الكتاب: المدبج ورواية الأقران المؤلف: د موفق بن عبد الله بن عبد القادر الناشر: الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة الطبعة: العدد 116 _السنة 34 _1422هـ عدد الأجزاء: 1   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع وهو مذيل بالحواشي] ---------- المدبج ورواية الأقران موفق بن عبد القادر الكتاب: المدبج ورواية الأقران المؤلف: د موفق بن عبد الله بن عبد القادر الناشر: الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة الطبعة: العدد 116 _السنة 34 _1422هـ عدد الأجزاء: 1   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع وهو مذيل بالحواشي] المدبج ورواية الأقران إعداد د. موفق بن عبد الله بن عبد القادر الأستاذ المشارك في كلية الدعوة في جامعة أم القرى مقدمة الحمدُ للَّهِ ربِّ العالمين، والعاقبةُ للمتَّقين، والصَّلاةُ والسَّلامُ على خاتمِ المُرسلينَ سيِّدِنا مُحَمَّدٍ، وعلى آلهِ وصحبهِ أجمعين. أما بعد، فإنَّ مناهج رواية الحديث النَّبويّ الشَّريف قد لقيت عنايةً فائقةً مِنَ المُحَدِّثينَ قَلَّ أن نَجِدَ لها مثيلاً في بقيَّةِ العلومِ، ولَمَّا كان الإسنادُ هو الطَّريق إلى الحديثِ، فقد اهتمَّ به المُحدِّثون. قال الحاكم النَّيسابوريُّ: لولا الإسنادُ، وطلب هذهِ الطَّائفة لهُ، وكثرة مواظبتهم على حفظهِ، لدرسَ منار الإسلامِ، ولتمكنَ أهلُ الإلحادِ والبِدَعِ فيهِ، بوضعِ الأحاديث، وقلب الأسانيدِ، فإنَّ الأخبارَ إذا تَعَرَّت عن وجودِ الأسانيدِ فيها كانت بتراء1. قال عبدُاللَّهِ بنُ المُبارك: الإسنادُ مِنَ الدِّينِ، ولولا الإسناد لَقَالَ مَن شاءَ ما شَاء2. هذا وقد ظهرت القاعدة المشهورة: إنَّ هذا العلم دينٌ، فانظروا عَمَّن تأخذونَ دينكم3. إنَّ العنايَةَ الفائقة بالأسانيد في الرِّوايةِ أضحت خَصيصة مِن خصائص هذهِ الأمَّة، حتَّى قال محمدُ بنُ حاتِم بنِ المُظَفَّرِ: إنَّ اللَّهَ أكرمَ الأمَّة وشَرَّفها وفَضَّلها   1 معرفة علوم الحديث: 6. 2 مقدمة صحيح مسلم: 1/15، الجرح والتعديل: 1/16، معرفة علوم الحديث: 6. 3 مقدمة صحيح مسلم: 1/14، الجرح والتعديل: 1/15، المحدِّث الفاصل: 411. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 11 بالإسنادِ، وليسَ لأحدٍ مِنَ الأُممِ كُلِّها قديمهم وحديثهم إسنادٌ، وإنَّما هي صُحفٌ في أيديهم1. وقال ابنُ أبي حاتمٍ الرَّازيُّ: لم يكن في أُمَّةٍ مِنَ الأُممِ منذ خلقَ اللَّهُ آدمَ أمناء يحفظونَ أثار الرُّسل إلاَّ في هذهِ الأُمَّةِ2. وقال ابنُ حزمٍ: نقلُ الثِّقَة، عن الثِّقةِ يبلغ به النَّبيّ صلى الله عليه وسلم مع الاتصالِ، خصَّ به اللَّهُ المُسلمينَ دون سائر الملل، وأمَّا مع الإرسالِ والاتصال، والإعضال، فيوجد في كثيرٍ من اليهود، لكن لا يقربونَ فيه من موسى قريباً من محمدٍ صلى الله عليه وسلم، بل يقفونَ بحيثُ يكون بينهم وبينَ موسى أكثر مِن ثلاثينَ عصراً، وإنَّما يبلغون إلى شمعونَ، ونحوه. وأمَّا النَّصارى فليس عندهم مِن صفة هذا النَّقل إلاَّ تحريم الطَّلاق فقط، وأمَّا النَّقل بالطُّرقِ المشتملة على كذَّاب، أو مجهول العين فكثير في نقل اليهود والنَّصارى. وأمَّا أقوال الصَّحابة والتَّابعينَ، فلا يمكن اليهود أن يبلغوا إلى صاحب نبيٍّ أصلاً، ولا إلى تابعٍ لهُ، ولا يمكن النَّصارى أن يصلوا إلى أعلى مِن شمعون وبولص3. إنَّ رواية المُحَدِّثين للأخبار لم تكن روايةً عشوائية، وإنَّما كانت تندرج تحت ضوابط وقوانينَ تتسم بالموضوعية، فقد وضعوا شروطاً لمعرفة مَن تُقبل   1 شرف أصحاب الحديث: 40،43. 2 فتح المغيث: 3/4، تدريب الراوي: 2/159. 3 الفصل في الملل والأهواء والنحل: 2/82-85، وينظر بالتفصيل ماكتبه هذا الإمام لأهميته. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 12 روايتُهُ، وما يتعلَّق بهِ مِن جرحٍ وتعديل1، كما سَنُّوا قواعدَ في معرفة كيفية سَماع الحديث وتحمُّلِهِ وصفةِ ضبطهِ2. ومن الوسائل التي اتَّبعها المُحَدِّثون في أنواع الرِّوايةِ، والتي تُعَدُّ من وسائل توثيقِ النُّصوصِ وضبطها، ابتكارهم لأنماطٍ مختلفة من أنماط الرِّواية، والتي تدلُّ على الدِّقَّةِ في التَّصنيف في بعض أنواعِ التَّحمُّلِ مثل: رواية الأكابرعن الأصاغِر، ورواية التَّابعين عن بعضهم، ومَن روى عن أبيهِ عن جدِّهِ، والرواة من الإخوة والأخوات، والمُدَبَّج، ورواية الأقرانِ، والأسانيد القائمةعلى أساس المدن، كالأسانيد الحِجازيَّة، أو المكيَّة، أو المَدنيَّة، أو البصريَّة، أو الكوفيَّة، أو الشَّاميَّة، واختلاف الروايات للكتاب الواحد، وفنّ المستخرجات، وعلم الأثبات ومعاجم الشُّيوخ والمشيخات.. وغير ذلك من التَّصنيفات المختلفة، والتي يستشفُ منها الباحث المُدقق أنَّ المُحَدِّثينَ قد قطعوا شوطاً بعيداً في علم الرواية، وأنَّ بحوثهم قد أعطت الباحث الواعي، والدَّارس المتمكنَ والموضوعيّ القدرة على التَّحركِ، ووضعت بينَ يديهِ الوسائل التي تعينهُ على التَّثبتِ مِن صحَّةِ الأسانيدِ، وتدقيق الرِّواياتِ، وتميزت بحوثهم المختلفة بالابتكار والإبداع والتي استطاعوا بها أن ينشروا السُّنَّة ويحافظوا عليها بنجاحٍ منقطع النَّظير، وأنَّ السَّواد الأعظم من المُحدِّثين كان يُدركُ أنَّ علم الرِّواية لم يكن طحناً في الماءِ، وإنَّما هو عِلْمٌ مُنَسَّقٌ، قائمٌ على قواعدَ مفصَّلةٍ وعميقةٍ.   1 ينظر: علوم الحديث لابن الصلاح: 94-112. 2 ينظر: علوم الحديث لابن الصلاح: 114-159. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 13 وبحثنا هذا هو حلقةٌ مِن سلسلةِ بحوث مماثلة كتبتها وتناولت علم الرِّواية وأثرهُ في توثيق النُّصوصِ وضبطها1، وقد تناول جانباً من جوانبَ علم الرِّوايةِ والذي قد صَنَّفَ فيه العُلماءُ الكبارُ مُصَنَّفات لم نقف عليها في وقتنا الحاضر، وبقيت منهُ أبحاثٌ توزعتها كتب علم أصول الحديثِ المُختلفة، أو بعض الشُّروح الحديثية، وهذا النَّوع هو المُدَبَّجُ، ورواية الأقران. إنَّ الدِّراسة الموضوعيَّة لهذا النَّوع من أنواعِ علوم الحديثِ، تظهر لنا أنَّ هذا النَّوعَ مِنَ المُصَنَّفاتِ هدفهُ إزالة النِّقاب عن الخطأ والوهم الذي قد يتطرَّقُ إلى الإسناد. وإذا كان ابنُ عباسٍ رضي الله عنه قد حذَّرَ من قَبولِ جرح الأقران بعضهم لبعضٍ، وقال: استمعوا علم العُلماء ولا تصدقوا بعضهم على بعضٍ، فوالذي نفسي بيدهِ لهم أشدّ تغايراً من التّيوسِ في زروبتها2. وقال الذَّهبيُّ: وكلامُ الأقرانِ بعضهم في بعضٍ لا يُعبأ به لا سيما إذا لاحَ أنَّهُ لعداوةٍ، أو لحسدٍ، ما ينجو منه إلاَّ مَن عصم اللَّهُ، وما علمتُ أنَّ عصراً مِنَ الأعصارِ سلمَ أهلهُ من ذلكَ سوى الأنبياء والصِّدِّيقينَ3.   1 وهذهِ البُحوث هي: أ- علم الأثبات ومعاجم الشُّيُوخِ والمَشْيَخَات، طبع بمعهد البحوث بجامعة أمّ القرى. ب- المُسْتَخْرَجات نشأتُها وتطورها. بحث نشر بمجلة جامعة أم القرى. ج- اختلاف الرِّوايات وأثره في توثيق النُّصوص وضبطها. بحث نشر بمجلة الدرعية. د- البيان والتَّعريف بسرقة الحديث النَّبويِّ الشَّريف، بحث تحت الطبع. 2 جامع بيان العلم وفضله: 2/158. 3 ميزان الاعتدال: 1/111. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 14 فإنَّ روايةَ الأقران بعضهم عن بعضٍ فيه شهادة بعضهم لبعضٍ على صِحَّةِ المرويات، وإشارةٌ صادقةٌ على تجاوز الكثير منهم للعوامل النَّفسيَّةِ التي تختلجُ في صدور الأقرانِ، والتي حَذَّرَ منها العُلماء. ونظراً لأهميَّةِ رواية الأقران بعضهم عن بعضٍ في توثيق النُّصوصِ وضبطها، فقد حرص الإمامُ الجِهبذُ أبو عبدِاللَّهِ محمدُ بنُ إسماعيلَ البُخاريُّ على هذا النَّمط مِن الأسانيدِ في كتابه (الجامع الصَّحيح) ، وكذا اشتملت كتب السُّنَّةِ الأخرى على ذِكرِ هذا النَّوع من المروياتِ، وأدرجتها ضمن مروياتها المُختلفةِ. إنَّ دراسة مرويات الأقران بعضهم عن بعضٍ ستقودنا إلى معرفةِ تواريخ ولادةِ ووفيات الرُّواة، كما أنَّها ستقدِّمُ لنا نتائج جليلة عن علم طبقات الرُّواة، وتجمع لنا دلائل عن البلدان ورواتها، سيما إذا اجتمعَ في الرِّواية الواحدةِ أهل بلدٍ في نَسقٍ كما سيأتي بيان ذلكَ مِن خلالِ بحثنا هذا. إنَّ الكتابة عن بعضِ الجُزئياتِ في علم مصطلح الحديثِ، والتي لم نقف فيها على مُصَنَّفٍ مستقلٍّ لإمامٍ ناقدٍ، تعني ميلاد عهدٍ جديدٍ لهذا العلمِ، الذي ينتمي إلى طرازٍ مُعيَّنٍ في التَّأليفِ يتَّصِفُ بالإيجازِ والبُعدِ عن الإسهابِ في موضوعاتهِ. وبحثنا هذا حاولَ أن يُقدِّمَ تحليلاً عميقاً لهذا النَّوع مِنَ أنواعِ مصطلحِ الحديث، وذلكَ مِن خلالِ ما ذكرته كتب مصطلح الحديث مِنَ الأمثلة، مع بيان مارواهُ الإمامُ البُخاريّ رحمهُ اللَّهُ تعالى في (صحيحه) مِن رواية الأقرانِ، والتي قام الحافظ ابن حجرٍ رحمه اللَّهُ تعالى بذِكْرِها، وبيان بعض لطائفها، وبالتالي الخروج بنتائج جديدةٍ عن رواية الأقران، وأهميتهِ، ومحاولة تنظيم هذهِ المادة في الجزء: 1 ¦ الصفحة: 15 صورةٍ تُلقي الضَّوء على جانبٍ من جوانبِ علم الرِّواية عندَ المُحَدِّثينَ، وأثره في توثيق النٌّصوصِ وضبطها. ولقد حرصتُ في عرضي للمادة أن لا أقسِّم البحث إلى أبوابٍ وفصولٍ، وذلكَ خشية أن يطولَ البحث، وتتشعب جوانبه، كما أنَّي لم أتوسع في تخريج النُّصوصِ، والآثار، نظراً لأنَّ شروط نشر البحوث مرهونة برقمٍ محدد من الصَّفحات. واللَّهَ الكريم أسأل التَّوفيقَ والسَّداد، ومنهُ استمدُ العونَ، وعليه التُّكلان، وهو حسبي ونعمَ الوكيل، وصلَّى اللَّهُ على سيدِنا مُحَمَّدٍ، وعلى آلهِ وصحبهِ أجمعين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 16 المدبج تعريفة ... أولاً: تعريف المُدبَّج: أ- المدبَّج لُغَةً: اسم مفعول من التَّدْبِيْج، بمعنى التَّزيين. والمُدَبَّجُ: المُزَيَّن، ودِيبَاجَةُ الوجهِ وَدِيباجُهُ: حُسن بشرتهِ، وكأنَّ المُدَبَّج سُمِّيَ بذلكَ لتساوي الرَّاوي والمَرْوِي عنهُ، كما يتساوى الخدَّانِ. ورجلٌ مُدَبَّجٌ: قبيحُ الوجهِ والهامة والخِلقةِ1. ب- المُدبَّجُ اصطلاحاً: أنْ يَرْوي القَرينان كُلُّ واحدٍ منهما عن صاحبه2. شرحُ التَّعريفِ: قال الإمامُ العراقيُّ: ما المناسبة المُقتضية لتسمية هذا النَّوع بالمُدَبَّجِ وَمن أيٍّ شيءٍ اشتقاقه،؟ لم أرَ مَن تَعَرَّضَ لذلكَ، إلاَّ أنَّ الظَّاهرَ أنَّهُ سُمِّيّ بهِ لِحُسنهِ، لأنَّهُ لُغةً: المُزَيَّنُ، قال صاحبُ (المُحكم) : الدَّبْجُ: النَّقشُ والتَّزيينُ، فارسيٌّ مُعرَّبٌ. قال: ودِيباجةُ الوجهِ حُسنُ بشرتهِ، ومنهُ تسمية ابنُ مسعودٍ رضي الله عنه الحَواميم ديباج القرءان. والرِّواية كذلكَ إنَّما تقعُ لنُكتةٍ يعدلُ فيها عن العُلوِّ إلى المُساواة، أو النُّزول لأجل ذلك فحصل للإسنادِ بذلكَ تحسينٌ وتزيين.   1 انظر: المحكم لابن سيدة7/244،الصحاح1/312 (دبج) ،التقييد والإيضاح290-291، علوم الحديث لابن الصلاح278. 2 علوم الحديث لابن الصلاح278، فتح المغيث: 3/160، تدريب الراوي: 2/247، التبصرة والتذكرة مع فتح الباقي: 3/67- 68. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 17 قال: ويحتملُ أنهُ سمُّيَ بذلكَ لنزولِ الإسنادِ، فإنَّهما إن كانا قرينينِ نزل كل منهما درجة، وإن كان من رواية الأكابر عن الأصاغر نزل درجتين، وقد روينا عن يحيى بن مَعينٍ قال: الإسنادُ النَّازلُ قُرحة في الوجهِ. وروينا عن عليِّ ابن المَدينيِّ، وأبي عَمْروٍ المُسْتَمْليِّ قالا: النُّزولُ شؤم. فعلى هذا لا يكونُ المُدَبَّجُ مدحاً لهُ ويكونُ ذلكَ من قولِهِم: رجلٌ مُدَبَّجٌ، قبيحُ الوجهِ والهامةِ، حكاهُ صاحبُ (المُحكم) . قال العراقيُّ: وفيهِ بُعدٌ، والظَّاهرُ إنَّما هو مدحٌ لهذا النَّوع. قال: ويحتمل أن يُقالَ: إنَّ القرينين الواقعينِ في المُدَبَّجِ في طبقةٍ واحدةٍ بمنزلةٍ واحدةٍ، فشبها بالخدَّينِ، فإنَّ الخدَّينِ يقالُ لهما: الدِّيباجتان، كما قاله صاحبُ (المحكم) و (الصّحاح) . قال: وهذا المعنى يتَّجهُ على ما قاله الحاكم، وابنُ الصَّلاحِ: أنَّ المُدَبَّجَ مُختصٌ بالقرينينِ. قال السَّخاويُّ: وبذلك سَمَّاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ أخذاً مِن دِيباجَتي الوجه، وهما متحدان لتساويهما وتقابلهما1. قال الحاكم النَّيْسَابوريُّ: رواية الأقران مِنَ التَّابعينَ وأتباع التَّابعينَ وَمَن بعدهم مِن علماء المسلمينَ، ورواية بعضهم عن بعضٍ، وهذا النَّوع منه غير   1 التقييد والإيضاح: 291-292. وينظر: المحكم لابن سيده: 7/244، الصحاح: 1/312، لسان العرب: 2/262 (دبج) ، تاج العروس: 2/37 (دبج) "المُدَبَّج: كمعظم: هو المُزين به، أي زُيِّنت أطرافه بالدِّيباج.."، فتح المغيث: 3/160، نزهة النظر: 60، تدريب الراوي: 2/247. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 18 رواية الأكابر عن الأصاغر. وإنَّما القرينان إذا تقاربَ سِنُّهما وإسنادهما وهو على ثلاثة أجناسٍ: فالجنس الأول منه الذي سَمَّاهُ بعض مشايخنا المُدَبَّج، وهو أن يروي قرينٌ عن قرينهِ، ثُمَّ يروي ذلك القَرين عنه، فهو المُدَبَّج. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 19 امثلة المدبج ... مثاله في الصَّحابة: أخرج الحاكم بسندهِ: عن أبي هُريرة، عن عائشةَ رضي اللَّهُ عنها قال: فقدتُ النَّبِيَّ صلى اللَّهُ عليه وسلَّم ذات ليلةٍ مِنَ الفِراشِ، فجعلتُ أطلبهُ بيدي فوقَعت يدي على باطن قدميه وهما مَنصوبتان، فسمعتهُ يقولُ: "اللَّهُمَّ إنِّي أعوذُ برحمتكَ مِن سَخَطِكَ، وأعوذُ بِمُعافَاتِكَ مِن عقوبَتِكَ، وأعوذُ بِكَ مِنْك لا أُحْصي ثناءً عليك أنت كما أَثْنَيْتَ على نَفْسِكَ". قال أبو عبْدِ اللَّهِ: وقد روت عائشةُ عن أبي هُريرةَ وسألتهُ عن حديثهِ. وأخرج الحاكم بسنده: عن علقمةَ أنَّ عائشَةَ قالت لأبي هُريرةَ: أنت حَدَّثت عن رسولِ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم: أنَّ امرأةً عُذِّبت في هِرَّةٍ؟ فقال: سمعتُ رسولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم يقولُ ذلك الحديث1. مثال آخر: قال الحاكم: عن جابر عن ابنِ عَبَّاسٍ أنَّ النَّبيَّ صلى اللَّهُ عليه وسلم قال: "يدخُلُ الجَنَّةَ مَن بايعَ تحتَ الشَّجَرَة إلاَّ صاحِب الجمل الأحمر". قال أبو عبدِ اللَّهِ: وقد رويَ عن عبدِ اللَّهِ بنِ عبَّاسٍ، عن جابرٍ.   1 معرفة علوم الحديث: 215-216. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 19 وأخرج الحاكم بسنده: عن ابنِ عبَّاسٍ، قال: حَدَّثني جابرُ بنُ عبدِاللَّهِ أنَّ النَّبِيَّ صلى اللَّهُ عليه وسلَّمَ قرأَ: {وإذَا سَأَلَكَ عِبادي عَنِّي فإنِّي قريبٌ أُجيبُ دَعوةَ الدَّاعِ إذا دَعان} الآية. قال صلى اللَّهُ عليه وسلَّم: "اللَّهُم أمرتَ بالدُّعاءِ وتكفَّلتَ بالإجابةِ، لبيكَ لبيكَ لا شريكَ لكَ لبيكَ إنَّ الحَمْدَ والنِّعْمَةَ لكَ والمُلْكْ، لا شَريكَ لَكْ" 1. قال أبو عبدِا للَّهِ: ومثالُ ذلكَ في التَّابعين. وأخرج بسنده عن: الزُّهريِّ، قال: أخبرني عُمَرُ بنُ عبدِ العزيزِ بن مروان أنَّ إبراهيمَ بنَ عَبْدِ اللَّه بن قَارظ الزُّهريَّ أخبرهُ أنَّهُ وجدَ أبا هُريرَةَ يتوضَّاُ على ظهرِ المسجِدِ، فقال أبو هريرةَ: إنَّما أتوضأ مِن أثوار أَقِط أكلتها لأنَّ النَّبيَّ صلى اللَّهُ عليه وسلَّم قال: "توضؤا مِمَّ مَسَّت النَّارُ". قال أبو عبدِاللَّهِ: وقد روى عمرُ بنُ عبدِالعزيز، عن الزُّهريِّ. وأخرج بسنده عن: عمرَ بنِ عبدِالعزيز، عن الزُّهريِّ، عن سالم، عن أبيهِ قال: دعا رسولُ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليهِ وسلم يوَمَ النَّاس للبيعَةِ فجاءَ أبو سِنان بن مُحصِنٍ فقال: يارسول اللَّهِ، أبايعكَ على ما في نَفْسِكَ؟ قال:"وما في نَفْسِي؟ " قال: أضربُ بسيفي بينَ يَديكَ حتَّى يُظْهِرَكَ اللَّهُ، أو أُقتل. قال: فبايعهُ وبايع النَّاس على بيعَةِ أبي سِنان2. قال أبو عبدِاللَّهِ: ومثالهُ في أتباع التَّابعين.   1 معرفة علوم الحديث: 216. 2 معرفة علوم الحديث: 217. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 20 وأخرج بسندهِ، عن: الأوزاعيّ عن مالك بنِ أنسٍ، عن أبي نُعيمٍ وهب ابن كيسان، عن عمرَ بنِ أبي سَلَمَةَ، قال: قال لي رسولُ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلَّم: "ادن بُنيّ، فسمِّ اللَّهَ وكُل بيمينكَ، وكُل مِمَّا يلكَ". قال أبو عبدِاللَّهِ: وقد روى مالكُ بنُ أنسٍ، عن الأوزاعِيِّ. وأخرج بسندهِ عن: مالك بن أنسٍ قال: حدَّثني الأَوْزَاعِيُّ، عن الزُّهريُّ، عن عُرْوَةَ، عن عائشَةَ أنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ قال: "إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الرِّفقَ في الأمْرِ كُلِّهِ" 1. قال أبو عبدِاللَّهِ: ومثالهُ في أتباع الأتباع. وأخرج بسنده، عن: الإمام أحمد بنِ حَنْبَل قال: حدَّثني عبدُالرَّزاقِ، قال: ثنا عمرُ بنُ حَوْشَبٍ، قال: حدَّثني إسماعيلُ بنُ أُمَيَّةَ، عن أبيهِ، عن جَدِّهِ، قال: كان لهم غُلامٌ يُقال لهُ طَهمان، أو ذَكوان، قال: فأعتق جدُّهُ نصفهُ، قال: فجاء العبدُ إلى النَّبِيِّ صلى اللَّهُ عليهِ وسلَّم فأخبرهُ، فقال النَّبِيُّ صلى اللَّهُ عليه وسلم: "يُعتق في عُنقك، ويُرقّ في رِقِّكَ"، فكان يخدم سيدهُ حتَّى مات. قال أبو عبدِاللَّهِ: وقد حَدَّثَ عبدُالرَّزاق، عن أحمدَ بنِ حَنْبَل. وأخرج بسنده عن: عبدُالرَّزاق، قال: حدَّثني أحمدُ بنُ حَنْبَل، عن الوليدِ ابنِ مُسلِمٍ، عن زيد بنِ واقدٍ، قال: سمِعْتُ نافِعاً مولى ابن عمر يقولُ: كان ابنُ عمرَ إذا رأى مُصَلِّياً لا يرفعُ يديهِ في الصَّلاةِ حصبهُ وأمرهُ أن يرفع يديه2.   1 معرفة علوم الحديث: 217-218. 2 معرفة علوم الحديث: 218. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 21 قال أبو عبدِاللَّهِ: ومِثال ذلكَ في الطَّبقةِ الخامسة: حدَّثنا أبو عبدِاللَّهِ محمدُ بنُ يعقوبَ، قال: حدَّثنا يحيى بنُ محمدِ بن يحيى، قال: حدَّثنا أبي، قال: ثنا سعيدُ بنُ واصلٍ، قال ثنا شُعبةُ، عن عبدِاللَّهِ بنِ صُبيحٍ، عن محمدِ ابنِ سيرينَ، أنَّ النَّبِيَّ صلى اللَّهُ عليهِ وسلم، قال: "هذا خالي فمن شَاء منكم فليُخرج خالهُ" يعني أبا طلحةَ زوج أمّ سُلَيمٍ في الكرمِ قال هذا. قال أبو عبدِاللَّهِ: وقد حدَّثَ محمدُ بنُ يحيى، عن ابنه يحيى بن محمدٍ بأحاديثَ. حدَّثنا أبو عبدِاللَّه محمدُ بنُ يعقوبَ، قال: ثنا أبو عمرو المُسْتَمليُّ، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ يحيى، قال: حدَّثني ابني أبو زكريا، قالَ: ثنا عبدُالرَّحمن بنُ المبارك العَيشيُّ، قال: حدَّثنا قريشُ بنُ حَيَّانَ، عن بكر بنِ وائلٍ، عن الزُّهريِّ، عن أبي عبدِاللَّهِ الأغَر، عن أبي هريرةَ، قال: لا تُكلموهم إذا أقبلوا، ولا تسبُّوهم إذا أدبروا، يعني السُّعاة1. قال أبو عبدِاللَّهِ: ومثال ذلك في الطَّبقة السَّادسة: أخبرنا أبو بكرٍ محمدُ ابنُ داودَ بنِ سُليمانَ الزَّاهدُ، قال: حدَّثنا أحمدُ بنُ محمدِ بنِ سعيدٍ الكوفِيُّ، قال: حدَّثنا يعقوبُ بنُ يوسُفَ الضَّبِيُّ، قال: ثنا أبو جُنادةَ، عن عُبيدِاللَّهِ بنِ الحَسَنِ، عن ابنِ سيرينَ، عن أبي هريرةَ، قال: قال صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّم: "إحدى صَلاتي العِشَاء"، فذكَرَ الحديث. قال أبو عبدِاللَّهِ: وقد روى أبو العَبَّاسِ بنُ عُقْدَةَ، عن شَيخِنا أبي بكرِ بن داودَ.   1 معرفة لحديث: 218-219. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 22 حَدَّثني أبو ذَرّ بن المنذِرِ المُفيدُ بالكوفةِ، قال: حدَّثنا أبو العبَّاسِ بنُ سعيدٍ، قال: حدَّثنا أبو بكرٍ محمدُ بنُ داودَ النَّيْسَابُوريُّ، قال: حدَّثنا يحيى بنُ أحمدَ بنِ زيادٍ، قال: حدَّثنا خالدُ بنُ الهَيَّاجِ، عن أبيهِ، عن مِسْعَرٍ، عن وَبرةَ، عن ابنِ عمرَ: أنَّ النَّبيَّ صلى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ صلَّى في البيتِ. قال أبو عبدِاللَّهِ: هذا الذي ذكرتُهُ الجنس الأوَّلُ، مِنَ الأقرانِ، وهو الذي سمَّاهُ بعض مشايخنا المُدَبَّج1. ومن أمثلة المُدَبَّجِ: في الصَّحابةِ: أبو هريرة، وعائشة، روى كلٌ منهما عن الآخر. وفي التَّابعين: الزُّهريّ، عن أبي الزُّبير، وأبو الزُّبيرعن الزُّهرِيِّ، والزُّهريّ عن عمر بن عبد العزيز، وعمر بن عبد العزيز عن الزُّهريِّ. وفي أتباعهم: مالك، عن الأوزاعيّ، والأوزاعيُّ عن مالكٍ. وفي أتباع التَّابعينَ: أحمد، عن ابن المدينيّ، وابن المدينيّ عن أحمد، مع نزاع في كونهما قرينينِ. قال السَّخاويّ: وفي المُتأخرينَ: المِزِّيّ2، والبِرْزاليّ3، وشيخنا4، والتَّقيّ   1 معرفة علوم الحديث: 219. 2 هو جمالُ الدِّين، أبو الحجَّاج يوسف بنُ عبد الرَّحمن بن يوسف القُضاعيُّ، ثُمَّ الكلبيُّ، الشَّافعيُّ، المِزِّيُّ (ت442?) ترجمته ومصادرها في: مقدمة كتاب: تهذيب الكمال: 1/9-36. تذكرة الحفاظ: 4/1498، طبقات الحفاظ: 517. 3 هو علمُ الدِّين، أبو محمدٍ، القاسمُ بنُ محمد بن يوسف بن محمد بن يوسف البِرْزَاليُّ، الدِّمشقيُّ (ت 739هـ) ، ترجمته ومصادرها في مقدمة مشيخة الإمام بدر الدين ابن جماعة: 1/27-28، تذكرة الحفاظ: 4/1501، طبقات الحفاظ: 522. 4 هو شهابُ الدِّين، أبو الفضل، أحمدُ بن عليّ بن محمد، المعروف بابن حجر العسقلانيّ، المصريُّ، الشَّافعيُّ (ت852هـ) ، ترجمته ومصادرها في: ذيل تذكرة الحفاظ الحفاظ: 380، الضوء اللامع: 2/26، طبقات الحفاظ: 537. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 23 الفَاسيّ1 كذلك2.   1 هو تقيُّ الدِّين، أبو عبد الله، وأبو الطيب، محمدُ بن أحمد بن عليٍّ الحسينيُّ، الفاسيُّ، المكيُّ المالكيُّ (ت832هـ) ، ترجمته ومصادرها في: العقد الثمين: 1/331، ذيل تذكرة الحفاظ: 377، الضوء اللامع: 7/38، طبقات الحفاظ: 544. 2 انظر: علوم الحديث لابن الصلاح: 278، فتح المغيث: 3/161. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 24 رواية الأقران تعريفة ... ثانياً: روايةُ الأقران: تعريفُ الأَقران: أ- لغة: الأقْرَانُ جمعُ قَرِين، بمعنى المُصَاحِب3. والاقْتِرَانُ: كالازْدِواج في كونهِ اجتماعَ شَيْئَيْنِ أو أشياءَ في مَعْنًى مِنَ المَعاني4. والقَرْنُ: أهلُ كلّ زمان، وهو مِقْدار التَّوسُّط في أعمار أهل كلّ زمانٍ، مأخوذٌ مِنَ الاقترانِ، وكأنَّهُ المِقْدَار الذي يَقْتَرِنُ فيهِ أهل ذلكَ الزَّمان في أعمارهم وأحوالهم5. ب- اصطلاحاً: هم المُتقاربونَ في السِّنِّ، والإسنادِ6.   3 القاموس المحيط: 4/260 (قرن) . 4 المفردات للراغب الأصفهانيّ: 410 (قرن) . 5 النهاية في غريب الحديث والأثر: 4/51. 6 علوم الحديث لابن الصلاح: 278، تدريب الراوي: 2/246. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 24 شَرْحُ التَّعريف: إذَا تماثلَ، أو تقاربَ الرُّواة في الأعمارِ والإسنادِ، أي في الأخذِ عن الشُّيوخِ، حصلت المُقارنة، وإن تفاوتوا في الأعمارِ1. وقال الحافظُ ابنُ حجرٍ: فإن تشاركَ الرَّاوي وَمَن روى عنهُ في أمرٍ مِنَ الأمورِ المُتعلِّقةِ بالرِّوايةِ مثل: السِّن، واللّقي، وهو الأخذُ عن المشايخِ، فهو النَّوع الذي يُقالُ لهُ: رواية الأقرانِ، لأنَّهُ حينئذٍ يكونُ راوياً عن قرينه2.   1 انظر: معرفة علوم الحديث للحاكم النَّيسابوري: 215، علوم الحديث لابن الصَّلاح:278، فتح المغيث: 3/160، تدريب الراوي: 2/246-247. 2 نزهة النظر: 59، فتح المغيث: 3/160. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 25 من أمثلة رواية الأقران: ومثالهُ: ما أخرجه الحاكم بسنده من طريق: المُعْتَمِر بن سُليمانَ، عن أبيه، عن مِسْعَر، عن أبي بكر بنِ حفص، عن عبدِاللَّهِ بنِ الحَسَنِ، عن عبدِاللَّهِ بنِ جَعفرٍ، قال في شأن هؤلاءِ الكلمات: "لا إلهَ إلاَّ اللَّه الحَليمُ الكريمُ، سبحان اللَّه ربّ العرش العظيم، الحمدُ للَّهِ رَبِّ العالمين، اللَّهم اغفر لي، اللَّهم ارحمني، اللَّهم تجاوز عنِّي، اللَّهم اعف عنِّي فإنَّكَ عفوٌّ غفور"، قال عبدُاللَّهِ بنُ جعفرٍ: أخبرني عمِّي أنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّم علَّمهُ هؤلاء الكلمات. قال أبو عبدِاللَّه: مِسْعَرُ وسُليمان التَّيْمِيّ قرينان إلاَّ أنِّي لا أحفظ لِمِسْعَر عنهُ رواية3.   3 معرفة علوم الحديث: 219-220. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 25 وأخرج الحاكمُ بسندهِ، عن: زائدة، عن زهير، عن أبي إسحاقَ، عن عمرو بنِ ميمون، عن عبدِاللَّهِ: أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ كانَ إذَا دَعا دَعا ثلاثاً. قال أبو عبدِاللَّهِ: زائدة بن قُدامةَ، وزهير بن مُعاويةَ قرينان، إلاَّ أنِّي لا أحفظ لزهير عنهُ رواية1. وأخرج الحاكم بسندهِ، عن: ابنِ الهاد، عن إبراهيمَ بن سَعْدٍ، عن أبيهِ، عن أبي أُسامةَ، عن عائشةَ، عن النَّبِيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّم قال: "قد كانَ يكونُ في الأُممِ مُحَدَّثونَ، فإنْ يَكُنْ في أُمَّتي أحدٌ فعمر بن الخَطَّابِ". قال أبو عبد اللَّهِ: يزيد بن عبدِاللَّه بن أُسامةَ بن الهاد، وإن كانَ أسند وأقدم مِن إبراهيمَ بن سعدٍ فإنَّهما في أكثر الأسانيد قرينان، ولا أحفظ لإبراهيمَ ابنِ سَعْدٍ عنهُ رواية2. وأخرجِ الحاكمُ بسنده عن: سُليمان بن طَرْخَانَ، عن رَقَبَةَ بنِ مَصْقَلَةَ، عن أبي إسحاقَ، عن سعيدِ بنِ جُبيرٍ، عن ابنِ عَبَّاسٍ، قال: ذَكر رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم الغُلام الذي قتلهُ الخُضر، فقال: "طُبعَ كافراً". قال أبو عَبْدِاللَّهِ: سليمان بن طَرْخانَ، ورقبة بن مَصْقَلَةَ قرينان، ولا أحفظُ لرقبةَ عنهُ رواية، فقد جعلتُ هذهِ الأحاديثَ مثالاً لمعرفة الأقرانِ، وأنَّه غير رواية الأكابر عن الأصاغر3.   