الكتاب: الأسماء والصفات للبيهقي المؤلف: أحمد بن الحسين بن علي بن موسى الخُسْرَوْجِردي الخراساني، أبو بكر البيهقي (المتوفى: 458هـ) حققه وخرج أحاديثه وعلق عليه: عبد الله بن محمد الحاشدي قدم له: فضيلة الشيخ مقبل بن هادي الوادعي الناشر: مكتبة السوادي، جدة - المملكة العربية السعودية الطبعة: الأولى، 1413 هـ - 1993 م عدد الأجزاء: 2   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع، وهو ضمن خدمة التخريج] ---------- الأسماء والصفات للبيهقي البيهقي، أبو بكر الكتاب: الأسماء والصفات للبيهقي المؤلف: أحمد بن الحسين بن علي بن موسى الخُسْرَوْجِردي الخراساني، أبو بكر البيهقي (المتوفى: 458هـ) حققه وخرج أحاديثه وعلق عليه: عبد الله بن محمد الحاشدي قدم له: فضيلة الشيخ مقبل بن هادي الوادعي الناشر: مكتبة السوادي، جدة - المملكة العربية السعودية الطبعة: الأولى، 1413 هـ - 1993 م عدد الأجزاء: 2   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع، وهو ضمن خدمة التخريج] الْأَسْمَاءُ وَالصِّفَاتُ لِلْبَيْهَقِيِّ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَبِهِ إِيَّاهُ نَسْتَعِينُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ صَاحِبِ الْخُلُقِ الْعَظِيمِ وَالْمَنْزِلِ الْأَسْنَى، الْفَاتِحِ الْخَاتِمِ الْمُنَزَّلِ فِي تَقْرِيبِهِ {فَكاَنَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى} [سورة: النجم، آية رقم: 9] وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ الْغُرَرِ الْكِرَامِ، نُجُومِ الْهُدَى وَسَلَّمَ، صَلَاةً وَتَسْلِيمًا فَائِضَيِ الْبَرَكَاتِ عَدَدَ خَلْقِ اللَّهِ فُرَادَى وَمَثْنَى، أَخْبَرَنِي شَيْخُنَا الْعَارِفُ بِاللَّهِ الْوَارِثُ الْكَامِلُ صَفِيُّ الدِّينِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَدَنِيُّ الْأَنْصَارِيُّ قُدِّسَ سِرُّهُ، إِجَازَةً عَنْ شَيْخِهِ الْعَارِفِ بِاللَّهِ أَبِي الْمَوَاهِبِ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الْقُدُّوسِ الْعَبَّاسِيِّ الشِّنَّاوِيِّ ثُمَّ الْمَدَنِيِّ قُدِّسَ سِرُّهُ عَنِ الشَّيْخِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الرَّمْلِيِّ، عَنْ شَيْخِ الْإِسْلَامِ زَيْنِ الدِّينِ زَكَرِيَّا بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَنْصَارِيِّ الْقَاهِرِيِّ، عَنِ الْحَافِظِ ابْنِ حَجَرٍ الْعَسْقَلَانِيِّ، عَنِ الْبُرْهَانِ أَبِي إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ التَّنُّوخِيِّ الْبَعْلِيِّ الْأَصْلِ الدِّمَشْقِيِّ الْمَنْشَأِ نَزِيلِ الْقَاهِرَةِ، عَنِ الْمُسْنِدِ الْمُعَمَّرِ أَبِي نَصْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ الْعِمَادِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي النَّصْرِ مُحَمَّدٍ الْفَارِسِيِّ الْأَصْلِ الدِّمَشْقِيِّ ثُمَّ الْمِزِّيِّ عَنْ جَدِّهِ أَبِي النَّصْرِ مُحَمَّدِ بْنِ هِبَةِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بِنْ مُمَيْلٍ الشِّيرَازِيِّ، عَنِ الْحَافِظِ الثَّقَةِ أَبِي الْقَاسِمِ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ هِبَةِ اللَّهِ بْنِ عَسَاكِرَ الدِّمَشْقِيِّ. قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى الشَّيْخِ أَبِي الْحَسَنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ الْبَيْهَقِيِّ بِبَغْدَادَ. قُلْتُ لَهُ: أَخْبَرَكَ جَدُّكَ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْبَيْهَقِيُّ قِرَاءَةً عَلَيْهِ فَأَقَرَّ بِهِ، وَأَنْبَأَنَا الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْفَرَاوِيُّ الْوَاعِظُ الْفَقِيهُ قِرَاءَةً عَلَيْهِ بِنَيْسَابُورَ أَنَا الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 15 الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ الْبَيْهَقِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ قِرَاءَةً عَلَيْهِ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ 449هـ قَالَ: كِتَابُ أَسْمَاءِ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ وَصِفَاتُهَ الَّتِي دَلَّ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى إِثْبَاتِهَا، أَوْ دَلَّتْ عَلَيْهِ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ دَلَّ عَلَيْهِ إِجْمَاعُ سَلَفِ هَذِهِ الْأُمَّةِ قَبْلَ وُقُوعِ الْفُرْقَةِ وَظُهُورِ الْبِدْعَةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 16 بَابُ إِثْبَاتِ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ بِدَلَالَةِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} [الأعراف: 180] وَقَالَ تَعَالَى: {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} [الإسراء: 110] وَقَالَ: {وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ} [المائدة: 4] وَقَالَ: {لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} [طه: 8] الجزء: 1 ¦ الصفحة: 17 1 - أنا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ عَبْدَانَ الْأَهْوَازِيُّ أنا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ , أنا تَمْتَامٌ مُحَمَّدُ بْنُ غَالِبٍ أنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ , ثنا شُعْبَةُ , عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ , عَنْ رِبْعِيٍّ , عَنْ حُذَيْفَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ قَالَ: «اللَّهُمَّ بِاسْمِكَ أَحْيَا وَبِاسْمِكَ أَمُوتُ» , وَإِذَا أَصْبَحَ قَالَ: «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَحْيَانَا بَعْدَمَا أَمَاتَنَا وَإِلَيْهِ النُّشُورُ» أَخْرَجَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْجُعْفِيُّ الْبُخَارِيُّ فِي الْجَامِعِ الصَّحِيحِ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ , وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ الْقُشَيْرِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ [ص: 18] شُعْبَةَ بْنِ الْحَجَّاجِ الحديث: 1 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 17 2 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي نَصْرٍ الدَّارَبُرْدِيُّ , بِمَرْو , أنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى الْقَاضِي , نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ , نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ , قَالَ: سَمِعْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " مَا مِنْ عَبْدٍ يَقُولُ فِي صَبَاحِ كُلِّ يَوْمٍ وَمَسَاءِ كُلِّ لَيْلَةٍ: بِسْمِ اللَّهِ الَّذِي لَا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَيَضُرَّهُ شَيْءٌ " الحديث: 2 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 18 بَابُ عَدَدِ الْأَسْمَاءِ الَّتِي أَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 19 3 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بِشْرَانَ الْعَدْلُ , أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ , حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيُّ , حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ , أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ , عَنْ أَيُّوبَ , عَنِ ابْنِ سِيرِينَ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , ح وَعَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ لِلَّهِ تِسْعًا وَتِسْعِينَ اسْمًا مِائَةً إِلَّا وَاحِدًا , مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ» , زَادَ أَحَدُهُمَا فِي حَدِيثِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إِنَّهُ وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ الحديث: 3 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 19 4 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ , أنا بِشْرُ بْنُ مُوسَى , حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ , نا سُفْيَانُ، نَا أَبُو الزِّنَادِ , عَنِ الْأَعْرَجِ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ لِلَّهِ تِسْعًا وَتِسْعِينَ اسْمًا، مِائَةً غَيْرَ وَاحِدٍ , مَنْ حَفِظَهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَهُوَ وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ , وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ عَمْرٍو النَّاقِدِ وَزُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ وَابْنِ أَبِي عُمَرَ كُلُّهُمْ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ الحديث: 4 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 20 بَابُ بَيَانِ الْأَسْمَاءِ الَّتِي مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 21 5 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ بْنِ يَعْقُوبَ السُّوسِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي , قَالُوا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ نا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ خَلِيٍّ , نا بِشْرُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ أَبِي الزِّنَادِ , عَنِ الْأَعْرَجِ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ لِلَّهِ تِسْعًا وَتِسْعِينَ اسْمًا مِائَةً إِلَّا وَاحِدًا مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ , إِنَّهُ وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي الْيَمَانِ عَنْ شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ الحديث: 5 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 21 6 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ الْمِهْرَجَانِيُّ الْعَدْلُ , أنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ أَبِي مُوسَى الْمُزَكِّي نا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْعَبْدِيُّ , نا أَبُو عِمْرَانَ مُوسَى بْنُ أَيُّوبَ النَّصِيبِيُّ نا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ , ح وَأنا أَبُو نَصْرٍ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ أنا أَبُو عَمْرِو بْنُ مَطَرٍ , نا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ , ح وَحَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى السُّلَمِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أنا عَلِيُّ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ الْخُزَاعِيُّ , أنا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُسْتَفَاضِ الْفِرْيَابِيُّ , قَالَا: ثنا صَفْوَانُ بْنُ صَالِحٍ , نا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ , نا شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ , عَنْ أَبِي الزِّنَادِ , عَنِ الْأَعْرَجِ [ص: 23] , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مِائَةً إِلَّا وَاحِدًا مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ وَهُوَ وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ: وَهُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ الْغَفَّارُ الْقَهَّارُ الْوَهَّابُ الرَّزَّاقُ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ الْقَابِضُ الْبَاسِطُ الْخَافِضُ الرَّافِعُ الْمُعِزُّ الْمُذِلُّ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ الْحَكَمُ الْعَدْلُ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ الْحَلِيمُ الْعَظِيمُ الْغَفُورُ الشَّكُورُ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ الْحَفِيظُ الْمُقِيتُ الْحَسِيبُ الْجَلِيلُ الْكَرِيمُ الرَّقِيبُ الْمُجِيبُ الْوَاسِعُ الْحَكِيمُ الْوَدُودُ الْمَجِيدُ الْبَاعِثُ الشَّهِيدُ الْحَقُّ الْوَكِيلُ الْقَوِيُّ الْمَتِينُ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ الْمُحْصِي الْمُبْدِئُ الْمُعِيدُ الْمُحْيِي الْمُمِيتُ الْحَيُّ الْقَيُّومُ الْوَاجِدُ الْمَاجِدُ الْوَاحِدُ الصَّمَدُ الْقَادِرُ الْمُقْتَدِرُ الْمُقَدِّمُ الْمُؤَخِّرُ [ص: 24] الْأَوَّلُ الْآخِرُ الظَّاهِرُ الْبَاطِنُ الْوَالِي الْمُتَعَالِي الْبَرُّ التَّوَّابُ الْمُنْتَقِمُ الْعَفُوُّ الرَّؤُوفُ مَالِكُ الْمُلْكِ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ الْمُقْسِطُ الْجَامِعُ الْغَنِيُّ الْمُغْنِي الْمَانِعُ الضَّارُّ النَّافِعُ النُّورُ الْهَادِي الْبَدِيعُ الْبَاقِي الْوَارِثُ الرَّشِيدُ الصَّبُورُ الْكَافِي " لَفْظُ حَدِيثِ الْفِرْيَابِيِّ وَفِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ بْنِ سُفْيَانَ الرَّافِعُ بَدَلَ الْمَانِعِ , وَقِيلَ فِي رِوَايَةِ النَّصِيبِيِّ الْمُغِيثُ بَدَلَ الْمُقِيتِ الحديث: 6 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 22 بَابُ بَيَانِ أَنَّ لِلَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَسْمَاءً أُخْرَى وَلَيْسَ فِي قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لِلَّهِ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ اسْمًا» نَفْيُ غَيْرِهَا وَإِنَّمَا وَقَعَ التَّخْصِيصُ بِذِكْرِهَا لِأَنَّهَا أَشْهَرُ الْأَسْمَاءِ وَأَبْيَنُهَا مَعَانِيَ وَفِيهَا وَرَدَ الْخَبَرُ أَنَّ مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ , وَفِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ «مَنْ حَفِظَهَا» وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ: «مَنْ أَحْصَاهَا» مَنْ عَدَّهَا , وَقِيلَ: مَعْنَاهُ مَنْ أَطَاقَهَا بِحُسْنِ الْمُرَاعَاةِ لَهَا , وَالْمُحَافَظَةِ عَلَى حُدُودِهَا فِي مُعَامَلَةِ الرَّبِّ بِهَا , وَقِيلَ: مَعْنَاهُ مَنْ عَرَفَهَا وَعَقَلَ مَعَانِيهَا , وَآمَنَ بِهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 27 7 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , نا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ بَالَوَيْهِ نا مُحَمَّدُ بْنُ شَاذَانَ الْجَوْهَرِيُّ , نا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْوَاسِطِيُّ , نا فُضَيْلُ بْنُ مَرْزُوقٍ , حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ الْجُهَنِيُّ , عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَا أَصَابَ مُسْلِمًا قَطُّ هَمٌّ وَلَا حَزَنٌ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ وَابْنُ [ص: 28] عَبْدِكَ وَابْنُ أَمَتِكَ , نَاصِيَتِي بِيَدِكَ , مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ , عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ , أَسْأَلُكُ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي وَجِلَاءَ حُزْنِي , وَذَهَابَ هَمِّي وَغَمِّي , إِلَّا أَذْهَبَ اللَّهُ عَنْهُ هَمَّهُ وَأَبْدَلَهُ مَكَانَ هَمِّهِ فَرَحًا " , قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا نَتَعَلَّمُ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ؟ قَالَ: «بَلَى يَنْبَغِي لِمَنْ سَمِعَهُنَّ أَنْ يَتَعَلَّمَهُنَّ» الحديث: 7 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 27 8 - وَأنا الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ عَبْدُ الْقَاهِرِ بْنُ طَاهِرٍ الْبَغْدَادِيُّ ـ مِنْ أَصْلِ كِتَابِهِ ـ نا أَبُو سَعِيدٍ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَحْمَدَ الْجُرْجَانِيُّ إِمْلَاءً أنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْبَصْرِيُّ بِهَا , نا مُحَمَّدُ بْنُ الْمِنْهَالِ الضَّرِيرُ , نا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ , عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ , عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ , قَالَ: قَالَ رَسُولُ [ص: 30] اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ أَصَابَهُ هَمٌّ أَوْ حَزَنٌ فَلْيَقُلِ: اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ وَابْنُ أَمَتِكَ فِي قَبْضَتِكَ نَاصِيَتِي بِيَدِكَ , عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ , مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ , أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي وَنُورَ صَدْرِي وَذَهَابَ هَمِّي وَجِلَاءَ حُزْنِي " , قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا قَالَهُنَّ مَهْمُومٌ قَطُّ إِلَّا أَذْهَبَ اللَّهُ هَمَّهُ وَأَبْدَلَهُ بِهَمِّهِ فَرَحًا» , قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلَا نَتَعَلَّمُهُنَّ؟ قَالَ: «بَلَى فَتَعَلَّمُوهُنَّ وَعَلِّمُوهُنَّ» قَالَ الشَّيْخُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ عَلَى صِحَّةِ مَا وَقَعَتْ عَلَيْهِ تَرْجَمَةُ هَذَا الْبَابِ , وَاسْتَشْهَدَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا فِي ذَلِكَ بِمَا الحديث: 8 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 29 9 - أنا أَبُو نَصْرٍ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ قَتَادَةَ , وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ [ص: 31] الْفَارِسِيُّ قَالَا: أنا أَبُو عَمْرِو بْنُ مَطَرٍ , نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَلِيٍّ الذُّهْلِيُّ , نا يَحْيَى بْنِ يَحْيَى , أنا صَالِحٌ الْمُرِّيُّ , عَنْ جَعْفَرِ بْنِ زَيْدٍ الْعَبْدِيِّ , عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ , أَنَّهَا قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلِّمْنِي اسْمَ اللَّهِ الَّذِي إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ قَالَ لَهَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قَوْمِي فَتَوَضَّئِي وَادْخُلِي الْمَسْجِدَ فَصَلِّي رَكْعَتَيْنِ , ثُمَّ ادْعِي حَتَّى أَسْمَعَ» فَفَعَلْتُ , فَلَمَّا جَلَسْتُ لِلدُّعَاءِ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ وَفِّقْهَا» فَقَالَتِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِجَمِيعِ أَسْمَائِكَ الْحُسْنَى كُلِّهَا , مَا عَلِمْنَا مِنْهَا وَمَا لَمْ نَعْلَمْ , وَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الْعَظِيمِ الْأَعْظَمِ , الْكَبِيرِ الْأَكْبَرِ , وَالَّذِي مَنْ دَعَاكَ بِهِ أَجَبْتَهُ , وَمَنْ سَأَلَكَ بِهِ أَعْطَيْتَهُ قَالَ: يَقُولُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَصَبْتِهِ أَصَبْتِهِ» الحديث: 9 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 30 10 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أنا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَمْدَانَ الْجَلَّابُ بِهَمَذَانَ ثنا الْأَمِيرُ أَبُو الْهَيْثَمِ خَالِدُ بْنُ أَحْمَدَ بِهَمَذَانَ ثنا أَبُو أَسْعَدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَلْخِيُّ , ثنا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ الْقَطَوَانِيُّ , ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحِ بْنِ هَانِئٍ , وَأَبُو بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ [ص: 33] قَالَا: ثنا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ , ثنا أَحْمَدُ بْنُ سُفْيَانَ النَّسَوِيِّ , ثنا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ , ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ الْحُصَيْنُ بْنُ التُّرْجُمَانِ , ثنا أَيُّوبُ السَّخْتِيَانِيُّ , وَهِشَامُ بْنُ حَسَّانَ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ لِلَّهِ تَعَالَى تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ» , فَذَكَرَهَا وَعَدَّ مِنْهَا: «الْإِلَهُ الرَّبُّ الْحَنَّانُ الْمَنَّانُ الْبَارِي الْأَحَدُ الْكَافِي الدَّائِمُ الْمَوْلَى النَّصِيرُ الْمُبِينُ الْجَمِيلُ الصَّادِقُ الْمُحِيطُ الْقَرِيبُ الْقَدِيمُ الْوِتْرُ الْفَاطِرُ الْعَلَّامُ الْمَلِيكُ الْأَكْرَمُ الْمُدَبِّرُ الْقَدِيرُ الشَّاكِرُ ذُو الطَّوْلِ ذُو الْمَعَارِجِ ذُو الْفَضْلِ الْكَفِيلُ» تَفَرَّدَ بِهَذِهِ الرِّوَايَةِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْحُصَيْنِ بْنِ التُّرْجُمَانِ وَهُوَ ضَعِيفُ الْحَدِيثِ عِنْدَ أَهْلِ النَّقْلِ ضَعَّفَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ , وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ التَّفْسِيرُ وَقَعَ مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ , وَكَذَلِكَ فِي حَدِيثِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ , وَلِهَذَا الِاحْتِمَالِ تَرَكَ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ إِخْرَاجَ حَدِيثِ الْوَلِيدِ فِي الصَّحِيحِ , فَإِنْ كَانَ مَحْفُوظًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَأَنَّهُ قَصَدَ أَنَّ مَنْ أَحْصَى مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا دَخَلَ الْجَنَّةَ , سَوَاءً أَحْصَاهَا مِمَّا نَقَلْنَا فِي حَدِيثِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ أَوْ مِمَّا نَقَلْنَاهُ فِي حَدِيثِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْحُصَيْنِ , أَوْ مِنْ سَائِرِ مَا دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ، وَهَذِهِ الْأَسَامِي كُلُّهَا فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَفِي سَائِرِ أَحَادِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [ص: 34] نَصًّا أَوْ دَلَالَةً وَنَحْنُ نُشِيرُ إِلَى مَوَاضِعِهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي جِمَاعِ أَبْوَابِ مَعَانِي هَذِهِ الْأَسْمَاءِ , وَنُضِيفُ إِلَيْهَا مَا لَمْ يَدْخُلْ فِي جُمْلَتِهَا بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَحُسْنِ تَوْفِيقِهِ الحديث: 10 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 32 بَابُ جِمَاعِ أَبْوَابِ مَعَانِي أَسْمَاءِ الرَّبِّ عَزَّ ذِكْرُهُ ذَكَرَ الْحَاكِمُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ الْحَلِيمِيُّ فِيمَا يَجِبُ اعْتِقَادُهُ وَالْإِقْرَارُ بِهِ فِي الْبَارِي سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عِدَّةَ أَشْيَاءَ: أَحَدُهَا: إِثْبَاتُ الْبَارِي جَلَّ جَلَالُهُ لِتَقَعَ بِهِ مُفَارَقَةُ التَّعْطِيلِ وَالثَّانِي: إِثْبَاتُ وَحْدَانِيَّتِهِ لِتَقَعَ بِهِ الْبَرَاءَةُ مِنَ الشِّرْكِ وَالثَّالِثُ: إِثْبَاتُ أَنَّهُ لَيْسَ بِجَوْهَرٍ وَلَا عَرَضٍ لِيَقَعَ بِهِ الْبَرَاءَةُ مِنَ التَّشْبِيهِ وَالرَّابِعُ: إِثْبَاتُ أَنَّ وُجُودَ كُلِّ مَا سِوَاهُ كَانَ مِنْ قِبَلِ إِبْدَاعِهِ وَاخْتِرَاعِهِ إِيَّاهُ لِتَقَعَ بِهِ الْبَرَاءَةُ مِنْ قَوْلِ مَنْ يَقُولُ بِالْعِلَّةِ وَالْمَعْلُولِ وَالْخَامِسُ: إِثْبَاتُ أَنَّهُ مُدَبِّرُ مَا أَبْدَعَ وَمُصَرِّفُهُ عَلَى مَا يَشَاءُ لِتَقَعَ بِهِ الْبَرَاءَةُ مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِينَ بِالطَّبَائِعِ , أَوْ بِتَدْبِيرِ الْكَوَاكِبِ , أَوْ تَدْبِيرِ الْمَلَائِكَةِ , قَالَ: " ثُمَّ إِنَّ أَسْمَاءَ اللَّهِ تَعَالَى جَدُّهُ , الَّتِي وَرَدَ بِهَا الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ , وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى تَسْمِيَتِهِ بِهَا , مُنْقَسِمَةٌ بَيْنَ الْعَقَائِدِ الْخَمْسِ , فَيَلْحَقُ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ بَعْضَهَا وَقَدْ يَكُونُ مِنْهَا مَا يَلْتَحِقُ بِمَعْنَيَيْنِ , وَيَدْخُلُ فِي بَابَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ , وَهَذَا شَرَحُ ذَلِكَ وَتَفْصِيلُهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 35 بَابُ ذِكْرِ الْأَسْمَاءِ الَّتِي تَتْبَعُ إِثْبَاتَ الْبَارِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ وَالِاعْتِرَافَ بِوُجُودِهِ جَلَّ وَعَلَا مِنْهَا الْقَدِيمُ وَذَلِكَ مِمَّا يُؤْثَرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْحُصَيْنِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 36 11 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ ـ بِبَغْدَادَ ـ نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ , ثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ , ثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ , ثَنَا أَبِي , ثَنَا الْأَعْمَشُ , ثَنَا جَامِعُ بْنُ شَدَّادٍ , عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ , أَنَّهُ حَدَّثَهُ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ فَفِيهِ قَالُوا: جِئْنَاكَ نَسْأَلُكُ عَنْ هَذَا الْأَمْرِ , قَالَ: «كَانَ اللَّهُ تَعَالَى وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ غَيْرُهُ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ قَالَ الْحَلِيمِيُّ , رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي مَعْنَى الْقَدِيمِ: إِنَّهُ الْمَوْجُودُ الَّذِي لَيْسَ لِوُجُودِهِ ابْتِدَاءٌ , وَالْمَوْجُودُ الَّذِي لَمْ يَزَلْ , وَأَصْلُ الْقَدِيمِ فِي اللِّسَانِ: السَّابِقُ , لِأَنَّ الْقَدِيمَ هُوَ الْقَادِمُ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيمَا أَخْبَرَ بِهِ عَنْ فِرْعَوْنَ: {يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [هود: 98] فَقِيلَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: قَدِيمٌ , بِمَعْنَى أَنَّهُ سَابِقٌ لِلْمَوْجُودَاتِ كُلِّهَا وَلَمْ يَجُزْ إِذْ كَانَ كَذَلِكَ أَنْ يَكُونَ لِوُجُودِهِ ابْتِدَاءٌ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ لِوُجُودِهِ ابْتِدَاءٌ لَاقْتَضَى ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ غَيْرٌ لَهُ أَوْجَدَهُ , وَلَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْغِيَرُ مَوْجُودًا قَبْلَهُ , فَكَانَ لَا يَصِحُّ حِينَئِذٍ أَنْ يَكُونَ هُوَ سَابِقًا لِلْمَوْجُودَاتِ , فَبَانَ أَنَّا إِذَا وَصَفْنَاهُ بِأَنَّهُ سَابِقٌ لِلْمَوْجُودَاتِ فَقَدْ أَوْجَبْنَا أَلَّا يَكُونَ لِوُجُودِهِ ابْتِدَاءٌ , فَكَانَ الْقَدِيمُ فِي وَصْفِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ عِبَارَةً عَنْ هَذَا الْمَعْنَى , وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ [ص: 38] وَمِنْهَا الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ} [الحديد: 3] وَقَدْ ذَكَرْنَاهُمَا فِي رِوَايَةِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ الحديث: 11 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 37 12 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ , بِطُوسَ أنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرِ بْنِ دَاسَةَ بِالْبَصْرَةِ , ثَنَا أَبُو دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ , ثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ , ثَنَا وُهَيْبٌ , ح , قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَحَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ , عَنْ خَالِدٍ , نَحْوَهُ , جَمِيعًا عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ: «اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَاوَاتِ وَرَبَّ الْأَرْضِ رَبَّ كُلِّ شَيْءٍ فَالِقَ الْحَبِّ وَالنَّوَى مُنْزِلَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ ذِي شَرٍّ أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهِ , أَنْتَ الْأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ وَأَنْتَ الْآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ , وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ , وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ» زَادَ وَهْبٌ فِي حَدِيثِهِ: «اقْضِ عَنِّي الدَّيْنَ وَاغْنِنِي مِنَ الْفَقْرِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ بَيَانٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الحديث: 12 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 38 13 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أَخْبَرَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ بْنِ مُحَمَّدٍ الشَّعْرَانِيُّ , ثَنَا جَدِّي , ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ الزُّبَيْرِيُّ , ثَنَا ابْنُ أَبِي حَازِمٍ , عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ , عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ , عَنْ عَاصِمِ بْنِ أبي عُبَيْدِ , عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَدْعُو بِهَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ: «اللَّهُمَّ أَنْتَ الْأَوَّلُ فَلَا قَبْلَكَ شَيْءٌ , وَأَنْتَ الْآخِرُ فَلَا شَيْءَ بَعْدَكَ , وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ دَابَّةٍ نَاصِيَتِهَا بِيَدِكَ، [ص: 40] وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْإِثْمِ وَالْكَسَلِ، وَمِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ , وَمِنْ عَذَابِ النَّارِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْغِنَى وَفِتْنَةِ الْفَقْرِ , وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ» الحديث: 13 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 39 14 - أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمِّشٍ الْفَقِيهُ , أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْقَطَّانُ , ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ السُّلَمِيُّ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْفِرْيَابِيُّ , قَالَ: ذَكَرَ سُفْيَانُ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ , عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَسْأَلُكُمُ النَّاسُ عَنْ كُلِّ شَيْءٍ , حَتَّى [ص: 41] يَسْأَلُوكُمْ: هَذَا اللَّهُ خَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَمَنْ خَلَقَ اللَّهَ؟ قَالَ سُفْيَانُ قَالَ جَعْفَرٌ: فَحَدَّثَنِي رَجُلٌ آخَرُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , قَالَ جَعْفَرٌ كَانَ يَرْفَعُهُ: " فَإِنْ سُئِلْتُمْ فَقُولُوا: اللَّهُ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ وَخَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ كَائِنٌ بَعْدَ كُلِّ شَيْءٍ " الحديث: 14 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 40 15 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أنا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ , ثَنَا فَتْحُ بْنُ عَمْرٍو , ثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ , أنا مَعْمَرٌ , عَنْ هِشَامٍ , عَنِ ابْنِ سِيرِينَ , قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " إِنَّ رِجَالًا سَتَرْفَعُ بِهِمُ الْمَسْأَلَةُ حَتَّى يَقُولُوا: اللَّهُ خَلَقَ الْخَلْقَ فَمَنْ خَلْقَهُ؟ " قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ , قَالَ مَعْمَرٌ: وَزَادَ فِيهِ رَجُلٌ آخَرُ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " فَقُولُوا: اللَّهُ كَانَ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ خَالِقٌ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ كَائِنٌ بَعْدَ كُلِّ شَيْءٍ " الحديث: 15 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 41 16 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ ـ بِبَغْدَادَ ـ أنا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ صَفْوَانَ , ثَنَا أَبُو بَكْرٍ بْنُ أَبِي الدُّنْيَا , حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الشَّيْبَانِيُّ , ثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْكُوفِيُّ , عَنْ صَالِحِ بْنِ حَيَّانَ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ , أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَّمَ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ دَعْوَةً يَدْعُو بِهَا عِنْدَمَا أَهَمَّهُ , فَكَانَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُعَلِّمُهَا وَلَدَهُ: «يَا كَائِنًا قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ وَيَا مُكَوِّنَ كُلِّ شَيْءٍ وَيَا كَائِنًا بَعْدَ كُلِّ شَيْءٍ , افْعَلْ بِي كَذَا وَكَذَا» هَذَا مُنْقَطِعٌ الحديث: 16 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 42 17 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , ثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ يُوسُفَ , ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ الْقَزَّازُ , ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَارِثِ , مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ , ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْبَيْلَمَانِيُّ , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْنِ عُمَرَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ مِنْ دُعَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي كَانَ يَقُولُ: «يَا كَائِنًا قَبْلَ أَنْ يَكُونَ شَيْءٌ , وَالْمُكَوِّنُ لِكُلِّ شَيْءٍ , وَالْكَائِنُ بَعْدَمَا لَا يَكُونُ شَيْءٌ , أَسْأَلُكُ بِلَحْظَةٍ مِنْ لَحَظَاتِكَ الْحَافِظَاتِ الْغَافِرَاتِ الْوَاجِبَاتِ الْمُنْجِيَاتِ» قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ: إِنْ صَحَّ هَذَا فَإِنَّمَا أَرَادَ بِاللَّحْظَةِ النَّظْرَةَ وَنَظَرُهُ فِي أُمُورِ عِبَادِهِ رَحْمَتُهُ إِيَّاهُمْ , قَالَ الْحَلِيمِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: فَالْأَوَّلُ هُوَ الَّذِي لَا قَبْلَ لَهُ وَالْآخِرُ هُوَ الَّذِي لَا بَعْدَ لَهُ , وَهَذَا لِأَنَّ قَبْلَ وَبَعْدَ نِهَايَتَانِ , فَقَبْلُ نِهَايَةُ الْمَوْجُودِ مِنْ [ص: 44] قَبْلِ ابْتِدَائِهِ , وَبَعْدُ غَايَتُهُ مِنْ قَبْلِ انْتِهَائِهِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ ابْتِدَاءٌ وَلَا انْتِهَاءٌ لَمْ يَكُنْ لِلْمَوْجُودِ قَبْلُ وَلَا بَعْدُ , فَكَانَ هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ، وَمِنْهَا الْبَاقِي , قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} [الرحمن: 27] وَقَدْ رُوِّينَاهُ فِي حَدِيثِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ الْحَلِيمِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَهَذَا أَيْضًا مِنْ لوازمِ قَوْلِهِ: قَدِيمٌ , لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ مَوْجُودًا لَا عَنْ أَوَّلٍ وَلَا بِسَبَبٍ لَمْ يَجُزْ عَلَيْهِ الِانْقِضَاءُ وَالْعَدَمُ , فَإِنَّ كُلَّ مُنْقَضٍ بَعْدَ وُجُودِهِ فَإِنَّمَا يَكُونُ انْقِضَاؤُهُ لِانْقِطَاعِ سَبَبِ وُجُودِهِ , فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ لوُجُودِ الْقَدِيمِ سَبَبٌ فَيُتَوَهَّمُ أَنَّ ذَلِكَ السَّبَبَ إِنِ ارْتَفَعَ عُدِمَ عَلِمْنَا أَنَّهُ لَا انْقِضَاءَ لَهُ قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ: وَفِي مَعْنَى الْبَاقِي: الدَّائِمُ وَهُوَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْحُصَيْنِ , قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ فِيمَا أُخْبِرْتُ عَنْهُ: الدَّائِمُ الْمَوْجُودُ لَمْ يَزَلْ , الْمَوْصُوفُ بِالْبَقَاءِ , الَّذِي لَا يَسْتَوْلِي عَلَيْهِ الْفَنَاءُ , قَالَ: وَلَيْسَتْ صِفَةُ بَقَائِهِ وَدَوَامِهِ كَبَقَاءِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ وَدَوَامِهِمَا وَذَلِكَ أَنَّ بَقَاءَهُ أَبْدِيٌّ أَزَلِيٌّ , وَبَقَاءُ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ أَبْدِيُّ غَيْرُ أَزَلِيٍّ , وَصِفَةُ الْأَزَلِ مَا لَمْ يَزَلْ , وَصِفَةُ الْأَبَدِ مَا لَا يَزَالُ , وَالْجَنَّةُ وَالنَّارُ مَخْلُوقَتَانِ كَائِنَتَانِ بَعْدَ أَنْ لَمْ تَكُونَا , فَهَذَا فَرْقُ مَا بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَمِنْهَا الْحَقُّ الْمُبِينُ , قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ} [النور: 25] الحديث: 17 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 43 18 - أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ , أنا أَبُو الْقَاسِمِ سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ اللَّخْمِيُّ الطَّبَرَانِيُّ , ثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ الرَّقِّيُّ , ثَنَا قَبِيصَةُ , ح قَالَ سُلَيْمَانُ: وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ [ص: 45] بْنُ الْحَسَنِ بْنِ كَيْسَانَ , ثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ , ثَنَا سُفْيَانُ , عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ , عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَحْوَلِ , عَنْ طَاوُسٍ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا تَهَجَّدَ مِنَ اللَّيْلِ يَدْعُو: «اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَلَكَ الْحَمْدُ , أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ أَنْتَ الْحَقُّ , وَقَوْلُكَ حَقُّ , وَوَعْدُكَ حَقُّ , وَلِقَاؤُكَ حَقُّ , وَالْجَنَّةُ حَقٌّ , وَالنَّارُ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ حَقٌّ , اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ وَبِكَ آمَنْتُ وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ وَبِكَ خَاصَمْتُ وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ أَنْتَ إِلَهِيَ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ قَبِيصَةَ , وَهُمَا مَذْكُورَانِ فِي خَبَرِ الْأَسَامِي: أَحَدُهُمَا فِي رِوَايَةِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ وَالْآخَرُ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ الْحَلِيمِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: الْحَقُّ مَا لَا يَسَعُ إِنْكَارُهُ وَيَلْزَمُ إِثْبَاتُهُ وَالِاعْتِرَافَ بِهِ , وَوُجُودُ الْبَارِي عَزَّ ذِكْرُهُ أَوْلَى مَا يَجِبُ الِاعْتِرَافُ بِهِ يَعْنِي عِنْدَ وُرُودِ أَمْرِهِ بِالِاعْتِرَافِ بِهِ وَلَا يَسَعُ جُحُودُهُ إِذْ لَا مُثْبَتَ يُتَظَاهَرُ عَلَيْهِ مِنَ الدَّلَائِلِ الْبَيِّنَةِ الْبَاهِرَةِ مَا تَظَاهَرَتْ [ص: 46] عَلَى وُجُودِ الْبَارِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ وَقَالَ: وَالْمُبِينُ هُوَ الَّذِي لَا يَخْفَى وَلَا يَنْكَتِمْ , وَالْبَارِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ لَيْسَ بِخَافٍ وَلَا مُنْكَتِمٍ لِأَنَّ لَهُ مِنَ الْأَفْعَالِ الدَّالَّةِ عَلَيْهِ مَا يَسْتَحِيلُ مَعَهَا أَنْ يَخْفَى فَلَا يُوقَفُ عَلَيْهِ وَلَا يُدْرَى وَمِنْهَا الظَّاهِرُ قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ} [الحديد: 3] وَهُوَ فِي خَبَرِ الْأَسَامِي وَغَيْرِهِ الحديث: 18 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 44 19 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْمُقْرِئ، أنا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ , ثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ , أنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ , ثَنَا الْأَغْلَبُ بْنُ تَمِيمٍ , ثَنَا مَخْلَدٌ أَبُو الْهُذَيْلِ الْعَنْبَرِيُّ , عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , عَنِ ابْنِ عُمَرَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: إِنَّ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ تَفْسِيرِ: {لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [الزمر: 63] فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَا سَأَلَنِي عَنْهَا أَحَدٌ قَبْلَكَ , تَفْسِيرُهَا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ [ص: 47] أَكْبَرُ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْأَوَّلِ وَالْآخَرِ وَالظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ بِيَدِهِ الْخَيْرُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ " وَذَكَرَ الْحَدِيثَ قَالَ الْحَلِيمِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي مَعْنَى الظَّاهِرُ إِنَّهُ الْبَادِي فِي أَفْعَالِهِ وَهُوَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ , فَلَا يُمْكِنُ مَعَهَا أَنْ يُجْحَدَ وُجُودُهُ وَيُنْكَرُ ثُبُوتُهُ وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ: هُوَ الظَّاهِرُ بِحُجَجِهِ الْبَاهِرَةِ وَبَرَاهِينِهِ النَّيِّرَةِ وَشَوَاهِدِ أَعْلَامِهِ الدَّالَّةِ عَلَى ثُبُوتِ رُبُوبِيَّتِهِ وَصِحَّةِ وَحْدَانِيَّتِهِ , وَيَكُونُ الظَّاهِرُ فَوْقَ كُلِّ شَيْءٍ بِقُدْرَتِهِ , وَقَدْ يَكُونُ الظُّهُورُ بِمَعْنَى الْعُلُوِّ , وَيَكُونُ بِمَعْنَى الْغَلَبَةِ وَمِنْهَا الْوَارِثُ وَمَعْنَاهُ الْبَاقِي بَعْدَ ذَهَابِ غَيْرِهِ وَرَبُّنَا جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ لِأَنَّهُ يَبْقَى بَعْدَ ذَهَابِ الْمُلَّاكِ الَّذِينَ أَمْتَعَهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا بِمَا آتَاهُمْ , لِأَنَّ وُجُودَهُمْ وَوُجُودَ الْأَمْلَاكِ كَانَ بِهِ , وَوُجُودُهُ لَيْسَ بِغَيْرِهِ , وَهَذَا الِاسْمُ مِمَّا يُؤْثَرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خَبَرِ الْأَسَامِي وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ} [الحجر: 23] الحديث: 19 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 46 بَابُ جِمَاعِ أَبْوَابِ ذِكْرِ الْأَسْمَاءِ الَّتِي تَتْبَعُ إِثْبَاتَ وَحْدَانِيَّتِهِ عَزَّ اسْمُهُ أَوَّلُهَا الْوَاحِدُ قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا مُنْذِرٌ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ} [ص: 65] وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي خَبَرِ الْأَسَامِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 48 20 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ , نا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سَعْدٍ الْبَزَّارُ الْحَافِظُ , حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْبُوشَنْجِيُّ , ثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ , ثَنَا عَثَّامُ بْنُ عَلِيٍّ , عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عَائِشَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا تَضَوَّرَ مِنَ اللَّيْلِ قَالَ: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ [ص: 49] وَمَا بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ» قَالَ الْحَلِيمِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ , فِي مَعْنَى الْوَاحِدِ: إِنَّهُ يَحْتَمِلُ وُجُوهًا: أَحَدُهَا أَنَّهُ لَا قَدِيمَ سِوَاهُ وَلَا إِلَهَ سِوَاهُ , فَهُوَ وَاحِدٌ مِنْ حَيْثُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ شَرِيكٌ فَيَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُ الْعَدَدِ وَتَبْطُلُ بِهِ وَحْدَانِيَّتُهُ وَالْآخَرُ: أَنَّهُ وَاحِدٌ بِمَعْنَى أَنَّ ذَاتَهُ ذَاتٌ لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ التَّكَثُّرِ بِغَيْرِهِ , وَالْإِشَارَةُ فِيهِ إِلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِجَوْهَرٍ وَلَا عَرَضٍ , لِأَنَّ الْجَوْهَرَ قَدْ يَتَكَثَّرُ بِالِانْضِمَامِ إِلَى جَوْهَرٍ مِثْلِهِ , فَيَتَرَكَّبُ مِنْهُمَا جِسْمٌ , وَقَدْ يَتَكَثَّرُ بِالْعَرَضِ الَّذِي يُحِلُّهُ , وَالْعَرَضُ لَا قِوَامَ لَهُ إِلَّا بِغَيْرٍ يُحِلُّهُ وَالْقَدِيمُ فَرْدٌ لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ حَاجَةٌ إِلَى غَيْرِهِ , وَلَا يَتَكَثَّرُ بِغَيْرِهِ , وَعَلَى هَذَا لَوْ قِيلَ: إِنَّ مَعْنَى الْوَاحِدِ أَنَّهُ الْقَائِمُ بِنَفْسِهِ لَكَانَ ذَلِكَ صَحِيحًا وَلَرَجَعَ الْمَعْنَى إِلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِجَوْهَرٍ وَلَا عَرَضٍ , لِأَنَّ قِيَامَ الْجَوْهَرِ بِفَاعِلِهِ وَمُبْقِيهِ , وَقِيَامُ الْعَرَضِ بِجَوْهَرِ يُحِلُّهُ , وَالثَّالِثُ: أَنَّ مَعْنَى الْوَاحِدِ هُوَ الْقَدِيمُ فَإِذَا قُلْنَا الْوَاحِدُ فَإِنَّمَا هُوَ الَّذِي لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ هُوَ الْقَدِيمُ لِأَنَّ الْقَدِيمَ مُتَّصِفٌ فِي الْأَصْلِ بِالْإِطْلَاقِ السَّابِقَ لِلْمَوْجُودَاتِ , وَمَهْمَا كَانَ قَدِيمًا كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا غَيْرُ سَابِقٍ بِالْإِطْلَاقِ لِأَنَّهُ إِنْ سَبَقَ غَيْرَ صَاحِبِهِ فَلَيْسَ بِسَابِقٍ صَاحِبَهُ وَهُوَ مَوْجُودٌ كوُجُودِهِ فَيَكُونُ [ص: 50] إِذًا قَدِيمًا مِنْ وَجْهٍ , غَيْرَ قَدِيمٍ مِنْ وَجْهٍ , وَيَكُونُ الْقَدِيمُ وَصْفًا لَهُمَا مَعًا , وَلَا يَكُونُ وَصْفًا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا , فَثَبَتَ أَنَّ الْقَدِيمَ بِالْإِطْلَاقِ لَا يَكُونُ إِلَّا وَاحِدًا , فَالْوَاحِدُ إِذًا هُوَ الْقَدِيمُ الَّذِي لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ إِلَّا وَاحِدًا وَمِنْهَا الْوِتْرُ: لِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ قَدِيمٌ سِوَاهُ لَا إِلَهٌ وَلَا غَيْرُ إِلَهٍ لَمْ يَنْبَغِ لِشَيْءٍ مِنَ الْمَوْجُودَاتِ أَنْ يُضَمَّ إِلَيْهِ فَيُعْبَدَ مَعَهُ , فَيَكُونَ الْمَعْبُودُ مَعَهُ شَفْعًا , لَكِنَّهُ وَاحِدٌ وِتْرٌ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْحُصَيْنِ الحديث: 20 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 48 21 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ , أنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْقَطَّانُ , ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ , ثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ , أنا مَعْمَرٌ , عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ اسْمًا , مِائَةٌ إِلَّا وَاحِدًا مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ إِنَّهُ وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ وَمِنْهَا الْكَافِي لِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَه فِي الْإِلَهِيَّةِ شَرِيكٌ صَحَّ أَنَّ الْكِفَايَاتِ كُلَّهَا وَاقِعَةٌ بِهِ وَحْدَهُ , فَلَا يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْعِبَادَةُ إِلَّا لَهُ , وَالرَّغْبَةُ إِلَّا إِلَيْهِ , وَالرَّجَاءُ إِلَّا مِنْهُ , وَقَدْ وَرَدَ الْكِتَابُ بِهَذَا , قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ} [الزمر: 36] وَذَكَرْنَاهُ فِي خَبَرِ الْأَسَامِي الحديث: 21 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 50 22 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , ثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّفَّارُ إِمْلَاءً حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى أَحْمَدُ بْنُ عِصَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَجِيدِ الْأَصْفَهَانِيُّ , ثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ , ثَنَا حَمَّادُ عَنْ ثَابِتٍ , عَنْ أَنَسٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ قَالَ: «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَنَا وَسَقَانَا وَكَفَانَا وَآوَانَا , فَكَمْ مِمَّنْ لَا كَافِيَ لَهُ وَلَا مُؤْوِيَ» أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ وَمِنْهَا الْعَلِيُّ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} [البقرة: 255] وَذَكَرْنَاهُ فِي خَبَرِ الْأَسَامِي الحديث: 22 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 51 23 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ الْفَضْلِ , ثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ , ثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ , أنا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ , أنا أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ رَاشِدٍ الْيَمَامِيُّ أنا إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ: مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَفْتِحُ دُعَاءً قَطُّ إِلَّا اسْتَفْتَحَ بِسُبْحَانَ رَبِّيَ [ص: 52] الْأَعْلَى الْوَهَّابِ " وَرَوَاهُ أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ عُمَرَ بْنِ رَاشِدٍ وَزَادَ فِيهِ الْعَلِيِّ الْوَهَّابِ وَعُمَرُ بْنُ رَاشِدٍ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ الحديث: 23 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 51 24 - وَأَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ قَتَادَةَ , أنا الْعَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ زَكَرِيَّا النَّضْرَوِيُّ الْهَرَوِيُّ , بِهَا أنا أَحْمَدُ بْنُ نَجْدَةَ , ثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ , ثَنَا مِسْكِينُ بْنُ مَيْمُونٍ , مُؤَذِّنُ مَسْجِدِ الرَّمْلَةِ حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ رُوَيْمٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ قُرْطٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ [ص: 53] أُسْرِيَ بِهِ سَمِعَ تَسْبِيحًا فِي السَّمَاوَاتِ الْعُلَى: سُبْحَانَ الْعَلِيِّ الْأَعْلَى , سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى [ص: 54] قَالَ الْحَلِيمِيُّ فِي مَعْنَى الْعَلِيِّ: إِنَّهُ الَّذِي لَيْسَ فَوْقَهُ فِيمَا يَجِبُ لَهُ مِنْ مَعَالِي الْجَلَالِ أَحَدٌ , وَلَا مَعَهُ مَنْ يَكُونُ الْعُلُوُّ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ , لَكِنَّهُ الْعَلِيُّ بِالْإِطْلَاقِ , قَالَ: وَالرَّفِيعُ فِي هَذَا الْمَعْنَى , قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ} [غافر: 15] وَمَعْنَاهُ هُوَ [ص: 55] الَّذِي لَا أَرْفَعُ قَدْرًا مِنْهُ , وَهُوَ الْمُسْتَحِقُّ لِدَرَجَاتِ الْمَدْحِ وَالثَّنَاءِ , وَهِيَ أَصْنَافُهَا وَأَبْوَابُهَا لَا مُسْتَحِقَّ لَهَا غَيْرُهُ الحديث: 24 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 52 25 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ , أنا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ صَفْوَانَ الْبَرْذَعِيُّ , ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقُرَشِيُّ , ثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى , قَالَ: سَمِعْتُ جَرِيرًا , قَالَ , سَمِعْتُ رَجُلًا , يَقُولُ: رَأَيْتُ إِبْرَاهِيمَ الصَّائِغَ فِي النَّوْمِ قَالَ: وَمَا عَرَفْتُهُ قَطُّ , فَقُلْتُ: بِأَيِّ شَيْءٍ نَجَوْتَ؟ , قَالَ: بِهَذَا الدُّعَاءِ: «اللَّهُمَّ يَا عَالِمَ الْخَفِيَّاتِ , رَفِيعَ الدَّرَجَاتِ , ذَا الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِكَ , غَافِرَ الذَّنْبِ , قَابِلَ التَّوْبِ شَدِيدَ الْعِقَابِ ذَا الطُّوَلِ , لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ» الحديث: 25 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 55 بَابُ جِمَاعِ أَبْوَابِ ذِكْرِ الْأَسْمَاءِ الَّتِي تَتْبَعُ إِثْبَاتَ الْإِبْدَاعِ وَالِاخْتِرَاعِ لَهُ أَوَّلُهَا: اللَّهُ , قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [الرعد: 16] الجزء: 1 ¦ الصفحة: 56 26 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , ثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ , ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيُّ , ثَنَا أَبُو النَّضْرِ , ثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ , عَنْ ثَابِتٍ , عَنْ أَنَسٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كُنَّا نُهِينَا أَنْ نَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ شَيْءٍ فَكَانَ يُعْجِبُنَا أَنْ يَأْتِيَهُ الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ فَيَسْأَلُهُ وَنَحْنُ نَسْمَعُ فَأَتَاهُ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ أَتَانَا رَسُولُكَ فَزَعَمَ أَنَّكَ تَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ أَرْسَلَكَ قَالَ: «صَدَقَ» قَالَ: فَمَنْ خَلَقَ السَّمَاءَ؟ قَالَ: «اللَّهُ» , قَالَ: فَمَنْ خَلَقَ الْأَرْضَ؟ قَالَ: «اللَّهُ» قَالَ: فَمَنْ نَصَبَ هَذِهِ الْجِبَالَ؟ [ص: 57] , قَالَ: «اللَّهُ» قَالَ: فَمَنْ جَعَلَ فِيهَا هَذِهِ الْمَنَافِعَ قَالَ: «اللَّهُ» قَالَ: فَبِالَّذِي خَلَقَ السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ , وَنَصَبَ الْجِبَالَ , وَجَعَلَ فِيهَا هَذِهِ الْمَنَافِعَ آللَّهُ أَرْسَلَكَ؟ قَالَ: «نَعَمْ» , قَالَ: وَزَعَمَ رَسُولُكَ أَنَّ عَلَيْنَا خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي يَوْمِنَا وَلَيْلَتِنَا قَالَ: «صَدَقَ» , قَالَ: فَبِالَّذِي أَرْسَلَكَ آللَّهُ أَمَرَكَ بِهَذَا؟ قَالَ: «نَعَمْ» , قَالَ: وَزَعَمَ رَسُولُكَ أَنَّ عَلَيْنَا صَدَقَةً فِي أَمْوَالِنَا قَالَ: «صَدَقَ» , قَالَ: فَبِالَّذِي أَرْسَلَكَ آللَّهُ أَمَرَكَ بِهَذَا؟ , قَالَ: «نَعَمْ» قَالَ: وَزَعَمَ رَسُولُكَ أَنَّ عَلَيْنَا صَوْمَ شَهْرٍ فِي سَنَتِنَا قَالَ: «صَدَقَ» قَالَ: فَبِالَّذِي أَرْسَلَكَ آللَّهُ أَمَرَكَ بِهَذَا؟ قَالَ: «نَعَمْ» , قَالَ: وَزَعَمَ رَسُولُكَ أَنَّ عَلَيْنَا حَجَّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا , قَالَ: «صَدَقَ» قَالَ: فَبِالَّذِي أَرْسَلَكَ آللَّهُ أَمَرَكَ بِهَذَا؟ قَالَ: «نَعَمْ» قَالَ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَا أَزِيدُ عَلَيْهِنَّ وَلَا أَنْقُصُ مِنْهُنَّ , فَلَمَّا مَضَى قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَئِنْ صَدَقَ لَيَدْخُلَنَّ الْجَنَّةَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَمْرٍو النَّاقِدِ عَنْ أَبِي النَّضْرِ , قَالَ الْبُخَارِيُّ: وَرَوَاهُ مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ , وَعَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ سُلَيْمَانَ قَالَ الْحَلِيمِيُّ فِي مَعْنَى «اللَّهِ» : إِنَّهُ الْإِلَهُ , وَهَذَا أَكْبَرُ الْأَسْمَاءِ وَأَجْمَعُهَا لِلْمَعَانِي , وَالْأَشْبَهُ أَنَّهُ كَأَسْمَاءِ الْأَعْلَامِ مَوْضُوعٌ غَيْرُ مُشْتَقٍّ , وَمَعْنَاهُ الْقَدِيمُ التَّامُّ الْقُدْرَةِ , فَإِنَّهُ إِذَا كَانَ سَابِقًا لِعَامَّةِ الْمَوْجُودَاتِ كَانَ وُجُودُهَا بِهِ , وَإِذَا كَانَ تَامَّ الْقُدْرَةِ أَوْجَدَ الْمَعْدُومَ , وَصَرَفَ مَا يُوجِدُهِ عَلَى مَا يُرِيدُهُ , فَاخْتَصَّ لِذَلِكَ بِاسْمِ الْإِلَهِ , وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ أَنْ يُسَمَّى بِهَذَا الِاسْمِ أَحَدٌ سِوَاهُ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ , قَالَ: وَمَنْ قَالَ الْإِلَهِ هُوَ الْمُسْتَحِقُّ لِلْعِبَادَةِ , فَقَدْ رَجَعَ قَوْلُهُ إِلَى أَنَّ الْإِلَهَ إِذَا كَانَ هُوَ الْقَدِيمُ التَّامُّ الْقُدْرَةِ كَانَ كُلُّ مَوْجُودٍ سِوَاهُ صَنِيعًا لَهُ , وَالْمَصْنُوعُ إِذَا عُلِمَ صَانِعُهُ كَانَ حَقًّا عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَخْذِيَ لَهُ بِالطَّاعَةِ وَيَذِلُّ لَهُ بِالْعُبُودِيَّةِ , لَا أَنَّ هَذَا الْمَعْنَى بِتَفْسِيرِ هَذَا الِاسْمِ قُلْتُ: وَهَذَا الِاسْتِحْقَاقُ لَا يُوجِبُ عَلَى تَارِكِهِ إِثْمًا وَلَا عِقَابًا مَا لَمْ يُؤْمَرْ بِهِ , قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الإسراء: 15] , وَالْمَعْنَى الْأَوَّلُ أَصَحُّ قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِيمَا أُخْبِرْتُ عَنْهُ اخْتَلَفَ النَّاسُ , هَلْ هُوَ اسْمٌ مَوْضُوعٌ أَوْ مُشْتَقٌّ؟ فَرُوِيَ [ص: 58] فِيهِ عَنِ الْخَلِيلِ رِوَايَتَانِ إِحْدَاهُمَا أَنَّهُ اسْمُ عَلَمٍ لَيْسَ بِمُشْتَقٍّ , فَلَا يَجُوزُ حَذْفُ الْأَلْفِ أَوِ اللَّامِ مِنْهُ , كَمَا يَجُوزُ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ , وَرَوَى عَنْهُ سِيبَوَيْهِ أَنَّهُ اسْمٌ مُشْتَقٌّ , فَكَانَ فِي الْأَصْلِ إِلَاهٌ مِثْلَ فِعَالٍ , فَأَدْخَلَ الْأَلِفَ وَاللَّامَ بَدَلًا مِنَ الْهَمْزَةِ وَقَالَ غَيْرُهُ: أَصْلُهُ فِي الْكَلَامِ إِلَهٌ وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنْ أَلَهَ الرَّجُلُ يَأْلَهُ إِلَيْهِ إِذَا فَزِعَ إِلَيْهِ مِنْ أَمَرٍ نَزَلَ بِهِ , فَآلَهَهُ أَيْ أَجَارَهُ وَآمَنَهُ , فَسُمِّيَ إِلَاهًا كَمَا يُسَمَّى الرَّجُلُ إِمَامًا إِذَا أَمَّ النَّاسَ فَأْتَمُّوا بِهِ , ثُمَّ إِنَّهُ لَمَّا كَانَ اسْمًا لِعَظِيمٍ {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: 11] أَرَادُوا تَفْخِيمَهُ بِالتَّعْرِيفِ الَّذِي هُوَ الْأَلِفُ وَاللَّامُ , لِأَنَّهُمْ أَفْرَدُوهُ بِهَذَا الِاسْمِ دُونَ غَيْرِهِ فَقَالُوا: الْإِلَهُ , وَاسْتَثْقَلُوا الْهَمْزَةَ فِي كَلِمَةٍ يَكْثُرُ اسْتِعْمَالُهُمْ إِيَّاهَا , وَلِلْهَمْزَةِ فِي وَسَطِ الْكَلَامِ ضَغْطَةٌ شَدِيدَةٌ , فَحَذَفُوهَا فَصَارَ الِاسْمُ كَمَا نَزَلَ بِهِ الْقُرْآنُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَصْلُهُ وَلَّاهُ فَأُبْدِلَتِ الْوَاوُ هُمَزَةً فَقِيلَ: إِلَهٌ كَمَا قَالُوا: وِسَادَةٌ وَإِسَادَةٌ , وَوِشَاحٌ وَإِشَاحٌ وَاشْتُقَّ مِنَ الْوَلَهِ لِأَنَّ قُلُوبَ الْعِبَادِ تُولَهُ نَحْوَهُ , كَقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: {ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ} [النحل: 53] وَكَانَ الْقِيَاسُ أَنْ يُقَالَ: مَأْلُوهٌ كَمَا قِيلَ: مَعْبُودٌ إِلَّا أَنَّهُمْ خَالَفُوا بِهِ الْبِنَاءَ لِيَكُونَ اسْمًا عَلَمًا , فَقَالُوا: إِلَهٌ كَمَا قِيلَ لِلْمَكْتُوبِ كِتَابٌ , وَلِلْمَحْسُوبِ حِسَابٌ , وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَصْلُهُ مِنْ أَلَهَ الرَّجُلُ يَأْلَهُ إِذَا تَحَيَّرَ , وَذَلِكَ لِأَنَّ الْقُلُوبَ تَأْلَهُ عِنْدَ التَّفَكُّرِ فِي عَظَمَةِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى , أَيْ تَتَحَيَّرُ وَتَعْجَزُ عَنْ بُلُوغِ كُنْهِ جَلَالِهِ , وَحَكَى بَعْضُ أَهْلِ اللُّغَةِ أَنَّهُ مِنْ أَلَهَ يَأْلَهُ إِلَاهَةً بِمَعْنَى عَبْدَ يَعْبُدُ عِبَادَةً وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ {وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ} [الأعراف: 127] أَيْ عِبَادَتَكَ , قَالَ: وَالتَّأَلُّهُ التَّعَبُّدُ , فَمَعْنَى الْإِلَهِ: الْمَعْبُودُ , وَقَوْلُ الْمُوَحِّدِينَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مَعْنَاهُ لَا مَعْبُودَ غَيْرُ اللَّهِ , وَإِلَّا فِي الْكَلِمَةِ بِمَعْنَى غَيْرٍ لَا بِمَعْنَى الِاسْتِثْنَاءِ وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْأَصْلَ فِيهِ الْهَاءُ الَّتِي هِيَ الْكِنَايَةُ عَنِ الْغَائِبِ , وَذَلِكَ لِأَنَّهُمْ أَثْبَتُوهُ مَوْجُودًا فِي فِطَرِ عُقُولِهِمْ , فَأَشَارُوا إِلَيْهِ بِحَرْفِ الْكِنَايَةِ , ثُمَّ زِيدَتْ فِيهِ لَامُ الْمُلْكِ , إِذْ قَدْ عَلِمُوا أَنَّهُ خَالِقُ الْأَشْيَاءِ وَمَالِكُهَا , فَصَارَ «لَهُ» ثُمَّ زِيدَتِ الْأَلِفُ وَاللَّامُ تَعْظِيمًا , وَفَخَّمُوهَا تَوْكِيدًا لِهَذَا الْمَعْنَى , وَمِنْهُمْ مَنْ أَجْرَاهُ عَلَى الْأَصْلِ [ص: 59] بِلَا تَفْخِيمٍ , فَهَذِهِ مَقَالَاتُ أَصْحَابِ الْعَرَبِيَّةِ وَالنَّحْوِ فِي هَذَا الِاسْمِ , وَأَحَبُّ هَذِهِ الْأَقَاوِيلِ إِلَيَّ قَوْلُ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّهُ اسْمُ عَلَمٍ , وَلَيْسَ بِمُشْتَقٍّ كَسَائِرِ الْأَسْمَاءِ الْمُشْتَقَّةِ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْأَلِفَ وَاللَّامَ مِنْ بِنْيَةِ هَذَا الِاسْمِ وَلَمْ تَدْخُلَا لِلتَّعْرِيفِ دُخُولَ حَرْفِ النِّدَاءِ عَلَيْهِ كَقَوْلِكَ يَا أَللَّهُ , وَحُرُوفُ النِّدَاءِ لَا تَجْتَمِعْ مَعَ الْأَلِفِ وَاللَّامِ لِلتَّعْرِيفِ , أَلَا تَرَى أَنَّكَ لَا تَقُولُ: يَا الرَّحْمَنُ وَيَا الرَّحِيمُ كَمَا تَقُولُ يَا أَللَّهُ , فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ مِنْ بِنْيَةِ الِاسْمِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَمِنْهَا «الْحَيُّ» قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} [غافر: 65] وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي خَبَرِ الْأَسَامِي الحديث: 26 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 56 27 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بِشْرَانِ بِبَغْدَادَ أنا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْمِصْرِيُّ , ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ , حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِي سَلَمَةَ , حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَلَاءِ بْنِ زَبْرٍ , قَالَ: سَمِعْتُ الْقَاسِمَ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ , يَقُولُ: إِنَّ اسْمَ اللَّهِ الْأَعْظَمِ لَفِي سُوَرٍ مِنَ الْقُرْآنِ ثَلَاثٍ: الْبَقَرَةِ , وَآلِ عِمْرَانَ , وَطه , فَقَالَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: عِيسَى بْنُ مُوسَى لِابْنِ زَبْرٍ , وَأَنَا أَسْمَعُ: يَا أَبَا زَبْرٍ سَمِعْتُ غَيْلَانَ بْنَ أَنَسٍ [ص: 60] يُحَدِّثُ قَالَ: سَمِعْتُ الْقَاسِمَ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: " إِنَّ اسْمَ اللَّهِ الْأَعْظَمِ لَفِي سُوَرٍ مِنَ الْقُرْآنِ ثَلَاثٍ: الْبَقَرَةِ , [ص: 61] وَآلِ عِمْرَانَ , وَطه " , قَالَ أَبُو حَفْصٍ , عَمْرُو بْنُ أَبِي سَلَمَةَ: فَنَظَرْتُ أَنَا فِي هَذِهِ السُّوَرِ فَرَأَيْتُ فِيهَا شَيْئًا لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْقُرْآنِ مِثْلُهُ آيَةُ الْكُرْسِي {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [البقرة: 255] , وَفِي آلِ عِمْرَانَ {الم اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [آل عمران: 2] , وَفِي طه {وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ} [طه: 111] الحديث: 27 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 59 28 - أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ , أنا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ أنا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفِرْيَابِيُّ , ثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ , قَالَ: حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ , عَنْ حَفْصِ ابْنِ أَخِي , أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , قَالَ: كُنْتُ مَعَ [ص: 62] رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسًا فِي الْحَلَقَةٍ وَرَجُلٌ قَائِمٌ يُصَلِّي , فَلَمَّا رَكَعَ وَسَجَدَ تَشَهَّدَ وَدَعَا، فَقَالَ فِي دُعَائِهِ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكُ بِأَنَّ لَكَ الْحَمْدَ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ الْمَنَّانُ بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ , يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ , يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ , إِنِّي أَسْأَلُكُ. . .» فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَقَدْ دَعَا اللَّهَ بِاسْمِهِ الْعَظِيمِ , الَّذِي إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ , وَإِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى» وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ فِي كِتَابِ السُّنَنِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الْحَلَبِيِّ عَنْ خَلَفِ بْنِ خَلِيفَةَ [ص: 63] قَالَ الْحَلِيمِيُّ: وَإِنَّمَا يُقَالُ ذَلِكَ لِأَنَّ الْفِعْلَ عَلَى سَبِيلِ الِاخْتِيَارِ لَا يُوجَدُ إِلَّا مِنْ حَيٍّ , وَأَفْعَالُ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ كُلُّهَا صَادِرَةٌ عَنْهُ بِاخْتِيَارِهِ , فَإِذَا أَثْبَتْنَاهَا لَهُ فَقَدْ أَثْبَتْنَا أَنَّهُ حَيٌّ , قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: الْحَيُّ فِي صِفَةِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ هُوَ الَّذِي لَمْ يَزَلْ مَوْجُودًا وَبِالْحَيَاةِ مَوْصُوفًا , لَمْ تَحْدُثْ لَهُ الْحَيَاةُ بَعْدَ مَوْتٍ , وَلَا يَعْتَرِضُهُ الْمَوْتُ بَعْدَ الْحَيَاةِ , وَسَائِرُ الْأَحْيَاءِ يَعْتَوِرُهُمُ الْمَوْتُ وَالْعَدَمُ فِي أَحَدِ طَرَفَيِ الْحَيَاةِ أَوْ فِيهِمَا مَعًا {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} [القصص: 88] وَمِنْهَا «الْعَالِمُ» قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ} [الأنعام: 73] الحديث: 28 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 61 29 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْمُقْرِئ أنا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ , ثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ , ثَنَا عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ , نا شُعْبَةُ , عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ , عَنْ عَمْرِو بْنِ عَاصِمٍ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: [ص: 64] يَا رَسُولَ اللَّهِ مُرْنِي بِشَيْءٍ أَقُولُهُ إِذَا أَصْبَحْتُ وَإِذَا أَمْسَيْتُ , قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قُلِ اللَّهُمَّ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّ كُلِّ شَيْءٍ وَمَلِيكَهُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ نَفْسِي وَمَنْ شَرِّ الشَّيْطَانِ وَشِرْكِهِ» , قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قُلْ إِذَا أَصْبَحْتَ وَإِذَا أَمْسَيْتَ وَإِذَا أَخَذْتَ مَضْجِعَكَ» قَالَ الْحَلِيمِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي مَعْنَى «الْعَالِمِ» : إِنَّهُ مُدْرِكُ الْأَشْيَاءِ عَلَى مَا هِيَ بِهِ , وَإِنَّمَا وَجَبَ أَنْ يُوصَفَ الْقَدِيمَ عَزَّ اسْمُهُ بِالْعَالِمِ لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ أَنَّ مَا عَدَاهُ مِنَ الْمَوْجُودَاتِ فِعْلٌ لَهُ وَأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ فِعْلٌ إِلَّا بِاخْتِيَارٍ وَإِرَادَةٍ وَالْفِعْلُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَا يَظْهَرُ إِلَّا مِنْ عَالِمٍ كَمَا لاَ يَظْهَرُ إِلَّا مِنْ حَيٍّ , وَمِنْهَا «الْقَادِرُ» قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} [القيامة: 40] وَقَالَ: {بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [الأحقاف: 33] الحديث: 29 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 63 30 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْمَحْبُوبِيُّ , ثنا سَعِيدُ بْنُ مَسْعُودٍ , ثنا يَزِيدُ بنُ هَارُونَ , أنا يَزِيدُ بْنُ عِيَاضٍ , عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ , عَنْ أَبِي الْيَسَعِ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا قَرَأَ: {أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} [القيامة: 40] , قَالَ: «بَلَى» , وَإِذَا قَرَأَ: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ} [التين: 8] قَالَ: «بَلَى» هَكَذَا رَوَاهُ يَزِيدُ بْنُ عِيَاضٍ وَرَوَاهُ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ [ص: 65] أُمَيَّةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَعْرَابِيًّا يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ قَرَأَ {أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} [القيامة: 40] فَلْيَقُلْ: بَلَى " [ص: 66] 31 - أَخْبَرَنَاه أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ , أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ , ثنا أَبُو دَاوُدَ , قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ , ثنا سُفْيَانُ , فَذَكَرَهُ , وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا الِاسْمَ فِي خَبَرِ الْأَسَامِي قَالَ الْحَلِيمِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَهَذَا عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ لَا يُعْجِزُهُ شَيْءٌ , بَلْ يُسْتَتَبُّ لَهُ مَا يُرِيدُ عَلَى مَا يُرِيدُ , لِأَنَّ أَفْعَالَهُ قَدْ ظَهَرَتْ , وَلَا يَظْهَرُ الْفِعْلُ اخْتِيَارًا: إِلَّا مِنْ قَادِرٍ غَيْرِ عَاجِزٍ كَمَا لَا يَظْهَرُ إِلَّا مِنْ حَيٍّ عَالِمٍ وَمِنْهَا «الْحَكِيمُ» قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [النساء: 26] وَقَالَ: {الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [البقرة: 129] وَرُوِّينَاهُ فِي خَبَرِ الْأَسَامِي الحديث: 30 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 64 32 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , وَأَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الْمُزَكِّي قَالَا: أنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الشَّيْبَانِيُّ أنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ , أنا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ , أنا مُوسَى الْجُهَنِيُّ , عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ: [ص: 67] جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ: عَلِّمْنِي كَلَامًا أَقُولُهُ: قَالَ: «قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ» , قَالَ: هَذَا لِرَبِّي فَمَا لِي؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قُلِ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي وَاهْدِنِي وَعَافِنِي وَارْزُقْنِي» أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ وَجْهَيْنِ آخَرِينَ عَنْ مُوسَى الْجُهَنِيِّ قَالَ الْحَلِيمِيُّ فِي مَعْنَى الْحَكِيمِ: الَّذِي لَا يَقُولُ وَلَا يَفْعَلُ إِلَّا الصَّوَابُ , وَإِنَّمَا يَنْبَغِي أَنْ يُوصَفَ بِذَلِكَ لِأَنَّ أَفْعَالَهُ سَدِيدَةٌ , وَصُنْعَهُ مُتْقَنٌ , وَلَا يَظْهَرُ الْفِعْلُ الْمُتْقَنُ السَّدِيدُ إِلَّا مِنْ حَكِيمٍ , كَمَا لَا يَظْهَرُ الْفِعْلُ عَلَى وَجْهِ الِاخْتِيَارِ إِلَّا مِنْ حَيٍّ عَالِمٍ قَدِيرٍ , قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: الْحَكِيمُ هُوَ الْمُحْكِمُ لِخَلْقِ الْأَشْيَاءِ صُرِّفَ عَنْ مِفْعَلٍ إِلَى فَعِيلٍ , وَمَعْنَى الْإِحْكَامِ لِخَلْقِ الْأَشْيَاءِ إِنَّمَا يَنْصَرِفُ إِلَى إِتْقَانِ التَّدْبِيرِ فِيهَا , وَحُسْنِ التَّقْدِيرِ لَهَا , إِذْ لَيْسَ كُلُّ الْخَلِيقَةِ مَوْصُوفًا بِوَثَاقَةِ الْبِنْيَةِ وَشِدَّةِ الْأَسْرِ كَالْبَقَّةِ وَالنَّمْلَةِ , وَمَا أَشْبَهَهُمَا مِنْ ضِعَافِ الْخَلْقِ , إِلَّا أَنَّ التَّدْبِيرَ فِيهِمَا وَالدَّلَالَةُ بِهِمَا عَلَى وُجُودِ الصَّانِعِ وَإِثْبَاتِهِ , لَيْسَ بِدُونِ الدَّلَالَةِ عَلَيْهِ بِخَلْقِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ , وَسَائِرِ مَعَاظِمِ الْخَلِيقَةِ , وَكَذَلِكَ هَذَا فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ} [السجدة: 7] , لَمْ تَقَعِ الْإِشَارَةُ بِهِ إِلَى الْحُسْنِ الرَّائِقِ فِي الْمَنْظَرِ , فَإِنَّ هَذَا الْمَعْنَى مَعْدُومٌ فِي الْقِرْدِ وَالْخِنْزِيرِ وَالدُّبِّ وَأَشْكَالِهَا مِنَ الْحَيَوَانِ , وَإِنَّمَا يَنْصَرِفُ الْمَعْنَى فِيهِ إِلَى حُسْنِ التَّدْبِيرِ فِي إِنْشَاءِ كُلِّ خَلْقٍ مِنْ خَلْقِهِ عَلَى مَا أَحَبَّ أَنْ يُنْشِئَهٌ عَلَيْهِ , وَإِبْرَازِهِ عَلَى الْهَيْئَةِ الَّتِي أَرَادَ أَنْ يُهَيِّئَهُ عَلَيْهَا كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا} [الفرقان: 2] وَمِنْهَا «السَّيِّدُ» وَهَذَا اسْمٌ لَمْ يَأْتِ بِهِ الْكِتَابُ وَلَكِنَّهُ مَاثُورٌ عَنِ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الحديث: 32 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 66 33 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ , قَالَ: نا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ , ثنا أَبُو دَاوُدَ , ثنا مُسَدَّدٌ ثنا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ , أنا أَبُو مَسْلَمَةَ , سَعِيدُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ , عَنْ مُطَرِّفٍ , وَهُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ الشِّخِّيرِ , قَالَ: قَالَ أَبِي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: انْطَلَقْتُ فِي وَفْدِ بَنِي عَامِرٍ [ص: 69] إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْنَا: أَنْتَ سَيِّدُنَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «السَّيِّدُ اللَّهُ» قُلْنَا: فَأَفْضَلُنَا فَضْلًا وَأَعْظَمُنَا طَوْلًا فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قُولُوا بِقَوْلِكُمْ أَوْ بِبَعْضِ قَوْلِكُمْ , وَلَا يَسْتَجْرِيَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ» قَالَ الْحَلِيمِيُّ: وَمَعْنَاهُ الْمُحْتَاجُ إِلَيْهِ بِالْإِطْلَاقِ فَإِنَّ سَيِّدَ النَّاسِ إِنَّمَا هُوَ رَأْسُهُمُ الَّذِي إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ , وَبِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ , وَعَنْ رَأْيِهِ يَصْدُرُونَ وَمِنْ قَوْلِهِ يَسْتَهْدُونُ , فَإِذَا كَانَتِ الْمَلَائِكَةُ وَالْإِنْسُ وَالْجِنُّ خَلْقًا لِلْبَارِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ وَلَمْ يَكُنْ بِهِمْ غِنْيَةٌ عَنْهُ فِي بَدْءِ أَمْرِهِمْ وَهُوَ الْوُجُودُ , إِذْ لَوْ لَمْ يُوجِدْهُمْ لَمْ يُوجَدُوا , وَلَا فِي الْإِبْقَاءِ بَعْدَ الْإِيجَادِ , وَلَا فِي الْعَوَارِضِ الْعَارِضَةِ أَثْنَاءَ الْبَقَاءِ , كَانَ حَقًّا لَهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنْ يَكُونَ سَيِّدًا , وَكَانَ حَقًا عَلَيْهِمْ أَنْ يَدْعُوهُ بِهَذَا الِاسْمِ. وَمِنْهَا «الْجَلِيلُ» وَذَلِكَ مِمَّا وَرَدَ بِهِ الْأَثَرُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خَبَرِ الْأَسَامِي وَفِي الْكِتَابِ {ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} [الرحمن: 27] وَمَعْنَاهُ الْمُسْتَحِقُّ لِلْأَمْرِ وَالنَّهْيِ , فَإِنَّ [ص: 70] جَلَالَ الْوَاحِدِ فِيمَا بَيْنَ النَّاسِ إِنَّمَا يَظْهَرُ بِأَنْ يَكُونَ لَهُ عَلَى غَيْرِهِ أَمْرٌ نَافِذٌ لَا يَجِدُ مِنْ طَاعَتِهِ فِيهِ بُدًّا , فَإِذَا كَانَ مِنْ حَقِّ الْبَارِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَلَى مَنْ أَبْدَعَهُ أَنْ يَكُونَ أَمْرُهُ عَلَيْهِ نَافِذًا , وَطَاعَتُهُ لَهُ لَازِمَةً , وَجَبَ لَهُ اسْمُ الْجَلِيلِ حَقًّا , وَكَانَ لِمَنْ عَرَفَهُ أَنْ يَدْعُوهُ بِهَذَا الِاسْمِ , وَبِمَا يَجْرِي مَجْرَاهُ , وَيُؤَدِّي مَعْنَاهُ قَالَ أَبُو سُلَيْمَانِ: هُوَ مِنَ الْجَلَالِ وَالْعَظَمَةِ , وَمَعْنَاهُ مُنْصَرِفٌ إِلَى جَلَالِ الْقَدْرِ , وَعِظَمِ الشَّأْنِ , فَهُوَ الْجَلِيلُ الَّذِي يَصْغُرُ دُونَهُ كُلُّ جَلِيلٍ , وَيَتَّضِعُ مَعَهُ كُلُّ رَفِيعٍ. وَمِنْهَا «الْبَدِيعُ» قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [البقرة: 117] وَقَدْ رُوِّينَاهُ فِي خَبَرِ الْأَسَامِي الحديث: 33 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 68 34 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ , ثنا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ , ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ , قَالَ: أَخْبَرَنِي عِيَاضُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْفِهْرِيُّ , عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُبَيْدٍ , عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكُ بِأَنَّ لَكَ الْحَمْدُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ الْمَنَّانُ بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرِضِ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ , أَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ , فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَقَدْ كَادَ يَدْعُو اللَّهَ بِاسْمِهِ الَّذِي إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ , وَإِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى» تَابَعَهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ مَوْلَى آلِ رِفَاعَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ الْحَلِيمِيُّ فِي مَعْنَى «الْبَدِيعِ» : إِنَّهُ الْمُبْدِعُ وَهُوَ مُحْدِثُ مَا لَمْ يَكُنْ مِثْلَهُ قَطُّ , قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [البقرة: 117] أَيْ مُبْدِعُهُمَا وَالْمُبْدِعُ مَنْ لَهُ إِبْدَاعٌ فَلَمَّا ثَبَتَ وُجُودُ الْإِبْدَاعِ مِنَ اللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ لِعَامَّةِ الْجَوَاهِرِ وَالْأَعْرَاضِ , اسْتَحَقَّ أَنْ يُسَمَّى [ص: 71] بَدِيعًا أَوْ مُبْدِعًا وَمِنْهَا " الْبَارِئُ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ} [الحشر: 24] وَقَدْ رُوِّينَاهُ فِي خَبَرِ الْأَسَامِي قَالَ الْحَلِيمِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَهَذَا الِاسْمُ يَحْتَمِلُ مَعْنَيَيْنِ أَحَدُهُمَا الْمُوجِدُ لِمَا كَانَ فِي مَعْلُومِهِ مِنْ أَصْنَافِ الْخَلَائِقِ وَهَذَا هُوَ الَّذِي يُشِيرُ إِلَيْهِ قَوْلُهُ جَلَّ وَعَزَّ: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا} [الحديد: 22] وَلَا شَكَّ أَنَّ إِثْبَاتَ الْإِبْدَاعِ وَالِاعْتِرَافَ بِهِ لِلْبَارِي جَلَّ وَعَزَّ لَيْسَ يَكُونُ عَلَى أَنَّهُ أَبْدَعَ بَغْتَةً مِنْ غَيْرِ عِلْمٍ سَبَقَ لَهُ بِمَا هُوَ مُبْدِعُهُ , لَكِنْ عَلَى أَنَّهُ كَانَ عَالِمًا بِمَا أَبْدَعَ قَبْلَ أَنْ يُبْدَعَ , فَكَمَا وَجَبَ لَهُ عِنْدَ الْإِبْدَاعِ اسْمُ الْبَدِيعِ , وَجَبَ لَهُ اسْمُ الْبَارِئُ وَالْآخَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْبَارِئِ قَالِبُ الْأَعْيَانِ , أَيْ أَنَّهُ أَبْدَعَ الْمَاءَ وَالتُّرَابَ وَالنَّارَ وَالْهَوَاءَ لَا مِنْ شَيْءٍ , ثُمَّ خَلَقَ مِنْهَا الْأَجْسَامَ الْمُخْتَلِفَةَ كَمَا قَالَ جَلَّ وَعَزَّ: {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ} [الأنبياء: 30] وَقَالَ: {إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ} [ص: 71] , وَقَالَ: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ} [الروم: 20] , وَقَالَ: {خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ} [النحل: 4] , وَقَالَ: {خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ} [الرحمن: 15] , وَقَالَ: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} [المؤمنون: 12] فَيَكُونُ هَذَا مِنْ قَوْلِهِمْ بَرَأَ الْقَوَّاسُ الْقَوْسَ إِذَا صَنَعَهَا مِنْ مَوَادِّهَا الَّتِي كَانَتْ لَهَا فَجَاءَتْ مِنْهَا لَا كَهَيْئَتِهَا , وَالِاعْتِرَافُ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِالْإِبْدَاعِ يَقْتَضِي الِاعْتِرَافَ لَهُ بِالْبَرْءِ إِذْ كَانَ الْمُعْتَرِفُ يَعْلَمُ مِنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ مَنْقُولٌ مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ , إِلَى أَنْ صَارَ مِمَّنْ يَقْدِرُ عَلَى الِاعْتِقَادِ وَالِاعْتِرَافِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَمِنْهَا «الذَّارِئُ» قَالَ الْحَلِيمِيُّ: وَمَعْنَاهُ الْمُنْشِئُ وَالْمُنَمِّي , قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ} [الشورى: 11] أَيْ جَعَلَ لَكُمْ أَزْوَاجًا ذُكُورًا وَإِنَاثًا لِيُنْشِئَكُمْ وَيُكَثِّرَكُمْ وَيُنَمِّيكُمْ , فَظَهَرَ بِذَلِكَ أَنَّ [ص: 72] الذَّرْءَ مَا قُلْنَا , وَصَارَ الِاعْتِرَافُ بِالْإِبْدَاعِ يُلْزِمُ مِنَ الِاعْتِرَافِ بِالذَّرْءِ مَا أَلْزَمَ مِنَ الِاعْتِرَافِ بِالْبَرْءِ الحديث: 34 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 70 35 - أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ , وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْفَارِسِيُّ , قَالَا: أنا أَبُو عَمْرٍو بْنُ مَطَرٍ , ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَلِيٍّ , ثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى , أنا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ , عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ , قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ خَنْبَشٍ: كَيْفَ صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ كَادَتْهُ الشَّيَاطِينُ؟ قَالَ: نَعَمْ تَحَدَّرَتِ الشَّيَاطِينُ مِنَ الْجِبَالِ وَالْأَوْدِيَةِ يُرِيدُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِيهِمْ شَيْطَانٌ مَعَهُ شُعْلَةٌ مِنْ نَارٍ يُرِيدُ أَنْ يَحْرِقَ بِهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَلَمَّا رَآهُمْ [ص: 73] رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَزِعَ مِنْهُمْ وَجَاءَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ: قُلْ يَا مُحَمَّدُ , قَالَ: «مَا أَقُولُ؟» , قَالَ: " قُلْ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ الَّتِي لَا يُجَاوِزُهُنَّ بُرٌّ وَلَا فَاجِرٌ , مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ وَبَرَأَ وَذَرَأَ , وَمِنْ شَرِّ مَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمِنْ شَرِّ مَا يَعْرُجُ فِيهَا , وَمِنْ شَرِّ مَا ذَرَأَ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا , وَمِنْ شَرِّ فِتَنِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ , وَمِنْ شَرِّ كُلِّ طَارِقٍ إِلَّا طَارِقًا يَطْرُقُ بِخَيْرٍ يَا رَحْمَنُ" قَالَ: فَطُفِئَتْ نَارُ الشَّيَاطِينِ وَهَزَمَهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَمِنْهَا «الْخَالِقُ» قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ} [فاطر: 3] , قَالَ الْحَلِيمِيُّ: وَمَعْنَاهُ الَّذِي صَنَّفَ الْمُبْدَعَاتِ , وَجَعَلَ لِكُلِّ صِنْفٍ مِنْهَا قَدْرًا فَوَجَدَ فِيهَا الصَّغِيرَ وَالْكَبِيرَ وَالطَّوِيلَ وَالْقَصِيرَ وَالْإِنْسَانَ وَالْبَهِيمَةَ وَالدَّابَّةَ وَالطَّائِرَ وَالْحَيَوَانَ وَالْمَوَاتَ , وَلَا شَكَّ فِي أَنَّ الِاعْتِرَافَ بِالْإِبْدَاعِ يَقْتَضِي الِاعْتِرَافَ بِالْخَلْقِ , إِذْ أَنَّ الْخَلْقَ هَيْئَةُ الْإِبْدَاعِ , فَلَا يُعَرَّى أَحَدُهُمَا عَنِ الْآخَرِ , وَهُوَ فِي خَبَرِ الْأَسَامِي مَذْكُورٌ الحديث: 35 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 72 36 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , ثنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّفَّارُ إِمْلَاءً ثنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَرَجِ , ثنا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ , قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ , قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ , عَنْ أَيُّوبَ بْنِ خَالِدٍ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَافِعٍ , مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:: أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِي [ص: 74] فَقَالَ: «خَلَقَ اللَّهُ التُّرْبَةَ يَوْمَ السَّبْتِ وَخَلَقَ الْجِبَالَ يَوْمَ الْأَحَدِ وَخَلَقَ الشَّجَرَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَخَلَقَ الْمَكْرُوهَ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ وَخَلَقَ النُّورَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ وَبَثَّ فِيهَا الدَّوَابَّ يَوْمَ الْخَمِيسِ وَخَلَقَ آدَمَ بَعْدَ الْعَصْرِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ آخِرَ الْخَلْقِ فِي آخِرِ سَاعَةٍ مِنْ سَاعَاتِ الْجُمُعَةِ فِيمَا بَيْنَ الْعَصْرِ إِلَى اللَّيْلِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ شُرَيْحِ بْنِ يُونُسَ وَهَارُونَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ حَجَّاجِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَمِنْهَا» الْخَلَّاقُ " قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ} [يس: 81] وَمَعْنَاهُ الْخَالِقُ خَلْقًا بَعْدَ خَلْقٍ وَمِنْهَا «الصَّانِعُ» وَمَعْنَاهُ الْمُرَكِّبُ وَالْمُهَيِّئُ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ} [النمل: 88] وَقَدْ يَكُونُ الصَّانِعُ الْفَاعِلُ , فَيَدْخُلُ فِيهِ الِاخْتِرَاعُ وَالتَّرْكِيبُ مَعًا الحديث: 36 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 73 37 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ , بِبَغْدَادَ , أنا أَبُو أَحْمَدَ حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَبَّاسِ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ غَالِبٍ , ثنا الْقَعْنَبِي , ثنا مَرْوَانُ الْفَزَارِيُّ , عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ , عَنْ [ص: 75] رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشِ , عَنْ حُذَيْفَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ صَنَعَ كُلَّ صَانِعٍ وَصَنْعَتِهِ» وَمِنْهَا «الْفَاطِرُ» قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ الْأَرْضِ} وَذَكَرْنَاهُ فِي خَبَرِ الْأَسَامِي فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْحُصَيْنِ الحديث: 37 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 74 38 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ إِسْحَاقَ , أنا أَحْمَدُ بْنُ سلْمَانَ , قَالَ: قُرِئَ عَلَى يَحْيَى بْنِ جَعْفَرٍ وَأَنَا أَسْمَعُ , ثنا يَحْيَى بْنُ السَّكَنِ , ثنا شُعْبَةُ , عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ , عَنْ عَمْرِو بْنِ عَاصِمٍ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلِّمْنِي شَيْئًا أَقُولُهُ إِذَا أَصْبَحْتُ وَإِذَا أَمْسَيْتُ , قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " قُلِ: اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ [ص: 76] وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ رَبَّ كُلِّ شَيْءٍ وَمَلِيكَهُ , أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ , أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ نَفْسِي وَشَرِّ الشَّيْطَانِ وَشِرْكِهِ قُلْهُ إِذَا أَصْبَحْتَ وَإِذَا أَمْسَيْتَ وَإِذَا أَخَذْتَ مَضْجِعَكَ " قَالَ الْحَلِيمِيُّ فِي مَعْنَى الْفَاطِرِ: إنَّهُ فَاتِقِ الْمُرْتَتَقِ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {أَوَ لَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا} فَقَدْ يَكُونُ الْمَعْنَى كَانَتِ السَّمَاءُ دُخَانًا فَسَوَّاهَا: {وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا} [النازعات: 29] , وَكَانَتِ الْأَرْضُ غَيْرَ مَدْحُوَّةٍ فَدَحَاهَا , {أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا} [النازعات: 31] , وَمَنْ قَالَ هَذَا قَالَ: {أَوَ لَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا} , مَعْنَاهُ أَوَ لَمْ يَعْلَمُوا وَقَدْ يَكُونُ الْمَعْنَى مَا رُوِيَ فِي بَعْضِ الْآثَارِ: فَتَقْنَا السَّمَاءَ بِالْمَطَرِ وَالْأَرْضَ بِالنَّبَاتِ الحديث: 38 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 75 39 - أَخْبَرَنَاه أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ بَالَوَيْهِ , ثنا بِشْرُ بْنُ مُوسَى الْأَسَدِيُّ , ثنا خَلَّادُ بْنُ يَحْيَى , ثنا سُفْيَانُ , عَنْ طَلْحَةَ , عَنْ عَطَاءٍ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , فِي قَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {أَوَ لَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا} فَفَتَقْنَاهُمَا , قَالَ: فُتِقَتِ السَّمَاءُ بِالْغَيْثِ , وَفُتِقَتِ الْأَرْضُ بِالنَّبَاتِ، قَالَ الْحَلِيمِيُّ: وَالْإِقْرَارُ بِالْإِبْدَاعِ يَأْتِي عَلَى هَذَا الْمَعْنَى وَيَقْتَضِيهِ وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: الْفَاطِرُ هُوَ الَّذِي فَطَرَ الْخَلْقَ أَيِ ابْتَدَأَ خَلَقَهُمْ كَقَوْلِهِ: {فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنَا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ} [الإسراء: 51] وَمِنْ هَذَا قَوْلُهُمْ: فَطَرَ نَابُ الْبَعِيرِ , وَهُوَ أَوَّلُ مَا يَطْلُعُ الحديث: 39 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 77 وَ‍ 40 - أُخْبِرْتُ عَنْ أَبِي سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيِّ , قَالَ: أَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ , ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدَانَ , قَالَ: قَالَ أَبُو رَوْقٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: لَمْ أَكُنْ أَعْلَمُ مَعْنَى فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ حَتَّى اخْتَصَمَ أَعْرَابِيَّانِ فِي بِئْرٍ فَقَالَ أَحَدُهُمَا: أَنَا فَطَرْتُهَا , يُرِيدُ اسْتَحْدَثْتُ حَفْرَهَا وَمِنْهَا «الْبَادِئُ» قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ} [الروم: 27] وَهُوَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْحُصَيْنِ: قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ فِيمَا أُخْبِرْتُ عَنْهُ مَعْنَاهُ الْمُبْدِئُ يُقَالُ: بَدَأَ وَأَبْدَأَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ , وَهُوَ الَّذِي ابْتَدَأَ الْأَشْيَاءَ مُخْتَرِعًا لَهَا عَنْ غَيْرِ أَصْلٍ [ص: 79] وَمِنْهَا «الْمُصَوِّرُ» قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ} [الحشر: 24] وَرُوِّينَاهُ فِي خَبَرِ الْأَسَامِي قَالَ الْحَلِيمِيُّ: مَعْنَاهُ الْمُهَيِّئُ لِمَنَاظِرِ الْأَشْيَاءِ عَلَى مَا أَرَادَهُ مِنْ تَشَابُهٍ أَوْ تَخَالُفٍ , وَالِاعْتِرَافُ بِالْإِبْدَاعِ يَقْتَضِي الِاعْتِرَافَ بِمَا هُوَ مِنْ لَوَاحِقِهِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ: الْمُصَوِّرُ الَّذِي أَنْشَأَ خَلْقَهُ عَلَى صُوَرٍ مُخْتَلِفَةٍ لِيَتَعَارَفُوا بِهَا , وَمَعْنَى التَّصْوِيرِ التَّخْطِيطُ وَالتَّشْكِيلُ , وَخَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْإِنْسَانَ فِي أَرْحَامِ الْأُمَّهَاتِ ثَلَاثَ خَلْقٍ يُعْرَفُ بِهَا وَيَتَمَيَّزُ عَنْ غَيْرِهِ بِسِمَتِهَا , جَعَلَهُ عَلَقَةً , ثُمَّ مُضْغَةً , ثُمَّ جَعَلَهُ صُورَةً , وَهُوَ التَّشْكِيلُ الَّذِي يَكُونُ بِهِ ذَا صُورَةٍ وَهَيْئَةٍ: {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} [المؤمنون: 14] الحديث: 40 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 78 41 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ , بِبَغْدَادَ , أنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ , ثنا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيُّ , ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ , أنا مَعْمَرٌ , عَنِ الزُّهْرِيِّ , قَالَ: أَخْبَرَنِي الْقَاسِمُ بْنُ [ص: 80] مُحَمَّدٍ , أَنَّ عَائِشَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَخْبَرَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَيْهَا وَهِيَ مُسْتَتِرَةٌ بِقِرَامٍ فِيهِ صُورَةُ تَمَاثِيلَ , فَتَلَوَّنَ وَجْهُهُ ثُمَّ أَهْوَى إِلَى الْقِرَامِ فَهَتَكَهُ بِيَدِهِ , ثُمَّ قَالَ: " إِنَّ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ الَّذِينَ يُشَبِّهُونَ بِخُلُقِ اللَّهِ تَعَالَى رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ , وَعَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ الزُّهْرِيِّ الحديث: 41 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 79 42 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَدِيبُ , أنا أَبُو بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلِيُّ , أنا أَبُو يَعْلَى , ثنا أَبُو خَيْثَمَةَ , ثنا جَرِيرٌ , عَنْ عُمَارَةَ , عَنْ أَبِي زُرْعَةَ , قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا وَأَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ دَارًا تُبْنَى بِالْمَدِينَةِ لِسَعِيدٍ يَعْنِي ابْنَ الْعَاصِ أَوْ لِمَرْوَانَ قَالَ: فَتَوَضَّأَ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَغَسَلَ يَدَيْهِ حَتَّى بَلَغَ إِبْطَيْهِ وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ حَتَّى بَلَغَ رُكْبَتَيْهِ فَقُلْتُ: مَا هَذَا يَا أَبَا هُرَيْرَةَ؟ قَالَ: إِنَّهُ مُنْتَهَى الْحِلْيَةِ قَالَ: فَرَأَى مُصَوِّرًا يُصَوِّرُ فِي الدَّارِ , فَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذَهَبَ يَخْلُقُ كَخَلْقِي [ص: 81] فَلْيَخْلُقُوا حَبَّةً وَلْيَخْلُقُوا ذَرَّةً وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي خَيْثَمَةَ , وَأَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ فُضَيْلٍ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ وَمِنْهَا «الْمُقْتَدِرُ» قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ} [القمر: 42] وَهُوَ فِي خَبَرِ الْأَسَامِي قَالَ الْحَلِيمِيُّ: الْمُقْتَدِرُ الْمُظْهِرُ قُدْرَتَهُ بِفِعْلِ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَقَدْ كَانَ ذَلِكَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى فِيمَا أَمْضَاهُ وَإِنْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى أَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ لَمْ يَفْعَلْهَا , وَلَوْ شَاءَ لَفَعَلَهَا , فَاسْتَحَقَّ بِذَلِكَ أَنْ يُسَمَّى مُقْتَدِرًا , وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: الْمُقْتَدِرُ هُوَ التَّامُّ الْقُدْرَةِ الَّذِي لَا يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَلَا يَحْتَجِزُ عَنْهُ بِمَنْعَةٍ وَقُوَّةٍ , وَوَزْنُهُ مُفْتَعِلٌ مِنَ الْقُدْرَةِ إِلَّا أَنَّ الِاقْتِدَارَ أَبْلَغُ وَأَعْلَمُ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي الْإِطْلَاقَ , وَالْقُدْرَةُ قَدْ يَدْخُلُهَا نَوْعٌ مِنَ التَّضْمِينِ بِالْمَقْدُورِ عَلَيْهِ وَمِنْهَا «الْمَلِكُ وَالْمَلِيكُ فِي مَعْنَاهُ» قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ} [طه: 114] وَقَالَ: {عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ} [القمر: 55] قَالَ الْحَلِيمِيُّ: وَذَلِكَ مِمَّا يَقْتَضِيهِ الْإِبْدَاعُ لِأَنَّ الْإِبْدَاعَ هُوَ إِخْرَاجُ الشَّيْءِ مِنَ الْعَدَمِ إِلَى الْوُجُودِ , فَلَا يُتَوَهَّمُ أَنْ يَكُونَ أَحَدٌ أَحَقَّ بِمَا أَبْدَعَ مِنْهُ , وَلَا أَوْلَى بِالتَّصَرُّفِ فِيهِ مِنْهُ , وَهَذَا هُوَ الْمَلِكُ , وَأَمَّا الْمَلِيكُ فَهُوَ مُسْتَحِقُّ السِّيَاسَةِ , وَذَلِكَ فِيمَا بَيْنَنَا قَدْ يَصْغُرُ وَيَكْبُرُ بِحَسَبِ قَدْرِ الْمَسُوسِ , وَقَدْرِ السَّائِسِ فِي نَفْسِهِ وَمَعَانِيهِ , وَأَمَّا مُلْكُ الْبَارِي عَزَّ اسْمُهُ فَهُوَ الَّذِي لَا يُتَوَهَّمُ مُلْكٌ يُدَانِيهِ , فَضْلًا عَنْ أَنْ يَفُوقَهُ , لِأَنَّهُ إِنَّمَا يَسْتَحِقُّهُ بِإِبْدَاعِهِ لِمَا يَسُوسُهُ , وَإِيجَادِهِ إِيَّاهُ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ , وَلَا يَخْشَى أَنْ يُنْزَعَ مِنْهُ أَوْ يُدْفَعَ عَنْهُ , فَهُوَ الْمَلِكُ حَقًّا , وَمُلْكُ مَنْ سِوَاهُ مَجَازٌ الحديث: 42 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 80 43 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أنا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ , نا حَرْمَلَةُ , ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ , أَخْبَرَنِي يُونُسُ , عَنِ ابْنِ شِهَابٍ , حَدَّثَنِي ابْنُ الْمُسَيِّبِ , أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَقْبِضُ اللَّهُ تَعَالَى الْأَرْضَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَطْوِي السَّمَاءَ بِيَمِينِهِ ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ أَيْنَ مُلُوكُ الْأَرْضِ؟ " رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ حَرْمَلَةَ , وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ الحديث: 43 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 82 44 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ , وَأَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ , وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ عُمَرَ بْنِ بُرْهَانَ , وَأَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ , قَالُوا: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ , ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ , حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ الْوَاسِطِيُّ , عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ نَافِعٍ , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمًا عَلَى هَذَا الْمِنْبَرِ يَعْنِي مِنْبَرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ [ص: 86] يَحْكِي عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَقَالَ: " إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ جَمَعَ السَّمَاوَاتِ السَّبْعَ وَالْأَرَضِينَ السَّبْعَ فِي قَبْضَةٍ , ثُمَّ يَقُولُ عَزَّ وَجَلَّ: أَنَا اللَّهُ , أَنَا الرَّحْمَنُ , أَنَا الْمَلِكُ , أَنَا الْقُدُّوسُ , أَنَا السَّلَامُ , أَنَا الْمُؤْمِنُ , أَنَا الْمُهَيْمِنُ , أَنَا الْعَزِيزُ , أَنَا الْجَبَّارُ , أَنَا الْمُتَكَبِّرُ , أَنَا الَّذِي بَدَأْتُ الدُّنْيَا وَلَمْ تَكُ شَيْئًا , أَنَا الَّذِي أَعَدْتُهَا , أَيْنَ الْمُلُوكُ؟ , أَيْنَ الْجَبَابِرَةُ؟ «وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ بُرْهَانٍ» أُعِيدُهَا " الحديث: 44 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 83 45 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ , أنا بِشْرُ بْنُ مُوسَى , ثنا الْحُمَيْدِيُّ , ثنا سُفْيَانُ , ثنا أَبُو الزِّنَادِ , عَنِ الْأَعْرَجِ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ أَخْنَعَ الْأَسْمَاءِ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ رَجُلٌ تُسَمَّى مَلِكَ الْأَمْلَاكِ» قَالَ سُفْيَانُ: «شَاهَانْ شَاهُ» قَالَ الْحُمَيْدِيُّ: أَخْنَعُ: أَرْذَلُ الحديث: 45 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 86 46 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أنا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ رَجَاءٍ , حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ , ثنا سُفْيَانُ , عَنْ أَبِي الزِّنَادِ , عَنِ الْأَعْرَجِ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ رِوَايَةً: " أَخْنَعُ اسْمٍ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى عَبْدٌ تَسَمَّى مَلِكَ الْأَمْلَاكِ , لَا مَالِكَ إِلَّا اللَّهُ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ , عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ , وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَغَيْرِهِ كُلُّهُمْ عَنْ سُفْيَانَ نَحْوَ رِوَايَةِ الْحُمَيْدِيِّ , وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ الحديث: 46 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 87 47 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ , وَأَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ , وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ بُرْهَانَ , وَأَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ , قَالُوا: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ [ص: 88] الصَّفَّارُ , حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ , ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الْأَلْهَانِيِّ , عَنْ أَبِي رَاشِدٍ الْحُبْرَانِيِّ , - بِضَمِّ الْحَاءِ - قَالَ: أَتَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَقُلْتُ: حَدِّثْنَا مِمَّا سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَأَلْقَى إِلَيَّ صَحِيفَةً، فَقَالَ: هَذَا مَا كَتَبَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ: فَنَظَرْتُ فَإِذَا فِيهَا: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلِّمْنِي مَا أَقُولُ إِذَا أَصْبَحْتُ وَإِذَا أَمْسَيْتُ فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَا أَبَا بَكْرٍ قُلِ: اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ , لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ رَبَّ كُلِّ شَيْءٍ وَمَلِيكَهُ , أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ نَفْسِي , وَمَنْ شَرِّ الشَّيْطَانِ وَشِرْكِهِ , وَأَنْ أَقْتَرِفَ عَلَى نَفْسِي سُوءًا أَوْ أَجُرَّهُ إِلَى مُسْلِمٍ " وَرُوِيَ ذَلِكَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا , وَرُوِّينَاهُ فِيمَا مَضَى مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقَوْلُهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ: هَذَا مَا كَتَبَ لِي يُرِيدُ مَا أَمَرَ بِكِتَابَتِهِ أَوْ أَمْلَاهُ , وَقَدْ رُوِّينَاهُ فِي خَبَرِ الْأَسَامِي «مَالِكُ الْمُلْكِ» قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ فِيمَا أُخْبِرْتُ عَنْهُ: مَعْنَاهُ أَنَّ الْمُلْكَ بِيَدِهِ يُؤْتِيهُ مَنْ يَشَاءُ , كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ} [آل عمران: 26] وَقَدْ يَكُونُ مَعْنَاهُ مَالِكَ الْمُلُوكِ كَمَا يُقَالُ: رَبُّ الْأَرْبَابِ , وَسَيِّدُ [ص: 89] السَّادَاتِ وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ وَارِثَ الْمُلْكِ يَوْمَ لَا يَدَّعِي الْمُلْكَ مُدَّعٍ , وَلَا يُنَازِعُهُ فِيهِ مُنَازِعٌ , كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ} [الفرقان: 26] وَمِنْهَا «الْجَبَّارُ» قَالَ الْحَلِيمِيُّ فِي قَوْلِ مَنْ يَجْعَلُهُ مِنَ الْجَبْرِ الَّذِي هُوَ نَظِيرُ الْإِكْرَاهِ لِأَنَّهُ يَدْخُلُ فِي إِحْدَاثِ الشَّيْءِ عَنْ عَدَمٍ فَإِنَّهُ إِذَا أَرَادَ وُجُودَهُ كَانَ لَمْ يَتَخَلَّفْ كَوْنُهُ عَنْ حَالِ إِرَادَتِهِ , وَلَا يُمْكِنُ فِيهِ غَيْرُ ذَلِكَ , فَيَكُونُ فِعْلُهُ لَهُ كَالْجَبْرِ , إِذِ الْجَبْرُ طَرِيقٌ إِلَى دَفْعِ الِامْتِنَاعِ عَنِ الْمُرَادِ , فَإِذَا كَانَ مَا يُرِيدُهُ الْبَارِي جَلَّ وَعَزَّ لَا يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ فَذَاكَ فِي الصُّورَةِ جَبْرٌ , وَقَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} [فصلت: 11] وَقَدْ قِيلَ فِي مَعْنَى الْجَبَّارِ غَيْرُ هَذَا , فَمَنْ أَلْحَقَهُ بِهَذَا الْبَابِ لَمْ يُمَيِّزْهُ عَنِ الْإِبْدَاعِ , وَجَعَلَ الِاعْتِرَافَ لَهُ بِأَنَّهُ بَدِيعٌ اعْتِرَافًا لَهُ بِأَنَّهُ جَبَّارٌ وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ فِيمَا أُخْبِرْتُهُ عَنْهُ: الْجَبَّارُ الَّذِي جَبَرَ الْخَلْقَ عَلَى مَا أَرَادَ مِنْ أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ , يُقَالُ: جَبَرَهُ السُّلْطَانُ وَأَجْبَرَهُ بِالْأَلْفِ وَيُقَالُ: هُوَ الَّذِي جَبَرَ مَفَاقِرَ الْخَلْقِ وَكَفَاهُمْ أَسْبَابَ الْمَعَاشِ وَالرِّزْقِ , وَيُقَالُ: بَلِ الْجَبَّارُ الْعَالِي فَوْقَ خَلْقِهِ , مِنْ قَوْلِهِمْ تَجَبَّرَ النَّبَاتُ إِذَا عَلَا الحديث: 47 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 87 48 - أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ , أنا أَبُو مَنْصُورٍ النَّضْرَوِيُّ , ثنا أَحْمَدُ بْنُ نَجْدَةَ , ثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ , ثنا أَبُو مَعْشَرٍ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ , قَالَ: «إِنَّمَا يُسَمَّى الْجَبَّارُ لِأَنَّهُ يَجْبُرُ الْخَلْقَ عَلَى مَا أَرَادَ» الحديث: 48 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 89 بَابُ جُمَّاعِ أَبْوَابِ ذِكْرِ الْأَسْمَاءِ الَّتِي تَتْبَعُ نَفْيَ التَّشْبِيهِ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى جَدُّهُ مِنْهَا «الْأَحَدُ» قَالَ الْحَلِيمِيُّ: وَهُوَ الَّذِي لَا شَبِيهَ لَهُ وَلَا نَظِيرَ , كَمَا أَنَّ الْوَاحِدَ هُوَ الَّذِي لَا شَرِيكَ لَهُ وَلَا عَدِيدَ , وَلِهَذَا سَمَّى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ نَفْسَهُ بِهَذَا الِاسْمِ , لَمَّا وَصَفَ نَفْسَهُ بِأَنَّهُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ فَكَأَنَّ قَوْلَهُ جَلَّ وَعَلَا: {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} [الإخلاص: 3] مِنْ تَفْسِيرِ قَوْلِهِ «أَحَدٌ» وَالْمَعْنَى لَمْ يَتَفَرَّعْ عَنْهُ شَيْءٌ , وَلَمْ يَتَفَرَّعْ هُوَ عَنْ شَيْءٍ كَمَا يَتَفَرَّعُ الْوَلَدُ عَنْ أَبِيهِ وَأُمِّهِ , وَيَتَفَرَّعُ عَنْهُمَا الْوَلَدُ , أَيْ فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَمَا يَدْعُوهُ الْمُشْرِكُونَ إِلَهًا مِنْ دُونِهِ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ إِلَاهًا , إِذْ كَانَتْ أَمَارَاتُ الْحُدُوثِ مِنَ التَّجَزِّي وَالتَّنَاهِي قَائِمَةً فِيهِ لَازِمَةً لَهُ , وَالْبَارِي تَعَالَى لَا يَتَجَزَّأُ وَلَا يَتَنَاهَى , فَهُوَ إِذًا غَيْرُ مُشْبِهِ إِيَّاهُ وَلَا مُشَارِكٍ لَهُ فِي صِفَتِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 90 49 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي , ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَسيَنِ , ثنا أَبُو الْيَمَانِ الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ , أنا شُعَيْبٌ , حَدَّثَنِي أَبُو الزِّنَادِ , عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَعْنِي يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ كَذَّبَنِي ابْنُ آدَمَ وَلَمْ يَنْبَغِ لَهُ أَنْ يُكَذِّبَنِي وَشَتَمَنِي ابْنُ آدَمَ وَلَمْ يَنْبَغِ لَهُ أَنْ يَشْتُمَنِي فَأَمَّا تَكْذِيبُهُ إِيَّايَ فَقَوْلُهُ: لَنْ يُعِيدَنِي كَمَا بَدَأَنِي , وَلَيْسَ أَوَّلُ خَلْقِهِ بِأَهْوَنَ عَلَيَّ مِنْ إِعَادَتِهِ , وَأَمَّا شَتْمُهُ إِيَّايَ فَقَوْلُهُ {اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا} [البقرة: 116] وَأَنَا اللَّهُ الْأَحَدُ الصَّمَدُ , لَمْ أَلِدْ [ص: 92] وَلَمْ أُولَدْ , وَلَمْ يَكُنْ لِي كُفُوًا أَحَدٌ " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي الْيَمَانِ الحديث: 49 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 91 50 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , إِمْلَاءً أنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْحَافِظُ وَأَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحِ بْنِ هَانِئٍ قَالَا: ثنا الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَضْلِ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ , ثنا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ , عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ , عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ , عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: إِنَّ الْمُشْرِكِينَ قَالُوا: يَا مُحَمَّدُ انْسُبْ لَنَا رَبَّكَ , فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ} [الإخلاص: 2] , قَالَ: الصَّمَدُ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ , وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ , لِأَنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ يُولَدُ إِلَّا سَيَمُوتُ , وَلَيْسَ شَيْءٌ يَمُوتُ إِلَّا سَيُورَثُ , وَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَا يَمُوتُ وَلَا يُورَثُ , وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ , لَمْ يَكُنْ لَهُ شَبِيهٌ وَلَا عَدْلٌ , {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: 11] [ص: 93] قُلْتُ: كَذَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ جَعَلَ قَوْلَهُ: {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [الإخلاص: 3] تَفْسِيرًا لِلصَّمَدِ , وَذَلِكَ صَحِيحٌ عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ: الصَّمَدُ الَّذِي لَا جَوْفَ لَهُ , وَهُوَ قَوْلُ مُجَاهِدٍ فِي آخَرِينَ , فَيَكُونُ هَذَا الِاسْمُ مُلْحَقًا بِهَذَا الْبَابِ , وَمَنْ ذَهَبَ فِي تَفْسِيرِهِ إِلَى مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الِاشْتِقَاقُ أَلْحَقَهُ بِالْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ وَمِنْهَا «الْعَظِيمُ» قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} [البقرة: 255] وَذَكَرْنَاهُ فِي خَبَرِ الْأَسَامِي الحديث: 50 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 92 51 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ فُورَكٍ أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَحْمَدَ الْأَصْفَهَانِيُّ , ثنا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ , ثنا أَبُو دَاوُدُ الطَّيَالِسِيُّ , ثنا هِشَامٌ , عَنْ قَتَادَةَ , عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ عِنْدَ الْكَرْبِ: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ , لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمُ , لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَرَبُّ الْأَرَضِينَ , وَرَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمُ» أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ وَغَيْرِهِ [ص: 95] قَالَ الْحَلِيمِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي مَعْنَى الْعَظِيمِ: إِنَّهُ الَّذِي لَا يُمْكِنُ الِامْتِنَاعُ عَلَيْهِ بِالْإِطْلَاقِ , وَلَأَنَّ عَظِيمَ الْقَوْمِ إِنَّمَا يَكُونُ مَالِكَ أُمُورِهِمُ الَّذِي لَا يَقْدِرُونَ عَلَى مُقَاوَمَتِهِ وَمُخَالَفَةِ أَمْرِهِ , إِلَّا أَنَّهُ وَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ مَاهِيَّتُهُ فَقَدْ يَلْحَقُهُ الْعَجْزُ بِآفَاتٍ تَدْخُلُ عَلَيْهِ فِيمَا بِيَدِهِ فَيُوهِنُهُ وَيُضْعِفُهُ حَتَّى يُسْتَطَاعَ مُقَاوَمَتُهُ , بَلْ قَهْرُهُ وَإِبْطَالُهُ , وَاللَّهُ تَعَالَى جَلَّ ثَنَاؤُهُ قَادِرٌ لَا يُعْجِزُهُ شَيْءٌ , وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُعْصَى كُرْهًا أَوْ يُخَالَفَ أَمْرُهُ قَهْرًا , فَهُوَ الْعَظِيمُ إِذًا حَقًّا وَصِدْقًا , وَكَانَ هَذَا الِاسْمُ لِمَنْ دُونَهُ مَجَازًا قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: الْعَظِيمُ هُوَ ذُو الْعَظَمَةِ وَالْجَلَالِ وَمَعْنَاهُ يَنْصَرِفُ إِلَى عِظَمِ الشَّأْنِ وَجَلَالَةِ الْقَدْرِ , دُونَ الْعَظِيمِ الَّذِي هُوَ مِنْ نُعُوتِ الْأَجْسَامِ [ص: 96] وَمِنْهَا «الْعَزِيزُ» قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [إبراهيم: 4] وَرُوِّينَاهُ فِي خَبَرِ الْأَسَامِي , وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَ الْحَلِيمِيُّ: وَمَعْنَاهُ: الَّذِي لَا يُوصَلُ إِلَيْهِ وَلَا يُمْكِنُ إِدْخَالُ مَكْرُوهٍ عَلَيْهِ , فَإِنَّ الْعَزِيزَ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ مِنَ الْعِزَّةِ وَهِيَ الصَّلَابَةُ , فَإِذَا قِيلَ لِلَّهِ الْعَزِيزُ فَإِنَّمَا يُرَادُ بِهِ الِاعْتِرَافُ لَهُ بِالْقِدَمِ الَّذِي لَا يَتَهَيَّأُ مَعَهُ تَغَيُّرُهُ عَمَّا لَمْ يَزَلْ عَلَيْهِ مِنَ الْقُدْرَةِ وَالْقُوَّةِ , وَذَلِكَ عَائِدٌ إِلَى تَنْزِيهِهِ عَمَّا يَجُوزُ عَلَى الْمَصْنُوعِينَ لِأَعْرَاضِهِمْ بِالْحُدُوثِ فِي أَنْفُسِهِمْ لِلْحَوَادِثِ أَنْ تُصِيبَهُمْ , وَتُغَيِّرَهُمْ , قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ رَحِمَهُ اللَّهُ: الْعَزِيزُ هُوَ الْمَنِيعُ الَّذِي لَا يُغْلَبُ , وَالْعِزُّ قَدْ يَكُونُ بِمَعْنَى الْغَلَبَةِ , يُقَالُ مِنْهُ: عَزَّ يَعُزُّ بِضَمِّ الْعَيْنِ مِنْ يَعُزُّ وَقَدْ يَكُونُ بِمَعْنَى الشِّدَّةِ وَالْقُوَّةِ , يُقَالُ مِنْهُ: عَزَّ يَعَزُّ بِفَتْحِ الْعَيْنِ , وَقَدْ يَكُونُ بِمَعْنَى نَفَاسَةِ الْقَدْرِ , يُقَالُ مِنْهُ: عَزَّ الشَّيْءُ يَعِزُّ بِكَسْرِ الْعَيْنِ , فَيُتَأَوَّلُ مَعْنَى الْعَزِيزِ عَلَى هَذَا أَنَّهُ لَا يُعَادِلُهُ شَيْءٌ , وَأَنَّهُ لَا مِثْلَ لَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ الحديث: 51 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 94 52 - أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ , أنا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدَةَ , ثنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْبُوشَنْجِيُّ , ثنا أَبُو نَصْرٍ التَّمَّارُ , ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ , عَنْ [ص: 97] إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ , عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مِقْسَمٍ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مِنْبَرِهِ: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [الزمر: 67] فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «هَكَذَا يُمَجِّدُ نَفْسَهُ أَنَا الْعَزِيزُ أَنَا الْجَبَّارُ , أَنَا الْمُتَكَبِّرُ» فَرَجَفَ بِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمِنْبَرُ حَتَّى قُلْنَا: لَيَخِرَّنَّ بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهَا «الْمُتَعَالِي» قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ} وَرُوِّينَاهُ فِي خَبَرِ الْأَسَامِي قَالَ الْحَلِيمِيُّ: وَمَعْنَاهُ الْمُرْتَفِعُ عَنْ أَنْ يَجُوزَ عَلَيْهِ مَا يَجُوزُ عَلَى الْمُحْدَثِينَ , مِنَ الْأَزْوَاجِ وَالْأَوْلَادِ وَالْجَوَارِحِ وَالْأَعْضَاءِ وَاتِّخَاذِ السَّرِيرِ لِلْجُلُوسِ عَلَيْهِ , وَالِاحْتِجَابِ بِالسُّتُورِ عَنْ أَنْ تَنْفُذَ الْأَبْصَارُ إِلَيْهِ وَالِانْتِقَالُ مِنْ مَكَانٍ إِلَى مَكَانٍ، وَنَحْوِ ذَلِكَ , فَإِنَّ إِثْبَاتَ بَعْضِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ يُوجِبُ النِّهَايَةَ , وَبَعْضُهَا يُوجِبُ الْحَاجَةَ وَبَعْضُهَا يُوجِبُ التَّغَيُّرَ وَالِاسْتِحَالَةَ , وَشَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ غَيْرُ لَائِقٍ بِالْقَدِيمِ وَلَا جَائِزٌ عَلَيْهِ وَمِنْهَا «الْبَاطِنُ» قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ} [الحديد: 3] وَرُوِّينَاهُ فِي خَبَرِ الْأَسَامِي وَغَيْرِهِ الحديث: 52 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 96 53 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أنا أَبُو الْفَضْلِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ , ثنا أَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ , أَبُو كُرَيْبٍ الْهَمْدَانِيُّ , ثنا أَبُو أُسَامَةَ , عَنِ الْأَعْمَشِ , عَنْ أَبِي صَالِحٍ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: جَاءَتْ فَاطِمَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْأَلُهُ خَادِمًا فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهَا: «قُولِي اللَّهُمَّ رَبَّ السَّماَوَاتِ السَّبْعَ وَرَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ , مُنْزِلَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْفُرْقَانِ فَالِقَ الْحَبِّ وَالنَّوَى أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ شَيْءٍ أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهِ أَنْتَ الْأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ , وَأَنْتَ الْآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ , وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ , وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ , اقْضِ عَنَّا الدَّيْنَ وَاغْنِنَا مِنَ الْفَقْرِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَلَاءِ قَالَ الْحَلِيمِيُّ: الْبَاطِنُ الَّذِي لَا يُحَسُّ وَإِنَّمَا يُدْرَكُ بِآثَارِهِ وَأَفْعَالِهِ، قَالَ الْخَطَّابِيُّ: [ص: 99] وَقَدْ يَكُونُ مَعْنَى الظُّهُورِ وَالْبُطُونِ تَجْلِيَةٌ لِبَصَائِرِ الْمُتَفَكِّرِينَ , وَاحَتِجَابُهُ عَنْ أَبْصَارِ النَّاظِرِينَ , وَقَدْ يَكُونُ مَعْنَاهُ الْعَالِمَ بِمَا ظَهَرَ مِنَ الْأُمُورِ , وَالْمَطَّلِعَ عَلَى مَا بَطَنَ مِنَ الْغُيُوبِ وَمِنْهَا «الْكَبِيرُ» قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ} وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} [سبأ: 23] وَرُوِّينَاهُ فِي خَبَرِ الْأَسَامِي الحديث: 53 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 98 54 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ , أنا أَبُو عَلِيٍّ الرَّفَّاءُ , أنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ , ثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَرْوِيُّ , ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ , عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ , عَنْ عِكْرِمَةَ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُعَلِّمُهُمْ مِنَ [ص: 100] الْأَوْجَاعِ كُلِّهَا وَمِنَ الْحُمَّى: «بِاسْمِ اللَّهِ الْكَبِيرِ نَعُوذُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ مِنْ شَرِّ كُلِّ عِرْقٍ نَعَّارٍ وَشَرِّ حَرِّ النَّارِ» قَالَ الْحَلِيمِيُّ فِي مَعْنَى الْكَبِيرِ: إِنَّهُ الْمُصَرِّفُ عِبَادَهُ عَلَى مَا يُرِيدُهُ مِنْهُمْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَرَوْهُ وَكَبِيرُ الْقَوْمِ هُوَ الَّذِي يَسْتَغْنِي عَنِ التَّبَذُّلِ لَهُمْ وَلَا يَحْتَاجُ فِي أَنْ يُطَاعَ إِلَى إِظْهَارِ نَفْسِهِ , وَالْمُشَافَهَةِ بِأَمْرِهِ وَنَهْيِهِ , إِلَّا أَنَّ ذَلِكَ فِي صِفَةِ اللَّهِ تَعَالَى جَدُّهُ إِطْلَاقُ حَقِيقَةٍ , وَفِيمَنْ دُونَهُ مَجَازٌ لِأَنَّ مَنْ يُدْعَى كَبِيرَ الْقَوْمِ قَدْ يَحْتَاجُ مَعَ بَعْضِ النَّاسِ وَفِي بَعْضِ الْأُمُورِ إِلَى الِاسْتِظْهَارِ عَلَى الْمَأْمُورِ بِإِبْدَاءِ نَفْسِهِ لَهُ وَمُخَاطَبَتِهِ كِفَاحًا لِخَشْيَةِ أَنْ لَا يُطِيعَهُ إِذَا سَمِعَ أَمْرَهُ مِنْ غَيْرِهِ , وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى جَلَّ ثَنَاؤُهُ لَا يَحْتَاجُ إِلَى شَيْءٍ وَلَا يُعْجِزُهُ شَيْءٌ قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: الْكَبِيرُ الْمَوْصُوفُ بِالجْلَالِ وَكِبَرِ الشَّأنِ , فَصَغُرَ دُونَ جَلَالِهِ كُلُّ كَبِيرٍ وَيُقَالُ: هُوَ الَّذِي كَبُرَ عَنْ شَبَهِ الْمَخْلُوقِينَ وَمِنْهَا «السَّلَامُ» قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [الحشر: 23] [ص: 101] وَرُوِّينَاهُ فِي خَبَرِ الْأَسَامِي الحديث: 54 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 99 55 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ , ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ الْعَسْقَلَانِيُّ , ثنا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ , ثنا الْأَوْزَاعِيُّ , قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عَمَّارٍ , حَدَّثَنِي أَبُو أَسْمَاءَ الرَّحَبِيُّ , حَدَّثَنِي ثَوْبَانُ , مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنْصَرِفَ مِنْ صَلَاتِهِ اسْتَغْفَرَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ قَالَ: «اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ وَمِنْكَ السَّلَامُ تَبَارَكْتَ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ» أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ الْأَوْزَاعِيِّ قَالَ الْحَلِيمِيُّ فِي مَعْنَى السَّلَامِ: إِنَّهُ السَّالِمُ مِنَ الْمَعَائِبِ إِذْ هِيَ غَيْرُ جَائِزَةٍ عَلَى الْقَدِيمِ فَإِنَّ جَوَازَهَا عَلَى الْمَصْنُوعَاتِ لِأَنَّهَا أَحْدَاثٌ وَبَدَائِعُ , فَكَمَا جَازَ أَنْ يُوجَدُوا بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُونُوا مَوْجُودِينَ جَازَ أَنْ يُعْدَمُوا بَعْدَمَا وُجِدُوا وَجَازَ أَنْ تَتَبَدَّلَ أَعْرَاضُهُمْ [ص: 102] وَتَتَنَاقَصَ أَوْ تَتَزَايَدَ أَجْزَاؤُهُمْ , وَالْقَدِيمُ لَا عِلَّةَ لِوُجُودِهِ فَلَا يَجُوزُ التَّغَيُّرُ عَلَيْهِ وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُعَارِضَهُ نَقْصٌ أَوْ شَيْنٌ , أَوْ تَكُونَ لَهُ صِفَةٌ تُخَالِفُ الْفَضْلَ وَالْكَمَالَ وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: وَقِيلَ السَّلَامُ هُوَ الَّذِي سَلَّمَ الْخَلْقَ مِنْ ظُلْمِهِ وَمِنْهَا «الْغَنِيُّ» قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ} [محمد: 38] وَرُوِّينَاهُ فِي خَبَرِ الْأَسَامِي الحديث: 55 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 101 56 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحِ بْنِ هَانِي , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مِهْرَانَ , ثنا هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الْأَيْلِيُّ , حَدَّثَنِي خَالِدُ بْنُ نِزَارٍ , ثنا الْقَاسِمُ بْنُ مَبْرُورٍ , عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ , عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عَائِشَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ الِاسْتِسْقَاءِ قَالَ فِيهِ: « {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [ص: 103] الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ , اللَّهُمَّ أَنْتَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ الْغَنِيُّ وَنَحْنُ الْفُقَرَاءُ أَنْزِلْ عَلَيْنَا الْغَيْثَ وَاجْعَلْ مَا أَنْزَلْتَ لَنَا قُوَّةً وَبَلَاغًا إِلَى حِينٍ» قَالَ الْحَلِيمِيُّ فِي مَعْنَى الْغَنِيِّ: إِنَّهُ الْكَامِلُ بِمَا لَهُ وَعِنْدَهُ فَلَا يُحْتَاجُ مَعَهُ إِلَى غَيْرِهِ , وَرَبُّنَا جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ لِأَنَّ الْحَاجَةَ نَقْصٌ وَالْمُحْتَاجُ عَاجِزٌ عَنْ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ إِلَى أَنْ يَبْلُغَهُ وَيُدْرِكَهُ , وَلِلْمُحْتَاجِ إِلَيْهِ فَضْلٌ بِوُجُودِ مَا لَيْسَ عِنْدَ الْمُحْتَاجِ , فَالنَّقْصُ مَنْفِيٌّ عَنِ الْقَدِيمِ بِكُلِّ حَالٍ , وَالْعَجْزُ غَيْرُ جَائِزٍ عَلَيْهِ وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ لِأَحَدٍ عَلَيْهِ فَضْلٌ إِذْ كُلُّ شَيْءٍ سِوَاهُ خَلْقٌ لَهُ وَبِدْعٌ أَبْدَعَهُ لَا يَمْلِكُ مِنْ أَمْرِهِ شَيْئًا , وَإِنَّمَا يَكُونُ كَمَا يُرِيدُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ , وَيُدَبِّرُهُ عَلَيْهِ , فَلَا يُتَوَهَّمُ أَنْ يَكُونَ لَهُ مَعَ هَذَا اتِّسَاعٌ لِفَضْلٍ عَلَيْهِ وَمِنْهَا «السُّبُّوحُ» الحديث: 56 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 102 57 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ , أنا أَبُو جَعْفَرٍ , مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو الرَّزَّازُ , ثنا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شَاكِرٍ , ثنا عَفَّانُ , ثنا شُعْبَةُ , عَنْ قَتَادَةَ , عَنْ مُطَرِّفٍ , عَنْ عَائِشَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ: «سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ رَبُّ الْمَلَائِكَةِ وَالرُّوحِ» قَالَ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِهِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ , فَقَالَ: فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ وَهِشَامٍ وَابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ قَالَ الْحَلِيمِيُّ فِي مَعْنَى السُّبُّوحِ: إِنَّهُ الْمُنَزَّهُ عَنِ الْمَعَائِبِ وَالصِّفَاتِ الَّتِي تَعْتَوِرُ الْمُحْدَثِينَ مِنْ نَاحِيَةَ الْحُدُوثِ , وَالتَّسْبِيحُ: التَّنْزِيهُ الحديث: 57 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 104 58 - أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ , أنا أَبُو بَكْرٍ الْقَطَّانُ , ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ السُّلَمِيُّ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْفِرْيَابِيُّ , ثنا سُفْيَانُ , عَنْ عُثْمَانَ بْنِ مَوْهَبِ , عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ [ص: 105] , قَالَ: سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ التَّسْبِيحِ فَقَالَ: «تَنْزِيهُ اللَّهِ تَعَالَى عَنِ السُّوءِ» هَذَا مُنْقَطِعٌ وَرُوِيَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ الحديث: 58 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 104 59 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ , أنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ , وَزِيَادُ بْنُ الْخَلِيلِ التُّسْتَرِيُّ , وَمُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ الْبَجَلِيُّ , وَمُحَمَّدُ بْنُ شَاذَانَ الْجَوْهَرِيُّ , وَمُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْعَبْدِيُّ , قَالُوا: ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقُرَشِيُّ التَّيْمِيُّ ح , وَحَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ , إِمْلَاءً وَأَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ فِرَاسٍ قِرَاءَةً [ص: 106] عَلَيْهِ بِمَكَّةَ قَالَا: ثنا أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُمَحِيُّ , ثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ , قَالَ: أنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَيشِيُّ , ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَمَّادٍ , ثنا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ , ثنا طَلْحَةُ بْنُ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ تَفْسِيرِ سُبْحَانَ اللَّهِ فَقَالَ: «هُوَ تَنْزِيهُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَنْ كُلِّ سُوءٍ» وَمِنْهَا «الْقُدُّوسُ» الحديث: 59 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 105 60 - أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ , أنا أَبُو عَلِيٍّ الرَّفَّاءُ أنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ , ثنا أَبُو نُعَيْمٍ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ , ثنا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ , حَدَّثَنِي الْمِنْهَالُ بْنُ عَمْرٍو , حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ , عَنْ أَبِيهِ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ فِي مَبِيتِهِ فِي بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِيهِ: فَتَقَدَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَامَ حَتَّى سَمِعْتُ غَطِيطَهُ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى فِرَاشِهِ فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ فَقَالَ: «سُبْحَانَ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ» ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَاتِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ حَتَّى خَتَمَهَا وَذَكَرَ الْحَدِيثَ قَالَ الْحَلِيمِيُّ: وَمَعْنَاهُ الْمَمْدُوحُ بِالْفَضَائِلِ وَالْمَحَاسِنِ فَالتَّقْدِيسُ مُضَمَّنٌ فِي صَرِيحِ التَّسْبِيحِ، وَالتَّسْبِيحُ مُضَمَّنٌ فِي صَرِيحِ التَّقْدِيسِ , لِأَنَّ نَفْيَ الْمَذَامِّ إِثْبَاتٌ لِلْمَدَائِحِ كَقَوْلِنَا: لَا شَرِيكَ لَهُ وَلَا شَبِيهَ , إِثْبَاتٌ أَنَّهُ وَاحِدٌ أَحَدٌ وَكَقَوْلِنَا: لَا يُعْجِزُهُ شَيْءٌ إِثْبَاتٌ أَنَّهُ [ص: 108] قَادِرٌ قَوِيٌّ وَكَقَوْلِنَا: إِنَّهُ لَا يَظْلِمُ أَحَدًا إِثْبَاتٌ أَنَّهُ عَدْلٌ فِي حُكْمِهِ , وَإِثْبَاتُ الْمَدَائِحِ لَهُ نَفْيٌ لِلْمَذَامِّ عَنْهُ كَقَوْلِنَا: إِنَّهُ عَالِمٌ نَفْيٌ لِلْجَهْلِ عَنْهُ وَكَقَوْلِنَا: إِنَّهُ قَادِرٌ نَفْيٌ لِلْعَجْزِ عَنْهُ , إِلَّا أَنَّ قَوْلَنَا: هُوَ كَذَا ظَاهِرُهُ التَّقْدِيسُ , وَقَوْلَنَا لَيْسَ بِكَذَا ظَاهِرُهُ التَّسْبِيحُ , ثُمَّ التَّسْبِيحُ مَوْجُودٌ فِي ضِمْنِ التَّقْدِيسِ وَالتَّقْدِيسُ مَوْجُودٌ فِي ضِمْنِ التَّسْبِيحِ , وَقَدْ جَمَعَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بَيْنَهُمَا فِي سُورَةِ الْإِخْلَاصِ فَقَالَ عَزَّ اسْمُهُ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ} [الإخلاص: 2] فَهَذَا تَقْدِيسٌ ثُمَّ قَالَ: {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [الإخلاص: 3] فَهَذَا تَسْبِيحٌ , وَالْأَمْرَانِ رَاجِعَانِ إِلَى إِفْرَادِهِ وَتَوْحِيدِهِ وَنَفْيِ الشَّرِيكِ وَالشَّبِيهِ عَنْهُ الحديث: 60 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 107 61 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أَخْبَرَنِي أَبُو أَحْمَدَ الْحَافِظُ , أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ الْأَشْعَثِ , ثنا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ , ثنا ابْنُ وَهْبٍ , أَخْبَرَنِي عَمْرٌو , عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي [ص: 109] هِلَالٍ , قَالَ: إِنَّ أَبَا الرِّجَالِ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَهُ عَنْ أُمِّهِ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَكَانَتْ فِي حِجْرِ عَائِشَةَ عَنْ عَائِشَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ رَجُلًا عَلَى سَرِيَّةٍ وَكَانَ لَا يَقْرَأُ بِأَصْحَابِهِ فِي صَلَاتِهِمْ - تَعْنِي يَخْتِمُ - إِلَّا بِ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ , فَلَمَّا رَجَعُوا ذَكَرُوا ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: " سَلُوهُ لِأَيِّ شَيْءٍ يَصْنَعُ ذَلِكَ؟ فَسَأَلُوهُ فَقَالَ: لِأَنَّهَا صِفَةُ الرَّحْمَنِ فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَقْرَأَهَا , فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَخْبِرُوهُ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يُحِبُّهُ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ صَالِحٍ , وَقَالَ فِي الْحَدِيثِ: كَانَ يَقْرَأُ لِأَصْحَابِهِ فِي صَلَاتِهِمْ فَيَخْتِمُ بِـ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ عَمِّهِ الحديث: 61 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 108 62 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ بِبَغْدَادَ , أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ دُرُسْتَوَيْهِ , ثنا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ , حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ [ص: 110] جَهْضَمٍ , ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ , عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ , عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَخِي , قَتَادَةُ بْنُ النُّعْمَانِ قَالَ: قَامَ رَجُلٌ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ مِنَ السَّحَرِ فَجَعَلَ يَقْرَأُ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ السُّورَةَ كُلَّهَا يُرَدِّدُهَا لَا يَزِيدُ عَلَيْهَا، فَلَمَّا أَصْبَحْنَا قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ رَجُلًا قَامَ اللَّيْلَةَ يَقْرَأُ مِنَ السَّحَرِ فَجَعَلَ يَقْرَأُ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ السُّورَةَ كُلَّهَا يُرَدِّدُهَا وَلَا يَزِيدُ عَلَيْهَا كَأَنَّ الرَّجُلُ يَتَقَالُّهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهَا لَتَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ» أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ , فَقَالَ: وَزَادَ أَبُو مَعْمَرٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ الحديث: 62 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 109 63 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْوَلِيدِ الْفَقِيهَ , يَقُولُ: سَأَلْتُ أَبَا الْعَبَّاسِ بْنَ سُرَيْجٍ قُلْتُ: مَا مَعْنَى قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ؟ قَالَ: " إِنَّ الْقُرْآنَ أُنْزِلَ أَثْلَاثًا: ثُلُثٌ مِنْهَا أَحْكَامٌ وَثُلُثٌ مِنْهَا وَعْدٌ وَوَعِيدٌ , وَثُلُثٌ مِنْهَا الْأَسْمَاءُ وَالصِّفَاتُ وَقَدْ جُمِعَ فِي قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ , أَحَدُ الْأَثْلَاثِ وَهُوَ الْأَسْمَاءُ وَالصِّفَاتُ , فَقِيلَ: إِنَّهَا ثُلُثُ الْقُرْآنِ وَمِنْهَا «الْمَجِيدُ» قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ} [البروج: 15] , وَقَالَ: {إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ} [هود: 73] , وَرُوِّينَاهُ فِي خَبَرِ الْأَسَامِي قَالَ الْحَلِيمِيُّ وَمَعْنَاهُ الْمَنِيعُ الْمَحْمُودُ لِأَنَّ الْعَرَبَ لَا تَقُولُ لِكُلِّ مَحْمُودٍ مَجِيدًا , وَلَا لِكُلِّ مَنِيعٍ مَجِيدًا , وَقَدْ يَكُونُ الْوَاحِدُ مَنِيعًا غَيْرَ مَحْمُودٍ كَالْمُتَآمِرِ الْخَلِيعِ الْجَائِرِ أَوِ اللِّصِّ الْمُتَحَصِّنِ بِبَعْضِ الْقِلَاعِ وَقَدْ [ص: 111] يَكُونُ مَحْمُودًا غَيْرَ مَنِيعٍ كَأَمِيرِ السُّوقَةِ وَالْمُصَابِرِينَ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ , فَلَمَّا لَمْ يَقُلْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا: مَجِيدٌ، عَلِمْنَا أَنَّ الْمَجِيدَ مَنْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا وَكَانَ مَنِيعًا لَا يُرَامُ , وَكَانَ فِي مَنْعَتِهِ حَسَنَ الْخِصَالِ جَمِيلَ الْفِعَالِ وَالْبَارِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ يَجِلُّ عَنْ أَنْ يُرَامَ أَوْ يُوصَلَ إِلَيْهِ وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ مُحْسِنٌ مُنْعِمٌ مُجْمِلٌ مُفْضِلٌ لَا يَسْتَطِيعُ الْعَبْدُ أَنْ يُحْصِيَ نِعْمَتَهُ وَلَوِ اسْتَنَفَدَ فِيهِ مُدَّتَهُ , فَاسْتَحَقَّ اسْمَ الْمَجِيدِ وَمَا هُوَ أَعْلَى مِنْهُ , قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ: الْمَجِيدُ الْوَاسِعُ الْكَرِيمُ , وَأَصْلُ الْمَجْدِ فِي كَلَامِهِمُ السَّعَةُ , يُقَالُ: رَجُلٌ مَاجِدٌ إِذَا كَانَ سَخِيًّا وَاسِعَ الْعَطَاءِ وَقِيلَ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ} [ق: 1] , إِنَّ مَعْنَاهُ الْكَرِيمُ وَقِيلَ: الشَّرِيفُ وَمِنْهَا «الْقَرِيبُ» قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} [البقرة: 186] , وَقَالَ جَلَّ وَعَلَا: {إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ} [سبأ: 50] وَرُوِّينَاهُ فِي حَدِيثِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْحُصَيْنِ الحديث: 63 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 110 64 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ , بِبَغْدَادَ , أنا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْمِصْرِيُّ , ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ , ثنا الْفِرْيَابِيُّ ثنا سفيان، عَنُ عَاصِمِ بْنِ سُلَيْمَانَ , عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ , عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلَّمَا أَشْرَفْنَا عَلَى وَادٍ هَلَّلْنَا وَسَبَّحْنَا وَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُنَا , فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا أَيُّهَا [ص: 112] النَّاسُ ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ إِنَّكُمْ لَا تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلَا غَائِبًا إِنَّهُ مَعَكُمْ سَمِيعٌ قَرِيبٌ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ الْفِرْيَابِيُّ , وَأَخْرَجَاهُ مِنْ أوَجْهٍ أُخَرَ وَرَوَاهُ خَالِدٌ الْحَذَّاءُ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ وَزَادَ فِيهِ «إِنَّ الَّذِي تَدْعُونَ أَقْرَبُ إِلَى أَحَدِكُمْ مِنْ عُنُقِ رَاحِلَتِهِ» قَالَ الْحَلِيمِيُّ: وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا مَسَافَةَ بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَهُ فَلَا يَسْمَعُ دُعَاءَهُ أَوْ يَخْفَى عَلَيْهِ حَالُهُ , كَيْفَ مَا تَصَرَّفَتْ بِهِ , فَإِنَّ ذَلِكَ يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ لَهُ نِهَايَةً , وَحَاشَا لَهُ مِنَ النِّهَايَةِ , وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: مَعْنَاهُ أَنَّهُ قَرِيبٌ بِعِلْمِهِ مِنْ خَلْقِهِ قَرِيبٌ مِمَّنْ يَدْعُوهُ بِالْإِجَابَةِ كَقَوْلِهِ: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} [البقرة: 186] [ص: 113] وَمِنْهَا «الْمُحِيطُ» قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ} [فصلت: 54] وَرُوِّينَاهُ فِي خَبَرِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْحُصَيْنِ قَالَ الْحَلِيمِيُّ: وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ الَّذِي لَا يُقْدَرُ عَلَى الْفِرَارِ مِنْهُ وَهَذِهِ الصِّفَةُ لَيْسَتْ حَقًّا إِلَّا لِلَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ , وَهِيَ رَاجِعَةٌ إِلَى كَمَالِ الْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ وَانْتِفَاءِ الْغَفْلَةِ وَالْعَجْزِ عَنْهُ قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: هُوَ الَّذِي أَحَاطَتْ قُدْرَتُهُ بِجَمِيعِ خَلْقِهِ , وَهُوَ الَّذِي {أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا} [الطلاق: 12] {وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا} [الجن: 28] وَمِنْهَا «الْفَعَّالُ» قَالَ اللَّهُ عَزَّ جَلَّ: {فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} [هود: 107] قَالَ الْحَلِيمِيُّ: وَمَعْنَاهُ الْفَاعِلُ فِعْلًا بَعْدَ فِعْلٍ كُلَّمَا أَرَادَ فَعَلَ , وَلَيْسَ كَالْمَخْلُوقِ الَّذِي إِنْ قَدَرَ عَلَى فِعْلٍ عَجَزَ عَنْ غَيْرِهِ وَمِنْهَا «الْقَدِيرُ» قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [البقرة: 20] وَرُوِّينَاهُ فِي خَبَرِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ الْحَلِيمِيُّ: وَالْقَدِيرُ التَّامُّ الْقُدْرَةِ لَا يُلَابِسُ قُدْرَتُهُ عَجْزٌ بِوَجْهٍ [ص: 114] وَمِنْهَا «الْغَالِبُ» قَالَ اللَّهُ: {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ} [يوسف: 21] , قَالَ الْحَلِيمِيُّ: وَهُوَ الْبَالِغُ مُرَادَهُ مِنْ خَلْقِهِ , أَحَبُّوا أَوْ كَرِهُوا , وَهَذَا أَيْضًا إِشَارَةٌ إِلَى كَمَالِ الْقُدْرَةِ وَالْحِكْمَةِ , وَأَنَّهُ لَا يُقْهَرُ وَلَا يُخْدَعُ وَمِنْهَا «الطَّالِبُ» قَالَ: وَهَذَا اسْمٌ جَرَتْ عَادَةُ النَّاسِ بِاسْتِعْمَالِهِ فِي الْيَمِينِ مَعَ الْغَالِبِ وَمَعْنَاهُ الْمُتَتَبِّعُ غَيْرُ الْمُهْمِلِ وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُمْهِلُ وَلَا يُهْمِلُ وَهُوَ عَلَى الْإِمْهَالِ بَالِغُ أَمْرِهِ كَمَا قَالَ جَلَّ وَعَلَا فِي كِتَابِهِ: {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا} [آل عمران: 178] , وَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {فَلَا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا} [مريم: 84] , وَقَالَ جَلَّ جَلَالُهُ: {إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا} [الطلاق: 3] الحديث: 64 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 111 65 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أَخْبَرَنِي أَبُو النَّضْرِ الْفَقِيهُ , ثنا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ , ثنا حُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ الْأَوَّلِ الْكُوفِيُّ , ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ , ثنا بُرَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ , عَنْ جَدِّهِ أَبِي بُرْدَةَ , عَنْ أَبِي مُوسَى , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُمْهِلُ الظَّالِمَ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ» ثُمَّ قَرَأَ: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا [ص: 115] أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ} [هود: 102] رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ صَدَقَةَ بْنِ الْفَضْلِ , وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ وَمِنْهَا «الْوَاسِعُ» قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 247] وَرُوِّينَاهُ فِي خَبَرِ الْأَسَامِي وَقَالَ الْحَلِيمِيُّ: وَمَعْنَاهُ الْكَثِيرُ مَقْدُورَاتُهُ وَمَعْلُومَاتُهُ , وَاعْتِرَافٌ لَهُ بِأَنَّهُ لَا يُعْجِزُهُ شَيْءٌ , وَلَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ , وَرَحْمَتُهُ وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ , قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: الْوَاسِعُ: الْغَنِيُّ الَّذِي وَسِعَ غِنَاهُ مَفَاقِرَ عِبَادِهِ , وَوَسِعَ رِزْقُهُ جَمِيعَ خَلْقِهِ وَمِنْهَا «الْجَمِيلُ» قَالَ الْحَلِيمِيُّ: وَهَذَا الِاسْمُ فِي بَعْضِ الْأَخْبَارِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَمَعْنَاهُ ذُو الْأَسْمَاءِ الْحُسْنَى , لِأَنَّ الْقَبَائِحَ إِذْ لَمْ تَلِقْ بِهِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُشْتَقَّ اسْمُهُ مِنْ أَسْمَائِهَا , وَإِنَّمَا تُشْتَقُّ أَسْمَاؤُهُ مِنْ صِفَاتِهِ الَّتِي كُلُّهَا مَدَائِحُ , وَأَفْعَالُهُ الَّتِي أَجْمَعُهَا حِكْمَةٌ وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: الْجَمِيلُ هُوَ الْمُجَمِّلُ الْمُحَسِّنُ , فَعِيلٌ بِمَعْنَى مُفَعِّلٍ , وَقَدْ يَكُونُ الْجَمِيلُ مَعْنَاهُ ذُو النُّورِ وَالْبَهْجَةِ , وَقَدْ رُوِيَ فِي الْحَدِيثِ «إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ» الحديث: 65 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 114 66 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ دُرُسْتَوَيْهِ , ثنا يَعْقُوبُ [ص: 116] بْنُ سُفْيَانَ , ثنا أَبُو بَكْرٍ , يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدُ اللَّهِ الْحَافِظُ , ثنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ , ثنا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ الْهِلَالِيُّ , ثنا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ , ثنا شُعْبَةُ , ثنا أَبَانُ بْنُ تَغْلِبَ , عَنْ فُضَيْلِ بْنِ عَمْرٍو , عَنْ إِبْرَاهِيمَ , عَنْ عَلْقَمَةَ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ , وَلَا يَدْخُلُ النَّارَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ إِيمَانٍ» فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ , الرَّجُلُ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا وَنَعْلُهُ حَسَنًا , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ , الْكِبْرُ مَنْ بَطَرَ الْحَقَّ وَغَمَصَ النَّاسَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُثَنَّى وَغَيْرِهِ عَنْ يَحْيَى بْنِ حَمَّادٍ وَرُوِّينَاهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , وَمَنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي رَيْحَانَةَ , وَمِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرُوِّينَاهُ فِي خَبَرِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْحُصَيْنِ وَمِنْهَا «الْوَاجِدُ» وَهُوَ فِي خَبَرِ الْأَسَامِي , قَالَ الْحَلِيمِيُّ: وَمَعْنَاهُ الَّذِي لَا يَضِلُّ عَنْهُ شَيْءٌ , وَلَا يَفُوتُهُ شَيْءٌ , وَقِيلَ: هُوَ الْغَنِيُّ الَّذِي لَا يَفْتَقِرُ , وَالْوِجْدُ الْغِنَى ذَكَرَهُ الْخَطَّابِيُّ [ص: 117] وَمِنْهَا «الْمُحْصِي» وَهُوَ فِي خَبَرِ الْأَسَامِي , وَفِي الْكِتَابِ: {وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا} [الجن: 28] قَالَ الْحَلِيمِيُّ: وَمَعْنَاهُ الْعَالِمُ بِمَقَادِيرِ الْحَوَادِثِ مَا يُحِيطُ بِهِ مِنْهَا عُلُومُ الْعِبَادِ , وَمَا لَا يُحِيطُ بِهِ مِنْهَا عُلُومُهُمْ , كَالْأَنْفَاسِ وَالْأَرْزَاقِ وَالطَّاعَاتِ وَالْمَعَاصِي وَالْقُرَبِ , وَعَدَدِ الْقَطْرِ وَالرَّمْلِ وَالْحَصَا وَالنَّبَاتِ وَأَصْنَافِ الْحَيَوَانِ وَالْمَوَاتِ وَعَامَّةِ الْمَوْجُودَاتِ , وَمَا يَبْقَى مِنْهَا أَوْ يَضْمَحِلُّ وَيَفْنَى , وَهَذَا رَاجِعٌ إِلَى نَفْيِ الْعَجْزِ الْمَوْجُودِ فِي الْمَخْلُوقِينَ عَنْ إِدْرَاكِ مَا يَكْثُرُ مِقْدَارُهُ وَيَتَوَالَى وُجُودُهُ , وَتَتَفَاوَتُ أَحْوَالُهُ عَنْهُ عَزَّ اسْمُهُ وَمِنْهَا «الْقَوِيُّ» قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ اللَّهَ لِقَوِيُّ عَزِيزٌ} [الحج: 40] وَرُوِّينَاهُ فِي خَبَرِ الْأَسَامِي , قَالَ: أَبُو سُلَيْمَانَ: الْقَوِيُّ قَدْ يَكُونُ بِمَعْنَى الْقَادِرِ وَمَنْ قَوِيَ عَلَى شَيْءٍ فَقَدْ قَدَرَ عَلَيْهِ , وَقَدْ يَكُونُ مَعْنَاهُ التَّامَّ الْقُوَّةِ الَّذِي لَا يَسْتَوْلِي عَلَيْهِ الْعَجْزُ فِي حَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ , وَالْمَخْلُوقُ وَإِنْ وُصِفَ بِالْقُوَّةِ فَإِنَّ قُوَّتَهُ مُتَنَاهِيَةٌ , وَعَنْ بَعْضِ الْأُمُورِ قَاصِرَةٌ وَمِنْهَا «الْمَتِينُ» قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} [الذاريات: 58] وَهُوَ فِي خَبَرِ الْأَسَامِي الحديث: 66 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 115 67 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْمَحْبُوبِيُّ , ثنا سَعِيدُ بْنُ مَسْعُودٍ , ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى , أنا إِسْرَائِيلُ , عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ , عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: أَقْرَأَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنِّي [ص: 118] أَنَا الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ قَالَ الْحَلِيمِيُّ: وَهُوَ الَّذِي لَا تَتَنَاقَصُ قُوَّتُهُ فَيَهِنَ وَيَفْتُرَ , إِذْ كَانَ يَحْدُثُ مَا يَحْدُثُ فِي غَيْرِهِ لَا فِي نَفْسِهِ , وَكَانَ التَّغَيُّرُ لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ الحديث: 67 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 117 68 - أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ إِسْحَاقَ , أنا أَبُو الْحَسَنِ الطَّرَائِفِيُّ , ثنا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ , حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ , عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ , عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {الْمَتِينُ} [الذاريات: 58] يَقُولُ: الشَّدِيدُ وَمِنْهَا «ذُو الطَّوْلِ» قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {ذِي الطَّوْلِ} [غافر: 3] وَرُوِّينَاهُ فِي خَبَرِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْحُصَيْنِ قَالَ الْحَلِيمِيُّ: وَمَعْنَاهُ الْكَثِيرُ الْخَيْرِ لَا يَعُوزُهُ مِنْ أَصْنَافِ الْخَيْرَاتِ شَيْءٌ , إِنْ أَرَادَ أَنْ يُكْرِمَ بِهِ عَبْدَهُ , وَلَيْسَ كَذَا طَوْلُ ذِي الطَّوْلِ مِنْ عِبَادِهِ قَدْ [ص: 119] يُحِبُّ أَنْ يَجُودَ بِالشَّيْءِ فَلَا يَجِدُهُ الحديث: 68 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 118 69 - أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا , أنا الطَّرَائِفِيُّ , أنا عُثْمَانُ , أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ , عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ , عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي قَوْلِهِ: {ذِي الطَّوْلِ} [غافر: 3] يَعْنِي السَّعَةَ وَالْغِنَى وَمِنْهَا «السَّمِيعُ» قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [غافر: 20] وَرُوِّينَاهُمَا فِي خَبَرِ الْأَسَامِي الحديث: 69 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 119 70 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَدِيبُ أنا أَبُو بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلِيُّ , أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نَاجِيَةَ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ , ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ , ثنا خَالِدٌ الْحَذَّاءٌ , عَنْ أَبِي عُثْمَانَ , عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزَاةٍ فَجَعَلْنَا لَا نَصْعَدُ شَرَفًا وَلَا نَهْبِطُ وَادِيًا إِلَّا رَفَعْنَا أَصْوَاتَنَا بِالتَّكْبِيرِ [ص: 120] فَدَنَا مِنَّا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ فَإِنَّكُمْ لَا تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلَا غَائِبًا , إِنَّمَا تَدْعُونَ سَمِيعًا بَصِيرًا , إِنَّ الَّذِي تَدْعُونَ أَقْرَبُ إِلَى أَحَدِكُمْ مِنْ عُنُقِ رَاحِلَتِهِ» , ثُمَّ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ , أَلَا أُعَلِّمُكَ كَلِمَةً مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ؟ قُلْ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ «, كَذَا فِي كِتَابِي بَصِيرًا وَقَالَ غَيْرُهُ قَرِيبًا أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ وَقَالَ الْحَلِيمِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي مَعْنَى» السَّمِيعِ ": إِنَّهُ الْمُدْرِكِ لِلْأَصْوَاتِ الَّتِي يُدْرِكُهَا الْمَخْلُوقُونَ بِآذَانِهِمْ , مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ لَهُ أُذُنٌ , وَذَلِكَ رَاجِعٌ إِلَى أَنَّ الْأَصْوَاتَ لَا تَخْفَى عَلَيْهِ , وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَوْصُوفٍ بِالْحِسِّ الْمُرَكَّبِ فِي الْأُذُنِ , لَا كَالْأَصمِّ مِنَ النَّاسِ , لَمَّا لَمْ تَكُنْ لَهُ هَذِهِ الْحَاسَّةُ لَمْ يَكُنْ أَهْلًا لِإِدْرَاكِ الْأَصْوَاتِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ: السَّمِيعُ بِمَعْنَى السَّامِعُ , إِلَّا أَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الصِّفَةِ , وَبِنَاءُ فَعِيلٍ بِنَاءُ الْمُبَالَغَةِ , وَهُوَ الَّذِي يَسْمَعُ السِّرَّ وَالنَّجْوَى , سَوَاءٌ عِنْدَهُ الْجَهْرُ وَالْخَفْتُ , وَالنُّطْقُ وَالسُّكُوتُ , قَالَ: وَقَدْ يَكُونُ السَّمَاعُ بِمَعْنَى الْإِجَابَةِ وَالْقَبُولِ , كَقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ [ص: 121] مِنْ دُعَاءٍ لَا يُسْمَعُ» , أَيْ مِنْ دُعَاءٍ لَا يُسْتَجَابُ وَمِنْ هَذَا قَوْلُ الْمُصَلِّي: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ , مَعْنَاهُ قَبِلَ اللَّهُ حَمْدَ مَنْ حَمِدَهُ الحديث: 70 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 119 71 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ , ثنا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ , ثنا شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ , ثنا اللَّيْثُ ح , وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ , أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ , ثنا أَبُو دَاوُدَ , ثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ , ثنا اللَّيْثُ , عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ , عَنْ أَخِيهِ , عَبَّادِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْأَرْبَعِ , مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ وَمِنْ قَلْبٍ لَا يَخْشَعُ , وَمِنْ نَفْسٍ لَا تَشْبَعُ , وَمِنْ دُعَاءٍ لَا يُسْمَعُ» رَوَاهُ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: [ص: 122] «وَمِنْ دَعْوَةٍ لَا يُسْتَجَابُ لَهَا» وَمِنْهَا «الْبُصَيْرُ» قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [غافر: 20] قَالَ الْحَلِيمِيُّ: وَمَعْنَاهُ الْمُدْرِكُ لِلْأَشْخَاصِ وَالْأَلْوَانِ الَّتِي يُدْرِكُهَا الْمَخْلُوقُونَ بِأَبْصَارِهِمْ مِنْ [ص: 123] غَيْرِ أَنْ يَكُونَ لَهُ جَارِحَةُ الْعَيْنِ , وَذَلِكَ رَاجِعٌ إِلَى أَنَّ مَا ذَكَرْنَاهُ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ , وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَوْصُوفٍ بِالْحِسِّ الْمُرَكَّبِ فِي الْعَيْنِ , لَا كَالْأَعْمَى الَّذِي لَمَّا لَمْ تَكُنْ لَهُ هَذِهِ الْحَاسَّةُ لَمْ يَكُنْ أَهْلًا لِإِدْرَاكِ شَخْصٍ وَلَا لَوْنٍ قَالَ الْخَطَّابِيُّ: الْبَصِيرُ هُوَ الْمُبْصِرُ , وَيُقَالُ: الْعَالِمُ بِخَفِيَّاتِ الْأُمُورِ وَمِنْهَا «الْعَلِيمُ» قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [النساء: 26] وَرُوِّينَاهُ فِي خَبَرِ الْأَسَامِي , قَالَ الْحَلِيمِيُّ فِي مَعْنَاهُ: إِنَّهُ الْمُدْرِكُ لِمَا يُدْرِكُهُ الْمَخْلُوقُونَ بِعُقُولِهِمْ وَحَوَاسِّهِمْ , وَمَا لَا يَسْتَطِيعُونَ إِدْرَاكَهُ , مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ مَوْصُوفًا بِعَقْلٍ أَوْ حِسٍّ , وَذَلِكَ رَاجِعٌ إِلَى أَنَّهُ لَا يَعْزُبُ - لَا يَغِيبُ - عَنْهُ شَيْءٌ , وَلَا يُعْجِزُهُ إِدْرَاكُ شَيْءٍ , كَمَا [ص: 124] يَعْجَزُ عَنْ ذَلِكَ مَنْ لَا عَقْلَ لَهُ أَوْ لَا حِسَّ لَهُ مِنَ الْمَخْلُوقِينَ , وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يُشْبِهُهُمْ وَلَا يُشْبِهُونَهُ قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: الْعَلِيمُ هُوَ الْعَالِمُ بِالسَّرَائِرِ وَالْخَفِيَّاتِ الَّتِي لَا يُدْرِكُهَا عِلْمُ الْخَلْقِ، وَجَاءَ عَلَى بِنَاءِ فَعِيلٍ لِلْمُبَالَغَةِ فِي وَصْفِهِ بِكَمَالِ الْعِلْمِ الحديث: 71 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 121 72 - أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ أنا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ , ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ , حَدَّثَنَا الرَّمَادِيُّ , يَعْنِي إِبْرَاهِيمَ بْنَ بَشَّارٍ ثنا أَبُو ضَمْرَةَ الْمَدَنِيُّ , ثنا أَبُو مَوْدُودٍ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ , عَنْ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ , عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَالَ: «مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ بِسْمِ اللَّهِ الَّذِي لَا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لَمْ تَفْجَأَهُ فَاجِئَةُ بَلَاءٍ حَتَّى يُمْسِيَ , وَمَنْ قَالَهَا حِينَ يُمْسِي ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لَمْ تَفْجَأَهُ فَاجِئَةُ بَلَاءٍ حَتَّى يُصْبِحَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي السُّنَنِ عَنْ نَصْرِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي ضَمْرَةَ أَنَسِ بْنِ عِيَاضٍ [ص: 125] وَمِنْهَا «الْعَلَّامُ» قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {عَلَّامُ الْغُيُوبِ} [المائدة: 109] وَهُوَ فِي دُعَاءِ الِاسْتِخَارَةِ , وَرُوِّينَاهُ فِي خَبَرِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْحُصَيْنِ قَالَ الْحَلِيمِيُّ: وَمَعْنَاهُ الْعَالِمُ بِأَصْنَافِ الْمَعْلُومَاتِ عَلَى تَفَاوُتِهَا , فَهُوَ يَعْلَمُ الْمَوْجُودَ وَيَعْلَمُ مَا هُوَ كَائِنٌ , وَأَنَّهُ إِذَا كَانَ كَيْفَ يَكُونُ , وَيَعْلَمُ مَا لَيْسَ بِكَائِنٍ , وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَيْفَ يَكُونُ الحديث: 72 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 124 73 - أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمُزَكِّي , أنا أَبُو الْحَسَنِ الطَّرَائِفِيُّ , ثنا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ , ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ , عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ , عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى} [طه: 7] قَالَ: يَعْلَمُ السِّرَّ مَا أَسَرَّ ابْنُ آدَمَ فِي نَفْسِهِ , وَأَخْفَى مَا خَفِيَ عَلَى ابْنِ آدَمَ مِمَّا هُوَ فَاعِلُهُ قَبْلَ أَنْ يَعْمَلَهُ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَعْلَمُ ذَلِكَ كُلَّهُ , فَعِلْمُهُ فِيمَا مَضَى مِنْ ذَلِكَ وَمَا بَقِيَ عِلْمٌ وَاحِدٌ , وَجَمِيعُ الْخَلَائِقِ عِنْدَهُ فِي ذَلِكَ كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَمِنْهَا «الْخَبِيرُ» قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ} [الأنعام: 18] وَرُوِّينَاهُ فِي خَبَرِ الْأَسَامِي قَالَ الْحَلِيمِيُّ: وَمَعْنَاهُ الْمُتَحَقِّقُ لِمَا يَعْلَمُ كَالْمُسْتَيْقِنِ مِنَ الْعِبَادِ إِذْ كَانَ الشَّكُّ غَيْرَ جَائِزٍ عَلَيْهِ فَإِنَّ الشَّكَّ يَنْزِعُ إِلَى الْجَهْلِ وَحَاشَا لَهُ مِنَ الْجَهْلِ , وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ الْعَبْدَ قَدْ يُوصَفُ بِعِلْمِ الشَّيْءِ إِذَا كَانَ ذَلِكَ مِمَّا يُوجِبُهُ أَكْثَرُ رَأْيِهِ وَلَا سَبِيلَ لَهُ إِلَى أَكْثَرِ مِنْهُ , وَإِنْ كَانَ يُجِيزُ الْخَطَأَ عَلَى نَفْسِهِ فِيهِ , وَاللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ لَا يُوصَفُ بِمِثْلِ ذَلِكَ , إِذْ كَانَ الْعَجْزُ غَيْرَ جَائِزٍ عَلَيْهِ , وَالْإِنْسَانُ إِنَّمَا يُؤْتَى فِيمَا وَصَفْتُ مِنْ قِبَلِ الْقُصُورِ وَالْعَجْزِ [ص: 126] وَمِنْهَا «الشَّهِيدُ» قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} [الحج: 17] وَقَالَ جَلَّ وَعَلَا:: {وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا} [النساء: 79] , وَرُوِّينَاهُ فِي خَبَرِ الْأَسَامِي الحديث: 73 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 125 74 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمُزَكِّي , أنا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدُوسٍ , حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ , ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ , حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ , حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ , عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ سَأَلَ رَجُلًا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يُسَلِّفَهُ أَلْفَ دِينَارٍ قَالَ: إِيتِنِي بِالشُّهُودِ أُشْهِدُهُمْ عَلَيْكَ , قَالَ: كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا , قَالَ: فَأْتِنِي بِكَفِيلٍ، قَالَ: كَفَى بِاللَّهِ كَفِيلًا قَالَ: صَدَقْتَ فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى " قَالَ: وَذَكَرَ الْحَدِيثَ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ فَقَالَ: وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ , فَذَكَرَهُ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَلِيمِيُّ فِي مَعْنَى الشَّهِيدِ: إِنَّهُ الْمُطَّلِعُ عَلَى مَا لَا يَعْلَمُهُ الْمَخْلُوقُونَ إِلَّا بِالشُّهُودِ وَهُوَ الْحُضُورُ , وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ وَإِنْ كَانَ لَا يُوصَفُ بِالْحُضُورِ الَّذِي هُوَ الْمُجَاوَرَةُ أَوِ الْمُقَارَبَةُ فِي الْمَكَانِ فَإِنَّ مَا يَجْرِي، وَيَكُونُ مِنْ خَلْقِهِ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ كَمَا [ص: 127] يَخْفَى عَلَى الْبَعِيدِ النَّائِي عَنِ الْقَوْمِ مَا يَكُونُ مِنْهُمْ , وَذَلِكَ أَنَّ النَّائِيَ إِنَّمَا يُؤْتَى مِنْ قِبَلِ قُصُورِ آلَتِهِ وَنَقْصِ جَارِحَتِهِ , وَاللَّهُ تَعَالَى جَلَّ ثَنَاؤُهُ لَيْسَ بِذِي آلَةٍ وَلَا جَارِحَةٍ فَيَدْخُلُ عَلَيْهِ فِيهِمَا مَا يَدْخُلُ عَلَى الْمُحْتَاجِ إِلَيْهِمَا وَمِنْهَا «الْحَسِيبُ» قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا} [النساء: 6] وَرُوِّينَاهُ فِي خَبَرِ الْأَسَامِي قَالَ الْحَلِيمِيُّ: وَمَعْنَاهُ الْمُدْرِكُ لِلْأَجْزَاءِ وَالْمَقَادِيرِ الَّتِي يَعْلَمُ الْعِبَادُ أَمْثَالَهَا بِالْحِسَابِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَحْسِبَ , لِأَنَّ الْحَاسِبَ يُدْرِكُ الْأَجْزَاءَ شَيْئًا فَشَيْئًا وَيَعْلَمُ الْجُمْلَةَ عِنْدَ انْتِهَاءِ حِسَابِهِ , وَاللَّهُ تَعَالَى لَا يَتَوَقَّفُ عِلْمُهُ بِشَيْءٍ عَلَى أَمْرٍ يَكُونُ , وَحَالٍ يَحْدُثُ , وَقَدْ قِيلَ: الْحَسِيبُ هُوَ الْكَافِي , فَعِيلٌ بِمَعْنَى مُفْعِلٍ تَقُولُ الْعَرَبُ نَزَلْتُ بِفُلَانٍ فَأَكْرَ‍مَنِي وَأَحْسَبَنِي أَيْ أَعْطَانِي مَا كَفَانِي حَتَّى قُلْتُ حَسْبِي الحديث: 74 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 126 بَابُ جُمَّاعِ أَبْوَابِ ذِكْرِ الْأَسْمَاءِ الَّتِي تَتْبَعُ إِثْبَاتَ التَّدْبِيرِ لَهُ دُونَ مَا سِوَاهُ قَالَ الْحَلِيمِيُّ: فَأَوَّلُ ذَلِكَ «الْمُدَبِّرُ» وَمَعْنَاهُ مُصَرِّفُ الْأُمُورِ عَلَى مَا يُوجِبُ حُسْنَ عَوَاقِبِهَا وَاشْتِقَاقُهُ مِنَ الدُّبُرِ فَكَانَ الْمُدَبِّرُ هُوَ الَّذِي يَنْظُرُ إِلَى دُبُرِ الْأُمُورِ فَيَدْخُلُ فِيهِ عَلَى عِلْمٍ بِهِ وَاللَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ عَالِمٌ بِكُلِّ مَا هُوَ كَائِنٌ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ , فَلَا يَخْفَى عَلَيْهِ عَوَاقِبُ الْأُمُورِ , وَهَذَا الِاسْمُ فِيمَا يُؤْثَرُ عَنْ نَبِيِّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَدْ رُوِّينَاهُ فِي حَدِيثِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْحُصَيْنِ وَفِي الْكِتَابِ {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ} [يونس: 3] وَمِنْهَا «الْقَيُّومُ» قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {الم اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [آل عمران: 2] وَرُوِّينَاهُ فِي خَبَرِ الْأَسَامِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 128 75 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ , أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ , ثنا أَبُو دَاوُدَ , ثنا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ , حَدَّثَنِي حَفْصُ بْنُ عُمَرَ الشَّنِّيُّ , حَدَّثَنِي أَبِي عُمَرُ بْنُ مُرَّةَ , قَالَ: سَمِعْتُ بِلَالَ بْنَ يَسَارِ بْنِ زَيْدٍ , مَوْلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِيَ يُحَدِّثُنِيهِ عَنْ جَدِّي أَنَّهُ سَمِعَ [ص: 129] النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " مَنْ قَالَ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ , غُفِرَ لَهُ وَإِنْ كَانَ فَرَّ مِنَ الزَّحْفِ " الحديث: 75 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 128 76 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَسَنِ , ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحُسَيْنِ , ثنا آدَمُ , ثنا وَرْقَاءُ , عَنِ ابْنِ أَبِي نُجَيْحٍ , عَنْ مُجَاهِدٍ , فِي قَوْلِهِ: {الْقَيُّومُ} [البقرة: 255] يَعْنِي الْقَائِمُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَالَ الْحَلِيمِيُّ فِي مَعْنَى الْقَيُّومِ: إِنَّهُ الْقَائِمُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مِنْ خَلْقِهِ يُدَبِّرُهُ بِمَا يُرِيدُ جَلَّ وَعَلَا , وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: الْقَيُّومُ الْقَائِمُ الدَّائِمُ بِلَا زَوَالٍ , وَوَزْنُهُ فَيْعُولٌ مِنَ الْقِيَامِ وَهُوَ نَعْتُ الْمُبَالَغَةِ وَفِي الْقِيَامِ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَيُقَالُ: هُوَ الْقَيِّمُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ بِالرِّعَايَةِ لَهُ قُلْتُ: رَأَيْتُ فِيَ عُيُونِ التَّفْسِيرِ لِإِسْمَاعِيلَ الضَّرِيرِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي تَفْسِيرِ الْقَيُّومِ , قَالَ: وَيُقَالُ: إِنَّهُ الَّذِي لَا يَنَامُ , وَكَأَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ عَقِيبِهِ فِي آيَةِ الْكُرْسِي: {لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ} [البقرة: 255] الحديث: 76 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 131 77 - أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ , أنا أَبُو الْحَسَنِ الطَّرَائِفِيُّ , ثنا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ , حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ , عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ , عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ} [البقرة: 255] , قَالَ: السِّنَةُ هُوَ النُّعَاسُ , وَالنَّوْمُ هُوَ النَّوْمُ الحديث: 77 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 132 78 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيُّ , ثنا عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ , ثنا الْمَسْعُودِيُّ , عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ: إِنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ: أَيَنَامُ رَبُّنَا؟ , قَالَ: اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ , فَأَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى مُوسَى أَنْ خُذْ قَارُورَتَيْنِ وَامْلَأْهُمَا مَاءً فَفَعَلَ فَنَعَسَ فَنَامَ فَسَقَطَتَا مِنْ يَدِهِ فَانْكَسَرَتَا فَأَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ إِنِّي أَمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَوْ نِمْتُ لَزَالَتَا الحديث: 78 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 132 79 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ , ثنا [ص: 133] يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ ح , وَأَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الْعَزَائِمِيُّ , أنا بِشْرُ بْنُ أَحْمَدَ , ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نَاجِيَةَ , حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي إِسْرَائِيلَ , ثنا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ , عَنْ أُمَيَّةَ بْنِ شِبْلٍ , قَالَ: أَخْبَرَنِي الْحَكَمُ بْنُ أَبَانَ , عَنْ عِكْرِمَةَ , قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , وَقَالَ الْعَزَائِمِيُّ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْكِي عَنْ مُوسَى عَلَى الْمِنْبَرِ قَالَ: «وَقَعَ فِي نَفْسِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ هَلْ يَنَامُ اللَّهُ تَعَالَى؟ فَبَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْهِ مَلَكًا فَأَرَّقَهُ ثَلَاثًا ثُمَّ أَعْطَاهُ قَارُورَتَيْنِ فِي كُلِّ يَدٍ قَارُورَةٌ وَأَمَرَهُ أَنْ يَحْتَفِظَ بِهِمَا فَجَعَلَ يَنَامُ وَتَكَادُ يَدَاهُ أَنْ تَلْتَقِيَا ثُمَّ يَسْتَيْقِظُ فَيُنَحِّي إِحْدَاهُمَا عَنِ الْأُخْرَى حَتَّى [ص: 134] نَامَ نَوْمَةً فَاصْطَكَّتْ يَدَاهُ فَانْكَسَرَتَا» وَقَالَ الْعَزَائِمِيُّ: فَاصْطَفَقَتْ يَدَاهُ وَانْكَفَأَتِ الْقَارُورَتَانِ فَضَرَبَ لَهُ مَثَلًا أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَوْ كَانَ يَنَامُ لَمْ تَسْتَمْسِكِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ «مَتْنُ الْإِسْنَادِ الْأَوَّلِ أَشْبَهُ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمَحْفُوظُ وَمِنْهَا» الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ " قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {الرَّحْمَنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ , خَلَقَ الْإِنْسَانَ عَلَّمَهُ الْبَيَانَ} [الرحمن: 2] وَقَالَ جَلَّ وَعَلَا: {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ} [الإسراء: 110] وَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا} [الأحزاب: 43] , وَقَالَ جَلَّ جَلَالُهُ فِي فَاتِحَةِ الْكِتَابِ: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: 1] وَقَالَ تَعَالَى: {تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [فصلت: 2] وَقَالَ جَلَّتْ قُدْرَتُهُ فِي فَوَاتِحِ السُّوَرِ غَيْرَ التَّوْبَةِ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الحديث: 79 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 132 80 - أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ , أنا أَبُو حَامِدِ بْنُ بِلَالٍ , ثنا يَحْيَى بْنُ الرَّبِيعِ الْمَكِّيُّ , ثنا سُفْيَانُ , حَدَّثَنِي الْعَلَاءُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْقُوبَ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , رَضِيَ اللَّهُ [ص: 135] عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: قَسَمْتُ الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي , فَإِذَا قَالَ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: 2] قَالَ: حَمِدَنِي عَبْدِي , وَإِذَا قَالَ: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: 1] قَالَ: أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي , وَإِذَا قَالَ: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} قَالَ: مَجَّدَنِي عَبْدِي أَوْ قَالَ: فَوَّضَ إِلَيَّ عَبْدِي وَإِذَا قَالَ: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5] قَالَ: هَذَا بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ , وَإِذَا قَالَ: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7] قَالَ: هَذِهِ لَكَ " رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ سُفْيَانَ قَالَ الْحَلِيمِيُّ فِي مَعْنَى الرَّحْمَنِ: إِنَّهُ الْمُزِيحُ لِلْعِلَلِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا أَرَادَ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَنْ يَعْبُدُوهُ ـ يَعْنِي لَمَّا أَرَادَ أَنْ يَأْمُرَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ بِعِبَادَتِهِ ـ عَرَّفَهُمْ وُجُوهَ الْعِبَادَاتِ وَبَيَّنَ لَهُمْ حُدُودَهَا وَشُرُوطَهَا , وَخَلَقَ لَهُمْ مَدَارِكَ وَمَشَاعِرَ , وَقُوًى وَجَوَارِحَ , فَخَاطَبَهُمْ وَكَلَّفَهُمْ وَبَشَّرَهُمْ وَأَنْذَرَهُمْ , وَأَمْهَلَهُمْ وَحَمَّلَهُمْ دُونَ مَا تَتَّسِعُ لَهُ بُنْيَتُهُمْ , فَصَارَتِ الْعِلَلُ مُزَاحَةً , وَحِجَجُ الْعُصَاةِ وَالْمُقَصِّرِينَ مُنْقَطِعَةٌ وَقَالَ فِي مَعْنَى «الرَّحِيمِ» : إِنَّهُ الْمُثِيبُ عَلَى الْعَمَلِ فَلَا يُضِيعُ لِعَامِلٍ عَمَلًا , وَلَا يُهْدِرُ لِسَاعٍ سَعِيًا , وَيُنِيلُهُ بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ مِنَ الثَّوَابِ أَضْعَافَ عَمَلِهِ وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ فِيمَا أُخْبِرْتُ عَنْهُ: اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي تَفْسِيرِ «الرَّحْمَنِ» وَمَعْنَاهُ وَهَلْ هُوَ مُشْتَقٌّ مِنَ الرَّحْمَةِ أَمْ لَا؟ فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّهُ غَيْرُ مُشْتَقٍّ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مُشْتَقًّا مِنَ الرَّحْمَةِ [ص: 136] لَاتَّصَلَ بِذِكْرِ الْمَرْحُومِ فَجَازَ أَنْ يُقَالَ: اللَّهُ رَحْمَنُ بِعِبَادِهِ , كَمَا يُقَالُ: رَحِيمٌ بِعِبَادِهِ , وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مُشْتَقًّا مِنَ الرَّحْمَةِ لَأَنْكَرَتْهُ الْعَرَبُ حِينَ سَمِعُوهُ إِذْ كَانُوا لَا يُنْكِرُونَ رَحْمَةَ رَبِّهِمْ: وَقَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا} [الفرقان: 60] وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ اسْمٌ عِبْرَانِيٌّ , وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ مِنَ النَّاسِ إِلَى أَنَّهُ مُشْتَقٌّ مِنَ الرَّحْمَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُبَالَغَةِ , وَمَعْنَاهُ ذُو الرَّحْمَةِ لَا نَظِيرَ لَهُ فِيهَا , وَلِذَلِكَ لَا يُثَنَّى وَلَا يُجْمَعُ , كَمَا يُثَنَّى الرَّحِيمُ وَيُجْمَعُ، وَبِنَاءُ فَعْلَانَ فِي كَلَامِهِمْ بِنَاءُ الْمُبَالَغَةِ يُقَالُ لِشَدِيدِ الِامْتِلَاءِ مَلْآنُ وَلِشَدِيدِ الشِّبَعِ شَبْعَانُ , وَالَّذِي يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ مَذْهَبِ الِاشْتِقَاقِ فِي هَذَا الِاسْمِ حَدِيثُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَعْنِي مَا الحديث: 80 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 134 81 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ الْأَصْبَهَانِيُّ , أنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْقَطَّانُ , أنا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ السُّلَمِيُّ , ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ , أنا مَعْمَرٌ , عَنِ الزُّهْرِيِّ , عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , قَالَ: إِنَّ أَبَا الرَّدَّادِ اللَّيْثِيَّ أَخْبَرَهُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَنَا الرَّحْمَنُ خَلَقْتُ الرَّحِمَ وَشَقَقْتُ لَهَا اسْمًا مِنِ اسْمِي , فَمَنْ وَصَلَهَا وَصَلْتُهُ وَمَنْ قَطَعَهَا قَطَعْتُهُ " [ص: 137] قَالَ الْخَطَّابِيُّ: فَالرَّحْمَنُ ذُو الرَّحْمَةِ الشَّامِلَةِ الَّتِي وَسِعَتِ الْخَلْقَ فِي أَرْزَاقِهِمْ وَأَسْبَابِ مَعَايشِهِمْ وَمَصَالِحِهِمْ , وَعَمَّتِ الْمُؤْمِنَ وَالْكَافِرَ , وَالصَّالِحَ وَالطَّالِحَ وَأَمَّا الرَّحِيمُ فَخَاصٌّ لِلْمُؤْمِنِينَ كَقَوْلِهِ: {وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا} [الأحزاب: 43] , قَالَ: وَالرَّحِيمُ وَزْنُهُ فَعِيلٌ بِمَعْنَى فَاعِلٌ , أَيْ رَاحِمٌ , وَبِنَاءُ فَعِيلٍ أَيْضًا لِلْمُبَالَغَةِ كَعَالِمٍ وَعَلِيمٍ , وَقَادِرٌ وَقَدِيرٌ وَكَانَ أَبُو عُبَيْدَةَ يَقُولُ: تَقْدِيرُ هَذَيْنِ الِاسْمَيْنِ تَقْدِيرُ نَدْمَانَ وَنَدِيمٍ مِنَ الْمُنَادَمَةِ [ص: 138] قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: وَجَاءَ فِي الْأَثَرِ أَنَّهُمَا اسْمَانِ رَقِيقَانِ أَحَدُهُمَا أَرَقُّ مِنَ الْآخَرِ , يَعْنِي بِذَلِكَ مَا الحديث: 81 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 136 82 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَحْبُورِ الدَّهَّانُ أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ هَارُونَ النَّيْسَابُورِيُّ , أنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نَصْرٍ اللَّبَّادُ , أنا يُوسُفُ بْنُ بِلَالٍ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ , عَنِ الْكَلْبِيِّ , عَنْ أَبِي صَالِحٍ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: الرَّحْمَنُ وَهُوَ الرَّقِيقُ , الرَّحِيمُ , وَهُوَ الْعَاطِفُ عَلَى خَلْقِهِ بِالرِّزْقِ , وَهُمَا اسْمَانِ رَقِيقَانِ أَحَدُهُمَا أَرَقُّ مِنَ الْآخَرِ الحديث: 82 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 139 83 - وَأَخْبَرَنَا الْإِمَامُ أَبُو إِسْحَاقَ , إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ , أنا عَبْدُ الْخَالِقِ بْنُ الْحَسَنِ السَّقَطِيُّ , ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ثَابِتِ بْنِ يَعْقُوبَ , قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي , عَنِ الْهُذَيْلِ بْنِ حَبِيبٍ , عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ سُلَيْمَانَ , عَمَّنْ يَرْوِي تَفْسِيرَهُ عَنْهُ مِنَ التَّابِعِينَ قَالَ: الرَّحْمَنُ , [ص: 140] الرَّحِيمُ اسْمَانِ رَقِيقَانِ أَحَدُهُمَا أَرَقُّ مِنَ الْآخَرِ الرَّحْمَنُ يَعْنِي الْمُتَرَحِّمَ , الرَّحِيمُ يَعْنِي الْمُتَعَطِّفَ بِالرَّحْمَةِ عَلَى خَلْقِهِ قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: وَهَذَا مُشْكِلٌ , لِأَنَّ الرِّقَّةَ لَا مَدْخَلَ لَهَا فِي شَيْءٍ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ , وَمَعْنَى الرَّقِيقِ هَا هُنَا اللَّطِيفُ , يُقَالُ: أَحَدُهُمَا أَلْطَفُ مِنَ الْآخَرِ , وَمَعْنَى اللُّطْفِ فِي هَذَا الْغُمُوضُ دُونَ الصِّغَرِ الَّذِي هُوَ نَعْتُ الْأَجْسَامِ , وَسَمِعْتُ أَبَا الْقَاسِمِ الْحَسَنَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ حَبِيبٍ الْمُفَسِّرَ يَحْكِي عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْفَضْلِ الْبَجَلِيِّ أَنَّهُ قَالَ: هَذَا وَهُمٌ مِنَ الرَّاوِي , لِأَنَّ الرِّقَّةَ لَيْسَتْ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي شَيْءٍ , وَإِنَّمَا هُمَا اسْمَانِ رَفِيقَانِ أَحَدُهُمَا أَرْفَقُ مِنَ الْآخَرِ , وَالرِّفْقُ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى , قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ , وَيُعْطِي عَلَى الرِّفْقِ مَا لَا يُعْطِي عَلَى الْعُنْفِ» الحديث: 83 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 139 84 - أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ , أنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْقَطَّانُ , ثنا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ الْهِلَالِيُّ , ثنا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ , ثنا حَمَّادٌ , عَنْ يُونُسَ , وَحُمَيْدٍ , عَنِ الْحَسَنِ , عَنْ [ص: 141] عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ وَيُعْطِي عَلَيْهِ مَا لَا يُعْطِي عَلَى الْعُنْفِ» الحديث: 84 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 140 85 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَحْمَدَ , أنا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ , ثنا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى , أنا ابْنُ وَهْبٍ , أَخْبَرَنِي حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ , حَدَّثَنِي ابْنُ الْهَادِ , عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ , عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , عَنْ عَائِشَةَ , زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِي: «يَا عَائِشَةُ إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ , وَيُعْطِي عَلَى الرِّفْقِ مَا لَا يُعْطِي عَلَى الْعُنْفِ , وَمَا لَا يُعْطِي عَلَى مَا سِوَاهُ» وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ حَرْمَلَةَ وَقَوْلُهُ: «إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ» مَعْنَاهُ لَيْسَ بِعَجُولٍ , وَإِنَّمَا يَعْجَلُ مَنْ يَخَافُ الْفَوْتَ , فَأَمَّا مَنْ كَانَتِ الْأَشْيَاءُ فِي قَبْضَتِهِ وَمُلْكِهِ فَلَيْسَ يَعْجَلُ فِيهَا وَأَمَّا قَوْلُهُ «يُحِبُّ الرِّفْقَ» أَيْ يُحِبُّ تَرْكَ الْعَجَلَةِ فِي الْأَعْمَالِ وَالْأُمُورِ سَمِعْتُ أَبَا الْقَاسِمِ الْحَسَنَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ حَبِيبٍ الْمُفَسِّرُ يَحْكِي عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَحْيَى أَنَّهُ قَالَ: الرَّحْمَنُ خَاصٌّ فِي التَّسْمِيَةِ عَامٌّ فِي الْفِعْلِ وَالرَّحِيمُ عَامٌّ فِي التَّسْمِيَةِ خَاصٌّ فِي الْفِعْلِ الحديث: 85 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 141 86 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أنا أَبُو زَكَرِيَّا الْعَنْبَرِيُّ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ , ثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ , ثنا وَكِيعٌ , وَيَحْيَى بْنُ آدَمَ , قَالَا: ثنا إِسْرَائِيلُ , عَنْ سِمَاكِ بْنِ [ص: 142] حَرْبٍ , عَنْ عِكْرِمَةَ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} [مريم: 65] قَالَ: لَمْ يُسَمَّ أَحَدٌ الرَّحْمَنَ غَيْرُهُ وَمِنْهَا «الْحَلِيمُ» قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِنَّ اللَّهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ} [الحج: 59] , وَرُوِّينَاهُ فِي خَبَرِ الْأَسَامِي الحديث: 86 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 141 87 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو , قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ , ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ , ثنا أَبُو أُسَامَةَ , عَنْ أُسَامَةَ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كعب , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ , قَالَ: عَلَّمَنِي عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَلِمَاتٍ عَلَّمَهُنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاهُ يَقُولُهُنَّ فِي الْكَرْبِ وَالشَّيْءِ يُصِيبُهُ: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْحَلِيمُ الْكَرِيمُ , سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمُ , وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ» قَالَ الْحَلِيمِيُّ فِي مَعْنَى الْحَلِيمِ: إِنَّهُ الَّذِي لَا يَحْبِسُ إِنْعَامَهُ وَأَفْضَالَهُ عَنْ عِبَادِهِ [ص: 143] لِأَجْلِ ذُنُوبِهِمْ , وَلَكِنَّهُ يَرْزُقُ الْعَاصِي كَمَا يَرْزُقُ الْمُطِيعَ , وَيُبْقِيهِ وَهُوَ مُنْهَمِكٌ فِي مَعَاصِيهِ كَمَا يُبْقِي الْبَرَّ التَّقِيَّ , وَقَدْ يَقِيهِ الْآفَاتِ وَالْبَلَايَا وَهُوَ غَافِلٌ لَا يَذْكُرُهُ فَضْلًا عَنْ أَنْ يَدْعُوهُ كَمَا يَقِيهَا النَّاسِكَ الَّذِي يَسْأَلُهُ , وَرُبَّمَا شَغَلَتْهُ الْعِبَادَةُ عَنِ الْمَسْأَلَةِ , قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: هُوَ ذُو الصَّفْحِ وَالْأَنَاةِ الَّذِي لَا يَسْتَفِزُّهُ غَضَبٌ , وَلَا يَسْتَخِفُّهُ جَهْلُ جَاهِلٍ وَلَا عِصْيَانُ عَاصٍ , وَلَا يَسْتَحِقُّ الصَّافِحُ مَعَ الْعَجْزِ اسْمَ الْحَلِيمِ , وَإِنَّمَا الْحَلِيمُ هُوَ الصَّفُوحُ مَعَ الْقُدْرَةِ , الْمُتَأَنِّي الَّذِي لَا يُعَجِّلُ بِالْعُقُوبَةِ وَمِنْهَا «الْكَرِيمُ» قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ} [الانفطار: 6] , وَرُوِّينَاهُ فِي خَبَرِ الْأَسَامِي الحديث: 87 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 142 88 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ , أنا أَبُو سَعِيدِ بْنُ الْأَعْرَابِيُّ , ثنا أَبُو أُسَامَةَ الْكَلْبِيُّ , ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ , ثنا فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ , عَنِ الصَّنْعَانِيِّ , مُحَمَّدِ بْنِ ثَوْرٍ عَنْ مَعْمَرٍ , عَنْ أَبِي حَازِمٍ , عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ [ص: 144] رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ اسْمُهُ كَرِيمٌ يُحِبُّ مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ وَيُبْغِضُ سَفْسَافَهَا» الحديث: 88 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 143 89 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ يُوسُفَ , أنا أَبُو سَعِيدٍ , ثنا الرَّمَادِيُّ , ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ , أنا مَعْمَرٌ , عَنْ أَبِي حَازِمٍ , عَنْ طَلْحَةَ بْنِ كَرِيزٍ الْخُزَاعِيِّ , قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَرِيمٌ يُحِبُّ مَعَالِيَ الْأَخْلَاقِ وَيَكْرَهُ سَفْسَافَهَا» هَذَا مُنْقَطِعٌ وَكَذَا رَوَاهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ أَبِي حَازِمٍ [ص: 145] قَالَ الْحَلِيمِيُّ فِي مَعْنَى الْكَرِيمِ: إِنَّهُ النَّفَّاعُ مِنْ قَوْلِهِمْ: شَاةٌ كَرِيمَةٌ إِذَا كَانَتْ غَزِيرَةَ اللَّبَنِ تَدُرُّ عَلَى الْحَالِبِ وَلَا تَقْلِصُ بِأَخْلَافِهَا , وَلَا تَحْبِسُ لَبَنَهَا , وَلَا شَكَّ فِي كَثْرَةِ الْمَنَافِعِ الَّتِي مَنَّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهَا عَلَى عِبَادِهِ ابْتِدَاءً مِنْهُ وَتَفَضُّلًا , فَهُوَ بِاسْمِ الْكَرِيمِ أَحَقُّ , قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: مِنْ كَرَمِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَنَّهُ يَبْتَدِئُ بِالنِّعْمَةِ مِنْ غَيْرِ اسْتِحْقَاقٍ , وَيَتَبَرَّعُ بِالْإِحْسَانِ مِنْ غَيْرِ اسْتِثَابَةٍ , وَيَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَعْفُو عَنِ الْمُسِيءِ , وَيَقُولُ الدَّاعِي فِي دُعَائِهِ: يَا كَرِيمَ الْعَفْوِ الحديث: 89 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 144 90 - أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ , قَالَ: قُرِئَ عَلَى أَبِي الْفَضْلِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ السُّلَمِيِّ الْهَرَوِيِّ , حَدَّثَكُمْ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّامِيُّ , ثنا خَالِدُ بْنُ الْهَيَّاجِ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ , عَنْ مُجَاهِدٍ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: جَاءَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ رَآهُ ضَاحِكًا مُسْتَبْشِرًا لَمْ يَرَ مِثْلَ ذَلِكَ , فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا مُحَمَّدُ قَالَ: «وَعَلَيْكَ السَّلَامُ يَا جِبْرِيلُ» قَالَ: يَا مُحَمَّدُ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ بِهَدِيَّةٍ لَمْ يُعْطِهَا أَحَدًا قَبْلَكَ , وَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى [ص: 146] أَكْرَمَكَ , قَالَ: «فَمَا هِيَ يَا جِبْرِيلُ؟» , قَالَ: كَلِمَاتٌ مِنْ كُنُوزِ عَرْشِهِ قَالَ: قُلْ يَا مَنْ أَظْهَرَ الْجَمِيلَ وَسَتَرَ الْقَبِيحَ , يَا مَنْ لَمْ يُؤَاخِذْ بِالْجَرِيرَةِ , وَلَمْ يَهْتِكِ السِّتْرَ , يَا عَظِيمَ الْعَفْوِ , يَا حَسَنَ التَّجَاوُزِ , يَا وَاسِعَ الْمَغْفِرَةِ , وَيَا بَاسِطَ الْيَدَيْنِ بِالرَّحْمَةِ , يَا مُنْتَهَى كُلِّ شَكْوَى , وَيَا صَاحِبَ كُلِّ نَجْوَى , يَا كَرِيمَ الصَّفْحِ , وَيَا عَظِيمَ الْمَنِّ , وَيَا مُبْدِئَ النِّعَمِ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِهَا , يَا رَبَّاهُ وَيَا سَيِّدَاهُ وَيَا أَمَلَاهُ وَيَا غَايَةَ رَغْبَتَاهُ , أَسْأَلُكَ بِكَ أَنْ لَا تَشْوِيَ خَلْقِي بِالنَّارِ " ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ فِي ثَوَابِ هَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ وَقَدْ رُوِّينَاهُ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ دُعَاءٌ حَسَنٌ , وَفِي صِحَّتِهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَظَرٌ قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: وَقِيلَ إِنَّ مِنْ كَرَمِ عَفْوِهِ أَنَّ الْعَبْدَ إِذَا تَابَ عَنِ السَّيِّئَةِ [ص: 147] مَحَاهَا عَنْهُ وَكَتَبَ لَهُ مَكَانَهَا حَسَنَةً قُلْتُ: وَفِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى: {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [الفرقان: 70] وَقَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْإِخْبَارِ عَنْ كَرَمِ عَفْوِ اللَّهِ مَا هُوَ أَبْلَغُ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ فِيمَا الحديث: 90 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 145 91 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ , ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ الْعَامِرِيُّ , ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ , عَنِ الْأَعْمَشِ , عَنِ الْمَعْرُورِ بْنِ سُوَيْدٍ , عَنْ أَبِي ذَرٍّ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنِّي لَأَعْلَمُ آخِرَ أَهْلِ الْجَنَّةِ دُخُولًا الْجَنَّةَ , وَآخِرَ أَهْلِ النَّارِ خُرُوجًا مِنْهَا: رَجُلٌ يُؤْتَى بِهِ فَيُقَالُ: اعْرِضُوا عَلَيْهِ صِغَارَ ذُنُوبِهِ - يَعْنِي وَارْفَعُوا عَنْهُ كِبَارَهَا - فَيُعْرَضُ عَلَيْهِ صِغَارُ ذُنُوبِهِ , فَيُقَالُ: عَمِلْتَ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا , كَذَا وَكَذَا وَعَمِلْتَ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا , كَذَا وَكَذَا؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ , لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُنْكِرَ , وَهُوَ مُشْفِقٌ مِنْ كِبَارِ ذُنُوبِهِ أَنْ تُعْرَضَ عَلَيْهِ، قَالَ: فَيُقَالُ: فَإِنَّ لَكَ مَكَانَ كُلِّ سَيِّئَةٍ حَسَنَةً قَالَ: فَيَقُولُ: رَبِّ قَدْ عَمِلْتُ أَشْيَاءَ مَا أَرَاهَا هَا هُنَا قَالَ: فَلَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ «رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ [ص: 148] وَمِنْهَا» الْأَكْرَمُ " قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ} [العلق: 3] وَرُوِّينَاهُ فِي خَبَرِ الْأَسَامِي عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْحُصَيْنِ قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: هُوَ أَكْرَمُ الْأَكْرَمِينَ , لَا يُوَازِيهِ كَرِيمٌ , وَلَا يُعَادِلُهُ فِيهِ نَظِيرٌ , وَقَدْ يَكُونُ الْأَكْرَمُ بِمَعْنَى الْكَرِيمِ , كَمَا جَاءَ الْأَعَزُّ بِمَعْنَى الْعَزِيزِ وَمِنْهُ «الصَّبُورُ» وَذَلِكَ مِمَّا وَرَدَ فِي خَبَرِ الْأَسَامِي قَالَ الْحَلِيمِيُّ: وَمَعْنَاهُ الَّذِي لَا يُعَاجِلُ بِالْعُقُوبَةِ وَهَذِهِ صِفَةُ رَبِّنَا جَلَّ ثَنَاؤُهُ , لِأَنَّهُ يُمْلِي وَيُمْهِلُ وَيُنْظِرُ وَلَا يُعَجِّلُ وَمِنْهَا «الْعَفُوُّ» قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ} [الحج: 60] وَرُوِّينَاهُ فِي خَبَرِ الْأَسَامِي الحديث: 91 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 147 92 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو , قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ , ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ , ثنا عَمْرُو بْنُ الْعَنْقَزِيِّ , عَنْ سُفْيَانَ , عَنِ [ص: 149] الْجُرَيْرِيِّ , عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ , عَنْ عَائِشَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ أَنَا وَافَقْتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ مَا أَقُولُ؟ , قَالَ: " قُولِي: اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي أَوِ اعْفُ عَنَّا " قَالَ الْحَلِيمِيُّ فِي مَعْنَى الْعَفُوِّ: إِنَّهُ الْوَاضِعُ عَنْ عِبَادِهِ تَبِعَاتِ خَطَايَاهُمْ وَآثَامِهِمْ , فَلَا يَسْتَوْفِيهَا مِنْهُمْ , وَذَلِكَ إِذَا تَابُوا وَاسْتَغْفَرُوا , أَوْ تَرَكُوا لِوَجْهِهِ أَعْظَمَ مَا فَعَلُوا لِيُكَفِّرَ عَنْهُمْ مَا فَعَلُوا بِمَا تَرَكُوا , أَوْ بِشَفَاعَةِ مَنْ يَشْفَعُ لَهُمْ , أَوْ يَجْعَلُ ذَلِكَ كَرَامَةً لِذِي حُرْمَةٍ لَهُمْ بِهِ وَجَزَاءً لَهُ بِعَمَلِهِ , قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: الْعَفُوُّ وَزْنُهُ فَعُولٌ مِنَ الْعَفْوِ وَهُوَ بِنَاءُ الْمُبَالَغَةِ , وَالْعَفْوُ الصَّفْحُ عَنِ الذَّنْبِ , وَقِيلَ: إِنَّ الْعَفْوَ مَأْخُوذٌ مِنْ عَفَتِ الرِّيحُ الْأَثَرَ إِذَا دَرَسَتْهُ , فَكَأَنَّ الْعَافِيَ عَنِ الذَّنْبِ يَمْحُوهُ بِصَفْحِهِ عَنْهُ وَمِنْهَا «الْغَافِرُ» قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ} [غافر: 3] , قَالَ الْحَلِيمِيُّ: وَهُوَ الَّذِي يَسْتُرُ عَلَى الْمُذْنِبِ وَلَا يُؤَاخِذُهُ بِهِ فَيُشَهِّرُهُ وَيَفْضَحُهُ الحديث: 92 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 148 93 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ , بِبَغْدَادَ أنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ , ثنا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيُّ , ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ , أنا مَعْمَرٌ , عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ , عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللَّهُ بِكُمْ وَلَجَاءَ اللَّهُ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ فَيَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ تَعَالَى فَيَغْفِرَ لَهُمْ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ سَمَاعًا مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِنْهَا «الْغَفَّارُ» قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ} [الزمر: 5] وَرُوِّينَاهُ فِي خَبَرِ الْأَسَامِي , وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا , قَالَ الْحَلِيمِيُّ: وَهُوَ الْمُبَالِغُ فِي السِّتْرِ فَلَا يُشَهِّرُ الذَّنْبَ لَا فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ الحديث: 93 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 150 94 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ , أنا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ , أنا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ , ثنا هَمَّامٌ , ثنا قَتَادَةُ , عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ: قَالَ: بَيْنَا أنَا أَمْشِي مَعَ ابْنِ عُمَرَ آخِذًا بِيَدِهِ إِذْ عَرَضَ لَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: كَيْفَ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي النَّجْوَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُدْنِي مِنْهُ [ص: 151] الْمُؤْمِنَ فَيَضَعُ عَلَيْهِ كَنَفَهُ وَيَسْتُرُهُ مِنَ النَّاسِ , فَيَقُولُ: أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا؟ أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا؟ أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ أَيْ رَبِّ , فَيَقُولُ: أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا؟ أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ أَيْ رَبِّ , حَتَّى إِذَا قَرَّرَهُ بِذُنُوبِهِ وَرَأَى فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ قَدْ هَلَكَ , قَالَ: فَإِنِّي قَدْ سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ , قَالَ: فَيُعْطَى كِتَابَ حَسَنَاتِهِ , قَالَ: وَأَمَّا الْكُفَّارُ وَالْمُنَافِقُونَ فَيَقُولُ الْأَشْهَادُ: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ وَأَخْرَجَهُ هُوَ وَمُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ قَتَادَةَ وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ: «يُدْنِي مِنْهُ الْمُؤْمِنَ» يُرِيدُ بِهِ يُقَرِّبُهُ مِنْ كَرَامَاتِهِ وَقَوْلُهُ: «فَيَضَعُ عَلَيْهِ كَنَفَهُ» يُرِيدُ بِهِ عَطْفَهُ وَرَأْفَتَهُ وَرِعَايَتَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَمِنْهَا «الْغَفُورُ» قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الحجر: 49] وَرُوِّينَاهُ فِي خَبَرِ الْأَسَامِي الحديث: 94 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 150 95 - وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ , أنا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ , ثنا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مِلْحَانَ , ثنا يَحْيَى هُوَ ابْنُ بُكَيْرٍ , ثنا اللَّيْثُ , عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ , عَنْ أَبِي الْخَيْرِ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ , رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ أَنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عَلِّمْنِي دُعَاءً أَدْعُو بِهِ فِي صَلَاتِي , قَالَ: " قُلِ: اللَّهُمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا وَلَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدَكِ وَارْحَمْنِي إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ قُتَيْبَةَ وَغَيْرِهِ عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ الْحَلِيمِيُّ: وَهُوَ الَّذِي يَكْثُرُ مِنْهُ السِّتْرُ عَلَى الْمُذْنِبِينَ مِنْ عِبَادِهِ وَيَزِيدُ عَفْوُهُ عَلَى مُؤَاخَذَتِهِ الحديث: 95 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 152 96 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ , أنا مُحَمَّدُ بْنُ غَالِبٍ , وَمُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ , وَيُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ , قَالَ ابْنُ أَيُّوبَ: أنا وَقَالَا: ثنا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ , ثنا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى , قَالَ: سَمِعْتُ إِسْحَاقَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ , يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي عَمْرَةَ , يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " إِنَّ عَبْدًا أَصَابَ ذَنْبًا فَقَالَ: يَا رَبِّ إِنِّي أَذْنَبْتُ ذَنْبًا فَاغْفِرْهُ لِي , فَقَالَ رَبُّهُ: عَلِمَ عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ , فَغَفَرَ لَهُ , ثُمَّ مَكَثَ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ أَصَابَ ذَنْبًا آخَرَ , وَرُبَّمَا قَالَ: ثُمَّ أَذْنَبَ ذَنْبًا آخَرَ , فَقَالَ: يَا رَبِّ إِنِّي أَذْنَبْتُ ذَنْبًا آخَرَ فَاغْفِرْهُ لِي , فَقَالَ رَبُّهُ: عَلِمَ عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ فَغَفَرَ لَهُ ثُمَّ مَكَثَ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ أَصَابَ ذَنْبًا آخَرَ وَرُبَّمَا قَالَ: ثُمَّ أَذْنَبَ ذَنْبًا آخَرَ , فَقَالَ: يَا رَبِّ إِنِّي أَذْنَبْتُ ذَنْبًا آخَرَ فَاغْفِرْهُ لِي , فَقَالَ رَبُّهُ: عَلِمَ عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ فَقَالَ رَبُّهُ: غَفَرْتُ لِعَبْدِي فَلْيَعْمَلْ مَا شَاءَ «رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ [ص: 154] عَنْ عَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ عَنْ أَبِي الْوَلِيدِ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ هَمَّامٍ وَمِنْهَا» الرَّؤُوفُ " قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤوفٌ رَحِيمٌ} [النحل: 7] وَرُوِّينَاهُ فِي خَبَرِ الْأَسَامِي قَالَ الْحَلِيمِيُّ: وَمَعْنَاهُ الْمُسَاهِلُ عِبَادَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يُحَمِّلْهُمْ - يَعْنِي - مِنَ الْعِبَادَاتِ مَا لَا يُطِيقُونَ - يَعْنِي بِزَمَانَةٍ أَوْ عِلَّةٍ أَوْ ضِعْفٍ - بَلْ حَمَّلَهُمْ أَقَلَّ مِمَّا يُطِيقُونَهُ بِدَرَجَاتٍ كَثِيرَةٍ وَمَعَ ذَلِكَ غَلَّظَ فَرَائِضَهُ فِي حَالِ شِدَّةِ الْقُوَّةِ , وَخَفَّفَهَا فِي حَالِ الضَّعْفِ وَنُقْصَانِ الْقُوَّةِ وَأَخَذَ الْمُقِيمَ بِمَا لَمْ يَأْخُذْ بِهِ الْمُسَافِرَ , وَالصَّحِيحَ بِمَا لَمْ يَأْخُذْ بِهِ الْمَرِيضَ , وَهَذَا كُلُّهُ رَأْفَةٌ وَرَحْمَةٌ , قَالَ الْخَطَّابِيُّ: وَقَدْ تَكُونُ الرَّحْمَةُ فِي الْكَرَاهَةِ لِلْمَصْلَحَةِ وَلَا تَكَادُ الرَّأْفَةُ تَكُونُ فِي الْكَرَاهَةِ وَمِنْهَا «الصَّمَدُ» قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ} [الإخلاص: 2] , وَرُوِّينَاهُ فِي خَبَرِ الْأَسَامِي الحديث: 96 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 153 97 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أنا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُكْرَمٍ الْبَزَّازُ , بِبَغْدَادَ ثنا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شَاكِرٍ , ثنا أَبُو مَعْمَرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو , ثنا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ , ثنا حُسَيْنٌ الْمُعَلِّمُ، عَنْ اللهِ بْنِ بُرَيْدَةَ , عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ عَلِيٍّ , أَنَّ مِحْجَنَ بْنَ الْأَدْرَعِ , حَدَّثَهُ قَالَ: دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسْجِدَ فَإِذَا بِرَجُلٍ قَدْ صَلَّى صَلَاتَهُ وَهُوَ يَتَشَهَّدُ وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكُ يَا اللَّهُ الْأَحَدُ الصَّمَدُ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ [ص: 155] يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ , أَنْ تَغْفِرَ لِي ذُنُوبِي إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ قَالَ: فَقَالَ: «قَدْ غُفِرَ لَهُ , قَدْ غُفِرَ لَهُ , قَدْ غُفِرَ لَهُ , قَدْ غُفِرَ لَهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي السُّنَنِ عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ قَالَ الْحَلِيمِيُّ: مَعْنَاهُ الْمَصْمُودُ بِالْحَوَائِجِ أَيِ الْمَقْصُودُ بِهَا , وَقَدْ يُقَالُ ذَلِكَ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ الْمُسْتَحِقُّ لِأَنْ يُقْصَدَ بِهَا , ثُمَّ لَا يَبْطُلُ هَذَا الِاسْتِحْقَاقُ وَلَا تَزُولُ هَذِهِ الصِّفَةُ بِذَهَابِ مَنْ يَذْهَبُ عَنِ الْحَقِّ , وَيَضِلُّ السَّبِيلَ , لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ هُوَ الْخَالِقُ وَالْمُدَبِّرُ لِمَا خَلَقَ لَا خَالِقَ غَيْرُهُ وَلَا مُدَبِّرَ سِوَاهُ , فَالذَّهَابُ عَنْ قَصْدِهِ بِالْحَاجَةِ وَهِيَ بِالْحَقِيقَةِ وَاقِعَةٌ إِلَيْهِ وَلَا قَاضِيَ لَهَا غَيْرُهُ , جَهْلٌ وَحُمْقٌ , وَالْجَهْلُ بِاللَّهِ تَعَالَى جِدُّهُ كُفْرٌ الحديث: 97 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 154 98 - أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمُزَكِّي , أنا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدُوسٍ الطَّرَائِفِيُّ , ثنا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ , ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ , عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ , عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي قَوْلِهِ: {الصَّمَدُ} [الإخلاص: 2] قَالَ: السَّيِّدُ الَّذِي كَمُلَ فِي سُؤْدَدِهِ وَالشَّرِيفُ الَّذِي كَمُلَ فِي شَرَفِهِ وَالْعَظِيمُ الَّذِي قَدْ كَمُلَ فِي عَظَمَتِهِ , وَالْحَلِيمُ الَّذِي قَدْ كَمُلَ فِي حِلْمِهِ , وَالْغَنِيُّ الَّذِي قَدْ كَمُلَ فِي غِنَاهُ , وَالْجَبَّارُ الَّذِي قَدْ كَمُلَ فِي جَبَرُوتِهِ , وَالْعَالِمُ الَّذِي قَدْ كَمُلَ فِي عَلِمِهِ , وَالْحَكِيمُ الَّذِي قَدْ كَمُلَ فِي حُكْمِهِ , وَهُوَ الَّذِي قَدْ كَمُلَ فِي أَنْوَاعِ الشَّرَفِ وَالسُّؤْدَدِ وَهُوَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَذِهِ صِفَتُهُ لَا تَنْبَغِي إِلَّا لَهُ لَيْسَ لَهُ كُفُوٌ وَلَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ , فَسُبْحَانَ اللَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ الحديث: 98 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 156 99 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيُّ , ثنا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ , ثنا الْأَعْمَشُ , عَنْ شَقِيقٍ , فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {الصَّمَدُ} [الإخلاص: 2] قَالَ: هُوَ السَّيِّدُ إِذَا انْتَهَى سُؤْدَدُهُ الحديث: 99 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 157 100 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ثنا أَبُو نُعَيْمٍ , ثنا سَلَمَةُ بْنُ سَابُورَ , عَنْ عَطِيَّةَ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: الصَّمَدُ الَّذِي لَا جَوْفَ لَهُ وَرُوِّينَا هَذَا الْقَوْلَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَمُجَاهِدٍ , وَالْحَسَنِ وَالسُّدِّيِّ وَالضَّحَّاكِ وَغَيْرِهِمْ , وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ , يَشُكُّ رَاوِيهِ فِي رَفْعِهِ الحديث: 100 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 157 101 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , وَمُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ الْفَضْلِ , قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارٍ , ثنا أَبُو مَعْشَرٍ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ , فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {اللَّهُ الصَّمَدُ} [الإخلاص: 2] قَالَ: لَوْ سَكَتَ عَنْهَا لَتَبَخَّصَ لَهَا رِجَالٌ فَقَالُوا: مَا الصَّمَدُ؟ فَأَخْبَرَهُمْ أَنَّ الصَّمَدَ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ وَرُوِّينَا عَنْ عِكْرِمَةَ فِي تَفْسِيرِ الصَّمَدِ قَرِيبًا مِنْ هَذَا الحديث: 101 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 158 102 - وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ , ثنا مُحَمَّدٌ , ثنا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ , أنا شُعْبَةُ , عَنْ أَبِي رَجَاءٍ , أَنَّ الْحَسَنَ , قَالَ: الصَّمَدُ الَّذِي لَا يَخْرُجُ مِنْهُ شَيْءٌ الحديث: 102 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 158 103 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ , أنا أَبُو مَنْصُورٍ النَّضْرَوِيُّ , ثنا أَحْمَدُ بْنُ نَجْدَةَ , ثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ , ثنا هُشَيْمٌ , أنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ , عَنِ الشَّعْبِيِّ , قَالَ: «أُخْبِرْتُ أَنَّهُ الَّذِي لَا يَأْكُلُ وَلَا يَشْرَبُ» الحديث: 103 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 159 104 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , وَمُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى , قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ هُوَ الْأَصَمُّ ثنا الصَّاغَانِيُّ , ثنا أَبُو سُلَيْمَانَ الْأَشْقَرُ , ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ , ثنا سَعِيدٌ , عَنْ قَتَادَةَ , عَنِ الْحَسَنِ , قَالَ: " {الصَّمَدُ} [الإخلاص: 2] الْبَاقِي بَعْدَ خَلْقِهِ " [ص: 160] وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِيمَا أُخْبِرْتُ عَنْهُ: الصَّمَدُ السَّيِّدُ الَّذِي يُصْمَدُ إِلَيْهِ فِي الْأُمُورِ وَيُقْصَدُ إِلَيْهِ فِي الْحَوَائِجِ وَالنَّوَازِلِ , وَأَصْلُ الصَّمَدِ الْقَصْدُ , يُقَالُ لِلرَّجُلِ: اصْمُدْ صَمْدَ فُلَانٍ أَيِ اقْصِدْ قَصْدَهُ , وَأَصَحُّ مَا قِيلَ فِيهِ مَا يَشْهَدُ لَهُ مَعْنَى الِاشْتِقَاقِ وَمِنْهَا «الْحَمِيدُ» قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} [لقمان: 26] وَرُوِّينَاهُ فِي خَبَرِ الْأَسَامِي , قَالَ الْحَلِيمِيُّ: هُوَ الْمُسْتَحِقُّ لِأَنْ يُحْمَدَ لِأَنَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بَدَأَ فَأَوْجَدَ , ثُمَّ جَمَعَ بَيْنَ النِّعْمَتَيْنِ الْجَلِيلَتَيْنِ الْحَيَاةِ وَالْعَقْلِ , وَوَالَى بَعْدَ مَنْحِهِ , وَتَابَعَ آلَاءَهُ وَمِنَنَهُ , حَتَّى فَاتَتِ الْعَدَّ , وَإِنِ اسْتُفْرِغَ فِيهَا الْجَهْدُ , فَمَنْ ذَا الَّذِي يَسْتَحِقُّ الْحَمْدَ سِوَاهُ؟ بَلْ لَهُ الْحَمْدُ كُلُّهُ لَا لِغَيْرِهِ , كَمَا أَنَّ الْمَنَّ مِنْهُ لَا مِنْ غَيْرِهِ , قَالَ الْخَطَّابِيُّ: هُوَ الْمَحْمُودُ الَّذِي اسْتَحَقَّ الْحَمْدَ بِفِعَالِهِ , وَهُوَ فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٌ , وَهُوَ الَّذِي يُحْمَدُ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ , وَفِي الشِّدَّةِ وَالرَّخَاءِ , لِأَنَّهُ حَكِيمٌ لَا يَجْرِي فِي أَفْعَالِهِ الْغَلَطُ وَلَا يَعْتَرِضُهُ الْخَطَأُ فَهُوَ مَحْمُودٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَمِنْهَا «الْقَاضِي» قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ} [غافر: 20] الحديث: 104 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 159 105 - أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ , ثنا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مَنْصُورٍ التَّاجِرُ , أنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سُلَيْمَانَ , ثنا عَاصِمُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَاصِمٍ , ثنا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ , عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى , عَنْ دَاوُدَ بْنِ عَلِيٍّ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: بَعَثَنِي الْعَبَّاسُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَيْتُهُ مُمْسِيًا وَهُوَ فِي بَيْتِ خَالَتِي مَيْمُونَةَ , قَالَ: فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ فَلَمَّا [ص: 162] صَلَّى الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ قَالَ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِكَ تَهْدِي بِهَا قَلْبِي , وَتَجْمَعُ بِهَا شَمْلِي وَتَلُمُّ بِهَا شَعَثِي , وَتَرُدُّ بِهَا أُلْفَتِي وَتُصْلِحُ بِهَا دِينِي , وَتَحْفَظُ بِهَا غَائِبِي , وَتَرْفَعُ بِهَا شَاهِدِي , وَتُزَكِّي بِهَا عَمَلِي , وَتُبَيِّضُ بِهَا وَجْهِي , وَتُلْهِمُنِي بِهَا رُشْدِي , وَتَعْصِمُنِي بِهَا مِنْ كُلِّ سُوءٍ , اللَّهُمَّ أَعْطِنِي إِيمَانًا صَادِقًا , وَيَقِينًا لَيْسَ بَعْدَهُ كُفْرٌ , وَرَحْمَةً أَنَالُ بِهَا شَرَفَ كَرَامَتِكَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ , اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكُ الْفَوْزَ عِنْدَ الْقَضَاءِ , وَنُزُلَ الشُّهَدَاءِ , وَعَيْشَ السُّعَدَاءِ , وَمُرَافَقَةَ الْأَنْبِيَاءِ , وَالنَّصْرَ عَلَى الْأَعْدَاءِ , اللَّهُمَّ إِنِّي أُنْزِلُ بِكَ حَاجَتِي وَإِنْ قَصُرَ رَأْيِي وَضَعُفَ عَمَلِي وَافْتَقَرْتُ إِلَى رَحْمَتِكَ , فَأَسْأَلُكَ يَا قَاضِيَ الْأُمُورِ , وَيَا شَافِيَ الصُّدُورِ , كَمَا تُجِيرُ بَيْنَ الْبُحُورِ أَنْ تُجِيرَنِي مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ , وَمِنْ دَعْوَةِ الثُّبُورِ , وَمَنْ فِتْنَةِ الْقُبُورِ , اللَّهُمَّ مَا قَصُرَ عَنْهُ رَأْيِي وَضَعُفَ عَنْهُ عَمَلِي وَلَنْ تَبْلُغَهُ نِيَّتِي أَوْ أُمْنِيَتِي، شَكَّ عَاصِمٌ، مِنْ خَيْرٍ وَعَدْتَهُ أَحَدًا مِنْ عِبَادِكَ , أَوْ خَيْرٍ أَنْتَ مُعْطِيهِ أَحَدًا مِنْ خَلَقِكَ , فَإِنِّي أَرْغَبُ إِلَيْكَ فِيهِ وَأَسْأَلُكَ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ، [ص: 163] اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا هَادِينَ مَهْدِيِّينَ غَيْرَ ضَالِّينَ وَلَا مُضِلِّينَ , حَرْبًا لِأَعْدَائِكَ سِلْمًا لِأَوْلِيَائِكَ نُحِبُّ بِحُبِّكَ النَّاسَ , وَنُعَادِي بِعَدَاوَتِكَ مَنْ خَالَفَكَ مِنْ خَلْقِكَ , اللَّهُمَّ هَذَا الدُّعَاءُ وَعَلَيْكَ الْإِجَابَةُ وَهَذَا الْجَهْدُ وَعَلَيْكَ التُّكْلَانُ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ اللَّهُمَّ ذَا الْحَبْلِ الشَّدِيدِ , وَالْأَمْرِ الرَّشِيدِ , أَسْأَلُكَ الْأَمْنَ يَوْمَ الْوَعِيدِ وَالْجَنَّةَ يَوْمَ الْخُلُودِ مَعَ الْمُقَرَّبِينَ الشُّهُودِ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ , الْمُوفِينَ بِالْعُهُودِ , إِنَّكَ رَحِيمٌ وَدُودٌ , وَأَنْتَ تَفْعَلُ مَا تُرِيدُ , سُبْحَانَ الَّذِي يَعْطِفُ بِالْعِزِّ وَقَالَ بِهِ , سُبْحَانَ الَّذِي لَبِسَ الْمَجْدَ وَتَكَرَّمَ بِهِ , سُبْحَانَ الَّذِي لَا يَنْبَغِي التَّسْبِيحُ إِلَّا لَهُ , سُبْحَانَ ذِي الْفَضْلِ وَالنِّعَمِ , سُبْحَانَ ذِي الْقُدْرَةِ وَالْكَرَمِ , سُبْحَانَ الَّذِي أَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ بِعِلْمِهِ , اللَّهُمَّ اجْعَلْ لِي نُورًا فِي قَلْبِي , وَنُورًا فِي قَبْرِي , وَنُورًا فِي سَمْعِي وَنُورًا فِي بَصَرِي وَنُورًا فِي شَعْرِي وَنُورًا فِي بَشَرِي وَنُورًا فِي لَحْمِي وَنُورًا فِي دَمِي وَنُورًا فِي عِظَامِي وَنُورًا مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ وَنُورًا مِنْ خَلْفِي وَنُورًا عَنْ يَمِينِي وَنُورًا عَنْ شِمَالِي وَنُورًا مِنْ فَوْقِي وَنُورًا مِنْ تَحْتِي , اللَّهُمَّ زِدْنِي نُورًا وَأَعْطِنِي نُورًا وَاجْعَلْ لِي نُورًا» هَذَا الْحَدِيثُ يَشْتَمِلُ عَلَى عَدَدِ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتٍ لَهُ مِنْهَا: «الْقَاضِي» , قَالَ الْحَلِيمِيُّ: وَمَعْنَاهُ الْمُلْزِمُ حُكْمُهُ , وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ الْحَاكِمَ مِنَ الْعِبَادِ لَا يَقُولُ إِلَّا مَا يَقُولُهُ الْمُفْتِي , غَيْرَ أَنَّ الْفُتْيَا لَمَّا كَانَتْ لَا تَلْزَمُ لُزُومَ الْحُكْمِ , وَالْحُكْمُ يَلْزَمُ , سُمِّيَ الْحَاكِمُ قَاضِيًا وَلَمْ يُسَمَّ الْمُفْتِي قَاضِيًا , فَعَلِمْنَا أَنَّ الْقَاضِيَ هُوَ الْمُلْزِمُ , وَحُكْمُ اللَّهِ تَعَالَى جَدُّهُ كُلُّهُ لَازِمٌ فَهُوَ إِذًا قَاضٍ وَحُكْمُهُ قَضَاءٌ وَمِنْهَا «الْقَاهِرُ» قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ} [الأنعام: 18] , قَالَ الْحَلِيمِيُّ: وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ يُدَبِّرُ خَلْقَهُ بِمَا يُرِيدُ فَيَقَعُ فِي ذَلِكَ مَا يَشُقُّ وَيَثْقُلُ , وَيُغِمُّ وَيُحْزِنُ وَيَكُونُ مِنْهُ سَلْبُ الْحَيَاةِ أَوْ بَعْضُ الْجَوَارِحِ فَلَا يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ رَدَّ تَدْبِيرِهِ وَالْخُرُوجَ مِنْ تَقْدِيرِهِ [ص: 164] وَمِنْهَا «الْقَهَّارُ» قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ} [الرعد: 16] وَرُوِّينَاهُ فِي خَبَرِ الْأَسَامِي , وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَ الْحَلِيمِيُّ: الَّذِي يَقْهَرُ وَلَا يُقْهَرُ بِحَالٍ وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: هُوَ الَّذِي قَهَرَ الْجَبَابِرَةَ مِنْ عُتَاةِ خَلْقِهِ بِالْعُقُوبَةِ , وَقَهَرَ الْخَلْقَ كُلَّهُمْ بِالْمَوْتِ وَمِنْهَا «الْفَتَّاحُ» قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ} [سبأ: 26] وَرُوِّينَاهُ فِي خَبَرِ الْأَسَامِي قَالَ الْحَلِيمِيُّ: وَهُوَ الْحَاكِمُ أَيْ يَفْتَحُ مَا انْغَلَقَ بَيْنَ عِبَادِهِ وَيُمَيِّزُ الْحَقَّ مِنَ الْبَاطِلِ وَيُعْلِي الْمُحِقَّ وَيُخْزِي الْمُبْطِلَ , وَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ مِنْهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ , قَالَ الْخَطَّابِيُّ: وَيَكُونُ مَعْنَى الْفَتَّاحُ أَيْضًا الَّذِي يَفْتَحُ أَبْوَابَ الرِّزْقِ وَالرَّحْمَةِ لِعِبَادِهِ , وَيَفْتَحُ الْمُنْغَلِقَ عَلَيْهِمْ مِنْ أُمُورِهِمْ وَأَسْبَابِهِمْ , وَيَفْتَحُ قُلُوبَهُمْ وَعُيُونَ بَصَائِرِهِمْ لِيُبْصِرُوا الْحَقَّ , وَيَكُونُ الْفَاتِحُ أَيْضًا بِمَعْنَى النَّاصِرِ كَقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ} [الأنفال: 19] قَالَ أَهْلُ التَّفْسِيرِ: مَعْنَاهُ إِنْ تَسْتَنْصِرُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ النَّصْرُ الحديث: 105 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 161 106 - أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ , أنا أَبُو الْحَسَنِ الطَّرَائِفِيُّ , ثنا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ , ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ , عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ , عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي قَوْلِهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ} [سبأ: 26] يَقُولُ: الْقَاضِي الحديث: 106 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 164 107 - أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ , أَنَا أَبُو بَكْرٍ الْقَطَّانُ , ثَمَا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ [ص: 165] السُّلَمِيُّ , ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى , أَنَا مِسْعَرٌ , عَنْ قَتَادَةَ , عَمَّنْ أَخْبَرَهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: " مَا كُنْتُ أَدْرِي مَا قَوْلُهُ: افْتَحْ بَيْنَنَا حَتَّى سَمِعْتُ بِنْتَ ذِي يَزَنَ أَوِ ابْنَةَ ذِي يَزَنَ تَقُولُ: تَعَالَ أُفَاتِحُكَ أُقَاضِيكَ «وَمِنْهَا» الْكَاشِفُ " قَالَ الْحَلِيمِيُّ: وَلَا يُدْعَى بِهَذَا الِاسْمِ إِلَّا مُضَافًا إِلَى شَيْءٍ فَيُقَالُ: يَا كَاشِفَ الضُّرِّ , أَوْ كَاشِفَ الْكَرْبِ , وَمَعْنَاهُ الْفَارِجُ وَالْمُجَلِّي يَكْشِفُ الْكَرْبَ وَيَجْلِي الْقَلْبَ , وَيُفَرِّجُ الْهَمَّ وَيُزِيحُ الضُّرَّ وَالْغَمَّ قُلْتُ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ} [الأنعام: 17] وَرُوِيَ فِي حَدِيثِ دُعَاءِ الْمَدْيُونِ: «اللَّهُمَّ فَارِجَ الْهَمِّ كَاشِفَ الْغَمِّ» وَمِنْهَا «اللَّطِيفُ» قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الأنعام: 103] وَرُوِّينَاهُ فِي خَبَرِ الْأَسَامِي , قَالَ الْحَلِيمِيُّ: وَهُوَ الَّذِي يُرِيدُ بِعِبَادِهِ الْخَيْرَ وَالْيُسْرَ , وَيُقَيِّضُ لَهُمْ أَسْبَابَ الصَّلَاحِ وَالْبِرِّ قُلْتُ: أَرَادَ عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ خَاصَّةً عِنْدَ مَنْ لَا يَرَى مَا يُعْطِيهِ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْكُفَّارَ مِنَ الدُّنْيَا نِعْمَةً , أَوْ أَرَادَ الْمُؤْمِنِينَ خَاصَّةً فِي أَسْبَابِ الدِّينِ وَأَرَادَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْكَافِرِينَ عَامَّةً فِي أَسْبَابِ الدُّنْيَا عِنْدَ مَنْ يَرَاهَا نِعْمَةً فِي الْجُمْلَةِ , وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِيمَا أُخْبِرْتُ عَنْهُ: اللَّطِيفُ هُوَ الْبَرُّ بِعِبَادِهِ الَّذِي يَلْطُفُ بِهِمْ مِنْ حَيْثِ لَا يَعْلَمُونَ , وَيُسَبِّبُ لَهُمْ مَصَالِحَهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُونَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ} [الشورى: 19] قَالَ: وَحَكَى أَبُو عُمَرَ عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ أَنَّهُ قَالَ: " اللَّطِيفُ الَّذِي يُوصِلُ إِلَيْكَ أَرَبَكَ فِي رِفْقٍ , وَمِنْ هَذَا قَوْلُهُمْ لَطَفَ اللَّهُ بِكَ أَيْ أَوْصَلَ إِلَيْكَ مَا تُحِبُّ فِي رِفْقٍ , قَالَ: وَيُقَالُ هُوَ الَّذِي لَطَفَ عَنْ أَنْ يُدْرَكَ بِالْكَيْفِيَّةِ وَمِنْهَا «الْمُؤْمِنُ» قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ} [الحشر: 23] وَرُوِّينَاهُ فِي خَبَرِ الْأَسَامِي قَالَ الْحَلِيمِيُّ: وَمَعْنَاهُ الْمُصَدِّقُ , لِأَنَّهُ إِذَا وَعَدَ صَدَقَ وَعْدَهُ , وَيُحْتَمَلُ [ص: 166] الْمُؤَمِّنُ عِبَادَهُ بِمَا عَرَّفَهُمْ مِنْ عِدْلِهِ وَرَحْمَتِهِ مِنْ أَنْ يَظْلِمَهُمْ وَيَجُورَ عَلَيْهِمْ قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِيمَا أُخْبِرْتُ عَنْهُ: أَصْلُ الْإِيمَانِ فِي اللُّغَةِ التَّصْدِيقُ , فَالْمُؤْمِنُ الْمُصَدِّقُ وَيَحْتَمِلُ ذَلِكَ وُجُوهًا: أَحَدُهَا أَنَّهُ يُصَدِّقُ عِبَادَهُ وَعْدَهُ وَيَفِي بِمَا ضَمِنَهُ لَهُمْ مِنْ رِزْقٍ فِي الدُّنْيَا , وَثَوَابٍ عَلَى أَعْمَالِهِمُ الْحَسَنَةِ فِي الْآخِرَةِ , وَالْآخَرُ أَنَّهُ يُصَدِّقُ ظُنُونَ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ وَلَا يُخَيِّبُ آمَالَهُمْ كَقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا يَحْكِيهِ عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ: «أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي , فَلْيَظُنَّ بِي مَا شَاءَ» وَقِيلَ: بَلِ الْمُؤْمِنُ الْمُوَحِّدُ نَفْسُهُ لِقَوْلِهِ: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ} , وَقِيلَ: بَلِ الْمُؤْمِنُ الَّذِي آمَنْ عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ عَذَابَهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي آمَنَ خَلْقُهُ مِنْ ظُلْمِهِ , وَقَدْ دَخَلَ أَكْثَرُ هَذِهِ الْوُجُوهِ فِيمَا قَالَهُ الْحَلِيمِيُّ إِلَّا أَنَّ هَذَا أَبْيَنُ وَمِنْهَا «الْمُهَيْمِنُ» قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {الْمُهَيْمِنُ} [الحشر: 23] وَرُوِّينَاهُ فِي خَبَرِ الْأَسَامِي , قَالَ الْحَلِيمِيُّ: وَمَعْنَاهُ لَا يُنْقِصُ الْمُطِيعِينَ يَوْمَ الْحِسَابِ مِنْ طَاعَاتِهِمْ شَيْئًا فَلَا يُثِيبُهُمْ عَلَيْهِ لِأَنَّ الثَّوَابَ لَا يُعْجِزُهُ وَلَا هُوَ مُسْتَكْرَهٌ عَلَيْهِ فَيَضْطَرُّ إِلَى كِتْمَانِ بَعْضِ الْأَعْمَالِ أَوْ جَحْدِهَا , وَلَيْسَ بِبَخِيلٍ فَيَحْمِلُهُ اسْتِكْثَارُ الثَّوَابِ إِذَا كَثُرَتِ الْأَعْمَالُ عَلَى كِتْمَانِ بَعْضِهَا , وَلَا يَلْحَقُهُ نَقْصٌ بِمَا يُثِيبُ فَيَحْبِسُ بَعْضَهُ , لِأَنَّهُ لَيْسَ مُنْتَفِعًا بِمُلْكِهِ حَتَّى إِذَا نَفَعَ غَيْرَهُ بِهِ زَالَ انْتِفَاعُهُ عَنْهُ بِنَفْسِهِ , وَكَمَا لَا يُنْقِصُ الْمُطِيعَ مِنْ حَسَنَاتِهِ شَيْئًا لَا يَزِيدُ الْعُصَاةَ عَلَى مَا اجْتَرَحُوهُ مِنَ السَّيِّئَاتِ شَيْئًا , فَيَزِيدُهُمْ , عِقَابًا عَلَى مَا اسْتَحَقُّوهُ لِأَنَّ وَاحِدًا مِنَ الْكَذِبِ وَالظُّلْمِ غَيْرُ جَائِزٍ عَلَيْهِ , وَقَدْ سَمَّى عُقُوبَةَ أَهْلِ النَّارِ جَزَاءً , فَمَا لَمْ يُقَابِلْ مِنْهَا ذَنْبًا لَمْ يَكُنْ جَزَاءً , وَلَمْ يَكُنْ وِفَاقًا , فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَفْعَلُهُ قُلْتُ: وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ شَرْحُ قَوْلِ أَهْلِ التَّفْسِيرِ فِي الْمُهَيْمِنِ إِنَّهُ الْأَمِينُ قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: وَأَصْلُهُ مُؤَيِمِنٌ فَقُلِبَتِ الْهَمْزَةُ هَاءً لِأَنَّ الْهَاءَ أَخَفُّ مِنَ الْهَمْزَةِ , وَهُوَ عَلَى وَزْنِ مُسَيْطِرٍ , وَمُبَيْطِرٍ الحديث: 107 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 164 108 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ , ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ , ثنا أَبُو عَامِرٍ , عَنْ سُفْيَانَ , عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ , عَنِ التَّمِيمِيِّ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي قَوْلِهِ: {وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ} [المائدة: 48] قَالَ: مُؤْتَمَنًا عَلَيْهِ الحديث: 108 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 167 109 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ , ثنا أَبُو الْحَسَنِ الطَّرَائِفِيُّ , نا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ , ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ , عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ , عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ} [المائدة: 48] قَالَ: الْمُهَيْمِنُ الْأَمِينُ , قَالَ: الْقُرْآنُ أَمِينٌ عَلَى كُلِّ كِتَابٍ قَبْلَهُ الحديث: 109 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 167 110 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَسَنِ , ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ [ص: 168] الْحُسَيْنِ , ثنا آدَمُ , ثنا وَرْقَاءُ , عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ , عَنْ مُجَاهِدٍ , فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ} [المائدة: 48] قَالَ: بِمَعْنَى مُؤْتَمَنًا عَلَى الْكُتُبِ الحديث: 110 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 167 وَبِإِسْنَادِهِ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: " {الْمُهَيْمِنُ} [الحشر: 23] الشَّاهِدُ عَلَى مَا قَبْلَهُ مِنَ الْكُتُبِ قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: فَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْمُهَيْمِنُ أَيِ الشَّاهِدُ عَلَى خَلْقِهِ بِمَا يَكُونُ مِنْهُمْ مِنْ قَوْلٍ وَفِعْلٍ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ} [يونس: 61] قَالَ: وَقِيلَ: الْمُهَيْمِنُ الرَّقِيبُ عَلَى الشَّيْءِ وَالْحَافِظُ لَهُ قَالَ: وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ اللُّغَةِ: الْهَيْمَنَةُ الْقِيَامُ عَلَى الشَّيْءِ وَالرَّعَايَةُ لَهُ وَأَنْشَدَ: [البحر الكامل] أَلَا إِنَّ خَيْرَ النَّاسِ بَعْدَ نَبِيِّهِ ... مُهَيْمِنَةُ التَّأْلِيهِ فِي الْعُرْفِ وَالنُّكْرِ يُرِيدُ الْقَائِمَ عَلَى النَّاسِ بَعْدَهُ بِالرِّعَايَةِ لَهُمْ وَمِنْهَا «الْبَاسِطُ الْقَابِضُ» قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءَ وَيَقْدِرُ} [الرعد: 26] وَقَالَ الْلَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ} [البقرة: 245] وَرَوَيْنَاهُمَا فِي خَبَرِ الْأَسَامِي قَالَ الْحَلِيمِيُّ فِي مَعْنَى الْبَاسِطِ: إِنَّهُ النَّاشِرُ فَضْلَهُ عَلَى عِبَادِهِ يَرْزُقُ وَيُوَسِّعُ , وَيَجُودُ وَيَفْضُلُ وَيُمَكِّنُ وَيُخَوِّلُ وَيُعْطِي أَكْثَرَ مِمَّا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ وَقَالَ فِي مَعْنَى الْقَابِضِ: يَطْوِي بِرَّهُ وَمَعْرُوفَهُ عَمَّنْ يُرِيدُ وَيُضَيِّقُ وَيَقْتُرُ أَوْ يَحْرِمُ فَيُفْقِرُ قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: وَقِيلَ الْقَابِضُ وَهُوَ الَّذِي يَقْبِضُ الْأَرْوَاحَ بِالْمَوْتِ الَّذِي كَتَبَهُ عَلَى الْعِبَادِ قَالَا: وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُدْعَى رَبُّنَا جَلَّ جَلَالُهُ بِاسْمِ الْقَابِضِ حَتَّى يُقَالُ مَعَهُ الْبَاسِطُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 168 111 - أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى , أنا أَبُو الْحَسَنِ , أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدُوسٍ , ثنا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ , ثنا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ , ثنا حَمَّادٌ , هُوَ ابْنُ سَلَمَةَ عَنْ قَتَادَةَ , وَثَابِتٍ , وَحُمَيْدٍ , عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: غَلَا السِّعْرُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ غَلَا السِّعْرُ فَسَعِّرْ لَنَا قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى هُوَ الْخَالِقُ الْقَابِضُ الْبَاسِطُ الرَّازِقُ الْمُسَعِّرُ , إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَلْقَى رَبِّي وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْكُمْ يَطْلُبُنِي بِمَظْلَمَةٍ فِي دَمٍ وَلَا مَالٍ» وَمِنْهَا «الْجَوَادُ» قَالَ الْحَلِيمِيُّ: وَمَعْنَاهُ الْكَثِيرُ الْعَطَايَا الحديث: 111 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 169 112 - حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ الْعَلَوِيُّ , أنا أَبُو حَامِدٍ , هُوَ ابْنُ الشَّرْقِيِّ ثنا أَحْمَدُ بْنُ حَفْصِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ , حَدَّثَنِي أَبِي , حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ , عَنِ الْأَعْمَشِ , عَنْ مُوسَى بْنِ الْمُسَيَّبِ , عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ , عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ , عَنْ أَبِي ذَرٍّ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ» فَذَكَرَ الْحَدِيثَ , قَالَ فِيهِ: «وَلَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَحَيَّكُمْ وَمَيِّتَكُمْ وَرَطْبَكُمْ وَيَابِسَكُمْ سَأَلُونِي حَتَّى تَنْتَهِيَ مَسْأَلَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فَأَعْطَيْتُهُمْ مَا سَأَلُونِي مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي كَمِغْرَزِ إِبْرَةٍ لَوْ [ص: 171] غَمَسَهَا أَحَدُكُمْ فِي الْبَحْرِ وَذَلِكَ أَنِّي جَوَادٌ مَاجِدٌ وَاجِدٌ , عَطَائِي كَلَامٌ وَعَذَابِي كَلَامٌ , إِنَّمَا أَمْرِي لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْتُهُ أَنْ أَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ» وَمِنْهَا «الْمَنَّانُ» قَالَ الْحَلِيمِيُّ: وَهُوَ الْعَظِيمُ الْمَوَاهِبِ , فَإِنَّهُ أَعْطَى الْحَيَاةَ وَالْعَقْلَ وَالْمَنْطِقَ وَصَوَّرَ فَأَحْسَنَ الصُّوَرَ , وَأَنْعَمَ فَأَجْزَلَ وَأَسْنَى النِّعَمَ , وَأَكْثَرَ الْعَطَايَا وَالْمِنَحَ قَالَ: وَقَوْلُهُ الْحَقُّ: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا} [النحل: 18] قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: وَالْمَنُّ الْعَطَاءُ لِمَنْ لَا يَسْتَثِيبُهُ قُلْتُ وَقَدْ رُوِّينَاهُ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْحُصَيْنِ , وَفِي حَدِيثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَمِنْهَا «الْمُقِيتُ» قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا} [النساء: 85] وَهُوَ فِي خَبَرِ الْأَسَامِي قَالَ الْحَلِيمِيُّ: وَعِنْدَنَا أَنَّهُ الْمُمِدُّ , وَأَصْلُهُ مِنَ الْقُوتِ الَّذِي هُوَ مَدَدُ الْبِنْيَةِ , وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ دَبَّرَ الْحَيَوَانَاتِ بِأَنْ جَبَلَهَا عَلَى أَنْ يُحَلِّلَ مِنْهَا عَلَى مَمَرِّ الْأَوْقَاتِ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ , وَيُعَوِّضَ مِمَّا يَتَحَلَّلُ غَيْرَهُ , فَهُوَ يُمِدُّهَا فِي كُلِّ وَقْتٍ بِمَا جَعَلَهُ قِوَامًا لَهَا إِلَى أَنْ يُرِيدَ إِبْطَالَ شَيْءٍ مِنْهَا , فَيَحْبِسُ عَنْهُ مَا جَعَلَهُ مَادَّةً لِبَقَائِهِ فَيَهْلِكُ الحديث: 112 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 170 113 - أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ , أنا أَبُو الْحَسَنِ الطَّرَائِفِيُّ , ثنا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ , ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ , عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ , عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي قَوْلِهِ: {وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا} [النساء: 85] يَقُولُ: حَفِيظًا [ص: 172] وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسِ أَنَّهُ قَالَ: " {مُقِيتًا} [النساء: 85] يَعْنِي مُقْتَدِرًا وَمِنْهَا «الرَّازَّقُ» قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [البقرة: 212] وَقَالَ تَعَالَى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ} [العنكبوت: 60] قَالَ الْحَلِيمِيُّ: وَمَعْنَاهُ الْمُفِيضُ عَلَى عِبَادِهِ مَا لَمْ يَجْعَلْ لِأَبْدَانِهِمْ قِوَامًا إِلَّا بِهِ , وَالْمُنْعِمُ عَلَيْهِمْ بِإِيصَالِ حَاجَتِهِمْ مِنْ ذَلِكَ إِلَيْهِمْ لِئَلَّا يُنَغِّصَ عَلَيْهِمْ لَذَّةَ الْحَيَاةِ بِتَأَخُّرِهِ عَنْهُمْ , وَلَا يَفْقِدُوهَا أَصْلًا لِفَقْدِهِمْ إِيَّاهُ وَمِنْهَا «الرَّزَّاقُ» قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} [الذاريات: 58] وَرُوِّينَاهُ فِي خَبَرِ الْأَسَامِي الحديث: 113 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 171 114 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الزَّاهِدُ الْأَصْبَهَانِيُّ , ثنا أَحْمَدُ بْنُ مِهْرَانَ الْأَصْبَهَانِيُّ , ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى , أنا إِسْرَائِيلُ , عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ , عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: أَقْرَأَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنِّي أَنَا الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ قَالَ الْحَلِيمِيُّ: وَهُوَ الرَّزَّاقُ رِزْقًا بَعْدَ رِزْقٍ , وَالْمُكْثِرُ الْمُوَسِّعُ لَهُ قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِيمَا أُخْبِرْتُ عَنْهُ: الرَّزَّاقُ هُوَ الْمُتَكَفِّلُ بِالرِّزْقِ وَالْقَائِمُ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا يُقِيمُهَا مِنْ قُوتِهَا قَالَ: وَكُلُّ مَا وَصَلَ مِنْهُ إِلَيْهِ مِنْ مُبَاحٍ وَغَيْرِ مُبَاحٍ فَهُوَ رِزْقُ اللَّهِ , عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ قَدْ جَعَلَهُ لَهُ قُوتًا وَمَعَاشًا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ رِزْقًا لِلْعِبَادِ} [ق: 11] وَقَالَ: {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ} [ص: 173] [الذاريات: 22] إِلَّا أَنَّ الشَّيْءَ إِذَا كَانَ مَأْذُونًا لَهُ فِي تَنَاوُلِهِ فَهُوَ حَلَالٌ حُكْمًا , وَمَا كَانَ مِنْهُ غَيْرَ مَأْذُونٍ لَهُ فِيهِ فَهُوَ حَرَامٌ حُكْمًا وَجَمِيعُ ذَلِكَ رِزْقٌ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ وَمِنْهَا «الْجَبَّارُ» فِي قَوْلِ مَنْ جَعَلَ ذَلِكَ مِنْ جَبْرِ الْكَسْرِ أَيِ الْمُصْلِحُ لِأَحْوَالِ عِبَادِهِ وَالْجَابِرُ لَهَا وَالْمُخْرِجُ لَهُمْ مِمَّا يَسُوءُهُمْ إِلَى مَا يَسُرُّهُمْ , وَمِمَّا يَضُرُّهُمْ إِلَى مَا يَنْفَعُهُمْ وَمِنْهَا «الْكَفِيلُ» قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا} [النحل: 91] وَرُوِّينَاهُ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الرَّجُلِ الَّذِي أَسْلَفَ قَالَ: كَفَى بِاللَّهِ كَفِيلًا وَرُوِّينَاهُ فِي خَبَرِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْحُصَيْنِ قَالَ الْحَلِيمِيُّ: وَمَعْنَاهُ الْمُتَقَبِّلُ لِلْكِفَايَاتِ , وَلَيْسَ ذَلِكَ بِعَقْدٍ وَكَفَالَةٍ كَكَفَالَةِ الْوَاحِدِ مِنَ النَّاسِ , وَإِنَّمَا هُوَ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ لَمَّا خَلَقَ الْمُحْتَاجَ وَأَلْزَمَهُ الْحَاجَةَ وَقَدَّرَ لَهُ الْبَقَاءَ الَّذِي لَا يَكُونُ إِلَّا مَعَ إِزَالَةِ الْعِلَّةِ وَإِقَامَةِ الْكِفَايَةِ , لَمْ يُخْلِهِ مِنْ إِيصَالِ مَا عُلِّقَ بَقَاؤُهُ بِهِ إِلَيْهِ , وَإِدْرَارُهُ فِي الْأَوْقَاتِ وَالْأَحْوَالِ عَلَيْهِ , وَقَدْ فَعَلَ ذَلِكَ رَبُّنَا جَلَّ ثَنَاؤُهُ , إِذْ لَيْسَ فِي وُسْعِ مُرْتَزِقٍ أَنْ يَرْزُقَ نَفْسَهُ , وَإِنَّمَا اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ يَرْزُقُ الْجَمَاعَةَ مِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابَّ وَالْأَجِنَّةَ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِهَا , وَالطَّيْرَ الَّتِي تَغْدُو خِمَاصًا , وَتَرُوحُ بِطَانًا , وَالْهَوَامَّ وَالْحَشَرَاتِ وَالسِّبَاعَ فِي الْفَلَوَاتِ وَمِنْهَا: «الْغِيَاثُ» قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خَبَرِ الِاسْتِسْقَاءِ: «اللَّهُمَّ أَغِثْنَا اللَّهُمَّ أَغِثْنَا» وَرُوِّينَاهُ فِي خَبَرِ الْأَسَامِي الْمُغِيثُ بَدَلَ الْمُقِيتِ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ قَالَ الْحَلِيمِيُّ: الْغِيَاثُ هُوَ الْمُغِيثُ وَأَكْثَرُ مَا يُقَالُ غِيَاثَ الْمُسْتَغِيثِينَ , وَمَعْنَاهُ الْمُدْرِكُ عِبَادَهُ فِي الشَّدَائِدِ إِذَا دَعَوْهُ , وَمُرِيحُهُمْ وَمُخَلِّصُهُمْ وَمِنْهَا «الْمُجِيبُ» قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {قَرِيبٌ مُجِيبٌ} [هود: 61] وَرُوِّينَاهُ فِي خَبَرِ الْأَسَامِي قَالَ الْحَلِيمِيُّ: وَأَكْثَرُ مَا يُدْعَى بِهَذَا الِاسْمِ مَعَ الْقَرِيبِ فَيُقَالُ: الْقَرِيبُ الْمُجِيبُ أَوْ يُقَالُ: مُجِيبُ الدُّعَاءِ وَمُجِيبُ دَعْوَةِ الْمُضْطَرِّينَ، وَمَعْنَاهُ الَّذِي يُنِيلُ سَائِلَهُ مَا [ص: 174] يُرِيدُ وَلَا يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ غَيْرُهُ وَمِنْهَا «الْوَلِيُّ» قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ} [الشورى: 28] وَرُوِّينَاهُ فِي خَبَرِ الْأَسَامِي قَالَ الْحَلِيمِيُّ: الْوَلِيُّ هُوَ الْوَالِي , وَمَعْنَاهُ مَالِكُ التَّدْبِيرِ , وَلِهَذَا يُقَالُ لِلْقَيِّمِ عَلَى الْيَتِيمِ: وَلِيُّ الْيَتِيمِ , وَلِلْأَمِيرِ الْوَالِي قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: وَالْوَلِيُّ أَيْضًا النَّاصِرُ يَنْصُرُ عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} [البقرة: 257] وَقَالَ جَلَّ وَعَلَا: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ} [محمد: 11] الْمَعْنَى لَا نَاصِرَ لَهُمْ وَمِنْهَا: «الْوَالِي» وَهُوَ فِي خَبَرِ الْأَسَامِي قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: الْوَالِي هُوَ الْمَالِكُ لِلْأَشْيَاءِ وَالْمُتَوَلِّي لَهَا وَالْمُتَصَرِّفُ فِيهَا , يُصَرِّفُهَا كَيْفَ يَشَاءُ يُنَفِّذُ فِيهَا أَمْرَهُ وَيُجْرِي عَلَيْهَا حُكْمَهُ , وَقَدْ يَكُونُ الْوَالِي بِمَعْنَى الْمُنْعِمِ عَوْدًا عَلَى بَدْءٍ وَمِنْهَا: «الْمَوْلَى» قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ} [الحج: 78] وَذَكَرْنَاهُ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْحُصَيْنِ الحديث: 114 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 172 115 - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ فُورَكٍ , أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْأَصْبَهَانِيُّ , ثنا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ , ثنا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ , ثنا زُهَيْرٌ , عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ , عَنِ الْبَرَاءِ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: اسْتَعْمَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رُمَاةِ النَّاسِ يَوْمَ أُحُدٍ عَبْدَ اللَّهِ [ص: 175] بْنَ جُبَيْرٍ وَكَانُوا خَمْسِينَ رَجُلًا , وَقَالَ لَهُمْ: كُونُوا مَكَانَكُمْ لَا تَبْرَحُوا , وَإِنْ رَأَيْتُمُ الطَّيْرَ تَخْطَفُنَا , قَالَ الْبَرَاءُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: فَأَنَا وَاللَّهِ رَأَيْتُ النِّسَاءَ بَادِيَاتٍ خَلَاخِيلُهُنَّ قَدِ اسْتَرْخَتْ ثِيَابَهُنَّ يَصْعَدْنَ الْجَبَلَ - يَعْنِي حِينَ انْهَزَمَ الْكُفَّارُ - قَالَ: فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْأَمْرِ مَا كَانَ وَالنَّاسُ يُغِيرُونَ مَضَوْا فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جُبَيْرٍ أَمِيرُهُمْ: كَيْفَ تَصْنَعُونَ بِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَمَضَوَا فَكَانَ الَّذِي كَانَ , فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ جَاءَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ , فَقَالَ: أَفِيكُمْ مُحَمَّدٌ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا تُجِيبُوهُ , ثُمَّ قَالَ: أَفِيكُمْ مُحَمَّدٌ؟ فَلَمْ يُجِيبُوهُ , ثُمَّ قَالَ: أَفِيكُمْ مُحَمَّدٌ؟ الثَّالِثَةَ , فَلَمْ يُجِيبُوهُ , فَقَالَ: أَفِيكُمُ ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ؟ فَلَمْ يُجِيبُوهُ قَالَهَا ثَلَاثًا، ثُمَّ قَالَ: أَفِيكُمُ ابْنُ الْخَطَّابِ، قَالَهَا ثَلَاثًا فَلَمْ يُجِيبُوهُ فَقَالَ: أَمَا هَؤُلَاءِ فَقَدْ كُفِيتُمُوهُمْ فَلَمْ يَمْلِكْ عُمَرُ نَفْسَهُ , فَقَالَ: كَذَبْتَ يَا عَدُوَّ اللَّهِ , هَا هُوَ ذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ وَأَنَا أَحْيَاءُ , وَلَكَ مِنَّا يَوْمُ سُوءٍ فَقَالَ: يَوْمٌ بِيَوْمِ بَدْرٍ , وَالْحَرْبُ سِجَالٌ , وَقَالَ: اعْلُ هُبَلُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَجِيبُوهُ» , قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا نَقُولُ؟ , قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " قُولُوا: اللَّهُ أَعْلَى وَأَجَلُّ " فَقَالَ: لَنَا الْعُزَّى وَلَا عُزَّى لَكُمْ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَجِيبُوهُ» , فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا نَقُولُ؟ , قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قُولُوا اللَّهُ مَوْلَانَا وَلَا مَوْلَى لَكُمْ» , ثُمَّ قَالَ أَبُو سُفْيَانَ إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ فِي الْقَوْمِ مُثْلَةً لَمْ آمُرْ بِهَا ثُمَّ قَالَ: وَلَمْ تَسُؤْنِي " أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَمْرِو بْنِ خَالِدٍ عَنْ زُهَيْرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ قَالَ الْحَلِيمِيُّ: فِي مَعْنَى الْمَوْلَى: إِنَّهُ الْمَأْمُولُ مِنْهُ النَّصْرُ وَالْمَعُونَةُ , لِأَنَّهُ هُوَ الْمَالِكُ وَلَا مَفْزَعَ لِلْمُلُوكِ إِلَّا مَالِكَهُ وَمِنْهَا «الْحَافِظُ» قَالَ الْحَلِيمِيُّ: وَمَعْنَاهُ الصَّائِنُ عَبْدَهُ عَنْ أَسْبَابِ الْهَلَكَةِ فِي أُمُورِ دِينِهِ وَدُنْيَاهُ قَالَ: وَجَاءَ فِي الْقُرْآنِ {فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا} [يوسف: 64] وَقَدْ قُرِئَ [ص: 176] (خَيْرٌ حِفْظًا) وَجَاءَ: {بِمَا حَفِظَ اللَّهُ} [النساء: 34] وَمَنْ حَفِظَ فَهُوَ حَافَظٌ وَقَالَ جَلَّ وَعَلَا: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9] الحديث: 115 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 174 116 - أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى , أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِسْحَاقَ أَبُو مُحَمَّدٍ , ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَنْصُورٍ أَبُو سَعِيدٍ , ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ , عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ , حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِذَا أَوَى أَحَدُكُمْ إِلَى فِرَاشِهِ فَلْيَنْزِعْ دَاخِلَةَ إِزَارِهِ فَلْيَنْفُضْ بِهَا فِرَاشَهُ , ثُمَّ لِيَتَوَسَّدْ يَمِينَهُ وَيَقُولُ: بِاسْمِكَ رَبِّي وَضَعْتُ جَنْبِي وَبِكَ أَرْفَعُهُ , اللَّهُمَّ إِنْ أَمْسَكْتَهَا [ص: 177] فَارْحَمْهَا وَإِنْ أَرْسَلْتَهَا فَاحْفَظْهَا بِمَا تَحْفَظُ بِهِ عِبَادَكَ الصَّالِحِينَ " أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ عَنْ سَعِيدٍ ثُمَّ قَالَ: وَتَابَعَهُ يَحْيَى وَمِنْهَا «الْحَفِيظُ» قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ} [سبأ: 21] وَرُوِّينَاهُ فِي خَبَرِ الْأَسَامِي قَالَ الْحَلِيمِيُّ: وَمَعْنَاهُ الْمَوْثُوقُ مِنْهُ بِتَرْكِ التَّضْيِيعِ وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِيمَا أُخْبِرْتُ عَنْهُ: الْحَفِيظُ هُوَ الْحَافِظُ , فَعِيلٌ بِمَعْنَى فَاعِلٍ كَالْقَدِيرِ وَالْعَلِيمِ يَحْفَظُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا فِيهِمَا لِتَبْقَى مُدَّةَ بَقَائِهَا فَلَا تَزُولُ وَلَا تَدْثُرُ , قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَا يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا} [البقرة: 255] وَقَالَ جَلَّ وَعَلَا: {وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ} [الصافات: 7] أَيْ حَفِظْنَاهَا حِفْظًا وَهُوَ الَّذِي يَحْفَظُ عِبَادَهُ مِنَ الْمَهَالِكِ وَالْمَعَاطِبِ وَيَقِيهِمْ مَصَارِعَ الشَّرِّ وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} [الرعد: 11] أَيْ بِأَمْرِهِ , وَيَحْفَظُ عَلَى الْخَلْقِ أَعْمَالَهُمْ , وَيُحْصِي عَلَيْهِمْ أَقْوَالَهُمْ , وَيَعْلَمُ نِيَّاتِهِمْ وَمَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ , فَلَا تَغِيبُ عَنْهُ غَائِبَةٌ , وَلَا تَخْفَى عَلَيْهِ خَافِيَةٌ , وَيَحْفَظُ أَوْلِيَاءَهُ فَيَعْصِمُهُمْ عَنْ مُوَاقَعَةِ الذُّنُوبِ , وَيَحْرُسُهُمْ مِنْ مَكَائِدِ الشَّيْطَانِ , لِيَسْلَمُوا مِنْ شَرِّهِ وَفِتْنَتِهِ وَمِنْهَا «النَّاصِرُ» قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ} [آل عمران: 160] قَالَ الْحَلِيمِيُّ وَهُوَ الْمُيَسِّرُ لِلْغَلَبَةِ وَمِنْهَا «النَّصِيرُ» قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ} [الحج: 78] وَهُوَ فِي خَبَرِ الْأَسَامِي رِوَايَةُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْحُصَيْنِ الحديث: 116 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 176 117 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَحْبُورٍ الدَّهَّانُ , ثنا أَبُو حَامِدِ بْنُ بِلَالٍ الْبَزَّازُ ثنا أَبُو الْأَزْهَرِ ثنا أَبُو قُتَيْبَةَ , ثنا الْمُثَنَّى ح , وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْوَرَّاقُ , ثنا عَمْرُو بْنُ الْعَبَّاسِ , ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيِّ , ثنا الْمُثَنَّى بْنُ سَعِيدٍ , عَنْ قَتَادَةَ , عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِذَا رَقَدَ أَحَدُكُمْ عَنِ الصَّلَاةِ أَوْ غَفَلَ عَنْهَا فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا , فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى , يَقُولُ: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} [طه: 14] " وَكَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا غَزَا قَالَ: «اللَّهُمَّ أَنْتَ عَضُدِي وَأَنْتَ نَصِيرِي وَبِكَ أُقَاتِلُ» لَفْظُ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي قُتَيْبَةَ قَالَ: فَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا غَزَا قَالَ: «أَنْتَ عَضُدِي وَأَنْتَ نَاصِرِي وَبِكَ أُقَاتِلُ» [ص: 179] قَالَ الْحَلِيمِيُّ فِي مَعْنَى النَّصِيرُ: إِنَّهُ الْمَوْثُوقُ مِنْهُ بِأَنْ لَا يُسَلِّمَ وَلِيَّهُ وَلَا يَخْذُلُهُ وَمِنْهَا «الشَّاكِرُ وَالشَّكُورُ» , قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا} [النساء: 147] , وَقَالَ: {إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ} [فاطر: 34] وَرُوِّينَا لَفْظَ الشَّاكِرِ فِي حَدِيثِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْحُصَيْنِ , وَرُوِّينَا لَفْظَ الشَّكُورِ فِي رِوَايَةِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ الْحَلِيمِيُّ: الشَّاكِرُ مَعْنَاهُ الْمَادِحُ لِمَنْ يُطِيعُهُ وَالْمُثْنِي عَلَيْهِ وَالْمُثِيبُ لَهُ بِطَاعَتِهِ فَضْلًا مِنْ نِعْمَتِهِ , قَالَ: وَالشَّكُورُ هُوَ الَّذِي يَدُومُ شُكْرُهُ وَيَعُمُّ كُلَّ مُطِيعٍ وَكُلَّ صَغِيرٍ مِنَ الطَّاعَةِ أَوْ كَبِيرٍ وَذَكَرَهُ أَبُو سُلَيْمَانَ فِيمَا أُخْبِرْتُ عَنْهُ بِمَعْنَاهُ فَقَالَ: الشَّكُورُ هُوَ الَّذِي يَشْكُرُ الْيَسِيرَ مِنَ الطَّاعَةِ فَيُثِيبُ عَلَيْهِ الْكَثِيرَ مِنَ الثَّوَابِ وَيُعْطِي الْجَزِيلَ مِنَ النِّعْمَةِ , فَيَرْضَى بِالْيَسِيرِ مِنَ الشُّكْرِ , قَالَ: وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى الثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِالشَّكُورِ تَرْغِيبُ الْخَلْقِ فِي الطَّاعَةِ قَلَّتْ أَوْ كَثُرَتْ لِئَلَّا يَسْتَقِلُّوا الْقَلِيلَ مِنَ الْعَمَلِ فَلَا يَتْرُكُوا الْيَسِيرَ مِنْ جُمْلَتِهِ إِذَا أَعْوَزَهُمُ الْكَثِيرُ مِنْهُ وَمِنْهَا «الْبَرُّ» قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ} [الطور: 28] وَرُوِّينَاهُ فِي خَبَرِ الْأَسَامِي قَالَ الْحَلِيمِيُّ: وَمَعْنَاهُ الرَّفِيقُ بِعِبَادِهِ يُرِيدُ بِهِمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِهِمُ الْعُسْرَ , وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ مِنْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَا يُؤَاخِذُهُمْ بِجَمِيعِ جِنَايَاتِهِمْ , وَيَجْزِيهِمْ بِالْحَسَنَةِ عَشْرَ أَمْثَالِهَا , وَلَا يَجْزِيهِمْ بِالسَّيِّئَةِ إِلَّا مِثْلَهَا وَيَكْتُبُ لَهُمُ الْهَمَّ بِالْحَسَنَةِ وَلَا يَكْتُبُ عَلَيْهِمُ الْهَمَّ بِالسَّيِّئَةِ , وَالْوَلَدُ الْبَرُّ بِأَبِيهِ هُوَ الرَّفِيقُ بِهِ الْمُتَحَرِّي لِمَحَابِّهِ الْمُتَوَقِّي لِمَكَارِهِهِ قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: الْبَرُّ هُوَ الْعَطُوفُ عَلَى عِبَادِهِ الْمُحْسِنُ إِلَيْهِمْ , عَمَّ بِرُّهُ جَمِيعَ خَلْقِهِ فَلَمْ يَبْخَلْ عَلَيْهِمْ بِرِزْقِهِ , وَهُوَ الْبَرُّ بِأَوْلِيَائِهِ إِذْ خَصَّهُمْ بِوِلَايَتِهِ وَاصْطَفَاهُمْ لِعِبَادَتِهِ , وَهُوَ الْبَرُّ بِالْمُحْسِنِ فِي مُضَاعَفَةِ الثَّوَابِ لَهُ , وَالْبَرُّ بِالْمُسِيءِ فِي الصَّفْحِ وَالتَّجَاوُزِ عَنْهُ الحديث: 117 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 178 118 - أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ , أنا أَبُو الْحَسَنِ الطَّرَائِفِيُّ , ثنا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ , حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ , عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي قَوْلِهِ {هُوَ الْبَرُّ} [الطور: 28] يَقُولُ: اللَّطِيفُ الحديث: 118 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 180 119 - حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ دَاوُدَ الْعَلَوِيُّ بِبَغْدَادَ إِمْلَاءً , أنا أَبُو الْقَاسِمِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ بَالَوَيْهِ الْمُزَكِّي ح، وَأَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ , أنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْقَطَّانُ , ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ السُّلَمِيُّ , ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ , أنا مَعْمَرٌ , عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ , قَالَ: هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِذَا تَحَدَّثَ عَبْدِي بِأَنْ يَعْمَلَ حَسَنَةً فَأَنَا أَكْتُبُهَا لَهُ حَسَنَةً مَا لَمْ يَعْمَلْهَا فَإِذَا عَمِلَهَا فَأَنَا أَكْتُبُهَا لَهُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا , وَإِذَا تَحَدَّثَ بِأَنْ يَعْمَلَ سَيِّئَةً فَأَنَا أَغْفِرُهَا مَا لَمْ يَعْمَلْهَا فَإِذَا عَمِلَهَا فَأَنَا أَكْتُبُهَا لَهُ بِمِثْلِهَا " رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ الحديث: 119 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 180 120 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ , أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْقَطَّانُ , ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ , ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ , أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ , عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ , قَالَ: هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِذَا أَحْسَنَ أَحَدُكُمْ إِسْلَامَهُ فَكُلُّ حَسَنَةٍ يَعْمَلُهَا تُكْتَبُ لَهُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعمِائَةِ ضِعْفٍ , وَكُلُّ سَيِّئَةٍ يَعْمَلُهَا تُكْتَبُ لَهُ بِمِثْلِهَا , حَتَّى يَلْقَى اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ: يَا رَبِّ ذَاكَ عَبْدُكَ يُرِيدُ أَنْ يَعْمَلَ سَيِّئَةً وَهُوَ أَبْصَرُ بِهِ , فَقَالَ: ارْقُبُوهُ فَإِنْ عَمِلَهَا فَاكْتُبُوهَا لَهُ بِمِثْلِهَا , وَإِنْ تَرَكَهَا فَاكْتُبُوهَا لَهُ حَسَنَةً , إِنَّهُ تَرَكَهَا مِنْ جَرَّائِي " رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ الحديث: 120 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 181 121 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , حَدَّثَنِي أَبُو جَعْفَرٍ , مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحِ بْنِ [ص: 182] هَانِئٍ , ثنا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الشَّهِيدُ , ثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى , أنا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ ح , وَأَخْبَرَنَا أَبُو صَالِحِ بْنُ أَبِي طَاهِرٍ الْعَنْبَرِيُّ , أنا جَدِّي , يَحْيَى بْنُ مَنْصُورٍ الْقَاضِي , ثنا أَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ , ثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ , حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ الضُّبَعِيُّ , عَنِ الْجَعْدِ أَبِي عُثْمَانَ , عَنْ أَبِي رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيِّ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا يَرْوِي عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ: «إِنَّ رَبَّكُمْ رَحِيمٌ , مَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةٌ وَإِنْ عَمِلَهَا كُتِبَتْ عَشْرَ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعمِائَةٍ إِلَى أَضْعَافٍ كَثِيرَةٍ , وَمَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةٌ , فَإِنْ عَمِلَهَا كُتِبَتْ لَهُ وَاحِدَةٌ أَوْ مَحَاهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَلَا يَهْلِكُ عَلَى اللَّهِ إِلَّا هَالِكٌ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى قَالَ الْحَلِيمِيُّ وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ الْبَرَّ فِي صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى هُوَ الصَّادِقُ مِنْ قَوْلِهِمْ بَرَّ فِي يَمِينِهِ وَأَبَرَّهَا إِذَا صَدَقَ فِيهَا أَوْ صَدَّقَهَا وَمِنْهَا: «فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى» قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى} [الأنعام: 95] قَالَ الْحَلِيمِيُّ: يَصُونُهُمَا فِي الْأَرْضِ عَنِ الْعَفَنِ وَالْفَسَادِ وَيُهَيِّئُهُمَا لِلنُّشُوءِ وَالنُّمُوِّ ثُمَّ يَشُقُّهُمَا لِلْإِنْبَاتِ وَيُخْرِجُ مِنَ الْحَبِّ الزَّرْعَ وَمِنَ النَّوَى الشَّجَرَ لَا يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ غَيْرُهُ وَقَدْ رُوِّينَا هَذَا الِاسْمَ فِي حَدِيثِ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [ص: 183] وَمِنْهَا «الْمُتَكَبِّرُ» قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ} [الحشر: 23] وَرُوِّينَاهُ فِي خَبَرِ الْأَسَامِي وَغَيْرِهِ قَالَ الْحَلِيمِيُّ: وَهُوَ الْمُكَلِّمُ عِبَادَهُ وَحْيًا وَعَلَى أَلْسِنَةِ الرُّسُلِ يَعْنِي فِي الدُّنْيَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ} [الشورى: 51] وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِيمَا أُخْبِرْتُ عَنْهُ: الْمُتَكَبِّرُ هُوَ الْمُتَعَالِي عَنْ صِفَاتِ الْخَلْقِ وَيُقَالُ: هُوَ الَّذِي يَتَكَبَّرُ عَلَى عُتَاةِ خَلْقِهِ إِذَا نَازَعُوهُ الْعَظَمَةَ فَيَقْصِمُهُمْ وَالتَّاءُ فِي الْمُتَكَبِّرِ تَاءُ التَّفَرُّدِ وَالتَّخْصِيصِ بِالْكِبْرِ لَا تَاءُ التَّعَاطِي وَالتَّكَلُّفِ، وَالْكِبْرُ لَا يَلِيقُ بِأَحَدٍ مِنَ الْمَخْلُوقِينَ وَإِنَّمَا سِمَةُ الْعَبِيدِ الْخُشُوعُ وَالتَّذَلُّلِ وَقَدْ رُوِيَ: «الْكِبْرِيَاءُ رِدَاءُ اللَّهِ تَعَالَى فَمَنْ نَازَعَهُ رِدَاءَهُ قَصَمَهُ» وَقِيلَ: إِنَّ الْمُتَكَبِّرَ مِنَ الْكِبْرِيَاءِ الَّذِي هُوَ عَظَمَةُ اللَّهِ تَعَالَى لَا مِنَ الْكِبْرِ الَّذِي هُوَ مَذْمُومٌ عِنْدَ الْخَلْقِ الحديث: 121 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 181 122 - أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْمِهْرَجَانِيُّ , ثنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْحَافِظُ , ثنا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى , ثنا سَهْلُ بْنُ بَكَّارٍ , ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ , عَنْ قَتَادَةَ , وَعَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ , عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا يَحْكِي عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ: «الْكِبْرِيَاءُ رِدَائِي فَمَنْ [ص: 184] نَازَعَنِي رِدَائِي قَصَمْتُهُ» قَوْلُهُ: «الْكِبْرِيَاءُ رِدَائِي» يُرِيدُ صِفَتِي يُقَالُ: فُلَانٌ شِعَارُهُ الزُّهْدُ وَرِدَاؤُهُ الْوَرَعُ , أَيْ نَعْتُهُ وَصِفَتُهُ وَمِنْهَا «الرَّبُّ» قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: 2] الحديث: 122 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 183 123 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أنا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ مَنْصُورٍ , ثنا هَارُونُ بْنُ يُوسُفَ , ثنا ابْنُ أَبِي عُمَرَ , ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ الدَّرَاوَرْدِيُّ ح , وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , ثنا أَبُو مَنْصُورٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ الْعَتَكِيُّ , ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ , ثنا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ الْمُطَّلِبِيُّ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ الدَّرَاوَرْدِيُّ , عَنِ ابْنِ الْهَادِ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ , عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ , عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «ذَاقَ طَعْمَ الْإِيمَانِ مَنْ رَضِيَ بِاللَّهِ رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَبِيًّا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَرَ وَغَيْرِهِ قَالَ الْحَلِيمِيُّ فِي مَعْنَى الرَّبِّ: هُوَ الْمُبَلِّغُ كُلَّ مَا أَبْدَعَ حَدَّ كَمَالِهِ الَّذِي قَدَّرَهُ لَهُ فَهُوَ يُسِلُّ النُّطْفَةَ مِنَ الصُّلْبِ ثُمَّ يَجْعَلُهَا عَلَقَةً ثُمَّ الْعَلَقَةَ مُضْغَةً ثُمَّ يَخْلُقُ الْمُضْغَةَ عِظَامًا ثُمَّ يَكْسُو الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ يَخْلُقُ فِي الْبَدِنِ الرُّوحَ وَيُخْرِجُهُ خَلْقًا آخَرَ وَهُوَ صَغِيرٌ ضَعِيفٌ , فَلَا يَزَالُ يُنَمِّيهُ وَيُنْشِيهِ حَتَّى يَجْعَلَهُ رَجُلًا وَيَكُونُ فِي بَدْءِ أَمْرِهِ شَابًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ كَهْلًا ثُمَّ [ص: 185] شَيْخًا وَهَكَذَا كُلُّ شَيْءٍ خَلَقَهُ , فَهُوَ الْقَائِمُ عَلَيْهِ وَالْمُبَلِّغُ إِيَّاهُ الْحَدَّ الَّذِي وَضَعَهُ لَهُ وَجَعَلَهُ نِهَايَةً وَمِقْدَارًا لَهُ وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِيمَا أُخْبِرْتُ عَنْهُ: قَدْ رُوِيَ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ التَّفْسِيرِ فِي قَوْلِهِ جَلَّ وَعَلَا: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: 2] إِنَّ مَعْنَى الرَّبِّ السَّيِّدُ وَهَذَا يَسْتَقِيمُ إِذَا جَعَلْنَا الْعَالَمِينَ مَعْنَاهُ الْمُمَيِّزِينَ دُونَ الْجَمَادِ , لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ سَيِّدُ الشَّجَرِ وَالْجِبَالِ وَنَحْوِهَا كَمَا يُقَالُ سَيِّدُ النَّاسِ وَمِنْ هَذَا قَوْلُهُ: {ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ} [يوسف: 50] أَيْ إِلَى سَيِّدِكَ وَقِيلَ: إِنَّ الرَّبَّ الْمَالِكُ وَعَلَى هَذَا تَسْتَقِيمُ الْإِضَافَةُ إِلَى الْعُمُومِ وَذَهَبَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ إِلَى أَنَّ اسْمَ الْعَالَمِ يَقَعُ عَلَى جَمِيعِ الْمُكَوِّنَاتِ وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ} [الشعراء: 24] [ص: 186] وَمِنْهَا «الْمُبْدِئُ الْمُعِيدُ» وَقَدْ رُوِّينَاهُمَا فِي خَبَرِ الْأَسَامِي قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ , الْمُبْدِئُ الَّذِي أَبْدَأَ الْإِنْسَانَ أَيِ ابْتَدَأَهُ مُخْتَرِعًا , فَأَوْجَدَهُ عَنْ عَدَمٍ يُقَالُ: بَدَأَ وَأَبْدَأَ وَابْتَدَأَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ , وَالْمُعِيدُ الَّذِي يُعِيدُ الْخَلْقَ بَعْدَ الْحَيَاةِ إِلَى الْمَمَاتِ ثُمَّ يُعِيدُهُمْ بَعْدَ الْمَوْتِ إِلَى الْحَيَاةِ كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [البقرة: 28] وَكَقَوْلِهِ جَلَّ وَعَلَا: {هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ} [البروج: 13] وَمِنْهَا «الْمُحْيِي الْمُمِيتُ» وَقَدْ رُوِّينَاهُمَا فِي خَبَرِ الْأَسَامِي قَالَ الْحَلِيمِيُّ فِي مَعْنَى الْمُحْيِي: إِنَّهُ جَاعِلُ الْخَلْقِ حَيًّا بِإِحْدَاثِ الْحَيَاةِ فِيهِ وَقَالَ فِي مَعْنَى الْمُمِيتِ: إِنَّهُ جَاعِلُ الْخَلْقِ مَيِّتًا بِسَلْبِ الْحَيَاةِ وَإِحْدَاثِ الْمَوْتِ فِيهِ وَفِي الْقُرْآنِ: {قُلِ اللَّهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ} [الجاثية: 26] وَقَالَ تَعَالَى: {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تَرْجِعُونَ} [البقرة: 28] وَقَالَ جَلَّ وَعَلَا: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ} قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِيمَا أُخْبِرْتُ عَنْهُ فِي مَعْنَى الْمُحْيِي: هُوَ الَّذِي يُحْيِي النُّطْفَةَ الْمَيْتَةَ فَيُخْرِجُ مِنْهَا النَّسَمَةَ الْحَيَاةَ وَيُحْيِي الْأَجْسَامَ الْبَالِيَةَ بِإِعَادَةِ الْأَرْوَاحِ إِلَيْهَا عِنْدَ الْبَعْثِ وَيُحْيِي الْقُلُوبَ بِنُورِ الْمَعْرِفَةِ وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا بِإِنْزَالِ الْغَيْثِ وَإِنْبَاتِ الرِّزْقِ وَقَالَ فِي مَعْنَى الْمُمِيتِ: هُوَ الَّذِي يُمِيتُ الْأَحْيَاءَ وَيُوهِنُ بِالْمَوْتِ قُوَّةَ الْأَصِحَّاءِ الْأَقْوِيَاءِ: {يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [الحديد: 2] تَمَدَّحَ سُبْحَانَهُ بِالْإِمَاتَةِ كَمَا تَمَدَّحَ بِالْإِحْيَاءِ لِيُعْلَمَ أَنَّ مَصْدَرَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ وَالنَّفْعِ وَالضُّرِّ مِنْ قِبَلِهِ وَأَنَّهُ لَا شَرِيكَ لَهُ فِي الْمُلْكِ اسْتَأْثَرَ بِالْبَقَاءِ وَكَتَبَ عَلَى خَلْقِهِ الْفَنَاءَ الحديث: 123 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 184 124 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ , ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ , حَدَّثَنِي أَبِي , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ , ثنا شُعْبَةُ , عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ , قَالَ: [ص: 187] سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْحَرْثِ , يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ أَمَرَ رَجُلًا إِذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ قَالَ: اللَّهُمَّ أَنْتَ خَلَقْتَ نَفْسِي وَأَنْتَ تَوَفَّاهَا , لَكَ مَحْيَاهَا وَمَمَاتُهَا إِنْ أَحْيَيْتَهَا فَاحْفَظْهَا بِمَا تَحْفَظُ بِهِ عِبَادَكَ الصَّالِحِينَ , وَإِنْ أَمَتَّهَا فَاغْفِرْ لَهَا , اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكُ الْعَافِيَةَ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: أَسَمِعْتَ هَذَا مِنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ؟ قَالَ: مِنْ خَيْرٍ مِنْ عُمَرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ نَافِعٍ وَغَيْرِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الحديث: 124 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 186 125 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ فُورُكٍ , أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْأَصْبَهَانِيُّ , ثنا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ , ثنا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ , ثنا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ , ثنا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فِي قِصَّةِ حَجِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِيهِ: فَرَقِيَ عَلَى الصَّفَا حَتَّى بَدَا لَهُ الْبَيْتُ وَكَبَّرَ ثَلَاثًا وَقَالَ: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ , لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ يُحْيِي وَيُمِيتُ بِيَدِهِ الْخَيْرُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» وَكَذَلِكَ رَوَاهُ حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ جَعْفَرِ [ص: 188] بْنِ مُحَمَّدٍ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ وَذَكَرَ فِيهِ «يُحْيِي وَيُمِيتُ» وَمِنْهَا «الضَّارُّ النَّافِعُ» قَالَ الْحَلِيمِيُّ فِي مَعْنَى الضَّارِّ إِنَّهُ النَّاقِصُ عَبْدَهُ مِمَّا جَعَلَ لَهُ إِلَيْهِ الْحَاجَةَ وَقَالَ فِي مَعْنَى النَّافِعِ إِنَّهُ السَّادُّ لِلْخِلَّةِ أَوِ الزَّائِدُ عَلَى مَا إِلَيْهِ الْحَاجَةُ وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يُدْعَى اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِاسْمِ النَّافِعِ وَحْدَهُ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُدْعَى بِالضَّارِّ وَحْدَهُ حَتَّى يُجْمَعَ بَيْنَ الِاسْمَيْنِ كَمَا قُلْتُ فِي الْبَاسِطِ وَالْقَابِضِ وَهَذَانِ الِاسْمَانِ قَدْ ذَكَرْنَاهُمَا فِي خَبَرِ الْأَسَامِي قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: وَفِي اجْتِمَاعِ هَذَيْنِ الِاسْمَيْنِ وَصْفٌ لِلَّهِ تَعَالَى بِالْقُدْرَةِ عَلَى نَفْعِ مَنْ يَشَاءُ وَضَرِّ مَنْ يَشَاءُ وَذَلِكَ أَنَّ مَنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى النَّفْعِ وَالضُّرِّ قَادِرٌ لَمْ يَكُنْ مَرْجُوًّا وَلَا مَخُوفًا الحديث: 125 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 187 126 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ السُّكَّرِيُّ , بِبَغْدَادَ , أنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ , ثنا عَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التَّرْقُفِيُّ , ثنا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُ , ثنا نَافِعُ بْنُ يَزِيدَ , وَابْنُ لَهِيعَةَ وَكَهْمَسُ بْنُ الْحَسَنِ وَهَمَّامٌ عَنْ قَيْسِ بْنِ الْحَجَّاجِ , عَنْ حَنَشٍ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: كُنْتُ رَدِيفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَا غُلَامُ - أَوْ يَا بُنَيَّ - أَلَا أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ يَنْفَعُكَ اللَّهُ بِهِنَّ , قُلْتُ بَلَى , [ص: 189] قَالَ: «احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ , احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ أَمَامَكَ تَعَرَّفْ إِلَى اللَّهِ فِي الرَّخَاءِ يَعْرِفْكَ فِي الشِّدَّةِ إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ تَعَالَى وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ جَفَّ الْقَلَمُ بِمَا هُوَ كَائِنٌ فَلَوْ أَنَّ الْخَلْقَ كُلَّهُمْ جَمِيعًا أَرَادُوا أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَقْضِهِ اللَّهُ لَكَ لَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ وَإِنْ أَرَادُوا أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَقْضِهِ اللَّهُ عَلَيْكَ لَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ , وَاعْمَلْ لِلَّهِ بِالشُّكْرِ فِي الْيَقِينِ , وَاعْلَمْ أَنَّ الصَّبْرَ عَلَى مَا تَكْرَهُ خَيْرٌ كَثِيرٌ وَأَنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ , وَأَنَّ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ , وَأَنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا» [ص: 190] وَمِنْهَا «الْوَهَّابُ» قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيمَا يَقُولُهُ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ: {وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} [آل عمران: 8] وَقَالَ جَلَّ وَعَلَا: {الْعَزِيزُ الْوَهَّابُ} [ص: 9] وَرُوِّينَاهُ فِي خَبَرِ الْأَسَامِي الحديث: 126 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 188 127 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , قَالَ: أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ دُرُسْتَوَيْهِ , ثنا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ , ثنا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُ , ثنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْوَلِيدِ , عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ , عَنْ عَائِشَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا اسْتَيْقَظَ مِنَ اللَّيْلِ قَالَ: «لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَغْفِرُكَ لِذَنْبِي وَأَسْأَلُكَ بِرَحْمَتِكَ اللَّهُمَّ زِدْنِي عِلْمًا وَلَا تُزِغْ قَلْبِي بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنِي وَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ» [ص: 191] قَالَ الْحَلِيمِيُّ فِي مَعْنَى الْوَهَّابِ: إِنَّهُ الْمُتَفَضِّلُ بِالْعَطَايَا الْمُنْعِمُ بِهَا لَا عَنِ اسْتِحْقَاقٍ عَلَيْهِ وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ لَا يَسْتَحِقُّ أَنْ يُسَمَّى وَهَّابًا إلِاَّ مَنْ تَصَرَّفَتْ مَوَاهِبُهُ فِي أَنْوَاعِ الْعَطَايَا فَكَثُرَتْ نَوَافِلُهُ وَدَامَتْ , وَالْمَخْلُوقُونَ إِنَّمَا يَمْلِكُونَ أَنْ يَهَبُوا مَالًا وَنَوَالًا فِي حَالٍ دُونَ حَالٍ , وَلَا يَمْلِكُونَ أَنْ يَهَبُوا شِفَاءً لِسَقِيمٍ وَلَا وَلَدًا لِعَقِيمٍ وَلَا هُدًى لِضَالٍّ وَلَا عَافِيَةً لِذِي بَلَاءٍ , وَاللَّهُ الْوَهَّابُ سُبْحَانَهُ يَمْلِكُ جَمِيعَ ذَلِكَ وَسِعَ الْخَلْقَ جُودُهُ وَرَحْمَتُهُ فَدَامَتْ مَوَاهِبُهُ وَاتَّصَلَتْ مِنَنُهُ وَعَوَائِدُهُ وَمِنْهَا «الْمُعْطِي وَالْمَانِعُ» الحديث: 127 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 190 128 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ وَأَبُو صَادِقٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْعَطَّارُ , حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ , ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ , ثنا أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ , عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ , عَنْ وَرَّادٍ , عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ فِي دُبُرِ صَلَاتِهِ: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ , [ص: 192] لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ اللَّهُمَّ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ» أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ وَغَيْرِهِ قَالَ الْحَلِيمِيُّ: فَالْمُعْطِي هُوَ الْمُمَكِّنُ مِنْ نِعَمِهِ وَالْمَانِعُ هُوَ الْحَائِلُ دُونَ نِعَمِهِ , قَالَ: وَلَا يُدْعَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِاسْمِ الْمَانِعِ حَتَّى يُقَالُ مَعَهُ الْمُعْطِي كَمَا قُلْتُ فِي الضَّارِّ وَالنَّافِعِ , قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: فَهُوَ يَمْلِكُ الْمَنْعَ وَالْعَطَاءَ وَلَيْسَ مَنْعُهُ بُخْلًا مِنْهُ , لَكِنَّ مَنْعَهُ حِكْمَةٌ وَعَطَاؤُهُ جُودٌ وَرَحْمَةٌ وَقِيلَ: الْمَانِعُ هُوَ النَّاصِرُ أَيِ الَّذِي يَمْنَعُ أَوْلِيَاءَهُ أَيْ يَحُوطُهُمْ وَيَنْصُرُهُمْ عَلَى عَدُوِّهِمْ وَيُقَالُ: فُلَانُ فِي مَنْعَةِ قَوْمِهِ أَيْ فِي جَمَاعَةٍ تَمْنَعُهُ وَتَحُوطُهُ , قُلْتُ وَعَلَى هَذَا الْمَعْنَى يَجُوزُ أَنْ يُدْعَى بِهِ دُونَ اسْمِ الْمُعْطِي وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي خَبَرِ الْأَسَامِي الْمَانِعَ دُونَ اسْمِ الْمُعْطِي وَبَعْضُهُمْ قَالَ: الدَّافِعُ بَدَلَ الْمَانِعِ وَذَلِكَ يُؤَكِّدُ هَذَا الْمَعْنَى فِي الْمَانِعِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَمِنْهَا «الْخَافِضُ وَالرَّافِعُ» وَهَذَانِ الِاسْمَانِ قَدْ ذَكَرْنَاهُمَا فِي خَبَرِ الْأَسَامِي , قَالَ الْحَلِيمِيُّ: وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُفْرَدَ الْخَافِضُ عَنِ الرَّافِعِ فِي الدُّعَاءِ فَالْخَافِضُ هُوَ الْوَاضِعُ مِنَ الْأَقْدَارِ , وَالرَّافِعُ الْمُعْلِي لِلْأَقْدَارِ الحديث: 128 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 191 129 - أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ سَهْلُ بْنُ أَبِي سَهْلٍ الْمِهْرَانِيِّ , ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّبُغِيُّ , ثنا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ النَّسَوِيُّ , ثنا هِشَامٌ , هُوَ ابْنُ عَمَّارٍ , ثنا الْوَزِيرُ بْنُ صُبَيْحٍ , ثنا يُونُسُ بْنُ مَيْسَرَةَ بْنِ حَلْبَسٍ , عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ , عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِ الْلَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} [الرحمن: 29] [ص: 194] قَالَ: «مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَغْفِرَ ذَنْبًا وَيُفَرِّجَ كَرْبًا وَيَرْفَعَ قَوْمًا وَيَضَعَ آخَرِينَ» وَمِنْهَا «الرَّقِيبُ» قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1] وَرُوِّينَاهُ فِي خَبَرِ الْأَسَامِي , قَالَ الْحَلِيمِيُّ: وَهُوَ الَّذِي لَا يَغْفُلُ عَمَّا خَلَقَ فَيَلْحَقُهُ نَقْصٌ أَوْ يَدْخُلُ عَلَيْهِ خَلَلٌ مِنْ قِبَلِ غَفْلَتِهِ عَنْهُ وَقَالَ الزُّجَاجُ: الرَّقِيبُ الْحَافِظُ الَّذِي لَا يَغِيبُ عَنْهُ شَيْءٌ وَمِنْهُ قَوْلُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق: 18] , وَمِنْهَا «التَّوَّابُ» قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [التوبة: 118] وَرُوِّينَاهُ فِي خَبَرِ الْأَسَامِي الحديث: 129 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 193 130 - وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ , ثنا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شَاكِرٍ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ , ثنا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ , قَالَ: سَمِعْتُ [ص: 195] مُحَمَّدَ بْنَ سُوقَةَ , يَذْكُرُ عَنْ نَافِعٍ , عَنِ ابْنِ عُمَرَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: إِنَّا كُنَّا لَنَعُدُّ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَجْلِسٍ يَقُولُ: «رَبِّ اغْفِرْ لِي وَتُبْ عَلَيَّ إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ مِائَةَ مَرَّةٍ» قَالَ الْحَلِيمِيُّ: وَهُوَ الْمُعِيدُ إِلَى عَبْدِهِ فَضْلَ رَحْمَتِهِ إِذَا هُوَ رَجَعَ إِلَى طَاعَتِهِ وَنَدِمَ عَلَى مَعْصِيَتِهِ , فَلَا يُحْبِطُ مَا قَدَّمَ مِنْ خَيْرٍ وَلَا يَمْنَعُهُ مَا وَعَدَ الْمُطِيعِينَ مِنْ الْإِحْسَانٍ. قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: التَّوَّابُ هُوَ الَّذِي يَتُوبُ عَلَى عِبَادِهِ فَيَقْبَلُ تَوْبَتَهُمْ كُلَّمَا تَكَرَّرَتِ التَّوْبَةُ تَكَرَّرَ الْقَبُولُ , وَهُوَ يَكُونُ لَازِمًا وَيَكُونُ مُتَعَدِّيًا بِحَرْفٍ يُقَالُ: تَابَ اللَّهُ عَلَى الْعَبْدِ بِمَعْنَى وَفَّقَهُ لِلتَّوْبَةِ فَتَابَ الْعَبْدُ كَقَوْلِهِ: {ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا} [التوبة: 118] وَمَعْنَى التَّوْبَةِ عَوْدُ الْعَبْدِ إِلَى الطَّاعَةِ بَعْدَ الْمَعْصِيَةِ وَمِنْهَا «الدَّيَّانُ» قَالَ الْحَلِيمِيُّ: أُخِذَ مِنْ {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} وَهُوَ الْحَاسِبُ وَالْمُجَازِي وَلَا يُضَيِّعُ عَمَلًا وَلَكِنَّهُ يَجْزِي بِالْخَيْرِ خَيْرًا وَبِالشَّرِّ شَرًّا الحديث: 130 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 194 131 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْمَحْبُوبِي بِمَرْوَ ثنا سَعِيدُ بْنُ مَسْعُودٍ , ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ , أنا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى , عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ , عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: بَلَغَنِي حَدِيثٌ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْقِصَاصِ لَمْ أَسْمَعْهُ , فَابْتَعْتُ بَعِيرًا فَشَدَدْتُ عَلَيْهِ رَحْلِي ثُمَّ سِرْتُ إِلَيْهِ شَهْرًا حَتَّى قَدِمْتُ مِصْرَ فَأَتَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُنَيْسٍ فَقُلْتُ لِلْبَوَّابِ قُلْ لَهُ: جَابِرٌ عَلَى الْبَابِ فَقَالَ: ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ؟ قُلْتُ: نَعَمْ , فَأَتَاهُ فَأَخْبَرَهُ فَقَامَ يَطَأُ ثَوْبَهُ حَتَّى خَرَجَ إِلَيَّ فَاعْتَنَقَنِي وَاعْتَنَقْتُهُ , فَقُلْتُ لَهُ: حَدِيثٌ بَلَغَنِي عَنْكَ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ أَسْمَعْهُ فِي الْقِصَاصِ فَخَشِيتُ أَنْ أَمُوتَ أَوْ تَمُوتَ قَبْلَ أَنْ أَسْمَعَهُ , فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «يَحْشُرُ اللَّهُ تَعَالَى الْعِبَادَ - أَوْ قَالَ النَّاسَ - عُرَاةً بُهْمًا» , قَالَ: قُلْنَا مَا بُهْمًا؟ , قَالَ: لَيْسَ مَعَهُمْ شَيْءٌ , ثُمَّ يُنَادِيهِمْ فَذَكَرَ كَلِمَةً أَرَادَ بِهَا نِدَاءً يَسْمَعُهُ مَنْ بَعُدَ كَمَا يَسْمَعُ مَنْ قَرُبَ أَنَا الْمَلِكُ أَنَا الدَّيَّانُ لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَنْ يَدْخُلَ [ص: 197] الْجَنَّةَ وَلَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ النَّارِ أَنْ يَدْخُلَ النَّارَ وَعِنْدَهُ مَظْلَمَةٌ حَتَّى أَقُصَّهُ مِنْهُ حَتَّى اللَّطْمَةُ " قَالَ: قُلْنَا كَيْفَ وَإِنَّمَا نَأْتِي اللَّهَ تَعَالَى غُرْلًا بُهْمًا؟ قَالَ: «بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ» قَالَ: وَتَلَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ} [غافر: 17] الحديث: 131 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 196 132 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ , بِبَغْدَادَ , أنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ , ثنا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيُّ , ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ , أنا مَعْمَرٌ , عَنْ أَيُّوبَ , عَنْ أَبِي قِلَابَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْبِرُّ لَا يَبْلَى وَالْإِثْمُ لَا يُنْسَى وَالدَّيَّانُ لَا يَمُوتُ , فَكُنْ كَمَا شِئْتَ كَمَا تَدِينُ تُدَانُ» هَذَا مُرْسَلٌ وَمِنْهَا «الْوَفِيُّ» قَالَ الْحَلِيمِيُّ أَيِ الْمُوَفِّي مِنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ} [آل عمران: 57] , وَقَوْلِهِ: {أُوفِ بِعَهْدِكُمْ} [البقرة: 40] وَمَعْنَاهُ لَا يُعْجِزُهُ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ وَلَا يَمْنَعُهُ مَانِعٌ مِنْ بُلُوغِ تَمَامِهِ وَلَا تُلْجِئُهُ ضَرُورَةٌ إِلَى النَّقْصِ مِنْ مِقْدَارِهِ [ص: 198] وَمِنْهَا «الْوَدُودُ» قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ} [البروج: 14] وَرُوِّينَاهُ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الدُّعَاءِ بَعْدَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ: «إِنَّكَ رَحِيمٌ وَدُودٌ» قَالَ الْحَلِيمِيُّ: قَدْ قِيلَ: هُوَ الْوَادُّ لِأَهْلِ طَاعَتِهِ أَيِ الرَّاضِي عَنْهُمْ بِأَعْمَالِهِمْ وَالْمُحْسِنُ إِلَيْهِمْ لِأَجْلِهَا وَالْمَادِحُ لَهُمْ بِهَا قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: وَقَدْ يَكُونُ مَعْنَاهُ أَنْ يُوَدِّدَهُمْ إِلَى خَلْقِهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا} [مريم: 96] قَالَ الْحَلِيمِيُّ: وَقَدْ قِيلَ هُوَ الْمَوْدُودُ لِكَثْرَةِ إِحْسَانِهِ أَيِ الْمُسْتَحِقُّ لِأَنْ يُوَدَّ فَيُعْبَدَ وَيُحْمَدَ قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فَهُوَ فَعُولٌ فِي مَحَلِّ مَفْعُولٍ كَمَا قِيلَ رَجُلٌ هَيُوبٌ بِمَعْنَى مَهِيبٍ وَفَرَسٌ رُكُوبٌ بِمَعْنَى مَرْكُوبٍ الحديث: 132 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 197 133 - أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ , أنا أَبُو الْحَسَنِ الطَّرَائِفِيُّ , ثنا عُثْمَانُ الدَّارِمِيُّ , ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ , عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ , عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَوْلِهِ: الْوَدُودُ , يَقُولُ: الرَّحِيمُ وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنَ التَّفْسِيرِ: الْوَدُودُ الْحَبِيبُ وَمِنْهَا «الْعَدْلُ» وَهُوَ فِي خَبَرِ الْأَسَامِي مَذْكُورٌ , قَالَ الْحَلِيمِيُّ وَمَعْنَاهُ لَا يَحْكُمُ إِلَّا بِالْحَقِّ , وَلَا يَقُولُ إِلَّا الْحَقَّ وَلَا يَفْعَلُ إِلَّا الْحَقَّ وَمِنْهَا «الْحَكَمُ» وَهُوَ فِي خَبَرِ الْأَسَامِي مَذْكُورٌ , وَفِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنَا وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ} [الأعراف: 87] الحديث: 133 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 198 134 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , ثنا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نُصَيْرٍ الْخَلَدِيُّ , ثنا [ص: 199] عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ , ثنا أَبُو نُعَيْمٍ , ثنا يَزِيدُ بْنُ الْمِقْدَامِ بْنِ شُرَيْحٍ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ شُرَيْحِ بْنِ هَانِئٍ , قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي هَانِئُ بْنُ يَزِيدَ , أَنَّهُ وَفَدَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَمِعَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكَنُّونَهُ بِأَبِي الْحَكَمِ فَقَالَ: «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى هُوَ الْحَكَمُ لِمَ تُكَنَّى بِأَبِي الْحَكَمِ؟» , قَالَ: إِنَّ قَوْمِي إِذَا اخْتَلَفُوا حَكَمْتُ بَيْنَهُمْ فَرَضِيَ الْفَرِيقَانِ , قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَلْ لَكَ وَلَدٌ؟» قَالَ: شُرَيْحٌ وَعَبْدُ اللَّهِ وَمُسْلِمٌ بَنُو هَانِئٍ , قَالَ: «فَمَنْ أَكْبَرُهُمْ؟» قَالَ: شُرَيْحٌ , قَالَ: أَنْتَ أَبُو شُرَيْحٍ " فَدَعَا لَهُ وَلِوَلَدِهِ قَالَ الْحَلِيمِيُّ: وَهُوَ الَّذِي إِلَيْهِ الْحُكْمُ وَأَصْلُ الْحُكْمِ مَنْعُ الْفَسَادِ وَشَرَائِعُ اللَّهِ تَعَالَى كُلُّهَا اسْتِصْلَاحٌ لِلْعِبَادِ قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: وَقِيلَ لِلْحَاكِمِ حَاكِمٌ لِمَنْعِهِ النَّاسَ عَنِ التَّظَالُمِ وَرَدْعِهِ إِيَّاهُمْ , يُقَالُ: حَكَمْتَ الرَّجُلَ عَنِ الْفَسَادِ إِذَا مَنَعْتَهُ مِنْهُ وَكَذَلِكَ أَحْكَمْتَ بِالْأَلْفِ وَمِنْ هَذَا قِيلَ: حَكَمَةُ اللِّجَامِ وَذَلِكَ لِمَنْعِهَا الدَّابَّةَ مِنَ التَّمَرُّدِ وَالذَّهَابِ فِي غَيْرِ جِهَةِ الْقَصْدِ. [ص: 200] وَمِنْهَا «الْمُقْسِطُ» وَهُوَ فِي خَبَرِ الْأَسَامِي مَذْكُورٌ , قَالَ الْحَلِيمِيُّ: وَهُوَ الْمُنِيلُ عِبَادَهُ الْقِسْطَ مِنْ نَفْسِهِ وَهُوَ الْعَدْلُ , وَقَدْ يَكُونُ الْجَاعِلُ لِكُلٍّ مِنْهُمْ قِسْطًا مِنْ خَيْرِهِ الحديث: 134 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 198 135 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ بِبَغْدَادَ , أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ دُرُسْتَوَيْهِ , ثنا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ , ثنا أَبُو الْيَمَانِ , قَالَ: أَخْبَرَنِي شُعَيْبٌ , عَنِ الزُّهْرِيِّ , قَالَ يَعْقُوبُ: وَحَدَّثَنَا حَجَّاجٌ , هُوَ ابْنُ أَبِي مَنِيعٍ , ثنا جَدِّي , عَنِ الزُّهْرِيِّ , حَدَّثَنِي أَبُو إِدْرِيسَ , عَائِذُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْخَوْلَانِيُّ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ يَزِيدُ بْنُ عَمِيرَةَ , صَاحِبُ مُعَاذٍ أَنَّ مُعَاذًا , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ يَقُولُ كُلَّمَا جَلَسَ لِلذِّكْرِ: اللَّهُ حَكَمٌ عَدْلٌ , وَقَالَ أَبُو الْيَمَانِ فِي رِوَايَةٍ: اللَّهُ حَكَمٌ قِسْطٌ تَبَارَكَ اسْمُهُ هَلَكَ الْمُرْتَابُونَ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَمِنْهَا «الصَّادِقُ» وَهُوَ فِي خَبَرِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْحُصَيْنِ مَذْكُورٌ وَفِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا} [النساء: 122] وَقَوْلُهُ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ} [الزمر: 74] قَالَ الْحَلِيمِيُّ: خَاطَبَ اللَّهُ تَعَالَى عِبَادَهُ وَأَخْبَرَهُمْ بِمَا يُرْضِيهِ عَنْهُمْ وَيُسْخِطُهُ عَلَيْهِمْ وَبِمَا لَهُمْ مِنَ الثَّوَابِ عِنْدَهُ إِذَا أَرْضُوهُ وَالْعِقَابِ لَدَيْهِ إِذَا أَسْخَطُوهُ فَصَدَّقَهُمْ وَلَمْ يُعَزِّرْهُمْ وَلَمْ يَلْبِسْ عَلَيْهِمْ [ص: 201] وَمِنْهَا «النُّورُ» قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [النور: 35] وَرُوِّينَاهُ فِي خَبَرِ الْأَسَامِي وَغَيْرِهِ , قَالَ الْحَلِيمِيُّ: وَهُوَ الْهَادِي لَا يَعْلَمُ الْعِبَادُ إِلَّا مَا عَلَّمَهُمْ وَلَا يُدْرِكُونَ إِلَّا مَا يَسَّرَ لَهُمْ إِدْرَاكَهُ , فَالْحَوَاسُّ وَالْعَقْلُ فِطْرَتُهُ وَخَلْقُهُ وَعَطِيَّتُهُ الحديث: 135 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 200 136 - أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ , أنا أَبُو الْحَسَنِ الطَّرَائِفِيُّ , ثنا عُثْمَانُ الدَّارِمِيُّ , ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ , عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ , عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَوْلَهُ: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [النور: 35] يَقُولُ: اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى هَادِي أَهْلِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ مَثَلُ هُدَاهُ فِي قَلْبِ الْمُؤْمِنِ كَمَا يَكَادُ الزَّيْتُ الصَّافِي يُضِيءُ قَبْلَ أَنْ تَمَسَّهُ النَّارُ , فَإِذَا مَسَّتْهُ النَّارُ ازْدَادَ ضَوْءًا عَلَى ضَوْءٍ كَذَلِكَ يَكُونُ قَلْبُ الْمُؤْمِنِ يَعْمَلُ الْهُدَى قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَهُ الْعِلْمُ فَإِذَا أَتَاهُ الْعِلْمُ ازْدَادَ هُدًى عَلَى هُدًى وَنُورًا عَلَى نُورٍ وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِيمَا أُخْبِرْتُ عَنْهُ: وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُتَوَهَّمَ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى نُورٌ مِنَ الْأَنْوَارِ فَإِنَّ النُّورَ تُضَادُّهُ الظُّلْمَةُ وَتُعَاقِبُهُ فَتُزِيلُهُ , وَتَعَالَى اللَّهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ ضِدٌّ أَوْ نِدٌّ وَمِنْهَا «الرَّشِيدُ» قَالَ الْحَلِيمِيُّ: وَهُوَ الْمُرْشِدُ وَهَذَا مِمَّا يُؤْثَرُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْنِي فِي خَبَرِ الْأَسَامِي وَمَعْنَاهُ الدَّالُّ عَلَى الْمَصَالِحِ وَالدَّاعِي إِلَيْهَا , وَهَذَا مِنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: [ص: 202] {وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا} [الكهف: 10] فَإِنَّ مُهَيِّئَ الرَّشَدِ مُرْشِدٌ وَقَالَ تَعَالَى: {وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا} [الكهف: 17] فَكَانَ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى أَنَّ مَنْ هَدَاهُ فَهُوَ وَلِيُّهُ وَمُرْشِدُهُ وَمِنْهَا «الْهَادِي» قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الحج: 54] وَهُوَ فِي خَبَرِ الْأَسَامِي مَذْكُورٌ , قَالَ الْحَلِيمِيُّ: وَهُوَ الدَّالُّ عَلَى سَبِيلِ النَّجَاةِ , وَالْمُبَيِّنُ لَهَا لِئَلَّا يَزِيغَ الْعَبْدُ وَيَضِلَّ , فَيَقَعَ فِيمَا يُرْدِيهِ وَيُهْلِكُهُ قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِيمَا أُخْبِرْتُ عَنْهُ: هُوَ الَّذِي مَنَّ بِهُدَاهُ عَلَى مَنْ أَرَادَ مِنْ عِبَادِهِ فَخَصَّهُ بِهِدَايَتِهِ وَأَكْرَمَهُ بِنُورِ تَوْحِيدِهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [يونس: 25] وَهُوَ الَّذِي هَدَى سَائِرَ الْخَلْقِ مِنَ الْحَيَوَانِ إِلَى مَصَالِحِهَا , وَأَلْهَمَهَا كَيْفَ تَطْلُبُ الرِّزْقَ وَكَيْفَ تَتَّقِي الْمَضَارَّ وَالْمَهَالِكَ كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى} [طه: 50] الحديث: 136 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 201 137 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ , أنا أَبُو الْقَاسِمِ سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ الطَّبَرَانِيُّ , ثنا عُبَيْدُ بْنُ غَنَّامٍ , ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ , ثنا وَكِيعٌ ح , قَالَ: وَأَخْبَرَنَا [ص: 203] أَبُو الْقَاسِمِ , ثنا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفِرْيَابِيُّ , ثنا حَبَّانُ بْنُ مُوسَى , ثنا ابْنُ الْمُبَارَكِ , جَمِيعًا عَنْ سُفْيَانَ , عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ جَابِرٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خُطْبَتِهِ يَحْمَدُ اللَّهَ تَعَالَى وَيُثْنِي عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ , ثُمَّ يَقُولُ: «مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ , أَصْدَقُ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى , وَأَحْسَنُ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ , وَشَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا , وَكُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ وَكُلُّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ» ثُمَّ يَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةَ كَهَاتَيْنِ» وَكَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا ذَكَرَ السَّاعَةَ احْمَرَّتْ وَجْنَتَاهُ وَعَلَا صَوْتُهُ وَاشْتَدَّ غَضَبُهُ كَأَنَّهُ نَذِيرُ جَيْشٍ صَبَّحَتْكُمْ أَمْسَتْكُمْ ثُمَّ يَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِأَهْلِهِ , وَمَنْ تَرَكَ دَيْنًا أَوْ ضِيَاعًا فَإِلَيَّ أَوْ عَلَيَّ , وَأَنَا وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ الحديث: 137 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 202 138 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ , ثنا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ , ثنا قُرَادٌ أَبُو نُوحٍ , ثنا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ ح , وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ , أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ , ثنا أَبُو دَاوُدَ , ثنا ابْنُ الْمُثَنَّى , ثنا عُمَرُ بْنُ يُونُسَ , ثنا عِكْرِمَةُ , [ص: 204] حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ , حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ , قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: بِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْتَتِحُ الصَّلَاةَ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ؟ قَالَتْ: كَانَ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ كَانَ يَفْتَتِحُ صَلَاتَهُ «بِاللَّهُمَّ رَبَّ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ , اهْدِنِي لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِكَ إِنَّكَ تَهْدِي مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ» لَفْظُ حَدِيثِ الرُّوذْبَارِيِّ , وَفِي رِوَايَةِ قُرَادٍ قَالَ: إِذَا قَامَ كَبَّرَ يَقُولُ وَالْبَاقِي بِمَعْنَاهُ رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى وَغَيْرِهِ الحديث: 138 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 203 139 - أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ , أنا أَبُو الْحَسَنِ الطَّرَائِفِيُّ , ثنا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ , ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ , عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ , عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} [البقرة: 6] وَقَوْلِهِ: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى} [الأنعام: 35] وَقَوْلِهِ: {وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا} [الأنعام: 125] وَقَوْلِهِ: {مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الأنعام: 111] وَقَوْلِهِ {وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ [ص: 205] تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} [يونس: 100] وَقَوْلِهِ: {وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا} [السجدة: 13] وَقَوْلِهِ: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا} [يونس: 99] , وَقَوْلِهِ: {إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا} [يس: 8] وَقَوْلِهِ: {مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا} [الكهف: 28] وَقَوْلِهِ: {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} [النمل: 80] وَقَوْلِهِ: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} [القصص: 56] وَقَوْلِهِ: {فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ} [هود: 105] وَنَحْوِ هَذَا مِنَ الْقُرْآنِ , قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَحْرِصُ أَنْ يُؤْمِنَ جَمِيعُ النَّاسِ وَيُبَايِعُوهُ عَلَى الْهُدَى , فَأَخْبَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ لَا يُؤْمِنُ إِلَّا مَنْ سَبَقَتْ لَهُ مِنَ اللَّهِ السَّعَادَةُ فِي الذِّكْرِ الْأَوَّلِ وَلَا يَضِلُّ إِلَّا مَنْ سَبَقَتْ لَهُ مِنَ الْلَّهِ الشَّقَاوَةَ فِي الذِّكْرِ الْأَوَّلِ , ثُمَّ قَالَ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ} [الشعراء: 4] وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {مَا يَفْتَحُ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكُ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ} [فاطر: 2] وَقَوْلِهِ: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} [آل عمران: 128] وَقَوْلِهِ: {وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا} [الأنعام: 111] يَعْنِي مُعَايَنَةً مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا وَهُمْ أَهْلُ الشَّقَاءِ ثُمَّ قَالَ: {إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الأنعام: 111] وَهُمْ أَهْلُ السَّعَادَةِ الَّذِينَ سَبَقَ لَهُمْ فِي عِلْمِهِ أَنْ يَدْخُلُوا فِي الْإِيمَانِ , وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى} [طه: 50] يَقُولُ: خَلَقَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ رُوحَهُ ثُمَّ هَدَاهُ لِمَنْكَحِهِ وَمَطْعَمِهِ وَمَشْرَبِهِ وَمَسْكَنِهِ وَمَوْلِدِهِ وَمِنْهَا «الْحَنَّانُ» قَالَ الْحَلِيمِيُّ: وَهُوَ الْوَاسِعُ الرَّحْمَةِ , وَقَدْ يَكُونُ الْمَبَالِغُ فِي إِكْرَامِ أَهْلِ طَاعَتِهِ إِذَا وَافُوا دَارَ الْقَرَارِ , لِأَنَّ مَنْ حَنَّ مِنَ النَّاسِ إِلَى غَيْرِهِ أَكْرَمَهُ عِنْدَ لِقَائِهِ وَكُلِّفَ بِهِ عِنْدَ قُدُومِهِ قُلْتُ: وَهُوَ فِي خَبَرِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْحُصَيْنِ مَذْكُورٌ الحديث: 139 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 204 140 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ , أنا أَبُو عُثْمَانَ , عَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِيُّ , ثنا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ , ثنا أَبُو النُّعْمَانٍ , مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ , ثنا سَلَّامُ بْنُ مِسْكِينٍ , ثنا أَبُو ظِلَالٍ , عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِنَّ رَجُلًا فِي النَّارِ يُنَادِي أَلْفَ سَنَةٍ يَا حَنَّانُ يَا مَنَّانُ , فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِجِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: اذْهَبْ [ص: 207] فَأْتِنِي بِعَبْدِي هَذَا فَذَهَبَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَوَجَدَ أَهْلَ النَّارِ مُنْكَبِّينَ يَبْكُونَ , قَالَ: فَرَجَعَ فَأَخْبَرَ رَبَّهُ قَالَ اذْهَبْ إِلَيْهِ فَأْتِنِي بِهِ فَإِنَّهُ فِي مَكَانِ كَذَا وَكَذَا قَالَ فَذَهَبَ فَجَاءَ بِهِ قَالَ: يَا عَبْدِي كَيْفَ وَجَدْتَ مَكَانَكَ وَمَقِيلَكَ؟ قَالَ: يَا رَبِّ شَرَّ مَكَانٍ وَشَرَّ مَقِيلٍ قَالَ: رُدُّوا عَبْدِي قَالَ: مَا كُنْتُ أَرْجُو أَنْ تُعِيدَنِي إِلَيْهَا بَعْدَ إِذْ أَخْرَجْتَنِي مِنْهَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِمَلَائِكَتِهِ: دَعُوا عَبْدِي " الحديث: 140 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 206 141 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الشَّافِعِيُّ , ثنا إِسْحَاقُ بْنُ الْحَسَنِ الْحَرْبِيُّ , ثنا أَبُو حُذَيْفَةُ , ثنا سُفْيَانُ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عِكْرِمَةَ , عَنِ ابْنِ [ص: 208] عَبَّاسٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا} [مريم: 13] قَالَ: التَّعَطُّفُ بِالرَّحْمَةِ قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ فِيمَا أُخْبِرْتُ عَنْهُ: الْحَنَّانُ مَعْنَاهُ ذُو الرَّحْمَةِ وَالْعَطْفِ وَالْحَنَانُ مُخَفَّفًا الرَّحْمَةُ قُلْتُ: وَفِي كِتَابِ الْغَرِيبِينَ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ الْهَرَوِيِّ قَالَ: قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: الْحَنَّانُ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ الرَّحِيمِ , وَالْحَنَانُ مُخَفَّفًا الْعَطْفُ وَالرَّحْمَةُ وَالرِّزْقُ وَالْبَرَكَةُ الحديث: 141 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 207 142 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ , أنا أَبُو عُمَرَ , مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ الزَّاهِدُ غُلَامُ ثَعْلَبَةَ أَوْ ثَعْلَبٍ فِي كِتَابِ يَاقُوتَةَ السِّرَاطِ الَّذِي يَرْوِي أَكْثَرَهُ عَنْ ثَعْلَبٍ عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ} [آل عمران: 164] أَيْ تَفَضَّلَ اللَّهُ {عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} [ص: 209] [آل عمران: 152] الْمُصَدِّقِينَ , وَالْمَنَّانُ الْمُتَفَضِّلُ , وَالْحَنَّانُ الرَّحِيمُ , وَقَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا} [مريم: 13] أَخْبَرَنَا ثَعْلَبٌ عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ عَنِ الْمُفَضَّلِ قَالَ: الْحَنَانُ: الرَّحْمَةُ , وَالْحَنَانُ: الرِّقُّ , وَالْحَنَانُ: الْبَرَكَةُ , وَالْحَنَانُ: الْهَيْبَةُ وَمِنْهَا «الْجَامِعُ» وَهُوَ فِي خَبَرِ الْأَسَامِي مَذْكُورٌ , وَفِي الْقُرْآنِ: {رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ} [آل عمران: 9] قَالَ الْحَلِيمِيُّ وَمَعْنَاهُ الضَّامُّ لِأَشْتَاتِ الدَّارِسِينَ مِنَ الْأَمْوَاتِ وَذَلِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةَ , وَذَكَرَهُ أَبُو سُلَيْمَانَ بِمَعْنَاهُ , قَالَ: وَيُقَالُ: الْجَامِعُ الَّذِي جَمَعَ الْفَضَائِلَ وَحَوَى الْمَكَارِمَ وَالْمَآثِرَ وَمِنْهَا «الْبَاعِثُ» وَهُوَ فِي خَبَرِ الْأَسَامِي مَذْكُورٌ , وَفِي الْقُرْآنِ: {وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ} [الحج: 7] وَقَالَ الْحَلِيمِيُّ: يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ أَحْيَاءً لِيُحَاسِبَهُمْ وَيَجْزِيهِمْ بِأَعْمَالِهِمْ قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: يَبْعَثُ الْخَلْقَ بَعْدَ الْمَوْتِ , أَيْ يُحْيِيهِمْ فَيَحْشُرُهُمْ لِلْحِسَابِ: {لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى} قَالَ: وَيُقَالُ: هُوَ الَّذِي يَبْعَثُ عِبَادَهُ عِنْدَ السَّقْطَةِ , وَيَبْعَثُهُمْ بَعْدَ الصَّرْعَةِ وَمِنْهَا «الْمُقَدِّمُ وَالْمُؤَخِّرُ» وَهُمَا فِي خَبَرِ الْأَسَامِي مَذْكُورَانِ الحديث: 142 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 208 143 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ , ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّيْدَلَانِيُّ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ , ثنا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الصَّبَّاحِ , ثنا شُعْبَةُ , عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ , عَنِ ابْنِ أَبِي مُوسَى , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو بِهَذَا [ص: 210] الدُّعَاءِ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي وَجَهْلِي وَإِسْرَافِي فِي أَمْرِي , وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي , اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي خَطَايَايَ وَعَمْدِي وَجَهْلِي وَجَدِّي وَهَزْلِي وَكُلَّ ذَلِكَ عِنْدِي , اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ , وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بَشَّارٍ قَالَ الْحَلِيمِيُّ: الْمُقَدِّمُ هُوَ الْمُعْطِي لِعَوَالِي الرُّتَبِ , وَالْمُؤَخِّرُ هُوَ الدَّافِعُ عَنْ عَوَالِي الرُّتَبِ وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: هُوَ الْمُنْزِلُ لِلْأَشْيَاءِ مَنَازِلَهَا , يُقَدِّمُ مَا شَاءَ مِنْهَا وَيُؤَخِّرُ مَا شَاءَ , قَدَّمَ الْمَقَادِيرَ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ الْخَلْقَ , وَقَدَّمَ مَنْ أَحَبَّ مِنْ أَوْلِيَائِهِ عَلَى غَيْرِهِمْ مِنْ عَبِيدِهِ , وَرَفَعَ الْخَلْقَ بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ وَقَدَّمَ مَنْ شَاءِ بِالتَّوْفِيقِ إِلَى مَقَامَاتِ السَّابِقِينَ وَأَخَّرَ مَنْ شَاءَ عَنْ مَرَاتِبِهِمْ وَثَبَّطَهُمْ عَنْهَا , وَأَخَّرَ الشَّيْءَ عَنْ حِينِ تَوَقُّعِهِ لِعِلْمِهِ بِمَا فِي عَوَاقِبِهِ مِنَ الْحِكْمَةِ , لَا مُقَدِّمَ لِمَا أَخَّرَ , وَلَا مُؤَخِّرَ لِمَا قَدَّمَ قَالَ: وَالْجَمْعُ بَيْنَ هَذَيْنِ الِاسْمَيْنِ أَحْسَنُ مِنَ التَّفْرِقَةِ الحديث: 143 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 209 144 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ , وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ عُمَرَ بْنِ بُرْهَانٍ , وَأَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ , وَغَيْرُهُمْ , قَالُوا: أنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ , ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ , ثنا إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ , عَنْ يَزِيدَ , يَعْنِي الرِّشْكَ , عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ , عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعُلِمَ أَهْلُ الْجَنَّةِ [ص: 211] مِنْ أَهْلِ النَّارِ؟ , قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نَعَمْ» , قَالَ: فَفِيمَ يَعْمَلُ الْعَامِلُونَ؟ , قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ» أَوْ كَمَا قَالَ الحديث: 144 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 210 145 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ , أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَحْمَوَيْهِ , ثنا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ , ثنا آدَمُ , ثنا شُعْبَةُ , ثنا يَزِيدُ الرِّشْكُ , قَالَ: سَمِعْتُ مُطَرِّفَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ , يُحَدِّثُ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُعْرَفُ أَهْلُ الْجَنَّةِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ؟ قَالَ: «نَعَمْ» , قَالَ: فَلَمْ يَعْمَلُ الْعَامِلُونَ؟ , قَالَ: «كُلٌّ يَعْمَلُ لِمَا خُلِقَ لَهُ» , أَوْ لِمَا يُسِّرَ لَهُ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ آدَمَ بْنِ أَبِي إِيَاسَ , وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنِ ابْنِ نُمَيْرٍ عَنِ ابْنِ عُلَيَّةَ وَمِنْهَا: «الْمُعِزُّ الْمُذِلُّ» وَقَدْ رُوِّينَاهُمَا فِي خَبَرِ الْأَسَامِي , وَفِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ} [آل عمران: 26] , قَالَ الْحَلِيمِيُّ: الْمُعِزُّ هُوَ الْمُيَسِّرُ أَسْبَابَ الْمَنْعَةِ , وَالْمُذِلُّ هُوَ الْمُعَرِّضُ لِلْهَوَانِ وَالضَّعَةِ , وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُدْعَى اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِالْمُؤَخِّرِ إِلَّا مَعَ الْمُقَدِّمِ , وَلَا بِالْمُذِلِّ إِلَّا مَعَ الْمُعِزِّ , وَلَا بِالْمُمِيتِ إِلَّا مَعَ الْمُحْيِي كَمَا قُلْنَا فِي الْمَانِعِ وَالْمُعْطِي , وَالْقَابِضِ وَالْبَاسِطِ , قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: أَعَزَّ بِالطَّاعَةِ أَوْلِيَاءَهُ , وَأَظْهَرَهُمْ عَلَى أَعْدَائِهِمْ فِي الدُّنْيَا وَأَحَلَّهُمْ دَارَ الْكَرَامَةِ فِي الْعُقْبَى , وَأَذَلَّ أَهْلَ الْكُفْرِ فِي الدُّنْيَا بِأَنْ ضَرَبَهُمْ بِالرِّقِّ وَبِالْجِزْيَةِ وَالصَّغَارِ , وَفِي الْآخِرَةِ بِالْعُقُوبَةِ وَالْخُلُودِ فِي النَّارِ وَمِنْهَا «الْوَكِيلُ» وَفِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا} [النساء: 81] [ص: 212] {وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} [آل عمران: 173] وَقَدْ رُوِّينَاهُ فِي خَبَرِ الْأَسَامِي الحديث: 145 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 211 146 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ , بِبَغْدَادَ , أنا أَبُو عَلِيٍّ , إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ , ثنا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ , ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ , عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ , عَنْ أَبِي الضُّحَى , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , قَالَ: كَانَ آخِرُ كَلَامِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ حِينَ أُلْقِيَ فِي النَّارِ , حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ قَالَ: وَقَالَ نَبِيُّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهَا: «الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يُونُسَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ قَالَ الْحَلِيمِيُّ: الْوَكِيلُ هُوَ الْمُوْكُولُ وَالْمُفَوَّضُ إِلَيْهِ , عِلْمًا بِأَنَّ الْخَلْقَ وَالْأَمْرَ لَهُ لَا يَمْلِكُ أَحَدٌ مِنْ دُونِهِ شَيْئًا الحديث: 146 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 212 147 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو , ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْجَهْمِ , صَاحِبُ الْفَرَّاءِ قَالَ: قَالَ الْفَرَّاءُ: قَوْلُهُ: {أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلًا} [ص: 213] [الإسراء: 2] يُقَالُ: رَبًّا وَيُقَالُ: كَافِيًا قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: وَيُقَالُ مَعْنَاهُ أَنَّهُ الْكَفِيلُ بِأَرْزَاقِ الْعِبَادِ وَالْقَائِمُ عَلَيْهِمْ بِمَصَالِحِهِمْ , وَحَقِيقَتُهُ أَنَّهُ يَسْتَقِلُّ بِالْأَمْرِ الْمَوْكُولِ إِلَيْهِ , وَمِنْ هَذَا قَوْلُ الْمُسْلِمِينَ حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ , أَيْ نِعْمَ الْكَفِيلُ بِأُمُورِنَا وَالْقَائِمُ بِهَا وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي قِصَّةِ مُوسَى وَشُعَيْبٍ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ: {وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ} [القصص: 28] فَقَدْ الحديث: 147 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 212 148 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَسَنِ , ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحُسَيْنِ , ثنا آدَمُ , ثنا وَرْقَاءُ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ , عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ , قَالَ: يَعْنِي شَهِيدًا وَمِنْهَا «سَرِيعُ الْحِسَابِ» قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ} [البقرة: 202] الحديث: 148 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 213 149 - أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ , مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْفَقِيهُ , ثنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الشَّيْبَانِيُّ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ الْفَرَّاءُ , ثنا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ , ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ , سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى , قَالَ: دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْأَحْزَابِ [ص: 214] وَقَالَ: «اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الْكِتَابِ سَرِيعَ الْحِسَابِ اهْزِمِ الْأَحْزَابَ , اللَّهُمَّ اهْزِمْهُمْ وَزَلْزِلْهُمْ» أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ قَالَ الْحَلِيمِيُّ: فَقِيلَ مَعْنَاهُ لَا يَشْغَلُهُ حِسَابُ أَحَدٍ عَنْ حِسَابِ غَيْرِهِ , فَيَطُولُ الْأَمْرُ فِي مُحَاسَبَةِ الْخَلْقِ عَلَيْهِ , وَقَدْ قِيلَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يُحَاسِبُ الْخَلْقَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي وَقْتٍ قَرِيبٍ , لَوْ تَوَلَّى الْمَخْلُوقُونَ مِثْلَ ذَلِكَ الْأَمْرِ فِي مِثْلِهِ لَمَا قَدَرُوا عَلَيْهِ وَلَاحْتَاجُوا إِلَى سِنِينَ لَا يُحْصِيهَا إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى وَمِنْهَا «ذُو الْفَضْلِ» قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} [آل عمران: 105] قَالَ الْحَلِيمِيُّ: وَهُوَ الْمُنْعِمُ بِمَا لَا يَلْزَمُهُ قُلْتُ: وَقَدْ رُوِيَ فِي تَسْمِيَةِ الْمُنْعِمِ الْمُفْضِلُ حَدِيثٌ مُنْقَطِعٌ الحديث: 149 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 213 150 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ خُشَيْشٍ الْمُقْرِئُ بِالْكُوفَةِ أَنَا أَبُو إِسْحَاقَ بْنُ أَبِي الْعَزَائِمِ , أَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَازِمٍ , أَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ , عَنِ الْأَعْمَشِ , عَنْ [ص: 215] حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ , ثنا شَيْخٌ , لَنَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا جَاءَهُ شَيْءٌ يَكْرَهُهُ قَالَ: «الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ» وَإِذَا جَاءَهُ شَيْءٌ يُعْجِبُهُ قَالَ: «الْحَمْدُ لِلَّهِ الْمُنْعِمِ الْمُفْضِلِ الَّذِي بِنِعْمَتِهِ تَتِمُّ الصَّالِحَاتُ» وَمِنْهَا «ذُو انْتِقَامٍ» قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ} [آل عمران: 4] وَقَالَ: {يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ} [الدخان: 16] وَرُوِّينَاهُ فِي خَبَرِ الْأَسَامِي «الْمُنْتَقِمُ» قَالَ الْحَلِيمِيُّ: هُوَ الْمُبَلِّغُ بِالْعِقَابِ قَدْرَ الِاسْتِحْقَاقِ [ص: 216] وَمِنْهَا «الْمُغْنِي» وَهُوَ فِي خَبَرِ الْأَسَامِي مَذْكُورٌ قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ هُوَ الَّذِي جَبَرَ مَفَاقِرَ الْخَلْقِ وَسَاقَ إِلَيْهِمْ أَرْزَاقَهُمْ فَأَغْنَاهُمْ عَمَّا سِوَاهُ , كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَى وَأَقْنَى} [النجم: 48] وَيَكُونُ الْمُغْنِي بِمَعْنَى الْكَافِي مِنَ الْغَنَاءِ مَمْدُودًا مَفْتُوحَ الْغَيْنِ قَالَ الْحَلِيمِيُّ: وَمِنْهَا " مَا جَاءَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: " لَا تَقُولُوا: الطَّبِيبَ وَلَكِنْ قُولُوا: الرَّفِيقَ فَإِنَّ الطَّبِيبَ هُوَ اللَّهُ " قَالَ: وَمَعْنَى هَذَا أَنَّ الْمُعَالِجَ لِلْمَرِيضِ مِنَ الْآدَمَيِّينَ , وَإِنْ كَانَ حَاذِقًا مُتَقَدِّمًا فِي صِنَاعَتِهِ فَإِنَّهُ قَدْ لَا يُحِيطُ عِلْمًا بِنَفْسِ الدَّاءِ وَلَئِنْ عَرَفَهُ وَمَيَّزَهُ فَلَا يَعْرِفُ مِقْدَارَهُ وَلَا مِقْدَارَ مَا اسْتَوْلَى عَلَيْهِ مَنْ بَدَنِ الْعَلِيلِ وَقُوَّتِهِ , وَلَا يُقْدِمُ عَلَى مُعَالَجَتِهِ إِلَّا مُتَطَبِّبًا عَامِلًا بِالْأَغْلَبِ مِنْ رَأْيِهِ وَفَهْمِهِ , لِأَنَّ مَنْزِلَتَهُ فِي عِلْمِ الدَّوَاءِ كَمَنْزِلَتِهِ الَّتِي ذَكَرْتُهَا فِي عِلْمِ الدَّاءِ , فَهُوَ لِذَلِكَ رُبَّمَا يُصِيبُ وَرُبَّمَا يُخْطِئُ وَرُبَّمَا يَزِيدُ فَيَغْلُو وَرُبَّمَا يَنْقُصُ فَيَكْبُو , فَاسْمُ الرَّفِيقِ إِذًا أَوْلَى بِهِ مِنَ اسْمِ الطَّبِيبِ , لِأَنَّهُ يَرْفُقُ [ص: 217] بِالْعَلِيلِ فَيَحْمِيهِ مِمَّا يَخْشَى أَنْ لَا يَحْتَمِلَهُ بَدَنُهُ وَيُطْعِمُهُ وَيَسْقِيهِ مَا يَرَى أَنَّهُ أَرْفَقُ بِهِ , فَأَمَّا الطَّبِيبُ فَهُوَ الْعَالِمُ بِحَقِيقَةِ الدَّاءِ وَالدَّوَاءِ وَالْقَادِرُ عَلَى الصِّحَّةِ وَالشِّفَاءِ , وَلَيْسَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ إِلَّا الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ , فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُسَمَّى بِهَذَا الِاسْمِ أَحَدٌ سِوَاهُ , فَأَمَّا صِفَةُ تَسْمِيَةِ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ فَهِيَ أَنْ يُذْكَرَ ذَلِكَ فِي حَالِ الِاسْتِشْفَاءِ مِثْلَ أَنْ يُقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ أَنْتَ الْمُصِحُّ وَالْمُمْرِضُ وَالْمُدَاوِي وَالطَّبِيبُ , وَنَحْوَ ذَلِكَ فَأَمَّا أَنْ يُقَالَ: يَا طَبِيبُ كَمَا يُقَالُ: يَا رَحِيمُ أَوْ يَا حَلِيمُ أَوْ يَا كَرِيمُ فَإِنَّ ذَلِكَ مُفَارَقَةٌ لِآدَابِ الدُّعَاءِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قُلْتُ وَفِي مِثْلِ هَذِهِ الْحَالَةِ وَرَدَ تَسْمِيَتُهُ بِهِ فِي الْآثَارِ الحديث: 150 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 214 151 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ الْأَصْبَهَانِيُّ , أنا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ الْفَاكِهِيُّ , بِمَكَّةَ أنا أَبُو يَحْيَى بْنُ أَبِي مَسَرَّةَ , ثنا الْعَلَاءُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ , أنا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ الْجُمَحِيُّ , عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ , عَنْ عَائِشَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا كَانَتْ تَمْسَحُ صَدْرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَقُولُ: اكْشِفِ الْبَاسَ رَبَّ النَّاسِ , أَنْتَ الطَّبِيبُ وَأَنْتَ الشَّافِي فَيَقُولُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَلْحِقْنِي بِالرَّفِيقِ الْأَعْلَى» الحديث: 151 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 217 152 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُؤَمَّلِ , ثنا الْفَضْلُ بْنُ [ص: 218] مُحَمَّدٍ الشَّعْرَانِيُّ , ثنا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ , ثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ , ثنا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبْجَرَ , عَنْ إِيَادِ بْنِ لَقِيطٍ , عَنْ أَبِي رِمْثَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ أَبِي فَرَأَى الَّتِي بِظَهْرِهِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا أُعَالِجُهَا فَإِنِّي طَبِيبٌ , قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنْتَ رَفِيقٌ وَاللَّهُ الطَّبِيبُ» , قَالَ: «مَنْ هَذَا مَعَكَ؟» , قَالَ: قُلْتُ ابْنِي أَشْهَدُ بِهِ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَمَا إِنَّهُ لَا يَجْنِي عَلَيْكَ وَلَا تَجْنِي عَلَيْهِ» قَالَ الْحَلِيمِيُّ: وَمِنْهَا مَا جَاءَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «اللَّهُمَّ اشْفِ أَنْتَ الشَّافِي» الحديث: 152 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 217 153 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ , أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ , حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى , أنا هُشَيْمٌ , عَنِ الْأَعْمَشِ , عَنْ أَبِي الضُّحَى , عَنْ مَسْرُوقٍ , عَنْ [ص: 219] عَائِشَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا دَخَلَ عَلَى مَرِيضٍ وَضَعَ يَدَهُ حَيْثُ يَشْتَكِي ثُمَّ يَقُولُ: «أَذْهِبِ الْبَاسَ رَبَّ النَّاسِ اشْفِ أَنْتَ الشَّافِي , لَا شِفَاءَ إِلَّا شِفَاؤُكَ شِفَاءً لَا يُغَادِرُ سَقَمًا» , قَالَتْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: فَلَمَّا مَرِضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَضَعْتُ يَدِي عَلَيْهِ وَذَهَبْتُ أَقُولُ ذَلِكَ فَدَفَعَنِي وَقَالَ: «اللَّهُمَّ الرَّفِيقَ الْأَعْلَى اللَّهُمَّ الرَّفِيقَ الْأَعْلَى» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى , وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ الْأَعْمَشِ الحديث: 153 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 218 154 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ , أنا أَبُو عَلِيٍّ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ أَبُو بَكْرٍ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ , ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ , عَنْ مَنْصُورٍ , عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَزِيدَ , عَنْ مَسْرُوقٍ , وَعَنْ أَبِي الضُّحَى , عَنْ مَسْرُوقٍ , عَنْ عَائِشَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أُتِيَ بِمَرِيضٍ قَالَ: «أَذْهِبِ الْبَاسَ رَبَّ النَّاسِ , اشْفِ أَنْتَ الشَّافِي لَا شِفَاءَ إِلَّا شِفَاؤُكَ شِفَاءً لَا يُغَادِرُ سَقَمًا» أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ فَقَالَ: وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ قَالَ الْحَلِيمِيُّ: قَدْ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ فِي الدُّعَاءِ يَا شَافِي يَا كَافِي لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَشْفِي الصُّدُورَ مِنَ الشُّبَهِ وَالشُّكُوكِ , وَمِنَ الْحَسَدِ وَالْغُلُولِ , وَالْأَبْدَانَ مِنَ الْأَمْرَاضِ [ص: 220] وَالْآفَاتِ، لَا يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ غَيْرُهُ وَلَا يُدْعَى بِهَذَا الِاسْمِ سِوَاهُ وَمَعْنَى الشِّفَاءِ رَفْعُ مَا يُؤْذِي أَوْ يُؤْلِمُ عَنِ الْبَدَنِ قَالَ وَمِنْهَا: مَا جَاءَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ حَيِيٌّ كَرِيمٌ» الحديث: 154 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 219 155 - أَخْبَرَنَاه أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ , أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ , ثنا أَبُو دَاوُدَ , ثنا مُؤَمَّلُ بْنُ الْفَضْلِ الْحَرَّانِيُّ , ثنا عِيسَى بْنُ يُونُسَ , ثنا جَعْفَرٌ , يَعْنِي ابْنَ مَيْمُونٍ صَاحِبَ الْأَنْمَاطِ حَدَّثَنِي أَبُو عُثْمَانَ , عَنْ سَلْمَانَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ رَبَّكُمْ عَزَّ وَجَلَّ حَيِيٌّ كَرِيمٌ , يَسْتَحْيِي مِنْ عَبْدِهِ إِذَا رَفَعَ يَدَيْهِ إِلَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرًا» كَذَا رَوَاهُ الْأَنْمَاطِيُّ الحديث: 155 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 220 156 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيُّ , ثنا عَفَّانُ , ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ , عَنْ ثَابِتٍ , وَحُمَيْدٍ , وَسَعِيدٍ الْجُرَيْرِيِّ , عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ , عَنْ سَلْمَانَ , أَنَّهُ قَالَ: أَجِدُ فِي التَّوْرَاةِ أَنَّ اللَّهَ حَيِيٌّ كَرِيمٌ يَسْتَحِيي أَنْ يَرُدَّ يَدَيْنِ خَائِبَتَيْنِ سُئِلَ بِهِمَا خَيْرًا الحديث: 156 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 223 157 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ , ثنا مُحَمَّدٌ , أنا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ , ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ , عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ , عَنْ عَطَاءٍ , عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حَيِيٌّ سِتِّيرٌ فَإِذَا أَرَادَ - يَعْنِي أَحَدُكُمْ - أَنْ يَغْتَسِلَ فَلْيَتَوَارَ بِشَيْءٍ» [ص: 224] قَالَ الْحَلِيمِيُّ: وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ يَكْرَهُ أَنْ يَرُدَّ الْعَبْدَ إِذَا دَعَاهُ فَسَأَلَهُ مَا لَا يَمْتَنِعُ فِي الْحِكْمَةِ إِعْطَاؤُهُ إِيَّاهُ وَإِجَابَتُهُ إِلَيْهِ فَهُوَ لَا يَفْعَلُ ذَلِكَ إِلَّا أَنَّهُ لَا يَخَافُ مِنْ فِعْلِهِ ذَمًّا , كَمَا يَخَافُهُ النَّاسُ فَيَكْرَهُونَ لِذَلِكَ فِعْلَ أُمُورٍ وَتَرْكَ أُمُورٍ , فَإِنَّ الْخَوْفَ غَيْرُ جَائِزٍ عَلَيْهِ قُلْتُ: وَقَوْلُهُ سِتِّيرٌ , يَعْنِي أَنَّهُ سَاتِرٌ يَسْتُرُ عَلَى عِبَادِهِ كَثِيرًا وَلَا يَفْضَحُهُمْ فِي الْمَشَاهِدِ , كَذَلِكَ يُحِبُّ مِنْ عِبَادِهِ السِّتْرَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ , وَاجْتِنَابِ مَا يَشِينُهُمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ الحديث: 157 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 223 فَصْلٌ وَلِلَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَسْمَاءُ سِوَى مَا ذَكَرْنَا قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَلِيمِيُّ: وَلِلَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَسْمَاءُ سِوَى مَا ذَكَرْنَا تَدْخُلُ فِي أَبْوَابٍ مُخْتَلِفَةٍ وَمِنْهَا «ذُو الْعَرْشِ» قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ} [البروج: 15] قَالَ الْحَلِيمِيُّ: مَعْنَاهُ الْمَلِكُ الَّذِي يَقْصِدُ الصَّافُّونَ حَوْلَ الْعَرْشِ تَعْظِيمَهُ وَعِبَادَتَهُ , فَهَذَا قَدْ يَتْبَعُ إِثْبَاتَ الْبَارِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ , عَلَى مَعْنَى أَنَّ لِلْعِبَادِ مَلِكًا وَرَبًّا يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِمْ أَنْ يَعْبُدُوهُ - يَعْنِي إِذَا أَمَرَهُمْ بِهِ - وَقَدْ يَتْبَعُ التَّوْحِيدَ عَلَى مَعْنَى أَنَّ الْمَعْبُودَ وَاحِدٌ وَالْمَلِكَ وَاحِدٌ , وَلَيْسَ الْعَرْشُ إِلَّا لِوَاحِدٍ , وَقَدْ يَتْبَعُ إِثْبَاتَ الْإِبْدَاعِ وَالِاخْتِرَاعِ لَهُ لِأَنَّهُ لَا يُثْبِتُ الْعَرْشَ إِلَّا مَنْ يُنْسَبُ الِاخْتِرَاعُ إِلَيْهِ , وَقَدْ يَتْبَعُ إِثْبَاتَ التَّدْبِيرِ لَهُ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ هُوَ الَّذِي رَتَّبَ الْخَلَائِقَ وَدَبَّرَ الْأُمُورَ فَعَلَا بِالْعَرْشِ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَجَعَلَهُ مَصْدَرًا لِقَضَايَاهُ وَأَقْدَارِهِ , وَرَتَّبَ لَهُ حَمَلَةً مِنَ مَلَائِكَتِهِ وَآخَرِينَ مِنْهُمْ يَصُفُّونَ حَوْلَهُ وَيَعْبُدُونَهُ وَمِنْهَا «ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ» قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} [الرحمن: 27] وَرُوِّينَاهُ فِي خَبَرِ الْأَسَامِي وَغَيْرِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 225 158 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الْمَعْرُوفِ الْمِهْرَجَانِيُّ بِهَا , أنا أَبُو سَهْلٍ بِشْرُ بْنُ أَحْمَدَ , أنا أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْحَذَّاءُ , ثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ [ص: 226] الْمَدِينِيُّ , ثنا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ , ثنا الْجُرَيْرِيُّ , عَنْ أَبِي الْوَرْدِ بْنِ ثُمَامَةَ عَنِ اللَّجْلَاجِ , قَالَ: حَدَّثَنِي مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: أَتَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَجُلٍ يَقُولُ: يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ: قَالَ: «قَدِ اسْتُجِيبَ لَكَ فَسَلْ» قَالَ الْحَلِيمِيُّ: وَمَعْنَاهُ الْمُسْتَحِقُّ لِأَنْ يُهَابَ لِسُلْطَانِهِ وَيُثْنَى عَلَيْهِ بِمَا يَلِيقُ بِعُلُوِّ شَأْنِهِ , وَهَذَا قَدْ يَدْخُلُ فِي بَابِ الْإِثْبَاتِ عَلَى مَعْنَى أَنَّ لِلْخَلْقِ رَبًّا يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِمُ الْإِجْلَالَ وَالْإِكْرَامَ , وَيَدْخُلُ فِي بَابِ التَّوْحِيدِ عَلَى مَعْنَى أَنَّ هَذَا الْحَقَّ لَيْسَ إِلَّا لِمُسْتَحِقٍّ وَاحِدٍ قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ: الْجَلَالُ مَصْدَرُ الْجَلِيلِ , يُقَالُ: جَلِيلٌ مِنَ الْجَلَالَةِ وَالْجَلَالِ , وَالْإِكْرَامُ مَصْدَرُ أَكْرَمَ يُكْرِمُ إِكْرَامًا وَالْمَعْنَى أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَسْتَحِقُّ أَنْ يُجَلَّ وَيُكْرَمَ فَلَا يُجْحَدَ وَلَا يُكْفَرَ بِهِ , وَقَدْ يَحْتَمِلُ الْمَعْنَى أَنَّهُ يُكَرِّمُ أَهْلَ وِلَايَتِهِ وَيَرْفَعُ دَرَجَاتِهِمْ بِالتَّوْفِيقِ لِطَاعَتِهِ فِي الدُّنْيَا , وَيُجِلُّهُمْ بِأَنْ يَتَقَبَّلَ أَعْمَالَهُمْ وَيَرْفَعَ فِي الْجِنَانِ دَرَجَاتِهِمْ وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ - وَهُوَ الْجَلَالُ - مُضَافًا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِمَعْنَى الصِّفَةِ [ص: 227] لَهُ وَالْآخَرُ مُضَافًا إِلَى الْعَبْدِ بِمَعْنَى الْفِعْلِ مِنْهُ , كَقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ} [المدثر: 56] فَانْصَرَفَ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَهُوَ الْمَغْفِرَةُ وَالْآخَرُ إِلَى الْعِبَادِ وَهُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ الحديث: 158 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 225 159 - أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ , أنا أَبُو الْحَسَنِ الطَّرَائِفِيُّ , ثنا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ , حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ , عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ , عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} [الرحمن: 27] يَقُولُ: ذُو الْعَظَمَةِ وَالْكِبْرِيَاءِ قَالَ الْحَلِيمِيُّ وَمِنْهَا: «الْفَرْدُ» لِأَنَّ مَعْنَاهُ الْمُنْفَرِدُ بِالْقِدَمِ وَالْإِبْدَاعِ وَالتَّدْبِيرِ الحديث: 159 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 227 160 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الْحَرْبِيُّ , بِبَغْدَادَ , أنا أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ الْفَقِيهُ , حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الدُّنْيَا , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الرِّفَاعِيُّ , ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ , ثنا الْكَلْبِيُّ , عَنْ أَبِي صَالِحٍ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: حَدَّثَنِي جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي [ص: 228] عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} [البقرة: 186] الْآَيَةَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ إِنَّكَ أَمَرْتَ بِالدُّعَاءِ وَتَكَفَّلْتَ بِالْإِجَابَةِ لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ , لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ , لَا شَرِيكَ لَكَ , أَشْهَدُ أَنَّكَ فَرْدٌ أَحَدٌ صَمَدٌ لَمْ تَلِدْ وَلَمْ تُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَكَ كُفُوًا أَحَدٌ وَأَشْهَدُ أَنَّ وَعْدَكَ حَقٌّ وَلِقَاءَكَ حَقٌّ , وَالْجَنَّةَ حَقٌّ وَالنَّارَ حَقٌّ , وَالسَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّكَ تَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ» الحديث: 160 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 227 161 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ , أنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْقَطَّانُ , ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ السُّلَمِيُّ , ثنا أَبُو الْمُغِيرَةِ , ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ , قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ , عَنْ رَجُلٍ , قَالَ: إِنَّ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى صَلَّى رَكْعَتَيْنِ يَقْرَأُ فِي الْأُولَى: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ} [الملك: 1] وَفِي الثَّانِيَةِ «تَنْزِيلَ السَّجْدَةَ» فَإِذَا فَرَغَ مَدَحَ اللَّهَ تَعَالَى فَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ دَعَا بِسَبْعَةِ أَسْمَاءَ: «يَا قَدِيمُ , يَا حَفِيُّ , يَا دَائِمُ , يَا فَرْدُ يَا وِتْرُ , يَا أَحَدُ يَا صَمَدُ» لَيْسَ هَذَا بِالْقَوِيِّ وَكَذَلِكَ مَا قَبْلَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ [ص: 229] وَمِنْهَا «ذُو الْمَعَارِجِ» قَالَ الْحَلِيمِيُّ: وَهُوَ الَّذِي يُعْرَجُ إِلَيْهِ بِالْأَرْوَاحِ وَالْأَعْمَالِ وَهَذَا أَيْضًا يَدْخُلُ فِي بَابِ الْإِثْبَاتِ وَالتَّوْحِيدِ وَالْإِبْدَاعِ وَالتَّدْبِيرِ , وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَفِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى: {مِنَ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ} [المعارج: 3] الحديث: 161 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 228 162 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , ثنا أَبُو نَصْرٍ , أَحْمَدُ بْنُ سَهْلٍ الْفَقِيهُ بِبُخَارَى , ثنا قَيْسُ بْنُ أَنِيفٍ الْبُخَارِيُّ , ثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ جَدِّهِ , عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ قَالَ: أَتَيْتُهُ فَسَأَلْتُهُ عَنْ حَجَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ قَالَ فِيهِ: ثُمَّ أَهَلَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالتَّوْحِيدِ: «لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ , لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ» وَأَهَلَّ النَّاسُ , قَالَ: وَلَبَّى النَّاسُ لَبَّيْكَ ذَا الْمَعَارِجِ وَلَبَّيْكَ ذَا الْفَوَاضِلِ فَلَمْ يَعِبْ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ شَيْئًا الحديث: 162 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 229 بَابُ مَا جَاءَ فِي حُرُوفِ الْمُقَطَّعَاتِ فِي فَوَاتِحَ السُّوَرِ وَأَنَّهَا مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 230 163 - أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ , أنا أَبُو الْحَسَنِ الطَّرَائِفِيُّ , ثنا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ , حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ , عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ , عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {كهيعص} [مريم: 1] وَطه , وَطس , وَطسم , وَيس , وَص , وَحم عسق , وَق , وَنَحْوِ ذَلِكَ , قَسَمٌ أَقْسَمَهُ اللَّهُ تَعَالَى , وَهِيَ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الحديث: 163 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 230 164 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي , ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْكِسَائِيُّ , ثنا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسَ , ثنا وَرْقَاءُ , ثنا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ , عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {كهيعص} [مريم: 1] [ص: 231] قَالَ: كَافٌ مِنْ كَرِيمٍ , وَهَا مِنْ هَادِيَ , وَيَا مِنْ حَكِيمٍ , وَعَيْنٌ مِنْ عَلِيمٍ , وَصَادٌ مِنْ صَادِقٍ الحديث: 164 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 230 165 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ , أنا أَبُو مَنْصُورٍ النَّضْرَوِيُّ , أنا أَحْمَدُ بْنُ نَجْدَةَ , ثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ , ثنا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ , عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ رَاشِدٍ , عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {كهيعص} [مريم: 1] قَالَ: كَبِيرٌ هَادٍ يَمِينٌ عَزِيزٌ صَادِقٌ الحديث: 165 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 231 166 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّفَّارُ , ثنا أَحْمَدُ بْنُ نَصْرٍ , ثنا عَمْرُو بْنُ طَلْحَةَ الْقَنَّادُ , أنا شَرِيكٌ , عَنْ سَالِمٍ الْأَفْطَسِ , عَنْ سَعِيدِ بْنِ [ص: 232] جُبَيْرٍ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {كهيعص} [مريم: 1] قَالَ: كَافٍ هَادٍ أَمِينٍ عَزِيزٍ صَادِقٍ الحديث: 166 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 231 167 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ , ثنا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ , ثنا شَرِيكٌ , عَنْ عَطَاءٍ , عَنْ أَبِي الضُّحَى , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: {المص} [الأعراف: 1] قَالَ: أَنَا اللَّهُ أُفَصِّلُ {المر} [الرعد: 1] قَالَ: أَنَا اللَّهُ أَرَى الحديث: 167 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 232 168 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أَخْبَرَنِي أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ الصَّفَّارُ , ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نَصْرِ اللَّبَّادُ , ثنا عَمْرُو بْنُ طَلْحَةَ الْقَنَّادُ , ثنا أَسْبَاطُ بْنُ نَصْرٍ , عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّدِّيِّ , عَنْ أَبِي مَالِكٍ , وَعَنْ أَبِي صَالِحٍ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , وَعَنْ مُرَّةَ الْهَمْدَانِيِّ , عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَعَنْ نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {الم ذَلِكَ الْكِتَابُ} [البقرة: 2] أَمَا الم فَهُوَ حَرْفٌ اشْتُقَّ مِنْ حُرُوفِ هِجَاءِ أَسْمَاءِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الحديث: 168 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 232 169 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ , ثنا دَعْلَجُ بْنُ أَحْمَدَ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ , حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى , ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ , عَنِ السُّدِّيِّ , قَالَ: فَوَاتِحُ السُّوَرِ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الحديث: 169 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 233 بَابُ مَا جَاءَ فِي فَضْلِ الْكَلِمَةِ الْبَاقِيَةِ فِي عَقِبِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَهِيَ كَلِمَةُ التَّقْوَى وَدَعْوَةُ الْحَقِّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَلِيمِيُّ: ضَمَّنَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ الْمَعَانِي الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى جَدُّهُ كَلِمَةً وَاحِدَةً وَهِيَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ , وَأَمَرَ الْمَأْمُورِينَ بِالْإِيمَانِ أَنْ يَعْتَقِدُوهَا وَيَقُولُوهَا , فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} [محمد: 19] وَقَالَ فِيمَا ذَمَّ بِهِ مُسْتَكْبِرِي الْعَرَبِ: {إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوا آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ} [الصافات: 36] وَالْمَعْنَى أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ قُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ اسْتَكْبَرُوا وَلَمْ يَقُولُوهَا , بَلْ قَالُوا مَكَانَهَا: {أَئِنَّا لَتَارِكُوا آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ} [الصافات: 36] وَوَصَفَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى نَفْسَهُ بِمَا فِي هَذِهِ الْكَلِمَةِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِهِ فَقَالَ: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [البقرة: 255] وَقَالَ: {هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} [غافر: 65] وَأَضَافَ هَذِهِ الْكَلِمَةَ فِي بَعْضِ الْآيَاتِ إِلَى إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ فَقَالَ بَعْدَ أَنْ أَخْبَرَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ: {إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ} [الزخرف: 26] فَقِيلَ: الْكَلِمَةُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَمَجَازُ قَوْلِهِ: {إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ} [الزخرف: 26] لَا إِلَهَ وَمَجَازُ قَوْلِهِ: {إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي} [الزخرف: 27] إِلَّا اللَّهُ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَوْلَادُهُ الْمُؤْمِنُونَ أَخَذُوا هَذِهِ الْكَلِمَةَ عَنْهُ , فَكَانُوا يَقُولُونَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَلَّ ثَنَاؤُهُ جَدَّدَهَا بَعْدَ دُرُوسِهَا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ بَعَثَهُ لِأَنَّهُ كَانَ مِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَوَرَّثَهُ مِنْ هَذِهِ الْكَلِمَةِ مَا وَرَّثَهُ مِنَ الْبَيْتِ وَالْمَقَامِ وَزَمْزَمَ وَالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَعَرَفَةَ وَالْمَشْعَرِ وَمِنًى , وَالْكَلِمَاتِ الَّتِي ابْتَلَاهُ بِهَا فَأَتَمَّهَا وَالْقُرْبَانِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 234 يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَإِذَا قَالُوهَا فَقَدْ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا» الجزء: 1 ¦ الصفحة: 235 170 - وَأَخْبَرَنَاهُ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ , أنا أَبُو الْقَاسِمِ سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ الطَّبَرَانِيُّ , ثنا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ , ثنا الْفِرْيَابِيُّ ح , قَالَ سُلَيْمَانُ: وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ , ثنا أَبُو نُعَيْمٍ , قَالَا: ثنا سُفْيَانُ , عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ , عَنْ جَابِرٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَإِذَا قَالُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ» ثُمَّ قَرَأَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ} أَخْرَجَهُ مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ وَكِيعٍ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَلِيمِيُّ: وَفِي هَذَا بَيَانٌ أَنَّ هَذِهِ الْكَلِمَةَ يَكْفِي الِانْسِلَاخُ بِهَا مِنْ جَمِيعِ أَصْنَافِ الْكُفْرِ بِاللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ , وَإِذَا تَأَمَّلْنَاهَا وَجَدْنَاهَا بِالْحَقِيقَةِ كَذَلِكَ , لِأَنَّ مَنْ [ص: 236] قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَقَدْ أَثْبَتَ اللَّهَ تَعَالَى وَنَفَى غَيْرَهُ فَخَرَجَ بِإِثْبَاتِ مَا أَثْبَتَ مِنَ التَّعْطِيلِ , وَبِمَا ضَمَّ إِلَيْهِ مِنْ نَفْيِ غَيْرِهِ مِنَ التَّشْرِيكِ , وَأَثْبَتَ بِاسْمِ الْإِلَهِ الْإِبْدَاعَ وَالتَّدْبِيرَ مَعًا , إِذْ كَانَتِ الْإِلَهِيَّةُ لَا تَصِيرُ مُثْبَتَةً لَهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِإِضَافَةِ الْمَوْجُودَاتِ إِلَيْهِ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ سَبَبٌ لوُجُودِهَا دُونَ أَنْ يَكُونَ فِعْلًا لَهُ وَصُنْعًا , وَيَكُونُ لوُجُودِهَا بِإِرَادَتِهِ وَاخْتِيَارِهِ تَعَلُّقٌ , وَلَا بِإِضَافَةِ فِعْلٍ يَكُونُ مِنْهُ فِيهَا سِوَى الْإِبْدَاعِ إِلَيْهِ مِثْلُ التَّرْكِيبِ وَالنَّظْمِ وَالتَّأْلِيفِ , فَإِنَّ الْأَبَوَيْنِ قَدْ يَكُونَانِ سَبَبًا لِلْوَلَدِ عَلَى بَعْضِ الْوُجُوهِ , ثُمَّ لَا يَسْتَحِقُّ وَاحِدٌ مِنْهُمَا اسْمَ الْإِلَهِ , وَالنَّجَّارُ وَالصَّائِغُ وَمَنْ يَجْرِي مَجْرَاهُمَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يُرَكِّبُ وَيُهَيِّئُ , وَلَا يَسْتَحِقُّ اسْمَ الْإِلَهِ , فَعُلِمَ بِهَذَا أَنَّ اسْمَ الْإِلَهِ لَا يَجِبُ إِلَّا لِكُلِّ مُبْدِعٍ , وَإِذَا وَقَعَ الِاعْتِرَافُ بِالْإِبْدَاعِ فَقَدْ وَقَعَ بِالتَّدْبِيرِ؛ لِأَنَّ الْإِيجَادَ تَدْبِيرٌ , وَلِأَنَّ تَدْبِيرَ الْمَوْجُودِ إِنَّمَا يَكُونُ بِإِتْقَانِهِ أَوْ بِإِحْدَاثِ أَعْرَاضٍ فِيهِ , أَوْ إِعْدَامِهِ بَعْدَ إِيجَادِهِ , وَكُلُّ ذَلِكَ إِذَا كَانَ فَهُوَ إِبْدَاعٌ وَإِحْدَاثٌ , وَفِي ذَلِكَ مَا يُبَيِّنُ أَنَّهُ لَا مَعْنَى لِفَصْلِ التَّدْبِيرِ عَنِ الْإِبْدَاعِ وَتَمَيُّزِهِ عَنْهُ , وَأَنَّ الِاعْتِرَافَ بِالْإِبْدَاعِ يَنْتَظِمُ جَمِيعَ وُجُوهِهِ وَعَامَّةَ مَا يَدْخُلُ فِي بَابِهِ , هَذَا هُوَ الْأَصْلُ الْجَارِي عَلَى سُنَنِ النَّظَرِ , مَا لَمْ يُنَاقِضْ قَوْلَهُ مُنَاقِضٌ فَيُسَلِّمُ أَمْرًا وَيَجْحَدُ مِثْلَهُ , أَوْ يُعْطِي أَصْلًا وَيَمْنَعُ فَرَعَهُ فَأَمَّا التَّشْبِيهُ فَإِنَّ هَذِهِ الْكَلِمَةَ أَيْضًا تَأْتِي عَلَى نَفْيِهِ , لِأَنَّ اسْمَ الْإِلَهِ إِذَا ثَبَتَ فَكُلُّ وَصْفٍ يَعُودُ عَلَيْهِ بْالْإِبْطَالِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ مَنْفِيًّا بِثُبُوتِهِ , وَالتَّشْبِيهُ مِنْ هَذِهِ الْجُمْلَةِ , لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ لَهُ مِنْ خَلْقِهِ شَبِيهٌ وَجَبَ أَنْ يَجُوزَ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ الْوَجْهِ مَا يَجُوزُ عَلَى شَبِيهِهِ وَإِذَا جَازَ ذَلِكَ عَلَيْهِ لَمْ يَسْتَحِقَّ اسْمَ الْإِلَهِ , كَمَا لَا يَسْتَحِقُّهُ خَلْقُهُ الَّذِي شَبَّهَهُ بِهِ , فَتَبَيَّنَ بِهَذَا أَنَّ اسْمَ الْإِلَهِ وَالتَّشْبِيهَ لَا يَجْتَمِعَانِ , كَمَا أَنَّ اسْمَ الْإِلَهِ وَنَفْيَ الْإِبْدَاعِ عَنْهُ لَا يَأْتَلِفَانِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ الحديث: 170 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 235 171 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بِشْرَانَ الْعَدْلُ وَأَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ السُّكَّرِيُّ بِبَغْدَادَ قَالَا: أنا أَبُو عَلِيٍّ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ , ثنا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيُّ , ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ , أنا مَعْمَرٌ , عَنِ الزُّهْرِيِّ , أَخْبَرَنِي ابْنُ الْمُسَيِّبِ , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ: لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا طَالِبٍ الْوَفَاةُ دَخَلَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَجَدَ عِنْدَهُ أَبَا جَهْلِ بْنِ هِشَامٍ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أُمَيَّةَ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَيْ عَمِّ قُلْ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ كَلِمَةً أُحَاجُّ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ " , قَالَ: فَقَالَ لَهُ أَبُو جَهْلٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ: أَيْ أَبَا طَالِبٍ أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ؟ فَكَانَ آخِرَ شَيْءٍ كَلَّمَهُ بِهِ أَنْ قَالَ: عَلَى مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَالَ: فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ مَا لَمْ أُنْهَ عَنْكَ» قَالَ فَنَزَلَتْ: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ} [التوبة: 113] إِلَى: {وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ} [التوبة: 114] قَالَ: فَلَمَّا مَاتَ وَهُوَ كَافِرٌ قَالَ: وَنَزَلَتِ {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} [القصص: 56] الْآَيَةَ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ الحديث: 171 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 237 172 - حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ دَاوُدَ الْعَلَوِيُّ , أنا حَاجِبُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سُفْيَانَ الطُّوسِيُّ , ثنا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ مُنِيرٍ , ثنا جَرِيرٌ , أنا مُطَرِّفٌ , عَنِ الشَّعْبِيِّ , عَنِ ابْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ , قَالَ: رَأَى عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ طَلْحَةَ حَزِينًا فَقَالَ: مَالَكَ يَا أَبَا فُلَانٍ؟ قَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنِّي لَأَعْلَمُ كَلِمَةً لَا يَقُولُهَا عَبْدٌ عِنْدَ مَوْتِهِ إِلَّا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَتَهُ وَأَشْرَقَ لَوْنُهُ وَرَأَى مَا يَسُرُّهُ» وَمَا مَنَعَنِي أَنْ أَسْأَلَهُ عَنْهَا إِلَّا الْقُدْرَةُ عَلَيْهِ حَتَّى مَاتَ , فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِنِّي لَأَعْلَمُهَا قَالَ: فَمَا هِيَ؟ قَالَ: لَا نَعْلَمُ كَلِمَةً هِيَ أَعْظَمُ مِنْ كَلِمَةٍ أَمَرَ بِهَا عَمَّهُ «لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ» قَالَ: فَهِيَ وَاللَّهِ هِيَ الحديث: 172 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 238 173 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أنا مُحَمَّدُ بْنُ خَلِيلِ الْأَصْبَهَانِيُّ , ثنا مُوسَى بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي , ثنا مِنْجَابُ بْنُ الْحَارِثِ , ثنا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ , عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ طَرِيفٍ الْحَارِثِيِّ , عَنِ الشَّعْبِيِّ , عَنْ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ: إِنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ [ص: 242] عَنْهُ رَآهُ كَئِيبًا فَقَالَ لَهُ: مَا لَكَ لَعَلَّهُ سَاءَتْكَ إِمْرَةُ ابْنِ عَمِّكَ؟ قَالَ: لَا - وَأَثْنَى عَلَى أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَلَكِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «كَلِمَةٌ لَا يَقُولُهَا عَبْدٌ عِنْدَ مَوْتِهِ إِلَّا فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَتَهُ وَأَشْرَقَ لَوْنُهُ» فَمَا مَنَعَنِي أَنْ أَسْأَلَهُ عَنْهَا إِلَّا الْقُدْرَةُ عَلَيْهِ حَتَّى مَاتَ فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِنِّي لَأَعْرِفُهَا , فَقَالَ لَهُ طَلْحَةُ: وَمَا هِيَ؟ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: هَلْ تَعْلَمُ كَلِمَةً هِيَ أَعْظَمُ مِنْ كَلِمَةٍ أَمَرَ بِهَا عَمَّهُ «لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ» فَقَالَ طَلْحَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: هِيَ وَاللَّهِ هِيَ الحديث: 173 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 241 174 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيُّ , ثنا مُعَلَّى بْنُ مَنْصُورٍ , ثنا إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ , عَنْ خَالِدٍ , حَدَّثَنِي الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ , عَنْ حُمْرَانَ , عَنْ عُثْمَانَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ مَاتَ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ ابْنِ عُلَيَّةَ الحديث: 174 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 242 175 - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ فُورَكٍ , ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْأَصْفَهَانِيُّ , ثنا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ , ثنا أَبُو دَاوُدُ , ثنا شُعْبَةُ , عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، [ص: 243] وَالْأَعْمَشِ , وَعَبْدِ الْعَزِيزِ بْنُ رُفَيْعٍ , عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ , عَنْ أَبِي ذَرٍّ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا أَبَا ذَرٍّ بَشِّرِ النَّاسَ أَنَّهُ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ» أَشَارَ الْبُخَارِيُّ إِلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ مِنْ حَدِيثِ النَّضْرِ بْنِ شُمَيْلٍ عَنْ شُعْبَةَ وَأَخْرَجَا مَعْنَاهُ مِنْ أَوْجُهٍ الحديث: 175 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 242 176 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ , أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ دُرُسْتَوَيْهِ , ثنا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ ح , وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْمَعْرُوفِ الْفَقِيهُ الْمِهْرَجَانِيُّ , أنا أَبُو عَمْرٍو إِسْمَاعِيلُ بْنُ نُجَيْدٍ , أنا أَبُو مُسْلِمٍ , ثنا أَبُو عَاصِمٍ , عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ , عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِي عَرِيبٍ , عَنْ كَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ , عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ كَانَ آخِرُ كَلَامِهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ» الحديث: 176 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 243 177 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ , بِبَغْدَادَ , أنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ , ثنا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ , ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ , عَنْ مَعْمَرٍ , عَنِ الزُّهْرِيِّ , عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ , عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ , عَنِ الْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنِ اخْتَلَفْتُ أَنَا وَرَجُلٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ بِضَرْبَتَيْنِ فَقَطَعَ يَدِي فَلَمَّا عَلَوْتُهُ بِالسَّيْفِ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَضْرِبُهُ أَمْ أَدَعُهُ؟ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بَلْ دَعْهُ» قَالَ: قُلْتُ: قَطَعَ يَدِي قَالَ: «إِنْ ضَرَبْتَهُ بَعْدَ أَنْ قَالَهَا فَهُوَ مِثْلُكَ قَبْلَ أَنْ تَقْتُلَهُ وَأَنْتَ مِثْلُهُ قَبْلَ أَنْ يَقُولَهَا» [ص: 245] قُلْتُ: يُرِيدُ بِهِ فِي إِبَاحَةِ الدَّمِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ الحديث: 177 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 244 178 - أَخْبَرَنَا أَبُو صَالِحِ بْنُ أَبِي طَاهِرٍ الْعَنْبَرِيُّ , ثنا جَدِّي , يَحْيَى بْنُ مَنْصُورٍ الْقَاضِي , ثنا أَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ , ثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ الثَّقَفِيُّ , ثنا اللَّيْثُ , عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ , عَنِ ابْنِ مُحَيْرِيزِ , عَنِ الصُّنَابِحِيّ , عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي الْمَوْتِ فَبَكَيْتُ فَقَالَ: مَهْلًا لِمَ تَبْكِي؟ فَوَاللَّهِ لَئِنِ اسْتُشْهِدْتُ لَأَشْهَدَنَّ لَكَ وَلَئِنْ شُفِّعْتُ لَأَشْفَعَنَّ لَكَ , وَلَئِنِ اسْتَطَعْتُ لَأَنْفَعَنَّكَ , ثُمَّ قَالَ: وَاللَّهِ مَا مِنْ حَدِيثٍ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَكُمْ فِيهِ خَيْرٌ إِلَّا حَدَّثْتُكُمُوهُ إِلَّا حَدِيثًا وَاحِدًا , وَسَوْفَ أُحَدِّثَكُمُوهُ الْيَوْمَ , وَقَدْ أُحِيطَ بِنَفْسِي , سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ حَرَّمَ الْلَّهُ عَلَيْهِ النَّارَ» وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ قُتَيْبَةَ الحديث: 178 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 245 179 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الْخَالِقِ بْنُ عَلِيٍّ الْمُؤَذِّنُ , أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَنْبٍ , ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوْحٍ , ثنا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ بْنِ فَارِسٍ , أنا شُعْبَةُ , عَنْ قَتَادَةَ , قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ , يُحَدِّثُ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ» وَرُوِّينَا مَعْنَاهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَغَيْرِهِمَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الحديث: 179 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 246 180 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ بِبَغْدَادَ , أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ دُرُسْتَوَيْهِ , ثنا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ , أنا ابْنُ عُثْمَانَ يَعْنِي عَبْدَانَ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ - يَعْنِي ابْنَ الْمُبَارَكِ، أنا مَعْمَرٌ , عَنِ الزُّهْرِيِّ , أَنَّهُ حَدَّثَهُ قَالَ: أَخْبَرَنِي مَحْمُودُ بْنُ الرَّبِيعِ , زَعَمَ أَنَّهُ عَقَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَقَلَ مَجَّةً مَجَّهَا مِنْ دَلْوٍ كَانَتْ فِي دَارِهِمَ قال: سَمِعْتُ عِتْبَانَ بْنَ مَالِكٍ الْأَنْصَارِيَّ ثُمَّ أَحَدَ بَنِي سَالِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كُنْتُ أُصَلِّي [ص: 247] لِقَوْمِي بَنِي سَالِمٍ فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ لَهُ: إِنِّي قَدْ أَنْكَرْتُ بَصَرِي وَإِنَّ السُّيُولَ تَحُولُ بَيْنِي وَبَيْنَ مَسْجِدِ قَوْمِي , فَلَوَدِدْتُ أَنَّكَ جِئْتَ فَصَلَّيْتَ فِي بَيْتِي مَكَانًا أَتَّخِذُهُ مَسْجِدًا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَفْعَلُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ» , قَالَ: فَغَدَا عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَعَهُ بَعْدَمَا اشْتَدَّ النَّهَارُ: فَاسْتَاذَنَ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فَأَذِنْتُ لَهُ , فَلَمْ يَجْلِسْ حَتَّى قَالَ: «أَيْنَ تُحِبُّ أَنْ أُصَلِّيَ فِي بَيْتِكَ؟» فَأَشَرْتُ لَهُ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي أَحَبُّ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَفَفْنَا خَلْفَهُ , ثُمَّ سَلَّمَ وَسَلَّمْنَا حِينَ سَلَّمَ , فَحَبَسْنَاهُ عَلَى خَزِيرٍ صُنِعَ لَهُ , فَسَمِعَ بِهِ أَهْلُ الدَّارِ , وَهُمْ يَدْعُونَ قِرَاهُمُ الزُّوَّرَ فَثَابُوا حَتَّى امْتَلَأَ الْبَيْتُ فَقَالَ رَجُلٌ: فَأَيْنَ مَالِكُ بْنُ الدُّخْشُمِ؟ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَّا: ذَاكَ رَجُلٌ مُنَافِقٌ لَا يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا تَقُولُوهُ يَقُولُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ " قَالَ: أَمَّا نَحْنُ فَنَرَى وَجْهَهُ وَحَدِيثَهُ إِلَى الْمُنَافِقِينَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَيْضًا لَا تَقُولُوهُ , يَقُولُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ , يَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ " , قَالَ: بَلَى أَرَى يَا رَسُولَ اللَّهِ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَنْ يُوَافِيَ عَبْدٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَهُوَ يَقُولُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ النَّارَ " قَالَ مَحْمُودٌ: فَحَدَّثْتُ قَوْمًا فِيهِمْ أَبُو أَيُّوبَ صَاحِبُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَتِهِ الَّتِي تُوفِّيَ فِيهَا مَعَ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ فَأَنْكَرَ عَلَيَّ وَقَالَ: مَا أَظُنُّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا قُلْتَ قَطُّ فَكَبُرَ ذَلِكَ عَلَيَّ فَجَعَلْتُ لِلَّهِ عَلَيَّ إِنْ سَلَّمَنِي حَتَّى [ص: 248] أَقْفُلَ مِنْ غَزْوَتِي أَنْ أَسْأَلَ عَنْهَا عِتْبَانَ بْنَ مَالِكٍ , إِنْ وَجَدْتُهُ حَيًّا فَأَهْلَلْتُ مِنْ إِيلِيَا بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ حَتَّى قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فَأَتَيْتُ بَنِي سَالِمٍ فَإِذَا عِتْبَانُ بْنُ مَالِكٍ شَيْخٌ كَبِيرٌ قَدْ ذَهَبَ بَصَرُهُ وَهُوَ إِمَامُ قَوْمِهِ , فَلَمَّا سَلَّمَ مِنْ صَلَاتِهِ جِئْتُهُ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ وَأَخْبَرْتُهُ مَنْ أَنَا , فَحَدَّثَنِي بِهِ كَمَا حَدَّثَنِي أَوَّلَ مَرَّةٍ 181 - وَحَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ يُوسُفَ , أنا أَبُو بَكْرٍ الْقَطَّانُ , ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ , حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ , أنا مَعْمَرٌ , عَنِ الزُّهْرِيِّ , حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الرَّبِيعِ , عَنْ عِتْبَانَ بْنِ مَالِكٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِمَعْنَاهُ وَحَدِيثُ ابْنِ الْمُبَارَكِ أَتَمُّ إِلَّا أَنَّهُ زَادَ قَالَ الزُّهْرِيُّ: ثُمَّ نَزَلَتْ بَعْدَ ذَلِكَ فَرَائِضُ وَأُمُورٌ نَرَى الْأَمْرَ انْتَهَى إِلَيْهَا فَمَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا يَغْتَرَّ فَلَا يَغْتَرَّ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَبْدَانَ وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ الحديث: 180 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 246 182 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ الْمُقْرِئُ ابْنُ الْحَمَامِيِّ بِبَغْدَادَ , أنا أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ النِّجَادُ , ثنا الْحَسَنُ بْنُ سَلَّامٍ , ثنا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ , ثنا [ص: 249] حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ , ثنا ثَابِتٌ , عَنْ أَنَسٍ , عَنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ , عَنْ عِتْبَانَ بْنِ مَالِكٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَكَانَ أَعْمَى - قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ تَعَالَ فَخُطَّ فِي دَارِي خَطًّا حَتَّى أَتَّخِذَهُ مُصَلًّى وَمَسْجِدًا , فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ قَوْمُهُ وَتَغَيَّبَ مَالِكُ بْنُ الدُّخْشُمِ فَوَقَعُوا فِيهِ , وَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ مُنَافِقٌ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَلَيْسَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ؟» قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّمَا يَقُولُهَا تَعَوُّذًا , قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَقُولُهَا عَبْدٌ صَادِقًا إِلَّا حُرِّمَتْ عَلَيْهِ النَّارُ» قَالَ أَنَسٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: فَلَقِيتُ عِتْبَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَسَأَلْتُهُ فَحَدَّثَنِي أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ الحديث: 182 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 248 183 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي إِمْلَاءً أنا أَبُو سَهْلٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ النَّحْوِيُّ , ثنا الْحَسَنُ بْنُ مُكْرَمٍ الْبَزَّازُ , ثنا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ , أنا سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ , عَنْ أَبِي صَالِحٍ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسِتُّونَ أَوْ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ أَعْلَاهَا شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ , وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الْإِيمَانِ» أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ جَرِيرٍ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ الحديث: 183 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 249 184 - حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي عُثْمَانَ الزَّاهِدُ إِمْلَاءً وَأَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْمَعْرُوفِ الْمِهْرَجَانِيُّ بِهَا قَالَا: أنا أَبُو عَمْرٍو إِسْمَاعِيلُ بْنُ نُجَيْدٍ السُّلَمِيُّ , أنا أَبُو مُسْلِمٍ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِيُّ , ثنا أَبُو عَاصِمٍ , ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي زِيَادٍ , ثنا شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ , عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اسْمُ اللَّهِ الْأَعْظَمِ فِي هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ: {الم اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [ص: 251] [آل عمران: 2] , {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} [البقرة: 163] أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي كِتَابِ السُّنَنِ الحديث: 184 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 250 185 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أنا أَبُو النَّضْرِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ الْفَقِيهُ ثنا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ , ثنا أَصْبَغُ بْنُ الْفَرَجِ الْمِصْرِيُّ , أنا ابْنُ وَهْبٍ , ثنا عَمْرُو [ص: 252] بْنُ الْحَارِثِ , قَالَ: إِنَّ دَرَّاجًا أَبَا السَّمْحِ حَدَّثَهُمْ عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ , عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " قَالَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ: يَا رَبِّ عَلِّمْنِي شَيْئًا أَذْكُرُكَ بِهِ وَأَدْعُوكَ بِهِ، قَالَ: يَا مُوسَى قُلْ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ , قَالَ: يَا رَبِّ كُلُّ عِبَادِكَ يَقُولُ هَذَا , قَالَ: قُلْ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ , قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ يَا رَبِّ إِنَّمَا أُرِيدُ شَيْئًا تَخُصُّنِي بِهِ , قَالَ: يَا مُوسَى، لَوْ أَنَّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعَ وَعَامِرَهُنَّ غَيْرِي، وَالْأَرَضِينَ السَّبْعَ فِي كِفَّةٍ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فِي كِفَّةٍ، مَالَتْ بِهِمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ " الحديث: 185 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 251 186 - أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَحْمَشٍ الْفَقِيهُ , أنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْقَطَّانُ , ثنا أَبُو الْأَزْهَرِ , ثنا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ , ثنا أَبِي قَالَ: سَمِعْتُ الصَّقْعَبَ بْنَ زُهَيْرٍ , يُحَدِّثُ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ , عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو , رَضِيَ اللَّهُ [ص: 253] عَنْهُمَا قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْرَابِيٌّ ثُمَّ دَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَعَدَ فَقَالَ: " إِنَّ نُوحًا عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ فَقَالَ لِابْنَيْهِ: إِنِّي قَاصٌّ عَلَيْكُمَا الْوَصِيَّةَ: أُوصِيكُمَا بِاثْنَتَيْنِ وَأَنْهَاكُمَا عَنِ اثْنَتَيْنِ , أَنْهَاكُمَا عَنِ الشِّرْكِ وَالْكِبْرِ , وَآمُرُكُمَا بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَإِنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا فِيهِنَّ لَوْ وُضِعَتْ فِي كِفَّةِ مِيزَانٍ وَوُضِعَتْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فِي الْكِفَّةِ الْأُخْرَى كَانَتْ أَرْجَحَ مِنْهُنَّ , وَإِنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَوْ كَانَتْ حَلْقَةً فَوُضِعَتْ [ص: 254] لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ عَلَيْهَا لَقَصَمَتْهَا , وَآمُرُكُمَا بِسُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ , فَإِنَّهَا صَلَاحُ كُلِّ شَيْءٍ وَبِهَا يُرْزَقُ كُلُّ شَيْءٍ " الحديث: 186 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 252 187 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْمَحْبُوبِيُّ بِمَرْوَ ثنا سَعِيدُ بْنُ مَسْعُودٍ , ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى , ثنا إِسْرَائِيلُ , عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ , عَنِ الْأَغَرِّ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , وَأَبَى سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّهُمَا شَهِدَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: " إِذَا قَالَ الْعَبْدُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ صَدَّقَهُ رَبُّهُ , قَالَ: صَدَقَ عَبْدِي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا وَحْدِي , وَإِذَا قَالَ: وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ صَدَّقَهُ رَبُّهُ قَالَ: صَدَقَ عَبْدِي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا لَا شَرِيكَ لِي , وَإِذَا قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ , قَالَ: صَدَقَ عَبْدِي , لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا لِي الْمُلْكُ وَلِي الْحَمْدُ , وَإِذَا قَالَ: لَا إِلَهَ [ص: 255] إِلَّا اللَّهُ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ , قَالَ: صَدَقَ عَبْدِي وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِي " الحديث: 187 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 254 188 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيُّ , ثنا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ , ثنا عُمَرُ بْنُ أَبِي زَائِدَةَ ح , وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ - وَاللَّفْظُ لَهُ - ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مِهْرَانَ , ثنا أَبُو أَيُّوبَ سُلَيْمَانُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْغَيْلَانِيُّ , ثنا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ , ثنا عُمَرُ بْنُ أَبِي زَائِدَةَ , عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ , عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ , قَالَ: مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ , لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ عَشْرَ مَرَّاتٍ كَانَ كَمَنْ أَعْتَقَ أَرْبَعَةَ أَنْفُسٍ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ " قَالَ: وَحَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ , ثنا عُمَرُ بْنُ أَبِي زَائِدَةَ , ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي السَّفَرِ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ رَبِيعِ بْنِ خُثَيْمٍ بِمِثْلِ ذَلِكَ فَقُلْتُ لِلرَّبِيعِ: مِمَّنْ سَمِعْتَهُ؟ فَقَالَ: مِنِ [ص: 256] ابْنِ أَبِي لَيْلَى فَأَتَيْتُ ابْنَ أَبِي لَيْلَىَ فقُلْتُ: مِمَّنْ سَمِعْتَهُ؟ فَقَالَ: مِنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ يُحَدِّثُهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَقَدْ ذَكَرَ الصَّاغَاتِيُّ عَنْ رَوْحٍ الْإِسْنَادَيْنِ جَمِيعًا , وَقَالَ فِي حَدِيثِهِ: كَانَ كَمَنْ أَعْتَقَ أَرْبَعَ رِقَابٍ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ سُلَيْمَانَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي عَامِرٍ الْعَقَدِيِّ الحديث: 188 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 255 189 - أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ , كَامِلُ بْنُ أَحْمَدَ الْمُسْتَمْلِيُّ وَأَبُو نَصْرٍ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَا: أنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّبُغِيُّ , ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زِيَادٍ , ثنا ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ , حَدَّثَنِي خَالِي , مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أنا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ الْفَقِيهُ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ثَنَا الْقَعْنَبِيُّ , عَنْ مَالِكٍ ح , وَأَخْبَرَنَا أَبُو [ص: 257] نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ , وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْفَارِسِيُّ: قَالَا: أنا أَبُو عَمْرٍو بْنُ مَطَرٍ , ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَلِيٍّ الذُّهْلِيُّ , ثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى , قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ سُمَيٍّ , عَنْ أَبِي صَالِحٍ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ , فِي الْيَوْمِ مِائَةَ مَرَّةٍ كَانَتْ لَهُ عَدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ , وَكُتِبَتْ لَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ , وَمُحِيَتْ عَنْهُ مِائَةُ سَيِّئَةٍ , وَكَانَتْ لَهُ حِرْزًا مِنَ الشَّيْطَانِ يَوْمَهُ ذَلِكَ حَتَّى يُمْسِي , وَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ إِلَّا أَحَدٌ عَمِلَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ , وَمَنْ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ حُطَّتْ خَطَايَاهُ وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنِ الْقَعْنَبِيِّ وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى الحديث: 189 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 256 190 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي طَاهِرٍ الدَّقَّاقُ - بِبَغْدَادَ - , أنا أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ , ثنا هِلَالُ بْنُ الْعَلَاءِ , حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ , ثنا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، [ص: 258] عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ , عَنْ مَنْصُورٍ , عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ , عَنِ الْأَغَرِّ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَنْجَاهُ يَوْمًا مِنَ الدَّهْرِ أَصَابَهُ قَبْلَهَا مَا أَصَابَهُ» الحديث: 190 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 257 191 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ هُوَ الْأَصَمُّ , ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ , ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ , عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُحَادَةَ , عَنِ الْحَسَنِ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ طَاشَتْ مَا فِي صَحِيفَتُهُ مِنَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى يَعُودَ إِلَى مِثْلَهَا» هَكَذَا جَاءَ مُرْسَلًا الحديث: 191 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 259 192 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ثنا أَبُو أُمَيَّةَ , ثنا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ , أنا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ , عَنْ [ص: 260] مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ , عَنْ رَجُلٍ , عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لَهُ حِينَ بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ: " إِنَّكَ سَتَأْتِي أَهْلَ الْكِتَابِ فَيَسْأَلُونَكَ عَنْ مَفَاتِيحِ الْجَنَّةِ فَقُلْ: شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ " الحديث: 192 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 259 193 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْحَرْبِيُّ , بِبَغْدَادَ، أنا أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ الْفَقِيهُ , ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الدُّنْيَا , ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ , ثنا مُوسَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْأَنْصَارِيُّ , ثنا طَلْحَةُ بْنُ خِرَاشٍ , عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَفْضَلُ الدُّعَاءِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ , وَأَفْضَلُ الذِّكْرِ الْحَمْدُ لِلَّهِ» الحديث: 193 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 261 194 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ السَّيَّارِيُّ , وَأَبُو أَحْمَدَ الصَّيْرَفِيُّ - بِمَرْوَ - ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ هِلَالٍ , ثنا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شَفِيقٍ , قَالَ: سَمِعْتُ أَبِيَ يَقُولُ: أنا الْحُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ , ثنا الْأَعْمَشُ , عَنْ مُجَاهِدٍ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: " مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَلْيَقُلْ عَلَى أَثَرِهَا الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ يُرِيدُ قَوْلِهِ: {فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [غافر: 65] " الحديث: 194 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 262 195 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ , ثنا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ الْوُحَاظِيُّ , ثنا إِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى الْكَلْبِيُّ , ثنا الزُّهْرِيُّ , حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ , أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَخْبَرَهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ فَذَكَرَ قَوْمًا اسْتَكْبَرُوا فَقَالَ: {إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ} [الصافات: 35] وَقَالَ تَعَالَى: {إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا} [الفتح: 26] وَهِيَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ " اسْتَكْبَرَ عَنْهَا الْمُشْرِكُونَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ يَوْمَ كَاتَبَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَضِيَّةِ الْمُدَّةِ الحديث: 195 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 263 196 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ , أنا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ , ثنا عَبَّاسٌ الْأُسْفَاطِيُّ , ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ , عَنْ أَخِيهِ , عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ , عَنْ [ص: 264] يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ , عَنِ ابْنِ شِهَابٍ , عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ , قَالَ: إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ , فَمَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَقَدْ عَصَمَ مِنِّي نَفْسَهُ وَمَالَهُ حَتَّى يَلْقَى اللَّهَ تَعَالَى , وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَذْكُرُ قَوْمًا اسْتَكْبَرُوا: {إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ} [الصافات: 35] وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا} [الفتح: 26] وَهِيَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ " اسْتَكْبَرَ عَنْهَا الْمُشْرِكُونَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ حِينَ دَعَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى طُولِ الْمُدَّةِ الحديث: 196 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 263 197 - حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أنا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُقْبَةَ الشَّيْبَانِيُّ بِالْكُوفَةِ ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي , ثنا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ , ثنا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ , عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ , عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِبْعِيٍّ , عَنْ عَلِيٍّ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: [ص: 265] {وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى} [الفتح: 26] قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ الحديث: 197 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 264 198 - أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ , أنا أَبُو مَنْصُورٍ النَّضْرَوِيُّ , ثنا أَحْمَدُ بْنُ نَجْدَةَ , ثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ , ثنا سُفْيَانُ , عَنْ شَيْخٍ يُقَالُ لَهُ يَزِيدُ أَبُو خَالِدٍ مُؤَذِّنٌ لِأَهْلِ مَكَّةَ، سَمِعْتُ عَلِيًّا الْأَزْدِيَّ , يَقُولُ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَسَمِعَ النَّاسَ , يَقُولُونَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ بَيْنَ مَكَّةَ وَمِنًى فَقَالَ: " هِيَ هِيَ، قُلْتُ: وَمَا هِيَ هِيَ؟ قَالَ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا} [الفتح: 26] لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ " الحديث: 198 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 265 199 - أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ , أنا أَبُو الْحَسَنِ الطَّرَائِفِيُّ , ثنا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ , ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ , عَنْ معاوية بن صالح، عَن عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى} [الفتح: 26] قَالَ: شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَهِيَ رَأْسُ كُلِّ تَقْوَى وَرُوِّينَا ذَلِكَ عَنْ مُجَاهِدٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ , وَرُوِيَ ذَلِكَ مَرْفُوعًا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الحديث: 199 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 266 200 - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ فُورَكٍ , ثنا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مَحْمُودِ بْنِ خُرَّزَاذَ الْأَهْوَازِيُّ بِهَا قَالَ: قُرِئَ عَلَى الْحَضْرَمِيِّ وَأَنَا حَاضِرٌ حَدَّثَكُمُ الْحَسَنُ بْنُ قَزَعَةَ قَالَ: [ص: 267] وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَاجِيَةَ ثنا الْحَسَنُ بْنُ قَزَعَةَ الْبَصْرِيُّ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ ثنا سُفْيَانُ بْنُ حَبِيبٍ , حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ ثُوَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الطُّفَيْلِ بْنِ أُبَيٍّ عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِهِ: {وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى} [الفتح: 26] قَالَ: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ» الحديث: 200 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 266 201 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ دَاوُدَ الرَّزَّازُ الْبَغْدَادِيُّ بِهَا أَخْبَرَنَا أَبُو سَهْلِ بْنُ زِيَادٍ الْقَطَّانُ , ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ , ثنا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ الشَّيْبَانِيُّ , عَنِ الْأَعْمَشِ , عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ أَبِي ذَرٍّ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: [ص: 268] قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلِّمْنِي عَمَلًا يُقَرِّبُنِي مِنَ الْجَنَّةِ وَيُبَاعِدُنِي مِنَ النَّارِ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا عَمِلْتَ سَيِّئَةً فَأَتْبِعْهَا حَسَنَةً» , قَالَ: قُلْتُ: مِنَ الْحَسَنَاتِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ؟ , قَالَ: «نَعَمْ , هِيَ أَحْسَنُ الْحَسَنَاتِ» كَذَا وَجَدْتُهُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ الحديث: 201 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 267 202 - وَقَدْ أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ , بِبَغْدَادَ , أنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ , ثنا سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ , ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ , عَنِ الْأَعْمَشِ , عَنْ شِمْرِ بْنِ عَطِيَّةَ , عَنْ أَشْيَاخِهِ , عَنْ أَبِي ذَرٍّ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ‍‍‍ أَوْصِنِي، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اتَّقِ اللَّهَ , وَإِذَا عَمِلْتَ سَيِّئَةً فَأَتْبِعْهَا حَسَنَةً تَمْحُهَا» قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمِنَ الْحَسَنَاتِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مِنْ أَفْضَلِ الْحَسَنَاتِ» الحديث: 202 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 269 203 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ , نا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ , ثنا مُعَاوِيَةُ , عَنْ زَائِدَةَ ح , وَأَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ , أنا أَبُو بَكْرٍ الْقَطَّانُ , ثنا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ الْهِلَالِيُّ , ثنا طَلْقُ بْنُ غَنَّامٍ , ثنا زَائِدَةُ , عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ , عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ , أَنَّهُ سَمِعَ الْأَسْوَدَ بْنَ هِلَالٍ , يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ} [النمل: 89] قَالَ: الْحَسَنَةُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الحديث: 203 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 270 204 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ , أنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْقَطَّانُ ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَارِثِ الْبَغْدَادِيُّ ثنا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ ثنا إِسْرَائِيلُ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ عِكْرِمَةَ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: {لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ} [الرعد: 14] قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الحديث: 204 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 270 205 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أنا أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ , ثنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ النَّضْرِ الْجَارُودِيُّ , ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مِهْرَانَ الطَّبَسِيُّ , ثنا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ الْعَدَنِيُّ , ثنا الْحَكَمُ بْنُ أَبَانَ , عَنْ عِكْرِمَةَ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا} [الأحزاب: 70] قَوْلُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى} [الأعلى: 14] قَالَ: مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. وَقَوْلُهُ جَلَّ وَعَلَا: {وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لَا يُؤْتَوْنَ الزَّكَاةَ} [فصلت: 7] الَّذِينَ لَا يَقُولُونَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. وَقَوْلُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ لِفِرْعَوْنَ: {هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى} [النازعات: 18] إِلَى أَنْ تَقُولَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. وَقَوْلُهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى} [الفتح: 26] قَالَ: شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. وَقَوْلُهُ: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا} [فصلت: 30] عَلَى شَهَادَةِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا} [النبأ: 38] قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. وَقَوْلُهُ جَلَّ وَعَلَا: {قُولُوا حِطَّةٌ} [البقرة: 58] قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. وَقَوْلُ لُوطٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِقَوْمِهِ: {أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ} [هود: 78] قَالَ: أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ يَقُولُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ؟ وَقَوْلُهُ: {رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا} [المؤمنون: 99] أَقُولُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. وَقَوْلُهُ [ص: 272] عَزَّ وَجَلَّ: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى} [يونس: 26] الَّذِينَ قَالُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. الْحُسْنَى: الْجَنَّةُ، وَالزِّيَادَةُ: النَّظَرُ إِلَى وَجْهِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى الحديث: 205 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 271 206 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ , أنا أَبُو الْحَسَنِ الطَّرَائِفِيُّ , ثنا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ , ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ , عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ , عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ} [آل عمران: 110] يَقُولُ: تَأْمُرُونَهُمْ أَنْ يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَالْإِقْرَارَ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَتُقَاتِلُونَهُمْ عَلَيْهِ , وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَعْظَمُ الْمَعْرُوفِ , وَتَنْهَوْنَهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْمُنْكَرُ هُوَ التَّكْذِيبُ , وَهُوَ أَنْكَرُ الْمُنْكَرِ وَفِي قَوْلِهِ: {وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا} [التوبة: 40] , قَالَ: هِيَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَ {كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى} [التوبة: 40] وَهِيَ الشِّرْكُ بِاللَّهِ وَفِي قَوْلِهِ: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} [يونس: 26] يَقُولُ لِلَّذِينَ شَهِدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْجَنَّةَ وَفِي قَوْلِهِ: {لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ} [الرعد: 14] , يَقُولُ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَفِي قَوْلِهِ: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ} [النحل: 90] يَقُولُ: شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ , وَفِي قَوْلِهِ: {إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا} [مريم: 87] قَالَ: الْعَهْدُ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ , وَيَبْرَأُ مِنَ الْحَوْلِ وَالْقُوَّةِ وَلَا يَرْجُو إِلَّا اللَّهَ وَفِي قَوْلِهِ: {وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى} [الأنبياء: 28] يَقُولُ: الَّذِينَ ارْتَضَاهُمْ بِشَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ , وَفِي قَوْلِهِ: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا} [النمل: 89] , يَقُولُ: مَنْ جَاءَ بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَمِنْهَا وَصَلَ إِلَيْهِ الْخَيْرُ , {وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ} [الأنعام: 160] وَهُوَ الشِّرْكُ يَقُولُ: {فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ} [النمل: 90] وَفِي قَوْلِهِ: {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ} [الزمر: 33] جَاءَ بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ {وَصَدَّقَ بِهِ} [الزمر: 33] يَعْنِي: بِرَسُولِهِ {أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} [الزمر: 33] يَقُولُ: اتَّقُوا الشِّرْكَ , [ص: 273] وَفِي قَوْلِهِ {إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا} [النبأ: 38] يَقُولُ: إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّبُّ بِشَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَهِيَ مُنْتَهَى الصَّوَابِ , وَفِي قَوْلِهِ {مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً} [إبراهيم: 24] شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ {كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ} [إبراهيم: 24] وَهُوَ الْمُؤْمِنُ: {أَصْلُهَا ثَابِتٌ} [إبراهيم: 24] يَقُولُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ثَابِتٌ فِي قَلْبِ الْمُؤْمِنِ , {وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ} [إبراهيم: 24] يَقُولُ: يُرْفَعُ بِهَا عَمَلُ الْمُؤْمِنِ إِلَى السَّمَاءِ , ثُمَّ قَالَ: {وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ} [إبراهيم: 26] يَقُولُ: الشِّرْكُ {كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ} [إبراهيم: 26] يَعْنِي: الْكَافِرَ , {اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ} [إبراهيم: 26] يَقُولُ: الشِّرْكُ لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ يَأْخُذُ بِهِ الْكَافِرُ وَلَا بُرْهَانٌ , وَلَا يَقْبَلُ اللَّهُ مَعَ الشِّرْكِ عَمَلًا الحديث: 206 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 272 207 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ , ثنا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ حَرْبٍ، ثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ، ثَنَا أَبُو دَاوُدَ , ثنا سُفْيَانُ , عَنْ حُمَيْدٍ , عَنْ مُجَاهِدٍ , فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً} [لقمان: 20] قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الحديث: 207 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 273 208 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ , بِبَغْدَادَ , أنا أَبُو سَهْلِ بْنُ زِيَادٍ الْقَطَّانُ , ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَبَّاسٍ الرَّازِيُّ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبَانَ , ثنا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الصَّنْعَانِيُّ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ رُمَّانَةَ , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِوَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ: أَلَيْسَ مِفْتَاحُ الْجَنَّةِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ؟ قَالَ: بَلَى , يَا ابْنَ أَخِي , وَلَكِنْ لَيْسَ مِنْ مِفْتَاحٍ إِلَّا وَلَهُ أَسْنَانٌ فَمَنْ جَاءَ بِأَسْنَانِهِ فُتِحَ لَهُ , وَمَنْ لَا , لَمْ يُفْتَحْ لَهُ الحديث: 208 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 274 209 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ هُوَ الْأَصَمُّ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُنَادِي , ثنا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ , ثنا شَيْبَانُ , [ص: 275] عَنْ قَتَادَةَ , فِي قَوْلِهِ: {وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ} [الزخرف: 28] شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَالتَّوْحِيدُ لَا يَزَالُ فِي ذُرِّيَّةِ مَنْ يَقُولُهَا مِنْ بَعْدِهِ: {لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الزخرف: 28] قَالَ: يَتُوبُونَ أَوْ يَذَّكَّرُونَ الحديث: 209 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 274 بَابُ جُمَّاعِ أَبْوَابِ إِثْبَاتِ صِفَاتِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَفِي إِثْبَاتِ أَسْمَائِهِ إِثْبَاتُ صِفَاتِهِ , لِأَنَّهُ إِذَا ثَبَتَ كَوْنُهُ مَوْجُودًا , فَوُصِفَ بِأَنَّهُ حَيٌّ , فَقَدْ وُصِفَ بِزِيَادَةِ صِفَةٍ عَلَى الذَّاتِ هِيَ الْحَيَاةُ , فَإِذَا وُصِفَ بِأَنَّهُ قَادِرٌ فَقَدْ وُصِفَ بِزِيَادَةِ صِفَةٍ هِيَ الْقُدْرَةُ , وَإِذَا وُصِفَ بِأَنَّهُ عَالِمٌ فَقَدْ وُصِفَ بِزِيَادَةِ صِفَةٍ هِيَ الْعِلْمُ , كَمَا إِذَا وُصِفَ بِأَنَّهُ خَالِقٌ فَقَدْ وُصِفَ بِزِيَادَةِ صِفَةٍ هِيَ الْخَلْقُ , وَإِذَا وُصِفَ بِأَنَّهُ رَازَقٌ فَقَدْ وُصِفَ بِزِيَادَةِ صِفَةٍ هِيَ الرِّزْقُ , وَإِذَا وُصِفَ بِأَنَّهُ مُحْيِي فَقَدْ وُصِفَ بِزِيَادَةِ صِفَةٍ هِيَ الْإِحْيَاءُ , إِذْ لَوْلَا هَذِهِ الْمَعَانِي لَاقْتَصَرَ فِي أَسْمَائِهِ عَلَى مَا يُنْبِئُ عَنْ وُجُودِ الذَّاتِ فَقَطْ ثُمَّ صِفَاتُ اللَّهِ عَزَّ اسْمُهُ قِسْمَانِ: «أَحَدُهُمَا» : صِفَاتِ ذَاتِهِ وَهِيَ مَا اسْتَحَقَّهُ فِيمَا لَمْ يَزَلْ وَلَا يَزَالُ «وَالْآخَرُ» : صِفَاتُ فِعْلِهِ وَهِيَ مَا اسْتَحَقَّهُ فِيمَا لَا يَزَالُ دُونَ الْأَزَلِ , فَلَا يَجُوزُ وَصْفُهُ إِلَّا بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ أَجْمَعَ عَلَيْهِ سَلَفُ هَذِهِ الْأُمَّةِ ثُمَّ مِنْهُ مَا اقْتَرَنَتْ بِهِ دَلَالَةُ الْعَقْلِ كَالْحَيَاةِ وَالْقُدْرَةِ وَالْعِلْمِ وَالْإِرَادَةِ وَالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَالْكَلَامِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ صِفَاتِ ذَاتِهِ وَكَالْخَلْقِ وَالرِّزْقِ وَالْإِحْيَاءِ وَالْإِمَاتَةِ وَالْعَفْوِ وَالْعُقُوبَةِ , وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ صِفَاتِ فِعْلِهِ وَمِنْهُ مَا طَرِيقُ إِثْبَاتِهِ وُرُودُ خَبَرِ الصَّادِقِ بِهِ فَقَطْ كَالْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ وَالْعَيْنِ فِي صِفَاتِ ذَاتِهِ , وَكَالِاسْتِوَاءِ عَلَى الْعَرْشِ وَالْإِتْيَانِ وَالْمَجِيءِ وَالنُّزُولِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ صِفَاتِ فِعْلِهِ , فَثَبُتَتْ هَذِهِ الصِّفَاتُ لِوُرُودِ الْخَبَرِ بِهَا عَلَى وَجْهٍ لَا يُوجِبُ التَّشْبِيهُ , وَنَعْتَقِدُ فِي صِفَاتِهِ ذَاتِهِ أَنَّهَا لَمْ تَزَلْ مَوْجُودَةً بِذَاتِهِ وَلَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 276 تَزَالُ مَوْجُودَةً بِهِ , وَلَا نَقُولُ فِيهَا إِنَّهَا هُوَ وَلَا غَيْرُهُ , وَلَا هُوَ هِيَ وَلَا غَيْرُهَا وَلِلَّهِ تَعَالَى أَسْمَاءٌ وَصِفَاتٌ يَسْتَحِقُّهَا بِذَاتِهِ لَا أَنَّهَا زِيَادَةُ صِفَةٍ عَلَى الذَّاتِ كَوَصْفِنَا إِيَّاهُ بِأَنَّهُ إِلَهٌ عَزِيزٌ مَجِيدٌ جَلِيلٌ عَظِيمٌ مَلِكٌ جَبَّارٌ مُتَكَبِّرٌ شَيْءٌ قَدِيمٌ , وَالِاسْمُ وَالْمُسَمَّى فِيهَا وَاحِدٌ وَنَعْتَقِدُ فِي صِفَاتِ فِعْلِهِ أَنَّهَا بَائِنَةٌ عَنْهُ سُبْحَانَهُ وَلَا يَحْتَاجُ فِي فِعْلِهِ إِلَى مُبَاشَرَةٍ: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [يس: 82] وَنَحْنُ نُشِيرُ فِي إِثْبَاتِ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ إِلَى مَوْضِعِهِ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ , وَسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَإِجْمَاعِ سَلَفِ هَذِهِ الْأُمَّةِ , عَلَى طَرِيقِ الِاخْتِصَارِ لِيَكُونَ عَوْنًا لِمَنْ يَتَكَلَّمُ فِي عِلْمِ الْأُصُولِ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ , وَلَمْ يَتَبَحَّرْ فِي مَعْرِفَةِ السُّنَنِ وَمَا يُقْبَلُ مِنْهَا وَمَا يُرَدُّ مِنْ جِهَةِ الْإِسْنَادِ وَاللَّهُ يُوَفِّقُنَا لِمَا قَصَدْنَاهُ , وَيُعِينُنَا عَلَى طَلَبِ سَبِيلِ النَّجَاةِ بِفَضْلِهِ وَرَحْمَتِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 277 بَابُ مَا جَاءَ فِي إِثْبَاتِ صِفَةِ الْحَيَاةِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [البقرة: 255] وَقَالَ جَلَّ وَعَلَا: {الم اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [آل عمران: 2] وَقَالَ جَلَّ جَلَالُهُ: {هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} [غافر: 65] وَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ} [الفرقان: 58] وَقَالَ جَلَّتْ عَظَمَتُهُ: {وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ} [طه: 111] الجزء: 1 ¦ الصفحة: 278 210 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ النَّضْرِ الْجَارُودِيُّ ثنا عَبْدِ الْوَارِثِ بْنِ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ عَبْدِ الْوَارِثِ , حَدَّثَنِي أَبِي , ثنا حُسَيْنٌ الْمُعَلِّمُ ح , وَأَخْبَرَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو أَحْمَدَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ , ثنا أَبُو يَحْيَى , ثنا أَبُو مَعْمَرٍ , ثنا عَبْدُ الْوَارِثِ , ثنا حُسَيْنٌ , حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ , حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ يَعْمَرَ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , [ص: 279] رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ وَبِكَ آمَنْتُ وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ وَبِكَ خَاصَمْتُ , أَعُوذُ بِعِزَّتِكَ , لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ أَنْ تُضِلَّنِي أَنْتَ الْحَيُّ الَّذِي لَا يَمُوتُ , وَالْجِنُّ وَالْإِنْسُ يَمُوتُونَ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ , وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ حَجَّاجِ بْنِ الشَّاعِرِ عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ الحديث: 210 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 278 211 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ بِبَغْدَادَ أنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرَوَيْهِ الصَّفَّارُ , ثنا ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ , ثنا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ , ثنا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ الشَّنِّيُّ , وَكَانَ ثِقَةً حَدَّثَنِي أَبِي عُمَرُ بْنُ مُرَّةَ , قَالَ: سَمِعْتُ بِلَالَ بْنَ يَسَارِ بْنِ زَيْدٍ , مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِيَ يُحَدِّثُنِي عَنْ جَدِّي أَنَّهُ [ص: 280] سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ قَالَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ غُفِرَ لَهُ وَإِنْ كَانَ فَرَّ مِنَ الزَّحْفِ» الحديث: 211 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 279 212 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْمُقْرِئُ , أنا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ الْإِسْفِرَايِينِيُّ , ثنا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ , ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ , أنا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ , ثنا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ , قَالَ: سَمِعْتُ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ , يَذْكُرُ عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ مَرَّ بِسُوقٍ مِنْ هَذِهِ الْأَسْوَاقِ فَقَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ , بِيَدِهِ الْخَيْرُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ , كَتَبَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ أَلْفَ أَلْفِ حَسَنَةٍ , وَمَحَا عَنْهُ أَلْفَ أَلْفِ سَيِّئَةٍ , وَبَنَى لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ " تَابَعَهُ أَزْهَرُ بْنُ سِنَانٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ وَاسِعٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الحديث: 212 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 280 213 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , وَأَبُو يَعْلَى حَمْزَةَ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الصَّيْدَلَانِيُّ قَالَا: أنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّفَّارُ , ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي الدُّنْيَا , ثنا الْحَسَنُ بْنُ الصَّبَّاحِ وَغَيْرُهُ قَالُوا: ثنا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ , حَدَّثَنِي عُثْمَانُ بْنُ مَوْهَبِ , قَالَ: سَمِعْتُ [ص: 286] أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِفَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: «مَا يَمْنَعُكِ أَنْ تَسْمَعِي مَا أُوصِيكِ بِهِ أَنْ تَقُولِي إِذَا أَصْبَحْتِ وَإِذَا أَمْسَيْتِ يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ بِرَحْمَتِكَ أَسْتَغِيثُ أَصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلَّهُ , وَلَا تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ» الحديث: 213 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 285 214 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الصَّفَّارُ , ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي الدُّنْيَا , ثنا أَبُو خَيْثَمَةَ , ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ , عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْوَلِيدِ , عَنْ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ , عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ قَالَ حِينَ يَأْوِي إِلَى فِرَاشِهِ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ , كَفَّرَ اللَّهُ ذُنُوبَهُ وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ " وَقَدْ مَضَى بِإِسْنَادٍ آخَرَ أَصَحَّ مِنْ هَذَا وَرُوِّينَاهُ بِإِسْنَادٍ آخَرَ فِي الدَّعَوَاتِ الحديث: 214 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 287 215 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ , ثنا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدِ الدُّورِيُّ , ثنا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ , عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ , عَنِ الْقَاسِمِ , عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا نَزَلَ بِهِ كَرْبٌ قَالَ: «يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ بِرَحْمَتِكَ أَسْتَغِيثُ» وَقَدْ قِيلَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , وَهَذَا مَعَ إِرْسَالِهِ أَصَحُّ الحديث: 215 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 288 216 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ , بِبَغْدَادَ , أنا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ صَفْوَانَ , ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي الدُّنْيَا , ثنا الْقَاسِمُ بْنُ هَاشِمٍ , ثنا الْخَطَّابُ بْنُ عُثْمَانَ , ثنا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ , حَدَّثَنِي سَعْدُ بْنُ سَعِيدٍ , حَدَّثَنِي أَبُوكَ , إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي فُدَيْكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَا كَرَبَنِي أَمْرٌ إِلَّا تَمَثَّلَ لِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ قُلْ: تَوَكَّلْتُ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ , وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيُّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا " هَكَذَا جَاءَ مُنْقَطِعًا الحديث: 216 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 289 217 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ , أنا أَبُو عَلِيٍّ , ثنا ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا , حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ سُفْيَانَ , حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقُرَشِيُّ , عَنْ نُعَيْمِ بْنِ مُوَرَّعِ , عَنْ جُوَيْبِرٍ , عَنِ الضَّحَّاكِ , قَالَ: دُعَاءُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ حِينَ تَوَجَّهَ إِلَى فِرْعَوْنَ , وَدُعَاءُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ حُنَيْنٍ , وَدُعَاءٌ لِكُلِّ مَكْرُوبٍ: " كُنْتَ وَتَكُونُ وَأَنْتَ حَيٌّ لَا تَمُوتُ , تَنَامُ الْعُيُونُ وَتَنْكَدِرُ النُّجُومُ وَأَنْتَ حَيٌّ قَيُّومٌ , لَا تَأْخُذُكَ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ: يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ " الحديث: 217 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 290 218 - أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ , أنا عَلِيُّ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ الْخُزَاعِيُّ , أنا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُسْتَفَاضِ الْفِرْيَابِيُّ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى , ثنا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ مِنْ دُعَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ» الحديث: 218 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 291 219 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أنا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ إِمْلَاءً أنا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ , أنا أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ , ثنا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ , عَنِ ابْنِ شِهَابٍ [ص: 292] الزُّهْرِيِّ , عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ , وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ , وَعَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ اللَّيْثِيِّ , وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ , عَنْ عَائِشَةَ , زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَالَ لَهَا أَهْلُ الْإِفْكِ مَا قَالُوا فَبَرَّأَهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْهُ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ قَالَ فِيهِ: قَالَتْ: فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي يَوْمِهِ فَاسْتَعْذَرَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِيٍّ ابْنِ سَلُولَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ يَعْذِرُنِي مِنْ رَجُلٍ بَلَغَنِي أَذَاهُ فِي أَهْلِي , فَوَاللَّهِ فَوَاللَّهِ , ثَلَاثَ مَرَّاتٍ , مَا عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِي إِلَّا خَيْرًا , وَقَدْ ذَكَرُوا رَجُلًا مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ إِلَّا خَيْرًا , وَمَا كَانَ يَدْخُلُ عَلَى أَهْلِي إِلَّا مَعِي» , فَقَامَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا وَاللَّهِ أَعْذِرُكَ مِنْهُ , إِنْ كَانَ مِنَ الْأَوْسِ ضَرَبْنَا عُنُقَهُ , وَإِنْ كَانَ مِنْ إِخْوَانِنَا الْخَزْرَجِ أَمَرْتَنَا فَفَعَلْنَا فِيهِ أَمْرَكَ , فَقَامَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَكَانَ سَيِّدَ الْخَزْرَجِ وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ رَجُلًا صَالِحًا وَلَكِنِ احْتَمَلَتْهُ الْحَمِيَّةُ فَقَالَ: كَذَبْتَ , لَعَمْرُ اللَّهِ لَا تَقْتُلُهُ وَلَا تَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ , فَقَامَ أُسَيْدُ بْنُ الْحُضَيْرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ لَنَقْتُلَنَّهُ وَإِنَّكَ مُنَافِقٌ تُجَادِلُ عَنِ الْمُنَافِقِينَ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي الْصَّحِيحِ عَنْ أَبِي الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيِّ وَفِيهِ أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ وَأُسَيْدَ بْنَ حُضَيْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَقْسَمَا بِحَيَاةِ اللَّهِ تَعَالَى وَبِبَقَائِهِ حَيْثُ قَالَا: لَعَمْرُ اللَّهِ بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الحديث: 219 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 291 بَابُ مَا جَاءَ فِي إِثْبَاتِ صِفَةِ الْعِلْمِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ} [البقرة: 255] يَقُولُ: لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ أَنْ يُعَلِّمَهُمْ إِيَّاهُ , فَيَعْلَمُوهُ بِتَعْلِيمِهِ وَقَالَ جَلَّ وَعَلَا: {قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ فَإِنْ لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [هود: 14] وَقَالَ جَلَّ جَلَالُهُ: {لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ} [النساء: 166] وَذَلِكَ حِينَ قَالُوا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا نَجِدُ أَحَدًا يَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ , فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا} [النساء: 166] وَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ وَمَا تَخْرُجُ مِنْ ثَمَرَاتٍ مِنْ أَكْمَامِهَا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ} [فصلت: 47] وَقَالَ تَعَالَى: {فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ} [الأعراف: 6] وَقَالَ جَلَّتْ عَظَمَتُهُ: {إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا} [طه: 98] وَقَالَ جَلَّتْ قُدْرَتُهُ فِيمَا يَقُولُهُ حَمَلَةُ الْعَرْشِ: {رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا} [غافر: 7] وَقَالَ جَلَّتْ قُدْرَتُهُ: {الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا} أَيْ عِلْمُهُ قَدْ أَحَاطَ بِالْمَعْلُومَاتِ كُلِّهَا وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ} [لقمان: 34] وَقَالَ تَعَالَى: {إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ} [الأحقاف: 23] وَكَانَ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ الْإِسْفِرَايِينِيُّ يَقُولُ: مِنْ أَسَامِي صِفَاتِ الذَّاتِ مَا هُوَ لِلْعِلْمِ , مِنْهَا: « الجزء: 1 ¦ الصفحة: 293 الْعَلِيمُ» وَمَعْنَاهُ تَعْمِيمُ جَمِيعِ الْمَعْلُومَاتِ وَمِنْهَا «الْخَبِيرُ» وَيَخْتَصُّ بِأَنْ يَعْلَمَ مَا يَكُونُ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ وَمِنْهَا «الْحَكِيمُ» وَيَخْتَصُّ بِأَنْ يَعْلَمَ دَقَائِقَ الْأَوْصَافِ وَمِنْهَا «الشَّهِيدُ» وَيَخْتَصُّ بِأَنْ يَعْلَمَ الْغَائِبَ وَالْحَاضِرَ وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا يَغِيبُ عَنْهُ شَيْءٌ وَمِنْهَا «الْحَافِظُ» وَيَخْتَصُّ بِأَنَّهُ لَا يَنْسَى مَا عَلِمَ. وَمِنْهَا «الْمُحْصِي» وَيَخْتَصُّ بِأَنَّهُ لَا تَشْغَلُهُ الْكَثْرَةُ عَنِ الْعِلْمِ مِثْلَ ضَوْءِ النُّورِ وَاشْتِدَادِ الرِّيحِ وَتَسَاقَطِ الْأَوْرَاقِ , فَيَعْلَمُ عِنْدَ ذَلِكَ أَجْزَاءَ الْحَرَكَاتِ فِي كُلِّ وَرَقَةٍ , وَكَيْفَ لَا يَعْلَمُ وَهُوَ الَّذِي يَخْلُقُ وَقَدْ قَالَ جَلَّ وَعَلَا: {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك: 14] الجزء: 1 ¦ الصفحة: 294 220 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ , أنا بِشْرُ بْنُ مُوسَى , حَدَّثَنِي الْحُمَيْدِيُّ , حَدَّثَنَا سُفْيَانُ , ثنا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ , أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ , قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: إِنَّ نَوْفًا الْبِكَالِيَّ يَزْعُمُ أَنَّ مُوسَى صَاحِبَ الْخَضِرِ لَيْسَ مُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ , إِنَّمَا هُوَ مُوسَى آخَرُ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: كَذَبَ عَدُوُّ اللَّهِ [ص: 295] حَدَّثَنَا أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " قَامَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ خَطِيبًا فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ فَسُئِلَ: أَيُّ النَّاسِ أَعْلَمُ؟ فَقَالَ: أَنَا أَعْلَمُ , فَعَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِ إِذْ لَمْ يَرُدَّ الْعِلْمَ إِلَيْهِ , فَقَالَ: إِنَّ لِي عَبْدًا بِمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ , قَالَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَيْ رَبِّ فَكَيْفَ لِي بِهِ؟ قَالَ: تَأْخُذُ حُوتًا فَتَجْعَلُهُ فِي مِكْتَلٍ ثُمَّ تَنْطَلِقُ فَحَيْثُ فَقَدْتَ الْحُوتَ فَهُوَ ثَمَّ , فَأَخَذَ حُوتًا فَجَعَلَهُ فِي مِكْتَلٍ ثُمَّ انْطَلَقَ وَانْطَلَقَ مَعَهُ بِهِ فَتَاهُ يُوشَعُ بْنُ نُونٍ حَتَّى إِذَا انْتَهَى إِلَى الصَّخْرَةِ وَضَعَا رُءُوسَهُمَا فَنَامَا فَاضْطَرَبَ الْحُوتُ فِي الْمِكْتَلِ فَخَرَجَ مِنْهُ فَسَقَطَ فِي الْبَحْرِ , فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا , وَأَمْسَكَ اللَّهُ تَعَالَى عَنِ الْحُوتِ جِرْيَةَ الْمَاءِ فَصَارَ عَلَيْهِ مِثْلَ الطَّاقِ , فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ مُوسَى نَسِيَ صَاحِبُهُ أَنْ يُخْبِرَهُ بِالْحُوتِ فَانْطَلَقَا بَقِيَّةَ يَوْمِهِمَا وَلَيْلَتِهِمَا , حَتَّى إِذَا كَانَ مِنَ الْغَدِ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَائَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا قَالَ: وَلَمْ يَجِدْ مُوسَى النَّصَبَ حَتَّى جَاوَزَ الْمَكَانَ الَّذِي أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ فَقَالَ لَهُ فَتَاهُ: أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا قَالَ: فَكَانَ لِلْحُوتِ سَرَبًا وَلِمُوسَى وَلِفَتَاهُ عَجَبًا قَالَ مُوسَى: ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِي , {فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا} [الكهف: 64] قَالَ: رَجَعَا يَقُصَّانِ آثَارَهُمَا حَتَّى انْتَهَيَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِذَا رَجُلٌ مُسَجًّى - أَيْ مُغَطًّى - بِثَوْبٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ مُوسَى فَقَالَ الْخَضِرُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَأَنَّى بِأَرْضِكَ السَّلَامُ؟ قَالَ: أَنَا مُوسَى قَالَ: مُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ؟ قَالَ: نَعَمْ , أَتَيْتُكَ لِتُعَلِّمَنِي مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا , قَالَ الْخَضِرُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا , يَا مُوسَى إِنِّي عَلَى عِلْمٍ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَّمَنِيهِ لَا تَعْلَمُهُ , وَأَنْتَ عَلَى عِلْمٍ مِنْ عِلْمِ [ص: 296] اللَّهِ عَلَّمَكَهُ اللَّهُ لَا أَعْلَمُهُ , فَقَالَ لَهُ مُوسَى: سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا , قَالَ الْخَضِرُ: فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا , فَانْطَلَقَا يَمْشِيَانِ عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ فَمَرَّتْ سَفِينَةٌ فَكَلَّمُوهُمْ أَنْ يَحْمِلُوهُمْ فَعَرَفُوا الْخَضِرَ فَحَمَلُوهُمْ بِغَيْرِ نَوْلٍ , فَلَمَّا رَكِبَا السَّفِينَةَ لَمْ يُفْجَأْ مُوسَى إِلَّا وَالْخَضِرُ قَدْ قَلَعَ لَوْحًا مِنْ أَلْوَاحِ السَّفِينَةِ بِالْقَدُومِ , فَقَالَ مُوسَى: قَوْمٌ حَمَلُونَا بِغَيْرِ نَوْلٍ عَمَدْتَ إِلَى سَفِينَتِهِمْ فَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا قَالَ الْخَضِرُ: أَلَمْ أَقُلْ: إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا؟ قَالَ لَهُ مُوسَى: لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا قَالَ: وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَانَتِ الْأُولَى مِنْ مُوسَى نِسْيَانًا , قَالَ: وَجَاءَ عُصْفُورٌ فَوَقَعَ عَلَى حَرْفِ السَّفِينَةِ فَنَقَرَ فِي الْبَحْرِ نَقْرَةً فَقَالَ لَهُ الْخَضِرُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَا نَقَصَ عِلْمِي وَعِلْمُكَ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى إِلَّا مِثْلَ مَا نَقَصَ هَذَا الْعُصْفُورُ مِنْ هَذَا الْبَحْرِ ثُمَّ خَرَجَا مِنَ السَّفِينَةِ فَبَيْنَمَا هُمَا يَمْشِيَانِ عَلَى السَّاحِلِ إِذْ أَبْصَرَا غُلَامًا يَلْعَبُ مَعَ الصِّبْيَانِ فَأَخَذَ الْخَضِرُ بِرَأْسِهِ فَاقْتَلَعَهُ بِيَدِهِ فَقَتَلَهُ فَقَالَ لَهُ مُوسَى: أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ؟ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا قَالَ: أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا؟ قَالَ: وَهَذِهِ أَشَدُّ مِنَ الْأُولَى , قَالَ: إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغَتْ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا قَالَ: فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ: مَائِلًا , فَقَالَ الْخَضِرُ ـ عَلَيْهِ الْسَّلَامُ ـ بِيَدِهِ هَكَذَا فَأَقَامَهُ فَقَالَ مُوسَى: قَوْمٌ أَتَيْنَاهُمْ لَمْ يُطْعِمُونَا وَلَمْ يُضَيِّفُونَا لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا , قَالَ: هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا: قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدِدْنَا أَنَّ مُوسَى كَانَ صَبَرَ حَتَّى يَقُصَّ عَلَيْنَا مِنْ خَبَرِهِمَا , قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: فَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَقْرَأُ: (وَكَانَ أَمَامَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا) وَكَانَ يَقُولُ: وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ كَافِرًا وَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنِينَ " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنِ الْحُمَيْدِيِّ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ عَمْرٍو النَّاقِدِ وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ , وَغَيْرِهِمَا عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ الحديث: 220 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 294 221 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَدِيبُ , أنا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ فِي مَعْنَى قَوْلِ الْخَضِرِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: مَا نَقَصَ عِلْمِي وَعِلْمِكَ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى إِلَّا مِثْلَ مَا نَقَصَ هَذَا الْعُصْفُورُ مِنَ الْبَحْرِ , هَذَا لَهُ وَجْهَانِ: " أَحَدُهُمَا أَنَّ نَقْرَ الْعُصْفُورِ لَيْسَ بَنَاقِصٍ لِلْبَحْرِ فَكَذَلِكَ عِلْمُنَا لَا يُنْقِصُ مِنْ عِلْمِهِ شَيْئًا وَهَذَا كَمَا قِيلَ: [البحر الطويل] وَلَا عَيْبَ فِينَا غَيْرَ أَنَّ سُيُوفَنَا ... بِهِنَّ فُلُولٌ مِنْ قِرَاعِ الْكَتَائِبِ أَيْ لَيْسَ فِينَا عَيْبٌ وَعَلَى هَذَا قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلَّا سَلَّامًا} [مريم: 62] أَيْ لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا الْبَتَّةَ «وَالْآخَرُ» أَنَّ قَدْرَ مَا أَخَذْنَاهُ جَمِيعًا مِنَ الْعِلْمِ إِذَا اعْتُبِرَ بِعِلْمِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الَّذِي أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ لَا يَبْلُغُ مِنْ عِلْمِ مَعْلُومَاتِهِ فِي الْمِقْدَارِ إِلَّا كَمَا يَبْلُغُ أَخْذُ هَذَا الْعُصْفُورِ مِنَ الْبَحْرِ , فَهُوَ جُزْءٌ يَسِيرٌ فِيمَا لَا يُدْرَكُ قَدْرُهُ , فَكَذَلِكَ الْقَدْرُ الَّذِي عَلَّمَنَاهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي النِّسْبَةِ إِلَى مَا يَعْلَمُهُ عَزَّ وَجَلَّ كَهَذَا الْقَدْرِ الْيَسِيرِ مِنْ هَذَا الْبَحْرِ وَاللَّهُ وَلِيُّ التَّوْفِيقِ. قُلْتُ: وَقَدْ رَوَاهُ حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ مُبَيِّنًا إِلَّا أَنَّهُ وَقَفَهُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا الحديث: 221 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 297 222 - أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ , ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ الْخَلِيلِ , أنا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ , أنا الْأَعْمَشُ , عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ , عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: بَيْنَمَا مُوسَى يُخَاطِبُ الْخَضِرَ وَالْخَضِرُ يَقُولُ: أَلَسْتَ نَبِيَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ؟ فَقَدْ أُوتِيتَ مِنَ الْعِلْمِ مَا [ص: 298] تَكْتَفِي بِهِ وَمُوسَى يَقُولُ لَهُ: إِنِّي قَدْ أُمِرْتُ بِاتِّبَاعِكَ , وَالْخَضِرُ يَقُولُ: إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا قَالَ: فَبَيْنَا هُوَ يُخَاطِبُهُ إِذْ جَاءَ عُصْفُورٌ فَوَقَعَ عَلَى شَاطِئِ الْبَحْرِ فَنَقَرَ مِنْهُ نَقْرَةً ثُمَّ طَارَ فَذَهَبَ , فَقَالَ الْخَضِرُ لِمُوسَى: يَا مُوسَى هَلْ رَأَيْتَ الطَّيْرَ أَصَابَ مِنَ الْبَحْرِ؟ قَالَ: نَعَمْ: قَالَ: مَا أَصَبْتُ أَنَا وَأَنْتَ مِنَ الْعِلْمِ فِي عِلْمِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا بِمَنْزِلَةِ مَا أَصَابَ هَذَا الطَّيْرَ مِنْ هَذَا الْبَحْرِ الحديث: 222 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 297 223 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكَعْبِيُّ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ ثَنَا الْقَعْنَبِيُّ ح , وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ , أنا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ , حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ , ثنا الْقَعْنَبِيُّ , عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الْمَوَالِي , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ , عَنْ جَابِرٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُنَا الِاسْتِخَارَةَ فِي الْأَمْرِ كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنَ الْقُرْآنِ , يَقُولُ لَنَا: " إِذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالْأَمْرِ فَلِيَرْكَعَ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ ثُمَّ لِيَقُلِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ , وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ , فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلَا أَقْدِرُ , وَتَعْلَمُ وَلَا أَعْلَمُ , وَأَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ , اللَّهُمَّ فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ هَذَا الْأَمْرَ - يُسَمِّيهِ بِعَيْنِهِ الَّذِي يُرِيدُ - خَيْرًا لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَمَعَادِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي فَاقْدُرْهُ لِي وَيَسِّرْهُ لِي وَبَارِكْ لِي فِيهِ , اللَّهُمَّ وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُهُ شَرًّا لِي، مِثْلَ الْأَوَّلِ، فَاصْرِفْهُ عَنِّي وَاصْرِفْنِي عَنْهُ , وَاقْدُرْ لِيَ الْخَيْرَ [ص: 299] حَيْثُ كَانَ , ثُمَّ رَضِّنِي بِهِ، أَوْ قَالَ: فِي عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ قُتَيْبَةَ بْنِ سَعِيدٍ وَغَيْرِهِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الْمَوَالِي الحديث: 223 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 298 224 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى , حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الصَّيْدَلَانِيُّ , أنا أَبُو الْفَضْلِ , عَبْدُوسُ بْنُ الْحُسَيْنِ السِّمْسَارُ , ثنا أَبُو حَاتِمٍ , مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الرَّازِيُّ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عِمْرَانَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى , حَدَّثَنِي أَبِي , حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي لَيْلَى , عَنْ فُضَيْلِ بْنِ عَمْرٍو , عَنْ إِبْرَاهِيمَ , عَنْ عَلْقَمَةَ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّهُ كَانَ إِذَا اسْتَخَارَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْأَمْرِ يُرِيدُ أَنْ يَصْنَعَهُ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ , وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ , وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ , فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلَا أَقْدِرُ وَتَعْلَمُ وَلَا أَعْلَمُ وَأَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا خَيْرًا لِي فِي دِينِي وَخَيْرًا لِي [ص: 301] فِي مَعِيشَتِي وَخَيْرًا لِي فِيمَا يَنْبَغِي فِيهِ الْخَيْرُ , فَخِرْ لِي فِي عَاقِبَتِهِ , وَيَسِّرْ لِي , ثُمَّ بَارِكْ لِي فِيهِ , وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ خَيْرًا فَاقْضِ لِيَ الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ وَرَضِّنِي بِقَضَائِكَ» الحديث: 224 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 300 225 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ , أنا أَبُو عَمْرِو بْنُ مَطَرٍ , ثنا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ السِّمْنَانِيُّ , ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى , ثنا عِمْرَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ فُضَيْلِ بْنِ عَمْرٍو , عَنْ إِبْرَاهِيمَ , عَنْ عَلْقَمَةَ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُنَا الِاسْتِخَارَةَ إِذَا أَرَادَ أَحَدُنَا أَمْرًا أَنْ يَقُولَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِنَحْوِهِ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: «وَخَيْرًا لِي فِي عَاقِبَتِي فَيَسِّرْهُ لِي» , وَزَادَ فِي آخِرِهِ: «يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ» الحديث: 225 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 301 226 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أنا حَمْزَةُ بْنُ الْعَبَّاسِ الْعَقَبِيُّ , ثنا عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ الْهَيْثَمِ الدَّيْرَعَاقُولِي , ثنا عَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ , ثنا يَحْيَى بْنُ الْيَمَانِ , عَنْ مِسْعَرٍ , عَنِ الْحَكَمِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ , عَنْ عَلْقَمَةَ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُنَا الِاسْتِخَارَةَ يَقُولُ: «إِذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِأَمْرٍ فَلْيَقُلِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ» ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ مُخْتَصَرًا الحديث: 226 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 302 227 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُقْرِئُ , أنا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ , أنا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ الْقَاضِي , ثنا أَبُو الرَّبِيعِ , حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ , عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ: صَلَّى بِنَا عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ يَوْمًا صَلَاةً فَأَوْجَزَ فِيهَا فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ لَقَدْ خَفَّفْتَ - أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا - فَقَالَ: لَقَدْ دَعَوْتُ بِدَعَوَاتٍ سَمِعْتُهُنَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: فَلَمَّا انْطَلَقَ عَمَّارٌ اتَّبَعَهُ رَجُلٌ وَهُوَ أَبِي فَسَأَلَهُ عَنِ الدُّعَاءِ ثُمَّ جَاءَ [ص: 303] فَأَخْبَرَ بِهِ فَقَالَ: «اللَّهُمَّ بِعِلْمِكَ الْغَيْبَ وَقُدْرَتِكَ عَلَى الْخَلْقِ أَحْيِنِي مَا عَلِمْتَ الْحَيَاةَ خَيْرًا لِي , وَتَوَفَّنِي إِذَا كَانَتِ الْوَفَاةُ خَيْرًا لِي , اللَّهُمَّ أَسْأَلُكَ خَشْيَتَكَ فِي الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَأَسْأَلُكَ كَلِمَةَ الْحَقِّ فِي الْغَضَبِ وَالرِّضَا , وَأَسْأَلُكَ الْقَصْدَ فِي الْفَقْرِ وَالْغِنَى وَأَسْأَلُكَ نَعِيمًا لَا يَبِيدُ , وَقُرَّةَ عَيْنٍ لَا تَنْقَطِعُ , وَأَسْأَلُكَ الرِّضَا بَعْدَ الْقَضَاءِ , وَأَسْأَلُكَ بَرْدَ الْعَيْشِ بَعْدَ الْمَوْتِ , وَأَسْأَلُكَ لَذَّةَ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِكَ , وَالشَّوْقَ إِلَى لِقَائِكَ فِي غَيْرِ ضَرَّاءَ مُضِرَّةٍ , وَلَا فِتْنَةٍ مُضِلَّةٍ , اللَّهُمَّ زَيِّنَّا بِزِينَةِ الْإِيمَانِ وَاجْعَلْنَا هُدَاةً مُهْتَدِينَ» الحديث: 227 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 302 228 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ , بِبَغْدَادَ , أنا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ الْفَقِيهُ , ثنا أَبُو بَكْرٍ يَحْيَى بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزِّبْرِقَانَ قِرَاءَةً عَلَيْهِ، ثنا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ , أنا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا , قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ عَدَدَ مَا أَحْصَى عِلْمُهُ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَقَدْ رَأَيْتُ الْمَلَائِكَةَ يَلْقَى [ص: 304] بَعْضُهُا بَعْضًا أَيُّهُمْ يَسْبِقُ إِلَيْهَا فَيَكْتُبَهَا فَقَالَتِ الْمَلَائِكَةُ: يَا رَبِّ كَيْفَ نَكْتُبُهَا؟ فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: اكْتُبُوهَا كَمَا قَالَ عَبْدِي " الحديث: 228 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 303 229 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ السُّوسِيُّ , قَالَا: أنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ , أنا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ يَعْنِي ابْنَ مَزْيَدٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي , قَالَ: سَمِعْتُ الْأَوْزَاعِيَّ , يَقُولُ: حَدَّثَنِي رَبِيعَةُ بْنُ يَزِيدَ , وَيَحْيَى بْنُ أَبِي عَمْرٍو السَّيْبَانِيُّ , قَالَا: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ فَيْرُوزَ الدَّيْلَمِيُّ , قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَذَكَرَ حَدِيثًا قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ خَلْقَهُ فِي ظُلْمَةٍ ثُمَّ أَلْقَى عَلَيْهِمْ مِنْ نُورِهِ [ص: 305] فَمَنْ أَصَابَهُ مِنْ ذَلِكَ النُّورِ يَوْمَئِذٍ شَيْءٌ اهْتَدَى , وَمَنْ أَخْطَأَهُ ضَلَّ , فَلِذَلِكَ أَقُولُ جَفَّ الْقَلَمُ عَلَى عِلْمِ اللَّهِ» قُلْتُ: يُرِيدُ بِقَوْلِهِ مِنْ نُورِهِ أَيْ مِنْ نُورِ خَلْقِهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ} [الأنعام: 1] الحديث: 229 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 304 230 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ بَالَوَيْهِ الْمُزَكِّي , أنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُؤَمَّلِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عِيسَى , ثنا الْفَضْلُ , يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ الشَّعْرَانِيَّ حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ , حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ , عَنْ أَبِي حَلْبَسٍ يَزِيدَ بْنِ مَيْسَرَةَ أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ أُمَّ الدَّرْدَاءِ , تَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا الدَّرْدَاءِ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا الْقَاسِمِ , صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَا سَمِعْتُهُ يُكَنِّيهِ قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا، يَقُولُ: " إِنَّ اللَّهَ عَزَّ [ص: 306] وَجَلَّ قَالَ: يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ، إِنِّي بَاعِثٌ بَعْدَكَ أُمَّةً إِنْ أَصَابَهُمْ مَا يُحِبُّونَ حَمِدُوا وَشَكَرُوا وَإِنْ أَصَابَهُمْ مَا يَكْرَهُونَ احْتَسَبُوا وَصَبَرُوا , وَلَا حِلْمَ وَلَا عِلْمَ , قَالَ: يَا رَبِّ وَكَيْفَ يَكُونُ هَذَا لَهُمْ وَلَا حِلْمَ وَلَا عِلْمَ؟ قَالَ: أُعْطِيهِمْ مِنْ حِلْمِي وَعِلْمِي " الحديث: 230 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 305 231 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ الْأَصْبَهَانِيُّ , أنا أَبُو سَعِيدِ بْنُ الْأَعْرَابِيُّ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ , ثنا الْهَيْثَمُ بْنُ خَارِجَةَ , أنا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى الْخُشَنِيُّ , عَنْ صَدَقَةَ الدِّمَشْقِيُّ , عَنْ هِشَامٍ الْكِنَانِيِّ , عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنْ جِبْرِيلَ , عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، عَنْ رَبِّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ قَالَ فِيهِ: " وَإِنَّ [ص: 308] مِنْ عِبَادِي الْمُؤْمِنِينَ مَنْ لَا يَصْلُحُ لَهُ إِلَّا الْغِنَى , وَلَوْ أَفْقَرْتُهُ أَفْسَدَهُ ذَلِكَ , وَإِنَّ مِنْ عِبَادِي الْمُؤْمِنِينَ مَنْ لَا يُصْلِحُ إِيمَانَهُ إِلَّا الْفَقْرُ وَلَوْ بَسَطْتُ لَهُ أَفْسَدَهُ ذَلِكَ , وَإِنَّ مِنْ عِبَادِي مَنْ يُرِيدُ الْبَابَ مِنَ الْعِبَادَةِ فَأَكُفَّهُ عَنْهُ لِئَلَّا يَدْخُلَهُ الْعُجْبُ فَيُفْسِدُهُ ذَلِكَ وَإِنَّ مِنْ عِبَادِي الْمُؤْمِنِينَ مَنْ لَا يُصْلِحُ إِيمَانَهُ إِلَّا الصِّحَّةُ وَلَوْ أَسْقَمْتُهُ لَأَفْسَدَهُ ذَلِكَ أَظُنُّهُ قَالَ: وَإِنَّ مِنْ عِبَادِي الْمُؤْمِنِينَ مَنْ لَا يُصْلِحُ إِيمَانَهُ إِلَّا السَّقَمُ وَلَوْ صَحَّحْتُهُ لَأَفْسَدَهُ ذَلِكَ , إِنِّي أُدَبِّرُ عِبَادِي بِعِلْمِي بِقُلُوبِهِمْ إِنِّي بِهِمْ عَلِيمٌ خَبِيرٌ " الحديث: 231 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 307 232 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ , أنا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ عُمَرَ , ثنا عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ , ثنا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ , عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى , عَنْ دَاوُدَ بْنِ عَلِيٍّ , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: بَعَثَنِي الْعَبَّاسُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَيْتُهُ مُمْسِيًا وَهُوَ فِي بَيْتِ خَالَتِي مَيْمُونَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا , فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ فَلَمَّا صَلَّى الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ , قَالَ: «سُبْحَانَ ذِي الْقُدْرَةِ وَالْكَرَمِ سُبْحَانَ الَّذِي أَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ بِعِلْمِهِ» قَالَ: وَذَكَرَ الْحَدِيثَ الحديث: 232 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 308 233 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو قَالَا: ثنا أَبُو [ص: 309] الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ , ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ , ثنا حَبَّانُ بْنُ هِلَالٍ , ثنا خَالِدٌ الْوَاسِطِيُّ , ثنا مُطَرِّفٌ , عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي الْمُغِيرَةِ , عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} [البقرة: 255] قَالَ: عِلْمُهُ " وَقَالَ غَيْرُهُ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ مِنْ قَوْلِهِ الحديث: 233 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 308 234 - أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ , أنا أَبُو الْحَسَنِ الطَّرَائِفِيُّ , ثنا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ , حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ , عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ , عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: {وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ} [الجاثية: 23] , يَقُولُ: أَضَلَّهُ اللَّهُ فِي سَابِقِ عِلْمِهِ وَقَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى} [طه: 7] يَعْلَمُ مَا أَسَرَّ ابْنُ آدَمَ فِي نَفْسِهِ وَمَا خَفِيَ عَلَى ابْنِ آدَمَ مِمَّا هُوَ فَاعِلُهُ قَبْلَ أَنْ يَعْمَلُهُ , فَاللَّهُ تَعَالَى يَعْلَمُ ذَلِكَ كُلَّهُ وَعِلْمُهُ فِيمَا مَضَى مِنْ ذَلِكَ وَمَا بَقِيَ عِلْمٌ وَاحِدٌ الحديث: 234 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 309 235 - أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو , أنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْجَهْمِ , ثنا يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الْفَرَّاءُ , فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطَانٍ} [سبأ: 21] أَيْ حُجَّةٍ يُضِلُّهُمْ بِهِ إِلَّا أَنَّا سَلَّطْنَاهُ عَلَيْهِمْ لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ قَالَ: فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: إِنَّ اللَّهَ خَبَّرَهُمْ بِتَسْلِيطِ إِبْلِيسَ وَبِغَيْرِ تَسْلِيطِهِ قُلْتُ: مِثْلُ هَذَا فِي الْقُرْآنِ كَثِيرٌ , قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ} [محمد: 31] وَهُوَ يَعْلَمُ الْمُجَاهِدِينَ وَالصَّابِرِينَ بِغَيْرِ ابْتَلَاءٍ فَفِيهِ وَجْهَانِ: «أَحَدُهُمَا» أَنَّ الْعَرَبَ تَشْتَرِطُ لِلْجَاهِلِ إِذَا كَلَّمَتْهُ شِبْهَ هَذَا شَرْطًا تُسْنِدُهُ إِلَى أَنْفُسِهَا وَهِيَ عَالِمَةٌ , وَمَخْرَجُ الْكَلَامِ كَأَنَّهُ لِمَنْ لَا يَعْلَمُ: مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ الْقَائِلُ: النَّارُ تَحْرِقُ الْحَطَبَ , فَيَقُولَ الْجَاهِلُ: بَلِ الْحَطَبُ يَحْرِقُ النَّارَ فَيَقُولُ الْعَالِمُ: سَنَأْتِي بِحَطَبٍ وَنَارٍ لِنَعْلَمَ أَيُّهُمَا يَأْكُلُ صَاحِبَهُ , أَوْ قَالَ: أَيُّهُمَا يَحْرِقُ صَاحِبَهُ , وَهُوَ عَالِمٌ فَهَذَا وَجْهٌ بَيِّنٌ «وَالْوَجْهُ الْآخَرُ» أَنْ يَقُولَ: وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ , مَعْنَاهُ حَتَّى نَعْلَمَ عِنْدَكُمْ , فَكَأَنَّ الْفِعْلَ لَهُمْ فِي الْأَصْلِ وَمِثْلُهُ مِمَّا يَدُلُّكَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ} [الروم: 27] عِنْدَكُمْ يَا كَفَرَةُ , وَلَمْ يَقُلْ عِنْدَكُمْ وَذَلِكَ مَعْنَاهُ وَمِثْلُهُ: {ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ} [الدخان: 49] أَيْ عِنْدَ نَفْسِكَ إِذَا كُنْتَ تَقُولُهُ فِي دُنْيَاكَ , وَمِثْلُهُ قَالَ اللَّهُ لِعِيسَى: {أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ} [المائدة: 116] وَهُوَ يَعْلَمُ مَا يَقُولُ وَمَا يُجِيبُهُ , فَرَدَّ عَلَيْهِ عِيسَى , وَعِيسَى يَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ لَا يَحْتَاجُ إِلَى إِجَابَتِهِ , فَكَمَا صَلْحُ أَنْ يَسْأَلَ عَمَّا يَعْلَمُ وَيَلْتَمِسُ مِنْ عَبْدِهِ وَنَبِيِّهِ الْجَوَابَ , فَكَذَلِكَ يَشْتَرِطُ مَا يَعْلَمُ مِنْ فِعْلِ نَفْسِهِ حَتَّى كَأَنَّهُ عِنْدَ الْجَاهِلِ لَا يَعْلَمُ، وَحَكَى الْمُزَنِيُّ عَنِ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ [ص: 311] الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ} [البقرة: 143] يَقُولُ: إِلَّا لِنَعْلَمَ أَنْ قَدْ عَلِمْتُمْ مِنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ , وَعِلْمُ اللَّهِ تَعَالَى كَانَ قَبْلَ اتِّبَاعِهِمْ وَبَعْدَهُ سَوَاءً وَقَالَ غَيْرُهُ: إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ بِوُقُوعِ الِاتِّبَاعِ مِنْهُ كَمَا عَلِمْنَاهُ قَبْلَ ذَلِكَ أَنَّهُ يَتَّبِعُهُ الحديث: 235 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 310 236 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو , قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ , ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيُّ , أنا أَبُو نُعَيْمٍ , ثنا إِسْرَائِيلُ , عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى , عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ} [يوسف: 76] قَالَ: يَكُونُ هَذَا أَعْلَمُ مِنْ هَذَا وَيَكُونُ هَذَا أَعْلَمُ مِنْ هَذَا وَاللَّهُ فَوْقَ كُلِّ عَالِمٍ الحديث: 236 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 311 237 - أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ , أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الرَّازِي , أَنْبَأَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ زُهَيْرٍ الْحُلْوَانِيُّ , ثنا مَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ , أَنْبَأَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ , عَنْ عِكْرِمَةَ , فِي قَوْلِهِ [ص: 312] عَزَّ وَجَلَّ: {وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ} [يوسف: 76] قَالَ: ذَلِكَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ. وَمِنَ النَّاسِ فَمِنْهُمْ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ، وَذَكَرَ الْأُسْتَاذَ أَبُو مَنْصُورٍ الْبَغْدَادِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ , أَنَّا لَا نَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ ذُو عِلْمٍ عَلَى التَّنْكِيرِ وَإِنَّمَا نَقُولُ: إِنَّهُ ذُو عِلْمٍ عَلَى التَّعْرِيفِ كَمَا نَقُولُ: إِنَّهُ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ عَلَى التَّعْرِيفِ , وَلَا نَقُولُ: ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ عَلَى التَّنْكِيرِ الحديث: 237 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 311 238 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَتْحِ , هِلَالُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ بِبَغْدَادَ , أنا الْحُسَيْنُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَيَّاشٍ , ثنا أَبُو الْأَشْعَثَ , ثنا الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ , ثنا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ , عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: {: يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى} [طه: 7] قَالَ: يَعْلَمُ السِّرَّ فِي نَفْسِكَ وَيَعْلَمُ مَا تَعْمَلُ غَدًا الحديث: 238 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 312 239 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْحَرْبِيُّ , بِبَغْدَادَ , ثنا أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْعَبْسِيُّ , ثنا عَمِّي , ثنا وَكِيعٌ , عَنْ سُفْيَانَ , عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدَ , قَالَ: إِنَّ عُزَيْرًا سَأَلَ رَبَّهُ عَنِ الْقَدْرِ , فَقَالَ: سَأَلْتَنِي عَنْ عِلْمِي , عُقُوبَتُكَ أَنْ لَا أُسَمِّيكَ فِي الْأَنْبِيَاءِ الحديث: 239 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 313 بَابُ مَا جَاءَ فِي إِثْبَاتِ الْقُدْرَةِ قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ} [الأنعام: 65] وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ} [القيامة: 4] وَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {وَإِنَّا عَلَى أَنْ نُرِيَكَ مَا نَعِدُهُمْ لَقَادِرُونَ} [المؤمنون: 95] وَكَانَ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ رَحِمَهُ اللَّهُ يَقُولُ: مِنْ أَسَامِي صِفَاتِ الذَّاتِ مَا يَعُودُ إِلَى الْقُدْرَةِ مِنْهَا «الْقَاهِرُ» وَمَعْنَاهُ الْغَالِبُ وَمِنْهَا «الْقَهَّارُ» وَمَعْنَاهُ الَّذِي لَا يُقْصَدُ إِلَّا وَيَغْلِبُ وَمِنْهَا «الْقَوِيُّ» وَمَعْنَاهُ الْمُتَمَكِّنُ مِنْ كُلِّ مُرَادٍ , وَمِنْهَا «الْمُقْتَدِرُ» وَمَعْنَاهُ الَّذِي لَا يَرَدُّهُ شَيْءٌ عَنِ الْمُرَادِ وَمِنْهَا «الْقَادِرُ» وَمَعْنَاهُ إِثْبَاتُ الْقُدْرَةِ وَمِنْهَا «ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ» وَمَعْنَاهُ: نَفْيُ النِّهَايَةِ فِي الْقُدْرَةِ , وَتَعْمِيمُ الْمَقْدُورَاتِ وَرُوِيَ فِي بَعْضِ الْأَخْبَارِ «الْغَلَّابُ» وَمَعْنَاهُ يُكْرِهُ عَلَى مَا يُرِيدُ وَلَا يُكْرَهُ عَلَى مَا يُرَادُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 314 240 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْحَافِظُ , ثنا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ النَّسَوِيُّ , ثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ , ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الْمَوَالِي , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ , عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [ص: 315] يُعَلِّمُنَا الِاسْتِخَارَةَ فِي الْأُمُورِ كُلِّهَا كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنَ الْقُرْآنِ يَقُولُ: " إِذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالْأَمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ ثُمَّ لِيَقُلِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ , وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ , فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلَا أَقْدِرُ , وَتَعْلَمُ وَلَا أَعْلَمُ وَأَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ , اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ خَيْرٌ لِي فِي دِينِي وَدُنْيَايَ وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي - أَوْ قَالَ فِي عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ - فَاقْدُرْهُ لِي وَيَسِّرْهُ لِي , ثُمَّ بَارِكْ لِي فِيهِ , وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي أَوْ قَالَ: فِي عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ فَاصْرِفْهُ عَنِّي , وَاصْرِفْنِي عَنْهُ , وَعَجِّلْ لِيَ الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ ثُمَّ أَرْضِنِي بِهِ " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ قُتَيْبَةَ بْنِ سَعِيدٍ الحديث: 240 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 314 241 - أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ , أنا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ السَّرَّاجُ , ثنا مُطَيِّنٌ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عِمْرَانَ بْنِ أَبِي لَيْلَى , ثنا أَبِي , عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى , عَنْ فُضَيْلِ بْنِ عَمْرٍو , عَنْ إِبْرَاهِيمَ , عَنْ عَلْقَمَةَ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُنَا الِاسْتِخَارَةَ إِذَا أَرَادَ أَحَدُنَا الْأَمْرَ أَنْ يَقُولَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ , وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلَا أَقْدِرُ وَتَعْلَمُ وَلَا أَعْلَمُ , وَأَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ " الحديث: 241 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 315 242 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْوَرَّاقُ , ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ , ثنا سَعِيدُ بْنُ سَلَمَةَ , حَدَّثَنِي يَزِيدُ , وَهُوَ ابْنُ الْهَادِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَلْمَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُعَلِّمُ أَصْحَابَهُ الِاسْتِخَارَةَ كَمَا يُعَلِّمُهُمُ الْقُرْآنَ يَقُولُ: " إِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمُ الشَّيْءَ فَلْيَقُلِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ " وَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِمَعْنَى حَدِيثِ جَابِرٍ , وَهُوَ مُرْسَلٌ وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ حَدَّثَنِي يَزِيدُ وَهُوَ ابْنُ الْهَادِ أَنَّ مُصْعَبَ بْنَ شُرَحْبِيلَ أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ هَذَا الْحَدِيثَ سَوَاءً وَرُوِيَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَمِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الحديث: 242 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 316 243 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَحْمَدَ , هُوَ الْخِلَالِيُّ أنا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ , ثنا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى , أنا ابْنُ وَهْبٍ , أَخْبَرَنِي يُونُسُ , عَنِ ابْنِ شِهَابٍ , أَخْبَرَنِي نَافِعُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ , عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ الثَّقَفِيِّ , أَنَّهُ شَكَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَعًا يَجِدُهُ فِي جَسَدِهِ مُنْذُ أَسْلَمَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ضَعْ يَدَكَ [ص: 318] عَلَى الَّذِي يَأْلَمُ مِنْ جَسَدِكِ وَقُلْ: بِسْمِ اللَّهِ ثَلَاثًا وَقُلْ سَبْعَ مَرَّاتٍ أَعُوذُ بِاللَّهِ وَقُدْرَتِهِ مِنْ شَرِّ مَا أَجِدُ وَأُحَاذِرُ " رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ حَرْمَلَةَ الحديث: 243 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 317 244 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ بِبَغْدَادَ , أنا أَبُو سَهْلِ بْنُ زِيَادٍ الْقَطَّانُ , ثنا إِسْحَاقُ بْنُ الْحَسَنِ الْحَرْبِيُّ , ثنا عَفَّانُ , ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ , ثنا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ: صَلَّيْنَا مَعَ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ صَلَاةً فَخَفَّفَ فِيهَا فَلَمَّا انْصَرَفَ انْصَرَفَ مَعَهُ رَجُلٌ - وَهُوَ أَبِي - فَسَأَلَهُ فَقَالَ: إِنِّي دَعَوْتُ بِدَعَوَاتٍ سَمِعْتُهُنَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِعِلْمِ الْغَيْبِ وَقُدْرَتِكَ عَلَى الْخَلْقِ أَحْيِنِي مَا كَانَتِ الْحَيَاةُ خَيْرًا لِي , وَتَوَفَّنِي إِذَا كَانَتِ الْوَفَاةُ خَيْرًا لِي , وَأَسْأَلُكَ خَشْيَتَكَ فِي الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ , وَأَسْأَلُكَ كَلِمَةَ الْحَقِّ فِي الرِّضَا وَالْغَضَبِ وَأَسْأَلُكَ الْقَصْدَ فِي الْفَقْرِ وَالْغِنَى , وَأَسْأَلُكَ بَرْدَ الْعَيْشِ بَعْدَ الْمَوْتِ , وَأَسْأَلُكَ لَذَّةَ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِكَ وَالشَّوْقَ إِلَى لِقَائِكَ فِي غَيْرِ ضَرَّاءَ مُضِرَّةٍ , وَلَا فِتْنَةٍ مُضِلَّةٍ , اللَّهُمَّ زَيِّنَّا بِزِينَةِ الْإِيمَانِ وَاجْعَلْنَا هُدَاةً مُهْتَدِينَ» الحديث: 244 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 319 245 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ , ثنا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مَنْصُورٍ , أنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سُلَيْمَانَ , ثنا عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ , ثنا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ , عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى , عَنْ دَاوُدَ بْنِ عَلِيٍّ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: بَعَثَنِي الْعَبَّاسُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَيْتُهُ مُمْسِيًا وَهُوَ فِي بَيْتِ خَالَتِي مَيْمُونَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا , قَالَ: فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ , فَلَمَّا صَلَّى الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ قَالَ: فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ قَالَ فِيهِ: «سُبْحَانَ ذِي الْقُدْرَةِ وَالْكَرَمِ» الحديث: 245 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 320 246 - أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ , أنا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُعَاوِيَةَ النَّيْسَابُورِيُّ , حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ وَارَةَ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سَابِقٍ , ثنا عَمْرُو بْنُ أَبِي قَيْسٍ , عَنْ مَنْصُورٍ , عَنْ مُوسَى بْنِ الْمُسَيَّبِ , عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ , عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ , عَنْ أَبِي ذَرٍّ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: يَا ابْنَ آدَمَ كُلُّكُمْ مُذْنِبٌ إِلَّا مَنْ عَافَيْتُهُ فَاسْتَغْفِرُونِي أَغْفِرْ لَكُمْ وَمَنْ عَلِمَ أَنِّي ذُو قُدْرَةٍ عَلَى الْمَغْفِرَةِ فَاسْتَغْفَرَنِي غَفَرْتُ لَهُ بِقُدْرَتِي وَلَا أُبَالِي , وَكُلُّكُمْ ضَالٌّ إِلَّا مَنْ هَدَيْتُهُ فَاسْأَلُونِي الْهُدَى أَهْدِكُمْ , وَكُلُّكُمْ فَقِيرٌ إِلَّا مَنْ أَغْنَيْتُهُ فَاسْأَلُونِي أُغْنِكُمْ فَلَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَرَطْبَكُمْ وَيَابِسَكُمْ وَحَيَّكُمْ وَمَيِّتَكُمُ اجْتَمَعُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلَنِي كُلُّ سَائِلٍ مَا بَلَغَتْ أُمْنِيَّتُهُ فَأَعْطَيْتُهُ لَمْ يَنْقُصْ مُلْكِي إِلَّا كَمَا لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ مَرَّ عَلَى شَفَةِ الْبَحْرِ فَغَرَزَ فِيهِ إِبْرَةً ثُمَّ نَزَعَهَا , ذَلِكَ بِأَنِّي جَوَادٌ مَاجِدٌ أَفْعَلُ مَا أَشَاءُ عَطَائِي كَلَامٌ , وَعَذَابِي كَلَامٌ , وَإِنَّمَا قَوْلِي لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْتُ أَنْ أَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ " هَذَا حَدِيثٌ مَحْفُوظٌ مِنْ حَدِيثِ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَلِذِكْرِ الْقُدْرَةِ فِيهِ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثٍ آخَرَ الحديث: 246 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 320 247 - أَخْبَرَنَاهُ أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ دَاوُدَ الْعَلَوِيُّ , أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ النَّصْرَآبَاذِي , ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْأَزْهَرِ , ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَكَمِ بْنِ أَبَانَ , حَدَّثَنِي أَبِي , عَنْ عِكْرِمَةَ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: مَنْ عَلِمَ مِنْكُمْ أَنِّي ذُو قُدْرَةٍ عَلَى مَغْفِرَةِ الذُّنُوبِ غَفَرْتُ لَهُ وَلَا أُبَالِي , مَا لَمْ يُشْرِكْ بِي شَيْئًا " الحديث: 247 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 321 248 - أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلْوسِ الْأَسَدْ آبَادِيُّ بِهَا , ثنا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَاسِي , ثنا أَبُو شُعَيْبٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ الْحَرَّانِيُّ , حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الضَّحَّاكُ الْحَرَّانِيُّ , ثنا أَيُّوبُ بْنُ نَهِيكٍ الْحَلَبِيُّ الزُّهْرِيُّ , قَالَ: سَمِعْتُ مُجَاهِدًا , قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " مَنْ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي تَوَاضَعَ كُلُّ شَيْءٍ لِعَظَمَتِهِ , وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي ذَلَّ كُلُّ شَيْءٍ لِعِزَّتِهِ , وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَضَعَ كُلُّ شَيْءٍ لِمُلْكِهِ , وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي اسْتَسْلَمَ كُلُّ شَيْءٍ لِقُدْرَتِهِ فَقَالَهَا يَطْلُبُ بِهَا مَا عِنْدَهُ كَتَبَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ أَرْبَعَةَ آلَافِ مَلَكٍ يَسْتَغْفِرُونَ لَهُ إِلَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ " وَرَوَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ الصِّبْغِيُّ عَنْ أَبِي شُعَيْبٍ فَقَالَ فِي الْحَدِيثِ: «كَتَبَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ بِهَا أَلْفَ حَسَنَةٍ , وَرَفَعَ لَهُ بِهَا أَلْفَ دَرَجَةٍ» تَفَرَّدَ بِهِ يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ , وَلَهُ شَاهِدَانِ مَوْقُوفَانِ الحديث: 248 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 322 249 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ , ثنا أَبُو الْحَسَنِ طَاهِرُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الرَّبِيعِ بْنِ طَارِقٍ , ثنا أَبِي , أَخْبَرَنِي السَّرِيُّ , عَنْ بَكْرِ بْنِ خُنَيْسٍ , عَنِ الْأَعْمَشِ , عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ , عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: مَنْ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي تَوَاضَعَ كُلُّ شَيْءٍ لِعَظَمَتِهِ , وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي ذَلَّ كُلُّ شَيْءٍ لِعِزَّتِهِ , وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي اسْتَسْلَمَ كُلُّ شَيْءٍ لِقُدْرَتِهِ , وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَضَعَ كُلُّ شَيْءٍ لِمُلْكِهِ , كَتَبَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ بِهَا ثَمَانِينَ أَلْفَ حَسَنَةٍ , وَمَحَا عَنْهُ بِهَا ثَمَانِينَ أَلْفَ سَيِّئَةٍ وَرَفَعَ لَهُ بِهَا ثَمَانِينَ أَلْفَ دَرَجَةٍ الحديث: 249 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 323 250 - وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ , أنا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ , ثنا هِشَامُ بْنُ عَلِيٍّ , حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ , ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَسَّانَ , حَدَّثَتْنِي الْمَدَنِيَّتَانِ , صَفِيَّةُ بِنْتُ عُلَيْبَةَ وَدُحَيْبَةُ بِنْتُ عُلَيْبَةَ أَنَّ قَيْلَةَ , كَانَتْ إِذَا أَخَذَتْ حَظَّهَا مِنَ الْمَضْجَعِ قَالَتْ: بِسْمِ اللَّهِ وَأَتَوَكَّلُ عَلَى اللَّهِ وَوضَعْتُ جَنْبِي لِرَبِّي , وَاسْتَغْفَرْتُ لِذَنْبِي فَتَقُولُ هَذَا مِرَارًا، [ص: 324] ثُمَّ تَقْرَأُ مِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ عَشْرَ آيَاتٍ , ثُمَّ تَقْرَأُ آيَةَ الْكُرْسِيِّ وَتَقُولُ: أَعُوذُ بِاللَّهِ وَبِكَلِمَاتِهِ التَّامَّاتِ اللَّاتِي لَا يُجَاوِزُهُنَّ بَرٌّ وَلَا فَاجِرٌ مِنْ شَرِّ مَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمِنْ شَرِّ مَا يَعْرُجُ فِيهَا، وَشَرِّ مَا يَنْزِلُ فِي الْأَرْضِ وَشَرِّ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمِنْ شَرِّ طَارِقِ اللَّيْلِ إِلَّا طَارِقًا يَطْرُقُ بِخَيْرٍ آمَنْتُ بَاللَّهِ وَاعْتَصَمْتُ بِاللَّهِ، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي اسْتَسْلَمَ لِقُدْرَتِهِ كُلُّ شَيْءٍ , وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي ذَلَّ لِعِزَّتِهِ كُلُّ شَيْءٍ , وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي تَوَاضَعَ لِعَظَمَتِهِ كُلُّ شَيْءٍ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَشَعَ لِمُلْكِهِ كُلُّ شَيْءٍ , اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بَمَعَاقِدِ الْعِزِّ مِنْ عَرْشِكَ , وَمُنْتَهَى الرَّحْمَةِ مِنْ كِتَابِكَ , وَبِجِدِّكَ الْأَعْلَى وَاسْمِكَ الْأَكْبَرِ , وَكَلِمَاتِكَ التَّامَّاتِ اللَّاتِي لَا يُجَاوِزُهُنَّ بَرٌّ وَلَا فَاجِرٌ أَنْ تَنْظُرَ إِلَيْنَا نَظْرَةً مَرْحُومَةً , لَا تَدَعْ لَنَا ذَنْبًا إِلَّا غَفَرْتَهُ , وَلَا فَقْرًا إِلَّا جَبَرْتَهُ , وَلَا عَدُوًّا إِلَّا أَهْلَكْتَهُ وَلَا دَيْنًا إِلَّا قَضَيْتَهُ , وَلَا عُرْيَانًا إِلَّا كَسَوْتَهُ وَلَا أَمْرًا لَنَا فِيهِ صَلَاحٌ مِنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ إِلَّا أَعْطَيْتَنَاهُ يَا رَحْمَنُ , آمَنْتُ بِاللَّهِ , اعْتَصَمْتُ بِهِ , ثُمَّ تَقُولُ: سُبْحَانَ اللَّهِ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ , ثُمَّ تَقُولُ: اللَّهُ أَكْبَرُ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ ثُمَّ تَحْمَدُ اللَّهَ أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ , ثُمَّ تَقُولُ لَهُمَا: يَا بِنْتَيَّ , إِنَّ هَذِهِ رَأْسُ الْمِائَةِ وَإِنِّي حُدِّثْتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ ابْنَتَهُ أَتَتْهُ تَسْتَخْدِمُهُ فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَلَا أَدُلُّكِ عَلَى خَيْرٍ مِنَ الْخَادِمِ؟» فَقَالَتْ: بَلَى فَأَمَرَهَا بِهَذِهِ الْمِائَةِ الحديث: 250 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 323 بَابُ مَا جَاءَ فِي إِثْبَاتِ الْقُوَّةِ وَهِيَ الْقُدْرَةُ قَالَ اللَّهُ عَزَّ جَلَّ: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً} [فصلت: 15] وَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقِ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} [الذاريات: 58] وَفِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «إِنِّي أَنَا الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ» الجزء: 1 ¦ الصفحة: 325 251 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الْحَرْبِيُّ , أنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الشَّافِعِيُّ , ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ دَنُوقَا , ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ الْعِجْلِيُّ , ثنا إِسْرَائِيلُ بْنُ يُونُسَ ح , وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ , أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ , ثنا أَبُو دَاوُدَ ثنا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ , ثنا أَبُو أَحْمَدَ , ثنا إِسْرَائِيلُ , عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ , عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: أَقْرَأَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنِّي أَنَا الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ» [ص: 326] 4 قُلْتُ: وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ} [الذاريات: 47] يَعْنِي بِقُوَّةٍ الحديث: 251 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 325 252 - أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ , أنا أَبُو الْحَسَنِ الطَّرَائِفِيُّ , ثنا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ , ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ , عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ , عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي قَوْلِهِ: {بِأَيْدٍ} [الذاريات: 47] قَالَ: يَقُولُ بِقُوَّةٍ الحديث: 252 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 326 253 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي , ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَسَنِ الْكِسَائِيُّ , ثنا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ , ثنا وَرْقَاءُ عَنْ أَبِي نَجِيحٍ , عَنْ مُجَاهِدٍ , فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ} [الذاريات: 47] قَالَ: يَعْنِي بِقُوَّةٍ الحديث: 253 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 326 254 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُقْرِئُ , أَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ , ثنا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ الْقَاضِي , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ , ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ , [ص: 327] ثنا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ , عَنْ رَجُلٍ , عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ , عَنْ عَائِشَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي سُجُودِهِ بِاللَّيْلِ مِرَارًا: «سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلْقَهُ وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ بِحَوْلِهِ وَقُوَّتِهِ» الحديث: 254 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 326 بَابُ مَا جَاءَ فِي إِثْبَاتِ الْعِزَّةِ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [إبراهيم: 4] وَقَالَ جَلَّ وَعَلَا {وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا} [الأحزاب: 25] وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا} [يونس: 65] وَقَالَ جَلَّ جَلَالُهُ: {أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا} [النساء: 139] وَقَالَ جَلَّتْ عَظَمَتُهُ خَبَرًا عَنْ إِبْلِيسَ: {فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} [ص: 82] الجزء: 1 ¦ الصفحة: 328 255 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , ثنا أَبُو الْحُسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَخْتَوَيْهِ , أنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زِيَادٍ , ثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ , ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ , ثنا مَعْبَدُ بْنُ هِلَالٍ الْعَنَزِيُّ , قَالَ: انْطَلَقْنَا إِلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ فِي دُخُولِهِمْ عَلَيْهِ وَسُؤَالِهِمْ إِيَّاهُ حَدِيثَ الشَّفَاعَةِ , ثُمَّ دُخُولِهِمْ عَلَى الْحَسَنِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ قَالَ الْحَسَنُ: لَقَدْ حَدَّثَنِي مُنْذُ عِشْرِينَ سَنَةً وَلَقَدْ تَرَكَ شَيْئًا مَا نَدْرِي أَنَسِيَ أَوْ [ص: 329] كَرِهَ أَنْ يُحَدِّثَكُمْ فَتَتَّكِلُوا قُلْنَا: وَمَا هُوَ؟ قَالَ: حَدَّثَنَا كَمَا حَدَّثَكُمْ قَالَ: يَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ثُمَّ أَقُومُ فِي الرَّابِعَةِ فَأَحْمَدُهُ بِتِلْكَ الْمَحَامِدِ ثُمَّ أَخِرُّ سَاجِدًا فَيُقَالُ لِي: ارْفَعْ رَأْسَكَ وَقُلْ يُسْمَعْ لَكَ , وَسَلْ تُعْطَ , وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ , فَأَقُولُ: ائْذَنْ لِي فِيمَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ؟ فَيُقَالُ: لَيْسَ ذَلِكَ أَوَلَيْسَ ذَلِكَ إِلَيْكَ , وَعِزَّتِي وَكِبْرِيَائِي وَعَظَمَتِي لَأُخْرِجَنَّ مِنْهَا مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ الحديث: 255 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 328 256 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أنا أَبُو أَحْمَدَ الْحَافِظُ , أنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنِي أَبُو يَحْيَى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ , أنا أَبُو مَعْمَرٍ الْبَصْرِيُّ , ثنا عَبْدُ الْوَارِثِ , عَنْ حُسَيْنٍ , حَدَّثَنِي ابْنُ بُرَيْدَةَ , حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ يَعْمَرَ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: " اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ وَبِكَ آمَنْتُ وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ , وَبِكَ خَاصَمْتُ أَعُوذُ بِعِزَّتِكَ , لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ أَنْ تُضِلَّنِي أَنْتَ الْحَيُّ الَّذِي لَا يَمُوتُ , وَالْجِنُّ وَالْإِنْسُ يَمُوتُونَ: رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ حَجَّاجِ بْنِ الشَّاعِرِ عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ الحديث: 256 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 329 257 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الرُّوذْبَارِيُّ , أنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ , ثنا أَبُو دَاوُدَ , ثنا عَبْدُ اللَّهِ الْقَعْنَبِيُّ , عَنْ مَالِكٍ , عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُصَيْفَةَ , قَالَ: إِنَّ عَمْرَو بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ السُّلَمِيَّ أَخْبَرَهُ، أَنَّ نَافِعَ بْنَ جُبَيْرٍ أَخْبَرَهُ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ عُثْمَانُ وَبِي وَجَعٌ قَدْ كَادَ يُهْلِكُنِي قَالَ: فَقَالَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " امْسَحْهُ بِيَمِينِكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ وَقُلْ: أَعُوذُ بِعِزَّةِ اللَّهِ وَقُدْرَتِهِ مِنْ شَرِّ مَا أَجِدُ قَالَ: فَفَعَلْتُ ذَلِكَ فَأَذْهَبَ اللَّهُ مَا كَانَ بِي , فَلَمْ أَزَلْ آمُرُ بِهِ أَهْلِي وَغَيْرَهَمْ الحديث: 257 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 329 258 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ , أنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْقَطَّانُ , أنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَارِثِ الْبَغْدَادِيُّ , ثنا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ , ثنا زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ , عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُصَيْفَةَ , عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ اللَّهِ , عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ , عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ الثَّقَفِيِّ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِي وَجَعٌ قَدْ كَادَ أَنْ يُبْطِلَنِي , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اجْعَلْ يَدَكَ الْيُمْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قُلْ: بِسْمِ اللَّهِ أَعُوذُ بِعِزَّةِ اللَّهِ وَقُدْرَتِهِ مِنْ شَرِّ مَا أَجِدُ , سَبْعَ مَرَّاتٍ " فَفَعَلْتُ ذَلِكَ فَشَفَانِيَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الحديث: 258 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 330 259 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْقَطِيعِيُّ , ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ , حَدَّثَنِي أَبِي , حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّزَّاقِ , قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ , عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " بَيْنَا أَيُّوبُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَغْتَسِلُ عُرْيَانًا خَرَّ عَلَيْهِ جَرَادٌ مِنْ ذَهَبٍ فَجَعَلَ أَيُّوبُ يَحْثِي فِي ثَوْبِهِ، فَنَادَاهُ رَبُّهُ: يَا أَيُّوبُ، أَلَمْ أَكُنْ أَغْنَيْتُكَ عَمَّا تَرَى؟ قَالَ: بَلَى وَعِزَّتِكَ، وَلَكِنْ لَا غِنَى لِي عَنْ بَرَكَتِكَ " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ نَصْرٍ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ الحديث: 259 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 330 260 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَتْحِ هِلَالُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْحَفَّارُ بِبَغْدَادَ , أنا الْحُسَيْنُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَيَّاشٍ الْقَطَّانُ , ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي الْحَارِثِ , ثنا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ , ثنا زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ , عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ , عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ , عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِنَّ أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلَةً رَجُلٌ يُخَالِفُ اللَّهُ تَعَالَى وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ قِبَلَ الْجَنَّةِ وَمَثَّلَ لَهُ شَجَرَةً ذَاتَ ظِلٍّ فَقَالَ: أَيْ رَبِّ قَدِّمْنِي إِلَى هَذِهِ الشَّجَرَةِ: أَكُونُ فِي ظِلِّهَا , قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ: هَلْ عَسَيْتَ إِنْ فَعَلْتَ أَنْ تَسْأَلَ غَيْرَهُ؟ قَالَ: لَا وَعِزَّتِكَ , فَيُقَدِّمُهُ اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهَا , وَمَثَّلَ لَهُ شَجَرَةً ذَاتَ ظِلٍّ وَثَمَرٍ فَقَالَ: أَيْ رَبِّ قَدِّمْنِي إِلَى هَذِهِ الشَّجَرَةِ أَكُونُ فِي ظِلِّهَا وَآكُلُ مِنْ ثَمَرِهَا , قَالَ اللَّهُ: هَلْ عَسَيْتَ إِنْ أَعْطَيْتُكَ ذَلِكَ أَنْ تَسْأَلَنِي غَيْرَهُ؟ قَالَ: لَا وَعِزَّتِكَ , فَيُقَدِّمُهُ اللَّهُ إِلَيْهَا فَيُمَثِّلُ لَهُ شَجَرَةً أُخْرَى ذَاتَ ظِلٍّ وَثَمَرٍ وَمَاءٍ فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ قَدِّمْنِي إِلَى هَذِهِ الشَّجَرَةِ أَكُونُ فِي ظِلِّهَا وَآكُلُ مِنْ ثَمَرِهَا وَأَشْرَبُ مِنْ مَائِهَا , فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: هَلْ عَسَيْتَ إِنْ فَعَلْتَ أَنْ تَسْأَلَنِي غَيْرَهُ؟ فَيَقُولُ: لَا وَعِزَّتِكَ لَا أَسْأَلَنَّكَ غَيْرَهُ , فَيُقَدِّمُهُ اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهَا , فَيُبْرِزُ لَهُ بَابَ الْجَنَّةِ فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ قَدِّمْنِي إِلَى الْجَنَّةِ فَأَكُونَ بِحَافَّتَيِ الْجَنَّةِ فَأَنْظُرَ إِلَيْهَا فَيُقَدِّمُهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْهَا , فَيَرَى أَهْلَ الْجَنَّةِ وَمَا فِيهَا , فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ أَدْخِلْنِي الْجَنَّةَ , فَيُدْخِلُهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْجَنَّةَ , فَإِذَا دَخَلَ الْجَنَّةَ , قَالَ: هَذَا لِي؟ فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: تَمَنَّ , فَيُذَكِّرُهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ سَلْ مِنْ كَذَا وَكَذَا , حَتَّى إِذَا انْقَطَعَتْ بِهِ الْأَمَانِيُّ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هُوَ لَكَ وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ , قَالَ: ثُمَّ يُدْخُلُ الْجَنَّةَ فَيَدْخُلُ عَلَيْهِ زَوْجَتَاهُ مِنَ الْحُورِ الْعَيْنِ [ص: 332] فَيَقُولَانِ لَهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَحْيَاكَ لَنَا وَأَحْيَانَا لَكَ , قَالَ: فَيَقُولُ: مَا أُعْطِيَ أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُعْطِيتُ , قَالَ: وَأَدْنَى أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا مَنْ يُنْعَلُ نَعْلَيْنِ - يَعْنِي مِنْ نَارٍ - يَغْلِي دِمَاغُهُ مِنْ حَرَارَةِ نَعْلَيْهِ " 261 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ , أنا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ , ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ , وَيَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ , قَالَا: ثنا يَحْيَى بْنُ أَبِي بَكْرٍ , بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَأَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الحديث: 260 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 331 262 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُقْرِئُ , أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ الْإِسْفِرَايِينِيُّ , ثنا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ الْقَاضِي , ثنا أَبُو الرَّبِيعِ , ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو , عَنْ أَبِي سَلَمَةَ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " دَعَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فَأَرْسَلَهُ إِلَى الْجَنَّةِ فَقَالَ: انْظُرْ إِلَيْهَا وَمَا أَعْدَدْتُ لِأَهْلِهَا , فَرَجَعَ فَقَالَ: وَعِزَّتِكَ لَا يَسْمَعُ بِهَا أَحَدٌ إِلَّا دَخَلَهَا , فَحُفَّتْ [ص: 333] بِالْمَكَارِهِ فَقَالَ: ارْجِعْ إِلَيْهَا فَانْظُرْ إِلَيْهَا فَرَجَعَ فَقَالَ: وَعِزَّتِكَ لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ لَا يَدْخُلَهَا أَحَدٌ ثُمَّ أَرْسَلَهُ إِلَى النَّارِ فَقَالَ: اذْهَبْ إِلَى النَّارِ فَانْظُرْ إِلَيْهَا وَمَا أَعْدَدْتُ لِأَهْلِهَا , فَرَجَعَ وَقَالَ: وَعِزَّتِكَ لَا يَدْخُلُهَا أَحَدٌ يَسْمَعُ بِهَا , فَحُفَّتْ بِالشَّهَوَاتِ فَقَالَ: عُدْ إِلَيْهَا فَانْظُرْ إِلَيْهَا , فَرَجَعَ فَقَالَ: وَعِزَّتِكَ لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ لَا يَبْقَى أَحَدٌ إِلَّا دَخَلَهَا " الحديث: 262 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 332 263 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ بِبَغْدَادَ , أنا أَبُو سَهْلِ بْنُ زِيَادٍ الْقَطَّانُ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْحُنَيْنِيُّ , ثنا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ , ثنا أبي ثنا الْأَعْمَشُ , ثنا أَبُو إِسْحَاقَ , عَنْ أَبِي مُسْلِمٍ الْأَغَرِّ , أَنَّهُ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ , وَأَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا , قَالَا: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْعِزُّ إِزَارِي وَالْكِبْرِيَاءُ رِدَائِي فَمَنْ نَازَعَنِي فِيهِمَا عَذَّبْتُهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يُوسُفَ عَنْ عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ وَقَالَ: إِزَارُهُ رِدَاؤُهُ قُلْتُ: وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنَّهُمَا صِفَتَانِ لَهُ , يُقَالُ: اتَّزَرَ فُلَانٌ بِالصَّلَاحِ وَارْتَدَى بِالْوَرَعِ , عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ اتَّصَفَ بِهِمَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ الحديث: 263 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 333 264 - أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ , أنا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ , ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ , ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ , ثنا زُهَيْرٌ , ثنا سَعْدٌ الطَّائِيُّ , عَنْ أَبِي مُدِلَّةَ , أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " ثَلَاثَةٌ لَا تُرَدُّ دَعْوَتُهُمُ: الْإِمَامُ الْعَادِلُ وَالصَّائِمُ حَتَّى يُفْطِرَ , وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ تُحْمَلُ عَلَى الْغَمَامِ , وَيُفْتَحُ لَهَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَيَقُولُ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ: وَعِزَّتِي لَأَنْصُرَنَّكِ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ " الحديث: 264 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 334 265 - أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ , أنا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ , ثنا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ , ثنا قُتَيْبَةُ , ثنا ابْنُ لَهِيعَةَ , عَنْ دَرَّاجٍ , عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ , عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِنَّ الشَّيْطَانَ قَالَ: وَعِزَّتِكَ لَا أَبْرَحُ أُغْوِي عِبَادَكَ مَا دَامَتْ أَرْوَاحُهُمْ - يَعْنِي فِي أَجْسَادِهِمْ - قَالَ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ: وَعِزَّتِي وَجَلَالِي وَارْتِفَاعِ مَكَانِي لَا أَزَالُ أَغْفِرُ لَهُمْ مَا اسْتَغْفَرُونِي " الحديث: 265 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 335 266 - أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ , أنا أَبُو عَلِيٍّ الرَّفَّاءُ , أنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ , ثنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ , ثنا يَزِيدُ بْنُ قُتَيْبَةَ الْجُرَشِيُّ , ثنا الْفَضْلُ بْنُ الْأَغَرِّ الْكِلَابِيُّ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ عَلَى أَصْحَابِهِ يَوْمًا , فَقَالَ لَهُمْ: «هَلْ تَدْرُونَ مَا يَقُولُ رَبُّكُمْ عَزَّ وَجَلَّ؟» , قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ , قَالَهَا: ثَلَاثًا , قَالَ: «قَالَ عَزَّ وَجَلَّ وَعِزَّتِي لَا يُصَلِّيِهَا عَبْدٌ لِوَقْتِهَا إِلَّا أَدْخَلْتُهُ الْجَنَّةَ , وَمَنْ صَلَّى لِغَيْرِ وَقْتِهَا إِنْ شِئْتُ رَحِمْتُهُ وَإِنْ شِئْتُ عَذَّبْتُهُ» الحديث: 266 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 336 267 - أَخْبَرَنَا الشَّرِيفُ أَبُو الْفَتْحِ , أنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي شُرَيْحٍ , ثنا أَبُو الْقَاسِمِ الْبَغَوِيُّ , ثنا شَيْبَانُ , ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ , عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ , حَدَّثَنِي مَوْلًى لِأَبِي مَسْعُودٍ قَالَ: دَخَلَ أَبُو مَسْعُودٍ عَلَى حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَقَالَ: اعْهَدْ إِلَيَّ فَقَالَ لَهُ: أَلَمْ يَأْتِكَ الْيَقِينُ؟ قَالَ: بَلَى وَعِزَّةِ رَبِّي , قَالَ: فَاعْلَمْ أَنَّ الضَّلَالَةَ حَقَّ الضَّلَالَةِ أَنْ تَعْرِفَ مَا كُنْتَ تُنْكِرُ , وَأَنْ تُنْكِرَ مَا كُنْتَ تَعْرِفُ وَإِيَّاكَ وَالتَّلَوُّنَ فَإِنَّ دِينَ اللَّهِ وَاحِدٌ. قُلْتُ: الْعِزَّةُ إِنْ كَانَتْ بِمَعْنَى الشِّدَّةِ , وَهِيَ الْقُوَّةُ فَمَعْنَاهَا يَرْجِعُ إِلَى صِفَةِ الْقُدْرَةِ , وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَتْ بِمَعْنَى الْغَلَبَةِ فَمَعْنَاهَا يَعُودُ إِلَى الْقُدْرَةِ وَإِنْ كَانَتْ بِمَعْنَى نَفَاسَةِ الْقَدْرِ فَإِنَّهَا تَرْجِعُ إِلَى اسْتِحْقَاقِ الذَّاتِ تِلْكَ الْعِزَّةُ الحديث: 267 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 337 بَابُ مَا جَاءَ فِي الْجَلَالِ وَالْجَبَرُوتِ وَالْكِبْرِيَاءِ وَالْعَظَمَةِ وَالْمَجْدِ وَهَذِهِ صِفَاتٌ يَسْتَحِقُّهَا بِذَاتِهِ , قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} [الرحمن: 27] وَقَالَ جَلَّ وَعَلَا: {تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} [الرحمن: 78] وَقَالَ جَلَّ جَلَالُهُ: {وَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [الجاثية: 37] وَقَالَ تَعَالَى: {الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ} [الحشر: 23] , وَقَالَ جَلَّتْ عَظَمَتُهُ: {وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} [البقرة: 255] وَقَالَ جَلَّتْ قُدْرَتُهُ: {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} [الواقعة: 74] وَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ} [هود: 73] الجزء: 1 ¦ الصفحة: 338 268 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحِ بْنِ هَانِئٍ , ثنا الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَضْلِ الْبَجَلِيُّ , ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ , ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ , ثنا مَعْبَدُ بْنُ هِلَالٍ الْعَنَزِيُّ , عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ , عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ [ص: 339] قَالَ: " ثُمَّ أَعُودُ الرَّابِعَةَ فَأَحْمَدُهُ بِتِلْكَ الْمَحَامِدِ , ثُمَّ أَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا فَيُقَالُ لِي: يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ وَقُلْ يُسْمَعُ لَكَ , وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ فَأَقُولُ: يَا رَبِّ فِيمَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ , فَيَقُولُ: وَعِزَّتِي وَجَلَالِي وَعَظَمَتِي لَأُخْرِجَنَّ مِنْهَا مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ «رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ عَنْ حَمَّادٍ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ فِي الْحَدِيثِ» وَعِزَّتِي وَكِبْرِيَائِي وَعَظَمَتِي " كَمَا سَبَقَ ذِكْرُهُ الحديث: 268 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 338 269 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ الْعَدْلُ , بِبَغْدَادَ , أنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ , ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ , أنا عَاصِمٌ , عَنْ أَبِي الْوَلِيدِ , عَنْ عَائِشَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْلِسُ بَعْدَ الصَّلَاةِ إِلَّا قَدْرَ مَا يَقُولُ: «اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ وَمِنْكَ السَّلَامُ تَبَارَكْتَ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ» أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ , وَخَالِدٍ الْحَذَّاءِ , وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ ثَوْبَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الحديث: 269 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 339 270 - أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ , أنا أَبُو الْقَاسِمِ سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ [ص: 340] الطَّبَرَانِيُّ , ثنا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ , ثنا الْفِرْيَابِيُّ ح , قَالَ سُلَيْمَانُ: وَحَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ , ثنا قَبِيصَةُ , أنا سُفْيَانُ , عَنْ سَعِيدٍ الْجُرَيْرِيِّ , عَنْ أَبِي الْوَرْدِ بْنِ ثُمَامَةَ , عَنِ اللَّجْلَاجِ , عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ مَرَّ بِرَجُلٍ وَهُوَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الصَّبْرَ , فَقَالَ: «سَأَلْتَ اللَّهَ الْبَلَاءَ فَاسْأَلْهُ الْعَافِيَةَ» وَمَرَّ بِرَجُلٍ وَهُوَ يَقُولُ: يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ , فَقَالَ: «قَدِ اسْتُجِيبَ لَكَ» وَمَرَّ بِرَجُلٍ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ تَمَامَ النِّعْمَةِ , فَقَالَ: «أَتَدْرِي مَا تَمَامُ النِّعْمَةِ؟» , فَقَالَ: دَعْوَةٌ دَعَوْتُ بِهَا أَرْجُو بِهَا الْخَيْرَ , قَالَ: «فَإِنَّ تَمَامَ النِّعْمَةِ الْفَوْزُ بِالنَّجَاةِ مِنَ النَّارِ وَدُخُولَ الْجَنَّةِ» الحديث: 270 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 339 271 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّفَّارُ , ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي الدُّنْيَا , حَدَّثَنِي أَبُو عَلِيٍّ , أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمَوْصِلِيُّ , ثنا خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ , عَنْ حَفْصٍ ابْنِ أَخِي , أَنَسٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَلْقَةٍ وَرَجُلٌ قَائِمٌ يُصَلِّي , فَلَمَّا رَكَعَ وَسَجَدَ تَشَهَّدَ وَدَعَا فَقَالَ فِي دُعَائِهِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنَّ لَكَ الْحَمْدُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ الْمَنَّانُ بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ , يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَقَدْ دَعَا اللَّهَ بِاسْمِهِ الْأَعْظَمِ الَّذِي إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ وَإِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى» الحديث: 271 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 340 272 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُقْرِئُ , أَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ , ثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ , ثنا مُسَدَّدٌ , ثنا مُعْتَمِرٌ , قَالَ: سَمِعْتُ دَاوُدَ الطُّفَاوِيُّ , [ص: 341] يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي مُسْلِمٍ الْبَجَلِيِّ , عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي دُبُرِ صَلَاةِ الْغَدَاةِ أَوْ فِي دُبُرِ الْصَّلَاةٍ: «اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ أَنَا شَهِيدٌ أَنَّكَ أَنْتَ الرَّبُّ وَحْدَكَ لَا شَرِيكَ لَكَ , اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ أَنَا شَهِيدٌ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ , اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ أَنَا شَهِيدٌ أَنَّ الْعِبَادَ كُلَّهُمْ إِخْوَةٌ , اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ اجْعَلْنِي مُخْلِصًا لَكَ وَأَهْلِي فِي كُلِّ سَاعَةٍ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ , ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ , اسْمَعْ وَاسْتَجِبْ , اللَّهُ أَكْبَرُ الْأَكْبَرُ , اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ , اللَّهُ أَكْبَرُ الْأَكْبَرُ حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ , اللَّهُ أَكْبَرُ الْأَكْبَرُ» الحديث: 272 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 340 273 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْمَعْرُوفِ الْفَقِيهُ , ثنا أَبُو سَهْلٍ بِشْرُ بْنُ أَحْمَدَ , ثنا دَاوُدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْبَيْهَقِيُّ , ثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ , عَنْ مَالِكٍ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ [ص: 342] الرَّحْمَنِ بْنِ مَعْمَرٍ , عَنْ أَبِي الْحُبَابِ , سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ , أَيْنَ الْمُتَحَابُّونَ بِجَلَالِي , الْيَوْمَ أُظِلُّهُمْ فِي ظِلِّي يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلِّي» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ قُتَيْبَةَ بْنِ سَعِيدٍ الحديث: 273 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 341 274 - أَخْبَرَنَا أَبُو صَادِقٍ الْعَطَّارُ , وَمُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ الْفَضْلِ , قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ , ثنا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ , ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ , أنا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ , حَدَّثَنِي عَمْرُو , عَنْ مِحْصَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْفِهْرِيُّ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِذَا سَأَلَ أَحَدُكُمْ رَبَّهُ مَسْأَلَةً فَتَعَرَّفَ الِاسْتِجَابَةَ فَلْيَقُلِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي بِعِزَّتِهِ وَجَلَالِهِ تَتِمُّ الصَّالِحَاتُ , وَمَنْ أَبْطَأَ عَنْهُ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ فَلْيَقُلِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ " الحديث: 274 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 342 275 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُقْرِئُ , أنا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ , ثنا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ , ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ , عَنْ أَبِي عِيسَى الطَّحَّانِ , حَدَّثَنِي عَوْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ , عَنْ أَخِيهِ أَوْ عَنْ أَبِيهِ , عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ , [ص: 344] رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ الَّذِينَ تَذْكُرُونَ مِنْ جَلَالِ اللَّهِ وَتَهْلِيلِهِ وَتَكْبِيرِهِ وَتَسْبِيحِهِ يَنْعَطِفْنَ حَوْلَ الْعَرْشِ لَهُنَّ دَوِيُّ كَدَوِيِّ النَّحْلِ يُذَكِّرْنَ بِصَاحِبِهِنَّ , فَمَا يُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَكُونَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى مُذَكِّرٌ يُذَكِّرُ بِهِ» الحديث: 275 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 343 276 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الرُّوذْبَارِيُّ , أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ , ثنا أَبُو دَاوُدَ , ثنا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ , ثنا ابْنُ وَهْبٍ , حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ , عَنْ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ , عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ , عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْأَجْشَعِيِّ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قُمْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةً فَقَامَ فَقَرَأَ سُورَةَ الْبَقَرَةِ لَا يَمُرُّ بِآيَةِ رَحْمَةٍ إِلَّا وَقَفَ فَسَأَلَ , وَلَا يَمُرُّ بِآيَةِ عَذَابٍ إِلَّا وَقَفَ فَتَعَوَّذَ , قَالَ: ثُمَّ رَكَعَ بِقَدْرِ قِيَامِهِ يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ: «سُبْحَانَ ذِي الْجَبَرُوتِ وَالْمَلَكُوتِ وَالْكِبْرِيَاءِ وَالْعَظَمَةِ» , ثُمَّ سَجَدَ بِقَدْرِ قِيَامِهِ ثُمَّ قَالَ فِي سُجُودِهِ مِثْلَ ذَلِكَ , ثُمَّ قَامَ فَقَرَأَ بِآلِ عِمْرَانَ ثُمَّ قَرَأَ سُورَةً سُورَةً " الحديث: 276 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 344 277 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ , أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ , ثنا أَبُو دَاوُدَ , ثنا أَبُو [ص: 345] الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ , وَعَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ , قَالَا: ثنا شُعْبَةُ , ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الْمُقْرِئُ , أنا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ , ثنا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ , أنا عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ , أنا شُعْبَةُ , عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ , عَنْ أَبِي حَمْزَةَ , مَوْلَى الْأَنْصَارِ عَنْ رَجُلٍ , مِنْ بَنِي عَبْسٍ عَنْ حُذَيْفَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ فَكَانَ يَقُولُ: «اللَّهُ أَكْبَرُ ثَلَاثًا , سُبْحَانَ ذِي الْمَلَكُوتِ وَالْجَبَرُوتِ وَالْكِبْرِيَاءِ وَالْعَظَمَةِ» وَذَكَرَ الْحَدِيثَ لَفْظُ حَدِيثِ الرُّوذْبَارِيِّ وَفِي رِوَايَةِ الْمُقْرِئِ: أَنَّهُ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَعْنِي صَلَاةَ اللَّيْلِ - فَلَمَّا كَبَّرَ قَالَ: «اللَّهُ أَكْبَرُ ذُو الْمَلَكُوتِ وَالْجَبَرُوتِ وَالْكِبْرِيَاءِ وَالْعَظَمَةِ» الحديث: 277 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 344 278 - أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ , مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى , أنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّفَّارُ , أنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى الْبِرْتِيُّ الْقَاضِي , ثنا أَبُو نُعَيْمٍ , ثنا عُبَادَةُ بْنُ مُسْلِمٍ , حَدَّثَنِي جُبَيْرُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ جَالِسًا مَعَ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي دُعَائِهِ حِينَ يُمْسِي وَحِينَ يُصْبِحُ لَمْ يَدَعْهُ حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا - أَوْ حَتَّى مَاتَ -: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ , اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي دِينِي وَأَهْلِي وَمَالِي , اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَاتِي وَآمِنْ رَوْعَاتِي , اللَّهُمَّ احْفَظْنِي مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ وَمِنْ خَلْفِي وَعَنْ يَمِينِي وَعَنْ شِمَالِي , وَمِنْ فَوْقِي أَعُوذُ بِعِزَّتِكَ أَنْ أُغْتَالَ مِنْ تَحْتِي» قَالَ جُبَيْرٌ: وَهُوَ الْخَسْفُ , قَالَ عُبَادَةُ: فَلَا أَدْرِي قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا أَوْ قَوْلَ جُبَيْرٍ الحديث: 278 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 346 279 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ , ثنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّفَّارُ , ثنا جَعْفَرُ بْنُ أَبِي عُثْمَانَ الطَّيَالِسِيُّ , بِبَغْدَادَ , ثنا سَهْلُ بْنُ بَكَّارٍ , ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ , عَنْ قَتَادَةَ , وَعَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ , عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا يَحْكِي عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ: «الْكِبْرِيَاءُ رِدَائِي وَالْعَظَمَةُ إِزَارِي , فَمَنْ نَازَعَنِي مِنْهُمَا شَيْئًا قَصَمْتُهُ» الحديث: 279 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 347 280 - وَأَخْبَرَنَا الشَّيْخُ أَبُو بَكْرِ بْنُ فُورَكٍ , أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ , ثنا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ , ثنا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ , ثنا حَمَّادٌ , وَسَلَامٌ , عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ , عَنِ الْأَغَرِّ أَبِي مُسْلِمٍ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: الْعَظَمَةُ إِزَارِي وَالْكِبْرِيَاءُ رِدَائِي فَمَنْ نَازَعَنِي وَاحِدَةً مِنْهُمَا قَذَفْتُهُ فِي جَهَنَّمَ " الحديث: 280 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 347 281 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ , ثنا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شَاكِرٍ , ثنا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ , ثنا أَبِي , ثنا الْأَعْمَشُ , عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ , عَنْ أَبِي مُسْلِمٍ الْأَغَرِّ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , وَأَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَا: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: الْعِزُّ إِزَارِي وَالْكِبْرِيَاءُ رِدَائِي , فَمَنْ نَازَعَنِي شَيْئًا مِنْهُمَا عَذَّبْتُهُ " [ص: 348] رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يُوسُفَ عَنْ عُمَرَ بْنِ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ الحديث: 281 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 347 282 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُقْرِئُ , أنا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ , ثنا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ , ثنا أَبُو الرَّبِيعِ , ثنا هُشَيْمٌ , أنا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ , عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ , عَنْ عَطَاءٍ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: " كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ قَالَ: اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ مِلْءَ السَّمَاوَاتِ وَمِلْءَ الْأَرْضِ وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ أَهْلَ الثَّنَاءِ وَالْمَجْدِ , اللَّهُمَّ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ " رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ هُشَيْمٍ الحديث: 282 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 348 جُمَّاعُ أَبْوَابِ إِثْبَاتِ صِفَةِ الْمَشِيئَةِ وَالْإِرَادَةِ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَكِلْتَاهُمَا عِبَارَتَانِ عَنْ مَعْنًى وَاحِدٍ , وَكَانَ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ رَحِمَهُ اللَّهُ يَقُولُ: مِنْ أَسَامِي صِفَاتِ الذَّاتِ مَا يَعُودُ إِلَى الْإِرَادَةِ مِنْهَا: الرَّحْمَنُ وَهُوَ الْمُرِيدُ لَرِزْقِ كُلِّ حَيٍّ فِي دَارِ الْبَلْوَى وَالِامْتِحَانِ وَمِنْهَا «الرَّحِيمُ» وَذَلِكَ الْمُرِيدُ لِإِنْعَامِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَمِنْهَا «الْغَفَّارُ» وَهُوَ الْمُرِيدُ لِإِزَالَةِ الْعُقُوبَةِ بَعْدَ الِاسْتِحْقَاقِ وَمِنْهَا «الْوَدُودُ» وَهُوَ الْمُرِيدُ لِلْإِحْسَانِ إِلَى أَهْلِ الْوَلَايَةِ وَمِنْهَا «الْعَفُوُّ» وَهُوَ الْمُرِيدُ لِتَسْهِيلِ الْأُمُورِ عَلَى أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ وَمِنْهَا «الرَّؤُوفُ» وَهُوَ الْمُرِيدُ لِلتَّخْفِيفِ عَنِ الْعِبَادِ وَمِنْهَا «الصَّبُورُ» وَهُوَ الْمُرِيدُ لِتَأْخِيرِ الْعُقُوبَةِ وَمِنْهَا «الْحَلِيمُ» وَهُوَ الْمُرِيدُ لِإِسْقَاطَ الْعُقُوبَةِ فِي الْأَصْلِ عَنِ الْمَعْصِيَةِ وَمِنْهَا «الْكَرِيمُ» وَهُوَ الْمُرِيدُ لِتَكْثِيرِ الْخَيْرَاتِ عِنْدَ الْمُحْتَاجِ وَمِنْهَا «الْبَرُّ» وَهُوَ الْمُرِيدُ لِإِعْزَازِ أَهْلِ الْوَلَايَةِ وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ ذَهَبَ إِلَى هَذِهِ الْأَسَامِيَ مِنْ صِفَاتِ الْفِعْلِ وَمَعْنَاهَا الْفَاعِلُ لِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 349 بَابُ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ} [الحج: 5] وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ} [فاطر: 1] وَقَوْلِهِ جَلَّ وَعَلَا: {فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ} [الانفطار: 8] وَقَوْلِهِ جَلَّتْ عَظَمَتُهُ: {يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ} [الشورى: 50] وَقَوْلِهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ} [العنكبوت: 62] وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ} [النور: 35] وَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ} [القصص: 68] الجزء: 1 ¦ الصفحة: 350 283 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْحَافِظُ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مِهْرَانَ , ثنا أَبُو طَاهِرٍ , ثنا ابْنُ وَهْبٍ , قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ , عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ الْمَكِّيِّ , قَالَ: إِنَّ عَامِرَ بْنَ وَاثِلَةَ حَدَّثَه أَنَّه سَمِعَ [ص: 351] عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: الشَّقِيُّ مَنْ شَقِيَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ , وَالسَّعِيدُ مَنْ وُعِظَ بِغَيْرِهِ , فَأَتَاهُ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَالُ لَهُ: حُذَيْفَةُ بْنُ أَسِيدٍ الْغِفَارِيُّ , فَحَدَّثَهُ بِذَلِكَ مِنْ قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: وَكَيْفَ يَشْقَى رَجُلٌ بِغَيْرِ عَمَلٍ؟ فَقَالَ الرَّجُلُ: أَتَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ؟ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " إِذَا مَرَّ بِالنُّطْفَةِ ثِنْتَانِ وَأَرْبَعُونَ لَيْلَةً بَعَثَ اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهَا مَلَكًا فَصَوَّرَهَا وَخَلَقَ سَمْعَهَا وَبَصَرَهَا وَجِلْدَهَا وَلَحْمَهَا وَعِظَامَهَا , ثُمَّ قَالَ: يَا رَبِّ أَذَكَرٌ أَمْ أُنْثَى؟ فَيَقْضِي رَبُّكَ مَا شَاءَ وَيَكْتُبُ الْمَلَكُ , ثُمَّ يَقُولُ: يَا رَبِّ أَجَلُهُ , فَيَقُولُ رَبُّكَ مَا شَاءَ وَيَكْتُبُ الْمَلَكُ , فَيَقُولُ: يَا رَبِّ رِزْقُهُ , فَيَقْضِي رَبُّكَ مَا شَاءَ وَيَكْتُبُ الْمَلَكُ ثُمَّ يَخْرُجُ الْمَلَكُ بِالصَّحِيفَةِ فِي يَدِهِ فَلَا يَزِيدُ عَلَى أَمْرٍ وَلَا يَنْقُصُ " رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي الطَّاهِرِ وَرَوَاهُ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَزَادَ فِيهِ: " فَقَالَ: يَا رَبِّ شَقِيُّ أَمْ سَعِيدٌ؟ فَيَقْضِي رَبُّكَ مَا شَاءَ وَيَكْتُبُ الْمَلَكُ " الحديث: 283 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 350 284 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ , أنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ , ثنا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ , وَأَبُو النُّعْمَانِ , قَالَا: ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ , ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ , عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَكَّلَ بِالرَّحِمِ مَلَكًا يَقُولُ: أَيْ رَبِّ نُطْفَةٌ , أَيْ رَبِّ عَلَقَةٌ , أَيْ رَبِّ مُضْغَةٌ , فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَقْضِيَ خَلْقَهَا قَالَ: أَيْ رَبِّ أَذَكَرٌ أَمْ أُنْثَى؟ أَشَقِيُّ أَمْ سَعِيدٌ؟ فَمَا الرِّزْقُ؟ فَمَا الْأَجَلُ؟ فَيَكْتُبُ كَذَلِكَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي النُّعْمَانِ وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي كَامِلٍ عَنْ حَمَّادٍ الحديث: 284 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 351 285 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ , بِبَغْدَادَ , أنا أَبُو جَعْفَرٍ , مُحَمَّدُ بْنِ عَمْرٍو الرَّزَّازُ ثنا أَبُو إِسْمَاعِيلَ , مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ السُّلَمِيُّ , ثنا أَبُو صَالِحٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ , ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ , عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ , حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا الْوَدَّاكِ جَبْرَ بْنَ نَوْفٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْعَزْلِ فَقَالَ: «مَا مِنْ كُلِّ الْمَاءِ يَكُونُ الْوَلَدُ , وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى خَلْقَ شَيْءٍ لَمْ يَمْنَعْهُ شَيْءٌ» أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ الحديث: 285 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 352 بَابُ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءُ اللَّهُ} قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءُ اللَّهُ} وَقَوْلِهِ جَلَّ وَعَلَا: {وَمَا يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءُ اللَّهُ} [المدثر: 56] وَقَوْلِهِ جَلَّتْ عَظَمَتُهُ: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدَهِمْ} [البقرة: 253] وَقَوْلِهِ جَلَّتْ قُدْرَتُهُ: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ} [البقرة: 253] وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ} [الأنعام: 112] وَقَوْلِهِ: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا فَعَلُوهُ} [الأنعام: 137] وَقَوْلِهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلَا أَدْرَاكُمْ بِهِ} [يونس: 16] الجزء: 1 ¦ الصفحة: 353 286 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْعَلَوِيُّ , ثنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْقَطَّانُ , ثنا أَبُو الْأَزْهَرِ , أَحْمَدُ بْنُ الْأَزْهَرِ , ثنا أَبُو أُسَامَةَ , عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ , عَنْ جَدِّهِ أَبِي بُرْدَةَ , عَنْ أَبِي مُوسَى , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اشْفَعُوا إِلَيَّ فَلْتُؤْجَرُوا وَلْيَقْضِ اللَّهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ مَا شَاءَ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي [ص: 354] الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي كُرَيْبٍ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ بُرَيْدٍ وَقَالَ فِيهِ: «مَا أَحَبَّ» وَمَعْنَاهُ مَا أَرَادَ الحديث: 286 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 353 287 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الرُّوذْبَارِيُّ , أنا أَبُو أَحْمَدَ الْقَاسِمُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ الْهَمَذَانِيُّ , ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحُسَيْنِ , ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ , حَدَّثَنِي أَخِي , عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَتِيقٍ , عَنِ ابْنِ شِهَابٍ , عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ , قَالَ: إِنَّ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ أَخْبَرَهُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَرَقَهُ وَفَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَقَالَ لَهُمْ: «أَلَا تُصَلُّونَ؟» قَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّمَا أَنْفُسُنَا بِيَدِ اللَّهِ تَعَالَى , فَإِذَا شَاءَ أَنْ يَبْعَثَنَا بَعَثَنَا , فَانْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قُلْتُ لَهُ ذَلِكَ , وَلَمْ يَرْجِعْ إِلَيَّ شَيْئًا , وَهُوَ مُدْبِرٌ يَضْرِبُ فَخِذَهُ وَيَقُولُ: { «وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا» } [الكهف: 54] رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ الحديث: 287 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 354 288 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ , أنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ , ثنا شُجَاعُ بْنُ مَخْلَدٍ , ثنا هُشَيْمٌ , عَنْ حُصَيْنٍ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ , عَنْ أَبِيهِ , فِي حَدِيثِ الْمِيضَأَةِ قَالَ: فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَبَضَ أَرْوَاحَكُمْ حِينَ شَاءَ , وَرَدَّهَا حِينَ شَاءَ , فَقَضَوْا حَوَائِجَهُمْ فَتَوَضَّئُوا إِلَى أَنِ ابْيَضَّتْ - يَعْنِي الشَّمْسَ - ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَّامِ عَنْ هُشَيْمٍ الحديث: 288 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 355 289 - أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ , أنا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ , ثنا أَبُو مُسْلِمٍ , وَعُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ الضَّبِّيُّ , لَفْظُ أَبِي مُسْلِمٍ قَالَا: ثنا عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ , أنا الْمَسْعُودِيُّ , عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ , عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَلْقَمَةَ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ هُوَ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: لَمَّا رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ نَزَلَ مَنْزِلًا فَعَرَّسَ فِيهِ فَقَالَ: «مَنْ يَحْرُسُنَا؟» فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: أَنَا أَنَا , فَقَالَ: «أَنْتَ؟» مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا , يَعْنِي أَنَّكَ [ص: 356] تَنَامُ ثُمَّ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَنْتَ لَهَا , فَحَرَسْتُ فَلَمَّا كَانَ فِي وَجْهِ الصُّبْحِ أَدْرَكَنِي مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنِمْتُ فَلَمْ نَسْتَيْقِظْ إِلَّا بِحَرِّ الشَّمْسِ عَلَى ظُهُورِنَا , فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَنَعَ كَمَا كَانَ يَصْنَعُ , ثُمَّ صَلَّى الصُّبْحَ , ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَوْ شَاءَ لَمْ تَنَامُوا عَنْهَا , وَلَكِنْ أَرَادَ أَنْ تَكُونَ لِمَنْ بَعْدَكُمْ , فَهَكَذَا» أَيْ لِمَنْ نَامَ أَوْ نَسِيَ الحديث: 289 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 355 290 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ النَّجَّارِ الْمُقْرِئُ بِالْكُوفَةِ أنا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دُحَيْمٍ الشَّيْبَانِيُّ , ثنا أَحْمَدُ بْنُ حَازِمٍ , ثنا عَمْرُو بْنُ حَمَّادٍ , عَنْ أَسْبَاطٍ , عَنْ سِمَاكٍ , عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ فَقَالَ الْقَوْمُ: عَرِّسْ بِنَا , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ يُوقِظُنَا؟» , فَقُلْتُ: أَنَا أَحْرُسُكُمْ فَأُوقِظُكُمْ , فَنِمْتُ وَنَامُوا , فَمَا اسْتَيْقَظْنَا إِلَّا بِحَرِّ الشَّمْسِ فِي رُؤُوسِنَا , وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ آخِرِنَا , فَقَامَ فَتَوَضَّأَ وَالْقَوْمُ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ صَلَّى الْفَجْرَ وَزَعَمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَلَاءِ بْنِ خَبَّابٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ حِينَ اسْتَيْقَظَ: «لَوْ شَاءَ اللَّهُ أَيْقَظَنَا وَلَكِنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ لِمَنْ بَعْدَكُمْ» الحديث: 290 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 357 291 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُقْرِئُ , أنا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ , أنا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ الْقَاضِي , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ , ثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ , عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ , عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشِ , عَنْ حُذَيْفَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: رَأَى رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِي النَّوْمِ أَنَّهُ لَقِيَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فَقَالَ: نِعْمَ الْقَوْمُ أَنْتُمْ لَوْلَا أَنَّكُمْ [ص: 358] تُشْرِكُونَ , تَقُولُونَ: مَا شَاءَ اللَّهُ وَمُحَمَّدٌ , فَذَكَرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: " إِنِّي كُنْتُ لَأَكْرَهُهَا لَكُمْ , قُولُوا: مَا شَاءَ اللَّهُ , ثُمَّ شَاءَ فُلَانٌ " الحديث: 291 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 357 292 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , ثنا عَلِيُّ بْنُ حَمْشَاذٍ الْعَدْلُ إِمْلَاءً ثنا [ص: 359] مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ , ثنا جَنْدَلُ بْنُ وَالِقٍ , ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو , عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ , عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشِ , عَنِ الطُّفَيْلِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ , وَكَانَ أَخَا عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا لِأُمِّهَا أَنَّهُ رَأَى فِيمَا يَرَى النَّائِمُ أَنَّهُ لَقِيَ رَهْطًا مِنَ النَّصَارَى فَقَالَ: نِعْمَ الْقَوْمُ أَنْتُمْ لَوْلَا أَنَّكُمْ تَزْعُمُونَ أَنَّ الْمَسِيحَ ابْنُ اللَّهِ قَالَ: وَأَنْتُمُ الْقَوْمُ لَوْلَا أَنَّكُمْ تَقُولُونَ: مَا شَاءَ اللَّهُ وَشَاءَ مُحَمَّدٌ , ثُمَّ لَقِيَ رَهْطًا مِنَ الْيَهُودِ فَقَالَ: أَنْتُمُ الْقَوْمُ لَوْلَا أَنَّكُمْ تَزْعُمُونَ أَنَّ عُزَيْرًا ابْنُ اللَّهِ قَالَ: وَأَنْتُمْ قَوْمٌ تَقُولُونَ: مَا شَاءَ اللَّهُ وَشَاءَ مُحَمَّدٌ , قَالَ: فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَصَّهَا عَلَيْهِ فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «حَدَّثْتَ بِهَا أَحَدًا بَعْدُ؟» فَقَالَ: نَعَمْ , فَحَمِدَ اللَّهَ تَعَالَى وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: " إِنَّ أَخَاكُمْ قَدْ رَأَى مَا بَلَغَكُمْ فَلَا تَقُولُوهَا , وَلَكِنْ قُولُوا: مَا شَاءَ اللَّهُ وَحْدَهُ لَا [ص: 364] شَرِيكَ لَهُ «تَابَعَهُ شُعْبَةُ وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ هَكَذَا وَفِي رِوَايَةِ شُعْبَةَ» وَلَكِنْ قُولُوا: مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ شَاءَ مُحَمَّدٌ " وَقِيلَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدِيثُ شُعْبَةَ أَصَحُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُيَيْنَةَ الحديث: 292 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 358 293 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ يُوسُفَ , وَأَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَا: أنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ يَعْقُوبَ , أنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ , أنا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ ح , وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ [ص: 365] الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ شَاذَانَ , بِبَغْدَادَ , أنا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَبَّاسِ , ثنا عَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ , ثنا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ , أنا الْأَجْلَحُ , عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكَلِّمُهُ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ فَقَالَ الرَّجُلُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا شَاءَ اللَّهُ وَشِئْتَ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَجَعَلْتَنِي لِلَّهِ عَدْلًا؟ بَلْ شَاءَ اللَّهُ وَحْدَهُ» الحديث: 293 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 364 294 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الرُّوذْبَارِيُّ , أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ , ثنا أَبُو دَاوُدَ , ثنا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ , ثنا شُعْبَةُ , عَنْ مَنْصُورٍ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَسَارٍ , عَنْ حُذَيْفَةَ، [ص: 366] رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " لَا تَقُولُوا مَا شَاءَ اللَّهُ وَشَاءَ فُلَانٌ وَلَكِنْ قُولُوا: مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ شَاءَ فُلَانٌ " الحديث: 294 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 365 295 - أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو , ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ , أنا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ , قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: الْمَشِيئَةُ إِرَادَةُ اللَّهِ تَعَالَى , قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءُ اللَّهُ} فَأَعْلَمَ اللَّهُ تَعَالَى خَلْقَهُ أَنَّ الْمَشِيئَةَ لَهُ دُونَ خَلْقِهِ , وَأَنَّ مَشِيئَتَهُمْ لَا تَكُونُ إِلَّا أَنْ يَشَاءُ اللَّهُ " , فَيُقَالُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ شِئْتَ , وَلَا يُقَالُ: مَا شَاءَ اللَّهُ وَشِئْتَ قَالَ: وَيُقَالُ مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولُهُ , فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى تَعَبَّدَ الْعِبَادَ بِأَنْ فَرَضَ طَاعَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَإِذَا أُطِيعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَدْ أُطِيعُ اللَّهُ تَعَالَى بِطَاعَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الحديث: 295 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 366 296 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ , أنا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ مَزَيْدٍ , قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي , ثنا الْأَوْزَاعِيُّ , قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَهُودِيُّ فَسَأَلَهُ عَنِ الْمَشِيئَةِ , فَقَالَ: «الْمَشِيئَةُ لِلَّهِ تَعَالَى» , قَالَ: فَإِنِّي أَشَاءُ أَنْ أَقُومَ , قَالَ: قَدْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَقُومَ " , قَالَ: فَإِنِّي أَشَاءُ أَنْ أَقْعُدَ , قَالَ: «فَقَدْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَقْعُدَ» , قَالَ: فَإِنِّي أَشَاءُ أَنْ أَقْطَعَ هَذِهِ النَّخْلَةَ قَالَ: فَقَدْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَقْطَعَهَا " قَالَ: فَإِنِّي أَشَاءُ أَنْ أَتْرُكَهَا قَالَ: «فَقَدْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَتْرُكَهَا» قَالَ: فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ الْصَّلَاةُ وَالْسَّلَامُ , فَقَالَ: لُقِّنْتَ حُجَّتَكَ كَمَا لُقِّنَهَا إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ: وَنَزَلَ الْقُرْآنُ فَقَالَ: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلْيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ} [الحشر: 5] قُلْتُ: هَذَا وَإِنْ كَانَ مُرْسَلًا فَمَا قَبْلَهُ مِنَ الْمَوْصُولَاتِ فِي مَعْنَاهِ يُؤَكِّدُهُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَالْعِصْمَةُ الحديث: 296 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 367 بَابُ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءُ اللَّهُ} [الأنعام: 111] قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءُ اللَّهُ} [الأنعام: 111] وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا} [السجدة: 13] وَقَوْلِهِ جَلَّ وَعَلَا: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى} [الأنعام: 35] وَقَوْلِهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا} [يونس: 99] وَقَوْلِهِ جَلَّتْ عَظَمَتُهُ: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً} [هود: 118] وَقَوْلِهِ جَلَّ وَعَلَا: {وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ} [النحل: 9] وَقَوْلِهِ جَلَّتْ عَظَمَتُهُ: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [النحل: 93] , وَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {مَنْ يَشَأِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} [إبراهيم: 4] وَقَوْلِهِ جَلَّ جَلَالُهُ: {كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} [المدثر: 31] وَقَوْلِهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {لَقَدْ أَنْزَلْنَا آيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [النور: 46] وَقَوْلِهِ جَلَّتْ قُدْرَتُهُ {وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [يونس: 25] وَقَوْلِهِ جَلَّ وَعَلَا: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} [القصص: 56] وَقَوْلِهِ جَلَّ جَلَالُهُ: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ} [الشورى: 8] وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} [الإنسان: 31] وَقَوْلِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 368 عَزَّ وَجَلَّ: {وَيُعَذِّبُ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ} [الأحزاب: 24] وَقَوْلِهِ فِيمَا قَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكَتْهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ} [الأعراف: 155] وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ} [الأعراف: 155] وَقَوْلِهِ جَلَّتْ قُدْرَتُهُ: {ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ} [الأنعام: 88] وَقَوْلِهِ جَلَّ جَلَالُهُ: {اللَّهُ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ} [آل عمران: 179] وَقَوْلِهِ جَلَّتْ عَظَمَتُهُ: {يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ} [البقرة: 105] وَقَوْلِهِ تَبَارَكَ تَعَالَى: {وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ} [البقرة: 261] وَقَوْلِهِ جَلَّ وَعَلَا: {وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ} [النور: 21] وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ} [يونس: 107] وَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {إِلَّا أَنْ يَشَاءُ اللَّهُ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ} [يوسف: 76] وَقَوْلِهِ جَلَّ جَلَالُهُ: {وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ} [آل عمران: 13] وَقَوْلِهِ جَلَّتْ عَظَمَتُهُ: {يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ} [الروم: 5] وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ} [المائدة: 54] , وَقَوْلِهِ جَلَّ وَعَلَا: {وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ} [الحديد: 29] وَقَوْلِهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ} [غافر: 15] وَقَوْلِهِ جَلَّ جَلَالُهُ: {وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ} [إبراهيم: 11] وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ} [يوسف: 110] , وَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَمَّنْ يَشَاءُ} وَقَوْلِهِ جَلَّ وَعَلَا: {فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ} [الروم: 48] وَقَوْلِهِ جَلَّتْ عَظَمَتُهُ: {فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ} [الروم: 48] وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَوْ نَشَاءُ لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ} [يس: 66] وَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَوْ نَشَاءُ لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَى مَكَانَتِهِمْ} [يس: 67] وَقَوْلِهِ جَلَّ وَعَلَا: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ} [البقرة: 20] وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ} [البقرة: 220] وَقَوْلِهِ جَلَّتْ عَظَمَتُهُ: {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ} [الرعد: 39] وَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 369 تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ} [آل عمران: 26] وَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ} [التوبة: 28] وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ} [البقرة: 212] وَقَوْلِهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ} [البقرة: 251] وَقَوْلِهِ جَلَّ جَلَالُهُ: {وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ} [البقرة: 255] وَقَوْلِهِ جَلَّ وَعَلَا: {يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ} [البقرة: 269] وَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ} [يوسف: 100] وَقَوْلِهِ جَلَّتْ عَظَمَتُهُ: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ} [الإسراء: 18] وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ} [الشورى: 27] وَقَوْلِهِ جَلَّتْ قُدْرَتُهُ: {إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ} [الشورى: 33] وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلًا} [الإنسان: 28] وَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ مَا يَشَاءُ} [الأنعام: 133] وَقَوْلِهِ جَلَّ وَعَلَا: {وَنُفِخَ فِي الصُّوَرِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ} [الزمر: 68] وَقَوْلِهِ جَلَّتْ عَظَمَتُهُ: {ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ} [عبس: 22] وَقَوْلِهِ جَلَّ جَلَالُهُ {وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ} [الشورى: 29] وَقَوْلِهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} [هود: 107] الجزء: 1 ¦ الصفحة: 370 297 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أَخْبَرَنِي أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ قَرْقُوبٍ التَّمَّارُ بِهَمَذَانَ , ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحُسَيْنِ , ثَنَا أَبُو الْيَمَانِ , أنا شُعَيْبٌ , عَنِ الزُّهْرِيِّ , قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ: " لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا طَالِبٍ الْوَفَاةُ جَاءَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَجَدَ عِنْدَهُ أَبَا جَهْلٍ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أُمَيَّةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي [ص: 371] طَالِبٍ: «أَيْ عَمِّ قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ كَلِمَةً أُحَاجَّ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللَّهِ» , فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ: أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ؟ فَلَمْ يَزَلِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْرِضُهَا عَلَيْهِ وَيُعِيدَانِهِ بِتِلْكَ الْمَقَالَةِ حَتَّى قَالَ أَبُو طَالِبٍ آخِرَ مَا كَلَّمَهُمْ هُوَ عَلَى مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَأَبَى أَنْ يَقُولَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ , فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَمَا وَاللَّهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ مَا لَمْ أُنْهَ عَنْكَ» فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} [التوبة: 113] فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِي أَبِي طَالِبٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} [القصص: 56] رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي الْيَمَانِ , وَأَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ مَعْمَرٍ وَغَيْرِهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ الحديث: 297 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 370 298 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , وَأَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ , وَأَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو , قَالُوا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ , أنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ , ثنا الْمُقْرِئُ , حَدَّثَنَا حَيْوَةُ , أنا أَبُو هَانِئٍ , أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيَّ , يَقُولُ: أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَقُولُ: إِنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ قُلُوبَ بَنِي آدَمَ كُلَّهَا بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنْ [ص: 372] جَلَّ جَلَالُهُ كَقَلْبٍ وَاحِدٍ يُصَرِّفُهَا كَيْفَ يَشَاءُ» ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ يَا مُصَرِّفَ الْقُلُوبِ صَرِّفْ قُلُوبَنَا عَلَى طَاعَتِكَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ وَابْنِ نُمَيْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْمُقْرِئِ الحديث: 298 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 371 299 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَأَبُو طَاهِرٍ وَأَبُو زَكَرِيَّا وَأَبُو سَعِيدٍ قَالُوا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ , أنا مُحَمَّدٌ , ثنا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ , عَنِ ابْنِ جَابِرٍ , قَالَ: سَمِعْتُ بُسْرَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ , قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيَّ , يَقُولُ سَمِعْتُ النَّوَّاسَ بْنَ سَمْعَانَ الْكِلَابِيَّ , قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَا مِنْ قَلْبٍ إِلَّا بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ إِنْ شَاءَ أَقَامَهُ وَإِنْ شَاءَ أَزَاغَهُ» وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قُلُوبَنَا عَلَى دِينِكَ وَالْمِيزَانُ بِيَدِ الرَّحْمَنِ يَرْفَعُ أَقْوَامًا وَيَضَعُ آخَرِينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» الحديث: 299 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 372 300 - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ فُورَكٍ الْإِمَامُ , أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ , ثنا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ , ثنا أَبُو دَاوُدَ , ثنا ابْنُ سَعْدٍ , عَنِ الزُّهْرِيِّ ح , وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّفَّارُ إِمْلَاءً ثنا أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ مَهْدِيِّ بْنِ رُسْتُمَ صَاحِبُ أَبِي عُبَيْدٍ ثنا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ: أَخْبَرَنِي شُعَيْبٌ , عَنِ الزُّهْرِيِّ , قَالَ: أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ , أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ قَائِمٌ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ: " أَلَا إِنَّمَا بَقَاؤُكُمْ فِيمَا سَلَفَ مِنَ الْأُمَمِ قَبْلَكُمْ كَمَا بَيْنَ صَلَاةِ الْعَصْرِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ أُعْطِيَ أَهْلَ التَّوْرَاةِ التَّوْرَاةَ فَعَمِلُوا بِهَا حَتَّى انْتَصَفَ النَّهَارُ , ثُمَّ عَجَزُوا فَأُعْطُوا قِيرَاطًا قِيرَاطًا , وَأُعْطِيَ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ الْإِنْجِيلَ فَعَمِلُوا بِهَا حَتَّى صَلَاةِ الْعَصْرِ ثُمَّ عَجَزُوا فَأُعْطُوا قِيرَاطًا قِيرَاطًا، ثُمَّ أُعْطِيتُمُ الْقُرْآنَ فَعَمِلْتُمْ بِهِ [ص: 374] حَتَّى غُرُوبِ الشَّمْسِ فَأُعْطِيتم قِيرَاطَيْنِ قِيرَاطَيْنِ , فَقَالَ أَهْلُ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ رَبَّنَا هَؤُلَاءِ أَقَلُّ عَمَلًا وَأَكْثَرُ أَجْرًا , فَقَالَ: هَلْ ظَلَمْتُكُمْ مِنْ أَجْرِكُمْ مِنْ شَيْءٍ؟ فَقَالُوا: لَا فَقَالَ: فَضْلِي أُوتِيهِ مَنْ أَشَاءُ " لَفْظُ حَدِيثِ شُعَيْبٍ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي الْيَمَانِ وَعَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْأَوْسِيِّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ الحديث: 300 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 373 301 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ , أنا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ , ثنا خَلَفُ بْنُ عَمْرٍو الْعُكْبَرِيُّ , ثنا مُعَافَى بْنُ سُلَيْمَانَ , ثنا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ , عَنْ هِلَالِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أُسَامَةَ الْعَامِرِيِّ , وَهُوَ ابْنُ أَبِي مَيْمُونَةَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَثَلُ الْمُؤْمِنِ مَثَلُ خَامَةِ الزَّرْعِ مِنْ حَيْثُ أَتَتْهَا الرِّيحُ كَفَأَتْهَا , فَإِذَا سَكَنَتِ اعْتَدَلَتْ , قَالَ: وَكَذَلِكَ الْمُؤْمِنُ يُكْفَأُ بِالْبَلَاءِ , وَمَثَلُ الْكَافِرِ [ص: 375] كَمَثَلِ الْأَرْزَةِ صَمَّاءَ مُعْتَدِلَةً حَتَّى يَقْصِمَهَا اللَّهُ إِذَا شَاءَ " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ فُلَيْحٍ الحديث: 301 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 374 302 - أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ , أنا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ , ثنا إِسْمَاعِيلُ الْقَاضِي , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ , ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ , ثنا خَالِدٌ , عَنْ عِكْرِمَةَ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَهُوَ فِي قُبَّةٍ يَوْمَ بَدْرٍ: «اللَّهُمَّ إِنْ شِئْتَ لَمْ تُعْبَدْ بَعْدَ الْيَوْمِ» فَأَخَذَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِيَدِهِ فَقَالَ: حَسْبُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَدْ أَلْحَحْتَ عَلَى رَبِّكَ يَعْنِي فِي الدُّعَاءِ فَخَرَجَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقُولُ: {" سَيُهْزَمُ [ص: 376] الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ} [القمر: 46] بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيِّ الحديث: 302 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 375 303 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أنا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْقَطِيعِيُّ , ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ , ثنا أَبِي , ثنا عَبْدُ الصَّمَدِ , ثنا دَاوُدُ بْنُ أَبِي الْفُرَاتِ , ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ , عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ , عَنْ عَائِشَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الطَّاعُونِ فَأَخْبَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ «كَانَ عَذَابًا يَبْعَثُهُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ , فَجَعَلَهُ رَحْمَةً لِلْمُؤْمِنِينَ , فَلَيْسَ مِنْ رَجُلٍ يَقَعُ بِهِ الطَّاعُونُ فَيَمْكُثُ فِي بَيْتِهِ صَابِرًا مُحْتَسِبًا يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يُصِيبُهُ إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ إِلَّا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ الشَّهِيدِ» أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ دَاوُدَ الحديث: 303 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 376 304 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , وَمُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ الْفَضْلِ , قَالَا: أنا أَبُو مُحَمَّدٍ , أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيُّ , أنا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى , ثنا أَبُو الْيَمَانِ , أَخْبَرَنِي شُعَيْبٌ , عَنِ الزُّهْرِيِّ , قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ , قَالَا: إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: اسْتَبَّ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَرَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ فَقَالَ الْمُسْلِمُ: وَالَّذِي اصْطَفَى مُحَمَّدًا عَلَى الْعَالَمِينَ , فِي قَسَمٍ يُقْسِمُ بِهِ , وَقَالَ الْيَهُودِيُّ: وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى عَلَى الْعَالَمِينَ , فَرَفَعَ الْمُسْلِمُ عِنْدَ ذَلِكَ يَدَهُ فَلَطَمَ الْيَهُودِيَّ , فَذَهَبَ الْيَهُودِيُّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ بِالَّذِي كَانَ مِنْ أَمْرِهِ وَأَمْرِ الْمُسْلِمِ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تُخَيِّرُونِي عَلَى مُوسَى فَإِنَّ النَّاسَ يُصْعَقُونَ فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يُفِيقُ فَإِذَا مُوسَى بَاطِشٌ بِجَانِبِ الْعَرْشِ فَلَا أَدْرِي أَكَانَ فِيمَنْ صَعِقَ فَأَفَاقَ قَبْلِي أَمْ كَانَ مِمَّنِ اسْتَثْنَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي الْيَمَانِ , وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي الْيَمَانِ الحديث: 304 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 377 305 - حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ دَاوُدَ الْعَلَوِيُّ إِمْلَاءً أنا أَبُو الْقَاسِمِ , عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ بَالَوَيْهِ الْمُزَكِّي , ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ السُّلَمِيُّ , ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ , أنا مَعْمَرٌ , عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ , قَالَ: هَذَا مَا حَدَّثَنَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لَا يَقُلِ ابْنُ آدَمَ يَا خَيْبَةَ الدَّهْرِ , فَإِنِّي أَنَا الدَّهْرُ , أُرْسِلُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ , فَإِذَا شِئْتُ قَبَضْتُهُمَا» قَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي رِوَايَةِ حَرْمَلَةَ: تَأْوِيلُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ الْعَرَبَ كَانَ شَأْنُهَا تَذُمُّ الدَّهْرَ وَتَسُبُّهُ عِنْدَ الْمَصَائِبِ الَّتِي تَنْزِلُ بِهِمْ مِنْ مَوْتٍ , أَوْ هَدْمٍ أَوْ تَلَفٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ , فَيَقُولُونَ إِنَّمَا يُهْلِكُنَا الدَّهْرُ وَهُوَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ , فَيَقُولُونَ: أَصَابَتْهُمْ قَوَارِعُ الدَّهْرِ , وَأَبَادَهُمُ الدَّهْرُ , فَيَجْعَلُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ اللَّذَانِ يَفْعَلَانِ ذَلِكَ فَيَذُمُّونَ الدَّهْرَ بِأَنَّهُ الَّذِي يُفْنِينا وَيَفْعَلُ بِنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَسُبُّوا الدَّهْرَ عَلَى أَنَّهُ يُفْنِيكُمْ وَالَّذِي يَفْعَلُ بِكُمُ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ , فَإِنَّكُمْ إِذَا سَبَبْتُمْ فَاعِلَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ فَإِنَّمَا تَسُبُّونَ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى , فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فَاعِلُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ» الحديث: 305 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 378 306 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ , بِبَغْدَادَ أنا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمِصْرِيُّ , ثنا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ , ثنا جَدِّي , سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ , ثنا [ص: 379] عِيسَى بْنُ مُوسَى بْنِ إِيَاسِ بْنِ الْبُكَيْرِ , قَالَ: إِنَّ صَفْوَانَ بْنَ سُلَيْمٍ حَدَّثَهُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «اطْلُبُوا الْخَيْرَ دَهْرَكُمْ كُلَّهُ وَتَعَرَّضُوا لِنَفَحَاتِ رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى , فَإِنَّ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ نَفَحَاتٍ مِنْ رَحْمَتِهِ يُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَسَلُوا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَسْتُرَ عَوْرَاتِكُمْ وَيُؤَمِّنَ رَوْعَاتِكُمْ» الحديث: 306 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 378 307 - أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ , أنا أَبُو الْحَسَنِ الطَّرَائِفِيُّ , ثنا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ , ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ , عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ , عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي قَوْلِهِ: يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ يُبَدِّلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ مِنَ الْقُرْآنِ فَيَنْسَخُهُ وَيُثْبِتُ مَا يَشَاءُ وَلَا يُبَدِّلُهُ {وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ} [الرعد: 39] يَقُولُ: جُمْلَةُ ذَلِكَ عِنْدَهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ وَمَا يُبَدَّلُ وَمَا يُثْبِتُ كُلَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ الحديث: 307 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 381 308 - أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ , أنا أَبُو الْحَسَنِ الطَّرَائِفِيُّ , ثنا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ , ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ , عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ , عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي قَوْلِهِ: {وَلَوْ نَشَاءَ لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ} [يس: 66] يَقُولُ: أَضْلَلْنَاهُمْ عَنِ الْهُدَى فَكَيْفَ يَهْتَدُونَ؟ وَقَالَ مُرَّةُ: أَعْمَيْنَاهُمْ عَنِ الْهُدَى الحديث: 308 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 381 بَابُ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ} [النساء: 26] قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ} [النساء: 26] وَقَوْلِهِ: {وَالْلَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ} [النساء: 27] وَقَوْلِهِ: {وَأَنَّ اللَّهَ يَهْدِي مِنُ يُرِيدُ} [الحج: 16] وَقَوْلِهِ: {إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ} [المائدة: 1] وَقَوْلِهِ: {يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ} [النساء: 28] وَقَوْلِهِ: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 185] وَقَوْلِهِ: {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [المائدة: 6] وَقَوْلِهِ: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ} [الأنعام: 125] وَقَوْلِهِ: {وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ} [المائدة: 41] وَقَوْلِهِ: {قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} [المائدة: 17] وَقَوْلِهِ: {وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ} [الرعد: 11] وَقَوْلِهِ: {وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا} [الإسراء: 16] وَقَوْلِهِ خَبَرًا عَنِ الْجِنِّ: {وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا} [الجن: 10] , وَقَوْلِهِ: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ} [الإسراء: 18] وَقَوْلِهِ: {فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ} [الكهف: 82] وَقَوْلِهِ: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزاب: 33] , وَقَوْلِهِ: {فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ} الجزء: 1 ¦ الصفحة: 382 [المائدة: 49] , وَقَوْلِهِ: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمُ بِهَا فِي الدُّنْيَا} [التوبة: 85] , وَقَوْلِهِ: {إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ} [هود: 34] , وَقَوْلِهِ: {قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً} [الأحزاب: 17] وَقَوْلِهِ: {قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتِ رَحْمَتِهِ} [الزمر: 38] وَقَوْلِهِ: {وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ} [يس: 20] إِلَى قَوْلِهِ: {إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لَا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنْقِذُونِ} [يس: 23] الجزء: 1 ¦ الصفحة: 383 309 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَحْمَدَ , أنا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ , ثنا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى , أنا ابْنُ وَهْبٍ , أَخْبَرَنِي يُونُسُ , عَنِ ابْنِ شِهَابٍ , قَالَ: حَدَّثَنِي حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ , قَالَ: سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ , وَهُوَ خَطِيبٌ يَقُولُ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ , وَإِنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ وَيُعْطِي اللَّهُ» وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ حَرْمَلَةَ وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عُفَيْرٍ وَغَيْرِهِ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ الحديث: 309 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 383 310 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ الْأَصْبَهَانِيُّ , أنا أَبُو سَعِيدٍ بْنِ الْأَعْرَابِيِّ , حَدَّثَنَا سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ , ثنا سُفْيَانُ , عَنِ الزُّهْرِيِّ , سَمِعَ عُرْوَةَ , يُحَدِّثُ عَنْ كُرْزِ بْنِ عَلْقَمَةَ الْخُزَاعِيِّ , قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هَلْ لِلْإِسْلَامِ مُنْتَهًى؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيُّمَا أَهْلُ بَيْتٍ مِنَ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ أَرَادَ اللَّهُ بِهِمْ خَيْرًا أَدْخَلَ عَلَيْهِمُ الْإِسْلَامَ» فَقَالَ: ثُمَّ مَاذَا؟ , قَالَ: «ثُمَّ تَقَعُ الْفِتَنُ كَأَنَّهَا الظُّلَلُ» , قَالَ الرَّجُلُ: كَلَّا وَاللَّهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ , قَالَ: «بَلَى , وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتَعُودُنَّ فِيهَا أَسَاوِدَ صُبًّا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ» قَالَ الزُّهْرِيُّ: أَسَاوِدَ صُبًّا: الْحَيَّةُ السَّوْدَاءُ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنْهَشَ ارْتَفَعَ هَكَذَا ثُمَّ انْصَبَّ الحديث: 310 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 384 311 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ , ثنا الْحَسَنُ بْنُ مُكْرَمٍ , ثنا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ , ثنا مَالِكٌ , عَنِ ابْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ , عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُصِبْ مِنْهُ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ عَنْ مَالِكٍ الحديث: 311 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 385 312 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ , عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْإِيَادِيُّ الْمَالِكِيُّ بِبَغْدَادَ بِانْتِخَابِ أَبِي الْقَاسِمِ الطَّبَرِيِّ , قَالَ: أنا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ خَلَّادٍ النَّصِيبِيُّ , ثنا عُبَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ , ثنا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ , أنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ , قَالَ: أَخْبَرَنِي حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ , أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ خَيْرًا اسْتَعْمَلَهُ» قَالَ: وَكَيْفَ يَسْتَعْمِلُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ , قَالَ: «يُوَفِّقُهُ لِعَمَلٍ صَالِحٍ قَبْلَ الْمَوْتِ» الحديث: 312 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 386 313 - حَدَّثَنَا الْإِمَامُ أَبُو الطِّيبِ , سَهْلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ , ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ يُوسُفَ الْأَصَمُّ , ثنا أَبُو أُمَيَّةَ , مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الطَّرَسُوسِيُّ , ثنا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ , ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ , عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَمِقِ - كَعِلْمٍ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدِ خَيْرًا عَمَّلَهُ» , قَالُوا: وَكَيْفَ يُعَمِّلُهُ؟ , قَالَ: «يَهْدِيهِ لِعَمَلٍ صَالِحٍ حَتَّى يَقْبِضَهُ عَلَيْهِ» تَابَعَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ الحديث: 313 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 387 314 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ , أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ , ثنا أَبُو دَاوُدَ , ثنا مُوسَى بْنُ عَامِرٍ , ثنا الْوَلِيدُ ح , وَأَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْمَالِينِيُّ , أنا أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيٍّ الْحَافِظُ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ عَبْدُوسٍ , ثنا مُوسَى بْنُ أَيُّوبَ النَّصِيبِيُّ , ثنا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ , ثنا زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عَائِشَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِالْأَمِيرِ خَيْرًا جَعَلَ لَهُ وَزِيرَ صِدْقٍ , إِنْ نَسِيَ ذَكَّرَهُ وَإِنْ ذَكَرَ أَعَانَهُ , وَإِذَا أَرَادَ بِهِ غَيْرَ ذَلِكَ جَعَلَ لَهُ وَزِيرَ سُوءٍ إِنْ نَسِيَ لَمْ يُذَكِّرْهُ وَإِنْ ذَكَرَ لَمْ يُعِنْهُ» الحديث: 314 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 389 315 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيُّ , ثنا عَفَّانُ , حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ح , وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْهَاشِمِيُّ بِبَغْدَادَ , ثنا أَبُو جَعْفَرٍ , مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو الرَّزَّازُ , ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُلَاعِبِ بْنِ حَيَّانَ , ثنا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ , عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ أنا يُونُسُ , عَنِ الْحَسَنِ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ , قَالَ: إِنَّ رَجُلًا لَقِيَ امْرَأَةً كَانَتْ بَغِيًّا فِي الْجَاهِلِيَّةِ قَالَ: فَجَعَلَ يُلَاعِبُهَا [ص: 391] حَتَّى بَسَطَ يَدَهُ إِلَيْهَا , فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ: مَهْ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ ذَهَبَ بِالشِّرْكِ وَجَاءَ بِالْإِسْلَامِ فَوَلَّى الرَّجُلُ فَأَصَابَ وَجْهَهُ الْحَائِطُ , فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ: «أَنْتَ عَبْدٌ أَرَادَ اللَّهُ بِكَ خَيْرًا , إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِذَا أَرَادَ بِعَبْدٍ خَيْرًا عَجَّلَ لَهُ عُقُوبَةَ ذَنْبِهِ , وَإِذَا أَرَادَ بِعَبْدٍ شَرًّا أَمْسَكَ عَلَيْهِ بِذَنْبِهِ حَتَّى يُوَافِيَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُ عِيرٌ» الحديث: 315 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 390 316 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ زَيْدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي هَاشِمٍ الْعَلَوِيُّ بِالْكُوفَةِ , أنا أَبُو جَعْفَرٍ , مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دُحَيْمٍ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي حُنَيْنٍ , ثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ , ثنا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ , عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ , عَنْ سَعْدِ بْنِ سِنَانٍ [ص: 392] , عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدِهِ الْخَيْرَ عَجَّلَ لَهُ الْعُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا , وَإِذَا أَرَادَ بِعَبْدِهِ الشَّرَّ أَمْسَكَ عَنْهُ بِذَنْبِهِ حَتَّى يُوَافِيَهُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» الحديث: 316 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 391 317 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْحَرْبِيُّ , بِبَغْدَادَ , ثنا أَبُو سَعِيدٍ , أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُثْمَانَ النَّيْسَابُورِيُّ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ الْأرْغِيَانِيُّ , ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ , ثنا أَبُو أُسَامَةَ , ثنا بُرَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ , عَنْ أَبِي بُرْدَةَ , عَنْ أَبِي مُوسَى , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ [ص: 393] رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِذَا أَرَادَ رَحْمَةَ أُمَّةٍ مِنْ عِبَادِهِ قَبَضَ نَبِيِّهَا قَبْلَهَا فَجَعَلَهُ لَهَا سَلَفًا وَفَرَطًا , وَإِذَا أَرَادَ هَلَاكَ أُمَّةٍ عَذَّبَهَا وَنَبِيُّهَا حَيٌّ , فَأَقَرَّ عَيْنَهُ بِهَلَكَتِهَا حِينَ كَذَّبُوهُ وَعَصَوْا أَمْرَهُ» أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ فَقَالَ: حُدِّثْتُ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الحديث: 317 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 392 318 - أَخْبَرَنَا الْأُسْتَاذُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ فُورَكٍ , أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ , ثنا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ , ثنا أَبُو دَاوُدَ , ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ , عَنْ أَيُّوبَ , عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ [ص: 394] الْهُذَلِيُّ , عَنْ أَبِي عَزَّةَ الْهُذَلِيِّ , أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِذَا أَرَادَ قَبْضَ عَبْدٍ بِأَرْضٍ جَعَلَ لَهُ بِهَا حَاجَةً» 319 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , سَمِعْتُ بَكْرَ بْنَ مُحَمَّدٍ الصَّيْرَفِيُّ , يَقُولُ: سَمِعْتُ إِسْمَاعِيلَ بْنَ إِسْحَاقَ , يَقُولُ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ الْمَدِينِيِّ يَقُولُ: أَبُو عَزَّةَ اسْمُهُ يَسَارُ بْنُ عَبْدٍ , هُذَلِيٌّ لَهُ صُحْبَةٌ الحديث: 318 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 393 320 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , ثنا أَبُو عَلِيِّ الْحُسَيْنِ بْنُ عَلِيٍّ الْحَافِظُ , أنا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ , ثنا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى , أنا ابْنُ وَهْبٍ , قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ , عَنِ ابْنِ شِهَابٍ , أَخْبَرَنِي حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: إِنَّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ عَذَابًا أَصَابَ مَنْ كَانَ فِيهِمْ ثُمَّ بَعَثَهُمْ عَلَى أَعْمَالِهِمْ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ حَرْمَلَةَ بْنِ يَحْيَى الحديث: 320 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 395 321 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ , أنا الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَيُّوبَ الطُّوسِيُّ , أنا أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ , ثنا أَبُو تَوْبَةَ , ثنا حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ , ثنا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عَائِشَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِأَهْلِ بَيْتٍ خَيْرًا أَدْخَلَ عَلَيْهِمُ الرِّفْقَ فِي الْمَعَاشِ» الحديث: 321 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 395 322 - أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ , أنا أَبُو طَاهِرٍ الْمُحَمَّدْ أَبَاذِيُّ , ثنا أَبُو عِمْرَانَ مُوسَى بْنُ هَارُونَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بِبَغْدَادَ , ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّاسِ بْنِ عُثْمَانَ الشَّافِعِيُّ , ثنا أَبُو غِرَارَةَ , مُحَمَّدٌ - يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ التَّيْمِيَّ - قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي , عَنِ الْقَاسِمِ , عَنْ عَائِشَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الرِّفْقُ يُمْنٌ , وَالْخَرْقُ شُؤْمٌ , وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِأَهْلِ بَيْتٍ خَيْرًا أَدْخَلَ عَلَيْهِمُ الرِّفْقَ إِنَّ الرِّفْقَ لَمْ يَكُنْ فِي شَيْءٍ إِلَّا زَانَهُ , وَالْخَرْقَ لَمْ يَكُنْ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا شَانَهُ , وَإِنَّ الْحَيَاءَ مِنَ الْإِيمَانِ , وَإِنَّ الْإِيمَانَ فِي الْجَنَّةِ , وَلَوْ كَانَ الْحَيَاءُ رَجُلًا لَكَانَ صَالِحًا , وَإِنَّ الْفُحْشَ مِنَ الْفُجُورِ , وَإِنَّ الْفُجُورَ فِي النَّارِ , وَلَوْ كَانَ الْفُحْشُ رَجُلًا يَمْشِي فِي النَّاسِ لَكَانَ رَجُلَ سُوءٍ» الحديث: 322 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 396 323 - أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمُزَكِّي , أنا أَبُو الْحَسَنِ الطَّرَائِفِيُّ , ثنا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ , ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ , عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي قَوْلِهِ: {وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا} [المائدة: 41] يَقُولُ: مَنْ يُرِدِ اللَّهُ ضَلَالَتَهُ فَلَنْ يُغْنِيَ عَنْهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَبِإِسْنَادِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَوْلَهُ تَعَالَى: {فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيُّ عَنْكُمْ} [الزمر: 7] يَعْنِي الْكُفَّارَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ فَيَقُولُونَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ثُمَّ قَالَ: {وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ} [الزمر: 7] وَهُمْ عِبَادُهُ الصَّالِحُونَ الَّذِينَ قَالَ: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ} [الحجر: 42] , فَأَلْزَمَهُمْ شَهَادَةَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحَبَّبَهَا إِلَيْهِمْ " الحديث: 323 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 397 وَبِإِسْنَادِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا} [الإسراء: 16] يَقُولُ سَلَّطْنَا أَشْرَارَهَا فَعَصَوْا فِيهَا , وَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ أَهْلَكْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ , وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا} [الأنعام: 123] الجزء: 1 ¦ الصفحة: 398 324 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أنا أَحْمَدُ بْنُ كَامِلٍ الْقَاضِي , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ الْعَوْفِيُّ , قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي سَعْدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَطِيَّةَ , حَدَّثَنِي عَمِّي الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَطِيَّةَ , حَدَّثَنِي أَبِي , عَنْ جَدِّي , عَطِيَّةَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا} [الأنعام: 125] يَقُولُ: مَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُضِلَّهُ يُضَيِّقْ عَلَيْهِ حَتَّى يَجْعَلَ الْإِسْلَامَ عَلَيْهِ ضَيِّقًا وَالْإِسْلَامُ وَاسِعٌ , وَذَلِكَ حَيْثُ يَقُولُ: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78] يَقُولُ: لَيْسَ فِي الْإِسْلَامِ مِنْ ضِيقٍ الحديث: 324 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 398 325 - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي وَأَبُو سَعِيدٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ الْفَضْلِ , قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ , ثنا أَبُو الْجَوَّابِ , ثنا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ , عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ , عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْمَدَائِنِيِّ , أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ , عَزَّ وَجَلَّ: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ} [الأنعام: 125] قَالَ: نُورٌ يُقْذَفُ بِهِ فِي الْجَوْفِ فَيَنْشَرِحُ لَهُ الصَّدْرُ وَيَنْفَسِحُ قِيلَ لَهُ: هَلْ لِذَلِكَ أَمَارَةٌ يُعْرَفُ بِهَا؟ قَالَ: نَعَمْ , إِنَابَةٌ إِلَى دَارِ الْخُلُودِ وَالتَّجَافِي عَنْ دَارِ الْغُرُورِ , وَاسْتِعْدَادٌ لِلْمَوْتِ قَبْلَ مَجِيءِ الْمَوْتِ الحديث: 325 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 399 326 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ , ثنا أَبُو مَنْصُورٍ النَّضْرَوِيُّ , حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ نَجْدَةَ , ثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ , ثنا سُفْيَانُ , عَنْ خَالِدِ بْنِ أَبِي كَرِيمَةَ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمِسْوَرِ , وَكَانَ , مِنْ وَلَدِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: تَلَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الْآيَةَ: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ} [الأنعام: 125] فَقَالُوا: فَهَلْ لِذَلِكَ عِلْمٌ يُعْرَفُ بِهِ؟ , قَالَ: «نَعَمْ إِذَا دَخَلَ النُّورُ الْقَلْبَ انْفَسَحَ وَانْشَرَحَ» , قَالُوا: فَهَلْ لِذَلِكَ عِلْمٌ يُعْرَفُ بِهِ؟ , قَالَ: «نَعَمْ الْإِنَابَةُ إِلَى دَارِ الْخُلُودِ وَالتَّجَافِي عَنْ دَارِ الْغُرُورِ وَالِاسْتِعْدَادُ لِلْمَوْتِ قَبْلَ نُزُولِ الْمَوْتِ» هَذَا مُنْقَطِعٌ الحديث: 326 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 400 327 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ دَاوُدَ الْعَلَوِيُّ , أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الشَّرْقِيُّ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ , ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ , ثنا عُمَرُ بْنُ ذَرٍّ , قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: لَوْ أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ لَا يُعْصَى لَمْ يَخْلُقْ إِبْلِيسَ وَقَدْ تَبَيَّنَ ذَلِكَ فِي آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَفَصَّلَهَا , عَلَمِهَا مَنْ عَلَمِهَا وَجَهِلَهَا مَنْ جَهِلَهَا {مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ} [الصافات: 163] وَقَدْ رُوِيَ فِي هَذَا خَبَرٌ مَرْفُوعٌ الحديث: 327 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 401 328 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أنا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ , أنا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ , أنا أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ , ثنا عَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ , ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ , عَنْ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ جَدِّهِ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ لَا يُعْصَى مَا خَلَقَ إِبْلِيسَ» الحديث: 328 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 402 329 - وَحَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ الْأَصْبَهَانِيُّ إِمْلَاءً أنا أَبُو عَمْرِو بْنُ مُطَهَّرٍ , ثنا أَبُو خَلِيفَةَ , أنا أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ , ثنا عَبَّادُ بْنُ عَبَّادِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ ذَرٍّ قَالَ: [ص: 403] سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ , يَقُولُ: لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ لَا يُعْصَى مَا خَلَقَ إِبْلِيسَ؟ وَحَدَّثَنِي مُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِأَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «يَا أَبَا بَكْرٍ لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ لَا يُعْصَى مَا خَلَقَ إِبْلِيسَ» الحديث: 329 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 402 بَابُ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ} [آل عمران: 129] قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ} [آل عمران: 129] , وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ} [الإسراء: 54] وَقَوْلِهِ جَلَّ وَعَلَا: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48] الجزء: 1 ¦ الصفحة: 409 330 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أَخْبَرَنِي أَبُو النَّضْرِ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْفَقِيهُ , ثنا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ , ثنا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ , ثنا سُفْيَانُ , قَالَ: الزُّهْرِيُّ , حَدَّثَنَاهُ قَالُ: أَخْبَرَنِي أَبُو إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيُّ , عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , قَالَ: كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «تُبَايعُونِي عَلَى أَنْ لَا تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا تَزْنُوا وَلَا تَسْرِقُوا الْآيَةَ فَمَنْ وَفَّى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى , وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَعُوقِبَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَسَتَرَهُ اللَّهُ فَهُوَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ [ص: 410] لَهُ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ , وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى وَغَيْرِهِ عَنْ سُفْيَانَ الحديث: 330 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 409 331 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ , أنا بِشْرُ بْنُ مُوسَى , ثنا الْحُمَيْدِيُّ , ثنا سُفْيَانُ , ثنا أَبُو الزِّنَادِ , عَنِ الْأَعْرَجِ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " احْتَجَّتِ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ فَقَالَتِ النَّارُ: يَدْخُلُنِي الْمُتَكَبِّرُونَ , وَيَدْخُلُنِي الْجَبَّارُونَ وَقَالَتِ الْجَنَّةُ: يَدْخُلُنِي الضُّعَفَاءُ وَيَدْخُلُنِي الْمَسَاكِينُ فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِلْجَنَّةِ: أَنْتِ رَحْمَتِي أَرْحَمُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ وَقَالَ لِلنَّارِ: أَنْتِ عَذَابِي أُعَذِّبُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ , وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْكُمَا مِلْؤُهَا " رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَرَ عَنْ سُفْيَانَ , وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ الحديث: 331 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 410 بَابُ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ} [الحج: 18] قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ} [الحج: 18] وَقَوْلِهِ جَلَّ جَلَالُهُ: {وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ} [إبراهيم: 27] وَقَوْلِهِ: {إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ} [الحج: 14] وَقَوْلِهِ {فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} [هود: 107] وَقَوْلِهِ {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [يس: 82] الجزء: 1 ¦ الصفحة: 411 332 - أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ , أنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْقَطَّانُ , ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ السُّلَمِيُّ , ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ , أنا مَعْمَرٌ , عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ , قَالَ: هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَقُلْ أَحَدُكُمُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي إِنْ شِئْتَ أَوِ ارْحَمْنِي إِنْ شِئْتَ أَوِ ارْزُقْنِي إِنْ شِئْتَ لِيَعْزِمْ مَسْأَلَتَهُ , إِنَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ لَا مُكْرِهَ لَهُ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ يَحْيَى عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ الحديث: 332 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 411 333 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , ثنا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمَوْصِلِيُّ , ثنا [ص: 412] عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ الْمَوْصِلِيُّ , ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ ح , وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أَخْبَرَنِي أَبُو عَمْرِو بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ , ثنا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ , ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ , ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ , عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ عُثْمَانَ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ , عَنِ الْأَعْرَجِ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ , وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ , احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلَا تَعْجَزْ وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ فَلَا تَقُلْ: لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا قُلْ: قَدَّرَ اللَّهُ وَمَا شَاءَ فَعَلَ , فَإِنَّ لَوْ تُفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ " رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ الحديث: 333 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 411 334 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُقْرِئُ , أنا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ [ص: 413] إِسْحَاقَ , ثنا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ , ثنا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ , قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ الثَّقَفِيَّ , يَقُولُ: حَدَّثَنِي شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ , عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ , عَنْ أَبِي ذَرٍّ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ رَبِّهِ , عَزَّ وَجَلَّ قَالَ: يَقُولُ: يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ مُذْنِبٌ إِلَّا مَنْ عَافَيْتُ , فَاسْتَغْفِرُونِي , أَغْفِرْ لَكُمْ بِقُدْرَتِي , مَنْ عَلِمَ مِنْكُمْ أَنِّي ذُو مَقْدِرَةٍ عَلَى الْمَغْفِرَةِ فَاسْتَغْفَرَنِي غَفَرْتُ لَهُ وَلَا أُبَالِي , وَكُلُّكُمْ ضَالٌّ إِلَّا مَنْ هَدَيْتُ فَسَلُونِي الْهُدَى أَهْدِكُمْ , وَكُلُّكُمْ فَقِيرٌ إِلَّا مَنْ أَغْنَيْتُ فَسَلُونِي أَرْزُقْكُمْ , يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَرَطْبَكُمْ وَيَابِسَكُمْ وَحَيَّكُمْ وَمَيِّتَكُمُ اجْتَمَعُوا عَلَى أَتْقَى قَلْبِ عَبْدٍ مِنْ عِبَادِي لَمْ يَزِدْ ذَلِكَ فِي مُلْكِي جَنَاحَ بَعُوضَةٍ وَلَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَشْقَى قَلْبِ عَبْدٍ مِنِ عِبَادِي لَمْ يَنْقُصْ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِي جَنَاحَ بَعُوضَةٍ , وَلَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَرَطْبَكُمْ وَيَابِسَكُمْ وَحَيَّكُمْ وَمَيِّتَكُمُ اجْتَمَعُوا فَسَأَلَ كُلُّ سَائِلٍ مِنْهُمْ مَا بَلَغَتْ أُمْنِيَّتُهُ أَعْطَيْتُ كُلَّ سَائِلٍ مَا سَأَلَ لَمْ يَنْقُصْ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي شَيْئًا كَمَا لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ مَرَّ عَلَى شَفَةِ الْبَحْرِ فَغَمَسَ فِيهِ إِبْرَةً ثُمَّ انْتَزَعَهَا , ذَلِكَ بِأَنِّي جَوَادٌ مَاجِدٌ أَفْعَلُ مَا أَشَاءُ , عَطَائِي كَلَامٌ , وَعَذَابِي كَلَامٌ وَإِذَا أَرَدْتُ شَيْئًا فَإِنَّمَا أَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ " الحديث: 334 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 412 335 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ , أنا الْحَسَنُ بْنُ [ص: 414] عَلِيِّ بْنِ زِيَادٍ , ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأُوَيْسِيُّ , ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ , عَنْ عِيسَى بْنِ يَزِيدَ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ انْصَرَفَ لَيْلَةً مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: فَسَمِعْتُهُ يُكْثِرُ فِي الْوِتْرِ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِكَ تَهْدِي بِهَا قَلْبِي , وَتَجْمَعُ بِهَا أَمْرِي , وَتَلُمُّ بِهَا شَعَثِي , وَتَرْفَعُ بِهَا شَاهِدِي , وَتَحْفَظُ بِهَا غَائِبِي وَتُبَيِّضُ بِهَا وَجْهِي وَتُزَكِّي بِهَا عَمَلِي , وَتُلْهِمُنِي بِهَا رُشْدِي , وَتَعْصِمُنِي بِهَا مِنْ كُلِّ سُوءٍ , اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِكَ أَنَالُ بِهَا شَرَفَ كَرَامَتِكَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ , اللَّهُمَّ ذَا الْأَمْرِ الرَّشِيدِ وَالْحَبْلِ الشَّدِيدِ , أَسْأَلُكَ الْأَمْنَ يَوْمَ الْوَعِيدِ , وَالْجَنَّةَ يَوْمَ الْخُلُودِ مَعَ الْمُقَرَّبِينَ الشُّهُودِ , إِنَّكَ رَحِيمٌ وَدُودٌ , فَعَّالٌ لِمَا تُرِيدُ» وَرُوِّينَاهُ مِنْ حَدِيثِ دَاوُدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ الحديث: 335 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 413 336 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْحَرْبِيُّ بِبَغْدَادَ ثنا أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ [ص: 415] عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَيْمَانَ , ثنا عَبَّاسٌ النَّرْسِيُّ , ثنا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ , عَنِ الْجُرَيْرِيِّ , عَنْ أَبِي نَضْرَةَ , قَالَ: يَنْتَهِي الْقُرْآنُ كُلُّهُ إِلَى: {إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} [هود: 107] " وَرَوَاهُ مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: قَالَ أَبِي حَدَّثَنَا أَبُو نَضْرَةَ عَنْ جَابِرٍ أَوْ أَبِي سَعِيدٍ , أَوْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: إِنَّهَا قَاضِيَةٌ عَلَى الْقُرْآنِ كُلِّهِ: {إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} [هود: 107] قَالَ الْمُعْتَمِرُ: قَالَ أَبِي: عَنَى عَلَى كُلِّ وَعِيدٍ فِي الْقُرْآنِ 337 - أَخْبَرَنَا الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ أَبُو عُثْمَانَ , أنا أَبُو سَعِيدٍ الرَّازِيُّ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ , أنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ , ثنا مُعْتَمِرٌ , فَذَكَرَهُ وَإِنَّمَا أَرَادَ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّهُ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ , فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَعْفُوَ عَنِ الْمُسِيءِ مَا أَوْعَدَ عَلَى إِسَاءَةٍ فَعَلَ غَيْرَ أَنَّهُ قَدْ قَيَّدَهُ فِي آيَةٍ أُخْرَى بِمَا دُونَ الْشِّرْكِ فَقَالَ: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ [ص: 416] أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48] وَهُوَ فِيمَا دُونَ الشِّرْكِ عَلَى كُلِّ وَعِيدٍ فِي الْقُرْآنِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ الحديث: 336 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 414 بَابُ مَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتُ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ} [الكهف: 39] وَقَالَ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ} [الأعراف: 188] وَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ} الجزء: 1 ¦ الصفحة: 417 338 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الصَّيْدَلَانِيُّ , أَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الرَّازِيُّ , ثنا أَبُو زُرْعَةَ عُبَيْدِ الْلَّهِ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ الرَّازِيُّ , ثنا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجَرْمِيُّ , ثنا عُمَرُ بْنُ يُونُسَ , عَنْ عِيسَى بْنِ عَوْنِ بْنِ حَفْصِ بْنِ فُرَافِصَةَ , عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ زُرَارَةَ الْأَنْصَارِيِّ , عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَى عَبْدٍ مِنِ نِعْمَةٍ مِنْ أَهْلٍ أَوْ مَالٍ أَوْ وَلَدٍ فَيَقُولُ: مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةُ إِلَّا بِاللَّهِ فَيَرَى فِيهِ آفَةً دُونَ الْمَوْتِ " [ص: 418] 339 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْحَرْبِيُّ , بِبَغْدَادَ , أَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ الْفَقِيهُ , ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الدُّنْيَا الْقُرَشِيُّ , ثنا الْحَسَنُ بْنُ الصَّبَّاحِ , ثنا عُمَرُ بْنُ يُونُسَ , ثنا عِيسَى بْنُ عَوْنٍ الْحَنَفِيُّ , فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ نَحْوَهُ الحديث: 338 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 417 340 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أَخْبَرَنِي أَبُو النَّضْرِ الْفَقِيهُ , ثنا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى , ثنا أَبُو الْيَمَانِ , أنا شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ , عَنِ الزُّهْرِيِّ , قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ , وَعَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ اللَّيْثِيُّ , أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَخْبَرَهُمَا أَنَّ النَّاسَ قَالُوا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ فَذَكَرَ حَدِيثَ الرُّؤْيَةِ وَذَكَرَ مَنْ يُوثَقُ بِعَمَلِهِ وَمَنْ يُخَرْدَلُ قَالَ: «ثُمَّ يَنْجُو إِذَا أَرَادَ اللَّهُ رَحْمَةَ مَنْ أَرَادَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ أَمَرَ الْمَلَائِكَةَ أَنْ أَخْرِجُوا مَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ تَعَالَى , فَيُخْرِجُونَهُمْ وَيَعْرِفُونَهُمْ بِأَثَرِ السُّجُودِ» وَذَكَرَ الْحَدِيثَ فِي الرَّجُلِ الَّذِي يَبْقَى بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ يَقُولُ: يَا رَبِّ اصْرِفْ وَجْهِي عَنِ النَّارِ فَإِنَّهُ قَدْ قَشَبَنِي رِيحُهَا , وَأَحْرَقَنِي ذَكَاؤُهَا , فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: فَهَلْ عَسَيْتَ إِنْ فَعَلْتُ ذَلِكَ بِكَ أَنْ تَسْأَلَ غَيْرَ ذَلِكَ؟ فَيَقُولُ: لَا وَعِزَّتِكَ , فَيُعْطِي رَبَّهُ مَا يَشَاءُ مِنْ عَهْدٍ وَمِيثَاقٍ , فَيَصْرِفُ اللَّهُ تَعَالَى وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ فَإِذَا أَقْبَلَ بِوَجْهِهِ عَلَى الْجَنَّةِ فَرَأَى بَهْجَتَهَا فَيَسْكُتُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَسْكُتَ , ثُمَّ قَالَ: يَا رَبِّ قَدِّمْنِي عِنْدَ بَابِ الْجَنَّةِ " وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَأَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحِ الحديث: 340 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 419 341 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ يُوسُفَ , أنا أَبُو سَعِيدٍ بْنِ الْأَعْرَابِيُّ , ثنا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ , ثنا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ , ثنا هِشَامُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ , عَنْ قَتَادَةَ , عَنْ أَنَسٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: إِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: فَذَكَرَ حَدِيثَ الشَّفَاعَةِ وَفِيهِ قَالَ: " فَإِذَا رَأَيْتُ رَبِّي [ص: 420] وَقَعْتُ لَهُ سَاجِدًا فَيَدَعُنِي مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَدَعَنِي , ثُمَّ يُقَالُ لِي: ارْفَعْ يَا مُحَمَّدُ , قُلْ يُسْمَعْ وَسَلْ تُعْطَ وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ " ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ وَأَعَادَ ذِكْرَ السُّجُودِ وَقَوْلُهُ: فَيَدَعُنِي مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَدَعَنِي مَرَّتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ أَخْرِجَاهُ فِي الصَّحِيحِ , وَأَخْرَجَا حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رُؤْيَاهُ: «بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُنِي عَلَى قَلِيبٍ فَنَزَعْتُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ أَنْزِعَ» وَهَذِهِ لَفْظَةٌ جَارِيَةٌ عَلَى لِسَانِ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ عَلَى أَلْسِنَةِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فَمَنْ بَعْدَهُمْ إِلَى يَوْمَنَا هَذَا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ الحديث: 341 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 419 342 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ , أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ , قَالَ: قَالَ أَبُو دَاوُدَ , ثنا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ , ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ , قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرٌو , أَنَّ سَالِمًا الْفَرَّاءَ , حَدَّثَهُ أَنَّ عَبْدَ الْحَمِيدِ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ حَدَّثَهُ أَنَّ أُمَّهُ حَدَّثَتْهُ - وَكَانَتْ تَخْدُمُ بَعْضَ بَنَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ ابْنَةَ النَّبِيِّ , صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَتْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُعَلِّمُهَا فَيَقُولُ: " قُولِي حِينَ تُصْبِحِينَ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ مَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ , وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا , وَأَنَّهُ مَنْ قَالَهَا [ص: 421] حِينَ يُصْبِحُ حُفِظَ حَتَّى يُمْسِي وَمَنْ قَالَهَا حِينَ يُمْسِي حُفِظَ حَتَّى يُصْبِحَ " الحديث: 342 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 420 343 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْخِسْرُوجَرْدِيُّ - مِنْ أَصْلِ سَمَاعِهِ - أنا أَبُو حَامِدٍ , أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْخِسْرُوجَرْدِيُّ , ثنا دَاوُدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْخِسْرُوجَرْدِيُّ , ثنا سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ , ثنا أَبُو الْمُغِيرَةِ عَبْدُ الْقُدُّوسِ , ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ , عَنْ ضَمْرَةَ بْنِ حَبِيبٍ , عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ , عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَاهُ وَأَمَرَهُ أَنْ يَتَعَاهَدَ وَيَتَعَاهَدَ بِهِ أَهْلُهُ كُلَّ يَوْمٍ قَالَ: «حِينَ يُصْبِحُ لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ , لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ فِي يَدَيْكَ وَمِنْكَ وَبِكَ وَإِلَيْكَ , اللَّهُمَّ مَا قُلْتُ مِنْ قَوْلٍ أَوْ حَلَفْتُ من حَلِفٍ أَوْ نَذَرْتُ مِنْ نَذْرٍ فَمَشِيئَتُكَ بَيْنَ يَدَيْ ذَلِكَ كُلِّهِ , مَا شِئْتَ كَانَ وَمَا لَمْ تَشَأْ لَا يَكُونُ , لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِكَ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ , اللَّهُمَّ مَا صَلَّيْتُ مِنْ صَلَاةٍ فَعَلَى مَنْ صَلَّيْتَ , وَمَا لَعَنْتُ مِنْ لَعْنٍ فَعَلَى مَنْ لَعَنْتَ , أَنْتَ وَلِيِّي فِي [ص: 422] الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ , أَسْأَلُكَ اللَّهُمَّ الرِّضَا بَعْدَ الْقَضَاءِ , وَبَرْدَ الْعَيْشِ بَعْدَ الْمَوْتِ , وَلَذَّةَ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِكَ، وشَوْقًا إِلَى لِقَائِكَ , مِنْ غَيْرِ ضَرَّاءَ مُضِرَّةٍ , وَلَا فِتْنَةٍ مُضِلَّةٍ , أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَظْلِمَ أوْ أُظْلَمَ أَوْ أَعْتَدِيَ أَوْ يُعْتَدَى عَلَيَّ , أَوْ أَكْسِبَ خَطِيئَةً أَوْ ذَنْبًا لَا تَغْفِرُهُ , اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ , فَإِنِّي أَعْهَدُ إِلَيْكَ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَأُشْهِدُكَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا أَنِّي أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ وَحْدَكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَكَ الْمُلْكُ وَلَكَ الْحَمْدُ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ , وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ , وَأَشْهَدُ أَنَّ وَعْدَكَ حَقٌّ، وَلِقَاءَكَ حَقٌّ، وَالسَّاعَةُ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا، وَأَنْتَ تَبْعَثُ مِنْ فِي الْقُبُورِ , وَأَشْهَدُ أَنَّكَ إِنْ تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي تَكِلْنِي إِلَى وَهْنٍ وَعَوْرَةٍ، وَذَنْبٍ وَخَطِيئَةٍ , وَإِنِّي لَا أَثِقُ إِلَّا بِرَحْمَتِكَ، فَاغْفِرْ لِي ذَنْبِي كُلَّهُ، إِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ، وَتُبْ عَلَيَّ إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ» تَابَعَهُ بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ فِي الْمَشِيئَةِ , وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ فِي الْمَشِيئَةِ الحديث: 343 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 421 344 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى الصَّيْدَلَانِيُّ , أنا أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدُوسٍ الْأَنْمَاطِيُّ ثنا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ , ثنا أَبُو خَالِدٍ هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ , أنا الْأَغْلَبُ بْنُ تَمِيمٍ , ثنا الْحَجَّاجُ بْنُ فُرَافِصَةَ , عَنْ طَلْقِ , قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ: يَا أَبَا الدَّرْدَاءِ احْتَرَقَ بَيْتُكَ؟ قَالَ: مَا احْتَرَقَ ثُمَّ جَاءَ آخَرُ فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ , فَقَالَ: مَا احْتَرَقَ ثُمَّ جَاءَ آخَرُ فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ فَقَالَ: مَا احْتَرَقَ , ثُمَّ جَاءَ آخَرُ فَقَالَ: يَا أَبَا الدَّرْدَاءِ انْبَعَثَتِ النَّارُ حَتَّى انْتَهَتْ إِلَى بَيْتِكَ طَفِئَتْ , قَالَ: قَدْ عَلِمْتَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَكُنْ لِيَفْعَلَ , قَالَ: يَا أَبَا الدَّرْدَاءِ مَا نَدْرِي أَيُّ كَلَامِكَ أَعْجَبُ , قَوْلُكَ مَا احْتَرَقَ أَوْ قَوْلُكَ: قَدْ عَلِمْتَ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُنْ لِيَفْعَلَ ذَاكَ؟ قَالَ: ذَاكَ لِكَلِمَاتٍ سَمِعْتُهُنَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ قَالَهُنَّ حِينَ يُصْبِحُ لَنْ تُصِيبَهُ مُصِيبَةٌ حَتَّى يُمْسِيَ: «اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ عَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ , مَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ , أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا , اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ نَفْسِي وَمِنْ شَرِّ كُلِّ دَابَّةٍ أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ» وَرُوِيَ بَعْضُ أَلْفَاظِ الْأَوَّلِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنْ قَوْلِهِ الحديث: 344 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 423 345 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ , أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ , قَالَ: قَالَ أَبُو دَاوُدَ , حَدَّثَنَا ابْنُ مُعَاذٍ , ثنا أَبِي , ثنا الْمَسْعُودِيُّ , ثنا الْقَاسِمُ , قَالَ: كَانَ أَبُو ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ: اللَّهُمَّ مَا حَلَفْتُ مِنْ حَلِفٍ أَوْ قُلْتُ مِنْ قَوْلٍ أَوْنَذَرْتُ مِنْ نَذْرٍ فَمَشِيئَتُكَ بَيْنَ يَدَيْ ذَلِكَ كُلِّهِ , مَا شِئْتَ كَانَ وَمَا لَمْ تَشَأْ لَمْ يَكُنْ , اللَّهُمَّ اغْفِرْهُ وَتَجَاوَزْ لِي عَنْهُ , اللَّهُمَّ فَمَنْ صَلَّيْتَ عَلَيْهِ فَعَلَيْهِ صَلَاتِي , وَمَنْ لَعَنْتَ فَعَلَيْهِ لَعْنَتِي , كَانَ فِي اسْتِثْنَاءِ يَوْمِهِ ذَلِكَ الحديث: 345 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 424 346 - أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى , ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ , ثنا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ , ثنا ابْنُ وَهْبٌ , قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ , عَنِ ابْنِ شِهَابٍ , قَالَ: بَلَغَنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ إِذَا خَطَبَ: «كُلُّ مَا هُوَ آتٍ قَرِيبٌ، لَا بَعُدَ لِمَا هُوَ آتٍ , لَا يَعْجَلُ اللَّهُ لِعَجَلَةِ أَحَدٍ , وَلَا يَخَفْ لِأَمْرِ النَّاسِ , مَا شَاءَ اللَّهُ لَا مَا شَاءَ [ص: 425] النَّاسُ , يُرِيدُ النَّاسُ أَمْرًا وَيُرِيدُ اللَّهُ أَمْرًا , وَمَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ وَلَوْ كَرِهَ النَّاسُ , لَا مُبْعِدَ لِمَا قَرَّبَ اللَّهُ , وَلَا مُقَرِّبَ لِمَا أَبْعَدَ اللَّهُ وَلَا يَكُونُ شَيْءٌ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ» 347 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ , بِبَغْدَادَ , أنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ , ثنا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ , ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ , أنا مَعْمَرٌ , عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ , قَالَ: قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَذَكَرَهُ مِنْ قَوْلِهِ مَوْقُوفًا مُرْسَلًا فَكَأَنَّهُ أَخَذَهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الحديث: 346 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 424 بَابُ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الكهف: 24] وَقَوْلِهِ: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ} [الفتح: 27] , وَقَوْلِهِ خَبَرًا عَنْ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ: {إِنَّمَا يَأْتِيكُمْ بِهِ اللَّهُ إِنْ شَاءَ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ} [هود: 33] , وَقَوْلِهِ خَبَرًا عَنِ الْخَلِيلِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ: {وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا} [الأنعام: 80] , وَقَوْلِهِ خَبَرًا عَنِ الذَّبِيحِ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذْ قَالَ لِلْخَلِيلِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: {سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ} [الصافات: 102] , وَقَوْلِهِ خَبَرًا عَنْ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذْ قَالَ لِإِخْوَتِهِ: {ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ} [يوسف: 99] , وَقَوْلِهِ خَبَرًا عَنْ شُعَيْبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذْ قَالَ لِمُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: {وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ} [القصص: 27] , وَقَالَ لِقَوْمِهِ: {وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ فِيهَا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّنَا} [الأعراف: 89] , وَقَوْلِهِ خَبَرًا عَنِ الْكَلِيمِ إِذْ قَالَ لِلْخَضِرِ عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: {سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا} [الكهف: 69] , وَقَالَ خَبَرًا عَنْ قَوْمِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالُوا: {إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ} [البقرة: 70] الجزء: 1 ¦ الصفحة: 426 348 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أَخْبَرَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ , أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيُّ , أنا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى , ثنا أَبُو الْيَمَانِ , قَالَ: أَخْبَرَنِي شُعَيْبٌ , عَنِ الزُّهْرِيِّ , حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ , وَأُرِيدُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ أَخْتَبِئَ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لِأُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي الْيَمَانِ , وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهَيْنِ آخَرِينَ عَنِ الزُّهْرِيِّ الحديث: 348 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 427 349 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيُّ , ثنا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ , قَالَ: قَالَ ابْنَ جُرَيْجٍ , أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ , أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرًا , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: أَخْبَرَتْنِي أُمُّ مُبَشِّرٍ , أَنَّهَا سَمِعَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ عِنْدَ حَفْصَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: «لَا يَدْخُلُ النَّارَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ الَّذِينَ بَايعُونِي تَحْتَهَا» قَالَتْ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ , فَانْتَهَرَهَا , فَقَالَتْ حَفْصَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} [مريم: 71] فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا} [مريم: 72] رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ هَارُونَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ حَجَّاجِ بْنِ مُحَمَّدٍ الحديث: 349 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 427 350 - أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ , أنا أَبُو حَامِدِ بْنُ بِلَالٍ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ حَيَّوَيْهِ الْإِسْفِرَايِينِيُّ , سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْنِ أنا أَبُو الْيَمَانِ الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ , أنا شُعَيْبٌ , أنا أَبُو الزِّنَادِ , عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنِّي لَأَطْمَعُ أَنْ يَكُونَ حَوْضِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى أَوْسَعَ مَا بَيْنَ أَيْلَةَ إِلَى دِمَشْقٍ , وَإِنَّ فِيهِ مِنَ الْأَبَارِيقِ لَأَكْثَرُ مِنْ عَدَدِ الْكَوَاكِبِ» الحديث: 350 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 428 351 - أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الْمُزَكِّي , أنا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ الْفَقِيهُ , قَالَ: قُرِئَ عَلَى يَحْيَى بْنِ جَعْفَرٍ وَأَنَا أَسْمَعُ , أنا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ , ثنا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ , عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ , عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُهُمْ إِذَا دَخَلَ الْمَقَابِرَ فَكَانَ قَائِلُهُمْ يَقُولُ: «السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ [ص: 429] الدِّيَارِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ , إِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ , نَسْأَلُ اللَّهَ لَنَا وَلَكُمُ الْعَافِيَةَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَغَيْرِهِ عَنِ الزُّبَيْرِيِّ , وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الحديث: 351 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 428 352 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ , أنا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّزَّازُ , ثنا سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ , ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ , أَنَا شُعْبَةُ , عَنْ قَتَادَةَ , عَنْ أَنَسٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْمَدِينَةُ يَأْتِيهَا الدَّجَّالُ فَيَجِدُ الْمَلَائِكَةَ يَحْرُسُونَهَا فَلَا يَدْخُلُهَا الدَّجَّالُ وَلَا الطَّاعُونُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنِ إِسْحَاقَ بْنِ مَنْصُورٍ وَيَحْيَى بْنِ مُوسَى عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ الحديث: 352 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 429 353 - حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ الْأَصْبَهَانِيُّ إِمْلَاءً أنا أَبُو سَعِيدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الْبَصْرِيُّ بِمَكَّةَ , ثنا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ , ثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ , عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ , عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَعْنِي بِالطَّائِفِ ح " وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدُوسٍ , ثنا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ , ثنا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ , ثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ الشَّاعِرِ الْأَعْمَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: لَمَّا حَاصَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْلَ الطَّائِفِ فَلَمْ يَنَلْ مِنْهُمْ شَيْئًا قَالَ: إِنَّا قَافِلُونَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ " , فَثَقُلَ عَلَيْهِمْ وَقَالُوا: نَذْهَبُ وَلَمْ نَفْتَحْهُ؟ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اغْدُوا عَلَى الْقِتَالِ» فَأَصَابَهُمْ جِرَاحٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّا قَافِلُونَ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى» فَأَعْجَبَهُمْ ذَلِكَ , قَالَ: فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ عَلِيٌّ: حَدَّثَنَا بِهَذَا الْحَدِيثِ سُفْيَانُ غَيْرَ مَرَّةٍ عَنْ عَمْرٍو عَنِ أَبِي الْعَبَّاسِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: وَلَمْ يَقُلْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو , وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ هَكَذَا , وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَزُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ وَابْنِ نُمَيْرٍ , وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ كُلُّهُمْ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ فَقَالُوا: كَمَا قَالَ الزَّعْفَرَانِيُّ وَهُوَ فِي نُسْخَتِي لِكِتَابِ مُسْلِمٍ كَمَا قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ , وَعَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ أَحْفَظُهُمْ , وَقَدْ تَابَعَهُ الْحُمَيْدِيُّ عَلَى مَا قَالَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ الحديث: 353 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 430 354 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أَخْبَرَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ , أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيُّ , أنا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى , ثنا أَبُو الْيَمَانِ , أنا شُعَيْبٌ , عَنِ الزُّهْرِيِّ , قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ أَرَادَ قَدُومَ مَكَّةَ: «مَنْزِلُنَا غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى بِخَيْفِ بَنِي كِنَانَةَ حَيْثُ تَقَاسَمُوا عَلَى الْكُفْرِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي الْيَمَانِ الحديث: 354 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 431 355 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ , أنا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ , ثنا مُعَاذُ بْنُ الْمُثَنَّى الْعَنْبَرِيُّ , ثنا إِسْحَاقُ بْنُ عُمَرَ بْنِ سَلِيطٍ , ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ , عَنْ ثَابِتٍ , قَالَ: قَالَ أَنَسٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: كُنْتُ بَيْنَ الْمَدِينَةِ وَمَكَّةَ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ [ص: 432] عَنْهُ ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْحَافِظُ , ثنا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى الْجُرْجَانِيُّ , ثنا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ , ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ , ثنا ثَابِتٌ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كُنَّا مَعَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ فَتَرَاءَيْنَا الْهِلَالَ , وَكُنْتُ رَجُلًا حَدِيدَ الْبَصَرِ فَرَأَيْتُهُ وَلَيْسَ أَحَدٌ يَزْعُمُ أَنَّهُ رَآهُ غَيْرِي فَقَالَ: فَجَعَلْتُ أَقُولُ لِعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَمَا تَرَاهُ؟ فَجَعَلَ لَا يَرَاهُ قَالَ: يَقُولُ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: سَأَرَاهُ وَأَنَا عَلَى فِرَاشِي مُسْتَلْقٍ , ثُمَّ أَنْشَأَ يُحَدِّثُنَا عَنْ أَهْلِ بَدْرٍ , فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرِينَا مَصَارِعَ أَهْلِ بَدْرٍ بِالْأَمْسِ يَقُولُ: «هَذَا مَصْرَعُ فُلَانٍ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى» قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: فَوَالَّذِي بَعَثَهُ بِالْحَقِّ مَا أَخْطَأُوا الْحُدُودَ الَّتِي حَدَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ: فَجُعِلُوا فِي بِئْرٍ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ , فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى انْتَهَى إِلَيْهِمْ فَقَالَ: «يَا فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ , وَيَا فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ , هَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ حَقًّا؟ فَإِنِّي وَجَدْتُ مَا وَعَدَنِي اللَّهُ حَقًّا» قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ تُكَلِّمُ أَجْسَادًا لَا أَرْوَاحَ فِيهَا؟ , قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ لِمَا أَقُولُ مِنْهُمْ , غَيْرَ أَنَّهُمْ لَا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَرُدُّوا عَلَيْنَا شَيْئًا» لَفْظُ حَدِيثِ شَيْبَانَ , وَفِي رِوَايَةِ إِسْحَاقَ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيُرِينَا مَصَارِعَ أَهْلِ بَدْرٍ بِالْأَمْسِ يَقُولُ: «هَذَا مَصْرَعُ فُلَانٍ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى , وَهَذَا مَصْرَعُ فُلَانٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى» وَذَكَرَ الْبَاقِي بِمَعْنَاهُ رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عُمَرَ بْنِ سَلِيطٍ وَشَيْبَانَ بْنِ فَرُّوخَ الحديث: 355 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 431 356 - أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ , أنا أَبُو بَكْرٍ الْقَطَّانُ , ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَارِثِ , ثنا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ , ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ , قَالَ: حَدَّثَنِي ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحٍ , عَنْ أَبِي قَتَادَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «إِنَّكُمْ سَتَسِيرُونَ عَشِيَّتَكُمْ وَلَيْلَتَكُمْ ثُمَّ تَأْتُونَ الْمَاءَ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى» , قَالَ: فَانْطَلَقَ النَّاسُ لَا يَلْوِي أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ فِي الْمَسِيرِ " وَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ سُلَيْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ الحديث: 356 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 433 357 - أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ , أنا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ , ثنا إِسْمَاعِيلُ الْقَاضِي , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ , ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ , ثنا خَالِدٌ , عَنْ عِكْرِمَةَ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَى أَعْرَابِيٍّ يَعُودُهُ فَقَالَ: «لَا بَأْسَ عَلَيْكَ , طَهُورٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى» , فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ: طَهُورٌ؟ كَلَّا بَلْ حُمَّى تَفُورُ , عَلَى شَيْخٍ كَبِيرٍ , كَيْمَا تُزِيرُهُ الْقُبُورَ قَالَ: «فَنِعْمَ إِذًا» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيِّ الحديث: 357 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 433 358 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ دَاوُدَ الْعَلَوِيُّ إِمْلَاءً أنا أَبُو حَامِدٍ الشَّرْقِيُّ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَقِيلٍ , ثنا حَفْصُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ , ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ , عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ , قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الزِّنَادِ , عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: لَأَطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ عَلَى سَبْعِينَ امْرَأَةً كُلُّ وَاحِدَةٍ تَأْتِي بِفَارِسٍ يُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ , فَقَالَ صَاحِبُهُ: قُلْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ , فَلَمْ يَفْعَلْ لَمْ يَقُلْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَطَافَ عَلَيْهِنَّ جَمِيعًا فَلَمْ تَحْمِلِ مِنْهُمْ إِلَّا امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ جَاءَتْ بِشِقِّ رَجُلٍ , وَايْمُ الَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوْ قَالَ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَجْمَعُونَ " 359 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , [ص: 435] ثنا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَدَثَانِيُّ , ثنا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ , ثنا حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ , عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ , عَنْ أَبِي الزِّنَادِ , فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ نَحْوَهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: تِسْعِينَ امْرَأَةً , وَقَالَ فِي آخِرِهِ: «لَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فُرْسَانًا أَجْمَعُونَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ سُوَيْدِ بْنِ سَعِيدٍ , وَأَخْرَجَاهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ الحديث: 358 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 434 360 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أَخْبَرَنِي أَبُو النَّضْرِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ الْفَقِيهُ , ثنا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ , ثنا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ , ثنا سُفْيَانُ , عَنْ هِشَامِ بْنِ حُجَيْرٍ , عَنْ طَاوُسٍ , أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: قَالَ سُلَيْمَانُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «لَأَطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ عَلَى سَبْعِينَ امْرَأَةً كُلُّهُنَّ تَلِدُ غُلَامًا يُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ» , فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ يَعْنِي الْمَلَكَ قُلْ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ , فَنَسِيَ فَأَطَافَ بِهِنَّ فَلَمْ تَأْتِ امْرَأَةٌ بِوَلَدٍ إِلَّا وَاحِدَةً بِشِقِّ غُلَامٍ , قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: يَرْوِيهِ " لَوْ قَالَ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمْ يَحْنَثْ وَكَانَ دَرَكًا لَهُ فِي حَاجَتِهِ " [ص: 436] 361 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَنِي أَبُو عَمْرِو بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ , ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ , ثنا ابْنُ أَبِي عُمَرَ , ثنا سُفْيَانُ , عَنْ هِشَامِ بْنِ حُجَيْرٍ , عَنْ طَاوُسٍ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ» فَذَكَرَهُ قَالَ: وَحَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ أَوْ نَحْوَهُ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ بِالْإِسْنَادَيْنِ , وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَرَ الحديث: 360 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 435 362 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُقْرِئُ , أنا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ , ثنا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ الْقَاضِي , ثنا أَبُو الرَّبِيعِ , ثنا عَبْدُ الْوَارِثِ , وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ السِّجِسْتَانِيُّ , قَالَا: ثنا أَيُّوبُ , عَنْ نَافِعٍ , عَنِ ابْنِ عُمَرَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ حَلَفَ فَقَالَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَإِنْ شَاءَ مَضَى وَإِنْ شَاءَ رَجَعَ غَيْرَ حَانِثٍ» الحديث: 362 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 436 363 - أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ , أنا أَبُو عَلِيٍّ الرَّفَّاءُ , أنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ , ثنا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ , أنا شَرِيكٌ , عَنْ سِمَاكٍ , عَنْ عِكْرِمَةَ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «وَاللَّهِ لَأَغْزُوَنَّ قُرَيْشًا , وَاللَّهِ لَأَغْزُوَنَّ قُرَيْشًا , فَقَالَ فِي الثَّالِثَةِ , إِنْ شَاءَ اللَّهُ» الحديث: 363 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 439 364 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ , بِبَغْدَادَ , أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ دُرُسْتَوَيْهِ , ثنا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ , ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ , ثنا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ , ثنا مُحَمَّدُ [ص: 442] بْنُ الْمُهَاجِرِ , عَنِ الضَّحَّاكِ الْمَعَافِرِيِّ , عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى، عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِأَصْحَابِهِ: «أَلَا [ص: 443] هَلْ مُشَمِّرٌ لِلْجَنَّةِ؟ إِنَّ الْجَنَّةَ لَا خَطَرَ لَهَا , هِيَ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ نُورٌ تَلَأْلَأُ , وَرَيْحَانَةٌ تَهْتَزُّ , [ص: 444] وَقَصْرٌ مَشِيدٌ , وَنَهَرٌ مُطَّرِدٌ , وَفَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ نَضِجَةٌ , وَزَوْجَةٌ حَسْنَاءُ جَمِيلَةٌ فِي حَبْرَةٍ وَنِعْمَةٍ , فِي مَقَامٍ أَبَدًا فِي حَبْرَةٍ وَنِعْمَةٍ , وَنَضْرَةٍ فِي دَارٍ عَالِيَةٍ بَهِيَّةٍ سَلِيمَةٍ» , قَالُوا: نَحْنُ الْمُشَمِّرُونَ لَهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ , قَالَ: «قُولُوا إِنْ شَاءَ اللَّهُ» قَالَ: ثُمَّ ذَكَرَ الْجِهَادَ وَحَضَّ عَلَيْهِ الحديث: 364 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 441 365 - أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ بْنِ الْحَسَنِ الْمِهْرَجَانِيُّ , أنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْمُزَكِّي , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْعَبْدِيُّ , ثنا ابْنُ بُكَيْرٍ , ثنا مَالِكٌ , عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: إِنَّ رَجُلًا مِنْ أَسْلَمَ قَالَ: مَا [ص: 445] نِمْتُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ , فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مِنْ أَيِّ شَيْءٍ؟» , قَالَ: لَدَغَتْنِي عَقْرَبٌ , فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَمَا إِنَّكَ لَوْ قُلْتَ حِينَ أَمْسَيْتَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ , لَمْ يَضُرَّكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ " تَابَعَهُ الْقَعْنَبِيُّ عَنْ مَالِكٍ مَوْصُولًا الحديث: 365 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 444 366 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ , أنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ , ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي , ثنا مُسَدَّدٌ , ثنا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ: بَلَغَنِي عَنِ الْحَسَنِ , فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ} [الكهف: 24] , قَالَ: إِذَا لَمْ تَقُلْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ الحديث: 366 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 445 367 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ , أنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ , ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ , ثنا مُسَدَّدٌ، ثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ , قَالَ: سَمِعْتُ أَبِيَ يُحَدِّثُ , عَنْ مُحَمَّدٍ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ كَانَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَكَانَ يَجْلِسُ إِلَيْهِ يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ قَالَ: {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا} [الكهف: 24] قَالَ: إِذَا نَسِيَ الْإِنْسَانُ أَنْ يَقُولَ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ , فَتَوْبَتُهُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ: «عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِي رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا» الحديث: 367 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 445 بَابُ مَا جَاءَ عَنِ السَّلَفِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فِي إِثْبَاتِ الْمَشِيئَةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 446 368 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أنا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ , أنا أَبُو مُسْلِمٍ ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ , أنا مُصْعَبُ بْنُ سَوَّارٍ , عَنْ أَبِي يَحْيَى القتات , عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: لَمَّا بَعَثَ اللَّهُ تَعَالَى مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَكَلَّمَهُ وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ التَّوْرَاةَ فَقَالَ: «اللَّهُمَّ إِنَّكَ رَبٌّ عَظِيمٌ لَوْ شِئْتَ أَنْ تُطَاعَ لَأُطِعْتَ وَلَوْ شِئْتَ أَنْ لَا تُعْصَى مَا عُصِيتَ , وَأَنْتَ تُحِبُّ أَنْ تُطَاعَ وَأَنْتَ فِي ذَلِكَ تُعْصَى فَكَيْفَ هَذَا يَا رَبِّ؟» فَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ: «إِنِّي لَا أُسْأَلُ عَمَّا أَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ» فَانْتَهَى مُوسَى الحديث: 368 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 446 369 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْحَرْبِيُّ , بِبَغْدَادَ , ثنا أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ , ثنا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْخُرَاسَانِيُّ , ثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ , ثنا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ , عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ , عَنْ نَوْفٍ , قَالَ: قَالَ عُزَيْرٌ فِيمَا يُنَاجِي: يَا رَبِّ تَخْلُقُ خَلْقًا فَتُضِلُّ مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ , قِيلَ لَهُ: يَا عُزَيْرُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا قَالَ: فَعَادَ فَقَالَ: يَا رَبِّ تَخْلُقُ خَلْقًا فَتُضِلُّ مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ , قِيلَ لَهُ: يَا عُزَيْرُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا: {وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا} [الكهف: 54] قَالَ: فَقَالَ يَا عُزَيْرُ لَتُعْرِضَنَّ عَنْ هَذَا أَوْ لَأَمْحُوَنَّكَ مِنَ النُّبُوَّةِ , إِنِّي لَا أُسْأَلُ عَمَّا أَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ الحديث: 369 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 447 370 - أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ , أنا أَبُو الْعَبَّاسِ الصِّبْغِيُّ , ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زِيَادٍ , ثنا ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ , حَدَّثَنِي مَالِكٌ , عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ , عَنْ أَبِيهِ , أَنَّهُ كَانَ لَا يُؤْتَى أَبَدًا [ص: 448] بِطَعَامٍ وَلَا بِشَرَابٍ حَتَّى الدَّوَاءُ فَيَطْعَمَهُ أَوْ يَشْرَبُهُ حَتَّى يَقُولُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا وَأَطْعَمَنَا وَسَقَانَا وَأَنْعَمَنَا , اللَّهُ أَكْبَرُ , اللَّهُمَّ أَلَّفْتَنَا نِعْمَتَكَ بِكُلِّ شَيْءٍ فَأَصْبَحْنَا وَأَمْسَيْنَا مِنْهَا بِكُلِّ خَيْرٍ , نَسْأَلُكَ تَمَامَهَا وَشُكْرَهَا , لَا خَيْرَ إِلَّا خَيْرُكَ وَلَا إِلَهَ غَيْرُكَ إِلَهُ الصَّالِحِينَ , وَرَبُّ الْعَالَمِينَ , الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ , مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ , اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِيمَا رَزَقْتَنَا , وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ الحديث: 370 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 447 371 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ , أنا أَبُو مَنْصُورٍ النَّضْرَوِيُّ , أنا أَحْمَدُ بْنُ نَجْدَةَ , ثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ , ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ , ثنا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ , عَنْ أَبِيهِ , أَنَّهُ كَانَ إِذَا رَأَى مِنْ مَالِهِ شَيْئًا يُعْجِبُهُ , أَوْ دَخَلَ حَائِطًا مِنْ حِيطَانِهِ , قَالَ: مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الحديث: 371 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 448 372 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ , أنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زِيَادٍ , أنا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ , ثنا أَبُو مَعْشَرٍ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ , قَالَ: الْخَلْقُ أَدَقُّ شأَنًا مِنْ أَنْ يَعْصُوا اللَّهَ تَعَالَى إِلَّا بِمَا أَرَادَ الحديث: 372 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 448 373 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ , أنا بِشْرُ بْنُ مُوسَى , ثنا خَلَّادُ بْنُ يَحْيَى , ثنا عُمَرُ بْنُ ذَرٍّ , قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى عُمَرِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ: لَوْ أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ لَا يُعْصَى مَا خَلَقَ إِبْلِيسَ الحديث: 373 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 449 374 - أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ , أنا أَبُو حَامِدِ بْنُ بِلَالٍ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ , يَعْنِي السُّلَمِيَّ ثنا الْمُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبَصْرِيُّ , ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ , ثنا أَبُو سِنَانٍ , قَالَ: سَمِعْتُ وَهْبَ بْنَ مُنَبِّهٍ , يَقُولُ: كُنْتُ أَقُولُ بِالْقَدَرِ حَتَّى قَرَأْتُ بِضْعًا وَسَبْعِينَ كِتَابًا مِنْ كُتُبِ الْأَنْبِيَاءِ فِي كُلِّهَا: مَنْ جَعَلَ شَيْئًا مِنَ الْمَشِيئَةِ إِلَى نَفْسِهِ فَقَدْ كَفَرَ , فَتَرَكْتُ قَوْلِي الحديث: 374 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 449 375 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ يُوسُفَ الْأَصْبَهَانِيُّ , أنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى الزُّهْرِيُّ الْقَاضِي , ثنا أَبُو يَحْيَى بْنُ أَبِي مَسَرَّةَ , ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ الصَّنْعَانِيُّ , ثنا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ مَعْقِلٍ , قَالَ: سَمِعْتُ وَهْبَ بْنَ مُنَبِّهٍ , يَقُولُ: قَرَأْتُ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ سَبْعِينَ كِتَابًا كُلَّهَا نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ , فِي كُلِّ كِتَابٍ مِنْهَا: مَنْ أَضَافَ إِلَى نَفْسِهِ شَيْئًا مِنَ الْمَشِيئَةِ فَقَدْ كَفَرَ الحديث: 375 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 450 376 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , وَأَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمُزَكِّي , قَالَا: حَدَّثَنَا الزُّبَيْرُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْحَافِظُ , قَالَ: حَدَّثَنِي حَمْزَةُ بْنُ عَلِيٍّ الْعَطَّارُ , ثنا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ , قَالَ: سُئِلَ الْإِمَامُ الْمُطَّلِبِيُّ الشَّافِعِيُّ رِضْوَانُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَنِ الْقَدَرِ فَأَنْشَأَ يَقُولُ: [البحر المتقارب] مَا شِئْتَ كَانَ وَإِنْ لَمْ أشأْ ... وَمَا شِئْتُ إِنْ لَمْ تَشَأْ لَمْ يَكُنْ خَلَقْتَ الْعِبَادَ عَلَى مَا عَلِمْتَ ... فَفِي الْعِلْمِ يَجْرِي الْفَتَى وَالْمُسِنْ عَلَى ذَا مَنَنْتَ وَهَذَا خَذَلْتَ ... وَهَذَا أَعَنْتَ وَذَا لَمْ تُعِنْ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَمِنْهُمْ سَعِيدٌ ... وَمِنْهُمْ قَبِيحٌ وَمِنْهُمْ حَسَنْ الحديث: 376 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 450 بَابُ مَا جَاءَ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 185] وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} [الكهف: 29] , وَقَوْلِهِ: {سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام: 148] , وَقَوْلِهِ: {وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ} [الزخرف: 20] , وَقَوْلِهِ: {وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعَالَمِينَ} [آل عمران: 108] , وَقَوْلِهِ: {: وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ} [غافر: 31] الجزء: 1 ¦ الصفحة: 451 377 - أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمُزَكِّي , أنا أَبُو الْحَسَنِ الطَّرَائِفِيُّ , ثنا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ , ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ , عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنُ صَالِحٍ , عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 185] , وَقَالَ: الْيُسْرُ الْإِفْطَارُ فِي السَّفَرِ , وَالْعُسْرُ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي قَوْلِهِ: {فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} [الكهف: 29] , يَقُولُ: مَنْ شَاءَ اللَّهُ لَهُ الْإِيمَانَ آمَنَ , وَمَنْ شَاءَ اللَّهُ لَهُ الْكُفْرَ كَفَرَ , وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا} [الأنعام: 148] , قَالَ: {كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} [الأنعام: 148] , ثُمَّ قَالَ: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا} [الأنعام: 107] , وَقَالَ: {وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ} [النحل: 9] , يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: لَوْ شِئْتُ لَجَمَعْتُهُمْ عَلَى الْهُدَى أَجْمَعِينَ الحديث: 377 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 452 378 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي , ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحُسَيْنِ , ثنا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ , ثنا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ , عَنْ مُجَاهِدٍ , فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام: 148] قَالَ: هَذَا قَوْلُ قُرَيْشٍ كَقَوْلِهِمْ: إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ هَذَا يَعْنُونَ الْبَحِيرَةَ وَالسَّائِبَةَ وَالْوَصِيلَةَ وَالْحَامِي وَعَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ} [الزخرف: 20] يَعْنُونَ بِذَلِكَ الْأَوْثَانَ لِأَنَّهُمْ عَبْدُوا الْأَوْثَانَ , يَقُولُ اللَّهُ: {مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ} [الزخرف: 20] , يَعْنِي الْأَوْثَانَ لِأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ وَقَوْلِهِ: {إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ} [الزخرف: 20] , يَقُولُ: لَمَّا يَعْلَمُوا قُدْرَةَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَى ذَلِكَ الحديث: 378 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 452 379 - أَخْبَرَنَا الْإِمَامُ أَبُو إِسْحَاقَ , إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ , أنا عَبْدُ الْخَالِقِ بْنُ الْحَسَنِ , حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ثَابِتٍ , قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي , عَنِ الْهُذَيْلِ , عَنْ مُقَاتِلٍ , عَنْ مَنْ , أَخَذَ تَفْسِيرَهُ مِنَ التَّابِعِينَ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا} [الأنعام: 148] مَعَ اللَّهِ , يَعْنِي مُشْرِكِي الْعَرَبِ , لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا , وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءِ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ وَلَكِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ بِتَحْرِيمِهِ كَذَلِكَ , يَعْنِي هَكَذَا كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْأُمَمِ الْخَالِيَةِ رُسُلَهُمْ كَمَا كَذَّبَ كُفَّارُ مَكَّةَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا} [الأنعام: 148] يَعْنِي عَذَابَنَا: {قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ} [الأنعام: 148] , يَعْنِي مِنْ بَيَانٍ {فَتُخْرِجُوهُ لَنَا} [الأنعام: 148] يَقُولُ: تُبَيِّنُوهُ لَنَا بِتَحْرِيمِهِ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: لِقَوْلِ الْلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ} [الأنعام: 148] الْكَذِبَ قُلْ لَهُمْ يَا مُحَمَّدُ: {فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ} [الأنعام: 149] عَلَى الْخَلْقِ: {فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ} [الأنعام: 149] لِدِينِهِ: {قُلْ هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ هَذَا} [الأنعام: 150] الْحَرْثَ وَالْأَنْعَامَ {فَإِنْ شَهِدُوا} [النساء: 15] أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُ: {فَلَا تَشْهَدْ مَعَهُمْ} [الأنعام: 150] قَالَ: وَقَالُوا: {لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ} [الزخرف: 20] يَعْنُونَ الْمَلَائِكَةَ , يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: {مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ} [الزخرف: 20] بِأَنَّ اللَّهَ لَوْ شَاءَ لَمَنَعَهُمْ مِنْ عِبَادَةِ الْمَلَائِكَةِ , {إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ} [الزخرف: 20] يَقُولُ: مَا يَقُولُونَ إِلَّا الْكَذِبَ إِنَّ الْمَلَائِكَةَ بَنَاتُ اللَّهِ وَقَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعَالَمِينَ} [آل عمران: 108] فَيُعَذِّبُ عَلَى غَيْرِ ذَنْبٍ , وَفِي قَوْلِهِ: {وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ} [غافر: 31] يُعَذِّبُ عَلَى غَيْرِ ذَنْبٍ قُلْتُ: يَعْنِي لَا يُرِيدُ أَنْ يَظْلِمَهُمْ فَيُعَذِّبَهُمْ عَلَى غَيْرِ ذَنْبٍ عِنْدَ مَنْ لَا يَعْرِفُ كَمَالَ رُبُوبِيَّتِهِ , وَأَنَّ لَهُ مَا يَشَاءُ فِي مَمْلَكَتِهِ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ مِنْهُ ظُلْمًا الحديث: 379 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 453 380 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أنا أَبُو زَكَرِيَّا الْعَنْبَرِيُّ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ , ثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ , أنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ , أنا مَعْمَرٌ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاوُسٍ , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ سَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ: الشَّرُّ لَيْسَ بِقَدَرٍ , فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: بَيْنَنَا وَبَيْنَ أَهْلِ الْقَدَرِ: {سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا} [الأنعام: 148] حَتَّى بَلَغَ: {فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ} [الأنعام: 149] , قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: الْعَجْزُ وَالْكَيْسُ مِنَ الْقَدَرِ 381 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ الصَّاغَانِيُّ بِمَكَّةَ , ثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّيْرِيُّ , ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ , فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ , وَذَكَرَ قَوْلَ ابْنَ عَبَّاسٍ فِي آخِرِهِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مُفَصَّلًا مِمَّا قَبْلَهُ الحديث: 380 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 454 بَابُ مَا جَاءَ فِي إِثْبَاتِ صِفَةِ السَّمْعِ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [غافر: 56] , وَقَالَ: {إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [الأنفال: 61] , وَقَالَ: {إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} [الحج: 75] , وَقَالَ: {سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 181] , وَقَالَ: {لَقَدْ سَمِعَ اللَّهَ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا} [آل عمران: 181] , وَقَالَ: {قَدْ سَمِعَ اللَّهَ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا} [المجادلة: 1] , وَقَالَ: {إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} [طه: 46] , وَقَالَ: {أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى} [الزخرف: 80] الجزء: 1 ¦ الصفحة: 455 382 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُقْرِئُ , أنا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ , ثنا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ الْقَاضِي , ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ , ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ , عَنْ أَيُّوبَ , عَنْ أَبِي عُثْمَانَ , عَنْ أَبِي مُوسَى , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَسِيرٍ فَكُنَّا إِذَا عَلَوْنَا كَبَّرْنَا وَإِذَا هَبَطْنَا سَبَّحْنَا , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيُّهَا النَّاسُ ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ , فَإِنَّكُمْ لَا تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلَا غَائِبًا , وَلَكِنَّكُمْ تَدْعُونَ سَمِيعًا قَرِيبًا» , وَأَتَى عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أَقُولُ فِي نَفْسِي: لَا حَوْلُ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ: قَالَ: " يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ قُلْ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ؛ فَإِنَّهَا مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ " أَوْ قَالَ: " يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى كَلِمَةٍ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ؟ قُلْ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي [ص: 456] الصَّحِيحِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ وَرَوَاهُ مُسْلِمُ عَنْ خَلَفِ بْنِ هِشَامٍ وَأَبِي الرَّبِيعِ عَنْ حَمَّادٍ 383 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ , ثنا أَحْمَدُ بْنُ النَّضْرِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ , ثنا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ النَّرْسِيُّ , ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ , فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ نَحْوَهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: «فَإِنَّكُمْ لَا تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلَا غَائِبًا , تَدْعُونَ سَمِيعًا بَصِيرًا قَرِيبًا» الحديث: 382 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 455 384 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , ثنا أَبُوعَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ إِمْلَاءً , ثنا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ , وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ , قَالَا: ثنا أَبُو الْطَّاهِرٍ , أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ ح , وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أنا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدُوسٍ , ثنا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدِ الدَّارِمِيُّ , ثنا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ الْمِصْرِيُّ , ثنا ابْنُ وَهْبٍ , أَخْبَرَنِي يُونُسُ , عَنِ ابْنِ شِهَابٍ , حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ: أَنَّ عَائِشَةَ , زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا حَدَّثَتْهُ أَنَّهَا قَالَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ أَتَى عَلَيْكَ يَوْمُ كَانَ أَشَدَّ مِنْ يَوْمِ أُحَدٍ؟ فَقَالَ [ص: 457] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَقَدْ لَقِيتُ مِنْ قَوْمِكِ شِدَّةَ , وَأَشَدُّ مَا لَقِيتُ مِنْهُمْ يَوْمَ الْعَقَبَةِ , يَوْمَ عَرَضَتُ نَفْسِي عَلَى ابْنِ عَبْدِ يَالَيْلَ بْنِ عَبْدِ كُلَالِ , فَلَمْ يُجِبْنِي إِلَى مَا أَرَدْتُ , فَانْطَلَقْتُ وَأَنَا مَهْمُومٌ عَلَى وَجْهِي فَلَمْ أَسْتَفِقْ إِلَّا وَأَنَا بِقَرْنِ الثَّعَالِبِ , فَرَفَعْتُ رَأْسِي , فَإِذَا أَنَا بِسَحَابَةٍ قَدْ أَظَلَّتْنِي , فَنَظَرْتُ , فَإِذَا فِيهَا جِبْرِيلُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فَنَادَانِي , فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ , وَمَا رَدُّوا عَلَيْكَ , وَقَدْ بَعَثَ اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْكَ مَلَكَ الْجِبَالِ لِتَأْمُرَهُ بِمَا شِئْتَ فِيهِمْ , قَالَ: فَنَادَانِي مَلَكُ الْجِبَالِ , فَسَلَّمَ عَلَيَّ ثُمَ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ , وَأَنَا مَلَكُ الْجِبَالِ قَدْ بَعَثَنِي إِلَيْكَ؛ لِتَأْمُرَنِي مِنْ أَمَرِكِ بِمَا شِئْتَ , إِنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عَلَيْهِمُ الْأَخْشَبَيْنِ , فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِنْ أَصْلَابِهِمْ منْ يَعْبُدُ اللَّهَ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ في الصَّحِيحِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ , عَنِ ابْنِ وَهْبٍ , وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي الطَّاهِرِ وَغَيْرِهِ الحديث: 384 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 456 385 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ الْأَصْبَهَانِيُّ , أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ الْأَعْرَابِيِّ , حَدَّثَنَا سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ , حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ , عَنِ الْأَعْمَشِ , عَنْ تَمِيمِ بْنِ سَلَمَةَ , عَنْ [ص: 458] عُرْوَةَ , عَنْ عَائِشَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَسِعَ سَمْعُهُ الْأَصْوَاتَ , لَقَدْ جَاءَتِ الْمُجَادِلَةُ تَشْكُو إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَأَنَا فِي نَاحِيَةٍ مِنَ الْبَيْتِ مَا أَسْمَعُ مَا تَقُولُ , فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا} [المجادلة: 1] أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ فَقَالَ: وَقَالَ الْأَعْمَشُ الحديث: 385 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 457 386 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ , ثنا بِشْرُ بْنُ مُوسَى , ثنا الْحُمَيْدِيُّ , ثنا سُفْيَانُ , ثنا مَنْصُورُ , عَنْ مُجَاهِدٍ , عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: اجْتَمَعَ عِنْدَ الْبَيْتِ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ قُرَشِيَّانِ وَثَقَفِيٌّ أَوْ ثَقَفِيَّانِ وَقُرَشِيٌّ قَلِيلٌ فِقْهُ قُلُوبِهِمْ , كَثِيرٌ شَحْمُ بُطُونِهِمْ , قَالَ أَحَدُهُمْ: أَتَرَوْنَ أَنَّ اللَّهَ يَسْمَعُ مَا نَقُولُ؟ فَقَالَ الْآخَرُ: يَسْمَعُ إِذَا جَهَرْنَا , وَلَا يَسْمَعُ إِنْ أَخْفَيْنَا , وَقَالَ الْآخَرُ: إِنْ كَانَ يَسْمَعُ إِذَا جَهَرْنَا؛ فَإِنَّهُ يَسْمَعُ إِذَا أَخْفَيْنَا , قَالَ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ} [فصلت: 22] قَالَ الْحُمَيْدِيُّ: وَكَانَ سُفْيَانُ أَوَّلًا يَقُولُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ , أَوِ ابْنُ نُجَيْحٍ , أَوْ حُمَيْدٌ الْأَعْرَجُ أَحَدُهُمْ أَوِ اثْنَانِ مِنْهُمْ , ثُمَّ [ص: 459] ثَبَتَ عَلَى مَنْصُورٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنِ الْحُمَيْدِيِّ , وَرَوَاهُ مُسْلِمُ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَرَ عَنْ سُفْيَانَ الحديث: 386 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 458 387 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيُّ , ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ , حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَيْمَانَ , عَنْ دَرَّاجٍ , أَنَّهُ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو الْهَيْثَمِ , عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَوْ عَنِ ابْنِ حُجَيْرَةَ الْأَكْبَرِ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: إِنَّ أَحَدَهُمَا حَدَّثَهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , أَنَّهُ قَالَ: " إِذَا كَانَ يَوْمٌ حَارٌّ أَلْقَى اللَّهُ تَعَالَى سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ إِلَى أَهْلِ السَّمَاءِ وَأَهْلِ الْأَرْضِ , فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، مَا أَشَدَّ حَرَّ هَذَا الْيَوْمِ، اللَّهُمَّ أَجِرْنِي مِنْ حَرِّ [ص: 460] جَهَنَّمَ , قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِجَهَنَّمَ: إِنَّ عَبْدًا مِنْ عِبَادِي اسْتَجَارَنِي مِنْكِ , وَإِنِّي أُشْهِدُكِ أَنِّي قَدْ أَجَرْتُهُ. فَإِذَا كَانَ يَوْمٌ شَدِيدُ الْبَرْدِ أَلْقَى اللَّهُ تَعَالَى سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ إِلَى أَهْلِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ , فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، مَا أَشَدَّ بَرْدَ هَذَا الْيَوْمِ , اللَّهُمَّ أَجِرْنِي مِنْ زَمْهَرِيرِ جَهَنَّمَ , قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِجَهَنَّمَ: إِنَّ عَبْدًا مِنْ عِبَادِي اسْتَجَارَنِي مِنْ زَمْهَرِيرِكِ , وَإِنِّي أُشْهِدُكِ أَنِّي قَدْ أَجَرْتُهُ. فَقَالُوا: وَمَا زَمْهَرِيرُ جَهَنَّمَ؟ قَالَ: بَيْتٌ يُلْقَى فِيهِ الْكَافِرُ فَيَتَمَيَّزُ مِنْ شِدَّةِ بَرْدِهَا بَعْضُهُ مِنْ بَعْضٍ " وَكَذَلِكَ رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ , عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ الحديث: 387 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 459 388 - أَخْبَرَنَا الْإِمَامُ أَبُو الْفَتْحِ الْعُمَرِيُّ , أنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي شُرَيْحٍ , أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَغَوِيُّ , ثنا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ , أنا شَرِيكٌ , عَنْ زِيَادِ بْنِ فَيَّاضٍ , عَنْ أَبِي عِيَاضٍ , قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ أَوْ سُئِلَ ابنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَأَنَا أَسْمَعُ , عَنِ الْخَمْرِ , فَقَالَ: لَا , وَسَمْعِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ , لَا يَحِلُّ بَيْعُهَا , وَلَا ابْتِيَاعُهَا , فَحَلَفَ بِسَمْعِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الحديث: 388 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 460 بَابُ مَا جَاءَ فِي إِثْبَاتِ صِفَةِ الْبَصَرِ وَالرُّؤْيَةِ وَكِلْتَاهُمَا عِبَارَتَانِ عَنْ مَعْنًى وَاحِدٍ. قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [غافر: 20] , وَقَالَ: {إِنَّ اللَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ} [فاطر: 31] , وَقَالَ: {إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا} [الإسراء: 30] , وَقَالَ: {وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا} [النساء: 134] , وَقَالَ: {فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ} [التوبة: 105] , وَقَالَ: {أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى} [العلق: 14] , قَالَ: {إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} [طه: 46] الجزء: 1 ¦ الصفحة: 461 389 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ جَعْفَرٍ , ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ , حَدَّثَنِي أَبِي , ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ الثَّقَفِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ , ثنا خَالِدُ يَعْنِي الْحَذَّاءَ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ , عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزَاةٍ , فَجَعَلْنَا لَا نَصْعَدُ شَرَفًا , وَلَا نَعْلُو شَرَفًا , وَلَا نَهْبِطُ فِي وَادٍ إِلَّا رَفَعْنَا أَصْوَاتَنَا بِالتَّكْبِيرِ , قَالَ: فَدَنَا مِنَّا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم , فَقَالَ: " يَا أَيُّهَا النَّاسُ ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ فَإِنَّكُمْ مَا تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلَا غَائِبًا , إِنَّمَا تَدْعُونَ سَمِيعًا بَصِيرًا؛ إِنَّ الَّذِي تَدْعُونَ أَقْرَبُ إِلَى أَحَدِكُمْ , مِنْ عُنُقِ رَاحِلَتِهِ , يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسِ , أَلَا أُعَلِّمُكَ كَلِمَةً مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ «أَخْرِجَاهُ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ خَالِدٍ , وَقَالَ بَعْضُهُمْ عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ» سَمِيعًا قَرِيبًا " , وَرَوَاهُ مُسْلِمُ , عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ , عَنْ [ص: 462] عَبْدِ الْوَهَّابِ , وَكَأَنَّهُ قَالَهُمَا جَمِيعًا , وَذَلِكَ بَيِّنٌ مِنْ رِوَايَةِ النَّرْسِيُّ عَنْ حَمَّادٍ , عَنْ أَيُّوبَ , عَنْ أَبِي عُثْمَانَ الحديث: 389 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 461 390 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , ثنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنِ يَعْقُوبَ الْحَافِظُ , ثنا هِشَامُ بْنُ صِدِّيقٍ , ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ ح , وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيٍّ , أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ , ثنا أَبُو دَاوُدَ , ثنا عَلِيُّ بْنُ نَصْرِ , وَمُحَمَّدُ بْنِ يُونُسَ النَّسَائِيُّ , - وَهَذَا لَفْظُهُ - قَالَا: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ , ثنا حَرْمَلَةُ بْنُ عِمْرَانَ , حَدَّثَنِي أَبُو يُونُسَ , سُلَيْمُ بْنُ جُبَيْرٍ مَوْلَى أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقْرَأُ هَذِهِ الْآيَةَ: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء: 58] , إِلَى قَوْلِهِ: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا} [النساء: 58] , يَضَعُ إِبْهَامَهُ عَلَى أُذُنِهِ وَالَّتِي تَلِيهَا عَلَى عَيْنِهِ , قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَؤُهَا , وَيَضَعُ إِصْبَعَيْهِ قُلْتُ: وَالْمُرَادُ بِالْإِشَارَةِ الْمَرْوِيَّةِ فِي هَذَا الْخَبَرِ تَحْقِيقُ الْوَصْفِ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِالسَّمْعِ [ص: 463] وَالْبَصَرِ , فَأَشَارَ إِلَى مَحَلَّيِ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ مِنَّا لِإِثْبَاتِ صِفَةِ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ لِلَّهِ تَعَالَى , كَمَا يُقَالُ قَبَضَ فُلَانٌ عَلَى مَالِ فُلَانٍ , وَيُشَارُ بِالْيَدِ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ حَازَ مَالَهَ , وَأَفَادَ هَذَا الْخَبَرُ أَنَّهُ سَمِيعٌ بَصِيرٌ لَهُ سَمْعٌ وَبَصَرٌ لَا عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ عَلِيمٌ , إِذْ لَوْ كَانَ بِمَعْنَى الْعِلْمَ لَأَشَارَ فِي تَحْقِيقِهِ إِلَى الْقَلْبِ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْعُلُومِ مِنَّا , وَلَيْسَ فِي الْخَبَرِ إِثْبَاتُ الْجَارِحَةِ، تَعَالَى اللَّهُ عَنْ شَبَهِ الْمَخْلُوقِينَ عُلُوًا كَبِيرًا الحديث: 390 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 462 391 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ السُّكَّرِيِّ , بِبَغْدَادَ , أنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ , ثنا عَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التَّرْقُفِيُّ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ , ثنا سُفْيَانُ , عَنِ الْأَعْمَشِ , عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ , عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ , عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَنَامُ وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ , يَخْفِضُ الْقِسْطَ وَيَرْفَعُهُ , يُرْفَعُ إِلَيْهِ عَمَلُ اللَّيْلِ قَبْلَ النَّهَارِ , وَعَمَلُ النَّهَارِ قَبْلَ اللَّيْلِ , وَحِجَابُهُ النَّارُ لَوْ كَشَفَهَا لَأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ كُلَّ شَيْءٍ أَدْرَكَهُ بَصَرُهُ» [ص: 465] 392 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أنا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ , ثنا أَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ , ثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ , أنا جَرِيرُ , عَنِ الْأَعْمَشِ , بِهَذَا الْإِسْنَادِ , قَالَ: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَرْبَعَ كَلِمَاتٍ ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ سُفْيَانَ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: «حِجَابُهُ الْنُّورُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ وَالْحِجَابُ الْمَذْكُورُ فِي هَذَا الْخَبَرِ , وَغَيْرُهُ يَرْجِعُ إِلَى الْخَلْقِ؛ لِأَنَّهُمْ هُمُ الْمَحْجُوبُونَ عَنْهُ بِحِجَابٍ خَلْقَهُ فِيهِمْ , قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْكُفَّارِ: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} [المطففين: 15] , وَقَوْلُهُ لَوْ كَشَفَهَا يَعْنِي لَوْ رَفَعَ الْحِجَابَ عَنْ أَعْيُنِهِمْ وَلَمْ يُثَبِّتْهُمْ لِرُؤْيَتِهِ لَاحْتَرَقُوا , وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهَا 393 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ , أنا أَبُو الْحَسَنِ الْكَارِزِيُّ , أنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ , عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ قَالَ: يُقَالُ فِي السُّبْحَةِ: إِنَّهَا جَلَالُ وَجْهِ اللَّهِ , وَمِنْهَا قِيلَ سُبْحَانَ اللَّهِ إِنَّمَا هُوَ تَعْظِيمٌ لَهُ وَتَنْزِيهٌ الحديث: 391 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 464 394 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الْحَرْبِيُّ , بِبَغْدَادَ , ثنا مُحَمَّدُ [ص: 466] بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الشَّافِعِيُّ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ السُّلَمِيُّ , ثنا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ , ثنا الْمَسْعُودِيُّ , عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ , عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ , عَنْ أَبِي مُوسَى , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , قَالَ: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَرْبَعٍ , فَقَالَ: «إِنَّ اللَّهَ لَا يَنَامُ وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ , يَخْفِضُ الْقِسْطَ وَيَرْفَعُهُ , وَيُرْفَعُ إِلَيْهِ عَمِلُ اللَّيْلِ قَبْلَ النَّهَارِ , وَعَمِلُ النَّهَارِ قَبْلَ اللَّيْلِ , حِجَابُهُ الْنُّورُ , لَوْ كَشَفَهَا لَأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ كُلَّ شَيْءٍ أَدْرَكَهُ بَصَرُهُ» ثُمَّ قَرَأَ أَبُو عُبَيْدَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: {نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [النمل: 8] وَفِي هَذَا تَأْكِيدٌ لِقَوْلِ أَبِي عُبَيْدَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِنَّ سُبُحَاتٍ مِنَ التَّسْبِيحِ الَّذِي هُوَ التَّعْظِيمُ , وَالتَّنْزِيهُ الحديث: 394 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 465 395 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُنَادِي , ثنا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُؤَدِّبُ , ثنا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ , عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ الْإِيمَانِ , قَالَ: يَا مُحَمَّدُ , مَا الْإِحْسَانُ؟ , قَالَ: " أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ , فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تَكُنُ تَرَاهُ , فَإِنَّهُ يَرَاكَ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ يُونُسَ بْنِ مُحَمَّدٍ الحديث: 395 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 466 جِمَاعُ أَبْوَابِ إِثْبَاتِ صِفَةِ الْكَلَامِ وَمَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ غَيْرُ مُحْدَثٍ , وَلَا مَخْلُوقٍ وَلَا حَادِثٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 467 بَابُ مَا جَاءَ فِي إِثْبَاتِ صِفَةِ الْكَلَامِ قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا} [الكهف: 109] , وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ} [لقمان: 27] وَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} [التوبة: 6] وَلَمْ يَقُلْ: حَتَّى يَرَى خَلَقَ اللَّهِ وَقَالَ: {يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ} [البقرة: 75] , وَقَالَ: {يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ} [الفتح: 15] , وَقَالَ: {وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ} [الكهف: 27] , وَقَالَ: {لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ} [يونس: 64] , وَقَالَ: {وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ} , وَقَالَ: {وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ} [الأنفال: 7] , وَقَالَ: {وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ} [يونس: 82] , وَقَالَ: {وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ} [الزمر: 71] , وَقَالَ: {إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ} , وَقَالَ: {وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} [هود: 119] , وَقَالَ: {وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا} الجزء: 1 ¦ الصفحة: 467 396 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أنا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدُوسٍ , ثنا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ , ثنا الْقَعْنَبِيُّ , فِيمَا قَرَأَ عَلَى مَالِكِ , عَنِ أَبِي الزِّنَادِ , عَنِ الْأَعْرَجِ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ: «تَكَفَّلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِمَنْ جَاهَدَ فِي سَبِيلِهِ لَا يُخْرِجُهُ مِنْ بَيْتِهِ إِلَّا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِهِ , وَتَصْدِيقُ كَلِمَاتِهِ , أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ , أَوْ يُرْجِعَهُ إِلَى مَسْكَنِهِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ مَعَ مَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ وَغَنِيمَةٍ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ , عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ , وَغَيْرِهِ , عَنْ مَالِكٍ الحديث: 396 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 468 397 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أَخْبَرَنِي دَعْلَجُ بْنُ أَحْمَدَ السُّجْزِيُّ , ثنا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ التُّرْكُ , وَمُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو الْجُرَشِيُّ , وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ عَلِيٍّ , قَالُوا: ثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى , أنا الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِزَامِيِّ , عَنْ أَبِي الزِّنَادِ , عَنِ الْأَعْرَجِ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ: «تَكَفَّلَ اللَّهُ تَعَالَى لِمَنْ جَاهَدَ فِي سَبِيلِهِ , لَا يُخْرِجُهُ [ص: 469] مِنْ بَيْتِهِ إِلَّا جِهَادٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ , وَتَصْدِيقُ كَلَّمْتِهِ؛ بِأَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ , أَوْ يُرْجِعَهُ إِلَى مَسْكَنِهِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ مَعَ مَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ , أَوْ غَنِيمَةٍ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ , عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى الحديث: 397 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 468 398 - حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ الْأَصْبَهَانِيُّ , أنا أَبُو سَعِيدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الْبَصْرِيُّ بِمَكَّةَ , ثنا سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ الْمُخَرِّمِيُّ , ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ , عَنِ الْأَعْمَشِ , عَنْ شَقِيقٍ , عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ , فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ , الرَّجُلُ يُقَاتِلُ شَجَاعَةً وَيُقَاتِلُ حَمِيَّةً , وَيُقَاتِلُ رِيَاءً , فَأَيُّ ذَلِكَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ , عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ , وَغَيْرِهِ , عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ , وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عِنْ الْأَعْمَشِ الحديث: 398 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 469 399 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنَ يُوسُفَ وَهُوَ الْأَخْرَمُ ثنا أَبِي , ثنا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ , ثنا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ , عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ: أَتَيْنَا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ , فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ فِي حَجِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَقَالَ فِيهِ عَنِ [ص: 470] النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَاتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ؛ فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانَةِ اللَّهِ , وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ تَعَالَى» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ , عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ , وَغَيْرِهِ , عَنْ حَاتِمٍ الحديث: 399 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 469 400 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ الرُّوذْبَارِيُّ , أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ , ثنا أَبُو دَاوُدَ , ثَنَا دَاوُدُ بْنُ أُمَيَّةَ , ثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , مَوْلَى آلِ طَلْحَةَ , عَنْ كُرَيْبٍ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا , قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عِنْدِ جُوَيْرِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَكَانَ اسْمُهَا بَرَّةَ فَحَوَّلَ اسْمُهَا فَخَرَجَ وَهِيَ فِي مُصَلَّاهَا , فَرَجَعَ وَهِيَ فِي مُصَلَّاهَا , فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَمْ تَزَالِي فِي مُصَلَّاكِ هَذَا؟» , قَالَتْ: نَعَمْ , قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " قَدْ قُلْتُ بَعْدَكِ أَرْبَعَ كَلِمَاتٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ , لَوْ وُزِنَتْ بِمَا قُلْتِ لَوَزَنَتْهُنَّ: سُبْحَانَ اللَّهِ , وَبِحَمْدِهِ , عَدَدَ خَلْقِهِ , وَرِضَاءَ نَفْسِهِ , وَزِنَةَ عَرْشِهِ , وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ " رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ , عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَرَ , وَغَيْرِهِ , عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ , قُلْتُ: وَكَلِمَاتُ اللَّهِ تَعَالَى لَا تَنْتَهِي إِلَى أَمَدٍ وَلَا تُحْصَرُ بِعَدٍّ , وَقَدْ نَفَى اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا النَّفَادَ كَمَا نَفَى عَنْ ذَاتِهِ الْهَلَاكَ , وَالْمُرَادُ بِالْخَبَرِ ضَرْبُ الْمَثَلِ دَلَالَةً عَلَى الْوُفُورِ وَالْكَثْرَةِ , وَاللَّهُ أَعْلَمُ الحديث: 400 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 470 401 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ , أنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مَحْمَوَيْهِ الْعَسْكَرِيُّ , ثنا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَلَانِسِيُّ , ثنا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ , ثنا شَيْبَانُ , عَنْ مَنْصُورٍ ح , وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ , أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ , ثنا أَبُو دَاوُدَ , ثنا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ , حَدَّثَنَا جَرِيرُ , عَنْ مَنْصُورٍ , عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو , عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا , قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَوِّذُ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: «أُعِيذُكُمَا بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ , مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وَهَامَّةٍ , وَمَنْ كُلِّ عَيْنٍ لَامَّةٍ» , ثُمَّ يَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَانَ أَبُوكُمْ يُعَوِّذُ بِهِمَا إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ» لَفْظُ حَدِيثِ جَرِيرٍ , وَفِي حَدِيثِ شَيْبَانَ: " كَانَ أَبُوكُمْ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَالْبَاقِي سَوَاءٌ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ , عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ الحديث: 401 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 471 402 - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي , فِي آخَرِينَ , قَالُوا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ , ثنا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ , ثنا ابْنُ وَهْبٍ , قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ , عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ , وَأَبِيهِ الْحَارِثِ بْنِ يَعْقُوبَ , حَدَّثَاهُ عَنُ يَعْقُوبَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ , عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ , عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ , عَنْ خَوْلَةَ بِنْتِ حَكِيمٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا , أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , يَقُولُ: " إِذَا نَزَلَ أَحَدُكُمْ مَنْزِلًا فَلْيَقُلْ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ؛ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّهُ شَيْءٌ حَتَّى يَرْتَحِلَ مِنْهُ " الحديث: 402 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 472 قَالَ يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ , عَنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ حَكِيمٍ , عَنْ ذَكْوَانَ أَبِي صَالِحٍ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , أَنَّهُ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لَقِيتُ مِنْ عَقْرَبٍ لَدَغَتْنِي الْبَارِحَةَ - يَعْنِي النَّوْمَ - قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَمَا إِنَّكَ لَوْ قُلْتَ حِينَ أَمْسَيْتَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ لَمْ تَضُرَّكَ " رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ , عَنْ هَارُونَ بْنِ مَعْرُوفٍ , وَغَيْرِهِ , عَنِ ابْنِ وَهْبٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 472 403 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ السُّلَمِيُّ , أنا بِشْرُ بْنُ أَحْمَدَ الْإِسْفَرَايِينِيُّ , ثنا دَاوُدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْبَيْهَقِيُّ , ثنا عِيسَى بْنُ حَمَّادٍ , ثنا اللَّيْثُ , عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ , عَنِ [ص: 473] الْحَارِثِ بْنِ يَعْقُوبَ , قَالَ: إِنَّ يَعْقُوبَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ بُسْرَ بْنَ سَعِيدٍ , يَقُولُ: سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ , يَقُولُ: سَمِعْتُ خَوْلَةَ بِنْتَ حَكِيمٍ السُّلَمِيَّةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا , تَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , يَقُولُ: " مَنْ نَزَلَ مَنْزِلًا , ثُمَّ قَالَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ كُلِّهَا مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ , لَمْ يَضُرَّهُ شَيْءٌ حَتَّى يَرْتَحِلَ مِنْ مَنْزِلِهِ ذَلِكَ " رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ , عَنْ قُتَيْبَةَ وَمُحَمَّدِ بْنِ رُمْحٍ , عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ الحديث: 403 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 472 404 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ يَعْقُوبَ , ثنا أَحْمَدُ بْنُ سَهْلٍ , وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ , قَالَا: أنا عِيسَى بْنُ حَمَّادٍ , أنا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ , عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ , عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ , عَنْ يَعْقُوبَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ , أَنَّهُ ذَكَرَ لَهُ أَنَّ أَبَا صَالِحٍ , مَوْلَى غَطَفَانَ , أَخْبَرَهُ , أَنَّه سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , يَقُولُ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ , لَدَغَتْنِي عَقْرَبٌ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ أَنَّكَ قُلْتَ حِينَ أَمْسَيْتَ أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ لَمْ يَضُرَّكَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ , عَنْ عِيسَى بْنِ حَمَّادٍ الحديث: 404 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 473 405 - أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ , أنا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ كَامِلٍ الْقَاضِي , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ الْعَوْفِيُّ , ثنا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ , ثنا ابْنُ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ , عَنْ عَمِّهِ , قَالَ: حَدَّثَنِي طَارِقُ بْنُ مُخَاشٍ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , أَنَّهُ أُتِيَ بِلَدِيغٍ , فَقَالَ: " لَوْ قَالَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ؛ لَمْ يُلْدَغْ , وَلَمْ يَضُرَّهُ " الحديث: 405 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 474 406 - أَخْبَرَنَا أَبُو صَالِحِ بْنُ أَبِي طَاهِرٍ الْعَنْبَرِيُّ , أنا جَدِّي يَحْيَى بْنُ مَنْصُورٍ [ص: 475] الْقَاضِي , ثنا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو , أنا الْقَعْنَبِيُّ , ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالِ , عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ , قَالَ: إِنَّ الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ شَكَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَرَقَ - حَدِيثُ النَّفْسِ بِاللَّيْلِ - فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِذَا آوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ , فَقُلْ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ غَضَبِهِ , وَعِقَابِهِ , وَمَنْ شَرِّ عِبَادِهِ , وَمِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ , وَأَنْ يَحْضُرُونَ؛ فَإِنَّهُ لَنْ يَضُرَّكَ , وَحَرِيُّ أَنْ لَا يَقْرَبَكَ " هَذَا مُرْسَلٌ , وَشَاهِدُهُ الْحَدِيثُ الْمَوْصُولُ الَّذِي الحديث: 406 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 474 407 - أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الصَّفَّارُ , ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي الدُّنْيَا , ثنا أَبُو خَيْثَمَةَ , ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ , عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ جَدِّهِ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا , قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُنَا كَلِمَاتٍ نَقُولُهُنَّ عِنْدَ النَّوْمِ مِنَ الْفَزَعِ: «بِسْمِ اللَّهِ أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ غَضَبِهِ وَعِقَابِهِ , وَشَرِّ عِبَادِهِ , وَمَنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ , وَأَنْ يَحْضُرُونَ» فَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يُعَلِّمُهَا مَنْ بَلَغَ مِنْ وَلَدِهِ , وَمَنْ لَمْ يَبْلُغْ كَتَبَهَا وَعَلَّقَهَا عَلَيْهِ قُلْتُ: فَاسْتَعَاذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَرَ أَنْ يُسْتَعَاذَ فِي هَذِهِ الْأَخْبَارِ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ [ص: 477] تَعَالَى , كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنْ يَسْتَعِيذَ بِهِ , فَقَالَ: {وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ} [المؤمنون: 98] وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [النحل: 98] وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَسْتَعِيذَ بِمَخْلُوقٍ مِنْ مَخْلُوقٍ , فَدَلَّ أَنَّهُ اسْتَعَاذَ بِصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِ ذَاتِهِ , وَأَمَرَ أَنْ يُسْتَعَاذَ بِصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِ ذَاتِهِ , وَهِيَ غَيْرُ مَخْلُوقَةٍ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يَسْتَعِيذَ بِذَاتِهِ , وَذَاتُهُ غَيْرُ مَخْلُوقٍ الحديث: 407 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 476 408 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ , أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ , ثنا أَبُو دَاوُدَ , ثنا الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ , ثنا الْأَحْوَصُ بْنُ جَوَّابٍ , ثنا عَمَّارُ بْنُ رُزَيْقٍ , عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ , عَنِ الْحَارِثِ , وَأَبِي مَيْسَرَةَ , عَنْ عَلِيٍّ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ عِنْدَ مَضْجَعِهِ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِوَجْهِكَ الْكَرِيمِ , وَكَلِمَاتِكَ التَّامَّةِ مِنْ شَرِّ مَا أَنْتَ آخِذٌ [ص: 478] بِنَاصِيَتِهِ , اللَّهُمَّ أَنْتَ تَكْشِفُ الْمَغْرَمَ وَالْمَأْثَمَ , اللَّهُمَّ لَا يَنْهَزِمُ جُنْدُكَ وَلَا يُخْلَفُ وَعَدُكَ , وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ سُبْحَانَكَ , وَبِحَمْدِكَ» قُلْتُ: فَاسْتَعَاذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْخَبَرِ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ كَمَا اسْتَعَاذَ بِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ , فَكَمَا أَنَّ وَجْهَهُ الَّذِي اسْتَعَاذَ بِهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ , فَكَذَلِكَ كَلِمَاتُهُ الَّتِي اسْتَعَاذَ بِهَا غَيْرُ مَخْلُوقٍةٍ , وَكَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى وَاحِدٌ , وَإِنَّمَا جَاءَ بِلَفْظِ الْجَمْعِ عَلَى مَعْنَى التَّعْظِيِمِ وَالتَّفْخِيمِ , كَقَوْلِهِ: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9] , وَقَالَ: {فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ} [المرسلات: 23] , وَإِنَّمَا سَمَّاهَا تَامَّةً؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي كَلَامِهُ عَيْبٌ أَوْ نَقْصٌ كَمَا يَكُونُ ذَلِكَ فِي كَلَامِ الْآدَمِيِّينَ وَبَلَغَنِي عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , أَنَّهُ كَانَ يَسْتَدِلُّ بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْقُرْآنَ غَيْرُ مَخْلُوقٍ , قَالَ: وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مَا مِنْ مَخْلُوقٍ إِلَّا وَفِيهِ نَقْصٌ قُلْتُ: وَأَمَّا الَّذِي رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , أَنَّهُ قَالَ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ , وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ , وَبِكَ مِنْكَ» فَلَا يُخَالِفُ مَا قُلْنَا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الرِّضَا عِنْدَ أَبِي الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَرْجِعُ إِلَى [ص: 479] الْإِرَادَةِ , وَهُوَ إِرَادَةُ إِكْرَامِ الْمُؤْمِنِينَ , وَكَذَلِكَ الرَّحْمَةُ تَرْجِعُ إِلَى الْإِرَادَةِ وَهِيَ إِرَادَةُ الْإِنْعَامِ وَالْإِكْرَامِ , وَالْإِرَادَةُ مِنْ صِفَاتِ الذَّاتِ فَاسْتَعَاذَتُهُ فِي هَذَا الْخَبَرِ أَيْضًا وَقَعَتْ بِصِفَةِ الذَّاتِ كَمَا وَقَعَتْ فِي قَوْلِهِ: «بِكَ» بِالذَّاتِ , وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَوَجَدْتُ فِي كَلَامِ أَبِي سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ , أَنَّهُ اسْتَعَاذَ بِاللَّهِ تَعَالَى , وَسَأَلَهُ أَنْ يُجِيرَهُ بِرِضَاهُ مِنْ سَخَطِهِ , وَبِمُعَافَاتِهِ مِنْ عُقُوبَتِهِ , قُلْتُ: فَالِاسْتِعَاذَةُ فِي هَذَا أَيْضًا وَقَعَتْ بِغَيْرِ مَخْلُوقٍ؛ لِيَجْعَلَهُ مِنْ أَهْلِ رِضَاهُ , وَمُعَافَاتِهِ دُونَ سَخَطِهِ وَعِقَابِهِ الحديث: 408 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 477 409 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ شَاذَانَ , بِبَغْدَادَ , أنا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَبَّاسِ , ثنا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الْعَبْدِيُّ , ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ , أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ , ثنا أَبُو دَاوُدَ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ , أنا إِسْرَائِيلُ , ثنا عُثْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ , عَنْ سَالِمٍ - يَعْنِي ابْنَ أَبِي الْجَعْدِ - عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْرِضُ نَفْسَهَ عَلَى النَّاسِ بِالْمَوْقِفِ , فَقَالَ: «أَلَا رَجُلٌ يَحْمِلُنِي إِلَى قَوْمِهِ , فَإِنَّ قُرَيْشًا قَدْ مَنَعُونِي أَنْ أُبْلِّغَ كَلَامَ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ» لَفْظُ [ص: 480] حَدِيثِ أَبِي دَاوُدَ , وَفِي رِوَايَةِ الدُّورِيِّ , قَالَ: لَمَّا أُمِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُبَلِّغَ الرِّسَالَةَ جَعَلَ يَقُولُ: «يَا قَوْمِ , لِمَ تُؤْذُونَنِي أَنْ أُبَلِّغَ كَلَامَ رَبِّي» يَعْنِي الْقُرْآنَ الحديث: 409 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 479 410 - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْحَارِثَ الْفَقِيهُ , أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ حَيَّانَ الْأَصْبَهَانِيُّ أَبُو الشَّيْخِ , أنا أَبُو يَعْلَى , ثنا أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ , ثنا يَعْقُوبُ الْقُمِّيُّ , ثنا جَعْفَرُ , عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ , قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَازِيًا فَلَقِيَ الْعَدُوَّ فَأَخْرَجَ الْمُسْلِمُونَ رَجُلًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَأَشْرَعُوا فِيهِ الْأَسِنَّةَ , فَقَالَ الرَّجُلُ: ارْفَعُوا عَنِّي سِلَاحَكُمْ , وَأَسْمِعُونِي كَلَامَ اللَّهِ تَعَالَى " هَذَا مُرْسَلٌ حَسَنٌ الحديث: 410 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 480 بَابُ مَا جَاءَ فِي إِثْبَاتِ صِفَةِ الْقَوْلِ وَهُوَ وَالْكَلَامُ عِبَارَتَانِ عَنْ مَعْنًى وَاحِدٍ. قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي} [السجدة: 13] وَقَالَ تَعَالَى: {لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرَهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} [يس: 7] , وَقَالَ جَلَّ وَعَلَا: {مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ} [ق: 29] , وَقَالَ جَلَّ جَلَالُهُ: {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا} [النساء: 122] , وَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا} [النساء: 87] , وَقَالَ تَعَالَى: {سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبِّ رَحِيمٍ} [يس: 58] , وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {قَوْلُهُ الْحَقُّ} [الأنعام: 73] , وَقَالَ جَلَّ وَعَلَا: {فَالْحَقُ وَالْحَقَّ أَقُولُ} [ص: 84] ؛ فَأَثْبَتَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ لِنَفْسِهِ صِفَةَ الْقَوْلِ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 481 411 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ السُّكَّرِيُّ , بِبَغْدَادَ , أنا أَبُو عَلِيٍّ , إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ , أنا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيُّ , ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ , أنا ابْنُ جُرَيْجٍ , قَالَ: أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ الْأَحْوَلُ , عَنْ طَاوُسٍ , أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا , يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا تَهَجَّدَ مِنَ اللَّيْلِ , قَالَ: «اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ , وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ , وَمَنْ فِيهِنَّ , أَنْتَ الْحَقُّ وَوَعْدُكُ الْحَقُّ , وَقَوْلُكَ الْحَقُّ , وَلِقَاؤُكَ الْحَقُّ , وَالْجَنَّةُ حَقٌّ , وَالنَّارُ حَقٌّ , وَالنَّبِيُّونَ [ص: 482] حَقٌ , اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ , وَبِكَ آمَنْتُ وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ , وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ , وَبِكَ خَاصَمْتُ , وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ , وَمَا أَخَّرْتُ وَمَا أَسْرَرْتُ , وَمَا أَعْلَنْتُ أَنْتَ إِلَهِي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ , عَنْ مَحْمُودٍ , وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ كِلَاهُمَا , عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ الحديث: 411 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 481 412 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ , ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شِيرَوَيْهِ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى , ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ , عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا خَطَبَ احْمَرَّتْ عَيْنَاهُ وَعَلَا صَوْتُهُ , وَاشْتَدَّ غَضَبُهُ , حَتَّى كَأَنَّهُ مُنْذِرُ جَيْشٍ , يَقُولُ: «صَبَّحَكُمْ وَمَسَّاكُمْ» , وَيَقُولُ: «بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةَ كَهَاتَيْنِ» , وَيُفَرِّقُ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالْوسْطَى , وَيَقُولُ: «أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ , وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ , وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا , وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ» , ثُمَّ يَقُولُ: «أَنَا أَوْلَى بِكُلِّ مُؤْمِنٍ مِنْ نَفْسِهِ , مَنْ تَرَكَ مَالًا , فَلِأَهْلِهِ , وَمَنْ تَرَكَ دَيْنًا أَوْ ضَيَاعًا فَإِلَيَّ وَعَلَيَّ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى الحديث: 412 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 482 413 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ , أنا عَبْدُ اللَّهِ الشَّيْبَانِيُّ , أنا مُحَمَّدُ [ص: 483] بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ , أنا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ , أنا إِبْرَاهِيمُ الْهَجَرِيُّ , عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , قَالَ: إِنَّمَا هُمَا اثْنَتَانِ: الْهُدَى , وَالْكَلَامُ فَأَصْدَقُ الْحَدِيثِ كَلَامُ اللَّهِ , وَأَحْسَنُ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَشَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا , وَكُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ , وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ , وَكُلُّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ , وَهَذَا مِنْ قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَخَذَهُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الحديث: 413 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 482 414 - حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ , ثنا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ , ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبِ بْنِ مُسْلِمٍ الْقُرَشِيُّ , ثنا: سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ , ثنا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ , قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُحَدِّثُنَا عَنْ لَيْلَةِ أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ: فَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى مَا شَاءَ فِيمَا أَوْحَى خَمْسِينَ صَلَاةٍ [ص: 484] عَلَى أُمَّتِهِ كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ , فَذَكَرَ مُرُورَهُ عَلَى مُوسَى , وَأَمْرُهُ إِيَّاهُ بِمَسْأَلَةِ التَّخْفِيفِ , وَذَكَرَ مُرَاجَعَتَهُ فِي ذَلِكَ حَتَّى صَارَ إِلَى خَمْسِ صَلَوَاتٍ , وَأَنَّهُ قَالَ: «يَا رَبِّ , أُمَّتِي ضِعَافٌ أَجْسَادُهُمْ , وَقُلُوبُهُمْ , وَأَسْمَاعُهُمْ , وَأَبْصَارُهُمْ فَخَفِّفْ عَنَّا فَقَالَ إِنِّي لَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ , هِيَ مَا كَتَبْتُ عَلَيْكَ فِي أُمِّ الْكِتَابِ , وَلَكَ بِكُلِّ حَسَنَةٍ عَشَرُ أَمْثَالِهَا , هِيَ خَمْسُونَ فِي أُمِّ الْكِتَابِ , وَهِيَ خَمْسٌ عَلَيْكَ» أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحِ الحديث: 414 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 483 بَابُ مَا جَاءَ فِي إِثْبَاتِ صِفَةِ التَّكْلِيمِ , وَالتَّكَلُّمِ , وَالْقَوْلُ سِوَى مَا مَضَى قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء: 164] فَوَصَفَ نَفْسَهَ بِالتَّكْلِيمِ , وَوَكَّدَهُ بِالتِّكْرَارِ , فَقَالَ {تَكْلِيمًا} [النساء: 164] , وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ} [الأعراف: 143] , وَقَالَ جَلَّ وَعَلَا: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ} [البقرة: 253] , وَذَكَرَ فِي غَيْرِ آيَةٍ مِنْ كِتَابِهِ مَا كَلَّمَ بِهِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ , فَقَالَ: {يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِي الْمَقْدِسِ طُوًى وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} [طه: 12] , إِلَى قَوْلِهِ: {وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي} [طه: 41] , وَقَالَ: {يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ} [الأعراف: 144] فَهَذَا كَلَامٌ سَمِعَهُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ بِإِسْمَاعِ الْحَقِّ إِيَّاهُ بِلَا تَرْجُمَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ , دَلَّهُ بِذَلِكَ عَلَى رُبُوبِيَّتِهِ , وَدَعَاهُ إِلَى وَحْدَانِيَّتِهِ , وَأَمَرَهُ بِعِبَادَتِهِ , وَإِقَامَةِ الصَّلَاةِ لِذِكْرِهِ , وَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ اصْطَنَعَهُ لِنَفْسِهِ , وَاصْطَفَاهُ بِرِسَالَاتِهِ وَبِكَلَامِهِ , وَأَنَّهُ مَبْعُوثٌ إِلَى الْخَلْقِ بِأَمْرِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 485 415 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ الْأَصْبَهَانِيُّ , ثنا أَبُو سَعِيدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الْبَصْرِيُّ بِمَكَّةَ , ثنا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ , ثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ , عَنْ عَمْرٍو هُوَ ابْنُ دِينَارٍ عَنْ طَاوُسٍ , سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " احْتَجَّ آدَمُ , وَمُوسَى عَلَيْهِمَا السَّلَامُ , فَقَالَ مُوسَى: يَا آدَمُ , أَنْتَ أَبُونَا خَيَّبْتَنَا وَأَخْرَجْتَنَا مِنَ الْجَنَّةَ؟ فَقَالَ لَهُ آدَمُ يَا مُوسَى اصْطَفَاكَ اللَّهُ تَعَالَى بِكَلَامِهِ , وَخَطَّ لَكَ التَّوْرَاةَ , أَتَلُومُنِي عَلَى أَمْرٍ قَدَّرَهُ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَنِي؟ قَالَ: فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى" رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ , عَنْ عَلِيٍّ , وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَاتِمٍ , وَغَيْرِهِ كُلِّهِمْ , عَنْ سُفْيَانَ الحديث: 415 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 486 416 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ , أنا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ , هُوَ ابْنُ مِلْحَانَ ح وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ , أنا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ , ثنا ابْنَ مِلْحَانَ , ثنا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ , ثنا اللَّيْثُ , عَنْ عُقَيْلٍ , عَنِ ابْنِ شِهَابٍ , أَنَّهُ قَالَ: أَخْبَرَنِي [ص: 487] حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " احْتَجَّ آدَمُ وَمُوسَى عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ , فَقَالَ لَهُ مُوسَى: أَنْتَ آدَمُ الَّذِي أَخْرَجَتْ ذُرِّيَّتَكَ مِنَ الْجَنَّةَ؟ , فَقَالَ لَهُ آدَمُ: أَنْتَ مُوسَى الَّذِي اصْطَفَاكَ اللَّهُ تَعَالَى بِرِسَالَاتِهِ وَبِكَلَامِهِ تَلُومُنِي عَلَى أَمَرٍ قَدْ قُدِّرَ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ أُخْلَقَ؟ فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ , عَنْ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ , وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ , عَنِ الزُّهْرِيِّ الحديث: 416 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 486 417 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكَعْبِيُّ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ , أنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ , ثنا هِشَامٌ , ثنا قَتَادَةُ , عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " يُجْمَعُ الْمُؤْمِنُونَ يَوْمَئِذٍ فَيَهْتَمُّونَ لِذَلِكَ الْيَوْمِ , وَيَقُولُونَ: لَوِ اسْتَشْفَعْنَا عَلَى رَبَّنَا حَتَّى يُرِيحَنَا مِنْ مَكَانِنَا هَذَا فَيَأْتُونَ آدَمَ وَيَقُولُونَ له: يَا آدَمُ , أَنْتَ أَبُو النَّاسِ , خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ , وَأَسْجَدَ لَكَ مَلَائِكَتَهُ , وَعَلَّمَكَ أَسْمَاءَ كُلِّ شَيْءٍ , فَاشْفَعْ لَنَا [ص: 488] إِلَى رَبِّنَا حَتَّى يُرِيحَنَا مِنْ مَكَانِنَا هَذَا , فَيَقُولُ لَهُمْ: لَسْتُ هُنَاكُمْ , وَيُذْكَرُ لَهُمْ خَطِيئَتَهُ الَّتِي أَصَابَ , وَلَكِنِ ايتُوا نُوحًا أَوَّلَ رَسُولٍ بَعَثَهُ اللَّهُ إِلَى الْأَرْضِ , فَيَأْتُونَ نُوحًا , فَيَقُولُ لَهُمْ: لَسْتُ هُنَاكُمْ , وَيَذْكُرُ لَهُمْ خَطِيئَتَهُ الَّتِي أَصَابَ , وَلَكِنِ ايتُوا إِبْرَاهِيمَ خَلِيلَ الرَّحْمَنِ , فَيَأْتُونَ إِبْرَاهِيمَ , فَيَقُولُ لَهُمْ: لَسْتُ هُنَاكُمْ , وَيَذْكُرُ لَهُمْ خَطَايَاهُ الَّتِي أَصَابَ , وَلَكِنِ ايتُوا مُوسَى؛ عَبْداً آتَاهُ اللَّهُ التَّوْرَاةَ , وَكَلَّمَهُ تَكْلِيمًا , فَيَأْتُونَ مُوسَى , فَيَقُولُ لَهُمْ: لَسْتُ هُنَاكُمْ , وَيَذْكُرُ لَهُمْ خَطِيئَتَهُ الَّتِي أَصَابَ , وَلَكِنِ ايتُوا عِيسَى رَسُولَ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ وَرُوحَهُ , فَيَأْتُونَ عِيسَى , فَيَقُولُ لَهُمْ: لَسْتُ هُنَاكُمْ , وَلَكِنِ ايتُوا مُحَمَّدًا؛ عَبْدًا غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ , وَمَا تَأَخَّرَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَيَأْتُونَنِي؛ فَأَنْطَلِقَ مَعَهُمْ فَأَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّي فَيُؤْذَنُ لِي , فَإِذَا رَأَيْتُ رَبِّيَ وَقَعَتُ لَهُ سَاجِدًا , فَيَدَعُنِي مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَدَعَنِيَ , ثُمَّ يَقُولُ لِي: يَا مُحَمَّدُ , ارْفَعْ رَأْسَكَ سَلْ تُعْطَهْ وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ , فَأَحْمَدُ رَبِّي بِمَحَامِدَ عَلَّمَنِيهَا وَأَحُدُّ لَهُمْ حَدًّا؛ فَأُدْخِلَهُمُ الْجَنَّةَ , ثُمَّ أَرْجِعُ الثَانِيَةَ فَأَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّي فَيُؤْذَنُ لِي , فَإِذَا رَأَيْتُ رَبِّيَ وَقَعَتُ لَهُ سَاجِدًا فَيَدَعُنِي مَا شَاءَ الْلَّهُ أَنْ يَدَعَنِيَ , ثُمَّ يَقُولُ: يَا مُحَمَّدُ , ارْفَعْ رَأْسَكَ سَلْ تُعْطَ , وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ , فَأَحْمَدُ رَبِّي بِمَحَامِدَ عَلَّمَنِيهَا , ثُمَّ أَحُدُّ لَهُمْ حَدًّا ثَانِيًا فَأُدْخِلَهُمُ الْجَنَّةَ , ثُمَّ أَرْجِعُ الثَّالِثَةَ فَأَسْتَأْذِنَ عَلَى رَبِّي فَيُؤْذَنُ لِي , فَإِذَا رَأَيْتُ رَبِّيَ وَقَعَتُ لَهُ سَاجِدًا فَيَدَعُنِي مَا شَاءَ الْلَّهُ أَنْ يَدَعَنِيَ ثُمَّ يَقُولُ: يَا مُحَمَّدُ , ارْفَعْ رَأْسَكَ , سَلْ تُعْطَهْ وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ , فَأَحْمَدُ رَبِّي بِمَحَامِدَ عَلَّمَنِيهَا , ثُمَّ أَحُدُّ لَهُمْ حَدًّا ثَالِثًا فَأُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ حَتَّى أَرْجِعَ فَأَقُولَ: يَا رَبِّ , مَا بَقِيَ فِي النَّارِ إِلَّا مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْخُلُودُ , أَوْ حَبَسَهُ الْقُرْآنُ " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ , وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى , عَنْ مُعَاذِ بْنِ هِشَامٍ , عَنْ أَبِيهِ , وَفِي هَذَا أَنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ مَخْصُوصٌ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَلَّ ثَنَاؤُهُ كَلَّمَهُ تَكْلِيمًا , وَلَوْ كَانَ إِنَّمَا سَمِعَهُ مِنْ مَخْلُوقٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ خَاصِّيَّةٌ , وَقَوْلُهُ فِي عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ: إِنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ , فَإِنَّمَا يُرِيدُ بِهِ أَنَّهُ بِكَلِمَةِ اللَّهِ تَعَالَى صَارَ مُكَوَّنًا مِنْ غَيْرِ أَبٍ , أَوْ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ , [ص: 489] وَعَنْ كَلِمَتِهِ يَتَكَلَّمُ , وَالْأَوَّلُ أَشْبَهُ بِالتَّخْصِيصِ , وَقَدْ بَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ} [النساء: 171] يَعْنِي - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - أَوْحَى كَلِمَتَهُ إِلَى مَرْيَمَ؛ فَصَارَ عِيسَى مَخْلُوقًا بِكَلِمَتِهِ مِنْ غَيْرِ أَبٍ , ثُمَّ بَيَّنَ الْكَلِمَةَ الَّتِي أَوْحَى إِلَى مَرْيَمَ فَصَارَ عِيسَى بِهَا مَخْلُوقًا , فَقَالَ: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [آل عمران: 59] , فَأَخْبَرَ أَنَّ عِيسَى إِنَّمَا صَارَ مَكُونًا بِكَلِمَةِ كُنْ , كَمَا صَارَ آدَمُ بَشَرًا بِكَلِمَةِ كُنْ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ الحديث: 417 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 487 418 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ , فِي آخَرِينَ قَالُوا: أنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ , ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ , ثنا خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ , عَنْ حُمَيْدٍ الْأَعْرَجِ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَوْمَ كَلَّمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَتْ عَلَيْهِ جُبَّةُ صُوفٍ , وَسَرَاوِيلُ صُوفٍ , وَكِسَاءُ صُوفٍ , وَكُمَّةُ قَلَنْسُوَةُ صُوفٍ , وَنَعْلَاهُ مِنْ جَلْدِ حِمَارٍ غَيْرِ ذَكِيٍّ» الحديث: 418 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 489 419 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أنا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي , ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحُسَيْنِ , ثنا آدَمُ , ثنا وَرْقَاءُ , عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ , عَنْ مُجَاهِدٍ , فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهَمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ} [البقرة: 253] قَالَ: كَلَّمَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ , وَأَرْسَلَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً الحديث: 419 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 490 بَابُ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} [الشورى: 51] قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ} [الشورى: 51] , قَالَ بَعْضُ أَهْلِ التَّفْسِيرِ: فَالْوَحْيُ أَوَّلُ مَا أَرَى اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الْأَنْبِيَاءَ - عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي مَنَامِهِمْ كَمَا أَمَرَ إِبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي مَنَامِهِ بِذِبْحِ ابْنِهِ , فَقَالَ فِيمَا أَخْبَرَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: {إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ} [الصافات: 102] , قَالَ الْإِمَامُ الْمُطَّلِبِيُّ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ التَّفْسِيرِ: رُؤْيَا الْأَنْبِيَاءِ وَحْيٌ؛ لِقَوْلِ ابْنِ إِبْرَاهِيمَ الَّذِي أُمِرَ بِذَبْحِهِ: {افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ} [الصافات: 102] الجزء: 1 ¦ الصفحة: 491 420 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدُوسٍ , ثنا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارَمِيُّ , ثنا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ , ثنا سُفْيَانُ , قَالَ: قَالَ عَمْرٌو هُوَ ابْنُ دِينَارٍ سَمِعْتُ عُبَيْدَ بْنَ عُمَيْرٍ , يَقُولُ: رُؤْيَا الْأَنْبِيَاءِ وَحْيٌ , وَقَرَأَ: {إِنِّي أَرَى فِيَ الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ} [الصافات: 102] رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ , وَرُوِّينَاهُ فِي ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَأَمَّا الْكَلَامُ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ , فَهُوَ كَمَا كَلَّمَ مُوسَى عَلَيْهِ [ص: 492] السَّلَامُ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ , وَالْحِجَابُ الْمَذْكُورُ فِي هَذَا الْوَضْعِ وَغَيْرِهِ يَرْجِعُ إِلَى الْخَلْقِ دُونَ الْخَالِقِ الحديث: 420 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 491 421 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الرُّوذْبَارِيُّ , أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ , ثنا أَبُو دَاوُدَ , ثنا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ , ثنا ابْنُ وَهْبٍ , قَالَ: أَخْبَرَنِي هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ , عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ , قَالَ: يَا رَبِّ , أَرِنَا الَّذِي أَخْرَجَنَا وَنَفْسَهَ مِنَ الْجَنَّةِ , فَأَرَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ [ص: 493] آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ , فَقَالَ: أَنْتَ أَبُونَا آدَمُ؟ فَقَالَ لَهُ آدَمُ: نَعَمْ , قَالَ: أَنْتَ الَّذِي نَفَخَ اللَّهُ فِيكَ مِنْ رُوحِهِ , وَعَلَّمَكَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا , وَأَمَرَ الْمَلَائِكَةَ؛ فَسَجَدُوا لَكَ؟ قَالَ: نَعَمْ , قَالَ: فَمَا حَمَلَكَ عَلَى أَنْ أَخْرَجْتَنَا وَنَفْسَكَ مِنَ الْجَنَّةِ؟ قَالَ لَهُ آدَمُ: وَمَنْ أَنْتَ؟ , قَالَ: أَنَا مُوسَى , قَالَ: أَنْتَ مُوسَى نَبِيُّ بَنِي إِسْرَائِيلَ الَّذِي كَلَّمَكَ اللَّهُ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ َبَيْنَك وبَيْنَهُ رَسُولًا مِنْ خَلْقِهِ؟ قَالَ: نَعَمْ , قَالَ: فَمَا وَجَدْتَ أَنْ ذَلِكَ كَانَ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَبْلَ أَنْ أُخْلَقَ؟ قَالَ: نَعَمْ قَالَ: فِيمَ تَلُومُنِي فِي شَيْءٍ سَبَقَ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ الْقَضَاءُ قَبْلِي؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عِنْدَ ذَلِكَ فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى , فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى " وَأَمَّا الْكَلَامُ بِالرِّسَالَةِ , فَهُوَ إِرْسَالُهُ الرُّوحَ الْأَمِينَ بِالرِّسَالَةِ إِلَى مِنْ شَاءَ مِنْ عِبَادِهِ , قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ} [الشعراء: 193] الحديث: 421 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 492 422 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو , قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ , ثنا هِلَالُ بْنُ الْعَلَاءِ الرَّقِّيُّ , ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ , ثنا الْمُعْتَمِرُ بْنُ [ص: 494] سُلَيْمَانَ , ثنا سَعِيدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الثَّقَفِيُّ , أنا بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيُّ , وَزِيَادُ بْنُ جُبَيْرٍ , عَنْ جُبَيْرِ بْنِ حَيَّةَ , فَذَكَرَ الْحَدِيثَ الطَّوِيلَ فِي بَعْثِ النُّعْمَانِ بْنِ مُقَرَّنٍ إِلَى أَهْلِ الْأَهْوَازِ , وَأَنَّهُمْ سَأَلُوا أَنْ يَخْرُجَ إِلَيْهِمْ رَجُلًا , فَأَخْرَجَ الْمُغِيرَةِ بْنَ شُعْبَةَ , فَقَالَ تَرْجُمَانُ الْقَوْمِ: مَا أَنْتُمْ؟ فَقَالَ الْمُغِيرَةُ: نَحْنُ نَاسٌ مِنَ الْعَرَبِ كُنَّا فِي شَقَاءٍ شَدِيدٍ , وَبَلَاءٍ طَوِيلٍ , نَمُصُّ الْجِلْدَ وَالنَّوَى مِنَ الْجُوعِ , وَنَلْبَسُ الْوَبَرَ وَالشَّعَرَ , وَنَعْبُدُ الشَّجَرَ وَالْحَجَرَ , فَبَيْنَا نَحْنُ كَذَلِكَ إِذْ بَعَثَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ , وَرَبُّ الْأَرْضِ إِلَيْنَا نَبِيًّا مِنْ أَنْفُسِنَا نَعْرِفُ أَبَاهُ , وَأُمِّهِ , فَأَمَرَنَا نَبِيُّنَا رَسُولُ رَبَّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نُقَاتِلَكُمْ حَتَّى تَعْبُدُوا اللَّهَ وَحْدَهُ؟ أَوْ تُؤَدُّوا الْجِزْيَةَ؟ وَأَخْبَرَنَا نَبِيُّنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ رِسَالَةِ رَبِّنَا , أَنَّهُ مَنْ قُتِلَ مِنَّا صَارَ إِلَى الْجَنَّةِ وَنَعِيمٍ لَمْ يَرَ مِثْلَهُ قَطُّ , وَمَنْ بَقِيَ مِنَّا مَلَكَ رِقَابَكُمْ " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ فَضْلِ بْنِ يَعْقُوبَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ الحديث: 422 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 493 423 - أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ قَتَادَةَ , أنا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ زَكَرِيَّا الْأَدِيبُ , ثنا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الْقُبَّانِيُّ , ثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ , أنا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ , ثنا أَبِي , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ , حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ , عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامِ , وَعَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ , وَعَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ [ص: 495] , وَصُلْبُ الْحَدِيثِ , عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ , زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا فُتِنَ أَصْحَابُهُ بِمَكَّةَ أَشَارَ عَلَيْهِمْ أَنْ يَلْحَقُوا بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ» , فَذَكَرَ الْحَدِيثَ , وَقَالَ فِيهِ: فَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِلنَّجَاشِيِّ: بَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْنَا رَسُولًا نَعْرِفُ نَسَبَهُ , وَصِدْقَهُ , وَعَفَافَهُ , فَدَعَا إِلَى أَنْ نَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ لَا نُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا , وَنَخْلَعَ مِنْ يَعْبُدُ قَوْمُهُ وَغَيْرُهُمْ مِنْ دُونِهِ , وَأَمَرَنَا بِالْمَعْرُوفِ , وَنَهَانَا عَنِ الْمُنْكَرِ , وَأَمَرَنَا بِإِقَامِ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَالصَّدَقَةِ وَصِلَةِ الرَّحِمِ , وَكُلِّ مَا نَعْرِفُ مِنَ الْأَخْلَاقِ الْحَسَنَةِ , وَتَلَا عَلَيْنَا تَنْزِيلًا لَا يُشْبِهُهُ شَيْءٌ غَيْرُهُ , فَصَدَّقْنَاهُ , وَآمَنَّا بِهِ , وَعَرَفْنَا أَنَّ مَا جَاءَ بِهِ هُوَ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ قُلْتُ: وَقَدْ كَانَ لِنَبِّينَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمِيعُ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ , أَمَّا الرِّسَالَةُ فَقَدْ كَانَ جِبْرِيلُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - يَأْتِيهِ بِهَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ , وَأَمَّا الرُّؤْيَا فِي الْمَنَامِ , فَقَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ} [الفتح: 27] وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُرِيَ وَهُوَ بِالْحُدَيْبِيَةِ أَنَّهُ يَدْخُلُ مَكَّةَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَهُمْ وَمُقَصِّرِينَ , فَقَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ حِينَ نَحَرَ بِالْحُدَيْبِيَةِ: أَيْنَ رُؤْيَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهَ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ} [الفتح: 27] إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا} [الفتح: 27] يَعْنِي النَّحْرَ بِالْحُدَيْبِيَةِ , ثُمَّ رَجَعُوا فَفَتَحُوا خَيْبَرَ , ثُمَّ اعْتَمَرَ بَعْدَ ذَلِكَ , فَكَانَ تَصْدِيقُ رُؤْيَاهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي السَّنَةِ الْمُقْبِلَةِ « [ص: 496] » 424 - أَخْبَرَنَا بِذَلِكَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي , ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحُسَيْنِ , ثنا آدَمُ , ثنا وَرْقَاءُ , عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ , عَنْ مُجَاهِدٍ , فَذَكَرَهُ وَرُوِّينَا عَنْ عَائِشَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ: أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْوَحْيِ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ فِي النَّوْمِ وَكَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَرَى رُؤْيَا إِلَّا جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ تُرِيدُ ضِيَاءَ الصُّبْحَ إِذَا انْفَلَقَ وَأَمَّا التَّكْلِيمُ فَقَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى} [النجم: 10] , ثُمَّ كَانَ فِيمَا أَوْحَى إِلَيْهِ لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ خَمْسِينَ صَلَاةٍ , فَلَمْ يَزَلْ يَسْأَلُ رَبَّهُ التَّخْفِيفَ لِأُمَّتِهِ حَتَّى صَارَ إِلَى خَمْسِ صَلَوَاتٍ , وَقَالَ لَهُ رَبُّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: إِنِّي لَا يُبَدَّلُ الْقَوْلَ لَدَيَّ , هِيَ كَمَا كَتَبْتُ عَلَيْكَ فِي أُمِّ الْكِتَابِ , وَلَكَ بِكُلِّ حَسَنَةِ عَشْرُ أَمْثَالِهَا , هِيَ خَمْسُونَ فِي أُمِّ الْكِتَابِ , وَهِيَ خَمْسٌ عَلَيْكَ , وَقَدْ مَضَى الْحَدِيثُ فِيهِ , وَاخْتَلَفَ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فِي رُؤْيَتِهِ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ , فَذَهَبَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا إِلَى أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَرَهُ لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ , وَذَهَبَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا إِلَى أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَآهُ لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ , وَنَحْنُ نَذْكُرُ الْأَخْبَارَ فِي ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي مَسْأَلَةِ الرُّؤْيَا وَقَدْ ذَهَبَ الزُّهْرِيُّ , رَحِمَهُ اللَّهُ , فِي تَقْسِيمِ الْوَحْيِ إِلَى زِيَادَةِ بَيَانٍ , وَذَلِكَ فِيمَا الحديث: 423 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 494 425 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ , أنا أَبُو الْحَسَنِ الْمَحْمُودِيُّ , ثنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْحَافِظُ , ثنا أَبُو مُوسَى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى , ثنا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ [ص: 497] , ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ , عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ , سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ , حِينَ سُئِلَ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ , عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} [الشورى: 51] الْآيَةَ قَالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ تَعُمُّ مَنْ أَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ مِنَ النَّبِيِّينَ " , قَالَ: فَالْكَلَامُ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى الَّذِي كَلَّمَ بِهِ مُوسَى مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ , وَالْوَحْيُ مَا يُوحِي اللَّهُ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ مِنْ أَنْبِيَائِهِ , فَيُثَبِّتُ اللَّهُ تَعَالَى مَا أَرَادَ مِنْ وَحَيِّهِ فِي قَلْبِ النَّبِيِّ , فَيَتَكَلَّمُ بِهِ النَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ , وَيُبَيِّنُهُ وَهُوَ كَلَامُ اللَّهِ وَوَحْيُهُ , وَمِنْهُ مَا يَكُونُ بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ لَا يُكَلِّمُ بِهِ أَحَدٌ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ , وَلَكِنَّهُ سِرُّ غَيْبٍ بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ , وَمِنْهُ مَا يَتَكَلَّمُ بِهِ الْأَنْبِيَاءُ , وَلَا يَكُتُبُونَهُ لِأَحَدٍ , وَلَا يَأْمُرُونَ بِكِتَابَتِهِ , وَلَكِنَّهُمْ يُحَدِّثُونَ بِهِ النَّاسَ حَدِيثًا , وَيُبَيِّنُونَ لَهُمْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَهُمْ أَنْ يُبَيِّنُوهُ لِلنَّاسِ وَيُبَلِّغُوهُمْ وَمِنَ الْوَحْيِ مَا يُرْسِلُ اللَّهُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مَنِ اصْطَفَى مِنْ مَلَائِكَتِهِ؛ فَيُكَلِّمُونَ أَنْبِيَاءَهُ مِنَ النَّاسِ , وَمِنَ الْوَحْيِ مَا يُرْسِلُ اللَّهُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ؛ فَيُوحُونَ بِهِ وَحْيًا فِي قُلُوبِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ رُسُلِهِ , وَقَدْ بَيَّنَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَنَا فِي كِتَابِهِ أَنَّهُ يُرْسِلُ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ: {قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ} [البقرة: 97] , وَذَكَرَ أَنَّهُ الرُّوحُ الْأَمِينُ , فَقَالَ: {وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ} [الشعراء: 193] الْآيَةَ، فَذَهَبَ فِي الْوَحْيِ الْأَوَّلِ إِلَى أَنَّهُ مَا يُوحِي اللَّهُ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ فَيُثَبِّتُ مَا أَرَادَ مِنْ وَحْيِهِ فِي قَلْبِهِ , فَيَتَكَلَّمُ بِهِ النَّبِيُّ , وَهَذَا يَجْمَعُ حَالَ الْيَقَظَةِ وَالنَّوْمِ وَذَهَبَ فِيمَا يُوحِي اللَّهُ تَعَالَى إِلَى النَّبِيِّ بِإِرْسَالِ الْمَلَكِ إِلَيْهِ إِلَى أَنَّهُ يَكُونُ عَلَى نَوْعَيْنِ: [ص: 498] «أَحَدُهُمَا» : أَنْ يَأْتِيَهُ الْمَلَكُ فَيُكَلِّمَهُ بِأَمْرِ اللَّهِ تَكْلِيمًا , «وَالْآخَرُ» : أَنَّهُ يَأْتِيهِ فَيُلْقِي فِي رَوْعِهِ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ , وَكُلُّ ذَلِكَ بَيِّنٌ فِي الْأَخْبَارِ الحديث: 425 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 496 426 - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ غَالِبٍ الْخُوَارِزْمِيُّ الْحَافِظُ بِبَغْدَادَ , ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ النَّيْسَابُورِيُّ , ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ , ثنا مِنْجَابُ بْنُ الْحَارِثِ , ثنا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ , عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عَائِشَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: إِنَّ الْحَارِثَ بْنَ هِشَامٍ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَيْفَ يَأْتِيكَ الْوَحْيُ؟ , قَالَ: " كُلَّ ذَلِكَ , يَأْتِي الْمَلَكُ أَحْيَانًا فِي مِثْلِ صَلْصَلَةِ الْجَرَسِ , فَيَفْصِمُ عَنِّي وَقَدْ وَعَيْتُ عَنْهُ , قَالَ: وَهُوَ أَشَدُّهُ عَلَيَّ , وَيَتَمَثَّلُ لِيَ الْمَلَكُ أَحْيَانًا رَجُلًا فَيُكَلِّمُنِي وَأَعِي مَا يَقُولُ " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ , عَنْ فَرْوَةَ بْنِ أَبِي الْمَغْرَاءِ , عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ , وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهَيْنِ آخَرِينَ , عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ الحديث: 426 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 498 427 - أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو , فِي آخَرِينَ قَالُوا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ , أنا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ , أنا الشَّافِعِيُّ , أنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو , مَوْلَى الْمُطَّلِبِ , عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ حَنْطَبٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا تَرَكْتُ شَيْئًا مِمَّا أَمَرَكُمُ اللَّهُ بِهِ إِلَّا وَقَدْ أَمَرْتُكُمْ بِهِ , وَلَا تَرَكْتُ شَيْئًا مِمَّا نَهَاكُمُ اللَّهُ عَنْهُ إِلَّا وَقَدْ نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ , وَإِنَّ الرُّوحَ الْأَمِينَ قَدْ أَلْقَى فِي رَوْعِي أَنَّهُ لَنْ تَمُوتَ نَفْسٌ حَتَّى تَسْتَوْفِيَ رِزْقَهَا , فَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ» وَقَالَ بَعْضُهُمُ عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ: «قَدْ نَفَثَ فِي رَوْعِي» وَقَدْ رَوِّينَاهُ فِي كِتَابِ الْمَدْخَلِ وَغَيْرِهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ مُرْسَلًا وَمُتَّصِلًا [ص: 500] ثُمَّ ذَهَبَ الزُّهْرِيُّ فِي الْوَحْيِ إِلَى أَنَّهُ مِنْهُ مَا كَانَ سِرًّا فَلَمْ يُحَدِّثْ بِهِ النَّبِيُّ أَحَدًا , وَمِنْهُ مَا لَمْ يَكُنْ سِرًّا فَحَدَّثَ بِهِ النَّاسَ , غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَأْمُورًا بِكَتْبِهِ قُرْآنًا , فَلَمْ يُكْتَبْ فِيمَا كُتِبَ مِنَ الْقُرْآنِ. قُلْتُ: وَمِنْهُ مَا كَانَ مَأْمُورًا بِكَتْبِهِ قُرْآنًا فَكُتِبَ فِيمَا كُتِبَ مِنَ الْقُرْآنِ الحديث: 427 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 499 428 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَدِيبُ , أنا أَبُو بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلِيُّ , أَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ , ثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ , ثنا أَبُو عَوَانَةَ , عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ , عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ} [القيامة: 16] قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَالِجُ مِنَ التَّنْزِيلِ شِدَّةً , وَكَانَ يُحَرِّكُ شَفَتَيْهِ فَقَالَ لِي ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا , أَنَا أُحَرِّكُهُمَا لَكَ كَمَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَرِّكُهُمَا , قَالَ سَعِيدٌ: وَأَنَا أُحَرِّكُهُمَا كَمَا كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يُحَرِّكُهُمَا , فَحَرَّكُ شَفَتَيْهِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنَا جَمَعَهُ وَقُرْآنَهُ} [القيامة: 17] , قَالَ: جَمْعُهُ فِي صَدْرِكَ , ثُمَّ تَقْرَؤُهُ: {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ} [القيامة: 18] قَالَ: فَاسْتَمِعْ لَهُ وَأَنْصِتْ , {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا} [القيامة: 19] أَنْ تَقْرَأَهُ , قَالَ: فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَتَاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ اسْتَمَعَ , فَإِذَا انْطَلَقَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَرَأَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا أَقَرَأَهُ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ , عَنْ قُتَيْبَةَ الحديث: 428 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 501 429 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أنا أَحْمَدُ بْنُ سَهْلٍ الْبُخَارِيُّ , ثنا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدَةَ , ثنا يَحْيَى بْنُ جَعْفَرٍ الْبِيكَنْدِيُّ , ثنا وَكِيعٌ ح , وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ , أنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ , ثنا أَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ , وَجَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ - وَاللَّفْظُ لَهُ - قَالَا: ثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ , أنا عِيسَى بْنُ يُونُسَ , قَالَا: ثنا الْأَعْمَشُ , عَنْ إِبْرَاهِيمَ , عَنْ عَلْقَمَةَ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , قَالَ: كُنْتُ أَمْشِي فِي حَرْثٍ بِالْمَدِينَةِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَتَوَكَّأُ عَلَى عَسِيبٍ فَمَرَّ بِنَفَرٍ مِنْ يَهُودَ , فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ , لَوْ سَأَلْتُمُوهُ , وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا تَسْأَلُوهُ فَيُسْمِعَكُمْ مَا تَكْرَهُونَ , فَقَامُوا إِلَيْهِ , فَقَالُوا: يَا أَبَا الْقَاسِمِ أَخْبِرْنَا عَنِ الرُّوحِ , فَقَامَ سَاعَةً يَنْتَظِرُ الْوَحْيَ فَعَرَفْتُ أَنَّهُ يُوحَى إِلَيْهِ , فَتَأَخَّرْتُ عَنْهُ حَتَّى صَعَدَ الْوَحْيُ , ثُمَّ قَالَ: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمَرِ رَبِّي , وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء: 85] " زَادَ وَكِيعٌ فِي رِوَايَتِهِ , قَالَ: فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: قَدْ قُلْنَا لَكُمْ: لَا تَسْأَلُوهُ وَلَمْ يَذْكُرْ قَوْلَهُمْ: فَيُسْمِعَكُمْ مَا تَكْرَهُونَ " [ص: 503] رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ , عَنْ يَحْيَى بْنِ جَعْفَرٍ , عَنْ وَكِيعٍ , وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدٍ , عَنْ عِيسَى , وَرَوَاهُ مُسْلِمُ , عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ , عَنْ عِيسَى , وَعَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ , عَنْ وَكِيعٍ الحديث: 429 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 502 430 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو الْأَدِيبُ , أنا أَبُو بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلِيُّ , أَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ , ثنا أَبُو خَيْثَمَةَ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ , عَنْ عُمَارَةَ , عَنْ أَبِي زُرْعَةَ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , قَالَ: أَتَى جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ , فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ‍ هَذِهِ خَدِيجَةُ أَتَتْكَ بِإِنَاءٍ فِيهِ إِدَامٌ , وَطَعَامٌ , أَوْ شَرَابٌ , فَإِذَا هِيَ أَتَتْكَ فَاقْرَأْ عَلَيْهَا مِنْ رَبِّهَا السَّلَامَ وَبَشِّرْهَا بِبَيْتٍ فِي الْجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ لَا صَخَبَ فِيهِ وَلَا نَصَبَ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ , عَنْ أَبِي خَيْثَمَةَ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ , وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ , عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ فُضَيْلٍ الحديث: 430 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 503 بَابُ مَا جَاءَ فِي إِسْمَاعِ الرَّبِّ عَزَّ وَجَلَّ بَعْضَ مَلَائِكَتِهِ كَلَامَهُ الَّذِي لَمْ يَزَلْ بِهِ مَوْصُوفًا وَلَا يَزَالُ بِهِ مَوْصُوفًا , وَتَنْزِيلُ الْمَلَكِ بِهِ إِلَى مَنْ أُرْسِلَهُ إِلَيْهِ , وَمَا يَكُونُ فِي أَهْلِ السَّمَاوَاتِ مِنَ الْفَزَعِ عِنْدَ ذَلِكَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: " {حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} [سبأ: 23] الجزء: 1 ¦ الصفحة: 504 431 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ الْأَصْبَهَانِيُّ , أنا أَبُو سَعِيدِ بْنُ الْأَعْرَابِيُّ , ثنا سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ , ثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ , عَنْ عَمْرٍو , عَنْ عِكْرِمَةَ ح , وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ , ثنا بِشْرُ بْنُ مُوسَى , ثنا الْحُمَيْدِيُّ , ثنا سُفْيَانُ , ثنا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ , قَالَ: سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ يقول: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِذَا قَضَى اللَّهُ الْأَمْرَ فِي السَّمَاءِ ضَرَبَتِ الْمَلَائِكَةُ بِأَجْنِحَتِهَا خُضْعَانًا لِقَوْلِهِ , كَأَنَّهُ سِلْسِلَةٌ عَلَى صَفْوَانَ , فَإِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ , قَالُوا: مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ؟ , قَالُوا لِلَّذِي قَالَ: الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ فَيَسْمَعُهَا مُسْتَرِقُ السَّمْعِ , [ص: 505] وَمُسْتَرِقُو السَّمْعِ هَكَذَا بَعْضُهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ - وَصَفَّ سُفْيَانُ أَصَابِعَهُ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ - قَالَ: فَيَسْمَعُ الْكَلِمَةَ فَيُلْقِيهَا إِلَى مَنْ تَحْتَهُ , ثُمَّ يُلْقِيَهَا الْآخَرُ إِلَى مَنْ تَحْتَهُ , حَتَّى يُلْقِيَهَا عَلَى لِسَانِ السَّاحِرِ أَوِ الْكَاهِنِ , فَرُبَّمَا أِدْرَكَهُ الشِّهَابُ قَبْلَ أَنْ يُلْقِيَهَا , وَرُبَّمَا أَلْقَاهَا قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَهُ , فَيَكْذِبَ مَعَهَا مِائَةَ كَذِبَةٍ , فَيُقَالُ: أَلَيْسَ قَدْ قَالَ لَنَا يَوْمَ كَذَا وَكَذَا: كَذَا وَكَذَا؟ لِلْكَلِمَةَ الَّتِي سُمِعَتْ مِنَ السَّمَاءِ , فَيُصَدَّقَ بِتِلْكَ الْكَلِمَةِ الَّتِي سُمِعَتْ مِنَ [ص: 506] السَّمَاءِ " لَفْظُ حَدِيثِ الْحُمَيْدِيِّ , وَقَصَّرَ سَعْدَانُ بِإِسْنَادِهِ أَوْ سَقَطَ عَلَيْهِ وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ , عَنِ الْحُمَيْدِيِّ وَعَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي التَّرْجَمَةِ وَقَالَ: مَسْرُوقٍ , عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِذَا تَكَلَّمَ اللَّهُ بِالْوَحْيِ فَذَكَرَ مَا الحديث: 431 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 504 432 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ , وَأَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ , قَالَا: أنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ , ثنا سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ , ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ , ثنا الْأَعْمَشُ , عَنْ مُسْلِمِ بْنِ صُبَيْحٍ , [ص: 507] عَنْ مَسْرُوقٍ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , قَالَ: " إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِذَا تَكَلَّمَ بِالْوَحْيِ سَمِعَ أَهْلُ السَّمَاءِ لِلسَّمَاءِ صَلْصَلَةً كَجَرِّ السِّلْسِلَةِ عَلَى الصَّفَا , فَيُصْعَقُونَ , فَلَا يَزَالُونَ كَذَلِكَ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ , فَإِذَا جَاءَهُمْ جِبْرِيلُ فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ , قَالَ: فَيَقُولُونَ: يَا جِبْرِيلُ مَاذَا قَالَ رَبُّكَ؟ قَالَ: فَيَقُولُ الْحَقَّ , قَالَ: فَيُنَادُونَ الْحَقَّ الْحَقَّ " [ص: 510] 433 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْفَتْحِ هِلَالُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْحَفَّارُ بِبَغْدَادَ , أنا الْحُسَيْنُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَيَّاشٍ الْقَطَّانُ , ثنا عَلِيُّ بْنُ إِشْكَابَ , ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ , عَنِ الْأَعْمَشِ , عَنْ مُسْلِمِ بْنِ صُبَيْحٍ , عَنْ مَسْرُوقٍ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِذَا تَكَلَّمَ بِالْوَحْيِ» فَذَكَرَهُ بِمِثْلِهِ مَرْفُوعًا إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: «فَإِذَا قَالَ رَبُّكُمْ» وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ فِي كِتَابِ السُّنَنِ , عَنْ جَمَاعَةٍ , عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ مَرْفُوعًا الحديث: 432 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 506 434 - أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ , أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ , ثنا أَبُو دَاوُدَ , ثنا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي سُرَيْجِ الرَّازِيُّ , وَعَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ , وَعَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ , قَالُوا: أنا أَبُو مُعَاوِيَةَ , ثنا الْأَعْمَشُ , عَنْ مُسْلِمٍ , عَنْ مَسْرُوقٍ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا تَكَلَّمَ اللَّهُ بِالْوَحْيِ» فَذَكَرَ بِمِثْلِهِ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: " فَيَقُولُونَ: يَا جِبْرِيلُ [ص: 511] مَاذَا قَالَ رَبِّكَ؟ , فَيَقُولُ: الْحَقَّ , قَالَ: فَيَقُولُونَ: الْحَقَّ الْحَقَّ " وَرَوَاهُ شُعْبَةُ عَنِ الْأَعْمَشِ مَوْقُوفًا , وَقِيلَ عَنْهُ أَيْضًا مَرْفُوعًا , وَرُوِيَ مِنْ وَجْهَيْنِ آخَرِينَ مَرْفُوعًا الحديث: 434 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 510 435 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الرُّوذْبَارِيُّ , أنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ , ثنا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيُّ , ثنا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ الْمَرْوَزِيُّ , ثنا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ , عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ , عَنْ ابْنِ أَبِي زَكَرِيَّا , عَنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ , عَنِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِذَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ [ص: 512] يُوحِيَ بِأَمْرِهِ تَكَلَّمَ بِالْوَحْيِ , فَإِذَا تَكَلَّمَ أَخَذْتِ السَّماَوَاتُ رَجْفَةً - أَوْ قَالَ رَعْدَةً - شَدِيدَةً خَوْفًا مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ , فَإِذَا سَمِعَ بِذَلِكَ أَهْلُ السَّمَاوَاتِ صُعِقُوا , وَخَرُّوا لِلَّهِ سُجَّدًا , فَيَكُونُ أَوَّلُ مَنْ يَرْفَعُ رَأْسَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ , فَيُكَلِّمُهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ وَحَيِّهِ مَا أَرَادَ فَيَمْضِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى الْمَلَائِكَةِ كُلَّمَا مَرَّ بِسَمَاءٍ يَسْأَلُهُ مَلَائِكَتُهَا: مَاذَا قَالَ رَبُّنَا يَا جِبْرِيلُ؟ فَيَقُولُ جِبْرِيلُ: قَالَ الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ , قَالَ: فَيَقُولُونَ كُلُّهُمْ مِثْلَ مَا قَالَ جِبْرِيلُ , فَيَنْتَهِي جِبْرِيلُ بِالْوَحْيِ حَيْثُ أَمَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ " الحديث: 435 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 511 436 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ السُّوسِيُّ , قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ , أنا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ [ص: 513] مَزْيَدٍ , أَخْبَرَنِي أَبِي , ثنا الْأَوْزَاعِيُّ , قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ , عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا , قَالَ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ , مِنَ الْأَنْصَارِ أَنَّهُمْ بَيْنَا هُمْ جُلُوسٌ، ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ إِسْحَاقُ , قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَوْفٍ , ثنا أَبُو الْمُغِيرَةِ , ثنا الْأَوْزَاعِيُّ , عَنِ الزُّهْرِيِّ , قَالَ: أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، أُرَاهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ , قَالَ: أَخْبَرَنِي رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْأَنْصَارِ , قَالَ: بَيْنَا هُمْ جُلُوسٌ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ: رُمِيَ بِنَجْمٍ فَاسْتَنَارَ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا رُمِيَ بِمِثْلِ هَذَا؟» قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ , كُنَّا نَقُولُ: وُلِدَ اللَّيْلَةَ رَجُلٌ عَظِيمٌ مَاتَ اللَّيْلَةَ رَجُلٌ عَظِيمٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " فَإِنَّهَا لَا تُرْمَى لِمَوْتِ أَحَدٍ , وَلَا لِحَيَاتِهِ؛ وَلَكِنَّ رَبَّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِذَا قَضَى أَمْرًا سَبَّحَهُ حَمَلَةُ الْعَرْشِ ثُمَّ سَبَّحَهُ أَهْلُ السَّمَاءِ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ , حَتَّى يَبْلُغَ التَّسْبِيحُ أَهْلَ السَّمَاءِ الدُّنْيَا , ثُمَّ يَقُولُ الَّذِينَ يَلُونَ حَمَلَةَ الْعَرْشِ لِحَمَلَةِ الْعَرْشِ: مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ؟ فَيُخْبِرُونَهُمْ , فَيَسْتَخْبِرُ أَهْلُ الْسَّمَاوَاتِ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، حَتَّى يَبْلُغَ الْخَبَرُ هَذِهِ السَّمَاءَ فَتَخْطَفُ الْجِنُّ السَّمْعَ فَيُلْقُونَهُ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ , فَمَا جَاءُوا بِهِ عَلَى وَجْهِهِ فَهُوَ الْحَقُّ , وَلَكِنَّهُمْ يَقْرِفُونَ فِيهِ وَيَزِيدُونَ فِيهِ " أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ وَالْأَوْزَاعِيِّ , وَيُونُسَ بْنِ يَزِيدَ , وَمَعْقِلِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الْجَزَرِيِّ , عَنِ ابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ , وَزَادَ يُونُسَ فِي رِوَايَتِهِ , قَالَ: " وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ} [سبأ: 23] وَقَالَ: وَلَكِنَّهُمْ يَرْقُونَ فِيهِ يَعْنِي يَزِيدُونَ الحديث: 436 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 512 437 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أنا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدُوسٍ الْعَنَزِيُّ , ثنا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدِ الدَّارِمِيُّ , ثنا الْقَعْنَبِيُّ , فِيمَا قَرَأَ عَلَى مَالِكٍ , قَالَ: وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ , ثنا مَالِكٌ , عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا , قَالَتْ: إِنَّ الْحَارِثَ بْنَ هِشَامٍ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ , كَيْفَ يَأْتِيكَ الْوَحْيُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَأْتِينِي أَحْيَانًا فِي مِثْلِ صَلْصَلَةِ الْجَرَسِ وَهُوَ أَشَدُّهُ عَلَيَّ , فَيَفْصِمُ عَنِّي وَقَدْ وَعَيْتُ مَا قَالَ الْمَلِكُ وَأَحْيَانًا يَتَمَثَّلُ لِيَ الْمَلَكُ رَجُلًا فَيُعَلِّمُنِي , وَقَالَ الْقَعْنَبِيُّ فَيُكَلِّمُنِي فَأَعِي مَا يَقُولُ قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْزِلُ عَلَيْهِ الْوَحْيُ فِي الْيَوْمِ الشَّدِيدِ الْبَرْدِ فَيُفْصَمَ , وَإِنَّ جَبِينَهُ لَيَتَفَصَّدُ عَرَقًا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ , عَنْ مَالِكٍ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ وَالصَّلْصَلَةُ: صَوْتُ الْحَدِيدِ إِذَا حُرِّكَ قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: يُرِيدُ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّهُ صَوْتٌ مُتَدَارَكٌ يَسْمَعُهُ وَلَا يَتَبَيَّنَهُ عِنْدَ أَوَّلِ مَا يَقْرَعُ سَمْعَهُ , حَتَّى يَتَفَهَّمَ وَيَسْتَثْبِتَ فَيَتَلَقَّنَهُ حِينَئِذٍ وَيَعِيَهُ , وَلِذَلِكَ قَالَ: «وَهُوَ أَشَدُّهُ عَلَيَّ» , وَقَوْلُهُ فَيَفْصِمُ عَنِّي: مَعْنَاهُ يَقْلِعُ عَنِّي وَيَنْجَلِي مَا يَتَغَشَّانِي مِنْهُ وَقَوْلُهُ: فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ , أَيْ ذَهَبَ الْفَزَعُ عَنْ قُلُوبِهِمْ الحديث: 437 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 514 بَابُ إِسْمَاعِ الرَّبِّ جَلَّ ثَنَاؤُهُ كَلَامَهُ مَنْ شَاءَ مِنْ مَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَعِبَادِهِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} [البقرة: 30] , وَقَالَ جَلَّ وَعَلَا {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ} [البقرة: 35] , وَقَالَ تَعَالَى: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مِنْ كَلَّمَ اللَّهُ} [البقرة: 253] وَذَكَرَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِهِ مَا كَلَّمَ بِهِ مَلَائِكَتَهُ وَرُسُلَهَ وَعِبَادَهَ , وَتِلَاوَةَ جَمِيعِهِ فِي هَذَا الْمَوْضُوعِ مِمَّا يَطُولُ بِهِ الْكِتَابُ , وَكُلُّ ذَلِكَ وَرَدَ بِلَفْظِ الْكَلَامِ أَوِ الْقَوْلِ , أَوِ الْأَمْرِ , أَوِ النِّدَاءِ , وَلَمْ يُطْلَقِ اسْمُ الْخَلْقِ عَلَى شَيْءٍ مِنْهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 515 438 - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ الْحَافِظُ , أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ الْمُقْرِئِ , أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ , حَدَّثَهُمْ , قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ يَعْنِي ابْنَ الْمُتَوَكِّلَ، ثنا الْمُعْتَمِرُ , ثنا أَبِي , عَنْ أَبِي عُثْمَانَ , عَنْ سَلْمَانَ , رَفَعَهُ , قَالَ: لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى آدَمَ قَالَ: يَا آدَمُ وَاحِدَةٌ لِي وَوَاحِدَةٌ لَكَ وَوَاحِدَةٌ بَيْنِي وَبَيْنِكَ , فَأَمَّا الَّتِي لِي فَتَعْبُدَنِي وَلَا تُشْرِكْ بِي [ص: 516] شَيْئًا , وَأَمَّا الَّتِي لَكَ فَمَا عَمِلْتَ مِنْ شَيْءٍ جَزَيْتُكَ بِهِ , وَإِنْ أَغْفِرْ فَأَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ , وَأَمَّا الَّتِي بَيْنِي وَبَيْنِكَ فَمِنْكَ الْمَسْأَلَةُ وَالدُّعَاءُ وَعَلِيَّ الْإِجَابَةُ وَالْعَطَاءُ 439 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ , أنا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ الْفَضْلِ الْخُزَاعِيُّ أَخْبَرَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفِرْيَابِيُّ , ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنِ مُعَاذٍ , أنا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ , قَالَ: قَالَ أَبِي , ثنا أَبُو عُثْمَانَ , عَنْ سَلْمَانَ , قَالَ: لَمَّا خُلِقَ آدَمُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ " فَذَكَرَهُ مَوْقُوفًا الحديث: 438 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 515 440 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْقَارِئُ , ثنا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ , ثنا أَبُو تَوْبَةَ الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ الْحَلَبِيُّ , ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلَّامٍ , حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ سَلَّامٍ , أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَلَّامٍ , يَقُولُ: حَدَّثَنِي أَبُو أُمَامَةَ , أَنَّ رَجُلًا , قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ , أَنَبِيٌّ كَانَ آدَمُ؟ قَالَ: «نَعَمْ مُعَلَّمٌ مُكَلَّمٌ» قَالَ: كَمْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نُوحٍ؟ , قَالَ: «عَشْرَةُ قُرُونٍ» , قَالَ: كَمْ كَانَ بَيْنَ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ؟ قَالَ: «عَشَرَةُ قُرُونٍ» , قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَمْ كَانَتِ الرُّسُلُ؟ قَالَ: ثَلَاثُمِائَةُ وَخَمْسَةُ عَشَرَ جَمًّا غَفِيرًا " الحديث: 440 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 517 441 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ , ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ الْبَصْرِيُّ , ثنا وَهْبُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ , ثنا أَبِي , عَنْ كُلْثُومِ بْنِ جَبْرٍ , عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ: " أَخَذَ اللَّهُ الْمِيثَاقَ مِنْ ظَهْرِ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَأَخْرَجَ مِنْ صُلْبِهِ ذُرِّيَّةً ذَرَاهَا فَنَثَرَهُمْ نَثْرًا بَيْنَ يَدَيْهِ كَالذَّرِّ ثُمَّ كَلَّمَهُمْ , فَقَالَ: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ أَوْتَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ} " الحديث: 441 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 518 442 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ السُّكَّرِيُّ , بِبَغْدَادَ , أنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ , ثنا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ , ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ , أنا مَعْمَرٌ , عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ , أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ , [ص: 520] رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " بَيْنَمَا أَيُّوبُ يَغْتَسِلُ عُرْيَانًا , خَرَّ عَلَيْهِ رِجْلُ جَرَادٍ مِنْ ذَهَبٍ؛ فَجَعَلَ أَيُّوبُ يَحْثِي فِي ثَوْبَهُ , قَالَ: فَنَادَاهُ رَبُهُ: أَلَمْ أَكُ أَغْنَيْتُكَ عَمَّا تَرَى؟ , قَالَ: بَلَى يَا رَبِّ , وَلَكِنْ لَا غِنًى لِي عَنْ بَرَكَتِكَ أَوْ قَالَ: عَنْ فَضْلِكَ " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ , عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ الحديث: 442 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 519 443 - أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ , أنا أَبُو بَكْرٍ الْقَطَّانُ , ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ , ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ , أنا مَعْمَرٌ , عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ , قَالَ: هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الْمَلَائِكَةُ يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ: مَلَائِكَةٌ بِاللَّيْلِ , وَمَلَائِكَةٌ بِالنَّهَارِ , وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ وَصْلَاةِ الْعَصْرِ , ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ فَيَسْأَلُهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ: كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي؟ قَالُوا: تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ , وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ " رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ , عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ , وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الحديث: 443 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 520 444 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ , ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ , ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ , عَنِ الْأَعْمَشِ , عَنْ أَبِي [ص: 521] صَالِحٍ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَةً فَضْلًا عَنْ كُتَّابِ النَّاسِ سَيَّاحِينَ فِي الْأَرْضِ , فَإِذَا وَجَدُوا قَوْمًا يَذْكُرُونَ اللَّهَ تَعَالَى تَنَادَوْا: هَلُمُّوا إِلَى بُغْيَتِكُمْ , قَالَ: فَيَخْرُجُونَ حَتَّى يَحُفُّونَ بِهِمْ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا , قَالَ: فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَيشْ تَرَكْتُمْ عِبَادِي يَصْنَعُونَ؟ قَالَ: فَيَقُولُونَ: تَرَكْنَاهُمْ يَحْمَدُونَكَ , وَيُسَبِّحُونَكَ , وَيُمَجِّدُونَكَ , قَالَ: فَيَقُولُ: هَلْ رَأَوْنِي؟ قَالَ: فَيَقُولُونَ: لَا , قَالَ: فَيَقُولُ: كَيْفَ لَوْ رَأَوْنِي؟ قَالَ: فَيَقُولُونَ: لَوْ رَأَوْكَ لَكَانُوا أَشَدَّ تَمْجِيدًا وَأَشَدَّ ذِكْرًا , قَالَ: فَيَقُولُ: فَأِيشْ يَطْلُبُونَ؟ قَالَ: يَطْلُبُونَ الْجَنَّةَ قَالَ: فَيَقُولُ: هَلْ رَأَوْهَا؟ قَالَ: فَيَقُولُونَ: لَا , قَالَ: فَيَقُولُ: فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْهَا؟ قَالَ: فَيَقُولُونَ: لَوْرَأَوْهَا كَانُوا أَشَدَّ عَلَيْهَا حِرْصًا وَأَشَدَّ لَهَا طَلَبًا , قَالَ: فَيَقُولُ: مِنْ أَيِّ شَيْءٍ يَتَعَوَّذُونَ؟ قَالَ: فَيَقُولُونَ: يَتَعَوَّذُونَ مِنَ النَّارِ قَالَ: فَيَقُولُ: وَهَلْ رَأَوْهَا؟ قَالَ: فَيَقُولُونَ: لَا , قَالَ: فَيَقُولُ: فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْهَا؟ قَالَ: فَيَقُولُونَ: لَوْ رَأَوْهَا , كَانُوا أَشَدَّ مِنْهَا تَعَوُّذًا وَأَشَدَّ مِنْهَا هَرَبًا قَالَ: فَيَقُولُ: فَإِنِّي أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ , قَالَ: فَيَقُولُونَ: فَإِنَّ فِيهِمْ فُلَانًا الْخَطَّاءَ لَمْ يُرِدْهُمْ , إِنَّمَا جَاءَ فِي حَاجَةٍ قَالَ: فَيَقُولُ: فَهُمُ الْقَوْمُ لَا يَشْقَى جَلِيسُهُمْ " أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ جَرِيرٍ عَنِ الْأَعْمَشِ , وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ , عَنْ أَبِيهِ الحديث: 444 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 520 445 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ , أنا أَبُوسَعِيدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الْبَصْرِيُّ , ثنا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاحِ الزَّعْفَرَانِيُّ , ثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ , عَنْ أَبِي الزِّنَادِ , عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ الْأَعْرَجِ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ: " قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِذَا هَمَّ عَبْدِي بِحَسَنَةٍ فَاكْتُبُوهَا - يَعْنِي حَسَنَةً - فَإِنْ عَمِلَهَا فَاكْتُبُوهَا بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا , فَإِنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَا تَكْتُبُوهَا , فَإِنْ عَمِلَهَا فَاكْتُبُوهَا مِثْلَهَا , فَإِنْ تَرَكَهَا , فَاكْتُبُوهَا حَسَنَةً " رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ , عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ , وَغَيْرِهِ , عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ الحديث: 445 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 522 446 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أنا أَبُو الْفَضْلِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ , ثنا أَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ , حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدِ , وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ قَالَ قُتَيْبَةُ ثنا , وَقَالَ ابْنُ عَبْدَةَ: أنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ , عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , قَالَ: إِنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ: " إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ عَبْدًا نَادَى جِبْرِيلَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ , قَدْ أَحْبَبْتُ فُلَانًا؛ فَأَحِبَّهُ , قَالَ: فَيُنَادِي فِي السَّمَاءِ , ثُمَّ يُنْزِلُ لَهُ الْمَحَبَّةَ فِي [ص: 523] أَهْلِ الْأَرْضِ , فَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا} [مريم: 96] وَإِذَا أَبْغَضَ عَبْدًا نَادَى جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ , قَدْ أَبْغَضْتُ فُلَانًا , فَيُنَادِي فِي أَهْلِ السَّمَاءِ , ثُمَّ يُنْزِلُ لَهُ الْبَغْضَاءَ فِي أَهْلِ الْأَرْضِ " رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ قُتَيْبَةَ , وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ , عَنْ أَبِي صَالِحٍ الحديث: 446 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 522 بَابُ رِوَايَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ , وَالتَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ , سِوَى مَا فِي الْكِتَابِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى} [النجم: 4] وَقَالَ جَلَّ وَعَلَا: {وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ} [مريم: 64] الجزء: 1 ¦ الصفحة: 524 447 - أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ , وَأَبُو يَعْلَى الْمُهَلَّبِيُّ , قَالَا: أنا أَبُو بَكْرٍ الْقَطَّانُ , ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ السُّلَمِيُّ , ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ , أنا مَعْمَرٌ , عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ , قَالَ: هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: أَعْدَدْتُ لِعِبَادِيَ الصَّالِحِينَ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ , وَلَا أُذُنٌ سَمِعْتُ , وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ " , قَالَ: وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي " قَالَ: وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: كَذَّبَنِي عَبْدِي , وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ , وَشَتَمَنِي عَبْدِي , وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ , أَمَّا تَكْذِيبُهُ إِيَّايَ؛ أَنْ يَقُولَ: لَنْ يُعِيدَنَا كَمَا بَدَأْنَا , وَأَمَّا شَتْمُهُ إِيَّايَ؛ يَقُولُ: اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا , وَأَنَا الصَّمَدُ لَمْ أَلِدْ , وَلَمْ أُولَدْ , وَلَمْ يَكُنْ لِي كُفُوًا أَحَدٌ " , قَالَ: وَقَالَ رَسُولُ [ص: 525] اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: أَنْفِقْ , أُنْفِقْ عَلَيْكَ " قَالَ: وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ: إِذَا تَلَقَّانِي عَبْدِي بِشِبْرٍ تَلَقَّيْتُهُ بِذِرَاعٍ , وَإِذَا تَلَقَّانِي بِذِرَاعٍ تَلَقَّيْتُهُ بِبَاعٍ , وَإِذَا تَلَقَّانِي بِبَاعٍ , جِئْتُهُ أَوْ أَتَيْتُهُ بِأَسْرَعَ " أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ الْحَدِيثَ الْأَوَّلَ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ مَعْمَرٍ , وَأَخْرَجَ الْحَدِيثَ الثَّالِثَ عَنْ إِسْحَاقَ , عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ الْحَدِيثَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعِ , عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ الحديث: 447 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 524 448 - أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ , أنا أَبُو حَامِدِ بْنُ بِلَالٍ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ حَيَّوَيْهِ الْإِسْفَرَايِينِي , ثنا أَبُو الْيَمَانِ , أنا شُعَيْبٌ , ثنا أَبُو الزِّنَادِ , عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي , وَأَنَا مَعَهُ حَيْثُ يَذْكُرُنِي " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي الْيَمَانِ الحديث: 448 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 525 449 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ الْعَدْلُ , بِبَغْدَادَ , أنا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو الرَّزَّازُ , ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ , ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ , عَنِ الْأَعْمَشِ , عَنْ أَبِي صَالِحٍ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي , وَأَنَا مَعَهُ حِينَ يَذْكُرُنِي , فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي , وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَأٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَأٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ , وَإِنِ اقْتَرَبَ إِلَيَّ شِبْرًا اقْتَرَبْتُ مِنْهُ ذِرَاعًا , وَإِنَّ [ص: 526] اقْتَرَبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا , اقْتَرَبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا , وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ أُهَرْوِلُ " رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ , عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ , عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ , عَنِ الْأَعْمَشِ الحديث: 449 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 525 450 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أنا أَبُو الْحُسَيْنِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَاتِي الدِّهْقَانُ بِالْكُوفَةِ ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعَبْسِيُّ , ثنا وَكِيعٌ , ح وَأنا أَبُو عَمْرٍو , أنا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ , ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ , ثنا وَكِيعٌ , عَنِ الْأَعْمَشِ , عَنِ الْمَعْرُورِ بْنِ سُوَيْدٍ , عَنْ أَبِي ذَرٍّ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشَرُ أَمْثَالِهَا أَوْ أَزِيدُ , وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ مِثْلُهَا أَوْ أَغْفِرُ , وَمَنْ تَقَرَّبَ مِنِّي شِبْرًا؛ تَقَرَّبْتُ مِنْهُ ذِرَاعًا , وَمَنْ تَقَرَّبَ مني ذِرَاعًا؛ تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بَاعًا , وَمَنْ أَتَانِي يَمْشِي؛ أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً , وَمَنْ لَقِيَنِي بِقُرَابِ الْأَرْضِ خَطِيئَةً لَا يُشْرِكُ بِي شَيْئًا؛ لَقِيتُهُ بِمِثْلِهَا مَغْفِرَةً " رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: قَوْلُهُ: إِذَا تَقَرَّبَ الْعَبْدُ إِلَيَّ شِبْرًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا , هَذَا مَثَلٌ وَمَعْنَاهُ حُسْنُ الْقَبُولِ وَمُضَاعَفَةُ الثَّوَابِ عَلَى قَدْرِ الْعَمَلِ الَّذِي يَتَقَرَّبُ [ص: 527] بِهِ الْعَبْدُ إِلَى رَبِّهِ , حَتَّى يَكُونَ ذَلِكَ مُمَثَّلًا بِفِعْلِ مَنْ أَقْبَلَ نَحْوَ صَاحِبِهِ قَدْرَ شِبْرٍ فَاسْتَقْبَلَهُ صَاحِبُهُ ذِرَاعًا , وَكَمَنْ مَشَى إِلَيْهِ فَهَرْوَلَ إِلَيْهِ صَاحِبُهُ قَبُولًا لَهُ , وَزِيَادَةً فِي إِكْرَامِهِ , وَقَدْ يَكُونُ مَعْنَاهُ التَّوْفِيقَ لَهُ , وَالتَّيْسِيرَ لِلْعَمَلِ الَّذِي يُقَرِّبُهُ مِنْهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ الحديث: 450 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 526 451 - حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ يُوسُفَ إِمْلَاءً أنا أَبُو سَعِيدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الْبَصْرِيُّ بِمَكَّةَ أنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَنْصُورٍ , ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ , ثنا شُعْبَةُ , عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ , عَنِ الْأَغَرِّ أَبِي مُسْلِمٍ , أَنَّهُ شَهِدَ عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا؛ أَنَّهُمَا شَهِدَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , أَنَّهُ قَالَ: «مَا جَلَسَ قَوْمٌ يَذْكُرُونَ اللَّهَ تَعَالَى إِلَّا حَفَّتْ بِهِمُ الْمَلَائِكَةُ , وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ , وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ , عَنِ ابْنِ مَهْدِيٍّ وَلِهَذَا وَأَمْثَالِهِ قُلْنَا: إِنَّ اسْمَ الشَّكُورِ يَرْجِعُ إِلَى إِثْبَاتِ صِفَةِ الْكَلَامِ الحديث: 451 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 527 452 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحِ بْنِ هَانِئٍ , ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نَصْرٍ , ثنا أَبُو نُعَيْمٍ , ثنا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ , عَنْ مُجَاهِدٍ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُبَاهِيَ بِأَهْلِ عَرَفَاتٍ أَهْلَ السَّمَاءِ» فَيَقُولُ انْظُرُوا إِلَى عِبَادِي جَاءُونِي شُعْثًا غُبْرًا " الحديث: 452 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 527 453 - أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ , أنا أَبُو مُحَمَّدٍ حَاجِبُ بْنُ أَحْمَدَ الطُّوسِيُّ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ حَمَّادٍ الْأَبِيوَرْدِيُّ , ثنا وَكِيعٌ , عَنْ سُفْيَانَ , عَنْ آدَمَ بْنِ سُلَيْمَانَ , مَوْلَى خَالِدِ بْنِ خَالِدٍ , قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ , يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا , قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ} [البقرة: 284] [ص: 529] قَالَ: دَخَلَ قُلُوبَهُمْ مِنْهَا شَيْءٌ لَمْ يُدْخِلْهُ مِنْ شَيْءٍ , فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " قُولُوا: قَدْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَسَلَّمْنَا " قَالَ: فَأَلْقَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْإِيمَانَ فِي قُلُوبِهِمْ , فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {آمَنِ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ} [البقرة: 285] إِلَى قَوْلهِ تَعَالَى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة: 286] قَالَ: " قَدْ فَعَلْتُ: {رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا} [البقرة: 286] قَالَ: " قَدْ فَعَلْتُ , {وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} [البقرة: 286] , قَالَ: «قَدْ فَعَلْتُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَغَيْرِهِ , عَنْ وَكِيعٍ الحديث: 453 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 528 454 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ السُّلَمِيُّ وَأَبُو نَصْرٍ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ قَتَادَةَ قَالَا: أنا أَبُو عَمْرِو بْنُ نُجَيْدٍ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْعَبْدِيُّ , ثنا ابْنُ بُكَيْرٍ , ثنا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ , عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا السَّائِبِ , مَوْلَى هِشَامِ بْنِ زُهْرَةَ , يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مِنْ صَلَّى صَلَاةً لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَهِيَ خِدَاجٌ فَهِيَ خِدَاجٌ فَهِيَ خِدَاجٌ غَيْرُ تَمَامٍ» فَقُلْتُ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ , إِنِّي أَكُونُ أَحْيَانًا وَرَاءَ الْإِمَامِ قَالَ: فَغَمَزَ ذِرَاعِي , وَقَالَ: يَا فَارِسِيُّ , اقْرَأْ بِهَا فِي نَفْسِكَ؛ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , يَقُولُ: " قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: قَسَمْتُ الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ: فَنِصْفَهَا لِي , وَنِصْفَهَا لِعَبْدِي , وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ " , قَالَ [ص: 530] رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اقْرَؤُوا , يَقُولُ الْعَبْدُ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: 2] , يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى حَمِدَنِي عَبْدِي , يَقُولُ الْعَبْدُ: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: 1] , يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي , يَقُولُ الْعَبْدُ: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} , يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: مَجَّدَنِي عَبْدِي , يَقُولُ الْعَبْدُ: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5] فَهَذِهِ الْآيَةُ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي , وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ , يَقُولُ الْعَبْدُ: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7] , فَهَؤُلَاءِ لِعَبْدِي , وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ " رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ , عَنْ قُتَيْبَةَ بْنِ سَعِيدٍ , عَنْ مَالِكٍ الحديث: 454 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 529 455 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الْخَالِقِ بْنِ عَلِيٍّ الْمُؤَذِّنُ , أنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ خَنْبٍ , ثنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي الْعَوَّامِ , ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ , أنا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى ح , وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أَخْبَرَنِي أَبُو قُتَيْبَةَ سَلَمُ بْنَ الْفَضْلِ الْآدَمِيُّ بِمَكَّةَ , ثنا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ الْقَاضِي , ثنا أَبُو الْوَلِيدِ ح , وَأَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ , أنا عَلِيُّ بْنُ حَمْشَاذٍ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ غَالِبٍ , ثنا عَبْدُ الصَّمَدِ , وَأَبُو الْوَلِيدِ , قَالَا: ثنا هَمَّامُ , عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ , حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي عَمْرَةَ , قَالَ: [ص: 531] سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , يَقُولُ: " إِنَّ رَجُلًا أَصَابَ ذَنْبًا , فَقَالَ: رَبِّ , إِنِّي أَصَبْتُ ذَنْبًا وَرُبَّمَا قَالَ: أَذْنَبْتُ ذَنْبًا فَاغْفِرْهُ لِي , فَقَالَ رَبُّهُ: عِلْمَ عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الْذَّنْبَ , وَيَأْخُذُ بِهِ , قَدْ غَفَرْتُ لِعَبْدِي , قَالَ: ثُمَّ مَكَثَ مَا شَاءَ اللَّهُ , ثُمَّ أَذْنَبَ ذَنْبًا آخَرَ , فَقَالَ: رَبِّ , إِنِّي أَذْنَبْتُ ذَنْبًا وَرُبَّمَا قَالَ: أَصَبْتُ ذَنْبًا فَاغْفِرْهُ لِي , فَقَالَ رَبُّهُ: عَلِمَ عَبْدِي أَنَّ لَهُ رِبًا يَغْفِرُ الذَّنْبَ , وَيَأْخُذُ بِهِ , فَقَدْ غَفَرْتُ لِعَبْدِي , ثُمَّ مَكَثَ مَا شَاءَ اللَّهُ , ثُمَّ أَذْنَبَ ذَنْبًا آخَرَ , فَقَالَ: رَبِّ , إِنِّي أَذْنَبْتُ ذَنْبًا وَرُبَّمَا قَالَ: أَصَبْتُ ذَنْبًا , فَاغْفِرْهُ لِي , فَقَالَ رَبُّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: عَلِمَ عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ , وَيَأْخُذُ بِهِ؛ قَدْ غَفَرْتُ لِعَبْدِي فَلْيَعْمَلْ مَا شَاءَ " لَفْظُ حَدِيثِ أَبِي الْوَلِيدِ , رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ , عَنْ عَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ , عَنْ أَبِي الْوَلِيدِ , وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ , عَنْ هَمَّامٍ الحديث: 455 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 530 456 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي , ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحُسَيْنِ , حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسَ , ثنا شُعْبَةُ , حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ , قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَا يُرْوَى عَنْ رَبِّكُمْ تَبَارَكَ [ص: 532] وَتَعَالَى؛ أَنَّهُ قَالَ: «لِكُلِّ عَمَلٍ كَفَّارَةٌ , وَالصَّوْمُ لِي , وَأَنَا أَجْزِي بِهِ , وَلَخَلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ , عَنْ آدَمَ بْنِ أَبِي إِيَاسَ الحديث: 456 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 531 457 - أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ , وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو فِي آخَرِينَ , قَالُوا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ , أنا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ , أنا الشَّافِعِيُّ , أَنْبَأَنَا مَالِكٌ ح , وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ , أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ , حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ , حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ , عَنْ مَالِكٍ , عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ , عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ , عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدِ الْجُهَنِيِّ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , أَنَّهُ قَالَ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الصُّبْحِ فِي الْحُدَيْبِيَةِ فِي إِثْرِ سَمَاءٍ كَانَتْ مِنَ اللَّيْلِ , فَلَمَّا انْصَرَفَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ , فَقَالَ: «هَلْ تَدْرُونَ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ؟» , قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَالَ: " أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي , وَكَافِرٌ , فَأَمَّا مَنْ قَالَ: مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ , فَذَلِكَ مُؤْمِنٌ بِي كَافِرٌ بِالْكَوَاكِبِ , وَأَمَّا مَنْ قَالَ: مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا , فَذَلِكَ كَافِرٌ بِي مُؤْمِنٌ بِالْكَوَاكِبِ " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنِ الْقَعْنَبِيِّ , وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ , عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى , عَنْ مَالِكٍ الحديث: 457 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 532 458 - ثنا الْفَقِيهُ أَبُو الطِّيبِ سَهْلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ إِمْلَاءً حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ , أنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ , أنا أَبِي وَشُعَيْبُ بْنُ [ص: 533] اللَّيْثِ , قَالَا: أنا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ , عَنِ ابْنِ الْهَادِ , عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو , مَوْلَى الْمُطَّلِبِ , عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيُّ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَقُولُ: أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ , فَمَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ غَيْرِي فَأَنَا مِنْهُ بَرِيءٌ , وَهُوَ مِنَ الَّذِي عَمِلَهُ " تَابَعَهُ الْعَلَاءُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَمَنْ ذَلِكَ الْوَجْهِ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ الحديث: 458 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 532 459 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ فِي الْأَمَالِي ثنا أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الْحَافِظُ بِهَمَذَانَ , حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحُسَيْنِ , ثنا أَبُو مُسْهِرٍ عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ مُسْهِرٍ , ثنا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ التَّنُوخِيُّ , عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ يَزِيدَ , عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيُّ , عَنْ أَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيُّ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " عَنْ جِبْرِيلَ , عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَنِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى؛ أَنَّهُ قَالَ: يَا عِبَادِي , إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي , وَجَعَلْتُهُ مُحْرِمًا بَيْنَكُمْ , فَلَا تَظَّالَمُوا , يَا عِبَادِي , إِنَّكُمْ تُخْطِئُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ , وَأَنَا الَّذِي أَغْفِرُ الذُّنُوبَ وَلَا أُبَالِي , فَاسْتَغْفِرُونِي أَغْفِرْ لَكُمْ , يَا عِبَادِي , كُلُّكُمْ جَائِعٌ إِلَّا مَنْ أَطْعَمْتُ , فَاسْتَطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمْ , يَا عِبَادِي , كُلُّكُمْ عَارٍ إِلَّا مَنْ كَسَوْتُ , فَاسْتَكْسُونِي أَكْسُكُمْ , يَا عِبَادِي , لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ , وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ , كَانُوا عَلَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ مِنْكُمْ لَمْ يَزِدْ ذَلِكَ [ص: 534] فِي مُلْكِي شَيْئًا , يَا عِبَادِي , لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ , وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ , كَانُوا عَلَى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ مِنْكُمْ لَمْ يَنْقُصْ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِي شَيْئًا , يَا عِبَادِي , لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ , وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمُ اجْتَمَعُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ , فَسَأَلُونِي؛ فَأَعْطَيْتُ كُلَّ إِنْسَانٍ مِنْكُمْ مَا سَأَلَ لَمْ يَنْقُصْ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِي إِلَّا كَمَا يَنْقُصُ الْبَحْرُ أَنْ يَغْمِسَ فِيهِ الْمِخْيَطُ غَمْسَةً وَاحِدَةً , يَا عِبَادِي , إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أَحْفَظُهَا عَلَيْكُمْ , فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا؛ فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ , وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ " قَالَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: وَكَانَ أَبُو إِدْرِيسَ إِذَا حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ جَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ إِعْظَامًا لَهُ رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ , عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيِّ , عَنْ أَبِي مُسْهِرٍ الحديث: 459 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 533 460 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أَخْبَرَنِي أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ زِيَادٍ الْعَدْلُ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ هُوَ ابْنُ خُزَيْمَةَ ثنا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى , أنا ابْنُ وَهْبٍ , قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ , قَالَ: إِنَّ بَكْرَ بْنَ سَوَادَةَ حَدَّثَهُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرٍ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا , قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَلَا قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: " {رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ [ص: 535] تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي} [إبراهيم: 36] " الْآيَةَ , وَقَوْلَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: " {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [المائدة: 118] فَرَفَعَ يَدَيْهِ , وَقَالَ: «اللَّهُمَّ أُمَّتِي أُمَّتِي» وَبَكَى , قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: يَا جِبْرِيلُ , اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ فَسَلْهُ مَا يُبْكِيكَ؟ فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فَسَأَلَهُ , فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا قَالَ - وَهُوَ أَعْلَمُ - فَقَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: يَا جِبْرِيلُ , اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ , وَقُلْ: إِنَّا سَنُرْضِيكَ فِي أُمَّتِكَ وَلَا نَسُوُءُكَ " رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ , عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى الحديث: 460 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 534 461 - أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ , مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُقَاتِلٍ الْهَاشِمِيُّ - قَدِمَ عَلَيْنَا نَيْسَابَورَ حَاجًّا - قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَابِرٍ , حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو أَحْمَدُ بْنُ نَصْرٍ الْخَفَّافُ , ثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ , أنا جَرِيرُ ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنُ فِرَاسٍ بِمَكَّةَ، أنا أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْجُمَحِيُّ , ثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ , ثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الطَّالْقَانِيُّ , ثنا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ , عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ , عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ , عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا , قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ , أَيُّ الْبِقَاعِ خَيْرٌ؟ فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا أَدْرِي» فَقَالَ: أَيُّ الْبِقَاعِ شَرٌّ، فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا أَدْرِي» , فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ , فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [ص: 536] " يَا جِبْرِيلُ , أَيُّ الْبِقَاعِ خَيْرٌ؟ قَالَ: " لَا أَدْرِي , قَالَ: أَيُّ الْبِقَاعِ شَرٌّ؟ قَالَ: لَا أَدْرِي , قَالَ: سَلْ رَبَّكَ , قَالَ: فَانْتَفَضَ جِبْرِيلُ انْتِفَاضَةً كَادَ يُصْعَقُ مِنْهَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ: مَا أَسْأَلُهُ عَنْ شَيْءٍ، فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: سَأَلَكَ مُحَمَّدٌ أَيُّ الْبِقَاعِ خَيْرٌ؟ فَقُلْتَ: لَا أَدْرِي , وَسَأَلَكَ أَيُّ الْبِقَاعِ شَرٌّ؟ فَقُلْتَ: لَا أَدْرِي , فَأَخْبَرَهُ أَنَّ خَيْرَ الْبِقَاعِ الْمَسَاجِدُ , وَأَنَّ شَرَّ الْبِقَاعِ الْأَسْوَاقُ " لَفْظُ حَدِيثِ الطَّالْقَانِيِّ الحديث: 461 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 535 462 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أنا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دُحَيْمٍ الشَّيْبَانِيُّ بِالْكُوفَةِ , ثنا أَحْمَدُ بْنُ حَازِمِ بْنِ أَبِي غَرَزَةَ , أنا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدِ الطَّنَافِسِيُّ , [ص: 537] وَالْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ , قَالَا: ثنا عُمَرُ بْنُ ذَرٍّ , عَنْ أَبِيهِ ح , وَأَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ بَالَوَيْهِ الْمُزَكِّي , أنا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْكَارِزِيُّ , ثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ , ثنا أَبُو نُعَيْمٍ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ , ثنا عُمَرُ بْنُ ذَرٍّ , قَالَ: سَمِعْتُ أَبِيَ يُحَدِّثُ , عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِجِبْرِيلَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: " مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَزُورَنَا أَكْثَرَ مِمَّا تَزُورُنَا؟ فَقَالَ: {وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ} [مريم: 64] الْآيَةَ " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ , عَنْ فَضْلِ بْنِ دُكَيْنٍ الحديث: 462 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 536 بَابُ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} [غافر: 16] الجزء: 1 ¦ الصفحة: 538 463 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ , بِبَغْدَادَ , أنا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمِصْرِيُّ , ثنا رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ , ثنا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ , حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ , حَدَّثَنِي ابْنُ مُسَافِرٍ , عَنِ ابْنِ شِهَابٍ , عَنْ أَبِي سَلَمَةَ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " يَقْبِضُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْأَرْضَ وَيَطْوِي السَّمَاءَ بِيَمِينِهِ , ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ أَيْنَ مُلُوكُ الْأَرْضِ " أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ , عَنْ سَعِيدِ بْنِ عُفَيْرٍ الحديث: 463 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 538 بَابُ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ} [المائدة: 109] قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ} [المائدة: 109] , وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ} [القصص: 65] , وَقَوْلُهُ جَلَّ وَعَلَا: {وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتُ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ} [المائدة: 116] وَقَوْلُهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ} [الأعراف: 7] الجزء: 1 ¦ الصفحة: 539 464 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أنا أَبُو بَكْرِ مُحَمَّدٌ بْنُ أَحْمَدَ بَالَوَيْهِ , ثنا إِسْحَاقُ بْنُ الْحَسَنِ الْحَرْبِيُّ , ثنا عَفَّانُ , ثنا عَبْدُ الْوَاحِدِ , ثنا سُلَيْمَانُ الْأَعْمَشُ , عَنْ أَبِي صَالِحٍ , عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَجِيءُ نُوحٌ وَأُمَّتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ , فَيَقُولُ اللَّهُ لِنُوحٍ: هَلْ بَلَّغْتَ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ يَا رَبِّ , فَيَقُولُ لِأُمَّتِهِ: هَلْ بَلَّغَكُمْ؟ , فَيَقُولُونَ: مَا جَاءَنَا مِنْ نَذِيرٍ , قَالَ: مَنْ يَشْهَدُ لَكَ , قَالَ: مُحَمَّدٌ وَأُمَّتُهُ , قَالَ: فَنَجِيءُ فَنَشْهَدُ أَنَّهُ قَدْ بَلَّغَ قَالَ: فَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} [البقرة: 143] [ص: 540] " وَالْوَسَطُ الْعَدْلُ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ , عَنْ مُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ زِيَادٍ الحديث: 464 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 539 465 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْعَلَوِيُّ , أنا أَبُو حَامِدٍ , أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنُ يَحْيَى بْنِ بِلَالٍ الْبَزَّازُ , ثنا أَحْمَدُ بْنُ حَفْصِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ , حَدَّثَنِي أَبِي , حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ , عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ , عَنَّ مُرِيِّ بْنِ قَطَرِيِّ , عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ , أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لِيَقِ أَحَدُكُمْ وَجْهَ النَّارِ , وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ , فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَبِكَلِمَةٍ طَيْبَةٍ , فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا لَقِيَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ , يَقُولُ لَهُ: أَلَمْ أَجْعَلْ لَكَ سَمِعًا وَبَصَرًا؟ فَيَقُولُ بَلَى: فَيَقُولُ: أَلَمْ أَجْعَلْ لَكَ مَالًا وَوَلَدًا؟ فَيَقُولُ: بَلَى فَيَقُولُ: فَمَاذَا قَدَّمْتَ لِنَفْسِكَ؟ قَالَ: فَيَنْظُرُ شِمَالًا وَيَمِينًا فَلَا يَرَى شَيْئًا " الحديث: 465 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 540 466 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ إِمْلَاءً أنا بِشْرُ بْنُ مُوسَى , ثنا الْحُمَيْدِيُّ , ثنا سُفْيَانُ , ثنا سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي حَدِيثِ الرُّؤْيَا , قَالَ فِيهِ: " فَيُلْقَى الْعَبْدُ , فَيَقُولُ: أَيْ فُلْ , أَلَمْ أُكْرِمْكَ , وَأُسَوِّدْكَ , وَأُزَوِّجْكَ وَأُسَخِّرْ لَكَ الْخَيْلَ وَالْإِبِلَ , وَأَذَرْكَ تَرْأَسُ وَتَرْتعُ؟ قَالَ: فَيَقُولُ: بَلَى أَيْ رَبِّ , قَالَ: فَيَقُولُ: أَفَظَنَنْتَ أَنَّكَ مُلَاقِيَّ؟ فَيَقُولُ: لَا , فَيَقُولُ: فَإِنِّي أَنْسَاكَ كَمَا نَسِيتَنِي ثُمَّ يَلْقَى الثَّانِي , فَيَقُولُ: أَيْ فُلْ , فَذَكَرَ مِثْلَ مَا قَالَ لِلْأَوَّلِ ثُمَّ يَلْقَى الثَّالِثَ , فَيَقُولُ: آمَنْتُ بِكَ وَبِكِتَابِكَ وَبِرَسُولِكَ , وَصَلَّيْتُ , وَصُمْتُ , وَتَصَدَّقْتُ وَيُثْنِي بِخَيْرٍ مَا اسْتَطَاعَ , قَالَ: فَيَقُولُ: فَهَا هُنَا إِذًا قَالَ: ثُمَّ يُقَالُ: الْآنَ نَبْعَثُ شَاهِدَنَا عَلَيْكَ , فَيَتَفَكِّرُ فِي نَفْسِهِ مَنِ الَّذِي يَشْهَدُ عَلَيَّ؟ فَيُخْتَمُ عَلَى فِيهِ , وَيُقَالُ لِفَخِذِهِ: انْطِقِي , فَيَنْطِقُ فَخِذُهُ , وَلَحْمُهُ , وَعِظَامُهُ بِعَمَلِهِ مَا كَانَ ذَلِكَ لَيَتَعَذَّرَ مِنْ نَفْسِهِ , وَذَلِكَ الْمُنَافِقُ " وَذَكَرَ الْحَدِيثَ رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ , عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَرَ , عَنْ سُفْيَانَ الحديث: 466 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 541 467 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ , قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يعقوب، ثنا محمد بْنُ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيُّ، حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي النَّضْرِ , أنا أَبُو النَّضْرِ , عَنِ الْأَشْجَعِيِّ , عَنْ سُفْيَانَ , عَنْ عُبَيْدٍ الْمُكْتِبِ , عَنْ فُضَيْلِ بْنِ عَمْرٍو، [ص: 542] عَنِ الشَّعْبِيِّ , عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَضَحِكَ , فَقَالَ: «هَلْ تَدْرُونَ مِمَّا أَضْحَكُ؟» قَالَ: قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ: " مِنْ مُخَاطَبَةِ الْعَبْدِ رَبَّهُ , يَقُولُ: يَا رَبِّ , أَلَمْ تُجِرْنِي مِنَ الظُّلْمِ؟ قَالَ: يَقُولُ: بَلَى , قَالَ: فَيَقُولُ: فَإِنِّي لَا أُجِيزُ عَلَى نَفْسِي إِلَّا شَاهِدًا مِنِّي قَالَ: فَيَقُولُ: فَكَفَى بِنَفْسِكَ عَلَيْكَ شَهِيدًا , وَبِالْكِرَامِ الْكَاتِبِينَ شُهُودًا قَالَ: فَيُخْتَمُ عَلَى فِيهِ وَيُقَالُ لِأَرْكَانِهِ: انْطِقِي , قَالَ: تَنْطِقُ بِأَعْمَالِهِ , ثُمَّ قَالَ: يُخَلِّي بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَلَامِ , قَالَ: فَيَقُولُ: بُعْدًا وَسُحْقًا فَعَنْكُنَّ كُنْتُ أُنَاضِلُ " رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ , عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي النَّضْرِ الحديث: 467 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 541 468 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ , ثنا أَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ , ثنا مُحَمَّدُ , يَعْنِي ابْنَ جَعْفَرٍ ثنا شُعْبَةُ , عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ , قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُحَدِّثُ , أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ: " يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: لَأَهْوَنُ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ: لَوْ كَانَ لَكَ مَا عَلَى الْأَرْضِ مِنْ شَيْءٍ أَكُنْتَ تَفْتَدِي بِهِ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ , فَيَقُولُ لَهُ: قَدْ أَرَدْتُ مِنْكَ مَا هُوَ أَهْوَنُ مِنْ هَذَا , وَأَنْتَ فِي صُلْبِ آدَمَ أَنْ لَا تُشْرِكَ بِي , فَأَبَيْتَ إِلَّا أَنْ تُشْرِكَ " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بَشَّارٍ الحديث: 468 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 542 469 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو , قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ , أنا الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى , ثنا عِيسَى بْنُ يُونُسَ , ثنا الْأَعْمَشُ , عَنْ خَيْثَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ , قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا سَيُكَلِّمُهُ اللَّهُ عَزَّ جَلَّ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانٌ , فَيَنْظُرُ أَيْمَنَ مِنْهُ فَلَا يَرَى إِلَّا مَا قَدِمَ مِنْ عَمَلِهِ , وَيَنْظُرُ أَشْأَمَ مِنْهُ فَلَا يَرَى إِلَّا مَا قَدَّمَ , وَيَنْظُرُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلَا يَرَى إِلَّا النَّارَ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ , فَاتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ» قَالَ عِيسَى: قَالَ الْأَعْمَشُ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ , عَنْ خَيْثَمَةَ بِمِثْلِهِ , وَزَادَ فِيهِ «وَلَوْ بِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ كِلَاهُمَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُجْرٍ , عَنْ عِيسَى الحديث: 469 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 543 470 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ , أنا الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ أَبُو عَاصِمٍ , أنا سَعْدَانُ بْنُ بِشْرٍ , ثنا أَبُو الْمُجَاهِدِ الطَّائِيُّ , ثنا مُحِلُّ بْنُ خَلِيفَةَ , عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ , قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَجَاءَهُ رَجُلَانِ؛ أَحَدُهُمَا يَشْكُو الْعَيْلَةَ , وَالْآخَرُ يَشْكُو قَطْعَ السَّبِيلِ , فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا يَأْتِي عَلَيْكَ إِلَّا قَلِيلٌ حَتَّى تَخْرُجَ الْمَرْأَةُ مِنَ الْحِيرَةَ إِلَى مَكَّةَ بِغَيْرِ خَفِيرٍ , وَلَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَطُوفَ أَحَدُكُمْ بِصَدَقَتِهِ فَلَا يَجِدُ مَنْ يَقْبَلُهَا مِنْهُ , ثُمَّ لَيَفِيضَنَّ الْمَالُ , ثُمَّ لَيَقِفَنَّ أَحَدُكُمْ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ يَحْجُبُهُ , وَلَا تُرْجُمَانٌ , فَيُتَرْجِمَ لَهُ , فَيَقُولُ: أَلَمْ أُوتِكَ مَالًا؟ فَيَقُولُ: بَلَى فَيَقُولُ: أَلَمْ أُرْسِلْ إِلَيْكَ رَسُولًا؟ فَيَقُولُ: بَلَى , فَيَنْظُرَ عَنْ يَمِينِهِ , فَلَا يَرَى إِلَّا النَّارَ , وَيَنْظُرُ عَنْ يَسَارِهِ , فَلَا يَرَى إِلَّا النَّارَ , فَلْيَتَّقِ أَحَدُكُمُ النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ , فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَبِكَلِمَةَ طَيِّبَةٍ " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ , عَنْ أَبِي عَاصِمٍ الحديث: 470 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 544 471 - أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ , ثنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ الزَّاهِدُ , ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعَبْسِيُّ , أنا وَكِيعٌ , عَنِ الْأَعْمَشِ , عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ , رَضِيَ [ص: 545] اللَّهُ عَنْهُ , قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ: يَا آدَمُ , قُمْ؛ فَابْعَثْ بَعْثَ النَّارِ , قَالَ: فَيَقُولُ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ فِي يَدَيْكَ , وَمَا بَعْثُ النَّارِ؟ قَالَ: فَيَقُولُ: مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعُمِائَةٌ وَتِسْعَةٌ وَتِسْعُوْنَ قَالَ: فَحِينَئِذٍ يَشِيبُ الْمَوْلُودُ , {وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ} [الحج: 2] قَالَ: فَيَقُولُونَ: وَأَيُّنَا ذَلِكَ الْوَاحِدُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: تِسْعُمِائَةٌ وَتِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ مِنْ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ وَمِنْكُمْ وَاحِدٌ , قَالَ: فَقَالَ النَّاسُ: اللَّهُ أَكْبَرُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ تَكُونُوا رُبُعَ أَهْلِ الْجَنَّةَ , وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ تَكُونُوا ثُلُثَ أَهْلِ الْجَنَّةِ , وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ تَكُونُوا نِصْفَ أَهْلِ الْجَنَّةِ , قَالَ: فَكَبَّرَ النَّاسُ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ فِي النَّاسِ إِلَّا كَالشَّعْرَةِ الْبَيْضَاءِ فِي الثَّوْرِ الْأَسْوَدِ , أَوِ الشَّعَرَةِ السَّوْدَاءِ فِي الثَّوْرِ الْأَبْيَضِ " رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ , عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ , عَنْ وَكِيعٍ , وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ , عَنِ الْأَعْمَشِ الحديث: 471 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 544 472 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ إِمْلَاءً، أنا أَبُو الْمُثَنَّى , وَمُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ، وَالْحَدِيثُ لِأَبِي الْمُثَنَّى، ثنا مُسَدَّدٌ , ثنا أَبُو عَوَانَةَ , عَنْ قَتَادَةَ , عَنْ [ص: 546] صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ , قَالَ: إِنَّ رَجُلًا سَأَلَ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا كَيْفَ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي النَّجْوَى؟ قَالَ: " يَدْنُو أَحَدُكُمْ مِنْ رَبِّهِ حَتَّى يَضَعَ كَنَفَهُ عَلَيْهِ , فَيَقُولُ: عَمِلْتُ كَذَا وَكَذَا؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ , فَيُقَرِّرُهُ , ثَمَّ يَقُولُ: قَدْ سَتَرْتُ عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ قَالَ: ثُمَّ يُعْطَى كِتَابَ حَسَنَاتِهِ أَوْ يُنْشَرُ كِتَابُ حَسَنَاتِهِ وَهُوَ قَوْلُهُ: {هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ} وَأَمَّا الْكَافِرُ وَالْمُنَافِقُ فَيُنَادَوْنَ: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ {أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} [هود: 18] " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُسَدَّدٍ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهَيْنِ آخَرَيْنِ , عَنْ قَتَادَةَ الحديث: 472 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 545 473 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الْخَالِقِ بْنُ عَلِيٍّ الْمُؤَذِّنُ , أنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنُ خَنْبٍ الْبَغْدَادِيُّ , ثنا يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ , أنا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ , ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ح , وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ هُوَ الْأَصَمُّ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيُّ , أنا حَسَنُ بْنُ مُوسَى الْأَشْيَبُ , ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ , عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ , عَنْ أَبِي رَافِعٍ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ: " يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: يَا ابْنَ آدَمَ مَرِضْتُ , فَلَمْ تَعُدْنِي , فَيَقُولُ: يَا رَبِّ , كَيْفَ أَعُودُكَ , وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ؟ ‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍ فَيَقُولُ: أَمَا‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ عَبْدِي فُلَانًا مَرِضَ , فَلَمْ تَعُدْهُ , أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ لَوْ عُدْتَهُ؛ لَوَجَدْتَنِي عِنْدَهُ , فَيَقُولُ: يَا ابْنَ آدَمَ , اسْتَسْقَيْتُكَ فَلَمْ تَسْقِنِي , فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ , وَكَيْفَ أَسْقِيكَ , وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ؟ ‍‍‍ فَيَقُولُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ عَبْدِي فُلَانًا اسْتَسْقَاكَ , [ص: 547] فَلَمْ تَسْقِهِ؟ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ لَوْ سَقَيْتَهُ؛ لَوَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي؟ قَالَ: وَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: يَا ابْنَ آدَمَ , اسْتَطْعَمْتُكَ , فَلَمْ تُطْعِمْنِي , فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ , وَكَيْفَ أُطْعِمُكَ , وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ؟ فَيَقُولُ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ عَبْدِيَ فُلَانًا اسْتَطْعَمَكَ , فَلَمْ تُطْعِمْهُ؟ أَمَا إِنَّكَ لَوْ أَطْعَمْتَهُ؛ لَوَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي " لَفْظُ حَدِيثِ الْأَشْيَبِ , وَفِي رِوَايَةِ زَيْدِ بْنِ الْحُبَابِ: «فَلَوْ عُدْتَهُ لَوَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي» وَبِمَعْنَاهُ , قَالَ فِي بَاقِي الْحَدِيثِ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ بَهْزِ بْنِ أَسَدٍ , عَنْ حَمَّادٍ , وَفِيهِ أَنَّ ذَلِكَ يَقُولُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَفِي اسْتِفْسَارِ هَذَا الْعَبْدِ مَا أَشْكَلَ عَلَيْهِ دَلِيلٌ عَلَى إِبَاحَةِ سُؤَالِ مَنْ لَا يَعْلَمُ مَنْ يَعْلَمُ حَتَّى يَقِفَ عَلَى الْمُشْكِلِ مِنَ الْأَلْفَاظِ إِذَا أَمْكَنَ الْوُصُولُ إِلَى مَعْرِفَتِهُ , وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ اللَّفْظَ قَدْ يَرِدُ مُطْلَقًا , وَالْمُرَادُ بِهِ غَيْرُ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ ظَاهِرُهُ , فَإِنَّهُ أَطْلَقَ الْمَرَضَ وَالِاسْتِسْقَاءَ وَالِاسْتِطْعَامَ عَلَى نَفْسِهِ وَالْمُرَادُ بِهِ وَلِيٌّ مِنْ أَوْلِيَائِهِ وَهُوَ كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [المائدة: 33] وَقَوْلُهُ: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [الأحزاب: 57] , وَقَوْلُهُ: {إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ} [محمد: 7] , وَالْمُرَادُ بِجَمِيعِ ذَلِكَ أَوْلِيَاؤُهُ وَقَوْلُهُ: «لَوَجَدْتَنِي عِنْدَهُ» أَيْ وَجَدْتَ رَحْمَتِي وَثَوَابِي عِنْدَهُ , وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ} [النور: 39] أَيْ وَجَدَ حِسَابَهُ وَعِقَابَهُ الحديث: 473 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 546 بَابُ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ} [الزخرف: 67] قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ} [الزخرف: 68] وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ} الجزء: 1 ¦ الصفحة: 548 474 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , وَأَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمُزَكِّي , قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ , ثنا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ , ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ , ثنا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ , عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ , عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ , عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ: " إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ لِأَهْلِ الْجَنَّةَ يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ , فَيَقُولُونَ: لَبَّيْكَ رَبَّنَا , وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ فِي يَدَيْكَ , فَيَقُولُ: هَلْ رَضِيتُمْ؟ فَيَقُولُونَ: رَبَّنَا , وَمَا لَنَا لَا نَرْضَى وَقَدْ أَعْطَيْتَنَا مَا لَمْ تُعْطِ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ , فَيَقُولُ: أَلَا أُعْطِيكُمْ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ؟ [ص: 549] قَالَ: فَيَقُولُونَ: يَا رَبِّ , وَأَيُّ شَيْءٍ أَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ؟ قَالَ: أُحِلُّ عَلَيْكُمْ رِضْوَانِي فَلَا أَسْخَطُ عَلَيْكُمْ بَعْدَهُ أَبَدًا " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ , عَنْ يَحْيَى بْنِ سُلَيْمَانَ , وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ , عَنْ هَارُونَ بْنِ سَعِيدٍ الْأَيْلِيِّ , جَمِيعًا عَنِ ابْنِ وَهْبٍ الحديث: 474 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 548 475 - أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ , أنا أَبُو طَاهِرٍ الْمُحَمَّد َآبَاذِيُّ , ثنا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ , ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ هُوَ ابْنُ مُوسَى ثنا إِسْرَائِيلُ , عَنْ مَنْصُورٍ , عَنْ إِبْرَاهِيمَ , عَنْ عَبِيدَةَ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ: " آخِرُ أَهْلِ الْجَنَّةِ دُخُولًا الْجَنَّةَ , وَآخِرُ أَهْلِ النَّارِ خُرُوجًا مِنَ النَّارِ؛ رَجُلٌ يَخْرُجُ حَبْوًا , فَيَقُولُ لَهُ رَبُّهُ: ادْخُلِ الْجَنَّةَ , فَيَقُولُ: أَرَى الْجَنَّةَ مَلْأَى , فَيَقُولُ لَهُ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ , كُلُّ ذَلِكَ يُعِيدُ الْجَنَّةُ مَلْأَى , فَيَقُولُ: إِنَّ لَكَ مِثْلَ الدُّنْيَا عَشْرَ مَرَّاتٍ " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ , عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ , وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخِرَ , عَنْ مَنْصُورٍ الحديث: 475 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 549 بَابُ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} [آل عمران: 77] قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [آل عمران: 77] وَقَالَ جَلَّ وَعَلَا: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [البقرة: 174] الجزء: 1 ¦ الصفحة: 550 476 - حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ دَاوُدَ الْعَلَوِيُّ إِمْلَاءً أنا أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ حَمْدَوَيْهِ بْنُ سَهْلٍ الْمَرْوَزِيُّ , ثنا مَحْمُودُ بْنُ آدَمَ الْمَرْوَزِيُّ , ثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ , عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ , عَنْ أَبِي صَالِحٍ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , أَرَاهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ: " ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ تَعَالَى , وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ , وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ , رَجُلٌ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ عَلَى مَالِ مُسْلِمٍ فَاقْتَطَعَهُ , وَرَجُلٌ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ أَنَّهُ أَعْطَى بِسِلْعَتِهِ أَكْثَرَ مِمَّا أُعْطِيَ , وَهُوَ كَاذِبٌ , وَرَجُلٌ مَنَعَ فَضْلَ مَاءٍ , فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ , [ص: 551] يَقُولُ: الْيَوْمَ أَمْنَعُكَ فَضْلِي كَمَا مَنَعْتَ فَضْلَ مَا لَمْ تَعْمَلْ يَدَاكَ " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ , وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ , عَنْ عَمْرٍو النَّاقِدِ كِلَاهُمَا , عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ الحديث: 476 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 550 477 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ زَيْدُ بْنُ أَبِي هَاشِمٍ الْعَلَوِيُّ بِالْكُوفَةَ وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، قَالَا: أنا أَبُو جَعْفَرِ بْنُ دُحَيْمٍ , ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ , أنا وَكِيعٌ , عَنِ الْأَعْمَشِ , ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ , ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ , ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ , عَنِ الْأَعْمَشِ , عَنْ أَبِي صَالِحٍ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ: رَجُلٌ بَايَعَ رَجُلًا سِلْعَةً بَعْدَ الْعَصْرِ فَحَلَفَ لَهُ بِاللَّهِ لَأَخَذَهَا بِكَذَا وَكَذَا , فَصَدَّقَهُ , فَأَخَذَهَا وَهُوَ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ , وَرَجُلٌ بَايَعَ إِمَامًا لَا يُبَايِعُهُ إِلَّا لِلدُّنْيَا , فَإِنْ أَعْطَاهُ مِنْهَا وَفَى , وَإِنْ لَمْ يُعْطِهِ مِنْهَا لَمْ يَفِ لَهُ , وَرَجُلٌ عَلَى فَضْلِ مَاءٍ بِالْفَلَاةِ , فَيَمْنَعُهُ مِنِ ابْنِ السَّبِيلِ " لَفْظُ حَدِيثِ أَبِي مُعَاوِيَةَ رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ , عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ , عَنْ وَكِيعٍ , وَأَبِي مُعَاوِيَةَ الحديث: 477 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 551 478 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ زَيْدُ بْنُ أَبِي هَاشِمٍ الْعَلَوِيُّ , وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , قَالَا: أنا أَبُو جَعْفَرِ بْنُ دُحَيْمٍ , ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ , أنا وَكِيعٌ , عَنِ الْأَعْمَشِ , عَنْ أَبَى حَازِمٍ الْأَشْجَعِيِّ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ: شَيْخٌ زَانٍ , وَمَلِكٌ كَذَّابٌ , وَعَائِلٌ مُسْتَكْبِرٌ " رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ , عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ , عَنْ وَكِيعٍ الحديث: 478 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 552 479 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ , ثنا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شَاكِرٍ , ثنا عَفَّانُ , ثنا شُعْبَةُ , ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو صَالِحِ بْنُ أَبِي طَاهِرٍ الْعَنْبَرِيُّ , ثنا جَدِّي أَبُو مُحَمَّدٍ يَحْيَى بْنُ مَنْصُورٍ الْقَاضِي , ثنا أَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ , ثنا شُعْبَةُ , عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُدْرِكٍ , عَنْ أَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرٍو , عَنْ خَرَشَةَ بْنِ الْحُرِّ , عَنْ أَبِي ذَرٍّ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ: «ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ تَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ , وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ , وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ» قَالَ: فَقَرَأَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , [ص: 553] فَقَالَ: «خَابُوا وَخَسِرُوا , خَابُوا وَخَسِرُوا , خَابُوا وَخَسِرُوا» قِيلَ: مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ , قَالَ: «الْمُسْبِلُ إِزَارَهُ , وَالْمُنْفِقُ سِلْعَتَهُ بِالْحَلِفِ الْكَاذِبِ , وَالْمَنَّانُ عَطَاءَهُ» لَفْظُ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍغُنْدَرٍ , رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بَشَّارٍ وَغَيْرِهِ وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ سُلَيْمَانَ بْنِ مُسْهِرٍ , عَنْ خَرَشَةَ بْنِ الْحُرِّ وَجَمِيعُ هَذِهِ الْأَخْبَارِ صَحِيحَةٌ , وَهَذِهِ أَقَاوِيلُ مُتَفَرِّقَةٌ يُجْمَعُ بَعْضِهِنَّ إِلَى بَعْضٍ , وَلَيْسَ فِي تَنْصِيصِهِ عَلَى الثَّلَاثَةِ نَفْيُ غَيْرِهِنَّ , وَيَجُوزُ أَنْ يَقُولَ: ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ , ثُمَّ يَقُولُ: وَثَلَاثَةٌ آخَرُونَ لَا يُكَلِّمُهُمُ , فَلَا يَكُونُ الثَّانِي مُخَالِفًا لِلْأَوَّلِ , وَفِي ذَلِكَ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ إِذَا لَمْ يُسْمِعْهُمْ كَلَامَهُ عُقُوبَةً لَهُمْ يُسْمِعُهُ أَهْلَ رَحْمَتِهِ كَرَامَةً لَهُمْ إِذَا شَاءَ وَإِنَّمَا لَا يُسْمِعُ كَلَامَهُ أَهْلَ عُقُوبَتِهِ بِمَا يُسْمِعُهُ أَهْلَ رَحْمَتِهِ , وَقَدْ يُسْمِعُ كَلَامَهُ فِي قَوْلِ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَهْلَ عُقُوبَتِهِ بِمَا يَزِيدُهُمْ حَسْرَةً وَعُقُوبَةً قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَلَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ} , إِلَى سَائِرِ مَا وَرَدَ فِي مَعْنَى هَذِهِ الْآيَةِ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى أَنْ يَقُولُوا: {رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ} [المؤمنون: 107] فَيُجِيبُهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ} فَبَعْدَ ذَلِكَ لَا يُسْمِعُهُمْ كَلَامَهُ , [ص: 554] وَذَلِكَ حِينَ وَجَبَ عَلَيْهِمُ الْخُلُودُ , أَعَاذَنَا اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ بِفَضْلِهِ وَرَحْمَتِهِ الحديث: 479 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 552 480 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , ثنا أَبُو الْفَضْلِ الْحَسَنُ بْنُ يَعْقُوبَ الْعَدْلُ , وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو , قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ثنا يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ , ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ , أنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ , عَنْ قَتَادَةَ , عَنْ أَبِي أَيُّوبَ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ , رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا , قَالَ: إِنَّ أَهْلَ النَّارِ لَيُنَادُوُنَ مَالِكًا: {يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ} [الزخرف: 77] , قَالَ: فَيَذَرَهُمْ أَرْبَعِينَ عَامًا لَا يُجِيبُهُمْ , ثُمَّ يُجِيبُهُمْ: {إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ} [الزخرف: 77] قَالَ الْحَسَنُ بْنُ يَعْقُوبَ فِي رِوَايَتِهِ: هَانَتْ دَعْوَتُهُمْ وَاللَّهِ عَلَى مَالِكٍ , وَرَبِّ مَالِكٍ قَالُوا: {رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونَ} وَفِي رِوَايَةِ الْأَصَمِّ: " ثُمَّ يُنَادُونَ رَبَّهُمْ , فَيَذَرُهُمْ مِثْلَ الدُّنْيَا , لَا يُجِيبُهُمْ , ثُمَّ يُجِيبُهُمْ: {اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ} قَالَ: فَمَا نَبَسَ الْقَوْمُ بِكَلِمَةٍ , مَا كَانَ إِلَّا الزَّفِيرُ وَالشَّهِيقُ " قَالَ قَتَادَةُ: شَبَّهَ أَصْوَاتَهُمْ بِأَصْوَاتِ الْحَمِيرِ , أَوَّلُهُ زَفِيرٌ وَآخِرُهُ شَهِيقٌ. قَالَ الشَّيْخُ: هَذَا مَوْقُوفٌ وَظَاهِرُهُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُجِيبُهُمْ بِقَوْلِهِ: {اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونَ} وَظَاهَرُ الْكِتَابِ أَيْضًا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُجِيبُهُمْ بِذَلِكَ وَإِنْ كَانَ يُحْتَمَلُ غَيْرُ ذَلِكَ الحديث: 480 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 554 481 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أنا أَحْمَدُ بْنُ كَامِلٍ الْقَاضِي , أنا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ الْعَوْفِيُّ , حَدَّثَنِي أَبِي , حَدَّثَنِي عَمِّيَ الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَطِيَّةَ بْنِ سَعْدٍ , حَدَّثَنِي أَبِي , عَنْ جَدِّي عَطِيَّةَ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: {اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ} هَذَا قَوْلُ الرَّحْمَنِ عَزَّ وَجَلَّ حِينَ انْقَطَعَ كَلَامُهُمْ مِنْهُ الحديث: 481 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 554 482 - أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ , أنا أَبُو مَنْصُورٍ الْعَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ النَّضْرَوِيُّ , ثنا أَحْمَدُ بْنُ نَجْدَةَ , ثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ , ثنا أَبُو مَعْشَرٍ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ , قَالَ: لِأَهْلِ النَّارِ خَمْسُ دَعْوَاتٍ يُجِيبُهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي أَرْبَعَةٍ , فَإِذَا كَانَتِ الْخَامِسَةُ لَمْ يَتَكَلَّمُوا بَعْدَهَا أَبَدًا , يَقُولُونَ: {رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ} [غافر: 11] فَيُجِيبُهُمُ اللَّهُ تَعَالَى: {ذَلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ} [غافر: 12] , ثُمَّ يَقُولُونَ: {رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ} [السجدة: 12] , فَيُجِيبُهُمُ اللَّهُ تَعَالَى: {فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [السجدة: 14] , ثُمَّ يَقُولُونَ: {رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ} [إبراهيم: 44] فَيُجِيبُهُمُ اللَّهُ تَعَالَى: {أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ} [إبراهيم: 44] , فَيَقُولُونَ: {رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ} [فاطر: 37] فَيُجِيبُهُمُ اللَّهُ تَعَالَى: {أَوَ لَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ} , ثُمَّ يَقُولُونَ: {رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ} [المؤمنون: 106] , فَيُجِيبُهُمُ اللَّهُ تَعَالَى: {اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ} , فَلَا يَتَكَلَّمُونَ بَعْدَهَا أَبَدًا الحديث: 482 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 555 بَابُ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الأعراف: 54] قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ} [الأعراف: 54] , فَأَخْبَرَ بِأَنَّ الْخَلْقَ صَارَ مُكَوَّنًا مُسَخَّرًا بِأَمْرِهِ ثُمَّ فَصَلَ الْأَمْرَ مِنَ الْخَلْقِ , فَقَالَ: {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [الأعراف: 54] , قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: بَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى الْخَلْقَ مِنَ الْأَمْرِ , فَقَالَ: {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} [الأعراف: 54] وَقَالَ: {الرَّحْمَنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ خَلَقَ الْإِنْسَانَ عَلَّمَهُ الْبَيَانَ} [الرحمن: 2] فَلَمْ يَجْمَعِ الْقُرْآنَ مَعَ الْإِنْسَانِ فِي الْخَلْقِ , بَلْ أَوْقَعَ اسْمَ الْخَلْقِ عَلَى الْإِنْسَانِ وَالتَّعْلِيمِ عَلَى الْقُرْآنِ , وَقَوْلُهُ جَلَّ وَعَلَا: {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [النحل: 40] فَوَكَّدَ الْقَوْلَ بِالتِّكْرَارِ , وَوَكَّدَ الْمَعْنَى بِإِنَّمَا , وَأَخْبَرَ أَنَّهُ إِذَا أَرَادَ خَلْقَ شَيْءٍ , قَالَ لَهُ: كُنْ وَلَوْ كَانَ قَوْلُهُ مَخْلُوقًا لَتَعَلَّقَ بِقَوْلٍ آخَرَ , وَكَذَلِكَ حُكْمُ ذَلِكَ الْقَوْلِ حَتَّى يَتَعَلَّقَ بِمَا لَا يَتَنَاهَى , وَذَلِكَ يُوجِبُ اسْتِحَالَةَ وُجُودِ الْقَوْلِ , وَذَلِكَ مُحَالٌ , فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ أَمْرًا أَزَلِيًّا , مُتَعَلِّقًا بِالْمُكَوِّنِ فِيمَا لَا يَزَالُ , فَلَا يَكُونُ لَا يَزَالُ إِلَّا وَهُوَ كَائِنٌ عَلَى مُقْتَضَى تَعَلُّقِ الْأَمْرِ بِهِ , وَهَذَا كَمَا أَنَّ الْأَمْرَ مِنْ جِهَةِ صَاحِبِ الشَّرْعِ مُتَعَلِّقٌ الْآنَ بِصَلَاةِ غَدٍ , الجزء: 1 ¦ الصفحة: 556 وَغَدٌ غَيْرُ مَوْجُودٍ مُتَعَلِّقٌ بِمَنْ لَمْ يُخْلَقْ مِنَ الْمُكَلَّفِينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ , وَبَعْدُ , لَمْ يُوجَدْ بَعْضُهُمْ , إِلَّا أَنَّ تَعَلُّقَهُ بِهَا وَبِهِمْ عَلَى الشَّرْطِ الَّذِي يَصِحُّ فِيمَا بَعْدُ , كَذَلِكَ قَوْلُهُ فِي التَّكْوِينِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 557 483 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أنا أَبُو الْفَضْلِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ , ثنا أَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ , ثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ , أنا جَرِيرٌ , عَنْ سُهَيْلٍ , قَالَ: كَانَ أَبُو صَالِحٍ يَأْمُرُنَا إِذَا أَرَادَ أَحَدُنَا أَنْ يَنَامَ أَنْ يَضْطَجِعَ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ , ثُمَّ يَقُولُ: اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَاوَاتِ , وَرَبَّ الْأَرْضِ , رَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ رَبَّنَا , وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ , فَالِقَ الْحَبِّ وَالنَّوَى , مُنْزِلَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْفُرْقَانِ , أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ شَيْءٍ أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهِ , اللَّهُمَّ أَنْتَ الْأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ , وَأَنْتَ الْآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ وَأَنْتَ الظَّاهَرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ , وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ اقْضِ عَنَّا الدَّيْنَ , وَاغْنِنَا مِنَ الْفَقْرِ , وَكَانَ يُرْوَى ذَلِكَ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ , عَنْ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ , عَنْ جَرِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَهُوَ ذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَ بَيْنَ الْمَخْلُوقِ وَغَيْرِ الْمَخْلُوقِ , فَأَضَافَ الْمَخْلُوقَ إِلَى خَالِقِهِ بِلَفْظٍ يَدُلُّ عَلَى الْخَلْقِ وَأَضَافَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَالْفُرْقَانَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِلَفْظٍ لَا يَدُلُّ عَلَى الْخَلْقِ , وَلَمْ يَجْمَعِ بَيْنَ الْمَذْكُورِينَ فِي الذِّكْرِ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ الحديث: 483 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 557 484 - أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ , أنا أَبُو حَامِدِ بْنُ بِلَالٍ , ثنا أَحْمَدُ بْنُ حَفْصٍ , قَالَ: [ص: 558] حَدَّثَنِي أَبِي , قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ , عَنِ الْأَعْمَشِ , عَنْ مُوسَى بْنِ الْمُسَيَّبِ , عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ , عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ , عَنْ أَبِي ذَرٍّ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ» فَذَكَرَ الْحَدِيثَ إِلَى أَنْ قَالَ: «عَطَائِي كَلَامٌ , وَعَذَابِي كَلَامٌ، إِنَّمَا أَمْرِي لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْتُهُ أَنْ أَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ» وَأَمَّا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا} [النساء: 47] , فَإِنَّمَا أَرَادَ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - مَا قَضَى اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي أَمَرِ زَيْدٍ وَامْرَأَتِهِ , وَتَزَوُّجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَا , وَجَوَازِ التَّزَوُّجِ بِحَلَائِلِ الْأَدْعِيَاءِ , كَانَ قَضَاءً مَقْضِيًّا , وَهُوَ كَقَوْلُهُ: {وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا} [الأحزاب: 38] , وَالْأَمْرُ فِي الْقُرْآنِ يَنْصَرِفُ وَجْهُهُ إِلَى ثَلَاثَةِ عَشَرَ وَجْهًا «مِنْهَا» : الْأَمْرُ بِمَعْنَى الدِّينِ , فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {حَتَّى جَاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ} [التوبة: 48] يَعْنِي: دِينَ اللَّهِ الْإِسْلَامَ وَلَهُ نَظَائِرُ , «وَمِنْهَا» : الْأَمْرُ بِمَعْنَى الْقَوْلِ , فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَإِذَا جَاءَ أَمْرُنَا} [المؤمنون: 27] يَعْنِي قَوْلَنَا , وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَتَنَازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ} [طه: 62] , يَعْنِي قَوْلَهُمْ «وَمِنْهَا» : الْأَمْرُ بِمَعْنَى الْعَذَابِ فَذَلِكَ قَوْلُهُ: {لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ} [إبراهيم: 22] يَعْنِي: لَمَّا وَجَبَ الْعَذَابُ بِأَهْلِ النَّارِ , وَلَهُ نَظَائِرُ , «وَمِنْهَا» : الْأَمْرُ يَعْنِي: عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فَذَلِكَ قَوْلُهُ: {إِذَا قَضَى أَمْرًا} [آل عمران: 47] يَعْنِي عِيسَى , وَكَانَ فِي عِلْمِهِ أَنْ يَكُونَ مِنْ غَيْرِ أَبٍ , فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ , «وَمِنْهَا» أَمْرُ اللَّهِ تَعَالَى يَعْنِي الْقَتْلَ بِبَدْرٍ , فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَإِذَا جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ} [غافر: 78] يَعْنِي: الْقَتْلَ بِبَدْرٍ , وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا} [الأنفال: 42] يَعْنِي: قَتْلَ كُفَّارِ مَكَّةَ , «وَمِنْهَا» : أَمْرٌ يَعْنِي: فَتْحَ مَكَّةَ , وَذَلِكَ قَوْلُهُ: {فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ} [التوبة: 24] يَعْنِي: فَتْحَ مَكَّةَ , «وَمِنْهَا» : أَمْرٌ يَعْنِي: قَتْلَ قُرَيْظَةَ وَجِلَاءَ النَّضِيرِ , فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ} [البقرة: 109] , «وَمِنْهَا» أَمْرٌ يَعْنِي: الْقِيَامَةَ , فَذَلِكُ قَوْلُهُ: {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ} [النحل: 1] يَعْنِي: الْقِيَامَةَ , «وَمِنْهَا» الْأَمْرُ يَعْنِي الْقَضَاءَ فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي الرَّعْدِ {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ} [ص: 559] [يونس: 3] , يَعْنِي الْقَضَاءَ وَلَهُ نَظَائِرُ , «وَمِنْهَا» : الْأَمْرُ يَعْنِي: الْوَحْيَ فَذَلِكَ قَوْلُهُ: {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ} [السجدة: 5] , يَقُولُ: يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ يَعْنِي: الْوَحْيَ , «وَمِنْهَا» : الْأَمْرُ يَعْنِي أَمْرَ الْخَلْقِ , فَذَلِكَ قَوْلُهُ: {أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ} [الشورى: 53] يَعْنِي أُمُورَ الْخَلَائِقِ , «وَمِنْهَا» الْأَمْرُ يَعْنِي النَّصْرَ , فَذَلِكَ قَوْلُهُ: {يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ} [آل عمران: 154] يَعْنُونَ النَّصْرَ: {قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ} [آل عمران: 154] يَعْنِي: النَّصْرَ , «وَمِنْهَا» الْأَمْرُ يَعْنِي الذَّنْبَ , فَذَلِكَ قَوْلُهِ تَعَالَى: {فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا} [الطلاق: 9] , يَعْنِي جَزَاءَ ذَنْبِهَا وَلَهُ نَظَائِرُ 485 - أَخْبَرَنَا بِمَعْنَى ذَلِكَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ أَبِي عَلِيٍّ السَّقَّا , أنا أَبُو يَحْيَى , عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنُ مَسْعُودٍ , أَخْبَرَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْجَلَّابُ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ هَانِئٍ , ثنا الْحُسَيْنُ بْنُ مَيْمُونٍ , ثنا الْهُذَيْلُ , عَنْ مُقَاتِلٍ , فَذَكَرَهُ فَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ يُسْتَدَلُّ بِسِيَاقِ الْكَلَامِ عَلَى مَعْنَى الْأَمْرِ , فَقَوْلُهُ: {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} [الأعراف: 54] يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ غَيْرُ الْخَلْقِ , حَيْثُ فَصَلَ بَيْنَهُمَا فَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ كَلَامًا يَخْلُقُ بِهِ الْخَلْقَ , أَوْ إِرَادَةً يَقْضِي بِهَا بَيْنَهُمْ وَيُدَبِّرُ أَمْرَهُمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ الْقُتَيْبِيُّ: هَذَا كُلَّهُ وَإِنَّ اخْتَلَفَ فَأَصْلُهُ وَاحِدٌ وَيُكْنَى عَنْ كُلِّ شَيْءٍ بِالْأَمْرِ؛ لِأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ يَكُونُ فَإِنَّمَا يَكُونُ بِأَمْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَسُمِّيتِ الْأَشْيَاءُ أُمُورًا؛ لِأَنَّ الْأَمْرَسَبَبُهَا يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ} [الشورى: 53] الحديث: 484 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 557 بَابُ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ بَعْدُ} [الروم: 4] قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ بَعْدُ} [الروم: 4] وَهَذَا كُلُّهُ وَإِنْ كَانَ نُزُولُهُ عَلَى سَبَبٍ خَاصٍ فَظَاهِرُهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَمْرَهُ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ سِوَاهُ , وَيَبْقَى بَعْدَ كُلِّ شَيْءٍ سِوَاهُ , وَمَا هَذَا صِفَتُهُ لَا يَكُونُ إِلَّا قَدِيمًا , وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ} [يونس: 19] وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ} [الأنفال: 68] وَقَوْلُهُ جَلَّ وَعَلَا: {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ} [الصافات: 172] , وَالسَّبْقُ عَلَى الْإِطْلَاقِ يَقْتَضِي سَبْقَ كُلِّ شَيْءٍ سِوَاهُ , وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {حم وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [الزخرف: 1] يَعْنِي - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - إِنَّا سَمَّيْنَاهُ - يُرِيدُ كَلَامَهُ - قُرْآنًا عَرَبِيًّا , وَأَفْهَمْنَاكُمُوهُ بِلُغَةِ الْعَرَبِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ وَهُوَ كَقَوْلِهِ: {وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عَبَّادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا} [الزخرف: 19] أَيْ سَمُّوهُمْ، وَقَوْلُهُ: {أُمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خُلِقُوا كَخَلْقِهِ} [الرعد: 16] أَيْ سَمُّوا لَهُ شُرَكَاءَ ثُمَّ إِنَّ اللَّهِ تَعَالَى نَفَى عَنْ كَلَامِهِ الْحَدَثَ بِقَوْلِهِ: {وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لِعَلِيٌّ حَكِيمٌ} [الزخرف: 4] فَأَخْبَرَ أَنَّهُ كَانَ مَوْجُودًا مَكْتُوبًا قَبْلَ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ فِي أُمِّ الْكِتَابِ , وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ} [البروج: 21] فَأَخْبَرَ أَنَّ الْقُرْآنَ كَانَ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ يُرِيدُ مَكْتُوبًا فِيهِ , وَذَلِكَ قَبْلَ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ , وَفِيهِ مَا فِيهِ مِنَ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَالْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ , وَالْخَبَرِ وَالِاسْتِخْبَارِ , وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ كَانَ مَوْجُودًا قَبْلَ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ ثَبَتَ أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ كَمَا كَانَ , وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ} [الأنبياء: 2] يُرِيدُ بِهِ ذِكْرَ الْقُرْآنِ لَهُمْ وَتِلَاوَتَهُ عَلَيْهِمْ وَعِلْمَهُمْ بِهِ , فَكُلُّ ذَلِكَ مُحْدَثٌ، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 560 وَالْمَذْكُورُ الْمَتْلُوُّ الْمَعْلُومُ غَيْرُ مُحْدَثٍ كَمَا أَنَّ ذِكْرَ الْعَبْدِ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مُحْدَثٌ وَالْمَذْكُورُ غَيْرُ مُحْدَثٍ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [القدر: 1] يُرِيدُ بِهِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - إِنَّا أسَمَّعْنَاهُ الْمَلَكَ وَأَفْهَمْنَاهُ إِيَّاهُ وَأَنْزَلْنَاهُ بِمَا سَمِعَ فَيَكُونُ الْمَلِكُ مُنْتَقِّلًا ِبهِ مِنْ عُلُوٍّ إِلَى سُفْلٍ , وَقَوْلُهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9] , يُرِيدُ بِهِ حَفِظَ رُسُومِهِ وَتِلَاوَتَهُ , وَقَوْلِهِ: {وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ} [الحديد: 25] وَالْحَدِيدُ جِسْمٌ لَا يَسْتَحِيلُ عَلَيْهِ الْإِنْزَالُ , وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ابْتِدَاءَ خَلْقِهِ وَقَعَ فِي عُلُوٍّ , ثُمَّ نُقِلَ إِلَى سُفْلٍ , فَأَمَّا الْإِنْزَالُ بِمَعْنَى الْخَلْقِ فَغَيَّرُ مَعْقُولٍ , وَأَمَّا النَّسْخُ وَالْإِنْشَاءُ وَالنِّسْيَانُ وَالْإِذْهَابُ , وَالتَّرْكُ وَالتَّبْعِيضُ , فَكُلُّ ذَلِكَ رَاجِعٌ إِلَى التِّلَاوَةِ أَوِ الْحَكَمِ الْمَأْمُورِ بِهِ , وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 561 486 - أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمُزَكِّي , أنا أَبُو الْحَسَنِ الطَّرَائِفِيُّ , ثنا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ , ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ , عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ , عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا} [البقرة: 106] يَقُولُ: مَا نُبَدِّلُ مِنْ آيَةٍ أَوْ نَتْرُكُهَا , أَيْ لَا نُبَدِّلُهَا , {نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا} [البقرة: 106] يَقُولُ: خَيْرٌ لَكُمْ فِي الْمَنْفَعَةِ , وَأَرْفَقُ بِكُمْ الحديث: 486 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 561 487 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي , ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحُسَيْنِ , ثنا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ , ثنا وَرْقَاءُ , عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ , عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ اللَّيْثِيِّ , فِي قَوْلِهِ: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا} [البقرة: 106] يَقُولُ: أَوْ نَتْرُكْهَا نَرْفَعْهَا مِنْ عِنْدِهِمْ فَنَأْتِي بِمِثْلِهَا أَوْ بِخَيْرٍ مِنْهَا الحديث: 487 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 561 وَعَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ , عَنْ أَصْحَابِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ [ص: 562] فِي قَوْلِهِ: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ} [البقرة: 106] أَيْ نُثْبِتْ خَطَّهَا وَنُبَدِّلْ حُكْمَهَا , أَوْ نُنْسِهَا أَيْ: نُرْجِئْهَا عِنْدَنَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا قُلْتُ: وَفِي هَذَا بَيَانٌ لِمَّا قُلْنَا وَالْمُخَايَرَةُ لَا تَقَعُ فِي عَيْنِ الْكَلَامِ , وَإِنَّمَا هِيَ فِي الرِّفْقِ وَالْمَنْفَعَةَ كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا , وَكَذَلِكَ الْمُفَاضَلَةُ إِنَّمَا تَقَعُ فِي الْقِرَاءَةِ عَلَى مَا جَاءَ مِنْ وَعَدِ الثَّوَابِ وَالْأَجْرِ فِي قِرَاءَةِ السُّوَرِ وَالْآيَاتِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 561 488 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْإِسْفَرَايِينِيُّ ابْنُ السَّقَّا , أنا أَبُو يَحْيَى عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْعُودٍ , أَخْبَرَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْجُلَّابُ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ هَانِئٍ , ثنا الْحُسَيْنُ بْنُ مَيْمُونٍ , ثنا الْهُذَيْلُ , عَنْ مُقَاتِلٍ , قَالَ: تَفْسِيرُ {جَعَلُوا} [الرعد: 16] عَلَى وَجْهَيْنِ: فَوَجْهٌ مِنْهُمَا: جَعَلُوا اللَّهَ يَعْنِي وَصَفُوا اللَّهَ , فَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ {وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ} [الأنعام: 100] يَعْنِي وَصَفُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ , وَكَقَوْلِهِ فِي الزُّخْرُفِ: {وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا} [الزخرف: 15] يَعْنِي وَصَفُوا لَهُ وَكَقَوْلِهِ فِي سُورَةِ النَّحْلِ: {وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ} [النحل: 57] يَعْنِي وَيَصِفُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ وَكَقَوْلِهِ فِي الزُّخْرُفِ: {وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا} [الزخرف: 19] يَعْنِي وَصَفُوا الْمَلَائِكَةَ إِنَاثًا , فَزَعَمُوا أَنَّهُمْ بَنَاتُ الرَّحْمَنِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى [ص: 563] وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَجَعَلُوا يَعْنِي: قَدْ فَعَلُوا بِالْفِعْلِ , فَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْأَنْعَامِ: {وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبًا} [الأنعام: 136] يَعْنِي قَدْ فَعَلُوا ذَلِكَ , وَقَوْلُهُ فِي سُورَةِ يُونُسَ: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ} [يونس: 59] يَعْنِي الْحَرْثَ وَالْأَنْعَامَ: {فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا} [يونس: 59] وَقَوْلُهُ: {ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا} [الزمر: 6] يَعْنِي خَلَقَ قُلْتُ: وَأَمَّا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ} [الحاقة: 41] , وَقَوْلُهُ: {ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ} [التكوير: 20] فَقَدْ قَالَ فِي آيَةٍ أُخْرَى: {فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} [التوبة: 6] فَأَثْبَتَ أَنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُهُ , وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ كَلَامَهُ وَكَلَامَ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ , فَثَبَتَ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ} [الحاقة: 40] أَيْ تَلَقَّاهُ عَنْ رَسُولٍ كَرِيمٍ , أَوْ قَوْلٍ سَمِعَهُ مِنْ رَسُولٍ كَرِيمٍ أَوْ نَزَلَ بِهِ عَلَيْهِ رَسُولٌ كَرِيمٌ الحديث: 488 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 562 489 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَدِيبُ , أنا أَبُو بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلِيُّ , ثنا الْقَاسِمُ , يَعْنِي ابْنَ زَكَرِيَّا ثنا أَبُو كُرَيْبٍ , وَيَعْقُوبُ , وَالْمُخَرِّمِيُّ , قَالُوا: ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ , [ص: 564] ثنا الْأَعْمَشُ , عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ , عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ , عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «اقْبَلُوا الْبُشْرَى يَا بَنِي تَمِيمٍ» , قَالُوا: قَدْ بَشَّرْتَنَا فَأَعْطِنَا فَقَالَ: «اقْبَلُوا الْبُشْرَى يَا أَهْلَ الْيَمَنِ» قَالُوا: قَدْ بَشَّرْتَنَا فَأَخْبِرْنَا عَنْ أَوَّلِ هَذَا الْأَمْرِ كَيْفَ كَانَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كَانَ اللَّهُ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ , {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ} [هود: 7] , وَكَتَبَ فِي الذِّكْرِ كُلَّ شَيْءٍ وَأَتَانِي آتٍ , فَقَالَ: يَا عِمْرَانُ انْحَلَّتْ نَاقَتُكَ مِنْ عِقَالِهَا , فَقُمْتُ فَإِذَا السَّرَابُ مُنْقَطِعٌ بَيْنِي وَبَيْنِهَا , فَلَا أَدْرِي مَا كَانَ بَعْدَ ذَاِكَ " أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ , عَنِ الْأَعْمَشِ , وَزَادَ فِيهِ: «ثُمَّ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ» وَلَعَلَّهُ سَقَطَ مِنْ كِتَابِي , وَالْقُرْآنُ مِمَّا كُتِبَ فِي الذِّكْرِ لِقَوْلِهِ: {بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ} [البروج: 22] الحديث: 489 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 563 490 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيُّ , ثنا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ , ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ , أنا الْأَشْعَثُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , عَنْ أَبِي قِلَابَةَ , عَنْ أَبِي الْأَشْعَثِ , عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ , رَضِيَ اللَّهُ , عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى كَتَبَ كِتَابًا قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ [ص: 565] بِأَلْفَيْ عَامٍ , وَأَنْزَلَ مِنْهُ آيَتَيْنِ خَتَمَ بِهِمَا سُورَةَ الْبَقَرَةِ وَلَا تُقْرَآنَ فِي دَارٍ فَيَقَرَّ بِهَا شَيْطَانٌ ثَلَاثَ لَيَالٍ» الحديث: 490 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 564 491 - أَخْبَرَنَا أَبُو سَهْلٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْمِهْرَانِيُّ وَأَبُو النَّصْرِ بْنُ قَتَادَةَ , قَالَا: أنا أحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ أَيُّوبَ الضُبِعْي , ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زِيَادٍ السُّرِّيُّ , ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ , ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُهَاجِرِ بْنِ مِسْمَارٍ , حَدَّثَنِي عَمْرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ ذَكْوَانَ , عَنْ مَوْلَى الْحُرَقَةِ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَرَأَ» طه وَيس " قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِأَلْفِ عَامٍ , فَلَمَّا سَمِعَ الْمَلَائِكَةُ الْقُرْآنَ قَالُوا: طُوبَى لِأُمَّةٍ يَنْزِلُ هَذَا عَلَيْهَا , وَطُوبَى لِجَوْفٍ يَحْمِلُ هَذَا , وَطُوبَى لِأَلْسُنٍ تَكَلَّمُ بِهَذَا " [ص: 567] 492 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ , أنا أَبُو الْحَسَنِ السَّرَّاجُ , ثنا مَطَيَّنٌ , ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ , فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ نَحْوَهُ , إِلَّا أَنَّهُ قَالَ عَنْ مَوْلَى الْحُرَقَةِ يَعْنِي عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ يَعْقُوبَ وَقَالَ فِي مَتْنِهِ: «بِأَلْفَيْ عَامٍ» وَلَمْ يَذْكُرْ قَوْلَهُ: «طُوبَى لِجَوْفٍ يَحْمِلُ هَذَا» تَفَرَّدَ بِهِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُهَاجِرِ قَوْلُهُ: «قَرَأَ طه وَيس» يُرِيدُ بِهِ تَكَلَّمَ وَأَفْهَمَهَا مَلَائِكَتَهُ وَفِي ذَلِكَ - إِنْ ثَبَتَ - دَلِيلٌ عَلَى وُجُودِ كَلَامِهُ قَبْلَ وَقُوعِ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ الحديث: 491 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 566 493 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ يَعْقُوبَ , وَأَبُو الْفَضْلِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ , قَالَا: ثنا أَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ , ثنا إِسْحَاقُ بْنُ مُوسَى الْأَنْصَارِيُّ , ثنا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ , قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَارِثُ بْنُ أَبِي ذُبَابٍ , عَنْ يَزِيدَ بْنِ هُرْمُزَ , وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ , قَالَا: سَمِعْنَا أَبَا هُرَيْرَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " احْتَجَّ آدَمُ وَمُوسَى , عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ , عِنْدَ رَبِّهُمَا فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى , فَقَالَ مُوسَى: أَنْتَ الَّذِي خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ وَنَفَخَ فِيكَ مِنْ رُوحِهِ وَأَسْجَدَ لَكَ مَلَائِكَتَهُ وَأَسْكَنَكَ جَنَّتَهُ , ثُمَّ أَهْبَطْتَ النَّاسَ [ص: 568] بِخَطِيئَتِكَ إِلَى الْأَرْضِ؟ قَالَ آدَمُ: أَنْتَ مُوسَى الَّذِي اصْطَفَاكَ اللَّهُ تَعَالَى بِرِسَالَاتِهِ وَكَلَامِهِ وَأَعْطَاكَ الْأَلْوَاحَ فِيهَا تِبْيَانُ كُلِّ شَيْءٍ , وَقَرَّبَكَ اللَّهُ نَجِيًّا فَبِكَمْ وَجَدْتَ اللَّهَ كَتَبَ التَّوْرَاةَ قَبْلَ أَنْ أُخْلَقَ؟ قَالَ مُوسَى: بِأَرْبَعِينَ عَامًا , قَالَ آدَمُ: فَهَلْ وَجَدْتَ فِيهَا فَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى؟ قَالَ: نَعَمْ , قَالَ: أَفَتَلُومُنِي أَنْ أَعْمَلَ عَمَلًا كَتَبَ اللَّهُ عَلَيَّ عَمَلَهُ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَنِيَ بِأَرْبَعِينَ سَنَةً؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى " رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ , عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ مُوسَى الْأَنْصَارِيِّ وَالِاخْتِلَافُ فِي هَذِهِ التَّوَارِيخِ غَيْرُ رَاجِعٍ إِلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ , وَإِنَّمَا هُوَ عَلَى حَسَبِ مَا كَانَ يَظْهَرُ لِمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَفِي كُلِّ ذَلِكَ دَلَالَةٌ عَلَى قِدَمِ الْكَلَامِ الحديث: 493 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 567 494 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو , قَالَا: أنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْوَرَّاقُ , ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ , أنا عِمْرَانُ هُوَ ابْنُ دَاوَرٍ الْقَطَّانُ عَنْ قَتَادَةَ , عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ , عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , قَالَ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ: «نَزَلَتْ صُحُفُ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَوَّلَ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ , [ص: 569] وَأُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ لِسِتٍّ مَضَيْنَ مِنْ رَمَضَانَ , وَأُنْزِلَ الْإِنْجِيلُ لِثَلَاثَ عَشَرَةَ خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ , وَأُنْزِلَ الزَّبُورُ لِثَمَانِيَ عَشَرَةَ خلَتْ مِنْ رَمَضَانَ , وَالْقُرْآنُ لِأَرْبَعَ وَعِشْرِينَ خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ» خَالَفَهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي حُمَيْدٍ , وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ؛ فَرَوَاهُ عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ , عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا مِنْ قَوْلِهِ , وَرَوَاهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ , عَنْ قَتَادَةَ مِنْ قَوْلِهِ , لَمْ يُجَاوِزْ بِهِ , إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: «لِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ بَدَلَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ» وَكَذَلِكَ وَجَدَهُ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ فِي كِتَابِ أَبِي قِلَابَةَ دُونَ ذِكْرِ صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ قُلْتُ: وَإِنَّمَا أَرَادَ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - نُزُولَ الْمَلَكِ بِالْقُرْآنِ مِنَ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا الحديث: 494 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 568 495 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ , أنا مُوسَى بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي , ثنا أَبُو بَكْرٍ , وَعُثْمَانُ , ابْنَا أَبِي شَيْبَةَ , ثنا جَرِيرٌ , عَنْ مَنْصُورٍ , عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [ص: 570] [القدر: 1] , قَالَ: أُنْزِلَ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا , فَكَانَ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ , وَكَانَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يُنَزِّلُهُ عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْضُهُ فِي إِثْرِ بَعْضٍ , قَالَ: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا} [الفرقان: 32] الحديث: 495 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 569 496 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّفَّارُ , ثنا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ الْأَصْفَهَانِيُّ , ثنا الْحُسَيْنُ بْنُ حَفْصٍ , ثنا سُفْيَانُ , عَنِ الْأَعْمَشِ , عَنْ حَسَّانَ بْنِ حُرَيْثٍ , عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا , قَالَ: فُصِّلَ الْقُرْآنُ مِنَ الذِّكْرِ فَوُضِعَ فِي بَيْتِ الْعِزَّةِ فِي سَمَاءِ الدُّنْيَا , فَجَعَلَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ يُنَزِّلُهُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرَتِّلُهُ تَرْتِيلًا " الحديث: 496 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 571 497 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ , بِبَغْدَادَ , أنا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّزَّازُ , ثنا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْوَاسِطِيُّ , أنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ , أنا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدَ , عَنْ عِكْرِمَةَ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا , قَالَ: أُنْزِلَ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ , ثُمَّ نُزِّلَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي عِشْرِينَ سَنَةٍ: {وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا} [الفرقان: 33] , {وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلَا} [الإسراء: 106] الحديث: 497 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 572 498 - وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , ثنا عَلِيُّ بْنُ عِيسَى الْحِيرِيِّ , ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى , حَدَّثَنِي عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى , ثنا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدَ , عَنْ عِكْرِمَةَ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى الْقُرْآنَ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ , فَكَانَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِذَا أَرَادَ أَنْ يُوحِيَ فِي الْأَرْضِ مِنْهُ شَيْئًا أَوْحَاهُ , أَوْ يُحْدِثَ مِنْهُ شَيْئًا أَحْدَثَهُ قُلْتُ: هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْإِحْدَاثَ الْمَذْكُورَ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ} إِنَّمَا هُوَ فِي إِعْلَامِهِمْ إِيَّاهُ بِإِنْزَالِ الْمَلَكِ الْمُؤَدِّي لَهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَقْرَأَهُ عَلَيْهِ الحديث: 498 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 572 499 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الْمُقْرِئُ , أنا أَبُو عَمْرٍو الْصَّفَّارِ , ثنا أَبُو عَوَانَةَ , ثنا أَبُو الْحَسَنِ الْمَيْمُونِيُّ , قَالَ: خَرَجَ إِلَىَّ يَوْمًا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ , فَقَالَ: [ص: 573] ادْخُلْ فَدَخَلْتُ مَنْزِلَهُ فَقُلْتُ: أَخْبِرْنِي عَمَّا كُنْتَ فِيهِ مَعَ الْقَوْمِ وَبِأَيِّ شَيْءٍ كَانُوا يَحْتَجُّونَ عَلَيْكَ؟ قَالَ: بِأَشْيَاءَ مِنَ الْقُرْآنِ يَتَأَوَّلُونَهَا وَيُفَسِّرُونَهَا , هُمُ احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ: {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ} [الأنبياء: 2] قَالَ: قُلْتُ قَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ تَنْزِيلُهُ إِلَيْنَا هُوَ الْمُحْدَثُ لَا الذِّكْرُ نَفْسُهُ هُوَ الْمُحْدَثُ " قُلْتُ: وَالَّذِي يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ تَأْوِيلِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ رَحِمَهُ اللَّهُ مَا الحديث: 499 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 572 500 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ فُورَكٍ , أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ , ثنا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ , ثنا أَبُو دَاوُدَ , ثنا شُعْبَةُ , عَنْ عَاصِمٍ , عَنْ أَبَى وَائِلٍ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ هُوَ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ , فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ فَأَخَذَنِي مَا قَدِمَ وَمَا حَدَّثَ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ , أَحَدَثَ فِيَّ شَيْءٌ؟ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُحْدِثُ لِنَبِيِّهِ مِنْ أَمْرِهِ مَا شَاءَ وَإِنَّ مِمَّا أَحْدَثَ أَلَّا تَكَلَّمُوا فِي الصَّلَاةِ» فِي هَذَا بَيَانٌ وَاضِحٌ لِمَّا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ , حَيْثُ قَالَ: يُحْدِثُ لِنَبِيِّهِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ الحديث: 500 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 573 501 - أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ , أنا أَبُو بَكْرٍ الْقَطَّانُ , ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ السُّلَمِيُّ , ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى , عَنْ إِسْرَائِيلَ , عَنِ السُّدِّيِّ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الْمُجَالِدِ , عَنْ مِقْسَمٍ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا , قَالَ: سَأَلَهُ عَطِيَّةُ بْنُ الْأَسْوَدِ , فَقَالَ: إِنَّهُ قَدْ وَقَعَ فِي قَلْبِيَ الشَّكُّ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} [البقرة: 185] , وَقَوْلِهِ: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [القدر: 1] , وَقَوْلِهِ: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ} [الدخان: 3] وَقَدْ أُنْزِلَ فِي شَوَّالٍ وَذِي الْقِعْدَةِ وَذِي الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمِ وَشَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: إِنَّهُ أُنْزِلَ فِي رَمَضَانَ , وَفِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ , وَفِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ جُمْلَةً وَاحِدَةً , ثُمَّ أُنْزِلَ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى مَوَاقِعِ النُّجُومِ: رُسُلًا فِي الشُّهُورِ وَالْأَيَّامِ الحديث: 501 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 574 502 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُؤَمَّلِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عِيسَى , ثنا الْفَضْلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الشَّعْرَانِيُّ , ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ , حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ , عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ الْحَارِثِ , عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْطَأَةَ , عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ , عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيُّ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَلَا: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لِكِتَابٌ عَزِيزٌ لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [فصلت: 42] فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [ص: 576] «إِنَّكُمْ لَنْ تَرْجِعُوا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ شَيْءٍ خَرَجَ مِنْهُ» يَعْنِي: الْقُرْآنَ الحديث: 502 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 575 503 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أنا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الْعَدْلُ , ثنا جَدِّي , أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ , ثنا سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ , حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ , ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ , عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ , عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ الْحَارِثِ , عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْطَأَةَ , عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ , عَنْ أَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّكُمْ لَا تَرْجِعُونَ إِلَى اللَّهِ بِشَيْءٍ أَفْضَلَ مِمَّا خَرَجَ مِنْهُ» يَعْنِي: الْقُرْآنَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ قُلْتُ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ جُبَيْرُ بْنُ نُفَيْرٍ رَوَاهُ عَنْهُمَا جَمِيعًا , وَرَوَاهُ غَيْرُهُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ دُونَ ذِكْرِ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي إِسْنَادُهُ وَقَوْلُهُ خَرَجَ مِنْهُ يُرِيدُ أَنَّهُ وَجَدَ مِنْهُ بِأَنْ تَكَلَّمَ بِهِ وَأَنْزَلَهُ عَلَى نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَفْهَمَهُ عِبَادَهُ , وَلَيْسَ ذَلِكَ الْخُرُوجُ كَكَلَامِنَا , فَإِنَّهُ عَزَّ وَجَلَّ صَمَدٌ لَا جَوْفَ لَهُ تَعَالَى اللَّهُ عَنْ [ص: 577] شَبَهِ الْمَخْلُوقِينَ عُلُوًّا كَبِيرًا , وَإِنَّمَا كَلَامُهُ صِفَةٌ لَهُ أَزَلِيَّةٌ مَوْجُودَةٌ بِذَاتِهِ لَمْ يَزَلْ كَانَ مَوْصُوفًا [ص: 578] بِهِ وَلَا يَزَالُ مَوْصُوفًا بِهِ , فَمَا أَفْهَمَهُ رُسُلَهُ وَعَلَّمَهُمْ إِيَّاهُ , ثُمَّ تَلَوْهُ عَلَيْنَا وَتَلَوْنَا , وَاسْتَعْمَلْنَا مُوجِبَهُ وَمُقْتَضَاهُ فَهُوَ الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ الرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا رُوِّينَا عَنْهُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ الحديث: 503 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 576 504 - أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ , أنا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْمُحَمَّدْ أَبَاذِيُّ , ثنا حَامِدُ بْنُ مَحْمُودٍ , ثنا إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ الرَّازِيُّ , قَالَ: سَمِعْتُ الْجَرَّاحَ الْكِنْدِيَّ , يُحَدِّثُ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ , عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ , عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خِيَارُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ» قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ: فَذَاكَ الَّذِي أَجْلَسَنِي هَذَا الْمَجْلِسَ - وَكَانَ يُقْرِئُ الْقُرْآنَ - قَالَ: وَفَضَلُ الْقُرْآنِ عَلَى سَائِرِ الْكَلَامِ كَفَضْلِ الرَّبِّ عَلَى خَلْقِهِ , وَذَلِكَ بِأَنَّهُ مِنْهُ، كَذَا رَوَاهُ حَامِدُ بْنُ مَحْمُودٍ , وَرَوَاهُ يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ , عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ سُلَيْمَانَ , فَجَعَلَ آخِرَ الْخَبَرِ مِنْ قَوْلِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ مُبِيِّنًا , وَتَابَعَهُ عَلَى ذَلِكَ غَيْرُهُ , وَرَوَاهُ الْحِمَّانِيُّ , عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ سُلَيْمَانَ مُبِيِّنًا فِي رَفْعِ آخِرِ الْخَبَرِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الحديث: 504 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 578 505 - أَخْبَرَنَاهُ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ , ثنا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ , ثنا عَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ , ثنا الْحِمَّانِيُّ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ الرَّازِيُّ , ثنا الْجَرَّاحُ , عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ , عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ , عَنْ عُثْمَانَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَضْلُ الْقُرْآنِ عَلَى سَائِرِ الْكَلَامِ كَفَضْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى خَلْقِهِ , وَذَاكَ أَنَّهُ مِنْهُ» تَابَعَهُ [ص: 580] يَعْلَى بْنُ الْمِنْهَالِ , عَنْ إِسْحَاقَ فِي رَفْعَهِ , وَيُقَالُ: إِنَّ الْحِمَّانِيَّ مِنْهُ أَخَذَ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ، وَالْجَرَّاحُ هُوَ ابْنُ الضَّحَّاكِ الْكِنْدِيُّ قَاضِي الرِّيِّ , وَكَانَ كُوفِيًّا الحديث: 505 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 579 506 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو الْبِسْطَامِيُّ , ثنا أَبُو بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلِيُّ , ثنا الْحَضْرَمِيُّ , ثنا يَعْلَى بْنُ الْمِنْهَالِ السَّكُونِيُّ , ثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ الرَّازِيُّ , عَنِ الْجَرَّاحِ بْنِ الضَّحَّاكِ الْكِنْدِيِّ , عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ , عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ , عَنْ عُثْمَانَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خَيْرُكُمْ مِنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ , وَفَضَلُ الْقُرْآنِ عَلَى سَائِرِ الْكَلَامِ كَفَضْلِ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ , وَذَلِكَ أَنَّهُ مِنْهُ» قَالَ الْحَضْرَمِيُّ سَمِعَهُ يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ مِنْ يَعْلَى بْنِ الْمِنْهَالِ هَذَا الحديث: 506 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 580 507 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ , وَأَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ , بِبَغْدَادَ , قَالَا: أنا أَبُو سَهْلٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرِ بْنِ مَطَرٍ , ثنا الْحَسَنُ بْنُ حَمَّادٍ الْوَرَّاقُ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ الْهَمَذَانِيُّ , عَنْ عَمْرِو بْنِ الْقَيْسِ , عَنْ عَطِيَّةَ , عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مَنْ شَغَلَهُ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ عَنْ ذِكْرِي وَمَسْأَلَتِي أَعْطَيْتُهُ أَفْضَلَ ثَوَابِ السَّائِلِينَ , وَفَضَلُ الْقُرْآنِ عَلَى سَائِرِ الْكَلَامِ كَفَضْلِ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ» لَفْظُ حَدِيثِهِمَا سَوَاءٌ , إِلَّا أَنَّ الْقَطَّانَ قَالَ فِي رِوَايَتِهِ مُحَمَّدِ بْنِ بِشْرٍ أَخُو خَطَّابٍ [ص: 582] 508 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ , ثنا أَبُو أُسَامَةَ الْكَلْبِيُّ , ثنا شِهَابُ بْنُ عَبَّادٍ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ الْمِشْعَارِيُّ , - قَالَ أَبُو أُسَامَةَ الْمِشْعَارُ فَخِذٌ مِنْ هَمَذَانَ - فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ نَحْوَهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: «أَفْضَلُ مَا أُعْطِي السَّائِلِينَ» وَقَالَ: «وَفَضَلُ كَلَامِ اللَّهِ» وَلَمْ يَقُلْ: عَنْ ذِكْرِي قُلْتُ: تَابَعَهُ الْحَكَمُ بْنُ بَشِيرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ , عَنْ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ , وَرُوِيَ مِنْ وَجْهٍ آخِرَ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَرْفُوعًا الحديث: 507 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 581 509 - أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَالِينِيُّ , أنا أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيٍّ الْحَافِظُ , ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ , ثنا شَيْبَانُ , ثنا عُمَرُ الْأَبَحُّ , عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ , عَنْ قَتَادَةَ , عَنِ الْأَشْعَثِ الْأَعْمَى , عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ: «فَضْلُ الْقُرْآنِ عَلَى سَائِرِ الْكَلَامِ كَفَضْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى خَلْقِهِ» تَفَرَّدَ بِهِ عُمَرُ الْأَبَحُّ وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ وَرُوِيَ عَنْ يُونُسَ بْنِ وَاقِدٍ الْبَصْرِيِّ , عَنْ سَعِيدٍ دُونَ ذِكْرِ الْأَشْعَثِ فِي إِسْنَادِهِ , وَرَوَاهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ سَوَاءٍ , عَنْ سَعِيدٍ , عَنِ الْأَشْعَثَ دُونَ ذِكْرِ قَتَادَةَ فِيهِ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ: قَالَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ , فَأَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَّ فَضْلَ كَلَامِ اللَّهِ عَلَى سَائِرِ الْكَلَامِ كَفَضْلِهِ عَلَى خَلْقِهِ , وَكَانَ فَضْلُهُ لَمْ يَزَلْ , فَكَذَلِكَ فَضْلُ كَلَامَهُ لَمْ يَزَلْ» [ص: 584] قُلْتُ: وَنُقِلَ إِلَيْنَا عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَرْفُوعًا: الْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ وَرُوِيَ ذَلِكَ أَيْضًا عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ مَرْفُوعًا , وَلَا يَصِحُّ شَيْءُ مِنْ ذَلِكَ، أَسَانِيدُهُ مُظْلِمَةٌ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُحْتَجَّ بِشَيْءٍ مِنْهَا , وَلَا أَنْ يُسْتَشْهَدَ بِشَيْءٍ مِنْهَا , وَفِيمَا ذَكَرْنَاهُ كِفَايَةٌ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ الحديث: 509 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 583 بَابُ مَا رُوِيَ عَنِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فِي أَنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 585 510 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنُ عَبْدَانَ , أنا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ , ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ , أنا أَبُو مَعْمَرٍ الْهُذَلِيُّ , عَنْ سُرَيْجِ بْنِ النُّعْمَانِ , حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ , عَنْ نِيَارِ بْنِ مُكْرَمِ , قَالَ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَاوَلَ قَوْمًا مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ عَلَى أَنَّ الرُّومَ تَغْلِبُ فَارِسَ فَغَلَبَتِ الرُّومُ فَارِسَ فَقَرَأَهَا عَلَيْهِمْ , فَقَالُوا: كَلَامُكَ هَذَا أَمْ كَلَامُ صَاحِبِكَ؟ , قَالَ: لَيْسَ بِكَلَامِي وَلَا كَلَامِ صَاحِبِي؛ وَلَكِنَّهُ كَلَامُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ " تَابَعَهُ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ , عَنْ سُرَيْجِ بْنِ [ص: 586] النُّعْمَانِ , إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: فَقَالَ رُؤَسَاءُ مُشْرِكِي مَكَّةَ: يَا ابْنَ أَبِي قُحَافَةَ , هَذَا مِمَّا أَتَى بِهِ صَاحِبُكَ؟ , قَالَ: لَا وَلَكِنَّهُ كَلَامُ اللَّهِ وَقَوْلُهُ , وَهَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ الحديث: 510 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 585 511 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ يَعْقُوبَ , ثنا أَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ , وَمُحَمَّدُ بْنُ النَّضْرِ الْجَارُودِيُّ , قَالَا: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ , ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ , أنا مَعْمَرٌ , عَنِ الزُّهْرِيِّ , قَالَ أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ , وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ , وَعَلْقَمَةُ بْنُ وَقَّاصٍ , وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ , عَنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَالَ لَهَا أَهْلُ الْإِفْكِ مَا قَالُوا , فَبَرَّأَهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ , وَكُلُّهُمْ حَدَّثَنِي بِطَائِفَةٍ مِنْ حَدِيثِهَا وَبَعْضُهُمْ كَانَ أَوْعَى لِحَدِيثِهَا مِنْ بَعْضٍ , وَقَدْ وَعَيْتُ , عَنْ كُلٍّ مِنْهُمُ الْحَدِيثَ الَّذِي حَدَّثَنِي , وَبَعْضُ حَدِيثِهِمْ يُصَدِّقُ بَعْضًا , - ذَكَرُوا أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ - فَذَكَرَ حَدِيثَ الْإِفْكِ بِطُولِهِ - وَفِيهِ قَالَتْ: أَنَا وَاللَّهِ حِينَئِذٍ أَعْلَمُ أَنِّي بَرِيئَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ يُبَرِّئُنِي , وَلَكِنْ وَاللَّهِ مَا كُنْتُ أَظُنُّ أَنْ يَنْزِلَ فِي شَأْنِي وَحْيٌ يُتْلَى وَلَشَأْنِي كَانَ أَحْقَرَ فِي نَفْسِي مِنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ اللَّهُ فِيَّ بِأَمْرٍ يُتْلَى , وَلَكِنِّي كُنْتُ أَرْجُو أَنْ يَرَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّوْمِ رُؤْيَا يُبَرِّئُنِي اللَّهُ تَعَالَى بِهَا , وَقَالَتْ: فَوَاللَّهِ مَا قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَجْلِسِهِ وَلَا خَرَجَ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ أَحَدٌ حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَأَخَذَهُ مَا كَانَ يَأْخُذُهُ مِنَ الْبُرَحَاءِ عِنْدَ الْوَحْيِ , حَتَّى إِنَّهُ لَيَنْحَدِرُ مِنْهُ مِثْلَ الْجُمَانِ مِنَ الْعَرَقِ فِي الْيَوْمِ الشَّاتِي مِنْ ثِقَلِ الْقَوْلِ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَيْهِ , قَالَتْ , فَلَمَّا سُرِّيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَضْحَكُ , فَكَانَ أَوَّلُ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا أَنْ قَالَ: «أَبْشِرِي يَا عَائِشَةُ , أَمَّا اللَّهُ فَقَدْ بَرَّأَكِ» , فَقَالَتْ لِي أُمِّي: قَوْمِي إِلَيْهِ , قُلْتُ: وَاللَّهِ لَا أَقُومُ وَلَا أَحْمَدُ إِلَّا اللَّهَ الَّذِي أَنْزَلَ بَرَاءَتِي، قَالَتْ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عَصَبَةٌ مِنْكُمْ} عَشْرُ [ص: 587] آيَاتٍ رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ , وَأَخْرَجَاهُ مِنْ أَوْجُهٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ الحديث: 511 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 586 512 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ , أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ , ثنا أَبُو دَاوُدَ , أنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى , أنا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ , عَنْ مُجَالِدٍ , عَنْ عَامِرٍ يَعْنِي الشَّعْبِيَّ - عَنْ عَامِرِ بْنِ شَهْرٍ , قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ النَّجَاشِيِّ , فَقَرَأَ ابْنٌ لَهُ آيَةً مِنَ الْإِنْجِيلِ فَضَحِكَتُ , فَقَالَ: أَتَضْحَكُ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ؟ الحديث: 512 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 587 513 - أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ , أنا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ , أنا الْأَسْفَاطِيُّ يَعْنِي الْعَبَّاسَ بْنَ الْفَضْلِ، ثنا أَبُو الْوَلِيدِ , ثنا جَرِيرٌ , عَنْ مَنْصُورٍ , عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ , عَنْ فَرْوَةَ بْنِ نَوْفَلٍ , قَالَ: أَخَذَ حُبَابٌ بِيَدِي , فَقَالَ: تَقَرَّبْ إِلَى اللَّهِ مَا اسْتَطَعْتَ وَاعْلَمْ أَنَّكَ لَنْ تَتَقَرَّبَ إِلَيْهِ بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ كَلَامِهِ الحديث: 513 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 587 514 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَارِثِ الْأَصْبَهَانِيُّ , أنا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَيَّانَ يَعْنِي أَبَا الشَّيْخِ , ثنا عَبْدَانُ الْأَهْوَازِيُّ , ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ , ثنا عَبِيدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ , عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ , عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ , عَنْ فَرْوَةَ بْنِ نَوْفَلٍ , قَالَ: قَالَ لِي خَبَّابُ بْنُ الْأَرَتِّ - وَأَقْبَلَتُ مَعَهُ مِنَ الْمَسْجِدِ إِلَى مَنْزِلِهِ - فَقَالَ لِي: إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَقَرَّبَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى , فَإِنَّكَ لَنْ تَقَرَّبَ إِلَيْهِ بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ كَلَامِهِ، هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ الحديث: 514 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 588 515 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , وَأَبُو صَادِقٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْفَوَارِسِ , قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ هُوَ الْأَصَمُّ ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ , ثنا ابْنُ نُمَيْرٍ , ثنا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ , عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَابِسٍ , قَالَ: حَدَّثَنِي أُنَاسٌ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ؛ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي خُطْبَتِهِ: إِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كَلَامُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ " وَذَكَرَ الْحَدِيثَ الحديث: 515 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 588 516 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَارِثِ , أنا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَيَّانَ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الطَّبَرْكِيُّ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ مِهْرَانَ الْجَمَّالُ , ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ , عَنِ الْأَعْمَشِ , عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ , عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ هِلَالٍ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ وَهُوَ ابْنُ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , قَالَ: إِنَّ أَحْسَنَ الْكَلَامِ كَلَامُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأَحْسَنَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الحديث: 516 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 589 517 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الْمُقْرِئُ , أَنَا أَبُو عَمْرٍو الصَّفَّارُ , ثنا أَبُو عَوَانَةَ , ثنا يُوسُفُ بْنُ مُسْلِمٍ , ثنا ابْنُ أَكْثَمَ , ثنا أَحْمَدُ بْنُ بَشِيرٍ , ثنا مُجَالِدٌ , عَنِ الشَّعْبِيِّ , عَنْ مَسْرُوقٍ , عَنْ عَبْدِ اللَّهٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , قَالَ: إِنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى فَمَنْ كَذَبَ عَلَى الْقُرْآنِ فَإِنَّمَا يَكْذِبُ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الحديث: 517 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 589 518 - أَخْبَرَنَا الْإِمَامُ أَبُو عُثْمَانَ , أنا أَبُو طَاهِرِ بْنُ خُزَيْمَةَ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ حَمْدُونَ بْنِ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ , ثنا أَبُو هَارُونَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ , ثنا أَبُو صَالِحٍ , ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ , عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ} [الزمر: 28] قَالَ: غَيْرُ مَخْلُوقٍ قَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو عُثْمَانَ وَرُوِيَ عَنْ حَرْمَلَةَ بْنِ يَحْيَى , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ , عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ قُلْتُ: وَأَبُو هَارُونَ هَذَا هُوَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ بْنِ يَعْقُوبَ الْجَبْرِينِيُّ الشَّامِيُّ , يَرْوِي عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ كَاتَبِ اللَّيْثِ الحديث: 518 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 590 519 - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَارِثِ الْفَقِيهُ , أنا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَيَّانَ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ , ثنا إِسْحَاقُ بْنُ حَاتِمٍ الْعَلَّافُ , ثنا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ , عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُدَيْرٍ , عَنْ [ص: 591] عِكْرِمَةَ , قَالَ: حَمَلَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا جِنَازَةً , فَلَمَّا وَضَعَ الْمَيِّتَ فِي قَبْرِهِ , قَالَ لَهُ رَجُلٌ: اللَّهُمَّ رَبَّ الْقُرْآنِ اغْفِرْ لَهُ , فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: مَهْ , لَا تَقُلْ لَهُ مِثْلَ هَذَا , مِنْهُ بَدَأَ , وَمِنْهُ يَعُودُ تَابَعَهُ أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيُّ , عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَاصِمٍ , وَقَالَ فِي مَتْنِهِ: صَلَّى ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَلَى جِنَازَةٍ , فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: اللَّهُمَّ رَبَّ الْقُرْآنَ الْعَظِيمِ , اغْفِرْ لَهُ , فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: «ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ , إِنَّ الْقُرْآنَ مِنْهُ» وَهُوَ فِيمَا 520 - أَجَازَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ رِوَايَتَهُ عَنْهُ أَنَّ أَبَا بَكْرِ بْنِ إِسْحَاقَ الْفَقِيهَ أَخْبَرَهُمْ , قَالَ: أنا حَمَوَيْهِ بْنُ يُونُسَ بْنِ هَارُونَ , ثنا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيُّ , ثنا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ , فَذَكَرَهُ , وَرُوِيَ فِي ذَلِكَ , عَنْ عُمَرَ , وَعُثْمَانَ , وَعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ الحديث: 519 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 590 521 - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَارِثِ الْفَقِيهُ , أنا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَيَّانَ الْأَصْبَهَانِيُّ , ثنا الْحَسَنُ بْنُ هَارُونَ بْنِ سُلَيْمَانَ , ثنا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ , ثنا جَرِيرُ بْنُ عَبْدٍ الْحَمِيدِ , عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ , عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ , عَنْ أَبِي الزَّعْرَاءِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هَانِئٍ , قَالَ: قَالَ عُمَرُ [ص: 592] بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: الْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ وَرَوَاهُ يَحْيَى بْنُ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ مُجَاهِدٍ , قَالَ: قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: الْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ 522 - قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ: أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ , أنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زِيَادٍ , ثنا يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ , ثنا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ , عَنْ يَحْيَى بْنِ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ , فَذَكَرَهُ الحديث: 521 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 591 523 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُقْرِئُ , أنا أَبُو عَمْرٍو أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى الصَّفَّارُ الضَّرِيرُ , ثنا أَبُو عَوَانَةَ الْإِسْفَرَايِينِيُّ , ثنا عُثْمَانُ بْنُ خُرَّزَاذَ , ثنا خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ , قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ , أنا يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ , عَنِ الزُّهْرِيِّ , قَالَ: قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: الْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ الحديث: 523 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 592 524 - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَارِثِ الْفَقِيهُ , أنا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَيَّانَ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّاسِ بْنِ أَيُّوبَ , ثنا أَبُو عُمَرَ بْنُ أَيُّوبَ الصَّرِيفِينِيُّ , ثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ , ثنا إِسْرَائِيلُ أَبُو مُوسَى , قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ , يَقُولُ: قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «لَوْ أَنَّ قُلُوبَنَا طَهُرَتْ مَا شَبِعَتْ مِنْ كَلَامِ رَبِّنَا , وَإِنِّي لَأَكْرَهُ أَنْ يَأْتِيَ عَلَيَّ يَوْمٌ لَا أَنْظُرُ فِي الْمُصْحَفِ» وَمَا مَاتَ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَتَّى خُرِقَ مُصْحَفُهُ مِنْ كَثْرَةِ مَا كَانَ يُدِيمُ النَّظَرَ فِيهِ الحديث: 524 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 593 525 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَارِثِ الْفَقِيهُ , أنا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَيَّانَ , أنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِدْرِيسَ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَجَّاجِ الْحَضْرَمِيُّ الْبَصْرِيُّ , ثنا الْمُعَلَّى بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْقَعْقَاعِ الْعَبْسِيُّ , ثنا عُتْبَةُ بْنُ السَّكَنِ الْفَرَارِيُّ , ثنا [ص: 594] الْفَرَجُ بْنُ يَزِيدَ الْكَلَاعِيُّ , قَالَ: قَالُوا لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: حَكَّمْتَ كَافِرًا وَمُنَافِقًا , فَقَالَ: مَا حَكَّمْتُ مَخْلُوقًا مَا حَكَّمْتُ إِلَّا الْقُرْآنَ " هَذِهِ الْحِكَايَةَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ شَائِعَةٌ فِيمَا بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ , وَلَا أُرَاهَا شَاعَتْ إِلَّا عَنْ أَصْلٍ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - وَقَدْ رَوَاهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي حَاتِمٍ بِإِسْنَادِهِ هَذَا الحديث: 525 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 593 526 - أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ الْمَالِينِيُّ , أَنْبَأَنَا أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيٍّ الْحَافِظُ , حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَفْصٍ السَّعْدِيُّ , ثنا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ النَّرْسِيُّ , ثنا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ الطَّائِفِيُّ , عَنِ الْأَزْوَرِ بْنِ غَالِبٍ , عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ , عَنْ أَنَسٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: الْقُرْآنُ كَلَامُ [ص: 595] اللَّهِ , وَلَيْسَ كَلَامُ اللَّهِ بِمَخْلُوقٍ قَالَ أَبُو أَحْمَدَ: هَذَا الْحَدِيثُ وَإِنْ كَانَ مَوْقُوفًا عَلَى أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , فَهُوَ مُنْكَرٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ لِلصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمُ الْخَوْضَ فِي الْقُرْآنِ قُلْتُ: إِنَّمَا أَرَادَ بِهِ أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ فِي الصَّدْرِ الْأَوَّلِ , وَلَا الثَّانِيَ مَنْ يَزْعُمُ أَنَّ الْقُرْآنَ مَخْلُوقٌ حَتَّى يَحْتَاجَ إِلَى إِنْكَارِهِ , فَلَا يَثْبُتُ عَنْهُمْ شَيْءٌ بِهَذَا اللَّفْظِ الَّذِي رُوِّينَا عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , لَكِنْ قَدْ ثَبَتَ عَنْهُمْ إِضَافَةُ الْقُرْآنِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى , وَتَمْجِيدُهُ بِأَنَّهُ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى , كَمَا رُوِّينَا عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعَائِشَةَ وَخَبَّابِ بْنُ الْأَرَتِّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَالنَّجَاشِيِّ وَغَيْرِهِمْ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ الحديث: 526 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 594 527 - وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ , أنا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ , ثنا عُبَيْدُ بْنُ شَرِيكٍ , ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ , ثنا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ , عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ , عَنْ عَطِيَّةَ بْنِ قَيْسٍ , قَالَ: مَا تَكَلَّمَ الْعِبَادُ بِكَلَامٍ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنْ كَلَامِهِ , وَمَا أَنَابَ الْعِبَادُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِكَلَامٍ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ كَلَامِهِ يَعْنِي: الْقُرْآنَ قَالَ: وَحَدَّثَنَا عُبَيْدٌ , ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ , ثنا عِيسَى بْنُ يُونسَ , عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ , عَنْ عَطِيَّةَ بْنِ قَيْسٍ , عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ الحديث: 527 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 595 528 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلٍ الْقَطَّانُ , ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ [ص: 596] , ثنا أَبُو قِلَابَةَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنِ مُحَمَّدٍ , ثنا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ , ثنا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءٍ , عَنْ نَافِعٍ , قَالَ: خَطَبَ الْحَجَّاجُ , فَقَالَ: إِنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ يُبَدِّلُ كَلَامَ اللَّهِ تَعَالَى , قَالَ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: كَذِبَ الْحَجَّاجُ؛ إِنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ لَا يُبَدِّلُ كَلَامَ اللَّهِ تَعَالَى , وَلَا يَسْتَطِيعُ ذَلِكَ الحديث: 528 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 595 529 - أَنْبَأَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ إِجَازَةً , أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ , أنا الْعَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ , ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ , ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ , عَنِ الْأَعْمَشِ , عَنِ الْحَسَنِ , قَالَ: «فَضْلُ الْقُرْآنِ عَلَى الْكَلَامِ كَفَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى عِبَادِهِ» الحديث: 529 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 596 530 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الْمُقْرِئُ , أنا أَبُو عَمْرٍو الصَّفَّارُ , ثنا أَبُو عَوَانَةَ الْإِسْفَرَايِينِيُّ , حَدَّثَنِي عُثْمَانُ بْنُ خُرَّزَاذَ , ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ الْغَلَابِيُّ , ثنا صَالِحٌ الْمُرِّيُّ , قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ , يَقُولُ: الْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى إِلَى الْقُوَّةِ وَالصَّفَاءِ، وَأَعْمَالُ بَنِي آدَمَ إِلَى الضَّعْفِ وَالتَّقْصِيرِ الحديث: 530 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 596 531 - أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ عَبْدُ الْقَاهِرِ بْنُ طَاهِرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْفَقِيهُ , ثنا أَبُو أَحْمَدَ الْحَافِظُ النَّيْسَابُورِيُّ , أنا أَبُو عَرُوبَةَ السُّلَمِيُّ , ثنا سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ , ثنا الْحَكَمُ بْنُ مُحَمَّدٍ , ثنا [ص: 597] سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ , عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ , قَالَ: سَمِعْتُ مَشْيَخَتَنَا مُنْذُ سَبْعِينَ سَنَةً , يَقُولُونَ ح قَالَ: أَبُو أَحْمَدَ الْحَافِظُ , وَأَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنُ فَارِسٍ وَاللَّفْظُ لَهُ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ , ثنا الْحَكَمُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَبُو مَرْوَانَ الطَّبَرِيُّ , حَدَّثَنَاهُ سَمِعَ ابْنَ عُيَيْنَةَ قَالَ: أَدْرَكْتُ مَشْيَخَتَنَا مُنْذُ سَبْعِينَ سَنَةً مِنْهُمْ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ , يَقُولُونَ: الْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ لَيْسَ بِمَخْلُوقٍ كَذَا قَالَ الْبُخَارِيُّ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ مُحَمَّدٍ , وَرَوَاهُ غَيْرُ الْحَكَمِ , عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ نَحْوَ رِوَايَةِ سَلَمَةَ بْنِ شَبِيبٍ , عَنِ الْحَكَمِ بْنِ مُحَمَّدٍ الحديث: 531 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 596 532 - أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أنا أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ حَلِيمِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَلِيمِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْمُونِ الصَّائِغُ , ثنا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنُ رَاهَوَيْهِ الْقَاضِي بِمَرْوَ , قَالَ: سُئِلَ أَبِي وَأَنَا أَسْمَعُ , عَنِ الْقُرْآنِ , وَمَا حَدَثَ فِيهِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْمَخْلُوقِ , فَقَالَ: الْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ وَعِلْمُهُ وَوَحْيُهُ لَيْسَ بِمَخْلُوقٍ وَلَقَدْ ذَكَرَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ , عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ , قَالَ: أَدْرَكْتُ مَشْيَخَتَنَا مُنْذُ سَبْعِينَ سَنَةً , فَذَكَرَ مَعْنَى هَذِهِ الْحِكَايَةِ , وَزَادَ: فَإِنَّهُ مِنْهُ خَرَجَ وَإِلَيْهِ يَعُودُ قَالَ أَبِي: وَقَدْ أَدْرَكَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ أَجِلَّةَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْبَدْرِيِّينَ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ مِثْلَ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو , وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ , وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ , وَأَجِلَّةُ التَّابِعِينَ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ , وَعَلَى هَذَا مَضَى صَدْرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي ذَلِكَ [ص: 599] قُلْتُ: قَوْلُهُ مِنْهُ خَرَجَ فَمَعْنَاهُ مِنْهُ سُمِعَ وَبِتَعْلِيمِهِ تُعُلِّمَ وَبِتَفْهِيمِهِ فُهِمَ , وَقَوْلُهُ: وَإِلَيْهِ يَعُودُ فَمَعْنَاهُ إِلَيْهِ تَعُودُ تِلَاوَتُنَا لَكَلَامِهِ , وَقِيَامُنَا بِحَقِّهِ كَمَا قَالَ: إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ عَلَى مَعْنَى الْقَبُولِ لَهُ وَالْإِثَابَةِ عَلَيْهِ وَقِيلَ مَعْنَاهُ هُوَ الَّذِي تَكَلَّمَ بِهِ وَهُوَ الَّذِي أَمَرَ بِمَا فِيهِ وَنَهَى عَمَّا حَظَّرَ فِيهِ , وَإِلَيْهِ يَعُودُ هُوَ الَّذِي يَسْأَلُكَ عَمَّا أَمَرَكَ بِهِ وَنَهَاكَ عَنْهُ وَرَوَاهُ أَيْضًا صَالِحُ بْنُ الْهَيْثَمِ أَبُو شُعَيْبٍ الْوَاسِطِيُّ , عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ , عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَلَى اللَّفْظِ الْأَوَّلِ الحديث: 532 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 598 533 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ , نَذِيرُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ جُنَاحٍ الْمُحَارِبِيُّ بِالْكُوفَةَ , أنا أَبُو الطَّيِّبِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ جَعْفَرٍ التَّيْمُلِيُّ , أنا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ زَيْدَانَ الْبَجَلِيُّ , ثنا هَارُونُ بْنُ حَاتِمٍ الْبَزَّازُ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي فُدَيْكٍ , عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ , عَنِ الزُّهْرِيِّ , قَالَ: سَأَلْتُ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنِ الْقُرْآنِ , فَقَالَ: كِتَابُ اللَّهِ وَكَلَامُهُ الحديث: 533 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 599 534 - وَفِيمَا أَجَازَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ رِوَايَتَهُ عَنْهُ , قَالَ: أنا الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ بْنُ إِسْحَاقَ , أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ , ثنا عَبَّاسُ الْعَنْبَرِيُّ , ثنا رُوَيْمُ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ , ثنا عَبْدُ الْلَّهِ بْنُ عَيَّاشٍ الْخَزَّازُ , عَنْ يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ , عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ: سُئِلَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنِ الْقُرْآنِ , فَقَالَ: لَيْسَ بِخَالِقٍ وَلَا مَخْلُوقٍ , وَهُوَ كَلَامُ الْخَالِقِ [ص: 601] وَرَوَاهُ أَيْضًا مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ الْمَرْوَزِيُّ , عَنْ عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْعَظِيمِ الْعَنْبَرِيِّ وَرُوِيَ عَنْ جَعْفَرٍ وَهُوَ صَحِيحٌ أَيْضًا الحديث: 534 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 600 535 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , وَأَبُو عُثْمَانَ سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدَانَ وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ , قَالُوا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ , ثنا حَسْنُونُ الْبَنَّاءُ الْكُوفِيُّ , ثنا عُمَرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ خَالِدٍ , ثنا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ , قَالَ: سَأَلْتُ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ , عَنِ الْقُرْآنِ , فَقَالَ: كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى , قُلْتُ: فَمَخْلُوقٌ؟ قَالَ: لَا , قُلْتُ: فَمَا تَقُولُ فِيمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ مَخْلُوقٌ؟ , قَالَ: يُقْتَلُ وَلَا يُسْتَتَابُ الحديث: 535 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 601 536 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الْمُقْرِئُ , أنا أَبُو عَمْرٍو الصَّفَّارُ , ثنا أَبُو عَوَانَةَ , ثنا أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ , ثنا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ , عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ , قَالَ: سُئِلَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقُ عَنِ الْقُرْآنَ خَالِقٌ أَوْ مَخْلُوقٌ؟ قَالَ: لَيْسَ بِخَالِقٍ وَلَا مَخْلُوقٌ؛ وَلَكِنَّهُ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى الحديث: 536 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 602 537 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي طَاهِرٍ الدَّقَّاقُ بِبَغْدَادَ , ثنا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ الْآدَمِيُّ , ثنا ابْنُ أَبِي الْعَوَّامِ , ثنا مُوسَى بْنُ دَوَادَ الضَّبِّيُّ , عَنْ مَعْبَدٍ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ , عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ , قَالَ: سَمِعْتُ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا , فَقُلْتُ: إِنَّهُمْ يَسْأَلُونَنَا عَنِ الْقُرْآنِ أَمَخْلُوقٌ هُوَ؟ قَالَ: لَيْسَ بِخَالِقٍ وَلَا مَخْلُوقٍ؛ وَلَكِنَّهُ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى تَابَعَهُ سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ , عَنْ مُوسَى بْنِ دَاوُدَ الحديث: 537 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 602 538 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أَخْبَرَنِي أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدُوسٍ , قَالَ: سَمِعْتُ عُثْمَانَ بْنَ سَعِيدٍ الدَّرَامِيَّ , يَقُولُ: سَمِعْتُ عَلِيًّا يَعْنِي ابْنَ الْمَدِينِيِّ يَقُولُ فِي حَدِيثِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ لَيْسَ الْقُرْآنُ بِخَالِقٍ وَلَا مَخْلُوقٍ؛ وَلَكِنَّهُ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى قَالَ عَلِيٌّ: لَا أَعْلَمُ أَنَّهُ تَكَلَّمَ بِهَذَا الْكَلَامِ فِي زَمَانٍ أَقْدَمَ مِنْ هَذَا قَالَ عَلِيٌّ: هُوَ كُفْرٌ , قَالَ: أَبُو سَعِيدٍ: يَعْنِي مَنْ قَالَ: الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ , فَهُوَ كَافِرٌ الحديث: 538 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 603 539 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَرَجِ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ التَّمِيمِيُّ الرَّازِيُّ , بِنَيْسَابُورَ , أنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ كَيْسَانَ الْقَزْوِينِيُّ بِهَا , ثنا [ص: 604] أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ الْكُوفِيُّ أَبُو الْعَبَّاسِ , ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَبُو عَيَّاشٍ , صَاحِبُ الثَّوْرِيِّ , ثنا عَبَّاسُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ مَهْدِيٍّ الْكُوفِيُّ , ثنا حَنَانُ بْنُ سُدَيْرٍ , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ لِجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ , مَا تَقُولُ فِي الْقُرْآنِ خَالِقٌ أَمْ مَخْلُوقٌ؟ قَالَ: أَقُولُ فِيهِ مَا يَقُولُ أَبِي وَجَدِّي: «لَيْسَ بِخَالِقٍ وَلَا مَخْلُوقٍ , وَلَكِنَّهُ كَلَامُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ» الحديث: 539 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 603 540 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ , قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ , ثنا أَبُو أُمَيَّةَ الطَّرْطُوسِيُّ , ثنا يَحْيَى بْنُ خَلَفٍ الْمُقْرِئُ , قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ مَالِكِ بْنِ أَنَسَ , فَجَاءَهُ رَجُلٌ , فَقَالَ: مَا تَقُولُ فِيمَنْ يَقُولُ: الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ؟ , فَقَالَ: هُوَ عِنْدِي كَافِرٌ فَاقْتُلُوهُ الحديث: 540 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 604 وَقَالَ يَحْيَى بْنُ خَلَفٍ وَسَأَلْتُ اللَّيْثَ بْنَ سَعْدٍ وَابْنَ لَهِيعَةَ عَمَّنْ قَالَ: الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ , فَقَالَ: «هُوَ كَافِرٌ» وَرَوَاهُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ دَلَّوَيْهِ بْنِ مَنْصُورٍ , عَنْ يَحْيَى بْنِ خَلَفٍ الْمَرْوَزِيِّ فَزَادَ فِيهِ , قَالَ: ثُمَّ لَقِيتُ ابْنَ عُيَيْنَةَ وَأَبَا بَكْرِ بْنَ [ص: 605] عَيَّاشٍ وَهُشَيْمًا وَعَلِيَّ بْنَ عَاصِمٍ وَحَفْصَ بْنِ غِيَاثٍ وَعَبْدَ السَّلَامَ الْمُلَائِيَّ وَحُسَيْنَ الْجُعْفِيَّ وَيَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا بْنَ أَبِي زَائِدَةَ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ إِدْرِيسَ وَأَبَا أُسَامَةَ وَعَبْدَةَ بْنَ سُلَيْمَانَ وَوَكِيعَ بْنَ الْجَرَّاحِ وَابْنَ الْمُبَارَكِ وَالْفَزَازِيَّ وَالْوَلِيدَ بْنَ مُسْلِمٍ , فَذَكَرُوا مَا ذَكَرَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَعَنْ أَبِيهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 604 541 - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَارِثِ الْفَقِيهُ , أنا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَيَّانَ , ثنا أَبُو هَمَّامٍ الْبَكْرَاوِيُّ , قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُصْعَبٍ , يَقُولُ: سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: الْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ لَيْسَ بِمَخْلُوقٍ، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ أَبِي أُوَيْسٍ , عَنْ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الحديث: 541 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 605 542 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا زَكَرِيَّا يَحْيَى بْنَ مُحَمَّدٍ الْعَنْبَرِيَّ , يَقُولُ: سَمِعْتُ عِمْرَانَ بْنَ مُوسَى الْجُرْجَانِيُّ , بِنَيْسَابُورَ يَقُولُ: سَمِعْتُ سُوَيْدَ بْنَ [ص: 606] سَعِيدٍ , يَقُولُ: سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ , وَحَمَّادَ بْنَ زَيْدٍ , وَسُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ , وَالْفُضَيْلَ بْنَ عِيَاضٍ , وَشَرِيكَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ , وَيَحْيَى بْنَ سُلَيْمٍ , وَمُسْلِمَ بْنَ خَالِدٍ , وَهِشَامَ بْنَ سُلَيْمَانَ الْمَخْزُومِيَّ , وَجَرِيرَ بْنَ عَبْدِ الْحَمِيدِ , وَعَلِيَّ بْنَ مُسْهِرٍ , وَعَبْدَةَ , وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ إِدْرِيسَ , وَحَفْصَ بْنَ غِيَاثٍ , وَوَكِيعًا , وَمُحَمَّدَ بْنَ فُضَيْلٍ , وَعَبْدَ الرَّحِيمِ بْنَ سُلَيْمَانَ , وَعَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ أَبِي حَازِمٍ , وَالدَّرَاوَرْدِيَّ , وَإِسْمَاعِيلَ بْنَ جَعْفَرٍ , وَحَاتِمَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ , وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ , وَجَمِيعَ مَنْ حَمَلْتُ عَنْهُمُ الْعِلْمَ , يَقُولُونَ: الْإِيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ , وَيَزِيدُ وَيَنْقُصُ , وَالْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى , وَصِفَةُ ذَاتِهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ , مَنْ قَالَ: إِنَّهُ مَخْلُوقٌ , فَهُوَ كَافِرٌ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ , وَأَفْضَلُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانَ وَعَلِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ. قَالَ عِمْرَانُ: وَبِذَلِكَ أَقُولُ، وَبِهِ أَدِينُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ، وَمَا رَأَيْتُ مُحَمَّدِيًّا قَطُّ إِلَّا وَهُوَ يَقُولُهُ الحديث: 542 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 605 543 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي طَاهِرٍ الدَّقَّاقُ بِبَغْدَادَ , أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ , أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ , حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ , ثنا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ , ثنا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ , عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ , قَالَ: الْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَيْسَ بِخَالِقٍ , وَلَا مَخْلُوقٍ الحديث: 543 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 606 544 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُقْرِئُ , أنا أَبُو عَمْرٍو , أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى الصَّفَّارُ الضَّرِيرُ , ثنا أَبُو عَوَانَةَ , حَدَّثَنِي أَيُّوبُ بْنُ إِسْحَاقَ , ثنا أَحْمَدُ بْنُ شَبُّوَيْهِ , ثنا أَبُو الْوَزِيرِ مُحَمَّدُ بْنُ أَعْيَنَ وَصِيُّ ابْنُ الْمُبَارَكِ , قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ الْمُبَارَكِ: إِنَّ النَّضْرَ بْنَ مُحَمَّدِ الْمَرْوَزِيَّ يَقُولُ: مَنْ قَالَ إِنَّ هَذَا مَخْلُوقٌ: {إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي} [طه: 14] فَهُوَ كَافِرٌ، قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: صَدَقَ النَّضْرُ عَافَاهُ اللَّهُ , مَا كَانَ اللَّهُ لَيَأْمُرَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ بِعِبَادَةِ مَخْلُوقٍ الحديث: 544 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 607 545 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي طَاهِرٍ الدَّقَّاقُ بِبَغْدَادَ , أنا أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ , ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ , حَدَّثَنِي أَبِي , قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ [ص: 608] مَهْدِيٍّ , يَقُولُ: مَنْ زَعَمَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يُكَلِّمْ مُوسَى بْنَ عِمْرَانَ يُسْتَتَابُ؛ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا ضُرِبَتْ عُنُقُهُ الحديث: 545 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 607 546 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو , قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْوَرَّاقُ , ثنا عَمْرُو بْنُ الْعَبَّاسِ , قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِيٍّ , يَقُولُ: وَذَكَرَ الْجَهْمِيَّةَ , فَقَالَ: أَرَى أَنْ يُعْرَضُوا عَلَى السَّيْفِ الحديث: 546 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 608 قَالَ: وَسَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِيٍّ , وَقِيلَ لَهُ: إِنَّ الْجَهْمِيَّةَ يَقُولُونَ: إِنَّ الْقُرْآنَ مَخْلُوقٌ , فَقَالَ: إِنَّ الْجَهْمِيَّةَ لَمْ يُرِيدُوا ذَا , وَإِنَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَنْفُوا أَنْ يَكُونَ الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى , وَأَرَادُوا أَنْ يَنْفُوا أَنْ يَكُونَ اللَّهُ تَعَالَى كَلَّمَ مُوسَى , وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء: 164] وَأَرَادُوا أَنْ يَنْفُوا أَنْ يَكُونَ الْقُرْآنُ كَلَامَ اللَّهِ تَعَالَى , أَرَى أَنْ يُسْتَتَابُوا فَإِنْ تَابُوا وَإِلَّا ضُرِبَتْ أَعْنَاقُهُمْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 608 547 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو , قَالَ: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيُّ , ثنا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْأَسْوَدِ، قَالَ: سَمِعْتُ وَكِيعًا , يَقُولُ: الْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى لَيْسَ بِمَخْلُوقٍ , فَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ [ص: 609] مَخْلُوقٌ فَقَدْ كَفَرَ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ " وَفِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ نَصْرٍ الْمَرْوَزِيِّ عَنْ أَبِي هِشَامٍ الرِّفَاعِيِّ , عَنْ وَكِيعٍ , قَالَ: مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْقُرْآنَ مَخْلُوقٌ , فَقَدْ زَعَمَ أَنَّ الْقُرْآنَ مُحْدَثٌ , وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ الْقُرْآنَ مُحْدَثٌ فَقَدْ كَفَرَ الحديث: 547 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 608 548 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ السُّلَمِيُّ , ثنا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ مَحْمُودٍ الْمَرْوَزِيُّ , ثنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْحَافِظُ , ثنا أَبُو مُوسَى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى , قَالَ: سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ دَاوُدَ , فَقُلْتُ , يَا أَبَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ , مَا تَقُولُ فِي الْقُرْآنِ؟ قَالَ: هُوَ كَلَامُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ , قَالَ: وَسَأَلْتُ أَبَا الْوَلِيدِ , فَقَالَ: هُوَ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى الحديث: 548 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 609 قَالَ أَبُو مُوسَى: وَحَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ نُوحٍ أَبُو حَفْصٍ , قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ نُوحٍ , ثنا إِسْحَاقُ بْنُ حَكِيمٍ , قَالَ: قُلْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِدْرِيسَ الْأَوْدِيِّ: قَوْمُ عِنْدَنَا يَقُولُونَ: الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ , مَا تَقُولُ فِي قَبُولِ شَهَادَتِهِمْ؟ فَقَالَ: «لَا , هَذِهِ مِنَ الْمَقَاتِلِ لَا يُقَالُ لِهَذِهِ الْمَقَالَةِ بِدْعَةٌ، هَذِهِ مِنَ الْمَقَاتِلِ» قَالَ إِسْحَاقُ: وَسَأَلْتُ أَبَا بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ , عَنْ شَهَادَةِ مَنْ قَالَ: الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ فَقَالَ: مَا لِي وَلَكَ , لَقَدْ أَدَرْتَ فِي صِمَاخِي شَيْئًا لَمْ أَسْمَعْ بِهِ قَطُّ , لَا تُجَالِسْ هَؤُلَاءِ , وَلَا تُكَلِّمْهُمْ وَلَا تُنَاكِحْهُمْ , قَالَ إِسْحَاقُ: وَسَأَلْتُ حَفْصَ بْنِ غِيَاثٍ , فَقَالَ: أَمَّا هَؤُلَاءِ فَلَا أَرَى الصَّلَاةَ خَلْفَهُمْ , وَلَا قَبُولَ شَهَادَتَهُمْ , قَالَ إِسْحَاقُ: وَسَأَلْتُ وَكِيعَ بْنَ الْجَرَّاحِ , فَقَالَ: يَا أَبَا يَعْقُوبَ مَنْ قَالَ: الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ فَهُوَ كَافِرٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 609 قَالَ أَبُو [ص: 610] مُوسَى: كَتَبَ إِلَىَّ أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ الْوَاسِطِيُّ , قَالَ: حَدَّثَنِي شَاذُ بْنُ يَحْيَى , قَالَ: سَمِعْتُ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ يَقُولُ: «مَنْ زَعَمَ أَنَّ كَلَامَ اللَّهِ تَعَالَى مَخْلُوقٌ فَهُوَ وَالَّذِي لَا إِلَهُ إِلَّا هُوَ عِنْدِي زِنْدِيقٌ» , قَالَ: وَكَتَبَ إِلَيَّ أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ , قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِيٍّ يَقُولُ: الْقُرْآنُ كُلُّهُ كَلَامُ اللَّهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 609 قَالَ أَبُو مُوسَى: بَلَغَنِي عَنْ مُسْلِمِ بْنِ أَبِي مُسْلِمٍ الْجَرْمِيِّ , قَالَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ وَسَأَلَهُ رَجُلٌ عَنِ الْقُرْآنِ , فَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَهُ: {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} [الأعراف: 54] الْخَلْقُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ الْأَمْرُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 610 549 - أَخْبَرَنَا أَبُوَ سَعْدٍ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي عُثْمَانَ الزَّاهِدُ , أنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَحْمَدَ الْجُرْجَانِيُّ , حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَقِيهُ , ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ الرَّبِيعِ بْنِ هِشَامٍ النَّهْدِيُّ الْكُوفِيُّ , قَالَ: سَمِعْتُ كَادِحَ بْنَ رَحْمَةَ , يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ , يَقُولُ: مَنْ قَالَ: الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ فَهُوَ زِنْدِيقٌ قَالَ: وَسَمِعْتُ سُلَيْمَانَ يَقُولُ: سَمِعْتُ الْحَارِثَ بْنَ إِدْرِيسَ يَقُولُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ الْفَقِيهَ يَقُولُ: مَنْ قَالَ: الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ , فَلَا تُصَلِّ خَلْفَهُ الحديث: 549 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 610 550 - وَقَرَأْتُ فِي كِتَابِ أَبِي عَبْدِ الْلَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الدَّقَّاقِ بِرِوَايَتِهِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ الْهَمَذَانِيُّ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ الرَّازِيِّ , قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ سَابِقٍ , يَقُولُ: سَأَلْتُ أَبَا يُوسُفَ , فَقُلْتُ: أَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ يَقُولُ الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ؟ , قَالَ: مَعَاذَ اللَّهِ , وَلَا أَنَا أَقُولُهُ , فَقُلْتُ: أَكَانَ يَرَى رَأْيَ جَهْمٍ؟ فَقَالَ: مَعَاذَ اللَّهِ وَلَا أَنَا أَقُولُهُ " رُوَاتُهُ ثِقَاتٌ الحديث: 550 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 611 551 - وَأَنْبَأَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , إِجَازَةً , أنا أَبُو سَعِيدٍ أَحْمَدُ بْنُ يَعْقُوبَ الثَّقَفِيُّ , ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الدَّشْتَكِيُّ , قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا يُوسُفَ الْقَاضِي , يَقُولُ: كَلَّمْتُ أَبَا حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى سَنَةً جَرْدَاءَ فِي أَنَّ الْقُرْآنَ مَخْلُوقٌ أَمْ لَا؟ فَاتَّفَقَ رَأْيُهُ وَرَأْيِي عَلَى أَنَّ مَنْ قَالَ: الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ , فَهُوَ كَافِرٌ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ رُوَاةُ هَذَا كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ الحديث: 551 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 611 552 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَقِيهُ , أنا أَبُو جَعْفَرٍ الْأَصْبَهَانِيُّ , أنا أَبُو يَحْيَى السَّاجِيُّ , إِجَازَةً , قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا شُعَيْبٍ الْمِصْرِيَّ , يَقُولُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيَّ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: الْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ الحديث: 552 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 612 553 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو أَحْمَدَ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ , أنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدِ بْنِ إِدْرِيسَ الرَّازِيَّ قَالَ: فِي كِتَابِي عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ سُلَيْمَانَ , قَالَ: حَضَرَتُ الشَّافِعِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَحَدَّثَنِي أَبُو شُعَيْبٍ إِلَّا أَنِّي أَعْلَمُ أَنَّهُ حَضَرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَيُوسُفَ بْنُ عَمْرِو بْنِ يَزِيدَ وَحَفْصٌ الْفَرْدُ وَكَانَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُسَمِّيهِ الْمُنْفَرِدَ، فَسَأَلَ حَفْصٌ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ الْحَكَمِ , فَقَالَ: مَا تَقُولُ فِي الْقُرْآنِ؟ فَأَبَى أَنْ يُجِيبَهُ , فَسَأَلَ يُوسُفَ بْنَ عَمْرٍو فَلَمْ يُجِبْهُ , وَكِلَاهُمَا أَشَارَ إِلَى الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , فَسَأَلَ الشَّافِعِيَّ فَاحْتَجَّ الْشَّافِعِيُّ وَطَالَتِ الْمُنَاظَرَةُ , وَغَلَبَ [ص: 613] الشَّافِعِيُّ بِالْحُجَّةِ عَلَيْهِ بِأَنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ , وَكَفَّرَ حَفْصًا الْفَرْدَ , قَالَ الرَّبِيعُ: فَلَقِيتُ حَفْصًا الْفَرْدَ , فَقَالَ: أَرَادَ الشَّافِعِيُّ قَتْلِي الحديث: 553 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 612 554 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ , قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ زِيَادٍ , يَقُولُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ , يَقُولُ: سَمِعْتُ الْرَّبِيعَ , يَقُولُ: لَمَّا كَلَّمَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَفْصًا الْفَرْدَ , فَقَالَ حَفْصٌ: الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ , فَقَالَ لَهُ الشَّافِعِيُّ: كَفَرْتَ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ الحديث: 554 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 613 555 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أَخْبَرَنِي أَبُو الْفَضْلِ بْنُ أَبِي نَصْرٍ الْعَدْلُ , حَدَّثَنِي حَمَكُ بْنُ عَمْرٍو الْعَدْلُ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ فَوْرَشٍ , عَنْ عَلِيِّ بْنِ سَهْلٍ الرَّمْلِيِّ , أَنَّهُ قَالَ: سَأَلْتُ الشَّافِعِيَّ عَنِ الْقُرْآنِ , فَقَالَ: كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى مُنَزَّلٌ غَيْرُ مَخْلُوقٍ , قُلْتُ: فَمَنْ قَالَ بِالْمَخْلُوقِ فَمَا هُوَ عِنْدَكَ؟ قَالَ لِي: كَافِرٌ قَالَ: وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَا لَقِيتُ أَحَدًا مِنْهُمْ يَعْنِي مِنْ أَسَاتِذَتِهِ إِلَّا قَالَ: مَنْ قَالَ فِي الْقُرْآنِ إِنَّهُ مَخْلُوقٌ فَهُوَ كَافِرٌ الحديث: 555 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 613 556 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا أَحْمَدَ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ , يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ إِسْحَاقَ , يَقُولُ: سَمِعْتُ الرَّبِيعَ , يَقُولُ: سَمِعْتُ الْبُوَيْطِيَّ , يَقُولُ: [ص: 614] مَنْ قَالَ: الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ فَهُوَ كَافِرٌ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [النحل: 40] فَأَخْبَرَنَا اللَّهُ عَزَّ جَلَّ أَنَّهُ يَخْلُقُ الْخَلْقَ بِكُنْ , فَمَنْ زَعَمَ أَنَّ كُنْ مَخْلُوقٌ فَقَدْ زَعَمَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَخْلُقُ الْخَلْقَ بِخَلْقٍ الحديث: 556 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 613 557 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , قَالَ: سَمِعْتُ الشَّيْخَ أَبَا مُحَمَّدٍ الْمُزَنِيَّ , يَقُولُ: سَمِعْتُ يُوسُفَ بْنَ مُوسَى الْمَرْوَزِيَّ , يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا إِبْرَاهِيمَ الْمُزَنِيَّ , يَقُولُ: الْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ وَمَنْ قَالَ إِنَّ الْقُرْآنَ مَخْلُوقٌ فَهُوَ كَافِرٌ الحديث: 557 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 614 558 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , قَالَ: سَمِعْتُ الزُّبَيْرِ بْنَ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْأَسْتَرَ آبَادِيَّ , يَقُولُ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ أَحْمَدَ الْقُضَاعِيَّ , يَقُولُ: سَمِعْتُ الْمُزَنِيَّ , يَقُولُ: الْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ , وَمَنْ قَالَ: مَخْلُوقٌ , فَهُوَ كَافِرٌ الحديث: 558 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 614 559 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ , مُحَمَّدَ بْنَ صَالِحِ [ص: 615] بْنِ هَانِئٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ دَاوُدَ بْنَ الْحُسَيْنِ الْبَيْهَقِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ مَحْمُودَ بْنَ غَيْلَانَ , يَقُولُ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ يَحْيَى , يَقُولُ: مَنْ قَالَ: الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ , فَهُوَ كَافِرٌ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ , وَعَصَى رَبَّهُ وَبَانَتْ مِنْهُ امْرَأَتُهُ الحديث: 559 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 614 560 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , وَأَبُو صَادِقِ بْنُ أَبِي الْفَوَارِسِ، وَأَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى النَّيْسَابُورِيُّ , قَالُوا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ , قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيَّ , يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا عُبَيْدٍ الْقَاسِمَ بْنَ سَلَّامٍ , يَقُولُ: مَنْ قَالَ: الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ فَقَدِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى , وَقَالَ عَلَيْهِ مَا لَمْ تَقُلْهُ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى الحديث: 560 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 615 561 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ , مُحَمَّدَ بْنَ صَالِحِ بْنِ هَانِئٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ الْمَشْيَخَانِيَّ , يَقُولُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ [ص: 616] إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيَّ , يَقُولُ: الْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى لَيْسَ بِمَخْلُوقٍ، عَلَيْهِ أَدْرَكْنَا عُلَمَاءَ الْحِجَازِ أَهْلَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ , وَأَهْلَ الْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ , وَأَهْلَ الشَّامِ وَمِصْرَ , وَعُلَمَاءَ أَهْلِ خُرَاسَانَ الحديث: 561 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 615 562 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , ثنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْهَيْثَمِ الدِّهْقَانُ , بِبُخَارَى , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْفَرَبْرِيُّ , قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ الْجُعْفِيَّ يَعْنِي الْبُخَارِيَّ رَحِمَهُ اللَّهُ يَقُولُ: نَظَرْتُ فِي كَلَامِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسِ فَمَا رَأَيْتُ قَوْمًا أَضَلَّ فِي كُفْرِهِمْ مِنَ الْجَهْمِيَّةِ , وَإِنِّي لَأَسْتَجْهِلُ مَنْ لَا يُكَفِّرُهُمْ إِلَّا مَنْ لَا يَعْرِفُ كُفْرَهُمْ قَالَ: وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَفَّانَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ فِي السَّنَةِ الَّتِي ضُرِبَ فِيهَا الْمَرِيسِيُّ , قَالَ: وَيْحَكُمْ , الْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ قَدْ صَحِبْتُ النَّاسَ وَأَدْرَكْتُهُمْ , هَذَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ , وَهَذَا ابْنُ الْمُنْكَدِرِ , حَتَّى ذَكَرَ مَنْصُورًا وَالْأَعْمَشَ وَمِسْعَرَ بْنَ كِدَامٍ قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: فَمَا نَعْرِفُ الْقُرْآنَ إِلَّا كَلَامَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ , وَمَنْ قَالَ غَيْرَ هَذَا , فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ لَا تُجَالِسُوهُمُ , وَلَا تَسْمَعُوا كَلَامَهُمْ , قَالَ: وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ: لَوْ رَأَيْتُ رَجُلًا عَلَى الْجِسْرِ وَبِيَدِي سَيْفٌ يَقُولُ: الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ؛ لَضَرَبْتُ عُنُقَهُ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبُخَارِيُّ: وَمَا أُبَالِي صَلَّيْتَ خَلْفَ الْجَهْمِيَّ وَالرَّافِضِيَّ , أَمْ صَلَّيْتَ خَلْفَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى , لَا يُسَلَّمُ عَلَيْهِمْ , وَلَا يُعَادُونَ , وَلَا يُنَاكَحُونَ , وَلَا يُشَهَّدُونَ , وَلَا تُؤْكَلُ ذَبَائِحَهُمْ قَالَ الْبُخَارِيُّ: وَحَدَّثَنِي أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ , قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ قُدَامَةَ الدَّلَالُ الْأَنْصَارِيُّ , قَالَ: سَمِعْتُ وَكِيعًا يَقُولُ: لَا تَسْتَخِفُّوا بِقَوْلِهِمِ: الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ , فَإِنَّهُ مِنْ شَرِّ قَوْلِهِمْ , وَإِنَّمَا يَذْهَبُونَ إِلَى التَّعْطِيلِ [ص: 617] قُلْتُ: وَقَدْ رُوِّينَا نَحْوَ هَذَا عَنْ جَمَاعَةٍ أُخْرَى مِنْ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ وَعُلَمَائِهِمْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ , وَلَمْ يَصِحَّ عِنْدَنَا خِلَافُ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ فِي زَمَانِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ وَأَوَّلُ مَنْ خَالَفَ الْجَمَاعَةَ فِي ذَلِكَ الْجَعْدُ بْنُ دِرْهَمٍ , فَأَنْكَرَهُ عَلَيْهِ خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيُّ وَقَتْلَهُ , وَذَلِكَ فِيمَا الحديث: 562 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 616 563 - أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ قَتَادَةَ مِنْ أَصْلِ سَمَاعِهِ , أنا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدَةَ , ثنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْبُوشَنْجِيُّ , ثنا أَبُو رَجَاءٍ قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ , ثنا الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ , قَالَ: هُوَ بَغْدَادِيُّ ثِقَةٌ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَبِيبِ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ جَدِّهِ , قَالَ: شَهَدْتُ خَالِدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيَّ وَقَدْ خَطَبَهُمْ فِي يَوْمِ أَضْحَى بِوَاسِطَ , فَقَالَ: ارْجِعُوا أَيُّهَا النَّاسُ فَضَحُّوا، تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنْكُمْ , فَإِنِّي مُضَحٍ بِالْجَعْدِ بْنِ دِرْهَمٍ؛ فَإِنَّهُ زَعَمَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ [ص: 618] يَتَّخِذْ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا , وَلَمْ يُكَلِّمْ مُوسَى تَكْلِيمًا , سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُ الْجَعْدُ بْنُ دِرْهَمٍ عُلُوًّا كَبِيرًا قَالَ: ثُمَّ نَزَلَ فَذَبَحَهُ " قَالَ أَبُو رَجَاءٍ: وَكَانَ الْجَهْمُ يَأْخُذُ هَذَا الْكَلَامَ مِنَ الْجَعْدِ بْنِ دِرْهَمٍ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِ التَّارِيخِ , عَنْ قُتَيْبَةَ , عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ , عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَبِيبِ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ جَدِّهِ هَكَذَا الحديث: 563 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 617 564 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ مُحَمَّدَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ حَمْشٍ , يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ , يَقُولُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيَّ , يَقُولُ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ الْمَدِينِيَّ , يَقُولُ: اخْتَصَمَ مُسْلِمٌ وَيَهُودِيُّ إِلَى بَعْضِ قُضَاتِهِمْ بِالْبَصْرَةِ , فَصَارَتِ الْيَمِينُ عَلَى الْمُسْلِمِ , فَقَالَ الْيَهُودِيُّ: حَلِّفْهُ , فَقَالَ الْمُخَاصَمُ إِلَيْهِ أَحْلِفُ بِاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهُ إِلَّا هُوَ , فَقَالَ الْيَهُودِيُّ: أَنْتَ تَزْعُمُ أَنَّ الْقُرْآنَ مَخْلُوقٌ , وَاللَّهُ فِي الْقُرْآنِ , يَعْنِي ذِكْرَهُ , حَلِّفْهُ بِالْخَالِقِ لَا بِالْمَخْلُوقِ , قَالَ: فَتَحَيَّرَ الْقَاضِي , وَقَالَ: قُومَا حَتَّى أَنْظُرَ فِي أَمْرِكُمَا الحديث: 564 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 619 565 - أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو , ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ , أنا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ , قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنْ حَلِفَ بِاللَّهِ أَوْ بِاسْمٍ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى فَحَنَثَ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ , فَإِنْ قَالَ: وَحَقِ اللَّهِ وَعَظَمةِ اللَّهِ وَجَلَالِ اللَّهِ وَقُدْرَةِ اللَّهِ , يُرِيدُ بِهَذَا كُلِّهِ الْيَمِينَ أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ , فَهِيَ يَمِينٌ وَفِيمَا حَكَى الشَّافِعِيُّ , عَنْ مَالِكٍ: لَوْ قَالَ وَعِزَّةِ اللَّهِ , أَوْ وَقُدْرَةِ اللَّهِ , أَوْ وَكِبْرِيَاءِ اللَّهِ , إِنَّ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ كَفَّارَةً مِثْلَ مَا عَلَيْهِ فِي قَوْلِهِ: وَاللَّهِ , قَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: وَمَنْ حَلَفَ بِشَيْءٍ غَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى؛ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ: وَالْكَعْبَةِ , وَأَبِي , وَكَذَا وَكَذَا , مَا كَانَ , فَحَنَثَ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ. زَادَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِدْرِيسَ الْحَنْظَلِيُّ فِي هَذِهِ الْحِكَايَةِ , عَنِ الرَّبِيعِ , عَنِ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لِأَنَّ هَذَا مَخْلُوقٌ وَذَلِكَ غَيْرُ مَخْلُوقٍ الحديث: 565 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 620 566 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , وَأَبُو سَعِيدٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ , ثنا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْمَيْمُونِيُّ , ثنا سُلَيْمُ بْنُ مَنْصُورِ بْنِ عَمَّارٍ , فِي مَجْلِسِ رَوْحِ بْنِ عُبَادَةَ قَالَ: كَتَبَ بِشْرٌ الْمَرِيسِيُّ إِلَى أَبِيهِ مَنْصُورِ بْنِ [ص: 621] عَمَّارٍ أَخْبِرْنِي: الْقُرْآنُ , خَالِقٌ أَوْ مَخْلُوقٌ؟ قَالَ: فَكَتَبَ إِلَيْهِ , عَافَانَا اللَّهُ وَإِيَّاكَ مِنْ كُلِّ الْفِتْنَةِ , وَجَعَلْنَا وَإِيَّاكَ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ , فَإِنَّهُ إِنْ يَفْعَلْ فَأَعْظِمْ بِهِ مِنْ نِعْمَةٍ , وَإِلَّا فَهِيَ الْهَلَكَةُ وَلَيْسَتْ لِأَحَدٍ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى , بَعْدَ الْمُرْسَلِينَ حُجَّةٌ , نَحْنُ نَرَى أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْقُرْآنِ بِدْعَةٌ يُشَارِكُ فِيهَا السَّائِلُ وَالْمُجِيبُ , تَعَاطَى السَّائِلُ مَا لَيْسَ لَهُ , وَتَكَلَّفَ الْمُجِيبُ مَا لَيْسَ عَلَيْهِ وَمَا أَعْرِفُ خَالِقًا إِلَّا اللَّهُ وَمَا دُونَ اللَّهِ فَمَخْلُوقٌ وَالْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ , فَانْتَهِ بِنَفْسِكَ وَبِالْمُخْتَلِفِينَ فِيهِ مَعَكَ إِلَى أَسْمَائِهِ الَّتِي سَمَّاهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا تَكُنْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ وَلَا تُسَمِّ الْقُرْآنَ بِاسْمٍ مِنْ عِنْدِكَ فَتَكُونَ مِنَ الضَّالِّينَ , جَعَلَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكَ مِنَ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَهُمْ مِنَ السَّاعَةَ مُشْفِقُونَ الحديث: 566 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 620 567 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَارِثِ الْفَقِيهُ , أنا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَيَّانَ الْأَصْبَهَانِيُّ , ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَطَّانُ , ثنا الْحَسَنُ بْنُ الصَّبَّاحِ , قَالَ: حُدِّثْتُ أَنَّ بِشْرًا لَقِيَ مَنْصُورَ بْنَ عَمَّارٍ , فَقَالَ لَهُ: أَخْبِرْنِي عَنْ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى أَهُوَ اللَّهُ؟ أَمْ غَيْرُ اللَّهِ؟ , أَمْ دُونَ اللَّهِ؟ فَقَالَ: إِنَّ كَلَامَ اللَّهِ تَعَالَى لَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: هُوَ اللَّهُ , وَلَا يُقَالُ: هُوَ غَيْرُ اللَّهِ , وَلَا هُوَ [ص: 622] دُونَ اللَّهِ , وَلَكِنَّهُ كَلَامُهُ , وَقَوْلُهُ: {ومَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ} [يونس: 37] أَيْ لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ إِلَّا اللَّهَ , فَرَضِينَا حَيْثُ رَضِيَ لِنَفْسِهِ , وَاخْتَرْنَا لَهُ مِنْ حَيْثُ اخْتَارَ لِنَفْسِهِ , فَقُلْنَا: كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى لَيْسَ بِخَالِقٍ وَلَا مَخْلُوقٍ , فَمَنْ سَمَّى الْقُرْآنَ بِالِاسْمِ الَّذِي سَمَّاهُ اللَّهُ بِهِ كَانَ منَ الْمُهْتَدِينَ , وَمَنْ سَمَّاهُ بِاسْمٍ مِنْ عِنْدِهِ كَانَ مِنَ الضَّالِّينَ , فَانْهَ عَنْ هَذَا {وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأعراف: 180] , فَإِنْ تَأْبَى كُنْتَ مِنَ الَّذِينَ {يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [البقرة: 75] قَالَ أَحْمَدُ هُوَ الْبَيْهَقِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قَدْ رُوِّينَا عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ عُلَمَائِنَا رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُمْ أَطْلَقُوا الْقَوْلَ بِتَكْفِيرِ مَنْ قَالَ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ , وَحَكَيْنَاهُ أَيْضًا عَنِ الشَّافِعِيِّ رَحِمَنَا اللَّهُ وَإِيَّاهُ , وَرُوِّينَاهُ فِي كِتَابِ الْقَدَرِ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا لَا يَرَوْنَ الصَّلَاةَ خَلْفَ الْقَدَرِيِّ , وَلَا يُجِيزُونَ شَهَادَتَهُ , وَحَكَيْنَا عَنِ الشَّافِعِيِّ فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ مَا دَلَّ عَلَى قَبُولِ شَهَادَةِ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ مَا لَمْ تَبْلُغْ بِهِمُ الْعَصَبِيَّةُ مَبْلَغَ الْعَدَاوَةِ , فَحِينَئِذٍ تُرَدُّ بِالْعَدَاوَةِ وَحَكَيْنَا عَنْهُ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ , أَنَّهُ قَالَ: وَأَكْرَهُ إِمَامَةَ الْفَاسِقِ وَالْمُظْهِرِ لِلْبِدَعِ , وَمَنْ صَلَّى خَلْفَ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَجْزَأَتْهُ صَلَاتُهُ , وَلَمْ تَكُنْ عَلَيْهِ إِعَادَةٌ إِذَا أَقَامَ الصَّلَاةَ وَقَدِ اخْتَلَفَ عُلَمَاؤُنَا فِي تَكْفِيرِ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ: مِنْهُمْ مَنْ كَفَّرَهُمْ عَلَى تَفْصِيلٍ ذَكَرَهُ فِي أَهْوَائِهِمْ , وَمَنْ قَالَ بِهَذَا زَعَمَ أَنَّ قَوْلَ الشَّافِعِيِّ فِي الصَّلَاةِ وَالشَّهَادَاتِ وَرَدَ فِي مُبْتَدَعٍ لَا يَخْرُجُ بِبِدْعَتِهِ وَهَوَاهُ عَنِ الْإِسْلَامِ , وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يُكَفِّرْهُمْ وَزَعَمَ أَنَّ قَوْلَ الشَّافِعِيِّ فِي تَكْفِيرِ مَنْ قَالَ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ أَرَادَ بِهِ كُفْرًا دُونَ كُفْرٍ , كَقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: 44] وَمَنْ قَالَ بِهَذَا جَرَى فِي قَبُولِ شَهَادَاتِهِمْ وَجَوَازِ الصَّلَاةِ خَلْفَهُمْ مَعَ الْكَرَاهِيَةِ عَلَى مَا قَالَ الشَّافِعِيُّ , رَحِمَهُ اللَّهُ , فِي أَهْلِ الْأَهْوَاءِ أَوِ الْمُظْهِرُ لِلْبِدَعِ وَكَانَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى , لَا يُكَفِّرُ أَهْلَ الْأَهْوَاءِ الَّذِينَ تَأَوَّلُوا فَأَخْطَئُوا , وَيُجِيزُ شَهَادَتَهُمْ مَا لَمْ يَبْلُغْ مِنَ [ص: 623] الْخَوَارِجِ وَالرَّوَافِضِ فِي مُذْهَبِهِ أَنْ يُكَفِّرَ الصَّحَابَةَ , وَمِنَ الْقَدَرِيَّةِ أَنْ يُكَفِّرَ مَنْ خَالَفَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ , وَلَا يَرَى أَحْكَامَ قُضَاتِهِمْ جَائِزَةً , وَرَأَى السَّيْفَ وَاسْتَبَاحَ الدَّمَ , فَمَنْ بَلَغَ مِنْهُمْ هَذَا الْمَبْلَغَ فَلَا شَهَادَةَ لَهُ , وَلَيْسَ هُوَ مِنَ الْجُمْلَةِ الَّتِي أَجَازَ الْفُقَهَاءُ شَهَادَتَهُمْ قَالَ: وَكَانَتِ الْمُعْتَزِلَةُ فِي الزَّمَانِ الْأَوَّلِ عَلَى خِلَافِ هَذِهِ الْأَهْوَاءِ , وَإِنَّمَا أَحْدَثَهَا بَعْضُهُمْ فِي الزَّمَانِ الْمُتَأَخِّرِ قَالَ أَحْمَدُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: وَفِي كَلَامِ الشَّافِعِيِّ فِي شَهَادَةِ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ إِشَارَةٌ إِلَى بَعْضِ هَذَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ، وَمَنِ ابْتُلِيَ بِالصَّلَاةَ خَلْفَهُمْ فَالَّذِي اخْتَارَ لَهُ مَا الحديث: 567 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 621 568 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , وَمُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى , قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ , قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ , يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبِيَ يَقُولُ: وَأَمْلَاهُ عَلَيَّ إِمْلَاءً فَقَالَ: اكْتُبْ وَأَمَّا مَنْ قَالَ ذَاكَ الْقَوْلَ لَمْ تُصَلِّ خَلْفَهُ الْجُمُعَةَ وَلَا غَيْرَهَا , إِلَّا أَنَّا لَا نَدَعُ إِتْيَانَهَا , فَإِنْ صَلَّى رَجُلٌ أَعَادَ الصَّلَاةَ يَعْنِي خَلْفَ مَنْ قَالَ: الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ " قُلْتُ: وَمَنْ فَعَلَ هَذَا الَّذِي اخْتَارَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ مِنْ إِتْيَانِ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَاتِ سِوَاهَا , ثُمَّ أَعَادَ مَا صَلَّى خَلْفَهُمْ خَرَجَ مِنَ اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ , وَأَخَذَ بِالْوَثِيقَةِ وَتَخَلَّصَ مِنَ الْوَقِيعَةِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَالْعِصْمَةُ الحديث: 568 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 623 بَابُ: الْفَرْقُ بَيْنَ التِّلَاوَةِ وَالْمَتْلُوِّ قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} [القمر: 17] وَقَالَ تَعَالَى: {وَالطُّورِ وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ} [الطور: 2] وَقَالَ جَلَّ وَعَلَا: {بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ} [العنكبوت: 49] وَقَالَ تَعَالَى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} [التوبة: 6] وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآَنًا عَجَبًا يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا} [الجن: 1] . فَالْقُرْآنُ الَّذِي نَتْلُوهُ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى، وَهُوَ مَتْلُوٌّ بِأَلْسِنَتِنَا عَلَى الْحَقِيقَةِ مَكْتُوبٌ فِي مَصَاحِفِنَا، مَحْفُوظٌ فِي صُدُورِنَا، مَسْمُوعٌ بِأَسْمَاعِنَا غَيْرُ حَالٍّ فِي شَيْءٍ مِنْهَا، إِذْ هُوَ مِنْ صِفَاتِ ذَاتِهِ غَيْرُ بَائِنٍ مِنْهُ، وَهُوَ كَمَا أَنَّ الْبَارِيَ عَزَّ وَجَلَّ مَعْلُومٌ بِقُلُوبِنَا، مَذْكُورٌ بِأَلْسِنَتِنَا، مَكْتُوبٌ فِي كُتُبِنَا، مَعْبُودٌ فِي مَسَاجِدِنَا، مَسْمُوعٌ بِأَسْمَاعِنَا، غَيْرُ حَالٍّ فِي شَيْءٍ مِنْهَا، وَأَمَّا قِرَاءَتُنَا وَكِتَابَتُنَا وَحِفْظُنَا فَهِيَ مِنِ اكْتِسَابِنَا، وَاكْتِسَابُنَا مَخْلُوقٌ لَا شَكَّ فِيهِ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الحج: 77] وَسَمَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِلَاوَةَ الْقُرْآنِ فِعْلًا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 5 569 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَدِيبُ، أنا أَبُو بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، أنا أَبُو بَكْرٍ الْفِرْيَابِيُّ، ثنا إِسْحَاقُ، وَعُثْمَانُ، قَالَ إِسْحَاقُ: أنا وَقَالَ، عُثْمَانُ: ثنا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ الْقُرْآنَ فَهُوَ يَتْلُوهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، فَيَقُولُ: لَوْ أُوتِيتُ مِثْلَ مَا أُوتِيَ هَذَا لَفَعَلْتُ كَمَا يَفْعَلُ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَهُوَ يُنْفِقُهُ فِي حَقِّهِ، فَيَقُولُ: لَوْ أُوتِيتُ مِثْلَ مَا أُوتِيَ هَذَا عَمِلْتُ مِثْلَ مَا يَعْمَلُ ". رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَقُتَيْبَةَ بْنِ سَعِيدٍ الحديث: 569 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 6 570 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، ثنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْهَيْثَمِ الْمُطَّوِعِيُّ بِبُخَارَى، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْفَرَبْرِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيَّ يَقُولُ: أَمَّا أَفْعَالُ الْعِبَادِ مَخْلُوقَةٌ، فَقَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، ثنا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، ثنا أَبُو مَالِكٍ عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ عَنْ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ [ص: 7] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَصْنَعُ كُلَّ صَانِعٍ وَصَنْعَتَهُ» . وَتَلَا بَعْضُهُمْ عِنْدَ ذَلِكَ {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} [الصافات: 96] الحديث: 570 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 6 قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبُخَارِيُّ: وَسَمِعْتُ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ سَعِيدٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ يَقُولُ: مَا زِلْتُ أَسْمَعُ أَصْحَابَنَا يَقُولُونَ: أَفْعَالُ الْعِبَادِ مَخْلُوقَةٌ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: حَركَاتُهُمْ وَأَصْوَاتُهُمْ وَأَكْسَابُهُمْ وَكِتَابِتُهُمْ مَخْلُوقَةٌ، فَأَمَّا الْقُرْآنُ الْمَتْلُوُّ الْمُبِينُ الْمُثْبَتُ فِي الْمَصَاحِفِ الْمَسْطُورُ الْمَكْتُوبُ، الْمُوعَى فِي الْقُلُوبِ، فَهُوَ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى لَيْسَ بِخَلْقٍ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ} [العنكبوت: 49] . قَالَ الْبُخَارِيُّ: وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: فَأَمَّا الْأَوْعِيَةُ فَمَنْ يَشُكُّ فِي خَلْقِهَا؟ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ} [الطور: 3] وَقَالَ تَعَالَى: {بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ، فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ} [البروج: 21] فَذَكَرَ أَنَّهُ يُحْفَظُ وَيُسْطَرُ قَالَ: {وَمَا يَسْطُرُونَ} [القلم: 1] الجزء: 2 ¦ الصفحة: 7 قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ: ثنا رَوْحُ بْنُ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ، ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعِ، ثنا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ: {وَالطُّورِ وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ} [الطور: 2] قَالَ: الْمَسْطُورُ الْمَكْتُوبُ {فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ} [الطور: 3] ، وَهُوَ الْكِتَابُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 7 قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ: ثنا آدَمُ، ثنا وَرْقَاءُ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ: {وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ} [الطور: 2] صُحُفٌ مَكْتُوبَةٌ {فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ} [الطور: 3] فِي صُحُفٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 7 571 - وَقَرَأْتُ فِي كِتَابِ مُحَمَّدِ بْنِ نَصْرٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ، عَنْ عَبْدَانَ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، قَالَ: الْوَرَقُ وَالْمِدَادُ مَخْلُوقٌ، فَأَمَّا الْقُرْآنُ فَلَيْسَ بِخَالِقٍ وَلَا مَخْلُوقٍ، وَلَكِنَّهُ كَلَامُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الحديث: 571 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 7 572 - وَفِيمَا أَجَازَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ رِوَايَتَهُ عَنْهُ أَنَّ أَبَا بَكْرِ بْنَ إِسْحَاقَ الْفَقِيهَ أَخْبَرَهُمْ: أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ مُوسَى، ثنا شَيْبَانُ، ثنا يَحْيَى بْنُ كَثِيرٍ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} [القمر: 17] قَالَ: لَوْلَا أَنْ يَسَّرَهُ عَلَى لِسَانِ الْآدَمِيِّينَ مَا اسْتَطَاعَ أَحَدٌ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِكَلَامِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الحديث: 572 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 8 573 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحُسَيْنِ، ثنا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسَ، ثنا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ} [القمر: 17] ، قَالَ: هَوَّنَّا قِرَاءَتَهُ، وَفِي قَوْلِهِ: {وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ} [الطور: 2] يَعْنِي صُحُفًا مَكْتُوبَةً {فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ} [الطور: 3] يَعْنِي فِي صُحُفٍ. وَقَالَ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} [التوبة: 6] يَقُولُ: إِنْسَانٌ يَأْتِي فَيَسْتَمِعُ مَا نَقُولُ وَيَسْمَعُ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَهُوَ آمِنٌ حَتَّى يَسْمَعَ [ص: 9] كَلَامَ اللَّهِ، وَحَتَّى يَبْلُغَ مَأْمَنَهُ مِنْ حَيْثِ جَاءَ الحديث: 573 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 8 574 - أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أنا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، ثنا إِسْمَاعِيلُ الْقَاضِي، ثنا مُسَدَّدٌ، ثنا أَبُو عَوَانَةُ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: انْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ عَامِدِينَ إِلَى سُوقِ عُكَاظٍ، وَقَدْ حِيلَ بَيْنَ الشَّيَاطِينِ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ، وَأُرْسِلَتْ عَلَيْهِمُ الشُّهُبُ، فَرَجَعَتِ الشَّيَاطِينُ إِلَى قَوْمِهِمْ، فَقَالُوا: مَا لَكُمْ؟ فَقَالُوا: حِيلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ، وَأُرْسِلَتْ عَلَيْنَا الشُّهُبُ. قَالُوا: مَا حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ إِلَّا شَيْءٌ حَدَثَ، فَاضْرِبُوا مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا وَانْظُرُوا مَا هَذَا الَّذِي حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ، فَانْطَلَقُوا يَضْرِبُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا يَبْتَغُونَ مَا هَذَا الَّذِي حَالَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ، فَانْصَرَفَ أُولَئِكَ النَّفَرُ الَّذِينَ تَوَجَّهُوا نَحْوَ تِهَامَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بِنَخْلَةَ؛ وَادٍ قُرْبَ مَكَّةَ عَامِدًا إِلَى سُوقِ عُكَاظٍ، وَهُوَ يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ صَلَاةَ الْفَجْرِ، فَلَمَّا سَمِعُوا الْقُرْآنَ اسْتَمَعُوا لَهُ، فَقَالُوا: هَذَا وَاللَّهِ الَّذِي حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ. فَهُنَاكَ حِينَ رَجَعُوا إِلَى قَوْمِهِمْ قَالُوا: يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْأَنَا عَجَبًا يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ} [الجن: 1] وَإِنَّمَا أَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلَ الْجِنِّ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُسَدَّدٍ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ شَيْبَانَ عَنْ أَبِي عَوَانَةَ الحديث: 574 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 9 575 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ، أنا أَبُو مُسْلِمٍ، ثنا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَوَارٍ بِمَكَّةَ، فَكَانَ إِذَا صَلَّى رَفَعَ صَوْتَهُ، فَإِذَا سَمِعَ ذَلِكَ الْمُشْرِكُونَ سَبُّوا الْقُرْآنَ وَمَنْ نَزَلَ بِهِ وَمَنْ جَاءَ بِهِ، فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} [الإسراء: 110] أَسْمِعْ أَصْحَابَكَ {وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا} [الإسراء: 110] أَسْمِعْهُمْ بِالْقُرْآنِ حَتَّى يَأْخُذُوا عَنْكَ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ حَجَّاجِ بْنِ مِنْهَالٍ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاحِ، وَالنَّاقِدُ عَنْ هُشَيْمِ بْنِ بَشِيرٍ. وَفِي هَذَا دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الْقُرْآنَ مَسْمُوعٌ بِأَسْمَاعِنَا الحديث: 575 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 10 576 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الْمُقْرِئُ، أنا أَبُو عَمْرٍو الصَّفَّارُ، ثنا أَبُو عَوَانَةَ، ثنا عُثْمَانُ بْنُ خُرَّزَاذَ، قَالَ: سَمِعْتُ الْوَلِيدَ بْنَ عُتْبَةَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ ابْنَ عُيَيْنَةَ، يَقُولُ: أَوَ لَيْسَ مِنْ نِعَمِ اللَّهِ عَلَيْكُمْ أَنْ جَعَلَكُمْ أَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَسْمَعُوا كَلَامَهُ. وَرُوِّينَاهُ فِي الْحَدِيثِ الثَّابِتِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ: وَاللَّهِ مَا كُنْتُ أَظُنُّ أَنْ يَنْزِلَ فِي شَأْنِي وَحْيٌ يُتْلَى، وَلَشَأْنِي كَانَ أَحْقَرَ فِي نَفْسِي مِنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ اللَّهُ فِيَّ بِأَمْرٍ يُتْلَى. وَفِي ذَلِكَ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ كَلَامَ اللَّهِ تَعَالَى مَتْلُوٌ بِأَلْسِنَتِنَا، وَفِي هَذَا الْمَعْنَى الحديث: 576 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 10 577 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ بْنِ مُحَمَّدٍ الشَّعْرَانِيُّ، ثنا جَدِّي، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ، ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْهَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَا أَذِنَ اللَّهُ لِشَيْءٍ مَا أَذِنَ ـ أَيِ اسْتَمَعَ ـ يَعْنِي لِنَبِيٍّ حَسَنَ الصَّوْتِ بِالْقُرْآنِ يَجْهَرُ بِهِ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ حَمْزَةَ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ الحديث: 577 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 11 578 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمُزَكِّي قَالَا: أنا الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ كَامِلِ بْنِ خَلَفِ بْنُ سُجْرَةَ بِبَغْدَادَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ يَعْنِي الْعَوْفِيَّ، ثنا رَوْحٌ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَعْمَشِ، قَالَ: سَمِعْتُ ذَكْوَانَ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " لَا حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ، رَجُلٌ عَلَّمَهُ اللَّهُ الْقُرْآنَ فَهُوَ يَتْلُوهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ، فَسَمِعَهُ جَارٌ لَهُ فَقَالَ: لَيْتَنِي أُوتِيتُ مِثْلَ مَا أُوتِيَ فُلَانٌ فَعَمِلَتُ مِثْلَ مَا يَعْمَلُ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَهُوَ يُهْلِكُهُ فِي الْحَقِّ، فَقَالَ رَجُلٌ: [ص: 12] يَا لَيْتَنِي أُوتِيتُ مِثْلَ مَا أُوتِيَ فُلَانٌ فَعَمِلَتُ مِثْلَ مَا يَعْمَلُ ". رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ رَوْحٍ الحديث: 578 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 11 579 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، ثنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْمُزَكِّي، ثنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْعَبْدِيُّ، ثنا أَبُو خَالِدٍ هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، ثنا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى، ثنا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَثَلُ الْمُؤْمِنُ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ الْأُتْرُجَّةِ طَعْمُهَا طَيِّبٌ وَرِيحُهَا طَيِّبٌ، وَمَثَلُ الْمُؤْمِنُ الَّذِي لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ التَّمْرَةِ، طَعْمُهَا طَيِّبٌ وَلَا رِيحَ لَهَا، وَمَثَلُ الْفَاجِرُ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ، كَمَثَلِ الرَّيْحَانَةِ رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا مَرٌّ، وَمَثَلُ الْفَاجِرِ الَّذِي لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ الْحَنْظَلَةِ طَعْمُهَا مَرٌّ وَلَا رِيحَ لَهَا» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ هُدْبَةَ بْنِ خَالِدٍ الحديث: 579 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 12 580 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَحْمَوَيْهِ الْعَسْكَرِيُّ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَلَانِسِيُّ، ثنا آدَمُ، ثنا شُعْبَةُ، ثنا قَتَادَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ زُرَارَةَ بْنَ أَوْفَى، يُحَدِّثُ عَنْ [ص: 13] سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَثَلُ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَهُوَ لَهُ حَافَظٌ مَثَلُ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ، وَمَثَلُ الَّذِي يَقْرَؤُهُ وَيَتَعَاهَدُهُ وَهُوَ عَلَيْهِ شَدِيدٌ فَلَهُ أَجْرَانِ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ آدَمَ. وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الْقُرْآنَ مَقْرُوءٌ بِأَلْسِنَتِنَا مَحْفُوظٌ فِي صُدُورِنَا الحديث: 580 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 12 581 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أنا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَغْدَادِيُّ، ثنا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ بْنِ صَالِحٍ السَّهْمِيُّ، ثنا عَمْرُو بْنُ الرَّبِيعِ بْنِ طَارِقٍ، ثنا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، ثنا خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فَقَدِ اسْتَدْرَجَ النُّبُوَّةَ بَيْنَ جَنْبَيْهِ، غَيْرَ أَنَّهُ لَا يُوحَى إِلَيْهِ، لَا يَنْبَغِي لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ أَنْ يَحِدَّ مَعَ مَنْ حَدَّ، وَلَا [ص: 14] يَجْهَلَ مَعَ مَنْ جَهْلِ وَفِي جَوْفِهِ كَلَامُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ» . قُلْتُ: وَمَعْنَى هَذَا: وَفِي جَوْفِهِ حَفِظُ كَلَامِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَفِي ذَلِكَ ـ إِنْ ثَبَتَ مَعَ الثَّابِتِ قَبْلَهُ ـ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ كَلَامَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَحْفُوظٌ فِي صُدُورِنَا؛ كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ} [العنكبوت: 49] وَفِي هَذَا الْمَعْنَى الحديث: 581 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 13 582 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أنا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، ثنا بِشْرُ بْنُ مُوسَى، ثنا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُ، ثنا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ مِشْرَحِ بْنِ هَاعَانَ، عَنْ [ص: 15] عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ كَانَ الْقُرْآنُ فِي إِهَابٍ مَا مَسَّتْهُ النَّارُ» . [ص: 16] 583 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الْمُقْرِئُ الْإِسْفَرَايِينِي، أَنَا أَبُو عَمْرٍو الصَّفَّارُ، ثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ إِسْحَاقَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَانِئٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ، يَقُولُ فِي حَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَوْ كَانَ الْقُرْآنُ فِي إِهَابٍ» . يَعْنِي: فِي جِلْدٍ فِي قَلْبِ رَجُلٍ، يُرْجَى لِمَنِ الْقُرْآنُ فِي قَلْبِهِ مَحْفُوظٌ أَنْ لَا تَمَسَّهُ النَّارُ. 584 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَلِيٍّ الْحَسَنَ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَى، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الْبُوشَنْجِيَّ، يَقُولُ فِي مَعْنَى قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ كَانَ الْقُرْآنُ فِي إِهَابٍ مَا مَسَّتْهُ النَّارُ» . قَالَ: مَعْنَاهُ أَنَّ مَنْ حَمَلَ الْقُرْآنَ وَقَرَأَهُ لَمْ تَمَسَّهُ النَّارُ الحديث: 582 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 14 585 - أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ، أنا حَاجِبُ بْنُ أَحْمَدَ الطُّوسِيُّ، ثنا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَرْوَزِيُّ، ثنا ابْنُ الْمُبَارَكِ، أنا يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي السَّائِبُ [ص: 17] بْنُ يَزِيدَ، أَنَّ شُرَيْحًا الْحَضْرَمِيَّ، ذُكِرَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «ذَاكَ رَجُلٌ لَا يَتَوَسَّدُ الْقُرْآنَ» الحديث: 585 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 16 586 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْخَطِيبُ بِمَرْوَ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى الْقَاضِي السَّرَخْسِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ النَّضْرِ، ثنا مَنْصُورُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ الْمُبَارَكِ، يَقُولُ: لَا أَقُولُ الْقُرْآنُ خَالِقٌ وَلَا مَخْلُوقٌ، وَلَكِنَّهُ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى لَيْسَ مِنْهُ بِبَائِنٍ. قُلْتُ: هَذَا هُوَ مَذْهَبُ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ مِنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ أَنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَهُوَ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِ ذَاتِهِ لَيْسَتْ بِبَائِنَةٍ مِنْهُ، وَإِذَا كَانَ هَذَا أَصْلُ مَذْهَبِهِمْ فِي الْقُرْآنِ، فَكَيْفَ يُتَوَهَّمُ عَلَيْهِمْ خِلَافَ مَا ذَكَرْنَا فِي تِلَاوَتِنَا وَكِتَابَتِنَا وَحِفْظِنَا، إِلَّا أَنَّهُمْ فِي ذَلِكَ عَلَى طَرِيقَتَيْنِ، مِنْهُمْ مَنْ فَصَلَ بَيْنَ التِّلَاوَةِ وَالْمَتْلُوِّ كَمَا فَصَلْنَا، وَمِنْهُمْ مَنْ أَحَبَّ تَرَكَ الْكَلَامِ فِيهِ مَعَ إِنْكَارِ قَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ لَفْظِي بِالْقُرْآنِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ. وَبِصِحَةِ ذَلِكَ الحديث: 586 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 17 587 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْحَاقَ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا مُحَمَّدٍ فُورَانَ يَقُولُ: جَاءَنِي ابْنُ شَدَّادٍ بِرُقْعَةٍ فِيهَا مَسَائِلُ، وَفِيهَا: إِنَّ لَفْظِي بِالْقُرْآنِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ. فَدَفَعْتُهَا إِلَى أَبِي بَكْرٍ الْمَرْوَزِيِّ، فَقُلْتُ لَهُ: اذْهَبْ بِهَا إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ وَأَخْبِرْهُ أَنَّ ابْنَ شَدَّادٍ هَا هُنَا، وَهَذِهِ الرُّقْعَةُ قَدْ جَاءَ بِهَا، فَمَا كَرِهْتَ مِنْهَا أَوْ أَنْكَرْتَهُ فَاضْرِبْ عَلَيْهِ. فَجَاءَنِي بِالرُّقْعَةِ وَقَدْ ضَرَبَ عَلَى مَوْضِعِ: لَفْظِي بِالْقُرْآنِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، وَكَتَبَ: الْقُرْآنُ حَيْثُ يُصْرَفُ غَيْرَ مَخْلُوقٍ. قُلْتُ: أَبُو عَبْدِ اللَّهِ هَذَا هُوَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الحديث: 587 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 18 588 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو سَعِيدٍ قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدًا، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا مُحَمَّدٍ فَوْزَانَ يَقُولُ: جَاءَنِي صَالِحُ بْنُ أَحْمَدَ، وَأَبُو بَكْرٍ الْمَرْوَزِيُّ عِنْدِي فَدَعَانِي إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ وَقَالَ لِي: إِنَّهُ قَدْ بَلَغَ أَبِي أَنَّ أَبَا طَالِبٍ قَدْ حُكِيَ عَنْهُ أَنَّهُ يَقُولُ: لَفْظِي بِالْقُرْآنِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ. فَقُومُوا إِلَيْهِ، فَقُمْتُ وَاتَّبَعَنِي صَالِحٌ [ص: 19] وَأَبُو بَكْرٍ، فَدَارَ صَالِحٌ مِنْ بَابِهِ فَدَخَلْنَا عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ وَوَافَانَا صَالِحٌ مِنْ بَابِهِ، فَإِذَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ غَضْبَانٌ شَدِيدُ الْغَضَبِ يَتَبَيَّنُ الْغَضَبُ فِي وَجْهِهِ، فَقَالَ لِأَبِي بَكْرٍ: اذْهَبْ جِئْنِي بِأَبِي طَالِبٍ. فَجَاءَ أَبُو طَالِبٍ، وَجَعَلْتُ أُسَكِّنُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قَبْلَ مَجِيءِ أَبِي طَالِبٍ، وَأَقُولُ: لَهُ حُرْمَةٌ. فَقَعَدَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُوَ يُرْعَدُ مُتَغَيِّرُ الْوَجْهِ، فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: حَكَيْتَ عَنِّي أَنِّي قُلْتُ: لَفْظِي بِالْقُرْآنِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ؟ قَالَ: إِنَّمَا حَكَيْتُ عَنْ نَفْسِي، فَقَالَ لَهُ: لَا تَحْكِ هَذَا عَنْكَ وَلَا عَنِّي، فَمَا سَمِعْتُ عَالِمًا يَقُولُ هَذَا. وَقَالَ لَهُ: الْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ حَيْثُ يُصْرَفُ. فَقُلْتُ لِأَبِي طَالِبٍ وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ يَسْمَعُ: إِنْ كُنْتَ حَكَيْتَ هَذَا لِأَحَدٍ فَاذْهَبْ حَتَّى تُخْبِرَهُ أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قَدْ نَهَى عَنْ هَذَا. قَالَ الشَّيْخُ: فَهَاتَانِ الْحِكَايَتَانِ تُصَرِّحَانِ بِأَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بَرِيءٌ مِمَّا خَالَفَ مَذْهَبَ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ أَصْحَابِنَا، إِلَّا أَنَّهُ كَانَ يَسْتَحِبُّ قِلَّةَ الْكَلَامِ فِي ذَلِكَ، وَتَرْكَ الْخَوْضِ فِيهِ، مَعَ إِنْكَارِ مَا خَالَفَ مَذْهَبَ الْجَمَاعَةِ، وَفِي مِثْلِ ذَلِكَ: الحديث: 588 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 18 589 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، قَالَ: قَرَأْتُ بِخَطِّ أَبِي عَمْرٍو الْمُسْتَمْلِي، [ص: 20] سَمِعْتُ أَبَا عُثْمَانَ سَعِيدَ بْنَ إِشْكَابَ الشَّاشِيَّ يَقُولُ: سَأَلْتُ إِسْحَاقَ بْنَ رَاهَوَيْهِ بِنَيْسَابُورَ عَنِ اللَّفْظِ بِالْقُرْآنِ، فَقَالَ: لَا يَنْبَغِي أَنْ يُنَاظَرَ فِي هَذَا، الْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى غَيْرُ مَخْلُوقٍ الحديث: 589 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 19 590 - سَمِعْتُ أَبَا عَمْرٍو مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْبِسْطَامِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ نَاجِيَةَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: مَنْ قَالَ لَفْظِي بِالْقُرْآنِ مَخْلُوقٌ يُرِيدُ بِهِ الْقُرْآنَ، فَهُوَ كَافِرٌ. قُلْتُ: هَذَا تَقْيِيدٌ حَفِظَهُ عَنْهُ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ وَهُوَ قَوْلُهُ: «يُرِيدُ بِهِ الْقُرْآنَ» فَقَدْ غَفَلَ عَنْهُ غَيْرُهُ مِمَّنْ حَكَى عَنْهُ فِي اللَّفْظِ خِلَافَ مَا حَكَيْنَا حَتَّى نُسِبَ إِلَيْهِ مَا تَبَرَّأَ مِنْهُ فِيمَا ذَكَرْنَا الحديث: 590 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 20 591 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، قَالَ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ يُوسُفَ الْمُؤَذِّنَ الدَّقَّاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا حَامِدِ بْنَ الشَّرْقِيِّ، يَقُولُ: حَضَرَتُ مَجْلِسَ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى يَعْنِي الذُّهْلِيَّ فَقَالَ: أَلَا مَنْ قَالَ لَفْظِي بِالْقُرْآنِ مَخْلُوقٌ فَلَا يَحْضُرْ مَجْلِسَنَا. فَقَامَ [ص: 21] مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ مِنَ الْمَجْلِسِ. قُلْتُ: وَلِمُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى مَعَ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيِّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى فِي ذَلِكَ قِصَّةٌ طَوِيلَةٌ، فَإِنَّ الْبُخَارِيَّ كَانَ يُفَرِّقُ بَيْنَ التِّلَاوَةِ وَالْمَتْلُوِّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى كَانَ يُنْكِرُ التَّفْصِيلَ، وَمُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ رَحِمَهُ اللَّهُ كَانَ يُوَافِقُ الْبُخَارِيَّ فِي التَّفْصِيلِ. ثُمَّ تَكَلَّمَ مُحَمَّدُ بْنُ أَسْلَمَ الطُّوسِيُّ فِي ذَلِكَ بِعِبَارَةٍ رَدِيئَةٍ، فَقَالَ فِيمَا بَلَغَنِي عَنْهُ: الصَّوْتُ مِنَ الْمُصَوِّتِ كَلَامُ اللَّهِ. وَأَخَذَهُ عَنْهُ فِيمَا بَلَغَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَعِنْدِي أَنَّ مَقْصُودَ مَنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ نَفْيُ الْخَلْقِ عَنِ الْمَتْلُوِّ مِنَ الْقُرْآنِ، إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يُحْسِنِ الْعِبَارَةَ عَمَّا كَانَ فِي ضَمِيرِهِ مِنْ ذَلِكَ، فَتَكَلَّمَ بِمَا هُوَ خَطَأٌ فِي الْعِبَارَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ الحديث: 591 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 20 592 - وَقَدْ أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدَ بْنَ الْعَبَّاسِ الضَّبِّيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا الْفَضْلِ الْبَطَايِينِيَّ، وَنَحْنُ بِالرِّيِّ يَقُولُ ـ وَكَانَ أَبُو الْفَضْلِ يَحْجُبُ بَيْنَ يَدَيْ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ إِذَا رَكِبَ ـ قَالَ: خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ يَوْمًا قُرْبَ الْعَصْرِ مِنْ مَنْزِلِهِ فَتَبِعْتُهُ وَأَنَا لَا أَدْرِي أَيْنَ مَقْصِدُهُ، إِلَى أَنْ بَلَغَ بَابَ مَعْمَرٍ، فَدَخَلَ دَارْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ ثُمَّ خَرَجَ وَهُوَ مُنْقَسِمُ الْقَلْبِ، فَلَمَّا بَلَغَ الْمَرْبَعَةَ الصَّغِيرَةَ وَقَرُبَ مِنْ خَانِ مَكِّيٍّ وَقَفَ وَقَالَ لِمَنْصُورٍ الصَّيْدَلَانِيِّ: تَعَالَ. فَعَدَا إِلَيْهِ مَنْصُورٌ، فَلَمَّا وَقَفَ بَيْنَ يَدَيْهِ قَالَ لَهُ: مَا صَنْعَتُكَ؟ قَالَ: أَنَا عَطَّارٌ. قَالَ: تُحْسِنُ صَنْعَةَ الْأَسَاكِفَةِ؟ قَالَ: لَا. قَالَ: تُحْسِنُ صَنْعَةَ النَّجَّارِينَ؟ قَالَ: لَا. فَقَالَ لَنَا: إِذَا كَانَ الْعَطَّارُ لَا يُحْسِنُ غَيْرَ مَا هُوَ فِيهِ، فَمَا تُنْكِرُونَ عَلَى فَقِيهٍ رَاوِي حَدِيثٍ أَنَّهُ لَا يُحْسِنُ [ص: 22] الْكَلَامَ وَقَدْ قَالَ لِي مُؤَدِّبِي ـ يَعْنِي الْمُزَنِيَّ رَحِمَهُ اللَّهُ ـ غَيْرَ مَرَّةٍ: كَانَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَنْهَانَا عَنِ الْكَلَامِ. قُلْتُ: أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ هَذَا كَانَ مُعْتَزِلِيًّا أَلْقَى فِي سَمِعِ الشَّيْخِ شَيْئًا مِنْ بِدْعَتِهِ وَصَوَّرَ لَهُ مِنْ أَصْحَابِهِ، يُرِيدُ أَبَا عَلِيٍّ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيَّ، وَأَبَا بَكْرِ بْنَ إِسْحَاقَ الصِّبْغِيَّ، وَأَبَا مُحَمَّدِ بْنَ يَحْيَى بْنِ مَنْصُورٍ الْقَاضِي، وَأَبَا بَكْرِ بْنَ أَبِي عُثْمَانَ الْحِيرِيَّ رَحِمَهُمُ اللَّهُ أَجْمَعِينَ، أَنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يَتَكَلَّمُ بَعْدَمَا تَكَلَّمَ فِي الْأَزَلِ، حَتَّى خَرَجَ عَلَيْهِمْ وَطَالَتْ خُصُومَتُهُمْ، وَتَكَلَّمَ بِمَا يُوهِمُ الْقَوْلَ بِحُدُوثِ الْكَلَامِ، مَعَ اعْتِقَادِهِ قِدَمَهُ، ثُمَّ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ أَحْمَدَ بْنَ إِسْحَاقَ الْفَقِيهَ أَمْلَى اعْتِقَادَهُ وَاعْتِقَادَ رُفَقَائِهِ عَلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي عُثْمَانَ، وَعَرَضَهُ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ فَاسْتَصْوَبَهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَارْتَضَاهُ وَاعْتَرَفَ فِيمَا حَكَيْنَا عَنْهُ بِأَنَّهُ إِنَّمَا أَتَى ذَلِكَ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ لَمْ يُحْسِنِ الْكَلَامَ، وَكَانَ فِيمَا أَمْلَى مِنِ اعْتِقَادِهِمْ فِيمَا أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ عَنْ نُسْخَةِ ذَلِكَ الْكِتَابِ: مَنْ زَعَمَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَلَّ ذِكْرُهُ لَمْ يَتَكَلَّمْ إِلَّا مَرَّةً وَلَا يَتَكَلَّمُ إِلَّا مَا تَكَلَّمَ بِهِ ثُمَّ انْقَضَى كَلَامُهُ كَفَرَ بِاللَّهِ، بَلْ لَمْ يَزَلِ اللَّهُ مُتَكَلِّمًا، وَلَا يَزَالُ مُتَكَلِّمًا، لَا مِثْلَ لَكَلَامِهِ لِأَنَّهُ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِ ذَاتِهِ، نَفَى اللَّهُ تَعَالَى الْمِثْلَ عَنْ كَلَامِهِ، كَمَا نَفَى الْمِثْلَ عَنْ نَفْسِهِ، وَنَفَى النَّفَادَ عَنْ كَلَامِهِ كَمَا نَفَى الْهَلَاكَ عَنْ نَفْسِهِ، فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} [القصص: 88] وَقَالَ تَعَالَى: {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي} [الكهف: 109] فَكَلَامُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ غَيْرُ بَائِنٍ عَنِ اللَّهِ لَيْسَ هُوَ دُونَهُ وَلَا غَيْرُهُ وَلَا هُوَ هُوَ، بَلْ هُوَ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِ ذَاتٍ كَعِلْمِهِ الَّذِي هُوَ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِ ذَاتِهِ، لَمْ يَزَلْ رَبُّنَا عَالِمًا، وَلَا يَزَالُ عَالِمًا، وَلَمْ يَزَلْ يَتَكَلَّمُ، وَلَا يَزَالُ يَتَكَلَّمُ، فَهُوَ الْمَوْصُوفُ بِالصِّفَاتِ الْعُلَى، وَلَمْ يَزَلْ بِجَمِيعِ صِفَاتِهِ الَّتِي هِيَ صِفَاتُ ذَاتِهِ وَاحِدًا وَلَا يَزَالُ، وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ. وَكَانَ فِيمَا [ص: 23] كَتَبَ: الْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى وَصِفَةٌ مِنْ صِفَاتِ ذَاتِهِ، لَيْسَ شَيْءٌ مِنْ كَلَامِهِ خَلْقًا وَلَا مَخْلُوقًا، وَلَا فِعْلًا وَلَا مَفْعُولًا، وَلَا مُحْدِثًا وَلَا حَدَثًا وَلَا أَحْدَاثًا الحديث: 592 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 21 593 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ عَلِيَّ بْنَ أَحْمَدَ الزَّاهِدُ الْبُوشَنْجِيَّ يَقُولُ: دَخَلْتُ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي حَاتِمٍ الرَّازِيِّ بِالرَّيِّ فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا جَرَى بِنَيْسَابُورَ بَيْنَ أَبِي بَكْرِ بْنِ خُزَيْمَةَ وَبَيْنَ أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: مَا لِأَبِي بَكْرٍ وَالْكَلَامِ؟ إِنَّمَا الْأَوْلَى بِنَا وَبِهِ أَنْ لَا نَتَكَلَّمَ فِيمَا لَمْ نَتَعَلَّمْهُ. فَخَرَجْتُ مِنْ عِنْدِهِ حَتَّى دَخَلْتُ عَلَى أَبِي الْعَبَّاسِ الْقَلَانِسِيِّ فَقَالَ: كَانَ بَعْضُ الْقَدَرِيَّةِ مِنَ الْمُتَكَلِّمِينَ وَقَعَ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ فَوَقَعَ لَكَلَامِهِ عِنْدَهُ قَبُولٌ. ثُمَّ خَرَجْتُ إِلَى بَغْدَادَ فَلَمْ أَدَعْ بِهَا فَقِيهًا وَلَا مُتَكَلِّمًا إِلَّا عَرَضْتُ عَلَيْهِ تِلْكَ الْمَسَائِلَ، فَمَا مِنْهُمْ أَحَدٌ إِلَّا وَهُوَ يُتَابَعُ أَبَا الْعَبَّاسِ الْقَلَانِسِيَّ عَلَى مَقَالَتِهِ، وَيَغْتَمُّ لِأَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ فِيمَا أَظْهَرَهُ. قُلْتُ: الْقِصَّةُ فِيهِ طَوِيلَةٌ، وَقَدْ رَجَعَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ إِلَى طَرِيقَةِ السَّلَفِ وَتَلَهَّفَ عَلَى مَا قَالَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ الحديث: 593 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 23 بَابُ: قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ} [الأنعام: 19] قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} [الأنعام: 19] ، وَقَوْلِهِ: {لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا} [الشورى: 7] الجزء: 2 ¦ الصفحة: 24 594 - أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمُزَكِّي، أنا أَبُو الْحَسَنِ الطَّرَائِفِيَّ، ثنا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} [الأنعام: 19] يَعْنِي أَهْلَ مَكَّةَ {وَمَنْ بَلَغَ} [الأنعام: 19] يَعْنِي مَنْ بَلَغَهُ الْقُرْآنُ مِنَ النَّاسِ فَهُوَ لَهُ نَذِيرٌ وَقَوْلُهُ: {لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا} [الشورى: 7] يَعْنِي بِأُمِّ الْقُرَى مَكَّةَ، وَمَنْ حَوْلَهَا مِنَ الْقُرَى إِلَى الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ الحديث: 594 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 24 595 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحُسَيْنِ، ثنا آدَمُ، ثنا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} [الأنعام: 19] يَعْنِي وَمَنْ أَسْلَمَ مِنَ الْعَجَمِ [ص: 25] وَغَيْرِهِمْ قُلْتُ: وَقَدْ يَكُونُ أَعْجَمِيًّا لَا يُعْرَفُ الْعَرَبِيَّةَ فَإِذَا بَلَغَهُ مَعْنَاهُ بِلِسَانِهِ فَهُوَ لَهُ نَذِيرٌ الحديث: 595 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 24 596 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو الْأَدِيبُ، أنا أَبُو بَكْرِ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، ثنا الْقَاسِمُ بْنُ زَكَرِيَّا، حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، ثنا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، ثنا عَلِيُّ يَعْنِي ابْنَ الْمُبَارَكِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ أَهْلُ الْكِتَابِ يَقْرَأُونَ التَّوْرَاةَ بِالْعِبْرَانِيَّةِ، فَيُفَسِّرُونَهَا بِالْعَرَبِيَّةِ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا تُصَدِّقُوا أَهْلَ الْكِتَابِ وَلَا تُكَذِّبُوهُمْ، وَقُولُوا: آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ". رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بَشَّارٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عُمَرَ. قُلْتُ: وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُمْ إِنْ صَدَقُوا فِيمَا فَسَّرُوا مِنْ كِتَابِهِمْ بِالْعَرَبِيَّةِ، كَانَ ذَلِكَ مِمَّا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ عَلَى مَعْنَى الْعِبَارَةِ عَمَّا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ، وَكَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى وَاحِدٌ لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْعِبَارَاتِ، فَبِأَيِّ لِسَانٍ قُرِئَ كَانَ قَدْ قُرِئَ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى، إِلَّا أَنَّهُ إِنَّمَا يُسَمَّى تَوْرَاةً إِذَا قُرِئَ بِالْعِبْرَانِيَّةِ، وَإِنَّمَا يُسَمَّى إِنْجِيلًا إِذَا قُرِئَ بِالسُّرْيَانِيَّةِ، وَإِنَّمَا يُسَمَّى قُرْآنَا إِذَا قُرِئَ بِالْعَرَبِيَّةِ عَلَى اللُّغَاتِ السَّبْعِ الَّتِي أَذِنَ صَاحِبُ الشَّرْعِ فِي قِرَاءَتِهِ عَلَيْهِنَّ، لِنُزُولِهِ عَلَى لِسَانِ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى تِلْكَ اللُّغَاتِ دُونَ غَيْرِهِنَّ؛ وَلِمَا فِي نَظْمِهِ مِنَ الْإِعْجَازِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ [ص: 26] الْأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} [الشعراء: 193] وَقَالَ جَلَّ وَعَلَا: {وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ حُكَمًا عَرَبِيًّا} [الرعد: 37] وَقَالَ تَعَالَى: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا} [الشورى: 7] وَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بِشْرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيُّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيُّ مُبِينٌ} [النحل: 103] وَقَالَ جَلَّ وَعَلَا: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} [الإسراء: 88] الحديث: 596 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 25 597 - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ فُورَكٍ أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ عِنْدَ إِضَاءَةِ بَنِي غِفَارٍ فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَأْمُرُكَ أَنْ تَقْرَأَ أُمَّتُكَ الْقُرْآنَ عَلَى حَرْفٍ. قَالَ: «أَسْأَلُ اللَّهَ مُعَافَاتَهُ وَمَغْفِرَتَهُ. وَإِنَّ أُمَّتِي لَا تُطِيقُ ذَلِكَ» . ثُمَّ أَتَاهُ الثَّانِيَةَ فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَأْمُرُكَ أَنْ تَقْرَأَ أُمَّتُكَ الْقُرْآنَ عَلَى حَرْفَيْنِ قَالَ: «أَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى مُعَافَاتَهُ وَمَغْفِرَتَهُ وَإِنَّ أُمَّتِي لَا تُطِيقُ ذَلِكَ» . ثُمَّ جَاءَهُ الثَّالِثَةَ فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَأْمُرُكَ أَنْ تَقْرَأَ أُمَّتُكَ الْقُرْآنَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَحْرُفٍ. فَقَالَ: «أَسْأَلُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ مُعَافَاتَهُ وَمَغْفِرَتَهُ وَإِنَّ أُمَّتِي لَا [ص: 27] تُطِيقُ ذَلِكَ» . ثُمَّ جَاءَهُ الرَّابِعَةَ فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَأْمُرُكَ أَنْ تَقْرَأَ أُمَّتُكَ الْقُرْآنَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ فَأَيُّمَا حَرْفٍ قَرَءُوا عَلَيْهِ فَقَدْ أَصَابُوا. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ. وَأَخْرَجَا حَدِيثَ عُمَرَ وَهِشَامَ بْنَ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ الْقُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ، فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ» . وَفِي ذَلِكَ دَلَالَةٌ عَلَى قَصْرِ قِرَاءَتِهِ عَلَى هَذِهِ اللُّغَاتِ السَّبْعِ مِنْ لُغَاتِ الْعَرَبِ شَرْعًا. وَمَنْ بَلَغَهُ مَعْنَاهُ فَأَسْلَمَ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَعَلَّمَ مِنْهُ مَا تُجْزِئُ بِهِ الصَّلَاةُ وَعَلَى جَمَاعَتِهِمْ أَنْ يَتَعَلَّمُوا جَمِيعَهُ حَتَّى يَقُومَ بِتَعَلُّمِهِ مَنْ فِيهِ الْكِفَايَةُ الحديث: 597 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 26 598 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ وَأَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ أنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، أنا الشَّافِعِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُسْطَنْطِينَ، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى شِبْلٍ وَأَخْبَرَ الشِّبْلُ، أَنَّهُ قَرَأَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَثِيرٍ وَأَخْبَرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَثِيرٍ، أَنَّهُ قَرَأَ عَلَى مُجَاهِدٍ وَأَخْبَرَ مُجَاهِدٌ، أَنَّهُ قَرَأَ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَخْبَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَرَأَ عَلَى أُبَيٍّ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَقَرَأَ أُبَيٌّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الحديث: 598 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 27 قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَقَرَأْتُ عَلَى إِسْمَاعِيلَ بْنِ قُسْطَنْطِينَ وَكَانَ يَقُولُ: " الْقُرْآنُ اسْمٌ وَلَيْسَ بِمَهْمُوزٍ، وَلَمْ يُؤْخَذْ مِنْ قَرَأْتُ، وَلَوْ أُخِذَ مِنْ قَرَأْتُ، كَانَ كُلُّ مَا قُرِئَ قُرْآنَا، وَلَكِنَّهُ اسْمٌ لِلْقُرْآنِ مِثْلُ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ. وَكَانَ يَقُولُ: وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ تَهْمِزُ قَرَأْتَ، وَلَا تَهْمِزُ الْقُرْآنَ " قُلْتُ: وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّهُ مُشْتَقٌّ مِنَ الْقِرَاءَةِ، يُقَالُ: قَرَأْتُ قِرَاءَةً وَقُرْآنًا، كَمَا يُقَالُ سَبَّحْتُ تَسْبِيحًا وَسُبْحَانَا، وَغَفَرْتُ مَغْفِرَةً وَغُفْرَانًا، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} [الإسراء: 78] وَإِنَّمَا أَرَادَ صَلَاةَ الْفَجْرِ الَّتِي يَقَعُ فِيهَا الْقِرَاءَةُ، فَسَمَّاهَا قُرْآنًا يُرِيدُ بِهِ قِرَاءَةً، ثُمَّ كَثُرَ اسْتِعْمَالُهُ فِي كَلَامِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَصَارَ [ص: 28] مُطْلَقَةً لَهُ، وَقَدْ يُسَمَّى سَائِرُ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى سَائِرِ رُسُلِهِ قُرْآنًا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 27 599 - حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ دَاوُدَ الْعَلَوِيُّ أنا أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ بِلَالٍ الْبَزَّازُ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ حَفْصِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خُفِّفَ عَلَى دَاوُدَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ الْقُرْآنُ، فَكَانَ يَأْمُرُ بِدَابَّتِهِ تُسْرَجُ فَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ قَبْلَ أَنْ تُسْرَجَ، وَكَانَ لَا يَأْكُلُ إِلَّا مِنْ عَمَلِ يَدِهِ» . أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ. فَقَالَ: وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ فَذَكَرَهُ. قُلْتُ: الْكَلَامُ هُوَ نُطْقُ نَفْسِ الْمُتَكَلِّمِ؛ بِدَلِيلِ مَا رُوِّينَا عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي حَدِيثِ السَّقِيفَةِ، فَذَهَبَ عُمَرُ يَتَكَلَّمُ فَأَسْكَتَهُ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فَكَانَ عُمَرُ يَقُولُ: وَاللَّهِ مَا أَرَدْتُ بِذَاكَ إِلَّا أَنِّي قَدْ هَيَّأْتُ كَلَامًا قَدْ أَعْجَبَنِي، وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: وَكُنْتُ زَوَّرْتُ مَقَالَةً أَعْجَبَتْنِي، فَسَمَّى تَزْوِيرَ الْكَلَامِ فِي نَفْسِهِ كَلَامًا قَبْلَ التَّلَفُّظِ بِهِ، ثُمَّ إِنْ كَانَ الْمُتَكَلِّمُ ذَا مَخَارِجَ، سُمِعَ كَلَامُهُ ذَا حُرُوفٍ وَأَصْوَاتٍ، وَإِنْ كَانَ الْمُتَكَلِّمُ غَيْرَ ذِي مَخَارِجَ سُمِعَ كَلَامُهُ غَيْرَ ذِي حُرُوفٍ وَأَصْوَاتٍ، وَالْبَارِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ [ص: 29] لَيْسَ بِذِي مَخَارِجَ، وَكَلَامُهُ لَيْسَ بِحَرْفٍ وَلَا صَوْتٍ، فَإِذَا فَهِمْنَاهُ ثُمَّ تَلَوْنَاهُ تَلَوْنَاهُ بِحُرُوفٍ وَأَصْوَاتٍ الحديث: 599 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 28 600 - وَقَدْ أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أنا أَبُو الْعَبَّاسِ الْمَحْبُوبِي، ثنا سَعِيدُ بْنُ مَسْعُودٍ، ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أنا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ الْمَظَالِمِ قَالَ: " يَحْشُرُ اللَّهُ تَعَالَى الْعِبَادَ ـ أَوْ قَالَ النَّاسَ ـ عُرَاةً غُرْلًا بُهْمًا ثُمَّ يُنَادِيهِمْ بِصَوْتٍ يَسْمَعُهُ مَنْ بَعُدَ كَمَا يَسْمَعُهُ مَنْ قَرُبَ: أَنَا الْمَلِكُ أَنَا الدَّيَّانُ «. وَهَذَا حَدِيثٌ تَفَرَّدَ بِهِ الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ عَنِ ابْنِ عَقِيلٍ؛ وَابْنُ عَقِيلٍ، وَالْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ أَيْمَنَ الْمَكِّيُّ لَمْ يُحْتَجَّ بِهِمَا الشَّيْخَانِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبُخَارِيُّ وَأَبُو الْحُسَيْنِ مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ النَّيْسَابُورِيُّ، وَلَمْ يُخْرِجَا هَذَا الْحَدِيثَ فِي الصَّحِيحِ بِإِسْنَادِهِ، وَإِنَّمَا أَشَارَ الْبُخَارِيُّ إِلَيْهِ فِي تَرْجَمَةِ الْبَابِ وَاخْتَلَفَ الْحُفَّاظُ فِي الِاحْتِجَاجِ بِرِوَايَاتِ ابْنِ عَقِيلٍ لِسُوءِ حِفْظِهِ، وَلَمْ تَثْبُتْ صِفَةُ الصَّوْتِ فِي كَلَامِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَوْ فِي حَدِيثٍ صَحِيحٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرَ حَدِيثِهِ، وَلَيْسَ بِنَا ضَرُورَةٌ إِلَى إِثْبَاتِهِ. وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الصَّوْتُ فِيهِ إِنْ كَانَ ثَابِتًا رَاجِعًا إِلَى [ص: 30] غَيْرِهِ كَمَا رُوِّينَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ مَوْقُوفًا وَمَرْفُوعًا» إِذَا تَكَلَّمَ اللَّهُ بِالْوَحْيِ سَمِعَ أَهْلُ السَّمَاءِ صَلْصَلَةً كَجَرِّ السِّلْسَلَةِ عَلَى الصَّفَا ". وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا قَضَى اللَّهُ الْأَمْرَ فِي السَّمَاءِ ضَرَبَتِ الْمَلَائِكَةُ بِأَجْنِحَتِهَا خُضْعَانًا لِقَوْلِهِ كَأَنَّهُ سِلْسِلَةٌ عَلَى صَفْوَانَ» . فَفِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ الصَّحِيحَيْنِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُمْ يَسْمَعُونَ عِنْدَ الْوَحْيِ صَوْتًا لَكِنْ لِلسَّمَاءِ، وَلِأَجْنِحَةِ الْمَلَائِكَةِ، تَعَالَى اللَّهُ عَنْ شَبَهِ الْمَخْلُوقِينَ عُلُوًّا كَبِيرًا. وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَقُولُ اللَّهُ: يَا آدَمُ، فَيَقُولُ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ، فَيُنَادِي بِصَوْتٍ: إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَأْمُرُكَ أَنْ تُخْرِجَ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ بَعْثًا إِلَى النَّارِ ". فَهَذَا لَفْظٌ تَفَرَّدَ بِهِ حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، وَخَالَفَهُ وَكِيعٌ وَجَرِيرٌ وَغَيْرُهُمَا مِنْ أَصْحَابِ الْأَعْمَشِ فَلَمْ يَذْكُرُوا فِيهِ لَفْظَ الصَّوْتِ، وَقَدْ سُئِلَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ عَنْ حَفْصٍ، فَقَالَ: كَانَ يُخْلِطُ فِي حَدِيثِهِ، ثُمَّ إِنْ كَانَ حَفِظَهُ فَفِيهِ مَا دَلَّ عَلَى أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ لِآدَمَ يَكُونُ عَلَى لِسَانِ مَلَكٍ يُنَادِيهِ بِصَوْتٍ: «إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَأْمُرُكَ» . فَيَكُونُ قَوْلُهُ: «فَيُنَادِي بِصَوْتٍ» . يَعْنِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ: يُنَادِيهِ مَلَكٌ بِصَوْتٍ. وَهَذَا ظَاهَرٌ فِي الْخَبَرِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ الحديث: 600 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 29 وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي: 601 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ بِبَغْدَادَ، أنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، نا سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ، نا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ، ح. وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي قَالَا: نا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، نا يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ، أنا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ، أنا الْفَضْلُ بْنُ عِيْسَى، نا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ، نا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " لَمَّا كَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى يَوْمَ الطُّورِ كَلَّمَهُ بِغَيْرِ الْكَلَامِ الَّذِي كَلَّمَهُ بِهِ يَوْمَ نَادَاهُ، قَالَ لَهُ مُوسَى: يَا رَبِّ، هَذَا كَلَامُكَ الَّذِي كَلَّمْتَنِي بِهِ يَوْمَ نَادَيْتَنِي؟ قَالَ: يَا مُوسَى لَا، إِنَّمَا كَلَّمْتُكَ بِقُوَّةِ عَشْرَةِ آلَافِ لِسَانٍ، وَلِي قُوَّةُ الْأَلْسِنَةِ كُلُّهَا، وَأَنَا أَقْوَى مِنْ ذَلِكَ، فَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ قَالُوا: يَا مُوسَى صِفْ لَنَا كَلَامَ الرَّحْمَنِ. قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَمَنْ يُطِيقُ؟ قَالُوا: فَشَبِّهْهُ لَنَا. قَالَ: أَلَمْ تَرَوْا إِلَى أَصْوَاتِ الصَّوَاعِقِ حِينَ تُقْبِلُ فِي أَحْلَى حَلَاوَةٍ سَمِعْتُمُوهُ، فَإِنَّهُ قَرِيبٌ مِنْهُ وَلَيْسَ بِهِ " قَالَ عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ: فَحَدَّثْتُ بِهَذَا الْحَدِيثِ فِي مَجْلِسِ عُثْمَانَ الْبَتِّيِّ وَعِنْدَهُ خَتَنُ سُلَيْمَانَ بْنِ عَلِيٍّ الزُّهْرِيِّ، فَقَالَ خَتَنُ سُلَيْمَانَ: حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ عَنْ رَجُلٍ عَنْ كَعْبٍ قَالَ: لَمَّا كَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى يَوْمَ الطُّورِ كَلَّمَهُ بِغَيْرِ الْكَلَامِ الَّذِي كَلَّمَهُ بِهِ يَوْمَ نَادَاهُ، فَقَالَ لَهُ [ص: 32] مُوسَى: يَا رَبِّ هَذَا الَّذِي كَلَّمْتَنِي بِهِ يَوْمَ نَادَيْتَنِي؟ قَالَ: يَا مُوسَى، إِنَّمَا كَلَّمْتُكَ بِمَا تُطِيقُ بِهِ بَلْ أَخَفَّهَا لَكَ، وَلَوْ كَلَّمْتُكَ بِأَشَدَّ مِنْ هَذَا لَمِتَّ. لَفْظُ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ أَبِي طَالِبٍ. فَهَذَا حَدِيثٌ ضَعِيفٌ؛ الْفَضْلُ بْنُ عِيسَى الرَّقَاشِيُّ ضَعِيفُ الْحَدِيثِ جَرَّحَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ، وَحَدِيثُ كَعْبٍ مُنْقَطِعٌ، وَقَدْ رُوِيَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ مَوْصُولًا الحديث: 601 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 31 602 - أَخْبَرَنَاهُ أَبُو مُحَمَّدٍ السُّكَّرِيُّ، أنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، نا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ، نا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أنا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ جَابِرٍ الْخَثْعَمِيِّ، عَنْ كَعْبٍ، قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمَّا كَلَّمَ مُوسَى كَلَّمَهُ بِالْأَلْسِنَةِ كُلِّهَا سِوَى كَلَامِهِ، قَالَ لَهُ مُوسَى: أَيْ رَبِّ هَذَا كَلَامُكَ؟ قَالَ: لَا، لَوْ كَلَّمْتُكَ بِكَلَامِي لَمْ تَسْتَقِمْ لَهُ. قَالَ: أَيْ رَبِّ فَهَلْ مِنْ خَلْقِكَ شَيْءٌ يُشْبِهُ كَلَامَكَ؟ قَالَ: لَا، وَأَشَدُّ خَلْقِي شَبَهًا بِكَلَامِي أَشَدُّ مَا تَسْمَعُونَ مِنْ هَذِهِ الصَّوَاعِقِ ". وَرَوَاهُ ابْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ عَنْهُ عَنْ أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ عَنْ جَرِيرِ بْنِ جَابِرٍ الْخَثْعَمِيِّ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ وَقَالَ يُونُسُ وَابْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ وَالزُّبَيْدِيُّ: جَرْوٌ. وَقَالَ شُعَيْبٌ: جِرْزُ بْنُ جَابِرٍ. وَهُوَ رَجُلٌ [ص: 33] مَجْهُولٌ، ثُمَّ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ: مَا سُمِعَ لِلسَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مِنَ الْأَصْوَاتِ عِنْدَ إِسْمَاعِ الرَّبِّ جَلَّ ذَكَرُهُ إِيَّاهُ كَلَامَهُ، كَمَا رُوِّينَا عَنْ أَهْلِ السَّمَاوَاتِ أَنَّهُمْ يَسْمَعُونَ عِنْدَ نُزُولِ الْوَحْيِ لِلسَّمَاءِ صَلْصَلَةً كَجَرِّ السِّلْسِلَةِ عَلَى الصَّفَا، وَكَمَا رُوِّينَا فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا قَضَى اللَّهُ الْأَمْرَ فِي السَّمَاءِ ضَرَبَتِ الْمَلَائِكَةُ بِأَجْنِحَتِهَا خُضْعَانًا لِقَوْلِهِ، كَأَنَّهُ سِلْسِلَةٌ عَلَى صَفْوَانٍ» . وَكَمَا رُوِّينَا عَنْ نَبِيِّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ " كَانَ يَأْتِيهِ الْوَحْيُ أَحْيَانَا فِي مِثْلِ صَلْصَلَةِ الْجَرَسِ، وَكُلُّ ذَلِكَ مُضَافٌ إِلَى غَيْرِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَكَذَلِكَ الصَّوْتُ الْمَذْكُورُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، إِنْ كَانَ صَحِيحًا، وَلَا أَرَاهُ يَصِحُّ إِلَّا وَهُوَ مُضَافٌ إِلَى غَيْرِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَأَمَّا قَوْلُ كَعْبِ الْأَحْبَارِ فَإِنَّهُ يُحَدِّثُ عَنِ التَّوْرَاةِ الَّتِي أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ أَهْلِهَا أَنَّهُمْ حَرَّفُوهَا وَبَدَّلُوهَا، فَلَيْسَ مِنْ قَوْلِهِ مَا يَلْزَمُنَا تَوْجِيهُهُ، إِذَا لَمْ يُوَافِقْ أُصُولَ الدِّينِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ الحديث: 602 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 32 بَابٌ: جُمَّاعُ أَبْوَابِ مَا يَجُوزُ تَسْمِيَةُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ، وَوَصْفُهُ بِهِ سِوَى مَا مَضَى فِي الْأَبْوَابِ قَبْلَهَا وَمَا لَا يَجُوزُ وَتَأْوِيلُ مَا يَحْتَاجُ فِيهِ إِلَى التَّأْوِيلِ وَحِكَايَةُ قَوْلِ الْأَئِمَّةِ فِيهِ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11] قَالَ أَهْلُ النَّظَرِ: مَعْنَاهُ لَيْسَ كَهُوَ شَيْءٌ؛ وَنَظِيرُ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ} [البقرة: 137] أَيْ بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ، وَيُذْكَرُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَرَأَهَا: «بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ» الجزء: 2 ¦ الصفحة: 34 603 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، نا أَبُو عُتْبَةَ أَحْمَدُ بْنُ الْفَرَجِ، نا بَقِيَّةُ، نا شُعْبَةُ، حَدَّثَنِي أَبُو حَمْزَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَا تَقُولُوا: {فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ} [البقرة: 137] فَإِنَّ اللَّهَ لَيْسَ لَهُ مِثْلٌ، وَلَكِنْ قُولُوا: بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ. تَابَعَهُ عَلِيُّ بْنُ نَصْرٍ الْجَهْضَمِيُّ عَنْ شُعْبَةَ. وَقَالَ أَهْلُ النَّظَرِ: يَقُولُ الْقَائِلُ: مِثْلِي لَا يُقَابَلُ بِمِثْلِ هَذَا الْكَلَامِ، وَمِثْلِي لَا يُعَابُ عَلَيْهِ، يُرِيدُ نَفْسَهُ، قَالُوا: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْكَافُ فِيهِ زِيَادَةٌ كَمَا يَقُولُ فِي الْكَلَامِ: كَلَّمَنِي فُلَانٌ بِلِسَانٍ كَمِثْلِ السِّنَانِ، وَلِهَذِهِ الْجَارِيَةِ بَنَانٌ كَمِثْلِ الْعَنْدَمِ، وَمَعْنَاهُ: مِثْلُ الْعَنْدَمِ ـ الْعَنْدَمُ دَمُ الْأَخَوَيْنِ ـ. وَقَدْ قِيلَ: الْعَرَبُ إِذَا أَرَادَتِ [ص: 35] التَّأْكِيدَ فِي إِثْبَاتِ التَّشْبِيهِ كَرَّرَتْ حَرْفَ التَّشْبِيهِ، فَقَالَتْ: هَذَا كَهَكَذَا. قَالَ الشَّاعِرُ: [البحر الرجز] وَصَالِيَاتٍ كَكَمَا يُؤَثْفَيْنِ يَعْنِي هَكَذَا. وَكَمَا جَمَعَتْ بَيْنَ اسْمِ التَّشْبِيهِ وَحَرْفِ التَّشْبِيهِ فَقَالَتْ: هَذَا كَمَثَلِ هَذَا، فَلَمَّا أَرَادَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ أَنْ يَنْفِيَ الْتَّشْبِيهَ عَلَى آكَدِ مَا يَكُونُ مِنَ النَّفْيِ جَمَعَ فِي قِرَاءَتِنَا بَيْنَ حَرْفِ التَّشْبِيهِ، وَاسْمِ الْتَّشْبِيهِ حَتَّى يَكُونَ النَّفْيُ مُؤَكَّدًا عَلَى الْمُبَالَغَةِ الحديث: 603 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 34 604 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، نا أَبُو سَعِيدٍ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى الْجَوْهَرِيِّ بِالْبَصْرَةِ، نا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ الْخَالِقِ الْبَزَّارُ، نا سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأُمَوِيُّ، ح. وَأَخْبَرَنَا مَنْصُورُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ الشَّالَنْجِيُّ، أنا أَبُو عَمْرِو بْنُ حَمْدَانَ، أنا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى، نا سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأُمَوِيُّ، حَدَّثَنِي أَبِي، نا مُجَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ زَيْدِ بْنِ عَمْرٍو فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَانَ يَسْتَقْبِلُ الْبَيْتَ وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ إِلَهِي إِلَهُ إِبْرَاهِيمَ، وَدِينِي دَيْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَيُصَلِّي وَيَسْجُدُ. قَالَ: فَقَالَ: «ذَاكَ أُمَّةٌ وَحْدَهُ، يُحْشَرُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ» . قَالَ: فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَرَأَيْتَ وَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلٍ؟ فَإِنَّهُ كَانَ يَسْتَقْبِلُ الْبَيْتَ وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ دِينِي دِينُ زَيْدٍ، وَإِلَهِي إِلَهُ زَيْدٍ، وَقَدْ كَانَ يَمْتَدِحُهُ: [البحر الطويل] رَشَدْتَ وَأَنْعَمْتَ ابْنَ عَمْرٍو وَإِنَّمَا ... تَجَنَّبْتَ تَنُّورًا مِنَ النَّارِ حَامِيَا فَرَبُّكَ رَبٌّ لَيْسَ رَبٌّ كَمِثْلِهِ ... وَتَرَكُكَ جِنَانُ الْجِبَالِ كَمَا هِيَا قَالَ: «رَأَيْتُهُ فِي بُطْنَانِ الْجَنَّةِ، عَلَيْهِ حُلَّةٌ مِنْ سُنْدُسٍ» . قَالَ: وَسُئِلَ عَنْ خَدِيجَةَ فَقَالَ: «رَأَيْتُهَا عَلَى نَهَرٍ مِنْ أَنْهَارِ الْجَنَّةَ، فِي بَيْتٍ مِنْ قَصَبٍ، لَا لَغْوٌ فِيهِ وَلَا نَصَبٌ» . لَفْظُ حَدِيثِ عِمْرَانَ. وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ عَبْدِ الْخَالِقِ: «وَدِينُكَ دَيْنٌ لَيْسَ دِينٌ كَمِثْلِهِ» قَالَ الشَّيْخُ: وَقَدْ كَانَ تَنَصَّرَ زَيْدٌ وَآمَنَ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَبْلَ بِعْثَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا زَعَمَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَأَرَادَ بِقَوْلِهِ: «دِينِي دَيْنُ إِبْرَاهِيمَ» . فِي خَلْعِ الْأَنْدَادِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. [ص: 37] قَالَ الشَّيْخُ: وَالَّذِي رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ نَهْيِهِ عَنِ الْقِرَاءَةِ الْعَامَّةِ لِقَوْلِهِ: {فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ} [البقرة: 137] . شَيْءٌ ذَهَبَ إِلَيْهِ لِلْمُبَالَغَةِ فِي نَفْيِ التَّشْبِيهِ عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَالْقِرَاءَةُ الْعَامَّةُ أَوْلَى، وَمَعْنَاهَا مَا ذَكَرْنَاهُ، وَقِيلَ مَعْنَاهُ: فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ إِيمَانِكُمْ مِنَ الْإِقْرَارِ وَالتَّصْدِيقِ فَقَدِ اهْتَدَوْا الحديث: 604 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 36 605 - أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، نا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، نا يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ، أنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أنا دَيْلَمُ بْنُ غَزْوَانَ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: أَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِهِ إِلَى رَأْسٍ مِنْ رُؤُوسِ الْمُشْرِكِينَ يَدْعُوهُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَقَالَ لَهُ الْمُشْرِكُ: هَذَا الْإِلَهُ الَّذِي تَدْعُو إِلَيْهِ مَا هُوَ؟ مِنْ ذَهَبٍ هُوَ أُمْ مِنْ فِضَّةٍ؟ [ص: 38] قَالَ: فَتَعَاظَمَ مَقَالَةُ الْمُشْرِكِ فِي صَدْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَانْتَهَى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: وَاللَّهِ لَقَدْ بَعَثْتَنِي إِلَى رَجُلٍ سَمِعْتُ مِنْهُ مَقَالَةً لَهُ لَيَتَّكَادُنِي أَنْ أَقُولَهَا، قَالَ لَهُ: «ارْجِعْ إِلَيْهِ» . فَرَجَعَ إِلَيْهِ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ، فَرَجَعَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا زَادَنِي عَلَى مَا قَالَ لِي. قَالَ: «ارْجِعْ إِلَيْهِ» . فَرَجَعَ إِلَيْهِ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ. قَالَ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ صَاعِقَةً مِنَ السَّمَاءِ فَأَهْلَكَتْهُ، وَرَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَدْرِي، فَانْتَهَى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَهْلَكَ صَاحِبَكَ بَعْدَكَ» . فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقُ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ} [الرعد: 13] الحديث: 605 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 37 606 - أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أنا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، نا مَخْلَدُ بْنُ أَبِي عَاصِمٍ، نا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى يَعْنِي الْحَرَشِيَّ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عِيسَى، نا دَاوُدُ يَعْنِي ابْنَ أَبِي هِنْدَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ الْيَهُودَ، جَاءَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُمْ كَعْبُ بْنُ الْأَشْرَفِ وَحُيَيُّ بْنُ أَخْطَبَ، فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ، صِفْ لَنَا رَبَّكَ الَّذِي بَعَثَكَ. [ص: 39] فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ، لَمْ يَلِدْ} [الإخلاص: 2] فَيَخْرُجُ مِنْهُ {وَلَمْ يُولَدْ} [الإخلاص: 3] فَيَخْرُجُ مِنْ شَيْءٍ، {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [الإخلاص: 4] وَلَا شَبَهٌ. فَقَالَ: «هَذِهِ صِفَةُ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ وَتَقَدَّسَ عُلُوًّا كَبِيرًا» الحديث: 606 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 38 607 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، نا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، نا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيُّ، نا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ، نا أَبُو سَعْدٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُيَسَّرٍ الصَّاغَانِيُّ، نا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، عَنْ أَبِي بْنِ كَعْبٍ، قَالَ: قَالَ الْمُشْرِكُونَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: انْسُبْ لَنَا رَبَّكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} [الإخلاص: 2] لِأَنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ يُولَدُ إِلَّا سَيَمُوتُ، وَلَيْسَ شَيْءٌ يَمُوتُ إِلَّا سَيُورَثُ، وَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَمُوتُ وَلَا يُورَثُ، {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [الإخلاص: 4] قَالَ: «لَمْ يَكُنْ لَهُ شَبَهٌ وَلَا عِدْلٌ، وَلَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ» الحديث: 607 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 39 608 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، نا أَبُو الْعَبَّاسِ، نا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، نا سُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ، نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُجَالِدٍ، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى [ص: 40] النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: انْسُبْ لَنَا رَبَّكَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، اللَّهُ الصَّمَدُ، لَمْ يَلِدْ، وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [الإخلاص: 2] الحديث: 608 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 39 609 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، نا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، نا حَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، نا حَرْمَلَةُ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: وَأنا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، نا أَحْمَدُ بْنُ سَهْلِ بْنِ بَحْرٍ، نا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَهْبٍ نا عَمِّي نا عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ أَنَّ أَبَا الرِّجَالِ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَهُ، عَنْ أُمِّهِ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَكَانَتْ فِي حِجْرِ عَائِشَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ رَجُلًا عَلَى سَرِيَّةٍ فَكَانَ يَقْرَأُ لِأَصْحَابِهِ فِي صَلَاتِهِمْ فَيَخْتِمُ بقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، فَلَمَّا رَجَعُوا ذَكَرُوا ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «سَلُوهُ لِأَيِّ شَيْءٍ يَصْنَعُ هَذَا؟» فَسَأَلُوهُ فَقَالَ: لِأَنَّهَا صِفَةُ الرَّحْمَنِ، فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَقْرَأَ بِهَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَخْبَرُوهُ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُحِبُّهُ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَهْبٍ، وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ الحديث: 609 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 40 610 - أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، أنا أَبُو الْحَسَنِ الطَّرَائِفِيُّ، نا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى} [النحل: 60] قَالَ: يَقُولُ: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ. وَفِي قَوْلِهِ: {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} [مريم: 65] يَقُولُ: هَلْ تَعْلَمُ لِلرَّبِّ مِثْلًا أَوْ شَبَهًا الحديث: 610 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 40 611 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، نا أَبُو الْعَبَّاسِ هُوَ الْأَصَمُّ، نا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، نا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى، نا أَبُو هِلَالٍ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمٍ، نا رَجُلٌ، أَنَّ ابْنَ رَوَاحَةَ الْبَصْرِيَّ، سَأَلَ الْحَسَنَ فَقَالَ: يَا أَبَا سَعِيدٍ هَلْ تَصِفُ لَنَا رَبَّكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، أَصِفُهُ بِغَيْرِ مِثَالٍ الحديث: 611 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 41 612 - أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمُزَكِّي، أنا أَبُو الْحَسَنِ الطَّرَائِفِيُّ، نا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: " {وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ} يَعْنِي بِهِ: الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ، لَمَّا رَأَى كَوْكَبًا قَالَ: هَذَا رَبِّي، حَتَّى غَابَ فَلَمَّا غَابَ قَالَ: لَا أَحَبُّ الْآفِلِينَ، فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ: هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ، حَتَّى غَابَ فَلَمَّا غَابَ قَالَ: لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ، فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ: هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ حَتَّى غَابَتْ، قَالَ: يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِئٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ " الحديث: 612 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 41 613 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحُسَيْنِ، نا آدَمُ، نا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: الْمَلَكُوتُ الْآيَاتُ. قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: " كُلُّ وَقْتٍ وَزَمَانٍ أَوْ حَالٍ وَمَقَامٍ حُكْمُ الِامْتِحَانِ فِيهَا قَائِمٌ فَلِلِاجْتِهَادِ وَالِاسْتِدْلَالِ فِيهَا مَدْخَلٌ، وَقَدْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ حِينَ رَأَى الْكَوْكَبَ: هَذَا رَبِّي، ثُمَّ تَبَيَّنَ فَسَادُ هَذَا الْقَوْلِ لَمَّا رَأَى الْقَمَرَ أَكْبَرَ جِرْمًا وَأَبْهَرَ نُورًا، فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ [ص: 42] وَهِيَ أَعْلَاهَا فِي مَنْظَرِ الْعَيْنِ وَأَجْلَاهَا لِلْبَصَرِ، وَأَكْثَرُهَا ضِيَاءً وَشُعَاعًا، قَالَ: هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ، فَلَمَّا رَأَى أُفُولَهَا وَزَوَالِهَا وَتَبَيَّنَ لَهُ كَوْنُهَا مَحِلَّ الْحَوَادِثِ وَالتَّغَيُّرَاتِ، تَبَرَّأَ مِنْهَا كُلِّهَا، وَانْقَطَعَ عَنْهَا إِلَى رَبٍّ هُوَ خَالِقُهَا وَمُنْشِئُهَا لَا تَعْتَرِضُهُ الْآفَاتُ، وَلَا تَحُلُّهُ الْأَعْرَاضُ وَالتَّغَيُّرَاتُ " الحديث: 613 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 41 بَابُ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ} [الأنعام: 19] قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ} [الأنعام: 19] الجزء: 2 ¦ الصفحة: 43 614 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحُسَيْنِ، نا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسَ، نا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: {قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً} [الأنعام: 19] . قَالَ: أَمَرَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَسْأَلَ قُرَيْشًا أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً؟ ثُمَّ أَمَرَهُ أَنْ يُخْبِرَهُمُ فَيَقُولُ: اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ الحديث: 614 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 43 615 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، نا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ السَّرَّاجُ، نا يحيى بن يحيى، نا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، نا [ص: 44] إِسْرَائِيلُ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " إِنَّ أَشْعَرَ بَيْتٍ تَكَلَّمَتْ بِهِ الْعَرَبُ كَلِمَةُ لَبِيدٍ: [البحر الطويل] أَلَا كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلَا اللَّهَ بَاطِلٌ" . وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، وَأَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ الثَّوْرِيِّ وَشُعْبَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ الحديث: 615 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 43 بَابُ مَا ذُكِرَ فِي الذَّاتِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 45 616 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، نا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مِهْرَانَ، نا أَبُو الطَّاهِرِ، أنا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " لَمْ يَكْذِبْ إِبْرَاهِيمُ قَطُّ إِلَّا ثَلَاثَ كَذَبَاتٍ، ثِنْتَيْنِ فِي ذَاتِ اللَّهِ؛ قَوْلُهُ: إِنِّي سَقِيمٌ، وَقَوْلُهُ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا، وَوَاحِدَةٌ فِي شَأْنِ سَارَةَ إِنَّكِ أُخْتِي ". وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ تَلِيدٍ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي طَاهِرٍ الحديث: 616 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 45 617 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، نا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرَوَيْهِ، نا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، نا أَبُو الْيَمَانِ، أنا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ أَبِي سُفْيَانَ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشْرَةً، مِنْهُمْ خُبَيْبٌ الْأَنْصَارِيُّ، فَأَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عِيَاضٍ أَنَّ ابْنَةَ الْحَارِثِ أَخْبَرَتْهُ أَنَّهُمْ حِينَ اجْتَمَعُوا ـ تَعْنِي لِقَتْلِهِ ـ اسْتَعَارَ مِنْهَا مُوسَى يَسْتَحِدُّ بِهَا، فَلَمَّا خَرَجُوا مِنَ الْحَرَمِ لِيَقْتُلُوهُ [ص: 46] قَالَ خُبَيْبٌ: وَلَسْتُ أُبَالِي حِينَ أُقْتَلُ مُسْلِمًا عَلَى أَيِّ شِقٍّ كَانَ فِي اللَّهِ مَصْرَعِي وَذَلِكَ فِي ذَاتِ الْإِلَهِ وَإِنْ يَشَأْ يُبَارِكْ عَلَى أَوْصَالِ شِلْوٍ مُمَزَّعٍ فَقَتَلَهُ ابْنُ الْحَارِثِ، فَأَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابَهُ خَبَرَهُمْ يَوْمَ أُصِيبُوا". رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي الْيَمَانِ وَكَذَلِكَ قَالَهُ مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ مُدْرِجًا فِي الْإِسْنَادِ الْأَوَّلِ وَذَلِكَ فِي ذَاتِ الْإِلَهِ الحديث: 617 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 45 618 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، نا أَبُو الْعَبَّاسِ هُوَ الْأَصَمُّ، نا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، أنا عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ، نَا أَبِي، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: تَفَكَّرُوا فِي كُلِّ شَيْءٍ وَلَا تَفَكَّرُوا فِي ذَاتِ اللَّهِ الحديث: 618 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 46 619 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ، أنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، نا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ، نا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أنا مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، قَالَ: لَا تَفَقَّهُ كُلَّ الْفِقْهِ حَتَّى تُمْقِتَ النَّاسَ فِي ذَاتِ اللَّهِ، ثُمَّ تُقْبِلَ عَلَى نَفْسِكَ فَتَكُونَ لَهَا أَشَدَّ مَقْتًا مِنْكَ لِلنَّاسِ الحديث: 619 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 47 بَابُ مَا ذُكِرَ فِي النَّفْسِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ} [آل عمران: 28] وَقَالَ: {كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} [الأنعام: 54] ، وَقَالَ: {وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي} [طه: 41] وَقَالَ فِيمَا أَخْبَرَ بِهِ عَنْ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ: {إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ} [المائدة: 116] الجزء: 2 ¦ الصفحة: 48 620 - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ غَالِبٍ الْخَوَارِزْمِيُّ بِبَغْدَادَ أنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ يَعْنِي ابْنَ حَمْدَانَ النَّيْسَابُورِيَّ، نا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ، نا أَبُو عُمَرَ حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، نا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: " لَا أَحَدَ أَغْيَرُ مِنَ اللَّهِ، وَلِذَلِكَ حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهْرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، وَلَا شَيْءَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْمَدْحُ مِنَ اللَّهِ، وَلِذَلِكَ مَدَحَ نَفْسَهُ، قَالَ: قُلْتُ: سَمِعْتَهُ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: وَرَفَعَهُ؟ قَالَ: نَعَمْ. [ص: 49] رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ حَفْصِ بْنِ عُمَرَ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ شُعْبَةَ الحديث: 620 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 48 621 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ بِبَغْدَادَ أنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، نا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيُّ، نا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، نا مَعْمَرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ الْمَدْحُ مِنَ اللَّهِ وَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ مَدَحَ نَفْسَهُ، وَمَا أَحَدٌ أَغْيَرَ مِنَ اللَّهِ وَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ» . تَابَعَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الحديث: 621 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 49 622 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ يَعْقُوبَ، نا مُحَمَّدُ بْنُ شَاذَانَ، نا عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ، أنا أَبُو ضَمْرَةَ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَطَاءِ بْنِ مِينَاءٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَمَّا قَضَى اللَّهُ الْخَلْقَ كَتَبَ فِي كِتَابٍ يَكْتُبُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَهُوَ مَرْفُوعٌ فَوْقَ الْعَرْشِ: إِنَّ رَحْمَتِي تَغْلِبُ غَضَبِي ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ خَشْرَمٍ، وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة [ص: 50] َ الحديث: 622 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 49 623 - حَدَّثَنَا الْإِمَامُ أَبُو الطَّيِّبِ سَهْلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ رَحِمَهُ اللَّهُ، أنا أَبُو عَمْرٍو إِسْمَاعِيلُ بْنُ نُجَيْدٍ السُّلَمِيُّ، نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِيُّ، نا أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ لَمَّا خَلَقَ الْخَلْقَ كَتَبَ بِيَدِهِ عَلَى نَفْسِهِ رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبِي» الحديث: 623 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 50 624 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أنا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ الْفَقِيهُ، نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي، أنا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، عَنْ مَهْدِيِّ بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " الْتَقَى آدَمُ وَمُوسَى فَقَالَ مُوسَى لِآدَمَ: أَنْتَ الَّذِي أَشْقَيْتَ النَّاسَ وَأَخْرَجْتَهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ. قَالَ: فَقَالَ آدَمُ لِمُوسَى: أَنْتَ مُوسَى الَّذِي اصْطَفَاكَ اللَّهُ بِرِسَالَتِهِ وَاصْطَفَاكَ لِنَفْسِهِ، وَأَنْزَلَ عَلَيْكَ التَّوْرَاةَ؟ قَالَ: [ص: 51] نَعَمْ. قَالَ: فَهَلْ وَجَدْتَهُ كَتَبَ عَلِيَّ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَنِيَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى، فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى ". رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنِ الصَّلْتِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مَهْدِيٍّ الحديث: 624 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 50 625 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ الْعَامِرِيُّ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي وَأَنَا مَعَهُ حِينَ يَذْكُرُنِي، فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَأٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَأٍ خَيْرٍ مِنْهُ، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ شِبْرًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بَاعًا، وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً ". أَخْرِجَاهُ فِي الصَّحِيحِ مِنْ أَوْجُهٍ عَنِ الْأَعْمَشِ الحديث: 625 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 51 626 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ، أنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، نا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ، نا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أنا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ابْنَ آدَمَ، اذْكُرْنِي فِي نَفْسِكَ أَذْكُرْكَ فِي نَفْسِي، فَإِنْ ذَكَرْتَنِي فِي مَلَأٍ ذَكَرْتُكَ فِي مَلَأٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ ـ أَوْ قَالَ مَلَأٍ خَيْرٍ مِنْهُ ـ» . ثُمَّ ذَكَرَ مَا بَعْدَهُ بِمَعْنَى مَا تَقَدَّمَ، زَادَ، قَالَ قَتَادَةُ: «وَاللَّهُ أَسْرَعُ بِالْمَغْفِرَةِ» الحديث: 626 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 51 627 - حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنَ يُوسُفَ الْأَصْبَهَانِيُّ، أنا أَبُو سَعِيدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الْبَصْرِيُّ بِمَكَّةَ، نا الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التَّرْقُفِيُّ، نا أَبُو مُسْهِرٍ عَبْدُ الْأَعْلَى بْنِ مُسْهِرٍ، نا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ: «إِنِّي حَرَّمَتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا فَلَا تَظَّالَمُوا» . وَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصَّاغَانِيِّ عَنْ أَبِي مُسْهِرٍ الحديث: 627 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 52 628 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، نا أَبُو الْفَضْلِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، نا أَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ، نا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، نا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ الْعَبْدِيُّ، نا مِسْعَرٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي رِشْدِينَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ جُوَيْرِيَةَ، " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِهَا حِينَ صَلَّى الْغَدَاةَ ـ أَوْ بَعْدَ مَا صَلَّى الْغَدَاةَ ـ وَهِيَ تَذْكُرُ اللَّهَ، ثُمَّ مَرَّ بِهَا بَعْدَ مَا ارْتَفَعَ النَّهَارُ أَوْ بَعْدَ مَا انْتَصَفَ النَّهَارُ، وَهِيَ كَذَلِكَ، فَقَالَ لَهَا: «لَقَدْ قُلْتُ مُنْذُ وَقَفْتُ عَلَيْكِ كَلِمَاتٍ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ هِيَ أَكْثَرُ أَوْ أَرْجَحُ أَوْ أَوْزَنُ مِمَّا كُنْتِ فِيهِ مُنْذُ الْغَدَاةِ، سُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ خَلْقِهِ، سُبْحَانَ اللَّهِ رِضَى نَفْسِهِ، سُبْحَانَ اللَّهِ زِنَةَ عَرْشِهِ، سُبْحَانَ اللَّهِ مِدَادَ كَلِمَاتِهِ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ وَغَيْرِهِ الحديث: 628 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 52 629 - أَخْبَرَنَا أَبُو سَهْلٍ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرَوَيْهِ الْمَرْوَزِيُّ، أنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ خَنْبٍ، نا أَبُو يَعْقُوبَ إِسْحَاقُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ مَيْمُونٍ الْحَرْبِيُّ، نا الْحَسَنُ يَعْنِي ابْنَ مُوسَى الْأَشْيَبَ، نا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، نا إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ مَرَّةً عَلَى مِنْبَرِهِ: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ} [الزمر: 67] ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «كَذَا يُمَجِّدُ نَفْسَهُ عَزَّ وَجَلَّ، أَنَا الْجَبَّارُ، أَنَا الْعَزِيزُ الْمُتَكَبِّرُ» . فَرَجَفَ بِهِ الْمِنْبَرَ حَتَّى قُلْنَا لَيَخِرَّنَّ بِهِ الْأَرْضَ. قَالَ الشَّيْخُ: وَمَعْنَى قَوْلِ مَنْ قَالَ: اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى إِنَّهُ نَفْسٌ، إِنَّهُ مَوْجُودٌ ثَابِتٌ غَيْرُ مُنْتَفٍ، وَلَا مَعْدُومٍ، وَكُلُّ مَوْجُودٍ نَفْسٌ، وَكُلُّ مَعْدُومٍ لَيْسَ بِنَفْسٍ. وَالنَّفْسُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ عَلَى وُجُوهٍ؛ فَمِنْهَا: نَفْسٌ مَنْفُوسَةٌ مُجَسَّمَةٌ مُرَوَّحَةٌ، وَمِنْهَا: مُجَسَّمَةٌ غَيْرُ مُرَوَّحَةٍ، تَعَالَى اللَّهُ عَنْ هَذَيْنِ عُلُوًّا كَبِيرًا، وَمِنْهَا: نَفْسٌ بِمَعْنَى إِثْبَاتِ الذَّاتِ كَمَا تَقُولُ فِي الْكَلَامِ: هَذَا نَفْسُ الْأَمْرِ، تُرِيدُ إِثْبَاتَ الْأَمْرِ لَا أَنَّ لَهُ نَفْسًا مَنْفُوسَةً أَوْ جِسْمًا مُرَوَّحًا، فَعَلَى هَذَا الْمَعْنَى يُقَالُ فِي اللَّهِ سُبْحَانَهُ إِنَّهُ نَفْسٌ، لَا أَنَّ لَهُ نَفْسًا مَنْفُوسَةً أَوْ جِسْمًا مُرَوَّحًا، وَقَدْ قِيلَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ} [المائدة: 116] أَيْ تَعْلَمُ مَا أُكِنُّهُ وَأُسِرُّهُ وَلَا عِلْمَ لِي بِمَا تَسْتُرُهُ عَنِّي وَتُغَيِّبُهُ، وَمِثْلُ هَذَا قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا رُوِّينَاهُ عَنْهُ «فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ [ص: 54] فِي نَفْسِي» . أَيْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُ بِهِ أَحَدٌ وَلَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ، وَأَمَّا الِاقْتِرَابُ وَالْإِتْيَانُ الْمَذْكُورَانِ فِي الْخَبَرِ فَإِنَّمَا يَعْنِي بِهِمَا إِخْبَارًا عَنْ سُرْعَةِ الْإِجَابَةِ وَالْمَغْفِرَةِ كَمَا رُوِّينَاهُ عَنْ قَتَادَةَ. وَأَمَّا الْغَيْرَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ، فَإِنَّمَا يَعْنِي بِهَا الزَّجْرَ فَقَوْلُهُ: «لَا أَحَدَ أَغْيَرُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى» . يَعْنِي لَا أَحَدَ أَزْجَرُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَاللَّهُ غَيُورٌ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ زَجُورٌ يَزْجُرُ عَنِ الْمَعَاصِي، وَلَا يُحِبُّ دَنِيءَ الْأَفْعَالِ. وَقَدْ رَوَى ذَلِكَ الْحَدِيثَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَعَائِشَةُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ، وَأَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: «لَا أَحَدَ أَغْيَرُ مِنَ اللَّهِ» . وَقَالَ بَعْضُهُمْ: «لَا شَيْءَ أَغْيَرُ مِنَ اللَّهِ» . وَرَوَاهُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ عَنْ وَرَّادٍ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ عَلَى لَفْظٍ لَمْ يُتَابَعْ عَلَيْهِ الحديث: 629 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 53 630 - أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، نا أَحْمَدُ بْنُ النَّضْرِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ، نا أَبُو كَامِلٍ، نا أَبُو عَوَانَةُ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ وَرَّادٍ، كَاتَبِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، عَنِ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ: لَوْ رَأَيْتُ مَعَ امْرَأَتِي رَجُلًا لَضَرَبْتُهُ بِالسَّيْفِ غَيْرَ مُصْفَحٍ. قَالَ: فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «أَتَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَةِ سَعْدٍ؟ فَوَاللَّهِ لَأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ، وَاللَّهُ أَغْيَرُ مِنِّي، وَمِنْ أَجْلِ غَيْرَةِ اللَّهِ حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ [ص: 55] مَا ظَهْرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، وَلَا شَخَصَ أَغْيَرُ مِنَ اللَّهِ، وَلَا شَخَصَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْعُذْرُ مِنَ اللَّهِ، مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ بَعَثَ الْمُرْسَلِينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ، وَلَا شَخَصَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْمَدْحُ مِنَ اللَّهِ، مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ وَعَدَ الْجَنَّةَ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي كَامِلٍ وَعُبَيْدِ اللَّهِ [ص: 56] الْقَوَارِيرِيِّ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِي عَوَانَةَ، وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ مُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ أَبِي عَوَانَةَ دُونَ ذِكْرِ الشَّخْصِ فِيهِ، ثُمَّ قَالَ: وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ «لَا شَخَصَ أَغْيَرُ مِنَ اللَّهِ» . 631 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أنا أَبُو الْعَبَّاسِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحُسَيْنِ، نا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ، نا زَكَرِيَّا بْنُ عَدِيٍّ، نا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ وَرَّادٍ، عَنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ نَحْوَهُ. وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ زَائِدَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ. قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِيمَا بَلَغَنِي عَنْهُ: " إِطْلَاقُ الشَّخْصِ فِي صِفَةِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ غَيْرُ جَائِزٍ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الشَّخْصَ لَا يَكُونُ إِلَّا جِسْمًا مُؤَلَّفًا، وَإِنَّمَا سُمِيَّ شَخْصًا مَا كَانَ لَهُ شُخُوصٌ وَارْتِفَاعٌ، وَمِثْلُ هَذَا النَّعْتِ مَنْفِيُّ عَنِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَخَلِيقٌ أَنْ لَا تَكُونَ هَذِهِ اللَّفْظَةُ صَحِيحَةً، وَأَنْ تَكُونَ تَصْحِيفًا مِنَ الرَّاوِي، وَالشَّيْءُ وَالشَّخْصُ فِي الشَّطْرِ الْأَوَّلِ مِنَ الِاسْمِ سَوَاءٌ، فَمَنْ لَمْ يُنْعِمِ الِاسْتِمَاعَ لَمْ يَأْمَنِ الْوَهْمَ، قَالَ: وَلَيْسَ كُلُّ الرُّوَاةِ يُرَاعُونَ لَفْظَ الْحَدِيثِ حَتَّى لَا يَتَعَدَّوْهُ، بَلْ كَثِيرٌ مِنْهُمْ يُحَدِّثُ عَلَى الْمَعْنَى، وَلَيْسَ كُلُّهُمْ بِفَقِيهٍ ". [ص: 57] وَقَدْ قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ فِي كَلَامٍ لَهُ: نِعْمَ الْمَرْءُ رَبُّنَا لَوْ أطَعنْاهُ مَا عَصَانَا. وَلَفْظُ الْمَرْءِ إِنَّمَا يُطْلَقُ فِي الْمَذْكُورِ مِنَ الْآدَمَيِّينَ، يَقُولُ الْقَائِلُ: الْمَرْءُ بِأَصْغَرَيْهِ، وَالْمَرْءُ مَخْبُوءٌ تَحْتَ لِسَانِهِ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِهِمِ. وَقَائِلُ هَذِهِ الْكَلِمَةِ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الْمَعْنَى الَّذِي لَا يَلِيقُ بِصِفَاتِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ، وَلَكِنَّهُ أَرْسَلَ الْكَلَامَ عَلَى بَدِيهَةِ الطَّبْعِ، مِنْ غَيْرِ تَأَمُّلٍ وَلَا تَنْزِيلٍ لَهُ عَلَى الْمَعْنَى الْأَخْصِ بِهِ، وَحَرِيُّ أَنْ يَكُونَ لَفْظُ الشَّخْصِ إِنَّمَا جَرَى مِنَ الرَّاوِي عَلَى هَذَا السَّبِيلِ إِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ غَلَطًا مِنْ قِبَلِ الصَّحِيفِ. قَالَ الشَّيْخُ: وَلَوْ ثَبَتَتْ هَذِهِ اللَّفْظَةُ لَمْ يَكُنْ فِيهَا مَا يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ شَخْصًا، فَإِنَّمَا قَصَدَ إِثْبَاتَ صِفَةِ الْغَيْرَةِ لِلَّهِ تَعَالَى وَالْمُبَالَغَةَ فِيهِ، وَأَنَّ أَحَدًا مِنَ الْأَشْخَاصِ لَا يَبْلُغُ تَمَامَهَا، وَإِنْ كَانَ غَيُورًا، فَهِيَ مِنَ الْأَشْخَاصِ جِبِلَّةٌ جَبَلَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهَا، فَيَكُونُ كُلُّ شَخْصٍ فِيهَا بِمِقْدَارِ مَا جَبَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ مِنْهَا، وَهِيَ مِنَ اللَّهِ عَلَى طَرِيقِ الزَّجْرِ عَمَّا يَغَارُ عَلَيْهِ. وَقَدْ زَجَرَ عَنِ الْفَوَاحِشِ كُلِّهَا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، وَحَرَّمَهَا، فَهُوَ أَغْيَرُ مِنْ غَيْرِهِ فِيهَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. 632 - وَقَدْ أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَدِيبُ، أَنَا أَبُو بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، رَحِمَهُ اللَّهُ، قَالَ: قَوْلُهُ: «لَا شَخْصَ أَغْيَرُ مِنَ اللَّهِ» . لَيْسَ فِيهِ إِيجَابٌ أَنَّ اللَّهَ شَخْصٌ، وَهَذَا كَمَا رُوِيَ: «مَا خَلَقَ اللَّهُ شَيْئًا أَعْظَمَ مِنْ آيَةِ الْكُرْسِيِّ» . فَلَيْسَ فِيهِ إِثْبَاتُ خَلْقِ آيَةِ الْكُرْسِيِّ، وَلَيْسَ فِيهِ إِلَّا أَنْ لَا خَلْقَ فِي الْعِظَمِ كَآيَةِ الْكُرْسِيِّ، لَا أَنَّ آيَةَ الْكُرْسِيِّ مَخْلُوقَةٌ، وَهَكَذَا يَقُولُ النَّاسُ: مَا فِي النَّاسِ رَجُلٌ يُشْبِهُهَا، وَهُوَ يَذْكُرُ امْرَأَةً فِي خُلُقِهَا أَوْ فَضْلِهَا، لَا أَنَّ الْمَمْدُوحَ بِهِ رَجُلٌ. قَالَ الشَّيْخُ: هَذَا الْأَثَرُ الَّذِي اسْتُشْهِدَ [ص: 58] بِهِ إِنَّمَا يُرْوَى عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَاخْتُلِفَ عَلَيْهِ فِي لَفْظِهِ، وَرُوِيَ عَنْهُ الحديث: 630 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 54 633 - كَمَا أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ، أنا أَبُو مَنْصُورٍ النَّضْرَوِيُّ، نا أَحْمَدُ بْنُ نَجْدَةَ، نا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، نا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، نا عَاصِمُ ابْنُ بَهْدَلَةٍ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ، يَقُولُ: مَا مِنْ سَمَاءٍ وَلَا أَرْضٍ وَلَا سَهْلٍ وَلَا جَبَلٍ أَعْظَمُ مِنْ آيَةِ الْكُرْسِيِّ قَالَ شُتَيْرٌ: وَأَنَا قَدْ سَمِعْتُهُ. قَالَ الشَّيْخُ: فَهَذِهِ الرِّوَايَةُ أَوْضَحُ لِلِاسْتِشْهَادِ بِهَا فِيمَا نَحْنُ فِيهِ، وَأَبْعَدُ مِنْ أَنْ تَكُونَ آيَةُ الْكُرْسِيِّ دَاخِلَةً فِي جُمْلَةِ مَا ذُكِرَ. وَأَمَّا الْأَثَرُ الَّذِي اسْتَشْهَدَ بِهِ الْخَطَّابِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ كَرِهَ قَوْلَ قَائِلِهِ الحديث: 633 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 58 634 - وَذَلِكَ فِيمَا أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، نا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، نا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيُّ، نا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، أنا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ: بَيْنَمَا [ص: 59] عَبْدُ اللَّهِ يَمْدَحُ رَبَّهُ إِذْ قَالَ مِعْضَدٌ: نِعْمَ الْمَرْءُ هُوَ قَالَ: فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: إِنِّي لَأُجِلُّهُ، لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ الحديث: 634 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 58 بَابُ مَا ذُكِرَ فِي الصُّورَةِ الصُّورَةُ هِيَ التَّرْكِيبُ، وَالْمُصَوَّرُ الْمُرَكَّبُ، وَالْمُصَوِّرُ هُوَ الْمُرَكِّبُ. قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ، فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ} [الانفطار: 7] وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْبَارِي تَعَالَى مُصَوَّرًا وَلَا أَنْ يَكُونَ لَهُ صُورَةٌ، لِأَنَّ الصُّورَةَ مُخْتَلِفَةٌ، وَالْهَيْئَاتُ مُتَضَادَةٌ، وَلَا يَجُوزُ اتِّصَافُهُ بِجَمِيعِهَا لِتَضَادِّهَا، وَلَا يَجُوزُ اخْتِصَاصُهُ بِبَعْضِهَا إِلَّا بِمُخَصِّصٍ، لِجَوَازِ جَمِيعِهَا عَلَى مَنْ جَازَ عَلَيْهِ بَعْضُهَا، فَإِذَا اخْتَصَّ بِبَعْضِهَا اقْتَضَى مُخَصِّصًا خَصَّصَهُ بِهِ، وَذَلِكَ يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ مَخْلُوقًا وَهُوَ مُحَالٌ، فَاسْتَحَالَ أَنْ يَكُونَ مُصَوَّرًا، وَهُوَ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ. وَمَعْنَى هَذَا فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي أَيُّوبَ الْأُصُولِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ، الَّذِي كَانَ يَحُثُّنِي عَلَى تَصْنِيفِ هَذَا الْكِتَابِ لِمَا فِي الْأَحَادِيثِ الْمُخْرَجَةِ فِيهِ مِنَ الْعَوْنِ عَلَى مَا كَانَ فِيهِ مِنْ نُصْرَةِ السُّنَّةِ وَقَمْعِ الْبِدْعَةِ، وَلَمْ يَقْدِرْ فِي أَيَّامِ حَيَاتِهِ لِاشْتِغَالِي بِتَخْرِيجِ الْأَحَادِيثِ فِي الْفِقْهِيَّاتِ، عَلَى مَبْسُوطِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ، الَّذِي أَخْرَجْتُهُ عَلَى تَرْتِيبِ مُخْتَصَرِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 60 أَبِي إِبْرَاهِيمَ الْمُزَنِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَلِكُلِّ أَجْلٍ كِتَابٌ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 61 635 - فَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْقَطَّانُ، نا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ السُّلَمِيُّ، نا عَبْدُ الْرَّزَّاقِ، أنا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، قَالَ: هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، 636 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ بِشْرَانَ، أنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، نا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيُّ، نا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أنا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ، طُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا، فَلَمَّا خَلَقَهُ قَالَ: اذْهَبْ فَسَلِّمْ عَلَى أُولَئِكَ النَّفْرِ ـ وَهُمْ نَفَرٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ جُلُوسٌ ـ فَاسْتَمِعْ مَا يُجِيبُونَكَ فَإِنَّهَا تَحِيَّتُكَ وَتَحِيَّةُ ذُرِّيَّتِكَ. قَالَ: فَذَهَبَ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، فَقَالُوا: وَعَلَيْكَ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، فَزَادُوهُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، فَكُلُّ مَنْ يَدْخُلِ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ آدَمَ طُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا، فَلَمْ يَزَلِ الْخَلْقُ يَنْقُصُ بَعْدُ حَتَّى الْآنَ ". فَهَذَا حَدِيثٌ مَخَرَّجٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ. وَقَدْ قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ، قَوْلُهُ: «خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ» الْهَاءُ وَقَعَتْ كِنَايَةً بَيْنَ اسْمَيْنِ ظَاهِرَيْنِ، فَلَمْ تَصْلُحْ أَنْ تُصْرَفَ إِلَى اللَّهِ عَزَّ [ص: 62] وَجَلَّ، لَقِيَامِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِذِي صُورَةٍ سُبْحَانَهُ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ، فَكَانَ مَرْجِعُهَا إِلَى آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَالْمَعْنى أَنَّ ذُرِّيَّةَ آدَمَ إِنَّمَا خُلِقُوا أَطْوَارًا كَانُوا فِي مَبْدَأِ الْخِلْقَةِ نُطْفَةً ثُمَّ عَلَقَةً ثُمَّ مُضْغَةً، ثُمَّ صَارُوا صُوَرًا أَجَنَّةً إِلَى أَنْ تَتِمَّ مُدَّةُ الْحَمْلِ، فَيُولَدُونَ أَطْفَالًا، وَيَنْشَأُونَ صِغَارًا، إِلَى أَنْ يَكْبَرُوا فَتَطُولَ أَجْسَامُهُمْ، يَقُولُ: إِنَّ آدَمَ لَمْ يَكُنْ خَلْقُهُ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ، لَكِنَّهُ، أَوْ لَمَّا تَنَاوَلَتْهُ الْخِلْقَةُ وُجِدَ خَلْقًا تَامًّا، طُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا. قَالَ الشَّيْخُ: فَذَكَرَ الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ رَحِمَهُ اللَّهُ مَعْنَاهُ، وَذَكَرَ مِنْ فَوَائِدِهِ أَنَّ الْحَيَّةَ لَمَّا أُخْرِجَتْ مِنَ الْجَنَّةِ شُوِّهَتْ خِلْقَتُهَا، وَسُلِبَتْ قَوَائِمُهَا، فَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَادَ أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّ آدَمَ كَانَ مَخْلُوقًا عَلَى صُورَتِهِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا بَعْدَ الْخُرُوجِ مِنَ الْجَنَّةَ، لَمْ تُشَوَّهْ صُورَتُهُ، وَلَمْ تُغَيَّرْ خِلْقَتُهُ الحديث: 635 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 61 637 - وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، نا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنِ الْمُثَنَّى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا قَاتَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَجْتَنِبِ الْوَجْهَ، فَإِنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ» . فَهَذَا حَدِيثٌ رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ [ص: 63] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَاتِمٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ، وَرُوِيَ أَيْضًا فِي حَدِيثِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا الحديث: 637 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 62 638 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، نا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ، أنا بِشْرُ بْنُ مُوسَى، نا الْحُمَيْدِيُّ، نا سُفْيَانُ، نا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا ضَرَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَتَجَنَّبِ الْوَجْهَ، فَإِنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ» . قَالَ: وَإِنَّمَا أَرَادَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ: فَإِنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَةِ هَذَا الْمَضْرُوبِ الحديث: 638 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 63 639 - وَهَكَذَا الْمُرَادُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُقْرِئُ، أنا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، نا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ الْقَاضِي، نا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، نا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِذَا ضَرَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَجْتَنِبِ الْوَجْهَ، وَلَا يَقُلْ: قَبَّحَ اللَّهُ وَجْهَكَ، وَوَجْهَ مَنْ أَشْبَهَ وَجْهَكَ، فَإِنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ ". قَالَ: وَذَهَبَ بَعْضُ أَهْلِ النَّظَرِ إِلَى أَنَّ الصُّوَرَ كُلَّهَا لِلَّهِ تَعَالَى عَلَى مَعْنَى الْمِلْكِ وَالْفِعْلِ، ثُمَّ وَرَدَ التَّخْصِيصُ فِي بَعْضِهَا [ص: 64] بِالْإِضَافَةِ تَشْرِيفًا وَتَكْرِيمًا، كَمَا يُقَالُ: نَاقَةُ اللَّهِ، وَبَيْتُ اللَّهِ، وَمَسْجِدُ اللَّهِ، وَعَبَّرَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ سُبْحَانَهُ ابْتَدَأَ صُورَةَ آدَمَ لَا عَلَى مِثَالٍ سَبَقَ، ثُمَّ اخْتَرَعَ مَنْ بَعْدَهُ عَلَى مِثَالِهِ، فَخُصَّ بِالْإِضَافَةِ وَاللَّهُ وَأَعْلَمُ الحديث: 639 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 63 640 - وَعَلَى هَذَا حَمَّلُوا مَا فِي الْحَدِيثِ الَّذِي أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ، أنا أَبُو عَمْرِو بْنُ مَطَرٍ، أنا مَحْمُودُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْوَاسِطِيُّ، نا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، نا جَرِيرٌ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تُقَبِّحُوا الْوَجْهَ؛ فَإِنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَةِ الرَّحْمَنِ» . وَيُحْتَمَلُ أَنْ [ص: 65] يَكُونَ لَفْظُ الْخَبَرِ فِي الْأَصْلِ كَمَا رُوِّينَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَأَدَّاهُ بَعْضُ الرُّوَاةِ عَلَى مَا وَقَعَ فِي قَلْبِهِ مِنْ مَعْنَاهُ الحديث: 640 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 64 641 - وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي أنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي أَبُو النَّضْرِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ الْفَقِيهُ، نا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، نا أَبُو الْيَمَانِ، أنا شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَعَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ اللَّيْثِيُّ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، أَخْبَرَهُمَا أَنَّ النَّاسَ قَالُوا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ قَالَ: «هَلْ تُمَارُونَ في الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ لَيْسَ دُونَهُ سَحَابٌ؟» قَالُوا: لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: «فَهَلْ تُمَارُونَ الشَّمْسَ لَيْسَ دُونَهَا سَحَابٌ؟» قَالُوا: لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: " فَإِنَّكُمْ تَرَوْنَهُ كَذَلِكَ، يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُقَالُ: مَنْ كَانَ يَعْبُدُ شَيْئًا فَلْيَتَّبِعْهُ؛ فَمِنْهُمْ مَنْ يَتْبَعُ الشَّمْسَ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَتْبَعُ الْقَمَرَ، وَمِنْهُمْ مِنْ يَتْبَعُ الطَّوَاغِيتَ، وَتَبْقَى هَذِهِ الْأُمَّةُ فِيهَا مُنَافِقُوهَا فَيَأْتِيهِمُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي غَيْرِ صُورَتِهِ الَّتِي يَعْرِفُونَ، فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ. فَيَقُولُونَ: نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ، هَذَا مَكَانُنَا حَتَّى يَأْتِيَنَا رَبُّنَا، فَإِذَا جَاءَ رَبُّنَا عَرَفْنَاهُ. فَيَأْتِيهِمُ [ص: 67] اللَّهُ فِي صُورَتِهِ الَّتِي يَعْرِفُونَ، فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ. فَيَقُولُونَ: أَنْتَ رَبُّنَا، وَيَدْعُوهُمُ وَيُضْرَبُ الصِّرَاطُ بَيْنَ ظَهْرَيْ جَهَنَّمَ، فَأَكُونُ أَوَّلُ مَنْ يُجِيزُ بِأُمَّتِي مِنَ الرُّسُلِ، وَلَا يَتَكَلَّمُ يَوْمَئِذٍ أَحَدٌ إِلَّا الرُّسُلُ، وَدَعْوَى الرُّسُلِ يَوْمَئِذٍ: اللَّهُمَّ سَلِّمَ سَلِّمْ. وَفِي جَهَنَّمَ كَلَالِيبٌ مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ، هَلْ رَأَيْتُمْ شَوْكَ السَّعْدَانِ؟ " قَالُوا: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: " فَإِنَّهَا مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ قَدْرَ عِظَمِهَا إِلَّا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، تَخْطَفُ النَّاسَ بِأَعْمَالِهِمْ، فَمِنْهُمْ مَنْ يُوثَقُ بِعَمَلِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُخَرْدَلُ ثُمَّ يَنْجُو، حَتَّى إِذَا أَرَادَ رَحْمَةً مَنْ أَرَادَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، أَمَرَ الْمَلَائِكَةَ أَنْ أَخْرِجُوا مَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ، فَيُخْرِجُونَهُمْ وَيَعْرِفُونَهُمْ بِأَثَرِ السُّجُودِ، وَحَرَّمَ اللَّهُ عَلَى النَّارِ أَنْ تَأْكُلَ أَثَرَ السُّجُودِ فَيَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ قَدِ امْتُحِشُوا، فَيُصَبُّ عَلَيْهِمْ مَاءُ الْحَيَاةِ فَيَنْبُتُونَ كَمَا تَنْبُتُ الْحَبَّةُ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ، ثُمَّ يَفْرَغُ اللَّهُ مِنَ الْقَضَاءِ بَيْنَ الْعِبَادِ، وَيَبْقَى رَجُلٌ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، فَهُوَ آخِرُ أَهْلِ الْجَنَّةِ دُخُولًا الْجَنَّةَ، مُقْبِلٌ بِوَجْهِهِ إِلَى النَّارِ يَقُولُ: يَا رَبِّ اصْرِفْ وَجْهِي عَنِ النَّارِ، فَإِنَّهُ قَدْ قَشَبَنِي رِيحُهَا، وَأَحْرَقَنِي ذَكَاؤُهَا. فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: فَهَلْ عَسَيْتَ إِنْ فَعَلْتُ ذَلِكَ بِكَ أَنْ تَسْأَلَ غَيْرَ ذَلِكَ؟ فَيَقُولُ: لَا وَعِزَّتِكَ. فَيُعْطِي رَبَّهُ مَا شَاءَ مِنْ عَهْدٍ وَمِيثَاقٍ، فَيَصْرِفُ اللَّهُ وَجْهَهُ [ص: 68] عَنِ النَّارِ، فَإِذَا أَقْبَلَ بِوَجْهِهِ عَلَى الْجَنَّةِ فَرَأَى بَهْجَتَهَا فَيَسْكُتُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَسْكُتَ، ثُمَّ قَالَ: يَا رَبِّ قَدِّمْنِي عِنْدَ بَابِ الْجَنَّةِ، فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ: أَلَيْسَ قَدْ أَعْطَيْتَ الْعُهُودَ وَالْمَوَاثِيقَ أَلَّا تَسْأَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنْتَ سَأَلْتَ؟ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ لَا أَكُونُ أَشْقَى خَلْقِكَ فَيَقُولُ: هَلْ عَسَيْتَ إِنْ أُعْطِيتَ ذَلِكَ أَلَّا تَسْأَلَ غَيْرَهُ؟ فَيَقُولُ: لَا وَعِزَّتِكَ لَا أَسْأَلُكُ غَيْرَ ذَلِكَ، فَيُعْطِي رَبَّهُ مَا شَاءَ مِنْ عَهْدٍ وَمِيثَاقٍ، فَيُقَدِّمُهُ إِلَى بَابَ الْجَنَّةِ، فَإِذَا بَلَغَ بَابَهَا انْفَهَقَتْ لَهُ فَرَأَى زَهْرَتَهَا وَمَا فِيهَا مِنَ النَّضْرَةِ وَالسُّرُورِ، فَيَسْكُتُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَسْكُتَ، ثُمَّ يَقُولُ: يَا رَبِّ أَدْخِلْنِي الْجَنَّةَ، فَيَقُولُ: يَا ابْنَ آدَمَ مَا أَغْدَرَكَ أَوَ لَيْسَ قَدْ أَعْطَيْتَ الْعُهُودَ وَالْمَوَاثِيقَ أَلَّا تَسْأَلَ غَيْرَ الَّذِي أُعْطِيتَ. فَيَقُولُ: يَا رَبِّ لَا تَجْعَلْنِي أَشْقَى خَلْقِكَ. فَيَضْحَكُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مِنْهُ، ثُمَّ يَأْذَنُ لَهُ فِي دُخُولِ الْجَنَّةِ فَيَقُولُ لَهُ: تَمَنَّ. فَيَتَمَنَّى حَتَّى إِذَا انْقُطِعَ بِهِ، قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: مِنْ كَذَا وَكَذَا فَسَلْ، يُذَكِّرُهُ رَبُّهُ، حَتَّى إِذَا انْتَهَتْ بِهِ الْأَمَانِيُّ، قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: لَكَ ذَلِكَ وَمِثْلُهُ مَعَهُ ". قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ لِأَبِي هُرَيْرَةَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ قَالَ: «لَكَ ذَلِكَ وَعَشْرَةُ أَمْثَالِهِ» . قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: لَمْ أَحْفَظْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا قَوْلَهُ: «لَكَ ذَلِكَ وَمِثْلُهُ مَعَهُ» . قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: أَشْهَدُ أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «ذَلِكَ وَعَشْرَةُ أَمْثَالِهِ» . فَهَذَا حَدِيثٌ قَدْ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي الْيَمَانِ دُونَ ذِكْرِ الصُّورَةِ، ثُمَّ أَخْرَجَهُ مِنْ حَدِيثِ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ، وَفِيهِ ذِكْرُ الصُّورَةِ وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَرَوَاهُ مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِيِّ عَنْ أَبِي الْيَمَانِ نَحْوَ حَدِيثِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ وَفِيهِ ذِكْرُ الصُّورَةِ، وَأَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، إِلَّا أَنَّ فِي حَدِيثَهُ: «فِي أَدْنَى صُورَةٍ مِنَ الَّتِي رَأَوْهُ فِيهَا» . وَقَدْ تَكَلَّمَ الشَّيْخُ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي تَفْسِيرِ هَذَا الْحَدِيثِ وَتَأْوِيلِهِ بِمَا فِيهِ الْكِفَايَةُ، فَقَالَ: «قَوْلُهُ» هَلْ تُمَارُونَ «. مِنَ الْمِرْيَةِ وَهِيَ الشَّكُّ فِي الشَّيْءِ وَالِاخْتِلَافُ [ص: 69] فِيهِ، وَأَصْلُهُ تَتَمَارَوْنَ، فَأُسْقِطَ إِحْدَى التَّاءَيْنِ» . وَأَمَّا قَوْلُهُ: «فَيَأْتِيهِمُ اللَّهُ» إِلَى تَمَامِ الْفَصْلِ فَإِنَّ هَذَا مَوْضِعٌ يَحْتَاجُ الْكَلَامُ فِيهِ إِلَى تَأْوِيلٍ وَتَخْرِيجٍ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ أَجْلِ أَنَّنَا نُنْكِرُ رُؤْيَةَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ، بَلْ نُثْبِتُهَا، وَلَا مِنْ أَجْلِ أَنَّا نَدْفَعُ مَا جَاءَ فِي الْكِتَابِ وَفِي أَخْبَارِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ ذَلِكَ الْمَجِيءِ وَالْإِتْيَانِ، غَيْرَ أَنَّا لَا نُكَيِّفُ ذَلِكَ وَلَا نَجْعَلُهُ حَرَكَةً وَانْتِقَالًا كَمَجِيءِ الْأَشْخَاصِ وَإِتْيَانِهَا، فَإِنَّ غَيْرَ ذَلِكَ مِنْ نُعُوتِ الْحَدَثِ، وَتَعَالَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ عُلُوًّا كَبِيرًا. وَيَجِبُ أَنْ تَعْلَمَ أَنَّ الرُّؤْيَةَ الَّتِي هِيَ ثَوَابٌ لِلْأَوْلِيَاءِ وَكَرَامَةٌ لَهُمْ فِي الْجَنَّةِ غَيْرُ هَذِهِ الرُّؤْيَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي مَقَامِهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ صُهَيْبٍ فِي الرُّؤْيَةِ بَعْدَ دُخُولِهِمُ الْجَنَّةَ، وَإِنَّمَا تَعرِيضُهُمْ لِهَذِهِ الرُّؤْيَةِ امْتِحَانٌ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَهُمْ، يَقَعُ بِهَا التَّمْيِيزُ بَيْنَ مَنْ عَبَدَ اللَّهَ وَبَيْنَ مَنْ عَبْدَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالطَّوَاغِيتَ، فَيَتَّبِعُ كُلٌّ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ مَعْبُودَهُ، وَلَيْسَ نُنْكِرُ أَنْ يَكُونَ الِامْتِحَانُ إِذْ ذَاكَ يُعَدُّ قَائِمًا، وَحُكْمُهُ عَلَى الْخَلْقِ جَارِيًا، حَتَّى يَفْرَغَ مِنَ الْحِسَابِ وَيَقَعَ الْجَزَاءُ بِمَا يَسْتَحِقُّونَهُ مِنَ الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ، ثُمَّ يَنْقَطِعَ إِذَا حُقَّتِ الْحَقَائِقُ، وَاسْتَقَرَّتْ أُمُورُ الْعِبَادِ قَرَارَهَا. أَلَا تَرَى قَوْلَهُ: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ} [القلم: 42] فَامْتُحِنُوا هُنَاكَ بِالسُّجُودِ. وَجَاءَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ يَسْجُدُونَ وَتَبْقَى ظُهُورُ الْمُنَافِقِينَ طَبَقًا وَاحِدًا. قَالَ: وَتَخْرِيجُ مَعْنَى إِتْيَانِ اللَّهِ فِي هَذَا إِيَّاهُمْ أَنَّهُ يُشْهِدُهُمْ رُؤْيَتَهُ لِيُثْبِتُوهُ فَتَكُونَ مَعْرِفَتُهُمْ لَهُ فِي الْآخِرَةِ عَيَانًا كَمَا كَانَ اعْتِرَافُهُمْ بِرُؤْيَتِهِ فِي الدُّنْيَا عِلْمًا وَاسْتِدْلَالًا، وَيَكُونَ طُرُوءُ الرُّؤْيَةِ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ بِمَنْزِلَةِ إِتْيَانِ الْآتِي مِنْ حَيْثُ لَمْ يَكُونُوا شَاهَدُوهُ فِيهِ. قِيلَ: وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، إِنَّمَا حَجَبَهُمْ عَنْ تَحْقِيقِ الرُّؤْيَةِ فِي الْكَرَّةِ الْأُولَى حَتَّى قَالُوا: «هَذَا مَكَانُنَا حَتَّى يَأْتِيَنَا رَبُّنَا» ، مِنْ أَجْلِ مَنْ مَعَهُمْ مِنَ الْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ لَا يَسْتَحِقُّونَ الرُّؤْيَةَ، وَهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ مَحْجُوبُونَ، فَلَمَّا تَمَيَّزُوا عَنْهُمُ ارْتَفَعَ الْحِجَابُ فَقَالُوا عِنْدَ مَا رَأَوْهُ: «أَنْتَ رَبُّنَا» . وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ قَوْلَ الْمُنَافِقِينَ دُونَ الْمُؤْمِنِينَ. قَالَ: وَأَمَّا ذِكْرُ الصُّورَةِ [ص: 70] فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ فَإِنَّ الَّذِي يَجِبُ عَلَيْنَا وَعَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يَعْلَمَهُ: أَنَّ رَبَّنَا لَيْسَ بِذِي صُورَةٍ وَلَا هَيْئَةٍ، فَإِنَّ الصُّورَةَ تَقْتَضِي الْكَيْفِيَّةَ وَهِيَ عَنِ اللَّهِ وَعَنْ صِفَاتِهِ مَنْفِيَّةٌ، وَقَدْ يُتَأَوَّلُ مَعْنَاهَا عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ تَكُونَ الصُّورَةُ بِمَعْنَى الصِّفَةِ، كَقَوْلِ الْقَائِلِ: صُورَةُ هَذَا الْأَمْرِ كَذَا وَكَذَا، يُرِيدُ صِفَتَهُ فَتُوضَعُ الصُّورَةُ مَوْضِعَ الصِّفَةِ. وَالْوَجْهُ الْآخَرُ: أَنَّ الْمَذْكُورَ مِنَ الْمَعْبُودَاتِ فِي أَوَّلِ الْحَدِيثِ إِنَّمَا هِيَ صُوَرٌ وَأَجْسَامٌ كَالشَّمسِ وَالْقَمَرِ وَالطَّوَاغِيتِ وَنَحْوِهِمَا، ثُمَّ لَمَّا عَطَفَ عَلَيْهَا ذِكْرُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ خَرْجَ الْكَلَامُ فِيهِ عَلَى نَوْعٍ مِنَ الْمُطَابَقَةِ فَقِيلَ: يَأْتِيهِمُ اللَّهُ فِي صُورَةِ كَذَا إِذْ كَانَتِ الْمَذْكُورَاتُ قَبْلَهُ صُوَرًا وَأَجْسَامًا، وَقَدْ يُحْمَلُ آخِرُ الْكَلَامِ عَلَى أَوَّلِهِ فِي اللَّفْظِ وَيُعْطَفُ بِأَحَدِ الِاسْمَيْنِ عَلَى الْآخَرِ. وَالْمَعْنَيَانِ مُتَبَايِنَانِ وَهُوَ كَثِيرٌ فِي كَلَامِهِمْ، كَالْعُمَرَيْنِ وَالْأَسْوَدَيْنِ وَالْعَصْرَيْنِ، وَمِثْلُهُ فِي الْكَلَامِ كَثِيرٌ. وَمِمَّا يُؤَكِّدُ التَّأْوِيلَ الْأَوَّلَ هُوَ أَنَّ مَعْنَى الصُّورَةِ الصِّفَةُ، قَوْلُهُ مِنْ رِوَايَةِ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ: «فَيَأْتِيهِمُ اللَّهُ فِي أَدْنَى صُورَةٍ مِنَ الَّتِي رَأَوْهُ فِيهَا» . وَهُمْ لَمْ يَكُونُوا رَأَوْهُ قَطُّ قَبْلَ ذَلِكَ، فَعَلِمْتُ أَنَّ الْمَعْنَى فِي ذَلِكَ الصِّفَةُ الَّتِي عَرَفُوهُ بِهَا، وَقَدْ تَكُونُ الرُّؤْيَةُ بِمَعْنَى الْعِلْمِ، كَقَوْلِهِ {وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا} [البقرة: 128] أَيْ: عَلِّمْنَا. قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: «وَمِنَ الْوَاجِبِ فِي هَذَا الْبَابِ أَنْ نَعْلَمَ أَنَّ مِثْلَ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ الَّتِي تَسْتَشْنِعُهَا النُّفُوسُ إِنَّمَا خَرَجَتْ عَلَى سَعَةِ مَجَالِ كَلَامِ الْعَرَبِ وَمَصَارِفِ لُغَاتِهَا، وَأَنَّ مَذْهَبَ كَثِيرٍ [ص: 71] مِنَ الصَّحَابَةِ وَأَكْثَرِ الرُّوَاةِ مِنْ أَهْلِ النَّقْلِ الِاجْتِهَادُ فِي أَدَاءِ الْمَعْنَى دُونَ مُرَاعَاةِ أَعْيَانِ الْأَلْفَاظِ، وَكُلٌّ مِنْهُمْ يَرْوِيهِ عَلَى حَسْبِ مَعْرِفَتِهِ وَمِقْدَارِ فَهْمِهِ وَعَادَةِ الْبَيَانِ مِنْ لُغَتِهِ، وَعَلَى أَهْلِ الْعِلْمِ أَنْ يَلْزَمُوا أَحْسَنَ الظَّنِّ بِهِمْ، وَأَنْ يُحْسِنُوا التَّأَنِّي لِمَعْرِفَةِ مَعَانِي مَا رَوَوْهُ، وَأَنْ يُنْزِلُوا كُلَّ شَيْءٍ مِنْهُ مَنْزِلَةَ مِثْلِهِ، فِيمَا تَقْتَضِيهِ أَحْكَامُ الدِّينِ وَمَعْانِيهَا، عَلَى أَنَّكَ لَا تَجِدُ بِحَمْدِ اللَّهِ وَمَنِّهِ شَيْئًا صَحَّتْ بِهِ الرِّوَايَةُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا وَلَهُ تَأْوِيلٌ يَحْتَمِلُهُ وَجْهُ الْكَلَامِ وَمَعْنًى لَا يَسْتَحِيلُ فِي عَقْلٍ أَوْ مَعْرِفَةٍ» الحديث: 641 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 66 642 - أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أنا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، نا أَبُو الْوَلِيدِ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْبَخْتَرِيِّ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَكَرَّمَ وَجْهَهُ أَنَّهُ قَالَ: إِذَا حُدِّثْتُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثًا فَظُنُّوا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْيَأَهُ وَأَهْدَاهُ الحديث: 642 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 71 643 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ، أنا أَبُو الْحَسَنِ الْمِصْرِيُّ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، نا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، نا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، سَمِعَ مِسْعَرَ بْنَ كِدَامٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عَلِيٍّ، وَمُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ، عَنْ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّهُمَا قَالَا: إِذَا حُدِّثْتُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثًا فَظُنُّوا بِهِ الَّذِي هُوَ أَهْيَأُ وَأَهْدَى وَأَتْقَى " قَالَ الشَّيْخُ: وَأَمَّا الضَّحِكُ الْمَذْكُورُ فِي الْخَبَرِ فَقَدْ رَوَى الْفِرَبْرِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ قَالَ: «مَعْنَى الضَّحِكِ فِيهِ الرَّحْمَةُ» . وَنَحْنُ نَبْسُطَ الْكَلَامَ فِيهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عِنْدَ ذِكْرِ صِفَاتِ الْفِعْلِ الحديث: 643 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 72 644 - وَأَمَّا الصُّورَةُ الْمُذْكُورَةُ فِيمَا أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو سَعِيدٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى قَالَا: نا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أنا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ مَزِيدٍ [ص: 73] الْبَيْرُوتِيُّ، أَخْبَرَنِي أَبِي، نا ابْنُ جَابِرٍ، قَالَ: ونَا الْأَوْزَاعِيُّ أَيْضًا قَالَا، ثنا خَالِدُ بْنُ اللَّجْلَاجِ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَائِشِ الْحَضْرَمِيَّ، يَقُولُ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ غَدَاةٍ فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ: مَا رَأَيْتُكَ أَصْفَرَ وَجْهًا مِنْكَ الْغَدَاةَ. فَقَالَ: " مَا لِي وَقَدْ تَبَدَّى لِي رَبِّي فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ، فَقَالَ: فِيمَ يَخْتَصِمُ الْمَلَأُ الْأَعْلَى يَا مُحَمَّدُ؟ قَالَ: قُلْتُ: أَنْتَ أَعْلَمُ أَيْ رَبِّ. قَالَ: فِيمَ يَخْتَصِمُ الْمَلَأُ الْأَعْلَى يَا مُحَمَّدُ؟ قُلْتُ: أَنْتَ أَعْلَمُ أَيْ رَبِّ. فَوَضَعَ كَفَّهُ بَيْنَ كَتِفَيَّ فَوَجَدْتُ بَرْدَهَا بَيْنَ ثَدْيَيَّ، فَعَلِمْتُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ. وَتَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: {وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ} [الأنعام: 75] . قَالَ: فِيمَ يَخْتَصِمُ الْمَلَأُ الْأَعْلَى يَا مُحَمَّدُ؟ قُلْتُ: فِي الْكَفَّارَاتِ رَبِّ. قَالَ: وَمَا هُنَّ؟ قُلْتُ: الْمَشْيُ عَلَى الْأَقْدَامِ إِلَى الْجَمَاعَاتِ، وَالْجُلُوسُ فِي الْمَسَاجِدِ خِلَافَ الصَّلَوَاتِ، وَإِبْلَاغُ الْوَضُوءِ أَمَاكِنَهُ فِي الْمَكَارِهِ. قَالَ: مَنْ يَفْعَلْ يَعِشْ بِخَيْرٍ وَيَمُتْ بِخَيْرٍ، وَيَكُنْ مِنْ خَطِيئَتِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ، وَمِنَ الدَّرَجَاتِ إِطْعَامُ الطَّعَامِ وَبَذْلُ السَّلَامِ وَأَنْ تَقُومَ بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ، سَلْ تُعْطَهْ. قُلْتُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الطَّيِّبَاتِ، وَتَرْكَ [ص: 74] الْمُنْكَرَاتِ، وَحُبَّ الْمَسَاكِينِ، وَأَنْ تَتُوبَ عَلَيَّ، وَإِذَا أَرَدْتَ فِتْنَةً بِقَوْمٍ فَتَوَفَّنِي غَيْرَ مَفْتُونٍ. فَتَعْلَمُوهُنَ فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهُنَّ لَحَقٌ ". فَهَذَا حَدِيثٌ مُخْتَلَفٌ فِي إِسْنَادِهِ فَرُوِيَ هَكَذَا، وَرَوَاهُ زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ اللَّجْلَاجِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَائِشٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَرَوَاهُ جَهْضَمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ سَلَّامٍ عَنْ أَبِي سَلَّامٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَائِشٍ الْحَضْرَمِيِّ عَنْ مَالِكِ بْنِ يَخَامِرَ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَرَوَاهُ مُوسَى بْنُ خَلَفٍ الْعَمِّيُّ عَنْ يَحْيَى عَنْ زَيْدٍ، عَنْ جَدِّهِ مَمْطُورٍ، وَهُوَ أَبُو سَلَّامٍ، عَنِ ابْنِ السَّكْسَكِيِّ عَنْ مَالِكِ بْنِ يَخَامِرَ وَقِيلَ فِيهِ غَيْرُ ذَلِكَ. وَرَوَاهُ أَيُّوبُ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَالَ فِيهِ: أَحْسَبُهُ يَعْنِي: فِي الْمَنَامِ. وَرَوَاهُ قَتَادَةُ يَعْنِي عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ خَالِدِ بْنِ اللَّجْلَاجِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ [ص: 79] 645 - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْفَارِسِيُّ، أَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَصْبَهَانِيُّ، نا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ فَارِسٍ، نا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ، قَالَ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَائِشٍ الْحَضْرَمِيُّ لَهُ حَدِيثٌ وَاحِدٌ إِلَّا أَنَّهُمْ يَضْطَرِبُونَ فِيهِ، وَهُوَ حَدِيثُ الرُّؤْيَةِ. قَالَ الشَّيْخُ: وَقَدْ رُوِيَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، وَكُلُّهَا ضَعِيفٌ، وَأَحْسَنُ طَرِيقٍ فِيهِ رِوَايَةُ جَهْضَمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ثُمَّ رِوَايَةُ مُوسَى بْنِ خَلَفٍ وَفِيهِمَا مَا دَلَّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي النَّوْمِ. ثُمَّ تَأْوِيلُهُ عِنْدَ أَهْلِ النَّظَرِ عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ: وَأَنَا فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ، كَأَنَّهُ زَادَهُ كَمَالًا وَحُسْنًا وَجَمَالًا عِنْدَ رُؤْيَتِهِ، وَإِنَّمَا التَّغَيُّرُ وَقَعَ بَعْدَهُ لِشِدَّةِ الْوَحْيِ وَثِقَلِهِ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ بِمَعْنَى الصِّفَةِ وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ تَلَقَّاهُ بِالْإِكْرَامِ وَالْإِجْمَالِ، فَوَصَفَهُ [ص: 80] بِالْجَمَالِ، وَقَدْ يُقَالُ فِي صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى إِنَّهٌ جَمِيلٌ، وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ مُجْمِلٌ فِي أَفْعَالِهِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: «فَوَضَعَ كَفَّهُ بَيْنَ كَتِفَيَّ» . فَكَذَا فِي رِوَايَتِنَا، وَفِي رِوَايَةِ بَعْضِهِمْ: «يَدَهُ» . وَتَأْوِيلُهُ عِنْدَ أَهْلِ النَّظَرِ إِكْرَامُ اللَّهِ إِيَّاهُ وَإِنْعَامُهُ عَلَيْهِ، حَتَّى وَجَدَ بَرَدَ النِّعْمَةِ ـ يَعْنِي رُوحَهَا ـ وَأَثَرَهَا فِي قَلْبِهِ، فَعَلِمَ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، وَقَدْ يَكُونُ الْمُرَادُ بِالْيَدِ الصِّفَةَ، وَيَكُونُ الْمُرَادُ بِالْوَضْعِ تَعَلُّقَ تِلْكَ الصِّفَةِ بِمَا وَجَدَ مِنْ زِيَادَةِ الْعِلْمِ كَتَعَلُّقِ الْيَدِ الَّتِي هِيَ صِفَةٌ لِخَلْقِ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، تَعَلَّقِ الصِّفَةِ بِمُقْتَضَاهَا لَا عَلَى مَعْنَى الْمُبَاشَرَةِ، فَإِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنَّ فَيَكُونُ، لَا تَجُوزُ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى صِفَاتِهِ الَّتِي هِيَ مِنْ صِفَاتِ ذَاتِهِ مُمَاسَّةٌ أَوْ مُبَاشَرَةٌ، تَعَالَى اللَّهُ عَزَّ اسْمُهُ عَنْ شَبِهِ الْمَخْلُوقِينَ عُلُّوًا كَبِيرًا. وَفِي ثُبُوتِ هَذَا الْحَدِيثِ نَظَرٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ الحديث: 644 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 72 بَابُ مَا جَاءَ فِي إِثْبَاتِ الْوَجْهِ صِفَةً لَا مِنْ حَيْثُ الصُّورَةِ لِوُرُودِ خَبَرِ الصَّادِقِ بِهِ مَا جَاءَ فِي إِثْبَاتِ الْوَجْهِ صِفَةً لَا مِنْ حَيْثُ الصُّورَةِ لِوُرُودِ خَبَرِ الصَّادِقِ بِهِ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} [الرحمن: 27] ، وَقَالَ: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} [القصص: 88] ، وَقَالَ: {وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ} [الروم: 39] ، وَقَالَ: {إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ} [الإنسان: 9] ، وَقَالَ: {وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ} [الرعد: 22] ، وَقَالَ: {إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى} [الليل: 20] ، وَقَالَ: {يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} [الأنعام: 52] . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 81 646 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ الْأَصْبَهَانِيُّ، أنا أَبُو سَعِيدِ بْنُ الْأَعْرَابِيِّ، نا سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ، نا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: لَمَّا نَزَلَ [ص: 82] عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ} [الأنعام: 65] قَالَ: «أَعُوذُ بِوَجْهِكَ» . {أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ} [الأنعام: 65] . قَالَ: «أَعُوذُ بِوَجْهِكَ» . {أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ} [الأنعام: 65] . قَالَ «هَاتَانِ أَهْوَنُ وَأَيْسَرُ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَلِيٍّ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ الحديث: 646 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 81 647 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ دَاوُدَ الْعَلَوِيِّ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الشَّرْقِيِّ، نا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، نا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ} [الأنعام: 65] قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَعُوذُ بِوَجْهِكَ» . {أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ} [الأنعام: 65] . قَالَ: «أَعُوذُ بِوَجْهِكَ» . {أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ} [الأنعام: 65] . قَالَ: «هَذَا أَهْوَنُ - أَوْ هَذَا أَيْسَرُ -» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي النُّعْمَانِ وَقُتَيْبَةَ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ الحديث: 647 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 82 648 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُقْرِئُ، أنا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ الْإِسْفَرَايِينِيُّ، نا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ الْقَاضِي، نا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، نا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ، نا أَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي مُوسَى، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ [ص: 83] رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " جَنَّتَانِ مِنْ فِضَّةٍ آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا، وَجَنَّتَانِ مِنْ ذَهَبَ: آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا، وَمَا بَيْنَ الْقَوْمِ وَبَيْنَ أَنْ يَنْظُرُوا إِلَى رَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا رِدَاءُ الْكِبْرِيَاءِ عَلَى وَجْهِهِ فِي جَنَّةِ عَدْنٍ ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ نَصْرِ بْنِ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيِّ، وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ وَغَيْرِهِ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ الصَّمَدِ. قَالَ الشَّيْخُ: قَوْلُهُ: «رِدَاءُ الْكِبْرِيَاءِ» . يُرِيدُ بِهِ صِفَةَ الْكِبْرِيَاءِ. فَهُوَ بِكِبْرِيَائِهِ وَعَظَمَتِهِ لَا يُرِيدُ أَنْ يَرَاهُ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِهِ بَعْدَ رُؤْيَةِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، حَتَّى يَأْذَنَ لَهُمْ بِدُخُولِ جَنَّةِ عَدْنٍ، فَإِذَا دَخَلُوهَا أَرَادَ أَنْ يَرَوْهَ فَيَرَوْهُ وَهُمْ فِي جَنَّةِ عَدْنٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ الحديث: 648 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 82 649 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الرَّزَازُ بِبَغْدَادَ، أنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الشَّافِعِيُّ، نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْهَيْثَمِ، نا الْقَعْنَبِيُّ، نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ اَبِن شِهَابٍ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ، عَنْ عِتْبَانَ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَى النَّارِ أَنْ تَأْكُلَ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَبْتَغِي بِهِ وَجْهَ اللَّهِ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنِ الْقَعْنَبِيِّ الحديث: 649 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 83 650 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ فُورَكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، نا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، نا أَبُو دَاوُدَ، نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ وَغَيْرُهُمَا، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: مَرِضْتُ مَرَضًا شَدِيدًا أُشْفِيتُ مِنْهُ، فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أُخَلَّفُ دُونَ هِجْرَتِي. قَالَ: «إِنَّكَ لَنْ تُخَلَّفَ بَعْدِي فَتَعْمَلَ عَمَلًا تَبْتَغِي بِهِ وَجْهَ اللَّهِ إِلَّا ازْدَدْتَ بِهِ رِفْعَةً وَدَرَجَةً، وَلَعَلَّكَ إِنْ تُخَلَّفَ حَتَّى يَنْتَفِعَ بِكَ قَوْمٌ وَيُضَرَّ بِكَ آخَرُونَ، اللَّهُمَّ أمْضِ لِأَصْحَابِي هِجْرَتَهُمْ، وَلَا تَرُدَّهُمْ عَلَى أَعْقَابِهِمْ، لَكِنِ الْبَائِسُ سَعْدُ بْنُ خَوْلَةَ كَانَ يَرْثِي لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ مَاتَ بِمَكَّةَ» . وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى عَنْ إِبْرَاهِيمَ الحديث: 650 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 84 651 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، نا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيُّ، نا حَسَنُ بْنُ مُوسَى الْأَشْيَبُ، نا حَمَّادٌ، عَنْ عُثْمَانَ الْبَتِّيِّ، عَنْ نُعَيْمِ [ص: 85] بْنِ أَبِي هِنْدَ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: أَسْنَدْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى صَدْرِي فَقَالَ: «مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ خُتِمَ لَهُ بِهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَمَنْ صَلَّى صَلَاةً ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ خُتِمَ لَهُ بِهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَمَنْ صَامَ يَوْمًا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ خُتِمَ لَهُ بِهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَمَنْ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ خُتِمَ لَهُ بِهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ» الحديث: 651 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 84 652 - وَقَدْ قِيلَ عَنْ نُعَيْمٍ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ. حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّرَّاجُ، أنا أَبُو مُحَمَّدٍ يَحْيَى بْنُ مَنْصُورٍ الْقَاضِي، نا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ بْنِ يَحْيَى، أنا أَبُو عُمَرَ الْحَوْضِيُّ، نا الْحَسَنُ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، نا [ص: 86] مُحَمَّدُ بْنُ جُحَادَةَ، عَنْ نُعَيْمِ بْنِ أَبِي هِنْدَ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «يَا حُذَيْفَةُ، مَنْ خُتِمَ لَهُ بِشَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ صَادِقًا دَخَلَ الْجَنَّةَ، يَا حُذَيْفَةُ مَنْ خُتِمَ لَهُ بِصَوْمٍ يَبْتَغِي بِهِ وَجْهَ الْلَّهِ دَخَلَ الْجَّنَةَ، يَا حُذَيْفَةُ مَنْ خُتِمَ لَهُ عِنْدَ الْمَوْتِ بِإِطْعَامِ مِسْكِينٍ يَبْتَغِي بِهِ وَجْهَ اللَّهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ؟» قَالَ: وَالْأَخْبَارُ فِي مِثْلِ هَذَا كَثِيرَةٌ. وَفِي بَعْضِ مَا ذَكَرْنَا كِفَايَةٌ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ الحديث: 652 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 85 653 - حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ الْأَصْبَهَانِيُّ، إِمْلَاءً، أنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْقَطَّانُ، نا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ الْهِلَالِيُّ، نا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، أنا إِسْرَائِيلُ، عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ شُرَيْحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ سِتَّةُ نَفَرٍ، فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: اطْرُدْ هَؤُلَاءِ عَنْكَ وَلَا يَجْتَرِئُونَ عَلَيْنَا، وَكُنْتُ أَنَا وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ ـ أَظُنُّهُ قَالَ: وَبِلَالٌ وَرَجُلٌ مِنْ هُذَيْلٍ وَرَجُلَانِ قَدْ نَسِيتُ اسْمَهُمَا ـ فَوَقَعَ فِي نَفْسِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا شَاءَ اللَّهُ وَحَدَّثَ بِهِ نَفْسَهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهِمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} [الأنعام: 52] الْآيَةَ {وَكَذَلِكَ [ص: 87] فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا} [الأنعام: 53] . أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ إِسْرَائِيلَ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: وَرَجُلَانِ نَسِيتُ اسْمَيْهِمَا الحديث: 653 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 86 654 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْعَلَوِيُّ، أنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بِنِ دَلُّوَيْهِ الدَّقَّاقُ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْأَزْهَرِ بْنِ مَنِيعٍ، ثنا مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلَّامٍ، حَدَّثَنِي أَخِي زَيْدُ بْنُ سَلَّامٍ أَنَّهُ سَمِعَ جَدَّهُ أَبَا سَلَّامٍ، يَقُولُ: حَدَّثَنِي الْحَارِثُ الْأَشْعَرِيُّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَوْحَى إِلَى يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقَامَ فَحَمِدَ اللَّهَ تَعَالَى وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى [ص: 88] أَمَرَكُمْ بِالصَّلَاةِ، فَإِنَّ الْعَبْدَ إِذَا قَامَ يُصَلِّي اسْتَقْبَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِوَجْهِهِ، فَلَا يَصْرِفُ وَجْهَهُ عَنْهُ حَتَّى يَكُونَ الْعَبْدُ هُوَ الَّذِي يَصْرِفُ وَجْهَهُ عَنْهُ ". وَرُوِيَ فِي مِثْلِ هَذَا عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ مِنْ قَوْلِهِمَا الحديث: 654 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 87 655 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الْعَلَوِيُّ، أنا أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ بِلَالٍ الْبَزَّازُ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ حَفْصِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، أَنَّهُ قَالَ: كُنَّا فِي بَيْتِ حُذَيْفَةِ بْنِ الْيَمَانِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَامَ شَبَثُ بْنَ رِبْعِيٍّ فَصَلَّى، فَتَفَلَ بَيْنَ يَدَيْهِ. قَالَ: فَقَالَ لَهُ حُذَيْفَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لَا تَتْفُلْ بَيْنَ يَدَيْكَ وَلَا عَنْ يَمِينِكَ؛ فَإِنَّ عَنْ يَمِينِكَ كَاتَبَ الْحَسَنَاتِ، فَإِنَّ الرَّجُلَ إِذَا تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى أَقْبَلَ اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ بِوَجْهِهِ يُنَاجِيهِ فَلَا يَصْرِفُهُ عَنْهُ حَتَّى يَنْصَرِفَ أَوْ يُحْدِثَ حَدَثَ سُوءٍ الحديث: 655 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 88 656 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، قَالَ: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيُّ، ثنا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، ثنا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَعْقُوبَ، حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي نُعَيْمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّهُ رَأَى رَجُلًا يُصَلِّي يَلْتَفِتُ فِي صَلَاتِهِ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ الْلَّهُ عَنْهُمَا إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ مُقْبِلٌ عَلَى عَبْدِهِ بِوَجْهِهِ مَا أَقْبَلَ إِلَيْهِ، فَإِذَا الْتَفَتَ انْصَرَفَ عَنْهُ. قُلْتُ: لَيْسَ فِي صِفَاتِ ذَاتِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِقْبَالٌ وَلَا إِعْرَاضٌ وَلَا صَرْفٌ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ فِي صِفَاتِ فِعْلِهِ، وَكَأَنَّ الرَّحْمَةَ الَّتِي لِلْوَجْهِ تَعَلَّقُ بِهَا تَعَلُّقَ الصِّفَةِ بِمُقْتَضَاهَا، تَأْتِيهِ مِنْ قِبَلِ وَجْهِ [ص: 90] الْمُصَلِّي، فَعَبَّرَ عَنْ إِقْبَالِ تِلْكَ الرَّحْمَةِ وَصَرْفِهَا بِإِقْبَالِ الْوَجْهِ وَصَرْفِهِ لِتَعَلُّقِ الْوَجْهِ الَّذِي هُوَ صِفَةٌ بِهَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ الحديث: 656 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 89 657 - وَالَّذِي يُبَيِّنُ صِحَّةَ هَذَا التَّأْوِيلِ: مَا أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ، أَخْبَرَنَا أَبُو حَامِدِ بْنُ بِلَالٍ، ثنا يَحْيَى بْنُ الرَّبِيعِ الْمَكِّيُّ، ثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيُّ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَإِنَّ الرَّحْمَةَ تُوَاجِهُهُ فَلَا يَمَسَّ الْحَصَا» . قُلْتُ: وَشَائِعٌ فِي كَلَامِ النَّاسِ: الْأَمِيرُ مُقْبِلٌ عَلَى فُلَانٍ، وَهُمْ يُرِيدُونَ بِهِ إِقْبَالَهُ عَلَيْهِ بِالْإِحْسَانِ، وَمُعْرِضٌ عَنْ فُلَانٍ وَهُمْ يُرِيدُونَ بِهِ تَرَكَ إِحْسَانِهِ إِلَيْهِ، وَصَرْفَ إِنْعَامِهِ عَنْهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ الحديث: 657 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 90 658 - أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَحْمَوَيْهِ الْعَسْكَرِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ أَبَانَ الْعُقَيْلِيُّ بِحَلَبَ، ثنا عَفَّانُ، ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، أَنْبَأَنِيهِ عَطَاءُ بْنُ [ص: 92] السَّائِبِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ رَضِيَ اللَّهُ، عَنْهُ قَالَ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ فِي دُعَائِهِ: «وَارْزُقْنِي لَذَّةَ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِكَ» الحديث: 658 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 91 659 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُقْرِئُ أنا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، ثنا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ، ثنا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي نَهِيكٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ح، [ص: 93] 660 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثنا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ، ثنا الْبُرْسَانِيُّ، ثنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنِ اسْتَعَاذَ بِاللَّهِ فَأَعِيذُوهُ، وَمَنْ سَأَلَكُمْ بِوَجْهِ اللَّهِ فَأَعْطُوهُ» الحديث: 659 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 92 661 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، ثنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّفَّارُ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَلَفٍ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ أَبِي حَمْزَةَ، حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو الْعُصْفُرِيُّ الْبَصْرِيُّ، ثنا يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيُّ، حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ مُعَاذٍ التَّمِيمِيُّ، [ص: 94] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَسْأَلَ بِوَجْهِ اللَّهِ شَيْئًا إِلَّا الْجَنَّةَ» . أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي كِتَابِ السُّنَنِ عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ الْعُصْفُرِيِّ الحديث: 661 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 93 662 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، نا أَبُو الْعَبَّاسِ هُوَ الْأَصَمُّ، ثنا الصَّاغَانِيُّ، ثنا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: قَالَ عَطَاءٌ: بَلَغَنَا أَنَّهُ يُكْرَهُ أَنْ يُسْأَلَ اللَّهُ تَعَالَى شَيْئًا مِنَ الدُّنْيَا بِوَجْهِهِ الحديث: 662 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 95 قَالَ: وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: أَخْبَرَنِي ابْنُ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يَسْأَلَ الْإِنْسَانُ بِوَجْهِ اللَّهِ. قَالَ: وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ: بَلَغَنَا ذَلِكَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 95 قَالَ: وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ مَالِكٍ قَالَ: إِنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَرَفَعَ إِلَيْهِ حَاجَتَهُ ثُمَّ قَالَ: أَسْأَلُكَ بِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى، فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قَدْ سَأَلْتَ بِوَجْهِهِ فَلَمْ يُسْأَلْ شَيْئًا إلِاَّ أَعْطَاهُ إِيَّاهُ، ثُمَّ قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: وَيْحَكَ أَلَا سَأَلْتَ بِوَجْهِهِ الْجَنَّةَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 95 663 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أنا أَبُو الْقَاسِمُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى بْنِ رَامِكٍ الشَّيْبَانِيُّ النَّيْسَابُورِيُّ، مِنْ أَصْلِ كِتَابِهِ، ثنا أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْخَزَّازُ، ثنا دَاوُدُ بْنُ مِهْرَانَ الدِّبَاغُ، ثنا دَاوُدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعَطَّارُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَجُلًا [ص: 96] مِنْ أَهْلِ الشَّامِ يُقَالُ لَهُ الْعَبَّاسُ يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُخْبِرُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لَمَّا كَانَ لَيْلَةُ الْجِنِّ أَقْبَلَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ فِي يَدِهِ شُعْلَةٌ مِنَ النَّارِ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ فَلَا يَزْدَادُ إِلَّا قُرْبًا، فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: أَلَا أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ تَقُولُهُنَّ يُنْكَبُ مِنْهَا لَفِيهِ، وَتُطْفَأُ شُعْلَتُهُ؟ قُلْ: أَعُوذُ بِوَجْهِ اللَّهِ الْكَرِيمِ، وَبِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ الَّتِي لَا يُجَاوِزُهُنَّ بَرٌّ وَلَا فَاجِرٌ مِنْ شَرِّ مَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ، وَمِنْ شَرِّ مَا يَعْرُجُ فِيهَا. وَمِنْ شَرِّ مَا ذَرَأَ فِي الْأَرْضِ، وَمِنْ شَرِّ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا، وَمِنْ شَرِّ فِتَنِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَمِنْ شَرِّ طَوَارِقِ اللَّيْلِ، وَمِنْ شَرِّ كُلِّ طَارِقٍ إِلَّا طَارِقًا يَطْرُقُ بِخَيْرٍ يَا رَحْمَنُ. فَقَالَهَا، فَانْكَبَّ لَفِيهِ وَطُفِئَتْ شُعْلَتُهُ. أَخْرَجَهُ مَالِكٌ بْنُ أَنَسٍ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ إِلَّا أَنَّهُ أَرْسَلَهُ الحديث: 663 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 95 664 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، ثنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الصَّفَّارُ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي الدُّنْيَا، حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ عُبَيْدٍ، أنا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، ثنا حَمَّادٌ يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْكَلْبِيِّ، ثنا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَمَذَانِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَتَبَ لِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كِتَابًا قَالَ: أَمَرَنِي بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِذَا أَخَذْتَ مَضْجَعَكَ فَقُلْ: أَعُوذُ بِوَجْهِكَ الْكَرِيمِ وَكَلِمَاتِكَ التَّامَّةِ، مِنْ شَرِّ مَا أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهِ، اللَّهُمَّ أَنْتَ تَكْشِفُ الْمَغْرَمَ وَالْمَأْثَمَ، اللَّهُمَّ لَا يُهْزَمُ جُنْدُكَ، وَلَا يُخْلَفُ وَعْدُكَ، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ، سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِكَ ". وَقَدْ رُوِّينَا هَذَا فِي بَابِ الْكَلَامِ مِنْ حَدِيثِ عَمَّارِ [ص: 98] بْنِ رُزَيْقٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْحَارِثِ وَأَبِي مَيْسَرَةَ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ إِسْنَادٌ صَحِيحٌ، فَأَبُو مَيْسَرَةَ عَمْرُو بْنُ شُرَحْبِيلَ مِنَ الثِّقَاتِ، وَمَنْ دُونَهُ كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ. وَكَأَنَّ أَبَا إِسْحَاقَ سَمِعَهُ مِنْهُمَا وَمِنْ أَبِيهِ، إِنْ كَانَ حَمَّادُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَفِظَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ الحديث: 664 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 97 665 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، مِنْ أَصْلِهِ وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ رَجَاءٍ قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَكْرٍ الْمَرْوَزِيُّ، ثنا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ أَبُو عَامِرٍ، ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ صُهَيْبٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} [يونس: 26] ، قَالَ:: «النَّظَرُ إِلَى وَجْهِ رَبِّنَا عَزَّ وَجَلَّ» الحديث: 665 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 98 666 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الرُّوذْبَارِيُّ، أَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَيُّوبَ الطُّوسِيُّ، ثنا أَبُو خَالِدٍ يَزِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعُقَيْلِيُّ بِمَكَّةَ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ، أنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ يَعْنِي الصِّدِّيقَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ وَعَنْ مُسْلِمٍ: عَنْ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} [يونس: 26] قَالَا: النَّظَرُ إِلَى وَجْهِ رَبِّهِمْ ". [ص: 104] قُلْتُ: الْآثَارُ فِي مَعْنَى هَذَا عَنِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ كَثِيرَةٌ، وَهِيَ فِي بَابِ الرُّؤْيَةِ مَذْكُورَةٌ بِإِذْنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الحديث: 666 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 103 667 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُؤَمَّلِ، ثنا أَبُو عُثْمَانَ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، أنا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، أنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ [ص: 105] عَبْدِ اللَّهِ هُوَ الْمَسْعُودِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُخَارِقِ، عَنِ الْمُخَارِقِ بْنِ سُلَيْمٍ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ هُوَ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِذَا حَدَّثَنَاكُمْ بِحَدِيثٍ أَتَيْنَاكُمْ بِتَصْدِيقِ ذَلِكَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ؛ إِنَّ الْعَبْدَ الْمُسْلِمَ إِذَا قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ وَتَبَارَكَ اللَّهُ، أَخَذَهَا مَلَكٌ فَجَعَلَهَا تَحْتَ جَنَاحِهِ ثُمَّ صَعِدَ بِهَا فَلَا يَمُرُّ بِهَا عَلَى جَمْعِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ إِلَّا اسْتَغْفِرُوا لِقَائِلِهِنَّ حَتَّى يَجِيءَ بِهَا وَجْهَ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثُمَّ قَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيْبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} [فاطر: 10] الحديث: 667 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 104 668 - أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أنا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، أنا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ الضَّبِّيُّ، ثنا ابْنُ كَثِيرٍ، ثنا سُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ خَبَّابٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: هَاجَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ نَبْتَغِي وَجْهَ اللَّهِ تَعَالَى، فَوَجَبَ [ص: 106] أَجَرُنَا عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَمِنَّا مِنْ ذَهَبَ لَمْ يَأْكُلْ مِنْ أَجْرِهِ شَيْئًا، كَانَ مِنْهُمْ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ إِلَّا نَمِرَةٌ كُنَّا إِذَا غَطَّيْنَا بِهَا رَأْسَهُ خَرَجَتْ رِجْلَاهُ، وَإِذَا غَطَّيْنَا رِجْلَهُ خَرَجَ رَأْسُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «غَطُّوا بِهَا رَأْسَهُ، وَاجْعَلُوا عَلَى رِجْلَيْهِ مِنَ الْإِذْخِرِ» . وَمِنَّا مَنْ أَيْنَعَتْ لَهُ ثَمَرَتُهُ فَهُوَ يُهْدِي بِهَا. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَثِيرٍ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ أَوْجُهٍ أُخَرَ عَنِ الْأَعْمَشِ الحديث: 668 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 105 669 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنُ دُرُسْتَوَيْهِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُنَادِي، ثنا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، ثنا شُعْبَةُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، ح. وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي أَبُو عَمْرٍو بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَضْرِبُ غُلَامًا لَهُ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَمَا وَاللَّهِ، لَلَّهُ أَقْدَرُ عَلَيْكَ مِنْكَ عَلَيْهِ» . فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ فَإِنِّي أَعْتَقْتُهُ لِوَجْهِ اللَّهِ. وَفِي رِوَايَةِ وَهْبٍ قَالَ: فَإِنِّي أَعْتِقُهُ لِوَجْهِ اللَّهِ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ بِشْرِ بْنِ خَالِدٍ، وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُعَاوِيَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَعْمَشِ، وَفِيهِ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هُوَ حُرٌّ لِوَجْهِ اللَّهِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ} [البقرة: 115] فَقَدْ حَكَى الْمُزَنِيُّ عَنِ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ [ص: 107] الْآيَةِ: يَعْنِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ: فَثَمَّ الْوَجْهُ الَّذِي وَجَّهَكُمُ اللَّهُ إِلَيْهِ الحديث: 669 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 106 670 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو بَكْرٍ الْقَاضِي قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ، ثنا أَبُو أُسَامَةَ، عَنِ النَّضْرِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} [البقرة: 115] قَالَ: قِبْلَةُ اللَّهِ فَأَيْنَمَا كُنْتَ فِي شَرْقٍ أَوْ غَرْبٍ فَلَا تَوَجَّهَنَّ إِلَّا إِلَيْهَا الحديث: 670 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 107 671 - وَأَمَّا نُورُ الْوَجْهِ فَقَدِ احْتَجَّ بَعْضُهُمْ فِي ذَلِكَ بِمَا أَخْبَرَنَا الْأُسْتَاذُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ فُورَكٍ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، ثنا أَبُو دَاوُدُ، ثنا شُعْبَةُ وَالْمَسْعُودِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا عُبَيْدَةَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَنَامُ وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ، يَخْفِضُ الْقِسْطَ وَيَرْفَعُهُ، يُرْفَعُ إِلَيْهِ عَمِلُ اللَّيْلِ بِالنَّهَارِ، وَعَمِلُ النَّهَارِ بِاللَّيْلِ» . زَادَ الْمَسْعُودِيُّ: «وَحِجَابُهُ النَّارُ لَوْ كَشَفَهَا لَأَحْرَقَتْ [ص: 108] سُبُحَاتُ وَجْهِهِ كُلَّ شَيْءٍ أَدْرَكَهُ بَصَرهُ» . ثُمَّ قَرَأَ أَبُو عُبَيْدَةَ: {بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [النمل: 8] . أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ شُعْبَةَ، وَأَخْرَجَهُ بِطُولِهِ مِنْ حَدِيثِ الْأَعْمَشِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ دُونَ قِرَاءَةِ أَبِي عُبَيْدَةَ. 672 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْسُّلَمِيُّ، أَنَا أَبُو الْحَسَنِ الْكَازَرُونِيُّ، أَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: يُقَالُ: السُّبْحَةُ إِنَّهَا جَلَالُ وَجْهِهِ وَنُورُهُ، وَمِنْهُ قِيلَ: سُبْحَانَ اللَّهِ إِنَّمَا هُوَ تَعْظِيمٌ لَهُ وَتَنْزِيهٌ. قُلْتُ: إِذَا كَانَ قَوْلُهُ: «سُبُحَاتُ» مِنَ التَّسْبِيحِ، وَالتَّسْبِيحُ تَنْزِيهُ اللَّهِ تَعَالَى عَنْ كُلِّ سُوءٍ، فَلَيْسَ فِيهِ إِثْبَاتُ النُّورِ لِلْوَجْهِ وَإِنَّمَا فِيهِ أَنَّهُ لَوْ كَشَفَ الْحِجَابَ الَّذِي عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ وَلَمْ يُثَبِّتْهُمْ لِرُؤْيَتِهِ لَاحْتَرَقُوا وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَفِيهِ عِبَارَةٌ أُخْرَى وَهِيَ أَنَّهُ لَوْ كَشَفَ عَنْهُمُ الْحِجَابَ لَأَفْنَى جَلَالُهُ وَهَيْبَتُهُ وَقَهْرُهُ مَا أَدْرَكَهُ بَصَرُهُ ـ يَعْنِي كُلَّ مَا أَوْجَدَهُ مِنَ الْعَرْشِ إِلَى الثَّرَى ـ فَلَا نِهَايَةَ لِبَصَرِهِ الحديث: 671 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 107 673 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ الْعَدْلُ بِبَغْدَادَ أنا دَعْلجُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ دَعْلجٍ، ثنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبُوشَنْجِيُّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، ثنا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، ثنا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَعِكْرِمَةَ، مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ [ص: 109] عَنْهُمَا أَنَّهُ بَيْنَمَا هُوَ جَالِسٌ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ جَاءَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ، تَفَلَّتَ هَذَا الْقُرْآنُ مِنْ صَدْرِي، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ، وَذَكَرَ فِيمَا عَلَّمَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي دُعَاءِ حِفْظِ الْقُرْآنِ: «أَسْأَلُكَ يَا اللَّهُ يَا رَحْمَنُ بِجَلَالِكَ وَنَوِّرِ وَجْهِكَ أَنْ تُلْزِمَ قَلْبِي حَفِظَ كِتَابِكَ كَمَا عَلَّمْتَنِي، وَارْزُقْنِي أَنْ أَتْلُوَهُ عَلَى النَّحْوِ الَّذِي يُرْضِيكَ عَنِّي، اللَّهُمَّ بَدِيعَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ وَالْعِزَّةِ الَّتِي لَا تُرَامُ، أَسْأَلُكَ يَا رَحْمَنُ بِجَلَالِكَ وَنُورِ وَجْهِكَ أَنْ تُنَوِّرَ بِكِتَابِكَ بَصَرِي، وَأَنْ تُطْلِقَ بِهِ لِسَانِي، وَأَنْ تُفَرِّجَ بِهِ عَنْ قَلْبِي، وَأَنْ تَشْرَحَ بِهِ صَدْرِي، وَأَنْ تَسْتَعْمِلَ بِهِ بَدَنِي، فَإِنَّهُ لَا يُعِينُنِي عَلَى الْحَقِّ غَيْرُكَ، وَلَا يُؤْتِيهِ إِلَّا أَنْتَ، وَلَا قُوَّةَ إِلَّا [ص: 110] بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ» . وَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَهَذَا حَدِيثٌ تَفَرَّدَ بِهِ أَبُو أَيُّوبَ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدِّمَشْقِيُّ بِهَذَا اللَّفْظِ، فَإِنْ كَانَ لَفْظُ «النُّورِ» مَحْفُوظًا فِيهِ فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ ذَلِكَ وَيُرِيدُونَ بِهِ نَفْيَ النَّقْصِ عَنْهُ لَا غَيْرَ. [ص: 111] ثُمَّ قَدْ حَكَى أَبُو الْحَسَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ مِنْ كِتَابِهِ عَنِ ابْنِ الْأَنْبَارِيِّ عَنْ ثَعْلَبٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [النور: 35] : " يَعْنِي أَنَّهُ حَقٌّ أَهْلُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَهَذَا نَظِيرُ قَوْلِ الْعَرَبِ إِذَا سَمِعُوا قَوْلَ الْقَائِلِ: حَقًّا: كَلَامُكَ هَذَا عَلَيْهِ نُورٌ، أَيْ هُوَ حَقٌّ ". فَيُحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ إِنْ كَانَ ثَابِتًا: «أَسْأَلُكَ بِجَلَالِكَ وَنَورِ وَجْهِكَ» أَيْ وَحَقِّ وَجْهِكَ، وَالْحَقُّ هُوَ الْمُتَحَقَّقُ كَوْنُهُ وَوُجُودُهُ، وَكَانَ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ بْنِ إِبْرَاهِيمَ يَقُولُ فِي مَعْنَى النُّورِ: إِنَّهُ الَّذِي لَا يَخْفَى عَلَى أَوْلِيَائِهِ بِالدَّلِيلِ، وَيَصِحُّ رُؤْيَتُهُ بِالْأِبْصَارِ، وَيَظْهَرُ لِكُلِّ ذِي لُبٍّ بِالْعَقْلِ، فَيَكُونُ قَوْلُهُ: «أَسْأَلُكَ بِجَلَالِكَ وَنَورِ وَجْهِكَ» رَاجِعًا فِي النُّورِ إِلَى أَحَدِ هَذِهِ الْمَعَانِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ الحديث: 673 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 108 674 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ هُوَ الْأَصَمُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيُّ، ثنا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، ثنا الزُّبَيْرُ أَبُو عَبْدِ السَّلَامِ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مِكْرَزٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: إِنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ [ص: 112] عِنْدَهُ لَيْلٌ وَلَا نَهَارٌ، نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مِنْ نُورِ وَجْهِهِ هَذَا مَوْقُوفٌ وَرَاوِيهِ غَيْرُ مَعْرُوفٍ الحديث: 674 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 111 675 - أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، أنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، أنا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، أنا مِسْعَرٌ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، قَالَ: قُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ: عَلِّمْنِي كَلِمَاتٍ أَقُولُهُنَّ عِنْدَ الْمَسَاءِ. قَالَ: قُلْ: أَعُوذُ بِوَجْهِكَ الْكَرِيمِ، وَبِاسْمِكَ الْعَظِيمِ، وَبِكَلِمَاتِكَ التَّامَّةُ مِنْ شَرِّ السَّامَّةِ وَالْعَامَّةَ، وَمِنْ شَرِّ مَا خَلَقْتَ أَيْ رَبِّ، وَمِنْ شَرِّ مَا أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهِ، وَمِنْ شَرِّ هَذِهِ اللَّيْلَةِ، وَمِنْ شَرِّ مَا بَعْدَهَا، وَشَرِّ الدُّنْيَا وَأَهْلِهَا الحديث: 675 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 112 676 - أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْمِهْرَجَانِيُّ الْعَدْلُ، أنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْمُزَكِّي، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْبُوشَنْجِيُّ، ثنا ابْنُ بُكَيْرٍ، ثنا مَالِكٍ، عَنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ حَكِيمٍ، قَالَ: إِنَّ كَعْبَ الْأَحْبَارِ [ص: 113] قَالَ: لَوْلَا كَلِمَاتٌ أَقُولُهُنَّ لَجَعَلَتْنِي يَهُودُ حِمَارًا. فَقِيلَ لَهُ: مَا هِيَ؟ فَقَالَ: أَعُوذُ بِوَجْهِ اللَّهِ الْعَظِيمِ الَّذِي لَيْسَ شَيْءٌ أَعْظَمَ مِنْهُ، وَبِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ الَّتِي لَا يُجَاوِزُهُنَّ بَرٌّ وَلَا فَاجِرٌ، وَبِأَسْمَاءِ اللَّهِ الْحُسْنَى كُلِّهَا مَا عَلِمْتُ مِنْهَا وَمَا لَمْ أَعْلَمْ، مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ وَذَرَأَ وَبَرَأَ " الحديث: 676 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 112 677 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيُّ، ثنا سُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: رَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا أَتَى عَلَى هَذِهِ الْآيَةِ: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} [الرحمن: 27] فَيَسْأَلُ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِذَاكَ الْوَجْهِ الْبَاقِي الْجَمِيلِ. قُلْتُ: الْجَمِيلُ فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى قَدْ ذَكَرْنَا، وَهُوَ عِنْدَ أَهْلِ النَّظَرِ بِمَعْنَى الْمُجَمِّلِ الْمُحَسِّنِ. قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: " وَقَدْ يَكُونُ الْجَمِيلُ مَعْنَاهُ ذُو النُّورِ. قُلْتُ: ثُمَّ يَكُونُ ذَلِكَ أَيْضًا مِنَ صِفَاتِ الْفِعْلِ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ} [النور: 40] ، وَقَالَ تَعَالَى: {يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} [البقرة: 257] ، وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يُسْتَعْمَلَ النُّورُ فِي صِفَاتِ الذَّاتِ، بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَخْفَى عَلَى أَوْلِيَائِهِ بِالدِّلِيلِ، وَهَذَا أَشْبَهُ بِمَعْنَى الْجَمِيلِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ " الحديث: 677 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 113 بَابُ مَا جَاءَ فِي إِثْبَاتِ الْعَيْنِ صِفَةً لَا مِنْ حَيْثُ الْحَدَقَةِ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي} [طه: 39] ، وَقَالَ تَعَالَى: {فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا} [الطور: 48] ، وَقَالَ: {وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا} [هود: 37] ، وَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا} [القمر: 14] . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 114 678 - أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، أنا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ هَاشِمٍ الْبَغَوِيُّ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءٍ، ثنا عَمِّي، جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءٍ عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ أَخْبَرَهُ أَنَّ الْمَسِيحَ ذُكِرَ بَيْنَ ظَهْرَانَيِ النَّاسِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِأَعْوَرَ، أَلَا إِنَّ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ أَعْوَرُ عَيْنِ الْيُمْنَى كَأَنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ جُوَيْرِيَةَ وَقَالَ فِي مَتْنِهِ فَقَالَ: «إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَى عَلَيْكُمْ، إِنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِأَعْوَرَ» . وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى عَيْنِهِ الحديث: 678 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 114 679 - أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ، نا الْعَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ الْأَسْفَاطِيُّ، ثنا أَبُو الْوَلِيدُ، ثنا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: " مَا بُعِثَ نَبِيُّ إِلَّا وَقَدْ أَنْذَرَ أُمَّتَهُ الْأَعْوَرَ الْكَذَّابَ: أَلَا إِنَّهُ أَعْوَرُ وَإِنَّ رَبُّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَرَ، بَيْنَ عَيْنَيْهِ مَكْتُوبٌ: كَافِرٌ " الحديث: 679 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 115 680 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أنا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ النِّجَّادُ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ أَبِي عُثْمَانَ الطَّيَالِسِيُّ، ثنا أَبُو عُمَرَ الْحَوْضِيُّ، ثنا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا بُعِثَ نَبِيُّ إِلَّا قَدْ أُنْذِرَ الدَّجَّالَ؛ أَلَا وَإِنَّهُ أَعْوَرُ، وَإِنَّ رَبُّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَرَ» . 681 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا [ص: 116] مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، فَذَكَرَهُ وَزَادَ: «وَإِنَّ بَيْنَ عَيْنَيْهِ مَكْتُوبٌ كَ فَ رَ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي عُمَرَ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى الحديث: 680 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 115 682 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيُّ، ثنا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: {وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا} [هود: 37] قَالَ: بِعَيْنِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى. قُلْتُ: وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ حَمَلَ الْعَيْنَ الْمَذْكُورَةَ فِي الْكِتَابِ عَلَى الرُّؤْيَةِ، وَقَالَ: قَوْلُهُ: {وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي} [طه: 39] مَعْنَاهُ: بِمَرْأَى مِنِّي. وَقَوْلُهُ: {وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا} [الطور: 48] أَيْ: بِمَرْأَى مِنَّا. وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا} [القمر: 14] وَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ مِنْ صِفَاتِ الذَّاتِ وَتَكُونُ صِفَةً وَاحِدَةً وَالْجَمْعُ فِيهَا عَلَى مَعْنَى التَّعْظِيمِ، كَقَوْلِهِ: {مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ} [لقمان: 27] وَمِنْهُمْ مِنْ حَمْلَهَا عَلَى الْحِفْظِ وَالْكِلَاءَةِ، وَزَعَمَ أَنَّهَا مِنْ صِفَاتِ الْفِعْلِ، وَالْجَمْعُ فِيهَا سَائِغٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَمَنْ قَالَ بِأَحَدِ هَذَيْنِ زَعَمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْخَبَرِ نَفْيُ نَقْصِ الْعَوَرِ عَنِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ مَا يَجُوزُعَلَى الْمَخْلُوقِينَ مِنَ الَآفَاتِ وَالنَّقَائِصِ، وَالَّذِي يَدُلُّ [ص: 117] عَلَيْهِ ظَاهَرُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مِنْ إِثْبَاتِ الْعَيْنِ لَهُ صِفَةً لَا مِنْ حَيْثُ الْحَدَقَةِ أَوْلَى وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ الحديث: 682 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 116 683 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَحْبُورٍ الدَّهَّانُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ هَارُونَ الْفَقِيهُ، ثنا أَبُو يَحْيَى زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى الْبَزَّازُ، ثنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُوَفَّقِ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ مُوسَى الْأَنْصَارِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ، يَقُولُ: مَا وَصَفَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِهِ نَفْسَهُ فِي كِتَابِهِ فَقِرَاءَتُهُ تَفْسِيرُهُ، لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُفَسِّرَهُ بِالْعَرَبِيَّةِ وَلَا بِالْفَارِسِيَّةِ الحديث: 683 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 117 بَابُ مَا جَاءَ فِي إِثْبَاتِ الْيَدَيْنِ صِفَتَيْنِ لَا مِنْ حَيْثُ الْجَارِحَةِ لِوُرُودِ الْخَبَرِ الصَّادِقِ بِهِ. قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمْا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: 75] ، وَقَالَ تَعَالَى {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ} [المائدة: 64] . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 118 684 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ الْأَصْبَهَانِيُّ، أنا أَبُو سَعِيدِ بْنُ الْأَعْرَابِيِّ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّبَّاحُ الزَّعْفَرَانِيُّ، ثنا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، ثنا هِشَامُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: إِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " يُجْمَعُ الْمُؤْمِنُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَهْتَمُّونَ لِذَلِكَ فَيَقُولُونَ: لَوِ اسْتَشْفَعْنَا عَلَى رَبِّنَا حَتَّى يُرِيحَنَا مِنْ مَكَانِنَا هَذَا، فَيَأْتُونَ آدَمَ فَيَقُولُونَ: يَا آدَمُ أَنْتَ أَبُو النَّاسِ خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ، وَأَسْجَدَ لَكَ مَلَائِكَتَهُ، وَعَلَّمَكَ أَسْمَاءَ كُلِّ شَيْءٍ، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّنَا حَتَّى يُرِيحَنَا مِنْ مَكَانِنَا هَذَا ". وَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ، أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ الحديث: 684 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 118 685 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، ثنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ السَّعْدِيُّ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ، ثنا أَبُو حَيَّانَ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا بِلَحْمٍ فَدُفِعَ إِلَيْهِ الذِّرَاعُ، وَكَانَتْ تُعْجِبُهُ، فَنَهَسَ مِنْهَا نَهْسَةً ثُمَّ قَالَ: «أَنَا سَيِّدُ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَهَلْ تَدْرُونَ لِمَ ذَاكْ؟» قَالَ: فَذَكَرَ حَدِيثَ الشَّفَاعَةِ؛ وَفِيهِ ": " فَيَأْتُونَ آدَمَ فَيَقُولُونَ: يَا آدَمُ أَنْتَ أَبُو الْبَشَرِ خَلَقَكَ اللَّهُ تَعَالَى بِيَدِهِ، وَنَفَخَ فِيكَ مِنْ رُوحِهِ ـ أَظُنُّهُ قَالَ: وَعَلَّمَكَ أَسْمَاءَ كُلِّ شَيْءٍ ـ اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ ". رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ نَصْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدٍ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي حَيَّانَ الحديث: 685 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 119 686 - أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ، أنا أَبُو حَامِدِ بْنُ بِلَالٍ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْأحَجْمِ، ثنا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلِ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " احْتَجَّ آدَمُ وَمُوسَى فَقَالَ مُوسَى: أَنْتَ الَّذِي خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ [ص: 120] وَنَفَخَ فِيكَ مِنْ رُوحِهِ وَأَمَرَ الْمَلَائِكَةَ فَسَجَدُوا لَكَ وَأَسْكَنَكَ الْجَنَّةَ ثُمَّ أَخْرَجْتَنَا مِنْهَا؟ فَقَالَ آدَمُ: أَنْتَ مُوسَى الَّذِي اصْطَفَاكَ اللَّهُ بِرِسَالَاتِهِ وَقَرَّبَكَ نَجِيًّا وَكَلَّمَكَ تَكْلِيمًا، وَأَنْزَلَ عَلَيْكَ التَّوْرَاةَ، فَبِكَمْ تَجِدُ فِي التَّوْرَاةِ أَنَّهُ كَتَبَ عَلَيَّ الْعَمَلَ الَّذِي عَمِلْتُهُ قَبْلَ أَنْ أُخْلَقَ؟ قَالَ مُوسَى: بِأَرْبَعِينَ سَنَةً. قَالَ آدَمُ: فَكَيْفَ تَلُومُنِي عَلَى عَمَلٍ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَنِيَ بِأَرْبَعِينَ سَنَةً؟ " قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى» . وَكَذَلِكَ رَوَاهُ يَزِيدُ بْنُ هُرْمُزَ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ذَكَرَا فِيهِ قَوْلَ مُوسَى لِآدَمَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ: «أَنْتَ الَّذِي خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ» وَمِنْ ذَلِكَ الْوَجْهِ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ وَقَدْ مَضَى ذِكْرُهُ، وَذَكَرَهُ أَيْضًا أَبُو صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الحديث: 686 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 119 687 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ، أنا بِشْرُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ، ثَنَا سُفْيَانُ، ثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ [ص: 121] اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " احْتَجَّ آدَمُ وَمُوسَى عَلَيْهِمَا السَّلَامُ فَقَالَ مُوسَى لِآدَمَ: يَا آدَمُ، أَنْتَ أَبُونَا خَيَّبْتَنَا وَأَخْرَجْتَنَا مِنَ الْجَنَّةِ. فَقَالَ لَهُ آدَمُ: أَنْتَ مُوسَى اصْطَفَاكَ اللَّهُ بِكَلَامِهِ وَخَطَّ لَكَ فِي الْأَلْوَاحِ بِيَدِهِ، أَتَلُومُنِي عَلَى أَمْرٍ قَضَاهُ اللَّهُ عَلِيَّ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَنِيَ بِأَرْبَعِينَ عَامًا ". فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى» . قَالَ: وَحَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ، ثنا سُفْيَانُ، ثنا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ سُفْيَانَ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ عَمْرٍو النَّاقِدِ عَنْ سُفْيَانَ بِالْإِسْنَادِ الْأَوَّلِ، وَعَنِ ابْنِ أَبِي عُمَرَ عَنْ سُفْيَانَ بِالْإِسْنَادِ الثَّانِي، وَقَالَ ابْنُ أَبِي عُمَرَ فِي الْإِسْنَادِ الثَّانِي: «وَكَتَبَ لَكَ التَّوْرَاةَ بِيَدِهِ» . وَلَيْسَ بَيْنَ هَذَيْنِ الْإِسْنَادَيْنِ وَبَيْنَ مَا مَضَى اخْتِلَافٌ إِلَّا أَنَّ هَذَيْنِ الْإِسْنَادَيْنِ حُفِظَ فِيهِمَا كِتَابَةُ التَّوْرَاةِ بِيَدِهِ، وَلَمْ يُحْفَظْ ذَلِكَ فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ، وَحُفِظَ فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ قَوْلُ مُوسَى لِآدَمَ: «خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ» . وَلَمْ يُحْفَظْ فِي هَذَيْنِ، وَجَمِيعُ ذَلِكَ ثَابِتٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الحديث: 687 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 120 688 - أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ، أنا أَبُو حَامِدِ بْنُ بِلَالٍ، ثنا أَبُو زُرْعَةَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ الرَّازِيُّ، ثنا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، ثنا عَبْدُ رَبِّهِ بْنُ صَالِحٍ الْقُرَشِيُّ، ثنا عُرْوَةُ بْنُ رُوَيْمٍ، [ص: 122] عَنِ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى آدَمَ وَذُرِّيَّتَهُ، قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ: يَا رَبُّ خَلَقْتُهُمْ يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ وَيَنْكَحُونَ وَيَرْكَبُونْ، فَاجْعَلْ لَهُمُ الدُّنْيَا وَلَنَا الْآخِرَةُ، فَقَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: لَا أَجْعَلُ مَنْ خَلَقْتُهُ بِيَدِيَّ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي كَمَنْ قُلْتُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ " 689 - وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أنا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، ثنا جُنَيْدُ بْنُ حَكِيمٍ، ثنا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، ثنا عَبْدُ رَبِّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عُرْوَةَ بْنَ رُوَيْمٍ [ص: 123] اللَّخْمِيُّ، يُحَدِّثُ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَذَكَرَ نَحْوَهُ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: «وَيَرْكَبُونَ الْخَيْلَ» وَلَمْ يَذْكُرْ قَوْلَهُ: {وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي} [الحجر: 29] الحديث: 688 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 121 690 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّيْدَلَانِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، قَالَا: ثنا بِشْرُ بْنُ الْحَكَمِ، ثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، حَدَّثَنَا مُطَرِّفٌ، وَابْنُ أَبْجَرَ أَنَّهُمَا سَمِعَا الشَّعْبِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ الْمُغِيرَةِ بْنَ شُعْبَةَ، يُخْبِرُ النَّاسَ عَلَى الْمِنْبَرِ قَالَ سُفْيَانُ: رَفَعَهُ أَحَدُهُمَا، أُرَاهُ قَالَ: ابْنُ أَبْجَرَ ـ قَالَ: " سَأَلَ مُوسَى رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مَا أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلَةً؟ قَالَ: هُوَ رَجُلٌ يَجِيءُ بَعْدَ مَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ، فَيُقَالُ لَهُ: ادْخُلِ الْجَنَّةَ، فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّي، وَكَيْفَ أَدْخَلُ وَقَدْ نَزَلَ النَّاسُ مَنَازِلَهُمْ، وَقَدْ أَخَذُوا أَخَاذَاتِهِمْ، فَيُقَالُ لَهُ: أَتَرْضَى أَنْ يَكُونَ لَكَ مِثْلُ مَا كَانَ يَكُونُ لِمَلِكٍ مِنْ مُلُوكِ الدُّنْيَا؟ فَيَقُولُ: رَضِيتُ رَبِّ فَيُقَالُ: لَكَ مِثْلُ هَذَا وَمِثْلُهُ وَمِثْلُهُ وَمِثْلُهُ، حَتَّى عَقَدَ خَمْسًا، فَيَقُولُ: رَضِيتُ، فَيَقُولُ: لَكَ هَذَا وَعَشْرَةُ أَمْثَالِهِ، فَيَقُولُ: رَبِّ رَضِيتُ، [ص: 124] فَيُقَالُ: لَكَ هَذَا وَمَا اشْتَهَتْ نَفْسُكَ وَلَذَّتْ عَيْنُكَ، قَالَ: يَا رَبِّ أَخْبِرْنِي بِأَعْلَاهُمْ مَنْزِلَةً، قَالَ: أُولَئِكَ الَّذِينَ أَرَدْتُ وَسَوْفَ أُخْبِرُكَ، غَرَسْتُ كَرَامَتَهُمْ بِيَدِي وَخَتَمْتُ عَلَيْهَا، فَلَمْ تَرَ عَيْنٌ وَلَمْ تَسْمَعْ أُذُنٌ، وَلَمْ يَخْطُرْ عَلَى قَلْبٍ، وَمِصْدَاقُهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ بِشْرِ بْنِ الْحَكَمِ الحديث: 690 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 123 691 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ، ثنا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ، أنا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى جَنَّةَ عَدْنٍ وَغَرَسَ أَشْجَارَهَا بِيَدِهِ، فَقَالَ لَهَا: تَكَلَّمِي، فَقَالَتْ: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} [المؤمنون: 1] " الحديث: 691 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 124 692 - أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ، ثنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُؤَمَّلِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عِيسَى، ثنا الْفَضْلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الشَّعْرَانِيُّ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ الْهَاشِمِيِّ، مِنْ بَنِي نَوْفَلٍ، عَنْ أَخِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِيهِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ خَلَقَ ثَلَاثَةَ أَشْيَاءَ بِيَدِهِ: خَلَقَ آدَمَ بِيَدِهِ، وَكَتَبَ التَّوْرَاةَ بِيَدِهِ، وَغَرَسَ الْفِرْدَوْسَ بِيَدِهِ، ثُمَّ قَالَ: وَعِزَّتِي لَا يَسْكُنُهَا مُدْمِنُ خَمْرٍ وَلَا دَيُّوثٌ ". فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ عَرَفْنَا مُدْمِنَ الْخَمْرِ، فَمَا الدَّيُّوثُ؟ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الَّذِي يُيَسِّرُ لِأَهْلِهِ السُّوءَ» . هَذَا مُرْسَلٌ، وَفِيهِ إِنْ ثَبَتَ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الْكَتْبَ هَهُنَا بِمَعْنَى الْخَلْقِ، وَإِنَّمَا أَرَادَ: خَلَقَ رُسُومَ التَّوْرَاةِ، وَهِيَ حُرُوفُهَا، وَأَمَّا الْمَكْتُوبُ فَهُوَ كَلَامُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِ ذَاتِهِ، غَيْرُ بَائِنٍ مِنْهُ الحديث: 692 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 125 693 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ رِبْحٍ السَّمَّاكُ، ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أنا سُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيْدٍ الْمُكْتِبِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: " خَلَقَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَرْبَعَةَ أَشْيَاءَ بِيَدِهِ: الْعَرْشَ، وَجنَاتِ عَدْنٍ، وَآدَمَ، وَالْقَلَمَ؛ وَاحْتجَبَ مِنَ الْخَلْقِ بِأَرْبَعَةٍ: بِنَارٍ، وَظُلْمَةٍ، وَنَوِّرٍ، وَظُلْمَةٍ ". هَذَا مَوْقُوفٌ، وَالْحِجَابُ يَرْجِعُ إِلَى الْخَلْقِ لَا إِلَى الْخَالِقِ الحديث: 693 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 126 694 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ بْنُ مَحْمَشٍ الْفَقِيهُ، أنا أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الْبَزَّازُ، ثنا مُحَمَّدٌ بْنُ يَحْيَى، ثنا صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كَتَبَ رَبُّكُمْ تَبَارَكَ وَتَعَالَى [ص: 127] عَلَى نَفْسِهِ بِيَدِهِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ الْخَلْقَ: إِنَّ رَحْمَتِي تَسْبِقُ ـ أَوْ قَالَ: سَبَقَتْ ـ غَضَبِي ". قُلْتُ: وَقَدْ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ النَّظَرِ فِي مَعْنَى الْيَدِ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْمَوَاضِعِ: إِنَّهَا قَدْ تَكُونُ بِمَعْنَى الْقُوَّةِ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُدَ ذَا الْأَيْدِ} أَيْ ذَا الْقُوَّةِ؛ وَقَدْ يَكُونُ بِمَعْنَى الْمُلْكِ وَالْقُدْرَةِ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ} [آل عمران: 73] ؛ وَقَدْ يَكُونُ بِمَعْنَى النِّعْمَةِ، تَقُولُ الْعَرَبُ: كَمْ يَدٌ لِي عِنْدَ فُلَانٍ. أَيْ كَمْ مِنْ نِعْمَةٍ لِي قَدْ أَسْدَيْتُهَا إِلَيْهِ؛ وَقَدْ يَكُونُ بِمَعْنَى الصِّلَةِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا} [يس: 71] أَيْ مِمَّا عَمِلْنَا نَحْنُ، وَقَالَ جَلَّ وَعَلَا: {أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} [البقرة: 237] أَيِ: الَّذِي لَهُ عُقْدَةُ النِّكَاحِ؛ وَقَدْ يَكُونُ بِمَعْنَى الْجَارِحَةِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ} [ص: 44] . فَأَمَّا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: 75] فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الْجَارِحَةِ، لِأَنَّ الْبَارِي جَلَّ جَلَالُهُ وَاحِدٌ، لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ التَّبْعِيضُ، وَلَا عَلَى الْقُوَّةِ وَالْمُلْكِ وَالنِّعْمَةِ وَالصِّلَةِ لِأَنَّ الِاشْتِرَاكَ يَقَعُ حِينَئِذٍ بَيْنَ وَلِيِّهِ آدَمُ وَعَدُوِّهِ إِبْلِيسُ، فَيَبْطُلُ مَا ذَكَرَ مِنْ تَفْضِيلِهِ عَلَيْهِ لِبُطْلَانِ مَعْنَى التَّخْصِيصِ، فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا أَنْ يُحْمَلَا عَلَى صِفَتَيْنِ تَعَلَّقَتَا بِخَلْقِ آدَمَ تَشْرِيفًا لَهُ، دُونَ خَلْقِ إِبْلِيسَ تَعَلُّقَ الْقُدْرَةِ بِالْمَقْدُورِ، لَا مِنْ طَرِيقِ الْمُبَاشَرَةِ، وَلَا مِنْ حَيْثُ الْمُمَاسَّةِ، وَكَذَلِكَ تَعَلَّقَتْ بِمَا رُوِّينَا فِي الْأَخْبَارِ مِنْ خَطِّ التَّوْرَاةِ وَغَرْسِ الْكَرَامَةِ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ تَعَلُّقَ الصِّفَةِ بِمُقْتَضَاهَا، وَقَدْ رُوِّينَا ذِكْرَ الْيَدِ فِي أَخْبَارٍ أُخَرَ إِلَّا أَنَّ سِيَاقَهَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا الْمُلْكُ وَالْقُدْرَةُ وَالرَّحْمَةُ وَالنِّعْمَةُ، أَوْ جَرَى ذِكْرُهَا صِلَةً فِي الْكَلَامِ [ص: 128] فَأَمَّا فِيمَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ فَإِنَّهُ يُوجِبُ التَّفْضِيلَ، وَالتَّفْضِيلُ إِنَّمَا يَحْصُلُ بِالتَّخْصِيصِ، فَلَمْ يَجُزْ حَمْلُهَا فِيهِ عَلَى غَيْرِ الصِّفَةِ، وَكَذَلِكَ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ جَرَى ذَكَرُهَا عَلَى طَرِيقِ التَّخْصِيصِ، فَإِنَّهُ يَقْتَضِي تَعَلُّقَ الصِّفَةِ الَّتِي تُسَمَّى بِالسَّمْعِ يَدًا بِالْكَائِنِ فِيمَا خَصَّ بِذِكْرِهَا فِيهِ تَعَلُّقَ الصَّفْحَةِ بِمُقْتَضَاهَا، ثُمَّ لَا يَكُونُ فِي ذَلِكَ بُطْلَانُ مَوْضِعِ تَفْضِيلِ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى إِبْلِيسَ، لِأَنَّ التَّخْصِيصَ إِذَا وُجِدَ لَهُ فِي مَعْنًى دُونَ إِبْلِيسَ لَمْ يَضُرَّ مُشَارَكَةُ غَيْرِهِ إِيَّاهُ فِي ذَلِكَ الْمَعْنَى، بَعْدَ أَنْ لَمْ يُشَارِكْهُ فِيهِ إِبْلِيسُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ الحديث: 694 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 126 695 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ، أنا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مِلْحَانَ، ثنا ابْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، عَنْ خَالِدٍ يَعْنِي ابْنَ يَزِيدَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنِ ابْنِ يَسَارٍ يَعْنِي عَطَاءً، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «تَكُونُ الْأَرْضُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ خُبْزَةً وَاحِدَةً يَتَكَفَّؤُهَا الْجَبَّارُ بِيَدِهِ كَمَا يَتَكَفَّأُ أَحَدُكُمْ خُبْزَتَهُ فِي السَّفَرِ نُزُلًا لِأَهْلِ الْجَنَّةِ» . قَالَ: فَأَتَى [ص: 129] رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ فَقَالَ: بَارَكَ الرَّحْمَنُ عَلَيْكَ يَا أَبَا الْقَاسِمِ، أَلَا أُخْبِرُكَ بِنُزُلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ قَالَ: «بَلَى» . قَالَ: تَكُونُ الْأَرْضُ خُبْزَةً وَاحِدَةً كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: فَنَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْنَا ثُمَّ ضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ، ثُمَّ قَالَ: أَلَا أُخْبِرُكَ بِإِدَامِهِمْ؟ قَالَ: إِدَامُهُمْ بَالَامٌ وَنُونٌ. قَالَ: «وَمَا هَذَا؟» قَالَ: ثَوْرٌ وَنُونٌ يَأْكُلُ مِنْ زِيَادَةِ كَبِدَيْهِمَا سَبْعُونَ أَلْفًا". رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ اللَّيْثِ الحديث: 695 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 128 696 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ، أنا بِشْرُ بْنُ مُوسَى، ثنا الْحُمَيْدِيُّ، ثنا سُفْيَانُ، ثنا الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: يُؤْذِينِي ابْنُ آدَمَ، يَسُبُّ الدَّهْرَ وَأَنَا [ص: 130] الدَّهْرُ، بِيَدِيَ الْأَمْرُ أُقَلِّبُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ". رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنِ الْحُمَيْدِيِّ الحديث: 696 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 129 697 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُقْرِئُ، أنا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، ثنا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، ثنا يُوسُفُ الْمَاجِشُونُ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ قَالَ ـ فَذَكَرَ دُعَاءَ الِاسْتِفْتَاحِ ـ وَفِيهِ قَالَ: «لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ كُلُّهُ فِي يَدَيْكَ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الحديث: 697 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 130 698 - أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ، أنا أَبُو بَكْرٍ الْقَطَّانُ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ السُّلَمِيُّ، ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أنا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، قَالَ: هَذَا مَا حَدَّثَنَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ مَا قَعَدْتُ خَلْفَ سَرِيَّةٍ تَغْزُو فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَكِنْ لَا أَجِدُ سَعَةً [ص: 131] فَأَحْمِلُهُمْ، وَلَا يَجِدُونَ سَعَةً فَيَتَّبِعُونِي، وَلَا تَطِيبُ أَنْفُسُهُمْ أَنْ يَقْعُدُوا بَعْدِي» الحديث: 698 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 130 قَالَ: وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ فِتْيَانِي أَنْ يَسْتَعِدُّوا لِي حُزَمًا مِنْ حَطَبٍ ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا يُصَلِّي بِالنَّاسِ ثُمَّ أُحَرِّقَ بُيُوتًا عَلَى مَنْ فِيهَا» الجزء: 2 ¦ الصفحة: 131 قَالَ: وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَيَأْتِيَنَّ عَلَى أَحَدِكُمْ يَوْمٌ لَا يَرَانِي، ثُمَّ لِأَنْ يَرَانِي أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ مِثْلِ أَهْلِهِ وَمَالِهِ مَعَهُمْ» . رَوَاهُنَّ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ. وَالْأَحَادِيثُ فِي أَمْثَالِ ذَلِكَ كَثِيرَةٌ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 131 699 - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ فُورَكٍ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْأَصْبَهَانِيُّ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، ثنا أَبُو دَاوُدِ الطَّيَالِسِيُّ، ثنا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا عُبَيْدَةَ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَبْسُطَ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ، وَبِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ، حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ بُنْدَارٍ، عَنْ أَبِي دَاوُدَ الحديث: 699 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 131 700 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ بَالَوَيْهِ الْمُزَكِّي، أنا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ الْحَسَنِ الْقَطَّانُ، ثنا قَطَنُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ النَّيْسَابُورِيُّ، ثنا حَفْصُ بْنُ [ص: 132] عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُسْلِمٍ الْعَبْدِيِّ الْهَجَرِيِّ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ الْلَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [ص: 133] " الْأَيْدِي ثَلَاثٌ: يَدُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا، وَيَدُ الْمُعْطِي الَّتِي تَلِيهَا، وَيَدُ السَّائِلِ السُّفْلَى إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَاسْتَعْفِفْ عَنِ السُّؤَالِ مَا اسْتَطَعْتَ ". وَكَذَلِكَ رَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الْهَجَرِيِّ. وَخَالَفَهُمَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ فَرَوَاهُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ مَوْقُوفًا عَلَى عَبْدِ اللَّهِ، وَرَوَاهُ أَبُو الزَّعْرَاءِ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ أَبِيهِ مَالِكِ بْنِ نَضْلَةَ مَرْفُوعًا، فَإِنْ صَحَّ فَإِنَّمَا أَرَادَ ـ وَاللَّهُ أَعْلَمُ ـ تَعْظِيمَ أَمَرِ الصَّدَقَةِ، وَهُوَ كَقَوْلِهِ {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} [الفتح: 10] أَرَادَ تَعْظِيمَ أَمَرِ الْبَيْعَةِ الحديث: 700 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 131 701 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أنا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، ثنا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنِي أَبُو سُفْيَانَ الْمَدِينِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَجْمَعُ اللَّهُ هَذِهِ الْأُمَّةَ عَلَى الضَّلَالَةِ أَبَدًا، وَيَدُ اللَّهِ عَلَى الْجَمَاعَةِ، فَمَنْ شَذَّ شَذَّ فِي [ص: 134] النَّارِ» . أَبُو سُفْيَانَ الْمَدِينِيُّ يُقَالُ: إِنَّهُ سُلَيْمَانُ بْنُ سُفْيَانَ، وَاخْتُلِفَ فِي كُنْيَتِهِ وَلَيْسَ بِمَعْرُوفٍ الحديث: 701 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 133 702 - وَرُوِيَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ: [ص: 136] أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْوَلِيدِ حَسَّانُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَقِيهُ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ خَالِدٍ، ثنا سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ، ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْمُونٍ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ طَاوُسٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ، يُحَدِّثُ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يُحَدِّثُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَجْمَعُ اللَّهُ أُمَّتِي ـ أَوْ قَالَ هَذِهِ الْأُمَّةَ ـ عَلَى الضَّلَالَةِ أَبَدًا، وَيَدُ اللَّهِ عَلَى الْجَمَاعَةِ» . تَفَرَّدَ بِهِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْمُونٍ الْعَدَنِيُّ الحديث: 702 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 134 703 - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَ‍مَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيُّ، أنا يَحْيَى بْنُ إِسْحَاقَ السَّالَحِينِيُّ، أنا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَدُ اللَّهِ مَعَ الْقَاضِي حِينَ يَقْضِي، وَيَدُ اللَّهِ مَعَ الْقَاسِمِ حِينَ يَقْسِمُ» . تَفَرَّدَ بِهِ ابْنُ لَهِيعَةَ. فَإِنْ صَحَّ فَإِنَّمَا أَرَادَ ـ وَاللَّهُ أَعْلَمُ ـ أَنَّهُ مَعَهُ بِالتَّأْيِيدِ وَالنُّصْرَةِ وَكَذَلِكَ هُوَ مَعَ الْجَمَاعَةِ بِالتَّأْيِيدِ وَالنُّصْرَةِ الحديث: 703 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 137 بَابُ مَا ذُكِرَ فِي الْيَمِينِ وَالْكَفِّ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [الزمر: 67] ، وَقَالَ {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ لْأَخَذْنَا مِنهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينُ} [الحاقة: 45] . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 138 704 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، ثنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ بَالَوَيْهِ، ثنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ شَاذَانَ الْجَوْهَرِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ، أنا عَبْدُ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ الْمُبَارَكِ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " يَقْبِضُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَطْوِي السَّمَاءَ بِيَمِينِهِ ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ أَيْنَ مُلُوكُ الْأَرْضِ؟ " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُقَاتِلٍ، وَأَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، وَرَوَاهُ شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ فِي آخَرِينَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، وَكَأَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْهُمَا جَمِيعًا الحديث: 704 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 138 705 - وَقَدْ أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الرُّوذْبَارِيُّ، أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، أَنَّ أَبَا أُسَامَةَ، أَخْبَرَهُمْ عَنْ عُمَرَ بْنِ حَمْزَةَ، قَالَ: قَالَ سَالِمٌ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَطْوِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ السَّمَاوَاتِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: ثُمَّ يَأْخُذُهُنَّ بِيَدِهِ الْيُمْنَى، ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ أَيْنَ الْجَبَّارُونَ؟ أَيْنَ الْمُتَكَبِّرُونَ؟ ثُمَّ يَطْوِي الْأَرَضِينَ يَأْخُذُهُنَّ ". قَالَ ابْنُ الْعَلَاءِ: " بِيَدِهِ الْأُخْرَى ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ، أَيْنَ الْجَبَّارُونَ أَيْنَ الْمُتَكَبِّرُونَ؟ ". 706 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ إِمْلَاءً، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ الْحَرْبِيُّ، وَمُوسَى بْنُ إِسْحَاقَ الْأَنْصَارِيُّ، قَالَا: ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، ثنا أَبُو أُسَامَةَ. فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ نَحْوَهُ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: «ثُمَّ يَطْوِي الْأَرَضِينَ بِشِمَالِهِ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ هَكَذَا. وَذِكْرُ الشِّمَالِ فِيهِ تَفَرَّدَ بِهِ عُمَرُ بْنُ حَمْزَةَ عَنْ سَالِمٍ. وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ نَافِعٌ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مِقْسَمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، لَمْ يَذْكُرَا فِيهِ الشِّمَالَ، وَرَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَغَيْرُهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، [ص: 140] فَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ أَحَدٌ مِنْهُمُ الشِّمَالَ، وَرُوِيَ ذِكْرُ الشِّمَالِ فِي حَدِيثٍ آخَرَ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْقِصَّةِ، إِلَّا أَنَّهُ ضَعِيفٌ بِمَرَّةٍ؛ تَفَرَّدَ بِأَحَدِهِمَا جَعْفَرُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَبِالْآخَرِ يَزِيدُ الرَّقَاشِيُّ، وَهُمَا مَتْرُوكَانِ، وَكَيْفَ يَصِحُّ ذَلِكَ؟ وَصَحِيحٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ سَمَّى كِلْتَيْ يَدَيْهِ يَمِينًا، وَكَأَنَّ مَنْ قَالَ ذَلِكَ أَرْسَلَهُ مِنْ لَفْظِهِ عَلَى مَا وَقَعَ لَهُ، أَوْ عَلَى عَادَةِ الْعَرَبِ فِي ذِكْرِ الشِّمَالِ فِي مُقَابَلَةِ الْيَمِينِ الحديث: 705 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 139 707 - أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ، أنا أَبُو حَامِدِ بْنُ بِلَالٍ الْبَزَّازُ، ثنا يَحْيَى بْنُ الرَّبِيعِ الْمَكِّيُّ، ثنا سُفْيَانُ، أُرَاهُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَوْسٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْمُقْسِطُونَ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ عَلَى يَمِينِ الرَّحْمَنِ، وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ، الَّذِينَ يَعْدِلُونَ فِي حُكْمِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ وَمَا وَلُوا» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ وَغَيْرِهِ عَنْ سُفْيَانَ الحديث: 707 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 140 708 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ الْقَاضِي بِمِصْرَ، ثنا صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى الْقَاضِي، ثنا الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي ذُبَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ [ص: 141] رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ وَنَفَخَ فِيهِ الرُّوحَ عَطَسَ، فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ. فَحَمِدَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ بِإِذْنِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، فَقَالَ لَهُ رَبُّهُ: رَحِمَكَ رَبُّكَ يَا آدَمُ. وَقَالَ لَهُ: يَا آدَمُ اذْهَبْ إِلَى أُولَئِكَ الْمَلَائِكَةِ ـ إِلَى مَلَأٍ مِنْهُمْ جُلُوسٍ ـ فَقُلِ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، فَذَهَبَ فَقَالُوا: وَعَلَيْكَ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى رَبِّهِ فَقَالَ: هَذِهِ تَحِيَّتُكَ وَتَحِيَّةُ بَنِيكَ. وَبَنِيهِمْ فَقَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَهُ ـ وَيَدَاهُ مَقْبُوضَتَانِ ـ اخْتَرْ أَيَّهُمَا شِئْتَ، فَقَالَ: اخْتَرْتُ يَمِينَ رَبِّي، وَكِلْتَا يَدَيْ رَبِّي يَمِينٌ مُبَارَكَةٌ، ثُمَّ بَسَطَهَا فَإِذَا فِيهَا آدَمُ وَذُرِّيَّتُهُ ". [ص: 142] وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. قَوْلُهُ: «رَجَعَ إِلَى رَبِّهِ» . يَعْنِي: إِلَى مُسَاءَلَةِ رَبِّهِ أَوْ إِلَى مَقَامِ نَفْسِهِ الَّذِي يُسْمِعُهُ خِطَابَهُ، وَآدَمُ فِي ذَلِكَ الْمَقَامِ الحديث: 708 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 140 709 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيُّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، ثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي يَحْيَى، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: {وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} [الزمر: 67] قَالَ: وَكِلْتَا يَدَيِ الرَّحْمَنِ يَمِينٌ. قَالَ: قُلْتُ: فَأَيْنَ النَّاسُ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: عَلَى جِسْرِ جَهَنَّمَ الحديث: 709 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 143 710 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، ثنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الشَّيْبَانِيُّ، ثنا حَامِدُ بْنُ أَبِي حَامِدٍ الْمُقْرِئُ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ [ص: 144] أَنَسٍ، يَذْكُرُ ح. وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي نَصْرٍ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُوسَى بْنِ عِيسَى الْقَاضِي، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، فِيمَا قَرَأَ عَلَى مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي [ص: 145] أُنَيْسَةَ، قَالَ: إِنَّ عَبْدَ الْحَمِيدِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ أَخْبَرَهُ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ الْجُهَنِيِّ، قَالَ: إِنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ سُئِلَ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} [الأعراف: 172] الْآيَةَ. فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَسُئِلَ عَنْهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى آدَمَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ثُمَّ مَسَحَ ظَهْرَهُ بِيَمِينِهِ فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ ذُرِّيَّةً، فَقَالَ: خَلَقْتُ هَؤُلَاءِ لِلْجَنَّةِ وَبِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ يَعْمَلُونَ، ثُمَّ مَسَحَ ظَهْرَهُ وَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ ذُرِّيَّةً، فَقَالَ: خَلَقْتُ هَؤُلَاءِ لِلنَّارِ وَبِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ يَعْمَلُونَ ". فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَفِيمَ الْعَمَلُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِذَا خَلَقَ الرَّجُلَ لِلْجَنَّةِ اسْتَعْمَلَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَتَّى يَمُوتَ عَلَى عَمِلٍ مِنْ أَعْمَالِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيُدْخِلَهُ بِهِ الْجَنَّةَ، وَإِذَا خَلَقَ الرَّجُلَ لِلنَّارِ اسْتَعْمَلَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَيُدْخِلَهُ بِهِ النَّارَ» . فِي هَذَا إِرْسَالٌ مُسْلِمُ بْنُ يَسَارٍ لَمْ يُدْرِكْ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الحديث: 710 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 143 711 - أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، أنا أَبُو الْحَسَنِ [ص: 146] مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ زَكَرِيَّا الْأَدِيبُ، ثنا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الْقَبَّانِيُّ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أنا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ، حَدَّثَنِي الزُّبَيْدِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ النَّصْرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَكِيمٍ، قَالَ: " إِنَّ [ص: 147] رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُبْتَدَأُ الْأَعْمَالُ أُمْ قَدْ قُضِيَ الْقَضَاءُ؟ فَقَالَ: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمَّا أَخْرَجَ ذُرِّيَّةَ آدَمَ مِنْ ظَهْرِهِ أُشْهِدُهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ» ح الحديث: 711 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 145 712 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ إِمْلَاءً، أنا أَبُو عَمْرِو بْنُ مَطَرٍ، أنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي حَسَّانَ، ثنا هِشَامُ بْنُ خَالِدٍ، ثنا بَقِيَّةُ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ الزُّبَيْدِيُّ، حَدَّثَنِي رَاشِدُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ قَتَادَةَ النَّصْرِيِّ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَكِيمٍ، قَالَ: إِنَّ رَجُلًا أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُبْتَدَأُ الْأَعْمَالُ أَوْ قَدْ قُضِيَ الْقَضَاءُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَخَذَ ذُرِّيَّةَ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ، ثُمَّ أَفَاضَ بِهِمْ فِي كَفَّيْهِ، فَقَالَ: هَؤُلَاءِ لِلْجَنَّةِ، وَهَؤُلَاءِ لِلنَّارِ، فَأَهَلُ الْجَنَّةِ مُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَأَهْلُ النَّارِ مُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ " الحديث: 712 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 148 713 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ هُوَ الْأَصَمُّ، ثنا الصَّاغَانِيُّ، ثنا أَبُو صَالِحٍ، ثنا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي أُسَيْدٍ، عَنْ أَبِي فِرَاسٍ، مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ [ص: 149] عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ: «لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ آدَمَ نَفَضَهُ نَفْضَ الْمِزْوَدِ فَخَرَّ مِنْهُ مِثْلُ النَّغَفِ، فَقَبَضَ قَبْضَتَيْنِ، فَقَالَ لِمَا فِي الْيَمِينِ فِي الْجَنَّةِ، وَقَالَ لِمَا فِي الْأُخْرَى فِي النَّارِ» . هَذَا مَوْقُوفٌ الحديث: 713 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 148 714 - أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ، أنا أَبُو بَكْرٍ الْقَطَّانُ، ثنا أَبُو الْأَزْهَرِ، ثنا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، ثنا أَبِي ح. وَحَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أنا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُكْرَمٍ بِبَغْدَادَ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّائِغُ، ثنا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَرُّوذِيُّ، ثنا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ كُلْثُومِ بْنِ جَبْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " أَخَذَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى الْمِيثَاقَ مِنْ ظَهْرِ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِنَعْمَانَ ـ يَعْنِي بِعَرَفَةَ ـ فَلَمَّا أَخْرَجَ مِنْ صُلْبِهِ كُلَّ ذُرِّيَّةٍ ذَرَأَهَا نَثَرَهُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ كَالذَّرِّ، ثُمَّ كَلَّمَهُمْ قِبَلًا فَقَالَ: أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ؟ قَالُوا: بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، إِلَى قَوْلِهِ بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ " الحديث: 714 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 149 715 - أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ سَلَمَةَ الْهَمَذَانِيُّ، بِهَا، أنا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ هُوَ الْقَطِيعِيُّ، ثنا بِشْرُ بْنُ مُوسَى، ثنا هَوْذَةُ بْنُ خَلِيفَةَ، ثنا عَوْفٌ، عَنْ قَسَامَةَ بْنِ زُهَيْرٍ، [ص: 150] قَالَ: سَمِعْتُ الْأَشْعَرِيَّ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ خَلَقَ آدَمَ مِنْ قَبْضَةٍ قَبَضَهَا مِنْ جَمِيعِ الْأَرَضِينَ فَجَاءَ بَنُو آدَمَ عَلَى قَدْرِ الْأَرْضِ، فَمِنْهُمُ الْأَحْمَرُ وَالْأَبْيَضُ وَالْأَسْوَدُ وَبَيْنَ ذَلِكَ وَالسَّهْلُ وَالْحَزِنُ وَالْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ» الحديث: 715 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 149 716 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ، أنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أنا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنِ ابْنِ [ص: 151] مَسْعُودٍ، أَوْ سَلْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى خَمَّرَ طِينَةَ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ـ أَوْ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً، شَكَّ يَزِيدُ، ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدِهِ فَمَا كَانَ مِنْ طَيِّبٍ خَرَجَ بِيَمِينِهِ، وَمَا كَانَ مِنْ خَبِيثٍ خَرَجَ بِيَدِهِ الْأُخْرَى، ثُمَّ خَلَطَهُ، فَمِنْ ثَمَّ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ، وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ الحديث: 716 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 150 717 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ، أنا أَبُو مَنْصُورٍ النَّضْرَوِيُّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ نَجْدَةَ، ثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، ثنا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، أَوْ سَلْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ـ قَالَ أَبِي وَلَا أُرَاهُ إِلَّا سَلْمَانَ ـ قَالَ: خَمَّرَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى طِينَةَ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَأَرْبَعِينَ يَوْمًا، ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدِهِ فَخَرَجَ كُلُّ طَيِّبٍ بِيَمِينِهِ، وَكُلُّ خَبِيثٍ بِيَدِهِ الْأُخْرَى، ثُمَّ خَلَطَ بَيْنَهُمَا، فَمِنْ ثَمَّ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَالْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ. هَذَا مَوْقُوفٌ، وَرَوَاهُ غَيْرُهُمَا عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، فَقَالَ: عَنْ سَلْمَانَ مِنْ غَيْرِ شَكٍّ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ سَلْمَانَ كَانَ قَدْ أَخَذَ أَمْثَالَ هَذَا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ حَتَّى أَسْلَمَ بَعْدُ. وَرُوِيَ ذَلِكَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ ضَعِيفٍ عَنِ التَّيْمِيِّ مَرْفُوعًا، وَلَيْسَ بِشَيْءٍ، ثُمَّ تَأْوِيلُهُ مَذْكُورٌ فِي آخِرِ الْبَابِ، وَسَنَرْوِي فِيمَا بَعْدُ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ: أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَمَرَ مَلَكَ الْمَوْتِ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِذَلِكَ فَأَخَذَ مِنْ وَجْهِ الْأَرْضِ وَخَلَطَ الحديث: 717 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 151 718 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ أَحْمَدَ الْخُسْرَوْجِرْدِيُّ، ثنا [ص: 152] دَاوُدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْخُسْرَوْجِرْدِيُّ، ثنا عِيسَى بْنُ حَمَّادٍ، ثنا اللَّيْثُ، ح. وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، أنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الشَّيْبَانِيُّ، ثنا أَبُو عَمْرٍو الْمُسْتَمْلِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّيْدَلَانِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ شَاذَانَ، قَالُوا: ثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، ثنا اللَّيْثُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا تَصَدَّقَ أَحَدٌ بِصَدَقَةٍ مِنْ طَيِّبٍ ـ وَلَا يَقْبَلُ اللَّهُ إِلَّا الطَّيِّبَ ـ إِلَّا أَخَذَهَا الرَّحْمَنُ بِيَمِينِهِ، وَإِنْ كَانَتْ تَمْرَةً فَتَرْبُو فِي كَفِّ الرَّحْمَنِ حَتَّى تَكُونَ أَعْظَمَ مِنَ الْجَبَلِ كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ أَوْ فَصِيلَهُ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ قُتَيْبَةَ بْنِ سَعِيدٍ، وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ، إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ لَفْظَ الْكَفِّ فِي حَدِيثِهِ الحديث: 718 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 151 719 - أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ، أنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْقَطَّانُ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ السُّلَمِيُّ، ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أنا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، قَالَ: هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَمِينُ اللَّهِ مَلْأَى لَا يَغِيضُهَا نَفَقَةٌ سَحَّاءُ [ص: 153] اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ، أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْفَقَ مُنْذُ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، فَإِنَّهُ لَمْ يَنْقُصْ مِمَّا فِي يَمِينِهِ، قَالَ: وَعَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ وَبِيَدِهِ الْأُخْرَى الْقَبْضُ، يَرْفَعُ وَيَخْفِضُ ". رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ، كِلَاهُمَا عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَقَالَ: " يَدُ اللَّهِ مَلْأَى، وَقَالَ: وَبِيَدِهِ الْمِيزَانُ يَخْفِضُ وَيَرْفَعُ " الحديث: 719 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 152 720 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَا: ثنا أًبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى بْنِ أَسَدٍ، ثنا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُبَلِّغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " ابْنَ آدَمَ أَنْفِقْ أُنْفِقْ عَلَيْكَ، وَقَالَ: يَمِينُ اللَّهِ مَلْأَى سَحَّاءُ لَا يَغِيضُهَا شَيْءٌ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ". أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُيَيْنَةَ الحديث: 720 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 153 721 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ، أنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيُّ، ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أنا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسٍ، [ص: 154] رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَعَدَنِي أَنْ يُدْخِلَ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي أَرْبَعَمِائَةِ أَلْفٍ» . فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: زِدْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: «وَهَكَذَا» وَجَمَعَ يَدَيْهِ. قَالَ: زِدْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «وَهَكَذَا» . فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: حَسْبُكَ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: دَعْنِي يَا عُمَرُ وَمَا عَلَيْكَ أَنْ يُدْخِلَنَا الْجَنَّةَ كُلَّنَا؟ فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِنْ شَاءَ أَدْخَلَ خَلْقَهُ الْجَنَّةَ بِكَفٍّ وَاحِدَةٍ، فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «صَدَقَ عُمَرُ» . وَرَوَاهُ خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ أَوْ عَنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِالشَّكِّ. 722 - أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثنا خَلَفٌ، ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، فَذَكَرَهُ. وَرَوَاهُ مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ [ص: 155] قَتَادَةَ مَرَّةً، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ وَمَرَّةً، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِي عُمَيْرٍ، وَقَالَ: فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِنْ شَاءَ أَدْخَلَ النَّاسَ الْجَنَّةَ جُمْلَةً وَاحِدَةً، وَقَالَ فِي ابْتِدَائِهِ. فَقَالَ عُمَيْرٌ، بَدَلَ أَبِي بَكْرٍ الحديث: 721 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 153 723 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ نَظِيفٍ بِمَكَّةَ قَالَ: ثنا أَبُو الْحُسَيْنِ أَحْمَدُ بْنُ مَحْمُودٍ الشَّمْعِيُّ إِمْلَاءً، ثنا خَلَفُ بْنُ عَمْرٍو الْعُكْبَرِيُّ، ثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ [ص: 157] يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَعَدَنِي رَبِّي أَنْ يُدْخِلَ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعِينَ أَلْفًا مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ سَبْعِينَ أَلْفًا وَثَلَاثَ حَثَيَاتٍ مِنْ حَثَيَاتِ رَبِّي» . تَابَعَهُ بَقِيَّةٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِالشَّكِّ، وَرُوِيَ عَنْ غَيْرِهِمَا عَنْهُ بِلَا شَكٍّ وَفِيهِ ضَعْفٌ قُلْتُ: أَمَّا الْمُتَقَدِّمُونَ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ فَإِنَّهُمْ لَمْ يُفَسِّرُوا مَا كَتَبْنَا مِنَ الْآيَتَيْنِ وَالْأَخْبَارِ [ص: 158] فِي هَذَا الْبَابِ مَعَ اعْتِقَادِهِمْ بِأَجْمَعِهِمْ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَاحِدٌ لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ التَّبْعِيضُ الحديث: 723 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 156 724 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْمُنَادِي، ثنا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا شَيْبَانُ النَّحْوِيُّ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلَهُ: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} [الزمر: 67] لَمْ يُفَسِّرْهَا قَتَادَةُ الحديث: 724 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 158 725 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ حَمْشٍ، سَمِعْتُ أَبَا الْعَبَّاسِ الْأَزْهَرِيَّ، سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ يَعْقُوبَ الطَّالْقَانِيَّ، سَمِعْتُ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ، يَقُولُ: كُلُّ مَا وَصَفَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ نَفْسِهِ فِي كِتَابِهِ فَتَفْسِيرُهُ تِلَاوَتُهُ وَالسُّكُوتُ عَلَيْهِ الحديث: 725 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 158 726 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، قَالَ سَمِعْتُ خَلَفَ بْنَ مُحَمَّدٍ الْبُخَارِيَّ , [ص: 159] سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ هَارُونُ الْكَرَابِيسِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي حَفْصٍ قَالَ ـ قَالَ الشَّيْخُ: يَعْنِي أَبَاهُ ـ: قَالَ أَفْلَحُ بْنُ مُحَمَّدٍ: قُلْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، إِنِّي أَكْرَهُ الصِّفَةَ ـ عَنَى صِفَةَ الرَّبِّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ـ. فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ: أَنَا أَشَدُّ النَّاسِ كَرَاهِيَةً لِذَلِكَ، وَلَكِنْ إِذَا نَطَقَ الْكِتَابُ بِشَيْءٍ جَسَرْنَا عَلَيْهِ، وَإِذَا جَاءَتِ الْأَحَادِيثُ الْمُسْتَفِيضَةُ الظَّاهِرَةُ تَكَلَّمْنَا بِهِ. قُلْتُ: وَإِنَّمَا أَرَادَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ الْأَوْصَافَ الْخَبَرِيَّةَ، ثُمَّ تَكَلُّمُهُمْ بِهَا عَلَى نَحْوِ مَا وَرَدَ بِهِ الْخَبَرُ لَا يُجَاوِزُونَهُ. وَذَهَبَ بَعْضُ أَهْلِ النَّظَرِ مِنْهُمْ إِلَى أَنَّ الْيَمِينَ يُرَادُ بِهِ الْيَدُ وَالْكَفُّ عِبَارَةً عَنِ الْيَدِ، وَالْيَدُ لِلَّهِ تَعَالَى صِفَةٌ بِلَا جَارِحَةٍ، فَكُلُّ مَوْضِعٍ ذُكِرَتْ فِيهِ مِنْ كِتَابٍ وَسُنَّةٍ صَحِيحَةٍ فَالْمُرَادُ بِذِكْرِهَا تَعَلُّقِهَا بِالْكَائِنِ الْمَذْكُورِ مَعَهَا، مِنَ الطَّيِّ وَالْأَخْذِ، وَالْقَبْضِ وَالْبَسْطِ، وَالْمَسْحِ، وَالْقَبُولِ، وَالْإِنْفَاقِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ تَعَلَّقَ الصِّفَةِ الذَّاتِيَّةِ بِمُقْتَضَاهَا مِنْ غَيْرِ مُبَاشَرَةٍ وَلَا مُمَاسَّةٍ، وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ تَشْبِيهٌ بِحَالٍ. وَذَهَبَ آخَرُونَ إِلَى أَنَّ الْقَبْضَةَ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ قَدْ يَكُونُ بِالْجَارِحَةِ تَعَالَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ عُلُوًّا كَبِيرًا، وَقَدْ يَكُونُ بِمَعْنَى الْمُلْكِ وَالْقُدْرَةِ يُقَالُ: مَا فُلَانٌ إِلَّا فِي قَبْضَتِي. يَعْنِي: مَا فُلَانٌ إِلَّا فِي قُدْرَتِي. وَالنَّاسُ يَقُولُونَ: الْأَشْيَاءُ فِي قَبْضَةِ اللَّهِ. يُرِيدُونَ فِي مُلْكِهِ وَقُدْرَتِهِ، وَقَدْ تَكُونُ بِمَعْنَى إِفْنَاءِ الشَّيْءِ وَإِذْهَابِهِ، يُقَالُ: فُلَانٌ قَبَضَهُ اللَّهُ بِمَعْنَى أَنَّهُ أَفْنَاهُ وَأَذْهَبَهُ مِنْ دَارِ الدُّنْيَا فَقَوْلُهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ {وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [الزمر: 67] يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ: وَالْأَرْضُ جَمِيعًا ذَاهِبَةٌ فَانِيَةٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِقُدْرَتِهِ عَلَى إِفْنَائِهَا وَقَوْلُهُ {وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} [الزمر: 67] ، لَيْسَ يُرِيدُ بِهِ طَيًّا بِعِلَاجٍ وَانْتِصَابٍ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِهِ الْفِنَاءُ وَالذِّهَابُ. [ص: 160] يُقَالُ: قَدِ انْطَوَى عَنَّا مَا كُنَّا فِيهِ، وَجَاءَنَا غَيْرُهُ، وَانْطَوى عَنَّا دَهْرٌ بِمَعْنَى الْمُضِيِّ وَالذِّهَابِ، وَقَوْلُهُ: {بِيَمِينِهِ} [الزمر: 67] ، يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ إِخْبَارًا عَنِ الْمِلْكِ وَالْقُدْرَةِ، كَقَوْلِهِ: {مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [الروم: 28] يُرِيدُ بِهِ الْمِلْكَ، وَقَدْ قِيلَ: قَوْلُهُ: {مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} [الزمر: 67] يُرِيدُ بِهِ ذَاهِبَاتٍ بِقَسَمِهِ، أَيْ أَقْسَمَ لَيُفْنِيَهَا، وَقَوْلُهُ: {لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ} [الحاقة: 45] أيْ بِالْقُوَّةِ وَالْقُدْرَةِ، أَيْ: أَخَذْنَا قُدْرَتَهُ وَقُوَّتَهُ. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: أَيْ لَأَخَذْنَا بِيَمِينِهِ، فَمَعْنَاهُ التَّصَرُّفُ، {ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ} [الحاقة: 46] أَيْ عِرْقًا فِي الْقَلْبِ. وَقِيلَ: هُوَ حَبْلُ الْقَلْبِ إِذَا انْقَطَعَ مَاتَ صَاحِبُهُ. 727 - أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، ثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْجَهْمِ قَالَ: قَالَ الْفَرَّاءُ: " الْيَمِينُ: الْقُوَّةُ وَالْقُدْرَةُ، قَالَ الشَّاعِرُ: [البحر الوافر] إِذَا مَا رَايَةٌ رُفِعَتْ لِمَجْدٍ ... تَلَقَّاهَا عَرَابَةُ بِالْيَمِينِ وَقَالَ فِي قَوْلِهِ: {لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ} [الحاقة: 45] بِالْقُدْرَةِ وَالْقُوَّةِ، وَقَالَ فِي قَوْلِهِ: {كُنْتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ} [الصافات: 28] يَقُولُ: كُنْتُمْ تَأْتُونَنَا مِنْ قِبَلِ الدِّينِ. أَيْ تَأْتُونَنَا تَخْدَعُونَنَا بِأَقْوَى الْوُجُوهِ. قَالُوا: وَالْيَمِينُ الْمَذْكُورُ فِي الْأَخْبَارِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا مَحْمُولٌ فِي بَعْضِهَا عَلَى الْقُوَّةِ وَالْقُدْرَةِ، وَهُوَ مَا فِي الْأَخْبَارِ الَّتِي وَرَدَتْ عَلَى وِفْقِ الْآيَةِ، وَفِي بَعْضِهَا عَلَى حُسْنِ الْقَبُولِ، لِأَنَّ فِي عُرْفِ النَّاسِ أَنَّ أَيْمَانَهُمْ تَكُونُ مُرْصَدَةً لِمَا عَزَّ مِنَ الْأُمُورِ، وَشَمَائِلُهُمْ لِمَا هَانَ مِنْهَا، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: فُلَانٌ عِنْدَنَا بِالْيَمِينِ، أَيْ بِالْمَحِلِّ الْجَلِيلِ. وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ: [ص: 161] [البحر الوافر] أَقُولُ لِنَاقَتِي إِذْ بَلَّغَتْنِي ... لَقَدْ أَصْبَحْتِ عِنْدِي بِالْيَمِينِ أَيْ بِالْمَحِلِّ الْجَلِيلِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: «كِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ» . فَإِنَّهُ أَرَادَ بِذَلِكَ التَّمَامَ وَالْكَمَالَ، وَكَانَتِ الْعَرَبُ تُحِبُّ التَّيَامُنَ وَتَكْرَهُ التَّيَاسُرَ لِمَا فِي التَّيَاسُرِ مِنَ النُّقْصَانِ وَفِي التَّيَامُنِ مِنَ التَّمَامِ. وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: «لِيسَ فِيمَا يُضَافُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ صِفَةِ الْيَدَيْنِ شِمَالٌ لِأَنَّ الشِّمَالَ مَحَلُ النَّقْصِ وَالضَّعْفِ، وَقَدْ رُوِيَ كِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ، وَلَيْسَ مَعْنَى الْيَدِ عِنْدَنَا الْجَارِحَةَ، إِنَّمَا هُوَ صِفَةٌ جَاءَ بِهَا التَّوْقِيفُ، فَنَحْنُ نُطْلِقُهَا عَلَى مَا جَاءَتْ وَلَا نُكَيِّفُهَا، وَنَنْتَهِي إِلَى حَيْثُ انْتَهَى بِنَا الْكِتَابُ وَالْأَخْبَارُ الْمَأْثُورَةُ الصَّحِيحَةُ وَهُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ» . قُلْتُ: وَأَمَّا قَوْلُهُ: «فِي كَفِّ الرَّحْمَنِ» . فَمَعْنَاهُ عِنْدَ أَهْلِ النَّظَرِ: فِي مِلْكِهِ وَسُلْطَانِهِ الحديث: 726 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 158 728 - وَمِنْهُ قَوْلُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، إِنْ صَحَّ، فِيمَا أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ، أنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الضَّبُعِيُّ، نا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زِيَادٍ، نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُتْبَةَ الْخَزَّازُ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عَمْرٍو الْأَسَدِيِّ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ ثَلْجٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَثِيرًا مَا يَخْطُبُ كَانَ يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ: [ص: 162] [البحر المتقارب] خَفِّضْ عَلَيْكَ فَإِنَّ الْأُمُورَ بِكَفِّ الْإِلَهِ مَقَادِيرُهَا فَلَيْسَ بِآتِيكَ مَنْهِيُّهَا وَلَا قَاصِرٌ عَنْكَ مَأْمُورُهَا قَالَ أَهْلُ النَّظَرِ: قَوْلُهُ: «بِكَفِّ الْإِلَهِ» . أَيْ فِي مُلْكِ الْإِلَهِ وَقُدْرَتِهِ، وَقَدْ تَكُونُ الْكَفُّ فِي مِثْلِ مَا وَرَدَ فِي الْخَبَرِ الْمَرْفُوعِ بِمَعْنَى النِّعْمَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَوْلُهُ: «يَمِينُ اللَّهِ مَلْأَى» . يُرِيدُ كَثْرَةَ نَعْمَائِهِ قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ رَحِمَهُ اللَّهُ: " وَقَوْلُهُ: «لَا يَغِيضُهَا نَفَقَةٌ» . يُرِيدُ: لَا يُنْقِصُهَا، وَأَصْلُهُ مِنْ غَاضَ الْمَاءُ إِذَا ذَهَبَ فِي الْأَرْضِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: هَذَا غَيْضٌ مِنْ فَيْضٍ، أَيْ: قَلِيلٌ مِنْ كَثِيرٍ". وَقَوْلُهُ: «سَحَّاءُ» ، السَّحُ السَّيَلَانُ: يُرِيدُ كَأَنَّهَا لِامْتِلَائِهَا تَسِيلُ بِالْعَطَاءِ أَبَدًا. وَالسَّحُ وَالصَّبُّ مَثَلٌ فِي هَذَا. وَقَوْلُهُ: «بِيَدِهِ الْمِيزَانُ يَخْفِضُ وَيَرْفَعُ» ، فَالْمِيزَانُ هَهُنَا أَيْضًا مَثَلٌ، وَإِنَّمَا هُوَ قِسْمَتُهُ بِالْعَدْلِ بَيْنَ الْخَلْقِ، يَخْفِضُ مِنْ يَشَاءُ أَنْ يَضَعَهُ، وَيَرْفَعُ مَنْ يَشَاءُ أَنْ يَرْفَعَهُ، وَيُوَسِّعُ الرِّزْقَ عَلَى مَنْ يَشَاءُ، وَيَقْتُرُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ، كَمَا يَصْنَعُهُ الْوَزَّانُ عِنْدَ الْوَزْنِ، يَرْفَعُ مَرَّةً وَيَخْفِضُ أُخْرَى الحديث: 728 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 161 729 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، نا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ، أنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زِيَادٍ، ح. قَالَ: وَحَدَّثَنَا أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ الْفَقِيهُ بِبُخَارَى، أنا صَالِحُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَبِيبٍ الْحَافِظُ، قَالَا: نا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْوَاسِطِيُّ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُؤَمَّلِ، سَمِعْتُ عَطَاءً، يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَأْتِي الرُّكْنُ يَوْمَ [ص: 163] الْقِيَامَةِ، أَعْظَمُ مِنْ أَبِي قُبَيْسٍ، لَهُ لِسَانٌ وَشَفَتَانِ، يَتَكَلَّمُ عَمَّنِ اسْتَلَمَهُ بِالنِّيَّةِ، وَهُوَ يَمِينُ اللَّهِ الَّتِي يُصَافِحُ بِهَا خَلْقَهُ» . قَالَ أَهْلُ النَّظَرِ: الْيَمِينُ هَهُنَا عِبَارَةٌ عَنِ النِّعْمَةِ، وَقِيلَ: إِنَّهُ تَمْثِيلٌ، فَإِنَّ الْمَلِكَ إِذَا صَافِحَ رَجُلًا قَبَّلَ الرَّجُلُ يَدَهُ، وَفِي إِسْنَادِ الْحَدِيثِ ضَعْفٌ الحديث: 729 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 162 بَابُ مَا ذُكِرَ فِي الْأَصَابِعِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 164 730 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ الْأَصْبَهَانِيُّ، أنا أَبُو سَعِيدِ بْنُ الْأَعْرَابِيِّ، نا سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ، نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فَقَالَ: يَا أَبَا الْقَاسِمِ أَبَلَغَكَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَحْمِلُ السَّمَاوَاتِ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالْأَرَضِينَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالشَّجَرَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالثَّرَى عَلَى إِصْبَعٍ، وَالْخَلَائِقَ عَلَى إِصْبَعٍ؟ فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ، وَأَنْزَلَ اللَّهُ جَلَّ، ثَنَاؤُهُ: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} [الزمر: 67] . رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ. 731 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، نا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحَ بْنَ هَانِئٍ، وَأَبُو الْفَضْلِ الْحَسَنُ بْنُ يَعْقُوبَ، وَأَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، قَالُوا: نا [ص: 165] السَّرِيُّ بْنُ خُزَيْمَةَ، نا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، نا أَبِي، نا الْأَعْمَشُ، قَالَ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عَلْقَمَةَ، يَقُولُ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: جَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَهُ بِنَحْوِهِ، لَمْ يَقُلْ: أَبَلَغَكَ؟ زَادَ ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ، أَنَا الْمَلِكُ، قَالَ: فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ: ثُمَّ قَالَ: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} [الأنعام: 91] . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ جَمِيعًا، عَنْ عُمَرَ بْنِ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو عَوَانَةَ وَعِيسَى بْنِ يُونُسَ وَغَيْرُهُمَا عَنِ الْأَعْمَشِ. وَرَوَاهُ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنِ الْأَعْمَشِ، وَزَادَ فِيهِ فَلَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ: تَصْدِيقًا لَهُ: تَعَجُّبًا لِمَا قَالَ. 732 - أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أنا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، نا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، نا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: جَاءَ حَبْرٌ مِنَ الْيَهُودِ إِلَى رَسُولَ اللَّهَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ جَعَلَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ عَلَى إِصْبَعٍ، فَذَكَرَهُ، وَلَيْسَ فِي حَدِيثِهِ: وَالْخَلَائِقُ عَلَى إِصْبَعٍ وَلَكِنْ فِي حَدِيثِهِ: وَالْجِبَالُ عَلَى إِصْبَعٍ، وَزَادَ مَا ذَكَرْنَا. رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ الحديث: 730 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 164 733 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بِشْرَانَ الْعَدْلُ بِبَغْدَادَ، ثنا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو الرَّزَّازُ، نا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ، نا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، نا شَيْبَانُ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبِيْدَةَ السَّلْمَانِيَّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: جَاءَ حَبْرٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ ـ أَوْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ـ إِنَّ اللَّهَ جَعَلَ السَّمَاوَاتِ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالْأَرَضِينَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالْجِبَالَ وَالشَّجَرَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالْمَاءَ وَالثَّرَى عَلَى إِصْبَعٍ، وَسَائِرَ الْخَلْقِ عَلَى إِصْبَعٍ، فَيَهُزُّهُنَّ فَيَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ، قَالَ: فَضَحِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ تَصْدِيقًا لِقَوْلِ الْحَبْرِ، ثُمَّ قَالَ: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [الزمر: 67] إِلَى آخِرِ الْآيَةِ " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ آدَمَ عَنْ شَيْبَانَ. 734 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ بِبَغْدَادَ، نا أَبُو سَهْلِ بْنُ زِيَادٍ الْقَطَّانُ، نا أَبُو إِسْمَاعِيلَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ، نا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ أَبُو الرَّبِيعِ، ثنا [ص: 167] عَمَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَجَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ مَنْصُورٍ، فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ نَحْوَهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: جَاءَ حَبْرٌ مِنَ الْيَهُودِ فَقَالَ: يَضَعُ السَّمَاوَاتِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى إِصْبَعٍ، وَقَالَ تَعَجُّبًا لَهُ: تَصْدِيقًا لَهُ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ جَرِيرٍ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ مَنْصُورٍ، وَرَوَاهُ الثَّوْرِيُّ عَنْ مَنْصُورٍ وَسُلَيْمَانَ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبِيدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ لَمْ يَقُلْ: تَصْدِيقًا لَهُ الحديث: 733 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 166 735 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ دَاوُدَ الْعَلَوِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ، أنا أَبُو حَامِدِ بْنُ الشَّرْقِيِّ، نا أَبُو الْأَزْهَرِ السَّلِيطِيِّ، نا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ الْغَنَوِيُّ، نا أَسْبَاطُ بْنُ [ص: 168] نَصْرٍ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ خَيْثَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ جَاءَهُ حَبْرٌ مِنْ أَحْبَارِ الْيَهُودِ، فَجَلَسَ إِلَيْهِ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «حَدِّثْنَا» . قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ جَعَلَ السَّمَاوَاتِ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالْأَرَضِينَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالْجِبَالَ عَلَى إِصْبَعٍ وَالْمَاءَ وَالشَّجَرَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَجَمِيعَ الْخَلَائِقِ عَلَى إِصْبَعٍ ثُمَّ يَهُزُّهُنَّ يَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ. فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ تَصْدِيقًا لِمَا قَالَ. ثُمَّ قَرَأَ الْآيَةَ: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [الزمر: 67] إِلَى قَوْلِهِ: {سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [الزمر: 67] قَرَأَهَا كُلَّهَا. وَكَذَلِكَ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي الْحُنَيْنِ الْكُوفِيِّ عَنِ الْغَنَوِيِّ. قَالَ الشَّيْخُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَمَّا الْمُتَقَدِّمُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا فَإِنَّهُمْ لَمْ يَشْتَغِلُوا بِتَأْوِيلِ هَذَا الْحَدِيثِ، وَمَا جَرَى مَجْرَاهُ، وَإِنَّمَا فَهِمُوا مِنْهُ وَمِنْ أَمْثَالِهِ مَا سَيقَ لِأَجْلِهِ مِنْ إِظْهَارِ قُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَعِظَمِ شَأْنِهِ، وَأَمَّا الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْهُمْ فَإِنَّهُمْ تَكَلَّمُوا فِي تَأْوِيلِهِ بِمَا يَحْتَمِلُهُ؛ فَذَهَبَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ إِلَى أَنَّ الْأَصْلَ فِي هَذَا وَمَا أَشْبَهَهُ فِي إِثْبَاتِ الصِّفَاتِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ بِكِتَابٍ نَاطِقٍ أَوْ خَبَرٍ مَقْطُوعٍ بِصَحَّتِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُونَا فِيمَا يَثْبُتُ مِنْ أَخْبَارِ الْآحَادِ الْمُسْتَنِدَةِ إِلَى أَصْلٍ فِي الْكِتَابِ أَوْ فِي السُّنَّةِ الْمَقْطُوعِ بِصِحَّتِهَا أَوْ بِمُوَافَقَةِ مَعَانِيهَا، وَمِمَّا كَانَ بِخِلَافِ ذَلِكَ فَالتَّوَقُّفُ عَنْ إِطْلَاقِ الِاسْمِ بِهِ هُوَ الْوَاجِبُ، وَيُتَأَوَّلُ حِينَئِذٍ عَلَى مَا يَلِيقُ بِمَعَانِي الْأُصُولِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا مِنْ أَقَاوِيلِ أَهْلِ الدِّينِ وَالْعِلْمِ مَعَ نَفْيِ التَّشْبِيهِ فِيهِ، هَذَا هُوَ الْأَصْلُ الَّذِي نَبْنِي عَلَيْهِ الْكَلَامَ [ص: 169] وَنَعْتَمِدُهُ فِي هَذَا الْبَابِ، وَذِكْرُ الْأَصَابِعِ لَمْ يُوجَدْ فِي شَيْءٍ مِنَ الْكِتَابِ وَلَا مِنَ السُّنَّةِ الَّتِي شَرْطُهَا فِي الثُّبُوتِ مَا وَصَفْنَاهُ، وَلَيْسَ مَعْنَى الْيَدِ فِي الصِّفَاتِ، بِمَعْنَى الْجَارِحَةِ حَتَّى يُتَوَهَّمَ بِثُبُوتِهَا ثُبُوتُ الْأَصَابِعَ، بَلْ هُوَ تَوْقِيفٌ شَرْعِيُّ، أَطْلَقْنَا الِاسْمَ فِيهِ عَلَى مَا جَاءَ بِهَ الْكِتَابُ مِنْ غَيْرِ تَكْيِيفٍ وَلَا تَشْبِيهٍ فَخَرَجَ بِذَلِكَ عَنْ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَصْلٌ فِي الْكِتَابِ أَوِ السُّنَّةِ أَوْ أَنْ يَكُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ مَعَانِيهَا، وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ عَبْدِ اللَّهِ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِ عُبَيْدَةَ، فَلَمْ يُذْكَرْ فِيهِ قَوْلُهُ: «تَصْدِيقًا لِقَوْلِ الْحَبْرِ» . قَالَ الشَّيْخُ: قَدْ رُوِّينَا مُتَابَعَةَ عَلْقَمَةَ إِيَّاهُ فِي ذَلِكَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ عَنْهُ. قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: وَالْيَهُودُ مُشَبِّهَةٌ، وَفِيمَا يَدَّعُونَهُ مَنَزَّلًا فِي التَّوْرَاةِ أَلْفَاظٌ تَدْخُلُ فِي بَابِ التَّشْبِيهِ، لَيْسَ الْقَوْلُ بِهَا مِنْ مَذَاهِبِ الْمُسْلِمِينَ، وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «مَا حَدَّثَكُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ فَلَا تُصَدِّقُوهُمْ وَلَا تُكَذِّبُوهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ» . وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْلَى الْخَلْقِ بِأَنْ يَكُونَ قَدِ اسْتَعْمَلَهُ مَعَ هَذَا الْحَبْرِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَنْطِقْ فِيهِ بِحَرْفٍ تَصْدِيقًا لَهُ أَوْ تَكْذِيبًا، إِنَّمَا ظَهْرَ مِنْهُ فِي ذَلِكَ الضَّحِكُ الْمُخَيِّلُ لِلرِّضَا مَرَّةً، وَالتَّعَجُّبِ وَالْإِنْكَارِ أُخْرَى، ثُمَّ تَلَا الْآيَةَ، وَالْآيَةُ مُحْتَمِلَةٌ لِلْوَجْهَيْنِ مَعًا؛ وَلَيْسَ فِيهَا لِلْأَصَابِعِ ذِكْرٌ، وَقَوْلُ مَنْ قَالَ مِنَ الرُّوَاةِ: «تَصْدِيقًا لِقَوْلِ الْحَبْرِ» . ظَنٌّ وَحُسْبَانٌ، وَالْأَمْرُ فِيهِ ضَعِيفٌ، إِذْ كَانَ لَا تُمَحَّضُ شَهَادَتُهُ لِأَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، وَرُبَّمَا اسْتَدَلَّ الْمُسْتَدِلُّ بِحُمْرَةِ اللَّوْنِ عَلَى الْخَجَلِ، وَبِصُفْرَتِهِ عَلَى الْوَجَلِ، وَذَلِكَ غَالِبٌ [ص: 170] مَجْرَى الْعَادَةِ فِي مِثْلِهِ، ثُمَّ لَا يَخْلُو ذَلِكَ مِنِ ارْتِيَابٍ وَشَكٍّ فِي صَدْقِ الشَّهَادَةِ مِنْهُمَا بِذَلِكَ لِجَوَازِ أَنْ تَكُونَ الْحُمْرَةُ لِهَيَاجِ دَمٍ وَزِيَادَةِ مِقْدَارٍ لَهُ فِي الْبَدَنِ، وَأَنْ تَكُونَ الصُّفْرَةُ لِهَيَاجِ مَوَادٍّ وَثَوَرَانِ خَلْطٍ، وَنَحْوَ ذَلِكَ، فَالِاسْتِدْلَالِ بِالتَّبَسُّمِ وَالضَّحِكِ فِي مِثْلِ هَذَا الْأَمْرِ الْجَسِيمِ قَدْرُهُ، الْجَلِيلِ خَطَرُهُ غَيْرُ سَائِغٍ مَعَ تَكَافُؤِ وَجْهَيِ الدَّلَالَةِ الْمُتَعَارِضَيْنِ فِيهِ، وَلَوْ صَحَّ الْخَبَرُ مِنْ طَرِيقِ الرِّوَايَةِ كَانَ ظَاهَرَ اللَّفْظِ مِنْهُ مُتَأَوَّلًا عَلَى نَوْعٍ مِنَ الْمَجَازِ أَوْ ضَرْبٍ مِنَ التَّمْثِيلِ، قَدْ جَرَتْ بِهِ عَادَةُ الْكَلَامِ بَيْنَ النَّاسِ فِي عُرْفِ تَخَاطُبِهِمْ، فَيَكُونُ الْمَعْنَى فِي ذَلِكَ عَلَى تَأْوِيلِ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} [الزمر: 67] أَيْ قَدَّرْتُهُ عَلَى طَيِّهَا، وَسُهُولَةُ الْأَمْرِ فِي جَمْعِهَا، وَقِلَّةُ اعْتِيَاصِهَا عَلَيْهِ بِمَنْزِلَةِ مَنْ جَمَعَ شَيْئًا فِي كَفِّهِ فَاسْتَخَفَّ حِمْلَهُ فَلَمْ يَشْتَمِلْ بِجَمِيعِ كَفِّهِ عَلَيْهِ لَكِنَّهُ يُقِلُّهُ بِبَعْضِ أَصَابِعِهِ، فَقَدْ يَقُولُ الْإِنْسَانُ فِي الْأَمْرِ الشَّاقِ إِذَا أُضِيفَ إِلَى الرَّجُلِ الْقَوِيِّ الْمُسْتَقِلُّ بِعِبْئِهِ: إِنَّهُ لَيَأْتِي عَلَيْهِ بِأُصْبُعٍ وَاحِدَةٍ أَوْ أَنَّهُ يَعْمَلُهُ بِخِنْصَرِهِ، أَوْ أَنَّهُ يَكْفِيهِ بِصُغْرَى أَصَابِعِهِ، أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْكَلَامِ الَّذِي يُرَادُ بِهِ الِاسْتِظْهَارُ فِي الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ، وَالِاسْتِهَانَةُ بِهِ كَقَوْلِ الشَّاعِرِ: [البحر السريع] الرُّمْحُ لَا أَمْلَأُ كَفِّي بِهِ ... وَاللِّبْدُ لَا أَتْبَعُ تَزْوَالَهُ يُرِيدُ أَنَّهُ لَا يَتَكَلَّفُ أَنْ يَجْمَعَ كَفَّهُ فَيَشْتَمِلُ بِهَا كُلِّهَا عَلَى الرُّمْحِ لَكِنْ يَطْعُنُ بِهِ خِلْسًا بِأَطْرَافِ أَصَابِعِهِ. قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: " وَيُؤَكِّدُ مَا ذَهَبْنَا إِلَيْهِ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ الحديث: 735 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 167 736 - يَعْنِي مَا أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ أنا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، نا عُبَيْدُ بْنُ شَرِيكٍ، نا ابْنُ عُفَيْرٍ، نا اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ مُسَافِرٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي [ص: 171] هُرَيْرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " يَقْبِضُ اللَّهُ الْأَرْضَ وَيَطْوِي السَّمَاءَ بِيَمِينِهِ، ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ أَيْنَ مُلُوكُ الْأَرْضِ؟ " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عُفَيْرٍ. قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ رَحِمَهُ اللَّهُ: " فَهَذَا قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَفْظُهُ جَاءَ عَلَى وِفَاقِ الْآيَةِ مِنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} [الزمر: 67] لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الْأَصَابِعِ، وَتَقْسِيمُ الْخَلِيقَةِ عَلَى أَعْدَادِهَا، فَدُلَّ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ تَخْلِيطِ الْيَهُودِ وَتَحْرِيفِهِمْ، وَأَنَّ ضَحِكَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا كَانَ عَلَى مَعْنَى التَّعَجُّبِ مِنْهُ وَالنَّكِيرُ لَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ " الحديث: 736 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 170 737 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو بَكْرٍ الْقَاضِي قَالَا: نا أَبُو الْعَبَّاسِ هُوَ الْأَصَمُّ، نا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ، نا الْحَسَنُ يَعْنِي ابْنَ عَطِيَّةَ، عَنْ يَعْقُوبَ الْقُمِّيِّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي الْمُغِيرَةِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: إِنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى وَصَفُوا الرَّبَّ عَزَّ وَجَلَّ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} [الأنعام: 91] ثُمَّ بَيَّنَ لِلنَّاسِ عَظَمَتَهُ، فَقَالَ: {وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ [ص: 172] وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [الزمر: 67] فَجَعَلَ وَصْفَهُمْ ذَلِكَ شِرْكًا. هَذَا الْأَثَرُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ إِنْ صَحَّ يُؤَكِّدُ مَا قَالَهُ أَبُو سُلَيْمَانَ رَحِمَهُ اللَّهُ. وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَهْدِيٍّ الطَّبَرِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: إِنَّا لَا نُنْكِرُ هَذَا الْحَدِيثَ وَلَا نُبْطِلُهُ لِصِحَّةِ سَنَدِهِ، وَلَكِنْ لَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ يَجْعَلُ ذَلِكَ عَلَى إِصْبَعِ نَفْسِهِ، وَإِنَّمَا فِيهِ أَنَّهُ يَجْعَلُ ذَلِكَ عَلَى إِصْبَعٍ، فَيُحْتَمَلَ أَنَّهُ أَرَادَ إِصْبَعًا مِنْ أَصَابِعِ خَلْقِهِ قَالَ: وَإِذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فِي الْخَبَرِ لَمْ يَجِبْ أَنْ يَجْعَلَ لِلَّهِ إِصْبَعًا الحديث: 737 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 171 738 - وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، نا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكَعْبِيُّ، قَالَا: نا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ، أنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، نا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مِقْسَمٍ، أَنَّهُ نَظَرَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ كَيْفَ يَحْكِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَأْخُذُ اللَّهُ سَمَاوَاتِهِ وَأَرَاضِيهِ بِيَدَيْهِ فَيَقُولُ أَنَا اللَّهُ، وَيَقْبِضُ أَصَابِعَهُ وَيَبْسُطُهَا، أَنَا الْمَلِكُ» . حَتَّى نَظَرْتُ إِلَى الْمِنْبَرِ يَتَحَرَّكُ مِنْ أَسْفَلِ شَيْءٍ مِنْهُ، حَتَّى إِنِّي لَأَقُولُ أَسَاقِطٌ هُوَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ . [ص: 173] 739 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكَعْبِيُّ، نا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ، نا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، نا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مِقْسَمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ وَهُوَ يَقُولُ: «يَأْخُذُ الْجَبَّارُ سَمَاوَاتِهِ وَأَرَضِيهِ بِيَدِهِ» قَالَ: ثُمَّ ذَكَرَهُ بِنَحْوِهِ. فَقَدْ رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ بِالْإِسْنَادَيْنِ جَمِيعًا هَكَذَا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْبِضُ أَصَابِعَهُ وَيَبْسُطُهَا، ثُمَّ تَأْوِيلُهُ مَا تَقَدَّمَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ الحديث: 738 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 172 740 - وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ، نا عَلِيُّ بْنُ حَمْشَاذٍ الْعَدْلُ، نا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ، نا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُ، نا حَيْوَةُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو هَانِئٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، يَقُولُ، إِنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، يَقُولُ، إِنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ قُلُوبَ بَنِي آدَمَ كُلَّهَا بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ كَقَلْبٍ وَاحِدٍ يُصَرِّفُهَا حَيْثُ يَشَاءُ» . ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ مُصَرِّفَ الْقُلُوبِ اصْرِفْ قُلُوبَنَا إِلَى طَاعَتِكَ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ وَغَيْرِهِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئِ الحديث: 740 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 173 741 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، نا أَبُو الْعَبَّاسِ هُوَ الْأَصَمُّ، أنا الْعَبَّاسُ بْنُ [ص: 174] الْوَلِيدِ الْبَيْرُوتِيُّ، نا مُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ شَابُورَ، نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ بُسْرِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ، عَنِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ الْكِلَابِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «الْمِيزَانُ بِيَدِ الرَّحْمَنِ يَرْفَعُ أَقْوَامًا وَيَضَعُ آخَرِينَ، وَقَلْبُ ابْنِ آدَمَ بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ إِنْ شَاءَ أَقَامَهُ وَإِنْ شَاءَ أَزَاغَهُ» . وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ» . فَقَدْ قَرَأْتُ بِخَطِّ أَبِي حَاتِمٍ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْخَطِيبِ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي تَأْوِيلِ هَذَا الْخَبَرِ قِيلَ: مَعْنَاهُ تَحْتَ قَدْرَتِهِ وَمُلْكِهِ، وَفَائِدَةُ تَخْصِيصِهَا بِالذِّكْرِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ الْقُلُوبَ مَحِلًّا لِلْخَوَاطِرِ وَالْإِيرَادَاتِ وَالْعُزُومِ وَالنِّيَّاتِ، وَهِيَ مُقَدِّمَاتُ الْأَفْعَالِ، ثُمَّ جَعَلَ سَائِرَ الْجَوَارِحِ تَابَعَةٌ لَهَا فِي الْحَرَكَاتِ وَالسَّكَنَاتِ، وَدُلَّ بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ أَفْعَالُنُا مَقْدُورَةٌ لِلَّهِ تَعَالَى مَخْلُوقَةٌ، لَا يَقَعُ شَيْءٌ دُونَ إِرَادَتِهِ، وَمَثَّلَ لِأَصْحَابِهِ قُدْرَتَهُ الْقَدِيمَةَ بِأَوْضَحِ مَا يَعْقِلُونَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، لِأَنَّ الْمَرْءَ لَا يَكُونُ أَقْدَرَ عَلَى شَيْءٍ مِنْهُ عَلَى مَا بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهَا بَيْنَ نِعْمَتَيِ النَّفْعِ وَالدَّفْعِ، أَوْ بَيْنَ أَثَرَيْهِ فِي الْفَضْلِ وَالْعَدْلِ، يُؤَيِّدُهُ أَنَّ فِيَ بَعْضِ هَذِهِ الْأَخْبَارِ: «إِذَا شَاءَ أَزَاغَهُ وَإِذَا شَاءَ أَقَامَهُ» . وَيُوَضِّحُهُ قَوْلُهُ فِي سِيَاقِ الْخَبَرِ: «يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي» . وَإِنَّمَا ثَنَّى لَفْظَ الْإِصْبَعَيْنِ وَالْقُدْرَةُ وَاحِدَةٌ لِأَنَّهُ جَرَى عَلَى الْمَعْهُودِ مِنْ لَفْظِ الْمَثَلِ. وَزَادَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ فِي تَأْكِيدِ التَّأْوِيلِ الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِمْ: مَا فُلَانٌ إِلَّا فِي يَدِي، وَمَا فُلَانٌ إِلَّا فِي كَفِّي، وَمَا فُلَانٌ إِلَّا فِي خِنْصَرِي، يُرِيدُ بِذَلِكَ إِثْبَاتَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ، لَا أَنَّ خِنْصَرَهُ يَحْوِي فُلَانًا، وَكَيْفَ يَحْوِيهِ وَهِيَ بَعْضٌ مِنْ جَسَدِهِ؟ وَقَدْ يَكُونُ فُلَانٌ أَشَدَّ بَطْشًا وَأَعْظَمَ مِنْهُ جِسْمًا الحديث: 741 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 173 بَابُ مَا ذُكِرَ فِي السَّاعِدِ وَالذِّرَاعِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 175 742 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الصَّفَّارُ، نا أَحْمَدُ بْنُ مَهْدِيِّ بْنِ رُسْتُمَ، نا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، نا شُعْبَةُ ح. وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، نا عَلِيُّ بْنُ حَمْشَاذٍ الْعَدْلُ، نا أَبُو الْمُثَنَّى وَمُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ قَالَا: نا أَبُو الْوَلِيدُ الطَّيَالِسِيُّ، نا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا قَشِفُ الْهَيْئَةِ فَقَالَ: «هَلْ [ص: 176] لَكَ مِنْ مَالٍ؟» قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: «مِنْ أَيِّ الْمَالِ؟» قُلْتُ: مِنْ كُلٍّ مِنَ الْإِبِلِ وَالْخَيْلِ وَالرَّقِيقِ وَالْغَنَمِ. قَالَ: «فَإِذَا آتَاكَ اللَّهُ مَالًا فَلْيُرَ عَلَيْكَ» قَالَ: وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " هَلْ تُنْتِجُ إِبِلُ قَوْمِكَ صِحَاحًا آذَانُهَا فَتَعْمَدُ إِلَى الْمُوسَى فَتَقْطَعُ آذَانَهَا، وَتَقُولُ: هِيَ بَحْرٌ، وَتَشُقُّهَا أَوْ تَشُقُّ جُلُودَهَا وَتَقُولُ: هِيَ حُرُمٌ فَتُحَرِّمُهَا عَلَيْكَ وَعَلَى أَهْلِكَ؟ " قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: فَكُلُّ مَا آتَاكَ اللَّهُ لَكَ حِلٌّ، وَسَاعِدُ اللَّهِ أَشَدُّ مِنْ سَاعِدِكَ، وَمُوسَى اللَّهِ أَحَدُّ مِنْ مُوسَاكَ". تَابَعَهُ أَبُو الزَّعْرَاءِ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، وَأَبُوهُ مَالِكُ بْنُ نَضْلَةَ الْجُشَمِيُّ لَيْسَ لَهُ رَاوٍ غَيْرَ ابْنِهِ أَبِي الْأَحْوَصِ الحديث: 742 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 175 743 - وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أنا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، نا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ النَّرْسِيُّ، نا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، نا شَيْبَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ غِلَظَ جِلْدِ الْكَافِرِ اثَنَانِ وَأَرْبَعُونَ ذِرَاعًا بِذِرَاعِ [ص: 177] الْجَبَّارِ، وَضِرْسُهُ مِثْلُ أُحُدٍ» . قَالَ بَعْضُ أَهْلِ النَّظَرِ فِي قَوْلِهِ: «سَاعِدُ اللَّهِ أَشَدُّ مِنْ سَاعِدِكَ» مَعْنَاهُ: أَمَرُهُ أَنْفَذُ مِنْ أَمْرِكَ، وَقُدْرَتُهُ أَتَمُّ مِنْ قُدْرَتِكَ، كَقَوْلِهِمْ: جَمَعْتُ هَذَا الْمَالَ بِقُوَّةِ سَاعِدِي، يَعْنِي بِهِ رَأْيَهُ وَتَدْبِيرَهُ وَقُدْرَتَهُ، فَإِنَّمَا عَبَّرَ عَنْهُ بِالسَّاعِدِ لِلتَّمْثِيلِ لِأَنَّهُ مَحِلُّ الْقُوَّةِ، يُوَضِّحُ ذَلِكَ قَوْلُهُ: «وَمُوسَاهُ أَحَدُّ مِنْ مُوسَاكَ» . يَعْنِي قَطْعُهُ أَسْرَعُ مِنْ قَطْعِكَ، فَعَبَّرَ عَنِ الْقَطْعِ بِالْمُوسَى لِمَا كَانَ سَبَبًا عَلَى مُذْهِبِ الْعَرَبِ فِي تَسْمِيَةِ الشَّيْءِ بِاسْمِ مَا يُجَاوِرُهُ، وَيَقْرُبُ مِنْهُ، وَيَتَعَلَّقُ بِهِ، كَمَا سُمِّيتِ الْبَصَرُ عَيْنًا وَالسَّمْعُ أُذُنًا، وَقَالَ فِي قَوْلِهِ: «بِذِرَاعِ الْجَبَّارِ» . إِنَّ الْجَبَّارَ [ص: 178] هَهُنَا لَمْ يَعْنِ بِهِ الْقَدِيمَ، وَإِنَّمَا عَنَى بِهِ رَجُلًا جَبَّارًا كَانَ يُوصَفُ بِطُولِ الذِّرَاعِ وَعِظَمِ الْجِسْمِ، أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ: {كُلَّ جُبَارٍ عَنِيدٍ} [هود: 59] ، وَقَوْلِهِ: {وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ} [ق: 45] فَقَوْلُهُ: «بِذِرَاعِ الْجَبَّارِ» أَيْ بِذِرَاعِ الْجَبَّارِ الْمَوْصُوفِ بِطُولِ الذِّرَاعِ وَعِظَمِ الْجَسَدِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ ذِرَاعًا طَوِيلًا يُذْرَعُ بِهِ يُعْرَفُ بِذِرَاعِ الْجَبَّارِ، عَلَى مَعْنَى التَّعْظِيمِ وَالتَّهْوِيلِ، لَا أَنَّ لَهُ ذِرَاعًا كَذِرَاعِ الْأَيْدِي الْمَخْلُوقَةِ الحديث: 743 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 176 744 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، نا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، نا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيُّ، نا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، نا نَافِعُ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ، حَدَّثَهُ عَنْ رَجُلٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: أَيُّ الْخَلْقِ أَعْظَمُ؟ قَالَ: الْمَلَائِكَةُ. قَالَ: مِنْ مَاذَا خُلِقَتْ؟ قَالَ: مِنْ نُورِ الذِّرَاعَيْنِ [ص: 179] وَالصَّدْرِ. قَالَ فَبَسَطَ ذِرَاعَيْنِ، فَقَالَ: كُونُوا أَلْفَيْ أَلْفَيْنِ. قَالَ ابْنُ أَيُّوبَ: فَقُلْتُ لِابْنِ جُرَيْجٍ: مَا أَلْفَا أَلْفَيْنِ؟ قَالَ: مَا لَا تُحْصَى كَثْرَتُهُ. هَذَا مَوْقُوفٌ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمْرٍو وَرَاوِيهِ رَجُلٌ غَيْرُ مُسَمًّى، فَهُوَ مُنْقَطِعٌ، وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ ابْنَ عُيَيْنَةَ رَوَاهُ عَنُ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فَإِنْ صَحَّ ذَلِكَ فَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو وَقَدْ كَانَ يَنْظُرُ فِي كُتُبِ الْأَوَائِلِ، فَمَا لَا يَرْفَعُهُ إِلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِمَّا رَآهُ فِيمَا وَقَعَ بِيَدِهِ مِنْ تِلْكَ الْكُتُبِ، ثُمَّ لَا يُنْكَرُ أَنْ يَكُونَ الصَّدْرُ وَالذِّرَاعَانِ مِنْ أَسْمَاءِ بَعْضِ مَخْلُوقَاتِهِ، وَقَدْ وُجِدَ فِي النُّجُومِ مَا سُمِّيَ ذِرَاعَيْنِ: وَفِي الْحَدِيثِ الثَّابِتِ عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خُلِقَتِ الْمَلَائِكَةُ مِنْ نُورٍ» . هَكَذَا مُطْلَقًا الحديث: 744 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 178 بَابُ مَا ذُكِرَ فِي السَّاقِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ} [القلم: 43] الْآيَةُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 180 745 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الضَّبِّيُّ، أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ، نا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، نا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، نا اللَّيْثُ، عَنْ خَالِدٍ يَعْنِي ابْنَ يَزِيدَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَرَى رَبَّنَا تَعَالَى ذِكْرُهُ؟ قَالَ: «هَلْ تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ الشَّمْسِ إِذَا كَانَ صَحْوًا؟» قُلْنَا: لَا، قَالَ: «فَتَضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ إِذَا كَانَ صَحْوًا؟» قُلْنَا: لَا، قَالَ: " فَإِنَّكُمْ لَا تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ رَبِّكُمْ إِلَّا كَمَا تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَتِهِمَا، ثُمَّ يُنَادِى مُنَادٍ: لِيَذْهِبَ كُلُّ قَوْمٍ مَعَ مَنْ كَانُوا يَعْبُدُونَ «. فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ» فَيَقُولُ هَلْ بَيْنَكُمْ [ص: 181] وَبَيْنَهُ آيَةٌ تَعْرِفُونَهَا؟ فَيَقُولُونَ: السَّاقُ، فَيُكْشَفُ عَنْ سَاقِهِ فَيَسْجُدُ لَهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ وَيَبْقَى مَنْ كَانَ يَسْجُدُ رِيَاءً وَسُمْعَةً فَيَذْهَبُ كَيْمَا يَسْجُدُ فَيَعُودُ ظَهْرُهُ طَبَقًا وَاحِدًا ". قَالَ: [ص: 182] وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ، وَرَوَاهُ عَنْ آدَمَ بْنِ أَبِي إِيَاسَ عَنِ اللَّيْثِ مُخْتَصَرًا، وَقَالَ فِي الْحَدِيثِ «يَكْشِفُ رَبُّنَا عَنْ سَاقِهِ» ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ عِيسَى بْنِ حَمَّادٍ عَنِ اللَّيْثِ. كَمَا رَوَاهُ ابْنُ بُكَيْرٍ، وَرُوِيَ ذَلِكَ أَيْضًا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: " هَذَا الْحَدِيثُ مِمَّا تَهَيَّبَ الْقَوْلَ فِيهِ شُيُوخُنَا، فَأَجَرَوْهُ عَلَى ظَاهَرِ لَفْظِهِ، وَلَمْ يَكْشِفُوا عَنْ بَاطِنِ مَعْنَاهُ، عَلَى نَحْوِ مَذْهَبِهِمْ فِي التَّوَقُّفِ [ص: 183] عَنْ تَفْسِيرِ كُلِّ مَا لَا يُحِيطُ الْعِلْمُ بِكُنْهِهِ مِنْ هَذَا الْبَابِ، وَقَدْ تَأَوَّلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى مَعْنَى قَوْلِهِ: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} [القلم: 42] فَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: عَنْ شِدَّةٍ وَكَرْبٍ. قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ: «يَوْمَ يَكْشِفُ رَبُّنَا عَنْ سَاقِهِ» . أَيْ عَنْ قَدْرَتِهِ الَّتِي تَنْكَشِفُ عَنِ الشِّدَّةِ وَالْمَعَرَّةِ الحديث: 745 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 180 746 - وَذَكَرَ الْأَثَرَ الَّذِي حَدَّثَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أنا أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَنْبَرِيُّ، نا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَبَّانِيُّ، نا سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأُمَوِيُّ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، أنا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} [القلم: 42] قَالَ: إِذَا خُفِيَ عَلَيْكُمْ شَيْءٌ مِنَ الْقُرْآنِ، فَابْتَغُوهُ مِنَ الشِّعْرِ، فَإِنَّهُ دِيوَانُ الْعَرَبِ. أَمَا سَمِعْتُمْ قَوْلَ الشَّاعِرِ: [ص: 184] اصْبِرْ عَنَاقْ إِنَّهُ شَرٌّ بَاقْ قَدْ سَنَّ قَوْمُكَ ضَرْبَ الْأَعْنَاقِ وَقَامَتِ الْحَرْبُ بِنَا عَلَى سَاقْ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هَذَا يَوْمُ كَرْبٍ وَشِدَّةٍ. تَابَعَهُ أَبُو كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ. وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ، وَقَالَ غَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ التَّفْسِيرِ وَالتَّأْوِيلِ فِي قَوْلِهِ: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} [القلم: 42] أَيْ: عَنِ الْأَمْرِ الشَّدِيدِ، وَأَنْشَدُوا: [البحر الرجز] قَدْ شَمَّرَتْ عَنْ سَاقِهَا فَشُدُّوا وَجَدَّتِ الْحَرْبُ بِكُمْ فَجِدُّوا وَقَالَ بَعْضُ الْأَعْرَابِ، وَكَانَ يَطْرُدُ الطَّيْرَ عَنِ الزَّرْعِ فِي سَنَةٍ جَدْبٍ: عَجِبْتُ مِنْ نَفْسِي وَمِنْ إِشْفَاقِهَا وَمَنْ طِرَادِي الطَّيْرَ عَنْ أَرْزَاقِهَا فِي سَنَةٍ قَدْ كَشَفَتْ عَنْ سَاقِهَا قَالَ الشَّيْخُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: هَذَا وَمَا رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْمَعْنَى يَتَقَارَبَانِ، وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِهَذَا اللَّفْظِ، وَرُوِيَ بِمَعْنَاهُ الحديث: 746 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 183 747 - أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمُزَكِّي، أنا أَبُو الْحَسَنِ الطَّرَائِفِيُّ، نا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} [القلم: 42] قَالَ: هُوَ الْأَمْرُ الشَّدِيدُ الْمُفْظِعُ مِنَ الْهَوْلِ يَوْمَ الْقِيَامَة [ص: 185] ِ الحديث: 747 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 184 748 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو نا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، نا مُحَمَّدُ بْنُ الْجَهْمِ، نا يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الْفَرَّاءُ، حَدَّثَنِي سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَرَأَ {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} [القلم: 42] يُرِيدُ: الْقِيَامَةَ وَالسَّاعَةَ لِشِدَّتِهَا. قَالَ الْفَرَّاءُ: أَنْشَدَنِي بَعْضُ الْعَرَبِ لِجِدِّ طَرَفَةَ: [البحر الكامل] كَشَفَتْ لَهُمْ عَنْ سَاقِهَا ... وَبَدَا مِنَ الشَّرِّ الصُّرَاحْ الحديث: 748 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 185 749 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أنا أَحْمَدُ بْنُ كَامِلٍ الْقَاضِي، أنا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَطِيَّةَ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنِي عَمِّي الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَطِيَّةَ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَدِّي عَطِيَّةَ بْنِ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ} [القلم: 42] يَقُولُ: حِينَ يُكْشَفُ الْأَمْرُ وَتَبْدُو الْأَعْمَالُ، وَكشْفُهُ دُخُولُ الْآخِرَةِ وَكَشَفُ الْأَمْرِ عَنْهُ الحديث: 749 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 185 750 - أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةُ، أنا أَبُو مَنْصُورٍ النَّضْرَوِيُّ، نا أَحْمَدُ بْنُ نَجْدَةَ، نا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: [ص: 186] يَكْشِفُ عَنْ سَاقِهِ، فَيَسْجُدُ كُلُّ مُؤْمِنٍ، وَيَقْسُو ظَهْرَ الْكَافِرِ فَيَصِيرُ عَظْمًا وَاحِدًا الحديث: 750 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 185 وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يُكْشَفُ عَنْ أَمَرٍ شَدِيدٍ؛ يُقَالُ: قَدْ قَامَتِ الْحَرْبُ عَلَى سَاقٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 186 751 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو قَالَا: نا أَبُو الْعَبَّاسِ هُوَ الْأَصَمُّ، نا أَبُو بَكْرٍ يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ، أنا حَمَّادُ بْنُ مَسْعَدَةَ، أنا عُمَرُ بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ، سُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} [القلم: 42] قَالَ: إِذَا اشْتَدَّ الْأَمْرُ فِي الْحَرْبِ قِيلَ: كَشَفَتِ الْحَرْبُ عَنْ سَاقٍ. قَالَ: فَأَخْبِرْهُمْ عَنْ شِدَّةِ ذَلِكَ. قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ رَحِمَهُ اللَّهُ: فَإِنَّمَا جَاءَ ذِكْرُ الْكَشْفِ عَنِ السَّاقِ عَلَى مَعْنَى الشِّدَّةِ، فَيُحْتَمَلُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّهُ يَبْرُزُ مِنْ أَمْرِ الْقِيَامَةِ وَشِدَّتِهَا مَا [ص: 187] تَرْتَفِعُ مَعَهُ سَوَاتِرُ الِامْتِحَانِ، فَيُمِيَّزُ عِنْدَ ذَلِكَ أَهْلِ الْيَقِينِ وَالْإِخْلَاصِ، فَيُؤْذَنُ لَهُمْ فِي السُّجُودِ، وَيَنْكَشِفُ الْغِطَاءُ عَنْ أَهْلِ النِّفَاقِ فَتَعُودُ ظُهُورُهُمْ طَبَقًا لَا يَسْتَطِيعُونَ السُّجُودَ، قَالَ: وَقَدْ تَأَوَّلَهُ بَعْضُ النَّاسِ فَقَالَ: لَا نُنْكِرُ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ قَدْ يَكْشِفُ لَهُمْ عَنْ سَاقٍ لِبَعْضِ الْمَخْلُوقِينَ مِنْ مَلَائِكَتِهِ أَوْ غَيْرِهِمْ، فَيَجْعَلُ ذَلِكَ سَبَبًا لِبَيَانِ مَا شَاءَ مِنْ حُكْمِهِ فِي أَهْلِ الْإِيمَانِ وَأَهْلِ النِّفَاقِ قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ لَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ قُدْوَةٍ، وَقَدْ يَحْتَمِلُهُ مَعْنَى اللُّغَةِ، سَمِعْتُ أَبَا عُمَرَ يَذْكُرُ عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى النَّحْوِيِّ فِيمَا عَدَّ مِنَ الْمَعَانِي الْمُخْتَلِفَةِ الْوَاقِعَةِ تَحْتَ هَذَا الِاسْمِ، قَالَ: وَالسَّاقُ النَّفْسُ، قَالَ: وَمِنْهُ قَوْلُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حِينَ رَاجَعَهُ أَصْحَابُهُ عَنْ قَتْلِ الْخَوَارِجِ فَقَالَ: وَاللَّهِ لَأُقَاتِلَنَّهُمْ وَلَوْ تَلِفَتْ سَاقِي. يُرِيدُ نَفْسَهُ. قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: فَقَدْ يُحْتَمَلُ عَلَى هَذَا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ التَّجَلِّي لَهُمْ وَكَشَفَ الْحُجُبِ، حَتَّى إِذَا رَأَوْهُ سَجَدُوا لَهُ. قَالَ: وَلَسْتُ أَقْطَعُ بِهِ الْقَوْلَ وَلَا أَرَاهُ وَاجِبًا فِيمَا أَذْهِبُ إِلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ، وَأَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يَعْصِمُنَا مِنَ الْقَوْلِ بِمَا لَا عَلِمَ لَنَا بِهِ الحديث: 751 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 186 قَالَ الشَّيْخُ: 752 - وَقَدْ أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ عَبْدَانَ، أنا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ، نا مُحَمَّدُ بْنُ غَالِبٍ، نا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْحَسَنِيُّ، نا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، نا رَوْحُ بْنُ جُنَاحٍ، عَنْ مَوْلَى، عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} [القلم: 42] قَالَ: «عَنْ نُورٍ عَظِيمٍ يَخِرُّونَ لَهُ سُجَّدًا» . تَفَرَّدَ [ص: 188] بِهِ رَوْحُ بْنُ جُنَاحٍ، وَهُوَ شَامِيُّ يَأْتِي بِأَحَادِيثَ مُنْكَرَةٍ لَا يُتَابَعُ عَلَيْهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَمَوَالِي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِيهِمْ كَثْرَةٌ الحديث: 752 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 187 بَابُ مَا ذُكِرَ فِي الْقَدَمِ وَالرِّجْلِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 189 753 - أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، أنا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِسْحَاقَ، أنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْهَيْثَمِ الْبَلَدِيُّ، ح. وَحَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ غَيْرَ مَرَّةٍ، نا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَيُّوبَ الطُّوسِيُّ، أنا أَبُو حَاتِمٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الرَّازِيُّ قَالَا: أنا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسَ الْعَسْقَلَانِيُّ، نا شَيْبَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا تَزَالُ جَهَنَّمُ تَقُولُ: هَلْ مِنْ مَزِيدٍ حَتَّى يَضَعَ رَبُّ الْعِزَّةِ فِيهَا قَدَمَهُ فَتَقُولُ: قَطْ قَطْ وَعِزَّتِكَ، وَيُزْوَى بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ، وَلَا يَزَالُ فِي الْجَنَّةِ فَضْلٌ حَتَّى يُنْشِئَ اللَّهُ خَلْقًا فَيُسْكِنَهُ فُضُولَ الْجَنَّةِ ". رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي [ص: 190] الصَّحِيحِ عَنْ آدَمَ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ شَيْبَانَ، وَقَدْ رَوَاهُ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ عَنْ قَتَادَةَ، وَقَالَ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ: «حَتَّى يَضَعَ فِيهَا رَبُّ الْعَالَمِينَ قَدَمَهُ» . وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى عَنْهُ: «حَتَّى يَضَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا قَدَمَهُ» . وَرَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ وَأَبَانُ بْنُ يَزِيدَ الْعَطَّارُ عَنْ قَتَادَةَ، وَقَالَا فِي الْحَدِيثِ: «رَبَّ الْعَالَمِينَ» وَرَوَاهُ شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ الحديث: 753 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 189 754 - كَمَا أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ بَالَوَيْهِ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، نا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، نا حَرَمِيُّ بْنُ عُمَارَةَ، نا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يُلْقَى فِي النَّارِ وَتَقُولُ: هَلْ مِنْ مَزِيدٍ حَتَّى يَضَعَ قَدَمَهُ أَوْ رِجْلَهُ عَلَيْهِ فَتَقُولُ قَطْ قَطْ ". رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ حَرَمِيِّ بْنِ عُمَارَةَ الحديث: 754 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 190 755 - أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ، أنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْقَطَّانُ، نا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ السُّلَمِيُّ، نا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أنا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، قَالَ: هَذَا مَا ثنا [ص: 191] أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " تَحَاجَّتِ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ فَقَالَتِ النَّارُ: أُوثِرْتُ بِالْمُتَكَبِّرِينَ وَالْمُتَجَبِّرِينَ، وَقَالَتِ الْجَنَّةُ: فَمَا لِي لَا يُدْخِلُنِي إِلَّا ضُعَفَاءُ النَّاسِ وَسَقَطُهُمْ وَغِرَّتُهُمْ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِلْجَنَّةِ: أَنْتِ رَحْمَتِي أَرْحَمُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ مَنْ عِبَادِي، وَقَالَ لِلنَّارِ: إِنَّمَا أَنْتِ عَذَابِي أُعَذِّبُ بِكِ مَنْ أَشَاءِ مِنْ عِبَادِي، وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْكُمَا مِلْؤُهَا، فَأَمَّا النَّارُ فَلَا تَمْتَلِئُ حَتَّى يَضَعَ اللَّهُ فِيهَا رِجْلَهُ فَتَقُولُ: قَطْ قَطْ قَطْ، فَهُنَالِكَ تَمْتَلِئُ وَيُزْوَى بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ، وَلَا يَظْلِمُ اللَّهُ مِنْ خَلْقِهِ أَحَدًا، وَأَمَّا الْجَنَّةُ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُنْشِئُ لَهَا خَلْقًا". رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ كِلاَهُمَا عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ وَرَوَاهُ أَيُّوبُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ فِي الْحَدِيثِ: «حَتَّى يَضَعَ الرَّبُّ قَدَمَهُ فِيهَا» . وَرَوَاهُ عَوْفٌ عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَرْفَعُهُ، وَقَالَ: «فَيَضَعُ الرَّبُّ قَدَمَهُ عَلَيْهَا» وَرَوَاهُ الْأَعْرَجُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ فِي الْحَدِيثِ: «فَأَمَّا النَّارُ فَلَا تَمْتَلِئُ فَيَضَعُ قَدَمَهُ عَلَيْهَا فَتَقُولُ قَطْ قَطْ، فَهُنَالِكَ تَمْتَلِئُ وَيُزْوَى بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ» . 756 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أنا أَبُو الْفَضْلِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، نا أَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ، نا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، نا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ، حَدَّثَنِي وَرْقَاءُ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِنَحْوٍ مِنْ حَدِيثِ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: « [ص: 192] وَسَقَطُهُمْ وَعَجَزُهُمْ» وَانْتَهَى حَدِيثُهُ عِنْدَ قَوْلِهِ: «وَيُزْوَى بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ، وَبِمَعْنَاهُ رَوَاهُ أَبُو صَالِحٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَيْرِ إِضَافَةٍ، فَقَالَ: «حَتَّى يَضَعَ فِيهَا قَدَمًا» . قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: " فَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مَنْ ذَكَرِ الْقَدَمَ وَالرِّجْلَ، وَتَرَكِ الْإِضَافَةِ إِنَّمَا تَرَكَهَا تَهَيُّبًا لَهَا، وَطَلَبًا لِلسَّلَامَةِ مِنْ خَطَأِ التَّأْوِيلِ فِيهَا، وَكَانَ أَبُو عُبَيْدٍ، وَهُوَ أَحَدُ أَئِمَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ، يَقُولُ: نَحْنُ نَرْوِي هَذِهِ الْأَحَادِيثَ وَلَا نُرِيغُ لَهَا الْمَعَانِيَ". قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: " وَنَحْنُ أَحْرَى بِأَنْ لَا نَتَقَدَّمَ فِيمَا تَأَخَّرَ عَنْهُ مَنْ هُوَ أَكْثَرُ عِلْمًا وَأَقْدَمُ زَمَانًا وَسِنًّا، وَلَكِنَّ الزَّمَانَ الَّذِي نَحْنُ فِيهِ قَدْ صَارَ أَهْلُهُ حِزْبَيْنِ: مُنْكِرٌ لِمَا يُرْوَى مِنْ نَوْعِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ رَأْسًا، وَمُكَذِّبٌ بِهِ أَصْلًا، وَفِي ذَلِكَ تَكْذِيبُ الْعُلَمَاءِ الَّذِينَ رَوَوْا هَذِهِ الْأَحَادِيثَ وَهُمْ أَئِمَّةُ الدِّينِ وَنَقَلَةُ السُّنَنِ، وَالْوَاسِطَةُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالطَّائِفَةُ الْأُخْرَى مُسَلِّمَةٌ لِلرِّوَايَةِ فِيهَا ذَاهِبَةٌ فِي تَحْقِيقِ الظَّاهِرِ مِنْهَا مَذْهَبًا يَكَادُ يُفْضِي بِهِمْ إِلَى الْقَوْلِ بِالتَّشْبِيهِ وَنَحْنُ نَرْغَبُ عَنِ الْأَمْرَيْنِ مَعًا، وَلَا نَرْضَى بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا مَذْهَبًا، فَيَحِقُّ عَلَيْنَا أَنْ نَطْلُبَ لِمَا يَرِدُ مِنْ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ إِذَا صَحَّتْ مِنْ طَرِيقِ النَّقْلِ وَالسَّنَدِ، [ص: 193] تَأْوِيلًا يَخْرُجُ عَلَى مَعَانِي أُصُولِ الدِّينِ، وَمَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ، وَلَا نُبْطِلُ الرِّوَايَةَ فِيهَا أَصْلًا، إِذَا كَانَتْ طُرُقُهَا مُرْضِيَّةً وَنَقَلَتُهَا عُدُولًا. قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: وَذِكْرُ الْقَدَمِ هَهُنَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ: مَنْ قَدَّمَهُمُ اللَّهُ لِلنَّارِ مِنْ أَهْلِهَا، فَيَقَعُ بِهِمُ اسْتِيفَاءُ عَدَدِ أَهْلِ النَّارِ. وَكُلُّ شَيْءٍ قَدَّمْتُهُ فَهُوَ قَدَمٌ، كَمَا قِيلَ لِمَا هَدَمْتُهُ: هَدْمٌ، وَلِمَا قَبَضْتُهُ: قَبْضٌ، وَمِنْ هَذَا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ} [يونس: 2] أَيْ مَا قَدَّمُوهُ مِنَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ. وَقَدْ رُوِيَ مَعْنَى هَذَا عَنِ الْحَسَنِ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ: «وَأَمَّا الْجَنَّةُ فَإِنَّ اللَّهَ يُنْشِئُ لَهَا خَلْقًا» ، فَاتَّفَقَ الْمَعْنَيَانِ أَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ تُمَدُّ بِزِيَادَةِ عَدَدٍ يَسْتَوْفِي بِهَا عِدَّةَ أَهْلِهَا، فَتَمْتَلِئُ عِنْدَ ذَلِكَ". قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ: وَفِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ مِنْ كِتَابِ أَبِي الْحَسَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ الطَّبَرِيِّ حِكَايَةً عَنِ النَّضْرِ بْنِ شُمَيْلٍ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ: «حَتَّى يَضَعَ الْجَبَّارُ فِيهَا قَدَمَهُ» أَيْ مَنْ سَبَقَ فِي عِلْمِهِ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ. قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: قَدْ تَأَوَّلَ بَعْضُهُمُ الرِّجْلَ عَلَى نَحْو مِنْ هَذَا، قَالَ: وَالْمُرَادُ بِهِ اسْتِيفَاءُ عَدَدِ الْجَمَاعَةِ الَّذِينَ اسْتُوجِبُوا دُخُولَ النَّارِ. قَالَ: وَالْعَرَبُ تُسَمِّي جَمَاعَةَ الْجَرَادِ رِجْلًا كَمَا سَمَّوْا جَمَاعَةَ الظِّبَاءِ سِرْبًا وَجَمَاعَةَ النَّعَامِ خَيْطًا، وَجَمَاعَةَ الْحَمِيرِ عَانَةً، قَالَ: وَهَذَا وَإِنْ كَانَ اسْمًا خَاصًّا لِجَمَاعَةِ الْجَرَادِ، فَقَدْ يُسْتَعَارُ لِجَمَاعَةِ النَّاسِ عَلَى سَبِيلِ التَّشْبِيهِ. وَالْكَلَامُ الْمُسْتَعَارُ وَالْمَنْقُوُلُ مِنْ مَوْضِعِهِ كَثِيرٌ، وَالْأَمْرُ فِيهِ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ مَشْهُورٌ. قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ، وَهُوَ أَنَّ هَذِهِ الْأَسْمَاءَ أَمْثَالٌ يُرَادُ بِهَا إِثْبَاتُ مَعَانٍ لَا حَظَّ لِظَاهِرِ الْأَسْمَاءِ فِيهَا مِنْ طَرِيقِ الْحَقِيقَةِ، وَإِنَّمَا أُرِيدَ بِوَضْعِ الرِّجْلِ عَلَيْهَا نَوْعٌ مِنَ الزَّجْرِ لَهَا وَالتَّسْكِينُ مِنْ غَرَبِهَا كَمَا [ص: 194] يَقُولُ الْقَائِلُ لِلشَّيْءِ يُرِيدُ مَحْوَهُ وَإِبْطَالَهُ: جَعَلْتُهُ تَحْتَ رِجْلَيَّ، وَوَضَعْتُهُ تَحْتَ قَدَمَيَّ. وَخَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْفَتْحِ فَقَالَ: «أَلَا إِنَّ كُلَّ دَمِ وَمَأْثُرَةٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَهُوَ تَحْتَ قَدَمَيَّ هَاتَيْنِ إِلَّا سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَسِدَانَةَ الْبَيْتِ» . يُرِيدُ مَحْوَ تِلْكَ الْمَآثِرِ وَإِبْطَالِهَا، وَمَا أَكْثَرُ مَا تَضْرِبُ الْعَرَبُ الْأَمْثَالَ فِي كَلَامِهَا بِأَسْمَاءِ الْأَعْضَاءِ، وَهِيَ لَا تُرِيدُ أَعْيَانَهَا، كَمَا تَقُولُ فِي الرَّجُلِ يَسْبِقُ مِنْهُ الْقَوْلُ أَوِ الْفِعْلُ ثُمَّ يَنْدَمُ عَلَيْهِ: قَدْ سُقِطَ فِي يَدِهِ؛ أَيْ نَدِمَ. وَكَقَوْلِهِمْ: رَغِمَ أَنْفُ الرَّجُلِ، إِذَا ذُلَّ. وَعَلَا كَعْبُهُ إِذَا جَلَّ. وَجَعَلْتُ كَلَامَ فُلَانٍ دُبُرَ أُذُنِي، وَجَعَلْتُ يَا هَذَا حَاجَتِي بِظَهْرٍ، وَنَحْوُهَا مِنْ أَلْفَاظِهِمُ الدَّائِرَةِ فِي كَلَامِهِمْ. وَكَقَوْلِ امْرِئِ الْقَيْسِ فِي وَصْفِ طُولِ اللَّيْلِ: [البحر الطويل] فَقُلْتُ لَهُ لَمَّا تَمَطَّى بِصُلْبِهِ ... وَأَرْدَفَ أَعْجَازًا وَنَاءَ بِكَلْكَلِ وَلَيْسَ هُنَاكَ صُلْبٌ، وَلَا عَجُزٌ، وَلَا كَلْكَلٌ؛ وَإِنَّمَا هِيَ أَمْثَالٌ ضَرَبَهَا لِمَا أَرَادَ مِنْ بَيَانِ طُولِ اللَّيْلِ وَاسْتِقْصَاءِ الْوَصْفِ لَهُ، فَقَطَّعَ اللَّيْلَ تَقْطِيعَ ذِي أَعْضَاءٍ مِنَ الْحَيَوَانِ، وَقَدْ تَمَطَّى عِنْدَ إِقْبَالِهِ وَامْتَدَّ بَعْدُ بِدِوَامِ رُكُودِهِ، وَطُولِ سَاعَاتِهِ، وَقَدْ تُسْتَعْمَلُ الرِّجْلُ أَيْضًا فِي الْقَصْدِ لِلشَّيْءِ وَالطَّلَبِ لَهُ عَلَى سَبِيلِ جِدٍّ وَإِلحَاحٍ، يُقَالُ: قَامَ فُلَانٌ فِي هَذَا الْأَمْرِ عَلَى رِجْلٍ، وَقَامَ عَلَى سَاقٍ إِذَا جَدَّ فِي الطَّلَبِ، وَبَالَغَ فِي السَّعْيِ. وَهَذَا الْبَابُ كَثِيرُ التَّصَرُّفِ. فَإِنْ قِيلَ: فَهَلَّا تَأَوَّلَتَ الْيَدَ وَالْوَجْهَ عَلَى هَذَا النَّوْعِ مِنَ التَّأْوِيلِ، وَجَعَلْتَ الْأَسْمَاءَ فِيهِمَا أَمْثَالًا كَذَلِكَ؟ فَإِنْ قِيلَ: إِنَّ هَذِهِ الصِّفَاتِ مَذْكُورَةٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِأَسْمَائِهَا، وَهِيَ صِفَاتُ مَدْحٍ، وَالْأَصْلُ أَنَّ كُلَّ صِفَةٍ جَاءَ بِهَا الْكِتَابُ أَوْ صَحَّتْ بِأَخْبَارِ التَّوَاتُرِ أَوْ رُوِيَتْ مِنْ طَرِيقِ الْآحَادِ وَكَانَ لَهَا أَصْلٌ فِي الْكِتَابِ، أَوْ خَرَجَتْ عَلَى بَعْضِ مَعَانِيهِ فَإِنَّا نَقُولُ بِهَا وَنُجْرِيهَا عَلَى ظَاهِرِهَا مِنْ غَيْرِ تَكْيِيفٍ، وَمَا لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي الْكِتَابِ ذِكْرٌ، وَلَا فِي التَّوَاتُرِ أَصْلٌ، وَلَا لَهُ بِمَعَانِي الْكِتَابِ تَعَلُّقٌ، وَكَانَ مَجِيئُهُ مِنْ طَرِيقِ الْآحَادِ وَأَفْضَى بِنَا الْقَوْلُ إِذَا أَجْرَيْنَاهُ عَلَى ظَاهِرَهِ إِلَى [ص: 195] التَّشْبِيهِ فَإِنَّا نَتَأَوْلُهُ عَلَى مَعْنًى يَحْتَمِلُهُ الْكَلَامُ وَيَزُولُ مَعَهُ مَعْنَى التَّشْبِيهُ، وَهَذَا هُوَ الْفَرَقُ بَيْنَ مَا جَاءَ مِنْ ذِكْرِ الْقَدَمِ وَالرِّجْلِ وَالسَّاقِ، وَبَيْنَ الْيَدِ وَالْوَجْهِ وَالْعَيْنِ، وَبِاللَّهِ الْعِصْمَةُ، وَنَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ لِصَوَابِ الْقَوْلِ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الْخَطَأِ وَالزَّلَلِ فِيهِ، إِنَّهُ رَءُوفٌ رَحِيمٌ الحديث: 755 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 190 757 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، نا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، نا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيُّ، نا عَمْرُو بْنُ طَلْحَةَ، نا أَسْبَاطُ بْنُ نَصْرٍ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ، وَعَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَنْ مُرَّةَ الْهَمْدَانِيِّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَنَاسٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَلَا: {اللَّهُ لَا إِلَهُ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [البقرة: 255] إِلَى قَوْلِهِ: {وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} [البقرة: 255] أَمَّا قَوْلُهُ: {الْقَيُّومُ} [البقرة: 255] : هُوَ الْقَائِمُ، وَأَمَّا {سِنَةٌ} [البقرة: 96] : فَهُوَ رِيحُ النَّوْمِ الَّتِي تَأْخُذُ فِي الْوَجْهِ فَيَنْعَسُ الْإِنْسَانُ، وَأَمَّا {مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ} [البقرة: 255] : فَالدُّنْيَا، وَأَمَّا {مَا خَلْفَهُمْ} [البقرة: 255] فَالْآخِرةُ، وَأَمَّا {لَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ} [البقرة: 255] يَقُولُ: لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا مِنْ عِلْمِهِ [ص: 196] إِلَّا بِمَا شَاءَ، هُوَ يُعَلِّمُهُمْ، وَأَمَّا {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} [البقرة: 255] فَإِنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي جَوْفِ الْكُرْسِيِّ، وَالْكُرْسِيُّ بَيْنَ يَدَيِ الْعَرْشِ، وَهُوَ مَوْضِعُ قَدَمَيْهِ، وَأَمَّا {لَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا} فَلَا يَثْقُلُ عَلَيْهِ. كَذَا فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ مَوْضِعُ قَدَمَيْهِ الحديث: 757 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 195 758 - وَقَدْ أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ، أنا أَبُو عَمْرِو بْنُ نُجَيْدٍ السُّلَمِيُّ، أنا أَبُو مُسْلِمٍ الْكِجِّيُّ، نا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَمَّارٍ الدُّهْنِيِّ، عَنْ مُسْلِمٍ الْبَطِينِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} [البقرة: 255] قَالَ: مَوْضِعُ الْقَدَمَيْنِ. قَالَ: وَلَا يُقَدَّرُ قَدْرَ عَرْشِهِ. كَذَا قَالَ: مَوْضِعُ الْقَدَمَيْنِ مِنْ غَيْرِ إِضَافَةٍ. وَقَالَهُ أَيْضًا أَبُو [ص: 197] مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ مِنْ غَيْرِ إِضَافَةٍ، وَكَأَنَّهُ أَصَحُّ، وَتَأْويلُهُ عِنْدَ أَهْلِ النَّظَرِ مِقْدَارُ الْكُرْسِيِّ مِنَ الْعَرْشِ، كَمِقْدَارِ كُرْسِيٍّ يَكُونُ عِنْدَ سَرِيرٍ قَدْ وُضِعَ لِقَدَمَيِ الْقَاعِدِ عَلَى السَّرِيرِ، فَيَكُونُ السَّرِيرُ أَعْظَمَ قَدْرًا مِنَ الْكُرْسِيِّ الْمَوْضُوعِ دُونَهُ مَوْضِعًا لِلْقَدَمَيْنِ. هَذَا هُوَ الْمَقْصُودُ مِنَ الْخَبَرِ عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ النَّظَرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ، وَالْخَبَرُ مَوْقُوفٌ لَا يَصِحُّ رَفْعُهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَمَّا الْمُتَقَدِّمُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا فَإِنَّهُمْ لَمْ يُفَسِّرُوا أَمْثَالَ هَذِهِ، وَلَمْ يَشْتَغِلُوا بِتَأْوِيلِهَا، مَعَ اعْتِقَادِهِمْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَاحِدٌ غَيْرُ مُتَبَعِّضٍ، وَلَا ذِي جَارِحَةٍ 759 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، نا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ قَالَ: سَمِعْتُ الْعَبَّاسَ بْنَ مُحَمَّدٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ، يَقُولُ: شَهِدْتُ زَكَرِيَّا بْنَ عَدِيٍّ سَأَلَ وَكِيعًا فَقَالَ: يَا أَبَا سُفْيَانَ، هَذِهِ الْأَحَادِيثُ ـ يَعْنِي مِثْلَ: الْكُرْسِيُّ مَوْضِعُ الْقَدَمَيْنِ وَنَحْوَ هَذَا ـ؟ فَقَالَ وَكِيعٌ: أَدْرَكْنَا إِسْمَاعِيلَ بْنَ أَبِي خَالِدٍ وَسُفْيَانَ وَمِسْعَرًا يُحَدِّثُونَ بِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ وَلَا يُفَسِّرُونَ شَيْئًا. [ص: 198] 760 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَارِثِ الْفَقِيهُ، أَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَيَّانَ الْأَصْبَهَانِيُّ، فِيمَا أَجَازَ لَهُ جَدُّهُ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ مُحَمَّدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عُبَيْدٍ، يَقُولُ: هَذِهِ الْأَحَادِيثُ الَّتِي يَقُولُ فِيهَا: «ضَحِكَ رَبُّنَا مِنْ قُنُوطِ عِبَادِهِ وَقُرْبِ غِيَرِهِ، وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَا تَمْتَلِئُ حَتَّى يَضَعَ رَبُّكَ قَدَمَهُ فِيهَا، وَالْكُرْسِيُّ مَوْضِعُ الْقَدَمَيْنِ» وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ فِي الرِّوَايَةِ هِيَ عِنْدَنَا حَقٌّ، حَمَلَهَا الثِّقَاتُ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ، غَيْرَ أَنَّا إِذَا سُئِلْنَا عَنْ تَفْسِيرِهَا لَا نُفَسِّرُهَا وَمَا أَدْرَكْنَا أَحَدًا يُفَسِّرُهَا الحديث: 758 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 196 761 - وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، نا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ [ص: 199] بْنُ يَعْقُوبَ، نا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيُّ، نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ، نا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ، قَالَ: بَيْنَمَا أَنَا جَالِسٌ، فِي الْمَسْجِدِ إِذْ جَاءَ قَتَادَةُ بْنُ النُّعْمَانِ، فَجَلَسَ فَتَحَدَّثَ فَثَابَ إِلَيْهِ أُنَاسٌ ثُمَّ قَالَ: انْطَلِقْ بِنَا إِلَى أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ فَإِنِّي قَدْ أُخْبِرْتُ أَنَّهُ قَدِ اشْتَكَى، فَانْطَلَقْنَا حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ فَوَجَدْنَاهُ مُسْتَلْقِيًا وَاضِعًا رِجْلَهُ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى، فَسَلَّمْنَا وَجَلَسْنَا، فَرَفَعَ قَتَادَةُ يَدَهُ إِلَى رِجْلِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ فَقَرَصَهَا قَرْصَةً شَدِيدَةً، فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ: سُبْحَانَ اللَّهِ يَا ابْنَ آدَمَ، أَوْجَعَتْنِي. قَالَ: ذَاكَ أَرَدْتُ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمَّا قَضَىْ خَلْقَهُ، اسْتَلْقَى ثُمَّ وَضَعَ إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى، ثُمَّ قَالَ: لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ خَلْقِي أَنْ يَفْعَلَ هَذَا ". قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: لَا جَرَمَ لَا أَفْعَلُهُ أَبَدًا ". فَهَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ وَلَمْ أَكْتُبْهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَفُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ مَعَ كَوْنِهِ مِنْ شَرْطِ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٍ، فَلَمْ يُخْرِجَا حَدِيثَهُ هَذَا فِي الصَّحِيحِ، وَهُوَ عِنْدَ بَعْضِ الْحُفَّاظِ غَيْرُ مُحْتَجٍّ بِهِ. 762 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، نا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، نا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ، يَقُولُ: فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ لَا يُحْتَجُّ بِحَدِيثِهِ [ص: 200] 763 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأُشْنَانِيُّ قَالُوا: أَنَا أَبُو الْحَسَنِ الطَّرَائِفِيُّ، نا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ، يَقُولُ: فُلَيْحٌ ضَعِيفٌ قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ: وَبَلَغَنِي عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيِّ أَنَّهُ قَالَ: فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. قَالَ الشَّيْخُ: فَإِذَا كَانَ فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمَدَنِيُّ مُخْتَلِفًا فِي جَوَازِ الِاحْتِجَاجِ بِهِ عِنْدَ الْحُفَّاظِ لَمْ يَثْبُتْ بِرِوَايَتِهِ مِثْلُ هَذَا الْأَمْرِ الْعَظِيمِ. وَفِيهِ عِلَّةٌ أُخْرَى وَهِيَ أَنَّ قَتَادَةَ بْنَ النُّعْمَانِ مَاتَ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَصَلَّى عَلَيْهِ عُمَرُ، وَعُبَيْدُ بْنُ حُنَيْنٍ مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَمِائَةٍ، وَلَهُ خَمْسٌ وَسَبْعُونَ سَنَةً فِي قَوْلِ الْوَاقِدِيِّ وَابْنِ بُكَيْرٍ، فَتَكُونُ رِوَايَتُهُ عَنْ قَتَادَةَ مُنْقَطِعَةً، وَقَوْلُ الرَّاوِي: «وَانْطَلَقْنَا حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى أَبِي سَعِيدٍ» . لَا يَرْجِعُ إِلَى عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ، وَإِنَّمَا يَرْجِعُ إِلَى مَنْ أَرْسَلَهُ عَنْهُ، وَنَحْنُ لَا نَعْرِفُهُ، فَلَا نَقْبَلُ الْمَرَاسِيلَ فِي الْأَحْكَامِ، فَكَيْفَ فِي هَذَا الْأَمْرِ الْعَظِيمِ؟ ثُمَّ إِنْ صَحَّ طَرِيقُهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَ بِهِ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْكِتَابِ عَلَى طَرِيقِ الْإِنْكَارِ فَلَمْ يَفْهَمْ عَنْهُ قَتَادَةُ بْنُ النُّعْمَانِ إِنْكَارَهُ الحديث: 761 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 198 764 - أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الْعَزَايِمِيُّ، أنا أَبُو الْعَبَّاسِ الصِّبْغِيُّ، نا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زِيَادِ، نا ابْنِ أَبِي أُوَيْسٍ، حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ [ص: 201] عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، أَنَّ الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ سَمِعَ رَجُلًا يُحَدِّثُ حَدِيثًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاسْتَمَعَ الزُّبَيْرُ لَهُ حَتَّى إِذَا قَضَى الرَّجُلُ حَدِيثَهُ قَالَ لَهُ الزُّبَيْرُ: أَنْتَ سَمِعْتَ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ الرَّجُلُ: نَعَمْ. قَالَ: هَذَا وَأَشْبَاهُهُ مِمَّا يَمْنَعُنَا أَنْ نُحَدِّثَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَدْ لَعَمْرِي سَمِعْتُ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا يَوْمَئِذٍ حَاضِرٌ، وَلَكِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْتَدَأَ هَذَا الْحَدِيثَ فَحَدَّثَنَاهُ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ حَدَّثَهُ إِيَّاهُ، فَجِئْتَ أَنْتَ يَوْمَئِذٍ بَعْدَ أَنْ قَضَى صَدْرَ الْحَدِيثِ، وَذَكَرَ الرَّجُلَ الَّذِي مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فَظَنَنْتَ أَنَّهُ مِنْ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ الشَّيْخُ: وَلِهَذَا الْوَجْهِ مِنَ الِاحْتِمَالِ تَرَكَ أَهْلُ النَّظَرِ مِنْ أَصْحَابِنَا الِاحْتِجَاجَ بِأَخْبَارِ الْآحَادِ فِي صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى، إِذَا لَمْ يَكُنْ لِمَا انْفَرَدَ مِنْهَا أَصْلٌ فِي الْكِتَابِ أَوِ الْإِجْمَاعِ، وَاشْتَغَلُوا بِتَأْوِيلِهِ، وَمَا نُقِلَ فِي هَذَا الْخَبَرِ إِنَّمَا يَفْعَلُهُ فِي الشَّاهِدِ مِنَ الْفَارِغِينَ مِنْ أَعْمَالِهِمْ مَنْ مَسَّهُ لُغُوبٌ، أَوْ أَصَابَهُ نَصَبٌ مِمَّا فَعَلَ، لِيَسْتَرِيحَ بِالِاسْتِلْقَاءِ وَوَضَعِ إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى، وَقَدْ كَذَّبَ اللَّهُ تَعَالَى الْيَهُودَ، حِينَ وَصَفُوهُ بِالِاسْتِرَاحَةِ بَعْدَ خَلَقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَقَالَ: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ} [ق: 39] الحديث: 764 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 200 765 - حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أنا أَبُو سَعِيدٍ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو الْأَحْمَسِيُّ بِالْكُوفَةِ، نا الْحُسَيْنُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ الرَّبِيعِ، نا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، نا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي سَعْدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ الْيَهُودَ أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَتْ عَنْ خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَقَالَ: " خَلَقَ الْأَرْضَ يَوْمَ الْأَحَدِ وَالِإثْنَيْنِ، وَخَلَقَ الْجِبَالَ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ وَمَا فِيهِنَّ مِنَ الْمَنَافِعِ، وَخَلَقَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ الشَّجَرَ وَالْمَاءَ وَالْمَدَائِنَ وَالْعُمْرَانَ وَالْخَرَابَ، فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ، فَقَالَ عَزَّ مِنْ قَائِلِ: {قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارِكْ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ} [فصلت: 10] ، وَخَلَقَ يَوْمَ الْخَمِيسِ السَّمَاءَ، وَخَلَقَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ النُّجُومَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالْمَلَائِكَةَ إِلَى ثَلَاثِ سَاعَاتٍ بَقَيْنَ مِنْهُ، فَخَلَقَ فِي أَوَّلِ سَاعَةٍ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثِ السَّاعَاتِ الْآجَالَ حِينَ يَمُوتُ مَنْ مَاتَ، وَفِي الثَّانِيَةِ أَلْقَى الْآفَةَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مِمَّا يَنْتَفِعُ بِهِ النَّاسُ، وَفِي الثَّالِثَةِ آدَمَ وَأَسْكَنَهُ الْجَنَّةَ وَأَمَرَ إِبْلِيسَ بِالسُّجُودِ لَهُ، وَأَخْرَجَهُ مِنْهَا فِي آخِرِ السَّاعَةِ ". ثُمَّ قَالَتِ الْيَهُودُ: ثُمَّ مَاذَا يَا مُحَمَّدُ؟ [ص: 203] قَالَ: «ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ» . قَالُوا: قَدْ أَصَبْتَ لَوْ أَتْمَمْتَ. قَالُوا: ثُمَّ اسْتَرَاحَ. قَالَ: فَغَضِبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَضَبًا شَدِيدًا، فَنَزَلَتْ: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ} [ق: 38] الحديث: 765 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 202 766 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحُسَيْنِ، نا آدَمُ، نا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ} [ق: 38] قَالَ: اللُّغُوبُ النَّصَبُ، تَقُولُ الْيَهُودُ إِنَّهُ أُعْيِيَ بَعْدَ مَا خَلَقَهُمَا. قَالَ الشَّيْخُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: وَأَمَّا النَّهْيُ عَنْ وَضْعِ الرَّجُلِ إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى فَقَدْ رَوَاهُ أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دُونَ هَذِهِ الْقِصَّةِ، وَحَمَلَهُ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى مَا يُخْشَى مِنَ انْكِشَافِ الْعَوْرَةِ، وَهِيَ الْفَخِذُ إِذَا رَفَعَ إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى مُسْتَلْقِيًا وَالْإِزَارُ ضَيِّقٌ، وَهُوَ جَائِزٌ عِنْدَ الْجَمِيعِ إِذَا لَمْ يُخْشَ ذَلِكَ الحديث: 766 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 203 767 - أَخبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمُزَكي، قَالَا: أنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، نا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ، نا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبَّادُ بْنُ تَمِيمٍ، عَنْ عَمِّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَسْتَلْقِي فِي [ص: 204] الْمَسْجِدِ وَإِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى. وَزَادَ زَكَرِيَّا فِي رِوَايَتِهِ قَالَ: وَزَعَمَ عَبَّادٌ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَعُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ كَانَا يَفْعَلَانِ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي طَاهِرٍ، وَحَرْمَلَةُ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ الحديث: 767 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 203 768 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الرُّوذْبَارِيُّ، أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، نا أَبُو دَاوُدَ، نا [ص: 205] الْقَعْنَبِيُّ، نا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، ح. وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ، أنا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ شَوْذَبٍ الْوَاسِطِيُّ، بِهَا، نا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ، نا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ، عَنْ عَمِّهِ وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْتَلْقِيًا فِي الْمَسْجِدِ وَاضِعًا إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى ". لَفْظُ حَدِيثِ مَالِكٍ، زَادَ إِبْرَاهِيمُ فِي رِوَايَتِهِ: وَأَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنِ الْقَعْنَبِيِّ عَنْ مَالِكٍ، وَعَنْ أَحْمَدَ بْنِ يُونُسَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ. 769 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، أنا أَبُو دَاوُدَ، نا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، وَعُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا كَانَا يَفْعَلَانِ ذَلِكَ الحديث: 768 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 204 770 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، نا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، نا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ، نا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ نَوْفَلٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ رَأَى أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُضْطَجِعًا وَإِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى. قَالَ الشَّيْخُ: وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ النَّظَرِ فِي حَدِيثِ قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانَ مَعْنَاهُ: لَمَّا خَلَقَ مَا أَرَادَ خَلْقَهُ تَرَكَ إِدَامَةَ مِثْلِهِ وَلَوْ شَاءَ لَأَدَامَ. هَذَا مَثَلٌ جَارٍ فِي مَنْ فَرَغَ مِمَّا قَصَدَهُ، فُلَانٌ اسْتَلْقَى عَلَى ظَهْرِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ اضْطَجَعَ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ اسْتَلْقَى بِمَعْنَى أَلْقَى، فَيَكُونُ مَعْنَاهُ أَنَّهُ أَلْقَى بَعْضَ السَّمَاوَاتِ فَوْقَ بَعْضٍ، وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ، وَتَكُونُ السِّينُ بِمَثَابَتِهِ فِي اسْتَدْعَى وَاسْتَبْرَى. وَأَمَّا تَأْوِيلُ قَوْلِهِ: «ثُمَّ وَضَعَ إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى» . أَيْ: رَفَعَ قَوْمًا عَلَى قَوْمٍ، فَجَعَلَ بَعْضَهُمْ سَادَةً وَبَعْضَهُمْ عَبِيدًا، وَالرَّجُلُ جَمَاعَةٌ، أَوْ جَعَلَهُمْ صِنْفَيْنِ فِي الشَّقَاوَةِ وَالسَّعَادَةِ أَوِ الْغِنَى وَالْفَقْرِ، أَوِ الصِّحَّةِ وَالسَّقَمِ، يُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ الْمَازِنِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْتَلْقِيًا فِي الْمَسْجِدِ وَاضِعًا إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ الحديث: 770 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 205 771 - وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، نا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، نا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، نا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ عُتْبَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ،: أُنْشِدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قَوْلِ أُمَيَّةَ بْنَ أَبِي الصَّلْتِ: [البحر الطويل] رَجُلٌ وَثَوْرٌ تَحْتَ رِجْلِ يَمِينِهِ ... وَالنَّسْرُ لِلْأُخْرَى وَلَيْثٌ مُرْصَدُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «صَدَقَ» . وَأُنْشِدَ قَوْلَهُ: وَالشَّمْسُ تَطْلُعُ كُلَّ آخِرِ لَيْلَةٍ ... حَمْرَاءَ يُصْبِحُ لَوْنُهَا يَتَوَرَّدُ [ص: 207] فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «صَدَقَ» . تَأْبَى فَمَا تَبْدُو لَنَا فِي رِسْلِهَا ... إِلَّا مُعَذَّبَةً وَإِلَّا تُجْلَدُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صَدَقَ» . فَهَذَا حَدِيثٌ يَتَفَرَّدُ بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ بِإِسْنَادِهِ هَذَا، وَإِنَّمَا أُرِيدَ بِهِ مَا جَاءَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ الْكُرْسِيَّ يَحْمِلُهُ أَرْبَعَةُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، مَلَكٌ فِي صُورَةِ رَجُلٍ، وَمَلَكٌ فِي صُورَةِ أَسَدٍ، وَمَلَكٌ فِي [ص: 208] صُورَةِ ثَوْرٍ، وَمَلَكٌ فِي صُورَةِ نَسْرٍ، فَكَأَنَّهُ ـ إِنْ صَحَّ ـ بَيَّنَ أَنَّ الْمَلَكَ الَّذِي فِي صُورَةِ رَجُلٍ وَالْمَلَكَ الَّذِي فِي صُورَةِ ثَوْرٍ يَحْمِلَانِ مِنَ الْكُرْسِيِّ مَوْضِعَ الرِّجْلِ الْيُمْنَى، وَالْمَلَكُ الَّذِي فِي صُورَةِ النَّسْرِ وَالَّذِي فِي صُورَةِ الْأَسَدِ وَهُوَ اللَّيْثُ يَحْمِلَانِ مِنَ الْكُرْسِيِّ مَوْضِعَ الرِّجْلِ الْأُخْرَى، أَنْ لَوَ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ ذَا رِجْلَيْنِ الحديث: 771 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 206 مَا جَاءَ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ} [الزمر: 56] الجزء: 2 ¦ الصفحة: 209 772 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْكِسَائِيُّ، ثنا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسَ، ثنا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ} [الزمر: 56] يَعْنِي مَا ضَيَّعْتُ مِنْ أَمَرِ اللَّهِ الحديث: 772 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 209 بَابُ مَا جَاءَ فِي تَفْسِيرِ الرُّوحِ وَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ، وَقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ، وَقَوْلِهِ فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 210 773 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، نا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ الصَّفَّارُ، نا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نَصْرٍ اللَّبَّادُ، نا عَمْرُو بْنُ حَمَّادِ بْنِ طَلْحَةَ، نا أَسْبَاطُ بْنُ نَصْرٍ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ، وَعَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَنْ مُرَّةَ الْهَمْدَانِيِّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، فِي قِصَّةِ خَلْقِ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: " فَبَعَثَ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَى الْأَرْضِ لِيَأْتِيَهُ بِطِينٍ مِنْهَا، فَقَالَتِ الْأَرْضُ: إِنِّي أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ أَنْ تَنْقُصَ مِنِّي أَوْ تُشِينَنِي. فَرَجَعَ وَلَمْ يَأْخُذْهُ، وَقَالَ: رَبِّ إِنَّهَا عَاذَتْ بِكَ فَأَعَذْتُهَا، فَبَعَثَ مِيكَائِيلَ فَعَاذَتْ مِنْهُ فَأَعَاذَهَا، فَرَجَعَ فَقَالَ كَمَا قَالَ جِبْرِيلُ، فَبَعَثَ مَلَكُ الْمَوْتِ فَعَاذَتْ مِنْهُ فَأَعَاذَهَا فَرَجَعَ فَقَالَ: وَأَنَا أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَرْجِعَ وَلَمْ أُنْفِذْ أَمَرَهُ. فَأَخَذَ مِنْ وَجْهِ الْأَرْضِ، وَخَلَطَ فَلَمْ يَأْخُذْ مِنْ مَكَانٍ وَاحِدٍ، وَأَخَذَ مِنْ تُرْبَةٍ حَمْرَاءَ وَبَيْضَاءَ وَسَوْدَاءَ. فَلِذَلِكَ خَرَجَ بَنُو آدَمَ مُخْتَلِفَيْنَ، وَلِذَلِكَ سُمِّيَ آدَمَ لِأَنَّهُ أُخِذَ مِنْ أَدِيمِ الْأَرْضِ، فَصَعِدَ بِهِ فَبَلَّ التُّرَابَ حَتَّى عَادَ طِينًا لَازِبًا - اللَّازِبُ هُوَ الَّذِي يَلْزَقُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ - ثُمَّ تُرِكَ حَتَّى أَنْتَنَ فَذَلِكَ [ص: 211] حَيْثُ يَقُولُ {مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ} [سورة: الحجر، آية رقم: 26] قَالَ: مُنْتِنٌ، ثُمَّ قَالَ لِلْمَلَائِكَةِ: {إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ} [سورة: ص، آية رقم: 72] فَخَلَقَهُ اللَّهُ بِيَدِهِ لِئَلَّا يَتَكَبَّرُ إِبْلِيسُ عَنْهُ لَيَقُولَ لَهُ: أَتَتَكَبَّرُ عَمَّا عَمِلْتَ بِيَدِي، وَلَمْ أَتَكَبَّرْ أَنَا عَنْهُ، فَخَلَقَهُ بَشَرًا فَكَانَ جَسَدًا مِنْ طِينٍ أَرْبَعِينَ سَنَةً مِنْ مِقْدَارِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ: فَمَرَّتْ بِهِ الْمَلَائِكَةُ فَفَزِعُوا مِنْهُ لَمَّا رَأَوْهُ، وَكَانَ أَشَدُّهُمْ فَزَعًا مِنْهُ إِبْلِيسَ، وَكَانَ يَمُرُّ بِهِ فَيَضْرِبُهُ فَيُصَوِّتُ الْجَسَدَ كَمَا يُصَوَّتُ الْفَخَّارَ، تَكُونُ لَهُ صَلْصَلَةٌ، فَذَلِكَ حِينَ يَقُولُ {مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ} [سورة: الرحمن، آية رقم: 14] وَيَقُولُ لِأَمْرٍ مَا: خَلَقْتُ، وَدَخَلَ مِنْ فَمِهِ فَخَرَجَ مِنْ دُبُرِهِ، فَقَالَ لِلْمَلَائِكَةِ: لَا تَرْهَبُوا مِنْ هَذَا فَإِنَّهُ أَجْوَفُ، وَلَئِنْ سُلِّطْتُ عَلَيْهِ لَأُهْلِكَنَّهُ. فَلَمَّا بَلَغَ الْحِينَ الَّذِي أُرِيدَ أَنْ يُنْفَخَ فِيهِ الرُّوحُ، قَالَ لِلْمَلَائِكَةِ: إِذَا نَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَاسْجُدُوا لَهُ، فَلَمَّا نَفَخَ فِيهِ الرُّوحَ فَدَخَلَ الرُّوحُ فِي رَأْسِهِ عَطَسَ، فَقَالَتْ لَهُ الْمَلَائِكَةُ: قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ، فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، فَقَالَ اللَّهُ لَهُ: رَحِمَكَ رَبُّكَ، فَلَمَّا دَخَلَ الرُّوحُ فِي عَيْنَيْهِ نَظَرَ إِلَى ثِمَارِ الْجَنَّةِ، فَلَمَّا دَخَلَ فِي جَوْفِهِ اشْتَهَى الطَّعَامَ فَوَثَبَ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ الرُّوحُ رِجْلَيْهِ عَجْلَانَ إِلَى ثِمَارِ الْجَنَّةِ، فَذَلِكَ حِينَ يَقُولُ {خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَجَلٍ} [سورة: الأنبياء، آية رقم: 37] , {فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى} [سورة: الحجر، آية رقم: 30] أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ. وَذَكَرَ الْقِصَّةَ. وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ فِي قِصَّةِ مَرْيَمَ وَابْنَهَا، قَالُوا: خَرَجَتْ مَرْيَمُ إِلَى جَانِبِ الْمِحْرَابِ لِحَيْضٍ أَصَابَهَا، فَلَمَّا طَهُرَتْ إِذَا هِيَ بِرَجُلٍ مَعَهَا، وَهُوَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ {فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا} [سورة: مريم، آية رقم: 17] وَهُوَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَفَزِعَتْ مِنْهُ وَقَالَتْ {إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا} [سورة: مريم، آية رقم: 18] قَالَ: {إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا} [سورة: مريم، آية رقم: 19] الْآَيَةَ فَخَرَجَتْ وَعَلَيْهَا جِلْبَابُهَا، فَأَخَذَ بِكُمِّهَا فَنَفَخَ فِي جَيْبِ دِرْعِهَا وَكَانَ مَشْقُوقًا مِنْ قُدَّامِهَا، فَدَخَلَتِ النَّفْخَةُ صَدْرَهَا فَحَمَلَتْ، فَأَتَتْهَا أُخْتُهَا امْرَأَةُ زَكَرِيَّا لَيْلَةً لِتَزُورَهَا، فَلَمَّا فَتَحَتْ لَهَا الْبَابَ الْتَزَمَتْهَا، فَقَالَتِ امْرَأَةُ زَكَرِيَّا: يَا مَرْيَمُ أَشَعَرْتِ أَنِّي حُبْلَى؟ قَالَتْ مَرْيَمُ: أَشَعَرْتِ أَيْضًا أَنِّي حُبْلَى؟ قَالَتِ [ص: 212] امْرَأَةُ زَكَرِيَّا: فَإِنَّى وَجَدْتُ مَا فِي بَطْنِي يَسْجُدُ لِلَّذِي فِي بَطْنِكِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ} [سورة: آل عمران، آية رقم: 39] وَذَكَرَ الْقِصَّةَ قَالَ الشَّيْخُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: فَالرُّوحُ الَّذِي مِنْهُ نُفِخَ فِي آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ خَلْقًا مِنْ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى، جَعَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ حَيَاةَ الْأَجْسَامِ بِهِ، وَإِنَّمَا أَضَافَهُ إِلَى نَفْسِهِ عَلَى طَرِيقِ الْخَلْقِ وَالْمِلْكِ، لَا أَنَّهُ جُزْءٌ مِنْهُ، وَهُوَ كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ} [سورة: الجاثية، آية رقم: 13] أَيْ مِنْ خَلْقِهِ الحديث: 773 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 210 774 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُقْرِئُ، أنا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، نا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ، نا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، نا وَكِيعٌ، نا الْأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: كُنْتُ أَمْشِي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَرْثٍ بِالْمَدِينَةِ، وَهُوَ مُتَوَكِّئٌ عَلَى عَسِيبٍ، فَمَرَّ بِقَوْمٍ مِنَ الْيَهُودِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: سَلُوهُ عَنِ الرُّوحِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا تَسْأَلُوهُ. فَسَأَلُوهُ فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ، مَا الرُّوحُ؟ فَوَقَفَ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَظَنَنْتُ أَنَّهُ يُوحَى إِلَيْهِ، فَقَرَأَ: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمَرِ رَبِّي} [الإسراء: 85] الْآيَةَ. فَقَالَ بَعْضُهُمْ: قَدْ قُلْنَا لَكُمْ لَا تَسْأَلُوهُ. أَخْرِجَاهُ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ وَكِيعٍ وَغَيْرِهِ. قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيّ رَحِمَهُ اللَّهُ: أَمَّا الرُّوحُ فَقَدِ اخْتَلَفُوا فِيمَا وَقَعَتْ عَنْهُ الْمُسَاءَلَةُ مِنَ الْأَرْوَاحِ؛ فَقَالَ بَعْضُهُمُ: الرُّوحُ هَهُنَا جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ مَلَكٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ بِصِفَةٍ وَصَفُوهَا مِنْ عِظَمِ الْخِلْقَةِ. قَالَ: وَذَهَبَ أَكْثَرُ أَهْلِ التَّأْوِيلِ إِلَى أَنَّهُمْ سَأَلُوهُ عَنِ الرُّوحِ الَّذِي بِهِ تَكُونُ حَيَاةُ الْجَسَدِ، وَقَالَ أَهْلُ النَّظَرِ مِنْهُمْ: إِنَّمَا سَأَلُوهُ [ص: 213] عَنْ كَيْفِيَّةِ الرُّوحِ وَمَسْلَكِهِ فِي بَدَنِ الْإِنْسَانِ وَكَيْفَ امْتِزَاجُهُ بِالْجِسْمِ، وَاتِّصَالُ الْحَيَاةِ بِهِ، وَهَذَا شَيْءٌ لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ". وَقَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «الْأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ، فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ» ، وَقَالَ: «أَرْوَاحُ الشُّهَدَاءِ فِي صُوَرِ طَيْرٍ خُضْرٍ تَعَلَّقَ مِنْ ثَمَرِ الْجَنَّةِ» . فَأَخْبَرَ أَنَّهَا كَانَتْ مُنْفَصِلَةً مِنَ الْأَبْدَانِ فَاتَّصَلَتْ بِهَا، ثُمَّ انْفَصَلَتْ عَنْهَا، وَهَذَا مِنْ صِفَةِ الْأَجْسَامِ الحديث: 774 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 212 775 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، نا عَلِيُّ بْنُ عِيسَى الْحِيرِيُّ، نا مُسَدَّدُ بْنُ قُطْنٍ، نا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَمَّا [ص: 214] أُصِيبَ إِخْوَانُكُمْ بِأُحُدٍ جَعَلَ اللَّهُ أَرْوَاحَهُمْ فِي أَجْوَافِ طَيْرٍ خُضْرٍ تَرِدُ أَنْهَارَ الْجَنَّةِ، وَتَأْكُلُ مِنْ ثِمَارِهَا، وَتَأْوِي إِلَى قَنَادِيلَ مِنْ ذَهَبٍ مُعَلَّقَةٍ فِي ظِلِّ الْعَرْشِ، فَلَمَّا وَجَدُوا طِيبَ مَأْكَلِهِمْ وَمَشْرَبِهِمْ وَمَقِيلِهِمْ قَالُوا: مَنْ يُبَلِّغُ إِخْوَانَنَا عَنَّا أَنَّا أَحْيَاءُ فِي الْجَنَّةِ نُرْزَقُ، لِئَلَّا يَزْهَدُوا فِي الْجِهَادِ، وَلَا يَنْكُلُوا فِي الْحَرْبِ؟ فَقَالَ اللَّهُ: أَنَا أُبَلِّغُهُمْ عَنْكُمْ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ} [آل عمران: 170] " الْآيَاتُ. وَقَدْ ثَبَتَ مَعْنَى هَذَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ مِنْ قَوْلِهِ الحديث: 775 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 213 776 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، نا أَبُو أَحْمَدَ الْقَاسِمُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ الْهَمَذَانِيُّ، نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحُسَيْنِ، نا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، نا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، نا يَحْيَى بْنُ [ص: 215] سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ، فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ» . 777 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْفَتْحِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي الْفَوَارِسِ الْحَافِظُ رَحِمَهُ اللَّهُ، أنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْهَيْثَمِ الْأَنْبَارِيُّ، نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ الْحَرْبِيُّ، نا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، نا سَعِيدُ بْنُ الْحَكَمِ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ، قَالَتْ: كَانَتْ بِمَكَّةَ امْرَأَةٌ مَزَّاحَةٌ فَقَدِمَتِ الْمَدِينَةَ فَنَزَلَتْ عَلَى امْرَأَةٍ مِثْلِهَا، فَبَلَغَ عَائِشَةَ قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فَذَكَرَهُ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي [ص: 216] الصَّحِيحِ، فَقَالَ: وَقَالَ يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ فَذَكَرَهُ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ الحديث: 776 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 214 778 - أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أنا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، نا عُبَيْدُ بْنُ شَرِيكٍ، نا أَبُو الْجَمَاهِرِ، نا عَبْدُ الْعَزِيزِ، ح. أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ يَعْقُوبَ، نا مُحَمَّدُ بْنُ شَاذَانَ، وَأَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَا: نا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، نا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ، فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ قُتَيْبَةَ، وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ يَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَرْفَعُهُ. قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: هَذَا يُتَأَوَّلُ عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ إِشَارَةً إِلَى مَعْنَى التَّشَاكُلِ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، وَالصَّلَاحِ وَالْفَسَادِ، فَإِنَّ الْخَيِّرَ مِنَ النَّاسِ يَحِنُّ إِلَى شَكْلِهِ، وَالشِّرِّيرَ يَمِيلُ إِلَى نَظِيرِهِ وَمِثْلِهِ، وَالْأَرْوَاحُ إِنَّمَا تَتَعَارَفُ بِضَرَائِبِ طِبَاعِهَا الَّتِي جُبِلَتْ عَلَيْهَا مِنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، فَإِذَا اتَّفَقَتِ [ص: 217] الْأَشْكَالُ تَعَارَفَتْ وَتَآلَفَتْ، وَإِذَا اخْتَلَفَتْ تَنَافَرَتْ وَتنَاكَرَتْ؛ وَلِذَلِكَ صَارَ الْإِنْسَانُ يُعْرَفُ بِقَرِينِهِ، وَيُعْتَبَرُ حَالُهُ بِإِلْفِهِ وَصَحْبِهِ. وَالْوَجْهُ الْآخَرُ: أَنَّهُ إِخْبَارٌ عَنْ بَدْءِ الْخَلْقِ فِي حَالِ الْغَيْبِ عَلَى مَا رُوِيَ فِي الْأَخْبَارِ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ: خَلَقَ الْأَرْوَاحَ قَبْلَ الْأَجْسَامِ، وَكَانَتْ تَلْتَقِي فَتُشَامُّ كَمَا تُشَامُّ الْخَيْلُ. فَلَمَّا الْتَبَسَتْ بِالْأَجْسَامِ تَعَارَفَتْ بِالذِّكْرِ الْأَوَّلِ فَصَارَ كُلٌّ مِنْهُمَا إِنَّمَا يُعْرَفُ وَيُنْكَرُ عَلَى مَا سَبَقَ لَهُ الْعَهْدُ الْمُتَقَدِّمُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. قُلْتُ: وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي عِيسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: {فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا} [التحريم: 12] يُرِيدُ جَيْبَ دِرْعِ مَرْيَمَ عَلَيْهَا السَّلَامُ، وَقَوْلُهُ: {فِيهِ} [التحريم: 12] يُرِيدُ نَفْسَ مَرْيَمَ، وَذَلِكَ أَنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ نَفَخَ فِي جَيْبِ دِرْعِهَا فَوَصَلَ النَّفْخُ إِلَيْهَا، وَقَوْلُهُ: {مِنْ رُوحِنَا} [الأنبياء: 91] أَيْ مِنْ نَفْخِ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ. قَالَ الْقُتَيْبِيُّ: الرُّوحُ النَّفْخُ، سُمِّيَ رُوحًا لِأَنَّهُ رِيحٌ يَخْرُجُ مِنَ الرُّوحِ، قَالَ ذُو الرُّمَّةِ: [البحر الطويل] فَقُلْتُ لَهُ ارْفَعْهَا إِلَيْكَ وَأَحْيِهَا ... بِرُوحِكَ وَاجْعَلْهُ لَهَا قِيتَةً قِدْرَا قَوْلُهُ: أَحْيِهَا بِرُوحِكَ: أَيْ أَحْيِهَا بِنَفْخِكَ. فَالْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ رُوحُ اللَّهِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ بِنَفْخَةِ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فِي دِرْعِ مَرْيَمَ، وَنَسَبَ الرُّوحَ إِلَيْهِ لِأَنَّهُ بِأَمْرِهِ كَانَ" قَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ: وَقَدْ تَكُونُ الرُّوحُ بِمَعْنَى الرَّحْمَةِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ} [المجادلة: 22] أَيْ قَوَّاهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ، فَقَوْلُهُ: {فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا} [التحريم: 12] أَيْ: مِنْ رَحْمَتِنَا. وَيُقَالُ لَعِيسَى: رُوحُ اللَّهِ؛ أَيْ: رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَى مَنْ آمَنَ بِهِ. وَقِيلَ: قَدْ يَكُونُ الرُّوحُ بِمَعْنَى الْوَحْيِ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمَرِهِ عَلَى مِنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ} [غافر: 15] وَقَالَ: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا} [الشورى: 52] وَقَالَ {يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمَرِهِ} [النحل: 2] يَعْنِي بِالْوَحْيِ، وَإِنَّمَا سَمَّى الْوَحْيَ رُوحًا لِأَنَّهُ حَيَاةٌ مِنَ الْجَهْلِ، فَكَذَلِكَ سُمِّيَ الْمَسِيحُ عِيسَى [ص: 218] ابْنُ مَرْيَمَ رُوحًا، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَهْدِي بِهِ مَنِ اتَّبَعَهُ فَيُحْيِيهِ مِنَ الْكُفْرِ وَالضَّلَالَةِ، وَقَالَ: {فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا} [التحريم: 12] أَيْ صَارَ بِكَلِمَتِنَا كُنْ بَشَرًا مِنْ غَيْرِ أَبٍ. وَسُمِّيَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ رُوحًا، فَقَالَ: {قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ} [النحل: 102] يَعْنِي جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَقَالَ: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ} [الشعراء: 193] يَعْنِي جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَقَالَ: {وَأيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ} [البقرة: 87] يَعْنِي جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَقَالَ: {فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا} [مريم: 17] يَعْنِي جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَقَالَ: {تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا} [القدر: 4] ، قِيلَ: أَرَادَ بِهِ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَقِيلَ: أَرَادَ بِهِ الْمَلَكَ الْمُعَظَّمَ الَّذِي أَرَادَ بِقَوْلِهِ: {يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا} [النبأ: 38] وَقَوْلِهِ: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمَرِ رَبِّي} [الإسراء: 85] الحديث: 778 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 216 779 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحُسَيْنِ، نا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسَ، نا هُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: الرُّوحُ أَمَرٌ مِنْ أَمَرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَخَلْقٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى، صُوَرُهُمْ عَلَى صُورَةِ بَنِي آدَمَ، وَمَا نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَلَكٌ إِلَّا وَمَعَهُ وَاحِدٌ مِنَ الرُّوحِ الحديث: 779 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 218 780 - أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، أنا أَبُو الْحَسَنِ الطَّرَائِفِيُّ، ثنا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي قَوْلِهِ: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ} [الإسراء: 85] يَقُولُ: الرُّوحُ مَلَكٌ الحديث: 780 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 219 781 - وَبِإِسْنَادِهِ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو هَزْانَ يَزِيدُ بْنُ سَمُرَةَ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِهِ: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ} [الإسراء: 85] قَالَ: هُوَ مَلَكٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، لَهُ سَبْعُونَ أَلْفَ وَجْهٍ بِكُلِّ وَجْهٍ مِنْهَا سَبْعُونَ أَلْفَ لِسَانٍ، لِكُلِّ لِسَانٍ مِنْهَا سَبْعُونَ أَلْفَ لُغَةٍ، يُسَبِّحُ اللَّهُ تَعَالَى بِتِلْكَ اللُّغَاتِ كُلِّهَا، يَخْلُقُ مِنْ كُلِّ تَسْبِيحَةٍ مَلَكٌ يَطِيرُ مَعَ الْمَلَائِكَةِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ الحديث: 781 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 219 782 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ الْفَضْلِ، ثنا أَبُو [ص: 220] الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، ثنا أَبُو مُعَاوِيَةُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، فِي قَوْلِهِ: {يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ} [النبأ: 38] قَالَ: الرُّوحُ خَلْقٌ كَالنَّاسِ وَلَيْسُوا بِالنَّاسِ لَهُمْ أَيْدٍ وَأَرْجُلٌ الحديث: 782 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 219 783 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ، نا أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقُهُسْتَانِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ، أنا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ، أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: الرُّوحُ نَحْوُ خَلْقِ الْإِنْسَانِ الحديث: 783 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 220 784 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أنا أَحْمَدُ بْنُ كَامِلٍ الْقَاضِي، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ الْعَوْفِيُّ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنِي عَمِّي الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَطِيَّةَ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي قَوْلِهِ: {يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا} [النبأ: 38] قَالَ: يَعْنِي حِينَ يَقُومُ أَرْوَاحُ النَّاسِ مَعَ الْمَلَائِكَةِ فِيمَا بَيْنَ النَّفْخَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ تُرَدَّ الْأَرْوَاحُ إِلَى الْأَجْسَادِ وَفِي كَيْفِيَّةِ حَمْلِ مَرْيَمَ عَلَيْهَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَوْلٌ آخَرُ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. الحديث: 784 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 220 785 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الشَّيْبَانِيُّ بِالْكُوفَةِ، أنا أَحْمَدُ بْنُ حَازِمٍ الْغِفَارِيُّ، ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، أنا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: كَانَ رُوحُ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مِنْ تِلْكَ الْأَرْوَاحِ الَّتِي أَخَذَ اللَّهُ عَلَيْهَا الْمِيثَاقَ فِي زَمَنِ آدَمَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، فَأَرْسَلَهُ إِلَى مَرْيَمَ فِي صُورَةِ بِشْرٍ، {فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا} [مريم: 17] ، تَلَا إِلَى قَوْلِهِ: {فَحَمَلَتْهُ} [مريم: 22] " قَالَ: حَمَلَتِ الَّذِي خَاطَبَهَا، وَهُوَ رُوحُ عِيسَى، قَالَ: فَدَخَلَ مِنْ فِيهَا الحديث: 785 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 221 بَابُ مَا رُوِيَ فِي الرَّحِمِ أَنَّهَا قَامَتْ فَأَخَذَتْ بِحَقْوِ الرَّحْمَنِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 222 786 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الْعَلَوِيُّ، أنا حَاجِبُ بْنُ أَحْمَدَ الطُّوسِيُّ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُنِيبٍ، ثنا أَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِيُّ، ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي مُزَرِّدٍ، ح. وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أنا أَبُو الْفَضْلِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ، ثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، ثنا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي مُزَرِّدٍ، مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، حَدَّثَنِي أَبُو الْحُبَابِ سَعِيدُ بْنُ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ خَلَقَ الْخَلْقَ حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْهُمْ قَامَتِ الرَّحِمُ فَأَخَذَتْ بِحَقْوِ الرَّحْمَنِ، فَقَالَ: مَهْ، فَقَالَتْ: هَذَا مَكَانُ الْعَائِذِ مِنَ الْقَطِيعَةِ. قَالَ: نَعَمْ. أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ؟ قَالَتْ: بَلَى، قَالَ: فَذَلِكَ لَكِ. ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اقْرَأُوا إِنْ شِئْتُمْ: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ، أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ [ص: 223] فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أُمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [محمد: 23] . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ حَمْزَةَ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ قُتَيْبَةَ عَنْ حَاتِمٍ، وَرَوَاهُ سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي مُزَرِّدٍ فَقَالَ: «فَأَخَذَتْ بِحَقْوِ الرَّحْمَنِ» . وَمَعْنَاهُ عِنْدَ أَهْلِ النَّظَرِ: أَنَّهَا اسْتَجَارَتْ وَاعْتَصَمَتْ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، كَمَا تَقُولُ الْعَرَبُ: تَعَلَّقْتُ بِظِلِّ جَنَاحِهِ. أَيِ: اعْتَصَمْتُ بِهِ. وَقِيلَ: الْحَقْوُ الْإِزَارُ، وَإِزَارُهُ عِزَّةٌ، بِمَعْنَى أَنَّهُ مَوْصُوفٌ بِالْعِزِّ، فَلَاذَتِ الرَّحِمُ بِعِزِّهِ مِنَ الْقَطِيعَةِ وَعَاذَتْ بِهِ. وَقَدْ رَوَاهُ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي مُزَرِّدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ الرَّحِمَ مُعَلَّقَةٌ بِالْعَرْشِ تَقُولُ: مَنْ وَصَلَنِي وَصَلَهُ اللَّهُ، وَمَنْ قَطَعَنِي قَطَعَهُ اللَّهُ ". 787 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي أَبُو عَمْرِو بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، ثنا وَكِيعٌ، عَنْ مُعَاوِيَةَ، فَذَكَرَهُ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، فَيُحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ هَذَا مُرَادَهُ بِالْخَبَرِ الْأَوَّلِ الحديث: 786 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 222 788 - وَقَدْ أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ، أنا أَبُو عَلِيٍّ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، ثنا عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ الْهَيْثَمِ، ثنا أَبُو تَوْبَةَ، ثنا يَزِيدُ بْنُ رَبِيعَةَ الرَّحَبِيُّ، عَنْ أَبِي [ص: 224] الْأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيِّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ الصَّنْعَانِيِّ، عَنْ ثَوْبَانَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " ثَلَاثٌ مُعَلَّقَاتٌ بِالْعَرْشِ: الرَّحِمُ تَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي بِكَ فَلَا أُقْطَعُ، وَالْأَمَانَةُ تَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي بِكَ فَلَا أُخْتَانُ، وَالنِّعْمَةُ تَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي بِكَ فَلَا أُكْفَرُ " الحديث: 788 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 223 789 - وَأَمَّا مَا أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، ثنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقُرَشِيُّ، ثنا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ، ثنا سَعِيدُ بْنُ الْحَكَمِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، ح. وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو مُحَمَّدِ بْنُ يُوسُفَ وَأَبُو بَكْرٍ الْقَاضِي قَالُوا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيُّ، ثنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أنا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، أَخْبَرَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي مُزَرِّدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الرَّحِمُ شُجْنَةٌ مِنَ اللَّهِ، مَنْ وَصَلَهَا وَصَلَهُ اللَّهُ، وَمَنْ قَطَعَهَا قَطَعَهُ اللَّهُ» لَفْظُ حَدِيثِ الصَّاغَانِيِّ وَفِي رِوَايَةِ الدَّارِمِيِّ: «الرَّحِمُ شُجْنَةٌ مِنَ الرَّحْمَنِ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنِ ابْنِ أَبِي مَرْيَمَ، وَرَوَاهُ حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ مُعَاوِيَةَ، فَقَالَ: «الرَّحِمُ شُجْنَةٌ مِنَ الرَّحْمَنِ» وَكَذَلِكَ رُوِيَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَغَيْرِهِ. وَإِنَّمَا أَرَادَ ـ وَاللَّهُ أَعْلَمُ ـ أَنَّ اسْمَ الرَّحِمَ شُعْبَةٌ مَأْخُوذَةٌ مِنْ تَسْمِيَةِ الرَّحْمَنِ الحديث: 789 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 224 790 - وَذَلِكَ بَيِّنٌ فِيمَا أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ، أنا إِسْمَاعِيلُ الصَّفَّارُ، ثنا [ص: 225] أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ، ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أنا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، أَنَّ أَبَا الرَّدَّادِ اللَّيْثِيَّ، أَخْبَرَهُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: " قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَنَا الرَّحْمَنُ، خَلَقْتُ الرَّحِمَ وَشَقَقْتُ لَهَا اسْمًا مِنَ اسْمِي فَمَنْ وَصَلَهَا وَصَلْتُهُ، وَمَنْ قَطَعَهَا بَتَتُّهُ ". كَذَا قَالَ الرَّمَادِيُّ وَجَمَاعَةٌ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّ أَبَا الرَّدَّادِ اللَّيْثِيَّ أَخْبَرَهُ وَكَذَلِكَ قَالَهُ جَمَاعَةٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ الحديث: 790 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 224 بَابُ مَا رُوِيَ فِي الْإِظْلَالِ بِظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 226 791 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ نَظِيفٍ الْمِصْرِيُّ بِمَكَّةَ، ثنا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الْمَوْتِ إِمْلَاءً، ثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْمَكِّيُّ، ثنا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَوْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ الْلَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ: إِمَامٌ عَادِلٌ، وَشَابٌّ نَشَأَ بِعِبَادَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ، وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ حَسَبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لَا تَعْلَمُ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ، وَرَجُلٌ كَانَ قَلْبُهُ مُعَلَّقًا بِالْمَسْجِدِ إِذَا خَرَجَ مِنْهُ حَتَّى يَعُودَ إِلَيْهِ، وَرَجُلَانِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ تَعَالَى اجْتَمَعَا عَلَى ذَلِكَ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ ". أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ، وَأَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ عُبَيْدِ اللَّهِ [ص: 227] بْنِ عُمَرَ، عَنْ خُبَيْبٍ. وَمَعْنَاهُ عِنْدَ أَهْلِ النَّظَرِ إِدْخَالُهُ إِيَّاهُمْ فِي رَحْمَتِهِ وَرِعَايَتِهِ، كَمَا يُقَالُ أَسْبَلَ الْأَمِيرُ، أَوِ الْوَزِيرُ ظِلَّهُ عَلَى فُلَانٍ؛ بِمَعْنَى الرِّعَايَةِ. وَقَدْ قِيلَ: الْمُرَادُ بِالْخَبَرِ ظِلُّ الْعَرْشِ، وَإِنَّمَا الْإِضَافةُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَقَعَتْ عَلَى مَعْنَى الْمِلْكِ الحديث: 791 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 226 792 - وَاحْتَجَّ مَنْ قَالَ ذَلِكَ بِمَا أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ، أنا إِسْمَاعِيلُ الصَّفَّارُ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ، ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أنا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: إِنَّ سَلْمَانَ قَالَ: التَّاجِرُ الصَّدُوقُ مَعَ السَّبْعَةِ فِي ظِلِّ عَرْشِ اللَّهِ تَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ. ثُمَّ ذَكَرَ السَّبْعَةَ الْمَذْكُورِينَ فِي الْخَبَرِ الْمَرْفُوعِ، وَرُوِي لَفْظُ الْعَرْشِ فِي الْحَدِيثِ الْمَرْفُوعِ الحديث: 792 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 227 793 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، ثنا أَبُو مُحَمَّدٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيُّ بِنَيْسَابُورَ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ بِهَمَذَانَ، وَأَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْعَدْلُ قَالُوا: ثنا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ اللَّيْثِ، ثنا عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ، أنا شُعْبَةُ، عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ تَعَالَى تَحْتَ ظِلِّ عَرْشِهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ: رَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ بِالْمَسَاجِدِ، وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ، وَرَجُلَانِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ، وَرَجُلٌ غَضَّ عَيْنَيْهِ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ تَعَالَى، وَعَيْنٌ حَرَسَتْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، [ص: 228] وَعَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ". وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ، عَنْ خُبَيْبٍ، وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الحديث: 793 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 227 بَابُ ذِكْرِ الْحَدِيثِ الْمُنْكَرِ الْمَوْضُوعِ عَلَى حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي الْمُهَزِّمِ فِي إِجْرَاءِ الْفَرَسِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 229 794 - أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَالِينِيُّ، أنا أَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَدِيٍّ الْحَافِظُ، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ شُجَاعٍ الثَّلْجِيُّ، وَكَانَ يَضَعُ أَحَادِيثَ فِي التَّشْبِيهِ نَسَبَهَا إِلَى أَصْحَابِ الْحَدِيثِ لِيَثْلِبَهُمْ بِهَا، رُوِيَ عَنْ حَبَّانَ بْنِ هِلَالٍ، وَحَبَّانُ ثِقَةٌ، عَنْ حَمَّادِ [ص: 230] بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي الْمُهَزِّمِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ الْفَرَسَ فَأَجْرَاهَا فَعَرَقَتْ، ثُمَّ خَلَقَ نَفَسَهُ مِنْهَا» . مَعَ أَحَادِيثَ كَثِيرَةٍ وَضَعَهَا مِنْ هَذَا النَّحْوِ تَعَصُّبًا لِيَثْلِبَ أَهْلَ الْأَثَرِ بِذَلِكَ. 795 - أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ الْمَالِينِيُّ، أَنَا أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيٍّ، قَالَ: سَمِعْتُ مُوسَى بْنَ الْقَاسِمِ بْنِ مُوسَى بْنِ الْحَسَنِ بْنِ مُوسَى الْأَشْيَبَ، يَقُولُ: كَانَ ابْنُ الثَّلْجِيِّ يَقُولُ: مَنْ كَانَ الشَّافِعِيُّ؟ وَيَقَعُ فِيهِ، فَلَمْ يَزَلْ يَقُولُ هَذَا حَتَّى حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ فَقَالَ: رَحِمَ اللَّهُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ - يَعْنِي الشَّافِعِيَّ - وَذَكَرَ عِلْمَهُ وَقَالَ: وَقَدْ رَجَعْتُ عَمَّا كُنْتُ أَقُولُ فِيهِ. قُلْتُ: وَأَبُو الْمُهَزِّمِ، وَإِنْ كَانَ مَتْرُوكًا، فَلَا يُحْتَمَلُ مِثْلُ هَذَا وَلَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ يَسْتَجِيزُ أَنْ يَرْوِيَ عَنْهُ مِثْلَ هَذَا، فَإِنَّمَا الْحَمْلُ مِنْهُ عَلَى مَنْ دُونَ حَبَّانَ بْنِ هِلَالٍ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَدِيٍّ، ثُمَّ حَالِ أَبِي الْمُهَزِّمِ وَاسْمُهُ يَزِيدُ بْنُ سُفْيَانَ الْبَصْرِيُّ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ. 796 - كَمَا أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ بِبَغْدَادَ، أَنَا أَبُوعَمْرُو بْنُ السَّمَّاكِ، ثَنَا حَنْبَلُ بْنُ إِسْحَاقَ، سَمِعْتُ مُسْلِمَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ شُعْبَةَ عَنْ حَدِيثٍ لِأَبِي الْمُهَزِّمِ، فَقَالَ شُعْبَةُ: أَبُو الْمُهَزِّمِ «رَأَيْتُهُ مَطْرُوحًا فِي مَسْجِدِ ثَابِتٍ، وَلَوْ أَعْطَاهُ إِنْسَانٌ فِلْسَيْنِ ـ أَوْ قَالَ دِرْهَمَيْنِ ـ حَدَّثَهُ سَبْعِينَ حَدِيثًا» . [ص: 231] 797 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ الْمَالِينِيُّ، أَنَا أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيٍّ الْحَافِظُ، ثَنَا ابْنُ حَمَّادٍ، ثَنَا مُعَاوِيَةُ، عَنْ يَحْيَى يَعْنِي ابْنَ مَعِينٍ، قَالَ: " أَبُو الْمُهَزِّمِ يَزِيدُ بْنُ سُفْيَانَ لَيْسَ حَدِيثُهُ بِشَيْءٍ. قَالَ: وَسَمِعْتُ ابْنَ حَمَّادٍ، يَقُولُ: قَالَ الْبُخَارِيُّ تَرَكَهُ شُعْبَةُ - يَعْنِي أَبَا الْمُهَزِّمِ. قَالَ أَبُو أَحْمَدَ: وَقَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيُّ: يَزِيدَ بْنَ سُفْيَانَ أَبَا الْمُهَزِّمِ بَصْرِيٌ مَتْرُوكَ الْحَدِيثِ قُلْتُ: وَكَانَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ لَا يَرْوِي مِنْ حَدِيثِهِ شَيْئًا الحديث: 794 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 229 جِمَاعُ أَبْوَابِ إِثْبَاتِ صِفَاتِ الْفِعْلِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [الرعد: 16] ، وَقَالَ تَعَالَى: {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا} [الفرقان: 2] ، وَقَالَ جَلَّ وَعَلَا: {فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} [هود: 107] ، وَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ} [الحج: 14] إِلَى سَائِرِ مَا وَرَدَ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى مِنَ الْآيَاتِ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَصْدَرَ مَا سِوَى اللَّهِ مِنَ اللَّهِ، عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَبْدَعَهُ وَاخْتَرَعَهُ، لَا إِلَهَ غَيْرُهُ، وَلَا خَالِقَ سِوَاهُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 232 بَابُ بَدْءِ الْخَلْقِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ} [الروم: 27] . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 233 798 - أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ، أنا أَبُو حَامِدِ بْنُ بِلَالٍ الْبَزَّازُ، ثنا فَتْحُ بْنُ نُوحٍ أَبُو نَصْرٍ، ح. وَأَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ هَارُونَ الْفَقِيهُ إِمْلَاءً، ثنا بِشْرُ بْنُ مُوسَى، قَالَا: أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ، ثنا حَيْوَةُ، وَابْنُ لَهِيعَةَ، قَالَا: ثنا أَبُو هَانِئٍ حُمَيْدُ بْنُ هَانِئٍ الْخَوْلَانِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيَّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «قَدَّرَ اللَّهُ الْمَقَادِيرَ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفِ سَنَةٍ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَرَ عَنِ الْمُقْرِئِ عَنْ حَيْوَةَ وَحْدَهُ الحديث: 798 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 233 799 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أنا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نُصَيْرٍ الْخَوَّاصُ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّجِيبِيُّ بِمِصْرَ ح. وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ، أنا عُبَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ، قَالَا: ثنا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، ثنا اللَّيْثُ، وَنَافِعُ بْنُ يَزِيدَ، قَالَا: ثنا أَبُو هَانِئٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَرَغَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنَ الْمَقَادِيرِ وَأُمُورِ الدُّنْيَا قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ، وَعَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ بِخَمْسِينَ أَلْفِ سَنَةٍ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَهْلِ بْنِ عَسْكَرٍ التَّمِيمِيِّ عَنِ ابْنِ أَبِي مَرْيَمَ. وَقَوْلُهُ: «فَرَغَ» : أَيْ يُرِيدُ بِهِ إِتْمَامَ خَلْقِ الْمَقَادِيرِ، لَا أَنَّهُ كَانَ مَشْغُولًا بِهِ فَفَرَغَ مِنْهُ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يَشْغَلُهُ شَيْءٌ عَنْ شَيْءٍ، فَإِنَّمَا أَمَرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ. وَرَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ أَبِي هَانِئٍ، فَقَالَ: كَتَبَ وَزَادَ أَيْضًا مَا زَادَ مِنْ قَوْلِهِ: «وَعَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ» الحديث: 799 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 234 800 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ بَالَوَيْهِ، أنا بِشْرُ بْنُ مُوسَى، ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو، ثنا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: [ص: 235] أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَقَلْتُ نَاقَتِي بِالْبَابِ ثُمَّ دَخَلْتُ، فَأَتَاهُ نَفَرٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ فَقَالَ: «اقْبَلُوا الْبُشْرَى يَا بَنِي تَمِيمٍ» . قَالُوا: قَدْ بَشَّرْتَنَا فَأَعْطِنَا، فَجَاءَهُ نَفَرٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنٍ فَقَالَ: «اقْبَلُوا الْبُشْرَى يَا أَهْلَ الْيَمَنِ إِذْ لَمْ يَقْبَلُهَا إِخْوَانُكُمْ بَنُو تَمِيمٍ» . قَالُوا: قَبِلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتَيْنَاكَ لِنَتَفَقَّهَ فِي الدِّينِ وَلِنَسْأَلَكَ عَنْ أَوَّلِ هَذَا الْأَمْرِ كَيْفَ كَانَ؟ قَالَ: «كَانَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ غَيْرَهُ، وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ، ثُمَّ كَتَبَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ فِي الذِّكْرِ كُلَّ شَيْءٍ، ثُمَّ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ» . قَالَ: ثُمَّ أَتَانِي رَجُلٌ فَقَالَ: أَدْرِكْ نَاقَتَكَ فَقَدْ ذَهَبَتْ. فَخَرَجْتُ فَوَجَدْتُهَا يَنْقَطِعُ دُونَهَا السَّرَابُ، وَايْمُ اللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ تَرَكْتُهَا. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ الْأَعْمَشِ. وَقَوْلُهُ: «كَانَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ غَيْرَهُ» . يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ غَيْرَهُ لَا الْمَاءِ وَلَا الْعَرْشِ وَلَا غَيْرِهُمَا، فَجَمِيعُ ذَلِكَ غَيْرُ اللَّهِ تَعَالَى. وَقَوْلُهُ: «كَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ» . يَعْنِي: ثُمَّ خَلَقَ الْمَاءَ وَخَلَقَ الْعَرْشَ عَلَى الْمَاءِ، ثُمَّ كَتَبَ فِي الذِّكْرِ كُلَّ شَيْءٍ، كَمَا رُوِّينَا فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، وَذَلِكَ بَيِّنٌ فِي حَدِيثِ أَبِي رَزِينٍ الْعُقَيْلِيِّ الحديث: 800 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 234 801 - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ فُورَكٍ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَحْمَدَ، ثنا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ وَكِيعِ بْنِ حُدُسٍ، عَنْ أَبِي رَزِينٍ يَعْنِي الْعُقَيْلِيَّ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَكْرَهُ أَنْ يُسْأَلَ، فَإِذَا سَأَلَهُ أَبُو رَزِينٍ أَعْجَبَهُ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيْنَ كَانَ رَبُّنَا قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ [ص: 236] السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ؟ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَانَ فِي عَمَاءٍ مَا فَوْقَهُ هَوَاءٌ، وَمَا تَحْتَهُ هَوَاءٌ ثُمَّ خَلَقَ الْعَرْشَ عَلَى الْمَاءِ» . هَذَا حَدِيثٌ تَفَرَّدَ بِهِ يَعْلَى بْنُ عَطَاءٍ عَنْ وَكِيعِ بْنِ حُدُسٍ، وَيُقَالُ: ابْنُ عُدُسٍ، وَلَا نَعْلَمُ لِوَكِيعِ بْنُ عُدُسٍ هَذَا رَاوِيًا غَيْرَ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، وَوَجَدْتُهُ فِي كِتَابِي. «فِي عَمَاءٍ» . مُقَيْدًا بِالْمَدِّ، فَإِنْ كَانَ فِي الْأَصْلِ مَمْدُودًا فَمَعْنَاهُ سَحَابٌ رَقِيقٌ. وَيُرِيدُ بِقَوْلِهِ «فِي عَمَاءٍ» . أَيْ: فَوْقَ سَحَابٍ مُدْبِرًا لَهُ وَعَالِيًا عَلَيْهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} [الملك: 16] يَعْنِي: مَنْ فَوْقَ السَّمَاءِ. وَقَالَ: {وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} [طه: 71] يَعْنِي: عَلَى جُذُوعِهَا. وَقَوْلُهُ: «مَا فَوْقَهُ هَوَاءٌ» أَيْ مَا فَوْقَ السَّحَابِ هَوَاءٌ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: «وَمَا تَحْتَهُ هَوَاءٌ» أَيْ: مَا تَحْتَ السَّحَابِ هَوَاءٌ، وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ ذَلِكَ مِنَ الْعَمَا مَقْصُورًا، وَالْعَمَا إِذَا كَانَ مَقْصُورًا، فَمَعْنَاهُ: لَا شَيْءَ ثَابِتٌ، لِأَنَّهُ مِمَّا يُعْمَى عَلَى الْخَلْقِ لِكَوْنِهِ غَيْرَ شَيْءٍ، وَكَأَنَّهُ قَالَ فِي جَوَابِهِ: كَانَ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ خَلْقَهُ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ غَيْرَهُ. كَمَا قَالَ فِي حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، ثُمَّ قَالَ «فَمَا فَوْقَهُ وَلَا تَحْتَهُ هَوَاءٌ» . أَيْ: لَيْسَ فَوْقَ الْعَمَى الَّذِي لَا شَيْءَ مَوْجُودٌ هَوَاءٌ، وَلَا تَحْتَهُ هَوَاءٌ، لِأَنَّ ذَلِكَ إِذَا كَانَ غَيْرَ شَيْءٍ فَلَيْسَ يَثْبُتُ لَهُ هَوَاءٌ بِوَجْهٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الْهَرَوِيُّ صَاحِبُ الْغَرِيبَيْنِ، وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: مَعْنَاهُ أَيْنَ كَانَ عَرْشُ رَبِّنَا؟ فَحُذِفَ اخْتِصَارًا كَقَوْلِهِ: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} [يوسف: 82] أَيْ: أَهْلَ الْقَرْيَةِ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ: «وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ» الحديث: 801 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 235 802 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الشَّافِعِيُّ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، ثنا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشُ، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ} [هود: 7] عَلَى أَيْ شَيْءٍ كَانَ الْمَاءُ؟ قَالَ: عَلَى مَتْنِ الرِّيحِ الحديث: 802 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 237 803 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ، أنا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، ثنا رَبَاحُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ [ص: 238] حَبِيبٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ أَبِي بَزَّةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ أَوَّلَ شَيْءٍ خَلْقَهُ اللَّهُ تَعَالَى الْقَلَمَ وَأَمَرَهُ، فَكَتَبَ كُلَّ شَيْءٍ يَكُونُ» . وَيُرْوَى ذَلِكَ أَيْضًا عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَرْفُوعًا. وَإِنَّمَا أَرَادَ ـ وَاللَّهُ أَعْلَمُ ـ أَوَّلَ شَيْءٍ خَلْقَهُ بَعْدَ خَلْقِ الْمَاءِ وَالرِّيحِ وَالْعَرْشِ الْقَلَمُ، وَذَلِكَ بَيِّنٌ فِي حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «ثُمَّ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ» . [ص: 239] وَفِي حَدِيثِ أَبِي ظَبْيَانَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا مَوْقُوفًا عَلَيْهِ: «ثُمَّ خَلَقَ النُّونَ فَدَحَا الْأَرْضَ عَلَيْهَا» الحديث: 803 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 237 804 - أَخْبَرَنَا أَبُو ذَرٍّ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْقَاسِمِ الْمُزَكِّي، أنا أَبُو الْفَضْلِ الْحَسَنُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعَبْسِيُّ، ثنا وَكِيعٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: إِنَّ أَوَّلَ مَا خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ شَيْءٍ الْقَلَمُ، فَقَالَ: اكْتُبْ. فَقَالَ: يَا رَبِّ، وَمَا أَكْتُبُ؟ قَالَ: اكْتُبِ الْقَدَرَ. فَجَرَى بِمَا هُوَ كَائِنٌ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ. قَالَ: ثُمَّ خَلَقَ النُّونَ فَدَحَا الْأَرْضَ عَلَيْهَا فَارْتَفَعَ بُخَارُ الْمَاءِ فَفَتَقَ مِنْهُ السَّمَاوَاتِ، وَاضْطَرَبَ النُّونُ فَمَادَتِ الْأَرْضُ فَأُثْبِتَتْ بِالْجِبَالِ، وَإِنَّ الْجِبَالَ لَتَفْخَرُ عَلَى الْأَرْضِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ الحديث: 804 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 239 805 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ هُوَ الْأَصَمُّ، ثنا الصَّاغَانِيُّ، أنا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى، أنا أَبُو هِلَالٍ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمٍ، ثنا حَيَّانُ الْأَعْرَجُ، قَالَ: كَتَبَ يَزِيدُ بْنُ أَبِي مُسْلِمٍ إِلَى جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ يَسْأَلُهُ عَنْ بَدْءِ الْخَلْقِ، قَالَ: الْعَرْشُ وَالْمَاءُ وَالْقَلَمُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَيُّ ذَلِكَ بَدَأَ قَبْلُ الحديث: 805 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 242 806 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ، أنا أَبُو مَنْصُورٍ النَّضْرَوِيُّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ نَجْدَةَ، ثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: بَدْءُ الْخَلْقِ الْعَرْشُ [ص: 243] وَالْمَاءُ وَالْهَوَاءُ، وَخُلِقَتِ الْأَرْضُونَ مِنَ الْمَاءِ. وَقَالَ: بَدَأَ الْخَلْقَ يَوْمَ الْأَحَدِ وَالْإِثْنَيْنِ وَالثُّلَاثَاءِ وَالْأَرْبَعَاءِ وَالْخَمِيسِ، وَجَمَعَ الْخَلْقَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَتَهَوَّدَتِ الْيَهُودُ يَوْمَ السَّبْتِ، وَيَوْمٌ مِنَ السِّتَّةِ الْأَيَّامِ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ الحديث: 806 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 242 807 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أنا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ الصَّفَّارُ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نَصْرٍ، ثنا عَمْرُو بْنُ حَمَّادِ بْنِ طَلْحَةَ، ثنا أَسْبَاطُ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ، وَعَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، وَعَنْ مُرَّةَ الْهَمْدَانِيِّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَعَنْ نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ} [البقرة: 29] ، قَالَ: " إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى كَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ، وَلَمْ يَخْلُقْ شَيْئًا قَبْلَ الْمَاءِ، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَخْلُقَ الْخَلْقَ أَخْرَجَ مِنَ الْمَاءِ دُخَانًا فَارْتَفَعَ فَوْقَ الْمَاءِ، فَسَمَا عَلَيْهِ فَسَمَّاهُ سَمَاءً، ثُمَّ أَيْبَسَ الْمَاءَ فَجَعَلَهُ أَرْضًا وَاحِدَةً، ثُمَّ فَتَقَهَا فَجَعَلَهَا سَبْعَ أَرَضِينَ فِي يَوْمَيْنِ: فِي الْأَحَدِ وَالْإِثْنَيْنِ، فَخَلَقَ الْأَرْضَ عَلَى الْحُوتِ وَالْحُوتُ هُوَ النُّونُ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْقُرْآنِ يَقُولُ: {ن وَالْقَلَمِ} [القلم: 1] وَالْحُوتُ فِي الْمَاءِ، وَالْمَاءُ عَلَى صَفَاةٍ، وَالصَّفَاةُ عَلَى ظَهْرِ مَلَكٍ، وَالْمَلَكُ عَلَى الصَّخْرَةِ، وَالصَّخْرَةُ فِي الرِّيحِ وَهِيَ الصَّخْرَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا لُقْمَانُ لَيْسَتْ فِي السَّمَاءِ وَلَا فِي الْأَرْضِ، فَتَحَرَّكَ الْحُوتُ فَاضْطَرَبَ فَتَزَلْزَلَتِ الْأَرْضُ فَأَرْسَلَ عَلَيْهَا الْجِبَالَ فَقَرَّتْ، [ص: 244] فَالْجِبَالُ تَفْخَرُ عَلَى الْأَرْضِ وَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ} [النحل: 15] وَخَلَقَ الْجِبَالَ فِيهَا، وَأَقْوَاتُ أَهْلِهَا وَشَجَرِهَا وَمَا يَنْبَغِي لَهَا فِي يَوْمَيْنِ فِي الثُّلَاثَاءِ وَالْأَرْبِعَاءِ، وَذَلِكَ حِينَ يَقُولُ: {أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا} [فصلت: 10] يَقُولُ: أَنْبَتَ شَجَرَهَا {وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا} [فصلت: 10] يَقُولُ: أَقْوَاتُهَا لِأَهْلِهَا {فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ} [فصلت: 10] يَقُولُ: مَنْ سَأَلَ فَهَكَذَا الْأَمْرُ {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ} [فصلت: 11] وَكَانَ ذَلِكَ الدُّخَانُ مِنْ تَنَفُّسِ الْمَاءِ حِينَ تَنَفَّسَ فَجَعَلَهَا سَمَاءً وَاحِدَةً، ثُمَّ فَتَقَهَا فَجَعَلَهَا سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ فِي الْخَمِيسِ وَالْجُمُعَةِ، وَإِنَّمَا سُمِّيَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِأَنَّهُ جَمَعَ فِيهِ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ: {وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمَرَهَا} [فصلت: 12] ، قَالَ: خَلَقَ فِي كُلِّ سَمَاءٍ خَلْقًا مِنَ الْمَلَائِكَةِ، وَالْخَلْقُ الَّذِي فِيهَا مِنَ الْبِحَارِ وَجِبَالِ الْبَرِّ، وَمَا لَا يُعْلَمُ، ثُمَّ زَيَّنَ السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِالْكَوَاكِبِ، فَجَعَلَهَا زِينَةً وَحِفْظًا يَحْفَظُ مِنَ الشَّيَاطِينِ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ خَلْقِ مَا أَحَبَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ فَذَلِكَ حِينَ يَقُولُ: {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ} [الأعراف: 54] يَقُولُ: {كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا} [الأنبياء: 30] ". وَذَكَرَ الْقِصَّةَ فِي خَلْقِ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَقَدْ مَضَى ذِكْرُهُ فِي بَابِ الرُّوحِ الحديث: 807 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 243 808 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ، أنا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّزَّازُ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شَاكِرٍ، ثنا عَفَّانُ، ثنا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي مَيْمُونَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي إِذَا رَأَيْتُكَ طَابَتْ نَفْسِي وَقَرَّتْ عَيْنِي؛ فَأَنْبِئْنِي عَنْ كُلِّ شَيْءٍ. قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُلُّ شَيْءٍ خُلِقَ مِنَ الْمَاءِ» . وَذَكَرَ الْحَدِيثَ الحديث: 808 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 244 809 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ بِبَغْدَادَ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ دُرُسْتَوَيْهِ، ثنا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنِي يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ، ح. وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ غَالِبٍ الْخُوَارِزْمِيُّ بِبَغْدَادَ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ النَّيْسَابُورِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْبُوشِنْجِيُّ، ثنا أَبُو يَعْقُوبَ [ص: 246] يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ، ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ سَعِيدٌ: جَاءَهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا أَبَا عَبَّاسٍ، إِنِّي أَجِدُ فِي الْقُرْآنِ أَشْيَاءَ تَخْتَلِفُ عَلِيَّ، فَقَدْ وَقَعَ ذَلِكَ فِي صَدْرِي. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَتَكْذِيبٌ؟ فَقَالَ الرَّجُلُ: مَا هُوَ بِتَكَذِيبٍ وَلَكِنِ اخْتِلَافٌ. قَالَ: فَهَلُمَّ مَا وَقَعَ فِي نَفْسِكَ. قَالَ لَهُ الرَّجُلُ: أَسْمَعُ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: {فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ} [المؤمنون: 101] ، وَقَالَ فِي آيَةٍ أُخْرَى: {وَأَقْبَلَ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ} [الصافات: 27] ، وَقَالَ فِي آيَةٍ أُخْرَى: {وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا} [النساء: 42] ، وَقَالَ فِي آيَةٍ أُخْرَى: {وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} [الأنعام: 23] فَقَدْ كَتَمُوا فِي هَذِهِ الْآيَةِ. وَقَالَ فِي قَوْلِهِ: {أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أُمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا، رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا، وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا} [النازعات: 28] فَذَكَرَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ خَلْقَ السَّمَاءِ قَبْلَ خَلَقِ الْأَرْضِ، ثُمَّ قَالَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى: {أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكْ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} [فصلت: 9] فَذَكَرَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ خَلْقَ الْأَرْضِ قَبْلَ السَّمَاءِ، وَقَوْلُهُ: {وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: 96] ، [ص: 247] {وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} [النساء: 158] ، {وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا} [النساء: 134] وَكَأَنَّهُ كَانَ ثُمَّ مَضَى، وَفِي رِوَايَةِ الْخُوَارِزْمِيِّ ثُمَّ تقَضَى. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: هَاتِ مَا وَقَعَ فِي نَفْسِكَ مِنْ هَذَا. فَقَالَ السَّائِلُ: إِذَا أَنْتَ أَنْبَأْتَنِي بِهَذَا فَحَسْبِي. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ} [المؤمنون: 101] فَهَذِهِ فِي النَّفْخَةِ الْأُولَى، يُنْفَخُ فِي الصُّوَرِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّه فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ، ثُمَّ إِذَا كَانَ فِي النَّفْخَةِ الْأُخْرَى قَامُوا فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: {وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} [الأنعام: 23] وَقَوْلُهُ: {وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا} [النساء: 42] فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَغْفِرُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِأَهْلِ الْإِخْلَاصِ ذُنُوبَهُمْ وَلَا يَتَعَاظَمُ عَلَيْهِ ذَنْبٌ أَنْ يَغْفِرَهُ، وَلَا يَغْفِرُ الشِّرْكَ، فَلَمَّا رَأَى الْمُشْرِكُونَ ذَلِكَ قَالُوا: إِنَّ رَبَّنَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ وَلَا يَغْفِرُ الشِّرْكَ، فَتَعَالَوْا نَقُولُ: إِنَّا كُنَّا أَهْلَ ذُنُوبٍ وَلَمْ نَكُنْ مُشْرِكِينَ. فَقَالَ الْلَّهُ تَعَالَى: أَمَا إِذْ كَتَمْتُمُ الشِّرْكَ فَاخْتِمُوا عَلَى أَفْوَاهِهِمْ، فَيُخْتَمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ فَتَنْطِقُ أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ، فَعِنْدَ ذَلِكَ عَرَفَ الْمُشْرِكُونَ أَنَّ اللَّهَ لَا يُكْتَمُ حَدِيثًا، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا} [النساء: 42] . وَأَمَّا قَوْلُهُ: {أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أُمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا} [النازعات: 27] فَإِنَّهُ خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ قَبْلَ خَلْقِ السَّمَاءِ، ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ فِي يَوْمَيْنِ آخَرَيْنِ، ثُمَّ نَزَلَ إِلَى الْأَرْضِ فَدَحَاهَا، وَدَحْوُهَا أَنْ أَخْرَجَ مِنْهَا الْمَاءَ وَالْمَرْعَى وَشَقَّ فِيهَا الْأَنْهَارَ، وَجَعَلَ فِيهَا السُّبُلَ، وَخَلَقَ الْجِبَالَ وَالرِّمَالَ وَالْآكَامَ وَمَا فِيهَا فِي يَوْمَيْنِ آخَرَيْنِ فَذَلِكَ قَوْلُهُ: {وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا} [النازعات: 30] ، وَقَوْلُهُ: {أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ [ص: 248] وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ} [فصلت: 9] فَجُعِلَتِ الْأَرْضُ وَمَا فِيهَا مِنْ شَيْءٍ فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ وَجُعِلَتِ السَّمَاوَاتُ فِي يَوْمَيْنِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: {وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: 96] ، {وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} [النساء: 158] ، {وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا} [النساء: 134] فَإِنَّ اللَّهَ سَمَّى نَفْسَهُ ذَلِكَ وَلَمْ يَجْعَلْهُ لِأَحَدٍ غَيْرِهِ. وَفِي رِوَايَةِ الْخُوَارِزْمِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَلَمْ يَنْحَلْهُ أَحَدًا غَيْرَهُ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: {وَكَانَ اللَّهُ} [النساء: 17] . أَيْ: لَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ. ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا لِلرَّجُلِ: احْفَظْ عَنِّي مَا حَدَّثْتُكَ، وَاعْلَمْ أَنَّ مَا اخْتَلَفَ عَلَيْكَ مِنَ الْقُرْآنِ أَشْبَاهُ مَا حَدَّثْتُكَ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يُنْزِلْ شَيْئًا إِلَّا قَدْ أَصَابَ بِهِ الَّذِي أَرَادَ، وَلَكِنَّ النَّاسَ لَا يَعْلَمُونَ فَلَا يَخْتَلِفَنَّ عَلَيْكَ الْقُرْآنُ فَإِنَّ كَلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي التَّرْجَمَةَ، فَقَالَ: وَقَالَ الْمِنْهَالُ: فَذَكَرَهُ: ثُمَّ قَالَ فِي آخِرِهِ: حَدَّثَنِيهِ يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ. قُلْتُ: وَبَلَغَنِي عَنْ مُجَاهِدٍ وَغَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ التَّفْسِيرِ فِي قَوْلِهِ: {وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا} [النازعات: 30] مَعْنَاهُ: وَالْأَرْضَ مَعَ ذَلِكَ دَحَاهَا الحديث: 809 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 245 810 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بِشْرَانَ الْعَدْلُ بِبَغْدَادَ، أنا أَبُو أَحْمَدَ حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَبَّاسِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ مَنْدَهَ الْأَصْبَهَانِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ بُكَيْرٍ الْحَضْرَمِيُّ، ثنا خَالِدٌ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَخِيهِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ فِي الْجُمُعَةِ سَاعَةً لَا يُوَافِقُهَا أَحَدٌ يَسْأَلُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فِيهَا شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ» . قَالَ: وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ ابْتَدَأَ الْخَلْقَ فَخَلَقَ الْأَرْضَ يَوْمَ الْأَحَدِ وَيَوْمَ الِإثْنَيْنِ، وَخَلَقَ السَّمَاوَاتِ يَوْمَ الثَّلَاثِ وَيَوْمَ الْأَرْبَعَاءِ، وَخَلَقَ الْأَقْوَاتَ وَمَا فِي الْأَرْضِ يَوْمَ الْخَمِيسِ وَيَوْمَ الْجُمُعَةِ إِلَى صَلَاةِ الْعَصْرِ، وَهِيَ مَا بَيْنَ صَلَاةِ الْعَصْرِ إِلَى أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ. تَابَعَهُ وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الحديث: 810 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 249 811 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْمَعْرُوفِ الْفَقِيهُ، أنا أَبُو عَمْرِو بْنُ نُجَيْدٍ، أنا أَبُو مُسْلِمٍ، ثنا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ، قَالَ: خَلَقَ اللَّهُ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ، وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي يَوْمَيْنِ ثُمَّ اسْتَوَى فَخَلَقَ السَّمَاوَاتِ فِي يَوْمَيْنِ، خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمِ الْأَحَدِ وَيَوْمِ الِإثْنَيْنِ وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ وَيَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ، وَخَلَقَ السَّمَاوَاتِ فِي يَوْمِ الْخَمِيسِ وَيَوْمِ الْجُمُعَةِ، وَآخِرُ سَاعَةٍ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ فِي عَجَلٍ، وَهِيَ الَّتِي تَقُومُ فِيهَا السَّاعَةُ، وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا وَهِيَ تَفْزَعُ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ إِلَّا الْإِنْسَانَ وَالشَّيْطَانَ الحديث: 811 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 250 812 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدِ الدُّورِيُّ، ثنا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: أَخْبَرَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَافِعٍ، مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِي، فَقَالَ: «خَلَقَ اللَّهُ التُّرْبَةَ يَوْمَ السَّبْتِ، وَخَلَقَ [ص: 251] فِيهَا الْجِبَالَ يَوْمَ الْأَحَدِ، وَخَلَقَ الشَّجَرَ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ، وَخَلَقَ الْمَكْرُوهَ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ، وَخَلَقَ النُّورَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ، وَبَثَّ فِيهَا مِنَ الدَّوَابِّ يَوْمَ الْخَمِيسِ، وَخَلَقَ آدَمَ بَعْدَ الْعَصْرِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ آخِرَ الْخَلْقِ فِي آخِرِ سَاعَةٍ مِنْ سَاعَاتِ الْجُمُعَةِ فِيمَا بَيْنَ الْعَصْرِ إِلَى اللَّيْلِ» . هَذَا حَدِيثٌ قَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي كِتَابِهِ عَنْ سُرَيْجِ بْنِ يُونُسَ وَغَيْرِهِ، عَنْ حَجَّاجِ بْنِ مُحَمَّدٍ. وَزَعَمَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ أَنَّهُ غَيْرُ مَحْفُوظٍ لِمُخَالَفَتِهِ مَا عَلَيْهِ أَهْلُ التَّفْسِيرِ وَأَهْلُ التَّوَارِيخِ. وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ إِسْمَاعِيلَ بْنَ أُمَيَّةَ إِنَّمَا أَخَذَهُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي يَحْيَى عَنْ أَيُّوبَ بْنِ خَالِدٍ، وَإِبْرَاهِيمُ غَيْرُ مُحْتَجٍّ بِهِ. [ص: 255] 813 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي أَبُو يَحْيَى أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّمَرْقَنْدِيُّ بِبُخَارَى، ثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: سَأَلْتُ عَلِيَّ بْنَ الْمَدِينِيِّ عَنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «خَلَقَ اللَّهُ التُّرْبَةَ يَوْمَ السَّبْتِ» . فَقَالَ عَلِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ مَدَنِيُّ؛ رَوَاهُ هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِي. قَالَ عَلِيُّ: وَشَبَّكَ بِيَدِي إِبْرَاهِيمُ بْنِ أَبِي يَحْيَى وَقَالَ لِي: شَبَّكَ بِيَدِي أَيُّوبُ بْنُ خَالِدٍ وَقَالَ لِي: شَبَّكَ بِيَدِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَافِعٍ، وَقَالَ لِي شَبَّكَ بِيَدِي أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقَالَ لِي: شَبَّكَ بِيَدِي أَبُو الْقَاسِمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ لِي: «خَلَقَ اللَّهُ الْأَرْضَ يَوْمَ السَّبْتِ» . فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِنَحْوِهِ. قَالَ عَلِيُّ بْنُ [ص: 256] الْمَدِينِيِّ: وَمَا أَرَى إِسْمَاعِيلَ بْنَ أُمَيَّةَ أَخَذَ هَذَا إِلَّا مِنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي يَحْيَى. قُلْتُ: وَقَدْ تَابَعَهُ عَلَى ذَلِكَ مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ الرَّبْذِيُّ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ خَالِدٍ، إِلَّا أَنَّ مُوسَى بْنَ عُبَيْدَةَ ضَعِيفٌ، وَرُوِيَ عَنْ بَكْرِ بْنِ الشَّرُّودِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي يَحْيَى عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ خَالِدٍ، وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ الحديث: 812 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 250 814 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحِ بْنِ هَانِئٍ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ عِصْمَةَ، قَالَا: ثنا السَّرِيُّ بْنُ خُزَيْمَةَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ الْأَصْبَهَانِيُّ، ثنا يَحْيَى بْنُ يَمَانَ، ثنا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَحْوَلِ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: {فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} [فصلت: 11] قَالَ لِلسَّمَاءِ: أَخْرِجِي شَمْسَكِ وَقَمَرَكِ وَنُجُومَكِ، وَقَالَ لِلْأَرْضِ: شَقِّقِي أَنْهَارَكِ وَأَخْرِجِي ثِمَارَكِ. [ص: 257] فَقَالَتَا: أَتَيْنَا طَائِعِينَ الحديث: 814 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 256 815 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ الْأَصْبَهَانِيُّ، نا أَبُو سَعِيدِ بْنُ الْأَعْرَابِيِّ، ثنا سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ، ثنا إِسْحَاقُ الْأَزْرَقُ، عَنْ عَوْفٍ الْأَعْرَابِيِّ، عَنْ قَسَامَةَ بْنِ زُهَيْرٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " خُلِقَ آدَمُ مِنْ قَبْضَةٍ قَبَضَهَا مِنْ جَمِيعِ الْأَرْضِ، فَجَاءَ بَنُو آدَمَ عَلَى قَدْرِ الْأَرْضِ: مِنْهُمُ الْأَحْمَرُ، وَالْأَسْوَدُ، وَالْأَبْيَضُ، وَالسَّهْلُ، وَالْحَزَنُ، وَبَيْنَ ذَلِكَ، وَالْخَبِيثُ، وَالطِّيبُ ". وَرَوَاهُ غَيْرُهُ عَنْ عَوْفٍ، فَزَادَ فِيهِ: «الْأَسْمَرُ» . وَقَوْلُهُ: «مِنْ قَبْضَةٍ قَبَضَهَا» . يُرِيدُ بِهِ الْمَلَكَ الْمُوَكَّلَ بِهِ بِأَمْرِهِ. وَقَدْ رَوِّينَا عَنِ السُّدِّيِّ بِأَسَانِيدِهِ أَنَّ الَّذِيَ قَبَضَهَا مَلَكُ الْمَوْتِ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى الحديث: 815 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 257 816 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الصَّفَّارُ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مِهْرَانَ، ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَافِعٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ مُسْلِمٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى آدَمَ مِنْ أَدِيمِ الْأَرْضِ [ص: 258] كُلِّهَا فَسُمِّيَ آدَمَ الحديث: 816 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 257 قَالَ إِبْرَاهِيمُ: فَسَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ يَقُولُ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَقَالَ: خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى آدَمَ فَنَسِيَ فَسُمِّيَ الْإِنْسَانَ، فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا} [طه: 115] الجزء: 2 ¦ الصفحة: 258 817 - وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أنا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، ثنا إِسْحَاقُ الْحَرْبِيُّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، ثنا فُضَيْلٌ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ خَلَقَ آدَمَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بَعْدَ الْعَصْرِ مِنْ أَدِيمِ الْأَرْضِ فَسُمِّيَ آدَمَ، أَلَا تَرَى أَنَّ مِنَ وَلَدِهِ الْأَبْيَضَ وَالْأَسْوَدَ وَالطِّيبَ وَالْخَبِيثَ، ثُمَّ عَهِدَ إِلَيْهِ فَنَسِيَ فَسُمِّيَ الْإِنْسَانَ. قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا غَابَتِ الشَّمْسُ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمَ حَتَّى أُهْبِطَ " الحديث: 817 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 258 818 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ دَاوُدَ الْعَلَوِيُّ، أنا أَبُو حَامِدِ بْنُ الشَّرْقِيِّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، وَأَبُو الْأَزْهَرِ، وَحَمْدَانُ السُّلَمِيُّ، قَالُوا: ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أنا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [ص: 259] «خُلِقْتِ الْمَلَائِكَةُ مِنْ نُورٍ، وَخُلِقَ الْجَانُّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ، وَخُلِقَ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِمَّا وُصِفَ لَكُمْ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ الحديث: 818 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 258 819 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ، أنا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّزَّازُ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُنَادِي، ثنا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا حَمَّادٌ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَمَّا صَوَّرَ اللَّهُ تَعَالَى آدَمَ فِي الْجَنَّةِ تَرَكَهُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَتْرُكَهُ، فَجَعَلَ إِبْلِيسُ يُطِيفُ بِهِ فَيَنْظُرُ مَا هُوَ، فَلَمَّا رَآهُ أَجْوَفَ عَرَفَ أَنَّهُ خُلِقَ أَجْوَفَ لَا يَتَمَالَكُ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ يُونُسَ بْنِ مُحَمَّدٍ الحديث: 819 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 259 820 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أنا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ الصَّفَّارُ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نَصْرٍ، ثنا عَمْرُو بْنُ حَمَّادٍ، ثنا أَسْبَاطُ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ، وَعَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَنْ مُرَّةَ الْهَمْدَانِيِّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَعَنْ نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَ الْقِصَّةَ فِي خَلْقِ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَنَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ كَمَا مَضَى فِي بَابِ الرُّوحِ. قَالَ: وَأُسْكِنَ آدَمُ الْجَنَّةَ فَكَانَ يَمْشِي فِيهَا وَحْشِيًّا لَيْسَ لَهُ زَوْجٌ يَسْكُنُ إِلَيْهَا، فَنَامَ نَوْمَةً فَاسْتَيْقَظَ، وَإِذَا عِنْدَ رَأْسِهِ امْرَأَةٌ قَاعِدَةٌ خَلَقَهَا اللَّهُ تَعَالَى مِنْ ضِلْعِهِ، فَسَأَلَهَا: مَا أَنْتِ؟ فَقَالَتِ: امْرَأَةٌ. قَالَ: وَلِمَ خُلِقْتِ؟ قَالَتْ: تَسْكُنُ إِلَيَّ. [ص: 260] قَالَتْ لَهُ الْمَلَائِكَةُ ـ يَنْظُرُونَ مَا بَلَغَ عَلِمُهُ ـ: مَا اسْمُهَا يَا آدَمُ؟ قَالَ: حَوَّاءُ. قَالُوا: لَمَ سُمِّيَتْ حَوَّاءَ؟ قَالَ: لِأَنَّهَا خُلِقَتْ مِنْ شَيْءٍ حَيٍّ. فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا} [البقرة: 35] . وَذَكَرَ الْقِصَّةَ الحديث: 820 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 259 821 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الرُّوذْبَارِيُّ، أنا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ شَوْذَبٍ الْمُقْرِئُ بِوَاسِطَ، ثنا شُعَيْبُ بْنُ أَيُّوبَ، ثنا ابْنُ نُمَيْرٍ، وَأَبُو أُسَامَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، ح. وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، وَأَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ، قَالَا: أنا إِسْمَاعِيلَ بْنَ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، ثنا سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ، ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، ثنا الْأَعْمَشُ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ هُوَ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ: " إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يُبْعَثُ إِلَيْهِ الْمَلَكُ فَيَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ، ثُمَّ يُؤْمَرُ بِأَرْبَعٍ: اكْتُبْ رِزْقَهُ وَعَمَلَهُ وَأَجَلَهُ وَشَقِيُّ أُمْ سَعِيدٌ، فَوَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ [ص: 261] حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلَّا ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيُخْتَمُ لَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيَدْخُلَهَا، وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلَّا ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيُخْتَمُ لَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَيَدْخُلَهَا ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ، وَعَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ، وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ الْأَعْمَشِ 822 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، مِنْ أَصْلِهِ، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو قَالُوا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا السَّرِيُّ بْنُ يَحْيَى، ثنا قَبِيصَةُ، ثنا عَمَّارُ بْنُ رُزَيْقٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِنَحْوِهِ. قَالَ عَمَّارٌ: فَقُلْتُ لِلْأَعْمَشِ: مَا يُجْمَعُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ؟ قَالَ: حَدَّثَنِي خَيْثَمَةُ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «إِنَّ النُّطْفَةَ إِذَا وَقَعَتْ فِي الرَّحِمِ فَأَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يَخْلُقَ مِنْهَا بَشَرًا طَارَتْ فِي بَشَرَةِ الْمَرْأَةِ تَحْتَ كُلِّ ظُفُرٍ وَشَعْرَةٍ ثُمَّ يَمْكُثُ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ يُتْرَكُ دَمًا فِي الرَّحِمِ فَذَلِكَ جَمْعُهَا» الحديث: 821 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 260 823 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا [ص: 262] يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حُمَيْدِ بْنِ الْأَسْوَدِ، ثنا أُنَيْسُ بْنُ سَوَّارٍ الْجَرْمِيُّ، ثنا أَبِي، عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ، صَاحِبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ذَكَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِذَا أَرَادَ خَلْقَ عَبْدٍ فَجَامَعَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ طَارَ مَاؤُهُ فِي كُلِّ عِرْقٍ وَعُضْوٍ مِنْهَا، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ السَّابِعِ جَمَعَهُ اللَّهُ تَعَالَى ثُمَّ أَحْضَرَهُ كُلَّ عِرْقٍ لَهُ دُونَ آدَمَ فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ» الحديث: 823 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 261 824 - أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، أنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، أنا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، أنا أَبُو جَعْفَرٍ، عَنِ الرَّبِيعِ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، فِي قَوْلِهِ [ص: 263] تَعَالَى {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ} [البقرة: 234] الْآيَةَ، فَقُلْتُ لِأَبِي الْعَالِيَةِ: " لِأَيِّ شَيْءٍ ضُمَّتْ هَذِهِ الْعَشَرَةُ الْأَيَّامُ إِلَى الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ؟ قَالَ: لِأَنَّهُ يَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ فِي الْعَشَرَةِ " الحديث: 824 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 262 825 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، ثنا أَبُو النَّضْرِ الْفَقِيهُ، ثنا عُثْمَانُ [ص: 264] بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ، ثنا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، ثنا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، ثنا أَبُو مَالِكٍ الْأَشْجَعِيُّ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَصْنَعُ كُلَّ صَانِعٍ وَصَنْعَتَهُ» الحديث: 825 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 263 826 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، ثنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَيُّوبَ، أنا أَبُوَ حَاتِمٍ الرَّازِيُّ، ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، ثنا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، فِي قَوْلِهِ: {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ} [الأنبياء: 30] قَالَ: نُطْفَةُ الرَّجُلِ الحديث: 826 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 264 827 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَنَزِيُّ، ثنا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ أَبِي الزَّاهِرِيَّةِ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الْجِنُّ ثَلَاثَةُ أَصْنَافٍ: صِنْفُ لَهُمْ أَجْنِحَةٌ يَطِيرُونَ فِي الْهَوَاءِ، وَصِنْفٌ حَيَّاتٌ وَكِلَابٌ، وَصِنْفٌ يَحِلُّونَ وَيَظْعَنُونَ ". قُلْتُ: وَآيَاتُ الْقُرْآنِ وَأَخْبَارُ الرَّسُولِ فِي خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَفْعَالِهِ كَثِيرَةٌ، وَفِيمَا ذَكَرْنَا بَيَانُ مَا قَصَدْنَاهُ الحديث: 827 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 264 828 - أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ، أنا أَبُو حَامِدِ بْنُ بِلَالٍ، ثنا يَحْيَى بْنُ الرَّبِيعِ الْمَكِّيُّ، ثنا سُفْيَانُ، ثنا أَبُو حَمْزَةَ الثُّمَالِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا [ص: 265] قَالَ: إِنَّ مِمَّا خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى دُرَّةٌ بَيْضَاءُ دَفَّتَاهُ يَاقُوتَةٌ حَمْرَاءُ، قَلَمُهُ نُورٌ، وَكِتَابُهُ نُورٌ، يَنْظُرُ فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ ثَلَاثُمَائَةٍ وَسِتِّينَ نَظْرَةً، بِكُلِّ نَظْرَةٍ يَخْلُقُ وَيَرْزُقُ وَيُحْيِي وَيُمِيتُ وَيَغُلُّ وَيَفُكُّ وَيَفْعَلُ مَا يَشَاءُ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} [الرحمن: 29] الحديث: 828 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 264 829 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أنا أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَنْبَرِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، ثنا إِسْحَاقُ هُوَ الْحَنْظَلِيُّ، ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ حَبِيبٍ [ص: 266] الْمَكِّيِّ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ الْأَعْرَجِ، عَنْ طَاوُسٍ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَسَأَلَهُ: مِمَّ خُلِقَ الْخَلْقُ؟ قَالَ: مِنَ الْمَاءِ وَالنُّورِ وَالظُّلْمَةِ وَالرِّيحِ وَالتُّرَابِ. قَالَ الرَّجُلُ: فَمِمَّ خُلِقَ هَؤُلَاءِ؟ قَالَ: لَا أَدْرِي. ثُمَّ أَتَى الرَّجُلُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَسَأَلَهُ، فَقَالَ مِثْلَ قَوْلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: فَأَتَى الرَّجُلُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ فَسَأَلَهُ فَقَالَ: مِمَّ خُلِقَ الْخَلْقُ؟ قَالَ: مِنَ الْمَاءِ وَالنُّورِ وَالظُّلْمَةِ وَالرِّيحِ وَالتُّرَابِ. قَالَ الرَّجُلُ: فَمِمَّ خُلِقَ هَؤُلَاءِ؟ فَتَلَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: {وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ} [الجاثية: 13] فَقَالَ الرَّجُلُ: مَا كَانَ لِيَأْتِيَ بِهَذَا إِلَّا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قُلْتُ: أَرَادَ أَنَّ مَصْدَرَ الْجَمِيعِ مِنْهُ أَيْ مِنْ خَلْقِهِ، وَإِبْدَاعِهِ وَاخْتِرَاعِهِ، خَلَقَ الْمَاءَ أَوَّلًا أَوِ الْمَاءَ وَمَا شَاءَ مِنْ خَلْقِهِ لَا عَنْ أَصْلٍ وَلَا عَلَى مِثَالٍ سَبَقَ، ثُمَّ جَعَلَهُ أَصْلًا لِمَا خَلَقَ بَعْدَهُ، فَهُوَ الْمُبْدِعُ وَهُوَ الْبَارِئُ لَا إِلَهَ غَيْرُهُ وَلَا خَالِقَ سِوَاهُ الحديث: 829 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 265 830 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ هُوَ الْأَصَمُّ، ثنا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا يَحْيَى بْنُ مَعِينِ، ثنا عَلِيُّ بْنُ ثَابِتٍ، ثنا الْقَاسِمُ بْنُ سَلْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّعْبِيَّ، يَقُولُ: إِنَّ لِلَّهِ عِبَادًا مِنْ وَرَاءِ الْأَنْدُلُسِ كَمَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْأَنْدَلُسِ مَا يَرَوْنَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ عَصَاهُ مَخْلُوقٌ، رَضْرَاضُهُمُ الدُّرُّ وَالْيَاقُوتُ، وَجِبَالُهُمُ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ، لَا يَحْرُثُونَ وَلَا يَزْرَعُونَ وَلَا يَعْمَلُونَ عَمَلًا، لَهُمْ شَجَرٌ عَلَى أَبْوَابِهِمْ لَهَا ثَمَرٌ هِيَ طَعَامُهُمْ، وَشَجَرٌ لَهَا أَوْرَاقٌ عِرَاضٌ هِيَ لِبَاسُهُمْ الحديث: 830 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 267 831 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أنا أَحْمَدُ بْنُ يَعْقُوبَ الثَّقَفِيُّ، ثنا عُبَيْدُ بْنُ غَنَّامٍ النَّخَعِيُّ، أنا عَلِيُّ بْنُ حَكِيمٍ، ثنا شَرِيكٌ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّهُ قَالَ: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ} [الطلاق: 12] قَالَ: سَبْعَ أَرَضِينَ فِي كُلِّ أَرْضٍ نَبِيُّ كَنَبِيِّكُمْ، وَآدَمُ كَآدَمَ، وَنُوحٌ كَنُوحٍ، وَإِبْرَاهِيمُ كَإِبْرَاهِيمَ، وَعِيسَى كَعِيسَى " الحديث: 831 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 267 832 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحُسَيْنِ، ثنا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسَ، ثنا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ} [الطلاق: 12] قَالَ: فِي كُلِّ أَرْضٍ نَحْوَ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ. إِسْنَادُ هَذَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا صَحِيحٌ، وَهُوَ شَاذُّ بِمُرَّةَ، لَا أَعْلَمُ لِأَبِي الضُّحَى عَلَيْهِ مُتَابِعًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ الحديث: 832 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 268 833 - أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، أنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، أنا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، أنا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خُبَيْبٍ، قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَسْأَلُ تَبِيعًا: هَلْ سَمِعْتَ كَعْبًا يَذْكُرُ السَّحَابَ [ص: 269] بِشَيْءٍ؟ قَالَ: سَمِعْتُ كَعْبًا يَقُولُ: إِنَّ السَّحَابَ غِرْبَالٌ لِلْمَطَرِ، وَلَوْلَا السَّحَابُ لَأَفْسَدَ الْمَطَرُ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ قَالَ: صَدَقْتَ، وَأَنَا قَدْ سَمِعْتُهُ. قَالَ: وَسَمِعْتُ كَعْبًا يَذْكُرُ أَنَّ الْأَرْضَ تُنْبِتُ الْعَامَ نَبْتًا وَقَابِلَ غَيْرَهُ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: وَسَمِعْتُ كَعْبًا يَقُولُ: إِنَّ الْبِذْرَ ـ يَعْنِي بِذْرَ الْحَشِيشِ ـ يَنْزِلُ مَعَ الْمَطَرِ فَيَخْرُجُ فِي الْأَرْضِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: صَدَقْتَ وَأَنَا قَدْ سَمِعْتُهُ الحديث: 833 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 268 بَابُ مَا جَاءَ فِي مَعْنَى قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {أُمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ} [الطور: 35] مَا جَاءَ فِي مَعْنَى قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {أُمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ} [الطور: 35] . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 270 834 - قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الْجَامِعِ الصَّحِيحِ: حدثَنَا الْحُمَيْدِيُّ، ثنا الْحُمَيْدِيُّ، ثنا سُفْيَانُ، حَدَّثُونِي عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ {وَالطُّورِ} [الطور: 1] ، فَلَمَّا بَلَغَ هَذِهِ الْآيَةَ: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لَا يُوقِنُونَ} [الطور: 36] كَادَ قَلْبِي أَنْ يَطِيرَ. أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، قَالَ: زَادَنِي أَبُو صَالِحٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَعْقِلٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيِّ، فَذَكَرَهُ. قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: " إِنَّمَا كَانَ انْزِعَاجُهُ عِنْدَ سَمَاعِ هَذِهِ الْآيَةِ لِحُسْنِ تَلَقِّيهِ مَعْنَى الْآيَةِ وَمَعرِفَتِهِ بِمَا تَضَمَّنَتْهُ مِنْ بَلِيغِ الْحُجَّةِ، فَاسْتَدْرَكَهَا بِلَطِيفِ طَبْعِهِ، وَاسْتَشَفَّ مَعْنَاهَا بِذَكِيِّ فَهْمِهِ، وَهَذِهِ الْآيَةُ مُشْكِلَةٌ جِدًّا. قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الزَّجَّاجُ فِي مَعْنَى هَذِهِ الْآيَةِ، قَالَ: فَهِيَ أَصْعَبُ مَا فِي هَذِهِ السُّورَةِ، قَالَ بَعْضُ أَهْلِ اللُّغَةِ: لَيْسَ هُمْ [ص: 271] بِأَشَدَّ خَلْقًا مِنْ خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، لِأَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ خُلِقَتَا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ، وَهُمْ خُلِقُوا مِنْ آدَمَ، وَآدَمُ خُلِقَ مِنْ تُرَابٍ. قَالَ: وَقِيلَ فِيهَا قَوْلٌ آخَرُ: أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ؟ أَمْ خُلِقُوا لِغَيْرِ شَيْءٍ؟ أَيْ خُلِقُوا بَاطِلًا لَا يُحَاسَبُونَ وَلَا يُؤْمَرُونَ وَلَا يُنْهَوْنَ ". قَالَ الشَّيْخُ أَبُو سُلَيْمَانُ: وَهَهُنَا قَوْلٌ ثَالِثٌ هُوَ أَجْوَدُ مِنَ الْقَوْلَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرَهُمَا أَبُو إِسْحَاقَ، وَهُوَ الَّذِي يَلِيقُ بِنَظْمِ الْكَلَامِ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى: أُمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ خَلَقَهُمْ، فَوُجِدُوا بِلَا خَالِقٍ، وَذَلِكَ مَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِأَنَّ تَعَلُّقَ الْخَلْقِ بِالْخَالِقِ مِنْ ضَرُورَةِ الْأَمْرِ، فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ خَالِقٍ، فَإِذْ قَدْ أَنْكَرُوا الْإِلَهَ الْخَالِقَ، وَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُوجَدُوا بِلَا خَالِقٍ خَلَقَهُمْ أَفْهُمُ الْخَالِقُونَ لِأَنْفُسِهِمْ؟ وَذَلِكَ فِي الْفَسَادِ أَكْثَرُ، وَفِي الْبَاطِلِ أَشَدُّ، لِأَنَّ مَا لَا وُجُودَ لَهُ كَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَوْصُوفًا بِالْقُدْرَةِ، وَكَيْفَ يَخْلُقُ وَكَيْفَ يَتَأَتَّى مِنْهُ الْفِعْلُ، وَإِذَا بَطَلَ الْوَجْهَانِ مَعًا قَامَتِ الْحُجَّةُ عَلَيْهِمْ بِأَنَّ لَهُمْ خَالِقًا فَلْيُؤْمِنُوا بِهِ إِذًا. ثُمَّ قَالَ: {أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لَا يُوقِنُونَ} [الطور: 36] أَيْ: إِنْ جَازَ لَهُمْ أَنْ يَدَّعُوا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ فِي تِلْكَ الْحَالِ فَلْيَدَّعُوا خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَذَلِكَ شَيْءٌ لَا يُمْكِنُهُمْ أَنْ يَدَّعُوهُ بِوَجْهٍ، فَهُمْ مُنْقَطِعُونَ، وَالْحُجَّةُ لَازِمَةٌ لَهُمْ مِنَ الْوَجْهَيْنِ مَعًا، ثُمَّ قَالَ: {بَلْ لَا يُوقِنُونَ} [الطور: 36] فَذَكَرَ الْعِلَّةَ الَّتِي عَاقَتْهُمْ عَنِ الْإِيمَانِ، وَهِيَ عَدَمُ الْيَقِينِ الَّذِي هُوَ مَوْهِبَةٌ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَلَا يُنَالُ إِلَّا بِتَوفِيقِهِ، وَلِهَذَا كَانَ انْزِعَاجُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَتَّى قَالَ: كَادَ قَلْبِي أَنْ يَطِيرَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَهَذَا بَابٌ لَا يَفْهَمُهُ إِلَّا أَرْبَابُ الْقُلُوبِ. قُلْتُ: وَقَدْ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ السَّائِبِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا تَفْسِيرَ هَذِهِ السُّورَةِ وَقَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: {أُمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ} [الطور: 35] مِنْ غَيْرِ رَبٍّ، {أُمْ هُمُ الْخَالِقُونَ} [الطور: 35] . يَعْنِي أَهْلَ مَكَّةَ الحديث: 834 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 270 بَابُ مَا جَاءَ فِي الْعَرْشِ وَالْكُرْسِيِّ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ} [هود: 7] ، وَقَالَ تَعَالَى: {وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} [التوبة: 129] ، وَقَالَ جَلَّ وَعَلَا: {ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ} [البروج: 15] ، وَقَالَ جَلَّتْ عَظَمَتُهُ: {وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ} [الزمر: 75] ، وَقَالَ تَعَالَى: {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ} [غافر: 7] الْآيَةُ. وَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ} [الحاقة: 17] وَأَقَاوِيلُ أَهْلِ التَّفْسِيرِ عَلَى أَنَّ الْعَرْشَ هُوَ السَّرِيرُ، وَأَنَّهُ جِسْمٌ مُجَسَّمٌ، خَلَقَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَأَمَرَ مَلَائِكَتَهُ بِحَمْلِهِ وَتَعَبَّدَهُمْ بِتَعْظِيمِهِ وَالطَّوَافِ بِهِ، كَمَا خَلَقَ فِي الْأَرْضِ بَيْتًا وَأَمَرَ بَنِي آدَمَ بِالطَّوَافِ بِهِ وَاسْتِقْبَالِهِ فِي الصَّلَاةِ. وَفِي أَكْثَرِ هَذِهِ الْآيَاتِ دَلَالَةٌ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ، وَفِي الْأَخْبَارِ وَالْآثَارِ الْوَارِدَةِ فِي مَعْنَاهُ دَلِيلٌ عَلَى صِحَّةِ ذَلِكَ. وَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} [البقرة: 255] . وَرُوِّينَا عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ: عِلْمُهُ. وَسَائِرُ الرِّوَايَاتِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْكُرْسِيُّ الْمَشْهُورُ الْمَذْكُورُ مَعَ الْعَرْشِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 272 835 - أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بْنَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، أنا أَبُو بَكْرٍ [ص: 273] أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ بْنِ الْحَسَنِ الْفَقِيهُ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ أَبِي عُثْمَانَ، ثنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا هِشَامُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، ح. وَحَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَبِي عُثْمَانَ، ثنا عَفَّانُ، ثنا أَبَانُ، قَالَا: ثنا قَتَادَةُ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: إِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَدْعُو عِنْدَ الْكَرْبِ: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ هِشَامٍ الحديث: 835 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 272 836 - حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ الْأَصْبَهَانِيُّ، إِمْلَاءً، أنا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ، أنا بِشْرُ بْنُ مُوسَى، وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ وَأَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ وَأَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ فِرَاسٍ الْمَكِّيُّ، قَالُوا: أنا أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْجُمَحِيُّ، أنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَا: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، ثنا الْأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْجِدِ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ فَقَالَ: «يَا أَبَا ذَرٍّ، أَتَدْرِي أَيْنَ تَغْرُبُ الشَّمْسُ؟» قَالَ: قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: " فَإِنَّهَا تَذْهَبُ حَتَّى تَسْجُدَ تَحْتَ الْعَرْشِ عِنْدَ رَبِّهَا فَتَسْتَأْذِنُ فِي الرُّجُوعِ فَيُؤْذَنُ لَهَا، فَيُوشِكُ أَنْ تَسْتَأْذِنَ فَلَا [ص: 274] يُؤَذَنُ لَهَا، حَتَّى تَسْتَشْفِعَ وَتَطْلُبَ، فَإِذَا طَالَ عَلَيْهَا قِيلَ لَهَا: اطْلُعِي مِنْ مَكَانِكِ ". فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} [يس: 38] ". رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ الحديث: 836 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 273 837 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكَعْبِيُّ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ، أنا عَيَّاشٌ الرَّقَّامُ، ثنا وَكِيعٌ، ثنا الْأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا} [يس: 38] قَالَ: «مُسْتَقَرُّهَا تَحْتَ الْعَرْشِ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَيَّاشٍ الرَّقَّامِ وَغَيْرِهِ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ إَسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ وَغَيْرُهُ عَنْ وَكِيعٍ وَذَكَرَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي قَوْلِهِ: {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا} [يس: 38] أَنَّ أَهْلَ التَّفْسِيرِ وَأَصْحَابَ الْمَعَانِي قَالُوا فِيهِ قَوْلَيْنِ؛ قَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَاهُ أَنَّ الشَّمْسَ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا، أَيْ: لِأَجَلٍ أُجِّلَ لَهَا، وَقَدَرٍ قُدِّرَ لَهَا، يَعْنِي انْقِطَاعَ مُدَّةِ بَقَاءِ الْعَالَمِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مُسْتَقَرُّهَا غَايَةٌ مَا تَنْتَهِي إِلَيْهِ فِي صُعُودِهَا وَارْتِفَاعِهَا لِأَطْوَلِ يَوْمٍ فِي أَيَّامِ الصَّيْفِ، ثُمَّ تَأْخُذُ فِي النُّزُولِ حَتَّى تَنْتَهِيَ إِلَى أَقْصَى مَشَارِقِ الشِّتَاءِ لِأَقْصَرِ يَوْمٍ فِي السَّنَةِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ «مُسْتَقَرُّهَا تَحْتَ الْعَرْشِ» فَلَا يُنْكِرُ أَنْ يَكُونَ لَهَا اسْتِقْرَارٌ مَا تَحْتَ الْعَرشِ مِنْ حَيْثِ لَا نُدْرِكُهُ وَلَا نُشَاهِدُهُ، وَإِنَّمَا أَخْبَرَ عَنْ غَيْبٍ فَلَا نُكَذِّبُ بِهِ وَلَا نُكَيِّفُهُ، لِأَنَّ عِلْمَنَا لَا يُحِيطُ بِهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى: أَنَّ عَلِمَ مَا سَأَلْتَ عَنْهُ مِنْ مُسْتَقَرِّهَا تَحْتَ الْعَرْشِ فِي كِتَابٍ كُتِبَ فِيهِ مَبَادِئُ أُمُورِ الْعَالَمِ وَنِهَايَاتُهَا، وَالْوَقْتُ الَّذِي [ص: 275] تَنْتَهِي إِلَيْهِ مُدَّتُهَا، فَيَنْقَطِعُ دَوَرَانُ الشَّمْسِ وَتَسْتَقِرُّ عِنْدَ ذَلِكَ فَيَبْطُلُ فِعْلُهَا، وَهُوَ اللَّوْحُ الْمَحْفُوظُ، الَّذِي بُيِّنَ فِيهِ أَحْوَالُ الْخَلْقِ وَالْخَلِيقَةِ وَآجَالُهُمْ وَمَآلُ أُمُورِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِذَلِكَ. قَالَ الشَّيْخُ أَبُو سُلَيْمَانَ: وَفِي هَذَا ـ يَعْنِي الْحَدِيثَ الْأَوَّلَ ـ إِخْبَارٌ عَنْ سُجُودِ الشَّمْسِ تَحْتَ الْعَرْشِ فَلَا يُنْكَرُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عِنْدَ مُحَاذَاتِهَا الْعَرْشَ فِي مَسِيرِهَا، وَالْخَبَرُ عَنْ سُجُودِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ جَاءَ فِي الْكِتَابِ، وَلَيْسَ فِي سُجُودِهَا لِرَبِّهَا تَحْتَ الْعَرْشِ مَا يَعُوقُهَا عَنِ الدَّأْبِ فِي سَيْرِهَا وَالتَّصَرُّفِ لِمَا سُخِّرَتْ لَهُ. قَالَ: فَأَمَّا قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ} [الكهف: 86] فَإِنَّهُ لَيْسَ بِمُخَالِفٍ لَمَّا جَاءَ فِي هَذَا الْخَبَرِ مِنْ أَنَّ الشَّمْسَ تَذْهَبُ حَتَّى تَسْجُدَ تَحْتَ الْعَرْشِ، لِأَنَّ الْمَذْكُورَ فِي الْآيَةِ إِنَّمَا هُوَ نِهَايَةُ مُدْرِكِ الْبَصَرِ إِيَّاهَا حَالَ الْغُرُوبِ، وَمَصِيرُهَا تَحْتَ الْعَرْشِ لِلسُّجُودِ إِنَّمَا هُوَ بَعْدَ غُرُوبِهَا فِيمَا دَلَّ عَلَيْهِ لَفْظُ الْخَبَرِ، فَلَيْسَ بَيْنَهُمَا تَعَارُضٌ وَلَيْسَ. مَعْنَى قَوْلِهِ {تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ} [الكهف: 86] أَنَّهَا تَسْقُطُ فِي تِلْكَ الْعَيْنِ فَتَغْمُرُهَا، وَإِنَّمَا هُوَ خَبَرٌ عَنِ الْغَايَةِ الَّتِي بَلَغَهَا ذُو الْقَرْنَيْنِ فِي مَسِيرِهِ حَتَّى لَمْ يَجِدْ وَرَاءَهَا مَسْلَكًا فَوَجَدَ الشَّمْسَ تَتَدَلَّى عِنْدَ غُرُوبِهَا فَوْقَ هَذِهِ الْعَيْنِ، أَوْ عَلَى سَمْتِ هَذِهِ الْعَيْنِ، وَكَذَلِكَ يَتَرَاءَى غُرُوبُ الشَّمْسِ لِمَنْ كَانَ فِي الْبَحْرِ وَهُوَ لَا يَرَى السَّاحِلَ، يَرَى الشَّمْسَ كَأَنَّهَا تَغِيبُ فِي الْبَحْرِ، وَإِنْ كَانَتْ فِي الْحَقِيقَةِ تَغِيبُ وَرَاءَ الْبَحْرِ، وَفِي هَهُنَا بِمَعْنَى فَوْقَ، أَوْ بِمَعْنَى عَلَى، وَحُرُوفُ الصِّفَاتِ تُبَدَّلُ بَعْضُهَا مَكَانَ بَعْضٍ الحديث: 837 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 274 838 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أنا أَبُو الْقَاسِمُ سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ اللَّخْمِيُّ، ثنا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، ثنا قَبِيصَةُ، ح. وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، ثنا الْفِرْيَابِيُّ، قَالَا: [ص: 276] ثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ لُطِمَ وَجْهُهُ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِكَ لَطَمَ وَجْهِي. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ادْعُوهُ» . فَدَعَوْهُ، فَقَالَ: «لِمَ لَطَمَتْ وَجْهَهُ؟» فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي مَرَرْتُ بِالسُّوقِ وَهُوَ يَقُولُ: وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى عَلَى الْبَشَرِ. فَقُلْتُ: يَا خَبِيثُ وَعَلَى مُحَمَّدٍ؟ فَأَخَذَتْنِي غَضْبَةٌ فَلَطَمْتُهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «لَا تُخَيِّرُوا بَيْنَ الْأَنْبِيَاءِ، فَإِنَّ النَّاسَ يُصْعَقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَكُونُ أَوَّلَ مِنْ يُفِيقُ فَإِذَا أَنَا بِمُوسَى آخِذٌ بِقَائِمَةٍ مِنْ قَوَائِمِ الْعَرْشِ، فَلَا أَدْرِي أَفَاقَ قَبْلِي أَوْ جُوزِيَ بِصَعْقَتِهِ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنِ الْفِرْيَابِيِّ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ أَوْجُهٍ أُخَرَ عَنْ سُفْيَانَ الحديث: 838 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 275 839 - أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، أنا أَبُو الْحُسَيْنِ أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ، ثنا أَبُو قِلَابَةَ الرَّقَاشِيُّ، ثنا أَبُو الْوَلِيدِ، وَحَبَّانُ قَالَا: ثنا شُعْبَةُ، أَخْبَرَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ النُّعْمَانِ، قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّكُمْ مَحْشُورُونَ حُفَاةً عُرَاةً، وَأَوَّلُ مِنْ يُكْسَى مِنَ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، يُكْسَى حُلَّةً مِنَ الْجَنَّةِ، وَيُؤْتَى بِكُرْسِيٍّ فَيُطْرَحُ لَهُ عَنْ يَمِينِ الْعَرْشِ، ثُمَّ يُؤْتَى بِي فَأُكْسَى حُلَّةً مِنَ الْجَنَّةِ لَا يَقُومُ لَهَا البَشْرُ، ثُمَّ أُوتَى بِكُرْسِيٍّ فَيُطْرَحُ لِي عَلَى سَاقِ الْعَرْشِ» الحديث: 839 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 276 840 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ هُوَ الْأَصَمُّ، ثنا الْعَبَّاسُ الدُّورِيُّ، ثنا أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ يُكْسَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِبْرَاهِيمُ قُبْطِيَّتَيْنِ، وَالنَّبِيُّ حُلَّةً حِبَرَةً وَهُوَ عَنْ يَمِينِ الْعَرْشِ الحديث: 840 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 278 841 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْحَرْبِيُّ بِبَغْدَادَ، ثنا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ الْفَقِيهُ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثنا ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، ثنا مَالِكٌ، عَنْ [ص: 279] أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: " إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " لَمَّا قَضَى اللَّهُ الْخَلْقَ كَتَبَ كِتَابًا فَهُوَ عِنْدَهُ فَوْقَ الْعَرْشِ: إِنَّ رَحْمَتِي غَلَبَتْ غَضَبِي ". رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ. وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ: الْقَوْلُ فِيهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ: أَنَّهُ أَرَادَ بِالْكِتَابِ أَحَدَ شَيْئَيْنِ إِمَّا: الْقَضَاءَ الَّذِي قَضَاهُ وَأَوْجَبَهُ كَقَوْلِهِ: {كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي} [المجادلة: 21] أَيْ: قَضَى اللَّهُ وَأَوْجَبَ، وَيَكُونُ مَعْنَى قَوْلِهِ: «فَهُوَ عِنْدَهُ فَوْقَ الْعَرْشِ» . أَيْ: فَعِلْمُ ذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى فَوْقَ الْعَرْشِ لَا يَنْسَاهُ وَلَا يَنْسَخُهُ وَلَا يُبَدِّلُهُ، كَقَوْلِهِ جَلَّ وَعَلَا: {قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى} [طه: 52] ؛ وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِالْكِتَابِ اللَّوْحَ الْمَحْفُوظَ الَّذِي فِيهِ ذِكْرُ أَصْنَافِ الْخَلْقِ وَالْخَلِيقَةِ، وَبَيَانُ أُمُورِهِمْ وَذِكْرُ آجَالِهِمْ وَأَرْزَاقِهِمْ، وَالْأَقْضِيَةُ النَّافِذَةُ فِيهِمْ، وَمَآلُ عَوَاقِبِ أُمُورِهِمْ، وَيَكُونُ مَعْنَى قَوْلِهِ: «فَهُوَ عِنْدَهُ فَوْقَ الْعَرْشِ» . أَيْ: فَذِكْرُهُ عِنْدَهُ فَوْقَ الْعَرْشِ، وَيُضْمَرُ فِيهِ الذِّكْرُ أَوِ الْعِلْمُ، وَكُلُّ ذَلِكَ جَائِزٌ فِي الْكَلَامِ، سَهْلٌ فِي التَّخْرِيجِ، عَلَى أَنَّ الْعَرْشَ خَلْقُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مَخْلُوقٌ لَا يستحيلُ أَنْ يَمَسَّهُ كِتَابُ مَخْلُوقٌ، فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ حَمَلَةُ الْعَرْشِ قَدْ رُوِيَ أَنَّ الْعَرْشَ عَلَى كَوَاهِلِهِمْ، وَلِيسَ يَسْتَحِيلُ أَنْ يُمَاسُّوا الْعَرْشَ إِذَا حَمَلُوهُ، وَإِنْ كَانَ حَامِلُ الْعَرْشِ وَحَامِلُ حَمَلْتِهِ فِي [ص: 280] الْحَقِيقَةِ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى. وَلَيْسَ مَعْنَى قَوْلِ الْمُسْلِمِينَ: إِنَّ اللَّهَ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ، هُوَ أَنَّهُ مُمَاسٌّ لَهُ، أَوْ مُتَمَكِّنٌ فِيهِ، أَوْ مُتَحَيِّزٌ فِي جِهَةٍ مِنْ جِهَاتِهِ، لَكِنَّهُ بَائِنٌ مِنْ جَمِيعِ خَلْقِهِ، وَإِنَّمَا هُوَ خَبَرٌ جَاءَ بِهِ التَّوْقِيفُ فَقُلْنَا بِهِ، وَنَفَيْنَا عَنْهُ التَّكْيِيفَ، إِذْ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ " الحديث: 841 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 278 842 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ، أنا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّزَّازُ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَقَدِ اهْتَزَّ عَرْشُ الرَّحْمَنِ لِمَوْتِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ» الحديث: 842 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 280 843 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُؤَذِّنُ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ هُوَ ابْنُ خُزَيْمَةَ، ثنا أَبُو مُوسَى، ثنا أَبُو الْمُسَاوِرِ الْفَضْلُ بْنُ الْمُسَاوِرِ، ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «اهْتَزَّ الْعَرْشُ لِمَوْتِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ» الحديث: 843 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 280 وَعَنِ الْأَعْمَشِ، ثنا أَبُو صَالِحٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ. قَالَ: فَقَالَ رَجُلٌ لِجَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: فَإِنَّ الْبَرَاءَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: اهْتَزَّ السَّرِيرُ. فَقَالَ: إِنَّهُ كَانَ بَيْنَ هَذَيْنِ الْحَيَّيْنِ ـ الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ ـ ضَغَائِنُ، سَمِعْتُ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «اهْتَزَّ عَرْشُ الرَّحْمَنِ لِمَوْتِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي مُوسَى، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ، وَمِنْ حَدِيثِ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 281 844 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أنا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرُّزِّيُّ، ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ، أنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، ثنا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: إِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ـ وَجَنَازَةُ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَوْضُوعَةٌ ـ: «اهْتَزَّ لَهَا عَرْشُ الرَّحْمَنِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الرُّزِّيِّ. [ص: 282] قَالَ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَهْدِيٍّ الطَّبَرِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: الصَّحِيحُ مِنَ التَّأْوِيلِ فِي هَذَا أَنْ يُقَالَ: الِاهْتِزَازُ هُوَ الِاسْتِبْشَارُ وَالسُّرُورُ، يُقَالُ: إِنَّ فُلَانًا يَهْتَزُّ لِلْمَعْرُوفِ، أَيْ يَسْتَبْشِرُ وَيُسَرُّ بِهِ، وَذَكَرَ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مِنَ الْكَلَامِ وَالشَّعَرِ، قَالَ: وَأَمَّا الْعَرْشُ فَعَرْشُ الرَّحْمَنِ عَلَى مَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ، وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ حَمَلَةَ الْعَرْشِ الَّذِينَ يَحْمِلُونَهُ وَيَحِفُّونَ حَوْلَهُ فَرِحُوا بِقُدُومِ رُوحِ سَعْدٍ عَلَيْهِمْ، فَأَقَامَ الْعَرْشَ مَقَامَ مَنْ يَحْمِلُهُ وَيَحِفُّ بِهِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، كَمَا قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَذَا جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ» . يُرِيدُ: أَهْلَهُ. كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ} [الدخان: 29] يُرِيدُ: أَهْلَهَا. وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ: «إِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَسْتَبْشِرُ بِرُوحِ الْمُؤْمِنِ، وَإِنَّ لِكُلِّ مُؤْمِنٍ بَابًا فِي السَّمَاءِ يَصْعَدُ فِيهِ عَمَلُهُ، وَيَنْزِلُ مِنْهُ رِزْقُهُ، وَيَعْرُجُ فِيهِ رُوحُهُ إِذَا مَاتَ» . وَكَأَنَّ حَمَلَةَ الْعَرْشِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ فَرِحُوا وَاسْتَبْشَرُوا بِقُدُومِ رُوحِ سَعْدٍ عَلَيْهِمْ، لِكَرَامَتِهِ وَطِيبِ رَائِحَتِهِ، وَحُسْنِ عَمِلَ صَاحِبِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اهْتَزَّ لَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى» وَاللَّهُ أَعْلَمُ الحديث: 844 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 281 845 - أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمُّدٍ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْفَقِيهُ الطُّوسِيُّ، ثنا أَبُو [ص: 283] الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْكَارِزِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الصَّائِغُ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ هِلَالِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَصَامَ رَمَضَانَ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ تَعَالَى أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، هَاجَرَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ جَلَسَ فِي أَرْضِهِ الَّتِي قَدْ وُلِدَ فِيهَا» . قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَلَا نُبَشِّرُ النَّاسَ بِذَلِكَ؟ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ لِلْجَنَّةِ مِائَةُ دَرَجَةٍ أَعَدَّهَا اللَّهُ لِلْمُهَاجِرِينَ ـ أَوْ قَالَ لِلْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى ـ كُلُّ [ص: 284] دَرَجَتَيْنِ مَا بَيْنَهُمَا كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، فَإِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ تَعَالَى فَسَلُوهُ الْفِرْدَوْسَ، فَإِنَّهُ أَوْسَطُ الْجَنَّةِ، وَأَعْلَى الْجَنَّةِ، وَفَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ، وَمِنْهُ تُفَجَّرُ أَنْهَارُ الْجَنَّةِ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُنْذِرِ، وَقَالَ لِلْمُجَاهِدِينَ الحديث: 845 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 282 846 - حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْعَلَوِيُّ، أنا أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ بِلَالٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النَّصْرَابَاذِيُّ قَالَا: ثنا أَحْمَدُ بْنُ حَفْصِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أُذِنَ لِي أَنْ أُحَدِّثَ عَنْ مَلَكٍ مِنْ مَلَائِكَةِ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ حَمَلَةِ الْعَرْشِ، مَا بَيْنَ [ص: 285] شَحْمَةِ أُذُنِهِ إِلَى عَاتِقِهِ مَسِيرَةُ سَبْعِمِائَةِ عَامٍ» الحديث: 846 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 284 847 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ الْبَزَّازُ، ثنا الْوَلِيدُ بْنُ أَبِي ثَوْرٍ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمِيرَةَ، عَنِ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كُنْتُ فِي الْبَطْحَاءِ فِي عِصَابَةٍ فِيهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَرَّتْ سَحَابَةٌ فَنَظَرَ إِلَيْهَا فَقَالَ: «مَا تُسَمُّونَ هَذِهِ؟» قَالُوا: السَّحَابَ، قَالَ: «وَالْمُزْنَ؟» قَالُوا: وَالْمُزْنَ. قَالَ: «وَالْعَنَانَ؟» قَالُوا: وَالْعَنَانَ. قَالَ: «هَلْ تَدْرُونَ بُعْدَ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ؟» قَالُوا: لَا نَدْرِي. قَالَ: «إِنَّ بُعْدَ مَا بَيْنَهُمَا إِمَّا وَاحِدَةٌ أَوِ اثْنَتَانِ أَوْ ثَلَاثٌ وَسَبْعُونَ سَنَةً، ثُمَّ السَّمَاءُ فَوْقَهَا كَذَلِكَ، حَتَّى عَدَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ، ثُمَّ مِنْ فَوْقِ السَّابِعَةِ بَحْرٌ بَيْنَ أَسْفَلِهِ وَأَعْلَاهُ كَمَا بَيْنَ سَمَاءٍ إِلَى سَمَاءٍ، ثُمَّ فَوْقَ ذَلِكَ ثَمَانِيَةُ أَوْعَالٍ بَيْنَ أَظْلَافِهِمْ وَرُكَبِهِمْ مِثْلُ مَا بَيْنَ سَمَاءٍ إِلَى سَمَاءٍ، ثُمَّ عَلَى ظُهُورِهِمُ الْعَرْشُ مَا [ص: 286] بَيْنَ أَسْفَلِهِ وَأَعْلَاهُ مِثْلُ مَا بَيْنَ سَمَاءٍ إِلَى سَمَاءٍ، ثُمَّ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى جَلَّ ثَنَاؤُهُ فَوْقَ ذَلِكَ» . قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَفْصٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ طَهْمَانَ، عَنْ سِمَاكٍ بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ الحديث: 847 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 285 848 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ هُوَ الْأَصَمُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثنا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ، ثنا يَزِيدُ بْنُ الْأَصَمِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: حَمَلَةُ الْعَرْشِ مَا بَيْنَ كَعْبِ أَحَدِهِمْ إِلَى أَسْفَلِ قَدَمِهِ مَسِيرَةُ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ. وَذَكَرَ أَنَّ خُطْوَةَ مَلَكِ الْمَوْتِ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ. وَرَوَى هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: حَمَلَةُ الْعَرْشِ مِنْهُمْ مَنْ صُورَتُهُ صُورَةُ الْإِنْسَانِ، وَمِنْهُمْ مَنْ صُورَتُهِ صُورَةُ النَّسْرِ، وَمِنْهُمْ مَنْ صُورَتُهُ صُورَةُ الثَّوْرِ، وَمِنْهُمْ مَنْ صُورَتُهُ صُورَةُ الْأَسَدِ الحديث: 848 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 287 849 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحُسَيْنِ، ثنا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسَ، ثنا شَيْبَانُ، ثنا قَتَادَةُ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَلْ تَدْرُونَ مَا هَذِهِ الَّتِي فَوْقَكُمْ؟» فَقَالُوا: اللَّهُ [ص: 288] وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: " فَإِنَّهَا الرَّفِيعُ: سَقْفٌ مَحْفُوظٌ، وَمَوْجٌ مَكْفُوفٌ. هَلْ تَدْرُونَ كَمْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهَا؟ " قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: «فَإِنَّ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهَا مَسِيرَةَ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ، وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ السَّمَاءِ الْأُخْرَى مِثْلُ ذَلِكَ» . حَتَّى عَدَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ، وَغِلَظُ كُلِّ سَمَاءٍ مَسِيرَةُ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ، ثُمَّ قَالَ: هَلْ تَدْرُونَ مَا فَوْقَ ذَلِكَ؟ " قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: «فَإِنَّ فَوْقَ ذَلِكَ الْعَرْشُ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ مَسِيرَةُ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ» . ثُمَّ قَالَ: «هَلْ تَدْرُونَ مَا هَذِهِ الَّتِي تَحْتَكُمْ؟» قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: «فَإِنَّهَا الْأَرْضُ وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ الْأَرْضِ الَّتِي تَحْتَهَا مَسِيرَةُ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ» . حَتَّى عَدَّ سَبْعَ أَرَضِينَ وَغِلَظُ كُلُّ أَرْضٍ مَسِيرَةُ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ "، ثُمَّ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوْ أَنَّكُمْ دَلَّيْتُمْ أَحَدَكُمْ بِحَبْلٍ إِلَى الْأَرْضِ السَّابِعَةِ لَهَبَطَ عَلَى اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى» . ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخَرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ} [الحديد: 3] . قُلْتُ: هَذِهِ الرِّوَايَةُ فِي مَسِيرَةِ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ اشْتَهَرَتْ فِيمَا بَيْنَ النَّاسِ، وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنْ قَوْلِهِ مِثْلَهَا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَخْتَلِفَ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ قُوَّةِ [ص: 289] السَّيْرِ وَضَعْفِهِ، وَخِفَّتِهِ وَثِقَلِهِ، فَيَكُونُ بِسَيْرِ الْقَوِيِّ أَقَلُّ، وَبِسَيْرِ الضَّعِيفِ أَكْثَرُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَالَّذِي رُوِيَ فِي آخِرِ هَذَا الْحَدِيثِ إِشَارَةٌ إِلَى نَفْيِ الْمَكَانِ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى، وَأَنَّ الْعَبْدَ أَيْنَمَا كَانَ فَهُوَ فِي الْقُرْبِ وَالْبُعْدِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى سَوَاءٌ، وَأَنَّهُ الظَّاهِرُ، فَيَصِحُّ إِدْرَاكُهُ بِالْأَدِلَّةِ؛ الْبَاطِنُ، فَلَا يَصِحُّ إِدْرَاكُهُ بِالْكَوْنِ فِي مَكَانٍ. وَاسْتَدَلَّ بَعْضُ أَصْحَابِنَا فِي نَفْيِ الْمَكَانِ عَنْهُ بِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ» . وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ ". وَإِذَا لَمْ يَكُنْ فَوْقَهُ شَيْءٌ وَلَا دُونَهُ شَيْءٌ لَمْ يَكُنْ فِي مَكَانٍ. وَفِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ انْقِطَاعٌ، وَلَا ثَبَتَ سَمَاعُهُ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَرُوِيَ مِنْ وَجْهٍ آَخَرٍ مُنْقَطِعٍ عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَرْفُوعًا الحديث: 849 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 287 850 - أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي نَصْرٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا بَيْنَ الْأَرْضِ إِلَى السَّمَاءِ مَسِيرَةُ خَمْسِمِائَةِ سَنَةٍ، وَغِلَظُ السَّمَاءِ الدُّنْيَا مَسِيرَةُ خَمْسِمِائَةِ سَنَةٍ، وَمَا بَيْنَ كُلِّ سَمَاءٍ إِلَى السَّمَاءِ الَّتِي تَلِيهَا مَسِيرَةُ خَمْسِمِائَةِ سَنَةٍ، وَالْأَرَضِينَ مِثْلُ ذَلِكَ، وَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ إِلَى الْعَرْشِ مِثْلُ جَمِيعِ ذَلِكَ وَلَوْ حَفَرْتُمْ لِصَاحِبِكُمْ ثُمَّ دَلَّيْتُمُوهُ لَوَجَدْتُمُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ ثَمَّ» . تَابَعَهُ أَبُو حَمْزَةَ السُّكَّرِيُّ وَغَيْرُهُ عَنِ الْأَعْمَشِ فِي الْمِقْدَارِ الحديث: 850 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 289 851 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا هَارُونُ بْنُ سُلَيْمَانَ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: بَيْنَ السَّمَاءِ الدُّنْيَا وَالَّتِي تَلِيهَا خَمْسِمِائَةِ عَامٍ، وَبَيْنَ كُلِّ سَمَاءٍ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ، وَبَيْنَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ وَبَيْنَ الْكُرْسِيِّ خَمْسِمِائَةُ عَامٍ، وَبَيْنَ الْكُرْسِيِّ وَبَيْنَ الْمَاءِ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ، وَالْكُرْسِيُّ فَوْقَ الْمَاءِ، وَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَوْقَ الْكُرْسِيِّ، وَيَعْلَمُ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ ـ أَظُنُّهُ أَرَادَ ـ وَبَيْنَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ وَبَيْنَ الْمَاءِ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ الحديث: 851 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 290 852 - وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ عَاصِمِ ابْنِ بَهْدَلَةَ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: مَا بَيْنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ مَسِيرَةُ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ، ثُمَّ مَا بَيْنَ كُلِّ سَمَاءَيْنِ مَسِيرَةُ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ، وَغِلَظُ كُلِّ سَمَاءٍ مَسِيرَةُ خَمْسِمِائَةِ [ص: 292] عَامٍ، ثُمَّ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ وَبَيْنَ الْكُرْسِيِّ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ، وَمَا بَيْنَ الْكُرْسِيِّ وَبَيْنَ الْمَاءِ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ، وَالْكُرْسِيُّ فَوْقَ الْمَاءِ، وَاللَّهُ تَعَالَى فَوْقَ الْعَرْشِ، وَلَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْءٌ. أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، ثنا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَذَكَرَهُ الحديث: 852 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 291 853 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيُّ، أنا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، ثنا السَّائِبُ بْنُ عُمَرَ الْمَخْزُومِيُّ، أنا مُسْلِمُ بْنُ يَنَّاقٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَقُولُ ـ وَهُوَ يَنْظُرُ إِلَى السَّمَاءِ ـ فَقَالَ: تَبَارَكَ اللَّهُ مَا أَشَدَّ بَيَاضَهَا، وَالثَّانِيَةُ أَشَدُّ بَيَاضًا مِنْهَا، ثُمَّ كَذَلِكَ حَتَّى بَلَغَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ، ثُمَّ قَالَ: خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَخَلَقَ فَوْقَ السَّابِعَةِ الْمَاءَ، وَجَعَلَ فَوْقَ الْمَاءِ الْعَرْشَ، وَجَعَلَ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ وَالرُّجُومَ الحديث: 853 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 292 854 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، أنا مَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرِو بْنِ الْعَاصِ، وَعَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَا: قَالَ [ص: 293] رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «دُونَ اللَّهِ تَعَالَى سَبْعُونَ أَلْفَ حِجَابٍ مِنْ نُورٍ وَظُلْمَةٍ، مَا تَسْمَعُ نَفْسٌ حِسَّ شَيْءٍ مِنْ تِلْكَ الْحُجُبِ إِلَّا زَهَقَتْ نَفْسُهَا» . تَفَرَّدَ بِهِ مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ الرَّبَذِيُّ، وَهُوَ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ ضَعِيفٌ. وَالْحِجَابُ الْمَذْكُورُ فِي الْأَخْبَارِ يَرْجِعُ إِلَى الْخَلْقِ لَا إِلَى الْخَالِقِ الحديث: 854 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 292 855 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، أنا رَوْحٌ، ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، قَالَ: أُرَاهُ عَنْ مُجَاهِدٍ، {وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا} [مريم: 52] قَالَ: بَيْنَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ وَبَيْنَ الْعَرْشِ سَبْعُونَ أَلْفَ حِجَابٍ، حِجَابُ نُورٍ، وَحِجَابُ ظُلْمَةٍ، وَحِجَابُ نُورٍ، وَحِجَابُ ظُلْمَةٍ، فَمَا زَالَ يَقْرُبُ مُوسَى حَتَّى كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ حِجَابٌ وَاحِدٌ، فَلَمَّا رَأَى مَكَانَهُ وَسَمِعَ صَرِيرَ الْقَلَمِ قَالَ: رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ. يَعْنِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ: يُقَرِّبُهُ مِنَ الْعَرْشِ حَتَّى كَانَ بَيْنَ مُوسَى وَبَيْنَ الْعَرْشِ حِجَابٌ وَاحِدٌ " الحديث: 855 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 294 856 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ، ثنا مُحَمَّدٌ، أنا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: بَيْنَ الْمَلَائِكَةِ وَبَيْنَ الْعَرْشِ سَبْعُونَ حِجَابًا، حِجَابٌ مِنْ نُورٍ، وَحِجَابٌ مِنْ ظُلْمَةٍ، وَحِجَابٌ مِنْ نُورٍ، وَحِجَابٌ مِنْ ظُلْمَةٍ. قَالَ ابْنُ شَقِيقٍ: بَلَغَنِي فِي حَدِيثٍ أَنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَالَ: بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْعَرْشِ سَبْعُونَ حِجَابًا، لَوْ دَنَوْتُ إِلَى أَحَدِهِنَّ لَاحْتَرَقْتُ. [ص: 295] قُلْتُ: وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ شَقِيقٍ يُرْوَى عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْسَلًا، إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرِ الْعَرْشَ، وَفِي هَذَا الْأَثَرِ عَنْ مُجَاهِدِ بْنِ جَبْرٍ وَهُوَ أَحَدُ أَرْكَانِ أَهْلِ التَّفْسِيرِ، إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الْحِجَابَ الْمَذْكُورَ فِي الْأَخْبَارِ إِنَّمَا هُوَ بَيْنَ الْخَلْقِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَغَيْرِهِمْ وَبَيْنَ الْعَرْشِ، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ الحديث: 856 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 294 857 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ هُوَ الْأَصَمُّ، ثنا الصَّاغَانِيُّ، أنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، أنا إِسْرَائِيلُ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ، فِي قَوْلِهِ: {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} [البقرة: 255] قَالَ: إِنَّ الصَّخْرَةَ الَّتِي فِي الْأَرْضِ السَّابِعَةِ وَمُنْتَهَى الْخَلْقِ عَلَى أَرْجَائِهَا، عَلَيْهَا أَرْبَعَةٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَرْبَعَةُ وُجُوهٍ، وَجْهُ إِنْسَانٍ، وَوَجْهُ أَسَدٍ، وَوَجْهُ ثَوْرٍ، وَوَجْهُ نَسْرٍ، فَهُمْ قِيَامٌ عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطُوا بِالْأَرْضِينَ [ص: 296] وَالسَّمَاوَاتِ، وَرُؤُوسُهُمْ تَحْتَ الْكُرْسِيِّ، وَالْكُرْسِيُّ تَحْتَ الْعَرْشِ، وَاللَّهُ تَعَالَى وَاضِعٌ كُرْسِيَّهُ عَلَى الْعَرْشِ. فِي هَذِهِ إِشَارَةٌ إِلَى كُرْسِيَّيْنِ، أَحَدُهُمَا: تَحْتَ الْعَرْشِ وَالْآخَرُ مَوْضُوعٌ عَلَى الْعَرْشِ الحديث: 857 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 295 وَقَدْ مَضَتْ رِوَايَةُ أَسْبَاطِ عَنِ السُّدِّيِّ عَنْ أَبِي مَالِكٍ، وَعَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، وَعَنِ َ مُرَّةَ الْهَمْدَانِيِّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَعَنْ نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِهِ: {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} [البقرة: 255] فَإِنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي جَوْفِ الْكُرْسِيِّ وَالْكُرْسِيُّ بَيْنَ يَدَيِ الْعَرْشِ 858 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أنا أَبُو أَحْمَدَ الصَّفَّارُ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نَصْرٍ، ثنا عَمْرُو بْنُ طَلْحَةَ، ثنا أَسْبَاطُ بْنُ نَصْرٍ، فَذَكَرَهُ الحديث: 858 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 296 859 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ هُوَ الْأَصَمُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، ثنا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي قَالَ: ثنا ابْنُ جُحَادَةَ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى، رَضِيَ اللَّهُ [ص: 297] عَنْهُ قَالَ: الْكُرْسِيُّ مَوْضِعُ الْقَدَمَيْنِ وَلَهُ أَطِيطٌ كَأَطِيطِ الرَّحْلِ. قَدْ رُوِّينَا فِي هَذَا أَيْضًا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، وَذَكَرَنَا أَنَّ مَعْنَاهُ فِيمَا نَرَى أَنَّهُ مَوْضُوعٌ مِنَ الْعَرْشِ مَوْضِعَ الْقَدَمَيْنِ مِنَ السَّرِيرِ، وَلَيْسَ فِيهِ إِثْبَاتُ الْمَكَانِ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ الحديث: 859 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 296 860 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ بِبَغْدَادَ، أنا أَبُو عَمْرٍو عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ [ص: 298] بْنِ السَّمَّاكِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي سَعْدٍ، ثنا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ أَبِي الْأَسْوَدِ، ثنا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ جَعْفَرٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنَ الْحَبَشَةِ، قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا أَعْجَبُ شَيْءٍ رَأَيْتَهُ ثَمَّ؟» قَالَ: رَأَيْتُ امْرَأَةً عَلَى رَأْسِهَا مِكْتَلٌ مِنْ طَعَامٍ، فَمَرَّ فَارِسٌ فَأَذْرَاهُ فَقَعَدَتْ تَجْمَعُ [ص: 299] طَعَامَهَا، ثُمَّ الْتَفَتَتْ إِلَيْهِ فَقَالَتْ لَهُ: وَيْلٌ لَكَ يَوْمَ يَضَعُ الْمَلِكُ كُرْسِيَّهُ فَيَأْخُذُ لِلْمَظْلُومِ مِنَ الظَّالِمِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَصْدِيقًا لِقَوْلِهَا: «لَا قُدِّسَتْ أُمَّةٌ ـ أَوْ كَيْفَ تُقَدَّسُ أُمَّةٌ ـ لَا يَأْخُذُ ضَعِيفُهَا حَقَّهُ مِنْ شَدِيدِهَا وَهُوَ غَيْرُ مُتَعْتَعٍ» الحديث: 860 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 297 861 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أنا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ الْفَضْلِ السَّامِرِيُّ بِبَغْدَادَ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ الْعَبْدِيُّ، ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ السَّعْدِيُّ الْبَصْرِيُّ، ثنا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ اللَّيْثِيِّ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ. قَالَ فِيهِ: قُلْتُ: فَأَيُّ آيَةٍ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ أَعْظَمُ؟ قَالَ: «آيَةُ الْكُرْسِيِّ» ثُمَّ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ «يَا أَبَا ذَرٍّ، مَا السَّمَاوَاتُ [ص: 300] السَّبْعُ فِي الْكُرْسِيِّ إِلَّا كَحَلْقَةٍ مُلْقَاةٍ فِي أَرْضِ فَلَاةٍ، وَفَضَلُ الْعَرْشِ عَلَى الْكُرْسِيِّ كَفَضْلِ الْفَلَاةِ عَلَى تِلْكَ الْحَلْقَةِ» . تَفَرَّدَ بِهِ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ السَّعْدِيُّ وَلَهُ شَاهِدٌ بِإِسْنَادٍ أَصَحَّ الحديث: 861 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 299 862 - أَنْبَأَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، إِجَازَةً، أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ، أنا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ بْنِ عَامِرٍ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ هِشَامِ بْنِ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى الْغَسَّانِيُّ، ثنا أَبِي، عَنْ جَدِّي، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّمَا أُنْزِلَ عَلَيْكَ أَعْظَمُ؟ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «آيَةُ الْكُرْسِيِّ» ، ثُمَّ قَالَ: «يَا أَبَا ذَرٍّ، مَا السَّمَاوَاتُ [ص: 301] السَّبْعُ مَعَ الْكُرْسِيِّ إِلَّا كَحَلْقَةٍ مُلْقَاةٍ بِأَرْضِ فَلَاةٍ، وَفَضَلُ الْعَرْشِ عَلَى الْكُرْسِيِّ كَفَضْلِ الْفَلَاةِ عَلَى الْحَلْقَةِ» الحديث: 862 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 300 863 - أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ، أنا أَبُو مَنْصُورٍ النَّضْرَوِيُّ، أنا أَحْمَدُ بْنُ نَجْدَةَ، ثنا [ص: 302] سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: مَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ فِي الْكُرْسِيِّ إِلَّا بِمَنْزِلَةِ حَلْقَةٍ مُلْقَاةٍ فِي الْأَرْضِ الْفَلَاةِ الحديث: 863 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 301 بَابُ مَا جَاءَ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5] مَا جَاءَ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5] ، وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الأعراف: 54] ، وَقَالَ تَعَالَى: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الأعراف: 54] ، وَقَالَ جَلَّ وَعَلَا: {اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الرعد: 2] . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 303 864 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الرُّوذْبَارِيُّ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْهَرَوِيُّ، بِالرَّمْلَةِ، ثنا ابْنُ أَبِي إِيَاسَ، ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ وَكِيعِ بْنِ حُدُسٍ، عَنْ أَبِي رَزِينٍ الْعُقَيْلِيِّ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيْنَ كَانَ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ؟ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَانَ فِي عَمَاءٍ مَا فَوْقَهُ هَوَاءٌ وَمَا تَحْتَهُ هَوَاءٌ، ثُمَّ خَلَقَ الْعَرْشَ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَيْهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى» . قَدْ مَضَى الْكَلَامُ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ دُونَ الِاسْتِوَاءِ، فَأَمَّا الِاسْتِوَاءُ [ص: 304] فَالْمُتَقَدِّمُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ كَانُوا لَا يُفَسِّرُونَهُ وَلَا يَتَكَلَّمُونَ فِيهِ كَنَحْوِ مَذْهَبِهِمْ فِي أَمْثَالِ ذَلِكَ الحديث: 864 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 303 865 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَوْهَرِيُّ بِبَغْدَادَ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْهَيْثَمِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الْمِصِّيصِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ الْأَوْزَاعِيَّ، يَقُولُ: كُنَّا وَالتَّابِعُونَ مُتَوَافِرُونَ نَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ فَوْقَ عَرْشِهِ، وَنُؤْمِنُ بِمَا وَرَدَتِ السُّنَّةُ بِهِ مِنْ صِفَاتِهِ جَلَّ وَعَلَا الحديث: 865 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 304 866 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مِهْرَانَ، ثنا أَبِي، حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ ابْنُ أَخِي رِشْدِينِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ وَهْبٍ، يَقُولُ: كُنَّا عِنْدَ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ فَدَخَلَ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدَ اللَّهِ، {الرَّحْمَنُ عَلَى [ص: 305] الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5] كَيْفَ اسْتِوَاؤُهُ؟ قَالَ: فَأَطْرَقَ مَالِكٌ وَأَخَذَتْهُ الرُّحَضَاءُ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5] كَمَا وَصَفَ نَفْسَهُ، وَلَا يُقَالُ: كَيْفَ، وَكَيْفٌ عَنْهُ مَرْفُوعٌ، وَأَنْتَ رَجُلُ سُوءٍ صَاحِبُ بِدْعَةٍ، أَخْرِجُوهُ. قَالَ: فَأُخْرِجَ الرَّجُلُ الحديث: 866 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 304 867 - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَارِثِ الْفَقِيهُ الْأَصْفَهَانِيُّ، أنا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ حَيَّانَ الْمَعْرُوفُ بِأَبِي الشَّيْخِ، ثنا أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ زَيْرَكَ الْيَزْدِيُّ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ النَّضْرِ النَّيْسَابُورِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ يَحْيَى، يَقُولُ: كُنَّا عِنْدَ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ فَجَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5] فَكَيْفَ اسْتَوَى؟ قَالَ: فَأَطْرَقَ مَالِكٌ بِرَأْسِهِ حَتَّى عَلَاهُ [ص: 306] الرُّحَضَاءُ ثُمَّ قَالَ: الِاسْتِوَاءُ غَيْرُ مَجْهُولٍ، وَالْكَيْفُ غَيْرُ مَعْقُولٍ، وَالْإِيمَانُ بِهِ وَاجِبٌ، وَالسُّؤَالُ عَنْهُ بِدْعَةٌ، وَمَا أَرَاكَ إِلَّا مُبْتَدِعًا. فَأَمَرَ بِهِ أَنْ يُخْرَجَ الحديث: 867 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 305 وَرُوِيَ فِي ذَلِكَ أَيْضًا عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَسْتَاذِ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا، 868 - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَارِثِ، أنا أَبُو الشَّيْخِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مَعْدَانَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مَهْدِيٍّ، ثنا مُوسَى بْنُ خَاقَانَ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحِ بْنِ مُسْلِمٍ، قَالَ: سُئِلَ رَبِيعَةُ الرَّأْيَ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5] كَيْفَ اسْتَوَى؟ قَالَ: الْكَيْفُ مَجْهُولٌ، وَالِاسْتِوَاءُ غَيْرُ مَعْقُولٍ، وَيَجِبُ عَلِيَّ وَعَلَيْكُمُ الْإِيمَانُ بِذَلِكَ كُلِّهُ الحديث: 868 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 306 869 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ، سَمِعْتُ أَبَا يَحْيَى الْبَزَّازُ، يَقُولُ: سَمِعْتُ الْعَبَّاسَ بْنَ حَمْزَةَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ أَبِي الْحَوَارِيِّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ، يَقُولُ: كُلُّ مَا وَصَفَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ نَفْسِهِ فِي كِتَابِهِ فَتَفْسِيرُهُ تِلَاوَتُهُ، وَالسُّكُوتُ عَلَيْهِ. [ص: 308] 870 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، قَالَ: هَذِهِ نُسْخَةُ الْكِتَابِ الَّذِي أَمْلَاهُ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ أَيُّوبَ فِي مَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ فِيمَا جَرَى بَيْنَ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ وَبَيْنَ أَصْحَابِهِ، فَذَكَرَهَا وَذَكَرَ فِيهَا: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5] بِلَا كَيْفٍ، وَالْآثَارُ عَنِ السَّلَفِ فِي مِثْلِ هَذَا كَثِيرَةٌ" وَعَلَى هَذِهِ الطَّرِيقِ يَدُلُّ مُذْهِبُ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَإِلَيْهَا ذَهَبَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَالْحُسَيْنُ بْنُ الْفَضْلِ الْبَجَلِيُّ. وَمِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ. وَذَهَبَ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْأَشْعَرِيُّ إِلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَلَّ ثَنَاؤُهُ فَعَلَ فِي الْعَرْشِ فِعْلًا سَمَّاهُ اسْتِوَاءً، كَمَا فَعَلَ فِي غَيْرِهِ فِعْلًا سَمَّاهُ رِزْقًا أَوْ نِعْمَةً أَوْ غَيْرَهُمَا مِنْ أَفْعَالِهِ. ثُمَّ لَمْ يُكَيِّفِ الِاسْتِوَاءَ إِلَّا أَنَّهُ جَعَلَهُ مِنْ صِفَاتِ الْفِعْلِ لِقَوْلِهِ: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5] وَثُمَّ لِلتَّرَاخِي، وَالتَّرَاخِي إِنَّمَا يَكُونُ فِي الْأَفْعَالِ، وَأَفْعَالُ اللَّهِ تَعَالَى تُوجَدُ بِلَا مُبَاشَرَةٍ مِنْهُ إِيَّاهَا وَلَا حَرَكَةٍ. وَذَهَبَ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَهْدِيٍّ الطَّبَرِيُّ فِي آخَرِينَ مِنْ أَهْلِ النَّظَرِ إِلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى فِي السَّمَاءِ فَوْقَ كُلِّ شَيْءٍ مُسْتَوٍ عَلَى عَرْشِهِ بِمَعْنَى أَنَّهُ عَالٍ عَلَيْهِ، وَمَعْنَى الِاسْتِوَاءِ: الِاعْتِلَاءُ، كَمَا يَقُولُ: اسْتَوَيْتُ عَلَى ظَهْرِ الدَّابَّةِ، وَاسْتَوَيْتُ عَلَى السَّطْحِ. بِمَعْنَى عَلَوْتُهُ، وَاسْتَوَتِ الشَّمْسُ عَلَى رَأْسِي، وَاسْتَوَى الطَّيْرُ عَلَى قِمَّةِ رَأْسِي، بِمَعْنَى عَلَا فِي الْجَوِّ، فَوُجِدَ فَوْقَ رَأَسِي. وَالْقَدِيمُ سُبْحَانَهُ عَالٍ عَلَى عَرْشِهِ لَا قَاعِدٌ وَلَا قَائِمٌ وَلَا مُمَاسٌّ وَلَا مُبَايَنٌ عَنِ الْعَرْشِ، يُرِيدُ بِهِ: مُبَايَنَةَ الذَّاتِ الَّتِي هِيَ بِمَعْنَى الِاعْتِزَالِ أَوِ التَّبَاعُدِ، لِأَنَّ الْمُمَاسَّةَ وَالْمُبَايَنَةَ الَّتِي هِيَ ضِدُّهَا، وَالْقِيَامُ وَالْقُعُودُ مِنْ أَوْصَافِ الْأَجْسَامِ، وَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَحَدٌ صَمَدٌ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ [ص: 309] يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ، فَلَا يَجُوزُ عَلَيْهِ مَا يَجُوزُ عَلَى الْأَجْسَامِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى. وَحَكَى الْأُسْتَاذُ أَبُو بَكْرِ بْنُ فُورَكٍ هَذِهِ الطَّرِيقَةَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ قَالَ: اسْتَوَى بِمَعْنَى: عَلَا، ثُمَّ قَالَ: وَلَا يُرِيدُ بِذَلِكَ عُلُوًّا بِالْمَسَافَةِ وَالتَّحَيُّزِ وَالْكَوْنِ فِي مَكَانٍ مُتَمَكِّنًا فِيهِ، وَلَكِنْ يُرِيدُ مَعْنَى قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} [الملك: 16] أَيْ: مَنْ فَوْقَهَا عَلَى مَعْنَى نَفْيِ الْحَدِّ عَنْهُ، وَأَنَّهُ لَيْسَ مِمَّا يَحْوِيهِ طَبَقٌ أَوْ يُحِيطُ بِهِ قُطْرٌ، وَوُصِفَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِذَلِكَ بِطَرِيقَةِ الْخَبَرِ، فَلَا نَتَعَدَّى مَا وَرَدَ بِهِ الْخَبَرُ. قُلْتُ: وَهُوَ عَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ مِنْ صِفَاتِ الذَّاتِ، وَكَلِمَةُ ثُمَّ تَعَلَّقَتْ بِالْمُسْتَوى عَلَيْهِ، لَا بِالِاسْتِوَاءِ، وَهُوَ كَقَوْلِهِ: {ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ} [يونس: 46] يَعْنِي: ثُمَّ يَكُونُ عَمَلُهُمْ فَيَشْهَدُهُ، وَقَدْ أَشَارَ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ إِسْمَاعِيلَ إِلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ حِكَايَةً، فَقَالَ: وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: إِنَّهُ صِفَةُ ذَاتٍ، وَلَا يُقَالُ: لَمْ يَزَلْ مُسْتَوِيًا عَلَى عَرْشِهِ، كَمَا أَنَّ الْعِلْمَ بِأَنَّ الْأَشْيَاءَ قَدْ حَدَثَتْ مِنْ صِفَاتِ الذَّاتِ، وَلَا يُقَالُ: لَمْ يَزَلْ عَالِمًا بِأَنْ قَدْ حَدَثَتْ، وَلَمَّا حَدَثَتْ بَعْدُ، قَالَ: وَجَوَابِي هُوَ الْأَوَّلُ وَهُوَ أَنَّ اللَّهَ مُسْتَوٍ عَلَى عَرْشِهِ وَأَنَّهُ فَوْقَ الْأَشْيَاءَ بَائِنٌ مِنْهَا، بِمَعْنَى أَنَّهَا لَا تَحُلُّهُ وَلَا يَحُلُّهَا، وَلَا يَمَسُّهَا وَلَا يُشْبِهُهَا، وَلَيْسَتِ الْبَيْنُونَةُ بِالْعُزْلَةِ تَعَالَى اللَّهُ رَبُّنَا عَنِ الْحُلُولِ وَالْمُمَاسَّةِ عُلُوًّا كَبِيرًا. قَالَ: وَقَدْ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: إِنَّ الِاسْتِوَاءَ صِفَةُ اللَّهِ تَعَالَى تَنْفِي الِاعْوِجَاجَ عَنْهُ، وَفِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورِ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ أَنَّ كَثِيرًا مِنْ مُتَأَخِّرِي أَصْحَابِنَا ذَهَبُوا إِلَى أَنَّ الِاسْتِوَاءَ هُوَ الْقَهْرُ وَالْغَلَبَةُ، وَمَعْنَاهُ أَنَّ الرَّحْمَنَ غَلَبَ الْعَرْشَ وَقَهَرَهُ، وَفَائِدَتُهُ الْإِخْبَارُ عَنْ قَهْرِهِ مَمْلُوكَاتِهِ، وَأَنَّهَا لَمْ تَقْهَرْهُ، وَإِنَّمَا خَصَّ الْعَرْشَ بِالذِّكْرِ لِأَنَّهُ أَعْظَمُ الْمَمْلُوكَاتِ، فَنَبَّهَ بِالْأَعْلَى عَلَى الْأَدْنَى، قَالَ: وَالِاسْتِوَاءُ بِمَعْنَى الْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ شَائِعٌ فِي اللُّغَةِ، كَمَا يُقَالُ: اسْتَوَى فُلَانٌ عَلَى النَّاحِيَةِ إِذَا غَلَبَ أَهْلَهَا، وَقَالَ الشَّاعِرُ فِي بِشْرِ بْنِ مَرْوَانَ: [البحر الرجز] قَدِ اسْتَوَى بِشْرٌ عَلَى الْعِرَاقِ ... مِنْ غَيْرِ سَيْفٍ وَدَمٍ مُهْرَاقِ [ص: 310] يُرِيدُ: أَنَّهُ غَلَبَ أَهْلَهُ مِنْ غَيْرِ مُحَارَبَةٍ. قَالَ: وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي الْآيَةِ بِمَعْنَى الِاسْتِيلَاءِ، لِأَنَّ الِاسْتِيلَاءَ غَلَبَةٌ مَعَ تَوَقُّعِ ضَعْفٍ، قَالَ: وَمِمَّا يُؤَيِّدُ مَا قُلْنَاهُ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ} [فصلت: 11] وَالِاسْتِوَاءُ إِلَى السَّمَاءِ هُوَ الْقَصْدُ إِلَى خَلْقِ السَّمَاءِ، فَلَمَّا جَازَ أَنْ يَكُونَ الْقَصْدُ إِلَى السَّمَاءِ اسْتِوَاءً جَازَ أَنْ تَكُونَ الْقُدْرَةُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتِوَاءً. 871 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى، قَالَا: ثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْجَهْمِ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ} [البقرة: 29] قَالَ: الِاسْتِوَاءُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ عَلَى جِهَتَيْنِ: إِحْدَاهُمَا: أَنْ يَسْتَوِيَ الرَّجُلُ وَيَنْتَهِي شَبَابُهُ وَقُوَّتُهُ، أَوْ يَسْتَوِي مِنِ اعْوِجَاجٍ، فَهَذَانِ وَجْهَانِ؛ وَوَجْهٌ ثَالِثٌ أَنْ تَقُولَ: كَانَ مُقْبِلًا عَلَى فُلَانٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَيَّ يُشَاتِمُنِي وَإِلَيَّ سَوَاءٌ، عَلَى مَعْنَى أَقْبَلَ إِلَيَّ وَعَلَيَّ، فَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ: اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. قَالَ: وَقَدْ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: «ثُمَّ اسْتَوَى صَعَدَ» وَهَذَا كَقَوْلِكَ لِلرَّجُلِ: كَانَ قَاعِدًا فَاسْتَوَى قَائِمًا، أَوْ كَانَ قَائِمًا فَاسْتَوَى قَاعِدًا، وَكُلٌّ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ جَائِزٌ. قُلْتُ: قَوْلُهُ: اسْتَوَى بِمَعْنَى أَقْبَلَ صَحِيحٌ، لِأَنَّ الْإِقْبَالَ هُوَ الْقَصْدُ إِلَى خَلْقِ السَّمَاءِ، وَالْقَصْدُ هُوَ الْإِرَادَةُ وَذَلِكَ هُوَ الْجَائِزُ فِي صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى. وَلَفْظُ ثُمَّ تَعَلَّقَ بِالْخَلْقِ لَا بِالْإِرَادَةِ. وَأَمَّا مَا حُكِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَإِنَّمَا أَخَذَهُ عَنْ تَفْسِيرِهِ الْكَلْبِيُّ، وَالْكَلْبِيُّ ضَعِيفٌ، وَالرِّوَايَةُ عَنْهُ عِنْدَنَا فِي أَحَدِ الْمَوْضِعَيْنِ كَمَا ذَكَرَهُ الْفَرَّاءُ الحديث: 869 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 307 872 - وَفِي مَوْضِعٍ أَخَرَ كَمَا أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَحْبُورٍ، أنا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ هَارُونَ، أنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نَصْرٍ، ثنا يُوسُفُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ، عَنِ الْكَلْبِيِّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي قَوْلِهِ: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ} [البقرة: 29] يَعْنِي: صَعِدَ أَمْرُهُ إِلَى السَّمَاءِ {فَسَوَّاهُنَّ} [البقرة: 29] يَعْنِي: خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ. قَالَ: أَجْرَى النَّارَ عَلَى الْمَاءِ يَعْنِي فَبَخُرَ الْبَحْرُ فَصَعَدَ فِي الْهَوَاءِ فَجَعَلَ السَّمَاوَاتِ مِنْهُ. وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّهُ قَالَ: " اسْتَوَى يَعْنِي: ارْتَفَعَ ". وَمُرَادُهُ بِذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ: ارْتِفَاعُ أَمْرِهِ، وَهُوَ بُخَارُ الْمَاءِ الَّذِي مِنْهُ وَقَعَ خَلْقُ السَّمَاءِ الحديث: 872 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 311 873 - فَأَمَّا مَا أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَحْبُورٍ الدَّهَّانُ، أنا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ هَارُونَ، أنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ نَصْرِ اللَّبَّادُ، ثنا يُوسُفُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ عَنِ الْكَلْبِيِّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي قَوْلِهِ: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الأعراف: 54] يَقُولُ: اسْتَقَرَّ عَلَى الْعَرْشِ، وَيُقَالُ امْتَلَأَ بِهِ، وَيُقَالُ: قَائِمٌ عَلَى الْعَرْشِ، وَهُوَ السَّرِيرُ " الحديث: 873 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 311 وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي قَوْلِهِ {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الأعراف: 54] يَقُولُ: اسْتَوَى عِنْدَهُ الْخَلَائِقُ، الْقَرِيبُ وَالْبَعِيدُ، وَصَارُوا عِنْدَهُ سَوَاءً " وَيُقَالُ: اسْتَوَى اسْتَقَرَّ عَلَى السَّرِيرِ. وَيُقَالُ: امْتَلَأَ بِهِ. فَهَذِهِ الرِّوَايَةُ مُنْكَرَةٌ، وَإِنَّمَا أَضَافَ فِي الْمَوْضِعِ الثَّانِي الْقَوْلَ الْأَوَّلَ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا دُونَ مَا بَعْدَهُ، وَفِيهِ أَيْضًا رَكَاكَةٌ، وَمِثْلُهُ لَا [ص: 312] يَلِيقُ بِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، إِذَا كَانَ الِاسْتِوَاءُ بِمَعْنَى اسْتِوَاءِ الْخَلَائِقِ عِنْدَهُ، فَإيْشِ الْمَعْنَى فِي قَوْلِهِ: {عَلَى الْعَرْشِ} [الأعراف: 54] ؟ وَكَأَنَّهُ مَعَ سَائِرِ الْأَقَاوِيلِ فِيهَا مِنْ جِهَةِ مَنْ دُونَهُ، وَقَدْ قَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَقُولُ: اسْتَقَرَّ أَمْرُهُ عَلَى السَّرِيرِ، وَرَدَّ الِاسْتِقْرَارَ إِلَى الْأَمْرِ، وَأَبُو صَالِحٍ هَذَا وَالْكَلْبِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ كُلُّهُمْ مَتْرُوكٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ، لَا يَحْتَجُّونَ بِشَيْءٍ مِنْ رِوَايَاتِهِمْ لِكَثْرَةِ الْمَنَاكِيرِ فِيهَا، وَظُهُورِ الْكَذِبِ مِنْهُمْ فِي رِوَايَاتِهِمْ. 874 - أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدِ أَحْمَدَ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَالِينِيُّ، أَنَا أَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَدِيٍّ الْحَافِظُ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ عَاصِمٍ الْبُخَارِيُّ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، قَالَ: كُنَّا نُسَمِّيهِ دروغ زن، يَعْنِي أَبَا صَالِحٍ مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ. 875 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَنَا أَبُو بَكْرٍ الْحَفِيدُ، ثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ، ثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، يُحَدِّثُ عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: قَالَ الْكَلْبِيُّ: قَالَ لِي أَبُو صَالِحٍ: كُلُّ مَا حَدَّثْتُكَ كَذِبٌ [ص: 313] 876 - أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ الْمَالِينِيُّ، ثَنَا أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيٍّ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَفْصٍ، ثَنَا أَبُو حَفْصٍ الْفَلَّاسُ، ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الْكَلْبِيِّ، قَالَ: قَالَ لِي أَبُو صَالِحٍ: «انْظُرْ كُلَّ شَيْءٍ رَوَيْتَ عَنِّي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فَلَا تَرَوِهِ» . قَالَ: وَأَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَانَ يَقُولُ: سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ الْحَرِيشِ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاوِيَةَ يَقُولُ: قُلْنَا لِلْكَلْبِيِّ: «بَيِّنْ لَنَا مَا سَمِعَتَ مِنَ أَبِي صَالِحٍ وَمَا هُوَ قَوْلُكَ، فَإِذَا الْأَمْرُ عِنْدَهُ قَلِيلٌ» . قَالَ: وَأَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ، ثَنَا الْجُنَيْدِيُّ، ثَنَا الْبُخَارِيُّ قَالَ: مُحَمَّدُ بْنُ السَّائِبِ أَبُو النَّضْرِ الْكَلْبِيُّ الْكُوفِيُّ تَرَكَهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ 877 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ يَقُولُ: سَمِعْتُ الْعَبَّاسَ بْنَ مُحَمَّدٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ، يَقُولُ: الْكَلْبِيُّ لَيْسَ بِشَيْءٍ 878 - أَخْبَرَنَا أَبُو سَهْلٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مِهْرَانَ الْمُزَكِّي، ثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَامِدٍ الْعَطَّارُ، أَخْبَرَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الرَّاوَسَانِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيَّ، يَقُولُ: مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ الْكُوفِيُّ صَاحِبُ الْكَلْبِيِّ سَكَتُوا عَنْهُ، لَا يُكْتَبُ حَدِيثُهُ الْبَتَّةَ قُلْتُ: وَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِثْلُ هَذِهِ الْأَقَاوِيلِ صَحِيحَةً عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، ثُمَّ لَا يَرْوِيهَا وَلَا يَعْرِفُهَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ الثِّقَاتِ الْأَثْبَاتِ، مَعَ شِدَّةِ الْحَاجَةِ إِلَى مَعْرِفَتِهَا، وَمَا تَفَرَّدَ بِهِ الْكَلْبِيُّ وَأَمْثَالُهُ يُوجِبُ الْحَدَّ، وَالْحَدُّ يُوجِبُ الْحَدَثَ لِحَاجَةِ الْحَدِّ إِلَى حَادٍّ خَصَّهُ بِهِ، وَالْبَارِي قَدِيمٌ لَمْ يَزَلْ. [ص: 314] 879 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا نَصْرٍ أَحْمَدُ بْنُ سَهْلٍ الْفَقِيهُ وَأَبَا صَالِحٍ خَلَفُ بْنُ مُحَمَّدٍ يَقُولَانِ: سَمِعْنَا صَالِحَ بْنَ مُحَمَّدٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدَ بْنَ زِيَادٍ الْأَعْرَابِيَّ صَاحِبَ النَّحْوِ يَقُولُ: قَالَ " لِي أَحْمَدُ بْنُ أَبِي دُؤَادَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، يَصِحُّ هَذَا فِي اللُّغَةِ، وَمَخْرَجُ الْكَلَامِ الرَّحْمَنُ عَلَا مِنَ الْعُلُوِّ، وَالْعَرْشُ اسْتَوَى؟ قَالَ: قُلْتُ: يَجُوزُ عَلَى مَعْنًى، وَلَا يَجُوزُ عَلَى مَعْنًى، إِذَا قُلْتَ: الرَّحْمَنُ عَلَا مِنَ الْعُلُوِّ، فَقَدْ تَمَّ الْكَلَامُ، ثُمَّ قُلْتَ: الْعَرْشُ اسْتَوَى. يَجُوزُ إِنْ رَفَعْتَ الْعَرْشَ، لِأَنَّهُ فَاعِلٌ، وَلَكِنْ إِذَا قُلْتَ: لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ، فَهُوَ الْعَرْشُ. وَهَذَا كُفْرٌ " وَفِيمَا رَوَى أَبُو الْحَسَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ الطَّبَرِيُّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ نَفْطَوَيْهِ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو سُلَيْمَانَ يَعْنِي دَاوُدَ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، مَا مَعْنَى قَوْلِهِ: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5] فَقَالَ: إِنَّهُ مُسْتَوٍ عَلَى عَرْشِهِ كَمَا أَخْبَرَ. فَقَالَ الرَّجُلُ: إِنَّمَا مَعْنَى قَوْلِهِ: {اسْتَوَى} [الأعراف: 54] أَيِ: اسْتَوْلَى. فَقَالَ لَهُ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: مَا يُدْرِيكَ؟ الْعَرَبُ لَا تَقُولُ اسْتَوْلَى عَلَى الْعَرْشِ فُلَانٌ، حَتَّى يَكُونَ لَهُ فِيهِ مُضَادُّ، فَأَيُّهُمَا غَلَبَ قِيلَ: قَدِ اسْتَوْلَى عَلَيْهِ، وَاللَّهُ تَعَالَى لَا مُضَادَّ لَهُ فَهُوَ عَلَى عَرْشِهِ كَمَا أَخْبَرَ الحديث: 874 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 311 بَابُ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ} [الأنعام: 18] قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ} [الأنعام: 18] وَقَوْلُهُ: {يَخَافُونَ رَبَّهَمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [النحل: 50] . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 315 880 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، ثنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْمُزَكِّي، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعِيدٍ الْعَبْدِيُّ، ثنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ، ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: جَاءَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ يَشْكُو زَيْنَبَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «اتَّقِ اللَّهَ وَأَمْسِكْ [ص: 316] عَلَيْكَ زَوْجَكَ» . قَالَ أَنَسٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ: فَلَوْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَاتِمًا لِشَيْءٍ لَكَتَمَ هَذِهِ؛ فَلَقَدْ كَانَتْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا تَفْخَرُ عَلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَقُولُ: زَوَّجَكُنَّ أَهَالِيكُنَّ، وَزَوَّجَنِي اللَّهُ تَعَالَى فَوْقَ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَحْمَدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الحديث: 880 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 315 881 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ السُّوسِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي قَالُوا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ خُلِّيِّ، ثنا بِشْرُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَمَّا قَضَى اللَّهُ تَعَالَى الْخَلْقَ كَتَبَ فِي كِتَابٍ فَهُوَ عِنْدَهُ فَوْقَ الْعَرْشِ: إِنَّ رَحْمَتِي غَلَبَتْ غَضَبِي ". رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي الْيَمَانِ عَنْ شُعَيْبٍ الحديث: 881 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 316 882 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ دَاوُدَ الْعَلَوِيُّ، أنا أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ بِلَالٍ الْبَزَّارُ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ حَفْصِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَيْرَةَ، عَنِ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: مَرَّتْ سَحَابَةٌ عَلَى رَسُولِ [ص: 317] اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «هَلْ تَدْرُونَ مَا هَذَا؟» فَقُلْنَا: السَّحَابُ. فَقَالَ: «أَوِ الْمُزْنُ؟» قُلْنَا: أَوِ الْمُزْنُ. قَالَ: «أَوِ الْعَنَانُ؟» قُلْنَا: أَوِ الْعَنَانُ. فَقَالَ: «هَلْ تَدْرُونَ بُعْدَ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ؟» قُلْنَا: لَا. قَالَ: «إِحْدَى وَسَبْعِينَ أَوِ اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ أَوْ ثَلَاثًا وَسَبْعِينَ» . قَالَ: «وَإِلَى فَوْقِهَا مِثْلُ ذَلِكَ» . حَتَّى عَدَّهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ عَلَى نَحْوِ ذَلِكَ. قَالَ: «ثُمَّ فَوْقَ السَّابِعَةِ الْبَحْرُ، أَسْفَلُهُ مِنْ أَعْلَاهُ مِثْلُ مَا بَيْنَ سَمَاءٍ إِلَى سَمَاءٍ، ثُمَّ فَوْقَهُ ثَمَانِيَةُ أَوْعَالٍ مَا بَيْنَ أَظْلَافِهِنَّ وَرُكَبِهِنَّ مِثْلُ مَا بَيْنَ سَمَاءٍ وَسَمَاءٍ، ثُمَّ الْعَرْشُ فَوْقَ ذَلِكَ بَيْنَ أَسْفَلِهِ وَأَعْلَاهُ مِثْلُ مَا بَيْنَ سَمَاءٍ إِلَى سَمَاءٍ، ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فَوْقَ ذَلِكَ» . أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي السُّنَنِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَفْصٍ الحديث: 882 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 316 883 - أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَحْمَشٍ الْفَقِيهُ، أنا أَبُو حَامِدِ بْنُ بِلَالٍ الْبَزَّار، ثنا أَبُو الْأَزْهَرِ، ثنا وَهْبُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْحَاقَ، يُحَدِّثُ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ نُهِكَتِ الْأَنْفُسُ وَجَاعَ الْعِيَالُ وَهَلَكَتِ الْأَمْوَالُ، اسْتَسْقِ لَنَا رَبَّكَ، فَإِنَّا نَسْتَشْفِعُ بِاللَّهِ عَلَيْكَ وَبِكَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سُبْحَانَ اللَّهِ، سُبْحَانَ [ص: 318] اللَّهِ» . فَمَا زَالَ يُسَبِّحُ حَتَّى عُرِفَ ذَلِكَ فِي وَجُوهِ أَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، فَقَالَ: «وَيْحَكَ، أَتَدْرِي مَا اللَّهُ؟ إِنَّ شَأْنَهُ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ، إِنَّهُ لَا يُسْتَشْفَعُ بِهِ عَلَى أَحَدٍ، إِنَّهُ لَفَوْقَ سَمَاوَاتِهِ عَلَى عَرْشِهِ، وَإِنَّهُ عَلَيْهِ لَهَكَذَا ـ وَأَشَارَ وَهْبٌ بِيَدِهِ مِثْلَ الْقُبَّةِ، وَأَشَارَ أَبُو الْأَزْهَرِ بِيَدِهِ مِثْلَ الْقُبَّةِ ـ وَإِنَّهُ لَيَئِطُّ بِهِ أَطِيطَ الرَّحْلِ بِالرَّاكِبِ» . أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي كِتَابِ السُّنَنِ. [ص: 319] 884 - كَمَا أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ، وَمُحَمَّد بْنُ الْمُثَنَّى، وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الرِّبَاطِيُّ، قَالُوا: ثنا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ أَحْمَدُ: كَتَبْتُهُ مِنْ نُسْخَتِهِ، وَهَذَا لَفْظُهُ، فَذَكَرَ نَحْوَ إِسْنَادِ أَبِي الْأَزْهَرِ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: جَهِدَتِ الْأَنْفُسُ وَضَاعَتِ الْعِيَالُ وَنُهِكَتِ الْأَمْوَالُ وَهَلَكَتِ الْمَوَاشِي. وَقَالَ فِي الْجَوَّابِ: " إِنَّ عَرْشَهُ عَلَى سَمَاوَاتِهِ لَهَكَذَا، وَقَالَ بِأَصَابِعِهِ: مِثْلُ الْقُبَّةِ عَلَيْهِ، وَإِنَّهُ لَيَئِطُّ بِهِ أَطِيطَ الرَّحْلِ بِالرَّاكِبِ ". قَالَ: وَقَالَ ابْنُ بَشَّارٍ فِي حَدِيثِهِ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فَوْقَ عَرْشِهِ، وَعَرْشُهُ فَوْقَ سَمَاوَاتِهِ، وَسَاقَ الْحَدِيثَ. وَقَالَ عَبْدُ الْأَعْلَى وَابْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عُتْبَةَ وَجُبَيْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَالْحَدِيثُ بِإِسْنَادِ حَدِيثِ أَحْمَدَ بْنِ سَعِيدٍ هُوَ الصَّحِيحُ، وَافَقَهُ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ. قَالَ: وَرَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ كَمَا قَالَ أَحْمَدُ أَيْضًا، وَكَانَ سَمَاعُ عَبْدِ الْأَعْلَى وَابْنِ الْمُثَنَّى وَابْنِ بَشَّارٍ مِنْ نُسْخَةٍ وَاحِدَةٍ فِيمَا بَلَغَنِي. قُلْتُ: إِنْ كَانَ لَفْظُ الْحَدِيثِ عَلَى مَا رَوَاهُ أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الرِّبَاطِيُّ، وَتَابَعَهُ عَلَيْهِ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَجَمَاعَةٌ، فَالتَّشْبِيهُ بِالْقُبَّةِ إِنَّمَا وَقَعَ لِلْعَرْشِ، وَرِوَايَتُهُ فِي رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ: «أَتَدْرِي مَا اللَّهُ؟ إِنَّ عَرْشَهُ عَلَى سَمَاوَاتِهِ وَأَرَضِيهِ لَهَكَذَا ـ بِأَصَابِعِهِ مِثْلُ الْقُبَّةِ ـ عَلَيْهَا» . وَكَذَلِكَ رَوَاهُ يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ الْفَارِسِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ الْوَاسِطِيِّ عَنْ وَهْبِ بْنِ جَرِيرٍ. وَهَذَا حَدِيثٌ يَنْفَرِدُ بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عُتْبَةَ، وَصَاحِبَا الصَّحِيحِ لَمْ يَحْتَجَّا بِهِ، إِنَّمَا اسْتَشْهَدَ مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ بِمُحَمَّدِ بْنِ [ص: 320] إِسْحَاقَ فِي أَحَادِيثَ مَعْدُودَةٍ، أَظُنُّهُنَّ خَمْسَةً قَدْ رَوَاهُنَّ غَيْرُهُ، وَذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الشَّوَاهِدِ ذِكْرًا مِنْ غَيْرِ رِوَايَةٍ، وَكَانَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ لَا يَرْضَاهُ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ لَا يَرْوِي عَنْهُ، وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ يَقُولُ: لَيْسَ هُوَ بِحُجَّةٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يَقُولُ: يُكْتَبُ عَنْهُ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ ـ يَعْنِي الْمَغَازِي وَنَحْوَهَا ـ فَإِذَا جَاءَ الْحَلَالُ وَالْحَرَامُ أَرَدْنَا قَوْمًا هَكَذَا ـ يُرِيدُ أَقْوَى مِنْهُ ـ فَإِذَا كَانَ لَا يُحْتَجُّ بِهِ فِي الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ فَأَوْلَى أَنْ لَا يُحْتَجَّ بِهِ في صِفَاتِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَإِنَّمَا نَقَمُوا عَلَيْهِ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، ثُمَّ عَنْ ضُعَفَاءِ النَّاسِ وَتَدْلِيسِهِ أَسَامِيَهُمْ، فَإِذَا رَوَى عَنْ ثِقَةٍ وَبَيَّنَ سَمَاعَهُ مِنْهُمْ فَجَمَاعَةٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ لَمْ يَرَوْا به بَأْسًا، وَهُوَ إِنَّمَا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عُتْبَةَ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ عَنْهُ وَعَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَلَمْ يُبَيِّنْ سَمَاعَهُ مِنْهُمَا، وَاخْتُلِفَ عَلَيْهِ فِي لَفْظِهِ كَمَا تَرَى. وَقَدْ جَعَلَهُ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ ثَابِتًا، وَاشْتَغَلَ بِتَأْوِيلِهِ، فَقَالَ: " هَذَا الْكَلَامُ إِذَا أُجْرِيَ عَلَى ظَاهِرِهِ كَانَ فِيهِ نَوْعٌ مِنَ الْكَيْفِيَّةِ، وَالْكَيْفِيَّةُ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى وَعَنْ صِفَاتِهِ مَنْفِيَّةٌ، فَعُقِلَ أَنْ لَيْسَ الْمُرَادُ مِنْهُ تَحْقِيقُ هَذِهِ الصِّفَةِ، وَلَا تَحْدِيدُهُ عَلَى هَذِهِ الْهَيْئَةِ، وَإِنَّمَا هُوَ كَلَامُ تَقْرِيبٍ، أُرِيدَ بِهِ تَقْرِيرُ عَظَمَةِ اللَّهِ وَجَلَالِهِ جَلَّ جَلَالُهُ سُبْحَانَهُ، وَإِنَّمَا قُصِدَ بِهِ إِفْهَامُ السَّائِلِ مِنْ حَيْثُ يُدْرِكُهُ فَهْمُهُ، إِذَا كَانَ أَعْرَابِيًّا جِلْفًا، لَا عَلِمَ لَهُ لِمَعَانِي مَا دَقَّ مِنَ الْكَلَامِ، وَمَا لَطُفَ مِنْهُ مِنْ دَرَكِ الْأَفْهَامِ، وَفِي الْكَلَامِ حَذَفٌ وَإِضْمَارٌ، فَمَعْنَى قَوْلِهِ: «أَتَدْرِي مَا اللَّهُ؟» . فَمَعْنَاهُ: أَتَدْرِي مَا عَظَمَتُهُ وَجَلَالُهُ؟ وَقَوْلُهُ: «إِنَّهُ لَيَئِطُّ بِهِ» . مَعْنَاهُ: إِنَّهُ لَيَعْجَزُ عَنْ جَلَالِهِ وَعَظَمَتِهِ، حَتَّى يَئِطَّ بِهِ إِذْ كَانَ مَعْلُومًا أَنَّ أطيطَ الرَّحْلِ بِالرَّاكِبِ إِنَّمَا يَكُونُ لِقُوَّةِ مَا فَوْقَهُ، وَلِعَجْزِهِ عَنِ احْتِمَالِهِ، فَقَرَّرَ بِهَذَا النَّوْعِ مِنَ التَّمْثِيلِ عِنْدَهُ مَعْنَى عَظَمَةِ اللَّهِ وَجَلَالِهِ وَارْتِفَاعِ عَرْشِهِ، لِيُعْلَمَ أَنَّ الْمَوْصُوفَ بِعُلُوِّ الشَّأْنِ وَجَلَالَةِ الْقَدْرِ، وَفَخَامَةِ الذِّكْرِ، لَا يُجْعَلُ شَفِيعًا إِلَى مَنْ هُوَ دُونَهُ فِي الْقَدْرِ، وَأَسْفَلُ مِنْهُ فِي الدَّرَجَةِ، وَتَعَالَى اللَّهُ أَنْ يَكُونَ مُشَبَّهًا بِشَيْءٍ أَوْ مُكَيَّفًا بِصُورَةِ خَلْقٍ، أَوْ مُدْرَكًا بِحِسٍّ: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11] " الحديث: 883 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 317 885 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أنا أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الْاَسَدِيُّ الْحَافِظُ بِهَمَذَانَ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ دِيزِيلَ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَرْوِيُّ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، قَالَا: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ التَّمَّارُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: إِنَّ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَكَمَ عَلَى بَنِي قُرَيْظَةَ أَنْ يُقْتَلَ مِنْهُمْ كُلُّ مَنْ جَرَتْ عَلَيْهِ الْمُوسَى، وَأَنْ يُقَسَّمَ أَمْوَالُهُمْ وَذَرَارِيهِمْ. فَذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «لَقَدْ حَكَمَ الْيَوْمَ فِيهِمْ بِحُكْمِ اللَّهِ تَعَالَى الَّذِي حَكَمَ بِهِ مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ» الحديث: 885 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 321 886 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيُّ، ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أنا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ أَبِي يَزِيدَ الْمَدِينِيِّ، قَالَ: إِنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَرَّ فِي نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَلَقِيَتْهُ عَجُوزٌ فَاسْتَوْقَفَتْهُ، فَوَقَفَ عَلَيْهَا فَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى مَنْكِبَيْهَا، حَتَّى قَضَتْ حَاجَتَهَا، فَلَمَّا فَرَغَتْ قَالَ رَجُلٌ: حَبَسْتَ رِجَالَاتِ قُرَيْشٍ عَلَى هَذِهِ الْعَجُوزِ، قَالَ: وَيْحَكَ تَدْرِي مَنْ هَذِهِ؟ هَذِهِ عَجُوزٌ سَمِعَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ شَكْوَاهَا مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ، وَاللَّهِ لَوِ اسْتَوْقَفَتْنِي إِلَى اللَّيْلِ لَوَقَفْتُ عَلَيْهَا إِلَّا آتِي الصَّلَاةَ ثُمَّ أَعُودُ إِلَيْهَا حَتَّى تَقْضِيَ حَاجَتَهَا " الحديث: 886 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 322 887 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ هُوَ الْأَصَمُّ، ثنا الصَّاغَانِيُّ، أنا عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ، ثَنَا أَبِي، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ عَنْهُمَا، قَالَ: تَفَكَّرُوا فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَلَا تَفَكَّرُوا فِي ذَاتِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَإِنَّ بَيْنَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ إِلَى كُرْسِيِّهِ سَبْعَةُ آلَافِ نُورٍ، وَهُوَ فَوْقَ ذَلِكَ الحديث: 887 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 323 888 - أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْجَهْمِ، ثنا الْفَرَّاءُ، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ} [الأنعام: 18] قَالَ: كُلُّ شَيْءٍ قَهَرَ شَيْئًا فَهُوَ مَسْتَعْلٍ عَلَيْهِ الحديث: 888 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 323 بَابُ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} [الملك: 16] مَا جَاءَ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} [الملك: 16] . قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ: قَالَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ أَيُّوبَ الْفَقِيهُ: «قَدْ تَضَعُ الْعَرَبُ» فِي «بِمَوْضِعِ» عَلَى " قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ} [التوبة: 2] وَقَالَ: {لَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} [طه: 71] وَمَعْنَاهُ: عَلَى الْأَرْضِ وَعَلَى النَّخْلِ، فَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {فِي السَّمَاءِ} [البقرة: 144] أَيْ عَلَى الْعَرْشِ فَوْقَ السَّمَاءِ، كَمَا صَحَّتِ الْأَخْبَارُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قُلْتُ: يُرِيدُ مَا مَضَى مِنَ الرِّوَايَاتِ " الجزء: 2 ¦ الصفحة: 324 889 - وَهَكَذَا مَعْنَى مَا رُوِيَ فِيمَا، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنِي أَبِي وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّيْدَلَانِيُّ، وَأَبُو عَمْرٍو الْمُسْتَمْلِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ قَالُوا: ثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، ثنا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ [ص: 325] الْقَعْقَاعِ بْنِ شُبْرُمَةَ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي نُعْمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: بَعَثَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْيَمَنِ بِذَهَبِيَّةٍ فِي أَدِيمٍ مَقْرُوظٍ لَمْ تُحَصَّلْ مِنْ تُرَابِهَا، فَقَسَمَهَا بَيْنَ أَرْبَعَةِ نَفَرٍ: بَيْنَ عُيَيْنَةَ بْنِ بَدْرٍ، وَالْأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ، وَزَيْدِ الْخَيْلِ، وَالرَّابِعُ إِمَّا قَالَ: عَلْقَمَةَ بْنَ عُلَاثَةَ وَإِمَّا: عَامِرَ بْنَ الطُّفَيْلِ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ: كُنَّا نَحْنُ أَحَقُّ بِهَذَا مِنْ هَؤُلَاءِ. فَبَلَغَ ذَلِكَ لِلنَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «أَلَا تَأْمَنُونِي، وَأَنَا أَمِينُ مَنْ فِي السَّمَاءِ؟ يَأْتِينِي خَبَرُ السَّمَاءِ صَبَاحًا وَمَسَاءً» . وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ قُتَيْبَةَ بْنِ سَعِيدٍ الحديث: 889 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 324 890 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ السُّوسِيُّ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، أنا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ مَزْيَدٍ، أَخْبَرَنِي أَبِي، ثنا الْأَوْزَاعِيُّ، ثنا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ هِلَالِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ، حَدَّثَنِي عَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ، حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ الْحَكَمِ السُّلَمِيُّ، قَالَ: قُلْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ، قَالَ: ثُمَّ أَطَلَعْتُ غُنَيْمَةً تَرْعَاهَا جَارِيَةٌ لِي قِبَلَ أُحُدٍ وَالْجَوَّانِيَّةِ، فَوَجَدْتُ الذِّئْبَ قَدْ أَصَابَ مِنْهَا شَاةً، وَأَنَا رَجُلٌ [ص: 326] مِنْ بَنِي آدَمَ آسَفُ كَمَا يَأْسَفُونَ، فَصَكَكْتُهَا صَكَّةً، ثُمَّ انْصَرَفْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخْبَرْتُهُ فَعَظُمَ ذَلِكَ عَلَيَّ، قَالَ: فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَلَا أَعْتِقُهَا؟ قَالَ: «بَلَى إيْتِنِي بِهَا» . قَالَ: فَجِئْتُ بِهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهَا: «أَيْنَ اللَّهُ؟» قَالَتِ: اللَّهُ فِي السَّمَاءِ. قَالَ: «مَنْ أَنَا؟» فَقَالَتْ: أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ. قَالَ: «إِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ فَأَعْتِقْهَا» . 891 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ فُورَكٍ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، ثنا حَرْبُ بْنُ شَدَّادٍ، وَأَبَانُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ هِلَالِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ، فَذَكَرَهُ بِمَعْنَاهُ. وَهَذَا صَحِيحٌ، قَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مُقَطَّعًا مِنْ حَدِيثِ الْأَوْزَاعِيِّ وَحَجَّاجٍّ الصَّوَّافِ، عَنْ يَحْيَى [ص: 327] بْنِ أَبِي كَثِيرٍ دُونَ قِصَّةِ الْجَارِيَةِ، وَأَظُنُّهُ إِنَّمَا تَرَكَهَا مِنَ الْحَدِيثِ لِاخْتِلَافِ الرُّوَاةِ فِي لَفْظِهِ. وَقَدْ ذَكَرْتُ فِي كِتَابِ الظِّهَارِ مِنَ السُّنَنِ مُخَالَفَةَ مَنْ خَالَفَ مُعَاوِيَةَ بْنَ الْحَكَمِ فِي لَفْظِ الْحَدِيثِ الحديث: 890 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 325 892 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ، أنا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مِلْحَانَ، ثنا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ زِيَادَةَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ، عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ، قَالَ: إِنَّ رَجُلَيْنِ أَقْبَلَا يَلْتَمِسَانِ لِأَبِيهِمَا الشِّفَاءَ مِنَ الْبَوْلِ، فَانْطُلِقَ بِهِمَا إِلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَذَكَرُوا وَجَعَ أَبِيهِمَا لَهُ، فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «رَبَّنَا الَّذِي فِي السَّمَاءِ تَقَدَّسَ اسْمُكَ، أَمَرُكَ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، كَمَا رَحْمَتُكَ فِي السَّمَاءِ فَاجْعَلْ رَحْمَتَكَ فِي الْأَرْضِ، وَاغْفِرْ لَنَا حَوْبَتَنَا وَخَطَايَانَا إِنَّكَ رَبُّ الطَّيِّبِينَ، فَأَنْزِلْ رَحْمَةً مِنْ رَحْمَتِكَ وَشِفَاءً مِنْ شِفَائِكَ عَلَى هَذَا الْوَجَعِ. فَيَبْرَأُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى» . أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي كِتَابِ السُّنَنِ الحديث: 892 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 327 893 - أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ، أنا أَبُو حَامِدِ بْنُ بِلَالٍ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بِشْرِ بْنِ الْحَكَمِ بْنِ حَبِيبِ بْنِ مِهْرَانَ الْعَبْدِيُّ، ثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي قَابُوسَ، مَوْلًى لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ، ارْحَمُوا مَنْ فِي الْأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ» الحديث: 893 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 328 894 - وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أنا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ الْمُتَوَكِّلِ، ثنا سَهْلٌ، عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ، عَنْ شَبِيبِ بْنِ شَيْبَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي حُصَيْنٍ: «كَمْ تَعْبُدُ الْيَوْمَ مِنْ إِلَهٍ؟» قَالَ: سَبْعَةً: سِتَّةٌ فِي الْأَرْضِ، وَوَاحِدٌ فِي السَّمَاءِ. قَالَ: فَأَيُّهُمْ تَعُدُّ لِرَهْبَتِكَ وَلِرَغْبَتِكَ؟ قَالَ: الَّذِي فِي السَّمَاءِ. قَالَ: أَمَا إِنَّكَ لَوْ أَسْلَمْتَ عَلَّمْتُكَ كَلِمَتَيْنِ تَنْفَعَانِكَ. قَالَ: فَلَمَّا أَسْلَمَ حُصَيْنٌ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: عَلِّمْنِي الْكَلِمَتَيْنِ اللَّتَيْنِ وَعَدْتَنِيهِمَا. قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قُلِ اللَّهُمَّ أَلْهِمْنِي رُشْدِي وَعَافِنِي مِنْ شَرِّ نَفْسِي» . تَابَعَهُ أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ. [ص: 330] وَمَعْنَى قَوْلِهِ فِي هَذِهِ الْأَخْبَارِ: «مَنْ فِي السَّمَاءِ» . أَيْ: فَوْقَ السَّمَاءِ عَلَى الْعَرْشِ، كَمَا نَطَقَ بِهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ، ثُمَّ مَعْنَاهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ عِنْدَ أَهْلِ النَّظَرِ مَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ. وَقَدْ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ النَّظَرِ: مَعْنَاهُ مَنْ فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ؟ وَالْأَوَّلُ أَشْبَهُ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ الحديث: 894 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 329 بَابُ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لِعِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ: {إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} [آل عمران: 55] قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لِعِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ: {إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} [آل عمران: 55] ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ} [النساء: 158] ، وَقَوْلُهُ جَلَّ وَعَلَا: {تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ} [المعارج: 4] ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} [فاطر: 10] . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 331 895 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ، أنا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا ابْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ نَافِعٍ، مَوْلَى أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَيْفَ أَنْتُمْ إِذَا نَزَلَ ابْنُ مَرْيَمَ مِنَ السَّمَاءِ فِيكُمْ وَإِمَامُكُمْ مِنْكُمْ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ يُونُسَ. وَإِنَّمَا أَرَادَ نُزُولَهُ مِنَ السَّمَاءِ بَعْدَ الرَّفْعِ إِلَيْهِ الحديث: 895 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 331 896 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ دَاوُدَ الْعَلَوِيُّ، أنا أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ بْنِ الْحَسَنِ الْحَافِظُ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَقِيلٍ، ثنا حَفْصُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، أَخْبَرَنِي أَبُو الزِّنَادِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الْمَلَائِكَةُ يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلَائِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلَائِكَةٌ بِالنَّهَارِ، وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ وَصَلَاةِ الْعَصْرِ، ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ فَيَسْأَلُهُمْ ـ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ ـ فَيَقُولُ: كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي؟ فَيَقُولُونَ: تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ، وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ ". أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ الحديث: 896 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 332 897 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ، ثنا أَبُو النَّضْرِ هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، ثنا وَرْقَاءُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ تَصَدَّقَ بِعَدْلِ تَمْرَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ ـ وَلَا يَصْعَدُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى إِلَّا الطَّيِّبُ ـ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقْبَلُهَا بِيَمِينِهِ فَيُرَبِّيهَا لِصَاحِبِهَا كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ أُحُدٍ» . أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. ثُمَّ قَالَ: وَرَوَاهُ وَرْقَاءُ فَذَكَرَهُ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ فِي رِوَايَتِهِ: «وَلَا يَقْبَلُ اللَّهُ إِلَّا الطَّيِّبَ» . وَرَوَاهُ ابْنُ عَجْلَانَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ فَذَكَرَهُمَا فَقَالَ: «وَلَا يَقْبَلُ اللَّهُ إِلَّا الطَّيِّبَ وَلَا يَصْعَدُ [ص: 333] السَّمَاءَ إِلَّا الطَّيِّبُ» الحديث: 897 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 332 898 - أَخْبَرَنَاهُ أَبُو صَالِحِ بْنُ أَبِي طَاهِرٍ الْعَنْبَرِيُّ، أنا جَدِّي يَحْيَى بْنُ مَنْصُورٍ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ، ثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، ثنا بَكْرٌ يَعْنِي ابْنَ مُضَرَ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، قَالَ: إِنَّ سَعِيدَ بْنَ يَسَارٍ أَبَا الْحُبَابِ أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا مِنْ عَبْدٍ مُؤْمِنٍ يَتَصَدَّقُ بِصَدَقَةٍ مِنْ طَيِّبٍ وَلَا يَقْبَلُ اللَّهُ إِلَّا الطَّيِّبَ، وَلَا يَصْعَدُ السَّمَاءَ إِلَّا الطَّيِّبُ إِلَّا وَهُوَ يَضَعُهَا فِي يَدِ الرَّحْمَنِ ـ أَوْ فِي كَفِّ الرَّحْمَنِ ـ فَيُرَبِّيهَا لَهُ كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ أَوْ فَصِيلَهُ، وَحَتَّى إِنَّ التَّمْرَةَ لَتَكُونُ مِثْلَ الْجَبَلِ الْعَظِيمِ» الحديث: 898 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 333 899 - أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، أنا أَبُو الْحَسَنِ الطَّرَائِفِيُّ، ثنا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} [فاطر: 10] قَالَ: الْكَلَامُ الطَّيِّبُ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى، وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ أَدَاءُ فَرَائِضِهِ، فَمَنْ ذَكَرَ اللَّهَ تَعَالَى وَلَمْ يُؤَدِّ فَرَائِضَهُ رُدَّ كَلَامُهُ عَلَى عَمَلِهِ فَكَانَ أَوْلَى بِهِ الحديث: 899 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 333 900 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحُسَيْنِ، ثنا آدَمُ، ثنا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} [فاطر: 10] قَالَ: يَقُولُ: الْعَمَلُ الصَّالِحُ هُوَ الَّذِي يَرْفَعُ الْكَلِمَ الطَّيِّبَ. قُلْتُ: صُعُودُ الْكَلِمِ الطَّيِّبِ وَالصَّدَقَةِ الطَّيِّبَةِ إِلَى السَّمَاءِ عِبَارَةٌ عَنْ حُسْنِ الْقَبُولِ لَهُمَا، وَعُرُوجِ الْمَلَائِكَةِ يَكُونُ إِلَى مَقَامِهِمْ فِي السَّمَاءِ. وَإِنَّمَا وَقَعَتِ الْعِبَارَةُ عَنْ ذَلِكَ بِالصُّعُودِ وَالْعُرُوجِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى عَلَى مَعْنَى قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} [الملك: 16] وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ مَعْنَاهُ: مَنْ فَوْقِ السَّمَاءِ عَلَى الْعَرْشِ، كَمَا قَالَ: {فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ} [التوبة: 2] أَيْ: فَوْقَ الْأَرْضِ، فَقَدْ قَالَ: {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ} [النحل: 50] وَقَالَ: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5] ثُمَّ قَدْ مَضَى قَوْلُ أَهْلِ النَّظَرِ فِي مَعْنَاهُ، وَحَكَيْنَا عَنِ الْمُتَقَدِّمِينَ مِنْ أَصْحَابِنَا تَرْكَ الْكَلَامِ فِي أَمْثَالِ ذَلِكَ، هَذَا مَعَ اعْتِقَادِهِمْ نَفْيَ الْحَدِّ وَالتَّشْبِيهِ وَالتَّمْثِيلِ عَنِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الحديث: 900 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 334 901 - أَخْبَرَنَا الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَارِثِ الْأَصْبَهَانِيُّ، أنا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حِيَّانَ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ أَحْمَدَ الْفَارِسِيُّ، ثنا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ الْمِهْرِقَانِيُّ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: كَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَشُعْبَةُ وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَشَرِيكٌ وَأَبُو [ص: 335] عَوَانَةَ لَا يُحِدُّونَ وَلَا يُشَبِّهُونَ وَلَا يُمَثِّلُونَ، يَرْوُونَ الْحَدِيثَ لَا يَقُولُونَ كَيْفَ، وَإِذَا سُئِلُوا أَجَابُوا بِالْأَثَرِ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَهُوَ قَوْلُنَا. قُلْتُ: وَعَلَى هَذَا مَضَى أَكَابِرُنَا فَأَمَّا الْحِكَايَةُ الَّتِي تَعَلَّقَ بِهَا مَنْ أَثْبَتَ لِلَّهِ تَعَالَى جِهَةً: الحديث: 901 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 334 902 - فَأَخْبَرَنَا بِهَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، ثنا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبُخَارِيُّ بِنَيْسَابُورَ، ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ حَاتِمٍ، ثنا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ، ح. وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ صَالِحِ بْنِ هَانِئٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ نُعَيْمٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ الصَّبَّاحِ الْبَزَّازَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ الْحَسَنِ، يَقُولُ: سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْمُبَارَكِ قُلْتُ: كَيْفَ نَعْرِفُ رَبَّنَا؟ قَالَ: فِي السَّمَاءِ السَّابِعَةِ عَلَى عَرْشِهِ. قُلْتُ: فَإِنَّ الْجَهْمِيَّةَ تَقُولُ: هُوَ هَذَا. قَالَ: إِنَّا لَا نَقُولُ كَمَا قَالَتِ الْجَهْمِيَّةُ، نَقُولُ: هُوَ هُوَ. قُلْتُ: بِحَدٍّ؟ قَالَ: إِي وَاللَّهِ بِحَدٍّ. لَفْظُ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ صَالِحٍ. [ص: 336] قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْبَيْهَقِيُّ: إِنَّمَا أَرَادَ عَبْدُ اللَّهِ بِالْحَدِّ حَدَّ السَّمْعِ، وَهُوَ أَنَّ خَبَرَ الصَّادِقِ وَرَدَ بِأَنَّهُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى، فَهُوَ عَلَى عَرْشِهِ كَمَا أَخْبَرَ، وَقَصَدَ بِذَلِكَ تَكْذِيبَ الْجَهْمِيَّةِ فِيمَا زَعَمُوا أَنَّهُ بِكُلِّ مَكَانٍ، وَحِكَايَتُهُ الْأُخْرَى تَدُلُّ عَلَى مُرَادِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ الحديث: 902 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 335 903 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُدَ الزَّاهِدُ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّامِيُّ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ شَبُّوَيْهِ الْمَرْوَزِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْمُبَارَكِ، يَقُولُ: نَعْرِفُ رَبَّنَا فَوْقَ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ، عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى، بَائِنٌ مِنْ خَلْقِهِ، وَلَا نَقُولُ كَمَا قَالَتِ الْجَهْمِيَّةُ بِأَنَّهُ هَهُنَا. وَأَشَارَ إِلَى الْأَرْضِ. قُلْتُ: قَوْلُهُ: «بَائِنٌ مِنْ خَلْقِهِ» . يُرِيدُ بِهِ مَا فَسَّرَهُ بَعْدَهُ مِنْ نَفْيِ قَوْلِ الْجَهْمِيَّةِ لَا إِثْبَاتِ جِهَةٍ مِنْ جَانِبٍ آخِرَ، يُرِيدُ مَا أَطْلَقَهُ الشَّرْعُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ الحديث: 903 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 336 904 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ صَالِحِ بْنِ هَانِئٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا قُدَامَةَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ الْبَلْخِيَّ بِفَرْغَانَةَ قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى جَهْمٍ الْقُرْآنَ وَكَانَ عَلَى مَعْبَرِ التِّرْمِذِ وَكَانَ رَجُلًا كُوفِيَّ الْأَصْلِ فَصِيحَ اللِّسَانِ، لَمْ يَكُنْ لَهُ عِلْمٌ وَلَا مُجَالَسَةُ أَهْلِ الْعِلْمِ، كَانَ يَتَكَلَّمُ مَعَ الْمُتَكَلِّمِينَ فَقَالُوا لَهُ: صِفْ رَبَّكَ الَّذِي تَعْبُدُهُ. قَالَ: فَدَخَلَ الْبَيْتَ لَا يَخْرُجُ كَذَا وَكَذَا، قَالَ: ثُمَّ خَرَجَ عَلَيْهِمْ بَعْدَ أَيَّامٍ ذَكَرَهَا فَقَالَ: هُوَ هَذَا الْهَوَاءُ مَعَ كُلِّ شَيْءٍ وَفِي كُلِّ شَيْءٍ وَلَا يَخْلُو مِنْ شَيْءٍ، كَذَبَ عَدُوُّ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى فِي السَّمَاءِ كَمَا وَصَفَ نَفْسَهُ الحديث: 904 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 337 905 - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَارِثِ الْفَقِيهُ، أنا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَيَّانَ، أنا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ نَصْرٍ، ثنا يَحْيَى بْنُ يَعْلَى، قَالَ: سَمِعْتُ نُعَيْمَ بْنَ حَمَّادٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ نُوحَ بْنَ [ص: 338] أَبِي مَرْيَمَ أَبَا عِصْمَةَ، يَقُولُ: كُنَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ أَوَّلَ مَا ظَهْرَ إِذْ جَاءَتْهُ امْرَأَةٌ مِنْ تِرْمِذَ كَانَتْ تُجَالِسُ جَهْمًا، فَدَخَلَتِ الْكُوفَةَ، فَأَظُنُّنِي أَقَلَّ مَا رَأَيْتُ عَلَيْهَا عَشَرَةَ آلَافٍ مِنَ النَّاسِ تَدْعُو إِلَى رَأْيِهَا، فَقِيلَ لَهَا: إِنَّ هَهُنَا رَجُلًا قَدْ نَظَرَ فِي الْمَعْقُولِ يُقَالُ لَهُ: أَبُو حَنِيفَةَ. فَأَتَتْهُ، فَقَالَتْ: أَنْتَ الَّذِي تُعَلِّمُ النَّاسَ الْمَسَائِلَ وَقَدْ تَرَكْتَ دِينَكَ؟ أَيْنَ إِلَهُكَ الَّذِي تَعْبُدُهُ؟ فَسَكَتَ عَنْهَا، ثُمَّ مَكَثَ سَبْعَةَ أَيَّامٍ لَا يُجِيبُهَا، ثُمَّ خَرَجَ إِلَيْهَا وَقَدْ وَضَعَ كِتَابَيْنِ: اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي السَّمَاءِ دُونَ الْأَرْضِ. فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: أَرَأَيْتَ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَهُوَ مَعَكُمْ} [الحديد: 4] قَالَ: هُوَ كَمَا تَكْتُبُ إِلَى الرَّجُلِ: إِنِّي مَعَكَ وَأَنْتَ غَائِبٌ عَنْهُ. قُلْتُ: لَقَدْ أَصَابَ أَبُو حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِيمَا نَفَى عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنَ الْكَوْنِ فِي الْأَرْضِ. وَفِيمَا ذَكَرَ مِنْ تَأْوِيلِ الْآيَةِ وَتَبِعَ مُطْلَقَ السَّمْعِ فِي قَوْلِهِ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فِي السَّمَاءِ وَمُرَادُهُ مِنْ تِلْكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ، إِنْ صَحَّتِ الْحِكَايَةُ عَنْهُ، مَا ذَكَرْنَا فِي مَعْنَى قَوْلِهِ: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} [الملك: 16] وَقَدْ رَوَى عَنْهُ أَبُو عِصْمَةَ أَنَّهُ ذَكَرَ مَذْهَبَ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَذَكَرَ فِي جُمْلَةِ ذَلِكَ: وَإِنَّا لَا نَتَكَلَّمُ فِي اللَّهِ بِشَيْءٍ، وَهُوَ نَظِيرُ مَا رُوِّينَا عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ فِيمَا الحديث: 905 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 337 906 - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَارِثِ، أنا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَيَّانَ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ، ثنا أَبُو حَاتِمٍ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُيَيْنَةَ، يَقُولُ: مَا [ص: 339] وَصَفَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ نَفْسَهُ فَتَفْسِيرُهُ قِرَاءَتُهُ، لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُفَسِّرَهُ إِلَّا اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، أَوْ رُسُلُهُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ الحديث: 906 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 338 بَابُ مَا جَاءَ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} [الحديد: 4] مَا جَاءَ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} [الحديد: 4] وَمَا فِي مَعْنَاهُ مِنَ الْآيَاتِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 340 907 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُبَيْدٍ الْحَرْبِيُّ بِبَغْدَادَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ سلْمَانَ، ثنا عُبَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ شَرِيكٍ، ثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، ثنا عُثْمَانُ بْنُ كَثِيرِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُهَاجِرٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ رُوَيْمٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ، عَنْ عُبَادَةَ [ص: 341] بْنِ الصَّامِتِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ مِنْ أَفْضَلِ إِيمَانِ الْمَرْءِ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ مَعَهُ حَيْثُ كَانَ» الحديث: 907 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 340 908 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ السُّلَمِيُّ، أنا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ مَحْمُودٍ الْمَرْوَزِيُّ الْفَقِيهُ، ثنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْحَافِظُ، ثنا أَبُو مُوسَى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ نُوحٍ، ثنا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى الضَّبِّيُّ، ثنا مَعْدَانُ الْعَابِدُ، قَالَ: سَأَلْتُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَهُوَ مَعَكُمْ} [الحديد: 4] قَالَ: عِلْمُهُ الحديث: 908 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 341 909 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، أنا أَبُو الْحَسَنِ الْمَحْمُودِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْحَافِظُ، ثنا أَبُو مُوسَى، حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ نُوحٍ، حَدَّثَنِي أَبِي نُوحُ بْنُ مَيْمُونٍ، ثنا بُكَيْرُ بْنُ مَعْرُوفٍ، عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ، عَنِ الضَّحَّاكِ، قَالَ: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٌ إِلَّا هُوَ [ص: 342] رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٌ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ} [المجادلة: 7] قَالَ: هُوَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى الْعَرْشِ وَعِلْمُهُ مَعَهُمْ الحديث: 909 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 341 910 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أنا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى الْكَعْبِيُّ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ، ثنا أَبُو خَالِدٍ يَزِيدُ بْنُ صَالِحٍ، ثنا بُكَيْرُ بْنُ مَعْرُوفٍ، عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ، قَالَ: بَلَغَنَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {هُوَ الْأَوَّلُ} [الحديد: 3] قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ {وَالْآخِرُ} [الحديد: 3] بَعْدَ كُلِّ شَيْءٍ، {وَالظَّاهِرُ} [الحديد: 3] فَوْقَ كُلِّ شَيْءٍ، {وَالْبَاطِنُ} [الحديد: 3] أَقْرَبُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَإِنَّمَا يَعْنِي بِالَقُرْبِ بِعِلْمِهِ وَقُدْرَتِهِ، وَهُوَ فَوْقَ عَرْشِهِ، وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ، هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ، مِقْدَارُ كُلِّ يَوْمٍ أَلْفُ عَامٍ، {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الأعراف: 54] {يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ} [الحديد: 4] مِنَ الْقَطْرِ {وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا} [الحديد: 4] مِنَ النَّبَاتِ {وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ} [سبأ: 2] مِنَ الْقَطْرِ {وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا} [الحديد: 4] يَعْنِي مَا يَصْعَدُ إِلَى السَّمَاءِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} [الحديد: 4] يَعْنِي: قُدْرَتُهُ وَسُلْطَانُهُ وَعِلْمُهُ مَعَكُمْ أَيْنَمَا كُنْتُمْ {وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [الحديد: 4] وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ قَالَ: قَوْلُهُ: {إِلَّا هُوَ مَعَكُمْ} يَقُولُ: عِلْمُهُ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ: {إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [المجادلة: 7] فَيَعْلَمُ نَجْوَاهُمْ، وَيَسْمَعُ كَلَامَهُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِكُلِّ شَيْءٍ، هُوَ فَوْقَ عَرْشِهِ وَعِلْمُهُ مَعَهُمْ " الحديث: 910 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 342 911 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُنَادِي، ثنا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا شَيْبَانُ النَّحْوِيُّ، عَنْ قَتَادَةَ، ح. وَأَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ، ثنا يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ، أنا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ، أنا خَارِجَةُ، أنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {هُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ} [الزخرف: 84] قَالَ: هُوَ الَّذِي يُعْبَدُ فِي السَّمَاءِ وَيُعْبَدُ فِي الْأَرْضِ. قُلْتُ: وَفِي مَعْنَى هَذِهِ الْآيَةِ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونُ} [الأنعام: 3] عَلَى أَنَّ بَعْضَ الْقُرَّاءِ يَجْعَلُ الْوَقْفَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ {فِي السَّمَاوَاتِ} [الأنعام: 3] ، ثُمَّ يَبْتَدِئُ فَيَقُولُ: {وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ} [الأنعام: 3] ، وَكَيْفَ مَا كَانَ، فَلَوْ أَنَّ قَائِلًا قَالَ: فُلَانٌ بِالشَّامِ وَالْعِرَاقَ يَمْلِكُ، لَدَلَّ قَوْلُهُ يَمْلِكُ عَلَى الْمُلْكِ بِالشَّامِ وَالْعِرَاقِ لَا أَنَّهُ بِذَاتِهِ فِيهِمَا الحديث: 911 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 343 بَابُ مَا جَاءَ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ} [الفجر: 14] مَا جَاءَ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ} [الفجر: 14] . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 344 912 - أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، أنا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ الطَّرَائِفِيُّ، ثنا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي قَوْلِهِ: {إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ} [الفجر: 14] يَقُولُ: يَسْمَعُ وَيَرَى الحديث: 912 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 344 913 - أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْجَهْمِ، سَمِعْتُ أَبَا زَكَرِيَّا يَحْيَى بْنَ زِيَادٍ الْفَرَّاءَ يَقُولُ: قَوْلُهُ: {إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ} [الفجر: 14] يَقُولُ: إِلَيْهِ الْمَصِيرُ ". قُلْتُ: قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، ثُمَّ قَوْلُ الْفَرَّاءِ فِي مَعْنَى هَذِهِ الْآيَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا تَخْوِيفُ الْعِبَادِ لِيَحْذَرُوا عُقُوبَتَهُ إِذَا عَلِمُوا أَنَّهُ يَسْمَعُ وَيَرَى مَا يَقُولُونَ وَيَفْعَلُونَ، وَأَنَّ مَصِيرَهُمْ إِلَيْهِ الحديث: 913 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 344 914 - حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أنا أَبُو الْعَبَّاسِ قَاسِمُ بْنُ قَاسِمٍ السَّيَّارِيُّ [ص: 345] بِمَرْوَ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ هِلَالٍ، ثنا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ، أنا أَبُو حَمْزَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ: {وَالْفَجْرِ} [الفجر: 1] قَالَ: قَسَمٌ، {إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ} [الفجر: 14] مِنْ وَرَاءِ الصِّرَاطِ ثَلَاثَةُ جُسُورٍ: جِسْرٌ عَلَيْهِ الْأَمَانَةُ، وَجِسْرٌ عَلَيْهِ الرَّحِمُ، وَجِسْرٌ عَلَيْهِ الرَّبُّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى. هَذَا مَوْقُوفٌ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ، قِيلَ: هُوَ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَمُرسَلٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، وَرَوَاهُ أَبُو فَزَارَةَ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ مِنْ قَوْلِهِ غَيْرَ مَرْفُوعٍ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ وَإِنْ صَحَّ، فَإِنَّمَا أَرَادَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ مَلَائِكَةَ الرَّبِّ يَسْأَلُونَهُ عَمَّا فَرَّطَ فِيهِ الحديث: 914 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 344 915 - أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْإِمَامُ، أنا عَبْدُ الْخَالْقِ بْنُ الْحَسَنِ السَّقَطِيُّ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ثَابِتٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنِ الْهُذَيْلِ، عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ سُلَيْمَانَ، قَالَ: أَقْسَمَ اللَّهُ تَعَالَى {إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ} [الفجر: 14] يَعْنِي الصِّرَاطَ، وَذَلِكَ أَنَّ جِسْرَ جَهَنَّمَ عَلَيْهَا سَبْعُ قَنَاطِرَ، عَلَى كُلِّ قَنْطَرَةٍ مَلَائِكَةٌ قِيَامٌ، وُجُوهُهُمْ مِثْلُ الْجَمْرِ، وَأَعُيُنُهُمْ مِثْلُ الْبَرْقِ، يَسْأَلُونَ النَّاسَ فِي أَوَّلِ قَنْطَرَةٍ عَنِ الْإِيمَانِ، وَفِي الثَّانِيَةِ يَسْأَلُونَهُمْ عَنِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، وَفِي الثَّالِثَةِ يَسْأَلُونَهُمْ عَنِ الزَّكَاةِ، وَفِي الرَّابِعَةِ يَسْأَلُونَهُمْ عَنِ صِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ، وَفِي الْخَامِسَةِ يَسْأَلُونَهُمْ عَنِ الْحَجِّ، وَفِي السَّادِسَةِ يَسْأَلُونَهُمْ عَنِ الْعُمْرَةِ، وَفِي السَّابِعَةِ يَسْأَلُونَهُمْ عَنِ الْمَظَالِمِ، فَمَنْ أَتَى بِمَا سُئِلَ عَنْهُ كَمَا أُمِرَ جَازَ عَلَى الصِّرَاطِ وَإِلَّا حُبِسَ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ} [الفجر: 14] يَعْنِي مَلَائِكَةً يَرْصُدُونَ النَّاسَ عَلَى جِسْرِ جَهَنَّمَ فِي هَذِهِ الْمَوَاطِنِ السَّبْعِ فَيَسْأَلُونَهُمْ عَنْ هَذِهِ الْخِصَالِ السَّبْعِ الحديث: 915 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 345 بَابُ مَا جَاءَ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى} [النجم: 9] مَا جَاءَ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى} [النجم: 8] . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 346 916 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو النَّضْرِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَيَّارٍ الطَّائِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْعَنْبَرِيُّ، قَالَا: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ، ثنا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، ثنا سُلَيْمَانُ الشَّيْبَانِيُّ، ثنا زِرُّ بْنُ حُبَيْشٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: {فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى} [النجم: 9] قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رَأَيْتُ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لَهُ سِتُّمِائَةِ جَنَاحٍ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي النُّعْمَانِ عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ زِيَادٍ الحديث: 916 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 346 917 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، ثنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ بْنِ يَحْيَى، ثنا أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ، ثنا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ، ثنا الشَّيْبَانِيُّ، قَالَ: سَأَلْتُ زِرَّ بْنَ حُبَيْشٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى} [النجم: 9] فَقَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى جِبْرِيلَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لَهُ سِتُّمِائَةِ جَنَاحٍ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي الرَّبِيعِ الحديث: 917 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 347 918 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ الْفَضْلِ، قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} [النجم: 13] قَالَ: رَأَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَهُ سِتُّمِائَةِ جَنَاحٍ " وَرَوَاهُ شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ فِي قَوْلِهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} [النجم: 18] . وَرَوَاهُ حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنِ الشَّيْبَانِيِّ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى} [النجم: 11] . وَرَوَاهُ زَائِدَةُ وَزُهَيْرُ بْنُ [ص: 348] مُعَاوِيَةَ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَعَلَا: {فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى} [النجم: 9] . وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الشَّيْبَانِيُّ سَأَلَ زِرًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ جَمِيعِ هَذِهِ الْآيَاتِ، فَأُخْبِرَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ جَمِيعَ ذَلِكَ يَرْجِعُ بِهِ إِلَى رُؤْيَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ الحديث: 918 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 347 919 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ غَالِبٍ الْخَوَارِزْمِيُّ بِبَغْدَادَ، أنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَمْدَانَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ، أنا أَبُو عُمَرَ، ثنا شُعْبَةُ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: {لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَةِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} قَالَ: رَأَى رَفْرَفًا أَخْضَرَ سَدَّ أُفُقَ السَّمَاءِ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي عُمَرَ حَفْصِ بْنِ عُمَرَ، وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ الثَّوْرِيِّ عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَعْمَشِ. وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: " رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي حُلَّةِ رَفْرَفٍ أَخْضَرَ قَدْ مَلَأَ مَا بَيْنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ 920 - أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحُسَيْنِ، ثنا آدَمُ، ثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَذَكَرَهُ الحديث: 919 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 348 921 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أنا أَبُو الْفَضْلِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أنا أَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أنا أَبُو أُسَامَةَ، ثنا زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنِ ابْنِ أَشْوَعَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ , عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى} [النجم: 9] قَالَتْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: كَانَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَأْتِي مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صُورَةِ الرَّجُلِ، فَأَتَاهُ هَذِهِ الْمَرَّةَ قَدْ مَلَأَ مَا بَيْنَ الْخَافِقَيْنِ ". رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي أُسَامَةَ الحديث: 921 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 349 922 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، وَأَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ، قَالَا: أنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدِ الصَّفَّارُ، ثنا سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ هُوَ الْأَنْصَارِيُّ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، أَنْبَأَنَا الْقَاسِمُ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: مَنْ زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَبَّهُ فَقَدْ أَعْظَمَ الْفِرْيَةَ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَلَكِنْ رَأَى جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَرَّتَيْنِ فِي صُورَتِهِ وَخَلْقِهِ سَادًّا مَا بَيْنَ الْأُفُقِ ". رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الثَّلْجِ عَنِ الْأَنْصَارِيِّ الحديث: 922 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 349 923 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، ثنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أنا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدَ، ح. وَأَخْبَرَنِي أَبُو النَّضْرِ الْفَقِيهُ، وَاللَّفْظُ لَهُ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ، ثنا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّرْوَقِيُّ، ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، ثنا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: كُنْتُ مُتَّكِئًا عِنْدَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، فَقَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: ثَلَاثٌ مَنْ تَكَلَّمَ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللَّهِ الْفِرْيَةَ. قُلْتُ: وَمَا هُنَّ؟ قَالَتْ: مَنْ زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّدًا رَأَى رَبَّهُ فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللَّهِ الْفِرْيَةَ. قَالَ: وَكُنْتُ مُتَّكِئًا فَجَلَسْتُ، وَقُلْتُ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، أَنْظِرِينِي فَلَا تَعْجَلِي عَلَيَّ، أَلَمْ يَقُلِ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ} [التكوير: 23] ، {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} [النجم: 13] ؟ فَقَالَتْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَا أَوَّلُ هَذِهِ الْأُمَّةِ سَأَلَ عَنْ هَذَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «جِبْرِيلُ لَمْ أَرَهُ عَلَى صُورَتِهِ الَّتِي خُلِقَ عَلَيْهَا غَيْرَ هَاتَيْنِ الْمَرَّتَيْنِ، رَأَيْتُهُ مُنْهَبِطًا مِنَ السَّمَاءِ سَادًّا عِظَمُ خَلْقِهِ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ» . قَالَتْ: أَوَلَمْ تَسْمَعِ اللَّهَ جَلَّ ذِكْرُهُ يَقُولُ: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الأنعام: 103] ؟ ثُمَّ قَالَتْ: أَوَلَمْ تَسْمَعِ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا} [الشورى: 51] ؟ حَتَّى قَرَأَتْ إِلَى قَوْلِهِ: {عَلِيُّ حَكِيمٌ} [الشورى: 51] قَالَتْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَمَ شَيْئًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللَّهِ الْفِرْيَةَ، وَاللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى جَلَّ ذِكْرُهُ يَقُولُ: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} [المائدة: 67] إِلَى قَوْلِهِ: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة: 67] قَالَتْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: وَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخْبِرُ النَّاسَ بِمَا يَكُونُ فِي غَدٍ فَقَدْ [ص: 351] أَعْظَمَ عَلَى اللَّهِ الْفِرْيَةَ، وَاللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: {لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُلَيَّةَ الحديث: 923 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 350 924 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ فُورَكٍ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ، وَيَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} [النجم: 13] ، {وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ} [التكوير: 23] فَقَالَتْ: أَنَا أَوَّلُ هَذِهِ الْأُمَّةِ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا، فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " جِبْرِيلُ رَأَيْتُهُ مَرَّتَيْنِ: رَأَيْتُهُ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى، وَرَأَيْتُهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ ". الرِّوَايَةُ الْأُولَى أَصَحُّ فِي ذِكْرِ الْآيَتَيْنِ وَالْمَرَّتَيْنِ، وَأَنَّ الرُّؤْيَةَ الْأُولَى كَانَتْ وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْأُفُقُ الْمُبِينُ عِبَارَةً عَنْهُ أَيْضًا ثُمَّ كَانَتِ الرُّؤْيَةُ الْأُخْرَى عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى، وَاللَّهُ أَعْلَمُ الحديث: 924 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 351 925 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، ثنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا حَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، ثنا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} [النجم: 13] قَالَ: رَأَى جِبْرِيلَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، فَاتَّفَقَتْ رِوَايَةُ [ص: 352] عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَعَائِشَةَ بِنْتِ الصِّدِّيقِ وَأَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْآيَاتِ أُنْزِلَتْ فِي رُؤْيَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَفِي بَعْضِهَا أُسْنِدَ الْخَبَرُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَعْنَى مَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ. قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي تَقْدِيرِ قَوْلِهِ: {ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى} [النجم: 9] عَلَى مَا تَأَوَّلَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَعَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا مِنْ رُؤْيَتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي صُورَتِهِ الَّتِي خُلِقَ عَلَيْهَا، وَالدُّنُوُّ مِنْهُ عِنْدَ الْمَقَامِ الَّذِي رُفِعَ إِلَيْهِ وَأُقِيمَ فِيهِ قَوْلُهُ: {دَنَا فَتَدَلَّى} [النجم: 8] الْمَعْنِيُّ بِهِ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ تَدَلَّى مِنْ مَقَامِهِ الَّذِي جُعِلَ لَهُ فِي الْأُفُقِ الْأَعْلَى فَاسْتَوَى، أَيْ وَقَفَ وَقْفَةً {ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى} [النجم: 8] أَيْ نَزَلَ حَتَّى كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمِصْعَدِ الَّذِي رُفِعَ إِلَيْهِ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى فِيمَا يَرَاهُ الرَّائِي وَيُقَدِّرُهُ الْمُقَدِّرُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: دَنَا جِبْرِيلُ فَتَدَلَّى مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَاجِدًا لِرَبِّهِ. وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ «رَأَى رَفْرَفًا» . يُرِيدُ: جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي صُورَتِهِ عَلَى رَفْرَفٍ، وَالرَّفْرَفُ الْبِسَاطُ، وَيُقَالُ: فِرَاشٌ، وَيُقَالُ: بَلْ هُوَ ثَوْبٌ كَانَ لِبَاسًا لَهُ، فَقَدْ رُوِيَ أَنَّهُ رَآهُ فِي حُلَّةِ رَفْرَفٍ. قُلْتُ: وَفِي حَدِيثِ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيَّ فِي قَوْلِهِ: " {فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى} [النجم: 10] قَالَ: عَبْدُهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، أَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَى جِبْرِيلَ، وَرَأَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحِجَابَ. وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ ذَهَبَ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ إِلَى مَعْنَى مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ، وَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْحَى إِلَى جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَا أَوْحَى، ثُمَّ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَلْقَاهُ إِلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَأَى مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحِجَابَ، يُرِيدُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ: مَا رُوِيَ فِي بَعْضِ الْأَخْبَارِ مِنْ رُؤْيَتِهِ النُّورَ الْأَعْظَمَ وَدُونَهُ الْحِجَابُ رَفْرَفُ الدُّرِّ وَالْيَاقُوتِ الحديث: 925 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 351 926 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو الْقَاسِمِ زَيْدُ بْنُ أَبِي هَاشِمٍ الْعَلَوِيُّ قَالَا: أنا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دُحَيْمٍ الشَّيْبَانِيُّ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعَبْسِيُّ، ثنا وَكِيعٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ زِيَادِ بْنِ حُصَيْنٍ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: {مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى} [النجم: 11] ، {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} [النجم: 13] قَالَ: رَآهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِفُؤَادِهِ مَرَّتَيْنِ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَغَيْرِهِ، عَنْ وَكِيعٍ الحديث: 926 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 353 927 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحُسَيْنِ، ثنا آدَمُ، ثنا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ} [النجم: 16] مَا يَغْشَى قَالَ: كَانَ أَغْصَانُ السِّدْرةِ مِنْ لُؤْلُؤٍ وَيَاقُوتٍ وَزَبَرْجَدٍ، فَرَآهُ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَلْبِهِ، وَرَأَى رَبَّهُ الحديث: 927 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 353 وَعَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى} [النجم: 9] يَعْنِي: حَيْثُ الْوَتَرُ مِنَ الْقَوْسِ، يَعْنِي رَبَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مِنْ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ. قُلْتُ: فَعَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ الْمُرَادُ بِالْقُرْبِ الْمَذْكُورِ فِي الْآيَةِ قَرْبٌ مِنْ حَيْثُ الْكَرَامَةِ لَا مِنُ حَيْثُ الْمَكَانِ، أَلَا تَرَاهُ قَالَ: {أَوْ أَدْنَى} [النجم: 9] ، وَإِنَّمَا يُتَصَوَّرُ الْأَدْنَى مِنْ قَابِ قَوْسَيْنِ فِي الْكَرَامَةِ، وَهُوَ كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ} [البقرة: 186] يَعْنِي: بِالْإِجَابَةِ، أَلَا تَرَاهُ قَالَ: {أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} [البقرة: 186] وَقَدْ قَالَ: {وَنَحْنُ [ص: 354] أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ} [الواقعة: 85] ، وَقَالَ: {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبَلِ الْوَرِيدِ} [ق: 16] وَإِنَّمَا أَرَادَ بِالْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ لَا قُرْبَ الْبُقْعَةِ، وَنَظِيرُهُ مِنَ الْحَدِيثِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 353 928 - مَا أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمُزَكِّي، أنا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِسْحَاقَ الْخُرَاسَانِيُّ، ثنا يَحْيَى يَعْنِي ابْنَ جَعْفَرِ بْنَ الزِّبْرِقَانِ، أنا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ، أنا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزَاةٍ، فَجَعَلْنَا لَا نَصْعَدُ شَرَفًا وَلَا نَهْبِطُ وَادِيًا إِلَّا رَفَعْنَا أَصْوَاتَنَا بِالتَّكْبِيرِ، وَالْتَفَتَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، ضَعُوا مِنْ أَصْوَاتِكُمْ؛ فَإِنَّكُمْ لَا تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلَا غَائِبًا، إِنَّ الَّذِي تَدْعُونَ دُونَ رِكَابِكُمْ» . ثُمَّ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ» . قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: «أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى كَنْزٍ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ؟» قُلْتُ: بَلَى. قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ» . وَرَوَاهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ. فَقَالَ فِي الْحَدِيثِ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّهَا النَّاسُ؛ إِنَّكُمْ لَا تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلَا غَائِبًا، إِنَّمَا تَدْعُونَ سَمِيعًا قَرِيبًا، وَالَّذِي تَدْعُونَهُ أَقْرَبُ إِلَى أَحَدِكُمْ مِنْ عُنُقِ رَاحِلَةِ أَحَدِكُمْ. 929 - أَخْبَرَنَاهُ أَبُوعَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أنا أَبُو الْفَضْلِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أنا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، فَذَكَرَهُ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ. وَالطَّرِيقَةُ الْأُولَى فِي مَعْنَى الْآيَةِ أَصَحُّ، وَالْقَائِلُونَ بِهَا أَكْبَرُ وَأَكْثَرُ. وَفِي رِوَايَةِ عَائِشَةَ وَابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا دَلَّ عَلَى صِحَّتِهَا الحديث: 928 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 354 930 - فَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبِ بْنِ مُسْلِمٍ الْقُرَشِيُّ، ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، ثنا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُحَدِّثُ حَدِيثًا عَنْ لَيْلَةِ أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَسْجِدِ الْكَعْبَةِ، أَنَّهُ جَاءَهُ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ قَبْلَ أَنْ يُوحَى إِلَيْهِ وَهُوَ نَائِمٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، فَقَالَ أَوَّلُهُمْ: أَهُوَ هُوَ؟ فَقَالَ أَوْسَطُهُمْ: هُوَ خَيْرُهُمْ. فَقَالَ آخِرُهُمْ: خُذُوا خَيْرَهُمْ. فَكَانَتْ تِلْكَ اللَّيْلَةُ فَلَمْ يَرَهُمْ حَتَّى جَاءُوهُ لَيْلَةً أُخْرَى فِيمَا يَرَى قَلْبَهُ ـ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَنَامُ عَيْنُهُ وَلَا يَنَامُ قَلْبُهُ، وَكَذَلِكَ الْأَنْبِيَاءُ، تَنَامُ أَعْيُنُهُمْ وَلَا تَنَامُ قُلُوبُهُمْ ـ فَلَمْ يُكَلِّمُوهُ حَتَّى احْتَمَلُوهُ فَوَضَعُوهُ عِنْدَ بِئْرِ زَمْزَمَ، فَتَوَلَّاهُ مِنْهُمْ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَشَقَّ جِبْرِيلُ مَا بَيْنَ نَحْرِهِ إِلَى لَبَّتِهِ، حَتَّى فَرَّجَ عَنْ صَدْرِهِ وَجَوْفِهِ، وَغَسَلَهُ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ، حَتَّى أَنْقَى جَوْفَهُ ثُمَّ أَتَى بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ، فِيهِ تَوْرٌ مِنْ ذَهَبٍ مَحْشُوٌّ إِيمَانًا وَحِكْمَةً، فَحَشَا صَدْرَهُ وَجَوْفَهُ وَأَعَادَهُ ثُمَّ أَطْبَقَهُ، ثُمَّ عُرِجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَضَرَبَ بَابًا مِنْ أَبْوَابِهَا فَنَادَاهُ أَهْلُ السَّمَاءِ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا جِبْرِيلُ، قَالُوا: وَمَنْ مَعَكَ. قَالَ: مُحَمَّدٌ. قَالُوا: وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالُوا: فَمَرْحَبًا بِهِ وَأَهْلًا، يَسْتَبْشِرُ بِهِ أَهْلُ السَّمَاءِ لَا يَعْلَمُ أَهْلُ السَّمَاءِ مَا يُرِيدُ اللَّهُ بِهِ فِي الْأَرْضِ حَتَّى يُعْلِمَهُمْ، فَوَجَدَ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا آدَمَ، فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ: هَذَا أَبُوكَ، فَسَلِّمْ عَلَيْهِ. فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَرَدَّ عَلَيْهِ، وَقَالَ: مَرْحَبًا بِكَ وَأَهْلًا يَا بُنَيَّ، فَنِعْمَ الِابْنُ أَنْتَ. فَإِذَا هُوَ [ص: 356] فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا بِنَهْرَيْنِ يَطَّرِدَانِ، فَقَالَ: «مَا هَذَانِ النَّهْرَانِ يَا جِبْرِيلُ؟» قَالَ: هَذَانِ: النِّيلُ وَالْفُرَاتُ عُنْصُرُهُمَا. ثُمَّ مَضَى بِهِ فِي السَّمَاءِ فَإِذَا هُوَ بِنَهَرٍ آخَرَ عَلَيْهِ قَصْرٌ مِنْ لُؤْلُؤٍ وَزَبَرْجَدٍ، فَذَهَبَ يَشُمُّ تُرَابَهُ فَإِذَا هُوَ الْمِسْكُ، فَقَالَ: «يَا جِبْرِيلُ وَمَا هَذَا النَّهَرُ؟» قَالَ: هَذَا الْكَوْثَرُ الَّذِي خَبَأَ لَكَ رَبُّكَ. ثُمَّ عُرِجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ، فَقَالَتِ لَهُ الْمَلَائِكَةُ مِثْلَ مَا قَالَتْ لَهُ فِي الْأُولَى: مَنْ هَذَا مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ. قَالُوا: وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالُوا: فَمَرْحَبًا بِهِ وَأَهْلًا. ثُمَّ عُرِجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ، فَقَالُوا لَهُ مِثْلَ مَا قَالَتْ فِي الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ ثُمَّ عَرَجَ إِلَى السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ، فَقَالُوا لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ عُرِجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ الْخَامِسَةِ، فَقَالُوا لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ. ثُمَّ عُرِجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ السَّادِسَةِ، فَقَالُوا لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ عُرِجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ فَقَالُوا لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ، وَكُلُّ سَمَاءٍ فِيهَا أَنْبِيَاءٌ قَدْ سَمَّاهُمْ أَنَسٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَوَعَيْتُ مِنْهُمْ إِدْرِيسَ فِي الثَّانِيَةِ، وَهَارُونَ فِي الرَّابِعَةِ، وَآخَرَ فِي الْخَامِسَةِ لَمْ أَحْفَظِ اسْمَهُ، وَإِبْرَاهِيمُ فِي السَّادِسَةِ، وَمُوسَى فِي السَّابِعَةِ بِفَضْلِ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى، فَقَالَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ: لَمْ أَظُنَّ أَنْ يُرْفَعَ إِلَيَّ أَحَدٌ، ثُمَّ عَلَا بِهِ فِيمَا لَا يَعْلَمُ أَحَدٌ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى، حَتَّى جَاءَ بِهِ سِدْرَةَ الْمُنْتَهَى، وَدَنَا الْجَبَّارُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فَتَدَلَّى، حَتَّى كَانَ مِنْهُ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى، فَأَوْحَى إِلَيْهِ مَا شَاءَ فِيمَا أَوْحَى خَمْسِينَ صَلَاةً عَلَى أُمَّتِهِ كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، ثُمَّ هَبَطَ حَتَّى بَلَغَ مُوسَى فَاحْتَبَسَهُ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، مَا عَهِدَ إِلَيْكَ رَبُّكَ؟ قَالَ: «عَهِدَ إِلَيَّ خَمْسِينَ صَلَاةً عَلَى أُمَّتِي كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ» . قَالَ: فَإِنَّ أُمَّتَكَ لَا تَسْتَطِيعُ، فَارْجِعْ فَلْيُخَفِّفْ عَنْكَ وَعَنْهُمْ. فَالْتَفَتَ إِلَى جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَأَنَّهُ يَسْتَشِيرُهُ فِي ذَلِكَ، فَأَشَارَ إِلَيْهِ أَنْ نَعَمْ إِنْ شِئْتَ. فَعَلَا بِهِ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ حَتَّى أَتَى بِهِ إِلَى الْجَبَّارِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَهُوَ مَكَانُهُ، فَقَالَ: «يَا رَبِّ خَفِّفْ عَنَّا فَإِنَّ أُمَّتِي لَا تَسْتَطِيعُ هَذَا» . فَوَضَعَ عَنْهُ عَشْرَ صَلَوَاتٍ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَاحْتَبَسَهُ، وَلَمْ يَزَلْ يَرُدُّهُ مُوسَى إِلَى رَبِّهِ حَتَّى صَارَ إِلَى خَمْسِ صَلَوَاتٍ، ثُمَّ احْتَبَسَهُ عِنْدَ الْخَامِسَةِ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، قَدْ وَاللَّهِ رَاوَدْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى أَدْنَى مِنْ هَذِهِ الْخَمْسِ فَضَيَّعُوهُ وَتَرَكُوهُ، وَأُمَّتُكَ أَضْعَفُ [ص: 357] أَجْسَادًا وَقُلُوبًا وَأَبْصَارًا وَأَسْمَاعًا، فَارْجِعْ فَلْيُخَفِّفْ عَنْكَ رَبُّكَ. فَالْتَفَتَ إِلَى جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِيُشِيرَ عَلَيْهِ، فَلَا يَكْرَهُ ذَلِكَ جِبْرِيلُ، فَرَفَعَهُ عِنْدَ الْخَامِسَةِ فَقَالَ: «يَا رَبِّ إِنَّ أُمَّتِي ضِعَافٌ أَجْسَادُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ وَأَسْمَاعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ فَخَفَّفْ عَنَّا» . فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: «إِنِّي لَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ، هِيَ كَمَا كُتِبَتْ عَلَيْكَ فِي أُمِّ الْكِتَابِ، وَلَكَ بِكُلِّ حَسَنَةٍ عَشْرَةُ أَمْثَالِهَا، هِيَ خَمْسُونَ فِي أُمِّ الْكِتَابِ وَهُنَّ خَمْسٌ عَلَيْكَ» . فَرَجَعَ إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقَالَ: كَيْفَ فَعَلْتَ؟ فَقَالَ: «خُفِّفَ عَنَّا، أَعْطَانَا بِكُلِّ حَسَنَةٍ عَشْرُ أَمْثَالِهَا» . قَالَ: قَدْ وَاللَّهِ رَاوَدْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى أَدْنَى مِنْ هَذَا فَتَرَكُوهُ فَارْجِعْ فَلْيُخَفِّفْ عَنْكَ أَيْضًا. قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَاللَّهِ قَدِ اسْتَحْيَيْتُ مِنْ رَبِّي مِمَّا أَخْتَلِفُ إِلَيْهِ» ، قَالَ: فَاذْهَبْ بِاسْمِ اللَّهِ. فَاسْتَيْقَظَ وَهُوَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ هَارُونَ بْنِ سَعِيدٍ الْأَيْلِيِّ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، وَلَمْ يَسُقْ مَتْنَهُ، وَأَحَالَ بِهِ عَلَى رِوَايَةِ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وَلَيْسَ فِي رِوَايَةِ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ لَفْظُ الدُّنُوِّ وَالتَّدَلِّي، وَلَا لَفْظُ الْمَكَانِ. وَرَوَى حَدِيثَ الْمِعْرَاجِ ابْنُ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، وَقَتَادَةَ، عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ، لَيْسَ فِي حَدِيثٍ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ. وَقَدْ ذَكَرَ شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ فِي رِوَايَتِهِ هَذِهِ مَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَحْفَظِ الْحَدِيثَ كَمَا يَنْبَغِي لَهُ مِنْ نِسْيَانِهِ مَا حَفِظَهُ غَيْرُهُ، وَمِنْ مُخَالَفَتِهِ فِي مَقَامَاتِ الْأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ رَآهُمْ فِي السَّمَاءِ مَنْ هُوَ أَحْفَظُ مِنْهُ. وَقَالَ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ: «فَاسْتَيْقَظَ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ» وَمِعْرَاجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ رُؤْيَةَ عَيْنٍ، وَإِنَّمَا شَقُّ صَدْرِهِ كَانَ وَهُوَ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَيْنَ النَّائِمِ وَالْيَقْظَانِ. ثُمَّ إِنَّ هَذِهِ الْقِصَّةَ بِطُولِهَا إِنَّمَا هِيَ حِكَايَةٌ حَكَاهَا شَرِيكٌ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ، لَمْ يَعُزْهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا رَوَاهَا عَنْهُ، وَلَا أَضَافَهَا إِلَى قَوْلِهِ. وَقَدْ خَالَفَهُ فِيمَا تَفَرَّدَ بِهِ مِنْهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَعَائِشَةُ وَأَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَهُمْ أَحْفَظُ [ص: 358] وَأَكْبَرُ وَأَكْثَرُ، وَرَوَتْ عَائِشَةُ وَابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا دَلَّ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ: {ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى} [النجم: 9] الْمُرَادُ بِهِ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فِي صُورَتِهِ الَّتِي خُلِقَ عَلَيْهَا. قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: " وَالَّذِي قِيلَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ أَقْوَالٌ؛ أَحَدُهَا: أَنَّهُ دَنَا يَعْنِي جِبْرِيلَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مِنْ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَتَدَلَّى أَيْ: فَقَرُبَ مِنْهُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ {ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى} [النجم: 8] عَلَى التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ، أَيْ تَدَلَّى وَدَنَا، وَذَلِكَ أَنَّ التَّدَلِّي سَبَبُ الدُّنُوِّ " أَخْبَرَنَا بِهَذَا الْقَوْلِ أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، ثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْجَهْمِ، قَالَ: قَالَ الْفَرَّاءُ: " قَوْلُهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى} [النجم: 8] يَعْنِي جِبْرِيلَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ دَنَا مِنْ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى كَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى أَيْ قَدْرَ قَوْسَيْنِ عَرَبِيَّتَيْنِ أَوْ أَدْنَى، {فَأَوْحَى} [النجم: 10] يَعْنِي جِبْرِيلَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ {إِلَى عَبْدِهِ} [النجم: 10] إِلَى عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدٍ {مَا أَوْحَى} [النجم: 10] " قَالَ الْفَرَّاءُ: قَوْلُهُ: " {فَتَدَلَّى} [النجم: 8] كَانَ الْمَعْنَى: ثُمَّ تَدَلَّى فَدَنَا، وَلَكِنَّهُ جَائِزٌ إِذَا كَانَ مَعْنَى الْفِعْلَيْنِ وَاحِدًا أَوْ كَالْوَاحِدِ، قَدَّمْتَ أَيَّهُمَا شِئْتَ فَقُلْتَ: قَدْ دَنَا فَقَرُبَ، وَقَرُبَ فَدَنَا، وَشَتَمَنِي فَأَسَاءَ وَأَسَاءَ فَشَتَمَنِي. لِأَنَّ الشَّتْمَ وَالْإِسَاءَةَ شَيْءٌ وَاحِدٌ. وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ} [القمر: 1] الْمَعْنَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ: انْشَقَّ الْقَمَرُ وَاقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ، وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ. قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّهُ تَدَلَّى يَعْنِي جِبْرِيلَ بَعْدَ الِانْتِصَابِ وَالِارْتِفَاعِ حَتَّى رَآهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَدَلِّيًا كَمَا رَآهُ مُنْتَصِبًا، وَكَانَ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ قُدْرَةِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى حِينَ أَقْدَرَهُ عَلَى أَنْ يَتَدَلَّى فِي الْهَوَاءِ مِنْ غَيْرِ اعْتِمَادٍ عَلَى شَيْءٍ وَلَا تَمَسُّكٍ [ص: 359] بِشَيْءٍ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَى قَوْلُهُ: {دَنَا} [النجم: 8] يَعْنِي جِبْرِيلَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، فَتَدَلَّى مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَاجِدًا لِرَبِّهِ شُكْرًا عَلَى مَا أَرَاهُ مِنْ قُدْرَتِهِ، وَأَنَالَهُ مِنْ كَرَامَتِهِ. قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: وَلَمْ يَثْبُتْ فِي شَيْءٍ مِمَّا رُوِيَ عَنِ السَّلَفِ أَنَّ التَّدَلِّي مُضَافٌ إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، جَلَّ رَبُّنَا عَنْ صِفَاتِ الْمَخْلُوقِينَ وَنُعُوتِ الْمَرْبُوبِينَ الْمَحْدُودِينَ. قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: وَفِي الْحَدِيثِ لَفْظَةٌ أُخْرَى تَفَرَّدَ بِهَا شَرِيكٌ أَيْضًا لَمْ يَذْكُرْهَا غَيْرُهُ، وَهِيَ قَوْلُهُ: فَقَالَ وَهُوَ مَكَانُهُ، وَالْمَكَانُ لَا يُضَافُ إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ، إِنَّمَا هُوَ مَكَانُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمُقَامُهُ الْأَوَّلُ الَّذِي أُقِيمَ فِيهِ الحديث: 930 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 355 931 - قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: وَهَهُنَا لَفْظَةٌ أُخْرَى فِي قِصَّةِ الشَّفَاعَةِ، رَوَاهَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَيَأْتُونِي ـ يَعْنِي أَهْلَ الْمَحْشَرِ ـ يَسْأَلُونِي الشَّفَاعَةَ فَأَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّي فِي دَارِهِ فَيُؤْذَنُ لِي عَلَيْهِ» . 932 - أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، ثنا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَخْتَوَيْهِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ، أنا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، ثنا هَمَّامٌ، ثنا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: وَقَالَ حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، ثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى فَذَكَرَهُ. قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: مَعْنَى قَوْلِهِ: «فَأَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّي فِي دَارِهِ فَيُؤْذَنُ لِي عَلَيْهِ» . أَيْ: فِي دَارِهِ الَّتِي دَوَّرَهَا لِأَوْلِيَائِهِ وَهِيَ الْجَنَّةُ، كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ عِنْدَ [ص: 360] رَبِّهِمْ} [الأنعام: 127] ، وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ} [يونس: 25] وَكَمَا يُقَالُ: بَيْتُ اللَّهِ، وَحَرَمُ اللَّهِ، يُرِيدُونَ الْبَيْتَ الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَالْحَرَمَ الَّذِي جَعَلَهُ أَمَنًا. وَمِثْلُهُ رَوْحُ اللَّهِ عَلَى سَبِيلِ التَّفْضِيلِ لَهُ عَلَى سَائِرِ الْأَرْوَاحِ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ فِي تَرْتِيبِ الْكَلَامِ كَقَوْلِهِ جَلَّ وَعَلَا: {إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لِمَجْنُونٌ} [الشعراء: 27] فَأَضَافَ الرَّسُولَ إِلَيْهِمْ وَإِنَّمَا هُوَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْسَلَهُ إِلَيْهِمْ " الحديث: 931 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 359 933 - قُلْتُ: وَمَا ذَكَرْنَا فِي حَدِيثِ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَمِثْلُهُ نَقُولُ فِيمَا أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَسَنِ قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، أنا سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى الْأُمَوِيُّ، حَدَّثَنِي أَبِي، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي قَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى} [النجم: 14] قَالَ: {ثُمَّ دَنَا} [النجم: 8] فَتَدَلَّى فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: قَدْ رَآهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الحديث: 933 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 360 934 - وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي أَخْبَرَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أنا أَبُو الطِّيبِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْحِيرِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، ثنا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، ح. وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، ثنا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، قَالَ: إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا بَعَثَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَسْأَلُهُ: هَلْ رَأَى مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَبَّهُ؟ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنْ نَعَمْ. فَرَدَّ عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا رَسُولَهُ أَنْ كَيْفَ رَآهُ؟ فَأَرْسَلَ: إِنَّهُ رَآهُ فِي رَوْضَةٍ خَضْرَاءَ، دُونَهُ فِرَاشٌ مِنْ ذَهَبٍ عَلَى كُرْسِيٍّ مِنْ ذَهَبٍ، يَحْمِلُهُ أَرْبَعَةٌ مِنَ [ص: 362] الْمَلَائِكَةِ: مَلَكٌ فِي صُورَةِ رَجُلٍ، وَمَلَكٌ فِي صُورَةِ ثَوْرٍ، وَمَلَكٌ فِي صُورَةِ نَسْرٍ، وَمَلَكٌ فِي صُورَةِ أَسَدٍ. لَفْظُ حَدِيثِ يَعْلَى. زَادَ يُونُسُ فِي رِوَايَتِهِ: فِي صُورَةِ رَجُلٍ شَابٍّ. قُلْتُ فَهَذَا حَدِيثٌ تَفَرَّدَ بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ، وَقَدْ مَضَى الْكَلَامُ فِي ضَعْفِ مَا يَرْوِيهِ إِذَا لَمْ يُبَيِّنْ سَمَاعَهُ فِيهِ، وَفِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ انْقِطَاعٌ بَيْنَ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَبَيْنَ الرَّاوِي عَنْهُ، وَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ فِي الرِّوَايَاتِ الصَّحِيحَةِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، وَرُوِيَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ ضَعِيفٍ الحديث: 934 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 361 935 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أنا أَبُو زَكَرِيَّا الْعَنْبَرِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَكَمِ بْنِ أَبَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ سُئِلَ: هَلْ رَأَى مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَبَّهُ؟ قَالَ: نَعَمْ، رَآهُ كَأَنَّ قَدَمَيْهِ عَلَى خُضْرَةٍ، دُونَهُ سِتْرٌ مِنْ لُؤْلُؤٍ. فَقُلْتُ: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ أَلَيْسَ يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ} [الأنعام: 103] قَالَ: يَا لَا أُمَّ لَكَ، ذَاكَ نُورُهُ الَّذِي هُوَ نُورُهُ، إِذَا تَجَلَّى بِنُورِهِ لَا يُدْرِكَهُ شَيْءٌ. إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَكَمِ بْنِ أَبَانَ ضَعِيفٌ فِي الرِّوَايَةِ، ضَعَّفَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ. 936 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، ثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ هُوَ الْأَصَمُّ، ثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ، يَقُولُ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَكَمِ بْنِ أَبَانَ ضَعِيفٌ قُلْتُ: [ص: 363] وَرُوِيَ عَنِ الْقِنْبَارِيِّ، عَنِ الْحَكَمِ، وَهُوَ مَجْهُولٌ، وَالْحَكَمُ غَيْرُ مُحْتَجٍّ بِهِ فِي الصَّحِيحِ. 937 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْبَرَاءِ، قَالَ: قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ: مُوسَى الْقِنْبَارِيُّ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ وَضَعِيفُهُ. قُلْتُ: وَهَذَا الْحَدِيثُ إِنَّمَا يُعْرَفُ مِنْ حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عِكْرِمَةَ الحديث: 935 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 362 938 - كَمَا أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَالِينِيُّ، أنا أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيٍّ الْحَافِظُ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَاصِمٍ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي سُوَيْدٍ الذِّرَاعُ، ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، ح. وَأَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ الْمَالِينِيُّ، أنا أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيٍّ الْحَافِظَ، أَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، ثنا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رَأَيْتُ رَبِّي جَعْدًا أَمْرَدَ [ص: 364] عَلَيْهِ حُلَّةٌ خَضْرَاءُ» . قَالَ: وَأَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ، ثنا ابْنُ أَبِي سُفْيَانَ الْمَوْصِلِيُّ وَابْنُ شَهْرَيَارَ قَالَا: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ رِزْقِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى، ثنا الْأَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ. فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: «فِي صُورَةِ شَابٍّ أَمْرَدَ جَعْدٍ» . قَالَ: وَزَادَ عَلِيُّ بْنُ شَهْرَيَارَ: «عَلَيْهِ حُلَّةٌ خَضْرَاءُ» . وَرَوَاهُ النَّضْرُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ عَامِرٍ بِإِسْنَادِهِ أَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَبَّهُ فِي صُورَةِ شَابٍّ أَمْرَدَ، دُونَهُ سِتْرٌ مِنْ لُؤْلُؤِ قَدَمَيْهِ ـ أَوْ قَالَ: رِجْلَيْهِ ـ فِي خُضْرَةٍ. [ص: 365] 939 - أَخْبَرَنَاهُ أَبُو سَعْدٍ، أنا أَبُو أَحْمَدَ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْوَاسِطِيُّ، ثنا النَّضْرُ بْنُ سَلَمَةَ، فَذَكَرَهُ. وَهَذَا إِنَّمَا يُعْرَفُ بِالْأَسْوَدِ بْنِ عَامِرٍ شَاذَانَ، عَنْ حَمَّادٍ، وَرُوِّينَاهُ مِنْ، حَدِيثِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي سُوَيْدٍ الذِّارِعِ، عَنْ حَمَّادٍ، وَرُوِيَ مِنْ، وَجْهَيْنِ، آخَرَيْنِ عَنْ حَمَّادٍ، فَذَهَبَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ شُجَاعٍ الثَّلْجِيُّ ـ وَكَانَ مِنَ الْمُتَعَصِّبِينَ ـ إِلَى مَا: 940 - أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ الْمَالِينِيُّ، أَنَا أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيٍّ، نا ابْنُ حَمَّادٍ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شُجَاعِ الثَّلْجِيُّ، أَخْبَرَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ، قَالَ: «كَانَ حَمَّادُ بْنُ [ص: 366] سَلَمَةَ لَا يُعْرَفُ بِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ حَتَّى خَرَجَ خَرْجَةً إِلَى عَبَادَانَ، فَجَاءَ وَهُوَ يَرْوِيهَا، فَلَا أَحْسِبُ إِلَّا شَيْطَانًا خَرَجَ إِلَيْهِ فِي الْبَحْرِ فَأَلْقَاهَا إِلَيْهِ» . قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الثَّلْجِيُّ: فَسَمِعْتُ عَبَّادَ بْنَ صُهَيْبٍ يَقُولُ: إِنَّ حَمَّادَ بْنَ سَلَمَةَ كَانَ لَا يَحْفَظُ، وَكَانُوا يَقُولُونَ: إِنَّهَا دُسَّتْ فِي كُتُبِهِ، وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ ابْنَ أَبِي الْعَوْجَاءِ كَانَ رَبِيبُهُ وَكَانَ يَدُسُّ فِي كُتُبِهِ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ. قَالَ أَبُو أَحْمَدَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الثَّلْجِيُّ كَذَّابٌ وَكَانَ يَضَعُ الْحَدِيثَ وَيَدُّسُّهُ فِي كُتُبِ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ بِأَحَادِيثَ كُفْرِيَّاتٍ مِنْ تَدْسِيسِهِ. قَالَ أَبُو أَحْمَدَ: وَالْأَحَادِيثُ الَّتِي رُوِيَتْ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ فِي الرُّؤْيَةِ قَدْ رَوَاهَا غَيْرُ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ قُلْتُ: وَقَدْ حَمَلَ غَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ النَّظَرِ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ عَلَى عِكْرِمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، وَزَعَمَ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ تَكَلَّمَ فِيهِ، وَكَذَلِكَ عَطَاءٌ [ص: 367] وَطَاوُسٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ. وَكَانَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ لَا يَرْضَاهُ، وَمُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ لَمْ يُحْتَجَّ بِهِ فِي الصِّحَاحِ. 941 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ، أَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ السَّمَّاكِ، ثَنَا حَنْبَلُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، قَالَ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ سَعْدٍ يَقُولُ: أَشْهَدُ أَكْثَرُ عِلْمِي عَلَيَّ أَبِي أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يَقُولُ لِغُلَامٍ لَهُ اسْمُهُ بُرْدٌ: إِيَّاكَ يَا بُرْدُ أَنْ تَكْذِبَ عَلَيَّ كَمَا يَكْذِبُ عِكْرِمَةُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ. [ص: 368] قُلْتُ: وَفِي بَعْضِ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: مِنْ غَيْرِ أَنْ عَزَاهَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي حُلَّةِ رَفْرَفٍ أَخْضَرَ. وَثَبَتَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: {إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى} [النجم: 16] قَالَ: غَشِيَهَا فِرَاشٌ مِنْ ذَهَبٍ وَذَكَرَ أَنَّهُ رَأَى جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي صُورَتِهِ وَهُوَ إِنَّمَا رَأَى جِبْرِيلَ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ. ثُمَّ قَدْ حَمَلَهُ بَعْضُ أَهْلِ النَّظَرِ عَلَى أَنَّهُ رَآهُ فِي الْمَنَامِ، وَاسْتَدَلَّ عَلَيْهِ بِحَدِيثِ أُمِّ الطُّفَيْلِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، وَذَلِكَ فِيمَا: الحديث: 938 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 363 942 - أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أنا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ الْحَسَنِ الْحَرْبِيُّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى الْمِصْرِيُّ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ الْأَنْصَارِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ، عَنْ مَرْوَانَ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عَامِرٍ، عَنْ أُمِّ الطُّفَيْلِ، امْرَأَةِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَذْكُرُ أَنَّهُ رَأَى رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْمَنَامِ فِي صُورَةِ شَابٍّ مُوَفَّرٍ فِي خُضْرٍ عَلَى [ص: 369] فِرَاشٍ مِنْ ذَهَبٍ فِي رِجْلَيْهِ نَعْلَانِ مِنْ ذَهَبٍ. وَقَوْلُهُ «مُوَفَّرٍ» . يَعْنِي: ذَا وَفْرَةٍ؛ أَيْ: شَعْرَةٌ. وَقَوْلُهُ «فِي خُضْرٍ» . أَيْ: فِي ثِيَابٍ خُضْرٍ، وَهَذَا شَبِيهٌ بِمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَهُوَ حِكَايَةٌ عَنْ رُؤْيَا رَآهَا فِي الْمَنَامِ. قَالَ أَهْلُ النَّظَرِ: رُؤْيَا النَّوْمِ قَدْ يَكُونُ وَهُمًا يَجْعَلُهُ اللَّهُ تَعَالَى دَلَالَةً لِلرَّائِي عَلَى أَمَرٍ سَالِفٍ أَوْ آنِفٍ عَلَى طَرِيقِ التَّعْبِيرِ الحديث: 942 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 368 بَابُ مَا جَاءَ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ} [البقرة: 210] مَا جَاءَ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ} [البقرة: 210] ، وَقَوْلُهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} [الفجر: 22] . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 370 943 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ الصَّائِغُ، ثنا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسَ، ثنا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، عَنِ الرَّبِيعِ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ} [البقرة: 210] يَقُولُ: الْمَلَائِكَةُ يَجِيئُونَ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ، وَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَجِيءُ فِيمَا يَشَاءُ، وَهِيَ فِي بَعْضِ الْقِرَاءَةِ: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ} [البقرة: 210] وَهِيَ كَقَوْلِهِ {وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ تَنْزِيلًا} [الفرقان: 25] . قُلْتُ: فَصَحَّ بِهَذَا التَّفْسِيرِ أَنَّ الْغَمَامَ إِنَّمَا هُوَ مَكَانُ الْمَلَائِكَةِ وَمَرْكَبُهُمْ، وَأَنَّ اللَّهَ [ص: 371] تَعَالَى لَا مَكَانَ لَهُ وَلَا مَرْكَبَ، وَأَمَّا الْإِتْيَانُ وَالْمَجِيءُ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُحْدِثُ اللَّهُ تَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِعْلًا يُسَمِّيهِ إِتْيَانًا وَمَجِيئًا، لَا بِأَنْ يَتَحَرَّكَ أَوْ يَنْتَقِلَ، فَإِنَّ الْحَرَكَةَ وَالسُّكُونَ وَالِاسْتِقْرَارَ مِنْ صِفَاتِ الْأَجْسَامِ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَحَدٌ صَمَدٌ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ. وَهَذَا كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ} [النحل: 26] وَلَمْ يُرِدْ بِهِ إِتْيَانًا مِنْ حَيْثُ النُّقْلَةِ، إِنَّمَا أَرَادَ إِحْدَاثَ الْفِعْلِ الَّذِي بِهِ خَرِبَ بُنْيَانُهُمْ وَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقَهُمْ، فَسَمَّى ذَلِكَ الْفِعْلَ إِتْيَانًا، وَهَكَذَا قَالَ فِي أَخْبَارِ النُّزُولِ إِنَّ الْمُرَادَ بِهِ فِعْلٌ يُحْدِثُهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي سَمَاءِ الدُّنْيَا كُلَّ لَيْلَةٍ يُسَمِّيهِ نُزُولًا بِلَا حَرَكَةٍ وَلَا نُقْلَةٍ، تَعَالَى اللَّهُ عَنْ صِفَاتِ الْمَخْلُوقِينَ الحديث: 943 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 370 944 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ النِّجَادُ، قَالَ: قُرِئَ عَلَى سُلَيْمَانَ بْنِ الْأَشْعَثِ الْأَشْجَعِيِّ وَأَنَا أَسْمَعُ، ثنا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْأَغَرِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " يَنْزِلُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْأَخِيرُ فَيَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ؟ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ؟ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ؟ " [ص: 372] 945 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، ثنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ، ثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ فَذَكَرَ بِمَعْنَاهُ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنِ الْقَعْنَبِيِّ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، وَرَوَاهُ أَيْضًا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الحديث: 944 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 371 946 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيُّ، وَالْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ، قَالَا: ثنا مُحَاضِرُ بْنُ الْمُوَرِّعِ، ثنا سَعْدُ بْنُ سَعِيدٍ، أنا سَعِيدُ بْنُ مَرْجَانَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَنْزِلُ اللَّهُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا لِشَطْرِ اللَّيْلِ ـ أَوْ لَثُلُثِ اللَّيْلِ ـ الْأَخِيرِ فَيَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ؟ أَوْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ؟ ثُمَّ يَقُولُ: مَنْ يُقْرِضُ غَيْرَ عَدُومٍ وَلَا ظَلُومٍ؟ " رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ حَجَّاجِ بْنِ الشَّاعِرِ، عَنْ مُحَاضِرِ بْنِ الْمُوَرِّعِ، وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَرَوَاهُ أَيْضًا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ فِي آخَرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الحديث: 946 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 372 947 - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ فُورَكٍ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا شُعْبَةُ، أنا أَبُو إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ الْأَغَرَّ، يَقُولُ: أَشْهَدُ عَلَى أَبِي سَعِيدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُمَا شَهِدَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: " إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُمْهِلُ حَتَّى يَمْضِيَ ثُلُثَا اللَّيْلِ ثُمَّ يَهْبِطُ فَيَقُولُ: هَلْ مِنْ سَائِلٍ؟ هَلْ مِنْ تَائِبٍ؟ هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ مِنْ ذَنْبٍ؟ " فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ؟ فَقَالَ: «نَعَمْ» . [ص: 373] أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ غُنْدَرٍ عَنْ شُعْبَةَ، وَقَالَ: «فَيَنْزِلُ» بَدَلَ قَوْلِهِ: «ثُمَّ يَهْبِطُ» . وَبِمَعْنَاهُ قَالَهُ مَنْصُورٌ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْأَغَرِّ أَبِي مُسْلِمٍ: «يَنْزِلُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا» الحديث: 947 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 372 948 - أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شَبَانَةَ الشَّاهِدُ بِهَمَذَانَ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ، أنا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، ح. وَأَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ الْفَقِيهُ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى الْوَاسِطِيُّ، ثنا هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الطَّيَالِسِيُّ، ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " يَنْزِلُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا فِي ثُلُثِ اللَّيْلِ فَيَقُولُ: هَلْ مِنْ تَائِبٍ فَأَتُوبَ عَلَيْهِ؟ هَلْ مِنْ دَاعٍ فَأَسْتَجِيبَ لَهُ؟ هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ فَأَغْفِرَ لَهُ؟ قَالَ: وَذَلِكَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ ". لَفْظُ حَدِيثِ الْوَاسِطِيِّ وَهُوَ أَتَمُّ. وَقَدْ رُوِيَ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَعُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، وَرِفَاعَةَ بْنِ عَرَابَةَ، وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَعُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَعَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ، وَأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ وَغَيْرِهِمْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرُوِيَ فِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ وَأُمِّ سَلَمَةَ وَغَيْرِهِمَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ الحديث: 948 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 373 949 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيُّ، أنا سَلْمُ بْنُ قَادِمٍ، ثنا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ، قَالَ: قَالَ لِي عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ: قَدِمَ عَلَيْنَا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ مُنْذُ نَحْوٍ مِنْ خَمْسِينَ سَنَةً، قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، إِنَّ عِنْدَنَا قَوْمًا مِنَ الْمُعْتَزَلَةِ يُنْكِرُونَ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ. قَالَ: فَحَدَّثَنِي بِنَحْوٍ مِنْ عَشْرَةِ أَحَادِيثَ فِي هَذَا، وَقَالَ: أَمَّا نَحْنُ فَقَدْ أَخَذْنَا دِينَنَا هَذَا عَنِ التَّابِعِينَ عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَهُمْ عَمَّنْ أَخَذُوا؟ الحديث: 949 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 374 950 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا زَكَرِيَّا الْعَنْبَرِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا الْعَبَّاسِ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْحَاقَ الثَّقَفِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْجَرْوِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ قَاضِيَ فَارِسٍ يَقُولُ: قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ: دَخَلْتُ يَوْمًا عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاهِرٍ فَقَالَ لِي: يَا أَبَا يَعْقُوبَ، تَقُولُ إِنَّ اللَّهَ يَنْزِلُ كُلَّ لَيْلَةٍ؟ فَقُلْتُ لَهُ: وَيَقْدِرُ. فَسَكَتَ عَبْدُ اللَّهِ. قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: أَخْبَرَنِي الثِّقَةُ مِنْ أَصْحَابِنَا قَالَ: سَمِعْتُ إِسْحَاقَ بْنَ رَاهَوَيْهِ يَقُولُ: دَخَلْتُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاهِرٍ فَقَالَ لِي: يَا أَبَا يَعْقُوبَ، تَقُولُ إِنَّ اللَّهَ يَنْزِلُ كُلَّ لَيْلَةٍ؟ فَقُلْتُ: أَيُّهَا الْأَمِيرُ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى بَعَثَ إِلَيْنَا نَبِيًّا، نُقِلَ إِلَيْنَا عَنْهُ أَخْبَارٌ بِهَا نُحَلِّلُ الدِّمَاءَ، وَبِهَا نُحَرِّمُ، وَبِهَا نُحَلِّلُ الْفُرُوجَ، وَبِهَا نُحَرِّمُ، وَبِهَا نُبِيحُ الْأَمْوَالَ وَبِهَا نُحَرِّمُ، فَإِنْ صَحَّ ذَا صَحَّ ذَاكَ، وَإِنْ بَطَلَ ذَا بَطَلَ ذَاكَ. قَالَ: فَأَمْسَكَ عَبْدُ اللَّهِ الحديث: 950 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 375 951 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحِ بْنِ هَانِئٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ سَلَمَةَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ إِسْحَاقَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيَّ، يَقُولُ: جَمَعَنِي وَهَذَا الْمُبْتَدِعُ ـ يَعْنِي إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَبِي صَالِحٍ ـ مَجْلِسُ الْأَمِيرِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاهِرٍ [ص: 376] فَسَأَلَنِي الْأَمِيرُ عَنْ أَخْبَارِ النُّزُولِ فَسَرَدْتُهَا، فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: كَفَرْتُ بِرَبٍّ يَنْزِلُ مِنْ سَمَاءٍ إِلَى سَمَاءٍ. فَقُلْتُ: آمَنْتُ بِرَبٍّ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ. قَالَ فَرَضِيَ عَبْدُ اللَّهِ كَلَامِي وَأَنْكَرَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ. هَذَا مَعْنَى الْحِكَايَةِ الحديث: 951 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 375 952 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا زَكَرِيَّا الْعَنْبَرِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا الْعَبَّاسِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، يَقُولُ: دَخَلْتُ يَوْمًا عَلَى طَاهِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاهِرٍ، وَعِنْدَهُ مَنْصُورُ بْنُ طَلْحَةَ، فَقَالَ لِي: يَا أَبَا يَعْقُوبَ، إِنَّ اللَّهَ يَنْزِلُ كُلَّ لَيْلَةٍ؟ فَقُلْتُ لَهُ: تُؤْمِنُ بِهِ؟ فَقَالَ طَاهِرٌ: أَلَمْ أَنْهَكَ عَنْ هَذَا الشَّيْخِ، مَا دَعَاكَ إِلَى أَنْ تَسْأَلَهُ عَنْ مِثْلِ هَذَا؟ قَالَ إِسْحَاقُ: فَقُلْتُ لَهُ: إِذَا أَنْتَ لَمْ تُؤْمِنْ أَنَّ لَكَ رَبًّا يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ، لَسْتَ تَحْتَاجُ أَنْ تَسْأَلَنِيَ. قُلْتُ: فَقَدْ بَيَّنَ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ فِي هَذِهِ الْحِكَايَةِ أَنَّ النُّزُولَ عِنْدَهُ مِنْ صِفَاتِ الْفِعْلِ، ثُمَّ إِنَّهُ كَانَ يَجْعَلُهُ نُزُولًا بِلَا كَيْفٍ، وَفِي ذَلِكَ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ لَا يَعْتَقِدُ فِيهِ الِانْتِقَالَ وَالزَّوَالَ الحديث: 952 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 376 953 - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَارِثِ الْفَقِيهُ، أنا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَيَّانَ أَبُو الشَّيْخِ الْأَصْبَهَانِيُّ، قَالَ: وَفِيمَا أَجَازَنِي جَدِّي يَعْنِي مَحْمُودَ بْنَ الْفَرَحِ قَالَ: قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ [ص: 377] رَاهَوَيْهِ: سَأَلَنِي ابْنُ طَاهِرٍ عَنْ حَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ يَعْنِي فِي النُّزُولِ ـ فَقُلْتُ لَهُ: النُّزُولُ بِلَا كَيْفٍ. قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ: هَذَا الْحَدِيثُ وَمَا أَشْبَهَهُ مِنَ الْأَحَادِيثِ فِي الصِّفَاتِ كَانَ مَذْهَبُ السَّلَفِ فِيهَا الْإِيمَانَ بِهَا، وَإِجْرَاءَهَا عَلَى ظَاهِرِهَا وَنَفْيَ الْكَيْفِيَّةِ عَنْهَا. وَذَكَرَ الْحِكَايَةَ الَّتِي الحديث: 953 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 376 954 - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَارِثِ الْفَقِيهُ، أنا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَيَّانَ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّارْكِيُّ، ثنا أَبُو زُرْعَةَ، ثنا ابْنُ مُصَفَّى، ثنا بَقِيَّةُ، ثنا الْأَوْزَاعِيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَمَكْحُولٍ، قَالَا: امْضُوا الْأَحَادِيثَ عَلَى مَا جَاءَتْ الحديث: 954 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 377 955 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، ثنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ بَالَوَيْهِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرِ بْنِ مَطَرٍ، ثنا الْهَيْثَمُ بْنُ خَارِجَةَ، ثنا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: سُئِلَ الْأَوْزَاعِيُّ وَمَالِكٌ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ الَّتِي جَاءَتْ فِي التَّشْبِيهِ فَقَالُوا: أَمِرُّوهَا كَمَا جَاءَتْ بِلَا كَيْفِيَّةٍ الحديث: 955 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 377 قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لَهُ، كَيْفَ يَنْزِلُ؟ فَقَالَ لَهُ بِالْفَارِسِيَّةِ: (كدخدَائ كارخويش كن) يَنْزِلُ كَمَا يَشَاءُ. 956 - أَخْبَرَنَا أَبُو عُثْمَانَ، ثنا أَبُو يَعْقُوبَ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْعَدْلُ، ثنا مَحْبُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقَاضِي، ثنا جَدِّي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مَحْبُوبٍ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ حَيَوَيْهِ، حدثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعَتَكِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَّامٍ، قَالَ: سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْمُبَارَكِ. فَذَكَرَ حِكَايَةً قَالَ فِيهَا: فَقَالَ الرَّجُلُ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، كَيْفَ يَنْزِلُ؟ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ: «كدخاي كارخويش كن» يَنْزِلُ كَيْفَ يَشَاءُ قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ رَحِمَهُ اللَّهُ: «وَإِنَّمَا يَنْكِرُ هَذَا وَمَا أَشْبَهَهُ مِنَ الْحَدِيثِ مَنْ يَقِيسُ الْأُمُورَ فِي ذَلِكَ بِمَا يُشَاهِدُهُ مِنَ النُّزُولِ الَّذِي هُوَ نَزْلَةٌ مِنْ أَعْلَى إِلَى أَسْفَلَ، وَانْتِقَالٌ مِنْ فَوْقٍ إِلَى تَحْتٍ، وَهَذَا صِفَةُ الْأَجْسَامِ وَالْأَشْبَاحِ، فَأَمَّا نُزُولُ مَنْ لَا يَسْتَوْلِي عَلَيْهِ صِفَاتُ الْأَجْسَامِ فَإِنَّ هَذِهِ الْمَعَانِي غَيْرُ مُتَوَهَّمَةٍ فِيهِ، وَإِنَّمَا هُوَ خَبَرٌ عَنْ قُدْرَتِهِ وَرَأْفَتِهِ بِعِبَادِهِ، وَعَطْفِهِ عَلَيْهِمْ وَاسْتِجَابَتِهِ دُعَائِهِمْ وَمَغْفِرَتِهِ لَهُمْ، يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ، لَا يَتَوَجَّهُ عَلَى صِفَاتِهِ كَيْفِيَّةٌ، وَلَا عَلَى أَفْعَالِهِ كِمِّيَّةٌ، سُبْحَانَهُ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ» . وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي مَعَالِمِ السُّنَنِ: وَهَذَا مِنَ الْعِلْمِ الَّذِي أُمِرْنَا أَنْ نُؤْمِنَ [ص: 379] بِظَاهِرِهِ، وَأَنْ لَا نَكْشِفَ عَنْ بَاطِنِهِ، وَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْمُتَشَابِهِ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ فَقَالَ: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ} [آل عمران: 7] الْآَيَةَ فَالْمُحْكَمُ مِنْهُ يَقَعُ بِهِ الْعِلْمُ الْحَقِيقِيُّ وَالْعَمَلُ، وَالْمُتَشَابِهُ يَقَعُ بِهِ الْإِيمَانُ وَالْعِلْمُ الظَّاهِرُ، وَيُوكَلُ بَاطِنُهُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ} [آل عمران: 7] وَإِنَّمَا حَظُّ الرَّاسِخِينَ أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا. وَكَذَلِكَ مَا جَاءَ مِنْ هَذَا الْبَابِ فِي الْقُرْآنِ كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ} [البقرة: 210] وَقَوْلِهِ: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} [الفجر: 22] وَالْقَوْلُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ عِنْدَ عُلَمَاءِ السَّلَفِ هُوَ مَا قُلْنَاهُ، وَرُوِيَ مِثْلُ ذَلِكَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ. وَقَدْ زَلَّ بَعْضُ شُيُوخِ أَهْلِ الْحَدِيثِ مِمَّنْ يُرْجَعُ إِلَى مَعْرِفَتِهِ بِالْحَدِيثِ وَالرِّجَالِ، فَحَادَ عَنْ هَذِهِ الطَّرِيقَةِ حِينَ رَوَى حَدِيثَ النُّزُولِ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى نَفْسِهِ، فَقَالَ: إِنْ قَالَ قَائِلٌ: كَيْفَ يَنْزِلُ رَبُّنَا إِلَى السَّمَاءِ؟ قِيلَ لَهُ: يَنْزِلُ كَيْفَ يَشَاءُ. فَإِنْ قَالَ: هَلْ يَتَحَرَّكُ إِذَا نَزَلَ؟ فَقَالَ: إِنْ شَاءَ يَتَحَرَّكُ وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَتَحَرَّكْ. وَهَذَا خَطَأٌ فَاحِشٌ عَظِيمٌ، وَاللَّهُ تَعَالَى لَا يُوصَفُ بِالْحَرَكَةِ، لِأَنَّ الْحَرَكَةَ وَالسُّكُونَ يَتَعَاقَبَانِ فِي مَحِلٍّ وَاحِدٍ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ أَنْ يُوصَفَ بِالْحَرَكَةِ مَنْ يَجُوزُ أَنْ يُوصَفَ بِالسُّكُونِ، وَكِلَاهُمَا مِنْ أَعْرَاضِ الْحَدَثِ، وَأَوْصَافِ الْمَخْلُوقِينَ، وَاللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مُتَعَالٍ عَنْهُمَا، لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ. فَلَوْ جَرَى هَذَا الشَّيْخُ عَلَى طَرِيقَةِ السَّلَفِ الصَّالِحِ وَلَمْ يُدْخِلْ نَفْسَهُ فِيمَا لَا يَعْنِيهِ لَمْ يَكُنْ يَخْرُجُ بِهِ الْقَوْلُ إِلَى مِثْلِ هَذَا الْخَطَأِ الْفَاحِشِ. قَالَ: وَإِنَّمَا ذَكَرْتُ هَذَا لِكَيْ يُتَوَقَّى الْكَلَامُ فِيمَا كَانَ مِنْ هَذَا النَّوْعِ، فَإِنَّهُ لَا يُثْمِرُ خَيْرًا وَلَا يُفِيدُ رُشْدًا، وَنَسْأَلُ اللَّهَ الْعِصْمَةَ مِنَ [ص: 380] الضَّلَالِ، وَالْقَوْلِ بِمَا لَا يَجُوزُ مِنَ الْفَاسِدِ وَالْمُحَالِ. وَقَالَ الْقُتَيْبِيُّ: قَدْ يَكُونُ النُّزُولُ بِمَعْنَى إِقْبَالٍ عَلَى الشَّيْءِ بِالْإِرَادَةِ وَالنِّيَّةِ، وَكَذَلِكَ الْهُبُوطُ وَالِارْتِفَاعُ وَالْبُلوغُ وَالْمَصِيرُ، وَأَشْبَاهُ هَذَا الْكَلَامِ، وَذَكَرَ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ. قَالَ: وَلَا يُرَادُ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذَا انْتِقَالٌ يَعْنِي بِالذَّاتِ، وَإِنَّمَا يُرَادُ بِهِ الْقَصْدُ إِلَى الشَّيْءِ بِالْإِرَادَةِ وَالْعَزْمِ وَالنِّيَّةِ. قُلْتُ: وَفِيمَا قَالَهُ أَبُو سُلَيْمَانَ رَحِمَهُ اللَّهُ كِفَايَةٌ، وَقَدْ أَشَارَ إِلَى مَعْنَاهُ الْقُتَيْبِيُّ فِي كَلَامِهِ، فَقَالَ: لَا نُحَتِّمُ عَلَى النُّزُولِ مِنْهُ بِشَيْءٍ، وَلَكِنَّا نُبَيِّنُ كَيْفَ هُوَ فِي اللُّغَةِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا أَرَادَ. وَقَرَأْتُ بِخَطِّ الْأُسْتَاذِ أَبِي عُثْمَانَ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي كِتَابِ الدَّعَوَاتِ عَقِيبَ حَدِيثِ النُّزُولِ: قَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ يَعْنِي الْحَمْشَاذِيَّ عَلَى إِثْرِ الْخَبَرِ: وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي قَوْلِهِ: «يَنْزِلُ اللَّهُ» فَسُئِلَ أَبُو حَنِيفَةَ عَنْهُ فَقَالَ: يَنْزِلُ بِلَا كَيْفٍ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: نُزُولُهُ إِقْبَالُهُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَنْزِلُ نُزُولًا يَلِيقُ بِالرُّبُوبِيَّةِ بِلَا كَيْفٍ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ نُزُولُهُ مِثْلَ نُزُولِ الْخَلْقِ بِالتَّجَلِّي وَالتَّمَلِّي، لِأَنَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ مُنَزَّهٌ عَنْ أَنْ تَكُونَ صِفَاتُهُ مِثْلَ صِفَاتِ الْخَلْقِ، كَمَا كَانَ مُنَزَّهًا عَنْ أَنْ تَكُونَ ذَاتُهُ مِثْلَ ذَاتِ الْغِيَرِ، فَمَجِيئُهُ وَإِتْيَانُهُ وَنُزُولُهُ عَلَى حَسْبِ مَا يَلِيقُ بِصِفَاتِهِ مِنْ غَيْرِ تَشْبِيهٍ وَكَيْفِيَّةٍ. ثُمَّ رَوَى الْإِمَامُ رَحِمَهُ اللَّهُ عُقَيْبَ حِكَايَةِ ابْنِ الْمُبَارَكِ حِينَ سُئِلَ عَنْ كَيْفِيَّةِ نُزُولِهِ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: «كد خداي كارخويش كن» يَنْزِلُ كَيْفَ يَشَاءُ. وَقَدْ سَبَقَتْ مِنْهُ هَذِهِ الْحِكَايَةُ بِإِسْنَادِهِ وَكَتَبْتُهَا حَيْثُ ذَكَرَهَا أَبُو سُلَيْمَانَ رَحِمَهُ اللَّهُ. 957 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، قَالَ سَمِعْتُ أَبَا مُحَمَّدٍ أَحْمَدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ [ص: 381] الْمُزَنِيَّ يَقُولُ: «حَدِيثُ النُّزُولِ قَدْ ثَبَتَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ وُجُوهٍ صَحِيحَةٍ» وَوَرَدَ فِي التَّنْزِيلِ مَا يُصَدِّقُهُ وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} [الفجر: 22] وَالْمَجِيءُ وَالنُّزُولُ صِفَتَانِ مَنْفِيَّتَانِ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى، مِنْ طَرِيقِ الْحَرَكَةِ وَالِانْتِقَالِ مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ، بَلْ هُمَا صِفَتَانِ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى بِلَا تَشْبِيهٍ، جَلَّ اللَّهُ تَعَالَى عَمَّا يَقُولُ الْمُعَطِّلَةُ لِصِفَاتِهِ وَالْمُشَبِّهَةُ بِهَا عُلُوًّا كَبِيرًا الحديث: 956 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 378 958 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو الْحَرَشِيُّ، ثنا الْقَعْنَبِيُّ، ثنا يَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التُّسْتَرِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: تَلَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ} فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ. قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا رَأَيْتُمُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ سَمَّى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَاحْذَرُوهُمْ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنِ الْقَعْنَبِيِّ الحديث: 958 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 381 بَابُ مَا رُوِيَ فِي التَّقَرُّبِ وَالْإِتْيَانِ وَالْهَرْوَلَةِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 382 959 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ، ثنا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنِ الْمَعْرُورِ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ عَمِلَ حَسَنَةً فَجَزَاؤُهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَأَزِيدُ، وَمَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَجَزَاؤُهُ مِثْلُهَا أَوْ أَغْفِرُ، وَمَنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ شِبْرًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ ذِرَاعًا، وَمَنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بَاعًا، وَمَنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً، وَمَنْ لَقِيَنِي بِقِرَابِ الْأَرْضِ خَطِيئَةً لَمْ يُشْرِكْ بِي شَيْئًا جَعَلْتُ لَهُ مِثْلَهَا مَغْفِرَةً» فَقَالُوا: هَذَا الْحَدِيثُ يَسْتَبْشِعُهُ النَّاسُ. فَقَالَ: إِنَّمَا هَذَا عِنْدَنَا عَلَى الْإِجَابَةِ. وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ وَكِيعٍ عَنِ الْأَعْمَشِ، وَقَالَ فِي أَوَّلِهِ: «يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ» . وَكَأَنَّهُ سَقَطَ مِنْ رِوَايَتِنَا، وَالَّذِي فِي آخِرِ رِوَايَتِنَا أَظُنُّهُ مِنْ قَوْلِ الْأَعْمَشِ الحديث: 959 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 382 960 - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ فُورَكٍ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، ثنا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِنْ تَقَرَّبَ عَبْدِي مِنِّي شِبْرًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ ذِرَاعًا، وَإِنْ تَقَرَّبَ مِنِّي ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بَاعًا ". [ص: 383] 961 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَا: أنا أَبُو سَهْلِ بْنُ زِيَادٍ الْقَطَّانُ، ثنا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا أَبُو عَتَّابٍ الدَّلَّالُ، ثنا شُعْبَةُ، فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ نَحْوَهُ، زَادَ: «وَإِذَا أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً» . أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي زَيْدٍ الْهَرَوِيِّ. نَازِلًا عَنْ شُعْبَةَ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: وَقَالَ مُعْتَمِرٌ: سَمِعْتُ أَبِيَ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ الحديث: 960 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 382 962 - أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، ثنا الْإِمَامُ أَبُو سَهْلٍ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ إِمْلَاءً، أنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ أَبُو بَكْرٍ الْإِمَامُ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الصَّنْعَانِيُّ، حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا تَقَرَّبَ مِنِّي عَبْدِي شِبْرًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ ذِرَاعًا، وَإِذَا تَقَرَّبَ مِنِّي ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بُوعًا وَإِذَا تَقَرَّبَ مِنِّي بُوعًا أَتَيْتُهُ أُهَرْوِلُ» أَوْ كَمَا قَالَ. قَالَ الشَّيْخُ أَبُو سَهْلٍ: " وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ اخْتِصَارٌ، وَلَفْظُةٌ تَفَرَّدَ بِهَا هَذَا الرَّاوِي، إِذْ سَائِرُ الرُّوَاةِ يَقُولُونَ: «إِذَا تَقَرَّبَ مِنِّي ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بَاعًا» وَيَقُولُونَ فِي تَمَامِ الْحَدِيثِ: «وَإِذَا أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ أُهَرْوِلُ» . وَالْبَاعُ وَالْبُوعُ مُسْتَقِيمَانِ فِي اللُّغَةِ، جَارِيَتَانِ عَلَى سَبِيلِ الْعَرَبِيَّةِ، وَالْأَصْلُ فِي الْحَرْفِ الْوَاوُ فَقَلَّبْتُ الْوَاوُ أَلْفًا لِلْفَتْحَةِ. ثُمَّ الْجَهْمِيَّةُ وَأَصْنَافُ الْقَدَرِيَّةِ وَأَخْيَافُ الْمُعْتَزَلَيَّةِ الْمُجْتَرِئَةِ عَلَى رَدِّ أَخْبَارِ الرَّسُولِ بِالْمُزَيَّفِ مِنَ الْمَعْقُولِ، لَمَّا رُدُّوا إِلَى حَوْلِهِمْ وَأَحَاطَ بِهِمُ الْخِذْلَانُ وَاسْتَوْلَى عَلَيْهِمُ [ص: 384] بِخَدَائِعِهِ الشَّيْطَانُ، وَلَمْ يَعْصِمْهُمُ التَّوْفِيقُ وَلَا اسْتَنْقَذَهُمُ التَّحْقِيقُ، قَالُوا: الْهَرْوَلَةُ لَا تَكُونُ إِلَّا مِنَ الْجِسْمِ الْمُنْتَقِلِ، وَالْحَيَوَانُ الْمُهَرْوِلُ، وَهُوَ ضَرْبٌ مِنْ ضُرُوبِ حَرَكَاتِ الْإِنْسَانِ كَالْهَرْوَلَةِ الْمَعْرُوفَةِ فِي الْحَجِّ، وَهَكَذَا قَالُوا، فِي قَوْلِهِ: «تَقَرَّبْتُ مِنْهُ ذِرَاعًا» ، تَشْبِيهٌ إِذْ يُقَالُ ذَلِكَ فِي الْأَشْخَاصِ الْمُتَقَارِبَةِ، وَالْأَجْسَامِ الْمُتَدَانِيَةِ الْحَامِلَةِ لِلْأَعْرَاضِ، ذَوَاتِ الِانْبِسَاطِ وَالِانْقِبَاضِ، فَأَمَّا الْقَدِيمُ الْمُتَعَالِي عَنْ صِفَةِ الْمَخْلُوقِينَ، وَعَنْ نُعُوتِ الْمُخْتَرِعِينَ، فَلَا يُقَالُ عَلَيْهِ مَا يَنْثَلِمُ بِهِ التَّوْحِيدُ وَلَا يَسْلَمُ عَلَيْهِ التَّمْجِيدُ. فَأَقُولُ: إِنَّ قَوْلَ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُوَافِقٌ لِقَضَايَا الْعُقُولِ إِذْ هُوَ سَيِّدُ الْمُوَحِّدِينَ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ، وَلَكِنْ مَنْ نَبَذَ الدِّينَ وَرَاءَهُ وَحَكَّمَ هَوَاهُ وَآرَاءَهُ، ضَلَّ عَنْ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ، وَبَاءَ بِسَخَطِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، تَقَرَّبَ الْعَبْدُ مِنْ مَوْلَاهُ بِطَاعَاتِهِ وَإِرَادَتِهِ وَحَرَكَاتِهِ وَسَكَنَاتِهِ سِرًّا وَعَلَنًا، كَالَّذِي رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا تَقَرَّبَ الْعَبْدُ مِنِّي بِمِثْلِ مَا تَقَرَّبَ مِنْ أَدَاءِ مَا افْتَرَضْتُهُ عَلَيْهِ، فَلَا يَزَالُ يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أَكُونَ لَهُ سَمْعًا وَبَصَرًا» . وَهَذَا الْقَوْلُ مِنَ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ لَطِيفِ التَّمْثِيلِ عِنْدَ ذَوِي التَّحْصِيلِ، الْبَعِيدُ مِنَ التَّشْبِيهِ، الْمَكِينُ مِنَ التَّوْحِيدُ، وَهُوَ أَنْ يَسْتَوْلِيَ الْحَقُّ عَلَى الْمتَقَرِّبِ إِلَيْهِ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى لَا يَسْمَعُ شَيْئًا إِلَّا بِهِ، وَلَا يَنْطِقُ إِلَّا عَنْهُ، نَشْرًا لِآلَائِهِ، وَذِكْرًا لِنَعْمَائِهِ، وَإِخْبَارًا عَنْ مِنَنِهِ الْمُسْتَغْرِقَةِ لِلْخَلْقِ، فَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ: يَسْمَعُ بِهِ وَيَنْطِقُ وَلَا يَقَعُ نَظَرُهُ عَلَى مَنْظُورٍ إِلَيْهِ إِلَّا رَآهُ بِقَلْبِهِ مُوَحِّدًا، وَبِلَطَائِفِ آثَارِ حِكْمَتِهِ، وَمَوَاقِعِ قُدْرَتِهِ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَئِيِّ الْمُشَاهِدِ، يَشْهَدُهُ بِعَيْنِ التَّدْبِيرِ وَتَحقِيقِ التَّقْدِيرِ، وَتَصْدِيقِ التَّصْوِيرِ. [البحر المتقارب] وَفِي كُلِّ شَيْءٍ لَهُ شَاهِدٌ ... يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ وَاحِدٌ فَتَقَرُّبُ الْعَبْدِ بِالْإِحْسَانِ، وَتَقَرُّبُ الْحَقِّ بِالِامْتِنَانِ، يُرِيدُ أَنَّهُ الَّذِي أَدْنَاهُ، وَتَقَرُّبُ الْعَبْدِ إِلَيْهِ بِالتَّوْبَةِ وَالْإِنَابَةِ، وَتَقَرُّبُ الْبَارِي إِلَيْهِ بِالرَّحْمَةِ وَالْمَغْفِرَةِ، وَتَقَرُّبُ الْعَبْدِ إِلَيْهِ بِالسُّؤَالِ، وَتَقَرُّبُهُ إِلَيْهِ بِالنَّوَالِ، وَتَقَرُّبُ الْعَبْدِ إِلَيْهِ بِالسِّرِّ وَتَقَرُّبُهُ إِلَيْهِ بِالْبِشْرِ، لَا مِنْ حَيْثُ تَوَهَّمَتْهُ الْفِرْقَةُ الْمُضِلَّةِ لِلْأَغْمَارِ وَالْمُتَغَابِيَةُ بِالْإِعْثَارِ. [ص: 385] وَقَدْ قِيلَ فِي مَعْنَاهُ: إِذَا تَقَرَّبَ الْعَبْدُ إِلَيَّ بِمَا بِهِ تَعَبَدْتُهُ، تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بِمَا لَهُ عَلَيْهِ وَعَدْتُهُ. وَقِيلَ فِي مَعْنَاهُ: إِنَّمَا هُوَ كَلَامٌ خَرَجَ عَلَى طَرِيقِ الْقُرْبِ مِنَ الْقُلُوبِ دُونَ الْحَوَاسِّ، مَعَ السَّلَامَةِ مِنَ الْعُيُوبِ عَلَى حَسْبِ مَا يَعْرِفُهُ الْمُشَاهِدُونَ، وَيَجِدُهُ الْعَابِدُونَ مِنْ أَخْبَارِ دُنُوِّ مَنْ يَدْنُو مِنْهُ، وَقَرْبِ مَنْ يَقْرُبُ إِلَيْهِ، فَقَالَ عَلَى هَذِهِ السَّبِيلِ وَعَلَى مَذْهَبِ التَّمْثِيلِ وَلِسَانِ التَّعْلِيمِ بِمَا يَقْرُبُ مِنَ التَّفْهِيمِ، إِنَّ قُرْبَ الْبَارِي مِنْ خَلْقِهِ بِقُرْبِهِمْ إِلَيْهِ بِالْخُرُوجِ فِيمَا أَوْجَبَهُ عَلَيْهِمْ، وَهَكَذَا الْقَوْلُ فِي الْهَرْوَلَةِ، إِنَّمَا يُخْبِرُ عَنْ سُرْعَةِ الْقَبُولِ وَحَقِيقَةِ الْإِقْبَالِ وَدَرَجَةِ الْوُصُولِ، وَالْوَصْفُ الَّذِي يَرْجِعُ إِلَى الْمَخْلُوقِ مَصْرُوفٌ عَلَى مَا هُوَ بِهِ لَائِقٌ، وَبِكَوْنِهِ مُتَحَقَّقٌ، وَالْوَصْفُ الَّذِي يَرْجِعُ إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَصْرِفُهُ لِسَانُ التَّوْحِيدِ، وَبَيَانُ التَّجْرِيدِ، إِلَى نُعُوتِهِ الْمُتَعَالِيَةِ، وَأَسْمَائِهِ الْحُسْنَى. وَلَوْلَا الْإِمْلَالُ أَحْذَرُهُ وَأَخْشَاهُ، لَقُلْتُ فِي هَذَا مَا يَطُولُ دَرْكُهُ، وَيَصْعُبُ مِلْكُهُ، وَالَّذِي أَقُولُ فِي هَذَا الْخَبَرِ وَأَشْبَاهِهِ مِنْ أَخْبَارِ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَنْقُولَةِ عَلَى الصِّحَّةِ وَالِاسْتِقَامَةِ بِالرُّوَاةِ الْأَثْبَاتِ الْعُدُولِ، وُجُوبَ التَّسْلِيمِ، وَلَفْظَ التَّحْكِيمِ، وَالِانْقِيَادَ بِتَحْقِيقِ الطَّاعَةِ، وَقَطْعِ الرَّيْبِ عَنِ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَنِ الصَّحَابَةِ النُّجَبَاءِ الَّذِينَ اخْتَارَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ وُزَرَاءَ وَأَصْفِيَاءَ، وَخُلَفَاءَ، وَجَعَلَهُمُ السُّفَرَاءَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنْ حَقِّ عِدَاهُ أَوْ عَدُوِّهِ، وَصِدْقٍ تَجَاوَزُوهُ، وَالنَّاسُ ضَرْبَانِ: مُقَلِّدُونَ وَعُلَمَاءٌ، فَالَّذِينَ يُقَلِّدُونَ أَئِمَّةَ الدِّينِ سَبِيلُهُمْ أَنْ يَرْجِعُوا إِلَيْهِمْ عِنْدَ هَذِهِ الْمَوَارِدِ، وَالَّذِينَ مُنِحُوا الْعِلْمَ وَرُزِقُوا الْفَهْمَ هُمُ الْأَنْوَارُ الْمُسْتَضَاءُ بِهِمْ، وَالْأَئِمَّةُ الْمُقْتَدَى بِهِمْ، وَلَا أَعْلَمُهُمْ إِلَّا الطَّائِفَةَ السُّنِّيَّةَ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الحديث: 962 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 383 963 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الرُّوذْبَارِيُّ، ثنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ [ص: 386] أَحْمَدَ بْنِ مَحْمَوَيْهِ الْعَسْكَرِيُّ بِالْبَصْرَةِ، ثنا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيُّ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَاضِي حِمْصَ، ثنا عَمْرُو بْنُ يَزِيدَ، ثنا سَيْفُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَكَانَ ثِقَةً، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْعَيَّارِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ نَرَى رَبَّنَا؟ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَلْ تَرَوْنَ الشَّمْسَ فِي يَوْمٍ لَا غَيْمَ فِيهِ، وَتَرَوْنَ الْقَمَرَ فِي لَيْلَةٍ لَا غَيْمَ فِيهَا؟» قُلْنَا: نَعَمْ. قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " فَإِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ، حَتَّى إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيُخَاصِرُ رَبَّهُ مُخَاصَرَةً فَيَقُولُ لَهُ: عَبْدِي هَلْ تَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا وَكَذَا؟ فَيَقُولُ: رَبِّ أَلَمْ تَغْفِرْ لِي، فَيَقُولُ: بِمَغْفِرَتِي صِرْتَ إِلَى هَذَا ". قُلْتُ: حَدِيثُ الرُّؤْيَةِ قَدْ رَوَاهُ غَيْرُهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَعَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، لَيْسَ فِيهِ لَفْظُ الْمُخَاصَرَةِ. وَسَلَمَةُ بْنُ الْعَيَّارِ وَسَيْفُ [ص: 387] بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ لَمْ يَكُونَا يُذْكَرَا فِي الصِّحَاحِ، وَبِمِثْلِ هَذَا لَا يَثْبُتُ بِرِوَايَةِ أَمْثَالِهِمَا. ثُمَّ إِنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مُخَاصَرَتِهِ مَلَائِكَةِ رَبِّهِ، أَوْ نِعْمَةِ رَبِّهِ، وَالْمُخَاصَرَةُ الْمُصَافَحَةُ، وَقَدْ مَضَى فِي الرُّكْنِ أَنَّهُ يَمِينُ اللَّهِ تَعَالَى الَّتِي يُصَافِحُ بِهَا خَلْقَهُ، فَلَا يُنْكَرُ أَنْ يَكُونَ فِي الْآخِرَةِ لِلْعَرْشِ أَوْ غَيْرِهِ رُكْنٌ، أَوْ شَيْءٌ يُصَافِحُهُ عِبَادُ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا يُصَافِحُونَ الرُّكْنَ فِي الدُّنْيَا وَيَسْتَلِمُونَهُ، تَقَرُّبًا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى الحديث: 963 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 385 بَابُ مَا رُوِيَ فِي الْوَطْأَةِ بِوَجٍّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 388 964 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ، ثنا سُفْيَانُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي سُوَيْدٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: زَعَمَتِ الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ خَوْلَةُ بِنْتُ حَكِيمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ وَهُوَ مُحْتَضِنٌ أَحَدَ ابْنَيِ ابْنَتِهِ، وَهُوَ يَقُولُ: «وَاللَّهِ إِنَّكُمْ لَتُبَخِّلُونَ وَتُجَبِّنُونَ وَتُجَهِّلُونَ، وَإِنَّكُمْ لَمِنْ رَيْحَانِ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِنَّ آخِرَ وَطْأَةٍ وَطِئَهَا الرَّحْمَنُ جَلَّ وَعَلَا بِوَجٍّ» . قُلْتُ: قَوْلُهُ: «لَمِنْ رَيْحَانِ اللَّهِ» ، يَعْنِي بِهِ: مِنْ رِزْقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الحديث: 964 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 388 965 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ هُوَ الْأَصَمُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ، ثنا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ، عَنِ ابْنِ خيثمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي رَاشِدٍ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ عَنْ يَعْلَى بْنِ مُرَّةَ، أَنَّ حَسَنًا وَحُسَيْنًا، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَقْبَلَا يَسْعَيَانِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا جَاءَهُ أَحَدُهُمَا جَعَلَ يَدَهُ فِي عُنُقِهِ، ثُمَّ جَاءَ الْآخَرُ فَجَعَلَ يَدَهُ فِي عُنُقِهِ، ثُمَّ قَبَّلَ هَذَا وَقَبَّلَ هَذَا، ثُمَّ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنِّي أُحِبُّهُمَا فَأَحِبَّهُمَا، أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ الْوَلَدَ مَبْخَلَةٌ مَجْبَنَةٌ، وَإِنَّ آخِرَ وَطْئَةٍ وَطِئَهَا الرَّحْمَنُ بِوَجٍّ» . الْوَطْأَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عِبَارَةٌ عَنْ نُزُولِ بَأْسِهِ بِهِ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَهْدِيٍّ: " مَعْنَاهُ عِنْدَ أَهْلِ النَّظَرِ: أَنَّ آخِرَ مَا أَوْقَعَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِالْمُشْرِكِينَ بِالطَّائِفِ، وَكَانَ آخِرُ غَزَاةٍ غَزَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاتَلَ فِيهَا الْعَدُوَّ، وَوَجٌّ وَادٍ بِالطَّائِفِ. قَالَ: وَكَانَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَذْهَبُ فِي تَأْوِيلِ هَذَا الْحَدِيثِ إِلَى مَا ذَكَرْنَاهُ، قَالَ: وَهُوَ مِثْلُ قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ، اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا عَلَيْهِمْ سِنِينَ كَسِنِيِّ يُوسُفَ» . [ص: 390] 966 - أَخْبَرَنَاهُ أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، أنا أَبُو سَهْلِ بْنُ زِيَادٍ الْقَطَّانُ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، ثنا شَيْبَانُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: فَذَكَرَهُ فِي دُعَاءِ الْقُنُوتِ. قُلْتُ: وَهُوَ كَمَا رُوِيَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ: «سُبْحَانَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ عَرْشُهُ، سُبْحَانَ الَّذِي فِي الْأَرْضِ مَوْطِئُهُ» . وَإِنَّمَا أَرَادَ آثَارَ قُدْرَتِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. 967 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَنَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدُوسَ، قَالَ: سَمِعْتُ عُثْمَانَ بْنَ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ الْمَدِينِيِّ يَقُولُ فِي حَدِيثِ خَوْلَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ آخِرَ وَطْئَةٍ بِوَجٍّ» : قَالَ: سُفْيَانُ يَعْنِي ابْنَ عُيَيْنَةَ فَسَّرَهُ فَقَالَ: إِنَّمَا هُوَ آخِرُ خَيْلِ اللَّهِ بِوَجٍّ. قَالَ الدَّارِمِيُّ: «وَالْوَجُّ مَدِينَةُ الطَّائِفِ» . قُلْتُ: الْوَجُّ وَادٍ بِالطَّائِفِ كَمَا قَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ، وَهُوَ مِنْ حِصْنِهَا قَرِيبٌ. وَكَانَتْ مَدِينَةُ الطَّائِفِ أَيْضًا تُسَمَّى وَجًّا كَمَا قَالَ الدَّارِمِيُّ الحديث: 965 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 389 بَابُ مَا رُوِيَ فِي النَّفَسِ وَتَقَذُّرِ النَّفْسِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 391 968 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ، ح. وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيُّ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَالِمٍ الْحِمْصِيُّ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْأَفْطَسُ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجُرَشِيِّ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سَلَمَةُ بْنُ نُفَيْلٍ السَّكُونِيُّ، قَالَ: دَنَوْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى كَادَتْ رُكْبَتَايَ تَمَسَّانِ فَخِذَهُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بُهِيَ بِالْخَيْلِ وَأُلْقِيَ السِّلَاحُ، فَزَعَمُوا أَنْ لَا قِتَالَ ـ وَقَالَ يَعْقُوبُ فِي حَدِيثِهِ: وَزَعَمَ أَقْوَامٌ أَنْ لَا قِتَالَ ـ فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كَذَبُوا، الْآنَ جَاءَ الْقِتَالُ، لَا تَزَالُ مِنْ أُمَّتِي أُمَّةٌ قَائِمَةٌ عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرَةٌ عَلَى النَّاسِ، يُزِيغُ اللَّهُ تَعَالَى قُلُوبَ أَقْوَامٍ فَيُقَاتِلُونَهُمْ لِيَنَالُوا مِنْهُمْ ـ وَقَالَ يَعْقُوبُ: قُلُوبُ قَوْمٍ قَاتَلُوهُمْ لِيَنَالُوا مِنْهُمْ ـ ". وَقَالَ وَهُوَ مُوَلٍّ ظَهْرَهُ قِبَلَ الْيَمَنِ: «إِنِّي أَجِدُ نَفَسَ الرَّحْمَنِ مِنْ هَهُنَا، وَلَقَدْ أُوْحِيَ إِلَيَّ أَنِّي مَكْفُونٌ غَيْرُ مُلَبَّثٍ وَتَتْبَعُونِي أَفْنَادًا، وَالْخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَأَهْلُهَا مُعَانُونَ عَلَيْهَا» . قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ دُرُسْتَوَيْهِ: «بُهِيَ إِذَا عُطِّلَتِ الْخَيْلُ» . قُلْتُ: قَوْلُهُ: «إِنِّي أَجِدُ نَفَسَ الرَّحْمَنِ مِنْ هَهُنَا» . إِنْ كَانَ مَحْفُوظًا فَإِنَّمَا أَرَادَ: إِنِّي أَجِدُ الْفَرَجَ مِنْ قِبَلِ [ص: 392] الْيَمَنِ، وَهُوَ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ» . وَإِنَّمَا أَرَادَ: مَنْ فَرَّجَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً الحديث: 968 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 391 969 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ، أنا أَبُو أَحْمَدَ حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَبَّاسِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ مَنْدَهٍ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، ثنا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ [ص: 393] أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ ذَرٍّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: «لَا تَسُبُّوا الرِّيحَ فَإِنَّهَا مِنْ نَفَسِ الرَّحْمَنِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى» . هَذَا مَوْقُوفٌ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وَإِنَّمَا أَرَادَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ: الرِّيحُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ، وَهُوَ كَمَا رُوِيَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الرِّيحُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ تَعَالَى، تَأْتِي بِالرَّحْمَةِ وَتَأْتِي بِالْعَذَابِ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهَا فَلَا تَسُبُّوهَا وَاسْأَلُوا اللَّهَ خَيْرَهَا، وَاسْتَعِيذُوا بِاللَّهِ مِنْ شَرِّهَا» . وَقَرَأْتُ فِي كِتَابِ «الْغَرِيبَيْنِ» : قَالَ أَبُو مَنْصُورٍ الْأَزْهَرِيُّ: " النَّفَسُ فِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ اسْمٌ وُضِعَ مَوْضِعَ الْمَصْدَرِ الْحَقِيقِيِّ، مِنْ نَفَّسَ يُنَفِّسُ تَنْفِيسًا وَنَفَسًا، كَمَا [ص: 394] يُقَالُ فَرَّجَ يُفَرِّجُ تَفْرِيجًا وَفَرَجًا، كَأَنَّهُ قَالَ: أَجِدُ تَنْفِيسَ رَبِّكُمْ مِنْ قِبَلِ الْيَمَنِ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الرِّيحُ مِنْ نَفَسِ الرَّحْمَنِ» . أَيْ: مِنْ تَنْفِيسِ اللَّهِ تَعَالَى بِهَا عَنِ الْمَكْرُوبِينَ الحديث: 969 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 392 970 - فَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، ثنا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «سَتَكُونُ هِجْرَةٌ بَعْدَ هِجْرَةٍ، فَخِيَارُ أَهْلِ الْأَرْضِ أَلْزَمُهُمْ مُهَاجِرَ إِبْرَاهِيمَ، وَيَبْقَى فِي الْأَرْضِ شِرَارُ أَهْلِهَا، تَلْفِظُهُمْ أَرَضُوهُمْ، تَقْذَرُهُمْ نَفْسُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَتَحْشُرُهُمُ النَّارُ مَعَ الْقِرَدَةِ وَالْخَنَازِيرِ» . فَهَذَا الْحَدِيثُ فِي النَّفْسِ لَا فِي النَّفَسِ. وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ، " قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سَتَكُونُ هِجْرَةٌ بَعْدَ هِجْرَةٍ» . مَعْنَى الْهِجْرَةِ الثَّانِيَةِ الْهِجْرَةُ إِلَى الشَّامِ، يُرَغِّبُ فِي الْمُقَامِ بِهَا وَهِيَ مُهَاجِرُ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ. وَقَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَقْذَرُهُمْ نَفْسُ اللَّهِ تَعَالَى» . تَأْوِيلُهُ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَكْرَهُ خُرُوجَهُمْ إِلَيْهَا وَمُقَامُهُمْ بِهَا، فَلَا يُوَفِّقُهُمْ لِذَلِكَ، فَصَارُوا بِالرَّدِّ وَتَرْكِ الْقَبُولِ فِي مَعْنَى الشَّيْءِ الَّذِي تَقْذُرُهُ نَفْسُ الْإِنْسَانِ، فَلَا تَقْبَلُهُ. وَذِكْرُ النَّفْسِ هَهُنَا مَجَازٌ وَاتِّسَاعٌ فِي الْكَلَامِ، وَهَذَا شَبِيهٌ بِمَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ} [التوبة: 46] ". قُلْتُ: وَالْحَدِيثُ تَفَرَّدَ بِهِ شَهْرُ بْنُ [ص: 395] حَوْشَبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَرُوِيَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا مَوْقُوفًا عَلَيْهِ فِي قِصَّةٍ أُخْرَى بِهَذَا اللَّفْظِ، وَمَعْنَاهُ مَا ذَكَرَهُ أَبُو سُلَيْمَانَ مِنْ كَرَاهِيَتِهِ لِلْمَذْكُورِينَ فِيهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ الحديث: 970 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 394 971 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا يَعْقُوبُ بْنُ [ص: 396] سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَزِيدَ وَهِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ الدِّمَشْقِيَّانِ، قَالَا: ثنا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، ثنا الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ نَافِعٍ، وَقَالَ أَبُو النَّضْرِ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «سَيُهَاجِرُ أَهْلُ الْأَرْضِ هِجْرَةً بَعْدَ هِجْرَةٍ إِلَى مُهَاجِرِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، حَتَّى لَا يَبْقَى إِلَّا شِرَارُ أَهْلِهَا، تَلْفِظُهُمُ الْأَرَضُونَ وَتَقْذَرُهُمْ رُوحُ الرَّحْمَنِ، وَتَحْشُرُهُمُ النَّارُ مَعَ الْقِرَدَةِ وَالْخَنَازِيرُ، تَبِيتُ مَعَهُمْ حَيْثُ بَاتُوا، وَتَقِيلُ مَعَهُمْ حَيْثُ قَالُوا، وَلَهَا مَا يَسْقُطُ مِنْهُمْ» . وَظَاهَرُ هَذَا أَنَّهُ قَصَدَ بِهِ بَيَانَ نَتَنِ رِيحِهِمْ، وَأَنَّ الْأَرْوَاحَ الَّتِي خَلَقَهَا اللَّهُ تَعَالَى تَقْذَرُهُمْ. وَإِضَافَةُ الرُّوحِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِمَعْنَى الْمُلْكِ وَالْخَلْقِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ " الحديث: 971 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 395 بَابُ مَا رُوِيَ فِي أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قِبَلَ وَجْهِ الْمُصَلِّي، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يَحْتَاجُ إِلَى تَأْوِيلٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 397 972 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيُّ، ثنا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: أَخْبَرَنِي مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ حَدَّثَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى نُخَامَةً فِي قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ وَهُوَ يُصَلِّي بَيْنَ يَدَيِ النَّاسِ، فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَضَى صَلَاتَهُ: «إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا صَلَّى فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قِبَلَ وَجْهِهِ فَلَا يَتَنَخَّمَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ قِبَلَ وَجْهِهِ فِي الصَّلَاةِ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ هَارُونَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ حَجَّاجٍ، وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، فَقَالَ: وَرَوَاهُ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ. وَأَخْرَجَاهُ مِنْ أَوْجُهٍ أُخَرَ عَنْ نَافِعٍ. وَكَذَلِكَ رَوَاهُ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَرَوَاهُ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ فِي الْحَدِيثِ: «فَإِنَّمَا يُنَاجِي رَبَّهُ» . وَرَوَاهُ حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَزَادَ فِيهِ: «وَإِنَّ رَبَّهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ» الحديث: 972 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 397 973 - أَخْبَرَنَاهُ أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهِ أنا أَبُو طَاهِرٍ الْمُحَمَّدَابَاذِيُّ، أنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ السَّعْدِيُّ، أنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أنا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى نُخَامَةً فِي قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ فَحَكَّهَا بِيَدِهِ، فَرُئِيَ فِي وَجْهِهِ شِدَّةُ ذَلِكَ عَلَيْهِ، فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا صَلَّى فَإِنَّمَا يُنَاجِي رَبَّهُ أَوْ رَبُّهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ، فَإِذَا بَصَقَ أَحَدُكُمْ فَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ، أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ، أَوْ يَفْعَلْ هَكَذَا ثُمَّ بَزَقَ فِي ثَوْبِهِ، وَدَلَّكَ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ» . قَالَ يَزِيدُ: وَأَرَانَا حُمَيْدٌ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ مِنْ وَجْهَيْنِ آخَرَيْنِ عَنْ حُمَيْدٍ. قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: " قَوْلُهُ: فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قِبَلُ وَجْهِهِ ". تَأْوِيلُهُ: أَنَّ الْقِبْلَةَ الَّتِي أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِالتَّوَجُّهِ إِلَيْهَا لِلصَّلَاةِ قِبَلَ وَجْهِهِ، فَلْيَصُنْهَا عَنِ النُّخَامَةِ، وَفِيهِ إِضْمَارٌ وَحَذْفٌ وَاخْتِصَارٌ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ} [البقرة: 93] . أَيْ: حُبُّ الْعِجْلِ، وَكَقَوْلِهِ: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} [يوسف: 82] يُرِيدُ: أَهْلَ الْقَرْيَةِ، وَمِثْلُهُ فِي الْكَلَامِ كَثِيرٌ، وَإِنَّمَا أُضِيفَتْ تِلْكَ الْجِهَةُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى عَلَى سَبِيلِ التَّكْرِمَةِ، كَمَا قِيلَ: بَيْتُ اللَّهِ وَكَعْبَةُ اللَّهِ، فِي نَحْوِ ذَلِكَ مِنَ الْكَلَامِ. وَقَالَ فِي قَوْلِهِ: «رَبُّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ» : مَعْنَاهُ: أَنَّ تَوَجُّهَهُ إِلَى الْقِبْلَةِ مُفْضٍ بِالْقَصْدِ مِنْهُ إِلَى رَبِّهِ، فَصَارَ فِي التَّقْدِيرِ كَأَنَّ مَقْصُودَهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قِبْلَتِهِ، فَأَمَرَ بِأَنْ تُصَانَ تِلْكَ الْجِهَةُ عَنِ الْبُزَاقِ وَنَحْوِهِ. وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ فِيمَا كَتَبَ لِي أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ مِنْ كِتَابِهِ: «مَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» إِنَّ اللَّهَ قِبَلَ وَجْهِهِ ". أَيْ: إِنَّ ثَوَابَ اللَّهِ لِهَذَا الْمُصَلِّي يَنْزِلُ [ص: 399] عَلَيْهِ مِنْ قِبَلِ وَجْهِهِ، وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ: «يَجِيءُ الْقُرْآنُ بَيْنَ يَدَيْ صَاحِبِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» . أَيْ: يَجِيءُ ثَوَابُ قِرَاءَتِهِ الْقُرْآنَ. قَالَ الشَّيْخُ: وَحَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ يُؤَكِّدُ هَذَا التَّأْوِيلَ الحديث: 973 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 398 974 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ بِبَغْدَادَ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ دُرُسْتَوَيْهِ، نا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ، نا أَبُو بَكْرٍ الْحُمَيْدِيُّ، نا سُفْيَانُ، نا الزُّهْرِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْأَحْوَصِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَإِنَّ الرَّحْمَةَ تُوَاجِهُهُ، فَلَا يَمْسَحِ الْحَصْبَاءَ» . قَالَ سُفْيَانُ: فَقَالَ سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ لِلزُّهْرِيِّ: مَنْ أَبُو الْأَحْوَصِ؟ فَقَالَ الزُّهْرِيُّ: أَمَا رَأَيْتَ الشَّيْخَ الَّذِي يُصَلِّي فِي الرَّوْضَةِ؟ فَجَعَلَ الزُّهْرِيُّ يَنْعَتُهُ وَسَعْدٌ لَا يَعْرِفُهُ. فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ بَيَانُ نُزُولِ الرَّحْمَةِ مِنْ قِبَلِ وَجْهِهِ، وَذَلِكَ يُؤَكِّدُ مَا مَضَى مِنَ التَّأْوِيلِ لِلْحَدِيثِ الْأَوَّلِ الحديث: 974 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 399 975 - وَأَمَّا حَدِيثُ مَجِيءِ الْقُرْآنِ فَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، قَالَا: أنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَيُّوبَ، نا أَبُو حَاتِمٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ، نا أَبُو تَوْبَةَ، نا مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلَّامٍ الْحَبَشِيُّ، عَنْ أَخِيهِ زَيْدِ بْنِ سَلَّامٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَلَّامٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ الْبَاهِلِيَّ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اقْرَءُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لِأَصْحَابِهِ، اقْرَءُوا الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ فَإِنَّهُمَا الزَّهْرَاوَانِ، يَأْتِيَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ أَوْ كَأَنَّهُمَا غَيَايَتَانِ أَوْ كَأَنَّهُمَا فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ يُحَاجَّانِ عَنْ صَاحِبِهِمَا، اقْرَءُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ؛ فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ، وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ، وَلَا تَسْتَطِيعُهَا الْبَطَلَةُ» . قَالَ مُعَاوِيَةُ: الْبَطَلَةُ: السَّحَرَةُ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيِّ عَنْ أَبِي تَوْبَةَ. [ص: 400] وَالْمُرَادُ بِهَذَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ التَّرْغِيبُ فِي قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، ثُمَّ الْكَلَامُ فِي مَجِيءِ قِرَاءَتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ نَحْوَ الْكَلَامِ فِي وَزْنِ الْأَعْمَالِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَذَلِكَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ الحديث: 975 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 399 976 - وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ، أنا إِسْمَاعِيلُ الصَّفَّارُ، نا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ، نا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أنا مَعْمَرٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي حُسَيْنٍ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} [المائدة: 101] . قَالَ: فَنَحْنُ لَا نَسْأَلُهُ إِذْ قَالَ: «إِنَّ لِلَّهِ عِبَادًا لَيْسُوا بِأَنْبِيَاءَ وَلَا شُهَدَاءَ يَغْبِطُهُمُ النَّبِيُّونَ وَالشُّهَدَاءُ بِقُرْبِهِمْ وَمَقْعَدِهِمْ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» . قَالَ: وَفِي نَاحِيَةِ الْقَوْمِ أَعْرَابِيٌّ فَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ، وَرَمَى بِيَدَيْهِ فَقَالَ: حَدِّثْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ عَنْهُمْ مَنْ هُمْ؟ قَالَ: فَرَأَيْتُ فِيَ وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبِشْرَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هُمْ عَبَّادٌ مِنْ عَبَّادِ اللَّهِ مِنْ بُلْدَانٍ شَتَّى، وَقَبَائِلَ شَتَّى، مِنْ شُعُوبِ الْقَبَائِلِ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمْ أَرْحَامٌ يَتَوَاصَلُونَ بِهَا، وَلَا دُنْيَا يَتَبَاذَلُونَ بِهَا، يَتَحَابُّونَ بِرُوحِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، يَجْعَلُ اللَّهُ وُجُوهَهُمْ نُورًا، وَيَجْعَلُ لَهُمْ مَنَابِرَ مِنْ لُؤْلُؤٍ قُدَّامَ الرَّحْمَنِ، يَفْزَعُ النَّاسُ وَلَا يَفْزَعُونَ، وَيَخَافُ النَّاسُ وَلَا يَخَافُونَ» . فَهَذَا حَدِيثٌ رَاوِيهِ شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ، وَهُوَ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ لَا يُحْتَجُّ بِهِ، ثُمَّ قَوْلُهُ: «بِقُرْبِهِمْ وَمَقْعَدِهِمْ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ» . يُرِيدُ بِهِ فِي الْكَرَامَةِ. وَقَوْلُهُ: «قُدَّامَ الرَّحْمَنِ» يُرِيدُ بِهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ: قُدَّامَ عَرْشِ الرَّحْمَنِ الحديث: 976 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 400 بَابُ مَا جَاءَ فِي الضَّحِكِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 401 977 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، نا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، نا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيُّ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، نا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَضْحَكُ اللَّهُ إِلَى رَجُلَيْنِ؛ يَقْتُلُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ، كِلَاهُمَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ، يُقَاتِلُ هَذَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلُ، ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَى الْقَاتِلِ فَيُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُسْتَشْهَدُ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ الحديث: 977 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 401 978 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ، أنا أَبُو بَكْرٍ الْقَطَّانُ، نا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ، نا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أنا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، قَالَ: هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَضْحَكُ اللَّهُ تَعَالَى إِلَى رَجُلَيْنِ؛ يَقْتُلُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ كِلَاهُمَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ» . قَالُوا: كَيْفَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «يُقْتَلُ هَذَا فَيَلِجُ الْجَنَّةَ، ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَى الْآخَرِ فَيَهْدِيهِ إِلَى الْإِسْلَامِ ثُمَّ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُسْتَشْهَدُ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ. قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: قَوْلُهُ: «يَضْحَكُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ» . الضَّحِكُ الَّذِي يَعْتَرِي الْبَشَرَ عِنْدَمَا يَسْتَخِفَّهُمُ الْفَرَحُ، أَوْ يَسْتَنْفِزُهُمُ الطَّرَبُ، غَيْرُ جَائِزٍ عَلَى اللَّهِ [ص: 402] عَزَّ وَجَلَّ، وَهُوَ مَنْفِيٌ عَنْ صِفَاتِهِ، وَإِنَّمَا هُوَ مَثَلٌ ضَرَبَهُ لِهَذَا الصَّنِيعِ الَّذِي يَحِلُّ مَحِلَّ الْعَجَبِ عِنْدَ الْبَشَرِ، فَإِذَا رَأَوْهُ أَضْحَكَهُمْ، وَمَعْنَاهُ فِي صِفَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الْإِخْبَارُ عَنِ الرِّضَى بِفِعْلِ أَحَدِهِمَا، وَالْقَبُولُ لِلْآخَرِ وَمُجَازَاتُهُمَا عَلَى صَنِيعِهِمَا الْجَنَّةَ، مَعَ اخْتِلَافِ أَحْوَالِهِمَا وَتَبَايُنِ مَقَاصِدِهِمَا. قَالَ: وَنَظِيرُ هَذَا مَا رَوَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبُخَارِيُّ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ الحديث: 978 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 401 979 - يَعْنِي مَا أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، نا مُسَدَّدٌ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ، عَنْ فُضَيْلِ بْنِ غَزْوَانَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَعَثَ إِلَى نِسَائِهِ، فَقُلْنَ: مَا عِنْدَنَا إِلَّا الْمَاءُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ يُضِيفُ هَذَا؟» فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ: أَنَا. فَانْطَلَقَ بِهِ إِلَى امْرَأَتِهِ، فَقَالَ: أَكْرِمِي ضَيْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَتْ: مَا عِنْدَنَا إِلَّا قُوتُ الصِّبْيَانِ. فَقَالَ: هَيِّئِي طَعَامَكِ، وَأَصْلِحِي سِرَاجَكِ، وَنَوِّمِي صِبْيَانَكِ إِذَا أَرَادُوا الْعَشَاءَ. فَهَيَّأَتْ طَعَامَهَا، وَأَصْلَحَتْ سِرَاجَهَا وَنَوَّمَتْ صِبْيَانَهَا، ثُمَّ قَامَتْ كَأَنَّهَا تَصْلُحُ سِرَاجَهَا فَأَطْفَأَتْهُ، وَجَعَلَا يُرِيَانِهِ كَأَنَّهُمَا يَأْكُلَانِ، فَبَاتَا طَاوِيَيْنِ، فَلَمَّا أَصْبَحَ غَدَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «لَقَدْ ضَحِكَ اللَّهُ اللَّيْلَةَ ـ أَوْ عَجِبَ ـ مِنْ فَعَالِكُمَا» . وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} [الحشر: 9] . روَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُسَدَّدٍ، وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُسَامَةَ عَنْ فُضَيْلٍ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ أَوْجُهٍ أُخَرَ، عَنْ فُضَيْلٍ وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِي الْحَدِيثِ «عَجِبَ» ، وَلَمْ [ص: 403] يَذْكُرِ الضَّحِكَ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: «مَعْنَى الضَّحِكِ الرَّحْمَةُ» . قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: «قَوْلُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ قَرِيبٌ، وَتَأْوِيلُهُ عَلَى مَعْنَى الرِّضَى لِفِعْلِهَمَا أَقْرَبُ وَأَشْبَهُ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الضَّحِكَ مِنْ ذَوِي التَّمْيِيزِ يَدُلُّ عَلَى الرِّضَى وَالْبِشْرِ، وَالِاسْتِهْلَالُ مِنْهُمْ دَلِيلُ قَبُولِ الْوَسِيلَةِ، وَمُقَدِّمَةُ إِنْجَاحِ الطَّلَبَةِ، وَالْكِرَامُ يُوصَفُونَ عِنْدَ الْمَسْأَلَةِ بِالْبِشْرِ وَحُسْنِ اللِّقَاءِ، فَيَكُونُ الْمَعْنَى فِي قَوْلِهِ» يَضْحَكُ اللَّهُ إِلَى رَجُلَيْنِ"؛ أَيْ: يُجْزِلُ الْعَطَاءَ لَهُمَا؛ لِأَنَّهُ مُوجَبُ الضَّحِكِ وَمُقْتَضَاهُ قَالَ زُهَيْرٌ: [البحر الطويل] تَرَاهُ إِذَا مَا جِئْتَهُ مُتَهَلِّلًا ... كَأَنَّكَ تُعْطِيهِ الَّذِي أَنْتَ سَائِلُهْ وَإِذَا ضَحِكُوا وَهَبُوا وَأَجْزَلُوا، قَالَ كُثَيِّرٌ: [البحر الكامل] غَمْرُ الرِّدَاءِ إِذَا تَبَسَّمَ ضَاحِكًا ... غَلِقَتْ لِضَحْكَتِهِ رِقَابُ الْمَالِ وَقَالَ الْكُمَيْتُ أَوْ غَيْرُهُ: [البحر الوافر] فَأَعْطَى ثُمَّ أَعْطَى ثُمَّ عُدْنَا ... فَأَعْطَى ثُمَّ عُدْتُ لَهُ فَعَادَا مِرَارًا مَا أَعُودُ إِلَيْهِ إِلَّا ... تَبَسَّمَ ضَاحِكًا وَثَنَى الْوِسَادَا" قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: «قَوْلُهُ» عَجِبَ اللَّهُ «. إِطْلَاقُ الْعَجَبِ لَا يَجُوزُ عَلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ، وَلَا يَلِيقُ بِصِفَاتِهِ، وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ الرِّضَى، وَحَقِيقَتُهُ أَنَّ ذَلِكَ الصَّنِيعَ مِنْهُمَا حَلَّ مِنَ الرِّضَا عِنْدَ اللَّهِ، وَالْقَبُولِ لَهُ، وَمُضَاعَفَةِ الثَّوَابِ عَلَيْهِ، مَحِلَّ الْعَجَبِ عِنْدَكُمْ فِي الشَّيْءِ التَّافِهِ إِذَا رُفِعَ فَوْقَ قَدْرِهِ، وَأُعْطِيَ بِهِ الْأَضْعَافُ مِنْ قِيمَتِهِ» . قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: «وَقَدْ يَكُونُ أَيْضًا مَعْنَى ذَلِكَ أَنْ يَعْجَبَ اللَّهُ مَلَائِكَتَهُ وَيُضْحِكَهُمْ، وَذَلِكَ أَنَّ الْإِيثَارَ عَلَى النَّفْسِ أَمَرٌ [ص: 404] نَادِرٌ فِي الْعَادَاتِ، مُسْتَغْرَبٌ فِي الطِّبَاعِ، وَهَذَا يَخْرُجُ عَلَى سَعَةٍ الْمَجَازِ، وَلَا يَمْتَنِعُ عَلَى مَذْهَبِ الِاسْتِعَارَةِ فِي الْكَلَامِ، وَنَظَائِرُهُ فِي كَلَامِهِمْ كَثِيرَةٌ» الحديث: 979 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 402 980 - قَالَ الشَّيْخُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: وَفِي هَذَا الْمَعْنَى مَا أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، نا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيُّ، نا أَبُو نُعَيْمٍ، نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، ح. وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أنا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ شَوْذَبٍ الْوَاسِطِيُّ، بِهَا، نا شُعَيْبُ بْنُ أَيُّوبَ، نا أَبُو نُعَيْمٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي الصَّفِيرِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبِيعَةَ، قَالَ: جَعَلَنِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ خَلْفَهُ ثُمَّ صَارَ بِي فِي جَبَّانَةِ الْكُوفَةِ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ، ثُمَّ قَالَ: اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي ـ وَفِي رِوَايَةِ الصَّاغَانِيِّ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي ـ إِنَّهُ لَا يَغْفِرُ [ص: 405] الذُّنُوبَ أَحَدٌ غَيْرُكَ. ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيَّ فَضَحِكَ، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، اسْتِغْفَارُكَ رَبَّكَ وَالْتِفَاتُكَ إِلَيَّ تَضْحَكُ؟ فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: حَمَلَنِي خَلْفَهُ ثُمَّ سَارَ بِي فِي جَانِبِ الْحَرَّةِ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ، فَقَالَ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي إِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ أَحَدٌ غَيْرُكَ» . ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيَّ يَضْحَكُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اسْتِغْفَارُكَ رَبَّكَ وَالْتِفَاتُكَ إِلَيَّ تَضْحَكُ؟ قَالَ: «ضَحِكْتُ لِضَحِكِ رَبِّي، تَعَجُّبُهُ لِعَبْدِهِ أَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ أَحَدٌ غَيْرُهُ» الحديث: 980 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 404 981 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أنا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ شَوْذَبٍ، نا شُعَيْبُ بْنُ أَيُّوبَ، نا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبِيعَةَ الْأَسَدِيِّ، قَالَ: شَهِدْتُ عَلِيًّا وَأُتِيَ بِدَابَّةٍ يَرْكَبُهَا، فَلَمَّا وَضَعَ رِجْلَهُ فِي الرِّكَابِ قَالَ: بِسْمِ اللَّهِ. فَلَمَّا اسْتَوَى عَلَيْهَا قَالَ: سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ، وَإِنَّا إِلَى رَبَّنَا لَمُنْقَلِبُونَ. ثُمَّ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ قَالَ: [ص: 406] سُبْحَانَ اللَّهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ قَالَ سُبْحَانَكَ ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي إِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ. ثُمَّ ضَحِكَ، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مِنْ أَيِّ شَيْءٍ ضَحِكْتَ؟ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَ كَمَا فَعَلْتُ ثُمَّ ضَحِكَ؟ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ ضَحِكْتَ؟ قَالَ: " رَبُّكَ يَضْحَكُ إِلَى عَبْدِهِ إِذَا قَالَ: رَبِّ اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي إِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ. قَالَ: عَلِمَ عَبْدِي أَنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ غَيْرِي " الحديث: 981 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 405 982 - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ فُورَكٍ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، نا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، نا أَبُو دَاوُدَ، نا سَلَّامٌ يَعْنِي أَبَا الْأَحْوَصِ فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ، وَقَالَ: " إِنَّ رَبَّكَ يَعْجَبُ مِنْ عَبْدِهِ إِذَا قَالَ: اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي، يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ غَيْرِي ". وَرَوَاهُ إِسْرَائِيلُ وَالْأَجْلَحُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ فَقَالَا: «يَعْجَبُ» بَدَلَ «يَضْحَكُ» الحديث: 982 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 407 983 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ الْمُقْرِئُ، أنا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، نا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ الْقَاضِي، نا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، نا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ، نا [ص: 408] مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَلْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " ثَلَاثَةٌ يُحِبُّهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، يَضْحَكُ إِلَيْهِمْ وَيَسْتَبْشِرُ بِهِمْ، الَّذِي إِذَا انْكَشَفَتْ فِئَةٌ قَاتَلَ وَرَاءَهَا بِنَفْسِهِ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَإِمَّا أَنْ يُقْتَلَ، وَإِمَّا أَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَيَكْفِيهِ، فَيَقُولُ: انْظُرُوا إِلَى عَبْدِي كَيْفَ صَبَّرَ لِي نَفْسَهُ، وَالَّذِي لَهُ امْرَأَةٌ حَسْنَاءُ وَفِرَاشٌ لَيِّنٌ حَسَنٌ، فَيَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ فَيَذَرُ شَهْوَتَهُ فَيَذْكُرُنِي وَيُنَاجِينِي وَلَوْ شَاءَ لَرَقَدَ، وَالَّذِي يَكُونُ فِي سَفَرٍ وَكَانَ مَعَهُ رَكْبٌ فَسَهَرُوا وَنَصَبُوا ثُمَّ هَجَعُوا فَقَامَ فِي السَّحَرِ فِي سَرَّاءٍ أَوْضَرَّاءٍ " الحديث: 983 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 407 984 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ الْمُقْرِئُ، أنا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، نا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ، نا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ غِيَاثٍ، نا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ مُرَّةَ الْهَمْدَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " عَجِبَ رَبُّنَا مِنْ رَجُلَيْنِ: رَجُلٌ ثَارَ عَنْ وِطَائِهِ وَلِحَافِهِ مِنْ بَيْنَ حِبِّهِ وَأَهْلِهِ إِلَى صَلَاتِهِ، [ص: 409] رَغْبَةً فِيمَا عِنْدِي، وَشَفَقَةً مِمَّا عِنْدِي؛ وَرَجُلٌ غَزَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَانْهَزَمَ، فَعَلِمَ مَا عَلَيْهِ مِنَ الِانْهِزَامِ وَمَالَهُ فِي الرُّجُوعِ، فَرَجَعَ حَتَّى أُهَرِيقَ دَمُهُ، فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِمَلَائِكَتِهِ: انْظُرُوا إِلَى عَبْدِي رَجَعَ رَغْبَةً فِيمَا عِنْدِي، وَشَفَقَةً مِمَّا عِنْدِي، حَتَّى أُهَرِيقَ دَمُهُ ". رَوَاهُ أَبُو عُبَيْدَةَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مِنْ قَوْلِهِ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ أَنَّهُ قَالَ: «رَجُلَانِ يَضْحَكُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْهِمَا» فَذَكَرَهُمَا الحديث: 984 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 408 985 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، نا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، نا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، نا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، نا هُشَيْمٌ، أنا مُجَالِدٌ، عَنْ أَبِي الْوَدَّاكِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، [ص: 410] رَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " ثَلَاثَةٌ يَضْحَكُ اللَّهُ إِلَيْهِمِ: الْقَوْمُ إِذَا اصْطَفُّوا لِلصَّلَاةِ، وَالْقَوْمُ إِذَا اصْطَفُّوا لِقِتَالِ الْمُشْرِكِينَ، وَرَجُلٌ يَقُومُ إِلَى الصَّلَاةِ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ " الحديث: 985 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 409 986 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، نا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، نا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، نا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ مُسْهِرٍ أَبُو مُسْهِرٍ، نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، نا بَحِيرُ بْنُ سَعْدٍ، [ص: 411] عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ نُعَيْمِ بْنِ هَمَّارٍ، قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ الشُّهَدَاءِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «الَّذِينَ يُلْقَوْنَ فِي الصَّفِّ فَلَا يَلْفِتُونَ وُجُوهَهُمْ حَتَّى قُتِلُوا، أُولَئِكَ يَتَلَبَّطُونَ فِي الْغُرَفِ يَضْحَكُ إِلَيْهِمْ رَبُّكَ، وَإِذَا ضَحِكَ اللَّهُ إِلَى قَوْمٍ فَلَا حِسَابَ عَلَيْهِمْ» الحديث: 986 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 410 987 - أَخْبَرَنَا الْأُسْتَاذُ أَبُو بَكْرِ بْنُ فُورَكٍ، رَحِمَهُ اللَّهُ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، نا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، نا أَبُو دَاوُدَ، نا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ وَكِيعِ بْنِ حُدُسٍ، عَنْ أَبِي رَزِينٍ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ضَحِكَ رَبُّنَا مِنْ قُنُوطِ عِبَادِهِ وَقُرْبِ غِيَرِهِ» . فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَيَضْحَكُ الرَّبُّ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نَعَمْ» . قُلْتُ: لَنْ نَعْدَمَ مِنْ رَبٍّ يَضْحَكُ خَيْرًا. [ص: 412] وَرُوِي عَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا فِي مَعْنَى هَذَا. وَذَكَرَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ الطَّبَرِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ مِنْ كِتَابِهِ: " أَنَّ الضَّحِكَ فِي هَذِهِ الْأَخْبَارِ بِمَعْنَى الْبَيَانِ، تَقُولُ الْعَرَبُ: ضَحِكَتِ الْأَرْضُ إِذَا أَنْبَتَتْ، لِأَنَّهَا تُبْدِي عَنْ حَسَنِ النَّبَاتِ وَتَنْفَتِقُ عَنِ الزَّهْرِ، كَمَا يَنْفَتِقُ الضَّاحِكُ عَنِ الثَّغْرِ، وَيُقَالُ: ضَحِكْتِ الطَّلْعَةُ إِذَا بَدَا مَا كَانَ فِيهَا مُسْتَخْبِيًا. قَالَ الشَّاعِرُ: [البحر الرجز] وَضَحِكَ الْمُزْنُ بِهَا ثُمَّ بَكَى يُرِيدُ بِالضَّحِكِ إِظْهَارَ الْبَرْقِ، وَبِبُكَائِهِ الْمَطَرَ" 988 - قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ: وَرُوِّينَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا. الحديث: 987 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 411 أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ الشَّعْرَانِيُّ، نا جَدِّي، نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ الزُّبَيْرِيُّ، نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ قَالَ: كُنْتُ مَعَ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَرَضَ فِي الْمَسْجِدِ رَجُلٌ مِنْ بَنِي غِفَارٍ جَلِيلٌ، فِي بَصَرِهِ [ص: 413] بَعْضُ الضَّعْفِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ حُمَيْدٌ يَدْعُوهُ، قَالَ: فَلَمَّا أَقْبَلَ قَالَ: يَا ابْنَ أَخِي، أَوْسِعْ لَهُ بَيْنِي وَبَيْنَكَ، فَإِنَّ هَذَا رَجُلٌ قَدْ صَحِبَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ. قَالَ: فَأَوْسَعْتُ لَهُ بَيْنِي وَبَيْنَهُ، فَقَالَ لَهُ حُمَيْدٌ: الْحَدِيثُ الَّذِي سَمِعْتُكَ تَذْكُرُ أَنَّكَ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُنْشِئُ السَّحَابَ فَيَنْطِقُ أَحْسَنَ الْمِنْطَقِ، وَيَضْحَكُ أَحْسَنَ الضَّحِكِ» . وَفِي هَذَا تَأْكِيدُ مَا ذَكَرَ أَبُو الْحَسَنِ مِنْ لِسَانِ الْعَرَبِ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: فَمَعْنَى قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَضْحَكُ اللَّهُ» . أَيْ: «يُبَيِّنْ وَيُبْدِي مِنْ فَضْلِهِ وَنِعَمِهِ مَا يَكُونُ جَزَاءً لِعَبْدِهِ الَّذِي رَضِيَ عَمَلَهُ» الجزء: 2 ¦ الصفحة: 412 989 - قَالَ الشَّيْخُ: وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ مَا أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، نا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيُّ، نا أَبُو الْيَمَانِ، أنا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ، حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَعَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ اللَّيْثِيُّ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَخْبَرَهُمَا أَنَّ النَّاسَ قَالُوا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هَلْ نَرَى رَبَّنَا؟ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَقَالَ: " أَوَلَسْتَ قَدْ أَعْطَيْتَ الْعُهُودَ وَالْمَوَاثِيقَ أَنْ لَا تَسْأَلَ غَيْرَ الَّذِي أُعْطِيتَ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ، لَا تَجْعَلْنِي أَشْقَى خَلْقِكَ. فَيَضْحَكُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مِنْهُ، ثُمَّ يَأْذَنُ لَهُ فِي دُخُولِ الْجَنَّةِ ". أَخْرِجَاهُ فِي الصَّحِيحِ مِنِ حَدِيثِ أَبِي الْيَمَانِ كَمَا مَضَى الحديث: 989 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 413 وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ: " فَيَقُولُ: يَا ابْنَ آدَمَ، أَتَرْضَى أَنْ أُعْطِيَكَ الدُّنْيَا وَمِثْلَهَا مَعَهَا؟ فَيَقُولُ: إِي رَبِّ أَتَسْتَهْزِئُ بِي، وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ؟ " وَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: أَلَا تَسْأَلُونِي مِمَّ ضَحِكْتُ؟ فَقَالُوا: مِمَّ ضَحِكْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: " مِنْ ضَحِكِ رَبِّ الْعَالَمِينَ حِينَ قَالَ: أَتَسْتَهْزِئُ بِي وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ؟ فَيَقُولُ: إِنِّي لَا أَسْتَهْزِئُ بِكَ، وَلَكِنِّي عَلَى مَا أَشَاءُ قَادِرٌ ". [ص: 414] 990 - أَخْبَرَنَاهُ أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، أنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ يَعْقُوبَ، نا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي عِيسَى، نا حَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ، نا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، نا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «آخِرُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ رَجُلٌ يَمْشِي عَلَى الصِّرَاطِ» . فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ، وَذَكَرَ فِي آخِرِهِ مَا كَتَبْنَا. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ. قَالَ: وَكَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُبْدِي وَيُبَيِّنُ مَا أَعَدَّ لِهَذَا الْعَبْدِ فَيَسْتَكْثِرُهُ لِمَا يَعْلَمُ مِنْ نَفْسِهِ فَيَقُولُ: مَا فِي الْخَبَرِ؟ فَيَقُولُ عَزَّ ذِكْرُهُ: لَكِنِّي عَلَى مَا أَشَاءُ قَادِرٌ فَأَمَّا الْمُتَقَدِّمُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا فَإِنَّهُمْ فَهِمُوا مِنْ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ مَا وَقَعَ التَّرْغِيبُ فِيهِ مِنْ هَذِهِ الْأَعْمَالِ، وَمَا وَقَعَ الْخَبَرُ عَنْهُ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ، وَلَمْ يَشْتَغِلُوا بِتَفْسِيرِ الضَّحِكِ مَعَ اعْتِقَادِهِمْ أَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِذِي جَوَارِحٍ وَمَخَارِجٍ، وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَصَفُهُ بِكِشْرِ الْأَسْنَانِ وَفَغْرِ الْفَمِ، تَعَالَى اللَّهُ عَنْ شَبَهِ الْمَخْلُوقِينَ عُلُوًّا كَبِيرًا الحديث: 990 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 413 بَابُ مَا جَاءَ فِي الْعَجَبِ وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ} [الصافات: 12] . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 415 991 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أنا أَبُو زَكَرِيَّا الْعَنْبَرِيُّ، نا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، نا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أنا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ قَالَ: قَرَأَهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودِ: (بَلْ عَجِبْتُ وَيَسْخَرُونَ) . قَالَ شُرَيْحٌ: إِنَّ اللَّهَ لَا يَعْجَبُ مِنْ شَيْءٍ، إِنَّمَا يَعْجَبُ مَنْ لَا يَعْلَمُ. قَالَ الْأَعْمَشُ: فَذَكَرْتُهُ لِإِبْرَاهِيمَ، فَقَالَ: إِنَّ شُرَيْحًا كَانَ يُعْجِبُهُ رَأْيُهُ، إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ كَانَ أَعْلَمَ مِنْ شُرَيْحٍ، وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَقْرَؤُهَا {بَلْ عَجِبْتُ} [الصافات: 12] الحديث: 991 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 415 992 - أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، نا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، نا مُحَمَّدُ بْنُ الْجَهْمِ، نا الْفَرَّاءُ، فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: {بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ} [الصافات: 12] قَرَأَهَا النَّاسُ بِنَصْبِ التَّاءِ وَرَفْعِهَا، وَالرَّفْعُ أَحَبُّ إِلَيَّ؛ لِأَنَّهَا قِرَاءَةُ عَلِيٍّ وَعَبْدِ اللَّهِ وَابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ. قَالَ [ص: 416] الْفَرَّاءُ: وَحَدَّثَنِي مِنْدَلُ بْنُ عَلِيٍّ الْعَنَزِيُّ عَنِ الْأَعْمَشِ قَالَ: قَالَ شَقِيقٌ: قَرَأْتُ عِنْدَ شُرَيْحٍ بَلْ عَجِبْتُ وَيَسْخَرُونَ فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ لَا يَعْجَبُ مِنْ شَيْءٍ، إِنَّمَا يَعْجَبُ مَنْ لَا يَعْلَمُ. قَالَ ـ يُرِيدُ الْأَعْمَشَ ـ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، فَقَالَ: إِنَّ شُرَيْحًا شَاعِرٌ يُعْجِبُهُ عِلْمُهُ، وَعَبْدُ اللَّهِ أَعْلَمُ مِنْهُ بِذَلِكَ، قَرَأَهَا: بَلْ عَجِبْتُ وَيَسْخَرُونَ قَالَ أَبُو زَكَرِيَّا الْفَرَّاءُ: " الْعَجَبُ وَإِنْ أُسْنِدَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فَلَيْسَ مَعْنَاهُ مِنَ اللَّهِ كَمَعْنَاهُ مِنَ الْعِبَادِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ قَالَ: {فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ} [التوبة: 79] وَلَيْسَ السُّخْرِيُّ مِنَ اللَّهِ كَمَعْنَاهُ مِنَ الْعِبَادِ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ} [البقرة: 15] لَيْسَ ذَلِكَ مِنَ اللَّهِ كَمَعْنَاهُ مِنَ الْعِبَادِ، وَفِي هَذَا بَيَانُ الْكَسْرِ لِقَوْلِ شُرَيْحٍ، وَإِنْ كَانَ جَائِزًا لِأَنَّ الْمُفَسِّرِينَ قَالُوا: بَلْ عَجِبْتَ يَا مُحَمَّدُ وَيَسْخَرُونَ هُمْ، فَهَذَا وَجْهُ النَّصَبِ. قَالَ الشَّيْخُ: وَتَمَامُ مَا قَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِ غَيْرِهِ، وَهُوَ أَنَّ قَوْلَهُ {بَلْ عَجِبْتُ وَيَسْخَرُونَ} [الصافات: 12] بِالرَّفْعِ أَيْ: جَازَيْتُهُمْ عَلَى عَجَبِهِمْ لِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ أَخْبَرَ عَنْهُمْ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ بِالتَّعَجُّبِ مِنَ الْحَقِّ، فَقَالَ: {وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ} [ص: 4] فَأَخْبَرَ عَنْهُمْ أَيْضًا أَنَّهُمْ قَالُوا: {إِنَّ هَذَا لِشَيْءٌ عُجَابٌ} [ص: 5] فَقَالَ تَعَالَى: {بَلْ عَجِبْتُ} [الصافات: 12] أَيْ بَلْ جَازَيْتُ عَلَى التَّعَجُّبِ. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ «قُلْ» مُضْمَرٌ فِيهِ وَمَعْنَاهُ: قُلْ يَا مُحَمَّدُ: بَلْ عَجِبْتُ أَنَا مِنُ قُدْرَةِ اللَّهِ. وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ. وَقَدْ يَكُونُ الْعَجَبُ بِمَعْنَى الرِّضَا فِي مِثْلِ مَا مَضَى مِنْ قِصَّةَ الْإِيثَارِ وَحَدِيثِ الِاسْتِغْفَارِ، وَقَدْ يَكُونُ الْعَجَبُ بِمَعْنَى وُقُوعِ ذَلِكَ الْعَمَلِ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا، فَيَكُونُ مَعْنَى [ص: 417] قَوْلِهِ {بَلْ عَجِبْتَ} [الصافات: 12] أَيْ: بَلْ عَظُمَ فِعْلُهُمْ عِنْدِي الحديث: 992 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 415 993 - وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مَعْنَى مَا حَدَّثَنَا الْإِمَامُ أَبُو الطِّيبِ سَهْلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ، أنا أَبُو سَهْلٍ بِشْرُ بْنُ أَبِي يَحْيَى الْمِهْرَجَانِيُّ الْإِسْفَرَايِينِيُّ، أنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَلِيٍّ الذُّهْلِيُّ، نا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أنا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي عُشَّانَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَعْجَبُ رَبُّكَ لِلشَّابِّ لَيْسَ لَهُ صَبْوَةٌ» الحديث: 993 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 417 994 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدَانَ، أنا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، نا أَبُو بَكْرٍ النَّرْسِيُّ، نا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ، نا شُعْبَةُ، نا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «عَجِبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ قَوْمٍ بِأَيْدِيهِمُ السَّلَاسِلُ حَتَّى يَدْخُلُوا الْجَنَّةَ» . أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ غُنْدَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ. وَقَدْ [ص: 418] يَكُونُ الْمَعْنَى فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَمَا وَرَدَ مِنْ أَمْثَالِهِ أَنَّهُ: يَعْجَبُ مَلَائِكَتُهُ مِنْ كَرَمِهِ وَرَأْفَتِهِ بِعِبَادِهِ حِينَ حَمَلَهُمْ عَلَى الْإِيمَانِ بِهِ بِالْقِتَالِ وَالْأَسْرِ فِي السَّلَاسِلِ، حَتَّى إِذَا آمَنُوا أَدْخَلَهُمُ الْجَنَّةَ الحديث: 994 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 417 بَابُ مَا جَاءَ فِي الْفَرَحِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 419 995 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ نا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، نا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ الْعَامِرِيُّ، نَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الْحَارِثَ بْنَ سُوَيْدٍ، يَقُولُ: أَتَيْنَا عَبْدَ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ فَحَدَّثَنَا بِحَدِيثَيْنِ أَحَدِهُمَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالْآخَرُ عَنْ نَفْسِهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ الْمُؤْمِنِ مِنْ رَجُلٍ قَالَ بِأَرْضِ فَلَاةٍ دَوِيَّةٍ وَمُهْلِكَةٍ، وَمَعَهُ رَاحِلَتُهُ عَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، فَنَزَلَ عَنْهَا فَنَامَ وَرَاحِلَتُهُ عِنْدَ رَأْسِهِ، فَاسْتَيْقَظَ وَقَدْ ذَهَبَتْ، فَذَهَبَ فِي طَلَبِهَا فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهَا حَتَّى أَدْرَكَهُ الْمَوْتُ مِنَ الْعَطَشِ، فَقَالَ: وَاللَّهِ لَأَرْجِعَنَّ فَلَأَمُوتَنَّ حَيْثُ كَانَ رَحْلِي، فَرَجَعَ فَنَامَ فَاسْتَيْقَظَ فَإِذَا رَاحِلَتُهُ عِنْدَ رَأْسِهِ، عَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ ". قَالَ: ثُمَّ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: إِنَّ الْمُؤْمِنَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَأَنَّهُ جَالِسٌ فِي أَصْلِ جَبَلٍ يَخَافُ أَنْ يَنْقَلِبَ عَلَيْهِ، وَإِنَّ الْفَاجِرَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَذُبَابٍ مَرَّ عَلَى أَنْفِهِ فَقَالَ لَهُ: هَكَذَا فَذَهَبَ، وَأَمَرَّ بِيَدِهِ عَلَى أَنْفِهِ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ مِنْ أَوْجُهٍ. ثُمَّ قَالَ: وَقَالَ أَبُو أُسَامَةَ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ الحديث: 995 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 419 996 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، نا أَبُو بَكْرِ بْنُ بَالَوَيْهِ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ [ص: 420] بْنِ حَنْبَلٍ، نا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، نا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى، نا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ أَحَدِكُمْ، يَسْتَيْقِظُ عَلَى بَعِيرِهِ قَدْ أَضَلَّهُ بِأَرْضِ فَلَاةٍ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ هُدْبَةَ بْنِ خَالِدٍ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي رِوَايَتِهِ: «سَقَطَ عَلَى بَعِيرِهِ» . يُرِيدُ: عَثَرَ عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ: يَسْتَيْقِظُ عَلَى بَعِيرِهِ، يُرِيدُ: يَسْتَيْقِظُ وَإِذَا بَعِيرُهُ عِنْدَهُ الحديث: 996 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 419 997 - حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ دَاوُدَ الْعَلَوِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ، أَنا أَبُو الْقَاسِمِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ بَالَوَيْهِ الْمُزَكِّي، نا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ، نا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أنا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، قَالَ: هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيَفْرَحُ أَحَدُكُمْ بِرَاحِلَتِهِ إِذَا ضَلَّتْ مِنْهُ ثُمَّ وَجَدَهَا» . قَالُوا: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ إِذَا تَابَ مِنْ أَحَدِكِمْ بِرَاحِلَتِهِ إِذَا وَجَدَهَا ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي صَالِحٍ وَالْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَمِنْ حَدِيثِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ وَالْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: قَوْلُهُ: «لَلَّهُ أَفْرَحُ» . مَعْنَاهُ: أَرْضَى بِالتَّوْبَةِ وَأَقْبَلُ لَهَا. وَالْفَرَحُ الَّذِي يَتَعَارَفُهُ النَّاسُ مِنْ نُعُوتِ بَنِي آدَمَ غَيْرُ جَائِزٍ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، إِنَّمَا مَعْنَاهُ الرِّضَى، [ص: 421] كَقَوْلِهِ: {كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} [المؤمنون: 53] أَيْ: رَاضُونَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَهْدِيٍّ الطَّبَرِيُّ فِيمَا كَتَبَ لِي أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ مِنْ كِتَابِهِ: الْفَرَحُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ عَلَى وُجُوهٍ: " مِنْهَا الْفَرَحُ بِمَعْنَى السُّرُورِ، وَمِنْهُ: قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا} [يونس: 22] أَيْ: سُرُّوا، وَهَذَا الْوَصْفُ غَيْرُ لَائِقٍ بِالْقَدِيمِ، لِأَنَّ ذَلِكَ خِفَّةٌ تَعْتَرِي الْإِنْسَانَ إِذَا كَبُرَ قَدْرُ شَيْءٍ عِنْدَهُ فَنَالَهُ فَرَحٌ لِمَوْضِعِ ذَلِكَ، وَلَا يُوصَفِ الْقَدِيمُ أَيْضًا بِالسُّرُورِ لِأَنَّهُ سُكُونٌ لِوَضْعِ الْقَلْبِ عَلَى الْأَمْرِ إِمَّا لِمَنْفَعَةٍ فِي عَاجِلٍ أَوْ آجِلٍ، وَكُلُّ ذَلِكَ مَنْفِيُّ عَنِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ. وَمِنْهَا: الْفَرَحُ بِمَعْنَى: الْبَطَرُ وَالْأَشَرُ، وَمِنْهُ قَوْلُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ} [القصص: 76] وَمِنْهُ قَوْلُهُ: {إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ} [هود: 10] . وَمِنْهُ: الْفَرَحُ بِمَعْنَى الرِّضَى، وَمِنْهُ: قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} [المؤمنون: 53] أَيْ: رَاضُونَ. وَمَعْنَى قَوْلِهِ: «لَلَّهُ أَفْرَحُ» أَيْ أَرْضَى، وَالرِّضَا مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ، لِأَنَّ الرِّضَى هُوَ الْقَبُولُ لِلشَّيْءِ وَالْمَدْحُ لَهُ وَالثَّنَاءُ عَلَيْهِ، وَالْقَدِيمُ سُبْحَانَهُ قَابِلٌ لِلْإِيمَانِ مِنْ مُزَكٍّ وَمَادِحٍ لَهُ وَمُثْنٍ عَلَى الْمَرْءِ بِالْإِيمَانِ فَيَجُوزُ وَصْفُهُ بِذَلِكَ الحديث: 997 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 420 998 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أنا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، نا ابْنُ مِلْحَانَ، نا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، نا اللَّيْثُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي [ص: 422] عُبَيْدَةَ، ـ كَذَا قَالَ ـ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَتَوَضَّأُ أَحَدُكُمْ فَيُحْسِنُ وُضُوءَهُ وَيُسْبِغُهُ، ثُمَّ يَأْتِي الْمَسْجِدَ لَا يُرِيدُ إِلَّا الصَّلَاةَ فِيهِ إِلَّا تَبَشْبَشَ اللَّهُ بِهِ كَمَا يَتَبَشْبَشُ أَهْلُ الْغَائِبِ بِطَلْعَتِهِ» . قَالَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ: قَوْلُهُ: «تَبَشْبَشَ اللَّهُ» . بِمَعْنَى: رَضِيَ اللَّهُ، وَلِلْعَرَبِ [ص: 423] اسْتِعَارَاتٌ فِي الْكَلَامِ، أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ: {فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ} [النحل: 112] بِمَعْنَى الِاخْتِبَارِ، وَإِنْ كَانَ أَصْلُ الذَّوْقِ بِالْفَمِ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: نَاظِرْ فُلَانًا وَذُقْ مَا عِنْدَهُ، أَيْ: تَعَرَّفْ وَاخْتَبِرْ، وَارْكَبِ الْفَرَسَ وَذُقْهُ. قَالَ الشَّيْخُ: وَقَدْ مَضَى فِي حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ: «يَسْتَبْشِرُ» وَرُوِيَ ذَلِكَ أَيْضًا فِي حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ، وَمَعْنَاهُ يَرْضَى أَفْعَالَهُمْ وَيَقْبَلُ نِيَّتَهُمْ فِيهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ الحديث: 998 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 421 بَابُ مَا جَاءَ فِي النَّظَرِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ} [الأعراف: 129] ، وَقَالَ: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [آل عمران: 77] . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 424 999 - أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ، أنا أَبُو حَامِدِ بْنُ بِلَالٍ الْبَزَّارُ، نا أَحْمَدُ بْنُ حَفْصٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ وَإِنَّ اللَّهَ مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا، فَنَاظِرٌ كَيْفَ تَعْمَلُونَ فَاتَّقُوا الدُّنْيَا وَفِتْنَةَ النِّسَاءِ» . [ص: 425] 1000 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي أَبُو النَّضْرِ الْفَقِيهُ، نا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ، نا بُنْدَارٌ، نا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، نا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي مَسْلَمَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا نَضْرَةَ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: «لِيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ» وَزَادَ: «فَإِنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي النِّسَاءِ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ بُنْدَارٍ مُحَمَّدِ بْنِ بَشَّارٍ الحديث: 999 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 424 1001 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَحْمَدَ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ هُوَ ابْنُ قُتَيْبَةَ، نا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، نا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ كَرِيزٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثٍ ذَكَرَهُ: «إِنَّ اللَّهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى أَجْسَادِكُمْ وَلَا إِلَى صُوَرِكُمْ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ، التَّقْوَى هَا هُنَا» وَأَشَارَ إِلَى صَدْرِهِ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي الطَّاهِرِ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ الحديث: 1001 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 425 1002 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، نا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، نا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيُّ، نا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ، ح. وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، بِنَيْسَابُورَ، وَأَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْهَاشِمِيُّ، وَأَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ دَاوُدَ الرَّزَّازُ بِبَغْدَادَ، قَالُوا: أنا أَبُو عَمْرٍو عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ السَّمَّاكِ ح. وَأَخْبَرَنَا [ص: 426] أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمُزَكِّي، أنا أَبُو سَهْلِ بْنُ زِيَادٍ الْقَطَّانُ، قَالَا: نا أَبُو عَوْفٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَرْزُوقٍ، نا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ، نا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ، وَلَكِنْ إِنَّمَا يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبُكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ» . لَفْظُ حَدِيثِ ابْنِ السَّمَّاكِ. وَفِي رِوَايَةِ الصَّاغَانِيِّ: نا يَزِيدُ بْنُ الْأَصَمِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَرْفَعُهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَكَذَلِكَ فِي رِوَايَةِ الْقَطَّانِ رَفَعَهُ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَمْرٍو النَّاقِدِ عَنْ كَثِيرِ بْنِ هِشَامٍ الحديث: 1002 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 425 1003 - وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانِ، أنا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدِ الصَّفَّارِ، نا تَمْتَامٌ، نا قَبِيصَةُ، نا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَلَا إِلَى أَحْسَابِكُمْ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ» . هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ الْمَحْفُوظُ فِيمَا بَيْنَ الْحُفَّاظِ، وَأَمَّا الَّذِي جَرَى عَلَى أَلْسِنَةِ جَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَغَيْرِهِمْ: «إِنَّ اللَّهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَلَا إِلَى أَعْمَالِكُمْ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ» فَهَذَا لَمْ يَبْلُغْنَا مِنْ وَجْهٍ يُثْبِتُ مِثْلَهُ، وَهُوَ خِلَافُ مَا فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ. وَالثَّابِتُ فِي الرِّوَايَةِ أَوْلَى بِنَا وَبِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ، وَخَاصَّةً بِمَنْ صَارَ رَأْسًا فِي الْعِلْمِ يُقْتَدَى بِهِ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ الحديث: 1003 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 426 1004 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، نا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، نا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، نا أَبُو النَّضْرِ هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، نا أَبُو سَعِيدٍ الْمُؤَدِّبُ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ [ص: 427] الثُّمَالِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «إِنَّ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَوْحًا مَحْفُوظًا مِنْ دُرَّةٍ بَيْضَاءَ حِفَافُهُ يَاقُوتَةٌ حَمْرَاءُ، قَلَمُهُ نُورٌ، وَكِتَابُهُ نُورٌ، عَرْضُهُ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ يَنْظُرُ فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ ثَلَاثُمِائَةٍ وَسِتِّينَ نَظْرَةً، يَخْلُقُ بِكُلِّ نَظْرَةٍ وَيُحْيِي وَيُمِيتُ وَيُعِزُ وَيُذِلُّ وَيَفْعَلُ مَا يَشَاءُ» . قَالَ الشَّيْخُ: هَذَا مَوْقُوفٌ، وَأَبُو حَمْزَةَ الثُّمَالِيُّ يَنْفَرِدُ بِرِوَايَتِهِ، وَرَوَى عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مِنْ قَوْلِهِ فِي النَّظَرِ الحديث: 1004 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 426 1005 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي أَبُو النَّضْرِ الْفَقِيهُ، نا هَارُونُ بْنُ مُوسَى، نا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، كُلُّهُمْ يُخْبِرُهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَنْظُرُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلَاءَ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنِ ابْنِ أَبِي أُوَيْسٍ عَنْ مَالِكٍ الحديث: 1005 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 427 1006 - أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمُزَكِّي، نا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ بْنِ الْحَسَنِ الْفَقِيهُ، أنا جَعْفَرٌ الصَّائِغُ، نا عَفَّانُ، نا شُعْبَةُ، حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ مُدْرِكٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ بْنَ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ، يُحَدِّثُ عَنْ خَرَشَةَ بْنِ الْحُرِّ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ» . قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ هَؤُلَاءِ خَابُوا وَخَسِرُوا؟ فَأَعَادَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ قَالَ: «الْمُسْبِلُ وَالْمَنَّانُ وَالْمُنَفِّقُ سِلْعَتَهُ بِالْحَلِفِ الْكَاذِبِ ـ أَوِ الْفَاجِرِ ـ» . أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي [ص: 428] الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ غُنْدَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ. وَالْأَخْبَارُ فِي أَمْثَالِ هَذَا كَثِيرَةٌ، وَفِيمَا ذَكَرْنَاهُ غُنْيَةٌ لِمَا قَصَدْنَاهُ. قَالَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ الطَّبَرِيُّ فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ أَبُو النَّضْرِ بْنُ قَتَادَةَ مِنْ كِتَابِهِ: " النَّظَرُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ مُنْصَرِفٌ عَلَى وُجُوهٍ: مِنْهَا نَظَرُ عِيَانٍ، وَمِنْهَا نَظَرُ انْتِظَارٍ، وَمِنْهَا نَظَرُ الدَّلَائِلِ وَالِاعْتِبَارِ، وَمِنْهَا نَظَرُ التَّعَطُّفِ وَالرَّحْمَةِ، فَمَعْنَى قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ» . أَيْ: لَا يَرْحَمُهُمْ، وَالنَّظَرُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لِعِبَادِهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ رَحْمَتُهُ لَهُمْ، وَرَأْفَتُهُ بِهِمْ، وَعَائِدَتُهُ عَلَيْهِمْ، فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ الْقَائِلِ: انْظُرْ إِلَيَّ نَظَرَ اللَّهُ إِلَيْكَ، أَيِ: ارْحَمْنِي رَحِمَكَ اللَّهُ ". قَالَ الشَّيْخُ: وَالنَّظَرُ فِي الْآيَةِ الْأُولَى وَالْخَبَرُ الْأَوَّلُ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى الْعِلْمِ وَالِاخْتِبَارِ، وَلَوْ حُمِلَ فِيهِمَا عَلَى الرُّؤْيَةِ لَمْ يُمْتَنَعْ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ} [التوبة: 105] فَالتَّأْقِيتُ يَكُونُ فِي الْمَرَئِيِّ لَا فِي الرُّؤْيَةِ، يَعْنِي إِذَا كَانَ عَمَلُكُمْ مَرْئِيًا لَهُ، كَمَا أَنَّ التَّأْقِيتَ يَكُونُ فِي الْمَعْلُومِ لَا فِي الْعِلْمِ الحديث: 1006 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 427 بَابُ مَا جَاءَ فِي الْغَيْرَةِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 429 1007 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، نا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، نا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ، نا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا أَحَدٌ أَغْيَرَ مِنَ اللَّهِ، وَلِذَلِكَ حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ، وَمَا أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ الْمَدْحُ مِنَ اللَّهِ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ الْأَعْمَشِ الحديث: 1007 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 429 1008 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْمُقْرِئُ ابْنُ الْحَمَامِيِّ بِبَغْدَادَ، أنا أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ، نا إِسْحَاقُ بْنُ الْحَسَنِ، حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، فَذَكَرَ حَدِيثَ صَلَاةِ الْخُسُوفِ وَخُطْبَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ ـ يَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ، وَاللَّهِ مَا أَحَدٌ أَغْيَرَ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَزْنِيَ عَبْدُهُ أَوْ تَزْنِيَ أَمَتُهُ، يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَاللَّهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنِ الْقَعْنَبِيِّ الحديث: 1008 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 429 1009 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ فُورَكٍ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، نا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، نا أَبُو دَاوُدَ، نا حَرْبُ بْنُ شَدَّادٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ، أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ أَخْبَرَتْهُ، أَنَّهَا سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ: «لَيْسَ شَيْءٌ أَغْيَرَ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ» الحديث: 1009 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 430 1010 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، أنا عَبْدُ اللَّهِ، نا يُونُسُ، نا أَبُو دَاوُدَ، نا حَرْبُ بْنُ شَدَّادٍ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَغَارُ، وَإِنَّ الْمُؤْمِنَ يَغَارُ، وَغَيْرَةُ اللَّهِ أَنْ يَأْتِيَ الْمُؤْمِنُ مَا حَرَّمَ عَلَيْهِ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى عَنْ أَبِي دَاوُدَ، وَأَخْرَجَ مَا قَبْلَهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، وَأَخْرَجَهُمَا الْبُخَارِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ. قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: «وَهَذَا ـ يَعْنِي حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ ـ أَحْسَنُ مَا يَكُونُ مِنْ تَفْسِيرِ غَيْرَةِ اللَّهِ وَأَثْبَتُهُ» . وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ مِنْ كِتَابِهِ: " مَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا أَحَدٌ أَغْيَرَ مِنَ اللَّهِ» ، أَيْ: أَزْجَرُ مِنَ اللَّهِ، وَالْغَيْرَةُ مِنَ اللَّهِ الزَّجْرُ، وَاللَّهُ غَيُورٌ بِمَعْنَى زَجُورٌ، يَزْجُرُ عَنِ الْمَعَاصِي " الحديث: 1010 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 430 بَابُ مَا جَاءَ فِي الْمَلَالِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 431 1011 - حَدَّثَنَا الْإِمَامُ أَبُو الطِّيبِ سَهْلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ فِي آخَرِينَ قَالُوا: نا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ يُوسُفَ الْأَصَمُّ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، أنا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، نا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا كَانَتْ عِنْدَهَا امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي أَسَدٍ، فَدَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «مَنْ هَذِهِ؟» فَقَالَتْ: فُلَانَةُ لَا تَنَامُ اللَّيْلَ. قَالَتْ: فَذَكَرَتْ مِنْ صَلَاتِهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عَلَيْكُمْ بِمَا تُطِيقُونَ، فَوَاللَّهِ لَا يَمَلُّ اللَّهُ حَتَّى تَمَلُّوا» . وَقَالَتْ: كَانَ أَحَبُّ الدِّينِ إِلَيْهِ الَّذِي يَدُومُ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ. أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ. قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: " الْمَلَالُ لَا يَجُوزُ عَلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ بِحَالٍ، وَلَا يَدْخُلُ فِي صِفَاتِهِ بِوَجْهٍ، وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ: أَنَّهُ لَا يَتْرُكُ الثَّوَابَ وَالْجَزَاءَ عَلَى الْعَمَلِ مَا لَمْ تَتْرُكُوهُ، وَذَلِكَ أَنَّ مَنْ مَلَّ شَيْئًا تَرَكَهُ، فَكُنِّيَ عَنِ التَّرْكِ بِالْمَلَالِ الَّذِي هُوَ سَبَبُ التَّرْكِ. وَقَدْ قِيلَ: مَعْنَاهُ إِنَّهُ لَا يَمَلُّ إِذَا مَلَلْتُمْ، كَقَوْلِ الشَّنْفَرَى: [البحر المديد] صَلِيَتْ مِنِّي هُذَيْلٌ بِخِرْقٍ ... لَا يَمَلُّ الشَّرَّ حَتَّى يَمَلُّوا أَيْ: لَا يَمَلُّهُ إِذَا مَلُّوهُ، وَلَوْ كَانَ الْمَعْنَى إِذَا مَلُّوا مَلَّ، لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ مَزِيَّةٌ [ص: 432] وَفَضْلٌ، وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرَ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَتَنَاهَى حَقُّهُ عَلَيْكُمْ فِي الطَّاعَةِ حَتَّى يَتَنَاهَى جُهْدُكُمْ قَبْلَ ذَلِكَ، فَلَا تَكَلَّفُوا مَا لَا تُطِيقُونَهُ مِنَ الْعَمَلِ، كُنِّيَ بِالْمَلَالِ عَنْهُ لِأَنَّ مِنْ تَنَاهَتْ قُوَّتُهُ فِي أَمَرٍ وَعَجَزَ عَنْ فِعْلِهِ مَلَّهُ وَتَرَكَهُ، وَأَرَادَتْ بِالدَّيْنِ الطَّاعَةَ" الحديث: 1011 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 431 بَابُ مَا جَاءَ فِي الِاسْتِحْيَاءِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مِثْلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا} [البقرة: 26] . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 433 1012 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، نا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، نا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ، نا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، نا أَبَانُ الْعَطَّارُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَبِي مُرَّةَ، عَنْ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ، قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاعِدٌ فِي أَصْحَابِهِ إِذْ جَاءَهُ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ، فَأَمَّا رَجُلٌ فَوَجَدَ فُرْجَةً فِي الْحَلْقَةِ فَجَلَسَ، وَأَمَّا رَجُلٌ فَجَلَسَ ـ يَعْنِي خَلْفَهُمْ ـ وَأَمَّا رَجُلٌ فَانْطَلَقَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَلَا أُخْبِرُكُمْ عَنْ هَؤُلَاءِ النَّفْرِ؟ أَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي جَلَسَ فِي الْحَلْقَةِ فَرَجُلٌ آوَى ـ يَعْنِي إِلَى اللَّهِ ـ فَآوَاهُ اللَّهُ، وَأَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي جَلَسَ خَلْفَ الْحَلْقَةِ فَاسْتَحْيَى فَاسْتَحْيَى اللَّهُ مِنْهُ، وَأَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي انْطَلَقَ فَرَجُلٌ أَعْرَضَ فَأَعْرَضَ اللَّهُ عَنْهُ» . أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، عَنْ أَبَانَ، وَأَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ عَنْ إِسْحَاقَ الحديث: 1012 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 433 1013 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ بِبَغْدَادَ، نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، نا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الدَّقِيقِيُّ، نا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أنا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ سَلْمَانَ، قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَسْتَحِي أَنْ يَبْسُطَ الْعَبْدُ يَدَيْهِ إِلَيْهِ يَسْأَلُهُ فِيهِمَا خَيْرًا فَيَرُدَّهُمَا خَائِبَتَيْنِ ". هَذَا مَوْقُوفٌ. 1014 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ، أَنَا إِسْمَاعِيلُ، نا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، نا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنَا شَيْخٌ فِي مَجْلِسِ عَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ زَعَمُوا أَنَّهُ جَعْفَرُ بْنُ مَيْمُونٍ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ سَلْمَانَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ، وَرَوَاهُ أَيْضًا مُحَمَّدُ بْنُ الزِّبْرِقَانِ الْأَهْوَازِيُّ عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ مَرْفُوعًا. قَالَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ فِيمَا كَتَبَ لِي أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ مِنْ كِتَابِهِ: " قَوْلُهُ: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي} [البقرة: 26] ، أَيْ: لَا يَتْرُكُ، لِأَنَّ الْحَيَاءَ سَبَبٌ لِلتَّرْكِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْمَعْصِيَةَ تُتْرَكُ لِلْحَيَاءِ كَمَا تُتْرَكُ لِلْإِيمَانِ، فَمُرَادُهُ بِهَذَا الْقَوْلِ إِنَّ شَاءَ اللَّهُ: أَنَّهُ لَا يَتْرُكُ يَدَيِ الْعَبْدِ صِفْرًا إِذَا رَفَعَهُمَا إِلَيْهِ، وَلَا يُخْلِيهُمَا مِنْ خَيْرٍ، لَا عَلَى مَعْنَى الِاسْتِحْيَاءِ الَّذِي يَعْرِضُ لِلْمَخْلُوقِينَ تَعَالَى اللَّهُ سُبْحَانَهُ ". قَالَ الشَّيْخُ: وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ: «فَاسْتَحْيَى فَاسْتَحْيَى اللَّهُ مِنْهُ» . أَيْ: جَازَاهُ عَلَى اسْتِحْيَائِهِ بِأَنْ تَرَكَ عُقُوبَتَهُ عَلَى ذُنُوبِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ الحديث: 1013 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 434 بَابُ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ} قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} ، وَقَوْلُهُ: {يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ} [النساء: 142] ، وَقَوْلُهُ: {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [الأنفال: 30] وَمَا وَرَدَ فِي مَعَانِي هَذِهِ الْآيَاتِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 435 1015 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ حَلِيمٍ الْمَرْوَزِيُّ، أنا أَبُو الْمُوَجِّهِ، أنا عَبْدَانُ، أنا عَبْدُ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ الْمُبَارَكِ، أنا صَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنِي سُلَيْمُ بْنُ عَامِرٍ، قَالَ: خَرَجْنَا فِي جِنَازَةٍ عَلَى بَابِ دِمَشْقَ وَمَعَنَا أَبُو أُمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ، فَلَمَّا صُلِّيَ عَلَى الْجِنَازَةِ وَأَخَذُوا فِي دَفْنِهَا قَالَ أَبُو أُمَامَةَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّكُمْ قَدْ أَصْبَحْتُمْ وَأَمْسَيْتُمْ فِي مَنْزِلٍ تَقْتَسِمُونَ فِيهِ الْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ، وَتُوشِكُونَ أَنْ تَظْعَنُوا مِنْهُ إِلَى الْمَنْزِلِ الْآخَرِ، وَهُوَ هَذَا ـ يُشِيرُ إِلَى الْقَبْرِ ـ بَيْتِ الْوَحْدَةِ، وَبَيْتِ الظُّلْمَةِ، وَبَيْتِ الدُّودِ، وَبَيْتِ الضِّيقِ إِلَّا مَا وَسَّعَ اللَّهُ، ثُمَّ تُنْقَلُونَ مِنْهُ إِلَى مَوَاطِنِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَإِنَّكُمْ لَفِي بَعْضِ [ص: 436] تِلْكَ الْمَوَاطِنِ حَتَّى يَغْشَى النَّاسَ أَمَرٌ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ فَتَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ، ثُمَّ تَنْتَقِلُونَ مِنْهُ إِلَى مَنْزِلٍ آخَرَ، فَيَغْشَى النَّاسَ ظُلْمَةٌ شَدِيدَةَ، ثُمَّ يُقْسَمُ النُّورُ، فَيُعْطَى الْمُؤْمِنُ نُورًا وَيُتْرَكُ الْكَافِرُ وَالْمُنَافِقُ، فَلَا يُعْطَيَانِ شَيْئًا، وَهُوَ الْمَثَلُ الَّذِي ضَرَبَ الْلَّهُ فِي كِتَابِهِ: {أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّي يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ} [النور: 40] وَلَا يَسْتَضِيءُ الْكَافِرُ وَالْمُنَافِقُ بِنُورِ الْمُؤْمِنِ، كَمَا لَا يَسْتَضِيءُ الْأَعْمَى بِبَصَرِ الْبَصِيرِ، يَقُولُ الْمُنَافِقُ لِلَّذِينَ آمَنُوا: {انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُّورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمَسُوا نُورًا} [الحديد: 13] وَهِيَ خُدْعَةُ اللَّهِ الَّتِي خُدِعَ بِهَا الْمُنَافِقُ، قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ} [النساء: 142] فَيَرْجِعُونَ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي قَسَمَ فِيهِ النُّورَ فَلَا يَجِدُونَ شَيْئًا، فَيَنْصَرِفُونَ إِلَيْهِمْ وَقَدْ {ضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ} ، نُصَلِّي صَلَاتَكُمْ وَنَغْزُوا مَغَازِيكُمْ؟ {قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغُرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمَرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ} [الحديد: 14] تَلَا إِلَى قَوْلِهِ: {وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} [الحديد: 15] الحديث: 1015 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 435 1016 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحُسَيْنِ، نا آدَمُ، نا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: {يَوْمَ يَقُولُ [ص: 437] الْمُنَافِقُونَ} [الحديد: 13] قَالَ: إِنَّ الْمُنَافِقِينَ كَانُوا مَعَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الدُّنْيَا يُنَاكِحُونَهُمْ وَيُعَاشِرُونَهُمْ، وَيَكُونُونَ مَعَهُمْ أَمْوَاتًا، وَيُعْطَوْنَ النَّورَ جَمِيعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيُطْفَأُ نُورُ الْمُنَافِقِينَ، إِذَا بَلَغُوا السُّورَ يُمَازُ بَيْنَهُمْ حِينَئِذٍ، وَالسُّورُ كَالْحِجَابِ فِي الْأَعْرَافِ، فَيَقُولُونَ: {انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُّورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمَسُوا نُورًا} [الحديد: 13] " الحديث: 1016 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 436 1017 - أَخْبَرَنَا الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ رَحِمَهُ اللَّهُ، أنا عَبْدُ الْخَالِقِ بْنُ الْحَسَنِ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ثَابِتٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنِ الْهُذَيْلِ، عَنْ مُقَاتِلٍ، فِي قَوْلِهِ: {يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتِ لِلَّذِينَ آمَنُوا} [الحديد: 13] قَالَ: وَهُمْ عَلَى الصِّرَاطِ: {انْظُرُونَا} [الحديد: 13] يَقُولُ: ارقُبُونَا {نَقْتَبِسْ مِنْ نُّورِكُمْ} [الحديد: 13] يَعْنِي نُصِبْ مِنْ نُورِكِمْ فَنَمْضِيَ مَعَكُمْ {قِيلَ} [الحديد: 13] يَعْنِي قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ لَهُمْ {ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا} [الحديد: 13] مِنْ حَيْثُ جِئْتُمْ. هَذَا مِنَ الِاسْتِهْزَاءِ بِهِمْ كَمَا اسْتَهْزَءُوا بِالْمُؤْمِنِينَ فِي الدُّنْيَا حِينَ قَالُوا: آمَنَّا، وَلَيْسُوا بِمُؤْمِنِينَ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ {اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ} [البقرة: 15] حِينَ يُقَالُ لَهُمْ {ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ} [الحديد: 13] يَعْنِي بَيْنَ أَصْحَابِ الْأَعْرَافِ وَبَيْنَ الْمُنَافِقِينَ {بِسُورٍ لَهُ بَابٌ} [الحديد: 13] يَعْنِي بِالسُّوَرِ حَائِطًا بَيْنَ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ لَهُ بَابٌ {بَاطِنُهُ} [الحديد: 13] يَعْنِي بَاطِنَ السُّورِ {فِيهِ الرَّحْمَةُ} [الحديد: 13] وَهِيَ مِمَّا يَلِي الْجَنَّةَ {وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ} [الحديد: 13] يَعْنِي جَهَنَّمَ، وَهُوَ الْحِجَابُ الَّذِي ضُرِبَ بَيْنَ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَأَهْلِ النَّارِ الحديث: 1017 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 437 1018 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ [ص: 438] مُحَمَّدِ بْنِ مَحْبُورٍ، أنا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ هَارُونَ، أنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نَصْرٍ، نا يُوسُفُ بْنُ بِلَالٍ، نا مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ، عَنِ الْكَلْبِيِّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا} [البقرة: 14] وَهُمْ مُنَافِقُو أَهْلِ الْكِتَابِ، فَذَكَرَهُمْ، وَذَكَرَ اسْتِهْزَاءَهُمْ {وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ} [البقرة: 14] عَلَى دِينِكُمْ {إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ} بِأَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: {اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ} [البقرة: 15] فِي الْآخِرَةِ يُفْتَحُ لَهُمْ بَابٌ فِي جَهَنَّمَ مِنَ الْجَنَّةِ، ثُمَّ يُقَالُ لَهُمْ: تَعَالَوْا، فَيُقْبِلُونَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ، وَالْمُؤْمِنُونَ عَلَى الْأَرَائِكِ وَهِيَ السُّرُرُ فِي الْحِجَالِ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِمْ، فَإِذَا انْتَهَوْا إِلَى الْبَابِ سُدَّ عَنْهُمْ فَيَضْحَكُ الْمُؤْمِنُونَ مِنْهُمْ، فَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ} [البقرة: 15] فِي الْآخِرَةِ وَيَضْحَكُ الْمُؤْمِنُونَ مِنْهُمْ حِينَ غُلِّقَتْ دُونَهُمُ الْأَبْوَابُ فَذَلِكَ قَوْلُهُ: {فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ} [المطففين: 35] عَلَى السُّرُرِ فِي الْحِجَالِ يَنْظُرُونَ إِلَى أَهْلِ النَّارِ {هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} [المطففين: 36] . وَرُوِّينَا فِي مَعْنَى هَذَا مُخْتَصَرًا عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، وَبَلَغَنِي عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْفَضْلِ الْبَجَلِيِّ أَنَّهُ قَالَ: أَظْهَرَ اللَّهُ لِلْمُنَافِقِينَ فِي الدُّنْيَا مِنْ أَحْكَامِهِ الَّتِي لَهُ عِنْدَهُمْ خِلَافَهَا فِي الْآخِرَةِ، كَمَا أَظْهَرُوا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خِلَافَ مَا أَضْمَرُوا مِنَ الْكُفْرِ، فَسَمَّى ذَلِكَ اسْتِهْزَءًا بِهِمْ. وَعَنْ قُطْرُبٍ قَالَ" {اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ} [البقرة: 15] أَيْ: يُجَازِيهِمْ جَزَاءَ [ص: 439] الِاسْتِهْزَاءِ، وَكَذَلِكَ {سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ} [التوبة: 79] ، {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ} [آل عمران: 54] ، {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةَ} [الشورى: 40] هِيَ مِنَ الْمُبْتَدِي سَيِّئَةٌ وَمِنَ اللَّهِ جَزَاءٌ، وَهُوَ مِنَ الْجَزَاءِ عَلَى الْفِعْلِ بِمِثْلِ لَفْظِهِ، وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: 194] ؛ فَالْعُدْوَانُ الْأَوَّلُ ظُلْمٌ، وَالثَّانِي جَزَاءٌ، وَالْجَزَاءُ لَا يَكُونُ ظُلْمًا؛ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ} [التوبة: 67] قَالَ عَمْرُو بْنُ كُلْثُومٍ: [البحر الوافر] أَلَا لَا يَجْهَلَنْ أَحَدٌ عَلَيْنَا ... فَنَجْهَلْ فَوْقَ جَهْلِ الْجَاهِلِينَا" وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ مِنْ كِتَابِهِ: فَيَحْتَمِلُ قَوْلُهُ: فَنَجْهَلَ فَوْقَ جَهْلِ الْجَاهِلِينَا مَعْنَى فَنُعَاقِبُهُ بِأَغْلَظِ عُقُوبَةٍ، فَسَمَّى ذَلِكَ جَهْلًا، وَالْجَهْلُ لَا يَفْتَخِرُ بِهِ ذُو عَقْلٍ، وَإِنَّمَا قَالَهُ لِيَزْدَوِجَ اللَّفْظَانِ فَيَكُونَ ذَلِكَ أَخَفَّ عَلَى اللِّسَانِ مِنَ الْمُخَالَفَةِ بَيْنَهُمَا الحديث: 1018 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 437 1019 - قَالَ الشَّيْخُ: مِثْلُهُ مِنَ الْحَدِيثِ مَا أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّفَّارُ، نا أحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى الْبَرْتِيُّ، نا أبُو نُعَيْمٍ، نا سفْيَانُ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ قَالَ: سَمِعْتُ جُنْدُبًا يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَلَمْ أَسْمَعْ [ص: 440] أحَدًا يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرَهُ، فَدَنَوْتُ مِنْهُ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ يُسَمِّعْ يُسَمِّعِ اللَّهُ بِهِ، وَمَنْ يُرَائِي يُرَائِي اللَّهُ بِهِ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ. قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: يَقُولُ: مَنْ عَمِلَ عَمَلًا عَلَى غَيْرِ إِخْلَاصٍ، وَإِنَّمَا يُرِيدُ أَنْ يَرَاهُ النَّاسُ وَيَسْمَعُونَهُ، جُوزِيَ عَلَى ذَلِكَ بِأَنْ يَشْهَدَهُ اللَّهُ وَيَفْضَحَهُ، فَشَهِدُوا عَلَيْهِ مَا كَانَ يُبْطِنُهُ وَيُسِّرُهُ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ: «وَالْخِدَاعُ مِنَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ أَنْ يُظْهِرَ لَهُمْ وَيُعَجِّلَ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالنِّعَمِ مَا يَدَّخِرُونَهُ، وَيُؤَخِّرَ عَنْهُمْ عَذَابَهُ وَعِقَابَهُ، إِذْ كَانُوا يُظْهِرُونَ الْإِيمَانَ بِهِ وَبِرَسُولِهِ، وَيُضْمِرُونَ خِلَافَ مَا يُظْهِرُونَ، فَاللَّهُ سُبْحَانَهُ يُظْهِرُ لَهُمْ مِنَ الْإِحْسَانِ فِي الدُّنْيَا خِلَافَ مَا يَغِيبُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِ الْآخِرَةِ، فَيَجْتَمِعُ الْفِعْلَانِ تَسَاوِيهُمَا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ» 1020 - قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: " وَالْخَدْعُ معْنَاهُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ الْفَسَادُ، أَخْبَرَنَا الْأَنْبَارِيُّ عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ النَّحْوِيِّ، عَنِ ابنِ الْأَعْرَابِيِّ أَنَّهُ قَالَ: الْخَادِعُ عِنْدَ الْعَرَبِ الْفَاسِدُ مِنَ الطَّعَامِ وَغَيْرِهِ، وَأَنْشَدَ: [البحر الرمل] أَبْيَضُ اللَّوْنِ لَذِيذٌ طَعْمُهُ ... طَيِّبُ الرِّيقِ إِذَا الرِّيقُ خَدَعْ [ص: 441] مَعْنَاهُ: فَسَدَ، تأويلُ قَوْلِهِ: {يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ} [النساء: 142] أَيْ يُفْسِدُونَ مَا يُظْهِرُونَ مِنَ الْإِيمَانِ بِمَا يُضْمِرُونَ مِنَ الْكُفْرِ، وَهُوَ خَادِعُهُمْ، أَيْ يُفْسِدُ عَلَيْهِمْ نِعَمَهُمْ فِي الدُّنْيَا بِمَا يُصَيِّرُهُمْ إِلَيْهِ مِنْ عَذَابِ الْآخِرَةِ. قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: وَالْمَكْرُ مِنَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ اسْتِدْرَاجُهُمْ مِنْ حَيْثِ لَا يَعْلَمُونَ، وَقَدْ يُوصَفُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِالْمَكْرِ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى، وَلَا يُوصَفُ بِالِاحْتِيَالِ، لِأَنَّ الْمُحْتَالَ هُوَ الَّذِي يُقَلِّبُ الْفِكْرَةَ حَتَّى يَهْتَدِيَ بِتَقْلِيبِ الْفِكْرَةِ إِلَى وَجْهِ مَا أَرَادَ، وَالْمَاكِرُ الَّذِي يَسْتَدْرِجُ فَيَأْخُذُ مِنْ وَجْهِ غَفْلَةِ الْمُسْتَدْرَجِ. قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثِ لَا يَعْلَمُونَ} [الأعراف: 182] الحديث: 1019 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 439 1021 - أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أنا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، نا أَبُو إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ عِمْرَانَ التُّجِيبِيُّ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا رَأَيْتَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُعْطِي الْعَبْدَ مَا يُحِبُّ وَهُوَ مُقِيمٌ عَلَى مَعَاصِيهِ، فَإِنَّمَا ذَلِكَ مِنْهُ اسْتِدْرَاجٌ» . ثُمَّ نَزَعَ بِهَذِهِ الْآيَةِ: [ص: 442] {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الأنعام: 45] . 1022 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُؤَمَّلِ، نا أَبُو عُثْمَانَ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِيُّ، نا الْفَضْلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَيْهَقِيُّ، نا أَبُو صَالِحٍ، فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ نَحْوَهُ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: «وَهُوَ مُقِيمٌ عَلَى مَعْصِيَتِهِ فَإِنَّمَا ذَلِكَ لَهُ اسْتِدْرَاجٌ بِمَعْنَى مَكْرٌ» ثُمَّ نَزَعَ بِهَذِهِ الْآيَةِ فَذَكَرَهَا الحديث: 1021 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 441 1023 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْحَرْبِيُّ بِبَغْدَادَ، أنا أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الدُّنْيَا، حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، عَنْ شَيْخٍ، لَهُ أَنَّ ثَابِتًا الْبُنَانِيَّ، سُئِلَ عَنِ الِاسْتِدْرَاجِ، فَقَالَ: مَكْرُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِالْعِبَادِ الْمُضَيِّعِينَ الحديث: 1023 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 443 قَالَ: وَقَالَ يُونُسُ: إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا كَانَتْ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ مَنْزِلَةٌ فَحَفِظَهَا وَأَبْقَى عَلَيْهَا، ثُمَّ شَكَرَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى مَا أَعْطَاهُ، أَعْطَاهُ اللَّهُ أَشْرَفَ مِنْهَا، وَإِذَا ضَيَّعَ الشُّكْرَ اسْتَدْرَجَهُ اللَّهُ وَكَانَ تَضْيِيعُهُ لِلشُّكْرِ اسْتِدْرَاجًا " الجزء: 2 ¦ الصفحة: 443 1024 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ، نا أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الدُّنْيَا، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ أَبِي حَاتِمٍ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ، عَنْ سُفْيَانَ، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ} [الأعراف: 182] قَالَ: نُسْبِغُ عَلَيْهِمِ النِّعَمَ وَنَمْنَعُهُمُ الشُّكْرَ. قَالَ: وَقَالَ غَيْرُ سُفْيَانَ: كُلَّمَا أَحْدَثُوا ذَنْبًا أَحْدَثْتُ لَهُمْ نِعْمَةً. قَالَ ابْنُ دَاوُدَ: تَنْسَى الحديث: 1024 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 443 1025 - أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، نا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، نا مُحَمَّدُ بْنُ [ص: 444] الْجَهْمِ، قَالَ: قَالَ الْفَرَّاءُ: {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ} [آل عمران: 54] نَزَلَتْ فِي شَأْنِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، إِذْ أَرَادُوا قَتْلَهُ، فَدَخَلَ بَيْتًا فِيهِ كُوَّةٌ، وَقَدْ أَيَّدَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِجِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَرَفَعَهُ إِلَى السَّمَاءِ مِنَ الْكُوَّةِ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنْهُمْ لِيَقْتُلَهُ، فَأَلْقَى اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ الرَّجُلِ شَبَهَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، فَلَمَّا دَخَلَ الْبَيْتَ فَلَمْ يَجِدْ فِيهِ عِيسَى خرَجَ إِلَيْهِمْ وَهُوَ يَقُولُ: مَا فِي الْبَيْتِ أَحَدٌ، فَقَتَلُوهُ وَهُمْ يَرَوْنَ أَنَّهُ عِيسَى، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ} [آل عمران: 54] الْمَكْرُ مِنَ اللَّهِ الِاسْتِدْرَاجُ لَا عَلَى مَعْنَى مَكْرِ الْمَخْلُوقِينَ الحديث: 1025 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 443 1026 - أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، أنا أَبُو الْحَسَنِ الطَّرَائِفِيُّ، نا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا} [الأعراف: 51] يَقُولُ: نَتْرُكُهُمْ فِي النَّارِ كَمَا تَرَكُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا ". قَالَ الشَّيْخُ: يُرِيدُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ: كَمَا تَرَكُوا الِاسْتِعْدَادَ لِلِقَاءِ يَوْمِهِمْ هَذَا الحديث: 1026 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 444 بَابُ قَوْلِ اللَّهِ سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلَانِ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلَانِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 445 1027 - أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، أنا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدُوسٍ، نا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلَانِ} [الرحمن: 31] قَالَ: وَعِيدٌ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لِلْعِبَادِ، وَلَيْسَ بِاللَّهِ شُغْلٌ. قَالَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ فِيمَا كَتَبَ لِي أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ مِنْ كِتَابِهِ: " قَوْلُهُ {سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلَانُ} [الرحمن: 31] أَيْ سِنَقْصِدُ لِعُقُوبَتِكُمْ، وَنُحْكِمُ جَزَاءَكُمْ، يُقَالُ: فَرَغَ بِمَعْنَى قَصَدَ وَأَحْكَمَ. يَقُولُ الْقَائِلُ لِمَنْ أَنْبَهَ بِشَيْءٍ: إِذًا أَتَفَرَّغُ لَكَ، أَيْ: إِذًا نَقْصِدُ قَصْدَكَ. وَأَنْشَدَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ فِي مِثْلِ هَذَا لِجَرِيرٍ: [البحر الوافر] الْآنَ وَقَدْ فَرَغْتَ إِلَى نُمَيْرٍ ... فَهَذَا حِينَ كُنْتَ لَهُ عَذَابَا [ص: 446] أَرَادَ: وَقَدْ قَصَدْتُ قَصْدَهُ" الحديث: 1027 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 445 1028 - أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، نا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، نا مُحَمَّدُ بْنُ الْجَهْمِ، نا الْفَرَّاءُ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو إِسْرَائِيلَ، قَالَ: سَمِعْتُ طَلْحَةَ بْنَ مُصَرِّفٍ، يَقْرَأُ: «سَيَفْرَغُ لَكُمْ» ، وَيَحْيَى بْنُ وَثَّابٍ كَذَلِكَ. قَالَ الْفَرَّاءُ: " وَالْقُرَّاءُ بَعْدُ: {سَنَفْرُغُ} [الرحمن: 31] لَكُمْ بِالنُّونِ، وَهَذَا مِنَ اللَّهِ وَعِيدٌ، لِأَنَّهُ جَلَّ وَعَزَّ لَا يَشْغَلُهُ شَيْءٌ عَنْ شَيْءٍ، وَأَنْتَ قَائِلٌ لِلرَّجُلِ الَّذِي لَا شُغْلَ لَهُ: قَدْ فَرَغْتَ لِي، أَيْ قَدْ فَرَغْتَ لِشَتْمِي، أَيْ قَدْ أَخَذْتَ فِيهِ وَأَقْبَلْتَ عَلَيْهِ " الحديث: 1028 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 446 بَابُ مَا جَاءَ فِي التَّرَدُّدِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 447 1029 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، نا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الْمُزَكِّي إِمْلَاءً، نا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، نا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ كَرَامَةَ، نا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ: مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ بَارَزَنِي بِالْحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَلَئِنْ سَأَلَنِي عَبْدِي أَعْطَيْتَهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَ بِي لَأُعِيذَنَّهُ، وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ، يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصًّحِيحِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ كَرَامَةَ. [ص: 448] 1030 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ فِيمَا حَكَى عَنْ أَبِي عُثْمَانَ الْحِيرِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ مَعْنَى هَذَا الْخَبَرِ فَقَالَ: مَعْنَاهُ: كُنْتُ أَسْرَعَ إِلَى قَضَاءِ حَوَائِجِهِ مِنْ سَمْعِهِ فِي الِاسْتِمَاعِ وَبَصَرِهِ فِي النَّظَرِ وَيَدِهِ فِي اللَّمِسِ وَرِجْلِهِ فِي الْمَشْيِ. 1031 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: قَالَ الْجُنَيْدُ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ: «يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ» . يُرِيدُ: لِمَا يَلْقَى مِنْ عِيَانِ الْمَوْتِ وَصُعُوبَتِهِ وَكَرْبِهِ، لَيْسَ أَنِّي أَكْرَهُ لَهُ الْمَوْتَ، لِأَنَّ الْمَوْتَ يُورِدُهُ إِلَى رَحْمَتِهِ وَمَغْفِرَتِهِ ". وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ رَحِمَهُ اللَّهُ: قَوْلُهُ: «وَكُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا» وَهَذِهِ أَمْثَالٌ ضَرَبَهَا، وَالْمَعْنَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ؛ تَوْفِيقُهُ فِي الْأَعْمَالِ الَّتِي يُبَاشِرُهَا بِهَذِهِ الْأَعْضَاءِ وَتَيْسِيرُ الْمَحَبَّةِ لَهُ فِيهَا فَيَحْفَظُ جَوَارِحَهُ عَلَيْهِ، وَيَعْصِمُهُ عَنْ مُوَاقَعَةِ مَا يَكْرَهُ اللَّهُ مِنْ إِصْغَاءٍ إِلَى اللَّهْوِ بِسَمْعِهِ، وَنَظَرٍ إِلَى مَا نَهَى عَنْهُ مِنَ اللَّهْوِ بِبَصَرِهِ، وَبَطْشٍ إِلَى مَا لَا يَحِلُّ لَهُ بِيَدِهِ، وَسَعْيٍ فِي الْبَاطِلِ بِرِجْلِهِ. وَقَدْ يَكُونُ مَعْنَاهُ سُرْعَةَ إِجَابَةِ الدُّعَاءِ، وَالْإِنْجَاحَ فِي الطِّلْبَةِ، وَذَلِكَ أَنَّ مَسَاعِيَ الْإِنْسَانِ إِنَّمَا تَكُونُ بِهَذِهِ الْجَوَارِحِ الْأَرْبَعِ، وَقَوْلُهُ: مَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ، فَإِنَّهُ أَيْضًا مَثَلٌ، وَالتَّرَدُّدُ فِي صِفَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ غَيْرُ جَائِزٍ، وَالْبَدَاءُ عَلَيْهِ فِي الْأُمُورِ غَيْرُ سَائِغٍ، وَتَأْوِيلُهُ عَلَى وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْعَبْدَ قَدْ يُشْرِفُ فِي أَيَّامِ عُمُرِهِ عَلَى [ص: 449] الْمَهَالِكِ مَرَّاتٍ ذَاتِ عَدَدٍ مِنْ دَاءٍ يُصِيبُهُ، وَآفَةٍ تَنْزِلُ بِهِ، فَيَدْعُو اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فَيَشْفِيَهُ مِنْهَا، وَيَدْفَعَ مَكْرُوهَهَا عَنْهُ، فَيَكُونَ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِهِ كَتَرَدُّدِ مَنْ يُرِيدُ أَمْرًا ثُمَّ يَبْدُو لَهُ فِي ذَلِكَ فَيَتْرُكُهُ وَيُعْرِضُ عَنْهُ، وَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ لِقَائِهِ إِذَا بَلَغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ، فَإِنَّهُ قَدْ كَتَبَ الْفَنَاءَ عَلَى خَلْقِهِ، وَاسْتَأْثَرَ الْبَقَاءَ لِنَفْسِهِ، وَهَذَا عَلَى مَعْنَى مَا رُوِيَ: «إِنَّ الدُّعَاءَ يَرُدُّ الْبَلَاءَ» وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ: وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ: مَا رَدَدْتُ رُسُلِي فِي شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرْدِيدِي إِيَّاهُمْ فِي نَفْسِ الْمُؤْمِنِ، كَمَا رُوِيَ فِي قِصَّةِ مُوسَى وَمَلَكِ الْمَوْتِ صَلَوَاتُ اللَّهُ عَلَيْهِمَا، وَمَا كَانَ مِنْ لَطْمَةِ عَيْنِهِ، وَتَرَدُّدِهِ عَلَيْهِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى، وَتَحْقِيقُ الْمَعْنَى فِي الْوَجْهَيْنِ مَعًا: عَطْفُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى الْعَبْدِ، وَلُطْفُهُ بِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ " الحديث: 1029 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 447 1032 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بِشْرَانِ الْعَدْلُ بِبَغْدَادَ، أنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، أنا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيُّ، نا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أنا مَعْمَرٌ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: " أُرْسِلَ مَلَكُ الْمَوْتِ إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَلَمَّا جَاءَهُ صَكَّهُ فَفَقَأَ عَيْنَهُ، فَرَجَعَ إِلَى رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَقَالَ: أَرْسَلْتَنِي إِلَى عَبْدٍ لَا يُرِيدُ الْمَوْتَ. قَالَ: فَرَدَّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَيْنَهُ فَقَالَ: ارْجِعْ إِلَيْهِ، فَقُلْ لَهُ يَضَعُ يَدَهُ عَلَى مَتْنِ ثَوْرٍ، فَلَهُ مَا غَطَّى يَدَهُ بِكُلِّ شَعْرَةٍ سَنَةٌ، فَقَالَ: أَيْ رَبِّ، ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: ثُمَّ الْمَوْتُ. قَالَ: فَالْآنَ. قَالَ: فَسَأَلَ اللَّهَ أَنْ يُدْنِيَهُ مِنَ الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ رَمْيَةً بِحَجَرٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «فَلَوْ كُنْتُ ثَمَّ لَأَرَيْتُكُمْ قَبْرَهُ إِلَى جَانِبِ الطَّرِيقِ بِجَنْبِ الْكَثِيبِ الْأَحْمَرِ» . [ص: 450] 1033 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ، أنا إِسْمَاعِيلُ، نا أَحْمَدُ، نا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أنا مَعْمَرٌ، أنا هَمَّامٌ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ. قَالَ: وَأَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ الْحَسَنَ يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ، وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ غَيْلَانَ وَيَحْيَى بْنِ مُوسَى، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ، كُلُّهُمْ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ دُونَ حَدِيثِ الْحَسَنِ. قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ: " هَذَا حَدِيثٌ يَطْعَنُ فِيهِ الْمُلْحِدُونَ وَأَهْلُ الْبِدَعِ، وَيَغْمِزُونَ بِهِ فِي رُوَاتِهِ وَنَقَلَتِهِ، وَيَقُولُونَ: كَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَفْعَلَ نَبِيُّ اللَّهِ مُوسَى هَذَا الصَّنِيعَ بِمَلَكٍ مِنْ مَلَائِكَةِ اللَّهِ، جَاءَهُ بِأَمْرٍ مِنْ أَمَرِهِ فَيَسْتَعْصِي عَلَيْهِ وَلَا يَأْتَمِرُ لَهُ؟ وَكَيْفَ تَصِلُ يَدُهُ إِلَى الْمَلَكِ، وَيَخْلُصُ إِلَيْهِ صَكَّهُ وَلَطَمَهُ؟ وَكَيْفَ يُنَهْنِهُ الْمَلَكُ الْمَأْمُورُ بِقَبْضِ رُوحِهِ فَلَا يَمْضِي أَمَرُ اللَّهِ فِيهِ؟ هَذِهِ أُمُورٌ خَارِجَةٌ عَنِ الْمَعْقُولِ، سَالِكَةٌ طَرِيقَ الِاسْتِحَالَةِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ. وَالْجَوَابُ أَنَّ مَنِ اعْتَبَرَ هَذِهِ الْأُمُورَ بِمَا جَرَى بِهِ عُرْفُ الْبَشَرِ، وَاسْتَمَرَّتْ عَلَيْهِ عَادَاتُ طِبَاعِهِمْ، فَإِنَّهُ يُسْرِعُ إِلَى اسْتِنْكَارِهَا وَالِارْتِيَابِ بِهَا، لِخُرُوجِهَا عَنْ سَوْمِ طِبَاعِ الْبَشَرِ، وَعَنْ سُنَنِ عَادَاتِهِمْ، إِلَّا أَنَّهُ أَمَرٌ مَصْدَرُهُ عَنْ قُدْرَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، الَّذِي لَا يُعْجِزُهُ شَيْءٌ، وَلَا يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ أَمْرٌ، وَإِنَّمَا هُوَ مُحَاوَلَةٌ بَيْنَ مَلَكٍ كَرِيمٍ وَبَيْنَ كَلِيمٍ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَخْصُوصٌ بِصِفَةٍ خَرَجَ بِهَا عَنْ حُكْمِ عَوَامِ الْبَشَرِ، وَمَجَارِي عَادَاتِهِمْ فِي الْمَعْنَى الَّذِي خُصَّ بِهِ مَنْ آثَرَهِ اللَّهُ بِاخْتِصَاصِهِ إِيَّاهُ، فَالْمُطَالَبَةُ بِالتَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَهُمْ فِيمَا تَنَازَعَاهُ مِنْ هَذَا الشَّأْنِ حَتَّى يَكُونَ ذَلِكَ عَلَى أَحْكَامِ طِبَاعِ الْآدَمَيِّينَ وَقِيَاسِ أَحْوَالِهِمْ [ص: 451] غَيْرُ وَاجِبَةٍ فِي حَقِّ النَّظَرِ، وَلِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَطَائِفُ وَخَصَائِصُ يَخُصُّ بِهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ أَنْبِيَائِهِ وَأَوْلِيَائِهِ، وَيُفْرِدُهُمْ بِحُكْمِهَا دُونَ سَائِرِ خَلْقِهِ، وَقَدْ أَعْطَى مُوسَى صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ النُّبُوَّةَ، وَاصْطَفَاهُ بِمُنَاجَاتِهِ وَكَلَامِهِ، وَأَمَدَّهُ حِينَ أَرْسَلَهُ إِلَى فِرْعَوْنَ بِالْمُعْجِزَاتِ الْبَاهِرَةِ، كَالْعَصَا وَالْيَدِ الْبَيْضَاءِ وَسَخَّرَ لَهُ الْبَحْرَ فَصَارَ طَرِيقًا يَبَسًا، جَازَ عَلَيْهِ هُوَ وَقَوْمُهُ وَأَوْلِيَاؤُهُ، وَغَرَقَ فِيهِ خَصْمُهُ وَأَعْدَاؤُهُ، وَهَذِهِ أُمُورٌ أَكْرَمَهُ اللَّهُ بِهَا، وَأَفْرَدَهُ بِالِاخْتِصَاصِ فِيهَا، أَيَّامَ حَيَاتِهِ وَمُدَّةَ بَقَائِهِ فِي دَارِ الدُّنْيَا، ثُمَّ إِنَّهُ لَمَّا دَنَا حِينَ وَفَاتُهُ، وَهُوَ بَشَرٌ يَكْرَهُ الْمَوْتَ طَبْعًا، وَيَجِدُ أَلَمَهُ حِسًّا، لَطَفَ لَهُ بِأَنْ لَمْ يُفَاجِئْهُ بِهِ بَغْتَةً، وَلَمْ يَأْمُرِ الْمَلَكَ الْمُوَكَّلَ بِهِ أَنْ يَأْخُذَهُ قَهْرًا وَقَسْرًا، لَكِنْ أَرْسَلَهُ إِلَيْهِ مُنْذِرًا بِالْمَوْتِ، وَأَمَرَهُ بِالتَّعَرُّضِ لَهُ عَلَى سَبِيلِ الِامْتِحَانِ فِي صُورَةِ بَشَرٍ، فَلَمَّا رَآهُ مُوسَى اسْتَنْكَرَ شَأْنَهُ، وَاسْتَوْعَرَ مَكَانَهُ، فَاحْتَجَرَ مِنْهُ دَفْعًا عَنْ نَفْسِهِ بِمَا كَانَ مِنْ صَكِّهِ إِيَّاهُ، فَأَتَى ذَلِكَ عَلَى عَيْنِهِ الَّتِي رُكِّبَتْ فِي الصُّورَةِ الْبَشَرِّيَّةِ الَّتِي جَاءَهُ فِيهَا دُونَ الصُّورَةِ الْمَلَكِيَّةِ الَّتِي هُوَ مَجْبُولُ الْخِلْقَةِ عَلَيْهَا، وَمِثْلُ هَذِهِ الْأُمُورِ مِمَّا يُعَلِّلُ بِهِ طِبَاعَ الْبَشَرِ، وَتَطِيبُ بِهِ نُفُوسُهُمْ فِي الْمَكْرُوهِ الَّذِي هُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ، فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ أَشْفَى لِلنَّفَسِ مِنَ الِانْتِقَامِ مِمَّنْ يَكِيدُهَا وَيُرِيدُهَا بِسُوءٍ، وَقَدْ كَانَ مِنْ طَبْعِ مُوسَى صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ فِيمَا دَلَّ عَلَيْهِ آيٌ مِنَ الْقُرْآنِ حِمًى وَحِدَّةٌ، وَقَدْ قَصَّ عَلَيْنَا الْكِتَابُ مَا كَانَ مِنْ وَكْزِهِ الْقِبْطِيِّ الَّذِي قَضَى عَلَيْهِ، وَمَا كَانَ عِنْدَ غَضَبِهِ مِنْ إِلْقَائِهِ الْأَلْوَاحَ، وَأَخْذِهِ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ، وَقَدْ رُوِيَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا غَضِبَ اشْتَعَلَتْ قَلَنْسُوَتُهُ نَارًا، وَقَدْ جَرَتْ سُنَّةُ الدِّينِ بِحِفْظِ النَّفْسِ وَدَفْعِ الضَّرَرِ وَالضَّيْمِ عَنْهَا، وَمَنْ شَرِيعَةِ نَبِيِّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا سَنَّهُ فِيمَنِ اطَّلَعَ عَلَى مَحْرَمِ قَوْمٍ مِنْ عُقُوبَتِهِ فِي عَيْنِهِ، فَقَالَ: «مَنِ اطَّلَعَ فِي بَيْتِ قَوْمٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِمْ فَقَدْ حَلَّ لَهُمْ أَنْ يَفْقَأُوا عَيْنَهُ» . وَلَمَّا نَظَرَ نَبِيُّ اللَّهِ [ص: 452] مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَى صُورَةٍ بَشَرِيَّةٍ هَجَمَتْ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ إِذْنٍ تُرِيدُ نَفْسَهُ، وَتَقْصُدُ هَلَاكَهُ، وَهُوَ لَا يُثْبِتُهُ مَعْرِفَةً، وَلَا يَسْتَيْقِنُ أَنَّهُ مَلَكُ الْمَوْتِ، وَرَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ، فِيمَا يُرَاوِدُهُ مِنْهُ، عَمَدَ إِلَى دَفْعِهِ عَنْ نَفْسِهِ بِيَدِهِ وَبَطْشِهِ، فَكَانَ فِي ذَلِكَ ذَهَابُ عَيْنِهِ. وَقَدِ امْتُحِنَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ صُلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ بِدُخُولِ الْمَلَائِكَةِ عَلَيْهِمْ فِي صُورَةِ الْبَشَرِ، كَدُخُولِ الْمَلَكَيْنِ عَلَى دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي صُورَةِ الْخَصْمَيْنِ، لَمَّا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ تَقْرِيعِهِ إِيَّاهُ بِذَنْبِهِ وَتَنْبِيهِهِ عَلَى مَا لَمْ يَرْضَهُ مِنْ فِعْلِهِ، وَكُدُخُولِهِمْ عَلَى إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ حِينَ أَرَادُوا إِهْلَاكَ قَوْمِ لُوطٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقَالَ: قَوْمٌ مُنْكَرُونَ، وَقَالَ: فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً وَكَانَ نَبِيُّنَا صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ أَوَّلَ مَا بُدِئَ بِالْوَحْيِ يَأْتِيهِ الْمَلَكُ فَيَلْتَبِسُ عَلَيْهِ أَمْرُهُ، وَلَمَّا جَاءَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي صُورَةِ رَجُلٍ فَسَأَلَهُ عَنِ الْإِيمَانِ لَمْ يَتَبَيَّنْهُ، فَلَمَّا انْصَرَفَ عَنْهُ تَبَيَّنَ أَمَرَهُ فَقَالَ: «هَذَا جِبْرِيلُ جَاءَكُمْ يُعَلِّمُكُمْ أَمْرَ دِينِكُمْ» . وَكَذَلِكَ كَانَ أَمَرُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فِيمَا جَرَى مِنْ مُنَاوَشَتِهِ مَلَكَ الْمَوْتِ وَهُوَ يَرَاهُ بَشَرًا، فَلَمَّا عَادَ الْمَلَكُ إِلَى رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ مُسْتَثْبِتًا أَمْرَهُ فِيمَا جَرَى عَلَيْهِ، رَدَّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ عَيْنَهُ وَأَعَادَهُ رَسُولًا إِلَيْهِ بِالْقَوْلِ الْمَذْكُورِ فِي الْخَبَرِ الَّذِي رُوِّينَاهُ، لِيَعْلَمَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِذَا رَأَى صِحَّةَ عَيْنِهِ الْمَفْقُوءَةِ، وَعَوْدِ بَصَرِهِ الذَّاهِبِ، أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ بَعَثَهُ لَقَبْضِ رُوحِهِ، فَاسْتَسْلَمَ حِينَئِذٍ لَأَمْرِهِ وَطَابَ نَفْسًا بِقَضَائِهِ، وَكُلُّ ذَلِكَ رِفْقٌ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ، وَلُطْفٌ بِهِ فِي تَسْهِيلِ مَا لَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ لِقَائِهِ، وَالِانْقِيَادِ لِمَوْرِدِ قَضَائِهِ. قَالَ: وَمَا أَشْبَهَ مَعْنَى قَوْلِهِ: «مَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ يَكْرَهُ الْمَوْتَ» بِتَرْدِيدِ رَسُولِهِ مَلَكِ الْمَوْتِ إِلَى نَبِيِّهِ مُوسَى عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، فِيمَا كَرِهَهُ مِنْ نُزُولِ الْمَوْتِ بِهِ لُطْفًا مِنْهُ بِصَفِيِّهِ، وَعَطْفًا عَلَيْهِ. وَالتَّرَدُّدُ عَلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ غَيْرُ جَائِزٍ، وَإِنَّمَا هُوَ مَثَلٌ يُقَرِّبُ بِهِ مَعْنَى مَا أَرَادَهُ إِلَى فَهْمِ السَّامِعِ، وَالْمُرَادُ بِهِ تَرْدِيدُ الْأَسْبَابِ وَالْوَسَائِطِ مِنْ رَسُولٍ أَوْ شَيْءٍ غَيْرِهِ، كَمَا شَاءَ سُبْحَانَهُ، تَنَزَّهَ عَنْ [ص: 453] صِفَاتِ الْمَخْلُوقِينَ وَتَعَالَى عَنْ نُعُوتِ الْمَرْبُوبِينَ، الَّذِينَ يَعْتَرِيهِمْ فِي أُمُورِهِمُ النَّدَمُ وَالْبَدَاءُ، وَتَخْتَلِفُ بِهِمُ الْعَزَائِمُ وَالْآرَاءُ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ " الحديث: 1032 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 449 بَابُ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} [البقرة: 105] قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} [البقرة: 105] ، وَقَوْلُهُ: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا} [النحل: 18] ، وَقَوْلُهُ: {وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ} [الكهف: 58] ، وَقَوْلُهُ: {وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ} [الأنعام: 133] . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 454 1034 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أنا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْقَطِيعِيُّ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، ثنا إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ، ح. قَالَ: ونا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، نا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ، نا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، نا ابْنُ عُلَيَّةَ، نا حَجَّاجٌ الصَّوَّافُ، حَدَّثَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ، يُحَدِّثُ عَلَى هَذَا الْمِنْبَرِ وَهُوَ يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَلَّمَ فِي دُبُرِ الصَّلَاةِ أَوِ الصَّلَوَاتِ، يَقُولُ: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، لَا نَعْبُدُ إِلَّا إِيَّاهُ، أَهْلَ النِّعْمَةِ وَالْفَضْلِ وَالثَّنَاءِ الْحَسَنِ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيِّ الحديث: 1034 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 454 1035 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، نا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، نا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ الْعَامِرِيُّ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قَارِبُوا وَسَدِّدُوا فَإِنَّهُ لَنْ يَنْجُوَ أَحَدٌ مِنْكُمْ بِعَمَلِهِ» . قَالُوا: وَلَا أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «وَلَا أَنَا، إِلَّا أَنْ يَتَغَمَّدَنِي اللَّهُ مِنْهُ بِرَحْمَةٍ وَفَضَلٍ» . وَعَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ الحديث: 1035 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 455 1036 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُرَيْشٍ الْوَرَّاقُ، نا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، نا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، نا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ خَلَقَ الرَّحْمَةَ يَوْمَ خَلَقَهَا مِائَةَ رَحْمَةٍ، فَأَمْسَكَ عِنْدَهُ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ رَحْمَةً، وَأَرْسَلَ فِي خَلْقِهِ كُلِّهِمْ رَحْمَةً وَاحِدَةً، فَلَوْ يَعْلَمُ الْكَافِرُ كُلَّ الَّذِي عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رَحْمَتِهِ لَمْ يَيْأَسْ مِنَ الرَّحْمَةِ، وَلَوْ يَعْلَمُ الْمُؤْمِنُ بِكُلِّ الَّذِي عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الْعَذَابِ لَمْ يَأْمَنِ النَّارَ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ قُتَيْبَةَ الحديث: 1036 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 455 1037 - حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ الْأَصْبَهَانِيُّ، إِمْلَاءً، أنا أَبُو سَعِيدٍ [ص: 456] أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الْبَصْرِيُّ بِمَكَّةَ، أنا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاحِ الزَّعْفَرَانِيُّ، نا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ ذِكْرُهُ خَلَقَ مِائَةَ رَحْمَةٍ، مِنْهَا رَحْمَةٌ يَتَرَاحَمُ بِهَا الْخَلْقُ، وَتِسْعٌ وَتِسْعُونَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ مُوسَى عَنْ مُعَاذِ بْنِ مُعَاذٍ، وَرَوَاهُ دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدَ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، وَزَادَ فِيهِ: «فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ كَمَّلَهَا بِهَذِهِ الرَّحْمَةِ» الحديث: 1037 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 455 1038 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُقْرِئُ، أنا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، نا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ الْقَاضِي، ثنا أَبُو الرَّبِيعِ، نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، نا الْعَلَاءُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: " إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «خَلَقَ اللَّهُ مِائَةَ رَحْمَةٍ فَوَضَعَ بَيْنَ خَلْقِهِ وَاحِدَةً وَخَبَّأَ عِنْدَهُ مِائَةً إِلَّا وَاحِدَةً» الحديث: 1038 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 456 وَبِإِسْنَادِهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَوْ يَعْلَمُ الْمُؤْمِنُ مَا عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الْعُقُوبَةِ مَا طَمِعَ فِي جَنَّتِهِ أَبَدًا، وَلَوْ يَعْلَمِ الْكَافِرُ مَا عِنَدَ الْلَّهِ مِنَ الرَّحْمَةِ مَا قَنَطَ مِنْ جَنَّتِهِ أَبَدًا» . أَخْرَجَهُمَا مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ وَغَيْرِهِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ. وَأَخْرَجَا الْحَدِيثَ الْأَوَّلَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَفِي ذَلِكَ دَلَالَةٌ لِقَوْلِ مَنْ قَالَ مِنْ أَصْحَابِنَا: إِنَّ الرَّحْمَةَ مِنْ صِفَاتِ الْفِعْلِ، وَهِيَ مِنْ صِفَاتِ الْعَمَلِ إِذَا رُدَّتْ إِلَى النِّعْمَةِ الَّتِي أَنْعَمَ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا عَلَى عِبَادِهِ وَأَعَدَّهَا لَهُمْ، فَأَمَّا إِذَا رُدَّتْ إِلَى إِرَادَةِ الْإِنْعَامِ فَهِيَ مِنْ صِفَاتِ الذَّاتِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَبُو الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ، قَالَ: إِرَادَةُ الْبَارِي إِذَا تَعَلَّقَتْ بِالْإِنْعَامِ فَهِيَ [ص: 457] رَحْمَةٌ: وَذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدْ يَرْحَمُ فِي الشَّاهِدِ مَنْ لَا يُنْعِمُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 456 1039 - قَالَ الشَّيْخُ: وَعَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ يَدُلُّ مَا أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ، أنا عُبَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ، نا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، نا أَبُو غَسَّانَ مُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفٍ، حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَبْيٍ فَإِذَا امْرَأَةٌ مِنَ السَّبْيِ تَبْتَغِي إِذْ وَجَدَتْ صَبِيًّا مِنَ السَّبْيِ أَخَذَتْهُ فَأَلْصَقَتْهُ بِبَطْنِهَا، فَأَرْضَعَتْهُ، فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَتَرَوْنَ هَذِهِ الْمَرْأَةَ طَارِحَةً وَلَدَهَا فِي النَّارِ؟» قُلْنَا: لَا وَاللَّهِ، وَهِيَ تَقْدِرُ عَلَى أَنْ لَا تَطْرَحَهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُ أَرْحَمُ بِعِبَادِهِ مِنْ هَذِهِ الْمَرْأَةِ بِوَلَدِهَا» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنِ الْحُلْوَانِيِّ وَغَيْرِهِ عَنِ ابْنِ أَبِي مَرْيَمَ. فَإِثْبَاتِ الرَّحْمَةِ قَبْلَ وُجُودِ مَا أَشَارَ إِلَيْهِ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ مُرِيدٌ لِصَرْفِ النَّارِ عَمَّنْ شَاءَ مِنْ عِبَادِهِ قَبْلَ الْقِيَامَةِ، وَقَبْلَ تَبْرِيزِ الْجَحِيمِ، ثُمَّ يَجُوزُ أَنْ تُسَمَّى تِلْكَ النِّعْمَةُ رَحْمَةً عَلَى أَنَّهَا مُوجَبُ الرَّحْمَةِ وَمُقْتَضَاهَا، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ مَا مَضَى مِنَ الْحَدِيثِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ الحديث: 1039 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 457 بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي} [آل عمران: 31] قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران: 31] ، وَقَوْلُهُ: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [البقرة: 222] ، وَقَوْلُهُ: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا} [الصف: 4] ، وَقَوْلُهُ: {لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ} [النساء: 148] ، وَقَوْلُهُ: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} [لقمان: 18] ، وَقَوْلُهُ: {وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ} [التوبة: 46] . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 458 1040 - أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بِشْرَانَ بِبَغْدَادَ، أنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، نا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ، نا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، نا مَعْمَرٌ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِذَا أَحَبَّ عَبْدًا قَالَ لِجِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: إِنِّي أُحِبُّ فُلَانًا فَأَحِبَّهُ، قَالَ: فَيَقُولُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِأَهْلِ السَّمَاءِ: إِنَّ رَبَّكُمْ عَزَّ وَجَلَّ يُحِبُّ فُلَانًا فَأَحِبُّوهُ، قَالَ: فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ، وَيُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِي الْأَرْضِ وَإِذَا أَبْغَضَ فَمِثْلُ ذَلِكَ ". أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ وَجَمَاعَةٍ عَنْ سُهَيْلٍ، وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة [ص: 459] َ الحديث: 1040 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 458 1041 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ، أنا إِسْمَاعِيلُ الصَّفَّارُ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ، أنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ: كَتَبَ أَبُو الدَّرْدَاءِ إِلَى مَسْلَمَةَ بْنِ مَخْلَدٍ: «سَلَامٌ عَلَيْكَ، أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ الْعَبْدَ إِذَا عَمِلَ بِطَاعَةِ اللَّهِ أَحَبَّهُ اللَّهُ، فَإِذَا أَحَبَّهُ اللَّهُ حَبَّبَهُ إِلَى عِبَادِهِ، وَإِنَّ الْعَبْدَ إِذَا عَمِلَ بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ أَبْغَضَهُ اللَّهُ، فَإِذَا أَبْغَضَهُ اللَّهُ بَغَّضَهُ إِلَى عِبَادِهِ» الحديث: 1041 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 459 1042 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أنا أَبُو الْفَضْلِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، نا أَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ، نا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، نا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْإِسْكَنْدَرَانِيُّ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَوْمَ خَيْبَرَ: «لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ غَدًا رَجُلًا يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ، يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ» . فَلَمَّا أَصْبَحَ دَعَا عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ ". وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. أَخْرِجَاهُ فِي الصَّحِيحِ عَنْ قُتَيْبَةَ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الحديث: 1042 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 459 1043 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَدِيبُ، أنا أَبُو بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، أَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، أنا أَبُو خَيْثَمَةَ، نا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، نا عُمَارَةُ [ص: 460] يَعْنِي ابْنَ الْقَعْقَاعِ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ، ثَقِيلَتَانِ فِي الْمِيزَانِ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ ". رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي خَيْثَمَةَ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ الحديث: 1043 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 459 1044 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، نا أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَنْبَرِيُّ، وَأَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عِيسَى الْحِيرِيُّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ جَعْفَرٍ الْمُزَكِّي قَالُوا: نا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبُوشَنْجِيُّ، نا أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامٍ، نا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، نا رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ رَبِيعِ بْنِ عَمِيلَةَ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " مَا مِنَ الْكَلَامِ شَيْءٌ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ أَكْبَرُ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، هُنَّ أَرْبَعٌ فَلَا تُكْثِرْ عَلَيَّ لَا يَضُرُّكُ بِأَيِّهِنَّ بَدَأْتَ، وَلَا تُسَمِّ عَبْدَكَ رَبَاحًا وَلَا أَفْلَحَ وَلَا نَجِيحًا وَلَا يَسَارًا ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أُمَيَّةَ بْنِ بِسْطَامٍ الحديث: 1044 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 460 1045 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَتْحِ هِلَالُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْحَفَّارُ بِبَغْدَادَ، أنا الْحُسَيْنُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَيَّاشٍ الْقَطَّانُ، نا أَبُو الْأَشْعَثِ، نا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ، نا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، نا غَيْرُ وَاحِدٍ مِمَّنْ لَقِيَ الْوَفْدَ وَذَكَرَ أَبَا نَضْرَةَ أَنَّهُ حَدَّثَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ وَفْدَ عَبْدِ الْقَيْسِ لَمَّا قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ قَالَ: ثُمَّ قَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَشَجِّ عَبْدِ الْقَيْسِ: «إِنَّ فِيكَ خَصْلَتَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَرَسُولُهُ، الْحِلْمَ وَالْأَنَاةَ» . أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ الحديث: 1045 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 460 1046 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، نا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، نا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ عَيَّاشِ بْنِ عَبَّاسٍ الْقِتَبَّانِيُّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عُمَرَ خَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ يَوْمًا فَوَجَدَ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ عِنْدَ قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَبْكِي، فَقَالَ: مَا يُبْكِيكَ يَا مُعَاذُ؟ قَالَ: يُبْكِينِي حَدِيثٌ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «الْيَسِيرُ مِنَ الرِّيَاءِ شِرْكٌ، وَمَنْ عَادَى أَوْلِيَاءَ اللَّهِ فَقَدْ بَارَزَ اللَّهَ بِالْمُحَارَبَةِ، إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْأَبْرَارَ الْأَتْقِيَاءَ الْأَخْفِيَاءَ الَّذِينَ إِنْ غَابُوا لَمْ يُفْتَقَدُوا، وَإِنْ حَضَرُوا لَمْ يُعْرَفُوا، قُلُوبُهُمْ مَصَابِيحُ الْهُدَى، يَخْرُجُونَ مِنْ كُلِّ غَبْرَاءَ مُظْلِمَةٍ» . هَكَذَا رَوَاهُ اللَّيْثُ، وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ نَافِعِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَيَّاشٍ، عَنْ عِيسَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، أَخْرَجْنَاهُ فِي كِتَابِ الْجَامِعِ الحديث: 1046 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 461 1047 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو النَّضْرِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ الْفَقِيهُ، نا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ، نا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، نا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ، وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ كَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ» . قَالَ: فَقَالَتْ عَائِشَةُ أَوْ بَعْضُ أَزْوَاجِهِ: إِنَّا لَنَكْرَهُ الْمَوْتَ. قَالَ: «لَيْسَ ذَلِكَ، وَلَكِنِ الْمُؤْمِنُ إِذَا حَضَرَهُ الْمَوْتُ يُبَشَّرُ بِرِضْوَانِ اللَّهِ وَكَرَامَاتِهِ، فَإِذَا بُشِّرَ بِذَلِكَ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ وَأَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ، وَإِنَّ الْكَافِرَ إِذَا حَضَرَهُ الْمَوْتُ بُشِّرَ بِعَذَابِ اللَّهِ وَعُقُوبَتِهِ، فَإِذَا بُشِّرَ بِذَلِكَ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ وَكَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ حَجَّاجِ بْنِ مِنْهَالٍ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ هُدْبَةَ كِلَاهُمَا عَنْ هَمَّامٍ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: اخْتَصَرَهُ أَبُو دَاوُدَ وَعَمْرٌو عَنْ شُعْبَةَ الحديث: 1047 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 463 1048 - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ فُورَكٍ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، نا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، نا أَبُو دَاوُدَ، ح. وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ أنا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ، نا يُوسُفُ بْنُ [ص: 464] يَعْقُوبَ، نا عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَا: نا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ، وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ كَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ» . وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الحديث: 1048 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 463 1049 - أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ أَبُو بَكْرِ بْنُ فُورَكٍ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، نا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، نا أَبُو دَاوُدَ، عَنْ شُعْبَةَ، وَالْمَسْعُودِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْحَارِثِ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي كَثِيرٍ الزُّبَيْدِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِيَّاكُمْ وَالْفُحْشَ؛ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفُحْشَ وَلَا التَّفَحُّشَ» . قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ الْهِجْرَةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «أَنْ تَهْجُرَ مَا كَرِهَ رَبُّكَ» . وَذَكَرَ الْحَدِيثَ الحديث: 1049 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 464 1050 - حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أنا أَبُو سَعِيدِ بْنُ الْأَعْرَابِيِّ، نا سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ، نا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ يَعْلَى بْنِ مَمْلَكٍ، عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ، تَرْوِيهِ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أُعْطِيَ حَظَّهُ مِنَ الرِّفْقِ فَقَدْ أُعْطِيَ [ص: 465] حَظَّهُ مِنَ الْخَيْرِ، وَمَنْ حُرِمَ حَظَّهُ مِنَ الرِّفْقِ فَقَدْ حُرِمَ حَظَّهُ مِنَ الْخَيْرِ» . وَقَالَ: «أَثْقَلُ شَيْءٍ فِي مِيزَانِ الْمُؤْمِنِ خُلُقٌ حَسَنٌ، وَإِنَّ اللَّهَ يُبْغِضُ الْفَاحِشَ الْبَذِيءَ» الحديث: 1050 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 464 1051 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، نا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيُّ، نا حَجَّاجٌ، وَأَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «أَبْغَضُ الرِّجَالِ إِلَى اللَّهِ الْأَلَدُّ الْخَصِمُ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي عَاصِمٍ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ الحديث: 1051 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 466 1052 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ بِطُوسَ، أنا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ شَوْذَبٍ بِوَاسِطَ، نا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ، نا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، نا شُعْبَةُ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي الْأَنْصَارِ: «لَا يُحِبُّهُمْ إِلَّا مُؤْمِنٌ، وَلَا يُبْغِضُهُمْ إِلَّا مُنَافِقٌ؛ مَنْ أَحَبَّهُمْ أَحَبَّهُ اللَّهُ، وَمَنْ أَبْغَضَهُمْ أَبْغَضَهُ اللَّهُ» . أَخْرِجَاهُ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ الحديث: 1052 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 467 1053 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، نا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، نا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيُّ، نا عَفَّانُ، نا أَبَانُ، نا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ ابْنِ جَابِرِ بْنِ عَتِيكٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَتِيكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ مِنَ الْغَيْرَةِ مَا يُحِبُّ اللَّهُ وَمِنْهَا مَا يُبْغِضُ اللَّهُ، فَأَمَّا الْغَيْرَةُ الَّتِي يُحِبُّ اللَّهُ فَالْغَيْرَةُ فِي الرِّيبَةِ، وَأَمَّا الْغَيْرَةُ [ص: 468] الَّتِي يُبْغِضُ اللَّهُ فَالْغَيْرَةُ فِي غَيْرِ رِيبَةٍ، وَأَمَّا الْخُيَلَاءُ الَّتِي يُحِبُّهَا اللَّهُ فَاخْتِيَالُ الرَّجُلِ بِنَفْسِهِ عِنْدَ الْقِتَالِ، أَوْ قَالَ اخْتِيَالُهُ عِنْدَ صَدَقَتِهِ، وَأَمَّا الْخُيَلَاءُ الَّتِي يُبْغِضُهَا اللَّهُ فَاخْتِيَالُ الرَّجُلِ بِنَفْسِهِ فِي الْفَخْرِ وَالْخُيَلَاءِ» . [ص: 469] قَالَ الشَّيْخُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: الْمَحَبَّةُ وَالْبُغْضُ وَالْكَرَاهِيَةُ عِنْدَ بَعْضِ أَصْحَابِنَا مِنْ صِفَاتِ الْفِعْلِ، فَالْمَحَبَّةِ عِنْدَهُ بِمَعْنَى الْمَدْحِ لَهُ بِإِكْرَامِ مُكْتَسِبِهِ، وَالْبُغْضُ وَالْكَرَاهِيَةُ بِمَعْنَى الذَّمِّ لَهُ بِإِهَانَةِ مُكْتَسِبِهِ، فَإِنْ كَانَ الْمَدْحُ وَالذَّمُّ بِالْقَوْلِ، فَقَوْلُهُ كَلَامُهُ، وَكَلَامُهُ مِنْ صِفَاتِ ذَاتِهِ، وَهُمَا عِنْدَ أَبِي الْحَسَنِ يَرْجِعَانِ إِلَى الْإِرَادَةِ، فَمَحَبَّةُ اللَّهِ الْمُؤْمِنِينَ تَرْجِعُ إِلَى إِرَادَتِهِ [ص: 470] إِكْرَامَهُمْ وَتَوْفِيقَهُمْ، وَبَغْضَهُ غَيْرَهُمْ، أَوْ مِنْ ذَمِّ فِعْلِهِ يَرْجِعُ إِلَى إِرَادَتِهِ إِهَانَتَهُمْ وَخُذْلَانَهُمْ، وَمَحَبَّتِهِ الْخِصَالَ الْمَحْمُودَةَ يَرْجِعُ إِلَى إِرَادَتِهِ إِكْرَامَ مُكْتَسِبِهَا، وَبَغْضِهِ الْخِصَالَ الْمَذْمُومَةَ يَرْجِعُ إِلَى إِرَادَتِهِ إِهَانَةَ مُكْتَسِبَهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ الحديث: 1053 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 467 بَابُ: جِمَاعُ أَبْوَابِ إِثْبَاتِ صِفَاتِ الْفِعْلِ بَابُ قَوْلِ اللَّهِ {رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} [المائدة: 119] قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا} [المائدة: 119] ، وَقَوْلُهُ: {تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ} [المائدة: 80] . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 471 1054 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَلِيمٍ، أنا أَبُو الْمُوَجِّهِ، أنا عَبْدَانُ بْنُ عُثْمَانَ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، أنا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ، فَيَقُولُونَ: لَبَّيْكَ رَبَّنَا وَسَعْدَيْكَ، فَيَقُولُ: هَلْ رَضِيتُمْ؟ فَيَقُولُونَ: وَمَا لَنَا لَا نَرْضَى وَقَدْ أَعْطَيْتَنَا مَا لَمْ تُعْطِ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ، فَيَقُولُ عَزَّ وَجَلَّ: أَنَا أُعْطِيكُمْ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ، قَالُوا: يَا رَبُّ، وَأَيُّ شَيْءٍ أَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ، قَالَ: أُحِلُّ عَلَيْكُمْ رِضْوَانِي فَلَا أَسْخَطُ عَلَيْكُمْ بَعْدَهُ أَبَدًا ". رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُعَاذِ بْنِ أَسَدٍ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَهْمٍ، كِلَاهُمَا عَنِ ابْنِ الْمُبَارَك [ص: 472] ِ الحديث: 1054 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 471 1055 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أنا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ عَبْدُوسٍ، نا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ، نا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نا هَمَّامٌ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ خَالَهُ، وَكَانَ اسْمُهُ حَرَامًا أَخَا أُمِّ سُلَيْمٍ ـ فِي سَبْعِينَ رَجُلًا، فَقُتِلُوا يَوْمَ بِئْرِ مَعُونَةَ، قَالَ إِسْحَاقُ: فَحَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ: أُنْزِلَ عَلَيْنَا ثُمَّ كَانَ مِنَ الْمَنْسُوخِ، إِنَّا قَدْ لَقِينَا رَبَّنَا فَرَضِيَ عَنَّا وَأَرْضَانَا. وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ، وَأَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ عَنْ إِسْحَاقَ الحديث: 1055 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 472 1056 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ بِبَغْدَادَ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ دُرُسْتَوَيْهِ، نا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ، نا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، نا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ، عَنْ أَبِيهِ، [ص: 473] عَنْ شَيْخٍ، يُقَالُ لَهُ طَارِقٌ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَالِكٍ الرُّوَاسِيِّ، قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ارْضَ عَنِّي. فَأَعْرَضَ عَنِّي ثَلَاثًا، قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ: إِنَّ الرَّبَّ لَيُتَرَضَّى فَيَرْضَى، فَارْضَ عَنِّي، فَرَضِيَ عَنِّي الحديث: 1056 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 472 1057 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، نا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، نا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أنا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَرْضَى لَكُمْ ثَلَاثًا وَيَسْخَطُ لَكُمْ ثَلَاثًا، يَرْضَى أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَأَنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا، وَأَنْ تَنَاصِحُوا مِنْ وَلِيِّ أَمْرِكُمْ، وَيَسْخَطُ لَكُمْ ثَلَاثًا: قِيلَ وَقَالَ، وَإِضَاعَةَ الْمَالِ، وَكَثْرَةَ [ص: 474] السُّؤَالِ ". أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ جَرِيرٍ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: «وَيَكْرَهُ لَكُمْ ثَلَاثًا» . 1058 - أَخْبَرَنَاهُ أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ، أنا حَاجِبُ بْنُ أَحْمَدَ، نا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ مُنِيبٍ، نا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، أنا سُهَيْلٌ، فَذَكَرَهُ الحديث: 1057 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 473 1059 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، نا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، نا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، أنا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، أنا شُعْبَةُ، عَنْ وَاقِدٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: «مَنْ أَرْضَى اللَّهَ بِسَخَطِ النَّاسِ كَفَاهُ اللَّهُ النَّاسَ، وَمَنْ أَسْخَطَ اللَّهَ بِرِضَا النَّاسِ وَكَلَهُ اللَّهُ إِلَى النَّاسِ» . هَذَا مَوْقُوفٌ. [ص: 477] 1060 - وَقَدْ أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، نا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ الْفَقِيهُ، نا الْحَسَنُ بْنُ مُكْرَمٍ، نا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ. قَالَ الْحَسَنُ بْنُ مُكْرَمٍ: «فِي كِتَابِي هَذَا فِي مَوْضِعَيْنِ مَوْضِعٍ مَوْقُوفٍ وَمَوْضِعٍ مَرْفُوعٍ، إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ» . قَالَ الشَّيْخُ: الرِّضَا وَالسُّخْطُ عِنْدَ بَعْضِ أَصْحَابِنَا مِنْ صِفَاتِ الْفِعْلِ، وَهُمَا [ص: 478] عِنْدَ أَبِي الْحَسَنِ يَرْجِعَانِ إِلَى الْإِرَادَةِ، فَالرِّضَا: إِرَادَتُهُ إِكْرَامَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِثَابَتَهُمْ عَلَى التَّأْبِيدِ، وَالسُّخْطُ إِرَادَتُهُ تَعْذِيبَ الْكُفَّارِ وَعُقُوبَتَهُمْ عَلَى التَّأْبِيدِ، وَإِرَادَتُهُ تَعْذِيبَ فُسَّاقِ الْمُسْلِمِينَ إِلَى مَا شَاءَ الحديث: 1059 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 474 بَابُ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ} [المجادلة: 14] الجزء: 2 ¦ الصفحة: 479 1061 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، نا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، نا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينِ صَبْرٍ لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، وَهُوَ فِيهَا فَاجِرٌ لَقِيَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ» . أَخْرِجَاهُ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ الْأَعْمَشِ الحديث: 1061 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 479 1062 - أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ، أنا أَبُو بَكْرٍ الْقَطَّانُ، نا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ، نا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أنا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، قَالَ: هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ [ص: 480] اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى قَوْمٍ فَعَلُوا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» . وَهُوَ حِينَئِذٍ يُشِيرُ إِلَى رَبَاعِيَتِهِ. وَقَالَ: «اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى رَجُلٍ يَقْتُلُهُ رَسُولُ اللَّهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ نَصْرٍ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ. قَالَ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَالْكَلَامُ فِي الْغَضَبِ كَالْكَلَامِ فِي السُّخْطِ، وَأَمَّا الْوَلَايَةُ وَالْعَدَاوَةُ فَقَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} [البقرة: 257] وَقَالَ: {وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 68] وَقَالَ: {وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ} [الجاثية: 19] ، وَقَالَ: {إِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ} ، وَهُمَا عِنْدَ أَبِي الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيِّ يَرْجِعَانِ إِلَى الْإِرَادَةِ، فَوَلَايَةُ الْمُؤْمِنِينَ إِرَادَتُهُ إِكْرَامَهُمْ وَنُصْرَتَهُمْ وَمَثُوبَتَهُمْ عَلَى التَّأْبِيدِ، وَعَدَاوَةُ الْكَافِرِينَ إِرَادَتُهُ إِهَانَتَهُمْ وَتَبْعِيدَهُمْ وَعُقُوبَتَهُمْ عَلَى التَّأْبِيدِ، وَأَمَّا الِاخْتِيَارُ فَقَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ} [القصص: 68] وَهُوَ عِنْدَهُ أَيْضًا يَرْجِعُ إِلَى إِرَادَتِهِ إِكْرَامَ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عَبِيدِهِ بِمَا يَشَاءُ مِنْ لَطَائِفِهِ، وَهُوَ عِنْدَ غَيْرِهِ مِنْ صِفَاتِ الْفِعْلِ، فَلَا يَكُونُ مَعْنَاهُ رَاجِعًا إِلَى الْإِرَادَةِ بِمَعْنًى، بَلْ يَكُونُ رَاجِعًا إِلَى فِعْلِ الْإِكْرَامِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ الحديث: 1062 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 479 بَابُ مَا جَاءَ فِي الصَّبْرِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 481 1063 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، نا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّفَّارُ، نا أَحْمَدُ مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى الْبَرْتِيُّ، نا مُسَدَّدٌ، نا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، حَدَّثَنِي الْأَعْمَشُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " لَيْسَ أَحَدٌ ـ أَوْ قَالَ: لَيْسَ شَيْءٌ ـ أَصْبَرَ عَلَى أَذًى يَسْمَعُهُ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، إِنَّهُ لَيَدْعُونَ لَهُ وَلَدًا وَإِنَّهُ لَيُعَافِيهِمْ وَيَرْزُقُهُمْ ". رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُسَدَّدٍ الحديث: 1063 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 481 1064 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ الْفَضْلِ، قَالَا: نا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، نا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا أَحَدَ أَصْبَرُ عَلَى أَذًى يَسْمَعُهُ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، يُشْرَكُ بِهِ وَيُجْعَلُ لَهُ وَلَدًا ثُمَّ هُوَ يُعَافِيهِمْ وَيَرْزُقُهُمْ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ [ص: 482] عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ، وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ وَكِيعٍ وَأَبِي أُسَامَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ. وَالصَّبْرُ فِي هَذَا أَيْضًا يَرْجِعُ إِلَى إِرَادَتِهِ تَأْخِيرَ عُقُوبَتِهِمْ. وَهُوَ عِنْدَ بَعْضِهِمْ يَرْجِعُ إِلَى تَأْخِيرِهِ عُقُوبَتَهُمْ وَإِمْهَالِهِ إِيَّاهُمْ الحديث: 1064 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 481 بَابُ إِعَادَةِ الْخَلْقِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ} [الروم: 27] . قَالَ الرَّبِيعُ بْنُ خَثْيَمٍ، وَالْحَسَنُ: كُلٌّ عَلَيْهِ هَيِّنٌ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 483 1065 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحُسَيْنِ، نا آدَمُ، نا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: {وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ} [الروم: 27] قَالَ: الْإِعَادَةُ وَالْبَدْءُ عَلَيْهِ هَيِّنٌ. " وَحُكِينَا عَنِ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ قَالَ: مَعْنَاهُ: هُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ فِي الْعِبْرَةِ عِنْدَكُمْ، لَيْسَ أَنَّ شَيْئًا يَعْظُمُ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ " وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَضَرَبَ لَنَا مِثْلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ} [يس: 79] فَجَعَلَ النَّشْأَةَ الْأُولَى دَلِيلًا عَلَى جَوَازِ النَّشْأَةِ الْآخِرَةِ، لِأَنَّهَا فِي مَعْنَاهَا، ثُمَّ قَالَ: {الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ} [يس: 80] فَجَعَلَ ظُهُورَ النَّاسِ عَلَى حَرِّهَا وَيَبَسِهَا مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ عَلَى نَدَاوَتِهِ وَرُطُوبَتِهِ دَلِيلًا عَلَى جَوَازِ خَلْقِهِ الْحَيَاةَ فِي الرِّمَّةِ الْبَالِيَةِ، وَالْعِظَامِ النَّخِرَةِ، ثُمَّ قَالَ: {أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ} [يس: 81] فَجَعَلَ قُدْرَتَهُ عَلَى الشَّيْءِ دَلِيلًا عَلَى قُدْرَتِهِ عَلَى مِثْلِهِ: {بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ} [يس: 81] ثُمَّ ذَكَرَ مَا بِهِ يُوجَدُ وَيُخْلَقُ فَقَالَ: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا [ص: 484] أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [يس: 82] وَهَذَا مَعْنًى يَجْمَعُ الْبَدْأَةَ وَالْإِعَادَةَ، وَآيَاتُ الْقُرْآنِ فِي إِثْبَاتِ الْإِعَادَةِ كَثِيرَةٌ الحديث: 1065 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 483 1066 - أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ، نا أَبُو بَكْرٍ الْقَطَّانُ، نا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ السُّلَمِيُّ، نا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أنا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، قَالَ: هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: كَذَّبَنِي عَبْدِي وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُ، وَشَتَمَنِي عَبْدِي وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُ؛ أَمَّا تَكْذِيبُهُ إِيَّايَ أَنْ يَقُولَ: لَنْ يُعِيدَنَا كَمَا بَدَأَنَا، وَأَمَّا شَتْمُهُ إِيَّايَ أَنْ يَقُولَ: اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا، وَأَنَا الصَّمَدُ لَمْ أَلِدْ وَلَمْ أُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لِي كُفُوًا أَحَدٌ ". رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ الحديث: 1066 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 484 1067 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ الْأَصْبَهَانِيُّ، أنا أَبُو سَعِيدِ بْنُ الْأَعْرَابِيِّ، نا سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ، نا إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ الْأَزْرَقُ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ النُّعْمَانِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّاسِ فَوَعَظَهُمْ فَقَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ مَحْشُورُونَ إِلَى اللَّهِ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا» . قَالَ ثُمَّ قَرَأَ: {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ} [الأنبياء: 104] وَقَالَ: " فَيُجَاءُ بِرِجَالٍ مِنْ أُمَّتِي فَيُؤْخَذُ بِهِمْ ذَاتَ الْيَسَارِ فَأَقُولُ: رَبِّ أُمَّتِي أُمَّتِي، فَيُقَالُ لِي: هَلْ تَعْلَمُ مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ؟ فَأَقُولُ كَمَا قَالَ الْعَبْدُ الصَّالِحُ: {وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ} [المائدة: 117] الْآَيَةَ، فَقَالُوا: إِنَّهُمْ لَمْ يَزَالُوا مُرْتَدِّينَ عَلَى [ص: 485] أَعْقَابِهِمْ مُنْذُ فَارَقْتَهُمْ، قَالَ: وَأَوَّلُ مَنْ يُكْسَى إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ ". رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ وَغَيْرِهِ، عَنْ سُفْيَانَ، وَأَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ النُّعْمَانِ الحديث: 1067 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 484 1068 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ الْعَدْلُ بِبَغْدَادَ، أنا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو الرَّزَّازُ، نا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُنَادِي، نا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، نا شَيْبَانُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ: كَيْفَ يُحْشَرُ الْكَافِرُ عَلَى وَجْهِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ قَالَ: «الَّذِي أَمْشَاهُ عَلَى رِجْلَيْهِ فِي الدُّنْيَا قَادِرٌ أَنْ يُمْشِيَهُ عَلَى وَجْهِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ وَعَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ، كُلُّهُمْ عَنْ يُونُسَ بْنِ مُحَمَّدٍ الحديث: 1068 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 485 1069 - أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ فُورَكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْأَصْبَهَانِيُّ، نا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، نا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، نا شُعْبَةُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يَعْلَى بْنُ عَطَاءٍ، قَالَ: سَمِعْتُ وَكِيعَ بْنَ عُدُسٍ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي رَزِينٍ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى؟ قَالَ: «أَمَا مَرَرْتَ بِوَادٍ مُمْحِلٍ ثُمَّ مَرَرْتُ بِهِ خَضِرًا؟» قَالَ: بَلَى. قَالَ: " فَكَذَلِكَ النُّشُورُ ـ أَوْ قَالَ: كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى ـ " الحديث: 1069 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 485 1070 - أَخْبَرَنَا الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، أنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ يَزْدَادَ الْجَوْسَقَانِيُّ، أنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ الْمُؤَدِّبُ، نا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، نا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، أنا يَعْلَى بْنُ عَطَاءٍ، عَنْ وَكِيعِ بْنِ عُدُسِ، عَنْ عَمِّهِ أَبِي رَزِينٍ الْعُقَيْلِيِّ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى؟ وَمَا آيَةُ ذَلِكَ فِي خَلْقِهِ؟ قَالَ: «أَمَا مَرَرْتَ بِوَادٍ لَكَ مَحْلًا ثُمَّ مَرَرْتَ بِهِ يَهْتَزُّ خَضِرًا؟» ثُمَّ مَرَرْتَ بِهِ مَحِلًا ثُمَّ مَرَرْتَ بِهِ يَهْتَزُّ خَضِرًا؟ " قَالَ: بَلَى. قَالَ: «فَكَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى، وَذَلِكَ آَيَتُهُ فِي خَلْقِهِ» . قَالَ الشَّيْخُ: وَقَدْ وَرَدَ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [الحج: 6] ، وَقَالَ: {وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ النُّشُورُ} [فاطر: 9] الحديث: 1070 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 486 1071 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَيُّوبَ، نا أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ، نا سَعِيدُ بْنُ تَلِيدٍ الْمِصْرِيُّ وَكَانَ رِضًى قَالَ: نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ عَنْ بَكْرِ بْنِ مُضَرَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ [ص: 487] عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «نَحْنُ أَحَقُّ بِالشَّكِّ مِنْ إِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ {أَوَ لَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} ، وَيَرْحَمُ اللَّهُ لُوطًا لَقَدْ كَانَ يَأْوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ، وَلَوْ لَبِثْتُ فِي السِّجْنِ مَا لَبِثَ يُوسُفُ لَأَجَبْتُ الدَّاعِيَ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ تَلِيدٍ، وَأَخَرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ. 1072 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدَ بْنَ يَعْقُوبَ الْحَافِظَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْحَاقَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ الْمُزَنِيَّ، يَقُولُ، وَذَكَرَ عِنْدَهُ حَدِيثَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نَحْنُ أَحَقُّ بِالشَّكِّ مِنْ إِبْرَاهِيمَ» فَقَالَ الْمُزَنِيُّ: لَمْ يَشُكِّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي أَنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى، وَإِنَّمَا شَكَّا أَنْ يُجِيبَهُمَا إِلَى مَا سَأَلَا " الحديث: 1071 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 486 1073 - قَالَ الشَّيْخُ: وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ أَبُو إِبْرَاهِيمَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ يَحْيَى الْمُزَنِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ مَوْجُودٌ فِيمَا أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمُزَكِّي، أنا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدُوسٍ الطَّرَائِفِيُّ، نا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ: أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ: بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} [البقرة: 260] قَالَ: أَعْلَمُ أَنَّكَ تُجِيبُنِي إِذَا دَعَوْتُكَ، وَتُعْطِينِي إِذَا سَأَلْتُكَ. [ص: 488] وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: " مَذْهَبُ هَذَا الْحَدِيثِ التَّوَاضُعُ وَالْهَضْمُ مِنَ النَّفْسِ وَلَيْسَ فِي قَوْلِهِ: «نَحْنُ أَحَقُّ بِالشَّكِّ مِنْ إِبْرَاهِيمَ» ، اعْتِرَافٌ بِالشَّكِّ عَلَى نَفْسِهِ، وَلَا عَلَى إِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمَا، لَكِنْ فِيهِ نَفْيُ الشَّكِّ عَنْ كُلٍّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، يَقُولُ: إِذَا لَمْ أَشُكَّ أَنَا وَلَمْ أَرْتَبْ فِي قُدْرَةِ اللَّهِ عَلَى إِحْيَاءِ الْمَوْتَى، فَإِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَوْلَى بِأَنْ لَا يَشُكَّ فِيهِ وَلَا يَرْتَابَ، وَفِيهِ الْإِعْلَامُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ مِنْ قِبَلِ إِبْرَاهِيمَ لَمْ تُعْرَضْ مِنْ جِهَةِ الشَّكِّ، لَكِنْ مِنْ قِبَلِ طَلَبِ زِيَادَةِ الْعِلْمِ وَاسْتِفَادَةِ مَعْرِفَةِ كَيْفِيَّةِ الْإِحْيَاءِ، وَالنَّفْسُ تَجِدُ مِنَ الطُّمَأْنِينَةِ بِعِلْمِ الْكَيْفِيَّةِ مَا لَا تَجِدْهُ بِعِلْمِ الْأَنِيَّةِ، وَالْعِلْمُ فِي الْوَجْهَيْنِ حَاصِلٌ، وَالشَّكُّ مَرْفُوعٌ، وَقَدْ قِيلَ: إِنَّمَا طَلَبُ الْإِيمَانِ بِذَلِكَ حِسًّا وَعَيَانًا، لِأَنَّهُ فَوْقَ مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الِاسْتِدْلَالِ، وَالْمُسْتَدِلُّ لَا يَزُولُ عَنْهُ الْوَسْوَاسُ وَالْخَوَاطِرُ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ الْخَبَرُ كَالْمُعَايَنَةِ» قَالَ: وَحَكَى لَنَا عَنِ ابْنُ الْمُبَارَكِ فِي قَوْلِهِ: {وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} [البقرة: 260] قَالَ: أَيْ لِيُرَى مَنْ أَدْعُوهُ إِلَيْكَ مَنْزِلَتِي وَمَكَانِي مِنْكَ فَيُجِيبُونِي إِلَى طَاعَتِكَ " الحديث: 1073 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 487 1074 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أنا أَبُو بَكْرٍ الْجَرَّاحِيُّ، نا يَحْيَى بْنُ سَاسَوَيْهِ، نا عَبْدُ الْكَرِيمِ السُّكَّرِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَلِيُّ الْبَاشَانِيُّ الْعَابِدُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} [البقرة: 260] قَالَ: بِالْخِلَّةِ، يَقُولُ: إِنِّي أَعْلَمُ أَنَّكَ اتَّخَذْتَنِي خَلِيلًا الحديث: 1074 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 488 1075 - أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ، نا أَبُو مَنْصُورٍ النَّضْرَوِيُّ، نا أَحْمَدُ بْنُ نَجْدَةَ، [ص: 489] نا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، نا عَمْرُو بْنُ ثَابِتٍ الْحَدَّادُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فِي قَوْلِهِ: {لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} [البقرة: 260] قَالَ: بِالْخِلَّةِ الحديث: 1075 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 488 بَابُ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ} [الأنبياء: 87] قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ} [الأنبياء: 88] . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 490 1076 - أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، أنا أَبُو الْحَسَنِ الطَّرَائِفِيُّ، نا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: {فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ} [الأنبياء: 87] [ص: 491] يَقُولُ: ظَنَّ أَنْ لَا يَأْخُذَهُ الْعَذَابُ الَّذِي أَصَابَهُ الحديث: 1076 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 490 1077 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أنا أَحْمَدُ بْنُ كَامِلٍ الْقَاضِي، نا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ الْعَوْفِيُّ، حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: حَدَّثَنِي عَمِّي قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ عَطِيَّةَ بْنِ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: {وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا} [الأنبياء: 87] يَقُولُ: غَضِبَ عَلَى قَوْمِهِ {فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ} [الأنبياء: 87] يَقُولُ: ظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْضِيَ عَلَيْهِ عُقُوبَةً وَلَا بَلَاءً فِيمَا صَنَعَ بِقَوْمِهِ فِي غَضَبِهِ عَلَيْهِمْ وَفِرَارِهِ، قَالَ: وَعُقُوبَتُهُ أَخْذُ النُّونِ إِيَّاهُ. قَالَ الشَّيْخُ: وَمَا رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ: {أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ} [الأنبياء: 87] أَيْ: لَنْ نُقَدِّرَ عَلَيْهِ بِضَمِّ النُّونِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ مِنَ التَّقْدِيرِ لَا مِنَ الْقُدْرَةِ الحديث: 1077 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 491 1078 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، نا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، نا مُحَمَّدُ بْنُ الْجَهْمِ، قَالَ: قَالَ الْفَرَّاءُ: فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ أَيْ: مِنَ الْعُقُوبَةِ مَا قدَّرْنَا، فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ فَقَالَ: الظُّلُمَاتُ ظُلْمَةُ الْبَحْرِ، وَبَطْنُ الْحُوتِ وَمِعَاهَا الَّذِي كَانَ فِيهِ يُونُسُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَتِلْكَ الظُّلُمَاتُ. فَجَعَلَ الْفَرَّاءُ قَدَرَ بِمَعْنَى: قَدَّرَ. قَالَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ فِيمَا كَتَبَ لِي أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ مِنْ كِتَابِهِ: " أَنْشَدَنَا ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ لِأَبِي صَخْرٍ الْهُذَلِيِّ: وَلَا عَائِدًا ذَاكَ الزَّمَانُ الَّذِي مَضَى تَبَارَكْتَ مَا تَقْدِرُ يَقَعْ وَلَكَ الشُّكْرُ أَرَادَ: مَا تُقَدِّرُ يَقَعْ " الحديث: 1078 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 491 1079 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو قَالَا: نا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، نا يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ، أنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ، أنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي قَوْلِهِ: {فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ} [الأنبياء: 87] قَالَ: فَظَنَّ أَنْ لَنْ نُعَاقِبَهُ {فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ} [الأنبياء: 87] قَالَ: ظُلْمَةُ اللَّيْلِ، وَظُلْمَةُ الْبَحْرِ، وَظُلْمَةُ بَطْنِ الْحُوتِ، {أَنْ [ص: 492] لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} [الأنبياء: 87] قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ: صَوْتٌ مَعْرُوفٌ فِي أَرْضٍ غَرِيبَةٍ الحديث: 1079 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 491 1080 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، أنا أَبُو سَهْلِ بْنُ زِيَادٍ الْقَطَّانُ، نا أَبُو عَوْفٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَرْزُوقٍ الْبُزُورِيُّ، نا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، نا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، {فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ} [الأنبياء: 87] قَالَ: أَنْ لَنْ نُعَاقِبَهُ الحديث: 1080 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 492 1081 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ بِبَغْدَادَ، أنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، نا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ، نا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أنا مَعْمَرٌ، قَالَ: قَالَ لِيَ الزُّهْرِيُّ: لَأُحَدِّثَنَّكَ بِحَدِيثَيْنِ عَجِيبَيْنِ، أَخْبَرَنِي حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " أَسْرَفَ رَجُلٌ عَلَى نَفْسِهِ فَلَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ أَوْصَى بَنِيهِ فَقَالَ: إِذَا مِتُّ فَأَحْرِقُونِي ثُمَّ اسْحَقُونِي ثُمَّ اذْرُونِي فِي الرِّيحِ فِي الْبَحْرِ، فَوَاللَّهِ لَئِنْ قَدَرَ عَلَيَّ رَبِّي لَيُعَذِّبُنِّي عَذَابًا مَا عَذَّبَهُ أَحَدًا. قَالَ فَفَعَلُوا بِهِ، فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِلْأَرْضِ: أَدِّي مَا أَخَذْتِ، فَإِذَا هُوَ قَائِمٌ، فَقَالَ لَهُ: مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ؟ فَقَالَ: خَشْيَتُكَ يَا رَبِّ ـ أَوْ قَالَ: مَخَافَتُكَ ـ فَغَفَرَ لَهُ " الحديث: 1081 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 492 قَالَ: وَحَدَّثَنِي حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «دَخَلَتِ امْرَأَةٌ النَّارَ فِي هِرَّةٍ؛ رَبَطَتْهَا فَلَا هِيَ أَطْعَمَتْهَا، وَلَا هِيَ أَرْسَلَتْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ حَتَّى مَاتَتْ» . قَالَ الزُّهْرِيُّ فِي ذَلِكَ: «لِئَلَّا يَتَّكِلَ أَحَدٌ وَلَا يَيْأَسَ أَحَدٌ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ وَعَبْدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ مَعْمَرٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 493 1082 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو النَّضْرِ الْفَقِيهُ، نا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ، أنا أَبُو الْوَلِيدِ، نا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَبْدِ الْغَافِرِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: " إِنَّ رَجُلًا مِمَّنْ سَلَفَ مِنَ النَّاسِ رَغَسَهُ اللَّهُ مَالًا وَوَلَدًا، فَلَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ قَالَ لِبَنِيهِ: أَيَّ أَبٍ كُنْتُ لَكُمْ؟ قَالُوا: خَيْرَ أَبٍ. قَالَ: فَإِنَّهُ وَاللَّهِ مَا ابْتَأَرَ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرًا قَطُّ، وَإِنْ يَقْدِرِ اللَّهُ عَلَيْهِ يُعَذِّبْهُ، فَإِذَا أَنَا مِتُّ فَأَحْرِقُونِي ثُمَّ ذَرُونِي فِي رِيحٍ عَاصِفٍ. قَالَ: فَأَخَذَ مَوَاثِيقَهُمْ عَلَى ذَلِكَ فَفَعَلُوا فَلَمَّا حَرَّقُوهُ سَحَقُوهُ ثُمَّ ذَرَوْهُ فِي رِيحٍ عَاصِفٍ، قَالَ اللَّهُ لَهُ: كُنْ، فَإِذَا رَجُلٌ قَائِمٌ، قَالَ: مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ؟ قَالَ: لَا إِلَّا مَخَافَتُكَ أَوْ خَشْيَتُكَ. قَالَ: فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنْ يَلْقَاهُ غَيْرُ أَنْ غُفِرَ لَهُ ". رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي الْوَلِيدِ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى، عَنْ أَبِي الْوَلِيدِ، وَرَوَاهُ شَيْبَانُ عَنْ قَتَادَةَ بِإِسْنَادِهِ ثُمَّ قَالَ قَتَادَةُ: «رَجُلٌ خَافَ عَذَابَ اللَّهِ فَأَنْجَاهُ مِنْ عُقُوبَتِهِ» . وَقَالَ غَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ النَّظَرِ: قَوْلُهُ: «لَئِنْ قَدَرَ عَلَيَّ رَبِّي» أَوْ إِنْ يَقْدِرُ اللَّهُ عَلَيْهِ، مَعْنَاهُ قَدَّرَ بِالتَّشْدِيدِ، مَنِ التَّقْدِيرِ، لَا مِنَ الْقُدْرَةِ كَمَا قُلْنَا فِي الْآيَةِ. وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ [ص: 494] رَحِمَهُ اللَّهُ: وَفِي غَيْرِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ: «فَاذْرُونِي فِي الرِّيحِ، فَلَعَلِّي أَضِلُّ اللَّهَ» . يُرِيدُ: فَلَعَلِّي أَفُوتُهُ، يُقَالُ: ضَلَّ الشَّيْءُ إِذَا فَاتَ وَذَهَبَ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى} [طه: 52] أَيْ: لَا يَفُوتُهُ، قَالَ: وَقَدْ يُسْأَلُ عَنْ هَذَا، فَيُقَالُ: كَيْفَ يُغْفَرُ لَهُ وَهُوَ مُنْكَرٌ لِلْبَعْثِ وَالْقُدْرَةِ عَلَى إِحْيَائِهِ وَإِنْشَائِهِ؟ فَيُقَالُ: إِنَّهُ لَيْسَ بِمُنْكِرٍ، إِنَّمَا هُوَ رَجُلٌ جَاهِلٌ ظَنَّ أَنَّهُ إِذَا فُعِلَ بِهِ هَذَا الصَّنِيعُ تُرِكَ، فَلَمْ يُنْشَرْ وَلَمْ يُعَذَّبْ، أَلَا تَرَاهُ يَقُولُ: " فَجَمَعَهُ، فَقَالَ لَهُ لِمَ فَعَلْتَ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: مِنْ خَشْيَتِكَ «، فَقَدْ بَيَّنَ أَنَّهُ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَعَلَ مَا فَعَلَ خَشْيَةً مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِذَا بَعَثَهُ، إِلَّا أَنَّهُ جَهِلَ فَحَسِبَ أَنَّ هَذِهِ الْحِيلَةَ تُنْجِيهِ مِمَّا يَخَافُهُ» أَخْبَرَنَا بِالْحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرَهُ أَبُو سُلَيْمَانَ رَحِمَهُ اللَّهُ شَيْخُنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، نا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ الْفَقِيهُ، قَالَ: قُرِئَ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ الْوَاسِطِيِّ وَأَنَا أَسْمَعُ، نا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، نا بَهْزُ بْنُ حَكِيمِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ حَيْدَةَ الْقُشَيْرِيُّ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «كَانَ قَبْلَكُمْ عَبْدٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا وَوَلَدًا» فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَقَالَ فِيهِ: " فَذَرُونِي فِي رِيحٍ عَاصِفٍ؛ لَعَلِّي أَضِلُّ اللَّهَ قَالَ: فَفَعَلُوا وَرَبِّ مُحَمَّدٍ حِينَ قَالَ. قَالَ: فَجِيءَ بِهِ أَحْسَنَ مَا كَانَ، فَعُرِضَ عَلَى اللَّهِ، فَقَالَ: مَا حَمَلَكَ عَلَى النَّارِ؟ قَالَ: خَشْيَتُكَ أَيْ رَبِّ، قَالَ: أَسْمَعُكَ رَاهِبًا فَتِيبَ عَلَيْهِ ". [ص: 495] قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْبَيْهَقِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: هَذَا آخِرُ مَا سَهَّلَ اللَّهُ تَعَالَى نَقْلَهُ فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ، وَمَا يَحْتَاجُ إِلَى تَأْوِيلٍ مَعَ التَّأْوِيلِ، وَقَدْ تَرَكْتُ مِنَ الْأَحَادِيثِ الَّتِي رَوَيْتُ فِي أَمْثَالِ مَا أَوْرَدْتُهُ مَا دَخَلَ مَعْنَاهُ فِيمَا نَقَلْتُهُ، أَوْ وَجَدْتُهُ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ لَا يَثْبُتُ مِثْلُهُ، خَشْيَةَ التَّطْوِيلِ الحديث: 1082 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 493