الكتاب: بحث في إجابة الدعوة المؤلف: إبراهيم بن علي بن عبيد العبيد الناشر: الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة الطبعة: السنة الثالثة والثلاثون، العدد الحادي عشر بعد المائة 1421هـ/2001م عدد الأجزاء: 1   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع وهو مذيل بالحواشي] ---------- بحث في إجابة الدعوة إبراهيم العبيد الكتاب: بحث في إجابة الدعوة المؤلف: إبراهيم بن علي بن عبيد العبيد الناشر: الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة الطبعة: السنة الثالثة والثلاثون، العدد الحادي عشر بعد المائة 1421هـ/2001م عدد الأجزاء: 1   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع وهو مذيل بالحواشي] بحث في إجابة الدعوة إعداد: د. إبراهيم بن علي بن عبيد العبيد أستاذ مساعد بكلية الحديث الشريف والدراسات الإسلامية الجامعة الإسلامية - المدينة النبوية ال مقدمة إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} 1. {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً} 2. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً} 3. أما بعد: فإن الدعوات في هذا العصر قد كثرت وأصبح الكثير لا يدري ما يأتي منها وما يذر سواء كانت لعرس أو إملاك أو عقيقة أو حضور ضيف أو غير ذلك. وأصبح البعض الآخر في حرج من عدم الإجابة فأحببت أن أدلي بدلوي في هذا الباب ببحث هذه المسألة بجمع أدلتها مع تخريجها والحكم عليها وبيان   1 آل عمران (102) . 2 النساء (1) . 3 الأحزاب (70،71) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 97 أقوال أهل العلم فيها ومناقشتها وبيان الراجح منها حسب مايظهر لي1 وسميته: (إجابة الدعوة) وجعلته في مقدمة ومبحثين: المبحث الأول: حكم إجابة الدعوة. المبحث الثاني: الأكل لمن دعي إذا حضر. وخاتمة تشتمل على أهم النتائج في هذا البحث. هذا وقد بذلت جهدي في إخراج هذا البحث فما كان فيه من صواب فمن توفيق الله وما كان فيه من خطأ فأسأل الله العفو والتوفيق للصواب. والله أسأل أن ينفع به وأن يعظم به الأجر إنه ولي ذلك والقادر عليه. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. -كتبه -إبراهيم بن علي عبيد العبيد -المدينة النبوية -في 1/1/1417?   1 قبل الشروع في هذا البحث عقدت العزم على جمع الأحاديث الواردة في إجابة الدعوة وتخريجها من كتب السنة من مظانها وقد تم ذلك بحمد الله ومنّه وجمعت الأحاديث من الكتب التسعة ومصنف عبد الرزاق وابن أبي شيبة وشمائل الترمذي وشرح معاني الآثار وشرح مشكل الآثار ومعاجم الطبراني الثلاثة وسنن البيهقي وشرح السنة والمطالب العالية ومجمع الزوائد ومجمع البحرين وكشف الأستار. ثم ظهر لي بعد ذلك أن لا تفرد المسألة في فصل والأحاديث في فصل آخر وإنما تضمن هذه الأحاديث مع تخريجها هذه المسألة طلباً للإيجاز وعدم التكرار فاستعنت بالله في ذلك فذكرت الأقوال في هذه المسألة مع ذكر أدلتها ثم ناقشتها بعد ذلك مع بيان الراجح منها حسب ما ظهر لي والله الموفق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 98 المبحث الأول: حكم إجابة الدعوة عند تأمل الأحاديث الواردة في هذه المسألة نجد أن هدي النبي صلى الله عليه وسلم إجابة الدعوة إذا دعي إليها حتى لو دعي إلى كراع كما ثبت ذلك عنه صلى الله عليه وسلم وقد تعددت الأحاديث القولية والفعلية في ذلك واختلفت دلالتها فبعضها ظاهر في الوجوب مطلقاً، وبعضها ظاهر في الوجوب في وليمة العرس، وبعضها ظاهر في السنية ولهذا اختلفت مذاهب أهل العلم في ذلك على أقوال هي: القول الأول: وجوب إجابة الدعوة مطلقاً سواء كانت عرساً أو غيره وممن قال بهذا: بعض الشافعية وأهل الظاهر وعبيد الله بن الحسن العنبري قاضي البصرة والشوكاني وابن حزم، وقال: إن هذا قول جمهور الصحابة والتابعين1. لكن تعقبه العراقي2 فقال: وادعى ابن حزم أنه قول جمهور الصحابة والتابعين وفي ذلك نظر. وقال الحافظ ابن حجر3: وزعم ابن حزم أنه قول جمهور الصحابة والتابعين ويعكر عليه مانقلناه عن عثمان بن أبي العاص وهو من مشاهير الصحابة أنه قال في وليمة الختان: "لم يكن يدعى لها" لكن يمكن الانفصال عنه بأن ذلك لا يمنع القول بالوجوب لو دعوا ...   1 المحلى (9/23،25) التمهيد (1/233) و (10/178) وشرح مسلم للنووي (9/234) المغني (7/2،4) طرح التثريب (7/70،77) الفتح (9/242، 247) عون المعبود (10/202) تحفة الأحوذي (4/222) نيل الأوطار (6/202) سبل السلام (3/273) . 2 طرح التثريب (7/77) . 3 الفتح (9/247) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 99 أدلة هذا القول: 1- حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: "شر الطعام طعام الوليمة يدعى لها الأغنياء ويترك الفقراء، ومن ترك الدعوة فقد عصى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم". أخرجه البخاري1، ومسلم2، وأبو داود3، والنسائي4، وابن ماجه5، وفي لفظ لمسلم مرفوعاً جميعه6.   1 في صحيحه (5/1985 رقم 4882) كتاب النكاح، باب من ترك الدعوة فقد عصى الله ورسوله. 2 في صحيحه (2/1054 رقم 1432) كتاب النكاح، باب الأمر بإجابة الداعي إلى دعوته. 3 في السنن (4/125 رقم 3742) كتاب الأطعمة، باب ماجاء في إجابة الدعوة. 4 في الكبرى (4/141 رقم 6612، 6613) كتاب الوليمة، باب طعام العرس. 5 في السنن (1/616 رقم 1913) كتاب النكاح، باب إجابة الداعي. 6 قال الحافظ ابن حجر: وأول هذا الحديث موقوف ولكن أمره يقتضي رفعه ذكر ذلك ابن بطال قال ومثله حديث أبي الشعثاء أن أبا هريرة أبصر رجلاً خارجاً من المسجد بعد الآذان فقال: أما هذا فقد عصى أبا القاسم قال ومثل هذا لايكون رأياً ولهذا أدخله الأئمة في مسانيدهم انتهى. وذكر ابن عبد البر أن جل رواة مالك لم يصرحوا برفعه وقال فيه روح بن القاسم عن مالك بسنده قال رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى. وكذا أخرجه الدارقطني في غرائب مالك من طريق إسماعيل بن مسلمة بن قعنب عن مالك. وقد أخرجه مسلم من رواية معمر وسفيان بن عيينة عن الزهري شيخ مالك كما قال مالك. ومن رواية أبي الزناد عن الأعرج كذلك والأعرج شيخ الزهري فيه هو عبد الرحمن كما وقع في رواية سفيان قال: سألت الزهري فقال: حدثني عبد الرحمن الأعرج أنه سمع أبا هريرة فذكره. ولسفيان فيه شيخ آخر بإسناد آخر إلى أبي هريرة صرح فيه يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم أخرجه مسلم أيضاً من طريق سفيان سمعت زياد بن سعد يقول: سمعت ثابتاً الأعرج يحدث عن أبي هريرة "أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكر نحوه" وكذا أخرجه أبو الشيخ من طريق محمد بن سيرين عن أبي هريرة مرفوعاً صريحاً وأخرج له شاهداً من حديث ابن عمر كذلك. ا?. الفتح (9/244) التمهيد (10/175) وقال في التلخيص (3/195) : وفي رواية لمسلم التصريح برفع جميعه وتعقبها الدارقطني في العلل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 100 وفي الباب عن ابن عمر1، وابن عباس2 رضي الله عنهم. ووجه الدلالة منه أن العصيان لا يطلق إلا على ترك الواجب والوليمة تشمل العرس وغيره3. 2- حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا دعي أحدكم إلى الوليمة فليأتها". أخرجه البخاري4، ومسلم5، وأبو داود6، والنسائي7. وفي لفظ متفق عليه "أجيبوا هذه الدعوة إذا دعيتم لها". قال: وكان عبد الله يأتي الدعوة في العرس وغير العرس ويأتيها وهو صائم". وفي لفظ لمسلم وأبي داود "إذا دعا أحدكم أخاه فليجب عرساً كان أو نحوه".   1 أخرجه أبو الشيخ كما ذكره الحافظ في الفتح (9/244) وأخرجه ابن عدي في الكامل (3/1148) لكن في إسناده سلام بن سليم قال فيه الحافظ متروك. التقريب (261) . 2 أخرجه الطبراني في الكبير (12/159 رقم 12754) والأوسط كما في مجمع البحرين (3/328 رقم 1903) كتاب الوليمة، باب في الطعام يدعى إليه الشبعان ويحبس عنه الجيعان، والبزار كما في كشف الأستار (2/75 رقم 1240) أبواب الصيد، باب الوليمة. قال الهيثمي في المجمع (4/53) : وفيه سعيد بن سويد المعولي ولم أجد من ترجمه، وفيه عمران القطان وثقه أحمد وجماعة وضعفه النسائي وغيره. ا?. 3 الفتح (9/245) النيل (6/202) . 4 في صحيحه (5/1984رقم 4878) كتاب النكاح، باب حق إجابة الوليمة والدعوة، وانظر رقم (4884) . 5 في صحيحه (2/1052 رقم 1429) كتاب النكاح، باب الأمر بإجابة الداعي الدعوة. 6 في السنن (4/123 رقم 3736) كتاب الأطعمة، باب ماجاء في إجابة الدعوة، وانظر رقم (2738) . 7 في الكبرى (4/140 رقم 6608) كتاب الأطعمة، باب إجابة الدعوة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 101 وله ألفاظ أخر1. ووجه الدلالة منه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بإجابة الوليمة والدعوة والأصل في الأمر الوجوب إلا أن يصرفه صارف، وقالوا إن الوليمة والدعوة تشمل العرس وغيره ويؤيد هذا رواية مسلم وغيره "عرساً كان أو نحوه" وأن عبد الله بن عمر وهو راوي الحديث كان يأتي الدعوة في العرس وهو صائم2. وفي لفظ لأبي داود3، وابن عدي4، والبيهقي5 قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:   1 ومن هذه الألفاظ ما عند مسلم بلفظ "من دعي إلى عرس أو نحوه فليجب" وفي لفظ له أيضاً: "إذا دعيتم إلى كراع فأجيبوا" وفي لفظ له للترمذي (3/395 رقم 1098) "ائتوا الدعوة إذا دعيتم" وفي لفظ له ولابن ماجه (1/616 رقم 1914) : "إذا دعي أحدكم إلى وليمة عرس فليجب" وفي لفظ لأبي داود (4/124 رقم 3737) والبيهقي (7/263) "فإن كان مفطراً فليطعم وإن كان صائماً فليدع" ورجال إسناده ثقات ويشهد له حديث أبي هريرة وغيره كما سيأتي ص (108) وفي لفظ لابن حبان في صحيحه بإسناد صحيح "كان ابن عمر إذا دعي ذهب إلى الداعي فإن كان صائما دعي بالبركة ثم انصرف وإن كان مفطراً جلس فأكل". قال نافع: قال ابن عمر: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا دعيتم إلى كراع فأجيبوا" - الإحسان (12/101 رقم 5290) . وفي لفظ للطحاوي في المشكل (8/25 رقم 3022، 3023) "إذا دعي أحدكم أخاه لحق فليأته لدعوة عرس أو نحوه" وفيه محمد بن عبدا لرحمن بن غنج قال فيه الحافظ: مقبول، لكن قال فيه الإمام أحمد: شيخ مقارب الحديث، وقال أبو حاتم: صالح الحديث لا أعلم أحداً روى عنه غير الليث بن سعد. وقال ابن حبان: حدث عن نافع بنسخة مستقيمة. رواية الميموني عن الإمام أحمد (197 رقم 150) الجرح والتعديل (7/318) الثقات (7/424) التقريب (492) . 2 شرح مسلم للنووي (9/234) طرح التثريب (7/77) الفتح (9/247) . 3 في السنن (4/125 رقم 374) كتاب الأطعمة، باب ماجاء في إجابة الدعوة. 4 في الكامل (1/380) . 5 في السنن (3/265) كتاب الصداق، باب من لم يدع ثم جاء فأكل لم يحل له ماأكل إلا بأن يحل له صاحب الوليمة كلهم من طريق دُورست بن زياد عن أبان بن طارق عن نافع عن ابن عمر به. وسنده ضعيف فيه أبان بن طارق مجهول ودورست ضعيف وقال أبو داود عقبه: أبان بن طارق مجهول. وضعف الحديث العراقي في تخريج أحاديث الإحياء (2/915) . وأخرجه ابن عدي من طريق خالد بن الحارث عن أبان بن طارق به، وقال أبان بن طارق هذا لا يعرف إلا بهذا الحديث وهذا الحديث معروف به وله غير هذا الحديث لعله حديثان أو ثلاثة وليس له أنكر من هذا. وأخرجه سعيد بن منصور في سننه (1/148 رقم 525) من طريق الزهري مرسلاً. وأخرجه أحمد في المسند (2/61) من طريق العمري عن نافع وفي سنده العمري. والحاصل أن الحديث ضعيف بهذا اللفظ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 102 "من دعي فلم يجب فقد عصى الله ورسوله ومن دخل على غير دعوة دخل سارقاً وخرج مغيراً". وفي هذا اللفظ قال: "من دعي فلم يجب" ولم يخصها بالوليمة. وفي لفظ لأبي يعلي1 "إذا دعي أحدكم إلى وليمة فليجبها ومن لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله". ووجه الدلالة أنه سمى من لم يجب الدعوة عاصياً لله ولرسوله. قال ابن حزم2: فإن قيل قد جاء في بعض الآثار "إذا دعي أحدكم إلى وليمة عرس فليجب" قلنا نعم لكن الآثار التي أوردنا فيها زيادة غير العرس مع العرس وزيادة العدل لايحل تركها. 3- حديث البراء بن عازب رضي الله عنه قال: "أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بسبع ونهانا عن سبع: أمرنا بإتباع الجنائز، وعيادة المريض، وإجابة الداعي، ونصرة المظلوم، وإبرار القسم، ورد السلام، وتشميت العاطس، ونهانا عن آنية الفضة، وخاتم الذهب، والحرير، والديباح، والقسى، والإستبرق".   1 في مسنده كما ذكره الحافظ في التلخيص (3/195) وساقه مسنداً وصحح سنده. 2 في المحلى (9/24) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 103 أخرجه البخاري1، ومسلم2، والترمذي3، والنسائي4. وفي الباب عن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فكوا العاني، وأجيبوا الداعي وعودوا المريض" أخرجه البخاري5. ووجه الدلالة منهما أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بإجابة الداعي مطلقاً والأصل في الأمر الوجوب. 4- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "حق المسلم على المسلم خمس: رد السلام، وعيادة المريض، واتباع الجنائز، وإجابة الدعوة، وتشميت العاطس". أخرجه البخاري6، ومسلم7، وأبو داود8، وابن ماجه9. وفي لفظ لمسلم أيضاً، ولفظ أبي داود "خمس تجب للمسلم على أخيه".   1 في صحيحه (1/417 رقم 1182) كتاب الجنائز، باب الأمر باتباع الجنائز. وكذا أخرجه برقم (2313، 4880، 5312، 5525، 5868) . 2 في صحيحه (3/1635 رقم 2066) كتاب اللباس والزينة باب تحريم استعمال الذهب والفضة على الرجال والنساء. 3 في السنن (5/117رقم 2809) كتاب الأدب، باب ماجاء في كراهية لبس المعصفر للرجال والقسى. 4 في السنن (8/201 رقم 5309) كتاب الزينة، باب النهي عن الثياب القسية. 5 في صحيحه (5/1984 رقم 2879) كتاب النكاح، باب حق إجابة الوليمة والدعوة ومن أولم سبعة أيام ونحوه. 6 في صحيحه (1/418 رقم 1183) كتاب الجنائز، باب الأمر باتباع الجنائز. 7 في صحيحه (4/1704 رقم 2162) كتاب الجنائز، باب ماجاء في عيادة المريض. 8 في السنن (5/288 رقم 5030) كتاب الأدب، باب في العطاس. 9 في السنن (1/461) كتاب الجنائز، باب ما جاء في عيادة المريض. وأخرجه مسلم والنسائي في السنن (4/53 رقم 1938) والبخاري في الأدب المفرد (309 رقم 928) والترمذي في السنن (5/80 رقم 2737) بلفظ: "حق المسلم على المسلم ست"، وزادوا "إذا استنصحك فانصح له". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 104 وفي الباب عن علي1، وأبي مسعود2، وأبي   1 حديث علي رضي اله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "للمسلم على المسلم ست بالمعروف: يسلم عليه إذا لقيه، ويجيبه إذا دعاه، ويشمته إذا عطس، ويعوده إذا مرض، ويتبع جنازته إذا مات، ويحب له ما يحب لنفسه". أخرجه الترمذي (5/80 رقم 2736) كتاب الأدب، باب ما جاء في تشميت العاطس، وابن ماجه في السنن (1/461 رقم 1433) كتاب الجنائز، باب ماجاء في عيادة المريض، وأحمد في المسند (1/89) والدارمي في السنن (2/275) كتاب الاستئذان، باب في حق المسلم على المسلم، وأبو يعلي في المسند (1/342 رقم 435) وابن عدي في الكامل (7/2701) من طريق أبي إسحاق عن الحارث بن علي به وسنده ضعيف لضعف الحارث الأعور. وأخرجه أبو يعلي في المسند (1/392 رقم 509) من طريق يحيى بن نصر بن حاجب حدثنا هلال بن خباب عن زاذان عن علي بنحوه، لكن في سنده يحيى بن نصر قال أبو زرعة: ليس بشيء، وقال أبو حاتم: تكلم الناس فيه. وقال الذهبي: وأما ابن عدي فروى له أحاديث حسنة وقال: أرجو أنه لا بأس به. ا?. وهذا الحديث مما أخرجه ابن عدي في ترجمة يحيى بن نصر ثم إنه يشهد له ما تقدم حديث أبي هريرة. الجرح والتعديل (9/193) الميزان (4/412) الكامل (7/2702) . 2 حديث أبي مسعود رضي اله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أربع للمسلم على المسلم: أن يعوده إذا مرض، ويشهده إذا مات، ويجيبه إذا دعاه، ويشمته إذا عطس". أخرجه البخاري في الأدب المفرد (309 رقم 926) وابن ماجه في السنن (1/461 رقم 1434) كتاب الجنائز، باب ما جاء في عيادة المريض، وأحمد في المسند (5/273) وابن حبان في صحيحه (1/475 رقم 240) كتاب الإيمان، باب ذكر البيان بأن المصطفى صلى الله عليه وسلم لم يرد بهذا العدد المذكور نفياً عما وراءه، وبحشل في تاريخ واسط (217) والحاكم في المستدرك (1/349) كلهم من طريق عبد الحميد بن جعفر عن أبيه عن حكيم بن أفلح عن أبي مسعود به. قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي. وقال البوصيري في مصباح الزجاجة (1/462) : هذا إسناده صحيح. وفي هذا التصحيح نظر وذلك لأن فيه حكيم بن أفلح لم يوثقه غير ابن حبان. قال الذهبي في الميزان (1/538) : تفرد عنه والده عبد الحميد بن جعفر. وقال الحافظ في التقريب (176) : مقبول. لكن يشهد له ما سبق من حديث البراء وأبي هريرة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 105 أيوب1 رضي الله عنهم. ووجه الدلالة أن المراد بالحق الوجوب بدليل رواية مسلم وأبي داود. قال الحافظ2: "وقد تبين أن معنى الحق هنا الوجوب خلافاً لقول ابن بطال المراد حق الحرمة والصحبة والظاهر أن المراد به هنا وجوب الكفاية".ا? وحديث أبي أيوب نص في الوجوب لو صح لكنه ضعيف. 5- حديث أبي أمامة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من دعاكم فأجيبوه". أخرجه الطبراني في الكبير3. ووجه الدلالة ظاهرة كالدليل الثاني. 6- حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أجيبوا الداعي، ولا تردوا الهدية، ولا تضربوا المسلمين".   1 حديث أبي أيوب أخرجه البخاري في الأدب المفرد واللفظ له (308 رقم 925) والطحاوي في شرح مشكل الآثار (8/31 رقم 3034) وأحمد بن منيع كما في المطالب العالية (2/325 رقم 2384) من طريق عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الأفريقي قال حدثني أبي أنهم كانوا في غزاة في البحر زمن معاوية فانضم مركبنا إلى مركب أبي أيوب الأنصاري فلما حضر غداؤنا أرسلنا إليه فأتانا فقال: دعوتموني وأنا صائم فلم يكن لي بد من أن أجيبكم لأني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن للمسلم على أخيه المسلم ست خصال واجبة إن ترك منها شيئاً فقد ترك حقاً واجباً لأخيه عليه: يسلم عليه إذا لقيه، ويجيبه إذا دعاه، ويشمته إذا عطس، ويعوده إذا مرض، ويحضره إذا مات، وينصحه إذا استنصحه". وسنده ضعيف لضعف الأفريقي لكن يشهد له بالجملة حديث أبي هريرة وغيره لكن بدون قوله "إن ترك منها شيئاً فقد ترك حقاً واجباً لأخيه عليه" وكذا قول أبي أيوب. 2 الفتح (3/113) . (8/231 رقم 7904) من طريق محمد بن عبد الله العرزمي عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة به. قال الهيثمي في المجمع (4/52) : وفيه محمد بن عبيد الله العرزمي وهو ضعيف. ا?. وفيه أيضاً علي بن يزيد ضعيف كما في التقريب (406) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 106 أخرجه أحمد1، وابن أبي شيبة2، والبخاري في الأدب المفرد3، والبزار4، والطحاوي5، وابن حبان6، والطبراني7. ووجه الدلالة منه ظاهرة كالدليل الثاني. 7- حديث جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا دعي أحدكم إلى طعام فليجب فإن شاء طعم وإن شاء ترك". أخرجه مسلم8، وأبو داود9، والنسائي10.   1 في المسند (1/404) . 2 في المصنف (6/555 رقم 2027) كتاب البيوع والأقضية، باب في الرجل يهدي إلى الرجل أو يبعث إليه. (68 رقم 157) باب حسن الملكة. 4 في مسنده كما في كشف الأستار (2/76 رقم 1243) أبواب الصيد، باب إجابة الدعوة. 5 في شرح مشكل الآثار (8/29 رقم 3031) باب مشكل ما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم في الطعام الذي يجب على من دعي عليه إتيانه. 6 في صحيحه -الإحسان (12/418 رقم 5603) كتاب الحظر والإباحة، باب ذكر الزجر عن ضرب المسلمين كافة إلا ما يبيحه الكتاب والسنة. 7 في المعجم الكبير (10/242 برقم 10444) . كلهم عن طريق الأعمش عن أبي وائل عن عبد الله بن مسعود به. وإسناده صحيح وأما عنعنة الأعمش فمحمولة على السماع لأن شيخه أبو وائل. قال الذهبي في الميزان (2/224) : وهو يدلس وربما دلس عن ضعيف ولا يدري به فمتى قال حدثنا فلا كلام ومتى قال عن تطرق إليه احتمال التدليس إلا عن شيوخ أكثر عنهم كإبراهيم وأبي وائل وأبي صالح السمان فإن روايته عن هذا الصنف محمولة على الاتصال. وذكره الحافظ في كتابه تعريف أهل التقديس (67) في المرتبة الثانية من المدلسين. وقال الهيثمي في المجمع (4/52) ، ورجال أحمد رجال الصحيح. 8 في صحيحه (2/1054 رقم 1430) كتاب النكاح، باب الأمر بإجابة الداعي إلى دعوه. 9 في السنن (4/124 رقم 3740) كتاب الأطعمة، باب ما جاء في إجابة الدعوة. 10 في الكبرى (2/140 رقم 6610) كتاب الوليمة، باب إجابة الدعوة وإن لم يأكل. كلهم من طرق عن سفيان عن أبي الزبير عن جابر به. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 107 وأخرجه ابن ماجه1 وزاد "وهو صائم" وفي الباب عن أبي هريرة2، وابن مسعود3. ووجه الدلالة أن هذا أمر والأصل في الأمر الوجوب.   1 في السنن (1/557 رقم 1751) كتاب الصيام، باب من دعي إلى طعام وهو صائم. من طريق أحمد بن يوسف السلمي ثنا أبو عاصم أنبأنا ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر به، ورجال إسناده ثقات لكن أبا الزبير عنعنه وهو مدلس. ورواه ابن نمير كما عند مسلم ويزيد بن سنان كما عند الطحاوي في المشكل (8/28 رقم 3030) وعمرو بن علي بن بحر كما عند ابن حبان (12/115 رقم 5303) كلهم عن أبي عاصم عن ابن جريج عن أبي الزبير به بدون هذه الزيادة وأبو الزبير صرح بالتحديث عند الطحاوي فهؤلاء الثلاثة خالفوا أحمد بن يوسف السلمي فلم يذكروا هذه الزيادة مع ما فيها من عنعنة أبي الزبير، وكذلك رواه سفيان عن أبي الزبير بدونها كما عند مسلم وغيره. 2 حديث أبي هريرة أخرجه مسلم في صحيحه (2/1054 رقم 1431) كتاب النكاح، باب الأمر بإجابة الداعي إلى دعوة، وأبو داود في السنن (2/828 رقم 2460) كتاب الصيام، باب في الصائم يدعى إلى وليمة. والترمذي في السنن (3/141 رقم 780) كتاب الصوم، باب ما جاء في إجابة الصائم الدعوة، والنسائي في الكبرى (4/141 رقم 6611) كتاب الوليمة، باب إجابة الصائم الدعوة كلهم من طريق ابن سيرين عن أبي هريرة رضي اله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا دعي أحدكم فليجب فإن كان صائماً فليصل وإن كان مفطراً فليطعم". 3 حديث ابن مسعود أخرجه النسائي في عمل اليوم والليلة (269 رقم 300) باب ما يقول إذا دعي وكان صائماً، والطبراني في الكبير (10/285 رقم 10563) وابن السني في عمل اليوم والليلة (230 رقم 489) باب ما يقول إذا حضر الطعام وهو صائم من طريق شعبة عن أبي جعفر الفراء عن عبد الله بن شداد عن عبد الله بن مسعود رضي اله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا دعي أحدكم إلى طعام فليجب فإن كان مفطراً فليأكل وإن كان صائماً فليدع بالبركة". وسنده صحيح ويشهد له ما سبق من حديث أبي هريرة. وأخرجه أبو القاسم البغوي في الجعديات (1/262 رقم 874) وفي المسند (1/476 رقم 898) عن شعبة عن أبي جعفر الفراء قال: عملت طعاماً فدعوت عبد الله بن شداد بن الهاد فجاء وهو صائم ثم قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال به مرسلاً. ولكن هذا لا يؤثر في وصله فقد رواه ابن منيع عن علي بن الجعد عن شعبة به موصولاً وتابع علي بن الجعد على وصله عن شعبة يحيى بن أبي كثير كما عند ابن السني. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 108 8- عن عكرمة بن عمار سمعت أبا غادية اليمامي قال: "أتيت المدينة فجاء رسول كثير بن الصلت فدعاهم فما قام إلا أبو هريرة وخمسة منهم أنا فذهبوا فأكلوا ثم جاء أبو هريرة ثم قال: والله يا أهل المسجد إنكم لعصاة لأبي القاسم صلى الله عليه وسلم". أخرجه أحمد1. ووجه الدلالة ظاهرة حيث سمى من لم يجب عاصياً. 9- حديث عياض بن أشرس السلمي قال: رأيت يعلي بن مرة دعوته إلى مأدبة فقعد صائماً فجعل الناس يأكلون ولا يطعم فقلت له: والله لو علمنا أنك صائم ما عتبناك قال: لا تقولوا ذلك فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "أجب أخاك فإنك منه على اثنتين إما خير فأحق ما شهدته، وإما غيره فتنهاه عنه وتأمره بالخير". أخرجه الطبراني في الكبير2. ووجه الدلالة منه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بإجابة الدعوة. قال الشوكاني3: "والظاهر الوجوب للأوامر الواردة بالإجابة من غير صارف لها من الوجوب ولجعل الذي لم يجب عاصياً وهذا في وليمة النكاح في غاية الظهور وأما في غيرها من الولائم الآتية فإن صدق عليها اسم الوليمة شرعاً كما سلف في أول الباب كانت الإجابة إليها واجبة ... ". وقال أيضاً: ولكن الحق ما ذهب إليه الأولون يعني القول بالوجوب.   1 في المسند (2/289) من طريق روح عن عكرمة به، وفي سنده أبو غادية مجهول كما قال الحافظ في تعجيل المنفعة (2/523) . (22/271 رقم 696) من طريق عمر بن عبد الله بن يعلي عن عياض به. قال الهيثمي: وفيه عمر بن عبد الله بن يعلي وهو ضعيف. مجمع الزوائد (4/53) . 3 النيل (6/202) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 109 القول الثاني: أن إجابة الدعوة سنة مطلقاً في العرس وغيره وممن قال بهذا القول: بعض الشافعية والحنابلة وذكر اللخمي من المالكية أنه المذهب1 وابن عبد البر2. أدلة هذا القول: استدل أصحاب هذا القول بعموم أدلة أصحاب القول الأول وأنها تدل على السنية واستدلوا أيضاً بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان هدْيُهُ إجابة الدعوة كما ورد في أحاديث كثيرة منها: 1- حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لو دعيت إلى كُراع لأجبت، ولو أهدي إليَّ كراع لقبلت". أخرجه البخاري3، والنسائي4، ولفظه "لو دعيت إلى كراع أو إلى ذراع ولو أهدي إلىَّ ذراع أو كراع لقبلت " وفي الباب عن أنس5   1 وفي التمهيد عن مالك إن إجابة الوليمة واجبة دون غيرها (1/272) وقال الحسيني: مذهب مالك وجوب الإجابة خلافاً لحكاية ابن القصار. مكمل إكمال الإكمال (5/93) . 2 التمهيد (1/272) شرح مسلم للنووي (9/234) طرح التثريب (7/77) الفتح (9/242) النيل (6/202) السبل (3/273) تحفة الأحوذي (4/223) . 3 في صحيحه (5/1985 رقم 4883) كتاب النكاح، باب من أجاب إلى كراع. 4 في السنن الكبرى (4/140 رقم 6609) كتاب الوليمة، باب إجابة الدعوة إلى ذراع. 5 حديث أنس أخرجه الترمذي (3/614 رقم 1338) كتاب الأحكام، باب ما جاء في قبول الهدية وإجابة الدعوة، وأحمد في المسند (3/209) وابن حبان في صحيحه -الإحسان (12/103 رقم 5292) كتاب الأطعمة، باب ذكر الزجر عن ترك المرء إجابة الدعوة وإن كان المدعو إليه تافهاً. من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس رضي اله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو أهدي إليَّ كراع لقبلت ولو دعيت عليه لأجبت" وسنده صحيح واختلاط سعيد لا يؤثر لأن من الرواة عنه روح ويزيد بن زريع وهما ممن رويا عنه قبل الاختلاط كما قاله الإمام أحمد الكواكب النيرات (195، 208) شرح علل الترمذي لابن رجب (2/565) . وأخرجه البيهقي في السنن (6/169) كتاب الهبات، باب التحريض على الهبة والهدية من طريق سعيد بن بشير عن قتادة عن أنس به وسعيد بن بشير عن قتادة قال ابن نمير: يروى عن قتادة المنكرات. وقال ابن حبان: يروى عن قتادة مالا يتابع عليه. تهذيب الكمال (10/354) المجروحين (1/319) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 110 وابن عباس1 رضي الله عنهم. 2- حديث سهل بن سعد رضي الله عنه قال: "دعا أبو أسيد الساعدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في عرسه وكانت امرأته يومئذ خادمهم، وهى العروس، قال سهل: تدرون ما سقت رسول الله صلى الله عليه وسلم أنقعت له تمرات من الليل فلما أكل سقته إياه". أخرجه البخاري2، ومسلم3، وفي الباب عن أنس4، وأبي   1 أما حديث ابن عباس رضي الله عنهما فأخرجه الطبراني في الأوسط (8/475، 476 رقم 7985) من طريق بشر بن السّري عن عبد الله بن المؤمل عن ابن أبي مليكة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو دعيت إلى كراع لأجبت". قال الهيثمي: وفيه عبد الله بن المؤمل وثقه ابن سعد، وابن حبان وقال: يخطئ. وضعفه جماعة. المجمع (4/53) . وقال الحافظ فيه: ضعيف الحديث. التقريب (325) . 2 في صحيحه (5/1984 رقم 4881) كتاب النكاح، باب حق إجابة الوليمة والدعوة ومن أولم سبعة أيام ونحوه. وأخرجه برقم (4887، 4888، 5269، 5275، 6307) . 3 في صحيحه (3/1590 رقم 2006) كتاب الأشربة، باب إباحة النبيذ الذي لم يشتد ولم يصر مسكراً. 4 حديث أنس أخرجه البخاري في صحيحه (2/737 رقم 1986) كتاب البيوع، باب ذكر الخياط وأخرجه برقم (5104، 5117، 5119، 5121، 5123) ومسلم في صحيحه (3/1615 رقم 2041) كتاب الأشربة، باب جواز أكل المرق واستحباب أكل اليقطين، وأبو داود في السنن (4/146 رقم 3782) كتاب الأطعمة، باب في أكل الدباء، والترمذي في السنن (4/284 رقم 1849) كتاب الأطعمة، باب ماجاء في أكل الدباء من طريق مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس رضي اله عنه أن خياطاً دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم لطعام صنعه قال أنس بن مالك: فذهبت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ذلك الطعام فقرب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم خبزاً ومرقاً فيه دباء وقديد فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتتبع الدباء من حوالي القصعة قال فلم أزل أحب الدباء من يومئذ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 111 طلحة1 رضي الله عنهما. 3- حديث أنس رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعود المريض ويشهد الجنازة ويركب الحمار ويجيب دعوة العبد، وكان يوم بني قريظة على حمار مخطوم بحبل من ليف عليه إكاف2 ليف". أخرجه الترمذي3، وابن ماجه4، وابن سعد5، وابن أبي شيبة6، وابن أبي الدنيا7، وأبو الشيخ8، والبيهقي9.   1 حديث أبي طلحة أخرجه البخاري في صحيحه (5/2076 رقم 5135) كتاب الأطعمة، باب من أدخل الضيفان عشرة عشرة وأخرجه برقم (412، 3385، 5066، 6310) ومسلم في صحيحه (3/1612 رقم 2040) كتاب الأشربة، باب جواز استتباعه غيره إلى دار من يثق برضاه بذلك وبتحققه تحققاً تاماً عن أنس رضي اله عنه قال: بعثني أبو طلحة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لأدعوه وقد جعل طعاماً فأقبلت ورسول الله صلى الله عليه وسلم مع الناس فنظر إليَّ فاستحييت فقلت أجب أبا طلحة فقال للناس قوموا فقال أبو طلحة: يا رسول الله صنعت لك شيئاً قال: فمسها رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعا فيها بالبركة ثم قال: "أدخل نفراً من أصحابي عشرة وقال: كلوا وأخرج لهم شيئاً من بين أصابعه فأكلوا حتى شبعوا فخرجوا فقال: ادخل عشرة فأكلوا حتى شبعوا فمازال يدخل عشرة ويخرج عشرة حتى لم يبق منهم أحد إلا دخل فأكل حتى شبع ثم هيأها فإذا هى مثلها حين أكلوا منها". وله ألفاظ أخر أطول من هذا. 2 الإكاف والأكفاف من المراكب شبه الرحّال والأقتاب. اللسان (9/8) . 3 في السنن (3/328 رقم 1017) كتاب الجنائز، باب 32 وأخرجه في الشمائل (262 رقم 315) باب ما جاء في تواضع رسول الله صلى الله عليه وسلم. 4 في السنن (2/1398 رقم 4178) كتاب الزهد، باب البراءة من الكبر والتواضع. 5 في الطبقات (1/371) . 6 في المصنف (3/164) كتاب الزكاة، باب من قال على العبد زكاة في ماله لكنه مختصر. 7 في التواضع (152 رقم 113) باب التواضع. 8 في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم (201، 202) باب ذكر عيادته المريض صلى الله عليه وسلم. 9 في دلائل النبوة (1/330) كلهم من طريق مسلم الأعور عن أنس به وسنده ضعيف. قال الترمذي: هذا حديث لا نعرفه إلا من حديث مسلم، عن أنس، ومسلم الأعور يضعف وهو مسلم بن كيسان تكلم فيه وقد روى عن شعبة وسفيان الملائي. وأخرجه ابن سعد نحوه لكن في سنده عمرو بن حبيب العدوي ضعيف كما قاله الحافظ في التقريب (410) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 112 4- حديث أنس رضي الله عنه قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعى إلى خبز الشعير والإهالة السنخة فيجيب ولقد كان له درع عند يهودي فما وجد ما يفكها حتى مات". أخرجه الترمذي في الشمائل1، وأبو يعلي2، وأبو الشيخ3. وفي الباب عن ابن عباس4 رضي الله عنهما. ووجه الدلالة من هذه الأحاديث أن هدي النبي صلى الله عليه وسلم هو إجابة الدعوة وهذا فعل وهو يدل على السنية. القول الثالث: التفصيل وهو أن إجابة الدعوة تجب في العرس دون غيره. وممن قال بهذا: مالك والثوري والشافعي والخطابي والعنبري والحنفية   (263 رقم 316) باب ما جاء في تواضع رسول الله صلى الله عليه وسلم. 2 في المسند (7/83 رقم 4016) . 3 في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم (200) باب ذكر قبول الهدية وإثابته عليها صلى الله عليه وسلم كلهم من طريق ابن فضيل عن الأعمش عن أنس به. والأعمش لم يسمع من أنس - وقد عنعنه - كما قاله ابن المديني. المراسيل لابن أبي حاتم (82) . والحديث في البخاري وغيره بلفظ "عن أنس رضي الله عنه أنه مشى إلى النبي صلى الله عليه وسلم بخبز شعير وإهالة سنخة ولقد رهن النبي صلى الله عليه وسلم درعاً له بالمدينة عند يهودي وأخذ منه شعيراً لأهله ولقد سمعته يقول: ما أمسى عند آل محمد صلى الله عليه وسلم صاع بر ولا صاع حب وإن عنده لتسع نسوة". البخاري في صحيحه (2/729 رقم 1963) كتاب البيوع، باب شراء النبي صلى الله عليه وسلم بالنسيئة. 4 حديث ابن عباس أخرجه الطبراني في الأوسط (1/188 رقم 257) والصغير (1/22، 23) من طريق أبي مسلم قائد الأعمش عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: إن كان الرجل من أهل العوالي ليدعو النبي صلى الله عليه وسلم على خبز الشعير فيجيبه. وقال: لم يروه عن الأعمش إلا أبو مسلم ولا عن أبي مسلم إلا عمرو بن عثمان تفرد به يحيى بن سليمان. وقال الهيثمي في المجمع (4/53) وفيه أبو مسلم قائد الأعمش وثقه ابن حبان وقال: يخطئ وضعفه جماعة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 113 وجمهور الحنابلة وجمهور الشافعية وهو المشهور عنهم وبالغ السرخسي منهم فنقل الإجماع1 وهو قول الجمهور. ونقل القاضي عياض وغيره الاتفاق على وجوب الإجابة في وليمة العرس2. لكن اعترض على هذا النقل الحافظ ابن حجر3 فقال: "وقد نقل ابن عبد البر ثم عياض ثم النووي الاتفاق على القول بوجوب الإجابة إلى وليمة العرس وفيه نظر نعم المشهور من أقوال العلماء الوجوب وصرح جمهور الشافعية والحنابلة أنها فرض عين ونص عليه مالك وعن بعض الشافعية والحنابلة أنها مستحبة وذكر اللخمي من المالكية أنه المذهب ... ". أدلة هذا القول: 1- عموم أحاديث الباب وأنها تدل على السنية إلا ما نص عليه وهو وليمة العرس. 2- حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: "شر الطعام طعام الوليمة يدعى لها الأغنياء ويترك الفقراء ومن ترك الدعوة فقد عصى الله ورسوله"4. ووجه الدلالة منه أن هذا الحديث يدل على وجوب إجابة وليمة العرس دون غيرها لأن الوليمة المراد بها وليمة العرس إذا أطلقت دون غيرها وهذا الدليل هو الذي خصص دعوة وليمة العرس بالوجوب دون غيرها من الدعوات فتبقى على السنية5.   1 انظر شرح مسلم للنووي (9/234) التمهيد (1/272) معالم السنن (5/289) المغني (7/2) طرح التثريب (7/70، 77) شرح الأبي على صحيح مسلم (5/93) الفتح (9/242) عمدة القاري (16/359) النيل (6/202) السبل (3/273) إعلاء السنن (11/17) الإنصاف (8/318) . 2 شرح مسلم للنووي (9/234) الفتح (9/242) . 3 الفتح (9/242) . 4 تقدم تخريجه في أدلة القول الأول الدليل الأول ص: 100. 5 الفتح (9/241) النيل (6/202) السبل (3/275) إكمال المعلم للأبي (5/95) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 114 3- حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا دعي أحدكم إلى الوليمة فليأتها". وفي لفظ "إذا دعي أحدكم إلى الوليمة فليجبها ومن لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله"1. ووجه الدلالة أن المراد بالوليمة هي وليمة العرس كما تقدم وما ورد في بعض ألفاظه "الدعوة" فالألف واللام للعهد والمراد بها وليمة العرس2. 4- حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: "الوليمة حق وسنة فمن دعي فلم يجب فقد عصى الله ورسوله والخُرس والإعذار والتوكير أنت فيه بالخيار". قال قلت: إني والله لا أدري ما الخرس والإعذار والتوكير؟ قال: الخرس الولادة والإعذار الختان، والتوكير الرجل يبني الدار وينزل في القوم فيجعل الطعام فيدعوهم فهم بالخيار إن شاؤا جاؤا، وإن شاؤا قعدوا". أخرجه الطبراني في الأوسط3. ووجه الدلالة منه أنه فرق بين دعوة الوليمة وغيرها وسمى من لم يجب في الوليمة عاصياً أما غيرها فهو بالخيار.   1 تقدم تخريجه في القول الأول الدليل الثاني. 2 الفتح (9/246) . (4/563-564 رقم 3960) ومجمع البحرين (3/326 رقم 1899) من طريق الصلت بن مسعود الجحدري قال: حدثنا يحيى بن عثمان التيمي قال: حدثنا إسماعيل بن أمية قال: حدثني مجاهد عن أبي هريرة به وسنده ضعيف. وقال: لم يرد هذا الحديث عن إسماعيل بن أمية إلا يحيى بن عثمان التيمي تفرد به الصلت بن مسعود. وقال الهيثمي في المجمع (4/52) : "وفيه يحيى بن عثمان التيمي وثقه أبو حاتم الرازي وابن حبان وضعفه البخاري وغيره وبقية رجاله رجال الصحيح. ا?. ويحيى بن عثمان ضعفه غير واحد والذي في الجرح والتعديل قال أبو حاتم شيخ، وأما ابن حبان فذكره وشدد النكير عليه فقال: منكر الحديث جداً ... ". وضعفه الحافظ ابن حجر. الجرح والتعديل (9/174) المجروحين (3/123) تهذيب الكمال (31/465) التقريب (594) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 115 القول الرابع: أن إجابة وليمة العرس فرض كفاية إذا قام به البعض سقط عن الباقين. وممن قال بهذا: بعض الشافعية والحنابلة1. أدلة هذا القول: عموم الأدلة السابقة وقالوا إن الإجابة إكرام وموالاة فهي كرد السلام2. القول الخامس: أن إجابة الدعوة تسن في العرس وتباح في غيره، حكاه العراقي عن بعض الحنابلة3. المناقشة: بعد استعراض الأقوال في هذه المسألة اتضح أن الأقوال فيها خمسة المشهور منها ثلاثة: الوجوب والسنية والتفصيل وإن كان كل قول منها لا يسلم من اعتراض لكن قد يكون الاعتراض له حظ من النظر وقد لا يكون له حظ من النظر وفي هذا المبحث أود أن أورد فيه الاعتراضات الواردة على أدلة كل قول ومناقشتها قدر الإمكان مع ذكر أقوال أهل العلم في ذلك فأقول: مناقشة أدلة أصحاب القول الأول: نوقشت أدلة أصحاب القول الأول.   1 انظر شرح مسلم للنووي (9/234) المغني (7/2) شرح الأبيّ على صحيح مسلم (5/93) طرح التثريب (7/71) الفتح (9/242) النيل (6/202) الإنصاف (8/318) . 2 المغني (7/2) . 