1 معرفة علوم الحديث: 220. 2 معرفة علوم الحديث: 220. 3 معرفة علوم الحديث: 220. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 26 قال السَّخاويُّ: روى كلّ من الثَّوريِّ، ومالك بن مِغْوَلٍ، عن مِسْعَرٍ، وهم أقران، والأعمشِ، عن التَّيْمِيِّ، وهما قَرينان، والزَّين رضوان، عن الرَّشيديِّ، وهما قرينان من شيوخنا. وقد يجتمعُ جماعةٌ مِنَ الأقرانِ في سلسلةٍ كروايةِ أحمد، عن أبي خيثمة زهير ابن حربٍ، عن ابن مَعينٍ، عن عليِّ بن المَدينيِّ، عن عُبيدِاللَّهِ بنِ مُعاذٍ، لحديثِ أبي بكر بن حفصٍ، عن أبي سلمةَ، عن عائشةَ: "كانَ أزواجُ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم يأخُذْنَ مِن شُعُورِهِنَّ حَتَّى تكونَ كالوفرة"1، فالخمسة كما قال الخطيبُ: أقرانٌ. ورواية ابن المُسيّبِ، عن ابنِ عُمرَ، عن عُمَرَ، عن عُثمانَ، عن أبي بكرٍ الحديثِ "ما نجاة هذا الأمر"، ففيه أربعةٌ مِنَ الصَّحابة في نسقٍ2. وكذا اجتمعَ أربعةٌ مِنَ الصَّحابةِ في عدَّة أحاديثَ بعضها في (الصَّحيحين) ، وغيرهِما، وأفردَ فيهِ كلٌّ مِن عبدِالغني بن سعيدٍ المِصْرِيِّ، وأبي الحجَّاجِ يوسُفَ ابنِ خليلٍ الدِّمشقيِّ، فيما سمعناهُ (جزءاً) ، بل اجتمعَ منهم خمسةٌ في حديثِ "الموتُ كَفَّارةٌ لِكُلِّ مُسْلِمٍ"، وذلكَ مِن روايةِ: عَمرو بن العاص، عن عُثمان،   1 انظر: صحيح مسلم: 1/265 (320) ، فتح المغيث: 3/161، تدريب الراوي: 2/249. 2 أخرجه: ابن سعد في الطبقات:2/312،من طريق الواقدي، وابنُ عَديٍّ في الكامل:5/1717 وأخرجه أحمد في المسند: 1/9، ومن طريقه النسائي في عمل اليوم والليلة (885) ، وأخرجه المروزيُّ، وأبو يعلى: 1/20-22، والبيهقيُّ في شعب الإيمان: 1/261-262، وانظر: العلل للدارقطني: 1/171-175. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 27 عن عُمر بن الخَطَّابِ، عن أبي بكرٍ الصِّديقِ، عن بلالٍ1، وهو غريبٌ لاجتماع الخلفاء الثلاثة فيه، ويدخلُ في النَّوع قبلهُ ودون هذين العددينِ مِمَّا أكثر فيه اجتمع فيه ثلاثةٌ مِن الصَّحابة، كمُعاوية بنِ أبي سُفيانَ، عن مالكِ بنِ يخامر، على القولِ بصُحبتهِ، عن مُعاذٍ، وكمُعاوية بنِ خَديجٍ، عن مُعاويةَ بنِ أبي سُفيانَ، عن أختِهِ أمِّ حبيبةَ. ثُمَّ مِمَّا أكثرَ مِمَّا يدخلُ في هذا النَّوعِ، ومِمَّا لا يدخلُ كابنِ عُمَرَ، عن كُلٍّ مِن أبيهِ، وأختِهِ حفصةَ. وأمَّا رواية الليث، عن يحيى بنِ سعيدٍ، عن سعدِ بنِ إبراهيمَ، عن نافعِ ابنِ جُبيرِ بنِ مُطْعِمٍ، عن عُرْوَةَ بنِ المُغيرَة بنِ شُعبةَ، عن أبيهِ لحديثِ "اتَّبعتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بإداوة"2، ورواية محمد بن عَجْلانَ، عن محمد بن يحيى بن حبانَ، عن عبدِاللَّهِ ابن مُحَيْريزٍ، عن الصُّنابِحِيِّ، عن عُبادةَ بن الصَّامتِ ففيهِما أربعةٌ مِنَ التَّابعينَ في نسقٍ، ودونَ هذا العدد مِمَّا أمثلتهُ أكثر ما اجتمعَ فيه ثلاثةٌ منهم: كالزُّهْرِيِّ، وعبدِالمَلكِ بنِ أبي بكرِ بنِ الحارثِ بنِ هشامٍ، عن خارجةَ بنِ زيدِ بنِ ثابتٍ الأنصاريِّ، عن أبيهِ رضي الله عنه. وكذا الزُّهريّ، عن عُمَرَ بنِ عبدِ العزيزِ، عن عبدِ اللَّهِ بنِ إبراهيمَ بنِ قَارِظٍ، عن أبي هُريرَةَ، رضي الله عنه، ثُمَّ ما اشتملَ على اثنين فأكثر، ماوجد منهم   1 الحديثُ مختلف في صحته، وعدَّهُ البعض مِن الموضوعات، انظر: حاشية مسند الشهاب: 1/132-135، وحاشية المقاصد الحسنة: 680-681، (تحقيق محمد عثمان) ، وضعيف الجامع الصغير: 6/12. 2 صحيح البخاري: 1/306-307، ومسلم: 1/228. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 28 حسبما أشرتُ إليهِ في المُرْسَلِ في نَسَقٍ، إمَّا ستة، أو سبعة، وفي أشباه ماذكرتُهُ طول، وللخطيبِ (رواية التَّابعينَ بعضهم عن بعضٍ) ، وهو معَ رواية الصَّحابة بعضهم عن بعضٍ الَّذي علمت إفراد نوعٍ منهُ بالتَّأليفِ أيضاً مِمَّا لم يذكرهُ ابنُ الصَّلاحِ وأتباعه، ولكن قد استدركهما بعضُ المُتأخرينَ عليهِ1   1 فتح المغيث: 3/161-162. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 29 الصلة بين رواية الأقران والمدبج مدخل ... الصِّلة بين رواية الأقران، والمُدَبَّج، ورواية الأكابر عن الأصاغِر، وبعض أنواع مصطلح الحديث: قال الحافظُ ابنُ حجرٍ: فإن تشارك الرَّاوي وَمَن معهُ في أمر مِنَ الأمورِ المُتعلقةِ بالرِّواية، مثل: السِّن، واللَّقي، وهو الأخذُ عن المشايخ فهو النَّوع الذي يُقال لهُ: رواية الأقران، لأنَّهُ حينئذٍ يكونُ راوياً عن قرينه، وإذا روى كلّ منهما، أي القرينينِ عن الآخرِ، فهو المُدَبَّج، وهو أخصّ مِنَ الأوَّل، فكُلّ مُدَبَّج أقرانٌ، وليس كُلّ أقران مُدَبَّجاً ... وإذا روى الشَّيخُ عن تلميذهِ صدق أنَّ كلاً منهما يروي عن الآخرِ، فهل يُسَمَّى مُدَبَّجاً؟ فيه بحثٌ، والظَّاهرُ: لا، لأنَّهُ مِن روايةِ الأكابرِ عن الأصاغِرِ، والتَّدْبيج مأخوذٌ مِن ديباجَتي الوجه، فيقتضي أن يكونَ ذلكَ مُستوياً من الجانبين فلا يجيء فيه هذا. وإن روى الرَّاوي عَمَّن هو دونهُ، في السِّنِّ، أو في اللُّقيِّ، أو في المقدارِ، فهذا النَّوعُ هو رواية الأكابر عن الأصاغر2.   2 نزهة النَّظر: 60-61. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 29 مِن العلوم التي لها صلة بالمُدَبَّج ورواية الأقران: إنَّ معرفة المُدَبَّج ورواية الأقران تتطلَّب مِنَ المُحَدِّثِ أن يكون على اطِّلاعٍ واسعٍ بعدد مِن أنواع علوم الحديث، والتي تعتبر معرفتها مِن وسائل معرفة المُدَبَّج ورواية الأقران، وَمِن هذهِ الأنواع: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 30 1- معرفة طبقات العلماء : والطَّبَقَةُ في اللُّغة: هم القومُ المُتَشَابِهونَ1. والطبقة في الاصطلاح: الطَّبقةُ قومٌ تقاربوا في السِّنِّ والإسنادِ، أو في الإسنادِ فقط بأن يكون شيوخ هذا هم شيوخ الآخر، أو يُقاربوا شيوخه2. قال ابنُ الصَّلاح: والباحث النَّاظرُ في هذا الفنّ يحتاجُ إلى معرفة المواليد، والوفيات، وَمَن أخذوا عنهُ، وَمَن أخذ عنهم، ونحو ذلك3. ومن فوائده: 1- الأمنُ مِن تداخل المتشابهينَ في اسم، أو كنية، او نحو ذلك.   1 علوم الحديث لابن الصَّلاح: 357، تدريب الراوي: 2/381. والطَّبَقَةُ الأُمَّةُ بعد الأُمَّةِ. وقال ابنُ سيده: الطَّبَقُ الجماعَةُ مِنَ النَّاسِ يعدلونَ جماعة. وطبقة: طائفة، ومضى طَبَقٌ بعد طَبَقٍ: عالمٌ مِنَ النَّاسِ بَعْدَ عالمٍ. انظر: تهذيب اللغة: 9/9،11، مادة (طبق) ، الصحاح: 4/1511،1512، أساس البلاغة: 283،284، لسان العرب: 10/209، 210، 211. 2 انظر: فتح المغيث: 3/351، تدريب الراوي: 2/381. 3 علوم الحديث: 358. فتح المغيث: 3/351. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 30 2- الاطلاع على التَّدليس، والوقوف على حقيقة المراد مِنَ العنعنة1. قال السَّخاويُّ: بين الطَّبقة والتَّاريخ عموم وخصوص وجهي فتجمعان في التَّعريف بالرُّواة، وينفردُ التَّاريخُ بالحوادثِ والطَّبقات بما إذا كان في البدريين مثلاً مَن تأخرت وفاته عَمّن لم يشهدها لاستلزامه تقديم المتأخر الوفاة. وقد فرق بينهما المتأخرونَ بأنَّ التَّاريخ ينظر فيه بالذَّات إلى المواليد والوفيات، وبالعرض إلى الأحوال، والطَّبقات ينظر فيها بالذَّات إلى الأحوال وبالعرض إلى المواليد والوفيات، ولكن الأوَّل أشبه2.   1 فتح المغيث: 3/351. 2 فتح المغيث: 3/351. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 31 2- معرفة تواريخ3الرُّواة والوفيات: وهو التَّعريف بالوقت الذي تضبط به الأحوال في مولد الرُّواة والأئمةِ، من وفاةٍ، وصحَّةٍ، وعَقلٍ، وَبَدَنٍ، ورِحلَةٍ، وحَجٍ، وحِفظٍ، وَضبطٍ.. ويلتحق به ما يتَّفق من الحوادث والوقائع الجليلة ... 