وَضَعْتُ خُطْبَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَدِ اسْتَشْكَلَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ الْحُكْمَ بِالْوَضْعِ بِإِقْرَارِ مَنِ ادَّعَى وَضْعَهُ ; لِأَنَّ فِيهِ عَمَلًا بِقَوْلِهِ بَعْدَ اعْتِرَافِهِ عَلَى نَفْسِهِ بِالْوَضْعِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 323 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] قَالَ: وَهَذَا كَافٍ فِي رَدِّهِ، لَكِنْ لَيْسَ بِقَاطِعٍ فِي كَوْنِهِ مَوْضُوعًا، لِجَوَازِ أَنْ يُكَذَّبَ فِي هَذَا الْإِقْرَارِ بِعَيْنِهِ. قِيلَ: وَهَذَا لَيْسَ بِاسْتِشْكَالٍ مِنْهُ إِنَّمَا هُوَ تَوْضِيحٌ وَبَيَانٌ، وَهُوَ أَنَّ الْحُكْمَ بِالْوَضْعِ بِالْإِقْرَارِ لَيْسَ بِأَمْرٍ قَطْعِيٍّ مُوَافِقٍ لِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ ; لِجَوَازِ كَذِبِهِ فِي الْإِقْرَارِ، عَلَى حَدِّ مَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالصَّحِيحِ وَالضَّعِيفِ مَا هُوَ الظَّاهِرُ، لَا مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَنَحَا الْبُلْقِينِيُّ فِي " مَحَاسِنِ الِاصْطِلَاحِ " قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ. (أَوْ مَعْنَى إِقْرَارِهِ) ، عِبَارَةُ ابْنِ الصَّلَاحِ: وَمَا يَتَنَزَّلُ مَنْزِلَةَ إِقْرَارِهِ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: كَأَنْ يُحَدِّثَ بِحَدِيثٍ عَنْ شَيْخٍ، وَيُسْأَلَ عَنْ مَوْلِدِهِ، فَيَذْكُرَ تَارِيخًا يُعْلَمُ وَفَاةُ ذَلِكَ الشَّيْخِ قَبْلَهُ، وَلَا يُعْرَفُ ذَلِكَ الْحَدِيثُ إِلَّا عِنْدَهُ، فَهَذَا لَمْ يَعْتَرِفْ بِوَضْعِهِ، وَلَكِنَّ اعْتِرَافَهُ بِوَقْتِ مَوْلِدِهِ يَتَنَزَّلُ مَنْزِلَةَ إِقْرَارِهِ بِالْوَضْعِ ; لِأَنَّ ذَلِكَ الْحَدِيثَ لَا يُعْرَفُ إِلَّا عَنْ ذَلِكَ الشَّيْخِ، وَلَا يُعْرَفُ إِلَّا بِرِوَايَةِ هَذَا عَنْهُ. وَكَذَا مَثَّلَ الزَّرْكَشِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ. (أَوْ قَرِينَةٍ فِي الرَّاوِي، أَوِ الْمَرْوِيِّ، فَقَدَ وُضِعَتْ أَحَادِيثُ) طَوِيلَةٌ (يَشْهَدُ بِوَضْعِهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 324 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] رَكَاكَةُ لَفْظِهَا، وَمَعَانِيهَا) . قَالَ الرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ: إِنَّ لِلْحَدِيثِ ضَوْءًا كَضَوْءِ النَّهَارِ تَعْرِفُهُ، وَظُلْمَةً كَظُلْمَةِ اللَّيْلِ تُنْكِرُهُ. وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: الْحَدِيثُ الْمُنْكَرُ يَقْشَعِرُّ لَهُ جَلْدُ الطَّالِبِ لِلْعِلْمِ، وَيَنْفِرُ مِنْهُ قَلْبُهُ فِي الْغَالِبِ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَشَاهِدُ هَذَا أَنَّ إِنْسَانًا لَوْ خَدَمَ إِنْسَانًا سِنِينَ، وَعَرَفَ مَا يُحِبُّ، وَمَا يَكْرَهُ، فَادَّعَى إِنْسَانٌ أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ شَيْئًا، يَعْلَمُ ذَلِكَ أَنَّهُ يُحِبُّهُ، فَبِمُجَرَّدِ سَمَاعِهِ يُبَادِرُ إِلَى تَكْذِيبِهِ. وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: الْمَدَارُ فِي الرِّكَّةِ عَلَى رِكَّةِ الْمَعْنَى، فَحَيْثُمَا وُجِدَتْ دَلَّ عَلَى الْوَضْعِ، وَإِنْ لَمْ يَنْضَمَّ إِلَيْهِ رِكَّةُ اللَّفْظِ ; لِأَنَّ هَذَا الدِّينَ كُلُّهُ مَحَاسِنُ، وَالرِّكَّةُ تَرْجِعُ إِلَى الرَّدَاءَةِ. قَالَ: أَمَّا رَكَاكَةُ اللَّفْظِ فَقَطْ، فَلَا تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ رَوَاهُ بِالْمَعْنَى، فَغَيَّرَ أَلْفَاظَهُ بِغَيْرِ فَصِيحٍ، ثُمَّ إِنْ صَرَّحَ بِأَنَّهُ مِنْ لَفْظِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَكَاذِبٌ. قَالَ: وَمِمَّا يَدْخُلُ فِي قَرِينَةِ حَالِ الْمَرْوِيِّ، مَا نُقِلَ عَنِ الْخَطِيبِ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ الطَّيِّبِ، أَنَّ مِنْ جُمْلَةِ دَلَائِلِ الْوَضْعِ أَنْ يَكُونَ مُخَالِفًا لِلْعَقْلِ، بِحَيْثُ لَا يَقْبَلُ التَّأْوِيلَ، وَيَلْتَحِقَ بِهِ مَا يَدْفَعُهُ الْحِسُّ وَالْمُشَاهَدَةُ أَوْ يَكُونُ مُنَافِيًا لِدَلَالَةِ الْكِتَابِ الْقَطْعِيَّةِ أَوِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 325 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] السُّنَّةِ الْمُتَوَاتِرَةِ أَوِ الْإِجْمَاعِ الْقَطْعِيِّ، أَمَّا الْمُعَارَضَةُ مَعَ إِمْكَانِ الْجَمْعِ فَلَا. وَمِنْهَا مَا يُصَرَّحُ بِتَكْذِيبِ رُوَاةِ جَمِيعِ الْمُتَوَاتِرِ، أَوْ يَكُونُ خَبَرًا، عَنْ أَمْرٍ جَسِيمٍ تَتَوَفَّرُ الدَّوَاعِي عَلَى نَقْلِهِ بِمَحْضَرِ الْجَمْعِ، لَا يَنْقُلُهُ مِنْهُمْ إِلَّا وَاحِدٌ. وَمِنْهَا الْإِفْرَاطُ بِالْوَعِيدِ الشَّدِيدِ عَلَى الْأَمْرِ الصَّغِيرِ، أَوِ الْوَعْدِ الْعَظِيمِ عَلَى الْفِعْلِ الْحَقِيرِ، وَهَذَا كَثِيرٌ فِي حَدِيثِ الْقُصَّاصِ، وَالْأَخِيرُ رَاجِعٌ إِلَى الرِّكَّةِ. قُلْتُ: وَمِنَ الْقَرَائِنِ كَوْنُ الرَّاوِي رَافِضِيًّا، وَالْحَدِيثُ فِي فَضَائِلِ أَهْلِ الْبَيْتِ. وَقَدْ أَشَارَ إِلَى غَالِبِ مَا تَقَدَّمَ الزَّرْكَشِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ، فَقَالَ: وَيُعْرَفُ بِإِقْرَارِ وَاضِعِهِ أَوْ مِنْ حَالِ الرَّاوِي، كَقَوْلِهِ: سَمِعْتُ فُلَانًا يَقُولُ، وَعَلِمْنَا وَفَاةَ الْمَرْوِيِّ عَنْهُ قَبْلَ وُجُودِهِ، أَوْ مِنْ حَالِ الْمَرْوِيِّ ; لِرَكَاكَةِ أَلْفَاظِهِ حَيْثُ يُمْنَعُ الرِّوَايَةُ بِالْمَعْنَى، وَمُخَالَفَتِهِ الْقَاطِعَ، وَلَمْ يُقْبَلِ التَّأْوِيلُ، أَوْ لِتَضَمُّنِهِ لِمَا تَتَوَفَّرُ الدَّوَاعِي عَلَى نَقْلِهِ، أَوْ لِكَوْنِهِ أَصْلًا فِي الدِّينِ، وَلَمْ يَتَوَاتَرْ، كَالنَّصِّ الَّذِي تَزْعُمُ الرَّافِضَةُ أَنَّهُ دَلَّ عَلَى إِمَامَةِ عَلِيٍّ، وَهَلْ تَثْبُتُ بِالْبَيِّنَةِ عَلَى أَنَّهُ وَضَعَهُ، يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ التَّرَدُّدُ فِي أَنَّ شَهَادَةَ الزُّورِ هَلْ تَثْبُتُ بِالْبَيِّنَةِ مَعَ الْقَطْعِ بِأَنَّهُ لَا يُعْمَلُ بِهِ. انْتَهَى. وَفِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ لِابْنِ السُّبْكِيِّ أَخْذًا مِنَ " الْمَحْصُولِ "، وَغَيْرِهِ: كُلُّ خَبَرٍ أَوْهَمَ بَاطِلًا، وَلَمْ يَقْبَلِ التَّأْوِيلَ، فَمَكْذُوبٌ، أَوْ نَقَصَ مِنْهُ مَا يُزِيلُ الْوَهْمَ، وَمِنَ الْمَقْطُوعِ بِكَذِبِهِ مَا نُقِّبَ عَنْهُ مِنَ الْأَخْبَارِ، وَلَمْ يُوجَدْ عِنْدَ أَهْلِهِ مِنْ صُدُورِ الرُّوَاةِ، وَبُطُونِ الْكُتُبِ، وَكَذَا قَالَ صَاحِبُ الْمُعْتَمَدِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 326 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] قَالَ الْعِزُّ ابْنُ جَمَاعَةَ: وَهَذَا قَدْ يُنَازَعُ فِي إِمْضَائِهِ إِلَى الْقَطْعِ، وَإِنَّمَا غَايَتُهُ غَلَبَةُ الظَّنِّ. وَلِهَذَا قَالَ الْقَرَافِيُّ: يُشْتَرَطُ اسْتِيعَابُ الِاسْتِقْرَاءِ بِحَيْثُ لَا يَبْقَى دِيوَانٌ وَلَا رَاوٍ إِلَّا وَكَشَفَ أَمْرَهُ فِي جَمِيعِ أَقْطَارِ الْأَرْضِ، وَهُوَ عَسِرٌ أَوْ مُتَعَذِّرٌ. وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو حَازِمٍ فِي مَجْلِسِ الرَّشِيدِ حَدِيثًا بِحَضْرَةِ الزُّهْرِيِّ، فَقَالَ الزُّهْرِيُّ: لَا أَعْرِفُ هَذَا الْحَدِيثَ، فَقَالَ: أَحَفِظْتَ حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَنِصْفَهُ، قَالَ: أَرْجُو، قَالَ: اجْعَلْ هَذَا مِنَ النِّصْفِ الْآخَرِ. انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: مَا أَحْسَنَ قَوْلَ الْقَائِلِ: إِذَا رَأَيْتَ الْحَدِيثَ يُبَايِنُ الْمَعْقُولَ أَوْ يُخَالِفُ الْمَنْقُولَ أَوْ يُنَاقِضُ الْأُصُولَ فَاعْلَمْ أَنَّهُ مَوْضُوعٌ. قَالَ: وَمَعْنَى مُنَاقَضَتِهِ لِلْأُصُولِ: أَنْ يَكُونَ خَارِجًا، عَنْ دَوَاوِينِ الْإِسْلَامِ مِنَ الْمَسَانِيدِ وَالْكُتُبِ الْمَشْهُورَةِ وَمِنْ أَمْثِلَةِ مَا دَلَّ عَلَى وَضْعِهِ قَرِينَةٌ فِي الرَّاوِي، مَا أَسْنَدَهُ الْحَاكِمُ، عَنْ سَيْفِ بْنِ عُمَرَ التَّمِيمِيِّ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ سَعْدِ بْنِ طَرِيفٍ، فَجَاءَ ابْنُهُ مِنَ الْكُتَّابِ يَبْكِي، فَقَالَ: مَا لَكَ؟ قَالَ: ضَرَبَنِي الْمُعَلِّمُ، قَالَ: لَأُخْزِيَنَّهُمُ الْيَوْمَ، حَدَّثَنِي عِكْرِمَةُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، مَرْفُوعًا: «مُعَلِّمُو صِبْيَانِكُمْ شِرَارُكُمْ، أَقَلُّهُمْ رَحْمَةً لِلْيَتِيمِ، وَأَغْلَظُهُمْ عَلَى الْمَسَاكِينِ» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 327 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَقِيلَ لِمَأْمُونِ بْنِ أَحْمَدَ الْهَرَوِيِّ: أَلَا تَرَى إِلَى الشَّافِعِيِّ، وَمَنْ تَبِعَهُ بِخُرَاسَانَ، فَقَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَعْدَانَ الْأَزْدِيُّ، عَنْ أَنَسٍ، مَرْفُوعًا: «يَكُونُ فِي أُمَّتِي رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ، أَضَرُّ عَلَى أُمَّتِي مِنْ إِبْلِيسَ، وَيَكُونُ فِي أُمَّتِي رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ أَبُو حَنِيفَةَ، هُوَ سِرَاجُ أُمَّتِي» . وَقِيلَ لِمُحَمَّدِ بْنِ عُكَّاشَةَ الْكِرْمَانِيِّ: إِنَّ قَوْمًا يَرْفَعُونَ أَيْدِيَهُمْ فِي الرُّكُوعِ، وَفِي الرَّفْعِ مِنْهُ، فَقَالَ: حَدَّثَنَا الْمُسَيَّبُ بْنُ وَاضِحٍ، ثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ، مَرْفُوعًا: «مَنْ رَفَعَ يَدَيْهِ فِي الرُّكُوعِ فَلَا صَلَاةَ لَهُ» . وَمِنَ الْمُخَالِفِ لِلْعَقْلِ مَا رَوَاهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، مَرْفُوعًا: «إِنَّ سَفِينَةَ نُوحٍ طَافَتْ بِالْبَيْتِ سَبْعًا، وَصَلَّتْ عِنْدَ الْمَقَامِ رَكْعَتَيْنِ» . وَأُسْنِدَ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ شُجَاعٍ الْبَلْخِيِّ، عَنْ حَسَّانِ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي الْمُهَزِّمِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، مَرْفُوعًا: «إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْفَرَسَ فَأَجْرَاهَا فَعَرِقَتْ، فَخَلَقَ نَفَسَهُ مِنْهَا» . هَذَا لَا يَضَعُهُ مُسْلِمٌ، بَلْ وَلَا عَاقِلٌ، وَالْمُتَّهَمُ بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ شُجَاعٍ كَانَ زَائِغًا فِي دِينِهِ، وَفِيهِ أَبُو الْمُهَزِّمِ، قَالَ شُعْبَةُ: رَأَيْتُهُ، لَوْ أُعْطِيَ دِرْهَمًا وَضَعَ خَمْسِينَ حَدِيثًا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 328 وَقَدْ أَكْثَرَ جَامِعُ الْمَوْضُوعَاتِ فِي نَحْوِ مُجَلَّدَيْنِ، أَعْنِي أَبَا الْفَرَجِ بْنَ الْجَوْزِيِّ، فَذَكَرَ كَثِيرًا مِمَّا لَا دَلِيلَ عَلَى وَضْعِهِ، بَلْ هُوَ ضَعِيفٌ.   [تدريب الراوي] [كتاب الموضوعات لابن الجوزي وبعض المآخذ عليه] (وَقَدْ أَكْثَرَ جَامِعُ الْمَوْضُوعَاتِ فِي نَحْوِ مُجَلَّدَيْنِ، أَعْنِي أَبَا الْفَرَجِ بْنَ الْجَوْزِيِّ، فَذَكَرَ) فِي كِتَابِهِ (كَثِيرًا مِمَّا لَا دَلِيلَ عَلَى وَضْعِهِ، بَلْ هُوَ ضَعِيفٌ) ، بَلْ وَفِيهِ الْحَسَنُ، بَلْ وَالصَّحِيحُ، وَأَغْرَبُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ فِيهَا حَدِيثًا مِنْ " صَحِيحِ مُسْلِمٍ " كَمَا سَأُبَيِّنُهُ. قَالَ الذَّهَبِيُّ: رُبَّمَا ذَكَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي " الْمَوْضُوعَاتِ " أَحَادِيثَ حِسَانًا قَوِيَّةً. قَالَ: وَنَقَلْتُ مِنْ خَطِّ السَّيِّدِ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي الْمَجْدِ، قَالَ: صَنَّفَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ كِتَابَ " الْمَوْضُوعَاتِ "، فَأَصَابَ فِي ذِكْرِهِ أَحَادِيثَ شَنِيعَةً مُخَالِفَةً لِلنَّقْلِ وَالْعَقْلِ، وَمَا لَمْ يُصِبْ فِيهِ إِطْلَاقُهُ الْوَضْعَ عَلَى أَحَادِيثَ بِكَلَامِ بَعْضِ النَّاسِ فِي أَحَدِ رُوَاتِهَا، كَقَوْلِهِ: فُلَانٌ ضَعِيفٌ، أَوْ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ أَوْ لَيِّنٌ، وَلَيْسَ ذَلِكَ الْحَدِيثُ مِمَّا يَشْهَدُ الْقَلْبُ بِبُطْلَانِهِ، وَلَا فِيهِ مُخَالَفَةٌ، وَلَا مُعَارَضَةٌ لِكِتَابٍ وَلَا سُنَّةٍ، وَلَا إِجْمَاعٍ، وَلَا حُجَّةٍ بِأَنَّهُ مَوْضُوعٌ سِوَى كَلَامِ ذَلِكَ الرَّجُلِ فِي رِوَايَةٍ، وَهَذَا عُدْوَانٌ وَمُجَازَفَةٌ. انْتَهَى. وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: غَالِبُ مَا فِي كِتَابِ ابْنِ الْجَوْزِيِّ مَوْضُوعٌ، وَالَّذِي يُنْتَقَدُ عَلَيْهِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا لَا يُنْتَقَدُ قَلِيلٌ جِدًّا. قَالَ: وَفِيهِ مِنَ الضَّرَرِ أَنْ يَظُنَّ مَا لَيْسَ بِمَوْضُوعٍ مَوْضُوعًا عَكْسُ الضَّرَرِ بِمُسْتَدْرَكِ الْحَاكِمِ، فَإِنَّهُ يَظُنُّ مَا لَيْسَ بِصَحِيحٍ صَحِيحًا. قَالَ: وَيَتَعَيَّنُ الِاعْتِنَاءُ بِانْتِقَادِ الْكِتَابَيْنِ، فَإِنَّ الْكَلَامَ فِي تَسَاهُلِهِمَا أَعْدَمَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 329 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] الِانْتِفَاعَ بِهِمَا إِلَّا لِعَالِمٍ بِالْفَنِّ ; لِأَنَّهُ مَا مِنْ حَدِيثٍ إِلَّا وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ قَدْ وَقَعَ فِيهِ التَّسَاهُلُ. قُلْتُ: قَدِ اخْتَصَرْتُ هَذَا الْكِتَابَ فَعَلَّقْتُ أَسَانِيدَهُ، وَذَكَرْتُ مِنْهَا مَوْضِعَ الْحَاجَةِ، وَأَتَيْتُ بِالْمُتُونِ وَكَلَامِ ابْنِ الْجَوْزِيِّ عَلَيْهَا، وَتَعَقَّبْتُ كَثِيرًا مِنْهَا، وَتَتَبَّعْتُ كَلَامَ الْحُفَّاظِ فِي تِلْكَ الْأَحَادِيثِ، خُصُوصًا شَيْخَ الْإِسْلَامِ فِي تَصَانِيفِهِ، وَأَمَالِيهِ، ثُمَّ أَفْرَدْتُ الْأَحَادِيثَ الْمُتَعَقَّبَةَ فِي تَأْلِيفٍ، وَذَلِكَ أَنَّ شَيْخَ الْإِسْلَامِ أَلَّفَ: " الْقَوْلَ الْمُسَدَّدَ فِي الذَّبِّ عَنِ الْمُسْنَدِ "، أَوْرَدَ فِيهِ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ حَدِيثًا فِي الْمُسْنَدِ، وَهِيَ فِي الْمَوْضُوعَاتِ، وَانْتَقَدَهَا حَدِيثًا حَدِيثًا، وَمِنْهَا حَدِيثٌ فِي " صَحِيحِ مُسْلِمٍ "، وَهُوَ مَا رَوَاهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عَامِرٍ الْعَقَدِيِّ، عَنْ أَفْلَحَ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إِنْ طَالَتْ بِكَ مُدَّةٌ أَوْشَكَ أَنْ تَرَى قَوْمًا يَغْدُونَ فِي سَخَطِ اللَّهِ، وَيَرُوحُونَ فِي لَعْنَتِهِ، فِي أَيْدِيهِمْ مِثْلُ أَذْنَابِ الْبَقَرِ» . قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: لَمْ أَقِفْ فِي الْمَوْضُوعَاتِ عَلَى شَيْءٍ حُكِمَ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي أَحَدِ الصَّحِيحَيْنِ غَيْرُ هَذَا الْحَدِيثِ، وَإِنَّهَا لَغَفْلَةٌ شَدِيدَةٌ، ثُمَّ تَكَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَى شَوَاهِدِهِ. وَذَيَّلْتُ عَلَى هَذَا الْكِتَابِ بِذَيْلٍ فِي الْأَحَادِيثِ الَّتِي بَقِيَتْ فِي الْمَوْضُوعَاتِ، مِنَ " الْمُسْنَدِ "، وَهِيَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ مَعَ الْكَلَامِ عَلَيْهَا، ثُمَّ أَلَّفْتُ ذَيْلًا لِهَذَيْنِ الْكِتَابَيْنِ سَمَّيْتُهُ: " الْقَوْلَ الْحَسَنَ فِي الذَّبِّ عَنِ السُّنَنِ "، أَوْرَدْتُ فِيهِ مِائَةً وَبِضْعَةً وَعِشْرِينَ حَدِيثًا لَيْسَتْ بِمَوْضُوعَةٍ. مِنْهَا مَا هُوَ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ، وَهِيَ أَرْبَعَةُ أَحَادِيثَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 330 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] مِنْهَا حَدِيثُ صَلَاةِ التَّسْبِيحِ. وَمِنْهَا مَا هُوَ فِي " جَامِعِ التِّرْمِذِيِّ "، وَهُوَ ثَلَاثَةٌ وَعِشْرُونَ حَدِيثًا. وَمِنْهَا مَا هُوَ فِي " سُنَنِ النَّسَائِيِّ "، وَهُوَ حَدِيثٌ وَاحِدٌ. وَمِنْهَا مَا هُوَ فِي ابْنِ مَاجَهْ، وَهُوَ سِتَّةَ عَشَرَ حَدِيثًا. وَمِنْهَا مَا هُوَ فِي " صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ " رِوَايَةُ حَمَّادِ بْنِ شَاكِرٍ، وَهُوَ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ: «كَيْفَ يَا ابْنَ عُمَرَ إِذَا عُمِّرْتَ قَوْمٌ يُخَبِّئُونَ رِزْقَ سَنَتِهِمْ» . هَذَا الْحَدِيثُ أَوْرَدَهُ الدَّيْلَمِيُّ فِي " مُسْنَدِ الْفِرْدَوْسِ "، وَعَزَاهُ لِلْبُخَارِيِّ، وَذَكَرَ سَنَدَهُ إِلَى ابْنِ عُمَرَ، وَرَأَيْتُ بِخَطِّ الْعِرَاقِيِّ: أَنَّهُ لَيْسَ فِي الرِّوَايَةِ الْمَشْهُورَةِ، وَأَنَّ الْمِزِّيَّ ذَكَرَ أَنَّهُ فِي رِوَايَةِ حَمَّادِ بْنِ شَاكِرٍ، فَهَذَا حَدِيثٌ ثَانٍ مِنْ أَحَادِيثِ الصَّحِيحَيْنِ. وَمِنْهَا مَا هُوَ فِي تَأْلِيفِ الْبُخَارِيِّ غَيْرِ الصَّحِيحِ، كَـ " خَلْقِ أَفْعَالِ الْعِبَادِ "، أَوْ تَعَالِيقِهِ فِي الصَّحِيحِ. أَوْ فِي مُؤَلَّفٍ أُطْلِقَ عَلَيْهِ اسْمُ الصَّحِيحِ كَـ " مُسْنَدِ الدَّارِمِيِّ "، وَ " الْمُسْتَدْرَكِ "، وَ " صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ ". أَوْ فِي مُؤَلَّفٍ مُعْتَبَرٍ كَتَصَانِيفِ الْبَيْهَقِيِّ، فَقَدِ الْتَزَمَ أَنْ لَا يُخَرِّجَ فِيهَا حَدِيثًا يَعْلَمُهُ مَوْضُوعًا. وَمِنْهَا مَا لَيْسَ فِي أَحَدِ هَذِهِ الْكُتُبِ. وَقَدْ حَرَّرْتُ الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ حَدِيثًا حَدِيثًا، فَجَاءَ كِتَابًا حَافِلًا، وَقُلْتُ فِي آخِرِهِ نَظْمًا: كِتَابُ " الْأَبَاطِيلِ " لِلْمُرْتَضِي ... أَبِي الْفَرَجِ الْحَافِظِ الْمُقْتَدِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 331 وَالْوَاضِعُونَ أَقْسَامٌ أَعْظَمُهُمْ ضَرَرًا قَوْمٌ يُنْسَبُونَ إِلَى الزُّهْدِ، وَضَعُوهُ حِسْبَةً فِي زَعْمِهِمْ، فَقُبِلَتْ مَوْضُوعَاتُهُمْ ثِقَةً بِهِمْ   [تدريب الراوي] تَضَمَّنَ مَا لَيْسَ مِنْ شَرْطِهِ لِذِي الْبَصَرِ النَّاقِدِ الْمُهْتَدِي ... فَفِيهِ حَدِيثٌ رَوَى مُسْلِمٌ وَفَوْقَ الثَلَاثِينَ عَنْ أَحْمَدِ 237 - ، وَفَرْدٌ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي ... رِوَايَةِ حَمَّادٍ الْمُسْنَدِ ، وَعِنْدَ سُلَيْمَانَ قُلْ أَرْبَعٌ وَبِضْعٌ وَعِشْرُونَ فِي التِّرْمِذِي ، وَلِلنَّسَائِيِّ وَاحِدٌ وَابْنُ مَا ... جَهْ سِتَّ عَشْرَةَ إِنْ تَعْدُدِي ، وَعِنْدَ الْبُخَارِيِّ لَا فِي الصَّحِيحِ وَلِلدَّارِمِيِّ الْحَبْرِ فِي الْمُسْنَدِ ، وَعِنْدَ ابْنِ حِبَّانَ وَالْحَاكِمِ ... الْإِمَامِ وَتِلْمِيذِهِ الْجَهْبَذِي ، وَتَعْلِيقُ إِسْنَادِهِمْ أَرْبَعُونَ ، وَخُذْ مِثْلَهَا وَاسْتَفِدْ وَانْقُدِي ، وَقَدْ بَانَ ذَلِكَ مَجْمُوعَةً وَأَوْضَحْتُهُ لَكَ كَيْ تَهْتَدِي ، وَثَمَّ بَقَايَا لِمُسْتَدْرِكٍ فَمَا ... جَمْعُ الْعِلْمِ فِي مُفْرَدِي. [أقسام الواضعين] (وَالْوَاضِعُونَ أَقْسَامٌ) بِحَسَبِ الْأَمْرِ الْحَامِلِ لَهُمْ عَلَى الْوَضْعِ، (أَعْظَمُهُمْ ضَرَرًا قَوْمٌ يُنْسَبُونَ إِلَى الزُّهْدِ وَضَعُوهُ حِسْبَةً) ، أَيِ احْتِسَابًا لِلْأَجْرِ عِنْدَ اللَّهِ (فِي زَعْمِهِمْ) الْفَاسِدِ، (فَقُبِلَتْ مَوْضُوعَاتُهُمْ ثِقَةً بِهِمْ) ، وَرُكُونًا إِلَيْهِمْ، لِمَا نُسِبُوا إِلَيْهِ مِنَ الزُّهْدِ، وَالصَّلَاحِ. وَلِهَذَا قَالَ يَحْيَى الْقَطَّانُ: مَا رَأَيْتُ الْكَذِبَ فِي أَحَدٍ أَكْثَرَ مِنْهُ فِيمَنْ يُنْسَبُ إِلَى الْخَيْرِ، أَيْ لِعَدَمِ عِلْمِهِمْ بِتَفْرِقَةِ مَا يَجُوزُ لَهُمْ، وَمَا يَمْتَنِعُ عَلَيْهِمْ، أَوْ لِأَنَّ عِنْدَهُمْ حُسْنَ ظَنٍّ وَسَلَامَةَ صَدْرٍ، فَيَحْمِلُونَ مَا سَمِعُوهُ عَلَى الصِّدْقِ، وَلَا يَهْتَدُونَ لِتَمْيِيزِ الْخَطَأِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 332 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] مِنَ الصَّوَابِ، وَلَكِنِ الْوَاضِعُونَ مِنْهُمْ، وَإِنْ خَفِيَ حَالُهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ، فَإِنَّهُ لَمْ يَخْفَ عَلَى جَهَابِذَةِ الْحَدِيثِ، وَنُقَّادِهِ. وَقَدْ قِيلَ لِابْنِ الْمُبَارَكِ: هَذِهِ الْأَحَادِيثُ الْمَوْضُوعَةُ، فَقَالَ: تَعِيشُ لَهَا الْجَهَابِذَةُ، {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9] . وَمِنْ أَمْثِلَةِ مَا وُضِعَ حِسْبَةً: مَا رَوَاهُ الْحَاكِمُ بِسَنَدِهِ إِلَى أَبِي عَمَّارٍ الْمَرْوَزِيِّ، أَنَّهُ قِيلَ لِأَبِي عِصْمَةَ نُوحِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ: مِنْ أَيْنَ ذَلِكَ:، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ سُورَةً سُورَةً، وَلَيْسَ عِنْدَ أَصْحَابِ عِكْرِمَةَ هَذَا؟ فَقَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ النَّاسَ قَدْ أَعْرَضُوا عَنِ الْقُرْآنِ وَاشْتَغَلُوا بِفِقْهِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَغَازِي ابْنِ إِسْحَاقَ، فَوَضَعْتُ هَذَا الْحَدِيثَ حِسْبَةً. وَكَانَ يُقَالُ لِأَبِي عِصْمَةَ هَذَا: " نُوحٌ الْجَامِعُ "، قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: جَمَعَ كَلَّ شَيْءٍ إِلَّا الصِّدْقَ. وَرَوَى ابْنُ حِبَّانَ فِي الضُّعَفَاءِ، عَنِ ابْنِ مَهْدِيٍّ، قَالَ: قُلْتُ لِمَيْسَرَةَ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ: مِنْ أَيْنَ جِئْتَ بِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ، مَنْ قَرَأَ كَذَا فَلَهُ كَذَا؟ قَالَ: وَضَعْتُهَا أُرَغِّبُ النَّاسَ فِيهَا. وَكَانَ غُلَامًا جَلِيلًا يَتَزَهَّدُ وَيَهْجُرُ شَهَوَاتِ الدُّنْيَا، وَغُلِّقَتْ أَسْوَاقُ بَغْدَادَ لِمَوْتِهِ، وَمَعَ ذَلِكَ كَانَ يَضَعُ الْحَدِيثَ، وَقِيلَ لَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ: حَسِّنْ ظَنَّكَ؟ قَالَ: كَيْفَ لَا، وَقَدْ وَضَعْتُ فِي فَضْلِ عَلِيٍّ سَبْعِينَ حَدِيثًا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 333 وَجَوَّزَتِ الْكَرَّامِيَّةُ الْوَضْعَ فِي التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ وَهُوَ خِلَافُ إِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ يُعْتَدُّ بِهِمْ، وَوَضَعَتِ الزَّنَادِقَةُ جُمَلًا فَبَيَّنَ جَهَابِذَةُ الْحَدِيثِ أَمْرَهَا، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.   [تدريب الراوي] وَكَانَ أَبُو دَاوُدَ النَّخَعِيُّ أَطْوَلَ النَّاسِ قِيَامًا بِلَيْلٍ، وَأَكْثَرَهُمْ صِيَامًا بِنَهَارٍ، وَكَانَ يَضَعُ. قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: وَكَانَ أَبُو بِشْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَقِيهُ الْمَرْوَزِيُّ مِنْ أَصْلَبِ أَهْلِ زَمَانِهِ فِي السُّنَّةِ وَأَذَبِّهِمْ عَنْهَا، وَأَقْمَعِهِمْ لِمَنْ خَالَفَهَا، وَكَانَ مَعَ هَذَا يَضَعُ الْحَدِيثَ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: كَانَ وَهْبُ بْنُ حَفْصٍ مِنَ الصَّالِحِينَ، مَكَثَ عِشْرِينَ سُنَّةً لَا يُكَلِّمُ أَحَدًا، وَكَانَ يَكْذِبُ كَذِبًا فَاحِشًا. [تجويز الكرامية الوضع في الترغيب والترهيب ورد العلماء عليهم] (وَجَوَّزَتِ الْكَرَّامِيَّةُ) ، وَهُمْ قَوْمٌ مِنَ الْمُبْتَدِعَةِ نُسِبُوا إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ كَرَّامٍ السِّجِسْتَانِيِّ الْمُتَكَلِّمِ، بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ فِي الْأَشْهَرِ، (الْوَضْعَ فِي التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ) ، دُونَ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حُكْمٌ مِنَ الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ تَرْغِيبًا لِلنَّاسِ فِي الطَّاعَةِ، وَتَرْهِيبًا لَهُمْ، عَنِ الْمَعْصِيَةِ. وَاسْتَدَلُّوا بِمَا رُوِيَ فِي بَعْضِ طُرُقِ الْحَدِيثِ «مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا لِيُضِلَّ بِهِ النَّاسَ» . وَحَمَلَ بَعْضُهُمْ حَدِيثَ «مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ» ، أَيْ قَالَ: إِنَّهُ شَاعِرٌ، أَوْ مَجْنُونٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّمَا نَكْذِبُ لَهُ لَا عَلَيْهِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ الْمَصْلُوبُ: الْكَذَّابُ الْوَضَّاعُ، لَا بَأْسَ إِذَا كَانَ كَلَامٌ حَسَنٌ أَنْ يَضَعَ لَهُ إِسْنَادًا. وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الرَّأْيِ، فِيمَا حَكَاهُ الْقُرْطُبِيُّ: مَا وَافَقَ الْقِيَاسَ الْجَلِيَّ جَازَ أَنْ يُعْزَى إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 334 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] قَالَ الْمُصَنِّفُ زِيَادَةً عَلَى ابْنِ الصَّلَاحِ: (وَهُوَ) وَمَا أَشْبَهَهُ (خِلَافُ إِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ) الَّذِينَ يُعْتَدُّ بِهِمْ، بَلْ بَالَغَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجُوَيْنِيُّ، فَجَزَمَ بِتَكْفِيرِ وَاضِعِ الْحَدِيثِ. (وَوَضَعَتِ الزَّنَادِقَةُ جُمَلًا) مِنَ الْأَحَادِيثِ يُفْسِدُونَ بِهَا الدِّينَ، (فَبَيَّنَ جَهَابِذَةُ الْحَدِيثِ) ، أَيْ نُقَّادُهُ - بِفَتْحِ الْجِيمِ، جَمْعُ جِهْبِذٍ - بِالْكَسْرِ، وَآخِرُهُ مُعْجَمَةٌ - (أَمْرَهَا، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ) . رَوَى الْعُقَيْلِيُّ بِسَنَدِهِ إِلَى حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: وَضَعَتِ الزَّنَادِقَةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْبَعَةَ عَشَرَ أَلْفَ حَدِيثٍ. مِنْهُمْ عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ أَبِي الْعَوْجَاءِ الَّذِي قُتِلَ وَصُلِبَ فِي زَمَنِ الْمَهْدِيِّ. قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لَمَّا أُخِذَ لِيُضْرَبَ عُنُقُهُ، قَالَ: وَضَعْتُ فِيكُمْ أَرْبَعَةَ آلَافِ حَدِيثٍ، أُحَرِّمُ فِيهَا الْحَلَالَ، وَأُحَلِّلُ الْحَرَامَ. وَكَبَيَانِ ابْنِ سَمْعَانَ النَّهْدِيِّ، الَّذِي قَتَلَهُ خَالِدٌ الْقَسْرِيُّ، وَأَحْرَقَهُ بِالنَّارِ. قَالَ الْحَاكِمُ: وَكَمُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ الشَّامِيِّ الْمَصْلُوبِ فِي الزَّنْدَقَةِ، فَرَوَى عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، مَرْفُوعًا: «أَنَا خَاتِمُ النَّبِيِّينَ لَا نَبِيَّ بَعْدِي، إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ» ، وَضَعَ هَذَا الِاسْتِثْنَاءَ، لِمَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنَ الْإِلْحَادِ، وَالزَّنْدَقَةِ، وَالدَّعْوَةِ إِلَى التَّنَبِّي. وَهَذَا الْقِسْمُ مُقَابِلُ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ مِنْ أَقْسَامِ الْوَاضِعِينَ، زَادَهُ الْمُصَنِّفُ عَلَى ابْنِ الصَّلَاحِ. وَمِنْهُمْ قِسْمٌ يَضَعُونَ انْتِصَارًا لِمَذْهَبِهِمْ، كَالْخَطَّابِيَّةِ وَالرَّافِضَةِ وَقَوْمٍ مِنَ السَّالِمِيَّةِ، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 335 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] رَوَى ابْنُ حِبَّانَ فِي الضُّعَفَاءِ بِسَنَدِهِ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْمُقْرِي: أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ رَجَعَ عَنْ بِدْعَتِهِ، فَجَعَلَ يَقُولُ: انْظُرُوا هَذَا الْحَدِيثَ عَمَّنْ تَأْخُذُونَهُ، فَإِنَّا كُنَّا إِذَا رَأَيْنَا رَأْيًا جَعَلْنَا لَهُ حَدِيثًا. وَرَوَى الْخَطِيبُ بِسَنَدِهِ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، قَالَ. أَخْبَرَنِي شَيْخٌ مِنَ الرَّافِضَةِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَجْتَمِعُونَ عَلَى وَضْعِ الْأَحَادِيثِ. وَقَالَ الْحَاكِمُ: كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ الطَّايِكَانِيُّ مِنْ رُءُوسِ الْمُرْجِئَةِ، وَكَانَ يَضَعُ الْحَدِيثَ عَلَى مَذْهَبِهِمْ. ثُمَّ رَوَى بِسَنَدِهِ عَنِ الْمُحَامِلِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْعَيْنَاءِ يَقُولُ: أَنَا وَالْجَاحِظُ، وَضَعْنَا حَدِيثَ فَدَكَ، وَأَدْخَلْنَاهُ عَلَى الشُّيُوخِ بِبَغْدَادَ فَقَبِلُوهُ إِلَّا ابْنَ شَيْبَةَ الْعَلَوِيَّ، فَإِنَّهُ قَالَ: لَا يُشْبِهُ آخِرُ هَذَا الْحَدِيثِ أَوَّلَهُ، وَأَبَى أَنْ يَقْبَلَهُ. وَقِسْمٌ تَقَرَّبُوا لِبَعْضِ الْخُلَفَاءِ وَالْأُمَرَاءِ بِوَضْعِ مَا يُوَافِقُ فِعْلَهُمْ وَآرَاءَهُمْ كَغِيَاثِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ حَيْثُ وَضَعَ لِلْمَهْدِيِّ فِي حَدِيثِ «لَا سَبْقَ إِلَّا فِي نَصْلٍ، أَوْ خُفٍّ، أَوْ حَافِرٍ» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 336 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] فَزَادَ فِيهِ " أَوْ جَنَاحٍ "، وَكَانَ الْمَهْدِيُّ إِذْ ذَاكَ يَلْعَبُ بِالْحَمَامِ، فَتَرَكَهَا بَعْدَ ذَلِكَ، وَأَمَرَ بِذَبْحِهَا، وَقَالَ: أَنَا حَمْلَتُهُ عَلَى ذَلِكَ، وَذَكَرَ أَنَّهُ لَمَّا قَامَ، قَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ قَفَاكَ قَفَا كَذَّابٍ، أَسْنَدَهُ الْحَاكِمُ. وَأَسْنَدَ عَنْ هَارُونَ بْنِ أَبِي عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ الْمَهْدِيُّ: أَلَا تَرَى مَا يَقُولُ لِي مُقَاتِلٌ؟ قَالَ: إِنْ شِئْتَ وَضَعْتُ لَكَ أَحَادِيثَ فِي الْعَبَّاسِ، قُلْتُ: لَا حَاجَةَ لِي فِيهَا. وَضَرْبٌ كَانُوا يَتَكَسَّبُونَ بِذَلِكَ، وَيَرْتَزِقُونَ بِهِ فِي قِصَصِهِمْ، كَأَبِي سَعِيدٍ الْمَدَائِنِيِّ. وَضَرْبٌ امْتُحِنُوا بِأَوْلَادِهِمْ أَوْ رَبَائِبَ أَوْ وَرَّاقِينَ، فَوَضَعُوا لَهُمْ أَحَادِيثَ، وَدَسُّوهَا عَلَيْهِمْ، فَحَدَّثُوا بِهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَشْعُرُوا، كَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ رَبِيعَةَ الْقُدَّامِيِّ، وَكَحَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ ; ابْتُلِي بِرَبِيبِهِ ابْنِ أَبِي الْعَوْجَاءِ، فَكَانَ يَدُسُّ فِي كُتُبِهِ، وَكَمَعْمَرٍ كَانَ لَهُ ابْنُ أَخٍ رَافِضِيٌّ، فَدَسَّ فِي كُتُبِهِ حَدِيثًا، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «نَظَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى عَلِيٍّ، فَقَالَ: أَنْتَ سَيِّدٌ فِي الدُّنْيَا، سَيِّدٌ فِي الْآخِرَةِ، وَمَنْ أَحَبَّكَ فَقَدْ أَحَبَّنِي، وَحَبِيبِي حَبِيبُ اللَّهِ، وَعَدُوُّكَ عَدُوِّي، وَعَدُوِّي عَدُوُّ اللَّهِ، وَالْوَيْلُ لِمَنْ أَبْغَضَكَ بَعْدِي» . فَحَدَّثَ بِهِ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، وَهُوَ بَاطِلٌ مَوْضُوعٌ، كَمَا قَالَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَضَرْبٌ يَلْجَئُونَ إِلَى إِقَامَةِ دَلِيلٍ عَلَى مَا أَفْتَوْا بِهِ بِآرَائِهِمْ، فَيَضَعُونَ، وَقِيلَ: إِنَّ الْحَافِظَ أَبَا الْخَطَّابِ بْنَ دَحْيَةَ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ، وَكَأَنَّهُ الَّذِي وَضَعَ الْحَدِيثَ فِي قَصْرِ الْمَغْرِبِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 337 وَرُبَّمَا أَسْنَدَ الْوَاضِعُ كَلَامًا لِنَفْسِهِ أَوْ لِبَعْضِ الْحُكَمَاءِ، وَرُبَّمَا وَقَعَ فِي شِبْهِ الْوَضْعِ بِغَيْرِ قَصْدٍ.   [تدريب الراوي] وَضَرْبٌ يَقْلِبُونَ سَنَدَ الْحَدِيثِ، لِيُسْتَغْرَبَ فَيُرْغَبَ فِي سَمَاعِهِ مِنْهُمْ كَابْنِ أَبِي حَيَّةَ، وَحَمَّادٍ النَّصِيبِيِّ، وَالْبُهْلُولِ بْنِ عُبَيْدٍ، وَأَصْرَمَ بْنِ حَوْشَبٍ. وَضَرْبٌ دَعَتْهُمْ حَاجَتُهُمْ إِلَيْهِ، فَوَضَعُوهُ فِي الْوَقْتِ كَمَا تَقَدَّمَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ طَرِيفٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ عُكَّاشَةَ، وَمَأْمُونٍ الْهَرَوِيِّ. فَائِدَةٌ قَالَ النَّسَائِيُّ: الْكَذَّابُونَ الْمَعْرُوفُونَ بِوَضْعِ الْأَحَادِيثِ أَرْبَعَةٌ: ابْنُ أَبِي يَحْيَى بِالْمَدِينَةِ وَالْوَاقِدِيُّ بِبَغْدَادَ، وَمُقَاتِلٌ بِخُرَاسَانَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ الْمَصْلُوبُ بِالشَّامِ. [رُبَّمَا أَسْنَدَ الْوَاضِعُ كَلَامًا لِنَفْسِهِ أَوْ لِبَعْضِ الْحُكَمَاءِ أَوِ الزُّهَّادِ أَوِ الْإِسْرَائِيلِيَّاتِ] (وَرُبَّمَا أَسْنَدَ الْوَاضِعُ كَلَامًا لِنَفْسِهِ) ، كَأَكْثَرِ الْمَوْضُوعَاتِ (، أَوْ لِبَعْضِ الْحُكَمَاءِ) ، أَوِ الزُّهَّادِ، أَوِ الْإِسْرَائِيلِيَّاتِ، كَحَدِيثِ: «الْمَعِدَةُ بَيْتُ الدَّاءِ، وَالْحَمِيَّةُ رَأْسُ الدَّوَاءِ» . لَا أَصْلَ لَهُ مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَلْ هُوَ مِنْ كَلَامِ بَعْضِ الْأَطِبَّاءِ، قِيلَ: إِنَّهُ لِحَارِثِ بْنِ كَلَدَةَ طَبِيبِ الْعَرَبِ. وَمَثَّلَهُ الْعِرَاقِيُّ فِي شَرْحِ الْأَلْفِيَّةِ بِحَدِيثِ: «حُبُّ الدُّنْيَا رَأْسُ كُلِّ خَطِيئَةٍ» . قَالَ: فَإِنَّهُ إِمَّا مِنْ كَلَامِ مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ، كَمَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا فِي مَكَايِدِ الشَّيْطَانِ بِإِسْنَادِهِ إِلَيْهِ، أَوْ مِنْ كَلَامِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الزُّهْدِ، وَلَا أَصْلَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 338 ، وَمِنَ الْمَوْضُوعِ الْحَدِيثُ الْمَرْوِيُّ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ فِي فَضْلِ الْقُرْآنِ سُورَةً سُورَةً. وَقَدْ أَخْطَأَ مَنْ ذَكَرَهُ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.   [تدريب الراوي] لَهُ مِنْ حَدِيثِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَّا مِنْ مَرَاسِيلِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، كَمَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ، وَمَرَاسِيلُ الْحَسَنِ عِنْدَهُمْ شِبْهُ الرِّيحِ. وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: إِسْنَادُهُ إِلَى الْحَسَنِ حَسَنٌ، وَمَرَاسِيلُهُ أَثْنَى عَلَيْهَا أَبُو زُرْعَةَ، وَابْنُ الْمَدِينِيِّ، فَلَا دَلِيلَ عَلَى وَضْعِهِ. انْتَهَى. وَالْأَمْرُ كَمَا قَالَ. (وَرُبَّمَا وَقَعَ) الرَّاوِي (فِي شُبَهِ الْوَضْعِ) غَلَطًا مِنْهُ (بِغَيْرِ قَصْدٍ) ، فَلَيْسَ بِمَوْضُوعٍ حَقِيقَةً، بَلْ هُوَ بِقِسْمِ الْمُدْرَجِ أَوْلَى كَمَا ذَكَرَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي " شَرْحِ النُّخْبَةِ "، قَالَ: بِأَنْ يَسُوقَ الْإِسْنَادَ فَيَعْرِضَ لَهُ عَارِضٌ، فَيَقُولُ كَلَامًا مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ، فَيَظُنُّ بَعْضُ مَنْ سَمِعَهُ أَنَّ ذَلِكَ مَتْنُ ذَلِكَ الْإِسْنَادِ، فَيَرْوِيهِ عَنْهُ كَذَلِكَ. كَحَدِيثٍ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدٍ الطَّلْحِيِّ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ مُوسَى الزَّاهِدِ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، مَرْفُوعًا «مَنْ كَثُرَتْ صَلَاتُهُ بِاللَّيْلِ حَسُنَ وَجْهُهُ بِالنَّهَارِ» . قَالَ الْحَاكِمُ: دَخَلَ ثَابِتٌ عَلَى شَرِيكٍ وَهُوَ يُمْلِي، وَيَقُولُ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَسَكَتَ لِيَكْتُبَ الْمُسْتَمْلِي، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَى ثَابِتٍ، قَالَ: مَنْ كَثُرَتْ صَلَاتُهُ بِاللَّيْلِ حَسُنَ وَجْهُهُ بِالنَّهَارِ. وَقَصَدَ بِذَلِكَ ثَابِتًا لِزُهْدِهِ وَوَرَعِهِ، فَظَنَّ ثَابِتٌ أَنَّهُ مَتْنُ ذَلِكَ الْإِسْنَادِ ; فَكَانَ يُحَدِّثُ بِهِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 339 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: إِنَّمَا هُوَ قَوْلُ شَرِيكٍ، فَإِنَّهُ قَالَهُ عَقِبَ حَدِيثِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، «يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ» . فَأَدْرَجَهُ ثَابِتٌ فِي الْخَبَرِ، ثُمَّ سَرَقَهُ مِنْهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الضُّعَفَاءِ، وَحَدَّثُوا بِهِ، عَنْ شَرِيكٍ، كَعَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ بَحْرٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ شُبْرُمَةَ، وَإِسْحَاقَ بْنِ بِشْرٍ الْكَاهِلِيِّ، وَجَمَاعَةٍ آخَرِينَ. [من أمثلة الموضوع] (وَمِنَ الْمَوْضُوعِ: الْحَدِيثُ الْمَرْوِيُّ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ) ، مَرْفُوعًا (فِي فَضْلِ الْقُرْآنِ سُورَةً سُورَةً) مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى آخِرِهِ. فَرُوِّينَا عَنِ الْمُؤَمِّلِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنِي شَيْخٌ بِهِ، فَقُلْتُ لِلشَّيْخِ مَنْ حَدَّثَكَ، فَقَالَ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ بِالْمَدَائِنِ - وَهُوَ حَيٌّ - فَصِرْتُ إِلَيْهِ فَقُلْتُ: مَنْ حَدَّثَكَ؟ فَقَالَ: حَدَّثَنِي شَيْخٌ بِوَاسِطَ - وَهُوَ حَيٌّ - فَصِرْتُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: حَدَّثَنِي شَيْخٌ بِالْبَصْرَةِ، فَصِرْتُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: حَدَّثَنِي شَيْخٌ بِعَبَّادَانَ، فَصِرْتُ إِلَيْهِ، فَأَخَذَ بِيَدِي فَأَدْخَلَنِي بَيْتًا، فَإِذَا فِيهِ قَوْمٌ مِنَ الْمُتَصَوِّفَةِ، وَمَعَهُمْ شَيْخٌ، فَقَالَ: هَذَا الشَّيْخُ حَدَّثَنِي، فَقُلْتُ: يَا شَيْخُ مَنْ حَدَّثَكَ؟ فَقَالَ لَمْ يُحَدِّثْنِي أَحَدٌ، وَلَكِنَّا رَأَيْنَا النَّاسَ قَدْ رَغِبُوا، عَنِ الْقُرْآنِ، فَوَضَعْنَا لَهُمْ هَذَا الْحَدِيثَ ; لِيَصْرِفُوا قُلُوبَهُمْ إِلَى الْقُرْآنِ. قُلْتُ: وَلَمْ أَقِفْ عَلَى تَسْمِيَةِ هَذَا الشَّيْخِ، إِلَّا أَنَّ ابْنَ الْجَوْزِيِّ، أَوْرَدَهُ فِي الْمَوْضُوعَاتِ مِنْ طَرِيقِ بَزِيغِ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ، وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، عَنْ أُبَيٍّ، وَقَالَ: الْآفَةُ فِيهِ مِنْ بَزِيغٍ، ثُمَّ أَوْرَدَهُ مِنْ طَرِيقِ مَخْلَدِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ، عَنْ عَلِيٍّ، وَعَطَاءٍ، وَقَالَ: الْآفَةُ فِيهِ مِنْ مَخْلَدٍ. فَكَأَنَّ أَحَدَهُمَا وَضَعَهُ، وَالْآخَرَ سَرَقَهُ، أَوْ كِلَاهُمَا سَرَقَهُ مِنْ ذَلِكَ الشَّيْخِ الْوَاضِعِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 340 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] (وَقَدْ أَخْطَأَ مَنْ ذَكَرَهُ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ) فِي تَفْسِيرِهِ كَالثَّعْلَبِيِّ، وَالْوَاحِدِيِّ، وَالزَّمَخْشَرِيِّ، وَالْبَيْضَاوِيِّ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: لَكِنْ مَنْ أَبْرَزَ إِسْنَادَهُ مِنْهُمْ كَالْأَوَّلِينَ، فَهُوَ أَبْسَطُ لِعُذْرِهِ إِذْ أَحَالَ نَاظِرَهُ عَلَى الْكَشْفِ عَنْ سَنَدِهِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَجُوزُ لَهُ السُّكُوتُ عَلَيْهِ، وَأَمَّا مَنْ لَمْ يُبْرِزْ سَنَدَهُ، وَأَوْرَدَهُ بِصِيغَةِ الْجَزْمِ، فَخَطَؤُهُ أَفْحَشُ. تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ: مِنَ الْبَاطِلِ أَيْضًا فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ سُورَةً سُورَةً حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَضَعَهُ مَيْسَرَةُ كَمَا تَقَدَّمَ، وَحَدِيثُ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ، أَوْرَدَهُ الدَّيْلَمِيُّ مِنْ طَرِيقِ سَلَّامِ بْنِ سُلَيْمٍ الْمَدَائِنِيِّ، عَنْ هَارُونَ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ عَنْهُ. الثَّانِي: وَرَدَ فِي فَضَائِلِ السُّوَرِ أَحَادِيثُ مُفَرَّقَةٌ أَحَادِيثُ بَعْضُهَا صَحِيحٌ، وَبَعْضُهَا حَسَنٌ، وَبَعْضُهَا ضَعِيفٌ لَيْسَ بِمَوْضُوعٍ، وَلَوْلَا خَشْيَةُ الْإِطَالَةِ لَأَوْرَدْتُ ذَلِكَ هُنَا، لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ فِي فَضَائِلِ السُّوَرِ شَيْءٌ خُصُوصًا مَعَ قَوْلِ الدَّارَقُطْنِيِّ: أَصَحُّ مَا وَرَدَ فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ: فَضْلُ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، وَمَنْ طَالَعَ كُتُبَ السُّنَنِ وَالزَّوَائِدَ عَلَيْهَا، وَجَدَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا كَثِيرًا. وَتَفْسِيرُ الْحَافِظِ عِمَادِ الدِّينِ ابْنِ كَثِيرٍ أَجَلُّ مَا يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ فَإِنَّهُ أَوْرَدَ غَالِبَ مَا جَاءَ فِي ذَلِكَ، مِمَّا لَيْسَ بِمَوْضُوعٍ، وَإِنْ فَاتَهُ أَشْيَاءُ. وَقَدْ جَمَعْتُ فِي ذَلِكَ كِتَابًا لَطِيفًا سَمَّيْتُهُ: " خَمَائِلَ الزَّهَرِ فِي فَضَائِلِ السُّوَرِ ". وَاعْلَمْ أَنَّ السُّوَرَ الَّتِي صَحَّتِ الْأَحَادِيثُ فِي فَضَائِلِهَا: الْفَاتِحَةُ، وَالزَّهْرَاوَانِ، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 341 النَّوْعُ الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ: الْمَقْلُوبُ: هُوَ نَحْوُ حَدِيثٍ مَشْهُورٍ عَنْ سَالِمٍ جُعِلَ عَنْ نَافِعٍ لِيُرْغَبَ فِيهِ، وَقَلَبَ أَهْلُ بَغْدَادَ عَلَى الْبُخَارِيِّ مِائَةَ حَدِيثٍ امْتِحَانًا فَرَدَّهَا عَلَى وُجُوهِهَا فَأَذْعَنُوا بِفَضْلِهِ.   [تدريب الراوي] وَالْأَنْعَامُ، وَالسَّبْعُ الطُّوَلُ مُجْمَلًا، وَالْكَهْفُ، وَيس، وَالدُّخَانُ، وَالْمُلْكُ، وَالزَّلْزَلَةُ، وَالنَّصْرُ، وَالْكَافِرُونَ، وَالْإِخْلَاصُ، وَالْمُعَوِّذَتَانِ، وَمَا عَدَاهَا لَمْ يَصِحَّ فِيهَا شَيْءٌ. الثَّالِثُ: مِنَ الْمَوْضُوعِ أَيْضًا: حَدِيثُ الْأُرْزِ، وَالْعَدَسِ، وَالْبَاذِنْجَانِ، وَالْهَرِيسَةِ، وَفَضَائِلِ مَنِ اسْمُهُ مُحَمَّدٌ، وَأَحْمَدُ، وَفَضْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعَيْنِ سُلْوَانَ وَعَسْقَلَانَ، إِلَّا حَدِيثَ أَنَسٍ الَّذِي فِي " مُسْنَدِ أَحْمَدَ " عَلَى مَا قِيلَ فِيهِ مِنَ النَّكَارَةِ، وَوَصَايَا عَلِيٍّ وَضَعَهَا حَمَّادُ بْنُ عَمْرٍو النَّصِيبِيُّ، وَوَصِيَّةٌ فِي الْجِمَاعِ وَضَعَهَا إِسْحَاقُ بْنُ نَجِيحٍ الْمَلْطِيُّ، وَنُسْخَةُ الْعَقْلِ وَضَعَهَا دَاوُدُ بْنُ الْمُحَبَّرِ، وَأَوْرَدَهَا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ فِي مُسْنَدِهِ، وَحَدِيثُ الْقَسِّ بْنِ سَاعِدَةَ، أَوْرَدَهُ الْبَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ، وَالْحَدِيثُ الطَّوِيلُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْإِسْرَاءِ، أَوْرَدَهُ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ فِي تَفْسِيرِهِ، وَهُوَ نَحْوُ كُرَّاسَيْنِ، وَنُسَخٌ سِتَّةٌ رُوُوا عَنْ أَنَسٍ، وَهُمْ أَبُو هُدْبَةَ وَدِينَارٌ، وَنُعَيْمُ بْنُ سَالِمٍ، وَالْأَشَجُّ، وَخِرَاشٌ، وَنُسْطُورٌ. [النَّوْعُ الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ الْمَقْلُوبُ] [أقسام المقلوب] (النَّوْعُ الثَّانِيَ وَالْعِشْرُونَ: الْمَقْلُوبُ: هُوَ) قِسْمَانِ: الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ الْحَدِيثُ مَشْهُورًا بِرَاوٍ، فَيُجْعَلُ مَكَانَهُ آخَرُ فِي طَبَقَتِهِ (نَحْوُ حَدِيثٍ مَشْهُورٍ، عَنْ سَالِمٍ، جُعِلَ عَنْ نَافِعٍ ; لِيُرْغَبَ فِيهِ) لِغَرَابَتِهِ، أَوْ عَنْ مَالِكٍ، جُعِلَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ. وَمِمَّنْ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنَ الْوَضَّاعِينَ حَمَّادُ بْنُ عَمْرٍو النَّصِيبِيُّ، وَأَبُو إِسْمَاعِيلَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي حَيَّةَ الْيَسَعُ، وَبُهْلُولُ بْنُ عُبَيْدٍ الْكِنْدِيُّ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 342 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: وَهُوَ الَّذِي يُطْلَقُ عَلَى رَاوِيهِ أَنَّهُ يَسْرِقُ الْحَدِيثَ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: مِثَالُهُ حَدِيثٌ رَوَاهُ عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ الْحَرَّانِيُّ، عَنْ حَمَّادٍ النَّصِيبِيِّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، مَرْفُوعًا: «إِذَا لَقِيتُمُ الْمُشْرِكِينَ فِي طَرِيقٍ فَلَا تَبْدَءُوهُمْ بِالسَّلَامِ» . الْحَدِيثَ، فَهَذَا حَدِيثٌ مَقْلُوبٌ قَلَبَهُ حَمَّادٌ فَجَعَلَهُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، فَإِنَّمَا هُوَ مَعْرُوفٌ بِسُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، هَكَذَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ شُعْبَةَ، وَالثَّوْرِيِّ، وَجَرِيرِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ، وَعَبْدِ الْعَزِيزِ الدَّرَاوَرْدِيِّ، كُلُّهُمْ عَنْ سُهَيْلٍ. قَالَ: وَلِهَذَا كَرِهَ أَهْلُ الْحَدِيثِ تَتَبُّعَ الْغَرَائِبِ، فَإِنَّهُ قَلَّمَا يَصِحُّ مِنْهَا. تَنْبِيهٌ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: قَدْ يَقَعُ الْقَلْبُ فِي الْمَتْنِ، قَالَ:، وَيُمْكِنُ تَمْثِيلُهُ بِمَا رَوَاهُ حَبِيبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَمَّتِهِ أُنَيْسَةَ، مَرْفُوعًا، «إِذَا أَذَّنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، فَكُلُوا، وَاشْرَبُوا، وَإِذَا أَذَّنَ بِلَالٌ فَلَا تَأْكُلُوا، وَلَا تَشْرَبُوا» الْحَدِيثَ، رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحَيْهِمَا، وَالْمَشْهُورُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، وَعَائِشَةَ: «إِنَّ بِلَالًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 343 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] قَالَ: فَالرِّوَايَةُ بِخِلَافِ ذَلِكَ مَقْلُوبَةٌ، قَالَا: إِلَّا أَنَّ ابْنَ حِبَّانَ، وَابْنَ خُزَيْمَةَ لَمْ يَجْعَلَا ذَلِكَ مِنَ الْمَقْلُوبِ، وَجَمَعَا بِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ بِلَالٍ وَبَيْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ تَنَاوُبٌ. قَالَ: وَمَعَ ذَلِكَ فَدَعْوَى الْقَلْبِ لَا تَبْعُدُ، وَلَوْ فَتَحْنَا بَابَ التَّأْوِيلَاتِ لَانْدَفَعَ كَثِيرٌ مِنْ عِلَلِ الْحَدِيثِ. قَالَ: وَيُمْكِنُ أَنْ يُسَمَّى ذَلِكَ بِالْمَعْكُوسِ، فَيُفْرَدَ بِنَوْعٍ، وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ. انْتَهَى. وَقَدْ مَثَّلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي " شَرْحِ النُّخْبَةِ " الْقَلْبَ فِي الْإِسْنَادِ، بِنَحْوِ كَعْبِ بْنِ مُرَّةَ، وَمُرَّةَ بْنِ كَعْبٍ. وَفِي الْمَتْنِ بِحَدِيثِ مُسْلِمٍ فِي السَّبْعَةِ الَّذِينَ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ، رَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ أَخْفَاهَا حَتَّى لَا تَعْلَمَ يَمِينُهُ مَا تُنْفِقُ شِمَالُهُ، قَالَ: فَهَذَا مِمَّا انْقَلَبَ عَلَى أَحَدِ الرُّوَاةِ، وَإِنَّمَا هُوَ حَتَّى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ، كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ. قُلْتُ: وَوَجَدْتُ مِثَالًا آخَرَ، وَهُوَ مَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: " إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَائْتُوهُ، وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ ". فَإِنَّ الْمَعْرُوفَ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ: «مَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ فَاجْتَنِبُوهُ، وَمَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ فَافْعَلُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 344 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] الْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ يُؤْخَذَ إِسْنَادُ مَتْنٍ فَيُجْعَلَ عَلَى مَتْنٍ آخَرَ، وَبِالْعَكْسِ وَهَذَا قَدْ يُقْصَدُ بِهِ أَيْضًا الْإِغْرَابُ، فَيَكُونُ كَالْوَضْعِ، وَقَدْ يُفْعَلُ اخْتِبَارًا لِحِفْظِ الْمُحَدِّثِ، أَوْ لِقَبُولِهِ التَّلْقِينَ، وَقَدْ فَعَلَ ذَلِكَ شُعْبَةُ وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، وَأَهْلُ الْحَدِيثِ. (وَقَلَبَ أَهْلُ بَغْدَادَ عَلَى الْبُخَارِيِّ) لَمَّا جَاءَهُمْ (مِائَةَ حَدِيثٍ امْتِحَانًا، فَرَدَّهَا عَلَى وُجُوهِهَا فَأَذْعَنُوا بِفَضْلِهِ) ، وَذَلِكَ فِيمَا رَوَاهُ الْخَطِيبُ، حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي الْحَسَنِ السَّاحِلِيُّ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَسَنٍ الرَّازِيُّ، سَمِعْتُ أَبَا أَحْمَدَ بْنِ عَدِيٍّ يَقُولُ: سَمِعْتُ عِدَّةَ مَشَايِخَ يَحْكُونَ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيَّ قَدِمَ بَغْدَادَ، فَسَمِعَ بِهِ أَصْحَابُ الْحَدِيثِ، فَاجْتَمَعُوا، وَعَمَدُوا إِلَى مِائَةِ حَدِيثٍ، فَقَلَبُوا مُتُونَهَا وَأَسَانِيدَهَا، وَجَعَلُوا مَتْنَ هَذَا الْإِسْنَادِ لِإِسْنَادٍ آخَرَ وَإِسْنَادَ هَذَا الْمَتْنِ لِمَتْنٍ آخَرَ، وَدَفَعُوهُ إِلَى عَشَرَةِ أَنْفُسٍ إِلَى كُلِّ رَجُلٍ عَشَرَةً، وَأَمَرُوهُمْ إِذَا حَضَرُوا الْمَجْلِسَ يُلْقُونَ ذَلِكَ عَلَى الْبُخَارِيِّ، وَأَخَذُوا الْوَعْدَ لِلْمَجْلِسِ، فَحَضَرَ الْمَجْلِسَ جَمَاعَةُ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ مِنَ الْغُرَبَاءِ مِنْ أَهْلِ خُرَاسَانَ وَغَيْرِهِمْ، وَمِنَ الْبَغْدَادِيِّينَ، فَلَمَّا اطْمَأَنَّ الْمَجْلِسُ بِأَهْلِهِ انْتُدِبَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنَ الْعَشَرَةِ، فَسَأَلَهُ عَنْ حَدِيثٍ مِنْ تِلْكَ الْأَحَادِيثِ، فَقَالَ الْبُخَارِيُّ: لَا أَعْرِفُهُ، فَسَأَلَهُ عَنْ آخَرَ فَقَالَ: لَا أَعْرِفُهُ، فَمَا زَالَ يُلْقِي عَلَيْهِ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ حَتَّى فَرَغَ مِنْ عَشَرَتِهِ، وَالْبُخَارِيُّ يَقُولُ: لَا أَعْرِفُهُ، فَكَانَ الْفُقَهَاءُ مِمَّنْ حَضَرَ الْمَجْلِسَ يَلْتَفِتُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، وَيَقُولُونَ: الرَّجُلُ فَهِمَ، وَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ غَيْرَ ذَلِكَ يَقْضِي عَلَى الْبُخَارِيِّ بِالْعَجْزِ وَالتَّقْصِيرِ، وَقِلَّةِ الْفَهْمِ، ثُمَّ انْتُدِبَ إِلَيْهِ رَجُلٌ آخَرُ مِنَ الْعَشَرَةِ، فَسَأَلَهُ عَنْ حَدِيثٍ مِنْ تِلْكَ الْأَحَادِيثِ الْمَقْلُوبَةِ، فَقَالَ الْبُخَارِيُّ: لَا أَعْرِفُهُ، فَلَمْ يَزَلْ يُلْقِي إِلَيْهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 345 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] ، وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ حَتَّى فَرَغَ مِنْ عَشَرَتِهِ، وَالْبُخَارِيُّ يَقُولُ: لَا أَعْرِفُهُ، ثُمَّ انْتُدِبَ إِلَيْهِ الثَّالِثُ وَالرَّابِعُ إِلَى تَمَامِ الْعَشَرَةِ، حَتَّى فَرَغُوا كُلُّهُمْ مِنَ الْأَحَادِيثِ الْمَقْلُوبَةِ، وَالْبُخَارِيُّ لَا يَزِيدُهُمْ عَلَى: لَا أَعْرِفُهُ، فَلَمَّا عَلِمَ الْبُخَارِيُّ أَنَّهُمْ قَدْ فَرَغُوا، الْتَفَتَ إِلَى الْأَوَّلِ مِنْهُمْ، فَقَالَ: أَمَّا حَدِيثُكَ الْأَوَّلُ، فَهُوَ كَذَا، وَحَدِيثُكَ الثَّانِي فَهُوَ كَذَا، وَالثَّالِثُ، وَالرَّابِعُ عَلَى الْوَلَاءِ، حَتَّى أَتَى عَلَى تَمَامِ الْعَشَرَةِ، فَرَدَّ كُلَّ مَتْنٍ إِلَى إِسْنَادِهِ، وَكُلَّ إِسْنَادٍ إِلَى مَتْنِهِ، وَفَعَلَ بِالْآخَرِينَ مِثْلَ ذَلِكَ، وَرَدَّ مُتُونَ الْأَحَادِيثِ إِلَى أَسَانِيدِهَا، وَأَسَانِيدَهَا إِلَى مُتُونِهَا، فَأَقَرَّ لَهُ النَّاسُ بِالْحِفْظِ، وَأَذْعَنُوا لَهُ بِالْفَضْلِ. 1 - تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ: قَالَ الْعِرَاقِيُّ: فِي جَوَازِ هَذَا الْفِعْلِ نَظَرٌ، إِلَّا أَنَّهُ إِذَا فَعَلَهُ أَهْلُ الْحَدِيثِ لَا يَسْتَقِرُّ حَدِيثًا، وَقَدْ أَنْكَرَ حَرَمِيُّ عَلَى شُعْبَةَ لَمَّا قَلَبَ أَحَادِيثَ عَلَى أَبَانِ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ، وَقَالَ: يَا بِئْسَ مَا صَنَعَ، وَهَذَا يَحِلُّ؟ . الثَّانِي: قَدْ يَقَعُ الْقَلْبُ غَلَطًا، لَا قَصْدًا، كَمَا يَقَعُ الْوَضْعُ كَذَلِكَ، وَقَدْ مَثَّلَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ بِحَدِيثٍ رَوَاهُ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، مَرْفُوعًا: «إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، فَلَا تَقُومُوا حَتَّى تَرَوْنِي» . فَهَذَا حَدِيثٌ انْقَلَبَ إِسْنَادُهُ عَلَى جَرِيرٍ، وَهُوَ مَشْهُورٌ لِيَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 346 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَكَذَا رَوَاهُ الْأَئِمَّةُ الْخَمْسَةُ، وَهُوَ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَالنَّسَائِيِّ مِنْ رِوَايَةِ حَجَّاجِ بْنِ أَبِي عُثْمَانَ الصَّوَّافِ، عَنْ يَحْيَى وَجَرِيرٍ إِنَّمَا سَمِعَهُ مِنْ حَجَّاجٍ، فَانْقَلَبَ عَلَيْهِ، وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، فِيمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي الْمَرَاسِيلِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ حَسَّانَ عَنْهُ، قَالَ: كُنْتُ أَنَا، وَجَرِيرٌ عِنْدَ ثَابِتٍ فَحَدَّثَ حَجَّاجٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ، فَظَنَّ جَرِيرٌ أَنَّهُ إِنَّمَا حَدَّثَ بِهِ ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ. الثَّالِثُ: هَذَا آخِرُ مَا أَوْرَدَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنْوَاعِ الضَّعِيفِ، وَبَقِيَ عَلَيْهِ " الْمَتْرُوكُ "، ذَكَرَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي " النُّخْبَةِ "، وَفَسَّرَهُ: بِأَنْ يَرْوِيَهُ مَنْ يُتَّهَمُ بِالْكَذِبِ، وَلَا يُعْرَفُ ذَلِكَ الْحَدِيثُ إِلَّا مِنْ جِهَتِهِ، وَيَكُونُ مُخَالِفًا لِلْقَوَاعِدِ الْمَعْلُومَةِ. قَالَ: وَكَذَا مَنْ عُرِفَ بِالْكَذِبِ فِي كَلَامِهِ، وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ وُقُوعُهُ فِي الْحَدِيثِ، وَهُوَ دُونَ الْأَوَّلِ. انْتَهَى. وَتَقَدَّمَتِ الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ عَقِبَ الشَّاذِّ وَالْمُنْكَرِ. الرَّابِعُ: تَقَدَّمَ أَنَّ شَرَّ الضَّعِيفِ: الْمَوْضُوعُ، وَهَذَا أَمْرٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَذْكُرِ الْمُصَنِّفُ تَرْتِيبَ أَنْوَاعِهِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَيَلِيهِ الْمَتْرُوكُ ثُمَّ الْمُنْكَرُ، ثُمَّ الْمُعَلَّلُ، ثُمَّ الْمُدْرَجُ، ثُمَّ الْمَقْلُوبُ، ثُمَّ الْمُضْطَرِبُ، كَذَا رَتَّبَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 347 فَرْعٌ: إِذَا رَأَيْتَ حَدِيثًا بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ فَلَكَ أَنْ تَقُولَ هُوَ ضَعِيفٌ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، وَلَا تَقُلْ ضَعِيفُ الْمَتْنِ لِمُجَرَّدِ ضَعْفِ ذَلِكَ الْإِسْنَادِ، إِلَّا أَنْ يَقُولَ إِمَامٌ: إِنَّهُ لَمْ يُرْوَ مِنْ وَجْهٍ صَحِيحٍ، أَوْ إِنَّهُ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ مُفَسِّرًا ضَعْفَهُ، فَإِنْ أَطْلَقَ فَفِيهِ كَلَامٌ يَأْتِي قَرِيبًا، وَإِذَا أَرَدْتَ رِوَايَةَ الضَّعِيفِ بِغَيْرِ إِسْنَادٍ فَلَا تَقُلْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَذَا، وَمَا أَشْبَهُ مِنْ صِيَغِ الْجَزْمِ، بَلْ قُلْ: رُوِيَ كَذَا، أَوْ بَلَغَنَا كَذَا، أَوْ وَرَدَ، أَوْ جَاءَ، أَوْ نُقِلَ، وَمَا أَشْبَهَهُ، وَكَذَا مَا تَشُكُّ فِي صِحَّتِهِ.   [تدريب الراوي] وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: شَرُّهَا الْمَوْضُوعُ، ثُمَّ الْمَقْلُوبُ، ثُمَّ الْمَجْهُولُ. وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ: مَا ضَعْفُهُ لَا لِعَدَمِ اتِّصَالِهِ سَبْعَةُ أَصْنَافٍ، شَرُّهَا: الْمَوْضُوعُ، ثُمَّ الْمُدْرَجُ، ثُمَّ الْمَقْلُوبُ، ثُمَّ الْمُنْكَرُ، ثُمَّ الشَّاذُّ، ثُمَّ الْمُعَلَّلُ، ثُمَّ الْمُضْطَرِبُ. انْتَهَى. قُلْتُ: وَهَذَا تَرْتِيبٌ حَسَنٌ، وَيَنْبَغِي جَعْلُ الْمَتْرُوكِ قَبْلَ الْمُدْرَجِ، وَأَنْ يُقَالَ فِيمَا ضَعْفُهُ لِعَدَمِ اتِّصَالٍ: شَرُّهُ الْمُعْضَلُ، ثُمَّ الْمُنْقَطِعُ، ثُمَّ الْمُدَلَّسُ، ثُمَّ الْمُرْسَلُ، وَهَذَا وَاضِحٌ. ثُمَّ رَأَيْتُ شَيْخَنَا الْإِمَامَ الشُّمُنِّيَّ نَقَلَ قَوْلَ الْجَوْزَقَانِيِّ: الْمُعْضَلُ أَسْوَأُ حَالًا مِنَ الْمُنْقَطِعِ، وَالْمُنْقَطِعُ أَسْوَأُ حَالًا مِنَ الْمُرْسَلِ. وَتَعَقَّبَهُ بِأَنَّ ذَلِكَ إِذَا كَانَ الِانْقِطَاعُ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ، وَإِلَّا فَهُوَ يُسَاوِي الْمُعْضَلَ. [فرع مسائل تتعلق بالضعيف] فَرْعٌ فِيهِ مَسَائِلُ تَتَعَلَّقُ بِالضَّعِيفِ (إِذَا رَأَيْتَ حَدِيثًا بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ، فَلَكَ أَنْ تَقُولَ: هُوَ ضَعِيفٌ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، وَلَا تَقُلْ ضَعِيفُ الْمَتْنِ) ، وَلَا ضَعِيفٌ، وَلَا تُطْلِقْ (لِمُجَرَّدِ ضَعْفِ ذَلِكَ الْإِسْنَادِ) ، فَقَدْ يَكُونُ لَهُ إِسْنَادٌ آخَرُ صَحِيحٌ، (إِلَّا أَنْ يَقُولَ إِمَامٌ: إِنَّهُ لَمْ يُرْوَ مِنْ وَجْهٍ صَحِيحٍ) ، أَوْ لَيْسَ لَهُ إِسْنَادٌ يَثْبُتُ بِهِ، (أَوْ إِنَّهُ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 348 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] مُفَسِّرًا ضَعْفَهُ، فَإِنْ أُطْلِقَ) الضَّعِيفُ، وَلَمْ يُبَيَّنْ سَبَبُهُ، (فَفِيهِ كَلَامٌ يَأْتِي قَرِيبًا) فِي النَّوْعِ الْآتِي. فَوَائِدُ الْأُولَى: إِذْ قَالَ الْحَافِظُ الْمُطَّلِعُ النَّاقِدُ فِي حَدِيثٍ: لَا أَعْرِفُهُ، اعْتُمِدَ ذَلِكَ فِي نَفْيِهِ، كَمَا ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ. فَإِنْ قِيلَ: يُعَارِضُ هَذَا مَا حُكِيَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ: أَنَّهُ رَوَى حَدِيثًا بِحَضْرَةِ الزُّهْرِيِّ، فَأَنْكَرَهُ، وَقَالَ: لَا أَعْرِفُ هَذَا، فَقِيلَ لَهُ: أَحَفِظْتَ حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ كُلَّهُ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَنِصْفَهُ، قَالَ: أَرْجُو، قَالَ: اجْعَلْ هَذَا مِنَ النِّصْفِ الَّذِي لَمْ تَعْرِفْهُ، هَذَا وَهُوَ الزُّهْرِيُّ، فَمَا ظَنُّكَ بِغَيْرِهِ. وَقَرِيبٌ مِنْهُ مَا أَسْنَدَهُ ابْنُ النَّجَّارِ فِي " تَارِيخِهِ "، عَنِ ابْنِ أَبِي عَائِشَةَ، قَالَ: تَكَلَّمَ شَابٌّ يَوْمًا عِنْدَ الشَّعْبِيِّ، فَقَالَ الشَّعْبِيُّ: مَا سَمِعْنَا بِهَذَا، فَقَالَ الشَّابُّ: كُلَّ الْعِلْمِ سَمِعْتَ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَشَطْرَهُ، قَالَ: لَا، قَالَ: فَاجْعَلْ هَذَا فِي الشَّطْرِ الَّذِي لَمْ تَسْمَعْهُ، فَأُلْجِمَ الشَّعْبِيُّ. قُلْنَا: أُجِيبَ عَنْ ذَلِكَ: بِأَنَّهُ كَانَ قَبْلَ تَدْوِينِ الْأَخْبَارِ فِي الْكُتُبِ، فَكَانَ إِذْ ذَاكَ عِنْدَ بَعْضِ الرُّوَاةِ مَا لَيْسَ عِنْدَ الْحُفَّاظِ، وَأَمَّا بَعْدَ التَّدْوِينِ وَالرُّجُوعِ إِلَى الْكُتُبِ الْمُصَنَّفَةِ، فَيَبْعُدُ عَدَمُ الْإِطْلَاعِ مِنَ الْحَافِظِ الْجِهْبَذِ عَلَى مَا يُورِدُهُ غَيْرُهُ، فَالظَّاهِرُ عَدَمُهُ. الثَّانِيَةُ: أَلَّفَ عُمَرُ بْنُ بَدْرٍ الْمَوْصِلِيُّ - وَلَيْسَ مِنَ الْحُفَّاظِ - كِتَابًا فِي قَوْلِهِمْ: " لَمْ يَصِحَّ شَيْءٌ فِي هَذَا الْبَابِ " وَعَلَيْهِ فِي كَثِيرٍ مِمَّا ذَكَرَهُ انْتِقَادٌ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 349 وَيَجُوزُ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِمُ التَّسَاهُلُ فِي الْأَسَانِيدِ وَرِوَايَةُ مَا سِوَى الْمَوْضُوعِ مِنَ الضَّعِيفِ، وَالْعَمَلُ بِهِ مِنْ غَيْرِ بَيَانِ ضَعْفِهِ فِي غَيْرِ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى وَالْأَحْكَامِ كَالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ، وَمِمَّا لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالْعَقَائِدِ وَالْأَحْكَامِ.   [تدريب الراوي] الثَّالِثَةُ: قَوْلُهُمْ هَذَا الْحَدِيثُ لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ، أَوْ لَا أَصْلَ لَهُ. قَالَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ: مَعْنَاهُ: لَيْسَ لَهُ إِسْنَادٌ. (وَإِذَا أَرَدْتَ رِوَايَةَ الضَّعِيفِ بِغَيْرِ إِسْنَادٍ، فَلَا تَقُلْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَذَا، وَمَا أَشْبَهَهُ مِنْ صِيَغِ الْجَزْمِ) بِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَهُ، (بَلْ قُلْ: رُوِيَ) عَنْهُ (كَذَا، أَوْ بَلَغَنَا) عَنْهُ (كَذَا، أَوْ وَرَدَ) عَنْهُ (، أَوْ جَاءَ) عَنْهُ كَذَا (، أَوْ نُقِلَ) عَنْهُ كَذَا (، وَمَا أَشْبَهَهُ) مِنْ صِيَغِ التَّمْرِيضِ، كَرَوَى بَعْضُهُمْ، (وَكَذَا) تَقُولُ فِي (مَا تَشُكُّ فِي صِحَّتِهِ) ، وَضَعْفِهِ، أَمَّا الصَّحِيحُ فَاذْكُرْهُ بِصِيغَةِ الْجَزْمِ، وَيَقْبُحُ فِيهِ صِيغَةُ التَّمْرِيضِ، كَمَا يَقْبُحُ فِي الضَّعِيفِ صِيغَةُ الْجَزْمِ. [شروط العمل بالأحاديث الضعيفة] (وَيَجُوزُ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِمُ التَّسَاهُلُ فِي الْأَسَانِيدِ) الضَّعِيفَةِ (وَرِوَايَةُ مَا سِوَى الْمَوْضُوعِ مِنَ الضَّعِيفِ وَالْعَمَلُ بِهِ مِنْ غَيْرِ بَيَانِ ضَعْفِهِ فِي غَيْرِ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى) ، وَمَا يَجُوزُ وَيَسْتَحِيلُ عَلَيْهِ، وَتَفْسِيرُ كَلَامِهِ، (وَالْأَحْكَامِ كَالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ، وَ) غَيْرِهِمَا، وَذَلِكَ كَالْقَصَصِ وَفَضَائِلِ الْأَعْمَالِ وَالْمَوَاعِظِ، وَغَيْرِهَا (مِمَّا لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالْعَقَائِدِ وَالْأَحْكَامِ) . وَمَنْ نُقِلَ عَنْهُ ذَلِكَ: ابْنُ حَنْبَلٍ، وَابْنُ مَهْدِيٍّ، وَابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالُوا: إِذَا رُوِّينَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 350 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] فِي الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ شَدَّدْنَا، وَإِذَا رُوِّينَا فِي الْفَضَائِلِ وَنَحْوِهَا تَسَاهَلْنَا. تَنْبِيهٌ لَمْ يَذْكُرِ ابْنُ الصَّلَاحِ وَالْمُصَنِّفُ هُنَا، وَفِي سَائِرِ كُتُبِهِ لِمَا ذُكِرَ سِوَى هَذَا الشَّرْطِ، وَهُوَ كَوْنُهُ فِي الْفَضَائِلِ وَنَحْوِهَا، وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ لَهُ ثَلَاثَةَ شُرُوطٍ: أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ الضَّعْفُ غَيْرَ شَدِيدٍ، فَيَخْرُجُ مَنِ انْفَرَدَ مِنَ الْكَذَّابِينَ وَالْمُتَّهَمِينَ بِالْكَذِبِ، وَمَنْ فَحُشَ غَلَطُهُ، نَقَلَ الْعَلَائِيُّ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ. الثَّانِي: أَنْ يَنْدَرِجَ تَحْتَ أَصْلٍ مَعْمُولٍ بِهِ. الثَّالِثُ: أَنْ لَا يُعْتَقَدَ عِنْدَ الْعَمَلِ بِهِ ثُبُوتُهُ، بَلْ يُعْتَقَدُ الِاحْتِيَاطُ. وَقَالَ: هَذَانِ ذَكَرَهُمَا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ الْعَمَلُ بِهِ مُطْلَقًا، قَالَهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ. وَقِيلَ: يُعْمَلُ بِهِ مُطْلَقًا، وَتَقَدَّمَ عَزْوُ ذَلِكَ إِلَى أَبِي دَاوُدَ وَأَحْمَدَ، وَأَنَّهُمَا يَرَيَانِ ذَلِكَ أَقْوَى مِنْ رَأْيِ الرِّجَالِ. وَعِبَارَةُ الزَّرْكَشِيِّ: وَالضَّعِيفُ مَرْدُودٌ مَا لَمْ يَقْتَضِ تَرْغِيبًا، أَوْ تَرْهِيبًا، أَوْ تَتَعَدَّدُ طُرُقُهُ، وَلَمْ يَكُنِ الْمُتَابِعُ مُنْحَطًّا عَنْهُ وَقِيلَ لَا يُقْبَلُ مُطْلَقًا. وَقِيلَ: يُقْبَلُ إِنْ شَهِدَ لَهُ أَصْلٌ، وَانْدَرَجَ تَحْتَ عُمُومٍ. انْتَهَى. وَيُعْمَلُ بِالضَّعِيفِ أَيْضًا فِي الْأَحْكَامِ، إِذَا كَانَ فِيهِ احْتِيَاطٌ. [النَّوْعُ الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ صِفَةُ مَنْ تُقْبَلُ رِوَايَتُهُ وَمَنْ تُرَدُّ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنَ الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ وفيه مسائل] [الأولى شروط من يحتج بروايته] (وَالثَّانِيَةُ: تَثْبُتُ الْعَدَالَةُ) لِلرَّاوِي (بِتَنْصِيصِ عَدْلَيْنِ عَلَيْهَا) ، وَعِبَارَةُ ابْنِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 351 النَّوْعُ الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ: صِفَةُ مَنْ تُقْبَلُ رِوَايَتُهُ، وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ، وَفِيهِ مَسَائِلُ: إِحْدَاهَا: أَجْمَعَ الْجَمَاهِيرُ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ عَدْلًا ضَابِطًا بِأَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا بَالِغًا عَاقِلًا سَلِيمًا مِنْ أَسْبَابِ الْفِسْقِ وَخَوَارِمِ الْمُرُوءَةِ. مُتَيَقِّظًا حَافِظًا إِنْ حَدَّثَ مِنْ حِفْظِهِ، ضَابِطًا لِكِتَابِهِ إِنْ حَدَّثَ مِنْهُ، عَالِمًا بِمَا يُحِيلُ الْمَعْنَى إِنْ رَوَى بِهِ. (النَّوْعُ الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ: صِفَةُ مَنْ تُقْبَلُ رِوَايَتُهُ) ، وَمَنْ تُرَدُّ (، وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ) مِنَ الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ (وَفِيهِ مَسَائِلُ: إِحْدَاهَا: أَجْمَعَ الْجَمَاهِيرُ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ) عَلَى (أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ) ، أَيْ مَنْ يُحْتَجُّ بِرِوَايَتِهِ، (أَنْ يَكُونَ عَدْلًا ضَابِطًا) لِمَا يَرْوِيهِ. وَفُسِّرَ الْعَدْلُ (بِأَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا بَالِغًا عَاقِلًا) ، فَلَا يُقْبَلُ كَافِرٌ، وَمَجْنُونٌ مُطْبِقٌ بِالْإِجْمَاعِ، وَمَنْ تَقَطَّعَ جُنُونُهُ، وَأُثِرَ فِي زَمَنِ إِفَاقَتِهِ، وَإِنْ لَمْ يُؤْثَرْ قَبْلُ، قَالَهُ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ، وَلَا صَبِيٌّ عَلَى الْأَصَحِّ. وَقِيلَ يُقْبَلُ الْمُمَيِّزُ إِنْ لَمْ يُجَرَّبْ عَلَيْهِ الْكَذِبُ. (سَلِيمًا مِنْ أَسْبَابِ الْفِسْقِ وَخَوَارِمِ الْمُرُوءَةِ) عَلَى مَا حُرِّرَ فِي بَابِ الشَّهَادَاتِ مِنْ كُتُبِ الْفِقْهِ، وَتُخَالِفُهُمَا فِي عَدَمِ اشْتِرَاطِ الْحُرِّيَّةِ وَالذُّكُورَةِ، قَالَ تَعَالَى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} [الحجرات: 6] ، وَقَالَ: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2] . وَفِي الْحَدِيثِ: «لَا تَأْخُذُوا الْعِلْمَ إِلَّا مِمَّنْ تَقْبَلُوا شَهَادَتَهُ» ، رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي " الْمَدْخَلِ "   [تدريب الراوي] . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 352 مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا، وَمَوْقُوفًا. وَرُوِيَ أَيْضًا مِنْ طُرُقِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ عُمَرَ، قَالَ: «كَانَ يَأْمُرُنَا أَنْ لَا نَأْخُذَ إِلَّا عَنْ ثِقَةٍ» . وَرَوَى الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: سَأَلْتُ ابْنًا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ مَسْأَلَةٍ، فَلَمْ يَقُلْ فِيهَا شَيْئًا، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّا لَنُعَظِّمُ أَنْ يَكُونَ مِثْلُكَ ابْنَ إِمَامَيْ هُدًى تُسْأَلُ عَنْ أَمْرٍ لَيْسَ عِنْدَكَ فِيهِ عِلْمٌ، فَقَالَ: أَعْظَمُ وَاللَّهِ مِنْ ذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ مَنْ عَرَفَ اللَّهَ وَعِنْدَ مَنْ عَقَلَ عَنِ اللَّهِ أَنْ أَقُولَ بِمَا لَيْسَ لِي فِيهِ عِلْمٌ، أُخْبِرَ عَنْ غَيْرِ ثِقَةٍ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَقَالَ سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: لَا يُحَدِّثُ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَّا الثِّقَاتُ، أَسْنَدَهُ مُسْلِمٌ فِي مُقَدِّمَةِ الصَّحِيحِ. وَأُسْنِدَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ: إِنَّ هَذَا الْعِلْمَ دِينٌ، فَانْظُرُوا عَمَّنْ تَأْخُذُونَ دِينَكُمْ. وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ، عَنِ النَّخَعِيِّ قَالَ: كَانُوا إِذَا أَتَوُا الرَّجُلَ لِيَأْخُذُوا عَنْهُ، نَظَرُوا إِلَى سَمْتِهِ، وَإِلَى صَلَاتِهِ، وَإِلَى حَالِهِ، ثُمَّ يَأْخُذُونَ عَنْهُ. وَفُسِّرَ الضَّبْطُ بِأَنْ يَكُونَ (مُتَيَقِّظًا) غَيْرَ مُغَفَّلٍ، (حَافِظًا إِنْ حَدَّثَ مِنْ حِفْظِهِ، ضَابِطًا لِكِتَابِهِ) مِنَ التَّبْدِيلِ وَالتَّغْيِيرِ (إِنْ حَدَّثَ مِنْهُ) ، وَيُشْتَرَطُ فِيهِ مَعَ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ (عَالِمًا بِمَا يُحِيلُ الْمَعْنَى إِنْ رَوَى بِهِ) . [الثانية بم تثبت عدالة الراوي] الثَّانِيَةُ: تَثْبُتُ الْعَدَالَةُ بِتَنْصِيصِ عَدْلَيْنِ عَلَيْهَا، أَوْ بِالِاسْتِفَاضَةِ، فَمَنِ اشْتُهِرَتْ عَدَالَتُهُ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَشَاعَ الثَّنَاءُ عَلَيْهِ بِهَا كَفَى فِيهَا، كَمَالِكٍ، وَالسُّفْيَانَيْنِ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ وَأَشْبَاهِهِمْ، وَتَوَسَّعَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِيهِ فَقَالَ: كُلُّ حَامِلِ عِلْمٍ مَعْرُوفِ الْعِنَايَةِ بِهِ مَحْمُولٌ أَبَدًا عَلَى الْعَدَالَةِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ جَرْحُهُ، وَقَوْلُهُ هَذَا غَيْرُ مُرْضٍ.   [تدريب الراوي] . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 353 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] الصَّلَاحِ مُعَدَّلَيْنِ، وَعُدِلَ عَنْهُ لِمَا سَيَأْتِي: أَنَّ التَّعْدِيلَ إِنَّمَا يُقْبَلُ مِنْ عَالِمٍ. (أَوْ بِالِاسْتِفَاضَةِ) ، وَالشُّهْرَةِ. (فَمَنِ اشْتُهِرَتْ عَدَالَتُهُ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ) مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ، أَوْ غَيْرِهِمْ، (وَشَاعَ الثَّنَاءُ عَلَيْهِ بِهَا، كَفَى فِيهَا) أَيْ فِي عَدَالَتِهِ، وَلَا يُحْتَاجُ مَعَ ذَلِكَ إِلَى مُعَدِّلٍ يَنُصُّ عَلَيْهَا، (كَمَالِكٍ، وَالسُّفْيَانَيْنِ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ) بْنِ حَنْبَلٍ، (وَأَشْبَاهِهِمْ) . قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، وَعَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ. وَمِمَّنْ ذَكَرَهُ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ الْخَطِيبُ، وَمَثَّلَهُ بِمَنْ ذَكَرَ وَضَمَّ إِلَيْهِمُ اللَّيْثَ، وَشُعْبَةَ، وَابْنَ الْمُبَارَكِ، وَوَكِيعًا، وَابْنَ مَعِينٍ، وَابْنَ الْمَدِينِيِّ، وَمَنْ جَرَى مَجْرَاهُمْ فِي نَبَاهَةِ الذِّكْرِ، وَاسْتِقَامَةِ الْأَمْرِ، فَلَا يُسْأَلُ عَنْ عَدَالَةِ هَؤُلَاءِ، وَإِنَّمَا يُسْأَلُ عَنْ عَدَالَةِ مَنْ خَفِيَ أَمْرُهُ. وَقَدْ سُئِلَ ابْنُ حَنْبَلٍ، عَنْ إِسْحَاقَ ابْنِ رَاهَوَيْهِ، فَقَالَ: مِثْلُ إِسْحَاقَ يُسْأَلُ عَنْهُ؟ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 354 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَسُئِلَ ابْنُ مَعِينٍ، عَنْ أَبَى عُبَيْدٍ، فَقَالَ: مِثْلِي يُسْأَلُ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ؟ أَبُو عُبَيْدٍ يُسْأَلُ عَنِ النَّاسِ. وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ الْبَاقِلَّانِيُّ: الشَّاهِدُ وَالْمُخْبِرُ إِنَّمَا يَحْتَاجَانِ إِلَى التَّزْكِيَةِ إِذَا لَمْ يَكُونَا مَشْهُورَيْنِ بِالْعَدَالَةِ، وَالرِّضَى، وَكَانَ أَمْرُهُمَا مُشْكِلًا مُلْتَبِسًا، وَمُجَوَّزًا فِيهِمَا الْعَدَالَةُ وَغَيْرُهَا. قَالَ: وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الْعِلْمَ بِظُهُورِ سَيْرِهِمَا وَاشْتِهَارِ عَدَالَتِهِمَا أَقْوَى فِي النُّفُوسِ مِنْ تَعْدِيلِ وَاحِدٍ، وَاثْنَيْنِ يَجُوزُ عَلَيْهِمَا الْكَذِبُ وَالْمُحَابَاةُ. (وَتَوَسَّعَ) الْحَافِظُ أَبُو عُمَرَ (ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِيهِ، فَقَالَ: كُلُّ حَامِلِ عِلْمٍ مَعْرُوفِ الْعِنَايَةِ بِهِ) ، فَهُوَ عَدْلٌ (مَحْمُولٌ) فِي أَمْرِهِ (أَبَدًا عَلَى الْعَدَالَةِ، حَتَّى يَتَبَيَّنَ جَرْحُهُ) . وَوَافَقَ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ الْمَوَّاقِ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ، لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «يَحْمِلُ هَذَا الْعِلْمَ مِنْ كُلِّ خَلَفٍ عُدُولُهُ، يَنْفُونَ عَنْهُ تَحْرِيفَ الْغَالِينَ وَانْتِحَالَ الْمُبْطِلِينَ، وَتَأْوِيلَ الْجَاهِلِينَ» . رَوَاهُ مِنْ طَرِيقِ الْعُقَيْلِيِّ مِنْ رِوَايَةِ مُعَانِ بْنِ رِفَاعَةَ السَّلَامِيِّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعُذْرِيِّ، مَرْفُوعًا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 355 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] (وَقَوْلُهُ هَذَا غَيْرُ مَرْضِيٍّ) ، وَالْحَدِيثُ مِنَ الطَّرِيقِ الَّذِي أَوْرَدَهُ مُرْسَلٌ، أَوْ مُعْضَلٌ. وَإِبْرَاهِيمُ الَّذِي أَرْسَلَهُ قَالَ فِيهِ ابْنُ الْقَطَّانِ: لَا نَعْرِفُهُ أَلْبَتَّةَ. وَمُعَانٌ أَيْضًا ضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَابْنُ عَدِيٍّ، وَالْجَوْزَجَانِيُّ، نَعَمْ وَثَّقَهُ ابْنُ الْمَدِينِيِّ وَأَحْمَدُ. وَفِي كِتَابِ " الْعِلَلِ " لِلْخَلَّالِ أَنَّ أَحْمَدَ سُئِلَ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ، فَقِيلَ لَهُ: كَأَنَّهُ مَوْضُوعٌ؟ فَقَالَ: لَا، هُوَ صَحِيحٌ، فَقِيلَ لَهُ: مِمَّنْ سَمِعْتَهُ؟ فَقَالَ: مِنْ غَيْرِ وَاحِدٍ، قِيلَ: مَنْ هُمْ؟ قَالَ: حَدَّثَنِي بِهِ ابْنُ مِسْكِينٍ، إِلَّا أَنَّهُ يَقُولُ:، عَنْ مُعَانٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَمُعَانٌ لَا بَأْسَ بِهِ. انْتَهَى. قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: وَخَفِيَ عَلَى أَحْمَدَ مِنْ أَمْرِهِ مَا عَلِمَهُ غَيْرُهُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 356 الثَّالِثَةُ: يُعْرَفُ ضَبْطُهُ بِمُوَافَقَتِهِ الثِّقَاتِ الْمُتْقِنِينَ غَالِبًا، وَلَا تَضُرُّ مُخَالَفَتُهُ النَّادِرَةُ فَإِنْ كَثُرَتِ اخْتَلَّ ضَبْطُهُ، وَلَمْ يُحْتَجَّ بِهِ.   [تدريب الراوي] قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَقَدْ وَرَدَ هَذَا الْحَدِيثُ مُتَّصِلًا مِنْ رِوَايَةِ عَلِيٍّ، وَابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَمْرٍو وَجَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، وَأَبِي أُمَامَةَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَكُلُّهَا ضَعِيفَةٌ لَا يَثْبُتُ مِنْهَا شَيْءٌ، وَلَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ يُقَوِّي الْمُرْسَلَ. قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: وَرَوَاهُ الثِّقَاتُ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ الْعُذْرِيِّ، ثَنَا الثِّقَةُ مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَكَرَهُ. ثُمَّ عَلَى تَقْدِيرِ ثُبُوتِهِ إِنَّمَا يَصِحُّ الِاسْتِدْلَالُ بِهِ لَوْ كَانَ خَبَرًا، وَلَا يَصِحُّ حَمْلُهُ عَلَى الْخَبَرِ ; لِوُجُودِ مَنْ يَحْمِلُ الْعِلْمَ وَهُوَ غَيْرُ عَدْلٍ وَغَيْرُ ثِقَةٍ، فَلَمْ يَبْقَ لَهُ مَحْمَلٌ إِلَّا عَلَى الْأَمْرِ، وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ أَمْرٌ لِلثِّقَاتِ بِحَمْلِ الْعِلْمِ ; لِأَنَّ الْعِلْمَ إِنَّمَا يُقْبَلُ عَنْهُمْ. وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ عِنْدَ ابْنِ أَبِي حَاتِمٍ: لِيَحْمِلْ هَذَا الْعِلْمَ، بِلَامِ الْأَمْرِ. وَذَكَرَ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي فَوَائِدِ رِحْلَتِهِ، أَنَّ بَعْضَهُمْ ضَبَطَهُ - بِضَمِّ الْيَاءِ، وَفَتْحِ الْمِيمِ - مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ، وَرَفْعِ مِيمِ الْعِلْمِ - وَفَتْحِ الْعَيْنِ وَاللَّامِ - مِنْ " عَدُولَةٍ "، وَآخِرُهُ تَاءٌ فَوْقِيَّةٌ، فَعُولَةٌ بِمَعْنَى فَاعِلٍ، أَيْ كَامِلٌ فِي عَدَالَتِهِ، أَيْ أَنَّ الْخَلَفَ هُوَ الْعَدُولَةُ، وَالْمَعْنَى إِنْ هَذَا الْعِلْمَ يُحْمَلُ، أَيْ يُؤْخَذُ، عَنْ كُلِّ خَلَفٍ عَدْلٍ، فَهُوَ أَمْرٌ بِأَخْذِ الْعِلْمِ عَنِ الْعُدُولِ، وَالْمَعْرُوفُ فِي ضَبْطِهِ فَتْحُ يَاءِ يَحْمِلُ مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ، وَنَصْبُ " الْعِلْمَ " مَفْعُولَهُ، وَالْفَاعِلُ عُدُولُهُ جَمْعُ عَدْلٍ. [الثالثة كيف يعرف ضبط الراوي] (الثَّالِثَةُ: يُعْرَفُ ضَبْطُهُ) ، أَيِ الرَّاوِي (بِمُوَافَقَةِ الثِّقَاتِ الْمُتْقِنِينَ) الضَّابِطِينَ، إِذَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 357 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] اعْتُبِرَ حَدِيثُهُ بِحَدِيثِهِمْ، فَإِنْ وَافَقَهُمْ فِي رِوَايَتِهِمْ (غَالِبًا) ، وَلَوْ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى، فَضَابِطٌ، (وَلَا تَضُرُّ مُخَالَفَتُهُ) لَهُمْ (النَّادِرَةُ، فَإِنْ كَثُرَتْ) مُخَالَفَتُهُ لَهُمْ، وَنَدَرَتِ الْمُوَافَقَةُ، (اخْتَلَّ ضَبْطُهُ، وَلَمْ يُحْتَجَّ بِهِ) فِي حَدِيثِهِ. فَائِدَةٌ ذَكَرَ الْحَافِظُ أَبُو الْحَجَّاجِ الْمِزِّيُّ فِي الْأَطْرَافِ: أَنَّ الْوَهْمَ تَارَةً يَكُونُ فِي الْحِفْظِ، وَتَارَةً يَكُونُ فِي الْقَوْلِ، وَتَارَةً فِي الْكِتَابَةِ. قَالَ: وَقَدْ رَوَى مُسْلِمٌ حَدِيثَ: «لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي» ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، وَأَبِي بَكْرٍ، وَأَبِي كُرَيْبٍ، ثَلَاثَتُهُمْ عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَوَهِمَ عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ، إِنَّمَا رَوَوْهُ، عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، كَذَلِكَ رَوَاهُ عَنْهُمُ النَّاسُ، كَمَا رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، عَنْ أَبِي كُرَيْبٍ أَحَدِ شُيُوخِ مُسْلِمٍ فِيهِ. قَالَ: وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ وَهْمٌ وَقَعَ مِنْهُ فِي حَالِ كِتَابَتِهِ، لَا فِي حِفْظِهِ: أَنَّهُ ذَكَرَ أَوَّلًا حَدِيثَ أَبِي مُعَاوِيَةَ، ثُمَّ ثَنَّى بِحَدِيثِ جَرِيرٍ، وَذَكَرَ الْمَتْنَ وَبَقِيَّةَ الْإِسْنَادِ، ثُمَّ ثَلَّثَ بِحَدِيثِ وَكِيعٍ، ثُمَّ رَبَّعَ بِحَدِيثِ شُعْبَةَ، وَلَمْ يَذْكُرِ الْمَتْنَ وَلَا بَقِيَّةَ الْإِسْنَادِ عَنْهُمَا، بَلْ قَالَ عَنِ الْأَعْمَشِ بِإِسْنَادِ جَرِيرٍ وَأَبِي مُعَاوِيَةَ بِمِثْلِ حَدِيثِهِمَا، فَلَوْلَا أَنَّ إِسْنَادَ جَرِيرٍ، وَأَبِي مُعَاوِيَةَ عِنْدَهُ وَاحِدٌ، لَمَا جَمَعَهُمَا فِي الْحَوَالَةِ عَلَيْهِمَا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 358 الرَّابِعَةُ: يُقْبَلُ التَّعْدِيلُ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ سَبَبِهِ عَلَى الصَّحِيحِ الْمَشْهُورِ، وَلَا يُقْبَلُ الْجَرْحُ إِلَّا مُبَيَّنَ السَّبَبِ. وَأَمَّا كُتُبُ الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ الَّتِي لَا يُذْكَرُ فِيهَا سَبَبُ الْجَرْحِ فَفَائِدَتُهَا التَّوَقُّفُ فِيمَنْ جَرَّحُوهُ فَإِنْ بَحَثْنَا عَنْ حَالِهِ وَانْزَاحَتْ عَنْهُ الرِّيبَةُ، وَحَصَلَتِ الثِّقَةُ بِهِ قَبِلْنَا حَدِيثَهُ، كَجَمَاعَةٍ فِي الصَّحِيحَيْنِ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ.   [تدريب الراوي] [الرابعة هل يقبل التعديل دون ذكر السبب] (الرَّابِعَةُ: يُقْبَلُ التَّعْدِيلُ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ سَبَبِهِ عَلَى الصَّحِيحِ الْمَشْهُورِ) ; لِأَنَّ أَسْبَابَهُ كَثِيرَةٌ فَيَثْقُلُ، وَيَشُقُّ ذِكْرُهَا ; لِأَنَّ ذَلِكَ يُحْوِجُ الْمُعَدِّلَ إِلَى أَنْ يَقُولَ: لَمْ يَفْعَلْ كَذَا، لَمْ يَرْتَكِبْ كَذَا، فَعَلَ كَذَا وَكَذَا، فَيُعَدِّدُ جَمِيعَ مَا يَفْسُقُ بِفِعْلِهِ أَوْ بِتَرْكِهِ، وَذَلِكَ شَاقٌّ جِدًّا. (وَلَا يُقْبَلُ الْجَرْحُ إِلَّا مُبَيَّنَ السَّبَبِ) ; لِأَنَّهُ يَحْصُلُ بِأَمْرٍ وَاحِدٍ، وَلَا يَشُقُّ ذِكْرُهُ، وَلِأَنَّ النَّاسَ مُخْتَلِفُونَ فِي أَسْبَابِ الْجَرْحِ، فَيُطْلِقُ أَحَدُهُمُ الْجَرْحَ بِنَاءً عَلَى مَا اعْتَقَدَهُ جَرْحًا، وَلَيْسَ بِجَرْحٍ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ سَبَبِهِ ; لِيُنْظَرَ هَلْ هُوَ قَدْحٌ، أَوْ لَا؟ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَهَذَا ظَاهِرٌ مُقَرَّرٌ فِي الْفِقْهِ وَأُصُولِهِ. وَذَكَرَ الْخَطِيبُ أَنَّهُ مَذْهَبُ الْأَئِمَّةِ مِنْ حُفَّاظِ الْحَدِيثِ كَالشَّيْخَيْنِ، وَغَيْرِهِمَا. وَلِذَلِكَ احْتَجَّ الْبُخَارِيُّ بِجَمَاعَةٍ سَبَقَ مِنْ غَيْرِهِ الْجَرْحُ لَهُمْ، كَعِكْرِمَةَ، وَعَمْرِو بْنِ مَرْزُوقٍ، وَاحْتَجَّ مُسْلِمٌ بِسُوَيْدِ بْنِ سَعِيدٍ وَجَمَاعَةٍ اشْتَهَرَ الطَّعْنُ فِيهِمْ، وَهَكَذَا فَعَلَ أَبُو دَاوُدَ، وَذَلِكَ دَالٌّ عَلَى أَنَّهُمْ ذَهَبُوا إِلَى أَنَّ الْجَرْحَ لَا يَثْبُتُ، إِلَّا إِذَا فُسِّرَ سَبَبُهُ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا أَنَّهُ رُبَّمَا اسْتَفْسَرَ الْجَارِحُ، فَذَكَرَ مَا لَيْسَ بِجَرْحٍ. وَقَدْ عَقَدَ الْخَطِيبُ لِذَلِكَ بَابًا، رَوَى فِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْمَدَائِنِيِّ، قَالَ: قِيلَ لِشُعْبَةَ: لِمَ تَرَكْتَ حَدِيثَ فُلَانٍ؟ قَالَ: رَأَيْتُهُ يَرْكُضُ عَلَى بِرْذَوْنٍ فَتَرَكْتُ حَدِيثَهُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 359 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَرُوِيَ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ حَدِيثِ صَالِحٍ الْمُرِّيِّ، فَقَالَ: وَمَا تَصْنَعُ بِصَالِحٍ؟ ذَكَرُوهُ يَوْمًا عِنْدَ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، فَامْتَخَطَ حَمَّادٌ. وَرُوِيَ، عَنْ وَهْبِ بْنِ جَرِيرٍ، قَالَ: قَالَ شُعْبَةُ: أَتَيْتُ مَنْزِلَ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، فَسَمِعْتُ مِنْهُ صَوْتَ الطُّنْبُورِ فَرَجَعْتُ، فَقِيلَ لَهُ: فَهَلَّا سَأَلْتَ عَنْهُ إِذْ لَا يَعْلَمُ هُوَ؟ . وَرُوِّينَا، عَنْ شُعْبَةَ قَالَ: قُلْتُ لِلْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ: لِمَ لَمْ تَرْوِ عَنْ زَاذَانَ؟ قَالَ: كَانَ كَثِيرَ الْكَلَامِ، وَأَشْبَاهُ ذَلِكَ. قَالَ الصَّيْرَفِيُّ: وَكَذَا إِذَا قَالُوا: فُلَانٌ كَذَّابٌ ; لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِهِ ; لِأَنَّ الْكَذِبَ يَحْتَمِلُ الْغَلَطَ، كَقَوْلِهِ: كَذَبَ أَبُو مُحَمَّدٍ. وَلَمَّا صَحَّحَ ابْنُ الصَّلَاحِ هَذَا الْقَوْلَ، أَوْرَدَ عَلَى نَفْسِهِ سُؤَالًا، فَقَالَ: وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: إِنَّمَا يَعْتَمِدُ النَّاسُ فِي جَرْحِ الرُّوَاةِ وَرَدِّ حَدِيثِهِمْ عَلَى الْكُتُبِ الَّتِي صَنَّفَهَا أَئِمَّةُ الْحَدِيثِ فِي الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ، وَقَلَّمَا يَتَعَرَّضُونَ فِيهَا لِبَيَانِ السَّبَبِ، بَلْ يَقْتَصِرُونَ عَلَى مُجَرَّدِ قَوْلِهِمْ: فُلَانٌ ضَعِيفٌ، وَفُلَانٌ لَيْسَ بِشَيْءٍ، وَنَحْوَ ذَلِكَ، وَهَذَا حَدِيثٌ ضَعِيفٌ، أَوْ حَدِيثٌ غَيْرُ ثَابِتٍ، وَنَحْوَ ذَلِكَ، وَاشْتِرَاطُ بَيَانِ السَّبَبِ يُفْضِي إِلَى تَعْطِيلِ ذَلِكَ وَسَدِّ بَابِ الْجَرْحِ فِي الْأَغْلَبِ الْأَكْثَرِ. ثُمَّ أَجَابَ عَنْ ذَلِكَ بِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي قَوْلِهِ: (وَأَمَّا كُتُبُ الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ الَّتِي لَا يُذْكَرُ فِيهَا سَبَبُ الْجَرْحِ) ، فَإِنَّا وَإِنْ لَمْ نَعْتَمِدْهَا فِي إِثْبَاتِ الْجَرْحِ وَالْحُكْمِ بِهِ (فَفَائِدَتُهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 360 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] التَّوَقُّفُ فِيمَنْ جَرَّحُوهُ) عَنْ قَبُولِ حَدِيثِهِ، لِمَا أَوْقَعَ ذَلِكَ عِنْدَنَا مِنَ الرِّيبَةِ الْقَوِيَّةِ فِيهِمْ، (فَإِنْ بَحَثْنَا عَنْ حَالِهِ وَانْزَاحَتْ عَنْهُ الرِّيبَةُ، وَحَصَلَتِ الثِّقَةُ بِهِ، قَبِلْنَا حَدِيثَهُ، كَجَمَاعَةٍ فِي الصَّحِيحَيْنِ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ) ، كَمَا تَقَدَّمَتِ الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ. وَمُقَابِلُ الصَّحِيحِ أَقْوَالٌ: أَحَدُهَا: قَبُولُ الْجَرْحِ غَيْرَ مُفَسَّرٍ، وَلَا يُقْبَلُ التَّعْدِيلُ إِلَّا بِذِكْرِ سَبَبِهِ ; لِأَنَّ أَسْبَابَ الْعَدَالَةِ يَكْثُرُ التَّصَنُّعُ فِيهَا، فَيَبْنِي الْمُعَدِّلُ عَلَى الظَّاهِرِ، نَقَلَهُ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ، وَالْغَزَالِيُّ وَالرَّازِيُّ فِي " الْمَحْصُولِ ". الثَّانِي: لَا يُقْبَلَانِ إِلَّا مُفَسَّرَيْنِ، حَكَاهُ الْخَطِيبُ، وَالْأُصُولِيُّونَ ; لِأَنَّهُ كَمَا قَدْ يَجْرَحُ الْجَارِحُ بِمَا لَا يَقْدَحُ، كَذَلِكَ يُوَثِّقُ الْمُعَدِّلُ بِمَا لَا يَقْتَضِي الْعَدَالَةَ، كَمَا رَوَى يَعْقُوبُ الْفَسَوِيُّ فِي " تَارِيخِهِ "، قَالَ: سَمِعْتُ إِنْسَانًا يَقُولُ لِأَحْمَدَ بْنِ يُونُسَ: عَبْدُ اللَّهِ الْعُمَرِيُّ ضَعِيفٌ ; قَالَ: إِنَّمَا يُضَعِّفُهُ رَافِضِيٌّ مُبْغِضٌ لِآبَائِهِ، وَلَوْ رَأَيْتَ لِحْيَتَهُ، وَهَيْئَتَهُ لَعَرَفْتَ أَنَّهُ ثِقَةٌ. فَاسْتَدَلَّ عَلَى ثِقَتِهِ بِمَا لَيْسَ بِحُجَّةٍ ; لِأَنَّ حُسْنَ الْهَيْئَةِ يَشْتَرِكُ فِيهِ الْعَدْلُ وَغَيْرُهُ. الثَّالِثُ: لَا يَجِبُ ذِكْرُ السَّبَبِ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا، إِذَا كَانَ الْجَارِحُ وَالْمُعَدِّلُ عَالِمَيْنِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 361 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] بِأَسْبَابِ الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ، وَالْخِلَافُ فِي ذَلِكَ بَصِيرًا مَرْضِيًّا فِي اعْتِقَادِهِ وَأَفْعَالِهِ، وَهَذَا اخْتِيَارُ الْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ، وَنَقَلَهُ عَنِ الْجُمْهُورِ، وَاخْتَارَهُ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزَالِيُّ وَالرَّازِيُّ، وَالْخَطِيبُ، وَصَحَّحَهُ الْحَافِظُ أَبُو الْفَضْلِ الْعِرَاقِيُّ وَالْبُلْقِينِيُّ فِي " مَحَاسِنِ الِاصْطِلَاحِ ". وَاخْتَارَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ تَفْصِيلًا حَسَنًا، فَإِنْ كَانَ مَنْ جُرِّحَ مُجْمَلًا، قَدْ وَثَّقَهُ أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّةِ هَذَا الشَّأْنِ، لَمْ يُقْبَلِ الْجَرْحُ فِيهِ مِنْ أَحَدٍ كَائِنًا مَنْ كَانَ إِلَّا مُفَسَّرًا ; لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَتْ لَهُ رُتْبَةُ الثِّقَةِ، فَلَا يُزَحْزَحُ عَنْهَا إِلَّا بِأَمْرٍ جَلِيٍّ، فَإِنَّ أَئِمَّةَ هَذَا الشَّأْنِ لَا يُوَثِّقُونَ إِلَّا مَنِ اعْتَبَرُوا حَالَهُ فِي دِينِهِ، ثُمَّ فِي حَدِيثِهِ، وَتَفَقَّدُوهُ كَمَا يَنْبَغِي، وَهُمْ أَيْقَظُ النَّاسِ، فَلَا يُنْقَضُ حُكْمُ أَحَدِهِمْ إِلَّا بِأَمْرٍ صَرِيحٍ، وَإِنْ خَلَا عَنِ التَّعْدِيلِ قُبِلَ الْجَرْحُ فِيهِ غَيْرَ مُفَسَّرٍ إِذَا صَدَرَ مِنْ عَارِفٍ ; لِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يُعَدَّلْ فَهُوَ فِي حَيِّزِ الْمَجْهُولِ، وَإِعْمَالُ قَوْلِ الْمُجَرِّحِ فِيهِ، أَوْلَى مِنْ إِهْمَالِهِ. وَقَالَ الذَّهَبِيُّ. . . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 362 الْخَامِسَةُ: الصَّحِيحُ أَنَّ الْجَرْحَ وَالتَّعْدِيلَ يَثْبُتَانِ بِوَاحِدٍ، وَقِيلَ: لَا بُدَّ مِنَ اثْنَيْنِ. وَإِذَا اجْتَمَعَ فِيهِ جَرْحٌ وَتَعْدِيلٌ فَالْجَرْحُ مُقَدَّمٌ وَقِيلَ: إِنْ زَادَ الْمُعَدِّلُونَ قُدِّمَ التَّعْدِيلُ، وَإِذَا قَالَ: حَدَّثَنِي الثِّقَةُ أَوْ نَحْوَهُ لَمْ يُكْتَفَ بِهِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَقِيلَ: يُكْتَفَى، فَإِنْ كَانَ الْقَائِلُ عَالِمًا كَفَى فِي حَقِّ مُوَافِقِهِ فِي الْمَذْهَبِ عِنْدَ بَعْضِ الْمُحَقِّقِينَ. وَإِذَا رَوَى الْعَدْلُ عَمَّنْ سَمَّاهُ لَمْ يَكُنْ تَعْدِيلًا عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَقِيلَ: هُوَ تَعْدِيلٌ. وَعَمَلُ الْعَالِمِ وَفُتْيَاهُ عَلَى وَفْقِ حَدِيثٍ رَوَاهُ، لَيْسَ حُكْمًا بِصِحَّتِهِ وَلَا مُخَالَفَتُهُ قَدْحٌ فِي صِحَّتِهِ وَلَا فِي رُوَاتِهِ.   [تدريب الراوي] - وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الِاسْتِقْرَاءِ التَّامِّ فِي نَقْدِ الرِّجَالِ -: لَمْ يَجْتَمِعِ اثْنَانِ مِنْ عُلَمَاءِ هَذَا الشَّأْنِ قَطُّ عَلَى تَوْثِيقٍ ضَعِيفٍ، وَلَا عَلَى تَضْعِيفِ ثِقَةٍ. انْتَهَى. وَلِهَذَا كَانَ مَذْهَبُ النَّسَائِيِّ: أَنْ لَا يَتْرُكَ حَدِيثَ الرَّجُلِ حَتَّى يُجْمِعُوا عَلَى تَرْكِهِ. [الخامسة هل يشترط العدد في الجرح والتعديل] (الْخَامِسَةُ: الصَّحِيحُ أَنَّ الْجَرْحَ وَالتَّعْدِيلَ يَثْبُتَانِ بِوَاحِدٍ) ; لِأَنَّ الْعَدَدَ لَمْ يُشْتَرَطْ فِي قَبُولِ الْخَبَرِ، فَلَمْ يُشْتَرَطْ فِي جَرْحِ رَاوِيهِ، وَتَعْدِيلِهِ، وَلِأَنَّ التَّزْكِيَةَ بِمَنْزِلَةِ الْحُكْمِ، وَهُوَ أَيْضًا لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَدَدُ. (وَقِيلَ: لَا بُدَّ مِنِ اثْنَيْنِ) كَمَا فِي الشَّهَادَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْفَرْقُ. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: وَلَوْ قِيلَ يُفْصَلُ بَيْنَ مَا إِذَا كَانَتِ التَّزْكِيَةُ مُسْنَدَةً مِنَ الْمُزَكِّي إِلَى اجْتِهَادِهِ، أَوْ إِلَى النَّقْلِ عَنْ غَيْرِهِ لَكَانَ مُتَّجِهًا ; لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ الْأَوَّلُ فَلَا يُشْتَرَطُ الْعَدَدُ أَصْلًا لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْحُكْمِ، وَإِنْ كَانَ الثَّانِي، فَيَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ، وَيَتَبَيَّنُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 363 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] أَيْضًا أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْعَدَدُ ; لِأَنَّ أَصْلَ النَّقْلِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ، فَكَذَا مَا تَفَرَّعَ مِنْهُ. انْتَهَى. وَلَيْسَ لِهَذَا التَّفْصِيلِ الَّذِي ذَكَرَهُ فَائِدَةٌ إِلَّا نَفْيَ الْخِلَافِ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ، وَشَمِلَ الْوَاحِدُ الْعَبْدَ وَالْمَرْأَةَ، وَسَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ زَوَائِدِهِ. (وَإِذَا اجْتَمَعَ فِيهِ) ، أَيِ الرَّاوِي (جَرْحٌ) مُفَسَّرٌ، (وَتَعْدِيلٌ، فَالْجَرْحُ مُقَدَّمٌ) ، وَلَوْ زَادَ عَدَدُ الْمُعَدِّلِ، هَذَا هُوَ الْأَصَحُّ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ وَالْأُصُولِيِّينَ، وَنَقَلَهُ الْخَطِيبُ عَنْ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ ; لِأَنَّ مَعَ الْجَارِحِ زِيَادَةَ عِلْمٍ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهَا الْمُعَدِّلُ ; وَلِأَنَّهُ مُصَدِّقٌ لِلْمُعَدِّلِ فِيمَا أَخْبَرَ بِهِ، عَنْ ظَاهِرِ حَالِهِ، إِلَّا أَنَّهُ يُخْبِرُ، عَنْ أَمْرٍ بَاطِنٍ خَفِيَ عَنْهُ. وَقَيَّدَ الْفُقَهَاءُ ذَلِكَ بِمَا إِذَا لَمْ يَقُلِ الْمُعَدِّلُ عَرَفْتُ السَّبَبَ الَّذِي ذَكَرَهُ الْجَارِحُ، وَلَكِنَّهُ تَابَ، وَحَسُنَتْ حَالُهُ، فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يُقَدَّمُ الْمُعَدِّلُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَيَأْتِي ذَلِكَ أَيْضًا هُنَا إِلَّا فِي الْكَذِبِ، كَمَا سَيَأْتِي. وَقَيَّدَهُ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: بِأَنْ يَبْنِيَ عَلَى أَمْرٍ مَجْزُومٍ بِهِ لَا بِطَرِيقٍ اجْتِهَادِيٍّ، كَمَا اصْطَلَحَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْحَدِيثِ فِي الِاعْتِمَادِ فِي الْجَرْحِ عَلَى اعْتِبَارِ حَدِيثِ الرَّاوِي لِحَدِيثِ غَيْرِهِ، وَالنَّظَرُ إِلَى كَثْرَةِ الْمُوَافَقَةِ وَالْمُخَالَفَةِ. وَرُدَّ بِأَنَّ أَهْلَ الْحَدِيثِ لَمْ يَعْتَمِدُوا ذَلِكَ فِي مَعْرِفَةِ الْعَدَالَةِ وَالْجَرْحِ، بَلْ فِي مَعْرِفَةِ الضَّبْطِ وَالتَّغَفُّلِ، وَاسْتَثْنَى أَيْضًا مَا إِذَا عَيَّنَ سَبَبًا، فَنَفَاهُ الْمُعَدِّلُ بِطَرِيقٍ مُعْتَبَرٍ، بِأَنْ قَالَ: قَتَلَ غُلَامًا ظُلْمًا يَوْمَ كَذَا، فَقَالَ الْمُعَدِّلُ: رَأَيْتُهُ حَيًّا بَعْدَ ذَلِكَ، أَوْ كَانَ الْقَاتِلُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ عِنْدِي، فَإِنَّهُمَا يَتَعَارَضَانِ وَتَقْيِيدُ الْجَرْحِ بِكَوْنِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 364 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] مُفَسَّرًا جَارٍ عَلَى مَا صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ، وَغَيْرُهُ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ وَغَيْرُهُ. (وَقِيلَ: إِنْ زَادَ الْمُعَدِّلُونَ) فِي الْعَدَدِ عَلَى الْمُجَرِّحِينَ، (قُدِّمَ التَّعْدِيلُ) ; لِأَنَّ كَثْرَتَهُمْ تُقَوِّي حَالَهُمْ، وَتُوجِبُ الْعَمَلَ بِخَبَرِهِمْ، وَقِلَّةُ الْمُجَرِّحِينَ تُضْعِفُ خَبَرَهُمْ. قَالَ الْخَطِيبُ: وَهَذَا خَطَأٌ وَبُعْدٌ مِمَّنْ تَوَهَّمَهُ ; لِأَنَّ الْمُعَدِّلِينَ، وَإِنْ كَثُرُوا لَمْ يُخْبِرُوا عَنْ عَدَمِ مَا أَخْبَرَ بِهِ الْجَارِحُونَ، وَلَوْ أَخْبَرُوا بِذَلِكَ، لَكَانَتْ شَهَادَةً بَاطِلَةً عَلَى نَفْيٍ. وَقِيلَ: يُرَجَّحُ بِالْأَحْفَظِ، حَكَاهُ الْبُلْقِينِيُّ فِي " مَحَاسِنِ الِاصْطِلَاحِ ". وَقِيلَ: يَتَعَارَضَانِ، فَلَا يَتَرَجَّحُ أَحَدُهُمَا إِلَّا بِمُرَجِّحٍ، حَكَاهُ ابْنُ الْحَاجِبِ، وَغَيْرُهُ، عَنِ ابْنِ شَعْبَانَ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَكَلَامُ الْخَطِيبِ يَقْتَضِي نَفْيَ هَذَا الْقَوْلِ، فَإِنَّهُ قَالَ: اتَّفَقَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ مَنْ جَرَّحَهُ الْوَاحِدُ وَالِاثْنَانِ وَعَدَّلَهُ مِثْلُ عَدَدِ مَنْ جَرَّحَهُ، فَإِنَّ الْجَرْحَ بِهِ أَوْلَى، فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ حِكَايَةُ الْإِجْمَاعِ عَلَى تَقْدِيمِ الْجَرْحِ خِلَافَ مَا حَكَاهُ ابْنُ الْحَاجِبِ. (وَإِذَا قَالَ حَدَّثَنِي الثِّقَةُ أَوْ نَحْوُهُ) مِنْ غَيْرِ أَنْ يُسَمِّيَهُ، (لَمْ يُكْتَفَ بِهِ) فِي التَّعْدِيلِ (عَلَى الصَّحِيحِ) ، حَتَّى يُسَمِّيَهُ ; لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ ثِقَةً عِنْدَهُ، فَرُبَّمَا لَوْ سَمَّاهُ لَكَانَ مِمَّنْ جَرَّحَهُ غَيْرُهُ بِجَرْحٍ قَادِحٍ، بَلْ إِضْرَابُهُ عَنْ تَسْمِيَتِهِ رِيبَةٌ تُوقِعُ تَرَدُّدًا فِي الْقَلْبِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 365 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] بَلْ زَادَ الْخَطِيبُ أَنَّهُ لَوْ صَرَّحَ بِأَنَّ كُلَّ شُيُوخِهِ ثِقَاتٌ، ثُمَّ رَوَى عَمَّنْ لَمْ يُسَمِّهِ، لَمْ يُعْمَلْ بِتَزْكِيَتِهِ، لِجَوَازِ أَنْ يُعْرَفَ إِذَا ذَكَرَهُ بِغَيْرِ الْعَدَالَةِ. (وَقِيلَ: يُكْتَفَى) بِذَلِكَ مُطْلَقًا، كَمَا لَوْ عَيَّنَهُ ; لِأَنَّهُ مَأْمُونٌ فِي الْحَالَتَيْنِ مَعًا، (فَإِنْ كَانَ الْقَائِلُ عَالِمًا) ، أَيْ مُجْتَهِدًا، كَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ، وَكَثِيرًا مَا يَفْعَلَانِ ذَلِكَ، (كَفَى فِي حَقِّ مُوَافِقِهِ فِي الْمَذْهَبِ) ، لَا غَيْرِهِ (عِنْدَ بَعْضِ الْمُحَقِّقِينَ) . قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ: لِأَنَّهُ لَا يُورِدُ ذَلِكَ احْتِجَاجًا بِالْخَبَرِ عَلَى غَيْرِهِ، بَلْ يَذْكُرُ لِأَصْحَابِهِ قِيَامَ الْحُجَّةِ عِنْدَهُ عَلَى الْحُكْمِ، وَقَدْ عَرَفَ هُوَ مَنْ رَوَى عَنْهُ ذَلِكَ. وَاخْتَارَهُ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ، وَرَجَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي شَرْحِ الْمُسْنَدِ، وَفَرْضُهُ فِي صُدُورِ ذَلِكَ مِنْ أَهْلِ التَّعْدِيلِ. وَقِيلَ: لَا يَكْفِي أَيْضًا، حَتَّى يَقُولَ: كُلُّ مَنْ أَرْوِي لَكُمْ عَنْهُ، وَلَمْ أُسَمِّهِ، فَهُوَ عَدْلٌ. قَالَ الْخَطِيبُ: وَقَدْ يُوجَدُ فِي بَعْضِ مَنْ أَبْهَمُوهُ الضَّعْفُ لِخَفَاءِ حَالِهِ، كَرِوَايَةِ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ أَبِي الْمُخَارِقِ. فَائِدَتَانِ الْأُولَى: لَوْ قَالَ نَحْوُ الشَّافِعِيِّ: أَخْبَرَنِي مَنْ لَا أَتَّهِمُ، فَهُوَ كَقَوْلِهِ: أَخْبَرَنِي الثِّقَةُ. وَقَالَ الذَّهَبِيُّ: لَيْسَ بِتَوْثِيقٍ ; لِأَنَّهُ نَفْيٌ لِلتُّهْمَةِ، وَلَيْسَ فِيهِ تَعَرُّضٌ لِإِتْقَانِهِ، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 366 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَلَا لِأَنَّهُ حُجَّةٌ. قَالَ ابْنُ السُّبْكِيِّ: وَهَذَا صَحِيحٌ، غَيْرَ أَنَّ هَذَا إِذَا وَقَعَ مِنَ الشَّافِعِيِّ عَلَى مَسْأَلَةٍ دِينِيَّةٍ فَهِيَ وَالتَّوْثِيقُ سَوَاءٌ فِي أَصْلِ الْحُجَّةِ، وَإِنْ كَانَ مَدْلُولُ اللَّفْظِ لَا يَزِيدُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الذَّهَبِيُّ، فَمِنْ ثَمَّ خَالَفْنَاهُ فِي مِثْلِ الشَّافِعِيِّ، أَمَّا مَنْ لَيْسَ مِثْلَهُ فَالْأَمْرُ كَمَا قَالَ، انْتَهَى. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَالْعَجَبُ مِنِ اقْتِصَارِهِ عَلَى نَقْلِهِ، عَنِ الذَّهَبِيِّ مَعَ أَنَّ طَوَائِفَ مِنْ فُحُولِ أَصْحَابِنَا صَرَّحُوا بِهِ، مِنْهُمْ: الصَّيْرَفِيُّ، وَالْمَاوَرْدِيُّ، وَالرُّويَانِيُّ. الثَّانِيَةُ: قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: إِذَا قَالَ مَالِكٌ: عَنِ الثِّقَةِ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَشَجِّ، فَالثِّقَةُ مَخْرَمَةُ بْنُ بُكَيْرٍ. وَإِذَا قَالَ: عَنِ الثِّقَةِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، فَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، وَقِيلَ: الزُّهْرِيُّ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: الَّذِي يَقُولُ مَالِكٌ فِي كِتَابِهِ: " الثِّقَةُ، عَنْ بُكَيْرٍ " يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ عَمْرَو بْنَ الْحَارِثِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: كُلُّ مَا فِي كِتَابِ مَالِكٍ، أَخْبَرَنِي مَنْ لَا أَتَّهِمُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، فَهُوَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ. وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْأَبَّرِيُّ: سَمِعْتُ بَعْضَ أَهْلِ الْحَدِيثِ، يَقُولُ: إِذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا الثِّقَةُ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذُؤَيْبٍ، فَهُوَ ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 367 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَإِذَا قَالَ: أَخْبَرَنَا الثِّقَةُ، عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، فَهُوَ يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ. وَإِذَا قَالَ: أَخْبَرَنَا الثِّقَةُ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ كَثِيرٍ، فَهُوَ أَبُو أُسَامَةَ. وَإِذَا قَالَ: أَخْبَرَنَا الثِّقَةُ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، فَهُوَ عَمْرُو بْنُ أَبِي سَلَمَةَ. وَإِذَا قَالَ: أَخْبَرَنِي الثِّقَةُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، فَهُوَ مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ. وَإِذَا قَالَ: أَخْبَرَنَا الثِّقَةُ، عَنْ صَالِحٍ مَوْلَى التَّوْأَمَةِ، فَهُوَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَحْيَى، انْتَهَى. وَنَقَلَهُ غَيْرُهُ، عَنْ أَبِي حَاتِمٍ الرَّازِيُّ. وَقَالَ: ابْنُ حَجَرٍ فِي رِجَالِ الْأَرْبَعَةِ: إِذَا قَالَ مَالِكٌ: عَنِ الثِّقَةِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ فَقِيلَ: هُوَ عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، أَوِ ابْنُ لَهِيعَةَ. وَعَنِ الثِّقَةِ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَشَجِّ قِيلَ: هُوَ مَخْرَمَةُ بْنُ بُكَيْرٍ. وَعَنِ الثِّقَةِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، هُوَ نَافِعٌ، كَمَا فِي مُوَطَّأِ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَإِذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ:، عَنِ الثِّقَةِ، عَنْ لَيْثِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ الرَّبِيعُ: هُوَ يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ. وَعَنِ الثِّقَةِ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، هُوَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَحْيَى. وَعَنِ الثِّقَةِ، عَنْ حُمَيْدٍ، هُوَ ابْنُ عُلَيَّةَ. وَعَنِ الثِّقَةِ، عَنْ مَعْمَرٍ، هُوَ مُطَرِّفُ بْنُ مَازِنٍ. وَعَنِ الثِّقَةِ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ كَثِيرٍ، هُوَ أَبُو أُسَامَةَ. وَعَنِ الثِّقَةِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، لَعَلَّهُ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى. وَعَنِ الثِّقَةِ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، هُوَ ابْنُ عُلَيَّةَ. وَعَنِ الثِّقَةِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، هُوَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ. انْتَهَى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 368 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَرُوِّينَا فِي مُسْنَدِ الشَّافِعِيِّ، عَنِ الْأَصَمِّ قَالَ: سَمِعْتُ الرَّبِيعَ، يَقُولُ: كَانَ الشَّافِعِيُّ إِذَا قَالَ: أَخْبَرَنِي مَنْ لَا أَتَّهِمْ يُرِيدُ بِهِ إِبْرَاهِيمَ بْنَ يَحْيَى، وَإِذَا قَالَ: أَخْبَرَنِي الثِّقَةُ، يُرِيدُ بِهِ يَحْيَى بْنَ حَسَّانَ. وَقَدْ رَوَى الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الثِّقَةُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ إِنْ لَمْ أَكُنْ سَمِعْتُهُ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ قُسَيْطٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، أَنَّ عُمَرَ وَعُثْمَانَ قَضَيَا فِي الْمِلْطَاةِ بِنِصْفِ دِيَةِ الْمُوَضِّحَةِ. قَالَ الْحَافِظُ أَبُو الْفَضْلِ الْفَلَكِيُّ: الرَّجُلُ الَّذِي لَمْ يُسَمِّ الشَّافِعِيُّ، هُوَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ. وَفِي " تَارِيخِ ابْنِ عَسَاكِرَ " قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ: كُلُّ شَيْءٍ فِي كِتَابِ الشَّافِعِيِّ، أَخْبَرَنَا الثِّقَةُ، عَنْ أَبِي. وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: يُوجَدُ فِي كَلَامِ الشَّافِعِيِّ: أَخْبَرَنِي الثِّقَةُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، وَالشَّافِعِيُّ لَمْ يَأْخُذْ عَنْ أَحَدٍ مِمَّنْ أَدْرَكَ يَحْيَى بْنَ أَبِي كَثِيرٍ، فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ بِسَنَدِهِ، عَنْ يَحْيَى. قَالَ: وَذَكَرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ أَنَّ الشَّافِعِيَّ إِذَا قَالَ: أَخْبَرَنَا الثِّقَةُ، وَذَكَرَ أَحَدًا مِنَ الْعِرَاقِيِّينَ، فَهُوَ يَعْنِي أَبَاهُ. (وَإِذَا رَوَى الْعَدْلُ عَمَّنْ سَمَّاهُ، لَمْ يَكُنْ تَعْدِيلًا عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ) مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِمْ، (وَهُوَ الصَّحِيحُ) ، لِجَوَازِ رِوَايَةِ الْعَدْلِ، عَنْ غَيْرِ الْعَدْلِ فَلَمْ تَتَضَمَّنْ رِوَايَتُهُ عَنْهُ تَعْدِيلَهُ. وَقَدْ رُوِّينَا، عَنِ الشَّعْبِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَارِثُ، وَأَشْهَدُ بِاللَّهِ أَنَّهُ كَانَ كَذَّابًا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 369 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] ، وَرَوَى الْحَاكِمُ، وَغَيْرُهُ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، أَنَّهُ رَأَى يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ، وَهُوَ يَكْتُبُ صَحِيفَةَ مَعْمَرٍ، عَنْ أَبَانٍ، عَنْ أَنَسٍ، فَإِذَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ إِنْسَانٌ كَتَمَهُ، فَقَالَ لَهُ أَحْمَدُ: تَكْتُبُ صَحِيفَةَ مَعْمَرٍ، عَنْ أَبَانٍ، عَنْ أَنَسٍ، وَتَعْلَمُ أَنَّهَا مَوْضُوعَةٌ؟ فَلَوْ قَالَ لَكَ قَائِلٌ: أَنْتَ تَتَكَلَّمُ فِي أَبَانٍ، ثُمَّ تَكْتُبُ حَدِيثَهُ، فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَكْتُبُ هَذِهِ الصَّحِيفَةَ، فَأَحْفَظُهَا كُلَّهَا، وَأَعْلَمُ أَنَّهَا مَوْضُوعَةٌ، حَتَّى لَا يَجِيءَ إِنْسَانٌ فَيَجْعَلَ بَدَلَ أَبَانٍ ثَابِتًا، وَيَرْوِيَهَا عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، فَأَقُولُ لَهُ: كَذَبْتَ، إِنَّمَا هِيَ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَبَانٍ، لَا عَنْ ثَابِتٍ. (وَقِيلَ: هُوَ تَعْدِيلٌ) ، إِذْ لَوْ عَلِمَ فِيهِ جَرْحًا، لَذَكَرَهُ وَلَوْ لَمْ يَذْكُرْهُ لَكَانَ غَاشًّا فِي الدِّينِ. قَالَ الصَّيْرَفِيُّ: وَهَذَا خَطَأٌ ; لِأَنَّ الرِّوَايَةَ تَعْرِيفٌ لَهُ، وَالْعَدَالَةُ بِالْخِبْرَةِ. وَأَجَابَ الْخَطِيبُ بِأَنَّهُ قَدْ لَا يَعْرِفُ عَدَالَتَهُ وَلَا جَرْحَهُ. وَقِيلَ: إِنْ كَانَ الْعَدْلُ الَّذِي رَوَى عَنْهُ، لَا يَرْوِي إِلَّا عَنْ عَدْلٍ، كَانَتْ رِوَايَتُهُ تَعْدِيلًا، وَإِلَّا فَلَا، وَاخْتَارَهُ الْأُصُولِيُّونَ، كَالْآمِدِيِّ، وَابْنِ الْحَاجِبِ، وَغَيْرِهِمَا. (وَعَمَلُ الْعَالِمِ وَفُتْيَاهُ عَلَى وَفْقِ حَدِيثٍ رَوَاهُ لَيْسَ حُكْمًا) مِنْهُ (بِصِحَّتِهِ) ، وَلَا بِتَعْدِيلِ رُوَاتِهِ، لِإِمْكَانِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْهُ احْتِيَاطًا، أَوْ لِدَلِيلٍ آخَرَ وَافَقَ ذَلِكَ الْخَبَرَ. وَصَحَّحَ الْآمِدِيُّ وَغَيْرُهُ مِنَ الْأُصُولِيِّينَ أَنَّهُ حُكِمَ بِذَلِكَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 370 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَقَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ: إِنْ لَمْ يَكُنْ فِي مَسَالِكِ الِاحْتِيَاطِ. وَفَرَّقَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ بَيْنَ أَنْ يُعْمَلَ بِهِ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ. (وَلَا مُخَالَفَتُهُ) لَهُ (قَدْحٌ) مِنْهُ (فِي صِحَّتِهِ، وَلَا فِي رُوَاتِهِ) ، لِإِمْكَانِهِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِمَانِعٍ مِنْ مُعَارِضٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَقَدْ رَوَى مَالِكٌ حَدِيثَ الْخِيَارِ، وَلَمْ يَعْمَلْ بِهِ لِعَمَلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ بِخِلَافِهِ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ قَدْحًا فِي نَافِعٍ رَاوِيهِ. وَقَالَ ابْنُ كَثِيرٍ: فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ نَظَرٌ، إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْبَابِ غَيْرُ ذَلِكَ الْحَدِيثِ، وَتَعَرَّضَ لِلِاحْتِجَاجِ بِهِ فِي فُتْيَاهُ أَوْ حُكْمِهِ، أَوِ اسْتُشْهِدَ بِهِ عِنْدَ الْعَمَلِ بِمُقْتَضَاهُ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَالْجَوَابُ: وَفِي هَذَا النَّظَرِ نَظَرٌ ; لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ ذَلِكَ الْبَابِ لَيْسَ فِيهِ غَيْرُ هَذَا الْحَدِيثِ، أَنْ لَا يَكُونَ ثَمَّ دَلِيلٌ آخَرُ مِنْ قِيَاسٍ، أَوْ إِجْمَاعٍ، وَلَا يَلْزَمُ الْمُفْتِي أَوِ الْحَاكِمَ أَنْ يَذْكُرَ جَمِيعَ أَدِلَّتِهِ، بَلْ وَلَا بَعْضَهَا، وَلَعَلَّ لَهُ دَلِيلًا آخَرَ، وَاسْتَأْنَسَ بِالْحَدِيثِ الْوَارِدِ فِي الْبَابِ، وَرُبَّمَا كَانَ يَرَى الْعَمَلَ بِالضَّعِيفِ وَتَقْدِيمَهُ عَلَى الْقِيَاسِ كَمَا تَقَدَّمَ. تَنْبِيهٌ مِمَّا لَا يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ الْحَدِيثِ أَيْضًا كَمَا ذَكَرَهُ أَهْلُ الْأُصُولِ مُوَافَقَةُ الْإِجْمَاعِ لَهُ عَلَى الْأَصَحِّ، لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَنَدُ غَيْرَهُ، وَقِيلَ: يَدُلُّ وَكَذَلِكَ بَقَاءُ خَبَرٍ تَتَوَفَّرُ الدَّوَاعِي عَلَى إِبْطَالِهِ. وَقَالَ الزَّيْدِيَّةُ: يَدُلُّ وَافْتِرَاقُ الْعُلَمَاءِ بَيْنَ مُتَأَوِّلٍ لِلْحَدِيثِ، وَمُحْتَجٍّ بِهِ. قَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ، وَقَوْمٌ: يَدُلُّ، لِتَضَمُّنِهِ تَلَقِّيهِمْ لَهُ بِالْقَبُولِ. وَأُجِيبَ بِاحْتِمَالِ أَنَّهُ تَأَوَّلَهُ عَلَى تَقْدِيرِ صِحَّتِهِ وَفَرْضًا، لَا عَلَى ثُبُوتِهَا عِنْدَهُ. [السادسة حكم رواية مجهول العدالة ظاهرا وباطنا] (السَّادِسَةُ: رِوَايَةُ مَجْهُولِ الْعَدَالَةِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا) مَعَ كَوْنِهِ مَعْرُوفَ الْعَيْنِ بِرِوَايَةِ عَدْلَيْنِ عَنْهُ، (لَا تُقْبَلُ عِنْدَ الْجَمَاهِيرِ) . وَقِيلَ: تُقْبَلُ مُطْلَقًا. وَقِيلَ: إِنْ كَانَ مَنْ رَوَى عَنْهُ فِيهِمْ مَنْ لَا يَرْوِي عَنْ غَيْرِ عَدْلٍ قُبِلَ وَإِلَّا فَلَا. (وَرِوَايَةُ الْمَسْتُورِ وَهُوَ عَدْلُ الظَّاهِرِ خَفِيُّ الْبَاطِنِ) ، أَيْ مَجْهُولُ الْعَدَالَةِ بَاطِنًا. (يَحْتَجُّ بِهَا بَعْضُ مَنْ رَدَّ الْأَوَّلَ، وَهُوَ قَوْلُ بَعْضِ الشَّافِعِيِّينَ) ، كَسُلَيْمٍ الرَّازِيِّ. قَالَ: لِأَنَّ الْإِخْبَارَ مَبْنِيٌّ عَلَى حُسْنِ الظَّنِّ بِالرَّاوِي، وَلِأَنَّ رِوَايَةَ الْأَخْبَارِ تَكُونُ عِنْدَ مَنْ يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ مَعْرِفَةُ الْعَدَالَةِ فِي الْبَاطِنِ، فَاقْتَصَرَ فِيهَا عَلَى مَعْرِفَةِ ذَلِكَ فِي الظَّاهِرِ، بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ، فَإِنَّهَا تَكُونُ عِنْدَ الْحُكَّامِ، فَلَا يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ. (قَالَ الشَّيْخُ) ابْنُ الصَّلَاحِ: (وَيُشْبِهُهُ أَنْ يَكُونَ الْعَمَلُ عَلَى هَذَا) الرَّأْيِ (فِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 371 السَّادِسَةُ: رِوَايَةُ مَجْهُولِ الْعَدَالَةِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا لَا تُقْبَلُ عِنْدَ الْجَمَاهِيرِ، وَرِوَايَةُ الْمَسْتُورِ وَهُوَ عَدْلُ الظَّاهِرِ خَفِيُّ الْبَاطِنِ يَحْتَجُّ بِهَا بَعْضُ مَنْ رَدَّ الْأَوَّلَ، وَهُوَ قَوْلُ بَعْضِ الشَّافِعِيِّينَ، قَالَ الشَّيْخُ: يُشْبِهُهُ أَنْ يَكُونَ الْعَمَلُ عَلَى هَذَا فِي كَثِيرٍ مِنْ كُتُبِ الْحَدِيثِ فِي جَمَاعَةٍ مِنَ الرُّوَاةِ تَقَادَمَ الْعَهْدُ بِهِمْ، وَتَعَذَّرَتْ خِبْرَتُهُمْ بَاطِنًا، وَأَمَا مَجْهُولُ الْعَيْنِ فَقَدْ لَا يَقْبَلُهُ بَعْضُ مَنْ يَقْبَلُ مَجْهُولَ الْعَدَالَةِ، ثُمَّ مَنْ رَوَى عَنْهُ عَدْلَانِ، عَيَّنَاهُ ارْتَفَعَتْ جَهَالَةُ عَيْنِهِ، قَالَ الْخَطِيبُ: الْمَجْهُولُ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ مَنْ لَمْ يَعْرِفْهُ الْعُلَمَاءُ، وَلَا يُعْرَفُ حَدِيثُهُ إِلَّا مِنْ جِهَةِ وَاحِدٍ، وَأَقَلُّ مَا يَرْفَعُ الْجَهَالَةَ رِوَايَةُ اثْنَيْنِ مَشْهُورَيْنِ. وَنَقَلَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، عَنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ نَحْوَهُ، قَالَ الشَّيْخُ رَدًّا عَلَى الْخَطِيبِ: وَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ، عَنْ مِرْدَاسٍ الْأَسْلَمِيِّ، وَمُسْلِمٌ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ كَعْبٍ الْأَسْلَمِيِّ، وَلَمْ يَرْوِ عَنْهُمَا غَيْرُ وَاحِدٍ، وَالْخِلَافُ فِي ذَلِكَ مُتَّجِهٌ كَالِاكْتِفَاءِ بِتَعْدِيلِ وَاحِدٍ، وَالصَّوَابُ نَقْلُ الْخَطِيبِ، وَلَا يَصِحُّ الرَّدُّ عَلَيْهِ بِمِرْدَاسٍ وَرَبِيعَةَ فَإِنَّهُمَا صَحَابِيَّانِ مَشْهُورَانِ، وَالصَّحَابَةُ كُلُّهُمْ عُدُولٌ.   [تدريب الراوي] . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 372 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] كَثِيرٍ مِنْ كُتُبِ الْحَدِيثِ) الْمَشْهُورَةِ (فِي جَمَاعَةٍ مِنَ الرُّوَاةِ تَقَادَمَ الْعَهْدُ بِهِمْ، وَتَعَذَّرَتْ خِبْرَتُهُمْ بَاطِنًا) ، وَكَذَا صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. (وَأَمَا مَجْهُولُ الْعَيْنِ) ، وَهُوَ الْقِسْمُ الثَّالِثُ مِنْ أَقْسَامِ الْمَجْهُولِ: (فَقَدْ لَا يَقْبَلُهُ بَعْضُ مَنْ يَقْبَلُ مَجْهُولَ الْعَدَالَةِ) ، وَرَدُّهُ هُوَ الصَّحِيحُ الَّذِي عَلَيْهِ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقِيلَ: يُقْبَلُ مُطْلَقًا، وَهُوَ قَوْلُ مَنْ لَا يَشْتَرِطُ فِي الرَّاوِي مَزِيدًا عَلَى الْإِسْلَامِ وَقِيلَ: إِنْ تَفَرَّدَ بِالرِّوَايَةِ عَنْهُ مَنْ لَا يَرْوِي إِلَّا عَنْ عَدْلٍ، كَابْنِ مَهْدِيٍّ، وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، وَاكْتَفَيْنَا فِي التَّعْدِيلِ بِوَاحِدٍ قُبِلَ، وَإِلَّا فَلَا. وَقِيلَ: إِنْ كَانَ مَشْهُورًا فِي غَيْرِ الْعِلْمِ بِالزُّهْدِ، أَوِ النَّجْدَةِ قُبِلَ، وَإِلَّا فَلَا، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ. وَقِيلَ: إِنْ زَكَّاهُ أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ مَعَ رِوَايَةِ، وَاحِدٍ عَنْهُ قُبِلَ، وَإِلَّا فَلَا، وَاخْتَارَهُ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ الْقَطَّانِ، وَصَحَّحَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ. (ثُمَّ مَنْ رَوَى عَنْهُ عَدْلَانِ عَيَّنَاهُ، ارْتَفَعَتْ جَهَالَةُ عَيْنِهِ. قَالَ الْخَطِيبُ) فِي " الْكِفَايَةِ " وَغَيْرِهَا: (الْمَجْهُولُ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ مَنْ لَمْ يَعْرِفْهُ الْعُلَمَاءُ) ، وَلَمْ يَشْتَهِرْ بِطَلَبِ الْعِلْمِ فِي نَفْسِهِ، (وَلَا يُعْرَفُ حَدِيثُهُ إِلَّا مِنْ جِهَةِ) (رَاوٍ وَاحِدٍ، وَأَقَلُّ مَا يَرْفَعُ الْجَهَالَةَ) عَنْهُ (رِوَايَةُ اثْنَيْنِ مَشْهُورَيْنِ) فَأَكْثَرَ عَنْهُ، وَإِنْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 373 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] لَمْ يَثْبُتْ لَهُ بِذَلِكَ حُكْمُ الْعَدَالَةِ. (وَنَقَلَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، عَنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ نَحْوَهُ) ، وَلَفْظُهُ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي النَّوْعِ السَّابِعِ وَالْأَرْبَعِينَ: كُلُّ مَنْ لَمْ يَرْوِ عَنْهُ إِلَّا رَجُلٌ وَاحِدٌ، فَهُوَ عِنْدَهُمْ مَجْهُولٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ رَجُلًا مَشْهُورًا فِي غَيْرِ حَمْلِ الْعِلْمِ، كَاشْتِهَارِ مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ بِالزُّهْدِ، وَعَمْرِو بْنِ مَعْدِي كَرِبَ بِالنَّجْدَةِ. (قَالَ الشَّيْخُ) ابْنُ الصَّلَاحِ (رَدًّا عَلَى الْخَطِيبِ) فِي ذَلِكَ، (وَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ) فِي صَحِيحِهِ (عَنْ مِرْدَاسٍ) ابْنِ مَالِكٍ (الْأَسْلَمِيِّ، وَ) رَوَى (مُسْلِمٌ) فِي صَحِيحِهِ (عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ كَعْبٍ الْأَسْلَمِيِّ، وَلَمْ يَرْوِ عَنْهُمَا غَيْرُ وَاحِدٍ) ، وَهُوَ قَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنِ الْأَوَّلِ، وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ الثَّانِي، وَذَلِكَ مَصِيرٌ مِنْهُمَا إِلَى أَنَّ الرَّاوِيَ يَخْرُجُ، عَنْ كَوْنِهِ مَجْهُولًا مَرْدُودًا بِرِوَايَةِ وَاحِدٍ عَنْهُ، قَالَ: (وَالْخِلَافُ فِي ذَلِكَ مُتَّجِهٌ كَالِاكْتِفَاءِ بِتَعْدِيلِ وَاحِدٍ) . قَالَ الْمُصَنِّفُ رَدًّا عَلَى ابْنِ الصَّلَاحِ: (وَالصَّوَابُ نَقْلُ الْخَطِيبِ) وَقَدْ نَقَلَهُ أَيْضًا أَبُو مَسْعُودٍ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدِّمَشْقِيُّ، وَغَيْرُهُ، (وَلَا يَصِحُّ الرَّدُّ عَلَيْهِ بِمِرْدَاسٍ، وَرَبِيعَةَ، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 374 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] فِإِنَّهُمَا صَحَابِيَّانِ مَشْهُورَانِ، وَالصَّحَابَةُ كُلُّهُمْ عُدُولٌ) ، فَلَا يُحْتَاجُ إِلَى رَفْعِ الْجَهَالَةِ عَنْهُمْ بِتَعَدُّدِ الرُّوَاةِ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: هَذَا الَّذِي قَالَهُ النَّوَوِيُّ مُتَّجِهٌ إِذَا ثَبَتَتِ الصُّحْبَةُ، وَلَكِنْ بَقِيَ الْكَلَامُ فِي أَنَّهُ هَلْ تَثْبُتُ الصُّحْبَةُ بِرِوَايَةِ وَاحِدٍ عَنْهُ، أَوْ لَا تَثْبُتُ إِلَّا بِرِوَايَةِ اثْنَيْنِ عَنْهُ، وَهُوَ مَحَلُّ نَظَرٍ وَاخْتِلَافٍ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَالْحَقُّ أَنَّهُ كَانَ مَعْرُوفًا بِذِكْرِهِ فِي الْغَزَوَاتِ، أَوْ فِي مَنْ وَفَدَ مِنَ الصَّحَابَةِ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ تَثْبُتُ صُحْبَتُهُ، وَإِنْ لَمْ يَرْوِ عَنْهُ إِلَّا رَاوٍ وَاحِدٌ، وَمِرْدَاسٌ مِنْ أَهْلِ الشَّجَرَةِ، وَرَبِيعَةُ مِنْ أَهْلِ الصُّفَّةِ فَلَا يَضُرُّهُمَا انْفِرَادُ رَاوٍ وَاحِدٍ عَنْ كُلٍّ مِنْهُمَا، عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِصَوَابٍ بِالنِّسْبَةِ إِلَى رَبِيعَةَ، فَقَدْ رَوَى عَنْهُ أَيْضًا نُعَيْمٌ الْمُجْمِرُ، وَحَنْظَلَةُ بْنُ عَلِيٍّ، وَأَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ. قَالَ: وَذَكَرَ الْمِزِّيُّ، وَالذَّهَبِيُّ أَنَّ مِرْدَاسًا رَوَى عَنْهُ أَيْضًا زِيَادُ بْنُ عَلَاقَةَ، وَهُوَ وَهْمٌ، إِنَّمَا ذَاكَ مِرْدَاسُ بْنُ عُرْوَةَ صَحَابِيٌّ آخَرُ، كَمَا ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 375 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَابْنُ حِبَّانَ، وَابْنُ مَنْدَهْ، وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَابْنُ قَانِعٍ، وَغَيْرُهُمْ، وَلَا أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا. تَنْبِيهٌ قَالَ الْعِرَاقِيُّ: إِذَا مَشَيْنَا عَلَى مَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ أَنَّ هَذَا لَا يُؤَثِّرُ فِي الصَّحَابَةِ، وَرَدَّ عَلَيْهِ مَنْ خَرَّجَ لَهُ الْبُخَارِيُّ أَوْ مُسْلِمٌ مِنْ غَيْرِهِمْ، وَلَمْ يَرْوِ عَنْهُمْ إِلَّا وَاحِدٌ. قَالَ: وَقَدْ جَمَعْتُهُمْ فِي جُزْءٍ مُفْرَدٍ، مِنْهُمْ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ: جُوَيْرِيَّةُ بْنُ قُدَامَةَ، تَفَرَّدَ عَنْهُ أَبُو جَمْرَةَ نَصْرُ بْنُ عِمْرَانَ الضُّبَعِيُّ. وَزَيْدُ بْنُ رَبَاحٍ الْمَدَنِيُّ، تَفَرَّدَ عَنْهُ مَالِكٌ. وَالْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجَارُودِيُّ، تَفَرَّدَ عَنْهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ. وَعِنْدَ مُسْلِمٍ: جَابِرُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْحَضْرَمِيُّ، تَفَرَّدَ عَنْهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ. وَخَبَّابٌ صَاحِبُ الْمَقْصُورَةِ، تَفَرَّدَ عَنْهُ عَامِرُ بْنُ سَعْدٍ. انْتَهَى. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: أَمَّا جُوَيْرِيَّةُ، فَالْأَرْجَحُ أَنَّهَا جَارِيَةُ عَمِّ الْأَحْنَفِ، صَرَّحَ بِذَلِكَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ، وَجَارِيَةُ بْنُ قُدَامَةَ صَحَابِيٌّ شَهِيرٌ، رَوَى عَنْهُ الْأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ. وَأَمَّا زَيْدُ بْنُ رَبَاحٍ، فَقَالَ فِيهِ أَبُو حَاتِمٍ: مَا أَرَى بِحَدِيثِهِ بَأْسًا، وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 376 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَغَيْرُهُ: ثِقَةٌ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: ثِقَةٌ مَأْمُونٌ، وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ، فَانْتَفَتْ عَنْهُ الْجَهَالَةُ بِتَوْثِيقِ هَؤُلَاءِ. أَمَّا الْوَلِيدُ، فَوَثَّقَهُ أَيْضًا الدَّارَقُطْنِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ. وَأَمَّا جَابِرٌ، فَوَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَأَخْرَجَ لَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ، وَقَالَ:: إِنَّهُ مِمَّنْ يُحْتَجُّ بِهِ. وَأَمَّا خَبَّابٌ فَذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ فِي الصَّحَابَةِ. فَائِدَتَانِ الْأُولَى: جَهِلَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْحُفَّاظِ قَوْمًا مِنَ الرُّوَاةِ لِعَدَمِ عِلْمِهِمْ بِهِمْ، وَهُمْ مَعْرُوفُونَ بِالْعَدَالَةِ عِنْدَ غَيْرِهِمْ، وَأَنَا أَسْرُدُ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ ذَلِكَ: أَحْمَدُ بْنُ عَاصِمٍ الْبَلْخِيُّ، جَهِلَهُ أَبُو حَاتِمٍ ; لِأَنَّهُ لَمْ يُخْبَرْ بِحَالِهِ، وَوَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَقَالَ: رَوَى عَنْهُ أَهْلُ بَلَدِهِ. إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَخْزُومِيُّ، جَهِلَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ، وَعَرَفَهُ غَيْرُهُ، فَوَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَرَوَى عَنْهُ جَمَاعَةٌ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 377 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] أُسَامَةُ بْنُ حَفْصٍ الْمَدَنِيُّ، جَهِلَهُ السَّاجِيُّ، وَأَبُو الْقَاسِمِ اللَّالَكَائِيُّ، قَالَ الذَّهَبِيُّ: لَيْسَ بِمَجْهُولٍ، رَوَى عَنْهُ أَرْبَعَةٌ. أَسْبَاطٌ أَبُو الْيَسَعَ، جَهِلَهُ أَبُو حَاتِمٍ، وَعَرَفَهُ الْبُخَارِيُّ. بَيَانُ بْنُ عَمْرٍو، جَهِلَهُ أَبُو حَاتِمٍ، وَوَثَّقَهُ ابْنُ الْمَدِينِيِّ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَابْنُ عَدِيٍّ، وَرَوَى عَنْهُ الْبُخَارِيُّ وَأَبُو زُرْعَةَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَاصِلٍ. الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ يَسَارٍ، جَهِلَهُ أَبُو حَاتِمٍ، وَوَثَّقَهُ أَحْمَدُ، وَغَيْرُهُ. الْحَكَمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِيُّ، جَهِلَهُ أَبُو حَاتِمٍ، وَوَثَّقَهُ الذُّهْلِيُّ، وَرَوَى عَنْهُ أَرْبَعَةٌ ثِقَاتٌ. عَبَّاسُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْقَنْطَرِيُّ، جَهِلَهُ أَبُو حَاتِمٍ، وَوَثَّقَهُ أَحْمَدُ، وَابْنُهُ، وَرَوَى عَنْهُ الْبُخَارِيُّ، وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْمَعْمَرِيُّ، وَمُوسَى بْنُ هَارُونَ الْحَمَّالُ، وَغَيْرُهُمْ. مُحَمَّدُ بْنُ الْحَكَمِ الْمَرْوَزِيُّ، جَهِلَهُ أَبُو حَاتِمٍ، وَوَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَرَوَى عَنْهُ الْبُخَارِيُّ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 378 فَرْعٌ: يُقْبَلُ تَعْدِيلُ الْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ الْعَارِفَيْنِ، وَمَنْ عُرِفَتْ عَيْنُهُ وَعَدَالَتُهُ وَجُهِلَ اسْمُهُ احْتُجَّ بِهِ. وَإِذَا قَالَ: أَخْبَرَنِي فُلَانٌ أَوْ فُلَانٌ، وَهُمَا عَدْلَانِ احْتُجَّ بِهِ فَإِنْ جَهِلَ عَدَالَةَ أَحَدِهِمَا أَوْ قَالَ: فُلَانٌ أَوْ غَيْرُهُ لَمْ يُحْتَجَّ بِهِ.   [تدريب الراوي] الثَّانِيَةُ: قَالَ: الذَّهَبِيُّ فِي " الْمِيزَانِ ": مَا عَلِمْتُ فِي النِّسَاءِ مَنِ اتُّهِمَتْ، وَلَا مَنْ تَرَكُوهَا، وَجَمِيعُ مَنْ ضُعِّفَ مِنْهُنَّ إِنَّمَا هُوَ لِلْجَهَالَةِ. [فرع هل يقبل تعديل العبد والمرأة العارفين] فَرْعٌ فِي مَسَائِلَ زَادَهَا الْمُصَنِّفُ عَلَى ابْنِ الصَّلَاحِ: (يُقْبَلُ تَعْدِيلُ الْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ الْعَارِفَيْنِ) لِقَبُولِ خَبَرِهِمَا، وَبِذَلِكَ جَزَمَ الْخَطِيبُ فِي " الْكِفَايَةِ "، وَالرَّازِيُّ، وَالْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ بَعْدَ أَنْ حَكَى، عَنْ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَغَيْرِهِمْ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ فِي التَّعْدِيلِ النِّسَاءُ، لَا فِي الرِّوَايَةِ، وَلَا فِي الشَّهَادَةِ، وَاسْتَدَلَّ الْخَطِيبُ عَلَى الْقَبُولِ بِسُؤَالِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بُرَيْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ فِي قِصَّةِ الْإِفْكِ. قَالَ: بِخِلَافِ الصَّبِيِّ الْمُرَاهِقِ فَلَا يُقْبَلُ تَعْدِيلُهُ إِجْمَاعًا. (وَمَنْ عُرِفَتْ عَيْنُهُ وَعَدَالَتُهُ وَجُهِلَ اسْمُهُ) ، وَنَسَبُهُ (احْتُجَّ بِهِ) ، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ ذَلِكَ كَثِيرٌ، كَقَوْلِهِمْ: ابْنُ فُلَانٍ أَوْ وَالِدُ فُلَانٍ، وَقَدْ جَزَمَ بِذَلِكَ الْخَطِيبُ فِي " الْكِفَايَةِ "، وَنَقَلَهُ، عَنِ الْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ الْبَاقِلَّانِيِّ، وَعَلَّلَهُ بِأَنَّ الْجَهْلَ بِاسْمِهِ لَا يُخِلُّ بِالْعِلْمِ بِعَدَالَتِهِ. وَمَثَّلَهُ بِحَدِيثِ ثُمَامَةَ بْنِ حَزْنٍ الْقُشَيْرِيِّ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيذِ فَقَالَتْ: هَذِهِ خَادِمُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِجَارِيَةٍ حَبَشِيَّةٍ، فَسَلْهَا، الْحَدِيثَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 379 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] (وَإِذَا قَالَ: أَخْبَرَنِي فُلَانٌ، أَوْ فُلَانٌ) عَلَى الشَّكِّ (وَهُمَا عَدْلَانِ، احْتُجَّ بِهِ) لِأَنَّهُ قَدْ عَيَّنَهُمَا، وَتَحَقَّقَ سَمَاعُهُ لِذَلِكَ الْحَدِيثِ مِنْ أَحَدِهِمَا، وَكِلَاهُمَا مَقْبُولٌ، قَالَهُ الْخَطِيبُ. وَمَثَّلَهُ بِحَدِيثِ شُعْبَةَ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ أَبِي الزَّعْرَاءِ، أَوْ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ أَنَّ سُوَيْدَ بْنَ غَفْلَةَ دَخَلَ عَلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ: إِنِّي مَرَرْتُ بِقَوْمٍ يَذْكُرُونَ أَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ، الْحَدِيثَ. (فَإِنْ جَهِلَ عَدَالَةَ أَحَدِهِمَا، أَوْ قَالَ: فُلَانٌ، أَوْ غَيْرُهُ) ، وَلَمْ يُسَمِّهِ (لَمْ يُحْتَجَّ بِهِ) ، لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْمُخْبِرُ الْمَجْهُولَ. فَائِدَةٌ وَقَعَ فِي " صَحِيحِ مُسْلِمٍ " أَحَادِيثُ أُبْهِمَ بَعْضُ رِجَالِهَا، كَقَوْلِهِ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ: حَدَّثَنَا صَاحِبٌ لَنَا، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ زَكَرِيَّا، عَنِ الْأَعْمَشِ، وَهَذَا فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَاهَانَ. أَمَّا رِوَايَةُ الْجُلُودِيِّ فَفِيهَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ. وَفِيهِ أَيْضًا: وَحُدِّثْتُ عَنْ يَحْيَى بْنِ حَسَّانَ، وَيُونُسَ الْمُؤَدِّبِ، فَذَكَرَ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا نَهَضَ مِنَ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ اسْتَفْتَحَ الْقِرَاءَةَ بِـ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: 2] » . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 380 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ سَهْلِ بْنِ عَسْكَرٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ حَسَّانَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ سَهْلٍ مِنْ شُيُوخِ مُسْلِمٍ فِي صَحِيحِهِ. وَرَوَاهُ الْبَزَّارُ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ بْنِ مِسْكِينٍ، وَهُوَ ثِقَةٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ حَسَّانَ. وَفِي الْجَنَائِزِ: حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ حَجَّاجًا الْأَعْوَرَ بِحَدِيثِ خُرُوجِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى الْبَقِيعِ. وَقَدْ رَوَاهُ عَنْ حَجَّاجٍ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْهُمُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَيُوسُفُ بْنُ سَعِيدٍ الْمِصِّيصِيُّ، وَعَنْهُ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ، وَوَثَّقَهُ. وَفِي الْجَوَائِحِ: حَدَّثَنِي غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِنَا قَالُوا: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ بِحَدِيثِ عَائِشَةَ فِي الْخُصُومِ. وَقَدْ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، فَهُوَ أَحَدُ شُيُوخِ مُسْلِمٍ فِيهِ. وَفِي الِاحْتِكَارِ: حَدَّثَنِي بَعْضُ أَصْحَابِنَا، عَنْ عَمْرِو بْنِ عَوْنٍ، ثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، عَنْ وَهْبِ بْنِ بَقِيَّةَ، عَنْ خَالِدٍ، وَوَهْبٌ مِنْ شُيُوخِ مُسْلِمٍ فِي صَحِيحِهِ. وَفِي الْمَنَاقِبِ: حُدِّثْتُ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 381 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَمِمَّنْ رَوَى ذَلِكَ عَنْهُ، إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ بِحَدِيثِ أَبِي مُوسَى: «إِنَّ اللَّهَ إِذَا أَرَادَ رَحْمَةَ أُمَّةٍ مِنْ عِبَادِهِ قَبَضَ نَبِيَّهَا» ، الْحَدِيثَ. وَقَدْ رَوَاهُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ الْجَوْهَرِيِّ، عَنْ أَبِي أُسَامَةَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ: أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ الْأَرْغِيَانِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ فِيلٍ الْبَالِسِيُّ. وَرَوَاهُ عَنِ الْأَرْغِيَانِيِّ ابْنُ خُزَيْمَةَ، وَإِبْرَاهِيمُ الْمُزَكِّي، وَأَبُو أَحْمَدَ الْجُلُودِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. وَفِي الْقَدَرِ: حَدَّثَنِي عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ بِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ «لَتَرْكَبُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُمْ» . وَقَدْ وَصَلَهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سُفْيَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنِ ابْنِ أَبِي مَرْيَمَ. وَأَخْرَجَ فِي الْجَنَائِزِ حَدِيثَ الزُّهْرِيِّ: حَدَّثَنِي رِجَالٌ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِمِثْلِ حَدِيثِ مَنْ شَهِدَ الْجِنَازَةَ. وَقَدْ وَصَلَهُ قَبْلَ ذَلِكَ مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَمِنْ حَدِيثِهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْهُ. وَأَخْرَجَ فِي الْجِهَادِ حَدِيثَ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: بَلَغَنِي، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: «نَفَّلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَرِيَّةً» . وَقَدْ وَصَلَهُ قَبْلَ ذَلِكَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، وَمِنْ طَرِيقِ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ. وَأَخْرَجَ فِيهِ حَدِيثَ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أُخْبِرْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَقَدْ حَكَمْتَ فِيهِمْ بِحُكْمِ اللَّهِ» . وَقَدْ وَصَلَهُ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي سَعِيدٍ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 382 السَّابِعَةُ: مَنْ كُفِّرَ بِبِدْعَتِهِ لَمْ يُحْتَجَّ بِهِ بِالِاتِّفَاقِ، وَمَنْ لَمْ يُكَفَّرْ قِيلَ: لَا يُحْتَجُّ مُطْلَقًا، وَقِيلَ: يُحْتَجُّ بِهِ إِنْ لَمْ يَكُنْ مِمَّنْ يَسْتَحِلُّ الْكَذِبَ فِي نُصْرَةِ مَذْهَبِهِ، أَوْ لِأَهْلِ مَذْهَبِهِ، وَحُكِيَ عَنِ الشَّافِعِيِّ. وَقِيلَ: يُحْتَجُّ بِهِ إِنْ لَمْ يَكُنْ دَاعِيةً إِلَى بِدْعَتِهِ، وَلَا يُحْتَجُّ بِهِ إِنْ كَانَ دَاعِيَةً، وَهَذَا هُوَ الْأَظْهَرُ الْأَعْدَلُ، وَقَوْلُ الْكَثِيرِ الْأَكْثَرِ، وَضُعِّفَ الْأَوَّلُ بِاحْتِجَاجِ صَاحِبَيِ الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا بِكَثِيرٍ مِنَ الْمُبْتَدِعَةِ غَيْرِ الدُّعَاةِ.   [تدريب الراوي] وَأَخْرَجَ فِي الصَّلَاةِ حَدِيثَ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي السَّهْوِ، وَفِي آخِرِهِ قَالَ: وَأَخْبَرَتْ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّهُ قَالَ: وَسَلَّمَ. وَالْقَائِلُ ذَلِكَ ابْنُ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، كَمَا رَجَّحَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ. وَقَدْ وَصَلَ لَفْظُ السَّلَامِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الْمُهَلَّبِ، عَنْ عِمْرَانَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ. وَأَخْرَجَ فِي اللِّعَانِ حَدِيثَ ابْنِ شِهَابٍ: بَلَغَنَا أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ يُحَدِّثُ الْحَدِيثَ «إِنَّ امْرَأَتِي وَلَدَتْ غُلَامًا أَسْوَدَ» . وَهُوَ مُتَّصِلٌ عِنْدَهُ مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَعِنْدَهُ، وَعِنْدَ الْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْهُ. فَهَذَا مَا وَقَعَ فِيهِ مِنْ هَذَا النَّوْعِ، وَقَدْ تَبَيَّنَ اتِّصَالُهُ. [السابعة عدم الاحتجاج بمن كفر ببدعته] (السَّابِعَةُ مَنْ كُفِّرَ بِبِدْعَتِهِ) ، وَهُوَ كَمَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ لِلْمُصَنِّفِ: الْمُجَسِّمُ، وَمُنْكِرُ عِلْمِ الْجُزْئِيَّاتِ. قِيلَ: وَقَائِلُ خَلْقِ الْقُرْآنِ، فَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ، وَاخْتَارَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَمَنَعَ تَأْوِيلَ الْبَيْهَقِيِّ لَهُ بِكُفْرَانِ النِّعْمَةِ بِأَنَّ الشَّافِعِيَّ قَالَ ذَلِكَ فِي حَقِّ حَفْصٍ الْفَرْدِ لَمَّا أَفْتَى بِضَرْبِ عُنُقِهِ، وَهَذَا رَادٌّ لِلتَّأْوِيلِ. (لَمْ يُحْتَجَّ بِهِ بِالِاتِّفَاقِ) قِيلَ: دَعْوَى الِاتِّفَاقِ مَمْنُوعَةٌ، فَقَدْ قِيلَ: إِنَّهُ يُقْبَلُ مُطْلَقًا. وَقِيلَ: يُقْبَلُ إِنِ اعْتَقَدَ حُرْمَةَ الْكَذِبِ، وَصَحَّحَهُ صَاحِبُ " الْمَحْصُولِ ". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 383 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: التَّحْقِيقُ أَنَّهُ لَا يُرَدُّ كُلُّ مُكَفَّرٍ بِبِدْعَتِهِ ; لِأَنَّ كُلَّ طَائِفَةٍ تَدَّعِي أَنَّ مُخَالِفَتَهَا مُبْتَدِعَةٌ، وَقَدْ تُبَالِغُ فَتُكَفِّرُ مُخَالِفِيهَا، فَلَوْ أُخِذَ ذَلِكَ عَلَى الْإِطْلَاقِ، لَاسْتَلْزَمَ تَكْفِيرَ جَمِيعِ الطَّوَائِفِ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الَّذِي تُرَدُّ رِوَايَتَهُ: مَنْ أَنْكَرَ أَمْرًا مُتَوَاتِرًا مِنَ الشَّرْعِ مَعْلُومًا مِنَ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ، أَوِ اعْتَقَدَ عَكْسَهُ، وَأَمَّا مَنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ، وَانْضَمَّ إِلَى ذَلِكَ ضَبْطُهُ لِمَا يَرْوِيهِ مَعَ وَرَعِهِ وَتَقْوَاهُ، فَلَا مَانِعَ مِنْ قَبُولِهِ. (وَمَنْ لَمْ يُكَفَّرْ) فِيهِ خِلَافٌ. (قِيلَ: لَا يُحْتَجُّ بِهِ مُطْلَقًا) ، وَنَسَبَهُ الْخَطِيبُ لِمَالِكٍ ; لِأَنَّ فِي الرِّوَايَةِ عَنْهُ تَرْوِيجًا لِأَمْرِهِ، وَتَنْوِيهًا بِذِكْرِهِ ; وَلِأَنَّهُ فَاسِقٌ بِبِدْعَتِهِ، وَإِنْ كَانَ مُتَأَوِّلًا يُرَدُّ كَالْفَاسِقِ بِلَا تَأْوِيلٍ، كَمَا اسْتَوَى الْكَافِرُ الْمُتَأَوِّلُ وَغَيْرُهُ. (وَقِيلَ: يُحْتَجُّ بِهِ إِنْ لَمْ يَكُنْ مِمَّنْ يَسْتَحِلُّ الْكَذِبَ فِي نُصْرَةِ مَذْهَبِهِ، أَوْ لِأَهْلِ مَذْهَبِهِ) سَوَاءٌ كَانَ دَاعِيَةً أَمْ لَا، وَلَا يُقْبَلُ إِنِ اسْتَحَلَّ ذَلِكَ. (وَحُكِيَ) هَذَا الْقَوْلُ (عَنِ الشَّافِعِيِّ) ، حَكَاهُ عَنْهُ الْخَطِيبُ فِي " الْكِفَايَةِ " ; لِأَنَّهُ قَالَ: أَقْبَلُ شَهَادَةَ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ إِلَّا الْخَطَّابِيَّةَ، لِأَنَّهُمْ يَرَوْنَ الشَّهَادَةَ بِالزُّورِ لِمُوَافِقِيهِمْ. قَالَ: وَحُكِيَ هَذَا أَيْضًا عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، وَالثَّوْرِيِّ، وَالْقَاضِي أَبِي يُوسُفَ. (وَقِيلَ: يُحْتَجُّ بِهِ إِنْ لَمْ يَكُنْ دَاعِيَةً إِلَى بِدْعَتِهِ، وَلَا يُحْتَجُّ بِهِ إِنْ كَانَ دَاعِيَةً) إِلَيْهَا، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 384 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] لِأَنَّ تَزْيِينَ بِدْعَتِهِ قَدْ تَحْمِلُهُ عَلَى تَحْرِيفِ الرِّوَايَاتِ وَتَسْوِيَتِهَا عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ مَذْهَبُهُ. (وَهَذَا) الْقَوْلُ (هُوَ الْأَظْهَرُ الْأَعْدَلُ وَقَوْلُ الْكَثِيرِ أَوِ الْأَكْثَرِ) مِنَ الْعُلَمَاءِ. (وَضُعِّفَ) الْقَوْلُ (الْأَوَّلُ بِاحْتِجَاجِ صَاحِبَيِ الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا بِكَثِيرٍ مِنَ الْمُبْتَدِعَةِ غَيْرِ الدُّعَاةِ) ، كَعِمْرَانَ بْنِ حِطَّانَ وَدَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ. قَالَ الْحَاكِمُ وَكِتَابُ مُسْلِمٍ مَلْآنُ مِنَ الشِّيعَةِ، وَقَدِ ادَّعَى ابْنُ حِبَّانَ الِاتِّفَاقَ عَلَى رَدِّ الدَّاعِيَةِ وَقَبُولِ غَيْرِهِ بِلَا تَفْصِيلٍ. 1 - تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ: قَيَّدَ جَمَاعَةٌ قَبُولَ الدَّاعِيَةِ بِمَا إِذَا لَمْ يَرْوِ مَا يُقَوِّي بِدْعَتَهُ، صَرَّحَ بِذَلِكَ الْحَافِظُ أَبُو إِسْحَاقَ الْجَوْزَجَانِيُّ شَيْخُ أَبِي دَاوُدَ وَالنَّسَائِيِّ، فَقَالَ فِي كِتَابِهِ " مَعْرِفَةِ الرِّجَالِ ": وَمِنْهُمْ زَائِغٌ عَنِ الْحَقِّ، أَيْ عَنِ السُّنَّةِ، صَادِقُ اللَّهْجَةِ، فَلَيْسَ فِيهِ حِيلَةٌ إِلَّا أَنْ يُؤْخَذَ مِنْ حَدِيثِهِ مَا لَا يَكُونُ مُنْكَرًا إِذَا لَمْ يُقَوِّ بِهِ بِدْعَتَهُ، وَبِهِ جَزَمَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي " النُّخْبَةِ ". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 385 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَقَالَ فِي شَرْحِهَا: مَا قَالَهُ الْجَوْزَجَانِيُّ مُتَّجَهٌ، لِأَنَّ الْعِلَّةَ الَّتِي بِهَا رُدَّ حَدِيثُ الدَّاعِيَةِ وَارِدَةٌ فِيمَا إِذَا كَانَ ظَاهِرُ الْمَرْوِيِّ يُوَافِقُ مَذْهَبَ الْمُبْتَدِعِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ دَاعِيَةً. الْثَّانِي: قَالَ الْعِرَاقِيُّ اعْتَرَضَ عَلَيْهِ بِأَنَّ الشَّيْخَيْنِ أَيْضًا احْتَجَّا بِالدُّعَاةِ، فَاحْتَجَّ الْبُخَارِيُّ بِعِمْرَانَ بْنِ حِطَّانَ وَهُوَ مِنَ الدُّعَاةِ، وَاحْتَجَّا بِعَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِمَّانِيِّ وَكَانَ دَاعِيَةً إِلَى الْإِرْجَاءِ. وَأَجَابَ بِأَنَّ أَبَا دَاوُدَ قَالَ لَيْسَ فِي أَهْلِ الْأَهْوَاءِ أَصَحُّ حَدِيثًا مِنَ الْخَوَارِجِ، ثُمَّ ذَكَرَ عِمْرَانَ بْنَ حِطَّانَ وَأَبَا حَسَّانَ الْأَعْرَجَ، قَالَ: وَلَمْ يَحْتَجَّ مُسْلِمٌ بِعَبْدِ الْحَمِيدِ بَلْ أَخْرَجَ لَهُ فِي الْمُقَدِّمَةِ وَقَدْ وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. الثَّالِثُ: الصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يَقْبَلُ رِوَايَةَ الرَّافِضَةِ وَسَابِّ السَّلَفِ، كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي " الرَّوْضَةِ " فِي بَابِ الْقَضَاءِ فِي مَسَائِلِ الْإِفْتَاءِ، وَإِنْ سَكَتَ فِي بَابِ الشَّهَادَاتِ عَنِ التَّصْرِيحِ بِاسْتِثْنَائِهِمْ إِحَالَةً عَلَى مَا تَقَدَّمَ، لِأَنَّ سِبَابَ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ، فَالصَّحَابَةُ وَالسَّلَفُ مِنْ بَابٍ أَوْلَى. وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ الذَّهَبِيُّ فِي " الْمِيزَانِ "، فَقَالَ: الْبِدْعَةُ عَلَى ضَرْبَيْنِ: صُغْرَى كَالتَّشَيُّعِ بِلَا غُلُوٍّ، أَوْ بِغُلُوٍّ، كَمَنْ تَكَلَّمَ فِي حَقِّ مَنْ حَارَبَ عَلِيًّا، فَهَذَا كَثِيرٌ فِي التَّابِعِينَ وَتَابِعِيهِمْ مَعَ الدِّينِ وَالْوَرَعِ وَالصِّدْقِ، فَلَوْ رُدَّ حَدِيثُ هَؤُلَاءِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 386 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] لَذَهَبَ جُمْلَةٌ مِنَ الْآثَارِ النَّبَوِيَّةِ، وَهَذِهِ مَفْسَدَةٌ بَيِّنَةٌ. ثُمَّ بِدْعَةٌ كُبْرَى كَالرَّفْضِ الْكَامِلِ وَالْغُلُوِّ فِيهِ، وَالْحَطِّ عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَالدُّعَاءِ إِلَى ذَلِكَ، فَهَذَا النَّوْعُ لَا يُحْتَجُّ بِهِمْ وَلَا كَرَامَةَ. وَأَيْضًا فَمَا اسْتَحْضَرَ الْآنَ فِي هَذَا الضَّرْبِ رَجُلًا صَادِقًا وَلَا مَأْمُونًا، بَلِ الْكَذِبُ شِعَارُهُمْ وَالتَّقِيَّةُ وَالنِّفَاقُ دِثَارُهُمُ انْتَهَى. وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ هُوَ الصَّوَابُ الَّذِي لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَعْتَقِدَ خِلَافَهُ، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الِاحْتِجَاجِ بِرِوَايَةِ الرَّافِضَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ، الْمَنْعُ مُطْلَقًا وَالتَّرَخُّصُ مُطْلَقًا إِلَّا مَنْ يَكْذِبُ وَيَضَعُ، وَالثَّالِثُ التَّفْصِيلُ بَيْنَ الْعَارِفِ بِمَا يَحْدُثُ وَغَيْرِهِ. وَقَالَ أَشْهَبُ سُئِلَ مَالِكٌ عَنِ الرَّافِضَةِ فَقَالَ: لَا تُكَلِّمُوهُمْ وَلَا تَرْوُوا عَنْهُمْ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَمْ أَرَ أَشْهَدَ بِالزُّورِ مِنَ الرَّافِضَةِ. وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: يُكْتَبُ عَنْ كُلِّ صَاحِبِ بِدْعَةٍ إِذَا لَمْ يَكُنْ دَاعِيَةً إِلَّا الرَّافِضَةَ. وَقَالَ شَرِيكٌ: أَحْمِلُ الْعِلْمَ عَنْ كُلِّ مَنْ لَقِيتُ إِلَّا الرَّافِضَةَ. وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ لَا تُحَدِّثُوا عَنْ عَمْرِو بْنِ ثَابِتٍ فَإِنَّهُ كَانَ يَسُبُّ السَّلَفَ. الرَّابِعُ: مِنَ الْمُلْحَقِ بِالْمُبْتَدِعِ مَنْ دَأْبُهُ الِاشْتِغَالُ بِعُلُومِ الْأَوَائِلِ كَالْفَلْسَفَةِ وَالْمَنْطِقِ، صَرَّحَ بِذَلِكَ السَّلَفِيُّ فِي مُعْجَمِ السَّفَرِ، وَالْحَافِظُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ رَشِيدٍ فِي رِحْلَتِهِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 387 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] فَإِنِ انْضَمَّ إِلَى ذَلِكَ اعْتِقَادُهُ بِمَا فِي عِلْمِ الْفَلْسَفَةِ مِنْ قِدَمِ الْعَالَمِ وَنَحْوِهِ فَكَافِرٌ، أَوْ لِمَا فِيهَا مِمَّا وَرَدَ الشَّرْعُ بِخِلَافِهِ وَأَقَامَ الدَّلِيلَ الْفَاسِدَ عَلَى طَرِيقَتِهِمْ فَلَا نَأْمَنُ مَيْلَهُ إِلَيْهِمْ. وَقَدْ صَرَّحَ بِالْحَطِّ عَلَى مَنْ ذُكِرَ وَعَدَمِ قَبُولِ رِوَايَتِهِمْ وَأَقْوَالِهِمُ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي فَتَاوِيهِ، وَالْمُصَنِّفُ فِي طَبَقَاتِهِ، وَخَلَائِقُ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَغَيْرُهُ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ خُصُوصًا أَهْلَ الْمَغْرِبِ، وَالْحَافِظُ سِرَاجُ الدِّينِ الْقَزْوِينِيُّ وَغَيْرُهُ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ، وَابْنُ تَيْمِيَّةَ وَغَيْرُهُ مِنَ الْحَنَابِلَةِ وَالذَّهَبِيُّ لَهَجَ بِذَلِكَ فِي جَمِيعِ تَصَانِيفِهِ. 1 - فَائِدَةٌ أَرَدْتُ أَنْ أَسْرُدَ هُنَا مَنْ رُمِيَ بِبِدْعَتِهِ مِمَّنْ أَخْرَجَ لَهُمُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ أَوْ أَحَدُهُمَا وَهُمْ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، أَيُّوبُ بْنُ عَائِذٍ الطَّائِيُّ، ذَرُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُرْهِبِيُّ، شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ، عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبُو يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ، عَبْدُ الْمَجِيدِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ، عُثْمَانُ بْنُ غِيَاثٍ الْبَصْرِيُّ، عُمَرُ بْنُ ذَرٍّ، عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ، مُحَمَّدُ بْنُ حَازِمٍ، أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ، وَرْقَاءُ بْنُ عُمَرَ الْيَشْكُرِيُّ، يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ الْوُحَاظِيُّ، يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ. هَؤُلَاءِ رُمُوا بِالْإِرْجَاءِ وَهُوَ تَأْخِيرُ الْقَوْلِ فِي الْحُكْمِ عَلَى مُرْتَكِبِ الْكَبَائِرِ بِالنَّارِ، إِسْحَاقُ بْنُ سُوَيْدٍ الْعَدَوِيُّ، بَهْزُ بْنُ أَسَدٍ، حَرِيزُ بْنُ عُثْمَانَ، حُصَيْنُ بْنُ نُمَيْرٍ الْوَاسِطِيُّ، خَالِدُ بْنُ سَلَمَةَ الْفَأْفَاءُ، عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَالِمٍ الْأَشْعَرِيُّ، قَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ. هَؤُلَاءِ رُمُوا بِالنَّصْبِ، وَهُوَ بُغْضُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَتَقْدِيمُ غَيْرِهِ عَلَيْهِ، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 388 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانٍ، إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّا الْخُلْقَانِيُّ، جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، أَبَانُ بْنُ تَغْلِبَ الْكُوفِيُّ، خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ الْقَطَوَانِيُّ، سَعِيدُ بْنُ فَيْرُوزَ، أَبُو الْبَخْتَرِيِّ، سَعِيدُ بْنُ أَشْوَعَ، سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ، عَبَّادُ بْنُ يَعْقُوبَ، عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عِيسَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ، عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَعْيَنَ، عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى الْعَبْسِيُّ، عَدِيُّ بْنُ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيُّ، عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، عَلِيُّ بْنُ هَاشِمِ بْنِ الْبَرِيدِ، الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، فُضَيْلُ بْنُ مَرْزُوقٍ الْكُوفِيُّ، فِطْرُ بْنُ خَلِيفَةَ، مُحَمَّدُ بْنُ جُحَادَةَ الْكُوفِيُّ، مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلِ بْنِ غَزْوَانَ، مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ أَبُو غَسَّانَ، يَحْيَى بْنُ الْجَزَّارِ، هَؤُلَاءِ رُمُوا بِالتَّشَيُّعِ وَهُوَ تَقْدِيمُ عَلِيٍّ عَلَى الصَّحَابَةِ. ثَوْرُ بْنُ زَيْدٍ الْمَدَنِيُّ، ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ الْحِمْصِيُّ، حَسَّانُ بْنُ عَطِيَّةَ الْمُحَارِبِيُّ، الْحَسَنُ بْنُ ذَكْوَانَ، دَاوُدُ بْنُ الْحُصَيْنِ، زَكَرِيَّا بْنُ إِسْحَاقَ، سَالِمُ بْنُ عَجْلَانَ، سَلَامُ بْنُ مِسْكِينٍ وَسَيْفُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمَكِّيُّ، شِبْلُ بْنُ عَبَّادٍ، شَرِيكُ بْنُ أَبِي نَمِرٍ، صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ، عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، أَبُو الْمُغِيرَةِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي لَبِيدٍ، عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي نَجِيحٍ، عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ الْمَدَنِيُّ، عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ الثَّوْرِيُّ، عَطَاءُ بْنُ أَبِي مَيْمُونَةَ، الْعَلَاءُ بْنُ الْحَارِثِ، عَمْرُو بْنُ زَائِدَةَ، عِمْرَانُ بْنُ مُسْلِمٍ الْقَصِيرُ، عُمَيْرُ بْنُ هَانِي، عَوْفٌ الْأَعْرَابِيُّ، كَهْمَسُ بْنُ الْمِنْهَالِ، مُحَمَّدُ بْنُ سَوَاءٍ الْبَصْرِيُّ، هَارُونُ بْنُ مُوسَى الْأَعْوَرُ النَّحْوِيُّ، هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ، وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ، يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ الْحَضْرَمِيُّ. هَؤُلَاءِ رُمُوا بِالْقَدَرِ، وَهُوَ زَعْمُ أَنَّ الشَّرَّ مِنْ خَلْقِ الْعَبْدِ. بِشْرُ بْنُ السَّرِيِّ، رُمِيَ بِرَأْيِ أَبِي جَهْمٍ وَهُوَ نَفْيُ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى وَالْقَوْلُ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ. عِكْرِمَةُ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، الْوَلِيدُ بْنُ كَثِيرٍ، هَؤُلَاءِ الْحَرُورِيَّةُ، الْخَوَارِجُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 389 الثَّامِنَةُ: تُقْبَلُ رِوَايَةُ التَّائِبِ مِنَ الْفِسْقِ إِلَّا الْكَذِبَ فِي حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا يُقْبَلُ أَبَدًا وَإِنْ حَسُنَتْ طَرِيقَتُهُ، كَذَا قَالَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَالْحُمَيْدِيُّ شَيْخُ الْبُخَارِيِّ وَالصَّيْرَفِيُّ الشَّافِعِيُّ. قَالَ الصَّيْرَفِيُّ: كُلُّ مَنْ أَسْقَطْنَا خَبَرَهُ بِكَذِبٍ لَمْ نَعُدْ لِقَبُولِهِ بِتَوْبَةٍ، وَمَنْ ضَعَّفْنَاهُ لَمْ نُقَوِّهِ بَعْدَهُ بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ، وَقَالَ السَّمْعَانِيُّ: مَنْ كَذَبَ فِي خَبَرٍ وَاحِدٍ وَجَبَ إِسْقَاطُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِهِ، قُلْتُ: هَذَا كُلُّهُ مُخَالِفٌ لِقَاعِدَةِ مَذْهَبِنَا وَمَذْهَبِ غَيْرِنَا، وَلَا نُقَوِّي الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشَّهَادَةِ.   [تدريب الراوي] الَّذِينَ أَنْكَرُوا عَلَى عَلِيٍّ التَّحْكِيمَ وَتَبَرَّءُوا مِنْهُ وَمِنْ عُثْمَانَ وَذَوِيهِ: وَقَاتَلُوهُمْ، عَلِيُّ بْنُ هِشَامٍ رُمِيَ بِالْوَقْفِ، وَهُوَ أَنْ لَا يَقُولَ الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ أَوْ غَيْرُ مَخْلُوقٍ. عِمْرَانُ بْنُ حِطَّانَ مِنَ الْقُعْدِيَّةِ الَّذِينَ يَرَوْنَ الْخُرُوجَ عَلَى الْأَئِمَّةِ وَلَا يُبَاشِرُونَ ذَلِكَ، فَهَؤُلَاءِ الْمُبْتَدِعَةُ مِمَّنْ أَخْرَجَ لَهُمُ الشَّيْخَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا. [الثامنة تُقْبَلُ رِوَايَةُ التَّائِبِ مِنَ الْفِسْقِ إِلَّا الْكَذِبَ فِي حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ] (الثَّامِنَةُ تُقْبَلُ رِوَايَةُ التَّائِبِ مِنَ الْفِسْقِ) وَمِنَ الْكَذِبِ فِي غَيْرِ الْحَدِيثِ النَّبَوِيِّ كَشَهَادَتِهِ، لِلْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثِ الدَّالَّةِ عَلَى ذَلِكَ (إِلَّا الْكَذِبَ فِي أَحَادِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا تُقْبَلُ) رِوَايَةُ التَّائِبِ مِنْهُ (أَبَدًا وَإِنْ حَسُنَتْ طَرِيقَتُهُ كَذَا قَالَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَ) أَبُو بَكْرٍ (الْحُمَيْدِيُّ شَيْخُ الْبُخَارِيِّ وَ) أَبُو بَكْرٍ (الصَّيْرَفِيُّ الشَّافِعِيُّ) ، بَلْ (قَالَ الصَّيْرَفِيُّ) زِيَادَةً عَلَى ذَلِكَ فِي " شَرْحِ الرِّسَالَةِ " (كُلُّ مَنْ أَسْقَطْنَا خَبَرَهُ) مِنْ أَهْلِ النَّقْلِ (بِكَذِبٍ) وَجَدْنَاهُ عَلَيْهِ (لَمْ نَعُدْ لِقَبُولِهِ بِتَوْبَةٍ) تَظْهَرُ (وَمَنْ ضَعَّفْنَاهُ لَمْ نُقَوِّهِ بَعْدَهُ بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ) . قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَيَجُوزُ أَنْ يُوَجَّهَ بِأَنَّ ذَلِكَ جُعِلَ تَغْلِيظًا عَلَيْهِ وَزَجْرًا بَلِيغًا عَنِ الْكَذِبِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 390 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لِعِظَمِ مَفْسَدَتِهِ فَإِنَّهُ يَصِيرُ شَرْعًا مُسْتَمِرًّا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، بِخِلَافِ الْكَذِبِ عَلَى غَيْرِهِ وَالشَّهَادَةِ، فَإِنَّ مَفْسَدَتَهُمَا قَاصِرَةٌ لَيْسَتْ عَامَّةً. (وَقَالَ) أَبُو الْمُظَفَّرِ (السَّمْعَانِيُّ: مَنْ كَذَبَ فِي خَبَرٍ وَاحِدٍ وَجَبَ إِسْقَاطُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِهِ) . قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَهَذَا يُضَاهِي مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى مَا ذَكَرَهُ الصَّيْرَفِيُّ. قَالَ الْمُصَنِّفُ: (قُلْتُ: هَذَا كُلُّهُ مُخَالِفٌ لِقَاعِدَةِ مَذْهَبِنَا وَمَذْهَبِ غَيْرِنَا وَلَا نُقَوِّي الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشَّهَادَةِ) وَكَذَا قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: الْمُخْتَارُ الْقَطْعُ بِصِحَّةِ تَوْبَتِهِ وَقَبُولِ رِوَايَتِهِ كَشَهَادَتِهِ، كَالْكَافِرِ إِذَا أَسْلَمَ. وَأَنَا أَقُولُ: إِنْ كَانَتِ الْإِشَارَةُ فِي قَوْلِهِ هَذَا كُلُّهُ لِقَوْلِ أَحْمَدَ وَالصَّيْرَفِيِّ وَالسَّمْعَانِيِّ فَلَا وَاللَّهِ مَا هُوَ بِمُخَالِفٍ وَلَا بَعِيدٍ، وَالْحَقُّ مَا قَالَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ تَغْلِيظًا وَزَجْرًا، وَإِنْ كَانَتْ لِقَوْلِ الصَّيْرَفِيِّ بِنَاءً عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ: يَكْذِبُ، عَامٌّ فِي الْكَذِبِ فِي الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِ. فَقَدْ أَجَابَ عَنْهُ الْعِرَاقِيُّ بِأَنَّ مُرَادَ الصَّيْرَفِيِّ مَا قَالَهُ أَحْمَدُ، أَيْ فِي الْحَدِيثِ لَا مُطْلَقًا، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ مِنْ أَهْلِ النَّقْلِ، وَتَقْيِيدِهِ بِالْمُحَدِّثِ فِي قَوْلِهِ أَيْضًا فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ، وَلَيْسَ يَطْعَنُ عَلَى الْمُحَدِّثِ إِلَّا أَنْ يَقُولَ تَعَمَّدْتُ الْكَذِبَ، فَهُوَ كَاذِبٌ فِي الْأَوَّلِ وَلَا يُقْبَلُ خَبَرُهُ بَعْدَ ذَلِكَ انْتَهَى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 391 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَقَوْلُهُ وَمَنْ ضَعَّفْنَاهُ أَيْ بِالْكَذِبِ، فَانْتَظَمَ مَعَ قَوْلِ أَحْمَدَ، وَقَدْ وَجَدْتُ فِي الْفِقْهِ فَرْعَيْنِ يَشْهَدَانِ لِمَا قَالَهُ الصَّيْرَفِيُّ وَالسَّمْعَانِيُّ، فَذَكَرُوا فِي بَابِ اللِّعَانِ: أَنَّ الزَّانِيَ إِذَا تَابَ وَحَسُنَتْ تَوْبَتُهُ لَا يَعُودُ مُحْصَنًا وَلَا يُحَدُّ قَاذِفُهُ بَعْدَ ذَلِكَ لِبَقَاءِ ثُلْمَةِ عَرْضِهِ، فَهَذَا نَظِيرُ أَنَّ الْكَاذِبَ لَا يُقْبَلُ خَبَرُهُ أَبَدًا، وَذَكَرُوا أَنَّهُ لَوْ قَذَفَ ثُمَّ زَنَى بَعْدَ الْقَذْفِ قَبْلَ أَنْ يُحَدَّ الْقَاذِفُ لَمْ يُحَدَّ ; لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَجْرَى الْعَادَةَ أَنَّهُ لَا يَفْضَحُ أَحَدًا مِنْ أَوَّلِ مَرَّةٍ، فَالظَّاهِرُ تَقَدُّمُ زِنَاهُ قَبْلَ ذَلِكَ، فَلَمْ يُحَدَّ لَهُ الْقَاذِفُ. وَكَذَلِكَ نَقُولُ فِيمَنْ تَبَيَّنَ كَذِبُهُ: الظَّاهِرُ تَكَرُّرُ ذَلِكَ مِنْهُ حَتَّى ظَهَرَ لَنَا، وَلَمْ يَتَعَيَّنْ لَنَا ذَلِكَ فِيمَا رَوَى مِنْ حَدِيثِهِ فَوَجَبَ إِسْقَاطُ الْكُلِّ، وَهَذَا وَاضِحٌ بِلَا شَكٍّ، وَلَمْ أَرَ أَحَدًا تَنَبَّهَ لِمَا حَرَّرْتُهُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ. 1 - فَائِدَةٌ مِنَ الْأُمُورِ الْمُهِمَّةِ تَحْرِيرُ الْفَرْقِ بَيْنَ الرِّوَايَةِ وَالشَّهَادَةِ، وَقَدْ خَاضَ فِيهِ الْمُتَأَخِّرُونَ، وَغَايَةُ مَا فَرَّقُوا بِهِ الِاخْتِلَافُ فِي بَعْضِ الْأَحْكَامِ، كَاشْتِرَاطِ الْعَدَدِ وَغَيْرِهِ، وَذَلِكَ لَا يُوجِبُ تَخَالُفًا فِي الْحَقِيقَةِ. قَالَ الْقَرَافِيُّ: أَقَمْتُ مُدَّةً أَطْلُبُ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا حَتَّى ظَفِرْتُ بِهِ فِي كَلَامِ الْمَازِرِيِّ، فَقَالَ: الرِّوَايَةُ هِيَ الْإِخْبَارُ عَنْ عَامٍّ لَا تَرَافُعَ فِيهِ إِلَى الْحُكَّامِ وَخِلَافُهُ الشَّهَادَةُ، وَأَمَّا الْأَحْكَامُ الَّتِي يَفْتَرِقَانِ فِيهَا فَكَثِيرَةٌ لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِجَمِيعِهَا، وَأَنَا أَذْكُرُ مِنْهَا مَا تَيَسَّرَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 392 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] الْأَوَّلُ: الْعَدَدُ، لَا يُشْتَرَطُ فِي الرِّوَايَةِ بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ، وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي مُنَاسَبَةِ ذَلِكَ أُمُورًا: أَحَدَهَا: أَنَّ الْغَالِبَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مَهَابَةُ الْكَذِبِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخِلَافِ شَهَادَةِ الزُّورِ. الثَّانِيَ: أَنَّهُ قَدْ يَنْفَرِدُ بِالْحَدِيثِ رَاوٍ وَاحِدٌ فَلَوْ لَمْ يُقْبَلْ لَفَاتَ عَلَى أَهْلِ الْإِسْلَامِ تِلْكَ الْمَصْلَحَةُ، بِخِلَافِ فَوْتِ حَقٍّ وَاحِدٍ عَلَى شَخْصٍ وَاحِدٍ. الثَّالِثَ: أَنَّ بَيْنَ كَثِيرٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَدَاوَاتٍ تَحْمِلُهُمْ عَلَى شَهَادَةِ الزُّورِ بِخِلَافِ الرِّوَايَةِ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. الثَّانِي: لَا تُشْتَرَطُ الذُّكُورِيَّةُ فِيهَا مُطْلَقًا بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ. الثَّالِثُ: لَا تُشْتَرَطُ الْحُرِيَّةُ فِيهَا بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ مُطْلَقًا. الرَّابِعُ: لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا الْبُلُوغُ فِي قَوْلٍ. الْخَامِسُ: تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمُبْتَدِعِ إِلَّا الْخَطَّابِيَّةَ وَلَوْ كَانَ دَاعِيَةً وَلَا تُقْبَلُ رِوَايَةُ الدَّاعِيَةِ وَلَا غَيْرُهُ إِنْ رَوَى مُوَافِقَهُ. السَّادِسُ: تُقْبَلُ شَهَادَةُ التَّائِبِ مِنَ الْكَذِبِ دُونَ رِوَايَتِهِ. السَّابِعُ: مَنْ كَذَبَ فِي حَدِيثٍ وَاحِدٍ رُدَّ جَمِيعُ حَدِيثِهِ السَّابِقِ، بِخِلَافِ مَنْ تَبَيَّنَ شَهَادَتُهُ لِلزُّورِ فِي مَرَّةٍ لَا يَنْقُضُ مَا شَهِدَ بِهِ قَبْلَ ذَلِكَ. الثَّامِنُ: لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ مَنْ جَرَّتْ شَهَادَتُهُ إِلَى نَفْسِهِ نَفْعًا أَوْ دَفَعَتْ عَنْهُ ضَرَرًا، وَتُقْبَلُ مِمَّنْ رَوَى ذَلِكَ. التَّاسِعُ: لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ لِأَصْلٍ وَفَرْعٍ وَرَقِيقٍ بِخِلَافِ الرِّوَايَةِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 393 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] الْعَاشِرُ وَالْحَادِي عَشَرَ وَالثَّانِي عَشَرَ: الشَّهَادَةُ إِنَّمَا تَصِحُّ بِدَعْوَى سَابِقَةٍ وَطَلَبٍ لَهَا، وَعِنْدَ الْحَاكِمِ بِخِلَافِ الرِّوَايَةِ فِي الْكُلِّ. الثَّالِثَ عَشَرَ: لِلْعَالِمِ الْحُكْمُ بِعِلْمِهِ فِي التَّعْدِيلِ وَالتَّجْرِيحِ قَطْعًا مُطْلَقًا بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ، فَإِنَّ فِيهَا ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ: أَصَحُّهَا التَّفْصِيلُ بَيْنَ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى وَغَيْرِهَا. الرَّابِعَ عَشَرَ: يَثْبُتُ الْجَرْحُ وَالتَّعْدِيلُ فِي الرِّوَايَةِ بِوَاحِدٍ دُونَ الشَّهَادَةِ عَلَى الْأَصَحِّ. الْخَامِسَ عَشَرَ: الْأَصَحُّ فِي الرِّوَايَةِ قَبُولُ الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ غَيْرَ مُفَسَّرٍ مِنَ الْعَالِمِ وَلَا يُقْبَلُ الْجَرْحُ فِي الشَّهَادَةِ إِلَّا مُفَسَّرًا. السَّادِسَ عَشَرَ: يَجُوزُ أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَى الرِّوَايَةِ بِخِلَافِ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ إِلَّا إِذَا احْتَاجَ إِلَى مَرْكُوبٍ. السَّابِعَ عَشَرَ: الْحُكْمُ بِالشَّهَادَةِ تَعْدِيلٌ، بَلْ قَالَ الْغَزَالِيُّ: أَقْوَى مِنْهُ بِالْقَوْلِ بِخِلَافِ عَمَلِ الْعَالِمِ أَوْ فُتْيَاهُ بِمُوَافَقَةِ الْمَرْوِيِّ عَلَى الْأَصَحِّ. الثَّامِنَ عَشَرَ: لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ إِلَّا عِنْدَ تَعَسُّرِ الْأَصْلِ بِمَوْتٍ أَوْ غَيْبَةٍ أَوْ نَحْوِهَا بِخِلَافِ الرِّوَايَةِ. التَّاسِعَ عَشَرَ: إِذَا رَوَى شَيْئًا ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ سَقَطَ وَلَا يُعْمَلُ بِهِ، بِخِلَافِ الرُّجُوعِ عَنِ الشَّهَادَةِ بَعْدَ الْحُكْمِ. الْعِشْرُونَ: إِذَا شَهِدَا بِمُوجَبِ قَتْلٍ ثُمَّ رَجَعَا وَقَالَا: تَعَمَّدْنَا، لَزِمَهُمَا الْقِصَاصُ، وَلَوْ أَشْكَلَتْ حَادِثَةٌ عَلَى حَاكِمٍ فَتَوَقَّفَ فَرَوَى شَخْصٌ خَبَرًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا وَقَتَلَ الْحَاكِمُ بِهِ رَجُلًا ثُمَّ رَجَعَ الرَّاوِي وَقَالَ: كَذَبْتُ وَتَعَمَّدْتُ. فَفِي فَتَاوَى الْبَغَوِيِّ يَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ الْقِصَاصُ، كَالشَّاهِدِ إِذَا رَجَعَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 394 التَّاسِعَةُ: إِذَا رَوَى حَدِيثًا ثُمَّ نَفَاهُ الْمُسْمَعُ، فَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ إِنْ كَانَ جَازِمًا بِنَفْيِهِ بِأَنَّ مَا رَوَيْتَهُ وَنَحْوَهُ وَجَبَ رَدُّهُ وَلَا يَقْدَحُ فِي بَاقِي رِوَايَاتِ الرَّاوِي عَنْهُ. فَإِنْ قَالَ: لَا أَعْرِفُهُ أَوْ لَا أَذْكُرُهُ أَوْ نَحْوَهُ لَمْ يَقْدَحْ فِيهِ. وَمَنْ رَوَى حَدِيثًا ثُمَّ نَسِيَهُ جَازَ الْعَمَلُ بِهِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ مِنَ الطَوَائِفِ خِلَافًا لِبَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ، وَلَا يُخَالِفُ هَذَا كَرَاهَةُ الشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ الرِّوَايَةَ عَنِ الْأَحْيَاءِ.   [تدريب الراوي] قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَالَّذِي ذَكَرَهُ الْقَفَّالُ فِي الْفَتَاوَى وَالْإِمَامُ أَنَّهُ لَا قِصَاصَ بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ، فَإِنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِالْحَادِثَةِ، وَالْخَبَرُ لَا يَخْتَصُّ بِهَا. الْحَادِيَ وَالْعِشْرُونَ: إِذَا شَهِدَ دُونَ أَرْبَعَةٍ بِالزِّنَا حُدُّوا لِلْقَذْفِ فِي الْأَظْهَرِ، وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ قَبْلَ التَّوْبَةِ، وَفِي قَبُولِ رِوَايَتِهِمْ وَجْهَانِ، الْمَشْهُورُ مِنْهَا الْقَبُولُ، ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ فِي الْحَاوِي، وَنَقَلَهُ عَنْهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي " الْكِفَايَةِ "، وَالْإِسْنَوِيُّ فِي " الْأَلْغَازِ ". [التاسعة إِذَا رَوَى ثِقَةٌ عَنْ ثِقَةٍ حَدِيثًا ثُمَّ نَفَاهُ الْمُسْمَعُ وأقوال العلماء في ذلك] (التَّاسِعَةُ: إِذَا رَوَى) ثِقَةٌ عَنْ ثِقَةٍ (حَدِيثًا ثُمَّ نَفَاهُ الْمُسْمَعُ) لَمَّا رُوجِعَ فِيهِ (فَالْمُخْتَارُ) عِنْدَ الْمُتَأَخِّرِينَ (أَنَّهُ إِنْ كَانَ جَازِمًا بِنَفْيِهِ بِأَنْ قَالَ مَا رَوَيْتُهُ) أَوْ كَذَبَ عَلَيَّ (وَنَحْوُهُ وَجَبَ رَدُّهُ) لِتَعَارُضِ قَوْلِهِمَا مَعَ أَنَّ الْجَاحِدَ هُوَ الْأَصْلُ (وَ) لَكِنْ (لَا يَقْدَحُ) ذَلِكَ (فِي بَاقِي رِوَايَاتِ الرَّاوِي عَنْهُ) وَلَا يَثْبُتْ بِهِ جَرْحُهُ لِأَنَّهُ أَيْضًا مُكَذِّبٌ لِشَيْخِهِ فِي نَفْيِهِ لِذَلِكَ، وَلَيْسَ قَبُولُ جَرْحِ كُلٍّ مِنْهُمَا أَوْلَى مِنَ الْآخَرِ فَتَسَاقَطَا، فَإِنْ عَادَ الْأَصْلُ وَحَدَّثَ بِهِ أَوْ حَدَّثَ فَرْعٌ آخَرُ ثِقَةٌ عَنْهُ وَلَمْ يُكَذِّبْهُ فَهُوَ مَقْبُولٌ، صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ وَالْخَطِيبُ وَغَيْرُهُمَا، وَمُقَابِلُ الْمُخْتَارِ فِي الْأَوَّلِ عَدَمُ رَدِّ الْمَرْوِيِّ. وَاخْتَارَهُ السَّمْعَانِيُّ وَعَزَاهُ الشَّاشِيُّ لِلشَّافِعِيِّ، وَحَكَى الْهِنْدِيُّ الْإِجْمَاعَ عَلَيْهِ، وَجَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ بِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَقْدَحُ فِي صِحَّةِ الْحَدِيثِ إِلَّا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْفَرْعِ أَنْ يَرْوِيَهُ عَنِ الْأَصْلِ، فَحَصَلَ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ. وَثَمَّ قَوْلٌ رَابِعٌ: أَنَّهُمَا يَتَعَارَضَانِ وَيُرَجَّحُ أَحَدُهُمَا بِطَرِيقِهِ، وَصَارَ إِلَيْهِ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ. وَمِنْ شَوَاهِدِ الْقَبُولِ مَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 395 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] دِينَارٍ عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «كُنْتُ أَعْرِفُ انْقِضَاءَ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالتَّكْبِيرِ» . قَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ ثُمَّ ذَكَرْتُهُ لِأَبِي مَعْبَدٍ فَقَالَ: لَمْ أُحَدِّثْكَهُ، قَالَ عَمْرٌو: قَدْ حَدَّثْتَنِيهِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: كَأَنَّهُ نَسِيَهُ بَعْدَ مَا حَدَّثَهُ إِيَّاهُ، وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُيَيْنَةَ. (فَإِنْ قَالَ) الْأَصْلُ (لَا أَعْرِفُهُ أَوْ لَا أَذْكُرُهُ أَوْ نَحْوَهُ) مِمَّا يَقْتَضِي جَوَازَ نِسْيَانِهِ (لَمْ يَقْدَحْ فِيهِ) وَلَا يُرَدُّ بِذَلِكَ. (وَمَنْ رَوَى حَدِيثًا ثُمَّ نَسِيَهُ جَازَ الْعَمَلُ بِهِ عَلَى الصَّحِيحِ وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ مِنَ الطَّوَائِفِ) أَهْلِ الْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ وَالْكَلَامِ (خِلَافًا لِبَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ) فِي قَوْلِهِمْ بِإِسْقَاطِهِ بِذَلِكَ. وَبَنَوْا عَلَيْهِ رَدَّ حَدِيثٍ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ رِوَايَةِ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ» . زَادَ أَبُو دَاوُدَ فِي رِوَايَةٍ: أَنَّ عَبْدَ الْعَزِيزِ الدَّرَاوَرْدِيَّ قَالَ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِسُهَيْلٍ فَقَالَ: أَخْبَرَنِي رَبِيعَةُ وَهُوَ عِنْدِي ثِقَةٌ، أَنِّي حَدَّثْتُهُ إِيَّاهُ وَلَا أَحْفَظُهُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 396 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ: وَقَدْ كَانَ سُهَيْلٌ أَصَابَتْهُ عِلَّةٌ أَذْهَبَتْ بَعْضَ عَقْلِهِ وَنَسِيَ بَعْضَ حَدِيثِهِ، فَكَانَ سُهَيْلٌ بَعْدُ يُحَدِّثُهُ عَنْ رَبِيعَةَ عَنْهُ عَنْ أَبِيهِ. وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ أَيْضًا مِنْ رِوَايَةِ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ عَنْ رَبِيعَةَ، قَالَ سُلَيْمَانُ: فَلَقِيتُ سُهَيْلًا فَسَأَلْتُهُ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ، فَقَالَ: مَا أَعْرِفُهُ، فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ رَبِيعَةَ أَخْبَرَنِي بِهِ عَنْكَ. قَالَ: فَإِنْ كَانَ رَبِيعَةُ أَخْبَرَكَ عَنِّي فَحَدِّثْ بِهِ عَنْ رَبِيعَةَ عَنِّي. فَإِنْ قِيلَ: إِنْ كَانَ الرَّاوِي مُعَرَّضًا لِلسَّهْوِ وَالنِّسْيَانِ فَالْفَرْعُ أَيْضًا كَذَلِكَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَسْقُطَا. أُجِيبُ بِأَنَّ الرَّاوِيَ لَيْسَ بِنَافٍ وُقُوعَهُ بَلْ ذَاكِرٌ، وَالْفَرْعُ جَازِمٌ مُثْبِتٌ فَقُدِّمَ عَلَيْهِ. قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَقَدْ رَوَى كَثِيرٌ مِنَ الْأَكَابِرِ أَحَادِيثَ نَسُوهَا بَعْدَ مَا حَدَّثُوا بِهَا، وَكَانَ أَحَدُهُمْ يَقُولُ: حَدَّثَنِي فُلَانٌ عَنِّي عَنْ فُلَانٍ، بِكَذَا. وَصَنَّفَ فِي ذَلِكَ الْخَطِيبُ أَخْبَارَ مَنْ حَدَّثَ وَنَسِيَ، وَكَذَلِكَ الدَّارَقُطْنِيُّ، مِنْ ذَلِكَ: مَا رَوَاهُ الْخَطِيبُ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنَايَ عَنِّي «عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يَجْعَلَ فَصَّ الْخَاتَمِ مِمَّا سِوَاهُ» ، وَرَوَى مِنْ طَرِيقِ بِشْرِ بْنِ الْوَلِيدِ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ حَدَّثَنِي رَوْحٌ أَنِّي حَدَّثْتُهُ بِحَدِيثٍ عَنْ زُبَيْدَةَ عَنْ مُرَّةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ قَالَ: " إِنَّ هَذَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 397 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] الدِّينَارَ وَالدِّرْهَمَ أَهْلَكَا مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ وَهُمَا مُهْلِكَاكُمْ ". وَمِنْ طَرِيقِ التِّرْمِذِيِّ صَاحِبِ الْجَامِعِ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ قَالَ: حَدَّثَنِيهِ عَلِيُّ بْنُ مُجَاهِدٍ عَنِّي وَهُوَ عِنْدِي ثِقَةٌ عَنْ ثَعْلَبَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: إِنَّمَا كَرِهَ الْمِنْدِيلَ بَعْدَ الْوُضُوءِ لِأَنَّ الْوُضُوءَ يُوزَنُ. وَمِنْ طَرِيقِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ بَشَّارٍ، ثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ حَدَّثَنِي وَكِيعٌ أَنِّي حَدَّثْتُهُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عِكْرِمَةَ، (مِنْ صَيَاصِيهِمْ) ، قَالَ: مِنْ حُصُونِهِمْ. (وَلَا يُخَالِفُ هَذَا كَرَاهِيَةُ الشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ) كَشُعْبَةَ وَمَعْمَرٍ (الرِّوَايَةَ عَنِ الْأَحْيَاءِ) لِأَنَّهُمْ إِنَّمَا كَرِهُوا ذَلِكَ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ مُعَرَّضٌ لِلنِّسْيَانِ فَيُبَادِرُ إِلَى جُحُودِ مَا رُوِيَ عَنْهُ وَتَكْذِيبِ الرَّاوِي لَهُ. وَقِيلَ: إِنَّمَا كُرِهَ ذَلِكَ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَتَغَيَّرَ الرَّاوِي عَنِ الثِّقَةِ وَالْعَدَالَةِ بِطَارِئٍ يَطْرَأُ عَلَيْهِ يَقْتَضِي رَدَّ حَدِيثِهِ الْمُتَقَدِّمِ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَهَذَا حَدْسٌ وَظَنٌّ غَيْرُ مُوَافِقٍ لِمَا أَرَادَهُ الشَّافِعِيُّ، وَقَدْ بَيَّنَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 398 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] الشَّافِعِيُّ مُرَادَهُ بِذَلِكَ كَمَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي " الْمَدْخَلِ " بِإِسْنَادِهِ إِلَيْهِ أَنَّهُ قَالَ: لَا تُحَدِّثْ عَنْ حَيٍّ فَإِنَّ الْحَيَّ لَا يُؤْمَنُ عَلَيْهِ النِّسْيَانَ، قَالَهُ لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ حِينَ رَوَى عَنِ الشَّافِعِيِّ حِكَايَةً فَأَنْكَرَهَا ثُمَّ ذَكَرَهَا. [العاشرة حكم من أخذ على التحديث أجرا] (الْعَاشِرَةُ: مَنْ أَخَذَ عَلَى التَّحْدِيثِ أَجْرًا لَا تُقْبَلُ رِوَايَتُهُ عِنْدَ أَحْمَدَ) بْنِ حَنْبَلٍ (وَإِسْحَاقَ) بْنِ رَاهَوَيْهِ (وَأَبِي حَاتِمٍ) الرَّازِيِّ. (وَتُقْبَلُ عِنْدَ أَبِي نُعَيْمٍ الْفَضْلِ) بْنِ دُكَيْنٍ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ (وَعَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ) الْبَغَوِيِّ (وَآخَرِينَ) تَرَخُّصًا. (وَأَفْتَى الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ) أَبَا الْحُسَيْنِ بْنَ النَّقُورِ (بِجَوَازِهَا لِـ) أَنَّهُ مَنْ (مَنِ امْتَنَعَ عَلَيْهِ الْكَسْبُ لِعِيَالِهِ بِسَبَبِ التَّحْدِيثِ) وَيَشْهَدُ لَهُ جَوَازُ أَخْذِ الْوَصِيِّ الْأُجْرَةَ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ إِذَا كَانَ فَقِيرًا، أَوِ اشْتَغَلَ بِحِفْظِهِ عَنِ الْكَسْبِ مِنْ غَيْرِ رُجُوعٍ عَلَيْهِ، لِظَاهِرِ الْقُرْآنِ. فَائِدَةٌ هَذَا أَوَّلُ مَوْضِعٍ وَقَعَ فِيهِ ذِكْرُ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ، وَقَدْ سُئِلَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 399 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] لِمَ قِيلَ لَهُ ابْنُ رَاهَوَيْهِ؟ فَقَالَ: إِنَّ أَبِي وُلِدَ فِي الطَّرِيقِ فَقَالَتِ الْمَرَاوِزَةُ: رَاهَوَيْهِ، يَعْنِي أَنَّهُ وُلِدَ فِي الطَّرِيقِ، وَفِي فَوَائِدِ رِحْلَةِ ابْنِ رَشِيدٍ: مَذْهَبُ النُّحَاةِ فِي هَذَا وَفِي نَظَائِرِهِ فَتْحُ الْوَاوِ وَمَا قَبْلَهَا وَسُكُونُ الْيَاءِ ثُمَّ هَاءٌ، وَالْمُحَدِّثُونَ يَنْحُونَ بِهِ نَحْوَ الْفَارِسِيَّةِ فَيَقُولُونَ: هُوَ بِضَمِّ مَا قَبْلَ الْوَاوِ وَسُكُونِهَا وَفَتْحِ الْيَاءِ وَإِسْكَانِ الْهَاءِ فَهِيَ هَاءٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَالتَّاءُ خَطَأٌ. قَالَ: وَكَانَ الْحَافِظُ أَبُو الْعَلَاءِ الْعَطَّارُ يَقُولُ: أَهْلُ الْحَدِيثِ لَا يُحِبُّونَ وَيْهِ اهـ. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: وَلَهُمْ فِي ذَلِكَ سَلَفٌ، رَوَيْنَاهُ فِي كِتَابِ " مُعَاشَرَةِ الْأَهْلِينَ " عَنْ أَبِي عَمْرٍو عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيَّ أَنَّ وَيْهِ اسْمُ شَيْطَانٍ. قُلْتُ: ذَكَرَ يَاقُوتٌ فِي " مُعْجَمِ الْأُدَبَاءِ " نَحْوَ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ رَشِيدٍ، وَقَالَ: قَدْ ضَبَطَهُ ابْنُ بَسَّامٍ بِسُكُونِ الْوَاوِ وَفَتْحَ الْيَاءَ، فَقَالَ فِي نِفْطَوَيْهِ: رَأَيْتُ فِي النَّوْمِ أَبِي آدَمَا ... صَلَّى عَلَيْهِ اللَّهُ ذُو الْفَضْلِ فَقَالَ أَبْلِغْ وَلَدِي كُلَّهُمْ ... مَنْ كَانَ فِي حَزَنٍ وَفِي سَهْلِ بِأَنَّ حَوَّاءَ أُمَّهُمْ طَالِقٌ ... إِنْ كَانَ نِفْطُويَهْ مِنْ نَسْلِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 400 الْعَاشِرَةُ: مَنْ أَخَذَ عَلَى التَّحْدِيثِ أَجْرًا لَا تُقْبَلُ رِوَايَتُهُ عِنْدَ أَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ، وَأَبِي حَاتِمٍ، وَتُقْبَلُ عِنْدَ أَبِي نُعَيْمٍ الْفَضْلِ، وَعَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَآخَرِينَ. وَأَفْتَى الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ بِجَوَازِهَا لِمَنِ امْتَنَعَ عَلَيْهِ الْكَسْبُ لِعِيَالِهِ بِسَبَبِ التَّحْدِيثِ. الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ: لَا تُقْبَلُ رِوَايَةُ مَنْ عُرِفَ بِالتَّسَاهُلِ فِي سَمَاعِهِ أَوْ إِسْمَاعِهِ كَمَنْ لَا يُبَالِي بِالنَّوْمِ فِي السَّمَاعِ، أَوْ يُحَدِّثُ لَا مِنْ أَصْلٍ مُصَحَّحٍ، أَوْ عُرِفَ بِقَبُولِ التَّلْقِينِ فِي الْحَدِيثِ أَوْ كَثْرَةِ السَّهْوِ فِي رِوَايَتِهِ إِذَا لَمْ يُحَدِّثْ مِنْ أَصْلٍ أَوْ كَثْرَةِ الشَّوَاذِّ وَالْمَنَاكِيرِ فِي حَدِيثِهِ. قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَأَحْمَدُ، وَالْحُمَيْدِيُّ، وَغَيْرُهُمْ: مَنْ غَلِطَ فِي حَدِيثٍ فَبُيِّنَ لَهُ فَأَصَرَّ عَلَى رِوَايَتِهِ سَقَطَتْ رِوَايَاتُهُ. وَهَذَا صَحِيحٌ إِنْ ظَهَرَ أَنَّهُ أَصَرَّ عِنَادًا أَوْ نَحْوَهُ.   [تدريب الراوي] وَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِي " تَهْذِيبِهِ " فِي تَرْجَمَةِ أَبِي عُبَيْدِ بْنِ حَرْبَوَيْهِ: هُوَ بِفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَالْوَاوِ وَسُكُونِ الْيَاءِ ثُمَّ هَاءٌ، وَيُقَالُ: بِضَمِّ الْبَاءِ مَعَ إِسْكَانِ الْوَاوِ وَفَتْحِ الْيَاءِ، وَيَجْرِي هَذَانِ الْوَجْهَانِ فِي نَظَائِرِهِ كَسِيبَوَيْهٍ وَنَفْطَوَيْهِ وَرَاهَوَيْهِ وَعَمْرَوَيْهِ، فَالْأَوَّلُ مَذْهَبُ النَّحْوِيِّينَ وَأَهْلِ الْأَدَبِ، وَالثَّانِي مَذْهَبُ الْمُحَدِّثِينَ. انْتَهَى. [الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ لَا تُقْبَلُ رِوَايَةُ مَنْ عُرِفَ بِالتَّسَاهُلِ فِي سَمَاعِهِ أَوْ إِسْمَاعِهِ] (الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ: لَا تُقْبَلُ رِوَايَةُ مَنْ عُرِفَ بِالتَّسَاهُلِ فِي سَمَاعِهِ أَوْ إِسْمَاعِهِ كَمَنْ لَا يُبَالِي بِالنَّوْمِ فِي السَّمَاعِ) مِنْهُ أَوْ عَلَيْهِ (أَوْ يُحَدِّثُ لَا مِنْ أَصْلٍ مُصَحَّحٍ) مُقَابَلٌ عَلَى أَصْلِهِ أَوْ أَصْلِ شَيْخِهِ (أَوْ عُرِفَ بِقَبُولِ التَّلْقِينِ فِي الْحَدِيثِ) بِأَنْ يُلَقَّنَ الشَّيْءَ فَيُحَدِّثَ بِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ مِنْ حَدِيثِهِ، كَمَا وَقَعَ لِمُوسَى بْنِ دِينَارٍ وَنَحْوِهِ، (أَوْ كَثْرَةِ السَّهْوِ فِي رِوَايَتِهِ إِذَا لَمْ يُحَدِّثُ مَنْ أَصْلٍ) صَحِيحٍ، بِخِلَافِ مَا إِذَا حَدَّثَ مِنْهُ فَلَا عِبْرَةَ بِكَثْرَةِ سَهْوِهِ، لِأَنَّ الِاعْتِمَادَ حِينَئِذٍ عَلَى الْأَصْلِ لَا عَلَى حِفْظِهِ، (أَوْ كَثْرَةِ الشَّوَاذِّ وَالْمَنَاكِيرِ فِي حَدِيثِهِ) . قَالَ شُعْبَةُ لَا يَجِيئُكَ الْحَدِيثُ الشَّاذُّ إِلَّا مِنَ الرَّجُلِ الشَّاذِّ، وَقِيلَ لَهُ: مَنِ الَّذِي تُتْرَكُ الرِّوَايَةُ عَنْهُ؟ قَالَ: مَنْ أَكْثَرَ عَنِ الْمَعْرُوفِ مِنَ الرِّوَايَةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 401 الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ: أَعْرَضَ النَّاسُ هَذِهِ الْأَزْمَانَ عَنِ اعْتِبَارِ مَجْمُوعِ الشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ لِكَوْنِ الْمَقْصُودِ صَارَ إِبْقَاءَ سِلْسِلَةِ الْإِسْنَادِ الْمُخْتَصِّ بِالْأُمَّةِ فَلْيُعْتَبَرْ مَا يَلِيقُ بِالْمَقْصُودِ، وَهُوَ كَوْنُ الشَّيْخِ مُسْلِمًا بَالِغًا، عَاقِلًا، غَيْرَ مُتَظَاهِرٍ بِفِسْقٍ، أَوْ سُخْفٍ، وَفِي ضَبْطِهِ، بِوُجُودِ سَمَاعِهِ مُثْبَتًا بِخَطِّ غَيْرِ مُتَّهَمٍ، وَبِرِوَايَتِهِ مِنْ أَصْلٍ مُوَافِقٍ لِأَصْلِ شَيْخِهِ. وَقَدْ قَالَ نَحْوَ مَا ذَكَرْنَاهُ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ.   [تدريب الراوي] مَا لَا يُعْرَفُ، وَأَكْثَرَ الْغَلَطَ. (قَالَ) عَبْدُ اللَّهِ (بْنُ الْمُبَارَكِ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَالْحُمَيْدِيُّ وَغَيْرُهُمْ: مَنْ غَلِطَ فِي حَدِيثٍ فَبُيِّنَ لَهُ) غَلَطُهُ (فَأَصَرَّ عَلَى رِوَايَتِهِ) لِذَلِكَ الْحَدِيثِ وَلَمْ يَرْجِعْ (سَقَطَتْ رِوَايَاتُهُ) كُلُّهَا وَلَمْ يُكْتَبْ عَنْهُ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ وَفِي هَذَا نَظَرٌ، (وَهَذَا صَحِيحٌ إِنْ ظَهَرَ أَنَّهُ أَصَرَّ عِنَادًا أَوْ نَحْوَهُ) وَكَذَا قَالَ ابْنُ حِبَّانَ. قَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ لِشُعْبَةَ: مَنِ الَّذِي تُتْرَكُ الرِّوَايَةُ عَنْهُ؟ قَالَ: إِذَا تَمَارَى فِي غَلَطٍ مُجْمَعٍ عَلَيْهِ، وَلَمْ تُتَّهَمْ نَفْسُهُ عِنْدَ اجْتِمَاعِهِمْ عَلَى خِلَافِهِ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَقَيَّدَ ذَلِكَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ بِأَنْ يَكُونَ الْمُبَيِّنُ عَالِمًا عِنْدَ الْمُبَيَّنِ لَهُ وَإِلَّا فَلَا حَرَجَ إِذَا. [الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ إِبْقَاءَ سِلْسِلَةِ الْإِسْنَادِ الْمُخْتَصِّ بِالْأُمَّةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ وَالْمُحَاذَرَةِ مِنِ انْقِطَاعِ سِلْسِلَتِهَا] (الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ: أَعْرَضَ النَّاسُ) فِي (هَذِهِ الْأَزْمَانَ) الْمُتَأَخِّرَةَ (عَنِ اعْتِبَارِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 402 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] مَجْمُوعِ) هَذِهِ (الشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ) فِي رِوَايَةِ الْحَدِيثِ وَمَشَايِخِهِ لِتَعَذُّرِ الْوَفَاءِ بِهَا عَلَى مَا شُرِطَ وَ (لِكَوْنِ الْمَقْصُودِ) الْآنَ (صَارَ إِبْقَاءَ سِلْسِلَةِ الْإِسْنَادِ الْمُخْتَصِّ بِالْأُمَّةِ) الْمُحَمَّدِيَّةِ وَالْمُحَاذَرَةِ مِنِ انْقِطَاعِ سِلْسِلَتِهَا. (فَلْيُعْتَبَرْ) مِنَ الشُّرُوطِ (مَا يَلِيقُ بِالْمَقْصُودِ) الْمَذْكُورِ عَلَى تَجَرُّدِهِ وَلْيُكْتَفَ بِمَا يُذَكَرُ (وَهُوَ كَوْنُ الشَّيْخِ مُسْلِمًا بَالِغًا غَيْرَ مُتَظَاهِرٍ بِفِسْقٍ أَوْ سُخْفٍ) يُخِلُّ بِمُرُوءَتِهِ لِتَحَقُّقِ عَدَالَتِهِ. (وَ) يُكْتَفَى (فِي ضَبْطِهِ بِوُجُودِ سَمَاعِهِ مُثْبَتًا بِخَطِّ) ثِقَةٍ (غَيْرِ مُتَّهَمٍ وَبِرِوَايَتِهِ مِنْ أَصْلٍ) صَحِيحٍ (مُوَافِقٍ لِأَصْلِ شَيْخِهِ وَقَدْ قَالَ نَحْوَ مَا ذَكَرْنَاهُ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ) وَعِبَارَتُهُ: تَوَسَّعَ مَنْ تَوَسَّعَ فِي السَّمَاعِ مِنْ بَعْضِ مُحَدِّثِي زَمَانِنَا. الَّذِينَ لَا يَحْفَظُونَ حَدِيثَهُمْ وَلَا يُحْسِنُونَ قِرَاءَتَهُ مِنْ كُتُبِهِمْ وَلَا يَعْرِفُونَ مَا يُقْرَأُ عَلَيْهِمْ بَعْدَ أَنْ تَكُونَ الْقِرَاءَةُ عَلَيْهِمْ مِنْ أَصْلِ سَمَاعِهِمْ، وَذَلِكَ لِتَدْوِينِ الْأَحَادِيثِ فِي الْجَوَامِعِ الَّتِي جَمَعَهَا أَئِمَّةُ الْحَدِيثِ. قَالَ: فَمَنْ جَاءَ الْيَوْمَ بِحَدِيثٍ لَا يُوجَدُ عِنْدَ جَمِيعِهِمْ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ، وَمَنْ جَاءَ بِحَدِيثٍ مَعْرُوفٍ عِنْدَهُمْ فَالَّذِي يَرْوِيهِ لَا يَنْفَرِدُ بِرِوَايَتِهِ، وَالْحُجَّةُ قَائِمَةٌ بِحَدِيثِهِ بِرِوَايَةِ غَيْرِهِ، وَالْقَصْدُ مِنْ رِوَايَتِهِ، وَالسَّمَاعِ مِنْهُ أَنْ يَصِيرَ الْحَدِيثُ مُسَلْسَلًا بِحَدَّثَنَا وَأَخْبَرَنَا، وَتَبْقَى هَذِهِ الْكَرَامَةُ الَّتِي خُصَّتْ بِهَا هَذِهِ الْأُمَّةُ شَرَفًا لِنَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَكَذَا قَالَ السَّلَفِيُّ فِي جُزْءٍ لَهُ فِي شَرْطِ الْقِرَاءَةِ. وَقَالَ الذَّهَبِيُّ فِي " الْمِيزَانِ ": لَيْسَ الْعُمْدَةُ فِي زَمَانِنَا عَلَى الرُّوَاةِ بَلْ عَلَى الْمُحَدِّثِينَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 403 الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ: فِي أَلْفَاظِ الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ. وَقَدْ رَتَّبَهَا ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فَأَحْسَنَ. فَأَلْفَاظُ التَّعْدِيلِ مَرَاتِبُ: أَعْلَاهَا: ثِقَةٌ أَوْ مُتْقِنٌ أَوْ ثَبْتٌ أَوْ حُجَّةٌ، أَوْ عَدْلٌ حَافِظٌ، أَوْ ضَابِطٌ. الثَّانِيَةُ: صَدُوقٌ، أَوْ مَحَلُّهُ الصِّدْقُ أَوْ لَا بَأَسَ بِهِ، قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: هُوَ مِمَّنْ يُكْتَبُ حَدِيثُهُ وَيُنْظَرُ فِيهِ، وَهِيَ الْمَنْزِلَةُ الثَّانِيَةُ وَهُوَ كَمَا قَالَ، لِأَنَّ هَذِهِ الْعِبَارَةَ لَا تُشْعِرُ بِالضَّبْطِ، فَيُعْتَبَرُ حَدِيثُهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ. وَعَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ: إِذَا قُلْتُ لَا بَأْسَ بِهِ فَهُوَ ثِقَةٌ، وَلَا يُقَاوِمُ قَوْلَهُ عَنْ نَفْسِهِ نَقْلَ ابْنِ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَهْلِ الْفَنِّ. الثَّالِثَةُ: شَيْخٌ، فَيُكْتَبُ وَيُنْظَرُ. (الرَّابِعَةُ) : صَالِحُ الْحَدِيثِ: يُكْتَبُ لِلِاعْتِبَارِ. وَأَمَّا أَلْفَاظُ الْجَرْحِ فَمَرَاتِبُ، فَإِذَا قَالُوا: لَيِّنُ الْحَدِيثِ كُتِبَ حَدِيثُهُ وَيُنْظَرُ اعْتِبَارًا. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: إِذَا قُلْتُ لَيِّنُ الْحَدِيثِ لَمْ يَكُنْ سَاقِطًا، وَلَكِنْ مَجْرُوحًا بِشَيْءٍ لَا يَسْقُطُ عَنِ الْعَدَالَةِ، وَقَوْلُهُمْ لَيْسَ بِقَوِيٍّ يُكْتَبُ حَدِيثُهُ، وَهُوَ دُونَ لَيِّنٍ. وَإِذَا قَالُوا: ضَعِيفُ الْحَدِيثِ فَدُونَ لَيْسَ بِقَوِيٍّ وَلَا يُطْرَحُ بَلْ يُعْتَبَرُ بِهِ. وَإِذَا قَالُوا: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ، أَوْ وَاهِيهِ، أَوْ كَذَّابٌ، فَهُوَ سَاقِطٌ لَا يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. وَمِنْ أَلْفَاظِهِمْ: فُلَانٌ رَوَى عَنْهُ النَّاسُ، وَسَطٌ، مُقَارِبُ الْحَدِيثِ، مُضْطَرِبٌ، لَا يُحْتَجُّ بِهِ، مَجْهُولٌ، لَا شَيْءَ، لَيْسَ بِذَلِكَ، لَيْسَ بِذَاكَ الْقَوِيِّ، فِيهِ أَوْ فِي حَدِيثِهِ ضَعْفٌ، مَا أَعْلَمُ بِهِ بَأْسًا، وَيُسْتَدَلُّ عَلَى مَعَانِيهَا بِمَا تَقَدَّمَ.   [تدريب الراوي] وَالْمُقَيِّدِينَ، الَّذِينَ عُرِفَتْ عَدَالَتُهُمْ وَصِدْقُهُمْ فِي ضَبْطِ أَسْمَاءِ السَّامِعِينَ، قَالَ: ثُمَّ مِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ صَوْنِ الرَّاوِي وَسَتْرِهِ. انْتَهَى. وَفِي هَذَا الْمَعْنَى قَالَ ابْنُ مُعَوِّذٍ: تَرْوِي الْأَحَادِيثَ عَنْ كُلٍّ مُسَامَحَةً ... وِإِنَّهَا لِمَعَانِيهَا مَعَانِيَا. [الثَّالثَةَ عَشْرَةَ ألفاظ الجرح والتعديل] (الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ فِي أَلْفَاظِ الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ، وَقَدْ رَتَّبَهَا ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ) فِي مُقَدِّمَةِ كِتَابِهِ " الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ "، وَفَصَّلَ طَبَقَاتِ أَلْفَاظِهِمْ فِيهَا (فَأَحْسَنَ) وَأَجَادَ. (فَأَلْفَاظُ التَّعْدِيلِ مَرَاتِبُ) ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ كَابْنِ الصَّلَاحِ تَبَعًا لِابْنِ أَبِي حَاتِمٍ أَرْبَعَةً، وَجَعَلَهَا الذَّهَبِيُّ وَالْعِرَاقِيُّ خَمْسَةً، وَشَيْخُ الْإِسْلَامِ سِتَّةً (أَعْلَاهَا) بِحَسَبِ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ (ثِقَةٌ، أَوْ مُتْقِنٌ، أَوْ ثَبْتٌ، أَوْ حُجَّةٌ، أَوْ عَدْلٌ حَافِظٌ، أَوْ) عَدْلٌ (ضَابِطٌ) . وَأَمَّا الْمَرْتَبَةُ الَّتِي زَادَهَا الذَّهَبِيُّ وَالْعِرَاقِيُّ فَإِنَّهَا أَعْلَى مِنْ هَذِهِ، وَهُوَ: مَا كُرِّرَ فِيهِ أَحَدُ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ الْمَذْكُورَةِ إِمَّا بِعَيْنِهِ، كَثِقَةٍ ثِقَةٍ، أَوْ لَا: كَثِقَةٍ ثَبْتٍ أَوْ ثِقَةٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 404 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] حُجَّةٍ أَوْ ثِقَةٍ حَافِظٍ، وَالْمَرْتَبَةُ الَّتِي زَادَهَا شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَعْلَى مِنْ مَرْتَبَةِ التَّكْرِيرِ، وَهِيَ: الْوَصْفُ بِأَفْعَلَ كَأَوْثَقِ النَّاسِ وَأَثْبَتِ النَّاسِ، أَوْ نَحْوِهِ، كَإِلَيْهِ الْمُنْتَهَى فِي التَّثَبُّتِ. قُلْتُ: وَمِنْهُ، لَا أَحَدَ أَثْبَتُ مِنْهُ، وَمَنْ مِثْلُ فُلَانٍ، وَفُلَانٌ لَا يُسْأَلُ عَنْهُ، وَلَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ، وَهِيَ فِي أَلْفَاظِهِمْ. فَالْمَرْتَبَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ أَعْلَى، هِيَ ثَالِثَةٌ فِي الْحَقِيقَةِ. (الثَّانِيَةُ) مِنَ الْمَرَاتِبِ وَهِيَ رَابِعَةٌ بِحَسَبِ مَا ذَكَرْنَاهُ (صَدُوقٌ، أَوْ مَحَلُّهُ الصِّدْقُ، أَوْ لَا بَأْسَ بِهِ) . زَادَ الْعِرَاقِيُّ: أَوْ مَأْمُونٌ، أَوْ خِيَارٌ، أَوْ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. (قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ) مَنْ قِيلَ فِيهِ ذَلِكَ (هُوَ مِمَّنْ يُكْتَبُ حَدِيثُهُ وَيُنْظَرُ فِيهِ، وَهِيَ الْمَنْزِلَةُ الثَّانِيَةُ) . قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ (وَهُوَ كَمَا قَالَ، لِأَنَّ هَذِهِ الْعِبَارَةَ لَا تُشْعِرُ بِالضَّبْطِ، فَيُعْتَبَرُ حَدِيثُهُ) بِمُوَافَقَةِ الضَّابِطَيْنِ (عَلَى مَا تَقَدَّمَ) فِي أَوَائِلِ هَذَا النَّوْعِ. (وَعَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ) أَنَّهُ قَالَ لِأَبِي خَيْثَمَةَ وَقَدْ قَالَ لَهُ: إِنَّكَ تَقُولُ: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 405 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] فُلَانٌ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ، فُلَانٌ ضَعِيفٌ (إِذَا قُلْتُ) لَكَ (لَا بَأْسَ بِهِ فَهُوَ ثِقَةٌ) وَإِذَا قُلْتُ لَكَ: هُوَ ضَعِيفٌ فَلَيْسَ هُوَ بِثِقَةٍ، لَا يُكْتَبُ حَدِيثُهُ، فَأَشْعَرَ بِاسْتِوَاءِ اللَّفْظَيْنِ. قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَهَذَا لَيْسَ فِيهِ حِكَايَةٌ عَنْ غَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ، بَلْ نِسْبَتُهُ إِلَى نَفْسِهِ خَاصَّةً (وَلَا يُقَاوِمُ قَوْلَهُ عَنْ نَفْسِهِ نَقْلَ ابْنِ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَهْلِ الْفَنِّ) . قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَلَمْ يَقُلِ ابْنُ مَعِينٍ: إِنَّ قَوْلِي لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ كَقَوْلِي ثِقَةٌ، حَتَّى يَلْزَمَ مِنْهُ التَّسْوِيَةُ، إِنَّمَا قَالَ: إِنَّ مَنْ قَالَ فِيهِ هَذَا فَهُوَ ثِقَةٌ، وَلِلثِّقَةِ مَرَاتِبُ، فَالتَّعْبِيرُ بِثِقَةٍ أَرْفَعُ مِنَ التَّعْبِيرِ بِلَا بَأْسَ بِهِ، وَإِنِ اشْتَرَكَا فِي مُطْلَقِ الثِّقَةِ. وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ ابْنَ مَهْدِيٍّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَلَدَةَ فَقِيلَ لَهُ أَكَانَ ثِقَةً؟ فَقَالَ: كَانَ صَدُوقًا وَكَانَ مَأْمُونًا وَكَانَ خَيْرًا، الثِّقَةُ شُعْبَةُ وَسُفْيَانُ. وَحَكَى الْمَرُّوذِيُّ قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ حَنْبَلٍ: عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ ثِقَةٌ؟ قَالَ: تَدْرِي مَا الثِّقَةُ؟ إِنَّمَا الثِّقَةُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ. تَنْبِيهٌ جَعَلَ الذَّهَبِيُّ قَوْلَهُمْ: مَحَلُّهُ الصِّدْقُ، مُؤَخَّرًا عَنْ قَوْلِهِمْ صَدُوقٌ إِلَى الْمَرْتَبَةِ الَّتِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 406 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] تَلِيهَا، وَتَبِعَهُ الْعِرَاقِيُّ لِأَنَّ صَدُوقًا مُبَالَغَةٌ فِي الصِّدْقِ، بِخِلَافِ مَحَلُّهُ الصِّدْقُ، فَإِنَّهُ دَالٌّ عَلَى أَنَّ صَاحِبَهَا مَحَلُّهُ وَمَرْتَبَتُهُ مُطْلَقُ الصِّدْقِ. (الثَّالِثَةُ) مِنَ الْمَرَاتِبِ وَهِيَ خَامِسَةٌ بِحَسَبِ مَا ذَكَرْنَا: (شَيْخٌ) . قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: (فَيُكْتَبُ) حَدِيثُهُ (وَيُنْظَرُ) فِيهِ، وَزَادَ الْعِرَاقِيُّ فِي هَذِهِ الْمَرْتَبَةِ مَعَ قَوْلِهِمْ: مَحَلُّهُ الصِّدْقُ، إِلَى الصِّدْقِ مَا هُوَ، شَيْخٌ وَسَطٌ، مُكَرَّرٌ، جَيِّدُ الْحَدِيثِ، حَسَنُ الْحَدِيثِ. وَزَادَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: صَدُوقٌ سَيِّءُ الْحِفْظِ، صَدُوقٌ يَهِمُ، صَدُوقٌ لَهُ أَوْهَامٌ، صَدُوقٌ يُخْطِئُ، صَدُوقٌ تَغَيَّرَ بِآخِرَةٍ. قَالَ: وَيُلْحَقُ بِذَلِكَ، مَنْ رُمِيَ بِنَوْعِ بِدْعَةٍ، كَالتَّشَيُّعِ وَالْقَدَرِ وَالنَّصْبِ وَالْإِرْجَاءِ وَالتَّجَهُّمِ. (الرَّابِعَةُ) وَهِيَ سَادِسَةٌ بِحَسَبِ مَا ذَكَرْنَا (صَالِحُ الْحَدِيثِ) فَإِنَّهُ (يُكْتَبُ) حَدِيثُهُ (لِلِاعْتِبَارِ) . وَزَادَ الْعِرَاقِيُّ فِيهَا، صَدُوقٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، أَرْجُو أَنْ لَا بَأْسَ بِهِ، صُوَيْلِحٌ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 407 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَزَادَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ مَقْبُولٌ. (وَأَمَّا أَلْفَاظُ الْجَرْحِ فَمَرَاتِبُ) أَيْضًا أَدْنَاهَا مَا قَرُبَ مِنَ التَّعْدِيلِ (فَإِذَا قَالُوا: لَيِّنُ الْحَدِيثِ كُتِبَ حَدِيثُهُ وَيُنْظَرُ) فِيهِ (اعْتِبَارًا، وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ) لَمَّا قَالَ لَهُ حَمْزَةُ بْنُ يُوسُفَ السَّهْمِيُّ: إِذَا قُلْتَ فُلَانٌ لَيِّنٌ، أَيْشِ تُرِيدُ؟ (إِذَا قُلْتُ لَيِّنُ) الْحَدِيثِ (لَا يَكُونُ سَاقِطًا) مَتْرُوكَ الْحَدِيثِ (وَلَكِنْ مَجْرُوحًا بِشَيْءٍ لَا يَسْقُطُ عَنِ الْعَدَالَةِ) . وَمِنْ هَذِهِ الْمَرْتَبَةِ مَا ذَكَرَهُ الْعِرَاقِيُّ: فِيهِ لِينٌ، فِيهِ مَقَالٌ، ضُعِّفَ، تَعَرَّفَ وَتَنَكَّرَ، وَلَيْسَ بِذَاكَ، لَيْسَ بِالْمَتِينِ، لَيْسَ بِحُجَّةٍ لَيْسَ بِعُمْدَةٍ، لَيْسَ بِمَرْضِيٍّ لِلضَّعْفِ مَا هُوَ، فِيهِ خَلَفٌ، تَكَلَّمُوا فِيهِ، مَطْعُونٌ فِيهِ، سَيِّءُ الْحِفْظِ. (وَقَوْلُهُمْ لَيْسَ بِقَوِيٍّ يُكْتَبُ) أَيْضًا (حَدِيثُهُ) لِلِاعْتِبَارِ (وَهُوَ دُونَ لَيِّنٍ) فَهِيَ أَشَدُّ فِي الضَّعْفِ. (وَإِذَا قَالُوا: ضَعِيفُ الْحَدِيثِ فَدُونَ: لَيْسَ بِقَوِيٍّ، وَلَا يُطْرَحُ بَلْ يُعْتَبَرُ بِهِ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 408 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] أَيْضًا، وَهَذِهِ مَرْتَبَةٌ ثَالِثَةٌ، وَمِنْ هَذِهِ الْمَرْتَبَةِ فِيمَا ذَكَرَهُ الْعِرَاقِيُّ، ضَعِيفٌ فَقَطْ، مُنْكَرُ الْحَدِيثِ، حَدِيثُهُ مُنْكَرٌ، وَاهٍ ضَعَّفُوهُ. (وَإِذَا قَالُوا: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ أَوْ وَاهِيهِ أَوْ كَذَّابٌ فَهُوَ سَاقِطٌ لَا يُكْتَبُ حَدِيثُهُ) وَلَا يُعْتَبَرُ بِهِ، وَلَا يُسْتَشْهَدُ، إِلَّا أَنَّ هَاتَيْنِ مَرْتَبَتَانِ وَقَبْلَهُمَا مَرْتَبَةٌ أُخْرَى، لَا يُعْتَبَرُ بِحَدِيثِهَا أَيْضًا، وَقَدْ أَوْضَحَ ذَلِكَ الْعِرَاقِيُّ. فَالْمَرْتَبَةُ الَّتِي قَبْلُ وَهِيَ الرَّابِعَةُ، رُدَّ حَدِيثُهُ، رَدُّوا حَدِيثَهُ، مَرْدُودُ الْحَدِيثِ، ضَعِيفٌ جِدًّا، وَاهٍ بِمَرَّةٍ، طَرَحُوا حَدِيثَهُ، مُطْرَحٌ، مُطْرَحُ الْحَدِيثِ، ارْمِ بِهِ، لَيْسَ بِشَيْءٍ، لَا يُسَاوِي شَيْئًا. وَيَلِيهَا، مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ، مَتْرُوكٌ، تَرَكُوهُ، ذَاهِبٌ، ذَاهِبُ الْحَدِيثِ، سَاقِطٌ، هَالِكٌ، فِيهِ نَظَرٌ، سَكَتُوا عَنْهُ، لَا يُعْتَبَرُ بِهِ، لَا يُعْتَبَرُ بِحَدِيثِهِ، لَيْسَ بِالثِّقَةِ، لَيْسَ بِثِقَةٍ، غَيْرُ ثِقَةٍ وَلَا مَأْمُونٍ، مُتَّهَمٌ بِالْكَذِبِ أَوْ بِالْوَضْعِ. وَيَلِيهَا كَذَّابٌ، يَكْذِبُ، دَجَّالٌ، وَضَّاعٌ، يَضَعُ، وَضَعَ حَدِيثًا. (وَمِنْ أَلْفَاظِهِمْ) فِي الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ (فُلَانٌ رَوَى عَنْهُ النَّاسُ، وَسَطٌ، مُقَارِبُ الْحَدِيثِ) وَهَذِهِ الْأَلْفَاظُ الثَّلَاثَةُ مِنَ الْمَرْتَبَةِ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا شَيْخٌ، وَهِيَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 409 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] الثَّالِثَةُ مِنْ مَرَاتِبِ التَّعْدِيلِ فِيمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ، (مُضْطَرِبٌ لَا يُحْتَجُّ بِهِ مَجْهُولٌ) وَهَذِهِ الْأَلْفَاظُ الثَّلَاثَةُ فِي الْمَرْتَبَةِ الَّتِي فِيهَا: ضَعِيفُ الْحَدِيثِ، وَهِيَ الثَّالِثَةُ مِنْ مَرَاتِبِ التَّجْرِيحِ. (لَا شَيْءَ) هَذِهِ مِنْ مَرْتَبَةِ رُدَّ حَدِيثُهُ، الَّتِي أَهْمَلَهَا الْمُصَنِّفُ وَهِيَ الرَّابِعَةُ (لَيْسَ بِذَلِكَ، لَيْسَ بِذَاكَ الْقَوِيِّ، فِيهِ) ضَعْفٌ، (أَوْ فِي حَدِيثِهِ ضَعْفٌ) هَذِهِ مِنْ مَرْتَبَةِ لَيِّنُ الْحَدِيثِ، وَهِيَ الْأَوْلَى، (مَا أَعْلَمُ بِهِ بَأْسًا) ، هَذِهِ أَيْضًا مِنْهَا، أَوْ مِنْ آخِرِ مَرَاتِبِ التَّعْدِيلِ، كَأَرْجُو أَنْ لَا بَأْسَ بِهِ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَهَذِهِ أَرْفَعُ فِي التَّعْدِيلِ، لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الْعِلْمِ بِالْبَأْسِ حُصُولُ الرَّجَاءِ بِذَلِكَ. قُلْتُ: وَإِلَيْهِ يُشِيرُ صَنِيعُ الْمُصَنِّفِ (وَيُسْتَدَلُّ عَلَى مَعَانِيهَا) وَمَرَاتِبِهَا (بِمَا تَقَدَّمَ) وَقَدْ تَبَيَّنَ ذَلِكَ. 1 - تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ: الْبُخَارِيُّ يُطْلِقُ: فِيهِ نَظَرٌ وَسَكَتُوا عَنْهُ فِيمَنْ تَرَكُوا حَدِيثَهُ، وَيُطْلِقُ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ عَلَى مَنْ لَا تَحِلُّ الرِّوَايَةُ عَنْهُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 410 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] الثَّانِي: مَا تَقَدَّمَ مِنَ الْمَرَاتِبِ مُصَرِّحٌ بِأَنَّ الْعَدَالَةَ تَتَجَزَّأُ لَكِنَّهُ بِاعْتِبَارِ الضَّبْطِ، وَهَلْ تَتَجَزَّأُ بِاعْتِبَارِ الدِّينِ؟ وَجْهَانِ فِي الْفِقْهِ، وَنَظِيرُهُ الْخِلَافُ فِي تَجَزُّئِ الِاجْتِهَادِ وَهُوَ الْأَصَحُّ فِيهِ، وَقِيَاسُهُ بِتَجَزُّؤِ الْحِفْظِ فِي الْحَدِيثِ، فَيَكُونُ حَافِظًا فِي نَوْعٍ دُونَ نَوْعٍ مِنَ الْحَدِيثِ، وَفِيهِ نَظَرٌ. الثَّالِثُ: قَوْلُهُمْ مُقَارِبُ الْحَدِيثِ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: ضُبِطَ فِي الْأُصُولِ الصَّحِيحَةِ بِكَسْرِ الرَّاءِ، وَقِيلَ: إِنَّ ابْنَ السَّيِّدِ حَكَى فِيهِ الْفَتْحَ وَالْكَسْرَ، وَأَنَّ الْكَسْرَ مِنْ أَلْفَاظِ التَّعْدِيلِ، وَالْفَتْحَ مِنْ أَلْفَاظِ التَّجْرِيحِ، قَالَ: وَلَيْسَ ذَلِكَ بِصَحِيحٍ، بَلِ الْفَتْحُ وَالْكَسْرُ مَعْرُوفَانِ، حَكَاهُمَا ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ، وَهُمَا عَلَى كُلِّ حَالٍ مِنْ أَلْفَاظِ التَّعْدِيلِ. وَمِمَّنْ ذَكَرَ ذَلِكَ الذَّهَبِيُّ قَالَ: وَكَأَنَّ قَائِلَ ذَلِكَ فَهِمَ مِنْ فَتْحِ الرَّاءِ أَنَّ الشَّيْءَ الْمُقَارِبَ هُوَ الرَّدِيءُ، وَهَذَا مِنْ كَلَامِ الْعَوَامِ وَلَيْسَ مَعْرُوفًا فِي اللُّغَةِ، وَإِنَّمَا هُوَ عَلَى الْوَجْهَيْنِ مِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سَدِّدُوا وَقَارِبُوا» فَمَنْ كَسَرَ قَالَ إِنَّ مَعْنَاهُ حَدِيثُهُ مُقَارِبٌ لِحَدِيثِ غَيْرِهِ، وَمَنْ فَتَحَ قَالَ مَعْنَاهُ إِنَّ حَدِيثَهُ يُقَارِبُهُ حَدِيثُ غَيْرِهِ، وَمَادَّةُ فَاعَلَ تَقْتَضِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 411 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] الْمُشَارَكَةَ انْتَهَى. وَمِمَّنْ جَزَمَ بِأَنَّ الْفَتْحَ تَجْرِيحٌ الْبُلْقِينِيُّ فِي " مَحَاسِنِ الِاصْطِلَاحِ "، وَقَالَ: حَكَى ثَعْلَبٌ: تِبْرٌ مُقَارِبٌ، أَيْ رَدِيءٌ انْتَهَى. وَقَوْلُهُمْ إِلَى الصِّدْقِ مَا هُوَ، وَلِلضَّعْفِ مَا هُوَ مَعْنَاهُ قَرِيبٌ مِنَ الصِّدْقِ وَالضَّعْفِ، فَحَرْفُ الْجَرِّ يَتَعَلَّقُ بِقَرِيبٍ مُقَدَّرًا، وَمَا زَائِدَةٌ فِي الْكَلَامِ، كَمَا قَالَ عِيَاضٌ وَالْمُصَنِّفُ فِي حَدِيثِ الْجَسَّاسَةِ عِنْدَ مُسْلِمٍ «مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ» ، مَا هُوَ " الْمُرَادُ إِثْبَاتُ أَنَّهُ فِي جِهَةِ الْمَشْرِقِ. وَقَوْلُهُمْ وَاهٍ بِمَرَّةٍ أَيْ قَوْلًا وَاحِدًا لَا تَرَدُّدَ فِيهِ، فَكَأَنَّ الْبَاءَ زَائِدَةٌ، وَقَوْلُهُمْ: تَعَرَّفَ وَتَنَكَّرَ، أَيْ يَأْتِي مَرَّةً بِالْمَنَاكِيرِ وَمَرَّةً بِالْمَشَاهِيرِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 412 النَّوْعُ الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ: كَيْفِيَّةُ سَمَاعِ الْحَدِيثِ، وَتَحَمُّلُهُ، وَصِفَةُ ضَبْطِهِ: تُقْبَلُ رِوَايَةُ الْمُسْلِمِ الْبَالِغِ مَا تَحَمَّلَهُ قَبْلَهُمَا، وَمَنَعَ الثَّانِيَ قَوْمٌ فَأَخْطَئُوا. قَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ: يُسْتَحَبُّ أَنْ يَبْتَدِئَ بِسَمَاعِ الْحَدِيثِ بَعْدَ ثَلَاثِينَ سَنَةً، وَقِيلَ بَعْدَ عِشْرِينَ، وَالصَّوَابُ فِي هَذِهِ الْأَزْمَانِ التَّبْكِيرُ بِهِ مِنْ حِينِ يَصِحُّ سَمَاعُهُ، وَبِكَتْبِهِ وَتَقْيِيدِهِ حِينَ يَتَأَهَّلُ لَهُ، وَيَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ. وَنَقَلَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ: أَنَّ أَهْلَ الصَّنْعَةِ حَدَّدُوا أَوَّلَ زَمَنٍ يَصِحُّ فِيهِ السَّمَاعُ بِخَمْسِ سِنِينَ، وَعَلَى هَذَا اسْتَقَرَّ الْعَمَلُ. وَالصَّوَابُ اعْتِبَارُ التَّمْيِيزِ، فَإِنْ فَهِمَ الْخِطَابَ وَرَدَّ الْجَوَابَ كَانَ مُمَيِّزًا صَحِيحَ السَّمَاعِ، وَإِلَّا فَلَا، وَرُوِيَ نَحْوُ هَذَا عَنْ مُوسَى بْنِ هَارُونَ، وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ.   [تدريب الراوي] [النَّوْعُ الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ كَيْفِيَّةُ سَمَاعِ الْحَدِيثِ وَتَحَمُّلُهُ وَصِفَةُ ضَبْطِهِ] [أول زمن يصح فيه سماع الحديث] (النَّوْعُ الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ: كَيْفِيَّةُ سَمَاعِ الْحَدِيثِ وَتَحَمُّلُهُ وَصِفَةُ ضَبْطِهِ: تُقْبَلُ رِوَايَةُ الْمُسْلِمِ الْبَالِغِ مَا تَحَمَّلَهُ قَبْلَهُمَا) فِي حَالِ الْكُفْرِ وَالصِّبَا (وَمَنْعَ الثَّانِيَ) أَيْ قَبُولَ رِوَايَةِ مَا تَحَمَّلَهُ فِي الصِّبَا (قَوْمٌ فَأَخْطَأُوا) لِأَنَّ النَّاسَ قَبِلُوا رِوَايَةَ أَحْدَاثِ الصَحَابَةِ كَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَالنُّعْمَانَ بْنِ بَشِيرٍ وَالسَّائِبِ بْنِ يَزِيدٍ وَالْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ وَغَيْرِهِمْ، مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ مَا تَحَمَّلُوهُ قَبْلَ الْبُلُوغِ وَبَعْدَهُ. وَكَذَلِكَ كَانَ أَهْلُ الْعِلْمِ يُحْضِرُونَ الصِّبْيَانَ مَجَالِسَ الْحَدِيثِ وَيَعْتَدُّونَ بِرِوَايَتِهِمْ بَعْدَ الْبُلُوغِ. وَمِنْ أَمْثِلَةِ مَا تَحَمَّلَ فِي حَالَةِ الْكُفْرِ: «حَدِيثُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ بِالطُّورِ، وَكَانَ جَاءَ فِي فِدَاءِ أَسْرَى بَدْرٍ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ. وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ: " وَذَلِكَ أَوَّلَ مَا وَقَرَ الْإِيمَانُ فِي قَلْبِي» . وَلَمْ يَجْرِ الْخِلَافُ السَّابِقُ هُنَا، كَأَنَّهُ لِأَنَّ الصَّبِيَّ لَا يَضْبِطُ غَالِبًا مَا تَحَمَّلَهُ فِي صِبَاهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 413 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] بِخِلَافِ الْكَافِرِ، نَعَمْ رَأَيْتُ الْقُطْبَ الْقَسْطَلَانِيَّ فِي كِتَابِهِ " الْمَنْهَجِ فِي عُلُومِ الْحَدِيثِ "، أَجْرَى الْخِلَافَ فِيهِ وَفِي الْفَاسِقِ أَيْضًا. (قَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ: يُسْتَحَبُّ أَنْ يَبْتَدِئَ بِسَمَاعِ الْحَدِيثِ بَعْدَ ثَلَاثِينَ سَنَةً) وَعَلَيْهِ أَهْلُ الشَّامِ (وَقِيلَ: بَعْدَ عِشْرِينَ) سَنَةً، وَعَلَيْهِ أَهْلُ الْكُوفَةِ. قِيلَ لِمُوسَى بْنِ إِسْحَاقَ: كَيْفَ لَمْ تَكْتُبْ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ؟ فَقَالَ: كَانَ أَهْلُ الْكُوفَةِ لَا يُخْرِجُونَ أَوْلَادَهُمْ فِي طَلَبِ الْحَدِيثِ صِغَارًا حَتَّى يَسْتَكْمِلُوا عِشْرِينَ سَنَةً وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: " كَانَ الرَّجُلُ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَطْلُبَ الْحَدِيثَ تَعَبَّدَ قَبْلَ ذَلِكَ عِشْرِينَ سَنَةً ". وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ: " يُسْتَحَبُّ كَتْبُ الْحَدِيثِ فِي الْعِشْرِينَ، لِأَنَّهَا مُجْتَمَعُ الْعَقْلِ. قَالَ: وَأُحِبُّ أَنْ يَشْتَغِلَ دُونَهَا بِحِفْظِ الْقُرْآنِ وَالْفَرَائِضِ "، أَيِ الْفِقْهِ. (وَالصَّوَابُ فِي هَذِهِ الْأَزْمَانِ) بَعْدَ أَنْ صَارَ الْمَلْحُوظُ إِبْقَاءَ سِلْسِلَةِ الْإِسْنَادِ (التَّبْكِيرُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 414 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] بِهِ) أَيْ بِالسَّمَاعِ (مِنْ حَيْثُ يَصِحُّ سَمَاعُهُ) أَيِ الصَّغِيرُ (وَبِكَتْبِهِ) أَيِ الْحَدِيثِ (وَتَقْيِيدِهِ) وَضَبْطِهِ (حِينَ يَتَأَهَّلُ لَهُ) وَيَسْتَعِدُّ (وَ) ذَلِكَ (يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ) وَلَا يَنْحَصِرُ فِي سِنٍّ مَخْصُوصٍ. (وَنَقَلَ الْقَاضِي عِيَاضٌ أَنَّ أَهْلَ الصَّنْعَةِ حَدَّدُوا أَوَّلَ زَمَنٍ يَصِحُّ فِيهِ السَّمَاعُ) لِلصَّغِيرِ (بِخَمْسِ سِنِينَ) وَنَسَبَهُ غَيْرُهُ لِلْجُمْهُورِ. وَقَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: (وَعَلَى هَذَا اسْتَقَرَّ الْعَمَلُ) بَيْنَ أَهْلِ الْحَدِيثِ، فَيَكْتُبُونَ لِابْنِ خَمْسٍ فَصَاعِدًا " سَمِعَ "، وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ خَمْسًا " حَضَرَ أَوْ أُحْضِرَ "، وَحُجَّتُهُمْ فِي ذَلِكَ مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ قَالَ: «عَقَلْتُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَجَّةً مَجَّهَا فِي وَجْهِي مِنْ دَلْوٍ وَأَنَا ابْنُ خَمْسِ سِنِينَ» ، بَوَّبَ عَلَيْهِ الْبُخَارِيُّ: مَتَى يَصِحُّ سَمَاعُ الصَّغِيرِ؟ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 415 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] قَالَ الْمُصَنِّفُ كَابْنِ الصَّلَاحِ: (وَالصَّوَابُ اعْتِبَارُ التَّمْيِيزِ فَإِنْ فَهِمَ الْخِطَابَ وَرَدَّ الْجَوَابَ كَانَ مُمَيِّزًا صَحِيحَ السَّمَاعِ) وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ خَمْسًا (وَإِلَّا فَلَا) وَإِنَّ كَانَ ابْنُ خَمْسٍ فَأَكْثَرَ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَقْلِ مَحْمُودٍ الْمَجَّةَ فِي هَذَا السِّنِّ أَنَّ تَمْيِيزَ غَيْرِهِ مِثْلُ تَمْيِيزِهِ، بَلْ قَدْ يَنْقُصُ عَنْهُ وَقَدْ يَزِيدُ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ لَا يَعْقِلَ مِثْلَ ذَلِكَ وَسِنُّهُ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَقْلِ الْمَجَّةِ عَقْلُ غَيْرِهَا مِمَّا يَسْمَعُهُ. وَقَالَ الْقَسْطَلَانِيُّ فِي كِتَابِ " الْمَنْهَجِ ": مَا اخْتَارَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ هُوَ التَّحْقِيقُ وَالْمَذْهَبُ الصَّحِيحُ. (وَرُوِيَ نَحْوُ هَذَا) وَهُوَ اعْتِبَارُ التَّمْيِيزِ (عَنْ مُوسَى بْنِ هَارُونَ) الْحَمَّالِ أَحَدِ الْحُفَّاظِ (وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ) أَمَّا مُوسَى فَإِنَّهُ سُئِلَ مَتَى يَسْمَعُ الصَّبِيُّ الْحَدِيثَ؟ فَقَالَ: إِذَا فَرَّقَ بَيْنَ الْبَقَرَةِ وَالْحِمَارِ. وَأَمَّا أَحْمَدُ فَإِنَّهُ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: إِذَا عَقَلَ وَضَبَطَ، فَذُكِرَ لَهُ عَنْ رَجُلٍ أَنَّهُ قَالَ لَا يَجُوزُ سَمَاعُهُ حَتَّى يَكُونَ لَهُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً لِأَنَّ «رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَدَّ الْبَرَاءَ وَابْنَ عُمَرَ اسْتَصْغَرَهُمَا يَوْمَ بَدْرٍ» ، فَأَنْكَرَ قَوْلَهُ هَذَا وَقَالَ: بِئْسَ الْقَوْلُ، فَكَيْفَ يَصْنَعُ بِسُفْيَانَ وَوَكِيعٍ وَنَحْوِهِمَا، أَسْنَدَهُمَا الْخَطِيبُ فِي " الْكِفَايَةِ ". فَالْقَوْلَانِ رَاجِعَانِ إِلَى اعْتِبَارِ التَّمْيِيزِ، وَلَيْسَا بِقَوْلَيْنِ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ، خِلَافًا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 416 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] لِلْعِرَاقِيِّ حَيْثُ فَهِمَ ذَلِكَ فَحَكَى فِيهِ أَرْبَعَةَ أَقْوَالٍ، وَكَأَنَّهُ أَرَادَ حِكَايَةَ الْقَوْلِ الْمَذْكُورِ لِأَحْمَدَ، وَهُوَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَقَدْ حَكَاهُ الْخَطِيبُ فِي " الْكِفَايَةِ " عَنْ قَوْمٍ مِنْهُمْ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، وَحَكَى عَنْ آخَرِينَ مِنْهُمْ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ. وَمِمَّا قِيلَ فِي ضَابِطِ التَّمْيِيزِ: أَنْ يُحْسِنَ الْعَدَدَ مِنْ وَاحِدٍ إِلَى عِشْرِينَ، حَكَاهُ ابْنُ الْمُلَقِّنِ، وَفَرَّقَ السَّلَفِيُّ بَيْنَ الْعَرَبِيِّ وَالْعَجَمِيِّ فَقَالَ أَكْثَرُهُمْ عَلَى أَنَّ الْعَرَبِيَّ يَصِحُّ سَمَاعُهُ إِذَا بَلَغَ أَرْبَعَ سِنِينَ لِحَدِيثِ مَحْمُودٍ، وَالْعَجَمِيَّ إِذَا بَلَغَ سِتَّ سِنِينَ. وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَرْجِعَ إِلَى التَّمْيِيزِ مَا ذَكَرَهُ الْخَطِيبُ قَالَ: سَمِعْتُ الْقَاضِيَ أَبَا مُحَمَّدٍ الْأَصْبَهَانِيَّ يَقُولُ: حَفِظْتُ الْقُرْآنَ وَلِي خَمْسُ سِنِينَ، وَأُحْضِرْتُ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ الْمُقْرِئِ وَلِي أَرْبَعُ سِنِينَ، فَأَرَادُوا أَنْ يَسْمَعُوا لِي فِيمَا حَضَرْتُ قِرَاءَتَهُ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّهُ يَصْغُرُ عَنِ السَّمَاعِ، فَقَالَ لِي ابْنُ الْمُقْرِئِ: اقْرَأْ سُورَةَ الْكَافِرِينَ فَقَرَأْتُهَا، فَقَالَ: اقْرَأْ سُورَةَ التَّكْوِيرِ، فَقَرَأْتُهَا، فَقَالَ لِي غَيْرُهُ اقْرَأْ سُورَةَ الْمُرْسَلَاتِ، فَقَرَأْتُهَا وَلَمْ أَغْلَطْ فِيهَا، فَقَالَ ابْنُ الْمُقْرِئِ: سَمِّعُوا لَهُ وَالْعُهْدَةُ عَلَيَّ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 417 بَيَانُ أَقْسَامِ طُرُقِ تَحَمُّلِ الْحَدِيثِ. وَمَجَامِعُهَا ثَمَانِيَةُ أَقْسَامٍ: الْأَوَّلُ: سَمَاعُ لَفْظِ الشَّيْخِ، وَهُوَ إِمْلَاءٌ وَغَيْرُهُ مِنْ حِفْظٍ وَمِنْ كِتَابٍ. وَهُوَ أَرْفَعُ الْأَقْسَامِ عِنْدَ الْجَمَاهِيرِ. قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: لَا خِلَافَ أَنَّهُ يَجُوزُ فِي هَذَا لِلسَّامِعِ أَنْ يَقُولَ فِي رِوَايَتِهِ: حَدَّثَنَا وَأَخْبَرَنَا وَأَنْبَأَنَا وَسَمِعْتُ فُلَانًا وَقَالَ لَنَا وَذَكَرَ لَنَا. قَالَ الْخَطِيبُ: أَرْفَعُهَا سَمِعْتُ ثُمَّ حَدَّثَنَا وَحَدَّثَنِي ثُمَّ أَخْبَرَنَا، وَهُوَ كَثِيرٌ فِي الِاسْتِعْمَالِ، وَكَانَ هَذَا قَبْلَ أَنْ يَشِيعَ تَخْصِيصُ أَخْبَرَنَا بِالْقِرَاءَةِ عَلَى الشَّيْخِ. قَالَ: ثُمَّ أَنْبَأَنَا وَنَبَّأَنَا وَهُوَ قَلِيلٌ فِي الِاسْتِعْمَالِ. قَالَ الشَّيْخُ: حَدَّثَنَا وَأَخْبَرَنَا أَرْفَعُ مِنْ سَمِعْتُ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى، إِذْ لَيْسَ فِي سَمِعْتُ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَ الشَّيْخَ رَوَّاهُ إِيَّاهُ بِخِلَافِهِمَا. وَأَمَّا قَالَ لَنَا فُلَانٌ أَوْ ذَكَرَ لَنَا، فَكَحَدَّثَنَا. غَيْرَ أَنَهُ لَائِقٌ بِسَمَاعِ الْمُذَاكَرَةِ وَهُوَ بِهِ أَشْبَهُ مِنْ حَدَّثَنَا. وَأَوْضَحُ الْعِبَارَاتِ: قَالَ أَوْ ذَكَرَ مِنْ غَيْرِ لِي، أَوْ لَنَا، وَهُوَ أَيْضًا مَحْمُولٌ عَلَى السَّمَاعِ إِذَا عُرِفَ اللِّقَاءُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي نَوْعِ الْمُعْضَلِ، لَا سِيَّمَا إِنْ عُرِفَ أَنَّهُ لَا يَقُولَ قَالَ إِلَّا فِيمَا سَمِعَهُ مِنْهُ، وَخَصَّ الْخَطِيبُ حَمْلَهُ عَلَى السَّمَاعِ بِهِ وَالْمَعْرُوفُ أَنَّهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ.   [تدريب الراوي] [بَيَانُ أَقْسَامِ طُرُقِ تَحَمُّلِ الْحَدِيثِ] [القسم الأول سَمَاعُ لَفْظِ الشَّيْخِ وَهُوَ إِمْلَاءٌ وَغَيْرُهُ] (بَيَانُ أَقْسَامِ طُرُقِ تَحَمُّلِ الْحَدِيثِ) هِيَ تَرْجَمَةٌ (وَمَجَامِعُهَا ثَمَانِيَةُ أَقْسَامٍ: الْأَوَّلُ: سَمَاعُ لَفْظِ الشَّيْخِ وَهُوَ إِمْلَاءٌ وَغَيْرُهُ) أَيْ تَحْدِيثٌ مِنْ غَيْرِ إِمْلَاءٍ. وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَكُونُ (مِنْ حِفْظٍ) لِلشَّيْخِ (وَمِنْ كِتَابٍ) لَهُ، (وَهُوَ أَرْفَعُ الْأَقْسَامِ) أَيْ أَعْلَى طُرُقِ التَّحَمُّلِ (عِنْدَ الْجَمَاهِيرِ) وَسَيَأْتِي مُقَابِلُهُ فِي الْقِسْمِ الْآتِي. وَالْإِمْلَاءُ أَعْلَى مِنْ غَيْرِهِ، وَإِنِ اسْتَوَيَا فِي أَصْلِ الرُّتْبَةِ (قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ) أَسْنَدَهُ إِلَيْهِ لِيَبْرَأَ مِنْ عُهْدَتِهِ (لَا خِلَافَ أَنَّهُ يَجُوزُ فِي هَذَا لِلسَّامِعِ) مِنَ الشَّيْخِ (أَنْ يَقُولَ فِي رِوَايَتِهِ) عَنْهُ (حَدَّثَنَا وَأَخْبَرَنَا وَأَنْبَأَنَا وَسَمِعْتُ فُلَانًا) يَقُولُ (وَقَالَ لَنَا) فُلَانٌ (وَذَكَرَ لَنَا) فُلَانٌ. قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ وَفِي هَذَا نَظَرٌ، وَيَنْبَغِي فِيمَا شَاعَ اسْتِعْمَالُهُ مِنْ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 418 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] مَخْصُوصًا بِمَا سَمِعَ مِنْ غَيْرِ لَفْظِ الشَّيْخِ أَنْ لَا يُطْلِقَ فِيمَا سَمِعَ مِنْ لَفْظِهِ، لِمَا فِيهِ مِنَ الْإِيهَامِ وَالْإِلْبَاسِ. وَقَالَ الْعِرَاقِيُّ: مَا ذَكَرَهُ عِيَاضٌ وَحَكَى عَلَيْهِ الْإِجْمَاعَ مُتَّجَهٌ، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى السَّامِعِ أَنْ يُبَيِّنَ هَلْ كَانَ السَّمَاعُ إِمْلَاءً أَوْ عَرْضًا. قَالَ: نَعَمْ إِطْلَاقُ أَنْبَأَنَا بَعْدَ أَنِ اشْتُهِرَ اسْتِعْمَالُهَا فِي الْإِجَازَةِ يُؤَدِّي إِلَى أَنْ نَظُنَّ بِمَا أَدَّاهُ بِهَا أَنَّهُ إِجَازَةٌ، فَيُسْقِطُهُ مَنْ لَا يَحْتَجُّ بِهَا، فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُسْتَعْمَلَ فِي السَّمَاعِ لِمَا حَدَثَ مِنَ الِاصْطِلَاحِ. (قَالَ الْخَطِيبُ: أَرْفَعُهَا) أَيِ الْعِبَارَاتِ فِي ذَلِكَ (سَمِعْتُ) ثُمَّ (حَدَّثَنَا وَحَدَّثَنِي) فَإِنَّهُ لَا يَكَادُ أَحَدٌ يَقُولُ سَمِعْتُ فِي الْإِجَازَةِ وَالْمُكَاتَبَةِ، وَلَا فِي تَدْلِيسٍ مَا لَمْ يَسْمَعْهُ، بِخِلَافِ حَدَّثَنَا فَإِنَّ بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ كَانَ يَسْتَعْمِلُهَا فِي الْإِجَازَةِ. وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ، وَتَأَوَّلَ حَدَّثَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ، وَالْحَسَنُ بِهَا، إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ شَيْئًا. قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَمِنْهُمْ مَنْ أَثْبَتَ لَهُ سَمَاعًا مِنْهُ. قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: وَهَذَا إِذَا لَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ قَاطِعٌ عَلَى أَنَّ الْحَسَنَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ، لَمْ يَجُزْ أَنْ يُصَارَ إِلَيْهِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 419 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] قَالَ الْعِرَاقِيُّ: قَالَ أَبُو زُرْعَةَ وَأَبُو حَاتِمٍ: مَنْ قَالَ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ فَقَدْ أَخْطَأَ، قَالَ: وَالَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ، قَالَهُ غَيْرُهُمَا أَيُّوبُ وَبَهْزُ بْنُ أَسَدٍ وَيُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ وَالنَّسَائِيُّ وَالْخَطِيبُ وَغَيْرُهُمْ. وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: لَيْسَتْ حَدَّثَنَا بِنَصٍّ فِي أَنَّ قَائِلَهَا سَمِعَ. فَفِي " صَحِيحِ مُسْلِمٍ " فِي حَدِيثِ الَّذِي يَقْتُلُهُ الدَّجَّالُ فَيَقُولُ: «أَنْتَ الدَّجَّالُ الَّذِي حَدَّثَنَا بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» . قَالَ: وَمَعْلُومٌ أَنَّ ذَلِكَ الرَّجُلَ مُتَأَخِّرُ الْمِيقَاتِ، أَيْ فَيَكُونُ الْمُرَادُ حَدِيثَ أُمَّتِهِ، وَهُوَ مِنْهُمْ، لَكِنْ قَالَ مَعْمَرٌ: إِنَّهُ الْخَضِرُ، فَحِينَئِذٍ لَا مَانِعَ مِنْ سَمَاعِهِ. قَالَ الْخَطِيبُ: (ثُمَّ) يَتْلُو حَدَّثَنَا (أَخْبَرَنَا وَهُوَ كَثِيرٌ فِي الِاسْتِعْمَالِ) حَتَّى إِنَّ جَمَاعَةً لَا يَكَادُونَ يَسْتَعْمِلُونَ فِيمَا سَمِعُوهُ مِنْ لَفْظِ الشَّيْخِ غَيْرَهَا، مِنْهُمْ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ وَهُشَيْمُ بْنُ بَشِيرٍ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَعَمْرُو بْنُ عَوْفٍ وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 420 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] التَّمِيمِيُّ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ وَأَبُو مَسْعُودٍ أَحْمَدُ بْنُ الْفُرَاتِ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ الرَّازِيَّانِ وَغَيْرُهُمْ. وَقَالَ أَحْمَدُ: أَخْبَرَنَا أَسْهَلُ مَنْ حَدَّثَنَا، حَدَّثَنَا شَدِيدٌ، قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: (وَكَانَ هَذَا قَبْلَ أَنْ يَشِيعَ تَخْصِيصُ أَخْبَرَنَا بِالْقِرَاءَةِ عَلَى الشَّيْخِ. قَالَ) الْخَطِيبُ: (ثُمَّ) بَعْدَ أَخْبَرَنَا (أَنْبَأَنَا وَنَبَّأَنَا وَهُوَ قَلِيلٌ فِي الِاسْتِعْمَالِ. قَالَ الشَّيْخُ) ابْنُ الصَّلَاحِ: (حَدَّثَنَا وَأَخْبَرَنَا أَرْفَعُ مَنْ سَمِعْتُ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى إِذْ لَيْسَ فِي سَمِعْتُ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الشَّيْخَ رَوَّاهُ) - بِالتَّشْدِيدِ - (إِيَّاهُ) وَخَاطَبَهُ بِهِ (بِخِلَافِهِمَا) فَإِنَّ فِيهِمَا دَلَالَةً عَلَى ذَلِكَ. وَقَدْ سَأَلَ الْخَطِيبُ شَيْخَهُ الْحَافِظَ أَبَا بَكْرٍ الْبَرْقَانِيَّ عَنِ السِّرِّ فِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 421 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] كَوْنِهِ يَقُولُ لَهُمْ فِيمَا رَوَاهُ عَنْ أَبِي الْقَاسِمِ الْآبَنْدُونِيِّ سَمِعْتُ، وَلَا يَقُولُ حَدَّثَنَا وَلَا أَخْبَرَنَا، فَذَكَرَ لَهُ أَنَّ أَبَا الْقَاسِمِ كَانَ مَعَ ثِقَتِهِ وَصَلَاحِهِ عَسِرًا فِي الرِّوَايَةِ، فَكَانَ الْبَرْقَانِيُّ يَجْلِسُ بِحَيْثُ لَا يَرَاهُ أَبُو الْقَاسِمِ، وَلَا يَعْلَمُ بِحُضُورِهِ فَيَسْمَعُ مِنْهُ مَا يُحَدِّثُ بِهِ الشَّخْصَ الدَّاخِلَ، فَلِذَلِكَ يَقُولُ: سَمِعْتُ، وَلَا يَقُولُ حَدَّثَنَا وَلَا أَخْبَرَنَا، لِأَنَّ قَصْدَهُ كَانَ الرِّوَايَةَ لِلدَّاخِلِ إِلَيْهِ وَحْدَهُ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَالصَّحِيحُ التَّفْصِيلُ، وَهُوَ أَنَّ حَدَّثَنَا أَرْفَعُ إِنْ حَدَّثَهُ عَلَى الْعُمُومِ، وَسَمِعْتُ إِنْ حَدَّثَهُ عَلَى الْخُصُوصِ، وَكَذَا قَالَ الْقَسْطَلَانِيُّ فِي الْمَنْهَجِ. (وَأَمَّا قَالَ لَنَا فُلَانٌ) أَوْ قَالَ لِي (أَوْ ذَكَرَ لَنَا) أَوْ ذَكَرَ لِي (فَكَحَدَّثَنَا) فِي أَنَّهُ مُتَّصِلٌ (غَيْرَ أَنَّهُ لَائِقٌ بِسَمَاعِ الْمُذَاكَرَةِ وَهُوَ بِهِ أَشْبَهُ مِنْ حَدَّثَنَا. وَأَوْضَحُ الْعِبَارَاتِ: (قَالَ، أَوْ ذَكَرَ مِنْ غَيْرِ لِي، أَوْ لَنَا، وَهُوَ) مَعَ ذَلِكَ (أَيْضًا مَحْمُولٌ عَلَى السَّمَاعِ إِذَا عُرِفَ اللِّقَاءُ) وَسَلِمَ مِنَ التَّدْلِيسِ (عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي نَوْعِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 422 الْقِسْمُ الثَّانِي: الْقِرَاءَةُ عَلَى الشَّيْخِ، وَيُسَمِّيهَا أَكْثَرُ الْمُحَدِّثِينَ عَرْضًا. سَوَاءٌ قَرَأْتَ أَوْ غَيْرُكَ وَأَنْتَ تَسْمَعُ مِنْ كِتَابٍ أَوْ حِفْظٍ، حَفِظَ الشَّيْخُ أَمْ لَا إِذَا أَمْسَكَ أَصْلَهُ هُوَ أَوْ ثِقَةٌ، وَهِيَ رِوَايَةٌ صَحِيحَةٌ بِلَا خِلَافٍ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ إِلَّا مَا حُكِيَ عَنْ بَعْضِ مَنْ لَا يُعْتَدُّ بِهِ. وَاخْتَلَفُوا فِي مُسَاوَاتِهَا لِلسَّمَاعِ مِنْ لَفْظِ الشَّيْخِ وَرُجْحَانِهِ عَلَيْهَا وَرُجْحَانِهَا عَلَيْهِ، فَحُكِيَ الْأَوَّلُ عَنْ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَأَشْيَاخِهِ وَمُعْظَمِ عُلَمَاءِ الْحِجَازِ وَالْكُوفَةِ وَالْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِمْ، وَالثَّانِي عَنْ جُمْهُورِ أَهْلِ الْمَشْرِقِ وَهُوَ الصَّحِيحُ. وَالثَّالِثُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَابْنِ أَبِي ذِئْبٍ وَغَيْرِهِمَا، وَرِوَايَةٌ عَنْ مَالِكٍ، وَالْأَحْوَطُ فِي الرِّوَايَةِ بِهَا: قَرَأْتُ عَلَى فُلَانٍ أَوْ قُرِئَ عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ فَأَقَرَّ بِهِ، ثُمَّ عِبَارَاتُ السَّمَاعِ مُقَيَّدَةً: كَحَدَّثَنَا أَوْ أَخْبَرَنَا قِرَاءَةً عَلَيْهِ، وَأَنْشَدَنَا فِي الشِّعْرِ قِرَاءَةً عَلَيْهِ، وَمَنَعَ إِطْلَاقَ حَدَّثَنَا وَأَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَالنَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَجَوَّزَهَا طَائِفَةٌ. قِيلَ: إِنَّهُ مَذْهَبُ الزُّهْرِيِّ، وَمَالِكٍ، وَابْنِ عُيَيْنَةَ، وَيَحْيَى الْقَطَّانِ، وَالْبُخَارِيِّ، وَجَمَاعَاتٍ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ وَمُعْظَمِ الْحِجَازِيِّينَ وَالْكُوفِيِّينَ. وَمِنْهُمْ مَنْ أَجَازَ فِيهَا سَمِعْتُ، وَمَنَعَتْ طَائِفَةٌ حَدَّثَنَا وَأَجَازَتْ أَخْبَرَنَا وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِ وَمُسْلِمِ بْنِ الْحَجَّاجِ وَجُمْهُورِ أَهْلِ الْمَشْرِقِ. وَقِيلَ: إِنَّهُ مَذْهَبُ أَكْثَرِ الْمُحَدِّثِينَ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَابْنِ وَهْبٍ وَرُوِيَ عَنِ النَّسَائِيِّ أَيْضًا وَصَارَ هُوَ الشَّائِعَ الْغَالِبَ عَلَى أَهْلِ الْحَدِيثِ.   [تدريب الراوي] الْمُعْضَلِ) فِي الْكَلَامِ عَلَى الْعَنْعَنَةِ (لَا سِيَّمَا إِنْ عُرِفَ) مِنْ حَالِهِ (أَنَّهُ لَا يَقُولُ: قَالَ إِلَّا فِيمَا سَمِعَهُ مِنْهُ) كَحَجَّاجِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَعْوَرِ رَوَى كُتُبَ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْهُ بِلَفْظِ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ فَحَمَلَهَا النَّاسُ عَنْهُ وَاحْتَجُّوا بِهَا (وَخَصَّ الْخَطِيبُ حَمْلَهُ عَلَى السَّمَاعِ بِهِ) أَيْ مَنْ عُرِفَ مِنْهُ ذَلِكَ بِخِلَافِ مَنْ لَا يُعْرَفُ مِنْهُ ذَلِكَ فَلَا يَحْمِلُهُ عَلَى السَّمَاعِ (وَالْمَعْرُوفُ أَنَّهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ) . وَأَفْرَطَ ابْنُ مَنْدَهْ فَقَالَ: حَيْثُ قَالَ الْبُخَارِيُّ " قَالَ لَنَا " فَهُوَ إِجَازَةٌ، وَحَيْثُ قَالَ " قَالَ فُلَانٌ " فَهُوَ تَدْلِيسٌ، وَرَدَّ الْعُلَمَاءُ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَلَمْ يَقْبَلُوهُ. [القسم الثاني الْقِرَاءَةُ عَلَى الشَّيْخِ وتسَمى عَرْضًا] (الْقِسْمُ الثَّانِي) مِنْ أَقْسَامِ التَّحَمُّلِ (الْقِرَاءَةُ عَلَى الشَّيْخِ وَيُسَمِّيهَا أَكْثَرُ الْمُحَدِّثِينَ عَرْضًا) مِنْ حَيْثُ إِنَّ الْقَارِئَ يَعْرِضُ عَلَى الشَّيْخِ مَا يَقْرَؤُهُ كَمَا يُعْرَضُ الْقُرْآنُ عَلَى الْمُقْرِئِ، لَكِنْ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ: بَيْنَ الْقِرَاءَةِ وَالْعَرْضِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 423 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] عُمُومٌ وَخُصُوصٌ، لِأَنَّ الطَّالِبَ إِذَا قَرَأَ كَانَ أَعَمَّ مِنَ الْعَرْضِ وَغَيْرِهِ، وَلَا يَقَعُ الْعَرْضُ إِلَّا بِالْقِرَاءَةِ ; لِأَنَّ الْعَرْضَ عِبَارَةٌ عَمَّا يَعْرِضُ بِهِ الطَّالِبُ أَصْلَ شَيْخِهِ مَعَهُ أَوْ مَعَ غَيْرِهِ بِحَضْرَتِهِ. فَهُوَ أَخَصُّ مِنَ الْقِرَاءَةِ، انْتَهَى. (سَوَاءٌ قَرَأْتَ) عَلَيْهِ بِنَفْسِكَ (أَوْ قَرَأَ غَيْرُكَ) عَلَيْهِ (وَأَنْتَ تَسْمَعُ) وَسَوَاءٌ كَانَتِ الْقِرَاءَةُ مِنْكَ أَوْ مِنْ غَيْرِكَ (مِنْ كِتَابٍ أَوْ حِفْظٍ) وَسَوَاءٌ فِي الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ (حَفِظَ الشَّيْخُ) مَا قُرِئَ عَلَيْهِ (أَمْ لَا إِذَا أَمْسَكَ أَصْلَهُ هُوَ أَوْ ثِقَةٌ) غَيْرُهُ كَمَا سَيَأْتِي. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَهَكَذَا إِنْ كَانَ ثِقَةً مِنَ السَّامِعِينَ يَحْفَظُ مَا قُرِئَ وَهُوَ مُسْتَمِعٌ غَيْرُ غَافِلٍ، فَذَلِكَ كَافٍ أَيْضًا. قَالَ: وَلَمْ يَذْكُرِ ابْنُ الصَّلَاحِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ. وَالْحُكْمُ فِيهَا مُتَّجَهٌ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ إِمْسَاكِ الثِّقَةِ لِأَصْلِ الشَّيْخِ وَبَيْنَ حِفْظِ الثِّقَةِ لِمَا يَقْرَأُ، وَقَدْ رَأَيْتُ غَيْرَ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِمُ اكْتَفَى بِذَلِكَ، انْتَهَى. وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: يَنْبَغِي تَرْجِيحَ الْإِمْسَاكِ فِي الصُّوَرِ كُلِّهَا عَلَى الْحِفْظِ لِأَنَّهُ خَوَّانٌ، وَشَرَطَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي الْقَارِئِ أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يَعْرِفُ وَيَفْهَمُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 424 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَشَرَطَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي الشَّيْخِ أَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ لَوْ فُرِضَ مِنَ الْقَارِئِ تَحْرِيفٌ أَوْ تَصْحِيفٌ لَرَدَّهُ، وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ التَّحَمُّلُ بِهَا. (وَهِيَ) أَيِ الرِّوَايَةُ بِالْقِرَاءَةِ بِشَرْطِهَا (رِوَايَةٌ صَحِيحَةٌ، بِلَا خِلَافٍ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ إِلَّا مَا حُكِيَ عَنْ بَعْضِ مَنْ لَا يُعْتَدُّ بِهِ) إِنْ ثَبَتَ عَنْهُ، وَهُوَ أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ، رَوَاهُ الرَّامَهُرْمُزِيُّ عَنْهُ. وَرَوَى الْخَطِيبُ عَنْ وَكِيعٍ قَالَ: مَا أَخَذْتُ حَدِيثًا قَطُّ عَرْضًا، وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَامٍ أَنَّهُ أَدْرَكَ مَالِكًا وَالنَّاسُ يَقْرَأُونَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ لِذَلِكَ، وَكَذَلِكَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَلَامٍ الْجُمَحِيُّ لَمْ يَكْتَفِ بِذَلِكَ، فَقَالَ مَالِكٌ: أَخْرِجُوهُ عَنِّي. وَمِمَّنْ قَالَ بِصِحَّتِهَا مِنَ الصَحَابَةِ فِيمَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي " الْمَدْخَلِ ": أَنَسٌ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ. وَمِنَ التَّابِعِينَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ، وَأَبُو سَلَمَةَ، وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَسَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَخَارِجَةُ بْنُ زَيْدٍ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ، وَابْنُ هُرْمُزَ، وَعَطَاءٌ، وَنَافِعٌ، وَعُرْوَةُ، وَالشَّعْبِيُّ، وَالزُّهْرِيُّ، وَمَكْحُولٌ، وَالْحَسَنُ، وَمَنْصُورٌ، وَأَيُّوبُ. وَمِنَ الْأَئِمَّةِ ابْنُ جُرَيْجٍ، وَالثَّوْرِيُّ، وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، وَشُعْبَةُ، وَالْأَئِمَّةُ الْأَرْبَعَةُ، وَابْنُ مَهْدِيٍّ، وَشَرِيكٌ، وَاللَّيْثُ، وَأَبُو عُبَيْدٍ، وَالْبُخَارِيُّ فِي خَلْقٍ لَا يُحْصَوْنَ كَثْرَةً. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 425 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَرَوَى الْخَطِيبُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ أَنَّهُ قَالَ: لَا تَدَّعُونَ تَنَطُّعَكُمْ يَا أَهْلَ الْعِرَاقِ! الْعَرْضُ مِثْلُ السَّمَاعِ. وَاسْتَدَلَّ الْحُمَيْدِيُّ ثُمَّ الْبُخَارِيُّ عَلَى ذَلِكَ «بِحَدِيثِ ضِمَامِ بْنِ ثَعْلَبَةَ: لَمَّا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ: " إِنِّي سَائِلُكُ فَمُشَدِّدٌ عَلَيْكَ، ثُمَّ قَالَ: أَسْأَلُكَ بِرَبِّكَ وَرَبِّ مَنْ قَبْلَكَ، آللَّهُ أَرْسَلَكَ» . الْحَدِيثُ فِي سُؤَالِهِ عَنْ شَرَائِعِ الدِّينِ، فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ: «آمَنْتُ بِمَا جِئْتَ بِهِ وَأَنَا رَسُولُ مَنْ وَرَائِي، فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى قَوْمِهِ اجْتَمَعُوا إِلَيْهِ فَأَبْلَغَهُمْ فَأَجَازُوهُ» أَيْ: قَبِلُوهُ مِنْهُ وَأَسْلَمُوا. وَأَسْنَدَ الْبَيْهَقِيُّ فِي " الْمَدْخَلِ " عَنِ الْبُخَارِيِّ قَالَ: قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْحَدَّادُ: وَعِنْدِي خَبَرٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْقِرَاءَةِ عَلَى الْعَالِمِ، فَقِيلَ لَهُ: قَالَ قِصَّةُ ضِمَامٍ، «آللَّهُ أَمْرَكَ بِهَذَا؟ قَالَ: نَعَمْ» . (وَاخْتَلَفُوا فِي مُسَاوَاتِهَا لِلسَّمَاعِ مِنْ لَفْظِ الشَّيْخِ) فِي الْمَرْتَبَةِ (وَرُجْحَانِهِ عَلَيْهَا وَرُجْحَانِهَا عَلَيْهِ) عَلَى ثَلَاثَةِ مَذَاهِبَ: (فَحُكِيَ الْأَوَّلُ) وَهُوَ الْمُسَاوَاةُ (عَنْ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَأَشْيَاخِهِ) مِنْ عُلَمَاءِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 426 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] الْمَدِينَةِ (وَمُعْظَمِ عُلَمَاءِ الْحِجَازِ وَالْكُوفَةِ وَالْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِمْ) وَحَكَاهُ الرَّامَهُرْمُزِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ، ثُمَّ رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ الْقِرَاءَةُ عَلَى الْعَالِمِ بِمَنْزِلَةِ السَّمَاعِ مِنْهُ. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: اقْرَأُوا عَلَيَّ فَإِنَّ قِرَاءَتَكُمْ عَلَيَّ كَقِرَاءَتِي عَلَيْكُمْ، رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي " الْمَدْخَلِ "، وَحَكَاهُ أَبُو بَكْرٍ الصَّيْرَفِيُّ عَنِ الشَّافِعِيِّ، قُلْتُ: وَعِنْدِي أَنَّ هَؤُلَاءِ إِنَّمَا ذَكَرُوا الْمُسَاوَاةَ فِي صِحَّةِ الْأَخْذِ بِهَا رَدًّا عَلَى مَنْ كَانَ أَنْكَرَهَا لَا فِي اتِّحَادِ الْمَرْتَبَةِ. أَسْنَدَ الْخَطِيبُ فِي " الْكِفَايَةِ " مِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكًا وَسُئِلَ عَنِ الْكُتُبِ الَّتِي تُعْرَضُ عَلَيْهِ، أَيَقُولُ الرَّجُلُ حَدَّثَنِي؟ قَالَ: نَعَمْ، كَذَلِكَ الْقُرْآنُ أَلَيْسَ الرَّجُلُ يَقْرَأُ عَلَى الرَّجُلِ فَيَقُولُ: أَقْرَأَنِي فُلَانٌ. وَأَسْنَدَ الْحَاكِمُ فِي عُلُومِ الْحَدِيثِ عَنْ مُطَرِّفٍ قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكًا يَأْبَى أَشَدَّ الْإِبَاءِ عَلَى مَنْ يَقُولُ: لَا يُجْزِيهِ إِلَّا السَّمَاعُ مِنْ لَفْظِ الشَّيْخِ، وَيَقُولُ: كَيْفَ لَا يُجْزِئُكَ هَذَا فِي الْحَدِيثِ وَيُجْزِئُكَ فِي الْقُرْآنِ وَالْقُرْآنُ أَعْظَمُ. (وَ) حُكِيَ (الثَّانِي) وَهُوَ تَرْجِيحُ السَّمَاعِ عَلَيْهَا (عَنْ جُمْهُورِ أَهْلِ الْمَشْرِقِ وَهُوَ الصَّحِيحُ، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 427 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَ) حُكِيَ (الثَّالِثُ) وَهُوَ تَرْجِيحُهَا عَلَيْهِ (عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَابْنِ أَبِي ذِئْبٍ وَغَيْرِهِمَا وَ) هُوَ (رِوَايَةٌ عَنْ مَالِكٍ) حَكَاهَا عَنْهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَابْنُ فَارِسٍ وَالْخَطِيبُ، وَحَكَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ أَيْضًا عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، وَشُعْبَةَ، وَابْنِ لَهِيعَةَ، وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، وَيَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ، وَالْعَبَّاسِ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ يَزِيدَ، وَأَبَى الْوَلِيدِ مُوسَى بْنِ دَاوُدَ الضَّبِّيِّ، وَأَبِي عُبَيْدٍ، وَأَبِي حَاتِمٍ. وَحَكَاهُ ابْنُ فَارِسٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، وَالْحَسَنِ بْنِ عِمَارَةَ. وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ فِي " الْمَدْخَلِ " عَنْ مَكِّيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: كَانَ ابْنُ جُرَيْجٍ، وَعُثْمَانُ بْنُ الْأَسْوَدِ، وَحَنْظَلَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ، وَطَلْحَةُ بْنُ عَمْرٍو، وَمَالِكٌ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَهِشَامٌ، وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، وَالْمُثَنَّى بْنُ الصَبَاحِ يَقُولُونَ: قِرَاءَتُكَ عَلَى الْعَالِمِ خَيْرٌ مِنْ قِرَاءَةِ الْعَالِمِ عَلَيْكَ، وَاعْتَلُّوا بِأَنَّ الشَّيْخَ لَوْ غَلِطَ لَمْ يَتَهَيَّأْ لِلطَّالِبِ الرَّدُّ عَلَيْهِ. وَعَنْ أَبِي عُبَيْدٍ: الْقِرَاءَةُ عَلَيَّ أَثْبَتُ مِنْ أَنْ أَتَوَلَّى الْقِرَاءَةَ أَنَا. وَقَالَ صَاحِبُ الْبَدِيعِ بَعْدَ اخْتِيَارِهِ التَّسْوِيَةَ: مَحَلُّ الْخِلَافِ مَا إِذَا قَرَأَ الشَّيْخُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 428 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] فِي كِتَابِهِ لِأَنَّهُ قَدْ يَسْهُو، فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِرَاءَةِ عَلَيْهِ، أَمَّا إِذَا قَرَأَ الشَّيْخُ مِنْ حَفْظِهِ فَهُوَ أَعْلَى بِالِاتِّفَاقِ. وَاخْتَارَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَنَّ مَحَلَّ تَرْجِيحِ السَّمَاعِ مَا إِذَا اسْتَوَى الشَّيْخُ وَالطَّالِبُ، أَوْ كَانَ الطَّالِبُ أَعْلَمَ، لِأَنَّهُ أَوْعَى لِمَا يَسْمَعُ، فَإِنْ كَانَ مَفْضُولًا فَقِرَاءَتُهُ أَوْلَى، لِأَنَّهَا أَضْبَطُ لَهُ. قَالَ: وَلِهَذَا كَانَ السَّمَاعُ مِنْ لَفْظِهِ فِي الْإِمْلَاءِ أَرْفَعَ الدَّرَجَاتِ، لِمَا يَلْزَمُ مِنْهُ تَحْرِيرُ الشَّيْخِ وَالطَّالِبِ. وَصَرَّحَ كَثِيرُونَ بِأَنَّ الْقِرَاءَةَ بِنَفْسِهِ أَعْلَى مَرْتَبَةً مِنَ السَّمَاعِ بِقِرَاءَةِ غَيْرِهِ. وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: الْقَارِئُ وَالْمُسْتَمِعُ سَوَاءٌ. (وَالْأَحْوَطُ) الْأَجْوَدُ (فِي الرِّوَايَةِ بِهَا) أَنْ يَقُولَ (قَرَأْتُ عَلَى فُلَانٍ) إِنْ قَرَأَ بِنَفْسِهِ (أَوْ قُرِئَ عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ فَأَقَرَّ بِهِ ثُمَّ) يَلِي ذَلِكَ (عِبَارَاتُ السَّمَاعِ مُقَيَّدَةً) بِالْقِرَاءَةِ لَا مُطْلَقَةً (كَحَدَّثَنَا) بِقِرَاءَتِي أَوْ (قِرَاءَةً عَلَيْهِ) وَأَنَا أَسْمَعُ (أَوْ أَخْبَرَنَا) بِقِرَاءَتِي أَوْ (قِرَاءَةً عَلَيْهِ) وَأَنَا أَسْمَعُ أَوْ أَنْبَأَنَا أَوْ نَبَّأَنَا أَوْ قَالَ لَنَا كَذَلِكَ (وَأَنْشَدَنَا فِي الشِّعْرِ قِرَاءَةً عَلَيْهِ. وَمَنَعَ إِطْلَاقَ حَدَّثَنَا وَأَخْبَرَنَا) هُنَا عَبْدُ اللَّهِ (ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَالنَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُمْ) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 429 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] قَالَ الْخَطِيبُ: وَهُوَ مَذْهَبُ خَلْقٍ كَثِيرٍ مِنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ (وَجَوَّزَهَا طَائِفَةٌ قِيلَ إِنَّهُ مَذْهَبُ الزُّهْرِيِّ وَمَالِكٍ) ابْنِ أَنَسٍ، وَسُفْيَانَ (ابْنِ عُيَيْنَةَ وَيَحْيَى) بْنِ سَعِيدٍ (الْقَطَّانِ، وَالْبُخَارِيِّ، وَجَمَاعَاتٍ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ، وَمُعْظَمِ الْحِجَازِيِّينَ وَالْكُوفِيِّينَ) كَالثَّوْرِيِّ، وَأَبِي حَنِيفَةَ وَصَاحِبَيْهِ، وَالنَّضْرِ بْنِ شُمَيْلٍ، وَيَزِيدَ بْنِ هَارُونَ، وَأَبِي عَاصِمٍ النَّبِيلِ، وَوَهْبِ بْنِ جَرِيرٍ، وَثَعْلَبٍ، وَالطَّحَاوِيِّ، وَأَلَّفَ فِيهِ جُزْءًا، وَأَبِي نُعَيْمٍ الْأَصْبَهَانِيِّ، وَحَكَاهُ عِيَاضٌ عَنِ الْأَكْثَرِينَ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ. (وَمِنْهُمْ مَنْ أَجَازَ فِيهَا سَمِعْتُ) أَيْضًا وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ وَالسُّفْيَانِيَّيْنِ. وَالصَّحِيحُ لَا يَجُوزُ، وَمِمَّنْ صَحَّحَهُ أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ وَالْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ الْبَاقِلَّانِيُّ وَغَيْرُهُمَا. وَيَقَعُ فِي عِبَارَةِ السَّلَفِيِّ فِي كِتَابِهِ " التَّسْمِيعُ " سَمِعْتُ بِقِرَاءَتِي، وَهُوَ إِمَّا تَسَامُحٌ فِي الْكِتَابَةِ لَا يُسْتَعْمَلُ فِي الرِّوَايَةِ، أَوْ رَأْيٌّ يَفْصِلُ بَيْنَ التَّقْيِيدِ وَالْإِطْلَاقِ. (وَمَنَعَتْ طَائِفَةٌ) إِطْلَاقَ (حَدَّثَنَا وَأَجَازَتْ) إِطْلَاقَ (أَخْبَرَنَا وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِ وَمُسْلِمِ بْنِ الْحَجَّاجِ وَجُمْهُورِ أَهْلِ الْمَشْرِقِ، وَقِيلَ: إِنَّهُ مَذْهَبُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 430 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] أَكْثَرِ الْمُحَدِّثِينَ) عَزَاهُ لَهُمْ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ التَّمِيمِيُّ الْجَوْهَرِيُّ فِي كِتَابِ " الْإِنْصَافِ " قَالَ: فِإِنَّ أَخْبَرَنَا عَلَمٌ يَقُومُ مَقَامَ قَائِلِهِ أَنَا قَرَأْتُهُ عَلَيْهِ لَا أَنَّهُ لَفَظَ بِهِ لِي. (وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَابْنِ وَهْبٍ) . قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَقِيلَ إِنَّهُ أَوَّلُ مَنْ أَحْدَثَ الْفَرْقَ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ بِمِصْرَ، وَهَذَا يَدْفَعُهُ النَّقْلُ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ وَالْأَوْزَاعِيِّ، إِلَّا أَنْ يَعْنِيَ أَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِمِصْرَ (وُرُوِيَ عَنِ النَّسَائِيِّ أَيْضًا) حَكَاهُ الْجَوْهَرِيُّ الْمَذْكُورُ. قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: (وَصَارَ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا (هُوَ الشَّائِعَ الْغَالِبَ عَلَى أَهْلِ الْحَدِيثِ) وَهُوَ اصْطِلَاحٌ مِنْهُمْ، أَرَادُوا بِهِ التَّمْيِيزَ بَيْنَ النَّوْعَيْنِ، وَالِاحْتِجَاجُ لَهُ مِنْ حَيْثُ اللُّغَةُ فِيهِ عَنَاءٌ وَتَكَلُّفٌ. قَالَ: وَمِنْ أَحْسَنِ مَا حُكِيَ عَمَّنْ ذَهَبَ هَذَا الْمَذْهَبَ مَا حَكَاهُ الْبَرْقَانِيُّ عَنْ أَبِي حَاتِمٍ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ الْهَرَوِيِّ أَحَدِ رُؤَسَاءِ الْحَدِيثِ بِخُرَاسَانَ أَنَّهُ قَرَأَ عَلَى بَعْضِ الشُّيُوخِ عَنِ الْفِرَبْرِيِّ " صَحِيحَ الْبُخَارِيِّ "، وَكَانَ يَقُولُ لَهُ فِي كُلِّ حَدِيثٍ: حَدَّثَكُمُ الْفِرَبْرِيُّ، فَلَمَّا فَرَغَ الْكِتَابُ سَمِعَ الشَّيْخَ يَذْكُرُ أَنَّهُ إِنَّمَا سَمِعَ الْكِتَابَ مِنَ الْفِرَبْرِيِّ قِرَاءَةً الجزء: 1 ¦ الصفحة: 431 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] عَلَيْهِ، فَأَعَادَ قِرَاءَةَ الْكِتَابِ كُلِّهِ وَقَالَ فِي جَمِيعِهِ أَخْبَرَكُمُ الْفِرَبْرِيُّ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَكَأَنَّهُ كَانَ يَرَى إِعَادَةَ السَّنَدِ فِي كُلِّ حَدِيثٍ، وَهُوَ تَشْدِيدٌ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ كَمَا سَيَأْتِي. 1 - فَائِدَةٌ: قَوْلُ الرَّاوِي " أَخْبَرَنَا سَمَاعًا أَوْ قِرَاءَةً ": هُوَ مِنْ بَابِ قَوْلِهِمْ أَتَيْتُهُ سَعْيًا وَكَلَّمْتُهُ مُشَافَهَةً. وَلِلنُّحَاةِ فِيهِ مَذَاهِبُ: أَحَدُهَا وَهُوَ رَأْيُ سِيبَوَيْهِ: أَنَّهَا مَصَادِرُ وَقَعَتْ مَوْقِعَ فَاعِلٍ حَالًا، كَمَا وَقَعَ الْمَصْدَرُ مَوْقِعَهُ نَعْتًا فِي " زَيْدٌ عَدْلٌ " وَأَنَّهُ لَا يُسْتَعْمَلُ مِنْهَا إِلَّا مَا سُمِعَ، وَلَا يُقَاسُ. فَعَلَى هَذَا اسْتِعْمَالُ الصِّيغَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الرِّوَايَةِ مَمْنُوعٌ، لِعَدَمِ نُطْقِ الْعَرَبِ بِذَلِكَ. الثَّانِي: وَهُوَ لِلْمُبَرِّدِ، أَنَّهَا لَيْسَتْ أَحْوَالًا بَلْ مَفْعُولَاتٍ لِفِعْلٍ مُضْمَرٍ مِنْ لَفْظِهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 432 فُرُوعٌ: الْأُوَلُ: إِذَا كَانَ أَصْلُ الشَّيْخِ حَالَ الْقِرَاءَةِ بِيَدِ مَوْثُوقٍ بِهِ مُرَاعٍ لِمَا يَقْرَأُ أَهْلٌ لَهُ فَإِنْ حَفِظَ الشَّيْخُ مَا يَقْرَأُ فَهُوَ كَإِمْسَاكِهِ أَصْلَهُ وَأَوْلَى، وَإِنْ لَمْ يَحْفَظْ فَقِيلَ: لَا يَصِحُّ السَّمَاعُ، وَالصَحِيحُ الْمُخْتَارُ الَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ أَنَّهُ صَحِيحٌ، فَإِنْ كَانَ بِيَدِ الْقَارِئِ الْمَوْثُوقِ بِدِينِهِ وَمَعْرِفَتِهِ فَأَوْلَى بِالتَّصْحِيحِ، وَمَتَى كَانَ الْأَصْلُ بِيَدِ غَيْرِ مَوْثُوقٍ بِهِ لَمْ يَصِحَّ السَّمَاعُ إِنْ لَمْ يَحْفَظْهُ الشَّيْخُ.   [تدريب الراوي] وَذَلِكَ الْمُضْمَرُ هُوَ الْحَالُ، وَأَنَّهُ يُقَالُ فِي كُلِّ مَا دَلَّ عَلَيْهِ الْفِعْلُ الْمُتَقَدِّمُ، وَعَلَى هَذَا تُخَرَّجَ الصِّيغَةُ الْمَذْكُورَةُ، بَلْ كَلَامُ أَبِي حَيَّانَ فِي تَذْكِرَتِهِ يَقْتَضِي أَنَّ أَخْبَرَنَا سَمَاعًا مَسْمُوعٌ، وَأَخْبَرَنَا قِرَاءَةً لَمْ يُسْمَعْ، وَأَنَّهُ يُقَاسُ عَلَى الْأَوَّلِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ. الثَّالِثُ: وَهُوَ لِلزَّجَّاجِ قَالَ، يَقُولُ سِيبَوَيْهِ: فَلَا يُضْمَرُ لَكِنَّهُ مَقِيسٌ. الرَّابِعُ: وَهُوَ لِلسَّيْرَافِيِّ قَالَ: هُوَ مِنْ بَابِ جَلَسْتُ قُعُودًا، مَنْصُوبٌ بِالظَّاهِرِ مَصْدَرًا مَعْنَوِيًّا. [فروع الأول إِذَا كَانَ أَصْلُ الشَّيْخِ حَالَ الْقِرَاءَةِ بِيَدِ مَوْثُوقٍ بِهِ] (فُرُوعٌ: الْأَوَّلُ: إِذَا كَانَ أَصْلُ الشَّيْخِ حَالَ الْقِرَاءَةِ) عَلَيْهِ (بِيَدِ) شَخْصٍ (مَوْثُوقٍ بِهِ) غَيْرِ الشَّيْخِ (مُرَاعٍ لِمَا يَقْرَأُ أَهْلٌ لَهُ فَإِنْ حَفِظَ الشَّيْخُ مَا يَقْرَأُ) عَلَيْهِ (فَهُوَ كَإِمْسَاكِهِ أَصْلَهُ) بِيَدِهِ (وَأَوْلَى) لَتَعَاضُدِ ذِهْنَيْ شَخْصَيْنِ عَلَيْهِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 433 الثَّانِي: إِذَا قَرَأَ عَلَى الشَّيْخِ قَائِلًا أَخْبَرَكَ فُلَانٌ أَوْ نَحْوَهُ وَالشَّيْخُ مُصْغٍ إِلَيْهِ فَاهِمٌ لَهُ غَيْرُ مُنْكِرٍ، صَحَّ السَّمَاعُ وَجَازَتِ الرِّوَايَةُ بِهِ، وَلَا يُشْتَرَطُ نُطْقُ الشَّيْخِ عَلَى الصَّحِيحِ الَّذِي قَطَعَ بِهِ جَمَاهِيرُ أَصْحَابِ الْفُنُونِ، وَشَرَطَ بَعْضُ الشَّافِعِيِّينَ وَالظَّاهِرِيِّينَ نُطْقَهُ، وَقَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ الشَّافِعِيُّ: لَيْسَ لَهُ أَنْ يَقُولَ حَدَّثَنِي، وَلَهُ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ وَأَنْ يَرْوِيَهُ قَائِلًا: قُرِئَ عَلَيْهِ وَهُوَ يَسْمَعُ.   [تدريب الراوي] (وَإِنْ لَمْ يَحْفَظِ) الشَّيْخُ مَا يُقْرَأُ عَلَيْهِ (فَقِيلَ لَا يَصِحُّ السَّمَاعُ) حَكَاهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنِ الْبَاقِلَّانِيِّ، وَإِمَامِ الْحَرَمَيْنِ. (وَالصَّحِيحُ الْمُخْتَارُ الَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ) بَيْنَ الشُّيُوخِ وَأَهْلِ الْحَدِيثِ كَافَّةً (أَنَّهُ صَحِيحٌ) . قَالَ السَّلَفِيُّ: عَلَى هَذَا عَهِدْنَا عُلَمَاءَنَا عَنْ آخِرِهِمْ (فَإِنْ كَانَ) أَصْلُ الشَّيْخِ (بِيَدِ الْقَارِئِ الْمَوْثُوقِ بِدِينِهِ وَمَعْرِفَتِهِ) يَقْرَأُ فِيهِ وَالشَّيْخُ لَا يَحْفَظُهُ (فَأَوْلَى بِالتَّصْحِيحِ) خِلَافًا لِبَعْضِ أَهْلِ التَّشْدِيدِ. (وَمَتَى كَانَ الْأَصْلُ بِيَدِ غَيْرِ مَوْثُوقٍ بِهِ) الْقَارِئِ أَوْ غَيْرِهِ وَلَا يُؤْمَنُ إِهْمَالُهُ (لَمْ يَصِحَّ السَّمَاعُ إِنْ لَمْ يَحْفَظْهُ الشَّيْخُ) . [الثاني حكم سماع من قَرَأَ عَلَى الشَّيْخِ قَائِلًا أَخْبَرَكَ فُلَانٌ أَوْ نَحْوَهُ وَالشَّيْخُ مُصْغٍ إِلَيْهِ] الثَّانِي: إِذَا قَرَأَ عَلَى الشَّيْخِ قَائِلًا أَخْبَرَكَ فُلَانٌ أَوْ نَحْوَهُ) كَقُلْتَ: أَخْبَرَنَا فُلَانٌ (وَالشَّيْخُ مُصْغٍ إِلَيْهِ فَاهِمٌ لَهُ غَيْرُ مُنْكَرٍ) وَلَا مُقِرٍّ لَفْظًا (صَحَّ السَّمَاعُ وَجَازَتِ الرِّوَايَةُ بِهِ) اكْتِفَاءً بِالْقَرَائِنِ الظَّاهِرَةِ (وَلَا يُشْتَرَطُ نُطْقُ الشَّيْخِ) بِالْإِقْرَارِ كَقَوْلِهِ: نَعَمْ (عَلَى الصَّحِيحِ الَّذِي قَطَعَ بِهِ جَمَاهِيرُ أَصْحَابِ الْفُنُونِ) الْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ وَالْأُصُولِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 434 الثَّالِثُ: قَالَ الْحَاكِمُ: الَّذِي أَخْتَارُهُ وَعَهِدْتُ عَلَيْهِ أَكْثَرَ مَشَايِخِي وَأَئِمَّةِ عَصْرِي أَنْ يَقُولَ فِيمَا سَمِعَهُ وَحْدَهُ مِنْ لَفْظِ الشَّيْخِ: حَدَّثَنِي. وَمَعَ غَيْرِهِ حَدَّثَنَا. وَمَا قَرَأَ عَلَيْهِ أَخْبَرَنِي. وَمَا قُرِئَ بِحَضْرَتِهِ أَخْبَرَنَا وَرُوِيَ نَحْوُهُ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ وَهُوَ حَسَنٌ، فَإِنْ شَكَّ فَالْأَظْهَرُ أَنْ يَقُولَ: حَدَّثَنِي أَوْ يَقُولَ: أَخْبَرَنِي، لَا حَدَّثَنَا وَأَخْبَرَنَا، وَكُلُّ هَذَا مُسْتَحَبٌّ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ، وَلَا يَجُوزُ إِبْدَالُ حَدَّثَنَا بِأَخْبَرَنَا أَوْ عَكْسُهُ فِي الْكُتُبِ الْمُؤَلَّفَةِ، وَمَا سَمِعْتُهُ مِنْ لَفْظِ الْمُحَدِّثِ فَهُوَ عَلَى الْخِلَافِ فِي الرِّوَايَةِ بِالْمَعْنَى إِنْ كَانَ قَائِلُهُ يُجَوِّزُ إِطْلَاقَ كِلَيْهِمَا وِإِلَّا فَلَا يَجُوزُ.   [تدريب الراوي] (وَشَرَطَ بَعْضُ الشَّافِعِيِّينَ) كَالشَّيْخِ أَبِي إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيِّ وَابْنِ الصَّبَّاغِ وَسُلَيْمٍ الرَّازِيِّ (وَ) بَعْضِ (الظَّاهِرِيِّينَ) الْمُقَلِّدِينَ لِدَاوُدَ الظَّاهِرِيِّ (نُطْقَهُ) بِهِ. (وَقَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ الشَّافِعِيُّ) مِنَ الْمُشْتَرِطِينَ (لَيْسَ لَهُ) إِذَا رَوَاهُ عَنْهُ (أَنْ يَقُولَ حَدَّثَنِي) وَلَا أَخْبَرَنِي (وَلَهُ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ) أَيْ بِمَا قُرِئَ عَلَيْهِ (وَأَنْ يَرْوِيَهُ قَائِلًا) قَرَأْتُ عَلَيْهِ أَوْ (قُرِئَ عَلَيْهِ وَهُوَ يَسْمَعُ) . وَصَحَّحَهُ الْغَزَالِيُّ وَالْآمِدِيُّ، وَحَكَاهُ عَنِ الْمُتَكَلِّمِينَ، وَحُكِيَ تَجْوِيزُ ذَلِكَ عَنِ الْفُقَهَاءِ وَالْمُحَدِّثِينَ، وَحَكَاهُ الْحَاكِمُ عَنِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَصَحَّحَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ، وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ سُكُوتُهُ لَا عَنْ غَفْلَةٍ أَوْ إِكْرَاهٍ وَفِيهِ نَظَرٌ، وَلَوْ أَشَارَ الشَّيْخُ بِرَأْسِهِ أَوْ أُصْبُعِهِ لِلْإِقْرَارِ وَلَمْ يَتَلَفَّظْ فَجَزَمَ فِي " الْمَحْصُولِ " بِأَنَّهُ لَا يَقُولُ حَدَّثَنِي وَلَا أَخْبَرَنِي، قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَفِيهِ نَظَرٌ. [الثالث اختيار الحاكم في هذه المسألة] (الثَّالِثُ: قَالَ الْحَاكِمُ الَّذِي أَخْتَارُهُ) أَنَا فِي الرِّوَايَةِ (وَعَهِدْتُ عَلَيْهِ أَكْثَرَ مَشَايِخِي وَأَئِمَّةِ عَصْرِي أَنْ يَقُولَ) الرَّاوِي (فِيمَا سَمِعَهُ وَحْدَهُ مِنْ لَفْظِ الشَّيْخِ: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 435 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] حَدَّثَنِي) بِالْإِفْرَادِ (وَ) فِيمَا سَمِعَهُ مِنْهُ (مَعَ غَيْرِهِ حَدَّثَنَا) بِالْجَمْعِ (وَمَا قَرَأَ عَلَيْهِ) بِنَفْسِهِ (أَخْبَرَنِي وَمَا قُرِئَ) عَلَى الْمُحَدِّثِ (بِحَضْرَتِهِ أَخْبَرَنَا. وَرُوِيَ نَحْوُهُ عَنْ) عَبْدِ اللَّهِ (بْنِ وَهَبٍ) صَاحِبِ مَالِكٍ، رَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْهُ فِي الْعِلَلِ قَالَ: مَا قُلْتُ: حَدَّثَنَا، فَهُوَ مَا سَمِعْتُ مَعَ النَّاسِ، وَمَا قُلْتُ: حَدَّثَنِي هُوَ مَا سَمِعْتُ وَحْدِي، وَمَا قُلْتُ: أَخْبَرَنَا فَهُوَ مَا قُرِئَ عَلَى الْعَالِمِ وَأَنَا شَاهِدٌ، وَمَا قُلْتُ: أَخْبَرَنِي فَهُوَ مَا قَرَأَتُ عَلَى الْعَالِمِ. وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي " الْمَدْخَلِ " عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ وَقَالَ: عَلَيْهِ أَدْرَكْتُ مَشَايِخَنَا، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ. قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: (وَهُوَ حَسَنٌ) رَائِقٌ، قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَفِي كَلَامِهِمَا أَنَّ الْقَارِئَ يَقُولُ أَخْبَرَنِي سَوَاءٌ سَمِعَهُ مَعَهُ غَيْرُهُ أَمْ لَا، وَقَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ فِي " الِاقْتِرَاحِ ": إِنْ كَانَ مَعَهُ غَيْرُهُ قَالَ: أَخْبَرَنَا، فَسَوَّى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 436 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] بَيْنَ مَسْأَلَتَيِ التَّحْدِيثِ وَالْإِخْبَارِ، قُلْتُ: الْأَوَّلُ أَوْلَى، لِيَتَمَيَّزَ مَا قَرَأَهُ بِنَفْسِهِ وَمَا سَمِعَهُ بِقِرَاءَةِ غَيْرِهِ، (فَإِنْ شَكَّ) الرَّاوِي هَلْ كَانَ وَحْدَهُ حَالَةَ التَّحَمُّلِ، (فَالْأَظْهَرُ أَنْ يَقُولَ حَدَّثَنِي أَوْ يَقُولَ أَخْبَرَنِي لَا حَدَّثَنَا وَأَخْبَرَنَا) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ غَيْرِهِ، أَمَّا إِذَا شَكَّ هَلْ قَرَأَ بِنَفْسِهِ أَوْ سَمِعَ بِقِرَاءَةِ غَيْرِهِ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: قَدْ جَمَعَهُمَا ابْنُ الصَّلَاحِ مَعَ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، وَأَنَّهُ يَقُولُ أَخْبَرَنِي ; لِأَنَّ عَدَمَ غَيْرِهِ هُوَ الْأَصْلُ، وَفِيهِ نَظَرٌ ; لِأَنَّهُ يُحَقِّقُ سَمَاعَ نَفْسِهِ وَيَشُكُّ هَلْ قَرَأَ بِنَفْسِهِ، وَالْأَصْلُ أَنَّهُ لَمْ يَقْرَأْ. وَقَدْ حَكَى الْخَطِيبُ فِي " الْكِفَايَةِ " عَنِ الْبَرْقَانِيِّ أَنَّهُ كَانَ يَشُكُّ فِي ذَلِكَ، فَيَقُولُ قَرَأْنَا عَلَى فُلَانٍ، قَالَ وَهَذَا حَسَنٌ، لِأَنَّ ذَلِكَ يُسْتَعْمَلُ فِيمَا قَرَأَهُ غَيْرُهُ أَيْضًا، كَمَا قَالَهُ أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ وَالنُّفَيْلِيُّ. وَقَدِ اخْتَارَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 437 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] فِي شِبْهِ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى الْإِتْيَانَ بِحَدَّثَنَا، وَذَلِكَ إِذَا شَكَّ فِي لَفْظِ شَيْخِهِ، هَلْ قَالَ حَدَّثَنِي أَوْ حَدَّثَنَا، وَوَجْهُهُ أَنَّ حَدَّثَنِي أَكْمَلُ مَرْتَبَةً فَيُقْتَصَرُ فِي حَالَةِ الشَّكِّ عَلَى النَّاقِصِ، وَمُقْتَضَاهُ قَوْلُ ذَلِكَ أَيْضًا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، إِلَّا أَنَّ الْبَيْهَقِيَّ اخْتَارَ فِي مَسْأَلَةِ الْقَطَّانِ أَنْ يُوَحِّدَ. (وَكُلُّ هَذَا مُسْتَحَبٌّ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ) لَا وَاجِبٌ. (وَلَا يَجُوزُ إِبْدَالُ حَدَّثَنَا بِأَخْبَرَنَا أَوْ عَكَسُهُ فِي الْكُتُبِ الْمُؤَلَّفَةِ) وَإِنْ كَانَ فِي إِقَامَةِ أَحَدِهِمَا مَقَامَ الْآخَرِ خِلَافٌ، لَا فِي نَفْسِ ذَلِكَ التَّصْنِيفِ، بِأَنْ يُغَيِّرَ وَلَا فِيمَا يُنْقَلُ مِنْهُ إِلَى الْأَجْزَاءِ وَالتَّخَارِيجِ. (وَمَا سَمِعْتُهُ مِنْ لَفْظِ الْمُحَدِّثِ فَهُوَ) أَيْ إِبْدَالُهُ (عَلَى الْخِلَافِ فِي الرِّوَايَةِ بِالْمَعْنَى) فَإِنْ جَوَّزْنَاهَا جَازَ الْإِبْدَالُ (إِنْ كَانَ قَائِلُهُ) يَرَى التَّسْوِيَةَ بَيْنَهُمَا وَ (يَجُوزُ إِطْلَاقُ كِلَيْهِمَا) بِمَعْنًى (وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ) إِبْدَالُ مَا وَقَعَ مِنْهُ، وَمَنَعَ ابْنُ حَنْبَلٍ الْإِبْدَالَ جَزْمًا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 438 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] فَائِدَةٌ: عَقَدَ الرَّامَهُرْمُزِيُّ أَبْوَابًا فِي تَنْوِيعِ الْأَلْفَاظِ السَّابِقَةِ، مِنْهَا: الْإِتْيَانُ بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ، كَقَوْلِ أَبِي سَعِيدٍ: «أَشْهَدُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى عَنِ الْجَرِّ أَنْ يُنْتَبَذَ فِيهِ» ، «وَقَوْلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاوُسَ أَشْهَدُ عَلَى وَالِدِي أَنَّهُ قَالَ أَشْهَدُ عَلَى جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ قَالَ: أَشْهَدُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ» ، الْحَدِيثَ، وَقَوْلِ ابْنُ عَبَّاسٍ شَهِدَ عِنْدِي رِجَالٌ مَرْضِيُّونَ وَأَرْضَاهُمْ عِنْدِي عُمَرُ، الْحَدِيثُ فِي الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ، وَبَعْدَ الصُّبْحِ. وَمِنْهَا: تَقْدِيمُ الِاسْمِ، فَيَقُولُ فُلَانٌ حَدَّثَنَا أَوْ أَخْبَرَنَا. وَمِنْهَا: سَمِعْتُ فُلَانًا: يَأْثِرُ عَنْ فُلَانٍ. وَمِنْهَا قُلْتُ لِفُلَانٍ أَحَدَّثَكَ فُلَانٌ أَوِ اكْتَتَبْتَ عَنْ فُلَانٍ؟ وَمِنْهَا: زَعَمَ لَنَا فُلَانٌ عَنْ فُلَانٍ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 439 الرَّابِعُ: إِذَا نَسَخَ السَّامِعُ أَوِ الْمُسْمِعُ حَالَ الْقِرَاءَةِ. فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ وَابْنُ عَدِيٍّ وَالْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ الْإِسْفَرَايِنِيُّ الشَّافِعِيُّ: لَا يَصِحُّ السَّمَاعُ. وَصَحَّحَهُ الْحَافِظُ مُوسَى بْنُ هَارُونَ الْحَمَّالُ وَآخَرُونَ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّبْغِيُّ الشَّافِعِيُّ: يَقُولُ حَضَرْتُ وَلَا يَقُولُ أَخْبَرَنَا، وَالصَّحِيحُ التَّفْصِيلُ، فَإِنْ فَهِمَ الْمَقْرُوءَ صَحَّ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ. وَيَجْرِي هَذَا الْخَلَافُ فِيمَا إِذَا تَحَدَّثَ الشَّيْخُ أَوِ السَّامِعُ أَوْ أَفْرَطَ الْقَارِئُ فِي الْإِسْرَاعِ أَوْ هَيْنَمَ الْقَارِئُ أَوْ بَعُدَ بِحَيْثُ لَا يَفْهَمُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُعْفَى عَنْ نَحْوِ الْكَلِمَتَيْنِ، وَيُسْتَحَبُّ لِلشَّيْخِ أَنْ يُجِيزَ لِلسَّامِعِينَ رِوَايَةَ ذَلِكَ الْكِتَابِ وَإِنْ كَتَبَ لِأَحَدِهِمْ: كَتَبَ، سَمِعَهُ مِنِّي وَأَجَزْتُ لَهُ رِوَايَتَهُ، كَذَا فَعَلَ بَعْضُهُمْ وَلَوْ عَظُمَ مَجْلِسُ الْمُمْلِي فَبَلَّغَ عَنْهُ الْمُسْتَمْلِي فَذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ وَغَيْرِهْمِ إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِمَنْ سَمِعَ الْمُسْتَمْلِيَ أَنْ يَرْوِيَ ذَلِكَ عَنِ الْمُمْلِي، وَالصَّوَابُ الَّذِي قَالَهُ الْمُحَقِّقُونَ أَنَهُ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ. وَقَالَ أَحْمَدُ فِي الْحَرْفِ يُدْغِمُهُ الشَّيْخُ فَلَا يُفْهَمُ وَهُوَ مَعْرُوفٌ: أَرْجُو أَنْ لَا تَضِيقَ رِوَايَتُهُ عَنْهُ، وَقَالَ فِي الْكَلِمَةِ تُسْتَفْهَمُ مِنَ الْمُسْتَمْلِي: إِنْ كَانَتْ مُجْتَمَعًا عَلَيْهَا فَلَا بَأْسَ، وَعَنْ خَلَفِ بْنِ سَالِمٍ مَنْعُ ذَلِكَ.   [تدريب الراوي] وَمِنْهَا: حَدَّثَنِي فُلَانٌ وَرَدَّ ذَلِكَ إِلَى فُلَانٍ. وَمِنْهَا: دَلَّنِي فُلَانٌ عَلَى مَا دَلَّ عَلَيْهِ فُلَانٌ. وَمِنْهَا: سَأَلْتُ فُلَانًا فَأَلْجَأَ الْحَدِيثَ إِلَى فُلَانٍ. وَمِنْهَا: خُذْ عَنِّي كَمَا أَخَذْتُهُ عَنْ فُلَانٍ. وَسَاقَ لِكُلِّ لَفْظَةٍ مِنْ هَذِهِ أَمْثِلَةً. [الرَّابِعُ حكم السماع إِذَا نَسَخَ السَّامِعُ أَوِ الْمُسْمِعُ حَالَ الْقِرَاءَةِ] (الرَّابِعُ إِذَا نَسَخَ السَّامِعُ أَوِ الْمُسْمِعُ حَالَ الْقِرَاءَةِ فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ) بْنُ إِسْحَاقَ بْنُ بَشِيرٍ (الْحَرْبِيُّ الشَّافِعِيُّ وَ) الْحَافِظُ أَبُو أَحْمَدَ (ابْنُ عُدَيٍّ وَالْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ الْإِسْفَرَايِنِيُّ الشَّافِعِيُّ) وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ (لَا يَصِحُّ السَّمَاعُ) مُطْلَقًا. نَقَلَهُ الْخَطِيبُ فِي " الْكِفَايَةِ " عَنْهُ، وَزَادَ عَنْ أَبِي الْحُسَيْنِ بْنِ سَمْعُونَ، (وَصَحَّحَهُ) أَيِ السَّمَاعَ (الْحَافِظُ مُوسَى بْنُ هَارُونَ الْحَمَّالُ وَآخَرُونَ) مُطْلَقًا، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 440 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَقَدْ كَتَبَ أَبُو حَاتِمٍ السَّمَاعَ عِنْدَ عَارِمٍ وَكَتَبَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ وَهُوَ يَقْرَأُ عَلَيْهِ. (وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ) أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ (الصِّبْغِيُّ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ) فِي الْأَدَاءِ (حَضَرْتُ وَلَا يَقُولُ) حَدَّثَنَا وَلَا (أَخْبَرَنَا وَالصَّحِيحُ التَّفْصِيلُ فَإِنْ فَهِمَ) النَّاسِخَ (الْمَقْرُوءَ صَحَّ) السَّمَاعُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَفْهَمْهُ (لَمْ يَصِحَّ) ، وَقَدْ حَضَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ بِمَجْلِسِ إِسْمَاعِيلَ الصَّفَّارِ فَجَلَسَ يَنْسَخُ جُزْءًا كَانَ مَعَهُ وَإِسْمَاعِيلُ يُمْلِي، فَقَالَ لَهُ بَعْضُ الْحَاضِرِينَ لَا يَصِحُّ سَمَاعُكُ وَأَنْتَ تَنْسَخُ، فَقَالَ فَهْمِي لِلْإِمْلَاءِ خِلَافُ فَهْمِكَ، ثُمَّ قَالَ: تَحْفَظُ كَمْ أَمْلَى الشَّيْخُ مِنْ حَدِيثٍ إِلَى الْآنِ؟ فَقَالَ: لَا، فَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ أَمْلَى ثَمَانِيَةَ عَشَرَ حَدِيثًا، فَعَدَدْتُ الْأَحَادِيثَ فَوَجَدْتُ كَمَا قَالَ، ثُمَّ قَالَ: الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ عَنْ فُلَانٍ عَنْ فُلَانٍ وَمَتْنُهُ كَذَا. وَالْحَدِيثُ الثَّانِي عَنْ فُلَانٍ عَنْ فُلَانٍ وَمَتْنُهُ كَذَا، وَلَمْ يَزَلْ يَذْكُرُ أَسَانِيدَ الْأَحَادِيثِ وَمُتُونَهَا عَلَى تَرْتِيبِهَا فِي الْإِمْلَاءِ حَتَّى أَتَى عَلَى آخِرِهَا، فَتَعَجَّبَ النَّاسُ مِنْهُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 441 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] قُلْتُ وَيُشْبِهُ هَذَا مَا رُوِيَ عَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي وَالْقَارِئُ يَقْرَأُ عَلَيْهِ، فَمَرَّ حَدِيثٌ فِيهِ نُسَيْرُ بْنُ ذُعْلُوقٍ فَقَالَ الْقَارِئُ بُشَيْرٌ، فَسَبَّحَ، فَقَالَ يُسَيْرٌ فَتَلَا الدَّارَقُطْنِيُّ: {ن وَالْقَلَمِ} [القلم: 1] ، وَقَالَ حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ طَاهِرٍ: كُنْتُ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ، وَهُوَ قَائِمٌ يَتَنَفَّلُ، فَقَرَأَ عَلَيْهِ الْقَارِئُ عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ، فَقَالَ عَمْرُو بْنُ سَعِيدٍ فَسَبَّحَ الدَّارَقُطْنِيُّ، فَأَعَادَهُ وَوَقَفَ، فَتَلَا الدَّارَقُطْنِيُّ: {يَاشُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ} [هود: 87] (وَيَجْرِي هَذَا الْخِلَافُ) وَالتَّفْصِيلُ (فِيمَا إِذَا تَحَدَّثَ الشَّيْخُ أَوِ السَّامِعُ أَوْ أَفْرَطَ الْقَارِئُ فِي الْإِسْرَاعِ) بِحَيْثُ يَخْفَى بَعْضُ الْكَلَامِ (أَوْ هَيْنَمَ الْقَارِئُ) أَيْ أَخْفَى صَوْتَهُ (أَوْ بَعُدَ) السَّامِعُ (بِحَيْثُ لَا يَفْهَمُ) الْمَقْرُوءَ (وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُعْفَى) فِي ذَلِكَ (عَنْ) الْقَدْرِ الْيَسِيرِ الَّذِي لَا يُخِلُّ عَدَمُ سَمَاعِهِ بِفَهْمِ الْبَاقِي (نَحْوِ) الْكَلِمَةِ وَ (الْكَلِمَتَيْنِ. وَيُسْتَحَبُّ لِلشَّيْخِ أَنْ يُجِيزَ لِلسَّامِعِينَ رِوَايَةَ ذَلِكَ الْكِتَابِ) أَوِ الْجُزْءِ الَّذِي سَمِعُوهُ وَإِنْ شَمِلَهُ السَّمَاعُ، لِاحْتِمَالِ وُقُوعِ شَيْءٍ مِمَّا تَقَدَّمَ مِنَ الْحَدِيثِ، وَالْعَجَلَةِ وَالْهَيْنَمَةِ، فَيَنْجَبِرُ بِذَلِكَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 442 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] (وَإِنْ كَتَبَ) الشَّيْخُ (لِأَحَدِهِمْ كَتَبَ سَمِعَهُ مِنِّي وَأَجَزْتُ لَهُ رِوَايَتَهُ كَذَا فَعَلَ بَعْضُهُمْ) قَالَ ابْنُ عَتَّابٍ الْأَنْدَلُسِيُّ: لَا غِنَى فِي السَّمَاعِ عَنِ الْإِجَازَةِ، لِأَنَّهُ قَدْ يَغْلَطُ الْقَارِئُ وَيَغْفَلُ الشَّيْخُ أَوِ السَّامِعُونَ فَيَنْجَبِرُ ذَلِكَ بِالْإِجَازَةِ، وَيَنْبَغِي لِكَاتِبِ الطِّبَاقِ أَنْ يَكْتُبَ إِجَازَةَ الشَّيْخِ عَقِبَ كِتَابَةِ السَّمَاعِ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَيُقَالُ إِنَّ أَوَّلَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ أَبُو طَاهِرٍ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْمُحْسِنِ الْأَنْمَاطِيُّ، فَجَزَاهُ اللَّهُ خَيْرًا فِي سَنِّهِ ذَلِكَ لِأَهْلِ الْحَدِيثِ، فَلَقَدْ حَصَلَ بِهِ نَفْعٌ كَبِيرٌ، وَلَقَدِ انْقَطَعَ بِسَبَبِ تَرْكِ ذَلِكَ وَإِهْمَالِهِ اتِّصَالُ بَعْضِ الْكُتُبِ فِي بَعْضِ الْبِلَادِ، بِسَبَبِ كَوْنِ بَعْضِهِمْ كَانَ لَهُ فَوْتٌ وَلَمْ يُذْكَرْ فِي طَبَقَةِ السَّمَاعِ إِجَازَةُ الشَّيْخِ لَهُمْ، فَاتَّفَقَ أَنْ كَانَ بَعْضُ الْمُفَوِّتِينَ آخِرَ مَنْ بَقِيَ مِمَّنْ سَمِعَ بَعْضَ ذَلِكَ الْكِتَابِ، فَتَعَذَّرَ قِرَاءَةُ جَمِيعِ الْكِتَابِ عَلَيْهِ، كَأَبِي الْحَسَنِ بْنِ الصَّوَّافِ الشَّاطِبِيِّ رَاوِي غَالِبِ النَّسَائِيِّ عَنِ ابْنِ بَاقَا. (وَلَوْ عَظُمَ مَجْلِسُ الْمُمْلِي فَبَلَّغَ عَنْهُ الْمُسْتَمْلِي فَذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ وَغَيْرِهِمْ إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِمَنْ سَمِعَ الْمُسْتَمْلِيَ أَنْ يَرْوِيَ ذَلِكَ عَنِ الْمُمْلِي) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 443 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] فَعَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ أَنَّهُ قَالَ لَهُ أَبُو مُسْلِمٍ الْمُسْتَمْلِي: إِنَّ النَّاسَ كَثِيرٌ لَا يَسْمَعُونَ، قَالَ أَسْمِعْهُمْ أَنْتَ، وَقَالَ الْأَعْمَشُ: كُنَّا نَجْلِسُ إِلَى إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ. مَعَ الْحَلْقَةِ فَرُبَّمَا يُحَدِّثُ بِالْحَدِيثِ فَلَا يَسْمَعُهُ مَنْ تَنَحَّى عَنْهُ. فَيَسْأَلُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا عَمَّا قَالَ. ثُمَّ يَرْوُونَهُ وَمَا سَمِعُوهُ مِنْهُ. وَعَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ أَنَّهُ قَالَ لِمَنِ اسْتَفْهَمَهُ كَيْفَ قُلْتَ؟ قَالَ: اسْتَفْهِمْ مَنْ يَلِيكَ، قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَهَذَا تَسَاهُلٌ مِمَّنْ فَعَلَهُ (وَالصَّوَابُ الَّذِي قَالَهُ الْمُحَقِّقُونَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ) . وَقَالَ الْعِرَاقِيُّ: الْأَوَّلُ هُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ، لِأَنَّ الْمُسْتَمْلِيَ فِي حُكْمِ مَنْ يَقْرَأُ عَلَى الشَّيْخِ، وَيَعْرِضُ حَدِيثَهُ عَلَيْهِ، وَلَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَسْمَعَ الشَّيْخُ الْمُمْلِي لَفْظَ الْمُسْتَمْلِي، كَالْقَارِئِ عَلَيْهِ، وَالْأَحْوَطُ أَنْ يُبَيِّنَ حَالَةَ الْأَدَاءِ أَنَّ سَمَاعَهُ لِذَلِكَ أَوْ لِبَعْضِ الْأَلْفَاظِ مِنَ الْمُسْتَمْلِي، كَمَا فَعَلَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَغَيْرُهُ، بِأَنْ يَقُولَ أَنَا بِتَبْلِيغِ فُلَانٍ. وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «يَكُونُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 444 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] اثْنَا عَشَرَ أَمِيرًا " فَقَالَ كَلِمَةً لَمْ أَسْمَعْهَا، فَسَأَلْتُ أَبِي فَقَالَ: " كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ» ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْهُ كَامِلًا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَفْصِلَ جَابِرٌ الْكَلِمَةَ الَّتِي اسْتَفْهَمَهَا مِنْ أَبِيهِ. (وَقَالَ أَحْمَدُ) بْنُ حَنْبَلٍ (فِي الْحَرْفِ الَّذِي يُدْغِمُهُ الشَّيْخُ فَلَا يُفْهَمُ) عَنْهُ (وَهُوَ مَعْرُوفٌ: أَرْجُو أَنْ لَا تَضِيقَ رِوَايَتُهُ عَنْهُ. وَقَالَ فِي الْكَلِمَةِ تُسْتَفْهَمُ مِنَ الْمُسْتَمْلِي إِنْ كَانَتْ مُجْتَمَعًا عَلَيْهَا فَلَا بَأْسَ) بِرِوَايَتِهَا عَنْهُ (وَعَنْ خَلَفِ بْنِ سَالِمٍ) الْمُخَرِّمِيِّ (مَنْعُ ذَلِكَ) فَإِنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُيَيْنَةَ يَقُولُ: نَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، يُرِيدُ حَدَّثَنَا، فَإِذَا قِيلَ لَهُ: قُلْ حَدَّثَنَا، قَالَ: لَا أَقُولُ، لِأَنِّي لَمْ أَسْمَعْ مِنْ قَوْلِهِ حَدَّثَنَا ثَلَاثَةَ أَحْرُفٍ لِكَثْرَةِ الزِّحَامِ وَهِيَ " ح د ث ". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 445 الْخَامِسُ: يَصِحُّ السَّمَاعُ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ إِذَا عُرِفَ صَوْتُهُ إِنْ حَدَّثَ بِلَفْظِهِ أَوْ حُضُورُهُ بِمَسْمَعٍ مِنْهُ إِنْ قُرِئَ عَلَيْهِ، وَيَكْفِي فِي الْمَعْرِفَةِ خَبَرُ ثِقَةٍ. وَشَرَطَ شُعْبَةُ رُؤْيَتَهُ وَهُوَ خِلَافُ الصَّوَابِ وَقَوْلِ الْجُمْهُورِ.   [تدريب الراوي] وَقَالَ خَلَفُ بْنُ تَمِيمٍ: سَمِعْتُ مِنَ الثَّوْرِيِّ عَشَرَةَ آلَافِ حَدِيثٍ أَوْ نَحْوَهَا، فَكُنْتُ أَسْتَفْهِمُ جَلِيسِي، فَقُلْتُ لِزَائِدَةَ، فَقَالَ: لَا تُحَدِّثْ مِنْهَا إِلَّا بِمَا حَفِظَ قَلْبُكَ وَسَمِعَ أُذُنُكَ. [قَالَ] : فَأَلْقَيْتُهَا. [الْخَامِسُ مسألة سماع الحديث من وراء حجاب] (الْخَامِسُ: يَصِحُّ السَّمَاعُ مِمَّنْ) هُوَ (وَرَاءَ حِجَابٍ إِذَا عُرِفَ صَوْتُهُ إِنْ حَدَّثَ بِلَفْظِهِ أَوْ) عُرِفَ (حُضُورُهُ بِمَسْمَعٍ) أَيْ مَكَانٍ يَسْمَعُ (مِنْهُ إِنْ قُرِئَ عَلَيْهِ وَيَكْفِي فِي الْمَعْرِفَةِ) بِذَلِكَ (خَبَرُ ثِقَةٍ) مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ بِالشَّيْخِ (وَشَرَطَ شُعْبَةُ رُؤْيَتَهُ) وَقَالَ: إِذَا حَدَّثَكَ الْمُحَدِّثُ فَلَمْ تَرَ وَجْهَهُ فَلَا تَرْوِ عَنْهُ، فَلَعَلَّهُ شَيْطَانٌ قَدْ تَصَوَّرَ فِي صُورَتِهِ، يَقُولُ: حَدَّثَنَا وَأَخْبَرَنَا. (وَهُوَ خِلَافُ الصَّوَابِ وَقَوْلُ الْجُمْهُورِ) فَقَدْ أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالِاعْتِمَادِ عَلَى سَمَاعِ صَوْتِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ الْمُؤَذِّنَ، فِي حَدِيثِ: «إِنَّ بِلَالًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ» الْحَدِيثَ، مَعَ غَيْبَةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 446 السَّادِسُ: إِذَا قَالَ الْمُسْمِعُ عِنْدَ السَّمَاعِ: لَا تَرْوِ عَنِّي أَوْ رَجَعْتُ عَنْ إِخْبَارِكَ، وَنَحْوِ ذَلِكَ غَيْرَ مُسْنِدٍ ذَلِكَ إِلَى خَطَأٍ أَوْ شَكٍّ وَنَحْوِهِ لَمْ تَمْتَنِعْ رِوَايَتُهُ، وَلَوْ خَصَّ بِالسَّمَاعِ قَوْمًا فَسَمِعَ غَيْرُهُمْ بِغَيْرِ عِلْمِهِ جَازَ لَهُمُ الرِّوَايَةُ عَنْهُ، وَلَوْ قَالَ أُخْبِرُكُمْ وَلَا أُخْبِرُ فُلَانًا لَمْ يَضُرَّ، قَالَهُ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ. الْقِسْمُ الثَّالِثُ: الْإِجَازَةُ، وَهِيَ أَضْرُبٌ ; الْأَوَّلُ: أَنْ يُجِيزَ مُعَيَّنًا لِمُعَيَّنٍ كَأَجَزْتُكَ الْبُخَارِيَّ أَوْ مَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ فَهْرَسَتِي، وَلِهَذَا أَعْلَى أَضْرُبِهَا الْمُجَرَّدَةِ عَنِ الْمُنَاوَلَةِ، وَالصَّحِيحُ الْذِي قَالَهُ الْجُمْهُورُ مِنَ الطَّوَائِفِ، وَاسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الْعَمَلُ جَوَازُ الرِّوَايَةِ وَالْعَمَلِ بِهَا. وَأَبْطَلَهَا جَمَاعَاتٌ مِنَ الطَّوَائِفِ وَهُوَ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنِ الشَّافِعِيِّ. وَقَالَ بَعْضُ الظَّاهِرِيَّةِ وَمُتَابِعِيهِمْ: لَا يُعْمَلُ بِهَا، كَالْمُرْسَلِ، وَهَذَا بَاطِلٌ.   [تدريب الراوي] شَخْصِهِ عَمَّنْ يَسْمَعُهُ، وَكَانَ السَّلَفُ يَسْمَعُونَ مِنْ عَائِشَةَ وَغَيْرِهَا مِنْ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ، وَهُنَّ يُحَدِّثْنَ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ. [السادس خص الشيخ للسماع قوما فسمع غيرهم بغير إذنه هل يجوز لهم الرواية] (السَّادِسُ: إِذَا قَالَ الْمُسْمِعُ بَعْدَ السَّمَاعِ لَا تَرْوِ عَنِّي أَوْ رَجَعْتُ عَنْ إِخْبَارِكَ) أَوْ مَا أَذِنْتُ لَكَ فِي رِوَايَتِهِ عَنِّي (وَنَحْوِ ذَلِكَ غَيْرَ مُسْنِدٍ ذَلِكَ إِلَى خَطَأٍ) مِنْهُ فِيمَا حَدَّثَ بِهِ (أَوْ شَكٍّ) فِيهِ (وَنَحْوِهِ لَمْ تَمْتَنِعْ رِوَايَتُهُ) فَإِنْ أَسْنَدَهُ إِلَى نَحْوِ مَا ذُكِرَ امْتَنَعَتْ (وَلَوْ خَصَّ بِالسَّمَاعِ قُومًا فَسَمِعَ غَيْرُهُمْ بِغَيْرِ عِلْمِهِ جَازَ لَهُمُ الرِّوَايَةُ عَنْهُ، وَلَوْ قَالَ: أُخْبِرُكُمْ وَلَا أُخْبِرُ فُلَانًا لَمْ يَضُرَّ) ذَلِكَ فُلَانًا فِي صِحَّةِ سَمَاعِهِ (قَالَهُ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ) الْإِسْفَرَايِنِيُّ، جَوَابًا لِسُؤَالِ الْحَافِظِ أَبِي سَعِيدٍ النَّيْسَابُورِيِّ عَنْ ذَلِكَ. فَائِدَةٌ: قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمُتَحَمِّلِ بِالسَّمَاعِ سَمِيعًا، وَيَجُوزُ أَنْ يَقْرَأَ الْأَصَمُّ بِنَفْسِهِ. [القسم الثَّالِثُ الْإِجَازَةُ وهي على أضرب] [الأول إجازة معين لمعين] (الْقِسْمُ الثَّالِثُ) مِنْ أَقْسَامِ التَّحَمُّلِ (الْإِجَازَةُ، وَهِيَ أَضْرُبٌ) تِسْعَةٌ وَذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ كَابْنِ الصَّلَاحِ سَبْعَةً الجزء: 1 ¦ الصفحة: 447 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] (الْأَوَّلُ: أَنْ يُجِيزَ مُعَيَّنًا لِمُعَيَّنٍ: كَأَجَزْتُكَ) أَوْ أَجَزْتُكُمْ أَوْ أَجَزْتُ فُلَانًا الْفُلَانِيَّ (الْبُخَارِيَّ أَوْ مَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ فَهْرَسَتِي) أَيْ جُمْلَةُ عَدَدِ مَرْوِيَّاتِي. قَالَ صَاحِبُ تَثْقِيفِ اللِّسَانِ: الصَّوَابُ أَنَّهَا - بِالْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ وُقُوفًا وَإِدْمَاجًا - وَرُبَّمَا وَقَفَ عَلَيْهَا بَعْضُهُمْ بِالْهَاءِ وَهُوَ خَطَأٌ، قَالَ: وَمَعْنَاهَا جُمْلَةُ الْعَدَدِ لِلْكُتُبِ: لَفْظَةٌ فَارِسِيَّةٌ (وَهَذَا أَعْلَى أَضْرُبِهَا) أَيِ الْإِجَازَةِ (الْمُجَرَّدَةِ عَنِ الْمُنَاوَلَةِ، وَالصَّحِيحُ الَّذِي قَالَهُ الْجُمْهُورُ مِنَ الطَّوَائِفِ) أَهْلِ الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِمْ (وَاسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الْعَمَلُ جَوَازُ الرِّوَايَةِ وَالْعَمَلِ بِهَا) ، وَادَّعَى أَبُو الْوَلِيدِ الْبَاجِيُّ وَعِيَاضٌ الْإِجْمَاعَ عَلَيْهَا، وَقَصَرَ أَبُو مَرْوَانَ الطِّبْنِيُّ الصِّحَّةَ عَلَيْهَا. (وَأَبْطَلَهَا جَمَاعَاتٌ مِنَ الطَّوَائِفِ) مِنَ الْمُحَدِّثِينَ كَشُعْبَةَ، قَالَ: لَوْ جَازَتِ الْإِجَازَةُ لَبَطَلَتِ الرِّحْلَةُ، وَإِبْرَاهِيمَ الْحَرْبِيِّ، وَأَبِي نَصْرٍ الْوَائِلِيِّ، وَأَبِي الشَّيْخِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 448 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] الْأَصْبَهَانِيِّ، وَالْفُقَهَاءِ: كَالْقَاضِي حُسَيْنٍ، وَالْمَاوَرْدِيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ الْخُجَنْدِيِّ الشَّافِعِيِّ، وَأَبِي طَاهِرٍ الدَّبَّاسِ الْحَنَفِيِّ، وَعَنْهُمْ أَنَّ مَنْ قَالَ لِغَيْرِهِ: أَجَزْتُ لَكَ أَنْ تَرْوِيَ عَنِّي مَا لَمْ تَسْمَعْ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: أَجَزْتُ لَكَ أَنْ تَكْذِبَ عَلَيَّ ; لِأَنَّ الشَّرْعَ لَا يُبِيحُ رِوَايَةَ مَا لَمْ يَسْمَعْ. (وَهُوَ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنِ الشَّافِعِيِّ) وَحَكَاهُ الْآمِدِيُّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَنَقَلَهُ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ عَنْ مَالِكٍ. وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ: إِنَّهَا بِدْعَةٌ غَيْرُ جَائِزَةٍ، وَقِيلَ:. إِنْ كَانَ الْمُجِيزُ وَالْمُجَازُ عَالِمَيْنِ بِالْكِتَابِ جَازَ وَإِلَّا فَلَا، وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيُّ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ. (وَقَالَ بَعْضُ الظَّاهِرِيَّةِ وَمُتَابِعِيهِمْ لَا يَعْمَلُ بِهَا) أَيْ بِالْمَرْوِيِّ بِهَا (كَالْمُرْسَلِ) مَعَ جَوَازِ التَّحْدِيثِ بِهَا (وَهَذَا بَاطِلٌ) ; لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْإِجَازَةِ مَا يَقْدَحُ فِي اتِّصَالِ الْمَنْقُولِ بِهَا وَفِي الثِّقَةِ بِهَا، وَعَنِ الْأَوْزَاعِيِّ عَكْسُ ذَلِكَ، وَهُوَ الْعَمَلُ بِهَا دُونَ التَّحْدِيثِ. قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَفِي الِاحْتِجَاجِ لِتَجْوِيزِهَا غُمُوضٌ، وَيَتَّجِهُ أَنْ يُقَالَ: إِذَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 449 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] جَازَ لَهُ أَنْ يَرْوِيَ عَنْهُ مَرْوِيَّاتِهِ فَقَدْ أَخْبَرَهُ بِهَا جُمْلَةً، فَهُوَ كَمَا لَوْ أَخْبَرَهُ بِهَا تَفْصِيلًا، وَإِخْبَارُهُ بِهَا غَيْرُ مُتَوَقِّفٍ عَلَى التَّصْرِيحِ قَطْعًا كَمَا فِي الْقِرَاءَةِ، وَإِنَّمَا الْغَرَضُ حُصُولُ الْإِفْهَامِ وَالْفَهْمِ، وَذَلِكَ حَاصِلٌ بِالْإِجَازَةِ الْمُفْهِمَةِ. وَقَالَ الْخَطِيبُ فِي " الْكِفَايَةِ ": احْتَجَّ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ لِجَوَازِهَا بِحَدِيثِ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ سُورَةَ بَرَاءَةٌ فِي صَحِيفَةٍ وَدَفَعَهَا لِأَبِي بَكْرٍ، ثُمَّ بَعَثَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ فَأَخَذَهَا مِنْهُ وَلَمْ يَقْرَأْهَا عَلَيْهِ وَلَا هُوَ أَيْضًا حَتَّى وَصَلَ إِلَى مَكَّةَ فَفَتَحَهَا وَقَرَأَهَا عَلَى النَّاسِ» . وَقَدْ أَسْنَدَ الرَّامَهُرْمُزِيُّ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ الْكَرَابِيسِيَّ أَرَادَ أَنْ يَقْرَأَ عَلَيْهِ كُتُبَهُ فَأَبَى، وَقَالَ: خُذْ كُتُبَ الزَّعْفَرَانِيِّ فَانْسَخْهَا فَقَدْ أَجَزْتُ لَكَ، فَأَخَذَهَا إِجَازَةً. أَمَّا الْإِجَازَةُ الْمُقْتَرِنَةُ بِالْمُنَاوَلَةِ فَسَتَأْتِي فِي الْقِسْمِ الرَّابِعِ. تَنْبِيهٌ: إِذَا قُلْنَا بِصِحَّةِ الْإِجَازَةِ فَالْمُتَبَادَرُ إِلَى الْأَذْهَانِ أَنَّهَا دُونَ الْعَرْضِ، وَهُوَ الْحَقُّ، وَحَكَى الزَّرْكَشِيُّ فِي ذَلِكَ مَذَاهِبَ. ثَانِيهَا - وَنَسَبَهُ لِأَحْمَدَ بْنِ مَيْسَرَةَ الْمَالِكِيِّ -: أَنَّهَا عَلَى وَجْهِهَا خَيْرٌ مِنَ السَّمَاعِ الرَّدِيءِ. قَالَ: وَاخْتَارَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ تَفْضِيلَ الْإِجَازَةِ عَلَى السَّمَاعِ مُطْلَقًا. ثَالِثُهَا: أَنَّهُمَا سَوَاءٌ. حَكَى ابْنُ عَاتٍ فِي رَيْحَانَةِ النَّفْسِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ بَقِيِّ بْنِ مَخْلَدٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: الْإِجَازَةُ عِنْدِي وَعِنْدَ أَبِي وَجَدِّي كَالسَّمَاعِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 450 الضَّرْبُ الثَّانِي: يُجِيزُ مُعَيِّنًا غَيْرَهُ كَأَجَزْتُكَ مَسْمُوعَاتِي فَالْخِلَافُ فِيهِ أَقْوَى وَأَكْثُرُ، وَالْجُمْهُورُ مِنَ الطَّوَائِفِ جَوَّزُوا الرِّوَايَةَ وَأَوْجَبُوا الْعَمَلَ بِهَا. الثَّالِثُ: يُجِيزُ غَيْرَ مُعَيِّنٍ بِوَصْفِ الْعُمُومِ كَأَجَزْتُ الْمُسْلِمِينَ أَوْ كُلَّ أَحَدٍ أَوْ أَهْلَ زَمَانِي، وَفِيهِ خِلَافٌ لِلْمُتَأَخِّرِينَ، فَإِنْ قَيَّدَهَا بِوَصْفٍ حَاصِرٍ فَأَقْرَبُ إِلَى الْجَوَازِ، وَمِنَ الْمُجَوِّزِينَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالْخَطِيبُ وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ مَنْدَهْ وَابْنُ عَتَّابٍ وَالْحَافِظُ أَبُو الْعَلَاءِ وَآخَرُونَ. قَالَ الشَيْخُ: وَلَمْ نَسْمَعْ عَنْ أَحَدٍ يُقْتَدَى بِهِ الرَّوِايَةَ بِهَذِهِ. قُلْتُ: الظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِ مُصَحِّحِهَا جَوَازُ الرِّوَايَةِ بِهَا، وَهَذَا يَقْتَضِي صِحَّتَهَا، وَأَيُّ فَائِدَةٍ لَهَا غَيْرُ الرِّوَايَةِ بِهَا.   [تدريب الراوي] وَقَالَ الطَّوْفِيُّ: الْحَقُّ التَّفْصِيلُ، فَفِي عَصْرِ السَّلَفِ السَّمَاعُ أَوْلَى، وَأَمَّا بَعْدَ أَنْ دُوِّنَتِ الدَّوَاوِينُ وَجُمِعَتِ السُّنَنُ وَاشْتَهَرَتْ فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا. [الثاني إجازة معين لغير معين] (الضَّرْبُ الثَّانِي: يُجِيزُ مُعَيِّنًا غَيْرَهُ) أَيْ غَيْرَ مُعَيِّنٍ (كَأَجَزْتُكَ) أَوْ أَخْبَرْتُكُمْ جَمِيعَ (مَسْمُوعَاتِي) أَوْ مَرْوِيَّاتِي (فَالْخِلَافُ فِيهِ) أَيْ فِي جَوَازِهَا (أَقْوَى وَأَكْثَرُ مِنَ الضَّرْبِ الْأَوَّلِ (وَالْجُمْهُورُ مِنَ الطَّوَائِفِ جَوَّزُوا الرِّوَايَةَ) بِهَا (فَأَوْجَبُوا الْعَمَلَ بِمَا رُوِيَ (بِهَا) بِشَرْطِهِ. [الثالث إجازة غَيْرَ مُعَيِّنٍ بِوَصْفِ الْعُمُومِ] (الثَّالِثُ يُجِيزُ غَيْرَ مُعَيِّنٍ بِوَصْفِ الْعُمُومِ كَأَجَزْتُ) جَمِيعَ (الْمُسْلِمِينَ أَوْ كُلَّ أَحَدٍ أَوْ أَهْلَ زَمَانِي وَفِيهِ خِلَافٌ لِلْمُتَأَخِّرِينَ، فَإِنْ قَيَّدَهَا) أَيِ الْإِجَازَةَ الْعَامَّةَ (بِوَصْفٍ حَاصِرٍ) كَأَجَزْتُ طَلَبَةَ الْعِلْمِ بِبَلَدِ كَذَا أَوْ مَنْ قَرَأَ عَلَيَّ قَبْلَ هَذَا (فَأَقْرَبُ إِلَى الْجَوَازِ) مِنْ غَيْرِ الْمُقَيَّدَةِ بِذَلِكَ. بَلْ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: مَا أَظُنُّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ ذَلِكَ وَلَا رَأَيْتُ مَنْعَهُ لِأَحَدٍ، لِأَنَّهُ مَحْصُورٌ مَوْصُوفٌ كَقَوْلِهِ: لِأَوْلَادِ فُلَانٍ أَوْ إِخْوَةِ فُلَانٍ، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 451 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ " حَاصِرٍ " مَا لَا حَصْرَ فِيهِ كَأَهْلِ بَلَدِ كَذَا فَهُوَ كَالْعَامَّةِ الْمُطْلَقَةِ، وَأَفْرَدَ الْقَسْطَلَانِيُّ هَذِهِ بِنَوْعٍ مُسْتَقِلٍّ، وَمَثَّلَهُ بِأَهْلِ بَلَدٍ مُعَيَّنٍ أَوْ إِقْلِيمٍ أَوْ مَذْهَبٍ مُعَيَّنٍ. (وَمِنَ الْمُجَوِّزِينَ) لِلْعَامَّةِ الْمُطْلَقَةِ (الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ) الطَّبَرِيُّ (وَالْخَطِيبُ) الْبَغْدَادِيُّ (وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ مَنْدَهْ وَ) أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (بْنُ عَتَّابٍ وَالْحَافِظُ أَبُو الْعَلَاءِ) الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ الْعَطَّارُ الْهَمْدَانِيُّ (وَآخَرُونَ) كَأَبِي الْفَضْلِ بْنِ خَيْرُونَ، وَأَبِي الْوَلِيدِ بْنِ رُشْدٍ، وَالسَّلَفِيِّ، وَخَلَائِقَ جَمَعَهُمْ بَعْضُهُمْ فِي مُجَلَّدٍ وَرَتَّبَهُمْ عَلَى حُرُوفِ الْمُعْجَمِ لِكَثْرَتِهِمْ. (قَالَ الشَّيْخُ) ابْنُ الصَّلَاحِ مَيْلًا إِلَى الْمَنْعِ (وَلَمْ نَسْمَعْ عَنْ أَحَدٍ يُقْتَدَى بِهِ الرَّوِايَةَ بِهَذِهِ) قَالَ: وَالْإِجَازَةُ فِي أَصْلِهَا ضَعْفٌ، وَتَزْدَادُ بِهَذَا التَّوَسُّعِ وَالِاسْتِرْسَالِ ضَعْفًا كَثِيرًا. قَالَ الْمُصَنِّفُ: (قُلْتُ: الظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِ مُصَحِّحِهَا جَوَازُ الرِّوَايَةِ بِهَا، وَهَذَا مُقْتَضَى صِحَّتِهَا وَأَيُّ فَائِدَةٍ لَهَا غَيْرُ الرِّوَايَةِ بِهَا) وَكَذَا صَرَّحَ فِي الرَّوْضَةِ بِتَصْحِيحِ صِحَّتِهَا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 452 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَقَدْ رَوَى بِهَا مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرِ بْنُ خَيْرٍ، وَمِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ الشَّرَفُ الدِّمْيَاطِيُّ وَغَيْرُهُ. وَصَحَّحَهَا أَيْضًا ابْنُ الْحَاجِبِ قَالَ: وَبِالْجُمْلَةِ فَفِي النَّفْسِ مِنَ الرِّوَايَةِ بِهَا شَيْءٌ، وَالْأَحْوَطُ تَرْكُ الرِّوَايَةِ بِهَا قَالَ: إِلَّا الْمُقَيَّدَةَ بِنَوْعِ حَصْرٍ فَإِنَّ الصَّحِيحَ جَوَازُهَا، انْتَهَى. وَكَذَا قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي الْعَامَّةِ الْمُطْلَقَةِ قَالَ: إِلَّا أَنَّ الرِّوَايَةَ بِهَا فِي الْجُمْلَةِ أَوْلَى مِنْ إِيرَادِ الْحَدِيثِ مُعْضَلًا. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ أَصْلَ الْإِجَازَةِ الْعَامَّةِ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ، ثَنَا عَفَّانُ، ثَنَا حَمَّادٌ، ثَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ: مَنْ أَدْرَكَ وَفَاتِي مِنْ سَبْيِ الْعَرَبِ فَهُوَ حُرٌّ، لَيْسَ فِيهِ دَلَالَةٌ ; لِأَنَّ الْعِتْقَ النَّافِذَ لَا يَحْتَاجُ إِلَى ضَبْطٍ وَتَحْدِيثٍ وَعَمَلٍ، بِخِلَافِ الْإِجَازَةِ فَفِيهَا تَحْدِيثٌ وَعَمَلٌ وَضَبْطٌ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ دَلِيلًا لِهَذَا، وَلَوْ جُعِلَ دَلِيلَهُ مَا صَحَّ مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بَلِّغُوا عَنِّي» الْحَدِيثَ، لَكَانَ لَهُ وَجْهٌ قَوِيٌّ. انْتَهَى. فَائِدَةٌ: قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي مُعْجَمِهِ: كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَزَّامٍ الْإِسْكَنْدَرِيُّ يَقُولُ: إِذَا سَمِعْتُ الْحَدِيثَ مِنْ شَيْخٍ وَأَجَازَ فِيهِ شَيْخٌ آخَرُ سَمِعَهُ مِنْ شَيْخٍ رَوَاهُ الْأَوَّلُ عَنْهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 453 الرَّابِعُ: إِجَازَةٌ بِمَجْهُولٍ أَوْ لَهُ كَأَجَزْتُكَ كِتَابَ السُّنَنِ وَهُوَ يَرْوِي كُتُبًا فِي السُّنَنِ، أَوْ أَجَزْتُ لِمُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الدِّمَشْقِيِّ، وَهُنَاكَ جَمَاعَةٌ مُشْتَرِكُونَ فِي هَذَا الِاسْمِ فَهِيَ بَاطِلَةٌ، فَإِنْ أَجَازَ لِجَمَاعَةٍ مُسَمِّينَ فِي الْإِجَازَةِ أَوْ غَيْرِهَا وَلَمْ يَعْرِفْهُمْ بِأَعْيَانِهِمْ وَلَا أَنْسَابِهِمْ وَلَا عَدَدِهِمْ وَلَا تَصَفُّحِهِمْ صَحَّتِ الْإِجَازَةُ كَسَمَاعِهِمْ مِنْهُ فِي مَجْلِسِهِ فِي هَذَا الْحَالِ، وَأَمَّا أَجَزْتُ لِمَنْ يَشَاءُ فُلَانٌ أَوْ نَحْوُ هَذَا فَفِيهِ جَهَالَةٌ وَتَعْلِيقٌ فَالْأَظْهَرُ بُطْلَانُهُ، وَبِهِ قَطَعَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ الشَّافِعِيُّ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ الْفَرَّاءِ الْحَنْبَلِيُّ، وَابْنُ عُمْرُوسٍ الْمَالِكِيُّ، وَلَوْ قَالَ: أَجَزْتُ لِمَنْ يَشَاءُ الْإِجَازَةَ فَهُوَ كَأَجَزْتُ لِمَنْ يَشَاءُ فُلَانٌ وَأَكْثَرُ جَهَالَةً، وَلَوْ قَالَ أَجَزْتُ لِمَنْ يَشَاءُ الرِّوَايَةَ عَنِّي فَأَوْلَى بِالْجَوَازِ، لِأَنَّهُ تَصْرِيحٌ بِمُقْتَضَى الْحَالِ، وَلَوْ قَالَ: أَجَزْتُ لِفُلَانٍ كَذَا إِنْ شَاءَ رِوَايَتَهُ عَنِّي، أَوْ لَكَ إِنْ شِئْتَ أَوْ أَحْبَبْتَ أَوْ أَرَدْتَ، فَالْأَظْهَرُ جَوَازُهُ.   [تدريب الراوي] بِالْإِجَازَةِ، فَشَيْخُ السَّمَاعِ يَرْوِي عَنْ شَيْخِ الْإِجَازَةِ وَشَيْخُ الْإِجَازَةِ يَرْوِيهِ عَنْ ذَلِكَ الشَّيْخِ بِعَيْنِهِ بِالسَّمَاعِ، كَانَ ذَلِكَ فِي حُكْمِ السَّمَاعِ عَلَى السَّمَاعِ. انْتَهَى. وَشَيْخُ الْإِسْلَامِ يَصْنَعُ ذَلِكَ كَثِيرًا فِي أَمَالِيهِ وَتَخَارِيجِهِ. قُلْتُ: فَظَهَرَ لِي مِنْ هَذَا أَنْ يُقَالَ: إِذَا رَوَيْتَ عَنْ شَيْخٍ بِالْإِجَازَةِ الْخَاصَّةِ عَنْ شَيْخٍ بِالْإِجَازَةِ الْعَامَّةِ وَعَنْ آخَرَ بِالْإِجَازَةِ الْعَامَّةِ عَنْ ذَلِكَ الشَّيْخِ بِعَيْنِهِ بِالْإِجَازَةِ الْخَاصَّةِ، كَانَ ذَلِكَ فِي حُكْمِ الْإِجَازَةِ الْخَاصَّةِ عَنِ الْإِجَازَةِ الْخَاصَّةِ. مِثَالُ ذَلِكَ: أَنْ أَرْوِيَ عَنْ شَيْخِنَا أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدٍ التَّنْكِزِيِّ، وَقَدْ سَمِعْتُ عَلَيْهِ فَأَجَازَنِي لِي خَاصَّةً، عَنِ الشَّيْخِ جَمَالِ الدِّينِ الْإِسْنَوِيِّ فَإِنَّهُ أَدْرَكَ حَيَاتَهُ وَلَمْ يُجِزْهُ خَاصَّةً، وَأَرْوِيَ عَنِ الشَّيْخِ أَبِي الْفَتْحِ الْمَرَاغِيِّ بِالْإِجَازَةِ الْعَامَّةِ عَنِ الْإِسْنَوِيِّ بِالْخَاصَّةِ. [الرابع الإجازة لمُعَيِّنٍ بمجهول أو بمعين من الكتب] (الرَّابِعُ إِجَازَةٌ) لِمُعَيَّنٍ (بِمَجْهُولٍ) مِنَ الْكُتُبِ (أَوْ) إِجَازَةٌ بِمُعَيَّنٍ مِنَ الْكُتُبِ (لَهُ) أَيْ لِمَجْهُولٍ مِنَ النَّاسِ، (كَأَجَزْتُكَ كِتَابَ السُّنَنِ وَهُوَ يَرْوِي كُتُبًا فِي السُّنَنِ) أَوْ أَجَزْتُكَ بَعْضَ مَسْمُوعَاتِي (أَوْ أَجَزْتُ مُحَمَّدَ بْنَ خَالِدٍ الدِّمَشْقِيَّ وَهُنَاكَ جَمَاعَةٌ مُشْتَرِكُونَ فِي هَذَا الِاسْمِ) وَلَا يَتَّضِحُ مُرَادُهُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ (فَهِيَ بَاطِلَةٌ) ، فَإِنِ اتَّضَحَ بِقَرِينَةٍ صَحِيحَةٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 454 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] (فَإِنْ أَجَازَ لِجَمَاعَةٍ مُسَمِّينَ فِي الْإِجَازَةِ أَوْ غَيْرِهَا وَلَمْ يَعْرِفْهُمْ بِأَعْيَانِهِمْ وَلَا أَنْسَابِهِمْ وَلَا عَدَدِهِمْ وَلَا تَصَفُّحِهِمْ) وَكَذَا إِذَا سَمَّى الْمَسْئُولَ لَهُ وَلَمْ يَعْرِفْ عَيْنَهُ (صَحَّتِ الْإِجَازَةُ كَسَمَاعِهِمْ مِنْهُ فِي مَجْلِسِهِ فِي هَذَا الْحَالِ) أَيْ وَهُوَ لَا يَعْرِفُ أَعْيَانَهُمْ وَلَا أَسْمَاءَهُمْ وَلَا عَدَدَهُمْ (وَأَمَّا أَجَزْتُ لِمَنْ يَشَاءُ فُلَانٌ أَوْ نَحْوِ هَذَا فَفِيهِ جَهَالَةٌ وَتَعْلِيقٌ) بِشَرْطٍ، وَلِذَلِكَ أُدْخِلَ فِي ضَرْبِ الْإِجَازَةِ الْمَجْهُولَةِ، وَالْعِرَاقِيُّ أَفْرَدَهُ كَالْقَسْطَلَانِيِّ بِضَرْبٍ مُسْتَقِلٍّ ; لِأَنَّ الْإِجَازَةَ الْمُعَلَّقَةَ قَدْ لَا يَكُونُ فِيهَا جَهَالَةٌ كَمَا سَيَأْتِي (فَالْأَظْهَرُ بُطْلَانُهُ) لِلْجَهْلِ، كَقَوْلِهِ أَجَزْتُ لِبَعْضِ النَّاسِ (وَبِهِ قَطَعَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ الشَّافِعِيُّ) . قَالَ الْخَطِيبُ: وَحُجَّتُهُمُ الْقِيَاسُ عَلَى تَعْلِيقِ الْوَكَالَةِ (وَصَحَّحَهُ) أَيْ هَذَا الضَّرْبَ مِنَ الْإِجَازَةِ أَبُو يَعْلَى (ابْنُ الْفَرَّاءِ الْحَنْبَلِيُّ، وَ) أَبُو الْفَضْلِ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ (بْنِ عُمْرُوسٍ الْمَالِكِيُّ) ، وَقَالَ: إِنَّ الْجَهَالَةَ تَرْتَفِعُ عِنْدَ وُجُودِ الْمَشِيئَةِ، وَيَتَعَيَّنُ الْمَجَازُ لَهُ عِنْدَهَا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 455 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] قَالَ الْخَطِيبُ: وَسَمِعْتُ ابْنَ الْفَرَّاءِ يَحْتَجُّ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَمَّا أَمَّرَ زَيْدًا عَلَى غَزْوَةِ مُؤْتَةَ: «فَإِنْ قُتِلَ زَيْدٌ فَجَعْفَرٌ، فَإِنْ قُتِلَ جَعْفَرٌ فَابْنُ رَوَاحَةَ» ، فَعَلَّقَ التَّأْمِيرَ. قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الدَّامِغَانِيَّ يُفَرِّقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْوَكَالَةِ بِأَنَّ الْوَكِيلَ يَنْعَزِلُ بِعَزْلِ الْمُوَكِّلِ لَهُ، بِخِلَافِ الْمُجَازِ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَقَدِ اسْتَعْمَلَ ذَلِكَ مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ صَاحِبُ " التَّارِيخِ " وَحَفِيدُ يَعْقُوبَ بْنِ شَيْبَةَ. فَإِنْ عُلِّقَتْ بِمَشِيئَةٍ مُبْهَمٍ بَطَلَتْ قَطْعًا. (وَلَوْ قَالَ أَجَزْتُ لِمَنْ يَشَاءُ الْإِجَازَةَ فَهُوَ كَأَجَزْتُ لِمَنْ يَشَاءُ فُلَانٌ) فِي الْبُطْلَانِ بَلْ (وَأَكْثَرُ جَهَالَةً) وَانْتِشَارًا مِنْ حَيْثُ إِنَّهَا مُعَلَّقَةٌ بِمَشِيئَةِ مَنْ لَا يُحْصَرُ عَدَدُهُمْ. (وَلَوْ قَالَ أَجَزْتُ لِمَنْ يَشَاءُ الرِّوَايَةَ عَنِّي فَأَوْلَى بِالْجَوَازِ لِأَنَّهُ تَصْرِيحٌ بِمُقْتَضَى الْحَالِ) مِنْ حَيْثُ إِنَّ مُقْتَضَى كُلِّ إِجَازَةٍ تَفْوِيضُ الرِّوَايَةِ بِهَا إِلَى مَشِيئَةِ الْمُجَازِ لَهُ، لَا تَعْلِيقَ فِي الْإِجَازَةِ، وَقَاسَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ عَلَى: بِعْتُكَ إِنْ شِئْتَ، قَالَ الْعِرَاقِيُّ: لَكِنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا تَعْيِينُ الْمُبْتَاعِ، بِخِلَافِهِ فِي الْإِجَازَةِ، فَإِنَّهُ مُبْهَمٌ. قَالَ: وَالصَّحِيحُ فِيهِ عَدَمُ الصِّحَّةِ، قَالَ: نَعَمْ وَزَانَهُ هُنَا أَجَزْتُ لَكَ أَنْ تَرْوِيَ عَنِّي إِنْ شِئْتَ الرِّوَايَةَ عَنِّي، قَالَ وَالْأَظْهَرُ الْأَقْوَى هُنَا الْجَوَازُ، لِانْتِفَاءِ الْجَهَالَةِ، وَحَقِيقَةِ التَّعْلِيقِ انْتَهَى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 456 الْخَامِسُ: الْإِجَازَةُ لِلْمَعْلُومِ كَأَجَزْتُ لِمَنْ يُولَدُ لِفُلَانٍ. وَاخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ فِي صِحَّتِهَا فَإِنْ عَطَفَهُ عَلَى مَوْجُودٍ كَأَجَزْتُ لِفُلَانٍ وَمَنْ يُولَدُ لَهُ أَوْ لَكَ وَلِعَقِبِكَ مَا تَنَاسَلُوا فَأَوْلَى بِالْجَوَازِ، وَفَعَلَ الثَّانِيَ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، وَأَجَازَ الْخَطِيبُ الْأَوَّلَ، وَحَكَاهُ عَنِ ابْنِ الْفَرَّاءِ، وَابْنِ عُمْرُوسٍ، وَأَبْطَلَهَا الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ، وَابْنُ الصَّبَّاغِ: الشَّافِعِيَّانِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ الَّذِي لَا يَنْبَغِي غَيْرُهُ، وَأَمَّا الْإِجَازَةُ لِلطِّفْلِ الَّذِي لَا يُمَيِّزُ فَصَحِيحَةٌ عَلَى الصَّحِيحِ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ، وَالْخَطِيبُ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ.   [تدريب الراوي] وَكَذَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ فِي " مَحَاسِنِ الِاصْطِلَاحِ "، وَأَيَّدَ الْبُطْلَانَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأَوْلَى بِبُطْلَانِ الْوَصِيَّةِ وَالْوَكَالَةِ فِيمَا لَوْ قَالَ: وَصَّيْتُ بِهَذِهِ لِمَنْ يَشَاءُ، أَوْ وَكَّلْتُ فِي بَيْعِهَا مَنْ شَاءَ أَنْ يَبِيعَهَا، قَالَ: وَإِذَا بَطَلَ فِي الْوَصِيَّةِ مَعَ احْتِمَالِهَا مَا لَا يَحْتَمِلُهُ غَيْرُهَا فَهُنَا أَوْلَى. (وَلَوْ قَالَ أَجَزْتُ لِفُلَانٍ كَذَا إِنْ شَاءَ رِوَايَتَهُ عَنِّي أَوْ لَكَ إِنْ شِئْتَ أَوْ أَحْبَبْتَ أَوْ أَرَدْتَ فَالْأَظْهَرُ جَوَازُهُ) كَمَا تَقَدَّمَ. [الخامس الإجازة للمعدوم] (الْخَامِسُ الْإِجَازَةُ لِلْمَعْدُومِ كَأَجَزْتُ لِمَنْ يُولَدُ لِفُلَانٍ، وَاخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ فِي صِحَّتِهَا فَإِنْ عَطَفَهُ عَلَى مَوْجُودٍ كَأَجَزْتُ لِفُلَانٍ وَمَنْ يُولَدُ لَهُ أَوْ لَكَ) وَلِوَلَدِكَ (وَلِعَقِبِكَ مَا تَنَاسَلُوا فَأَوْلَى بِالْجَوَازِ) مِمَّا إِذَا أَفْرَدَهُ بِالْإِجَازَةِ قِيَاسًا عَلَى الْوَقْفِ. (وَفَعَلَ الثَّانِي مِنَ الْمُحَدِّثِينَ) الْإِمَامُ (أَبُو بَكْرِ) عَبْدُ اللَّهِ (بْنُ أَبِي دَاوُدَ) السِّجِسْتَانِيُّ فَقَالَ: وَقَدْ سُئِلَ الْإِجَازَةَ، قَدْ أَجَزْتُ لَكَ وَلِأَوْلَادِكَ وَلِحَبَلِ الْحَبَلَةِ، يَعْنِي الَّذِينَ لَمْ يُوَلِّدُوا بَعْدُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 457 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الْمُبَالَغَةِ وَتَأْكِيدِ الْإِجَازَةِ، وَصَرَّحَ بِتَصْحِيحِ هَذَا الْقِسْمِ الْقَسْطَلَانِيُّ فِي الْمَنْهَجِ. (وَأَجَازَ الْخَطِيبُ الْأَوَّلَ) أَيْضًا، وَأَلَّفَ فِيهَا جُزْءًا وَقَالَ: إِنَّ أَصْحَابَ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ أَجَازُوا الْوَقْفَ عَلَى الْمَعْدُومِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَصْلُهُ مَوْجُودًا. قَالَ: وَإِنْ قِيلَ كَيْفَ يَصِحُّ أَنْ يَقُولَ أَجَازَنِي فُلَانٌ وَمَوْلِدُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ؟ يُقَالُ كَمَا يَصِحُّ أَنْ يَقُولَ وَقَفَ عَلَى فُلَانٍ وَمَوْلِدِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ، قَالَ: وَلِأَنَّ بُعْدَ أَحَدِ الزَّمَانَيْنِ مِنَ الْآخَرِ كَبُعْدِ أَحَدِ الْوَطَنَيْنِ مِنَ الْآخَرِ (وَحَكَاهُ) أَيِ الصِّحَّةَ فِيمَا ذَكَرَ (عَنِ ابْنِ الْفَرَّاءِ) الْحَنْبَلِيِّ، (وَابْنِ عُمْرُوسٍ) الْمَالِكِيِّ، وَنَسَبَهُ عِيَاضٌ لِمُعْظَمِ الشُّيُوخِ (وَأَبْطَلَهَا الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَابْنُ الصَّبَّاغِ الشَّافِعِيَّانِ وَهُوَ الصَّحِيحُ الَّذِي لَا يَنْبَغِي غَيْرُهُ) لِأَنَّ الْإِجَازَةَ فِي حُكْمِ الْإِخْبَارِ جُمْلَةٌ بِالْمُجَازِ، فَكَمَا لَا يَصِحُّ الْإِخْبَارُ لِلْمَعْدُومِ لَا تَصِحُّ الْإِجَازَةُ لَهُ، أَمَّا إِجَازَةُ مَنْ يُوجَدُ مُطْلَقًا فَلَا يَجُوزُ إِجْمَاعًا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 458 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] (وَأَمَّا الْإِجَازَةُ لِلطِّفْلِ الَّذِي لَا يُمَيِّزُ فَصَحِيحَةٌ عَلَى الصَّحِيحِ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالْخَطِيبُ) ، وَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ سِنٌّ وَلَا غَيْرُهُ (خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ) حَيْثُ قَالَ: لَا يَصِحُّ كَمَا لَا يَصِحُّ سَمَاعُهُ، وَلَمَّا ذَكَرَ ذَلِكَ لِأَبِي الطِّيبِ قَالَ يَصِحُّ أَنْ يُجِيزَ لِلْغَائِبِ وَلَا يَصِحُّ سَمَاعُهُ، قَالَ الْخَطِيبُ: وَعَلَى الْجَوَازِ كَافَّةُ شُيُوخِنَا، وَاحْتَجَّ لَهُ بِأَنَّهَا إِبَاحَةُ الْمُجِيزِ لِلْمُجَازِ لَهُ أَنْ يَرْوِيَ عَنْهُ، وَالْإِبَاحَةُ تَصِحُّ لِلْعَاقِلِ وَلِغَيْرِهِ. قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: كَأَنَّهُمْ رَأَوُا الطِّفْلَ أَهْلًا لِتَحَمُّلِ هَذَا النَّوْعِ لِيُؤَدِّيَ بِهِ بَعْدَ حُصُولِ الْأَهْلِيَّةِ لِبَقَاءِ الْإِسْنَادِ، وَأَمَّا الْمُمَيِّزُ فَلَا خِلَافَ فِي صِحَّةِ الْإِجَازَةِ لَهُ. 1 - تَنْبِيهٌ: أَدْمَجَ الْمُصَنِّفُ كَابْنِ الصَّلَاحِ مَسْأَلَةَ الطِّفْلِ فِي ضَرْبِ الْإِجَازَةِ لِلْمَعْدُومِ، وَأَفْرَدَهَا الْقَسْطَلَانِيُّ بِنَوْعٍ، وَكَذَا الْعِرَاقِيُّ وَضَمَّ إِلَيْهَا الْإِجَازَةَ لِلْمَجْنُونِ وَالْكَافِرِ وَالْحَمْلِ. فَأَمَّا الْمَجْنُونُ فَالْإِجَازَةُ لَهُ صَحِيحَةٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي كَلَامِ الْخَطِيبِ، وَأَمَّا الْكَافِرُ فَقَالَ لَمْ أَجِدْ فِيهِ نَقْلًا، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ سَمَاعَهُ صَحِيحٌ، قَالَ وَلَمْ أَجِدْ عَنْ أَحَدٍ مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ وَالْمُتَأَخِّرِينَ الْإِجَازَةَ لِلْكَافِرِ، إِلَّا أَنَّ شَخْصًا مِنَ الْأَطِبَّاءِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 459 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] يُقَالُ لَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّيِّدِ سَمِعَ الْحَدِيثَ فِي حَالِ يَهُودِيَّتِهِ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الصُّورِيِّ، وَكَتَبَ اسْمَهُ فِي الطَّبَقَةِ مَعَ السَّامِعِينَ، وَأَجَازَ الصُّورِيُّ لَهُمْ، وَهُوَ مِنْ جُمْلَتِهِمْ، وَكَانَ ذَلِكَ بِحُضُورِ الْمِزِّيِّ، فَلَوْلَا أَنَّهُ يَرَى جَوَازَ ذَلِكَ مَا أَقَرَّ عَلَيْهِ، ثُمَّ هَدَى اللَّهُ هَذَا الْيَهُودِيَّ إِلَى الْإِسْلَامِ وَحَدَّثَ، وَسَمِعَ مِنْهُ أَصْحَابُنَا. قَالَ: وَالْفَاسِقُ وَالْمُبْتَدِعُ أَوْلَى بِالْإِجَازَةِ مِنَ الْكَافِرِ، وَيُؤَدِّيَانِ إِذَا زَالَ الْمَانِعُ، قَالَ: وَأَمَّا الْحَمْلُ فَلَمْ أَجِدْ فِيهِ نَقْلًا إِلَّا أَنَّ الْخَطِيبَ قَالَ: لَمْ نَرَهُمْ أَجَازُوا لِمَنْ لَمْ يَكُنْ مَوْلُودًا فِي الْحَالِ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِكَوْنِهِ إِذَا وَقَعَ يَصِحُّ أَوْ لَا، قَالَ: وَلَا شَكَّ أَنَّهُ أَوْلَى بِالصِّحَّةِ مِنَ الْمَعْدُومِ، قَالَ: وَقَدْ رَأَيْتُ شَيْخَنَا الْعَلَائِيَّ سُئِلَ لِحَمْلٍ مَعَ أَبَوَيْهِ فَأَجَازَ وَاحْتَرَزَ أَبُو الثَّنَاءِ الْمَنْبِجِيُّ فَكَتَبَ: أَجَزْتُ لِلْمُسْلِمِينَ فِيهِ. قَالَ: وَمَنْ عَمَّمَ الْإِجَازَةَ لِلْحَمْلِ وَغَيْرِهِ أَعْلَمُ وَأَحْفَظُ وَأَتْقَنُ: إِلَّا أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ: لَعَلَّهُ مَا تَصَفَّحَ أَسْمَاءَ الِاسْتِدْعَاءِ حَتَّى يَعْلَمَ هَلْ فِيهِ حَمْلٌ أَمْ لَا، إِلَّا أَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ أَهْلَ الْحَدِيثِ لَا يُجِيزُونَ إِلَّا بَعْدَ تَصَفُّحِهِمْ، قَالَ وَيَنْبَغِي بِنَاءُ الْحُكْمِ فِيهِ عَلَى الْخِلَافِ فِي أَنَّ الْحَمْلَ هَلْ يُعْلَمُ أَوْ لَا؟ فَإِنْ قُلْنَا يُعْلَمُ وَهُوَ الْأَصَحُّ صَحَّتِ الْإِجَازَةُ لِلْمَعْدُومِ انْتَهَى. وَذَكَرَ وَلَدُهُ الْحَافِظُ وَلِيُّ الدِّينِ أَبُو زُرْعَةَ فِي فَتَاوِيهِ الْمَكِّيَّةِ وَهِيَ أَجْوِبَةُ أَسْئِلَةٍ سَأَلَهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 460 السَّادِسُ: إِجَازَةُ مَا لَمْ يَتَحَمَّلْهُ الْمُجِيزُ بِوَجْهٍ لِيَرْوِيَهُ الْمُجَازُ إِذَا تَحَمَّلَهُ الْمُجِيزُ، قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: لَمْ أَرَ مَنْ تَكَلَّمَ فِيهِ، وَرَأَيْتُ بَعْضَ الْمُتَأَخِّرِينَ يَصْنَعُونَهُ، ثُمَّ حَكَى عَنْ قَاضِي قُرْطُبَةَ أَبِي الْوَلِيدِ مَنْعَ ذَلِكَ، قَالَ عِيَاضٌ وَهُوَ الصَّحِيحُ. وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ، فَعَلَى هَذَا يَتَعَيَّنُ عَلَى مَنْ أَرَادَ أَنْ يَرْوِيَ عَنْ شَيْخٍ أَجَازَ لَهُ جَمِيعَ مَسْمُوعَاتِهِ أَنْ يَبْحَثَ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّ هَذَا مِمَا تَحَمَّلَهُ شَيْخُهُ قَبْلَ الْإِجَازَةِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ أَجَزْتُ لَكَ مَا صَحَّ أَوْ يَصِحُّ عِنْدَكَ مِنْ مَسْمُوعَاتِي فَصَحِيحٌ تَجُوزُ الرِّوَايَةُ بِهِ، لِمَا صَحَّ عِنْدَهُ سَمَاعُهُ لَهُ قَبْلَ الْإِجَازَةِ وَفَعَلَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ.   [تدريب الراوي] عَنْهَا شَيْخُنَا الْحَافِظُ أَبُو الْفَضْلِ الْهَاشِمِيُّ، أَنَّ الْجَوَازَ فِيمَا بَعْدَ نَفْخِ الرُّوحِ أَوْلَى، وَأَنَّهَا قَبْلَ نَفْخِ الرُّوحِ مَرْتَبَةٌ مُتَوَسِّطَةٌ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْإِجَازَةِ لِلْمَعْدُومِ، فَهِيَ أَوْلَى بِالْمَنْعِ مِنَ الْأُولَى، وَبِالْجَوَازِ مِنَ الثَّانِيَةِ. [السادس إِجَازَةُ مَا لَمْ يَتَحَمَّلْهُ الْمُجِيزُ] (السَّادِسُ إِجَازَةُ مَا لَمْ يَتَحَمَّلْهُ الْمُجِيزُ بِوَجْهٍ) مِنْ سَمَاعٍ أَوْ إِجَازَةٍ (لِيَرْوِيَهُ الْمُجَازُ) لَهُ (إِذَا تَحَمَّلَهُ الْمُجِيزُ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ) فِي كِتَابِهِ " الْإِلْمَاعِ " هَذَا (لَمْ أَرَ مَنْ تَكَلَّمَ فِيهِ) مِنَ الْمَشَايِخِ. (وَرَأَيْتُ بَعْضَ الْمُتَأَخِّرِينَ) وَالْعَصْرِيِّينَ (يَصْنَعُونَهُ ثُمَّ حَكَى عَنْ قَاضِي قُرْطُبَةَ أَبِي الْوَلِيدِ) يُونُسَ بْنِ مُغِيثٍ (مَنْعَ ذَلِكَ) لَمَّا سُئِلَهُ وَقَالَ: يُعْطِيكَ مَا لَمْ يَأْخُذْ؟ وَهَذَا مُحَالٌ. (قَالَ عِيَاضٌ وَ) هَذَا (هُوَ الصَّحِيحُ) فَإِنَّهُ يُجِيزُ مَا لَا خَبَرَ عِنْدَهُ مِنْهُ، وَيَأْذَنُ لَهُ بِالتَّحْدِيثِ بِمَا لَمْ يُحَدِّثْ بِهِ وَيُبِيحُ مَا لَمْ يَعْلَمْ، هَلْ يَصِحُّ لَهُ الْإِذْنُ فِيهِ، قَالَ الْمُصَنِّفُ (وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ) . قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَسَوَاءٌ قُلْنَا إِنَّ الْإِجَازَةَ فِي حُكْمِ الْإِخْبَارِ بِالْمُجَازِ جُمْلَةً، أَوْ إِذْنٌ إِذْ لَا يُجِيزُ بِمَا لَا خَبَرَ عِنْدَهُ مِنْهُ، وَلَا يُؤْذَنُ فِيمَا لَمْ يَمْلِكْهُ الْآذِنُ بَعْدُ، كَالْإِذْنِ فِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 461 السَّابِعُ: إِجَازَةُ الْمُجَازِ: كَأَجَزْتُكَ مُجَازَاتِي، فَمَنَعَهُ بَعْضُ مَنْ لَا يُعْتَدُّ بِهِ. وَالصَّحِيحُ الَّذِي عَلَيْهُ الْعَمَلُ جَوَازُهُ، وَبِهِ قَطَعَ الْحُفَّاظُ: الدَّارَقُطْنِيُّ، وَابْنُ عُقْدَةَ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَأَبُو الْفَتْحِ نَصْرٌ الْمَقْدِسِيُّ. وَكَانَ أَبُو الْفَتْحِ يَرْوِي بِالْإِجَازَةِ عَنِ الْإِجَازَةِ، وَرُبَّمَا وَالَى بَيْنَ ثَلَاثٍ، وَيَنْبَغِي لِلرَّاوِي بِهَا تَأَمُّلُهَا لِئَلَّا يَرْوِيَ مَا لَمْ يَدْخُلْ تَحْتَهَا، فَإِنْ كَانَتْ إِجَازَةُ شَيْخِ شَيْخِهِ: أَجَزْتُ لَهُ مَا صَحَّ عِنْدَهُ مِنْ سَمَاعِي فَرَأَى سَمَاعَ شَيْخِ شَيْخِهِ فَلَيْسَ لَهُ رِوَايَتُهُ عَنْ شَيْخِهِ عَنْهُ حَتَّى يَعْرِفَ أَنَّهُ صَحَّ عِنْدَ شَيْخِهِ كَوْنُهُ مِنْ مَسْمُوعَاتِ شَيْخِهِ فَرْعٌ: قَالَ أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ فَارِسٍ: الْإِجَازَةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ جَوَازِ الَمَاءِ الَّذِي تُسْقَاهُ الْمَاشِيَةُ وَالْحَرْثُ، يُقَالَ: اسْتَجَزْتُهُ فَأَجَازَنِي إِذَا أَسْقَاكَ مَاءً لِمَاشِيَتِكِ وَأَرْضِكَ كَذَا طَالِبُ الْعِلْمِ يَسْتَجِيِزُ الْعَالِمَ عِلْمَهُ فَيُجِيزُهُ، فَعَلَى هَذَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ أَجَزْتُ فُلَانًا مَسْمُوعَاتِي، وَمَنْ جَعَلَ الْإِجَازَةَ إِذْنًا وَهُوَ الْمَعْرُوفُ يَقُولُ: أَجَزْتُ لَهُ رِوَايَةَ مَسْمُوعَاتِي، وَمَتَى قَالَ: أَجَزْتُ لَهُ مَسْمُوعَاتِي فَعَلَى الْحَذْفِ كَمَا فِي نَظَائِرِهِ، قَالُوا: إِنَّمَا تُسْتَحْسَنُ الْإِجَازَةُ إِذَا عَلِمَ الْمُجِيزُ مَا يُجِيزُهُ وَكَانَ الْمُجَازُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَاشْتَرَطَهُ بَعْضُهُمْ وَحُكِيَ عَنْ مَالِكٍ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: الصَّحِيحُ أَنَّهَا لَا تَجُوزُ إِلَّا لِمَاهِرٍ بِالصِّنَاعَةِ فِي مُعَيَّنٍ لَا يُشْكِلُ إِسْنَادُهُ، وَيَنْبَغِي لِلْمُجِيِزُ كِتَابَةً أَنْ يَتَلَفَّظَ بِهَا فَإِنِ اقْتَصَرَ عَلَى الْكِتَابَةِ مَعَ قَصْدِ الْإِجَازَةِ صَحَّتْ. .   [تدريب الراوي] فِي بَيْعِ مَا لَمْ يَمْلِكْهُ. وَكَذَا قَالَ الْقَسْطَلَانِيُّ الْأَصَحُّ الْبُطْلَانُ، فَإِنَّ مَا رَوَاهُ دَاخِلٌ فِي دَائِرَةِ حَصْرِ الْعِلْمِ بِأَصْلِهِ، بِخِلَافِ مَا لَمْ يَرْوِهِ فَإِنَّهُ لَمْ يَنْحَصِرْ، قَالَ الْمُصَنِّفُ كَابْنِ الصَّلَاحِ (فَعَلَى هَذَا يَتَعَيَّنُ عَلَى مَنْ أَرَادَ أَنْ يَرْوِيَ عَنْ شَيْخٍ أَجَازَ لَهُ جَمِيعَ مَسْمُوعَاتِهِ أَنْ يَبْحَثَ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّ هَذَا مِمَّا تَحَمَّلَهُ شَيْخُهُ قَبْلَ الْإِجَازَةِ) لَهُ. (وَأَمَّا قَوْلُهُ: أَجَزْتُ لَكَ مَا صَحَّ أَوْ يَصِحُّ عِنْدَكَ مِنْ مَسْمُوعَاتِي فَصَحِيحٌ تَجُوزُ الرِّوَايَةُ بِهِ لِمَا صَحَّ عِنْدَهُ) بَعْدَ الْإِجَازَةِ (سَمَاعُهُ لَهُ قَبْلَ الْإِجَازَةِ وَفَعَلَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ) قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَكَذَا لَوْ لَمْ يَقُلْ، وَيَصِحُّ، فَإِنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ مَا صَحَّ حَالُ الرِّوَايَةِ لَا الْإِجَازَةِ. [السابع إِجَازَةُ الْمُجَازِ] (السَّابِعُ إِجَازَةُ الْمُجَازِ كَأَجَزْتُكَ مُجَازَاتِي) أَوْ جَمِيعَ مَا أُجِيزُ رِوَايَتَهُ (فَمَنَعَهُ بَعْضُ مَنْ لَا يُعْتَدُّ بِهِ) وَهُوَ الْحَافِظُ أَبُو الْبَرَكَاتِ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ الْمُبَارَكِ الْأَنْمَاطِيُّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 462 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] شَيْخُ ابْنِ الْجَوْزِيِّ وَصَنَّفَ فِي ذَلِكَ جُزْءًا ; لِأَنَّ الْإِجَازَةَ ضَعِيفَةٌ فَيَقْوَى الضَّعْفُ بِاجْتِمَاعِ إِجَازَتَيْنِ. (وَالصَّحِيحُ الَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ جَوَازُهُ، وَبِهِ قَطَعَ الْحُفَّاظُ) أَبُو الْحَسَنِ (الدَّارَقُطْنِيُّ، وَ) أَبُو الْعَبَّاسِ (ابْنُ عُقْدَةَ، وَأَبُو نُعَيْمٍ) الْأَصْبَهَانِيُّ، وَأَبُو الْفَتْحِ نَصْرٌ الْمَقْدِسِيُّ، وَفَعَلَهُ الْحَاكِمُ، وَادَّعَى ابْنُ طَاهِرٍ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ. وَكَانَ (أَبُو الْفَتْحِ) نَصْرٌ الْمَقْدِسِيُّ (يَرْوِي بِالْإِجَازَةِ عَنِ الْإِجَازَةِ وَرُبَّمَا وَالَى بَيْنَ ثَلَاثٍ) إِجَازَاتٍ، وَكَذَلِكَ الْحَافِظُ أَبُو الْفَتْحِ بْنُ أَبِي الْفَوَارِسِ وَالَى بَيْنَ ثَلَاثِ إِجَازَاتٍ، وَوَالَى الرَّافِعِيُّ فِي أَمَالِيهِ بَيْنَ أَرْبَعِ أَجَائِزَ، وَالْحَافِظُ قُطْبُ الدِّينِ الْحَلَبِيُّ خَمْسِ أَجَائِزَ فِي " تَارِيخِ مِصْرَ "، وَشَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي أَمَالَيْهِ بَيْنَ سِتٍّ. (وَيَنْبَغِي لِلرَّاوِي بِهَا) أَيْ بِالْإِجَازَةِ عَنِ الْإِجَازَةِ (تَأَمُّلُهَا) أَيْ تَأَمُّلُ كَيْفِيَّةِ إِجَازَةِ شَيْخِ شَيْخِهِ لِشَيْخِهِ وَمُقْتَضَاهَا (لِئَلَّا يَرْوِيَ) بِهَا (مَا لَمْ يَدْخُلْ تَحْتَهَا) فَرُبَّمَا قَيَّدَهَا بَعْضُهُمْ بِمَا صَحَّ عِنْدَ الْمُجَازِ لَهُ، أَوْ بِمَا سَمِعَهُ الْمُجِيزُ، وَنَحْوَ ذَلِكَ. (فَإِنْ كَانَتْ إِجَازَةُ شَيْخِ شَيْخِهِ: أَجَزْتُ لَهُ مَا صَحَّ عِنْدَهُ مِنْ سَمَاعِي، فَرَأَى سَمَاعَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 463 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] شَيْخِ شَيْخِهِ فَلَيْسَ لَهُ رِوَايَتُهُ عَنْ شَيْخِهِ عَنْهُ، حَتَّى يَعْرِفَ أَنَّهُ صَحَّ عِنْدَ شَيْخِهِ كَوْنُهُ مِنْ مَسْمُوعَاتِ شَيْخِهِ) وَكَذَا إِنْ قَيَّدَهَا بِمَا سَمِعَهُ لَمْ يَتَعَدَّ إِلَى مُجَازَاتِهِ، وَقَدْ زَلَّ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ بِسَبَبِ ذَلِكَ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَكَانَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ لَا يُجِيزُ رِوَايَةَ سَمَاعِهِ كُلِّهِ، بَلْ يُقَيِّدُهُ بِمَا حَدَّثَ بِهِ مِنْ مَسْمُوعَاتِهِ، هَكَذَا رَأَيْتُهُ بِخَطِّهِ، وَلَمْ أَرَ لَهُ إِجَازَةً تَشْمَلُ مَسْمُوعَهُ، وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ شَكَّ فِي بَعْضِ سَمَاعَاتِهِ فَلَمْ يُحَدِّثْ بِهِ، وَلَمْ يُجِزْهُ، وَهُوَ سَمَاعُهُ عَلَى ابْنِ الْمُقَيَّرِ، فَمَنْ حَدَّثَ عَنْهُ بِإِجَازَتِهِ مِنْهُ بِشَيْءٍ مِمَّا حَدَّثَ بِهِ مِنْ مَسْمُوعَاتِهِ فَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ. قُلْتُ: لَكِنَّهُ كَانَ يُجِيزُ مَعَ ذَلِكَ جَمِيعَ مَا أُجِيزَ لَهُ، كَمَا رَأَيْتُهُ بِخَطِّ أَبِي حَيَّانَ فِي النُّضَارِ، فَعَلَى هَذَا لَا تَتَقَيَّدُ الرِّوَايَةُ عَنْهُ، بِمَا حَدَّثَ بِهِ مِنْ مَسْمُوعَاتِهِ فَقَطْ إِذْ يَدْخُلُ الْبَاقِي فِيمَا أُجِيزَ لَهُ. (فَرْعٌ قَالَ أَبُو الْحُسَيْنِ) أَحْمَدُ (بْنُ فَارِسٍ) اللُّغَوِيُّ (الْإِجَازَةُ) فِي كَلَامِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 464 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] الْعَرَبِ (مَأْخُوذَةٌ مِنْ جَوَازِ الْمَاءِ الَّذِي تُسْقَاهُ الْمَاشِيَةُ وَالْحَرْثُ يُقَالُ) مِنْهُ (اسْتَجَزْتُهُ فَأَجَازَنِي إِذَا أَسْقَاكَ مَاءً لِمَاشِيَتِكَ وَأَرْضِكَ) قَالَ (كَذَا) لَكَ (طَالِبُ الْعِلْمِ يَسْتَجِيزُ الْعَالِمَ) أَيْ يَسْأَلُهُ أَنْ يُجِيزَهُ (عِلْمَهُ فَيُجِيزُهُ) إِيَّاهُ، قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ (فَعَلَى هَذَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ أَجَزْتُ فُلَانًا مَسْمُوعَاتِي) أَوْ مَرْوِيَّاتِي مُتَعَدِّيًا بِغَيْرِ حَرْفِ جَرٍّ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إِلَى ذِكْرِ لَفْظِ الرِّوَايَةِ. (وَمَنْ جَعَلَ الْإِجَازَةَ إِذْنًا) وَإِبَاحَةً وَتَسْوِيغًا (وَهُوَ الْمَعْرُوفُ يَقُولُ أَجَزْتُ لَهُ رِوَايَةَ مَسْمُوعَاتِي، وَمَتَى قَالَ أَجَزْتُ لَهُ مَسْمُوعَاتِي فَعَلَى الْحَذْفِ كَمَا فِي نَظَائِرِهِ) . وَعِبَارَةُ الْقَسْطَلَانِيِّ فِي الْمَنْهَجِ: الْإِجَازَةُ مُشْتَقَّةٌ مِنَ التَّجَوُّزِ وَهُوَ التَّعَدِّي، فَكَأَنَّهُ عَدَّى رِوَايَتَهُ حَتَّى أَوْصَلَهَا لِلرَّاوِي عَنْهُ. (قَالُوا إِنَّمَا تُسْتَحْسَنُ الْإِجَازَةُ إِذَا عَلِمَ الْمُجِيزُ مَا يُجِيزُهُ وَكَانَ الْمُجَازُ) لَهُ (مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ) أَيْضًا أَنَّهَا تَوَسُّعٌ وَتَرْخِيصٌ يَتَأَهَّلُ لَهُ أَهْلُ الْعِلْمِ لِمَسِيسِ حَاجَتِهِمْ إِلَيْهَا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 465 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] قَالَ عِيسَى بْنُ مِسْكِينٍ: الْإِجَازَةُ رَأْسُ مَالٍ كَبِيرٍ. (وَاشْتَرَطَهُ بَعْضُهُمْ) فِي صِحَّتِهَا فَبَالَغَ (وَحُكِيَ عَنْ مَالِكٍ) حَكَاهُ عَنْهُ الْوَلِيدُ بْنُ بَكْرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، (وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ الصَّحِيحُ: أَنَّهَا لَا تَجُوزُ إِلَّا لِمَاهِرٍ بِالصِّنَاعَةِ، وَفِي) شَيْءٍ (مُعَيَّنٍ لَا يُشْكِلُ إِسْنَادُهُ. وَيَنْبَغِي لِلْمُجِيزِ كِتَابَةً) أَيْ بِالْكِتَابَةِ (أَنْ يَتَلَفَّظَ بِهَا) أَيْ بِالْإِجَازَةِ أَيْضًا (فَإِنِ اقْتَصَرَ عَلَى الْكِتَابَةِ) وَلَمْ يَتَلَفَّظْ (مَعَ قَصْدِ الْإِجَازَةِ صَحَّتْ) ; لِأَنَّ الْكِتَابَةَ كِنَايَةٌ، وَتَكُونُ حِينَئِذٍ دُونَ الْمَلْفُوظِ بِهَا فِي الرُّتْبَةِ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدِ الْإِجَازَةَ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: فَالظَّاهِرُ عَدَمُ الصِّحَّةِ، قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَغَيْرُ مُسْتَبْعَدٍ تَصْحِيحُ ذَلِكَ بِمُجَرَّدِ هَذِهِ الْكِتَابَةِ فِي بَابِ الرِّوَايَةِ، الَّتِي جُعِلَتْ فِيهِ الْقِرَاءَةُ عَلَى الشَّيْخِ، مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَتَلَفَّظْ بِمَا قُرِئَ عَلَيْهِ إِخْبَارًا مِنْهُ بِذَلِكَ. تَنْبِيهٌ لَا يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ فِي الْإِجَازَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ، قُلْتُ: فَلَوْ رَدَّ فَالَّذِي يَنْقَدِحُ فِي النَّفْسِ الصِّحَّةُ، وَكَذَا لَوْ رَجَعَ الشَّيْخُ عَنِ الْإِجَازَةِ، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 466 الْقِسْمُ الرَّابِعُ: الْمُنَاوَلَةُ، هِيَ ضَرْبَانِ مَقْرُونَةٌ بِالْإِجَازَةِ، وَمُجَرَّدَةٌ، فَالْمَقْرُونَةُ أَعْلَى أَنْوَاعِ الْإِجَازَةِ مُطْلَقًا، وَمِنْ صُوَرِهَا أَنْ يَدْفَعَ الشَّيْخُ إِلَى الطَّالِبِ أَصْلَ سَمَاعِهِ أَوْ مُقَابَلًا بِهِ، وَيَقُولُ: هَذَا سَمَاعِي أَوْ رِوَايَتِي عَنْ فُلَانٍ فَارْوِهِ أَوْ أَجَزْتُ لَكَ رِوَايَتَهُ عَنِّي، ثُمَ يُبْقِيهِ مَعَهُ تَمْلِيكًا أَوْ لِيَنْسَخَهُ أَوْ نَحْوَهُ، وَمِنْهَا أَنْ يَدْفَعَ إِلَيْهِ الطَّالِبُ سَمَاعَهُ فَيَتَأَمَّلَهُ الشَّيْخُ وَهُوَ عَارِفٌ مُتَيَقِّظٌ ثُمَّ يُعِيدَهُ إِلَيْهِ وَيَقُولَ: هُوَ حَدِيثِي أَوْ رِوَايَتِي فَارْوِهِ عَنِّي أَوْ أَجَزْتُ لَكَ رِوَايَتَهُ، وَهَذَا سَمَّاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ عَرْضًا، وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ الْقِرَاءَةَ عَلَيْهِ تُسَمَّى عَرْضًا فَلْيُسَمَّ هَذَا عَرْضَ الْمُنَاوَلَةِ وَذَاكَ عَرْضَ الْقِرَاءَةِ، وَهَذِهِ الْمُنَاوَلَةُ كَالسَّمَاعِ فِي الْقُوَّةِ عِنْدَ الزُّهْرِيِّ، وَرَبِيعَةَ، وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ، وَمُجَاهِدٍ، وَالشَّعْبِيِّ، وَعَلْقَمَةَ، وَإِبْرَاهِيمَ، وَأَبِي الْعَالِيَةِ، وَأَبِي الزُّبَيْرِ، وَأَبِي الْمُتَوَكِّلِ، وَمَالِكٍ، وَابْنِ وَهْبٍ، وَابْنِ الْقَاسِمِ، وَجَمَاعَاتٍ آخَرِينَ. وَالصَّحِيحُ أَنَهَا مُنْحَطَّةٌ عَنِ السَّمَاعِ وَالْقِرَاءَةِ، وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَابْنِ الْمُبَارَكِ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ، وَالْبُوَيْطِيِّ، وَالْمُزَنِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ، وَيَحْيَى بْنِ يَحْيَى. قَالَ الْحَاكِمُ: وَعَلَيْهِ عَهِدْنَا أَئِمَّتَنَا وَإِلَيْهِ نَذْهَبُ. وَمِنْ صُوَرِهَا أَنْ يُنَاوِلَ الشَّيْخُ الطَّالِبَ سَمَاعَهُ وَيُجِيزَهُ لَهُ، ثُمَّ يُمْسِكَهُ الشَّيْخُ، وَهَذَا دُونَ مَا سَبَقَ، وَتَجُوزُ رِوَايَتُهُ إِذَا وَجَدَ الْكِتَابَ أَوْ مُقَابَلًا بِهِ مَوْثُوقًا بِمُوَافَقَتِهِ مَا تَنَاوَلَتْهُ الْإِجَازَةُ كَمَا يُعْتَبَرُ فَيَ الْإِجَازَةِ الْمُجَرَّدَةِ، وَلَا يَظْهَرُ فِي هِذِهِ الْمُنَاوَلَةِ كَبِيرُ مَزِيَّةٍ عَلَى الْإِجَازَةِ الْمُجَرَّدَةِ فِي مُعَيَّنٍ. وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ الْفِقْهِ وَالْأُصُولِ: لَا فَائِدَةَ فِيهَا، وَشُيُوخُ الْحَدِيثِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا يَرَوْنَ لَهَا مَزِيَّةً مُعْتَبَرَةً، وَمِنْهَا أَنْ يَأْتِيَهُ الطَّالِبُ بِكِتَابٍ وَيَقُولَ: هَذَا رِوَايَتُكَ فَنَاوِلْنِيهِ وَأَجِزْ لِي رِوَايَتَهُ فَيُجِيبَهُ إِلَيْهِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ فِيهِ وَتَحَقُّقٍ لِرِوَايَتِهِ فَهَذَا بَاطِلٌ، فَإِنْ وَثِقَ بِخَبَرِ الطَالِبِ وَمَعْرِفَتِهِ اعْتَمَدَهُ وَصَحَّتِ الْإِجَازَةُ كَمَا يَعْتَمِدُهُ فِي الْقِرَاءَةِ، فَلَوْ قَالَ: حَدِّثْ عَنِّيَ بِمَا فِيهِ إِنْ كَانَ مِنْ حَدِيثِي مَعَ بَرَاءَتِي مِنَ الْغَلَطِ كَانَ جَائِزًا حَسَنًا.   [تدريب الراوي] وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: إِنْ قُلْنَا الْإِجَازَةُ إِخْبَارٌ لَمْ يَضُرَّ الرَّدُّ وَلَا الرُّجُوعُ، وَإِنْ قُلْنَا إِذْنٌ وَإِبَاحَةٌ ضَرَّا، كَالْوَقْفِ وَالْوَكَالَةِ، وَلَكِنَّ الْأَوَّلَ هُوَ الظَّاهِرُ، وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعْرَّضَ لِذَلِكَ. فَائِدَةٌ قَالَ شَيْخُنَا الْإِمَامُ الشُّمُنِّيُّ: الْإِجَازَةُ فِي الِاصْطِلَاحِ إِذْنٌ فِي الرِّوَايَةِ لَفْظًا أَوْ خَطًّا، يُفِيدُ الْإِخْبَارَ الْإِجْمَالِيَّ عُرْفًا، وَأَرْكَانُهَا أَرْبَعَةٌ، الْمُجِيزُ وَالْمُجَازُ لَهُ وَالْمُجَازُ بِهِ وَلَفْظُ الْإِجَازَةِ. [القسم الرَّابِعُ الْمُنَاوَلَةُ هِيَ ضَرْبَانِ] [الأول مَقْرُونَةٌ بِالْإِجَازَةِ] (الْقِسْمُ الرَّابِعُ) مِنْ أَقْسَامِ التَّحَمُّلِ (الْمُنَاوَلَةُ) وَالْأَصْلُ فِيهَا مَا عَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الْعِلْمِ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ لِأَمِيرِ السَّرِيَّةِ كِتَابًا وَقَالَ: لَا تَقْرَأْهُ حَتَّى تَبْلُغَ مَكَانَ كَذَا وَكَذَا، فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ الْمَكَانَ قَرَأَهُ عَلَى النَّاسِ وَأَخْبَرَهُمْ بِأَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» وَصَلَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَالطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ حَسَنٍ. قَالَ السُّهَيْلِيُّ: احْتَجَّ بِهِ الْبُخَارِيُّ عَلَى صِحَّةِ الْمُنَاوَلَةِ، فَكَذَلِكَ الْعَالِمُ إِذَا نَاوَلَ التِّلْمِيذَ كِتَابًا جَازَ لَهُ أَنْ يَرْوِيَ عَنْهُ مَا فِيهِ، قَالَ: وَهُوَ فِقْهٌ صَحِيحٌ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 467 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَأَحْسَنُ مَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَيْهَا مَا اسْتَدَلَّ بِهِ الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ بِكِتَابِهِ إِلَى كِسْرَى مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُذَافَةَ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَدْفَعَهُ إِلَى عَظِيمِ الْبَحْرَيْنِ فَدَفَعَهُ عَظِيمُ الْبَحْرَيْنِ إِلَى كِسْرَى» . وَفِي مُعْجَمِ الْبَغَوِيِّ عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ: قَالَ كُنَّا إِذَا أَكْثَرْنَا عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَتَانَا بِمَجَالٍ لَهُ فَأَلْقَاهَا إِلَيْنَا، وَقَالَ: هَذِهِ أَحَادِيثُ سَمِعْتُهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَتَبْتُهَا وَعَرَضْتُهَا (هِيَ ضَرْبَانِ مَقْرُونَةٌ بِالْإِجَازَةِ وَمُجَرَّدَةٌ) عَنْهَا، (فَالْمَقْرُونَةُ) بِالْإِجَازَةِ (أَعْلَى أَنْوَاعِ الْإِجَازَةِ مُطْلَقًا) وَنَقَلَ عِيَاضٌ الِاتِّفَاقَ عَلَى صِحَّتِهَا. (وَمِنْ صُوَرِهَا) وَهُوَ أَعْلَاهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ (أَنْ يَدْفَعَ الشَّيْخُ إِلَى الطَّالِبِ أَصْلَ سَمَاعِهِ أَوْ) فَرْعًا (مُقَابَلًا بِهِ، وَيَقُولَ) لَهُ: (هَذَا سَمَاعِي أَوْ رِوَايَتِي عَنْ فُلَانٍ) ، أَوْ لَا يُسَمِّيهِ، وَلَكِنَّ اسْمَهُ مَذْكُورٌ فِي الْكِتَابِ الْمُنَاوَلِ، (فَارْوِهِ) عَنِّي، (أَوْ أَجَزْتُ لَكَ رِوَايَتَهُ عَنِّي، ثُمَّ يُبْقِيهِ مَعَهُ تَمْلِيكًا أَوْ لِيَنْسَخَهُ) ، وَيُقَابِلُ بِهِ وَيَرُدُّهُ (أَوْ نَحْوَهُ. وَمِنْهَا أَنْ يَدْفَعَ إِلَيْهِ) أَيْ إِلَى الشَّيْخِ (الطَّالِبُ سَمَاعَهُ) أَيْ سَمَاعَ الشَّيْخِ أَصْلًا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 468 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] أَوْ مُقَابَلًا بِهِ (فَيَتَأَمَّلَهُ) الشَّيْخُ (، وَهُوَ عَارِفٌ مُتَيَقِّظٌ ثُمَّ يُعِيدَهُ إِلَيْهِ) أَيْ يُنَاوِلَهُ لِلطَّالِبِ (وَيَقُولَ) لَهُ (هُوَ حَدِيثِي أَوْ رِوَايَتِي) عَنْ فُلَانٍ أَوْ عَمَّنْ ذَكَرَ فِيهِ (فَارْوِهِ عَنِّي، أَوْ أَجَزْتُ لَكَ رِوَايَتَهُ وَهَذَا سَمَّاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ عَرْضًا) وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ الْقِرَاءَةَ عَلَيْهِ تُسَمَّى عَرْضًا، فَلْيُسَمَّ هَذَا عَرْضَ الْمُنَاوَلَةِ، وَذَلِكَ عَرْضَ الْقِرَاءَةِ. وَهَذِهِ الْمُنَاوَلَةُ كَالسَّمَاعِ فِي الْقُوَّةِ) وَالرُّتْبَةِ، (عِنْدَ الزُّهْرِيِّ، وَرَبِيعَةَ، وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ) مِنَ الْمَدَنِيِّينَ، (وَمُجَاهِدٍ) الْمَكِّيِّ، (وَالشَّعْبِيِّ، وَعَلْقَمَةَ، وَإِبْرَاهِيمَ) النَّخَعِيَّانِ مِنَ الْكُوفِيِّينَ، (وَأَبِي الْعَالِيَةِ) الْبَصْرِيِّ، (وَأَبِي الزُّبَيْرِ) الْمَكِّيِّ، (وَأَبِي الْمُتَوَكِّلِ) الْبَصْرِيِّ، (وَمَالِكٍ) مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، (وَابْنِ وَهْبٍ، وَابْنِ الْقَاسِمِ) ، وَأَشْهَبَ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ، (وَجَمَاعَاتٍ آخَرِينَ) مِنَ الشَّامِيِّينَ وَالْخُرَاسَانِيِّينَ، وَحَكَاهُ الْحَاكِمُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْ مَشَايِخِهِ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَأَرْفَعُ مَنْ حُكِيَ عَنْهُ مِنَ الْمَدَنِيِّينَ ذَلِكَ، أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَحَدُ الْفُقَهَاءِ السَّبْعَةِ، وَعِكْرِمَةُ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ. وَمِنْ دُونِهِ الْعَلَاءُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَهِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنُ عَلْقَمَةَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 469 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَمِنْ دُونِهِمْ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ. وَمِنْ أَهْلِ مَكَّةَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خَيْثَمَ، وَابْنُ عُيَيْنَةَ، وَنَافِعٌ الْجُمَحِيُّ، وَدَاوُدُ الْعَطَّارُ، وَمُسْلِمٌ الزِّنْجِيُّ. وَمِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ أَبُو بُرْدَةَ الْأَشْعَرِيُّ، وَعَلِيُّ بْنُ رَبِيعَةَ الْأَسَدِيُّ، وَمَنْصُورُ بْنُ الْمُعْتَمِرِ، وَإِسْرَائِيلُ، وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ، وَزُهَيْرٌ، وَجَابِرٌ الْجُعْفِيُّ. وَمِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ قَتَادَةُ، وَحُمَيْدٌ الطَّوِيلُ، وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، وَكَهْمَسُ، وَزِيَادُ بْنُ فَيْرُوزَ، وَعَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدَعَانَ، وَدَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدَ، وَجَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ. وَمِنَ الْمِصْرِيِّينَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ [عَبْدِ] الْحَكَمِ، وَسَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، وَيَحْيَى بْنُ بَكِيرٍ، وَيُوسُفُ بْنُ عَمْرٍو. وَنَقَلَ ابْنُ الْأَثِيرِ فِي مُقَدِّمَةِ جَامِعِ الْأُصُولِ أَنَّ بَعْضَ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ جَعَلَهَا أَرْفَعَ مِنَ السَّمَاعِ ; لِأَنَّ الثِّقَةَ بِكِتَابِ الشَّيْخِ مَعَ إِذْنِهِ فَوْقَ الثِّقَةِ بِالسَّمَاعِ مِنْهُ، وَأَثْبَتُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 470 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] لِمَا يَدْخُلُ مِنَ الْوَهْمِ عَلَى السَّامِعِ وَالْمُسْمِعِ. (وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا مُنْحَطَّةٌ عَنِ السَّمَاعِ وَالْقِرَاءَةِ وَهُوَ قَوْلُ) سُفْيَانَ (الثَّوْرِيِّ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَابْنِ الْمُبَارَكِ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ، وَالْبُوَيْطِيِّ، وَالْمُزَنِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ) بْنِ رَاهَوَيْهِ، (وَيَحْيَى بْنِ يَحْيَى) ، وَأَسْنَدَهُ الرَّامَهُرْمُزِيُّ عَنْ مَالِكٍ. (قَالَ الْحَاكِمُ: وَعَلَيْهِ عَهِدْنَا أَئِمَّتَنَا وَإِلَيْهِ نَذْهَبُ) . قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَقَدِ اعْتَرَضَ ذِكْرُ أَبِي حَنِيفَةَ مَعَ هَؤُلَاءِ بِأَنَّ صَاحِبَ الْقُنْيَةِ مِنْ أَصْحَابِهِ نَقَلَ عَنْهُ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّ الْمُحَدِّثَ إِذَا أَعْطَاهُ الْكِتَابَ وَأَجَازَ لَهُ مَا فِيهِ وَلَمْ يَسْمَعْهُ وَلَمْ يَعْرِفْهُ لَمْ يَجُزْ. قَالَ: وَالْجَوَابُ أَنَّ الْبُطْلَانَ عِنْدَهُمَا لَا لِلْمُنَاوَلَةِ وَالْإِجَازَةِ، بَلْ لِعَدَمِ الْمَعْرِفَةِ، فَإِنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ وَلَمْ يَعْرِفْهُ، إِنْ كَانَ لِلْمُجَازِ وَهُوَ الظَّاهِرُ لِتَتَّفِقَ الضَّمَائِرُ، فَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ إِذَا عَرَفَ مَا أُجِيزَ لَهُ صَحَّ، وَإِنْ كَانَ لِلشَّيْخِ فَسَيَأْتِي أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ إِلَّا إِنْ كَانَ الطَّالِبُ مَوْثُوقًا بِخَبَرِهِ. قُلْتُ: وَمِمَّا يَعْتَرِضُ بِهِ فِي ذِكْرِ الْأَوْزَاعِيِّ، أَنَّ الْبَيْهَقِيَّ رَوَى عَنْهُ فِي " الْمَدْخَلِ " قَالَ: فِي الْعَرْضِ يَقُولُ: قَرَأْتُ وَقُرِئَ، وَفِي الْمُنَاوَلَةِ يَتَدَيَّنُ بِهِ وَلَا يُحَدِّثُ. (وَمِنْ صُوَرِهَا: أَنْ يُنَاوِلَ الشَّيْخُ الطَّالِبَ سَمَاعَهُ وَيُجِيزَهُ لَهُ، ثُمَّ يُمْسِكَهُ الشَّيْخُ) عِنْدَهُ وَلَا يُبْقِيَهُ عِنْدَ الطَّالِبِ (وَهَذَا دُونَ مَا سَبَقَ) لِعَدَمِ احْتِوَاءِ الطَّالِبِ عَلَى مَا يَحْمِلُهُ وَغَيْبَتُهُ عَنْهُ، (وَتَجُوزُ رِوَايَتُهُ) عَنْهُ (إِذَا وَجَدَ) ذَلِكَ (الْكِتَابَ) الْمُنَاوَلَ لَهُ مَعَ غَلَبَةِ ظَنِّهِ بِسَلَامَتِهِ مِنَ التَّغْيِيرِ (أَوْ) وَجَدَ فَرْعًا (مُقَابَلًا بِهِ مَوْثُوقًا بِمُوَافَقَتِهِ مَا تَنَاوَلَتْهُ الْإِجَازَةُ) ، كَمَا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ (فِي الْإِجَازَةِ الْمُجَرَّدَةِ) (وَلَا يَظْهَرُ فِي هَذِهِ الْمُنَاوَلَةِ كَبِيرُ مَزِيَّةٍ عَلَى الْإِجَازَةِ الْمُجَرَّدَةِ) عَنْهَا (فِي مُعَيَّنٍ) مِنَ الْكُتُبِ. (وَ) قَدْ (قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ الْفِقْهِ وَالْأُصُولِ: لَا فَائِدَةَ فِيهَا) . وَعِبَارَةُ الْقَاضِي عِيَاضٌ مِنْهُمْ: وَعَلَى التَّحْقِيقِ فَلَيْسَ لَهَا شَيْءٌ زَائِدٌ عَلَى الْإِجَازَةِ لِلشَّيْءِ الْمُعَيَّنِ مِنَ التَّصَانِيفِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ إِجَازَتِهِ إِيَّاهُ أَنْ يُحَدِّثَ عَنْهُ بِكِتَابِ الْمُوَطَّأِ وَهُوَ غَائِبٌ أَوْ حَاضِرٌ إِذِ الْمَقْصُودُ تَعْيِينُ مَا أَجَازَهُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 471 الضَّرْبُ الثَّانِي: الْمُجَرَّدَةُ بِأَنْ يُنَاوِلَهُ مُقْتَصِرًا عَلَى: هَذَا سَمَاعِي، فَلَا تَجُوزُ الرِّوَايَةُ بِهَا عَلَى الصَّحِيحِ الَّذِي قَالَهُ الْفُقَهَاءُ وَأَصْحَابُ الْأُصُولِ، وَعَابُوا الْمُحَدِّثِينَ الْمُجَوِّزِينَ. فَرْعٌ: جَوَّزَ الزُّهْرِيُّ، وَمَالِكٌ، وَغَيْرُهُمَا، إِطْلَاقَ حَدَّثَنَا وَأَخْبَرَنَا فِي الرِّوَايَةِ بِالْمُنَاوَلَةِ، وَهُوَ مُقْتَضَى قَوْلِ مَنْ جَعَلَهَا سَمَاعًا، وَحُكِيَ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ الْأَصْبَهَانِيِّ وَغَيْرِهِ جَوَازُهُ فِي الْإِجَازَةِ الْمُجَرَّدَةِ. وَالصَّحِيحُ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَأَهْلُ التَّحَرِّي الْمَنْعُ وَتَخْصِيصُهَا بِعِبَارَةٍ مُشْعِرَةٍ بِهَا: كَحَدَّثَنَا وَأَخْبَرَنَا إِجَازَةً أَوْ مُنَاوَلَةً وَإِجَازَةً أَوْ إِذْنًا أَوْ فِي إِذْنِهِ أَوْ فِيمَا أَذِنَ لِي فِيهِ أَوْ فِيمَا أَطْلَقَ لِي رِوَايَتَهُ أَوْ أَجَازَنِي أَوْ لِي أَوْ نَاوَلَنِي أَوْ شِبْهِ ذَلِكَ، وَعَنِ الْأَوْزَاعِيِّ تَخْصِيصُهَا بِخَبَّرَنَا وَالْقِرَاءَةُ بِأَخْبَرَنَا. وَاصْطَلَحَ قَوْمٌ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ عَلَى إِطْلَاقِ أَنْبَأَنَا فِي الْإِجَازَةِ، وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ كِتَابِ " الْوِجَازَةِ ". وَكَانَ الْبَيْهَقِيُّ يَقُولُ: أَنْبَأَنِي إِجَازَةً. وَقَالَ الْحَاكِمُ: الَّذِي أَخْتَارُهُ وَعَهِدْتُ عَلَيْهِ أَكْثَرَ مَشَايِخِي وَأَئِمَّةَ عَصْرِي أَنْ يَقُولَ فِيمَا عُرِضَ عَلَى الْمُحَدِّثِ فَأَجَازَهُ شِفَاهًا: أَنْبَأَنِي، وَفِيمَا كَتَبَ إِلَيْهِ كُتِبَ إِلَيَّ، وَقَدْ قَالَ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ حَمْدَانَ: كُلُّ قَوْلِ الْبُخَارِيِّ قَالَ لِي فُلَانٌ عَرْضًا وَمُنَاوَلَةً، وَعَبَّرَ قَوْمٌ عَنِ الْإِجَازَةِ بِأَخْبَرَنَا فُلَانٌ أَنَّ فُلَانًا حَدَّثَهُ أَوْ أَخْبَرَهُ، وَاخْتَارَهُ الْخَطَّابِيُّ وَحَكَاهُ، وَهُوَ ضَعِيفٌ. وَاسْتَعْمَلَ الْمُتَأَخِّرُونِ فِي الْإِجَازَةِ الْوَاقِعَةِ فِي رِوَايَةِ مَنْ فَوْقَ الشَّيْخِ حَرْفَ عَنْ، فَيَقُولُ مَنْ سَمِعَ شَيْخًا بِإِجَازَتِهِ عَنْ شَيْخٍ: قَرَأْتُ عَلَى فُلَانٍ عَنْ فُلَانٍ. ثُمَّ إِنَّ الْمَنْعَ مِنْ إِطْلَاقِ حَدَّثَنَا وَأَخْبَرَنَا لَا يَزُولُ بِإِبَاحَةِ الْمُجِيزِ ذَلِكَ.   [تدريب الراوي] (وَ) لَكِنَّ (شُيُوخَ الْحَدِيثِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا يَرَوْنَ لَهَا مَزِيَّةً مُعْتَبَرَةً) عَلَى الْإِجَازَةِ الْمُعَيَّنَةِ. (وَمِنْهَا: أَنْ يَأْتِيَهُ الطَّالِبُ بِكِتَابٍ وَيَقُولَ) لَهُ: (هَذَا رِوَايَتُكَ فَنَاوِلْنِيهِ وَأَجِزْ لِي رِوَايَتَهُ فَيُجِيبَهُ إِلَيْهِ) اعْتِمَادًا عَلَيْهِ (مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ فِيهِ وَ) لَا (تَحَقُّقٍ لِرِوَايَتِهِ) لَهُ، (فَهَذَا بَاطِلٌ فَإِنْ وَثِقَ بِخَبَرِ الطَّالِبِ وَمَعْرِفَتِهِ) وَهُوَ بِحَيْثُ يُعْتَمَدُ مِثْلُهُ (اعْتَمَدَهُ، وَصَحَّتِ الْإِجَازَةُ) وَالْمُنَاوَلَةُ (كَمَا يَعْتَمِدُ فِي الْقِرَاءَةِ) عَلَيْهِ مِنْ أَصْلِهِ إِذَا وَثِقَ بِدِينِهِ وَمَعْرِفَتِهِ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ وَالطَّالِبُ غَيْرُ مَوْثُوقٍ بِهِ، ثُمَّ تَبَيَّنَ بَعْدَ ذَلِكَ بِخَبَرِ مَنْ يَعْتَمِدُ عَلَيْهِ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ مِنْ مَرْوِيَّاتِهِ فَهَلْ يَحْكُمُ بِصِحَّةِ الْإِجَازَةِ وَالْمُنَاوَلَةِ السَّابِقَيْنِ؟ لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ، وَالظَّاهِرُ نَعَمْ لِزَوَالِ مَا كُنَّا نَخْشَاهُ مِنْ عَدَمِ ثِقَةِ الْمُجِيزِ. انْتَهَى. (فَلَوْ قَالَ: حَدِّثْ عَنِّي بِمَا فِيهِ إِنْ كَانَ مِنْ حَدِيثِي مَعَ بَرَاءَتِي مِنَ الْغَلَطِ) ، وَالْوَهْمِ (كَانَ) ذَلِكَ (جَائِزًا حَسَنًا) . [الثاني المجردة] (الضَّرْبُ الثَّانِي) الْمُنَاوَلَةُ (الْمُجَرَّدَةُ عَنِ الْإِجَازَةِ بِأَنْ يُنَاوِلَهُ) الْكِتَابَ كَمَا تَقَدَّمَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 473 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] (مُقْتَصِرًا عَلَى) قَوْلِهِ (هَذَا سَمَاعِي) أَوْ مِنْ حَدِيثِي، وَلَا يَقُولَ لَهُ ارْوِهِ عَنِّي، وَلَا أَجَزْتُ لَكَ رِوَايَتَهُ وَنَحْوَ ذَلِكَ، (فَلَا تَجُوزُ الرِّوَايَةُ بِهَا عَلَى الصَّحِيحِ الَّذِي قَالَهُ الْفُقَهَاءُ وَأَصْحَابُ الْأُصُولِ، وَعَابُوا الْمُحَدِّثِينَ الْمُجَوِّزِينَ) لَهَا. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: مَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ مُخَالِفٌ لِكَلَامِ ابْنِ الصَّلَاحِ، فَإِنَّهُ إِنَّمَا قَالَ: فَهَذِهِ مُنَاوَلَةٌ مُخْتَلَّةٌ لَا تَجُوزُ الرِّوَايَةُ بِهَا، وَعَابَهَا غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَالْأُصُولِيِّينَ عَلَى الْمُحَدِّثِينَ الَّذِينَ أَجَازُوهَا وَسَوَّغُوا الرِّوَايَةَ بِهَا. وَحَكَى الْخَطِيبُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُمْ صَحَّحُوهَا. وَمُخَالِفٌ أَيْضًا لِمَا قَالَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْأُصُولِ مِنْهُمُ الرَّازِيُّ فَإِنَّهُ لَمْ يَشْتَرِطِ الْإِذْنَ بَلْ وَلَا الْمُنَاوَلَةَ، بَلْ إِذَا أَشَارَ إِلَى كِتَابٍ، وَقَالَ هَذَا سَمَاعِي مِنْ فُلَانٍ جَازَ لِمَنْ سَمِعَهُ أَنْ يَرْوِيَهُ عَنْهُ، سَوَاءٌ نَاوَلَهُ أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ قَالَ لَهُ ارْوِهِ عَنِّي أَمْ لَا. وَقَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: إِنَّ الرِّوَايَةَ بِهَا تَتَرَجَّحُ عَلَى الرِّوَايَةِ بِمُجَرَّدِ إِعْلَامِ الشَّيْخِ لِمَا فِيهِ مِنَ الْمُنَاوَلَةِ، فَإِنَّهَا لَا تَخْلُو مِنْ إِشْعَارٍ بِالْإِذْنِ فِي الرِّوَايَةِ. قُلْتُ: وَالْحَدِيثُ وَالْأَثَرُ السَّابِقَانِ أَوَّلَ الْقِسْمِ يَدُلَّانِ عَلَى ذَلِكَ، فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهِمَا تَصْرِيحٌ بِالْإِذْنِ. نَعَمْ، الْحَدِيثُ الَّذِي عَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ فِيهِ ذَلِكَ حَيْثُ قَالَ: لَا تَقْرَأْهُ حَتَّى تَبْلُغَ مَكَانَ كَذَا. فَمَفْهُومُهُ الْأَمْرُ بِالْقِرَاءَةِ عِنْدَ بُلُوغِ الْمَكَانِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 474 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَعِنْدِي أَنْ يُقَالَ: إِنْ كَانَتِ الْمُنَاوَلَةُ جَوَابًا لِسُؤَالٍ، كَأَنْ قَالَ لَهُ: نَاوِلْنِي هَذَا الْكِتَابَ لِأَرْوِيَهُ عَنْكَ، فَنَاوَلَهُ وَلَمْ يُصَرِّحْ بِالْإِذْنِ صَحَّتْ، وَجَازَ لَهُ أَنْ يَرْوِيَهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْإِجَازَةِ بِالْخَطِّ، بَلْ هَذَا أَبْلَغُ، وَكَذَا إِذَا قَالَ لَهُ: حَدِّثْنِي بِمَا سَمِعْتَ مِنْ فُلَانٍ، فَقَالَ: هَذَا سَمَاعِي مِنْ فُلَانٍ، كَمَا وَقَعَ مَنْ أَنَسٍ فَتَصِحُّ أَيْضًا، وَمَا عَدَا ذَلِكَ فَلَا، فَإِنْ نَاوَلَهُ الْكِتَابَ وَلَمْ يُخْبِرْهُ أَنَّهُ سَمَاعُهُ لَمْ تَجُزِ الرِّوَايَةُ بِهِ بِالِاتِّفَاقِ، قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ. 