3 طرح التثريب (7/78) وانظر الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل (8/318) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 116 أما الدليل الأول وهو حديث أبي هريرة فاعترض عليه من وجهين: الأول: بأن المراد به وليمة العرس وذلك لأن الوليمة إذا أطلقت فالمراد بها وليمة العرس. قال الحافظ ابن حجر1: عقب تبويب البخاري "باب حق إجابة الوليمة والدعوة": كذا عطف الدعوة على الوليمة فأشار بذلك إلى أن الوليمة مختصة بطعام العرس ويكون عطف الدعوة عليها من العام بعد الخاص وقد تقدم بيان الاختلاف في وقته. وأما اختصاص اسم الوليمة به فهو قول أهل اللغة فيما نقله عنهم ابن عبد البر2 وهو المنقول عن الخليل بن أحمد وثعلب وغيرهما وجزم به الجوهري3 وابن الأثير4 وقال صاحب المحكم: الوليمة طعام العرس والإملاك، وقيل كل طعام صنع لعرس وغيره. وقال عياض في المشارق: الوليمة طعام النكاح وقيل: الإملاك وقيل: طعام العرس خاصة. وقال الشافعي وأصحابه: تقع الوليمة على كل دعوة تتخذ لسرور حادث من نكاح أو ختان أو غيرهما، لكن الأشهر استعمالها عند الإطلاق في النكاح وتقيد في غيره فيقال: وليمة الختان ونحو ذلك. وقال الأزهري5: الوليمة مأخوذة من الوَلم الجمع وزناً ومعنى لأن الزوجين يجتمعان. وقال ابن الأعرابي: أصلها من تتم الشيء واجتماعه.   1 الفتح (9/241) . 2 التمهيد (10/182) . 3 الصحاح (5/2054) . 4 النهاية في غريب الحديث (5/226) . 5 في تهذيب اللغة (15/406) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 117 وجزم الماوردي ثم القرطبي بأنها لا تطلق في غير طعام العرس إلا بقرينة وأما الدعوة فهي أعم من الوليمة ... ا?. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية1: الوليمة تختص بطعام العرس في مقتضى كلام أحمد في رواية المروذي. وقيل: تطلق على كل طعام لسرور حادث وقاله القاضي في الجامع وقيل: تطلق على ذلك إلا أنه في العرس أظهر. وقال العراقي2: اختلف العلماء وأهل اللغة في الوليمة والمشهور اختصاصها بطعام العرس ... ثم ساق نحو كلام الحافظ السابق. وقال في القاموس3: الوليمة طعام العرس أو كل طعام صنع لدعوة وغيرها وأَوْلَم صنعها. قال ابن رسلان4: وقول أهل اللغة أقوى لأنهم أهل اللسان وهم أعرف بموضوعات اللغة وأعلم بلسان العرب. وقال الشوكاني5: عقب دلالة هذا الحديث: "والظاهر الوجوب للأوامر الواردة بالإجابة من غير صارف لها عن الوجوب ولجعل الذي لم يجب عاصياً وهذا في النكاح في غاية الظهور وأما في غيرها من الولائم الآتية فإن صدق عليها اسم الوليمة شرعاً كما سلف في أول الباب كانت الإجابة إليها واجبة". وقال أيضاً6: ويمكن أن يقال: الوليمة في اللغة وليمة العرس فقط وفي الشرع للولائم المشروعة. ا?.   1 الاختيارات (240) . 2 طرح التثريب (7/70) . (4/189) . 4 النيل (6/198) . 5 النيل (6/202) . 6 النيل (6/198) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 118 وبعد إيراد هذه النقول يظهر لنا أن المشهور عند أهل اللغة وغيرهم أن الوليمة لا تطلق إلا على وليمة العرس فقط وعلى هذا لا يكون في الحديث دلالة على الوجوب إلا في وليمة العرس فقط. قال الطحاوي1: فتأملنا هذا الحديث - يعني حديث أبي هريرة - لنقف على معناه الذي أريد به إن شاء الله فوجدنا الطعام المقصود بما ذكر إليه فيه هو الوليمة وكانت صنفاً من الأطعمة لأن في الأطعمة أصنافاً سواها نحن ذاكروها في هذا الباب إن شاء الله وهو ما سمعت أحمد بن أبي عمران يقول: كانت العرب تسمى الطعام الذي يطعمه الرجل إذا ولد له مولود طعام الخرس وتسمى طعام الختان طعام الأعذار. يقولون: قد أعذر على ولده. وإذا بنى الرجل داراً أو اشتراها فأطعم قيل طعام الوكيرة أي من الوكر. وإذا قدم من سفر فأطعم قيل طعام النقيعة. قال: وأنشد أبو نصر أحمد بن حاتم صاحب الأصمعي: إنا لنضرب بالسيوف رؤوسهم ... ضرب القدار نقيعة القدام قال: والقدار الجزار والقدام القادمون يقال قادم وقدّام كما يقال كاتب وكتاب. وطعام المأتم يقال له طعام الهضيمة قال لنا ابن أبي عمران: وأنشدني الحسن بن عمرو الوائلي لأم حكيم بنت عبد المطلب لأبيها: كفى قومه نائبات الخطوب ... في آخر الدهر والأول طعام الهضائم والمأدبات ... وحمل عن الغارم المثقل وطعام الدعوة: طعام المأدبة قال لي ابن أبي عمران: وما سمعت طعام الهضيمة من أصحابنا البغداديين وإنما سمعته بالبصرة من أهل اللغة بها. قال أبو جعفر: وطعام الوليمة خلاف هذه الأطعمة وفي قصد رسول الله   1 شرح مشكل الآثار (8/19) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 119 صلى الله عليه وسلم بالكلام الذي قصد به إليه فيه ما قد دل أنه حكمه في الدعاء إليه خلاف غيره من الأطعمة المدعى إليها ولولا ذلك لاكتفى بذكر الطعام ولم يقصد إلى اسم من أسمائه فيذكره به ويدع ما سواه من أسمائه فلا يذكرها. فنظرنا في المعنى الذي به حكم ذلك الطعام من حكم ما سواه من الأطعمة فوجدنا أبا أمية وإبراهيم بن أبي داود قد حدثانا قالا: ... ثم ذكر حديث "لابد للعرس من وليمة" وقال: فكان في هذا الحديث إخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لابد للعرس من وليمة ثم ذكر حديث عبد الرحمن بن عوف "أولم ولو بشاة" وقال: فكان هذا الحديث أيضاً أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن بن عوف لما تزوج أن يولم ثم ذكر حديث "الوليمة حق والثاني معروف والثالث رياء وسمعة". وقال: فكان في هذا الحديث إخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الوليمة حق وفرّق بين حكمها في الأيام الثلاثة فجعلها في أول يوم محموداً عليها أهلها لأنهم فعلوا حقاً. وجعلها في اليوم الثاني معروفاً لأنه قد يصل إليها في اليوم الثاني من عسى أن لا يكون وصل إليها في اليوم الأول ممن في وصله إليها من الثواب لأهلها مالهم في ذلك. وجعلها في اليوم الثالث بخلاف ذلك لأنه جعلها رياء وسمعة وكان معلوماً أن من دعي إلى الحق فعليه أن يجيب إليه وأن من دعي إلى معروف فله أن يجيب إليه وليس عليه أن يجيب إليه وأن من دعي إلى الرياء والسمعة فعليه أن لا يجيب إليه. وفي ذلك ما قد دل على أن من الأطعمة التي يدعى إليها ما للمدعو إليه أن لا يأتيه وأن منها ما على المدعو إليه أن يأتيه. ا?. وأما قوله في آخر الحديث: "ومن ترك الدعوة" فقال الحافظ ابن حجر1: والذي يظهر أن اللام في الدعوة للعهد من الوليمة المذكورة أولاً. وقد تقدم أن الوليمة إذا أطلقت حملت على طعام العرس بخلاف سائر الولائم فإنها تقيد. ا?.   1 الفتح (9/245) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 120 الوجه الثاني: ما حكاه ابن عبد البر1 بعد قوله صلى الله عليه وسلم: "ومن لم يأت الدعوة فقد عصى الله ورسوله" قال على أنه يحتمل والله أعلم من لم ير إتيان الدعوة فقد عصى الله ورسوله وهذا أحسن وجه حمل عليه هذا الحديث إن شاء الله. ا?. وفي هذا نظر لأن النبي صلى الله عليه وسلم علق العصيان على عدم الإتيان لا على الاعتقاد والأصل حمل اللفظ على حقيقته إلا بقرينة تدل على أن هذا الظاهر غير مراد2.   1 التمهيد (1/272) . 2 فإن قيل: إن حديث أبي هريرة موقوف أجيب عن ذلك بما قاله الحافظ في الفتح (9/244) : أول هذا الحديث موقوف ولكن آخره يقتضي رفعه ذكر ذلك ابن بطال قال: ومثله حديث أبي الشعثاء أن أبا هريرة أبصر رجلاً خارجاً من المسجد بعد الأذان فقال: "أما هذا فقد عصى أبا القاسم". ومثل هذا لا يكون رأياً ولهذا أدخله الأئمة في مسانيدهم. وذكر ابن عبد البر: أن جل رواة مالك لم يصرحوا برفعه وقال فيه روح بن القاسم عن مالك بسنده قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكذا أخرجه الدارقطني في غرائب مالك من طريق إسماعيل بن مسلمة بن قعنب عن مالك. وقد أخرجه مسلم من رواية معمر وسفيان بن عيينة عن الزهري شيخ مالك وكما قال مالك ومن رواية أبي الزناد عن الأعرج كذلك والأعرج شيخ الزهري فيه هو عبد الرحمن كما وقع في رواية سفيان قال: سألت الزهري فقال: حدثني عبد الرحمن الأعرج أنه سمع أبا هريرة فذكره. ولسفيان فيه شيخ آخر بإسناد آخر إلى أبي هريرة صرح فيه برفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم. أخرجه مسلم أيضاً من طريق سفيان سمعت زياد بن سعد يقول: سمعت ثابتاً الأعرج يحدث عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال فذكر نحوه. وكذا أخرجه أبو الشيخ من طريق محمد بن سيرين عن أبي هريرة مرفوعاً صريحاً وأخرج له شاهداً من حديث ابن عمر كذلك. وقال ابن عبد البر في التمهيد (10/175) : هذا حديث مسند عندهم لقول أبي هريرة "فقد عصى الله ورسوله" وهو مثل حديث أبي الشعثاء عن أبي هريرة رأى رجلاً خارجاً من المسجد بعد الأذان فقال: "أما هذا فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم"، ولا يختلفون في هذا وذاك أنهما مسندان مرفوعان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 121 وأما الدليل الثاني وهو حديث ابن عمر رضي الله عنهما، فإنه نوقش من وجهين هما: الأول: أن يقال إن قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا دعي أحدكم إلى الوليمة فليأتها" المراد به وليمة العرس كما تقدم بيان ذلك في الجواب عن حديث أبي هريرة. وأما رواية "أجيبوا هذه الدعوة" فقال الحافظ ابن حجر1: وهذه اللام يحتمل أن تكون للعهد والمراد وليمة العرس ويؤيده رواية ابن عمر الأخرى "إذا دعي أحدكم إلى الوليمة فليأتها" وقد تقرر أن الحديث الواحد إذا تعددت ألفاظه وأمكن حمل بعضها على بعض تعين ذلك، ويحتمل أن تكون اللام للعموم وهو الذي فهمه راوي الحديث فكان يأتي الدعوة للعرس ولغيره"ا?. وأما رواية أبي داود وابن عدي والبيهقي "من دعي فلم يجب فقد عصى الله ورسوله ... " فإنها تدل على العموم وعدم التخصيص بالعرس لكنها ضعيفة كما تقدم بيان ذلك2. لكنه ورد عند أبي يعلي وصححه الحافظ3 بلفظ "إذا دعي أحدكم إلى وليمة فليجبها ومن لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله". فجعل العصيان مقيداً بمن لم يجب دعوة الوليمة لا كل دعوة. وأما رواية "عرساً كان أو نحوه" فإنها تدل على عدم التخصيص بوليمة العرس لأنه قال أو نحوه لكن يمكن أن يجاب عنه: بأن يقال هذه الرواية تدل على أنه لا يجب إجابة كل دعوة وذلك لأن الحديث أمر بإجابة دعوة العرس ونحوه فما المراد بهذا النحو؟ فهل المراد به نحوه من حيث الكبر أو غير ذلك؟ إلا أن يقال بينه فهم ابن عمر وأنه كان يأتي في   1 الفتح (9/246) . 2 ص: 103. 3 في التخليص (3/195) عزاه لأبي يعلي وذكر سنده وصححه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 122 العرس وغير العرس لكن هذا لا يدل على الوجوب أيضاً لأن تطبيق ابن عمر للإتيان إنما هو لكونه مأموراً بهذا ولو كان على سبيل الاستحباب، لما عُرف عنه من شدة تحريه للسنة وقد يكون أخذ إتيان وليمة العرس من هذا الحديث وغير وليمة العرس من أحاديث أُخر كحديث البراء وغيره ففعله لا يدل على وجوب الجميع والله أعلم. وقال الطحاوي1: قد يحتمل أن يكون ذلك من كلام النبي صلى الله عليه وسلم وقد يحتمل أن يكون من كلام رواة هذين الخبرين. وقد روى حديث ابن عمر هذا جماعة عن نافع بغير ذكر هذا المعنى الذي هو خلاف العرس ثم ساقه من طريق عمر بن محمد العمري عن نافع بلفظ "إذا دعيتم فأجيبوا". ومن طريق موسي بن عقبة عن نافع بلفظ "أجيبوا الدعوة إذا دعيتم لها". ومن طريق أيوب السختياني عن نافع بلفظ "ائتوا الدعوة إذا دعيتم". ثم قال: فاحتمل أن تكون تلك الدعوة المرادة في هذه الآثار هي الدعوة المذكورة في الآثار الأول فتتفق هذه الآثار ولا تختلف فنظرنا هل رُوي شيء يدل على أنها تلك الدعوة كما ذكرنا؟ فوجدنا يونس قد حدثنا قال أنبأنا ابن وهب أن مالكاً أخبره عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إذا دعي أحدكم إلى الوليمة فليأتها" فبين هذا الحديث أن الذي يجب إتيانه من الأطعمة التي يدعى إليها في أحاديث ابن عمر هى هذه الوليمة ... "ا?. تنبيه: قال ابن عبد البر2: قد رواه معمر عن أيوب عن نافع عن ابن عمر فقال فيه "عرساً كان أو غيره" ذكره عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر عن أيوب عن   1 شرح مشكل الآثار (8/25) . 2 في التمهيد (1/273) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 123 نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا دعا أحدكم أخاه فليجبه عرساً كان أو غيره" وذكر أبو داود قال: حدثنا الحسن بن علي قال: حدثنا عبد الرزاق بإسناده مثله وقال: "عرساً كان أو دعوة" قال أبو داود: وكذلك رواه الزبيدي عن نافع مثل حديث معمر عن أيوب ومعناه سواء ... "ا?. ففي هذه الرواية التي ذكرها ابن عبد البر وعزاها لأبي داود وكذا لعبد الرزاق يبطل التأويل السابق لقوله صلى الله عليه وسلم: "عرساً كان أو نحوه" فإن رواية أبي داود وعبد الرزاق تدل على العموم في العرس وغيره إلا أن هذه الرواية التي ذكرها ابن عبد البر وعزاها لأبي داود وعبد الرزاق لم أجدها عندهما بهذا اللفظ بل عندهما1 بلفظ "عرساً كان أو نحوه" من نفس الطريق التي ذكرها ابن عبد البر فليتأمل ذلك لعله في نسخ أخرى غير هذه أو تكون تصحيفاً، إلا أن يقال لو صحت حملت على حديث البراء وغيره لأنه لم يرتب العصيان على من لم يجب في هذه الرواية والله أعلم. الوجه الثاني: حمل المطلق على المقيد وذلك أنه ورد في بعض روايات هذا الحديث إطلاق الوليمة وفي بعضها قال "إذا دعي أحدكم إلى وليمة عرس فليجيب" كما عند مسلم وغيره. قال النووي2 عقب هذه الرواية: قد يحتج به من يخصص وجوب الإجابة بوليمة العرس ويتعلق الآخرون بالروايات المطلقة ولقوله صلى الله عليه وسلم في الرواية التي بعد هذه "إذا دعا أحدكم أخاه فليجب عرساً كان أو نحوه" ويحملون هذا على الغالب أو نحوه من التأويل.   