4.   3التاريخ لُغةً: "تعريف الوقت، والتّوريخ مثله، وأرَّخت الكتابَ بيومِ كذا، وَوَرَّخته، بمعنى" الصِّحاح: 1/418. وانظر لسان العرب: 3/4 مادة (أرّخ) ، والوافي بالوفيات: 1/16، وقال السَّخاويُّ: "التاريخ في اللُّغةِ: الإعلام بالوقت، يُقالُ: أرَّختُ الكتابَ وَوَرَّختُهُ أي بَيَّنتُ وقت كتابه" الإعلان بالتوبيخ:14. وموضوع التَّاريخ:"الإنسان والزَّمان، ومسائله أحوالهما المُفَضَّلة للجُزئيات تحت دائرة الأحوال العارضة الموجودة للإنسان وفي الزمان." الإعلان بالتوبيخ: 17. 4 الإعلان بالتوبيخ: 17. وانظر فتح المغيث: 3/280-281. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 31 إن معرفة سني الوفيات لايستفاد منه معرفة كذب الرُّواة من صدقهم فقط بل له فوائد حديثية أخرى إذ: يتبين به ما في السند من انقطاعٍ، أو عَضلٍ، أو تدليسٍ، أو إرسال ظاهر أو خفيٍّ للوقوف به على أن الرَّاوي مثلاً لم يعاصر من روى عنه، أو عاصره ولكن لم يلقه لكونه في غير بلده وهو لم يرحل إليها مع كونه ليست له منه إجازة أو نحوها، وكون الراوي عن بعض المختلط سمع منه قبل اختلاطه، ونحو ذلك، ورُبَّما يتبين به التَّصحيف في الأنساب، وهو أيضاً أحد الطُّرق الَّتي يتميز بها النَّاسخ والمنسوخ ... ورُبما يستدل به لضبط الرَّاوي حيث يقول في المَروي وهو أوَّل شئ سمعته منه، أو رأيته في يوم الخميس يفعل كذا، أو كان فلان آخر من روى عن فلان، أو سمعت من فلان قبل أن يحدّث ما حدَّث، أو قبل أن يختلط..1.   1 فتح المغيث: 3/283. وينظر بالتفصيل: علم الأثبات ومعاجم الشيوخ والمشيخات: 140-153. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 32 3- معرفة روايةِ الأَكَابرِ عن الأَصَاغِرِ: يُعتبرُ بيان رواية الرَّاوي عَمَّن دونَهُ في اللُّقي، أو السِّنِّ أو في المقدار، أحد فنون عِلمِ الرِّجال الَّتي عني بها العُلماءُ، ووَضعوا فيها المؤلَّفات2. وهو نَوعٌ مُهمٌ تدعو إليه الهممُ العليَّةُ، والأنْفُسُ الزَّكيَّةُ، ولذا قيلَ: لايكون الرَّجُلُ مُحدِّثاً حتَّى يأْخُذَ عَمَّن فَوقهُ، ومثلهُ، ودونه، وفائدةُ ضبطه الخوف مِن ظنِّ الانقلاب في السَّنَدِ مَعَ مافيه مِنَ العَمَل بقولهِ صلّى الله عليه   2 انظر: الرسالة المستطرفة: 163. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 32 وسلَّم: "أنْزلوا النَّاسَ منازلهم" 1، ومِن الفائدة أيضاً: أن لايتوهم كون المَرْويّ عنه أكبر وأفضل مِنَ الرَّاوي، لكونه الأغلب2، والأصلُ فيه رواية النبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم في خطبته حديث الجَسَّاسة عن تَميمٍ الدَّاريِّ3. وهو أقسام: أحدُها: أن يكون الرَّاوي أكبر سِنّاً، وأقَدَمَ طبقةً مِنَ المَرْوِيِّ عنه، كرِوايةِ كُلٍّ مِنَ الزُّهريِّ، ويحيى بن سعيد الأنصاريِّ عن تلميذهما الإمام الجليل مالك بن أنسٍ في خلقٍ غيرهما مِمَّن روى عن مالك مِن شيوخه، بحيث أفردهم الرَّشيدُ العَطَّارُ في مُصَنَّف سَمَّاه: (الإعلامُ بِمَن حَدَّثَ عَن مالكِ بن أنسٍ مِن مشايخهِ السَّادة الأعلام) 4. الثاني: أن يكون الرَّاوي أكبر قَدْراً – لا سِناًًّ - مِنَ المَرْويِّ عنهُ، أي أكبر وأعلم، كرواية مالك، وابن أبي ذِئبٍ عن شيخهما عبد الله بن دينار وأشباهه..5.   1 فتح المغيث: 3/157. وانظر: علوم الحديث لابن الصلاح: 276، صحيح مسلم بشرح النووي: 1/55، وتدريب الرَّاوي: 2/244. 2 انظر: علوم الحديث لابن الصلاح: 276، اختصار علوم الحديث لابن كثير: 196، فتح المغيث: 3/157، تدريب الراوي: 2/244. 3 انظر: معرفة علوم الحديث: 48، حديث تميم الداري في شرح مسلم للنووي: 18/81 كتاب الفتن، باب قصة الجَسَّاسة، فتح المغيث: 3/157، تدريب الراوي: 2/244. 4 انظر: معرفة علوم الحديث: 48، فتح المغيث: 3/157-158، تدريب الراوي: 2/244. 5 انظر: معرفة علوم الحديث: 49، فتح المغيث: 3/158، تدريب الراوي: 2/245. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 33 الثالث: أن يكونَ الرَّاوي أكبر في السِّنِّ، والقَدْرِ مِنَ المَرْويِّ عَنْهُ، كرِوَاية كثيرٍ مِن العُلماءِ عن تَلامِذتِهِم، مثل رِواية عبد الغني بن سعيد الأزْدي المتوفَّى سنة (409هـ) ، عن الخطيبِ البغداديّ، المتوفَّى سنة (463هـ) 1، ورواية أحمد بن محمد بن غالب البَرْقَانيّ (ت425هـ) ، عن الخطيب البغداديّ. ولقد صَنَّفَ الإمامُ أبو يعقوبَ إسحاقُ بنُ إبراهيم البغداديّ الورَّاق (ت403?) كتاب (مارواه الكبار عن الصِّغار، والآباء عن الأبناء) 2.   1 انظر: فتح المغيث: 3/158، تدريب الراوي: 2/245. 2 الرسالة المستطرفة: 163. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 34 معرفة رواية الأباء عن الأبناء ... 4- رواية الآباء عن الأبناء: وهو أن يوجد في سَنَدِ الحديثِ أبٌ يروي الحديث عن ابنه. وأهمية معرفة هذا النَّوع: ضبطه الأمن مِن ظنّ التَّحريف النَّاشئ عن كَون الابن أباً. أو أن يُظنّ أنَّ في السَّنَدِ انقلاباً أو خطأً3. وللخطيب فيه كتاب (رواية الآباء عن الأبناء) ، ومثاله: مارواهُ العباس، عن ابنه الفضل رضي اللَّهُ عنهما: "أنَّ رسولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلَّم جمع بينَ الصَّلاتين في المُزْدَلِفَة"4. وقد يجتمع في الإسناد مجموعة من الأنواعِ مثاله: مارويَ عن: مُعْتَمِر بن سليمانَ التَّيْمِيِّ، قال: حدَّثني أبي، قال: حدَّثتني أنتَ عَنِّي، عن أيوبَ، عن الحسنِ، قال: ويح كلمة رحمة.   3 انظر: فتح المغيث: 3/170. 4 علوم الحديث لابن الصلاح: 281، فتح المغيث: 3/171. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 34 وهذا ظريفٌ يجمعُ أنواعاً منها: رواية الآباء عن الأبناء، وعكسه، ورواية الأكابر عن الأصاغر، والمُدَبَّج1، ورواية التَّابعيّ، عن تابعهِ، وأنَّهُ حدَّثَ عن واحدٍ، عن نفسهِ، والتَّحديث بعد النّسيان. قال النَّوويُّ: وهذا في غاية الحُسْنِ، ويبعدُ أن يوجد مجموع هذا في حديثٍ2. قال السَّخاويُّ: ويلتحقُ بهذا رواية المرء عن ابن بنته، وفي قصة الحبَّال مع عبد الغني أنَّهُ أرسل ابن بنته أبا الحسنِ ابن بقا إلى بعض الشيوخ بمصرَ في حديثٍ، فحدَّثهُ به، فقرأه عبدُالغني عن ابنِ بنتهِ، عن ذلك الشَّيخ3. وَمن ظريفه ما اجتمع فيه رواية الأبوين، عن الابنِ، كرواية أمِّ رُومانَ، عن ابنتها عائشة لحديثينِ، ورواية أبي بكرٍ الصِّديقِ عنها أيضاً لحديثينِ4.   1 وهورواية ثلاثة تابعينَ بعضهم عن بعضٍ. إرشاد طلاب الحقائق: 2/633، فتح المغيث: 3/171. 2 علوم الحديث لابن الصَّلاح: 282، فتح المغيث: 3/171، تدريب الراوي: 2/406، إرشاد طلاب الحقائق: 2/633. 3 فتح المغيث: 3/173. 4 فتح المغيث: 3/174. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 35 مِن فوائدِ معرفة المُدَبَّجِ، ورواية الأقران: 1- إنَّ معرفة المُدَبَّج ورواية الأقران، ترشدنا لمعرفة الأشكال المختلفة للأسانيد، والأنماط المتنوعة في رواية الحديث النَّبويِّ، وتفرعها وانتشارها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 35 2- رواية الأقران تزيل النِّقاب عن الخَطأ والوهم الذي قد يتطرَّق إلى بعضِ الرُّواة. 3- إنَّ رواية الأقران بعضهم من بعضٍ تدلُّ على روح الأخوة والمحبَّة التي كانت تسود بين طبقات المُحَدِّثينَ في مختلف العصور. 4- ضبطُهُ الأمن من ظَنّ الزِّيادة1 في الإسنادِ2. 5- ألاَّ يُظنّ إبدال عَن، بالوَاو3، إن كان بالعَنْعَنَةِ4. 6- الحرص على إضافة الشَّيء لراويه5. 7- الرَّغبة في التَّواضعِ في العِلْمِ6. 8- إنَّ هذا النَّوع مِنَ الأسانيد، يرتبطُ ارتباطاً وثيقاً بغيره من العلوم الأخرى، مثل: علم معرفة طبقات العلماء، ومعرفة تواريخ الرُّواة والوفيات، وعلم رواية الأكابر عن الأصاغر، ورواية الآباء عن الأبناء، ورواية الأبناء عن الآباء، إضافةً إلى علم الجرحِ والتَّعديل، واختبار مرويات الشُّيوخ.   1 لأنَّ الأصلَ أن يروي التلميذ عن شيخه، فإذا روى عن قرينهِ رُبَّما يظنُّ مَن لم يدرس هذا النَّوع أنَّ ذِكرَ القرين المَرْوِيّ عنهُ زيادة مِنَ النَّاسخِ. تيسير مصطلح الحديث لأستاذنا الدكتور مصطفى الطَّحَّان: 194 حاشية (1) . 2 فتح المُغيث: 3/160. 