1 - فَرْعٌ: فِي أَلْفَاظِ الْأَدَاءِ لِمَنْ تَحَمَّلَ الْإِجَازَةَ وَالْمُنَاوَلَةَ (جَوَّزَ الزُّهْرِيُّ، وَمَالِكٌ وَغَيْرُهُمَا) كَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ (إِطْلَاقَ حَدَّثَنَا وَأَخْبَرَنَا فِي الرِّوَايَةِ بِالْمُنَاوَلَةِ، وَهِيَ مُقْتَضَى قَوْلِ مَنْ جَعَلَهَا سَمَاعًا. وَحُكِيَ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ الْأَصْبَهَانِيِّ وَغَيْرِهِ) كَأَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْمَرْزُبَانِيِّ (جَوَازُهُ) أَيْ إِطْلَاقُ حَدَّثَنَا وَأَخْبَرَنَا (فِي الْإِجَازَةِ الْمُجَرَّدَةِ) أَيْضًا، وَقَدْ عَيَّبَا بِذَلِكَ، لَكِنْ حَكَاهُ الْقَاضِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 475 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] عِيَاضٌ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، وَحَكَاهُ الْوَلِيدُ بْنُ بَكْرٍ عَنْ مَالِكٍ وَأَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَصَحَّحَهُ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ، وَلَا مَانِعَ مِنْهُ. وَمِنِ اصْطِلَاحِ أَبِي نُعَيْمٍ أَنْ يَقُولَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ فِيمَا قُرِئَ عَلَيْهِ، وَيُرِيدُ بِذَلِكَ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ إِجَازَةً، وَأَنَّ ذَلِكَ قُرِئَ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ: وَأَنَا أَسْمَعُ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ قَدْ يُصَرِّحُ بِأَنَّهُ سَمِعَهُ بِوَاسِطَةٍ عَنْهُ، وَتَارَةً يَضُمُّ إِلَيْهِ، وَأُذِنَ لِي فِيهِ. وَهَذَا اصْطِلَاحٌ لَهُ مُوهِمٌ. قَالَ الْمُصَنِّفُ كَابْنِ الصَّلَاحِ: (وَالصَّحِيحُ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَأَهْلُ التَّحَرِّي) وَالْوَرَعِ (الْمَنْعُ) مِنْ إِطْلَاقِ ذَلِكَ (وَتَخْصِيصُهَا بِعِبَارَةٍ مُشْعِرَةٍ بِهَا) تُبَيِّنُ الْوَاقِعَ (كَحَدَّثَنَا) إِجَازَةً أَوْ مُنَاوَلَةً وَإِجَازَةً (وَأَخْبَرَنَا إِجَازَةً أَوْ مُنَاوَلَةً وَإِجَازَةً الجزء: 1 ¦ الصفحة: 476 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] أَوْ إِذْنًا أَوْ فِي إِذْنِهِ أَوْ فِيمَا أَذِنَ لِي فِيهِ، أَوْ فِيمَا أَطْلَقَ لِي رِوَايَتَهُ، أَوْ أَجَازَنِي، أَوْ) أَجَازَ (لِي، أَوْ نَاوَلَنِي أَوْ شِبْهُ ذَلِكَ) كَسَوَّغَ لِي أَنْ أَرْوِيَ عَنْهُ وَأَبَاحَ لِي. (وَعَنِ الْأَوْزَاعِيِّ تَخْصِيصُهَا) أَيِ الْإِجَازَةِ (بِخَبَّرَنَا) بِالتَّشْدِيدِ (وَ) تَخْصِيصُ (الْقِرَاءَةِ بِأَخْبَرَنَا) بِالْهَمْزَةِ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَلَمْ يَخْلُ مِنَ النِّزَاعِ، لِأَنَّ خَبَّرَ وَأَخْبَرَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ لُغَةً وَاصْطِلَاحًا، وَاخْتَارَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي الْإِجَازَةِ أَخْبَرَنَا، لَا مُطْلَقًا وَلَا مُقَيَّدًا، لِبُعْدِ دَلَالَةِ لَفْظِ الْإِجَازَةِ عَلَى الْإِخْبَارِ، إِذْ مَعْنَاهُ فِي الْوَضْعِ الْإِذْنُ فِي الرِّوَايَةِ. قَالَ: وَلَوْ سَمِعَ الْإِسْنَادَ مِنَ الشَّيْخِ وَنَاوَلَهُ الْكِتَابَ جَازَ لَهُ إِطْلَاقُ أَخْبَرَنَا، لِأَنَّهُ صَدَّقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ بِالْكِتَابِ، وَإِنْ كَانَ إِخْبَارًا جُمَلِيًّا، فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّفْصِيلِيِّ. (وَاصْطَلَحَ قَوْمٌ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ عَلَى إِطْلَاقِ أَنْبَأَنَا فِي الْإِجَازَةِ، وَاخْتَارَهُ أَبُو الْعَبَّاسِ الْوَلِيدُ بْنُ بَكْرٍ الْغَمْرِيُّ (صَاحِبُ كِتَابِ " الْوَجَازَةِ ") فِي تَجْوِيزِ الْإِجَازَةِ، وَعَلَيْهِ عَمَلُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 477 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] النَّاسِ الْآنَ، وَالْمَعْرُوفُ عِنْدَ الْمُتَقَدِّمِينَ أَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ أَخْبَرَنَا. وَحَكَى عِيَاضٌ عَنْ شُعْبَةَ أَنَّهُ قَالَ فِي الْإِجَازَةِ مَرَّةً أَنْبَأَنَا وَمَرَّةً أَخْبَرَنَا. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَهُوَ بَعِيدٌ عَنْهُ، فَإِنَّهُ كَانَ مِمَّنْ لَا يَرَى الْإِجَازَةَ. (وَكَانَ الْبَيْهَقِيُّ يَقُولُ: أَنْبَأَنِي) وَأَنْبَأَنَا (إِجَازَةً) وَفِيهِ التَّصْرِيحُ بِالْإِجَازَةِ، مَعَ رِعَايَةِ اصْطِلَاحِ الْمُتَأَخِّرِينَ (وَقَالَ الْحَاكِمُ: الَّذِي أَخْتَارُهُ وَعَهِدْتُ عَلَيْهِ أَكْثَرَ مَشَايِخِي وَأَئِمَّةِ عَصْرِي أَنْ يَقُولَ فِيمَا عُرِضَ عَلَى الْمُحَدِّثِ فَأَجَازَهُ شِفَاهًا أَنْبَأَنِي، وَفِيمَا كَتَبَ إِلَيْهِ، كُتِبَ إِلَيَّ) . وَاسْتَعْمَلَ قَوْمٌ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي الْإِجَازَةِ بِاللَّفْظِ شَافَهَنِي، وَأَنَا مُشَافَهَةً، وَفِي الْإِجَازَةِ بِالْكِتَابَةِ: كَتَبَ إِلَيَّ، وَأَنَا كِتَابَةً، أَوْ فِي كِتَابِهِ. قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَلَا يُسْلَمُ مِنَ الْإِيهَامِ وَطَرَفٍ مِنَ التَّدْلِيسِ، أَمَّا الْمُشَافَهَةُ فَتُوهِمُ مُشَافَهَتَهُ بِالتَّحْدِيثِ، وَأَمَّا الْكِتَابَةُ فَتُوهِمُ أَنَّهُ كَتَبَ إِلَيْهِ بِذَلِكَ الْحَدِيثِ بِعَيْنِهِ، كَمَا كَانَ يَفْعَلُهُ الْمُتَقَدِّمُونَ. وَقَدْ نَصَّ الْحَافِظُ أَبُو الْمُظَفَّرِ الْهَمْدَانِيُّ عَلَى الْمَنْعِ مِنْ ذَلِكَ لِلْإِيهَامِ الْمَذْكُورِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 478 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] قُلْتُ: بَعْدَ أَنْ صَارَ الْآنَ ذَلِكَ اصْطِلَاحًا، عُرِّيَ مِنْ ذَلِكَ، وَقَدْ قَالَ الْقَسْطَلَانِيُّ بَعْدَ نَقْلِهِ كَلَامَ ابْنِ الصَّلَاحِ: إِلَّا أَنَّ الْعُرْفَ الْخَاصَّ مِنْ كَثْرَةِ الِاسْتِعْمَالِ يَرْفَعُ مَا يُتَوَقَّعُ مِنَ الْإِشْكَالِ. (وَقَدْ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ) أَحْمَدُ (بْنُ حَمْدَانَ) النَّيْسَابُورِيُّ (كُلُّ قَوْلِ الْبُخَارِيِّ قَالَ لِي) فُلَانٌ (عَرْضًا وَمُنَاوَلَةً) وَتَقَدَّمَ أَنَّهَا مَحْمُولَةٌ عَلَى السَّمَاعِ، وَأَنَّهَا غَالِبًا فِي الْمُذَاكَرَةِ، وَأَنَّ بَعْضَهُمْ جَعَلَهَا تَعْلِيقًا، وَابْنَ مَنْدَهْ إِجَازَةً. (وَعَبَّرَ قَوْمٌ) فِي الرِّوَايَةِ بِالسَّمَاعِ (عَنِ الْإِجَازَةِ بِأَخْبَرَنَا فُلَانٌ، أَنَّ فُلَانًا حَدَّثَهُ أَوْ أَخْبَرَهُ) ، فَاسْتَعْمَلُوا لَفْظَ أَنَّ فِي الْإِجَازَةِ، (وَاخْتَارَهُ الْخَطَّابِيُّ وَحَكَاهُ وَهُوَ ضَعِيفٌ) بَعِيدٌ عَنِ الْإِشْعَارِ بِالْإِجَازَةِ، وَحَكَاهُ عِيَاضٌ عَنِ اخْتِيَارِ أَبِي حَاتِمٍ الرَّازِيِّ، قَالَ: وَأَنْكَرَ بَعْضُهُمْ هَذَا، وَحَقُّهُ أَنْ يُنْكَرَ فَلَا مَعْنًى لَهُ يُفْهَمُ الْمُرَادُ مِنْهُ، وَلَا اعْتِيدَ هَذَا الْوَضْعُ فِي الْمَسْأَلَةِ لُغَةً وَلَا عُرْفًا. قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَهُوَ فِيمَا إِذَا سَمِعَ مِنْهُ الْإِسْنَادَ فَقَطْ، وَأَجَازَ لَهُ مَا رَوَاهُ قَرِيبٌ فَإِنَّ فِيهَا إِشْعَارًا بِوُجُودِ أَصْلِ الْإِخْبَارِ، وَإِنْ أَجْمَلَ الْمُخْبَرَ بِهِ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ تَفْصِيلًا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 479 الْقِسْمُ الْخَامِسُ: الْكِتَابَةُ. وَهِيَ أَنْ يَكْتُبَ الشَّيْخُ مَسْمُوعَهُ لِحَاضِرٍ أَوْ غَائِبٍ بِخَطِّهِ أَوْ بِأَمْرِهِ. وَهِيَ ضَرْبَانِ مُجَرَّدَةٌ عَنِ الْإِجَازَةِ، وَمَقْرُونَةٌ بِأَجَزْتُكَ مَا كَتَبْتُ لَكَ أَوْ إِلَيْكَ وَنَحْوَهُ مِنْ عِبَارَةِ الْإِجَازَةِ، وَلِهَذَا فِي الصِّحَّةِ وَالْقُوَّةِ كَالْمُنَاوَلَةِ الْمَقْرُونَةِ وَأَمَّا الْمُجَرَّدَةُ فَمَنَعَ الرِّوَايَةَ بِهَا قَوْمٌ، مِنْهُمُ الْقَاضِي الْمَاوَرْدِيُّ الشَّافِعِيُّ. وَأَجَازَهَا كَثِيرُونَ مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ وَالْمُتَأَخِّرِينَ، مِنْهُمْ أَيُّوبُ السَّخْتِيَانِيُّ، وَمَنْصُورٌ، وَالْلَيْثُ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الشافِعِيِّينَ وَأَصْحَابِ الْأُصُولِ. وَهُوَ الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ بَيْنَ أَهْلِ الْحَدِيثِ، وَيُوجَدُ فِي مُصَنَّفَاتِهِمْ: كَتَبَ إِلَيَّ فُلَانٌ قَالَ حَدَّثَنَا فُلَانٌ، وَالْمُرَادُ بِهِ هَذَا، وَهُوَ مَعْمُولٌ بِهِ عِنْدَهُمْ مَعْدُودٌ فِي الْمَوْصُولِ لِإِشْعَارِهِ بِمَعْنَى الْإِجَازَةِ. وَزَادَ السَّمْعَانِيُّ فَقَالَ: هِيَ أَقْوَى مِنَ الْإِجَازَةِ، ثُمَّ يَكْفِي مَعْرِفَتُهُ خَطَّ الْكَاتِبِ، وَمِنْهُمْ مَنْ شَرَطَ الْبَيِّنَةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ. ثُمَّ الصَّحِيحُ أَنَّهُ يَقُولُ فِي الرِّوَايَةِ بِهَا: كَتَبَ إِلَيَّ فُلَانٌ قَالَ حَدَّثَنَا فُلَانٌ أَوْ أَخْبَرَنِي فُلَانٌ مُكَاتَبَةً أَوْ كِتَابَةً وَنَحْوَهُ. وَلَا يَجُوزُ إِطْلَاقُ حَدَّثَنَا وَأَخْبَرَنَا، وَجَوَّزَهُ اللَّيْثُ، وَمَنْصُورٌ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ عُلَمَاءِ الْمُحَدِّثِينَ وَكِبَارِهِمْ.   [تدريب الراوي] قُلْتُ: وَاسْتِعْمَالُهَا الْآنَ فِي الْإِجَازَةِ شَائِعٌ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْعَنْعَنَةِ. (وَاسْتَعْمَلَ الْمُتَأَخِّرُونَ فِي الْإِجَازَةِ الْوَاقِعَةِ فِي رِوَايَةِ مَنْ فَوْقَ الشَّيْخِ حَرْفَ عَنْ، فَيَقُولُ مَنْ سَمِعَ شَيْخًا بِإِجَازَتِهِ عَنْ شَيْخٍ، قَرَأْتُ عَلَى فُلَانٍ عَنْ فُلَانٍ) كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْعَنْعَنَةِ. قَالَ ابْنُ مَالِكٍ: وَمَعْنَى عَنْ فِي نَحْوِ رَوَيْتُ عَنْ فُلَانٍ وَأَنْبَأْتُكَ عَنْ فُلَانٍ: الْمُجَاوَزَةُ ; لِأَنَّ الْمَرْوِيَّ وَالْمُنَبَّأَ بِهِ مُجَاوِزٌ لِمَنْ أَخَذَ عَنْهُ. (ثُمَّ إِنَّ الْمَنْعَ مِنْ إِطْلَاقِ حَدَّثَنَا وَأَخْبَرَنَا) فِي الْإِجَازَةِ وَالْمُنَاوَلَةِ (لَا يَزُولُ بِإِبَاحَةِ الْمُجِيزِ ذَلِكَ) كَمَا اعْتَادَهُ قَوْمٌ مِنَ الْمَشَايِخِ فِي إِجَازَاتِهِمْ لِمَنْ يُجِيزُونَ، إِنْ شَاءَ قَالَ حَدَّثَنَا، وَإِنْ شَاءَ قَالَ أَخْبَرَنَا ; لِأَنَّ إِبَاحَةَ الشَّيْخِ لَا يُغَيَّرُ بِهَا الْمَمْنُوعُ فِي الْمُصْطَلَحِ. [القسم الْخَامِسُ الْكِتَابَةُ] (الْقِسْمُ الْخَامِسُ) مِنْ أَقْسَامِ التَّحَمُّلِ (الْكِتَابَةُ) وَعِبَارَةُ ابْنِ الصَّلَاحِ وَغَيْرِهِ الْمُكَاتَبَةُ (وَهِيَ أَنْ يَكْتُبَ الشَّيْخُ مَسْمُوعَهُ) أَوْ شَيْئًا مِنْ حَدِيثِهِ (لِحَاضِرٍ) عِنْدَهُ (أَوْ غَائِبٍ) عَنْهُ سَوَاءٌ كَتَبَ (بِخَطِّهِ أَوْ) كَتَبَ عَنْهُ (بِأَمْرِهِ) . (وَهِيَ ضَرْبَانِ: مُجَرَّدَةٌ عَنِ الْإِجَازَةِ، وَمَقْرُونَةٌ بِأَجَزْتُكَ مَا كَتَبْتُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 480 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] لَكَ أَوْ) كَتَبْتُ (إِلَيْكَ أَوْ) مَا كَتَبْتُ بِهِ إِلَيْكَ، (وَنَحْوِهِ مِنْ عِبَارَةِ الْإِجَازَةِ، وَهَذَا فِي الصِّحَّةِ وَالْقُوَّةِ كَالْمُنَاوَلَةِ الْمَقْرُونَةِ) بِالْإِجَازَةِ. (وَأَمَّا) الْكِتَابَةُ (الْمُجَرَّدَةُ) عَنِ الْإِجَازَةِ (فَمَنَعَ الرِّوَايَةَ بِهَا قَوْمٌ مِنْهُمُ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ الْمَاوَرْدِيُّ الشَّافِعِيُّ) فِي الْحَاوِي وَالْآمِدِيُّ وَابْنُ الْقَطَّانِ. (وَأَجَازَهَا كَثِيرُونَ مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ وَالْمُتَأَخِّرِينَ مِنْهُمْ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ وَمَنْصُورٌ وَاللَّيْثُ) وَابْنُ سَعْدٍ وَابْنُ أَبَى سَبْرَةَ. وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي " الْمَدْخَلِ " عَنْهُمْ، وَقَالَ: فِي الْبَابِ آثَارٌ كَثِيرَةٌ عَنِ التَّابِعِينَ فَمَنْ بَعْدَهُمْ، وَكُتُبُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى عُمَّالِهِ بِالْأَحْكَامِ شَاهِدَةٌ لِقَوْلِهِمْ. (وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الشَّافِعِيِّينَ) مِنْهُمْ أَبُو الْمُظَفَّرِ السَّمْعَانِيُّ، (وَأَصْحَابُ الْأُصُولِ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 481 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] مِنْهُمُ الرَّازِيُّ (وَهُوَ الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ بَيْنَ أَهْلِ الْحَدِيثِ، وَيُوجَدُ فِي مُصَنَّفَاتِهِمْ) كَثِيرًا (كَتَبَ إِلَيَّ فُلَانٌ قَالَ: حَدَّثَنَا فُلَانٌ وَالْمُرَادُ بِهِ هَذَا وَهُوَ مَعْمُولٌ بِهِ عِنْدَهُمْ مَعْدُودٌ فِي الْمَوْصُولِ) مِنَ الْحَدِيثِ دُونَ الْمُنْقَطِعِ (لِإِشْعَارِهِ بِمَعْنَى الْإِجَازَةِ. وَزَادَ السَّمْعَانِيُّ فَقَالَ: هِيَ أَقْوَى مِنَ الْإِجَازَةِ) قُلْتُ: وَهُوَ الْمُخْتَارُ، بَلْ وَأَقْوَى مِنْ أَكْثَرِ صُوَرِ الْمُنَاوَلَةِ. وَفِي " صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ " فِي الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ: وَكَتَبَ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ بَشَّارٍ، وَلَيْسَ فِيهِ بِالْمُكَاتَبَةِ عَنْ شُيُوخِهِ غَيْرُهُ، وَفِيهِ وَفِي " صَحِيحِ مُسْلِمٍ " أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ بِالْمُكَاتَبَةِ، فِي أَثْنَاءِ السَّنَدِ. مِنْهَا: مَا أَخْرَجَاهُ عَنْ وَرَّادٍ قَالَ: كَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى الْمُغِيرَةِ أَنِ اكْتُبْ إِلَيَّ مَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ. الْحَدِيثُ فِي الْقَوْلِ عَقِبَ الصَّلَاةِ، وَأَخْرَجَا عَنِ ابْنِ عَوْنٍ قَالَ: كَتَبَ إِلَيَّ نَافِعٌ فَكَتَبَ إِلَيَّ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَغَارَ عَلَى بَنِي الْمُصْطَلِقِ» ، الْحَدِيثَ. وَأَخْرَجَا عَنْ سَالِمٍ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ كِتَابِ رَجُلٍ مِنْ أَسْلَمَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 482 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] كَتَبَ إِلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ حِينَ سَارَ إِلَى الْحَرُورِيَّةِ يُخْبِرُهُ بِحَدِيثِ: «لَا تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوِّ» . وَأَخْرَجَا عَنْ هِشَامٍ قَالَ: كَتَبَ إِلَيَّ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ مَرْفُوعًا: «إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَلَا تَقُومُوا حَتَّى تَرَوْنِي» ، وَعِنْدَ مُسْلِمٍ حَدِيثُ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ: كَتَبَ إِلَيَّ جَابِرُ بْنُ سَمُرَةَ مَعَ غُلَامِي نَافِعٍ أَنْ أَخْبِرْنِي بِشَيْءٍ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَتَبَ إِلَيَّ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ جُمُعَةٍ عَشِيَّةَ رَجْمِ الْأَسْلَمِيِّ» ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ. (ثُمَّ يَكْفِي) فِي الرِّوَايَةِ بِالْكِتَابَةِ (مَعْرِفَتُهُ) أَيِ الْمَكْتُوبَ لَهُ (خَطَّ الْكَاتِبِ) وَإِنْ لَمْ تَقُمِ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ. (وَمِنْهُمْ مَنْ شَرَطَ الْبَيِّنَةَ) عَلَيْهِ لِأَنَّ الْخَطَّ يُشْبِهُ الْخَطَّ، فَلَا يَجُوزُ الِاعْتِمَادُ عَلَى ذَلِكَ (وَهُوَ ضَعِيفٌ) . قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: لِأَنَّ ذَلِكَ نَادِرٌ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ خَطَّ الْإِنْسَانِ لَا يَشْتَبِهُ بِغَيْرِهِ، وَلَا يَقَعُ فِيهِ الْإِلْبَاسُ وَإِنْ كَانَ الْكَاتِبُ غَيْرَ الشَّيْخِ فَلَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ كَوْنِهِ ثِقَةً، كَمَا تَقَدَّمَتِ الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ فِي نَوْعِ الْمُعَلَّلِ. (ثُمَّ الصَّحِيحُ أَنَّهُ يَقُولُ فِي الرِّوَايَةِ بِهَا كَتَبَ إِلَيَّ فُلَانٌ قَالَ: حَدَّثَنَا فُلَانٌ أَوْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 483 الْقِسْمُ السَّادِسُ: إِعْلَامُ الشَّيْخِ الطَّالِبَ أَنَّ لِهَذَا الْحَدِيثِ أَوِ الْكِتَابِ سَمَاعَهُ مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ، فَجَوَّزَ الرِّوَايَةَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ، وَالْفِقْهِ، وَالْأُصُولِ، وَالظَّاهِرِ، مِنْهُمُ ابْنُ جُرَيْجٍ، وَابْنُ الصَّبَّاغِ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو الْعَبَّاسِ الْغَمْرِيُّ - بِالْمُعْجَمَةِ - الْمَالِكِيُّ. قَالَ بَعْضُ الظَاهِرِيَّةِ: لَوْ قَالَ هَذِهِ رِوَايَتِي لَا تَرْوِهَا، كَانَ لَهُ رِوَايَتُهَا عَنْهُ، وَالصَّحِيحُ مَا قَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ وَغَيْرِهِمْ: أَنَّهُ لَا تَجُوزُ الرِّوَايَةُ بِهِ لَكِنْ يَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ إِنْ صَحَّ سَنَدُهُ.   [تدريب الراوي] أَخْبَرَنِي فُلَانٌ مُكَاتَبَةً أَوْ كِتَابَةً أَوْ نَحْوَهُ) وَكَذَا حَدَّثَنَا مُقَيَّدًا بِذَلِكَ. (وَلَا يَجُوزُ إِطْلَاقُ حَدَّثَنَا وَأَخْبَرَنَا، وَجَوَّزَهُ اللَّيْثُ وَمَنْصُورٌ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ عُلَمَاءِ الْمُحَدِّثِينَ وَكِبَارِهِمْ) وَجَوَّزَ آخَرُونَ أَخْبَرَنَا دُونَ حَدَّثَنَا. رَوَى الْبَيْهَقِيُّ فِي " الْمَدْخَلِ " عَنْ أَبِي عِصْمَةَ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ قَالَ: كُنْتُ فِي مَجْلِسِ أَبِي سُلَيْمَانَ الْجَوْزَقَانِيِّ فَجَرَى ذِكْرُ حَدَّثَنَا وَأَخْبَرَنَا، فَقُلْتُ إِنَّ كِلَيْهِمَا سَوَاءٌ، فَقَالَ: بَيْنَهُمَا فَرْقٌ، أَلَا تَرَى مُحَمَّدَ بْنَ الْحُسَيْنِ قَالَ إِذَا قَالَ رَجُلٌ لِعَبْدِهِ: إِنْ أَخْبَرْتَنِي بِكَذَا فَأَنْتَ حُرٌّ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ بِذَلِكَ صَارَ حُرًّا، وَإِنْ قَالَ إِنْ حَدَّثْتَنِي بِكَذَا فَأَنْتَ حُرٌّ فَكَتَبَ إِلَيْهِ بِذَلِكَ لَا يَعْتِقُ. [القسم السادس الإعلام] (الْقِسْمُ السَّادِسُ) مِنْ أَقْسَامِ التَّحَمُّلِ (إِعْلَامُ الشَّيْخِ الطَّالِبَ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ أَوِ الْكِتَابَ سَمَاعُهُ) مِنْ فُلَانٍ (مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ) دُونَ أَنْ يَأْذَنَ فِي رِوَايَتِهِ عَنْهُ، (فَجَوَّزَ الرِّوَايَةَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ وَالْأُصُولِ وَالظَّاهِرِ، مِنْهُمُ ابْنُ جُرَيْجٍ، وَابْنُ الصَّبَّاغِ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو الْعَبَّاسِ) الْوَلِيدُ بْنُ بَكْرٍ (الْغَمْرِيُّ - بِالْمُعْجَمَةِ -) نِسْبَةً الجزء: 1 ¦ الصفحة: 484 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] إِلَى بَنِي الْغَمْرِ بَطْنٌ مِنْ غَافِقٍ (الْمَالِكِيُّ) وَنَصَرَهُ فِي كِتَابِهِ " الْوِجَازَةِ "، وَحَكَاهُ عِيَاضٌ عَنِ الْكَثِيرِ، وَاخْتَارَهُ الرَّامَهُرْمُزِيُّ، وَهُوَ مَذْهَبُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ حَبِيبٍ الْمَالِكِيِّ، وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ " الْمَحْصُولِ " وَأَتْبَاعُهُ، بَلْ (قَالَ بَعْضُ الظَّاهِرِيَّةِ: لَوْ قَالَ هَذِهِ رِوَايَتِي) وَضَمَّ إِلَيْهِ أَنْ قَالَ (لَا تَرْوِهَا) عَنِّي، أَوْ لَا أُجِيزُهَا لَكَ (كَانَ لَهُ) مَعَ ذَلِكَ (رِوَايَتُهَا عَنْهُ) ، وَكَذَا قَالَ الرَّامَهُرْمُزِيُّ أَيْضًا. قَالَ عِيَاضٌ: وَهَذَا صَحِيحٌ، لَا يَقْتَضِي النَّظَرَ سِوَاهُ، لِأَنَّ مَنْعَهُ أَنْ يُحَدِّثَ بِمَا حَدَّثَهُ لَا لِعِلَّةٍ وَلَا رِيبَةٍ لَا يُؤَثِّرُ ; لِأَنَّهُ قَدْ حَدَّثَهُ، فَهُوَ شَيْءٌ لَا يُرْجَعُ فِيهِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ كَابْنِ الصَّلَاحِ: (وَالصَّحِيحُ مَا قَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ وَغَيْرِهِمْ أَنَّهُ لَا تَجُوزُ الرِّوَايَةُ بِهِ) ، وَبِهِ قَطَعَ الْغَزَالِيُّ فِي الْمُسْتَصْفَى، قَالَ: لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَجُوزُ رِوَايَتُهُ مَعَ كَوْنِهِ سَمِعَهُ لِخَلَلٍ يَعْرِفُهُ فِيهِ، وَقَاسَ ابْنُ الصَّلَاحِ وَغَيْرُهُ ذَلِكَ عَلَى مَسْأَلَةِ اسْتِدْعَاءِ الشَّاهِدِ إِنْ تَحَمَّلَ الشَّهَادَةَ، فَإِنَّهُ لَا يَكْفِي إِعْلَامُهُ، بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى شَهَادَتِهِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 485 الْقِسْمُ السَّابِعُ: الْوَصِيَّةُ، هِيَ أَنْ يُوصِيَ عِنْدَ مَوْتِهِ أَوْ سَفَرِهِ بِكِتَابٍ يَرْوِيهِ، فَجَوَّزَ بَعْضُ السَّلَفِ لِلْمُوصَى لَهُ رِوَايَتَهُ عَنْهُ، وَهُوَ غَلَطٌ، وَالصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ.   [تدريب الراوي] قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: وَهَذَا الْقِيَاسُ غَيْرُ صَحِيحٍ ; لِأَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى الشَّهَادَةِ لَا تَصِحُّ إِلَّا مَعَ الْإِذْنِ فِي كُلِّ حَالٍ، وَالْحَدِيثُ عَنِ السَّمَاعِ وَالْقِرَاءَةِ لَا يُحْتَاجُ فِيهِ إِلَى إِذْنٍ بِاتِّفَاقٍ، وَأَيْضًا فَالشَّهَادَةُ تَفْتَرِقُ مِنَ الرِّوَايَةِ فِي أَكْثَرِ الْوُجُوهِ. وَعَلَى الْمَنْعِ قَالَ الْمُصَنِّفُ كَابْنِ الصَّلَاحِ: (لَكِنْ يَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ) أَيْ بِمَا أَخْبَرَهُ الشَّيْخُ أَنَّهُ سَمِعَهُ (إِنْ صَحَّ سَنَدُهُ) ، وَادَّعَى عِيَاضٌ الِاتِّفَاقَ عَلَى ذَلِكَ. [القسم السَّابِعُ الْوَصِيَّةُ] (الْقِسْمُ السَّابِعُ) مِنْ أَقْسَامِ التَّحَمُّلِ (الْوَصِيَّةُ وَهِيَ أَنْ يُوصِيَ) الشَّيْخُ (عِنْدَ مَوْتِهِ أَوْ سَفَرِهِ) لِشَخْصٍ (بِكِتَابٍ يَرْوِيهِ) ذَلِكَ الشَّيْخُ، (فَجَوَّزَ بَعْضُ السَّلَفِ) وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ وَأَبُو قِلَابَةَ (لِلْمُوصَى لَهُ رِوَايَتَهُ عَنْهُ) بِتِلْكَ الْوَصِيَّةِ، قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: لِأَنَّ فِي دَفْعِهَا لَهُ نَوْعًا مِنَ الْإِذْنِ وَشَبَهًا مِنَ الْعَرْضِ وَالْمُنَاوَلَةِ، قَالَ: وَهُوَ قَرِيبٌ مِنَ الْإِعْلَامِ (وَهُوَ غَلَطٌ) ، عِبَارَةُ ابْنِ الصَّلَاحِ (وَهَذَا بَعِيدٌ جِدًّا) وَهُوَ إِمَّا زَلَّةُ عَالِمٍ أَوْ مُتَأَوِّلٍ، عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ الرِّوَايَةَ عَلَى سَبِيلِ الْوِجَادَةِ، وَلَا يَصِحُّ تَشْبِيهُهُ بِقِسْمِ الْإِعْلَامِ وَالْمُنَاوَلَةِ (وَالصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 486 الْقِسْمُ الثَّامِنُ: الْوِجَادَةُ، وَهِيَ مَصْدَرٌ لِوَجَدَ مُوَلَّدٌ غَيْرُ مَسْمُوعٍ مِنَ الْعَرَبِ. وَهِيَ أَنْ يَقِفَ عَلَى أَحَادِيثَ بِخَطِّ رَاوِيهَا لَا يَرْوِيهَا الْوَاجِدُ فَلَهُ أَنْ يَقُولَ وَجَدْتُ أَوْ قَرَأْتُ بِخَطِّ فُلَانٍ أَوْ فِي كِتَابِهِ بِخَطِّهِ حَدَّثَنَا فُلَانٌ وَيَسُوقُ الْإِسْنَادَ وَالْمَتْنَ، أَوْ قَرَأْتُ بِخَطِّ فُلَانٍ عَنْ فُلَانٍ، هَذَا الَّذِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الْعَمَلُ قَدِيمًا وَحَدِيثًا، وَهُوَ مِنْ بَابِ الْمُنْقَطِعِ، وَفِيهِ شَوْبُ اتِّصَالٍ، وَجَازَفَ بَعْضُهُمْ فَأَطْلَقَ فِيهَا حَدَّثَنَا وَأَخْبَرَنَا، وَأُنْكِرُ عَلَيْهِ. وَإِذَا وَجَدَ حَدِيثًا فِي تَأْلِيفِ شَخْصٍ، قَالَ: ذَكَرَ فُلَانٌ أَوْ قَالَ فُلَانٌ أَخْبَرَنَا فُلَانٌ وَهَذَا مُنْقَطِعٌ لَا شَوْبَ فِيهِ، وَهَذَا كُلُّهُ إِذَا وَثِقَ بِأَنَّهُ خَطُّهُ أَوْ كِتَابُهُ، وَإِلَّا فَلْيَقُلْ: بَلَغَنِي عَنْ فُلَانٍ، أَوْ وَجَدْتُ عَنْهُ وَنَحْوَهُ، أَوْ قَرَأْتُ فِي كِتَابٍ: أَخْبَرَنِي فُلَانٌ أَنَّهُ بِخَطِّ فُلَانٍ، أَوْ ظَنَنْتُ أَنَّهُ بِخَطِّ فُلَانٍ، أَوْ ذَكَرَ كَاتِبُهُ أَنَّهُ فُلَانٌ، أَوْ تَصْنِيفُ فُلَانٍ، أَوْ قِيلَ بِخَطِّ أَوْ تَصْنِيفِ فُلَانٍ. وَإِذَا نَقَلَ مِنْ تَصْنِيفٍ فَلَا يَقُلْ: قَالَ فُلَانٌ إِلَّا إِذَ وَثِقَ بِصِحَّةِ النُّسْخَةِ بِمُقَابَلَتِهِ أَوْ ثِقَةٍ لَهَا فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ هَذَا وَلَا نَحْوُهُ فَلْيَقُلْ بَلَغَنِي عَنْ فُلَانٍ أَوْ وَجَدْتُ فِي نُسْخَةٍ مِنْ كِتَابِهِ وَنَحْوِهِ. وَتَسَامَحَ أَكْثَرُ النَّاسِ فِي هَذِهِ الْأَعْصَارِ بِالْجَزْمِ فِي ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ تَحَرٍّ. وَالصَّوَابُ مَا ذَكَرْنَاهُ، فَإِنْ كَانَ الْمُطَالِعُ مُتْقِنًا لَا يَخْفَى عَلَيْهِ غَالِبًا السَّاقِطُ أَوِ الْمُغَيَّرُ رَجَوْنَا الْجَزْمَ لَهُ وَإِلَى هَذَا اسْتَرْوَحَ كَثِيرٌ مِنَ الْمُصَنِّفِينَ فِي نَقْلِهِمْ. أَمَّا الْعَمَلُ بِالْوِجَادَةِ فَنُقِلَ عَنْ مُعْظَمِ الْمُحَدِّثِينَ الْمَالِكِيِّينَ، وَغَيْرِهِمْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ. وَعَنِ الشَّافِعِيِّ وَنُظَّارِ أَصْحَابِهِ جَوَازُهُ، وَقَطَعَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ الشَّافِعِيِّينَ بِوُجُوبِ الْعَمَلِ بِهَا عِنْدَ حُصُولِ الثِّقَةِ، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ الَّذِي لَا يَتَّجِهُ هَذِهِ الْأَزْمَانَ غَيْرُهُ.   [تدريب الراوي] وَقَدْ أَنْكَرَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ عَلَى ابْنِ الصَّلَاحِ وَقَالَ: الْوَصِيَّةُ أَرْفَعُ رُتْبَةً مِنَ الْوِجَادَةِ بِلَا خِلَافٍ، وَهِيَ مَعْمُولٌ بِهَا عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ، فَهَذَا أَوْلَى. [القسم الثَّامِنُ الْوِجَادَةُ] (الْقِسْمُ الثَّامِنُ) مِنْ أَقْسَامِ التَّحَمُّلِ (الْوِجَادَةُ وَهِيَ) بِكَسْرِ الْوَاوِ (مَصْدَرٌ لِوَجَدَ مُوَلَّدٌ غَيْرُ مَسْمُوعٍ مِنَ الْعَرَبِ) قَالَ الْمُعَافَى بْنُ زَكَرِيَّا النَّهْرَوَانِيُّ، فَرَّعَ الْمُوَلِّدُونَ قَوْلَهُمْ وِجَادَةً فِيمَا أُخِذَ مِنَ الْعِلْمِ مِنْ صَحِيفَةٍ مِنْ غَيْرِ سَمَاعٍ وَلَا إِجَازَةٍ وَلَا مُنَاوَلَةٍ، مِنْ تَفْرِيقِ الْعَرَبِ بَيْنَ مَصَادِرِ وَجَدَ، لِلتَّمْيِيزِ بَيْنَ الْمَعَانِي الْمُخْتَلِفَةِ. قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: يَعْنِي قَوْلَهُمْ: وَجَدَ ضَالَّتَهُ وِجْدَانًا وَمَطْلُوبَهُ وُجُودًا، وَفَى الْغَضَبِ مَوْجَدَةً وَفِي الْغِنَى وُجْدًا وَفِي الْحُبِّ وَجْدًا. (وَهِيَ أَنْ يَقِفَ عَلَى أَحَادِيثَ بِخَطِّ رَاوِيهَا) غَيْرِ الْمُعَاصِرِ لَهُ، أَوِ الْمُعَاصِرِ وَلَمْ يَلْقَهُ، أَوْ لَقِيَهُ وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ، أَوْ سَمِعَ مِنْهُ وَلَكِنْ (لَا يَرْوِيهَا) أَيْ تِلْكَ الْأَحَادِيثَ الْخَاصَّةَ (الْوَاجِدُ) عَنْهُ بِسَمَاعٍ وَلَا إِجَازَةٍ. (فَلَهُ أَنْ يَقُولَ: وَجَدْتُ أَوْ قَرَأْتُ بِخَطِّ فُلَانٍ أَوْ فِي كِتَابِهِ بِخَطِّهِ " حَدَّثَنَا فُلَانٌ " وَيَسُوقُ الْإِسْنَادَ وَالْمَتْنَ، أَوْ " قَرَأْتُ بِخَطِّ فُلَانٍ عَنْ فُلَانٍ " هَذَا الَّذِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 487 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] الْعَمَلُ قَدِيمًا وَحَدِيثًا) . وَفِي " مُسْنَدِ أَحْمَدَ " كَثِيرٌ مِنْ ذَلِكَ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِهِ عَنْهُ بِالْوِجَادَةِ (وَهُوَ مِنْ بَابِ الْمُنْقَطِعِ، وَ) لَكِنْ (فِيهِ شَوْبُ اتِّصَالٍ) بِقَوْلِهِ: وَجَدْتُ بِخَطِّ فُلَانٍ، وَقَدْ تَسَهَّلَ بَعْضُهُمْ فَأَتَى فِيهَا بِلَفْظِ " عَنْ فُلَانٍ ". قَالَ: قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَذَلِكَ تَدْلِيسٌ قَبِيحٌ، إِذَا كَانَ بِحَيْثُ يُوهَمُ سَمَاعُهُ مِنْهُ (وَجَازَفَ بَعْضُهُمْ فَأَطْلَقَ فِيهَا حَدَّثَنَا وَأَخْبَرَنَا وَأُنْكِرُ عَلَيْهِ) وَلَمْ يُجَوِّزْ ذَلِكَ أَحَدٌ يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ. تَنْبِيهَاتٌ وَقَعَ فِي " صَحِيحِ مُسْلِمٍ " أَحَادِيثُ مَرْوِيَّةٌ بِالْوِجَادَةِ، وَانْتُقِدَتْ. بِأَنَّهَا مِنْ بَابِ الْمَقْطُوعِ كَقَوْلِهِ فِي الْفَضَائِلِ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: وَجَدْتُ فِي كِتَابِي عَنْ أَبِي أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنْ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيَتَفَقَّدُ يَقُولُ: أَيْنَ أَنَا الْيَوْمَ» ، الْحَدِيثَ، وَرَوَى أَيْضًا بِهَذَا السَّنَدِ حَدِيثَ: «قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي لَأَعْلَمُ إِذَا كُنْتِ عَنِّي رَاضِيَةً» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 488 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَحَدِيثَ: «تَزَوَّجَنِي لِسِتِّ سِنِينَ» . وَأَجَابَ الرَّشِيدُ الْعَطَّارُ بِأَنَّهُ رَوَى الْأَحَادِيثَ الثَّلَاثَةَ مِنْ طُرُقٍ أُخْرَى مَوْصُولَةٍ إِلَى هِشَامٍ وَإِلَى أَبِي أُسَامَةَ. قُلْتُ: وَجَوَابٌ آخَرُ وَهُوَ: أَنَّ الْوِجَادَةَ الْمُنْقَطِعَةَ أَنْ يَجِدَ فِي كِتَابِ شَيْخِهِ لَا فِي كِتَابِهِ عَنْ شَيْخِهِ، فَتَأَمَّلْ. (وَإِذَا وَجَدَ حَدِيثًا فِي تَأْلِيفِ شَخْصٍ) وَلَيْسَ بِخَطِّهِ (قَالَ: ذَكَرَ فُلَانٌ، أَوْ قَالَ فُلَانٌ أَخْبَرَنَا فُلَانٌ، وَهَذَا مُنْقَطِعٌ لَا شَوْبَ) مِنَ الِاتِّصَالِ (فِيهِ. وَهَذَا كُلُّهُ إِذَا وَثِقَ بِأَنَّهُ خَطُّهُ أَوْ كِتَابُهُ، وَإِلَّا فَلْيَقُلْ: بَلَغَنِي عَنْ فُلَانٍ، أَوْ وَجَدْتُ عَنْهُ وَنَحْوَهُ، أَوْ قَرَأْتُ فِي كِتَابِهِ أَخْبَرَنِي فُلَانٌ أَنَّهُ بِخَطِّ فُلَانٍ، أَوْ ظَنَنْتُ أَنَّهُ بِخَطِّ فُلَانٍ أَوْ قِيلَ بِخَطِّ فُلَانٍ، أَوْ ذَكَرَ كَاتِبُهُ أَنَّهُ فُلَانٌ، أَوْ تَصْنِيفُ فُلَانٍ، أَوْ قِيلَ: بِخَطِّ) فُلَانٍ (أَوْ) قِيلَ: إِنَّهُ (تَصْنِيفُ فُلَانٍ) ، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنَ الْعِبَارَاتِ الْمُفْصِحَةِ بِالْمُسْتَنَدِ. وَقَدْ تُسْتَعْمَلُ الْوِجَادَةُ مَعَ الْإِجَازَةِ، فَيُقَالُ: وَجَدْتُ بِخَطِّ فُلَانٍ، وَأَجَازَهُ لِي. (وَإِذَا نَقَلَ) شَيْئًا (مِنْ تَصْنِيفٍ فَلَا يَقُلْ) فِيهِ (قَالَ فُلَانٌ) أَوْ ذَكَرَ بِصِيغَةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 489 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] الْجَزْمِ، (إِلَّا إِذَا وَثِقَ بِصِحَّةِ النُّسْخَةِ بِمُقَابَلَتِهِ) عَلَى أَصْلِ مُصَنَّفِهِ (أَوْ) مُقَابَلَةِ (ثِقَةٍ بِهَا، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ هَذَا وَلَا نَحْوُهُ فَلْيَقُلْ: بَلَغَنِي عَنْ فُلَانٍ، أَوْ وَجَدْتُ فِي نُسْخَةٍ مِنْ كِتَابِهِ وَنَحْوِهِ، وَتَسَامَحَ أَكْثَرُ النَّاسِ فِي هَذِهِ الْأَعْصَارِ بِالْجَزْمِ فِي ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ تَحَرٍّ) وَتَثَبُّتٍ، فَيُطَالِعُ أَحَدُهُمْ كِتَابًا مَنْسُوبًا إِلَى مُصَنَّفٍ مُعَيَّنٍ وَيَنْقُلُ مِنْهُ عَنْهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَثِقَ بِصِحَّةِ النُّسْخَةِ، قَائِلًا: قَالَ فُلَانٌ أَوْ ذَكَرَ فُلَانٌ كَذَا. (وَالصَّوَابُ مَا ذَكَرْنَاهُ، فَإِنْ كَانَ الْمُطَالِعُ) عَالِمًا فَطِنًا (مُتْقِنًا) بِحَيْثُ (لَا يَخْفَى عَلَيْهِ السَّاقِطُ، أَوِ الْمُغَيَّرُ رَجَوْنَا جَوَازَ الْجَزْمِ لَهُ) فِيمَا يَحْكِيهِ (وَإِلَى هَذَا اسْتَرْوَحَ كَثِيرٌ مِنَ الْمُصَنِّفِينَ فِي نَقْلِهِمْ) مِنْ كُتُبِ النَّاسِ. (وَأَمَّا الْعَمَلُ بِالْوِجَادَةِ فَنُقِلَ عَنْ مُعْظَمِ الْمُحَدِّثِينَ وَالْفُقَهَاءِ الْمَالِكِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَعَنِ الشَّافِعِيِّ، وَنُظَّارِ أَصْحَابِهِ جَوَازُهُ، وَقَطَعَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ الشَّافِعِيِّينَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 490 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] بِوُجُوبِ الْعَمَلِ بِهَا عِنْدَ حُصُولِ الثِّقَةِ) بِهِ، (وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ الَّذِي لَا يَتَّجِهُ) فِي (هَذِهِ الْأَزْمَانَ غَيْرُهُ) . قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: فَإِنَّهُ لَوْ تَوَقَّفَ الْعَمَلُ فِيهَا عَلَى الرِّوَايَةِ لَانْسَدَّ بَابُ الْعَمَلِ بِالْمَنْقُولِ لِتَعَذُّرِ شُرُوطِهَا. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَاحْتَجَّ بَعْضُهُمْ لِلْعَمَلِ بِالْوِجَادَةِ بِحَدِيثِ: «أَيُّ الْخَلْقِ أَعْجَبُ إِيمَانًا؟ قَالُوا: الْمَلَائِكَةُ، قَالَ: وَكَيْفَ لَا يُؤْمِنُونَ وَهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ؟ قَالُوا: الْأَنْبِيَاءُ، قَالَ: وَكَيْفَ لَا يُؤْمِنُونَ وَهُمْ يَأْتِيهِمُ الْوَحْيُ، قَالُوا: فَنَحْنُ، قَالَ: وَكَيْفَ لَا تُؤْمِنُونَ وَأَنَا بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ، قَالُوا: فَمَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: قَوْمٌ يَأْتُونَ مِنْ بَعْدِكُمْ يَجِدُونَ صُحُفًا يُؤْمِنُونَ بِمَا فِيهَا» . قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَهَذَا اسْتِنْبَاطٌ حَسَنٌ. قُلْتُ: الْمُحْتَجُّ بِذَلِكَ هُوَ الْحَافِظُ عِمَادُ الدِّينِ بْنُ كَثِيرٍ، ذَكَرَ ذَلِكَ فِي أَوَائِلِ تَفْسِيرِهِ. وَالْحَدِيثُ رَوَاهُ الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ فِي جُزْئِهِ مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، وَلَهُ طُرُقٌ كَثِيرَةٌ أَوْرَدْتُهَا فِي الْأَمَالِي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 491 النَّوْعُ الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ: كِتَابَةُ الْحَدِيثِ وَضَبْطُهُ، وَفِيهِ مَسَائِلُ: إِحْدَاهَا: اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي كِتَابَةِ الْحَدِيثِ، فَكَرِهَهَا طَائِفَةٌ وَأَبَاحَهَا طَائِفَةٌ ثُمَّ أَجْمَعُوا عَلَى جَوَازِهَا، وَجَاءَ فِي الْإِبَاحَةِ وَالنَّهْيِ حَدِيثَانِ، فَالْإِذْنُ لِمَنْ خِيفَ نِسْيَانُهُ، وَالنَّهْيُ لِمَنْ أَمِنَ وَخِيفَ اتِّكَالُهُ، أَوْ نَهَى حِينَ خِيفَ اخْتِلَاطُهُ بِالْقُرْآنِ وَأَذِنَ حِينَ أَمِنَ. ثُمَّ عَلَى كَاتِبِهِ صَرْفُ الْهِمَّةِ إِلَى ضَبْطِهِ وَتَحْقِيقِهِ شَكْلًا وَنَقْطًا يُؤْمَنُ اللَّبْسُ، ثُمَ قِيلَ: إِنَّمَا يُشْكَلُ الْمُشْكِلُ، وَنُقِلَ عَنْ أَهْلِ الْعِلْمِ كَرَاهَةُ الْإِعْجَامِ وَالْإِعْرَابِ إِلَّا فِي الْمُلْتَبِسِ، وَقِيلَ: يُشْكَلُ الْجَمِيعُ.   [تدريب الراوي] وَفِي بَعْضِ أَلْفَاظِهِ «بَلْ قَوْمٌ مِنْ بَعْدِكُمْ يَأْتِيهِمْ كِتَابٌ بَيْنَ لَوْحَيْنِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَعْمَلُونَ بِمَا فِيهِ، أُولَئِكَ أَعْظَمُ مِنْكُمْ أَجْرًا» أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالدَّارِمِيُّ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي جُمُعَةَ الْأَنْصَارِيِّ، وَفِي لَفْظٍ لِلْحَاكِمِ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ: «يَجِدُونَ الْوَرَقَ الْمُعَلِّمَ فَيَعْمَلُونَ بِمَا فِيهِ، فَهَؤُلَاءِ أَفْضَلُ أَهْلِ الْإِيمَانِ إِيمَانًا» . [النَّوْعُ الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ كِتَابَةُ الْحَدِيثِ وَضَبْطُهُ وَفِيهِ مَسَائِلُ] [الأولى حكم كتابة الحديث] (النَّوْعُ الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ: كِتَابَةُ الْحَدِيثِ، وَضَبْطُهُ، وَفِيهِ مَسَائِلُ: إِحْدَاهَا: اخْتَلَفَ السَّلَفُ) مِنَ الصَحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ (فِي كِتَابَةِ الْحَدِيثِ، فَكَرِهَهَا طَائِفَةٌ) مِنْهُمُ: ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَأَبُو مُوسَى وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَآخَرُونَ. (وَأَبَاحَهَا طَائِفَةٌ) وَفَعَلُوهَا مِنْهُمْ: عُمَرُ وَعَلِيٌّ وَابْنُهُ الْحَسَنُ وَابْنُ عَمْرٍو وَأَنَسٌ وَجَابِرٌ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ عُمَرَ أَيْضًا، وَالْحَسَنُ وَعَطَاءٌ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 492 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَحَكَاهُ عِيَاضٌ عَنْ أَكْثَرِ الصَحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ مِنْهُمْ: أَبُو قِلَابَةَ وَأَبُو الْمَلِيحِ، وَمِنْ مِلَحِ قَوْلِهِ فِيهِ: يَعِيبُونَ عَلَيْنَا أَنْ نَكْتُبَ الْعِلْمَ وَنُدَوِّنَهُ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى} [طه: 52] . قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَفِي الْمَسْأَلَةِ مَذْهَبٌ ثَالِثٌ حَكَاهُ الرَّامَهُرْمُزِيُّ وَهُوَ: الْكِتَابَةُ وَالْمَحْوُ بَعْدَ الْحِفْظِ. (ثُمَّ أَجْمَعُوا) بَعْدَ ذَلِكَ (عَلَى جَوَازِهَا) وَزَالَ الْخِلَافُ. قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَلَوْلَا تَدْوِينُهُ فِي الْكُتُبِ لَدُرِسَ فِي الْأَعْصُرِ الْأَخِيرَةِ (وَجَاءَ فِي الْإِبَاحَةِ وَالنَّهْيِ حَدِيثَانِ) ، فَحَدِيثُ النَّهْيِ: مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ. أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا تَكْتُبُوا عَنِّي شَيْئًا إِلَّا الْقُرْآنَ وَمَنْ كَتَبَ عَنِّي شَيْئًا غَيْرَ الْقُرْآنِ فَلْيَمْحُهُ» . وَحَدِيثُ الْإِبَاحَةِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اكْتُبُوا لِأَبِي شَاهٍ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ وَالْحَاكِمُ وَغَيْرُهُمَا عَنِ ابْنِ عَمْرٍو قَالَ: «قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 493 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] إِنِّي أَسْمَعُ مِنْكَ الشَّيْءَ فَأَكْتُبُهُ. قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فِي الْغَضَبِ وَالرِّضَا؟ قَالَ: نَعَمْ، فَإِنِّي لَا أَقُولُ فِيهِمَا إِلَّا حَقًّا» . قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْثَرَ حَدِيثًا عَنْهُ مِنِّي، إِلَّا مَا كَانَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فَإِنَّهُ كَانَ يَكْتُبُ وَلَا أَكْتُبُ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «كَانَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ يَجْلِسُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَسْمَعُ مِنْهُ الْحَدِيثَ فَيُعْجِبُهُ وَلَا يَحْفَظُهُ، فَشَكَا ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: " اسْتَعِنْ بِيَمِينِكَ " وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى الْخَطِّ» . وَأَسْنَدَ الرَّامَهُرْمُزِيُّ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ: «قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا نَسْمَعُ مِنْكَ أَشْيَاءَ أَفَنَكْتُبُهَا؟ قَالَ: " اكْتُبُوا ذَلِكَ وَلَا حَرَجَ» . وَرَوَى الْحَاكِمُ وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ وَغَيْرِهِ مَوْقُوفًا: «قَيِّدُوا الْعِلْمَ بِالْكِتَابِ» . وَأَسْنَدَ الدَّيْلَمِيُّ عَنْ عَلِيٍّ مَرْفُوعًا: «إِذَا كَتَبْتُمُ الْحَدِيثَ فَاكْتُبُوهُ بِسَنَدِهِ» ، وَفِي الْبَابِ أَحَادِيثُ غَيْرُ ذَلِكَ. وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي الْجَمْعِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ السَّابِقِ كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ: (فَالْإِذْنُ لِمَنْ خِيفَ نِسْيَانُهُ وَالنَّهْيُ لِمَنْ أَمِنَ) النِّسْيَانَ وَوَثِقَ بِحِفْظِهِ (وَخِيفَ اتِّكَالُهُ) عَلَى الْخَطِّ إِذَا كَتَبَ فَيَكُونُ النَّهْيُ مَخْصُوصًا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 494 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَقَدْ أَسْنَدَ ابْنُ الصَّلَاحِ هُنَا عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: كَانَ هَذَا الْعِلْمُ كَرِيمًا يَتَلَقَّاهُ الرِّجَالُ بَيْنَهُمْ، فَلَمَّا دَخَلَ فِي الْكُتُبِ دَخَلَ فِيهِ غَيْرُ أَهْلِهِ. (أَوْ نَهَى) عَنْهُ (حِينَ خِيفَ اخْتِلَاطُهُ بِالْقُرْآنِ، وَأَذِنَ) فِيهِ (حِينَ أَمِنَ) ذَلِكَ فَيَكُونُ النَّهْيُ مَنْسُوخًا، وَقِيلَ: الْمُرَادُ النَّهْيُ عَنْ كِتَابَةِ الْحَدِيثِ مَعَ الْقُرْآنِ فِي صَحِيفَةٍ وَاحِدَةٍ ; لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَسْمَعُونَ تَأْوِيلَ الْآيَةِ فَرُبَّمَا كَتَبُوهُ مَعَهَا، فَنُهُوا عَنْ ذَلِكَ لِخَوْفِ الِاشْتِبَاهِ. وَقِيلَ: النَّهْيُ خَاصٌّ بِوَقْتِ نُزُولِ الْقُرْآنِ خَشْيَةَ الْتِبَاسِهِ، وَالْأِذْنُ فِي غَيْرِهِ. وَمِنْهُمْ مَنْ أَعَلَّ حَدِيثَ أَبِي سَعِيدٍ، وَقَالَ: الصَّوَابُ وَقْفُهُ عَلَيْهِ، قَالَهُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ. وَقَدْ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ فِي " الْمَدْخَلِ " عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ السُّنَنَ، فَاسْتَشَارَ فِي ذَلِكَ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَشَارُوا عَلَيْهِ أَنْ يَكْتُبَهَا. فَطَفِقَ عُمَرُ يَسْتَخِيرُ اللَّهَ فِيهَا شَهْرًا، ثُمَّ أَصْبَحَ يَوْمًا وَقَدْ عَزَمَ اللَّهُ لَهُ. فَقَالَ إِنِّي كُنْتُ أَرَدْتُ أَنْ أَكْتُبَ السُّنَنَ وَإِنِّي ذَكَرْتُ قَوْمًا كَانُوا قَبْلَكُمْ، كَتَبُوا كُتُبًا فَأَكَبُّوا عَلَيْهَا وَتَرَكُوا كِتَابَ اللَّهِ، وَإِنِّي وَاللَّهِ لَا أُلْبِسُ كِتَابَ اللَّهِ بِشَيْءٍ أَبَدًا. (ثُمَّ عَلَى كَاتِبِهِ صَرْفُ الْهِمَّةِ إِلَى ضَبْطِهِ وَتَحْقِيقِهِ شَكْلًا وَنَقْطًا يُؤْمَنُ) مَعَهُمَا (اللَّبْسُ) لِيُؤَدِّيَهُ كَمَا سَمِعَهُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 495 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: " نُورُ الْكِتَابِ إِعْجَامُهُ ". قَالَ الرَّامَهُرْمُزِيُّ: أَيْ نَقْطُهُ أَنْ يُبَيِّنَ التَّاءَ مِنَ الْيَاءِ وَالْحَاءَ مِنَ الْخَاءِ، قَالَ: وَالشَّكْلُ تَقْيِيدُ الْإِعْرَابِ. وَقَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: إِعْجَامُ الْمَكْتُوبِ يَمْنَعُ مِنِ اسْتِعْجَامِهِ، وَشَكْلُهُ يَمْنَعُ مِنْ إِشْكَالِهِ. قَالَ: وَكَثِيرًا مَا يَعْتَمِدُ الْوَاثِقُ عَلَى ذِهْنِهِ، وَذَلِكَ وَخِيمُ الْعَاقِبَةِ، فَإِنَّ الْإِنْسَانَ مُعَرَّضٌ لِلنِّسْيَانِ انْتَهَى. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ النَّصَارَى كَفَرُوا بِلَفْظَةٍ أَخْطَأُوا فِي إِعْجَامِهَا وَشَكْلِهَا، قَالَ اللَّهُ فِي الْإِنْجِيلِ لِعِيسَى: أَنْتَ نَبِيِّي وَلَّدْتُكَ مِنَ الْبَتُولِ. فَصَحَّفُوهَا وَقَالُوا: أَنْتَ بُنَيِّي وَلَدْتُكَ - مُخَفَّفًا. وَقِيلَ: أَوَّلُ فِتْنَةٍ وَقَعَتْ فِي الْإِسْلَامِ سَبَبُهَا ذَلِكَ أَيْضًا، وَهِيَ فِتْنَةُ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَإِنَّهُ كَتَبَ لِلَّذِي أَرْسَلَهُ أَمِيرًا إِلَى مِصْرَ، إِذَا جَاءَكُمْ فَاقْبَلُوهُ ; فَصَحَّفُوهَا فَاقْتُلُوهُ ; فَجَرَى مَا جَرَى. وَكَتَبَ بَعْضُ الْخُلَفَاءِ إِلَى عَامِلٍ لَهُ بِبَلَدٍ أَنْ أَحْصِ الْمُخَنَّثِينَ. أَيْ بِالْعَدَدِ، فَصَحَّفَهَا بِالْمُعْجَمَةِ فَخَصَاهُمْ. (ثُمَّ قِيلَ: إِنَّمَا يُشْكِلُ الْمُشْكِلَ وَنُقِلَ عَنْ أَهْلِ الْعِلْمِ كَرَاهِيَةُ الْإِعْجَامِ) أَيِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 496 الثًّانِيَةُ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ اعْتِنَاؤُهُ بِضَبْطِ الْمُلْتَبِسِ مِنَ الْأَسْمَاءِ أَكْثَرَ. وَيُسْتَحَبُّ ضَبْطُ الْمُشْكَلِ فِي نَفْسِ الْكِتَابِ وَكَتْبُهُ مَضْبُوطًا وَاضِحًا فِي الْحَاشِيَةِ قُبَالَتَهُ. وَيُسْتَحَبُّ تَحْقِيقُ الْخَطِّ دُونَ مَشْقِهِ وَتَعْلِيقِهِ، وَيُكْرَهُ تَدْقِيقُهُ إِلَّا مِنْ عُذْرٍ: كَضِيقِ الْوَرَقِ وَتَخْفِيفِهِ لِلْحِمْلِ فِي السَّفَرِ وَنَحْوِهِ، وَيَنْبَغِي ضَبْطُ الْحُرُوفِ الْمُهْمَلَةِ، قِيلَ: تُجْعَلُ تَحْتَ الدَّالِ، وَالرَّاءِ، وَالسِّينِ، وَالصَّادِ وَالطَّاءِ، وَالْعَيْنِ النُّقَطُ الَّتِي فَوْقَ نَظَائِرِهَا. وَقِيلَ: فَوْقَهَا كَقُلَامَةِ الظُّفُرِ مُضْطَجِعَةً عَلَى قَفَاهَا، وَقِيلَ: تَحْتَهَا حَرْفٌ صَغِيرٌ مِثْلُهَا، وَفِي بَعْضِ الْكُتُبِ الْقَدِيَمَةِ فَوْقَهَا خَطٌّ صَغِيرٌ. وَفِي بَعْضِهَا تَحْتَهَا هَمْزَةٌ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَصْطَلِحَ مَعَ نَفْسِهِ بِرَمْزٍ لَا يَعْرِفُهُ النَّاسُ، وَإِنْ فَعَلَ فَلْيُبَيِّنْ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ أَوْ آخِرِهِ مُرَادَهُ وَأَنْ يَعْتَنِيَ بِضَبْطِ مُخْتَلَفِ الرِّوَايَاتِ وَتَمْيِيزِهَا فَيَجْعَلَ كِتَابَهُ عَلَى رِوَايَةٍ. ثُمَّ مَا كَانَ فِي غَيْرِهَا مِنْ زِيَادَاتٍ أَلْحَقَهَا فِي الْحَاشِيَةِ أَوْ نَقْصٍ أَعْلَمَ عَلَيْهِ أَوْ خِلَافٍ كَتَبَهُ، مُعَيِّنًا فِي كُلِّ ذَلِكَ مَنْ رَوَاهُ بِتَمَامِ اسْمِهِ لَا رَامِزًا إِلَّا أَنْ يُبَيِّنَ أَوَّلَ الْكِتَابِ أَوْ آخِرَهُ، وَاكَتَفَى كَثِيرُونَ بِالتَّمْيِيزِ بِحُمْرَةٍ، فَالزِّيَادَةُ تُلْحَقُ بِحُمْرَةٍ وَالنَّقْصُ يُحَوِّقُ عَلَيْهِ بِحُمْرَةٍ مُبَيِّنًا اسْمَ صَاحِبِهَا أَوَّلَ الْكِتَابِ أَوْ آخِرَهُ.   [تدريب الراوي] النَّقْطِ (وَالْإِعْرَابِ) أَيِ الشَّكْلِ (إِلَّا فِي الْمُلْتَبِسِ) إِذْ لَا حَاجَةَ إِلَيْهِمَا فِي غَيْرِهِ. (وَقِيلَ: يُشْكَلُ الْجَمِيعُ) قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: وَهُوَ الصَّوَابُ لَا سِيَّمَا لِلْمُبْتَدِي وَغَيْرِ الْمُتَبَحِّرِ فِي الْعِلْمِ ; فَإِنَّهُ لَا يُمَيِّزُ مَا يُشْكَلُ مِمَّا لَا يُشْكَلُ. وَلَا صَوَابَ وَجْهِ إِعْرَابِ الْكَلِمَةِ مِنْ خَطَئِهِ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَرُبَّمَا ظَنَّ أَنَّ الشَّيْءَ غَيْرُ مُشْكَلٍ لِوُضُوحِهِ. وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ مَحَلُّ نَظَرٍ مُحْتَاجٍ إِلَى الضَّبْطِ. وَقَدْ وَقَعَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ خِلَافٌ فِي مَسَائِلَ مُرَتَّبَةٍ عَلَى إِعْرَابِ الْحَدِيثِ. كَحَدِيثِ «ذَكَاةُ الْجَنِينِ ذَكَاةُ أُمِّهِ» ، فَاسْتَدَلَّ بِهِ الْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ لَا تَجِبُ ذَكَاةُ الْجَنِينِ. بِنَاءً عَلَى رَفْعِ ذَكَاةِ أُمِّهِ، وَرَجَّحَ الْحَنَفِيَّةُ الْفَتْحَ عَلَى التَّشْبِيهِ أَيْ يُذَكِّي مِثْلَ ذَكَاةِ أُمِّهِ. [الثانية الاعتناء بضبط الملتبس من الأسماء] (الثَّانِيَةُ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ اعْتِنَاؤُهُ بِضَبْطِ الْمُلْتَبِسِ مِنَ الْأَسْمَاءِ أَكْثَرَ) ، فَإِنَّهَا لَا تُسْتَدْرَكُ بِالْمَعْنَى وَلَا يُسْتَدَلُّ عَلَيْهَا بِمَا قَبْلُ وَلَا بَعْدُ. قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ النَّجِيرَمِيُّ: أَوْلَى الْأَشْيَاءِ بِالضَّبْطِ أَسْمَاءُ النَّاسِ ; لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُهُ الْقِيَاسُ. وَلَا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ شَيْءٌ يَدُلُّ عَلَيْهِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 497 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَذَكَرَ أَبُو عَلِيٍّ الْغَسَّانِيُّ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ إِدْرِيسَ قَالَ: لَمَّا حَدَّثَنِي شُعْبَةُ بِحَدِيثِ الْحَوْرَاءِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، كَتَبَ تَحْتَهُ: حُورٌ عِينٌ. لِئَلَّا أَغْلَطَ فَأَقْرَأَهُ أَبُو الْجَوْزَاءِ بِالْجِيمِ وَالزَّايِ. (وَيُسْتَحَبُّ ضَبْطُ الْمُشْكَلِ فِي نَفْسِ الْكِتَابِ وَكَتْبُهُ) أَيْضًا (مَضْبُوطًا وَاضِحًا فِي الْحَاشِيَةِ قُبَالَتَهُ) فَإِنَّ ذَلِكَ أَبْلَغُ، لِأَنَّ الْمَضْبُوطَ فِي نَفْسِ الْأَسْطُرِ رُبَّمَا دَاخَلَهُ نَقْطُ غَيْرِهِ وَشَكْلِهِ مِمَّا فَوْقَهُ أَوْ تَحْتَهُ، لَا سِيَّمَا عِنْدَ ضِيقِهَا وَدِقَّةِ الْخَطِّ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَأَوْضَحُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يُقَطِّعَ حُرُوفَ الْكَلِمَةِ الْمُشْكَلَةِ فِي الْهَامِشِ ; لِأَنَّهُ يَظْهَرُ شَكْلُ الْحَرْفِ بِكِتَابَتِهِ مُفْرَدًا فِي بَعْضِ الْحُرُوفِ، كَالنُّونِ وَالْيَاءِ التَّحْتِيَّةِ بِخِلَافِ مَا إِذَا كَتَبْتَ الْكَلِمَةَ كُلَّهَا. قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ فِي " الِاقْتِرَاحِ ": وَمِنْ عَادَةِ الْمُتْقِنِينَ أَنْ يُبَالِغُوا فِي إِيضَاحِ الْمُشْكَلِ فَيُفَرِّقُوا حُرُوفَ الْكَلِمَةِ فِي الْحَاشِيَةِ وَيَضْبِطُوهَا حَرْفًا حَرْفًا. (وَيُسْتَحَبُ تَحْقِيقُ الْخَطِّ دُونَ مَشْقِهِ وَتَعْلِيقِهِ) قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: شَرُّ الْكِتَابَةِ الْمَشْقُ وَشَرُّ الْقِرَاءَةِ الْهَذْرَمَةُ، وَأُجْوَدُ الْخَطِّ أَبْيَنُهُ، انْتَهَى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 498 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَالْمَشْقُ سُرْعَةُ الْكِتَابَةِ. (وَيُكْرَهُ تَدْقِيقُهُ) أَيِ الْخَطِّ ; لِأَنَّهُ لَا يَنْتَفِعُ بِهِ مَنْ فِي نَظَرِهِ ضَعْفٌ، وَرُبَّمَا ضَعُفَ نَظَرُ كَاتِبِهِ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا يَنْتَفِعُ بِهِ. وَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ لِابْنِ عَمِّهِ حَنْبَلِ بْنِ إِسْحَاقَ، وَرَآهُ يَكْتُبُ خَطًّا دَقِيقًا: لَا تَفْعَلْ أَحْوَجُ مَا تَكُونُ إِلَيْهِ يَخُونُكَ. (إِلَّا مِنْ عُذْرٍ كَضِيقِ الْوَرَقِ وَتَخْفِيفِهِ لِلْحِمْلِ فِي السَّفَرِ وَنَحْوِهِ. وَيَنْبَغِي ضَبْطُ الْحُرُوفِ الْمُهْمَلَةِ) أَيْضًا. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: يَسْتَدِلُّ لِذَلِكَ بِمَا رَوَاهُ الْمَرْزُبَانِيُّ وَابْنُ عَسَاكِرَ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ أَوْسٍ الْغَسَّانِيِّ قَالَ: «كَتَبْتُ بَيْنَ يَدَيْ مُعَاوِيَةَ كِتَابًا فَقَالَ لِي: يَا عُبَيْدُ أَرْقِشْ كِتَابَكَ، فَإِنِّي كُنْتُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا مُعَاوِيَةُ، أَرْقِشْ كِتَابَكَ، قُلْتُ: وَمَا رَقْشُهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: أَعْطِ كُلَّ حَرْفٍ مَا يَنُوبُهُ مِنَ النُّقَطِ» . قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: فَهَذَا عَامٌّ فِي كُلِّ حَرْفٍ. ثُمَّ اخْتُلِفَ فِي كَيْفِيَّةِ ضَبْطِهَا (قِيلَ: يُجْعَلُ تَحْتَ الدَّالِ وَالرَّاءِ وَالسِّينِ وَالصَّادِ وَالطَّاءِ وَالْعَيْنِ النُّقَطُ الَّتِي فَوْقَ نَظَائِرِهَا) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 499 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَاخْتُلِفَ عَلَى هَذَا فِي نَقْطِ السِّينِ مِنْ تَحْتٍ، فَقِيلَ: كَصُورَةِ النَّقْطِ مِنْ فَوْقٍ، وَقِيلَ: لَا، بَلْ يَجْعَلُ مِنْ فَوْقٍ كَالْأَثَافِيِّ، وَمِنْ تَحْتٍ مَبْسُوطَةً صَفًّا، (وَقِيلَ) : يُجْعَلُ (فَوْقَهَا) أَيِ الْمُهْمَلَاتِ الْمَذْكُورَةِ صُورَةُ هِلَالٍ، (كَقُلَامَةِ الظُّفْرِ مُضْطَجِعَةٍ عَلَى قَفَاهَا، وَقِيلَ:) يُجْعَلُ (تَحْتَهَا حَرْفٌ صَغِيرٌ مِثْلُهَا) وَيَتَعَيَّنُ ذَلِكَ فِي الْحَاءِ، قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: وَعَلَيْهِ عَمَلُ أَهْلِ الْمَشْرِقِ وَالْأَنْدَلُسِ. (وَفِي بَعْضِ الْكُتُبِ الْقَدِيمَةِ فَوْقَهَا خَطٌّ صَغِيرٌ) كَفَتْحَةٍ وَقِيلَ كَهَمْزَةٍ، (وَفِي بَعْضِهَا تَحْتَهَا هَمْزَةٌ) فَهَذِهِ خَمْسُ عَلَامَاتٍ. فَائِدَةٌ لَمْ يَتَعَرَّضْ أَهْلُ هَذَا الْفَنِّ لِلْكَافِ وَاللَّامِ، وَذَكَرَهُمَا أَصْحَابُ التَّصَانِيفِ فِي الْخَطِّ، فَالْكَافُ: إِذَا لَمْ تُكْتَبْ مَبْسُوطَةً تُكْتَبُ فِي بَطْنِهَا كَافٌ صَغِيرَةٌ أَوْ هَمْزَةٌ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 500 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَاللَّامُ يُكْتَبُ فِي بَطْنِهَا لَامٌ، أَيْ هَذِهِ الْكَلِمَةِ بِحُرُوفِهَا الثَّلَاثَةِ لَا صُورَةَ " ل "، وَيُوجَدُ ذَلِكَ كَثِيرًا فِي خَطِّ الْأُدَبَاءِ. وَالْهَاءُ آخِرُ الْكَلِمَةِ يُكْتَبُ عَلَيْهَا هَاءٌ مَشْقُوقَةٌ تُمَيِّزُهَا مِنْ هَاءِ التَّأْنِيثِ الَّتِي فِي الصِّفَاتِ وَنَحْوِهَا، وَالْهَمْزَةُ الْمَكْسُورَةُ هَلْ تُكْتَبُ فَوْقَ الْأَلِفِ وَالْكَسْرَةُ أَسْفَلَهَا، أَوْ كِلَاهُمَا أَسْفَلَ؟ اصْطِلَاحَانِ لِلْكُتَّابِ، وَالثَّانِي أَوْضَحُ. (وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَصْطَلِحَ مَعَ نَفْسِهِ) فِي كِتَابِهِ (بِرَمْزٍ لَا يَعْرِفُهُ النَّاسُ) ، فَيُوقِعُ غَيْرَهُ فِي حَيْرَةِ فَهْمِ مُرَادِهِ (وَإِنْ فَعَلَ) ذَلِكَ (فَلْيُبَيِّنْ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ أَوْ آخِرِهِ مُرَادَهُ) . وَيَنْبَغِي (أَنْ يَعْتَنِيَ بِضَبْطِ مُخْتَلِفِ الرِّوَايَاتِ وَتَمْيِيزِهَا فَيَجْعَلُ كِتَابَهُ) مَوْصُولًا (عَلَى رِوَايَةٍ) وَاحِدَةٍ (ثُمَّ مَا كَانَ فِي غَيْرِهَا مِنْ زِيَادَاتٍ أَلْحَقَهَا فِي الْحَاشِيَةِ أَوْ نَقْصٍ أَعْلَمَ عَلَيْهِ، أَوْ خِلَافٍ كَتَبَهُ مُعَيِّنًا فِي كُلِّ ذَلِكَ مَنْ رَوَاهُ بِتَمَامِ اسْمِهِ لَا رَامِزًا) لَهُ بِحَرْفٍ أَوْ بِحَرْفَيْنِ مِنِ اسْمِهِ (إِلَّا أَنْ يُبَيِّنَ أَوَّلَ الْكِتَابِ، أَوْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 501 الثَّالِثَةُ: يَنْبَغِي أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَ كُلِّ حَدِيثَيْنِ دَائِرَةً، نُقِلَ ذَلِكَ عَنْ جَمَاعَاتٍ مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ، وَاسْتَحَبَّ الْخَطِيبُ أَنْ تَكُونَ غُفْلًا، فَإِذَا قَابَلَ نَقَطَ وَسَطَهَا، وَيُكْرَهُ فِي مِثْلِ عَبْدِ اللَّهِ وَعَبْدِ الرَحْمَنِ بْنِ فُلَانٍ كِتَابَةُ عَبْدٍ آخَرَ السَّطْرِ وَاسْمِ اللَّهِ مَعَ ابْنِ فُلَانٍ أَوَّلَ الْآخَرِ. وَكَذَا يُكْرَهُ رَسُولُ آخِرَهُ وَاللَّهِ مَعَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ أَوَّلَهُ. وَكَذَا مَا أَشْبَهَهُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُحَافِظَ عَلَى كِتَابَةِ الصَّلَاةِ وَالتَّسْلِيمِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ، وَلَا يَسْأَمَ مِنْ تِكْرَارِهِ وَمَنْ أَغْفَلَهُ حُرِمَ حَظًّا عَظِيمًا. وَلَا يَتَقَيَّدُ فِيهِ بِمَا فِي الْأَصْلِ إِنْ كَانَ نَاقِصًا، وَكَذَا الثَّنَاءُ عَلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى كَعَزَّ وَجَلَّ وَشِبْهِهِ، وَكَذَا التَّرَضِّي وَالتَّرَحُّمِ عَلَى الصَحَابَةِ وَالْعُلَمَاءِ وَسَائِرِ الْأَخْيَارِ، وَإِذَا جَاءَتِ الرِّوَايَةُ بِشَيْءٍ مِنْهُ كَانَتِ الْعِنَايَةُ بِهِ أَشَدَّ، وَيُكْرَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى الصَّلَاةِ أَوِ التَّسْلِيمِ وَالرَّمْزِ إِلَيْهِمَا فِي الْكِتَابَةِ، بَلْ يَكْتُبُهُمَا بِكَمَالِهِمَا.   [تدريب الراوي] آخِرَهُ) مُرَادَهُ بِتِلْكَ الرُّمُوزِ. (وَاكْتَفَى كَثِيرُونَ بِالتَّمْيِيزِ بِحُمْرَةٍ، فَالزِّيَادَةُ تُلْحَقُ بِحُمْرَةٍ، وَالنَّقْصُ يُحَوِّقُ عَلَيْهِ بِحُمْرَةٍ، مُبَيِّنًا اسْمَ صَاحِبِهَا أَوَّلَ الْكِتَابِ أَوْ آخِرَهُ) . هَذَا الْفَرْعُ كُلُّهُ ذَكَرَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ عَقِبَ مَسْأَلَةِ الضَّرْبِ وَالْمَحْوِ، قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا لِلْمُنَاسَبَةِ مَعَ الِاخْتِصَارِ. [الثَّالِثَةُ يَنْبَغِي أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَ كُلِّ حَدِيثَيْنِ دَائِرَةً] (الثَّالِثَةُ: يَنْبَغِي أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَ كُلِّ حَدِيثَيْنِ دَائِرَةً) لِلْفَصْلِ بَيْنَهُمَا (نُقِلَ ذَلِكَ عَنْ جَمَاعَاتٍ مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ) كَأَبِي الزِّنَادِ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَإِبْرَاهِيمَ الْحَرْبِيِّ وَابْنِ جَرِيرٍ. (وَاسْتَحَبَّ الْخَطِيبُ أَنْ تَكُونَ) الدَّارَاتُ (غُفْلًا، فَإِذَا قَابَلَ نَقَطَ وَسَطَهَا) أَيْ نَقَطَ وَسَطَ كُلِّ دَائِرَةٍ عَقِبَ الْحَدِيثِ الَّذِي يَفْرُغُ مِنْهُ، أَوْ خَطَّ فِي وَسَطِهَا خَطًّا، قَالَ: وَقَدْ كَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ لَا يُعْتَدُّ مِنْ سَمَاعِهِ إِلَّا بِمَا كَانَ كَذَلِكَ، أَوْ فِي مَعْنَاهُ. (وَيُكْرَهُ فِي مِثْلِ عَبْدِ اللَّهِ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ فُلَانٍ) وَكُلِّ اسْمٍ مُضَافٍ إِلَى اسْمِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 502 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] اللَّهِ تَعَالَى: (كِتَابَةُ عَبْدِ آخِرَ السَّطْرِ وَاسْمِ اللَّهِ مَعَ ابْنِ فُلَانٍ أَوَّلَ الْآخَرِ) . وَأَوْجَبَ اجْتِنَابَ مِثْلِ ذَلِكَ ابْنُ بَطَّةَ وَالْخَطِيبُ، وَوَافَقَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ لَا حَرَامٌ. (وَكَذَا يُكْرَهُ) فِي رَسُولِ اللَّهِ أَنْ يُكْتَبَ (رَسُولُ آخِرَهُ وَاللَّهِ مَعَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوَّلَهُ وَكَذَا مَا أَشْبَهَهُ) مِنَ الْمُوهِمَاتِ وَالْمُسْتَشْنَعَاتِ، كَأَنْ يُكْتَبَ قَاتِلُ مِنْ قَوْلِهِ: «قَاتِلُ ابْنِ صَفِيَّةَ فِي النَّارِ» ، فِي آخِرِ السَّطْرِ وَابْنِ صَفِيَّةَ فِي أَوَّلِهِ، أَوْ يُكْتَبَ فَقَالَ، مِنْ قَوْلِهِ فِي «حَدِيثِ شَارِبِ الْخَمْرِ فَقَالَ عُمَرُ: أَخْزَاهُ اللَّهُ مَا أَكْثَرَ مَا يُؤْتَى بِهِ» ، آخِرَهُ، وَعُمَرُ وَمَا بَعْدَهُ، أَوَّلَهُ. وَلَا يُكْرَهُ فَصْلُ الْمُتَضَايِفَيْنِ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ مِثْلُ ذَلِكَ كَسُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ، يُكْتَبُ سُبْحَانَ آخِرَ السَّطْرِ وَاللَّهِ الْعَظِيمِ أَوَّلَهُ، مَعَ أَنَّ جَمْعَهُمَا فِي سَطْرٍ وَاحِدٍ أَوْلَى. (وَيَنْبَغِي أَنْ يُحَافِظَ عَلَى كِتَابَةِ الصَّلَاةِ وَالتَّسْلِيمِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) كُلَّمَا ذُكِرَ (وَلَا يَسْأَمَ مِنْ تَكْرَارِهِ) ، فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ أَكْثَرِ الْفَوَائِدِ الَّتِي يَتَعَجَّلُهَا طَالِبُ الْحَدِيثِ، (وَمَنْ أَغْفَلَهُ حُرِمَ حَظًّا عَظِيمًا) فَقَدْ قِيلَ فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَكْثَرُهُمْ عَلَيَّ صَلَاةً» صَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ: إِنَّهُمْ أَهْلُ الْحَدِيثِ، لِكَثْرَةِ مَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 503 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] يَتَكَرَّرُ ذِكْرُهُ فِي الرِّوَايَةِ فَيُصَلُّونَ عَلَيْهِ، وَقَدْ أَوْرَدُوا فِي ذَلِكَ حَدِيثَ: «مَنْ صَلَّى عَلَيَّ فِي كِتَابٍ لَمْ تَزَلِ الْمَلَائِكَةُ تَسْتَغْفِرُ لَهُ مَا دَامَ اسْمِي فِي ذَلِكَ الْكِتَابِ» ، وَهَذَا الْحَدِيثُ وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا فَهُوَ مِمَّا يَحْسُنُ إِيرَادُهُ فِي هَذَا الْمَعْنَى، وَلَا يُلْتَفَتُ إِلَى ذِكْرِ ابْنِ الْجَوْزِيِّ لَهُ فِي الْمَوْضُوعَاتِ، فَإِنَّ لَهُ طُرُقًا تُخْرِجُهُ عَنِ الْوَضْعِ، وَتَقْتَضِي أَنَّ لَهُ أَصْلًا فِي الْجُمْلَةِ، فَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبُو الشَّيْخِ الْأَصْبَهَانِيُّ وَالدَّيْلَمِيُّ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْهُ، وَابْنُ عَدِيٍّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، وَالْأَصْبِهَانِيُّ فِي تَرْغِيبِهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي " تَارِيخٍ أَصْبَهَانَ " مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ. وَذَكَرَ الْبُلْقِينِيُّ فِي " مَحَاسِنِ الِاصْطِلَاحِ " هُنَا عَنْ فَضْلِ الصَّلَاةِ لِلتُّجِيبِيِّ قَالَ: جَاءَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَنَسٍ يَرْفَعُهُ: «إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ جَاءَ أَصْحَابُ الْحَدِيثِ وَبِأَيْدِيهِمُ الْمَحَابِرُ فَيُرْسِلُ اللَّهُ إِلَيْهِمْ جِبْرِيلَ فَيَسْأَلُهُمْ مَنْ أَنْتُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ، فَيَقُولُونَ أَصْحَابُ الْحَدِيثِ، فَيَقُولُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ طَالَمَا كُنْتُمْ تُصَلُّونَ عَلَى نَبِيِّي فِي دَارِ الدُّنْيَا» . وَهَذَا الْحَدِيثُ رَوَاهُ الْخَطِيبُ عَنِ الصُّورِيِّ عَنِ ابْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ جُمَيْعٍ عَنْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 504 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ بْنِ يَعْقُوبَ الرَّقِّيِّ عَنِ الطَّبَرَانِيِّ عَنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بِهِ، وَقَالَ إِنَّهُ مَوْضُوعٌ، وَالْحَمْلُ فِيهِ عَلَى الرَّقِّيِّ، قُلْتُ: لَهُ طَرِيقٌ غَيْرُ هَذِهِ عَنْ أَنَسٍ أَوْرَدَهَا الدَّيْلَمِيُّ فِي مُسْنَدِ الْفِرْدَوْسِ، وَقَدْ ذَكَرْتُهَا فِي مُخْتَصَرِ الْمَوْضُوعَاتِ. تَنْبِيهٌ: يَنْبَغِي أَنْ يَجْمَعَ عِنْدَ ذِكْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ بِلِسَانِهِ وَبَنَانِهِ، ذَكَرَهُ التُّجِيبِيُّ (وَلَا يَتَقَيَّدُ فِيهِ) أَيْ: مَا ذَكَرَ مِنْ كِتَابَةِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (بِمَا فِي الْأَصْلِ إِنْ كَانَ نَاقِصًا) بَلْ يَكْتُبُهُ وَيَتَلَفَّظُ بِهِ عِنْدَ الْقِرَاءَةِ مُطْلَقًا ; لِأَنَّهُ دُعَاءٌ لَا كَلَامٌ يَرْوِيهِ، وَإِنْ وَقَعَ فِي ذَلِكَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، مَعَ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي نُطْقًا لَا خَطًّا، فَقَدْ خَالَفَهُ غَيْرُهُ مِنَ الْأَئِمَّةِ الْمُتَقَدِّمِينَ، وَمَالَ إِلَى صَنِيعِ أَحْمَدَ، ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ فَقَالَ: أَنْ يَتْبَعَ الْأُصُولَ وَالرِّوَايَاتِ، وَإِذَا ذَكَرَ الصَّلَاةَ لَفْظًا مِنْ غَيْرِ أَنْ تَكُونَ فِي الْأَصْلِ فَيَنْبَغِي أَنْ تَصْحَبَهَا قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ. كَرَفْعِ رَأْسِهِ عَنِ النَّظَرِ فِي الْكِتَابِ وَيَنْوِي بِقَلْبِهِ أَنَّهُ الْمُصَلِّي لَا حَاكٍ لَهَا عَنْ غَيْرِهِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 505 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَقَالَ عَبَّاسٌ الْعَنْبَرِيُّ وَابْنُ الْمَدِينِيُّ: مَا تَرَكْنَا الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كُلِّ حَدِيثٍ سَمِعْنَاهُ، وَرُبَّمَا عَجَّلْنَا فَنُبَيِّضُ الْكِتَابَ فِي حَدِيثٍ حَتَّى نَرْجِعَ إِلَيْهِ. (وَكَذَا) يَنْبَغِي الْمُحَافَظَةُ عَلَى (الثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، كَعَزَّ وَجَلَّ) ، وَسُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، (وَشِبْهِهِ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْأَصْلِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ زِيَادَةً عَلَى ابْنِ الصَّلَاحِ: (وَكَذَا التَّرَضِّي وَالتَّرَحُّمُ عَلَى الصَحَابَةِ وَالْعُلَمَاءِ وَسَائِرِ الْأَخْيَارِ) . قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ، وَلَا يُسْتَعْمَلُ عَزَّ وَجَلَّ وَنَحْوُهُ فِي النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِنْ كَانَ عَزِيزًا جَلِيلًا، وَلَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فِي الصَحَابَةِ اسْتِقْلَالًا وَيَجُوزُ تَبَعًا، (وَإِذَا جَاءَتِ الرِّوَايَةُ بِشَيْءٍ مِنْهُ كَانَتِ الْعِنَايَةُ بِهِ) فِي الْكِتَابِ (أَشَدَّ) وَأَكْثَرَ، (وَيُكْرَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى الصَّلَاةِ أَوِ التَّسْلِيمِ) هُنَا. وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ شُرِعَتْ فِيهِ الصَّلَاةُ، كَمَا فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56] (الْأَحْزَابِ: 56) ، وَإِنْ وَقَعَ ذَلِكَ فِي خَطِّ الْخَطِيبِ وَغَيْرِهِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 506 الرَّابِعَةُ: عَلَيْهِ مُقَابَلَةُ كِتَابِهِ بِأَصْلِ شَيْخِهِ وَإِنْ إِجَازَةً، وَأَفْضَلُهَا أَنْ يُمْسِكَ هُوَ وَشَيْخُهُ كِتَابَيْهِمَا حَالَ التَّسْمِيعِ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَنْظُرَ مَعَهُ مَنْ لَا نُسْخَةَ مَعَهُ لَا سِيَّمَا إِنْ أَرَادَ النَّقْلَ مِنْ نُسْخَتِهِ، وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: لَا يَجُوزُ أَنْ يَرْوِيَ مِنْ غَيْرِ أَصْلِ الشَّيْخِ إِلَّا أَنْ يَنْظُرَ فِيهِ حَالَ السَّمَاعِ، وَالصَّوَابُ الَّذِي قَالَهُ الْجَمَاهِيرُ: أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ نَظَرُهُ وَلَا مُقَابَلَتُهُ بِنَفْسِهِ بَلْ يَكْفِي مُقَابَلَةُ ثِقَةٍ أَيَّ وَقْتٍ كَانَ، وَيَكْفِي مُقَابَلَتُهُ بِفَرْعٍ قُوبِلَ بِأَصْلِ الشَّيْخِ وَمُقَابَلَتُهُ بِأَصْلِ الشَّيْخِ الْمُقَابَلِ بِهِ أَصْلَ الشَّيْخِ، فَإِنْ لَمْ يُقَابِلْ أَصْلًا فَقَدْ أَجَازَ لَهُ الرِّوَايَةَ مِنْهُ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ، وَآبَاءُ بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلِيُّ وَالْبَرْقَانِيُّ، وَالْخَطِيبُ إِنْ كَانَ النَّاقِلُ صَحِيحَ النَّقْلِ، قَلِيلَ السَّقْطِ، وَنَقَلَ مِنَ الْأَصْلِ، وَبَيَّنَ حَالَ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ لَمْ يُقَابِلْ، وَيُرَاعِي فِي كِتَابِ شَيْخِهِ مَعَ مَنْ فَوْقَهُ مَا ذَكَرْنَا فِي كِتَابِهِ، وَلَا يَكُنْ كَطَائِفَةٍ إِذَا رَأَوْا سَمَاعَهُ لِكِتَابٍ سَمِعُوا مِنْ أَيِّ نُسْخَةٍ اتَّفَقَتْ، وَسَيَأْتِي فِيهِ خِلَافٌ وَكَلَامٌ آخَرُ فِي أَوَّلِ النَّوْعِ الْآتِي.   [تدريب الراوي] قَالَ حَمْزَةُ الْكَتَّانِيُّ: كُنْتُ أَكْتُبُ عِنْدَ ذِكْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَاةَ دُونَ السَّلَامِ، فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَنَامِ، فَقَالَ لِي: مَا لَكَ لَا تُتِمُّ الصَّلَاةَ عَلَيَّ. (وَ) يُكْرَهُ (الرَّمْزُ إِلَيْهِمَا فِي الْكِتَابَةِ) بِحَرْفٍ أَوْ حَرْفَيْنِ، كَمَنْ يَكْتُبُ صَلْعَمْ (بَلْ يَكْتُبُهُمَا بِكَمَالِهِمَا) وَيُقَالُ إِنَّ أَوَّلَ مَنْ رَمَزَهُمَا بِصَلْعَمٍ قُطِعَتْ يَدُهُ. [الرابعة يجب مقابلة كتابه بأصل شيخه وإن أجازه] (الرَّابِعَةُ: عَلَيْهِ) وُجُوبًا كَمَا قَالَ عِيَاضٌ: (مُقَابَلَةُ كِتَابِهِ بِأَصْلِ شَيْخِهِ وَإِنْ إِجَازَةً) ، فَقَدْ رَوَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَغَيْرُهُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ وَالْأَوْزَاعِيِّ قَالَا: مَنْ كَتَبَ وَلَمْ يُعَارِضْ كَمَنْ دَخَلَ الْخَلَاءَ وَلَمْ يَسْتَنْجِ، وَقَالَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ لِابْنِهِ هِشَامٍ: كَتَبْتَ؟ قَالَ نَعَمْ، قَالَ عَرَضْتَ كِتَابَكَ؟ قَالَ لَا، قَالَ لَمْ تَكْتُبْ، أَسْنَدَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي " الْمَدْخَلِ "، وَقَالَ الْأَخْفَشُ: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 507 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] إِذَا نَسَخَ الْكِتَابَ وَلَمْ يُعَارِضْ ثُمَّ نَسَخَ وَلَمْ يُعَارِضْ خَرَجَ أَعْجَمِيًّا، قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَفِي الْمَسْأَلَةِ حَدِيثَانِ مَرْفُوعَانِ، أَحَدُهُمَا: مِنْ طَرِيقِ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: «كُنْتُ أَكْتُبُ الْوَحْيَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِذَا فَرَغْتُ قَالَ اقْرَأْ، فَأَقْرَؤُهُ، فَإِنْ كَانَ فِيهِ سَقْطٌ أَقَامَهُ» ، ذَكَرَهُ الْمَرْزُبَانِيُّ فِي كِتَابِهِ. الْحَدِيثُ الثَّانِي: ذَكَرَهُ السَّمْعَانِيُّ فِي أَدَبِ الْإِمْلَاءِ، مِنْ حَدِيثِ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: «كَتَبَ رَجُلٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ: كَتَبْتَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: عَرَضْتَ، قَالَ: لَا؟ قَالَ: لَمْ تَكْتُبْ، حَتَّى تَعْرِضَهُ فَيَصِحَّ» . قَالَ وَهَذَا أَصْرَحُ فِي الْمَقْصُودِ إِلَّا أَنَّهُ مُرْسَلٌ. انْتَهَى. قُلْتُ: الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ بِسَنَدٍ رِجَالُهُ مَوَثَّقُونَ. (وَأَفْضَلُهَا أَنْ يُمْسِكَ هُوَ وَشَيْخُهُ كِتَابَيْهُمَا حَالَ التَّسْمِيعِ) ، وَمَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَهُوَ أَنْقَصُ رُتْبَةً، وَقَالَ أَبُو الْفَضْلِ الْجَارُودِيُّ: أَصْدَقُ الْمُعَارَضَةِ مَعَ نَفْسِكَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 508 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَصِحُّ مَعَ أَحَدٍ غَيْرَ نَفْسِهِ، وَلَا يُقَلِّدُ غَيْرَهُ، حَكَاهُ عِيَاضٌ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ التَّحْقِيقِ. قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَهُوَ مَذْهَبٌ مَتْرُوكٌ، وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَوْلَى. (وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَنْظُرَ مَعَهُ) فِيهِ (مَنْ لَا نُسْخَةَ مَعَهُ) مِنَ الطَّلَبَةِ حَالَ السَّمَاعِ، (لَا سِيَّمَا إِنْ أَرَادَ) النَّقْلَ (مِنْ نُسْخَتِهِ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: لَا يَجُوزُ) لِلْحَاضِرِ بِلَا نُسْخَةٍ (أَنْ يَرْوِيَ مِنْ غَيْرِ أَصْلِ الشَّيْخِ إِلَّا أَنْ يَنْظُرَ فِيهِ حَالَ السَّمَاعِ) . قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَهَذَا مِنْ مَذَاهِبِ أَهْلِ التَّشْدِيدِ، (وَالصَّوَابُ الَّذِي قَالَهُ الْجُمْهُورُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ) فِي صِحَّةِ السَّمَاعِ (نَظَرُهُ، وَ) أَنَّهُ (لَا) يُشْتَرَطُ (مُقَابَلَتُهُ بِنَفْسِهِ بَلْ تَكْفِي مُقَابَلَةُ ثِقَةٍ) لَهُ (أَيَّ وَقْتٍ كَانَ) حَالَ الْقِرَاءَةِ أَوْ بَعْدَهَا، (وَيَكْفِي مُقَابَلَتُهُ بِفَرْعٍ قُوبِلَ بِأَصْلِ الشَّيْخِ وَمُقَابَلَتُهُ بِأَصْلِ أَصْلِ الشَّيْخِ الْمُقَابَلِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 509 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] بِهِ أَصْلَ الشَّيْخِ) ; لِأَنَّ الْغَرَضَ مُطَابَقَةُ كِتَابِهِ لِأَصْلِ شَيْخِهِ، فَسَوَاءٌ حَصَلَ ذَلِكَ بِوَاسِطَةٍ أَوْ غَيْرِهَا، (فَإِنْ لَمْ يُقَابِلْ) كِتَابَهُ بِالْأَصْلِ وَنَحْوِهِ (أَصْلًا فَقَدْ أَجَازَ لَهُ الرِّوَايَةَ مِنْهُ) ، وَالْحَالَةُ هَذِهِ (الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ) الْإِسْفَرَايِنِيُّ. (وَآبَاءُ بَكْرٍ) بِلَفْظِ الْجَمْعِ فِي أَبَاءِ، وَهُمْ (الْإِسْمَاعِيلِيُّ، وَالْبَرْقَانِيُّ، وَالْخَطِيبُ) بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ: (إِنْ كَانَ النَّاقِلُ) لِلنُّسْخَةِ (صَحِيحَ النَّقْلِ، قَلِيلَ السَّقْطِ، وَ) إِنْ كَانَ (نَقَلَ مِنَ الْأَصْلِ، وَ) إِنْ (بَيَّنَ حَالَ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ لَمْ يُقَابِلْ) . ذَكَرَ الشَّرْطَ الْأَخِيرَ فَقَطِ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، وَهُوَ مَعَ الثَّانِي الْخَطِيبُ، وَالْأَوَّلُ ابْنُ الصَّلَاحِ. وَأَمَّا الْقَاضِي عِيَاضٌ فَجَزَمَ بِمَنْعِ الرِّوَايَةِ عِنْدَ عَدَمِ الْمُقَابَلَةِ وَإِنِ اجْتَمَعَتِ الشُّرُوطُ. (وَيُرَاعِي فِي كِتَابِ شَيْخِهِ مَعَ مَنْ فَوْقَهُ مَا ذَكَرْنَا) أَنَّهُ يُرَاعِيهِ (فِي كِتَابِهِ وَلَا يَكُنْ كَطَائِفَةٍ) مِنَ الطَّلَبَةِ (إِذَا أَرَادُوا سَمَاعَهُ) أَيِ الشَّيْخِ (لِكِتَابٍ سَمِعُوا) عَلَيْهِ ذَلِكَ الْكِتَابَ (مِنْ أَيِّ نُسْخَةٍ اتَّفَقَتْ وَسَيَأْتِي فِيهِ خِلَافٌ وَكَلَامٌ آخَرُ فِي أَوَّلِ النَّوْعِ الْآتِي) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 510 الْخَامِسَةُ: الْمُخْتَارُ فِي تَخْرِيجِ السَّاقِطِ وَهُوَ اللَّحَقُ " بِفَتْحِ اللَّامِ وَالْحَاءِ " أَنْ يَخُطَّ مِنْ مَوْضِعِ سُقُوطِهِ فِي السَّطْرِ خَطًّا صَاعِدًا مَعْطُوفًا بَيْنَ السَّطْرَيْنِ عَطْفَةً يَسِيرَةً إِلَى جِهَةِ اللَّحَقِ وَقِيِلَ: يَمُدُّ الْعَطْفَةَ إِلَى أَوَّلِ اللَّحَقِ وَيَكْتُبُ اللَّحَقَ قُبَالَةَ الْعَطْفَةِ فِي الْحَاشِيَةِ الْيُمْنَى إِنِ اتَّسَعَتْ إِلَّا أَنْ يَسْقُطَ فِي آخِرِ السَّطْرِ فَيُخَرِّجْهُ إِلَى الشِّمَالِ وَلْيَكْتُبْهُ صَاعِدًا إِلَى أَعْلَى الْوَرَقَةِ، فَإِنْ زَادَ اللَّحَقُ عَلَى سَطْرٍ ابْتَدَأَ سُطُورَهُ مِنْ أَعْلَى إِلَى أَسْفَلَ، فَإِنْ كَانَ فِي يَمِينِ الْوَرَقَةِ انْتَهَتْ إِلَى بَاطِنِهَا، وَإِنْ كَانَ فِي الشِّمَالِ فَإِلَى طَرَفِهَا، ثُمَّ يَكْتُبُ فِي انْتِهَاءِ اللَّحَقِ " صَحَّ ". وَقِيلَ: يَكْتُبُ مَعَ " صَحَّ " رَجَعَ، وَقِيلَ: يَكْتُبُ الْكَلِمَةَ الْمُتَّصِلَةَ بِهِ دَاخِلَ الْكِتَابِ وَلَيْسَ بِمَرْضِيٍّ لِأَنَّهُ تَطْوِيلٌ مُوهِمٌ. وَأَمَّا الْحَوَاشِي مِنْ غَيْرِ الْأَصْلِ كَشَرْحٍ، وَبَيَانِ غَلَطٍ، أَوِ اخْتِلَافِ رِوَايَةٍ، أَوْ نُسْخَةٍ وَنَحْوِهِ، فَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: لَا يُخَرَّجُ لَهُ خَطٌّ، وَالْمُخْتَارُ اسْتِحْبَابُ التَّخْرِيجِ مِنْ وَسَطِ الْكَلِمَةِ الْمُخَرَّجِ لِأَجْلِهَا.   [تدريب الراوي] [الخامسة المختار في كيفية تخريج الساقط] (الْخَامِسَةُ الْمُخْتَارُ فِي) كَيْفِيَّةِ (تَخْرِيجِ السَّاقِطِ) فِي الْحَوَاشِي (وَهُوَ اللَّحَقُ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ، يُسَمَّى بِذَلِكَ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ، وَالْكِتَابَةِ، أَخْذًا مِنَ الْإِلْحَاقِ، أَوْ مِنَ الزِّيَادَةِ، فَإِنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا لُغَةً (أَنْ يَخُطَّ مِنْ مَوْضِعِ سُقُوطِهِ فِي السَّطْرِ خَطًّا صَاعِدًا) إِلَى فَوْقٍ (مَعْطُوفًا بَيْنَ السَّطْرَيْنِ عَطْفَةً يَسِيرَةً إِلَى جِهَةِ) الْحَاشِيَةِ الَّتِي يُكْتَبُ فِيهَا (اللَّحَقُ. وَقِيلَ يَمُدُّ الْعَطْفَةَ) مِنْ مَوْضِعِ التَّخْرِيجِ (إِلَى أَوَّلِ اللَّحَقِ) وَاخْتَارَهُ ابْنُ خَلَّادٍ، قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَهُوَ غَيْرُ مَرْضِيٍّ ; لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ فِيهِ زِيَادَةُ بَيَانٍ فَهُوَ تَسْخِيمٌ لِلْكِتَابِ وَتَسْوِيدٌ لَهُ، لَا سِيَّمَا عِنْدَ كَثْرَةِ الْإِلْحَاقَاتِ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: إِلَّا أَنْ لَا يَكُونَ مُقَابِلَهُ خَالِيًا، وَيَكْتُبُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ، فَيَتَعَيَّنُ حِينَئِذٍ جَرُّ الْخَطِّ إِلَيْهِ، أَوْ يَكْتُبُ قُبَالَتَهُ: " يَتْلُوهُ كَذَا وَكَذَا فِي الْمَوْضِعِ الْفُلَانِيِّ "، وَنَحْوِ ذَلِكَ لِزَوَالِ اللَّبْسِ. (وَيَكْتُبُ اللَّحَقَ قُبَالَةَ الْعَطْفَةِ فِي الْحَاشِيَةِ الْيُمْنَى إِنِ اتَّسَعَتْ) لَهُ لِاحْتِمَالِ أَنْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 511 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] يَطْرَأَ فِي بَقِيَّةِ السَّطْرِ سَقْطٌ آخَرُ فَيُخَرِّجُ لَهُ إِلَى جِهَةِ الْيَسَارِ، فَلَوْ خَرَّجَ لِلْأُولَى إِلَى الْيَسَارِ ثُمَّ ظَهَرَ فِي السَّطْرِ سَقْطٌ آخَرُ، فَإِنْ خَرَّجَ لَهُ إِلَى الْيَسَارِ أَيْضًا اشْتَبَهَ مَوْضِعُ هَذَا بِمَوْضِعِ ذَاكَ، وَإِنْ خَرَّجَ لِلثَّانِي إِلَى الْيَمِينِ تَقَابَلَ طَرَفَا التَّخْرِيجَتَيْنِ وَرُبَّمَا الْتَقَيَا لِقُرْبِهِمَا فَيَظُنُّ أَنَّهُ ضَرَبَ عَلَى مَا بَيْنَهُمَا (إِلَّا أَنْ يَسْقُطَ فِي آخِرِ السَّطْرِ فَيُخَرِّجُهُ إِلَى) جِهَةِ (الشِّمَالِ) . قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: لَا وَجْهَ لِذَلِكَ. لِقُرْبِ التَّخْرِيجِ مِنَ اللَّحَقِ وَسُرْعَةِ لَحَاقِ النَّاظِرِ بِهِ، وَلِأَمْنِنَا مِنْ نَقْصٍ يَحْدُثُ بَعْدَهُ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: نَعَمْ إِنْ ضَاقَ مَا بَعْدَ آخِرِ السَّطْرِ، لِقُرْبِ الْكِتَابَةِ مِنْ طَرْفِ الْوَرَقِ أَوْ لِضِيقِهِ بِالتَّجْلِيدِ، بِأَنْ يَكُونَ السَّقْطُ فِي الصَّفْحَةِ الْيُمْنَى فَلَا بَأْسَ حِينَئِذٍ بِالتَّخْرِيجِ إِلَى الْجِهَةِ الْيُمْنَى، وَقَدْ رَأَيْتُ ذَلِكَ فِي خَطِّ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ. انْتَهَى. (وَلْيَكْتُبْهُ) أَيِ السَّاقِطَ (صَاعِدًا إِلَى أَعْلَى الْوَرَقَةِ) مِنْ أَيْ جِهَةٍ كَانَ ; لِاحْتِمَالِ حُدُوثِ سَقْطِ حَرْفٍ آخَرَ، فَيُكْتَبُ إِلَى أَسْفَلَ. (فَإِنْ زَادَ اللَّحَقُ عَلَى سَطْرٍ ابْتَدَأَ سُطُورَهُ مِنْ أَعْلَى إِلَى أَسْفَلَ، فَإِنْ كَانَ) التَّخْرِيجُ (فِي يَمِينِ الْوَرَقَةِ انْتَهَتِ) الْكِتَابَةُ (إِلَى بَاطِنِهَا، وَإِنْ كَانَ فِي) جِهَةِ (الشِّمَالِ، فَإِلَى طَرَفِهَا) تَنْتَهِي الْكِتَابَةُ، إِذْ لَوْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ لَانْتَقَلَ إِلَى مَوْضِعٍ آخَرَ بِكَلِمَةِ (تَخْرِيجٍ) أَوِ اتِّصَالٍ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 512 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] (ثُمَّ يَكْتُبُ فِي انْتِهَاءِ اللَّحَقِ) بَعْدَهُ (صَحَّ) فَقَطْ، (وَقِيلَ: يَكْتُبُ مَعَ صَحَّ رَجَعَ، وَقِيلَ: يَكْتُبُ الْكَلِمَةَ الْمُتَّصِلَةَ بِهِ دَاخِلَ الْكِتَابِ) ; لِيَدُلَّ عَلَى أَنَّ الْكَلَامَ انْتَظَمَ. (وَلَيْسَ بِمَرْضِيٍّ، لِأَنَّهُ تَطْوِيلٌ مُوُهِمٌ) لِأَنَّهُ قَدْ يَجِيءُ فِي الْكَلَامِ مَا هُوَ مُكَرَّرٌ مَرَّتَيْنِ وَثَلَاثًا لِمَعْنًى صَحِيحٍ، فَإِذَا كَرَّرْنَا الْحَرْفَ لَمْ نَأْمَنْ أَنْ يُوَافِقَ مَا يَتَكَرَّرُ حَقِيقَةً أَوْ يُشْكِلَ أَمْرُهُ فَيُوجِبُ ارْتِيَابًا وَزِيَادَةَ إِشْكَالٍ. قَالَ عِيَاضٌ: وَبَعْضُهُمْ يَكْتُبُ انْتَهَى اللَّحَقُ، قَالَ: وَالصَّوَابُ (صَحَّ) ، هَذَا كُلُّهُ فِي التَّخْرِيجِ السَّاقِطِ. (وَأَمَّا الْحَوَاشِي) الْمَكْتُوبَةُ (مِنْ غَيْرِ الْأَصْلِ كَشَرْحٍ، وَبَيَانِ غَلَطٍ، أَوِ اخْتِلَافٍ فِي رِوَايَةٍ، أَوْ نُسْخَةٍ وَنَحْوِهِ، فَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ) : الْأَوْلَى أَنَّهُ (لَا يُخَرَّجُ لَهُ خَطٌّ) لِأَنَّهُ يُدْخِلُ اللَّبْسَ، وَيُحْسَبُ مِنَ الْأَصْلِ، بَلْ يَجْعَلُ عَلَى الْحَرْفِ ضَبَّةً أَوْ نَحْوَهَا تَدُلُّ عَلَيْهِ. قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: (وَالْمُخْتَارُ اسْتِحْبَابُ التَّخْرِيجِ) لِذَلِكَ أَيْضًا وَلَكِنْ (مِنْ) عَلَى (وَسَطِ الْكَلِمَةِ الْمُخَرَّجِ لِأَجْلِهَا) لَا بَيْنَ الْكَلِمَتَيْنِ، وَبِذَلِكَ يُفَارِقُ التَّخْرِيجَ لِلسَّاقِطِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 513 السَّادِسَةُ: شَأْنُ الْمُتْقِنِينَ التَّصْحِيحُ، وَالتَّضْبِيبُ، وَالتَّمْرِيضُ. فَالتَّصْحِيحُ كِتَابَةُ " صَحَّ " عَلَى كَلَامٍ صَحَّ رِوَايَةً وَمَعْنًى، وَهُوَ عُرْضَةٌ لِلشَكِّ أَوِ الْخِلَافِ، وَالتَّضْبِيبُ، وَيُسَمَّى التَّمْرِيضَ أَنْ يُمَدَّ خَطٌّ أَوَّلَهُ كَالصَّادِ وَلَا يُلْزَقَ بِالْمَمْدُودِ عَلَيْهِ، يُمَدُّ عَلَى ثَابِتٍ نَقْلًا فَاسِدٍ لَفْظًا أَوْ مَعْنًى أَوْ ضَعِيفٍ أَوْ نَاقِصٍ، وَمِنَ النَاقِصِ مَوْضِعُ الْإِرْسَالِ أَوِ الِانْقِطَاعِ، وَرُبَّمَا اخْتَصَرَ بَعْضُهُمْ عَلَامَةَ التَّصْحِيحِ فَأَشْبَهَتِ الضَّبَّةَ، وَيُوجَدُ فِي بَعْضِ الْأُصُولِ الْقَدِيمَةِ فِي الْإِسْنَادِ الْجَامِعِ جَمَاعَةٌ مَعْطُوفًا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ عَلَامَةٌ تُشْبِهُ الضَّبَّةَ بَيْنَ أَسْمَائِهِمْ وَلَيْسَتْ ضَبَّةً وَكَأَنَّهَا عَلَامَةُ اتِّصَالٍ.   [تدريب الراوي] [السادسة مسألة التَّصْحِيحُ وَالتَّضْبِيبُ وَالتَّمْرِيضُ] (السَّادِسَةُ: شَأْنُ الْمُتْقِنِينَ) مِنَ الْحُذَّاقِ (التَّصْحِيحُ، وَالتَّضْبِيبُ، وَالتَّمْرِيضُ) مُبَالَغَةٌ فِي الْعِنَايَةِ بِضَبْطِ الْكِتَابِ. (فَالتَّصْحِيحُ كِتَابَةُ صَحَّ عَلَى كَلَامٍ صَحَّ رِوَايَةً وَمَعْنًى، وَهُوَ عُرْضَةٌ لِلشَّكِّ) فِيهِ، (أَوِ الْخِلَافِ) فَيُكْتَبُ ذَلِكَ الْوَجْهُ لِيُعْرَفَ أَنَّهُ لَمْ يَغْفَلْ عَنْهُ، وَأَنَّهُ قَدْ ضَبَطَ وَصَحَّ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ. (وَالتَّضْبِيبُ وَيُسَمَّى) أَيْضًا (التَّمْرِيضَ: أَنْ يُمَدَّ) عَلَى الْكَلِمَةِ (خَطٌّ أَوَّلَهُ كَالصَّادِّ) هَكَذَا " ص " وَفُرِّقَ بَيْنَ الصَّحِيحِ وَالسَّقِيمِ حَيْثُ كُتِبَ عَلَى الْأَوَّلِ حَرْفٌ كَامِلٌ لِتَمَامِهِ، وَعَلَى الثَّانِي حَرْفٌ نَاقِصٌ، لِيَدُلَّ نَقْصُ الْحَرْفِ عَلَى اخْتِلَافِ الْكَلِمَةِ. وَيُسَمَّى ذَلِكَ ضَبَّةً لِكَوْنِ الْحَرْفِ مُقْفَلًا بِهَا، لَا يَتَّجِهُ لِقِرَاءَةٍ، كَضَبَّةِ الْبَابِ يُقْفَلُ بِهَا. نَقَلَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ عَنْ أَبِي الْقَاسِمِ الْإِفْلِيلِيِّ اللُّغَوِيِّ. (وَلَا يُلْزَقُ) التَّضْبِيبُ (بِالْمُدُودِ عَلَيْهِ) لِئَلَّا يُظَنَّ ضَرْبًا، وَإِنَّمَا (يُمَدُّ) هَذَا التَّضْبِيبُ (عَلَى ثَابِتٍ نَقْلًا فَاسِدٍ لَفْظًا أَوْ مَعْنًى) أَوْ خَطَأٍ مِنَ الْجِهَةِ الْعَرَبِيَّةِ أَوْ غَيْرِهَا، (أَوْ مُصَحَّفٍ أَوْ نَاقِصٍ) فَيُشَارُ بِذَلِكَ إِلَى الْخَلَلِ الْحَاصِلِ، وَأَنَّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 514 السَّابِعَةُ: إِذَا وَقَعَ فِي الْكِتَابِ مَا لَيْسَ مِنْهُ نُفِيَ بِالضَّرْبِ، أَوِ الْحَكِّ، أَوِ الْمَحْوِ، أَوْ غَيْرِهِ، وَأَوْلَاهَا الضَّرْبُ، ثُمَّ قَالَ الْأَكْثَرُونَ يَخُطُّ فَوْقَ الْمَضْرُوبِ عَلَيْهِ خَطًّا بَيِّنًا دَالًّا عَلَى إِبْطَالِهِ مُخْتَلِطًا بِهِ، وَلَا يَطْمِسُهُ بَلْ يَكُونُ مُمْكِنَ الْقِرَاءَةِ، وَيُسَمَّى هَذَا الشَّقَّ، وَقِيلَ: لَا يُخْلَطُ بِالْمَضْرُوبِ عَلَيْهِ بَلْ يَكُونُ فَوْقَهُ مَعْطُوفًا عَلَى أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ، وَقِيلَ: يُحَوِّقُ عَلَى أَوَّلِهِ نِصْفَ دَائِرَةٍ وَكَذَا آخِرِهِ، وَإِذَا كَثُرَ الْمَضْرُوبُ عَلَيْهِ فَقَدْ يُكْتَفَى بِالتَّحْوِيقِ أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ وَقَدْ يُحَوَّقُ أَوَّلُ كُلِّ سَطْرٍ وَآخِرُهُ، وَمِنْهُمْ مِنَ اكْتَفَى بِدَائِرَةٍ صَغِيرَةٍ أَوَّلَ الزِّيَادَةِ وَآخِرَهَا، وَقِيلَ يَكْتُبُ " لَا " فِي أَوَّلِهِ " وَإِلَى " فِي آخِرِهِ، وَأَمَّا الضَّرْبُ عَلَى الْمُكَرَّرِ فَقِيلَ يَضْرِبُ عَلَى الثَّانِي، وَقِيلَ يُبْقِي أَحْسَنَهُمَا صُورَةً وَأَبْيَنَهُمَا، وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: إِنْ كَانَا أَوَّلَ سَطْرٍ ضَرَبَ عَلَى الثَّانِي، أَوْ آخِرَهُ فَعَلَى الْأَوَّلِ، أَوْ أَوَّلَ سَطْرٍ وَآخِرَ آخَرَ، فَعَلَى آخِرِ السَّطْرِ، فَإِنْ تَكَرَّرَ الْمُضَافُ وَالْمُضَافُ إِلَيْهِ أَوِ الْمَوْصُوفُ وَالصِّفَةُ وَنَحْوُهُ رُوعِيَ اتِّصَالُهُمَا، وَأَمَّا الْحَكُّ، وَالْكَشْطُ فَكَرِهَهَا أَهْلُ الْعِلْمِ.   [تدريب الراوي] الرِّوَايَةَ ثَابِتَةٌ بِهِ، لِاحْتِمَالِ أَنْ يَأْتِيَ مَنْ يَظْهَرُ لَهُ فِيهِ وَجْهٌ صَحِيحٌ (وَمِنَ النَّاقِصِ) الَّذِي يُضَبَّبُ عَلَيْهِ (مَوْضِعُ الْإِرْسَالِ أَوِ الِانْقِطَاعِ) فِي الْإِسْنَادِ. (وَرُبَّمَا اخْتَصَرَ بَعْضُهُمْ عَلَامَةَ التَّصْحِيحِ) فَيَكْتُبُهَا هَكَذَا " ص " (فَأَشْبَهَتِ الضَّبَّةَ. وَيُوجَدُ فِي بَعْضِ الْأُصُولِ الْقَدِيمَةِ فِي الْإِسْنَادِ الْجَامِعِ جَمَاعَةٌ) مِنَ الرُّوَاةِ فِي طَبَقَةٍ (مَعْطُوفًا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ عَلَامَةٌ تُشْبِهُ الضَّبَّةَ) فِيمَا (بَيْنَ أَسْمَائِهِمْ) فَيَتَوَهَّمُ، مَنْ لَا خِبْرَةَ لَهُ أَنَّهَا ضَبَّةٌ (وَلَيْسَتْ ضَبَّةً، وَكَأَنَّهَا عَلَامَةُ اتِّصَالٍ) بَيْنَهُمْ أَثْبَتَتْ تَأْكِيدًا لِلْعَطْفِ خَوْفًا مِنْ أَنْ يُجْعَلَ عَنْ مَكَانِ الْوَاوِ. [السابعة العمل إذا وقع في الكتاب ما ليس منه] (السَّابِعَةُ: إِذَا وَقَعَ فِي الْكِتَابِ مَا لَيْسَ مِنْهُ نُفِيَ) عَنْهُ إِمَّا (بِالضَّرْبِ) عَلَيْهِ (أَوِ الْحَكِّ) لَهُ (أَوِ الْمَحْوِ) بِأَنْ تَكُونَ الْكِتَابَةُ فِي لَوْحٍ أَوْ رِقٍّ، أَوْ وَرَقٍ صَقِيلٍ جِدًّا فِي حَالِ طَرَاوَةِ الْمَكْتُوبِ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ سَحْنُونٍ أَنَّهُ كَانَ رُبَّمَا كَتَبَ الشَّيْءَ ثُمَّ لَعِقَهُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 515 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] (أَوْ غَيْرِهِ وَأَوْلَاهَا الضَّرْبُ) فَقَدْ قَالَ الرَّامَهُرْمُزِيُّ: قَالَ أَصْحَابُنَا الْحَكُّ تُهْمَةٌ، وَقَالَ غَيْرُهُ: كَانَ الشُّيُوخُ يَكْرَهُونَ حُضُورَ السِّكِّينِ لِمَجْلِسِ السَّمَاعِ، حَتَّى لَا يُبْشَرَ شَيْءٌ ; لِأَنَّ مَا يُبْشَرُ مِنْهُ رُبَّمَا يَصِحُّ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى، وَقَدْ يُسْمَعُ الْكِتَابُ مَرَّةً أُخْرَى عَلَى شَيْخٍ آخَرَ يَكُونُ مَا بُشِرَ مِنْ رِوَايَةِ هَذَا صَحِيحًا فِي رِوَايَةِ الْآخَرِ، فَيَحْتَاجُ إِلَى إِلْحَاقِهِ بَعْدَ أَنْ بُشِرَ، بِخِلَافِ مَا إِذَا خَطَّ عَلَيْهِ وَأَوْقَفَهُ رِوَايَةَ الْأَوَّلِ، وَصَحَّ عِنْدَ الْآخَرِ اكْتَفَى بِعَلَامَةِ الْآخَرِ عَلَيْهِ بِصِحَّتِهِ. (ثُمَّ) فِي كَيْفِيَّةِ هَذَا الضَّرْبِ خَمْسَةُ أَقْوَالٍ: (قَالَ الْأَكْثَرُونَ يَخُطُّ فَوْقَ الْمَضْرُوبِ عَلَيْهِ خَطًّا بَيِّنًا دَالًّا عَلَى إِبْطَالِهِ) بِكَوْنِهِ (مُخْتَلِطًا بِهِ) أَيْ بِأَوَائِلِ كَلِمَاتِهِ، (وَلَا يَطْمِسُهُ بَلْ يَكُونُ) مَا تَحْتَهُ (مُمْكِنَ الْقِرَاءَةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 516 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَيُسَمَّى هَذَا) الضَّرْبَ عِنْدَ أَهْلِ الْمَشْرِقِ وَ (الشَّقَّ) عِنْدَ أَهْلِ الْمَغْرِبِ - وَهُوَ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الْقَافِ - مِنَ الشَّقِّ وَهُوَ الصَّدْعُ، أَوْ شَقِّ الْعَصَا، وَهُوَ التَّفْرِيقُ كَأَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ الزَّائِدِ وَمَا قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ مِنَ الثَّابِتِ بِالضَّرْبِ. وَقِيلَ هُوَ النَّشَقُ - بِفَتْحِ النُّونِ وَالْمُعْجَمَةِ - مِنْ نَشَقَ الظَّبْيُ فِي حِبَالَتِهِ عَلِقَ فِيهَا، فَكَأَنَّهُ أَبْطَلَ حَرَكَةَ الْكَلِمَةِ وَإِعْمَالَهَا بِجَعْلِهَا فِي وِثَاقٍ يَمْنَعُهَا مِنَ التَّصَرُّفِ (وَقِيلَ: لَا يَخْلِطُ) أَيِ الضَّرْبَ (بِالْمَضْرُوبِ عَلَيْهِ بَلْ يَكُونُ فَوْقَهُ) مُنْفَصِلًا عَنْهُ (مَعْطُوفًا) طَرَفَا الْخَطِّ (عَلَى أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ) مِثَالُهُ هَكَذَا. (وَقِيلَ) هَذَا تَسْوِيدٌ بَلْ (يُحَوِّقُ عَلَى أَوَّلِهِ نِصْفَ دَائِرَةِ، وَكَذَا) عَلَى (آخِرِهِ) بِنِصْفِ دَائِرَةٍ أُخْرَى مِثَالُهُ هَكَذَا () . (وَ) عَلَى هَذَا الْقَوْلِ (إِذَا كَثُرَ) الْكَلَامُ (الْمَضْرُوبُ عَلَيْهِ، فَقَدْ يُكْتَفَى بِالتَّحْوِيقِ أَوَّلَهُ أَوْ آخِرَهُ) فَقَطْ، (وَقَدْ يُحَوَّقُ أَوَّلَ كُلِّ سَطْرٍ وَآخِرَهُ) فِي الْأَثْنَاءِ أَيْضًا، وَهُوَ أَوْضَحُ. (وَمِنْهُمْ مَنِ) اسْتَقْبَحَ ذَلِكَ أَيْضًا وَ (اكْتَفَى بِدَائِرَةٍ صَغِيرَةٍ أَوَّلَ الزِّيَادَةِ وَآخِرَهَا) وَسَمَّاهَا صِفْرًا، لِإِشْعَارِهَا بِخُلُوِّ مَا بَيْنَهُمَا مِنْ صِحَّةٍ، وَمِثَالُ ذَلِكَ هَكَذَا " 5 ". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 517 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] (وَقِيلَ يَكْتُبُ " لَا " فِي أَوَّلِهِ) أَوْ زَائِدًا، وَمِنْ (وَإِلَى فِي آخِرِهِ) . قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَمِثْلُ هَذَا يَحْسُنُ فِيمَا سَقَطَ فِي رِوَايَةٍ، وَثَبَتَ فِي رِوَايَةٍ، وَعَلَى هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ أَيْضًا: إِذَا كَثُرَ الْمَضْرُوبُ عَلَيْهِ، إِمَّا يُكْتَفَى بِعَلَامَةِ الْإِبْطَالِ أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ، أَوْ يُكْتَبُ عَلَى أَوَّلِ كُلِّ سَطْرٍ وَآخِرِهِ، وَهُوَ أَوْضَحُ. هَذَا كُلُّهُ فِي زَائِدٍ غَيْرِ مُكَرَّرٍ (وَأَمَّا الضَّرْبُ عَلَى الْمُكَرَّرِ، فَقِيلَ: يَضْرِبُ عَلَى الثَّانِي) مُطْلَقًا دُونَ الْأَوَّلِ ; لِأَنَّهُ كَتَبَ عَلَى صَوَابٍ، فَالْخَطَأُ أَوْلَى بِالْإِبْطَالِ، (وَقِيلَ يُبْقِي أَحْسَنَهُمَا صُورَةً وَأَبْيَنَهُمَا) قِرَاءَةً، وَيَضْرِبُ عَلَى الْآخَرِ، هَكَذَا حَكَى ابْنُ خَلَّادٍ الْقَوْلَيْنِ مِنْ غَيْرِ مُرَاعَاةٍ لِأَوَائِلِ السُّطُورِ وَآخِرِهَا، وَلِلْفَصْلِ بَيْنَ الْمُتَضَايِفَيْنِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. (وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ) هَذَا إِذَا تَسَاوَتِ الْكَلِمَتَانِ فِي الْمَنَازِلِ بِأَنْ كَانَتَا فِي أَثْنَاءِ السَّطْرِ، أَمَّا (إِنْ كَانَا أَوَّلَ سَطْرٍ ضَرَبَ عَلَى الثَّانِي أَوْ آخِرَهُ فَعَلَى الْأَوَّلِ) يَضْرِبُ صَوْنًا لِأَوَائِلِ السُّطُورِ وَأَوَاخِرِهَا عَنِ الطَّمْسِ، (أَوْ) الثَّانِيَةُ (أَوَّلَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 518 الثَّامِنَةُ: غَلَبَ عَلَيْهِمُ الِاقْتِصَارُ عَلَى الرَّمْزِ فِي حَدَّثَنَا وَأَخْبَرَنَا. وَشَاعَ بِحَيْثُ لَا يَخْفَى، فَيَكْتُبُونَ مِنْ حَدَّثَنَا: الثَّاءَ وَالنُّونَ وَالْأَلِفَ، وَقَدْ تُحْذَفُ الثَّاءُ، وَمِنْ أَخْبَرَنَا: أَنَا، وَلَا يَحْسُنُ زِيَادَةُ الْبَاءِ قَبْلَ النُّونِ وَإِنْ فَعَلَهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَقَدْ يُزَادُ رَاءٌ بَعْدَ الْأَلِفِ وَدَالٌ أَوَّلَ رَمْزِ حَدَّثَنَا، وَوُجِدَتِ الدَّالُ فِي خَطِّ الْحَاكِمِ وَأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ وَالْبَيْهَقِيِّ، وَإِذَا كَانَ لِلْحَدِيثِ إِسْنَادَانِ، أَوْ أَكْثَرُ كَتَبُوا عِنْدَ الِانْتِقَالِ مِنْ إِسْنَادٍ ح وَلَمْ يُعْرَفْ بَيَانُهَا عَمَّنْ تَقَدَّمَ، وَكَتَبَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْحُفَّاظِ مَوْضِعَهَا صَحَّ، فَيُشْعِرُ ذَلِكَ بِأَنَّهَا رَمْزُ صَحَّ، وَقِيلَ: مِنَ التَّحْوِيلِ مِنْ إِسْنَادٍ إِلَى إِسْنَادٍ، وَقِيلَ: لِأَنَّهَا تَحُولُ بَيْنَ الْإِسْنَادَيْنِ فَلَا تَكُونُ مِنَ الْحَدِيثِ وَلَا يُلْفَظُ عِنْدَهَا بِشَيْءٍ، وَقِيلَ: هِيَ رَمْزٌ إِلَى قَوْلِنَا " الْحَدِيثَ " وَإِنَّ أَهْلَ الْمَغْرِبِ كُلَّهُمْ يَقُولُونَ إِذَا وَصَلُوا إِلَيْهَا: الَحْدِيثَ، وَالْمُخْتَارُ أَنْ يَقُولَ حَا، وَيَمُرَّ.   [تدريب الراوي] سَطْرٍ، وَ) الْأَوْلَى (آخِرَ) سَطْرٍ (آخَرَ فَعَلَى آخِرِ السَّطْرِ) ; لِأَنَّ مُرَاعَاةَ أَوَّلِ السَّطْرِ أَوْلَى. (فَإِنْ تَكَرَّرَ الْمُضَافُ وَالْمُضَافُ إِلَيْهِ، أَوِ الْمَوْصُوفُ وَالصِّفَةُ وَنَحْوُهُ رُوعِيَ اتِّصَالُهُمَا) بِأَنْ لَا يَضْرِبَ عَلَى الْمُتَكَرِّرِ بَيْنَهُمَا، بَلْ عَلَى الْأَوَّلِ فِي الْمُضَافِ وَالْمَوْصُوفِ، أَوِ الْآخِرِ فِي الْمُضَافِ إِلَيْهِ وَالصِّفَةِ، لِأَنَّ ذَلِكَ مُضْطَرٌّ إِلَيْهِ لِلْفَهْمِ، فَمُرَاعَاتُهُ أَوْلَى مِنْ مُرَاعَاةِ تَحْسِينِ الصُّورَةِ فِي الْخَطِّ. قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَهَذَا التَّفْصِيلُ مِنَ الْقَاضِي حَسَنٍ. (وَأَمَّا الْحَكُّ وَالْكَشْطُ وَالْمَحْوُ فَكَرِهَهَا أَهْلُ الْعِلْمِ) كَمَا تَقَدَّمَ. [الثامنة الاقتصار في الخط على الرمز في حدثنا وأخبرنا] (الثَّامِنَةُ: غَلَبَ عَلَيْهِمُ الِاقْتِصَارُ) فِي الْخَطِّ (عَلَى الرَّمْزِ فِي حَدَّثَنَا وَأَخْبَرَنَا) ، لِتَكَرُّرِهَا (وَشَاعَ) ذَلِكَ وَظَهَرَ (بِحَيْثُ لَا يَخْفَى) وَلَا يَلْتَبِسُ. (فَيَكْتُبُونَ مِنْ حَدَّثَنَا الثَّاءَ وَالنُّونَ وَالْأَلِفَ) وَيَحْذِفُونَ الْحَاءَ وَالدَّالَ، (وَقَدْ تُحْذَفُ الثَّاءُ) أَيْضًا وَيُقْتَصَرُ عَلَى الضَّمِيرِ. (وَ) يَكْتُبُونَ (مِنْ أَخْبَرَنَا أَنَا) أَيِ الْهَمْزَةَ وَالضَّمِيرَ (وَلَا تَحْسُنُ زِيَادَةُ الْبَاءِ قَبْلَ النُّونِ وَإِنْ فَعَلَهُ الْبَيْهَقِيُّ) وَغَيْرُهُ، لِئَلَّا تَلْتَبِسَ بِرَمْزِ حَدَّثَنَا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 519 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] (وَقَدْ تُزَادُ رَاءٌ بَعْدَ الْأَلِفِ) قَبْلَ النُّونِ أَوْ خَاءٌ كَمَا وُجِدَ فِي خَطِّ الْمَغَارِبَةِ (وَ) قَدْ تُزَادُ (دَالٌ أَوَّلَ رَمْزِ حَدَّثَنَا) وَيُحْذَفُ الْحَاءُ فَقَطْ. (وَوُجِدَتِ الدَّالُ) الْمَذْكُورَةُ (فِي خَطِّ الْحَاكِمِ وَأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ وَالْبَيْهَقِيِّ) هَكَذَا قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ، فَالْمُصَنِّفُ حَاكَ كَلَامَهُ، أَوْ رَأَى ذَلِكَ أَيْضًا، أَوْ وَجَدْتُ فِي كَلَامِهِ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ. تَنْبِيهٌ: يُرْمَزُ أَيْضًا حَدَّثَنِي، فَيُكْتَبُ ثَنِي أَوْ دَثَنِي، دُونَ أَخْبَرَنِي وَأَنْبَأَنَا وَأَنْبَأَنِي، وَأَمَّا قَالَ: فَقَالَ الْعِرَاقِيُّ: مِنْهُمْ مَنْ يَرْمُزُ لَهَا بِقَافٍ، ثُمَّ اخْتَلَفُوا، فَبَعْضُهُمْ يَجْمَعُهَا مَعَ أَدَاةِ التَّحْدِيثِ، فَيَكْتُبُ قَثَنَا يُرِيدُ، قَالَ حَدَّثَنَا. قَالَ: وَقَدْ تَوَهَّمَ بَعْضُ مَنْ رَآهَا هَكَذَا أَنَّهَا الْوَاوُ الَّتِي تَأْتِي بَعْدَ حَاءِ التَّحْوِيلِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَبَعْضُهُمْ يُفْرِدُهَا فَيَكْتُبُ قَثَنَا وَهَذَا اصْطِلَاحٌ مَتْرُوكٌ. وَقَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: جَرَتِ الْعَادَةُ بِحَذْفِهَا خَطًّا وَلَا بُدَّ مِنَ النُّطْقِ بِهَا حَالَ الْقِرَاءَةِ، وَسَيَأْتِي ذَلِكَ فِي الْفَرْعِ التَّاسِعِ مِنَ النَّوْعِ الْآتِي. (وَإِذَا كَانَ لِلْحَدِيثِ إِسْنَادَانِ أَوْ أَكْثَرُ) وَجَمَعُوا بَيْنَهُمَا فِي مَتْنٍ وَاحِدٍ (كَتَبُوا عِنْدَ الِانْتِقَالِ مِنْ إِسْنَادٍ إِلَى إِسْنَادٍ ح) مُفْرَدَةً مُهْمَلَةً (وَلَمْ يُعْرَفْ بَيَانُهَا) أَيْ بَيَانُ أَمْرِهَا (عَمَّنْ تَقَدَّمَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 520 التَّاسِعَةُ: يَنْبَغِي أَنْ يَكْتُبَ بَعْدَ الْبَسْمَلَةِ اسْمَ الشَّيْخِ وَنَسَبَهُ وَكُنْيَتَهُ ثُمَّ يَسُوقَ الْمَسْمُوعَ، وَيَكْتُبَ فَوْقَ الْبَسْمَلَةِ أَسْمَاءَ السَّامِعِينَ، وَتَارِيخَ السَّمَاعِ، أَوْ يَكْتُبَهُ فِي حَاشِيَةِ أَوَّلِ وَرَقَةٍ أَوْ آخِرِ الْكِتَابِ، أَوْ حَيْثُ لَا يَخْفَى مَنْهُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بِخَطِّ ثِقَةٍ مَعْرُوفِ الْخَطِّ، وَلَا بَأْسَ عِنْدَ هَذَا بِأَنْ لَا يُصَحِّحَ الشَّيْخُ عَلَيْهِ، وَلَا بَأْسَ أَنْ يَكْتُبَ سَمَاعَهُ بِخَطِّ نَفْسِهِ إِذَا كَانَ ثِقَةً كَمَا فَعَلَهُ الثِّقَاتُ، وَعَلَى كَاتِبِ التَّسْمِيعِ التَّحَرِّي وَبَيَانُ السَّامِعِ وَالْمُسْمِعِ وَالْمَسْمُوعِ بِلَفْظٍ وَجِيزٍ غَيْرِ مُحْتَمِلٍ وَمُجَانَبَةُ التَّسَاهُلِ فِيمَنْ يُثْبِتُهُ، وَالْحَذَرُ مِنْ إِسْقَاطِ بَعْضِهِمْ لِغَرَضٍ فَاسِدٍ، فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ فَلَهُ أَنْ يَعْتَمِدَ فِي حُضُورِهِمْ خَبَرَ ثِقَةٍ حَضَرَ، وَمَنَ ثَبَتَ فِي كِتَابِهِ سَمَاعُ غَيْرِهِ فَقَبِيحٌ بِهِ كِتْمَانُهُ وَمَنْعُهُ نَقْلَ سَمَاعِهِ مِنْهُ أَوْ نَسْخَ الْكِتَابِ، وَإِذَا أَعَارَهُ فَلَا يُبْطِئُ عَلَيْهِ، فَإِنْ مَنَعَهُ، فَإِنْ كَانَ سَمَاعُهُ مُثْبَتًا بِرِضَا صَاحِبِ الْكِتَابِ لَزِمَهُ إِعَارَتُهُ وَإِلَّا فَلَا، كَذَا قَالَهُ أَئِمَّةُ مَذَاهِبِهِمْ فِي أَزْمَانِهِمْ، مِنْهُمُ الْقَاضِي حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ الْحَنَفِيُّ، وَإِسْمَاعِيلُ الْقَاضِي الْمَالِكِيُّ وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرِيُّ الشَّافِعِيُّ، وَحَكَمَ بِهِ الْقَاضِيَانِ، وَخَالَفَ فِيهِ بَعْضُهُمْ، وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ، فَإِذَا نَسَخَهُ فَلَا يَنْقُلُ سَمَاعَهُ إِلَى نُسْخَتِهِ إِلَّا بَعْدَ الْمُقَابَلَةِ الْمَرْضِيَّةِ، وَلَا يُنْقَلُ سَمَاعٌ إِلَى نُسْخَةٍ إِلَّا بَعْدَ مُقَابَلَةٍ مَرْضِيَّةٍ إِلَّا أَنْ يُبَيِّنَ كَوْنَهَا غَيْرَ مُقَابَلَةٍ.   [تدريب الراوي] وَكَتَبَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْحُفَّاظِ) كَأَبِي مُسْلِمٍ الْكَجِّيِّ، وَأَبِي عُثْمَانَ الصَّابُونِيِّ (مَوْضِعَهَا صَحَّ فَيُشْعِرُ ذَلِكَ بِأَنَّهَا رَمْزُ صَحَّ) . قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَحَسُنَ إِثْبَاتُ صَحَّ هُنَا ; لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ حَدِيثَ هَذَا الْإِسْنَادِ سَقَطَ، وَلِئَلَّا يَرْكَبَ الْإِسْنَادُ الثَّانِي عَلَى الْإِسْنَادِ الْأَوَّلِ فَيُجْعَلَا إِسْنَادًا وَاحِدًا. (وَقِيلَ) هِيَ حَاءٌ (مِنَ التَّحْوِيلِ مِنْ إِسْنَادٍ إِلَى إِسْنَادٍ، وَقِيلَ) هِيَ حَاءٌ مِنْ حَائِلٍ (لِأَنَّهَا تَحُولُ بَيْنَ إِسْنَادَيْنِ فَلَا تَكُونُ مِنَ الْحَدِيثِ) كَمَا قِيلَ بِذَلِكَ (وَلَا يُلْفَظُ عِنْدَهَا بِشَيْءٍ، وَقِيلَ هِيَ رَمْزٌ إِلَى قَوْلِنَا " الْحَدِيثَ "، وَإِنَّ أَهْلَ الْمَغْرِبِ كُلَّهُمْ يَقُولُونَ إِذَا وَصَلُوا إِلَيْهَا الْحَدِيثَ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ يَقُولُ) عِنْدَ الْوُصُولِ إِلَيْهَا (حَا، وَيَمُرُّ) . [التاسعة ماذا ينبغي في كتابة التسميع] (التَّاسِعَةُ: يَنْبَغِي) فِي كِتَابَةِ التَّسْمِيعِ (أَنْ يَكْتُبَ) الطَّالِبُ (بَعْدَ الْبَسْمَلَةِ اسْمَ الشَّيْخِ) الْمُسْمِعِ (وَنَسَبَهُ وَكُنْيَتَهُ) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 521 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] قَالَ الْخَطِيبُ: وَصُورَةُ ذَلِكَ حَدَّثَنَا أَبُو فُلَانٍ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْفُلَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا فُلَانٌ (ثُمَّ يَسُوقُ الْمَسْمُوعَ) عَلَى لَفْظِهِ. (وَيَكْتُبُ فَوْقَ الْبَسْمَلَةِ أَسْمَاءَ السَّامِعِينَ) ، وَأَنْسَابَهُمْ (وَتَارِيخَ) وَقْتَ (السَّمَاعِ أَوْ يَكْتُبُهُ فِي حَاشِيَةٍ أَوْ وَرَقَةٍ) مِنَ الْكِتَابِ (أَوْ آخِرِ الْكِتَابِ، أَوْ) مَوْضِعٍ آخَرَ (حَيْثُ لَا يَخْفَى مِنْهُ) وَالْأَوَّلُ أَحْوَطُ. قَالَ الْخَطِيبُ: وَإِنْ كَانَ السَّمَاعُ فِي مَجَالِسَ عِدَّةٍ كَتَبَ عِنْدَ انْتِهَاءِ السَّمَاعِ فِي كُلِّ مَجْلِسٍ عَلَامَةَ الْبَلَاغِ. (وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ) ذَلِكَ (بِخَطِّ ثِقَةٍ مَعْرُوفِ الْخَطِّ، وَلَا بَأْسَ) عَلَيْهِ (عِنْدَ هَذَا، بِأَنْ لَا يُصَحِّحَ الشَّيْخُ عَلَيْهِ) أَيْ لَا يَحْتَاجُ حِينَئِذٍ إِلَى كِتَابَةِ الشَّيْخِ خَطَّهُ بِالتَّصْحِيحِ. (وَلَا بَأْسَ أَنْ يَكْتُبَ سَمَاعَهُ بِخَطِّ نَفْسِهِ إِذَا كَانَ ثِقَةً كَمَا فَعَلَهُ الثِّقَاتُ) . قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَقَدْ قَرَأَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَنْدَهْ جُزْءًا عَلَى أَبِي أَحْمَدَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 522 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] الْفَرْضِيِّ وَسَأَلَهُ خَطَّهُ لِيَكُونَ حُجَّةً لَهُ، فَقَالَ لَهُ، يَا بُنَيَّ عَلَيْكَ بِالصِّدْقِ فَإِنَّكَ إِذَا عُرِفْتَ بِهِ لَا يُكَذِّبُكَ أَحَدٌ وَتُصَدَّقُ فِيمَا تَقُولُ وَتَنْقُلُ، وَإِذَا كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ، فَلَوْ قِيلَ لَكَ مَا هَذَا خَطُّ الْفَرْضِيِّ مَاذَا تَقُولُ لَهُمْ؟ (وَعَلَى كَاتِبِ التَّسْمِيعِ التَّحَرِّي) فِي ذَلِكَ وَالِاحْتِيَاطُ، (وَبَيَانُ السَّامِعِ وَالْمُسْمِعِ وَالْمَسْمُوعِ بِلَفْظٍ غَيْرِ مُحْتَمِلٍ، وَمُجَانَبَةُ التَّسَاهُلِ فِيمَنْ يُثْبِتُهُ وَالْحَذَرُ مِنْ إِسْقَاطِ بَعْضِهِمْ) أَيِ السَّامِعِينَ (لِغَرَضٍ فَاسِدٍ) ، فَإِنَّ ذَلِكَ مِمَّا يُؤَدِّيهِ إِلَى عَدَمِ انْتِفَاعِهِ بِمَا سَمِعَ. (فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ) مُثْبِتُ السَّمَاعِ مَا سَمِعَ، (فَلَهُ أَنْ يَعْتَمِدَ) فِي إِثْبَاتِهِ (فِي حُضُورِهِمْ) عَلَى (خَبَرِ ثِقَةٍ حَضَرَ) ذَلِكَ. (وَمَنْ ثَبَتَ فِي كِتَابِهِ سَمَاعُ غَيْرِهِ فَقَبِيحٌ بِهِ كِتْمَانُهُ) إِيَّاهُ، (وَمَنْعُهُ نَقْلَ سَمَاعِهِ) مِنْهُ، (أَوْ نَسْخَ الْكِتَابِ) ، فَقَدْ قَالَ وَكِيعٌ: أَوَّلُ بَرَكَةِ الْحَدِيثِ إِعَارَةُ الْكُتُبِ. وَقَالَ سُفْيَانُ: الثَّوْرِيُّ: مَنْ بَخِلَ بِالْعِلْمِ ابْتُلِيَ بِإِحْدَى ثَلَاثٍ: أَنْ يَنْسَاهُ، أَوْ يَمُوتَ وَلَا يَنْتَفِعَ بِهِ، أَوْ تَذْهَبَ كُتُبُهُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 523 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] قُلْتُ: وَقَدْ ذَمَّ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ مَانِعَ الْعَارِيَةِ بِقَوْلِهِ: {وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} [الماعون: 7] (الْمَاعُونِ: 7) ، وَإِعَارَةُ الْكُتُبِ أَهَمُّ مِنَ الْمَاعُونِ. (وَإِذَا أَعَارَهُ فَلَا يُبْطِئُ عَلَيْهِ) بِكِتَابِهِ إِلَّا بِقَدْرِ حَاجَتِهِ. قَالَ الزُّهْرِيُّ: إِيَّاكَ وَغُلُولَ الْكُتُبِ، وَهُوَ حَبْسُهَا عَنْ أَصْحَابِهَا، وَقَالَ الْفُضَيْلُ: لَيْسَ مِنْ فِعَالِ أَهْلِ الْوَرَعِ وَلَا مِنْ فِعَالِ الْحُكَمَاءِ أَنْ يَأْخُذَ سَمَاعَ رَجُلٍ وَكُتُبَهُ فَيَحْبِسَهُ عَنْهُ، وَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ. (فَإِنَّ مَنْعَهُ) إِعَارَتَهُ (فَإِنْ كَانَ سَمَاعُهُ مُثْبَتًا) فِيهِ (بِرِضَا صَاحِبِ الْكِتَابِ) ، أَوْ بِخَطِّهِ (لَزِمَهُ إِعَارَتُهُ وَإِلَّا فَلَا، كَذَا قَالَهُ أَئِمَّةُ مَذَاهِبِهِمْ فِي أَزْمَانِهِمْ مِنْهُمُ الْقَاضِي حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ الْحَنَفِيُّ) مِنَ الطَّبَقَةِ الْأُولَى مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ (وَإِسْمَاعِيلُ) بْنُ إِسْحَاقَ (الْقَاضِي الْمَالِكِيُّ إِمَامُ أَصْحَابِ مَالِكٍ (وَأَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرِيُّ الشَّافِعِيُّ، وَحَكَمَ بِهِ الْقَاضِيَانِ) الْأَوَّلَانِ. أَمَّا حُكْمُ حَفْصٍ: فَرَوَى الرَّامَهُرْمُزِيُّ، أَنَّ رَجُلًا ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ بِالْكُوفَةِ سَمَاعًا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 524 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] مَنَعَهُ إِيَّاهُ، فَتَحَاكَمَا إِلَيْهِ، فَقَالَ لِصَاحِبِ الْكِتَابِ: أَخْرِجْ إِلَيْنَا كُتُبَكَ فَمَا كَانَ مِنْ سَمَاعِ هَذَا الرَّجُلِ بِخَطِّ يَدِكَ أَلْزَمْنَاكَ، وَمَا كَانَ بِخَطِّهِ أَعْفَيْنَاكَ مِنْهُ. قَالَ الرَّامَهُرْمُزِيُّ: فَسَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرِيَّ عَنْ هَذَا فَقَالَ: لَا يَجِيءُ فِي هَذَا الْبَابِ حُكْمٌ أَحْسَنُ مِنْ هَذَا ; لِأَنَّ خَطَّ صَاحِبِ الْكِتَابِ دَالٌّ عَلَى رِضَاهُ بِاسْتِمَاعِ صَاحِبِهِ مَعَهُ. وَأَمَّا حُكْمُ إِسْمَاعِيلَ، فَرَوَى الْخَطِيبُ أَنَّهُ تُحُوكِمَ إِلَيْهِ فِي ذَلِكَ فَأَطْرَقَ مَلِيًّا ثُمَّ قَالَ لِلْمُدَّعِي عَلَيْهِ: إِنْ كَانَ سَمَاعُهُ فِي كِتَابِكَ بِخَطِّ يَدِكَ فَيَلْزَمُكَ أَنْ تُغَيِّرَهُ. (وَخَالَفَ فِيهِ بَعْضُهُمْ وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ) وَهُوَ الْوُجُوبُ. قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: قَدْ تَعَاضَدَتْ أَقْوَالُ هَذِهِ الْأَئِمَّةِ فِي ذَلِكَ، وَيَرْجِعُ حَاصِلُهَا إِلَى أَنَّ سَمَاعَ غَيْرِهِ إِذَا ثَبَتَ فِي كِتَابِهِ بِرِضَاهُ فَيَلْزَمُهُ إِعَارَتُهُ إِيَّاهُ، قَالَ: وَقَدْ كَانَ لَا يُبَيِّنُ لَهُ وَجْهَهُ، ثُمَّ وَجَّهْتُهُ بِأَنَّ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ شَهَادَةٍ لَهُ عِنْدَهُ، فَعَلَيْهِ أَدَاؤُهَا بِمَا حَوَتْهُ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ بَذْلُ مَالِهِ كَمَا يَلْزَمُ مُتَحَمِّلَ الشَّهَادَةِ أَدَاؤُهَا، وَإِنْ كَانَ فِيهِ بَذْلُ نَفْسِهِ بِالسَّعْيِ إِلَى مَجْلِسِ الْحُكْمِ لِأَدَائِهَا. وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ، عِنْدِي فِي تَوْجِيهِهِ غَيْرُ هَذَا، وَهُوَ أَنَّ مِثْلَ هَذَا مِنَ الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ الَّتِي يُحْتَاجُ إِلَيْهَا، مَعَ حُصُولِ عَلَقَةٍ بَيْنَ الْمُحْتَاجِ وَالْمُحْتَاجِ إِلَيْهِ، تَقْضِي إِلْزَامَهُ بِإِسْعَافِهِ فِي مَقْصِدِهِ. قَالَ وَأَصْلُهُ إِعَارَةُ الْجِدَارِ لِوَضْعِ جُذُوعِ الْجَارِ عَلَيْهِ، وَقَدْ ثَبَتَ ذَلِكَ فِي الصَّحِيحَيْنِ، وَقَالَ بِوُجُوبِ ذَلِكَ جَمْعٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ، فَإِذَا كَانَ يُلْزَمُ الْجَارُ بِالْعَارِيَةِ مَعَ دَوَامِ الْجُذُوعِ فِي الْغَالِبِ، فَلِأَنْ يُلْزَمَ صَاحِبُ الْكِتَابِ مَعَ عَدَمِ دَوَامِ الْعَارِيَةِ أَوْلَى. (فَإِذَا نَسَخَهُ فَلَا يَنْقُلُ سَمَاعَهُ إِلَى نُسْخَتِهِ) ، أَيْ لَا يُثْبِتُهُ عَلَيْهَا (إِلَّا بَعْدَ الْمُقَابَلَةِ الْمَرْضِيَّةِ، وَ) كَذَا (لَا يُنْقَلُ سَمَاعٌ) مَا (إِلَى نُسْخَةٍ، إِلَّا بَعْدَ مُقَابَلَةٍ مَرْضِيَّةٍ) ; لِئَلَّا يَغْتَرَّ بِتِلْكَ النُّسْخَةِ، (إِلَّا أَنْ يُبَيِّنَ كَوْنَهَا غَيْرَ مُقَابَلَةٍ) عَلَى مَا تَقَدَّمَ. [النَّوْعُ السَّادِسُ وَالْعِشْرُونَ صِفَةُ رِوَايَةِ الْحَدِيثِ] [مذاهب العلماء في الرواية] النَّوْعُ السَّادِسُ وَالْعِشْرُونَ: (صِفَةُ رِوَايَةِ الْحَدِيثِ) وَآدَابُهُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ (تَقَدَّمَ جُمَلٌ مِنْهُ فِي النَّوْعَيْنِ قَبْلَهُ وَغَيْرِهِمَا) كَأَلْفَاظِ الْأَدَاءِ (وَقَدْ شَدَّدَ قَوْمٌ فِي الرِّوَايَةِ فَأَفْرَطُوا) أَيْ بَالَغُوا، (وَتَسَاهَلَ) فِيهَا (آخَرُونَ فَفَرَّطُوا) أَيْ قَصَّرُوا. (فَمِنَ الْمُشَدِّدِينَ مَنْ قَالَ: لَا حُجَّةَ إِلَّا فِيمَا رَوَاهُ) الرَّاوِي (مِنْ حِفْظِهِ وَتَذَكُّرِهِ، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 525 النَّوْعُ السَّادِسُ وَالْعِشْرُونَ: صِفَةُ رِوَايَةِ الْحَدِيثِ. تَقَدَّمَ جُمَلٌ مِنْهُ فِي النَّوْعَيْنِ قَبْلَهُ وَغَيْرِهِمَا، وَقَدْ شَدَّدَ قَوْمٌ فِي الرِّوَايَةِ فَأَفْرَطُوا، وَتَسَاهَلَ آخَرُونَ فَفَرَّطُوا، فَمِنَ الْمُشَدِّدِينَ مَنْ قَالَ: لَا حُجَّةَ إِلَّا فِيمَا رَوَاهُ مِنْ حِفْظِهِ وَتَذَكُّرِهِ، رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبَى بَكْرٍ الصَّيْدَلَانِيِّ الشَّافِعِيِّ، وَمِنْهُمْ مَنْ جَوَّزَهَا مِنْ كِتَابِهِ إِلَّا إِذَا خَرَجَ مِنْ يَدِهِ، وَأَمَّا الْمُتَسَاهِلُونَ فَتَقَدَّمَ بَيَانُ جُمَلٍ عَنْهُمْ فِي النَّوْعِ الرَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ، وَمِنْهُمْ قَوْمٌ رَوَوْا مِنْ نُسَخٍ غَيْرِ مُقَابَلَةٍ بِأُصُولِهِمْ فَجَعَلَهُمُ الْحَاكِمُ مَجْرُوحِينَ. قَالَ: وَهَذَا كَثِيرٌ تَعَاطَاهُ قَوْمٌ مِنْ أَكَابِرِ الْعُلَمَاءِ وَالصُّلَحَاءِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي آخِرِ الرَّابِعَةِ مِنَ النَّوْعِ الْمَاضِي أَنَّ النُّسْخَةَ الَّتِي تُقَابَلُ تَجُوزُ الرِّوَايَةُ مِنْهَا بِشُرُوطٍ، فَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْحَاكِمَ يُخَالِفُ فِيهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ إِذَا لَمْ تُوجَدِ الشُّرُوطُ، وَالصَّوَابُ مَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَهُوَ التَّوَسُّطُ، فَإِذَا قَامَ فِي التَّحَمُّلِ وَالْمُقَابَلَةِ بِمَا تَقَدَّمَ جَازَتِ الرِّوَايَةُ مِنْهُ وَإِنْ غَابَ إِذَا كَانَ الْغَالِبُ سَلَامَتَهُ مِنَ التَّغْيِيرِ، لَا سِيَّمَا إِنْ كَانَ مِمَّنْ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ التَّغْيِيرُ غَالِبًا.   [تدريب الراوي] . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 526 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] رُوِيَ) ذَلِكَ (عَنْ مَالِكٍ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي بَكْرٍ الصَّيْدَلَانِيِّ) الْمَرْوَزِيِّ (الشَّافِعِيِّ) ، فَرَوَى الْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ أَشْهَبَ قَالَ سُئِلَ مَالِكٌ، أَيُؤْخَذُ الْعِلْمُ مِمَّنْ لَا يَحْفَظُ حَدِيثَهُ وَهُوَ ثِقَةٌ؟ فَقَالَ: لَا، قِيلَ: فَإِنْ أَتَى بِكُتُبٍ فَقَالَ سَمِعْتُهَا وَهُوَ ثِقَةٌ، فَقَالَ لَا يُؤْخَذُ عَنْهُ، أَخَافُ أَنْ يُزَادَ فِي حَدِيثِهِ بِاللَّيْلِ، يَعْنِي وَهُوَ لَا يَدْرِي. وَعَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ: سَمِعْتُ أَشْهَبَ يَقُولُ: سُئِلَ مَالِكٌ عَنِ الرَّجُلِ الْغَيْرِ فَهِمٍ يُخْرِجُ كِتَابَهُ فَيَقُولُ: هَذَا سَمِعْتُهُ، قَالَ: لَا تَأْخُذْ إِلَّا عَمَّنْ يَحْفَظُ حَدِيثَهُ، أَوْ يَعْرِفُ. وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ مَالِكٍ وَعَنْ أَبِي الزِّنَادِ قَالَ: أَدْرَكْتُ بِالْمَدِينَةِ مِائَةً، كُلُّهُمْ مَأْمُونٌ لَا يُؤْخَذُ عَنْهُمْ شَيْءٌ مِنَ الْحَدِيثِ، يُقَالُ: لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ. وَلَفْظُ مَالِكٍ: لَمْ يَكُونُوا يَعْرِفُونَ مَا يُحَدِّثُونَ، وَهَذَا مَذْهَبٌ شَدِيدٌ، وَقَدِ اسْتَقَرَّ الْعَمَلُ عَلَى خِلَافِهِ، فَلَعَلَّ الرُّوَاةَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِمَّنْ يُوصَفُ بِالْحِفْظِ لَا يَبْلُغُونَ النِّصْفَ. (وَمِنْهُمْ مَنْ جَوَّزَهَا مِنْ كِتَابِهِ إِلَّا إِذَا خَرَجَ مِنْ يَدِهِ) بِالْإِعَارَةِ أَوْ ضَيَاعٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ حِينَئِذٍ مِنْهُ لِجَوَازِ تَغْيِيرِهِ وَهَذَا أَيْضًا تَشْدِيدٌ. (وَأَمَّا الْمُتَسَاهِلُونَ فَتَقَدَّمَ بَيَانُ جُمَلٍ عَنْهُمْ فِي النَّوْعِ الرَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ) فِي وُجُوهِ التَّحَمُّلِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 527 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] (وَمِنْهُمْ قَوْمٌ رَوَوْا مِنْ نُسَخٍ غَيْرِ مُقَابَلَةٍ بِأُصُولِهِمْ، فَجَعَلَهُمُ الْحَاكِمُ مَجْرُوحِينَ، قَالَ: وَهَذَا كَثِيرٌ تَعَاطَاهُ قَوْمٌ مِنْ أَكَابِرِ الْعُلَمَاءِ وَالصُّلَحَاءِ) . وَمِمَّنْ نُسِبَ إِلَيْهِ التَّسَاهُلُ ابْنُ لَهِيعَةَ، كَانَ الرَّجُلُ يَأْتِيهِ بِالْكِتَابِ فَيَقُولُ: هَذَا مِنْ حَدِيثِكَ فَيُحَدِّثُهُ بِهِ مُقَلِّدًا لَهُ. قَالَ الْمُصَنِّفُ زِيَادَةً عَلَى ابْنِ الصَّلَاحِ: (وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي آخِرِ الرَّابِعَةِ مِنَ النَّوْعِ الْمَاضِي أَنَّ النُّسْخَةَ الَّتِي لَمْ تُقَابَلْ تَجُوزُ الرِّوَايَةُ مِنْهَا بِشُرُوطٍ، فَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْحَاكِمَ يُخَالِفُ فِيهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ) بِمَا ذَكَرَهُ (إِذَا لَمْ تُوجَدِ الشُّرُوطُ. وَالصَّوَابُ مَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَهُوَ التَّوَسُّطُ) بَيْنَ الْإِفْرَاطِ وَالتَّفْرِيطِ، فَخَيْرُ الْأُمُورِ الْوَسَطُ، وَمَا عَدَاهُ شَطَطٌ، (فَإِذَا قَامَ) الرَّاوِي (فِي التَّحَمُّلِ وَالْمُقَابَلَةِ) لِكِتَابِهِ (بِمَا تَقَدَّمَ) مِنَ الشُّرُوطِ (جَازَتِ الرِّوَايَةُ مِنْهُ) أَيْ مِنَ الْكِتَابِ (وَإِنْ غَابَ) عَنْهُ (إِذَا كَانَ الْغَالِبُ) عَلَى الظَّنِّ مِنْ أَمْرِهِ (سَلَامَتُهُ مِنَ التَّغْيِيرِ) وَالتَّبْدِيلِ (لَا سِيَّمَا إِنْ كَانَ مِمَّنْ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ التَّغْيِيرُ غَالِبًا) ; لِأَنَّ الِاعْتِمَادَ فِي بَابِ الرِّوَايَةِ عَلَى غَالِبِ الظَّنِّ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 528 فُرُوعٌ: الْأَوَّلُ: الضَّرِيرُ إِذَا لَمْ يَحْفَظْ مَا سَمِعَهُ فَاسْتَعَانَ بِثِقَةٍ فِي ضَبْطِهِ، وَحَفِظَ كِتَابَهُ وَاحْتَاطَ عِنْدَ الْقِرَاءَةِ عَلَيْهِ بِحَيْثُ يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ سَلَامَتُهُ مِنَ التَّغْيِيرِ صَحَّتْ رِوَايَتُهُ، وَهُوَ أَوْلَى بِالْمَنْعِ مِنْ مِثْلِهِ فِي الْبَصِيرِ. قَالَ الْخَطِيبُ: وَالْبَصِيرُ الْأُمِّيُّ كَالضَّرِيرِ. الثَّانِي: إِذَا أَرَادَ الرِّوَايَةَ مِنْ نُسْخَةٍ لَيْسَ فِيهَا سَمَاعُهُ وَلَا هِيَ مُقَابَلَةٌ بِهِ، وَلَكِنْ سُمِعَتْ عَلَى شَيْخِهِ أَوْ فِيهَا سَمَاعُ شَيْخِهِ أَوْ كُتِبَتْ عَنْ شَيْخِهِ وَسَكَنَتْ نَفْسُهُ إِلَيْهَا لَمْ يَجُزِ الرِّوَايَةُ مِنْهَا عِنْدَ عَامَّةِ الْمُحَدِّثِينَ، وَرَخَّصَ فِيهِ أَيُّوبُ السَّخْتِيَانِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ الْبُرْسَانِيُّ. قَالَ الْخَطِيبُ: وَالَّذِي يُوجِبُهُ النَّظَرُ أَنَّهُ مَتَى عَرَفَ أَنَّ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ هِيَ الَّتِي سَمِعَهَا مِنَ الشَّيْخِ جَازَ لَهُ أَنْ يَرْوِيَهَا إِذَا سَكَنَتْ نَفْسُهُ إِلَى صِحَّتِهَا وَسَلَامَتِهَا. هَذَا إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ إِجَازَةٌ عَامَّةٌ مِنْ شَيْخِهِ لِمَرْوِّياتِهِ، أَوْ لِهَذَا الْكِتَابِ فَإِنْ كَانَتْ جَازَ لَهُ الرِّوَايَةُ مِنْهَا، وَلَهُ أَنْ يَقُولَ حَدَّثَنَا وَأَخْبَرَنَا، وَإِنْ كَانَ فِي النُّسْخَةِ سَمَاعُ شَيْخِ شَيْخِهِ وَمَسْمُوعُهُ عَلَى شَيْخِ شَيْخِهِ فَيَحْتَاجُ أَنْ يَكُونَ لَهُ إِجَازَةٌ عَامَّةٌ مِنْ شَيْخِهِ وَمِثْلُهَا مِنْ شَيْخِهِ.   [تدريب الراوي] [فُرُوعٌ تتعلق برواية الحديث] [الْأَوَّلُ رواية الضَّرِيرُ إِذَا لَمْ يَحْفَظْ مَا سَمِعَهُ] (فُرُوعٌ) أَرْبَعَةَ عَشَرَ: (الْأَوَّلُ: الضَّرِيرُ إِذَا لَمْ يَحْفَظْ مَا سَمِعَهُ فَاسْتَعَانَ بِثِقَةٍ فِي ضَبْطِهِ) أَيْ: ضَبْطِ سَمَاعِهِ (وَحِفْظِ كِتَابِهِ) عَنِ التَّغْيِيرِ (وَاحْتَاطَ عِنْدَ الْقِرَاءَةِ عَلَيْهِ بِحَيْثُ يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ سَلَامَتُهُ مِنَ التَّغْيِيرِ صَحَّتْ رِوَايَتُهُ وَهُوَ أَوْلَى بِالْمَنْعِ مِنْ مَثَلِهِ فِي الْبَصِيرِ. (قَالَ الْخَطِيبُ: وَالْبَصِيرُ الْأُمِّيُّ) فِيمَا ذَكَرَ (كَالضَّرِيرِ) ، وَقَدْ مَنَعَ مِنْ رِوَايَتِهِمَا غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ. [الثاني الرِّوَايَةَ مِنْ نُسْخَةٍ لَيْسَ فِيهَا سَمَاعُهُ وَلَا هِيَ مُقَابَلَةٌ بِهِ] (الثَّانِي: إِذَا أَرَادَ الرِّوَايَةَ مِنْ نُسْخَةٍ لَيْسَ فِيهَا سَمَاعُهُ وَلَا هِيَ مُقَابَلَةٌ بِهِ) كَمَا هُوَ الْأَوْلَى فِي ذَلِكَ، (لَكِنْ سُمِعَتَ عَلَى شَيْخِهِ) الَّذِي سَمِعَ هُوَ عَلَيْهِ فِي نُسْخَةٍ خِلَافَهَا، (أَوْ فِيهَا سَمَاعُ شَيْخِهِ) عَلَى الشَّيْخِ الْأَعْلَى (أَوْ كُتِبَتْ عَنْ شَيْخِهِ وَسَكَنَتْ نَفْسُهُ إِلَيْهَا، لَمْ تَجُزْ لَهُ الرِّوَايَةُ مِنْهَا عِنْدَ عَامَّةِ الْمُحَدِّثِينَ) وَقَطَعَ بِهِ ابْنُ الصَّبَّاغِ، لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ فِيهَا رِوَايَةٌ لَيْسَتْ فِي نُسْخَةِ سَمَاعِهِ (وَرَخَّصَ فِيهِ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ الْبُرْسَانِيُّ) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 529 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] (قَالَ الْخَطِيبُ: وَالَّذِي يُوجِبُهُ النَّظَرُ) التَّفْصِيلُ وَهُوَ (أَنَّهُ مَتَى عَرَفَ أَنَّ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ هِيَ الَّتِي سَمِعَهَا مِنَ الشَّيْخِ جَازَ) لَهُ (أَنْ يَرْوِيَهَا) عَنْهُ (إِذَا سَكَنَتْ نَفْسُهُ إِلَى صِحَّتِهَا وَسَلَامَتِهَا) وَإِلَّا فَلَا. قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: (هَذَا إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ إِجَازَةٌ عَامَّةٌ عَنْ شَيْخِهِ لِمَرْوِيَّاتِهِ، أَوْ لِهَذَا الْكِتَابِ، فَإِنْ كَانَتْ جَازَ لَهُ الرِّوَايَةُ مِنْهَا) مُطْلَقًا، إِذْ لَيْسَ فِيهِ أَكْثَرُ مِنْ رِوَايَةِ تِلْكَ الزِّيَادَاتِ بِالْإِجَازَةِ، (وَلَهُ أَنْ يَقُولَ حَدَّثَنَا وَأَخْبَرَنَا) مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ لِلْإِجَازَةِ، وَالْأَمْرُ قَرِيبٌ بِتَسَامُحِ مِثْلِهِ. (وَإِنْ كَانَ فِي النُّسْخَةِ سَمَاعُ شَيْخِ شَيْخِهِ، أَوْ مَسْمُوعُهُ عَلَى شَيْخِ شَيْخِهِ، فَيَحْتَاجُ أَنْ تَكُونَ لَهُ إِجَازَةٌ عَامَّةٌ مِنْ شَيْخِهِ، وَ) يَكُونَ لِشَيْخِهِ إِجَازَةٌ، وَ (مِثْلُهَا مِنْ شَيْخِهِ) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 530 الثَّالِثُ: إِذَا وَجَدَ فِي كِتَابِهِ خِلَافَ حِفْظِهِ، فَإِنْ كَانَ حَفِظَ مِنْهُ رَجَعَ، وَإِنْ كَانَ حَفِظَ مِنْ فَمِ الشَّيْخِ اعْتَمَدَ حِفْظَهُ إِنْ لَمْ يَشُكَّ، وَحَسُنَ أَنْ يَجْمَعَ فَيَقُولَ: حِفْظِي كَذَا وَفِي كِتَابِي كَذَا، وَإِنْ خَالَفَهُ غَيْرُهُ قَالَ: حِفْظِي كَذَا وَقَالَ فِيهِ غَيْرِي أَوْ فُلَانٌ كَذَا، وَإِذَا وَجَدَ سَمَاعَهُ فِي كِتَابِهِ وَلَا يَذْكُرُهُ فَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ، لَا يَجُوزُ رِوَايَتُهُ. وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَكْثَرِ أَصْحَابِهِ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٍ، جَوَازُهَا، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَشَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ السَّمَاعُ بِخَطِّهِ أَوْ خَطِّ مَنْ يَثِقُ بِهِ، وَالْكِتَابُ مَصُونٌ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ سَلَامَتُهُ مِنَ التَّغْيِيرِ، وَتَسْكُنُ إِلَيْهِ نَفْسُهُ، فَإِنَّ شَكَّ لَمْ يَجُزْ.   [تدريب الراوي] [الثَّالِثُ إِذَا وَجَدَ الْحَافِظُ الْحَدِيثَ فِي كِتَابِهِ خِلَافَ مَا فِي حِفْظِهِ] (الثَّالِثُ: إِذَا وَجَدَ) الْحَافِظُ الْحَدِيثَ (فِي كِتَابِهِ خِلَافَ) مَا فِي (حِفْظِهِ، فَإِنْ كَانَ حَفِظَ مِنْهُ رَجَعَ إِلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ حَفِظَ مِنْ فَمِ الشَّيْخِ اعْتَمَدَ حِفْظَهُ إِنْ لَمْ يَشُكَّ، وَحَسُنَ أَنْ يَجْمَعَ) بَيْنَهُمَا فِي رِوَايَةٍ (فَيَقُولَ: حِفْظِي كَذَا وَفِي كِتَابِي كَذَا) هَكَذَا فَعَلَ شُعْبَةُ وَغَيْرُهُ. (وَإِنْ خَالَفَهُ غَيْرُهُ) مِنَ الْحُفَّاظِ فِيمَا يَحْفَظُ (قَالَ: حِفْظِي كَذَا وَقَالَ فِيهِ غَيْرِي، أَوْ فُلَانٌ كَذَا) فَعَلَ ذَلِكَ الثَّوْرِيُّ وَغَيْرُهُ. (وَإِذَا وَجَدَ سَمَاعَهُ فِي كِتَابِهِ وَلَا يَذْكُرُهُ، فَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ لَا يَجُوزُ) لَهُ (رِوَايَتُهُ) حَتَّى يَتَذَكَّرَ. (وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَكْثَرِ أَصْحَابِهِ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ) بْنِ الْحَسَنِ (جَوَازُهَا وَهُوَ الصَّحِيحُ) لِعَمَلِ الْعُلَمَاءِ بِهِ سَلَفًا وَخَلَفًا، وَبَابُ الرِّوَايَةِ عَلَى التَّوْسِعَةِ. (وَشَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ السَّمَاعُ بِخَطِّهِ أَوْ خَطِّ مَنْ يَثِقُ بِهِ وَالْكِتَابُ مَصُونٌ) ، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 531 الرَّابِعُ: إِنْ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِالْأَلْفَاظِ وَمَقَاصِدِهَا، خَبِيرًا بِمَا يُحِيلُ مَعَانِيَهَا لَمْ تَجُزْ لَهُ الرِّوَايَةُ بِالْمَعْنَى بِلَا خِلَافٍ، بَلْ يَتَعَيَّنُ اللَّفْظُ الَّذِي سَمِعَهُ، فَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِذَلِكَ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ وَالْأُصُولِ، لَا تَجُوزُ إِلَّا بِلَفْظِهِ، وَجَوَّزَ بَعْضُهُمْ فِي غَيْرِ حَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ يُجَوَّزْ فِيهِ، وَقَالَ جُمْهُورُ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ مِنَ الطَّوَائِفِ: يَجُوزُ بِالْمَعْنَى فِي جَمِيعِهِ إِذَا قَطَعَ بِأَدَاءِ الْمَعْنَى. وَهَذَا فِي غَيْرِ الْمُصَنَّفَاتِ، وَلَا يَجُوزُ تَغْيِيرُ مُصَنَّفٍ وَإِنْ كَانَ بِمَعْنَاهُ. وَيَنْبَغِي لِلرَّاوِي بِالْمَعْنَى أَنْ يَقُولَ عَقِيبَهُ: أَوْ كَمَا قَالَ أَوْ نَحْوَهُ، أَوْ شِبْهَهُ، أَوْ مَا أَشْبَهَ هَذَا مِنَ الْأَلْفَاظِ. وَإِذَا اشْتَبَهَتْ عَلَى الْقَارِئِ لَفْظَةٌ فَحَسُنَ أَنْ يَقُولَ بَعْدَ قِرَاءَتِهَا عَلَى الشَّكِّ أَوْ كَمَا قَالَ لِتَضَمُّنِهِ إِجَازَةً وَإِذْنًا فِي صَوَابِهَا إِذَا بَانَ.   [تدريب الراوي] بِحَيْثُ (يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ سَلَامَتُهُ مِنَ التَّغْيِيرِ، وَتَسْكُنُ إِلَيْهِ نَفْسُهُ) وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ أَحَادِيثَهُ حَدِيثًا حَدِيثًا، (فَإِنْ شَكَّ) فِيهِ (لَمْ يَجُزْ) لَهُ الِاعْتِمَادُ عَلَيْهِ، وَكَذَا إِنْ لَمْ يَكُنِ الْكِتَابُ بِخَطِّ ثِقَةٍ بِلَا خِلَافٍ. وَعَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ وَالْمِنْهَاجِ كَأَصْلَيْهِمَا عَنِ الشَّرْطِ بِقَوْلِهِ: " مَحْفُوظٌ عِنْدَهُ "، فَأَشْعَرَ بِعَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِظَنِّ سَلَامَتِهِ مِنَ التَّغْيِيرِ. وَتَعَقَّبَهُ الْبُلْقِينِيُّ فِي التَّصْحِيحِ، فَإِنَّ الْمُعْتَمَدَ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا الْعَمَلُ بِمَا يُوجَدُ مِنَ السَّمَاعِ وَالْإِجَازَةِ مُكْتَوِيًا فِي الطِّبَاقِ الَّتِي يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ صِحَّتُهَا، وَإِنْ لَمْ يَتَذَكَّرِ السَّمَاعَ وَلَا الْإِجَازَةَ وَلَمْ تَكُنِ الطَّبَقَةُ مَحْفُوظَةً عِنْدَهُ. انْتَهَى. وَهَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا هُنَا، وَقَدْ مَشَى عَلَيْهِ صَاحِبُ الْحَاوِي الصَّغِيرِ فَقَالَ: وَيُرْوَى بِخَطِّ الْمَحْفُوظِ وَلَمْ تَكُنِ الطَّبَقَةُ مَحْفُوظَةً عِنْدَهُ. [الرَّابِعُ إِذا لَمْ يَكُنِ الرَّاوِي عَالِمًا بِالْأَلْفَاظِ وَمَدْلُولَاتِهَا] (الرَّابِعُ: إِنْ لَمْ يَكُنِ الرَّاوِي عَالِمًا بِالْأَلْفَاظِ) وَمَدْلُولَاتِهَا (وَمَقَاصِدِهَا خَبِيرًا بِمَا يُحِيلُ مَعَانِيَهَا) بَصِيرًا بِمَقَادِيرِ التَّفَاوُتِ بَيْنَهُمَا، (لَمْ تَجُزْ لَهُ الرِّوَايَةُ) لِمَا سَمِعَهُ (بِالْمَعْنَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 532 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] بِلَا خِلَافٍ، بَلْ يَتَعَيَّنُ اللَّفْظُ الَّذِي سَمِعَهُ فَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِذَلِكَ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ وَالْأُصُولِ: لَا يَجُوزُ إِلَّا بِلَفْظِهِ) ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ سِيرِينَ وَثَعْلَبٌ وَأَبُو بَكْرٍ الرَّازِيُّ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ. (وَجَوَّزَ بَعْضُهُمْ فِي غَيْرِ حَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يُجَوَّزْ فِيهِ، وَقَالَ جُمْهُورُ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ مِنَ الطَّوَائِفِ) مِنْهُمُ الْأَئِمَّةُ الْأَرْبَعَةُ: (يَجُوزُ بِالْمَعْنَى فِي جَمِيعِهِ إِذَا قَطَعَ بِأَدَاءِ الْمَعْنَى) ; لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الَّذِي تَشْهَدُ بِهِ أَحْوَالُ الصَحَابَةِ وَالسَّلَفِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ رِوَايَتُهُمُ الْقِصَّةَ الْوَاحِدَةَ بِأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَةٍ. وَقَدْ وَرَدَ فِي الْمَسْأَلَةِ حَدِيثٌ مَرْفُوعٌ رَوَاهُ ابْنُ مَنْدَهْ فِي مَعْرِفَةِ الصَحَابَةِ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ مِنْ حَدِيثِ [يَعْقُوبَ بْنِ] عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ أُكَيْمَةَ اللَّيْثِيِّ [عَنْ أَبِيهِ، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 533 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] عَنْ جَدِّهِ] ، قَالَ: «قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَسْمَعُ مِنْكَ الْحَدِيثَ لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أُؤَدِّيَهُ كَمَا أَسْمَعُ مِنْكَ، أُزِيدُ حَرْفًا أَوْ أُنْقِصُ حَرْفًا، فَقَالَ: إِذَا لَمْ تُحِلُّوا حَرَامًا وَلَمْ تُحَرِّمُوا حَلَالًا وَأَصَبْتُمُ الْمَعْنَى فَلَا بَأْسَ» ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلْحَسَنِ فَقَالَ: لَوْلَا هَذَا مَا حَدَّثْنَا. وَاسْتَدَلَّ لِذَلِكَ الشَّافِعِيُّ بِحَدِيثِ: «أُنْزِلَ الْقُرْآنُ، عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ، فَاقْرَأُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ» ، قَالَ: وَإِذَا كَانَ اللَّهُ بِرَأْفَتِهِ بِخَلْقِهِ أَنْزَلَ كِتَابَهُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ عَلِمْنَا مِنْهُ بِأَنَّ الْكِتَابَ قَدْ نَزَلَ لِتَحِلَّ لَهُمْ قِرَاءَتُهُ وَإِنِ اخْتَلَفَ لَفْظُهُمْ فِيهِ مَا لَمْ يَكُنْ فِي اخْتِلَافِهِمْ إِحَالَةُ مَعْنًى، كَانَ مَا سِوَى كِتَابِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ أَوْلَى أَنْ يَجُوزَ فِيهِ اخْتِلَافُ اللَّفْظِ، مَا لَمْ يُخِلَّ مَعْنَاهُ. وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ مَكْحُولٍ قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا وَأَبُو الْأَزْهَرِ، عَلَى وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ فَقُلْنَا لَهُ: يَا أَبَا الْأَسْقَعِ حَدِّثْنَا بِحَدِيثٍ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمِ لَيْسَ فِيهِ وَهْمٌ وَلَا مَزِيدٌ وَلَا نِسْيَانٌ، فَقَالَ: هَلْ قَرَأَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْقُرْآنِ شَيْئًا؟ فَقُلْنَا: نَعَمْ، وَمَا نَحْنُ لَهُ بِحَافِظِينَ جِدًّا، إِنَّا لَنُزِيدُ الْوَاوَ وَالْأَلِفَ وَنُنْقِصُ، قَالَ: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 534 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] فَهَذَا الْقُرْآنُ مَكْتُوبٌ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ لَا تَأْلُونَهُ حِفْظًا، وَأَنْتُمْ تَزْعُمُونَ أَنَّكُمْ تُزِيدُونَ وَتُنْقِصُونَ، فَكَيْفَ بِأَحَادِيثَ سَمِعْنَاهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَسَى أَنْ لَا نَكُونَ سَمِعْنَاهَا مِنْهُ إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً، حَسْبُكُمْ إِذَا حَدَّثْنَاكُمْ بِالْحَدِيثِ عَلَى الْمَعْنَى. وَأُسْنِدَ أَيْضًا فِي " الْمَدْخَلِ " عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ حُذَيْفَةُ: إِنَّا قَوْمٌ عَرَبٌ نُرَدِّدُ الْأَحَادِيثَ فَنُقَدِّمُ وَنُؤَخِّرُ. وَأُسْنِدَ أَيْضًا عَنْ شُعَيْبِ بْنِ الْحَبْحَابِ قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا وَعَبْدَانُ عَلَى الْحَسَنِ فَقُلْنَا: يَا أَبَا سَعِيدٍ، الرَّجُلُ يُحَدِّثُ بِالْحَدِيثِ فَيُزِيدُ فِيهِ أَوْ يُنْقِصُ مِنْهُ، قَالَ: إِنَّمَا الْكَذِبُ عَلَى مَنْ تَعَمَّدَ ذَلِكَ. وَأُسْنِدَ أَيْضًا عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ يُحَدِّثُ بِأَحَادِيثَ، الْأَصْلُ وَاحِدٌ وَالْكَلَامُ مُخْتَلِفٌ. وَأُسْنِدَ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ قَالَ: كَانَ الْحَسَنُ وَإِبْرَاهِيمُ وَالشَّعْبِيُّ يَأْتُونَ بِالْحَدِيثِ عَلَى الْمَعَانِي، وَكَانَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَابْنُ سِيرِينَ وَرَجَاءُ بْنُ حَيْوَةَ يُعِيدُونَ الْحَدِيثَ عَلَى حُرُوفِهِ. وَأُسْنِدَ عَنْ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ: سَأَلْنَا الزُّهْرِيَّ عَنِ التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ فِي الْحَدِيثِ فَقَالَ: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 535 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] إِنَّ هَذَا يَجُوزُ فِي الْقُرْآنِ، فَكَيْفَ بِهِ فِي الْحَدِيثِ؟ إِذَا أَصَبْتَ مَعْنَى الْحَدِيثِ فَلَمْ تُحِلَّ بِهِ حَرَامًا وَلَمْ تُحَرِّمْ بِهِ حَلَالًا فَلَا بَأْسَ. وَأُسْنِدَ عَنْ سُفْيَانَ قَالَ: كَانَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ يُحَدِّثُ بِالْحَدِيثِ عَلَى الْمَعْنَى، وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْسَرَةَ لَا يُحَدِّثُ إِلَّا عَلَى مَا سَمِعَ، وَأُسْنِدَ عَنْ وَكِيعٍ قَالَ: إِنْ لَمْ يَكُنِ الْمَعْنَى وَاسِعًا فَقَدْ هَلَكَ النَّاسُ. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: وَمِنْ أَقْوَى حُجَجِهِمُ الْإِجْمَاعُ عَلَى جَوَازِ شَرْحِ الشَّرِيعَةِ لِلْعَجَمِ بِلِسَانِهَا لِلْعَارِفِ بِهِ، فَإِذَا جَازَ الْإِبْدَالُ بِلُغَةٍ أُخْرَى، فَجَوَازُهُ بِاللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ أَوْلَى. وَقِيلَ: إِنَّمَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِلصَحَّابَةِ دُونَ غَيْرِهِمْ، وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي أَحْكَامِ الْقُرْآنِ، قَالَ: لِأَنَّا لَوْ جَوَّزْنَاهُ لِكُلِّ أَحَدٍ لَمَا كُنَّا عَلَى ثِقَةٍ مِنَ الْأَخْذِ بِالْحَدِيثِ، وَالصَحَابَةُ اجْتَمَعَ فِيهِمْ أَمْرَانِ: الْفَصَاحَةُ وَالْبَلَاغَةُ جِبِلَّةً، وَمُشَاهَدَةُ أَقْوَالِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَفْعَالِهِ، فَأَفَادَتْهُمُ الْمُشَاهِدَةُ عَقْلَ الْمَعْنَى جُمْلَةً وَاسْتِيفَاءَ الْمَقْصُودِ كُلِّهِ. وَقِيلَ: يُمْنَعُ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيَجُوزُ فِي غَيْرِهِ، حَكَاهُ ابْنُ الصَّلَاحِ، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي " الْمَدْخَلِ " عَنْ مَالِكٍ، وَرُوِيَ عَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ كَانَ يَتَحَفَّظُ مِنَ الْبَاءِ وَالْيَاءِ وَالثَّاءِ، فِي حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 536 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَرُوِيَ عَنِ الْخَلِيلِ بْنِ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ أَيْضًا. وَاسْتَدَلَّ لَهُ بِقَوْلِهِ: «رُبَّ مُبَلِّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ» فَإِذَا رَوَاهُ بِالْمَعْنَى فَقَدْ أَزَالَ عَنْ مَوْضِعِهِ مَعْرِفَةُ مَا فِيهِ. وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: إِنْ نَسِيَ اللَّفْظَ جَازَ، لِأَنَّهُ تَحَمَّلَ اللَّفْظَ وَالْمَعْنَى، وَعَجَزَ عَنْ أَدَاءِ أَحَدِهِمَا فَيَلْزَمُهُ أَدَاءُ الْآخَرِ، لَا سِيَّمَا أَنَّ تَرْكَهُ قَدْ يَكُونُ كَتْمًا لِلْأَحْكَامِ، فَإِنْ لَمْ يَنْسَهْ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُورِدَهُ بِغَيْرِهِ ; لِأَنَّ فِي كَلَامِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْفَصَاحَةِ مَا لَيْسَ فِي غَيْرِهِ، وَقِيلَ عَكْسُهُ، وَهُوَ الْجَوَازُ لِمَنْ يَحْفَظِ اللَّفْظَ لِيَتَمَكَّنَ مِنَ التَّصَرُّفِ فِيهِ دُونَ مَنْ نَسِيَهُ، وَقَالَ الْخَطِيبُ: يَجُوزُ بِإِزَاءِ مُرَادِفٍ. قِيلَ: إِنْ كَانَ مُوجِبُهُ عِلْمًا جَازَ لِأَنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَى مَعْنَاهُ، وَلَا تَجِبُ مُرَاعَاةُ اللَّفْظِ، وَإِنْ كَانَ عَمَلًا لَمْ يَجُزْ. وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: يَنْبَغِي سَدُّ بَابِ الرِّوَايَةِ بِالْمَعْنَى، لِئَلَّا يَتَسَلَّطَ مَنْ لَا يُحْسِنُ مِمَّنْ يَظُنُّ أَنَّهُ يُحْسِنُ، كَمَا وَقَعَ لِلرُّوَاةِ كَثِيرًا قَدِيمًا وَحَدِيثًا، وَعَلَى الْجَوَازِ، الْأَوْلَى إِيرَادُ الْحَدِيثِ بِلَفْظِهِ دُونَ التَّصَرُّفِ فِيهِ، وَلَا شَكَّ فِي اشْتِرَاطِ أَنْ لَا يَكُونَ مِمَّا تَعَبَّدَ بِلَفْظِهِ. قَدْ صَرَّحَ بِهِ هَنَا الزَّرْكَشِيُّ، وَإِلَيْهِ يُرْشِدُ كَلَامُ الْعِرَاقِيِّ الْآتِي فِي إِبْدَالِ الرَّسُولِ بِالنَّبِيِّ وَعَكْسِهِ، وَعِنْدِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ مِنْ جَوَامِعِ الْكَلِمِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 537 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] (وَهَذَا) الْخِلَافُ إِنَّمَا يَجْرِي (فِي غَيْرِ الْمُصَنَّفَاتِ، وَلَا يَجُوزُ تَغْيِيرُ) شَيْءٍ مِنْ (مُصَنَّفٍ) وَإِبْدَالُهُ بِلَفْظٍ آخَرَ (وَإِنْ كَانَ بِمَعْنَاهُ) قَطْعًا لِأَنَّ الرِّوَايَةَ بِالْمَعْنَى رَخَّصَ فِيهَا مَنْ رَخَّصَ، لِمَا كَانَ عَلَيْهِمْ فِي ضَبْطِ الْأَلْفَاظِ مِنَ الْحَرَجِ، وَذَلِكَ غَيْرُ مَوْجُودٍ فِيمَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ الْكُتُبُ ; وَلِأَنَّهُ إِنْ مَلَكَ تَغْيِيرَ اللَّفْظِ فَلَيْسَ يَمْلِكُ تَغْيِيرَ تَصْنِيفِ غَيْرِهِ. (وَيَنْبَغِي لِلرَّاوِي بِالْمَعْنَى أَنْ يَقُولَ عَقِيبَهُ: أَوْ كَمَا قَالَ، أَوْ نَحْوَهُ، أَوْ شِبْهَهُ، أَوْ مَا أَشْبَهَ هَذَا مِنَ الْأَلْفَاظِ) وَقَدْ كَانَ قَوْمٌ مِنَ الصَحَابَةِ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ، وَهُمْ أَعْلَمُ النَّاسِ بِمَعَانِي الْكَلَامِ خَوْفًا مِنَ الزَّلَلِ لِمَعْرِفَتِهِمْ بِمَا فِي الرِّوَايَةِ بِالْمَعْنَى مِنَ الْخَطَرِ. رَوَى ابْنُ مَاجَهْ وَأَحْمَدُ وَالْحَاكِمُ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ يَوْمًا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاغْرَوْرَقَتْ عَيْنَاهُ وَانْتَفَخَتْ أَوْدَاجُهُ، ثُمَّ قَالَ: أَوْ مِثْلَهُ أَوْ نَحْوَهُ أَوْ شَبِيهٌ بِهِ. وَفِي مُسْنَدِ الدَّارِمَيِّ وَالْكِفَايَةِ لِلْخَطِيبِ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ: أَنَّهُ كَانَ إِذَا حَدَّثَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أَوْ نَحْوَهُ أَوْ شِبْهَهُ. وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ وَأَحْمَدُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّهُ كَانَ إِذَا حَدَّثَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَفَرَغَ، قَالَ: أَوْ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 538 الْخَامِسُ: اخْتُلِفَ فِي رِوَايَةِ بَعْضِ الْحَدِيثِ الْوَاحِدِ دُونَ بَعْضٍ، فَمَنَعَهُ بَعْضُهُمْ مُطْلَقًا بِنَاءً عَلَى مَنْعِ الرِّوَايَةِ بِالْمَعْنَى، وَمَنَعَهُ بَعْضُهُمْ مَعَ تَجْوِيزِهَا بِالْمَعْنَى إِذَا لَمْ يَكُنْ رَوَاهُ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ بِتَمَامِهِ قَبْلَ هَذَا، وَجَوَّزَهُ بَعْضُهُمْ مُطْلَقًا. وَالصَّحِيحُ التَّفْصِيلُ، وَجَوَازُهُ مِنَ الْعَارِفِ إِذَا كَانَ مَا تَرَكَهُ غَيْرَ مُتَعَلِّقٍ بِمَا رَوَاهُ بِحَيْثُ لَا يَخْتَلُّ الْبَيَانُ وَلَا تَخْتَلِفُ الدَّلَالَةُ بِتَرْكِهِ، وَسَوَاءٌ جَوَّزْنَاهَا بِالْمَعْنَى أَمْ لَا، رَوَاهُ قَبْلُ تَامًّا أَمْ لَا. هَذَا إِنِ ارْتَفَعَتْ مَنْزِلَتُهُ عَنِ التُّهْمَةِ، فَأَمَّا مَنْ رَوَاهُ تَامًّا فَخَافَ إِنْ رَوَاهُ ثَانِيًا نَاقِصًا أَنْ يُتَّهَمَ بِزِيَادَةٍ أَوَّلًا أَوْ نِسْيَانٍ لِغَفْلَةٍ وَقِلَّةِ ضَبْطٍ ثَانِيًا فَلَا يَجُوزُ لَهُ النُّقْصَانُ ثَانِيًا وَلَا ابْتِدَاءً إِنْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ، وَأَمَّا تَقْطِيعُ الْمُصَنِّفِ الْحَدِيثَ فِي الْأَبْوَابِ فَهُوَ إِلَى الْجَوَازِ أَقْرَبُ. قَالَ الشَّيْخُ: وَلَا يَخْلُو مِنْ كَرَاهَةٍ، وَمَا أَظُنُّهُ يُوَافَقُ عَلَيْهِ.   [تدريب الراوي] (وَإِذَا اشْتَبَهَتْ عَلَى الْقَارِئِ لَفْظَةٌ فَحَسَنٌ أَنْ يَقُولَ بَعْدَ قِرَاءَتِهَا عَلَى الشَّكِّ أَوْ كَمَا قَالَ لِتَضَمُّنِهِ إِجَازَةً) مِنَ الشَّيْخِ، (وَإِذْنًا فِي) رِوَايَةِ (صَوَابِهَا) عَنْهُ (إِذَا بَانَ) . قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: ثُمَّ لَا يُشْتَرَطُ إِفْرَادُ ذَلِكَ فِي الْإِجَازَةِ كَمَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا. [الْخَامِسُ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي رِوَايَةِ بَعْضِ الْحَدِيثِ الْوَاحِدِ دُونَ بَعْضٍ] (الْخَامِسُ: اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي رِوَايَةِ بَعْضِ الْحَدِيثِ الْوَاحِدِ دُونَ بَعْضٍ) وَهُوَ الْمُسَمَّى بِاخْتِصَارِ الْحَدِيثِ (فَمَنَعَهُ بَعْضُهُمْ مُطْلَقًا بِنَاءً عَلَى مَنْعِ الرِّوَايَةِ بِالْمَعْنَى، وَمَنَعَهُ بَعْضُهُمْ مَعَ تَجْوِيزِهَا بِالْمَعْنَى إِذَا لَمْ يَكُنْ رَوَاهُ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ بِتَمَامِهِ قَبْلَ هَذَا) وَإِنْ رَوَاهُ هُوَ مَرَّةً أُخْرَى أَوْ غَيْرُهُ عَلَى التَّمَامِ جَازَ (وَجَوَّزَهُ بَعْضُهُمْ مُطْلَقًا) . قِيلَ: وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إِذَا لَمْ يَكُنِ الْمَحْذُوفُ مُتَعَلِّقًا بِالْمَأْتِيِّ بِهِ، تَعَلُّقًا يُخِلُّ بِالْمَعْنَى حَذْفُهُ، كَالِاسْتِثْنَاءِ وَالشَّرْطِ وَالْغَايَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَالْأَمْرِ كَذَلِكَ، فَقَدْ حَكَى الصَّفِّيُّ الْهِنْدِيُّ الِاتِّفَاقَ عَلَى الْمَنْعِ حِينَئِذٍ. (وَالصَّحِيحُ التَّفْصِيلُ) وَهُوَ الْمَنْعُ مِنْ غَيْرِ الْعَالِمِ (وَجَوَازُهُ مِنَ الْعَارِفِ إِذَا كَانَ مَا تَرَكَهُ) مُتَمَيِّزًا عَمَّا نَقَلَهُ (غَيْرَ مُتَعَلِّقٍ بِمَا رَوَاهُ، بِحَيْثُ لَا يَخْتَلُّ الْبَيَانُ وَلَا تَخْتَلِفُ الدَّلَالَةُ) فِيمَا نَقَلَهُ (بِتَرْكِهِ، وَ) عَلَى هَذَا يَجُوزُ ذَلِكَ (سَوَاءٌ جَوَّزْنَاهَا بِالْمَعْنَى، أَمْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 539 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] لَا) سَوَاءٌ (رَوَاهُ قَبْلُ تَامًّا أَمْ لَا) ; لِأَنَّ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ خَبِرَيْنِ مُنْفَصِلَيْنِ. وَقَدْ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ فِي " الْمَدْخَلِ " عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ قَالَ: عَلَّمَنَا سُفْيَانُ اخْتِصَارَ الْحَدِيثِ. (هَذَا إِنِ ارْتَفَعَتْ مَنْزِلَتُهُ عَنِ التُّهْمَةِ، فَأَمَّا مَنْ رَوَاهُ) مَرَّةً (تَامًّا فَخَافَ إِنْ رَوَاهُ ثَانِيًا نَاقِصًا أَنْ يُتَّهَمَ بِزِيَادَةٍ) فِيمَا رَوَاهُ (أَوَّلًا أَوْ نِسْيَانٍ لِغَفْلَةٍ وَقِلَّةِ ضَبْطٍ) فِيمَا رَوَاهُ (ثَانِيًا فَلَا يَجُوزُ لَهُ النُّقْصَانُ ثَانِيًا وَلَا ابْتِدَاءً إِنْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ) أَدَاءُ تَمَامِهِ، لِئَلَّا يَخْرُجَ بِذَلِكَ بَاقِيهِ عَنِ الِاحْتِجَاجِ بِهِ. قَالَ سَلِيمٌ: فَإِنْ رَوَاهُ أَوَّلًا نَاقِصًا ثُمَّ أَرَادَ رِوَايَتَهُ تَامًّا، وَكَانَ مِمَّنْ يُتَّهَمُ بِالزِّيَادَةِ كَانَ ذَلِكَ عُذْرًا لَهُ فِي تَرْكِهَا وَكِتْمَانِهَا. (وَأَمَّا تَقْطِيعُ الْمُصَنِّفِ الْحَدِيثَ) الْوَاحِدِ (فِي الْأَبْوَابِ) بِحَسَبِ الِاحْتِجَاجِ بِهِ فِي الْمَسَائِلِ كُلِّ مَسْأَلَةٍ عَلَى حِدَةٍ (فَهُوَ إِلَى الْجَوَازِ أَقْرَبُ) وَمِنَ الْمَنْعِ أَبْعَدُ. (قَالَ الشَّيْخُ) ابْنُ الصَّلَاحِ: (وَلَا يَخْلُو مِنْ كَرَاهَةٍ) ، وَعَنْ أَحْمَدَ: يَنْبَغِي أَنْ لَا يَفْعَلَ، حَكَاهُ عَنْهُ الْخَلَّالُ. قَالَ الْمُصَنِّفُ: (وَمَا أَظُنُّهُ يُوَافَقُ عَلَيْهِ) فَقَدْ فَعَلَهُ الْأَئِمَّةُ مَالِكٌ، وَالْبُخَارِيُّ، وَأَبُو الجزء: 1 ¦ الصفحة: 540 السِّادِسُ: يَنْبَغِي أَنْ لَا يَرْوِيَ بِقِرَاءَةِ لَحَّانٍ أَوْ مُصَحِّفٍ وَعَلَى طَالِبِ الْحَدِيثِ أَنْ يَتَعَلَّمَ مِنَ النَّحْوِ وَاللُّغَةِ مَا يَسْلَمُ بِهِ مِنَ اللَّحْنِ وَالتَّصْحِيفِ وَطَرِيقُهُ فِي السَّلَامَةِ مِنَ التَّصْحِيفِ الْأَخْذُ مِنْ أَفْوَاهِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ وَالتَّحْقِيقِ، وَإِذَا وَقَعَ فِي رِوَايَتِهِ لَحْنٌ أَوْ تَحْرِيفٌ، فَقَدْ قَالَ ابْنُ سِيرِينَ، وَابْنُ سَخْبَرَةَ: يَرْوِيهِ كَمَا سَمِعَهُ. وَالصَّوَابُ وَقَوْلُ الْأَكْثَرِينَ يَرْوِيهِ عَلَى الصَّوَابِ، وَأَمَّا إِصْلَاحُهُ فِي الْكِتَابِ فَجَوَّزَهُ بَعْضُهُمْ وَالصَّوَابُ تَقْرِيرُهُ فِي الْأَصْلِ عَلَى حَالِهِ مَعَ التَّضْبِيبِ عَلَيْهِ وَبَيَانِ الصَّوَابِ فِي الْحَاشِيَةِ ثُمَّ الْأَوْلَى عِنْدَ السَّمَاعِ أَنْ يَقْرَأَهُ عَلَى الصَّوَابِ، ثُمَّ يَقُولَ فِي رِوَايَتِنَا أَوْ عِنْدَ شَيْخِنَا أَوْ مِنْ طَرِيقِ فُلَانٍ كَذَا، وَلَهُ أَنْ يَقْرَأَ مَا فِي الْأَصْلِ ثُمَّ يَذْكُرَ الصَّوَابَ، وَأَحْسَنُ الْإِصْلَاحِ بِمَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ أَوْ حَدِيثٍ آخَرَ. وَإِنْ كَانَ الْإِصْلَاحُ بِزَيَادَةِ سَاقِطٍ فَإِنْ لَمْ يُغَايِرْ مَعْنَى الْأَصْلِ فَهُوَ عَلَى مَا سَبَقَ وَإِنْ غَايَرَ تَأَكَّدَ الْحُكْمُ بِذِكْرِ الْأَصْلِ مَقْرُونًا بِالْبَيَانِ، فَإِنْ عَلِمَ أَنَّ بَعْضَ الرُّوَاةِ أَسْقَطَهُ وَحْدَهُ فَلَهُ أَيْضًا أَنْ يُلْحِقَهُ فِي نَفْسِ الْكِتَابِ مَعَ كَلِمَةِ يَعْنِي، هَذَا إِذَا عَلِمَ أَنَّ شَيْخَهُ رَوَاهُ عَلَى الْخَطَأِ، فَأَمَّا إِنْ رَوَاهُ فِي كِتَابِ نَفْسِهِ وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ مِنْ كِتَابِهِ لَا مِنْ شَيْخِهِ فَيَتَّجِهُ إِصْلَاحُهُ فِي كِتَابِهِ وَرِوَايَتِهِ. كَمَا إِذَا دَرَسَ مِنْ كِتَابِهِ بَعْضَ الْإِسْنَادِ أَوِ الْمَتْنِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ اسْتِدْرَاكُهُ مِنْ كِتَابِ غَيْرِهِ إِذَا عَرَفَ صِحَّتَهُ وَسَكَنَتْ نَفْسُهُ إِلَى أَنَ ذَلِكَ هُوَ السَّاقِطُ كَذَا قَالَهُ أَهْلُ التَّحْقِيقِ، وَمَنَعَهُ بَعْضُهُمْ، وَبَيَانُهُ حَالَ الرِّوَايَةِ أَوْلَى: وَهَكَذَا الْحُكْمُ فِي اسْتِثْبَاتِ الْحَافِظِ مَا شَكَّ فِيهِ مِنْ كِتَابِ غَيْرِهِ أَوْ حِفْظِهِ فَإِنْ وَجَدَ فِي كِتَابِهِ كَلِمَةً غَيْرَ مَضْبُوطَةٍ أُشْكِلَتْ عَلَيْهِ جَازَ أَنْ يَسْأَلَ عَنْهَا الْعُلَمَاءَ بِهَا وَيَرْوِيَهَا عَلَى مَا يُخْبِرُونَهُ.   [تدريب الراوي] دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. تَنْبِيهٌ: قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: يَجُوزُ حَذْفُ زِيَادَةٍ مَشْكُوكٍ فِيهَا بِلَا خِلَافٍ، وَكَانَ مَالِكٌ يَفْعَلُهُ كَثِيرًا تَوَرُّعًا، بَلْ كَانَ يَقْطَعُ إِسْنَادَ الْحَدِيثِ إِذَا شَكَّ فِي وَصْلِهِ. قَالَ: وَمَحَلُّ ذَلِكَ زِيَادَةٌ لَا تَعَلُّقَ لِلْمَذْكُورِ بِهَا، فَإِنْ تَعَلَّقَ ذَكَرَهَا مَعَ الشَّكِّ، كَحَدِيثِ الْعَرَايَا فِي خَمْسَةِ أَوْسُقٍ أَوْ دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ. فَائِدَةٌ: يَجُوزُ فِي كِتَابَةِ الْأَطْرَافِ الِاكْتِفَاءُ بِبَعْضِ الْحَدِيثِ مُطْلَقًا، وَإِنْ لَمْ يَفِدْ. [السِّادِسُ يَنْبَغِي للشيخ أَنْ لَا يَرْوِيَ بِقِرَاءَةِ لَحَّانٍ أَوْ مُصَحِّفٍ] (السَّادِسُ: يَنْبَغِي) لِلشَّيْخِ (أَنْ لَا يَرْوِيَ) حَدِيثَهُ (بِقِرَاءَةِ لَحَّانٍ، أَوْ مُصَحِّفٍ) ، فَقَدْ قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَى طَالِبِ الْعِلْمِ إِذَا لَمْ يَعْرِفِ النَّحْوَ أَنْ يَدْخُلَ فِي جُمْلَةِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ» ، لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يُلْحِنُ، فَمَهْمَا رَوَيْتَ عَنْهُ وَلَحَنْتَ فِيهِ كَذَبْتَ عَلَيْهِ. وَشَكَا سِيبَوَيْهِ حَمَّادَ بْنَ سَلَمَةَ إِلَى الْخَلِيلِ فَقَالَ لَهُ: سَأَلْتُهُ عَنْ حَدِيثِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ فِي رَجُلٍ رَعُفَ فَانْتَهَرَنِي، وَقَالَ: أَخْطَأْتَ إِنَّمَا هُوَ رَعَفَ بِفَتْحِ الْعَيْنِ، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 541 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] فَقَالَ الْخَلِيلُ: صَدَقَ أَتَلَقَّى بِهَذَا الْكَلَامِ أَبَا سَلَمَةَ. (وَعَلَى طَالِبِ الْحَدِيثِ أَنْ يَتَعَلَّمَ مِنَ النَّحْوِ وَاللُّغَةِ مَا يَسْلَمُ بِهِ مِنَ اللَّحْنِ وَالتَّصْحِيفِ) . رَوَى الْخَطِيبُ عَنْ شُعْبَةَ قَالَ: مَنْ طَلَبَ الْحَدِيثَ وَلَمْ يُبْصِرِ الْعَرَبِيَّةَ كَمَثَلِ رَجُلٍ عَلَيْهِ بُرْنُسٌ وَلَيْسَ لَهُ رَأْسٌ. وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ قَالَ: مَثَلُ الَّذِي يَطْلُبُ الْحَدِيثَ وَلَا يَعْرِفُ النَّحْوَ مَثَلُ الْحِمَارِ عَلَيْهِ مِخْلَاةٌ وَلَا شَعِيرَ فِيهَا. وَرَوَى الْخَلِيلِيُّ فِي الْإِرْشَادِ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: جَاءَ عَبْدُ الْعَزِيزِ الدَّرَاوَرْدِيُّ فِي جَمَاعَةٍ إِلَى أَبِي لِيَعْرِضُوا عَلَيْهِ كِتَابًا، فَقَرَأَ لَهُمُ الدَّرَاوَرْدِيُّ، وَكَانَ رَدِيءَ اللِّسَانِ يُلْحِنُ [قَبِيحًا] ، فَقَالَ أَبِي: وَيْحَكَ يَا دَرَاوَرْدِيُّ! أَنْتَ كُنْتَ إِلَى إِصْلَاحِ لِسَانِكَ قَبْلَ النَّظَرِ فِي هَذَا الشَّأْنِ أَحْوَجُ مِنْكَ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ. (وَطَرِيقُهُ فِي السَّلَامَةِ مِنَ التَّصْحِيفِ الْأَخْذُ مِنْ أَفْوَاهِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ وَالتَّحْقِيقِ) وَالضَّبْطِ عَنْهُمْ لَا مِنْ بُطُونِ الْكُتُبِ. (وَإِذَا وَقَعَ فِي رِوَايَتِهِ لَحْنٌ أَوْ تَحْرِيفٌ فَقَدْ قَالَ ابْنُ سِيرِينَ، وَ) عَبْدُ اللَّهِ (بْنُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 542 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] سَخْبَرَةَ) وَأَبُو مَعْمَرٍ وَأَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَامٍ فِيمَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْهُمَا (يَرْوِيهِ) عَلَى الْخَطَأِ (كَمَا سَمِعَهُ) . قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَهَذَا غُلُوٌّ فِي اتِّبَاعِ اللَّفْظِ، وَالْمَنْعُ مِنَ الرِّوَايَةِ بِالْمَعْنَى. (وَالصَّوَابُ وَقَوْلُ الْأَكْثَرِينَ) مِنْهُمُ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّعْبِيُّ وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَعَطَاءٌ وَهَمَّامٌ وَالنَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ: أَنَّهُ (يَرْوِيهِ عَلَى الصَّوَابِ) لَا سِيَّمَا فِي اللَّحْنِ الَّذِي لَا يَخْتَلِفُ الْمَعْنَى بِهِ، وَاخْتَارَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ تَرْكَ الْخَطَأِ وَالصَّوَابِ أَيْضًا، حَكَاهُ عَنْهُ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ، أَمَّا الصَّوَابُ فَإِنَّهُ لَمْ يُسْمَعْ كَذَلِكَ. وَأَمَّا الْخَطَأُ فَلِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَقُلْهُ كَذَلِكَ. (وَأَمَّا إِصْلَاحُهُ فِي الْكِتَابِ) وَتَغْيِيرُ مَا وَقَعَ فِيهِ (فَجَوَّزَهُ بَعْضُهُمْ) أَيْضًا، (وَالصَّوَابُ تَقْرِيرُهُ فِي الْأَصْلِ عَلَى حَالِهِ، مَعَ التَّضْبِيبِ عَلَيْهِ، وَبَيَانِ الصَّوَابِ فِي الْحَاشِيَةِ) كَمَا تَقَدَّمَ، فَإِنَّ ذَلِكَ أَجْمَعَ لِلْمَصْلَحَةِ وَأَنْفَى لِلْمَفْسَدَةِ، وَقَدْ يَأْتِي مَنْ يَظْهَرُ لَهُ وَجْهُ صِحَّتِهِ، وَلَوْ فُتِحَ بَابُ التَّغْيِيرِ لَجَسَرَ عَلَيْهِ مَنْ لَيْسَ بِأَهْلٍ. (ثُمَّ الْأَوْلَى عِنْدَ السَّمَاعِ أَنْ يَقْرَأَهُ) أَوَّلًا (عَلَى الصَّوَابِ ثُمَّ يَقُولَ) وَقَعَ (فِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 543 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] رِوَايَتِنَا أَوْ عِنْدَ شَيْخِنَا أَوْ مِنْ طَرِيقِ فُلَانٍ كَذَا وَلَهُ أَنْ يَقْرَأَ مَا فِي الْأَصْلِ) أَوَّلًا، (ثُمَّ يَذْكُرَ الصَّوَابَ) وَإِنَّمَا كَانَ الْأَوَّلُ أَوْلَى، كَيْلَا يَتَقَوَّلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا لَمْ يَقُلْ. (وَأَحْسَنُ الْإِصْلَاحِ) أَنْ يَكُونَ (بِمَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ) أُخْرَى، (أَوْ حَدِيثٍ آخَرَ) فَإِنْ ذَاكَرَهُ أَمِنَ مِنَ التَّقَوُّلِ الْمَذْكُورِ. (وَإِنْ كَانَ الْإِصْلَاحُ بِزِيَادَةِ السَّاقِطِ) مِنَ الْأَصْلِ، (فَإِنْ لَمْ يُغَايِرْ مَعْنَى الْأَصْلِ فَهُوَ عَلَى مَا سَبَقَ) . كَذَا عَبَّرَ ابْنُ الصَّلَاحِ أَيْضًا، وَعِبَارَةُ الْعِرَاقِيِّ: فَلَا بَأْسَ بِإِلْحَاقِهِ فِي الْأَصْلِ مِنْ غَيْرِ تَنْبِيهٍ عَلَى سُقُوطِهِ، بِأَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ سَقَطَ فِي الْكِتَابَةِ، كَلَفْظَةِ ابْنٍ فِي النَّسَبِ، وَكَحَرْفٍ لَا يَخْتَلِفُ الْمَعْنَى بِهِ. وَقَدْ سَأَلَ أَبُو دَاوُدَ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فَقَالَ: وُجَدْتُ فِي كِتَابِي حَجَّاجٍ عَنْ جُرَيْجٍ، يَجُوزُ لِي أَنْ أُصْلِحَهُ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَرْجُو أَنْ يَكُونَ هَذَا لَا بَأْسَ بِهِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 544 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَقِيلَ لِمَالِكٍ: أَرَأَيْتَ حَدِيثَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُزَادُ فِيهِ الْوَاوُ وَالْأَلِفُ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ، فَقَالَ أَرْجُو أَنْ يَكُونَ خَفِيفًا. (وَإِنْ غَايَرَ) السَّاقِطُ مَعْنَى مَا وَقَعَ فِي الْأَصْلِ (تَأَكَّدَ الْحُكْمُ بِذِكْرِ الْأَصْلِ مَقْرُونًا بِالْبَيَانِ) لِمَا سَقَطَ، (فَإِنْ عَلِمَ أَنَّ بَعْضَ الرُّوَاةِ) لَهُ (أَسْقَطَهُ وَحْدَهُ) وَأَنَّ مَنْ فَوْقَهُ مِنَ الرُّوَاةِ أَتَى بِهِ، (فَلَهُ أَيْضًا أَنْ يُلْحِقَهُ فِي نَفْسِ الْكِتَابِ مَعَ كَلِمَةِ يَعْنِي) قَبْلَهُ، كَمَا فَعَلَ الْخَطِيبُ، إِذْ رَوَى عَنْ أَبِي عُمَرَ بْنِ مَهْدِيٍّ عَنِ الْمَحَامِلِيِّ بِسَنَدِهِ إِلَى عُرْوَةَ، عَنْ عَمْرَةَ يَعْنِي عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُدْنِي إِلَيَّ رَأْسَهُ فَأَرْجُلَهُ» . قَالَ الْخَطِيبُ: كَانَ فِي أَصْلِ ابْنِ مَهْدِيٍّ عَنْ عَمْرَةَ قَالَتْ كَانَ، فَأَلْحَقْنَا فِيهِ ذِكْرَ عَائِشَةَ إِذْ لَمْ يَكُنْ مِنْهُ بُدٌّ، وَعَلِمْنَا أَنَّ الْمَحَامِلِيَّ كَذَلِكَ رَوَاهُ، وَإِنَّمَا سَقَطَ مِنْ كِتَابِ شَيْخِنَا وَقُلْنَا لَهُ مَا فِيهِ: يَعْنِي، لِأَنَّ ابْنَ مَهْدِيٍّ لَمْ يَقُلْ لَنَا ذَلِكَ، قَالَ: وَهَكَذَا رَأَيْتُ غَيْرَ وَاحِدٍ مِنْ شُيُوخِنَا يَفْعَلُ فِي مِثْلِ هَذَا، ثُمَّ رَوَى عَنْ وَكِيعٍ قَالَ: أَنَا أَسْتَعِينُ فِي الْحَدِيثِ بِيَعْنِي. (هَذَا إِذَا عَلِمَ أَنَّ شَيْخَهُ رَوَاهُ) لَهُ (عَلَى الْخَطَأِ، فَأَمَّا إِنْ رَوَاهُ فِي كِتَابِ نَفْسِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 545 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ) أَيِ السَّقْطَ (مِنْ كِتَابِهِ لَا مِنْ شَيْخِهِ فَيَتَّجِهُ) حِينَئِذٍ (إِصْلَاحُهُ فِي كِتَابِهِ، وَ) فِي (رِوَايَتِهِ) عِنْدَ تَحْدِيثِهِ، كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ أَبِي دَاوُدَ. (كَمَا إِذَا دَرَسَ مِنْ كِتَابِهِ بَعْضَ الْإِسْنَادِ أَوِ الْمَتْنِ) بِتَقَطُّعٍ أَوْ بَلَلٍ وَنَحْوِهِ (فَإِنَّهُ يَجُوزُ) لَهُ (اسْتِدْرَاكُهُ مِنْ كِتَابِ غَيْرِهِ إِذَا عَرَفَ صِحَّتَهُ) وَوَثِقَ بِهِ، بِأَنْ يَكُونَ أَخَذَهُ عَنْ شَيْخِهِ وَهُوَ ثِقَةٌ، (وَسَكَنَتْ نَفْسُهُ إِلَى أَنَّ ذَلِكَ هُوَ السَّاقِطُ، كَذَا قَالَ أَهْلُ التَّحْقِيقِ) وَمِمَّنْ فَعَلَهُ نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ. (وَمَنَعَهُ بَعْضُهُمْ) وَإِنْ كَانَ مَعْرُوفًا مَحْفُوظًا، نَقَلَهُ الْخَطِيبُ عَنْ أَبِي مُحَمَّدِ بْنِ مَاسِيٍّ، (وَبَيَانُهُ حَالَ الرِّوَايَةِ أَوْلَى) قَالَهُ الْخَطِيبُ، (وَهَكَذَا الْحُكْمُ) جَارٍ (فِي اسْتِثْبَاتِ الْحَافِظِ مَا شَكَّ فِيهِ مِنْ كِتَابِ) ثِقَةٍ (غَيْرِهِ أَوْ حِفْظِهِ) كَمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي عَوَانَةَ وَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِمَا، وَيَحْسُنُ أَنْ يُبَيِّنَ مَرْتَبَتَهُ، كَمَا فَعَلَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَغَيْرُهُ. فَفِي " مُسْنَدِ أَحْمَدَ " حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنَا عَاصِمٌ بِالْكُوفَةِ فَلَمْ أَكْتُبْهُ، فَسَمِعْتُ شُعْبَةَ يُحَدِّثُ بِهِ فَعَرَّفْتُهُ بِهِ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَرَجْسٍ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 546 السَّابِعُ: إِذَا كَانَ الْحَدِيثُ عِنْدَهُ عَنِ اثْنَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ وَاتَّفَقَا فِي الْمَعْنَى دُونَ اللَّفْظِ فَلَهُ جَمْعُهُمَا فِي الْإِسْنَادِ ثُمَّ يَسُوقُ الْحَدِيثَ عَلَى لَفْظِ أَحَدِهِمَا، فَيَقُولُ أَخْبَرَنَا فُلَانٌ وَفُلَانٌ وَاللَّفْظُ لِفُلَانٍ أَوْ وَهَذَا لَفْظُ فُلَانٍ قَالَ أَوْ قَالَا: أَخْبَرَنَا فُلَانٌ وَنَحْوَهُ مِنَ الْعِبَارَاتِ، وَلِمُسْلِمٍ فِي صَحِيحِهِ عِبَارَةٌ حَسَنَةٌ كَقَوْلِهِ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ وَأَبُو سَعِيدٍ كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي خَالِدٍ قَالَ أَبُو بَكْرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ عَنِ الْأَعْمَشِ فَظَاهِرُهُ أَنَّ اللَّفْظَ لِأَبِي بَكْرٍ، فَإِنْ لَمْ يَخُصَّ فَقَالَ: أَخْبَرَنَا فُلَانٌ وَفُلَانٌ وَتَقَارَبَا فِي اللَّفْظِ قَالَا: حَدَّثَنَا فُلَانٌ جَازَ عَلَى جَوَازِ الرِّوَايَةِ بِالْمَعْنَى، فَإِنْ لَمْ يَقُلْ تَقَارَبَا فَلَا بَأْسَ بِهِ عَلَى جَوَازِ الرِّوَايَةِ بِالْمَعْنَى، وَإِنْ كَانَ قَدْ عِيبَ بِهِ الْبُخَارِيُّ أَوْ غَيْرُهُ، وَإِذَا سَمِعَ مِنْ جَمَاعَةٍ مُصَنَّفًا فَقَابَلَ نُسْخَتَهُ بِأَصْلِ بَعْضِهِمْ ثُمَّ رَوَاهُ عَنْهُمْ وَقَالَ: اللَّفْظُ لِفُلَانٍ فَيُحْتَمَلُ جَوَازُهُ وَمَنْعُهُ.   [تدريب الراوي] كَانَ إِذَا سَافَرَ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرِ» . وَفِي غَيْرِ الْمَسْنَدِ عَنْ يَزِيدَ: أَنَا عَاصِمٌ وَثَبَّتَنِي فِيهِ شُعْبَةُ. فَإِنْ بَيَّنَ أَصْلَ التَّثَبُّتِ مِنْ دُونِ مَنْ ثَبَّتَهُ فَلَا بَأْسَ، فَعَلَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ عَقِبَ حَدِيثِ الْحَكَمِ بْنِ حَزْنٍ قَالَ: ثَبَّتَنِي فِي شَيْءٍ مِنْهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا. (فَإِنْ وَجَدَ فِي كِتَابِهِ كَلِمَةً) مِنْ غَرِيبِ الْعَرَبِيَّةِ (غَيْرَ مَضْبُوطَةٍ أُشْكِلَتْ عَلَيْهِ، جَازَ أَنْ يَسْأَلَ عَنْهَا الْعُلَمَاءَ بِهَا وَيَرْوِيَهَا عَلَى مَا يُخْبِرُونَهُ) بِهِ فَعَلَ ذَلِكَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَغَيْرُهُمَا، وَرَوَى الْخَطِيبُ عَنْ عَفَّانَ بْنَ سَلَمَةَ أَنَّهُ كَانَ يَجِيءُ إِلَى الْأَخْفَشِ، وَأَصْحَابِ النَّحْوِ يَعْرِضُ عَلَيْهِمْ نَحْوَ الْحَدِيثِ يُعْرِبُهُ. [السَّابِعُ إِذَا كَانَ الْحَدِيثُ عِنْدَهُ عَنِ اثْنَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ مِنَ الشُّيُوخِ وَاتَّفَقَا فِي الْمَعْنَى دون اللفظ] (السَّابِعُ: إِذَا كَانَ الْحَدِيثُ عِنْدَهُ عَنِ اثْنَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ) مِنَ الشُّيُوخِ (وَاتَّفَقَا فِي الْمَعْنَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 547 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] دُونَ اللَّفْظِ فَلَهُ جَمْعُهُمَا) أَوْ جَمْعُهُمْ (فِي الْإِسْنَادِ) مُسَمِّينَ، (ثُمَّ يَسُوقُ الْحَدِيثَ عَلَى لَفْظِ) رِوَايَةِ (أَحَدِهِمَا فَيَقُولُ أَخْبَرَنَا فُلَانٌ، وَفُلَانٌ، وَاللَّفْظُ لِفُلَانٍ، أَوْ هَذَا لَفْظُ فُلَانٍ) . وَلَهُ أَنْ يَخُصَّ فِعْلَ الْقَوْلِ مَنْ لَهُ اللَّفْظُ، وَأَنْ يَأْتِيَ بِهِ لَهُمَا فَيَقُولُ بَعْدَمَا تَقَدَّمَ: (قَالَ أَوْ قَالَا: أَخْبَرَنَا فُلَانٌ وَنَحْوَهُ مِنَ الْعِبَارَاتِ. وَلِمُسْلِمٍ فِي صَحِيحِهِ عِبَارَةٌ حَسَنَةٌ) أَفْصَحُ مِمَّا تَقَدَّمَ (كَقَوْلِهِ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ) بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، (وَأَبُو سَعِيدٍ) الْأَشَجُّ، (كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي خَالِدٍ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، فَظَاهِرُهُ) حَيْثُ أَعَادَهُ ثَانِيًا (أَنَّ اللَّفْظَ لِأَبِي بَكْرٍ) . قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَعَادَهُ لِبَيَانِ التَّصْرِيحِ بِالتَّحْدِيثِ، وَأَنَّ الْأَشَجَّ لَمْ يُصَرِّحْ. (فَإِنْ لَمْ يَخُصَّ) أَحَدَهُمَا بِنِسْبَةِ اللَّفْظِ إِلَيْهِ، بَلْ أَتَى بِبَعْضِ لَفْظِ هَذَا وَبَعْضِ لَفْظِ الْآخَرِ (فَقَالَ: أَخْبَرَنَا فُلَانٌ، وَفُلَانٌ، وَتَقَارَبَا فِي اللَّفْظِ) ، أَوْ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ (قَالَا حَدَّثَنَا فُلَانٌ، جَازَ عَلَى جَوَازِ الرِّوَايَةِ بِالْمَعْنَى) دُونَ مَا إِذَا لَمْ يُجَوِّزْهَا. قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَقَوْلُ أَبِي دَاوُدَ: حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ وَأَبُو تَوْبَةَ الْمَعْنَى، قَالَا: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 548 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ. يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ قَبِيلِ الْأَوَّلِ فَيَكُونُ اللَّفْظُ لِمُسَدَّدٍ، وَيُوَافِقُهُ أَبُو تَوْبَةَ فِي الْمَعْنَى، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ قَبِيلِ الثَّانِي فَلَا يَكُونُ أَوْرَدَ لَفْظَ أَحَدِهِمَا خَاصَّةً، بَلْ رَوَاهُ عَنْهُمَا بِالْمَعْنَى، قَالَ وَهَذَا الِاحْتِمَالُ يَقْرُبُ فِي قَوْلِ مُسْلِمٍ: الْمَعْنَى وَاحِدٌ. (فَإِنْ لَمْ يَقِلْ) تَقَارَبَا وَلَا شِبْهَهُ (فَلَا بَأْسَ بِهِ) أَيْضًا (عَلَى جَوَازِ الرِّوَايَةِ بِالْمَعْنَى وَإِنْ كَانَ قَدْ عَيَّبَ بِهِ الْبُخَارِيُّ أَوْ غَيْرُهُ. وَإِذَا سَمِعَ مِنْ جَمَاعَةٍ) كِتَابًا (مُصَنَّفًا فَقَابَلَ نُسْخَتَهُ بِأَصْلِ بَعْضِهِمْ) دُونَ الْبَاقِي (ثُمَّ رَوَاهُ عَنْهُمْ) كُلِّهِمْ، (وَقَالَ اللَّفْظُ لِفُلَانِ) الْمُقَابَلِ بِأَصْلِهِ، (فَيُحْتَمَلُ جَوَازُهُ) كَالْأَوَّلِ، لِأَنَّ مَا أَوْرَدَهُ قَدْ سَمِعَهُ بِنَصِّهِ مِمَّنْ يَذْكُرُ أَنَّهُ بِلَفْظِهِ، (وَ) يُحْتَمَلُ (مَنْعُهُ) لِأَنَّهُ لَا عِلْمَ عِنْدَهِ بِكَيْفِيَّةِ رِوَايَةِ الْآخَرِينَ حَتَّى يُخْبِرَ عَنْهَا، بِخِلَافِ مَا سَبَقَ فَإِنَّهُ اطَّلَعَ فِيهِ عَلَى مُوَافَقَةِ الْمَعْنَى، قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ، وَحَكَاهُ أَيْضًا الْعِرَاقِيُّ وَلَمْ يُرَجِّحْ شَيْئًا مِنَ الِاحْتِمَالَيْنِ، وَقَالَ الْبَدْرُ بْنُ جَمَاعَةَ فِي الْمَنْهَلِ الرَّوِيُّ يَحْتَمِلُ تَفْصِيلًا آخَرَ، وَهُوَ النَّظَرُ إِلَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 549 الثَّامِنُ: لَيْسَ لَهُ أَنْ يَزِيدَ فِي نَسَبِ غَيْرِ شَيْخِهِ أَوْ صِفَتِهِ إِلَّا أَنْ يُمَيِّزَهُ فَيَقُولَ هُوَ ابْنُ فُلَانٍ، أَوِ الْفُلَانِيُّ، أَوْ يَعْنِي ابْنَ فُلَانٍ وَنَحْوَهُ. فَإِنْ ذَكَرَ شَيْخُهُ نَسَبَ شَيْخِهِ فِي أَوَّلِ حَدِيثٍ ثُمَّ اقْتَصَرِ فِي بَاقِي أَحَادِيثِ الْكِتَابِ عَلَى اسْمِهِ أَوْ بَعْضِ نَسَبِهِ فَقَدْ حَكَى الْخَطِيبُ عَنْ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ جَوَازَ رِوَايَتِهِ تِلْكَ الْأَحَادِيثَ مَفْصُولَةً عَنِ الْأَوَّلِ مُسْتَوْفِيًا نَسَبَ شَيْخِ شَيْخِهِ، وَعَنْ بَعَضِهِمُ: الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: يَعْنِي ابْنَ فُلَانٍ، وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ وَغَيْرِهِ يَقُولُ: حَدَّثَنِي شَيْخِي أَنَّ فُلَانَ ابْنَ فُلَانٍ حَدَّثَهُ، وَعَنْ بَعْضِهِمْ أَخْبَرَنَا فُلَانٌ هُوَ ابْنُ فُلَانٍ، وَاسْتَحَبَّهُ الْخَطِيبُ وَكُلُّهُ جَائِزٌ وَأَوْلَاهُ هُوَ ابْنُ فُلَانٍ، أَوْ يَعْنِي ابْنَ فُلَانٍ، ثُمَّ قَوْلُهُ أَنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ، يَذْكُرُهُ بِكِمَالِهِ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ.   [تدريب الراوي] الطُّرُقِ، فَإِنْ كَانَتْ مُتَبَايِنَةً بِأَحَادِيثَ مُسْتَقِلَّةً لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ كَانَ تَفَاوُتُهَا فِي أَلْفَاظٍ أَوْ لُغَاتٍ أَوِ اخْتِلَافِ ضَبْطٍ جَازَ. [الثَّامِنُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَزِيدَ فِي نَسَبِ غَيْرِ شَيْخِهِ أَوْ صِفَتِهِ إِلَّا أَنْ يُمَيِّزَهُ] (الثَّامِنُ: لَيْسَ لَهُ أَنْ يَزِيدَ فِي نَسَبِ غَيْرِ شَيْخِهِ) مِنْ رِجَالِ الْإِسْنَادِ، (أَوْ صِفَتِهِ) مُدْرِجًا ذَلِكَ حَيْثُ اقْتَصَرَ شَيْخُهُ عَلَى بَعْضِهِ، (إِلَّا أَنْ يُمَيِّزَهُ فَيَقُولُ) مَثَلًا (هُوَ ابْنُ فُلَانٍ، أَوِ الْفُلَانِيُّ، أَوْ يَعْنِي ابْنَ فُلَانٍ وَنَحْوَهُ) فَيَجُوزُ، فَعَلَ ذَلِكَ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ. (فَإِنْ ذَكَرَ شَيْخَهُ نَسَبَ شَيْخِهِ) بِتَمَامِهِ (فِي أَوَّلِ حَدِيثٍ ثُمَّ اقْتَصَرَ فِي بَاقِي أَحَادِيثِ الْكِتَابِ عَلَى اسْمِهِ أَوْ بَعْضِ نَسَبِهِ، حَكَى الْخَطِيبُ عَنْ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ جَوَازَ رِوَايَتِهِ تِلْكَ الْأَحَادِيثَ مَفْصُولَةً عَنْ) الْحَدِيثِ (الْأَوَّلِ مُسْتَوْفِيًا نَسَبَ شَيْخِ شَيْخِهِ، وَ) حَكَى (عَنْ بَعْضِهِمْ) أَنَّ (الْأَوْلَى) فِيهِ أَيْضًا (أَنْ يَقُولَ: يَعْنِي ابْنَ فُلَانٍ، وَ) حَكَى (عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ وَغَيْرِهِ) كَشَيْخِهِ أَبِي بَكْرٍ الْأَصْبَهَانِيِّ الْحَافِظِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 550 التَّاسِعُ: جَرَتِ الْعَادَةُ بِحَذْفِ قَالَ وَنَحْوِهِ بَيْنَ رِجَالِ الْإِسْنَادِ خَطًّا، وَيَنْبَغِي لِلْقَارِئِ اللَّفْظُ بِهَا، وَإِذَا كَانَ فِيهِ قُرِئَ عَلَى فُلَانٍ، أَخْبَرَكَ فُلَانٌ أَوْ قُرِئَ عَلَى فُلَانٍ، حَدَّثَنَا فُلَانٌ، فَلْيَقُلِ الْقَارِئُ فِي الْأَوَّلِ قِيلَ لَهُ: أَخْبَرَكَ فُلَانٌ، وَفِي الثَّانِي قَالَ: حَدَّثَنَا فُلَانٌ، وَإِذَا تَكَرَّرَ لَفْظُ قَالَ كَقَوْلِهِ حَدَّثَنَا صَالِحٌ، قَالَ: قَالَ الشَّعْبِيُّ: فَإِنَّهُمْ يَحْذِفُونَ أَحَدَهُمَا خَطًّا فَلْيَلْفِظْ بِهِمَا الْقَارِئُ. وَلَوْ تَرَكَ الْقَارِئُ قَالَ فِي هَذَا كُلِّهِ فَقَدْ أَخْطَأَ وَالظَّاهِرُ صِحَّةُ السَّمَاعِ.   [تدريب الراوي] أَنَّهُ (يَقُولُ: حَدَّثَنِي شَيْخِي أَنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ حَدَّثَهُ، وَ) حَكَى (عَنْ بَعْضِهِمْ) أَنَّهُ يَقُولُ (أَنَا فُلَانٌ، هُوَ ابْنُ فُلَانٍ. وَاسْتَحَبَّهُ) أَيْ هَذَا الْأَخِيرَ (الْخَطِيبُ) لِأَنَّ لَفْظَ أَنَّ اسْتَعْمَلَهُمَا قَوْمٌ فِي الْإِجَازَةِ كَمَا تَقَدَّمَ. قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ (وَكُلُّهُ جَائِزٌ وَأَوْلَاهُ) أَنْ يَقُولَ (هُوَ ابْنُ فُلَانٍ، أَوْ يَعْنِي ابْنَ فُلَانٍ) ثُمَّ بَعْدَهُ قَوْلُهُ (أَنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ) ثُمَّ بَعْدَهُ (أَنْ يَذْكُرَهُ بِكَمَالِهِ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ) . تَنْبِيهٌ: قَالَ فِي " الِاقْتِرَاحِ ": وَمِنَ الْمَمْنُوعِ أَيْضًا أَنْ يُزِيدَ تَارِيخَ السَّمَاعِ إِذَا لَمْ يَذْكُرْهُ الشَّيْخُ، أَوْ يَقُولُ بِقِرَاءَةِ فُلَانٍ، أَوْ بِتَخْرِيجِ فُلَانٍ حَيْثُ لَمْ يَذْكُرْهُ. [التَّاسِعُ جَرَتِ الْعَادَةُ بِحَذْفِ قَالَ وَنَحْوِهِ بَيْنَ رِجَالِ الْإِسْنَادِ خَطًّا اخْتِصَارًا وَيَنْبَغِي لِلْقَارِئِ اللَّفْظُ بِهَا] (التَّاسِعُ: جَرَتِ الْعَادَةُ بِحَذْفِ قَالَ وَنَحْوِهِ بَيْنَ رِجَالِ الْإِسْنَادِ خَطًّا) اخْتِصَارًا، (وَيَنْبَغِي لِلْقَارِئِ اللَّفْظُ بِهَا) ، عِبَارَةُ ابْنِ الصَّلَاحِ. وَلَا بُدُّ مِنْ ذِكْرِهِ حَالَ الْقِرَاءَةِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 551 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] (وَإِذَا كَانَ فِيهِ قُرِئَ عَلَى فُلَانٍ، أَخْبَرَكَ فُلَانٌ أَوْ قُرِئَ عَلَى فُلَانٍ حَدَّثَنَا فُلَانٌ، فَلْيَقُلِ الْقَارِئُ فِي الْأَوَّلِ قِيلَ لَهُ أَخْبَرَكَ فُلَانٌ، وَفِي الثَّانِي قَالَ حَدَّثَنَا فُلَانٌ) . قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَقَدْ جَاءَ هَذَا مُصَرَّحًا بِهِ خَطًّا، قُلْتُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ فِي قَرَأْتُ عَلَى فُلَانٍ قُلْتُ لَهُ أَخْبَرَكَ فُلَانٌ. (وَإِذَا تَكَرَّرَ لَفْظُ قَالَ كَقَوْلِهِ) أَيِ الْبُخَارِيُّ (حَدَّثَنَا صَالِحُ) بْنُ حَيَّانَ (قَالَ: قَالَ) عَامِرٌ (الشَّعْبِيُّ فَإِنَّهُمْ يَحْذِفُونَ أَحَدَهُمَا خَطًّا) ، وَهِيَ الْأَوْلَى فِيمَا يَظْهَرُ (فَلْيَلْفِظْ بِهِمَا الْقَارِئُ) جَمِيعًا. قَالَ الْمُصَنِّفُ مِنْ زِيَادَتِهِ: (وَلَوْ تَرَكَ الْقَارِئُ قَالَ فِي هَذَا كُلِّهِ فَقَدْ أَخْطَأَ، وَالظَّاهِرُ صِحَّةُ السَّمَاعِ لِأَنَّ حَذْفَ الْقَوْلِ جَائِزٌ اخْتِصَارًا، جَاءَ بِهِ الْقُرْآنُ الْعَظِيمُ. وَكَذَا قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ أَيْضًا فِي فَتَاوِيهِ مُعَبِّرًا بِالْأَظْهَرِ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَقَدْ كَانَ بَعْضُ أَئِمَّةِ الْعَرَبِيَّةِ وَهُوَ الْعَلَّامَةُ شِهَابُ الدِّينِ عَبْدُ اللَّطِيفِ ابْنُ الْمُرَحَّلِ يُنْكِرُ اشْتِرَاطَ الْمُحَدِّثِينَ لِلتَّلَفُّظِ بِقَالَ فِي أَثْنَاءِ السَّنَدِ، وَمَا أَدْرَى مَا وَجْهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 552 الْعَاشِرُ: النُّسَخُ وَالْأَجْزَاءُ الْمُشْتَمِلَةُ عَلَى أَحَادِيثَ بِإِسْنَادٍ وَاحِدٍ كَنُسْخَةِ هَمَّامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْهُمْ مَنْ يُجَدِّدُ الْإِسْنَادَ أَوَّلَ كُلِّ حَدِيثٍ وَهُوَ أَحْوَطُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَكْتَفِي بِهِ فِي أَوَّلِ حَدِيثٍ، أَوْ أَوَّلَ كُلِّ مَجْلِسٍ وَيُدْرِجُ الْبَاقِيَ عَلَيْهِ قَائِلًا فِي كُلِّ حَدِيثٍ وَبِالْإِسْنَادِ أَوْ وَبِهِ، وَهُوَ الْأَغْلَبُ. فَمَنْ سَمِعَ هَكَذَا فَأَرَادَ رِوَايَةَ غَيْرِ الْأَوَّلِ بِإِسْنَادِهِ جَازَ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ وَمَنَعَهُ أَبُو إِسْحَاقَ الْإِسْفَرَايِنِيُّ وَغَيْرُهُ. فَعَلَى هَذَا طَرِيقُهُ أَنْ يُبَيِّنَ كَقَوْلِ مُسْلِمٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامٍ قَالَ: هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ، وَذَكَرَ أَحَادِيثَ مِنْهَا وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ أَدْنَى مَقْعَدِ أَحَدِكُمْ» وَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَكَذَا فَعَلَهُ كَثِيرٌ مِنَ الْمُؤَلِّفِينَ، وَأَمَّا إِعَادَةُ بَعْضِ الْإِسْنَادِ آخِرَ الْكِتَابِ فَلَا يَرْفَعُ هَذَا الْخِلَافَ إِلَّا أَنَّهُ يُفِيدُ احْتِيَاطًا وَإِجَازَةً بَالِغَةً مِنْ أَعْلَى أَنْوَاعِهَا.   [تدريب الراوي] إِنْكَارُهُ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ هُوَ الْفَصْلُ بَيْنَ كَلَامَيِ الْمُتَكَلِّمَيْنِ لِلتَّمْيِيزِ بَيْنَهُمَا، وَحَيْثُ لَمْ يُفْصَلْ فَهُوَ مُضْمَرٌ، وَالْإِضْمَارُ خِلَافُ الْأَصْلِ. قُلْتُ: وَجْهُ ذَلِكَ فِي غَايَةِ الظُّهُورِ ; لِأَنَّ أَخْبَرَنَا وَحَدَّثَنَا بِمَعْنَى قَالَ لَنَا، إِذْ حَدَّثَ بِمَعْنَى قَالَ، وَنَا بِمَعْنَى لَنَا، فَقَوْلُهُ: حَدَّثَنَا فُلَانٌ، حَدَّثَنَا فُلَانٌ، مَعْنَاهُ: قَالَ لَنَا فُلَانٌ، قَالَ لَنَا فُلَانٌ، وَهَذَا وَاضِحٌ لَا إِشْكَالَ فِيهِ. وَقَدْ ظَهَرَ لِي هَذَا الْجَوَابُ وَأَنَا فِي أَوَائِلِ الطَّلَبِ فَعَرَضْتُهُ لِبَعْضِ الْمُدَرِّسِينَ فَلَمْ يَهْتَدِ لِفَهْمِهِ لِجَهْلِهِ بِالْعَرَبِيَّةِ، ثُمَّ رَأَيْتُهُ بَعْدَ نَحْوِ عَشْرِ سِنِينَ مَنْقُولًا عَنْ شَيْخِ الْإِسْلَامِ، وَأَنَّهُ كَانَ يَنْصُرُ هَذَا الْقَوْلَ وَيُرَجِّحُهُ، ثُمَّ وَقَفْتُ عَلَيْهِ بِخَطِّهِ، فَلِلَّهِ الْحَمْدُ. تَنْبِيهٌ: مِمَّا يُحْذَفُ فِي الْخَطِّ أَيْضًا لَا فِي اللَّفْظِ، لَفْظُ " أَنَّهُ " كَحَدِيثِ الْبُخَارِيِّ عَنْ عَطَاءَ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، أَيْ أَنَّهُ سَمِعَ، قَالَ ابْنُ حَجَرٍ فِي شَرْحِهِ: لَفْظَ أَنَّهُ يُحْذَفُ فِي الْخَطِّ عُرْفًا. [الْعَاشِرُ النَّسْخُ وَالْأَجْزَاءُ الْمُشْتَمِلَةُ عَلَى أَحَادِيثَ بِإِسْنَادٍ وَاحِدٍ] (الْعَاشِرُ: النَّسْخُ، وَالْأَجْزَاءُ الْمُشْتَمِلَةُ عَلَى أَحَادِيثَ بِإِسْنَادٍ وَاحِدٍ كَنُسْخَةِ هَمَّامِ) ابْنِ مُنَبِّهٍ، (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) رِوَايَةَ عَبْدِ الرَّازَّقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْهُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 553 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] (مِنْهُمْ: مَنْ يُجَدِّدُ الْإِسْنَادَ) فَيَذْكُرُهُ (أَوَّلَ كُلِّ حَدِيثٍ) مِنْهَا، (وَهُوَ أَحْوَطُ) وَأَكْثَرُ مَا يُوجَدُ فِي الْأُصُولِ الْقَدِيمَةِ، وَأَوْجَبُهُ بَعْضُهُمْ. (وَمِنْهُمْ: مَنْ يَكْتَفِي بِهِ فِي أَوَّلِ حَدِيثٍ) مِنْهَا، (أَوْ أَوَّلِ كُلِّ مَجْلِسٍ) مِنْ سَمَاعِهَا، (وَيَدْرِجُ الْبَاقِي عَلَيْهِ قَائِلًا فِي كُلِّ حَدِيثٍ) بَعْدَ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ، (وَبِالْإِسْنَادِ أَوْ وَبِهِ وَهُوَ الْأَغْلَبُ) الْأَكْثَرُ. (فَمَنْ سَمِعَ هَكَذَا فَأَرَادَ رِوَايَةَ غَيْرِ الْأَوَّلِ) مُفْرَدًا عَنْهُ (بِإِسْنَادِهِ جَازَ) لَهُ ذَلِكَ (عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ) مِنْهُمْ وَكِيعٌ، وَابْنُ مَعِينٍ، وَالْإِسْمَاعِيلِيُّ ; لِأَنَّ الْمَعْطُوفَ لَهُ حُكْمُ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ، وَهُوَ بِمَثَابَةِ تَقْطِيعِ الْمَتْنِ الْوَاحِدِ فِي أَبْوَابٍ بِإِسْنَادِهِ الْمَذْكُورِ فِي أَوَّلِهِ. (وَمَنَعَهُ) الْأُسْتَاذُ (أَبُو إِسْحَاقَ الْإِسْفَرَايِنِيُّ، وَغَيْرُهُ) كَبَعْضِ أَهْلِ الْحَدِيثِ رَأَوْا ذَلِكَ تَدْلِيسًا. (فَعَلَى هَذَا طَرِيقُهُ أَنْ يُبَيِّنَ) وَيَحْكِي ذَلِكَ، وَهُوَ عَلَى الْأَوَّلِ أَحْسَنُ، (كَقَوْلِ مُسْلِمٍ) فِي الرِّوَايَةِ مِنْ نُسْخَةِ هَمَّامٍ (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ ثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامٍ) بْنِ مُنَبِّهٍ - بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ الْمُشَدَّدَةِ - (قَالَ: هَذَا مَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 554 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ، وَذَكَرَ أَحَادِيثَ، مِنْهَا: وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ أَدْنَى مَقْعَدِ أَحَدِكُمْ فِي الْجَنَّةِ» الْحَدِيثَ) ، وَاطَّرَدَ لِمُسْلِمٍ ذَلِكَ، (وَكَذَا فَعَلَهُ كَثِيرٌ مِنَ الْمُؤَلِّفِينَ) ، وَأَمَّا الْبُخَارِيُّ فَإِنَّهُ لَمْ يَسْلُكْ قَاعِدَةً مُطَّرِدَةً فَتَارَةً يَذْكُرُ أَوَّلَ حَدِيثٍ فِي النُّسْخَةِ، وَيَعْطِفُ عَلَيْهِ الْحَدِيثَ الَّذِي يُسَاقُ الْإِسْنَادُ لِأَجْلِهِ. كَقَوْلِهِ فِي الطَّهَارَةِ: حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «نَحْنُ الْآخِرُونَ السَّابِقُونَ» ، وَقَالَ: «لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ» ، الْحَدِيثَ. فَأَشْكَلَ عَلَى قَوْمٍ ذَكَرُهُ «نَحْنُ الْآخِرُونَ السَّابِقُونَ» فِي هَذَا الْبَابِ، وَلَيْسَ مُرَادُهُ إِلَّا مَا ذَكَرْنَاهُ، وَتَارَةً يَقْتَصِرُ عَلَى الْحَدِيثِ الَّذِي يُرِيدُهُ وَكَأَنَّهُ أَرَادَ بَيَانَ أَنَّ كِلَا الْأَمْرَيْنِ جَائِزٌ. (وَأَمَّا إِعَادَةُ بَعْضٍ) مِنَ الْمُحَدِّثِينَ (الْإِسْنَادَ آخِرِ الْكِتَابِ) ، أَوِ الْجُزْءِ (فَلَا يَرْفَعُ هَذَا الْخِلَافَ) الَّذِي يَمْنَعُ إِفْرَادَ كُلِّ حَدِيثٍ بِذَلِكَ الْإِسْنَادِ عِنْدَ رِوَايَتِهَا، لِكَوْنِهِ لَا يَقَعُ مُتَّصِلًا بِوَاحِدٍ مِنْهَا. (إِلَّا أَنَّهُ يُفِيدُ احْتِيَاطًا، وَ) يَتَضَمَّنُ (إِجَازَةً بَالِغَةً مِنْ أَعْلَى أَنْوَاعِهَا) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 555 الْحَادِي عَشَرَ: إِذَا قَدَّمَ الْمَتْنَ كَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَا، أَوِ الْمَتْنَ وَأَخَّرَ الْإِسْنَادَ كَرَوَى نَافِعٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَا، ثُمَّ يَقُولُ أَخْبَرَنَا بِهِ فُلَانٌ عَنْ فُلَانٍ حَتَى يَتَّصِلَ صَحَّ وَكَانَ مُتَّصِلًا، فَلَوْ أَرَادَ مَنْ سَمِعَهُ هَكَذَا تَقْدِيمَ جَمِيعِ الْإِسْنَادِ فَجَوَّزَهُ بَعْضُهُمْ، وَيَنْبَغِي فِيهِ خِلَافٌ كَتَقْدِيمِ بَعْضِ الْمَتْنِ عَلَى بَعْضٍ بِنَاءً عَلَى مَنْعِ الرِّوَايَةِ بِالْمَعْنَى، وَلَوْ رَوَى حَدِيثًا بِإِسْنَادٍ ثُمَّ أَتْبَعَهُ إِسْنَادًا قَالَ فِي آخِرِهِ مِثْلَهُ فَأَرَادَ السَّامِعُ رِوَايَةَ الْمَتْنِ بِالْإِسْنَادِ الثَّانِي فَالْأَظْهَرُ مَنْعُهُ، وَهُوَ قَوْلُ شُعْبَةَ، وَأَجَازَهُ الثَوْرِيُّ، وَابْنُ مَعِينٍ إِذَا كَانَ مُتَحَفِّظًا مُمَيِّزًا بَيْنَ الْأَلْفَاظِ، وَكَانَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ إِذَا رَوَى أَحَدُهُمْ مِثْلَ هَذَا ذَكَرَ الْإِسْنَادَ ثُمَّ قَالَ مِثْلَ حَدِيثٍ قَبْلَهُ مَتْنُهُ كَذَا، وَاخْتَارَ الْخَطِيبُ هَذَا، وَأَمَّا إِذَا قَالَ نَحْوَهُ فَأَجَازَهُ الثَّوْرِيُّ، وَمَنَعَهُ شُعْبَةُ، وَابْنُ مَعِينٍ. قَالَ الْخَطِيبُ: فَرَّقَ ابْنُ مَعِينٍ بَيْنَ (مِثْلِهِ وَنَحْوِهِ) يَصِحُّ عَلَى مَنْعِ الرِّوَايَةِ بِالْمَعْنَى، فَأَمَّا عَلَى جَوَازِهَا فَلَا فَرْقَ، قَالَ الْحَاكِمُ: يَلْزَمُ الْحَدِيثِيَّ مِنَ الْإِتْقَانِ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ (مِثْلَهُ وَنَحْوَهُ) فَلَا يَحِلُّ أَنْ يَقُولَ مِثْلَهُ إِلَّا إِذَا اتَّفَقَا فِي اللَّفْظِ وَيَحِلُّ نَحْوَهُ إِذَا كَانَ بِمَعْنَاهُ.   [تدريب الراوي] قُلْتُ: وَيُفِيدُ سَمَاعُهُ لِمَنْ لَا يَسْمَعُهُ أَوَّلًا. [الْحَادِي عَشَرَ إِذَا قَدَّمَ الرَّاوِي الْمَتْنَ عَلَى الْإِسْنَادِ ثُمَّ يَذْكُرُ الْإِسْنَادَ بَعْدَهُ أَوِ الْمَتْنَ وَأَخَّرَ الْإِسْنَادَ] (الْحَادِي عَشَرَ: إِذَا قَدَّمَ) الرَّاوِي (الْمَتْنَ) عَلَى الْإِسْنَادِ (كَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَا) ثُمَّ يَذْكُرُ الْإِسْنَادَ بَعْدَهُ (أَوِ الْمَتْنَ، وَأَخَّرَ الْإِسْنَادَ) مِنْ أَعْلَى، (كَرَوَى نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَا، ثُمَّ يَقُولُ: أَخْبَرَنَا بِهِ فُلَانٌ، عَنْ فُلَانٍ حَتَّى يَتَّصِلَ) بِمَا قَدَّمَهُ (صَحَّ، وَكَانَ مُتَّصِلًا. فَلَوْ أَرَادَ مَنْ سَمِعَهُ هَكَذَا تَقْدِيمَ جَمِيعِ الْإِسْنَادِ) بِأَنْ يَبْدَأَ بِهِ أَوَّلًا ثُمَّ يَذْكُرَ الْمَتْنَ (فَجَوَّزَهُ بَعْضُهُمْ) أَيْ أَهْلُ الْحَدِيثِ مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ، قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْإِرْشَادِ: وَهُوَ الصَّحِيحُ. قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: (وَيَنْبَغِي) أَنْ يَكُونَ (فِيهِ خِلَافٌ، كَتَقْدِيمِ بَعْضِ الْمَتْنِ عَلَى بَعْضٍ) أَيْ كَالْخِلَافِ فِيهِ، فَإِنَّ الْخَطِيبَ حَكَى فِيهِ الْمَنْعَ (بِنَاءً عَلَى مَنْعِ الرِّوَايَةِ بِالْمَعْنَى) وَالْجَوَازِ عَلَى جَوَازِهَا. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَهَذَا التَّخْرِيجُ مَمْنُوعٌ، وَالْفَرْقُ أَنَّ تَقْدِيمَ بَعْضِ الْأَلْفَاظِ عَلَى بَعْضٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 556 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] يُؤَدِّي إِلَى الْإِخْلَالِ بِالْمَقْصُودِ فِي الْعَطْفِ وَعَوْدِ الضَّمِيرِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ بِخِلَافِ تَقْدِيمِ السَّنَدِ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ، فَلِذَلِكَ جَازَ فِيهِ وَلَمْ يَتَخَرَّجْ عَلَى الْخِلَافِ. انْتَهَى. قُلْتُ: وَالْمَسْأَلَةُ الْمَبْنِيُّ عَلَيْهَا أَشَارَ إِلَيْهَا الْمُصَنِّفُ كَابْنِ الصَّلَاحِ، وَلَمْ يُفْرِدَهَا بِالْكَلَامِ عَلَيْهَا وَقَدْ عَقَدَ الرَّامَهُرْمُزِيُّ لِذَلِكَ بَابًا، فَحَكَى عَنِ الْحَسَنِ وَالشَّعْبِيِّ وَعُبَيْدَةَ وَإِبْرَاهِيمَ وَأَبِي نَضْرَةَ الْجَوَازَ إِذَا لَمْ يُغَيِّرِ الْمَعْنَى. قَالَ الْمُصَنِّفُ وَيَنْبَغِي الْقَطْعُ بِهِ إِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُقَدَّمِ ارْتِبَاطًا بِالْمُؤَخَّرِ. فَائِدَةٌ: قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: تَقْدِيمُ الْحَدِيثِ عَلَى السَّنَدِ يَقَعُ لِابْنِ خُزَيْمَةَ إِذَا كَانَ فِي السَّنَدِ مَنْ فِيهِ مَقَالٌ فَيُبْتَدَئُ بِهِ، ثُمَّ بَعْدَ الْفَرَاغِ يُذْكَرُ السَّنَدُ. قَالَ وَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ خُزَيْمَةَ بِأَنَّ مَنْ رَوَاهُ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ الْوَجْهِ لَا يَكُونُ فِي حِلٍّ مِنْهُ، فَحِينَئِذٍ يَنْبَغِي أَنْ يَمْنَعَ هَذَا، وَلَوْ جَوَّزْنَا الرِّوَايَةَ بِالْمَعْنَى. (وَلَوْ رَوَى حَدِيثًا بِإِسْنَادٍ) لَهُ، (ثُمَّ أَتْبَعَهُ بِإِسْنَادٍ آخَرَ) ، وَحَذَفَ مَتْنَهُ أَحَالَهُ عَلَى الْمَتْنِ الْأَوَّلِ، (وَقَالَ فِي آخِرِهِ مِثْلَهُ فَأَرَادَ السَّامِعُ) لِذَلِكَ مِنْهُ (رِوَايَةَ الْمَتْنِ) الْأَوَّلِ (بِالْإِسْنَادِ الثَّانِي) فَقَطْ، (فَالْأَظْهَرُ مَنْعُهُ، وَهُوَ قَوْلُ شُعْبَةَ، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 557 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَأَجَازَهُ سُفْيَانُ (الثَّوْرِيُّ وَابْنُ مَعِينٍ إِذَا كَانَ) الرَّاوِي (مُتَحَفِّظًا) ضَابِطًا (مُمَيِّزًا بَيْنَ الْأَلْفَاظِ) وَمَعْنَاهُ، إِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ. (وَكَانَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ إِذَا رَوَى أَحَدُهُمْ مِثْلَ هَذَا ذَكَرَ الْإِسْنَادَ ثُمَّ قَالَ: مِثْلَ حَدِيثٍ قَبْلَهُ مَتْنُهُ كَذَا، وَاخْتَارَ الْخَطِيبُ هَذَا. وَأَمَّا إِذَا قَالَ نَحْوَهُ فَأَجَازَهُ الثَّوْرِيُّ) أَيْضًا كَمِثْلِهِ، (وَمَنَعَهُ شُعْبَةُ) وَقَالَ: هُوَ شَكٌّ، بَلْ هُوَ أَوْلَى مِنَ الْمَنْعِ فِي مِثْلِهِ، (وَابْنُ مَعِينٍ) أَيْضًا وَإِنْ جَوَّزَهُ فِي مِثْلِهِ. (قَالَ الْخَطِيبُ: فَرَّقَ ابْنُ مَعِينٍ بَيْنَ مِثْلِهِ وَنَحْوِهِ يَصِحُّ عَلَى مَنْعِ الرِّوَايَةِ بِالْمَعْنَى، فَأَمَّا عَلَى جَوَازِهَا فَلَا فَرْقَ قَالَ الْحَاكِمُ:) إِنَّ مِمَّا (يَلْزَمُ الْحَدِيثِيَّ مِنَ) الضَّبْطِ، وَ (الْإِتْقَانِ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ مِثْلِهِ وَنَحْوِهِ، فَلَا يَحِلُّ أَنْ يَقُولَ مِثْلَهُ إِلَّا إِذَا) عَلِمَ أَنَّهُمَا (اتَّفَقَا فِي اللَّفْظِ وَيَحِلُّ) أَنْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 558 الثَّانِي عَشَرَ: إِذَا ذَكَرَ الْإِسْنَادَ وَبَعْضَ الْمَتْنِ ثُمَّ قَالَ: وَذَكَرَ الْحَدِيثَ فَأَرَادَ السَّامِعُ رِوَايَتَهُ بِكَمَالِهِ فَهُوَ أَوْلَى بِالْمَنْعِ مِنْ مِثْلِهِ وَنَحْوِهِ، فَمَنَعَهُ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ، وَأَجَازَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ إِذَا عَرَفَ الْمُحَدِّثُ وَالسَّامِعُ ذَلِكَ الْحَدِيثَ، وَالِاحْتِيَاطُ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى الْمَذْكُورِ ثُمَّ يَقُولَ: قَالَ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَهُوَ هَكَذَا وَيَسُوقُهُ بِكَمَالِهِ، وَإِذَا جُوِّزَ إِطْلَاقُهُ فَالتَّحْقِيقُ أَنَّهُ بِطَرِيقِ الْإِجَازَةِ الْقَوِيَّةِ فِيمَا لَمْ يَذْكُرْهُ الشَّيْخُ، وَلَا يَفْتَقِرُ إِلَى إِفْرَادِهِ بِالْإِجَازَةِ.   [تدريب الراوي] يَقُولَ (نَحْوَهُ إِذَا كَانَ بِمَعْنَاهُ) . [الثَّانِي عَشَرَ إِذَا ذَكَرَ الْإِسْنَادَ وَبَعْضَ الْمَتْنِ ثُمَّ قَالَ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَلَمْ يُتِمُّهُ] (الثَّانِي عَشَرَ: إِذَا ذَكَرَ الْإِسْنَادَ وَبَعْضَ الْمَتْنِ، ثُمَّ قَالَ: وَذَكَرَ الْحَدِيثَ) وَلَمْ يُتِمُّهُ، أَوْ قَالَ بِطُولِهِ (أَوِ الْحَدِيثَ) أَوْ أَضْمَرَ، أَوْ ذَكَرَ (فَأَرَادَ السَّامِعُ رِوَايَتَهُ) عَنْهُ (بِكَمَالِهِ فَهُوَ أَوْلَى بِالْمَنْعِ مِنْ) مَسْأَلَةِ (مِثْلِهِ وَنَحْوِهِ) السَّابِقَةِ ; لِأَنَّهُ إِذَا مَنَعَ هُنَاكَ مَعَ أَنَّهُ قَدْ سَاقَ فِيهَا جَمِيعَ الْمَتْنِ قَبْلَ ذَلِكَ بِإِسْنَادٍ آخَرَ فَلِأَنْ يَمْنَعَ هُنَا، وَلَمْ يَسْبِقْ إِلَّا بَعْضُ الْحَدِيثِ مِنْ بَابِ أَوْلَى. وَبِذَلِكَ جَزَمَ قَوْمٌ. (فَمَنَعَهُ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ) الْإِسْفَرَايِنِيُّ، (وَأَجَازَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ إِذَا عَرَفَ الْمُحَدِّثُ وَالسَّامِعُ مِثْلَ ذَلِكَ الْحَدِيثِ) ، قَالَ: (وَالِاحْتِيَاطُ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى الْمَذْكُورِ، ثُمَّ يَقُولَ: قَالَ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَهُوَ هَكَذَا) ، أَوْ وَتَمَامُهُ كَذَا، (وَيَسُوقُهُ بِكَمَالِهِ) . وَفَصَلَ ابْنُ كَثِيرٍ فَقَالَ: إِنْ كَانَ سَمِعَ الْحَدِيثَ الْمُشَارَ إِلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ عَلَى الشَّيْخِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 559 الثَّالِثَ عَشَرَ: قَالَ الشَّيْخُ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَغْيِيرٌ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا عَكْسُهُ وَإِنْ جَازَتِ الرِّوَايَةُ بِالْمَعْنَى، لِاخْتِلَافِهِ، وَالصَّوَابُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ جَوَازُهُ، لِأَنَّهُ لَا يَخْتَلِفُ بِهِ هُنَا مَعْنًى، وَهُوَ مَذْهَبُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَحَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، وَالْخَطِيبِ.   [تدريب الراوي] فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ أَوْ غَيْرِهِ جَازَ وَإِلَّا فَلَا. (وَإِذَا جُوِّزَ إِطْلَاقُهُ فَالتَّحْقِيقُ أَنَّهُ بِطَرِيقِ الْإِجَازَةِ الْقَوِيَّةِ) الْأَكِيدَةِ مِنْ جِهَاتٍ عَدِيدَةٍ (فِيمَا لَمْ يَذْكُرْهُ الشَّيْخُ) فَجَازَ لِهَذَا مَعَ كَوْنِهِ أَوَّلَهُ سَمَاعًا إِدْرَاجُ الْبَاقِي عَلَيْهِ، (وَلَا يَفْتَقِرُ إِلَى إِفْرَادِهِ بِالْإِجَازَةِ) . [الثَّالِثَ عَشَرَ تَغْيِيرُ قَالَ النَّبِيُّ إِلَى قَالَ رَسُولُ اللَّهِ أو العَكْس] (الثَّالِثَ عَشَرَ: قَالَ الشَّيْخُ) ابْنُ الصَّلَاحِ: (الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَغْيِيرُ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا عَكْسُهُ، وَإِنْ جَازَتِ الرِّوَايَةُ بِالْمَعْنَى) ، وَكَانَ أَحْمَدُ إِذَا كَانَ فِي الْكِتَابِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ الْمُحَدِّثُ رَسُولِ اللَّهِ، ضَرَبَ وَكَتَبَ رَسُولِ اللَّهِ. وَعَلَّلَ ابْنُ الصَّلَاحِ ذَلِكَ (لِاخْتِلَافِهِ) أَيِ اخْتِلَافِ مَعْنَى النَّبِيِّ وَالرَّسُولِ ; لِأَنَّ الرَّسُولَ مَنْ أُوحِيَ إِلَيْهِ لِلتَّبْلِيغِ، وَالنَّبِيَّ مَنْ أُوحِيَ إِلَيْهِ لِلْعَمَلِ فَقَطْ. قَالَ الْمُصَنِّفُ (وَالصَّوَابُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ جَوَازُهُ ; لِأَنَّهُ) وَإِنِ اخْتَلَفَ مَعْنَاهُ فِي الْأَصْلِ (لَا يَخْتَلِفُ بِهِ هُنَا مَعْنًى) إِذِ الْمَقْصُودُ نِسْبَةُ الْقَوْلِ لِقَائِلِهِ، وَذَلِكَ حَاصِلٌ بِكُلٍّ مِنَ الْمَوْضِعَيْنِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 560 الرَّابِعَ عَشَرَ: إِذَا كَانَ فِي سَمَاعِهِ بَعْضُ الْوَهَنِ فَعَلَيْهِ بَيَانُهُ حَالَ الرِّوَايَةِ وَمِنْهُ إِذَا حَدَّثَهُ مِنْ حِفْظِهِ فِي الْمُذَاكَرَةِ فَلْيَقُلْ: حَدَّثَنَا مُذَاكَرَةً كَمَا فَعَلَهُ الْأَئِمَّةُ، وَمَنَعَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمُ الْحَمْلَ عَنْهُمْ حَالَ الْمُذَاكَرَةِ، وَإِذَا كَانَ الْحَدِيثُ عَنْ ثِقَةٍ وَمَجْرُوحٍ، أَوْ ثِقَتَيْنِ فَالْأَوْلَى أَنْ يَذْكُرَهُمَا، فَإِنِ اقْتَصَرَ عَلَى ثِقَةٍ فِيهِمَا لَمْ يَحْرُمْ، وَإِذَا سَمِعَ بَعْضَ حَدِيثٍ مِنْ شَيْخٍ وَبَعْضَهُ مِنْ آخَرَ فَرَوَى جُمْلَتَهُ عَنْهُمَا مُبْيِّنًا أَنَّ بَعْضَهُ عَنْ أَحَدِهَمَا وَبَعْضَهُ عَنِ الْآخَرِ جَازَ، ثُمَّ يَصِيرُ كُلُّ جُزْءٍ مِنْهُ كَأَنَّهُ رَوَاهُ عَنْ أَحَدَهِمَا مُبْهَمًا فَلَا يُحْتَجُّ بِشَيْءٍ مِنْهُ إِنْ كَانَ فِيهِمَا مَجْرُوحٌ، وَيَجِبُ ذِكْرُهُمَا جَمِيعًا مُبَيِّنًا إِنْ كَانَ عَنْ أَحَدِهِمَا بَعْضُهُ وَعَنِ الْآخَرِ بَعْضُهُ.   [تدريب الراوي] (وَهُوَ مَذْهَبُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ) كَمَا سَأَلَهُ ابْنُهُ صَالِحٌ عَنْهُ، فَقَالَ أَرْجُو أَنْ لَا يَكُونَ بِهِ بَأْسٌ، وَمَا تَقَدَّمَ عَنْهُ مَحْمُولٌ عَلَى اسْتِحْبَابِ اتِّبَاعِ اللَّفْظِ دُونَ اللُّزُومِ، (وَحَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ وَالْخَطِيبِ) ، وَبَعْضُهُمُ اسْتَدَلَّ لِلْمَنْعِ «بِحَدِيثِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ فِي الدُّعَاءِ، عِنْدَ النَّوْمِ، وَفِيهِ. " وَنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلَتْ "، فَأَعَادَهُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: " وَرَسُولِكَ الَّذِي أَرْسَلَتْ "، فَقَالَ: لَا، وَنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلَتْ.» قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَلَا دَلِيلَ فِيهِ ; لِأَنَّ أَلْفَاظَ الْأَذْكَارِ تَوْقِيفِيَّةٌ، وَرُبَّمَا كَانَ فِي اللَّفْظِ سِرٌّ لَا يَحْصُلُ بِغَيْرِهِ، وَلَعَلَّهُ أَرَادَ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ. قَالَ وَالصَّوَابُ، مَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ، وَكَذَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ، وَقَالَ الْبَدْرُ بْنُ جَمَاعَةَ، لَوْ قِيلَ يَجُوزُ تَغْيِيرُ النَّبِيِّ إِلَى الرَّسُولِ وَلَا يَجُوزُ عَكْسُهُ لَمَا بَعُدَ ; لِأَنَّ فِي الرَّسُولِ مَعْنًى زَائِدًا عَلَى النَّبِيِّ. [الرَّابِعَ عَشَرَ إِذَا كَانَ فِي سَمَاعِهِ بَعْضُ الْوَهَنِ فَعَلَيْهِ بَيَانُهُ حَالَ الرِّوَايَةِ] (الرَّابِعَ عَشَرَ: إِذَا كَانَ فِي سَمَاعِهِ بَعْضُ الْوَهْنِ) أَيِ الضَّعْفِ (فَعَلَيْهِ بَيَانُهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 561 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] حَالَ الرِّوَايَةِ) فَإِنَّ فِي إِغْفَالِهِ نَوْعًا مِنَ التَّدْلِيسِ، وَذَلِكَ كَأَنْ يَسْمَعَ مِنْ غَيْرِ أَصْلٍ، أَوْ يُحَدِّثَ هُوَ أَوِ الشَّيْخُ وَقْتَ الْقِرَاءَةِ، أَوْ حَصَلَ نَوْمٌ أَوْ نَسْخٌ، أَوْ سَمِعَ بِقِرَاءَةِ مُصَحِّفٍ أَوْ لَحَّانٍ. أَوْ كَانَ التَّسْمِيعُ بِخَطِّ مَنْ فِيهِ نَظَرٌ. (وَمِنْهُ إِذَا حَدَّثَهُ مِنْ حِفْظِهِ فِي الْمُذَاكَرَةِ) لِتَسَاهُلِهِمْ فِيهَا، (فَلْيَقُلْ حَدَّثَنَا فِي الْمُذَاكَرَةِ) وَنَحْوِهِ (كَمَا فَعَلَهُ الْأَئِمَّةُ، وَمَنَعَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ) كَابْنِ مَهْدِيٍّ وَابْنِ الْمُبَارَكِ وَأَبِي زُرْعَةَ (الْحَمْلَ عَنْهُمْ حَالَ الْمُذَاكَرَةِ) لِتَسَاهُلِهِمْ فِيهَا ; وَلِأَنَّ الْحِفْظَ خَوَّانٌ. وَامْتَنَعَ جَمَاعَةٌ مِنْ رِوَايَةِ مَا يَحْفَظُونَهُ إِلَّا مِنْ كُتُبِهِمْ لِذَلِكَ، مِنْهُمْ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، (وَإِذَا كَانَ الْحَدِيثُ عَنْ) رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا (ثِقَةٌ، وَ) الْآخَرُ (مَجْرُوحٌ) كَحَدِيثٍ لِأَنَسٍ مَثَلًا، يَرْوِيهِ عَنْهُ ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ، وَأَبَانُ بْنُ أَبِي عَيَّاشٍ (أَوْ) عَنْ (ثِقَتَيْنِ، فَالْأَوْلَى أَنْ يَذَكُرَهُمَا) لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ فِيهِ شَيْءٌ، لِأَحَدِهِمَا لَمْ يَذْكُرْهُ الْآخَرُ، وَحَمْلِ لَفْظِ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ. (فَإِنِ اقْتَصَرَ عَلَى ثِقَةٍ فِيهِمَا لَمْ يَحْرُمْ) ; لِأَنَّ الظَّاهِرَ اتِّفَاقُ الرِّوَايَتَيْنِ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنَ الِاحْتِمَالِ نَادِرٌ بَعِيدٌ، وَمَحْذُورُ الْإِسْقَاطِ فِي الثَّانِي، أَقَلُّ مِنَ الْأَوَّلِ. قَالَ الْخَطِيبُ: وَكَانَ مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ فِي مِثْلِ هَذَا رُبَّمَا أَسْقَطَ الْمَجْرُوحَ، وَيَذْكُرُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 562 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] الثِّقَةَ، ثُمَّ يَقُولُ وَآخَرُ، كِنَايَةٌ عَنِ الْمَجْرُوحِ، قَالَ: وَهَذَا الْقَوْلُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: بَلْ لَهُ فَائِدَةُ تَكْثِيرُ الطُّرُقِ (وَإِذَا سَمِعَ بَعْضَ حَدِيثٍ مِنْ شَيْخٍ وَبَعْضَهُ) الْآخَرُ (مِنْ) شَيْخٍ (آخَرَ، فَرَوَى جُمْلَتَهُ عَنْهُمَا مُبَيِّنًا أَنَّ بَعْضَهُ عَنْ أَحَدِهِمَا، وَبَعْضَهُ عَنِ الْآخَرِ) غَيْرَ مُمَيِّزٍ لِمَا سَمِعَهُ مِنْ كُلِّ شَيْخٍ عَنِ الْآخَرِ (جَازَ، ثُمَّ يَصِيرُ كُلُّ جُزْءٍ مِنْهُ كَأَنَّهُ رَوَاهُ عَنْ أَحَدِهِمَا مُبْهَمًا فَلَا يُحْتَجُّ بِشَيْءٍ مِنْهُ إِنْ كَانَ فِيهِمَا مَجْرُوحٌ) ; لِأَنَّهُ مَا مِنْ جُزْءٍ مِنْهُ إِلَّا وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَنْ ذَلِكَ الْمَجْرُوحِ. (وَيَجِبُ ذِكْرُهُمَا) حِينَئِذٍ (جَمِيعًا مُبَيِّنًا إِنْ كَانَ عَنْ أَحَدِهِمَا بَعْضُهُ وَعَنِ الْآخَرِ بَعْضُهُ) ، وَلَا يَجُوزُ ذِكْرُهُمَا سَاكِتًا عَنْ ذَلِكَ، وَلَا إِسْقَاطَ أَحَدِهِمَا مَجْرُوحًا، كَانَ أَوْ ثِقَةً. وَمِنْ أَمْثِلَةِ ذَلِكَ حَدِيثُ الْإِفْكِ فِي الصَّحِيحِ مِنْ رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ، حَيْثُ قَالَ: حَدَّثَنِي عُرْوَةُ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَعَلْقَمَةُ بْنُ وَقَّاصٍ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَ: وَكُلٌّ قَدْ حَدَّثَنِي طَائِفَةً مِنْ حَدِيثِهَا، وَدَخَلَ حَدِيثَ بَعْضِهِمْ فِي بَعْضٍ، وَأَنَا أَوْعَى، لِحَدِيثِ بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 563 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَقَدِ اعْتَرَضَ بِأَنَّ الْبُخَارِيَّ أَسْقَطَ بَعْضَ شُيُوخِهِ فِي مِثْلِ هَذِهِ الصُّورَةِ، وَاقْتَصَرَ عَلَى وَاحِدٍ، فَقَالَ فِي كِتَابِ الرِّقَاقَ مِنْ صَحِيحِهِ: حَدَّثَنِي أَبُو نُعَيْمٍ بِنِصْفٍ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ، ثَنَا عُمَرُ بْنُ ذَرٍّ، ثَنَا مُجَاهِدٌ، «أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ يَقُولُ: وَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِنْ كُنْتُ لَأَعْتَمِدُ بِكَبِدِي عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْجُوعِ، الْحَدِيثَ.» قَالَ وَالْجَوَابُ: أَنَّ الْمُمْتَنِعَ إِنَّمَا هُوَ إِسْقَاطُ بَعْضِهِمْ، وَإِيرَادُ كُلِّ الْحَدِيثِ عَنْ بَعْضِهِمْ ; لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ قَدْ حَدَّثَ عَنِ الْمَذْكُورِ بِبَعْضِ مَا لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْهُ، فَأَمَّا إِذَا بَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ إِلَّا بَعْضَ الْحَدِيثِ كَمَا فَعَلَ الْبُخَارِيُّ هُنَا فَلَيْسَ بِمُمْتَنِعٍ. وَقَدْ بَيَّنَ الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِ الِاسْتِئْذَانِ الْبَعْضَ الَّذِي سَمِعَهُ مِنْ أَبِي نُعَيْمٍ، فَقَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا عَمْرٌو، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ، أَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَنَا عُمَرُ بْنُ ذَرٍّ، أَنَا مُجَاهِدٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «دَخَلْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَجَدَ لَبَنًا فِي قَدَحٍ، فَقَالَ: أَبَا هِرَّ الْحَقْ أَهْلَ الصُّفَّةِ فَادْعُهُمْ، إِلَيَّ، قَالَ فَأَتَيْتُهُمْ فَدَعَوْتُهُمْ، فَأَقْبَلُوا فَاسْتَأْذَنُوا فَأَذِنَ لَهُمْ فَدَخَلُوا انْتَهَى» . فَهَذَا هُوَ بَعْضُ حَدِيثِ أَبِي نُعَيْمٍ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي الرِّقَاقِ، وَأَمَّا بَقِيَّةُ الْحَدِيثِ فَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْبُخَارِيَّ أَخَذَهُ مِنْ كِتَابِ أَبِي نُعَيْمٍ وِجَادَةً أَوْ إِجَازَةً، أَوْ سَمِعَهُ مِنْ شَيْخٍ آخَرَ غَيْرَ أَبِي نُعَيْمٍ، إِمَّا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَوْ غَيْرُهُ، وَلَمْ يُبَيِّنْ ذَلِكَ، بَلِ اقْتَصَرَ عَلَى اتِّصَالِ بَعْضِ الْحَدِيثِ مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ، وَلَكِنْ مَا مِنْ قِطْعَةٍ مِنْهُ إِلَّا وَهِيَ مُحْتَمَلَةٌ ; لِأَنَّهَا غَيْرُ مُتَّصِلَةٍ بِالسَّمَاعِ، إِلَّا الْقِطْعَةَ الَّتِي صَرَّحَ فِي الِاسْتِئْذَانِ بِاتِّصَالِهَا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 564 النَّوْعُ السَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ: مَعْرِفَةُ آدَابِ الْمُحَدِّثِ: عِلْمُ الْحَدِيثِ شَرِيفٌ، يُنَاسِبُ مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ وَمَحَاسِنَ الشِّيَمِ، وَهُوَ مِنْ عُلُومِ الْآخِرَةِ؛ مَنْ حُرِمَهُ حُرِمَ خَيْرًا عَظِيمًا، وَمَنْ رُزِقَهُ نَالَ فَضْلًا جَزِيلًا؛ فَعَلَى صَاحِبِهِ تَصِحْيحُ النِّيَّةِ، وَتَطْهِيرُ قَلْبِهِ مِنْ أَغْرَاضِ الدُّنْيَا، وَاخْتُلِفَ فِي السِّنِّ الَّذِي يَتَصَدَّى فِيهِ لِإِسْمَاعِهِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ مَتَى احْتِيجَ إِلَى مَا عِنْدَهُ جَلَسَ لَهُ فِي أَيِّ سِنٍّ كَانَ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُمْسِكَ عَنِ التَّحْدِيثِ إِذَا خَشِيَ التَّخَلِيطَ بِهَرَمٍ، أَوْ خَرَفٍ أَوْ عَمًى، وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ النَّاسِ.   [تدريب الراوي] [النَّوْعُ السَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ مَعْرِفَةُ آدَابِ الْمُحَدِّثِ] [شرف علم الحديث] (النَّوْعُ السَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ:) (مَعْرِفَةُ آدَابِ الْمُحَدِّثِ: عِلْمُ الْحَدِيثِ شَرِيفٌ) ، وَكَيْفَ لَا وَهُوَ الْوَصْلَةُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ; وَالْبَاحِثُ عَنْ تَصْحِيحِ أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ وَالذَّبِّ عَنْ أَنْ يُنْسَبَ إِلَيْهِ مَا لَمْ يَقُلْهُ، وَقَدْ قِيلَ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ} [الإسراء: 71] ، لَيْسَ لِأَهْلِ الْحَدِيثِ مَنْقَبَةٌ أَشْرَفَ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا إِمَامَ لَهُمْ غَيْرُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلْأَنَّ سَائِرَ الْعُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ مُحْتَاجَةٌ إِلَيْهِ. أَمَّا الْفِقْهُ فَوَاضِحٌ، وَأَمَّا التَّفْسِيرُ فَلِأَنَّ أَوْلَى مَا فُسِّرَ بِهِ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى مَا ثَبَتَ عَنْ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ. وَهُوَ عَلَمٌ (يُنَاسِبُ مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ وَمَحَاسِنَ الشِّيَمِ) ، وَيُنَافِرُ ضِدَّ ذَلِكَ، (وَهُوَ مِنْ عُلُومِ الْآخِرَةِ) الْمَحْضَةِ، بِخِلَافِ غَيْرِهِ فِي الْجُمْلَةِ. قَالَ أَبُو الْحَسَنِ شَبُّوَيْهِ: مَنْ أَرَادَ عِلْمَ الْقَبْرِ فَعَلَيْهِ بِالْأَثَرِ، وَمَنْ أَرَادَ عِلْمَ الْخَبْزِ فَعَلَيْهِ بِالرَّأْيِ. (مَنْ حُرِمَهُ حُرِمَ خَيْرًا عَظِيمًا، وَمَنْ رُزِقَهُ نَالَ فَضْلًا جَسِيمًا) ، وَيَكْفِيهِ أَنَّهُ يَدْخُلُ فِي دَعْوَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيْثُ قَالَ: «نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مَقَالَتِي فَوَعَاهَا» . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 565 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ أَحَدٌ إِلَّا وَفِي وَجْهِهِ نُضْرَةٌ لِهَذَا الْحَدِيثِ. وَقَالَ: «اللَّهُمَّ ارْحَمْ خُلَفَائِي، قِيلَ: وَمَنْ خُلَفَاؤُكَ؟ قَالَ: الَّذِينَ يَأْتُونَ مِنْ بَعْدِي يَرْوُونَ أَحَادِيثِي وَسُنَّتِي» ، رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَغَيْرُهُ. وَكَأَنَّ تَلْقِيبَ الْمُحَدِّثِ بِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ مَأْخُوذٌ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ. وَقَدْ لُقِّبَ بِهِ جَمَاعَةٌ؛ مِنْهُمْ: سُفْيَانُ، وَابْنُ رَاهَوَيْهِ، وَالْبُخَارِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. (فَعَلَى صَاحِبِهِ تَصْحِيحُ النِّيَّةِ) ، وَإِخْلَاصُهَا، (وَتَطْهِيرُ قَلْبِهِ مِنْ أَغْرَاضِ الدُّنْيَا) وَأَدْنَاسِهَا؛ كَحُبِّ الرِّيَاسَةِ وَنَحْوِهَا، وَلْيَكُنْ أَكْبَرَ هَمِّهِ نَشْرُ الْحَدِيثِ وَالتَّبْلِيغُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فَالْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ. وَقَدْ قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: قُلْتُ لِحَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ: حَدِّثْنَا، قَالَ: حَتَّى تَجِيءَ النِّيَّةُ. وَقِيلَ لِأَبِي الْأَحْوَصِ سَلَّامِ بْنِ سُلَيْمٍ: حَدِّثْنَا، فَقَالَ: لَيْسَ لِي نِيَّةٌ، فَقَالُوا لَهُ: إِنَّكَ تُؤْجَرُ، فَقَالَ: يُمَنُّونِيَ الْخَيْرَ الْكَثِيرَ وَلَيْتَنِي ... نَجَوْتُ كَفَافًا لَا عَلَيَّ وَلَا لِيَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 566 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ إِنَّ لِذِكْرِ الْإِسْنَادِ فِي الْقَلْبِ خُيَلَاءَ. (وَاخْتُلِفَ فِي السِّنِّ الَّذِي) يَحْسُنُ أَنْ (يَتَصَدَّى فِيهِ لِإِسْمَاعِهِ) ؛ فَقَالَ ابْنُ خَلَّادٍ: إِذَا بَلَغَ الْخَمْسِينَ، لِأَنَّهَا انْتِهَاءُ الْكُهُولَةِ، وَفِيهَا مُجْتَمَعُ الْأَشُدِّ. قَالَ: وَلَا يُنْكَرُ عِنْدَ الْأَرْبَعِينَ؛ لِأَنَّهَا حَدُّ الِاسْتِوَاءِ وَمُنْتَهَى الْكَمَالِ، وَعِنْدَهَا يَنْتَهِي عَزْمُ الْإِنْسَانِ وَقُوَّتُهُ، وَيَتَوَفَّرُ عَقْلُهُ وَيَجُودُ رَأْيُهُ. وَأَنْكَرَ ذَلِكَ الْقَاضِي عِيَاضٌ، وَقَالَ: كَمْ مِنَ السَّلَفِ فَمَنْ بَعْدَهُمْ مَنْ لَمْ يَنْتَهِ إِلَى هَذَا السَّنِّ، وَنَشَرَ مِنَ الْحَدِيثِ وَالْعِلْمِ مَا لَا يُحْصَى، كَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، وَجَلَسَ مَالِكٌ لِلنَّاسِ ابْنَ نَيِّفٍ وَعِشْرِينَ، وَقِيلَ: ابْنُ سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَالنَّاسُ مُتَوَافِرُونَ وَشُيُوخُهُ أَحْيَاءٌ؛ رَبِيعَةُ وَالزُّهْرِيُّ وَنَافِعٌ وَابْنُ الْمُنْكَدِرِ وَابْنُ هُرْمُزَ، وَغَيْرُهُمْ، وَكَذَلِكَ الشَّافِعِيُّ وَأَئِمَّةٌ مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ وَالْمُتَأَخِّرِينَ. وَقَدْ حَدَّثَ بُنْدَارٌ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانِيَةَ عَشْرَةَ وَحَدَّثَ الْبُخَارِيُّ وَمَا فِي وَجْهِهِ شَعْرَةٌ، وَهَلُمَّ جَرًّا. وَقَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: مَا قَالَهُ ابْنُ خَلَّادٍ مَحَلُّهُ فِيمَنْ يُؤْخَذُ عَنْهُ الْحَدِيثُ لِمُجَرَّدِ الْإِسْنَادِ مِنْ غَيْرِ بَرَاعَةٍ فِي الْعِلْمِ؛ فَإِنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ لِعُلُوِّ إِسْنَادِهِ إِلَّا عِنْدَ السَّنِّ الْمَذْكُورِ، أَمَّا مَنْ عِنْدَهُ بَرَاعَةٌ فِي الْعِلْمِ فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ عَنْهُ قَبْلَ السَّنِّ الْمَذْكُورِ. قَالَ (وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ مَتَى احْتِيجَ إِلَى مَا عِنْدَهُ جَلَسَ لَهُ فِي أَيِّ سِنٍّ كَانَ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 567 فَصْلٌ: الْأَوْلَى أَنْ لَا يُحَدِّثَ بِحَضْرَةِ مَنْ هُوَ أَوْلَى مِنْهُ لِسِنِّهِ أَوْ عِلْمِهِ أَوْ غَيْرِهِ، وَقِيلَ: يُكْرَهُ أَنْ يُحَدِّثَ فِي بَلَدٍ فِيهِ أَوْلَى مِنْهُ، وَيَنْبَغِي لَهُ إِذَا طُلِبَ مِنْهُ مَا يَعْلَمُهُ عِنْدَ أَرْجَحَ مِنْهُ أَنْ يُرْشِدَ إِلَيْهِ؛ فَالدِّينُ النَّصِيحَةُ. وَلَا يَمْتَنِعُ مِنْ تَحْدِيثِ أَحَدٍ لِكَوْنِهِ غَيْرَ صَحِيحِ النِّيَّةِ فَإَنَّهُ يُرْجَى صِحَّتُهَا، وَلْيَحْرِصْ عَلَى نَشْرِهِ مُبْتَغِيًا جِزَيلَ أَجْرِهِ.   [تدريب الراوي] وَيَنْبَغِي أَنْ يُمْسِكَ عَنِ التَّحْدِيثِ إِذَا خَشِيَ التَّخْلِيطَ بِهَرَمٍ، أَوْ خَرَفٍ، أَوْ عَمًى، وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ النَّاسِ) ، وَضَبَطَهُ ابْنُ خَلَّادٍ بِالثَمَانِينَ، قَالَ: وَالتَّسْبِيحُ وَالذِّكْرُ وَتِلَاوَةُ الْقُرْآنِ أَوْلَى بِهِ. فَإِنْ يَكُنْ ثَابِتَ الْعَقْلِ مُجْتَمِعَ الرَّأْيِ فَلَا بَأْسَ؛ فَقَدْ حَدَّثَ بَعْدَهَا أَنَسٌ، وَسَهْلُ بْنُ سَعْدٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أَوْفَى فِي آخَرِينَ، وَمِنَ التَّابِعِينَ: شُرَيْحٌ الْقَاضِي، وَمُجَاهِدٌ، وَالشَّعْبِيُّ فِي آخَرِينَ، وَمِنْ أَتْبَاعِهِمْ: مَالِكٌ، وَاللَّيْثُ، وَابْنُ عُيَيْنَةَ. وَقَالَ مَالِكٌ: إِنَّمَا يَخْرَفُ الْكَذَّابُونَ. وَحَدَّثَ بَعْدَ الْمِائَةِ مِنَ الصَّحَابَةِ: حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ، وَمِنَ التَّابِعِينَ: شَرِيكٌ النَّمَرِيُّ، وَمِمَّنْ بَعْدَهُمْ: الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ، وَأَبُو الْقَاسِمِ الْبَغَوِيُّ، وَالْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ الطَّبَرِيُّ، وَالسِّلَفِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. [فَصْلٌ الْأَوْلَى أَنْ لَا يُحَدِّثُ بِحَضْرَةِ مَنْ هُوَ أَوْلَى مِنْهُ لِسَنِّهِ أَوْ عِلْمِهِ] (فَصْلٌ: الْأَوْلَى أَنْ لَا يُحَدِّثُ بِحَضْرَةِ مَنْ هُوَ أَوْلَى مِنْهُ لِسَنِّهِ أَوْ عِلْمِهِ، أَوْ غَيْرِهِ) . كَأَنَّهُ يَكُونُ أَعْلَى سَنَدًا، أَوْ سَمَاعُهُ مُتَّصِلًا وَفِي طَرِيقِهِ هُوَ إِجَازَةٌ، وَنَحْوُ ذَلِكَ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 568 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] فَقَدْ كَانَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ لَا يَتَكَلَّمُ بِحَضْرَةِ الشَّعْبِيِّ بِشَيْءٍ. (وَقِيلَ) أَبْلَغُ مِنْ ذَلِكَ (يُكْرَهُ أَنْ يُحَدِّثَ فِي بَلَدٍ فِيهِ أَوْلَى مِنْهُ) . فَقَدْ قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: إِنَّ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَهُوَ أَحْمَقُ. (وَيَنْبَغِي لَهُ إِذَا طُلِبَ مِنْهُ مَا يَعْلَمُهُ عِنْدَ أَرْجَحَ مِنْهُ أَنْ يُرْشِدَ إِلَيْهِ؛ فَالدِّينُ النَّصِيحَةُ) . قَالَ فِي " الِاقْتِرَاحِ ": يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا عِنْدَ الِاسْتِوَاءِ، فِيمَا عَدَا الصِّفَةَ الْمُرَجِّحَةَ، أَمَّا مَعَ التَّفَاوُتِ بِأَنْ يَكُونَ الْأَعْلَى إِسْنَادًا عَامِّيًّا، وَالْأَنْزَلُ عَارِفٌ ضَابِطٌ فَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِي الْإِرْشَادِ إِلَيْهِ، لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ فِي الرِّوَايَةِ عَنْهُ مَا يُوجِبُ خَلَلًا. قُلْتُ: الصَّوَابُ إِطْلَاقُ أَنَّ التَّحْدِيثَ بِحَضْرَةِ الْأَوْلَى لَيْسَ بِمَكْرُوهٍ، وَلَا خِلَافِ الْأَوْلَى، فَقَدِ اسْتَنْبَطَ الْعُلَمَاءُ مِنْ حَدِيثِ: «إِنَّ ابْنِي كَانَ عَسِيفًا» الْحَدِيثَ، وَقَوْلُهُ: سَأَلْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ فَأَخْبَرُونِي أَنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا يُفْتُونَ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي بَلَدِهِ. وَقَدْ عَقَدَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ فِي " الطَّبَقَاتِ " بَابًا لِذَلِكَ، وَأَخْرَجَ بِأَسَانِيدَ فِيهَا الْوَاقِدِيُّ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيًّا، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ، وَأُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ، وَمُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ، وَزَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ، كَانُوا يُفْتُونَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ فِي " الْمَدْخَلِ " بِسَنَدٍ صَحِيحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ أَنَّهُ قَالَ لِسَعِيدِ بْنِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 569 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] جُبَيْرٍ: حَدِّثْ، قَالَ: أُحَدِّثُ وَأَنْتَ شَاهِدٌ، قَالَ: أَوَلَيِسَ مِنْ نِعَمِ اللَّهِ عَلَيْكَ أَنْ تُحَدِّثَ وَأَنَا شَاهِدٌ؛ فَإِنْ أَخْطَأْتَ عَلَّمْتُكَ. تَنْبِيهٌ إِذَا كَانَتْ جَمَاعَةٌ مُشْتَرِكِينَ فِي سَمَاعٍ؛ فَالْإِسْمَاعُ مِنْهُمْ فَرْضُ كِفَايَةٍ، وَلَوْ طُلِبَ مِنْ أَحَدِهِمْ فَامْتَنَعَ لَمْ يَأْثَمْ، فَإِنِ انْحَصَرَ فِيهِ أَثِمَ. (وَلَا يَمْتَنِعُ مِنْ تَحْدِيثِ أَحَدٍ لِكَوْنِهِ غَيْرَ صَحِيحِ النِّيَّةِ؛ فَإِنَّهُ يُرْجَى) لَهُ (صِحَّتُهَا) بَعْدَ ذَلِكَ. قَالَ مَعْمَرٌ وَحَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ: طَلَبْنَا الْحَدِيثَ وَمَا لَنَا فِيهِ نِيَّةٌ، ثُمَّ رَزَقَ اللَّهُ النِّيَّةَ بَعْدُ. وَقَالَ مَعْمَرٌ: إِنَّ الرَّجُلَ لَيَطْلُبُ الْعِلْمَ لِغَيْرِ اللَّهِ فَيَأْبَى عَلَيْهِ الْعِلْمُ حَتَّى يَكُونَ لِلَّهِ. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: مَا كَانَ فِي النَّاسِ أَفْضَلُ مِنْ طَلَبِ الْحَدِيثِ؛ فَقِيلَ: يَطْلُبُونَهُ بِغَيْرِ نِيَّةٍ؟ فَقَالَ: طَلَبُهُمْ إِيَّاهُ نِيَّةٌ. (وَلْيَحْرِصْ عَلَى نَشْرِهِ مُبْتَغِيًا جَزِيلَ أَجْرِهِ) ؛ فَقَدْ كَانَ فِي السَّلَفِ مَنْ يَتَأَلَّفُ النَّاسُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 570 فَصْلٌ: وَيُسْتَحَبُّ لَهُ إِذَا أَرَادَ حُضُورَ مَجْلِسِ التَّحْدِيثِ أَنْ يَتَطَهَّرَ وَيَتَطَيَّبَ وَيُسَرِّحَ لِحِيَتَهُ وَيَجْلِسَ مُتَمَكِّنًا بِوَقَارٍ، فَإِنْ رَفَعَ أَحَدٌ صَوْتَهُ زَبَرَهُ، وَيُقْبِلَ عَلَى الْحَاضِرِينَ كُلِّهِمْ، وَيَفْتَتِحَ مَجْلِسَهُ وَيَخْتَتِمَهُ بِتَحْمِيدِ اللَّهِ تَعَالَى، وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَدُعَاءٍ يَلِيقُ بِالْحَالِ، بَعْدَ قِرَاءَةِ قَارِئٍ حَسَنِ الصَّوْتِ شَيْئًا مِنَ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَلَا يَسْرُدُ الْحَدِيثَ سَرْدًا يَمْنَعُ فَهْمَ بَعْضِهِ.   [تدريب الراوي] عَلَى حَدِيثِهِ، مِنْهُمْ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ. وَمِنَ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي فَضْلِ نَشْرِ الْحَدِيثِ وَالْعِلْمِ: حَدِيثُ الصَّحِيحَيْنِ: «بَلِّغُوا عَنِّي - لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ» . وَحَدِيثُ: «مَنْ أَدَّى إِلَى أُمَّتِي حَدِيثًا وَاحِدًا يُقِيمُ بِهِ سُنَّةً أَوْ يَرُدُّ بِهِ بِدْعَةً فَلَهُ الْجَنَّةُ» ، رَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي الْأَرْبَعِينَ. وَحَدِيثُ الْبَيْهَقِيِّ عَنْ أَبِي ذَرٍّ: «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ لَا نُغْلَبَ عَلَى ثَلَاثٍ: أَنْ نَأْمُرَ بِالْمَعْرُوفِ، وَنَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ، وَنُعَلِّمَ النَّاسَ السُّنَنَ» . [فَصْلٌ ما يُسْتَحَبُّ فعله إِذَا أَرَادَ حُضُورَ مَجْلِسِ التَّحْدِيثِ] (فَصْلٌ: وَيُسْتَحَبُّ لَهُ إِذَا أَرَادَ حُضُورَ مَجْلِسِ التَّحْدِيثِ أَنْ يَتَطَهَّرَ) بِغُسْلٍ وَوُضُوءٍ، (وَيَتَطَيَّبَ) وَيَتَبَخَّرَ، وَيَسْتَاكَ، كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ، (وَيُسَرِّحَ لِحْيَتَهُ، وَيَجْلِسَ) فِي صَدْرِ مَجْلِسِهِ (مُتَمَكِّنًا) فِي جُلُوسِهِ (بِوَقَارٍ) وَهَيْبَةٍ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 571 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَقَدْ كَانَ مَالِكٌ يَفْعَلُ ذَلِكَ، فَقِيلَ لَهُ فَقَالَ: أُحِبُّ أَنْ أُعَظِّمَ حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا أُحَدِّثَ إِلَّا عَلَى طَهَارَةٍ مُتَمَكِّنًا. وَكَانَ يَكْرَهُ أَنْ يُحَدِّثَ فِي الطَّرِيقِ أَوْ وَهُوَ قَائِمٌ، أَسْنَدَهُ الْبَيْهَقِيُّ. وَأَسْنَدَ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: لَقَدْ كَانَ يَسْتَحِبُّ أَنْ لَا يَقْرَأَ الْأَحَادِيثَ إِلَّا عَلَى طَهَارَةٍ. وَعَنْ ضِرَارِ بْنِ مُرَّةَ قَالَ: كَانُوا يَكْرَهُونَ أَنْ يُحَدِّثُوا عَلَى غَيْرِ طُهْرٍ. وَعَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ حَدِيثٍ، وَهُوَ مُضْطَجِعٌ فِي مَرَضِهِ فَجَلَسَ وَحَدَّثَ بِهِ ; فَقِيلَ لَهُ: وَدِدْتُ أَنَّكَ لَمْ تَتَعَنَّ؛ فَقَالَ: كَرِهْتُ أَنْ أُحَدِّثَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا مُضْطَجِعٌ. وَعَنْ بِشْرِ بْنِ الْحَارِثِ أَنَّ ابْنَ الْمُبَارَكِ سُئِلَ عَنْ حَدِيثٍ وَهُوَ يَمْشِي، فَقَالَ: لَيْسَ هَذَا مِنْ تَوْقِيرِ الْعِلْمِ. وَعَنْ مَالِكٍ قَالَ: مَجَالِسُ الْعِلْمِ يُحْتَضَرُ بِالْخُشُوعِ وَالسَّكِينَةِ وَالْوَقَارِ. وَيُكْرَهُ أَنْ يَقُومَ لِأَحَدٍ، فَقَدْ قِيلَ: إِذَا قَامَ الْقَارِئُ لِحَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَحَدٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 572 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] فَإِنَّهُ يُكْتَبُ عَلَيْهِ بِخَطِيئَةٍ. (فَإِنْ رَفَعَ أَحَدٌ صَوْتَهُ) فِي الْمَجْلِسِ (زَبَرَهُ) أَيِ انْتَهَرَهُ وَزَجَرَهُ؛ فَقَدْ كَانَ مَالِكٌ يَفْعَلُ ذَلِكَ أَيْضًا، وَيَقُولُ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} [الحجرات: 2] فَمَنْ رَفَعَ صَوْتَهُ عِنْدَ حَدِيثِهِ؛ فَكَأَنَّمَا رَفَعَ صَوْتَهُ فَوْقَ صَوْتِهِ. (وَيُقْبِلَ عَلَى الْحَاضِرِينَ كُلِّهِمْ) ، فَقَدْ قَالَ حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ: إِنَّ مِنَ السُّنَّةِ إِذَا حَدَّثَ الرَّجُلُ الْقَوْمَ أَنْ يُقْبِلَ عَلَيْهِمْ جَمِيعًا. (وَيَفْتَتِحُ مَجْلِسَهُ وَيَخْتَتِمُهُ بِتَحْمِيدِ اللَّهِ تَعَالَى، وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَدُعَاءٍ يَلِيقُ بِالْحَالِ، بَعْدَ قِرَاءَةِ قَارِئٍ حَسَنِ الصَّوْتِ شَيْئًا مِنَ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ) . فَقَدْ رَوَى الْحَاكِمُ فِي " الْمُسْتَدْرَكِ " عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اجْتَمَعُوا تَذَاكَرُوا الْعِلْمَ وَقَرَءُوا سُورَةً. (وَلَا يَسْرُدُ الْحَدِيثَ سَرْدًا) عَجِلًا (يُمْنَعُ فَهْمَ بَعْضِهِ) ، كَمَا رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ كَانَ لَا يَسْتَعْجِلُ، وَيَقُولُ: أُحِبُّ أَنْ أَفْهَمَ حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 573 فَصْلٌ: يُسْتَحَبُّ لِلْمُحَدِّثِ الْعَارِفِ عَقْدُ مَجْلِسٍ لِإِمْلَاءِ الْحَدِيثِ فَإِنَّهُ أَعْلَى مَرَاتِبِ الرِّوَايَةِ، وَيَتَّخِذُ مُسْتَمْلِيًا مُحَصِّلًا مُتَيَقِّظًا يُبَلِّغُ عَنْهُ إِذَا كَثُرَ الْجَمْعُ عَلَى عَادَةِ الْحُفَّاظِ، وَيَسْتَمْلِي مُرْتَفِعًا وَإلَّا قَائِمًا وَعَلَيْهِ تَبْلِيغُ لَفْظِهِ عَلَى وَجْهِهِ. وَفَائِدَةُ الْمُسْتَمْلِي تَفْهِيمُ السَّامِعِ عَلَى بُعْدٍ، وَأَمَّا مَنْ لَمْ يَسْمَعْ إِلَّا الْمُبَلِّغَ فَلَا يَجُوزُ لَهُ رِوَايَتُهُ عَنِ الْمُمْلِي إِلَّا أَنْ يُبَيِّنَ الْحَالَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا فِي الرَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ. وَيَسْتَنْصِتُ الْمُسْتَمْلِي النَّاسَ بَعْدَ قِرَاءَةِ قَارِئٍ حَسَنِ الصَّوْتِ شَيْئًا مِنَ الْقُرْآنِ، ثُمَّ يُبَسْمِلُ وَيَحْمَدُ اللَّهَ تَعَالَى وَيُصَلِّي عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَتَحَرَّى الْأَبْلَغَ فِيهِ، ثُمَّ يَقُولُ لِلْمُحَدِّثِ مَنْ أَوْ مَا ذَكَرْتَ رَحِمَكَ اللَّهُ؟ أَوْ رَضِيَ عَنْكَ وَمَا أَشْبَهَهُ، وَكُلَّمَا ذَكَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. . قَالَ الْخَطِيبُ: وَيَرْفَعُ بِهَا صَوْتَهُ، وَإِذَا ذَكَرَ صحَابِيًّا: رَضِيَ عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ ابْنَ صَحَابِيٍّ قَالَ: رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، وَيَحْسُنُ بِالْمُحَدِّثِ الثَّنَاءُ عَلَى شَيْخِهِ حَالَ الرِّوَايَةِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ كَمَا فَعَلَهُ جَمَاعَاتٌ مِنَ السَّلَفِ، وَلْيَعْتَنِ بِالدُّعَاءِ لَهُ فَهُوَ أَهَمُّ، وَلَا بَأْسَ بِذِكْرِ مَنْ يَرْوِي عَنْهُ بِلَقَبٍ أَوْ وَصْفٍ أَوْ حِرْفَةٍ أَوْ أُمٍّ عُرِفَ بِهَا. وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَجْمَعَ فِي إِمْلَائِهِ جَمَاعَةً مِنْ شُيُوخِهِ مُقَدِّمًا أَرْجَحَهُمْ، ويرَوِيَ عَنْ كُلِّ شَيْخٍ حَدِيثًا ويخَتَارَ مَا عَلَا سَنَدُهُ وَقَصُرَ مَتْنُهُ، وَالْمُسْتَفَادُ مِنْهُ، وَيُنَبِّهَ عَلَى صِحَّتِهِ وَمَا فِيهِ مِنْ عُلُوٍّ وَفَائِدَةٍ، وَضَبْطِ مُشْكِلٍ، وَلْيَجْتَنِبْ مَا لَا تَحْتَمِلُهُ عَقُولُهُمْ وَمَا لَا يَفْهَمُونَهُ، وَيَخْتِمَ الْإِمْلَاءَ بِحَكَايَاتٍ وَنَوَادِرَ وَإِنْشَادَاتٍ بِأَسَانِيدِهَا، وَأَوْلَاهَا مَا فِي الزُّهْدِ، وَالْآدَابِ، وَمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ. وَإِذَا قَصَرَ الْمُحَدِّثُ أَوِ اشْتَغَلَ عَنِ تَخْرِيجِ الْإِمْلَاءِ اسْتَعَانَ بِبَعْضِ الْحُفَّاظِ، وَإِذَا فَرَغَ الْإِمْلَاءُ قَابَلَهُ وَأَتْقَنَهُ.   [تدريب الراوي] وَأَوْرَدَ الْبَيْهَقِيُّ فِي ذَلِكَ حَدِيثَ الْبُخَارِيِّ عَنْ عُرْوَةَ قَالَ: «جَلَسَ أَبُو هُرَيْرَةَ إِلَى جَنْبِ حُجْرَةِ عَائِشَةَ وَهِيَ تُصَلِّي فَجَعَلَ يُحَدِّثُ، فَلَمَّا قَضَتْ صَلَاتَهَا قَالَتْ: ألَا تَعْجَبُ إِلَى هَذَا؟ وَحَدِيثَهُ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا كَانَ يُحَدِّثُ حَدِيثًا لَوْ عَدَّهُ الْعَادُّ أَحْصَاهُ.» وَفِي لَفْظٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ: «إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يَسْرُدُ الْحَدِيثَ كَسَرْدِكُمْ» . وَفِي لَفْظٍ عِنْدَ الْبَيْهَقِيِّ عَقِيبَهُ: «إِنَّمَا كَانَ حَدِيثُهُ فَصْلًا تَفْهَمُهُ الْقُلُوبُ» . [فَصْلٌ يُسْتَحَبُّ للمحدث عقد مجلس الإملاء] (فَصْلٌ: يُسْتَحَبُّ لِلْمُحَدِّثِ الْعَارِفِ عَقْدُ مَجْلِسٍ لِإِمْلَاءِ الْحَدِيثِ فَإِنَّهُ أَعْلَى مَرَاتِبِ الرِّوَايَةِ) ، وَالسَّمَاعُ فِيهِ أَحْسَنُ وُجُوهِ التَّحَمُّلِ وَأَقْوَاهَا. رَوَى ابْنُ عَدِيٍّ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي " الْمَدْخَلِ " مِنْ طَرِيقِهِ: أَنْبَأَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَمُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ الدِّمَشْقِيَّانِ، قَالَا: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، ثَنَا أَبُو الْخَطَّابِ مَعْرُوفٌ الْخَيَّاطُ، قَالَ: رَأَيْتُ وَاثِلَةَ بْنَ الْأَسْقَعِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ يُمْلِي عَلَى النَّاسِ الْأَحَادِيثَ، وَهُمْ يَكْتُبُونَهَا بَيْنَ يَدَيْهِ. (وَيَتَّخِذُ مُسْتَمْلِيًّا مُحَصِّلًا مُتَيَقِّظًا يُبَلِّغُ عَنْهُ إِذَا كَثُرَ الْجَمْعُ عَلَى عَادَةِ الْحُفَّاظِ) فِي ذَلِكَ، كَمَا رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ، وَشُعْبَةَ وَوَكِيعٍ وَخَلَائِقَ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 574 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ رَافِعِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ النَّاسَ بِمِنًى حِينَ ارْتَفَعَ الضُّحَى عَلَى بَغْلَةٍ شَهْبَاءَ. وَعَلِيٌّ يُعَبِّرُ عَنْهُ» . وَفِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي جَمْرَةَ قَالَ: كُنْتُ أُتَرْجِمُ بَيْنَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَبَيْنَ النَّاسِ. فَإِنْ كَثُرَ الْجَمْعُ بِحَيْثُ لَا يَكْفِي مُسْتَمْلٍ اتَّخَذَ مُسْتَمْلِيَيْنِ فَأَكْثَرَ، فَقَدْ أَمْلَى أَبُو مُسْلِمٍ الْكَجِّيُّ فِي رَحْبَةِ غَسَّانَ، وَكَانَ فِي مَجْلِسِهِ سَبْعَةُ مُسْتَمْلِينَ يَبْلُغُ كُلُّ وَاحِدٍ صَاحِبَهُ الَّذِي يَلِيهِ، وَحَضَرَ عِنْدَهُ نَيِّفٌ وَأَرْبَعُونَ أَلْفَ مَحْبَرَةٍ سِوَى النَّظَّارَةِ. وَكَانَ يَحْضُرُ مَجْلِسَ عَاصِمِ بْنِ عَلِيٍّ أَكْثَرُ مِنْ مِائَةِ أَلْفِ إِنْسَانٍ. وَلَا يَكُونُ الْمُسْتَمْلِي بَلِيدًا، كَمُسْتَمْلِي يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ، حَيْثُ سُئِلَ يَزِيدُ عَنْ حَدِيثٍ فَقَالَ: حَدَّثَنَا بِهِ عِدَّةٌ، فَصَاحَ الْمُسْتَمْلِي: يَا أَبَا خَالِدٍ عِدَّةُ ابْنُ مَنْ؟ فَقَالَ لَهُ: ابْنُ فَقَدْتُكَ. وَمِنْ لَطِيفِ مَا وَرَدَ فِي الِاسْتِمْلَاءِ، مَا حَكَاهُ الْمِزِّيُّ فِي تَهْذِيبِهِ عَنْ عَبْدَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمَرْوَزِيِّ قَالَ: رَأَيْتُ الْحَافِظَ يَعْقُوبَ بْنَ سُفْيَانَ الْفَسَوِيَّ فِي النَّوْمِ، فَقُلْتُ مَا فَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى بِكَ، قَالَ: غَفَرَ لِي وَأَمَرَنِي أَنْ أُحَدِّثَ فِي السَّمَاءِ السَّابِعَةِ كَمَا كُنْتُ أُحَدِّثُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 575 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] فِي الْأَرْضِ، فَحَدَّثْتُ فِي السَّمَاءِ السَّابِعَةِ، فَاجْتَمَعَ عَلَيَّ الْمَلَائِكَةُ وَاسْتَمْلَى عَلِيَّ جِبْرِيلُ، وَكَتَبُوا بِأَقْلَامٍ مِنَ الذَّهَبِ. وَعَنْ أَحْمَدَ بْنِ جَعْفَرٍ التُّسْتَرِيِّ قَالَ: لَمَّا جَاءَنِي يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ رَأَيْتُهُ فِي النَّوْمِ كَأَنَّهُ يُحَدِّثُ فِي السَّمَاءِ السَّابِعَةِ وَجِبْرِيلُ يَسْتَمْلِي عَلَيْهِ. (وَيَسْتَمْلِي مُرْتَفِعًا) عَلَى كُرْسِيٍّ وَنَحْوِهِ، (وَإِلَّا قَائِمًا) عَلَى قَدَمَيْهِ، لِيَكُونَ أَبْلَغَ لِلسَّامِعِينَ، (وَعَلَيْهِ) أَيِ الْمُسْتَمْلِي وُجُوبًا (تَبْلِيغُ لَفْظِهِ) أَيِ الْمُمْلِي وَأَدَاؤُهُ (عَلَى وَجْهِهِ) مِنْ غَيْرِ تَغْيِيرٍ. (وَفَائِدَةُ الْمُسْتَمْلِي تَفْهِيمُ السَّامِعِ) لَفْظَ الْمُمْلِي (عَلَى بُعْدٍ) لِيَتَحَقَّقَهُ بِصَوْتِهِ. (وَأَمَّا مَنْ لَمْ يَسْمَعْ إِلَّا الْمُبَلِّغَ، فَلَا يَجُوزُ لَهُ رِوَايَتُهُ عَنِ الْمُمْلِي؛ إِلَّا أَنْ يُبَيِّنَ الْحَالَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا) بِمَا فِيهِ (فِي) النَّوْعِ (الرَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ) . (وَيَسْتَنْصِتُ الْمُسْتَمْلِي النَّاسَ) أَيْ أَهْلَ الْمَجْلِسِ، حَيْثُ احْتِيجَ لِلِاسْتِنْصَاتِ، فَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ «حَدِيثِ جَرِيرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ: اسْتَنْصِتِ النَّاسَ» ، (بَعْدَ قِرَاءَةِ قَارِئٍ حَسَنِ الصَّوْتِ شَيْئًا مِنَ الْقُرْآنِ) لِمَا تَقَدَّمَ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 576 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] (ثُمَّ يُبَسْمِلُ) الْمُسْتَمْلِي، (وَيَحْمَدُ اللَّهَ تَعَالَى، وَيُصَلِّي عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيَتَحَرَّى الْأَبْلَغَ فِيهِ) مِنْ أَلْفَاظِ الْحَمْدِ وَالصَّلَاةِ. وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي " الرَّوْضَةِ " عَنِ الْمُتَوَلِّي وَجَمَاعَةٍ مِنَ الْخُرَاسَانِيِّينَ: أَنَّ أَبْلَغَ أَلْفَاظِ الْحَمْدِ، الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا يُوَافِي نِعَمَهُ وَيُكَافِئُ مَزِيدَهُ، وَقَالَ: لَيْسَ لِذَلِكَ دَلِيلٌ مُعْتَمَدٌ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: بَلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لِأَنَّهُ فَاتِحَةُ الْكِتَابِ وَآخِرُ دَعْوَى أَهْلِ الْجَنَّةِ؛ فَيَنْبَغِي الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا. وَنَقَلَ فِي " الرَّوْضَةِ " عَنْ إِبْرَاهِيمَ الْمَرْوَزِيِّ: أَنَّ أَبْلَغَ أَلْفَاظِ الصَّلَاةِ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ كُلَّمَا ذَكَرَهُ الذَّاكِرُونَ وَغَفَلَ عَنْ ذِكْرِهِ الْغَافِلُونَ، ثُمَّ قَالَ: وَالصَّوَابُ الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُجْزَمَ بِهِ، أَنَّ أَبْلَغَهَا مَا عَلَّمَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ حَيْثُ قَالُوا: كَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ فَقَالَ: قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ فِي الْعَالَمِينَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ. (ثُمَّ يَقُولُ) الْمُسْتَمْلِي (لِلْمُحَدِّثِ) الْمُمْلِي (مَنْ؟) ذَكَرْتَ أَيْ مِنَ الشُّيُوخِ، (أَوْ مَا ذَكَرْتَ) أَيْ مِنَ الْأَحَادِيثِ، (رَحِمَكَ اللَّهُ، أَوْ رَضِيَ عَنْكَ، وَمَا أَشْبَهَهُ) . قَالَ يَحْيَى بْنُ أَكْثَمَ: نِلْتُ الْقَضَاءَ، أَوْ قَضَاءَ الْقُضَاةِ، وَالْوِزَارَةَ، وَكَذَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 577 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَكَذَا، مَا سُرِرْتُ بِشَيْءٍ مِثْلِ قَوْلِ الْمُسْتَمْلِيِّ، مَنْ ذَكَرْتَ رَحِمَكَ اللَّهُ. (وَكُلَّمَا ذَكَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهَ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى) الْمُسْتَمْلِي (عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) . (قَالَ الْخَطِيبُ: وَيَرْفَعُ بِهَا صَوْتَهُ وَإِذَا ذَكَرَ صَحَابِيًّا رَضَّى عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ ابْنَ صَحَابِيٍّ قَالَ: رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا) . وَكَذَا يَتَرَحَّمُ عَلَى الْأَئِمَّةِ، فَقَدْ رَوَى الْخَطِيبُ أَنَّ الرَّبِيعَ بْنَ سُلَيْمَانَ قَالَ لَهُ الْقَارِئُ يَوْمًا: حَدَّثَكُمُ الشَّافِعِيُّ، وَلَمْ يَقُلْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ الرَّبِيعُ: وَلَا حَرْفَ حَتَّى يُقَالَ: رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. 1 - (وَيَحْسُنُ بِالْمُحَدِّثِ الثَّنَاءُ عَلَى شَيْخِهِ حَالَ الرِّوَايَةِ) عَنْهُ (بِمَا هُوَ أَهْلُهُ كَمَا فَعَلَهُ جَمَاعَاتٌ مِنَ السَّلَفِ) كَقَوْلِ أَبِي مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِيِّ: حَدَّثَنِي الْحَبِيبُ الْأَمِينُ عَوْفُ بْنُ مُسْلِمٍ. وَكَقَوْلِ مَسْرُوقٍ: حَدَّثَتْنِي الصِّدِّيقَةُ بِنْتُ الصِّدِّيقِ حَبِيبَةُ حَبِيبِ اللَّهِ الْمُبَرَّأَةُ. وَكَقَوْلِ عَطَاءٍ: حَدَّثَنِي الْبَحْرُ، يَعْنِي ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا. وَكَقَوْلِ شُعْبَةَ: حَدَّثَنِي سَيِّدُ الْفُقَهَاءِ أَيُّوبُ. وَكَقَوْلِ وَكِيعٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فِي الْحَدِيثِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 578 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] (وَلْيَعْتَنِ بِالدُّعَاءِ لَهُ فَهُوَ أَهَمُّ) مِنَ الثَّنَاءِ الْمَذْكُورِ. وَيَجْمَعُ فِي الشَّيْخِ بَيْنَ اسْمِهِ وَكُنْيَتِهِ فَهُوَ أَبْلَغُ فِي إِعْظَامِهِ. قَالَ الْخَطِيبُ: لَكِنْ يَقْتَصِرُ فِي الرِّوَايَةِ عَلَى اسْمِ مَنْ لَا يُشْكِلُ: كَأَيُّوبَ، وَيُونُسَ، وَمَالِكٍ، وَاللَّيْثِ، وَنَحْوِهِمْ، وَكَذَا عَلَى نِسْبَةِ مَنْ هُوَ مَشْهُورٌ بِهَا: كَابْنِ عَوْنٍ، وَابْنِ جُرَيْجٍ، وَالشَّعْبِيِّ، وَالنَّخَعِيِّ، وَالثَّوْرِيِّ، وَالزُّهْرِيِّ، وَنَحْوِ ذَلِكَ. (وَلَا بَأْسَ بِذِكْرِ مَنْ يَرْوِي عَنْهُ بِلَقَبٍ) كَغُنْدَرٍ، (أَوْ وَصْفٍ) كَالْأَعْمَشِ، (أَوْ حِرْفَةٍ) كَالْخَيَّاطِ، (أَوْ أُمٍّ) كَابْنِ عُلَيَّةَ، وَإِنْ كُرِهَ ذَلِكَ، إِذَا (عُرِفَ بِهَا) ، وَقَصَدَ تَعْرِيفَهُ لَا عَيْبَهُ. (وَيُسْتَحَبُّ) لِلْمُمْلِي (أَنْ يَجْمَعَ فِي إِمْلَائِهِ) الرِّوَايَةَ (عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ شُيُوخِهِ) ، وَلَا يَقْتَصِرَ عَلَى شَيْخٍ وَاحِدٍ (مُقَدِّمًا أَرْجَحَهُمْ) بِعُلُوِّ سَنَدٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَلَا يَرْوِي إِلَّا عَنْ ثِقَاتٍ مِنْ شُيُوخِهِ، دُونَ كَذَّابٍ أَوْ فَاسِقٍ أَوْ مُبْتَدِعٍ. رَوَى مُسْلِمٌ فِي مُقَدِّمَةِ صَحِيحِهِ عَنِ ابْنِ مَهْدِيٍّ قَالَ: لَا يَكُونُ الرَّجُلُ إِمَامًا وَهُوَ يُحَدِّثُ بِكُلِّ مَا سَمِعَ، وَلَا يَكُونُ الرَّجُلُ إِمَامًا وَهُوَ يُحَدِّثُ عَنْ كُلِّ أَحَدٍ. (وَيَرْوِيَ عَنْ كُلِّ شَيْخٍ حَدِيثًا) وَاحِدًا فِي مَجْلِسٍ، (وَيَخْتَارَ) مِنَ الْأَحَادِيثِ (مَا عَلَا سَنَدُهُ، وَقَصُرَ مَتْنُهُ) وَكَانَ فِي الْفِقْهِ أَوِ التَّرْغِيبِ. قَالَ عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 579 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَظِيفَتُنَا مِائَةٌ لِلْغَرِيبِ ... فِي كُلِّ يَوْمٍ سِوَى مَا يُعَادْ شَرِيكِيَّةٌ أَوْ هُشَيْمِيَّةٌ ... أَحَادِيثُ فِقْهٍ فَصَارَ جِيَادَ (وَ) يَتَحَرَّى (الْمُسْتَفَادَ مِنْهُ، وَيُنَبِّهُ عَلَى صِحَّتِهِ) أَيِ الْحَدِيثِ، أَوْ حُسْنِهِ، أَوْ ضَعْفِهِ، أَوْ عِلَّتِهِ إِنْ كَانَ مَعْلُولًا، (وَ) عَلَى (مَا فِيهِ مِنْ عُلُوٍّ) ، وَجَلَالَةٍ فِي الْإِسْنَادِ، (وَفَائِدَةٍ) فِي الْحَدِيثِ أَوِ السَّنَدِ، كَتَقْدِيمِ تَارِيخِ سَمَاعِهِ، وَانْفِرَادِهِ عَنْ شَيْخِهِ، وَكَوْنِهِ لَا يُوجَدُ إِلَّا عِنْدَهُ، (وَضَبْطِ مُشْكِلٍ) فِي الْأَسْمَاءِ، أَوْ غَرِيبٍ، أَوْ مَعْنًى غَامِضٍ فِي الْمَتْنِ. (وَلْيَجْتَنِبْ) مِنَ الْأَحَادِيثِ (مَا لَا تَحْتَمِلُهُ عُقُولُهُمْ، وَمَا لَا يَفْهَمُونَهُ) كَأَحَادِيثِ الصِّفَاتِ، لِمَا لَا يُؤْمَنُ عَلَيْهِمْ مِنَ الْخَطَأِ وَالْوَهْمِ وَالْوُقُوعِ فِي التَّشْبِيهِ وَالتَّجْسِيمِ. فَقَدْ قَالَ عَلِيٌّ: تُحِبُّونَ أَنْ يُكَذَّبَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ؟ حَدِّثُوا النَّاسَ بِمَا يَعْرِفُونَ، وَدَعُوا مَا يُنْكِرُونَ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ فِي " الشُّعَبِ " عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا حَدَّثْتُمُ النَّاسَ عَنْ رَبِّهِمْ فَلَا تُحَدِّثُوهُمْ بِمَا يَغْرُبُ أَوْ يَشُقُّ عَلَيْهِمْ» . وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: مَا أَنْتَ بِمُحَدِّثٍ قَوْمًا حَدِيثًا لَا تَبْلُغُهُ عُقُولُهُمْ إِلَّا كَانَ لِبَعْضِهِمْ فِتْنَةً، رَوَاهُ مُسْلِمٌ. قَالَ الْخَطِيبُ: وَيَجْتَنِبُ أَيْضًا فِي رِوَايَتِهِ لِلْعَوَامِّ أَحَادِيثَ الرُّخَصِ، وَمَا شَجَرَ بَيْنَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 580 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] الصَّحَابَةِ، وَالْإِسْرَائِيلِيَّاتِ. (وَيَخْتِمُ الْإِمْلَاءَ بِحِكَايَاتٍ وَنَوَادِرَ وَإِنْشَادَاتٍ بِأَسَانِيدِهَا) كَعَادَةِ الْأَئِمَّةِ فِي ذَلِكَ. وَقَدِ اسْتَدَلَّ لَهُ الْخَطِيبُ بِمَا رَوَاهُ عَنْ عَلِيٍّ؛ قَالَ: رَوِّحُوا الْقُلُوبَ وَابْتَغُوا لَهَا طَرَفَ الْحِكْمَةِ. وَكَانَ الزُّهْرِيُّ يَقُولُ لِأَصْحَابِهِ: هَاتُوا مِنْ أَشْعَارِكُمْ، هَاتُوا مِنْ أَحَادِيثِكُمْ فَإِنَّ الْأُذُنَ مَجَّاجَةٌ وَالْقَلْبَ حَمْضٌ. (وَأَوْلَاهَا مَا فِي الزُّهْدِ وَالْآدَابِ وَمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ) هَذَا مِنْ زَوَائِدِ الْمُصَنَّفِ. (وَإِذَا قَصَرَ الْمُحَدِّثُ) عَنْ تَخْرِيجِ الْإِمْلَاءِ لِقُصُورِهِ عَنِ الْمَعْرِفَةِ بِالْحَدِيثِ، وَعِلَلِهِ، وَاخْتِلَافِ وُجُوهِهِ، (أَوِ اشْتَغَلَ عَنْ تَخْرِيجِ الْإِمْلَاءِ اسْتَعَانَ بِبَعْضِ الْحُفَّاظِ) فِي تَخْرِيجِ الْأَحَادِيثِ الَّتِي يُرِيدُ إِمْلَاءَهَا قَبْلَ يَوْمِ مَجْلِسِهِ، فَقَدْ فَعَلَهُ جَمَاعَةٌ كَأَبِي الْحُسَيْنِ بْنِ بِشْرَانَ، وَأَبِي الْقَاسِمِ السَّرَّاجِ، وَخَلَائِقَ. (وَإِذَا فَرَغَ الْإِمْلَاءُ قَابَلَهُ وَأَتْقَنَهُ) لِإِصْلَاحِ مَا فَسَدَ مِنْهُ بِزَيْغِ الْقَلَمِ وَطُغْيَانِهِ، وَفِيهِ حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - السَّابِقُ فِي فَرْعِ الْمُقَابَلَةِ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَقَدْ رَخَّصَ ابْنُ الصَّلَاحِ هُنَاكَ فِي الرِّوَايَةِ بِدُونِهَا بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 581 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَلَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ هُنَا، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُحْمَلَ هَذَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَيُحْتَمَلُ الْفَرْقُ بَيْنَ النُّسَخِ مِنْ أَصْلِ السَّمَاعِ وَالنُّسَخِ مِنْ إِمْلَاءِ الشَّيْخِ حِفْظًا؛ لِأَنَّ الْحِفْظَ خَوَّانٌ. قَالَ: وَلَكِنَّ الْمُقَابَلَةَ لِلْإِمْلَاءِ أَيْضًا إِنَّمَا هِيَ مَعَ الشَّيْخِ أَيْضًا مِنْ حِفْظِهِ، لَا عَلَى أُصُولِهِ. قُلْتُ: جَرَتْ عَادَتُنَا بِتَخْرِيجِ الْإِمْلَاءِ وَتَحْرِيرِهِ فِي كُرَّاسَةٍ، ثُمَّ نُمْلِي حِفْظًا، وَإِذَا نَجَزَ قَابَلَهُ الْمُمْلِي مَعَنَا عَلَى الْأَصْلِ الَّذِي حَرَّرْنَاهُ؛ وَذَلِكَ غَايَةُ الْإِتْقَانِ، وَقَدْ كَانَ الْإِمْلَاءُ دَرَسَ بَعْدَ ابْنِ الصَّلَاحِ إِلَى أَوَاخِرِ أَيَّامِ الْحَافِظِ أَبِي الْفَضْلِ الْعِرَاقِيِّ؛ فَافْتَتَحَهُ سَنَةَ سِتٍّ وَتِسْعِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ، فَأَمْلَى أَرْبَعَمِائَةِ مَجْلِسٍ وَبِضْعَةَ عَشَرَ مَجْلِسًا إِلَى سَنَةِ مَوْتِهِ سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِمِائَةٍ، ثُمَّ أَمْلَى وَلَدُهُ إِلَى أَنْ مَاتَ - سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِينَ - سِتَّمِائَةِ مَجْلِسٍ وَكَسْرًا. ثُمَّ أَمْلَى شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ حَجَرٍ إِلَى أَنْ مَاتَ سَنَةَ ثِنْتَيْنِ وَخَمْسِينَ أَكْثَرَ مِنْ أَلْفِ مَجْلِسٍ، ثُمَّ دَرَسَ تِسْعَ عَشْرَةَ سَنَةً، فَافْتَتَحْتُهُ أَوَّلَ سَنَةِ ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ، فَأَمْلَيْتُ ثَمَانِينَ مَجْلِسًا ثُمَّ خَمْسِينَ أُخْرَى. وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُمْلِيَ فِي الْأُسْبُوعِ إِلَّا يَوْمًا وَاحِدًا؛ لِحَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ: «كَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ يُذَكِّرُ النَّاسَ فِي كُلِّ يَوْمِ خَمِيسٍ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: لَوَدِدْنَا أَنَّكَ ذَكَّرْتَنَا كُلَّ يَوْمٍ، فَقَالَ: أَمَا إِنَّهُ مَا يَمْنَعُنِي مِنْ ذَلِكَ إِلَّا أَنِّي أَكْرَهُ أَنْ أُمِلَّكُمْ، وَإِنِّي أَتَخَوَّلُكُمْ بِالْمَوْعِظَةِ كَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَخَوَّلُنَا بِالْمَوْعِظَةِ مَخَافَةَ السَّآمَةِ عَلَيْنَا» . وَرَوَى الْبُخَارِيُّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: حَدِّثِ النَّاسَ كُلَّ جُمُعَةٍ مَرَّةً فَإِنْ أَبَيْتَ فَمَرَّتَيْنِ، فَإِنْ أَكْثَرْتَ فَثَلَاثَ مِرَارٍ، وَلَا تُمِلَّ النَّاسَ هَذَا الْقُرْآنَ، وَلَا تَأْتِ الْقَوْمَ وَهُمْ فِي حَدِيثٍ فَتَقْطَعَ عَلَيْهِمْ حَدِيثَهُمْ، وَلَكِنْ أَنْصِتْ؛ فَإِذَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 582 النَّوْعُ الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ: مَعْرِفَةُ آدَابِ طَالِبِ الْحَدِيثِ: قَدْ تَقَدَّمَ مِنْهُ جُمَلٌ مُفَرَّقَةٌ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ تَصْحِيحُ النِّيَّةِ، وَالْإِخْلَاصُ لِلَّهِ تَعَالَى فِي طَلَبِهِ، وَالْحَذَرُ مِنَ التَوصُّلِ بِهِ إِلَى أَغْرَاضِ الدُّنْيَا، وَيَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى التَّوْفِيقَ وَالتَّسْدِيدَ وَالتَّيْسِيرَ، وَيَسْتَعْمِلُ الْأَخْلَاقَ الْجَمِيلَةَ وَالْآدَابَ، ثُمَّ لْيُفْرِغْ جَهْدَهُ فِي تَحْصِيلِهِ وَيَغْتَنِمْ إِمْكَانَهُ. وَيَبْدَأُ بِالسَّمَاعِ مِنْ أَرْجَحِ شُيُوخِ بَلَدِهِ إسْنَادًا وَعِلْمًا وَشُهْرَةً وَدِينًا، وَغَيْرَهُ؛ فَإِذَا فَرَغَ مِنْ مُهِمَّاتِهِمْ فَلْيَرْحَلْ عَلَى عَادَةِ الْحُفَّاظِ الْمُبَرَّزِينَ، وَلَا يَحْمِلَنَّهُ الشَّرَهُ عَلَى التَّسَاهُلِ فِي التَّحَمُّلِ فَيُخِلَّ بِشَيْءٍ مِنْ شُرُوطِهِ. وَيَنْبَغِي أَنْ يَسْتَعْمِلَ مَا يَسْمَعُهُ مِنْ أَحَادِيثِ الْعِبَادَاتِ وَالْآدَابِ؛ فَذَلِكَ زَكَاةُ الْحَدِيثِ وَسَبَبُ حِفْظِهِ.   [تدريب الراوي] أَمَرُوكَ فَحَدِّثْهُمْ، وَهُمْ يَشْتَهُونَهُ. وَلَمْ أَظْفَرْ لِأَحَدٍ بِتَعْيِينِ يَوْمِ الْإِمْلَاءِ وَلَا وَقْتِهِ؛ إِلَّا أَنَّ غَالِبَ الْحُفَّاظِ كَابْنِ عَسَاكِرَ وَابْنِ السَّمْعَانِيِّ، وَالْخَطِيبِ، كَانُوا يُمْلُونَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بَعْدَ صَلَاتِهَا، فَتَبِعْتُهُمْ فِي ذَلِكَ، وَقَدْ ظَفِرْتُ بِحَدِيثٍ يَدُلُّ عَلَى اسْتِحْبَابِهِ بَعْدَ عَصْرِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، وَهُوَ مَا أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي " الشُّعَبِ " عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا: «مَنْ صَلَّى الْعَصْرَ ثُمَّ جَلَسَ يُمْلِي خَبَرًا حَتَّى يُمْسِيَ كَانَ أَفْضَلَ مِمَّنْ أَعْتَقَ ثَمَانِيَةً مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ» . [النَّوْعُ الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ مَعْرِفَةُ آدَابِ طَالِبِ الْحَدِيثِ] [يَجِبُ عَلَيْهِ تَصْحِيحُ النِّيَّةِ وَالْإِخْلَاصُ لِلَّهِ تَعَالَى] (النَّوْعُ الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ: مَعْرِفَةُ آدَابِ طَالِبِ الْحَدِيثِ، قَدْ تَقَدَّمَ مِنْهُ جُمَلٌ مُتَفَرِّقَةٌ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ تَصْحِيحُ النِّيَّةِ، وَالْإِخْلَاصُ لِلَّهِ تَعَالَى فِي طَلَبِهِ، وَالْحَذَرُ مِنَ التَّوَصُّلِ بِهِ إِلَى أَغْرَاضِ الدُّنْيَا) . فَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( «مَنْ تَعَلَّمَ عِلْمًا مِمَّا يُبْتَغَى بِهِ وَجْهُ اللَّهِ تَعَالَى لَا يَتَعَلَّمُهُ إِلَّا لِيُصِيبَ بِهِ غَرَضًا مِنَ الدُّنْيَا، لَمْ يَجِدْ عَرْفَ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ) . وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ: مَنْ طَلَبَ الْحَدِيثَ لِغَيْرِ اللَّهِ مَكَرَ بِهِ. وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: مَا أَعْلَمُ عَمَلًا هُوَ أَفْضَلَ مِنْ طَلَبِ الْحَدِيثِ لِمَنْ أَرَادَ اللَّهَ تَعَالَى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 583 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَمِنْ أَقْرَبِ الْوُجُوهِ فِي إِصْلَاحِ النِّيَّةِ فِيهِ مَا رُوِّينَا عَنْ أَبِي عَمْرِو بْنِ نُجَيْدٍ أَنَّهُ: سَأَلَ أَبَا جَعْفَرِ بْنَ حَمْدَانَ، وَكَانَا عَبْدَيْنِ صَالِحَيْنِ، فَقَالَ لَهُ: بِأَيِّ نِيَّةٍ أَكْتُبُ الْحَدِيثَ؟ فَقَالَ: أَلَسْتُمْ تَرَوْنَ أَنَّ عِنْدَ ذِكْرِ الصَّالِحِينَ تَنْزِلُ الرَّحْمَةُ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأْسُ الصَّالِحِينَ. (وَيَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى التَّوْفِيقَ وَالتَّسْدِيدَ) لِذَلِكَ، (وَالتَّيْسِيرَ) وَالْإِعَانَةَ عَلَيْهِ، (وَيَسْتَعْمِلُ الْأَخْلَاقَ الْجَمِيلَةَ وَالْآدَابَ) الرَّضِيَّةَ. فَقَدْ قَالَ أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ: مَنْ طَلَبَ هَذَا الْحَدِيثَ فَقَدْ طَلَبَ أَعْلَى أُمُورِ الدِّينِ؛ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ خَيْرَ النَّاسِ. (ثُمَّ لْيُفْرِغْ جَهْدَهُ فِي تَحْصِيلِهِ وَيَغْتَنِمْ إِمْكَانَهُ) . فَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: «احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ، وَلَا تَعْجِزْ» . وَقَالَ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ: لَا يُنَالُ الْعِلْمُ بِرَاحَةِ الْجِسْمِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يَطْلُبُ هَذَا الْعِلْمَ مَنْ يَطْلُبُهُ بِالتَّمَلُّلِ وَغِنَى النَّفْسِ فَيُفْلِحُ، وَلَكِنْ مَنْ طَلَبَهُ بِذِلَّةِ النَّفْسِ، وَضِيقِ الْعَيْشِ، وَخِدْمَةِ الْعِلْمِ، أَفْلَحَ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 584 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] (وَيَبْدَأُ بِالسَّمَاعِ مِنْ أَرْجَحِ شُيُوخِ بَلَدِهِ إِسْنَادًا، وَعِلْمًا، وَشُهْرَةً، وَدِينًا، وَغَيْرَهُ) إِلَى أَنْ يَفْرَغَ مِنْهُمْ، وَيَبْدَأُ بِأَفْرَادِهِمْ فَمَنْ تَفَرَّدَ بِشَيْءٍ أَخَذَهُ عَنْهُ أَوَّلًا؛ (فَإِذَا فَرَغَ مِنْ مُهِمَّاتِهِمْ) وَسَمَاعِ عَوَالِيهِمْ (فَلْيَرْحَلْ) إِلَى سَائِرِ الْبُلْدَانِ (عَلَى عَادَةِ الْحُفَّاظِ الْمُبَرِّزِينَ) وَلَا يَرْحَلْ قَبْلَ ذَلِكَ. قَالَ الْخَطِيبُ: فَإِنَّ الْمَقْصُودَ بِالرِّحْلَةِ أَمْرَانِ: أَحَدُهُمَا: تَحْصِيلُ عُلُوِّ الْإِسْنَادِ، وَقِدَمُ السَّمَاعِ. وَالثَّانِي: لِقَاءُ الْحُفَّاظِ، وَالْمُذَاكَرَةُ لَهُمْ، وَالَاسْتِفَادَةُ مِنْهُمْ. فَإِذَا كَانَ الْأَمْرَانِ مَوْجُودَيْنِ فِي بَلَدِهِ وَمَعْدُومَيْنِ فِي غَيْرِهِ فَلَا فَائِدَةَ فِي الرِّحْلَةِ، أَوْ مَوْجُودَيْنِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا فَلْيُحَصِّلْ حَدِيثَ بَلَدِهِ ثُمَّ يَرْحَلْ. قَالَ: وَإِذَا عَزَمَ عَلَى الرِّحْلَةِ فَلَا يَتْرُكْ أَحَدًا فِي بَلَدِهِ مِنَ الرُّوَاةِ إِلَّا وَيَكْتُبُ عَنْهُ مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْأَحَادِيثِ وَإِنْ قَلَّتْ، فَقَدْ قَالَ بَعْضُهُمْ: ضَيِّعْ وَرَقَةً وَلَا تُضَيِّعَنَّ شَيْخًا. [قُلْتُ: لَيْسَ الْمُرَادُ تَكْثِيرَ الشُّيُوخِ لِلصِّيتِ الْعَاطِلِ؛ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ تَحْصِيلُ الْفَائِدَةِ عِنْدَ مَنْ كَانَتْ] . وَالْأَصْلُ فِي الرِّحْلَةِ مَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي " الْمَدْخَلِ "، وَالْخَطِيبُ فِي " الْجَامِعِ " عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: «بَلَغَنِي حَدِيثٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 585 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ أَسْمَعْهُ، فَابْتَعْتُ بَعِيرًا فَشَدَدْتُ عَلَيْهِ رَحْلِي، وَسِرْتُ شَهْرًا حَتَّى قَدِمْتُ الشَّامَ فَأَتَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُنَيْسٍ؛ فَقُلْتُ لِلْبَوَّابِ: قُلْ لَهُ: جَابِرٌ عَلَى الْبَابِ؛ فَأَتَاهُ فَقَالَ لَهُ: جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ؟ فَأَتَانِي فَقَالَ لِي: جَابِرٌ! فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَرَجَعَ فَأَخْبَرَهُ، فَقَامَ يُطَأْطِئُ ثَوْبَهُ حَتَّى لَقِيَنِي، فَاعْتَنَقَنِي وَاعْتَنَقْتُهُ، فَقُلْتُ: حَدِيثٌ بَلَغَنِي عَنْكَ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْقِصَاصِ لَمْ أَسْمَعْهُ فَخَشِيتُ أَنْ تَمُوتَ أَوْ أَمُوتَ قَبْلَ أَنْ أَسْمَعَهُ فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: يَحْشُرُ اللَّهُ الْعِبَادَ - أَوْ قَالَ النَّاسَ - عُرَاةً غُرْلًا بُهْمًا، قُلْنَا: مَا بُهْمًا؟ قَالَ: لَيْسَ مَعَهُمْ شَيْءٌ، ثُمَّ يُنَادِيهِمْ رَبُّهُمْ بِصَوْتٍ يَسْمَعُهُ مَنْ بَعُدَ كَمَا يَسْمَعُهُ مَنْ قَرُبَ: أَنَا الْمَلِكُ أَنَا الدَّيَّانُ، لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ وَلَا لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ النَّارِ عِنْدَهُ مَظْلِمَةٌ حَتَّى أَقُصَّهُ مِنْهُ، حَتَّى اللَّطْمَةُ، قُلْنَا كَيْفَ وَإِنَّمَا نَأْتِي اللَّهَ عُرَاةً غُرْلًا بُهْمًا؟ قَالَ: " بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ» . وَاسْتَدَلَّ الْبَيْهَقِيُّ أَيْضًا بِرِحْلَةِ مُوسَى إِلَى الْخَضِرِ، وَقِصَّتُهُ فِي الصَّحِيحِ. وَرُوِيَ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ عَيَّاشِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنْ وَاهِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمَعَافِرِيِّ قَالَ: قَدِمَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْأَنْصَارِ عَلَى مَسْلَمَةَ بْنِ مَخْلَدٍ فَأَلْفَاهُ نَائِمًا، فَقَالَ: أَيْقِظُوهُ، قَالُوا: بَلْ نَتْرُكُهُ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، قَالَ: لَسْتُ فَاعِلًا، فَأَيْقَظُوا مَسْلَمَةَ لَهُ فَرَحَّبَ بِهِ وَقَالَ: انْزِلْ، قَالَ: لَا، حَتَّى تُرْسِلَ إِلَى عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ لِحَاجَةٍ لِي إِلَيْهِ، فَأَرْسَلَ إِلَى عُقْبَةَ فَأَتَاهُ، فَقَالَ: هَلْ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ وَجَدَ مُسْلِمًا عَلَى عَوْرَةٍ فَسَتَرَهُ، فَكَأَنَّمَا أَحْيَا مَوْءُودَةً مِنْ قَبْرِهَا» ؟ فَقَالَ عُقْبَةُ: قَدْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 586 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ ذَلِكَ. وَسَأَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ أَبَاهُ عَمَّنْ طَلَبَ الْعِلْمَ، تَرَى لَهُ أَنْ يَلْزَمَ رَجُلًا عِنْدَهُ عِلْمٌ فَيَكْتُبَ عَنْهُ، أَوْ تَرَى لَهُ أَنْ يَرْحَلَ إِلَى الْمَوَاضِعِ الَّتِي فِيهَا الْعِلْمُ فَيَسْمَعَ مِنْهُمْ؟ قَالَ: يَرْحَلُ يَكْتُبُ عَنِ الْكُوفِيِّينَ وَالْبَصْرِيِّينَ، وَأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَكَّةَ، يُشْأَمُّ النَّاسَ يَسْمَعُ مِنْهُمْ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: أَرْبَعَةٌ لَا تَأْنَسْ مِنْهُمْ رُشْدًا، وَذَكَرَ مِنْهُمْ رَجُلًا يَكْتُبُ فِي بَلَدِهِ وَلَا يَرْحَلُ فِي طَلَبِ الْحَدِيثِ. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ: إِنَّ اللَّهَ يَرْفَعُ الْبَلَاءَ عَنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ بِرِحْلَةِ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ. (وَلَا يَحْمِلَنَّهُ الشَّرَهُ) وَالْحِرْصُ (عَلَى التَّسَاهُلِ فِي التَّحَمُّلِ فَيُخِلَّ بِشَيْءٍ مِنْ شُرُوطِهِ) السَّابِقَةِ، فَإِنَّ شَهْوَةَ السَّمَاعِ لَا تَنْتَهِي، وَنَهْمَةَ الطَّلَبِ لَا تَنْقَضِي، وَالْعِلْمُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 587 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] كَالْبِحَارِ الَّتِي يَتَعَذَّرُ كَيْلُهَا، وَالْمَعَادِنِ الَّتِي لَا يَنْقَطِعُ نَيْلُهَا. أَخْرَجَ الْمَرْوَزِيُّ فِي كِتَابِ الْعِلْمِ، قَالَ: ثَنَا ابْنُ شُعَيْبِ بْنِ الْحَبْحَابِ، حَدَّثَنِي عَمِّي صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الْكَبِيرِ، حَدَّثَنِي عَمِّي أَبُو بَكْرِ بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: قُلْتُ لِشُعَيْبِ بْنِ الْحَبْحَابِ: نَزَلَ عَلَيَّ أَبُو الْعَالِيَةِ الرِّيَاحِيُّ فَأَقْلَلْتُ عَنْهُ الْحَدِيثَ، فَقَالَ شُعَيْبٌ: السَّمَاعُ مِنَ الرِّجَالِ أَرْزَاقٌ. (وَيَنْبَغِي أَنْ يَسْتَعْمِلَ مَا يَسْمَعُهُ مِنْ أَحَادِيثِ الْعِبَادَاتِ وَالْآدَابِ) وَفَضَائِلِ الْأَعْمَالِ (فَذَلِكَ زَكَاةُ الْحَدِيثِ وَسَبَبُ حِفْظِهِ) فَقَدْ قَالَ بِشْرٌ الْحَافِي: يَا أَصْحَابَ الْحَدِيثِ أَدُّوا زَكَاةَ هَذَا الْحَدِيثِ، اعْمَلُوا مِنْ كُلِّ مِائَتَيْ حَدِيثٍ بِخَمْسَةِ أَحَادِيثَ. وَقَالَ عَمْرُو بْنُ قَيْسٍ الْمُلَائِيُّ: إِذَا بَلَغَكَ شَيْءٌ مِنَ الْخَبَرِ فَاعْمَلْ بِهِ وَلَوْ مَرَّةً، تَكُنْ مِنْ أَهْلِهِ. وَقَالَ وَكِيعٌ: إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَحْفَظَ الْحَدِيثَ فَاعْمَلْ بِهِ. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُجَمِّعٍ: كُنَّا نَسْتَعِينُ عَلَى حِفْظِ الْحَدِيثِ بِالْعَمَلِ بِهِ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: مَا كَتَبْتُ حَدِيثًا إِلَّا وَقَدْ عَمِلْتُ بِهِ حَتَّى مَرَّ بِي. [فِي الْحَدِيثِ] «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْتَجَمَ وَأَعْطَى أَبَا طَيْبَةَ دِينَارًا، فَاحْتَجَمْتُ وَأَعْطَيْتُ الْحَجَّامَ دِينَارًا» . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 588 فَصْلٌ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُعَظِّمَ شَيْخَهُ وَمَنْ يَسْمَعُ مِنْهُ؛ فَذَلِكَ مِنْ إِجْلَالِ الْعِلْمِ وَأَسْبَابِ الِانْتِفَاعِ، وَيَعْتَقِدَ جَلَالَةَ شَيْخِهِ وَرُجْحَانَهُ وَيَتَحَرَّى رِضَاهُ، وَلَا يُطَوِّلَ عَلَيْهِ بِحَيْثُ يُضْجِرُهُ، وَلْيَسْتَشِرْهُ فِي أُمُورِهِ وَمَا يَشْتَغِلُ فِيهِ، وَكَيْفِيَّةِ اشْتِغَالِهِ، وَيَنْبَغِي لَهُ إِذَا ظَفِرَ بِسَمَاعٍ أَنْ يُرْشِدَ إِلَيْهِ غَيْرَهُ، فَإِنَّ كِتْمَانَهُ لُؤْمٌ يَقَعُ فِيهِ جَهَلَةُ الطَّلَبَةِ فَيُخَافُ عَلَى كَاتمِهِ عَدَمُ الِانْتِفَاعِ، فَإِنَّ مِنْ بَرَكَةِ الْحَدِيثِ إِفَادَتَهُ، وَنَشْرَهُ يُمْنٌ، وَلْيَحْذَرْ كُلَّ الْحَذَرِ مِنْ أَنْ يَمْنَعَهُ الْحَيَاءُ وَالْكِبْرُ مِنَ السَّعْيِ التَّامِّ فِي التَّحْصِيلِ وَأَخْذِ الْعِلْمِ مِمَّنْ دُونَهُ فِي نَسَبٍ أَوْ سِنٍّ أَوْ غَيْرِهِ، وَلْيَصْبِرْ عَلَى جَفَاءِ شَيْخِهِ، وَلْيَعْتَنِ بِالْمُهِمِّ، وَلَا يُضَيِّعْ وَقْتَهُ فِي الِاسْتِكْثَارِ مِنَ الشُّيُوخِ لِمُجَرَّدِ اسْمِ الْكَثْرَةِ، وَلْيَكْتُبْ وَلْيَسْمَعْ مَا يَقَعُ لَهُ مِنْ كِتَابٍ أَوْ جُزْءٍ بِكَمَالِهِ، وَلَا يَنْتَخِبْ فَإِنِ احْتَاجَ تَوَلَّاهُ بِنَفْسِهِ، فَإِنْ قَصَّرَ عَنْهُ اسْتَعَانَ بِحَافِظٍ.   [تدريب الراوي] [فَصْلٌ وينبغي للمحدث تعظيم شيخه] (فَصْلٌ: وَيَنْبَغِي) لِلطَّالِبِ (أَنْ يُعَظِّمَ شَيْخَهُ وَمَنْ يَسْمَعُ مِنْهُ؛ فَذَلِكَ مِنْ إِجْلَالِ الْعِلْمِ وَأَسْبَابِ الِانْتِفَاعِ بِهِ) . وَقَدْ قَالَ الْمُغِيرَةُ: كُنَّا نَهَابُ إِبْرَاهِيمَ كَمَا نَهَابُ الْأَمِيرَ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَوْقَرَ لِلْمُحَدِّثِينَ مِنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ. وَفِي الْحَدِيثِ: «تَوَاضَعُوا لِمَنْ تَعَلَّمُونَ مِنْهُ» ؛ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مَرْفُوعًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَضَعَّفَهُ، وَقَالَ: الصَّحِيحُ وَقْفُهُ عَلَى عُمَرَ. وَأَوْرَدَ فِي الْبَابِ حَدِيثَ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ مَرْفُوعًا: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يُجِلَّ كَبِيرَنَا وَيَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَيَعْرِفْ لِعَالِمِنَا حَقَّهُ» ، رَوَاهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ. وَأَسْنَدَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: وَجَدْتُ عَامَّةَ عِلْمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ هَذَا الْحَيِّ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَإِنْ كُنْتُ لَآتِيَ بَابَ أَحَدِهِمْ فَأَقِيلُ بِبَابِهِ، وَلَوْ شِئْتُ أَنْ يُؤْذَنَ لِي عَلَيْهِ لَأُذِنَ لِي، لِقَرَابَتِي مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَكِنْ كُنْتُ أَبْتَغِي بِذَلِكَ طِيبَ نَفْسِهِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 589 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَأَسْنَدَ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ الْقَاسِمِ بْنِ سَلَّامٍ قَالَ: مَا دَقَقْتُ عَلَى مُحَدِّثٍ بَابَهُ قَطُّ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ} [الحجرات: 5] . (وَيَعْتَقِدَ جَلَالَةَ شَيْخِهِ وَرُجْحَانَهُ) عَلَى غَيْرِهِ، فَقَدْ رَوَى الْخَلِيلِيُّ فِي الْإِرْشَادِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ الْقَاضِي قَالَ: سَمِعْتُ السَّلَفَ يَقُولُونَ: مَنْ لَا يَعْرِفُ لِأُسْتَاذِهِ لَا يُفْلِحُ. (وَيَتَحَرَّى رِضَاهُ) ، وَيَحْذَرَ سَخَطَهُ، (وَلَا يُطَوِّلُ عَلَيْهِ بِحَيْثُ يُضْجِرُهُ) بَلْ يَقْنَعُ بِمَا يُحَدِّثُهُ بِهِ، فَإِنَّ الْإِضْجَارَ يُغَيِّرُ الْأَفْهَامَ وَيُفْسِدُ الْأَخْلَاقَ وَيُحِيلُ الطِّبَاعَ. وَقَدْ كَانَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ خُلُقًا، فَلَمْ يَزَالُوا بِهِ حَتَّى سَاءَ خُلُقُهُ. وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ سِيرِينَ أَنَّهُ سَأَلَهُ رَجُلٌ عَنْ حَدِيثٍ وَقَدْ أَرَادَ أَنْ يَقُومَ، فَقَالَ: إِنَّكَ إِنْ كَلَّفْتَنِي مَا لَمْ أُطِقْ ... سَاءَكَ مَا سَرَّكَ مِنِّي مِنْ خُلُقْ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَيُخْشَى عَلَى فَاعِلِ ذَلِكَ أَنْ يُحْرَمَ مِنَ الِانْتِفَاعِ. قَالَ: وَرُوِّينَا عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: إِذَا طَالَ الْمَجْلِسُ كَانَ لِلشَّيْطَانِ فِيهِ نَصِيبٌ. (وَلْيَسْتَشِرْهُ فِي أُمُورِهِ) الَّتِي تَعْرِضُ لَهُ، (وَمَا يَشْتَغِلُ فِيهِ، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 590 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَكَيْفِيَّةِ اشْتِغَالِهِ) ، وَعَلَى الشَّيْخِ نُصْحُهُ فِي ذَلِكَ. (وَيَنْبَغِي لَهُ) أَيْ لِلطَّالِبِ (إِذَا ظَفِرَ بِسَمَاعٍ) لِشَيْخٍ (أَنْ يُرْشِدَ إِلَيْهِ غَيْرَهُ) مِنَ الطَّلَبَةِ، (فَإِنَّ كِتْمَانَهُ) عَنْهُمْ (لُؤْمٌ يَقَعُ فِيهِ جَهَلَةُ الطَّلَبَةِ، فَيُخَافُ عَلَى كَاتَمِهِ عَدَمُ الِانْتِفَاعِ، فَإِنَّ مِنْ بَرَكَةِ الْحَدِيثِ إِفَادَتَهُ) كَمَا قَالَ مَالِكٌ، (وَنَشَرُهُ يُمْنٌ) . وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: مَنْ بَخِلَ بِالْحَدِيثِ وَكَتَمَ عَلَى النَّاسِ سَمَاعَهُمْ لَمْ يُفْلِحْ، وَكَذَا قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ. وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: مَنْ بَخِلَ بِالْعِلْمِ ابْتُلِيَ بِثَلَاثٍ: إِمَّا أَنْ يَمُوتَ فَيَذْهَبَ عِلْمُهُ، أَوْ يَنْسَى، أَوْ يَتْبَعَ السُّلْطَانَ. وَرَوَى الْخَطِيبُ فِي ذَلِكَ بِسَنَدِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَفْعَهُ: «إِخْوَانِي تَنَاصَحُوا فِي الْعِلْمِ، وَلَا يَكْتُمْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، فَإِنَّ خِيَانَةَ الرَّجُلِ فِي عِلْمِهِ أَشَدُّ مِنْ خِيَانَتِهِ فِي مَالِهِ.» قَالَ الْخَطِيبُ: وَلَا يَحْرُمُ الْكَتْمُ عَمَّنْ لَيْسَ بِأَهْلٍ أَوْ لَا يَقْبَلُ الصَّوَابَ إِذَا أُرْشِدَ إِلَيْهِ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ، وَعَلَى ذَلِكَ يُحْمَلُ مَا نُقِلَ عَنِ الْأَئِمَّةِ مِنَ الْكَتْمِ. وَقَدْ قَالَ الْخَلِيلُ لِأَبِي عُبَيْدَةَ: لَا تَرُدَّنَّ عَلَى مُعْجَبٍ خَطَأً فَيَسْتَفِيدَ مِنْكَ عِلْمًا، وَيَتَّخِذَكَ بِهِ عَدُوًّا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 591 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] (وَلِيَحْذَرْ كُلَّ الْحَذَرِ مِنْ أَنْ يَمْنَعَهُ الْحَيَاءُ أَوِ الْكِبْرُ مِنَ السَّعْيِ التَّامِّ فِي التَّحْصِيلِ وَأَخْذِ الْعِلْمِ مِمَّنْ دُونَهُ فِي نَسَبٍ أَوْ سِنٍّ أَوْ غَيْرِهِ) . فَقَدْ ذَكَرَ الْبُخَارِيُّ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: لَا يَنَالُ الْعِلْمَ مُسْتَحْيٍ وَلَا مُسْتَكْبِرٌ. وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: مَنْ رَقَّ وَجْهُهُ دَقَّ عِلْمُهُ. وَقَالَتْ عَائِشَةُ: نِعْمَ النِّسَاءُ نِسَاءُ الْأَنْصَارِ، لَمْ يَكُنْ يَمْنَعُهُنَّ الْحَيَاءُ أَنْ يَتَفَقَّهْنَ فِي الدِّينِ. وَقَالَ وَكِيعٌ: لَا يَنْبُلُ الرَّجُلُ مِنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ حَتَّى يَكْتُبَ عَمَّنْ هُوَ فَوْقَهُ وَعَمَّنْ هُوَ مِثْلُهُ وَعَمَّنْ هُوَ دُونَهُ. وَكَانَ ابْنُ الْمُبَارَكِ يَكْتُبُ عَمَّنْ هُوَ دُونَهُ، فَقِيلَ لَهُ، فَقَالَ: لَعَلَّ الْكَلِمَةَ الَّتِي فِيهَا نَجَاتِي لَمْ تَقَعْ لِي. وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنِ الْأَصْمَعِيِّ قَالَ: مَنْ لَمْ يَحْتَمِلْ ذُلَّ التَّعْلِيمِ سَاعَةً الجزء: 2 ¦ الصفحة: 592 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] بَقِيَ فِي ذُلِّ الْجَهْلِ أَبَدًا. وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ عُمَرَ قَالَ: لَا تَتَعَلَّمِ الْعِلْمَ لِثَلَاثٍ، وَلَا تَتْرُكْهُ لِثَلَاثٍ، لَا تَتَعَلَّمْ لِتُمَارِيَ بِهِ، وَلَا تُرَائِيَ بِهِ، وَلَا تُبَاهِيَ بِهِ، وَلَا تَتْرُكْهُ حَيَاءً مِنْ طَلَبِهِ، وَلَا زَهَادَةً فِيهِ، وَلَا رِضًا بِجَهَالَةٍ. (وَلْيَصْبِرْ عَلَى جَفَاءِ شَيْخِهِ، وَلْيَعْتَنِ بِالْمُهِمِّ، وَلَا يُضَيِّعْ وَقْتَهُ فِي الِاسْتِكْثَارِ مِنَ الشُّيُوخِ لِمُجَرَّدِ اسْمِ الْكَثْرَةِ) وَصِيتِهَا؛ فَإِنَّ ذَلِكَ شَيْءٌ لَا طَائِلَ تَحْتَهُ. قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَلَيْسَ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُ أَبِي حَاتِمٍ: إِذَا كَتَبْتَ فَقَمِّشْ، وَإِذَا حَدَثْتَ فَفَتِّشْ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: كَأَنَّهُ أَرَادَ: اكْتُبِ الْفَائِدَةَ مِمَّنْ سَمِعْتَهَا، وَلَا تُؤَخِّرْ حَتَّى تَنْظُرَ هَلْ هُوَ أَهْلٌ لِلْأَخْذِ عَنْهُ أَمْ لَا؟ فَرُبَّمَا فَاتَ ذَلِكَ بِمَوْتِهِ أَوْ سَفَرِهِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ؛ فَإِذَا كَانَ وَقْتُ الرِّوَايَةِ أَوِ الْعَمَلِ فَفَتِّشْ حِينَئِذٍ. وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ اسْتِيعَابَ الْكِتَابِ، وَتَرْكَ انْتِخَابِهِ، أَوِ اسْتِيعَابَ مَا عِنْدَ الشَّيْخِ وَقْتَ التَّحَمُّلِ، وَيَكُونُ النَّظَرُ فِيهِ حَالَ الرِّوَايَةِ. قَالَ: وَقَدْ يَكُونُ قَصْدُ الْمُحَدِّثِ تَكْثِيرُ طُرُقِ الْحَدِيثِ وَجَمْعُ أَطْرَافِهِ فَتَكْثُرُ بِذَلِكَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 593 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] شُيُوخُهُ وَلَا بَأْسَ بِهِ. فَقَدْ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَوْ لَمْ نَكْتُبِ الْحَدِيثَ مِنْ سِتِّينَ وَجْهًا مَا عَقَلْنَاهُ. (وَلْيَكْتُبْ وَلْيَسْمَعْ مَا يَقَعُ لَهُ مِنْ كِتَابٍ أَوْ جُزْءٍ بِكَمَالِهِ وَلَا يَنْتَخِبْ) فَرُبَّمَا احْتَاجَ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى رِوَايَةِ شَيْءٍ مِنْهُ لَمْ يَكُنْ فِيمَا انْتَخَبَهُ فَيَنْدَمُ. وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: مَا انْتَخَبْتُ عَلَى عَالَمٍ قَطُّ إِلَّا نَدِمْتُ. وَقَالَ: مَا جَاءَ مِنْ مُنْتَقٍ خَيْرٌ قَطُّ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: صَاحِبُ الِانْتِخَابِ يَنْدَمُ، وَصَاحِبُ الْمَشْجِ لَا يَنْدَمُ. (فَإِنِ احْتَاجَ إِلَيْهِ) أَيْ إِلَى الِانْتِخَابِ لِكَوْنِ الشَّيْخِ مُكْثِرًا، وَفِي الرِّوَايَةِ عُسْرًا، أَوْ كَوْنِ الطَّالِبِ غَرِيبًا لَا يُمْكِنُهُ طُولُ الْإِقَامَةِ (تَوَلَّاهُ بِنَفْسِهِ) ، وَانْتَخَبَ عَوَالِيَهُ وَمَا تَكَرَّرَ مِنْ رِوَايَاتِهِ، وَمَا لَا يَجِدُهُ عِنْدَ غَيْرِهِ (فَإِنْ قَصَرَ عَنْهُ) لِقِلَّةِ مَعْرِفَتِهِ (اسْتَعَانَ) عَلَيْهِ (بِحَافِظٍ) . قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَيُعَلِّمُ فِي الْأَصْلِ عَلَى أَوَّلِ إِسْنَادِ الْأَحَادِيثِ الْمُنْتَخَبَةِ بِخَطٍّ عَرِيضٍ أَحْمَرَ، أَوْ بِصَادٍّ مَمْدُودَةٍ أَوْ بِطَاءٍ مَمْدُودَةٍ، أَوْ نَحْوِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 594 فَصْلٌ: وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى سَمَاعِهِ وَكَتْبِهِ دُونَ مَعْرِفَتِهِ وَفَهْمِهِ، فَلْيَتَعَرَفْ صِحَّتَهُ وَضَعْفَهُ وَفِقْهَهُ وَمَعَانِيَهُ وَلُغَتَهُ وَإِعْرَابَهُ وَأَسْمَاءَ رِجَالِهِ مُحَقِّقا كُلَّ ذَلِكَ، معْتَنِيًا بِإِتْقَانِ مُشْكِلِهَا حِفْظًا وَكِتَابَةً مقَدِّمًا الصَّحِيحَيْنِ، ثُمَّ " سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ "، وَ " التِّرْمِذِيِّ "، وَ " النَّسَائِيِّ "، ثمَ " السُّنَنِ الْكُبْرَى " لِلْبَيْهَقِيِّ، وَلْيَحْرِصْ عَلَيْهِ فَلَمْ يُصَنَّفْ مِثْلُهُ. ثُمَّ مَا تَمَسُّ الْحَاجَةُ إِلَيْهِ. ثمَ مِنَ الْمَسَانِيدِ " مُسْنَدُ أَحْمَدَ " بْنِ حَنْبَلٍ وَغَيْرِهِ، ثُمَّ مِنَ الْعِلَلِ كِتَابُهُ، وَكَتَابُ الدَّارَقُطْنِيِّ. وَمِنَ الْأَسْمَاءِ " تَارِيخُ الْبُخَارِيِّ " وَ " ابْنِ أَبِي خَيْثَمَةَ "، وَكِتَابُ ابْنِ أَبِي حَاتِمٍ. وَمِنْ ضَبْطِ الْأَسْمَاءِ كِتَابُ ابْنِ مَاكُولَا، وَلْيَعْتَنِ بِكُتُبِ غَرِيبِ الْحَدِيثِ، وَشُرُوحِهِ، وَلْيَكُنِ الْإِتْقَانُ مِنْ شَأْنِهِ، وَلْيُذَاكِرْ بمَحْفُوظِهِ، وَيُبَاحِثْ أَهْلَ الْمَعْرِفَةِ.   [تدريب الراوي] ذَلِكَ؛ وَفَائِدَتُهُ سُهُولَةُ الْكَشْفِ لِأَجْلِ الْمُعَارَضَةِ أَوْ لَاحْتِمَالِ ذَهَابِ الْفَرْعِ فَيَرْجِعُ إِلَيْهِ. [فَصْلٌ وَلَا يَنْبَغِي لِلطَّالِبِ أَنْ يَقْتَصِر عَلَى سَمَاعِهِ وَكَتْبِهِ دُونَ مَعْرِفَتِهِ وَفَهْمِهِ] (فَصْلٌ: وَلَا يَنْبَغِي) لِلطَّالِبِ (أَنْ يَقْتَصِرَ) مِنَ الْحَدِيثِ (عَلَى سَمَاعِهِ وَكَتْبِهِ دُونَ مَعْرِفَتِهِ وَفَهْمِهِ) فَيَكُونُ قَدْ أَتْعَبَ نَفْسَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَظْفَرَ بِطَائِلٍ، وَلَا حُصُولٍ فِي عِدَادِ أَهْلِ الْحَدِيثِ. وَقَدْ قَالَ أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ: الرِّيَاسَةُ فِي الْحَدِيثِ بِلَا دِرَايَةِ رِيَاسَةٌ نَذْلَةٌ. قَالَ الْخَطِيبُ: هِيَ اجْتِمَاعُ الطَّلَبَةِ عَلَى الرَّاوِي لِلسَّمَاعِ [مِنْهُ] عِنْدَ عُلُوِّ سِنِّهِ؛ فَإِذَا تَمَيَّزَ الطَّالِبُ بِفَهْمِ الْحَدِيثِ وَمَعْرِفَتِهِ تَعَجَّلَ بَرَكَةَ ذَلِكَ فِي شَبِيبَتِهِ. (فَلْيَتَعَرَّفْ صِحَّتَهُ) وَحُسْنَهُ، (وَضَعْفَهُ، وَفِقْهَهُ، وَمَعَانِيَهُ، وَلُغَتَهُ، وَإِعْرَابَهُ، وَأَسْمَاءَ رِجَالِهِ، مُحَقِّقًا كُلَّ ذَلِكَ، مُعْتَنِيًّا بِإِتْقَانِ مُشْكِلِهَا حِفْظًا وَكِتَابَةً مُقَدِّمًا) فِي السَّمَاعِ وَالضَّبْطِ، وَالتَّفَهُّمِ وَالْمَعْرِفَةِ (الصَّحِيحَيْنِ، ثُمَّ سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيِّ، وَالنَّسَائِيِّ) وَابْنِ خُزَيْمَةَ، وَابْنِ حِبَّانَ، (ثُمَّ " السُّنَنَ الْكُبْرَى " لِلْبَيْهَقِيِّ، وَلْيَحْرِصْ عَلَيْهِ فَلَمْ يُصَنَّفْ) فِي بَابِهِ (مِثْلُهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 595 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] ثُمَّ مَا تَمَسُّ الْحَاجَةُ إِلَيْهِ، ثُمَّ مِنَ الْمَسَانِيدِ) ، وَالْجَوَامِعِ. فَأَهُمُّ الْمَسَانِيدِ (مُسْنَدُ أَحْمَدَ، وَ) يَلِيهِ سَائِرُ الْمَسَانِيدِ (وَغَيْرِهِ) . وَأَهَمُّ الْجَوَامِعِ الْمُوَطَّأُ، ثُمَّ سَائِرُ الْكُتُبِ الْمُصَنَّفَةِ فِي الْأَحْكَامِ، كَكِتَابِ ابْنِ جُرَيْجٍ، وَابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، وَسَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ، وَعَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَابْنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَغَيْرِهِمْ. (ثُمَّ مِنْ) كُتُبِ (الْعِلَلِ: كِتَابُهُ) أَيْ أَحْمَدُ، (وَكِتَابُ الدَّارَقُطْنِيِّ وَمِنْ) كُتُبِ (الْأَسْمَاءِ: تَارِيخُ الْبُخَارِيِّ) الْكَبِيرُ، (وَ) تَارِيخُ (ابْنِ أَبِي خَيْثَمَةَ، وَكِتَابُ ابْنِ أَبِي حَاتِمٍ) فِي الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ. (وَمِنْ) كُتُبِ (ضَبْطِ الْأَسْمَاءِ: كِتَابُ ابْنِ مَاكُولَا، وَلْيَعْتَنِ بِكُتُبِ غَرِيبِ الْحَدِيثِ، وَ) كُتُبِ (شُرُوحِهِ) أَيِ الْحَدِيثِ. (وَلْيَكُنِ الْإِتْقَانُ مِنْ شَأْنِهِ) بِأَنْ يَكُونَ كُلَّمَا مَرَّ بِهِ اسْمٌ مُشْكِلٌ أَوْ كَلِمَةٌ غَرِيبَةٌ بَحَثَ عَنْهَا وَأَوْدَعَهَا قَلْبَهُ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ: الْحِفْظُ الْإِتْقَانُ. (وَلْيُذَاكِرْ بِمَحْفُوظِهِ وَيُبَاحِثْ أَهْلَ الْمَعْرِفَةِ) فَإِنَّ الْمُذَاكَرَةَ تُعِينُ عَلَى دَوَامِهِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 596 فَصْلٌ: وَلْيَشْتَغِلْ بِالتَّخْرِيجِ وَالتَصْنِيفِ إِذَا تَأَهَّلَ لَهُ، وَلْيَعْتَنِ بالتَصْنِيفِ فِي شَرْحِهِ وَبَيَانِ مُشْكِلهِ مُتْقَنًا وَاضِحًا فَقَلَّمَا يَمْهَرُ فِي عِلْمِ الْحَدِيثِ مَنْ لَمْ يَفْعَلْ هَذَا. وَلِلْعُلَمَاءِ فِي تَصْنِيفِ الْحَدِيثِ طَرِيقَانِ: أَجْوَدُهُمَا تَصْنِيفُهُ عَلَى الْأَبْوَابِ؛ فَيَذْكُرُ فِي كُلِّ بَابٍ مَا حَضَرَهُ فِيهِ، وَالثَّانِيَةُ تَصْنِيفُهُ عَلَى الْمَسَانِيدِ فَيَجْمَعُ فِي تَرْجَمَةِ كُلِّ صَحَابِيٍّ مَا عِنْدَهُ مِنْ حَدِيثِهِ صَحِيحِهِ وَضَعِيفِهِ. وَعَلَى هَذَا لَهُ أَنْ يُرَتِّبَهُ عَلَى الْحُرُوفِ أَوْ عَلَى الْقَبَائِلِ فَيَبْدَأُ بِبَنِي هَاشِمٍ ثُمَّ بِالْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ؛ نَسَبًا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ عَلَى السَّوَابِقِ فَبِالْعَشَرَةِ ثُمَّ أَهْلِ بَدْرٍ ثُمَّ الْحُدَيْبِيَةِ، ثُمَّ الْمُهَاجِرِينَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْفَتْحِ، ثُمَّ أَصَاغِرِ الصَّحَابَةِ، ثُمَّ النِّسَاءِ بَادِئًا بِأُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ، وَمِنْ أَحْسَنِهِ تَصْنِيفُهُ مُعَلَّلًا بِأَنْ يَجْمَعَ فِي كُلِّ حَدِيثٍ أَوْ بَابٍ طُرُقَهُ وَاخْتِلَافَ رُوَاتِهِ، وَيَجْمَعُونَ أَيْضًا حَدِيثَ الشُّيُوخِ كُلِّ شَيْخٍ عَلَى انْفِرَادِهِ: كَمَالِكٍ وَسُفْيَانَ وَغَيْرِهِمَا. وَالتَّرَاجِمُ: كَمَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَهِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ. وَالْأَبْوَابُ كَرُؤْيَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَرَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي الصَّلَاةِ. وَلْيَحْذَرْ إِخْرَاجَ تَصْنِيفِهِ إِلَّا بَعْدَ تَهْذِيبِهِ وَتَحْرِيرِهِ وَتَكْرِيرِهِ النَّظَرَ فِيهِ، وَلْيَحْذَرْ مِنْ تَصْنِيفِ مَا لَمْ يَتَأَهَّلْ لَهُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَتَحَرَّى الْعِبَارَاتِ الْوَاضِحَةَ، وَالَاصْطِلَاحَاتِ الْمُسْتَعْمَلَةَ.   [تدريب الراوي] قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: تَذَاكَرُوا هَذَا الْحَدِيثَ؛ فَإِنْ لَا تَفْعَلُوا يَدْرُسُ. وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: تَذَاكَرُوا الْحَدِيثَ، فَإِنَّ حَيَاتَهُ مُذَاكَرَتُهُ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مُذَاكَرَةُ الْعِلْمِ سَاعَةً خَيْرٌ مِنْ إِحْيَاءِ لَيْلَةٍ. وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ: مُذَاكَرَةُ الْحَدِيثِ أَفْضَلُ مِنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: آفَةُ الْعِلْمِ النِّسْيَانُ، وَقِلَّةُ الْمُذَاكَرَةِ، رَوَاهُمَا الْبَيْهَقِيُّ فِي " الْمَدْخَلِ ". وَلْيَكُنْ حِفْظُهُ لَهُ بِالتَّدْرِيجِ قَلِيلًا قَلِيلًا؛ فَفِي الصَّحِيحِ: «خُذُوا مِنَ الْأَعْمَالِ مَا تُطِيقُونَ» . وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: مَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ جُمْلَةً فَاتَهُ جُمْلَةً، وَإِنَّمَا يُدْرِكُ الْعِلْمَ حَدِيثٌ وَحَدِيثَانِ. [فَصْلٌ يَشْتَغِلْ بِالتَّخْرِيجِ وَالتَصْنِيفِ إِذَا تَأَهَّلَ لَهُ] (فَصْلٌ: وَلْيَشْتَغِلْ بِالتَّخْرِيجِ وَالتَّصْنِيفِ إِذَا تَأَهَّلَ لَهُ) مُبَادِرًا إِلَيْهِ، (وَلْيَعْتَنِ بِالتَّصْنِيفِ فِي شَرْحِهِ وَبَيَانِ مُشْكِلِهِ مُتْقِنًا وَاضِحًا؛ فَقَلَّمَا يَمْهَرُ فِي عِلْمِ الْحَدِيثِ مَنْ لَمْ يَفْعَلْ هَذَا) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 597 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] قَالَ الْخَطِيبُ: لَا يَتَمَهَّرُ فِي الْحَدِيثِ وَيَقِفُ عَلَى غَوَامِضِهِ، وَيَسْتَبِينُ الْخَفِيَّ مِنْ فَوَائِدِهِ إِلَّا مَنْ جَمَعَ مُتَفَرِّقَهُ، وَأَلَّفَ مُتَشَتِّتَهُ، وَضَمَّ بَعْضَهُ إِلَى بَعْضٍ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ مِمَّا يُقَوِّي النَّفْسَ، وَيُثَبِّتُ الْحِفْظَ، وَيُذْكِي الْقَلْبَ، وَيَشْحَذُ الطَّبْعَ، وَيَبْسُطُ اللِّسَانَ، وَيُجِيدُ الْبَيَانَ، وَيَكْشِفُ الْمُشْتَبِهَ، وَيُوَضِّحُ الْمُلْتَبِسَ، وَيُكْسِبُ أَيْضًا جَمِيلَ الذِّكْرِ، وَيُخَلِّدُهُ إِلَى آخِرِ الدَّهْرِ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ: يَمُوتُ قَوْمٌ فَيُحْيِي الْعِلْمُ ذِكْرَهُمُ ... وَالْجَهْلُ يُلْحِقُ أَمْوَاتًا بِأَمْوَاتِ قَالَ: وَكَانَ بَعْضُ شُيُوخِنَا يَقُولُ: مَنْ أَرَادَ الْفَائِدَةَ فَلْيَكْسِرْ قَلَمَ النَّسْخِ، وَلْيَأْخُذْ قَلَمَ التَّخْرِيجَ. وَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: بِالتَّصْنِيفِ يَطَّلِعُ عَلَى حَقَائِقِ الْعُلُومِ وَدَقَائِقِهِ وَيَثْبُتُ مَعَهُ، لِأَنَّهُ يَضْطَرُّهُ إِلَى كَثْرَةِ التَّفْتِيشِ، وَالْمُطَالَعَةِ، وَالتَّحْقِيقِ، وَالْمُرَاجَعَةِ، وَالَاطِّلَاعِ عَلَى مُخْتَلَفِ كَلَامِ الْأَئِمَّةِ، وَمُتَّفَقِهِ، وَوَاضِحِهِ مِنْ مُشْكِلِهِ، وَصَحِيحِهِ مِنْ ضَعِيفِهِ، وَجَزْلِهِ مِنْ رَكِيكِهِ، وَمَا لَا اعْتِرَاضَ فِيهِ مِنْ غَيْرِهِ، وَبِهِ يَتَّصِفُ الْمُحَقِّقُ بِصِفَةِ الْمُجْتَهِدِ. قَالَ الرَّبِيعُ: لَمْ أَرَ الشَّافِعِيَّ آكِلًا بِنَهَارٍ وَلَا نَائِمًا بِلَيْلٍ لَاهْتِمَامِهِ بِالتَّصْنِيفِ. (وَلِلْعُلَمَاءِ فِي تَصْنِيفِ الْحَدِيثِ) وَجَمْعِهِ (طَرِيقَانِ: أَجْوَدُهُمَا تَصْنِيفُهُ عَلَى الْأَبْوَابِ) الْفِقْهِيَّةِ كَالْكُتُبِ السِّتَّةِ وَنَحْوِهَا، أَوْ غَيْرِهَا كَشُعَبِ الْإِيمَانِ لِلْبَيْهَقِيِّ، وَالْبَعْثِ وَالنُّشُورِ لَهُ وَغَيْرِ ذَلِكَ. (فَيَذْكُرُ فِي كُلِّ بَابٍ مَا حَضَرَهُ) مِمَّا وَرَدَ (فِيهِ) مِمَّا يَدُلُّ عَلَى حُكْمِهِ إِثْبَاتًا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 598 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] أَوْ نَفْيًا؛ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى مَا صَحَّ أَوْ حَسُنَ، فَإِنْ جَمَعَ الْجَمِيعَ فَلْيُبِنْ عِلَّةَ الضَّعِيفِ. (الثَّانِيَةُ تَصْنِيفُهُ عَلَى الْمَسَانِيدِ) كُلُّ مُسْنَدٍ عَلَى حِدَةٍ. قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: أَوَّلُ مَنْ صَنَّفَ مُسْنَدًا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ. قَالَ الْخَطِيبُ: وَقَدْ صَنَّفَ أَسَدُ بْنُ مُوسَى مُسْنَدًا، وَكَانَ أَكْبَرَ مِنْ نُعَيْمٍ سِنًّا وَأَقْدَمَ سَمَاعًا. فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ نُعَيْمٌ سَبْقَهُ فِي حَدَاثَتِهِ. وَقَالَ الْحَاكِمُ: أَوَّلُ مَنْ صَنَّفَ الْمُسْنَدَ عَلَى تَرَاجِمِ الرِّجَالِ فِي الْإِسْلَامِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى الْعَبْسِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ. وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا فِيهِ فِي نَوْعِ الْحُسْنِ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: يُقَالُ: إِنَّ يَحْيَى الْحِمَّانِيَّ أَوَّلُ مَنْ صَنَّفَ الْمُسْنَدَ بِالْكُوفَةِ، وَأَوَّلُ مَنْ صَنَّفَ الْمُسْنَدَ بِالْبَصْرَةِ مُسَدَّدٌ، وَأَوَّلُ مَنْ صَنَّفَ الْمُسْنَدَ بِمِصْرَ أَسَدُ السُّنَّةِ، وَأَسَدٌ قَبْلَهُمَا، وَأَقْدَمُ مَوْتًا. وَقَالَ الْعَقِيلِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: سَمِعْتُ يَحْيَى الْحِمَّانِيَّ يَقُولُ: لَا تَسْمَعُوا كَلَامَ أَهْلِ الْكُوفَةِ فَإِنَّهُمْ يَحْسُدُونَنِي لِأَنِّي أَوَّلُ مَنْ جَمَعَ الْمُسْنَدَ. (فَيَجْمَعُ فِي تَرْجَمَةِ كُلِّ صَحَابِيٍّ مَا عِنْدَهُ مِنْ حَدِيثِهِ صَحِيحِهِ) ، وَحَسَنِهِ، (وَضَعِيفِهِ، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 599 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَعَلَى هَذَا لَهُ أَنْ يُرَتِّبَهُ عَلَى الْحُرُوفِ) فِي أَسْمَاءِ الصَّحَابَةِ كَمَا فَعَلَ الطَّبَرَانِيُّ وَهُوَ أَسْهَلُ تَنَاوُلًا، (أَوْ عَلَى الْقَبَائِلِ فَيَبْدَأُ بِبَنِي هَاشِمٍ ثُمَّ بِالْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ نَسَبًا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ عَلَى السَّوَابِقِ) فِي الْإِسْلَامِ، (فَبِالْعَشَرَةِ) يَبْدَأُ، (ثُمَّ أَهْلِ بَدْرٍ ثُمَّ الْحُدَيْبِيَةِ، ثُمَّ الْمُهَاجِرِينَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْفَتْحِ) ، ثُمَّ مَنْ أَسْلَمَ يَوْمَ الْفَتْحِ، (ثُمَّ أَصَاغِرِ الصَّحَابَةِ) سِنًّا كَالسَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ وَأَبِي الطُّفَيْلِ، (ثُمَّ النِّسَاءِ بَادِئًا بِأُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ) . قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَهَذَا أَحْسَنُ. (وَمِنْ أَحْسَنِهِ) أَيِ التَّصْنِيفِ (تَصْنِيفُهُ) أَيِ الْحَدِيثِ (مُعَلَّلًا بِأَنْ يَجْمَعَ فِي كُلِّ حَدِيثٍ أَوْ بَابٍ طُرُقَهُ وَاخْتِلَافَ رُوَاتِهِ) ، فَإِنَّ مَعْرِفَةَ الْعِلَلِ أَجَلُّ أَنْوَاعِ الْحَدِيثِ. وَالْأَوْلَى جَعْلُهُ عَلَى الْأَبْوَابِ لِيَسْهُلَ تَنَاوُلُهُ، وَقَدْ صَنَّفَ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ مُسْنَدَهُ مُعَلَّلًا فَلَمْ يَتِمَّ. قِيلَ: وَلَمْ يُتَمَّمْ مُسْنَدٌ مُعَلَّلٌ قَطُّ، وَقَدْ صَنَّفَ بَعْضُهُمْ مُسْنَدَ أَبِي هُرَيْرَةَ مُعَلَّلًا فِي مِائَتَيْ جُزْءٍ. تَنْبِيهٌ مِنْ طُرُقِ التَّصْنِيفِ أَيْضًا جَمْعُهُ عَلَى الْأَطْرَافِ، فَيَذْكُرُ طَرَفَ الْحَدِيثِ الدَّالِّ عَلَى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 600 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] بَقِيَّتِهِ وَيَجْمَعُ أَسَانِيدَهُ، إِمَّا مُسْتَوْعَبًا أَوْ مُقَيَّدًا بِكُتُبٍ مَخْصُوصَةٍ. (وَيَجْمَعُونَ أَيْضًا حَدِيثَ الشُّيُوخِ كُلِّ شَيْخٍ عَلَى انْفِرَادِهِ، كَمَالِكٍ، وَسُفْيَانَ، وَغَيْرِهِمَا) كَحَدِيثِ الْأَعْمَشِ لِلْإِسْمَاعِيلِيِّ، وَحَدِيثِ الْفُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ لِلنَّسَائِيِّ وَغَيْرِ ذَلِكَ. (وَ) يَجْمَعُونَ أَيْضًا (التَّرَاجِمَ كَمَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَهُشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ) ، وَسُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. (وَ) يَجْمَعُونَ أَيْضًا (الْأَبْوَابَ) بِأَنْ يُفْرَدَ كُلُّ بَابٍ عَلَى حِدَةٍ بِالتَّصْنِيفِ، (كَرُؤْيَةِ اللَّهِ تَعَالَى) ؛ أَفْرَدَهُ الْآجُرِّيُّ، (وَرَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي الصَّلَاةِ) وَالْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ أَفْرَدَهُمَا الْبُخَارِيُّ، وَالنِّيَّةِ أَفْرَدَهُ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا، وَالْقَضَاءِ بِالْيَمِينِ، وَالشَّاهِدِ أَفْرَدَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَالْقُنُوتِ أَفْرَدَهُ ابْنُ مَنْدَهْ، وَالْبَسْمَلَةِ أَفْرَدَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَغَيْرُهُ، وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَيَجْمَعُونَ أَيْضًا الطُّرُقَ لِحَدِيثٍ وَاحِدٍ كَطُرُقِ حَدِيثِ «مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ» لِلطَّبَرَانِيِّ، وَطُرُقِ حَدِيثِ «الْحَوْضِ لِلضِّيَاءِ» ، وَغَيْرِ ذَلِكَ. (وَلْيَحْذَرْ مِنْ إِخْرَاجِ تَصْنِيفِهِ) مِنْ يَدِهِ (إِلَّا بَعْدَ تَهْذِيبِهِ وَتَحْرِيرِهِ وَتَكْرِيرِهِ النَّظَرَ فِيهِ، وَلْيَحْذَرْ مِنْ تَصْنِيفِ مَا لَمْ يَتَأَهَّلْ لَهُ) فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ لَمْ يُفْلِحْ، وَضَرَّهُ فِي دِينِهِ وَعِلْمِهِ وَعِرْضِهِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ مِنْ زَوَائِدِهِ (وَيَنْبَغِي أَنْ يَتَحَرَّى) فِي تَصْنِيفِهِ (الْعِبَارَاتِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 601 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] الْوَاضِحَةَ) وَالْمُوجَزَةَ، (وَالَاصْطِلَاحَاتِ الْمُسْتَعْمَلَةَ) ، وَلَا يُبَالِغُ فِي الْإِيجَازِ بِحَيْثُ يُفْضِي إِلَى الِاسْتِغْلَاقِ، وَلَا فِي الْإِيضَاحِ بِحَيْثُ يَنْتَهِي إِلَى الرَّكَاكَةِ، وَلْيَكُنِ اعْتِنَاؤُهُ مِنَ التَّصْنِيفِ بِمَا لَمْ يَسْبِقْ إِلَيْهِ أَكْثَرُ. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَالْمُرَادُ بِذَلِكَ أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ تَصْنِيفٌ يُغْنِي عَنْ مُصَنَّفِهِ، مِنْ جَمِيعِ أَسَالِيبِهِ، فَإِنْ أَغْنَى عَنْ بَعْضِهَا فَلْيُصَنِّفْ مِنْ جِنْسِهِ، مَا يَزِيدُ زِيَادَاتٍ يَحْتَفِلُ بِهَا مَعَ ضَمِّ مَا فَاتَهُ مِنَ الْأَسَالِيبِ. قَالَ: وَلْيَكُنْ تَصْنِيفُهُ فِيمَا يَعُمُّ الِانْتِفَاعُ بِهِ وَيَكْثُرُ الِاحْتِيَاجُ إِلَيْهِ. وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ الْبُخَارِيِّ فِي آدَابِ طَالِبِ الْحَدِيثِ أَثَرًا لَطِيفًا نَخْتِمُ بِهِ هَذَا النَّوْعَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الْفَضْلِ الْأَزْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ سَمَاعًا، أَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْمَقْدِسِيُّ، أَخْبَرَتْنَا عَائِشَةُ بِنْتُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عِيسَى بْنُ عَلَّاقٍ، أَخْبَرَتْنَا فَاطِمَةُ بِنْتُ سَعْدِ الْخَيْرِ، أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ الْيُونَارْتِيُّ، سَمِعْتُ أَبَا مُحَمَّدٍ الْحَسَنَ بْنَ أَحْمَدَ السَّمَرْقَنْدِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ صَالِحِ بْنِ خَلَفٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا ذَرٍّ عَمَّارَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ مَخْلَدٍ التَّمِيمِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا الْمُظَفَّرِ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ حَامِدٍ الْبُخَارِيَّ قَالَ: لَمَّا عَزَلَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْوَلِيدَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ زَيْدٍ الْهَمَذَانِيَّ عَنْ قَضَاءِ الرَّيِّ، وَرَدَ بُخَارَى، فَحَمَلَنِي مُعَلِّمِي أَبُو إِبْرَاهِيمَ الْخُتُلِّيُّ إِلَيْهِ، وَقَالَ لَهُ: أَسْأَلُكَ أَنْ تُحَدِّثَ هَذَا الصَّبِيِّ بِمَا سَمِعْتَ مِنْ مَشَايِخِنَا، فَقَالَ: مَا لِي سَمَاعٌ، قَالَ: فَكَيْفَ وَأَنْتَ فَقِيهٌ؟ قَالَ: لِأَنِّي لَمَّا بَلَغْتُ مَبْلَغَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 602 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] الرِّجَالِ تَاقَتْ نَفْسِي إِلَى طَلَبِ الْحَدِيثِ فَقَصَدْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيَّ، وَأَعْلَمْتُهُ مُرَادِي، فَقَالَ لِي: يَا بُنَيَّ لَا تَدْخُلْ فِي أَمْرٍ إِلَّا بَعْدَ مَعْرِفَةِ حُدُودِهِ وَالْوُقُوفِ عَلَى مَقَادِيرِهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الرَّجُلَ لَا يَصِيرُ مُحَدِّثًا كَامِلًا فِي حَدِيثِهِ إِلَّا بَعْدَ أَنْ يَكْتُبَ أَرْبَعًا مَعَ أَرْبَعٍ، كَأَرْبَعٍ مِثْلِ أَرْبَعٍ فِي أَرْبَعٍ، عِنْدَ أَرْبَعٍ بِأَرْبَعٍ، عَلَى أَرْبَعٍ عَنْ أَرْبَعٍ لِأَرْبَعٍ، وَكُلُّ هَذِهِ الرُّبَاعِيَّاتِ لَا تَتِمُّ إِلَّا بِأَرْبَعٍ، مَعَ أَرْبَعٍ؛ فَإِذَا تَمَّتْ لَهُ كُلُّهَا هَانَ عَلَيْهِ أَرْبَعٌ وَابْتُلِيَ بِأَرْبَعٍ، فَإِذَا صَبَرَ عَلَى ذَلِكَ أَكْرَمَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا بِأَرْبَعٍ وَأَثَابَهُ فِي الْآخِرَةِ بِأَرْبَعٍ. قُلْتُ لَهُ: فَسِّرْ لِي رَحِمَكَ اللَّهُ مَا ذَكَرْتَ مِنْ أَحْوَالِ هَذِهِ الرُّبَاعِيَّاتِ، قَالَ: نَعَمْ، أَمَّا الْأَرْبَعَةُ الَّتِي يَحْتَاجُ إِلَى كَتْبِهَا هِيَ: أَخْبَارُ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَائِعِهِ، وَالصَّحَابَةِ وَمَقَادِيرِهِمْ، وَالتَّابِعِينَ وَأَحْوَالِهِمْ، وَسَائِرِ الْعُلَمَاءِ وَتَوَارِيخِهِمْ، مَعَ أَسْمَاءِ رِجَالِهَا وَكُنَاهُمْ وَأَمْكِنَتِهِمْ وَأَزْمِنَتِهِمْ، كَالتَّحْمِيدِ مَعَ الْخُطَبِ، وَالدُّعَاءِ مَعَ التَّرَسُّلِ، وَالْبَسْمَلَةِ مَعَ السُّورَةِ، وَالتَّكْبِيرِ مَعَ الصَّلَوَاتِ، مِثْلِ الْمُسْنَدَاتِ، وَالْمُرْسَلَاتِ، وَالْمَوْقُوفَاتِ، وَالْمَقْطُوعَاتِ فِي صِغَرِهِ، وَفِي إِدْرَاكِهِ، وَفِي شَبَابِهِ، وَفِي كُهُولَتِهِ، عِنْدَ شُغْلِهِ، وَعِنْدَ فَرَاغِهِ، وَعِنْدَ فَقْرِهِ، وَعِنْدَ غِنَاهُ، بِالْجِبَالِ، وَالْبِحَارِ، وَالْبُلْدَانِ، وَالْبَرَارِي، عَلَى الْأَحْجَارِ وَالْأَصْدَافِ، وَالْجُلُودِ وَالْأَكْتَافِ، إِلَى الْوَقْتِ الَّذِي يُمْكِنُهُ نَقْلُهَا إِلَى الْأَوْرَاقِ، عَمَّنْ هُوَ فَوْقَهُ، وَعَمَّنْ هُوَ مِثْلُهُ، وَعَمَّنْ هُوَ دُونَهُ، وَعَنْ كِتَابِ أَبِيهِ، يَتَيَقَّنُ أَنَّهُ بِخَطِّ أَبِيهِ دُونَ غَيْرِهِ، لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى طَالِبًا لِمَرْضَاتِهِ، وَالْعَمَلِ بِمَا وَافَقَ كِتَابَ اللَّهِ تَعَالَى مِنْهَا، وَنَشْرِهَا بَيْنَ طَالِبِيهَا، وَالتَّأْلِيفِ فِي إِحْيَاءِ ذِكْرِهِ بَعْدَهُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 603 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] ثُمَّ لَا تَتِمُّ لَهُ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ إِلَّا بِأَرْبَعٍ هِيَ مَنْ كَسْبِ الْعَبْدِ: مَعْرِفَةُ الْكِتَابَةِ، وَاللُّغَةِ، وَالصَّرْفِ، وَالنَّحْوِ، مَعَ أَرْبَعٍ هُنَّ مِنْ عَطَاءِ اللَّهِ تَعَالَى: الصِّحَّةُ، وَالْقُدْرَةُ، وَالْحِرْصُ، وَالْحِفْظُ؛ فَإِذَا صَحَّتْ لَهُ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ هَانَ عَلَيْهِ أَرْبَعٌ: الْأَهْلُ، وَالْوَلَدُ، وَالْمَالُ، وَالْوَطَنُ، وَابْتُلِيَ بِأَرْبَعٍ: شَمَاتَةُ الْأَعْدَاءِ، وَمَلَامَةُ الْأَصْدِقَاءِ، وَطَعْنُ الْجُهَلَاءِ، وَحَسَدُ الْعُلَمَاءِ؛ فَإِذَا صَبَرَ عَلَى هَذِهِ الْمِحَنِ أَكْرَمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الدُّنْيَا بِأَرْبَعٍ: بِعِزِّ الْقَنَاعَةِ، وَبِهَيْبَةِ الْيَقِينِ، وَبِلَذَّةِ الْعِلْمِ، وَبِحَيَاةِ الْأَبَدِ، وَأَثَابَهُ فِي الْآخِرَةِ بِأَرْبَعٍ: بِالشَّفَاعَةِ لِمَنْ أَرَادَ مِنْ إِخْوَانِهِ، وَبِظِلِّ الْعَرْشِ حَيْثُ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ، وَيَسْقِي مَنْ أَرَادَ مِنْ حَوْضِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَبِجِوَارِ النَّبِيِّينَ فِي أَعْلَى عِلِّيِّينَ فِي الْجَنَّةِ؛ فَقَدْ أَعْلَمْتُكَ يَا بُنَيَّ بِمُجْمَلَاتِ جَمِيعِ مَا كُنْتُ سَمِعْتُ مِنْ مَشَايِخِي مُتَفَرِّقًا فِي هَذَا الْبَابِ، فَأَقْبِلِ الْآنَ عَلَى مَا قَصَدْتَنِي لَهُ، أَوْ دَعْ. [النَّوْعُ التَّاسِعُ وَالْعِشْرُونَ مَعْرِفَةُ الْإِسْنَادِ الْعَالِي وَالنَّازِلِ] [الكلام في الإسناد] (النَّوْعُ التَّاسِعُ وَالْعِشْرُونَ: مَعْرِفَةُ الْإِسْنَادِ الْعَالِي وَالنَّازِلِ: الْإِسْنَادُ) فِي أَصْلِهِ (خِصِّيصَةٌ) فَاضِلَةٌ (لِهَذِهِ الْأُمَّةِ) لَيْسَتْ لِغَيْرِهَا مِنَ الْأُمَمِ. قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: نَقْلُ الثِّقَةُ عَنِ الثِّقَةِ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ الِاتِّصَالِ، خَصَّ اللَّهُ بِهِ الْمُسْلِمِينَ دُونَ سَائِرِ الْمِلَلِ، وَأَمَّا مَعَ الْإِرْسَالِ وَالْإِعْضَالِ فَيُوجَدُ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْيَهُودِ، لَكِنْ لَا يَقْرُبُونَ مِنْ مُوسَى قُرْبَنَا مِنْ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَلْ يَقِفُونَ بِحَيْثُ يَكُونُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مُوسَى أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثِينَ عَصْرًا، وَإِنَّمَا يَبْلُغُونَ إِلَى شَمْعُونَ وَنَحْوِهِ. قَالَ: وَأَمَّا النَّصَارَى فَلَيْسَ عِنْدَهُمْ مِنْ صِفَةِ هَذَا النَّقْلِ إِلَّا تَحْرِيمُ الطَّلَاقِ فَقَطْ، وَأَمَّا النَّقْلُ بِالطَّرِيقِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى كَذَّابٍ أَوْ مَجْهُولِ الْعَيْنِ فَكَثِيرٌ فِي نَقْلِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 604 النَّوْعُ التَّاسِعُ وَالْعِشْرُونَ: مَعْرِفَةُ الْإِسْنَادِ الْعَالِي وَالنَّازِلِ: الْإِسْنَادُ خَصِّيصَةٌ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ، وَسُنَّةُ بَالِغَةٌ مُؤَكَّدَةٌ، وَطَلَبُ الْعُلُوِّ فِيهِ سُنَّةٌ، وَلِهَذَا اسْتُحِبَّتِ الرِّحْلَةُ.   [تدريب الراوي] قَالَ: وَأَمَّا أَقْوَالُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، فَلَا يُمْكِنُ الْيَهُودُ أَنْ يَبْلُغُوا إِلَى صَاحِبِ نَبِيٍّ أَصْلًا، وَلَا إِلَى تَابِعٍ لَهُ، وَلَا يُمْكِنُ النَّصَارَى أَنْ يَصِلُوا إِلَى أَعْلَى مِنْ شَمْعُونَ وَبُولِصَ. وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْجَيَّانِيُّ: خَصَّ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْأُمَّةَ بِثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ، لَمْ يُعْطِهَا مَنْ قَبْلَهَا: الْإِسْنَادِ، وَالْأَنْسَابِ، وَالْإِعْرَابِ. وَمِنْ أَدِلَّةِ ذَلِكَ مَا رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَغَيْرُهُ عَنْ مَطَرٍ الْوَرَّاقِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ} [الأحقاف: 4] ، قَالَ: إِسْنَادُ الْحَدِيثِ. (وَسُنَّةٌ بَالِغَةٌ مُؤَكَّدَةٌ) ، قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: الْإِسْنَادُ مِنَ الدِّينِ، لَوْلَا الْإِسْنَادُ لَقَالَ مَنْ شَاءَ مَا شَاءَ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: حَدَّثَ الزُّهْرِيُّ يَوْمًا بِحَدِيثٍ؛ فَقُلْتُ: هَاتِهِ بِلَا إِسْنَادٍ؛ فَقَالَ الزُّهْرِيُّ: أَتَرْقَى السَّطْحَ بِلَا سُلَّمٍ. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: الْإِسْنَادُ سِلَاحُ الْمُؤْمِنِ. (وَطَلَبُ الْعُلُوِّ فِيهِ سُنَّةٌ) قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: طَلَبُ الْإِسْنَادِ الْعَالِي سُنَّةٌ عَمَّنْ سَلَفَ، لِأَنَّ أَصْحَابَ عَبْدِ اللَّهِ كَانُوا يَرْحَلُونَ مِنَ الْكُوفَةِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْ عُمَرَ وَيَسْمَعُونَ مِنْهُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 605 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَسْلَمَ الطَّوْسِيُّ: قُرْبُ الْإِسْنَادِ قُرْبٌ - أَوْ قُرْبَةٌ - إِلَى اللَّهِ. (وَلِهَذَا اسْتُحِبَّتِ الرِّحْلَةُ) كَمَا تَقَدَّمَ، قَالَ الْحَاكِمُ: وَيُحْتَجُّ لَهُ بِحَدِيثِ أَنَسٍ، «فِي الرَّجُلِ الَّذِي أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ: أَتَانَا رَسُولُكَ فَزَعَمَ كَذَا» ، الْحَدِيثَ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. قَالَ: وَلَوْ كَانَ طَلَبُ الْعُلُوِّ فِي الْإِسْنَادِ غَيْرَ مُسْتَحَبٍّ لَأَنْكَرَ عَلَيْهِ سُؤَالَهُ لِذَلِكَ، وَلَأَمَرَهُ بِالِاقْتِصَارِ عَلَى مَا أَخْبَرَهُ الرَّسُولُ عَنْهُ. قَالَ: وَقَدْ رَحَلَ فِي طَلَبِ الْإِسْنَادِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، ثُمَّ سَاقَ بِسَنَدِهِ حَدِيثَ خُرُوجِ أَبِي أَيُّوبَ إِلَى عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، يَسْأَلُهُ عَنْ حَدِيثٍ سَمِعَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَمْ يَبْقَ أَحَدٌ مِمَّنْ سَمِعَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرُ عُقْبَةَ، الْحَدِيثُ فِي سَتْرِ الْمُؤْمِنِ. وَقَالَ الْعَلَائِيُّ: فِي الِاسْتِدْلَالِ بِمَا ذَكَرُوهُ نَظَرٌ، لَا يَخْفَى. أَمَّا حَدِيثُ ضِمَامٍ فَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ، هَلْ كَانَ أَسْلَمَ قَبْلَ مَجِيئِهِ أَوْ لَا؟ فَإِنْ قُلْنَا: إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ أَسْلَمَ كَمَا اخْتَارَهُ أَبُو دَاوُدَ، فَلَا رَيْبَ فِي أَنَّ هَذَا لَيْسَ طَلَبًا لِلْعُلُوِّ، بَلْ كَانَ شَاكًّا فِي قَوْلِ الرَّسُولِ الَّذِي جَاءَهُ، فَرَحَلَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى اسْتَثْبَتَ الْأَمْرَ وَشَاهَدَ مِنْ أَحْوَالِهِ مَا حَصَلَ لَهُ الْعِلْمُ الْقَطْعِيُّ بِصِدْقِهِ، وَلِهَذَا قَالَ فِي كَلَامِهِ: فَزَعَمَ لَنَا أَنَّكَ إِلَى آخِرِهِ، فَإِنَّ الزَّعْمَ إِنَّمَا يَكُونُ فِي مَظِنَّةِ الْكَذِبِ. قُلْنَا: كَانَ أَسْلَمَ فَلَمْ يَكُنْ مَجِيؤُهُ أَيْضًا لِطَلَبِ الْعُلُوِّ فِي إِسْنَادٍ، بَلْ لِيَرْتَقِيَ مِنَ الظَّنِّ إِلَى الْيَقِينِ؛ لِأَنَّ الرَّسُولَ الَّذِي أَتَاهُمْ لَمْ يُفِدْ خَبَرُهُ إِلَّا الظَّنَّ، وَلِقَاءُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفَادَ الْيَقِينَ. قَالَ: وَكَذَلِكَ مَا يُحْتَجُّ بِهِ لِهَذَا الْقَوْلِ مِنْ رِحْلَةِ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 606 وَهُوَ أَقْسَامٌ: أَجَلُّهَا الْقُرْبُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ نَظِيفٍ.   [تدريب الراوي] سَمَاعِ أَحَادِيثَ مُعَيَّنَةٍ إِلَى الْبِلَادِ لَا دَلِيلَ فِيهِ أَيْضًا؛ لِجَوَازِ أَنْ تَكُونَ تِلْكَ الْأَحَادِيثُ لَمْ تَتَّصِلْ إِلَى مَنْ رَحَلَ بِسَبَبِهَا مِنْ جِهَةٍ صَحِيحَةٍ، فَكَانَتِ الرِّحْلَةُ لِتَحْصِيلِهَا لَا لِلْعُلُوِّ فِيهَا. قَالَ: نَعَمْ لَا رَيْبَ فِي اتِّفَاقِ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا عَلَى الرِّحْلَةِ إِلَى مَنْ عِنْدَهُ الْإِسْنَادُ الْعَالِي. [أقسام الْعُلُوُّ] [الأول أَجَلُّهَا الْقُرْبُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَيْثُ الْعَدَدُ] (وَهُوَ) أَيِ الْعُلُوُّ (أَقْسَامٌ) خَمْسَةٌ (أَجَلُّهَا الْقُرْبُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) مِنْ حَيْثُ الْعَدَدُ (بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ نَظِيفٍ) بِخِلَافِ مَا إِذَا كَانَ مَعَ ضَعْفٍ، فَلَا الْتِفَاتَ إِلَى هَذَا الْعُلُوِّ، لَا سِيَّمَا إِنْ كَانَ فِيهِ بَعْضُ الْكَذَّابِينَ الْمُتَأَخِّرِينَ، مِمَّنِ ادَّعَى سَمَاعًا مِنَ الصَّحَابَةِ، كَابْنِ هُدْبَةَ، وَدِينَارٍ، وَخِرَاشٍ، وَنُعَيْمِ بْنِ سَالِمٍ، وَيَعْلَى بْنِ الْأَشْدَقِ، وَأَبِي الدُّنْيَا الْأَشَجِّ. قَالَ الذَّهَبِيُّ: مَتَى رَأَيْتَ الْمُحَدِّثِ يَفْرَحُ بِعَوَالِي هَؤُلَاءِ فَاعْلَمْ أَنَّهُ عَامِّيٌّ بَعْدُ. وَأَعْلَى مَا يَقَعُ لَنَا وَلْأَضْرَابِنَا فِي هَذَا الزَّمَنِ مِنَ الْأَحَادِيثِ الصِّحَاحِ الْمُتَّصِلَةِ بِالسَّمَاعِ مَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا، وَبِالْإِجَازَةِ فِي الطَّرِيقِ أَحَدَ عَشَرَ، وَذَلِكَ كَثِيرٌ، وَبِضَعْفٍ يَسِيرٍ غَيْرِ وَاهٍ عَشَرَةٌ، وَلَمْ يَقَعْ لَنَا بِذَلِكَ إِلَّا أَحَادِيثُ قَلِيلَةٌ جِدًّا فِي مُعْجَمِ الطَّبَرَانِيِّ الصَّغِيرِ: أَخْبَرَنِي مُسْنَدُ الدُّنْيَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ مُقْبِلٍ الْحَلَبِيُّ إِجَازَةً مُكَاتَبَةً مِنْهُ، فِي رَجَبٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 607 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] سَنَةَ ثَمَانِمِائَةٍ وَتِسْعَةٍ وَسِتِّينَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي عُمَرَ الْمَقْدِسِيِّ، وَهُوَ آخِرُ مَنْ حَدَّثَ عَنْهُ بِالْإِجَازَةِ، أَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْبُخَارِيِّ، وَهُوَ آخِرُ مَنْ حَدَّثَ عَنْهُ، عَنْ أَبِي الْقَاسِمِ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ الْقَاسِمِ الصَّيْدَلَانِيِّ، وَهُوَ آخِرُ مَنْ حَدَّثَ عَنْهُ، أَخْبَرَتْنَا أُمُّ إِبْرَاهِيمَ بِنْتُ عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو الْفَضْلِ الثَّقَفِيُّ سَمَاعًا عَلَيْهِمَا قَالَا، أَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ رِيذَةَ، أَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ، ثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ رُمَاحِسَ سَنَةَ مِائَتَيْنِ وَأَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ، ثَنَا أَبُو عَمْرٍو زِيَادُ بْنُ طَارِقٍ، وَكَانَ قَدْ أَتَتْ عَلَيْهِ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ سَنَةً، قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَرْوَلٍ زُهَيْرَ بْنَ صُرْدٍ الْجُشَمِيَّ يَقُولُ: «لَمَّا أَسَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ حُنَيْنٍ يَوْمَ هَوَازِنَ، وَذَهَبَ يُفَرِّقُ السَّبْيَ وَالنِّسَاءَ فَأَتَيْتُهُ فَأَنْشَأْتُ أَقُولُ هَذَا الشِّعْرَ: امْنُنْ عَلَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ فِي كَرَمٍ ... فَإِنَّكَ الْمَرْءُ نَرْجُوهُ وَنَنْتَظِرُ امْنُنْ عَلَى بَيْضَةٍ قَدْ عَاقَهَا قَدَرٌ ... مُشَتَّتٌ شَمْلُهَا فِي دَهْرِهَا غِيَرُ يَا خَيْرَ طِفْلٍ وَمَوْلُودٍ وَمُنْتَخَبٍ ... فِي الْعَالَمِينَ إِذَا مَا حَصَّلَ الْبَشَرُ أَبْقَتْ لَنَا الدَّهْرَ هَتَّافًا عَلَى حَزَنٍ ... عَلَى قُلُوبِهِمُ الْغَمَّاءُ وَالْغِمْرُ إِنْ لَمْ تَدَارَكْهُمْ نَعْمَاءُ تَنْشُرُهَا ... يَا أَرْجَحَ النَّاسِ حِلْمًا حِينَ يُخْتَبَرُ امْنُنْ عَلَى نِسْوَةٍ قَدْ كُنْتَ تَرْضَعُهَا ... وَإِذْ يُزَيِّنُكَ مَا تَأْتِي وَمَا تَذْرُ لَا تَجْعَلَنَّا كَمَنْ شَالَتْ نَعَامَتُهُ ... وَاسْتَبْقِ مِنَّا فَإِنَّا مَعْشَرٌ زُهُرُ إِنَّا لَنَشْكُرُ لِلنُّعْمَى إِذَا كُفِرَتْ ... وَعِنْدَنَا بَعْدَ هَذَا الْيَوْمِ مُدَّخَرُ فَأَلْبِسِ الْعَفْوَ مَنْ قَدْ كُنْتَ تَرْضَعُهُ ... مِنْ أُمَّهَاتِكَ إِنَّ الْعَفْوَ مُشْتَهِرُ يَا خَيْرَ مَنْ مَرَحَتْ كُمْتُ الْجِيَادِ بِهِ ... عِنْدَ الْهِيَاجِ إِذَا مَا اسْتَوْقَدَ الشَّرَرُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 608 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] إِنَّا نُؤَمِّلُ عَفْوًا مِنْكَ تَلْبَسُهُ هَذِي الْبَرِيَّةُ إِذْ تَعْفُو وَتَنْتَصِرُ ... فَاعْفُ عَفَا اللَّهُ عَمَّا أَنْتَ رَاهِبُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِذْ يُهْدِي لَكَ الظَّفَرَ قَالَ، فَلَمَّا سَمِعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا الشِّعْرَ قَالَ: مَا كَانَ لِي وَلِبَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَهُوَ لَكُمْ، وَقَالَتْ قُرَيْشٌ: مَا كَانَ لَنَا فَهُوَ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ، وَقَالَتِ الْأَنْصَارُ: مَا كَانَ لَنَا فَهُوَ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ» . هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، عُشَارِيٌّ أَخْرَجَهُ أَبُو سَعِيدٍ الْأَعْرَابِيُّ فِي مُعْجَمِهِ، عَنِ ابْنِ رُمَاحِسَ، وَأَبُو الْحُسَيْنِ بْنِ قَانِعٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ الْخَوَّاصِ، عَنِ ابْنِ رُمَاحِسَ، وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ إِسْحَاقَ فِي الْمَغَازِي، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ حُنَيْنٍ يَوْمُ هَوَازِنَ فَذَكَرَ الْقِصَّةَ وَسِيَاقُهُ أَتَمُّ. وَقَدْ أَخْرَجَهُ الضِّيَاءُ فِي الْمُخْتَارَةِ مِنْ حَدِيثِ زُهَيْرٍ، وَاسْتَشْهَدَ لَهُ بِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، فَهُوَ عِنْدَهُ عَلَى شَرْطِ الْحَسَنِ. وَأَمَّا الذَّهَبِيُّ فَقَالَ فِي " الْمِيزَانِ ": عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ رُمَاحِسَ الْقَيْسِيُّ الرَّمْلِيُّ، كَانَ مُعَمَّرًا مَا رَأَيْتُ لِلْمُتَقَدِّمِينَ فِيهِ جَرْحًا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 609 الثَّانِي: الْقُرْبُ مِنْ إِمَامٍ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ، وَإِنْ كَثُرَ بَعْدَهُ الْعَدَدُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.   [تدريب الراوي] قَالَ ثُمَّ رَأَيْتُ لِحَدِيثِهِ هَذَا عِلَّةً قَادِحَةً؛ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِيهِ، رَوَاهُ عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ زِيَادِ بْنِ طَارِقٍ، عَنْ زِيَادِ بْنِ صُرْدِ بْنِ زُهَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ زُهَيْرٍ، فَعَمَدَ عُبَيْدُ اللَّهِ إِلَى الْإِسْنَادِ فَأَسْقَطَ مِنْهُ رَجُلَيْنِ. وَبِهِ إِلَى الطَّبَرَانِيِّ، ثَنَا جَعْفَرُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ فَرُّوخٍ الْأَنْصَارِيُّ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنِي جَدِّي لِأُمِّي عَمْرُو بْنُ أَبَانِ بْنِ مُفَضَّلٍ الْمَدَنِيُّ قَالَ: «أَرَانِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ الْوُضُوءَ: أَخَذَ رَكْوَةً فَوَضَعَهَا عَلَى يَسَارِهِ، وَصَبَّ عَلَى يَدِهِ الْيُمْنَى فَغَسَلَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ أَدَارَ الرَّكْوَةَ عَلَى يَدِهِ الْيُمْنَى، فَتَوَضَّأَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا، وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ ثَلَاثًا، وَأَخَذَ مَاءً جَدِيدًا لِصِمَاخِهِ؛ فَقُلْتُ لَهُ: قَدْ مَسَحْتَ أُذُنَيْكَ؛ فَقَالَ: يَا غُلَامُ إِنَّهُمَا مِنَ الرَّأْسِ، لَيْسَ هُمَا مِنَ الْوَجْهِ، ثُمَّ قَالَ: يَا غُلَامُ هَلْ رَأَيْتَ أَوْ فَهِمْتَ، أَوْ أُعِيدُ عَلَيْكَ؟ فَقُلْتُ: قَدْ كَفَانِي، قَالَ: هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ» . قَالَ الذَّهَبِيُّ فِي " الْمِيزَانِ ": [هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ] انْفَرَدَ بِهِ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ جَعْفَرٍ، وَعَمْرِو بْنِ أَبَانٍ لَا يُدْرَى مَنْ هُوَ. وَالْحَدِيثُ ثُمَانِيٌّ لَنَا لَهُ عَلَى ضَعْفِهِ. [الثاني الْقُرْبُ مِنْ إِمَامٍ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ] (الثَّانِي: الْقُرْبُ مِنْ إِمَامٍ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ) كَالْأَعْمَشِ، وَهُشَيْمٍ، وَابْنِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 610 الثَّالِثُ: الْعُلُوُّ بِالنِّسْبَةِ إِلَى رِوَايَةِ أَحَدِ الْكُتُبِ الْخَمْسَةِ أَوْ غَيْرِهَا مِنَ الْمُعْتَمَدَةِ، وَهُوَ مَا كَثُرَ اعْتِنَاءُ الْمُتَأَخِّرِينَ بِهِ مِنَ الْمُوَافَقَةِ وَالْإِبِدَالِ، وَالْمُسَاوَاةِ وَالْمُصَافَحَةِ؛ فَالْمُوَافَقَةُ أَنْ يَقَعَ لَكَ حَدِيثٌ عَنْ شَيْخِ مُسْلِمٍ مِنْ غَيْرِ جِهَتِهِ بِعَدَدٍ أَقَلَّ مِنْ عَدَدِكَ إِذَا رَوَيْتَهُ عَنْ مُسْلِمٍ عَنْهُ، وَالْبَدَلُ أَنْ يَقَعَ هَذَا الْعُلُوُّ عَنْ مِثْلِ شَيْخِ مُسْلِمٍ. وَقَدْ يُسَمَّى هَذَا مُوَافَقَةً بِالنِّسْبَةِ إِلَى شَيْخِ شَيْخِ مُسْلِمٍ. وَالْمُسَاوَاةُ فِي أَعْصَارِنَا قِلَّةُ عَدَدِ إِسْنَادِكَ إَلَى الصَّحَابِيِّ أَوْ مَنْ قَارَبَهُ بِحَيْثُ يَقَعُ بَيْنَكَ وَبَيْنَ صَحَابِيٍّ مَثَلًا مِنَ الْعَدَدُ مِثْلُ مَا وَقَعَ بَيْنَ مُسْلِمٍ وَبَيْنَهُ. وَالْمُصَافَحَةُ أَنْ تَقَعَ هَذِهِ الْمُسَاوَاةُ لِشَيْخِكَ؛ فَيَكُونُ لَكَ مُصَافَحَةً كَأَنَّكَ صَافَحْتَ مُسْلِمًا فأَخَذْتَهُ عَنْهُ. فَإِنْ كَانَتِ الْمُسَاوَاةُ لِشَيْخِ شَيْخِكَ كَانْتِ الْمُصَافَحَةُ لِشَيْخِكَ، وَإِنْ كَانَتِ الْمُسَاوَاةُ لِشَيْخِ شَيْخِ شَيْخِكَ فَالْمُصَافَحَةُ لِشَيْخِ شَيْخِكَ، وَهَذَا الْعُلُوُّ تَابِعٌ لِنُزُولٍ؛ فَلَوْلَا نُزُولُ مُسْلِمٍ وَشِبْهِهِ لَمْ تَعْلُ أَنْتَ.   [تدريب الراوي] جُرَيْجٍ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَمَالِكٍ، وَشُعْبَةَ، وَغَيْرِهِمْ مَعَ الصِّحَّةِ أَيْضًا، (وَإِنْ كَثُرَ بَعْدَهُ الْعَدَدُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) . [الثالث الْعُلُوُّ الْمُقَيَّدُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى رِوَايَةِ أَحَدِ الْكُتُبِ الْخَمْسَةِ أَوْ غَيْرِهَا مِنَ الْكُتُبِ الْمُعْتَمَدَةِ] (الثَّالِثُ: الْعُلُوُّ) الْمُقَيَّدُ (بِالنِّسْبَةِ إِلَى رِوَايَةِ أَحَدِ الْكُتُبِ الْخَمْسَةِ أَوْ غَيْرِهَا مِنَ) الْكُتُبِ (الْمُعْتَمَدَةِ) ، وَسَمَّاهُ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ عُلُوَّ التَّنْزِيلِ. وَلَيْسَ بِعُلُوٍّ مُطْلَقٍ إِذِ الرَّاوِي لَوْ رَوَى الْحَدِيثَ مِنْ طَرِيقِ كِتَابٍ مِنْهَا وَقَعَ أَنْزَلَ مِمَّا لَوْ رَوَاهُ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِهَا، وَقَدْ يَكُونُ عَالِيًا مُطْلَقًا أَيْضًا. (وَهُوَ مَا كَثُرَ اعْتِنَاءُ الْمُتَأَخِّرِينَ بِهِ مِنَ الْمُوَافَقَةِ وَالْإِبْدَالِ وَالْمُسَاوَاةِ وَالْمُصَافَحَةِ؛ فَالْمُوَافَقَةُ أَنْ يَقَعَ لَكَ حَدِيثٌ عَنْ شَيْخِ مُسْلِمٍ) مَثَلًا (مِنْ غَيْرِ جِهَتِهِ بِعَدَدٍ أَقَلَّ مِنْ عَدَدِكَ إِذَا رَوَيْتَهُ) بِإِسْنَادِكَ (عَنْ مُسْلِمٍ عَنْهُ، وَالْبَدَلُ أَنْ يَقَعَ هَذَا الْعُلُوُّ عَنْ) شَيْخٍ غَيْرِ شَيْخِ مُسْلِمٍ، وَهُوَ (مِثْلِ شَيْخِ مُسْلِمٍ) فِي ذَلِكَ الْحَدِيثِ. (وَقَدْ يُسَمَّى هَذَا مُوَافَقَةً بِالنِّسْبَةِ إِلَى شَيْخِ شَيْخِ مُسْلِمٍ) فَهُوَ مُوَافَقَةٌ مُقَيَّدَةٌ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 611 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَقَدْ تُطْلَقُ الْمُوَافَقَةُ وَالْبَدَلُ مَعَ عَدَمِ الْعُلُوِّ بَلْ وَمَعَ النُّزُولِ أَيْضًا، كَمَا وَقَعَ فِي كَلَامِ الذَّهَبِيِّ وَغَيْرِهِ. وَقَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: هُوَ مُوَافَقَةٌ وَبَدَلٌ، وَلَكِنْ لَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ ذَلِكَ لِعَدَمِ الِالْتِفَاتِ إِلَيْهِ. تَنْبِيهٌ لَمْ أَقِفْ عَلَى تَصْرِيحٍ بِأَنَّهُ هَلْ يُشْتَرَطُ اسْتِوَاءُ الْإِسْنَادِ بَعْدَ الشَّيْخِ الْمُجْتَمَعِ فِيهِ أَوْ لَا؟ . وَقَدْ وَقَعَ لِي فِي الْإِمْلَاءِ حَدِيثٌ أُمْلِيتُهُ مِنْ طَرِيقِ التِّرْمِذِيِّ، عَنْ قُتَيْبَةَ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ الدَّرَاوَرْدِيِّ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا، «لَا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَقَابِرَ» ، الْحَدِيثَ. وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ قُتَيْبَةَ، عَنْ يَعْقُوبَ الْقَارِئِ، عَنْ سُهَيْلٍ. فَقُتَيْبَةُ لَهُ فِيهِ شَيْخَانِ عَنْ سُهَيْلٍ، فَوَقَعَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَحَدِهِمَا: وَفِي التِّرْمِذِيِّ عَنِ الْآخَرِ. فَهَلْ يُسَمَّى هَذَا مُوَافَقَةً لَاجْتِمَاعِنَا مَعَهُ فِي قُتَيْبَةَ، أَوْ بَدَلًا لِلتَّخَالُفِ فِي شَيْخِهِ، وَالَاجْتِمَاعِ فِي سُهَيْلٍ أَوْ لَا، وَلَا يَكُونُ وَاسِطَةً بَيْنَ الْمُوَافَقَةِ وَالْبَدَلِ، احْتِمَالَاتٌ: أَقْرَبُهَا عِنْدِي الثَّالِثُ. (وَالْمُسَاوَاةُ فِي أَعْصَارِنَا قِلَّةُ عَدَدِ إِسْنَادِكَ إِلَى الصَّحَابِيِّ أَوْ مَنْ قَارَبَهُ بِحَيْثُ يَقَعُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 612 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] بَيْنَكَ وَبَيْنَ صَحَابِيٍّ مَثَلًا مِنَ الْعَدَدِ مِثْلُ مَا وَقَعَ بَيْنَ مُسْلِمٍ وَبَيْنَهُ) . وَهَذَا كَانَ يُوجَدُ قَدِيمًا، وَأَمَّا الْآنُ فَلَا يُوجَدُ فِي حَدِيثٍ بِعَيْنِهِ، بَلْ يُوجَدُ مُطْلَقُ الْعَدَدِ كَمَا قَالَ الْعِرَاقِيُّ. فَإِنَّهُ تَقَدَّمَ أَنَّ بَيْنِي وَبَيْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشْرَةُ أَنْفُسٍ فِي ثَلَاثَةِ أَحَادِيثَ، وَقَدْ وَقَعَ لِلنَّسَائِيِّ حَدِيثٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ عَشْرَةُ أَنْفُسٍ، وَذَلِكَ مُسَاوَاةٌ لَنَا. وَهُوَ مَا رَوَاهُ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، أَخْبَرَنَا زَائِدَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ هِلَالٍ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ امْرَأَةٍ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: « {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] تَعْدِلُ ثُلْثَ الْقُرْآنِ» . قَالَ النَّسَائِيُّ: مَا أَعْلَمُ فِي الْحَدِيثِ إِسْنَادًا أَطْوَلَ مِنْ هَذَا. وَفِيهِ سِتَّةٌ مِنَ التَّابِعِينَ أَوَّلُهُمْ مَنْصُورٌ. وَقَدْ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ قُتَيْبَةَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ بَشَّارٍ؛ قَالَا: ثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ، ثَنَا زَائِدَةُ بِهِ، وَقَالَ: حَسَنٌ. وَالْمَرْأَةُ هِيَ امْرَأَةُ أَبِي أَيُّوبَ، وَهُوَ عُشَارِيٌّ لِلتِّرْمِذِيِّ أَيْضًا. (وَالْمُصَافَحَةُ أَنْ تَقَعَ هَذِهِ الْمُسَاوَاةُ لِشَيْخِكَ فَيَكُونُ لَكَ مُصَافَحَةً، كَأَنَّكَ صَافَحْتَ مُسْلِمًا فَأَخَذْتَهُ عَنْهُ) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 613 الرَّابِعُ: الْعُلَوُّ بِتَقَدُّمِ وَفَاةِ الرَّاوِي فَمَا أَرْوِيهِ عَنْ ثَلَاثَةٍ عَنِ الْبَيْهَقِيِّ عَنِ الْحَاكِمِ أَعَلَى مِمَّا أَرْوِيهِ عَنْ ثَلَاثَةٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ خَلَفٍ عَنِ الْحَاكِمِ؛ لِتَقَدُّمِ وَفَاةِ الْبَيْهَقِيِّ عَنِ ابْنِ خَلَفٍ. وَأَمَّا عُلُوُّهُ بِتَقَدُّمِ وَفَاةِ شَيْخِكَ فَحَدَّهُ الْحَافِظُ ابْنُ جُوصَى بِمُضِيِّ خَمْسِينَ سَنَةً مِنْ وَفَاةِ الشَّيْخِ، وَابْنُ مَنْدَهْ بِثَلَاثِينَ.   [تدريب الراوي] فَإِنْ كَانَتِ الْمُسَاوَاةُ لِشَيْخِ شَيْخِكَ كَانَتِ الْمُصَافَحَةُ لِشَيْخِكَ، وَإِنْ كَانَتِ) الْمُسَاوَاةُ (لِشَيْخِ شَيْخِ شَيْخِكَ فَالْمُصَافَحَةُ لِشَيْخِ شَيْخِكَ، وَهَذَا الْعُلُوُّ تَابِعٌ لِنُزُولٍ) غَالِبًا، (فَلَوْلَا نُزُولُ مُسْلِمٍ وَشِبْهِهِ لَمْ تَعْلُ أَنْتَ) ، وَقَدْ يَكُونُ مَعَ عُلُوِّهِ أَيْضًا، فَيَكُونُ عَالِيًا مُطْلَقًا. [الرَّابِعُ الْعُلَوُّ بِتَقَدُّمِ وَفَاةِ الرَّاوِي] (الرَّابِعُ: الْعُلُوُّ بِتَقْدِيمِ وَفَاةِ الرَّاوِي) وَإِنْ تَسَاوَيَا فِي الْعَدَدِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ: (فَمَا أَرْوِيهِ عَنْ ثَلَاثَةٍ عَنِ الْبَيْهَقِيِّ عَنِ الْحَاكِمِ أَعْلَى مِمَّا أَرْوِيهِ عَنْ ثَلَاثَةٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ خَلَفٍ عَنِ الْحَاكِمِ، لِتَقَدُّمِ وَفَاةِ الْبَيْهَقِيِّ عَنِ ابْنِ خَلَفٍ) . وَكَذَلِكَ مَنْ سَمِعَ مُسْنَدَ أَحْمَدَ عَلَى الْحَلَاوِيِّ، عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ الْحَلَبِيِّ، عَنِ النَّجِيبِ، أَعْلَى مِمَّنْ سَمِعَهُ عَلَى الْجَمَّالِ الْكِنَانِيِّ، عَنِ الْعُرْضِيِّ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ مَكِّيٍّ؛ لِتَقَدُّمِ وَفَاةِ الثَّلَاثَةِ الْأَوَّلِينَ عَلَى الثَّلَاثَةِ الْآخِرِينَ. (وَأَمَّا عُلُوُّهُ بِتَقْدِيمِ وَفَاةِ شَيْخِكَ) لَا مَعَ الْتِفَاتٍ لِأَمْرٍ آخَرَ أَوْ شَيْخٍ آخَرَ، (فَحَدَّهُ الْحَافِظُ) أَحْمَدُ بْنُ عُمَيْرٍ (ابْنُ جُوصَى) الدِّمَشْقِيُّ (بِمُضِيِّ خَمْسِينَ سَنَةً مِنْ تَارِيخِ وَفَاةِ الشَّيْخِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 614 الْخَامِسُ: الْعُلُوُّ بِتَقَدُّمِ السَّمَاعِ، وَيَدْخُلُ كَثِيرٌ مِنْهُ فَيمَا قَبْلَهُ، وَيَمْتَازُ بِأَنْ يَسْمَعَ شَخْصَانِ مِنْ شَيْخٍ؛ وَسَمَاعُ أحَدِهِمَا مِنْ سِتِّينَ سَنَةً مَثَلًا، وَالْآخَرُ مِنْ أَرْبَعِينَ، وَتَسَاوَى الْعَدَدُ إِلَيْهِمَا فَالْأَوَّلُ أَعْلَى.   [تدريب الراوي] حَدَّهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (وَابْنُ مَنْدَهْ بِثَلَاثِينَ) تَمْضِي مِنْ مَوْتِهِ. وَلَيْسَ يَقَعُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ أَعْلَى مِنْ ذَلِكَ. قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَهُوَ أَوْسَعُ. [الْخَامِسُ الْعُلُوُّ بِتَقَدُّمِ السَّمَاعِ] (الْخَامِسُ: الْعُلُوُّ بِتَقَدُّمِ السَّمَاعِ) مِنَ الشَّيْخِ، فَمَنْ سَمِعَ مِنْهُ مُتَقَدِّمًا كَانَ أَعْلَى مِمَّنْ سَمِعَ مِنْهُ بَعْدَهُ. (وَيَدْخُلُ كَثِيرٌ مِنْهُ فِيمَا قَبْلَهُ وَيَمْتَازُ) عَنْهُ (بِأَنْ يَسْمَعَ شَخْصَانِ مِنْ شَيْخٍ، وَسَمَاعُ أَحَدِهِمَا مُنْذُ سِتِّينَ سَنَةً مَثَلًا، وَالْآخَرُ مِنْ أَرْبَعِينَ) سَنَةً (وَتَسَاوَى الْعَدَدُ إِلَيْهِمَا فَالْأَوَّلُ أَعْلَى) مِنَ الثَّانِي. وَيَتَأَكَّدُ ذَلِكَ فِي حَقِّ مَنِ اخْتَلَطَ شَيْخُهُ أَوْ خَرِفَ، وَرُبَّمَا كَانَ الْمُتَأَخِّرُ أَرْجَحَ، بِأَنْ يَكُونَ تَحْدِيثُهُ الْأَوَّلُ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ دَرَجَةَ الْإِتْقَانِ وَالضَّبْطِ، ثُمَّ حَصَلَ لَهُ ذَلِكَ بَعْدُ، إِلَّا أَنَّ هَذَا عُلُوٌّ مَعْنَوِيٌّ، كَمَا سَيَأْتِي. تَنْبِيهٌ جَعَلَ ابْنُ طَاهِرٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 615 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ هَذَا وَالَّذِي قَبْلَهُ قِسْمًا وَاحِدًا، وَزَادَ الْعُلُوُّ إِلَى صَاحِبَيِ الصَّحِيحَيْنِ، وَمُصَنِّفِي الْكُتُبِ الْمَشْهُورَةِ. وَجَعَلَهُ ابْنُ طَاهِرٍ اسْمَيْنِ: أَحَدُهُمَا: الْعُلُوُّ إِلَى الشَّيْخَيْنِ، وَأَبِي دَاوُدَ، وَأَبِي حَاتِمٍ، وَنَحْوِهِمْ. وَالْآخَرُ: الْعُلُوُّ إِلَى كُتُبٍ مُصَنَّفَةٍ لِأَقْوَامٍ كَابْنِ أَبِي الدُّنْيَا وَالْخَطَّابِيِّ. ثُمَّ قَالَ: وَاعْلَمْ أَنَّ كُلَّ حَدِيثٍ عَسُرَ عَلَى الْمُحَدِّثِ وَلَمْ يَجِدْهُ غَالِبًا، وَلَابُدَّ لَهُ مِنْ إِيرَادِهِ، فَمِنْ أَيِّ وَجْهٍ أَوْرَدَهُ فَهُوَ عَالٍ بِعِزَّتِهِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ أَنَّ الْبُخَارِيَّ رَوَى عَنْ أَمَاثِلِ أَصْحَابِ مَالِكٍ، ثُمَّ رَوَى حَدِيثًا لِأَبِي إِسْحَاقَ الْفَزَارِيِّ، عَنْ مَالِكٍ، لِمَعْنًى فِيهِ؛ فَكَانَ فِيهِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَالِكٍ ثَلَاثَةُ رِجَالٍ. نُكْتَةٌ وَقَعَ لَنَا حَدِيثٌ اجْتَمَعَ فِيهِ أَقْسَامُ الْعُلُوِّ: أَخْبَرَتْنِي أُمُّ الْفَضْلِ بِنْتُ مُحَمَّدٍ الْمَقْدِسِيِّ، بِقِرَاءَتِي عَلَيْهَا فِي رَبِيعٍ الْآخَرِ سَنَةَ سَبْعِينَ وَثَمَانِمِائَةٍ، أَنَا أَبُو إِسْحَاقَ التَّنُوخِيُّ سَمَاعًا، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ سَنَةَ ثَمَانِمِائَةٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ يُوسُفَ الْقَيْسِيِّ، وَأَبِي رَوْحِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَقْدِسِيِّ، قَالَا: أَنَا أَبُو الْمُنْجِي بْنُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 616 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] اللَّيْثِيِّ؛ قَالَ: الْأَوَّلُ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ وَسِتِّمِائَةٍ، أَنَا أَبُو الْوَقْتِ السِّجْزِيُّ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ خَمْسِمِائَةٍ وَثَلَاثٍ وَخَمْسِينَ، أَنَا أَبُو الْعَاصِمِ الْفُضَيْلُ بْنُ يَحْيَى الْأَنْصَارِيُّ فِي ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ أَبِي شُرَيْحٍ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي صَفَرَ سَنَةَ اثْنَيْنِ وَتِسْعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَنِيفِيُّ - يَعْنِي أَبَا الْقَاسِمِ الْبَغَوِيَّ - وَكَانَتْ وَفَاتُهُ سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، ثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ الْجَوْهَرِيُّ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي رَجَبٍ سَنَةَ ثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ، أَنَا شُعْبَةُ بْنُ الْحَجَّاجِ وَمَاتَ سَنَةَ سِتِّينَ وَمِائَةٍ، وَعَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ آخِرُ مَنْ رَوَى عَنْهُ ; عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: «اسْتَأْذَنْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ ، فَقُلْتُ: أَنَا، فَقَالَ: أَنَا. . . أَنَا! ! كَأَنَّهُ كَرِهَهُ» . هَذَا الْحَدِيثُ اجْتَمَعَ فِيهِ أَنْوَاعُ الْعُلُوِّ، أَمَّا الْعَدَدُ فَبَيْنِي وَبَيْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا ثِقَاتٌ بِالسَّمَاعِ الْمُتَّصِلِ، وَهُوَ أَعْلَى مَا يَقَعُ مِنْ ذَلِكَ. وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ إِلَى بَعْضِ الْأَئِمَّةِ فَلْأَنَّ شُعْبَةَ بْنَ الْحَجَّاجِ مِنْ كِبَارِ الْأَئِمَّةِ الَّذِينَ رَوَى الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ عَنْ أَصْحَابِهِمْ، وَلَمْ يَقَعْ حَدِيثُهُ بِعُلُوٍّ إِلَّا فِي كِتَابِ الْبُخَارِيِّ وَأَبِي دَاوُدَ، وَبَيْنَهُمَا وَبَيْنَهُ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَحَادِيثِ رَجُلٌ وَاحِدٌ. وَأَمَّا بَقِيَّةُ الْجَمَاعَةِ فَأَقَلُّ مَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ اثْنَانِ، وَهُوَ مُتَقَدِّمُ الْوَفَاةِ، وَبَيْنِي وَبَيْنَهُ تِسْعَةُ أَنْفَسٍ، وَهُوَ نِهَايَةُ الْعُلُوِّ. وَأَمَّا عُلُوُّهُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى أَئِمَّةِ الْكُتُبِ، فَقَدْ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ أَبِي الْوَلِيدِ عَنْ شُعْبَةَ، فَوَقَعَ لِي بَدَلًا عَالِيًا كَأَنِّي سَمِعْتُهُ مِنْ أَبِي الْحَسَنِ بْنِ أَبِي الْمَجْدِ، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 617 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَأَبِي إِسْحَاقَ التَّنُوخِيِّ وَغَيْرِهِمَا، مِنْ شُيُوخِ شُيُوخِنَا فِي الصَّحِيحِ. وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِدْرِيسَ، وَعَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، وَأَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، كِلَاهُمَا عَنْ وَكِيعٍ، وَعَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنِ النَّضْرِ بْنِ شُمَيْلٍ، وَأَبِي عَامِرٍ الْعَقَدِيِّ، وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُثَنَّى، عَنْ وَهْبِ بْنِ جَرِيرٍ، وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ بِشْرِ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ بُهْزِ بْنِ أَسَدٍ. وَأَبُو دَاوُدَ عَنْ مُسَدَّدٍ عَنْ بِشْرِ بْنِ الْمُفَضَّلِ. وَالتِّرْمِذِيُّ عَنْ سُوَيْدِ بْنِ نَصْرٍ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ. وَالنَّسَائِيُّ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ مَسْعَدَةَ، عَنْ بِشْرِ بْنِ الْمُفَضَّلِ. وَابْنُ مَاجَهْ عَنِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ وَكِيعٍ. كُلُّهُمْ عَنْ شُعْبَةَ. فَوَقَعَ لِي بَدَلًا لَهُمْ عَالِيًا بِثَلَاثِ دَرَجَاتٍ؛ فَكَأَنِّي سَمِعْتُهُ مِنْ أَبِي إِسْحَاقَ بْنِ مُضَرَ رَاوِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي رَجَبٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ وَسِتِّمِائَةٍ، وَمِنْهُ سَمِعَ النَّوَوِيُّ صَحِيحَ مُسْلِمٍ. وَمِنْ أَبِي الْحَسَنِ بْنِ الْمُقَيَّرِ رَاوِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعِينَ وَسِتِّمِائَةٍ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 618 وَأَمَّا النُّزُولُ فَضِدُّ الْعُلُوِّ؛ فَهُوَ خَمْسَةُ أَقْسَامٍ تُعْرَفُ مِنْ ضِدِّهَا، وَهُوَ مَفْضُولٌ مَرْغُوبٌ عَنْهُ عَلَى الصَّوَابِ، وَهُوَ قَولُ الْجُمْهُورِ، وَفَضَّلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى الْعُلُوِّ؛ فَإِنْ تَمَيَّزَ بِفَائِدَةٍ فَهُوَ مُخَتَارٌ.   [تدريب الراوي] وَمِنْ أَبِي الْحَسَنِ بْنِ الْبُخَارِيِّ رَاوِي التِّرْمِذِيِّ وَكَانَتْ وَفَاتُهُ سَنَةَ تِسْعِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، وَمِنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَحْمَدَ الْعِرَاقِيِّ رَاوِي النَّسَائِيِّ وَكَانَتْ وَفَاتُهُ سَنَةَ تِسْعِينَ وَسِتِّمِائَةٍ. وَمِنْ أَبِي السَّعَادَاتِ رَاوِي سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ وَكَانَتْ وَفَاتُهُ سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّمِائَةٍ. [أقسام النزول] (وَأَمَّا النُّزُولُ فَضِدُّ الْعُلُوِّ فَهُوَ خَمْسَةُ أَقْسَامٍ) أَيْضًا (تُعْرَفُ مِنْ ضِدِّهَا) ، فَكُلُّ قِسْمٍ مِنْ أَقْسَامِ الْعُلُوِّ ضِدُّهُ قِسْمٌ مِنْ أَقْسَامِ النُّزُولِ، (وَهُوَ مَفْضُولٌ مَرْغُوبٌ عَنْهُ عَلَى الصَّوَابِ، وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ) . قَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: النُّزُولُ شُؤْمٌ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: الْإِسْنَادُ النَّازِلُ قُرْحَةٌ فِي الْوَجْهِ. (وَفَضَّلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى الْعُلُوِّ) حَكَاهُ ابْنُ خَلَّادٍ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ النَّظَرِ، لِأَنَّ الْإِسْنَادَ كُلَّمَا زَادَ عَدَدُهُ زَادَ الِاجْتِهَادُ فِيهِ، فَيَزْدَادُ الثَّوَابُ فِيهِ. قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَهَذَا مَذْهَبٌ ضَعِيفٌ، ضَعِيفُ الْحُجَّةِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 619 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: لِأَنَّ كَثْرَةَ الْمَشَقَّةِ لَيْسَتْ مَطْلُوبَةً لِنَفْسِهَا، وَمُرَاعَاةُ الْمَعْنَى الْمَقْصُودِ مِنَ الرِّوَايَةِ وَهُوَ الصِّحَّةُ أَوْلَى. (فَإِنْ تَمَيَّزَ) الْإِسْنَادُ النَّازِلُ (بِفَائِدَةٍ) كَزِيَادَةِ الثِّقَةِ فِي رِجَالِهِ عَلَى الْعَالِي، أَوْ كَوْنِهِمْ أَحْفَظَ أَوْ أَفْقَهَ، أَوْ كَوْنِهِ مُتَّصِلًا بِالسَّمَاعِ، وَفِي الْعَالِي حُضُورٌ أَوْ إِجَازَةٌ أَوْ مُنَاوَلَةٌ، أَوْ تَسَاهُلُ بَعْضِ رُوَاتِهِ فِي الْحَمْلِ وَنَحْوِ ذَلِكَ (فَهُوَ مُخْتَارٌ) . قَالَ وَكِيعٌ لِأَصْحَابِهِ: الْأَعْمَشُ أَحَبُّ إِلَيْكُمْ عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، أَمْ سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ؟ فَقَالُوا: الْأَعْمَشُ عَنْ أَبِي وَائِلٍ أَقْرَبُ؛ فَقَالَ: الْأَعْمَشُ شَيْخٌ، وَأَبُو وَائِلٍ شَيْخٌ، وَسُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، فَقِيهٌ، عَنْ فَقِيهٍ، عَنْ فَقِيهٍ، عَنْ فَقِيهٍ. قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: لَيْسَ جَوْدَةُ الْحَدِيثِ قُرْبَ الْإِسْنَادِ، بَلْ جَوْدَةُ الْحَدِيثِ صِحَّةَ الرِّجَالِ. وَقَالَ السَّلَفِيُّ: الْأَصْلُ الْأَخْذُ عَنِ الْعُلَمَاءِ، فَنُزُولُهُمْ أَوْلَى مِنَ الْعُلُوِّ عَنِ الْجَهَلَةِ عَلَى مَذْهَبِ الْمُحَقِّقِينَ مِنَ النَّقَلَةِ، وَالنَّازِلُ حِينَئِذٍ هُوَ الْعَالِي فِي الْمَعْنَى عِنْدَ النَّظَرِ وَالتَّحْقِيقِ. قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: لَيْسَ هَذَا مِنْ قَبِيلِ الْعُلُوِّ الْمُتَعَارَفِ إِطْلَاقُهُ بَيْنَ أَهْلِ الْحَدِيثِ، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 620 النَّوْعُ الثَلَاثُونَ: الْمَشْهُورُ مِنَ الْحَدِيثِ هُوَ قِسْمَانِ: صَحِيحٌ وَغَيْرُهُ، وَمَشْهُورٌ بَيْنَ أَهْلِ الْحَدِيثِ خَاصَّةً وَبَيْنَهُمْ وَبَيْنَ غَيْرِهِمْ. وَمِنْهُ الْمُتَوَاتِرُ الْمَعْرُوفُ فِي الْفِقْهِ وَأُصُولِهِ، وَلَا يَذْكُرُهُ الْمُحَدِّثُونَ، وَهُوَ قَلِيلٌ لَا يَكَادُ يُوجَدُ فِي رِوَايَاتِهِمْ، وَهُوَ مَا نَقَلَهُ مَنْ يَحْصُلُ الْعِلْمُ بِصِدْقِهِمْ ضَرُورَةً عَنْ مِثْلِهِمْ مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى آخِرِهِ، وَحَدِيثُ «مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ» مُتَوَاتِرٌ، لَا حَدِيثُ «إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» .   [تدريب الراوي] وَإِنَّمَا هُوَ عُلُوٌّ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: وَلِابْنِ حِبَّانَ تَفْصِيلٌ حَسَنٌ، وَهُوَ أَنَّ النَّظَرَ إِنْ كَانَ لِلسَّنَدِ فَالشُّيُوخُ أَوْلَى، وَإِنْ كَانَ لِلْمَتْنِ فَالْفُقَهَاءُ. [النَّوْعُ الثَلَاثُونَ الْمَشْهُورُ] (النَّوْعُ الثَلَاثُونَ: الْمَشْهُورُ مِنَ الْحَدِيثِ) . قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَمَعْنَى الشُّهْرَةِ مَفْهُومٌ، فَاكْتُفِيَ بِذَلِكَ عَنْ حَدِّهِ. وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: لَمْ يَذْكُرْ لَهُ ضَابِطًا، وَفِي كُتُبِ الْأَصُولِ الْمَشْهُورَةِ: وَيُقَالُ لَهُ الْمُسْتَفِيضُ الَّذِي تَزِيدُ نَقَلَتُهُ عَلَى ثَلَاثَةٍ. وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: الْمَشْهُورُ مَا لَهُ طُرُقٌ مَحْصُورَةٌ بِأَكْثَرَ مِنَ اثْنَيْنِ، وَلَمْ يَبْلُغْ حَدَّ التَّوَاتُرِ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِوُضُوحِهِ، وَسَمَّاهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ الْمُسْتَفِيضَ لِانْتِشَارِهِ، مِنْ فَاضَ الْمَاءُ يَفِيضُ فَيْضًا. وَمِنْهُمْ مَنْ غَايَرَ بَيْنَهُمَا: بِأَنَّ الْمُسْتَفِيضَ يَكُونُ فِي ابْتِدَائِهِ وَانْتِهَائِهِ سَوَاءٌ، وَالْمَشْهُورَ أَهَمُّ مِنْ ذَلِكَ، وَمِنْهُمْ مَنْ عَكَسَ. (هُوَ قِسْمَانِ: صَحِيحٌ، وَغَيْرُهُ) أَيْ حَسَنٌ وَضَعِيفٌ، (وَمَشْهُورٌ بَيْنَ أَهْلِ الْحَدِيثِ خَاصَّةً، وَ) مَشْهُورٌ (بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ غَيْرِهِمْ) مِنَ الْعُلَمَاءِ وَالْعَامَّةِ. وَقَدْ يُرَادُ بِهِ مَا اشْتُهِرَ عَلَى الْأَلْسِنَةِ، وَهَذَا يُطْلَقُ عَلَى مَا لَهُ إِسْنَادٌ وَاحِدٌ فَصَاعِدًا، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 621 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] بَلْ مَا لَا يُوجَدُ لَهُ إِسْنَادٌ أَصْلًا. وَقَدْ صَنَّفَ فِي هَذَا الْقِسْمِ الزَّرْكَشِيُّ: " التَّذْكِرَةَ فِي الْأَحَادِيثِ الْمُشْتَهِرَةِ "، وَأَلَّفْتُ فِيهِ كِتَابًا مُرَتَّبًا عَلَى حُرُوفِ الْمُعْجَمِ اسْتَدْرَكْتُ فِيهِ مِمَّا فَاتَهُ الْجَمَّ الْغَفِيرَ. مِثَالُ الْمَشْهُورِ عَلَى الِاصْطِلَاحِ وَهُوَ صَحِيحٌ حَدِيثُ: «إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبِضُ الْعَلَمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ» . وَحَدِيثُ: «مَنْ أَتَى الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ» . وَمَثَّلَهُ الْحَاكِمُ وَابْنُ الصَّلَاحِ بِحَدِيثِ: «إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» . فَاعْتُرِضَ: بِأَنَّ الشُّهْرَةَ إِنَّمَا طَرَأَتْ لَهُ مِنْ عِنْدِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، وَأَوَّلِ الْإِسْنَادِ فَرُدَّ كَمَا تَقَدَّمَ. وَمِثَالُهُ وَهُوَ حَسَنٌ حَدِيثُ: «طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ» . فَقَدْ قَالَ الْمِزِّيُّ: إِنَّ لَهُ طُرُقًا يَرْتَقِي بِهَا إِلَى رُتْبَةِ الْحَسَنِ. وَمِثَالُهُ وَهُوَ ضَعِيفٌ: «الْأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ» ، مَثَّلَ بِهِ الْحَاكِمُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 622 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَمِثَالُ الْمَشْهُورِ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ خَاصَّةً حَدِيثُ أَنَسٍ: «إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَنَتَ شَهْرًا بَعْدَ الرُّكُوعِ يَدْعُو عَلَى رِعْلٍ وَذَكْوَانَ» . أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ مِنْ رِوَايَةِ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ، عَنْ أَنَسٍ. وَقَدْ رَوَاهُ عَنْ أَنَسٍ غَيْرُ أَبِي مِجْلَزٍ، وَعَنْ أَبِي مِجْلَزٍ غَيْرُ سُلَيْمَانَ، وَعَنْ سُلَيْمَانَ جَمَاعَةٌ، وَهُوَ مَشْهُورٌ بَيْنَ أَهْلِ الْحَدِيثِ، وَقَدْ يَسْتَغْرِبُهُ غَيْرُهُمْ، لِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَى رِوَايَةِ التَّيْمِيِّ عَنْ أَنَسٍ كَوْنُهَا بِلَا وَاسِطَةٍ. وَمِثَالُ الْمَشْهُورِ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَالْعُلَمَاءِ وَالْعَوَامِّ: «الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ» . وَمِثَالُ الْمَشْهُورِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ: «أَبْغَضُ الْحَلَالِ عِنْدَ اللَّهِ الطَّلَاقُ» ، صَحَّحَهُ الْحَاكِمُ. «مَنْ سُئِلَ عَنْ عِلْمٍ فَكَتَمَهُ» الْحَدِيثَ، حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ. «لَا غِيبَةَ لِفَاسِقٍ» ، حَسَّنَهُ بَعْضُ الْحُفَّاظِ، وَضَعَّفَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 623 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] «لَا صَلَاةَ لِجَارِ الْمَسْجِدِ إِلَّا فِي الْمَسْجِدِ» ، ضَعَّفَهُ الْحُفَّاظُ. «اسْتَاكُوا عَرْضًا وَادَّهِنُوا غِبًّا وَاكْتَحَلُوا وِتْرًا» . قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: بَحَثْتُ عَنْهُ فَلَمْ أَجِدْ لَهُ أَصْلًا وَلَا ذِكْرًا فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُبِ الْحَدِيثِ. وَمِثَالُ الْمَشْهُورِ عِنْدَ الْأَصُولِيِّينَ: «رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» ، صَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمُ بِلَفْظِ: «إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ» . وَمِثَالُ الْمَشْهُورِ عِنْدَ النُّحَاةِ: «نِعْمَ الْعَبْدُ صُهَيْبٌ لَوْ لَمْ يَخَفِ اللَّهَ لَمْ يَعْصِهِ» . قَالَ الْعِرَاقِيُّ وَغَيْرُهُ: لَا أَصْلَ لَهُ، وَلَا يُوجَدُ بِهَذَا اللَّفْظِ فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُبِ الْحَدِيثِ. وَمِثَالُ الْمَشْهُورِ بَيْنَ الْعَامَّةِ: «مَنْ دَلَّ عَلَى خَيْرٍ فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ فَاعِلِهِ» ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. «مُدَارَاةُ النَّاسِ صَدَقَةٌ» ، صَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ. «الْبَرَكَةُ مَعَ أَكَابِرِكُمْ» ، صَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 624 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] «لَيْسَ الْخَبَرُ كَالْمُعَايَنَةِ» ، صَحَّحَاهُ أَيْضًا. «الْمُسْتَشَارُ مُؤْتَمَنٌ» ، حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ. «الْعَجَلَةُ مِنَ الشَّيْطَانِ» ، حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ أَيْضًا. «اخْتِلَافُ أُمَّتِي رَحْمَةٌ» . «نِيَّةُ الْمُؤْمِنِ خَيْرٌ مِنْ عَمَلِهِ» . «مَنْ بُورِكَ لَهُ فِي شَيْءٍ فَلْيَلْزَمْهُ» . «الْخَيْرُ عَادَةٌ» . «عَرِّفُوا وَلَا تُعَنِّفُوا» . «جُبِلَتِ الْقُلُوبُ عَلَى حُبِّ مَنْ أَحْسَنَ إِلَيْهَا» . «أُمِرْنَا أَنْ نُكَلِّمَ النَّاسَ عَلَى قَدْرِ عُقُولِهِمْ» ، وَكُلُّهَا ضَعِيفَةٌ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 625 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] «مَنْ عَرَفَ نَفْسَهُ فَقَدْ عَرَفَ رَبَّهُ» . «كُنْتُ كَنْزًا لَا أُعْرَفُ» . «الْبَاذِنْجَانُ لِمَا أُكِلَ لَهُ» . «يَوْمُ صَوْمِكُمْ يَوْمُ نَحْرِكُمْ» . «مَنْ بَشَّرَنِي بِآذَارَ بَشَّرْتُهُ بِالْجَنَّةِ» . وَكُلُّهَا بَاطِلَةٌ لَا أَصْلَ لَهَا، وَكِتَابُنَا الَّذِي أَشَرْنَا إِلَيْهِ كَافِلٌ بِبَيَانِ هَذَا النَّوْعِ مِنَ الْأَحَادِيثِ وَالْآثَارِ وَالْمَوْقُوفَاتِ بَيَانًا شَافِيًا وَلِلَّهِ الْحَمْدُ. (وَمِنْهُ) أَيْ مِنَ الْمَشْهُورِ (الْمُتَوَاتِرُ الْمَعْرُوفُ فِي الْفِقْهِ وَأُصُولِهِ وَلَا يَذْكُرُهُ الْمُحَدِّثُونَ) بِاسْمِهِ الْخَاصِّ الْمُشْعِرِ بِمَعْنَاهُ الْخَاصِّ، وَإِنْ وَقَعَ فِي كَلَامِ الْخَطِيبِ؛ فَفِي كَلَامِهِ مَا يُشْعِرُ بِأَنَّهُ اتَّبَعَ فِيهِ غَيْرَ أَهْلِ الْحَدِيثِ؛ قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ. قِيلَ: وَقَدْ ذَكَرَهُ الْحَاكِمُ، وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، وَابْنُ حَزْمٍ. وَأَجَابَ الْعِرَاقِيُّ بِأَنَّهُمْ لَمْ يَذْكُرُوهُ بِاسْمِهِ الْمُشْعِرِ بِمَعْنَاهُ، بَلْ وَقَعَ فِي كَلَامِهِمْ تَوَاتُرًا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 626 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَا، وَأَنَّ الْحَدِيثَ الْفُلَانِيَّ مُتَوَاتِرٌ. (وَهُوَ قَلِيلٌ لَا يَكَادُ يُوجَدُ فِي رِوَايَاتِهِمْ، وَهُوَ مَا نَقَلَهُ مَنْ يَحْصُلُ الْعِلْمُ بِصِدْقِهِمْ ضَرُورَةً) بِأَنْ يَكُونُوا جَمْعًا لَا يُمْكِنُ تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ، (عَنْ مِثْلِهِمْ مِنْ أَوَّلِهِ) أَيِ الْإِسْنَادِ (إِلَى آخِرِهِ) ؛ وَلِذَلِكَ يَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ مِنْ غَيْرِ بَحْثٍ عَنْ رِجَالِهِ، وَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ عَدَدٌ مُعَيَّنٌ فِي الْأَصَحِّ. قَالَ الْقَاضِي الْبَاقِلَّانِيُّ: وَلَا يَكْفِي الْأَرْبَعَةُ، وَمَا فَوْقَهَا صَالِحٌ، وَتَوَقَّفَ فِي الْخَمْسَةِ. وَقَالَ الْإِصْطَخْرِيُّ: أَقَلُّهُ عَشَرَةٌ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ، لِأَنَّهُ أَوَّلُ جُمُوعِ الْكَثْرَةِ. وَقِيلَ: اثْنَا عَشْرَ عِدَّةُ نُقَبَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ. وَقِيلَ: عِشْرُونَ. وَقِيلَ: أَرْبَعُونَ. وَقِيلَ: سَبْعُونَ عِدَّةُ أَصْحَابِ مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ. وَقِيلَ: ثَلَاثُمِائَةٍ وَبِضْعَةَ عَشَرَ، عِدَّةُ أَصْحَابِ طَالُوتَ وَأَهْلِ بَدْرٍ، لِأَنَّ كُلَّ مَا ذُكِرَ مِنَ الْعَدَدِ الْمَذْكُورِ فِي الْأَدِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ أَفَادَ الْعِلْمَ. (وَحَدِيثُ «مَنْ كَذَبَ عَلِيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ» مُتَوَاتِرٌ) ، قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: رَوَاهُ اثْنَانِ وَسِتُّونَ مِنَ الصَّحَابَةِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: رَوَاهُ أَكْثَرُ مِنْ مِائَةِ نَفْسٍ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 627 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ لِلْمُصَنَّفِ: رَوَاهُ نَحْوُ مِائَتَيْنِ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَلَيْسَ فِي هَذَا الْمَتْنِ بِعَيْنِهِ، وَلَكِنَّهُ فِي مُطْلَقِ الْكَذِبِ، وَالْخَاصُّ بِهَذَا الْمَتْنِ رِوَايَةُ بِضْعَةٍ وَسَبْعِينَ صَحَابِيًّا: الْعَشَرَةُ الْمَشْهُودُ لَهُمْ بِالْجَنَّةِ، أُسَامَةُ " قا "، أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ " خ م "، أَوْسُ بْنُ أَوْسٍ " طب "، الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ " طب "، بُرَيْدَةُ " عد "، جَابِرُ بْنُ حَابِسٍ " نع "، جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ " م "، حُذَيْفَةُ بْنُ أَسَدٍ " طب "، حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ " طب "، خَالِدُ بْنُ عَرْفَطَةَ " حم "، رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ " طب "، زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ " حم "، زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ " خل "، السَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ " طب "، سَعْدُ بْنُ الْمِدْحَاسِ " خل "، سَفِينَةُ " عد "، سُلَيْمَانُ بْنُ خَالِدٍ الْخُزَاعِيُّ " قط "، سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ " قط "، سَلَمَةُ بْنُ الْأَكْوَعِ " خ "، صُهَيْبُ بْنُ سِنَانٍ " طب "، عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أَوْفَى " قا "، عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زُغْبٍ " نع "، ابْنُ الزُّبَيْرِ " قط "، ابْنُ عَبَّاسٍ " طب "، ابْنُ عُمَرَ " حم "، ابْنُ عَمْرٍو " خ "، ابْنُ مَسْعُودٍ " ت ن "، عُتْبَةُ بْنُ غَزْوَانَ " طب "، الْعُرْسُ بْنُ عُمَيْرَةَ " طب "، عَفَّانُ بْنُ حَبِيبٍ " ك "، عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ " حم "، عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ " طب "، عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ " بز "، عَمْرُو بْنُ حُرَيْثٍ " طب "، عَمْرُو بْنُ عَبْسَةَ " طب "، عَمْرُو بْنُ عَوْفٍ " طب "، عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ الْجُهَنِيُّ " طب "، قَيْسُ بْنُ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ " حم "، كَعْبُ بْنُ قُطْبَةَ " خل "، مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ " طب "، مُعَاوِيَةُ بْنُ حَيْدَةَ " خل "، مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ " حم "، الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ " نع "، الْمُنْقَعُ التَّمِيمِيُّ " خل "، نُبَيْطُ بْنُ شَرِيطٍ " طب "، وَاثِلَةُ بْنُ الْأَسْقَعِ " عد "، يَزِيدُ بْنُ أَسَدٍ " قط "، يَعْلَى بْنُ مُرَّةَ " مي "، أَبُو أُمَامَةَ " طب "، أَبُو الْحَمْرَاءِ " طب "، أَبُو ذَرٍّ " قط "، أَبُو رَافِعٍ " قط "، أَبُو رِمْثَةَ " قط "، أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ " حم "، أَبُو قَتَادَةَ، أَبُو قِرْصَافَةَ " عد "، أَبُو كَبْشَةَ الْأَنْمَارِيُّ " خل "، أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ " طب "، أَبُو مُوسَى الْغَافِقِيُّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 628 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] " حم "، أَبُو مَيْمُونٍ الْكُرْدِيُّ " طب "، أَبُو هُرَيْرَةَ، وَالِدُ أَبِي الْعُشَرَاءِ الدَّارِمِيِّ " خل "، وَالِدُ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ " بز "، عَائِشَةُ " قط "، أُمُّ أَيْمَنَ " قط "، وَقَدْ أَعْلَمْتُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ رَمْزَ مَنْ أَخْرَجَ حَدِيثَهُ مِنَ الْأَئِمَّةِ؛ " حم " فِي مُسْنَدِهِ لِأَحْمَدَ، وَ " طب " لِلطَّبَرَانِيِّ، وَ " قط " لِلدَّارَقُطْنِيِّ، وَ " عد " لِابْنِ عَدِيٍّ فِي " الْكَامِلِ "، وَ " بز " لِمُسْنَدِ الْبَزَّارِ، وَ " قا " لِابْنِ قَانِعٍ فِي مُعْجَمِهِ، وَ " خل " لِلْحَافِظِ يُوسُفَ بْنِ خَلِيلٍ فِي كِتَابِهِ الَّذِي جَمَعَ فِيهِ طُرُقَ هَذَا الْحَدِيثِ، وَ " نع " لِأَبِي نُعَيْمٍ، وَ " مي " لِمُسْنَدِ الدَّارِمِيِّ، وَ " ك " لِمُسْتَدْرَكِ الْحَاكِمِ، وَ " ت " لِلتِّرْمِذِيِّ، وَ " ن " لِلنَّسَائِيِّ، وَ " خ م " لِلْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ. (لَا حَدِيثُ «إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» ) أَيْ لَيْسَ بِمُتَوَاتِرٍ كَمَا تَقَدَّمَ تَحْقِيقُهُ فِي نَوْعِ الشَّاذِّ. 