1 سنن أبي داود (4/124 رقم 3738) ومصنف عبد الرزاق (10/448 رقم 19666) . 2 شرح مسلم (9/234) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 124 وقال العراقي1: ويدل على عدم الوجوب في غير وليمة العرس التقييد في بعض الروايات بقوله "وليمة عرس" وقد تقدم ذكرها فيحمل المطلق على المقيد. وقد تعقب الشوكاني2 هذا الوجه فقال: لا يقال ينبغي حمل مطلق الوليمة على الوليمة المقيدة بالعرس كما وقع في رواية حديث ابن عمر المذكورة بلفظ "إذا دعي أحدكم إلى وليمة عرس فليجب" لأنا نقول ذلك غير ناتج للتقييد لما وقع في الرواية المتعقبة لهذه الرواية بلفظ "من دعي إلى عرس أو نحوه" وأيضاً قوله: "من لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله" يدل على وجوب الإجابة إلى غير وليمة العرس. ا?. لكن تقدم أن رواية "من لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله" هذه مقيد بالوليمة كما في الصحيحين. أما رواية أبي داود المطلقة فإنها ضعيفة. وأما رواية "إلى عرس أو نحوه" فتقدم الجواب عنها وأنها لا تدل على وجوب كل دعوة، والله أعلم. وأما الدليل الثالث حديث البراء: فقال ابن عبد البر3: قال البراء: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع فذكر منها إجابة الداعي وذكر منها أشياء منها ما هو فرض على الكفاية ومنها ما هو واجب وجوب سنة فكذلك إجابة الدعوة والله نسأل العصمة. وأما الدليل الرابع حديث أبي هريرة: هذا الحديث لفظ الصحيحين "حق" لكن عند مسلم في لفظ "خمس   1 طرح التثريب (7/77،78) . 2 النيل (6/202) . 3 التمهيد (1/275) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 125 تجب" وهذا اللفظ ظاهره الوجوب إلا أن الحافظ حمله1 على وجوب الكفاية فقال: وقد تبين أن معنى الحق هنا الوجوب خلافاً لقول ابن بطال: المراد حق الحرمة والصحبة والظاهر أن المراد به هنا وجوب الكفاية. ا?. ولعله أخذ هذا مما قرن معه من عيادة المريض واتباع الجنائز ورد السلام وتشميت العاطس مع ما في دلالة الاقتران من الكلام عند الأصوليين. وقال الطحاوي2: عقب هذا الحديث: فقد تحتمل أيضاً أن يكون الحق الواجب في إجابة الدعوة يراد به الدعوة التي هي وليمة لا ما سواها فلم يبين لنا في شيء مما روينا وجوب إتيانه من الطعام المدعى إليه غير طعام الوليمة التي هي الأعراس والله سبحانه نسأله التوفيق. وقال أيضاً3 في الجواب عن حديث أبي أيوب: فقال قائل ففي هذا الحديث من كلام أبي أيوب ما قد دل على أن الدعوة التي من حق المسلم على أخيه إجابته إليها هو مثل ما دعا إليه فأجاب إليه. فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله عز وجل وعونه: أنه قد يحتمل أن يكون ذلك كما قد ذكر ويكون الأحسن بالناس إذا دعوا إلى مثله أن لا يتخلفوا عنه ويكون حضور بعضهم إياه مسقطاً لما على غيرهم منه ويكون من الأشياء التي يحملها العامة على الخاصة كحضور الجنائز وكدفن الموتى. ويحتمل أن يكون ذلك على ما يجب أن يكون الناس عليه في أسفارهم مع إخوانهم من الزيادة في مواصلتهم والانبساط إليهم والجود عليهم أكثر مما يكونون لهم عليه في خلاف السفر فيكون ما كان من أبي أيوب لذلك والذي كان منه فلم يذكره عن النبي صلى الله عليه وسلم وإنما ذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم ما سوى ذلك مما في هذا الحديث.   1 الفتح (3/113) . 2 شرح مشكل الآثار (8/33، 34) . 3 شرح مشكل الآثار (8/32، 33) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 126 وقد يحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم أراد بما في هذا الحديث من إجابة الدعوة الوليمة التي ذكرنا لا ما سواها. ا?. وأما الدليل الخامس حديث أبي أمامة والدليل الثامن حديث أبي هريرة والدليل التاسع حديث يعلي بن مرة فإنها ضعيفة وتقدم بيان ضعفها. أما الدليل السادس حديث ابن مسعود فيجاب عنه بمثل ما أجيب عن الدليل الثالث والرابع حديث البراء وأبي هريرة رضي الله عنهما. وقال الطحاوي1: في الجواب عن حديث ابن مسعود: ففي هذا الحديث الأمر بإجابة الداعي وبقبول الهدية والمنع من ردها فقد يحتمل أن تكون هذه الإجابة وهذا الممنوع من رده من جنس واحد ويكون المدعى إليه هو خلاف الوليمة وقد يحتمل أن يكون كل واحد منهما جنساً غير الجنس الآخر فيكون المدعى إليه هو الوليمة الواجب إتيانها والهدية بخلافها. ا?. وأما الدليل السابع حديث جابر فيجاب عنه بمثل ما أجيب عن الدليل الثالث والرابع حديث البراء وأبي هريرة. وقال الطحاوي2 أيضاً في الجواب عن هذا الحديث: فكان ذلك محتملاً أن يكون أريد به الطعام المذكور في الآثار الأول3 لا ما سواه منها. وقد يجاب عن هذه الأدلة كلها عدا الدليل الأول والثاني بأن المراد بها إما وليمة العرس كما أشار إليه الطحاوي، وإما أنها محمولة على الاستحباب والصارف لها عن الوجوب هو حديث أبي هريرة وابن عمر في رواية أبي يعلي حيث رتب العصيان على من لم يجب الوليمة فهذا يدل على أن غير الوليمة لها حكم آخر غير الوجوب وهو الندب وسيأتي مزيد بحث في ذلك عند مناقشة أصحاب القول الثالث إن شاء الله تعالى.   1 شرح مشكل الآثار (8/29) . 2 شرح مشكل الآثار (8/28، 29) . 3 يريد به وليمة العرس. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 127 مناقشة أدلة أصحاب القول الثاني: أدلة أصحاب هذا القول لا تخلو عن ثلاثة أحوال: الأول: بعضها ظاهر الدلالة على السنية مثل الدليل الأول والثاني والثالث والرابع مع ضعف في الثالث والرابع. والثاني: بعضها ظاهر الدلالة على الوجوب وذلك في مثل حديث أبي هريرة وابن عمر حيث أطلق العصيان على من لم يجب الدعوة والعصيان يكون بترك الواجب أو فعل المحرم وهذا ظاهر في وليمة العرس محتمل في غيرها. الثالث: بعضها محتملة للوجوب والسنية وذلك بحسب القرائن وهذا في مثل الأحاديث التي فيها الأمر بإجابة الدعوة كحديث البراء وغيره. فعلى هذا هذه الأدلة لا تسلم دلالتها على السنية مطلقاً لأن فيها أدلة تدل على الوجوب كما تقدم. مناقشة أصحاب القول الثالث: هذا القول وسط بين القولين السابقين الوجوب مطلقاً والسنية مطلقاً والأدلة التي استدلوا بها ظاهرة الدلالة على هذا القول بالجملة إلا أنه قد ينازع في بعضها وهي التي فيها الأمر بإجابة الدعوة مطلقاً من غير تقييد بالوليمة إذ الأصل في الأمر الوجوب إلا أن يصرفه صارف إلا أن يقال إن الصارف لهذه الأدلة عن الوجوب - غير وليمة العرس - هو: 1- ما أخرجه مسلم1 والنسائي2 من طريق حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس رضي الله عنه أن جاراً لرسول الله صلى الله عليه وسلم فارسياً كان طيب المرق فصنع لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثم جاء يدعوه فقال: "وهذه؟ " لعائشة، فقال: "لا"، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا" فعاد   1 في صحيحه (3/1609رقم 2037) كتاب الأشربة، باب ما يفعل الضيف إذا تبعه غير من دعاه صاحب الطعام واستحباب إذن صاحب الطعام للتابع. 2 في السنن (6/158 رقم 3436) كتاب الطلاق، باب الطلاق بالإشارة المفهومة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 128 يدعوه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وهذه؟ " فقال: "لا" قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا" ثم عاد يدعوه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وهذه؟ " قال: نعم في الثالثة فقاما يتدافعان حتى أتيا منزله". ووجه الدلالة هو أن النبي صلى الله عليه وسلم لما دعاه قال: "لا" لما لم يوافق على مجيء عائشة رضي الله عنها معه ولو كان الأمر في الدعوة للوجوب لما قال لا وهذه الدعوة ظاهرها أنها ليست دعوة عرس فهذا قد يستأنس به على أنه مخصص لدعوة غير العرس فتحمل على الاستحباب. 2- حديث أبي هريرة رضي الله عنه: "شر الطعام طعام الوليمة يدعى لها الأغنياء ويترك الفقراء ومن ترك الدعوة فقد عصى الله ورسوله". وحديث ابن عمر رضي الله عنهما رواية أبي يعلي "إذا دعا أحدكم إلى وليمة فليجبها ومن لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله". ووجه ذلك هو أنه أطلق العصيان على من لم يجب الدعوة إلى الوليمة ولم يرد هذا الحكم في غير الوليمة إلا في رواية عن أبي داود وغيره من حديث ابن عمر "من دُعِيَ فلم يجب فقد عصى الله ورسوله" لكنها ضعيفة كما تقدم. فهذا يفهم منه أن العصيان يختص بعدم إتيان الوليمة فقط دون غيرها من الدعوات فتحمل على الاستحباب وتقدم أن الوليمة المراد بها وليمة العرس عند الإطلاق كما هو قول أكثر أهل اللغة وغيرهم. 3- ما أخرجه الطبراني في الكبير1 من حديث صهيب رضي الله عنه قال: صنعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم طعاماً فأتيته وهو في نفر جالس فقمت حياله فأومأت إليه فقال: "وهؤلاء؟ " فقلت: لا فسكت فقمت مكاني فلما نظر إليَّ أومأت إليه فقال: "وهؤلاء؟ " فقلت: لا مرتين فعل ذلك أو ثلاثاً فقلت: "نعم" وهؤلاء وإنما كان شيئاً يسيراً صنعته له فجاء وجاؤا معه فأكلوا وأحسبه قال وفضل منه".   (8/45 رقم 7321) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 129 ووجه الدلالة منه أنه لم يجب الدعوة حتى أذن لمن معه. لكن قال الهيثمي1 فيه: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح إلا أن ضريب بن نفير لم يسمع من صهيب. 4- حديث أبي هريرة رضي الله عنه الدليل الرابع من أدلة القول الثالث وهو نص في محل النزاع لكنه ضعيف. مناقشة أدلة أصحاب القول الرابع: أدلة أصحاب هذا القول هي عموم أدلة الأقوال السابقة وسبق مناقشتها إلا أن جعل الأدلة تدل على أنه فرض كفاية محل نظر لأمور هي: الأول: قلة القائلين به ولا يعرف أحد من الأئمة المشهورين قال به بل حكى عن بعض الشافعية والحنابلة وإن كان هذا لا يكفي في رد القول لكن يستأنس به. الثاني: أن فرض الكفاية إذا قام به من يكفي سقط عن الباقين فالمقصود في فروض الكفاية قيام هذا الفعل فليس معلقاً بالجميع بل بالبعض مثل الآذان المهم أن يقوم هذا العمل بخلاف إجابة الدعوة فإن الخطاب متوجه لكل من دعي وغالباً يكون مقصوداً في الدعوة فإذا لم يحضر فإنه يؤثر على الداعي ولو حضر غيره. الثالث: أن في حديث أبي هريرة قال: من ترك الدعوة فقد عصى الله ورسوله، وفي حديث ابن عمر قال: " ومن لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله". الخطاب هنا ظاهره متوجه إلى كل من دعي فإذا لم يجب يكون عاصياً إلا ما قام الدليل على تخصيصه بخلاف فرض الكفاية فإن الخطاب موجه إلى البعض   1 مجمع الزوائد (4/55) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 130 وإنما يأثم الجميع إذا لم يمتثل الكل نعم لو كان لفظ الحديث "من دَعا فلم يُجَبْ ... " لكان يدل على هذا القول والله أعلم. الرابع: قال ابن دقيق العيد في شرح الإلمام1: محل ذلك - أي فرض الكفاية - إذا عمت الدعوة أما لو خص كل واحد بالدعوة فإن الإجابة تتعين. مناقشة أصحاب القول الخامس: هذا القول لا أعلم لهم دليلاً فيه على هذا التفصيل إلا أن كان القائل به لم يبلغه إلا حديث أبي هريرة "شر الطعام ... " فحمله على الندب وما عداه على الإباحة وهذا القول أضعف الأقوال في هذه المسألة بل هو خلاف الأدلة الواردة وليس على هذا التفريق دليل يعتمد عليه، والله أعلم. الترجيح: من خلال تأمل الأحاديث الواردة في هذه المسألة نجدها ظاهرة الدلالة على القول الأول وهو القول بالوجوب مطلقاً والقول الثالث وهو التفصيل وأن الدعوة تجب إجابتها في العرس وتسن فيما عداه وهو قول جمهور أهل العلم وهذا القول أقوى في نظري لقوة أدلته ولأن فيه توسطاً بين القول الأول والثاني ولأن حمل حديث أبي هريرة وابن عمر والذي فيهما إطلاق العصيان على من لم يجب الدعوة على وليمة العرس فيه قوة ويكون كافياً في تخصيص وليمة العرس بالوجوب دون غيرها وذلك لأن حمل الوليمة على وليمة العرس هو قول أكثر أهل العلم وهو قول أكثر أهل اللغة فهذا يدل على أن هذا هو الغالب في استعمال هذا اللفظ والأحكام إنما تعلق بالغالب لا بالنادر الذي لا يقع إلا قليلاً، والله أعلم.   1 الفتح (9/242) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 131 قال الشافعي1 رحمه الله: إتيان دعوة الوليمة حق والوليمة التي تعرف وليمة العرس وكل دعوة دعا إليها رجل وليمة فلا أرخص لأحد في تركها ولو تركها لم يتبين لي أنه عاص في تركها كما تبين لي في وليمة العرس. ورجح الطحاوي2 هذا القول وأطال في الجواب عن الأحاديث كما تقدم نقل غالب كلامه والله أعلم.   1 الفتح (9/247) . 2 في شرح مشكل الآثار وتقدم كلامه مراراً. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 132 مسألة: إجابة الدعوة لمن كان صائماً ظاهر الأحاديث الواردة تدل على أن الصوم ليس بعذر يمنع من إجابة الدعوة كما ذكر ذلك غير واحد من أهل العلم1. ومن هذه الأحاديث: 1- حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا دعي أحدكم فليجب فإن كان صائماً فليصل وإن كان مفطراً فليطعم" وفي لفظ "إذا دعي أحدكم إلى طعام وهو صائم فليقل إني صائم". أخرجه مسلم وأبو داود والترمذي وتقدم2 وله شاهد من حديث جابر عند ابن ماجه ومن حديث ابن مسعود عند النسائي والطبراني ومن حديث ابن عمر عند أبي داود والبيهقي وتقدمت3. 2- عموم الأحاديث الواردة في إجابة الدعوة لم تستثن الصائم. 3- أن هذا فعل ابن عمر4 رضي الله عنهما يجيب الدعوة وهو صائم وكذا ورد عن يعلي بن مرة5 وأبي أيوب رضي الله عنهما6. قال النووي7 عقب حديث ابن عمر "ويأتيها وهو صائم": فيه أن الصوم ليس بعذر في الإجابة وكذا قاله أصحابنا قالوا: إذا دعي وهو صائم لزمه الإجابة كما يلزم المفطر ويحصل المقصود بحضوره وإن لم يأكل ... ".   1 انظر في ذلك شرح مسلم للنووي (9/237) وروضة الطالبين (7/366) وإكمال إكمال المعلم (5/95) وطرح التثريب (7/79) وفتح الباري (9/247) وعمدة القاري (16/356) وسبل السلام (3/276) ونيل الأوطار (6/203) . 2 ص: 108. 3 حديث جابر ص: 107 وحديث ابن مسعود ص: 108 وحديث ابن عمر ص: 102. 4 ص: 102. 5 ص: 109. 6 ص: 106 في الحاشية. 7 شرح مسلم (6/237) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 133 وقال في الروضة1: والصوم ليس عذراً في ترك إجابة الدعوة. وقال العراقي2: إن الصوم ليس عذراً في ترك الإجابة. وقال الحافظ ابن حجر3: ويؤخذ من فعل ابن عمر أن الصوم ليس عذراً في ترك الإجابة ولاسيما مع ورود الأمر للصائم بالحضور والدعاء، نعم لو اعتذر به المدعو فقبل الداعي عذره لكونه يشق عليه أن لا يأكل إذا حضر أو لغير ذلك كان ذلك عذراً له في التأخر. وقال الشوكاني4 في حديث ابن عمر: وفي الحديث دليل على أنه يجب الحضور على الصائم ولا يجب عليه الأكل لكن هذا بعد أن يقول للداعي إني صائم كما في الرواية الأخرى فإن عذره في الحضور بذلك وإلا حضر. وقال الصنعاني5 في حديث أبي هريرة: فيه دليل على أنه يجب على من كان صائماً أن لا يتعذر بالصوم. وقال الحسيني6 بعد قوله "وإن كان صائما فليدع" أي فليدع أخذ به الشافعي فأسقط الإجابة على الصائم وإنما يطلب منه أن يدعو لأهل البيت بالمغفرة والبركة. وقال أصبغ: ليست إجابة الصائم بالوكيد وإنه لخفيف. وقال مالك في كتاب محمد: أرى أن يجيب. قال الباجي: فقول مالك على أن الأكل ليس بواجب، وقول أصبغ على أنه واجب، فإذا أسقط الصوم فقد سقط وسيلته وهو الإجابة. ا?. والحاصل أن الصوم لا يعتبر عذراً مسقطاً للإجابة.   (7/336) . 2 طرح التثريب (7/79) . 3 الفتح (9/247) . 4 النيل (6/203) . 5 السبل (3/276) . 6 مكمل إكمال إكمال المعلم (5/95) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 134 المبحث الثاني: الأكل لمن دعي إذا حضر من دعي إلى وليمة أو غيرها فحضر هل يلزمه الأكل أم لا؟ المدعو في هذه الحالة لا يخلو من أمرين: الأول: أن يكون المدعو مفطراً. الثاني: أن يكون المدعو صائماً. فأما الأمر الأول: وهو أن يكون المدعو مفطراً: فاختلف العلماء في ذلك على قولين: القول الأول: ذهب طائفة من أهل العلم إلى أنه يجب الأكل. قال العراقي1: والوجه الثاني لأصحابنا أنه يجب الأكل واختاره النووي في تصحيح التنبيه وصححه في شرح مسلم في الصيام وبه قال أهل الظاهر ومنهم ابن حزم وتوقف المالكية في ذلك وعبارة ابن الحاجب في مختصره: ووجوب أكل المفطر محتمل. ا?. واستدلوا على ذلك: 1- حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا دعي أحدكم فليجب فإن كان صائماً فليصل وإن كان مفطراً فليطعم" وفي حديث ابن عمر "وإن كان مفطراً فليطعم" وفي حديث ابن مسعود قال "فإن كان مفطراً فليأكل ... " وتقدمت2. ووجه الدلالة أن هذا أمر لمن كان مفطراً أن يأكل والأصل في الأمر الوجوب. القول الثاني: أنه لا يجب على المفطر الأكل.   1 طرح التثريب (7/80) . 2 ص: 102، 108. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 135 قال العراقي1: وهو أصح الوجهين عند الشافعية وبه قال الحنابلة. وقال النووي2: وأما المفطر ففي أكله وجهان أحدهما يجب وأقله لقمة وأصحها: أنه مستحب. وقال ابن قدامة3: وأما الأكل فغير واجب صائماً كان أو مفطراً نص عليه أحمد. وقال الحافظ ابن حجر4: ويؤخذ منه - يعني حديث جابر - أن المفطر لو حضر لا يجب عليه الأكل وهو أصح الوجهين عند الشافعية، وذكر نحو هذا الشوكاني5. واستدلوا على ذلك: 1- حديث جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا دعي أحدكم إلى طعام فليجب فإن شاء طعم وإن شاء ترك". أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي وتقدم6. قال ابن قدامة7 بعد حكاية القولين: ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم "إذا دعي أحدكم فليجب فإن شاء أكل وإن شاء ترك" حديث صحيح ولأنه لو وجب الأكل لوجب على المتطوع بالصوم فلما لم يلزمه الأكل لم يلزمه إذا كان مفطراً وقولهم المقصود الأكل قلنا بل المقصود الإجابة ولذلك وجبت على الصائم الذي لا يأكل. ا?.   1 طرح التثريب (7/80) . 2 الروضة (7/337) . 3 المغني (7/4) . 4 الفتح (9/247) . 5 النيل (6/203) . 6 ص: 107. 7 المغني (7/4) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 136 المناقشة: مناقشة أدلة أصحاب القول الأول: قال النووي1: ومن لم يوجبه اعتمد التصريح بالتخيير في الرواية الأولى - يعني حديث جابر - وحمل الأمر في الثانية - يعني حديث أبي هريرة وغيره - على الندب. وقال الصنعاني2: وقال من لم يوجب الأكل: الأمر للندب والقرينة الصارفة إليه قوله "وله" أي لمسلم من حديث جابر رضي الله عنه نحوه وقال: "فإن شاء طعم وإن شاء ترك" فإنه خيره والتخيير دل على عدم الوجوب للأكل ولذلك أورده المصنف عقب حديث أبي هريرة. مناقشة أدلة أصحاب القول الثاني: ذكر العراقي3 عدة أجوبة عن حديث جابر هي: الجواب الأول: قال ابن حزم4 لم يذكر فيه أبو الزبير أنه سمعه من جابر ولا هو من رواية الليث عنه فإنه أعلم له ما سمعه منه وليس هذا الحديث مما أعلم له عليه فبطل الاحتجاج به. لكن يجاب عن هذا الجواب من وجهين: الوجه الأول: أن الحديث في صحيح مسلم وعنعنة المدلس في الصحيحين أو أحدهما محمولة على السماع. الوجه الثاني: أن أبا الزبير صرح بالتحديث كما عند الطحاوي في شرح مشكل الآثار5.   1 شرح مسلم (9/236) . 2 سبل السلام (3/276) . 3 طرح التثريب (7/8) . 4 المحلى (9/25) . (8/28) وتقدم تخريج هذا الحديث. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 137 الجواب الثاني: قال ابن حزم أيضاً ثم لو صح لكان الخبر الذي فيه إيجاب الأكل زائداً على هذا وزيادة العدل لا يحل تركها. قلت1: ليس هذا صريحاً في إيجاب الأكل فإن صيغة الأمر ترد للاستحباب وأما التخيير الذي في حديث جابر فإنه صريح في عدم الوجوب فالأخذ به وتأويل الأمر متعين، والله أعلم. ا?. الجواب الثالث: قال النووي2: من أوجب تأول تلك الرواية على من كان صائماً. قال العراقي3 وأشار والدي رحمه الله في الرواية الكبرى من الأحكام إلى تأييد هذا التأويل بأن ابن ماجه4 روى حديث جابر هذا في الصوم من نسخته من رواية ابن جريج عن أبي الزبير عنه بلفظ "من دعي إلى طعام وهو صائم فليجب فإن شاء طعم وإن شاء ترك" والروايات يفسر بعضها بعضا وقد أخرج مسلم رواية ابن جريج هذه ولم يسق لفظها بل قال إنها مثل الأولى وقد عرفت زيادة هذه الفائدة فيها وهذا الجواب أقوى هذه الأجوبة. ا?. وهذا الوجه يجاب عنه بأن هذه الزيادة "وهو صائم" أخرجها ابن ماجه، قال: حدثنا أحمد بن يوسف السلمي ثنا أبو عاصم أنبأنا ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر به ورجال إسناده ثقات لكن أبا الزبير عنعنه. ورواه ابن نمير ويزيد بن سنان وعمرو بن علي بن بحر كلهم عن أبي عاصم عن ابن جريج عن أبي الزبير بدون هذه الزيادة وأبو الزبير صرح بالتحديث عند الطحاوي5.   1 أي العراقي. 2 شرح مسلم (9/236) . 3 طرح التثريب (7/80) . 4 تقدم تخريجه ص: 107 وذكر نحو هذا الوجه الحافظ ابن حجر في الفتح (9/248) . 5 تقدم تخريج هذا الحديث ص: 107. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 138 أما الأمر الثاني: وهو أن يكون المدعو صائماً: إذا حضر المدعو وكان صائماً فقال النووي1 لا خلاف أنه لا يجب عليه الأكل. ا?. وهذا الأمر لا يخلو من أحوال2 هي: الأولى: أن يكون الصوم فرضاً مضيقاً فيحرم الفطر كما قاله النووي3. وقال ابن قدامة4: إن كان المدعو صائماً صوماً واجباً أجاب ولم يفطر لأن الفطر غير جائز فإن الصوم واجب والأكل غير واجب. الثانية: أن يكون الصوم فرضاً موسعاً كالنذر المطلق وقضاء رمضان فقال النووي5: فإن لم نجوز الخروج منه حرم الفطر وإلا فقيل هو كصوم النفل. الثالثة: أن يكون الصوم نفلاً: وهذه الحالة اختلف العلماء فيها فذهب بعض أهل العلم إلى استحباب الفطر. قال في الإنصاف6: الصحيح من المذهب استحباب الأكل لمن صومه نفل أو هو مفطر قاله القاضي وصححه في النظم وقدمه في المحرر والفروع وتجريد العناية وغيرهم وقيل يستحب الأكل للصائم إن كان يجبر قلب داعيه وإلا كان إتمام الصوم أولى. واستدلوا على ذلك: 1- حديث أبي سعيد رضي الله عنه قال: "صنعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم طعاماً فأتاني هو وأصحابه فلما وضع الطعام قال رجل من القوم: إني صائم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "دعاكم أخوكم وتكلف لكم ثم قال: أفطر وصم يوماً مكانه إن شئت".   1 شرح مسلم (9/236) . 2 والبعض يجعلها حالتين إما أن يكون الصوم فرضاً أو نفلاً. 3 الروضة (7/337) . 4 المغني (7/4) . 5 روضة الطالبين (7/337) (8/322) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 139 أخرجه البيهقي1 - وحسن سنده الحافظ -2 والطبراني3. ورواه الطيالسي4، والدارقطني5 ولم يذكرا "إن شئت".   1 في السنن (4/279) كتاب الصيام، باب التخيير في القضاء وإن كان صومه تطوعاً من طريق إسماعيل بن أبي أويس ثنا أبو أويس عن محمد بن المنكدر عن أبي سعيد به. 2 في الفتح (4/210) وفي هذا التحسين نظر من وجهين، هما: الأول: الكلام في إسماعيل بن أبي أويس وأبيه من قبل حفظهما فقد تكلم فيهما غير واحد. وقال الحافظ في إسماعيل: صدوق أخطأ في أحاديث من حفظه، وقال في أبيه: صدوق يهم. التقريب (108، 309) وقال في التلخيص (3/198) : لما ساقه من طريق إسماعيل عن أبيه عن ابن المنكدر وفيه لين. الوجه الثاني: قال الحافظ في التلخيص (3/198) : وابن المنكدر لا يعرف له سماع من أبي سعيد وعدم السماع محتمل عند من قال إن أبا سعيد توفى سنة ثلاث وستين أو أربع أو خمس وستين كما قاله الحافظ، وقيل: مات سنة أربع وسبعين. وولادة ابن المنكدر قبل الستين بيسير فإنه توفى سنة (130هـ) وبلغ نيفاً وسبعين سنة كما قاله ابن عيينة ولهذا قال الحافظ: فيكون مولده على هذا قبل سنة ستين بيسير. أما على القول بأن وفاة أبي سعيد سنة أربع وسبعين فإن السماع محتمل وممكن ولاسيما أن ابن المنكدر مدني وأبي سعيد توفى بالمدينة. التقريب (232، 508) تهذيب الكمال (26/509) و (10/300) تهذيب التهذيب (9/274) . 3 في الأوسط (4/152 رقم 3264) من طريق عطاف بن خالد المخزومي ثنا حماد بن أبي حميد حدثني محمد بن المنكدر به وقال: لا يروى عن أبي سعيد إلا بهذا الإسناد تفرد به حماد ابن أبي حميد وهو محمد بن أبي حميد أهل المدينة يقولون حماد بن أبي حميد. وقال الهيثمي في المجمع (3/54) : وفيه حماد بن أبي حميد وهو ضعيف وبقية رجاله ثقات. 4 في مسنده (263 رقم 2203) ومن طريقه البيهقي في السنن (7/263،264) حدثنا محمد ابن أبي حميد عن إبراهيم بن عبيد الله بن رفاعة عن أبي سعيد به فجعله عن إبراهيم لا عن ابن المنكدر كما في الطريق السابق. 