3 أي أن لا يتوهم السَّامع، أو القارئ، لهذا الإسناد أنَّ أصلَ الرِّواية: حدَّثنا فُلانٌ، (و) فُلانٌ، فأخطأ فقالَ: حدَّثنا فُلانٌ (عن) فُلان. تيسير مصطلح الحديث: 194، حاشية رقم: (2) . 4 انظر: تدريب الراوي: 2/246، فتح المغيث: 3/160. 5 فتح المغيث: 1/162. 6 فتح المغيث: 1/162. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 36 أشهر المُصَنَّفات في المُدَبَّج، ورواية الأقران: 1- كتاب المُدَبَّج: تأليف الإمام أبي الحسن عليّ بن عمر الدَّارَقُطنيِّ (ت385?) ، في عشرة أجزاء1. قال الإمامُ العراقيُّ: وهو أولُ مَن سَمَّاهُ بذلك فيما أعلم، وصَنَّفَ فيه كتاباً حافلاً سمَّاهُ (المُدَبَّج) ، في مجلدٍ، وعندي منهُ نسخة صحيحة2. 2- التَّعريج على التَّدبيج، ويُسمَّى أيضاً المُخَرَّج من المُدَبَّجِ: للإمام الحافظ أحمد بن عليّ بن حجر العسقلانيِّ (ت852هـ) 3. 3- الأقران4: للإمامِ أبي الحسين مسلم بن الحجاج (ت261?) ، ولا أعلم إن كان هذا الكتاب يبحثُ في نفس مادة رواية الأقران بعضهم عن بعضٍ أم انَّه يتناول جوانب أخرى من جوانب الأقران. 4- الأقران: لأبي محمدٍ عبد اللَّه بن محمد بن جعفر بن حيَّانَ الأصبهانيِّ، المعروف بأبي الشَّيخ (ت369?) 5. 5- الأقران: للإمامِ أبي عبدِاللَّه محمد بن يعقوب بن يوسفَ الشَّيبانيِّ النَّيسابوريِّ، المعروف بابن الأخْرَمِ (ت344?) 6.   1 فهرسة ابن خير: 218. 2 التقييد والإيضاح: 290. 3 فتح المغيث: 3/161. 4 سير أعلام النبلاء: 12/579. 5 فتح المغيث: 1/160. 6 فتح المغيث: 1/160-161. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 37 6- الأفنان في رواية الأقران: للإمام الحافظ أحمد بن عليّ بن حجر العسقلانيِّ (ت852?) 1.   1 فتح المغيث: 3/161. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 38 عناية الإمام الحافظ أبي عبدِاللَّه محمد بن إسماعيل البُخاريّ برواية الأقران في كتابه (الجامع الصَّحيح) ... لقد نال الإمامُ البُخاريُّ رحمه اللَّهُ تعالى في (صحيحه) ، قصب السَّبق في الكشفِ عن الأسانيدِ المُختلفةِ، والأساليب المتنوعةِ في روايةِ الأحاديثِ، ولعلَّ عنايته برواية الأقران تمثل أنموذجاً ممتازاً، وبرهاناً ساطعاً على الذَّوق الحديثيِّ الذي كان يتمتع به هذا الإمام، لذا رأينا أن نذكر أمثلةً من (صحيحه) على رواية الأقران، وهي فائدة مِنَ الفوائد الإسناديَّةِ المختلفة التي يحفل بها هذا الكتاب العظيم، والتي تُضفي عناصر علميَّة في مجال توثيق النُّصوصِ، وتقوي حبّ الاستطلاع لدى الباحثين المتأصلين الذين يُدركونَ المفهوم الواسع لهذهِ الأسانيد..2   2 من أمثلة ذلكَ ممَّا لهُ صلةٌ قريبةُ برواية الأقران: قال البُخاريُّ: حدَّثنا الحُميدِيُّ عبدُاللَّه بنُ الزُّبير، قال: حدثنا سُفيانُ قال: حدَّثنا يحيى بنُ سعيدٍ الأنصاريُّ، قال: أخبرني محمدُ بنُ إبراهيمَ التَّيميُّ، أنَّهُ سمعَ عَلْقَمَةَ بنَ وَقَّاصٍ اللَّيْثِيَّ يقولُ: سمعتُ عُمرَ بنَ الخَطَّابِ رضي الله عنه على المِنْبَرِ قال: سمعتُ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقولُ: "إنَّما الأعمالُ بالنِّيَّات.." البخاري: 1/9، برقم: (1) . قال الحافظُ ابنُ حجرٍ: يحيى بنُ سعيدٍ الأنصاريُّ، اسم جدّهِ قيس بن عمروٍ، وهو صحابيٌّ، ويحيى مِن صغار التَّابعينَ، وشيخهُ محمدُ بنُ إبراهيمَ بن الحارث بن خالدٍ التَّيْمِيُّ من أوساط التَّابعينَ، وشيخ محمد علقمة بن وَقَّاصٍ اللَّيْثِيّ من كبارهم، ففي الإسناد ثلاثةٌ من التَّابعينَ في نسقٍ، وفي (المعرفة) لابنِ مَنْدَه ما ظاهره أنَّ علقمة صحابيّ، فلو ثَبَتَ لكان فيهِ تابعيَّانِ وصحابيَّان. فتح الباري: 1/10. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 38 1- قال البُخاريُّ: حَدَّثنا عبدُاللَّهِ بنُ محمدٍ، قال: حدَّثنا أبو عامرٍ العَقَدِيُّ، قال: حدَّثنا سُليمانُ بنُ بلالٍ، عن عبدِاللَّهِ بنِ دينارٍ، عن أبي صالحٍ، عن أبي هريرةَ رضي الله عنه عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قال: "الإيمانُ بِضْعٌ وسِتُّونَ شُعبةً، والحَياءُ منَ الإيمان" 1. قال الحافظُ ابنُ حجرٍ: في الإسنادِ المذكورِ رواية الأقران، وهي: عبدُاللَّه ابن دينار، عن أبي صالحٍ لأنَّهما تابعيَّان، فإن وجِدت رواية أبي صالحٍ، عنهُ صار مِنَ المُدَبَّجِ2. 2- قال البُخاريُّ: حدَّثنا عبدُاللَّه بنُ يوسُفَ، قال: حدَّثنا اللَّيثُ، عن سعيدٍ- هو المَقْبُرِيُّ - عن شَريكِ بنِ عبدِاللَّهِ بنِ أبي نَمِرٍ، أنَّهُ سمِعَ أنسَ بنَ مالكٍ يقولُ: بينما نحنُ جُلوسٌ مع النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم في المَسْجِدِ..الحديث3. قال الحافظُ ابنُ حجر: وفيه رواية الأقران، لأنَّ سعيداً، وشَريكاً تابعيَّان من درجةٍ واحدة، وهما مدنيَّان4. 3- قال البُخاريُّ: حدَّثنا يحيى بنُ بُكيرٍ، قال: حدَّثنا اللَّيثُ، عن خالدٍ، عن سعيدِ بنِ أبي هلالٍ، عن نُعيمٍ المُجْمِرِ، قال: رَقيتُ معَ أبي هريرةَ على ظَهْرِ المَسْجِدِ.. الحديث5.   1 البخاري: 1/51، برقم: (9) . 2 فتح الباري: 1/53. 3 البخاري: 1/148 (63) . 4 فتح الباري: 1/153. 5 فتح الباري: 1/235 (136) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 39 قال الحافظُ ابنُ حجر: خالد، هو ابنُ يزيد الإسكندرانيّ أحد الفقهاء الثِّقات، وروايته عن سعيد بنِ أبي هلالٍ، من بابِ رواية الأقران1. 4- قال البُخاريُّ: حدَّثنا عبدُاللَّهِ بنُ يوسُفَ، قال: أخبرنا مالكٌ، عن سعيدٍ المَقْبُرِيِّ، عن عُبيدِ بنِ جُريجٍ، قال لعبدِاللَّهِ بنِ عمرَ: يا أبا عبدِالرَّحمن، رأيتُكَ تَصْنَعُ أربعاً لَمْ أرَ أحداً مِنْ أصْحابِكَ يَصْنَعُها..الحديث2. قال الحافظُ ابنُ حجر: وهذا الإسنادُ كلّه مدنيونَ، وفيه رواية الأقران، لأنَّ عبيداً، وسعيداً تابعيَّانِ مِن طبقةٍ واحدةٍ3. 5- قال البُخاريُّ: حدَّثنا حفصُ بنُ عُمَرَ، قال: حدَّثنا شُعبةُ، قال: أخبرني أشْعَثُ بنُ سُلَيْمٍ، قال: سمعتُ أبي، عن مَسْروقٍ، عن عائشةَ..الحديث4. قال الحافظُ ابنُ حجر: قوله: سمعتُ أبي، هو سُليمُ بنُ أسودَ المُحَارِبيُّ الكوفيُّ، أبو الشَّعثاء، مشهور بكنيته أكثر مِن اسمه، وهو من كبار التَّابعين كشيخهِ مسروق، فهما قرينان، كما أنَّ أشعث وشُعبةَ قرينان، وهما مِن كبار التَّابعين5.   1 فتح الباري: 1/235. 2 البخاري: 1/267 (166) . 3 فتح الباري: 1/268. 4 البخاري: 1/269 (168) . 5 فتح الباري: 1/269. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 40 6- قال البخاريُّ: حدَّثني محمدُ بنُ سلامٍ، قال: أخبرنا يَزيدُ بنُ هارونَ، عن يحيى، عن موسى بنِ عُقبةَ، عن كُريبٍ مولى ابنِ عبَّاسٍ، عن أُسامةَ بنِ زيدٍ، أنَّ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا أفاضَ مِن عَرَفةَ..الحديث1 قال الحافظُ ابنُ حجر: ويحيى هو ابنُ سعيدٍ الأنصاريُّ، وفي هذا الإسنادِ رواية الأقران، لأنَّ يحيى، وموسى بن عُقبةَ تابعيَّان صغيرانِ، مِن أهلِ المدينةِ، وكُريب مولى ابن عباسٍ، مِن أوسطِ التَّابعينَ، ففيه ثلاثة مِنَ التَّابعينَ في نَسَقٍ2. 7- قال البُخاريُّ: حدَّثنا عَمرو بنُ عليٍّ، قال: حدَّثنا عبدُالوَهَّابِ، قال: سمعتُ يحيى بنَ سعيدٍ، قال: أخبرني سَعْدُ بنُ إبراهيمَ، أنَّ نافعَ بنَ جُبير بنِ مُطْعِمٍ أخبرهُ أنَّهُ سَمِعَ عُرْوَةَ بنَ المُغيرةِ بنِ شُعبةَ يُحَدِّثُ عن المُغيرَةِ بنِ شُعبةَ، أنَّهُ كانَ مَعَ رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في سَفَرٍ، وأنَّهُ ذَهبَ لحاجةٍ..الحديث3. قال الحافظُ ابنُ حجر: وفي الإسنادِ رواية الأقرانِ في مَوضعينِ، لأنَّ يحيى وسَعداً تابعيَّان صغيران، ونافع بن جُبير، وعُروة بن المُغيرة تابعيَّان وسطان، ففيه أربعةٌ مِنَ التَّابعينَ في نَسَقٍ، وهو مِنَ النَّوادِرِ4. 8- قال البخاريُّ: حدَّثنا إسماعيلُ، قال: حدَّثني مالكٌ، عن هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عن امرأتهِ فاطمةَ، عن جدَّتِهَا أسماءَ بنتِ أبي بكرٍ، أنَّها قالت: أتيتُ عائشَةَ زوجَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم حينَ خَسَفَتِ الشَّمسُ..الحديث5.   1 البخاري: 1/285 (181) . 2 فتح الباري: 1/285. 3 البخاري: 1/285-286 (182) . 4 فتح الباري: 1/286. 5 البخاري: 1/288 (184) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 41 قال الحافظُ ابنُ حجر: الإسنادُ كلُّهُ مدنيُّونَ، وفيهِ رواية الأقران هِشام وامرأته فاطمة بنت عَمِّه المنذر1. 