1 - تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ: قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: مَا ادَّعَاهُ ابْنُ الصَّلَاحِ مِنْ عِزَّةِ الْمُتَوَاتِرِ، وَكَذَا مَا ادَّعَاهُ غَيْرُهُ مِنَ الْعَدَمِ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ نَشَأَ عَنْ قِلَّةِ الِاطِّلَاعِ عَلَى كَثْرَةِ الطُّرُقِ، وَأَحْوَالِ الرِّجَالِ، وَصِفَاتِهِمُ الْمُقْتَضِيَةِ لِإِبْعَادِ الْعَادَةِ أَنْ يَتَوَاطَئُوا عَلَى الْكَذِبِ، أَوْ يَحْصُلَ مِنْهُمُ اتِّفَاقًا. قَالَ: وَمِنْ أَحْسَنِ مَا يُقَرَّرُ بِهِ كَوْنُ الْمُتَوَاتِرِ مَوْجُودًا وُجُودَ كَثْرَةٍ فِي الْأَحَادِيثِ، أَنَّ الْكُتُبَ الْمَشْهُورَةَ الْمُتَدَاوَلَةَ بِأَيْدِي أَهْلِ الْعِلْمِ شَرْقًا وَغَرْبًا الْمَقْطُوعَ عِنْدَهُمْ بِصِحَّةِ نِسْبَتِهَا إِلَى مُؤَلِّفِيهَا، إِذَا اجْتَمَعَتْ عَلَى إِخْرَاجِ حَدِيثٍ، وَتَعَدَّدَتْ طُرُقُهُ تَعَدُّدًا تُحِيلُ الْعَادَةُ تَوَاطُؤَهُمْ عَلَى الْكَذِبِ؛ أَفَادَ الْعِلْمَ الْيَقِينِيَّ بِصِحَّتِهِ إِلَى قَائِلِهِ. قَالَ: وَمِثْلُ ذَلِكَ فِي الْكُتُبِ الْمَشْهُورَةِ كَثِيرٌ. قُلْتُ: قَدْ أَلَّفْتُ فِي هَذَا النَّوْعِ كِتَابًا لَمْ أُسْبَقْ إِلَى مِثْلِهِ سَمَّيْتُهُ: " الْأَزْهَارُ الْمُتَنَاثِرَةُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 629 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] فِي الْأَخْبَارِ الْمُتَوَاتِرَةِ " مُرَتَّبًا عَلَى أَبْوَابٍ، أَوْرَدْتُ فِيهِ كُلَّ حَدِيثٍ بِأَسَانِيدَ مَنْ خَرَّجَهُ. وَطُرُقِهِ. ثُمَّ لَخَّصْتُهُ فِي جُزْءٍ لَطِيفٍ سَمَّيْتُهُ: " قَطْفُ الْأَزْهَارِ "، اقْتَصَرْتُ فِيهِ عَلَى عَزْوِ كُلِّ طَرِيقٍ لِمَنْ أَخْرَجَهَا مِنَ الْأَئِمَّةِ، وَأَوْرَدْتُ فِيهِ أَحَادِيثَ كَثِيرَةً. مِنْهَا: حَدِيثُ الْحَوْضِ مِنْ رِوَايَةِ نَيِّفٍ وَخَمْسِينَ صَحَابِيًّا. وَحَدِيثُ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ مِنْ رِوَايَةِ سَبْعِينَ صَحَابِيًّا. وَحَدِيثُ رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي الصَّلَاةِ مِنْ رِوَايَةِ نَحْوِ خَمْسِينَ. وَحَدِيثُ: «نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مَقَالَتِي» مِنْ رِوَايَةِ نَحْوِ ثَلَاثِينَ. وَحَدِيثُ: «نَزَلَ الْقُرْآنُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ» ، مِنْ رِوَايَةِ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ. وَحَدِيثُ: «مَنْ بَنَى لِلَّهِ مَسْجِدًا بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ» ، مِنْ رِوَايَةِ عِشْرِينَ. وَكَذَا حَدِيثُ: «كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ» . وَحَدِيثُ: «بَدَأَ الْإِسْلَامُ غَرِيبًا» . وَحَدِيثُ سُؤَالِ مُنْكَرٍ وَنَكِيرٍ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 630 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَحَدِيثُ: «كُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ» . وَحَدِيثُ: «الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ» . وَحَدِيثُ: «إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ» . وَحَدِيثُ: «بَشِّرِ الْمَشَّائِينَ فِي الظُّلَمِ إِلَى الْمَسَاجِدِ بِالنُّورِ التَّامِّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» . كُلُّهَا مُتَوَاتِرَةٌ، فِي أَحَادِيثَ جَمَّةٍ أَوْدَعْنَاهَا كِتَابَنَا الْمَذْكُورَ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ. الثَّانِي: قَدْ قَسَّمَ أَهْلُ الْأَصُولِ الْمُتَوَاتِرَ إِلَى: لَفْظِيٍّ: وَهُوَ مَا تَوَاتَرَ لَفْظُهُ. وَمَعْنَوِيٍّ: وَهُوَ أَنْ يَنْقُلَ جَمَاعَةٌ يَسْتَحِيلُ تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ وَقَائِعَ مُخْتَلِفَةً تَشْتَرِكُ فِي أَمْرٍ، يَتَوَاتَرُ ذَلِكَ الْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ. كَمَا إِذَا نَقَلَ رَجُلٌ عَنْ حَاتِمٍ مَثَلًا أَنَّهُ أَعْطَى جَمَلًا، وَآخَرَ أَنَّهُ أَعْطَى فَرَسًا، وَآخَرَ أَنَّهُ أَعْطَى دِينَارًا، وَهَلُمَّ جَرًّا؛ فَيَتَوَاتَرُ الْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ بَيْنَ أَخْبَارِهِمْ، وَهُوَ الْإِعْطَاءُ، لِأَنَّ وُجُودَهُ مُشْتَرَكٌ مِنْ جَمِيعِ هَذِهِ الْقَضَايَا. قُلْتُ: وَذَلِكَ أَيْضًا يَتَأَتَّى فِي الْحَدِيثِ، فَمِنْهُ مَا تَوَاتَرَ لَفْظُهُ كَالْأَمْثِلَةِ السَّابِقَةِ، وَمِنْهُ مَا تَوَاتَرَ مَعْنَاهُ كَأَحَادِيثِ رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي الدُّعَاءِ. فَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوُ مِائَةِ حَدِيثٍ، فِيهِ رَفْعُ يَدَيْهِ فِي الدُّعَاءِ، وَقَدْ جَمَعْتُهَا فِي جُزْءٍ لَكِنَّهَا فِي قَضَايَا مُخْتَلِفَةٍ؛ فَكُلُّ قَضِيَّةٍ مِنْهَا لَمْ تَتَوَاتَرْ، وَالْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ فِيهَا وَهُوَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 631 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] الرَّفْعُ عِنْدَ الدُّعَاءِ، تَوَاتَرَ بِاعْتِبَارِ الْمَجْمُوعِ. [النَّوْعُ الْحَادِيُ وَالثَلَاثُونَ الْغَرِيبُ وَالْعَزِيزُ] (النَّوْعُ الْحَادِيُ وَالثَلَاثُونَ: الْغَرِيبُ وَالْعَزِيزُ: إِذَا انْفَرَدَ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَشِبْهِهِ مِمَّنْ يَجْمَعُ حَدِيثَهُ) مِنَ الْأَئِمَّةِ كَقَتَادَةَ (رَجُلٌ بِحَدِيثٍ سُمِّيَ غَرِيبًا فَإِنِ انْفَرَدَ) عَنْهُمْ (اثْنَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ سُمِّيَ عَزِيزًا فَإِنْ رَوَاهُ) عَنْهُمْ (جَمَاعَةٌ سُمِّيَ مَشْهُورًا) ؛ كَذَا قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ ابْنِ مَنْدَهْ. وَأَمَّا شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَغَيْرُهُ؛ فَإِنَّهُمْ خَصُّوا الثَّلَاثَةَ فَمَا فَوْقَهَا بِالْمَشْهُورِ، وَالَاثْنَيْنِ بِالْعَزِيزِ، لِعِزَّتِهِ أَيْ قُوَّتِهِ بِمَجِيئِهِ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى، أَوْ لِقِلَّةِ وُجُودِهِ. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: وَقَدِ ادَّعَى ابْنُ حِبَّانَ أَنَّ رِوَايَةَ اثْنَيْنِ عَنِ اثْنَيْنِ لَا تُوجَدُ أَصْلًا؛ فَإِنْ أَرَادَ رِوَايَةَ اثْنَيْنِ فَقَطْ فَيُسَلَّمُ، وَأَمَّا صُورَةُ الْعَزِيزِ الَّتِي جَوَّزَهَا فَمَوْجُودَةٌ، بِأَنْ لَا يَرْوِيَهُ أَقَلُّ مِنَ اثْنَيْنِ عَنْ أَقَلَّ مِنَ اثْنَيْنِ. مِثَالُهُ مَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ وَالْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 632 النَّوْعُ الْحَادِي وَالثَلَاثِينَ: الْغَرِيبُ، وَالْعَزِيزُ: إِذَا انْفَرَدَ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَشِبْهِهِ، مِمَنْ يُجْمَعُ حَدِيثُهُ رَجُلٌ بِحَدِيثٍ سُمِّيَ غَرِيبًا؛ فَإِنِ انْفَرَدَ اثْنَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ سُمِّيَ عَزِيزًا؛ فَإِنْ رَوَاهُ جَمَاعَةٌ سُمِّيَ مَشْهُورًا، وَيَدْخُلُ فِي الْغَرِيبِ مَا انْفَرَدَ رَاوٍ بِرِوَايَتِهِ أَوْ بِزَيَادَةٍ فِي مَتْنِهِ أَوْ إِسْنَادِهِ، وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ أَفْرَادُ الْبُلْدَانِ وَيَنْقَسِمُ إِلَى صَحِيحٍ وَغَيْرِهِ وَهُوَ الْغَالِبُ، وَإِلَى غَرِيبٍ مَتْنًا وَإسْنَادًا كَمَا لَوِ انْفَرَدَ بِمَتْنِهِ وَاحِدٌ، وَغَرِيبٍ إِسْنَادًا كَحَدِيثٍ رَوَى مَتْنَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ انْفَرَدَ وَاحِدٌ بِرِوَايَتِهِ عَنْ صَحَابِيٍّ آخَرَ، وَفِيهِ يَقُولُ التِّرْمِذِيُّ: غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَلَا يُوجَدُ غَرِيبٌ مَتْنًا لَا إِسْنَادًا إِلَّا إِذَا اشْتُهِرَ الْفَرْدُ؛ فَرَوَاهُ عَنِ الْمُنْفَرِدِ كَثِيرُونَ صَارَ غَرِيبًا مَشْهَورًا، غَرِيبًا مَتْنًا لَا إسْنَادًا بِالنِّسْبَةِ إِلَى أَحَدِ طَرَفَيْهِ كَحَدِيثِ «إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» .   [تدريب الراوي] أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ» الْحَدِيثَ. وَرَوَاهُ عَنْ أَنَسٍ: قَتَادَةُ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ، وَرَوَاهُ عَنْ قَتَادَةَ: شُعْبَةُ، وَسَعِيدٌ، وَرَوَاهُ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ: إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ، وَعَبْدُ الْوَارِثِ، وَرَوَاهُ عَنْ كُلٍّ جَمَاعَةٌ. (وَيَدْخُلُ فِي الْغَرِيبِ مَا انْفَرَدَ رَاوٍ بِرِوَايَتِهِ) ؛ فَلَمْ يَرْوِهِ غَيْرُهُ كَمَا تَقَدَّمَ مِثَالُهُ فِي قَسْمِ الْأَفْرَادِ، (أَوْ بِزِيَادَةٍ فِي مَتْنِهِ أَوْ إِسْنَادِهِ) لَمْ يَذْكُرْهَا غَيْرُهُ. مِثَالُهُمَا: حَدِيثٌ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيِّ، وَمِنْ رِوَايَةِ عَبَّادِ بْنِ مَنْصُورٍ، فَرَّقَهُمَا، كِلَاهُمَا عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ بِحَدِيثِ أُمِّ زَرْعٍ فَفِيهِ غَرَابَةُ الْمَتْنِ حَيْثُ جَعَلَاهُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ. وَالْمَحْفُوظُ مَا رَوَاهُ عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَخِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، هَكَذَا أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ. وَكَذَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا مِنْ رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ سَلَمَةَ بْنِ أَبِي الْحُسَامِ، عَنْ هِشَامٍ. (وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ أَفْرَادُ الْبُلْدَانِ) الَّتِي تَقَدَّمَتْ فِي نَوْعِ الْأَفْرَادِ. (وَيَنْقَسِمُ) أَيِ الْغَرِيبُ (إِلَى صَحِيحٍ) كَأَفْرَادِ الصَّحِيحِ، (وَ) إِلَى (غَيْرِهِ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 633 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] أَيْ غَيْرِ الصَّحِيحِ (وَهُوَ الْغَالِبُ) عَلَى الْغَرَائِبِ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: لَا تَكْتُبُوا هَذِهِ الْأَحَادِيثَ الْغَرَائِبَ فَإِنَّهَا مَنَاكِيرُ، وَعَامَّتُهَا عَنِ الضُّعَفَاءِ. وَقَالَ مَالِكٌ: شَرُّ الْعِلْمِ الْغَرِيبُ، وَخَيْرُ الْعِلْمِ الظَّاهِرُ الَّذِي قَدْ رَوَاهُ النَّاسُ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: كُنَّا نَرَى أَنَّ غَرِيبَ الْحَدِيثِ خَيْرٌ فَإِذَا هُوَ شَرٌّ. وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: الْعِلْمُ الَّذِي يَجِيئُكَ مِنْ هَاهُنَا وَهَاهُنَا: يَعْنِي الْمَشْهُورَ، رَوَاهَا الْبَيْهَقِيُّ فِي " الْمَدْخَلِ ". وَرُوِيَ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: حَدَّثْتُ عَلِيَّ بْنَ الْحَسَنِ بِحَدِيثٍ، فَلَمَّا فَرَغْتُ قَالَ: أَحْسَنْتَ، بَارَكَ اللَّهُ فِيكَ، هَكَذَا حُدِّثْنَا، قُلْتُ: مَا أَرَانِي إِلَّا حَدَّثْتُكَ بِحَدِيثٍ أَنْتَ أَعْلَمَ بِهِ مِنِّي، قَالَ: لَا تَقُلْ ذَلِكَ؛ فَلَيْسَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَا يُعْرَفُ؛ إِنَّمَا الْعِلْمُ مَا عُرِفَ وَتَوَاطَأَتْ عَلَيْهِ الْأَلْسُنُ. وَرَوَى ابْنُ عَدِيٍّ عَنْ أَبِي يُوسُفَ قَالَ: مَنْ طَلَبَ الدِّينَ بِالْكَلَامِ تَزَنْدَقَ، وَمَنْ طَلَبَ غَرِيبَ الْحَدِيثِ كَذَّبَ، وَمَنْ طَلَبَ الْمَالَ بِالْكِيمْيَاءِ أَفْلَسَ. (وَ) يَنْقَسِمُ أَيْضًا (إِلَى غَرِيبٍ مَتْنًا وَإِسْنَادًا كَمَا لَوِ انْفَرَدَ بِمَتْنِهِ) رَاوٍ (وَاحِدٌ، وَ) إِلَى (غَرِيبٍ إِسْنَادًا) لَا مَتْنًا، (كَحَدِيثٍ) مَعْرُوفٍ (رَوَى مَتْنَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 634 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] انْفَرَدَ وَاحِدٌ بِرِوَايَتِهِ عَنْ صَحَابِيٍّ آخَرَ، وَفِيهِ يَقُولُ التِّرْمِذِيُّ: غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ) . وَمِنْ أَمْثِلَتِهِ كَمَا قَالَ ابْنُ سَيِّدِ النَّاسِ: حَدِيثٌ رَوَاهُ عَبْدُ الْمَجِيدِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ» . قَالَ الْخَلِيلِيُّ فِي الْإِرْشَادِ: أَخْطَأَ فِيهِ عَبْدُ الْمَجِيدِ وَهُوَ غَيْرُ مَحْفُوظٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ بِوَجْهٍ؛ قَالَ: فَهَذَا مِمَّا أَخْطَأَ فِيهِ الثِّقَةُ. قَالَ ابْنُ سَيِّدِ النَّاسِ: هَذَا إِسْنَادٌ غَرِيبٌ كُلُّهُ وَالْمَتْنُ صَحِيحٌ. (وَلَا يُوجَدُ) حَدِيثٌ (غَرِيبٌ مَتْنًا) فَقَطْ (لَا إِسْنَادًا إِلَّا إِذَا اشْتُهِرَ الْفَرْدُ فَرَوَاهُ عَنِ الْمُنْفَرِدِ كَثِيرُونَ صَارَ غَرِيبًا مَشْهُورًا؛ غَرِيبًا مَتْنًا لَا إِسْنَادًا بِالنِّسْبَةِ إِلَى أَحَدِ طَرَفَيْهِ) الْمُشْتَهِرُ، وَهُوَ الْأَخِيرُ. (كَحَدِيثِ: «إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» ) كَمَا تَقَدَّمَ تَحْقِيقُهُ، وَكَسَائِرِ الْغَرَائِبِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَيْهَا التَّصَانِيفُ الْمُشْتَهِرَةُ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَقَدْ أَطْلَقَ ابْنُ سَيِّدِ النَّاسِ ثُبُوتَ هَذَا الْقِسْمِ مِنَ غَيْرِ تَخْصِيصٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 635 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] لَهُ بِمَا ذُكِرَ، وَلَمْ يُمَثِّلْهُ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ مَا كَانَ إِسْنَادُهُ مَشْهُورًا جَادَّةً لِعِدَّةٍ مِنَ الْأَحَادِيثِ، بِأَنْ يَكُونُوا مَشْهُورِينَ بِرِوَايَةِ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ، وَيَكُونُ الْمَتْنُ غَرِيبًا لَانْفِرَادِهِمْ بِهِ. قَالَ: وَقَدْ وَقَعَ فِي كَلَامِهِ مَا يَقْتَضِي تَمْثِيلَهُ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا حَكَى قَوْلَ ابْنِ طَاهِرٍ: وَالْخَامِسُ مِنَ الْغَرَائِبِ أَسَانِيدُ وَمُتُونٌ، تَفَرَّدَ بِهَا أَهْلُ بَلَدٍ لَا تُوجَدُ إِلَّا مِنْ رِوَايَتِهِمْ، وَسُنَنٌ يَنْفَرِدُ بِالْعَمَلِ بِهَا أَهْلُ مِصْرٍ، لَا يُعْمَلُ بِهَا فِي غَيْرِ مِصْرِهِمْ. قَالَ: وَهَذَا النَّوْعُ يَشْمَلُ الْغَرِيبَ كُلَّهُ سَنَدًا وَمَتْنًا، أَوْ أَحَدَهُمَا دُونَ الْآخَرِ. قَالَ: وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ بِسَنَدٍ لَهُ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ مَالِكًا عَنْ تَخْلِيلِ أَصَابِعِ الرِّجْلَيْنِ فِي الْوُضُوءِ؛ فَقَالَ لَهُ: إِنْ شِئْتَ خَلِّلْ، وَإِنْ شِئْتَ لَا تُخَلِّلْ، وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ حَاضِرًا، فَعَجِبَ مِنْ جَوَابِ مَالِكٍ، وَذَكَرَ لَهُ فِي ذَلِكَ حَدِيثًا بِسَنَدٍ مِصْرِيٍّ صَحِيحٍ، وَزَعَمَ أَنَّهُ مَعْرُوفٌ عِنْدَهُمْ، فَاسْتَعَادَ مَالِكٌ الْحَدِيثَ، وَاسْتَعَادَ السَّائِلُ، فَأَمَرَهُ بِالتَّخْلِيلِ، انْتَهَى. قَالَ: وَالْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَمْرٍو الْمَعَافِرِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ، عَنِ الْمُسْتَوْرِدِ بْنِ شَدَّادٍ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 636 النَّوْعُ الثَّانِي وَالثَلَاثُونَ: غَرِيبُ الْحَدِيثِ. هُوَ مَا وَقَعَ فِي مَتْنِ الْحَدِيثِ مِنْ لَفْظَةٍ غَامِضَةٍ بَعِيدَةٍ مِنَ الْفَهْمِ لِقِلَّةِ اسْتِعْمَالِهَا. وَهَوَ فَنٌّ مُهِمٌّ. وَالْخَوْضُ فِيهِ صَعْبٌ. فَلْيَتَحَرَّ خَائِضُهُ، وَكَانَ السَّلَفُ يَتَثَبَّتُونَ فِيهِ أَشَدَّ تَثَبُّتٍ. وَقَدْ أَكْثَرَ الْعُلَمَاءُ التَّصْنِيفَ فِيهِ؛ قِيلَ: أَوَّلُ مَنْ صَنَّفَهُ النَّضْرُ بنُ شُمَيْلٍ، وَقِيلَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرٌ، وَبَعْدَهُمَا أَبُو عُبَيْدٍ فَاسْتَقْصَى وَأَجَادَ، ثُمَّ ابْنُ قُتَيْبَةَ مَا فَاتَ أَبَا عُبَيْدٍ، ثُمَّ الْخَطَّابِيُّ، فَهَذِهِ أُمَّهَاتُهُ، ثُمَّ بَعْدَهَا كُتُبٌ كَثِيرَةٌ فِيهَا زَوَائِدُ وَفَوَائِدُ كَثِيرَةٌ، وَلَا يُقَلِّدُ مِنْهَا إِلَّا مَا كَانَ مُصَنِّفُوهَا أَئِمَّةً أَجِلَّةً، وَأَجْوَدُ تَفْسِيرِهِ مَا جَاءَ مُفَسَّرًا فِي رِوَايَةٍ. النَّوْعُ الثَّالِثُ وَالثَلَاثُونَ: الْمُسَلْسَلُ: هُوَ مَا تَتَابَعَ رِجَالُ إِسْنَادِهِ عَلَى صِفَةٍ أَوْ حَالَةٍ لِلرُّوَاةِ تَارَةً وللِرِّوَايَةِ تَارَةً أُخْرَى. وَصِفَاتُ الرُّوَاةِ إِمَّا أَقْوَالٌ أَوْ أَفْعَالٌ وَأَنْوَاعٌ كَثِيرَةٌ غَيْرُهُمَا كَمُسَلْسَلِ التَّشْبِيكِ بِالْيَدِ وَالْعَدِّ فِيهَا، وَكَاتِّفَاقِ أَسْمَاءِ الرُّوَاةِ أَوْ صِفَاتِهِمْ أَوْ نِسْبَتِهِمْ؛ كأحَادِيثَ رَوَيْنَاهَا كُلُّ رِجَالِهَا دِمَشْقِيُّونَ، وَكَمُسَلْسَلِ الْفُقَهَاءِ، وَصِفَاتُ الرِّوَايَةِ كَالْمُسَلْسَلِ بِـ (سَمِعْتُ) ، أَوْ بِـ (أَخْبَرَنَا) ، أَوْ (أَخْبَرَنَا فُلَانٌ وَاللَّهِ) . وَأَفْضَلُهُ مَا دَلَّ عَلَى الِاتِّصَالِ، وَمِنْ فَوَائِدِهِ زِيَادَةُ الضَّبْطِ، وَقَلَّمَا يَسْلَمُ عَنْ خَلَلٍ فِي التَّسَلْسُلِ، وَقَدْ يَنْقَطِعُ تَسَلْسُلُهُ فِي وَسَطِهِ كُمُسَلْسَلِ أَوَّلِ حَدِيثٍ سَمِعْتُهُ عَلَى مَا هُوَ الصَّحِيحُ فِيهِ.   [تدريب الراوي] قَالَ التِّرْمِذِيُّ: غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ لَهِيعَةَ. وَلَمْ يَنْفَرِدْ بِهِ ابْنُ لَهِيعَةَ بَلْ تَابَعَهُ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ. كَمَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ عَمِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ، عَنِ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورِينَ. وَصَحَّحَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ لِتَوْثِيقِهِ لَابْنِ أَخِي ابْنِ وَهْبٍ. فَزَالَتِ الْغَرَابَةُ عَنِ الْإِسْنَادِ بِمُتَابَعَةِ اللَّيْثِ وَعَمْرٍو لِابْنِ لَهِيعَةَ، وَالْمَتْنُ غَرِيبٌ. فَائِدَةٌ قَدْ يَكُونُ الْحَدِيثُ أَيْضًا عَزِيزًا مَشْهُورًا، قَالَ الْحَافِظُ الْعَلَائِيُّ فِيمَا رَأَيْتُهُ بِخَطِّهِ: حَدِيثُ «نَحْنُ الْآخِرُونَ السَّابِقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» الْحَدِيثَ، عَزِيزٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، رَوَاهُ عَنْهُ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَهُوَ مَشْهُورٌ عِنْدَ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَوَاهُ عَنْهُ سَبْعَةٌ: أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَأَبُو حَازِمٍ، وَطَاوُسٌ، وَالْأَعْرَجُ، وَهَمَّامٌ، وَأَبُو صَالِحٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ مَوْلَى أُمِّ بُرْثُنٍ. [النَّوْعُ الثَّانِي وَالثَلَاثُونَ غَرِيبُ الْحَدِيثِ] (النَّوْعُ الثَّانِي وَالثَلَاثُونَ غَرِيبُ) أَلْفَاظِ (الْحَدِيثِ هُوَ مَا وَقَعَ فِي مَتْنِ الْحَدِيثِ مِنْ لَفْظَةٍ غَامِضَةٍ بَعِيدَةٍ مِنَ الْفَهْمِ لِقِلَّةِ اسْتِعْمَالِهَا، وَهُوَ فَنٌّ مُهِمٌّ) يَقْبُحُ جَهْلُهُ بِأَهْلِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 637 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] الْحَدِيثِ، (وَالْخَوْضُ فِيهِ صَعْبٌ) حَقِيقٌ بِالتَّحَرِّي، جَدِيرٌ بِالتَّوَقِّي، (فَلْيَتَحَرَّ خَائِضَهُ) ، وَلْيَتَّقِ اللَّهَ أَنْ يَقْدَمَ عَلَى تَفْسِيرِ كَلَامِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمُجَرَّدِ الظُّنُونِ، (وَكَانَ السَّلَفُ يَتَثَبَّتُونَ فِيهِ أَشَدَّ تَثَبُّتٍ) . فَقَدْ رُوِّينَا عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ حَرْفٍ مِنْهُ فَقَالَ: سَلُوا أَصْحَابَ الْغَرِيبِ، فَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ أَتَكَلَّمَ فِي قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالظَّنِّ. وَسُئِلَ الْأَصْمَعِيُّ عَنْ مَعْنَى حَدِيثِ: «الْجَارُ أَحَقُّ بِسَقَبِهِ» ؛ فَقَالَ: أَنَا لَا أُفَسِّرُ حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَكِنَّ الْعَرَبَ تَزْعُمُ أَنَّ السَّقَبَ اللَّزِيقُ. (وَقَدْ أَكْثَرَ الْعُلَمَاءُ التَّصْنِيفَ فِيهِ قِيلَ: أَوَّلُ مَنْ صَنَّفَهُ النَّضْرُ بنُ شُمَيْلٍ) ؛ قَالَهُ الْحَاكِمُ. (وَقِيلَ أَبُو عُبَيْدَةَ) مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى، ثُمَّ النَّضْرُ، ثُمَّ الْأَصْمَعِيُّ، وَكُتُبُهُمَا صَغِيرَةٌ قَلِيلَةٌ. (وَ) أَلَّفَ (بَعْدَهُمَا أَبُو عُبَيْدٍ) الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ كِتَابَهُ الْمَشْهُورَ، (فَاسْتَقْصَى وَأَجَادَ) وَذَلِكَ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ. (ثُمَّ) تَتَبَّعَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُسْلِمٍ (بْنُ قُتَيْبَةَ) الدِّينَوَرِيُّ (مَا فَاتَ أَبَا عُبَيْدٍ) فِي كِتَابِهِ الْمَشْهُورِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 638 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] (ثُمَّ) تَتَبَّعَ أَبُو سُلَيْمَانَ (الْخَطَّابِيُّ) مَا فَاتَهُمَا فِي كِتَابِهِ الْمَشْهُورِ، وَنَبَّهَ عَلَى أَغَالِيطَ لَهُمَا، (فَهَذِهِ أُمَّهَاتُهُ) أَيْ أُصُولُهُ. (ثُمَّ) أُلِّفَ (بَعْدَهَا كُتُبٌ كَثِيرَةٌ فِيهَا زَوَائِدُ وَفَوَائِدُ كَثِيرَةٌ، وَلَا يُقَلَّدُ مِنْهَا إِلَّا مَا كَانَ مُصَنِّفُوهَا أَئِمَّةً أَجِلَّةً) ، ك " مَجْمَعُ الْغَرَائِبِ " لِعَبْدِ الْغَافِرِ الْفَارِسِيِّ، وَ " غَرِيبُ الْحَدِيثِ " لِقَاسِمٍ السَّرْقَسْطِيِّ، وَ " الْفَائِقُ " لِلزَّمَخْشَرِيِّ، وَ " الْغَرِيبَيْنِ " لِلْهَرَوِيِّ، وَذَيْلُهُ لِلْحَافِظِ أَبِي مُوسَى الْمَدِينِيِّ، ثُمَّ " النِّهَايَةُ " لِابْنِ الْأَثِيرِ، وَهِيَ أَحْسَنُ كُتُبِ الْغَرِيبِ وَأَجْمَعُهَا وَأَشْهَرُهَا الْآنَ، وَأَكْثَرُهَا تَدَاوُلًا، وَقَدْ فَاتَهُ الْكَثِيرُ، فَذَيَّلَ عَلَيْهِ الصَّفِيُّ الْأَرْمَوِيُّ بِذَيْلٍ لَمْ نَقِفْ عَلَيْهِ، وَقَدْ شَرَعْتُ فِي تَلْخِيصِهَا تَلْخِيصًا حَسَنًا مَعَ زِيَادَاتٍ جَمَّةٍ، وَاللَّهَ أَسْأَلُ الْإِعَانَةَ عَلَى إِتْمَامِهَا. (وَأَجْوَدُ تَفْسِيرِهِ مَا جَاءَ مُفَسَّرًا) بِهِ (فِي رِوَايَةٍ) ، كَحَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ، فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَابْنِ صَائِدٍ: «خَبَأْتُ لَكَ خَبِيئًا، فَمَا هُوَ، قَالَ الدُّخُّ» . فَالدَّخُّ هَاهُنَا الدُّخَانُ، وَهُوَ لُغَةٌ فِيهِ، حَكَاهُ الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ، لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 639 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] فِي هَذَا الْحَدِيثِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ: «إِنِّي خَبَأْتُ لَكَ خَبَأً، وَخَبَّأَ لَهُ: {يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} [الدخان: 10] » . قَالَ الْمَدِينِيُّ: وَالسِّرُّ فِي كَوْنِهِ خَبَّأَ لَهُ الدُّخَانَ، أَنَّ عِيسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْتُلُهُ بِجَبَلِ الدُّخَّانُ؛ فَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ فِي تَفْسِيرِ الدُّخِّ هُنَا، وَقَدْ فَسَّرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَأَخْطَئُوا. فَقِيلَ: الْجِمَاعُ وَهُوَ تَخْلِيطٌ فَاحِشٌ. وَقِيلَ: نَبْتٌ مَوْجُودٌ فِي النَّخِيلِ، وَهُوَ غَيْرُ مُرْضٍ. [النَّوْعُ الثَّالث وَالثَلَاثُونَ الْمُسَلْسَلُ] (النَّوْعُ الثَّالِثُ وَالثَلَاثُونَ) : (الْمُسَلْسَلُ وَهُوَ مَا تَتَابَعَ رِجَالُ إِسْنَادِهِ) وَاحِدًا فَوَاحِدًا، (عَلَى صِفَةٍ) وَاحِدَةٍ، (أَوْ حَالَةٍ) وَاحِدَةٍ (لِلرُّوَاةِ تَارَةً وَلِلرِّوَايَةِ تَارَةً أُخْرَى. وَصِفَاتُ الرُّوَاةِ) وَأَحْوَالُهُمْ أَيْضًا، (إِمَّا أَقْوَالٌ أَوْ أَفْعَالٌ) ، أَوْ هُمَا مَعًا. وَصِفَاتُ الرِّوَايَةِ إِمَّا أَنْ تَتَعَلَّقَ بِصِيَغِ الْأَدَاءِ أَوْ بِزَمَنِهَا أَوْ مَكَانِهَا. (وَ) لَهُ (أَنْوَاعٌ كَثِيرَةٌ غَيْرُهُمَا) فَالْمُسَلْسَلُ بِأَحْوَالِ الرُّوَاةِ الْفِعْلِيَّةِ (كَمُسَلْسَلِ التَّشْبِيكِ بِالْيَدِ) وَهُوَ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ: «شَبَكَ بِيَدِي أَبُو الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 640 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] " خَلَقَ اللَّهُ الْأَرْضَ يَوْمَ السَّبْتِ» الْحَدِيثَ. فَقَدْ تَسَلْسَلَ لَنَا تَشْبِيكُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ رُوَاتِهِ بِيَدِ مَنْ رَوَاهُ عَنْهُ. (وَالْعَدِّ فِيهَا) وَهُوَ حَدِيثُ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ إِلَى آخِرِهِ، مُسَلْسَلٌ بَعْدَ الْكَلِمَاتِ الْخَمْسِ فِي يَدِ كُلِّ رَاوٍ، وَكَذَلِكَ الْمُسَلْسَلُ بِالْمُصَافَحَةِ، وَالْأَخْذُ بِالْيَدِ، وَوَضْعُ الْيَدِ عَلَى رَأْسِ الرَّاوِي. وَالْمُسَلْسَلُ بِأَحْوَالِهِمُ الْقَوْلِيَّةِ: كَحَدِيثِ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ: «يَا مُعَاذُ إِنِّي أُحِبُّكَ، فَقُلْ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ: اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ» ، تَسَلْسَلَ لَنَا بِقَوْلِ كُلٍّ مِنْ رُوَاتِهِ: «وَأَنَا أُحِبُّكَ فَقُلْ» . وَالْمُسَلْسَلُ بِهِمَا مَعًا: حَدِيثُ أَنَسٍ: قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَجِدُ الْعَبْدُ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ حَتَّى يُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ حُلْوِهِ وَمُرِّهِ، وَقَبَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى لِحْيَتِهِ، وَقَالَ: آمَنْتُ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ حُلْوِهِ وَمُرِّهِ» ، وَكَذَا كُلُّ رَاوٍ مِنْ رُوَاتِهِ. وَالْمُسَلْسَلُ بِصِفَاتِهِمُ الْقَوْلِيَّةِ: كَالْمُسَلْسَلِ بِقِرَاءَةِ سُورَةِ الصَّفِّ، وَنَحْوِهِ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَصِفَاتُ الرُّوَاةِ الْقَوْلِيَّةِ وَأَحْوَالُهُمُ الْقَوْلِيَّةُ مُتَقَارِبَةٌ بَلْ مُتَمَاثِلَةٌ. (وَ) الْمُسَلْسَلُ بِصِفَاتِهِمُ الْفِعْلِيَّةِ، (كَاتِّفَاقِ أَسْمَاءِ الرُّوَاةِ) ، كَالْمُسَلْسَلِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 641 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] بِالْمُحَمَّدِينَ، (أَوْ صِفَاتِهِمْ أَوْ نِسْبَتِهِمْ) . فَالثَّانِي: (كَأَحَادِيثَ رُوِّينَاهَا كُلُّ رِجَالِهَا دِمَشْقِيُّونَ) ، أَوْ مِصْرِيُّونَ، أَوْ كُوفِيُّونَ، أَوْ عِرَاقِيُّونَ. (وَ) الْأَوَّلُ (كَمُسَلْسَلِ الْفُقَهَاءِ) مُطْلَقًا، أَوِ الشَّافِعِيِّينَ، أَوِ الْحُفَّاظِ، أَوِ النُّحَاةِ، أَوِ الْكُتَّابِ، أَوِ الشُّعَرَاءِ، أَوِ الْمُعَمِّرِينَ. (وَصِفَاتُ الرِّوَايَةِ) الْمُتَعَلِّقَةِ بِصِيَغِ الْأَدَاءِ (كَالْمُسَلْسَلِ بِسَمِعْتُ) فُلَانًا، (أَوْ أَخْبَرَنَا فُلَانٌ، أَوْ أَخْبَرَنَا فُلَانٌ وَاللَّهِ) ، أَوْ أَشْهَدُ بِاللَّهِ لَسَمِعْتُ فُلَانًا يَقُولُ ذَلِكَ، كُلُّ رَاوٍ مِنْهُمْ. وَالْمُتَعَلِّقَةُ بِالزَّمَانِ، كَالْمُسَلْسَلِ بِرِوَايَتِهِ يَوْمَ الْعِيدِ، وَقَصِّ الْأَظْفَارِ يَوْمَ الْخَمِيسَ، وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَبِالْمَكَانِ كَالْمُسَلْسَلِ بِإِجَابَةِ الدُّعَاءِ فِي الْمُلْتَزَمِ. وَقَدْ جَمَعْتُ كِتَابًا فِيمَا وَقَعَ فِي سَمَاعَاتِي مِنَ الْمُسَلْسَلَاتِ بِأَسَانِيدِهَا، وَجَمَعَ النَّاسُ فِي ذَلِكَ كَثِيرًا. (وَأَفْضَلُهُ مَا دَلَّ عَلَى الِاتِّصَالِ) فِي السَّمَاعِ، وَعَدَمِ التَّدْلِيسِ. (وَمِنْ فَوَائِدِهِ) اشْتِمَالُهُ عَلَى (زِيَادَةُ الضَّبْطِ) مِنَ الرُّوَاةِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 642 النَّوْعُ الرَّابِعُ وَالثَلَاثُونَ: نَاسِخُ الْحَدِيثِ وَمنسُوخُهُ. هُوَ فَنٌّ مُهِمٌّ صَعْبٌ، وَكَانَ لِلشَّافِعِيِّ فِيهِ يَدٌ طُولَى: وَسَابِقَةٌ أُولَى، وَأَدْخَلَ فِيهِ بَعْضُ أَهْلِ الْحَدِيثِ مَا لَيْسَ مِنْهُ لِخَفَاءِ مَعْنَاهُ، وَالْمُخْتَارُ أَنَّ النَّسْخَ رَفْعُ الشَارِعِ حُكْمًا مِنْهُ مُتَقَدِّمًا بِحُكْمٍ مِنْهُ مُتَأْخرٍ؛ فَمْنهُ مَا عُرِفَ بِتَصْرِيحِ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُهَا» ، وَمِنْهُ مَا عُرِفَ بِقَوْلِ الصَحَابيِّ: «كَانَ آخِرُ الْأَمْرَيْنِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَرْكَ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ» ، وَمِنْهُ مَا عُرِفَ بِالتَّارِيخَ، وَمِنْهُ مَا عُرِفَ بِدَلَالَةِ الْإِجْمَاعِ كَحَدِيثِ قَتْلِ شَارِبِ الْخَمْرِ فِي الرَّابِعَةِ، وَالْإِجْمَاعُ لَا يَنْسَخُ وَلَا يُنْسَخُ لَكِنْ يَدُلُّ عَلَى نَاسِخٍ.   [تدريب الراوي] (وَقَلَّمَا يَسْلَمُ عَنْ خَلَلٍ فِي التَّسَلْسُلِ، وَقَدْ يَنْقَطِعُ تَسَلْسُلُهُ فِي وَسَطِهِ) ، أَوْ أَوَّلِهِ، أَوْ آخِرِهِ، (كَمُسَلْسَلِ أَوَّلِ حَدِيثٍ سَمِعْتُهُ) ، وَهُوَ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو: «الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ» . فَإِنَّهُ انْتَهَى فِيهِ التَّسَلْسُلُ إِلَى سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، وَانْقَطَعَ فِي سَمَاعِ سُفْيَانَ مِنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، وَانْقَطَعَ فِي سَمَاعِ عَمْرٍو مِنْ أَبِي قَابُوسَ، وَفِي سَمَاعِ أَبِي قَابُوسَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَفِي سَمَاعِ عَبْدِ اللَّهِ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (عَلَى مَا هُوَ الصَّحِيحُ فِيهِ) . وَقَدْ رَوَاهُ بَعْضُهُمْ كَامِلَ السَّلْسَلَةِ فَوَهِمَ فِيهِ. فَائِدَةٌ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: مِنْ أَصْلَحِ مُسَلْسَلٍ يُرْوَى فِي الدُّنْيَا الْمُسَلْسَلُ بِقِرَاءَةِ سُورَةِ الصَّفِّ. قُلْتُ: وَالْمُسَلْسَلُ بِالْحُفَّاظِ، وَالْفُقَهَاءِ أَيْضًا. بَلْ ذَكَرَ فِي " شَرْحِ النُّخْبَةِ " أَنَّ الْمُسَلْسَلَ بِالْحُفَّاظِ مِمَّا يُفِيدُ الْعِلْمَ الْقَطْعِيَّ. [النَّوْعُ الرَّابِعُ وَالثَلَاثُونَ نَاسِخُ الْحَدِيثِ وَمَنْسُوخُهُ] (النَّوْعُ الرَّابِعُ وَالثَلَاثُونَ) : (نَاسِخُ الْحَدِيثِ وَمَنْسُوخُهُ، وَهُوَ فَنٌّ مُهِمٌّ) . فَقَدْ مَرَّ عَلَى عَلِيٍّ قَاصٌّ، فَقَالَ: تَعْرِفُ النَّاسِخَ مِنَ الْمَنْسُوخِ؟ فَقَالَ: لَا، فَقَالَ: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 643 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] هَلَكْتَ وَأَهْلَكْتَ؛ أَسْنَدَهُ الْحَازِمِيُّ فِي كِتَابِهِ، وَأَسْنَدَ نَحْوَهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَأُسْنِدَ عَنْ حُذَيْفَةَ، أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ فَقَالَ: إِنَّمَا يُفْتِي مَنْ عَرَفَ النَّاسِخَ وَالْمَنْسُوخَ، قَالُوا: وَمَنْ يَعْرِفُ ذَلِكَ؟ قَالَ، عُمَرُ. (صَعْبٌ) فَقَدْ رُوِّينَا عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَعْيَا الْفُقَهَاءَ وَأَعْجَزَهُمْ أَنْ يَعْرِفُوا نَاسِخَ الْحَدِيثِ مِنْ مَنْسُوخِهِ. (وَكَانَ لِلشَّافِعِيِّ فِيهِ يَدٌ طُولَى، وَسَابِقَةٌ أُولَى) ؛ فَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ لِابْنِ وَارَةَ وَقَدْ قَدِمَ مِنْ مِصْرَ: كَتَبْتَ كُتُبَ الشَّافِعِيِّ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَرَّطْتَ، مَا عَلِمْنَا الْمُجْمَلَ مِنَ الْمُفَسَّرِ، وَلَا نَاسِخَ الْحَدِيثِ مِنْ مَنْسُوخِهِ حَتَّى جَالَسْنَا الشَّافِعِيَّ. (وَأَدْخَلَ فِيهِ بَعْضُ أَهْلِ الْحَدِيثِ) مِمَّنْ صَنَّفَ فِيهِ (مَا لَيْسَ مِنْهُ لِخَفَاءِ مَعْنَاهُ) أَيِ النَّسْخِ وَشَرْطِهِ. (وَالْمُخْتَارُ) فِي حَدِّهِ (أَنَّ النَّسْخَ رَفْعُ الشَّارِعِ حُكْمًا مِنْهُ مُتَقَدِّمًا بِحُكْمٍ مِنْهُ مُتَأَخِّرٍ) . فَالْمُرَادُ بِرَفْعِ الْحُكْمِ قَطْعُ تَعَلُّقِهِ عَنِ الْمُكَلَّفِينَ، وَاحْتَرَزَ بِهِ عَنْ بَيَانِ الْمُجْمَلِ، وَبِإِضَافَتِهِ لِلشَّارِعِ عَنْ إِخْبَارِ بَعْضِ مَنْ شَاهَدَ النَّسْخَ مِنَ الصَّحَابَةِ؛ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ نَسْخًا، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلِ التَّكْلِيفُ بِهِ لِمَنْ لَمْ يَبْلُغْهُ قَبْلَ ذَلِكَ إِلَّا بِإِخْبَارِهِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 644 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَبِالْحُكْمِ عَنْ رَفْعِ الْإِبَاحَةِ الْأَصْلِيَّةِ؛ فَإِنَّهُ لَا يُسَمَّى نَسْخًا. وَبِالتَّقَدُّمِ عَنِ التَّخْصِيصِ الْمُتَّصِلِ بِالتَّكْلِيفِ، كَالِاسْتِثْنَاءِ وَنَحْوِهِ. وَبِقَوْلِنَا: بِحُكْمٍ مِنْهُ مُتَأَخِّرٍ، عَنْ رَفْعِ الْحُكْمِ بِمَوْتِ الْمُكَلَّفِ، أَوْ زَوَالِ تَكْلِيفِهِ بِجُنُونٍ وَنَحْوِهِ، وَعَنِ انْتِهَائِهِ بِانْتِهَاءِ الْوَقْتِ. كَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّكُمْ مُلَاقُو الْعَدُوِّ غَدًا، وَالْفِطْرُ أَقْوَى لَكُمْ فَأَفْطِرُوا» ؛ فَالصَّوْمُ بَعْدَ ذَلِكَ الْيَوْمِ لَيْسَ نَسْخًا. (فَمِنْهُ مَا عُرِفَ) النُّسَخُ فِيهِ (بِتَصْرِيحِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) بِذَلِكَ، ك ( «كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا» ) ، «وَكُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ لُحُومِ الْأَضَاحِيِّ فَوْقَ ثَلَاثٍ فَكُلُوا مَا بَدَا لَكُمْ، وَكُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنِ الظُّرُوفِ» ، الْحَدِيثَ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ بُرَيْدَةَ. (وَمِنْهُ مَا عُرِفَ بِقَوْلِ الصَّحَابِيِّ: ك «كَانَ آخِرُ الْأَمْرَيْنِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَرْكَ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ» ) رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ عَنْ جَابِرٍ. وَكَقَوْلِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: «كَانَ الْمَاءُ مِنَ الْمَاءِ رُخْصَةً فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ، ثُمَّ أَمَرَ بِالْغُسْلِ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 645 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَشَرَطَ أَهْلُ الْأَصُولِ فِي ذَلِكَ أَنْ يُخْبِرَ بِتَأَخُّرِهِ؛ فَإِنْ قَالَ: هَذَا نَاسِخٌ لَمْ يَثْبُتْ بِهِ النَّسْخُ، لِجَوَازِ أَنْ يَقُولَهُ عَنِ اجْتِهَادٍ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَإِطْلَاقُ أَهْلِ الْحَدِيثِ أَوْضَحُ وَأَشْهَرُ، لِأَنَّ النَّسْخَ لَا يُصَارُ إِلَيْهِ بِالِاجْتِهَادِ وَالرَّأْيِ، إِنَّمَا يُصَارُ إِلَيْهِ عِنْدَ مَعْرِفَةِ التَّارِيخِ، وَالصَّحَابَةُ أَوْرَعُ مِنْ أَنْ يَحْكُمَ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَلَى حُكْمٍ شَرْعِيٍّ بِنَسْخٍ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَعْرِفَ تَأَخُّرَ النَّاسِخِ عَنْهُ، وَقَدْ أَطْلَقَ الشَّافِعِيُّ ذَلِكَ أَيْضًا. (وَمِنْهُ مَا عُرِفَ بِالتَّارِيخِ) كَحَدِيثِ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ مَرْفُوعًا: «أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ» ؛ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ. ذَكَرَ الشَّافِعِيُّ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ صَائِمٌ» ؛ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ؛ فَإِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ إِنَّمَا صَحِبَهُ مُحْرِمًا فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ سَنَةَ عَشْرٍ، وَفِي بَعْضِ طُرُقِ حَدِيثِ شِدَادٍ: أَنَّ ذَلِكَ كَانَ زَمَنَ الْفَتْحِ سَنَةَ ثَمَانٍ. (وَمِنْهُ مَا عُرِفَ بِدَلَالَةِ الْإِجْمَاعِ: كَحَدِيثِ قَتْلِ شَارِبِ الْخَمْرِ فِي الرَّابِعَةِ) ، وَهُوَ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ: «مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فَاجْلِدُوهُ، فَإِنْ عَادَ فِي الرَّابِعَةِ فَاقْتُلُوهُ» . قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: دَلَّ الْإِجْمَاعُ عَلَى نَسْخِهِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 646 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَإِنْ كَانَ ابْنُ حَزْمٍ خَالَفَ فِي ذَلِكَ فَخِلَافُ الظَّاهِرِيَّةِ لَا يَقْدَحُ فِي الْإِجْمَاعِ. نَعَمْ: وَرَدَ نَسْخُهُ فِي السُّنَّةِ أَيْضًا، كَمَا قَالَ التِّرْمِذِيُّ مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فَاجْلِدُوهُ، فَإِنْ شَرِبَ فِي الرَّابِعَةِ فَاقْتُلُوهُ، ثُمَّ أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ بِرَجُلٍ قَدْ شَرِبَ فِي الرَّابِعَةِ فَضَرَبَهُ وَلَمْ يَقْتُلْهُ» . قَالَ: وَكَذَلِكَ رَوَى الزُّهْرِيُّ عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَ هَذَا. قَالَ: فَرُفِعَ الْقَتْلُ وَكَانَتْ رُخْصَةً. انْتَهَى. وَمَا عَلَّقَهُ التِّرْمِذِيُّ أَسْنَدَهُ الْبَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ. وَقَبِيصَةُ ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي الصَّحَابَةِ وَقَالَ: وُلِدَ أَوَّلَ سَنَةٍ مِنَ الْهِجْرَةِ، وَقِيلَ عَامَ الْفَتْحِ. فَالْمِثَالُ الصَّحِيحُ لِذَلِكَ مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ قَالَ: «كُنَّا حَجَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكُنَّا نُلَبِّي عَنِ النِّسَاءِ، وَنَرْمِي عَنِ الصِّبْيَانِ» . قَالَ التِّرْمِذِيُّ: أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ أَنَّ الْمَرْأَةَ لَا يُلَبِّي عَنْهَا غَيْرُهَا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 647 النَّوْعُ الْخَامِسُ وَالثَلَاثُونَ: مَعْرِفَةُ الْمُصَحَّفِ: هُوَ فَنٌّ جَلِيلٌ وَإِنَّمَا يُحَقِّقُهُ الْحُذَّاقُ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ مِنْهُمْ، وَلَهُ فِيهِ تَصْنِيفٌ مُفِيدٌ، وَيَكُونُ تَصْحِيفُ لَفْظٍ وَبَصَرٍ فِي الْإِسْنَادِ وَالْمَتْنِ؛ فَمِنَ الْإِسْنَادِ الْعَوَّامُ بْنُ مُرَاجِمٍ " بِالرَّاءِ وَالْجِيمَ " صَحَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ؛ فَقَالَهُ بِالزَّايِ وَالْحَاءِ، وَمِنَ الثَّانِي حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْتَجَرَ فِي الْمَسْجِدِ» أَيِ اتَّخَذَ حُجْرَةً مِنْ حَصِيرٍ أَوْ نَحْوِهِ يُصَلِّي فِيهَا، صَحَّفَهُ ابْنُ لَهِيعَةَ؛ فَقَالَ: احْتَجَمَ. وَحَدِيثُ «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ وَأَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ» صَحَّفَهُ الصُّولِيُّ فَقَالَ: شَيْئًا بِالْمُعَجَمَةِ، وَيَكُونُ تَصْحِيفَ سَمْعٍ كَحَدِيثٍ عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، رَوَاهُ بَعْضُهُمْ؛ فَقَالَ: وَاصِلٌ الْأَحْدَبُ، وَيَكُونُ فِي الْمَعْنَى كَقَوْلِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى: نَحْنُ قَوْمٌ لَنَا شَرَفٌ، نَحْنُ مِنْ عَنَزَةَ صَلَّى إِلَيْنَا رَسُولُ اللَهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.   [تدريب الراوي] ثُمَّ الْحَدِيثُ لَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِالنَّسْخِ بِالْإِجْمَاعِ عَلَى تَرْكِ الْعَمَلِ بِهِ، إِلَّا إِذَا عُرِفَ صِحَّتُهُ؛ وَإِلَّا فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ غَلَطٌ، صَرَّحَ بِهِ الصَّيْرَفِيُّ. (وَالْإِجْمَاعُ لَا يُنْسَخُ) أَيْ لَا يَنْسَخُهُ شَيْءٌ، (وَلَا يَنْسَخُ) هُوَ غَيْرَهُ، (وَلَكِنْ يَدُلُّ عَلَى نَاسِخٍ) أَيْ عَلَى وُجُودِ نَاسِخٍ غَيْرِهِ. [النَّوْعُ الْخَامِسُ وَالثَلَاثُونَ مَعْرِفَةُ الْمُصْحَفِ] (النَّوْعُ الْخَامِسُ وَالثَلَاثُونَ: مَعْرِفَةُ الْمُصْحَفِ: هُوَ فَنٌّ جَلِيلٌ) مُهِمٌّ، (وَإِنَّمَا يُحَقِّقُهُ الْحُذَّاقُ) مِنَ الْحُفَّاظِ، (وَالدَّارَقُطْنِيُّ مِنْهُمْ، وَلَهُ فِيهِ تَصْنِيفٌ مُفِيدٌ) ، وَكَذَلِكَ أَبُو أَحْمَدَ الْعَسْكَرِيُّ. وَعَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَالَ: وَمَنْ يُعَرَّى عَنِ الْخَطَأِ وَالتَّصْحِيفِ. (وَيَكُونُ تَصْحِيفَ لَفْظٍ) ، وَيُقَابِلُهُ تَصْحِيفُ الْمَعْنَى، (وَبَصَرٍ) وَمُقَابِلُهُ تَصْحِيفُ السَّمْعِ. وَيَكُونُ (فِي الْإِسْنَادِ وَالْمَتْنِ، فَمِنَ) التَّصْحِيفِ فِي (الْإِسْنَادِ الْعَوَّامُ بْنُ مُرَاجِمٍ، بِالرَّاءِ وَالْجِيمِ، صَحَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ فَقَالَهُ) مُزَاحِمٍ (بِالزَّايِ وَالْحَاءِ) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 648 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَعُتْبَةُ ابْنُ النُّدَّرِ، بِالنُّونِ الْمَضْمُومَةِ وَالْمُهْمِلَةِ الْمُشَدِّدَةِ الْمَفْتُوحَةِ، صَحَّفَهُ ابْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ بِالْمُوَحَّدَةِ وَالْمُعْجَمَةِ. (وَمِنَ الثَّانِي) أَيِ التَّصْحِيفِ فِي الْمَتْنِ، (حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْتَجَرَ فِي الْمَسْجِدِ» ) وَهُوَ بِالرَّاءِ (أَيِ اتَّخَذَ حُجْرَةً مِنْ حَصِيرٍ، أَوْ نَحْوِهِ يُصَلِّي فِيهَا؛ صَحَّفَهُ ابْنُ لَهِيعَةَ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَكَسْرِ الْهَاءِ (فَقَالَ: احْتَجَمَ) بِالْمِيمِ. (وَحَدِيثُ «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ وَأَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ» ) بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَالتَّاءِ الْفَوْقِيَّةِ لَفْظُ الْعَدَدِ، (صَحَّفَهُ الصُّولِيُّ فَقَالَ: شَيْئًا بِالْمُعْجَمَةِ) وَالتَّحْتِيَّةِ. وَحَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ «تُعِينُ صَانِعًا» بِالْمُهْمَلَةِ وَالنُّونِ، صَحَّفَهُ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ بِالْمُعْجَمَةِ وَالتَّحْتِيَّةِ. وَحَدِيثُ مُعَاوِيَةَ: «لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِينَ يُشَقِّقُونَ الْخَطْبَ» ، بِالْمُعْجَمَةِ، صَحَّفَهُ وَكِيعٌ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ، وَكَذَا صَحَّفَهُ ابْنُ شَاهِينَ أَيْضًا؛ فَقَالَ بَعْضُ الْمَلَّاحِينَ وَقَدْ سَمِعَهُ: فَكَيْفَ يَا قَوْمُ وَالْحَاجَةُ مَاسَّةٌ؟ . وَحَدِيثُ: «أَوْ شَاةً تَيْعَرُ» ، بِالْيَاءِ التَّحْتِيَّةِ، صَحَّفَهُ أَبُو مُوسَى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 649 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، بِالنُّونِ. وَصَحَّفَ بَعْضُهُمْ حَدِيثَ: «زُرْ غِبًّا تَزْدَدْ حُبًّا» ؛ فَقَالَ: «زَرْعُنَا تَزْدَدْ حِنَّا» ، ثُمَّ فَسَّرَهُ بِأَنَّ قَوْمًا كَانُوا لَا يُؤَدُّونَ زَكَاةَ زُرُوعِهِمْ، فَصَارَتْ كُلُّهَا حِنَّاءَ. (وَيَكُونُ تَصْحِيفَ سَمْعٍ) بِأَنْ يَكُونَ الِاسْمُ وَاللَّقَبُ، أَوِ الِاسْمُ وَاسْمُ الْأَبِ، عَلَى وَزْنِ اسْمٍ آخَرَ، وَلَقَبِهِ، أَوِ اسْمٍ آخَرَ وَاسْمِ أَبِيهِ، وَبِالْحُرُوفِ مُخْتَلِفَةٍ شَكْلًا وَنُطْقًا، فَيَشْتَبِهُ ذَلِكَ عَلَى السَّمْعِ. (كَحَدِيثٍ عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ رَوَاهُ بَعْضُهُمْ فَقَالَ: وَاصِلٌ الْأَحْدَبُ) أَوْ عَكْسَهُ، وَحَدِيثٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ عَلْقَمَةَ، رَوَاهُ شُعْبَةُ فَقَالَ: مَالِكُ بْنُ عَرْفَطَةَ. (وَيَكُونُ) التَّصْحِيفُ (فِي الْمَعْنَى كَقَوْلِ) أَبِي مُوسَى (مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى) الْعَنَزِيِّ الْمُلَقَّبِ بِالزَّمِنِ، أَحَدِ شُيُوخِ الْأَئِمَّةِ السِّتَّةِ (نَحْنُ قَوْمٌ لَنَا شَرَفٌ، نَحْنُ مِنْ عَنَزَةَ صَلَّى إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) ، يُرِيدُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى إِلَى عَنَزَةَ، فَتَوَهَّمَ أَنَّهُ صَلَّى إِلَى قَبِيلَتِهِمْ؛ وَإِنَّمَا الْعَنَزَةُ هُنَا الْحَرْبَةُ تُنْصَبُ بَيْنَ يَدَيْهِ. وَأَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ الْحَاكِمُ عَنْ أَعْرَابِيٍّ أَنَّهُ زَعَمَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى إِلَى شَاةٍ، صَحَّفَهَا عَنْزَةً، بِسُكُونِ النُّونِ، ثُمَّ رَوَاهُ بِالْمَعْنَى عَلَى وَهْمِهِ فَأَخْطَأَ مِنْ وَجْهَيْنِ. وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ بَعْضَهُمْ سَمِعَ حَدِيثَ النَّهْيِ عَنِ التَّحْلِيقِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَبْلَ الصَّلَاةِ، قَالَ: مَا حَلَقْتُ رَأْسِي قَبْلَ الصَّلَاةِ مُنْذُ أَرْبَعِينَ سَنَةً؛ فَهِمَ مِنْهُ تَحْلِيقَ الرَّأْسِ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ تَحْلِيقُ النَّاسِ حَلَقًا. قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَكَثِيرٌ مِنَ التَّصْحِيفِ الْمَنْقُولِ عَنِ الْأَكَابِرِ الْجُلَّةِ لَهُمْ فِيهِ أَعْذَارٌ لَمْ يَنْقُلْهَا نَاقِلُوهُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 650 النَّوْعُ السَّادِسُ وَالثَلَاثُونَ: مَعْرِفَةُ مُخْتَلِفِ الْحَدِيثِ وَحُكْمِهِ. هَذَا فَنٌّ مِنْ أَهَمِّ الْأَنْوَاعِ، وَيَضْطَرُّ إِلَى مَعْرِفَتِهِ جَمِيعُ الْعُلَمَاءِ مِنَ الطَّوَائِفِ، وَهُوَ أَنْ يَأْتِيَ حَدِيثَانِ مُتَضَادَّانِ فِي الْمَعْنَى ظَاهِرًا فَيُوَفِّقُ بَيْنَهُمَا أَوْ يُرَجِّحُ أَحَدَهُمَا، وَإِنَّمَا يَكْمُلُ لَهُ الْأَئِمَّةُ الْجَامِعُونَ بَيْنَ الْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ، وَالْأُصُولِيُّونَ الْغَوَّاصُونَ عَلَى الْمَعَانِي، وَصَنَّفَ فِيهِ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ، وَلَمْ يَقْصِدْ - رَحِمَهُ اللَهُ - اسْتِيفَاءَهُ، بَلْ ذَكَرَ جُمْلَةً يُنَبِّهُ بِهَا عَلَى طَرَيقِهِ، ثُمَّ صَنَّفَ فِيهِ ابْنُ قُتَيْبَةَ فَأَتَى بِأَشْيَاءَ حَسَنَةٍ وَأَشْيَاءَ غَيْرِ حَسَنَةٍ، لِكَوْنِ غَيْرِهَا أَقْوَى وَأَوْلَى، وَتَرَكَ مُعْظَمَ الْمُخْتَلِفِ. وَمَنْ جَمَعَ مَا ذَكَرْنَا لَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ إِلَّا النَّادِرُ فِي الْأَحْيَانِ، وَالْمُخْتَلِفُ قِسْمَانِ: أَحَدُهُمَا: يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا: فَيَتَعَيَّنُ وَيَجِبُ الْعَمَلُ بِهِمَا. وَالثَّانِي: لَا يَمْكُنُ بِوَجْهٍ، فَإِنْ عَلِمْنَا أَحَدَهُمَا نَاسِخًا قَدَّمْنَاهُ، وَإِلَّا عَمِلْنَا بِالرَّاجِحِ كَالتَّرْجِيحِ بِصِفَاتِ الرُّوَاةِ وَكَثْرَتِهِمْ فِي خَمْسِينَ وَجْهًا.   [تدريب الراوي] تَنْبِيهٌ قَسَّمَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ هَذَا النَّوْعَ إِلَى قِسْمَيْنِ: أَحَدُهُمَا: مَا غُيِّرَ فِيهِ النَّقْطُ؛ فَهُوَ الْمُصَحَّفُ. وَالْآخَرُ: مَا غُيِّرَ فِيهِ الشَّكْلُ مَعَ بَقَاءِ الْحُرُوفِ، فَهُوَ الْمُحَرَّفُ. فَائِدَةٌ أَوْرَدَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي كِتَابِ " التَّصْحِيفِ " كُلَّ تَصْحِيفٍ وَقَعَ لِلْعُلَمَاءِ، حَتَّى فِي الْقُرْآنِ. مِنْ ذَلِكَ: مَا رَوَاهُ عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَرَأَ عَلَى أَصْحَابِهِ فِي التَّفْسِيرِ، جَعَلَ السَّفِينَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ. فَقِيلَ لَهُ: إِنَّمَا هُوَ جَعَلَ السِّقَايَةَ، فَقَالَ: أَنَا وَأَخِي أَبُو بَكْرٍ لَا نَقْرَأُ لِعَاصِمٍ. قَالَ: وَقَرَأَ عَلَيْهِمْ فِي التَّفْسِيرِ: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ} [الفيل: 1] ، قَالَهَا: (الم) يَعْنِي كَأَوَّلِ الْبَقَرَةِ. [النَّوْعُ السَّادِسُ وَالثَلَاثُونَ مَعْرِفَةُ مُخْتَلِفِ الْحَدِيثِ] (النَّوْعُ السَّادِسُ وَالثَلَاثُونَ: مَعْرِفَةُ مُخْتَلِفِ الْحَدِيثِ وَحُكْمِهِ: هَذَا فَنٌّ مِنْ أَهَمِّ الْأَنْوَاعِ، وَيَضْطَرُّ إِلَى مَعْرِفَتِهِ جَمِيعُ الْعُلَمَاءِ مِنَ الطَّوَائِفِ، وَهُوَ أَنْ يَأْتِيَ حَدِيثَانِ مُتَضَادَّانِ فِي الْمَعْنَى ظَاهِرًا، فَيُوَفِّقَ بَيْنَهُمَا، أَوْ يُرَجِّحُ أَحَدَهُمَا) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 651 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] فَيَعْمَلُ بِهِ دُونَ الْآخَرِ، (وَإِنَّمَا يَكْمُلُ لَهُ الْأَئِمَّةُ الْجَامِعُونَ بَيْنَ الْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ، وَالْأَصُولِيُّونَ الْغَوَّاصُونَ عَلَى الْمَعَانِي) الدَّقِيقَةِ. (وَصَنَّفَ فِيهِ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ) وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ تَكَلَّمَ فِيهِ، (وَلَمْ يَقْصِدْ رَحِمَهُ اللَّهُ اسْتِيفَاءَهُ) ، وَلَا إِفْرَادَهُ بِالتَّأْلِيفِ (بَلْ ذَكَرَ جُمْلَةً مِنْهُ) فِي كِتَابِ " الْأُمِّ "، (يُنَبِّهُ بِهَا عَلَى طَرِيقِهِ) أَيِ الْجَمْعِ فِي ذَلِكَ. (ثُمَّ صَنَّفَ فِيهِ ابْنُ قُتَيْبَةَ، فَأَتَى فِيهِ بِأَشْيَاءَ حَسَنَةٍ، وَأَشْيَاءَ غَيْرِ حَسَنَةٍ) قَصَرَ فِيهَا بَاعُهُ، (لِكَوْنِ غَيْرِهَا أَوْلَى وَأَقْوَى) مِنْهَا، (وَتَرَكَ مُعْظَمَ الْمُخْتَلِفِ) . ثُمَّ صَنَّفَ فِي ذَلِكَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَالطَّحَاوِيُّ كِتَابَهُ مُشْكِلَ الْآثَارِ. وَكَانَ ابْنُ خُزَيْمَةَ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ كَلَامًا فِيهِ، حَتَّى قَالَ: لَا أَعْرِفُ حَدِيثَيْنِ مُتَضَادَّيْنِ؛ فَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ فَلْيَأْتِنِي بِهِ لِأُؤَلِّفَ بَيْنَهُمَا. (وَمَنْ جَمَعَ مَا ذَكَرْنَا) مِنَ الْحَدِيثِ، وَالْفِقْهِ، وَالْأَصُولِ، وَالْغَوْصِ عَلَى الْمَعَانِي الدَّقِيقَةِ، (لَا يُشْكَلُ عَلَيْهِ) مِنْ ذَلِكَ (إِلَّا النَّادِرُ فِي الْأَحْيَانِ، وَالْمُخْتَلِفُ قِسْمَانِ: أَحَدُهُمَا: يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا) بِوَجْهٍ صَحِيحٍ، (فَيَتَعَيَّنُ) وَلَا يُصَارُّ إِلَى التَّعَارُضِ وَلَا النَّسْخِ، (وَيَجِبُ الْعَمَلُ بِهِمَا) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 652 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَمِنْ أَمْثِلَةِ ذَلِكَ فِي أَحَادِيثِ الْأَحْكَامِ: حَدِيثُ: «إِذَا بَلَغَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَحْمِلِ الْخَبَثَ» . وَحَدِيثُ: «خَلَقَ اللَّهُ الْمَاءَ طَهُورًا لَا يُنَجِّسُهُ إِلَّا مَا غَيَّرَ طَعْمَهُ أَوْ لَوْنَهُ أَوْ رِيحَهُ» . فَإِنَّ الْأَوَّلَ ظَاهِرُهُ طَهَارَةُ الْقُلَّتَيْنِ، تَغَيَّرَ أَمْ لَا، وَالثَّانِي: ظَاهِرُهُ طَهَارَةُ غَيْرِ الْمُتَغَيِّرِ، سَوَاءٌ كَانَ قُلَّتَيْنِ أَمْ أَقَلَّ، فَخُصَّ عُمُومُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِالْآخَرِ. وَفِي غَيْرِهَا: حَدِيثُ: «لَا يُورِدَنَّ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ» ، «وَفِرَّ مِنَ الْمَجْذُومِ فِرَارَكَ مِنَ الْأَسَدِ» ، مَعَ حَدِيثِ: «لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ» ، وَكُلُّهَا صَحِيحَةٌ. وَقَدْ سَلَكَ النَّاسُ فِي الْجَمْعِ مَسَالِكَ: أَحَدُهَا: أَنَّ هَذِهِ الْأَمْرَاضَ لَا تُعْدِي بِطَبْعِهَا، لَكِنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ مُخَالَطَةَ الْمَرِيضِ بِهَا لِلصَّحِيحِ سَبَبًا لِإِعْدَائِهِ مَرَضَهُ، وَقَدْ يَتَخَلَّفُ ذَلِكَ عَنْ سَبَبِهِ، كَمَا فِي غَيْرِهِ مِنَ الْأَسْبَابِ، وَهَذَا الْمَسْلَكُ هُوَ الَّذِي سَلَكَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ. الثَّانِي: أَنَّ نَفْيَ الْعَدْوَى بَاقٍ عَلَى عُمُومِهِ، وَالْأَمْرَ بِالْفِرَارِ مِنْ بَابِ سَدِّ الذَّرَائِعِ، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 653 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] لِئَلَا يَتَّفِقَ لِلَّذِي يُخَالِطُهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ بِتَقْدِيرِ اللَّهِ تَعَالَى ; ابْتِدَاءً لَا بِالْعَدْوَى الْمَنْفِيَّةِ، فَيَظُنُّ أَنَّ ذَلِكَ بِسَبَبِ مُخَالَطَتِهِ، فَيَعْتَقِدُ صِحَّةَ الْعَدْوَى، فَيَقَعُ فِي الْحَرَجِ، فَأُمِرَ بِتَجَنُّبِهِ حَسْمًا لِلْمَادَّةِ، وَهَذَا الْمَسْلَكُ هُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ. الثَّالِثُ: أَنَّ إِثْبَاتَ الْعَدْوَى فِي الْجُذَامِ وَنَحْوِهِ مَخْصُوصٌ مِنْ عُمُومِ نَفْيِ الْعَدْوَى، فَيَكُونُ مَعْنَى قَوْلِهِ: «لَا عَدْوَى» أَيْ إِلَّا مِنَ الْجُذَامِ وَنَحْوِهِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: لَا يُعْدِي شَيْءٌ شَيْئًا إِلَّا فِيمَا تَقَدَّمَ تَبْيِينِي لَهُ أَنَّهُ يُعْدِي؛ قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ الْبَاقِلَّانِيُّ. الرَّابِعُ: أَنَّ الْأَمْرَ بِالْفِرَارِ رِعَايَةٌ لِخَاطِرِ الْمَجْذُومِ، لِأَنَّهُ إِذَا رَأَى الصَّحِيحَ تَعْظُمُ مُصِيبَتُهُ، وَتَزْدَادُ حَسْرَتُهُ، وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ: «لَا تُدِيمُوا النَّظَرَ إِلَى الْمَجْذُومِينَ» ؛ فَإِنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى، وَفِيهِ مَسَالِكُ أُخَرُ. (وَ) الْقِسْمُ (الثَّانِي: لَا يُمْكِنُ) الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا (بِوَجْهٍ؛ فَإِنْ عَلِمْنَا أَحَدَهُمَا نَاسِخًا) بِطَرِيقَةٍ مِمَّا سَبَقَ (قَدَّمْنَاهُ، وَإِلَّا عَمِلْنَا بِالرَّاجِحِ) مِنْهُمَا، (كَالتَّرْجِيحِ بِصِفَاتِ الرُّوَاةِ) أَيْ كَوْنِ رُوَاةِ أَحَدِهِمَا أَتْقَنَ وَأَحْفَظَ، وَنَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا سَيُذْكَرُ، (وَكَثْرَتِهِمْ) فِي أَحَدِ الْحَدِيثَيْنِ (فِي خَمْسِينَ وَجْهًا) مِنَ الْمُرَجِّحَاتِ، ذَكَرَهَا الْحَازِمِيُّ فِي كِتَابِهِ " الِاعْتِبَارُ فِي النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ "، وَوَصَّلَهَا غَيْرُهُ إِلَى أَكْثَرَ مِنْ مِائَةٍ، كَمَا اسْتَوْفَى ذَلِكَ الْعِرَاقِيُّ فِي نُكَتِهِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 654 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَقَدْ رَأَيْتُهَا مُنْقَسِمَةً إِلَى سَبْعَةِ أَقْسَامٍ: الْأَوَّلُ: التَّرْجِيحُ بِحَالِ الرَّاوِي، وَذَلِكَ بِوُجُوهٍ: أَحَدُهَا: كَثْرَةُ الرُّوَاةِ، كَمَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ، لِأَنَّ احْتِمَالَ الْكَذِبِ وَالْوَهْمِ عَلَى الْأَكْثَرِ أَبْعَدُ مِنِ احْتِمَالِهِ عَلَى الْأَقَلِّ. ثَانِيهَا: قِلَّةُ الْوَسَائِطِ، أَيْ عُلُوُّ الْإِسْنَادِ حَيْثُ الرِّجَالُ ثِقَاتٌ، لِأَنَّ احْتِمَالَ الْكَذِبِ وَالْوَهْمِ فِيهِ أَقَلُّ. ثَالِثُهَا: فِقْهُ الرَّاوِي، سَوَاءٌ كَانَ الْحَدِيثُ مَرْوِيًّا بِالْمَعْنَى أَوِ اللَّفْظِ؛ لِأَنَّ الْفَقِيهَ إِذَا سَمِعَ مَا يَمْتَنِعُ حَمْلُهُ عَلَى ظَاهِرِهِ بَحَثَ عَنْهُ حَتَّى يَطَّلِعَ عَلَى مَا يَزُولُ بِهِ الْإِشْكَالُ؛ بِخِلَافِ الْعَامِّيِّ. رَابِعُهَا: عِلْمُهُ بِالنَّحْوِ، لِأَنَّ الْعَالِمَ بِهِ يَتَمَكَّنُ مِنَ التَّحَفُّظِ عَنْ مَوَاقِعِ الزَّلَلِ مِمَّا لَا يَتَمَكَّنُ مِنْهُ غَيْرُهُ. خَامِسُهَا: عِلْمُهُ بِاللُّغَةِ. سَادِسُهَا: حِفْظُهُ، بِخِلَافِ مَنْ يَعْتَمِدُ عَلَى كُتَّابِهِ. سَابِعُهَا: أَفْضَلِيَّتُهُ فِي أَحَدِ الثَّلَاثَةِ، بِأَنْ يَكُونَا فَقِيهَيْنِ، أَوْ نَحْوِيَّيْنِ، أَوْ حَافِظَيْنِ، وَأَحَدُهُمَا فِي ذَلِكَ أَفْضَلُ مِنَ الْآخَرِ. ثَامِنُهَا: زِيَادَةُ ضَبْطِهِ، أَيِ اعْتِنَاؤُهُ بِالْحَدِيثِ وَاهْتِمَامُهُ بِهِ. تَاسِعُهَا: شُهْرَتُهُ، لِأَنَّ الشُّهْرَةَ تَمْنَعُ الشَّخْصَ مِنَ الْكَذِبِ كَمَا تَمْنَعُهُ مِنْ ذَلِكَ التَّقْوَى. عَاشِرُهَا إِلَى الْعِشْرِينَ: كَوْنُهُ وَرِعًا، أَوْ حَسَنَ الِاعْتِقَادِ، أَيْ غَيْرَ مُبْتَدِعٍ، أَوْ جَلِيسًا لِأَهْلِ الْحَدِيثِ أَوْ غَيْرِهِمْ مِنَ الْعُلَمَاءِ، أَوْ أَكْثَرَ مُجَالَسَةً لَهُمْ، أَوْ ذَكَرًا، أَوْ حُرًّا، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 655 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] أَوْ مَشْهُورَ النَّسَبِ، أَوْ لَا لَبْسَ فِي اسْمِهِ بِحَيْثُ يُشَارِكُهُ فِيهِ ضَعِيفٌ، وَصَعُبَ التَّمْيِيزُ بَيْنَهُمَا، أَوْ لَهُ اسْمٌ وَاحِدٌ، وَلِذَلِكَ أَكْثَرَ وَلَمْ يَخْتَلِطْ، أَوْ لَهُ كِتَابٌ يَرْجِعُ إِلَيْهِ. حَادِي عِشْرِينَهَا: أَنْ تَثْبُتَ عَدَالَتُهُ بِالْإِخْبَارِ، بِخِلَافِ مَنْ تَثْبُتُ بِالتَّزْكِيَةِ، أَوِ الْعَمَلِ بِرِوَايَتِهِ، أَوِ الرِّوَايَةِ عَنْهُ إِنْ قُلْنَا بِهِمَا. ثَانِي عِشْرِينَهَا إِلَى سَابِعِ عِشْرِينَهَا: أَنْ يَعْمَلَ بِخَبَرِهِ مَنْ زَكَّاهُ، وَمَعَارِضُهُ لَمْ يَعْمَلْ بِهِ مَنْ زَكَّاهُ، أَوْ يُتَّفَقُ عَلَى عَدَالَتِهِ. أَوْ يُذْكَرُ سَبَبُ تَعْدِيلِهِ. أَوْ يَكْثُرُ مُزَكُّوهُ، أَوْ يَكُونُوا عُلَمَاءَ، أَوْ كَثِيرِي الْفَحْصِ عَنْ أَحْوَالِ النَّاسِ. ثَامِنُ عِشْرِينَهَا: أَنْ يَكُونَ صَاحِبَ الْقِصَّةِ، كَتَقْدِيمِ خَبَرِ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّوْمِ لِمَنْ أَصْبَحَ جُنُبًا عَلَى خَبَرِ الْفَضْلِ بْنِ الْعَبَّاسِ فِي مَنْعِهِ؛ لِأَنَّهَا أَعْلَمُ مِنْهُ. تَاسِعُ عِشْرِينَهَا: أَنْ يُبَاشِرَ مَا رَوَاهُ الثَلَاثُونَ تَأَخُّرَ إِسْلَامِهِ. وَقِيلَ: عَكْسُهُ، لِقُوَّةِ أَصَالَةِ الْمُتَقَدِّمِ وَمَعْرِفَتِهِ. وَقِيلَ: إِنْ تَأَخَّرَ مَوْتُهُ إِلَى إِسْلَامِ الْمُتَأَخِّرِ لَمْ يُرَجَّحْ بِالتَّأْخِيرِ، لِاحْتِمَالِ تَأَخُّرِ رِوَايَتِهِ عَنْهُ، وَإِنْ تَقَدَّمَ أَوْ عُلِمَ أَنَّ أَكْثَرَ رِوَايَاتِهِ مُتَقَدِّمَةٌ عَلَى رِوَايَةِ الْمُتَأَخِّرِ رُجِّحَ. الْحَادِي وَالثَلَاثُونَ إِلَى الْأَرْبَعِينَ: كَوْنُهُ أَحْسَنَ سِيَاقًا وَاسْتِقْصَاءً لِحَدِيثِهِ، أَوْ أَقْرَبَ مَكَانًا، أَوْ أَكْثَرَ مُلَازَمَةً لِشَيْخِهِ، أَوْ سَمِعَ مِنْ مَشَايِخِ بَلَدِهِ، أَوْ مُشَافِهًا مُشَاهِدًا لِشَيْخِهِ حَالَ الْأَخْذِ، أَوْ لَا يُجِيزُ الرِّوَايَةَ بِالْمَعْنَى، أَوِ الصَّحَابِيُّ مِنْ أَكَابِرِهِمْ، أَوْ عَلِيٌّ رِضَى اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَهُوَ فِي الْأَقْضِيَةِ، أَوْ مُعَاذٌ وَهُوَ فِي الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ، أَوْ زَيْدٌ وَهُوَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 656 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] فِي الْفَرَائِضِ، أَوِ الْإِسْنَادُ حِجَازِيٌّ، أَوْ رُوَاتُهُ مِنْ بَلَدٍ لَا يَرْضَوْنَ التَّدْلِيسَ. الْقِسْمُ الثَّانِي: التَّرْجِيحُ بِالتَّحَمُّلِ، وَذَلِكَ بِوُجُوهٍ: أَحَدُهَا: الْوَقْتُ، فَيُرَجَّحُ مِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَتَحَمَّلِ الْحَدِيثَ إِلَّا بَعْدَ الْبُلُوغِ عَلَى مَنْ كَانَ بَعْضُ تَحَمُّلِهِ قَبْلَهُ، أَوْ بَعْضُهُ بَعْدَهُ، لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ هَذَا مِمَّا قَبْلَهُ. وَالْمُتَحَمِّلُ بَعْدَهُ أَقْوَى لِتَأَهُّلِهِ لِلضَّبْطِ. ثَانِيهَا وَثَالِثُهَا: أَنْ يَتَحَمَّلَ بِحَدَّثَنَا، وَالْآخَرُ عَرْضًا، أَوْ عَرْضًا وَالْآخَرُ كِتَابَةً، أَوْ مُنَاوَلَةً أَوْ وِجَادَةً. الْقِسْمُ الثَّالِثُ: التَّرْجِيحُ بِكَيْفِيَّةِ الرِّوَايَةِ، وَذَلِكَ بِوُجُوهٍ: أَحَدُهَا: تَقْدِيمُ الْمَحْكِيِّ بِلَفْظِهِ عَلَى الْمَحْكِيِّ بِمَعْنَاهُ، وَالْمَشْكُوكِ فِيهِ عَلَى مَا عُرِفَ أَنَّهُ مَرْوِيٌّ بِالْمَعْنَى، ثَانِيهَا: مَا ذُكِرَ فِيهِ سَبَبُ وُرُودِهِ عَلَى مَا لَمْ يُذْكَرْ فِيهِ؛ لِدَلَالَتِهِ عَلَى اهْتِمَامِ الرَّاوِي بِهِ حَيْثُ عَرَفَ سَبَبَهُ. ثَالِثُهَا: أَنْ لَا يُنْكِرَهُ رَاوِيهِ وَلَا يَتَرَدَّدَ فِيهِ. رَابِعُهَا إِلَى عَاشِرِهَا: أَنْ تَكُونَ أَلْفَاظُهُ دَالَّةً عَلَى الِاتِّصَالِ، كَحَدَّثَنَا وَسَمِعْتُ، أَوِ اتُّفِقَ عَلَى رَفْعِهِ أَوْ وَصْلِهِ ; أَوْ لَمْ يُخْتَلَفْ فِي إِسْنَادِهِ أَوْ لَمْ يَضْطَرِبْ لَفْظُهُ، أَوْ رَوَى بِالْإِسْنَادِ وَعَزَى ذَلِكَ لِكِتَابٍ مَعْرُوفٍ، أَوْ عَزِيزٍ، وَالْآخَرُ مَشْهُورٌ. الْقِسْمُ الرَّابِعُ: التَّرْجِيحُ بِوَقْتِ الْوُرُودِ وَذَلِكَ بِوُجُوهٍ: أَحَدُهَا وَثَانِيهَا: بِتَقْدِيمِ الْمَدَنِيِّ عَلَى الْمَكِّيِّ، وَالدَّالِّ عَلَى عُلُوِّ شَأْنِ الْمُصْطَفَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى الدَّالِّ عَلَى الضَّعْفِ كَـ ( «بَدَأَ الْإِسْلَامُ غَرِيبًا» ) ، ثُمَّ شُهْرَتُهُ: فَيَكُونُ الدَّالُّ عَلَى الْعُلُوِّ مُتَأَخِّرًا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 657 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] ثَالِثُهَا: تَرْجِيحُ الْمُتَضَمِّنِ لِلتَّخْفِيفِ، لِدَلَالَتِهِ عَلَى التَّأَخُّرِ، لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُغْلِظُ فِي أَوَّلِ أَمْرِهِ زَجْرًا عَنْ عَادَاتِ الْجَاهِلِيَّةِ، ثُمَّ مَالَ لِلتَّخْفِيفِ. كَذَلِكَ قَالَ صَاحِبُ الْحَاصِلِ، وَالْمِنْهَاجِ، وَرَجَّحَ الْآمِدِيُّ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُهُمَا عَكْسَهُ؛ وَهُوَ تَقْدِيمُ الْمُتَضَمِّنِ لِلتَّغْلِيظِ وَهُوَ الْحَقُّ، لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَ أَوَّلًا بِالْإِسْلَامِ فَقَطْ، ثُمَّ شُرِعَتِ الْعِبَادَاتُ شَيْئًا فَشَيْئًا. رَابِعُهَا: تَرْجِيحُ مَا تُحُمِّلَ بَعْدَ الْإِسْلَامِ عَلَى مَا تُحُمِّلَ قَبْلَهُ، أَوْ شُكَّ، لِأَنَّهُ أَظْهَرُ تَأَخُّرًا. خَامِسُهَا وَسَادِسُهَا: تَرْجِيحُ غَيْرِ الْمُؤَرِّخِ عَلَى الْمُؤَرِّخِ بِتَارِيخٍ مُتَقَدِّمٍ، وَتَرْجِيحُ الْمُؤَرِّخِ بِمُقَارِبٍ بِوَفَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى غَيْرِ الْمُؤَرِّخِ. قَالَ الرَّازِيُّ: وَالتَّرْجِيحُ بِهَذِهِ السِّتَّةِ أَيْ إِفَادَتُهَا لِلرُّجْحَانِ غَيْرُ قَوِيَّةٍ. الْقِسْمُ الْخَامِسُ: التَّرْجِيحُ بِلَفْظِ الْخَبَرِ، وَذَلِكَ بِوُجُوهٍ: أَحَدُهَا إِلَى الْخَامِسِ وَالثَلَاثِينَ: تَرْجِيحُ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ، وَالْعَامِّ الَّذِي لَمْ يُخَصَّصْ عَلَى الْمُخَصَّصِ؛ لِضَعْفِ دَلَالَتِهِ بَعْدَ التَّخْصِيصِ عَلَى بَاقِي أَفْرَادِهِ، وَالْمُطْلَقِ عَلَى مَا وَرَدَ عَلَى سَبَبٍ، وَالْحَقِيقَةِ عَلَى الْمَجَازِ، وَالْمَجَازِ الْمُشْبِهِ لِلْحَقِيقَةِ عَلَى غَيْرِهِ، وَالشَّرْعِيَّةِ عَلَى غَيْرِهَا، وَالْعُرْفِيَّةِ عَلَى اللُّغَوِيَّةِ، وَالْمُسْتَغْنِي عَلَى الْإِضْمَارِ. وَمَا يُقْبَلُ فِيهِ اللَّبْسُ، وَمَا اتُّفِقَ عَلَى وَضْعِهِ لِمُسَمَّاهُ، وَالْمُومِي لِلْعِلَّةِ، وَالْمَنْطُوقِ، وَمَفْهُومِ الْمُوَافَقَةِ عَلَى الْمُخَالَفَةِ، وَالْمَنْصُوصِ عَلَى حُكْمِهِ مَعَ تَشْبِيهِهِ بِمَحَلٍّ آخَرَ، وَالْمُسْتَفَادِ عُمُومِهِ مِنَ الشَّرْطِ وَالْجَزَاءِ عَلَى النَّكِرَةِ الْمَنْفِيَّةِ، أَوْ مِنَ الْجَمْعِ الْمُعَرِّفِ عَلَى (مِنْ) وَ (مَا) ، أَوْ مِنَ الْكُلِّ؛ وَذَلِكَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 658 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] مِنَ الْجِنْسِ الْمُعَرَّفِ، وَمَا خِطَابُهُ تَكْلِيفِيٌّ عَلَى الْوَضْعِيِّ، وَمَا حُكْمُهُ مَعْقُولُ الْمَعْنَى، وَمَا قُدِّمَ فِيهِ ذِكْرُ الْعِلَّةِ، أَوْ دَلَّ الِاشْتِقَاقُ عَلَى حُكْمِهِ، وَالْمُقَارِنِ لِلتَّهْدِيدِ، وَمَا تَهْدِيدُهُ أَشَدُّ، وَالْمُؤَكَّدِ بِالتَّكْرَارِ وَالْفَصِيحِ، وَمَا بِلُغَةِ قُرَيْشٍ، وَمَا دَلَّ عَلَى الْمَعْنَى الْمُرَادِ بِوَجْهَيْنِ فَأَكْثَرَ، وَبِغَيْرِ وَاسِطَةٍ، وَمَا ذُكِرَ مَعَهُ مُعَارَضَةٌ، كـ (كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا) ، وَالنَّصِّ وَالْقَوْلِ، وَقَوْلٍ قَارَنَهُ الْعَمَلُ، أَوْ تَفْسِيرُ الرَّاوِي، وَمَا قُرِنَ حُكْمُهُ بِصِفَةٍ عَلَى مَا قُرِنَ بِاسْمٍ، وَمَا فِيهِ زِيَادَةٌ. الْقِسْمُ السَّادِسُ: التَّرْجِيحُ بِالْحُكْمِ وَذَلِكَ بِوُجُوهٍ: أَحَدُهَا: تَقْدِيمُ النَّاقِلِ عَلَى الْبَرَاءَةِ الْأَصْلِيَّةِ عَلَى الْمُقَرِّرِ لَهَا. وَقِيلَ: عَكْسُهُ. ثَانِيهَا: تَقْدِيمُ الدَّالِّ عَلَى التَّحْرِيمِ عَلَى الدَّالِّ عَلَى الْإِبَاحَةِ وَالْوُجُوبِ. ثَالِثُهَا: تَقْدِيمُ الْأَحْوَطِ. رَابِعُهَا: تَقْدِيمُ الدَّالِّ عَلَى نَفْيِ الْحَدِّ. الْقِسْمُ السَّابِعُ: التَّرْجِيحُ بِأَمْرٍ خَارِجِيٍّ كَتَقْدِيمِ (مَا) وَافَقَهُ ظَاهِرُ الْقُرْآنِ، أَوْ سُنَّةٌ أُخْرَى، أَوْ مَا قَبِلَ الشَّرْعُ، أَوِ الْقِيَاسُ، أَوْ عَمَلُ الْأُمَّةِ أَوِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ، أَوْ مَعَهُ مُرْسَلٌ آخَرُ، أَوْ مُنْقَطِعٌ، أَوْ لَمْ يُشْعِرْ بِنَوْعِ قَدْحٍ فِي الصَّحَابَةِ، أَوْ لَهُ نَظِيرٌ مُتَّفَقٌ عَلَى حُكْمِهِ، أَوِ اتَّفَقَ عَلَى إِخْرَاجِهِ الشَّيْخَانِ. فَهَذِهِ أَكْثَرُ مِنْ مِائَةِ مُرَجِّحٍ، وَثَمَّ مُرَجِّحَاتٌ أُخَرُ لَا تَنْحَصِرُ وَمَثَارُهَا غَلَبَةُ الظَّنِّ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 659 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] فَوَائِدُ الْأُولَى: مَنَعَ بَعْضُهُمُ التَّرْجِيحَ فِي الْأَدِلَّةِ، قِيَاسًا عَلَى الْبَيِّنَاتِ، وَقَالَ: إِذَا تَعَارَضَا لَزِمَ التَّخْيِيرُ أَوِ الْوَقْفُ. وَأُجِيبَ: بِأَنْ مَالِكًا يَرَى تَرْجِيحَ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْبَيِّنَةِ، وَمَنْ لَمْ يَرَ ذَلِكَ يَقُولُ: الْبَيِّنَةُ مُسْتَنِدَةٌ إِلَى تَوْقِيفَاتٍ تَعَبُّدِيَّةٍ؛ وَلِهَذَا لَا تُقْبَلُ إِلَّا بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ. الثَّانِيَةُ: إِنْ لَمْ يُوجَدْ مُرَجِّحٌ لِأَحَدِ الْحَدِيثَيْنِ تُوُقِّفَ عَنِ الْعَمَلِ بِهِ حَتَّى يَظْهَرَ. الثَّالِثَةُ: التَّعَارُضُ بَيْنَ الْخَبَرَيْنِ إِنَّمَا هُوَ لِخَلَلٍ فِي الْإِسْنَادِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى ظَنِّ الْمُجْتَهِدِ، وَأَمَّا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَلَا تَعَارُضَ. الرَّابِعَةُ: مَا سَلِمَ مِنَ الْمُعَارَضَةِ فَهُوَ مُحْكَمٌ، وَقَدْ عَقَدَ لَهُ الْحَاكِمُ فِي " عُلُومِ الْحَدِيثِ " بَابًا وَعَدَّهُ مِنَ الْأَنْوَاعِ. وَكَذَا شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي " النُّخْبَةِ ". قَالَ الْحَاكِمُ: وَمِنْ أَمْثِلَتِهِ: حَدِيثُ: «إِنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ الَّذِينَ يُشَبِّهُونَ بِخَلْقِ اللَّهِ» . وَحَدِيثُ: «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةً بِغَيْرِ طُهُورٍ وَلَا صَدَقَةً مِنْ غُلُولٍ» . وَحَدِيثُ: «إِذَا وُضِعَ الْعَشَاءُ، وَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَابْدَءُوا بِالصَّلَاةِ» . وَحَدِيثُ: «لَا شِغَارَ فِي الْإِسْلَامِ» . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 660 النَّوْعُ السَّابِعُ وَالثَلَاثُونَ: مَعْرِفَةُ الْمَزِيدِ فِي مُتَّصِلِ الْأَسَانِيدِ، وَمِثَالُهُ مَا رَوَى ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، حَدَّثَنِي بُسْرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا إِدْرِيسَ قَالَ: سَمِعْتُ وَاثِلَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا مَرْثَدٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَا تَجْلِسُوا عَلَى الْقُبُورِ» ؛ فَذِكْرُ سُفْيَانَ وَأَبِي إِدْرِيسَ زِيَادَةُ وَهْمٍ؛ فَالْوَهْمُ فِي سُفَيَانَ مِمَنْ دُونَ ابْنِ الْمُبَارَكِ لِأَنَّ ثِقَاتٍ رَوَوْهُ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ عَنِ ابْنِ يَزِيدَ، وَمِنْهُمْ مَنْ صَرَّحَ فِيهِ بِالْإِخْبَارِ، وَفِي أَبِي إِدْرِيسَ مِنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ لِأَنَّ ثِقَاتٍ رَوَوْهُ عَنِ ابْنِ يَزِيدَ فَلَمْ يَذْكُرُوا أَبَا إِدْرِيسَ، وَمِنْهُمْ مَنْ صَرَّحَ بِسَمَاعِ بُسْرٍ مِنْ وَاثِلَةَ. وَصَنَّفَ الْخَطِيبُ فِي هَذَا كِتَابًا فِي كَثِيرٍ مِنْهُ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْخَالِيَ عَنِ الزَّائِدِ إِنْ كَانَ بِحَرْفِ (عَنْ) ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُجْعَلَ مُنْقَطِعًا، وَإِنْ صَرَّحَ فِيهِ بِسَمَاعٍ أَوْ إِخْبَارٍ احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ سَمِعَهُ مِنْ رَجُلٍ عَنْهُ ثُمَّ سَمِعَهُ مِنْهُ إِلَّا أَنْ تُوجَدَ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى الْوَهْمِ. وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ الظَّاهِرُ مِمَّنْ لَهُ هَذَا أَنْ يَذْكُرَ السَّمَاعَيْنِ؛ فَإِذَا لَمْ يَذْكُرْهُمَا حُمِلَ عَلَى الزَيَادَةِ.   [تدريب الراوي] قَالَ: وَقَدْ صَنَّفَ فِيهِ عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ كِتَابًا كَبِيرًا. [النَّوْعُ السَّابع وَالثَلَاثُونَ مَعْرِفَةُ الْمَزِيدِ فِي مُتَّصِلِ الْأَسَانِيدِ] (النَّوْعُ السَّابِعُ وَالثَلَاثُونَ: مَعْرِفَةُ الْمَزِيدِ فِي مُتَّصِلِ الْأَسَانِيدِ وَمِثَالُهُ مَا رَوَى) عَبْدُ اللَّهِ (بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، حَدَّثَنِي بُسْرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ) بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ، وَبِالْمُهْمَلَةِ، وَأَبُوهُ مُصَغَّرَةٌ، (قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا إِدْرِيسَ) الْخَوْلَانِيَّ (قَالَ: سَمِعْتُ وَاثِلَةَ) بْنَ الْأَسْقَعِ، (يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا مَرْثَدٍ) الْغَنَوِيَّ، (يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَا تَجْلِسُوا عَلَى الْقُبُورِ» ) : وَلَا تُصَلُّوا إِلَيْهَا. (فَذِكْرُ سُفْيَانَ وَأَبِي إِدْرِيسَ) فِي هَذَا الْإِسْنَادِ (زِيَادَةُ وَهْمٍ، فَالْوَهْمُ فِي سُفْيَانَ مِمَّنْ دُونَ ابْنِ الْمُبَارَكِ لِأَنَّ ثِقَاتٍ رَوَوْهُ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنِ ابْنِ يَزِيدَ) نَفْسِهِ؛ مِنْهُمْ: ابْنُ مَهْدِيٍّ، وَحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، وَهَنَّادُ بنُ السَّرِيِّ وَغَيْرُهُمْ. (وَمِنْهُمْ مَنْ صَرَّحَ فِيهِ بِالْإِخْبَارِ) بَيْنَهُمَا، (وَ) الْوَهْمُ (فِي أَبِي إِدْرِيسَ مِنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ لِأَنَّ ثِقَاتٍ رَوَوْهُ عَنِ ابْنِ يَزِيدَ) ، عَنْ بُسْرٍ، عَنْ وَاثِلَةَ، (فَلَمْ يَذْكُرُوا أَبَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 661 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] إِدْرِيسَ) ، مِنْهُمْ: عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، وَالْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَعِيسَى بْنُ يُونُسَ، وَغَيْرُهُمْ. (وَمِنْهُمْ مَنْ صَرَّحَ) فِيهِ بِالْإِخْبَارِ (بِسَمَاعِ بُسْرٍ مِنْ وَاثِلَةَ) ، وَقَدْ حَكَمَ الْأَئِمَّةُ عَلَى ابْنِ الْمُبَارَكِ بِالْوَهْمِ فِي ذَلِكَ، كَالْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: وَكَثِيرًا مَا يُحَدِّثُ بُسْرٌ عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ فَغَلِطَ ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَظَنَّ أَنَّ هَذَا مِمَّا رُوِيَ عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ، عَنْ وَاثِلَةَ، وَقَدْ سَمِعَ هَذَا بُسْرٌ مِنْ وَاثِلَةَ نَفْسِهِ، ثُمَّ الْحَدِيثُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَالتِّرْمِذِيِّ. (وَصَنَّفَ الْخَطِيبُ فِي هَذَا) النَّوْعِ (كِتَابًا) سَمَّاهُ: " تَمْيِيزَ الْمَزِيدِ فِي مُتَّصِلِ الْأَسَانِيدِ "، (فِي كَثِيرٍ مِنْهُ نَظَرٌ لِأَنَّ) الْإِسْنَادَ (الْخَالِيَ عَنْ) الرَّاوِي (الزَّائِدِ إِنْ كَانَ بِحَرْفِ عَنْ) وَنَحْوِهَا مِمَّا لَا يَقْتَضِي الِاتِّصَالَ؛ (فَيَنْبَغِي أَنْ يُجْعَلَ مُنْقَطِعًا) وَيُعَلَّ بِالْإِسْنَادِ الَّذِي ذُكِرَ فِيهِ الرَّاوِي الزَّائِدُ، لِأَنَّ الزِّيَادَةَ مِنَ الثِّقَةِ مَقْبُولَةٌ (وَإِنْ صَرَّحَ فِيهِ بِسَمَاعٍ أَوْ إِخْبَارٍ) أَوْ تَحْدِيثٍ (احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ سَمِعَهُ مِنْ رَجُلٍ عَنْهُ ثُمَّ سَمِعَهُ مِنْهُ) ، اللَّهُمَّ (إِلَّا أَنْ تُوجَدَ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى الْوَهْمِ) كَمَا ذَكَرَهُ أَبُو حَاتِمٍ فِي الْمِثَالِ السَّابِقِ. (وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ) أَيْضًا (الظَّاهِرُ مِمَّنْ وَقَعَ لَهُ هَذَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 662 النَّوْعُ الثَّامِنُ وَالثَلَاثُونَ: الْمَرَاسِيلُ الْخَفِيُّ إِرْسَالُهَا هُوَ فَنٌ مُهِمٌّ عَظِيمُ الْفَائِدَةِ، يُدْرَكُ بِالَاتِّسَاعِ فِي الرِّوَايَةِ وَجَمْعِ الطُّرُقِ مَعَ الْمَعْرِفَةِ التَّامَّةِ. وَلْلخَطِيبِ فِيهِ كِتَابٌ وَهُوَ مَا عُرِفَ إِرْسَالُهُ لِعَدَمِ اللِّقَاءِ أَوِ السَّمَاعِ، وَمِنْهُ مَا يُحْكَمُ بِإِرْسَالِهِ لِمَجِيئِهِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ بِزِيَادَةِ شَخْصٍ، وَهَذَا الْقِسْمُ مَعَ النَّوْعِ السَّابِقِ يُعْتَرَضُ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ وَقَدْ يُجَابُ بِنَحْوِ مَا تَقَدَّمَ.   [تدريب الراوي] أَنْ يَذْكُرَ السَّمَاعَيْنِ؛ فَإِذَا لَمْ يَذْكُرْهُمَا حُمِلَ عَلَى الزِّيَادَةِ) الْمَذْكُورَةِ. [النَّوْعُ الثَّامِنُ وَالثَلَاثُونَ الْمَرَاسِيلُ الْخَفِيُّ إِرْسَالُهَا] (النَّوْعُ الثَّامِنُ وَالثَلَاثُونَ، الْمَرَاسِيلُ الْخَفِيُّ إِرْسَالُهَا) أَيِ انْقِطَاعُهَا، (هُوَ فَنٌّ مُهِمٌّ عَظِيمُ الْفَائِدَةِ يُدْرَكُ بِالِاتِّسَاعِ فِي الرِّوَايَةِ وَجَمْعِ الطُّرُقِ) لِلْأَحَادِيثِ، (مَعَ الْمَعْرِفَةِ التَّامَّةِ، وَلِلْخَطِيبِ فِيهِ كِتَابٌ) سَمَّاهُ: " التَّفْصِيلُ لِمُبْهَمِ الْمَرَاسِيلِ ". وَأَصْلُ الْإِرْسَالَ، ظَاهِرٌ: كَرِوَايَةِ الرَّجُلِ عَمَّنْ لَمْ يُعَاصِرْهُ، كَرِوَايَةِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَمَالِكٍ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ. وَخَفِيٌّ: وَهُوَ الْمَذْكُورُ هَاهُنَا. (وَهُوَ مَا عُرِفَ إِرْسَالُهُ لِعَدَمِ اللِّقَاءِ) لِمَنْ رَوَى عَنْهُ مَعَ الْمُعَاصَرَةِ، (أَوْ) لِعَدَمِ (السَّمَاعِ) مَعَ ثُبُوتِ اللِّقَاءِ، أَوْ لِعَدَمِ سَمَاعِ ذَلِكَ الْخَبَرِ بِعَيْنِهِ مَعَ سَمَاعِ غَيْرِهِ، وَيُعْرَفُ مَا ذُكِرَ إِمَّا بِنَصِّ بَعْضِ الْأَئِمَّةِ عَلَيْهِ، أَوْ بِوَجْهٍ صَحِيحٍ؛ كَإِخْبَارِهِ عَنْ نَفْسِهِ بِذَلِكَ، فِي بَعْضِ طُرُقِ الْحَدِيثِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. كَحَدِيثٍ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ رِوَايَةِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، مَرْفُوعًا: «رَحِمَ اللَّهُ حَارِسَ الْحَرَسِ» . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 663 النَّوْعُ التَّاسِعُ وَالثَلَاثُونَ: مَعْرِفَةُ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَهَذَا عِلْمٌ كَبِيرٌ عَظِيمُ الْفَائِدَةِ؛ فِيهِ يُعْرَفُ الْمُتَّصِلُ مِنَ الْمُرْسَلِ، وَفِيهِ كُتُبٌ كَثِيرَةٌ وَمِنْ أَحْسَنِهَا وَأَكْثَرِهَا فَوَائِدَ " الِاسْتِيعَابُ " لِابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ؛ لَوْلَا مَا شَانَهُ بِذِكْرِ مَا شَجَرَ بَيْنَ الصَّحَابَةِ وَحِكَايَتُهُ عَنِ الْأَخْبَارِيِّينَ. وَقَدْ جَمَعَ الشَّيْخُ ابْنُ الْأَثِيرِ الْجَزَرِيُّ فِي الصَّحَابَةِ كِتَابًا حَسَنًا جَمَعَ كُتُبًا كَثِيرَةً وَضَبَطَ وَحَقَّقَ أَشَيَاءَ حَسَنَةً، وَقَدِ اخْتَصَرْتُهُ بِحَمْدِ اللَّهِ.   [تدريب الراوي] فَإِنَّ عُمَرَ لَمْ يَلْقَ عُقْبَةَ، كَمَا قَالَ الْمِزِّيُّ فِي الْأَطْرَافِ. وَكَأَحَادِيثِ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ؛ فَقَدْ رَوَى التِّرْمِذِيُّ أَنَّ عَمْرَو بْنَ مُرَّةَ قَالَ لِأَبِي عُبَيْدَةَ: هَلْ تَذْكُرُ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ شَيْئًا؟ قَالَ: لَا. (وَمِنْهُ مَا يُحْكَمُ بِإِرْسَالِهِ لِمَجِيئِهِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ بِزِيَادَةِ شَخْصٍ) بَيْنَهُمَا كَحَدِيثٍ رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ يُثَيْغٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ مَرْفُوعًا: «إِنْ وَلَّيْتُمُوهَا أَبَا بَكْرٍ فَقَوِيٌّ أَمِينٌ» . فَهُوَ مُنْقَطِعٌ فِي مَوْضِعَيْنِ؛ لِأَنَّهُ رَوَى عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ قَالَ: حَدَّثَنِي النُّعْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، عَنِ الثَّوْرِيِّ. وَرَوَى أَيْضًا عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ. (وَهَذَا الْقِسْمُ مَعَ النَّوْعِ السَّابِقِ) وَهُوَ الْمَزِيدُ فِي مُتَّصِلِ الْأَسَانِيدِ (يُعْتَرَضُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ) ، لِأَنَّهُ رُبَّمَا كَانَ الْحُكْمُ لِلزَّائِدِ، وَرُبَّمَا كَانَ لِلنَّاقِصِ، وَالزَّائِدُ وَهْمٌ، وَهُوَ يَشْتَبِهُ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ، وَلَا يُدْرِكُهُ إِلَّا النُّقَّادُ، (وَقَدْ يُجَابُ بِنَحْوِ مَا تَقَدَّمَ) . [النَّوْعُ التَّاسِعُ وَالثَلَاثُونَ مَعْرِفَةُ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ] [تعريف الصحابي] النَّوْعُ التَّاسِعُ وَالثَلَاثُونَ: (مَعْرِفَةُ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ: هَذَا عَلَمٌ كَبِيرٌ جَلِيلٌ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 664 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] عَظِيمُ الْفَائِدَةِ، وَبِهِ يُعْرَفُ الْمُتَّصِلُ مِنَ الْمُرْسَلِ، وَفِيهِ كُتُبٌ كَثِيرَةٌ) مُؤَلَّفَةٌ كَكِتَابِ " الصَّحَابَةِ " لِابْنِ حِبَّانَ، وَهُوَ مُخْتَصَرٌ فِي مُجَلَّدٍ، وَكِتَابِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَنْدَهْ، وَهُوَ كَبِيرٌ جَلِيلٌ، وَذَيَّلَ عَلَيْهِ أَبُو مُوسَى الْمَدِينِيُّ، وَكِتَابِ أَبِي نُعَيْمٍ الْأَصْبَهَانِيِّ، وَكِتَابِ الْعَسْكَرِيِّ. (وَمِنْ أَحْسَنِهَا وَأَكْثَرِهَا فَوَائِدَ " الِاسْتِيعَابُ " لِابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ لَوْلَا مَا شَانَهُ بِذِكْرِ مَا شَجَرَ بَيْنَ الصَّحَابَةِ وَحِكَايَتِهِ عَنِ الْأَخْبَارِيِّينَ) . وَالْغَالِبُ عَلَيْهِمُ الْإِكْثَارُ وَالتَّخْلِيطُ فِيمَا يَرْوُونَهُ، وَذَيَّلَ عَلَيْهِ ابْنُ فَتْحُونٍ. قَالَ الْمُصَنِّفُ زِيَادَةً عَلَى ابْنِ الصَّلَاحِ (وَقَدْ جَمَعَ الشَّيْخُ) أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ (ابْنُ الْأَثِيرِ الْجَزَرِيُّ فِي الصَّحَابَةِ كِتَابًا حَسَنًا) سَمَّاهُ: " أُسْدُ الْغَابَةِ "، (جَمَعَ فِيهِ كُتُبًا كَثِيرَةً) وَهِيَ كِتَابُ ابْنُ مَنْدَهْ، وَأَبِي مُوسَى، وَأَبِي نُعَيْمٍ، وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، وَزَادَ مِنْ غَيْرِهَا أَسْمَاءً فِي هَذَا، (وَضَبَطَ وَحَقَّقَ أَشْيَاءَ حَسَنَةً) عَلَى مَا فِيهِ مِنَ التَّكْرَارِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 665 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] بِحَسَبِ الِاخْتِلَافِ فِي الِاسْمِ أَوِ الْكُنْيَةِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ: (وَقَدِ اخْتَصَرْتُهُ بِحَمْدِ اللَّهِ) وَلَمْ يَشْتَهِرْ هَذَا الْمُخْتَصَرُ، وَقَدِ اخْتَصَرَهُ الذَّهَبِيُّ أَيْضًا فِي كِتَابٍ لَطِيفٍ سَمَّاهُ: " التَّجْرِيدُ ". وَلِشَيْخِ الْإِسْلَامِ فِي ذَلِكَ: " الْإِصَابَةُ فِي تَمْيِيزِ الصَّحَابَةِ "، كِتَابٌ حَافِلٌ، وَقَدِ اخْتَصَرْتُهُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ. فَائِدَةٌ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ: " الْأَخْبَارِيِّينَ " جَمْعُ أَخْبَارِيٍّ، عَدَّهُ ابْنُ هِشَامٍ مِنْ لَحْنِ الْعُلَمَاءِ، وَقَالَ: الصَّوَابُ الْخَبَرِيُّ، أَيْ لِأَنَّ النِّسْبَةَ إِلَى جَمْعٍ تُرَدُّ إِلَى الْوَاحِدِ، كَمَا تَقَرَّرَ فِي عِلْمِ التَّصْرِيفِ، تَقُولُ فِي الْفَرَائِضِ فَرْضِيٌّ. وَنُكْتَتُهُ: أَنَّ الْمُرَادَ النِّسْبَةُ إِلَى هَذَا النَّوْعِ، وَخُصُوصِيَّةُ الْجَمْعِ مُلْغَاةٌ، مَعَ أَنَّهَا مُؤَدِّيَةٌ إِلَى الثِّقَلِ، قَالَ: وَمِنَ اللَّحْنِ أَيْضًا قَوْلُهُمْ: لَا يُؤْخَذُ الْعِلْمُ مِنْ صُحُفِيٍّ بِضَمَّتَيْنِ، وَالصَّوَابُ بِفَتْحَتَيْنِ، رَدًّا إِلَى صَحِيفَةٍ، ثُمَّ فُعِلَ بِهَا مَا فَعَلَ بِحَنِيفَةَ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 666 فُرُوعٌ: أَحَدُهَا اخْتُلِفَ فِي حَدِّ الصَّحَابِيِّ؛ فَالْمَعْرُوفُ عِنْدِ الْمُحَدِّثِينَ أَنَّهُ كُلُّ مُسْلِمٍ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَعَنْ أَصْحَابِ الْأَصُولِ أَوْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ مَنْ طَالَتْ مُجَالَسَتُهُ عَلَى طَرِيقِ التَّبَعِ. وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ لَا يُعَدُّ صَحَابِيًّا إِلَّا مَنْ أَقَامَ مَعِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَنَةً أَوْ سَنَتَيْنِ أَوْ غَزَا مَعَهُ غَزْوَةً أَوْ غَزْوَتَيْنِ؛ فَإِنْ صَحَّ عَنْهُ فَضَعِيفٌ؛ فَإِنَّ مُقْتَضَاهُ أَنْ لَا يُعَدَّ جَرِيرٌ الْبَجَلِيُّ وَشِبْهُهُ صَحَابِيًّا، وَلَا خِلَافَ أَنَّهُمْ صَحَابَةٌ. ثُمَّ تُعْرَفُ صُحْبَتُهُ بِالتَّوَاتُرِ وَالَاسْتِفَاضَةِ، أَوْ قَوْلِ صَحَابِيٍّ أَوْ قَوْلِهِ إِذَا كَانَ عَدْلًا.   [تدريب الراوي] [فُرُوعٌ الأول الاخْتُلاِفَ فِي حَدِّ الصَّحَابِيِّ] فُرُوعٌ (أَحَدُهَا، اخْتُلِفَ فِي حَدِّ الصَّحَابِيِّ، فَالْمَعْرُوفُ عِنْدَ الْمُحَدِّثِينَ أَنَّهُ كُلُّ مُسْلِمٍ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) ، كَذَا قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ، وَنَقَلَهُ عَنِ الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ. وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ، إِنْ كَانَ فَاعِلُ الرُّؤْيَةِ الرَّائِي الْأَعْمَى كَابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ وَنَحْوِهِ فَهُوَ صَحَابِيٌّ بِلَا خِلَافٍ وَلَا رُؤْيَةَ لَهُ. وَمَنْ رَآهُ كَافِرًا ثُمَّ أَسْلَمَ بَعْدَ مَوْتِهِ كَرَسُولِ قَيْصَرَ فَلَا صُحْبَةَ لَهُ. وَمَنْ رَآهُ بَعْدَ مَوْتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ الدَّفْنِ، وَقَدْ وَقَعَ ذَلِكَ لِأَبِي ذُؤَيْبٍ خُوَيْلِدِ بْنِ خَالِدٍ الْهُذَلِيِّ؛ فَإِنَّهُ لَا صُحْبَةَ لَهُ. وَإِنْ كَانَ فَاعِلُهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ فِيهِ جَمِيعُ الْأُمَّةِ؛ فَإِنَّهُ كُشِفَ لَهُ عَنْهُمْ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ وَغَيْرِهَا، وَرَآهُمْ. وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ أَيْضًا، مَنْ صَحِبَهُ ثُمَّ ارْتَدَّ، كَابْنِ خَطَلٍ وَنَحْوِهِ. فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: مَنْ لَقِيَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْلِمًا وَمَاتَ عَلَى إِسْلَامِهِ. أَمَّا مَنِ ارْتَدَّ بَعْدَهُ ثُمَّ أَسْلَمَ وَمَاتَ مُسْلِمًا؛ فَقَالَ الْعِرَاقِيُّ: فِي دُخُولِهِ فِيهِمْ نَظَرٌ، فَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ عَلَى أَنَّ الرِّدَّةَ مُحْبِطَةٌ لِلْعَمَلِ. قَالَ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا مُحْبِطَةٌ لِلصُّحْبَةِ السَّابِقَةِ، كَقُرَّةِ بْنِ هُبَيْرَةَ، وَالْأَشْعَثِ بْنِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 667 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] قَيْسٍ، أَمَّا مَنْ رَجَعَ إِلَى الْإِسْلَامِ فِي حَيَاتِهِ كَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ، فَلَا مَانِعَ مِنْ دُخُولِهِ فِي الصُّحْبَةِ، وَجَزَمَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي هَذَا وَالَّذِي قَبْلَهُ بِبَقَاءِ اسْمِ الصُّحْبَةِ لَهُ. قَالَ: وَهَلْ يُشْتَرَطُ لَقْيُهُ فِي حَالِ النُّبُوَّةِ أَوْ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ، حَتَّى يَدْخُلَ مَنْ رَآهُ قَبْلَهَا وَمَاتَ عَلَى الْحَنِيفِيَّةِ؛ كَزَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ، وَقَدْ عَدَّهُ ابْنُ مَنْدَهْ فِي الصَّحَابَةِ، وَكَذَا لَوْ رَآهُ قَبْلَهَا، ثُمَّ أَدْرَكَ الْبَعْثَةَ وَأَسْلَمَ وَلَمْ يَرَهُ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ. قَالَ: وَيَدُلُّ عَلَى اعْتِبَارِ الرُّؤْيَةِ بَعْدَ النُّبُوَّةِ ذِكْرُهُمْ فِي الصَّحَابَةِ وَلَدَهُ إِبْرَاهِيمَ دُونَ مَنْ مَاتَ قَبْلَهَا، كَالْقَاسِمِ. قَالَ: وَهَلْ يُشْتَرَطُ فِي الرُّؤَى التَّمْيِيزُ، حَتَّى لَا يَدْخُلَ مَنْ رَآهُ وَهُوَ لَا يَعْقِلُ، وَالْأَطْفَالُ الَّذِينَ حَنَّكَهُمْ وَلَمْ يَرَوْهُ بَعْدَ التَّمْيِيزِ أَوْ لَا يُشْتَرَطُ؟ لَمْ يَذْكُرُوهُ أَيْضًا؛ إِلَّا أَنَّ الْعَلَائِيَّ قَالَ فِي الْمَرَاسِيلِ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ بْنُ نَوْفَلٍ حَنَّكَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَدَعَا لَهُ وَلَا صُحْبَةَ لَهُ، بَلْ وَلَا رُؤْيَةَ أَيْضًا، وَكَذَا قَالَ فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ الْأَنْصَارِيِّ، حَنَّكَهُ وَدَعَا لَهُ، وَلَا تُعْرَفُ لَهُ رُؤْيَةٌ بَلْ هُوَ تَابِعِيٌّ. وَقَالَ فِي النُّكَتِ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَئِمَّةِ ابْنِ مَعِينٍ، وَأَبِي زُرْعَةَ، وَأَبِي حَاتِمٍ، وَأَبِي دَاوُدَ، وَغَيْرِهِمُ اشْتِرَاطُهُ، فَإِنَّهُمْ لَمْ يُثْبِتُوا الصُّحْبَةَ لِأَطْفَالٍ حَنَّكَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ مَسَحَ وُجُوهَهُمْ، أَوْ تَفَلَ فِي أَفْوَاهِهِمْ، كَمُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُثْمَانَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 668 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] التَّيْمِيِّ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْمَرٍ، وَنَحْوِهِمْ. قَالَ: وَلَا يُشْتَرَطُ الْبُلُوغُ عَلَى الصَّحِيحِ، وَإِلَّا لَخَرَجَ مَنْ أُجْمِعَ عَلَى عَدِّهِ فِي الصَّحَابَةِ، كَالْحَسَنِ، وَالْحُسَيْنِ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ، وَنَحْوِهِمْ. قَالَ: وَالظَّاهِرُ اشْتِرَاطُ رُؤْيَتِهِ فِي عَالَمِ الشَّهَادَةِ؛ فَلَا يُطْلَقُ اسْمُ الصُّحْبَةِ عَلَى مَنْ رَآهُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَالنَّبِيِّينَ. قَالَ: وَقَدِ اسْتَشْكَلَ ابْنُ الْأَثِيرِ مُؤْمِنِي الْجِنِّ فِي الصَّحَابَةِ دُونَ مَنْ رَآهُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، وَهُمْ أَوْلَى بِالذِّكْرِ مِنْ هَؤُلَاءِ. قَالَ: وَلَيْسَ كَمَا زَعَمَ، لِأَنَّ الْجِنَّ مِنْ جُمْلَةِ الْمُكَلَّفِينَ الَّذِينَ شَمِلَتْهُمُ الرِّسَالَةُ وَالْبَعْثَةُ؛ فَكَانَ ذِكْرُ مَنْ عُرِفَ اسْمَهُ مِمَّنْ رَآهُ حَسَنًا؛ بِخِلَافِ الْمَلَائِكَةِ. قَالَ: وَإِذَا نَزَلَ عِيسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَكَمَ بِشَرْعِهِ فَهَلْ يُطْلَقُ عَلَيْهِ اسْمُ الصُّحْبَةِ، لِأَنَّهُ ثَبَتَ أَنَّهُ رَآهُ فِي الْأَرْضِ؟ الظَّاهِرُ نَعَمْ، انْتَهَى. (وَعَنْ أَصْحَابِ الْأَصُولِ أَوْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ مَنْ طَالَتْ مُجَالَسَتُهُ) لَهُ (عَلَى طَرِيقِ التَّبَعِ) لَهُ، وَالْأَخْذِ عَنْهُ، بِخِلَافِ مَنْ وَفَدَ عَلَيْهِ وَانْصَرَفَ بِلَا مُصَاحِبَةٍ وَلَا مُتَابَعَةٍ؛ قَالُوا: وَذَلِكَ مَعْنَى الصَّحَابِيِّ لُغَةً. وَرُدَّ بِإِجْمَاعِ أَهْلِ اللُّغَةِ عَلَى أَنَّهُ مُشْتَقٌّ مِنَ الصُّحْبَةِ، لَا مِنْ قَدْرٍ مِنْهَا مَخْصُوصٍ، وَذَلِكَ يُطْلَقُ عَلَى كُلِّ مَنْ صَحِبَ غَيْرَهُ قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا، يُقَالُ: صَحِبْتُ فُلَانًا حَوْلًا وَشَهْرًا وَيَوْمًا وَسَاعَةً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 669 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ (أَوْ بَعْضِهِمْ) مِنْ زِيَادَتِهِ؛ لِأَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مُوَافِقُونَ لِمَا تَقَدَّمَ نَقْلُهُ عَنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ، وَصَحَّحَهُ الْآمِدِيُّ وَابْنُ الْحَاجِبِ، وَعَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْحَدِيثِ مُوَافَقَةُ مَا ذُكِرَ عَنْ أَهْلِ الْأُصُولِ: لِمَا رَوَاهُ ابْنُ سَعْدٍ بِسَنَدٍ جَيِّدٍ فِي " الطَّبَقَاتِ " عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ شُعْبَةَ، «عَنْ مُوسَى السَّيَلَانِيِّ قَالَ: أَتَيْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ فَقُلْتُ لَهُ: أَنْتَ آخِرُ مَنْ بَقِيَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: قَدْ بَقِيَ قَوْمٌ مِنَ الْأَعْرَابِ فَأَمَّا مِنْ أَصْحَابِهِ فَأَنَا آخِرُ مَنْ بَقِيَ» . قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَالْجَوَابُ: أَنَّهُ أَرَادَ إِثْبَاتَ صُحْبَةٍ خَاصَّةٍ لَيْسَتْ لِأُولَئِكَ. (وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ كَانَ لَا يُعَدُّ صَحَابِيًّا إِلَّا مَنْ أَقَامَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَنَةً أَوْ سَنَتَيْنِ، أَوْ غَزَا مَعَهُ غَزْوَةً أَوْ غَزْوَتَيْنِ) . وَوَجْهُهُ: أَنَّ لِصُحْبَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَرَفًا عَظِيمًا، فَلَا تُنَالُ إِلَّا بِاجْتِمَاعٍ طَوِيلٍ يَظْهَرُ فِيهِ الْخُلُقُ الْمَطْبُوعُ عَلَيْهِ الشَّخْصُ؛ كَالْغَزْوِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى السَّفَرِ الَّذِي هُوَ قِطْعَةٌ مِنَ الْعَذَابِ، وَالسَّنَةِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الْفُصُولِ الْأَرْبَعَةِ الَّتِي يَخْتَلِفُ بِهَا الْمِزَاجُ. (فَإِنْ صَحَّ) هَذَا الْقَوْلُ (عَنْهُ فَضَعِيفٌ، فَإِنْ كَانَ مُقْتَضَاهُ أَنْ لَا يُعَدَّ جَرِيرُ) بْنُ عَبْدِ اللَّهِ (الْبَجَلِيُّ، وَشِبْهُهُ) مِمَّنْ فَقَدَ مَا اشْتَرَطَهُ كَوَائِلِ بْنِ حُجْرٍ (صَحَابِيًّا، وَلَا خِلَافَ أَنَّهُمْ صَحَابَةٌ) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 670 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَلَا يَصِحُّ هَذَا عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ؛ فَفِي الْإِسْنَادِ إِلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْوَاقِدِيُّ ضَعِيفٌ فِي الْحَدِيثِ. قَالَ: وَقَدِ اعْتُرِضَ بِأَنَّ جَرِيرًا أَسْلَمَ فِي أَوَّلِ الْبِعْثَةِ، لِمَا رَوَى الطَّبَرَانِيُّ عَنْهُ قَالَ: «لَمَّا بُعِثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَيْتُهُ لِأُبَايِعُهُ؛ فَقَالَ: لِأَيِّ شَيْءٍ جِئْتَ يَا جَرِيرُ؟ قَالَ: جِئْتُ لِأُسْلِمَ عَلَى يَدَيْكَ، فَدَعَانِي إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ، وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ» الْحَدِيثَ. قَالَ: وَالْجَوَابُ أَنَّ الْحَدِيثَ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ فَإِنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ الْحُصَيْنِ بْنِ عُمَرَ الْأَحْمَسِيِّ، وَهُوَ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ، وَلَوْ ثَبَتَ فَلَا دَلِيلَ فِيهِ، لِأَنَّهُ يَلْزَمُ الْفَوْرِيَّةُ فِي جَوَابِ (لَمَّا) ، بِدَلِيلِ ذِكْرِ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ، وَفَرْضُهُمَا مُتَرَاخٍ عَنِ الْبَعْثَةِ. وَالصَّوَابُ مَا ثَبَتَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: مَا أَسْلَمْتُ إِلَّا بَعْدَ نُزُولِ الْمَائِدَةِ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ، وَفِي تَارِيخِ الْبُخَارِيِّ الْكَبِيرِ: أَنَّهُ أَسْلَمَ عَامَ تُوُفِّيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَذَا قَالَ الْوَاقِدِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالْخَطِيبُ، وَغَيْرُهُمْ. فَائِدَةٌ فِي حَدِّ الصَّحَابِيِّ قَوْلٌ رَابِعٌ: أَنَّهُ مَنْ طَالَتْ صُحْبَتُهُ وَرَوَى عَنْهُ؛ قَالَهُ الْحَافِظُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 671 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَخَامِسٌ: أَنَّهُ مَنْ رَآهُ بَالِغًا، حَكَاهُ الْوَاقِدِيُّ وَهُوَ شَاذٌّ كَمَا تَقَدَّمَ. وَسَادِسٌ: أَنَّهُ مَنْ أَدْرَكَ زَمَنَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُسْلِمٌ، وَإِنْ لَمْ يَرَهُ؛ قَالَهُ يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ بْنِ صَالِحٍ الْمِصْرِيُّ، وَعَدَّ مِنْ ذَلِكَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَالِكٍ الْجَيْشَانِيَّ أَبَا تَمِيمٍ، وَلَمْ يَرْحَلْ إِلَى الْمَدِينَةِ إِلَّا فِي خِلَافَةِ عُمَرَ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ السِّيَرِ، وَمِمَّنْ حَكَى هَذَا الْقَوْلَ الْقَرَافِيُّ فِي شَرْحِ التَّنْقِيحِ. وَكَذَا مَنْ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ تَبَعًا لِأَبَوَيْهِ، وَعَلَيْهِ عَمِلَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَابْنُ مَنْدَهْ فِي كِتَابَيْهِمَا. وَشَرَطَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي الصَّحَابِيِّ أَنْ يَتَخَصَّصَ بِالرَّسُولِ وَيَتَخَصَّصَ بِهِ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (ثُمَّ تُعْرَفُ صُحْبَتُهُ) إِمَّا (بِالتَّوَاتُرِ) كَأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَبَقِيَّةِ الْعَشَرَةِ فِي خَلْقٍ مِنْهُمْ. (وَالِاسْتِفَاضَةِ) وَالشُّهْرَةِ الْقَاصِرَةِ عَنِ التَّوَاتُرِ، كَضِمَامِ بْنِ ثَعْلَبَةَ، وَعُكَّاشَةَ بْنِ مِحْصَنٍ. (أَوْ قَوْلِ صَحَابِيٍّ) عَنْهُ أَنَّهُ صَحَابِيٌّ، كَحُمَمَةَ بْنِ أَبِي حُمَمَةَ الدَّوْسِيِّ الَّذِي مَاتَ بِأَصْبَهَانَ مَبْطُونًا؛ فَشَهِدَ لَهُ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَكَمَ لَهُ بِالشَّهَادَةِ، ذَكَرَ ذَلِكَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي " تَارِيخُ أَصْبَهَانَ "، وَرُوِّينَا قِصَّتَهُ فِي مُسْنَدِ الطَّيَالِسِيِّ، وَمُعْجَمِ الطَّبَرَانِيِّ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 672 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَزَادَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ حَجَرٍ بَعْدَ هَذَا: أَنْ يُخْبِرَ آحَادُ التَّابِعِينَ بِأَنَّهُ صَحَابِيٌّ، بِنَاءً عَلَى قَبُولِ التَّزْكِيَةِ مِنْ وَاحِدٍ، وَهُوَ الرَّاجِحُ. (أَوْ قَوْلِهِ) هُوَ: أَنَا صَحَابِيٌّ (إِذَا كَانَ عَدْلًا) إِذَا أَمْكَنَ ذَلِكَ؛ فَإِنِ ادَّعَاهُ بَعْدَ مِائَةِ سَنَةٍ مِنْ وَفَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ وَإِنْ ثَبَتَتْ عَدَالَتُهُ قَبْلَ ذَلِكَ. لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ: «أَرَأَيْتَكُمْ لَيْلَتَكُمْ هَذِهِ، فَإِنَّهُ عَلَى رَأْسِ مِائَةِ سَنَةٍ لَمْ يَبْقَ أَحَدٌ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ» . يُرِيدُ انْخِرَامَ ذَلِكَ الْقَرْنِ، قَالَ ذَلِكَ سَنَةَ وَفَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَشَرَطَ الْأَصُولِيُّونَ فِي قَبُولِهِ أَنْ تُعْرَفَ مُعَاصَرَتُهُ لَهُ، وَفِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ احْتِمَالُ أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ؛ لِكَوْنِهِ مُتَّهَمًا بِدَعْوَى رُتْبَةٍ يُثْبِتُهَا لِنَفْسِهِ، وَبِهَذَا جَزَمَ الْآمِدِيُّ، وَرَجَّحَهُ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ الْقَطَّانِ. فَائِدَةٌ قَالَ الذَّهَبِيُّ فِي " الْمِيزَانِ ": رَتَنُ الْهِنْدِيُّ، وَمَا أَدْرَاكَ مَا رَتَنُ، شَيْخٌ دَجَّالٌ بِلَا رَيْبٍ، ظَهَرَ بَعْدَ السِّتِّمِائَةِ، فَادَّعَى الصُّحْبَةَ وَالصَّحَابَةُ لَا يَكْذِبُونَ، وَهَذَا جَرِيءٌ عَلَى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 673 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَقَدْ أَلَّفْتُ فِي أَمْرِهِ جُزْءًا. [الثَّانِي الصَّحَابَةُ كُلُّهُمْ عُدُولٌ مَنْ لَابَسَ الْفِتَنَ وَغَيْرُهُمْ بِإِجْمَاعِ مَنْ يُعْتَدُّ بِهِ] قَالَ تَعَالَى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} [البقرة: 143] الْآيَةَ، أَيْ عُدُولًا. وَقَالَ تَعَالَى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران: 110] ، وَالْخِطَابُ فِيهَا لِلْمَوْجُودِينَ حِينَئِذٍ. وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي» ، رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. قَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ: وَالسَّبَبُ فِي عَدَمِ الْفَحْصِ عَنْ عَدَالَتِهِمْ: أَنَّهُمْ حَمَلَةُ الشَّرِيعَةِ؛ فَلَوْ ثَبَتَ تَوَقُّفٌ فِي رِوَايَتِهِمْ لَانْحَصَرَتِ الشَّرِيعَةُ عَلَى عَصْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمَا اسْتُرْسِلَتْ عَلَى سَائِرِ الْأَعْصَارِ. وَقِيلَ: يَجِبُ الْبَحْثُ عَنْ عَدَالَتِهِمْ مُطْلَقًا. وَقِيلَ: بَعْدَ وُقُوعِ الْفِتَنِ. وَقَالَتِ الْمُعْتَزِلَةُ: عُدُولٌ إِلَّا مَنْ قَاتَلَ عَلِيًّا. وَقِيلَ: إِذَا انْفَرَدَ. وَقِيلَ: إِلَّا الْمُقَاتِلَ وَالْمُقَاتَلَ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 674 الثَّانِي: الصَّحَابَةُ كُلُّهُمْ عُدُولٌ، مَنْ لَابَسَ الْفِتَنَ وَغَيْرُهُمْ بِإِجْمَاعِ مَنْ يُعْتَدُّ بِهِ. وَأَكْثَرُهُمْ حَدِيثًا أَبُو هُرَيْرَةَ، ثُمَّ ابْنُ عُمَرَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، وَعَائِشَةُ. وَأَكْثَرُهُمْ فُتْيَا تُرْوَى: ابْنُ عَبَّاسٍ. وَعَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: انْتَهَى عِلْمُ الصَّحَابَةِ إِلَى سِتَّةٍ: عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَأُبَيٍّ وَزَيْدٍ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ وَابْنِ مَسْعُودٍ، ثُمَّ انْتَهَى عِلْمُ السِّتَّةِ إِلَى عَلِيٍّ وَعَبْدِ اللَهِ. وَمِنَ الصَحَابَةِ الْعَبَادِلَةُ وَهُمُ: ابْنُ عُمَرَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَابْنُ الزُّبَيْرِ، وَابْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ؛ وَلَيْسَ ابْنُ مَسْعُودٍ مِنْهُمْ؛ وَكَذَا سَائِرُ مَنْ يُسَمَّى عَبْدَ اللَّهِ، وَهُمْ نَحْوُ مَائِتَينِ وَعِشْرِينَ. قَالُ أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ: قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ مَائَةِ أَلْفٍ وَأَرْبَعَةَ عَشَرَ أَلْفًا مِنَ الصَّحَابَةِ مِمَّنْ رَوَى عَنْهُ وَسَمِعَ مِنْهُ. وَاخْتُلِفَ فِي عَدَدِ طَبَقَاتِهِمْ، وَجَعَلَهُمُ الْحَاكِمُ اثْنَتَيْ عَشَرَةَ طَبَقَةً.   [تدريب الراوي] وَهَذَا كُلُّهُ لَيْسَ بِصَوَابٍ، إِحْسَانًا لِلظَّنِّ بِهِمْ، وَحَمْلًا لَهُمْ فِي ذَلِكَ عَلَى الِاجْتِهَادِ الْمَأْجُورِ فِيهِ كُلٌّ مِنْهُمْ. وَقَالَ الْمَازِرِيُّ فِي شَرْحِ الْبُرْهَانِ: لَسْنَا نَعْنِي بِقَوْلِنَا: " الصَّحَابَةُ عُدُولٌ " كُلَّ مَنْ رَآهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا مَا أَوْ زَارَهُ لِمَامًا، أَوِ اجْتَمَعَ بِهِ لِغَرَضٍ وَانْصَرَفَ، وَإِنَّمَا نَعْنِي بِهِ الَّذِينَ لَازَمُوهُ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ. قَالَ الْعَلَائِيُّ: وَهَذَا قَوْلٌ غَرِيبٌ يُخْرِجُ كَثِيرًا مِنَ الْمَشْهُورِينَ بِالصُّحْبَةِ وَالرِّوَايَةِ عَنِ الْحُكْمِ بِالْعَدَالَةِ، كَوَائِلِ بْنِ حُجْرٍ، وَمَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ، وَعُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ وَغَيْرِهِمْ، مِمَّنْ وَفَدَ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يُقِمْ عِنْدَهُ إِلَّا قَلِيلًا وَانْصَرَفَ، وَكَذَلِكَ مَنْ لَمْ يُعْرَفْ إِلَّا بِرِوَايَةِ الْحَدِيثِ الْوَاحِدِ، وَمَنْ لَمْ يُعْرَفْ مِقْدَارُ إِقَامَتِهِ مِنْ أَعْرَابِ الْقَبَائِلِ، وَالْقَوْلُ بِالتَّعْمِيمِ هُوَ الَّذِي صَرَّحَ بِهِ الْجُمْهُورُ وَهُوَ الْمُعْتَبَرُ. (وَأَكْثَرُهُمْ حَدِيثًا أَبُو هُرَيْرَةَ) رَوَى خَمْسَةَ آلَافٍ وَثَلَاثَمِائَةٍ وَأَرْبَعَةً وَسَبْعِينَ حَدِيثًا. اتَّفَقَ الشَّيْخَانِ مِنْهَا عَلَى ثَلَاثِمِائَةٍ وَخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ، وَانْفَرَدَ الْبُخَارِيُّ بِثَلَاثَةٍ وَتِسْعِينَ، وَمُسْلِمٌ بِمِائَةٍ وَتِسْعَةٍ وَثَمَانِينَ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 675 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَرَوَى عَنْهُ أَكْثَرُ مِنْ ثَمَانِمِائَةِ رَجُلٍ، وَهُوَ أَحْفَظُ الصَّحَابَةِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَبُو هُرَيْرَةَ أَحْفَظُ مَنْ رَوَى الْحَدِيثَ فِي دَهْرِهِ، أَسْنَدَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي " الْمَدْخَلِ ". وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَتَرَحَّمُ عَلَيْهِ فِي جِنَازَتِهِ وَيَقُولُ: كَانَ يَحْفَظُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ حَدِيثَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، رَوَاهُ ابْنُ سَعْدٍ. وَفِي الصَّحِيحِ عَنْهُ قَالَ: «قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَسْمَعُ مِنْكَ حَدِيثًا أَنْسَاهُ، قَالَ: ابْسُطْ رِدَاءَكَ فَبَسَطْتُهُ. فَغَرَفَ بِيَدَيْهِ ثُمَّ قَالَ: ضُمَّهُ، فَمَا نَسِيتُ شَيْئًا بَعْدُ» . وَفِي " الْمُسْتَدْرَكِ «عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: كُنْتُ أَنَا وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَآخَرُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فَقَالَ: ادْعُوا فَدَعَوْتُ أَنَا وَصَاحِبِي وَأَمَّنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ دَعَا أَبُو هُرَيْرَةَ فَقَالَ: " اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِثْلَ مَا سَأَلَكَ صَاحِبَايَ وَأَسْأَلُكَ عِلْمًا لَا يُنْسَى "؛ فَأَمَّنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْنَا: وَنَحْنُ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَذَلِكَ، فَقَالَ: سَبَقَكُمَا الْغُلَامُ الدَّوْسِيُّ» . (ثُمَّ) عَبْدُ اللَّهِ (ابْنُ عُمَرَ) رَوَى أَلْفَيْ حَدِيثٍ وَسِتَّمِائَةٍ وَثَلَاثِينَ حَدِيثًا. (وَابْنُ عَبَّاسٍ) رَوَى أَلْفًا وَسِتَّمِائَةٍ وَسِتِّينَ حَدِيثًا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 676 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] (وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ) رَوَى أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةٍ وَأَرْبَعِينَ حَدِيثًا. (وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ) رَوَى أَلْفَيْنِ وَمِائَتَيْنِ وَسِتًّا وَثَمَانِينَ حَدِيثًا. (وَعَائِشَةُ) أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ رَوَتْ أَلْفَيْنِ وَمِائَتَيْنِ وَعَشَرَةً. وَلَيْسَ فِي الصَّحَابَةِ مَنْ يَزِيدُ حَدِيثُهُ عَلَى أَلْفٍ غَيْرِ هَؤُلَاءِ إِلَّا أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ؛ فَإِنَّهُ رَوَى أَلْفًا وَمِائَةً وَسَبْعِينَ حَدِيثًا. فَائِدَةٌ السَّبَبُ فِي قِلَّةِ مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ مَعَ تَقْدِيمِهِ وَسَبْقِهِ وَمُلَازَمَتِهِ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ تَقَدَّمَتْ وَفَاتُهُ قَبْلَ انْتِشَارِ الْحَدِيثِ، وَاعْتِنَاءِ النَّاسِ بِسَمَاعِهِ وَتَحْصِيلِهِ وَحِفْظِهِ، ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي تَهْذِيبِهِ. قَالَ: وَجُمْلَةُ مَا رُوِيَ لَهُ مِائَةُ حَدِيثٍ وَاثْنَانِ وَأَرْبَعُونَ حَدِيثًا. (وَأَكْثَرُهُمْ فُتْيَا تُرْوَى) عَنْهُ (ابْنُ عَبَّاسٍ) ؛ قَالَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ. (وَعَنْ مَسْرُوقٍ) أَنَّهُ (قَالَ: انْتَهَى عِلْمُ الصَّحَابَةِ إِلَى سِتَّةٍ: عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 677 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَأُبَيٍّ) ابْنِ كَعْبٍ، (وَزَيْدٍ) ابْنِ ثَابِتٍ، (وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، ثُمَّ انْتَهَى عِلْمُ السِّتَّةِ إِلَى عَلِيٍّ وَعَبْدِ اللَّهِ) ابْنِ مَسْعُودٍ. وَرَوَى الشَّعْبِيُّ عَنْهُ نَحْوَهُ أَيْضًا إِلَّا أَنَّهُ ذَكَرَ أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ بَدَلَ أَبِي الدَّرْدَاءِ. وَقَدِ اسْتُشْكِلَ بِأَنَّ أَبَا مُوسَى وَزَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ تَأَخَّرَتْ وَفَاتُهُمَا عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَعَلِيٍّ؛ فَكَيْفَ انْتَهَى عِلْمُ السِّتَّةِ إِلَى ابْنِ مَسْعُودٍ وَعَلِيٍّ؟ . قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ ضَمَّا عِلْمَهُمْ إِلَى عِلْمِهِمَا، وَإِنْ تَأَخَّرَتْ وَفَاةُ مَنْ ذَكَرَ. وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: كَانَ الْعِلْمُ يُؤْخَذُ عَنْ سِتَّةٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ عُمَرُ وَعَبْدُ اللَّهِ وَزَيْدٌ يُشْبِهُ عِلْمُ بَعْضِهِمْ بَعْضًا، وَكَانَ يَقْتَبِسُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ، وَكَانَ عَلِيٌّ وَالْأَشْعَرِيُّ وَأُبَيٌّ يُشْبِهُ عِلْمُ بَعْضِهِمْ بَعْضًا، وَكَانَ يَقْتَبِسُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ. وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ: أَكْثَرُ الصَّحَابَةِ فَتْوَى مُطْلَقًا سَبْعَةٌ: عُمَرُ، وَعَلِيٌّ، وَابْنُ مَسْعُودٍ، وَابْنُ عُمَرَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَعَائِشَةُ. قَالَ: وَيُمْكِنُ أَنْ يُجْمَعَ مِنْ فُتْيَا كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ مُجَلَّدٌ ضَخْمٌ. قَالَ: وَيَلِيهِمْ عِشْرُونَ: أَبُو بَكْرٍ، وَعُثْمَانُ، وَأَبُو مُوسَى، وَمُعَاذٌ، وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَأَنَسٌ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَسَلْمَانُ، وَجَابِرٌ، وَأَبُو سَعِيدٍ، وَطِلْحَةُ، وَالزُّبَيْرُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، وَعِمْرَانُ بْنُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 678 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] حُصَيْنٍ، وَأَبُو بَكْرَةَ، وَعُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ، وَمُعَاوِيَةُ، وَابْنُ الزُّبَيْرِ، وَأُمُّ سَلَمَةَ. قَالَ: وَيُمْكِنُ أَنْ يُجْمَعَ مِنْ فُتْيَا كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ صَغِيرٌ. قَالَ: وَفِي الصَّحَابَةِ نَحْوٌ مِنْ مِائَةٍ وَعِشْرِينَ نَفْسًا يُقِلُّونَ فِي الْفُتْيَا جِدًّا، لَا يُرْوَى عَنِ الْوَاحِدِ مِنْهُمْ إِلَّا الْمَسْأَلَةُ وَالْمَسْأَلَتَانِ وَالثَّلَاثُ، كَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَأَبِي طَلْحَةَ، وَالْمِقْدَادِ، وَسَرَدَ الْبَاقِينَ. (وَمِنَ الصَّحَابَةِ الْعَبَادِلَةُ، وَهُمْ) أَرْبَعَةٌ، عَبْدُ اللَّهِ (ابْنُ عُمَرَ) بْنُ الْخَطَّابِ، (وَ) عَبْدُ اللَّهِ (ابْنُ عَبَّاسٍ، وَ) عَبْدُ اللَّهِ (ابْنُ الزُّبَيْرِ، وَ) عَبْدُ اللَّهِ (ابْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَلَيْسَ ابْنُ مَسْعُودٍ مِنْهُمْ) قَالَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: لِأَنَّهُ تَقَدَّمَ مَوْتُهُ، وَهَؤُلَاءِ عَاشُوا حَتَّى احْتِيجَ إِلَى عِلْمِهِمْ؛ فَإِذَا اجْتَمَعُوا عَلَى شَيْءٍ فَقِيلَ: هَذَا قَوْلُ الْعَبَادِلَةِ. وَقِيلَ: هُمْ ثَلَاثَةٌ بِإِسْقَاطِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ الْجَوْهَرِيُّ فِي الصِّحَاحِ. وَأَمَّا مَا حَكَاهُ الْمُصَنِّفُ فِي تَهْذِيبِهِ عَنْهُ: أَنَّهُ ذَكَرَ ابْنَ مَسْعُودٍ، وَأَسْقَطَ ابْنَ الْعَاصِ فَوَهْمٌ. نَعَمْ وَقَعَ لِلرَّافِعِيِّ فِي الدِّيَاتِ، وَلِلزَّمَخْشَرِيِّ فِي الْمُفَصَّلِ، أَنَّ الْعَبَادِلَةَ: ابْنُ مَسْعُودٍ، وَابْنُ عُمَرَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَغَلَطَا فِي ذَلِكَ مِنْ حَيْثُ الِاصْطِلَاحِ. (وَكَذَا سَائِرُ مَنْ يُسَمَّى عَبْدَ اللَّهِ) مِنَ الصَّحَابَةِ لَا يُطْلَقُ عَلَيْهِمُ الْعَبَادِلَةُ (وَهُمْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 679 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] نَحْوُ مِائَتَيْنِ وَعِشْرِينَ) نَفْسًا، كَذَا قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ أَخْذًا مِنَ الِاسْتِيعَابِ، وَزَادَ عَلَيْهِ ابْنُ فَتْحُونٍ جَمَاعَةً يَبْلُغُونَ بِهِمْ نَحْوَ ثَلَاثِمِائَةِ رَجُلٍ. (قَالَ أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ) فِي جَوَابِ مَنْ قَالَ لَهُ: أَلَيْسَ يُقَالُ حَدِيثُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعَةُ آلَافِ حَدِيثٍ؟ [قَالَ] : وَمَنْ قَالَ ذَا، قَلْقَلَ اللَّهُ أَنْيَابَهُ، هَذَا قَوْلُ الزَّنَادِقَةِ، وَمَنْ يُحْصِي حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ ، (قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ مِائَةِ أَلْفٍ وَأَرْبَعَةَ عَشَرَ أَلْفًا مِنَ الصَّحَابَةِ مِمَّنْ رَوَى عَنْهُ وَسَمِعَ مِنْهُ) فَقِيلَ لَهُ: هَؤُلَاءِ أَيْنَ كَانُوا وَأَيْنَ سَمِعُوا؟ قَالَ: أَهْلُ الْمَدِينَةِ، وَأَهْلُ مَكَّةَ، وَمَنْ بَيْنَهُمَا، وَالْأَعْرَابُ، وَمَنْ شَهِدَ مَعَهُ حَجَّةَ الْوَدَاعِ، كُلٌّ رَآهُ وَسَمِعَ مِنْهُ بِعَرَفَةَ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَهَذَا الْقَوْلُ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ لَمْ أَقِفْ لَهُ عَلَى إِسْنَادٍ، وَلَا هُوَ فِي كُتُبِ التَّوَارِيخِ الْمَشْهُورَةِ؛ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ أَبُو مُوسَى الْمَدِينِيُّ فِي ذَيْلِهِ بِغَيْرِ إِسْنَادٍ. قُلْتُ: أَخْرَجَهُ الْخَطِيبُ بِإِسْنَادِهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الْقَاسِمِ الْأَزْهَرِيُّ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْدَانَ الْعُكْبَرِيِّ، ثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ جَعْفَرٍ، ثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْخَلَّالُ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ جَامِعٍ الرَّازِيُّ، سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ وَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: أَلَيْسَ يُقَالُ، فَذَكَرَهُ بِلَفْظِهِ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَقَرِيبٌ مِنْهُ مَا أَسْنَدَهُ الْمَدِينِيُّ عَنْهُ قَالَ: تُوُفِّيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ رَآهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 680 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَسَمِعَ مِنْهُ زِيَادَةٌ عَلَى مِائَةِ أَلْفِ إِنْسَانٍ مِنْ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ، وَهَذَا لَا تَحْدِيدَ فِيهِ، وَكَيْفَ يُمْكِنُ الِاطِّلَاعُ عَلَى تَحْرِيرِ ذَلِكَ مَعَ تَفَرُّقِ الصَّحَابَةِ فِي الْبُلْدَانِ وَالْبَوَادِي وَالْقُرَى، وَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ أَنَّ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ فِي قِصَّةِ تَخَلُّفِهِ عَنْ تَبُوكَ: وَأَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَثِيرٌ لَا يَجْمَعُهُمْ كِتَابٌ حَافِظٌ، يَعْنِي الدِّيوَانَ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: رَوَى السَّاجِيُّ فِي الْمَنَاقِبِ بِسَنَدٍ جَيِّدٍ عَنِ الشَّافِعِيِّ قَالَ: قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُسْلِمُونَ سِتُّونَ أَلْفًا، ثَلَاثُونَ أَلْفًا بِالْمَدِينَةِ، وَثَلَاثُونَ أَلْفًا فِي قَبَائِلِ الْعَرَبِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ. قَالَ: وَمَعَ هَذَا فَجَمِيعُ مَنْ صَنَّفَ فِي الصَّحَابَةِ لَمْ يَبْلُغْ مَجْمُوعُ مَا فِي تَصَانِيفِهِمْ عَشْرَةَ آلَافٍ، مَعَ كَوْنِهِمْ يَذْكُرُونَ مَنْ تُوُفِّيَ فِي حَيَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ عَاصَرَهُ، أَوْ أَدْرَكَهُ صَغِيرًا. (وَاخْتُلِفَ فِي عَدَدِ طَبَقَاتِهِمْ) بِاعْتِبَارِ السَّبْقِ إِلَى الْإِسْلَامِ، أَوِ الْهِجْرَةِ، أَوْ شُهُودِ الْمَشَاهِدِ الْفَاضِلَةِ؛ فَجَعَلَهُمُ ابْنُ سَعْدٍ خَمْسَ طَبَقَاتٍ، (وَجَعَلَهُمُ الْحَاكِمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ طَبَقَةً) : الْأُولَى: قَوْمٌ أَسْلَمُوا بِمَكَّةَ كَالْخُلَفَاءِ الْأَرْبَعَةِ. الثَّانِيَةُ: أَصْحَابُ دَارِ النَّدْوَةِ. الثَّالِثَةُ: مُهَاجِرَةُ الْحَبَشَةِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 681 الثَّالِثُ: أَفْضَلُهُمْ عَلَى الْإِطْلَاقِ أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا بِإِجْمَاعِ أَهْلِ السُّنَّةِ، ثمَ عُثْمَانُ ثُمَّ عَلِيٌّ؛ هَذَا قَوْلُ جُمْهُورِ أَهْلِ السُّنَّةِ. وَحَكَى الْخَطَّابِيُّ عَنْ أَهْلِ السُّنَّةِ مِنَ الْكُوفَةِ تَقْدِيمَ عَلِيٍّ عَلَى عُثْمَانَ، وَبِهِ قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ خُزَيْمَةَ؛ قَالَ أَبُو مَنْصُورٍ الْبَغْدَادِيُّ: أَصْحَابُنَا مَجْمِعُونَ عَلَى أَنَّ أَفْضَلَهُمُ الْخُلَفَاءُ الْأَرْبَعَةُ، ثُمَّ تَمَامُ الْعَشَرَةِ، ثُمَّ أَهْلُ بَدْرٍ، ثُمَّ أُحُدٍ، ثُمَّ بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ، وَمِمَّنْ لَهُمْ مَزِيَّةٌ أَهْلُ الْعَقَبَتَيْنِ مِنَ الْأَنْصَارِ، وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ، وَهُمْ مَنْ صَلَّى إِلَى الْقِبْلَتَيْنِ فِي قَوْلِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ وَطَائِفَةٍ، وَفِي قَوْلِ الشَّعْبِيِّ: أَهْلُ بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ، وَفِي قَوْلِ مُحَمِّدِ بْنِ كَعْبٍ وَعَطَاءٍ: أَهْلُ بَدْرٍ.   [تدريب الراوي] الرَّابِعَةُ: أَصْحَابُ الْعَقَبَةِ الْأُولَى. الْخَامِسَةُ: أَصْحَابُ الْعَقَبَةِ الثَّانِيَةِ، وَأَكْثَرُهُمْ مِنَ الْأَنْصَارِ. السَّادِسَةُ: أَوَّلُ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ وَصَلُوا إِلَيْهِ بِقِبَاءَ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ الْمَدِينَةَ. السَّابِعَةُ: أَهْلُ بَدْرٍ. الثَّامِنَةُ: الَّذِينَ هَاجَرُوا بَيْنَ بَدْرٍ وَالْحُدَيْبِيَةِ. التَّاسِعَةُ: أَهْلُ بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ. الْعَاشِرَةُ: مَنْ هَاجَرَ بَيْنَ الْحُدَيْبِيَةِ وَفَتْحِ مَكَّةَ؛ كَخَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ وَعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ. الْحَادِيَةُ عَشْرَةَ: مُسْلِمَةُ الْفَتْحِ. الثَّانِيَةُ عَشْرَةَ: صِبْيَانٌ وَأَطْفَالٌ رَأَوْهُ يَوْمَ الْفَتْحِ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَغَيْرِهَا. [الثَّالِثُ أَفْضَلُ الصَّحَابَةِ عَلَى الْإِطْلَاقِ أَبُو بَكْرٍ ثُمَّ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا بِإِجْمَاعِ أَهْلِ السُّنَّةِ] (الثَّالِثُ: أَفْضَلُهُمْ عَلَى الْإِطْلَاقِ أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا بِإِجْمَاعِ أَهْلِ السُّنَّةِ) . وَمِمَّنْ حَكَى الْإِجْمَاعَ عَلَى ذَلِكَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيُّ؛ قَالَ: وَلَا مُبَالَاةَ بِأَقْوَالِ أَهْلِ التَّشَيُّعِ وَلَا أَهْلِ الْبِدَعِ. وَكَذَلِكَ حَكَى الشَّافِعِيُّ إِجْمَاعَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ عَلَى ذَلِكَ، رَوَاهُ عَنْهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الِاعْتِقَادِ. وَحَكَى الْمَازِرِيُّ عَنِ الْخَطَّابِيَّةِ تَفْضِيلَ عُمَرَ، وَعَنِ الشِّيعَةِ تَفْضِيلَ عَلِيٍّ، وَعَنْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 682 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] الرَّاوَنْدِيَّةِ تَفْضِيلَ الْعَبَّاسِ، وَعَنْ بَعْضِهِمُ الْإِمْسَاكَ عَنِ التَّفْضِيلِ. وَحَكَى الْخَطَّابِيُّ عَنْ بَعْضِ مَشَايِخِهِ أَنَّهُ قَالَ: أَبُو بَكْرٍ خَيْرٌ، وَعَلِيٌّ أَفْضَلُ، وَهَذَا تَهَافُتٌ مِنَ الْقَوْلِ. وَحَكَى الْقَاضِي عِيَاضٌ: أَنَّ ابْنَ عَبْدِ الْبَرِّ وَطَائِفَةً ذَهَبُوا إِلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ فِي حَيَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْضَلُ مِمَّنْ بَقِيَ بَعْدَهُ؛ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَا شَهِيدٌ عَلَى هَؤُلَاءِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَهَذَا الْإِطْلَاقُ غَيْرُ مُرْضٍ وَلَا مَقْبُولٍ. (ثُمَّ عُثْمَانُ، ثُمَّ عَلِيٌّ؛ هَذَا قَوْلُ جُمْهُورِ أَهْلِ السُّنَّةِ) ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَكَافَّةُ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ، وَالْأَشْعَرِيُّ، وَالْبَاقِلَّانِيُّ، وَكَثِيرٌ مِنَ الْمُتَكَلِّمِينَ. لِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ: كُنَّا فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا نَعْدِلُ بِأَبِي بَكْرٍ أَحَدًا، ثُمَّ عُمَرَ، ثُمَّ عُثْمَانَ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِلَفْظٍ أَصْرَحَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي نَوْعِ الْمَرْفُوعِ. (وَحَكَى الْخَطَّابِيُّ عَنْ أَهْلِ السُّنَّةِ مِنَ الْكُوفَةِ تَقْدِيمَ عَلِيٍّ عَلَى عُثْمَانَ، وَبِهِ قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ خُزَيْمَةَ) ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَلَكِنَّ آخِرَ قَوْلَيْهِ مَا سَبَقَ. وَحُكِيَ عَنْ مَالِكٍ التَّوَقُّفُ بَيْنَهُمَا؛ حَكَاهُ الْمَازِرِيُّ عَنِ الْمُدَوَّنَةِ. وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: رَجَعَ مَالِكٌ عَنِ التَّوَقُّفِ إِلَى تَفْضِيلِ عُثْمَانَ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 683 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: وَهُوَ الْأَصَحُّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَتَوَقَّفَ أَيْضًا إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ. ثُمَّ التَّفْضِيلُ عِنْدَهُ، وَعِنْدَ الْبَاقِلَّانِيِّ، وَصَاحِبِ الْمُفْهِمِ ظَنِّيٌّ. وَقَالَ الْأَشْعَرِيُّ: قَطْعِيٌّ. (قَالَ أَبُو مَنْصُورٍ) عَبْدُ الْقَاهِرِ التَّمِيمِيُّ (الْبَغْدَادِيُّ أَصْحَابُنَا مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّ أَفْضَلَهُمُ الْخُلَفَاءُ الْأَرْبَعَةُ، ثُمَّ تَمَامُ الْعَشَرَةِ) الْمَشْهُودِ لَهُمْ بِالْجَنَّةِ؛ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، وَسَعِيدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ، وَطَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَالزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ. (ثُمَّ أَهْلُ بَدْرٍ) وَهُمْ ثَلَاثُمِائَةٍ وَبِضْعَةُ عَشَرَ؛ رَوَى ابْنُ مَاجَهْ «عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ: جَاءَ جِبْرِيلُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: مَا تَعُدُّونَ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا فِيكُمْ؟ قَالَ: خِيَارُنَا، قَالَ: كَذَلِكَ عِنْدَنَا هُمْ خِيَارُ الْمَلَائِكَةِ» . (ثُمَّ) أَهْلُ (أُحُدٍ، ثُمَّ) أَهْلُ (بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ) بِالْحُدَيْبِيَةِ؛ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَدْخُلُ النَّارَ أَحَدٌ مِمَّنْ بَايَعَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ» ، صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ. (وَمِمَّنْ لَهُ مَزِيَّةٌ: أَهْلُ الْعَقَبَتَيْنِ مِنَ الْأَنْصَارِ، وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ) مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، (وَهُمْ مَنْ صَلَّى إِلَى الْقِبْلَتَيْنِ فِي قَوْلِ) سَعِيدِ (بْنِ الْمُسَيَّبِ وَطَائِفَةٍ) ، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 684 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] مِنْهُمْ: ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ، وَابْنُ سِيرِينَ، وَقَتَادَةُ. (وَفِي قَوْلِ الشَّعْبِيِّ، أَهْلُ بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ، وَفِي قَوْلِ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ) الْقُرَظِيِّ (وَعَطَاءٍ) ابْنِ يَسَارٍ (أَهْلُ بَدْرٍ) ، رَوَى ذَلِكَ سُنَيْدٌ عَنْهُمَا، بِسَنَدٍ فِيهِ مَجْهُولٌ وَضَعِيفٌ، وَسُنَيْدٌ ضَعِيفٍ أَيْضًا. وَرَوَى الْقَوْلَيْنِ السَّابِقَيْنِ عَمَّنْ ذَكَرَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ فِي تَفْسِيرِهِ، وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ فِي سُنَنِهِ بِأَسَانِيدَ صَحِيحَةٍ. وَرَوَى سُنَيْدٌ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ إِلَى الْحَسَنِ أَنَّهُمْ مَنْ أَسَلَمَ قَبْلَ الْفَتْحِ. فَوَائِدُ الْأَوَّلُ: وَرَدَ فِي أَحَادِيثَ تَفْضِيلُ أَعْيَانٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، كُلُّ وَاحِدٍ فِي أَمْرٍ مَخْصُوصٍ. فَرَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا، «أَرْحَمُ أُمَّتِي بِأُمَّتِي أَبُو بَكْرٍ، وَأَشُدُّهُمْ فِي دِينِ اللَّهِ عُمَرُ، وَأَصْدَقُهُمْ حَيَاءً عُثْمَانُ، وَأَقْضَاهُمْ عَلِيٌّ، وَأَعْلَمُهُمْ بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَأَفْرَضُهُمْ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَأَقْرْؤُهُمْ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَلِكُلِّ أَمَةٍ أَمِينٌ؛ وَأَمِينُ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ» . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 685 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ حَدِيثَ: «أَفَرْضُكُمْ زَيْدٌ» ، وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ بِلَفْظِ: «أَفْرَضُ أُمَّتِي زَيْدٌ» . الثَّانِيَةُ: اخْتُلِفَ فِي التَّفْضِيلِ بَيْنَ فَاطِمَةَ وَعَائِشَةَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ: ثَالِثُهَا الْوَقْفُ. وَالْأَصَحُّ تَفْضِيلُ فَاطِمَةَ، فَهِيَ بَضْعَةٌ مِنْهُ، وَقَدْ صَحَّحَهُ السُّبْكِيُّ فِي الْحَلَبِيَّاتِ، وَبَالَغَ فِي تَصْحِيحِهِ. وَفِي الصَّحِيحِ فِي فَاطِمَةَ: «سَيِّدَةُ نِسَاءِ هَذِهِ الْأُمَّةِ» . وَرَوَى النَّسَائِيُّ عَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «هَذَا مَلَكٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ اسْتَأْذَنَ رَبَّهُ لِيُسَلِّمَ عَلَيَّ، يُبَشِّرُنِي أَنَّ حَسَنًا وَحُسَيْنًا سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَأُمَّهُمَا سَيِّدَةُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ» . وَفِي مُسْنَدِ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي أُسَامَةَ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ، لَكِنَّهُ مُرْسَلٌ: «مَرْيَمُ خَيْرُ نِسَاءِ عَالَمِهَا، وَفَاطِمَةُ خَيْرُ نِسَاءِ عَالَمِهَا» . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 686 الرَّابِعُ: قِيلَ أَوَّلُهُمْ إِسْلَامًا أَبُو بَكْرٍ، وَقِيلَ: عَلِيٌّ. وَقِيلَ زَيْدٌ، وَقِيلَ خَدِيجَةُ وَهُوَ الصَّوَابُ عِنْدَ جَمَاعَةٍ مِنَ الْمُحَقِّقِينَ، وَادَّعَى الثَّعْلَبِيُّ فِيهِ الْإِجْمَاعَ وَأَنَّ الْخِلَافَ فِيمَنْ بَعْدَهَا. وَالْأَوْرَعُ أَنْ يُقَالَ: مِنَ الرِّجَالِ الْأَحْرَارِ: أَبُو بَكْرٍ، وَمِنَ الصِّبْيَانِ: عَلِيٌّ، وَمِنَ النِّسَاءِ: خَدِيجَةُ، وَمِنَ الْمَوَالِي: زَيْدٌ، وَمِنَ الْعَبِيدِ: بِلَالٌ، وَآخِرُهُمْ مَوْتًا: أَبُو الطُّفَيْلِ مَاتَ سَنَةَ مِائَةٍ، وَآخِرُهُمْ قَبْلَهُ: أَنَسٌ.   [تدريب الراوي] وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مَوْصُولًا مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ بِلَفْظِ: «خَيْرُ نِسَائِهَا مَرْيَمُ، وَخَيْرُ نِسَائِهَا فَاطِمَةُ» . قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: وَالْمُرْسَلُ يُفَسِّرُ الْمُتَّصِلَ. الثَّالِثَةُ: أَفْضَلُ أَزْوَاجِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَدِيجَةُ، وَعَائِشَةُ. وَفِي التَّفْضِيلِ بَيْنَهُمَا أَوْجُهٌ حَكَاهَا الْمُصَنِّفُ فِي الرَّوْضَةِ. ثَالِثُهَا: الْوَقْفُ. وَاخْتَارَ السُّبْكِيُّ فِي الْحَلَبِيَّاتِ تَفْضِيلَ خَدِيجَةَ، ثُمَّ عَائِشَةَ، ثُمَّ حَفْصَةَ، ثُمَّ الْبَاقِيَاتُ سَوَاءٌ. [الرَّابِعُ أول الصحابة إسلاما] (الرَّابِعُ: قِيلَ أَوَّلُهُمْ إِسْلَامًا أَبُو بَكْرٍ) الصِّدِّيقُ؛ قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَحَسَّانُ، وَالشَّعْبِيُّ، وَالنَّخَعِيُّ فِي آخَرِينَ. وَيَدُلُّ لَهُ مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ «عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ فِي قِصَّةِ إِسْلَامِهِ، وَقَوْلُهُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ مَعَكَ عَلَى هَذَا؟ قَالَ: حُرٌّ وَعَبْدٌ، قَالَ: وَمَعَهُ يَوْمَئِذٌ أَبُو بَكْرٍ وَبِلَالٌ مِمَّنْ آمَنَ بِهِ» . وَرَوَى الْحَاكِمُ فِي " الْمُسْتَدْرَكِ " مِنْ رِوَايَةِ مُجَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: سُئِلَ الشَّعْبِيُّ: مَنْ أَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ؟ فَقَالَ: أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَ حَسَّانَ: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 687 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] إِذَا تَذَكَّرْتُ شَجْوًا مِنْ أَخِي ثِقَةٍ ... فَاذْكُرْ أَخَاكَ أَبَا بَكْرٍ بِمَا فَعَلَا خَيْرَ الْبَرِيَّةِ أَتْقَاهَا وَأَعْدَلَهَا ... بَعْدَ النَّبِيِّ وَأَوْفَاهَا بِمَا حَمَلَا وَالثَّانِيَ التَّالِيَ الْمَحْمُودَ مَشْهَدُهُ ... وَأَوَّلَ النَّاسِ مِنْهُمْ صَدَّقَ الرُّسُلَا وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، فَذَكَرَهُ. وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَلَسْتُ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ؟ ، الْحَدِيثَ. (وَقِيلَ: عَلِيٌّ) ابْنُ أَبِي طَالِبٍ، رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَبِسَنَدٍ ضَعِيفٍ عَنْهُ مَرْفُوعًا. وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْهُ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى مَوْقُوفًا. وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ فِيهِ إِسْمَاعِيلُ السُّدِّيُّ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ وَسَلْمَانَ قَالَا: «أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِ عَلَيٍّ؛ فَقَالَ: إِنَّ هَذَا أَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِي» ، وَرَوَاهُ أَيْضًا عَنْ سَلْمَانَ. وَرَوَى أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ بِسَنَدٍ فِيهِ مَجْهُولٌ وَانْقِطَاعٌ عَنْ عَلِيٍّ مَرْفُوعًا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 688 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَرُوِيَ بِسَنَدٍ آخَرَ عَنْهُ قَالَ: " أَنَا أَوَّلُ مَنْ صَلَّى ". وَرُوِيَ ذَلِكَ أَيْضًا عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، وَالْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ، وَأَبِي أَيُّوبَ، وَأَنَسٍ، وَيَعْلَى بْنِ مُرَّةَ، وَعَفِيفٍ الْكِنْدِيِّ، وَخُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ، وَخَبَّابِ بْنِ الْأَرَتِّ، وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ. وَرَوَى الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ مِنْ رِوَايَةِ مُسْلِمٍ الْمُلَائِيِّ قَالَ: نُبِّئَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ الِاثْنَيْنِ، وَأَسْلَمَ عَلِيٌّ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ. وَادَّعَى الْحَاكِمُ إِجْمَاعَ أَهْلِ التَّارِيخِ عَلَيْهِ، وَنُوزِعَ فِي ذَلِكَ. وَقَالَ كَعْبُ بْنُ زُهَيْرٍ فِي قَصِيدَةٍ يَمْدَحُهُ فِيهَا: إِنَّ عَلِيًّا لِمَيْمُونٌ نَقِيبَتُهُ ... بِالصَّالِحَاتِ مِنَ الْأَعْمَالِ مَشْهُورُ صِهْرُ النَّبِيِّ وَخَيْرُ النَّاسِ مُفْتَخِرًا ... فَكُلُّ مَنْ رَامَهُ بِالْفَخْرِ مَفْخُورُ صَلَّى الطَّهُورَ مَعَ الْأُمِّيِّ أَوَّلَهُمْ ... قَبْلَ الْمَعَادِ وَرَبُّ النَّاسِ مَكْفُورُ (وَقِيلَ: زَيْدُ) بْنُ حَارِثَةَ قَالَهُ الزُّهْرِيُّ. (وَقِيلَ: خَدِيجَةُ) أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ. قَالَ الْمُصَنِّفُ زِيَادَةً عَلَى ابْنِ الصَّلَاحِ: (وَهُوَ الصَّوَابُ عِنْدَ جَمَاعَةٍ مِنَ الْمُحَقِّقِينَ) . وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالزُّهْرِيِّ أَيْضًا، وَهُوَ قَوْلُ قَتَادَةَ وَابْنِ إِسْحَاقَ (وَادَّعَى الثَّعْلَبِيُّ فِيهِ الْإِجْمَاعَ وَأَنَّ الْخِلَافَ فِيمَنْ بَعْدَهَا) . وَرَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ، وَالطَّبَرَانِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ خَدِيجَةَ أَوَّلُ مَنْ آمَنَ ثُمَّ عَلِيٌّ بَعْدَهَا، ثُمَّ ذَكَرَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 689 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] أَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَوَّلُ مَنْ أَظْهَرَ إِسْلَامَهُ. ثُمَّ رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ أَنَّ عَلِيًّا أَخْفَى إِسْلَامَهُ مِنْ أَبِي طَالِبٍ، وَأَظْهَرَ أَبُو بَكْرٍ إِسْلَامَهُ، وَلِذَلِكَ شُبِّهَ عَلَى النَّاسِ. وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: «صَلَّى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غَدَاةَ الِاثْنَيْنِ، وَصَلَّتْ خَدِيجَةُ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ مِنْ آخِرِ النَّهَارِ، وَصَلَّى عَلِيٌّ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ» . وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: أَوَّلُ مَنْ آمَنَ خَدِيجَةُ، ثُمَّ عَلِيٌّ، ثُمَّ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ، ثُمَّ أَبُو بَكْرٍ فَأَظْهَرَ إِسْلَامَهُ، وَدَعَا إِلَى اللَّهِ فَأَسْلَمَ بِدُعَائِهِ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، وَالزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، وَطَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ ; فَكَانَ هَؤُلَاءِ الثَّمَانِيَةَ الَّذِينَ سَبَقُوا إِلَى الْإِسْلَامِ. وَذَكَرَ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ: أَنَّ خَالِدَ بْنَ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ أَسْلَمَ قَبْلَ عَلِيٍّ. وَقَالَ غَيْرُهُ: إِنَّهُ أَوَّلُهُمْ إِسْلَامًا. وَحَكَى الْمَسْعُودِيُّ قَوْلًا: أَنَّ أَوَّلَهُمْ خَبَّابُ بْنُ الْأَرَتِّ، وَعَنْ آخَرَ أَنَّ أَوَّلَهُمْ بِلَالٌ. وَنَقَلَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي أَعْلَامِ النُّبُوَّةِ عَنِ ابْنِ قُتَيْبَةَ: أَنَّ أَوَّلَ مَنْ آمَنَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَسْعَدَ الْحِمْيَرِيُّ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 690 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَنَقَلَ ابْنُ سَبْعٍ فِي الْخَصَائِصِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّهُ قَالَ: كُنْتُ أَوَّلَهُمْ إِسْلَامًا. وَقَالَ الْعِرَاقِيُّ: يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إِنَّ أَوَّلَ مَنْ آمَنَ مِنَ الرِّجَالِ وَرَقَةُ بْنُ نَوْفَلٍ، لِحَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ فِي بَدْءِ الْوَحْيِ. قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ وَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ (وَالْأَوْرَعُ أَنْ يُقَالَ:) أَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ (مِنَ الرِّجَالِ الْأَحْرَارِ أَبُو بَكْرٍ، وَمِنَ الصِّبْيَانِ عَلِيٌّ، وَمِنَ النِّسَاءِ خَدِيجَةُ، وَمِنَ الْمَوَالِي زَيْدٌ، وَمِنَ الْعَبِيدِ بِلَالٌ) . قَالَ الْبَرْمَاوِيُّ: وَيُحْكَى هَذَا الْجَمْعُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ [قُلْتُ: أَخْرَجَ عَنْهُ الْحَاكِمُ] . قَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ: وَأَوَّلُ امْرَأَةٍ أَسْلَمَتْ بَعْدَ خَدِيجَةَ لُبَابَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ زَوْجَةُ الْعَبَّاسِ. (وَآخِرُهُمْ) أَيِ الصَّحَابَةِ (مَوْتًا) مُطْلَقًا (أَبُو الطُّفَيْلِ) عَامِرُ بْنُ وَاثِلَةَ اللِّيثِيُّ (مَاتَ سَنَةَ مِائَةٍ) مِنَ الْهِجْرَةِ. قَالَهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ، وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ عَنْ خَلِيفَةَ بْنِ خَيَّاطٍ. وَقَالَ خَلِيفَةُ فِي غَيْرِ رِوَايَةِ الْحَاكِمِ: إِنَّهُ تَأَخَّرَ بَعْدَ الْمِائَةِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 691 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَقِيلَ: مَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَمِائَةٍ، قَالَهُ مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرِيُّ. وَجَزَمَ ابْنُ حِبَّانَ وَابْنُ قَانِعٍ وَأَبُو زَكَرِيَّا بْنُ مَنْدَهْ أَنَّهُ مَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَمِائَةٍ. وَقَالَ وَهْبُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ عَنْ أَبِيهِ: كُنْتُ بِمَكَّةَ سَنَةَ عَشْرٍ وَمِائَةٍ، فَرَأَيْتُ جِنَازَةً فَسَأَلْتُ عَنْهَا. فَقَالُوا: هَذَا أَبُو الطُّفَيْلِ. وَصَحَّحَ الذَّهَبِيُّ أَنَّهُ سَنَةَ عَشْرٍ، وَأَمَّا كَوْنُهُ آخِرَ الصَّحَابَةِ مَوْتًا مُطْلَقًا، فَجَزَمَ بِهِ مُسْلِمٌ وَمُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ، وَابْنُ مَنْدَهْ وَالْمِزِّيُّ فِي آخَرِينَ. وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ «عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَا عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ رَجُلٌ رَآهُ غَيْرِي» . قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَمَا حَكَاهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، عَنِ ابْنِ دُرَيْدٍ مِنْ أَنْ عِكْرَاشَ بْنَ ذُؤَيْبٍ تَأَخَّرَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَأَنَّهُ عَاشَ بَعْدَ الْجَمَلِ مِائَةَ سَنَةٍ. فَهَذَا بَاطِلٌ لَا أَصْلَ لَهُ، وَالَّذِي أَوْقَعَ ابْنَ دُرَيْدٍ فِي ذَلِكَ ابْنُ قُتَيْبَةَ ; فَقَدْ سَبَقَهُ إِلَى ذَلِكَ، وَهُوَ إِمَّا بَاطِلٌ أَوْ مُؤَوَّلٌ بِأَنَّهُ اسْتَكْمَلَ الْمِائَةَ بَعْدَ الْجَمَلِ، لَا أَنَّهُ بَقِيَ بَعْدَهَا مِائَةَ سَنَةٍ. وَأَمَّا قَوْلُ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ: إِنْ آخِرَهُمْ مَوْتًا سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ ; فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 692 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] بِالْمَدِينَةِ، وَأَخَذَهُ مِنْ قَوْلِ سَهْلٍ: لَوْ مُتَّ لَمْ تَسْمَعُوا أَحَدًا يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِنَّمَا كَانَ خِطَابُهُ بِهَذَا لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ. (وَآخِرُهُمْ) مَوْتًا (قَبْلَهُ أَنَسُ) بْنُ مَالِكٍ، مَاتَ بِالْبَصْرَةِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَتِسْعِينَ. وَقِيلَ: اثْنَتَيْنِ. وَقِيلَ: إِحْدَى. وَقِيلَ: تِسْعِينَ. وَهُوَ آخِرُ مَنْ مَاتَ بِهَا. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: لَا أَعْلَمُ أَحَدًا مَاتَ بَعْدَهُ مِمَّنْ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَّا أَبَا الطُّفَيْلِ. وَقَالَ الْعِرَاقِيُّ: بَلْ مَاتَ بَعْدَهُ مَحْمُودُ بْنُ الرَّبِيعِ بِلَا خِلَافٍ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَتِسْعِينَ، وَقَدْ رَآهُ وَحَدَّثَ عَنْهُ كَمَا فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ. وَكَذَا تَأَخَّرَ بَعْدَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُسْرٍ الْمَازِنِيُّ فِي قَوْلِ مَنْ قَالَ: وَفَاتُهُ سَنَةَ سِتٍّ وَتِسْعِينَ. وَآخِرُ الصَّحَابَةِ مَوْتًا بِالْمَدِينَةِ سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ الْأَنْصَارِيُّ، قَالَهُ: ابْنُ الْمَدِينِيُّ، وَالْوَاقِدَيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَابْنُ قَانِعٍ، وَابْنُ مَنْدَهْ. وَادَّعَى ابْنُ سَعْدٍ نَفْيَ الْخِلَافِ فِيهِ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَمَانِينَ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 693 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَقِيلَ: إِحْدَى وَتِسْعِينَ. وَقَالَ قَتَادَةُ: بَلْ مَاتَ بِمِصْرَ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي دَاوُدَ: بِالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ. وَقِيلَ: السَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ، قَالَهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ سَنَةَ ثَمَانِينَ. وَقِيلَ: جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَهُ قَتَادَةُ وَغَيْرُهُ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَهُوَ قَوْلٌ ضَعِيفٌ، لِأَنَّ السَّائِبَ مَاتَ بِالْمَدِينَةِ بِلَا خِلَافٍ، وَقَدْ تَأَخَّرَ بَعْدَهُ. وَقِيلَ مَاتَ بِقُبَاءٍ. وَقِيلَ: بِمَكَّةَ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ، وَقِيلَ: ثَلَاثٍ، وَقِيلَ: أَرْبَعٍ، وَقِيلَ: سَبْعٍ، وَقِيلَ: ثَمَانٍ، وَقِيلَ: تَسْعٍ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَقَدْ تَأَخَّرَ بَعْدَ الثَّلَاثَةِ مَحْمُودُ بْنُ الرَّبِيعِ الَّذِي عَقَلَ الْمَجَّةَ، وَتُوُفِّيَ بِهَا سَنَةَ تِسْعٍ وَتِسْعِينَ ; فَهُوَ إِذًا آخِرُ الصَّحَابَةِ مَوْتًا بِهَا. وَآخِرُهُمْ بِمَكَّةَ، تَقَدَّمَ أَنَّهُ أَبُو الطُّفَيْلِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمَدِينِيِّ وَابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُمَا. وَقِيلَ: جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَهُ ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، وَالْمَشْهُورُ وَفَاتُهُ بِالْمَدِينَةِ. وَقِيلَ: ابْنُ عُمَرَ، قَالَهُ قَتَادَةُ، وَأَبُو الشَّيْخِ ابْنُ حِبَّانَ، وَمَاتَ سَنَةَ ثَلَاثٍ، وَقِيلَ: أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 694 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَآخِرُهُمْ بِالْكُوفَةِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أَوْفَى، مَاتَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِينَ، وَقِيلَ: سَبْعٍ، وَقِيلَ: ثَمَانٍ. وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: أَبُو جُحَيْفَةَ. وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ فَإِنَّهُ مَاتَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَثَمَانِينَ. وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي وَفَاةِ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ، فَقِيلَ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَمَانِينَ، وَقِيلَ: سَنَةَ ثَمَانٍ وَتِسْعِينَ. فَإِنْ صَحَّ الثَّانِي فَهُوَ آخِرُهُمْ مَوْتًا بِهَا، وَابْنُ أَبِي أَوْفَى آخِرُ مَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِ بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ. وَآخِرُهُمْ بِالشَّامِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُسْرٍ الْمَازِنِيُّ، قَالَهُ خَلَائِقُ. وَمَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَمَانِينَ. وَقِيلَ: سِتٍّ وَتِسْعِينَ، وَهُوَ آخِرُ مَنْ مَاتَ مِمَّنْ صَلَّى لِلْقِبْلَتَيْنِ. وَقِيلَ: آخِرُهُمْ بِالشَّامِ أَبُو أُمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ، قَالَهُ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَابْنُ عُيَيْنَةَ. وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ. فَوَفَاتُهُ سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِينَ ; وَقِيلَ: إِحْدَى وَثَمَانِينَ. وَحَكَى الْخَلِيلِيُّ فِي الْإِرْشَادِ الْقَوْلَيْنِ بِلَا تَرْجِيحٍ، ثُمَّ قَالَ: وَرَوَى بَعْضُ أَهْلِ الشَّامِ أَنَّهُ أَدْرَكَ رَجُلًا بَعْدَهُمَا يُقَالُ لَهُ الْهَدَّارُ، رَأَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ مَجْهُولٌ اه. وَقِيلَ: آخِرُهُمْ بِالشَّامِ وَاثِلَةُ بْنُ الْأَسْقَعِ، قَالَهُ أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ مَنْدَهْ وَمَوْتُهُ بِدِمَشْقَ، وَقِيلَ: بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ. وَقِيلَ: بِحِمْصٍ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَمَانِينَ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 695 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَقِيلَ: ثَلَاثٍ، وَقِيلَ: سِتٍّ. وَآخِرُهُمْ بِحِمْصٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُسْرٍ. وَآخِرُهُمْ بِالْجَزِيرَةِ الْعُرْسُ بْنُ عَمِيرَةَ الْكِنْدِيُّ. وَآخِرُهُمْ بِفِلَسْطِينَ أَبُو أُبَيٍّ عَبْدُ بْنُ حَرَامٍ، رَبِيبُ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ. وَقِيلَ: مَاتَ بِدِمَشْقَ. وَقِيلَ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ. وَآخِرُهُمْ بِمِصْرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ جَزْءٍ الزُّبَيْدِيُّ، مَاتَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِينَ. وَقِيلَ: خَمْسٍ، وَقِيلَ: سَبْعٍ، وَقِيلَ: ثَمَانٍ، وَقِيلَ: تِسْعٍ، قَالَهُ الطَّحَاوِيُّ. وَكَانَتْ وَفَاتُهُ بِسَفْطِ الْقُدُورِ، وَتُعْرَفُ الْآنَ بِسَفْطِ أَبِي تُرَابٍ. وَقِيلَ بِالْيَمَامَةِ. وَقِيلَ: إِنَّهُ شَهِدَ بَدْرًا، وَلَا يَصِحُّ، فَعَلَى هَذَا هُوَ آخِرُ الْبَدْرِيِّينَ مَوْتًا. وَآخِرُهُمْ بِالْيَمَامَةِ الْهِرْمَاسُ بْنُ زِيَادٍ الْبَاهِلِيُّ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَمِائَةٍ أَوْ مِائَةٍ أَوْ بَعْدَهَا. وَآخِرُهُمْ بِبَرْقَةَ رُوَيْفِعُ بْنُ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيُّ. وَقِيلَ بِإِفْرِيقِيَّةَ، وَقِيلَ: بِأَنْطَابُلُسَ، وَقِيلَ: بِالشَّامِ. وَمَاتَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ، وَقِيلَ: سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّينَ. وَآخِرُهُمْ بِالْبَادِيَةِ سَلَمَةُ بْنُ الْأَكْوَعِ. قَالَهُ أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ مَنْدَهْ. وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ مَاتَ بِالْمَدِينَةِ. وَمَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ، وَقِيلَ: أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ، وَهَذَا آخِرُ مَا ذَكَرَهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 696 الْخَامِسُ: لَا يُعْرَفُ أَبٌ وَابْنُهُ شَهِدَا بَدْرًا إِلَّا مَرْثَدٌ وَأَبُوهُ، وَلَا سَبْعَةُ إِخْوَةٍ صَحَابَةٌ مُهَاجِرُونَ إِلَّا بَنُو مُقَرِّنٍ وَسَيَأْتُونَ فِي الْإِخْوَةِ. وَلَا أَرْبَعَةٌ أَدْرَكُوا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُتَوَالِدُونَ إِلَّا: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي قُحَافَةَ، وَإِلَّا: أَبُو عَتِيقٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي قُحَافَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ.   [تدريب الراوي] ابْنُ الصَّلَاحِ. وَآخِرُهُمْ بِخُرَاسَانَ بُرَيْدَةُ بْنُ الْحَصِيبِ. وَآخِرُهُمْ بِسِجِّسْتَانَ الْعَدَّاءُ بْنُ خَالِدِ بْنِ هَوْذَةَ، ذَكَرَهُمَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ مَنْدَهْ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَفِي بُرَيْدَةَ نَظَرٌ. فَإِنَّ وَفَاتَهُ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ، وَقَدْ تَأَخَّرَ بَعْدَهُ أَبُو بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيُّ، وَمَاتَ بِهَا سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ. وَآخِرُهُمْ بِالطَّائِفِ ابْنُ عَبَّاسٍ. وَآخِرُهُمْ بِأَصْبَهَانَ النَّابِغَةُ الْجَعْدِيُّ. قَالَهُ أَبُو الشَّيْخِ وَأَبُو نُعَيْمٍ. وَآخِرُهُمْ بِسَمَرْقَنْدَ قُثَمُ بْنُ الْعَبَّاسِ. [الْخَامِسُ لَا يُعْرَفُ أَبٌ وَابْنُهُ شَهِدَا بَدْرًا إِلَّا مَرْثَدٌ وَأَبُوهُ] (الْخَامِسُ: لَا يُعْرَفُ أَبٌ وَابْنُهُ شَهِدَا بَدْرًا إِلَّا مَرْثَدٌ وَأَبُوهُ) أَبُو مَرْثَدِ بْنُ الْحُصَيْنِ الْغَنَوِيُّ. قُلْتُ: أَغْرَبُ مِنْ هَذَا مَا أَخْرَجَهُ الْبَغَوِيُّ فِي مُعْجَمِ الصَّحَابَةِ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ هَانِئٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ أَنَّ: مَعْنَ بْنَ يَزِيدَ بْنِ الْأَخْنَسِ السُّلَمِيَّ شَهِدَ هُوَ وَأَبُوهُ وَجَدُّهُ بَدْرًا. قَالَ: وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا شَهِدَ هُوَ وَابْنُهُ وَابْنُ ابْنِهِ بَدْرًا مُسْلِمِينَ إِلَّا الْأَخْنَسَ. وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: لَا نَعْرِفُ سَبْعَةَ إِخْوَةٍ شَهِدُوا بَدْرًا مُسْلِمِينَ إِلَّا بَنُو الجزء: 2 ¦ الصفحة: 697 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] عَفْرَاءَ: مُعَاذٌ، وَمُعَوِّذٌ، وَإِيَاسٌ، وَخَالِدٌ، وَغَافِلٌ، وَعَامِرٌ، وَعَوْفٌ. قَالَ: وَلَمْ يَشْهَدْهَا مُؤْمِنٌ ابْنُ مُؤْمِنَيْنِ إِلَّا عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ. قَالَ: وَمِنْ غَرِيبِ ذَلِكَ: امْرَأَةٌ لَهَا أَرْبَعَةُ إِخْوَةٍ وَعَمَّانِ شَهِدُوا بَدْرًا، أَخَوَانِ وَعَمٌّ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَأَخَوَانِ وَعَمٌّ مَعَ الْمُشْرِكِينَ، وَهِيَ أُمُّ أَبَانَ بِنْتُ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، أَخَوَاهَا الْمُسْلِمَانِ أَبُو حُذَيْفَةَ بْنُ عُتْبَةَ وَمُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ، وَالْعَمُّ الْمُسْلِمُ مَعْمَرُ بْنُ الْحَارِثِ ; وَأَخَوَاهَا الْمُشْرِكَانِ الْوَلِيدُ بْنُ عُتْبَةَ وَأَبُو عَزِيزٍ، وَالْعَمُّ الْمُشْرِكُ شَيْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ. (وَلَا) يُعْرَفُ (سَبْعَةُ إِخْوَةٍ صَحَابَةٌ مُهَاجِرُونَ إِلَّا بَنُو مُقَرَّنٍ وَسَيَأْتُونَ) فِي النَّوْعِ الثَّالِثِ وَالْأَرْبَعِينَ (فِي الْإِخْوَةِ) ، وَهُنَاكَ ذَكَرَهُمُ ابْنُ الصَّلَاحِ، وَيَأْتِي مَا عَلَيْهِ مِنِ اعْتِرَاضٍ، فَإِنَّ أَوْلَادَ الْحَارِثِ بْنِ قَيْسٍ السَّهْمِيِّ كُلَّهُمْ صَحِبُوا وَهَاجَرُوا وَهُمْ سَبْعَةٌ أَوْ تِسْعَةٌ. (وَلَا أَرْبَعَةٌ أَدْرَكُوا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُتَوَالِدُونَ إِلَّا عَبْدُ اللَّهِ ابْنُ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ) الصِّدِّيقِ (ابْنِ أَبِي قُحَافَةَ، وَإِلَّا أَبُو عَتِيقٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي قُحَافَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -) قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ حَجَرٍ: وَقَدْ ذَكَرُوا أَنَّ أُسَامَةَ وُلِدَ لَهُ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَلَى هَذَا يَكُونُ كَذَلِكَ، إِذْ حَارِثَةُ وَالِدُ زَيْدٍ صَحَابِيٌّ، كَمَا جَزَمَ بِهِ الْمُنْذِرِيُّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 698 النَّوْعُ الْأَرْبَعُونَ: مَعْرِفَةُ التَّابِعِينَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - هُوَ وَمَا قَبْلَهُ أَصْلَانِ عَظِيمَانِ ; بِهِمَا يُعْرَفُ الْمُرْسَلُ، وَالْمُتَّصِلُ. وَاحِدُهُمْ: تَابِعِيٌّ وَتَابِعٌ، قِيلَ: هُوَ مَنْ صَحِبَ الصَّحَابِيَّ، وَقِيلَ: مَنْ لَقِيَهُ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ. قَالَ الْحَاكِمُ: هُمْ خَمْسَ عَشْرَةَ طَبَقَةً. الْأُولَى: مَنْ أَدْرَكَ الْعَشَرَةَ. قَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، وَابْنُ الْمُسَيَّبِ وَغَيْرُهُمَا. وَغَلِطَ فِي ابْنِ الْمُسَيَّبِ فَإِنَّهُ وُلِدَ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ وَلَمْ يَسْمَعْ أَكْثَرَ الْعَشَرَةِ، وَقِيلَ لَمْ يَصِحَّ سَمَاعُهُ مِنْ غَيْرِ سَعْدٍ. وَأَمَّا قَيْسٌ فَسَمِعَهُمْ وَرَوَى عَنْهُمْ وَلَمْ يُشَارِكْهُ فِي هَذَا أَحَدٌ، وَقِيلَ: لَمْ يَسْمَعْ عَبْدَ الرَّحْمَنِ. وَيَلِيهِمُ الَّذِينَ وُلِدُوا فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ أَوْلَادِ الصَّحَابَةِ. وَمِنَ التَّابِعِينَ: الْمُخَضْرَمُونَ، وَاحِدُهُمْ: مُخَضْرَمٌ " بِفَتْحِ الرَّاءِ "، وَهُوَ الَّذِي أَدْرَكَ الْجَاهِلِيَّةَ وَزَمَنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَسْلَمَ وَلَمْ يَرَهُ، وَعَدَّهُمْ مُسْلِمٌ عِشْرِينَ نَفْسًا. وَهُمْ أَكْثَرُ، وَمِمَّنْ لَمْ يَذْكُرْهُ: أَبُو مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِيُّ وَالْأَحْنَفُ. وَمِنْ أَكَابِرِ التَّابِعِينَ: الْفُقَهَاءُ السَّبَعَةُ: ابْنُ الْمُسَيَّبِ، وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَعُرْوَةُ، وَخَارِجَةُ بْنُ زَيْدٍ، وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُتْبَةَ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ، وَجَعَلَ ابْنُ الْمُبَارَكِ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بَدَلَ أَبِي سَلَمَةَ، وَجَعَلَ أَبُو الزِّنَادِ بَدَلَهُمَا أَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. وَعَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ: أَفْضَلُ التَّابِعِينَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ، قِيلَ: فَعَلْقَمَةُ وَالْأَسْوَدُ؟ فَقَالَ: هُوَ وَهُمَا. وَعَنْهُ: لَا أَعْلَمُ فِيهِمْ مِثْلَ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ وَقَيْسٍ. وَعَنْهُ: أَفْضَلُهُمْ قَيْسٌ، وَأَبُو عُثْمَانَ، وَعَلْقَمَةُ، وَمَسْرُوقٌ. وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ خَفِيفٍ: أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَقُولُونَ: أَفْضَلُ التَّابِعِينَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ، وَأَهْلُ الْكُوفَةِ: أُوَيْسٌ، وَالْبَصْرَةِ: الْحَسَنُ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي دَاوُدَ: سَيِّدَتَا التَّابِعِيَّاتِ: حَفْصَةُ بِنْتُ سِيرِينَ، وَعَمْرَةُ بِنْتُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَتَلِيهِمَا أُمُّ الدَّرْدَاءِ، وَقَدْ عَدَّ قَوْمٌ طَبَقَةً فِي التَّابِعِينَ، وَلَمْ يَلْقَوُا الصَّحَابَةَ، وَطَبَقَةً وَهُمْ صَحَابَةٌ. فَلْيُتَفَطَّنْ لِذَلِكَ.   [تدريب الراوي] فِي مُخْتَصَرِ مُسْلِمٍ، وَحَدِيثُ إِسْلَامِهِ فِي مُسْتَدْرَكِ الْحَاكِمِ، وَكَذَا زَيْدٌ وَأُسَامَةُ. قَالَ: وَكَذَا إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْأَكْوَعِ الْأَرْبَعَةُ ذُكِرُوا فِي الصَّحَابَةِ، وَطَلْحَةُ بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ جَاهِمَةَ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ مِرْدَاسٍ فِي أَمْثِلَةٍ أُخْرَى لَا تَصِحُّ. فَوَائِدُ: لَيْسَ فِي الصَّحَابَةِ مَنِ اسْمُهُ عَبْدُ الرَّحِيمِ بَلْ وَلَا مِنَ التَّابِعِينَ، وَلَا مَنِ اسْمُهُ إِسْمَاعِيلُ مِنْ وَجْهٍ يَصِحُّ إِلَّا وَاحِدٌ بَصْرِيٌّ، رَوَى عَنْهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ عُمَارَةَ حَدِيثَ: «لَا يَلِجُ النَّارَ أَحَدٌ صَلَّى قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا» . أَخْرَجَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ. [النوع الأربعون مَعْرِفَةُ التَّابِعِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ] (النَّوْعُ الْأَرْبَعُونَ: مَعْرِفَةُ التَّابِعِينَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ، هُوَ وَمَا قَبْلَهُ أَصْلَانِ عَظِيمَانِ بِهِمَا يُعْرَفُ الْمُرْسَلُ وَالْمُتَّصِلُ، وَأَحَدُهُمْ تَابِعِيٌّ وَتَابِعٌ) وَاخْتُلِفَ فِي حَدِّهِ: (قِيلَ) : أَيْ قَالَ الْخَطِيبُ: (هُوَ مَنْ صَحِبَ صَحَابِيًّا) وَلَا يُكْتَفَى فِيهِ بِمُجَرَّدِ اللُّقِيِّ، بِخِلَافِ الصَّحَابِيِّ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِشَرَفِ مَنْزِلَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَالِاجْتِمَاعُ بِهِ يُؤَثِّرُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 699 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] فِي النُّورِ الْقَلْبِيِّ أَضْعَافَ مَا يُؤَثِّرُهُ الِاجْتِمَاعُ الطَّوِيلُ بِالصَّحَابِيِّ وَغَيْرِهِ مِنَ الْأَخْيَارِ. (وَقِيلَ) : هُوَ (مَنْ لَقِيَهُ) وَإِنْ لَمْ يَصْحَبْهُ كَمَا قِيلَ فِي الصَّحَابِيِّ، وَعَلَيْهِ الْحَاكِمُ. قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَهُوَ أَقْرَبُ. قَالَ الْمُصَنِّفُ: (وَهُوَ الْأَظْهَرُ) . قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَعَلَيْهِ عَمَلُ الْأَكْثَرِينَ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ، فَقَدْ ذُكِرَ مُسْلِمٌ وَابْنُ حِبَّانَ الْأَعْمَشُ فِي طَبَقَةِ التَّابِعِينَ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: أَخْرَجَاهُ فِي هَذِهِ الطَّبَقَةِ، لِأَنَّ لَهُ لُقِيًّا وَحِفْظًا، رَأَى أَنَسًا، وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ لَهُ سَمَاعُ الْمُسْنَدِ عَنْهُ. وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ. وَعَدَّهُ أَيْضًا فِيهِمُ الْحَافِظُ عَبْدُ الْغَنِيِّ، وَعَدَّ فِيهِمْ يَحْيَى بْنَ أَبِي كَثِيرٍ لِكَوْنِهِ لَقِيَ أَنَسًا، وَمُوسَى بْنَ أَبِي عَائِشَةَ لِكَوْنِهِ لَقِيَ عَمْرَو بْنَ حُرَيْثٍ. وَاشْتَرَطَ ابْنُ حِبَّانَ أَنْ يَكُونَ رَآهُ فِي سِنِّ مَنْ يَحْفَظُ عَنْهُ ; فَإِنْ كَانَ صَغِيرًا لَمْ يَحْفَظْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 700 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] عَنْهُ فَلَا عِبْرَةَ بِرُؤْيَتِهِ، كَخَلَفِ بْنِ خَلِيفَةَ، عَدَّهُ مِنْ أَتْبَاعِ التَّابِعِينَ، وَإِنْ رَأَى عَمْرَو بْنَ حُرَيْثٍ لِكَوْنِهِ كَانَ صَغِيرًا. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَمَا اخْتَارَهُ ابْنُ حِبَّانَ لَهُ وَجْهٌ، كَمَا اشْتَرَطَ فِي الصَّحَابِيِّ رُؤْيَتَهُ وَهُوَ مُمَيَّزٌ. قَالَ: وَقَدْ أَشَارَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعَيْنِ بِقَوْلِهِ: ( «طُوبَى لِمَنْ رَآنِي وَآمَنَ بِي، وَطُوبَى لِمَنْ رَأَى مَنْ رَآنِي» الْحَدِيثَ، فَاكْتَفَى فِيهِمَا بِمُجَرَّدِ الرُّؤْيَةِ. تَنْبِيهٌ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: مُطْلَقُ التَّابِعِيِّ مَخْصُوصٌ بِالتَّابِعِ بِإِحْسَانٍ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: إِنْ أَرَادَ بِالْإِحْسَانِ الْإِسْلَامَ فَوَاضِحٌ، إِلَّا أَنَّ الْإِحْسَانَ أَمْرٌ زَائِدٌ عَلَيْهِ، فَإِنْ أَرَادَ بِهِ الْكَمَالَ فِي الْإِسْلَامِ وَالْعَدَالَةِ، فَلَمْ أَرَ مَنِ اشْتَرَطَ ذَلِكَ فِي حَدِّ التَّابِعِيِّ، بَلْ مَنْ صَنَّفَ فِي الطَّبَقَاتِ أَدْخَلَ فِيهِمُ الثِّقَاتِ وَغَيْرَهُمْ. ثُمَّ اخْتُلِفَ فِي طَبَقَاتِ التَّابِعِينَ، فَجَعَلَهُمْ مُسْلِمٌ ثَلَاثَ طَبَقَاتٍ. وَابْنُ سَعْدٍ أَرْبَعَ طَبَقَاتٍ. وَ (قَالَ الْحَاكِمُ: هُمْ خَمْسَ عَشْرَةَ طَبَقَةً: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 701 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] الْأُولَى: مَنْ أَدْرَكَ الْعَشَرَةَ) مِنْهُمْ: (قَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، وَ) سَعِيدُ (بْنُ الْمُسَيَّبِ، وَغَيْرُهُمَا) قَالَ: كَأَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، وَقَيْسِ بْنِ عَبَّادٍ، وَأَبِي سَاسَانَ حُصَيْنِ بْنِ الْمُنْذِرِ، وَأَبِي وَائِلٍ، وَأَبِي رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيِّ. (وَغَلَطَ فِي ابْنِ الْمُسَيَّبِ، فَإِنَّهُ وُلِدَ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ) فَلَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِي بَكْرٍ وَلَا مِنْ عُمَرَ عَلَى الصَّحِيحِ، (وَلَمْ يَسْمَعْ) أَيْضًا (أَكْثَرَ الْعَشَرَةِ) قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ. (وَقِيلَ: لَمْ يَصِحَّ سَمَاعُهُ مِنْ) أَحَدٍ مِنْهُمْ (غَيْرَ سَعْدٍ) . قَالَ الْعِرَاقِيُّ: كَأَنَّ ابْنَ الصَّلَاحِ أَخَذَ هَذَا مِنْ قَوْلِ قَتَادَةَ الَّذِي رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي مُقَدِّمَةِ صَحِيحِهِ مِنْ رِوَايَةِ هَمَّامٍ، قَالَ: دَخَلَ أَبُو دَاوُدَ الْأَعْمَى عَلَى قَتَادَةَ فَلَمَّا قَامَ، قَالُوا: إِنَّ هَذَا يَزْعُمُ أَنَّهُ لَقِيَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ بَدْرِيًّا، فَقَالَ قَتَادَةُ: هَذَا كَانَ سَائِلًا قَبْلَ الْجَارِفِ، لَا يَعْرِضُ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذَا، وَلَا يَتَكَلَّمُ فِيهِ، فَوَاللَّهِ مَا حَدَّثَنَا الْحَسَنُ عَنْ بَدْرِيٍّ مُشَافَهَةً، وَلَا حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ عَنْ بَدْرِيٍّ مُشَافَهَةً، إِلَّا عَنْ سَعْدِ بْنِ مَالِكٍ. نَعَمْ، أَثْبَتَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ سَمَاعَهُ مِنْ عُمَرَ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 702 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: رَأَى عُمَرَ وَكَانَ صَغِيرًا. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: رَآهُ عَلَى الْمِنْبَرِ يَنْعَى النُّعْمَانَ بْنَ مُقَرِّنٍ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَأَمَّا سَمَاعُهُ مِنْ عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ، فَإِنَّهُ مُمْكِنٌ غَيْرُ مُمْتَنِعٍ، لَكِنْ لَمْ أَرَ فِي الصَّحِيحِ التَّصْرِيحَ بِسَمَاعِهِ مِنْهُمَا. نَعَمْ، فِي مُسْنَدِ أَحْمَدِ مِنْ رِوَايَةِ مُوسَى بْنِ وُرْدَانَ، سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يَقُولُ: «سَمِعْتُ عُثْمَانَ يَقُولُ وَهُوَ يَخْطُبُ عَلَى الْمِنْبَرِ: كُنْتُ أَبْتَاعُ التَّمْرَ مِنْ بَطْنِ الْوَادِي مِنَ الْيَهُودِ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: " إِذَا اشْتَرَيْتَ فَاكْتَلْ» . الْحَدِيثَ. وَهُوَ عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ بِلَفْظِ: " عَنْ "، دُونَ التَّصْرِيحِ بِالسَّمَاعِ. وَفِي الْمُسْنَدِ أَيْضًا بِسَنَدٍ جَيِّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنِي شُعَيْبٌ أَبُو شَيْبَةَ، سَمِعْتُ عَطَاءً الْخُرَاسَانِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يَقُولُ: رَأَيْتُ عُثْمَانَ قَاعِدًا فِي الْمَقَاعِدِ، فَدَعَا بِطَعَامٍ مَا مَسَّتْهُ النَّارُ، فَأَكَلَهُ ثُمَّ قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ، الْحَدِيثَ. فَثَبَتَ سَمَاعُهُ مِنْ عُثْمَانَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. (وَأَمَّا قَيْسُ: فَسَمِعَهُمْ، وَرَوَى عَنْهُمْ، وَلَمْ يُشَارِكْهُ فِي هَذَا أَحَدٌ. وَقِيلَ: لَمْ يَسْمَعْ عَبْدَ الرَّحْمَنِ) بْنَ عَوْفٍ، قَالَهُ أَبُو دَاوُدَ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 703 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] (وَيَلِيهِمْ) أَيِ: الطَّبَقَةَ الْأُولَى (الَّذِينَ وُلِدُوا فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ أَوْلَادِ الصَّحَابَةِ) كَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، وَأَبِي أُمَامَةَ: سَعْدِ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، وَأَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ، كَذَا قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ. وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: هَذَا كَلَامٌ لَا يَسْتَقِيمُ لَا مَعْنًى وَلَا نَقْلًا. أَمَّا الْمَعْنَى: فَكَيْفَ يَجْعَلُ مَنْ وُلِدَ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَلِي مَنْ وُلِدَ بَعْدَهُ، وَالصَّوَابُ أَنْ يُجْعَلَ هَذَا مُقْدَّمًا، وَتِلْكَ الطَّبَقَةُ تَلِيهِ. وَأَمَّا النَّقْلُ: فَلَمْ يَذْكُرِ الْحَاكِمُ ذَلِكَ، وَلَكِنَّهُ عَدَّ الْمُخَضْرَمِينَ ثُمَّ قَالَ: وَمِنَ التَّابِعِينَ بَعْدَ الْمُخَضْرَمِينَ طَبَقَةٌ وُلِدُوا فِي زَمَانِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يَسْمَعُوا مِنْهُ، فَذَكَرَ أَبَا أُمَامَةَ وَمُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَنَحْوَهُمَا، وَلَمْ يَذْكُرْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي طَلْحَةَ وَلَا أَبَا إِدْرِيسَ، ثُمَّ إِنَّ الْحَاكِمَ بَعْدَ ذِكْرِ الطَّبَقَةِ الْأُولَى، قَالَ: وَالطَّبَقَةُ الثَّانِيَةُ: الْأَسْوَدُ بْنُ يَزِيدَ، وَعَلْقَمَةُ بْنُ قَيْسٍ، وَمَسْرُوقٌ، وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَخَارِجَةُ بْنُ زَيْدٍ، وَغَيْرُهُمْ، وَالطَّبَقَةُ الثَّالِثَةُ: الشَّعْبِيُّ، وُشُرَيْحُ بْنُ الْحَارِثِ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، وَأَقْرَانُهُمْ، ثُمَّ قَالَ: وَهُمْ خَمْسَ عَشْرَةَ طَبَقَةً: آخِرُهُمْ مَنْ لَقِيَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ، وَالسَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ جَزْءٍ مِنْ أَهْلِ الْحِجَازِ، وَأَبَا أُمَامَةَ الْبَاهِلِيَّ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ، انْتَهَى. فَلَمْ يَعُدَّ مِنَ الطَّبَقَاتِ سِوَى الثَّلَاثَةِ الْأُولَى وَالْأَخِيرَةِ. وَأَمَّا أَوْلَادُ الصَّحَابَةِ فَلَمْ يَذْكُرْهُمْ إِلَّا بَعْدَ الْمُخَضْرَمِينَ، فَقَدَّمَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ وَالْمُصَنِّفُ هُنَا، فَحَصَلَ فِيهِ وَهْمٌ وَإِلْبَاسٌ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 704 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] (وَمِنَ التَّابِعِينَ: الْمُخَضْرَمُونَ وَاحِدُهُمْ مُخَضْرَمٌ " بِفَتْحِ الرَّاءِ " وَهُوَ الَّذِي أَدْرَكَ الْجَاهِلِيَّةَ وَزَمَنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَسْلَمَ، وَلَمْ يَرَهُ) وَلَا صُحْبَةَ لَهُ. هَذَا مُصْطَلَحُ أَهْلِ الْحَدِيثِ فِيهِ، لِأَنَّهُ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ طَبَقَتَيْنِ لَا يُدْرَى مِنْ أَيِّهِمَا هُوَ، مِنْ قَوْلِهِمْ: لَحْمٌ مُخَضْرَمٌ، لَا يُدْرَى مِنْ ذَكَرٍ هُوَ أَوْ أُنْثَى، كَمَا فِي الْمُحْكَمِ وَالصِّحَاحِ. وَطَعَامٌ مُخَضْرَمٌ: لَيْسَ بِحُلْوٍ وَلَا مُرٍّ، حَكَاهُ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ. وَقِيلَ: مِنَ الْخَضْرَمَةِ بِمَعْنَى الْقَطْعِ، مِنْ خَضْرَمُوا آذَانَ الْإِبِلِ، قَطَعُوهَا، لِأَنَّهُ اقْتُطِعَ عَنِ الصَّحَابَةِ وَإِنْ عَاصَرَ؛ لِعَدَمِ الرُّؤْيَةِ. أَوْ مِنْ قَوْلِهِمْ: رَجُلٌ مُخَضْرَمٌ نَاقِصُ الْحَسَبِ. وَقِيلَ: لَيْسَ بِكَرِيمِ النَّسَبِ. وَقِيلَ: دَعِيٌّ. وَقِيلَ: لَا يُعْرَفُ أَبَوَاهُ. وَقِيلَ: وَلَدَتْهُ السَّرَارِي لِكَوْنِهِ نَاقِصَ الرُّتْبَةِ عَنِ الصَّحَابَةِ لِعَدَمِ الرُّؤْيَةِ مَعَ إِمْكَانِهِ. وَسَوَاءٌ أَدْرَكَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ نِصْفَ عُمُرِهِ أَمْ لَا، وَالْمُرَادُ بِإِدْرَاكِهَا قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: مَا قَبْلَ الْبَعْثَةِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 705 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَفِيهِ نَظَرٌ. وَالظَّاهِرُ إِدْرَاكُ قَوْمِهِ، أَوْ غَيْرِهِمْ عَلَى الْكُفْرِ قَبْلَ فَتْحِ مَكَّةَ. فَإِنَّ الْعَرَبَ بَعْدَهُ بَادَرُوا إِلَى الْإِسْلَامِ وَزَالَ أَمْرُ الْجَاهِلِيَّةِ، وَخَطَبَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْفَتْحِ بِإِبْطَالِ أَمْرِهَا. وَقَدْ ذَكَرَ مُسْلِمٌ فِي الْمُخَضْرَمِينَ بَشِيرَ بْنَ عَمْرٍو، وَإِنَّمَا وُلِدَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ. أَمَّا الْمُخَضْرَمُ فِي اصْطِلَاحِ أَهْلِ اللُّغَةِ: فَهُوَ الَّذِي عَاشَ نِصْفَ عُمُرِهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَنِصْفَهُ فِي الْإِسْلَامِ، سَوَاءٌ أَدْرَكَ الصَّحَابَةَ أَمْ لَا. فَبَيْنَ الِاصْطِلَاحَيْنِ عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مِنْ وَجْهٍ، فَحَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ مُخَضْرَمٌ بِاصْطِلَاحِ اللُّغَةِ لَا الْحَدِيثِ. وَبِشْرُ بْنُ عَمْرٍو مُخَضْرَمٌ بِاصْطِلَاحِ الْحَدِيثِ لَا اللُّغَةِ. وَحَكَى بَعْضُ أَهْلِ اللُّغَةِ: " مُخَضْرِمٌ " بِالْكَسْرِ. وَحَكَى ابْنُ خِلِّكَانَ: " مُحَضْرِمٌ " بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالْكَسْرِ أَيْضًا. وَحَكَى الْعَسْكَرِيُّ فِي الْأَوَائِلِ أَنَّ: الْمُخَضْرَمَ مِنَ الْمَعَانِي الَّتِي حَدَثَتْ فِي الْإِسْلَامِ، وَسُمِّيَتْ بِأَسْمَاءٍ كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ لَمَعَانٍ أُخَرَ. ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ أَصْلَهُ مِنْ خَضْرَمْتُ الْغُلَامَ إِذَا خَتَنْتُهُ، وَالْأُذُنَ إِذَا قَطَعْتُ طَرَفَهَا، فَكَأَنَّ زَمَانَ الْجَاهِلِيَّةِ قُطِعَ عَلَيْهِ، أَوْ مِنَ الْإِبِلِ الْمُخَضْرَمَةِ وَهِيَ الَّتِي نُتِجَتْ مِنَ الْعِرَابِ وَالْيَمَانِيَةِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 706 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] قَالَ: وَهَذَا أَعْجَبُ الْقَوْلَيْنِ إِلَيَّ. (وَعَدَّهُمْ مُسْلِمُ) بْنُ الْحَجَّاجِ فَبَلَغَ بِهِمْ (عِشْرِينَ نَفْسًا) وَهُمْ: أَبُو عُمَرَ، وَسَعْدُ بْنُ إِيَاسٍ الشَّيْبَانِيُّ، وَسُوِيدُ بْنُ غَفْلَةَ، وَشُرَيْحُ بْنُ هَانِئٍ، وَيُسَيْرُ بْنُ عَمْرِو بْنِ جَابِرٍ، وَعَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ الْأَوْدِيُّ، وَالْأَسْوَدُ بْنُ يَزِيدَ النَّخَعِيُّ، وَالْأَسْوَدُ بْنُ هِلَالٍ الْمُحَارِبِيُّ، وَالْمَعْرُورُ بْنُ سُوَيْدٍ، وَعَبْدُ خَيْرِ بْنُ يَزِيدَ الْخَيْوَانِيُّ وَشُبَيْلِ بْنِ عَوْفٍ الْأَحْمَسِيُّ، وَمَسْعُودُ بْنُ حِرَاشٍ أَخُو رِبْعِيٍّ، وَمَالِكُ بْنُ عُمَيْرٍ، وَأَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ وَأَبُو رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيُّ، وَغُنَيْمُ بْنُ قَيْسٍ، وَأَبُو رَافِعٍ الصَّائِغُ، وَأَبُو الْحَلَالِ الْعَتْكِيُّ، وَاسْمُهُ رَبِيعَةُ بْنُ زُرَارَةَ، وَخَالِدُ بْنُ عُمَيْرٍ الْعَدَوِيُّ، وَثُمَامَةُ بْنُ حَزْنٍ الْقُشَيْرِيُّ، وَجُبَيْرُ بْنُ نُفَيْرٍ الْحَضْرَمِيُّ. (وَهُمْ أَكْثَرُ) مِنْ ذَلِكَ، (وَمِمَّنْ لَمْ يَذْكُرُهُ) مُسْلِمٌ: (أَبُو مُسْلِمٍ) عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ثُوَبَ بِوَزْنِ عُمَرَ، (الْخَوْلَانِيُّ، وَالْأَحْنَفُ) وَاسْمُهُ الضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُكَيْمٍ، وَعَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَصَمِّ، وَأَبُو أُمَيَّةَ الشَّعْبَانِيُّ، وَأَسْلَمُ مَوْلَى عُمَرَ، وَأُوَيْسٌ الْقَرْنِيُّ، وَأَوْسَطُ الْبَجَلِيُّ، وَجُبَيْرُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ، وَجَابِرُ الْيَمَانِيُّ، وَشُرَيْحُ بْنُ الْحَرْثِ الْقَاضِي، وَأَبُو وَائِلٍ شَقِيقُ بْنُ سَلَمَةَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُسَيْلَةَ الصُّنَابِحِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ غَنْمٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَرْبُوعٍ، وَعُبَيْدَةُ بْنُ عَمْرٍو السَّلْمَانِيُّ، وَعَلْقَمَةُ بْنُ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، وَكَعْبُ الْأَحْبَارِ، وَمُرَّةُ بْنُ شَرَاحِيلَ، وَمَسْرُوقُ بْنُ الْأَجْدَعِ، وَأَبُو صَالِحٍ الْأَنْمَارِيُّ. قِيلَ: وَأَبُو عُتْبَةَ الْخَوْلَانِيُّ، هَذَا مَا ذَكَرَهُ الْعِرَاقِيُّ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 707 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَذْكُرْهُ: الْأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ الْأَسَدِيُّ، وَالْأَجْدَعُ بْنُ مَالِكٍ الْهَمْدَانِيُّ وَالِدُ مَسْرُوقٍ، وَأَبُو رُهْمٍ أَحْزَابُ بْنُ أَسِيدٍ السَّمْعِيُّ، وَأَرْطَأَةُ بْنُ سُهَيَّةَ - وَهِيَ أُمُّهُ - وَأَبُوهُ زُفَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْغَطْفَانِيُّ الْمُزَنِيُّ، وَأَرْطَأَةُ الْمُزَنِيُّ جِدُّهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْفٍ، وَأَرْطَأَةُ بْنُ كَعْبٍ الْفَزَارِيُّ، فِي خَلَائِقَ آخَرِينَ. ذَكَرَهُمْ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ حَجَرٍ فِي كِتَابِ " الْإِصَابَةِ "، وَأَرْجُو أَنْ أُفْرِدَهُمْ فِي مُؤَلَّفٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. 1 - (وَمِنْ أَكَابِرَ التَّابِعِينَ الْفُقَهَاءُ السَّبْعَةُ) مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ: سَعِيدُ (بْنُ الْمُسَيَّبِ، وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدِ) بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، (وَعُرْوَةُ) بْنُ الزُّبَيْرِ، (وَخَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ) بْنِ ثَابِتٍ، (وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) بْنِ عَوْفٍ، (وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ) بْنِ مَسْعُودٍ، (وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ) الْهِلَالِيُّ أَبُو أَيُّوبِ ; هَكَذَا عَدَّهُمْ أَكْثَرُ عُلَمَاءِ أَهْلِ الْحِجَازِ. (وَجَعَلَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ) بْنِ عُمَرَ (بَدَلَ أَبِي سَلَمَةَ. وَجَعَلَ أَبُو الزِّنَادِ بَدَلَهُمَا) أَيْ: سَالِمٍ وَأَبِي سَلَمَةَ (أَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 708 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَعَدَّهُمُ ابْنُ الْمَدِينِيِّ اثَّنَيْ عَشَرَ: ابْنُ الْمُسَيَّبِ، وَأَبُو سَلَمَةَ، وَالْقَاسِمُ، وَخَارِجَةُ وَأَخُوهُ إِسْمَاعِيلُ، وَسَالِمٌ وَحَمْزَةُ وَزَيْدٌ وَعُبَيْدُ اللَّهِ وَبِلَالٌ بَنُو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَأَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ، وَقَبِيصَةُ بْنُ ذُؤَيْبٍ. (وَعَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ: أَفْضَلُ التَّابِعِينَ) سَعِيدُ (بْنُ الْمُسَيَّبِ. قِيلَ) لَهُ: (فَعَلْقَمَةُ وَالْأَسْوَدُ قَالَ: هُوَ وَهُمَا. وَعَنْهُ) أَيْضًا (لَا أَعْلَمُ فِيهِمْ) أَيِ: التَّابِعِينَ (مِثْلَ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، وَقَيْسِ) بْنِ أَبِي حَازِمٍ. (وَعَنْهُ) أَيْضًا (أَفْضَلُهُمْ: قَيْسٌ، وَأَبُو عُثْمَانَ) النَّهْدِيُّ، (وَعَلْقَمَةُ، وَمَسْرُوقٌ) . هَؤُلَاءِ كَانُوا فَاضِلِينَ، وَمِنْ عِلْيَةِ التَّابِعِينَ. (وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ) مُحَمَّدُ (بْنُ خَفِيفٍ) الشِّيرَازِيُّ: (أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَقُولُونَ: أَفْضَلُ التَّابِعِينَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ، وَأَهْلُ الْكُوفَةِ) يَقُولُونَ: (أُوَيْسٌ) الْقَرْنِيُّ، (وَ) أَهْلُ (الْبَصْرَةِ) يَقُولُونَ (الْحَسَنُ) الْبَصْرِيُّ. وَاسْتَحْسَنَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 709 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَقَالَ الْعِرَاقِيُّ: الصَّحِيحُ بَلِ الصَّوَابُ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَهْلُ الْكُوفَةِ، لِمَا رَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: " إِنَّ خَيْرَ التَّابِعِينَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ أُوَيْسٌ» . الْحَدِيثَ. قَالَ: فَهَذَا قَاطِعٌ لِلنِّزَاعِ. قَالَ: وَأَمَّا تَفْضِيلُ أَحْمَدَ لِابْنِ الْمُسَيَّبِ وَغَيْرِهِ فَلَعَلَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُ الْحَدِيثُ، أَوْ لَمْ يَصِحَّ عِنْدَهُ، أَوْ أَرَادَ بِالْأَفْضَلِيَّةِ فِي الْعِلْمِ لَا الْخَيْرِيَّةِ. وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: الْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ: الْأَفْضَلُ مِنْ حَيْثُ الزُّهْدُ وَالْوَرَعُ أُوَيْسٌ، وَمِنْ حَيْثُ حِفْظُ الْخَبَرِ وَالْأَثَرِ سَعِيدٌ. وَقَالَ أَحْمَدُ: لَيْسَ أَحَدٌ أَكْثَرَ فَتْوَى فِي التَّابِعِينَ مِنَ الْحَسَنِ وَعَطَاءٍ، كَانَ عَطَاءٌ مُفْتِي مَكَّةَ، وَالْحَسَنُ مُفْتِي الْبَصْرَةِ. (وَقَالَ) أَبُو بَكْرِ (بْنُ أَبِي دَاوُدَ: سَيِّدَتَا التَّابِعِيَّاتِ حَفْصَةُ بِنْتُ سِيرِينَ، وَعَمْرَةُ بِنْتُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَتَلِيهِمَا أُمُّ الدَّرْدَاءِ) الصُّغْرَى هَجِيمَةُ، وَيُقَالُ: جَهِيمَةُ وَلَيْسَتْ كَهُمَا. وَقَالَ إِيَاسُ بْنُ مُعَاوِيَةَ: مَا أَدْرَكْتُ أَحَدًا أُفَضِّلُهُ عَلَى حَفْصَةَ - يَعْنِي بِنْتَ سِيرِينَ - فَقِيلَ لَهُ: الْحَسَنُ وَابْنُ سِيرِينَ، فَقَالَ: أَمَّا أَنَا فَمَا أُفَضِّلَ عَلَيْهَا أَحَدًا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 710 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] (وَقَدْ عَدَّ قَوْمٌ طَبَقَةً فِي التَّابِعِينَ وَلَمْ يَلْقَوُا الصَّحَابَةَ) فَهُمْ مِنْ أَتْبَاعِ التَّابِعِينَ، كَإِبْرَاهِيمَ بْنِ سُوَيْدٍ النَّخَعِيِّ، لَمْ يُدْرِكْ أَحَدًا مِنَ الصَّحَابَةِ، وَلَيْسَ بِإِبْرَاهِيمَ بْنِ يَزِيدَ النَّخَعِيِّ الْفَقِيهِ. وَبُكَيْرِ بْنِ أَبِي السَّمِيطِ - بِفَتْحِ السِّينِ وَكَسْرِ الْمِيمِ - لَمْ يَصِحَّ لَهُ عَنْ أَنَسٍ رِوَايَةٌ، إِنَّمَا أَسْقَطَ قَتَادَةَ مِنَ الْوَسَطِ. وَوَقَعَ لِقَوْمٍ عَكْسُ ذَلِكَ، فَعَدُّوا طَبَقَةً مِنَ التَّابِعِينَ فِي أَتْبَاعِ التَّابِعِينَ، لِكَوْنِ الْغَالِبِ عَلَيْهِمْ رِوَايَتُهُمْ عَنْهُمْ: كَأَبِي الزِّنَادِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ذَكْوَانَ، لَقِيَ ابْنَ عُمَرَ وَأَنَسًا. (وَ) عَدَّ مِنَ التَّابِعِينَ (طَبَقَةً، وَهُمْ صَحَابَةٌ) إِمَّا غَلَطًا، كَالنُّعْمَانِ وَسُوَيْدٍ ابْنَيْ مُقَرِّنٍ، عَدَّهُمَا الْحَاكِمُ فِي الْإِخْوَةِ مِنَ التَّابِعِينَ، وَهُمَا صَحَابِيَّانِ مَعْرُوفَانِ. أَوْ لِكَوْنِ ذَلِكَ الصَّحَابِيِّ مِنْ صِغَارِ الصَّحَابَةِ، يُقَارِبُ التَّابِعِينَ فِي كَوْنِ رِوَايَتِهِ أَوْ غَالِبِهَا عَنِ الصَّحَابَةِ، كَمَا عَدَّ مُسْلِمٌ مِنَ التَّابِعِينَ يُوسُفَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ، وَمَحْمُودَ بْنَ لَبِيدٍ. وَوَقَعَ لِقَوْمٍ عَكْسُ ذَلِكَ، فَعَدُّوا بَعْضَ التَّابِعِينَ مِنَ الصَّحَابَةِ. وَكَثِيرًا مَا يَقَعُ ذَلِكَ لِمَنْ يُرْسِلُ، كَمَا عَدَّ مُحَمَّدُ بْنُ الرَّبِيعِ الْجِيزِيُّ، عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ غَنْمٍ الْأَشْعَرِيَّ، مِمَّنْ دَخَلَ مِصْرَ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَلَيْسَ مِنْهُمْ عَلَى الْأَصَحِّ، (فَلْيُتَفَطَّنْ لِذَلِكَ) وَأَمْثَالِهِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 711 النَّوْعُ الْحَادِي وَالْأَرْبَعُونَ: رِوَايَةُ الْأَكَابِرِ عَنِ الْأَصَاغِرِ. مِنْ فَائِدِتِهِ أَنْ لَا يُتَوَهَّمَ أَنَّ الْمَرْوِيَّ عَنْهُ أَكْبَرُ وَأَفْضَلُ لِكَوْنِهِ الْأَغْلَبَ. ثُمَّ هُوَ أَقْسَامٌ: أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ الرَّاوِي أَكْبَرَ سِنًّا وَأَقْدَمَ طَبَقَةً كَالزُّهْرِيِّ عَنْ مَالِكٍ، وَكَالْأَزْهَرِيِّ عَنِ الْخَطِيبِ. وَالثَّانِي: أَكْبَرَ قَدْرًا، كَحَافِظٍ عَالِمٍ عَنْ شَيْخٍ، كَمَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ. وَالثَّالِثُ: أَكْبَرَ مِنَ الْوَجْهَيْنِ كَعَبْدِ الْغَنِيِّ عَنِ الصُّوَرِيِّ، وَكَالْبَرْقَانِيِّ عَنِ الْخَطِيبِ. وَمِنْهُ رِوَايَةُ الصَّحَابَةِ عَنِ التَّابِعِينَ كَالْعَبَادِلَةِ وَغَيْرِهِمْ عَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ. وَمِنْهُ رِوَايَةُ التَّابِعِيِّ عَنْ تَابِعِيِّهِ كَالزُّهْرِيِّ وَالْأَنْصَارِيِّ عَنْ مَالِكٍ، وَكَعَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ لَيْسَ تَابِعِيًّا، وَرَوَى عَنْهُ مِنْهُمْ أَكْثَرَ مِنْ عِشْرِينَ، وَقِيلَ: أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ.   [تدريب الراوي] فَوَائِدُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: أَوَّلُ التَّابِعِينَ مَوْتًا أَبُو زَيْدٍ مَعْمَرُ بْنُ زَيْدٍ، قُتِلَ بِخُرَاسَانَ. وَقِيلَ: بِأَذْرَبِيجَانَ سَنَةَ ثَلَاثِينَ. وَآخِرُهُمْ مَوْتًا خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ سَنَةَ ثَمَانِينَ وَمِائَةٍ. تَنْبِيهٌ أَفْرَدَ الْحَاكِمُ فِي عُلُومِ الْحَدِيثِ نَوْعًا مِنْ أَنْوَاعِ الْحَدِيثِ لِأَتْبَاعِ التَّابِعِينَ، وَسَيَأْتِي فِي الْأَنْوَاعِ الْمَزِيدَةِ. [النوع الحادي والأربعون رِوَايَةُ الْأَكَابِرِ عَنِ الْأَصَاغِرِ] (النَّوْعُ الْحَادِي وَالْأَرْبَعُونَ: رِوَايَةُ الْأَكَابِرِ عَنِ الْأَصَاغِرِ) وَالْأَصْلُ فِيهِ رِوَايَةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ حَدِيثَ الْجَسَّاسَةِ، وَهِيَ عِنْدَ مُسْلِمٍ. وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكِ بْنِ مُزَرِّدٍ، وَقِيلَ: ابْنِ مَرَارَةَ، وَقِيلَ: ابْنِ مُرَّةَ الرَّهَاوِيِّ، فِيمَا أَخْرَجَهُ ابْنُ مِنْدَهْ فِي الصَّحَابَةِ بِسَنَدِهِ عَنْ زُرْعَةَ بْنِ سَيْفِ بْنِ ذِي يَزَنَ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَتَبَ إِلَيْهِ كِتَابًا، وَأَنَّ مَالِكَ بْنَ مَزْرَدٍ الرَّهَاوِيَّ قَدْ حَدَّثَنِي أَنَّكَ أَسْلَمْتَ وَقَاتَلْتَ الْمُشْرِكِينَ، فَأَبْشِرْ بِخَيْرٍ» ، الْحَدِيثَ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 712 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] (مِنْ فَائِدَتِهِ) أَيْ: فَائِدَةِ مَعْرَفَةِ هَذَا النَّوْعِ (أَنْ لَا يُتَوَهَّمَ أَنَّ الْمَرْوِيَّ عَنْهُ أَفْضَلُ وَأَكْبَرُ) مِنَ الرَّاوِي، (لِكَوْنِهِ الْأَغْلَبَ) فِي ذَلِكَ، تَنْزِيلًا لِأَهْلِ الْعِلْمِ مَنَازِلَهُمْ، لِلْأَمْرِ بِذَلِكَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ، أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ. وَمِنْهَا أَنْ لَا يُظَنَّ أَنَّ فِي السَّنَدِ انْقِلَابًا. (ثُمَّ هُوَ أَقْسَامٌ: أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ الرَّاوِي أَكْبَرَ سِنًّا وَأَقْدَمَ طَبَقَةً) مِنَ الْمَرْوِيِّ عَنْهُ (كَالزُّهْرِيِّ) ، وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ فِي رِوَايَتِهِمَا (عَنْ مَالِكِ) بْنِ أَنَسٍ. (وَكَالْأَزْهَرِيِّ) أَبِي الْقَاسِمِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ فِي رِوَايَتِهِ (عَنْ) تِلْمِيذِهِ (الْخَطِيبِ) الْبَغْدَادِيِّ، وَهُوَ إِذْ ذَاكَ شَابٌّ. (وَالثَّانِي) أَنْ يَكُونَ الرَّاوِي (أَكْبَرَ قَدْرًا) لَا سِنًّا (كَحَافِظٍ عَالِمٍ) رَوَى (عَنْ شَيْخٍ) مُسِنٍّ لَا عِلْمَ عِنْدَهُ (كَمَالِكٍ) فِي رِوَايَتِهِ (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ) . وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقَ ابْنِ رَاهَوَيْهِ فِي رِوَايَتِهِمَا عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى الْعَبْسِيِّ. (وَالثَّالِثُ) أَنْ يَكُونَ الرَّاوِي (أَكْبَرَ) مِنَ الْمَرْوِيِّ عَنْهُ (مِنَ الْوَجْهَيْنِ) مَعًا (كَعَبْدِ الْغَنِيِّ) بْنِ سَعِيدٍ الْحَافِظِ فِي رِوَايَتِهِ (عَنْ) مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ (الصُّورِيِّ) تِلْمِيذِهِ. (وَكَالْبَرْقَانِيِّ) فِي رِوَايَتِهِ (عَنِ الْخَطِيبِ) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 713 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَكَالْخَطِيبِ فِي رِوَايَتِهِ عَنِ ابْنِ مَاكُولَا. (وَمِنْهُ) أَيْ: مِنَ الْقِسْمِ الثَّالِثِ مِنْ رِوَايَةِ الْأَكَابِرِ عَنِ الْأَصَاغِرِ (رِوَايَةُ الصَّحَابَةِ عَنِ التَّابِعِينَ، كَالْعَبَادِلَةِ وَغَيْرِهِمْ) مِنَ الصَّحَابَةِ، كَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَمُعَاوِيَةَ، وَأَنَسٍ فِي رِوَايَتِهِمْ (عَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ. وَمِنْهُ) أَيْضًا (رِوَايَةُ التَّابِعِيِّ عَنْ تَابِعِيِّهِ، كَالزُّهْرِيِّ، وَالْأَنْصَارِيِّ عَنْ مَالِكٍ. وَكَعَمْرِو بْنِ شُعَيْبِ) بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، (لَيْسَ تَابِعِيًّا، وَرَوَى عَنْهُ مِنْهُمْ) أَيِ: التَّابِعِينَ (أَكْثَرُ مِنْ عِشْرِينَ) نَفْسًا فِيمَا جَمَعَهُمُ الْحَافِظُ عَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ سَعِيدٍ فِي جُزْءٍ لَهُ، بَلَغَ بِهِمْ تِسْعَةَ وَثَلَاثِينَ. (وَقِيلَ: أَكْثَرُ مِنْ سَبْعِينَ) قَالَهُ الْحَافِظُ أَبُو الْفَضْلِ الطَّبَسِيُّ. وَعَدَّهُمُ الْحَافِظُ أَبُو الْفَضْلِ الْعِرَاقِيُّ نَيِّفًا وَخَمْسِينَ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْسَرَةَ، وَأَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ، وَبُكَيْرُ بْنُ الْأَشَجِّ، وَثَابِتُ بْنُ عَجْلَانَ، وَثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ، وَجَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، وَحِبَّانُ بْنُ عَطِيَّةَ، وَحَبِيبُ بْنُ أَبِي مُوسَى، وَحَرِيزُ بْنُ عُثْمَانَ الرَّحْبِيُّ، وَالْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ، وَحُمَيْدٌ الطَّوِيلُ، وَدَاوُدُ بْنُ قَيْسٍ، وَدَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، وَالزُّبَيْرُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 714 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] بْنُ عَدِيٍّ، وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي هِلَالٍ، وَسَلَمَةُ بْنُ دِينَارٍ، وَأَبُو إِسْحَاقَ سُلَيْمَانُ الشَّيْبَانِيُّ، [وَابْنُهُ سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ] ، وَسُلَيْمَانُ الْأَعْمَشُ، وَعَاصِمٌ الْأَحْوَلُ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْلَى الطَّائِفِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْنٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَرْمَلَةَ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ رَفِيعٍ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ جُرَيْجٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْعُمَرِيُّ. [وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ] ، وَعَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، وَعَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ، وَالْعَلَاءُ بْنُ الْحَارِثِ الشَّامِيُّ، وَعَلِيُّ بْنُ الْحَكَمِ الْبَانِيُّ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَأَبُو إِسْحَاقَ عَمْرٌو السَّبِيعِيُّ، وَقَتَادَةُ، [وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ جُحَادَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَجْلَانَ] ، وَأَبُو الزُّبَيْرِ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ الزُّهْرِيُّ، وَمَطَرٌ الْوَرَّاقُ، وَمَكْحُولٌ، وَمُوسَى بْنُ أَبِي عَائِشَةَ، وَأَبُو حَنِيفَةَ النُّعْمَانُ بْنُ ثَابِتٍ، وَهِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، وَهِشَامُ بْنُ الْغَازِ، وَوَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ، [وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ] ، وَيَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 715 النَّوْعُ الثَّانِي وَالْأَرْبَعُونَ: الْمُدَبَّجُ وَرِوَايَةُ الْقَرِينِ: الْقَرِينَانِ هُمَا الْمُتَقَارِبَانِ فِي السِّنِّ وَالْإِسْنَادِ، وَرُبَّمَا اكْتَفَى الْحَاكِمُ بِالْإِسْنَادِ، فَإِنْ رَوَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْ صَاحِبِهِ كَعَائِشَةَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَمَالِكٍ، وَالْأَوْزَاعِيِّ فَهُوَ الْمُدَبَّجُّ   [تدريب الراوي] وَيَزِيدُ بْنُ الْهَادِ، وَيَعْقُوبُ بْنُ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ. وَمَا جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ كَابْنِ الصَّلَاحِ مِنْ كَوْنِهِ لَيْسَ تَابِعًا، تَبِعَا فِيهِ عَبْدَ الْغَنِيِّ، وَأَبَا بَكْرٍ النَّقَّاشَ. وَرَدَّهُ الْحَافِظُ أَبُو الْفَضْلِ الْعِرَاقِيُّ، وَقَبِلَهُ الْمِزِّيُّ، وَقَالَ: قَدْ سَمِعَ مِنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، مِنْهُمْ زَيْنَبُ بِنْتُ أَبِي سَلَمَةَ، وَالرُّبَيِّعُ بِنْتُ مُعَوِّذِ بْنِ عَفْرَاءَ، وَهُمَا صَحَابِيَّتَانِ. [النوع الثاني والأربعون الْمُدَبَّجُ وَرِوَايَةُ الْقَرِينِ] (النَّوْعُ الثَّانِي وَالْأَرْبَعُونَ: الْمُدَبَّجُ وَرِوَايَةُ الْقَرِينِ) عَنِ الْقَرِينِ. وَمِنْ فَوَائِدِ مَعْرِفَةِ هَذَا النَّوْعِ: أَنْ لَا يُظَنَّ الزِّيَادَةُ فِي الْإِسْنَادِ أَوْ إِبْدَالُ عَنْ بِالْوَاوِ. (الْقَرِينَانِ: هُمَا الْمُتَقَارِبَانِ فِي السِّنِّ وَالْإِسْنَادِ، وَرُبَّمَا اكْتَفَى الْحَاكِمُ بِالْإِسْنَادِ) أَيْ: بِالتَّقَارُبِ فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَتَقَارَبَا فِي السِّنِّ. (فَإِنْ رَوَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْ صَاحِبِهِ كَعَائِشَةَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ) فِي الصَّحَابَةِ، وَالزُّهْرِيِّ وَأَبِي الزُّبَيْرِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 716 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] فِي الْأَتْبَاعِ، (وَمَالِكٍ، وَالْأَوْزَاعِيِّ) فِي أَتْبَاعِهِمْ (فَهُوَ الْمُدَبَّجُ) - بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَأَخِرَهُ جِيمٌ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَأَوَّلُ مَنْ سَمَّاهُ بِذَلِكَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِيمَا أَعْلَمُ. قَالَ: إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يُقَيِّدْهُ بِكَوْنِهِمَا قَرِينَيْنِ، بَلْ كُلُّ اثْنَيْنِ رَوَى كُلٌّ مِنْهُمَا عَنِ الْآخَرِ يُسَمَّى بِذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَكْبَرَ، وَذَكَرَ مِنْهُ رِوَايَةَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَسَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، وَرِوَايَتَهُمْ عَنْهُ، وَرِوَايَةَ عُمَرَ عَنْ كَعْبٍ، وَكَعْبٍ عَنْهُ. وَبِذَلِكَ يَنْدَفِعُ اعْتِرَاضُ ابْنِ الصَّلَاحِ عَلَى الْحَاكِمِ فِي ذِكْرِهِ فِي هَذَا رِوَايَةَ أَحْمَدَ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَعَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْهُ ; لِأَنَّهُ مَاشٍ عَلَى مَا قَالَهُ شَيْخُهُ وَنَقَلَهُ عَنْهُ. ثُمَّ وَجْهُ التَّسْمِيَةِ، قَالَ الْعِرَاقِيُّ: لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهَا، قَالَ: إِلَّا أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ سُمِّيَ بِهِ لِحُسْنِهِ، لِأَنَّهُ لُغَةً الْمُزَيَّنُ، وَالرِّوَايَةُ كَذَلِكَ إِنَّمَا تَقَعُ لِنُكْتَةٍ يُعْدَلُ فِيهَا عَنِ الْعُلُوِّ إِلَى الْمُسَاوَاةِ أَوِ النُّزُولِ، فَيَحْصُلُ لِلْإِسْنَادِ بِذَلِكَ تَزَيُّنٌ. قَالَ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِنُزُولِ الْإِسْنَادِ، فَيَكُونَ ذَمًّا، مِنْ قَوْلِهِمْ رَجُلٌ مُدَبَّجٌ: قَبِيحُ الْوَجْهِ وَالْهَامَةِ، حَكَاهُ صَاحِبُ الْمُحْكَمِ. وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ وَالْمُسْتَمْلِي: النُّزُولُ شُؤْمٌ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 717 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: الْإِسْنَادُ النَّازِلُ حَدْرَةٌ فِي الْوَجْهِ. قَالَ: وَفِيهِ بُعْدٌ، وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ. قَالَ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ الْقَرِينَيْنِ الْوَاقِعَيْنِ فِي الْمُدَبَّجِ فِي طَبَقَةٍ وَاحِدَةٍ بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ شَبَهًا بِالْخَدَّيْنِ، إِذْ يُقَالُ لَهُمَا الدِّيبَاجَتَانِ، كَمَا قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ. قَالَ: وَهَذَا الْمَعْنَى مُتَوَجِّهٌ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ وَالْحَاكِمُ: إِنَّ الْمُدَبَّجَ مُخْتَصٌّ بِالْقَرِينَيْنِ. وَجَزَمَ بِهَذَا الْمَأْخَذِ فِي شَرْحِ النُّخْبَةِ، فَإِنَّهُ قَالَ: لَوْ رَوَى الشَّيْخُ عَنْ تِلْمِيذِهِ فَهَلْ يُسَمَّى مُدَبَّجًا؟ فِيهِ بَحْثٌ. وَالظَّاهِرُ: لَا، لِأَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ الْأَكَابِرِ عَنِ الْأَصَاغِرِ، وَالتَّدْبِيجُ مَأْخُوذٌ مِنْ دِيبَاجَتَيِّ الْوَجْهِ فَيَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ مُسْتَوِيًا مِنَ الْجَانِبَيْنِ. أَمَّا رِوَايَةُ الْقَرِينِ عَنْ قَرِينِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُعْلَمَ رِوَايَةُ الْآخَرِ عَنْهُ، فَلَا يُسَمَّى مُدَبَّجًا، كَرِوَايَةِ زَائِدَةَ بْنِ قُدَامَةَ عَنْ زُهَيْرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ، وَلَا يُعْلَمُ لِزُهَيْرٍ رِوَايَةٌ عَنْهُ. وَأَمَّا تَمْثِيلُ ابْنِ الصَّلَاحِ بِرِوَايَةِ التَّمِيمِيِّ عَنْ مِسْعَرٍ، وَقَوْلِهِ: وَلَا يُعْلَمُ لِمِسْعَرٍ رِوَايَةٌ عَنْهُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 718 النَّوْعُ الثَّالِثُ وَالْأَرْبَعُونَ: مَعْرِفَةُ الْإِخْوَةِ: هُوَ إِحْدَى مَعَارِفِهِمْ أَفْرَدَهُ بِالتَّصْنِيفِ ابْنُ الْمَدِينِيِّ ثَمُّ النَّسَائِيُّ، ثُمَّ السَّرَّاجُ وَغَيْرُهُمْ. مِثَالُ الْأَخَوَيْنِ فِي الصَّحَابَةِ: عُمَرُ وَزَيْدٌ، ابْنَا الْخَطَّابِ، وَعَبْدُ اللَّهِ وَعُتْبَةُ، ابْنَا مَسْعُودٍ. وَمِنَ التَّابِعِينَ: عَمْرٌو وَأَرْقَمُ ابْنَا شُرَحْبِيلَ. وَفِي الثَّلَاثَةِ: عَلِيٌّ وَجَعْفَرٌ وَعَقِيلٌ بَنُو أَبِي طَالِبٍ. وَسَهْلٌ وَعَبَّادٌ وَعُثْمَانُ بَنُو حُنَيْفٍ. وَفِي غَيْرِ الصِّحَابَةِ عَمْرٌو وَعُمَرُ وَشُعَيْبٌ بَنُو شُعَيْبٍ. وَفِي الْأَرْبَعَةِ: سُهَيْلٌ، وَعَبْدُ اللَّهِ، وَمُحَمَّدٌ، وَصَالِحٌ بَنُو أَبِي صَالِحٍ. وَفِي الْخَمْسَةِ: سُفْيَانُ، وَآدَمُ، وَعِمْرَانُ، وَمُحَمَّدٌ، بَنُو عُيَيْنَةَ، حَدَّثُوا كُلُّهُمْ. وَفِي السِّتَّةِ: مُحَمَّدٌ، وَأَنَسٌ، وَيَحْيَى، وَمَعْبَدٌ، وَحَفْصَةُ، وَكَرِيمَةُ بَنُو سِيرِينَ. وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ خَالِدًا بَدَلَ كَرِيمَةَ. وَرَوَى مُحَمَّدٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَنَسٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ حَدِيثًا، وَهَذِهِ لَطِيفَةٌ غَرِيبَةٌ ثَلَاثَةُ إِخْوَةٍ رَوَى بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ. وَفِي السَّبْعَةِ: نُعْمَانُ، وَمَعْقِلٌ، وَعَقِيلٌ، وَسُوَيْدٌ، وَسِنَانٌ، وَعَبْدُ الرَّحَمَنِ، وَسَابِعٌ لَمْ يُسَمَّ، بَنُو مُقَرِّنٍ صَحَابَةٌ مُهَاجِرُونَ لَمْ يُشَارِكْهُمْ أَحَدٌ، وَقِيلَ: شَهِدُوا الْخَنْدَقَ.   [تدريب الراوي] فَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُ أَيْضًا رَوَى عَنْهُ، فِيمَا ذَكَرَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْمُدَبَّجِ. وَتَمْثِيلُ الْحَاكِمِ بِرِوَايَةِ يَزِيدَ بْنِ الْهَادِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، وَسُلَيْمَانَ بْنِ طَرْخَانَ عَنْ رَقَبَةَ بْنِ مَصْقَلَةَ، وَقَوْلُهُ: لَا أَعْلَمُ لِابْنِ سَعْدٍ وَرَقَبَةَ رِوَايَةً عَنْ يَزِيدَ وَسُلَيْمَانَ. فَاعْتُرِضَ أَيْضًا بِوُجُودِهَا، فَرِوَايَةُ ابْنِ سَعْدٍ عَنْ يَزِيدَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَالنَّسَائِيِّ، وَرِوَايَةُ رَقَبَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ فِي الْمُدَبَّجِ لِلدَّارَقُطْنِيِّ. لَطِيفَةٌ: قَدْ يَجْتَمِعُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَقْرَانِ فِي حَدِيثٍ، كَمَا رَوَى أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ عَنْ أَبِي خَيْثَمَةَ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُعَاذٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَفْصٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كُنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَأْخُذْنَ مِنْ شُعُورِهِنَّ حَتَّى يَكُونَ كَالْوَفْرَةِ. فَأَحْمَدُ وَالْأَرْبَعَةُ فَوْقُ خَمْسَتُهُمْ أَقْرَانٌ. [النوع الثالث والأربعون مَعْرِفَةُ الْإِخْوَةِ] (النَّوْعُ الثَّالِثُ وَالْأَرْبَعُونَ: مَعْرِفَةُ الْإِخْوَةِ) وَالْأَخَوَاتِ (هُوَ إِحْدَى مَعَارِفِهِمْ أَفْرَدَهُ بِالتَّصْنِيفِ) عَلِيُّ (ابْنُ الْمَدِينِيِّ، ثُمَّ النَّسَائِيُّ، ثُمَّ) أَبُو الْعَبَّاسِ (السَّرَّاجُ، وَغَيْرُهُمْ) كَمُسْلِمٍ وَأَبِي دَاوُدَ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 719 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَمِنْ فَوَائِدِهِ: أَنَّهُ لَا يُظَنُّ مَنْ لَيْسَ بِأَخٍ أَخًا عِنْدَ الِاشْتِرَاكِ فِي اسْمِ الْأَبِ. (مِثَالُ الْأَخَوَيْنِ فِي الصَّحَابَةِ: عُمَرُ وَزَيْدٌ ابْنَا الْخَطَّابِ) هَذَا الْمِثَالُ مَزِيدٌ عَلَى ابْنِ الصَّلَاحِ. (وَعَبْدُ اللَّهِ وَعُتْبَةُ ابْنَا مَسْعُودٍ) . وَزَيْدٌ وَيَزِيدُ ابْنَا ثَابِتٍ. وَعَمْرٌو وَهُشَامٌ ابْنَا الْعَاصِ. (وَمِنَ التَّابِعِينَ: عَمْرٌو وَأَرْقَمُ ابْنَا شُرَحْبِيلَ) كِلَاهُمَا مِنْ أَفَاضِلِ أَصْحَابِ ابْنِ مَسْعُودٍ. ثُمَّ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: هُزَيْلُ بْنُ شُرَحْبِيلَ وَأَرْقَمُ أَخَوَانِ آخَرَانِ مِنْ أَصْحَابِهِ أَيْضًا. وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ جَعْلَهُ أَرْقَمَ اثْنَيْنِ أَحَدُهُمَا أَخُو عَمْرٍو وَالْآخِرُ أَخُو هُزَيْلٍ لَيْسَ بِصَحِيحٍ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّارِيخِ وَالْأَنْسَابِ فِي أَنَّ الثَّلَاثَةَ إِخْوَةٌ، أَوْ لَيْسَ عَمْرٌو أَخًا لَهُمَا، فَذَهَبَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ إِلَى الْأَوَّلِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 720 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَالصَّحِيحُ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ الثَّانِي أَنْ أَرْقَمَ وَهُزَيْلًا أَخَوَانِ فَقَطْ، وَهُوَ الَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْبُخَارِيُّ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَحَكَاهُ عَنْ أَبِيهِ وَعَنْ أَبِي زُرْعَةَ وَابْنِ حِبَّانَ وَالْحَاكِمِ. وَجَزَمَ بِهِ الْمِزِّيُّ فِي التَّهْذِيبِ، وَرَدَّ عَلَى ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ بِأَنَّ عَمْرَو بْنَ شُرَحْبِيلَ هَمْدَانِيُّ وَأَرْقَمُ وَهُزَيْلٌ أَوْدِيَّانِ، وَلَا يَجْتَمِعُ هَمْدَانُ فِي أَوْدٍ. فَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ لَا يَتَأَتَّى عَلَى قَوْلِ الْجُمْهُورِ، وَلَا قَوْلِ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ. وَكَذَلِكَ مَا صَنَعَهُ الْمُصَنِّفُ وَإِنْ حَذَفَ هُزَيْلًا، لِأَنَّهُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ يُعَدُّ فِي الثَّلَاثَةِ لَا فِي الْأَخَوَيْنِ. (وَ) مِثَالُهُ (فِي الثَّلَاثَةِ) فِي الصَّحَابَةِ (عَلِيٌّ، وَجَعْفَرٌ، وَعَقِيلٌ بَنُو أَبِي طَالِبٍ) هَذَا الْمِثَالُ مَزِيدٌ عَلَى ابْنِ الصَّلَاحِ. (وَسَهْلٌ، وَعُثْمَانُ، وَعَبَّادٌ) بِالْفَتْحِ وَالتَّشْدِيدِ (بَنُو حُنَيْفٍ. وَفِي غَيْرِ الصَّحَابَةِ) فِي التَّابِعَيْنِ: أَبَانُ، وَسَعِيدٌ، وَعَمْرٌو أَوْلَادُ عُثْمَانَ. وَبَعْدَهُمْ (عَمْرٌو) بِالْفَتْحِ، (وَعُمَرُ) بِالضَّمِّ، (وَشُعَيْبٌ بَنُو شُعَيْبِ) بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ. (وَ) مِثَالُهُ (فِي الْأَرْبَعَةِ) مِنَ الصَّحَابَةِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَمُحَمَّدٌ، وَعَائِشَةُ، وَأَسْمَاءُ أَوْلَادُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، ذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 721 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَفِي التَّابِعَيْنِ: عُرْوَةُ، وَحَمْزَةُ، وَيَعْقُوبُ، وَالْعِفَارُ أَوْلَادُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ. وَبَعْدُهُمْ (سُهَيْلٌ، وَعَبْدُ اللَّهِ، وَمُحَمَّدٌ، وَصَالِحٌ بَنُو أَبِي صَالِحٍ) السَّمَّانِ. وَأَمَّا قَوْلُ ابْنُ عَدِيِّ: إِنَّهُ لَيْسَ فِي وَلَدِ أَبِي صَالِحٍ مُحَمَّدٌ، وَإِنَّمَا هُمْ سُهَيْلٌ وَيَحْيَى وَعَبَّادٌ وَعَبْدُ اللَّهِ وَصَالِحٌ. فَوَهْمٌ كَمَا قَالَ الْعِرَاقِيُّ: حَيْثُ أَبْدَلَ مُحَمَّدًا بِيَحْيَى، وَجَعَلَ عَبَّادًا وَعَبْدَ اللَّهِ اثْنَيْنِ، وَإِنَّمَا هُوَ لَقَبُهُ. (وَ) مِثَالُهُ (فِي الْخَمْسَةِ) لَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ فِي الصَّحَابَةِ، وَفِي التَّابِعِينَ: مُوسَى، وَعِيسَى، وَيَحْيَى، وَعِمْرَانُ، وَعَائِشَةُ أَوْلَادُ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ. وَبَعْدَهُمْ (سُفْيَانُ، وَآدَمُ، وَعِمْرَانُ، وَمُحَمَّدٌ، وَإِبْرَاهِيمُ بَنُو عُيَيْنَةَ حَدَّثُوا كُلُّهُمْ) وَأَجَلُّهُمْ سُفْيَانُ. وَقِيلَ: إِنَّهُمْ عَشَرَةٌ إِلَّا فِي الْخَمْسَةِ الْآخَرِينَ لَمْ يُحَدِّثُوا، وَسُمِّيَ مِنْهُمْ أَحْمَدُ وَمَخْلَدٌ. (وَ) مِثَالُهُ (فِي السِّتَّةِ) لَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ فِي الصَّحَابَةِ، وَفِي التَّابِعِينَ: (مُحَمَّدٌ، وَأَنَسٌ، وَيَحْيَى، وَمَعْبَدٌ، وَحَفْصَةُ، وَكَرِيمَةُ بَنُو سِيرِينَ) هَكَذَا سَمَّاهُمُ ابْنُ مَعِينٍ وَالنَّسَائِيُّ وَالْحَاكِمُ. (وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ) وَهُوَ أَبُو عَلِيٍّ الْحَافِظُ (خَالِدًا بَدَلَ كَرِيمَةَ) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 722 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَزَادَ ابْنُ سَعْدٍ فِيهِمْ عَمْرَةَ، وَسَوْدَةَ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَلَا رِوَايَةَ لَهُمَا، فَلَا يَرِدَانِ. وَفِي الْمَعَارِفِ لِابْنِ قُتَيْبَةَ: وُلِدَ لِسِيرِينَ ثَلَاثَةٌ وَعِشْرُونَ وَلَدًا مِنْ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ. (وَرَوَى مُحَمَّدُ) بْنُ سِيرِينَ، (عَنْ) أَخِيهِ (يَحْيَى، عَنْ) أَخِيهِ (أَنَسٌ، عَنْ) مَوْلَاهُ (أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ حَدِيثًا) وَهُوَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَبَّيْكَ حَجًّا حَقًّا تَعَبُّدًا وَرِقًّا» . أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ مِنْ رِوَايَةِ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ عَنْهُ. (وَهَذِهِ لَطِيفَةٌ غَرِيبَةٌ: ثَلَاثَةُ إِخْوَةٍ رَوَى بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ) فِي إِسْنَادٍ وَاحِدٍ، وَذَكَرَ ابْنُ طَاهِرٍ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ رَوَاهُ مُحَمَّدٌ، عَنْ أَخِيهِ يَحْيَى، عَنْ أَخِيهِ سَعِيدٍ، عَنْ أَخِيهِ أَنَسٍ، وَهُوَ فِي جُزْءِ أَبِي الْغَنَائِمِ النَّرْسِيِّ فَعَلَى هَذَا اجْتَمَعُوا أَرْبَعَةً فِي إِسْنَادٍ. (وَ) مِثَالُهُ (فِي السَّبْعَةِ: النُّعْمَانُ، وَمَعْقِلٌ، وَعَقِيلٌ، وَسُوِيدٌ وَسِنَانٌ، وَعَبْدُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 723 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] الرَّحْمَنِ، وَسَابِعٌ لَمْ يُسَمَّ) كَذَا قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ. وَقَدْ سَمَّاهُ ابْنُ فَتْحُونَ فِي ذَيْلِ الِاسْتِيعَابِ: عَبْدُ اللَّهِ (بَنُو مُقَرِّنٍ) وَكُلُّهُمْ (صَحَابَةٌ مُهَاجِرُونَ لَمْ يُشَارِكْهُمْ أَحَدٌ) فِي هَذِهِ الْمَكْرُمَةِ مِنْ كَوْنِهِمْ سَبْعَةً هَاجَرُوا، وَصَحِبُوا، (وَقِيلَ: شَهِدُوا الْخَنْدَقَ) . وَمِثَالُهُ فِي التَّابِعِينَ: سَالِمٌ، وَعَبْدُ اللَّهِ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ، وَحَمْزَةُ، وَوَرْشٌ، وَوَاقِدٌ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ أَوْلَادُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ. تَنْبِيهَاتٌ أَحَدُهَا: مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ، مِنْ كَوْنِ بَنِي مُقَرِّنٍ سَبْعَةً. اعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِأَنَّ ابْنَ عَبْدِ الْبَرِّ زَادَ فِيهِمْ ضِرَارًا وَنُعَيْمًا، وَحَكَى غَيْرُهُ أَنَّ أَوْلَادَ مُقَرِّنٍ عَشَرَةٌ، فَالْمِثَالُ الصَّحِيحُ أَوْلَادُ عَفْرَاءَ: مُعَاذٌ، وَمُعَوِّذٌ، وَأَنَسٌ، وَخَالِدٌ، وَعَاقِلٌ، وَعَامِرٌ، وَعَوْفٌ، كُلُّهُمْ شَهِدُوا بَدْرًا. الثَّانِي: أَنَّ قَوْلَهُ لَمْ يُشَارِكْهُمْ أَحَدٌ فِي الْهِجْرَةِ وَالصُّحْبَةِ وَالْعَدَدِ، ذَكَرَهُ أَيْضًا ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَجَمَاعَةٌ. وَاعْتُرِضَ بِأَوْلَادِ الْحَارِثِ بْنِ قَيْسٍ السَّهْمِيِّ، كُلُّهُمْ هَاجَرُوا وَصَحِبُوا، وَهُمْ سَبْعَةٌ أَوْ تِسْعَةٌ: بِشْرٌ، وَتَمِيمٌ، وَالْحَارِثُ، وَالْحَجَّاجُ، وَالسَّائِبُ، وَسَعِيدٌ، وَعَبْدُ اللَّهِ، وَمَعْمَرٌ، وَأَبُو قَيْسٍ، وَهُمْ أَشْرَفُ نَسَبًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَالْإِسْلَامِ مِنْ بَنِي مُقَرِّنٍ. وَزَادُوا عَلَيْهِمْ بِأَنِ اسْتُشْهِدَ مِنْهُمْ سَبْعَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 724 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] الثَّالِثُ: مِثَالُ الثَّمَانِيَةِ فِي الصَّحَابَةِ: أَسْمَاءُ، وَحُمْرَانُ، وَخِرَاشٌ، وَذُؤَيْبٌ، وَسَلَمَةُ، وَفُضَالَةُ، وَمَالِكٌ، وَهِنْدٌ بَنُو حَارِثَةَ بْنِ سَعْدٍ، شَهِدُوا بَيْعَةَ الرِّضْوَانِ بِالْحُدَيْبِيَةِ، وَلَمْ يَشْهَدِ الْبَيْعَةَ أَحَدٌ بَعْدَهُمْ. وَفِي التَّابِعِينَ: أَوْلَادُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ: مُصْعَبٌ، وَعَامِرٌ، وَمُحَمَّدٌ، وَإِبْرَاهِيمُ، وَعَمْرَةُ، وَيَحْيَى، وَإِسْحَاقُ، وَعَائِشَةُ. وَمِثَالُ التِّسْعَةِ فِي الصَّحَابَةِ: أَوْلَادُ الْحَارِثِ الْمُتَقَدِّمِينَ. وَفِي التَّابِعِينَ أَوْلَادُ أَبِي بَكْرَةَ: عَبْدُ اللَّهِ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ، وَمُسْلِمٌ، وَرَوَّادٌ، وَيَزِيدُ، وَعُتْبَةُ، وَكَبْشَةُ. وَمِثَالُ الْعَشَرَةِ مِنَ الصَّحَابَةِ، أَوْلَادُ الْعَبَّاسِ: عَبْدُ اللَّهِ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَالْفَضْلُ، وَقُثَمُ، وَمَعْبَدٌ، وَعَوْنٌ، وَالْحَارِثُ، وَكَثِيرٌ، وَتَمَّامٌ، وَهُوَ أَصْغَرُهُمْ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: لِكُلِّ وَلَدِ الْعَبَّاسِ رُؤْيَةٌ وَالصُّحْبَةُ لِلْفَضْلِ وَعَبْدِ اللَّهِ. وَفِي التَّابِعِينَ: أَوْلَادُ أَنَسٍ الَّذِينَ رَوَوْا فَقَطْ: النَّضْرُ، وَمُوسَى، وَعُبَيْدُ اللَّهِ، وَزَيْدٌ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَمَالِكٌ، وَثُمَامَةُ وَمَعْبَدٌ وَمِثَالُ الِاثْنَى عَشَرَ فِي الصَّحَابَةِ، أَوْلَادُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ: إِبْرَاهِيمُ، وَإِسْحَاقُ، وَإِسْمَاعِيلُ، وَزَيْدٌ، وَعَبْدُ اللَّهِ، وَعِمَارَةُ، وَعُمَرُ، وَعَمِيرَةُ، وَالْقَاسِمُ، وَمُحَمَّدٌ، وَيَعْقُوبُ، وَمَعْمَرٌ. وَمِثَالُ الثَّلَاثَةَ عَشَرَ أَوِ الْأَرْبَعَةَ عَشَرَ أَوْلَادُ الْعَبَّاسِ الْمَذْكُورِ، وَلَهُ أَرْبَعُ إِنَاثٍ أَوْ ثَلَاثٍ: أُمُّ كُلْثُومٍ، وَأُمُّ حَبِيبٍ، وَأُمَيْمَةُ، وَأُمُّ تَمِيمٍ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 725 النَّوْعُ الرَّابِعُ وَالْأَرْبَعُونَ: رِوَايَةُ الْآبَاءِ عَنِ الْأَبْنَاءِ، لِلْخَطِيبِ فِيهِ كِتَابٌ فِيهِ عَنِ الْعَبَّاسِ عَنِ ابْنِهِ الْفَضْلِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَمَعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ بِالْمُزْدَلِفَةِ، وَعَنْ وَائِلِ بْنِ دَاوُدَ عَنِ ابْنِهِ بَكْرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ حَدِيثًا، وَعَنْ مُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: حَدَّثْتَنِي أَنْتَ عَنِّي عَنْ أَيُّوبَ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: وَيْحَ، كَلِمَةُ رَحَمَةٍ، وَهَذَا طَرِيفٌ يَجْمَعُ أَنْوَاعًا بَيَّنْتُهَا فِي الْكَبِيرِ.   [تدريب الراوي] [النوع الرابع والأربعون رِوَايَةُ الْآبَاءِ عَنِ الْأَبْنَاءِ] لِلْخَطِيبِ فِيهِ كِتَابٌ) رَوَى (فِيهِ عَنِ الْعَبَّاسِ) بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، (عَنِ ابْنِهِ الْفَضْلِ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَمَعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ بِالْمُزْدَلِفَةِ» ) . وَرَوَى فِيهِ (عَنْ وَائِلِ بْنِ دَاوُدَ، عَنِ ابْنِهِ بَكْرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ حَدِيثًا) ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: «أَخِّرُوا الْأَحْمَالَ فَإِنَّ الْيَدَ مُعَلَّقَةٌ وَالرِّجْلَ مُوثَقَةٌ» . وَأَوْرَدَ أَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةُ مِنْ طَرِيقِهِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْلَمَ عَلَى صَفِيَّةَ بِسَوِيقٍ وَتَمْرٍ» . (وَ) رَوَى فِيهِ (عَنْ مُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ) التَّيْمِيِّ (قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: حَدَّثْتَنِي أَنْتَ عَنِّي: عَنْ أَيُّوبَ) السِّخْتِيَانَيِّ، (عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: وَيْحَ كَلِمَةُ رَحْمَةٍ) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 726 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] قَالَ الْمُصَنِّفُ: كَابْنِ الصَّلَاحِ (وَهَذَا) مِثَالٌ (طَرِيفٌ يَجْمَعُ أَنْوَاعًا) . قَالَ الْمُصَنِّفُ: (بَيَّنْتُهَا فِي الْكَبِيرِ) أَيْ فِي الْإِرْشَادِ. وَقَالَ فِيهِ: مِنْهَا رِوَايَةُ الْأَبِ عَنِ ابْنِهِ، وَرِوَايَةُ الْأَكْبَرِ عَنِ الْأَصْغَرِ، وَرِوَايَةُ التَّابِعِيِّ عَنْ تَابِعِيِّهِ، وَرِوَايَةُ ثَلَاثَةِ تَابِعِينَ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ، وَأَنَّهُ حَدَّثَ غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ نَفْسِهِ. قَالَ: وَهَذَا فِي غَايَةٍ مِنَ الْحُسْنِ وَالْغَرَابَةِ، وَيَبْعُدُ أَنْ يُوجَدَ مَجْمُوعُ هَذَا فِي حَدِيثٍ. انْتَهَى. وَقَدْ أَوْرَدَهُ؛ أَيِ: الْخَطِيبُ فِي كِتَابِهِ: رِوَايَةُ الْآبَاءِ عَنِ الْأَبْنَاءِ عَنِ الْأَبْنَاءِ، وَفِي كِتَابِ: مَنْ حَدَّثَ وَنَسِيَ. وَأَوْرَدَهُ فِي كِتَابِ: مَنْ حَدَّثَ وَنَسِيَ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ، عَنْ مُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُنْقِذٌ، قَالَ: حَدَّثْتَنِي أَنْتَ عَنِّي، عَنْ أَيُّوبَ فَذَكَرَهُ. وَقَالَ: هَكَذَا رَوَى الْحَدِيثَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، عَنْ مُعْتَمِرٍ، عَنْ مُنْقِذٍ، عَنْ نَفْسِهِ، ثُمَّ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ فَرَوَاهُ عَنْ مُعْتَمِرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ نَفْسِهِ، وَرَوَاهُ صَالِحُ بْنُ حَاتِمِ بْنِ وُرْدَانَ، وَنُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ كِلَاهُمَا عَنْ مُعْتَمِرٍ، عَنْ رَجُلٍ غَيْرِ مُسَمًّى. وَقَالَ نُعَيْمٌ، قُلْتُ لِمُعْتَمِرٍ مَنِ الرَّجُلُ؟ فَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ. فَوَائِدُ رَوَى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ عَنِ ابْنِهِ غَيْرَ مُسَمًّى حَدِيثًا، وَزَكَرِيَّا بْنُ أَبِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 727 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] زَائِدَةَ عَنِ ابْنِهِ حَدِيثًا، وَيُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ ابْنِهِ إِسْرَائِيلَ حَدِيثًا، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنِ ابْنِهِ إِبْرَاهِيمَ حَدِيثًا، وَشُجَاعُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنِ ابْنِهِ أَبِي هِشَامٍ الْوَلِيدِ حَدِيثًا، وَعُمَرُ بْنُ يُونُسَ الْيَمَامِيُّ عَنِ ابْنِهِ مُحَمَّدٍ حَدِيثًا، وَسَعِيدُ بْنُ الْحَكَمِ الْمِصْرِيُّ عَنِ ابْنِهِ مُحَمَّدٍ حَدِيثًا، وَإِسْحَاقُ الْبُهْلُولُ عَنِ ابْنِهِ يَعْقُوبَ حَدِيثَيْنِ، وَيَحْيَى بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَعْيَنَ عَنِ ابْنِهِ الْحُسَيْنِ حَدِيثَيْنِ، وَأَبُو دَاوُدَ صَاحِبُ السُّنَنِ عَنِ ابْنِهِ أَبِي بَكْرٍ حَدِيثَيْنِ، وَالْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ عَنِ ابْنِهِ أَبِي بَكْرٍ حَدِيثَيْنِ. قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَأَكْثَرُ مَا رَوَيْنَاهُ لِأَبٍ عَنِ ابْنِهِ مَا فِي كِتَابِ الْخَطِيبِ عَنْ حَفْصٍ الدُّورِيِّ الْمُقْرِئِ، عَنِ ابْنِهِ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدٍ سِتَّةَ عَشَرَ حَدِيثًا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ. قَالَ: وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي رَوَيْنَاهُ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، عَنِ ابْنَتِهِ عَائِشَةَ، «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ فِي الْحَبَّةِ السَّوْدَاءِ: " شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ دَاءٍ» . فَهُوَ غَلَطٌ مِمَّنْ رَوَاهُ، إِنَّمَا هُوَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي عَتِيقٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ عَائِشَةَ، كَمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: لَكِنْ ذَكَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ أَنَّ الصِّدِّيقَ رَوَى عَنِ ابْنَتِهِ عَائِشَةَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 728 النَّوْعُ الْخَامِسُ وَالْأَرْبَعُونَ: رِوَايَةُ الْأَبْنَاءِ عَنْ آبَائِهِمْ، لِأَبِي نَصْرٍ الْوَائِلِيِّ فِيهِ كِتَابٌ، وَأَهَمُّهُ مَا لَمْ يُسَمَّ فِيهِ الْأَبُ وَالْجَدُّ. وَهُوَ نَوْعَانِ: أَحَدُهُمَا: عَنْ أَبِيهِ فَحَسْبُ، وَهُوَ كَثِيرٌ. وَالثَّانِي: عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ كَعَمْرِو بْنِ شُعَيْبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، لَهُ هَكَذَا نُسْخَةٌ كَبِيرَةٌ أَكْثَرُهَا فِقْهِيَّاتٌ جِيَادٌ وَاحْتَجَّ بِهِ هَكَذَا أَكْثَرُ الْمُحَدِّثِينَ حَمْلًا لَجَدِّهِ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ دُونَ مُحَمَّدٍ التَّابِعِيِّ. وَبَهْزِ بْنِ حَكِيمِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ حَيْدَةَ عَنْ جَدِّهِ، لَهُ هَكَذَا نُسْخَةٌ حَسَنَةٌ، وَطَلَحَةُ بْنُ مُصَرِّفِ بْنِ عَمْرِو بْنِ كَعْبٍ، وَقِيلَ كَعْبِ بْنِ عَمْرٍو، وَمِنْ أَحْسَنِهِ رِوَايَةُ الْخَطِيبِ عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ أَسَدِ بْنِ اللَّيْثِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ الْأَسْوَدِ بْنِ سُفْيَانَ بْنِ يَزِيدَ بْنِ أُكَيْنَةَ، التَّمِيمِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَقُولُ: " الْحَنَّانُ الَّذِي يُقْبِلُ عَلَى مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ، وَالْمَنَّانُ الَّذِي يَبْدَأُ بِالنَّوَالِ قَبْلَ السُّؤَالِ ".   [تدريب الراوي] حَدِيثَيْنِ، وَرَوَتْ عَنْهَا أُمُّ رُومَانَ أُمُّهَا حَدِيثَيْنِ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: فَإِنْ كَانَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ أَخَذَ رِوَايَةَ الصِّدِّيقِ مِنْ ذَلِكَ الْحَدِيثِ فَقَدْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ وَهْمٌ. قَالَ: وَذَكَرَ رِوَايَةَ الْعَبَّاسِ وَحَمْزَةَ عَنِ ابْنِ أَخِيهِمَا رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْعَمُّ بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ. قَالَ: وَفِي هَذَا التَّمْثِيلِ نَظَرٌ. قَالَ: وَرَوَى مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرِيُّ عَنِ ابْنِ أَخِيهِ الزُّبَيْرِ بْنِ بَكَّارٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ حَنْبَلٍ عَنِ ابْنِ أَخِيهِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَرَوَى مَالِكٌ عَنِ ابْنِ أَخِيهِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي أُوَيْسٍ. قُلْتُ: وَمِنْ أَلْطَفِ هَذَا النَّوْعِ رِوَايَةُ أَبِي طَالِبٍ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [النوع الخامس والأربعون رِوَايَةُ الْأَبْنَاءِ عَنْ آبَائِهِمْ] (النَّوْعُ الْخَامِسُ وَالْأَرْبَعُونَ: رِوَايَةُ الْأَبْنَاءِ عَنْ آبَائِهِمْ لِأَبِي نَصْرٍ الْوَائِلِيِّ، فِيهِ كِتَابٌ، وَأَهَمُّهُ مَا لَمْ يُسَمَّ فِيهِ الْأَبُ وَالْجَدُّ) فَيُحْتَاجُ إِلَى مَعْرِفَةِ اسْمِهِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 729 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] (وَهُوَ نَوْعَانِ: أَحَدُهُمَا) رِوَايَةُ الرَّجُلِ (عَنْ أَبِيهِ فَحَسْبُ، وَهُوَ كَثِيرٌ) كَرِوَايَةِ أَبِي الْعُشَرَاءِ الدَّارِمِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ فِي السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ، وَلَمْ يُسَمَّ أَبُوهُ، وَاخْتُلِفَ فِيهِ، وَسَيَأْتِي. (وَالثَّانِي: رِوَايَتُهُ (عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ) قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: حَدَّثَنِي أَبُو الْمُظَفَّرِ السَّمْعَانِيُّ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ: سَمِعْتُ السَّيِّدَ أَبَا الْقَاسِمِ مَنْصُورَ بْنَ مُحَمَّدٍ الْعَلَوِيَّ يَقُولُ: الْإِسْنَادُ بَعْضُهُ عَوَالٍ وَبَعْضُهُ مَعَالِي، وَقَوْلُ الرَّجُلِ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَدِّي مِنَ الْمَعَالِي. وَقَالَ الْحَاكِمُ فِي الْمَدْخَلِ: سَمِعْتُ الزُّبَيْرَ بْنَ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْحَافِظَ يَقُولُ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْعَطَّارُ، ثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ} [الزخرف: 44] قَالَ: قَوْلُ الرَّجُلِ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي. وَأَلَّفَ فِيهِ الْحَافِظُ أَبُو سَعِيدٍ الْعَلَائِيُّ (الْوَشْيَ الْمُعْلَمَ) . ثُمَّ تَارَةً يُرِيدُ بِالْجَدِّ أَبَا الْأَبِ، وَتَارَةً يُرِيدُ الْأَعْلَى فَيَكُونُ جَدًّا لِلْأَبِ (كَعَمْرِو الجزء: 2 ¦ الصفحة: 730 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] بْنِ شُعَيْبِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، لَهُ هَكَذَا نُسْخَةٌ كَبِيرَةٌ أَكْثَرُهَا فِقْهِيَّاتٌ جِيَادٌ، وَاحْتَجَّ بِهِ هَكَذَا أَكْثَرُ الْمُحَدِّثِينَ) إِذَا صَحَّ السَّنَدُ إِلَيْهِ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: رَأَيْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ، وَعَلِيَّ ابْنَ الْمَدِينِيِّ، وَإِسْحَاقَ ابْنَ رَاهَوَيْهِ، وَأَبَا عُبَيْدَةَ، وَعَامَّةَ أَصْحَابِنَا يَحْتَجُّونَ بِحَدِيثِهِ. مَا تَرَكَهُ أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: مَنِ النَّاسُ بَعْدَهُمْ؟ وَزَادَ مَرَّةً: وَالْحُمَيْدِيُّ. وَقَالَ: اجْتَمَعَ عَلِيٌّ وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَأَحْمَدُ وَأَبُو خَيْثَمَةَ وَشُيُوخٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، فَتَذَاكَرُوا حَدِيثَ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ فَثَبَّتُوهُ، ذَكَرُوا أَنَّهُ حُجَّةٌ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ. احْتَجَّ أَصْحَابُنَا بِحَدِيثِهِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَهُوَ الصَّحِيحُ الْمُخْتَارُ الَّذِي عَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ، وَهُمْ أَهْلُ هَذَا الْفَنِّ وَعَنْهُمْ يُؤْخَذُ. (حَمْلًا لِجَدِّهِ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ الصَّحَابِيِّ (دُونَ مُحَمَّدٍ التَّابِعِيِّ) لِمَا ظَهَرَ لَهُمْ فِي إِطْلَاقِهِ ذَلِكَ، وَسَمَاعُ شُعَيْبٍ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ ثَابِتٌ، وَقَدْ أَبْطَلَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ إِنْكَارَ ابْنِ حِبَّانَ ذَلِكَ. وَحَكَى الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ عَنْ إِسْحَاقَ ابْنِ رَاهَوَيْهِ قَالَ: عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 731 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، كَأَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ. قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَهَذَا التَّشْبِيهُ نِهَايَةُ الْجَلَالَةِ مِنْ مِثْلِ إِسْحَاقَ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: عَمْرٌو عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ. وَقَدْ أَلَّفَ الْعَلَائِيُّ جُزْءًا مُفْرَدًا فِي صِحَّةِ الِاحْتِجَاجِ بِهَذِهِ النُّسْخَةِ وَالْجَوَابِ عَمَّا طُعِنَ بِهِ عَلَيْهَا قَالَ: وَمِمَّا يُحْتَجُّ بِهِ لِصِحَّتِهَا احْتِجَاجُ مَالِكٍ بِهَا فِي الْمُوَطَّأِ، فَقَدْ أَخْرَجَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَرْمَلَةَ عَنْهُ حَدِيثَ: «الرَّاكِبُ شَيْطَانٌ وَالرَّاكِبَانِ شَيْطَانَانِ وَالثَّلَاثَةُ رَكْبٌ» . وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى تَرْكِ الِاحْتِجَاجِ بِهِ، وَحَكَاهُ الْآجُرِّيُّ عَنْ أَبِي دَاوُدَ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنِ ابْنِ مَعِينٍ، قَالَ: لِأَنَّ رِوَايَتَهُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ كِتَابٌ وَوِجَادَةٌ، فَمِنْ هُنَا جَاءَ ضَعْفُهُ، لِأَنَّ التَّصْحِيفَ يَدْخُلُ عَلَى الرَّاوِي مِنَ الصُّحُفِ وَلِذَا تَجَنَّبَهَا أَصْحَابُ الصَّحِيحِ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: رِوَايَتُهُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ مُرْسَلَةٌ، لِأَنَّ جَدَّهُ مُحَمَّدًا لَا صُحْبَةَ لَهُ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: إِنْ أَرَادَ جَدَّهُ عَبْدَ اللَّهِ فَشُعَيْبٌ لَمْ يَلْقَهُ، فَيَكُونُ مُنْقَطِعًا، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 732 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَإِنْ أَرَادَ مُحَمَّدًا فَلَا صُحْبَةَ لَهُ فَيَكُونُ مُرْسَلًا. قَالَ الذَّهَبِيُّ وَغَيْرُهُ: وَهَذَا قَوْلٌ لَا شَيْءَ، لِأَنَّ شُعَيْبًا ثَبَتَ سَمَاعُهُ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ، وَهُوَ الَّذِي رَبَّاهُ لَمَّا مَاتَ أَبُوهُ مُحَمَّدٌ. وَهَذَا الْقَوْلُ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ فِي اللُّمَعِ، إِلَّا أَنَّهُ احْتَجَّ بِهَا فِي الْمُهَذَّبِ. وَذَهَبَ الدَّارَقُطْنِيُّ إِلَى التَّفْرِقَةِ بَيْنَ أَنْ يُفْصِحَ بِجَدِّهِ أَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ فَيُحْتَجُّ بِهِ، أَوْ لَا فَلَا، وَكَذَا إِنْ قَالَ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَنَحْوَهُ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ عَبْدُ اللَّهِ. وَذَهَبَ ابْنُ حِبَّانَ إِلَى التَّفْرِقَةِ بَيْنَ أَنْ يَسْتَوْعِبَ ذِكْرَ آبَائِهِ بِالرِّوَايَةِ أَوْ يَقْتَصِرَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، فَإِنْ صَرَّحَ بِهِمْ كُلِّهِمْ فَهُوَ حُجَّةٌ، وَإِلَّا فَلَا، وَقَدْ أَخْرَجَ فِي صَحِيحِهِ لَهُ حَدِيثًا وَاحِدًا هَكَذَا: عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِيهِ مَرْفُوعًا: «أَلَا أُحَدِّثُكُمْ بِأَحَبِّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ» الْحَدِيثَ. قَالَ الْعَلَائِيُّ: مَا جَاءَ فِيهِ التَّصْرِيحُ بِرِوَايَةِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ فِي السَّنَدِ، فَهُوَ شَاذٌّ نَادِرٌ. (وَ) مِنْ أَمْثِلَةِ مَا أُرِيدَ فِيهِ الْجَدُّ الْأَدْنَى (بَهْزُ بْنُ حَكِيمِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ حَيْدَةَ) بِفَتْحِ الْمُهْمِلَةِ وَسُكُونِ التَّحْتِيَّةِ الْقُشَيْرِيُّ الْبَصْرِيُّ (عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، لَهُ هَكَذَا نُسْخَةٌ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 733 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] حَسَنَةٌ) صَحَّحَهَا ابْنُ مَعِينٍ وَاسْتَشْهَدَ بِهَا الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ. وَقَالَ الْحَاكِمُ: إِنَّمَا أَسْقَطَ مِنَ الصَّحِيحِ رِوَايَتَهُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ ; لِأَنَّهَا شَاذَّةٌ لَا مُتَابِعَ لَهُ فِيهَا، وَرَجَّحَهَا بَعْضُهُمْ عَلَى نُسْخَةِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، لِأَنَّ الْبُخَارِيَّ اسْتَشْهَدَ بِهَا فِي الصَّحِيحِ دُونَهَا. وَمِنْهُمْ مَنْ عَكَسَ، كَأَبِي حَاتِمٍ، لِأَنَّ الْبُخَارِيَّ صَحَّحَ نُسْخَةَ عَمْرٍو، وَهُوَ أَقْوَى مِنِ اسْتِشْهَادِهِ بِنُسْخَةِ بَهْزٍ. (وَطَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفِ بْنِ عَمْرِو بْنِ كَعْبٍ) الْيَامِيُّ، (وَقِيلَ: كَعْبُ بْنُ عَمْرٍو) . قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: فِي هَذِهِ الطَّرِيقَةِ نَظَرٌ مِنْ جِهَةِ أَنَّ أَبَا دَاوُدَ قَالَ فِي سُنَنِهِ فِي حَدِيثِ الْوُضُوءِ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ: إِنَّ ابْنَ عُيَيْنَةَ - زَعَمُوا - كَانَ يُنْكِرُهُ وَيَقُولُ: أَيْشِ هَذَا، طَلْحَةُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ. وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارَمِيُّ، سَمِعْتُ ابْنَ الْمَدِينِيِّ يَقُولُ، قُلْتُ لِسُفْيَانَ: إِنَّ لَيْثًا يَرْوِي عَنْ طَلْحَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَتَوَضَّأُ، فَأَنْكَرَ سُفْيَانُ ذَلِكَ، وَعَجِبَ أَنْ يَكُونَ جَدُّ طَلْحَةَ لَقِيَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (وَمِنْ أَحْسَنِهِ) أَيْ: رِوَايَةِ الْأَبْنَاءِ عَنِ الْآبَاءِ (رِوَايَةُ الْخَطِيبِ) فِي تَارِيخِهِ، (عَنْ) أَبِي الْفَرَجِ (عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ أَسَدِ بْنِ اللَّيْثِ بْنِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 734 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] سُلَيْمَانَ بْنِ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ أُكَيْنَةَ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ الْكَافِ وَسُكُونِ التَّحْتِيَّةِ وَنُونٍ (التَّمِيمِيِّ) الْفَقِيهِ الْحَنْبَلِيِّ، (قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ، سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ، سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ، سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ، سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ، سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ، سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ، سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ، سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ، سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ، سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - يَقُولُ) وَقَدْ سُئِلَ عَنِ الْحَنَّانِ الْمَنَّانِ فَقَالَ: (الْحَنَّانُ الَّذِي يُقْبِلُ عَلَى مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ، وَالْمَنَّانُ الَّذِي يَبْدَأُ بِالنَّوَالِ قَبْلَ السُّؤَالِ) . قَالَ الْخَطِيبُ: بَيْنَ عَبْدِ الْوَهَّابِ وَبَيْنَ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي هَذَا الْإِسْنَادِ تِسْعَةُ آبَاءٍ، آخِرُهُمْ أُكَيْنَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَهُوَ السَّامِعُ عَلِيًّا، أَخْرَجَهُ فِي كِتَابِ الْأَبْنَاءِ. وَرُوِي بِهَذَا الْإِسْنَادِ فِي كِتَابِ اقْتِضَاءِ الْعِلْمِ الْعَمَلَ، عَنْ عَلِيٍّ أَيْضًا " هَتَفَ الْعِلْمُ بِالْعَمَلِ فَإِنْ أَجَابَهُ وَإِلَّا ارْتَحَلَ ". وَأَحْسَنُ مِنْ هَذَا مَا وَقَعَ التَّسَلْسُلُ فِيهِ بِأَكْثَرِ مِنْ هَذَا الْعَدَدِ، فَوَقَعَ لَنَا بِاثْنَيْ عَشَرَ أَبًا: أَخْبَرَتْنِي أُمُّ هَانِئٍ بِنْتُ أَبِي الْحَسَنِ الْهُورِينِيِّ سَمَاعًا عَلَيْهَا، أَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْمَكِّيُّ، أَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْعَلَائِيُّ. . . . . ح، وَأَنْبَأَنِي عَالِيًا شَيْخُنَا شَيْخُ الْإِسْلَامِ الْبُلْقِينِيُّ، عَنْ خَدِيجَةَ بِنْتِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 735 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] سُلْطَانٍ، قَالَا: أَنَا الْقَاسِمُ بْنُ مُظَفَّرٍ، قَالَ الْعَلَائِيُّ بِقِرَاءَتِي: نَبَّأَتْنَا كَرِيمَةُ بِنْتُ عَبْدِ الْوَهَّابِ حُضُورًا، أَنَا الْقَاسِمُ بْنُ الْفَضْلِ الصَّيْدَلَانِيُّ وَغَيْرُهُ، أَنَا رِزْقُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ التَّمِيمِيُّ، سَمِعْتُ أَبِي أَبَا الْفَرَجِ عَبْدَ الْوَهَّابِ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبِي عَبْدَ الْعَزِيزِ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبِي أَسَدًا يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبِي اللَّيْثَ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبِي سُلَيْمَانَ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبِي الْأَسْوَدَ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبِي سُفْيَانَ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَى يَزِيدَ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبِي أُكَيْنَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبِي الْهَيْثَمَ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَى عَبْدَ اللَّهِ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ عَلَى ذِكْرٍ إِلَّا حَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ» . قَالَ الْعَلَائِيُّ: هَذَا إِسْنَادٌ غَرِيبٌ جِدًّا، وَرِزْقُ اللَّهِ كَانَ إِمَامَ الْحَنَابِلَةِ فِي زَمَانِهِ مِنَ الْكِبَارِ الْمَشْهُورِينَ، وَأَبُوهُ أَيْضًا إِمَامٌ مَشْهُورٌ، وَلَكِنَّ جَدَّهُ عَبْدَ الْعَزِيزِ مُتَكَلَّمُ فِيهِ عَلَى إِمَامَتِهِ، وَاشْتُهِرَ بِوَضْعِ الْحَدِيثِ، وَبَقِيَّةُ آبَائِهِ مَجْهُولُونَ لَا ذِكْرَ لَهُمْ فِي شَيْءٍ مِنَ الْكُتُبِ أَصْلًا، وَقَدْ خَبَطَ فِيهِمْ عَبْدُ الْعَزِيزِ أَيْضًا فَزَادَ أَبًا لِأُكَيْنَةَ وَهُوَ الْهَيْثَمُ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَأَكْثَرُ مَا وَقَعَ لَنَا التَّسَلْسُلُ بِأَرْبَعَةَ عَشَرَ أَبًا مِنْ رِوَايَةِ أَبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: وَالْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ الْأَصْغَرِ بْنِ عَلِيٍّ زَيْنِ الْعَابِدِينَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 736 النَّوْعُ السَّادِسُ وَالْأَرْبَعُونَ: مَنِ اشْتَرَكَ فِي الرِّوَايَةِ عَنْهُ اثْنَانِ تَبَاعَدَ مَا بَيْنَ وَفَاتَيْهِمَا، لِلْخَطِيبِ فِيهِ كِتَابٌ حَسَنٌ، وَمِنْ فَوَائِدِهِ حَلَاوَةُ عُلُوِّ الْإِسْنَادِ؛ مِثَالُهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ السَّرَّاجُ، رَوَى عَنْهُ الْبُخَارِيُّ وَالْخَفَّافُ وَبَيْنَ وَفَاتَيْهِمَا مِائَةٌ وَسَبْعٌ وَثَلَاثُونَ سَنَةً أَوْ أَكْثَرُ، وَالزُّهْرِيُّ وَزَكَرِيَّا بْنُ دُوَيْدٍ عَنْ مَالِكٍ وَبَيْنَهُمَا كَذَلِكَ.   [تدريب الراوي] بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ آبَائِهِ نَوْعًا مَرْفُوعًا بِأَرْبَعِينَ حَدِيثًا مِنْهَا: «الْمَجَالِسُ بِالْأَمَانَةِ» ، وَفِي الْآبَاءِ مَنْ لَا يُعْرَفُ حَالُهُ. فَوَائِدُ: يَلْتَحِقُ بِرِوَايَةِ الرَّجُلِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ رِوَايَةُ الْمَرْأَةِ عَنْ أُمِّهَا عَنْ جَدَّتِهَا، وَهُوَ عَزِيزٌ جِدًّا وَمِنْ ذَلِكَ: مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ، عَنْ بُنْدَارٍ، ثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ، قَالَ: حَدَّثَتْنِي أُمُّ جَنُوبٍ بِنْتُ نُمَيْلَةَ، عَنْ أُمِّهَا سُوَيْدَةَ بِنْتِ جَابِرٍ، عَنْ أُمِّهَا عَقِيلَةَ بِنْتِ أَسْمَرَ بْنِ مُضَرِّسٍ، عَنْ أَبِيهَا أَسْمَرَ بْنِ مُضَرِّسٍ، قَالَ: «أَتَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَبَايَعْتُهُ، فَقَالَ: " مَنْ سَبَقَ إِلَى مَا لَمْ يَسْبِقْ إِلَيْهِ مُسْلِمٌ فَهُوَ لَهُ» . [النوع السادس والأربعون السَّابِقُ وَاللَّاحِقُ] (النَّوْعُ السَّادِسُ وَالْأَرْبَعُونَ) السَّابِقُ وَاللَّاحِقُ، وَهُوَ مَعْرِفَةُ (مَنِ اشْتَرَكَ فِي الرِّوَايَةِ عَنْهُ اثْنَانِ تَبَاعَدَ مَا بَيْنَ وَفَاتَيْهِمَا، لِلْخَطِيبِ فِيهِ كِتَابٌ حَسَنٌ) سَمَّاهُ: السَّابِقُ وَاللَّاحِقُ. (وَمِنْ فَوَائِدِهِ حَلَاوَةُ عُلُوِّ الْإِسْنَادِ) فِي الْقُلُوبِ، وَأَنْ لَا يُظَنَّ سُقُوطُ شَيْءٍ مِنَ الْإِسْنَادِ. (مِثَالُهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ السَّرَّاجُ، رَوَى عَنْهُ الْبُخَارِيُّ) فِي تَارِيخِهِ، (وَ) أَبُو الْحُسَيْنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ (الْخَفَّافُ) النَّيْسَابُورِيُّ، (وَبَيْنَ وَفَاتَيْهِمَا مِائَةٌ وَسَبْعٌ وَثَلَاثُونَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 737 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] سَنَةً أَوْ أَكْثَرُ) . لِأَنَّ الْبُخَارِيَّ مَاتَ سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْنِ، وَالْخَفَّافُ مَاتَ سَنَةَ ثَلَاثٍ، وَقِيلَ: أَرْبَعٍ، وَقِيلَ: خَمْسٍ وَتِسْعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ. (وَالزُّهْرِيُّ وَزَكَرِيَّا بْنُ رُوَيْدٍ) رَوَيَا (عَنْ مَالِكٍ، وَبَيْنَهُمَا كَذَلِكَ) . فَإِنَّ الزُّهْرِيَّ مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ، وَزَكَرِيَّا حَدَّثَ سَنَةَ نَيِّفٍ وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ وَلَا نَعْرِفُ وَقْتَ وَفَاتِهِ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَالتَّمْثِيلُ بِزَكَرِيَّا سَبَقَ إِلَيْهِ الْخَطِيبُ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُمَثَّلَ بِهِ، لِأَنَّهُ أَحَدُ الْكَذَّابِينَ الْوَضَّاعِينَ، وَلَا نَعْرِفُ سَمَاعَهُ مِنْ مَالِكٍ وَإِنْ حَدَّثَ عَنْهُ، فَقَدْ زَادَ وَادَّعَى أَنَّهُ سَمِعَ مِنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ وَرَوَى عَنْهُ نُسْخَةً مَوْضُوعَةً. فَالصَّوَابُ أَنَّ آخِرَ أَصْحَابِ مَالِكٍ أَحْمَدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ السَّهْمِيُّ، وَمَاتَ سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْنِ، فَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الزُّهْرِيِّ مِائَةٌ وَخَمْسٌ وَثَلَاثُونَ سَنَةً. وَمِنْ أَمْثِلَةِ ذَلِكَ فِي الْمُتَأَخِّرِينَ: أَنَّ الْفَخْرَ بْنَ الْبُخَارِيِّ سَمِعَ مِنْهُ الْمُنْذِرِيُّ وَالصَّلَاحُ بْنُ أَبِي عَمْرٍو شَيْخُ شَيْخِنَا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 738 النَّوْعُ السَّابِعُ وَالْأَرْبَعُونَ: مَنْ لَمْ يَرْوِ عَنْهُ إِلَّا وَاحِدٌ، لِمُسْلِمٍ فِيهِ كِتَابٌ، مِثَالُهُ: وَهْبُ بْنُ خَنْبَشٍ. وَعَامِرُ بْنُ شَهْرٍ، وَعُرْوَةُ بْنُ مُضَرِّسٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ صَفْوَانَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ صَيْفِيٍّ صَحَابِيُّونَ لَمْ يَرْوِ عَنْهُمْ غَيْرُ الشَّعْبِيِّ، وَانْفَرَدَ قَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ بِالرِّوَايَةِ عَنْ أَبِيهِ وَدُكَيْنٍ، وَالصُّنَابِحِ بْنِ الْأَعْسَرِ، وَمِرْدَاسٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَمِمَّنْ لَمْ يَرْوِ عَنْهُ مِنَ الصَّحَابَةِ إِلَّا ابْنُهُ الْمُسَيَّبُ وَالِدُ سَعِيدٍ، وَمُعَاوِيَةُ وَالِدُ حَكِيمٍ، وَقُرَّةُ بْنُ إِيَاسٍ وَالِدُ مُعَاوِيَةَ، وَأَبُو لَيْلَى وَالِدُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ الْحَاكِمُ: لَمْ يُخْرِجَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَحَدٍ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ وَغَلَّطُوهُ بِإِخْرَاجِهِمَا حَدِيثَ الْمُسَيَّبِ أَبِي سَعِيدٍ فِي وَفَاةِ أَبِي طَالِبٍ، وَبِإِخْرَاجِ الْبُخَارِيِّ حَدِيثَ الْحَسَنِ عَنْ عَمْرِو بْنِ تَغْلِبَ، وَقَيْسٍ عَنْ مِرْدَاسٍ، وَبِإِخْرَاجِ مُسْلِمٍ حَدِيثَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ عَنْ رَافِعِ بْنِ عَمْرٍو، وَنَظَائِرُهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ كَثِيرَةٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ " فِي النَّوْعِ الثَّالِثِ وَالْعِشْرِينَ ". وَفِي التَّابِعِينَ أَبُو الْعُشَرَاءِ لَمْ يَرْوِ عَنْهُ غَيْرُ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، وَتَفَرَّدَ الزُّهْرِيُّ عَنْ نَيِّفٍ وَعِشْرِينَ مِنَ التَّابِعِينَ. وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنْ جَمَاعَةٍ، وَكَذَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ وَهِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ وَمَالِكٌ وَغَيْرُهُمْ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ.   [تدريب الراوي] وَمَاتَ الْمُنْذِرِيُّ سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، وَالصَّلَاحُ سَنَةَ ثَمَانِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ. وَالْبُرْهَانُ التَّنُوخِيُّ شَيْخُ شُيُوخِنَا سَمِعَ مِنْهُ الذَّهَبِيُّ، وَرَوَى عَنْهُ فِيمَا ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَبُو الْفَضْلِ بْنُ حَجَرٍ، وَمَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ، وَآخِرُ أَصْحَابِهِ أَبُو الْعَبَّاسِ الشَّاوِيُّ مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ وَثَمَانِمِائَةٍ. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: وَأَكْثَرُ مَا وَقَفْنَا عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ سَنَةً، وَذَلِكَ أَنَّ أَبَا عَلِيٍّ الْبُرْدَانِيَّ سَمِعَ مِنَ السِّلَفِيِّ حَدِيثًا وَرَوَاهُ عَنْهُ، وَمَاتَ عَلَى رَأْسِ الْخَمْسِمِائَةِ، وَآخِرُ أَصْحَابِ السِّلَفِيِّ سِبْطَهُ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ مَكِّيٍّ مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّمِائَةٍ. [النوع السابع والأربعون مَعْرِفَةُ الْوُحْدَانِ] (النَّوْعُ السَّابِعُ وَالْأَرْبَعُونَ) مَعْرِفَةُ الْوُحْدَانِ، وَهُوَ (مَنْ لَمْ يَرْوِ عَنْهُ إِلَّا وَاحِدٌ) . وَمِنْ فَوَائِدِهِ مَعْرِفَةُ الْمَجْهُولِ إِذَا لَمْ يَكُنْ صَحَابِيًّا، فَلَا يُقْبَلُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي النَّوْعِ الثَّالِثِ وَالْعِشْرِينَ. (لِمُسْلِمٍ فِيهِ كِتَابٌ مِثَالُهُ) فِي الصَّحَابَةِ (وَهْبُ بْنُ خَنْبَشٍ) بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ بَيْنَهُمَا نُونٌ سَاكِنَةٌ، الطَّائِيُّ الْكُوفِيُّ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 739 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَسَمَّاهُ الْحَاكِمُ وَأَبُو نُعَيْمٍ هَرَمًا، وَذَلِكَ خَطَأٌ، وَكَذَا وَقَعَ عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ. قَالَ الْمِزِّيُّ: وَمَنْ قَالَ: وَهْبٌ - أَكْثَرُ وَأَحْفَظُ. (وَعَامِرُ بْنُ شَهْرٍ، وَعُرْوَةُ بْنُ مُضَرِّسٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ صَفْوَانٍ) الْأَنْصَارِيُّ، (وَمُحَمَّدُ بْنُ صَيْفِيٍّ) الْأَنْصَارِيُّ، وَلَيْسَ بِالَّذِي قَبْلَهُ عَلَى الصَّحِيحِ. هَؤُلَاءِ (صَحَابِيُّونَ لَمْ يَرْوِ عَنْهُمْ غَيْرُ الشَّعْبِيِّ) . قَالَ الْعِرَاقِيُّ: مَا ذَكَرَهُ فِي عَامِرٍ قَالَهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ رَوَى عَنْهُ قِصَّةً رَوَاهَا سَيْفُ بْنُ عُمَرَ فِي الرِّدَّةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا طَلْحَةُ الْأَعْلَمُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَوَّلُ مَنِ اعْتَرَضَ عَلَى الْأَسْوَدِ الْعَنْسِيِّ وَكَابَرَهُ عَامِرُ بْنُ شَهْرٍ الْهَمْدَانِيُّ، إِلَى آخِرَ كَلَامِهِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 740 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَمَا قَالَهُ فِي عُرْوَةَ قَالَهُ أَيْضًا ابْنُ الْمَدِينِيُّ وَالْحَاكِمُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَقَدْ رَوَى عَنْهُ أَيْضًا ابْنُ عَمِّهِ حُمَيْدٌ الطَّائِيُّ، ذَكَرَهُ الْمِزِّيُّ فِي التَّهْذِيبِ. (وَانْفَرَدَ قَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ بِالرِّوَايَةِ عَنْ أَبِيهِ، وَ) عَنْ (دُكَيْنٍ) - بِالْكَافِ مُصَغَّرًا - ابْنِ سَعِيدٍ، وَيُقَالُ سَعْدٌ الْخَثْعَمِيُّ، وَيُقَالُ الْمُزَنِيُّ (وَ) عَنِ (الصُّنَابِحِ بْنِ الْأَعْسَرِ، وَمِرْدَاسِ) بْنِ مَالِكٍ الْأَسْلَمِيِّ (مِنَ الصَّحَابَةِ) . قَالَ الْعِرَاقِيُّ: لَمْ يَنْفَرِدْ عَنِ الصُّنَابِحِ، بَلْ رَوَى عَنْهُ أَيْضًا الْحَارِثُ بْنُ وَهْبٍ، ذَكَرَهُ الطَّبَرَانِيُّ. قُلْتُ: لَكِنْ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: إِنَّهُ وَهْمٌ، وَالصَّوَابُ أَنَّ الَّذِي رَوَى عَنْهُ الْحَارِثُ الصُّنَابِحِيُّ التَّابِعِيُّ، وَسَيَأْتِي. وَقَالَ الْمِزِّيُّ: رَوَى عَنْ مِرْدَاسٍ أَيْضًا زِيَادُ بْنُ عِلَاقَةَ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَالصَّوَابُ خِلَافُهُ، فَإِنَّمَا رَوَى زِيَادٌ عَنْ مِرْدَاسِ بْنِ عُرْوَةَ صَحَابِيٍّ آخَرَ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 741 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] (وَمِمَّنْ لَمْ يَرْوِ عَنْهُ مِنَ الصَّحَابَةِ إِلَّا ابْنُهُ الْمُسَيَّبُ) بْنُ حَزْنٍ الْقُرَشِيُّ (وَالِدُ سَعِيدٍ. وَمُعَاوِيَةُ) بْنُ حَيْدَةَ (وَالِدُ حَكِيمٍ) . قَالَ الْعِرَاقِيُّ: بَلْ رَوَيَ عَنْ مُعَاوِيَةَ أَيْضًا عُرْوَةُ بْنُ رُوَيْمٍ اللَّخْمِيُّ، وَحُمَيْدٌ الْمُزَنِيُّ، ذَكَرَهُمَا الْمِزِّيُّ. (وَقُرَّةُ بْنُ إِيَاسٍ وَالِدُ مُعَاوِيَةَ. وَأَبُو لَيْلَى) الْأَنْصَارِيُّ (وَالِدُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) وَإِنْ كَانَ عَدِيُّ بْنُ ثَابِتٍ أَيْضًا رَوَى عَنْهُ فَلَمْ يُدْرِكْهُ، كَمَا قَالَ الْمِزِّيُّ. (قَالَ) أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (الْحَاكِمُ) فِي " الْمَدْخَلِ ": (لَمْ يُخْرِجَا) ، أَيِ الشَّيْخَانِ، (فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَحَدٍ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ) مِنَ الصَّحَابَةِ. وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ الْبَيْهَقِيُّ فَقَالَ فِي سُنَنِهِ عِنْدَ ذِكْرِ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ: «وَمَنْ كَتَمَهَا فَإِنَّا آخِذُوهَا وَشَطْرَ مَالِهِ» . الْحَدِيثَ - مَا نَصُّهُ: فَأَمَّا الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فَإِنَّهُمَا لَمْ يُخْرِجَاهُ عَلَى عَادَتِهِمَا فِي أَنَّ الصَّحَابِيَّ أَوِ التَّابِعِيَّ إِذَا لَمْ يَكُنْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 742 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] لَهُ إِلَّا رَاوٍ وَاحِدٌ لَمْ يُخْرِجَا حَدِيثَهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ، (وَغَلَّطُوهُ) فِي ذَلِكَ، وَنَقَضَ (بِإِخْرَاجِهِمَا حَدِيثَ الْمُسَيَّبِ أَبِي سَعِيدٍ فِي وَفَاةِ أَبِي طَالِبٍ) ، مَعَ أَنَّهُ لَا رَاوِيَ لَهُ غَيْرُ ابْنِهِ. (وَبِإِخْرَاجِ الْبُخَارِيِّ حَدِيثَ الْحَسَنِ) الْبَصْرِيِّ، (عَنْ عَمْرِو بْنِ تَغْلِبَ) مَرْفُوعًا: «إِنِّي لَأُعْطِي الرَّجُلَ وَالَّذِي أَدَعُ أَحَبُّ إِلَيَّ» . وَلَمْ يَرْوِ عَنْهُ غَيْرُ الْحَسَنِ كَمَا قَالَهُ مُسْلِمٌ فِي الْوُحْدَانِ وَغَيْرِهِ، وَإِنْ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: رَوَى عَنْهُ الْحَكَمُ بْنُ الْأَعْرَجِ. فَقَدْ قَالَ الْعِرَاقِيُّ: لَمْ أَرَ لَهُ رِوَايَةً عَنْهُ فِي شَيْءٍ مِنْ طُرُقِ الْحَدِيثِ. (وَ) بِإِخْرَاجِهِ أَيْضًا حَدِيثَ (قَيْسِ) بْنِ أَبِي حَازِمٍ، (عَنْ مِرْدَاسٍ) الْأَسْلَمِيِّ: «يَذْهَبُ الصَّالِحُونَ الْأَوَّلُ فَالْأَوَّلُ» . وَلَا رَاوِيَ لَهُ غَيْرُ قَيْسٍ كَمَا تَقَدَّمَ تَحْرِيرُهُ. (وَبِإِخْرَاجِ مُسْلِمٍ حَدِيثَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ، عَنْ رَافِعِ بْنِ عَمْرٍو) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 743 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] الْغِفَارِيِّ وَلَا رَاوِيَ لَهُ غَيْرُهُ. وَقَالَ الْعِرَاقِيُّ: بَلْ رَوَى عَنْهُ ابْنُهُ عِمْرَانُ كَمَا قَالَ الْمِزِّيُّ، وَأَبُو جِسْرٍ مَوْلَى أَخِيهِ، كَمَا فِي " جَامِعِ التِّرْمِذِيِّ ". (وَنَظَائِرُهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ كَثِيرَةٌ) قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: كَإِخْرَاجِهِ حَدِيثَ أَبِي رِفَاعَةَ الْعَدَوِيِّ، وَلَمْ يَرْوِ عَنْهُ غَيْرُ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ الْعَدَوِيِّ. وَحَدِيثِ الْأَغَرِّ الْمُزَنِيِّ وَلَمْ يَرْوِ عَنْهُ غَيْرُ أَبِي بُرْدَةَ. وَقَالَ الْعِرَاقِيُّ: بَلْ رَوَى عَنْ أَبِي رِفَاعَةَ أَيْضًا صِلَةُ بْنُ أَشْيَمَ الْعَدَوِيُّ، وَعَنِ الْأَغَرِّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَمُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ. (وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي النَّوْعِ الثَّالِثِ وَالْعِشْرِينَ) شَيْءٌ مِنْ هَذَا النَّوْعِ. (وَ) مِثَالُهُ (فِي التَّابِعِينَ أَبُو الْعُشَرَاءِ) الدَّارِمِيُّ، (لَمْ يَرْوِ عَنْهُ غَيْرُ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ) . قَالَ الْعِرَاقِيُّ: بَلْ رَوَى عَنْهُ يَزِيدُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 744 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] بْنُ أَبِي زِيَادٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَرَّرٍ، كِلَاهُمَا رَوَى عَنْهُ حَدِيثَ الزَّكَاةِ، مُتَابِعِينَ لِحَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ. (وَتَفَرَّدَ الزُّهْرِيُّ عَنْ نَيِّفٍ وَعِشْرِينَ مِنَ التَّابِعِينَ) لَمْ يَرْوِ عَنْهُمْ غَيْرُهُ. مِنْهُمْ فِيمَا ذَكَرَهُ الْحَاكِمُ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَارِثَةَ الثَّقَفِيُّ، وَعَمْرُو بْنُ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ الْعَلَاءِ الثَّقَفِيُّ. (وَ) تَفَرَّدَ (عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنْ جَمَاعَةٍ، وَكَذَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ وَهُشَامُ بْنُ عُرْوَةَ وَمَالِكٌ وَغَيْرُهُمْ) تَفَرَّدَ كُلٌّ مِنْهُمْ بِالرِّوَايَةِ عَنْ جَمَاعَةٍ لَمْ يَرْوِ عَنْهُمْ غَيْرُهُ. قَالَ الْحَاكِمُ: وَالَّذِينَ تَفَرَّدَ عَنْهُمْ مَالِكٌ نَحْوَ عَشَرَةٍ مِنْ شُيُوخِ الْمَدِينَةِ، مِنْهُمْ: الْمِسْوَرُ بْنُ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيُّ. قَالَ: وَتَفَرَّدَ سُفْيَانُ عَنْ بِضْعَ عَشَرَ شَيْخًا، مِنْهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادٍ اللَّيْثِيُّ. وَتَفَرَّدَ شُعْبَةُ عَنْ نَحْوِ ثَلَاثِينَ شَيْخًا مِنْهُمُ الْمُفَضَّلُ بْنُ فَضَالَةَ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 745 النَّوْعُ الثَّامِنُ وَالْأَرْبَعُونَ: مَعْرِفَةُ مَنْ ذُكِرَ بِأَسْمَاءٍ أَوْ صِفَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ: هُوَ فَنٌّ عَوِيصٌ تَمَسُّ الْحَاجَةُ إِلَيْهِ لَمَعْرِفَةِ التَّدْلِيسِ. وَصَنَّفَ فِيهِ عَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ سَعِيدٍ وَغَيْرُهُ. مِثَالُهُ: مُحَمَّدُ بْنُ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ الْمُفَسِّرُ، وَهُوَ أَبُو النَّضْرِ الْمَرْوِيُّ عَنْهُ حَدِيثُ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ، وَعَدِيٌّ وَهُوَ حَمَّادُ بْنُ السَّائِبِ رَاوِي «ذَكَاةُ كُلِّ مَسْكٍ دِبَاغُهُ» ، وَهُوَ أَبُو سَعِيدٍ الَّذِي يَرْوِي عَنْهُ عَطِيَّةُ التَّفْسِيرَ. وَمِثْلُهُ سَالِمٌ: الرَّاوِي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ وَعَائِشَةَ، وَهُوَ سَالِمٌ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَدِينِيُّ، وَسَالِمٌ: مَوْلَى مَالِكِ بْنِ أَوْسٍ، وَسَالِمٌ: مَوْلَى شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ، وَسَالِمٌ: مَوَلَى النَّصْرِيِّينَ، وَسَالِمٌ: مَوْلَى الْمَهْرِيِّ، وَسَالِمٌ: سَبَلَانُ، وَسَالِمٌ: أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الدَّوْسِيُّ، وَسَالِمٌ: مَوْلَى دَوْسٍ، وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ مَوْلَى شَدَّادٍ. وَاسْتَعْمَلَ الْخَطِيبُ كَثِيرًا مِنْ هَذَا فِي شُيُوخِهِ.   [تدريب الراوي] [النوع الثامن والأربعون مَعْرِفَةُ مَنْ ذُكِرَ بِأَسْمَاءٍ أَوْ صِفَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ] (النَّوْعُ الثَّامِنُ وَالْأَرْبَعُونَ: مَعْرِفَةُ مَنْ ذُكِرَ بِأَسْمَاءٍ أَوْ صِفَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ) مِنْ كُنًى أَوْ أَلْقَابٍ أَوْ أَنْسَابٍ، إِمَّا مِنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الرُّوَاةِ عَنْهُ، يَعَرِّفُهُ كُلُّ وَاحِدٍ بِغَيْرِ مَا عَرَّفَهُ الْآخَرُ، أَوْ مِنْ رَاوٍ وَاحِدٍ عَنْهُ يُعَرِّفُهُ مَرَّةً بِهَذَا وَمَرَّةً بِذَاكَ، فَيَلْتَبِسُ عَلَى مَنْ لَا مَعْرِفَةَ عِنْدَهُ، بَلْ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ وَالْحِفْظِ. وَ (هُوَ فَنٌّ عَوِيصٌ) بِمُهْمَلَةٍ أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ، أَيْ: صَعْبٌ (تَمَسُّ الْحَاجَةُ إِلَيْهِ لِمَعْرِفَةِ التَّدْلِيسِ. وَصَنَّفَ فِيهِ) الْحَافِظُ (عَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ سَعِيدٍ) الْأَزْدِيُّ كِتَابًا نَافِعًا سَمَّاهُ: " إِيضَاحُ الْإِشْكَالِ "، وَقَفْتُ عَلَيْهِ وَسَأُلَخِّصُ هُنَا مِنْهُ أَمْثِلَةً، (وَ) صَنَّفَ (غَيْرُهُ) أَيْضًا كَالْخَطِيبِ. (مِثَالُهُ: مُحَمَّدُ بْنُ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ الْمُفَسِّرُ) الْعَلَّامَةُ فِي الْأَنْسَابِ أَحَدُ الضُّعَفَاءِ، (وَهُوَ أَبُو النَّضْرِ الْمَرْوِيُّ عَنْهُ حَدِيثُ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ، وَعَدِيِّ) بْنِ بَدَّاءٍ فِي قِصَّتِهِمَا النَّازِلِ فِيهَا: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ} [المائدة: 106] الْآيَةَ، رَوَاهُمَا عَنْهُ بَاذَانُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسِ بْنِ إِسْحَاقَ وَهِيَ كُنْيَتُهُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 746 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] (وَهُوَ حَمَّادُ بْنُ السَّائِبِ رَاوِي) حَدِيثِ ( «ذَكَاةُ كُلِّ مَسْكٍ» ) - بِفَتْحِ الْمِيمِ - أَيْ: جِلْدٍ (دِبَاغُهُ) . رَوَاهُ عَنْهُ إِسْحَاقُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَبُو أُسَامَةَ حَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ، وَسَمَّاهُ حَمَّادًا أَخْذًا مِنْ مُحَمَّدٍ. وَقَدْ غَلِطَ فِيهِ حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكِنَانِيُّ الْحَافِظُ، وَالنَّسَائِيُّ. (وَهُوَ أَبُو سَعِيدٍ الَّذِي رَوَى عَنْهُ عَطِيَّةُ) الْعَوْفِيُّ (التَّفْسِيرَ) ، وَكَنَّاهُ بِذَلِكَ لِيُوهِمَ النَّاسَ أَنَّهُ إِنَّمَا يَرْوِي عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ. وَهُوَ أَبُو هِشَامٍ الَّذِي رَوَى عَنْهُ الْقَاسِمُ بْنُ الْوَلِيدِ الْهَمْدَانِيُّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ حَدِيثَ لَمَّا نَزَلَتْ: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ} [الأنعام: 65] الْحَدِيثَ؛ كَنَّاهُ بِابْنِهِ هِشَامٍ. وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ السَّائِبِ بْنِ بِشْرٍ الَّذِي رَوَى عَنْهُ ابْنُ إِسْحَاقَ أَيْضًا. (وَمِثْلُهُ: سَالِمٌ الرَّاوِي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي سَعِيدٍ) الْخُدْرِيِّ، (وَعَائِشَةَ) ، وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ. (وَهُوَ سَالِمُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَدَنِيُّ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 747 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَ) هُوَ (سَالِمٌ مَوْلَى مَالِكِ بْنِ أَوْسِ) بْنِ الْحَدَثَانِ النَّصْرِيُّ. (وَ) هُوَ (سَالِمٌ مَوْلَى شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ) النَّصْرِيُّ الَّذِي رَوَى عَنْهُ أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَنُعَيْمٌ الْمُجْمِرُ. (وَ) هُوَ (سَالِمُ النَّصْرِيِّينِ) بِالْمُهْمَلَةِ وَالنُّونِ الَّذِي رَوَى عَنْهُ عِمْرَانُ بْنُ بَشِيرٍ. (وَ) هُوَ (سَالِمٌ مَوْلَى الْمَهْرِيِّ) الَّذِي رَوَى عَنْهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْهُذَلِيُّ. (وَ) هُوَ (سَالِمٌ سَبَلَانُ) - بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ - الَّذِي رَوَى عَنْهُ عِمْرَانُ بْنُ بَشِيرٍ. (وَ) هُوَ (سَالِمٌ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الدَّوْسِيُّ) الَّذِي رَوَى عَنْهُ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ. (وَ) هُوَ (سَالِمٌ مَوْلَى دَوْسٍ) الَّذِي رَوَى عَنْهُ يَحْيَى أَيْضًا. (وَ) هُوَ (أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مَوْلَى شَدَّادٍ) الَّذِي رَوَى عَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَأَبُو الْأَسْوَدِ. وَهُوَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الَّذِي رَوَى عَنْهُ بُكَيْرٌ الْأَشَجُّ. وَمِثْلُهُ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي قَيْسٍ الشَّامِيُّ الْمَصْلُوبُ فِي الزَّنْدَقَةِ، كَانَ يَضَعُ الْحَدِيثَ. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: دُلِّسَ اسْمُهُ عَلَى خَمْسِينَ وَجْهًا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 748 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سَوَادَةَ: قَلَبُوا اسْمَهُ عَلَى مِائَةِ اسْمٍ وَزِيَادَةٍ، قَدْ جَمَعْتُهَا فِي كِتَابٍ، انْتَهَى. فَقِيلَ فِيهِ: مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ. وَقِيلَ: مُحَمَّدٌ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، وَقِيلَ: مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي قَيْسٍ، وَقِيلَ: مُحَمَّدُ بْنُ الطَّبَرِيِّ، وَقِيلَ: مُحَمَّدُ بْنُ حَسَّانَ، وَقِيلَ: أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الشَّامِيُّ، وَقِيلَ: مُحَمَّدٌ الْأُرْدُنِّيُّ، وَقِيلَ: مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ حَسَّانَ بْنِ قَيْسٍ، وَقِيلَ: مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ الْأَسَدِيُّ، وَقِيلَ: أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْأَسَدِيُّ، وَقِيلَ: مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حَسَّانَ، وَقِيلَ: مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي سَهْلٍ، وَقِيلَ: مُحَمَّدٌ الشَّامِيُّ، وَقِيلَ: مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي زَيْنَبَ، وَقِيلَ: مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي زَكَرِيَّا، وَقِيلَ: مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ، وَقِيلَ: مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ، وَقِيلَ: أَبُو قَيْسٍ الدِّمَشْقِيُّ، وَقِيلَ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ. وَقِيلَ: عَبْدُ الْكَرِيمِ، عَلَى مَعْنَى التَّعَبُّدِ لِلَّهِ، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ. وَزَعَمَ الْعَقِيلِيُّ أَنَّهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شُمَيْلَةَ، وَوَهَّمُوهُ. (وَاسْتَعْمَلَ الْخَطِيبُ كَثِيرًا مِنْ هَذَا فِي شُيُوخِهِ) فَيَرْوِي فِي كُتُبِهِ عَنْ أَبِي الْقَاسِمِ الْأَزْهَرِيِّ، وَعَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْفَتْحِ الْفَارِسِيِّ، وَعَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عُثْمَانَ الصَّيْرَفِيِّ، وَالْكُلُّ وَاحِدٌ. وَتَبِعَ الْخَطِيبَ فِي ذَلِكَ الْمُحَدِّثُونَ - خُصُوصًا الْمُتَأَخِّرِينَ - وَآخِرُهُمْ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَبُو الْفَضْلِ بْنُ حَجَرٍ. نَعَمْ، لَمْ أَرَ الْعِرَاقِيَّ فِي أَمَالِيهِ يَصْنَعُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 749 النَّوْعُ التَّاسِعُ وَالْأَرْبَعُونَ: مَعْرِفَةُ الْمُفْرَدَاتِ: هُوَ فَنٌّ حَسَنٌ يُوجَدُ فِي أَوَاخِرِ الْأَبَوَابِ، وَأُفْرِدَ بِالتَّصْنِيفِ. وَهُوَ أَقْسَامٌ: الْأَوَّلُ: فِي الْأَسْمَاءِ، فَمِنَ الصَّحَابَةِ " أَجْمَدُ - بِالْجِيمِ - بْنُ عُجْيَانَ كَسُفْيَانَ، وَقِيلَ كَعُلَيَّانَ " جُبَيْبُ " بَضِمِّ الْجِيمِ، " سَنْدَرُ "، " شَكَلٌ " بِفَتْحِهِمَا. " صُدَيٌّ " أَبُو أُمَامَةَ. " صُنَابِحُ " بْنُ الْأَعْسَرِ. " كَلَدَةُ - بِفَتْحِهِمَا - بْنُ حَنْبَلٍ. " وَابِصَةُ " بْنُ مَعْبَدٍ. " نُبَيْشَةُ الْخَيْرِ ". " شَمْغُونَ " أَبُو رَيْحَانَةَ، بِالشِّينِ وَالْغَيْنِ الْمُعْجَمَتَيْنِ، وَيُقَالُ: بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ. " هُبَيْبٌ " مُصَغَّرٌ، بِالْمُوَحَّدَةِ الْمُكَرَّرَةِ. " ابْنُ مُغْفِلٍ " بِإِسْكَانِ الْمُعْجَمَةِ. " لُبَيُّ - بِاللَّامِ كَأُبَيٍّ - بْنِ لَبَا، كَعَصَا. وَمِنْ غَيْرِ الصَّحَابَةِ: " أَوْسَطُ بْنُ عَمْرٍو ". " تَدُومُ " بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ فَوْقُ، وَقِيلَ مِنْ تَحْتُ، وَبِضَمِّ الدَّالِ. " جِيلَانُ " بِكَسْرِ الْجِيمِ. " أَبُو الْجَلْدِ " بِفَتْحِهَا. " الدُّجَيْنُ " بِالْجِيمِ مُصَغَّرٌ. " زِرُّ بْنُ حُبَيْشٍ " " سُعَيْرُ بْنُ الْخِمْسِ ". " وُرْدَانُ ". " مُسْتَمِرُّ بْنُ الرَّيَّانِ ". " عَزْوَانُ " بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَإِسْكَانِ الزَّايِ، " نَوْفٌ الْبِكَالِيُّ " بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ وَتَخْفِيفِ الْكَافِ عَلَى أَلْسِنَتِهِمُ الْفَتْحُ وَالتَّشْدِيدُ. " ضُرَيْبُ بْنُ نُقَيْرِ بْنُ سُمَيْرٍ " مُصَغَّرَاتٌ. وَنُقَيْرِ بِالْقَافِ، وَقِيلَ بَالْفَاءِ، وَقِيلَ " نُفَيْلِ " بِالْفَاءِ وَالْلَّامِ. " هَمَذَانُ " بَرِيدُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِالْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الْمِيمِ كَالْبَلْدَةِ، وَقِيلَ: بِالْمُهْمَلَةِ وَإِسْكَانِ الْمِيمِ كَالْقَبِيلَةِ.   [تدريب الراوي] [النوع التاسع والأربعون مَعْرِفَةُ الْمُفْرَدَاتِ مِنَ الْأَسْمَاءِ وَالْكُنَى وَالْأَلْقَابِ] [القسم الأول في الأسماء] (النَّوْعُ التَّاسِعُ وَالْأَرْبَعُونَ: مَعْرِفَةُ الْمُفْرَدَاتِ) مِنَ الْأَسْمَاءِ وَالْكُنَى وَالْأَلْقَابِ فِي الصَّحَابَةِ وَالرُّوَاةِ وَالْعُلَمَاءِ. (وَهُوَ فَنٌّ حَسَنٌ يُوجَدُ فِي أَوَاخِرِ الْأَبْوَابِ) مِنَ الْكُتُبِ الْمُصَنَّفَةِ فِي الرِّجَالِ، بَعْدَ أَنْ يَذْكُرُوا الْأَسْمَاءَ الْمُشْتَرَكَةَ. (وَأُفْرِدَ بِالتَّصْنِيفِ) أَفْرَدَهُ الْبَرْدِيجِيُّ، وَاسْتَدْرَكَ عَلَيْهِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ بُكَيْرٍ مَوَاضِعَ لَيْسَتْ بِمَفَارِيدَ، وَأَخَّرَ أَلْقَابًا لَا أَسْمَاءً كَالْأَجْلَحِ. (وَهُوَ أَقْسَامٌ: الْأَوَّلُ فِي الْأَسْمَاءِ: فَمِنَ الصَّحَابَةِ أَجْمَدُ بِالْجِيمِ) ، وَضَبَطَهُ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ - بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ فَوَهِمَ. (ابْنُ عُجْيَانَ) - بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْجِيمِ وَتَحْتِيَّةٍ (كَسُفْيَانَ) . وَقِيلَ: بِالضَّمِّ وَالْفَتْحِ وَالتَّشْدِيدِ. (وَقِيلَ كَعُلَيَّانَ) هَمْدَانِيٌّ، شَهِدَ فَتْحَ مِصْرَ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 750 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] قَالَ ابْنُ يُونُسَ: لَا أَعْلَمُ لَهُ رِوَايَةً. (جُبَيْبُ) بْنُ الْحَارِثِ (بِضَمِّ الْجِيمِ) وَمُوَحَّدَتَيْنِ، وَغَلِطَ ابْنُ شَاهِينَ فَجَعَلَهُ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، وَغَلِطَ بَعْضُهُمْ فَجَعَلَهُ بِالرَّاءِ آخِرَهُ. (سَنْدَرُ) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَتَيْنِ بَيْنَهُمَا نُونٌ سَاكِنَةٌ - الْخَصِيُّ، مَوْلَى زِنْبَاعٍ الْجِذَامِيِّ، نَزَلَ مِصْرَ، وَيُكَنَّى أَبَا الْأَسْوَدِ، وَأَبَا عَبْدِ اللَّهِ بَاسِمِ ابْنِهِ، وَظَنَّ بَعْضُهُمْ أَنَّهُمَا اثْنَانِ. فَاعْتُرِضَ عَلَى ابْنِ الصَّلَاحِ فِي دَعْوَى أَنَّهُ فَرْدٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، كَمَا قَالَ الْعِرَاقِيُّ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 751 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] (شَكَلٌ بِفَتْحِهِمَا) ابْنُ حُمَيْدٍ الْعَبْسِيُّ، مِنْ رَهْطِ حُذَيْفَةَ، نَزَلَ الْكُوفَةَ، رَوَى حَدِيثَهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ. (صُدَيٌّ) بِالضَّمِّ وَالْفَتْحِ وَالتَّشْدِيدِ - ابْنُ عَجْلَانَ (أَبُو أُمَامَةَ) الْبَاهِلِيُّ. (صُنَابِحُ) بِالضَّمِّ آخِرُهُ مُهْمَلَةٌ (بْنُ الْأَعْسَرِ) الْبَجَلِيُّ الْأَحْمَسِيُّ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَقَدِ اعْتُرِضَ بِأَنَّ أَبَا نُعَيْمٍ ذَكَرَ فِي الصَّحَابَةِ آخَرَ اسْمُهُ: صُنَابِحُ، وَالْجَوَابُ أَنَّهُ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَهُ قَالَ: هُوَ عِنْدِي الْمُتَقَدِّمُ. تَنْبِيهٌ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 752 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] لَيْسَ الصُّنَابِحُ هُوَ الصُّنَابِحِيُّ الَّذِي رَوَى عَنْ أَبِي بَكْرٍ، لِأَنَّ هَذَا اسْمٌ وَذَاكَ نَسَبٌ، وَهَذَا صَحَابِيٌّ وَذَاكَ تَابِعِيٌّ، وَهَذَا كُوفِيٌّ وَذَاكَ شَامِيٌّ. وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي " الْإِصَابَةِ ": قِيلَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا صُنَابِحُ وَصُنَابِحِيُّ، لَكِنَّ الصَّوَابَ فِي ابْنِ الْأَعْسَرِ صُنَابِحُ، وَفِي الْآخَرِ صُنَابِحِيٌّ، وَيَظْهَرُ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا بِالرُّوَاةِ عَنْهُمَا، فَحَيْثُ جَاءَتِ الرِّوَايَةُ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنْهُ فَهُوَ ابْنُ الْأَعْسَرِ وَهُوَ الصَّحَابِيُّ وَحَدِيثُهُ مَوْصُولٌ، وَحَيْثُ جَاءَتْ عَنْ غَيْرِ قَيْسٍ عَنْهُ فَهُوَ الصُّنَابِحِيُّ وَهُوَ التَّابِعِيُّ وَحَدِيثُهُ مُرْسَلٌ. قُلْتُ: أَضْبَطُ مِنْ هَذَا: أَنَّ الصُّنَابِحَ لَمْ يَرْوِ غَيْرَ حَدِيثَيْنِ، فِيمَا ذَكَرَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ. وَزَادَ الطَّبَرَانِيُّ ثَالِثًا مِنْ رِوَايَةِ الْحَارِثِ بْنِ وَهْبٍ، وَغَلِطَ فِيهِ بِأَنَّهُ الصُّنَابِحِيُّ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 753 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] (كَلَدَةُ - بِفَتْحِهِمَا - بْنُ حَنْبَلٍ) بِلَفْظِ جَدِّ الْإِمَامِ أَحْمَدَ. (وَابِصَةُ) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ وَمُهْمَلَةٍ (بْنُ مَعْبَدٍ. نُبَيْشَةُ الْخَيْرِ) بِضَمِّ النُّونِ، وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ، وَسُكُونِ التَّحْتِيَّةِ، وَمُعْجَمَةٍ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَلَيْسَ فَرْدًا فَفِي الصَّحَابَةِ نُبَيْشَةُ غَيْرُ الْمَذْكُورِ فِي حَدِيثِ الْحَجِّ. وَنُبَيْشَةُ بْنُ أَبِي سَلْمَى رَجُلٌ رَوَى عَنْهُ رَشِيدٌ أَبُو مَوْهَبٍ، ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ. (شَمْغُونُ) بْنُ يَزِيدَ الْقُرَظِيُّ (أَبُو رَيْحَانَةَ بِالشِّينِ وَالْغَيْنِ الْمُعْجَمَتَيْنِ وَيُقَالُ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ) . وَبِذَلِكَ جَزَمَ ابْنُ الصَّلَاحِ أَوَّلًا، ثُمَّ حَكَى الثَّانِيَ بِصِيغَةِ يُقَالُ، وَقَالَ: إِنَّ ابْنَ يُونُسَ صَحَّحَهُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 754 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَحَكَى فِيهِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ قَوْلًا ثَالِثًا أَنَّهُ بِالْمُهْمَلَتَيْنِ وَأَنَّهُ أَزْدِيٌّ، وَيُقَالُ: أَنْصَارِيٌّ، وَيُقَالُ: قُرَشِيٌّ، وَيُقَالُ: لَهُ أَسْدِيُّ، بِسُكُونِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: الْأَسْدُ لُغَةٌ فِي الْأَزْدِ، وَالْأَنْصَارُ كُلُّهُمْ مِنَ الْأَزْدِ، وَلَعَلَّهُ حَالَفَ بَعْضَ قُرَيْشٍ، فَتَجْتَمِعُ الْأَقْوَالُ، نَزَلَ الشَّامَ وَلَهُ خَمْسَةُ أَحَادِيثَ. (هُبَيْبٌ؛ مُصَغَّرٌ بِالْمُوَحَّدَةِ الْمُكَرَّرَةِ، ابْنُ مُغَفَّلٍ، بِإِسْكَانِ الْمُعْجَمَةِ) وَضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْفَاءِ الْغِفَارِيُّ. (لُبَيٌّ، بِاللَّامِ) أَوَّلَهُ، مُصَغَّرٌ (كَأُبَيِّ) بْنِ كَعْبٍ، وَغَلِطَ ابْنُ قَانِعٍ فَسَمَّاهُ أُبَيًّا. (ابْنُ لَبَا) بِالْفَتْحِ وَالتَّخْفِيفِ (كَعَصَا) مِنْ بَنِي أَسَدٍ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 755 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] (وَمِنْ غَيْرِ الصَّحَابَةِ: أَوْسَطُ بْنُ عَمْرٍو) الْبَجَلِيُّ تَابِعِيٌّ. (تَدُومُ، بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ فَوْقُ، وَقِيلَ: مِنْ تَحْتُ، وَبِضَمِّ الدَّالِ) ابْنُ صُبْحٍ الْكَلَاعِيُّ. (جِيلَانُ؛ بِكَسْرِ الْجِيمِ) ابْنُ فَرْوَةَ. (أَبُو الْجَلْدِ؛ بِفَتْحِهَا) الْأَخْبَارِيُّ. (الدُّجَيْنُ، بِالْجِيمِ، مُصَغَّرٌ) ابْنُ ثَابِتٍ أَبُو الْغُصْنِ. قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: قِيلَ: إِنَّهُ جُحَا الْمَعْرُوفُ. وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ غَيْرُهُ، وَعَلَى الْأَوَّلِ مَشَى الشِّيرَازِيُّ فِي الْأَلْقَابِ، وَرَوَاهُ عَنِ ابْنِ مَعِينٍ، وَاخْتَارَ مَا صَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَابْنُ عَدِيٍّ، وَقَدْ رَوَى عَنْهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 756 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَوَكِيعٌ وَمُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَغَيْرُهُمْ، وَهَؤُلَاءِ أَعْلَمُ بِاللَّهِ مِنْ أَنْ يَرْوُوا عَنْ جُحَا. وَمَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّهُ فَرْدٌ قَالَهُ أَيْضًا الْبُخَارِيُّ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَغَيْرُهُمَا، وَهُوَ دُجَيْنٌ الْعَرِينِيُّ الَّذِي حَدَّثَ عَنْهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ. (زِرُّ بْنُ حُبَيْشٍ) التَّابِعِيُّ الْكَبِيرُ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: فِي عَدِّهِ فِي الْأَفْرَادِ نَظَرٌ، فَإِنَّهُمْ غَيْرُ وَاحِدٍ يُسَمَّوْنَ هَكَذَا، مِنْهُمْ: زِرُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْفُقَيْمِيُّ، صَحَابِيٌّ ذَكَرَهُ أَبُو مُوسَى الْمَدِينِيُّ وَابْنُ فَتْحُونَ وَالطَّبَرَيُّ. وَزِرُّ بْنُ أَرْبَدَ بْنِ قِيسٍ ابْنُ أَخِي لَبِيدِ بْنِ رَبِيعَةَ. وَزِرُّ بْنُ مُحَمَّدٍ التَّغْلِبِيُّ شَاعِرَانِ ذَكَرَهُمَا ابْنُ مَاكُولَا. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَلَا يَرِدَانِ عَلَى ابْنِ الصَّلَاحِ، لِأَنَّهُ تَرْجَمَ النَّوْعَ لِلصَّحَابَةِ، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 757 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَالرُّوَاةِ وَالْعُلَمَاءِ، فَخَرَجَ الشُّعَرَاءُ الَّذِينَ لَا صُحْبَةَ لَهُمْ، فَيَرِدُ عَلَيْهِ الْأَوَّلُ فَقَطْ. (سُعَيْرٌ) مُصَغَّرٌ بِمُهْمَلَتَيْنِ (ابْنُ الْخِمْسِ) بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ، وَسُكُونِ الْمِيمِ، وَمُهْمَلَةٍ. قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: انْفَرَدَ فِي اسْمِهِ وَاسْمِ أَبِيهِ. وَقَالَ الْعِرَاقِيُّ: لَمْ يَنْفَرِدْ فِي اسْمِهِ، فَفِي الصَّحَابَةِ سُعَيْرُ بْنُ عَدَّاءٍ الْبَكَّائِيُّ، ذَكَرَهُ ابْنُ فَتْحُونَ. وَسُعَيْرُ بْنُ سَوَادَةَ الْعَامِرِيُّ، ذَكَرَهُ ابْنُ مَنْدَهْ وَأَبُو نُعَيْمٍ. قُلْتُ: وَسُعَيْرُ بْنُ خُفَافٍ التَّمِيمِيُّ، ذَكَرَهُ سَيْفٌ، فِي الْفُتُوحِ، وَأَنَّهُ كَانَ عَامِلًا لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى بُطُونِ تَمِيمٍ، وَأَقَرَّهُ أَبُو بَكْرٍ، اسْتَدْرَكَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي " الْإِصَابَةِ ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 758 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] (وُرْدَانُ) بِالضَّمِّ، وَهَذَا مَزِيدٌ عَلَى ابْنِ الصَّلَاحِ. (مُسْتَمِرٌّ) بِصِيغَةِ الْفَاعِلِ مِنِ اسْتَمَرَّ (ابْنُ الرَّيَّانِ) تَابِعِيٌّ رَأَى أَنَسًا. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: لَيْسَ فَرْدًا، فَلَهُمُ الْمُسْتَمِرُّ النَّاجِيُّ، وَالِدُ إِبْرَاهِيمَ، رَوَى لَهُ ابْنُ مَاجَهْ حَدِيثًا، وَكِلَاهُمَا بَصْرِيٌّ. (عَزْوَانُ، بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَإِسْكَانِ الزَّايِ) ابْنُ يَزِيدَ الرَّقَاشِيُّ. وَقَدِ اعْتُرِضَ هَذَا بِأَمْرَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لَا يُعْرَفُ لَهُ رِوَايَةٌ، وَإِنَّمَا رَوَيَ عَنْ أَنَسٍ شَيْئًا مِنْ قَوْلِهِ. الثَّانِي: أَنَّ لَهُمْ عَزْوَانَ آخَرَ لَمْ يُنْسَبْ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ ابْنَ مَاكُولَا بَعْدَ أَنْ ذَكَرَهُ قَالَ: لَعَلَّهُ الْأَوَّلُ. (نَوْفٌ) بِالْفَتْحِ وَالسُّكُونِ، ابْنُ فَضَالَةَ (الْبِكَالِيُّ، بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ وَتَخْفِيفِ الْكَافِ، وَغَلَبَ عَلَى أَلْسِنَتِهِمُ الْفَتْحُ وَالتَّشْدِيدُ) وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 759 الْقِسْمُ الثَّانِي، الْكُنَى: " أَبُو الْعُبَيْدَيْنِ " بِالتَّثْنِيَةِ وَالتَّصْغِيرِ اسْمُهُ: مُعَاوِيَةُ بْنُ سَبْرَةَ " أَبُو الْعُشَرَاءِ " أُسَامَةُ، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ. " أَبُو الْمُدِلَّةِ " بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْلَّامِ الْمُشَدَّدَةِ، لَمْ يُعْرَفِ اسْمُهُ، وَانْفَرَدَ أَبُو نُعَيْمٍ بِتَسْمِيَتِهِ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ. " أَبُو مُرَايَةَ " بِالْمُثَنَّاةِ مِنْ تَحْتُ، وَضَمِّ الْمِيمِ وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ، اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو. " أَبُو مُعَيْدٍ " مُصَغَّرٌ: حَفْصُ بْنُ غَيْلَانَ.   [تدريب الراوي] وَنِسْبَتُهُ إِلَى بَنِي بِكَالِ بْنِ دُعْمِيٍّ، بَطْنٌ مِنْ حِمْيَرَ، وَهُوَ ابْنُ امْرَأَةِ كَعْبِ الْأَحْبَارِ، وَقِيلَ: ابْنُ أَخِيهِ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَلَيْسَ فَرْدًا بَلْ لَهُمْ نَوْفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، رَوَى عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَعَنْهُ سَالِمُ بْنُ أَبِي حَفْصَةَ، وَفَرْقَدٌ السَّبَخِيُّ، وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ. (ضُرَيْبُ) بِالْمُعْجَمَةِ وَالرَّاءِ (بْنُ نُقَيْرِ بْنِ سُمَيْرٍ) الثَّلَاثَةُ (مُصَغَّرَاتٌ. وَنُقَيْرِ) وَالِدُهُ (بِالْقَافِ، وَقِيلَ: بِالْفَاءِ، وَقِيلَ: نُفَيْلِ، بِالْفَاءِ وَاللَّامِ. هَمَذَانُ، بَرِيدُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِالْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الْمِيمِ كَالْبَلْدَةِ. وَقِيلَ: بِالْمُهْمَلَةِ وَإِسْكَانِ الْمِيمِ كَالْقَبِيلَةِ) . [القسم الثاني في الكنى] (الْقِسْمُ الثَّانِي، الْكُنَى: أَبُو الْعَبَيْدَيْنِ بِالتَّثْنِيَةِ وَالتَّصْغِيرِ، اسْمُهُ مُعَاوِيَةُ بْنُ سَبْرَةَ) ، مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ مَسْعُودٍ لَهُ حَدِيثَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 760 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] (أَبُو الْعُشَرَاءِ) الدَّارِمِيُّ اسْمُهُ (أُسَامَةُ) بْنُ مَالِكِ بْنِ قِهْطِمٍ بِكَسْرِ الْقَافِ فِيمَا ذَكَرَ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي النَّوْعِ الْخَامِسِ وَالْأَرْبَعِينَ أَنَّهُ الْأَشْهَرُ. (وَقِيلَ: غَيْرُ ذَلِكَ) فَقِيلَ: يَسَارُ بْنُ بَكْرِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَقِيلَ: عُطَارِدُ بْنُ بَكْرٍ، وَقِيلَ: ابْنُ بَرْزٍ، بِرَاءٍ مُسَكَّنَةٍ وَقِيلَ مَفْتُوحَةٍ ثُمَّ زَايٍ. (أَبُو الْمُدِلَّةِ، بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ اللَّامِ الْمُشَدَّدَةِ، لَمْ يُعْرَفِ اسْمُهُ، وَانْفَرَدَ أَبُو نُعَيْمٍ بِتَسْمِيَتِهِ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ) ، كَذَا قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ أَيْضًا. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ سَمَّاهُ كَذَلِكَ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ. وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ الْحَاكِمُ هُوَ أَخُو سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ، وَأَخْطَأَ إِنَّمَا ذَاكَ أَبُو مُزَرِّدٍ، وَهُوَ أَيْضًا فَرْدٌ، وَاسْمُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَسَارٍ. قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي أَبِي الْمُدِلَّةِ: رَوَى عَنْهُ الْأَعْمَشُ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَجَمَاعَةٌ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَهُوَ وَهْمٌ عَجِيبٌ، فَلَمْ يَرْوِ عَنْهُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ أَصْلًا، بَلِ انْفَرَدَ عَنْهُ أَبُو مُجَاهِدٍ سَعْدٌ الطَّائِيُّ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْمَدِينِيِّ، وَلَا أَعْلَمُ فِي ذَلِكَ خِلَافًا بَيْنَ أَهْلِ الْحَدِيثِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 761 الْقِسْمُ الثَّالِثُ: الْأَلْقَابُ: (سَفِينَةُ) مَوْلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِهْرَانُ وَقِيلَ غَيْرُهُ. (مِنْدَلٌ) بِكَسْرِ الْمِيمِ عَنِ الْخَطِيبِ وَغَيْرِهِ، وَيَقُولُونَهُ بِفَتْحِهَا، اسْمُهُ عَمْرٌو. (سُحْنُونٌ) بِضَمِّ السِّينِ وَفَتْحِهَا عَبْدُ السَّلَامِ. " مُطَيَّنٌ وَمُشْكَدَانَهْ " وَآخَرُونَ.   [تدريب الراوي] (أَبُو مُرَايَةَ، بِالْمُثَنَّاةِ مِنْ تَحْتُ، وَضَمِّ الْمِيمِ وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ، اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو) تَابِعِيٌّ رَوَى عَنْهُ قَتَادَةُ. (أَبُو مُعَيْدٍ، مُصَغَّرٌ) مُخَفَّفُ الْيَاءِ (حَفْصُ بْنُ غَيْلَانَ) ، الْهَمْدَانِيُّ، رَوَى عَنْ مَكْحُولٍ وَغَيْرِهِ. [القسم الثالث في الألقاب] (الْقِسْمُ الثَّالِثُ: الْأَلْقَابُ: سَفِينَةُ، مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) لَقَبُ فَرْدٍ اسْمُهُ (مِهْرَانُ) بِالْكَسْرِ، (وَقِيلَ غَيْرُهُ) وَسَيَأْتِي فِي النَّوْعِ الْآتِي. وَسَبَبُ تَلْقِيبِهِ " سَفِينَةَ ": أَنَّهُ حَمَلَ مَتَاعًا كَثِيرًا لِرِفْقَتِهِ فِي الْغَزْوِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَنْتَ سَفِينَةُ. (مِنْدَلٌ، بِكَسْرِ الْمِيمِ عَنِ الْخَطِيبِ وَغَيْرِهِ، وَيَقُولُونَهُ بِفَتْحِهَا) . قَالَ الْحَافِظُ أَبُو الْفَضْلِ بْنُ نَاصِرٍ، وَهُوَ الصَّوَابُ نَقْلَهُ الْعِرَاقِيُّ فِي نُكَتِهِ. (اسْمُهُ عَمْرُو) بْنُ عَلِيٍّ. (سَحْنُونٌ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 762 النَّوْعُ الْخَمْسُونَ: فِي الْأَسْمَاءِ وَالْكُنَى، صَنَّفَ فِيهِ ابْنُ الْمَدِينِيِّ، ثُمَّ مُسْلِمٌ، ثُمَّ النَّسَائِيُّ، ثُمَّ الْحَاكِمُ أَبُو أَحْمَدَ، ثُمَّ ابْنُ مَنْدَهْ، وَغَيْرُهُمْ. وَالْمُرَادُ مِنْهُ بَيَانُ أَسْمَاءِ ذَوِي الْكُنَى، وَمُصَنَّفُهُ يُبَوَّبُ عَلَى حُرُوفِ الْكُنَى، وَهُوَ أَقْسَامٌ: الْأَوَّلُ: مَنْ سُمِّيَ بِالْكُنْيَةِ لَا اسْمَ لَهُ غَيْرُهَا، وَهَوْ ضَرْبَانِ، مَنْ لَهُ كُنْيَةٌ. كَأَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَحَدِ الْفُقَهَاءِ السَّبْعَةِ، اسْمُهُ: أَبُو بَكْرٍ وَكُنْيَتُهُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ. وَمِثْلُهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ كُنْيَتُهُ أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ الْخَطِيبُ: لَا نَظِيرَ لَهُمَا. وَقِيلَ: لَا كُنْيَةَ لِابْنِ حَزْمٍ. الثَّانِي: مَنْ لَا كُنْيَةَ لَهُ كَأَبِي بِلَالٍ عَنْ شَرِيكٍ. وَكَأَبِي حَصِينٍ، بِفَتْحِ الْحَاءِ عَنْ أَبِي حَاتِمٍ الرَّازِيِّ.   [تدريب الراوي] بِضَمِّ السِّينِ وَفَتْحِهَا، عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ سَعِيدٍ التَّنُوخِيُّ الْقَيْرَوَانِيُّ صَاحِبُ الْمُدَوَّنَةِ. (مُطَيَّنٌ) مُصَغَّرٌ، الْحَضْرَمِيُّ. (وَمُشْكَدَانَهْ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الْكَافِ وَالْمُهْمَلَةِ بَعْدَ الْأَلْفِ نُونٌ (وَآخَرُونَ) . يَنْبَغِي أَنْ يُزَادَ فِي هَذَا قِسْمٌ رَابِعٌ فِي الْأَنْسَابِ. [النوع الْخَمْسُونَ فِي الْأَسْمَاءِ وَالْكُنَى] [القسم الأول من عرف بالكنية] (النَّوْعُ الْخَمْسُونَ: فِي الْأَسْمَاءِ وَالْكُنَى) أَيْ: مَعْرِفَةِ أَسْمَاءِ مَنِ اشْتَهَرَ بِكُنْيَتِهِ، وَكُنَى مَنِ اشْتَهَرَ بِاسْمِهِ. وَيَنْبَغِي الْعِنَايَةُ بِذَلِكَ لِئَلَّا يُذْكَرَ مَرَّةً الرَّاوِي بِاسْمِهِ وَمَرَّةً بِكُنْيَتِهِ فَيَظُنُّهَا مَنْ لَا مَعْرِفَةَ لَهُ رَجُلَيْنِ، وَرُبَّمَا ذُكِرَ بِهِمَا مَعًا فَيُتَوَهَّمُ رَجُلَيْنِ، كَالْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ الْحَاكِمُ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي يُوسُفَ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، عَنْ مُوسَى ابْنِ عَائِشَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ، عَنْ أَبِي الْوَلِيدِ، عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا: «مَنْ صَلَّى خَلْفَ الْإِمَامِ فَإِنَّ قِرَاءَتَهُ لَهُ قِرَاءَةٌ» . قَالَ الْحَاكِمُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادٍ هُوَ أَبُو الْوَلِيدِ، بَيَّنَهُ ابْنُ الْمَدِينِيِّ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 763 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] قَالَ الْحَاكِمُ: وَمَنْ تَهَاوَنَ بِمَعْرِفَةِ الْأَسَامِي أَوْرَثَهُ مِثْلَ هَذَا الْوَهْمِ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَرُبَّمَا وَقَعَ عَكْسُ ذَلِكَ، كَحَدِيثِ أَبِي أُسَامَةَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ السَّائِبِ السَّابِقِ، أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ، وَقَالَ: عَنْ أَبِي أُسَامَةَ حَمَّادِ بْنِ السَّائِبِ، وَإِنَّمَا هُوَ عَنْ حَمَّادٍ فَأَسْقَطَ " عَنْ " وَخَفِيَ عَلَيْهِ أَنَّ الصَّوَابَ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ حَمَّادِ بْنِ أُسَامَةَ. قَالَ: وَلَقَدْ بَلَغَنِي عَنْ بَعْضِ مَنْ دَرَسَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ أَرَادَ الْكَشْفَ عَنْ تَرْجَمَةِ أَبِي الزِّنَادِ فَلَمْ يَهْتَدِ إِلَى مَوْضِعِهِ مِنْ كُتُبِ الْأَسْمَاءِ، لِعَدَمِ مَعْرِفَتِهِ بِاسْمِهِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ: (صَنَّفَ فِيهِ) أَيْ: فِي هَذَا النَّوْعِ، جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ عَلِيُّ (ابْنُ الْمَدِينِيِّ، ثُمَّ مُسْلِمُ) بْنُ الْحَجَّاجِ، (ثُمَّ النَّسَائِيُّ، ثُمَّ الْحَاكِمُ أَبُو أَحْمَدَ) وَهُوَ غَيْرُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ صَاحِبِ عُلُومِ الْحَدِيثِ وَالْمُسْتَدْرَكِ، (ثُمَّ ابْنُ مَنْدَهْ، وَغَيْرُهُمْ) كَأَبِي بِشْرٍ الدُّولَابِيِّ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَكِتَابُ أَبِي أَحْمَدَ أَجَلُّ تَصَانِيفِ هَذَا النَّوْعِ، فَإِنَّهُ يَذْكُرُ فِيهِ مَنْ عَرَفَ اسْمَهُ وَمَنْ لَمْ يَعْرِفْ، وَكِتَابُ مُسْلِمٍ وَالنَّسَائِيِّ لَمْ يُذْكَرْ فِيهِ إِلَّا مَنْ عُرِفَ اسْمُهُ. (وَالْمُرَادُ مِنْهُ بَيَانُ أَسْمَاءِ ذَوِي الْكُنَى، وَمُصَنِّفُهُ يُبَوِّبُ) تَصْنِيفَهُ (عَلَى حُرُوفِ) الْمُعْجَمِ فِي (الْكُنَى) ، وَيَذْكُرُ أَسْمَاءَ أَصْحَابِهَا، فَيَذْكُرُ فِي حَرْفِ الْهَمْزَةِ: أَبَا إِسْحَاقَ. وَفِي الْبَاءِ: أَبَا بِشْرٍ، وَنَحْوَهَا. (وَهُوَ أَقْسَامٌ) تِسْعَةٌ، ابْتَكَرَهَا ابْنُ الصَّلَاحِ: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 764 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] (الْأَوَّلُ: مَنْ سُمِّيَ بِالْكُنْيَةِ لَا اسْمَ لَهُ غَيْرُهَا: وَهُوَ ضَرْبَانِ: مَنْ لَهُ كُنْيَةٌ) أُخْرَى زِيَادَةً عَلَى الِاسْمِ. قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: فَصَارَ كَأَنَّ لِكُنْيَتِهِ كُنْيَةً، قَالَ: وَذَلِكَ ظَرِيفٌ عَجِيبٌ. (كَأَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ الْمَخْزُومِيِّ، (أَحَدِ الْفُقَهَاءِ السَّبْعَةِ) بِالْمَدِينَةِ، (اسْمُهُ أَبُو بَكْرٍ، وَكُنْيَتُهُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ) . قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَهَذَا قَوْلٌ ضَعِيفٌ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي " التَّارِيخِ " عَنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ، وَفِيهِ قَوْلَانِ آخَرَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ اسْمَهُ مُحَمَّدٌ، وَأَبُو بَكْرٍ كُنْيَتُهُ، وَبِهِ جَزَمَ الْبُخَارِيُّ. وَالثَّانِي: أَنَّ اسْمَهُ كُنْيَتُهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَابْنُ حِبَّانَ ; وَقَالَ الْمِزِّيُّ: إِنَّهُ الصَّحِيحُ. (وَمِثْلُهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ) الْأَنْصَارِيُّ، (كُنْيَتُهُ أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ الْخَطِيبُ: لَا نَظِيرَ لَهُمَا) فِي ذَلِكَ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 765 الْقِسْمُ الثَّانِي: مَنْ عُرِفَ بِكُنْيَتِهِ وَلَمْ يُعْرَفْ أَلَهُ اسْمٌ أَمْ لَا؟ كَأَبِي أُنَاسٍ، بِالنُّونِ، صَحَابِيٌّ، وَأَبِي مُوَيْهِبَةَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبِي شَيْبَةَ الْخُدْرِيِّ، وَأَبِي الْأَبْيَضِ عَنْ أَنَسٍ، وَأَبِي بِكْرِ بْنِ نَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ، وَأَبِي النَّجِيبِ، بِالنُّونِ الْمَفْتُوحَةِ ; وَقِيلَ: الْمَضْمُومَةِ. وَأَبِي حَرِيزٍ، بِالْحَاءِ وَالزَّايِ الْمَوْقِفِيِّ، وَالْمَوْقِفُ مَحَلَّةٌ بِمِصْرَ.   [تدريب الراوي] (وَقِيلَ: لَا كُنْيَةَ لِابْنِ حَزْمٍ) غَيْرُ الْكُنْيَةِ الَّتِي هِيَ اسْمُهُ. (الثَّانِي) مِنَ الضَّرْبَيْنِ (مَنْ لَا كُنْيَةَ لَهُ) غَيْرُ الْكُنْيَةِ الَّتِي هِيَ اسْمُهُ، (كَأَبِي بِلَالٍ) الْأَشْعَرِيِّ الرَّاوِي (عَنْ شَرِيكٍ. وَكَأَبِي حَصِينٍ بِفَتْحِ الْحَاءِ) يَحْيَى بْنِ سُلَيْمَانَ الرَّاوِي، (عَنْ أَبِي حَاتِمٍ الرَّازِيِّ) . قَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا: اسْمِي وَكُنْيَتِي وَاحِدٌ، وَكَذَا قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ الْمُقْرِئُ: لَيْسَ لِي اسْمٌ غَيْرَ أَبِي بَكْرٍ. [القسم الثاني مَنْ عُرِفَ بِكُنْيَتِهِ وَلَمْ يُعْرَفْ أَلَهُ اسْمٌ] (الْقِسْمُ الثَّانِي: مَنْ عُرِفَ بِكُنْيَتِهِ وَلَمْ يُعْرَفْ أَلَهُ اسْمٌ) ، أَوْ لُهُ اسْمٌ وَلَكِنْ لَمْ نَقِفْ عَلَيْهِ، (أَمْ لَا) اسْمَ لَهُ أَصْلًا، (كَأَبِي أُنَاسٍ، بِالنُّونِ، صَحَابِيٌّ) كِنَانِيٌّ، وَيُقَالُ: دَيْلِيٌّ. (وَأَبِي مُوَيْهِبَةَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَأَبِي شَيْبَةَ الْخُدْرِيِّ) الَّذِي مَاتَ فِي حِصَارِ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ. (وَأَبِي الْأَبْيَضِ) التَّابِعِيِّ الرَّاوِي (عَنْ أَنَسِ) بْنِ مَالِكٍ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 766 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَقَالَ الْعِرَاقِيُّ: سَمَّاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي الْكُنَى وَفِي الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ فِي الْأَسْمَاءِ: عِيسَى، لَكِنْ أَعَادَهُ فِي آخِرِهِ فِي الْكُنَى الَّذِينَ لَا تُعْرَفُ أَسْمَاؤُهُمْ، وَقَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: سُئِلَ أَبُو زُرْعَةَ عَنْ أَبِي الْأَبْيَضِ فَقَالَ: لَا نَعْرِفُ اسْمَهُ. قَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ: وَلَعَلَّ ابْنَ أَبِي حَاتِمٍ وَجَدَ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِهِ أَبُو الْأَبْيَضِ عَبْسِيٌّ، فَتَصَحَّفَ عَلَيْهِ بِعِيسَى. (وَأَبِي بَكْرِ بْنِ نَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ. وَأَبِي النَّجِيبِ، بِالنُّونِ الْمَفْتُوحَةِ، وَقِيلَ: بِالتَّاءِ) الْفَوْقِيَّةِ (الْمَضْمُومَةِ) . قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 767 الْقِسْمُ الثَّالِثُ: مَنْ لُقِّبَ بِكُنْيَةٍ وَلَهُ - غَيْرَهَا - اسْمٌ وَكُنْيَةٌ كَأَبِي تُرَابٍ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَبِي الْحَسَنِ، وَأَبِي الزِّنَادِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ذَكْوَانَ، وَأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَأَبِي الرِّجَالِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَأَبِي تُمَيْلَةَ يَحْيَى بْنِ وَاضِحٍ، وَأَبِي الْآذَانِ الْحَافِظِ عُمَرَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ أَبِي بَكْرٍ، وَأَبِي الشَّيْخِ الْحَافِظِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَبِي مُحَمَّدٍ، وَأَبِي حَازِمٍ الْعَبْدُووِيِّ عُمَرَ بْنِ أَحْمَدَ أَبِي حَفْصٍ.   [تدريب الراوي] وَقَالَ الْعِرَاقِيُّ: بَلْ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ بِلَا خِلَافٍ. قَالَ: وَقَدْ جَزَمَ ابْنُ مَاكُولَا بِأَنَّ اسْمَهُ " ظَلِيمٌ " وَحَكَاهُ قَبْلَهُ ابْنُ يُونُسَ. (وَأَبِي حَرِيزٍ، بِالْحَاءِ) الْمَفْتُوحَةِ وَالرَّاءِ الْمَكْسُورَةِ (وَالزَّايِ) آخِرَهُ (الْمَوْقِفِيِّ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْوَاوِ وَكَسْرِ الْقَافِ ثُمَّ فَاءٍ (وَالْمَوْقِفُ، مَحَلَّةٌ بِمِصْرَ) . [القسم الثالث مَنْ لُقِّبَ بِكُنْيَةٍ وَلَهُ غَيْرَهَا اسْمٌ وَكُنْيَةٌ] (الْقِسْمُ الثَّالِثُ: مَنْ لُقِّبَ بِكُنْيَةٍ وَلَهُ غَيْرَهَا اسْمٌ وَكُنْيَةٌ، كَأَبِي تُرَابٍ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ) اسْمًا (أَبِي الْحَسَنِ) كُنْيَةً، لَقَّبَهُ بِذَلِكَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَيْثُ قَالَ لَهُ: قُمْ أَبَا تُرَابٍ، وَكَانَ نَائِمًا عَلَيْهِ. (وَأَبِي الزِّنَادِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ذَكْوَانَ أَبَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ. وَأَبِي الرِّجَالِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ) ، لُقِّبَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ كَانَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 768 الرَّابِعُ: مَنْ لَهُ كُنْيَتَانِ أَوْ أَكْثَرُ كَابْنِ جُرَيْجٍ أَبِي الْوَلِيدِ، وَأَبِي خَالِدٍ، وَمَنْصُورِ الْفُرَاوِيِّ أَبِي بَكْرٍ وَأَبِي الْفَتْحِ، وَأَبِي الْقَاسِمِ. الْخَامِسُ: مَنِ اخْتُلِفَ فِي كُنْيَتِهِ كَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ أَبِي زَيْدٍ، وَقِيلَ: أَبُو مُحَمَّدٍ، وَقِيلَ: أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَقِيلَ: أَبُو خَارِجَةَ. وَخَلَائِقُ لَا يُحْصَوْنَ، وَبَعْضُهُمْ كَالَّذِي قَبْلَهُ.   [تدريب الراوي] لَهُ عَشَرَةُ أَوْلَادٍ رِجَالٍ. (وَأَبِي تُمَيْلَةَ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ مُصَغَّرٌ (يَحْيَى بْنِ وَاضِحٍ. وَأَبِي الْآذَانِ) بِالْمَدِّ جَمْعُ أُذُنٍ (الْحَافِظِ عُمَرَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ أَبِي بَكْرٍ) لُقِّبَ بِهِ لِأَنَّهُ كَانَ كَبِيرَ الْأُذُنَيْنِ. (وَأَبِي الشَّيْخِ الْحَافِظِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ) بْنِ حَيَّانَ الْأَصْبَهَانِيُّ، (أَبِي مُحَمَّدٍ) . (وَأَبِي حَازِمٍ الْعَبْدُووِيِّ) بِضَمِّ الدَّالِ نِسْبَةً إِلَى عَبْدُوَيْهِ جَدُّهُ (عُمَرَ بْنِ أَحْمَدَ أَبِي حَفْصٍ) . [القسم الرابع مَنْ لَهُ كُنْيَتَانِ أَوْ أَكْثَرُ] (الْقِسْمُ الرَّابِعُ: مَنْ لَهُ كُنْيَتَانِ أَوْ أَكْثَرُ كَابْنِ جُرَيْجٍ أَبِي الْوَلِيدِ، وَأَبِي خَالِدٍ. وَمَنْصُورِ الْفُرَاوِيِّ) شَيْخِ ابْنِ الصَّلَاحِ (أَبِي بَكْرٍ، وَأَبِي الْفَتْحِ، وَأَبِي الْقَاسِمِ) وَكَانَ يُقَالُ لَهُ: ذُو الْكُنَى. [القسم الخامس مَنِ اخْتُلِفَ فِي كُنْيَتِهِ دُونَ اسْمِهِ] (الْقِسْمُ الْخَامِسُ: مَنِ اخْتُلِفَ فِي كُنْيَتِهِ) دُونَ اسْمِهِ، وَقَدْ أَلَّفَ فِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَطَاءٍ الْهَرَوِيُّ مُؤَلَّفًا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 769 السَّادِسُ: مَنْ عُرِفَتْ كُنْيَتُهُ وَاخْتُلِفَ فِي اسْمِهِ كَأَبِي بَصْرَةَ الْغِفَارِيِّ، حُمَيْلٍ بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَقِيلَ: بِجِيمٍ مَفْتُوحَةٍ، وَأَبِي جُحَيْفَةَ وَهْبٍ، وَقِيلَ وَهْبِ اللَّهِ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ صَخْرٍ عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ ثَلَاثِينَ قَوْلًا، وَهُوَ أَوَّلُ مُكَنًّى بِهَا. وَأَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى. قَالَ الْجُمْهُورُ: عَامِرٌ وَابْنُ مَعِينٍ: الْحَارِثُ، وَأَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ الْمُقْرِي، فِيهِ نَحْوُ أَحَدَ عَشَرَ، قِيلَ: أَصَحُّهَا شُعْبَةُ، وَقِيلَ: أَصَحُّهَا اسْمُهُ كُنْيَتُهُ.   [تدريب الراوي] (كَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ) الْحِبِّ، (أَبِي زَيْدٍ، وَقِيلَ: أَبُو مُحَمَّدٍ، وَقِيلَ: أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَقِيلَ: أَبُو خَارِجَةَ. وَخَلَائِقُ لَا يُحْصُونَ) كَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، أَبُو الْمُنْذِرِ، وَقِيلَ: أَبُو الطُّفَيْلِ. (وَبَعْضُهُمْ كَالَّذِي قَبْلَهُ) ؛ عِبَارَةُ ابْنِ الصَّلَاحِ: وَفِي بَعْضِ مَنْ ذُكِرَ فِي هَذَا الْقِسْمِ مَنْ هُوَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ مُلْتَحِقٌ بِالَّذِي قَبْلَهُ. [القسم السادس مَنْ عُرِفَتْ كُنْيَتُهُ وَاخْتُلِفَ فِي اسْمِهِ] (الْقِسْمُ السَّادِسُ: مَنْ عُرِفَتْ كُنْيَتُهُ وَاخْتُلِفَ فِي اسْمِهِ، كَأَبِي بَصْرَةَ الْغِفَارِيِّ) بِلَفْظِ الْبَلَدِ. (حُمَيْلٌ، بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ) مُصَغَّرًا (عَلَى الْأَصَحِّ. وَقِيلَ بِجِيمٍ مَفْتُوحَةٍ) مُكَبَّرًا. (وَأَبِي جُحَيْفَةَ وَهْبٍ، وَقِيلَ: وَهْبِ اللَّهِ. وَأَبِي هُرَيْرَةَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ صَخْرٍ عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ ثَلَاثِينَ قَوْلًا) فِي اسْمِهِ وَاسْمِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 770 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] أَبِيهِ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ إِسْحَاقَ، وَصَحَّحَهُ أَبُو أَحْمَدَ الْحَاكِمُ فِي الْكُنَى، وَالرَّافِعِيُّ فِي التَّذْنِيبِ وَآخَرُونَ. وَنَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ فِي تَهْذِيبِ الْأَسْمَاءِ عَنِ الْبُخَارِيِّ، وَالْمُحَقِّقِينَ وَالْأَكْثَرِينَ. رَوَى الْحَاكِمُ فِي " الْمُسْتَدْرَكِ " مِنْ طَرِيقِ ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنِي بَعْضُ أَصْحَابِي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كَانَ اسْمِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ عَبْدَ شَمْسِ بْنَ صَخْرٍ، فَسُمِّيتُ فِي الْإِسْلَامِ عَبْدَ الرَّحْمَنِ. وَقِيلَ: اسْمُهُ عُمَيْرُ بْنُ عَامِرٍ، قَالَهُ هِشَامُ بْنُ الْكَلْبِيِّ وَخَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ، وَصَحَّحَهُ الشَّرَفُ الدِّمْيَاطُ أَعْلَمُ الْمُتَأَخِّرِينَ بِالْأَنْسَابِ. وَقِيلَ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ غَنْمٍ، وَقِيلَ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَائِذٍ، وَقِيلَ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ، وَقِيلَ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، وَقِيلَ: سُكَيْنُ بْنُ دَوْمَةَ، وَقِيلَ: سُكَيْنُ بْنُ هَانِئٍ، وَقِيلَ: سُكَيْنُ بْنُ مُلٍّ، وَقِيلَ: سُكَيْنُ بْنُ صَخْرٍ، وَقِيلَ: عَامِرُ بْنُ عَبْدِ شَمْسٍ، وَقِيلَ: عَامِرُ بْنُ عُمَيْرٍ، وَقِيلَ: بَرِيرُ بْنُ عَشْرَقَةَ، وَقِيلَ: عَبْدُ نَهْمٍ، وَقِيلَ: عَبْدُ شَمْسٍ، وَقِيلَ: غَنْمٌ، وَقِيلَ: عُبَيْدُ بْنُ غَنْمٍ، وَقِيلَ: عَمْرُو بْنُ غَنْمٍ، وَقِيلَ: عَمْرُو بْنُ عَامِرٍ، وَقِيلَ: سَعِيدُ بْنُ الْحَارِثِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 771 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] هَذِهِ عِشْرُونَ قَوْلًا اقْتَصَرَ عَلَى حِكَايَتِهَا الْحَافِظُ جَمَالُ الدِّينِ الْمِزِّيُّ. وَقَالَ الْقُطْبُ الْحَلَبِيُّ: اجْتَمَعَ فِي اسْمِهِ وَاسْمِ أَبِيهِ نَحْوَ أَرْبَعِينَ قَوْلًا مَذْكُورَةً بِالسَّنَدِ فِي تَرْجَمَتِهِ فِي " تَارِيخِ ابْنِ عَسَاكِرَ ". (وَهُوَ أَوَّلُ مُكَنًّى بِهَا) رُوِيَ عَنْهُ: إِنَّمَا كُنِّيتُ بِأَبِي هُرَيْرَةَ لِأَنِّي وَجَدْتُ أَوْلَادَ هِرَّةٍ وَحْشِيَّةٍ فَحَمَلْتُهَا فِي كُمِّي، فَقِيلَ: مَا هَذِهِ؟ فَقُلْتُ: هِرَّةٌ. قِيلَ: فَأَنْتَ أَبُو هُرَيْرَةَ. قِيلَ: وَكَانَ يُكَنَّى قَبْلَهَا أَبَا الْأَسْوَدِ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ: ثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، ثَنَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَافِعٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي هُرَيْرَةَ: لِمَ كَنَّوْكَ أَبَا هُرَيْرَةَ؟ قَالَ: كَانَتْ لِي هُرَيْرَةٌ صَغِيرَةٌ، فَكُنْتُ إِذَا كَانَ اللَّيْلُ وَضَعْتُهَا فِي شَجَرَةٍ، فَإِذَا أَصْبَحْتُ أَخَذْتُهَا فَلَعِبْتُ بِهَا، فَكَنَّوْنِي أَبَا هُرَيْرَةَ. (وَأَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى) الْأَشْعَرِيِّ (قَالَ الْجُمْهُورُ) اسْمُهُ: (عَامِرٌ. وَ) قَالَ يَحْيَى (بْنُ مَعِينٍ: الْحَارِثُ. وَأَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ الْمُقْرِي فِيهِ نَحْوُ أَحَدَ عَشَرَ قَوْلًا، قِيلَ: أَصَحُّهَا شُعْبَةُ) ، عِبَارَةُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 772 السَّابِعُ: مَنِ اخْتُلِفَ فِيهِمَا كَسَفِينَةَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قِيلَ عُمَيْرٌ، وَقِيلَ صَالِحٌ، وَقِيلَ: مِهْرَانُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَقِيلَ أَبُو الْبَخْتَرِيِّ.   [تدريب الراوي] ابْنِ الصَّلَاحِ: قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: إِنْ صَحَّ لَهُ اسْمٌ فَهُوَ شُعْبَةُ لَا غَيْرَ، وَهُوَ الَّذِي صَحَّحَهُ أَبُو زُرْعَةَ. (وَقِيلَ: أَصَحُّهَا اسْمُهُ كُنْيَتُهُ) قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، وَهَذَا أَصَحُّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، لِأَنَّهُ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: مَا لِي اسْمٌ غَيْرَ أَبِي بَكْرٍ، وَصَحَّحَهُ الْمِزِّيُّ. وَقِيلَ: اسْمُهُ مُحَمَّدٌ، وَقِيلَ: عَبْدُ اللَّهِ، وَقِيلَ: سَالِمٌ، وَقِيلَ: رُؤْبَةُ، وَقِيلَ: مُسْلِمٌ، وَقِيلَ: خِدَاشٌ، وَقِيلَ: حَمَّادٌ، وَقِيلَ: حَبِيبٌ، وَقِيلَ: مُطَرِّفٌ. [القسم السابع مَنِ اخْتُلِفَ فِيهِمَا أَيِ اسْمِهِ وَكُنْيَتِهِ مَعًا] (السَّابِعُ: مَنِ اخْتُلِفَ فِيهِمَا) أَيِ: اسْمِهِ وَكُنْيَتِهِ مَعًا (كَسَفِينَةَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قِيلَ:) اسْمُهُ (عُمَيْرٌ، وَقِيلَ: صَالِحٌ، وَقِيلَ: مِهْرَانُ) ، وَقِيلَ: نَجْرَانُ، وَقِيلَ: رُومَانُ، وَقِيلَ: قَيْسٌ، وَقِيلَ: شَنْبَةُ، بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ بَيْنَهَا نُونٌ سَاكِنَةٌ، وَقِيلَ: سَنْبَةُ، بِالْمُهْمَلَةِ، وَقِيلَ: طَهْمَانُ، وَقِيلَ: مَرْوَانُ، وَقِيلَ: ذَكْوَانُ، وَقِيلَ: كَيْسَانُ، وَقِيلَ: سُلَيْمَانُ، وَقِيلَ: أَيْمَنُ، وَقِيلَ: أَحْمَرُ، وَقِيلَ: أَحْمَدُ، وَقِيلَ: رَبَاحٌ، وَقِيلَ: مُفْلِحٌ، وَقِيلَ: مَرْقَنَةُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 773 الثَّامِنُ: مَنْ عُرِفَ بِالِاثْنَيْنِ كَآبَاءِ عَبْدِ اللَّهِ أَصْحَابِ الْمَذَاهِبِ: سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَمَالِكٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَغَيْرِهِمْ. التَّاسِعُ: مَنِ اشْتَهَرَ بِهِمَا مَعَ الْعِلْمِ بِاسْمِهِ كَأَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ عَائِذِ اللَّهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - أَجْمِعِينَ.   [تدريب الراوي] وَقِيلَ: مِعْقَبٌ، وَقِيلَ: عَبْسٌ، وَقِيلَ: عِيسَى. فَهَذِهِ اثْنَانِ وَعِشْرُونَ قَوْلًا حَكَاهَا شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي " الْإِصَابَةِ " إِلَّا الْقَوْلَ الثَّانِيَ، وَكُنْيَتُهُ (أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَقِيلَ: أَبُو الْبَخْتَرِيِّ) . [القسم الثامن مَنْ عُرِفَ بِالِاثْنَيْنِ وَلَمْ يُخْتَلَفْ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا] (الْقِسْمُ الثَّامِنُ: مَنْ عُرِفَ بِالِاثْنَيْنِ) وَلَمْ يُخْتَلَفْ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا (كَآبَاءِ عَبْدِ اللَّهِ أَصْحَابِ الْمَذَاهِبِ: سُفْيَانِ الثَّوْرِيِّ، وَمَالِكٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ إِدْرِيسَ) الشَّافِعِيِّ، (وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ) ، وَكَأَبِي حَنِيفَةَ النُّعْمَانِ بْنِ ثَابِتٍ (وَغَيْرِهِمْ) مِمَّنْ لَا يُحْصَى. وَمِنَ الصَّحَابَةِ الْخُلَفَاءُ الْأَرْبَعَةُ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ، وَأَبُو حَفْصٍ عُمَرُ) وَأَبُو عَمْرٍو عُثْمَانُ، وَأَبُو الْحَسَنِ عَلِيٌّ. [القسم التاسع مَنِ اشْتَهَرَ بِكُنْيَتِهِ مَعَ الْعِلْمِ بِاسْمِهِ] (الْقِسْمُ التَّاسِعُ: مَنِ اشْتَهَرَ بِهَا) أَيْ بِكُنْيَتِهِ (مَعَ الْعِلْمِ بِاسْمِهِ، كَأَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ عَائِذِ اللَّهِ) - بِالْمُعْجَمَةِ - بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. وَكَأَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ عَمْرٍو. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 774 النَّوْعُ الْحَادِي وَالْخَمْسُونَ: مَعْرِفَةُ كُنَى الْمَعْرُوفِينَ بِالْأَسْمَاءِ ; مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُبَوَّبَ عَلَى الْأَسْمَاءِ. فَمَنْ يُكَّنَى بِأَبِي مُحَمَّدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - طَلْحَةُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، وَثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ، وَكَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ، وَالْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، وَابْنُ عَمْرٍو، وَابْنُ بُحَيْنَةَ، وَغَيْرُهُمْ. وَبِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: الزُّبَيْرُ، وَالْحُسَيْنُ، وَسَلْمَانُ، وَحُذَيْفَةُ، وَعَمْرُو بْنُ الْعَاصِ، وَغَيْرُهُمْ وَبِأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ: ابْنُ مَسْعُودٍ، وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَزَيْدُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَابْنُ عُمَرَ، وَمُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ وَغَيْرُهُمْ. وَفِي بَعْضِهِمْ خِلَافٌ.   [تدريب الراوي] وَأَبِي الضُّحَى مُسْلِمٍ. قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَلِابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ فِيهِ تَأْلِيفٌ مَلِيحٌ فِيمَنْ بَعْدَ الصَّحَابَةِ مِنْهُمْ. [النَّوْعُ الْحَادِي وَالْخَمْسُونَ مَعْرِفَةُ كُنَى الْمَعْرُوفِينَ بِالْأَسْمَاءِ] قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَهَذَا مِنْ وَجْهٍ ضِدُّ النَّوْعِ الَّذِي قَبْلَهُ. وَمِنْ وَجْهٍ آخَرَ: يَصِحُّ أَنْ يُجْعَلَ قِسْمًا مِنْ أَقْسَامِ ذَلِكَ، مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ قِسْمًا مِنْ أَقْسَامِ أَصْحَابِ الْكُنَى، وَأَلَّفَ فِيهِ ابْنُ حِبَّانَ، انْتَهَى. وَعَلَى الِاصْطِلَاحِ الثَّانِي مَشَى ابْنُ جَمَاعَةَ فِي الْمَنْهَلِ الرَّوِيِّ، فَعَدَّ أَقْسَامَهُ عَشَرَةً، وَتَبِعَهُ الْعِرَاقِيُّ، قَالَ: لِأَنَّ الَّذِينَ صَنَّفُوا فِي الْكُنَى جَمَعُوا النَّوْعَيْنِ مَعًا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 775 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَعَلَى الْأَوَّلِ قَالَ الْمُصَنِّفُ كَابْنِ الصَّلَاحِ: (مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُبَوِّبَ عَلَى الْأَسْمَاءِ) ثُمَّ يُبَيِّنَ كُنَاهَا بِخِلَافِ ذَلِكَ. (فَمَنْ يُكَنَّى بِأَبِي مُحَمَّدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - طَلْحَةُ) بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، (وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، وَثَابِتُ بْنُ قَيْسِ) بْنِ الشَّمَّاسِ، فِيمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ مَنْدَهْ، وَرَجَّحَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ. وَقِيلَ: كُنْيَتُهُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَرَجَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْمِزِّيُّ. فَعَلَى هَذَا هُوَ مِنْ أَمْثِلَةِ الْقِسْمِ الْخَامِسِ السَّابِقِ. (وَكَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ، وَالْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ) بْنِ أَبِي طَالِبٍ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: فِي هَذَا نَظَرٌ، فَإِنَّ الْمَعْرُوفَ أَنَّ كُنْيَتَهُ أَبُو جَعْفَرٍ، وَبِذَلِكَ كَنَّاهُ الْبُخَارِيُّ فِي " التَّارِيخِ "، وَحَكَاهُ عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَابْنِ إِسْحَاقَ، وَتَبِعَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 776 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَابْنُ مَنْدَهْ، وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ. قَالَ: وَكَأَنَّ ابْنَ الصَّلَاحِ اغْتَرَّ بِمَا وَقَعَ فِي الْكُنَى لِلنَّسَائِيِّ فِي حَرْفِ الْمِيمِ: (أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ) ، ثُمَّ رَوَى بِإِسْنَادِهِ أَنَّ الْوَلِيدَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، مَعَ أَنَّهُ أَعَادَهُ فِي حَرْفِ الْجِيمِ، فَذَكَرَهُ أَبَا جَعْفَرٍ. قَالَ: وَابْنُ الزُّبَيْرِ أَعْرَفُ بِعَبْدِ اللَّهِ مِنَ الْوَلِيدِ إِنْ كَانَ النَّسَائِيُّ أَرَادَ بِالْمَذْكُورِ أَوْلَادَ ابْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَإِنْ أَرَادَ بِهِ غَيْرَهُ فَلَا يُخَالِفُهُ. (وَ) عَبْدُ اللَّهِ (بْنُ عَمْرِو) بْنِ الْعَاصِ، (وَ) عَبْدُ اللَّهِ (بْنُ بُحَيْنَةَ وَغَيْرُهُمْ) . وَمِمَّنْ يُكَنَّى (بِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ) مِنَ الصَّحَابَةِ: (الزُّبَيْرُ) بْنُ الْعَوَّامِ، (وَالْحُسَيْنُ) بْنُ عَلِيٍّ (وَسَلْمَانُ) الْفَارِسِيُّ، (وَحُذَيْفَةُ) بْنُ الْيَمَانِ، (وَعَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَغَيْرُهُمْ) . وَعَدَّ مِنْهُمُ ابْنُ الصَّلَاحِ: عُمَارَةَ بْنَ حَزْمٍ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَفِيهِ نَظَرٌ، فَلَمْ أَرَ أَحَدًا ذَكَرَ لَهُ كُنْيَةً. وَعُثْمَانَ بْنَ حَنِيفٍ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 777 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَقَالَ: وَتَبِعَ فِي ذَلِكَ ابْنَ حِبَّانَ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّ كُنْيَتَهُ أَبُو عَمْرٍو، وَلَمْ يَذْكُرِ الْمِزِّيُّ غَيْرَهَا. وَالْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ. قَالَ: وَتَبِعَ فِي ذَلِكَ الْبُخَارِيَّ، وَابْنَ حِبَّانَ، وَابْنَ أَبِي حَاتِمٍ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّ كُنْيَتَهُ أَبُو عِيسَى، كَذَا جَزَمَ بِهِ النَّسَائِيُّ، وَأَبُو أَحْمَدَ الْحَاكِمُ. وَمَعْقِلَ بْنَ يَسَارٍ، وَعَمْرَو بْنَ عَامِرٍ الْمُزَنِيَّيْنِ. قَالَ: وَفِيهِمَا نَظَرٌ، فَالْمَشْهُورُ أَنَّ كُنْيَةَ مَعْقِلٍ: أَبُو عَلِيٍّ، وَبِهِ قَالَ الْجُمْهُورُ: عَلِيُّ ابْنُ الْمَدِينِيِّ، وَخَلِيفَةُ، وَالْعِجْلِيِّ، وَابْنُ مَنْدَهْ، وَالْبُخَارِيُّ، وَابْنُ أَبِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 778 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] حَاتِمٍ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالنَّسَائِيُّ؛ زَادَ الْعِجْلِيُّ: وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا فِي الصَّحَابَةِ يُكَنَّى أَبَا عَلِيٍّ غَيْرَهُ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: بَلْ قَيْسُ بْنُ عَاصِمٍ، وَطَلْقُ بْنُ عَلِيٍّ يُكَنَّيَانِ بِذَلِكَ، كَمَا جَزَمَ بِهِ النَّسَائِيُّ. قَالَ: وَأَمَّا عَمْرُو بْنُ عَامِرٍ. فَفِي الصَّحَابَةِ اثْنَانِ فَقَطْ: أَحَدُهُمَا: ابْنُ رَبِيعَةَ بْنُ هَوْذَةَ أَحَدُ بَنِي عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ، لَيْسَ مُزَنِيًّا، وَلَا يُكَنَّى أَبَا عَبْدِ اللَّهِ. وَالثَّانِي: ابْنُ مَالِكِ ابْنِ خَنْسَاءَ الْمَازِنِيُّ، أَحَدُ بَنِي مَازِنِ بْنِ النَّجَّارِ، يُكَنَّى أَبَا دَاوُدَ، ذَكَرَهُ ابْنُ مَنْدَهَ، وَسَمَّاهُ ابْنُ إِسْحَاقَ عُمَيْرًا، وَهُوَ الصَّوَابُ، فَلَيْسَ بِعَمْرٍو، وَلَا مُزَنِيٍّ بَلْ مَازِنِيٌّ، وَلَا يُكَنَّى أَبَا عَبْدِ اللَّهِ. قَالَ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ سَبْقُ قَلَمٍ، وَإِنَّمَا هُوَ عَمْرُو بْنُ عَوْفٍ الْمُزَنِيُّ، فَإِنَّهُ يُكَنَّى بِذَلِكَ. (وَ) مِمَّنْ يُكَنَّى (بِأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ) مِنَ الصَّحَابَةِ: عَبْدُ اللَّهِ (بْنُ مَسْعُودٍ، وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَزَيْدُ بْنُ الْخَطَّابِ) أَخُو عُمَرُ وَقِيلَ: كُنْيَتُهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، (وَ) عَبْدُ اللَّهِ (بْنُ عُمَرَ، وَمُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ وَغَيْرُهُمْ. وَفِي بَعْضِهِمْ) أَيِ الْمَذْكُورِينَ فِي هَذَا النَّوْعِ (خِلَافٌ) كَمَا تَقَدَّمَ فِي ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 779 النَّوْعُ الثَّانِي وَالْخَمْسُونَ: الْأَلْقَابُ، وَهِيَ كَثِيرَةٌ، وَمَنْ لَا يَعْرِفُهَا قَدْ يَظُنُّهَا أَسَامِيَ فَيَجْعَلَ مَنْ ذُكِرَ بِاسْمِهِ فِي مَوْضِعٍ وَبِلَقَبِهِ فِي آخَرَ شَخْصَيْنِ، وَأَلَّفَ فِيهِ جَمَاعَةٌ، وَمَا كَرِهَهُ الْمُلَقَّبُ لَا يَجُوزُ، وَمَا لَا فَيَجُوزُ. وَهَذِهِ نُبَذٌ مِنْهُ: مُعَاوِيَةُ الضَّالُّ: ضَلَّ فِي طُرُقِ مَكَّةَ، عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَدٍ الضَّعِيفُ: كَانَ ضَعِيفًا فِي جِسْمِهِ، مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ أَبُو النُّعْمَانِ عَارِمٌ: كَانَ بَعِيدًا مِنَ الْعَرَامَةِ وَهِيَ الْفَسَادُ. غَنْدَرٌ: لَقَبُ جَمَاعَةٍ كُلٌّ مِنْهُمْ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، أَوَّلُهُمْ صَاحِبُ شُعْبَةَ، وَالثَّانِي يَرْوِي عَنْ أَبِي حَاتِمٍ، وَالثَّالِثُ عَنْهُ أَبُو نُعَيْمٍ، وَالرَّابِعُ عَنْ أَبِي خَلِيفَةَ الْجُمَحِيِّ وَغَيْرِهِ، وَآخَرُونَ لُقِّبُوا بِهِ. غُنْجَارٌ: اثْنَانِ بُخَارِيَّانِ، عِيسَى بْنُ مُوسَى عَنْ مَالِكٍ وَالثَّوْرِيِّ. وَالثَّانِي: صَاحِبُ تَارِيخِهَا، صَاعِقَةُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ. لِشِدَّةِ حِفْظِهِ. عَنْهُ الْبُخَارِيُّ. شَبَابٌ: لَقَبُ خَلِيفَةَ صَاحِبِ التَّارِيخِ. زُنَيْجٌ، بِالزَّايِ وَالْجِيمِ، أَبُو غَسَّانَ، مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو شَيْخُ مُسْلِمٍ. رُسْتَهْ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْأَصْبَهَانِيُّ. سُنَيْدٌ: الْحُسَيْنُ بْنُ دَاوُدَ. بُنْدَارٌ: مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ. قَيْصَرُ: أَبُو النَّضْرِ هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ. الْأَخْفَشُ، نَحْوِيُّونَ، أَحْمَدُ بْنُ عِمْرَانَ مُتَقَدِّمٌ، وَأَبُو الْخَطَّابِ الْمَذْكُورُ فِي سِيبَوَيْهِ، وَسَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الَّذِي يُرْوَى عَنْهُ كِتَابُ سِيبَوَيْهِ، وَعَلِيُّ بْنُ سُلَيْمَانَ، صَاحِبُ ثَعْلَبٍ وَالْمُبَرِّدُ مُرَبَّعٌ: مُحَمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. جَزَرَةُ: صَالِحُ بْنُ مُحَمَّدٍ. عُبَيْدٌ الْعِجْلُ " بِالتَّنْوِينِ " الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَدٍ. كَيْلَجَةُ: مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ مَا غَمَّهُ: هُوَ عِلَّانُ، وَهُوَ عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ الصَّمَدِ وَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا فَيُقَالُ: عِلَّانُ مَا غَمَّهُ. سَجَّادَةُ: الْمَشْهُورُ، الْحَسَنُ بْنُ حَمَّادٍ. وَسَجَّادَةُ الْحُسَيْنُ بْنُ أَحْمَدَ. عَبْدَانُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ وَغَيْرُهُ. مُشْكَدَانَهْ، وَمُطَيَّنٌ.   [تدريب الراوي] وَعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَزَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَاللَّائِقُ بِهَؤُلَاءِ أَنْ يُذْكَرُوا فِي الْقِسْمِ الْخَامِسِ. [النوع الثاني والخمسون مَعْرِفَةُ أَلْقَابِ الْمُحَدِّثِينَ] (النَّوْعُ الثَّانِي وَالْخَمْسُونَ: الْأَلْقَابُ) أَيْ مَعْرِفَةُ أَلْقَابِ الْمُحَدِّثِينَ، وَمَنْ يُذْكَرُ مَعَهُمْ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ، (وَهِيَ كَثِيرَةٌ، وَمَنْ لَا يَعْرِفُهَا قَدْ يَظُنُّهَا أَسَامِيَ، فَيَجْعَلَ مَنْ ذُكِرَ بِاسْمِهِ فِي مَوْضِعٍ، وَبِلَقَبِهِ فِي آخِرَ شَخْصَيْنِ) . كَمَا وَقَعَ ذَلِكَ لِجَمَاعَةٍ مِنْ أَكَابِرِ الْحُفَّاظِ، مِنْهُمُ ابْنُ الْمَدِينِيِّ، فَرَّقُوا بَيْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ أَخِي سُهَيْلٍ، وَبَيْنَ عَبَّادِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ فَجَعَلُوهُمَا اثْنَيْنِ، وَإِنَّمَا عَبَّادٌ لَقَبٌ لِعَبْدِ اللَّهِ لَا أَخٌ لَهُ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ. (وَأَلَّفَ فِيهِ جَمَاعَةٌ) مِنَ الْحُفَّاظِ: مِنْهُمْ أَبُو بَكْرٍ الشِّيرَازِيُّ. وَأَبُو الْفَضْلِ الْفَلَكِيُّ. وَأَبُو الْوَلِيدِ الدَّبَّاغُ. وَأَبُو الْفَرَجِ بْنِ الْجَوْزِيِّ. وَآخِرُهُمْ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَبُو الْفَضْلِ بْنُ حَجَرٍ. وَتَأْلِيفُهُ أَحْسَنُهَا وَأَخْصَرُهَا وَأَجْمَعُهَا. (وَمَا كَرِهَهُ الْمُلَقَّبُ) بِهِ مِنَ الْأَلْقَابِ (لَا يَجُوزُ) التَّعْرِيفُ بِهِ، (وَمَا لَا) يَكْرَهُ (فَيَجُوزُ) التَّعْرِيفُ بِهِ. كَذَا جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا تَبَعًا لِابْنِ الصَّلَاحِ، وَتَبِعَهُمَا الْعِرَاقِيُّ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 780 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] فَقَدْ جَزَمَ الْمُصَنِّفُ فِي سَائِرِ كُتُبِهِ كَ " الرَّوْضَةِ " وَ " شَرْحِ مُسْلِمٍ "، وَ " الْأَذْكَارِ " بِجَوَازِهِ لِلضَّرُورَةِ. غَيْرَ قَاصِدٍ غَيْبَةً، وَقَدْ سَبَقَ عَلَى الصَّوَابِ فِي آدَابِ الْمُحَدِّثِ، ثُمَّ ظَهَرَ لِي حَمْلُ " مَا " هُنَا عَلَى أَصْلِ التَّلْقِيبِ، فَيَجُوزُ بِمَا لَا يَكْرَهُ دُونَ مَا يَكْرَهُ. قَالَ الْحَاكِمُ: وَأَوَّلُ لَقَبٍ فِي الْإِسْلَامِ لَقَبُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، وَهُوَ عَتِيقٌ ; لُقِّبَ بِهِ لِعَتَاقَةِ وَجْهِهِ؛ أَيْ: حُسْنِهِ. وَقِيلَ: لِأَنَّهُ عَتِيقُ اللَّهِ مِنَ النَّارِ. ثُمَّ الْأَلْقَابُ مِنْهَا مَا لَا يُعْرَفُ سَبَبُ التَّلْقِيبِ بِهِ، وَهُوَ كَثِيرٌ. وَمِنْهَا مَا يُعْرَفُ، وَلِعَبْدِ الْغَنِيِّ بْنِ سَعِيدٍ فِيهِ تَأْلِيفٌ مُفِيدٌ. (وَهَذِهِ نُبَذٌ مِنْهُ) أَيْ: نَوْعِ الْأَلْقَابِ عَلَى غَيْرِ تَرْتِيبٍ: (مُعَاوِيَةُ) بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ (الضَّالُّ، ضَلَّ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ) فَلُقِّبَ بِهِ، وَكَانَ رَجُلًا عَظِيمًا. (عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الضَّعِيفُ، كَانَ ضَعِيفًا فِي جِسْمِهِ) لَا فِي حَدِيثِهِ. وَقِيلَ: لُقِّبَ بِهِ مِنْ بَابِ الْأَضْدَادِ، لِشِدَّةِ إِتْقَانِهِ وَضَبْطِهِ، قَالَهُ ابْنُ حِبَّانَ. وَعَلَى الْأَوَّلِ قَالَ عَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ سَعِيدٍ: رَجُلَانِ جَلِيلَانِ لَزِمَهُمَا لَقَبَانِ قَبِيحَانِ: الضَّالُّ وَالضَّعِيفُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 781 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَثَالِثٌ وَهُوَ (مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ أَبُو النُّعْمَانِ) السَّدُوسِيُّ (عَارِمٌ كَانَ) عَبْدًا صَالِحًا (بَعِيدًا مِنَ الْعَرَامَةِ، وَهِيَ الْفَسَادُ) . وَنَظِيرُ ذَلِكَ [أَبُو يُونُسَ الْحَسَنُ] بْنُ يَزِيدَ الْقَوِيُّ، يَرْوِي عَنِ التَّابِعِينَ وَهُوَ ضَعِيفٌ. وَقِيلَ لَهُ: الْقَوِيُّ لِعِبَادَتِهِ. وَيُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّدُوقُ مِنْ صِغَارِ الْأَتْبَاعِ، كَذَّابٌ. وَيُونُسُ الْكَذُوبُ فِي عَصْرِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ثِقَةٌ. قِيلَ لَهُ: الْكَذُوبُ لِحِفْظِهِ وَإِتْقَانِهِ. (غَنْدَرٌ، لَقَبُ جَمَاعَةٍ كُلٌّ مِنْهُمْ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ) . أَوَّلُهُمْ: مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْبَصْرِيُّ أَبُو بَكْرٍ (صَاحِبُ شُعْبَةَ) ، قَدِمَ ابْنُ جُرَيْجٍ الْبَصْرَةَ فَحَدَّثَ بِحَدِيثٍ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ فَأَنْكَرَهُ عَلَيْهِ، وَأَكْثَرَ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ مِنَ الشَّغَبِ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ: اسْكُتْ يَا غَنْدَرُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 782 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَأَهْلُ الْحِجَازِ يُسَمُّونَ الْمُشَغِّبَ غَنْدَرًا. (وَالثَّانِي:) أَبُو الْحُسَيْنِ الرَّازِيُّ نَزِيلُ طَبَرِسْتَانَ، (رَوَى عَنْ: أَبِي حَاتِمٍ) الرَّازِيِّ. (وَالثَّالِثُ) أَبُو بَكْرٍ الْبَغْدَادِيُّ الْحَافِظُ الْجَوَّالُ الْوَرَّاقُ، جَدُّهُ الْحُسَيْنُ، سَمِعَ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ الْعُمَرِيَّ، وَأَبَا جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيَّ، وَأَبَا عَرُوبَةَ الْحَرَّانِيَّ، حَدَّثَ (عَنْهُ أَبُو نُعَيْمٍ) الْأَصْبَهَانِيُّ، وَالْحَاكِمُ، وَابْنُ جَمِيعٍ، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، مَاتَ سَنَةَ سَبْعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ. (وَالرَّابِعُ) أَبُو الطَّيِّبِ الْبَغْدَادِيُّ، جَدُّهُ: دَرَانُ، صُوفِيٌّ مُحَدِّثٌ جَوَّالٌ، رَوَى (عَنْ أَبِي خَلِيفَةَ الْجُمَحِيِّ) ، وَأَبِي يَعْلَى الْمَوْصِلِيِّ، وَعَنْهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، تَوَفَّى سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ. (وَآخَرُونَ لُقِّبُوا بِهِ) مِمَّنْ لَيْسَ بِمُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ. قُلْتُ: بَقِيَ مِمَّنْ لُقِّبَ بِهِ وَاسْمُهُ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، اثْنَانِ: أَبُو بَكْرٍ الْقَاضِي الْبَغْدَادِيُّ يَرْوِي عَنْ أَبِي شَاكِرٍ مَيْسَرَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الْعَبَّاسِ النَّجَّارُ، سَمِعَ ابْنَ صَاعِدٍ، وَمِنْهُ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْخَلَّالُ، مَاتَ فِي الْمُحَرَّمِ سَنَةَ تِسْعٍ وَسَبْعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، ذَكَرَهُمَا الْخَطِيبُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 783 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَمِمَّنْ لُقِّبَ بِهِ وَلَيْسَ اسْمُهُ ذَلِكَ أَحْمَدُ بْنُ آدَمَ الْجُرْجَانِيُّ الْخَلَنْجِيُّ، يَرْوِي عَنِ ابْنِ الْمَدِينِيِّ وَغَيْرِهِ. وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُهَلَّبِ الْحَرَّانِيُّ أَبُو الْحُسَيْنِ، ذَكَرَهُ الشِّيرَازِيُّ، قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: كَانَ يَكْذِبُ. وَمُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ بِشْرِ بْنِ النَّضْرِ بْنِ مِرْدَاسٍ الْهَرَوِيُّ، حَافِظٌ فَقِيهٌ شَافِعِيٌّ، سَمِعَ الرَّبِيعَ الْمُرَادِيَّ، رَوَى عَنْهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَوَثَّقَهُ الْخَطِيبُ، وَمَاتَ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِمِائَةٍ، عَنْ مِائَةِ سَنَةٍ. (غُنْجَارٌ: اثْنَانِ بُخَارِيَّانِ: عِيسَى بْنُ مُوسَى) التَّيْمِيُّ أَبُو أَحْمَدَ، رَوَى (عَنْ مَالِكٍ وَالثَّوْرِيِّ) ، قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: لُقِّبَ بِهِ لِحُمْرَةِ وَجْنَتَيْهِ. (وَالثَّانِي:) أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْحَافِظُ (صَاحِبُ تَارِيخِهَا) أَيْ بُخَارَى، مَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ (صَاعِقَةُ: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ) الْحَافِظُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 784 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] أَبُو يَحْيَى، لُقِّبَ بِهِ (لِشِدَّةِ حِفْظِهِ) وَمُذَاكَرَاتِهِ، رَوَى (عَنْهُ الْبُخَارِيُّ. شَبَابٌ) بِلَفْظٍ ضِدَّ الشَّيْخُوخَةِ ابْنُ خَيَّاطٍ، (لَقَبُ خَلِيفَةَ) الْعُصْفُرِيِّ (صَاحِبِ " التَّارِيخِ ". زُنَيْجٌ، بِالزَّايِ وَالْجِيمِ) وَالنُّونِ مُصَغَّرًا (أَبُو غَسَّانَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو) الرَّازِيُّ (شَيْخُ مُسْلِمٍ. رُسْتَهْ) : بِالضَّمِّ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ (عَبْدُ الرَّحْمَنِ) بْنُ عُمَرَ (الْأَصْبَهَانِيُّ. سُنَيْدٌ) : مُصَغَّرٌ، لَقَبٌ وَلَهُ تَفْسِيرٌ مُسْنَدٌ هُوَ (الْحُسَيْنُ بْنُ دَاوُدَ) الْمِصِّيصِيُّ. (بُنْدَارٌ، مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ) الْبَصْرِيُّ شَيْخُ الشَّيْخَيْنِ وَالنَّاسِ. قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ، قَالَ ابْنُ الْفَلَكِيِّ: لُقِّبَ بِهَذَا لِأَنَّهُ كَانَ بُنْدَارَ الْحَدِيثِ أَيْ: حَافِظَهُ. وَذَكَرَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ: أَنَّهُ لُقِّبَ بِهِ أَيْضًا جَمَاعَةٌ، مِنْهُمْ: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 785 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبَصَلَانِيُّ شَيْخُ أَبِي بَكْرٍ الْآجُرِيِّ. وَأَبُو الْحُسَيْنِ حَامِدُ بْنُ حَمَّادٍ، رَوَى عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ سَيَّارٍ وَغَيْرِهِ. وَالْحُسَيْنُ بْنُ يُوسُفَ بُنْدَارٌ، رَوَى عَنْ أَبِي عِيسَى التِّرْمِذِيِّ، وَعَنْهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي " الْكَامِلِ ". (قَيْصَرُ: أَبُو النَّضْرِ هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ) الْمَعْرُوفُ، شَيْخُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَغَيْرِهِ. (الْأَخْفَشُ) لُقِّبَ بِهِ جَمَاعَةٌ (نَحْوِيُّونَ) وَلَهُمْ رِوَايَةٌ أَيْضًا، كَمَا خَرَّجْتُ ذَلِكَ فِي طَبَقَاتِ النُّحَاةِ. أَوَّلُهُمْ: (أَحْمَدُ بْنُ عِمْرَانَ) الْبَصْرِيُّ النَّحْوِيُّ، (مُتَقَدِّمٌ) رَوَى عَنْ زَيْدِ بْنِ الْحُبَابِ وَغَيْرِهِ، وَلَهُ غَرِيبُ الْمُوَطَّأِ، وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ، وَمَاتَ قَبْلَ الْخَمْسِينَ وَمِائَتَيْنِ. (وَ) الثَّانِي: الْأَكْبَرُ (أَبُو الْخَطَّابِ الْمَذْكُورُ فِي) كِتَابِ (سِيبَوَيْهِ) وَهُوَ شَيْخُهُ، عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ، أَخَذَ عَنْ أَبِي عَمْرِو بْنِ الْعَلَاءِ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ فَسَّرَ الشِّعْرَ تَحْتَ كُلِّ بَيْتٍ، وَرِعٌ ثِقَةٌ. (وَ) الثَّالِثُ: الْأَوْسَطُ (سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ) أَبُو الْحَسَنِ الْبَلْخِيُّ ثُمَّ الْبَصْرِيُّ (الَّذِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 786 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] يُرْوَى) بِالضَّمِّ (عَنْهُ كِتَابُ سِيبَوَيْهِ) وَهُوَ صَاحِبُهُ، رَوَى عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ وَالنَّخَعِيِّ وَالْكَلْبِيِّ، وَعَنْهُ أَبُو حَاتِمٍ السِّجِسْتَانِيُّ، وَلَهُ " مَعَانِي الْقُرْآنِ " وَغَيْرُهُ، مَاتَ سَنَةَ عَشْرَةٍ، وَقِيلَ: خَمْسَ عَشْرَةَ، وَقِيلَ: إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ. وَهُوَ الْمُرَادُ حَيْثُ أُطْلِقَ فِي كُتُبِ النَّحْوِ. (وَ) الرَّابِعُ: الْأَصْغَرُ (عَلِيُّ بْنُ سُلَيْمَانَ) بْنِ الْفَضْلِ أَبُو الْحَسَنِ (صَاحِبُ ثَعْلَبٍ، وَالْمُبَرِّدُ) ، مَاتَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ وَثَلَاثِمِائَةٍ. وَفِي النُّحَاةِ أَخْفَشُ خَامِسٌ: وَهُوَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَوْصِلِيُّ، شَافِعِيٌّ، فِي أَيَّامِ أَبِي حَامِدٍ الْإِسْفِرَايِنِيِّ، قَرَأَ عَلَيْهِ ابْنُ جِنِّي. وَسَادِسٌ: وَهُوَ خَلَفُ بْنُ عُمَرَ الْبَلْنَسِيُّ، أَبُو الْقَاسِمِ، مَاتَ بَعْدَ السِّتِّينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ. وَسَابِعٌ: وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَغْدَادِيُّ، أَبُو مُحَمَّدٍ، رَوَى عَنِ الْأَصْمَعِيِّ. وَثَامِنٌ: وَهُوَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَحْمَدَ الْأَنْدَلُسِيُّ أَبُو الْأَصْبَغِ، رَوَى عَنْهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ. وَتَاسِعٌ: وَهُوَ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَغْرِبِيُّ الشَّاعِرُ، أَبُو الْحَسَنِ الشَّرِيفُ الْإِدْرِيسِيُّ ; كَانَ حَيًّا سَنَةَ ثِنْتَيْنِ وَخَمْسِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ. وَعَاشِرٌ: وَهُوَ عَلِيُّ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ رَجَاءٍ الْفَاطِمِيُّ أَبُو الْحَسَنِ. وَحَادِيَ عَشَرَ: وَهُوَ هَارُونُ بْنُ مُوسَى بْنِ شَرِيكٍ الْقَارِئُ، قَرَأَ عَلَى ابْنِ ذَكْوَانَ، وَحَدَّثَ عَنْ أَبِي مُسْهِرٍ الْغَسَّانِيِّ، وَمَاتَ سَنَةَ إِحْدَى، وَقِيلَ: اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِينَ وَمِائَتَيْنِ. وَقَدْ بَسَطْتُ تَرَاجِمَ هَؤُلَاءِ فِي طَبَقَاتِ النُّحَاةِ. (مُرَبَّعٌ) بِفَتْحِ الْبَاءِ الْمَشْدُودَةِ (مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ) الْحَافِظُ الْبَغْدَادِيُّ. (جَزَرَةُ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 787 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] بِفَتْحِ الْجِيمِ وَالزَّايِ وَالرَّاءِ (صَالِحُ بْنُ مُحَمَّدٍ) الْبَغْدَادِيُّ الْحَافِظُ، لُقِّبَ بِهَا لِأَنَّهُ لَمَّا قَدِمَ عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ بَغْدَادَ سَمِعَ عَلَيْهِ فِي جُمْلَةِ الْخَلْقِ، فَقِيلَ لَهُ: مِنْ أَيْنَ سَمِعْتَ؟ فَقَالَ: مِنْ حَدِيثِ الْجَزَرَةِ، يَعْنِي حَدِيثَ عَبْدِ اللَّهِ بْنَ بُسْرٍ ; لِأَنَّهُ كَانَ يَرْقِي بِخَرَزَةٍ فَصَحَّفَهَا. (عَبِيدٌ الْعِجْلُ بِالتَّنْوِينِ) ، وَرَفْعِ الْعِجْلِ، لَا بِالْإِضَافَةِ (الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ) بْنِ حَاتِمٍ الْبَغْدَادِيُّ الْحَافِظُ. (كَيْلَجَةُ، مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ) الْبَغْدَادِيُّ الْحَافِظُ، وَيُقَالُ: اسْمُهُ أَحْمَدُ. وَيُلَقَّبُ كَيْلَجَةَ أَيْضًا أَبُو طَالِبٍ أَحْمَدُ بْنُ نَصْرٍ الْبَغْدَادِيُّ - شَيْخُ الدَّارَقُطْنِيُّ - ذَكَرَهُ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ فِي أَلْقَابِهِ. (مَا غَمَّهُ) بِلَفْظِ النَّفْيِ لِفِعْلِ الْغَمِّ (هُوَ عِلَّانُ، وَهُوَ عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ الصَّمَدِ) الْحَافِظُ الْبَغْدَادِيُّ، (وَيُجْمَعُ) فِيهِ (بَيْنَهُمَا) أَيِ اللَّقَبَيْنِ (فَيُقَالُ: عِلَّانُ مَا غَمَّهُ. سَجَّادَةُ) بِالْفَتْحِ (الْمَشْهُورُ) بِهَذَا اللَّقَبِ (الْحُسَيْنُ بْنُ حَمَّادٍ) مِنْ أَصْحَابِ وَكِيعٍ. (وَ) يُلَقَّبُ (سَجَّادَةُ) أَيْضًا (الْحُسَيْنُ بْنُ أَحْمَدَ) شَيْخُ ابْنُ عَدِيٍّ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 788 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] (عَبْدَانُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ) الْمَرْوَزِيُّ صَاحِبُ ابْنِ الْمُبَارَكِ، لُقِّبَ بِهِ فِيمَا نَقَلَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ، عَنْ أَبِي طَاهِرٍ ; لِأَنَّ اسْمَهُ عَبْدُ اللَّهِ، وَكُنْيَتَهُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَاجْتَمَعَ فِيهِمَا الْعَبْدَانِ. قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَهَذَا لَا يَصْحُّ، بَلْ ذَلِكَ مِنْ تَغْيِيرِ الْعَامَّةِ لِلْأَسْمَاءِ، كَمَا قَالُوا فِي: عَلِيٍّ: عَلَّانُ، وَفِي: أَحْمَدَ بْنِ يُوسُفَ السُّلَمِيِّ: حَمْدَانُ، وَفِي: وَهْبِ بْنِ بَقِيَّةَ الْوَاسِطِيِّ: وَهْبَانُ. (وَغَيْرُهُ) أَيْضًا: لُقِّبَ عَبْدَانَ، مِنْهُمْ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَى الْعَسْكَرِيُّ الْأَهْوَازِيُّ. وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ الْعَسْكَرِيُّ. وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ بْنِ خَالِدٍ السُّلَمِيُّ. وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَالِدٍ الْقَرْقَسَانِيُّ أَبُو عُثْمَانَ الْبَجَلِيُّ. وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدَانَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدَانِ أَبُو الْفَضْلِ الْهَمْدَانِيُّ. وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى الْمَرْوَزِيُّ. وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ يَعْقُوبَ الدَّقِيقِيُّ. (مُشْكَدَانَهْ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الْكَافِ. قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَمَعْنَاهُ بِالْفَارِسِيَّةِ: حَبَّةُ الْمِسْكِ أَوْ وِعَاؤُهُ، لَقَبُ عَبْدِ اللَّهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 789 النَّوْعُ الثَّالِثُ وَالْخَمْسُونَ: الْمُؤْتَلِفُ وَالْمُخْتَلِفُ: هُوَ فَنٌّ جَلِيلٌ يَقْبُحُ جَهْلُهُ بِأَهْلِ الْعِلْمِ، لَا سِيَّمَا أَهْلِ الْحَدِيثِ، وَمَنْ لَمْ يَعْرِفْهُ يَكْثُرُ خَطَؤُهُ، وَهُوَ مَا يَتَّفِقُ فِي الْخَطِّ دُونَ اللَّفْظِ، وَفِيهِ مُصَنَّفَاتٌ أَحْسَنُهَا وَأَكْمَلُهَا " الْإِكْمَالُ " لِابْنِ مَاكُولَا، وَأَتَمَّهُ ابْنُ نُقْطَةَ. وَهُوَ مُنْتَشِرٌ لَا ضَابِطَ فِي أَكْثَرِهِ وَمَا ضُبِطَ قِسْمَانِ: أَحَدُهُمَا: عَلَى الْعُمُومِ، كَسَلَّامٍ كُلُّهُ مُشَدَّدٌ إِلَّا خَمْسَةً: وَالِدُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ سَلَامٍ الْبُخَارِيِّ، الصَّحِيحُ تَخْفِيفُهُ. وَقِيلَ: " مُشَدَّدٌ " وَسَلَامَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ نَاهِضٍ، وَسَمَّاهُ الطَّبَرَانِيُّ سَلَامَةَ، وَجَدَّ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ سَلَامٍ الْمُعْتَزِلِيِّ الْجُبَّائِيِّ، قَالَ الْمُبَرِّدُ: لَيْسَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ سَلَامٌ مُخَفَّفٌ إِلَّا وَالِدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ الصَّحَابِيِّ، وَسَلَامَ بْنَ أَبِي الْحُقَيْقِ، قَالَ وَزَادَ آخَرُونَ سَلَامَ بْنَ مُشْكَمٍ، خَمَّارٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَالَمَعْرُوفُ تَشْدِيدُهُ. " عُمَارَةُ " لَيْسَ فِيهِمْ بِكَسْرِ الْعَيْنِ إِلَّا أُبَيَّ بْنَ عِمَارَةَ الصَّحَابِيَّ، وَمِنْهُمْ مَنْ ضَمَّهُ، وَمَنْ عَدَاهُ جُمْهُورُهُمْ بِالضَّمِّ، وَفِيهِمْ جَمَاعَةٌ بِالْفَتْحِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ. " كَرِيزٌ " بِالْفَتْحِ فِي خُزَاعَةَ وَبِالضَّمِّ فِي عَبْدِ شَمْسٍ وَغَيْرِهِمْ. " حِزَامٌ " بِالزَّايِ فِي قُرَيْشٍ وَبِالرَّاءِ فِي الْأَنْصَارِ. " الْعَيْشِيُّونَ " بِالْمُعْجَمَةِ بَصْرِيُّونَ وَبِالْمُهْمَلَةِ مَعَ الْمُوَحَّدَةِ كُوفِيُّونَ وَمَعَ النُّونِ شَامِيُّونُ غَالِبًا. " أَبُو عُبَيْدَةَ " كُلُّهُ بِالضَّمِّ. " السَّفَرُ " بِفَتْحِ الْفَاءِ كُنْيَةٌ وَبِإِسْكَانِهَا فِي الْبَاقِي. " عِسْلٌ " بِكَسْرٍ ثُمَّ إِسْكَانٍ إِلَّا عَسَلَ بْنَ ذَكْوَانَ الْأَخْبَارِيَّ بِفَتْحِهِمَا. " غَنَّامٌ " كُلُّهُ بِالْمُعْجَمَةِ وَالنُّونِ إِلَّا وَالِدَ عَلِيِّ بْنِ عَثَّامٍ فَبَالْمُهْمَلَةِ وَالْمُثَلَّثَةِ. " قُمَيْرٌ " كُلُّهُ مَضْمُومٌ إِلَّا امْرَأَةَ مَسْرُوقٍ فَبِالْفَتْحِ. " مِسْوَرٌ " كُلُّهُ مَكْسُورٌ مُخَفَّفُ الْوَاوِ إِلَّا ابْنَ يَزِيدَ الصَّحَابِيَّ، وَابْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ الْيَرْبُوعِيَّ فَبِالضَّمِّ وَالتَّشْدِيدِ. " الْجَمَّالُ " كُلُّهُ بِالْجِيمِ فِي الصِّفَاتِ إِلَّا هَارُونَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْحَمَّالَ فَبِالْحَاءِ، وَجَاءَ فِي الْأَسْمَاءِ أَبْيَضُ بْنُ حَمَّالٍ، وَحَمَالُ بْنُ مَالِكٍ بِالْحَاءِ وَغَيْرُهُمَا. " الْهَمْدَانِيُّ " بِالْإِسْكَانِ وَالْمُهْمَلَةِ فِي الْمُتَقَدِّمِينَ أَكْثَرُ وَبِالْفَتْحِ وَالْمُعْجَمَةِ فِي الْمُتَأَخِّرِينَ أَكْثَرُ. عِيسَى بْنُ أَبِي عِيسَى " الْحَنَّاطُ " بِالْمُهْمَلَةِ وَالنُّونِ وَبِالْمُعْجَمَةِ مَعَ الْمُوَحَّدَةِ وَمَعَ الْمُثَنَّاةِ مِنْ تَحْتُ، كُلُّهَا جَائِزَةٌ، وَأَوَّلُهَا أَشْهَرُ، وَمِثْلُهُ " مُسْلِمٌ الْخَيَّاطُ " فِيهِ الثَّلَاثَةُ.   [تدريب الراوي] بْنِ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبَانَ الْقُرَشِيُّ الْأُمَوِيُّ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ. (وَمُطَيَّنٌ) بِفَتْحِ الْيَاءِ، لَقَبُ أَبِي جَعْفَرٍ الْحَضْرَمِيِّ. قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: خَاطَبَهُمَا بِذَلِكَ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، فَلُقِّبَا بِهِ. زَادَ غَيْرُهُ فِي الْأَوَّلِ: لِأَنَّهُ كَانَ إِذَا جَاءَهُ يَلْبَسُ وَيَتَطَيَّبُ. وَفِي الثَّانِي لِأَنَّهُ كَانَ وَهُوَ صَغِيرٌ يَلْعَبُ مَعَ الصِّبْيَانِ فِي الْمَاءِ فَيُطَيِّنُونَ ظَهْرَهُ، فَقَالَ لَهُ أَبُو نُعَيْمٍ: يَا مُطَيَّنُ لِمَ لَا تَحْضُرُ مَجْلِسَ الْعِلْمِ. [النوع الثَّالِثُ وَالْخَمْسُونَ الْمُؤْتَلِفُ وَالْمُخْتَلِفُ مِنَ الْأَسْمَاءِ وَالْأَلْقَابِ وَالْأَنْسَابِ] [ما ضبط منه قسمان أحدهما على العموم من غير اختصاص بكتاب] (النَّوْعُ الثَّالِثُ وَالْخَمْسُونَ: الْمُؤْتَلِفُ وَالْمُخْتَلِفُ) مِنَ الْأَسْمَاءِ وَالْأَلْقَابِ وَالْأَنْسَابِ وَنَحْوِهَا (هُوَ فَنٌّ جَلِيلٌ يَقْبُحُ جَهْلُهُ بِأَهْلِ الْعِلْمِ، لَا سِيَّمَا أَهْلِ الْحَدِيثِ، وَمَنْ لَمْ يَعْرِفْهُ يَكْثُرُ خَطَؤُهُ) ، وَيُفْضَحُ بَيْنَ أَهْلِهِ. (وَهُوَ مَا يَتَّفِقُ فِي الْخَطِّ دُونَ اللَّفْظِ، وَفِيهِ مُصَنَّفَاتٌ) لِجَمَاعَةٍ مِنَ الْحُفَّاظِ، وَأَوَّلُ مَنْ صَنَّفَ فِيهِ عَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ سَعِيدٍ، ثُمَّ شَيْخُهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَتَلَاهُمَا النَّاسُ، وَلَكِنَّ (أَحْسَنَهَا وَأَكْمَلَهَا: الْإِكْمَالُ، لِابْنِ مَاكُولَا) . قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: عَلَى إِعْوَازٍ فِيهِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 790 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] قَالَ الْمُصَنِّفُ (وَأَتَمَّهُ) الْحَافِظُ أَبُو بَكْرِ (بْنُ نُقْطَةَ) بِذَيْلٍ مُفِيدٍ، ثُمَّ ذَيَّلَ عَلَى ابْنِ نُقْطَةَ الْحَافِظُ جَمَالُ الدِّينِ بْنُ الصَّابُونِيِّ، وَالْحَافِظُ مَنْصُورُ بْنُ سُلَيْمٍ، ثُمَّ ذَيَّلَ عَلَيْهِمَا الْحَافِظُ عَلَاءُ الدِّينِ بْنُ مُغْلَطَايْ، بِذَيْلٍ كَبِيرٍ، وَجَمَعَ فِيهِ الْحَافِظُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الذَّهَبِيُّ مُجَلَّدًا، سَمَّاهُ: " مُشْتَبِهُ النِّسْبَةِ "، فَأَجْحَفَ فِي الِاخْتِصَارِ، وَاعْتَمَدَ عَلَى ضَبْطِ الْقَلَمِ، فَجَاءَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَبُو الْفَضْلِ بْنُ حَجَرٍ فَأَلَّفَ " تَبْصِيرُ الْمُنْتَبِهِ بِتَحْرِيرِ الْمُشْتَبِهِ "، فَضَمَّنَهُ وَحَرَّرَهُ وَضَبَطَهُ بِالْحُرُوفِ، وَاسْتَدْرَكَ مَا فَاتَهُ فِي مُجَلَّدٍ ضَخْمٍ، وَهُوَ أَجَلُّ كُتُبِ هَذَا النَّوْعِ وَأَتَمُّهَا. (وَهُوَ) أَيْ هَذَا النَّوْعُ (مُنْتَشِرٌ، لَا ضَابِطَ فِي أَكْثَرِهِ) ، وَإِنَّمَا يُضْبَطُ بِالْحِفْظِ تَفْصِيلًا، (وَمَا ضُبِطَ) مِنْهُ (قِسْمَانِ) : (أَحَدُهُمَا: عَلَى الْعُمُومِ) مِنْ غَيْرِ اخْتِصَاصٍ بِكِتَابٍ (كَسَلَّامٍ، كُلُّهُ مُشَدَّدٌ، إِلَّا خَمْسَةَ: وَالِدُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ) الْإِسْرَائِيلِيِّ الصَّحَابِيِّ. (وَمُحَمَّدُ بْنُ سَلَامِ) بْنِ الْفَرَجِ الْبِيكَنْدِيُّ (شَيْخُ الْبُخَارِيِّ، الصَّحِيحُ تَخْفِيفُهُ) كَمَا رُوِيَ عَنْهُ، وَلَمْ يَحْكِ الْخَطِيبُ وَابْنُ مَاكُولَا وَالدَّارَقُطْنِيُّ وَغُنْجَارٌ غَيْرَهُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 791 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] (وَقِيلَ:) هُوَ (مُشَدَّدٌ) حَكَاهُ صَاحِبُ الْمَطَالِعِ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو عَلِيٍّ الْجَيَّانِيُّ. قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَالْأَوَّلُ أَثْبَتُ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَكَأَنَّ مَنْ شَدَّدَ الْتَبَسَ عَلَيْهِ بِشَخْصٍ آخَرَ عَلَيْهِ يُسَمَّى مُحَمَّدَ بْنَ سَلَّامِ بْنِ السَّكَنِ الْبِيكَنْدِيَّ الصَّغِيرَ، فَإِنَّهُ بِالتَّشْدِيدِ. (وَسَلَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نَاهِضٍ) الْمَقْدِسِيُّ (وَسَمَّاهُ الطَّبَرَانِيُّ سَلَامَةَ) بِزِيَادَةِ هَاءٍ. (وَجَدُّ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ سَلَامٍ الْمُعْتَزِلِيُّ الْجُبَّائِيُّ، قَالَ الْمُبَرِّدُ) فِي كَامِلِهِ: (لَيْسَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ سَلَامٌ مُخَفَّفٌ إِلَّا وَالِدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ الصَّحَابِيِّ، وَسَلَامَ بْنَ أَبِي الْحُقَيْقِ. قَالَ: وَزَادَ آخَرُونَ: سَلَامَ بْنَ مُشْكَمٍ) بِتَثْلِيثِ الْمِيمِ، فِيمَا حُكِيَ (خَمَّارٌ) كَانَ (فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَالْمَعْرُوفُ تَشْدِيدُهُ) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 792 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ، وَيُؤَيِّدُ التَّخْفِيفَ قَوْلُ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ يَمْدَحُهُ: سَقَانِي فَرَوَّانِي كُمَيْتًا مُدَامَةً ... عَلَى ظَمَأٍ مِنِّي سَلَامُ بْنُ مُشْكَمِ قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَبَقِيَ أَيْضًا سَلَامٌ ابْنُ أُخْتِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ، صَحَابِيٌّ عَدَّهُ ابْنُ فَتْحُونَ. وَسَعْدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ سَلَامٍ السَّيِّدِيُّ، رَوَى عَنِ ابْنِ الْبَطِّيِّ، ذَكَرَهُ ابْنُ نُقْطَةَ. وَمُحَمَّدٌ يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَامٍ النَّسَفِيُّ، رَوَى عَنْ زَاهِرِ بْنِ أَحْمَدَ ذَكَرَهُ الذَّهَبِيُّ. وَأَمَّا سَلَمَةُ بْنُ سَلَامٍ أَخُو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ، فَلَا يُعَدُّ رَابِعًا لِأَنَّ أَبَاهُمَا ذُكِرَ. (عُمَارَةُ، لَيْسَ فِيهِمْ بِكَسْرِ الْعَيْنِ إِلَّا أُبَيَّ بْنَ عِمَارَةَ الصَّحَابِيَّ) مِمَّنْ صَلَّى لِلْقِبْلَتَيْنِ، حَدِيثُهُ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ وَالْحَاكِمِ. (وَمِنْهُمْ مَنْ ضَمَّهُ) ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ فِيهِ: ابْنُ عِبَادَةَ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَوَابُهُ أَبُو أُبَيٍّ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 793 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] (وَمَنْ عَدَاهُ جُمْهُورُهُمْ بِالضَّمِّ) ذِكْرُ الْجُمْهُورِ زِيَادَةٌ مِنَ الْمُصَنِّفِ عَنِ ابْنِ الصَّلَاحِ، لِأَنَّهُ عَمَّمَ الضَّمَّ. فَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِمَا زَادَهُ الْمُصَنِّفُ أَيْضًا فِي قَوْلِهِ: (وَفِيهِمْ جَمَاعَةٌ بِالْفَتْحِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ) . فَمِنَ الرِّجَالِ: عَمَّارَةُ، أَحَدُ أَجْدَادِ ثَعْلَبَةَ وَالِدِ يَزِيدَ وَعَبْدِ اللَّهِ وَبُحَاثٍ. وَأَحَدُ أَجْدَادِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ الْبَلَوِيِّ. وَجَدُّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُدْرِكِ بْنِ الْقَمْقَامِ وَغَيْرُهُمْ. وَمِنَ النِّسَاءِ عَمَّارَةُ بِنْتُ عَبْدِ الْوَهَّابِ الْحِمْصِيَّةُ. وَعَمَّارَةُ بِنْتُ نَافِعِ بْنِ عُمَرَ الْجُمَحِيِّ وَغَيْرُهُمَا. (كَرِيزٍ، بِالْفَتْحِ) وَكَسْرِ الرَّاءِ مُكَبَّرًا (فِي خُزَاعَةَ، وَبِالضَّمِّ) مُصَغَّرًا (فِي عَبْدِ شَمْسٍ وَغَيْرُهُمْ) ، خِلَافًا لِمَا حَكَاهُ الْجَيَّانِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ وَضَّاحٍ، مِنْ تَخْصِيصِهِ بِهِمْ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَلَا يُسْتَدْرَكُ فِي الْمَفْتُوحِ بِأَيُّوبَ بْنِ كُرَيْزٍ الرَّاوِي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ غَنْمٍ، لِكَوْنِ عَبْدِ الْغَنِيِّ ذَكَرَهُ بِالْفَتْحِ، لِأَنَّهُ بِالضَّمِّ، كَذَا ذَكَرَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 794 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] (حِزَامٌ، بِالزَّايِ) وَالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ الْمَكْسُورَةِ (فِي قُرَيْشٍ، وَبِالرَّاءِ) وَفَتْحِ الْحَاءِ (فِي الْأَنْصَارِ) . قَالَ الْعِرَاقِيُّ: قَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَا يَقَعُ الْأَوَّلُ إِلَّا فِي قُرَيْشٍ، وَلَا الثَّانِي إِلَّا فِي الْأَنْصَارِ، وَلَيْسَ مُرَادًا، بَلِ الْمُرَادُ أَنَّ مَا وَقَعَ مِنْ ذَلِكَ فِي قُرَيْشٍ يَكُونُ بِالزَّايِ، وَفِي الْأَنْصَارِ يَكُونُ بِالرَّاءِ، وَقَدْ وَرَدَ الْأَمْرَانِ فِي عِدَّةِ قَبَائِلَ غَيْرِهِمَا، فَوَقَعَ بِالزَّايِ فِي خُزَاعَةَ، وَبَنِي عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ وَغَيْرِهِمَا، وَبِالرَّاءِ فِي بَلَى، وَخَثْعَمٍ، وَجُذَامٍ، وَتَمِيمِ بْنِ مُرٍّ، وَفِي خُزَاعَةَ أَيْضًا، وَفِي عُذْرَةَ، وَبَنِي فَزَارَةَ، وَهُذَيْلٍ، وَغَيْرِهِمْ، كَمَا بَيَّنَهُ ابْنُ مَاكُولَا وَغَيْرُهُ. (الْعَيْشِيُّونَ، بِالْمُعْجَمَةِ) قَبْلَهَا تَحْتِيَّةٌ، وَأَوَّلَهُ عَيْنٌ مُهْمَلَةٌ (بَصْرِيُّونَ) مِنْهُمْ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْمُبَارَكِ. (وَبِالْمُهْمَلَةِ مَعَ الْمُوَحَّدَةِ، كُوفِيُّونَ) مِنْهُمْ: عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى. (وَ) بِالْمُهْمَلَةِ (مَعَ النُّونِ، شَامِيُّونَ) مِنْهُمْ: عُمَيْرُ بْنُ هَانِئٍ، وَبِلَالُ بْنُ سَعْدٍ التَّابِعِيَّانِ، قَالَ ذَلِكَ الْخَطِيبُ وَالْحَاكِمُ، وَزَادَ، وَبِالْقَافِ أَوَّلَهُ وَبِالْمُهْمَلَةِ بَطْنٌ مِنْ تَمِيمٍ. وَقَالَ الْمُصَنِّفُ كَابْنِ الصَّلَاحِ (غَالِبًا) فَإِنَّ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ عَنْسِيٌّ، مَعَ أَنَّهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 795 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] مَعْدُودٌ فِي أَهْلِ الْكُوفَةِ. وَعِبَارَةُ ابْنِ مَاكُولَا وَالسَّمْعَانِيِّ: وَعِظَمُ عَنْسٍ فِي الشَّامِ، وَعَامَّةُ الْعَيْشِ فِي الْبَصْرَةِ. (أَبُو عُبَيْدَةَ) بِالْهَاءِ (كُلُّهُمْ بِالضَّمِّ) . قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: لَا نَعْلَمُ أَحَدًا يُكَنَّى أَبَا عُبَيْدَةَ بِالْفَتْحِ. (السَّفَرُ، بِفَتْحِ الْفَاءِ كُنْيَةٌ، وَبِإِسْكَانِهَا فِي الْبَاقِي) أَيِ الْأَسْمَاءِ. قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَمِنَ الْمَغَارِبَةِ مَنْ سَكَّنَ الْفَاءَ مِنْ أَبِي السَّفَرِ سَعِيدِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَذَلِكَ خِلَافُ مَا يَقُولُهُ أَهْلُ الْحَدِيثِ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَلَهُمْ فِي الْأَسْمَاءِ وَالْكُنَى سَقْرٌ، بِسُكُونِ الْقَافِ، وَقَدْ يَرِدُ ذَلِكَ عَلَى إِطْلَاقِهِ وَلَهُمْ أَيْضًا شَقَرٌ: بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَالْقَافِ. وَلَمْ يَظْهَرْ لِي وَجْهُ الْإِيرَادِ. (عِسْلُ) كُلُّهُ (بِكَسْرِ) الْعَيْنِ (ثُمَّ إِسْكَانِ) السِّينِ الْمُهْمَلَةِ (إِلَّا عَسَلَ بْنَ ذَكْوَانَ الْأَخْبَارِيَّ) الْبَصْرِيَّ (بِفَتْحِهِمَا) ذَكَرَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ. قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 796 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَوَجَدْتُهُ بِخَطِّ أَبِي مَنْصُورٍ الْأَزْهَرِيِّ بِالْكَسْرِ وَالْإِسْكَانِ، وَلَا أَرَاهُ ضَبَطَهُ. (غَنَّامٌ، كُلُّهُ بِالْمُعْجَمَةِ) الْمَفْتُوحَةِ، (وَالنُّونِ) الْمُشَدَّدَةِ، (إِلَّا وَالِدَ عَلِيِّ بْنِ عَثَّامِ) بْنِ عَلِيٍّ الْعَامِرِيِّ الْكُوفِيِّ (فَبِالْمُهْمَلَةِ وَالْمُثَلَّثَةِ) وَحَفِيدُهُ أَيْضًا. (قُمَيْرٌ، كُلُّهُ مَضْمُومٌ) مُصَغَّرٌ (إِلَّا امْرَأَةَ مَسْرُوقِ) بْنِ الْأَجْدَعِ (فَبِالْفَتْحِ) وَكَسْرِ الْمِيمِ، بِنْتُ عَمْرٍو. (مِسْوَرٌ، كُلُّهُ مَكْسُورُ) الْمِيمِ، سَاكِنُ السِّينِ (مُخَفَّفُ الْوَاوِ) الْمَفْتُوحَةِ (إِلَّا ابْنَ يَزِيدَ الصَّحَابِيَّ، وَابْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ الْيَرْبُوعِيَّ، فَبِالضَّمِّ وَالتَّشْدِيدِ) لِلْوَاوِ الْمَفْتُوحَةِ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: لَمْ يَذْكُرِ ابْنُ مَاكُولَا بِالتَّشْدِيدِ إِلَّا ابْنَ يَزِيدَ فَقَطْ، وَلَمْ يَسْتَدْرِكْهُ ابْنُ نُقْطَةَ وَلَا مَنْ ذَيَّلَ عَلَيْهِ، وَذَكَرَ الْبُخَارِيُّ فِي " التَّارِيخِ الْكَبِيرِ " ابْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ فِي بَابِ مِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ عِنْدَهُ مُخَفَّفٌ، وَذَكَرَ مَعَ ابْنِ يَزِيدَ مِسْوَرَ بْنَ مَرْزُوقٍ، وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ عِنْدَهُ بِالتَّشْدِيدِ. (الْجَمَّالُ، كُلُّهُ بِالْجِيمِ فِي الصِّفَاتِ) مِنْهُمْ: مُحَمَّدُ بْنُ مِهْرَانَ الْجَمَّالُ شَيْخُ الشَّيْخَيْنِ (إِلَّا هَارُونَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْحَمَّالَ فَبِالْحَاءِ) كَانَ بَزَّازًا فَلَمَّا تَزَهَّدَ حَمَلَ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 797 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَحَكَى ابْنُ الْجَارُودِ عَنِ ابْنِهِ مُوسَى الْحَافِظِ أَنَّهُ كَانَ حَمَّالًا فَتَحَوَّلَ إِلَى الْبَزِّ. وَقَالَ الْخَلِيلِيُّ وَابْنُ الْفَلَكِيِّ: لُقِّبَ بِهِ لِكَثْرَةِ مَا حَمَلَ مِنَ الْعِلْمِ. قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَلَا أَرَاهُ يَصِحُّ. وَاسْتَدْرَكَ الْعِرَاقِيُّ عَلَى هَذَا الْحَصْرِ بَنَانَ بْنَ مُحَمَّدٍ الْحَمَّالَ الزَّاهِدَ، سَمِعَ مِنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى وَغَيْرِهِ، وَرَافِعَ بْنَ نَصْرِ الْحَمَّالَ، سَمِعَ مِنْ أَبِي عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَأَحْمَدَ بْنَ مُحَمَّدٍ الْحَمَّالَ، أَحَدَ شُيُوخِ أُبَيٍّ النَّرْسِيِّ. قَالَ الْمُصَنِّفُ زِيَادَةً عَلَى ابْنِ الصَّلَاحِ لِبَيَانِ مَا احْتَرَزَ عَنْهُ بِقَوْلِهِ فِي الصِّفَاتِ: (وَجَاءَ فِي الْأَسْمَاءِ أَبْيَضُ بْنُ حَمَّالٍ) الْمَازِنِيُّ السَّبَائِيُّ، صَحَابِيٌّ، عِدَادُهُ فِي أَهْلِ الْيَمَنِ، حَدِيثُهُ فِي السُّنَنِ. (وَحَمَّالُ بْنُ مَالِكٍ) الْأَسَدِيُّ شَهِدَ الْقَادِسِيَّةَ (بِالْحَاءِ وَغَيْرُهُمَا. الْهَمْدَانِيُّ، بِالْإِسْكَانِ) فِي الْمِيمِ (وَالْمُهْمَلَةِ) بَعْدَهَا، نِسْبَةً إِلَى قَبِيلَةِ هَمْدَانَ (فِي الْمُتَقَدِّمِينَ أَكْثَرُ) مِنْهُ فِي الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْهُ. فِيهِمْ أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ عَقِدَةَ، وَجَعْفَرُ بْنُ عَلِيٍّ الْهَمْدَانِيُّ مِنْ أَصْحَابِ السِّلَفِيِّ. (وَبِالْفَتْحِ وَالْمُعْجَمَةِ) نِسْبَةً إِلَى الْبَلَدِ، (فِي الْمُتَأَخِّرِينَ أَكْثَرُ) مِنْهُ فِي الْمُتَقَدِّمِينَ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 798 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] قَالَ الذَّهَبِيُّ: الصَّحَابَةُ، وَالتَّابِعُونَ، وَتَابِعُوهُمْ مِنَ الْقَبِيلَةِ، وَأَكْثَرُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنَ الْمَدِينَةِ. وَلَا يُمْكِنُ اسْتِيعَابُ هَؤُلَاءِ وَلَا هَؤُلَاءِ. وَسَيَأْتِي أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَالْمُوَطَّأِ مِنَ الثَّانِي شَيْءٌ. (عِيسَى بْنُ أَبِي عِيسَى) مَيْسَرَةُ الْغِفَارِيُّ أَبُو مُوسَى (الْحَنَّاطُ، بِالْمُهْمَلَةِ، وَالنُّونِ) نِسْبَةً إِلَى بَيْعِ الْحِنْطَةِ. (وَبِالْمُعْجَمَةِ مَعَ الْمُوَحَّدَةِ) نِسْبَةً إِلَى بَيْعِ الْخَبَطِ الَّذِي تَأْكُلُهُ الْإِبِلُ. (وَ) بِالْمُعْجَمَةِ (مَعَ الْمُثَنَّاةِ مِنْ تَحْتُ) نِسْبَةً إِلَى الْخِيَاطَةِ (كُلُّهَا جَائِزَةٌ) فِيهِ لِأَنَّهُ بَاشَرَ الثَّلَاثَةَ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ يَقُولُ: أَنَا حَنَّاطٌ وَخَيَّاطٌ وَخَبَّاطٌ، كُلًّا قَدْ عَالَجْتُهُ. (وَأَوَّلُهَا أَشْهَرُ، وَمِثْلُهُ، مُسْلِمُ) بْنُ أَبِي مُسْلِمٍ (الْخَيَّاطُ، وَفِيهِ الثَّلَاثَةُ) وَلَكِنَّ الثَّانِيَ أَشْهَرُ فِيهِ، وَمِثْلُ هَذَا يُؤْمَنُ فِيهِ الْغَلَطُ، وَيَكُونُ اللَّافِظُ فِيهِ مُصِيبًا كَيْفَ نَطَقَ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 799 الْقِسْمُ الثَّانِي: مَا وَقَعَ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَوِ الْمُوَطَّأِ. " يَسَارٌ " كُلُّهُ بِالْمُثَنَّاةِ ثُمِ الْمُهْمَلَةِ إِلَّا مُحَمَّدَ بْنَ بَشَّارٍ فَبَالْمُوَحَّدَةِ وَالْمُعْجَمَةِ، وَفِيهَا سَيَّارُ بْنُ سَلَامَةَ وَابْنُ أَبِي سَيَّارٍ - بِتَقْدِيمِ السِّينِ. " بِشْرٌ " كُلُّهُ بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ وَإِسْكَانِ الْمُعْجَمَةِ إِلَّا أَرَبَعَةً فَبِضَمِّهَا وَإِهْمَالِهَا، " عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُسْرٍ الصَّحَابِيُّ "، وَبُسْرُ بْنُ سَعِيدٍ، وَابْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ وَابْنُ مِحْجَنٍ الدَّيْلَمِيُّ وَقِيلَ: هَذَا بِالْمُعْجَمَةِ. " بَشِيرٌ " كُلُّهُ بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ إِلَّا اثْنَيْنِ فَبِالضَّمِّ ثُمَّ الْفَتْحِ، بُشَيْرَ بْنَ كَعْبٍ وَبُشَيْرَ بْنَ يَسَارٍ، وَثَالِثًا بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ مِنْ تَحْتُ، وَفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ: " يُسَيْرُ " بْنُ عَمْرٍو. وَيُقَالُ: أُسَيْرٌ، وَرَابِعًا بِضَمِّ النُّونِ وَفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ. قَطَنُ بْنُ نُسَيْرٍ. " يَزِيدُ " كُلُّهُ بِالزَّايِ إِلَّا ثَلَاثَةً بُرَيْدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَبِالرَّاءِ، وَمُحَمَّدَ بْنَ عَرْعَرَةَ بْنِ الْبِرِنْدِ بِالْمُوَحَّدَةِ وَالرَّاءِ الْمَكْسُورَتَيْنِ، وَقِيلَ بِفَتْحِهِمَا ثُمَّ بِالنُّونِ، وَعَلِيَّ بْنَ هَاشِمِ بْنِ الْبَرِيدِ بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ مُثَنَّاةً مِنْ تَحْتُ. " الْبَرَاءُ " كُلُّهُ بِالتَّخْفِيفِ إِلَّا أَبَا مَعْشَرٍ الْبَرَّاءَ، وَأَبَا الْعَالِيَةِ فَبَالتَّشْدِيدِ. " حَارِثَةُ " كُلُّهُ بِالْحَاءِ، إِلَّا جَارِيَةَ بْنَ قُدَامَةَ، وَيَزِيدَ بْنَ جَارِيَةَ، وَعَمْرَو بْنَ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ أَسِيدِ بْنِ جَارِيَةَ، وَالْأَسْوَدَ بْنَ الْعَلَاءِ بْنِ جَارِيَةَ بْنِ قُدَامَةَ، وَيَزِيدَ بْنَ جَارِيَةَ، فَبَالْجِيمِ. " جَرِيرٌ " بِالْجِيمِ وَالرَّاءِ إِلَّا حَرِيزَ بْنَ عُثْمَانَ، وَأَبَا حَرِيزٍ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْحُسَيْنِ الرَّاوِيَ عَنْ عِكْرَمَةَ فَبِالْحَاءِ وَالزَّايِ آخِرًا، وَيُقَارِبُهُ حُدَيْرٌ بِالْحَاءِ وَالدَّالِ وَالِدُ عِمْرَانَ وَوَالِدُ زَيْدٍ وَزِيَادٍ. " خِرَاشٌ " كُلُّهُ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ إِلَّا وَالِدَ رِبْعِيٍّ فَبِالْمُهْمَلَةِ. " حُصَيْنٌ " كُلُّهُ بِالضَّمِّ وَالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ إِلَّا أَبَا حَصِينٍ عُثْمَانَ بْنَ عَاصِمٍ فَبِالْفَتْحِ، وَأَبَا سَاسَانَ حُضَيْنَ بْنَ الْمُنْذِرِ فَبِالضَّمِّ وَالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ " حَازِمٌ " بِالْمُهْمَلَةِ إِلَّا أَبَا مُعَاوِيَةَ مُحَمَّدَ بْنَ خَازِمٍ بِالْمُعْجَمَةِ. " حَيَّانُ " كُلُّهُ بِالْمُثَنَّاةِ إِلَّا حَبَّانَ بْنَ مُنْقِذٍ وَالِدَ وَاسِعِ بْنِ حَبَّانَ وَجَدَّ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، وَجَدَّ حَبَّانَ بْنِ وَاسِعِ بْنِ حَبَّانَ، وَحَبَّانَ بْنَ هِلَالٍ مَنْسُوبًا وَغَيْرَ مَنْسُوبٍ عَنْ شُعْبَةَ وَوُهَيْبٍ وَهَمَّامٍ، وَغَيْرِهِمْ؛ فَبِالْمُوَحَّدَةِ وَفَتْحِ الْحَاءِ، وَحِبَّانَ بْنَ عَطِيَّةَ وَابْنَ مُوسَى مَنْسُوبًا وَغَيْرَ مَنْسُوبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ هُوَ ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَحِبَّانَ ابْنَ الْعَرِقَةِ فَبِالْكَسْرِ وَالْمُوَحَّدَةِ. " حَبِيبٌ " كُلُّهُ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ إِلَّا خُبَيْبَ بْنَ عَدِيِّ، وَخُبَيْبَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ خُبَيْبٍ غَيْرَ مَنْسُوبٍ عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ، وَأَبَا خُبَيْبٍ كُنْيَةَ ابْنِ الزُّبَيْرِ فَبِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ. " حَكِيمٌ " كُلُّهُ بِفَتْحِ الْحَاءِ إِلَّا حُكَيْمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ وَرُزَيْقَ بْنَ حُكَيْمٍ فَبِالضَّمِّ. " رَبَاحٌ " كُلُّهُ بِالْمُوَحَّدَةِ إِلَّا زِيَادَ بْنَ رِيَاحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي أَشْرَاطِ السَّاعَةِ. فَبِالْمُثَنَّاةِ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ، وَقَالَ الْبُخَارِيُّ بِالْوَجْهَيْنِ. " زُبَيْدٌ " لَيْسَ فِيهِمَا إِلَّا زُبَيْدَ بْنَ الْحَارِثِ بِالْمُوَحَّدَةِ ثُمَّ بِالْمُثَنَّاةِ، وَلَا فِي الْمُوَطَّأِ إِلَّا زُبَيْدَ بْنَ الصَّلْتِ بِمُثَنَّاتَيْنِ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَيُضَمُّ. " سُلَيْمٌ " كُلُّهُ بِالضَّمِّ إِلَّا ابْنَ حِبَّانَ فَبِالْفَتْحِ. " شُرَيْحٌ " كُلُّهُ بِالْمُعْجَمَةِ وَالْحَاءِ إِلَّا ابْنَ يُونُسَ، وَابْنَ النُّعْمَانِ، وَأَحْمَدَ بْنَ أَبِي سُرَيْجٍ فَبِالْمُهْمَلَةِ وَبِالْجِيمِ. " سَالِمٌ " كُلُّهُ بِالْأَلِفِ إِلَّا سَلَمَ بْنَ زَرِيرٍ، وَابْنَ قُتَيْبَةَ، وَابْنَ أَبِي الذَّيَّالِ، وَابْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَبِحَذْفِهَا. " سُلَيْمَانُ " كُلُّهُ بِالْيَاءِ إِلَّا سَلْمَانَ الْفَارِسِيَّ، وَابْنَ عَامِرٍ، وَالْأَغَرَّ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ سَلْمَانَ فَبِحَذْفِهَا. " سَلَمَةُ " بَفَتْحِ الْلَّامِ إِلَّا عَمْرَو بْنَ سَلِمَةُ إِمَامَ قَوْمِهِ، وَبَنِي سَلِمَةَ مِنَ الْأَنْصَارِ فَبِالْكَسْرِ، وَفِي عَبْدِ الْخَالِقِ بْنِ سَلَمَةَ الْوَجْهَانِ. " شَيْبَانُ " كُلُّهُ بِالْمُعْجَمَةِ وَفِيهَا سِنَانُ بْنُ أَبِي سِنَانٍ، وَابْنُ رَبِيعَةَ وَابْنُ سَلَمَةَ، وَأَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ، وَأَبُو سِنَانٍ ضِرَارُ بْنُ مُرَّةَ، وَأَمُّ سِنَانٍ فَبِالْمُهْمَلَةِ وَالنُّونِ. (عُبَيْدَةُ) بِالضَّمِّ إِلَّا السَّلْمَانِيَّ، وَابْنَ سُفْيَانَ، وَابْنَ حُمَيْدٍ، وَعَامِرَ بْنَ عُبَيْدَةَ فَبِالْفَتْحِ. " عُبَيْدٌ " كُلُّهُ بِالضَّمِّ. " عُبَادَةُ " بِالضَّمِّ إِلَّا مُحَمَّدَ بْنَ عَبَادَةَ شَيْخَ الْبُخَارِيِّ فَبِالْفَتْحِ. " عَبْدَةُ " بِإِسْكَانِ الْمُوَحَّدَةِ إِلَّا عَامِرَ بْنَ عَبْدَةَ، وَبَجَالَةَ بْنَ عَبْدَةَ فَبِالْفَتْحِ وَالْإِسْكَانِ. " عَبَّادٌ " كُلُّهُ بِالْفَتْحِ وَالتَّشْدِيدِ، إِلَّا قَيْسَ بْنَ عُبَّادٍ فَبِالضَّمِّ وَالتَّخْفِيفِ. " عَقِيلٌ " بِالْفَتْحِ إِلَّا ابْنَ خَالِدٍ وَهُوَ عَنِ الزُّهْرِيِّ غَيْرَ مَنْسُوبٍ، وَيَحْيَى بْنَ عُقَيْلٍ وَبَنِي عُقَيْلٍ فَبِالضَّمِّ. (وَاقِدٌ) كُلُّهُ بِالْقَافِ. الْأَنْسَابُ: (الْأَيْلِيُّ) كُلُهُ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَإِسْكَانِ الْمُثَنَّاةِ. " الْبَزَّازُ " بِزَايَيْنِ إِلَّا خَلَفَ بْنَ هِشَامٍ الْبَزَّارَ، وَالْحَسَنَ الصَّبَاحَ بْنَ الصَّبَاحِ فَآخِرُهُمَا رَاءٌ. " الْبَصْرِيُّ " بِالْبَاءِ مَفْتُوحَةً وَمَكْسُورَةً إِلَى الْبَصْرَةِ، إِلَّا مَالِكَ بْنَ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ النَّصْرِيَّ، وَعَبْدَ الْوَاحِدِ النَّصْرِيَّ، وَسَالِمًا مَوْلَى النَّصْرِيِّينَ فَبِالنُّونِ. " الثَّوْرِيُّ " كُلُّهُ بِالْمُثَلَّثَةِ إِلَّا أَبَا يَعْلَى مُحَمَّدَ بْنَ الصَّلْتِ التَّوَّزِيَّ فَبِالْمُثَنَّاةِ فَوْقُ، وَتَشْدِيدِ الْوَاوِ الْمَفْتُوحَةِ وَبِالزَّايِ. " الْجُرَيْرِيُّ " كُلُّهُ بِضَمِّ الْجِيمِ وَفَتْحِ الرَّاءِ إِلَّا يَحْيَى بْنَ بِشْرٍ شَيْخَهُمَا فَبِالْحَاءِ الْمَفْتُوحَةِ. " الْحَارِثِيُّ " بِالْحَاءِ وَالْمُثَلَّثَةِ، وَفِيهِمَا سَعْدٌ الْجَارِيُّ بِالْجِيمِ. " الْحَرَامِيُّ " كُلُّهُ بِالرَّاءِ، وَقَوْلُهُ فِي مُسْلِمٍ فِي حَدِيثِ أَبِي الْيَسَرِ: كَانَ لِي عَلَى فُلَانٍ الْحَرَامِيِّ، قِيلَ: بِالرَّاءِ، وَقِيلَ: الْجُذَامِيِّ بِالْجِيمِ وَالذَّالِ " السَّلَمِيِّ " فِي الْأَنْصَارِ بِفَتْحِهِمَا وَيَجُوزُ فِي لُغَيَّةٍ كَسْرُ اللَّامِ، وَبِضَمِّ السِّينِ فِي بَنِي سُلَيْمٍ. " الْهَمْدَانِيُّ " كُلُّهُ بِالْإِسْكَانِ وَالْمُهْمَلَةِ.   [تدريب الراوي] [القسم الثاني ضبط ما وقع في الصحيحين أو في الموطأ] (الْقِسْمُ الثَّانِي) : ضَبْطُ (مَا وَقَعَ فِي الصَّحِيحَيْنِ) فَقَطْ (أَوْ) فِيهِمَا مَعَ (الْمُوَطَّأِ) أَوْ فِي أَحَدِ الثَّلَاثَةِ. (يَسَارٌ، كُلُّهُ بِالْمُثَنَّاةِ) التَّحْتِيَّةِ (ثُمَّ الْمُهْمَلَةِ إِلَّا مُحَمَّدَ بْنَ بَشَّارٍ) بُنْدَارًا (فَبِالْمُوَحَّدَةِ وَالْمُعْجَمَةِ) . قَالَ الذَّهَبِيُّ: وَهُوَ نَادِرٌ فِي التَّابِعِينَ مَعْدُومٌ فِي الصَّحَابَةِ. (وَفِيهِمَا سَيَّارُ بْنُ سَلَامَةَ، وَابْنُ أَبِي سَيَّارٍ، بِتَقْدِيمِ السِّينِ) عَلَى الْيَاءِ الْمُشَدَّدَةِ. (بِشْرٌ، كُلُّهُ بِكَسْرِ) الْبَاءِ (الْمُوَحَّدَةِ وَإِسْكَانِ الْمُعْجَمَةِ إِلَّا أَرْبَعَةً فَبِضَمِّهَا) أَيِ الْمُوَحَّدَةِ (وَإِهْمَالِهَا) أَيِ السِّينِ. (عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُسْرٍ) الْمَازِنِيُّ صَحَابِيٌّ ابْنُ صَحَابِيٍّ. (وَبُسْرُ بْنُ سَعِيدٍ. وَ) بُسْرُ (بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ) الْحَضْرَمِيُّ. (وَ) بُسْرُ (بْنُ مِحْجَنٍ) (الدَّيْلَمِيُّ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 800 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَقِيلَ: هَذَا بِالْمُعْجَمَةِ) قَالَهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَحَكَى الدَّارَقُطْنِيُّ أَنَّهُ رَجَعَ عَنْهُ، وَحَدِيثُهُ فِي الْمُوَطَّأِ فَقَطْ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ فِي شَرْحِ الْأَلْفِيَّةِ: وَلَمْ يَذْكُرِ ابْنُ الصَّلَاحِ بُسْرًا الْمَازِنِيَّ، فَحَدِيثُهُ فِي " صَحِيحِ مُسْلِمٍ " عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْمِزِّيُّ فِي التَّهْذِيبِ، إِنَّمَا ذَكَرَ ابْنَهُ عَبْدَ اللَّهِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 801 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَقَالَ فِي نُكَتِهِ: قَلَّدْتُ فِي ذَلِكَ الْمِزِّيَّ. ثُمَّ تَبَيَّنَ لِي أَنَّهُ وَهِمَ فَلَمْ يُخَرِّجْ مُسْلِمٌ لَبُسْرٍ، وَلَا لَهُ ذِكْرٌ فِيهِ بِاسْمِهِ إِلَّا فِي نَسَبِ ابْنِهِ. قَالَ: نَعَمْ، يَرِدُ عَلَيْهِ أَبُو الْيَسَرِ كَعْبُ بْنُ عَمْرٍو: فَهُوَ بِفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ وَالْمُهْمَلَةِ، وَحَدِيثُهُ فِي الصَّحِيحِ، وَلَكِنَّهُ مُلَازِمٌ لِأَدَاءِ التَّعْرِيفِ غَالِبًا: فَلَا يُشْتَبَهُ، بِخِلَافِ الْأَوَّلِينَ. (بَشِيرٌ، كُلُّهُ بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ إِلَّا اثْنَيْنِ فَبِالضَّمِّ، ثُمَّ الْفَتْحِ. بُشَيْرُ بْنُ كَعْبٍ) الْعَدَوِيُّ، وَحَدِيثُهُ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ. (وَ) بُشَيْرُ (بْنُ يَسَارٍ) الْحَارِثِيُّ الْمَدَنِيُّ. (وَثَالِثًا: بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ مِنْ تَحْتُ، وَفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ. يُسَيْرُ بْنُ عَمْرٍو) وَقِيلَ: بْنُ جَابِرٍ، (وَيُقَالُ) فِيهِ: (أُسَيْرُ) بِالْهَمْزَةِ. (وَرَابِعًا: بِضَمِّ النُّونِ وَفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ، قَطَنُ بْنُ نُسَيْرٍ. (يَزِيدُ، كُلُّهُ بِالزَّايِ) الْمَكْسُورَةِ، وَالتَّحْتِيَّةِ الْمَفْتُوحَةِ أَوَّلُهُ، (إِلَّا ثَلَاثَةً. بُرَيْدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ) بْنِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، (بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ، وَبِالرَّاءِ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 802 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] الْمَفْتُوحَةِ. وَوَقَعَ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ فِي حَدِيثِ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ، «كَصَلَاةِ شَيْخِنَا أَبِي بُرَيْدٍ عَمْرِو بْنِ سَلَمَةَ» فَذَكَرَ الْهَرَوِيُّ، عَنِ الْحَمَوِيِّ، عَنِ الْفِرَبْرِيِّ، عَنِ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ. وَكَذَا ذَكَرَ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ فِي الْكُنَى. وَبِهِ جَزَمَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَابْنُ مَاكُولَا. وَالَّذِي عِنْدَ عَامَّةِ رُوَاةِ الْبُخَارِيِّ بِالتَّحْتِيَّةِ وَالزَّايِ، كَالْجَادَةِ، وَقَالَ عَبْدُ الْغَنِيِّ: لَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ أَحَدٍ بِالزَّايِ، وَمُسْلِمٌ أَعْلَمُ، وَبِهِ جَزَمَ الذَّهَبِيُّ. (وَمُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ بْنُ الْبِرِنْدِ) الشَّامِيُّ، (بِالْمُوَحَّدَةِ، وَالرَّاءِ الْمَكْسُورَتَيْنِ وَقِيلَ: بِفَتْحِهِمَا ثُمَّ بِالنُّونِ) السَّاكِنَةِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 803 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] (وَعَلِيُّ بْنُ هِشَامِ بْنِ الْبَرِيدِ، بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَمُثَنَّاةٍ مِنْ تَحْتُ. (الْبَرَاءُ، كُلُّهُ بِالتَّخْفِيفِ إِلَّا أَبَا مَعْشَرٍ) يُوسُفَ بْنَ يَزِيدَ (الْبَرَّاءَ. وَأَبَا الْعَالِيَةَ) زِيَادَ بْنَ فَيْرُوزٍ الْبَرَّاءَ (فَبِالتَّشْدِيدِ، " حَارِثَةُ " كُلُّهُ بِالْحَاءِ) الْمُهْمَلَةِ وَالْمُثَلَّثَةِ (إِلَّا جَارِيَةَ بْنَ قَدَامَةَ، وَيَزِيدَ بْنَ جَارِيَةَ، وَعَمْرَو بْنَ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ أَسِيدِ بْنِ جَارِيَةَ، وَالْأَسْوَدَ بْنَ الْعَلَاءِ بْنِ جَارِيَةَ بْنِ قَدَامَةَ، وَيَزِيدَ بْنَ جَارِيَةَ، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 804 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] فَبِالْجِيمِ. (جَرِيرٌ) بِالْجِيمِ وَالرَّاءِ إِلَّا حَرِيزَ بْنَ عُثْمَانَ وَأَبَا حَرِيزٍ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْحُسَيْنِ فَبِالْحَاءِ) . قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَالْأَسْوَدُ بْنُ الْعَلَاءِ بْنِ جَارِيَةَ الثَّقَفِيُّ، وَعَمْرُو بْنُ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ أَسِيدِ بْنِ جَارِيَةَ الثَّقَفِيُّ أَيْضًا، وَرَوَى مُسْلِمٌ لِلْأَوَّلِ حَدِيثَ «الْبِئْرُ جُبَارٌ» فِي الْحُدُودِ، وَلِلثَّانِي حَدِيثَ «لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ» ، وَرَوَى لَهُ الْبُخَارِيُّ قِصَّةَ قَتْلِ خَبِيبٍ. (جَرِيرٌ) كُلُّهُ (بِالْجِيمِ) الْمَفْتُوحَةِ (وَالرَّاءِ) الْمَكْسُورَةِ الْمُكَرَّرَةِ (إِلَّا حَرِيزَ بْنَ عُثْمَانَ) الرَّحْبِيَّ الْحِمْصِيَّ. (وَأَبَا حَرِيزٍ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْحُسَيْنِ) الْأَزْدِيَّ (الرَّاوِي عَنْ عِكْرِمَةَ فَبِالْحَاءِ) الْمَفْتُوحَةِ (وَالزَّايِ أَخِيرًا. وَيُقَارِبُهُ حُدَيْرٌ بِالْحَاءِ) الْمُهْمَلَةِ الْمَضْمُومَةِ، (وَالدَّالِ) الْمُهْمَلَةِ الْمَفْتُوحَةِ، آخِرُهُ رَاءٌ (وَالِدُ عِمْرَانَ) رَوَى لَهُ مُسْلِمٌ. (وَوَالِدُ زَيْدٍ وَزِيَادٍ) لَهُمَا ذِكْرٌ فِي الْمَغَازِي مِنْ " صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ "، بِلَا رِوَايَةٍ. (خِرَاشٌ، كُلُّهُ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ) الْمَكْسُورَةِ وَالرَّاءِ وَآخِرُهُ مُعْجَمَةٌ (إِلَّا وَالِدَ رِبْعِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 805 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] فَبِالْمُهْمَلَةِ) أَوَّلُهُ. وَأَدْخَلَ ابْنُ مَاكُولَا هُنَا خِدَاشًا بِالدَّالِ، فَقَدْ رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ خَالِدِ بْنِ خِدَاشٍ. قَالَ الذَّهَبِيُّ: وَلَا يَلْتَبِسُ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: فَلِذَا لَمْ أَسْتَدْرِكْهُ. قُلْتُ: هُوَ مِنْ نَمَطِ حُدَيْرٍ وَنَحْوِهِ. (حُصَيْنٌ، كُلُّهُ بِالضَّمِّ) لِلْمُهْمَلَةِ، (وَالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ، إِلَّا أَبَا حَصِينٍ عُثْمَانَ بْنَ عَاصِمٍ) الْأَسَدِيَّ (فَبِالْفَتْحِ. وَأَبَا سَاسَانَ حُضَيْنَ بْنَ الْمُنْذِرِ، فَبِالضَّمِّ وَالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ) مَفْتُوحَةً، وَلَا نَعْرِفُ فِي رُوَاةِ الْحَدِيثِ مَنِ اسْمُهُ " حُضَيْنٌ " سِوَاهُ، وَهُوَ تَابِعِيٌّ جَلِيلٌ، قَالَهُ الْحَاكِمُ وَتَبِعَهُ الْمِزِّيُّ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: لَكِنَّ فِي الصَّحِيحَيْنِ فِي قِصَّةِ عِتْبَانَ بْنِ مَالِكٍ، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 806 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] مِنْ طَرِيقِ ابْنِ شِهَابٍ: سَأَلْتُ الْحُصَيْنَ بْنَ مُحَمَّدٍ الْأَنْصَارِيَّ عَنْ حَدِيثِ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ، فَصَدَّقَهُ، فَزَعَمَ الْأَصِيلِيُّ وَالْقَابِسِيُّ أَنَّهُ بِالْمُعْجَمَةِ. قَالَ الْمِزِّيُّ: وَهُوَ وَهْمٌ فَاحِشٌ، وَصَوَابُهُ بِالْمُهْمَلَةِ. وَأُدْخِلَ فِي هَذَا الْقِسْمِ حُضَيْرٌ بِالرَّاءِ، وَهُوَ وَالِدُ أُسَيْدٍ الْأَشْهَلِيِّ، أَحَدِ النُّقَبَاءِ لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ. (حَازِمٌ) كُلُّهُ (بِالْمُهْمَلَةِ) ، وَالزَّايِ، (إِلَّا أَبَا مُعَاوِيَةَ مُحَمَّدَ بْنَ خَازِمٍ) الضَّرِيرَ فَإِنَّهُ (بِالْمُعْجَمَةِ. " حَيَّانُ " كُلُّهُ بِالْمُثَنَّاةِ) مِنْ تَحْتُ، مَعَ فَتْحِ الْمُهْمَلَةِ، (إِلَّا حَبَّانَ بْنَ مُنْقِذٍ، وَالِدَ وَاسِعِ بْنِ حَبَّانَ، وَجَدَّ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، وَجَدَّ حَبَّانَ بْنِ وَاسِعِ بْنِ حَبَّانَ. وَحَبَّانَ بْنَ هِلَالٍ) الْبَاهِلِيَّ (مَنْسُوبًا) إِلَى أَبِيهِ، (وَغَيْرَ مَنْسُوبٍ) إِلَيْهِ فَيَتَمَيَّزُ بِشُيُوخِهِ، كَقَوْلِهِمْ: حَبَّانُ (عَنْ شُعْبَةَ وَ) حَبَّانُ عَنْ (وُهَيْبٍ وَ) حَبَّانُ عَنْ (هَمَّامٍ وَغَيْرِهِمْ) ، كَحَبَّانَ عَنْ أَبَانَ، وَحَبَّانَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، (فَبِالْمُوَحَّدَةِ وَفَتْحِ الْحَاءِ) الْمُهْمَلَةِ. (وَ) إِلَّا " حِبَّانَ بْنَ عَطِيَّةَ " السُّلَمِيَّ. (وَ) حِبَّانَ (بْنَ مُوسَى) السُّلَمِيَّ الْمَرْوَزِيَّ (مَنْسُوبًا) إِلَى أَبِيهِ، (وَغَيْرَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 807 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] مَنْسُوبٍ) فَيَتَمَيَّزُ بِشُيُوخِهِ، كَحِبَّانَ، (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ هُوَ ابْنُ الْمُبَارَكِ. وَحِبَّانَ ابْنَ الْعَرِقَةِ، فَبِالْكَسْرِ) لِلْحَاءِ (وَالْمُوَحَّدَةِ) . وَقِيلَ: إِنَّ ابْنَ عَطِيَّةَ بِفَتْحِ الْحَاءِ. وَقِيلَ: إِنَّ ابْنَ الْعَرِقَةِ بِالْجِيمِ، وَالْأَوَّلُ فِيهِمَا أَصَحُّ وَأَشْهَرُ. وَالْعَرِقَةُ أُمُّهُ، فِيمَا قَالَهُ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَكَسْرِ الرَّاءِ ثُمَّ قَافٍ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: بِفَتْحِ الرَّاءِ، وَقِيلَ لَهَا ذَلِكَ لِطِيبِ رِيحِهَا، وَاسْمُهَا قِلَابَةُ، بِكَسْرِ الْقَافِ، بِنْتُ شُعْبَةَ، بِضَمِّ الشِّينِ، بْنِ سَهْمٍ، وَتُكَنَّى أُمَّ فَاطِمَةَ، وَاسْمُ أَبِيهِ حِبَّانُ بْنُ قَيْسٍ، وَقِيلَ: بْنُ أَبِي قَيْسٍ. وَيَدْخُلُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ جَبَّارُ - بِفَتْحِ الْجِيمِ وَالْمُوَحَّدَةِ - بْنُ صَخْرٍ، وَعَدِيُّ بْنُ الْخِيَارِ، بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ وَتَحْتِيَّةٍ مُخَفَّفَةٍ. (حَبِيبٌ، كُلُّهُ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ إِلَّا خُبَيْبَ بْنَ عَدِيٍّ، وَخُبَيْبَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ خُبَيْبٍ) الْأَنْصَارِيَّ، وَهُوَ خُبَيْبٌ (غَيْرَ مَنْسُوبٍ) الرَّاوِي، (عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ) فِي الصَّحِيحَيْنِ، وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَعِينٍ فِي " صَحِيحِ مُسْلِمٍ "، وَجَدُّهُ كَذَلِكَ. إِلَّا أَنَّهُ لَا رِوَايَةَ لَهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ، وَلَا فِي الْمُوَطَّأِ. (وَأَبَا خُبَيْبٍ، كُنْيَةَ) عَبْدِ اللَّهِ (بْنِ الزُّبَيْرِ) كُنِّيَ بِابْنِهِ خُبَيْبٍ، وَلَا ذِكْرَ لَهُ فِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 808 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] شَيْءٍ مِنَ الْكُتُبِ الثَّلَاثَةِ، (فَبِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ. " حَكِيمٌ " كُلُّهُ بِفَتْحِ الْحَاءِ إِلَّا حُكَيْمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ) بْنِ قَيْسِ بْنِ مَخْرَمَةَ الْقُرَشِيَّ الْمِصْرِيَّ، وَيُسَمَّى أَيْضًا الْحُكَيْمُ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ. (وَرُزَيْقَ، بِتَقْدِيمِ الرَّاءِ مُصَغَّرًا، (بْنَ حُكَيْمٍ) ، وَيُكَنَّى أَيْضًا أَبَا حُكَيْمٍ كَأَبِيهِ (فَبِالضَّمِّ) . وَقِيلَ: الثَّانِي بِالْفَتْحِ. (رَبَاحٌ، كُلُّهُ بِالْمُوَحَّدَةِ) ، وَفَتْحِ الرَّاءِ (إِلَّا زِيَادَ بْنَ رِيَاحٍ) الْقَيْسِيَّ الْمِصْرِيَّ، يُكَنَّى أَيْضًا أَبَا رِيَاحٍ كَأَبِيهِ. وَقِيلَ: أَبَا قَيْسٍ، وَهُوَ الصَّوَابُ، الرَّاوِي (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) حَدِيثًا (فِي أَشْرَاطِ السَّاعَةِ) وَهُوَ «بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ سِتًّا» الْحَدِيثَ. وَحَدِيثَ «مَنْ خَرَجَ مِنَ الطَّاعَةِ وَفَارَقَ الْجَمَاعَةِ» الْحَدِيثَ، وَكِلَاهُمَا فِي " صَحِيحِ مُسْلِمٍ ". (فَبِالْمُثَنَّاةِ) مِنْ تَحْتُ، وَكَسْرِ الرَّاءِ (عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ) ، وَقَالَ ابْنُ الْجَارُودِ: بِالْمُوَحَّدَةِ. (وَقَالَ الْبُخَارِيُّ بِالْوَجْهَيْنِ) حَكَاهُ عَنْهُ صَاحِبُ الْمَشَارِقِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 809 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَهِمَ فِي ذَلِكَ، فَلَمْ يَحْكِ الْبُخَارِيُّ فِي " التَّارِيخِ " فِيهِ الْمُوَحَّدَةَ أَصْلًا، إِنَّمَا حَكَى الِاخْتِلَافَ فِي وُرُودِهِ بِالِاسْمِ أَوِ الْكُنْيَةِ، وَفِي اسْمِ أَبِيهِ، وَلَا ذِكْرَ لَهُ فِي صَحِيحِهِ. (زُبَيْدٌ، لَيْسَ فِيهِمَا) أَيِ الصَّحِيحَيْنِ (إِلَّا زُبَيْدَ بْنَ الْحَارِثِ) الْيَامِيَّ (بِالْمُوَحَّدَةِ، ثُمَّ بِالْمُثَنَّاةِ. وَلَا فِي الْمُوَطَّأِ إِلَّا زُبَيْدَ بْنَ الصَّلْتِ) بْنَ مَعْدِ يكَرِبَ الْكِنْدِيَّ (بِمُثَنَّاتَيْنِ) تَحْتِيَّتَيْنِ (بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَيُضَمُّ. " سُلَيْمٌ " كُلُّهُ بِالضَّمِّ) وَفَتْحِ اللَّامِ، (إِلَّا سَلِيمَ بْنَ حِبَّانَ، فَبِالْفَتْحِ) لِلسِّينِ، وَكَسْرِ اللَّامِ. (" شُرَيْحٌ " كُلُّهُ بِالْمُعْجَمَةِ وَالْحَاءِ، إِلَّا) سُرَيْجَ (بْنَ يُونُسَ) شَيْخَ مُسْلِمٍ، وَرَوَى عَنْهُ الْبُخَارِيُّ بِوَاسِطَةٍ. (وَ) سُرَيْجَ (بْنَ النُّعْمَانِ. وَأَحْمَدَ بْنَ أَبِي سُرَيْجٍ) الصَّبَّاحَ. كِلَاهُمَا سَمِعَ مِنْهُ الْبُخَارِيُّ، (فَبِالْمُهْمَلَةِ وَالْجِيمِ. وَسَالِمٌ، كُلُّهُ بِالْأَلِفِ، إِلَّا سَلَمَ بْنَ زَرِيرٍ) بِوَزْنِ كَبِيرٍ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 810 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] (وَ) سَلَمَ (بْنَ قُتَيْبَةَ. وَ) سَلَمَ (بْنَ أَبِي سَلَمٍ الذَّيَّالَ. وَ) سَلَمَ (بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَبِحَذْفِهَا) . قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَبَقِيَ عَلَيْهِ حَكَّامُ بْنُ سَلَمٍ الرَّازِيُّ، رَوَى لَهُ مُسْلِمٌ حَدِيثَ قَبْضِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ، وَذَكَرُهُ الْبُخَارِيُّ عِنْدَ حَدِيثِ النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ، غَيْرَ مَنْسُوبٍ. قَالَ: ثُمَّ إِنَّ أَصْحَابَ الْمُؤْتَلِفِ وَالْمُخْتَلِفِ لَمْ يَذْكُرُوا هَذِهِ التَّرْجَمَةَ فِي كُتُبِهِمْ، لِأَنَّهَا لَا تَأْتَلِفُ خَطًّا، لِزِيَادَةِ الْأَلِفِ فِي سَالِمٍ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهَا صَاحِبُ الْمَشَارِقِ فَتَبِعَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ. قُلْتُ: قَوْلُهُ: لَا تَأْتَلِفُ خَطًّا، مَمْنُوعٌ، لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ فِي عِلْمِ الْخَطِّ أَنَّ كُلَّ عَلَمٍ زَادَ عَلَى ثَلَاثَةٍ يُحْذَفُ أَلِفُهُ خَطًّا، كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ مَالِكٍ فِي آخِرِ التَّسْهِيلِ وَغَيْرِهِ، فَصَلِحٌ وَمَلِكٌ وَنَحْوُهُمَا كُلُّ ذَلِكَ يُكْتَبُ بِلَا أَلِفٍ، وَسَالِمٌ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ. (سُلَيْمَانُ، كُلُّهُ بِالْيَاءِ، إِلَّا سَلْمَانَ الْفَارِسِيَّ، وَ) سَلْمَانَ (بْنَ عَامِرٍ، وَ) سَلْمَانَ (الْأَغَرَّ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ سَلْمَانَ، فَبِحَذْفِهَا) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 811 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَأَبُو حَازِمٍ الْأَشْجَعِيُّ الرَّاوِي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبُو رَجَاءٍ مَوْلَى أَبِي قِلَابَةَ كُلٌّ مِنْهُمَا اسْمُهُ سَلْمَانُ، لَكِنْ ذُكِرَا بِالْكُنْيَةِ. وَقَالَ الْعِرَاقِيُّ فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ: لَمْ يُورِدْهَا أَصْحَابُ الْمُؤْتَلِفِ وَالْمُخْتَلِفِ لِعَدَمِ اشْتِبَاهِهَا بِزِيَادَةِ الْيَاءِ، إِلَّا أَنَّ صَاحِبَ الْمَشَارِقِ ذَكَرَهَا فَتَبِعَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ. قَالَ: وَبَقِيَ سَلْمَانُ بْنُ رَبِيعَةَ الْبَاهِلِيُّ حَدِيثُهُ عَنَدَ مُسْلِمٍ. (سَلَمَةُ) كُلُّهُ (بِفَتْحِ اللَّامِ، إِلَّا عَمْرَو بْنَ سَلِمَةَ) الْجَرْمِيَّ، (إِمَامَ قَوْمِهِ، وَبَنِي سَلِمَةَ) الْقَبِيلَةَ (مِنَ الْأَنْصَارِ، فَبِالْكَسْرِ. وَفِي عَبْدِ الْخَالِقِ بْنِ سَلَمَةَ) الَّذِي رَوَى لَهُ مُسْلِمٌ حَدِيثَ قُدُومِ وَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ (الْوَجْهَانِ) . قَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: بِالْفَتْحِ، وَابْنُ عُلَيَّةَ بِالْكَسْرِ. (شَيْبَانُ، كُلُّهُ بِالْمُعْجَمَةِ) ، وَالْفَتْحِ، وَالتَّحْتِيَّةِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ. (وَفِيهِمَا سِنَانُ بْنُ أَبِي سِنَانٍ) الدُّؤَلِيُّ، (وَ) سِنَانُ (بْنُ رَبِيعَةَ) أَبُو رَبِيعَةَ، (وَ) سِنَانُ (بْنُ سَلَمَةَ، وَأَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ، وَأَبُو سِنَانٍ ضِرَارُ بْنُ مُرَّةَ) الشَّيْبَانِيُّ، (وَأُمُّ سِنَانٍ فَبِالْمُهْمَلَةِ وَالنُّونِ) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 812 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَكَذَا الْهَيْثَمُ بْنُ سِنَانٍ، وَالْعَوَقِيُّ فِي " صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ "، وَسَعِيدُ بْنُ سِنَانٍ أَبُو سِنَانٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ. قَالَ: وَلَيْسَ لِأُمِّ سِنَانٍ رِوَايَةٌ فِي الْكُتُبِ الثَّلَاثَةِ، إِنَّمَا لَهَا ذِكْرٌ فِي حَدِيثِ الْحَجِّ. قَالَ: وَهَذِهِ التَّرْجَمَةُ لَمْ يُورِدْهَا أَصْحَابُ الْمُؤْتَلِفِ وَالْمُخْتَلِفِ لِزِيَادَةِ الْيَاءِ فِي شَيْبَانَ، إِنَّمَا أَوْرَدُوا سِنَانًا وَيَسَارًا وَشُبَانًا. (عُبَيْدَةُ) كُلُّهُ (بِالضَّمِّ، إِلَّا) عَبِيدَةَ (السَّلْمَانِيَّ، وَ) عَبِيدَةَ (بْنَ سُفْيَانَ) الْحَضْرَمِيَّ، (وَ) عَبِيدَةَ (بْنَ حُمَيْدٍ، وَعَامِرَ بْنَ عَبِيدَةَ) الْبَاهِلِيَّ (بِالْفَتْحِ) . وَقِيلَ فِي عُبَيْدَةَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِي: إِنَّهُ بِالْفَتْحِ، وَالْمَعْرُوفُ فِيهِ الضَّمُّ. (عُبَيْدٌ) بِغَيْرِ هَاءٍ (كُلُّهُ بِالضَّمِّ) ، وَأَمَّا بِالْفَتْحِ فَجَمَاعَةٌ مِنَ الشُّعَرَاءِ مِنْهُمْ: عَبِيدُ بْنُ الْأَبْرَصِ. (عُبَادَةُ) كُلُّهُ بِالضَّمِّ وَتَخْفِيفِ الْمُوَحَّدَةِ، (إِلَّا مُحَمَّدَ بْنَ عَبَادَةَ) الْوَاسِطِيَّ (شَيْخَ الْبُخَارِيِّ، فَبِالْفَتْحِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 813 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] عَبْدَةَ) كُلُّهُ (بِإِسْكَانِ الْمُوَحَّدَةِ، إِلَّا عَامِرَ بْنَ عَبْدَةَ) الْبَجَلِيَّ الْكُوفِيَّ، (وَبِجَالَةَ بْنَ عَبْدَةَ) التَّمِيمِيَّ الْبَصْرِيَّ التَّابِعِيَّ (فَبِالْفَتْحِ وَالْإِسْكَانِ) أَيْ قِيلَ فِيهِمَا الْأَمْرَانِ. وَقِيلَ فِيهِمَا: عَبْدُ، بِغَيْرِ هَاءٍ أَيْضًا. وَعَلَى الْفَتْحِ فِيهِمَا الدَّارَقُطْنِيُّ وَابْنُ مَاكُولَا. (عَبَّادُ، كُلُّهُ بِالْفَتْحِ وَالتَّشْدِيدِ، إِلَّا قَيْسَ بْنَ عُبَادٍ) الْقَيْسِيَّ الضُّبَعِيَّ الْبَصْرِيَّ، (فَبِالضَّمِّ) لِلْعَيْنِ، (وَالتَّخْفِيفِ) لِلْمُوَحَّدَةِ. وَحَكَى صَاحِبُ الْمَشَارِقِ أَنَّهُ وَقَعَ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ مُطَرِّفِ بْنِ الْمُرَابِطِ فِي الْمُوَطَّأِ، عُبَادُ بْنُ الْوَلِيدِ، قَالَ: وَهُوَ خَطَأٌ، وَالصَّوَابُ عُبَادَةُ. (عَقِيلٌ) كُلُّهُ (بِالْفَتْحِ) لِلْعَيْنِ، وَكَسْرِ الْقَافِ (إِلَّا) عُقَيْلَ (بْنَ خَالِدٍ) الْأَيْلِيَّ، (وَهُوَ) الرَّاوِي (عَنِ الزُّهْرِيِّ غَيْرَ مَنْسُوبٍ. وَ) إِلَّا (يَحْيَى بْنَ عُقَيْلٍ) الْخُزَاعِيَّ الْبَصْرِيَّ، (وَ) إِلَّا (بَنِي عُقَيْلٍ) الْقَبِيلَةَ الْمَعْرُوفَةَ يُنْسَبُ إِلَيْهَا الْعُقَيْلِيُّ صَاحِبُ الضُّعَفَاءِ، (فَبِالضَّمِّ) وَفَتْحِ الْقَافِ. (وَاقِدٌ، كُلُّهُ بِالْقَافِ) ، وَأَمَّا بِالْفَاءِ فَفِي غَيْرِ الْكُتُبِ الثَّلَاثَةِ، وَافِدُ بْنُ سَلَامَةَ، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 814 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَوَافِدُ بْنُ مُوسَى الدَّارِعُ. 1 - (الْأَنْسَابُ) مِنْ هَذَا النَّوْعِ: (الْأَيْلِيُّ، كُلُّهُ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَإِسْكَانِ الْمُثَنَّاةِ) مِنْ تَحْتُ، نِسْبَةً إِلَى أَيْلَةَ قَرْيَةٌ عَلَى بَحْرِ الْقُلْزُمِ. قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: وَلَيْسَ فِي الْكُتُبِ الثَّلَاثَةِ الْأُبُلِيُّ بِالْمُوَحَّدَةِ. وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ بِأَنِ الشَّيْبَانَ بْنَ فَرُّوخٍ أُبُلِيٌّ، وَقَدْ رَوَى لَهُ مُسْلِمٌ الْكَثِيرَ، قَالَ: وَلَكِنْ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ مَنْسُوبًا فَلَا يَلْحَقُ عِيَاضًا مِنْهُ تَخْطِئَةٌ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَقَدْ تَتَبَّعْتُ كِتَابَ مُسْلِمٍ، فَلَمْ أَجِدْ فِيهِ مَنْسُوبًا، فَلَا تَخْطِئَةَ حِينَئِذٍ. (الْبَزَّازُ) كُلُّهُ (بِزَايَيْنِ إِلَّا خَلَفَ بْنَ هِشَامٍ الْبَزَّارَ) شَيْخَ مُسْلِمٍ، (وَالْحَسَنَ بْنَ الصَّبَّاحِ) الْبَزَّارَ شَيْخَ الْبُخَارِيِّ، (فَآخِرَهُمَا رَاءٌ) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 815 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَقَدِ اعْتُرِضَ ذَلِكَ بِأَنَّ أَبَا عَلِيٍّ الْجَيَّانِيَّ ذَكَرَ فِي تَقْيِيدِ الْمُهْمَلِ فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ: يَحْيَى بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ السَّكَنِ الْبَزَّارَ، وَبِشْرَ بْنَ ثَابِتٍ الْبَزَّارَ وَكِلَاهُمَا فِي " صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ ". قَالَ: وَالْجَوَابُ أَنَّهُمَا وَقَعَا غَيْرَ مَنْسُوبَيْنِ فَلَا يَرِدَانِ. (الْبَصْرِيُّ، بِالْبَاءِ مَفْتُوحَةً وَمَكْسُورَةً) ، وَالْكَسْرُ أَفْصَحُ، (نِسْبَةً إِلَى الْبَصْرَةِ) الْبَلْدَةِ الْمَعْرُوفَةِ. (إِلَّا مَالِكَ بْنَ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ النَّصْرِيَّ) مُخَضْرَمٌ، مُخْتَلَفٌ فِي صُحْبَتِهِ، (وَعَبْدَ الْوَاحِدِ) بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ (النَّصْرِيَّ، وَسَالِمًا مَوْلَى النَّصْرِيِّينَ فَبِالنُّونِ. " الثَّوْرِيُّ "، كُلُّهُ بِالْمُثَلَّثَةِ، إِلَّا أَبَا يَعْلَى مُحَمَّدَ بْنَ الصَّلْتِ التَّوَّزِيَّ، فَبِالْمُثَنَّاةِ فَوْقُ) ، مَفْتُوحَةً، (وَتَشْدِيدِ الْوَاوِ الْمَفْتُوحَةِ، وَبِالزَّايِ) نِسْبَةً إِلَى تَوَّزَ مِنْ بِلَادِ فَارِسَ. (الْجُرَيْرِيُّ، كُلُّهُ بِضَمِّ الْجِيمِ وَفَتْحِ الرَّاءِ) وَسُكُونِ التَّحْتِيَّةِ ثُمَّ رَاءٍ، نِسْبَةً إِلَى جُرَيْرٍ، مُصَغَّرًا. قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: فِيهَا مِنْ ذَلِكَ سَعِيدٌ الْجُرَيْرِيُّ، وَعَبَّاسٌ الْجُرَيْرِيُّ، وَالْجُرَيْرِيُّ غَيْرَ مُسَمًّى عَنْ أَبِي نَضْرَةَ. وَأَسْقَطَ ذَلِكَ الْمُصَنِّفُ لِيَعُمَّ مَا فِيهَا غَيْرَ مَنْسُوبٍ. (إِلَّا يَحْيَى بْنَ بِشْرٍ شَيْخَهُمَا) أَيِ الشَّيْخَيْنِ (فَبِالْحَاءِ) الْمُهْمَلَةِ (الْمَفْتُوحَةِ) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 816 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَقَوْلُ ابْنِ الصَّلَاحِ إِنَّهُ شَيْخُهُمَا، تَبِعَ فِيهِ صَاحِبَ الْمَشَارِقِ، وَصَاحِبَ تَقْيِيدِ الْمُهْمَلِ وَالْحَاكِمِ وَالْكَلَابَاذِيِّ، وَلَمْ يَصْنَعُوا شَيْئًا، إِنَّمَا أَخْرَجَ لَهُ مُسْلِمٌ وَحْدَهُ، وَأَمَّا شَيْخُ الْبُخَارِيِّ فَهُوَ يَحْيَى بْنُ بِشْرٍ الْبَلْخِيُّ، وَهُمَا رَجُلَانِ مُخْتَلِفَا الْبَلْدَةِ وَالْوَفَاةِ، وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَالْخَطِيبُ، وَجَزَمَ بِهِ الْمِزِّيُّ وَزَادَ الْجِيَّانِيُّ فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ: الْجَرِيرِيَّ بِالْجِيمِ مُكَبِّرًا، وَهُوَ يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ مِنْ وَلَدِ جَرِيرٍ الْبَجَلِيِّ، عِنْدَ الْبُخَارِيِّ فِي الْأَدَبِ، إِلَّا أَنَّهُ فِيهِ غَيْرُ مَنْسُوبٍ (الْحَارِثِيُّ كُلُّهُ بِالْحَاءِ وَالْمُثَلَّثَةِ، وَفِيهِمَا سَعْدٌ الْجَارِيُّ بِالْجِيمِ) وَبَعْدَ الرَّاءِ يَاءُ النِّسْبَةِ، مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ نِسْبَةً إِلَى الْجَارِ مَوْضِعٍ بِالْمَدِينَةِ (الْحَرَامِيُّ كُلُّهُ بِالرَّاءِ) الْمُهْمَلَةِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 817 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] قَالَ الْمُصَنِّفُ زِيَادَةً عَلَى ابْنِ الصَّلَاحِ (وَقَوْلُهُ فِي) صَحِيحِ (مُسْلِمٍ فِي حَدِيثِ أَبِي الْيَسَرِ: كَانَ لِي عَلَى فُلَانٍ) ابْنِ فُلَانٍ (الْحَرَامِيِّ) مَالٌ فَأَتَيْتُ أَهْلَهُ، الْحَدِيثَ، مُخْتَلَفٌ فِيهِ. (وَقِيلَ:) هُوَ (بِالرَّاءِ) ، وَجَزَمَ بِهِ عِيَاضٌ. وَقِيلَ: بِالزَّايِ وَعَلَيْهِ الطَّبَرِيُّ. (وَقِيلَ: الْجُذَامِيُّ بِالْجِيمِ، وَالذَّالِ) الْمُعْجَمَةِ، قَالَهُ ابْنُ مَاهَانَ. وَقَدْ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي حَاشِيَةٍ أَمْلَاهَا عَلَى كُتَّابِهِ: لَا يُرَدُّ هَذَا، لِأَنَّ الْمُرَادَ بِكَلَامِنَا الْمَذْكُورِ مَا وَقَعَ مِنْ ذَلِكَ فِي أَنْسَابِ الرُّوَاةِ، وَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْإِرْشَادِ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَهَذَا لَيْسَ بِجَيِّدٍ ; لِأَنَّهُمَا ذَكَرَا فِي هَذَا الْقِسْمِ غَيْرَ وَاحِدٍ لَيْسَ لَهُمْ فِي الصَّحِيحِ وَلَا فِي الْمُوَطَّأِ رِوَايَةٌ، بَلْ مُجَرَّدُ ذِكْرٍ، مِنْهُمْ بَنُو عَقِيلٍ وَبَنُو سَلَمَةَ، وَحَبِيبُ بْنُ عَدِيٍّ، وَحِبَّانُ بْنُ الْعَرِقَةِ، وَأُمُّ سِنَانٍ فَمَا صَنَعَهُ فِي التَّقْرِيبِ أَحْسَنُ. (السَّلَمِيِّ، فِي الْأَنْصَارِ بِفَتْحِهِمَا) أَيِ اللَّامِ كَالسِّينِ، نِسْبَةً إِلَى سَلِمَةَ بِالْكَسْرِ، كَمَا قِيلَ فِي نَمِرَةٍ نَمَرِيٍّ، هَذَا مُقْتَضَى الْعَرَبِيَّةِ، (وَيَجُوزُ فِي لُغَيَّةٍ كَسْرُ اللَّامِ) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 818 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] قَالَ السَّمْعَانِيُّ: وَعَلَيْهَا أَصْحَابُ الْحَدِيثِ. وَذَكَرَ ابْنُ الصَّلَاحِ أَنَّهُ لَحْنٌ. (وَبِضَمِّ السِّينِ) وَفَتْحِ اللَّامِ (فِي) النِّسْبَةِ إِلَى (بَنِي سُلَيْمٍ) وَفِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: الْأَوْلَى ذِكْرُهَا فِي الْقِسْمِ الْعَامِّ، إِذْ لَا يُخْتَصُّ بِالصَّحِيحَيْنِ وَالْمُوَطَّأِ. (الْهَمْدَانِيُّ كُلُّهُ بِالْإِسْكَانِ، وَالْمُهْمَلَةِ) وَلَيْسَ فِيهِمَا بِالْفَتْحِ وَالْمُعْجَمَةِ. قَالَ صَاحِبُ الْمَشَارِقِ، لَكِنَّ فِيهِمَا مَنْ هُوَ مِنْ مَدِينَةِ هَمَذَانَ، إِلَّا أَنَّهُ غَيْرُ مَنْسُوبٍ. قَالَ: إِلَّا أَنَّ فِي الْبُخَارِيِّ: مُسْلِمُ بْنُ سَالِمٍ الْهَمْدَانِيُّ، ضَبَطَهُ الْأَصِيلِيُّ بِالسُّكُونِ وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَفِي بَعْضِ نُسَخِ النَّسَفِيِّ بِالْفَتْحِ وَالْإِعْجَامِ، وَهُوَ وَهْمٌ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: هَذَا اللَّفْظُ وَقَعَ فِي الْبُخَارِيِّ عَلَى الْوَهْمِ، وَالصَّوَابُ النَّهْدِيُّ الْجُهَنِيُّ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 819 النَّوْعُ الرَّابِعُ وَالْخَمْسُونَ: الْمُتَّفِقُ وَالْمُفْتَرِقُ: هُوَ مُتَّفِقٌ خَطًّا وَلَفْظًا وَلِلْخَطِيبِ فِيهِ كِتَابٌ نَفِيسٌ. وَهُوَ أَقْسَامٌ: الْأَوَّلُ: مَنِ اتَّفَقَتْ أَسْمَاؤُهُمْ وَأَسْمَاءُ آبَائِهِمْ، كَالْخَلِيلِ بْنِ أَحْمَدَ سِتَّةٌ: أَوَّلُهُمْ: شَيْخُ سِيبَوَيْهِ وَلَمْ يُسَمَّ أَحَدٌ أَحْمَدَ بَعْدَ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْلَ أَبِي الْخَلِيلِ هَذَا. الثَّانِي: أَبُو بِشْرٍ الْمُزَنِيُّ الْبَصْرِيُّ. الثَّالِثُ: أَصْبَهَانِيُّ. الرَّابِعُ: أَبُو سَعِيدٍ السِّجْزِيُّ الْقَاضِي الْحَنَفِيُّ. الْخَامِسُ: أَبُو سَعِيدٍ الْبُسْتِيُّ الْقَاضِي، رَوَى عَنْهُ الْبَيْهَقِيُّ. السَّادِسُ: أَبُو سَعِيدٍ الْبُسْتِيُّ الشَّافِعِيُّ، رَوَى عَنْهُ أَبُو الْعَبَّاسِ الْعُذْرِيُّ. (النَّوْعُ الرَّابِعُ وَالْخَمْسُونَ: الْمُتَّفِقُ وَالْمُفْتَرِقُ) مِنَ الْأَسْمَاءِ وَالْأَنْسَابِ وَنَحْوِهَا، (وَهُوَ مُتَّفِقٌ خَطًّا وَلَفْظًا) ، وَافْتَرَقَتْ مُسَمَّيَاتُهُ، (وَلِلْخَطِيبِ فِيهِ كِتَابٌ نَفِيسٌ) عَلَى إِعْوَازٍ فِيهِ. وَإِنَّمَا يَحْسُنُ إِيرَادُ ذَلِكَ، فِيمَا إِذَا اشْتَبَهَ الرَّاوِيَانِ الْمُتَّفِقَانِ فِي الِاسْمِ لِكَوْنِهِمَا مُتَعَاصِرَيْنِ، وَاشْتَرَكَا فِي بَعْضِ شُيُوخِهِمَا، أَوْ فِي الرُّوَاةِ عَنْهُمَا، وَقَدْ زَلِقَ بِسَبَبِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْأَكَابِرِ. (وَهُوَ أَقْسَامٌ: الْأَوَّلُ: مَنِ اتَّفَقَتْ أَسْمَاؤُهُمْ، وَأَسْمَاءُ آبَائِهِمْ، كَالْخَلِيلِ بْنِ أَحْمَدَ، سِتَّةٌ: أَوَّلُهُمْ: (شَيْخُ سِيبَوَيْهِ) صَاحِبُ النَّحْوِ، وَالْعَرُوضِ، بَصْرِيٌّ،   [تدريب الراوي] وَهَذَا آخِرُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ كَابْنِ الصَّلَاحِ مِنَ الْأَمْثِلَةِ. قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: هَذِهِ جُمْلَةٌ لَوْ رَحَلَ الطَّالِبُ فِيهَا لَكَانَتْ رِحْلَةً رَابِحَةً، وَيَحِقُّ عَلَى الْحَدِيثِيِّ إِيدَاعُهَا فِي سُوَيْدَاءِ قَلْبِهِ. [النوع الرَّابِعُ وَالْخَمْسُونَ الْمُتَّفِقُ وَالْمُفْتَرِقُ] [القسم الأول مَنِ اتَّفَقَتْ أَسْمَاؤُهُمْ وَأَسْمَاءُ آبَائِهِمْ] (الثَّانِي) مِنَ الْأَقْسَامِ (مَنِ اتَّفَقَتْ أَسْمَاؤُهُمْ، وَأَسْمَاءُ آبَائِهِمْ، وَأَجْدَادِهِمْ) قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: أَوْ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ. (كَأَحْمَدَ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ أَرْبَعَةٌ، كُلُّهُمْ يَرْوُونَ عَمَّنْ يُسَمَّى عَبْدَ اللَّهِ، وَ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 820 رَوَى عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ وَآخِرِينَ، وُلِدَ سَنَةَ مِائَةٍ وَمَاتَ سَنَةَ مِائَةٍ وَسَبْعِينَ، وَقِيلَ: بِضْعٍ وَسِتِّينَ. (وَلَمْ يُسَمَّ أَحَدٌ أَحْمَدَ، بَعْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْلَ أَبِي الْخَلِيلِ هَذَا) ، قَالَهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ. وَقَالَ الْمُبَرِّدُ: فَتَّشَ الْمُفَتِّشُونَ فَمَا وَجَدُوا بَعْدَ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنِ اسْمُهُ أَحْمَدُ قَبْلَ أَبِي الْخَلِيلِ. قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَاعْتُرِضَ ذَلِكَ بِأَبِي السَّفَرِ سَعْدِ بْنِ أَحْمَدَ، فَقَدْ سَمَّاهُ بِذَلِكَ ابْنُ مَعِينٍ، وَهُوَ أَقْدَمُ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ الْعِلْمِ قَالُوا فِيهِ: يَحْمَدُ بِالْيَاءِ. وَذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ أَنَّ لِجَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَلَدًا اسْمُهُ أَحْمَدُ، وَلَدَتْهُ لَهُ أَسْمَاءُ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ. قَالَ الذَّهَبِيُّ: وَقَدْ تَفَرَّدَ بِهِ.   [تدريب الراوي] . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 821 وَذَكَرَ النَّسَائِيُّ أَنَّ أَبَا عَمْرِو بْنَ حَفْصِ بْنِ الْمُغِيرَةِ الصَّحَابِيَّ زَوْجَ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ اسْمُهُ أَحْمَدُ، لَكِنْ ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ فِيمَنْ لَا يُعْرَفُ اسْمُهُ. وَمِنَ الْأَقْوَالِ فِي سَفِينَةَ: أَنَّ اسْمَهُ أَحْمَدُ. (الثَّانِي أَبُو بِشْرٍ الْمُزَنِيُّ الْبَصْرِيُّ) حَدَّثَ عَنِ: الْمُسْتَنِيرِ بْنِ أَخْضَرَ، وَعَنْهُ: الْعَبَّاسُ الْعَنْبَرِيُّ. قَالَ الْخَطِيبُ: وَرَأَيْتُ شَيْخًا مِنْ شُيُوخِ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ يُشَارُ إِلَيْهِ بِالْفَهْمِ وَالْمَعْرِفَةِ، [قَدْ] جَمَعَ أَخْبَارَ الْخَلِيلِ الْعَرُوضِيِّ، وَمَا رُوِيَ عَنْهُ، فَأَدْخَلَ فِي جَمْعِهِ أَخْبَارَ الْخَلِيلِ هَذَا، وَلَوْ أَمْعَنَ النَّظَرَ، لِعَلِمَ أَنَّ ابْنَ أَبِي سُمَيَّةَ، وَالْمُسْنَدِيَّ، وَعَبَّاسًا الْعَنْبَرِيَّ يَصْغُرُونَ عَنْ إِدْرَاكِ الْخَلِيلِ الْعَرُوضِيِّ. (الثَّالِثُ: أَصْبِهَانِيٌّ) قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: رُوِيَ عَنْ رَوْحِ بْنِ عُبَادَةَ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: سَبَقَ إِلَى ذِكْرِ هَذَا ابْنُ الْجَوْزِيِّ وَأَبُو الْفَضْلِ الْهَرَوِيُّ، وَهُوَ وَهْمٌ، إِنَّمَا هُوَ الْخَلِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعِجْلِيُّ، يُكَنَّى أَبَا الْعَبَّاسِ، وَقِيلَ: أَبُو مُحَمَّدٍ،   [تدريب الراوي] . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 822 هَكَذَا سَمَّاهُ أَبُو الشَّيْخِ ابْنُ حِبَّانَ فِي طَبَقَاتِ الْأَصْبَهَانِيِّينَ، وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي تَارِيخِ أَصْبَهَانَ، وَرَوَى فِي تَرْجَمَتِهِ أَحَادِيثَ عَنْ رَوْحٍ وَغَيْرِهِ. قَالَ: وَلَمْ أَرَ أَحَدًا مِنَ الْأَصْبَهَانِيِّينَ يُسَمَّى الْخَلِيلَ بْنَ أَحْمَدَ، بَلْ لَمْ يَذْكُرْ أَبُو نُعَيْمٍ مَنِ اسْمُهُ الْخَلِيلُ غَيْرَ الْعِجْلِ هَذَا. قَالَ: فَيَجْعَلُ مَكَانَ هَذَا الْخَلِيلَ بْنَ أَحْمَدَ الْبَصْرِيَّ، الَّذِي يَرْوِي عَنْ عِكْرِمَةَ، ذَكَرَهُ أَبُو الْفَضْلِ الْهَرَوِيُّ إِنْ لَمْ يَكُنْ هُوَ الْعَرُوضِيُّ، فَإِنْ كَانَ فَالْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ الْبَغْدَادِيُّ الرَّاوِي عَنْ سَيَّارِ بْنِ حَاتِمٍ، أَوِ الْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ أَبُو الْقَاسِمِ الْمِصْرِيُّ، رَوَى عَنْهُ الْحَافِظَ أَبُو الْقَاسِمِ بْنِ الطَّحَّانِ، أَوْ أَبُو طَاهِرٍ الْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ الْجَوْسَقِيُّ، سَمِعَ مِنْ شُهْدَةَ، وَرَوَى عَنْهُ ابْنَ النَّجَّارِ. (الرَّابِعُ: أَبُو سَعِيدٍ السِّجْزِيُّ الْقَاضِي) بِسَمَرْقَنْدَ (الْحَنَفِيُّ) ، حَدَّثَ عَنِ ابْنِ خُزَيْمَةَ وَابْنِ صَاعِدٍ وَالْبَغَوِيِّ، وَعَنْهُ الْحَاكِمُ مَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَمَانِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ. (الْخَامِسُ: أَبُو سَعِيدٍ الْبُسْتِيُّ الْقَاضِي) الْمُهَلَّبِيُّ، سَمِعَ مِنَ الْخَلِيلِ السِّجْزِيِّ الْمَذْكُورِ قَبْلَهُ، وَأَحْمَدَ بْنِ الْمُظَفَّرِ الْبِكْرِيِّ، (رَوَى عَنْهُ الْبَيْهَقِيُّ) . (السَّادِسُ: أَبُو سَعِيدٍ الْبُسْتِيُّ الشَّافِعِيُّ) فَاضِلٌ مُتَصَرِّفٌ فِي عُلُومٍ، دَخَلَ الْأَنْدَلُسَ وَحَدَّثَ عَنْ أَبِي حَامِدٍ الْإِسْفَرَايِينِيِّ، (رَوَى عَنْهُ أَبُو الْعَبَّاسِ) أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ (الْعُذْرِيُّ) .   [تدريب الراوي] . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 823 قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَأَخْشَى أَنْ يَكُونَ هَذَا هُوَ الَّذِي قَبْلَهُ، فَيُحَرَّرُ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا غَيْرُ ابْنِ الصَّلَاحِ، فَإِنْ كَانَا وَاحِدًا فَيُعَوِّضُ وَاحِدًا مِمَّا تَقَدَّمَ، وَمِمَّنْ يُسَمَّى بِذَلِكَ الْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْقَاضِي، أَبُو سَعِيدٍ السِّجْزِيُّ الْحَنَفِيُّ، رَوَى عَنْهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْفَارِسِيُّ. قَالَ: وَهَذَا غَيْرُ السِّجْزِيِّ السَّابِقِ، فَإِنَّ ذَلِكَ اسْمُ جَدِّهِ الْخَلِيلِ، ذَكَرَهُ الْحَاكِمُ فِي تَارِيخِ نَيْسَابُورَ، وَهَذَا جَدُّهُ إِسْمَاعِيلُ، ذَكَرَهُ عَبْدُ الْغَافِرِ فِي ذَيْلِهِ عَلَيْهِ. وَالْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ أَبُو سُلَيْمَانَ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ الْخَالِدِيُّ، سَمِعَ خَلَائِقَ وَمَاتَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَخَمْسِمِائَةٍ، ذَكَرَهُ عَبْدُ الْغَافِرِ. فَائِدَتَانِ الْأُولَى: وَقَعَ فِي النَّوْعِ التَّاسِعِ وَالْمِائَةِ مِنَ الْقِسْمِ الثَّانِي مِنْ صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ: أَخْبَرَنَا الْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ بِوَاسِطَ، ثَنَا جَابِرُ بْنُ الْكُرْدِيِّ، فَذَكَرَ حَدِيثًا. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا تَغْيِيرٌ مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ، وَإِنَّمَا هُوَ الْخَلِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ،   [تدريب الراوي] . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 824 فَإِنَّهُ سَمِعَ عِدَّةَ أَحَادِيثَ بِوَاسِطَ مُتَفَرِّقَةً فِي أَنْوَاعِ الْكِتَابِ. الثَّانِيَةُ: مِنْ أَمْثِلَةِ هَذَا الْقِسْمِ: أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، عَشْرَةٌ، رَوَى مِنْهُمُ الْحَدِيثَ خَمْسَةٌ: الْأُولَى: خَادِمُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْصَارِيٌّ نَجَّارِيٌّ، يُكَنَّى أَبَا حَمْزَةَ نَزَلَ الْبَصْرَةَ. وَالثَّانِي: كَعْبِيٌّ قُشَيْرِيٌّ، يُكَنَّى أَبَا أُمَيَّةَ نَزَلَ الْبَصْرَةَ أَيْضًا، لَيْسَ لَهُ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَّا حَدِيثَ ( «إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنِ الْمُسَافِرِ الصِّيَامَ وَشَطْرَ الصَّلَاةِ» ) أَخْرَجَهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ. وَالثَّالِثُ: أَبُو مَالِكٍ الْفَقِيهُ. وَالرَّابِعُ: حِمْصِيٌّ. وَالْخَامِسُ: كُوفِيٌّ. [القسم الثاني مَنِ اتَّفَقَتْ أَسْمَاؤُهُمْ وَأَسْمَاءُ آبَائِهِمْ وَأَجْدَادِهِمْ] الثَّانِي - مَنِ اتَّفَقَتْ أَسْمَاؤُهُمْ وَأَسْمَاءُ آبَائِهِمْ وَأَجْدَادِهِمْ كَأَحْمَدَ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ أَرْبَعَةٌ كُلُّهُمْ يَرْوُونَ عَمَّنْ يُسَمَّى عَبْدَ اللَّهِ وَفِي عَصْرٍ وَاحِدٍ. أَحَدُهُمْ: الْقِطِيعِيُّ أَبُو بَكْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ. الثَّانِي: السَّقَطِيُّ أَبُو بَكْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ الدَّوْرَقِيِّ. الثَّالِثُ: دِينَوَرِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ بْنِ سِنَانٍ. الرَّابِعُ: طَرَسُوسِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَابِرٍ الطَّرَسُوسِيِّ، مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ يُوسُفَ النَّيْسَابُورِيُّ اثْنَانِ فِي عَصْرٍ، رَوَى عَنْهُمَا الْحَاكِمُ. أَحَدُهُمَا: أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ. وَالثَّانِي: أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْأَخْرَمُ الْحَافِظُ.   [تدريب الراوي] . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 825 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] كُلُّهُمْ (فِي عَصْرٍ وَاحِدٍ. أَحَدُهُمْ: الْقَطِيعِيُّ، أَبُو بَكْرٍ) الْبَغْدَادِيُّ، يَرْوِي (عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ) الْمُسْنَدَ وَغَيْرَهُ، وَعَنْهُ: أَبُو نُعَيْمٍ الْأَصْبَهَانِيُّ، مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلَاثِمِائَةٍ. (الثَّانِي: السَّقَطِيُّ، أَبُو بَكْرٍ) الْبَصْرِيُّ، يَرْوِي (عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ الدَّوْرَقِيِّ) . وَعَنْهُ: أَبُو نُعَيْمٍ أَيْضًا، مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلَاثِمِائَةٍ. (الثَّالِثُ: دِينَوَرِيٌّ) ، يَرْوِي (عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ) ، صَاحِبِ مُحَمَّدِ بْنِ كَثِيرٍ صَاحِبِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَعَنْهُ: عَلِيُّ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ شَاذَانَ الرَّازِيُّ. (الرَّابِعُ: طَرْسُوسِيُّ) يُكَنَّى: أَبَا الْحَسَنِ، يَرْوِي (عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَابِرٍ الطَّرْسُوسِيُّ) ، وَعَنْهُ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ الْخَضِيبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْخَضِيبِيُّ. وَمِنْ ذَلِكَ: (مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ يُوسُفَ النَّيْسَابُورِيُّ، اثْنَانِ فِي عَصْرٍ، رَوَى عَنْهُمَا) أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (الْحَاكِمُ: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 826 وَالثَّالِثُ: مَا اتَّفَقَ فِي الْكُنْيَةِ وَالنِّسْبَةِ كَأَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، اثْنَانِ: عَبْدُ الْمَلِكِ التَّابِعِيُّ، وَمُوسَى بْنُ سَهْلٍ الْبَصْرِيُّ. وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ ثَلَاثَةٌ: الْقَارِئُ، وَالْحِمْصِيُّ، وَعَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ، وَالسُّلَمِيُّ الْبَاجَدَّائِيُّ.   [تدريب الراوي] أَحَدُهُمَا: أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ) . (وَالثَّانِي: أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ الْأَخْرَمِ) . قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَيُعْرَفُ بِالْحَافِظِ دُونَ الْأَوَّلِ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَمِنْ غَرَائِبِ الِاتِّفَاقِ فِي ذَلِكَ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ ثَلَاثَةٌ مُتَعَاصِرُونَ، مَاتُوا فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ، وَكُلُّهُمْ فِي عَصْرِ الْمِائَةِ، وَهُمْ: أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْهَيْثَمِ الْأَنْبَارِيُّ. وَالْحَافِظُ أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَطَرٍ النَّيْسَابُورِيُّ. وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ كِنَانَةَ الْبَغْدَادِيُّ، مَاتُوا سَنَةَ سِتِّينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ. [القسم الثالث مَا اتَّفَقَ فِي الْكُنْيَةِ وَالنِّسْبَةِ مَعًا] (وَالثَّالِثُ) مِنْ أَقْسَامِ: (مَا اتَّفَقَ فِي الْكُنْيَةِ، وَالنِّسْبَةِ) مَعًا، (كَأَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ اثْنَانِ) : أَحَدُهُمَا: (عَبْدُ الْمَلِكِ) بْنُ حَبِيبٍ الْجَوْنِيُّ، (التَّابِعِيُّ) ، وَسَمَّاهُ الْفَلَّاسُ: عَبْدَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 827 الرَّابِعُ: عَكْسُهُ كَصَالِحِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ أَرْبَعَةٌ، مَوْلَى التَّوْأَمَةِ، وَالَّذِي أَبَوْهُ أَبُو صَالِحٍ السَّمَّانُ، وَالسَّدُوسِيُّ عَنْ عَلِيٍّ وَعَائِشَةَ، وَمَوْلَى عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ.   [تدريب الراوي] الرَّحْمَنِ، وَلَمْ يُتَابَعْ عَلَيْهِ، مَاتَ سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. (وَ) وَالْآخَرُ: مُوسَى بْنُ سَهْلِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ (الْبَصْرِيُّ) ، مُتَأَخِّرُ الطَّبَقَةِ، رَوَى عَنِ: الرَّبِيعِ بْنِ سُلَيْمَانَ، وَعَنْهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ وَالطَّبَرَانِيُّ. (وَ) مِنْ ذَلِكَ (أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ ثَلَاثَةٌ) : أَحَدُهُمْ: (الْقَارِئُ. وَ) الثَّانِي: (الْحِمْصِيُّ) الَّذِي رَوَى (عَنْ: جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ) الْهَاشِمِيِّ. قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَهُوَ مَجْهُولٌ، وَجَعْفَرٌ غَيْرُ ثِقَةٍ. (وَ) الثَّالِثُ: (السُّلَمِيُّ الْبَاجَدَّائِيُّ) ، صَاحِبُ غَرِيبِ الْحَدِيثِ، وَاسْمُهُ حُسَيْنٌ، مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَمِائَتَيْنِ. وَأَفْرَدَ الْعِرَاقِيُّ هَذَا الْمِثَالَ بِقِسْمٍ، وَهُوَ مَا اتَّفَقَ فِيهِ الْكُنْيَةُ وَاسْمُ الْأَبِ. [القسم الرابع مَا اتَّفَقَ فِيهِ الِاسْمُ وَكَنَّى الْأَبَ] (الرَّابِعُ) مِنَ الْأَقْسَامِ (عَكْسُهُ) ، بِأَنِ اتَّفَقَ فِيهِ الِاسْمُ، وَكَنَّى الْأَبَ، (كَصَالِحِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ: أَرْبَعَةٌ) تَابِعِيُّونَ: أَحَدُهُمْ: (مَوْلَى التَّوْأَمَةِ) ، وَاسْمُ أَبِيهِ: نَبْهَانُ، وَكُنْيَتُهُ أَبُو مُحَمَّدٍ، مَدَنِيٌّ رَوَى عَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَنَسٍ، وَغَيْرِهِمْ، مُخْتَلَفٌ فِي الِاحْتِجَاجِ بِهِ، وَالتَّوْأَمَةُ بِنْتُ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ الْجُمَحِيِّ. (وَ) الثَّانِي: (الَّذِي أَبَوْهُ أَبُو صَالِحٍ) ذَكْوَانُ (السَّمَّانُ) ، مَدَنِيٌّ، يُكَنَّى: أَبَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 828 الْخَامِسُ: مَنِ اتَّفَقَتْ أَسْمَاؤُهُمْ وَأَسْمَاءُ آبَائِهِمْ وَأَنْسَابُهُمْ كَمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ الْقَاضِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ الْبُخَارِيُّ، وَالثَّانِي أَبُو سَلَمَةَ ضَعِيفٌ.   [تدريب الراوي] عَبْدِ الرَّحْمَنِ، رَوَى عَنْ: أَنَسٍ، وَأَخْرَجَ لَهُ مُسْلِمٌ. (وَ) الثَّالِثُ: (السَّدُوسُيُّ) ، رَوَى (عَنْ: عَلِيٍّ، وَعَائِشَةَ) ، وَعَنْهُ: خَلَّادُ بْنُ عُمَرَ، وَذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ فِي التَّارِيخِ، وَابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ. (وَ) الرَّابِعُ: (مَوْلَى عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ) ، وَاسْمُ أَبِيهِ: مِهْرَانُ، رَوَى عَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَنْهُ: أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ فِي التَّارِيخِ، وَضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَجَهَّلَهُ. وَلَهُمْ خَامِسٌ: أَسَدِيٌّ، رَوَى عَنِ: الشَّعْبِيِّ، وَعَنْهُ: زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، وَأَخْرَجَ لَهُ النَّسَائِيُّ. [القسم الخامس مَنِ اتَّفَقَتْ أَسْمَاؤُهُمْ وَأَسْمَاءُ آبَائِهِمْ وَأَنْسَابُهُمْ] (الْخَامِسُ) مِنَ الْأَقْسَامِ: (مَنِ اتَّفَقَتْ أَسْمَاؤُهُمْ، وَأَسْمَاءُ آبَائِهِمْ، وَأَنْسَابُهُمْ، كَمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ، اثْنَانِ مُتَقَارِبَانِ فِي الطَّبَقَةِ: أَحَدُهُمَا: (الْقَاضِي الْمَشْهُورُ) الْبَصْرِيُّ، الَّذِي رَوَى (عَنْهُ: الْبُخَارِيُّ) وَالنَّاسُ، وَجَدُّهُ الْمُثَنَّى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، مَاتَ سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ وَمِائَتَيْنِ. (وَالثَّانِي: أَبُو سَلَمَةَ، ضَعِيفٌ) وَاسْمُ جَدِّهِ زِيَادٌ، وَهُوَ بَصْرِيٌّ أَيْضًا: وَلَهُمْ ثَالِثٌ: جَدُّهُ خَضِرُ بْنُ هِشَامِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، رَوَى عَنْهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَوَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 829 السَّادِسُ: فِي الِاسْمِ أَوِ الْكُنْيَةِ كَحَمَّادٍ. وَعَبْدُ اللَّهِ وَشِبْهُهُ، قَالَ سَلَمَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ: إِذَا قِيلَ بِمَكَّةَ عَبْدُ اللَّهِ فَهْوَ ابْنُ الزُّبَيْرِ، أَوْ بِالْمَدِينَةِ فَابْنُ عُمَرَ، وَبِالْكُوفَةِ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَبِالْبَصْرَةِ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَبِخُرَاسَانَ ابْنُ الْمُبَارَكِ. وَقَالَ الْخَلِيلِيُّ: إِذَا قَالَهُ الْمِصْرِيُّ فَابْنُ عَمْرٍو وَالْمَكِّيُّ فَابْنُ عَبَّاسٍ. وَقَالَ بَعْضُ الْحُفَّاظِ: إِنَّ شُعْبَةَ يَرْوِي عَنْ سَبْعَةٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ كُلُّهُمْ أَبُو حَمْزَةَ بِالْحَاءِ وَالزَّايِ إِلَّا أَبَا جَمْرَةَ بِالْجِيمِ وَالرَّاءِ نَصْرَ بْنَ عِمْرَانَ الضُّبَعِيَّ، وَأَنَّهُ إِذَا أَطْلَقَهُ فَهُوَ بِالْجِيمِ.   [تدريب الراوي] وَرَابِعٌ: جَدُّهُ زَيْدُ بْنُ عَبْدِ رَبِّهِ الْأَنْصَارِيُّ، ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي ثِقَاتِ التَّابِعِينَ. [القسم السادس أَنْ يَتَّفِقَا فِي الِاسْمِ فَقَطْ أَوِ الْكُنْيَةِ فَقَطْ وَيَقَعُ ذِكْرُهُ فِي السَّنَدِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ أَبِيهِ أَوْ نِسْبَةٍ تُمَيِّزُهُ] (السَّادِسُ) مِنَ الْأَقْسَامِ: أَنْ يَتَّفِقَا (فِي الِاسْمِ) فَقَطْ، (أَوِ الْكُنْيَةِ فَقَطْ، وَيَقَعُ ذِكْرُهُ فِي السَّنَدِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ أَبِيهِ، أَوْ نِسْبَةٍ تُمَيِّزُهُ، كَحَمَّادٍ) لَا يُدْرَى هَلْ هُوَ ابْنُ زَيْدٍ أَوِ ابْنُ سَلَمَةَ، وَيُعْرَفُ بِحَسَبِ مَنْ رَوَى عَنْهُ. فَإِنْ كَانَ سُلَيْمَانَ بْنَ حَرْبٍ، أَوْ عَارِمًا، فَالْمُرَادُ ابْنُ زَيْدٍ، قَالَهُ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ، وَالرَّامَهُرْمُزِيُّ، وَالْمِزِّيُّ. أَوْ مُوسَى بْنَ إِسْمَاعِيلَ التَّبُوذَكِيَّ، فَابْنُ سَلَمَةَ، قَالَهُ الرَّامَهُرْمُزِيُّ. لَكِنْ قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: إِنَّهُ لَا يَرْوِي إِلَّا عَنْهُ، فَلَا إِشْكَالَ حِينَئِذٍ. وَرَوَى الذُّهْلِيُّ، عَنْ عَفَّانَ قَالَ: إِذَا قُلْتُ لَكُمْ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، وَلَمْ أَنْسُبْهُ، فَهُوَ ابْنُ سَلَمَةَ. وَكَذَا إِذَا أَطْلَقَهُ حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، أَوْ هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، ذَكَرَهُ الْمِزِّيُّ. وَمِمَّنِ انْفَرَدَ بِالرِّوَايَةِ عَنِ ابْنِ زَيْدٍ: أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمَوْصِلِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْحَرَّانِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ الضَّبِّيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ الْعِجْلِيُّ، وَأَزْهَرُ بْنُ مَرْوَانَ الرَّقَاشِيُّ، وَإِسْحَاقُ بْنُ أَبِي إِسْرَائِيلَ، وَإِسْحَاقُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 830 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] بْنُ عِيسَى الطَّبَّاعُ، وَالْأَشْعَثُ بْنُ إِسْحَاقَ، وَبِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، وَجُبَارَةُ بْنُ الْمُغَلِّسِ، وَحَامِدُ بْنُ عَمْرٍو الْبَكْرَاوِيُّ، وَالْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، وَالْحُسَيْنُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَحَفْصُ بْنُ عُمَرَ الْحَوْضِيُّ، وَحَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ، وَحُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ، وَحَوْثَرَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمِنْقَرِيُّ، وَخَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ، وَخَلَفُ بْنُ هِشَامٍ الْبَزَّارُ، وَدَاوُدُ بْنُ عَمْرٍو، وَدَاوُدُ بْنُ مُعَاذٍ، وَزَكَرِيَّا بْنُ عَدِيٍّ، وَسَعِيدُ بْنُ عَمْرٍو الْأَشْعَثِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَسَعِيدُ بْنُ يَعْقُوبَ الطَّالْقَانِيُّ، وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الزَّهْرَانِيُّ، وَصَالِحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التِّرْمِذِيُّ، وَالصَّلْتُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْخَارِكِيُّ، وَالضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ النَّبِيلُ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْجَرَّاحِ الْقُهُسْتَانِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ التَّمَّارُ الْوَاسِطِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ الْحَجَبِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْمُبَارَكِ الْعَنْسِيُّ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُغِيرَةِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ السَّرَخْسِيُّ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ، وَعَلِيُّ ابْنُ الْمَدِينِيِّ، وَعُمَرُ بْنُ زَيْدٍ السَّيَّارِيُّ، وَعُمَرُ بْنُ عَوْفٍ الْوَاسِطِيُّ، وَعِمْرَانُ بْنُ مُوسَى الْقَزَّازُ، وَغَسَّانُ بْنُ الْفَضْلِ السِّجِسْتَانِيُّ، وَفَضْلُ بْنُ عَبَدَ الْوَهَّابِ الْقَنَّادُ، وَفِطْرُ بْنُ حَمَّادٍ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَلَيْثُ بْنُ حَمَّادٍ الصَّفَارُ، وَلَيْثُ بْنُ خَالِدٍ الْبَلْخِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ السُّكَّرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ زُنْبُورٍ الْمَكِّيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ الزِّيَادِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ لُوَيْنٌ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ حَسَّانَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ الطَّبَّاعِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الْحَرَشِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ النَّضِرِ بْنِ مُسَاوِرٍ الْمَرْوَزِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي نُعَيْمٍ الْوَاسِطِيُّ، وَمَخْلَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيُّ، وَمَخْلَدُ بْنُ خِدَاشٍ الْبَصْرِيُّ، وَمُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ، وَمُعَلَّى بْنُ مَنْصُورٍ الرَّازِيُّ، وَمَهْدِيُّ بْنُ حَفْصٍ، وَهِلَالُ بْنُ بِشْرٍ، وَالْهَيْثَمُ بْنُ سَهْلٍ التُّسْتَرِيُّ وَهُوَ آخِرُ مَنْ رَوَى عَنْهُ، وَوَهْبُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ، وَيَحْيَى بْنُ بَحْرٍ الْكِرْمَانِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ حَبِيبِ بْنِ عَرَبِيٍّ، وَيَحْيَى بْنُ دُرُسْتَ الْبَصْرِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ الْمِصْرِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى النَّيْسَابُورِيُّ، وَيُوسُفُ بْنُ حَمَّادٍ الْمَعْنِيُّ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 831 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَمِمَّنِ انْفَرَدَ بِالرِّوَايَةِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَجَّاجِ الشَّامِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي سُوَيْدٍ الذَّارِعُ، وَأَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيُّ، وَآدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ أَبِي عُمَرَ بْنِ سَلِيطٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ السَّلُولِيُّ، وَأَسَدُ بْنُ مُوسَى، وَبِشْرُ بْنُ السَّرِيِّ، وَبِشْرُ بْنُ عُمَرَ الزَّهْرَانِيُّ، وَبَهْزُ بْنُ أَسَدٍ، وَحَيَّانُ بْنُ هِلَالٍ، وَالْحَسَنُ بْنُ بِلَالٍ، وَالْحَسَنُ بْنُ مُوسَى الْأَشْيَبُ، وَالْحُسَيْنُ بْنُ عُرْوَةَ، وَخَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ، وَدَاوُدُ بْنُ شَبِيبٍ، وَزَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، وَزَيْدُ بْنُ أَبِي الزَّرْقَاءِ، وَشُرَيْحُ بْنُ النُّعْمَانِ، وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ الْبَصْرِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ يَحْيَى اللَّخْمِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، وَشُعْبَةُ، وَشِهَابُ بْنُ مَعْمَرٍ الْبَلْخِيُّ، وَطَالُوتُ بْنُ عَبَّادٍ، وَالْعَبَّاسُ بْنُ بَكَّارٍ الضَّبِّيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ الْعِجْلِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَلَّامٍ الْجُمَحِيُّ، وَعَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ حَسَّانَ، وَعَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ، وَعَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ دَاوُدَ الْحَرَّانِيُّ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ جُرَيْجٍ، وَهُوَ مِنْ شُيُوخِهِ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَأَبُو نَصْرٍ التَّمَّارُ، وَعَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ غِيَاثٍ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَبْسِيُّ، وَعَمْرُو بْنُ خَالِدٍ الْحَرَّانِيُّ، وَعَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلَابِيُّ، وَالْعَلَاءُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، وَغَسَّانُ بْنُ الرَّبِيعِ، وَأَبُو نُعَيْمٍ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، وَالْفَضْلُ بْنُ عَنْبَسَةَ الْوَاسِطِيُّ، وَقَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ، وَقُرَيْشُ بْنُ أَنَسٍ، وَكَامِلُ بْنُ طَلْحَةَ الْجَحْدَرِيُّ، وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَهُوَ مِنْ أَقْرَانِهِ. وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، وَهُوَ مِنْ شُيُوخِهِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ الْبُرْسَانِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْخُزَاعِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الْمِصِّيصِيُّ، وَمُسْلِمُ بْنُ أَبِي عَاصِمٍ النَّبِيلِ، وَأَبُو كَامِلٍ مُظَفَّرُ بْنُ مُدْرِكٍ، وَمُعَاذُ بْنُ خَالِدِ بْنِ شَقِيقٍ، وَمُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ، وَمُهَنَّأُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، وَمُوسَى بْنُ دَاوُدَ الضَّبِّيُّ، وَالنَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، وَالنَّضْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجَرْشِيُّ، وَالنُّعْمَانُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَهِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الطَّيَالِسِيُّ، وَالْهَيْثَمُ بْنُ جَمِيلٍ، وَيَحْيَى بْنُ إِسْحَاقَ السَّيْلَحِينِيُّ، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 832 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَيَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ الشَّيْبَانِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ الضُّرَيْسِ الرَّازِيُّ، وَيَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيُّ، وَأَبُو سَعِيدٍ مَوْلَى ابْنِ هَاشِمٍ. ذَكَرَ الْمِزِّيُّ فِي تَهْذِيبِهِ. (وَ) مِنْ ذَلِكَ إِذَا أُطْلِقَ (عَبْدُ اللَّهِ وَشِبْهُهُ. قَالَ سَلَمَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ: إِذَا قِيلَ: بِمَكَّةَ عَبْدُ اللَّهِ فَهُوَ ابْنُ الزُّبَيْرِ، أَوْ) إِذَا قِيلَ: (بِالْمَدِينَةِ فَابْنُ عُمَرَ، وَ) إِذَا قِيلَ: (بِالْكُوفَةِ) فَهُوَ (ابْنُ مَسْعُودٍ، وَ) إِذَا قِيلَ: (بِالْبَصْرَةِ) فَهُوَ (ابْنُ عَبَّاسٍ، وَ) إِذَا قِيلَ: (بِخُرَاسَانَ) فَهُوَ (ابْنُ الْمُبَارَكِ. وَقَالَ الْخَلِيلِيُّ) فِي الْإِرْشَادِ: (إِذَا قَالَهُ الْمِصْرِيُّ فَابْنُ عَمْرِو) بْنِ الْعَاصِ (أَوِ الْمَكِّيُّ فَابْنُ عَبَّاسٍ) ، أَوِ الْكُوفِيُّ فَابْنُ مَسْعُودٍ، أَوِ الْمَدَنِيُّ فَابْنُ عُمَرَ. وَقَالَ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ: إِذَا قَالَ الشَّامِيُّ: عَبْدُ اللَّهِ، فَابْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، أَوِ الْمَدَنِيُّ فَابْنُ عُمَرَ. قَالَ الْخَطِيبُ: وَهَذَا الْقَوْلُ صَحِيحٌ، وَكَذَا يَفْعَلُ بَعْضُ الْبَصْرِيِّينَ فِي ابْنِ عَمْرٍو. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 833 السَّابِعُ: فِي النِّسْبَةِ كَالْآمُلِيِّ. قَالَ السَّمْعَانِيُّ: أَكْثَرُ عُلَمَاءِ طَبْرِسْتَانَ مِنْ آمُلِهَا. وَشُهِرَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى آمُلِ جَيْحُونَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَمَّادٍ شَيْخُ الْبُخَارِيِّ، وَخُطِّئَ، أَبُو عَلِيٍّ الْغَسَّانِيُّ، ثُمَّ الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي قَوْلِهِمَا إِنَهُ إِلَى آمُلِ طَبْرِسْتَانَ. وَمِنْ ذَلِكَ الْحَنَفِيُّ إِلَى بَنِي حَنِيفَةَ، وَإِلَى الْمَذْهَبِ، وَكَثِيرٌ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ يَنْسُبُونَ إِلَى الْمَذْهَبِ حَنِيفِيٌّ بِزِيَادَةِ يَاءٍ، وَوَافَقَهُمْ مِنَ النَّحْوِيِّينَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ وَحْدَهُ. ثُمَّ مَا وُجِدَ مِنْ هَذَا الْبَابِ غَيْرَ مُبَيَّنٍ فَيُعْرَفُ بِالرَّاوِي أَوِ الْمَرْوِيِّ عَنْهُ أَوْ بِبَيَانِهِ فِي طَرِيقٍ آخَرَ.   [تدريب الراوي] (وَقَالَ بَعْضُ الْحُفَّاظِ: إِنَّ شُعْبَةَ يَرْوِي عَنْ سَبْعَةٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، كُلُّهُمْ) يُقَالُ لَهُ: (أَبُو حَمْزَةَ بِالْحَاءِ) الْمُهْمَلَةِ، (وَالزَّايِ إِلَّا أَبَا جَمْرَةَ بِالْجِيمِ وَالرَّاءِ نَصْرَ بْنَ عِمْرَانَ الضُّبَعِيَّ، فَإِنَّهُ إِذَا أَطْلَقَهُ فَهُوَ بِالْجِيمِ) نَصْرُ بْنُ عِمْرَانَ، وَإِذَا رَوَى عَنْ غَيْرِهِ ذَكَرَهُ بِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَرُبَّمَا أَطْلَقَ غَيْرَهُ أَيْضًا، مِثَالُهُ: مَا رَوَى أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، ثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: «مَرَّ بِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنَا أَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ، فَاخْتَبَأَتْ مِنْهُ خَلْفَ بَابٍ» . الْحَدِيثَ، فَهَذَا شُعْبَةُ قَدْ أَطْلَقَ الرِّوَايَةَ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، وَلَيْسَ هُوَ نَصْرَ بْنَ عِمْرَانَ إِنَّمَا هُوَ بِالْحَاءِ وَالزَّايِ: الْقَصَّابُ، وَاسْمُهُ عِمْرَانُ بْنُ أَبِي عَطَاءٍ كَمَا بَيَّنَهُ مُسْلِمٌ فِي رِوَايَتِهِ. قُلْتُ: وَالْخَمْسَةُ الْبَاقُونَ: أَبُو حَمْرَةَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ كَيْسَانَ. فَائِدَةٌ: صَنَّفَ الْخَطِيبُ فِي هَذَا الْقِسْمِ كِتَابًا مُفِيدًا سَمَّاهُ: " الْمُكَمِّلَ فِي بَيَانِ الْمُهْمَلِ "، وَأَفْرَدَ النَّاسُ التَّصْنِيفَ فِيمَا وَقَعَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ مِنْ ذَلِكَ. [القسم السابع أَنْ يَتَّفِقَا مِنْ حَيْثُ اللَّفْظِ وَيَفْتَرِقَا فِي الْمَنْسُوبِ إِلَيْهِ] (السَّابِعُ) مِنَ الْأَقْسَامِ: أَنْ يَتَّفِقَا (فِي النِّسْبَةِ) مِنْ حَيْثُ اللَّفْظِ، وَيَفْتَرِقَا فِي الْمَنْسُوبِ إِلَيْهِ، وَلِابْنِ طَاهِرٍ فِيهِ تَأْلِيفٌ حَسَنٌ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 834 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] (كَالْآمُلِيِّ: قَالَ) أَبُو سَعْدٍ (السَّمْعَانِيُّ: أَكْثَرُ عُلَمَاءِ طَبَرِسْتَانَ مِنْ آمُلِهَا. وَشُهِرَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى آمُلِ جَيْحُونَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَمَّادٍ) الْآمُلِيُّ، (شَيْخُ الْبُخَارِيِّ. وَخُطِّئَ أَبُو عَلِيٍّ الْغَسَّانِيُّ، ثُمَّ الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي قَوْلِهِمَا إِنَّهُ) مَنْسُوبٌ (إِلَى آمُلِ طَبَرِسْتَانَ. وَمِنْ ذَلِكَ الْحَنَفِيُّ) نِسْبَةً (إِلَى بَنِي حَنِيفَةَ) قَبِيلَةٌ، (وَإِلَى الْمَذْهَبِ) لِأَبِي حَنِيفَةَ. وَمِنَ الْأَوَّلِ: أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الْكَبِيرِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ الْحَنَفِيُّ، وَأَخُوهُ عُبَيْدُ اللَّهِ أَخْرَجَ لَهُمَا الشَّيْخَانِ (وَكَثِيرٌ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ يَنْسُبُونَ إِلَى الْمَذْهَبِ الْحَنَفِيِّ بِزِيَادَةِ يَاءٍ) لِلْفَرْقِ، وَأَكْثَرُ النُّحَاةِ يَأْبَوْنَ ذَلِكَ. (وَوَافَقَهُمْ مِنَ النَّحْوِيِّينَ) : الْكَمَالُ أَبُو الْبَرَكَاتِ (ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ وَحْدَهُ) . قُلْتُ: وَالصَّوَابُ مَعَهُ، وَقَدِ اخْتَرْتُهُ فِي كِتَابِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ فِي الْعَرَبِيَّةِ، فَقَدْ قَالَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 835 النَّوْعُ الْخَامِسُ وَالْخَمْسُونَ: الْمُتَشَابِهُ: يَتَرَكَّبُ مِنَ النَّوْعَيْنِ قَبْلَهُ وَلِلْخَطِيبِ فِيهِ كِتَابٌ، وَهُوَ أَنْ يَتَّفِقَ أَسْمَاؤُهُمَا أَوْ نَسَبُهُمَا وَيَخْتَلِفَ وَيَأْتَلِفَ ذَلِكَ فِي أَبَوَيْهِمَا أَوْ عَكْسُهُ، كَمُوسَى بْنِ عَلِيٍّ بِالْفَتْحِ كَثِيرُونَ. وَبِضَمِّهَا مُوسَى بْنُ عُلَيِّ بْنِ رَبَاحٍ الْمِصْرِيُّ وَمِنْهُمْ مَنْ فَتَحَهَا. وَقِيلَ: بِالضَّمِّ لَقَبٌ وَبِالْفَتْحِ اسْمٌ. وَكَمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُخَرِّمِيِّ بِضَمَّةٍ ثُمَّ فَتْحَةٍ ثُمَّ كَسْرَةٍ، إِلَى مُخَرِّمِ بَغْدَادَ مَشْهُورٌ. وَمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمَخْرَمِيِّ إِلَى مَخْرَمَةَ غَيْرُ مَشْهُورٍ، رَوَى عَنِ الشَّافِعِيِّ. وَكَثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ الدَّيْلِيِّ فِي الصَّحِيحَيْنِ، وَالْأَوَّلُ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ خَاصَّةً. وَكَأَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ التَّابِعِيِّ، بِالْمُعْجَمَةِ سَعْدُ بْنُ إِيَاسٍ. وَمِثْلُهُ اللُّغَوِيُّ إِسْحَاقُ بْنُ مِرَارٍ كَضِرَارٍ، وَقِيلَ: كَغَزَالٍ، وَقِيلَ: كَعَمَّارٍ. وَأَبُو عَمْرٍو السَّيْبَانِيُّ التَّابِعِيُّ بِالْمُهْمَلَةِ، زُرْعَةُ وَالِدُ يَحْيَى. وَكَعَمْرِو بْنِ زُرَارَةَ بِفَتْحِ الْعَيْنِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ شَيْخُ مُسْلِمٍ أَبُو مُحَمَّدٍ النَّيْسَابُورِيُّ وَبِضَمِّهَا مَعْرُوفٌ بِالْحَدَثِيِّ.   [تدريب الراوي] - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( «بُعِثْتُ بِالْحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَةِ» ) فَأَثْبَتَ الْيَاءَ فِي اللَّفْظَةِ الْمَنْسُوبَةِ إِلَى الْحَنَفِيَّةِ فَلَا مَانِعَ مِنْ ذَلِكَ. (ثُمَّ مَا وُجِدَ مِنْ هَذَا الْبَابِ) فِي الْأَقْسَامِ كُلِّهَا (غَيْرَ مُبَيَّنٍ، فَيُعْرَفُ بِالرَّاوِي) عَنْهُ، (أَوِ الْمَرْوِيِّ، أَوْ بِبَيَانِهِ فِي طَرِيقٍ آخَرَ) كَمَا تَقَدَّمَ، فَإِنْ لَمْ يُبَيَّنْ وَاشْتَرَكَتِ الرُّوَاةُ، فَمُشْكِلٌ جِدًّا، يُرْجَعُ فِيهِ إِلَى غَالِبِ الظُّنُونِ وَالْقَرَائِنِ، أَوْ يُتَوَقَّفُ. قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَرُبَّمَا قِيلَ فِي ذَلِكَ بِظَنٍّ لَا يُقَوَّى، كَمَا حَدَّثَ الْقَاسِمُ بْنُ زَكَرِيَّا الْمُطَرِّزُ يَوْمًا بِحَدِيثٍ، عَنْ أَبِي هَمَّامٍ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ سُفْيَانَ، فَقَالَ لَهُ أَبُو طَالِبِ بْنُ نَصْرٍ الْحَافِظُ: مَنْ سُفْيَانُ هَذَا؟ فَقَالَ: هَذَا الثَّوْرِيُّ. فَقَالَ لَهُ أَبُو طَالِبٍ: بَلْ هُوَ ابْنُ عُيَيْنَةَ، فَقَالَ الْمُطَرِّزُ: مِنْ أَيْنَ؟ قَالَ: لِأَنَّ الْوَلِيدَ قَدْ رَوَى عَنِ الثَّوْرِيِّ أَحَادِيثَ مَعْدُودَةً مَحْفُوظَةً، وَهُوَ مَلِيءٌ بِابْنِ عُيَيْنَةَ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَفِيهِ نَظَرٌ ; لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ مَلِيًّا بِهِ، أَنْ يَكُونَ هَذَا مِنْ حَدِيثِهِ عَنْهُ إِذَا أَطْلَقَهُ، بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ تِلْكَ الْأَحَادِيثِ الْمَعْدُودَةِ. قَالَ: عَلَى أَنِّي لَمْ أَرَ فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُبِ التَّارِيخِ وَأَسْمَاءِ الرِّجَالِ رِوَايَةَ الْوَلِيدِ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ أَلْبَتَّةَ، وَإِنَّمَا ذَكَرُوا رِوَايَتَهُ عَنِ الثَّوْرِيِّ، وَيُرَجِّحُ ذَلِكَ وَفَاةُ الْوَلِيدِ قَبْلَ ابْنِ عُيَيْنَةَ بِزَمَنٍ. [النَّوْعُ الْخَامِسُ وَالْخَمْسُونَ الْمُتَشَابِهُ] (النَّوْعُ الْخَامِسُ وَالْخَمْسُونَ: الْمُتَشَابِهُ) ، وَهُوَ نَوْعٌ (يَتَرَكَّبُ مِنَ النَّوْعَيْنِ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 836 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] اللَّذَيْنِ (قَبْلَهُ، وَلِلْخَطِيبِ فِيهِ كِتَابٌ) سَمَّاهُ تَلْخِيصَ الْمُتَشَابِهِ، وَهُوَ مِنْ أَحْسَنِ كُتُبِهِ. (وَهُوَ: أَنْ يَتَّفِقَ أَسْمَاؤُهُمَا أَوْ نَسَبَهُمَا) فِي اللَّفْظِ وَالْخَطِّ، وَيَفْتَرِقَا فِي الشَّخْصِ، (وَيَخْتَلِفُ وَيَأْتَلِفُ ذَلِكَ فِي) أَسْمَاءِ (أَبَوَيْهِمَا) بِأَنْ يَأْتَلِفَا خَطًّا وَيَفْتَرِقَا لَفْظًا، (أَوْ عَكْسُهُ) بِأَنْ تَأْتَلِفَ أَسْمَاؤُهُمَا خَطًّا، وَيَخْتَلِفَا لَفْظًا، وَتَتَّفِقَ أَسْمَاءُ أَبَوَيْهِمَا لَفْظًا وَخَطًّا، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، بِأَنْ يَتَّفِقَ الِاسْمَانِ أَوِ الْكُنْيَتَانِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ. (كَمُوسَى بْنِ عَلِيٍّ بِالْفَتْحِ) لِلْعَيْنِ (كَثِيرُونَ) فِي الْمُتَأَخِّرِينَ، لَيْسَ فِي الْكُتُبِ السِّتَّةِ وَلَا فِي تَارِيخِ الْبُخَارِيِّ، وَابْنِ أَبِي حَاتِمٍ، وَابْنِ أَبِي خَيْثَمَةَ، وَالْحَاكِمِ، وَابْنِ يُونُسَ، وَأَبِي نُعَيْمٍ، وَثِقَاتِ ابْنِ حِبَّانَ، وَطَبَقَاتِ ابْنِ سَعْدٍ، وَكَامِلِ بْنِ عَدِيٍّ مِنْهُمْ أَحَدٌ. وَفِي تَارِيخِ بَغْدَادَ لِلْخَطِيبِ مِنْهُمْ رَجُلَانِ مُتَأَخِّرَانِ: مُوسَى بْنُ عَلِيٍّ أَبُو بَكْرٍ الْأَحْوَلُ الْبَزَّارُ، رَوَى عَنْ جَعْفَرٍ الْفِرْيَابِيِّ. وَمُوسَى بْنُ عَلِيٍّ أَبُو عِيسَى الْخُتَّلِيُّ، رَوَى عَنْهُ: ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ، وَابْنُ مِقْسَمٍ. وَفِي تَارِيخِ ابْنِ عَسَاكِرَ: مُوسَى بْنُ عَلِيٍّ أَبُو عِمْرَانَ الصَّقَلِّيُّ النَّحْوِيُّ، رَوَى عَنْ أَبِي ذَرٍّ الْهَرَوِيِّ. وَذَكَرَ فِي تَلْخِيصِ الْمُتَشَابِهِ رَابِعًا: مُوسَى بْنُ عَلِيٍّ الْقُرَشِيُّ مَجْهُولٌ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 837 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَمِنْهُمْ مُوسَى بْنُ عَلِيِّ بْنِ قَدَّاحٍ أَبُو الْفَضْلِ الْخَيَّاطُ الْمُؤَذِّنُ، سَمِعَ مِنْهُ: ابْنُ عَسَاكِرَ، وَابْنُ السَّمْعَانِيُّ، وَمُوسَى بْنُ عَلِيِّ بْنِ غَالِبٍ الْأُمَوِيُّ الْأَنْدَلُسِيُّ. وَمُوسَى بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَامِرِ الْحَرِيرِيُّ الْإِشْبِيلِيُّ النَّحْوِيُّ، ذَكَرَهُمَا ابْنُ الْأَبَّارِ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: فَهَؤُلَاءِ الْمَذْكُورُونَ فِي تَوَارِيخِ الْإِسْلَامِ مِنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ إِلَى زَمَنِ ابْنِ الصَّلَاحِ لَمْ يَبْلُغُوا عَشْرَةً، فَوَصْفُ النَّوَوِيِّ لَهُمْ بِأَنَّهُمْ كَثِيرُونَ فِيهِ تَجَوُّزٌ. وَ (بِضَمِّهَا مُوسَى بْنُ عُلَيِّ بْنِ رَبَاحٍ) اللَّخْمِيُّ (الْمِصْرِيُّ) أَمِيرُ مِصْرَ، اشْتُهِرَ بِضَمِّ الْعَيْنِ. (وَمِنْهُمْ مَنْ فَتَحَهَا) نَقَلَهُ ابْنُ سَعْدٍ عَنْ أَهْلِ مِصْرَ، وَصَحَّحَهُ الْبُخَارِيُّ وَصَاحِبُ الْمَشَارِقِ. (وَقِيلَ: بِالضَّمِّ لَقَبٌ، وَبِالْفَتْحِ اسْمٌ) قَالَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ. وَرُوِيَ عَنْ مُوسَى أَنَّهُ قَالَ: اسْمُ أَبِي عَلِيٌّ، وَلَكِنْ بَنُو أُمَيَّةَ قَالُوا عُلَيٌّ، وَفِي حَرَجٍ مَنْ قَالَ: عُلَيٌّ. وَعَنْهُ أَيْضًا: مَنْ قَالَ مُوسَى بْنُ عُلَيٍّ لَمْ أَجْعَلْهُ فِي حِلٍّ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 838 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَعَنْ أَبِيهِ: لَا أَجْعَلُ فِي حِلٍّ أَحَدًا يُصَغِّرُ اسْمِي. قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُ: كَانَتْ بَنُو أُمَيَّةَ إِذَا سَمِعُوا بِمَوْلُودٍ اسْمُهُ عَلِيٌّ قَتَلُوهُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَبَاحًا فَقَالَ: هُوَ عُلَيٌّ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ: كَانَ أَهْلُ الشَّامِ يَجْعَلُونَ كُلَّ " عَلِيٍّ " عِنْدَهُمْ " عُلَيًّا " لِبُغْضِهِمْ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَمِنْ أَجْلِهِ قِيلَ لِوَالِدِ مَسْلَمَةَ، وَلِابْنِ رَبَاحٍ " عُلَيٌّ ". قُلْتُ: وَلَمَّا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي وَالِدِ مُوسَى، فَيَنْبَغِي أَنْ يُمَثَّلَ بِمِثَالٍ غَيْرِهِ، وَذَلِكَ أَيُّوبُ بْنُ بِشْرٍ، وَأَيُّوبُ بْنُ بُشَيْرٍ: الْأَوَّلُ: أَبُوهُ مُكَبَّرٌ، عِجْلِيٌّ شَامِيٌّ، رَوَى عَنْهُ: ثَعْلَبَةُ بْنُ مُسْلِمٍ الْخَثْعَمِيُّ، وَالثَّانِي أَبُوهُ مُصَغَّرٌ عَدَوِيٌّ بَصْرِيٌّ، رَوَى عَنْهُ أَبُو الْحُسَيْنِ خَالِدٌ الْبَصْرِيُّ، وَقَتَادَةُ وَغَيْرُهُمَا. وَمِنْ أَمْثِلَةِ عَكْسِهِ: سُرَيْجُ بْنُ النُّعْمَانِ، وَشُرَيْحُ بْنُ النُّعْمَانِ، وَكِلَاهُمَا مُصَغَّرٌ. الْأَوَّلُ: بِالْمُهْمَلَةِ وَالْجِيمِ جَدُّهُ: مَرْوَانُ اللُّؤْلُؤِيُّ الْبَغْدَادِيُّ، رَوَى عَنْهُ: الْبُخَارِيُّ وَالثَّانِي: بِالْمُعْجَمَةِ وَالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ الْكُوفِيُّ، تَابِعِيٌّ، لَهُ فِي السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ حَدِيثٌ وَاحِدٌ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ. (وَكَمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُخَرِّمِيِّ، بِضَمَّةٍ) لِلْمِيمِ (ثُمَّ فَتْحَةٍ) لِلْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، (ثُمَّ كَسْرَةٍ) لِلرَّاءِ الْمُشَدَّدَةِ، نِسْبَةً (إِلَى مُخَرِّمِ بَغْدَادَ) مَحَلَّةٍ بِهَا (مَشْهُورٌ) جَدُّهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 839 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] الْمُبَارَكُ، وَيُكَنَّى أَبَا جَعْفَرٍ الْقُرَشِيَّ الْبَغْدَادِيَّ الْحَافِظَ قَاضِي حُلْوَانَ، رَوَى عَنْهُ الْبُخَارِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ. (وَمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمَخْرَمِيِّ) ، بِفَتْحِ الْمِيمِ، وَسُكُونِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، الْمُكَنَّى نِسْبَةً (إِلَى مَخْرَمَةَ) ابْنِ نَوْفَلٍ (غَيْرُ مَشْهُورٍ، رَوَى عَنِ الشَّافِعِيِّ) ، وَعَنْهُ: عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ زُبَالَةَ. (وَكَثَوْرٍ) ابْنِ يَزِيدَ الْكَلَاعِيِّ، وَثَوْرِ (بْنِ يَزِيدَ الدَّيْلِيِّ) رَوَى عَنْهُمَا: مَالِكٌ، وَالثَّانِي أُخْرِجَ لَهُ (فِي الصَّحِيحَيْنِ، وَالْأَوَّلُ: فِي) صَحِيحِ (مُسْلِمٍ خَاصَّةً) . قَالَ الْعِرَاقِيُّ: هَذَا وَهْمٌ، بَلْ فِي الْبُخَارِيِّ خَاصَّةً، رَوَى لَهُ فِي الْأَطْعِمَةِ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ: « (كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا رَفَعَ مَائِدَتَهُ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ» ) الْحَدِيثَ، وَثَلَاثَةَ أَحَادِيثَ أُخَرَ. (وَكَأَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ التَّابِعِيِّ بِالْمُعْجَمَةِ) الْمَفْتُوحَةِ (سَعْدِ بْنِ إِيَاسٍ) الْكُوفِيِّ، مُخَضْرَمٌ حَدِيثُهُ فِي الْكُتُبِ السِّتَّةِ. وَمِثْلُهُ: أَبُو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ اللُّغَوِيُّ، إِسْحَاقُ بْنُ مِرَارٍ الْكُوفِيُّ، نَزِيلُ بَغْدَادَ، وَأَبُوهُ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَالتَّخْفِيفِ. (كَضِرَارٍ) قَالَهُ: عَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ سَعِيدٍ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 840 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] (وَقِيلَ) : بِفَتْحِهَا (كَغَزَالٍ) قَالَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ. (وَقِيلَ) : بِالْفَتْحِ، وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ (كَعَمَّارٍ) لَهُ ذِكْرٌ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ بِكُنْيَتِهِ فِي تَفْسِيرِ حَدِيثِ: ( «أَخْنَعُ اسْمٍ عِنْدَ اللَّهِ رَجُلٌ تَسَمَّى مَلِكَ الْأَمْلَاكِ» ) . وَلَهُمْ ثَالِثٌ أَيْضًا، وَهُوَ أَبُو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ هَارُونُ بْنُ عَنْتَرَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْكُوفِيُّ، مِنْ أَتْبَاعِ التَّابِعِينَ، حَدِيثُهُ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيِّ، كَنَّاهُ كَذَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، وَابْنُ الْمَدِينِيِّ، وَأَحْمَدُ، وَالْبُخَارِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، وَأَبُو أَحْمَدَ الْحَاكِمُ، وَالْخَطِيبُ وَغَيْرُهُمْ. وَمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْمِزِّيُّ مِنْ أَنَّ كُنْيَتَهُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَوَهْمٌ، قَالَهُ الْعِرَاقِيُّ. (وَأَبُو عَمْرٍو السَّيْبَانِيُّ التَّابِعِيُّ بِالْمُهْمَلَةِ) الْمَفْتُوحَةِ مُخَضْرَمٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ اسْمُهُ: (زُرْعَةُ) وَهُوَ: عَمُّ الْأَوْزَاعِيِّ وَ (وَالِدُ يَحْيَى) لَهُ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ فِي كِتَابِ الْأَدَبِ حَدِيثٌ وَاحِدٌ مَوْقُوفٌ عَلَى عُقْبَةَ. (وَكَعَمْرِو بْنِ زُرَارَةَ - بِفَتْحِ الْعَيْنِ - جَمَاعَةٌ: مِنْهُمْ: شَيْخُ مُسْلِمٍ أَبُو مُحَمَّدٍ النَّيْسَابُورِيُّ) رَوَى عَنْهُ الشَّيْخَانِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 841 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] (وَبِضَمِّهَا مَعْرُوفٌ بِالْحَدَثِيِّ) قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: نِسْبَةً إِلَى مَدِينَةٍ بِالثَّغْرِ يُقَالُ لَهَا الْحَدَثُ. وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ الْحَاكِمُ إِلَى الْحَدَثِيَّةِ: رَوَى عَنْهُ الْبَغَوِيُّ وَغَيْرُهُ. وَمِنْ أَمْثِلَتِهِ: حَنَانٌ الْأَسَدِيُّ، وَحَيَّانُ الْأَسَدِيُ. الْأَوَّلُ: بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ، وَتَخْفِيفِ النُّونِ، مِنْ بَنِي أَسَدِ بْنِ شُرَيْكٍ، بِضَمِّ الشِّينِ، الْبَصْرِيِّ، رَوَى عَنْ: أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ حَدِيثًا مُرْسَلًا، رَوَى عَنْهُ حَجَّاجٌ الصَّوَّافُ، وَهُوَ عَمُّ مُسَرْهَدٍ وَالِدِ مُسَدَّدٍ. وَالثَّانِي: بِتَشْدِيدِ التَّحْتِيَّةِ، ابْنُ حَصِينٍ الْكُوفِيُّ أَبُو الْهَيَّاجِ، تَابِعِيٌّ أَيْضًا لَهُ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ حَدِيثٌ عَنْ عَلِيٍّ فِي الْجَنَائِزِ. وَأَبُو حَيَّانَ الْأَسَدِيُّ أَبُو النَّضْرِ، شَامِيٌّ تَابِعِيٌّ، أَيْضًا لَهُ فِي صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ حَدِيثٌ عَنْ وَائِلَةَ. وَأَبُو الرِّجَالِ الْأَنْصَارِيُّ، وَأَبُو الرَّحَّالِ الْأَنْصَارِيُّ: الْأَوَّلُ: بِكَسْرِ الرَّاءِ، وَتَخْفِيفِ الْجِيمِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَدَنِيٌّ، رَوَى عَنْ: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 842 النَّوْعُ السَّادِسُ وَالْخَمْسُونَ: الْمُتَشَابِهُونَ فِي الِاسْمِ وَالنَّسَبِ الْمُتَمَايِزُونَ بِالتَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ، كَيَزِيدَ بْنِ الْأَسْوَدِ الصَّحَابِيِّ الْخُزَاعِيِّ، وَالْجُرَشِيِّ الْمُخَضْرَمِ الْمُشْتَهَرِ بِالصَّلَاحِ، وَهُوَ الَّذِي اسْتَسْقَى بِهِ مُعَاوِيَةُ، وَالْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ النَّخَعِيِّ التَّابِعِيِّ الْفَاضِلِ، وَكَالْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ التَّابِعِيِّ الْبَصْرِيِّ، وَالْمَشْهُورُ الدَّمَشْقِيُّ صَاحِبُ الْأَوْزَاعِيِّ، وَمُسْلِمِ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ رَبَاحٍ الْمَدَنِيِّ.   [تدريب الراوي] أُمِّهِ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدِيثُهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ. وَالثَّانِي: بِفَتْحِ الرَّاءِ، وَتَشْدِيدِ الْمُهْمَلَةِ مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ بَصْرِيٌّ، لَهُ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ حَدِيثٌ وَاحِدٌ عَنْ أَنَسٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ. وَابْنُ عُفَيْرٍ الْمِصْرِيُّ، وَابْنُ غُفَيْرٍ الْمِصْرِيُّ، كِلَاهُمَا مُصَغَّرٌ. الْأَوَّلُ: بِالْمُهْمَلَةِ سَعِيدُ بْنُ كَثِيرِ بْنِ عُفَيْرٍ أَبُو عُثْمَانَ، رَوَى عَنْهُ: الْبُخَارِيُّ. وَالثَّانِي: بِالْمُعْجَمَةِ، اسْمُهُ الْحُسَيْنُ مَتْرُوكٌ. [النَّوْعُ السَّادِسُ وَالْخَمْسُونَ الْمُشْتَبِهُ الْمَقْلُوبُ] (النَّوْعُ السَّادِسُ وَالْخَمْسُونَ) الْمُشْتَبِهُ الْمَقْلُوبُ، وَهُوَ مِمَّا يَقَعُ فِيهِ الِاشْتِبَاهُ فِي الذِّهْنِ لَا فِي الْخَطِّ، وَالْمُرَادُ بِذَلِكَ الرُّوَاةُ (الْمُتَشَابِهُونَ فِي الِاسْمِ وَالنَّسَبِ، الْمُتَمَايِزُونَ بِالتَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ) ، بِأَنْ يَكُونَ اسْمُ أَحَدِ الرَّاوِيَيْنِ كَاسْمِ أَبِي الْآخَرِ خَطًّا وَلَفْظًا، وَاسْمُ الْآخَرِ كَاسْمِ أَبِي الْأَوَّلِ، فَيَنْقَلِبُ عَلَى بَعْضِ أَهْلِ الْحَدِيثِ. كَمَا انْقَلَبَ عَلَى الْبُخَارِيِّ تَرْجَمَةُ مُسْلِمِ بْنِ الْوَلِيدِ الْمَدَنِيِّ، فَجَعَلَهُ الْوَلِيدَ بْنَ مُسْلِمٍ، كَالْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ الدِّمَشْقِيِّ، وَخَطَّأَهُ فِي ذَلِكَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي كِتَابٍ لَهُ فِي خَطَأِ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ، حِكَايَةً عَنْ أَبِيهِ. وَصَنَّفَ الْخَطِيبُ فِي هَذَا النَّوْعِ كِتَابًا سَمَّاهُ: " رَفْعُ الِارْتِيَابِ فِي الْمَقْلُوبِ مِنَ الْأَسْمَاءِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 843 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَالْأَنْسَابِ. (كَيَزِيدَ بْنِ الْأَسْوَدِ الصَّحَابِيِّ الْخُزَاعِيِّ) لَهُ فِي السُّنَنِ حَدِيثٌ وَاحِدٌ. قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: عِدَادُهُ فِي أَهْلِ مَكَّةَ. وَقَالَ الْمِزِّيُّ: فِي الْكُوفِيِّينَ. (وَ) يَزِيدِ بْنِ الْأَسْوَدِ (الْجُرَشِيِّ) التَّابِعِيِّ، (الْمُخَضْرَمِ، الْمُشْتَهِرِ بِالصَّلَاحِ) ، يُكَنَّى أَبَا الْأَسْوَدِ سَكَنَ الشَّامَ، (وَهُوَ الَّذِي اسْتَسْقَى بِهِ مُعَاوِيَةُ) فَسُقُوا لِلْوَقْتِ، حَتَّى كَادُوا لَا يَبْلُغُونَ مَنَازِلَهُمْ. (وَالْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ النَّخَعِيِّ التَّابِعِيِّ) الْكَبِيرِ (الْفَاضِلِ) حَدِيثُهُ فِي الْكُتُبِ السِّتَّةِ. (وَكَالْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ التَّابِعِيِّ الْبَصْرِيِّ) رَوَى عَنْ جُنْدُبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ. (وَ) الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ (الْمَشْهُورِ الدِّمَشْقِيِّ صَاحِبِ الْأَوْزَاعِيِّ) رَوَى عَنْهُ أَحْمَدُ وَالنَّاسُ. (وَمُسْلِمِ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ رَبَاحٍ الْمَدَنِيِّ) رَوَى عَنْ: أَبِيهِ وَعَنْهُ: الدَّرَاوَرْدِيُّ، وَانْقَلَبَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 844 النَّوْعُ السَّابِعُ وَالْخَمْسُونَ: مَعْرِفَةُ الْمَنْسُوبِينَ إِلَى غَيْرِ آبَائِهِمْ: وَهُمْ أَقْسَامٌ: الْأَوَّلُ: إِلَى أُمِّهِ كَمُعَاذٍ، وَمُعَوِّذٍ، وَعَوْذٍ، وَيُقَالُ: عَوْفٌ، بَنِي عَفْرَاءَ. وَأَبُوهُمُ الْحَارِثُ. وَبِلَالِ بْنِ حَمَامَةَ أَبُوهُ رَبَاحٌ: سُهَيْلٌ، وَسَهْلٌ، وَصَفْوَانُ، بَنُو بَيْضَاءَ أَبُوهُمْ وَهْبٌ. شُرَحْبِيلُ ابْنُ حَسَنَةَ أَبُوهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمَطَاعِ. ابْنُ بُحَيْنَةَ أَبُوهُ مَالِكٌ. مُحَمَّدُ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ أَبُوهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ. إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ أَبُوهُ إِبْرَاهِيمُ.   [تدريب الراوي] اسْمُهُ عَلَى الْبُخَارِيِّ كَمَا تَقَدَّمَ. [النَّوْعُ السَّابِعُ وَالْخَمْسُونَ مَعْرِفَةُ الْمَنْسُوبِينَ إِلَى غَيْرِ آبَائِهِمْ] [القسم الأول مَنْ نسب إِلَى أُمِّهِ] (النَّوْعُ السَّابِعُ وَالْخَمْسُونَ: مَعْرِفَةُ الْمَنْسُوبِينَ إِلَى غَيْرِ آبَائِهِمْ) وَفَائِدَةُ هَذَا النَّوْعِ دَفْعُ تَوَهُّمِ التَّعَدُّدِ عِنْدَ نِسْبَتِهِمْ إِلَى آبَائِهِمْ، (هُمْ أَقْسَامٌ: الْأَوَّلُ:) مَنْ نَسَبُهُ (إِلَى أُمِّهِ كَمُعَاذٍ، وَمُعَوِّذٍ، وَعَوْذٍ، وَيُقَالُ: عَوْفٌ) بِالْفَاءِ (بَنِي عَفْرَاءَ) بِنْتِ عُبَيْدِ بْنِ ثَعْلَبَةَ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ، (وَأَبُوهُمُ الْحَارِثُ) بْنُ رَفَاعَةَ بْنِ الْحَارِثِ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ أَيْضًا. وَشَهِدَ بَنُو عَفْرَاءَ بَدْرًا، فَقُتِلَ بِهَا مُعَوِّذٌ، وَعَوْفٌ، وَبَقِيَ مُعَاذٌ إِلَى زَمَنِ عُثْمَانَ. وَقِيلَ: إِلَى زَمَنِ عَلِيٍّ فَتُوُفِّيَ بِصِفِّينَ. وَقِيلَ: جُرِحَ بِبَدْرٍ أَيْضًا، فَرَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَمَاتَ بِهَا. (وَبِلَالِ بْنِ حَمَامَةَ) الْحَبَشِيِّ الْمُؤَذِّنِ (أَبُوهُ رَبَاحٌ. سُهَيْلٌ، وَسَهْلٌ، وَصَفْوَانُ، بَنُو بَيْضَاءَ: أَبُوهُمْ وَهْبٌ) ابْنُ رَبِيعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ الْقُرَشِيُّ الْفِهْرِيُّ، وَاسْمُ بَيْضَاءَ دَعْدُ. قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: أَكْبَرُ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي السِّنِّ أَبُو بَكْرٍ، وَسُهَيْلُ بْنُ بَيْضَاءَ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 845 الثَّانِي: إِلَى جَدَّتِهِ كَيَعْلَى بْنِ مُنْيَةَ، كَرُكْبَةَ، هِيَ أُمُّ أَبِيهِ. وَقِيلَ: أُمُّهُ. بَشِيرُ ابْنُ الْخَصَاصِيَةِ بِتَخْفِفِ الْيَاءِ هِيَ أُمُّ الثَّالِثِ مِنْ أَجْدَادِهِ. وَقِيلَ: أُمُّهُ، أَبُوهُ مَعْبَدٌ.   [تدريب الراوي] مَاتَ سُهَيْلٌ، وَسَهْلٌ فِي حَيَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَصَلَّى عَلَيْهِمَا فِي الْمَسْجِدِ كَمَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ عَائِشَةَ، وَكَانَتْ وَفَاةُ سُهَيْلٍ سَنَةَ تِسْعٍ. (شُرَحْبِيلُ بْنُ حَسَنَةَ أَبُوهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمَطَاعِ) الْكِنْدِيُّ. وَحَسَنَةُ مَوْلَاةٌ لِمَعْمَرٍ الْجُمَحِيِّ. وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ كَابْنِ الصَّلَاحِ مِنْ أَنَّهَا أُمُّهُ جَزَمَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ. وَقَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: لَيْسَتْ أُمَّهُ، وَإِنَّمَا تَبَنَّتْهُ. عَبْدُ اللَّهِ (ابْنُ بُحَيْنَةَ أَبُوهُ مَالِكٌ) ابْنُ الْقَشِبِ الْأَزْدِيُّ الْأَسَدِيُّ، وَهَؤُلَاءِ صَحَابَةٌ. وَمِنَ التَّابِعِينَ فَمَنْ بَعْدَهُمْ (مُحَمَّدُ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ، أَبُوهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ) ، وَاسْمُ أُمِّهِ خَوْلَةُ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ. (إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ أَبُوهُ إِبْرَاهِيمُ) ، وَعُلَيَّةُ أُمُّهُ بِنْتُ حَسَّانَ مَوْلَاةُ بَنِي شَيْبَانَ، وَزَعَمَ عَلِيُّ بْنُ حَجَرٍ أَنَّهَا لَيْسَتْ أُمَّهُ بَلْ جَدَّتُهُ أَمُّ أُمِّهِ. وَقَدْ صَنَّفَ فِي هَذَا الْقِسْمِ الْحَافِظُ عَلَاءُ الدِّينِ مُغْلَطَاي تَصْنِيفًا حَسَنًا فِي ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ وَرَقَةً، وَذَكَرَ الْمُصَنِّفِ فِي تَهْذِيبِهِ أَنَّهُ أَلَّفَ فِيهِ جُزْءًا، وَلَمْ نَقِفْ عَلَيْهِ. [القسم الثاني مَنْ نُسِبَ إِلَى جَدَّتِهِ دُنْيَا أَوْ عُلْيَا] (الثَّانِي) : مَنْ نُسِبَ (إِلَى جَدَّتِهِ) دُنْيَا، أَوْ عُلْيَا: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 846 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] (كَيَعْلَى بْنِ مُنْيَةَ) بِضَمِّ الْمِيمِ، وَسُكُونِ النُّونِ، وَتَخْفِيفِ التَّحْتِيَّةِ، (كَرُكْبَةٍ) صَحَابِيٌّ مَشْهُورٌ (هِيَ أُمُّ أَبِيهِ) قَالَهُ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ، وَابْنُ مَاكُولَا. (وَقِيلَ: أُمُّهُ) هُوَ مِنْ زَوَائِدِ الْمُصَنِّفِ، وَعُزِيَ لِلْجُمْهُورِ، وَالْبُخَارِيِّ وَابْنِ الْمَدِينِيِّ، وَالْقَعْنَبِيِّ، وَيَعْقُوبَ بْنِ شَيْبَةَ، وَابْنِ جَرِيرٍ، وَابْنِ قَانِعٍ، وَالطَّبَرَانِيِّ، وَابْنِ حِبَّانَ، وَابْنِ مَنْدَهْ وَآخِرِينَ، وَرَجَّحَهُ الْمِزِّيُّ وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ. وَقَالَ ابْنُ وَضَّاحٍ: أَبَوْهُ وَوَهِمُوهُ، وَهِيَ بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ جَابِرٍ. قَالَهُ: ابْنُ مَاكُولَا. وَقَالَ الطَّبَرِيُّ: بِنْتُ جَابِرٍ عَمَّةُ عُتْبَةَ بْنِ غَزَوَانَ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: بِنْتُ غَزْوَانَ أُخْتُ عُتْبَةَ، وَرَجَّحَهُ الْمِزِّيُّ، وَأَبَوْهُ أُمَيَّةُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ) . (بَشِيرُ بْنُ الْخَصَاصِيَةَ بِتَخْفِيفِ الْيَاءِ) صَحَابِيٌّ مَشْهُورٌ، (هِيَ أُمُّ الثَّالِثِ مِنْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 847 الثَّالِثُ: إِلَى جَدِّهِ: أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَامِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْجَرَّاحِ، حَمَلُ بْنُ النَّابِغَةِ هُوَ ابْنُ مَالِكِ بْنِ النَّابِغَةِ. مُجَمَّعٌ بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ: ابْنُ جَارِيَةَ بِالْجِيمِ، هُوَ ابْنُ يَزِيدَ بْنِ جَارِيَةَ. ابْنُ جُرَيْجٍ: عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ جُرَيْجٍ. بَنُو الْمَاجِشُونِ - بِكَسْرِ الْجِيمِ وَضَمِ الشِّينِ - مِنْهُمْ يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ الْمَاجِشُونِ، هُوَ لَقَبُ يَعْقُوبَ جَرَى عَلَى بَنِيهِ وَبَنِي أَخِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ الْمَاجِشُونِ، وَمَعْنَاهُ الْأَبْيَضُ وَالْأَحْمَرُ ابْنُ أَبِي لَيْلَى الْفَقِيهُ: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى. ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ. أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: هُوَ ابْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ. بَنُو أَبِي شَيْبَةَ أَبُو بَكْرٍ وَعُثْمَانُ وَالْقَاسِمُ، بَنُو مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ.   [تدريب الراوي] أَجْدَادِهِ) أَيْ ضُبَّارِيٌّ الْآتِي. (وَقِيلَ: أُمُّهُ) ، وَاسْمُهَا كَبْشَةُ. وَقِيلَ: مَارِيَةُ بِنْتُ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ الْغِطْرِيفِ. (أَبُوهُ مَعْبَدٌ) ، وَقِيلَ: نَذِيرٌ، وَقِيلَ: يَزِيدُ، وَقِيلَ: شَرَاحِيلُ بْنُ سَبْعِ بْنِ ضُبَّارِيِّ بْنِ سُدُودِ بْنِ شَيْبَانَ بْنِ ذُهْلٍ. وَمِنْ ذَلِكَ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ سُكَيْنَةَ هِيَ أُمُّ أَبِيهِ، وَأَبُوهُ عَلِيُّ بْنُ عَلِيٍّ. وَابْنُ تَيْمِيَّةَ هِيَ جَدَّةٌ عُلْيَا مِنْ وَادِي الْتَيْمِ. [القسم الثَّالِثُ مَنْ نُسِبَ إِلَى جَدِّهِ] (الثَّالِثُ: مَنْ نُسِبَ إِلَى جَدِّهِ) مِنْهُمْ: (أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَامِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْجَرَّاحِ. حَمَلُ) بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ، وَالْمِيمِ الْمَفْتُوحَتَيْنِ (ابْنُ النَّابِغَةِ هُوَ:) حَمَلُ (بْنُ مَالِكِ بْنِ النَّابِغَةِ) بْنِ جَارِيَةَ بْنِ رَبِيعَةَ الْهُذَلِيُّ، أَبُو نَضْلَةَ، لَهُ رِوَايَةٌ، عَاشَ إِلَى خِلَافَةِ عُمَرَ. وَفِي الصَّحَابَةِ أَيْضًا حَمَلُ بْنُ سَعْدَانَةَ الْكَلْبِيُّ مِنْ أَهْلِ دَوْمَةِ الْجَنْدَلِ، لَا ثَالِثَ لَهُمَا فِي الِاسْمِ. (مُجَمَّعٌ بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ ابْنُ جَارِيَةَ بِالْجِيمِ) ، وَالتَّحْتِيَّةِ (هُوَ: ابْنُ يَزِيدَ بْنِ جَارِيَةَ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 848 الرَّابِعُ: إِلَى أَجَنْبِيٍّ لِسَبَبٍ كَالْمِقْدَادِ بْنِ عَمْرٍو الْكِنْدِيِّ، يُقَالُ لَهُ: ابْنُ الْأَسْوَدِ لِأَنَّهُ كَانَ فِي حِجْرِ الْأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ فَتَبَنَّاهُ، وَالْحَسَنُ بْنُ دِينَارٍ: هُوَ زَوْجُ أُمِّهِ وَأَبُوهُ وَاصِلٌ.   [تدريب الراوي] هَؤُلَاءِ صَحَابَةٌ. (ابْنُ جُرَيْجٍ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ جُرَيْجٍ. بَنُو الْمَاجِشُونِ بِكَسْرِ الْجِيمِ وَضَمِّ الشِّينِ) الْمُعْجَمَةِ (مِنْهُمْ: يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ الْمَاجِشُونِ، هُوَ لَقَبُ يَعْقُوبَ جَرَى عَلَى بَنِيهِ، وَبَنِي أَخِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، وَمَعْنَاهُ) بِالْفَارِسِيَّةِ (الْأَبْيَضُ وَالْأَحْمَرُ. ابْنُ أَبِي لَيْلَى الْفَقِيهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى. ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ. أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ هُوَ ابْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ. بَنُو أَبِي شَيْبَةَ: أَبُو بَكْرٍ وَعُثْمَانُ) الْحَافِظَانِ، (وَالْقَاسِمُ بَنُو مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ) إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُثْمَانَ الْوَاسِطِيُّ. [القسم الرَّابِعُ مَنْ نُسِبَ إِلَى أَجْنَبِيٍّ لِسَبَبٍ] (الرَّابِعُ) : مَنْ نُسِبَ (إِلَى أَجْنَبِيٍّ لِسَبَبٍ: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 849 النَّوْعُ الثَّامِنُ وَالْخَمْسُونَ: النِّسَبُ الَّتِي عَلَى خِلَافِ ظَاهِرِهَا: أَبُو مَسْعُودٍ الْبَدْرِيُّ: لَمْ يَشْهَدْهَا فِي قَوْلِ الْأَكْثَرِينَ بَلْ نَزَلَهَا. سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ: نَزَلَ فِيهِمْ لَيْسَ مِنْهُمْ. أَبُو خَالِدٍ الدَّلَانِيُّ: نَزَلَ فِي بَنِي دَالَانَ، بَطْنٍ مِنْ هَمْدَانَ وَهُوَ أَسَدِيٌّ مَوْلَاهُمْ. إِبْرَاهِيمُ الْخُوزِيُّ: بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ وَبِالزَّايِ لَيْسَ مِنَ الْخُوزِ بَلْ نَزَلَ شِعْبَهُمْ بِمَكَّةَ. عَبْدُ الْمَلِكِ الْعَرْزَمِيُّ: نَزَلَ جَبَّانَةَ عَرْزَمٍ، قَبِيلَةٌ مِنْ فَزَارَةَ بِالْكُوفَةِ. الْعَوَقِيُّ: بِفَتْحِهَا، وَبِالْقَافِ، بَاهِلِيٌّ نَزَلَ فِي الْعَوَقَةِ، بَطْنٌ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ. أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ السُّلَمِيُّ: عَنْهُ مُسْلِمٌ، هُوَ أَزْدِيٌّ وَكَانَتْ أُمُّهُ سُلَمِيَّةً. وَأَبُو عَمْرِو بْنُ نُجَيْدٍ السُّلَمِيُّ: كَذَلِكَ فَإِنَّهُ حَافِدُهُ، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ الصُّوفِيُّ: كَذَلِكَ فَإِنَّ جَدَّهُ ابْنُ عَمِ أَحْمَدَ بْنِ يُوسُفَ، كَانَتْ أُمُّهُ بِنْتَ أَبِي عَمْرٍو الْمَذْكُورِ. مِقْسَمٌ: مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ هُوَ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، قِيلَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ لِلُزُومِهِ إِيَاهُ. يَزِيدُ الْفَقِيرُ: أُصِيبَ فِي فَقَارِ ظَهْرِهِ. خَالِدٌ الْحَذَّاءُ: لَمْ يَكُنْ حَذَّاءً وَكَانَ يَجْلِسُ فِيهِمْ.   [تدريب الراوي] كَالْمِقْدَادِ بْنِ عَمْرِو) بْنِ ثَعْلَبَةَ، (الْكِنْدِيِّ، يُقَالُ لَهُ: ابْنُ الْأَسْوَدِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ فِي حِجْرِ الْأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ فَتَبَنَّاهُ) فَنُسِبَ إِلَيْهِ. (الْحَسَنُ بْنُ دِينَارٍ) أَحَدُ الضُّعَفَاءِ، (وَهُوَ زَوْجُ أُمِّهِ، وَأَبُوهُ وَاصِلٌ) . قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَكَأَنَّ هَذَا خَفِيَ عَلَى ابْنِ أَبِي حَاتِمٍ حَيْثُ قَالَ: هُوَ الْحَسَنُ بْنُ دِينَارِ بْنِ وَاصِلٍ، فَجَعَلَ وَاصِلًا جَدَّهُ. وَقَالَ الْعِرَاقِيُّ: جَعَلَ بَعْضُهُمْ دِينَارًا جَدَّهُ وَأَبَاهُ وَاصِلًا. [النَّوْعُ الثَّامِنُ وَالْخَمْسُونَ النِّسَبُ الَّتِي عَلَى خِلَافِ ظَاهِرِهَا] (النَّوْعُ الثَّامِنُ وَالْخَمْسُونَ: النِّسَبُ الَّتِي عَلَى خِلَافِ ظَاهِرِهَا) قَدْ يُنْسَبُ الرَّاوِي إِلَى نِسْبَةٍ مِنْ مَكَانٍ، أَوْ وَقْعَةٍ بِهِ، أَوْ قَبِيلَةٍ، أَوْ صَنْعَةٍ، وَلَيْسَ الظَّاهِرُ الَّذِي يَسْبِقُ إِلَى الْفَهْمِ مِنْ تِلْكَ النِّسْبَةِ مُرَادًا، بَلْ لِعَارِضٍ عَرَضَ مِنْ نُزُولِهِ ذَلِكَ الْمَكَانَ، أَوْ تِلْكَ الْقَبِيلَةَ وَنَحْوَ ذَلِكَ. مِنْ ذَلِكَ: (أَبُو مَسْعُودٍ) عُقْبَةُ بْنُ عَمْرٍو الْأَنْصَارِيُّ الْخَزْرَجِيُّ (الْبَدْرِيُّ، لَمْ يَشْهَدْهَا) أَيْ بَدْرًا (فِي قَوْلِ الْأَكْثَرِينَ) مِنْهُمُ: الزُّهْرِيُّ وَابْنُ إِسْحَاقَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 850 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَالْوَاقِدِيُّ، وَابْنُ سَعْدٍ، وَابْنُ مَعِينٍ، وَالْحَرْبِيُّ، وَابْنُ عَبْدُ الْبَرِّ (بَلْ نَزَلَهَا) . وَقَالَ الْحَرْبِيُّ سَكَنَهَا. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: شَهِدَهَا، وَاخْتَارَهُ أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ، وَجَزَمَ بِهِ الْكَلْبِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي الْكُنَى وَآخَرُونَ. (سُلَيْمَانُ) بْنُ طَرْخَانَ (التَّيْمِيُّ) أَبُو الْمُعْتَمِرِ (نَزَلَ فِيهِمْ) أَيْ فِي بَنِي تَيْمٍ (لَيْسَ مِنْهُمْ. أَبُو خَالِدٍ الدَّالَانِيُّ، نَزَلَ فِي بَنِي دَالَانَ بَطْنٍ مِنْ هَمْدَانَ، وَهُوَ أَسَدِيٌّ مَوْلَاهُمْ. إِبْرَاهِيمُ) بْنُ يَزِيدَ (الْخُوزِيُّ بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ، وَبِالزَّايِ، لَيْسَ مِنَ الْخُوزِ بَلْ نَزَلَ شِعْبَهُمْ بِمَكَّةَ. عَبْدُ الْمَلِكِ) بْنُ سُلَيْمَانَ (الْعَرْزَمِيُّ نَزَلَ جَبَّانَةَ عَرْزَمٍ) ، وَهِيَ قَبِيلَةٌ (مِنْ فَزَارَةَ بِالْكُوفَةِ) . (الْعَوَقِيُّ بِفَتْحِهَا) أَيِ الْوَاوِ (وَبِالْقَافِ، بَاهِلِيٌّ نَزَلَ فِي الْعَوَقَةِ بَطْنٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 851 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ) فَنُسِبَ إِلَيْهِمْ. (أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ السُّلَمِيُّ) الَّذِي رَوَى (عَنْهُ مُسْلِمٌ، هُوَ أَزْدِيٌّ، وَكَانَتْ أُمُّهُ سُلَمِيَّةً) فَنُسِبَ إِلَيْهِمْ. (وَأَبُو عَمْرِو بْنُ نُجَيْدٍ كَذَلِكَ، فَإِنَّهُ حَافِدُهُ) أَيْ وَلَدُ وَلَدِهِ. (وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ الصُّوفِيُّ كَذَلِكَ، فَإِنَّ جَدَّهُ ابْنُ عَمِّ أَحْمَدَ بْنِ يُوسُفَ، كَانَتْ أُمُّهُ بِنْتَ أَبِي عَمْرٍو) ابْنِ نُجَيْدٍ (الْمَذْكُورِ. مِقْسَمٌ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، هُوَ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، قِيلَ لَهُ: مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ لِلُزُومِهِ إِيَّاهُ. (يَزِيدُ الْفَقِيرُ: أُصِيبَ فِي فَقَارِ ظَهْرِهِ) ، وَكَانَ يَشْكُو مِنْهُ، فَقِيلَ لَهُ ذَلِكَ. (خَالِدُ) بْنُ مِهْرَانَ (الْحَذَّاءُ: لَمْ يَكُنْ حَذَّاءً، وَكَانَ يَجْلِسُ فِيهِمْ) فَقِيلَ لَهُ ذَلِكَ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 852 النَّوْعُ التَّاسِعُ وَالْخَمْسُونَ: الْمُبْهَمَاتُ: صَنَّفَ فِيهِ عَبْدُ الْغَنِيِّ ثُمَّ الْخَطِيبُ، ثُمَّ غَيْرُهُمَا وَقَدِ اخْتَصَرْتُ أَنَا كِتَابَ الْخَطِيبِ وَهَذَّبْتُهُ وَرَتَّبْتُهُ تَرْتِيبًا حَسَنًا وَضَمَمْتُ إِلَيْهِ نَفَائِسَ، وَيُعْرَفُ بُورُودِهِ مُسَمًّى فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ.   [تدريب الراوي] وَقِيلَ: كَانَ يَقُولُ أَحَذُّ عَلَى هَذَا النَّحْوِ، فَلُقِّبَ بِذَلِكَ. [النَّوْعُ التَّاسِعُ وَالْخَمْسُونَ الْمُبْهَمَاتُ] [التعريف بهذا النوع] (النَّوْعُ التَّاسِعُ وَالْخَمْسُونَ: الْمُبْهَمَاتُ) أَيْ مَعْرِفَةُ مَنْ أُبْهِمَ ذِكْرُهُ فِي الْمَتْنِ، أَوِ الْإِسْنَادِ مِنَ الرِّجَالِ، وَالنِّسَاءِ. (صَنَّفَ فِيهِ) الْحَافِظُ (عَبْدُ الْغَنِيِّ) بْنُ سَعِيدٍ الْمِصْرِيُّ، (ثُمَّ الْخَطِيبُ) ، فَذَكَرَ فِي كِتَابِهِ مِائَةً وَأَحَدًا وَسَبْعِينَ حَدِيثًا، وَرَتَّبَ كِتَابَهُ عَلَى الْحُرُوفِ فِي الشَّخْصِ الْمُبْهَمِ، وَفِي تَحْصِيلِ الْفَائِدَةِ مِنْهُ عُسْرٌ، فَإِنَّ الْعَارِفَ بِاسْمِ الْمُبْهَمِ لَا يَحْتَاجُ إِلَى الْكَشْفِ عَنْهُ، وَالْجَاهِلُ بِهِ لَا يَدْرِي مَظِنَّتَهُ. (ثُمَّ غَيْرُهُمَا) كَأَبِي الْقَاسِمِ بْنِ بَشْكُوَالَ، وَهُوَ أَكْبَرُ كِتَابٍ فِي هَذَا النَّوْعِ وَأَنْفَسُهُ جَمَعَ فِيهِ ثَلَاثَمِائَةٍ وَأَحَدًا وَعِشْرِينَ حَدِيثًا، لَكِنَّهُ غَيْرُ مُرَتَّبٍ، وَكَأَبِي الْفَضْلِ بْنِ طَاهِرٍ، وَلَكِنَّهُ جَمَعَ فِيهِ مَا لَيْسَ مِنْ شَرْطِ الْمُبْهَمَاتِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ: (وَقَدِ اخْتَصَرْتُ أَنَا كِتَابَ الْخَطِيبِ، وَهَذَّبْتُهُ وَرَتَّبْتُهُ تَرْتِيبًا حَسَنًا) عَلَى الْحُرُوفِ فِي رَاوِي الْحَدِيثِ، وَهُوَ أَسْهَلُ لِلْكَشْفِ، (وَضَمَمْتُ إِلَيْهِ نَفَائِسَ) أُخَرَ زِيَادَةً عَلَيْهِ. وَمَعَ ذَلِكَ فَالْكَشْفُ مِنْهُ قَدْ يَصْعُبُ لِعَدَمِ اخْتِصَارِ اسْمِ صَحَابِيِّ ذَلِكَ الْحَدِيثَ، وَفَاتَهُ أَيْضًا الْجَمُّ الْغَفِيرُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 853 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] فَجَمَعَ الشَّيْخُ وَلِيُّ الدِّينِ الْعِرَاقِيُّ فِي ذَلِكَ كِتَابًا سَمَّاهُ: " الْمُسْتَفَادَ مِنْ مُبْهَمَاتِ الْمَتْنِ وَالْإِسْنَادِ "، جَمَعَ فِيهِ كِتَابَ الْخَطِيبِ، وَابْنِ بَشْكُوَالَ وَالْمُصَنِّفِ، مَعَ زِيَادَاتٍ أُخَرَ وَرَتَّبَهُ عَلَى الْأَبْوَابِ وَهُوَ أَحْسَنُ مَا صُنِّفَ فِي هَذَا النَّوْعِ. وَمِنَ النَّاسِ مَنْ أَفْرَدَ مُبْهَمَاتِ كِتَابٍ مَخْصُوصٍ، كَشَيْخِ الْإِسْلَامِ فِي مُقَدِّمَةِ شَرْحِ الْبُخَارِيِّ، عَقَدَ فِيهَا فَصْلًا لِمُبْهَمَاتِهِ، اسْتَوْعَبَتْ مَا وَقَعَ فِيهِ. قَالَ الشَّيْخُ وَلِيُّ الدِّينِ: وَمِنْ فَوَائِدِ تَبْيِينِ الْأَسْمَاءِ الْمُبْهَمَةِ: تَحْقِيقُ الشَّيْءِ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ، فَإِنَّ النَّفْسَ مُتَشَوِّقَةٌ إِلَيْهِ. وَأَنْ يَكُونَ فِي الْحَدِيثِ مَنْقَبَةٌ لَهُ فَيُسْتَفَادُ بِمَعْرِفَةِ فَضِيلَتِهِ. وَأَنْ يَشْتَمِلَ عَلَى نِسْبَةِ فِعْلٍ غَيْرِ مُنَاسِبٍ [إِلَيْهِ] ، فَيَحْصُلَ بِتَعْيِينِهِ السَّلَامَةُ مِنْ جَوَلَانِ الظَّنِّ فِي غَيْرِهِ مِنْ أَفَاضِلِ الصَّحَابَةِ [وَخُصُوصًا إِذَا كَانَ ذَلِكَ مِنَ الْمُنَافِقِينَ] . وَأَنْ يَكُونَ سَائِلًا عَنْ حُكْمٍ عَارَضَهُ حَدِيثٌ آخَرُ، فَيُسْتَفَادُ بِمَعْرِفَتِهِ هَلْ هُوَ نَاسِخٌ، أَوْ مَنْسُوخٌ إِنْ عُرِفَ زَمَنُ إِسْلَامِهِ. وَإِنْ كَانَ الْمُبْهَمُ فِي الْإِسْنَادِ فَمَعْرِفَتُهُ تُفِيدُ ثِقَتَهُ، أَوْ ضَعْفَهُ، لِيَحْكُمَ لِلْحَدِيثِ بِالصِّحَّةِ أَوْ غَيْرِهَا. (وَيُعْرَفُ) الْمُبْهَمُ (بِوُرُودِهِ مُسَمًّى فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ) ، وَذَلِكَ وَاضِحٌ، وَبِتَنْصِيصِ أَهْلِ السِّيَرِ عَلَى كَثِيرٍ مِنْهُمْ، وَرُبَّمَا اسْتَدَلُّوا بِوُرُودِ حَدِيثٍ آخَرَ أُسْنِدَ لِذَلِكَ فِيهِ لِمُعَيَّنٍ مَا أُسْنِدَ لِذَلِكَ الرَّاوِي الْمُبْهَمِ فِي ذَلِكَ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 854 وَهُوَ أَقْسَامٌ: أَبْهَمُهَا رَجُلٌ أَوِ امْرَأَةٌ، كَحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّ رَجُلًا قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، الْحَجُّ كُلَّ عَامٍ» ، هُوَ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ وَحَدِيثُ السَّائِلَةِ عَنْ غُسْلِ الْحَيْضِ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خُذِي فِرْصَةً» هِيَ أَسْمَاءُ بِنْتُ يَزِيدَ بْنِ السَّكَنِ، وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ أَسْمَاءُ بِنْتُ شَكَلٍ.   [تدريب الراوي] قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَفِيهِ نَظَرٌ، لِجَوَازِ وُقُوعِ تِلْكَ الْوَاقِعَةِ لِاثْنَيْنِ. [القسم الأول أَبْهَمُهَا رَجُلٌ أَوِ امْرَأَةٌ] (وَهُوَ أَقْسَامٌ) : الْأَوَّلُ وَهُوَ (أَبْهَمُهَا رَجُلٌ أَوِ امْرَأَةٌ) ، أَوْ رَجُلَانِ أَوِ امْرَأَتَانِ، أَوْ رِجَالٌ أَوْ نِسَاءٌ. (كَحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَجُلًا قَالَ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ الْحَجُّ كُلَّ عَامٍ» ، وَهُوَ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ) ابْنِ عِقَالٍ، قَالَهُ الْخَطِيبُ. وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِي كِتَابِ الْمُبْهَمَاتِ، وَكَذَا سُمِّيَ فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ. وَقِيلَ: هُوَ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكٍ كَذَا فِي حَدِيثِ سُفْيَانَ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْمُقْرِئِ. وَقِيلَ: عُكَّاشَةُ بْنُ مُحْصَنٍ، قَالَهُ ابْنُ السَّكَنِ. وَحَدِيثُ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى رَجُلًا قَائِمًا عَلَى الشَّمْسِ» ، الْحَدِيثَ. قَالَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 855 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] الْخَطِيبُ: هُوَ أَبُو إِسْرَائِيلَ قَيْصَرُ الْعَامِرِيُّ. قَالَ عَبْدُ الْغَنِيِّ: لَيْسَ فِي الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - مَنْ يُشَارِكُهُ فِي اسْمِهِ وَلَا فِي كُنْيَتِهِ وَلَا يُعْرَفُ إِلَّا فِي هَذَا الْحَدِيثِ. وَمِنْ ذَلِكَ الْإِسْنَادِ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ حَجَّاجِ بْنِ فُرَافِصَةَ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: «الْمُؤْمِنُ غِرٌّ كَرِيمٌ» يُحْتَمَلُ أَنْ هَذَا الرَّجُلَ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، فَقَدْ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 856 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] حَدِيثِ بِشْرِ بْنِ رَافِعٍ عَنْهُ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. (وَحَدِيثُ السَّائِلَةِ عَنْ غُسْلِ الْحَيْضِ. فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خُذِي فِرْصَةً) مِنْ مِسْكٍ فَتَطَهَّرِي بِهَا» . الْحَدِيثُ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ مِنْ رِوَايَةِ مَنْصُورِ بْنِ صَفِيَّةَ، عَنْ أُمِّهِ، عَنْ عَائِشَةَ: «أَنَّ امْرَأَةً سَأَلَتِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ غُسْلِهَا مِنَ الْحَيْضِ» فَذَكَرَهُ. (هِيَ أَسْمَاءُ بِنْتُ يَزِيدَ بْنِ السَّكَنِ) الْأَنْصَارِيَّةُ، قَالَ الْخَطِيبُ وَغَيْرُهُ. (وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ: أَسْمَاءُ بِنْتُ شَكَلٍ) بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَالْكَافِ، وَقِيلَ: بِسُكُونِ الْكَافِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي مُبْهَمَاتِهِ: فَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الْقِصَّةُ جَرَتْ لِلْمَرْأَتَيْنِ فِي مَجْلِسٍ، أَوْ مَجْلِسَيْنِ. وَحَدِيثُ الْبُخَارِيِّ عَنْ عَائِشَةَ أَيْضًا: «دَخَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرَأَى امْرَأَةً فَقَالَ: مَنْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 857 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] هَذِهِ؟ فَقُلْتُ: فُلَانَةٌ لَا تَنَامُ، فَقَالَ: مَهٍ» . الْحَدِيثَ. قَالَ الْخَطِيبُ: هِيَ الْحَوْلَاءُ بِنْتُ تُوَيْتِ بْنِ حَبِيبِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَذَلِكَ مُصَرَّحٌ بِهِ عِنْدَ مُسْلِمٍ. وَحَدِيثُهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ «فَتَلَاحَى رَجُلَانِ» هُمَا كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي حَدْرَدٍ، قَالَهُ ابْنُ دَحْيَةَ. وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ: «أَنَّ امْرَأَتَيْنِ مِنْ هُذَيْلٍ اقْتَتَلَتَا» ، الْحَدِيثَ، اسْمُ الضَّارِبَةِ أُمُّ عَفِيفٍ بِنْتُ مَسْرُوحٍ، وَذَاتُ الْجَنِينِ مُلَيْكَةُ بِنْتُ عُوَيْمِرٍ، وَقِيلَ: عُوَيْمٌ. وَحَدِيثُ «إِنَّ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ وَهُوَ أَحَدُ النُّقَبَاءِ لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ» ، الْحَدِيثَ. بَقِيَّةُ النُّقَبَاءِ: أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ، وَسَعْدُ بْنُ الرَّبِيعِ، وَسَعْدُ بْنُ خَيْثَمَةَ، وَالْمُنْذِرُ بْنُ عَمْرٍو، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ، وَالْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ، وَأَبُو الْهَيْثَمِ بْنُ التَّيِّهَانِ، وَأُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَرَامٍ، وَرَافِعُ بْنُ مَالِكٍ. وَحَدِيثُ أُمِّ زَرْعٍ بِطُولِهِ، الْأُولَى وَالتَّاسِعَةُ لَمْ يُسَمَّيَا. وَالثَّانِيَةُ عَمْرَةُ بِنْتُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 858 الثَّانِي: الِابْنُ وَالْبِنْتُ كَحَدِيثِ أُمِّ عَطِيَّةَ فِي «غُسْلِ بِنْتِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَاءٍ وَسِدْرٍ» ، هِيَ زَيْنَبُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا. ابْنُ اللُّتْبِيَّةِ عَبْدُ اللَّهِ إِلَى بَنِي لُتْبٍ بِإِسْكَانِ التَّاءِ. وَقِيلَ: الْأُتْبِيَّةِ، وَلَا يَصِحُّ. ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ عَبْدُ اللَّهِ. وَقِيلَ: عَمْرٌو، وَقِيلَ غَيْرُهُ: وَاسْمُهَا عَاتِكَةُ.   [تدريب الراوي] عَمْرٍو. وَالثَّالِثَةُ حُبَّى بِنْتُ كَعْبٍ. وَالرَّابِعَةُ مِهْدَدُ بِنْتُ أَبِي هَرْمَةَ. وَالْخَامِسَةُ كَبْشَةُ. وَالسَّادِسَةُ هِنْدُ. وَالسَّابِعَةُ حُبَّى بِنْتُ عَلْقَمَةَ. وَالثَّامِنَةُ بِنْتُ دَوْسِ بْنِ عَبْدٍ. وَيُرْوَى أَسْمَاءُ بِنْتُ عَبْدٍ. وَالْعَاشِرَةُ كَبْشَةُ بِنْتُ الْأَرْقَمِ. وَالْحَادِيَةَ عَشْرَةَ أُمُّ زَرْعِ بِنْتُ أُكَيْمِلِ بْنِ سَاعِدَةَ، وَقِيلَ: عَاتِكَةُ. [القسم الثَّانِي الِابْنُ وَالْبِنْتُ وَالْأَخُ وَالْأُخْتُ] (الثَّانِي: الِابْنُ وَالْبِنْتُ) وَالْأَخُ وَالْأُخْتُ وَالِابْنَانِ وَالْأَخَوَانِ وَابْنُ الْأَخِ وَابْنُ الْأُخْتِ. (كَحَدِيثِ أُمِّ عَطِيَّةَ فِي «غُسْلِ بِنْتِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَاءٍ وَسِدْرٍ» ، وَهِيَ زَيْنَبُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا) زَوْجَةُ أَبِي الْعَاصِ بْنِ الرَّبِيعِ (ابْنِ اللُّتْبِيَّةِ) الَّذِي اسْتَعْمَلَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الصَّدَقَةِ، فَقَالَ: «هَذَا لَكُمْ وَهَذَا لِي» اسْمُهُ، (عَبْدُ اللَّهِ) كَمَا فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ. وَهَذِهِ النِّسْبَةُ (إِلَى بَنِي لُتْبٍ بِإِسْكَانِ التَّاءِ) الْفَوْقِيَّةِ، وَضَمِّ اللَّامِ بَطْنٌ مِنَ الْأَزْدِ، (وَقِيلَ) فِيهِ ابْنُ (الْأُتْبِيَّةِ) بِالْهَمْزَةِ (وَلَا يَصِحُّ. ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ) تَكَرَّرَ فِي الْأَحَادِيثِ اسْمُهُ (عَبْدُ اللَّهِ) ابْنُ زَائِدٍ، قَالَهُ قَتَادَةُ وَرَجَّحَهُ الْبُخَارِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 859 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] (وَقِيلَ: عَمْرُو) ابْنُ قَيْسٍ، حَكَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنِ الْجُمْهُورِ مِنْهُمْ: الزُّهْرِيُّ، وَابْنُ إِسْحَاقَ، وَمُوسَى ابْنُ عُقْبَةَ، وَالزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَرَجَّحَهُ ابْنُ عَسَاكِرَ، وَالْمِزِّيُّ، وَجَعَلَ زَائِدَةَ جَدَّهُ. قَالَ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ: مَنْ قَالَ ابْنُ زَائِدَةَ، فَقَدْ نَسَبَهُ إِلَى جَدِّهِ (وَقِيلَ غَيْرُهُ) . فَقِيلَ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ [شُرَحْبِيلَ] بْنِ قَيْسِ بْنِ زَائِدَةَ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَحَكَاهُ عَنِ ابْنِ الْمَدِينِيِّ، وَالْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ. وَقِيلَ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ شُرَيْحِ بْنِ قَيْسِ بْنِ زَائِدَةَ. وَقِيلَ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْأَصَمِّ. قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: «وَكَانَ اسْمُهُ الْحُصَيْنَ فَسَمَّاهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَبْدَ اللَّهِ» ، (وَ) أُمُّهُ (اسْمُهَا عَاتِكَةُ) ، وَمِنْ ذَلِكَ: حَدِيثُ أَنَّ عُمَرَ رَأَى حُلَّةً سِيَرَاءَ، الْحَدِيثَ، وَفِيهِ فَكَسَاهَا عُمَرُ أَخًا لَهُ مُشْرِكًا بِمَكَّةَ، هُوَ أَخُوهُ لِأُمِّهِ عُثْمَانُ بْنُ حَكِيمِ بْنِ أُمَيَّةَ السُّلَمِيُّ، قَالَهُ ابْنُ بَشْكُوالَ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 860 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَحَدِيثُ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، عَنِ امْرَأَتِهِ عَنْ أُخْتِ حُذَيْفَةَ فِي التَّحَلِّي بِالْفِضَّةِ، هِيَ فَاطِمَةُ، وَقِيلَ: خَوْلَةُ. وَحَدِيثُ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قُلْتُ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أُخْتِي نَذَرَتْ أَنْ تَمْشِيَ» . الْحَدِيثَ، هِيَ أُمُّ حِبَّانَ، بِالْكَسْرِ وَالْمُوَحَّدَةِ، بِنْتُ عَامِرٍ، ذَكَرَهُ ابْنُ مَاكُولَا. وَحَدِيثُ الْيَهُودِ: فَأَسْلَمَ مِنْهَا ابْنَا شُعْبَةَ، أَحَدُهُمَا ثَعْلَبَةُ وَالْآخَرُ أَسَدٌ، أَوْ أُسَيْدٌ أَوْ أَسِيدٌ أَقْوَالٌ. وَحَدِيثُ قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ لِعَائِشَةَ (إِنَّمَا هُمَا أَخَوَاكِ وَأُخْتَاكِ) هُمْ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَمُحَمَّدٌ، وَأَسْمَاءُ، وَأُمُّ كُلْثُومٍ. وَحَدِيثُ جَاءَتْ أُمُّ كُلْثُومٍ بِنْتُ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ مُسْلِمَةً، فَجَاءَ أَخَوَاهَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 861 الثَّالِثُ: الْعَمُّ وَالْعَمَّةُ كَرَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ عَنْ عَمِّهِ، هُوَ ظُهَيْرُ بْنُ رَافِعٍ. زِيَادُ بْنُ عِلَاقَةَ عَنْ عَمِّهِ، هُوَ قُطْبَةُ بْنُ مَالِكٍ. عَمَّةُ جَابِرٍ، الَّتِي بَكَتْ أَبَاهُ يَوْمَ أُحُدٍ هِيَ فَاطِمَةُ بِنْتُ عَمْرٍو، وَقِيلَ: هِنْدٌ.   [تدريب الراوي] يَطْلُبَانِهَا، هُمَا عِمَارَةُ وَالْوَلِيدُ ابْنَا عُقْبَةَ، قَالَهُ ابْنُ هِشَامٍ وَغَيْرُهُ. وَحَدِيثُ «هَلْ فِي الْبَيْتِ إِلَّا قُرَشِيُّ؟ قَالُوا: غَيْرُ ابْنِ أُخْتِنَا» ، الْحَدِيثَ، هُوَ النُّعْمَانُ بْنُ مُقْرِنٍ. [القسم الثَّالِثُ الْعَمُّ وَالْعَمَّةُ] (الثَّالِثُ: الْعَمُّ وَالْعَمَّةُ) قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَنَحْوُهُمَا، أَيْ كَالْخَالِ وَالْخَالَةِ وَالْأَبِ وَالْأُمِّ وَالْجَدِّ وَالْجَدَّةِ وَابْنِ أَوْ بِنْتِ الْعَمِّ وَالْعَمَّةِ وَالْخَالِ وَالْخَالَةِ. (كَرَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، عَنْ عَمِّهِ) فِي النَّهْيِ عَنِ الْمُخَابَرَةِ، (هُوَ ظُهَيْرُ) بِضَمِّ الظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ (بْنُ رَافِعٍ) ابْنِ عَدِيٍّ. وَقِيلَ: أُسَيْدُ بْنُ ظُهَيْرِ بْنِ الْحَارِثِ. (زِيَادُ بْنُ عِلَاقَةَ عَنْ عَمِّهِ) مَرْفُوعًا «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ مُنْكَرَاتِ الْأَخْلَاقِ» ، الْحَدِيثُ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، (هُوَ قُطْبَةُ بْنُ مَالِكٍ) الثَّعْلَبِيُّ كَمَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ، فِي حَدِيثٍ آخَرَ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 862 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَمِنْ ذَلِكَ (عَمَّةُ جَابِرٍ الَّتِي بَكَتْ أَبَاهُ) لَمَّا قُتِلَ (يَوْمَ أُحُدٍ) كَمَا فِي الصَّحِيحِ، (هِيَ فَاطِمَةُ بِنْتُ عَمْرِو) بْنِ حَرَامٍ، وَقَعَتْ مُسَمَّاةً فِي مُسْنَدِ الطَّيَالِسِيِّ. (قِيلَ: هِنْدٌ) قَالَهُ: الْوَاقِدِيُّ. وَمِنْ ذَلِكَ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ، «أَهَدَتْ خَالَتِي إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَمْنًا، وَأَقِطًا، وَأَضُبًّا» ، قِيلَ: اسْمُهَا هُزَيْلَةُ. وَقِيلَ: حُفَيْدَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ، وَتُكَنَّى أُمَّ حُفَيْدٍ. وَقِيلَ: أَمْ عَتِيقٍ. وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ (كُنْتُ أَدْعُو أُمِّي إِلَى الْإِسْلَامِ) الْحَدِيثَ، اسْمُهَا أُمَيَّةُ بِنْتُ صُفَيْحِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ دَوْسٍ، قَالَهُ ابْنُ قُتَيْبَةَ. وَحَدِيثُ أُمِّ كَرْدَمِ بْنِ سُفْيَانَ. قَالَ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ خَرَجْتُ أَنَا وَابْنُ عَمٍّ لِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَحَفِيَ. فَقَالَ: مَنْ يُعْطِنِي نَعْلًا أُنْكِحْهُ ابْنَتِي» . الْحَدِيثَ، قَالَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 863 الرَّابِعُ: الزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ: زَوْجُ سُبَيْعَةَ، سَعْدُ بْنُ خَوْلَةَ. زَوْجُ بَرْوَعَ بِالْفَتْحِ. وَعِنْدَ الْمُحَدِّثِينَ بِالْكَسْرِ. هِلَالُ بْنُ مُرَّةَ.   [تدريب الراوي] الْخَطِيبُ: ابْنُ عَمِّهِ ثَابِتُ بْنُ الْمُرَفَّعِ. وَحَدِيثُ نَافِعٍ تَزَوَّجَ ابْنُ عُمَرَ بِنْتَ خَالِهِ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ. فَقَالَتْ أُمُّهَا: بِنْتِي تَكْرَهُ ذَلِكَ، اسْمُ بِنْتِ خَالِهِ زَيْنَبُ، وَأُمُّهَا خَوْلَةُ بِنْتُ حَكِيمِ بْنِ أُمَيَّةَ. [القسم الرَّابِعُ الزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ وَالْعَبْدُ وَأُمُّ الْوَلَدِ] (الرَّابِعُ: الزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ) ، وَالْعَبْدُ وَأُمُّ الْوَلَدِ (زَوْجُ سُبَيْعَةَ) الْأَسْلَمِيَّةِ الَّتِي وَلَدَتْ بَعْدَ وَفَاتِهِ بِلَيَالٍ، الْحَدِيثُ فِي الصَّحِيحَيْنِ، هُوَ (سَعْدُ بْنُ خَوْلَةَ زَوْجُ بَرْوَعَ) بِنْتِ وَاشِقٍ (بِالْفَتْحِ) لِلْبَاءِ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ، (وَعِنْدَ الْمُحَدِّثِينَ بِالْكَسْرِ) هُوَ (هِلَالُ بْنُ مُرَّةَ) الْأَشْجَعِيُّ. وَمَثَّلَ ابْنُ الصَّلَاحِ لِلزَّوْجَةِ بِزَوْجَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الزُّبَيْرِ الَّتِي كَانَتْ تَحْتَ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيِّ، فَطَلَّقَهَا، اسْمُهَا تَمِيمَةُ بِنْتُ وَهْبٍ. وَقِيلَ: تُمَيْمَةُ بِضَمِّ التَّاءِ. وَقِيلَ: سُهَيْمَةُ. وَمِثَالُ أُمِّ الْوَلَدِ حَدِيثُ أُمِّ وَلَدٍ لِإِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ: أَنَّهَا سَأَلَتْ أُمَّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 864 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] سَلَمَةَ فَقَالَتْ: إِنِّي أُطِيلُ ذَيْلِي وَأَمْشِي. الْحَدِيثَ، هِيَ حُمَيْدَةُ، ذَكَرَهُ النَّسَائِيُّ. وَمِثَالُ الْعَبْدِ حَدِيثُ جَابِرٍ: أَنَّ عَبْدًا لِحَاطِبٍ قَالَ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ: لَيَدْخُلَنَّ حَاطِبٌ النَّارَ» ، اسْمُهُ سَعْدٌ. تَنْبِيهٌ: مِنَ الْمُبْهَمِ مَا لَمْ يُصَرَّحْ بِذِكْرِهِ، بَلْ يَكُونُ مَفْهُومًا مِنْ سِيَاقِ الْكَلَامِ، كَقَوْلِ الْبُخَارِيِّ: (وَقَالَ مُعَاذٌ: اجْلِسْ بِنَا نُؤْمِنْ سَاعَةً) فَالْمَقُولُ لَهُ ذَلِكَ مَطْوِيٌّ، وَهُوَ الْأَسْوَدُ بْنُ هِلَالٍ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 865 النَّوْعُ السِّتُّونَ: التَّوَارِيخُ وَالْوَفَيَاتُ: هُوَ فَنٌّ مُهِمٌّ بِهِ يُعْرَفُ اتِّصَالُ الْحَدِيثِ وَانْقِطَاعُهُ، وَقَدِ ادَّعَى قَوْمٌ الرِّوَايَةَ عَنْ قَوْمٍ فَنُظِرَ فِي التَّارِيخِ فَظَهَرَ أَنَّهُمْ زَعَمُوا الرِّوَايَةَ عَنْهُمْ بَعْدَ وَفَاتِهِمْ بِسِنِينَ.   [تدريب الراوي] [النَّوْعُ السِّتُّونَ التَّوَارِيخُ وَالْوَفَيَاتِ] [التعريف بهذا النوع] (النَّوْعُ السِّتُّونَ: التَّوَارِيخُ) لِمَوَالِيدِ الرُّوَاةِ، وَالسَّمَاعِ، وَالْقُدُومِ لِلْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ، (وَالْوَفَيَاتِ) لَهُمْ، (هُوَ فَنٌّ مُهِمٌّ بِهِ يُعْرَفُ اتِّصَالُ الْحَدِيثِ وَانْقِطَاعُهُ، وَقَدِ ادَّعَى قَوْمٌ الرِّوَايَةَ عَنْ قَوْمٍ، فَنُظِرَ فِي التَّارِيخِ فَظَهَرَ أَنَّهُمْ زَعَمُوا الرِّوَايَةَ عَنْهُمْ بَعْدَ وَفَاتِهِمْ بِسِنِينَ) . كَمَا سَأَلَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ رَجُلًا اخْتِبَارًا: أَيُّ سَنَةٍ كَتَبْتَ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ؟ فَقَالَ: سَنَةَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ، فَقَالَ: أَنْتَ تَزْعُمُ أَنَّكَ سَمِعْتَ مِنْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ بِسَبْعِ سِنِينَ، فَإِنَّهُ مَاتَ سَنَةَ سِتٍّ وَمِائَةٍ. وَقِيلَ: خَمْسٍ. وَقِيلَ: أَرْبَعٍ. وَقِيلَ: ثَلَاثٍ. وَقِيلَ: ثَمَانٍ. وَسَأَلَ الْحَاكِمُ مُحَمَّدَ بْنَ حَاتِمٍ الْكَسِّيَّ عَنْ مَوْلِدِهِ لَمَّا حَدَّثَ عَنْ عَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ، فَقَالَ: سَنَةَ سِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ، فَقَالَ: هَذَا سَمِعَ مِنْ عَبْدٍ بَعْدَ مَوْتِهِ بِثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً. قَالَ حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ الْقَاضِي: إِذَا اتَّهَمْتُمُ الشَّيْخَ فَحَاسِبُوهُ بِالسِّنِينَ، يَعْنِي سِنَّهُ وَسِنَّ مَنْ كَتَبَ عَنْهُ. وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: لَمَّا اسْتَعْمَلَ الرُّوَاةُ الْكَذِبَ، اسْتَعْمَلْنَا لَهُمُ التَّارِيخَ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 866 فُرُوعٌ: الْأَوَّلُ: الصَّحِيحُ فِي سِنِّ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ سَيِّدِ الْبَشَرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَصَاحِبَيْهِ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمْرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - ثَلَاثٌ وَسِتُّونَ، وَقُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ضُحَى الِاثْنَيْنِ لِثِنْتَيْ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ مِنَ هِجْرَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى الْمَدِينَةِ، وَمِنْهَا التَّارِيخُ. وَأَبُو بَكْرٍ فِي جُمَادَى الْأُولَى سَنَةَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ، وَعُمَرُ فِي ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ، وَعُثْمَانُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِيهِ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ ابْنُ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ سَنَةً، وَقِيلَ: ابْنُ تِسْعِينَ، وَقِيلَ غَيْرُهُ. وَعَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ أَرْبَعِينَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ، وَقِيلَ: أَرْبَعٌ، وَقِيلَ: خَمْسٌ. وَطَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ فِي جُمَادَى الْأُولَى سَنَةَ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ، قَالَ الْحَاكِمُ: كَانَا ابْنَيْ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ، وَقِيلَ غَيْرُ قَوْلِهِ، وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ عَلَى الْأَصَحِّ، ابْنُ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ. وَسَعِيدٌ سَنَةَ إِحْدًى وَخَمْسِينَ ابْنُ ثَلَاثٍ أَوْ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ ابْنُ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ سَنَةَ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ ابْنُ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ، وَفِي بَعْضِ هَذَا خِلَافٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجَمَعِينَ.   [تدريب الراوي] وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ يَزِيدَ: لَمْ نَسْتَعِنْ عَلَى الْكَذَّابِينَ بِمِثْلِ التَّارِيخِ. نَقُولُ لِلشَّيْخِ: سَنَةَ كَمْ وُلِدْتَ؟ ؟ فَإِذَا أَقَرَّ بِمَوْلِدِهِ عَرَفْنَا صِدْقَهُ مِنْ كَذِبِهِ. وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُمَيْدِيُّ: ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ مِنْ عُلُومِ الْحَدِيثِ يَجِبُ تَقْدِيمُ التَّهَمُّمِ بِهَا: الْعِلَلُ، وَالْمُؤْتَلِفُ وَالْمُخْتَلِفُ، وَوَفَيَاتُ الشُّيُوخِ، وَلَيْسَ فِيهِ كِتَابٌ. يَعْنِي عَلَى الِاسْتِقْصَاءِ وَإِلَّا فَفِيهِ كُتُبٌ كَالْوَفَيَاتِ لِابْنِ زَبْرٍ وَلِابْنِ قَانِعٍ. وَذَيَّلَ عَلَى ابْنِ زَبْرٍ الْحَافِظُ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَحْمَدَ الْكَتَّانِيُّ، ثُمَّ أَبُو مُحَمَّدٍ الْأَكْفَانِيُّ، ثُمَّ الْحَافِظُ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ الْمُفَضَّلِ، ثُمَّ الْمُنْذِرِيُّ، ثُمَّ الشَّرِيفُ عِزُّ الدِّينِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحُسَيْنِيُّ، ثُمَّ الْمُحَدِّثُ أَحْمَدُ بْنُ أَيْبَكَ الدِّمْيَاطِيُّ، ثُمَّ الْحَافِظُ أَبُو الْفَضْلِ الْعِرَاقِيُّ. [فُرُوعٌ الْأَوَّلُ فِي وَفَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ الْعَشَرَةِ] فُرُوعٌ: فِي عُيُونٍ مِنْ ذَلِكَ: (الْأَوَّلُ:) فِي وَفَاةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابِهِ الْعَشَرَةِ: (الصَّحِيحُ فِي سِنِّ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ سَيِّدِ الْبَشَرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَصَاحِبَيْهِ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - ثَلَاثٌ وَسِتُّونَ) سَنَةً. قَالَهُ الْجُمْهُورُ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَالتَّابِعِينَ، فَمَنْ بَعْدَهُمْ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، وَالْجُمْهُورُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 867 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَقِيلَ: سِنُّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سِتُّونَ، رُوِيَ عَنْ أَنَسٍ، وَفَاطِمَةَ الْبَتُولِ، وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَمَالِكٍ. وَقِيلَ: خَمْسٌ وَسِتُّونَ، رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَنَسٍ أَيْضًا، وَدَغْفَلِ بْنِ طَلْحَةَ. وَقِيلَ: اثْنَتَانِ وَسِتُّونَ، قَالَهُ قَتَادَةُ. وَحَكَى الْآخَرَانِ أَيْضًا فِي أَبِي بَكْرٍ، وَحَكَى الْأَوَّلُ فِي عُمَرَ. وَقِيلَ: عَاشَ عُمَرُ سِتًّا وَسِتِّينَ. وَقِيلَ: إِحْدَى وَسِتِّينَ. وَقِيلَ: تِسْعًا وَخَمْسِينَ. وَقِيلَ: سَبْعًا وَخَمْسِينَ. وَقِيلَ: سِتًّا وَخَمْسِينَ. وَقِيلَ: خَمْسًا وَخَمْسِينَ. (وَقُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ضُحَى) يَوْمِ (الِاثْنَيْنِ، لِثِنْتَيْ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ مِنْ هِجْرَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى الْمَدِينَةِ) لَا خِلَافَ بَيْنِ أَهْلِ السِّيَرِ فِي ذَلِكَ، إِلَّا فِي تَعْيِينِ الْيَوْمِ مِنَ الشَّهْرِ، فَالْجُمْهُورُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ، أَنَّهُ فِي يَوْمِ الثَّانِيَ عَشَرَ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 868 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ: مُسْتَهَلُّ الشَّهْرِ. وَقَالَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيِّ: ثَانِيهِ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ، وَإِنْ كَانَ قَوْلَ الْجُمْهُورِ فَقَدِ اسْتَشْكَلَهُ السُّهَيْلِيُّ مِنْ حَيْثُ التَّارِيخُ، وَذَلِكَ لِأَنَّ يَوْمَ عَرَفَةَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ كَانَ يَوْمَ الْجُمْعَةِ بِالْإِجْمَاعِ، لِحَدِيثِ عُمَرَ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ ثَانِيَ عَشَرَ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنَ السَّنَةِ الَّتِي تَلِيهَا يَوْمَ الِاثْنَيْنِ، لَا عَلَى تَقْدِيرِ كَمَالِ الشُّهُورِ وَلَا نَقْصِهَا، وَلَا كَمَالِ بَعْضٍ وَنَقْصِ بَعْضٍ، لِأَنَّ ذَا الْحِجَّةِ أَوَّلُهُ الْخَمِيسُ، فَإِنْ نَقَصَ هُوَ وَالْمُحَرَّمُ وَصَفَرُ كَانَ ثَانِيَ عَشَرَ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ يَوْمَ الْخَمِيسِ، وَإِنْ كَمُلَتِ الثَّلَاثَةُ فَثَانِي عَشْرَةَ الْأَحَدُ، وَإِنْ نَقَصَ بَعْضٌ وَكَمُلَ بَعْضٌ فَثَانِي عَشْرَةَ الْجُمْعَةُ أَوِ السَّبْتُ. قَالَ: وَقَدْ رَأَيْتُ بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ يُجِيبُ، بِأَنْ تُفْرَضَ الشُّهُورُ الثَّلَاثَةُ كَوَامِلَ، وَيَكُونُ قَوْلُهُمْ لِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ مِنْهُ، أَيْ بِأَيَّامِهَا كَامِلَةً، فَيَكُونُ وَفَاتُهُ بَعْدَ اسْتِكْمَالِ ذَلِكَ، وَالدُّخُولِ فِي الثَّالِثَ عَشَرَ. قَالَ: وَفِيهِ نَظَرٌ مِنْ حَيْثُ إِنَّ الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ أَهْلِ السِّيَرِ نُقْصَانُ الثَّلَاثَةِ أَوِ اثْنَيْنِ مِنْهُمَا، بِدَلِيلِ مَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ إِلَى سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرِضَ لِاثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ لَيْلَةً مِنْ صَفَرٍ، وَكَانَ أَوَّلُ يَوْمٍ مَرِضَ فِيهِ يَوْمَ السَّبْتِ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ الْيَوْمَ الْعَاشِرَ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ لِلَيْلَتَيْنِ خَلَتَا مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَوَّلَ صَفَرٍ السَّبْتُ، فَلَزِمَ نُقْصَانُ ذِي الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمِ، وَقَوْلُهُ: كَانَتْ وَفَاتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ الْعَاشِرِ، أَيْ مِنْ مَرَضِهِ فَيَدُلُّ عَلَى نُقْصَانِ صَفَرٍ أَيْضًا» . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 869 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] رَوَى الْوَاقِدِيُّ عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: «اشْتَكَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمُ الْأَرْبِعَاءَ لِإِحْدَى عَشْرَةَ بَقِيَتْ مِنْ صَفَرٍ إِلَى أَنْ قَالَ: اشْتَكَى ثَلَاثَةَ عَشَرَةَ يَوْمًا، وَتُوُفِّيَ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ لِلَيْلَتَيْنِ خَلَتَا مِنْ رَبِيعٍ» . فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى نَقْصِ الشَّهْرِ أَيْضًا، إِلَّا أَنَّهُ جَعَلَ مُدَّةَ مَرَضِهِ أَكْثَرَ مِمَّا فِي حَدِيثِ التَّيْمِيِّ. وَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْمُرَادَ بِهَذَا ابْتِدَاءُ مَرَضِهِ، وَبِالْأَوَّلِ اشْتِدَادُهُ، وَالْوَاقِدِيُّ وَإِنْ ضَعَّفَ فِي الْحَدِيثِ فَهُوَ مِنْ أَئِمَّةِ السِّيَرِ، وَأَبُو مَعْشَرٍ نَجِيحٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ. وَرَوَى الْخَطِيبُ فِي الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ، مِنْ رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ مَسْلَمَةَ بْنِ قُتَيْبَةَ الْبَاهِلِيِّ: ثَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرِضَ ثَمَانِيَةً، فَتُوُفِّيَ لِلَيْلَتَيْنِ خَلَتَا مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ» ، الْحَدِيثَ. فَاتَّضَحَ أَنَّ قَوْلَ التَّيْمِيِّ وَمَنْ وَافَقَهُ رَاجِحٌ مِنْ حَيْثُ التَّارِيخُ. قَالَ: وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ كَابْنِ الصَّلَاحِ: ضُحَى، يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ أَنَسٍ: «آخِرُ نَظْرَةٍ نَظَرْتُهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» - الْحَدِيثَ، وَفِيهِ تُوُفِّيَ مِنْ آخِرِ ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ تَأَخَّرَ بَعْدَ الضُّحَى، وَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْمُرَادَ أَوَّلُ النِّصْفِ الثَّانِي فَهُوَ آخِرُ وَقْتِ الضُّحَى وَهُوَ آخِرُ النَّهَارِ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ مِنَ النِّصْفِ الثَّانِي، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا رَوَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ بِسَنَدِهِ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ: «مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ارْتِفَاعَ الضُّحَى، وَانْتِصَافَ النَّهَارِ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ» . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 870 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَذَكَرَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ فِي مَغَازِيهِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، «تُوُفِّيَ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ حِينَ زَالَتِ الشَّمْسُ» . (وَمِنْهَا) أَيْ مِنَ الْهِجْرَةِ (التَّارِيخُ) هَذِهِ فَائِدَةٌ زَادَهَا الْمُصَنِّفُ. رَوَى الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: مَا عَدُّوا مِنْ مَبْعَثِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا مِنْ مُتَوَفَّاهُ، إِنَّمَا عَدُّوا مِنْ مَقْدِمِهِ الْمَدِينَةَ. وَرَوَى فِي تَارِيخِهِ الصَّغِيرِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ التَّارِيخُ فِي السَّنَةِ الَّتِي قَدِمَ فِيهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَرَوَى أَيْضًا عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ: عُمَرُ مَتَى نَكْتُبُ التَّارِيخَ؟ فَجَمَعَ الْمُهَاجِرِينَ، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: مِنْ يَوْمِ هَاجَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَكَتَبَ التَّارِيخَ. وَرَوَى ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ فِي تَارِيخِهِ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ قَدِمَ مِنْ أَرْضِ الْيَمَنِ، فَقَالَ لِعُمَرَ: رَأَيْتُ بِالْيَمَنِ شَيْئًا يُسَمُّونَهُ التَّارِيخَ، يَكْتُبُونَ مِنْ عَامِ كَذَا وَشَهْرِ كَذَا، فَقَالَ عُمَرُ: إِنَّ هَذَا لَحَسَنٌ، فَأَرِّخُوا، فَلَمَّا أَجْمَعَ عَلَى أَنْ يُؤَرِّخَ شَاوَرَ. فَقَالَ قَوْمٌ: بِمَوْلِدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ قَوْمٌ: بِالْمَبْعَثِ. وَقَالَ قَوْمٌ: حِينَ خَرَجَ مُهَاجِرًا مِنْ مَكَّةَ. وَقَالَ قَائِلٌ: بِالْوَفَاةِ حِينَ تُوُفِّيَ. فَقَالَ: أَرِّخُوا خُرُوجَهُ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 871 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] ثُمَّ قَالَ: بِأَيِّ شَهْرٍ نَبْدَأُ، فَنُصَيِّرُهُ أَوَّلَ السَّنَةِ، فَقَالُوا: رَجَبٌ فَإِنَّ أَهْلَ الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا يُعَظِّمُونَهُ. وَقَالَ آخَرُونَ: شَهْرُ رَمَضَانَ. وَقَالَ آخَرُونَ: ذُو الْحِجَّةِ فِيهِ الْحَجُّ. وَقَالَ آخَرُونَ: الشَّهْرُ الَّذِي خَرَجَ فِيهِ مِنْ مَكَّةَ. وَقَالَ آخَرُونَ: الشَّهْرُ الَّذِي قَدِمَ فِيهِ. فَقَالَ عُثْمَانُ: أَرِّخُوا مِنَ الْمُحَرَّمِ أَوَّلَ السَّنَةِ، وَهُوَ شَهْرٌ حَرَامٌ، وَهُوَ أَوَّلُ الشُّهُورِ فِي الْعِدَّةِ، وَهُوَ مُنْصَرَفُ النَّاسِ عَنِ الْحَجِّ. فَصَيَّرُوا أَوَّلَ السَّنَةِ الْمُحَرَّمَ، وَكَانَ ذَلِكَ فِي سَنَةِ سَبْعَ عَشْرَةَ. وَقَدْ رَوَى سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ فِي سُنَنِهِ بِسَنَدٍ حَسَنٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {وَالْفَجْرِ} [الفجر: 1] قَالَ: الْفَجْرُ شَهْرُ الْمُحَرَّمِ. وَهُوَ فَجْرُ السَّنَةِ. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ حَجَرٍ فِي أَمَالِيهِ: بِهَذَا يَحْصُلُ الْجَوَابُ عَنِ الْحِكْمَةِ فِي تَأَخُّرِ التَّارِيخِ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ إِلَى الْمُحَرَّمِ. بَعْدَ أَنِ اتَّفَقُوا عَلَى جَعْلِ التَّارِيخِ مِنَ الْهِجْرَةِ. وَإِنَّمَا كَانَتْ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ. انْتَهَى وَرَوَى ابْنُ عَسَاكِرَ فِي تَارِيخِهِ بِسَنَدِهِ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ قَالَ: رُفِعَ إِلَى عُمَرَ صَكٌّ سِجِّلُهُ شَعْبَانَ فَقَالَ: أَيُّ شَعْبَانَ! الَّذِي نَحْنُ فِيهِ؟ أَمِ الَّذِي مَضَى أَمِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 872 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] الَّذِي هُوَ آتٍ؟ ثُمَّ قَالَ لِلصَّحَابَةِ: ضَعُوا لِلنَّاسِ شَيْئًا يَعْرِفُونَهُ مِنَ التَّارِيخِ، فَأَجْمَعُوا عَلَى الْهِجْرَةِ. لَكِنْ رَأَيْتُ فِي مَجْمُوعٍ بِخَطِّ ابْنِ الْقَمَّاحِ عَنِ ابْنِ الصَّلَاحِ أَنَّهُ قَالَ: ذَكَرَ أَبُو طَاهِرِ بْنُ مَحْمِشٍ الزِّيَادِيُّ فِي كِتَابِ الشُّرُوطِ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرَّخَ بِالْهِجْرَةِ حِينَ كَتَبَ الْكِتَابَ لِنَصَارَى نَجْرَانَ، وَأَمَرَ عِلِيًّا أَنْ يَكْتُبَ فِيهِ: إِنَّهُ كُتِبَ لِخَمْسٍ مِنَ الْهِجْرَةِ» . قَالَ: فَالْمُؤَرِّخُ بِهَا إِذَنْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعُمَرُ تَبِعَهُ فِي ذَلِكَ، وَقَدْ أَشْبَعْتُ الْكَلَامَ فِي ذَلِكَ فِي مُؤَلَّفٍ مُسْتَقِلٍّ يَخْتَصُّ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ. (وَ) تُوُفِّيَ (أَبُو بَكْرٍ) - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - (فِي جُمَادَى الْأَوَّلِ سَنَةَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ) يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ. وَقِيلَ: لَيْلَةَ الثُّلَاثَاءِ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعَشَاءِ لِثَمَانٍ. وَقِيلَ: لِثَلَاثٍ بَقِينَ مِنْهُ. وَقِيلَ: فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ لَيْلَةَ الْإِثْنَيْنِ لِسَبْعَ عَشْرَةَ مَضَتْ مِنْهُ. وَقِيلَ: يَوْمَ الْجُمْعَةِ لِسَبْعِ لَيَالٍ بَقِينَ. وَقِيلَ: لِثَمَانٍ بَقِينَ مِنْهُ. وَالصَّحِيحُ الَّذِي جَزَمَ بِهِ الْأَئِمَّةُ، وَصَحَّحَهُ الْحُفَّاظُ، وَثَبَتَ بِأَسَانِيدَ صَحِيحَةٍ، عَنْ عَائِشَةَ وَغَيْرِهَا، عَشِيَّةَ لَيْلَةِ يَوْمِ الثُّلَاثَاءِ، لِثَمَانٍ بَقِينَ مِنْ جُمَادَى الْآخِرَةِ. (وَ) تُوُفِّيَ (عُمَرُ فِي ذِي الْحِجَّةِ) ، آخَرَ يَوْمٍ مِنْهُ يَوْمَ الْجُمْعَةِ (سَنَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ) ، وَدُفِنَ يَوْمَ السَّبْتِ مُسْتَهَلَّ الْمُحَرَّمِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 873 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] (وَ) قُتِلَ (عُثْمَانُ فِيهِ) أَيْ فِي ذِي الْحِجَّةِ يَوْمَ الْجُمْعَةِ ثَانِيَ عَشْرَةَ. وَقِيلَ: ثَامِنُهُ. وَقِيلَ: ثَامِنُ عَشْرَيْهِ. وَقِيلَ: ثَانِيَ عَشْرِهِ. وَقِيلَ: ثَالِثَ عَشْرِهِ (سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ) . وَقِيلَ: أَوَّلَ سَنَةِ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ. وَفِي تَارِيخِ الْبُخَارِيِّ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلَاثِينَ. قَالَ ابْنُ نَاصِرٍ: وَهُوَ خَطَأٌ مِنْ رُوَاتِهِ. وَهُوَ (ابْنُ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ) قَالَهُ أَبُو الْيَقْظَانِ، وَادَّعَى الْوَاقِدِيُّ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ. (وَقِيلَ: ابْنُ تِسْعِينَ وَقِيلَ غَيْرُهُ) . فَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: ابْنُ ثَمَانِينَ. وَقَالَ قَتَادَةُ: سِتٍّ وَثَمَانِينَ. وَقِيلَ: ثَمَانٍ وَثَمَانِينَ. (وَ) قُتِلَ (عَلِيُّ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ) لَيْلَةَ الْحَادِي وَالْعِشْرِينَ مِنْهُ. وَقِيلَ: يَوْمَ الْجُمْعَةِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 874 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَقِيلَ: لَيْلَتَهَا سَابِعَ عَشْرَةَ. وَقِيلَ: حَادِيَ عَشْرَةَ، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ. (سَنَةَ أَرْبَعِينَ) وَقَالَ ابْنُ زَبْرٍ: سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلَاثِينَ، وَهُوَ وَهْمٌ لَمْ يُتَابَعْ عَلَيْهِ. وَهُوَ (ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ. وَقِيلَ: أَرْبَعٍ) وَسِتِّينَ. (وَقِيلَ: خَمْسٍ) وَسِتِّينَ. وَقِيلَ: اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ. وَقِيلَ: ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ. وَقِيلَ: سَبْعٍ وَخَمْسِينَ. (وَطَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ) مَاتَا مَعًا (فِي) يَوْمٍ وَاحِدٍ قُتِلَا فِي وَقْعَةِ الْجَمَلِ. وَقِيلَ الْآخَرُ يَوْمَ الْخَمِيسِ. وَقِيلَ: يَوْمَ الْجُمْعَةِ عَاشِرَ (جُمَادَى الْأُولَى) وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ (سَنَةَ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ) وَمَنْ قَالَ فِي رَجَبٍ، أَوْ رَبِيعٍ فَقَوْلَانِ مَرْجُوحَانِ. (قَالَ الْحَاكِمُ: كَانَا ابْنَيْ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ) سَنَةً، وَهُوَ قَوْلُ الْوَاقِدِيِّ، وَتَابَعَهُ ابْنُ حِبَّانَ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 875 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] (وَقِيلَ غَيْرُ قَوْلِهِ) فَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: كَانَ لِطَلْحَةَ ثَلَاثٌ وَسِتُّونَ. وَقَالَ عِيسَى بْنُ طَلْحَةَ: اثْنَتَانِ وَسِتُّونَ. وَقَالَ الْمَدِينِيُّ: سِتُّونَ وَقِيلَ: خَمْسٌ وَسَبْعُونَ. وَقِيلَ: كَانَ لِلزُّبَيْرِ سَبْعٌ وَسِتُّونَ. وَقِيلَ: سِتٌّ وَسِتُّونَ. وَقِيلَ: سِتُّونَ. وَقِيلَ: بِضْعٌ وَخَمْسُونَ. وَقِيلَ: خَمْسٌ وَسَبْعُونَ. فَائِدَةٌ: قَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: أَعْرَقُ النَّاسِ فِي الْقَتْلِ عِمَارَةُ بْنُ حَمْزَةَ بْنِ مُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ، قُتِلَ عِمَارَةُ وَأَبُوهُ حَمْزَةُ يَوْمَ قُدَيْدٍ وَقَتَلَ مُصْعَبًا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ، وَقُتِلَ الزُّبَيْرُ يَوْمَ الْجَمَلِ، وَقُتِلَ الْعَوَّامُ يَوْمَ الْفِجَارِ. زَادَ أَبُو مَنْصُورٍ الثَّعَالِبِيُّ فِي كِتَابِهِ: لَطَائِفِ الْمَعَارِفِ: وَقُتِلَ خُوَيْلِدٌ أَبُو الْعَوَّامِ فِي حَرْبِ خُزَاعَةَ. قَالَ: وَلَا نَعْرِفُ مِنَ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ سِتَّةً مَقْتُولِينَ فِي نَسَبٍ إِلَّا فِي آلِ الزُّبَيْرِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 876 الثَّانِي: صَحَابِيَّانِ عَاشَا سِتِّينَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَسِتِّينَ فِي الْإِسْلَامِ وَمَاتَا بِالْمَدِينَةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ: حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ، وَحَسَّانُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ الْمُنْذَرِ بْنِ حَرَامٍ، قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: عَاشَ حَسَّانُ وَآبَاؤُهُ الثَّلَاثَةُ كُلُ وَاحِدٍ مَائَةً وَعِشْرِينَ، وَلَا يُعْرَفُ لِغَيْرِهِمْ مِنَ الْعَرَبِ مِثْلُهُ، وَقِيلَ مَاتَ حَسَّانُ سَنَةَ خَمْسِينَ.   [تدريب الراوي] (وَ) تُوُفِّيَ (سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ عَلَى الْأَصَحِّ) وَقِيلَ: سَنَةَ خَمْسِينَ، وَقِيلَ: إِحْدَى وَقِيلَ: أَرْبَعٍ، وَقِيلَ: سِتٍّ، وَقِيلَ: سَبْعٍ، وَقِيلَ: ثَمَانٍ. (ابْنَ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ) وَقِيلِ: أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ، وَقِيلَ: اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ، وَقِيلَ: ثَلَاثٍ وَثَمَانِينَ، وَهُوَ آخِرُ الْعَشْرَةِ مَوْتًا. (وَ) تُوُفِّيَ (سَعِيدُ) ابْنُ زَيْدٍ (سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِينَ) وَقِيلَ: اثْنَتَيْنِ، وَقِيلَ: ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ. (ابْنَ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ) أَوْ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ قَالَ الْأَوَّلَ الْمَدِينِيُّ، وَالثَّانِي الْفَلَّاسُ. (وَ) تُوُفِّيَ (عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ) وَقِيلَ: إِحْدَى، وَقِيلَ: ثَلَاثٍ. (ابْنَ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ) وَقِيلَ: اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ، وَقِيلَ: ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ. (وَ) تُوُفِّيَ (أَبُو عُبَيْدَةَ) بِطَاعُونِ عَمْوَاسَ (سَنَةَ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ) ، وَهُوَ (ابْنُ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ) بِلَا خِلَافٍ فِي الْأَمْرَيْنِ. (وَفِي بَعْضِ هَذَا خِلَافٌ) كَمَا تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ (رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ) . [الثَّانِي صَحَابِيَّانِ عَاشَا سِتِّينَ سَنَةً فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَسِتِّينَ فِي الْإِسْلَامِ وَمَاتَا بِالْمَدِينَةِ] الجزء: 2 ¦ الصفحة: 877 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ) . أَحَدُهُمَا: (حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ) ابْنِ خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قَصَيٍّ الْأَسَدِيُّ ابْنُ أَخِي خَدِيجَةَ، وَكَانَ مَوْلِدُهُ فِي جَوْفِ الْكَعْبَةِ قُبَيْلَ عَامِ الْفِيلِ بِثَلَاثَ عَشْرَةَ. وَقِيلَ: مَاتَ سَنَةَ خَمْسِينَ. وَقِيلَ: سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ. وَقِيلَ: سَنَةَ سِتِّينَ. (وَ) الثَّانِي: (حَسَّانُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ الْمُنْذِرِ بْنِ حَرَامٍ) بِالرَّاءِ، الْأَنْصَارِيُّ الْخَزْرَجِيُّ النَّجَّارِيُّ. قَالَ (ابْنُ إِسْحَاقَ: عَاشَ حَسَّانُ وَآبَاؤُهُ الثَّلَاثَةُ) ثَابِتٌ، وَالْمُنْذِرُ، وَحَرَامُ (كُلُّ وَاحِدٍ) مِنْهُمْ (عَاشَ مِائَةً وَعِشْرِينَ سَنَةً، وَلَا يُعْرَفُ لِغَيْرِهِمْ مِنَ الْعَرَبِ مِثْلُهُ. وَقِيلَ: مَاتَ حَسَّانُ سَنَةَ خَمْسِينَ) . وَقِيلَ: فِي خِلَافَةِ عَلِيٍّ. ، وَقِيلَ: سَنَةَ أَرْبَعِينَ أَيَّامَ قَتْلِ عَلِيٍّ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 878 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَقِيلَ: مَاتَ وَهُوَ ابْنُ مِائَةِ سَنَةٍ، وَأَرْبَعِ سِنِينَ، وَكَذَا أَبُوهُ وَجَدُّهُ، قَالَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَالْجُمْهُورُ عَلَى الْأَوَّلِ. تَنْبِيهَانِ أَحَدُهُمَا: فِي الصَّحَابَةِ أَيْضًا مَنْ شَارَكَ حَكِيمًا، وَحَسَّانَ فِي ذَلِكَ: كَحُوَيْطِبِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى الْقُرَشِيِّ الْعَامِرِيِّ، مِنْ مُسْلِمَةِ الْفَتْحِ، عَاشَ سِتِّينَ سَنَةً فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَسِتِّينَ سَنَةً فِي الْإِسْلَامِ كَمَا رَوَاهُ الْوَاقِدِيُّ، وَمَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ، وَقِيلَ: اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِينَ. وَسَعِيدِ بْنِ يَرْبُوعٍ، مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ، وَلَهُ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ، وَقِيلَ: أَرْبَعٌ وَعِشْرُونَ. وَحَمْنَنِ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَسُكُونِ الْمِيمِ وَفَتْحِ النُّونِ الْأُولَى آخِرُهُ نُونٌ، فِيمَا ضَبَطَهُ ابْنُ مَاكُولَا. وَقَالَ بَعْضُهُمْ حَمْنَزُ، آخِرُهُ زَايٌ، أَخُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ. ذَكَرَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ وَالدَّارَقُطْنِيُّ فِي كِتَابِ الْإِخْوَةِ، وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ أَنَّهُ عَاشَ سِتِّينَ سَنَةً فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَسِتِّينَ سَنَةً فِي الْإِسْلَامِ، وَمَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ. وَمَخْرَمَةُ بْنُ نَوْفَلٍ وَالِدُ الْمِسْوَرِ، مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ، وَلَهُ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ، جَزَمَ بِهِ أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ مَنْدَهْ فِي جُزْءٍ لَهُ، جَمَعَ فِيهِ مَنْ عَاشَ مِنَ الصَّحَابَةِ مِائَةً وَعِشْرِينَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 879 الثَّالِثُ: أَصْحَابُ الْمَذَاهِبِ الْمَتْبُوعَةِ: سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ مَاتَ بِالْبَصْرَةِ سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّينَ وَمَائَةٍ، مَوْلِدُهُ سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِينَ. مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ مَاتَ بِالْمَدِينَةِ سَنَةَ تِسْعٍ وَسَبْعِينَ وَمَائَةٍ. قِيلَ: وُلِدَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَتِسْعِينَ، وَقِيلَ: إِحْدَى وَقِيلَ أَرْبَعٍ، وَقِيلَ: سَنَةَ سَبْعٍ. أَبُو حَنِيفَةَ النُّعْمَانُ بْنُ ثَابِتٍ، مَاتَ بِبَغْدَادَ سَنَةَ خَمْسِينَ وَمَائَةٍ ابْنُ سَبْعِينَ. أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ مَاتَ بِمِصْرَ آخِرَ رَجَبٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَمِائَتَيْنِ، وَوُلِدَ سَنَةَ خَمْسِينَ وَمَائَةٍ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ مَاتَ بِبَغْدَادَ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْآخَرِ سَنَةَ إِحْدًى وَأَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ، وَوُلِدَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ وَمَائَةٍ.   [تدريب الراوي] وَقِيلَ: عَاشَ مِائَةً وَخَمْسَ عَشْرَةَ. وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ مَنْدَهْ فِي كِتَابِهِ هَذَا جَمَاعَةً عَاشُوا مِائَةً وَعِشْرِينَ، وَلَكِنْ لَمْ يَعْلَمْ كَوْنَ نِصْفِهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَنِصْفِهَا فِي الْإِسْلَامِ كَعَاصِمِ بْنِ عَدِيٍّ الْعَجْلَانِيِّ، مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ، وَالْمُنْتَجِعِ جَدِّ نَاجِيَةَ، وَنَافِعِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْعَبْدِيِّ، وَاللَّجْلَاجِ الْعَامِرِيِّ، وَسَعْدِ بْنِ جُنَادَةَ الْعَوْفِيِّ وَالِدِ عَطِيَّةَ. وَفَاتَهُ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ الطَّائِيُّ، قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: وَخَلِيفَةٌ تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ عَنْ مِائَةٍ وَعِشْرِينَ، وَقِيلَ: سَنَةَ سِتِّينَ، وَقِيلَ: سَبْعٍ، وَالنَّابِغَةُ الْجَعْدِيُّ، وَلِبَيْدُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَأَوْسُ بْنُ مَغْرَاءَ السَّعْدِيُّ. ذَكَرَ الثَّلَاثَةَ الصَّرِيفِينِيُّ. وَنَوْفَلُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، ذَكَرَهُ ابْنُ قُتَيْبَةَ. وَعَبْدُ الْغَنِيِّ فِي الْكَمَالِ. وَمِنَ التَّابِعِينَ أَبُو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ صَاحِبُ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَزِرُّ بْنُ حُبَيْشٍ، وَقَدْ لَخَّصْتُ جُزْءَ ابْنِ مَنْدَهْ الْمَذْكُورَ وَزِدْتُ عَلَيْهِ مَا فَاتَهُ. الثَّانِي: قَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: كَانَ مَوْلِدُ حَكِيمٍ فِي جَوْفِ الْكَعْبَةِ. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: وَلَا يُعْرَفُ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ، وَمَا وَقَعَ فِي مُسْتَدْرَكِ الْحَاكِمِ مِنْ أَنَّ عَلِيًّا وُلِدَ فِيهَا ضَعِيفٌ. [الثَّالِثُ فِي وَفَيَاتِ أَصْحَابِ الْمَذَاهِبِ الْمَتْبُوعَةِ] أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (سُفْيَانُ) ابْنُ سَعِيدٍ (الثَّوْرِيُّ) كَانَ لَهُ مُقَلِّدُونَ إِلَى بَعْدِ الْخَمْسِمِائَةِ، (مَاتَ بِالْبَصْرَةِ سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 880 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: فِي شَعْبَانَ. (مَوْلِدُهُ سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِينَ) . وَقِيلَ: خَمْسٍ وَتِسْعِينَ. (وَ) أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، مَاتَ بِالْمَدِينَةِ سَنَةَ تِسْعٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ) . وَقِيلَ: فِي صَفَرٍ. وَقِيلَ: صَبِيحَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ. (قِيلَ: وُلِدَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَتِسْعِينَ. وَقِيلَ:) مَاتَ سَنَةَ (إِحْدَى) وَتِسْعِينَ. (وَقِيلَ: أَرْبَعٍ) وَتِسْعِينَ. (وَقِيلَ: سَبْعٍ) وَتِسْعِينَ. وَقِيلَ: سِتَّةٍ وَتِسْعِينَ. (أَبُو حَنِيفَةَ النُّعْمَانُ بْنُ ثَابِتٍ مَاتَ بِبَغْدَادَ سَنَةَ خَمْسِينَ وَمِائَةٍ) فِي رَجَبٍ. وَقِيلَ إِحْدَى وَخَمْسِينَ. وَقِيلَ ثَلَاثٍ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 881 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] (ابْنَ سَبْعِينَ) سَنَةً، فَإِنَّ مَوْلِدَهُ سَنَةَ ثَمَانِينَ. (أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ مَاتَ بِمِصْرَ) لَيْلَةَ الْخَمِيسِ (آخِرَ رَجَبٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَمِائَتَيْنِ) . وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: آخِرَ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ. (وَوُلِدَ سَنَةَ خَمْسِينَ وَمِائَةٍ) بِغَزَّةَ مِنَ الشَّامِ، وَقِيلَ: بِعَسْقَلَانَ، وَقِيلَ: بِالْيَمَنِ. (أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ مَاتَ بِبَغْدَادَ فِي) ضَحْوَةِ يَوْمِ الْجُمْعَةِ لِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ مِنْ (شَهْرِ رَبِيعٍ الْآخَرِ) . وَقِيلَ: لِثَلَاثَ عَشْرَةَ بَقِينَ مِنْهُ. وَقِيلَ: مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ (سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ. وَوُلِدَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ) فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ. تَنْبِيهٌ: مِنْ أَصْحَابِ الْمَذَاهِبِ الْمَتْبُوعَةِ: الْأَوْزَاعِيُّ، وَكَانَ لَهُ مُقَلِّدُونَ بِالشَّامِ نَحْوًا مِنْ مِائَتَيْ سَنَةٍ، وَمَاتَ بِبَيْرُوتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ. وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ، وَمَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 882 الرَّابِعُ: أَصْحَابُ كُتُبِ الْحَدِيثِ الْمُعْتَمَدَةِ: أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبُخَارِيُّ وُلِدَ يَوْمَ الْجَمْعَةِ لِثَلَاثَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ شَوَّالٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِينَ وَمَائَةٍ، وَمَاتَ لَيْلَةَ الْفِطْرِ سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْنِ، وَمُسْلِمٌ مَاتَ بِنَيْسَابُورَ لِخِمْسٍ بَقِينَ مِنْ رَجَبٍ سَنَةَ إِحْدًى وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ، ابْنُ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ. وَأَبُو دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ مَاتَ بِالْبَصْرَةِ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَتَيْنِ. وَأَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيُّ: مَاتَ بِتِرْمِذَ لِثَلَاثَ عَشْرَةَ مَضَتْ مِنْ رَجَبٍ سَنَةَ تِسْعٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَتَيْنِ. وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيُّ، مَاتَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِمِائَةٍ. ثُمَّ سَبْعَةٌ مِنَ الْحُفَّاظِ فِي سَاقَتِهِمْ، أَحْسَنُوا التَّصْنِيفَ، وَعَظُمَ النَّفْعُ بِتَصَانِيفِهِمْ، أَبُو الْحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيُّ، مَاتَ بِبَغْدَادَ فِي ذِي الْقِعْدَةِ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَمَانِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ وَوُلِدَ فِيهِ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلَاثِمِائَةٍ. ثُمَّ الْحَاكِمُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ النَّيْسَابُورِيُّ، مَاتَ بِهَا فِي صَفَرٍ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، وَوُلَدَ بِهَا فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ. ثُمَّ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ سَعِيدٍ: حَافِظُ مِصْرَ وُلِدَ فِي ذِي الْقِعْدَةِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، وَمَاتَ بِمِصْرَ فِي صَفَرٍ سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِمِائَةٍ. أَبُو نُعَيْمٍ: أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَصْبَهَانِيُّ: وُلِدَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلَاثِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، وَمَاتَ فِي صَفَرٍ سَنَةَ ثَلَاثِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ بِأَصْبَهَانَ. وَبَعْدَهُمْ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: حَافِظُ الْمَغْرِبِ، وُلِدَ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْآخَرِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، وَتُوُفِّيَ بِشَاطِبَةَ فِيهِ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ. ثُمَّ أَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ: وُلِدَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، وَمَاتَ بِنَيْسَابُورَ فِي جُمَادَى الْأُولَى سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ. ثُمَّ أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ: وُلِدَ فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ سَنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ وَمَاتَ بِبَغْدَادَ فِي ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ.   [تدريب الراوي] وَأَبُو جَعْفَرِ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ، وَوَفَاتُهُ سَنَةَ عَشْرٍ وَثَلَاثِمِائَةٍ. وَدَاوُدُ الظَّاهِرِيُّ، وَوَفَاتُهُ فِي ذِي الْقِعْدَةِ. وَقِيلَ: فِي رَمَضَانَ بِبَغْدَادَ سَنَةَ تِسْعِينَ وَمِائَتَيْنِ، وَمَوْلِدُهُ بِالْكُوفَةِ سَنَةَ ثِنْتَيْنِ وَمِائَتَيْنِ. [الرَّابِعُ فِي وَفَيَاتِ أَصْحَابِ كُتُبِ الْحَدِيثِ الْمُعْتَمَدَةِ] (الرَّابِعُ) فِي وَفَيَاتِ (أَصْحَابِ كُتُبِ الْحَدِيثِ الْمُعْتَمَدَةِ: أَبُو عَبْدِ اللَّهِ) مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ بَرْدِزْبَهْ، بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَكَسْرِ الدَّالِّ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الزَّايِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ ثُمَّ هَاءٍ، الْجُعْفِيُّ (الْبُخَارِيُّ) نِسْبَةً إِلَى بُخَارَى بِالْقَصْرِ أَعْظَمِ مَدِينَةٍ وَرَاءَ النَّهْرِ. (وُلِدَ يَوْمَ الْجُمْعَةِ) بَعْدَ الصَّلَاةِ، (لِثَلَاثَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ شَوَّالٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِينَ وَمِائَةٍ، وَمَاتَ لَيْلَةَ) السَّبْتِ وَقْتَ الْعَشَاءِ لَيْلَةَ عِيدِ (الْفِطْرِ سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْنِ) بِخَرْتَنْكَ قَرْيَةٍ بِقُرْبِ سَمَرْقَنْدَ. خَرَجَ إِلَيْهَا لَمَّا طَلَبَ مِنْهُ وَالِي بُخَارَى خَالِدُ بْنُ أَحْمَدَ الذُّهْلِيُّ أَنْ يَحْمِلَ لَهُ الْجَامِعَ وَالتَّارِيخَ لِيَسْمَعَهُ مِنْهُ، فَقَالَ لِرَسُولِهِ: قُلْ لَهُ: أَنَا لَا أُذِلُّ الْعِلْمَ وَلَا أَحْمِلُهُ إِلَى أَبْوَابِ السَّلَاطِينِ، فَأَمَرَهُ بِالْخُرُوجِ مِنْ بَلَدِهِ فَخَرَجَ إِلَى خَرْتَنْكَ وَكَانَ لَهُ بِهَا أَقْرِبَاءُ فَنَزَلَ عِنْدَهُمْ، وَسَأَلَ اللَّهَ أَنْ يَقْبِضَهُ، فَمَا تَمَّ الشَّهْرُ حَتَّى مَاتَ. لَهُ مِنَ التَّصَانِيفِ غَيْرُ الصَّحِيحِ: الْأَدَبُ الْمُفْرَدُ، وَرَفْعُ الْيَدَيْنِ فِي الصَّلَاةِ، وَالْقِرَاءَةُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 883 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] خَلْفَ الْإِمَامِ، وَبِرُّ الْوَالِدَيْنِ، وَالتَّارِيخُ الْكَبِيرُ، وَالْأَوْسَطُ، وَالصَّغِيرُ، وَخَلْقُ أَفْعَالِ الْعِبَادِ، وَالضُّعَفَاءُ. وَكُلُّهَا مَوْجُودَةٌ الْآنَ، وَمَا لَمْ نَقِفْ عَلَيْهِ: الْجَامِعُ الْكَبِيرُ، ذَكَرَهُ ابْنُ طَاهِرٍ. وَالْمُسْنَدُ الْكَبِيرُ، وَالتَّفْسِيرُ الْكَبِيرُ، ذَكَرَهُ الْفِرَبْرِيُّ. وَالْأَشْرِبَةُ، ذَكَرَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ. وَالْهِبَةُ، ذَكَرَهُ وَرَّاقُهُ. وَأَسَامِي الصَّحَابَةِ، ذَكَرَهُ الْقَاسِمُ بْنُ مَنْدَهْ، وَأَبُو الْقَاسِمِ الْبَغَوِيُّ. وَالْوُحْدَانُ: وَهُوَ مَنْ لَيْسَ لَهُ إِلَّا حَدِيثٌ وَاحِدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ، ذَكَرَهُ الْبَغَوِيُّ. وَالْمَبْسُوطُ ذَكَرَهُ الْخَلِيلِيُّ. وَالْعِلَلُ، ذَكَرَهُ ابْنُ مَنْدَهْ. وَالْكُنَى ذَكَرَهُ أَبُو أَحْمَدَ الْحَاكِمُ. وَالْفَوَائِدُ ذَكَرَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي جَامِعِهِ. (وَمُسْلِمٌ) ابْنُ الْحَجَّاجِ بْنِ مُسْلِمٍ الْقُشَيْرِيُّ النَّيْسَابُورِيُّ أَبُو الْحُسَيْنِ. (مَاتَ بِنَيْسَابُورَ) عَشِيَّةَ يَوْمِ الْأَحَدِ (لِخَمْسٍ بَقِينَ مِنْ رَجَبٍ سَنَةَ إِحْدًى وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ، ابْنَ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ) وَقِيلَ: سِتِّينَ، وَقِيلَ: سَبْعٍ وَخَمْسِينَ؛ لِأَنَّ الْمَعْرُوفَ أَنَّ مَوْلِدَهُ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَمِائَتَيْنِ. قَالَ الْحَاكِمُ: لَهُ مِنَ الْكُتُبِ غَيْرُ الصَّحِيحِ: " الْجَامِعُ عَلَى الْأَبْوَابِ " رَأَيْتُ بَعْضَهُ، وَ " الْمُسْنَدُ الْكَبِيرُ عَلَى الرِّجَالِ " مَا أَرَى أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْهُ أَحَدٌ، وَ " الْأَسْمَاءُ وَالْكُنَى "، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 884 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] " وَالتَّمْيِيزُ " وَ " الْعِلَلُ " وَ " الْوُحْدَانُ "، وَ " الْأَفْرَادُ "، وَ " الْأَقْرَانُ "، وَ " الطَّبَقَاتُ "، وَ " أَفْرَادُ الشَّامِيِّينَ "، وَ " أَوْلَادُ الصَّحَابَةِ "، وَ " أَوْهَامُ الْمُحَدِّثِينَ "، وَ " الْمُخَضْرَمُونَ "، وَ " حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ "، وَ " الِانْتِفَاعُ بِأُهْبِ السِّبَاعِ "، وَ " سُؤَالَاتُ أَحْمَدَ "، وَ " مَشَايِخُ مَالِكٍ، وَالثَّوْرِيِّ وَشُعْبَةَ ". (وَأَبُو دَاوُدَ) سُلَيْمَانُ بْنُ الْأَشْعَثِ بْنِ بَشِيرِ بْنِ شَدَّادِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عِمْرَانَ الْأَزْدِيُّ (السِّجِسْتَانِيُّ) بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَالْجِيمِ وَسُكُونِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ أَيْضًا نِسْبَةً إِلَى سِجِسْتَانَ وَيُنْسَبُ إِلَيْهَا سِجْزِيٌّ أَيْضًا، عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ. (مَاتَ بِالْبَصْرَةِ فِي) يَوْمِ الْجُمْعَةِ سَادِسَ عَشَرَ (شَوَّالٍ سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَتَيْنِ) ، وَمَوْلِدُهُ سَنَةَ ثِنْتَيْنِ وَمِائَتَيْنِ. لَهُ مِنَ التَّصَانِيفِ " السُّنَنُ "، وَ " الْمَرَاسِيلُ " وَ " الرَّدُّ عَلَى الْقَدَرِيَّةِ "، وَ " النَّاسِخُ وَالْمَنْسُوخُ " وَ " مَا تَفَرَّدَ بِهِ أَهْلُ الْأَمْصَارِ "، وَ " فَضَائِلُ الْأَنْصَارِ "، وَ " مُسْنَدُ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ " وَ " الْمَسَائِلُ " وَ " مَعْرِفَةُ الْأَوْقَاتِ " وَ " الْإِخْوَةُ " وَغَيْرُ ذَلِكَ. (وَأَبُو عِيسَى) مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ سُورَةَ بْنِ مُوسَى بْنِ الضَّحَّاكِ (التِّرْمِذِيُّ) السُّلَمِيُّ الضَّرِيرُ. (مَاتَ بِتِرْمِذَ) وَهِيَ مَدِينَةٌ عَلَى طَرَفٍ جَيْحُونَ، بِكَسْرِ التَّاءِ، وَقِيلَ: بِفَتْحِهَا وَقِيلَ: بِضَمِّهَا، وَكَسْرِ الْمِيمِ، وَقِيلَ: مَضْمُومَةٌ، وَذَالٌ مُعْجَمَةٌ، لَيْلَةَ الْإِثْنَيْنِ لِثَلَاثَ عَشْرَةَ مَضَتْ مِنْ رَجَبٍ سَنَةَ تِسْعٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَتَيْنِ. وَقَالَ الْخَلِيلِيُّ: بَعْدَ الثَّمَانِينَ، وَهُوَ وَهْمٌ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 885 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَلَهُ مِنَ التَّصَانِيفِ: " الْجَامِعُ " وَ " الْعِلَلُ الْمُفْرَدُ " وَ " التَّارِيخُ " وَ " الزُّهْدُ " وَ " الشَّمَائِلُ " وَ " الْأَسْمَاءُ وَالْكُنَى ". (وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ) أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ سِنَانَ بْنِ بَحْرِ بْنِ دِينَارٍ الْخُرَاسَانِيُّ (النَّسَائِيُّ) وَيُقَالُ: النَّسَوِيُّ نِسْبَةً إِلَى نَسَا، بِالْفَتْحِ وَالْقَصْرِ، مَدِينَةٌ بِخُرَاسَانَ. (مَاتَ) بِفِلَسْطِينَ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ لِثَلَاثَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ صَفَرٍ، وَقِيلَ: بِمَكَّةَ فِي شَعْبَانَ (سَنَةَ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِمِائَةٍ) ، وَمَوْلِدُهُ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ، وَقِيلَ: خَمْسَ عَشْرَةَ وَمِائَتَيْنِ. لَهُ مِنَ الْكُتُبِ: " السُّنَنُ الْكُبْرَى وَالصُّغْرَى "، وَ " خَصَائِصُ عَلِيٍّ "، وَ " مُسْنَدُ عَلِيٍّ "، وَ " مُسْنَدُ مَالِكٍ "، وَ " الْكُنَى "، وَ " عَمَلُ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةَ "، وَ " أَسْمَاءُ الرُّوَاةِ وَالتَّمْيِيزُ بَيْنَهُمْ "، وَ " الضُّعَفَاءُ "، وَ " الْإِخْوَةُ "، وَ " مَا أَغْرَبَ شُعْبَةُ عَلَى سُفْيَانَ، وَسُفْيَانُ عَلَى شُعْبَةَ "، وَ " مُسْنَدُ مَنْصُورِ بْنِ زَاذَانَ " وَغَيْرُ ذَلِكَ. وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ ابْنُ مَاجَهْ الْقَزْوِينِيُّ. مَاتَ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَتَيْنِ، وَلَمْ يَذْكُرِ الْمُصَنِّفُ كَابْنِ الصَّلَاحِ وَفَاتَهُ، كَمَا لَمْ يَذْكُرَا كِتَابَهُ فِي الْأُصُولِ. وَلَهُ مِنَ التَّصَانِيفِ: " السُّنَنُ "،: وَ " التَّفْسِيرُ ". (ثُمَّ سَبْعَةٌ مِنَ الْحُفَّاظِ فِي سَاقَتِهِمْ، أَحْسَنُوا التَّصْنِيفَ، وَعَظُمَ النَّفْعُ بِتَصَانِيفِهِمْ أَبُو الْحَسَنُ) عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مَهْدِيِّ بْنِ مُعَوِّذِ بْنِ النُّعْمَانِ بْنِ دِينَارِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ (الدَّارَقُطْنِيُّ) بِفَتْحِ الرَّاءِ، وَضَمِّ الْقَافِ، وَسُكُونِ الطَّاءِ نِسْبَةً إِلَى دَارِ الْقُطْنِ مَحَلَّةٍ بِبَغْدَادَ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 886 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] (مَاتَ بِبَغْدَادَ) فِي يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ لِثَمَانٍ خَلَوْنَ مِنْ (ذِي الْقِعْدَةِ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَمَانِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، وَوُلِدَ فِيهِ) أَيْ ذِي الْقِعْدَةِ (سَنَةَ سِتٍّ وَثَلَاثِمِائَةٍ) . لَهُ: " السُّنَنُ "، وَ " الْعِلَلُ "، وَ " التَّصْحِيفُ "، وَ " الْأَفْرَادُ " وَغَيْرُ ذَلِكَ. (ثُمَّ الْحَاكِمُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ) مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْدَوَيْهِ بْنِ نُعَيْمِ بْنِ الْحَكَمِ بْنِ الْبَيِّعِ (النَّيْسَابُورِيُّ. مَاتَ بِهَا فِي) ثَالِثِ (صَفَرٍ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، وَوُلِدَ بِهَا فِي) صَبِيحَةِ الثَّالِثِ مِنْ (شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ) . لَهُ: " الْمُسْتَدْرَكُ "، وَ " تَارِيخُ نَيْسَابُورَ "، وَ " عُلُومُ الْحَدِيثِ "، وَ " التَّفْسِيرُ "، وَ " الْمَدْخَلُ "، وَ " الْإِكْلِيلُ "، وَ " مَنَاقِبُ الشَّافِعِيِّ " وَغَيْرُ ذَلِكَ. (ثُمَّ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ سَعِيدٍ) بْنِ عَلِيِّ بْنِ سَعِيدِ بْنِ بَشِيرِ بْنِ مَرْوَانَ الْأَزْدِيُّ (حَافِظُ مِصْرَ. وُلِدَ فِي ذِي الْقِعْدَةِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، وَمَاتَ بِمِصْرَ فِي صَفَرٍ) لِسَبْعٍ خَلَوْنَ مِنْهُ (سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِمِائَةٍ) . لَهُ مِنَ الْمُصَنَّفَاتِ: " الْمُؤْتَلِفُ وَالْمُخْتَلِفُ " وَغَيْرُهُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 887 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] (أَبُو نُعَيْمٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ) بْنِ أَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ مُوسَى بْنِ مِهْرَانَ (الْأَصْبِهَانِيُّ) نِسْبَةً إِلَى أَصْبَهَانَ، بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِهَا وَفَتْحِ الْبَاءِ، وَيُقَالُ: بِالْفَاءِ أَيْضًا، أَشْهَرُ بِلَادِ الْجِبَالِ. (وُلِدَ) فِي رَجَبٍ (سَنَةَ أَرْبَعٍ) وَقِيلَ: سِتٍّ (وَثَلَاثِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، وَمَاتَ فِي) يَوْمِ الْإِثْنَيْنِ الْحَادِي وَالْعِشْرِينَ مِنْ (صَفَرٍ سَنَةَ ثَلَاثِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ بَأَصْبَهَانَ) . لَهُ مِنَ التَّصَانِيفِ: " الْحِلْيَةُ "، وَ " مَعْرِفَةُ الصَّحَابَةِ "، وَ " تَارِيخُ أَصْبَهَانَ "، وَ " دَلَائِلُ النُّبُوَّةِ "، وَ " عُلُومُ الْحَدِيثِ "، وَ " الْمُسْتَخْرَجُ عَلَى الْبُخَارِيِّ "، وَ " الْمُسْتَخْرَجُ عَلَى مُسْلِمٍ "، وَ " فَضَائِلُ الصَّحَابَةِ "، وَ " صِفَةُ الْجَنَّةِ "، وَ " الطِّبُّ " وَغَيْرُهَا. (وَبَعْدَهُمْ أَبُو عُمَرَ) يُوسُفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ (بْنِ عَبْدِ الْبَرِّ) بْنِ عَاصِمِ النَّمَرِيُّ الْقُرْطُبِيُّ (حَافِظُ الْمَغْرِبِ. وُلِدَ فِي) يَوْمِ الْجُمْعَةِ وَالْخَطِيبُ عَلَى الْمِنْبَرِ، لِخَمْسٍ بَقِينَ مِنْ (شَهْرِ رَبِيعٍ الْآخَرِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، وَتُوُفِّيَ بِشَاطِبَةَ) . وَهِيَ مَدِينَةٌ بِالْأَنْدَلُسِ، فِي لَيْلَةِ الْجُمْعَةِ سَلْخَ رَبِيعٍ الْآخَرِ (سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ) . لَهُ مِنَ التَّصَانِيفِ: " التَّمْهِيدُ فِي شَرْحِ الْمُوَطَّأِ "، وَ " الِاسْتِذْكَارُ "، وَمُخْتَصَرُهُ، وَ " التَّقَصِّي عَلَى الْمُوَطَّأِ "، وَ " الِاسْتِيعَابُ فِي الصَّحَابَةِ "، وَ " فَضْلُ الْعِلْمِ "، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 888 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَ " قَبَائِلُ الرُّوَاةِ "، وَ " الشَّوَاهِدُ فِي إِثْبَاتِ خَبَرِ الْوَاحِدِ "، وَ " الْكُنَى "، وَ " الْمَغَازِي "، وَ " الْأَنْسَابُ "، وَغَيْرُ ذَلِكَ. (ثُمَّ أَبُو بَكْرٍ) أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى (الْبَيْهَقِيُّ) نِسْبَةً إِلَى بَيْهَقَ - بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَالْهَاءِ بَيْنَهُمَا تَحْتِيَّةٌ سَاكِنَةٌ - كُورَةٍ بِنَوَاحِي نَيْسَابُورَ. (وُلِدَ) فِي شَعْبَانَ (سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، وَمَاتَ بِنَيْسَابُورَ فِي) عَاشِرِ (جُمَادَى الْأُولَى سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ) وَنُقِلَ تَابُوتُهُ إِلَى بَيْهَقَ. لَهُ مِنَ التَّصَانِيفِ: " السُّنَنُ الْكُبْرَى وَالصُّغْرَى "، وَ " الْمَعْرِفَةُ "، وَ " الْمَبْسُوطُ "، وَ " الْمَدْخَلُ "، وَ " شُعَبُ الْإِيمَانِ "، وَ " الْأَسْمَاءُ وَالصِّفَاتُ "، وَ " الْبَعْثُ وَالنُّشُورُ "، وَ " الزُّهْدُ الْكَبِيرُ وَالصَّغِيرُ "، وَ " مَنَاقِبُ الشَّافِعِيِّ "، وَ " الْخِلَافِيَّاتُ "، وَ " الْآدَابُ "، وَ " الِاعْتِقَادُ "، وَغَيْرُ ذَلِكَ. (ثُمَّ أَبُو بَكْرٍ) أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مَهْدِيٍّ (الْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ. وُلِدَ فِي) يَوْمِ الْخَمِيسِ لِسِتٍّ بَقِينَ مِنْ (جُمَادَى الْآخِرَةِ سَنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ) . وَقِيلَ: اثْنَتَيْنِ (وَمَاتَ بِبَغْدَادَ فِي) سَابِعِ (ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ) . وَلَهُ مِنَ التَّصَانِيفِ: " تَارِيخُ بَغْدَادَ "، وَ " الْجَامِعُ فِي أَدَبِ الرَّاوِي وَالسَّامِعِ "، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 889 النَّوْعُ الْحَادِي وَالسِّتُّونَ: مَعْرِفَةُ الثِّقَاتِ وَالضُّعَفَاءِ، هُوَ مِنْ أَجَلِّ الْأَنْوَاعِ، فَبِهِ يُعْرَفُ الصَّحِيحُ وَالضَّعِيفُ، وَفِيهِ تَصَانِيفُ كَثِيرَةٌ: مِنْهَا مُفْرَدٌ فِي الضُّعَفَاءِ: كَكِتَابِ الْبُخَارِيِّ، وَالنَّسَائِيِّ، وَالْعُقَيْلِيِّ، وَالدَّارَقُطْنِيِّ وَغَيْرِهَا، وَفِي الثِّقَاتِ: كَالثِّقَاتِ لِابْنِ حِبَّانَ. وَمُشْتَرَكٌ: كَتَارِيخِ الْبُخَارِيِّ، وَابْنِ أَبِي خَيْثَمَةَ، وَمَا أَغْزَرَ فَوَائِدَهُ! وَابْنِ أَبِي حَاتِمٍ وَمَا أَجَلَّهُ! وَجُوِّزَ الْجَرْحُ وَالتَّعْدِيلُ صِيَانَةً لِلشَّرِيعَةِ، وَيَجِبُ عَلَى الْمُتَكَلِّمِ فِيهِ التَّثَبُّتُ فَقَدْ أَخْطَأَ غَيْرُ وَاحِدٍ بِجَرْحِهِمْ بِمَا لَا يُجَرِّحُ. . وَتَقَدَّمَتْ أَحْكَامُهُ فِي " الثَّالِثِ وَالْعِشْرِينَ ".   [تدريب الراوي] وَ " الْكِفَايَةُ فِي قَوَانِينِ الرِّوَايَةِ "، وَ " الرِّحْلَةُ "، وَ " تَلْخِيصُ الْمُتَشَابِهِ "، وَ " الذَّيْلُ عَلَيْهِ "، وَ " الْفَصْلُ لِلْمُدْرَجِ "، وَ " الْمُبْهَمَاتُ "، وَأَشْيَاءُ كَثِيرَةٌ جِدًّا فِي الْفَنِّ. [النَّوْعُ الْحَادِي وَالسِّتُّونَ مَعْرِفَةُ الثِّقَاتِ وَالضُّعَفَاءِ] (النَّوْعُ الْحَادِي وَالسِّتُّونَ: مَعْرِفَةُ الثِّقَاتِ وَالضُّعَفَاءِ هُوَ مِنْ أَجَلِّ الْأَنْوَاعِ فَبِهِ يُعْرَفُ الصَّحِيحُ وَالضَّعِيفُ، وَفِيهِ تَصَانِيفُ كَثِيرَةٌ) لِأَئِمَّةِ الْحَدِيثِ. (مِنْهَا: مُفْرَدٌ فِي الضُّعَفَاءِ كَكِتَابِ الْبُخَارِيِّ، وَالنَّسَائِيِّ، وَالْعُقَيْلِيِّ، وَالدَّارَقُطْنِيِّ، وَغَيْرِهَا، كَكِتَابِ السَّاجِيِّ، وَابْنِ حِبَّانَ، وَالْأَزْدِيِّ، وَالْكَامِلِ لِابْنِ عَدِيٍّ. إِلَّا أَنَّهُ ذَكَرَ كُلَّ مَنْ تُكُلِّمَ فِيهِ وَإِنْ كَانَ ثِقَةً، وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ الذَّهَبِيُّ فِي الْمِيزَانِ، إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ أَحَدًا مِنَ الصَّحَابَةِ، وَالْأَئِمَّةِ الْمَتْبُوعِينَ، وَفَاتَهُ جَمَاعَةٌ، ذَيَّلَهُمْ عَلَيْهِ الْحَافِظُ أَبُو الْفَضْلِ الْعِرَاقِيُّ فِي مُجَلَّدٍ. وَعَمِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ لِسَانَ الْمِيزَانِ ضَمَّنَهُ الْمِيزَانَ وَزَوَائِدَ. وَلِلذَّهَبِيِّ فِي هَذَا النَّوْعِ الْمُغْنِي، كِتَابٌ صَغِيرُ الْحَجْمِ نَافِعٌ جِدًّا مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ يَحْكُمُ عَلَى كُلِّ رَجُلٍ بِالْأَصَحِّ فِيهِ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ، عَلَى إِعْوَازٍ فِيهِ، سَأَجْمَعُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي ذَيْلٍ عَلَيْهِ. وَمِنْهَا: مُفْرَدٌ (وَفِي الثِّقَاتِ، كَالثِّقَاتِ لِابْنِ حِبَّانَ) ، وَلِابْنِ شَاهِينَ، وَلِلْعِجْلِيِّ، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 890 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] (وَ) مِنْهَا: (مُشْتَرَكٌ) جَمَعَ فِيهِ الثِّقَاتِ، وَالضُّعَفَاءَ (كَتَارِيخِ الْبُخَارِيِّ، وَابْنِ أَبِي خَيْثَمَةَ، وَمَا أَغْزَرَ فَوَائِدَهُ، وَ) الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ، تَصْنِيفَ (ابْنِ أَبِي حَاتِمٍ وَمَا أَجَلَّهُ) وَطَبَقَاتِ ابْنِ سَعْدٍ، وَتَمْيِيزِ النَّسَائِيِّ، وَغَيْرِهَا. (وَجُوِّزَ الْجَرْحُ وَالتَّعْدِيلُ صِيَانَةً لِلشَّرِيعَةِ) وَذَبًّا عَنْهَا، قَالَ تَعَالَى: {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} [الحجرات: 6] . وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي التَّعْدِيلِ: «إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ رَجُلٌ صَالِحٌ» . ، وَفِي الْجَرْحِ «بِئْسَ أَخُو الْعَشِيرَةِ» . وَقَالَ: «حَتَّى مَتَى تَرْعَوْنَ عَنْ ذِكْرِ الْفَاجِرِ، هَتِّكُوهُ يَحْذَرْهُ النَّاسُ» وَتَكَلَّمَ فِي الرِّجَالِ جَمْعٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فَمَنْ بَعْدَهُمْ. وَأَمَّا قَوْلُ صَالِحٍ جُزْرَةَ: أَوَّلُ مَنْ تَكَلَّمَ فِي الرِّجَالِ شُعْبَةُ، ثُمَّ تَبِعَهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، ثُمَّ أَحْمَدُ وَابْنُ مَعِينٍ، فَيَعْنِي أَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ تَصَدَّى لِذَلِكَ. وَقَدْ قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ: أَمَا تَخْشَى أَنْ يَكُونَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ تَرَكْتَ حَدِيثَهُمْ خُصَمَاءَكَ عِنْدَ اللَّهِ؟ فَقَالَ: لَأَنْ يَكُونُوا خُصَمَائِي أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ خَصْمِي رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، يَقُولُ: لِمَ لَمْ تَذُبَّ الْكَذِبَ عَنْ حَدِيثِي. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 891 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَقَالَ أَبُو تُرَابٍ النَّخْشَبِيُّ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: لَا تَغْتَبِ الْعُلَمَاءَ. فَقَالَ لَهُ أَحْمَدُ: وَيْحَكَ، هَذَا نَصِيحَةٌ لَيْسَ هَذَا غَيْبَةً. وَقَالَ بَعْضُ الصُّوفِيَّةِ لِابْنِ الْمُبَارَكِ: تَغْتَابُ، قَالَ اسْكُتْ إِذَا لَمْ نُبَيِّنْ، كَيْفَ نَعْرِفُ الْحَقَّ مِنَ الْبَاطِلِ؟ (وَيَجِبُ عَلَى الْمُتَكَلِّمِ فِيهِ التَّثَبُّتُ) فَقَدْ قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: أَعْرَاضُ الْمُسْلِمِينَ حُفْرَةٌ مِنَ النَّارِ، وَقَفَ عَلَى شَفِيرِهَا طَائِفَتَانِ مِنَ النَّاسِ: الْمُحَدِّثُونَ وَالْحُكَّامُ. وَمَعَ ذَلِكَ (فَقَدْ أَخْطَأَ غَيْرُ وَاحِدٍ) مِنَ الْأَئِمَّةِ (بِجَرْحِهِمْ) لِبَعْضِ الثِّقَاتِ (بِمَا لَا يُجَرَّحُ) ، كَمَا جَرَّحَ النَّسَائِيُّ أَحْمَدَ بْنَ صَالِحٍ الْمِصْرِيَّ بِقَوْلِهِ: غَيْرُ ثِقَةٍ، وَلَا مَأْمُونٍ، وَهُوَ ثِقَةٌ إِمَامٌ حَافِظٌ، احْتَجَّ بِهِ الْبُخَارِيُّ وَوَثَّقَهُ الْأَكْثَرُونَ. قَالَ الْخَلِيلِيُّ: اتَّفَقَ الْحُفَّاظُ عَلَى أَنَّ كَلَامَ النَّسَائِيِّ فِيهِ تَحَامُلٌ، وَلَا يَقْدَحُ كَلَامُ أَمْثَالِهِ فِيهِ. قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: وَسَبَبُ كَلَامِ النَّسَائِيِّ فِيهِ أَنَّهُ حَضَرَ مَجْلِسَهُ فَطَرَدَهُ، فَحَمَلَهُ ذَلِكَ عَلَى أَنْ تَكَلَّمَ فِيهِ. قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَذَلِكَ لِأَنَّ عَيْنَ السُّخْطِ تُبْدِي مُسَاوِيَ، لَهَا فِي الْبَاطِنِ مَخَارِجُ صَحِيحَةٌ، تَعْمَى عَنْهَا بِحِجَابِ السُّخْطِ، لَا أَنَّ ذَلِكَ يَقَعُ مِنْهُمْ تَعَمُّدًا لِلْقَدْحِ مَعَ الْعِلْمِ بِبُطْلَانِهِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 892 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ: لَمْ يَكُنْ أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ كَمَا قَالَ النَّسَائِيُّ، لَمْ تَكُنْ لَهُ آفَةٌ غَيْرُ الْكِبْرِ. وَقَدْ تَكَلَّمَ فِيهِ ابْنُ مَعِينٍ بِمَا يُشِيرُ إِلَى ذَلِكَ فَقَالَ: كَذَّابٌ يَتَفَلْسَفُ رَأَيْتُهُ يَخْطُرُ فِي جَامِعِ مِصْرَ، فَنَسَبَهُ إِلَى الْفَلْسَفَةِ، وَأَنَّهُ يَخْطِرُ فِي مِشْيَتِهِ. وَلَعَلَّ ابْنَ مَعِينٍ لَا يَدْرِي مَا الْفَلْسَفَةُ، فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا. وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: إِنَّمَا ضَعَّفَ ابْنُ مَعِينٍ أَحْمَدَ بْنَ صَالِحٍ الشَّمُومِيَّ لَا الْمِصْرِيَّ الْمُتَكَلَّمَ عَلَيْهِ هُنَا. قَالَ ابْنُ دَقِيقٍ: وَالْوُجُوهُ الَّتِي تَدْخُلُ الْآفَةُ مِنْهَا خَمْسَةٌ: أَحَدُهَا الْهَوَى وَالْغَرَضُ، وَهُوَ شَرُّهَا، وَهُوَ فِي تَارِيخِ الْمُتَأَخِّرِينَ كَثِيرٌ. الثَّانِي: الْمُخَالَفَةُ فِي الْعَقَائِدِ. الثَّالِثُ: الِاخْتِلَافُ بَيْنَ الْمُتَصَوِّفَةِ وَأَهْلِ عِلْمِ الظَّاهِرِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 893 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] الرَّابِعُ: الْكَلَامُ بِسَبَبِ الْجَهْلِ بِمَرَاتِبِ الْعُلُومِ، وَأَكْثَرُ ذَلِكَ فِي الْمُتَأَخِّرِينَ، لِاشْتِغَالِهِمْ بِعُلُومِ الْأَوَائِلِ وَفِيهَا الْحَقُّ، كَالْحِسَابِ وَالْهَنْدَسَةِ وَالطِّبِّ، وَالْبَاطِلُ: كَالطَّبِيعِيِّ وَكَثِيرٍ مِنَ الْإِلَهِيِّ، وَأَحْكَامِ النُّجُومِ. الْخَامِسُ: الْأَخْذُ بِالتَّوَهُّمِ مَعَ عَدَمِ الْوَرَعِ. وَقَدْ عَقَدَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي كِتَابِ الْعِلْمِ بَابًا لِكَلَامِ الْأَقْرَانِ الْمُتَعَاصِرِينِ فِي بَعْضِهِمْ، وَرَأَى أَنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ لَا يَقْبَلُ جَرْحَهُمْ إِلَّا بِبَيَانٍ وَاضِحٍ. (وَتَقَدَّمَتْ أَحْكَامُهُ فِي) النَّوْعِ (الثَّالِثِ وَالْعِشْرِينَ) فَأَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهَا هُنَا. فَائِدَتَانِ الْأُولَى: قَالَ فِي الِاقْتِرَاحِ: تَعْرِفُ ثِقَةَ الرَّاوِي بِالتَّنْصِيصِ عَلَيْهِ مِنْ رُوَاتِهِ أَوْ ذِكْرِهِ فِي تَارِيخِ الثِّقَاتِ، أَوْ تَخْرِيجِ أَحَدِ الشَّيْخَيْنِ لَهُ فِي الصَّحِيحِ، وَإِنْ تُكُلِّمَ فِي بَعْضِ مَنْ خَرَّجَا لَهُ، فَلَا يُلْتَفَتُ إِلَيْهِ، أَوْ تَخْرِيجِ مَنِ اشْتَرَطَ الصِّحَّةَ لَهُ أَوْ مَنْ خَرَجَ عَلَى كُتُبِ الشَّيْخَيْنِ. الثَّانِيَةُ: قَالَ الْحَاكِمُ فِي الْمَدْخَلِ: الْمَجْرُوحُونَ عَلَى عَشْرِ طَبَقَاتٍ: الْأُولَى قَوْمٌ وَضَعُوا الْحَدِيثَ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 894 النَّوْعُ الثَّانِي وَالسِّتُّونَ: مَنْ خَلَطَ مِنَ الثِّقَاتِ: هُوَ فَنٌّ مُهِمٌّ لَا يُعْرَفُ فِيهِ تَصْنِيفٌ مُفْرَدٌ، وَهُوَ حَقِيقٌ بِهِ. فَمِنْهُمْ مَنْ خَلَطَ لِخَرَفِهِ، أَوْ لِذَهَابِ بَصَرِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ، فَيُقْبَلُ مَا رُوِيَ عَنْهُمْ قَبْلَ الِاخْتَلَاطِ، وَلَا يُقْبَلُ مَا بَعْدُ أَوْ شُكَّ فِيهِ، فَمِنْهُمْ عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ فَاحْتَجُّوا بِرِوَايَةِ الْأَكَابِرِ كَالثَّوْرِيِّ وَشُعْبَةَ، إِلَّا حَدِيثَيْنِ سَمِعَهُمَا شُعْبَةُ بِأَخَرَةٍ، وَمِنْهُمْ أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، يُقَالُ: سَمَاعُ ابْنِ عُيَيْنَةَ مِنْهُ بَعْدَ اخْتِلَاطِهِ، وَمِنْهُمْ: سَعِيدٌ الْجُرَيْرِيُّ، وَابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ الْمَسْعُودِيُّ، وَرَبِيعَةُ الرَّأْيِ شَيْخُ مَالِكٍ، وَصَالِحٌ مَوْلَى التَّوْأَمَةِ، وَحُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْكُوفِيُّ، وَعَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِسَنَتَيْنِ، وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ عَمِيَ فِي آخِرِ عُمْرِهِ فَكَانَ يُلَقَّنُ فَيَتَلَقَّنُ، وَعَارِمٌ، وَأَبُو قِلَابَةَ الرَّقَاشِيُّ، وَأَبُو أَحْمَدَ الْغِطْرِيفِيُّ، وَأَبُو طَاهِرٍ حَفِيدُ الْإِمَامِ ابْنِ خُزَيَمَةَ، وَأَبُو بَكْرٍ الْقَطِيعِيُّ رَاوِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ، وَمَنْ كَانَ مِنْ هَذَا الْقَبَيلِ مُحْتَجًّا بِهِ فِي الصَّحِيحِ فَهُوَ مِمَّا عُرِفَ رِوَايَتُهُ قَبْلَ الِاخْتِلَاطِ.   [تدريب الراوي] الثَّانِيَةُ: قَوْمٌ قَلَبُوهُ فَوَضَعُوا لِأَحَادِيثَ أَسَانِيدَ غَيْرَ أَسَانِيدِهَا. الثَّالِثَةُ: قَوْمٌ حَمَلَهُمُ الشَّرَهُ عَلَى الرِّوَايَةِ عَنْ قَوْمٍ لَمْ يُدْرِكُوهُمْ. الرَّابِعَةُ: قَوْمٌ عَمَدُوا إِلَى الْمَوْقُوفَاتِ فَرَفَعُوهَا. الْخَامِسَةُ: قَوْمٌ عَمَدُوا إِلَى الْمَرَاسِيلِ فَوَصَلُوهَا. السَّادِسَةُ: قَوْمٌ غَلَبَ عَلَيْهِمُ الصَّلَاحُ فَلَمْ يَتَفَرَّغُوا لِضَبْطِ الْحَدِيثِ، فَدَخَلَ عَلَيْهِمُ الْوَهْمُ. السَّابِعَةُ: قَوْمٌ سَمِعُوا مِنْ شُيُوخٍ ثُمَّ حَدَّثُوا عَنْهُمْ بِمَا لَمْ يَسْمَعُوا. الثَّامِنَةُ: قَوْمٌ سَمِعُوا كُتُبًا ثُمَّ حَدَّثُوا مِنْ غَيْرِ أُصُولِ سَمَاعِهِمْ. التَّاسِعَةُ: قَوْمٌ جِيءَ إِلَيْهِمْ لِيُحَدِّثُوا بِهَا فَأَجَابُوا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَدْرُوا أَنَّهَا سَمَاعُهُمْ. الْعَاشِرَةُ: قَوْمٌ تَلِفَتْ كُتُبُهُمْ فَحَدَّثُوا مَنْ حِفْظِهِمْ عَلَى التَّخْمِينِ كَابْنِ لَهِيعَةَ. [النَّوْعُ الثَّانِي وَالسِّتُّونَ مَعْرِفَةٌ مِنْ خَلَطَ مِنَ الثِّقَاتِ] (النَّوْعُ الثَّانِي وَالسِّتُّونَ:) مَعْرِفَةٌ (مِنْ خَلَطَ مِنَ الثِّقَاتِ، هُوَ فَنٌّ مُهِمٌّ لَا يُعْرَفُ فِيهِ تَصْنِيفٌ مُفْرَدٌ وَهُوَ حَقِيقٌ بِهِ) . قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَبِسَبَبِ ذَلِكَ أَفْرَدَهُ بِالتَّصْنِيفِ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ الْحَافِظُ صَلَاحُ الدِّينِ الْعَلَائِيُّ. قُلْتُ: قَدْ أَلَّفَ فِيهِ الْحَازِمِيُّ تَأْلِيفًا لَطِيفًا رَأَيْتُهُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 895 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] (فَمِنْهُمْ مَنْ خَلَطَ لِخَرَفِهِ، أَوْ لِذَهَابِ بَصَرِهِ، أَوْ لِغَيْرِهِ) كَتَلَفِ كُتُبِهِ، وَالِاعْتِمَادِ عَلَى حِفْظِهِ، فَيَقْبَلُوا مَا رُوِيَ عَنْهُمْ بِهِ قَبْلَ الِاخْتِلَاطِ، وَلَا يُقْبَلُ مَا حَدَّثُوا بِهِ (بَعْدَهُ، أَوْ شُكَّ فِيهِ) . وَيُعْرَفُ ذَلِكَ بِاعْتِبَارِ الرُّوَاةِ عَنْهُمْ، (فَمِنْهُمْ: عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ) ، أَبُو السَّائِبِ الثَّقَفِيُّ الْكُوفِيُّ، اخْتَلَطَ فِي آخِرِ عُمْرِهِ، (فَاحْتَجُّوا بِرِوَايَةِ الْأَكَابِرِ عَنْهُ، كَالثَّوْرِيِّ، وَشُعْبَةَ) ، بَلْ قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: جَمِيعُ مَنْ رَوَى عَنْ عَطَاءٍ سَمِعَ مِنْهُ فِي الِاخْتِلَاطِ غَيْرَهُمَا، لَكِنْ زَادَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدِ الْقَطَّانُ، وَالنَّسَائِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالطَّحَاوِيُّ: حَمَّادَ بْنَ زَيْدٍ، وَنَقَلَ ابْنُ الْمَوَّاقِ الِاتِّفَاقَ عَلَى أَنَّهُ سَمِعَ مِنْهُ قَدِيمًا. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَاسْتَثْنَى الْجُمْهُورُ أَيْضًا كَابْنِ مَعِينٍ، وَأَبِي دَاوُدَ، وَالطَّحَاوِيِّ، وَحَمْزَةَ الْكَتَّانِيِّ، وَابْنِ عَدِيٍّ رِوَايَةَ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْهُ. وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ: إِنَّمَا سَمِعَ مِنْهُ فِي الِاخْتِلَاطِ، وَكَذَا سَائِرُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ؛ لِأَنَّهُ إِنَّمَا قَدِمَ عَلَيْهِمْ فِي آخِرِ عُمْرِهِ. ، وَتَعَقَّبَ ذَلِكَ ابْنُ الْمَوَّاقِ بِأَنَّهُ قَدِمَهَا مَرَّتَيْنِ، فَمَنْ سَمِعَ مِنْهُ فِي الْقَدْمَةِ الْأُولَى صَحَّ حَدِيثُهُ. وَاسْتَثْنَى أَبُو دَاوُدَ أَيْضًا هِشَامًا الدَّسْتُوَائِيَّ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 896 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَيَنْبَغِي اسْتِثْنَاءُ ابْنِ عُيَيْنَةَ أَيْضًا، فَقَدْ رَوَى الْحُمَيْدِيُّ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ مِنْ عَطَاءٍ قَدِيمًا، ثُمَّ قَدِمَ عَلَيْنَا قَدْمَةً، فَسَمِعْتُهُ يُحَدِّثُ بِبَعْضِ مَا كُنْتُ سَمِعْتُ فَخَلَطَ فِيهِ، فَاتَّقَيْتُهُ وَاعْتَزَلْتُهُ. قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ: (إِلَّا حَدِيثَيْنِ سَمِعَهُمَا) مِنْهُ (شُعْبَةُ بِأَخَرَةٍ) عَنْ زَاذَانَ، فَلَا يُحْتَجُّ بِهِمَا. وَمِمَّنْ سَمِعَ مِنْهُ بَعْدَ الِاخْتِلَاطِ: جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، وَخَالِدٌ الْوَاسِطِيُّ، وَابْنُ عُلَيَّةَ، وَعَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلِ بْنِ غَزْوَانَ، وَهُشَيْمٌ، وَإِنْ رَوَى لَهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ حَدِيثًا مِنْ رِوَايَةِ هُشَيْمٍ عَنْهُ ; فَقَدْ قَرَنَهُ بِأَبِي بِشْرٍ جَعْفَرِ بْنِ إِيَاسٍ وَلَيْسَ لَهُ عِنْدَهُ غَيْرُهُ. وَمِمَّنْ سَمِعَ مِنْهُ فِي الْحَالَتَيْنِ أَبُو عَوَانَةَ. (وَمِنْهُمْ: أَبُو إِسْحَاقَ) عَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ (السَّبِيعِيُّ) اخْتَلَطَ أَيْضًا، وَأَنْكَرَ ذَلِكَ الذَّهَبِيُّ، وَقَالَ: شَاخَ وَنَسِيَ، وَلَمْ يَخْتَلِطْ. (وَيُقَالُ: سَمَاعُ) سُفْيَانَ (ابْنِ عُيَيْنَةَ مِنْهُ بَعْدَ اخْتِلَاطِهِ) قَالَهُ الْخَلِيلِيُّ، وَلِذَلِكَ لَمْ يُخْرِجْ لَهُ الشَّيْخَانِ مِنْ رِوَايَتِهِ عَنْهُ شَيْئًا، وَقَالَ الذَّهَبِيُّ: سَمِعَ مِنْهُ وَقَدْ تَغَيَّرَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 897 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] قَلِيلًا. وَمِمَّنْ سَمِعَ مِنْهُ حِينَئِذٍ إِسْرَائِيلُ بْنُ يُونُسَ، وَزَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، وَزُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، وَزَائِدَةُ بْنُ قُدَامَةَ، قَالَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَأَحْمَدُ. وَخَالَفَ ابْنُ مَهْدِيٍّ، وَأَبُو حَاتِمٍ فِي إِسْرَائِيلَ، وَرِوَايَتُهُ وَرِوَايَةُ زَكَرِيَّا، وَزُهَيْرٍ عَنْهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ، وَكَذَا رِوَايَةُ الثَّوْرِيِّ، وَأَبِي الْأَحْوَصِ سَلَّامِ بْنِ سُلَيْمٍ، وَشُعْبَةَ، وَعَمْرِو بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، وَيُوسُفَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ. وَأَخْرَجَ لَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ رِوَايَةِ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ، وَمُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، وَرَقَبَةِ بْنِ مَصْقَلَةَ، وَالْأَعْمَشِ، وَسُلَيْمَانَ بْنِ مُعَاذٍ، وَعَمَّارِ بْنِ زُرَيْقٍ، وَمَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ، وَمِسْعَرِ بْنِ كِدَامٍ. (وَمِنْهُمْ: سَعِيدٌ) ابْنُ إِيَاسٍ (الْجَرِيرِيُّ) اخْتَلَطَ وَتَغَيَّرَ حَفْظُهُ قَبْلَ مَوْتِهِ، وَلَمْ يَشْتَدَّ تَغَيُّرُهُ، قَالَ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ: وَأُنْكِرَ أَيَّامَ الطَّاعُونِ. وَمِمَّنْ سَمِعَ مِنْهُ قَبْلَ التَّغَيُّرِ: شُعْبَةُ، وَابْنُ عُلَيَّةَ، وَالسُّفْيَانَانِ، وَالْحَمَّادَانِ، وَمَعْمَرٌ، وَعَبْدُ الْوَارِثِ، وَيَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، وَوَهْبُ بْنُ خَالِدٍ، وَعَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، وَكُلُّ مَنْ أَدْرَكَ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيَّ، كَمَا قَالَهُ أَبُو دَاوُدَ. وَسَمِعَ بَعْدَهُ: يَحْيَى الْقَطَّانُ، وَلَمْ يُحَدِّثْ عَنْهُ شَيْئًا، وَإِسْحَاقُ الْأَزْرَقُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ، وَعِيسَى بْنُ يُونُسَ، وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 898 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَقَدْ رَوَى لَهُ الشَّيْخَانِ مِنْ رِوَايَةِ بِشْرِ بْنِ الْمُفَضَّلِ، وَخَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَعَبْدِ الْأَعْلَى بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى، وَعَبْدِ الْوَارِثِ بْنِ سَعْدٍ. وَرَوَى لَهُ مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ عُلَيَّةَ، وَجَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ الضُّبَعِيِّ، وَحَمَّادِ بْنِ أُسَامَةَ، وَحَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، وَسَالِمِ بْنِ نُوحٍ، وَالثَّوْرِيِّ، وَسُلَيْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، وَشُعْبَةَ، وَابْنِ الْمُبَارَكِ، وَعَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ زِيَادٍ، وَعَبْدِ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيِّ، وَوَهْبِ بْنِ خَالِدٍ، وَيَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ، وَيَزِيدَ بْنِ هَارُونَ. (وَ) مِنْهُمْ: سَعِيدُ (بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ) مِهْرَانُ ; اخْتَلَطَ فَوْقَ عَشْرِ سِنِينَ ; وَقِيلَ: خَمْسِ سِنِينَ. وَمِمَّنْ سَمِعَ مِنْهُ قَبْلَ الِاخْتِلَاطِ: يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وَعَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَأَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَخَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ، وَسَوَّارُ بْنُ مِجْشَرٍ، وَسُفْيَانُ بْنُ حَبِيبٍ، وَشُعَيْبُ بْنُ إِسْحَاقَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَكْرٍ السَّهْمِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، وَعَبْدُ الْأَعْلَى الشَّامِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَطَاءٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، وَيَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: أَثْبَتُ النَّاسِ فِيهِ عَبْدَةُ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: أَرْوَاهُمْ عَنْهُ عَبْدُ الْأَعْلَى، ثُمَّ شُعَيْبٌ، ثُمَّ عَبْدَةُ، وَأَثْبَتُهُمْ فِيهِ يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، وَخَالِدٌ، وَيَحْيَى الْقَطَّانُ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَقَدْ قَالَ عَبْدَةُ عَنْ نَفْسِهِ: إِنَّهُ سَمِعَ مِنْهُ فِي الِاخْتِلَاطِ إِلَّا أَنْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 899 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] يُرِيدَ بِذَلِكَ اخْتِلَاطَهُ، وَأَنَّهُ لَمْ يُحَدِّثْ بِمَا سَمِعَ مِنْهُ فِي الِاخْتِلَاطِ. وَأَخْرَجَ لَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ: خَالِدٍ، وَرَوْحِ بْنِ عُبَادَةَ، وَعَبْدِ الْأَعْلَى، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُثْمَانَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ سَوَاءَ السَّدُوسِيِّ، وَمُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَدِيٍّ، وَيَحْيَى الْقَطَّانِ، وَيَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ. وَالْبُخَارِيُّ عَنْ: بِشْرِ بْنِ الْمُفَضَّلِ، وَسَهْلِ بْنِ يُوسُفَ، وَابْنِ الْمُبَارَكِ، وَعَبْدِ الْوَارِثِ بْنِ سَعْدٍ، وَكَهْمَسِ بْنِ الْمِنْهَالِ، وَمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ، وَمُسْلِمٌ عَنِ ابْنِ عُلَيَّةَ، وَحَمَّادِ بْنِ أُسَامَةَ، وَسَالِمِ بْنِ نُوحٍ، وَسَعِيدِ بْنِ عَامِرٍ الضُّبَعِيِّ، وَابْنِ خَالِدٍ الْأَحْمَرِ، وَعَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ عَطَاءٍ الْخَفَّافِ، وَعَبْدَةَ، وَعَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ، وَعِيسَى بْنِ يُونُسَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ بِشْرٍ الْعَبْدِيِّ، وَمُحَمَّدِ بْنِ بَكْرٍ الْبُرْسَانِيِّ، وَغُنْدَرٍ. وَمِمَّنْ سَمِعَ مِنْهُ فِي الِاخْتِلَاطِ: الْمُعَافَى بْنُ عِمْرَانَ، وَوَكِيعٌ، وَالْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. (وَ) مِنْهُمْ: (عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ الْمَسْعُودِيُّ) . قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: اخْتَلَطَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِسَنَةٍ أَوْ سَنَتَيْنِ. وَقَالَ أَحْمَدُ: إِنَّمَا اخْتَلَطَ بِبَغْدَادَ، فَمَنْ سَمِعَ مِنْهُ بِالْكُوفَةِ أَوِ الْبَصْرَةِ ; فَسَمَاعُهُ جَيِّدٌ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 900 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: مَنْ سَمِعَ مِنْهُ زَمَنَ أَبِي جَعْفَرٍ الْمَنْصُورِ فَهُوَ صَحِيحُ السَّمَاعِ، وَمَنْ سَمِعَ مِنْهُ زَمَنَ الْمَهْدِيِّ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ، وَقَدْ شَدَّدَ بَعْضُهُمْ فِي أَمْرِهِ فَرَدَّ حَدِيثَهُ كُلَّهُ، لِأَنَّهُ لَا يَتَمَيَّزُ حَدِيثُهُ الْقَدِيمُ مِنْ حَدِيثِهِ الْأَخِيرِ. قَالَ ذَلِكَ ابْنُ حِبَّانَ، وَأَبُو الْحَسَنِ بْنُ الْقَطَّانِ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَالصَّحِيحُ خِلَافُ ذَلِكَ، فَمَنْ سَمِعَ مِنْهُ فِي الصِّحَّةِ وَكِيعٌ، وَأَبُو نُعَيْمٍ الْفَضْلُ، قَالَهُ أَحْمَدُ. وَمِمَّنْ سَمِعَ مِنْهُ قَبْلَ قُدُومِهِ بَغْدَادَ: أُمَيَّةُ بْنُ خَالِدٍ، وَبِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، وَجَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، وَخَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ، وَسُفْيَانُ بْنُ حَبِيبٍ، وَالثَّوْرِيُّ، وَسُلَيْمُ بْنُ قُتَيْبَةَ، وَطَلْقُ بْنُ غَنَّامٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ، وَعُثْمَانُ بْنُ عَمْرِو بْنِ فَارِسٍ، وَعَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ، وَعَمْرُو بْنُ الْهَيْثَمِ، وَالْقَاسِمُ بْنُ مَعْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَمُعَاذٌ الْعَنْبَرِيُّ، وَالنَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، وَيَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ. وَسَمِعَ مِنْهُ بَعْدَ الِاخْتِلَاطِ: أَبُو النَّضْرِ هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، وَعَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ، وَابْنُ مَهْدِيٍّ، وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وَحَجَّاجٌ الْأَعْوَرُ، وَأَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، وَعَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ. (وَ) مِنْهُمْ: (رَبِيعَةُ الرَّأْيِ) بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ (شَيْخُ مَالِكٍ) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 901 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: قِيلَ: إِنَّهُ تَغَيَّرَ فِي آخِرِ عُمُرِهِ، وَتُرِكَ الِاعْتِمَادُ عَلَيْهِ لِذَلِكَ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَمَا حَكَاهُ ابْنُ الصَّلَاحِ لَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ، وَقَدِ احْتَجَّ بِهِ الشَّيْخَانِ، وَوَثَّقَهُ الْحُفَّاظُ وَالْأَئِمَّةُ، وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا تَكَلَّمَ فِيهِ بِاخْتِلَاطٍ وَلَا ضَعْفٍ إِلَّا ابْنَ سَعْدٍ قَالَ بَعْدَ أَنْ وَثَّقَهُ: كَانُوا يَتَّقُونَهُ لِمَوْضِعِ الرَّأْيِ، وَذَكَرَهُ الْبَتَّانِيُّ فِي ذَيْلِ الْكَامِلِ كَذَلِكَ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: ذَمَّهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ لِإِغْرَاقِهِ فِي الرَّأْيِ، وَكَانَ سُفْيَانُ، وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ لَا يَرْضَوْنَ عَنْ رَأْيِهِ؛ لِأَنَّ كَثِيرًا مِنْهُ يُخَالِفُ السُّنَّةَ. (وَ) مِنْهُمْ: (صَالِحٌ) بْنُ نَبْهَانَ (مَوْلَى التَّوْأَمَةِ) . قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: خَرِفَ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ. وَقَالَ أَحْمَدُ: أَدْرَكَهُ مَالِكٌ بَعْدَ اخْتِلَاطِهِ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: تَغَيَّرَ سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ، وَاخْتَلَطَ حَدِيثُهُ الْأَخِيرُ بِالْقَدِيمِ، وَلَمْ يَتَمَيَّزْ فَاسْتَحَقَّ التَّرْكَ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: بَلْ مَيَّزَ الْأَئِمَّةُ بَعْضَ ذَلِكَ، فَسَمِعَ مِنْهُ قَدِيمًا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي ذِئْبٍ، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 902 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] قَالَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَزِيَادُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَهُ ابْنُ عَدِيٍّ، وَأُسَيْدُ بْنُ أَبِي أُسَيْدٍ، وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ الْأَفْرِيقِيُّ، وَعُمَارَةُ بْنُ غَزِيَّةَ، وَمُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، وَسَمِعَ بَعْدَهُ مَالِكٌ وَالسُّفْيَانَانِ. (وَ) مِنْهُمْ: (حُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْكُوفِيُّ) السُّلَمِيُّ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: سَاءَ حِفْظُهُ فِي الْآخِرِ. وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: اخْتَلَطَ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: تَغَيَّرَ. وَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ، وَلَهُمْ بِهَذَا الِاسْمِ ثَلَاثَةٌ أُخَرُ كُوفِيُّونَ لَيْسَ فِيهِمْ سُلَمِيٌّ، وَلَا مَنِ اخْتَلَطَ إِلَّا هَذَا. ، وَمِمَّنْ سَمِعَ مِنْهُ قَدِيمًا سُلَيْمَانُ التَّمِيمِيُّ، وَالْأَعْمَشُ وَشُعْبَةُ وَسُفْيَانُ. (وَ) مِنْهُمْ: (عَبْدُ الْوَهَّابِ) بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ (الثَّقَفِيُّ) . قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: اخْتَلَطَ بِأَخَرَةٍ. وَقَالَ عُقْبَةُ الْعَمِّيُّ: اخْتَلَطَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِثَلَاثِ سِنِينَ أَوْ أَرْبَعٍ. قَالَ الذَّهَبِيُّ: لَكِنَّهُ مَا ضَرَّ تَغَيُّرُهُ، فَإِنَّهُ لَمْ يُحَدِّثْ بِحَدِيثٍ فِي زَمَنِ التَّغَيُّرِ، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 903 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] ثُمَّ اسْتَدَلَّ بِقَوْلِ أَبِي دَاوُدَ: وَتَغَيَّرَ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، وَعَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، فَحُجِبَ النَّاسُ عَنْهُمْ. (وَ) مِنْهُمْ: (سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ) اخْتَلَطَ (قَبْلَ مَوْتِهِ بِسَنَتَيْنِ) قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ: أَشْهَدُ أَنَّ سُفْيَانَ اخْتَلَطَ سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِينَ، وَقَدْ مَاتَ سَنَةَ تِسْعٍ وَتِسْعِينَ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَذَلِكَ وَهْمٌ، فَإِنَّ الْمَعْرُوفَ أَنَّهُ مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ، أَوَّلَ رَجَبٍ. قَالَ الذَّهَبِيُّ: وَمَا نُقِلَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ فِيهِ بُعْدٌ؛ لِأَنَّ ابْنَ سَعِيدٍ مَاتَ فِي صَفَرٍ سَنَةَ ثَمَانٍ، وَقْتَ قُدُومِ الْحَاجِّ، وَوَقْتَ تَحَدُّثِهِمْ عَنْ أَخْبَارِ الْحِجَازِ، فَمَتَى تَمَكَّنَ مِنْ أَنْ يَسْمَعَ اخْتِلَاطَ سُفْيَانَ ثُمَّ يَحْكُمَ بِهِ، وَالْمَوْتُ قَدْ نَزَلَ بِهِ. قَالَ: فَلَعَلَّهُ بَلَغَهُ ذَلِكَ فِي أَثْنَاءِ سَنَةِ سَبْعٍ وَمَنْ سَمِعَ مِنْهُ فِي التَّغْيِيرِ: مُحَمَّدُ بْنُ عَاصِمٍ صَاحِبُ ذَلِكَ الْجُزْءِ الْعَالِي. قَالَ الذَّهَبِيُّ: وَيَغْلِبُ عَلَى ظَنِّي أَنَّ سَائِرَ شُيُوخِ الْأَئِمَّةِ السِّتَّةِ سَمِعُوا مِنْهُ قَبْلَ ذَلِكَ. (وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ) بْنُ هَمَّامِ الصَّنْعَانِيُّ، (عَمِيَ فِي آخِرِ عُمُرِهِ، فَكَانَ يُلَقَّنُ فَيَتَلَقَّنُ) قَالَهُ أَحْمَدُ. قَالَ: فَمنْ سَمِعَ مِنْهُ بَعْدَ أَنْ عَمِيَ، فَهُوَ ضَعِيفُ السَّمَاعِ. وَمِمَّنْ سَمِعَ مِنْهُ قَبْلَ ذَلِكَ أَحْمَدُ، وَابْنُ رَاهْوَيْهِ، وَابْنُ مَعِينٍ، وَابْنُ الْمَدِينِيِّ، وَوَكِيعٌ فِي آخَرِينَ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 904 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَبَعْدَهُ: أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شَبُّوَيْهِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ حَمَّادٍ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّبَرِيُّ. قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَجَدْتُ فِيمَا رَوَى الطَّبَرَانِيُّ عَنِ الدَّبَرِيِّ عَنْهُ أَحَادِيثَ اسْتَنْكَرْتُهَا جِدًّا، فَأَحَلْتُ أَمْرَهَا عَلَى ذَلِكَ. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ: مَاتَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَلِلدَّبَرِيِّ سِتُّ سِنِينَ أَوْ سَبْعٌ. قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: اسْتَصْغَرَنِي عَبْدُ الرَّزَّاقِ. قَالَ الذَّهَبِيُّ: إِنَّمَا اعْتَنَى بِهِ أَبُوهُ فَأَسْمَعَهُ مِنْهُ تَصَانِيفَهُ، وَلَهُ سَبْعُ سِنِينَ أَوْ نَحْوُهَا، وَقَدِ احْتَجَّ بِهِ أَبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ وَغَيْرُهُ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَكَأَنَّ مَنِ احْتَجَّ بِهِ لَمْ يُبَالِ بِتَغَيُّرِهِ، لِكَوْنِهِ إِنَّمَا حَدَّثَ مِنْ كُتُبِهِ لَا مِنْ حِفْظِهِ. قَالَ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الَّذِينَ سَمِعَ مِنْهُمُ الطَّبَرَانِيُّ فِي رِحْلَتِهِ إِلَى صَنْعَاءَ مِنْ أَصْحَابِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ كُلُّهُمْ سَمِعَ مِنْهُ بَعْدَ التَّغَيُّرِ، وَهُمْ أَرْبَعَةٌ: الدَّبَرِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بَرَّةَ الصَّنْعَانِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُوَيْدٍ، وَالْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الصَّنْعَانِيُّ. (وَ) مِنْهُمْ: (عَارِمٌ) مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ أَبُو النُّعْمَانِ السَّدُوسِيُّ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: تَغَيَّرَ فِي آخِرِ عُمُرِهِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 905 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَنْ سَمِعَ مِنْهُ سَنَةَ عِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ فَسَمَاعُهُ جَيِّدٌ. قَالَ: وَأَبُو زُرْعَةَ لَقِيَهُ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: بَلَغَنَا أَنَّهُ أُنْكِرَ سَنَةَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ، ثُمَّ رَاجَعَهُ عَقْلُهُ ثُمَّ اسْتَحْكَمَ بِهِ الِاخْتِلَاطُ سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: وَمَا ظَهَرَ لَهُ بَعْدَ اخْتِلَاطِهِ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ. وَأَمَّا ابْنُ حِبَّانَ فَقَالَ: اخْتَلَطَ وَتَغَيَّرَ حَتَّى كَانَ لَا يَدْرِي مَا يُحَدِّثُ، فَوَقَعَتِ الْمَنَاكِيرُ الْكَثِيرَةُ فِي رِوَايَتِهِ، فَمَا رَوَى عَنْهُ الْقُدَمَاءُ فَصَحِيحٌ، وَأَمَّا رِوَايَةُ الْمُتَأَخِّرِينَ فَيَجِبُ التَّنَكُّبُ عَنْهَا، وَأَنْكَرَ ذَلِكَ الذَّهَبِيُّ، وَنَسَبَ ابْنَ حِبَّانَ إِلَى التَّخْسِيفِ وَالتَّهْوِيرِ. وَمِمَّنْ سَمِعَ مِنْهُ قَبْلَ الِاخْتِلَاطِ: أَحْمَدُ، وَعَبْدُ اللَّهِ الْمُسْنَدِيُّ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَأَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ خَالِدٍ، وَجَمَاعَةٌ. وَبَعْدَهُ: عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَالْبَغَوِيُّ، وَأَبُو زُرْعَةَ. (وَ) مِنْهُمْ: (أَبُو قِلَابَةَ) عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدٍ (الرَّقَاشِيُّ) . قَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ: ثَنَا أَبُو قِلَابَةَ بِالْبَصْرَةِ قَبْلَ أَنْ يَخْتَلِطَ، وَيَخْرُجَ إِلَى بَغْدَادَ. فَظَاهِرُهُ أَنَّ مَنْ سَمِعَ مِنْهُ بِالْبَصْرَةِ فَسَمَاعُهُ صَحِيحٌ، وَذَلِكَ كَأَبِي دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيِّ، وَابْنِهِ أَبِي بَكْرٍ، وَابْنِ مَاجَهْ، وَأَبِي مُسْلِمٍ الْكَجِّيِّ، وَمُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ الصَّنْعَانِيِّ، وَأَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى الْبَلَاذُرِيِّ، وَأَبِي عَرُوبَةَ الْحَرَّانِيِّ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 906 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَمِمَّنَ سَمِعَ مِنْهُ بِبَغْدَادَ: أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ النِّجَادُ،، وَأَحْمَدُ بْنُ كَامِلٍ الْقَاضِي، وَأَبُو سَهْلِ بْنُ زِيَادٍ الْقَطَّانُ، وَعُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ السَّمَّاكُ، وَأَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، وَأَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُمْ. (وَ) مِنْهُمْ فِي الْمُتَأَخِّرِينَ: (أَبُو أَحْمَدَ) مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَيْنِ (الْغِطْرِيفِيُّ) الْجُرْجَانِيُّ. قَالَ الْحَافِظَ أَبُو عَلِيٍّ الْبَرْذَعِيُّ: بَلَغَنِي أَنَّهُ اخْتَلَطَ فِي آخِرِ عُمْرِهِ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: لَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ. وَقَدْ تَرْجَمَهُ الْحَافِظُ حَمْزَةُ فِي تَارِيخِ جُرْجَانَ فَلَمْ يَذْكُرْ عَنْهُ شَيْئًا فِي ذَلِكَ وَهُوَ أَعْرَفُ بِهِ فَإِنَّهُ شَيْخُهُ، وَقَدْ حَدَّثَ عَنْهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ فِي صَحِيحِهِ إِلَّا أَنَّهُ دَلَّسَ اسْمَهُ؛ لِكَوْنِهِ مِنْ أَقْرَانِهِ، لَا لِضُعْفِهِ، وَقَدْ مَاتَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ قَبْلَهُ وَآخِرُ أَصْحَابِ الْغِطْرِيفِيِّ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ الطَّبَرِيُّ، وَسَمَاعُهُ مِنْهُ فِي حَيَاةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ فَهُوَ قَبْلَ تَغَيُّرِهِ إِنْ كَانَ تَغَيَّرَ. قَالَ: وَثَمَّ آخَرُ يُقَالُ لَهُ الْغِطْرِيفِيُّ، وَافَقَ هَذَا فِي اسْمِهِ وَاسْمِ أَبِيهِ، وَبَلَدِهِ وَنَسَبِهِ وَتَقَارَبَا فِي اسْمِ جَدِّهِ، وَتَعَاصَرَا، وَذَاكَ قَدِ اخْتَلَطَ بِأَخَرَةٍ كَمَا ذَكَرَهُ الْحَاكِمُ فِي تَارِيخِ نَيْسَابُورَ ; فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ اشْتَبَهَ بِالْغِطْرِيفِيِّ هَذَا. (وَ) مِنْهُمْ: (أَبُو طَاهِرٍ) مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ (حَفِيدُ الْإِمَامِ) أَبِي بَكْرٍ (ابْنِ خُزَيْمَةَ) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 907 النَّوْعُ الثَّالِثُ وَالسِّتُّونَ: طَبَقَاتُ الْعُلَمَاءِ وَالرُّوَاةِ: هَذَا فَنٌّ مُهِمٌّ، وَطَبَقَاتُ ابْنِ سَعْدٍ عَظِيمٌ كَثِيرُ الْفَوَائِدَ، وَهُوَ ثِقَةٌ لِكِنَّهُ كَثِيرُ الرِّوَايَةِ فِيهِ عَنِ الضُّعَفَاءِ، مِنْهُمْ شَيْخُهُ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْوَاقِدِيُّ لَا يَنْسِبَهُ. وَالطَّبَقَةُ: الْقَوْمُ الْمُتَشَابِهُونَ، وَقَدْ يَكُونَانِ مِنْ طَبَقَةٍ بِاعْتِبَارٍ وَمِنْ طَبَقَتَيْنِ بِاعْتِبَارٍ كَأَنَسٍ وَشِبْهِهِ مِنْ أَصَاغِرِ الصَّحَابَةِ، وَهُمْ مَعَ الْعَشْرَةِ فِي طَبَقَةِ الصَّحَابَةِ، وَعَلَى هَذَا الصَّحَابَةُ كُلُّهُمْ طَبَقَةٌ، وَالتَّابِعُونَ ثَانِيَةٌ، وَأَتْبَاعُهُمْ ثَالِثَةٌ، وَهَلُمَّ جَرًّا، وَبِاعْتِبَارِ السَّوَابِقِ تَكُونُ الصَّحَابَةُ بِضْعَ عَشَرَةَ طَبَقَةً كَمَا تَقَدَّمَ، وَيَحْتَاجُ النَّاظِرُ فِيهِ إِلَى مَعْرِفَةِ الْمَوَالِيدِ وَالْوَفَيَاتِ، وَمَنْ رَوُوا عَنْهُ وَرَوَى عَنْهُمْ.   [تدريب الراوي] قَالَ الْحَاكِمُ: اخْتَلَطَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِسَنَتَيْنِ وَنِصْفٍ. قَالَ الذَّهَبِيُّ: وَلَمْ يَسْمَعْ أَحَدٌ مِنْهُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ. (وَ) مِنْهُمْ (أَبُو بَكْرٍ الْقَطِيعِيُّ رَاوِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ) ، وَالزُّهْدِ لَهُ عَنِ ابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ. قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: اخْتَلَّ فِي آخِرِ عُمْرِهِ وَخَرِفَ، حَتَّى كَانَ لَا يَعْرِفُ شَيْئًا مِمَّا يُقْرَأُ عَلَيْهِ. قَالَ الذَّهَبِيُّ: ذَكَرَ هَذَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ الْفُرَاتِ ; وَهُوَ غُلُوٌّ وَإِسْرَافٌ، وَقَدْ وَثَّقَهُ الْبُرْقَانِيُّ، وَالْحَاكِمُ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ وَلَمْ يَذْكُرُوا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ. وَقَالَ الْعِرَاقِيُّ: فِي ثُبُوتِ ذَلِكَ نَظَرٌ، وَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْفُرَاتِ لَمْ يَثْبُتْ إِسْنَادُهُ إِلَيْهِ. قَالَ: وَعَلَى تَقْدِيرِ ثُبُوتِهِ فَمَنْ سَمِعَ مِنْهُ فِي حَالِ صِحَّتِهِ: الْحَاكِمُ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ، وَابْنُ شَاهِينَ، وَالْبُرْقَانِيُّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَأَبُو عَلِيٍّ التَّمِيمِيُّ رَاوِي الْمُسْنَدِ عَنْهُ، فَإِنَّهُ سَمِعَهُ عَلَيْهِ سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّينَ، وَمَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ. (وَمَنْ كَانَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ مُحْتَجًّا بِهِ فِي الصَّحِيحِ، فَهُوَ مِمَّا عُرِفَ رِوَايَتُهُ قَبْلَ الِاخْتِلَاطِ) . [النَّوْعُ الثَّالِثُ وَالسِّتُّونَ طَبَقَاتُ الْعُلَمَاءِ وَالرُّوَاةِ] (النَّوْعُ الثَّالِثُ وَالسِّتُّونَ: طَبَقَاتُ الْعُلَمَاءِ وَالرُّوَاةِ: هَذَا فَنٌّ مُهِمٌّ) فَإِنَّهُ قَدْ يَتَّفِقُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 908 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] اسْمَانِ فِي اللَّفْظِ، فَيُظَنُّ أَنَّ أَحَدَهُمَا الْآخَرُ، فَيَتَمَيَّزُ ذَلِكَ بِمَعْرِفَةِ طَبَقَاتِهِمَا، وَصَنَّفَ فِي ذَلِكَ جَمَاعَةٌ، كَمُسْلِمٍ، وَخَلِيفَةَ. (وَطَبَقَاتُ ابْنُ سَعْدٍ) الْكَبِيرُ (عَظِيمٌ كَثِيرُ الْفَوَائِدِ، وَلَهُ كِتَابَانِ آخَرَانِ فِي ذَلِكَ (وَهُوَ ثِقَةٌ) فِي نَفْسِهِ، (لَكِنَّهُ كَثِيرُ الرِّوَايَةِ فِيهِ عَنِ الضُّعَفَاءِ، مِنْهُمْ: شَيْخُهُ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْوَاقِدِيُّ لَا يَنْسُبُهُ) بَلْ يَقْتَصِرُ عَلَى اسْمِهِ وَاسْمِ أَبِيهِ. وَشَيْخُهُ: هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ. (وَالطَّبَقَةُ) فِي اللُّغَةِ (الْقَوْمُ الْمُتَشَابِهُونَ) وَفِي الِاصْطِلَاحِ: قَوْمٌ تَقَارَبُوا فِي السِّنِّ وَالْإِسْنَادِ أَوْ فِي الْإِسْنَادِ فَقَطْ بِأَنْ يَكُونَ شُيُوخُ هَذَا هُمْ شُيُوخُ الْآخَرِ، أَوْ يُقَارِبُوا شُيُوخَهُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 909 النَّوْعُ الرَّابِعُ وَالسِّتُّونَ: مَعْرِفَةُ الْمَوَالِي: أَهَمُّهُ الْمَنْسُوبُونَ إِلَى الْقَبَائِلِ مُطْلَقًا كَفُلَانٍ الْقُرَشِيِّ، وَيَكُونُ مَوْلًى لَهُمْ ثُمَّ مِنْهُمْ مِنْ يُقَالُ مَوْلَى فُلَانٍ وُيُرَادُ مَوْلَى عَتَاقَةٍ وَهُوَ الْغَالِبُ، مِنْهُمْ مَوْلَى الْإِسْلَامِ كَالْبُخَارِيِّ الْإِمَامِ مَوْلَى الْجُعْفِيِّينَ وَلَاءَ إِسْلَامٍ، لِأَنَّ جَدَّهُ كَانَ مَجُوسِيًّا فَأَسْلَمَ عَلَى يَدِ الْيَمَانِ الْجُعْفِيِّ، وَكَذَلِكَ الْحَسَنُ الْمَاسَرْجَسِيُّ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ، كَانَ نَصْرَانِيًّا فَأَسْلَمُ عَلَى يَدَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَوْلَى الْحِلْفِ، كَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ الْإِمَامِ وَنَفَرِهِ أَصْبَحِيُّونَ صَلِيبَةً مَوَالِي لِتَيْمِ قُرَيْشٍ بِالْحِلْفِ. وَمِنْ أَمْثِلَةِ مَوْلَى الْقَبِيلَةِ: أَبُو الْبَخْتَرِيِّ الطِّائِيُّ التَّابِعِيُّ مَوْلَى طَيِّئٍ، وَأَبُو الْعَالِيَةِ الرِّيَاحِيَّ التَّابِعِيُّ مَوْلَى امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي رِيَاحٍ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ الْمِصْرِيُّ الْفِهْمِيُّ مَوْلَاهُمْ، عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ الْحَنْظَلِيُّ مَوْلَاهُمْ، عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ الْقُرَشِيُّ مَوْلَاهُمْ، عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ الْجُهَنِيُّ مَوْلَاهُمْ. وَرُبَّمَا نُسِبَ إِلَى الْقَبِيلَةِ مَوْلَى مَوْلَاهَا، كَأَبِي الْحُبَابِ الْهَاشِمِيِّ، مَوْلَى شَقْرَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.   [تدريب الراوي] (وَقَدْ يَكُونَانِ) أَيِ الرَّاوِيَانِ (مِنْ طَبَقَةٍ بِاعْتِبَارٍ) لِمُشَابَهَتِهِ لَهَا مِنْ وَجْهٍ، (وَمِنْ طَبَقَتَيْنِ بِاعْتِبَارٍ) آخَرَ لِمُشَابَهَتِهِ لَهَا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ. (كَأَنَسٍ، وَشِبْهِهِ مِنْ أَصَاغِرِ الصَّحَابَةِ، هُمْ مِنَ الْعَشْرَةِ فِي طَبَقَةِ الصَّحَابَةِ، وَعَلَى هَذَا الصَّحَابَةُ كُلُّهُمْ طَبَقَةٌ) بِاعْتِبَارِ اشْتِرَاكِهِمْ فِي الصُّحْبَةِ، (وَالتَّابِعُونَ) طَبَقَةٌ (ثَانِيَةٌ، وَأَتْبَاعُهُمْ) طَبَقَةٌ (ثَالِثَةٌ) بِالِاعْتِبَارِ الْمَذْكُورِ وَهَلُمَّ جَرًّا وَبِاعْتِبَارٍ آخَرَ، وَهُوَ النَّظَرُ إِلَى (السَّوَابِقِ، تَكُونُ الصَّحَابَةُ بِضْعَ عَشْرَةَ طَبَقَةً كَمَا تَقَدَّمَ) فِي مَعْرِفَةِ الصَّحَابَةِ أَنَّهُمِ اثْنَتَا عَشْرَةَ طَبَقَةً أَوْ أَكْثَرُ، وَفِي مَعْرِفَةِ التَّابِعِينَ أَنَّهُمْ خَمْسَ عَشْرَةَ طَبَقَةً، وَهَكَذَا. (وَيَحْتَاجُ النَّاظِرُ فِيهِ إِلَى مَعْرِفَةِ الْمَوَالِيدِ) لِلرُّوَاةِ، (وَالْوَفَيَاتِ، وَمَنْ رَوُوا عَنْهُ، وَرَوَى عَنْهُمْ) . [النَّوْعُ الرَّابِعُ وَالسِّتُّونَ مَعْرِفَةُ الْمَوَالِي] (النَّوْعُ الرَّابِعُ وَالسِّتُّونَ: مَعْرِفَةُ الْمَوَالِي) مِنَ الْعُلَمَاءِ وَالرُّوَاةِ، وَصَنَّفَ فِي ذَلِكَ أَبُو عُمَرَ الْكِنْدِيُّ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمِصْرِيِّينَ. (أَهَمُّهُ الْمَنْسُوبُونَ إِلَى الْقَبَائِلِ مُطْلَقًا، كَفُلَانٍ الْقُرَشِيِّ، وَيَكُونُ مَوْلًى لَهُمْ) ، فَرُبَّمَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 910 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] ظُنَّ أَنَّهُ مِنْهُمْ بِحُكْمِ ظَاهِرِ الْإِطْلَاقِ، فَيَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ خَلَلُ فِي الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ فِي الْأُمُورِ الْمُشْتَرَطِ فِيهَا النَّسَبُ، كَالْإِمَامَةِ الْعُظْمَى وَالْكَفَاءَةِ فِي النِّكَاحِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ. (ثُمَّ مِنْهُمْ مَنْ يُقَالُ) فِيهِ (مَوْلَى فُلَانٍ، وَيُرَادُ مَوْلَى عَتَاقَةٍ، وَهُوَ الْغَالِبُ) وَسَتَأْتِي أَمْثِلَتُهُ. (وَمِنْهُمْ) مَنْ يُرَادُ بِهِ (مَوْلَى الْإِسْلَامِ، كَالْبُخَارِيِّ الْإِمَامِ مَوْلَى الْجُعْفِيِّينَ وَلَاءَ إِسْلَامٍ لِأَنَّ جَدَّهُ) الْمُغِيَرَةَ (كَانَ مَجُوسِيًّا، فَأَسْلَمَ عَلَى يَدِ الْيَمَانِ) بْنِ أَخْنَسَ (الْجُعْفِيِّ. وَكَذَلِكَ الْحَسَنُ) بْنُ عِيسَى ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي تَهْذِيبِهِ، ابْنُ مَاسَرْجَسَ (الْمَاسَرْجَسِيُّ) ، أَبُو عَلِيٍّ النَّيْسَابُورِيُّ مِنْ رِجَالِ مُسْلِمٍ، (مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ كَانَ نَصْرَانِيًّا فَأَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ. وَمِنْهُمْ مَوْلَى الْحِلْفِ كَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ الْإِمَامِ وَنَفَرِهِ) ، هُمْ (أَصْبَحِيُّونَ صَلِيبَةً) ، وَيُقَالُ لَهُ التَّيْمِيُّ؛ لِأَنَّ نَفَرَهُ أَصْبَحَ (مَوَالِي لَتَيْمِ قُرَيْشٍ بِالْحِلْفِ. وَمِنْ أَمْثِلَةِ مَوَالِي الْقَبِيلَةِ) عَتَاقَةً: (أَبُو الْبَخْتَرِيِّ الطَّائِيُّ التَّابِعِيُّ مَوْلَى طَيِّئٍ. وَأَبُو الْعَالِيَةِ) رَفِيعُ بْنُ مِهْرَانَ (الرِّيَاحِيُّ) بِالتَّحْتِيَّةِ (التَّابِعِيُّ، مَوْلَى امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 911 النَّوْعُ الْخَامِسُ وَالسِّتُّونَ: مَعْرِفَةُ أَوْطَانِ الرُّوَاةِ وَبُلْدَانِهِمْ، هُوَ مِمَّا يَفْتَقِرُ إِلَيْهِ حُفَّاظُ الْحَدِيثِ فِي تُصَرُّفَاتِهِمْ وَمَصَنَّفَاتِهِمْ، وَمِنْ مَظَانِّهِ الطَّبَقَاتُ لِابْنِ سَعْدٍ، وَقَدْ كَانَتِ الْعَرَبُ إِنَّمَا تُنْسَبُ إِلَى قَبَائِلِهَا، فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ وَغَلَبَ عَلَيْهِمْ سُكْنَى الْقُرَى انْتَسَبُوا إِلَى الْقُرَى كَالْعَجَمِ، ثُمَّ مَنْ كَانَ نَاقِلَةً مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ وَأَرَادَ الِانْتِسَابَ إِلَيْهِمَا فَلْيَبْدَأْ بِالْأَوَّلِ فَيَقُولُ فِي نَاقِلَةِ مِصْرَ إِلَى دِمَشْقَ: الْمِصْرِيُّ وَالدِّمَشْقِيُّ، وَالْأَحْسَنُ: ثُمُّ الدِّمَشْقِيُّ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ قَرْيَةِ بَلْدَةٍ فَيَجُوزَ أَنْ يُنْسَبَ إِلَى الْقَرْيَةِ وَإِلَى الْبَلْدَةِ وَإِلَى النَّاحِيَةِ وَإِلَى الْإِقْلِيمِ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ وَغَيْرُهُ: مَنْ أَقَامَ فِي بَلْدَةٍ أَرْبَعَ سَنِينَ نُسِبَ إِلَيْهَا.   [تدريب الراوي] رِيَاحٍ) ابْنِ يَرْبُوعٍ حَيٍّ مَنْ بَنِي تَمِيمٍ. (وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ الْمِصْرِيُّ الْفِهْمِيُّ مَوْلَاهُمْ. عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ الْحَنْظَلِيُّ مَوْلَاهُمْ. عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ الْقُرَشِيُّ مَوْلَاهُمْ. عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ الْجُهَنِيُّ مَوْلَاهُمْ. وَرُبَّمَا نُسِبَ إِلَى الْقَبِيلَةِ مَوْلَى مَوْلَاهَا كَأَبِي الْحُبَابِ) سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ (الْهَاشِمِيِّ) ؛ لِأَنَّهُ (مَوْلَى شَقْرَانَ، مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) . وَقِيلَ: هُوَ مَوْلَى مَيْمُونَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ. وَقِيلَ: مَوْلَى الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، فَلَيْسَ حِينَئِذٍ مِنْ هَذَا الْقِسْمِ. وَمِنْهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ الْقُرَشِيُّ الْفِهْرِيِّ، فَإِنَّهُ مَوْلَى يَزِيدَ بْنِ رُمَّانَةَ مَوْلَى يَزِيدَ بْنِ أُنَيْسٍ الْفِهْرِيِّ. [النَّوْعُ الْخَامِسُ وَالسِّتُّونَ مَعْرِفَةُ أَوْطَانِ الرُّوَاةِ وَبُلْدَانِهِمْ] (النَّوْعُ الْخَامِسُ وَالسِّتُّونَ: مَعْرِفَةُ أَوْطَانِ الرُّوَاةِ وَبُلْدَانِهِمْ، وَهُوَ مِمَّا يَفْتَقِرُ إِلَيْهِ حُفَّاظُ الْحَدِيثِ فِي تَصَرُّفَاتِهِمْ وَمُصَنَّفَاتِهِمْ) ، فَإِنَّ بِذَلِكَ يُمَيَّزُ بَيْنَ الِاسْمَيْنِ الْمُتَّفِقَيْنِ فِي اللَّفْظِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 912 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] (وَمِنْ مَظَانِّهِ: الطَّبَقَاتُ لِابْنِ سَعْدٍ. وَقَدْ كَانَتِ الْعَرَبُ إِنَّمَا تَنْتَسِبُ إِلَى قَبَائِلِهَا، فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ وَغَلَبَ عَلَيْهِمْ سُكْنَى الْقُرَى، انْتَسَبُوا إِلَى الْقُرَى) ، وَالْمَدَائِنِ (كَالْعَجَمِ. ثُمَّ مَنْ كَانَ نَاقِلَةً مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ، وَأَرَادَ الِانْتِسَابَ إِلَيْهِمَا، فَلْيَبْدَأْ بِالْأَوَّلِ، فَيَقُولُ فِي نَاقِلَةِ مِصْرَ إِلَى دِمَشْقَ: الْمِصْرِيُّ وَالدِّمَشْقِيُّ. وَالْأَحْسَنُ: ثُمَّ الدِّمَشْقِيُّ) لِدَلَالَةِ ثُمَّ عَلَى التَّرْتِيبِ. وَلَهُ أَنْ يَنْتَسِبَ إِلَى أَحَدِهِمَا فَقَطْ، وَهُوَ قَلِيلٌ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ فِي تَهْذِيبِهِ. (وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ قَرْيَةِ بَلْدَةٍ) بِإِضَافَةِ قَرْيَةٍ إِلَيْهَا، (فَيَجُوزُ أَنْ يُنْسَبَ إِلَى الْقَرْيَةِ) فَقَطْ، (وَإِلَى الْبَلْدَةِ) فَقَطْ، (وَإِلَى الْبَلْدَةِ) فَقَطْ، (وَإِلَى النَّاحِيَةِ) الَّتِي فِيهَا تِلْكَ الْبَلْدَةُ فَقَطْ. زَادَ الْمُصَنِّفُ (وَإِلَى الْإِقْلِيمِ) فَقَطْ. يَقُولُ: فَيمَنْ هُوَ مِنْ حَرَسْتَا مَثَلًا. وَهِيَ قَرْيَةٌ مِنْ قُرَى الْغُوطَةِ الَّتِي هِيَ كُورَةٌ مَنْ كُوَرِ دِمَشْقَ: الْحَرَسْتَائِيُّ، أَوِ الْغُوطِيُّ، أَوِ الدِّمَشْقِيُّ، أَوِ الشَّامِيُّ. وَلَهُ الْجَمْعُ فَيَبْدَأُ بِالْأَعَمِّ وَهُوَ الْإِقْلِيمُ، ثُمَّ النَّاحِيَةِ، ثُمَّ الْبَلَدِ، ثُمَّ الْقَرْيَةِ، فَيُقَالُ: الشَّامِيُّ الدِّمَشْقِيُّ الْغُوطِيُّ الْحَرَسْتَائِيُّ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 913 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَكَذَا فِي النَّسَبِ إِلَى الْقَبَائِلِ، يُبْدَأُ بِالْعَامِّ قَبْلَ الْخَاصِّ، لِيَحْصُلَ بِالثَّانِي فَائِدَةٌ لَمْ تَكُنْ لَازِمَةً فِي الْأَوَّلِ، فَيُقَالُ الْقُرَشِيُّ، ثُمَّ الْهَاشِمِيُّ، وَلَا يُقَالُ: الْهَاشِمِيُّ الْقُرَشِيُّ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ لِلثَّانِي حِينَئِذٍ، إِذْ يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ هَاشِمِيًّا كَوْنُهُ قُرَشِيًّا بِخِلَافِ الْعَكْسِ، ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي تَهْذِيبِهِ. قَالَ: فَإِنْ قِيلَ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُذْكَرَ الْأَعَمُّ بَلْ يُقْتَصَرُ عَلَى الْأَخَصِّ. فَالْجَوَابُ: أَنَّهُ قَدْ يَخْفَى عَلَى بَعْضِ النَّاسِ كَوْنُ الْهَاشِمِيِّ قُرَشِيًّا، وَيَظْهَرُ هَذَا الْخَفَاءُ فِي الْبُطُونِ الْخَفِيَّةِ، كَالْأَشْهَلِ مِنَ الْأَنْصَارِ، إِذْ لَوِ اقْتُصِرَ عَلَى الْأَشْهَلِ لَمْ يَعْرِفْ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ أَنَّهُ مِنَ الْأَنْصَارِ أَمْ لَا؟ فَذُكِرَ الْعَامُّ ثُمَّ الْخَاصُّ لِدَفْعِ هَذَا الْوَهْمِ. قَالَ: وَقَدْ يَقْتَصِرُونَ عَلَى الْخَاصِّ وَقَدْ يَقْتَصِرُونَ عَلَى الْعَامِّ، وَهَذَا قَلِيلٌ. قَالَ: وَإِذَا جُمِعَ بَيْنَ النَّسَبِ إِلَى الْقَبِيلَةِ وَالْبَلَدِ قُدِّمَ النَّسَبُ إِلَى الْقَبِيلَةِ، انْتَهَى. (قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ وَغَيْرُهُ: مَنْ أَقَامَ فِي بَلْدَةٍ أَرْبَعَ سِنِينَ نُسِبَ إِلَيْهَا) . فَائِدَةٌ: صَنَّفَ فِي الْأَنْسَابِ الْحَازِمِيُّ كِتَابَ الْعُجَالَةِ، وَهُوَ صَغِيرُ الْحَجْمِ، وَالرَّشَاطِيُّ، ثُمَّ الْحَافِظُ أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ كِتَابًا ضَخْمًا حَافِلًا، وَاخْتَصَرَهُ ابْنُ الْأَثِيرِ فِي ثَلَاثِ مُجَلَّدَاتٍ وَسَمَّاهُ اللُّبَابَ، وَزَادَ فِيهِ شَيْئًا يَسِيرًا، وَقَدِ اخْتَصَرْتُهُ أَنَا فِي مُجَلَّدَةٍ لَطِيفَةٍ وَزِدْتُ فِيهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 914 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] الْجَمَّ الْغَفِيرَ وَسَمَّيْتُهُ لَبَّ اللُّبَابِ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ. هَذَا آخِرُ مَا أَوْرَدَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مِنْ أَنْوَاعِ عُلُومِ الْحَدِيثِ تَبَعًا لِابْنِ الصَّلَاحِ، وَقَدْ بَقِيَتْ أَنْوَاعٌ أُخَرُ، هَا أَنَا أُورِدُهَا وَاللَّهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - الْمُسْتَعَانُ. [النَّوْعُ السَّادِسُ وَالسَّابِعُ وَالسِّتُّونَ الْمُعَلَّقُ وَالْمُعَنْعَنُ] 1 (النَّوْعُ السَّادِسُ وَالسَّابِعُ وَالسِّتُّونَ) : الْمُعَلَّقُ وَالْمُعَنْعَنُ: تَقَدَّمَ ذِكْرُهُمَا فِي نَوْعِ الْمُعْضَلِ. [النَّوْعُ الثَّامِنُ وَالتَّاسِعُ وَالسِّتُّونَ الْمُتَوَاتِرُ وَالْعَزِيزُ] 1 (النَّوْعُ الثَّامِنُ وَالتَّاسِعُ وَالسِّتُّونَ) : الْمُتَوَاتِرُ وَالْعَزِيزُ: تَقَدَّمَا فِي نَوْعَيِ الْمَشْهُورِ وَالْغَرِيبِ. [النوع النَّوْعُ السَّبْعُونَ الْمُسْتَفِيضُ] 1 (النَّوْعُ السَّبْعُونَ) الْمُسْتَفِيضُ: أَشَرْتُ إِلَيْهِ فِي نَوْعِ الْمَشْهُورِ. [النَّوْعُ الْحَادِي وَالثَّانِي وَالسَّبْعُونَ الْمَحْفُوظُ وَالْمَعْرُوفُ] 1 (النَّوْعُ الْحَادِي وَالثَّانِي وَالسَّبْعُونَ) الْمَحْفُوظُ وَالْمَعْرُوفُ: حَرَّرْتُهُمَا فِي نَوْعِ الشَّاذِّ وَالْمُنْكَرِ. [النَّوْعُ الثَّالِثُ وَالسَّبْعُونَ الْمَتْرُوكُ] 1 (النَّوْعُ الثَّالِثُ وَالسَّبْعُونَ) الْمَتْرُوكُ: وَتَقَدَّمَ فِي نَوْعِ الْمُنْكَرِ وَعَقِيبَ الْمَقْلُوبِ. [النَّوْعُ الرَّابِعُ وَالسَّبْعُونَ الْمُحَرَّفُ] 1 (النَّوْعُ الرَّابِعُ وَالسَّبْعُونَ) : الْمُحَرَّفُ: تَقَدَّمَتِ الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ فِي نَوْعِ الْمُصْحَفِ. [النَّوْعُ الْخَامِسُ وَالسَّبْعُونَ مَعْرِفَةُ أَتْبَاعِ التَّابِعِينَ] 1 (النَّوْعُ الْخَامِسُ وَالسَّبْعُونَ) : مَعْرِفَةُ أَتْبَاعِ التَّابِعِينَ: قَدْ ذَكَرَهُ الْحَاكِمُ فِي عُلُومِ الْحَدِيثِ عَقِبَ مَعْرِفَةِ التَّابِعِينَ. [النَّوْعُ السَّادِسُ وَالسَّابِعُ وَالسَّبْعُونَ رِوَايَةُ الصَّحَابَةِ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ وَالتَّابِعِينَ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ] 1 (النَّوْعُ السَّادِسُ وَالسَّابِعُ وَالسَّبْعُونَ) : رِوَايَةُ الصَّحَابَةِ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ وَالتَّابِعِينَ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ: هَذَانِ ذَكَرَهُمَا الْبُلْقِينِيُّ فِي مَحَاسِنِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 915 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] الِاصْطِلَاحِ، وَقَالَ إِنَّهُمَا مُهِمَّانِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ رِوَايَةُ التَّابِعِينَ عَنِ الصَّحَابَةِ، وَرِوَايَةُ أَتْبَاعِ التَّابِعِينَ عَنِ التَّابِعِينَ، فَيُحْتَاجُ إِلَى التَّنْبِيهِ عَلَى مَا يُخَالِفُ الْغَالِبَ. قُلْتُ: هَذَا تَقَدَّمَ فِي نَوْعِ الْأَقْرَانِ. وَمِنْ أَمْثِلَةِ الْأَوَّلِ: حَدِيثٌ اجْتَمَعَ فِيهِ أَرْبَعَةٌ صَحَابَةٌ، وَهُوَ حَدِيثُ الزُّهْرِيِّ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ حُوَيْطِبِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّعْدِيِّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ مَرْفُوعًا: «مَا جَاءَكَ اللَّهُ بِهِ مِنْ هَذَا الْمَالِ عَنْ غَيْرِ إِشْرَافٍ، وَلَا سَائِلٍ فَخُذْهُ، وَلَا تُتْبِعْهُ نَفْسَكَ» . وَحَدِيثُ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ: عَنْ كَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ نُعَيْمِ بْنِ هَبَّارٍ، عَنِ الْمِقْدَادِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ «عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَهُوَ مَرْعُوبٌ مُتَغَيِّرُ اللَّوْنِ، فَقَالَ: " أَطِيعُونِي مَا دُمْتُ فِيكُمْ، وَعَلَيْكُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ فَأَحِلُّوا حَلَالَهُ وَحَرِّمُوا حَرَامَهُ» . وَحَدِيثٌ اجْتَمَعَ فِيهِ أَرْبَعٌ مِنْ نِسَاءِ الصَّحَابَةِ: اثْنَتَانِ مِنْ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ. وَرَبِيبَتَانِ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 916 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَهُوَ مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ، عَنْ حَبِيبَةَ بِنْتِ أُمِّ حَبِيبَةَ، عَنْ أُمِّهَا أُمِّ حَبِيبَةَ، «عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ، قَالَتْ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمًا مُحْمَرًّا وَجْهُهُ وَهُوَ يَقُولُ: " لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ " ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، " وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ، فُتِحَ الْيَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِثْلَ هَذِهِ "، وَعَقَدَ عَشْرًا، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ؟ قَالَ: " نَعَمْ إِذَا كَثُرَ الْخَبَثُ» . وَقَدْ أَفْرَدَ بَعْضُهُمْ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ الثَّلَاثَةَ فِي جُزْءٍ. قُلْتُ: وَقَعَ فِي بَعْضِ الْأَجْزَاءِ حَدِيثٌ اجْتَمَعَ فِيهِ خَمْسَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ، أَخْبَرَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ مُقْبِلٍ مُكَاتَبَةً عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْحَرَّاوِيِّ، كِلَاهُمَا عَنِ الْحَافِظِ شَرَفِ الدِّينِ الدِّمْيَاطِيِّ، أَنَا الْحَافِظُ يُوسُفُ بْنُ خَلِيلٍ، أَنَا ذَاكِرُ بْنُ كَامِلٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بْنُ أَبِي عُمَرَ الْأَصْبَهَانَيُّ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَاضِلِ، أَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ أَحْمَدَ الْبَرَدْعِيُّ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ الْجَوْزِيُّ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حِبَّانَ الْأَنْصَارِيُّ، ثَنَا الشَّاذَكُونِيُّ، ثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، عَنْ بِلَالٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْمَوْتُ كَفَّارَةٌ لِكُلِّ مُسْلِمٍ» . [النَّوْعُ الثَّامِنُ وَالسَّبْعُونَ مَا رَوَاهُ الصَّحَابَةُ عَنِ التَّابِعِينَ عَنِ الصَّحَابَةِ] 1 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 917 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] (النَّوْعُ الثَّامِنُ وَالسَّبْعُونَ) : مَا رَوَاهُ الصَّحَابَةُ، عَنِ التَّابِعِينَ عَنِ الصَّحَابَةِ: هَذَا النَّوْعُ زِدْتُهُ أَنَا، وَقَدْ أَلَّفَ فِيهِ الْخَطِيبُ، وَقَدْ أَنْكَرَ بَعْضُهُمْ وُجُودَ ذَلِكَ، وَقَالَ: إِنَّ رِوَايَةَ الصَّحَابَةِ، عَنِ التَّابِعِينَ إِنَّمَا هِيَ فِي الْإِسْرَائِيلِيَّاتِ وَالْمَوْقُوفَاتِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ. فَمِنْ ذَلِكَ حَدِيثُ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ، عَنْ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمْلَى عَلَيْهِ: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء: 95] ، فَجَاءَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، الْحَدِيثَ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ. وَحَدِيثُ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِي، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ نَامَ عَنْ حِزْبِهِ أَوْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ فَقَرَأَهُ مَا بَيْنَ صَلَاةِ الْفَجْرِ إِلَى صَلَاةِ الظُّهْرِ كُتِبَ لَهُ كَأَنَّمَا قَرَأَهُ مِنَ اللَّيْلِ» ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ. وَحَدِيثُ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أُمِّ كُلْثُومِ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، «عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنِ الرَّجُلِ يُجَامِعُ ثُمَّ يَكْسِلُ، هَلْ عَلَيْهِمَا مِنْ غُسْلٍ، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 918 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَعَائِشَةُ جَالِسَةٌ، فَقَالَ: " إِنِّي لَأَفْعَلُ ذَلِكَ أَنَا وَهَذِهِ ثُمَّ نَغْتَسِلُ» ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَحَدِيثُ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ بْنِ الْمُصْطَلَقِ، عَنِ ابْنِ أَخِي زَيْنَبَ امْرَأَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ زَيْنَبَ امْرَأَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَتْ: «خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ وَلَوْ مِنْ حُلِيِّكُنَّ، فَإِنَّكُنَّ أَكْثَرُ أَهْلِ جَهَنَّمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ. وَالْحَدِيثُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ رِوَايَةِ عَمْرٍو، عَنْ زَيْنَبَ نَفْسِهَا. وَحَدِيثُ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ عَنْبَسَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ أُخْتِهِ أُمُّ حَبِيبَةَ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ صَلَّى اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً بِالنَّهَارِ أَوْ بِاللَّيْلِ بُنِيَ لَهُ بَيْتٌ فِي الْجَنَّةِ» رَوَاهُ النَّسَائِيُّ. وَحَدِيثُ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي عَمْرَةَ مَوْلَى عَائِشَةَ، وَاسْمُهُ ذَكْوَانُ، «عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَكُونُ جُنُبًا فَيُرِيدُ الرُّقَادَ فَيَتَوَضَّأُ وَضَوْءَهُ لِلصَّلَاةِ ثُمَّ يَرْقُدُ» ، رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ. وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ أُمِّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي ذِئَابٍ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ مَرْفُوعًا: (مَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 919 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] «ابْتَلَى اللَّهُ عَبْدًا بِبَلَاءٍ وَهُوَ عَلَى طَرِيقَةٍ يَكْرَهُهَا إِلَّا جَعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ الْبَلَاءَ كَفَّارَةً لَهُ» . رَوَاهُ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا فِي كِتَابِ " الْمَرَضِ وَالْكَفَّارَاتِ ". وَقَدْ جَمَعَ الْحَافِظُ أَبُو الْفَضْلِ الْعِرَاقِيُّ الْأَحَادِيثَ الَّتِي بِهَذِهِ الشَّرِيطَةِ، فَبَلَغَتْ عِشْرِينَ حَدِيثًا. [النَّوْعُ التَّاسِعُ وَالسَّبْعُونَ وَالثَّمَانُونَ مِعْرِفَةُ مَنْ وَافَقَتْ كُنْيَتُهُ اسْمَ أَبِيهِ وَعَكْسُهُ] 1 ذَكَرَهُمَا شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي النُّخْبَةِ. وَصَنَّفَ الْخَطِيبُ فِي النَّوْعِ الْأَوَّلِ كِتَابًا قَالَ فِيهِ: وَجُلْتُ فِي أَسْمَاءِ رُوَاةِ الْحَدِيثِ فَوَجَدْتُ جَمَاعَةً مِنْهُمْ، وَاطَأَتْ كُنَاهُمْ أَسْمَاءَ آبَائِهِمْ، وَلِبَعْضِهِمْ نَظَرٌ لِخِلَافِ ذَلِكَ، فَرُبَّمَا جَاءَتْ رِوَايَةٌ عَنْ بَعْضِهِمْ بِاسْمِهِ وَكُنْيَتِهِ، مُضَاهِيًا لِآخَرَ فِي اسْمِهِ وَكُنْيَتِهِ، وَهُمَا اثْنَانِ فَلَا يُؤْمَنُ وُقُوعُ الْخَطَأِ فِيهَا. وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: فَائِدَةُ مَعَرِفَةِ ذَلِكَ نَفْيُ الْغَلَطِ عَمَّنْ نَسَبَهُ إِلَى أَبِيهِ. وَصَنَّفَ أَبُو الْفَتْحِ الْأَزْدِيُّ فِي النَّوْعِ الثَّانِي كِتَابًا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 920 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَمِنْ أَمْثِلَةِ الْأَوَّلِ فِي الصَّحَابَةِ وَفِي غَيْرِهِمْ، أَبُو مُسْلِمٍ الْأَغَرُّ بْنُ مُسْلِمٍ الْمَدَنِيُّ، رَوَى عَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ وَغَيْرِهِ. وَأَبُو خَالِدٍ أَوْسُ بْنُ خَالِدٍ الْبَصْرِيُّ، رَوَى عَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ، وَسَمُرَةَ. وَأَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ الْمَدِينِيُّ مِنْ أَتْبَاعِ التَّابِعِينَ. وَأَبُو إِسْمَاعِيلَ إِدْرِيسُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْكُوفِيُّ، رَوَى عَنِ: الْأَعْمَشِ، وَطَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ. وَأَبُو زِيَادٍ أَيُّوبُ بْنُ زِيَادٍ الْحِمْصِيُّ، رَوَى عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ. وَأَبُو الْجَوَابِ الْأَحْوَصُ بْنُ جَوَابٍ الْكُوفِيُّ الضَّبَّيُّ، رَوَى عَنْ أَسْبَاطِ بْنِ نَصْرٍ وَغَيْرِهِ. وَمِنْ أَمْثِلَةِ الثَّانِي فِي الصَّحَابَةِ: أَوْسُ بْنُ أَوْسٍ، وَسِنَانُ بْنُ أَبِي سِنَانٍ الْأَسَدِيُّ، وَمَعْقِلُ بْنُ أَبِي مَعْقِلٍ. وَفِي غَيْرِهِمُ الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ الْبَصْرِيُّ، وَإِسْحَاقُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ ; وَعَامِرُ بْنُ أَبِي عَامِرٍ الْأَشْعَرِيُّ. [النَّوْعُ الْحَادِي وَالثَّمَانُونَ مَعْرِفَةُ مَنْ وَافَقَتْ كُنْيَتُهُ كُنْيَةَ زَوْجِهِ] 1 (النَّوْعُ الْحَادِي وَالثَّمَانُونَ) : مَعْرِفَةُ مَنْ وَافَقَتْ كُنْيَتُهُ كُنْيَةَ زَوْجِهِ، وَهَذَا النَّوْعُ ذَكَرَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي النُّخْبَةِ. وَصَنَّفَ فِيهِ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ حَيَّوَيْهِ جُزْءًا خَاصًّا بِالصَّحَابَةِ، ثُمَّ الْحَافِظُ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ عَسَاكِرَ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 921 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَقَدْ رَأَيْتُ جُزْءَ ابْنِ حَيَّوَيْهِ وَهَذِهِ أَسْمَاءُ مَنْ ذُكِرَ فِيهِ: أَبُو أُسَيْدٍ السَّاعِدِيُّ مَالِكُ بْنُ رَبِيعَةَ الْأَنْصَارِيُّ، وَزَوْجُهُ أُمُّ أُسَيْدٍ الْأَنْصَارِيَّةُ، أَبُو أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيُّ خَالِدُ بْنُ زَيْدٍ، وَزَوْجُهُ أُمُّ أَيُّوبَ بِنْتُ قَيْسِ بْنِ عَمْرٍو الْأَنْصَارِيَّةُ، أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ وَزَوْجُهُ أُمُّ بَكْرٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ لَمْ يَصِحَّ إِسْلَامُهَا، أَبُو الدَّحْدَاحِ وَزَوْجُهُ أُمُّ الدِّحْدَاحِ، أَبُو الدَّرْدَاءِ وَزَوْجُهُ أُمُّ الدَّرْدَاءِ الْكُبْرَى خَيْرَةُ بِنْتُ أَبِي حَدْرَدٍ صَحَابِيَّةٌ، وَأُمُّ الدَّرْدَاءِ الصُّغْرَى هُجَيْمَةُ تَابِعِيَّةٌ، أَبُو ذَرٍّ الْغِفَارِيُّ وَزَوْجُهُ أُمُّ ذَرٍّ، أَبُو رَافِعٍ أَسْلَمُ مَوْلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَزَوْجُهُ أُمُّ رَافِعٍ سَلْمَى مَوْلَاتُهُ أَيْضًا، أَبُو سَلَمَةَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْأَسْوَدِ وَزَوْجُهُ أُمُّ سَلَمَةَ هِنْدُ بِنْتُ أَبِي أُمَيَّةَ، تَزَوَّجَهَا بَعْدَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبُو سَيْفٍ الْقَيْنُ ظِئْرُ إِبْرَاهِيمَ وَزَوْجُهُ أُمُّ سَيْفٍ، أَبُو طُلَيْقٍ وَزَوْجُهُ أُمُّ طُلَيْقٍ، أَبُو الْفَضْلِ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَزَوْجُهُ أُمُّ الْفَضْلِ لُبَابَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ، أَبُو الجزء: 2 ¦ الصفحة: 922 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] مَعْقِلٍ الْأَسَدِيُّ هَيْثَمُ بْنُ أَبِي مَعْقَلٍ وَزَوْجُهُ أُمُّ مَعْقَلٍ الْأَسَدِيَّةُ. هَذَا مَا ذَكَرَهُ ابْنُ حَيَّوَيْهِ، وَقَدْ رَوَى عَنْ كُلٍّ مِنَ الْمَذْكُورِينَ حَدِيثًا، وَفَاتَهُ أَبُو مَعْبَدٍ وَأُمُّ مَعْبَدٍ، وَأَبُو رَعْلَةَ وَأُمُّ رَعْلَةَ. [النَّوْعُ الثَّانِي وَالثَّمَانُونَ مَعْرِفَةُ مَنْ وَافَقَ اسْمُ شَيْخِهِ اسْمَ أَبِيهِ] 1 (النَّوْعُ الثَّانِي وَالثَّمَانُونَ) : مَعْرِفَةُ مَنْ وَافَقَ اسْمُ شَيْخِهِ اسْمَ أَبِيهِ: هَذَا النَّوْعُ ذَكَرَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي النُّخْبَةِ. وَمَثَّلَهُ بِالرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسٍ، هَكَذَا يَأْتِي فِي الرِّوَايَاتِ فَيُظَنُّ أَنَّهُ يَرْوِي عَنْ أَبِيهِ، كَمَا وَقَعَ فِي الصَّحِيحِ: عَامِرُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ سَعْدٍ وَهُوَ أَبُوهُ، وَلَيْسَ أَنَسٌ شَيْخُ الرَّبِيعِ وَالِدَهُ، بَلْ هُوَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ الصَّحَابِيُّ الْمَشْهُورُ، وَأَبُوهُ بَكْرِيٌّ. [النَّوْعُ الثَّالِثُ وَالثَّمَانُونَ مَعْرِفَةُ مَنِ اتَّفَقَ اسْمُهُ وَاسْمُ أَبِيهِ وَجَدِّهِ] 1 (النَّوْعُ الثَّالِثُ وَالثَّمَانُونَ) : مَعْرِفَةُ مَنِ اتَّفَقَ اسْمُهُ وَاسْمُ أَبِيهِ وَجَدِّهِ: هَذَا النَّوْعُ ذَكَرَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي النُّخْبَةِ. وَمَثَّلَهُ بِالْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ. وَقَدْ صَنَّفَ أَبُو الْفَتْحِ الْأَزْدِيُّ كِتَابًا فِيمَنْ وَافَقَ اسْمُهُ اسْمَ أَبِيهِ، كَالْحَجَّاجِ بْنِ الْحَجَّاجِ الْأَسْلَمِيِّ لَهُ صُحْبَةٌ، وَعَدِيِّ بْنِ عَدِيٍّ الْكِنْدِيِّ، وَهِنْدَ بْنِ هِنْدَ بْنِ أَبِي هَالَةَ، وَحُجْرِ بْنِ حُجْرٍ الْكَلَاعِيِّ، وَهَاشِمِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عُتْبَةَ، وَعَبَّادِ بْنِ عَبَّادٍ الْمُهَلَّبِيِّ، وَصَالِحِ بْنِ صَالِحِ بْنِ حَيٍّ الْهَمْدَانِيِّ، وَسَعِيدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَدْ يَتَّفِقُ الِاسْمُ وَاسْمُ الْأَبِ مَعَ الِاسْمِ وَاسْمِ الْأَبِ فَصَاعِدًا، كَأَبِي الْيَمَنِ الْكِنْدِيِّ زَيْدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْحَسَنِ. [النَّوْعُ الرَّابِعُ وَالثَّمَانُونَ مَعْرِفَةُ مَنِ اتَّفَقَ اسْمُهُ وَاسْمُ شَيْخِهِ وَشَيْخِ شَيْخِهِ] 1 (النَّوْعُ الرَّابِعُ وَالثَّمَانُونَ) : مَعْرِفَةُ مَنِ اتَّفَقَ اسْمُهُ وَاسْمُ شَيْخِهِ وَشَيْخِ شَيْخِهِ: ذَكَرَهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 923 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي النُّخْبَةِ. كَعِمْرَانَ، عَنْ عِمْرَانَ، عَنْ عِمْرَانَ: الْأَوَّلُ يُعْرَفُ بِالْقَصِيرِ، وَالثَّانِي أَبُو رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيُّ، وَالثَّالِثُ ابْنُ حُصَيْنٍ الصَّحَابِيُّ. وَكَسُلَيْمَانَ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ سُلَيْمَانَ: الْأَوَّلُ ابْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَيُّوبَ الطَّبَرَانِيُّ، وَالثَّانِي ابْنُ أَحْمَدَ الْوَاسِطِيُّ، وَالثَّالِثُ ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدِّمَشْقِيُّ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ بِنْتِ شُرَحْبِيلَ. قَالَ: وَقَدْ يَقَعُ ذَلِكَ لِلرَّاوِي وَلِشَيْخِهِ مَعًا، كَأَبِي الْعَلَاءِ الْهَمْدَانِيِّ الْعَطَّارِ يَرْوِي عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الْأَصْبَهَانِيِّ الْحَدَّادِ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا اسْمُهُ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ، فَاتَّفَقَا فِي ذَلِكَ، وَافْتَرَقَا فِي الْكُنْيَةِ وَالْبَلَدِ وَالصَّنْعَةِ. وَصَنَّفَ فِي ذَلِكَ أَبُو مُوسَى الْمَدِينِيُّ جُزْءًا حَافِلًا. قُلْتُ: وَقَالَ الْحَاكِمُ فِي أَوَاخِرِ عُلُومِ الْحَدِيثِ: ثَنَا خَلَفٌ، ثَنَا خَلَفٌ، ثَنَا خَلَفٌ، ثَنَا خَلَفٌ، ثَنَا خَلَفٌ: فَالْأَوَّلُ الْأَمِيرُ خَلَفُ بْنُ أَحْمَدَ السِّجْزِيُّ. وَالثَّانِي: أَبُو صَالِحٍ خَلَفُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبُخَارِيُّ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 924 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَالثَّالِثُ: خَلَفُ بْنُ سُلَيْمَانَ السَّلَفِيُّ صَاحِبُ الْمُسْنَدِ. وَالرَّابِعُ: خَلَفُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْوَاسِطِيُّ كُرْدُوسُ. وَالْخَامِسُ: خَلَفُ بْنُ مُوسَى بْنِ خَلَفٍ. قُلْتُ: وَمِنْ هَذَا النَّوْعِ الْحَدِيثُ الْمُسَلْسَلُ بِالْمُحَمَّدِينَ فِي كُلِّ رُوَاتِهِ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمَالِكِيُّ الْأَدِيبُ، إِجَازَةً عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْمَهَدَوِيِّ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنِ زَيْنِ بْنِ مُشَرَّفٍ أَخْبَرَهُ عَنِ الزَّكِيِّ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ الْبَرْزَالِيِّ الْحَافِظِ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْحُسَيْنِ الصُّوفِيُّ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَحْمُودٍ الطَّائِيُّ، ثَنَا الْحَافِظُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ الدَّقَّاقُ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْكِرَانِيُّ، ثَنَا الْحَافِظُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الْعَبْدِيُّ، ثَنَا أَبُو مَنْصُورٍ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ الْبَاوَرْدِيُّ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَضْرَمِيُّ، ثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُثَنَّى، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي كَثِيرٍ مَوْلَى مُحَمَّدِ بْنِ جَحْشٍ. أَنَّ اسْمَهُ مُحَمَّدٌ أَيْضًا، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَحْشٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَّهُ مَرَّ فِي السُّوقِ عَلَى رَجُلٍ وَفَخِذَاهُ مَكْشُوفَتَانِ، فَقَالَ لَهُ: " غَطِّ فَخِذَيْكَ ; فَإِنَّ الْفَخِذَيْنِ عَوْرَةٌ» . قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَبُو الْفَضْلِ بْنُ حَجَرٍ: هَذَا حَدِيثٌ عَجِيبُ التَّسَلُّلِ، وَلَيْسَ فِي إِسْنَادِهِ مَنْ يُنْظَرُ فِي حَالِهِ سِوَى مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، وَاسْمُ جَدِّهِ سَهْلٌ ضَعَّفَهُ يَحْيَى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 925 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] الْقَطَّانُ وَوَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَلَهُ مُتَابِعٌ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ خُزَيْمَةَ مِنْ طَرِيقِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي كَثِيرٍ، أَتَمُّ مِنْهُ، وَعَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ. [النَّوْعُ الْخَامِسُ وَالثَّمَانُونَ مَعْرِفَةُ مَنِ اتَّفَقَ اسْمُ شَيْخِهِ وَالرَّاوِي عَنْهُ] 1 (النَّوْعُ الْخَامِسُ وَالثَّمَانُونَ) : مَعْرِفَةُ مَنِ اتَّفَقَ اسْمُ شَيْخِهِ وَالرَّاوِي عَنْهُ: ذَكَرَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي النُّخْبَةِ. وَقَالَ: هُوَ نَوْعٌ لَطِيفٌ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ. وَفَائِدَتُهُ: رَفْعُ اللَّبْسِ عَمَّنْ يُظَنُّ أَنَّ فِيهِ تَكْرَارًا أَوِ انْقِلَابًا. وَمِنْ أَمْثِلَتِهِ: أَنَّ الْبُخَارِيَّ رَوَى عَنْ مُسْلِمٍ، وَرُوِيَ عَنْهُ مُسْلِمٌ ; فَشَيْخُ مُسْلِمِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ أَبُو مُسْلِمٍ الْفَرَادِيسِيُّ الْبَصْرِيُّ، وَالرَّاوِي عَنْهُ مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ صَاحِبُ الصَّحِيحِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 926 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] [وَكَذَا وَقْعَ لِعَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ أَيْضًا: رَوَى عَنْ مُسْلِمٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ، وَ] . وَرَوَى عَنْهُ مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ فِي صَحِيحِهِ حَدِيثًا بِهَذِهِ التَّرْجَمَةِ بِعَيْنِهَا. وَمِنْهَا: يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، رَوَى عَنْ هِشَامٍ، وَرَوَى عَنْهُ هِشَامٌ ; فَشَيْخُهُ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، وَهُوَ مِنْ أَقْرَانِهِ، وَالرَّاوِي عَنْهُ هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ. وَمِنْهَا: ابْنُ جُرَيْجٍ، رَوَى عَنْ هِشَامٍ فَشَيْخُهُ ابْنُ عُرْوَةَ، وَالرَّاوِي عَنْهُ ابْنُ يُوسُفَ الصَّنْعَانِيُّ. وَمِنْهَا: الْحُكْمُ بْنُ عُتَيْبَةَ، رَوَى عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، وَرَوَى عَنْهُ ابْنُ أَبِي لَيْلَى ; فَالْأَعْلَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَالْأَدْنَى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَذْكُورُ. [النَّوْعُ السَّادِسُ وَالثَّمَانُونَ مَعْرِفَةُ مَنِ اتَّفَقَ اسْمُهُ وَكُنْيَتُهُ] 1 (النَّوْعُ السَّادِسُ وَالثَّمَانُونَ) : مَعْرِفَةُ مَنِ اتَّفَقَ اسْمُهُ وَكُنْيَتُهُ: ذَكَرَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي أَوَّلِ نُكَتِهِ عَلَى ابْنِ الصَّلَاحِ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ فِي النُّخْبَةِ، وَصَنَّفَ فِيهِ الْخَطِيبُ. وَفَائِدَتُهُ: نَفْيُ الْغَلَطِ عَمَّنْ ذَكَرَهُ بِأَحَدِهِمَا. وَمِنْ أَمْثِلَتِهِ: ابْنُ الطَّيْلَسَانِ الْحَافِظُ مُحَدِّثُ الْأَنْدَلُسِ اسْمُهُ، الْقَاسِمُ وَكُنْيَتُهُ أَبُو الْقَاسِمِ. [النَّوْعُ السَّابِعُ وَالثَّمَانُونَ مَعْرِفَةُ مَنْ وَافَقَ اسْمُهُ نَسَبُهُ] 1 (النَّوْعُ السَّابِعُ وَالثَّمَانُونَ) : مَعْرِفَةُ مَنْ وَافَقَ اسْمُهُ نَسَبُهُ: لَمْ يَذْكُرُوهُ أَيْضًا، مِنْ ذَلِكَ: حِمْيَرُ بْنُ بَشِيرٍ الْحِمْيَرِيُّ، رَوَى عَنْ جُنْدُبٍ الْبَجَلِيِّ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 927 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَمَعْقَلِ بْنِ يَسَارٍ وَغَيْرِهِمْ، وَقَرِيبٌ مِنْهُمُ الْأَسْمَاءُ الَّتِي بِلَفْظِ النَّسَبِ، كَالْحَضْرَمِيِّ وَالِدِ الْعَلَاءِ. [النَّوْعُ الثَّامِنُ وَالثَّمَانُونَ مَعْرِفَةُ الْأَسْمَاءِ الَّتِي يَشْتَرِكُ فِيهَا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ] 1 (النَّوْعُ الثَّامِنُ وَالثَّمَانُونَ) : مَعْرِفَةُ الْأَسْمَاءِ الَّتِي يَشْتَرِكُ فِيهَا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ: وَهُوَ قِسْمَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يَشْتَرِكَا فِي الِاسْمِ فَقَطْ، كَأَسْمَاءِ بْنِ حَارِثَةَ، وَأَسْمَاءِ بْنِ رَبَابٍ، صَحَابِيَّانِ، وَأَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، وَأَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ، صَحَابِيَّتَانِ، وَبُرَيْدَةَ بْنِ الْحَصِيبِ صَحَابِيٌّ، وَبُرَيْدَةَ بِنْتِ بِشْرٍ صَحَابِيَّةٌ، وَبَرَكَةَ أُمِّ أَيْمَنَ صَحَابِيَّةٌ، وَبَرَكَةَ بْنِ الْعُرْيَانِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَهُنَيْدَةَ بْنِ خَالِدٍ الْخُزَاعِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ، وَهُنَيْدَةَ بِنْتِ شَرِيكٍ عَنْ عَائِشَةَ، وَجُوَيْرِيَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، وَجُوَيْرِيَةَ بْنِ أَسْمَاءَ الضُّبَعِيِّ. وَالثَّانِي: أَنْ يَشْتَرِكَا فِي الِاسْمِ وَاسْمِ الْأَبِ، كَبُسْرَةَ بْنِ صَفْوَانَ، حَدَّثَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، وَبُسْرَةَ بِنْتِ صَفْوَانَ صَحَابِيَّةٌ، وَهِنْدِ بْنِ مُهَلَّبٍ ; رَوَى عَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ الزِّبْرِقَانِ، وَهِنْدَ بِنْتِ الْمُهَلَّبِ، حَدَّثَتْ عَنْ أَبِيهَا، وَأُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأُمَوِيِّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَأُمَيَّةَ بِنْتِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَائِشَةَ، وَعَنْهَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ أَخْرَجَ لَهَا التِّرْمِذِيُّ. [النَّوْعُ التَّاسِعُ وَالثَّمَانُونَ مَعْرِفَةُ أَسْبَابِ الْحَدِيثِ] 1 (النَّوْعُ التَّاسِعُ وَالثَّمَانُونَ) : مَعْرِفَةُ أَسْبَابِ الْحَدِيثِ: هَذَا النَّوْعُ ذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ فِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 928 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] مَحَاسِنِ الِاصْطِلَاحِ، وَشَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي النُّخْبَةِ. وَصَنَّفَ فِيهِ أَبُو حَفْصٍ الْعُكْبَرِيُّ، وَأَبُو حَامِدِ بْنُ كُوتَاهَ الْجُوبَارِيُّ. قَالَ الذَّهَبِيُّ: وَلَمْ يَسْبِقْ إِلَى ذَلِكَ. وَقَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ: شَرَعَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي تَصْنِيفِ أَسْبَابِ الْحَدِيثِ كَمَا صُنِّفَ فِي أَسْبَابِ النُّزُولِ. وَمِنْ أَمْثِلَتِهِ: حَدِيثُ «إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» سَبَبُهُ أَنْ رَجُلًا هَاجَرَ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ لَا يُرِيدُ بِذَلِكَ الْهِجْرَةَ، بَلْ لِيَتَزَوَّجَ امْرَأَةً يُقَالُ لَهَا: أُمُّ قَيْسٍ، فَسُمِّيَ مُهَاجِرَ أُمِّ قَيْسٍ: وَلِهَذَا حَسُنَ فِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ الْمَرْأَةِ، دُونَ سَائِرِ الْأُمُورِ الدُّنْيَوِيَّةِ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَالسَّبَبُ قَدْ يُنْقَلُ فِي الْحَدِيثِ، كَحَدِيثِ سُؤَالِ جِبْرِيلَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَنِ الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ وَالْإِحْسَانِ. ، وَحَدِيثِ الْقُلَّتَيْنِ، «سُئِلَ عَنِ الْمَاءِ يَكُونُ بِالْفَلَاةِ وَمَا يَنُوبُهُ مِنَ السِّبَاعِ وَالدَّوَابِّ» . وَحَدِيثِ: «صَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ» . وَحَدِيثِ: «خُذِي فِرْصَةً مِنْ مِسْكٍ» . وَحَدِيثِ سُؤَالِ: أَيُّ الذَّنْبِ أَكْبَرُ، وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَقَدْ لَا يُنْقَلُ فِيهِ، أَوْ يُنْقَلُ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ، وَهُوَ الَّذِي يَنْبَغِي الِاعْتِنَاءُ بِهِ، فَبِذِكْرِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 929 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] السَّبَبِ يَتَبَيَّنُ الْفِقْهُ فِي الْمَسْأَلَةِ ; مِنْ ذَلِكَ حَدِيثُ: «الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ» فِي بَعْضِ طُرُقِهِ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ، وَابْنِ مَاجَهْ، «أَنَّ رَجُلًا ابْتَاعَ عَبْدًا فَأَقَامَ عِنْدَهُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يُقِيمَ، ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَخَاصَمَهُ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرَدَّهُ عَلَيْهِ، فَقَالَ الرَّجُلُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدِ اسْتَعْمَلَ غُلَامِي، فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ» . [النَّوْعُ التِّسْعُونَ مَعْرِفَةُ تَوَارِيخِ الْمُتُونِ] 1 (النَّوْعُ التِّسْعُونَ) : مَعْرِفَةُ تَوَارِيخِ الْمُتُونِ. ذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَقَالَ: فَوَائِدُهُ كَثِيرَةٌ، وَلَهُ نَفْعٌ فِي مَعْرِفَةِ النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ. قَالَ: وَالتَّارِيخُ يُعَرِّفُ بِأَوَّلِ مَا كَانَ كَذَا، وَيُذَكِّرُ الْقَبْلِيَّةَ وَالْبَعْدِيَّةَ، وَبِآخَرِ الْأَمْرَيْنِ، وَيَكُونُ بِذِكْرِ السَّنَةِ وَالشَّهْرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. فَمِنَ الْأَوَّلِ: «أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ الْوَحْيِ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ» . «وَأَوَّلُ مَا نَهَانِي عَنْهُ رَبِّي بَعْدَ عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ شُرْبُ الْخَمْرِ وَمُلَاحَاةُ الرِّجَالِ» . رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 930 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَقَدْ صَنَّفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْأَوَائِلِ، وَأَفْرَدَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ بَابًا لِلْأَوَائِلِ. وَمِنَ الْقَبْلِيَّةِ وَنَحْوِهَا حَدِيثُ جَابِرٍ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَانَا أَنْ نَسْتَدْبِرَ الْقِبْلَةَ، أَوْ نَسْتَقْبِلَهَا بِفُرُوجِنَا إِذَا أَهْرَقْنَا الْمَاءَ، ثُمَّ رَأَيْتُهُ قَبْلَ مَوْتِهِ بِعَامٍّ يَسْتَقْبِلُهَا» ; رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُمَا. وَحَدِيثُهُ: «كَانَ آخِرُ الْأَمْرَيْنِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَرْكَ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ» ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ. وَحَدِيثُ جَرِيرٍ أَنَّهُ «رَأَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَمْسَحُ عَلَى الْخُفِّ، فَقِيلَ لَهُ: أَقَبْلَ نُزُولِ سُورَةِ الْمَائِدَةِ أَمْ بَعْدَهَا؟ فَقَالَ: مَا أَسْلَمْتُ إِلَّا بَعْدَ نُزُولِ سُورَةِ الْمَائِدَةِ» . وَمِنَ الْمُؤَرَّخِ بِذِكْرِ السَّنَةِ وَنَحْوِهَا حَدِيثُ بُرَيْدَةَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمَ الْفَتْحِ صَلَّى الصَّلَوَاتِ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ» . أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. وَحَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُكَيْمٍ: «أَتَانَا كِتَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 931 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] قَبْلَ مَوْتِهِ بِشَهْرٍ: " أَنْ لَا تَنْتَفِعُوا مِنَ الْمِيتَةِ بِإِهَابٍ وَلَا عَصَبٍ» ، رَوَاهُ الْأَرْبَعَةُ. [النَّوْعُ الْحَادِي وَالتِّسْعُونَ مَعْرِفَةُ مَنْ لَمْ يَرْوِ إِلَّا حَدِيثًا وَاحِدًا] 1 (النَّوْعُ الْحَادِي وَالتِّسْعُونَ) : مَعْرِفَةُ مَنْ لَمْ يَرْوِ إِلَّا حَدِيثًا وَاحِدًا: هَذَا النَّوْعُ زِدْتُهُ أَنَا، وَهُوَ نَظِيرُ مَا ذَكَرُوهُ فِيمَنْ لَمْ يُرْوَ عَنْهُ إِلَّا وَاحِدٌ، ثُمَّ رَأَيْتُ أَنَّ لِلْبُخَارِيِّ فِيهِ تَصْنِيفًا خَاصًا بِالصَّحَابَةِ. وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوُحْدَانِ فَرْقٌ، فَإِنَّهُ قَدْ يَكُونُ رَوَى عَنْهُ أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدٍ وَلَيْسَ لَهُ إِلَّا حَدِيثٌ وَاحِدٌ، وَقَدْ يَكُونُ رَوَى عَنْهُ غَيْرَ حَدِيثٍ، وَلَيْسَ لَهُ إِلَّا رَاوٍ وَاحِدٌ، وَذَلِكَ مَوْجُودٌ مَعْرُوفٌ. وَمِنْ أَمْثِلَتِهِ فِي الصَّحَابَةِ: أُبَيُّ بْنُ عِمَارَةَ الْمَدَنِيُّ. قَالَ الْمِزِّيُّ: لَهُ حَدِيثٌ وَاحِدٌ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَهْ. آبِي اللَّحْمِ الْغِفَارِيُّ، قَالَ الْمِزِّيُّ: لَهُ حَدِيثٌ وَاحِدٌ فِي الِاسْتِسْقَاءِ، رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 932 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] أَحْمَرُ بْنُ جَزْءٍ الْبَصْرِيُّ، قَالَ الْمِزِّيُّ: لَهُ حَدِيثٌ وَاحِدٌ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إِذَا سَجَدَ جَافَى عَضُدَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ» ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَهْ، تَفَرَّدَ بِهِ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ. أَدْرَعُ السُّلَمِيُّ، قَالَ الْمِزِّيُّ: لَهُ حَدِيثٌ وَاحِدٌ: «جِئْتُ لَيْلَةً أَحْرُسُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِذَا رَجُلٌ قِرَاءَتُهُ عَالِيَةٌ» ، الْحَدِيثُ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ. بَشِيرُ بْنُ جِحَاشٍ الْقُرَشِيُّ - وَيُقَالُ: بِشْرٌ - قَالَ الْمِزِّيُّ: صَحَابِيٌّ شَامِيٌّ لَهُ حَدِيثٌ وَاحِدٌ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَزَقَ يَوْمًا فِي كَفِّهِ فَوَضَعَ عَلَيْهَا أُصْبُعَهُ ثُمَّ قَالَ: يَقُولُ اللَّهُ: ابْنَ آدَمَ أَنَّى تُعْجِزُنِي» ، الْحَدِيثُ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ. حَدْرَدُ بْنُ أَبِي حَدْرَدٍ السُّلَمِيُّ، رَوَى عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ هَجَرَ أَخَاهُ سَنَةً فَهُوَ كَسَفْكِ دَمِهِ» ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. رَبِيعَةُ بْنُ عَامِرِ بْنِ الْهَادِ الْأَزْدِيُّ، قَالَ الْمِزِّيُّ: لَهُ حَدِيثٌ وَاحِدٌ عَنِ النَّبِيِّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 933 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَلِظُّوا بَيَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ» ، رَوَاهُ النَّسَائِيُّ. أَبُو حَاتِمٍ صَحَابِيٌّ، رَوَى عَنْهُ مُحَمَّدٌ وَسَعِيدٌ ابْنَا عُتْبَةَ حَدِيثَ: «إِذَا جَاءَكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَأَنْكِحُوهُ، إِنْ لَا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ» ; لَيْسَ لِأَبِي حَاتِمٍ غَيْرُهُ. قَالَ الذَّهَبِيُّ فِي طَبَقَاتِ الْحُفَّاظِ: وَأَبُو عَلِيِّ بْنُ السَّكَنِ. وَمِنْ غَيْرِ الصَّحَابَةِ: إِسْحَاقُ بْنُ يَزِيدَ الْهُذَلِيُّ الْمَدَنِيُّ رَوَى عَنْ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ حَدِيثَ: «إِذَا رَكَعَ أَوْ سَجَدَ فَلْيُسَبِّحْ ثَلَاثًا، وَذَلِكَ أَدْنَاهُ» ; رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، التِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، قَالَ الْمِزِّيُّ: وَلَيْسَ لَهُ غَيْرُهُ. إِسْمَاعِيلُ بْنُ بَشِيرٍ الْمَدَنِيُّ، رُوِيَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَأَبِي طَلْحَةَ زَيْدِ بْنِ سَهْلٍ الْأَنْصَارِيَيْنِ قَالَا: سَمِعْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «مَا مِنَ امْرِئٍ يَخْذُلُ امْرَءًا مُسْلِمًا فِي مَوْضِعٍ تُنْتَهَكُ فِيهِ حُرْمَتُهُ» ; الْحَدِيثَ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَقَالَ الْمِزِّيُّ: وَلَا يُعْرَفُ لَهُ غَيْرُهُ. الْحَسَنُ بْنُ قَيْسٍ، رَوَى عَنْ كُرَزٍ التَّمِيمِيِّ: دَخَلْتُ عَلَى الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ أَعُودُهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 934 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] فِي مَرَضِهِ فَبَيْنَمَا أَنَا عِنْدَهُ إِذْ دَخَلَ عَلَيْنَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ الْحَدِيثَ، فِي فَضْلِ عِيَادَةِ الْمَرِيضِ، رَوَاهُ النَّسَائِيُّ فِي مُسْنَدِ عَلِيٍّ، قَالَ الْمِزِّيُّ: لَيْسَ لَهُ، وَلَا لِشَيْخِهِ إِلَّا هَذَا الْحَدِيثُ. [النَّوْعُ الثَّانِي وَالتِّسْعُونَ مَعْرِفَةُ مَنْ أُسْنِدَ عَنْهُ مِنَ الصَّحَابَةِ الَّذِينَ مَاتُوا فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ] 1 (النَّوْعُ الثَّانِي وَالتِّسْعُونَ) : مَعْرِفَةُ مَنْ أُسْنِدَ عَنْهُ مِنَ الصَّحَابَةِ الَّذِينَ مَاتُوا فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) . هَذَا النَّوْعُ زِدْتُهُ أَنَا، وَفَائِدَةُ مَعْرِفَةِ ذَلِكَ، الْحُكْمُ بِإِرْسَالِهِ إِذَا كَانَ الرَّاوِي عَنْهُ تَابِعِيًّا، وَأَرْجُو أَنْ أَجْمَعَ لَهُمْ مُسْنَدًا. مِنْ ذَلِكَ: أَبُو سَلَمَةَ زَوْجُ أُمِّ سَلَمَةَ، تُوُفِّيَ مَرْجَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ بَدْرٍ ; رَوَتْ أُمُّ سَلَمَةَ عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصَابُ بِمُصِيبَةٍ فَيَفْزَعُ إِلَى مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ مِنْ قَوْلِهِ: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، اللَّهُمَّ عِنْدَكَ أَحْتَسِبُ مُصِيبَتِي فَأْجُرْنِي عَلَيْهَا إِلَّا أَعْقَبَهُ اللَّهُ خَيْرًا مِنْهَا» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّي أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ أَخْبَرَهَا، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ فَذَكَرَهُ. وَجَعْفَرُ بْنُ أَبِيَ طَالِبٍ رَوَى أَحْمَدُ لَهُ فِي مُسْنَدِهِ حَدِيثَ الْهِجْرَةِ. وَحَمْزَةُ عَمُّ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَوَى لَهُ الطَّبَرَانِيُّ حَدِيثًا فِي الْحَوْضِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 935 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] ، وَخَدِيجَةُ، وَأَبُو طَالِبٍ، إِنْ صَحَّ إِسْلَامُهُ. [النَّوْعُ الثَّالِثُ وَالتِّسْعُونَ مَعْرِفَةُ الْحُفَّاظِ] 1 (النَّوْعُ الثَّالِثُ وَالتِّسْعُونَ) : مَعْرِفَةُ الْحُفَّاظِ: وَصَنَّفَ فِيهِ جَمَاعَةٌ أَشْهَرُهُمُ الذَّهَبِيُّ وَقَدْ لَخَّصْتُ طَبَقَاتِهِ، وَذَيَّلْتُ عَلَيْهِ مَنْ جَاءَ بَعْدَهُ، وَهَا أَنَا أُورِدُ هُنَا نَوْعًا لَطِيفًا مِنْهُ. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَدْخَلِ: أَنَا عَبْدُ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَكَمِ أَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكًا يُحَدِّثُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ يَوْمًا: عُدُّوا الْأَئِمَّةَ، فَعَدُّوهَا نَحْوًا مِنْ خَمْسَةٍ، قَالَ: أَفَمُتْرُوكٌ النَّاسَ بِغَيْرِ أَئِمَّةٍ، فَسَأَلْتُ مَالِكًا عَنِ الْأَئِمَّةِ مَنْ هُمْ؟ قَالَ: هُمْ أَئِمَّةُ الدِّينِ فِي الْفِقْهِ وَالْوَرَعِ. وَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ: قُلْتُ لِعِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ: مَنْ أَفْقَهُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ؟ قَالَ: أَمَّا أَعْلَمُهُمْ بِقَضَايَا رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَضَايَا أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ، وَأَفْقَهُهُمْ فِقْهًا وَأَعْلَمُهُمْ عِلْمًا بِمَا مَضَى مِنْ أَمْرِ النَّاسِ فَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، وَأَمَّا أَغْزَرُهُمْ حَدِيثًا فَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَلَا تَشَاءُ أَنْ تُفَجِّرَ مِنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بَحْرًا إِلَّا فَجَّرْتَهُ، وَأَعْلَمُهُمْ عِنْدِي جَمِيعًا ابْنُ شِهَابٍ، فَإِنَّهُ جَمَعَ عِلْمَهُمْ جَمِيعًا إِلَى عِلْمِهِ. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: الْعُلَمَاءُ أَرْبَعَةٌ، سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ بِالْمَدِينَةِ، وَالشَّعْبِيُّ بِالْكُوفَةِ، وَالْحَسَنُ بِالْبَصْرَةِ، وَمَكْحُولٌ بِالشَّامِ. وَقَالَ أَبُو الزِّنَادِ: كَانَ فُقَهَاءُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَرْبَعَةً: سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، وَقَبِيصَةُ بْنُ ذُؤَيْبٍ، وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 936 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: أَرْبَعَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ وَجَدْتُهُمْ بُحُورًا، سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ: قَدِمْتُ الْكُوفَةَ وَبِهَا أَرْبَعَةُ آلَافٍ يَطْلُبُونَ الْحَدِيثَ، وَشُيُوخُ أَهْلِ الْكُوفَةِ أَرْبَعَةٌ: عَبِيدَةُ السَّلْمَانِيُّ، وَالْحَارِثُ الْأَعْوَرُ، وَعَلْقَمَةُ بْنُ قَيْسٍ، وَشُرَيْحٌ الْقَاضِي، وَكَانَ أَحْسَنَهُمْ. وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: كَانَ الْفُقَهَاءُ بَعْدَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْكُوفَةِ مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ مَسْعُودٍ هَؤُلَاءِ: عَلْقَمَةُ، وَعَبِيدَةُ، وَشُرَيْحٌ، وَمَسْرُوقٌ، وَكَانَ مَسْرُوقٌ أَعْلَمَ بِالْفَتْوَى مِنْ شُرَيْحٍ، وَشُرَيْحٌ أَعْلَمَ بِالْقَضَاءِ، وَكَانَ عَبِيدَةُ يُوَازِيهِ. وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي إِدْرِيسَ: لَيْسَ أَحَدٌ بَعْدَ الصَّحَابَةِ أَعْلَمَ بِالْقُرْآنِ مِنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، وَبَعْدَهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَبَعْدَهُ السُّدِّيُّ، وَبَعْدَهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ. وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ، وَقَيْسُ بْنُ سَعْدٍ: لَمْ نَرَ فِي الدُّنْيَا مِثْلَ ابْنِ سِيرِينَ بِالْعِرَاقِ، وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ بِالْحِجَازِ، وَرَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ بِالشَّامِ، وَطَاوُسٍ بِالْيَمَنِ. وَقَالَ قَتَادَةُ: أَعْلَمُ التَّابِعِينَ أَرْبَعَةٌ: عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ أَعْلَمُهُمْ بِالْمَنَاسِكِ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ أَعْلَمُهُمْ بِالتَّفْسِيرِ، وَعِكْرِمَةُ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ أَعْلَمُهُمْ بِسِيرَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْحَسَنُ أَعْلَمُهُمْ بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ. وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى: إِنْ جَاءَنَا الْعِلْمُ مِنْ نَاحِيَةِ الْجَزِيرَةِ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ قَبِلْنَاهُ، وَإِنْ جَاءَنَا مِنَ الْبَصْرَةِ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ قَبِلْنَاهُ، وَإِنْ جَاءَنَا مِنَ الْحِجَازِ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَبِلْنَاهُ، وَإِنْ جَاءَنَا مِنَ الشَّامِ عَنْ مَكْحُولٍ قَبِلْنَاهُ، كَانَ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةُ عُلَمَاءَ النَّاسِ فِي زَمَنِ هِشَامٍ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ: وَجَدْنَا الْحَدِيثَ عِنْدَ أَرْبَعَةٍ: الزُّهْرِيِّ، وَقَتَادَةَ، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 937 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَالْأَعْمَشِ، وَأَبِي إِسْحَاقَ. قَالَ: وَكَانَ الزُّهْرِيُّ أَعْلَمَهُمْ بِالْإِسْنَادِ، وَكَانَ قَتَادَةُ أَعْلَمَهُمْ بِالِاخْتِلَافِ، وَكَانَ أَبُو إِسْحَاقَ أَعْلَمَهُمْ بِحَدِيثِ عَلِيٍّ وَعَبْدِ اللَّهِ، وَكَانَ عِنْدَ الْأَعْمَشِ مِنْ كُلِّ هَذَا. وَقَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ: أَئِمَّةُ النَّاسِ فِي الْحَدِيثِ فِي زَمَانِهِمْ أَرْبَعَةٌ: مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ بِالْحِجَازِ، وَالْأَوْزَاعِيُّ بِالشَّامِ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ بِالْكُوفَةِ وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ بِالْبَصْرَةِ. وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيُّ: شُعْبَةُ أَحْفَظُ النَّاسِ لِلْمَشَايِخِ، وَسُفْيَانُ أَحْفَظُ النَّاسِ لِلْأَبْوَابِ، وَابْنُ مَهْدِيٍّ أَحْفَظُهُمْ لِلْمَشَايِخِ وَالْأَبْوَابِ، وَيَحْيَى الْقَطَّانُ أَعْرَفُ بِمَخَارِجِ الْأَسَانِيدِ، وَأَعْرَفُ بِمَوَاضِعِ الطَّعْنِ فِيهِمْ. وَقَالَ الْخَطِيبُ: أَنَا الْبُرْقَانِيُّ قَالَ: أَنَا الْإِسْمَاعِيلِيُّ، قَالَ: سُئِلَ الْفَرْهِيَانِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ، وَعَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ، وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَأَبِي خَيْثَمَةَ، فَقَالَ أَمَّا عَلِيٌّ فَأَعْلَمُهُمْ بِالْحَدِيثِ وَالْعِلَلِ، وَيَحْيَى أَعْلَمُهُمْ بِالرِّجَالِ، وَأَحْمَدُ أَعْلَمُهُمْ بِالْفِقْهِ، وَأَبُو خَيْثَمَةَ مِنَ النُّبَلَاءِ. وَأَسْنَدَ الْخَطِيبُ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ الْقَاسِمِ بْنِ سَلَّامٍ، قَالَ الْحُفَّاظُ أَرْبَعَةٌ، وَفِي رِوَايَةٍ: انْتَهَى عِلْمُ الْحَدِيثِ إِلَى أَرْبَعَةٍ: أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ أَسْرَدُهُمْ لَهُ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ أَفْقَهُهُمْ فِيهِ، وَعَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ أَعْلَمُهُمْ بِهِ، وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ أَكَتَبُهُمْ لَهُ. وَعَنْهُ أَيْضًا قَالَ: رَبَّانِيُّو الْحَدِيثِ أَرْبَعَةٌ: فَأَعْلَمُهُمْ بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَأَحْسَنُهُمْ سِيَاقَةً لِلْحَدِيثِ وَأَدَاءً لَهُ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، وَأَحْسَنُهُمْ وَضْعًا لِلْكِتَابِ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَعْلَمُهُمْ بِصَحِيحِ الْحَدِيثِ وَسَقِيمِهِ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ صَالِحُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَغْدَادِيُّ: أَعْلَمُ مَنْ أَدْرَكْتُ بِالْحَدِيثِ وَعِلَلِهِ ابْنُ الْمَدِينِيِّ، وَأَفْقَهُهُمْ بِالْحَدِيثِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَأَعْلَمُهُمْ بِتَصْحِيفِ الْمَشَايِخِ ابْنُ مَعِينٍ، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 938 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَأَحْفَظُهُمْ عِنْدَ الْمُذَاكَرَةِ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. وَقَالَ هِلَالُ بْنُ الْعَلَاءِ الرَّقِّيُّ: مَنَّ اللَّهُ عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ بِأَرْبَعَةٍ فِي زَمَانِهِمْ: أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ ثَبَتَ فِي الْمِحْنَةِ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَكَفَرَ النَّاسُ، وَبِالشَّافِعِيِّ ثِقَةٌ فِي حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ نَفَى الْكَذِبَ عَنْ حَدِيثِهِ، وَبِأَبِي عُبَيْدٍ فَسَّرَ الْغَرِيبَ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَاقْتَحَمَ النَّاسُ الْخَطَأَ، وَقَالَ ابْنُ وَارَةَ: أَرْكَانُ الدِّينِ أَرْبَعَةٌ: أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ بِمِصْرَ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ بِبَغْدَادَ، وَابْنُ نُمَيْرٍ بِالْكُوفَةِ، وَالنُّفَيْلِيُّ بَحَرَّانَ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى النَّيْسَابُورِيُّ: كَانَ بِالْعِرَاقِ أَرْبَعَةٌ مِنَ الْحُفَّاظِ، شَيْخَانِ وَكَهْلَانِ: الشَّيْخَانِ، يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ وَهُشَيْمٌ، وَالْكَهْلَانِ: وَكِيعٌ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وَيَزِيدُ أَحْفَظُ الْكَهْلَيْنِ. وَقَالَ عَبْدُ الصَّمَدِ سُلَيْمَانُ الْبَلْخِيُّ: سَأَلْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَابْنِ مَهْدِيٍّ وَوَكِيعٍ وَأَبِي نُعَيْمٍ الْفَضْلِ بْنِ دُكَيْنٍ، فَقَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحْفَظَ مِنْ وَكِيعٍ، وَكَفَاكَ بِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيِّ مَعْرِفَةً وَإِتْقَانًا، وَمَا رَأَيْتُ أَشَدَّ تَثَبُّتًا فِي أُمُورِ الرِّجَالِ مِنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، وَأَبُو نُعَيْمٍ أَقَلُّ الْأَرْبَعَةِ حَظًّا. وَقَالَ حَنْبَلُ بْنُ إِسْحَاقَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: مَا رَأَيْتُ بِالْبَصْرَةِ مِثْلَ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَبَعْدَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ أَفْقَهُ الرَّجُلَيْنِ، فَقِيلَ لَهُ: فَوَكِيعٌ وَأَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: أَبُو نُعَيْمٍ أَعْلَمُ بِالشُّيُوخِ وَأَسَامِيهِمْ، وَبِالرِّجَالِ، وَوَكِيعٌ أَفْقَهُ. وَقَالَ قُتَيْبَةُ: كَانُوا يَقُولُونَ: الْحُفَّاظُ أَرْبَعَةٌ، إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ، وَعَبْدُ الْوَارِثِ، وَيَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، وَوُهَيْبٌ، وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَخْتَارُ وُهَيْبًا عَلَى إِسْمَاعِيلَ، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: هُوَ الرَّابِعُ مِنْ حُفَّاظِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ، وَلَمْ يَكُنْ يَعُدُّ شُعْبَةَ أَعْلَمَ بِالرِّجَالِ مِنْهُ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: شُعْبَةُ أَعْلَمُ بِالرِّجَالِ وَسُفْيَانُ صَاحِبُ أَبْوَابٍ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 939 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَقَالَ حَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ: مَا بِالْمَشْرِقِ أَنْبَلَ مِنْ أَرْبَعَةٍ: أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، وَأَبُو زُرْعَةَ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَابْنُ وَارَةَ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: الْمُثْبِتُونَ فِي الْحَدِيثِ أَرْبَعَةٌ: سُفْيَانُ، وَشُعْبَةُ، وَزُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، وَزَائِدَةُ بْنُ قُدَامَةَ. وَقَالَ شُعَيْبُ بْنُ حَرْبٍ: زُهَيْرٌ أَحْفَظُ مِنْ عِشْرِينَ مِثْلِ شُعْبَةَ. وَقَالَ قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ: فِتْيَانُ خُرَاسَانَ أَرْبَعَةٌ: زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى اللُّؤْلُؤِيُّ، وَالْحَسَنُ بْنُ شُجَاعٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّمَرْقَنْدِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: قُلْتُ لِأَبِي: يَا أَبَتِ مَا الْحُفَّاظُ؟ قَالَ يَا بُنَيَّ، شَبَابٌ كَانُوا عِنْدَنَا مِنْ أَهْلِ خُرَاسَانَ وَقَدْ تَفَرَّقُوا. قُلْتُ: مَنْ هُمْ يَا أَبَتِ، قَالَ: مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ذَاكَ الْبُخَارِيُّ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ ذَاكَ الرَّازِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ذَاكَ السَّمَرْقَنْدِيُّ، يَعْنِي الدَّارِمِيَّ، وَالْحَسَنُ بْنُ شُجَاعٍ ذَاكَ الْبَلْخِيُّ. قُلْتُ: يَا أَبَتِ فَمَنْ أَحْفَظُ هَؤُلَاءِ، قَالَ: أَمَّا أَبُو زُرْعَةَ فَأَسْرَدُهُمْ، وَأَمَّا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ فَأَعْرَفُهُمْ أَمَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَأَتْقَنُهُمْ، وَأَمَّا الْحَسَنُ بْنُ شُجَاعٍ، فَأَجْمَعُهُمْ لِلْأَبْوَابِ. وَعَنْهُ أَيْضًا قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: انْتَهَى الْحِفْظُ إِلَى أَرْبَعَةٍ مِنْ أَهْلِ خُرَاسَانَ: أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّمَرْقَنْدِيُّ، يَعْنِي الدَّارِمِيَّ، وَالْحَسَنُ بْنُ شُجَاعٍ الْبَلْخِيُّ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 940 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَقَالَ بُنْدَارٌ: حُفَّاظُ الدُّنْيَا أَرْبَعَةٌ: أَبُو زُرْعَةَ بِالرَّيِّ، وَمُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ بِنَيْسَابُورَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بِسَمَرْقَنْدَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بِبُخَارَى. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: الْبُخَارِيُّ أَعْلَمُ مَنْ دَخْلَ الْعِرَاقَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى أَعْلَمُ مَنْ بِخُرَاسَانَ الْيَوْمَ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَسْلَمَ أَوْرَعُهُمْ، وَالدِّرَامِيُّ أَثْبَتُهُمْ. وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ النَّيْسَابُورِيُّ: رَأَيْتُ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ أَرْبَعَةً فِي وَطَنِي وَأَسْفَارِي، اثْنَانِ بِنَيْسَابُورَ: ابْنُ خُزَيْمَةَ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَعَبْدَانُ بِالْأَهْوَازِ، وَالنَّسَائِيُّ بِمِصْرَ. وَقَالَ ابْنُ كَامِلٍ: أَرْبَعَةٌ مَا رَأَيْتُ أَحْفَظَ مِنْهُمْ: مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَمُحَمَّدٌ الْبَرْبَرِيُّ، وَالْمَعْمَرِيُّ. وَقَالَ ابْنُ خَلِيلٍ فِي الْإِرْشَادِ: كَانَ يُقَالُ: الْأَئِمَّةُ ثَلَاثَةٌ فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ: ابْنُ أَبِي دَاوُدَ بِبَغْدَادَ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ بِنَيْسَابُورَ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ بِالرَّيِّ. قَالَ الْخَلِيلِيُّ: وَرَابِعُهُمْ بِبَغْدَادَ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ صَاعِدَةَ. وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو الْفَضْلِ بْنُ طَاهِرٍ: سَأَلْتُ سَعْدَ بْنَ عَلِيٍّ الزَّنْجَانِيَّ الْحَافِظَ بِمَكَّةَ، وَمَا رَأَيْتُ مِثْلَهُ قُلْتُ: أَرْبَعَةٌ مِنَ الْحُفَّاظُ تَعَاصَرُوا أَيُّهُمْ أَحْفَظُ؟ قَالَ مَنْ؟ قُلْتُ: الدَّارَقُطْنِيُّ بِبَغْدَادَ، وَعَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ سَعِيدٍ بِمِصْرَ، وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ مَنْدَهْ بِأَصْبَهَانَ، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 941 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَاكِمُ بِنَيْسَابُورَ، فَسَكَتَ، فَأَلْحَحْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: أَمَّا الدَّارَقُطْنِيُّ فَأَعْلَمُهُمْ بِالْعِلَلِ، أَمَّا عَبْدُ الْغَنِيِّ فَأَعْلَمُهُمْ بِالْأَنْسَابِ، وَأَمَّا ابْنُ مَنْدَهْ فَأَكْثَرُهُمْ حَدِيثًا مَعَ مَعْرِفَةٍ تَامَّةٍ، وَأَمَّا الْحَاكِمُ فَأَحْسَنُهُمْ تَصْنِيفًا. وَقَالَ الْمُنْذِرِيُّ: سَأَلْتُ شَيْخَنَا الْحَافِظَ أَبَا الْحَسَنِ بْنَ الْمُفَضَّلِ الْمَقْدِسِيَّ، وَقُلْتُ لَهُ: أَرْبَعَةٌ مِنَ الْحُفَّاظِ تَعَاصَرُوا، أَيُّهُمْ أَحْفَظُ؟ قَالَ: مَنْ هُمْ؟ قُلْتُ: ابْنُ عَسَاكِرَ، وَابْنُ نَاصِرٍ، قَالَ: ابْنُ عَسَاكِرَ أَحْفَظُ، قَلْتُ: الْحَافِظُ أَبُو الْعَلَاءِ الْعَطَّارُ وَابْنُ عَسَاكِرَ قَالَ: ابْنُ عَسَاكِرَ أَحْفَظُ، قَلْتُ: السِّلَفِيُّ وَابْنُ عَسَاكِرَ قَالَ: السِّلَفِيُّ أُسْتَاذُنَا، قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَالذَّهَبِيُّ: هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ عِنْدَهُ أَنَّ ابْنَ عَسَاكِرَ أَحْفَظُ إِلَّا أَنَّهُ وَقَّرَ شَيْخَهُ أَنْ يُصَرِّحَ بِأَنَّ ابْنَ عَسَاكِرَ أَحْفَظُ مِنْهُ. وَسَأَلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَبُو الْفَضْلِ بْنُ حَجَرٍ شَيْخَهُ الْحَافِظَ أَبَا الْفَضْلِ الْعِرَاقِيَّ عَنْ أَرْبَعَةٍ تَعَاصَرُوا أَيُّهُمْ أَحْفَظُ؟ مُغْلَطَاي، وَابْنُ كَثِيرٍ، وَابْنُ رَافِعٍ، وَالْحُسَيْنِيُّ. فَأَجَابَ وَمِنْ خَطِّهِ نَقَلْتُ: إِنَّ أَوْسَعَهُمُ اطِّلَاعًا، وَأَعْلَمَهُمْ لِلْأَنْسَابِ مُغَلْطَاي عَلَى أَغْلَاطٍ تَقَعُ مِنْهُ فِي تَصَانِيفِهِ، وَأَحْفَظَهُمْ لِلْمُتُونِ، وَالتَّوَارِيخِ ابْنُ كَثِيرٍ، وَأَقْعَدَهُمْ بِطَلَبِ الْحَدِيثِ، وَأَعْلَمَهُمْ بِالْمُؤْتَلِفِ وَالْمُخْتَلِفِ ابْنُ رَافِعٍ، وَأَعْرَفَهُمْ بِشُيُوخِ الْمُتَأَخِّرِينَ وَبِالتَّارِيخِ الْحُسَيْنِيُّ. وَهُوَ أَدْوَنُهُمْ فِي الْحِفْظِ. وَرَأَيْتُ فِي تَذْكِرَةِ صَاحِبِنَا الْحَافِظِ جَمَالِ الدِّينِ سِبْطِ ابْنِ حَجَرٍ: أَرْبَعَةٌ تَعَاصَرُوا: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 942 وَقَدْ رَوَيْتُ فِي الْإِرْشَادِ هُنَا ثَلَاثَةَ أَحَادِيثَ بِأَسَانِيدَ كُلُّهُمْ دِمَشْقِيُّونَ مِنِّي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنَا دِمَشْقِيٌّ حَمَاهَا اللَّهُ تَعَالَى وَصَانَهَا وَسَائِرَ بِلَادِ الْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ.   [تدريب الراوي] التَّقِيُّ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ، وَالشَّرَفُ الدِّمْيَاطِيُّ، وَالتَّقِيُّ ابْنُ تَيْمِيَّةَ، وَالْجَمَالُ الْمِزِّيُّ. قَالَ الذَّهَبِيُّ: أَعْلَمُهُمْ بِعِلَلِ الْحَدِيثِ وَالِاسْتِنْبَاطِ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ، وَأَعْلَمُهُمْ بِالْأَنْسَابِ الدِّمْيَاطِيُّ، وَأَحْفَظُهُمْ لِلْمُتُونِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ، وَأَعْلَمُهُمْ بِالرِّجَالِ الْمِزِّيُّ. أَرْبَعَةٌ تَعَاصَرُوا: السِّرَاجُ الْبُلْقِينِيُّ وَالسِّرَاجُ ابْنُ الْمُلَقِّنِ، وَالزَّيْنُ الْعِرَاقِيُّ، وَالنُّورُ الْهَيْثَمِيُّ، أَعْلَمُهُمْ بِالْفِقْهِ وَمَدَارِكِهِ الْبُلْقِينِيُّ، وَأَعْلَمُهُمْ بِالْحَدِيثِ وَمُتُونِهِ الْعِرَاقِيُّ، وَأَكْثَرُهُمْ تَصْنِيفًا ابْنُ الْمُلَقِّنِ، وَأَحْفَظُهُمْ لِلْمُتُونِ الْهَيْثَمِيُّ. وَهَذَا آخِرُ مَا تَيَسَّرَ جَمْعُهُ مِنَ الْأَنْوَاعِ. [خاتمة] قَالَ الشَّيْخُ مُحْيِي الدِّينَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي آخِرِ التَّقْرِيبِ (وَقَدْ رَوَيْتُ فِي الْإِرْشَادِ هُنَا ثَلَاثَةَ أَحَادِيثَ بِأَسَانِيدَ كُلُّهُمْ دِمَشْقِيُّونَ مِنِّي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنَا دِمَشْقِيٌّ حَمَاهَا اللَّهُ تَعَالَى وَصَانَهَا وَسَائِرَ بِلَادِ الْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ) ، وَالْمُصَنِّفُ اقْتَدَى فِي ذَلِكَ بِابْنِ الصَّلَاحِ حَيْثُ قَالَ: وَلْنَقْتَدِ بِالْحَاكِمِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظِ فَنَرْوِي أَحَادِيثَ بِأَسَانِيدِهَا مُنَبِّهِينَ عَلَى بِلَادِ رُوَاتِهَا، وَمُسْتَحْسَنٌ مِنَ الْحَافِظِ أَنْ يُورِدَ الْحَدِيثَ بِإِسْنَادِهِ، ثُمَّ يَذْكُرَ أَوْطَانَ رِجَالِهِ وَاحِدًا وَاحِدًا وَهَكَذَا غَيْرُ ذَلِكَ مِنْ أَحْوَالِهِمْ، ثُمَّ رَوَى ثَلَاثَةَ أَحَادِيثَ: الْأَوَّلُ: بِإِسْنَادٍ أَوَّلُهُ مِصْرِيُّونَ وَآخِرُهُ بَغْدَادِيُّونَ. وَالثَّانِي: أَوَّلُهُ مِصْرِيُّونَ وَآخِرُهُ نَيْسَابُورِيُّونَ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 943 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَالثَّالِثُ: أَوَّلُهُ كُوفِيُّونَ، ثُمَّ مَكِّيٌّ وَيَمَانِيٌّ ثُمَّ نَيْسَابُورِيُّونَ. وَأَنَا مُقْتَدٍ بِهِمْ فِي ذَلِكَ فَمُورِدٌ هُنَا ثَلَاثَةَ أَحَادِيثَ بِأَسَانِيدِهَا: الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ مُسَلْسَلٌ بِالْفُقَهَاءِ الشَّافِعِيِّينَ: أَخْبَرَنِي شَيْخُنَا قَاضِي الْقُضَاةِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ عَلَمُ الدِّينِ صَالِحٌ ابْنُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ سِرَاجِ الدِّينِ الْبُلْقِينِيِّ، أَنَا وَالِدِي، أَنَا قَاضِي الْقُضَاةِ تَقِيُّ الدِّينِ السُّبْكِيُّ، أَنَا الْحَافِظُ شَرَفُ الدِّينِ عَبْدُ الْمُؤْمِنِ بْنُ خَلَفٍ الدِّمْيَاطِيُّ، أَنَا الْإِمَامُ زَكِيُّ الدِّينِ عَبْدُ الْعَظِيمِ بْنُ عَبْدِ الْقَوِيِّ الْمُنْذِرِيُّ، أَنَا الْعَلَّامَةُ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ الْمُفَضَّلِ الْمَقْدِسِيُّ، أَنَا الْحَافِظُ أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ، أَنَا أَبُو الْحَسَنِ الْكِيَا الْهَرَّاسِيُّ، أَنَا إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ أَبُو الْمَعَالِي، أَنَا وَالِدِي الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجُوَيْنِيُّ، أَنَا الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْجِيزِيُّ، أَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، أَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، أَنَا الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الْمُتَبَايِعَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ عَلَى صَاحِبِهِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا إِلَّا بَيْعَ الْخِيَارِ» . الْحَدِيثُ الثَّانِي مُسَلْسَلٌ بِالْحُفَّاظِ: أَخْبَرَنِي الْحَافِظُ أَبُو الْفَضْلِ الْهَاشِمِيُّ، أَنَا الْحَافِظُ أَبُو الْفَضْلِ بْنُ الْحُسَيْنِ الْعِرَاقِيُّ، أَنَا الْحَافِظُ أَبُو سَعِيدٍ الْعَلَائِيُّ، أَنَا الْحَافِظُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الذَّهَبِيُّ، أَنَا الْحَافِظُ أَبُو الْحَجَّاجِ الْمِزِّيُّ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 944 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] ح وَأَخْبَرَنِي عَالِيًا بِدَرَجَتَيْنِ حَافَظُ الْعَصْرِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَبُو الْفَضْلِ الْعَسْقَلَانِيُّ، إِجَازَةً عَامَّةً، وَلَمْ أَرْوِ بِهَا غَيْرَ هَذَا الْحَدِيثِ، أَنَا شَيْخُ الْإِسْلَامِ الْحَافِظُ أَبُو حَفْصٍ الْبُلْقِينِيُّ، أَنَا الْحَافِظُ أَبُو الْحَجَّاجِ الْمِزِّيُّ، أَنَا الْحَافِظُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْخَالِقِ بْنِ طَرْخَانَ، أَنَا الْحَافِظُ أَبُو الْحَسَنِ الْمَقْدِسِيُّ، أَنَا الْحَافِظُ أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ، أَنَا الْحَافِظُ أَبُو الْغَنَائِمِ النَّرْسِيُّ، أَنَا الْحَافِظُ أَبُو نَصْرِ بْنُ مَاكُولَا الْعِجْلِيُّ، أَنَا الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ، ثَنَا الْحَافِظُ أَبُو حَازِمٍ الْعَبْدَرِيُّ ثَنَا الْحَافِظُ أَبُو عَمْرِو بْنُ مَطَرٍ، ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ الْهَسَنْجَانِيُّ الْحَافِظُ، ثَنَا الْفَضْلُ بْنُ زِيَادٍ صَاحِبُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، ثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، ثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، ثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، ثَنَا أَبِي، ثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَفْصٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - قَالَتْ: «كُنَّ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَأْخُذْنَ مِنْ رُءُوسِهِنَّ حَتَّى يَكُونَ كَالْوَفْرَةِ» . قَالَ الْعَلَائِيُّ: هَذَا إِسْنَادٌ عَجِيبٌ جِدًّا، مِنْ تَسَلْسُلِهِ بِالْحُفَّاظُ، وَرِوَايَةِ الْأَقْرَانِ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ، وَالْحَدِيثُ فِي صَحِيحٍ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُعَاذٍ، وَهُوَ عَالٍ لَنَا مِنْ طَرِيقِهِ بِتِسْعِ دَرَجَاتٍ، عَلَى هَذِهِ الطَّرِيقِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 945 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] الْحَدِيثُ الثَّالِثُ مُسَلْسَلٌ بِالْمُصْرِيِّينَ: أَخْبَرَنِي شَيْخُنَا الْإِمَامُ الشُّمُنِّيُّ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ غَيْرَ مَرَّةٍ، أَنَا أَبُو طَاهِرِ بْنُ الْكُوَيْكِ. ح وَقُرِئَ عَلَى أُمِّ الْفَضْلِ بِنْتِ مُحَمَّدٍ الْمِصْرِيَّةِ، وَأَنَا أَسْمَعُ أَنَا شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَبُو حَفْصٍ الْبُلْقِينِيُّ، وَمُحَمَّدٌ وَمَرْيَمُ وَلَدَا أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ سَمَاعًا، قَالُوا كُلُّهُمْ: أَنَا أَبُو الْفَتْحِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَيْدُومِيُّ، أَنَا أَبُو عِيسَى بْنُ عِلَاقٍ، أَنَا أَبُو الْقَاسِمِ هِبَةُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ الْبُوصِيرِيُّ، ثَنَا أَبُو صَادِقٍ مُرْشِدُ بْنُ يَحْيَى، أَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الصَّوَّافُ، ثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَافِظُ، أَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى بْنِ حُمَيْدٍ الطَّيبِيُّ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ يَحْيَى الْمَعَافِرِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «يُصَاحُ بِرَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي عَلَى رُءُوسِ الْخَلَائِقِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَتُنْشَرُ لَهُ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ سِجِلًّا، كُلُّ سِجِلٍّ مِنْهَا مَدُّ الْبَصَرِ، ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَتُنْكِرُ مِنْ هَذَا شَيْئًا، فَيَقُولُ: لَا يَا رَبِّ، فَيَقُولُ عَزَّ وَجَلَّ: أَلَكَ عُذْرٌ أَوْ حَسَنَةٌ، فَيَهَابُ الْعَبْدُ فَيَقُولُ: لَا يَا رَبِّ، فَيَقُولُ عَزَّ وَجَلَّ: بَلَى، إِنْ لَكَ عِنْدَنَا حَسَنَاتٍ وَإِنَّهُ لَا ظُلْمَ عَلَيْكَ الْيَوْمَ، فَيُخْرِجُ اللَّهُ بِطَاقَةً فِيهَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ مَا هَذِهِ الْبِطَاقَةُ مَعَ هَذِهِ السِّجِلَّاتِ، فَيَقُولُ عَزَّ وَجَلَّ: إِنَّكَ لَا تُظْلَمُ، قَالَ: فَتُوضَعُ السِّجِلَّاتُ فِي كِفَّةٍ وَالْبِطَاقَةُ فِي كِفَّةٍ، فَطَاشَتِ السِّجِلَّاتُ، وَثَقُلَتِ الْبِطَاقَةُ» . وَبِهِ قَالَهُ حَمْزَةُ: لَا نَعْلَمُ أَحَدًا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ غَيْرُ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، وَهُوَ مِنْ أَحْسَنِ الْحَدِيثِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 946 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] وَبِهِ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: لَمَّا أَمْلَى عَلَيْنَا حَمْزَةُ هَذَا الْحَدِيثَ صَاحَ غَرِيبٌ مِنَ الْحَلْقَةِ صَيْحَةً فَاضَتْ نَفْسُهُ مَعَهَا. قُلْتُ: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ سُوِيدِ بْنِ نَصْرٍ، عَنِ الْمُبَارَكِ. وَابْنُ مَاجَهْ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنِ ابْنِ أَبِي مَرْيَمَ. كِلَاهُمَا عَنِ اللَّيْثِ، فَوَقَعَ لَنَا عَالِيًا. وَزَادَ التِّرْمِذِيُّ فِي آخِرِهِ: «وَلَا يَثْقُلُ مَعَ اسْمِ اللَّهِ شَيْءٌ» ، وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ. وَأَخْرَجْهُ التِّرْمِذِيُّ أَيْضًا عَنْ قُتَيْبَةَ عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ عَامِرِ بْنِ يَحْيَى نَحْوَهُ. وَبِهِ يُرَدُّ قَوْلُ حَمْزَةَ، مَا رَوَاهُ غَيْرُ اللَّيْثِ. وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ مِنْ رِوَايَةِ يُونُسَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ اللَّيْثِ، وَقَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، فَقَدِ احْتَجَّ بِأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ عَنِ ابْنِ عَمْرٍو، وَعَامِرُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 947 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [تدريب الراوي] بْنُ يَحْيَى مِصْرِيٌّ ثِقَةٌ، احْتَجَّ بِهِ مُسْلِمٌ أَيْضًا، وَاللَّيْثُ إِمَامٌ، وَيُونُسُ الْمُؤَدِّبُ ثِقَةٌ، مُتَّفَقٌ عَلَى إِخْرَاجِهِ فِي الصَّحِيحَيْنِ، انْتَهَى. وَرِجَالُ الْإِسْنَادِ الَّذِي سُقْنَاهُ مِنِّي إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو كُلُّهُمْ مِصْرِيُّونَ، وَاللَّهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - أَعْلَمُ. قَدْ تَمَّ هَذَا الشَّرْحُ الْمُبَارَكُ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ لَسِتٍّ خَلَتْ مِنْ جُمَادَى الْأُولَى سَنَةَ: 1306 عَلَى يَدِ كَاتِبِهِ صَالِح عَبْدِ السَّمِيعِ عَفَا اللَّهُ عَنْهُ وَغَفَرَ لَهُ وَلِوَالِدَيْهِ وَلِكَافَّةِ الْمُسْلِمِينَ. آمِينَ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحِبِهِ وَسَلَّمَ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 948