5 في السنن (2/177) كتاب الصيام، باب تبييت النية من الليل وغيره. من طريق حماد بن خالد عن محمد بن أبي حميد عن إبراهيم بن عبيد قال: صنع أبو سعيد طعاماً ... » الحديث. وقال: هذا مرسل. وقال ابن الملقن عقب قول الدارقطني هذا: لأن إبراهيم تابعي كما قاله الحافظ أبو موسى في كتابه معرفة الصحابة وأبعد ابن حبان حيث ذكره فيهم وقال أحمد في حقه: ليس بمشهور بالعلم. قلت: ومع إرساله محمد بن أبي حميد واه، قال البخاري وغيره: منكر الحديث، وقال ابن عدي: مع ضعفه يكتب حديثه لا جرم. قال البيهقي في خلافياته: إسناد هذا الحديث مظلم ومحمد بن أبي حميد ضعيف الحديث قلت وشيخ الدارقطني فيه هو أحمد بن محمد بن سوار قال هو فيه: يعتبر بحديثه ولا يحتج عليه. وقال الخطيب: ما رأيت أحاديثه إلا مستقيمة. أ. هـ البدر المنير كتاب الصداق باب الوليمة والنثر الحديث الرابع عشر. وقال الحافظ عقب رواية الدارقطني: وهو مرسل لأن إبراهيم تابعي ومع إرساله فهو ضعيف لأن محمد بن أبي حميد متروك. ورواه أبو داود الطيالسي من هذا الوجه فقال عن إبراهيم بن أبي حميد عن أبي سعيد وصححه ابن السكن وهو متعقب يضعف ابن أبي حميد. ا?. التلخيص (3/198) . والحاصل أن هذا الحديث له طريقان: الأول: عن ابن أبي أويس ولا يصل درجته إلى الحسن لما تقدم. والثاني: مداره على ابن أبي حميد وهو ضعيف بل قيل فيه: متروك كما تقدم، ولعل الاختلاف منه لضعفه فمرة يرويه عن ابن المنكدر، ومرة يرويه عن إبراهيم بن عبيد كلاهما عن أبي سعيد، ومرة عن إبراهيم مرسلاً، وتارة يذكر "إن شئت" وتارة لا يذكرها. ثم إن هذا الحديث قد يقال إنه يعارض الأحاديث المتقدمة كحديث أبي هريرة وجابر وابن عمر وابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم خير المدعو بين أن يطعم أو يترك، وفي بعضها أنه أمره إن كان صائماً أن يدعو ولم يأمره بالفطر كما في حديث أبي سعيد إلا أن يحمل حديث أبي سعيد إن صح على أن هذا راجع إلى صاحب الدعوة فإن كان يشق عليه عدم الفطر فإنه يفطر وإن كان صيامه لايؤثر في نفس الداعي فيدعو له وينزل كل حديث موضعه، والله أعلم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 140 2- قالوا إن في الأكل إجابة لدعوة أخيه المسلم وإدخال السرور في قلبه1. قال ابن قدامة2: وإن كان صوماً تطوعاً استحب له الأكل لأن له الخروج من الصوم فإذا كان في الأكل إجابة أخيه المسلم وإدخال السرور على قلبه كان أولى وقد روى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في دعوة ومعه جماعة فاعتزل رجل من القوم ... " الحديث وإن أحب إتمام الصيام جاز لما روينا في الخبر المتقدم ولكن يدعو لهم ويبارك ويخبرهم بصيامه ليعلموا عذره فتزول عنه التهمة في ترك الأكل وقد روى أبو حفص بإسناده عن عثمان ابن عفان رضي الله عنه أنه أجاب عبد المغيرة وهو صائم فقال: "إني صائم ولكنني أحببت أن أجيب الداعي فأدعو بالبركة".   1 المغني (7/4) . 2 المصدر السابق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 141 وعن عبد الله قال: إذا عرض على أحدكم طعام وهو صائم فليقل إني صائم وإن كان مفطراً فالأولى له الأكل لأنه أبلغ في إكرام الداعي وجبر قلبه ولا يجب ذلك عليه. وقال أصحاب الشافعي فيه وجه آخر أنه يلزمه الأكل لقول النبي صلى الله عليه وسلم " وإن كان مفطراً فليطعم" ولأن المقصود منه الأكل فكان واجباً. ا?. القول الثاني: ذهب طائفة من أهل العلم إلى جواز الفطر وتركه1. وممن ذهب إلى هذا بعض الشافعية والحنابلة2. ودليل هذا القول: 1- حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا دعي أحدكم فليجب فإن كان صائماً فليصل وإن كان مفطراً فليطعم" أخرجه مسلم، وشاهده من حديث ابن عمر وجابر وابن مسعود3. وفي لفظ لحديث أبي هريرة عند مسلم وغيره "إذا دعي أحدكم وهو صائم فليقل إني صائم". ووجه الدلالة أنه لو كان الفطر مرغب فيه لحث عليه وقال "فليطعم". 2- حديث جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا دعي أحدكم إلى طعام فليجب فإن شاء طعم وإن شاء ترك" أخرجه مسلم4. ووجه الدلالة أنه خير المدعو بين الأكل وعدمه سواء كان صائماً أم مفطراً ولم يرغب في أحدهما. 3- حديث عائشة رضي الله عنها قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم: "ياعائشة   1 شرح مسلم للنووي (9/236) طرح التثريب (7/79) . 2 المصدر السابق 3 تقدم ص: 102، 107، 108. 4 تقدم ص: 107. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 142 هل عندكم شيء؟ " قالت فقلت: يا رسول الله ما عندنا شيء، قال: "فإني صائم"، قالت: فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فأهديت لنا هدية أو جاءنا زَوْر قالت فلما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت: يارسول الله أهديت لنا هدية أو جاءنا زَوْر وقد خبأت لك شيئاً قال: "ما هو؟ " قلت: حيس، قال: "هاتيه" فجئت به فأكل ثم قال: "قد كنت أصبحت صائماً". أخرجه مسلم1 واللفظ له وأبو داود2 والترمذي3 والنسائي4 وزاد5 "وأصوم يوماً مكانه".   1 في صحيحه (2/808 رقم 1154) كتاب الصيام، باب جواز صوم النافلة بنية من النهار قبل الزوال وجواز فطر الصائم نفلاً من غير عذر. 2 في السنن (2/824 رقم 2455) كتاب الصوم، باب في الرخصة في ذلك -أي النية في الصيام-. 3 في السنن (3/102 رقم 734) كتاب الصوم، باب صيام المتطوع بغير تبييت. 4 في السنن (4/194 رقم 2323 حتى 2328) كتاب الصيام، باب النية في الصيام، وفي الكبرى (2/114، 115 رقم 5633 حتى 5637) كتاب الصيام، باب النية في الصيام. كلهم من طريق طلحة بن يحيى بن عبيد الله حدثتني عائشة بنت طلحة عن عائشة به. وعند النسائي أيضاً عن طلحة عن مجاهد عن عائشة به وعن طلحة عن عائشة بنت طلحة ومجاهد عن عائشة به. 5 وزاد أي النسائي في الكبرى (2/249 رقم 3300) كتاب الصيام، باب مايجب على الصائم التطوع إذا أفطر، والدارقطني في السنن (2/177) كتاب الصيام، باب تبييت النية من الليل وغيره، والبيهقي في السنن (4/275) كتاب الصيام باب صيام التطوع والخروج منه قبل تمامه. كلهم من طريق سفيان بن عيينة حدثتنيه طلحة بنت يحيى عن عمته عائشة عن عائشة به. قال النسائي عقبه: هذا خطأ قد روى هنا الحديث جماعة عن طلحة فلم يذكر أحداً منهم "ولكن أصوم يوماً مكانه". وقال الدارقطني عقبه: لم يروه بهذا اللفظ عن ابن عيينة غير الباهلي - محمد بن عمرو بن العباس - ولم يتابع على قوله "وأصوم يوماً مكانه" ولعله شبه عليه والله أعلم لكثرة من خالفه عن ابن عيينة. لكن لم ينفرد به الباهلي فقد رواه الشافعي ومحمد بن منصور كما عند النسائي عن سفيان فالتفرد من سفيان. وقال البيهقي عقب إخراجه بدون ذكر القضاء: هكذا رواه جماعة عن سفيان بن عيينة وكذلك رواه جماعة عن طلحة بن يحيى ولم يذكر واحداً منهم القضاء في هذا الحديث. ثم ساقه من طريق سفيان بذكر القضاء فقال: وكان أبو الحسن الدارقطني يحمل في هذا اللفظ على محمد بن عمرو الباهلي هذا ويزعم أنه لم يروه بهذا غيره ولم يتابع عليه وليس كذلك فقد حدث به ابن عيينة في آخر عمره وهو عند أهل العلم بالحديث غير محفوظ. ثم ساقه من طريق الشافعي عن ابن عيينة به بذكر القضاء وقال: وروايته عامة دهره لهذا الحديث لايذكر فيه هذا اللفظ مع رواية الجماعة عن طلحة بن يحيى لا يذكره منهم أحد منهم سفيان الثوري وشعبة بن الحجاج وعبد الواحد بن زياد ووكيع بن الجراح ويحيى بن سعيد القطان ويعلي بن عبيد وغيرهم فدل على خطأ هذه اللفظة والله أعلم. وقد روى من وجه آخر عن عائشة ليس فيه هذه اللفظة. ا?. وقال المزني: - معرفة السنن والآثار (6/336) - سمعت الشافعي سمعت سفيان عامة مجالسه لا يذكر فيه "سأصوم يوماً مكانه" ثم عرضته عليه قبل أن يموت بسنة فأجاب فيه "سأصوم يوماً مكانه". وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص (2/210) وابن عيينة كان في آخر عمره تغير. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 143 ووجه الدلالة جواز الخروج من صوم النفل. 4- حديث أم هانئ رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: "الصائم المتطوع أمير نفسه إن شاء صام وإن شاء أفطر". أخرجه النسائي1 والحاكم2 والبيهقي3.   1 في السنن الكبرى (2/251 رقم 3309) كتاب الصيام، باب الرخصة للصائم المتطوع أن يفطر وذكر اختلاف الناقلين لحديث أم هانئ في ذلك. 2 في المستدرك (2/439) كتاب الصوم، باب صوم التطوع. 3 في السنن (4/276) كتاب الصيام، باب صيام التطوع والخروج منه قبل إتمامه. كلهم من طريق سماك بن حرب عن أبي صالح عن أم هانئ به. قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه وتلك الأخبار المعارضة لهذا لم يصح منها شيء، ووافقه الذهبي. وهذا الطريق فيه أمران: الأول: ضعف أبي صالح مولى أم هانئ. والثاني: الاختلاف على سماك فيه مع مافيه من كلام فمرة يرويه هكذا ومرة عن ابن أم هانئ عن جدته أم هانئ، ومرة يسميه ويقول: عن هارون بن أم هانئ، ومرة عن رجل عن يحيى بن جعدة عن أم هانئ. أخرج ذلك النسائي في الكبرى (4/250،251 رقم 3304 حتى 3308) والبيهقي بعضها (4/278، 279) . وأخرجه أحمد (6/341) والترمذي والسياق له (3/100 رقم 732) كتاب الصوم، باب ماجاء في إفطار الصائم المتطوع، والنسائي في الكبرى (2/250 رقم 3303) وابن عدي في الكامل (2/601) والبيهقي (4/276) من طريق شعبة قال: كنت أسمع سماك بن حرب يقول: حدثني أحد بني أم هانئ فليقت أفضلهم وكان اسمه جعدة وكانت أم هانئ جدته فحدثني عن جدته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليها بشراب فشرب ثم ناولها فشربت فقالت: يا رسول الله أما إني كنت صائمة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الصائم المتطوع أمين نفسه إن شاء صام وإن شاء أفطر". قال شعبة فقلت له أأنت سمعت هذا من أم هانئ؟ قال: لا أخبرني أبو صالح وأهلنا عن أم هانئ، هذا لفظ الترمذي وغيره قال "أمير نفسه". وهذا الطريق مداره على أبي صالح أو مجهول أو جعدة ولم يسمعه من أم هانئ كما في هذا الطريق. قال النسائي (2/252) : وأما جعدة فإنه لم يسمعه من أم هانئ. وأخرجه أبو داود (4/825 رقم 2456) كتاب الصوم، باب في الرخصة في ذلك من طريق يزيد بن أبي زياد عن عبد الله بن الحارث عن أم هانئ بنحوه. وحسنه العراقي في تخريج الإحياء نقلاً عن آداب الزفاف للألباني (156) ولكن في هذا التحسين نظر لضعف يزيد بن أبي زياد. التقريب (601) . وقال الترمذي: "وحديث أم هانئ في إسناده مقال والعمل عليه عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم ... ". وقال النسائي عقب سياق طرقه واختلاف فيه: هذا الحديث مضطرب ... فقد اختلف على سماك بن حرب فيه فسماك بن حرب ليس ممن يعتمد عليه إذا انفرد بالحديث لأنه كان يقبل التلقين. وأما حديث جعدة فإنه لم يسمعه من أم هانئ ذكره عن أبي صالح عن أم هانئ وأبو صالح هذا اسمه باذان وقيل باذام وهو مولى أم هانئ وهو الذي يروي عنه الكلبي. قال ابن عيينة عن محمد بن قيس عن حبيب بن أبي ثابت قال: كنا نسمي أبا صالح دُوزوزن وهو بالفارسية كذاب، وأبو صالح والد سهيل بن أبي صالح اسمه ذكوان ثقة مأمون. ا?. والحاصل أن الحديث روى عن أم هانئ من طرق هي: الأول: عن أبي صالح عنها وأبو صالح ضعيف. الثاني: عن جعدة عنها وجعدة لم يسمع منها. الثالث: عن عبدا لله بن الحارث عنها لكن في سنده يزيد بن أبي زياد. الرابع: عن يحيى بن جعدة عنها لكن الراوي عن يحيى رجل لم يسم. الخامس: عن هارون بن أم هانئ – المخزومي - عنها وهارون مجهول. التقريب (570) . السادس: عن سماك عن ابن أم هانئ عنها ويحتمل أن يكون ابن أم هانئ هو هارون كما في الطريق الخامس ويحتمل أن يكون جعدة ولم يسمع منها ويحتمل أن يكون يحيى بن جعدة فإنه ابن ابنها وهو ثقة ويروي عنها والأقرب أنه هارون لأن سماك يروي عن هارون وجعدة فبينه وبين يحيى بن جعدة واسطة لم يسم، والله أعلم. وهذه الطرق كلها مدارها على سماك عدا الطريق الثاني والثالث وفيها مافيها. وقال ابن التركماني في الجوهر النقي (4/278) : هذا الحديث مضطرب متناً وسنداً ... وأطال في بيان ذلك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 144 ووجه الدلالة أنه جوز للصائم المتطوع الفطر والإمساك. 5- حديث أبي جحيفة رضي الله عنه قال: "آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين سلمان وأبي الدرداء فزار سلمان أبا الدرداء فرأى أم الدرداء، متبذلة فقال لها: ما شأنك؟ قالت: أخوك أبو الدرداء ليس له حاجة في الدنيا فجاء أبو الدرداء فصنع له طعاماً فقال: كل، قال: إني صائم، قال: ما أنا بآكل حتى تأكل، قال: فأكل، قال: فلما كان الليل ذهب أبو الدرداء يقوم قال: نم فنام ثم ذهب يقوم فقال: نم فلما كان في آخر الليل قال سلمان: قم الآن فصليا فقال له سلمان: إن لربك عليك حقا ولنفسك عليك حقا ولأهلك عليك حقا فأعط كل ذي حق حقه فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "صدق سلمان". أخرجه البخاري1 والترمذي2. ووجه الدلالة: إفطار أبي الدرداء وهو صائم صوم تطوع وأقر النبي صلى الله عليه وسلم ذلك. وهذه الأدلة تدل على جواز الفطر إذا كان الصوم تطوعاً.   1 في صحيحه (2/694، 695 رقم 1867) كتاب الصوم، باب من أقسم على أخيه ليفطر في التطوع ولم ير عليه قضاء إذا كان أوفق له. وأخرجه برقم (5788) . 2 في السنن (4/608، 609 رقم 2413) كتاب الزهد باب (63) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 146 الترجيح: والأظهر والله أعلم ما حكاه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله حيث قال1:وأعدل الأقوال أنه إذا حضر الوليمة وهو صائم إن كان ينكر قلب الداعي بترك الأكل فالأكل أفضل وإن لم ينكر قلبه فإتمام الصوم أفضل. ولا ينبغي لصاحب الدعوة الإلحاح في تناول الطعام للمدعو إذا امتنع فإن كلا الأمرين جائز فإذا ألزمه بما لا يلزمه كان من نوع المسألة المنهي عنها، ولا ينبغي للمدعو إذا رأى أنه يترتب على امتناعه مفاسد أن يمتنع فإن فطره جائز، فإن كان ترك الجائز مستلزماً لأمور محظورة ينبغي أن يفعل ذلك الجائز وربما يصير واجباً. ا?. وقال الحافظ ابن حجر2: وهل يستحب له الفطر إن كان صومه تطوعاً؟ قال أكثر الشافعية وبعض الحنابلة: إن كان يشق على صاحب الدعوة صومه فالأفضل الفطر وإلا فالصوم وأطلق الروياني وابن الفراء استحباب الفطر وهذا على رأي من يجوز الخروج من صوم النفل، وأما من يوجبه فلا يجوز عنده الفطر كما في صوم الفرض ويبعد إطلاق استحباب الفطر مع وجود الخلاف ولاسيما إذا كان وقت الإفطار قد قرب. ا?. وقال نحوه العراقي3. وقال الأبيّ4: وإن كان في صوم تطوع جاز له الفطر إلا أن يشق على   1 الاختيارات (241) . 2 الفتح (9/247) النيل (6/203) . 3 طرح التثريب (7/79) . 4 إكمال إكمال المعلم (5/95) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 147 صاحب الوليمة فيكون له الفطر أفضل. وقال النووي1: وإن كان نفلاً - أي الصوم - جاز الفطر وتركه فإن كان يشق على صاحب الطعام صومه فالأفضل الفطر وإلا فإتمام الصوم، والله أعلم.   1 شرح مسلم للنووي (9/236) وانظر روضة الطالبين (7/337) عون المعبود (10/203) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 148 الخاتمة الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات والحمد لله على إتمام هذا البحث مع الاعتراف بالقصور ولكني أسأل الله أن يبارك فيه فقد ظهر لي من خلال هذا البحث النتائج التالية: - أن الأظهر من أقوال أهل العلم وجوب إجابة الدعوة في العرس واستحبابها في غيره. - أن الصوم ليس عذراً يمنع من إجابة الدعوة. - أن الأفضل لمن دعي وهو مفطر أن يأكل وخلاف في وجوبه. - أن من دعي وهو صائم صوم فرض مضيق حرم عليه الفطر. - أن من دعي وهو صائم صوم فرض موسع ففي جواز فطره خلاف. - أن من دعي وهو صائم صوم نفل فإن كان ينكسر قلب الداعي بعدم الأكل فالأكل أفضل وإن كان لا ينكسر فإتمام الصوم أفضل، والله أعلم. سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 149 مصادر ومراجع ... فهرس المصادر والمراجع - الاختيارات الفقهية من فتاوي شيخ الإسلام ابن تيمية: إختارها الشيخ علاء الدين أبو الحسن علي بن محمد البعلي، تحقيق محمد حامد الفقي، مكتبة السنة المحمدية. - أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم وآدابه: للحافظ أبي محمد عبد الله بن جعفر بن حيان الأصبهاني المعروف بأبي الشيخ، تحقيق د. السيد الجميل، دار الكتاب العربي، بيروت، الطبعة الثانية 1406هـ. - الأدب المفرد: للإمام محمد بن إسماعيل البخاري، تقديم كما يوسف الحوت، عالم الكتب، الطبعة الأولى 1404هـ. - آداب الزفاف في السنة المطهرة: للشيخ الألباني، المكتب الإسلامي، الطبعة السادسة 1402هـ، والطبعة الثانية المكتبة الإسلامية، الأردن. - إعلاء السنن: للمحدث ظفر أحمد التهانوي، تحقيق محمد تقي عثماني، إدارة القرآن والعلوم الإسلامية، كراتشي، باكستان، الطبعة الثالثة 1415هـ. - إكمال إكمال المعلم: للإمام محمد بن خليفة الأبي، تحقيق محمد سالم هاشم، دار الكتب العلمية، بيروت 1415هـ. - الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل: لأبي الحسن علي بن سليمان المرداوي، تحقيق محمد حامد الفقي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، الطبعة الأولى 1376هـ. - البدر المنير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير: لسراج الدين ابن الملقن، رسالة ماجستير محققة بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة. - تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي: للإمام محمد بن عبد الرحمن المباركفوري، تحقيق عبد الرحمن محمد عثمان، المكتبة السلفية 1383هـ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 150 - تعجيل المنفعة بزوائد رجال الأئمة الأربعة: تحقيق د/ إكرام الله إمداد الحق، دار البشائر الإسلامية، بيروت، الطبعة الأولى 1416هـ. - تقريب التهذيب: للحافظ ابن حجر العسقلاني، تحقيق محمد عوامة، دار الرشد، سوريا، الطبعة الأولى 1406هـ. - التلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير: للحافظ ابن حجر العسقلاني، تحقيق عبد الله هاشم اليماني، دار المعرفة، لبنان. - التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد: لابن عبد البر، تحقيق جماعة من المحققين، وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية في المغرب. - تهذيب التهذيب: للحافظ ابن حجر العسقلاني، طبعة مجلس دائرة المعارف النظامية، الهند، الطبعة الأولى 1327هـ. - تهذيب الكمال: للحافظ جمال الدين المزي، تحقيق د/ بشار عواد مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى. - تهذيب اللغة: لأبي منصور محمد بن أحمد الأزهري، تحقيق مجموعة من المحققين، الدار المصرية للتأليف والترجمة. - التواضع والخمول: للحافظ أبي بكر عبد الله بن محمد بن عبيد بن أبي الدنيا، تحقيق لطفي محمد الصغير، دار الاعتصام، القاهرة. - جامع الأصول في أحاديث الرسول: للإمام المبارك بن محمد بن الأثير الجزري تحقيق عبد القادر الأرناؤط، دار الفكر، بيروت، الطبعة الأولى 1403هـ. - الجرح والتعديل: لأبي محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي، دائرة المعارف العثمانية، الهند، الطبعة الأولى 1372هـ. - الجعديات: حديث علي بن الجعد الجوهري لأبي القاسم عبد الله بن محمد البغوي، تحقيق د/ رفعت فوزي عبد المطلب، مكتبة الخانجي، القاهرة، الطبعة الأولى 1415هـ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 151 - دلائل النبوة: للبيهقي، تحقيق عبد المعطي قلعجي، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى 1405هـ. - روضة الطالبين وعمدة المفتين: للإمام النووي، تحقيق زهير الشاويش، المكتب الإسلامي، الطبعة الثانية 1405هـ. - سبل السلام شرح بلوغ المرام من أدلة الأحكام: للصنعاني، تعليق محمد محرز حسن سلامة، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، الطبعة الثالثة 1400هـ. - السنن – المجتبي -: للحافظ أحمد بن شعيب النسائي، تحقيق أبو غدة، دار البشائر الإسلامية، بيروت، الطبعة الأولى 1406هـ. - السنن: لأبي داود السجستاني الأزدي، تحقيق عزة عبيد الدعاس، دار الحديث، سوريا، الطبعة الأولى 1388هـ. - السنن: لأبي عيسى الترمذي، تحقيق أحمد شاكر، مصطفى البابي الحلبي وأولاده، مصر، الطبعة الأولى 1396هـ. - السنن: لأبي عبد الله محمد بن يزيد القزويني ابن ماجه، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، المكتبة العلمية، بيروت. - السنن: للحافظ علي بن عمر الدارقطني، تصحيح عبد الله هاشم اليماني، دار المحاسن للطباعة، القاهرة. - السنن: للحافظ سعيد بن منصور الخرساني، تحقيق الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي، دار الباز، مكة المكرمة. - السنن الكبرى: للإمام النسائي، تحقيق د/ عبد الغافر البنداري، وسيد كردي حسن، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى 1410هـ. - السنن الكبرى: للبيهقي، دار الفكر. - شرح علل الترمذي: للحافظ زين الدين بن رجب الحنبلي، تحقيق همام سعيد، الأردن، الطبعة الأولى 1407هـ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 152 - شرح مسلم: للإمام النووي، دار الفكر. - شرح مشكل الآثار: لأبي جعفر الطحاوي، تحقيق شعيب الأرناؤوط، مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى 1415هـ. - شرح معاني الآثار: لأبي جعفر الطحاوي، تحقيق محمد زهير النجار، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى 1399هـ. - الشمائل المحمدية: لأبي عيسى الترمذي، تحقيق محمد عفيف الزغبي، الطبعة الأولى، دار العلم للطباعة والنشر، 1403هـ. - الصحاح: لإسماعيل بن حماد الجوهري، تحقيق أحمد عبد الغفور عطار، الطبعة الثانية 1402هـ. - صحيح البخاري - الجامع الصحيح المسند -: للإمام البخاري، تحقيق د/ مصطفى البغا، دار ابن كثير واليمامة، دمشق، بيروت، الطبعة الثالثة 1407هـ. - صحيح ابن حبان - الإحسان ترتيب الأمير علاء الدين -: للإمام أبي حاتم بن حبان البستي، تحقيق شعيب الأرناؤوط، مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى 1408هـ. - صحيح مسلم: للإمام أبي الحسن مسلم بن الحجاج النيسابوري، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء التراث العربي. - طرح التثريب في شرح التقريب: لزين الدين أبي الفضل العراقي، دار إحياء التراث العربي. - عارضة الأحوذي لشرح صحيح الترمذي: لأبي بكر بن العربي المالكي، دار الكتاب العربي، بيروت. - عمدة القاري شرح صحيح البخاري: لبدر الدين محمود بن أحمد العيني، مكتبة مصطفى البابي الحلبي وأولاده، مصر، الطبعة الأولى 1392هـ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 153 - عمل اليوم والليلة: للإمام النسائي، تحقيق د/ فاروق حمادة، مكتبة المعارف، الرباط، المغرب، الطبعة الأولى 1401هـ. - عمل اليوم والليلة: لابن السني، تحقيق عبد القاهر أحمد عطار، دار المعرفة، بيروت،1399?. - عون المعبود شرح سنن أبي داود: لأبي الطيب محمد شمس الدين العظيم آبادي، المكتبة السلفية، الطبعة الثانية 1388هـ. - فتح الباري بشرح صحيح البخاري: للحافظ ابن حجر العسقلاني، تحقيق سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز، نشر رئاسة إدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد بالمملكة العربية السعودية. - الكامل في ضعفاء الرجال: للإمام أبي أحمد عبد الله بن عدي الجرجاني، دار الفكر، بيروت، الطبعة الثانية 1405هـ. - كشف الأستار عن زوائد مسند البزار على الكتب الستة: للحافظ نور الدين الهيثمي، تحقيق حبيب الرحمن الأعظمي، مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة الثانية 1404هـ. - الكواكب النيرات في معرفة من اختلط من الثقات: لأبي البركات محمد بن أحمد ابن الكمال، تحقيق عبد القيوم عبد رب النبي، دار المأمون للتراث، بيروت، دمشق، الطبعة الأولى 1402هـ. - لسان الميزان: لابن حجر العسقلاني، مؤسسة الأعلمي، بيروت، الطبعة الثانية 1390?. - المجروحين من المحدثين والضعفاء والمتروكين: لأبي حاتم بن حبان البستي، تحقيق محمود إبراهيم زائد، دار الوعي بحلب، الطبعة الأولى 1396هـ. - مجمع البحرين بزوائد المعجمين: للحافظ نور الدين الهيثمي، تحقيق عبد القدوس بن محمد نذير، مكتبة الرشد، الطبعة الأولى 1413هـ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 154 - مجمع الزوائد ومنبع الفوائد: للحافظ نور الدين الهيثمي، دار الكتاب العربي، بيروت، الطبعة، الثالثة 1402هـ. - مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية: جمع عبد الرحمن بن قاسم وابنه محمد، مكتبة المعارف، الرباط. - المحلي: للإمام أبي محمد بن حزم الأندلسي، تحقيق د/ عبد الغفار البنداري، دار الكتب العلمية، بيروت. - المراسيل: لأبي محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي، تحقيق شكر الله بن نعمة الله القوجاني، مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة الثانية 1402هـ. - المستدرك على الصحيحين: لأبي عبد الله الحاكم، دار الكتب العلمية. - المسند: للإمام أحمد بن حنبل الشيباني، المكتب الإسلامي، الطبعة الثالثة. - مسند أبي داود الطيالسي: سليمان بن داود بن الجارود، دار المعرفة، بيروت. - مسند أبي يعلي الموصلي أحمد بن علي التميمي: تحقيق حسين سليم أسد، دار المأمون للتراث، دمشق، الطبعة الأولى 1404هـ. - مصباح الزجاجة إلى زوائد ابن ماجه: للشهاب أحمد بن أبي بكر البوصيري، تحقيق موسى محمد علي ود/ عزت عطية، دار الكتب الحديثة، مصر. - المصنف في الأحاديث والآثار: للحافظ أبي بكر بن أبي شيبة، تحقيق عبد الخالق الأفغاني، الدار السلفية، الهند، الطبعة الثالثة 1399هـ. - المصنف: للحافظ عبد الرزاق الصنعاني، تحقيق حبيب الرحمن الأعظمي، المكتب الإسلامي، بيروت، الطبعة الثانية 1403هـ. - المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية: للحافظ ابن حجر العسقلاني، تحقيق غنيم عباس، وياسر إبراهيم، دار الوطن، الطبعة الأولى 1418هـ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 155 - المعجم الأوسط: للطبراني، تحقيق د/ محمود الطحان، مكتبة المعارف، الرياض، الطبعة الأولى 1405هـ. - المعجم الكبير: لأبي القاسم الطبراني، تحقيق حمدي السلفي، مطبعة الأمة، بغداد، ومطابع الزهراء الحديثة، الطبعة الأولى والثانية. - المعجم الصغير: للطبراني، تحقيق عبد الرحمن محمد عثمان، المكتبة السلفية، المدينة المنورة، 1388هـ. - المغني: لأبي محمد بن قدامة المقدسي، مكتبة الرياض الحديثة. - مكمل إكمال الإكمال: للإمام محمد بن محمد بن يوسف السنوسي الحسيني، تحقيق محمد سالم هاشم، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى 1415هـ. - موطأ الإمام مالك بن أنس: تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء الكتب العربية. - ميزان الاعتدال في نقد الرجال: للإمام الذهبي، تحقيق علي محمد البجاوي، دار المعرفة، بيروت. - النهاية في غريب الحديث: للإمام مجد الدين المبارك بن محمد بن الأثير، تحقيق طاهر الزاوي، ومحمود الطناحي، دار الفكر، بيروت. - نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار: للعلامة الشوكاني، مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 156