9- قال البُخاريُّ: حدَّثنا أبو نُعيمٍ، قال: حدَّثنا زُهيرٌ، عن أبي إسحاقَ، قال: حدَّثني سُليمانُ بنُ صُرَدٍ، قال: حدَّثني جُبيرُ بنُ مُطْعِمٍ، قال: قال رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"أمَّا أنا فأُفيضُ على رَأْسِي ثلاثاً" وأشار بيديهِ كِلتَيْهِما2. قال الحافظُ ابنُ حجر: وسُليمانُ بنُ صُرَدٍ خُزاعيٌّ، وهو مِن أفاضل الصَّحابةِ، وأبوهُ وشيخهُ مِن مشاهير الصَّحابةِ، ففيهِ رواية الأقران3. 10- قال البُخاريُّ: حدَّثنا أبو مَعْمَرٍ، قال: حدَّثنا عبدُالوارثِ، عن الحُسينِ، قال: يحيى: وأخبرني أبو سَلَمَةَ أنَّ عطاءَ بنَ يسارٍ أخبرهُ أنَّ زيدَ بنَ خالدٍ الجُهَنِيَّ أخبرهُ أنَّهُ سَأَلَ عُثمانَ بنَ عَفَّانَ، فقال: "أرأيتَ إذا جامعَ الرَّجلُ امرأَتَهُ فَلَمْ يُمْني؟ قال عُثمانُ: يَتَوَضَّأُ للصَّلاةِ، وَيَغْسِلُ ذَكَرَهُ" قال عُثْمانُ: سَمِعتُهُ مِن رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فسَأَلْتُ عن ذلكَ عليَّ بنَ أبي طالبٍ، والزُّبيرَ بنَ العَوَّامِ، وطَلْحَةَ بنَ عُبيدِاللَّهِ، وأُبيَّ بنَ كَعبٍ، رضي اللَّهُ عنهم، فأمروهُ بذلكَ. قال يحيى: وأخبرني أبو سَلَمَةَ أنَّ عُروةَ بنَ الزُّبيرِ أخبرهُ أنَّ أبا أيُّوبَ أخبرهُ أنَّهُ سَمِعَ ذَلكَ مِن رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم4.   1 فتح الباري: 1/289. 2 البخاري: 1/367 (254) . 3 فتح الباري: 1/367. 4 البخاري: 1/396 (292) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 42 قال الحافظُ ابنُ حجر:.. مع أنَّ أبا سلمةَ، وهو ابن عبد الرَّحمن بن عوفٍ أكبر قَدْراً وسنّاً وعلماً من هشام بن عروة، وروايته عن عُروة من بابِ رواية الأقران لأنَّهما تابعيَّان فقيهان مِن طبقةٍ واحدةٍ، وكذلك رواية أبي أيوبَ، عن أُبيِّ بن كعبٍ لأنَّهما فقيهان صحابيَّانِ كبيران1. 11- قال البخاريُّ: حدَّثنا يحيى بنُ بُكيرٍ، قال: حدَّثنا الليثُ عن جعفرِ ابنِ ربيعةَ، عن الأعرجِ، قال: سمعتُ عُميراً مولى ابنِ عباسٍ، قال: أقبلتُ أنا وعبدُاللَّهِ بنُ يسارٍ مَولى مَيمونةَ زوجِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم..الحديث. قال الحافظُ ابنُ حجر: قوله: "سمعتُ عُميراً مولى ابن عباس"، هو ابن عبيد اللَّه بن عباس..وليس لهُ في الصَّحيح غير هذا الحديثِ، وحديث آخر عن أمِّ الفضلِ، ورواية الأعرج عنهُ مِن رواية الأقران2. 12- قال البُخاريُّ: حدَّثنا عليُّ بنُ عبدِاللَّهِ، قال: حدَّثنا يعقوبُ بنُ إبراهيمَ بنِ سعدٍ، قال: حدَّثني أبي، عن صالحِ بنِ كيسانَ، قال: حدَّثنا نافعٌ، أنَّ عَبْدَاللَّهِ أخبرهُ أنَّ المسجِدَ كانَ على عهدِ رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَبنيَّاً باللَّبِنِ وَسَقفُهُ الجَريدُ وَعَمَدُهُ خشَبُ النَّخلِ3..الحديث قال الحافظُ ابنُ حجرٍ: ورواية صالح بن كيسانَ، عن نافعٍ، مِن رواية الأقرانِ، لأنَّهُما مدنيَّانِ ثِقتانِ، تابعيَّانِ، من طبقةٍ واحدةٍ4.   1 فتح الباري: 1/397. 2 فتح الباري: 1/442. 3 البخاري: 1/540 (446) . 4 فتح الباري: 1/540. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 43 13- قال البُخاريُّ: حدَّثنا مُسَدَّدٌ، قال: حدَّثنا حمَّادٌ، عن أيوبَ، وعبدِالحميدِ صاحبِ الزِّيادِيِّ، وعاصِمٍ الأحولِ، عن عبدِاللَّهِ بنِ الحارثِ، قال: "خَطَبَنا ابنُ عَبَّاسٍ في يومِ رَدْغٍ، فلمَّا بَلَغَ المُؤذِّنُ ... "، الحديث1. قال الحافظُ ابنُ حجرٍ: قولهُ: حمَّاد، هو ابنُ زيد، وعبد الحميد هو ابن دينارٍ، وعبد اللَّهِ بن الحارثِ، هو البصريُّ ابن عَمِّ ابن سيرينَ وزوج ابنته، وهو تابعيٌّ صغير، ورواية الثلاثة عنهُ مِن بابِ رواية الأقران لأنَّ الثَّلاثةَ مِن صغار التَّابعينَ، ورجال الإسناد كلّهم بصريون2. 14- قال البخاريُّ: إسحاقُ الواسطيُّ، قال: حدَّثنا خالدٌ، عن الجُرَيْرِيِّ، عن أبي العلاء، عن مُطَرِّفٍ، عن عِمْرانَ بنِ حُصَيْنٍ، قال: "صَلَّى مع عَلِيٍّ رضي الله عنه بالبصرةِ فقال: ذَكَّرَنا هذا الرَّجُلُ صلاةً كُنَّا نُصليها مع رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم"3. قال الحافظُ ابنُ حجرٍ: خالدٌ هو الطَّحَّانُ، والجُريريُّ هو سعيدٌ، وأبو العلاء، هو يزيدُ بنُ عبدِاللَّهِ بنِ الشِّخِّيرِ، أخو مُطَرِّف الذي روى هذا الحديث عنهُ، والإسنادُ كُلُّهم بصريونَ، وفيه رواية الأقران والإخوة4. 15- قال البخاريُّ: وقال اللَّيثُ: حدَّثني يحيى بنُ سعيدٍ حدَّثهُ عن ابنِ شِهابٍ، عن امرأٍ مِن قُريشٍ حدَّثَهُ عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم5.   1 البخاري: 2/97 (616) . 2 فتح الباري: 2/98. 3 البخاري: 2/269 (764) . 4 فتح الباري: 2/270. 5 البخاري: 2/335 (850) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 44 قال الحافظُ ابنُ حجرٍ: يحيى بنُ سعيدٍ، وهو الأنصاريُّ، وروايتهُ عن الزُّهريِّ مِن رواية الأقران1. 16- قال البُخاريُّ: حدَّثنا حَفصُ بنُ عُمرَ، حدَّثنا شُعبةُ، قال: أخبرني عبدُالملكِ، عن قَزَعَةَ، قال: سمعتُ أبا سعيدٍ رضي الله عنه أربعاً..2.الحديث. قال الحافظُ ابنُ حجرٍ: ورواية عبد الملك بن عُميرٍ، عنه - أي قزعة - من رواية الأقران، لأنَّهما مِن طبقةٍ واحدة3. 17- قال البُخاريُّ: حدَّثنا أبو عاصمٍ، أخبرنا ابنُ جُريجٍ، قال: أخبرني صالحُ بنُ كَيسانَ، عن نافعٍ، عن ابنِ عُمرَ رضي الله عنه قال: أهَلَّ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم ... 4. قال الحافظُ ابنُ حجرٍ: ورواية صالح بن كيسان، عن نافعٍ من رواية الأقرانِ5. 18- قال البُخاريُّ: حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا حَمَّادُ بنُ زيدٍ، عن يحيى بنِ سعيدٍ، عن موسى بنِ عُقبةَ، عن كُريبٍ مولى ابن عبَّاسٍ، عن أُسامةَ بنِ زيدٍ رضي اللَّهُ عنهما: "أنَّ النَّبَيَّ صلى الله عليه وسلم حيثُ أفاضَ مِن عرفةَ مالَ إلى الشّعب.."6.   1 فتح الباري: 2/336. 2 البخاري: 3/63 (1188) . 3 فتح الباري: 3/63. 4 البخاري: 3/412 (1552) . 5 فتح الباري: 3/412. 6 البخاري: 3/519 (1667) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 45 قال الحافظُ ابنُ حجرٍ: قولهُ عن يحيى بن سعيدٍ، هو الأنصاريّ، وروايته عن موسى بن عُقبة مِن رواية الأقران لأنَّهما تابعيَّان صغيران، وقد حملهُ موسى عن كُريبٍ، فصار في الإسناد ثلاثة مِنَ التَّابعينَ1. 19- قال البُخاريُّ: حدَّثني يحيى بنُ بُكيرٍ، قال: حدَّثني اللَّيْثُ، عن عُقيلٍ، عن ابنِ شِهابٍ، قال: أخبرني ابنُ أبي أنسٍ مولى التَّيْمِيينَ أنَّ أباهُ حدَّثهُ أنَّهُ سمعَ أبا هُريرةَ رضي الله عنه يقولُ: قال رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" إذا دخلَ شهرُ رَمَضَانَ فُتِحَت أبوابُ السَّماءِ، وَغُلِّقَتْ أبوابُ جَهنَّمَ.." الحديث2. قال الحافظُ ابنُ حجرٍ: وهذا الإسنادُ يُعدُّ مِن روايةِ الأقران، وقد تأخر أبو سُهيلٍ في الوفاة عن الزُّهريِّ3. 20- قال البُخاريُّ: حدَّثنا يعقوبُ بنُ إبراهيمَ، حدَّثنا أبو عاصمٍ، أخبرنا ابنُ جُريجٍ، قال: أخبرني موسى بنُ عُقبةَ، عن نافعٍ، عن ابنِ عُمرَ رضي اللَّهُ عنهما، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: "خرجَ ثلاثةُ نَفَرٍ يمشونَ.." 4. قال الحافظُ ابنُ حجرٍ: وروايتهُ - أي ابن جُريج - عن موسى، من نوع رواية الأقران، وفي الإسنادِ ثلاثةٌ مِنَ التَّابعينَ في نَسَقٍ5.   1 فتح الباري: 3/520. 2 البخاري: 4/112 (1899) . 3 فتح الباري: 4/113. 4 البخاري: 4/408 (2215) . 5 فتح الباري: 4/409-410. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 46 21- قال البُخاريُّ: حدَّثنا يحيى بنُ بُكيرٍ، حدَّثنا اللَّيثُ، عن يُونُسَ، عن ابنِ شِهابٍ، عن عُبيدِاللَّهِ بنِ عبدِاللَّهِ بن عُتبةَ، عن ابنِ عبَّاسٍ رضي اللَّهُ عنهما، أنَّ الصَّعْبَ بنَ جُثَّامةَ قال:: إنَّ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: "لا حِمى إلاَّ لِلَّهِ ولرسولهِ.." 1. قال الحافظُ ابنُ حجرٍ: يونُس، هو ابنُ يزيدَ الأَيْلِيُّ، وروايتُهُ عن اللَّيثِ مِنَ الأقرانِ، لأنَّهُ قد سمعَ مِن شيخهِ ابنِ شِهابٍ، وفي الإسنادِ تابعيان، وصحابيَّانِ2. 22- قال البُخاريُّ: حدَّثنا أحمدُ بنُ يُونُسَ، حدثنا عاصمُ بنُ محمدٍ، قال: حدَّثني واقِدُ بنُ محمدٍ، قال: حدَّثني سعيدُ بنُ مَرْجَانَةَ صاحبُ عَليِّ بنِ الحُسينِ، قال: قال لي أبو هريرةَ رضي الله عنه: قال النَّبِّيُّ صلى الله عليه وسلم:"أيَّما رجُلٍ أعتَقَ مُسْلِماً استنقَذَ اللَّهُ بكُلِّ عُضوٍ منهُ عُضواً مِنَ النَّار ... " 3. قال الحافظُ ابنُ حجرٍ: عبدُاللَّهِ بنُ جعفر، أي ابن أبي طالبٍ، وهو ابن عمِّ والد عليّ بن الحُسين، وكانت وفاته سنة ثمانين من الهجرة، ومات سعيد بن مَرْجَانَةَ سنة سبعٍ وتسعينَ، ومات عليّ بن الحُسين قبله بثلاثٍ، أو أربعٍ، روايته عنهُ من رواية الأقرانِ4   1 البخاري: 5/44 (2370) . 2 فتح الباري: 5/44. 3 البخاري: 5/146 (2517) . 4 فتح الباري: 5/147. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 47 23- قال البُخاريُّ: حدَّثنا عبدُاللَّهِ بنُ محمدٍ، حدَّثنا سُفيانُ، عن عَمرٍو، سمعَ جابراً، عن أبي سعيدٍ الخُدرِيِّ رضي اللَّهُ عنهم، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: "يأتي زمانٌ يَغزو فِئامٌ مِنَ النَّاسِ.." 1. قال الحافظُ ابنُ حجرٍ: وجابرُ هو ابنُ عبد اللَّهِ، وروايته عن أبي سعيدٍ، من رواية الأقران2. 24- قال البُخاريُّ: حدَّثنا عليُّ بنُ عبدِاللَّهِ، حدَّثنا سُفيانُ، حدَّثنا أبو الزِّنادِ، عن الأعرجِ، عن أبي سلمةَ، عن أبي هُريرةَ رضي الله عنه قال: صلَّى رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صلاةَ الصُّبح، ثُمَّ أَقبلَ على النَّاسِ فقال: "بينا رجُلٌ يسوقٌ بَقَرَةً.." 3. قال الحافظُ ابنُ حجرٍ: قولهُ: عن الأعرجِ، عن أبي سَلَمَةَ، هو مِن روايةِ الأقرانِ4. 25- قال البُخاريُّ: حدَّثنا إسماعيلُ، قال: حدَّثني أخي، عن سُليمانَ ابنِ بلالٍ، عن يحيى بنِ سعيدٍ، قال: أخبرني حفصُ بنُ عُبيدِاللَّهِ بنِ أنسِ بن مالكٍ، أنَّهُ سمعَ جابرَ بنَ عبدِاللَّهِ رضي اللَّهُ عنهما، يقولُ:"كانَ المسجدُ.."5.   1 البخاري: 6/88 (2897) . 2 فتح الباري: 6/89. 3 البخاري: 6/512 (3471) . 4 فتح الباري: 6/518. 5 البخاري: 6/602 (3585) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 48 قال الحافظُ ابنُ حجرٍ: إسماعيلُ هو ابنُ أبي أويسٍ، وأخوهُ هو أبو بكرٍ، ويحيى بنُ سعيدٍ هو الأنصاريُّ، وروايته عن حفصٍ، من رواية الأقران، لأنَّهُ مِن طبقتهِ1. 26- قال البُخاريُّ: حدثنا عليُّ بنُ عبدِاللَّهِ، حدَّثنا سفيانُ، عن عَمرٍو، قال: سمعتُ جابرَ بنَ عبدِاللَّهِ يقول: حدَّثنا أبو سعيدٍ الخُدْرِيِّ، قال: قال رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "يأتي على النَّاسِ زمانٌ فيغزو فِئامٌ مِنَ النَّاسِ ... " 2. قال الحافظُ ابنُ حجرٍ: حديثُ جابر بن عبدِاللَّهِ، عن أبي سعيدٍ، هو من رواية صحابيّ، عن صحابي3. 27- قال البُخاريُّ: حدَّثنا إسحاقُ، حدَّثنا النَّضْرُ، أخبرنا شُعبةُ، عن أبي جَمْرَةَ، سمعتُ زَهْدَمَ بنَ مُضَّربٍ، قال: سمعتُ عِمرانَ بنَ حُصَيْنٍ رضي اللَّهُ عنهما، يقولُ: قال رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"خَيْرُ أُمَّتي قَرْنِي، ثُمَّ الذينَ.." 4. قال الحافظُ ابنُ حجرٍ: والنَّضْرُ هو ابنُ شُميلٍ، وأبو جَمْرَةَ صاحب ابن عباسٍ، وحدَّثَ هنا تابعيٌّ، عن تابعِيٍّ مثله528- قال البُخاريُّ: حدَّثنا إسماعيلُ، قال: حدثني أخي، عن سُليمانَ، عن يحيى، عن حُميدٍ الطَّويلِ: سمعَ أنسَ بنَ مالكٍ رضي الله عنه ... 6.   1 فتح الباري: 6/603. 2 البخاري: 7/3 (3649) . 3 فتح الباري: 7/5. 4 البخاري: 7/3 (3651) . 5 فتح الباري: 7/5. 6 البخاري: 7/479 (4212) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 49 قال الحافظُ ابنُ حجرٍ: ويحيى هو ابنُ سعيدٍ الأنصاريُّ، وروايته عن حُميدٍ من رواية الأقران1. 29- قال البُخاريُّ: حدَّثنا عَمرُو بنُ محمدٍ، حدَّثنا يعقوبُ بنُ إبراهيمَ، حدَّثنا أبي، عن صالحِ بنِ كَيسانَ، عن ابنِ شِهابٍ، قال: أخبرني أنسُ بنُ مالكٍ رضي الله عنه أنَّ اللَّهَ تعالى تابعَ على رسوله صلى الله عليه وسلم حتَّى قبلَ وفاتهِ ... 2. قال الحافظُ ابنُ حجرٍ: ورواية صالح بن كيسان، عن ابنِ شِهابٍ، من رواية الأقرانِ، بل صالح بن كيسان أكبر سِناً، وأقدمُ سَماعاً3. 30- قال البُخاريُّ: وزادَ أبو مَعْمَرٍ: حدَّثنا إسماعيلُ بنُ جعفرٍ، عن مالكِ ابن أنسٍ، عن عبدِالرَّحمن بن عبد اللَّهِ بن عبد الرَّحمن بن أبي صَعْصَعَةَ، عن أبيهِ، عن أبي سعيدٍ الخُدْرِيِّ، أخبرني أخي قَتَادة بن النُّعمان: أنَّ رجُلاً قامَ في زمن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يقراُ مِنَ السَّحَرِ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} لايزيدُ عليها4. قال الحافظُ ابنُ حجرٍ: قولهُ: حدَّثنا إسماعيلُ بنُ جعفرٍ، عن مالكٍ، هو مِن رواية الأقران5.   1 فتح الباري: 7/480. 2 البخاري: 9/3 (4982) . 3 فتح الباري: 9/8. 4 البخاري: 9/59 (5014) . 5 فتح الباري: 9/60. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 50 قلتُ: ورواية أبي سعيدٍ الخُدريِّ، عن أخيه قتادة بن النُّعمان بن زَيد بن عامر الأنصاريِّ الظَّفَريّ، وهو صحابيٌّ، شَهِدَ بدراً، وهو أخو أبي سعيدٍ لأمِّهِ، من رواية الأقران. 31- قال البُخاريُّ: حدَّثني محمدُ بنُ سلامٍ، أخبرنا وكيعٌ، عن ابنِ عُيينةَ، قال: قال لي مَعْمَرٌ، قال الثَّوريُ: هل سمعتَ في الرَّجُلِ يجمعُ لأهلهِ قُوتَ سنتهم أو بعض السَّنَة؟ قال معمَرٌ: فلم يحضرني، ثُمَّ ذَكرتًُ حديثاً حدَّثناهُ ابنُ شِهابٍ الزُّهريُّ، عن مالكِ بن أوسٍ، عن عمر رضي الله عنه ... 1. قال الحافظُ ابنُ حجرٍ: هذا الحديثُ فات ابن عُيينة سماعه من الزُّهريِّ، فرواه عنه بواسطة مَعْمَر.. وأخرجه الحُميديُّ، وأحمدَ في مُسنديهما، عن سُفيانَ، عن مَعمَر، وعَمرو بنِ دينار جميعاً..وفي كلٍّ من الإسنادين رواية الأقران، فإنَّ ابن عُيينة عن معمر قرينان، وعَمرو بن دينارٍ عن الزُّهريِّ كذلك2. 32- قال البُخاريُّ: حدَّثنا عليُّ بنُ عبدِاللَّهِ، حدَّثنا مُعاذُ بنُ هِشامٍ، قال: حدَّثني أبي، عن يُونُسَ - قال عليٌّ: هو الإسكاف - عن قتادةَ، عن أنسٍ رضي الله عنه قال: ماعلِمتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أكلَ على سُكُرُّجةٍ قطُّ ... 3. قال الحافظُ ابنُ حجرٍ: وفي الحديثِ رواية الأقران، لأنَّ هِشَاماً ويُونُس مِن طبقةٍ واحدةٍ4.   1 البخاري: 9/501 (5357) . 2 فتح الباري: 9/503. 3 البخاري: 9/530 (5386) . 4 فتح الباري: 9/531-532. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 51 33- قال البُخاريُّ: حدَّثنا حِبَّانُ بنُ موسى، أخبرنا عبدُاللَّهِ، حدَّثنا يُونُسُ ابنُ يزيدَ، عن عُقيلٍ، عن ابنِ شِهابٍ، عن عُروةَ، عن عائشةَ رضي اللَّهُ عنها: أنَّها كانت تأمرُ بالتَّلبين للمريضِ، وللمحزونِ على الهالكِ ... 1. قال الحافظُ ابنُ حجرٍ: قولهُ: حدَّثنا يونُسُ بنُ يزيدَ، عن عُقَيْلٍ، هو مِن روايةِ الأقرانِ2. 34- قال البُخاريُّ: حدَّثنا عبدُاللَّهِ بنُ يوسُفَ، أخبرنا مالكٌ، عن ابنِ شِهابٍ، عن عبدِالمجيدِ بنِ عبدِالرَّحمن بنِ زيدِ بنِ الخَطَّابِ، عن عبدِاللَّهِ بنِ عبدِاللَّهِ بنِ الحارثِ بنِ نوفَلٍ، عن عبدِاللَّهِ بنِ عبَّاسٍ: أنَّ عُمرَ بنَ الخَطَّابِ رضي الله عنه خرجَ إلى الشَّامِ، حتَّى إذَا كانَ بِسَرْغ لقيهُ أمراء الأجناد ... 3. قال الحافظُ ابنُ حجرٍ: قولهُ: عن عبدِالحميدِ، روايتُهُ عن شيخه فيه مِن رواية الأقرانِ، وفي السَّنَدِ ثلاثة مِنَ التَّابعينَ في نَسَقٍ، وصحابيَّانِ، في نَسَقٍ، وكلُّهُم مدنيُّونَ، وقوله: عن عبدِاللَّهِ بنِ عبدِاللَّهِ بن الحارثِ، أي ابن نوفل بن الحارث ابن عبد المُطَّلِبِ، لجدِّ أبيه نوفل ابن عَمِّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم صُحبة، وكذا لولدهِ عبدِاللَّهِ بنِ الحارثِ، وولدَ عبد اللَّهِ بن الحارث في عهدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فعدَّ لذلكَ في الصَّحابةِ، فهم ثلاثةٌ مِنَ الصَّحابةِ في نَسَقٍ4.   1 البخاري: 10/146 (5689) . 2 فتح الباري: 10/146. 3 البخاري: 10/179 (5728) . 4 فتح الباري: 10/184. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 52 35- قال البُخاريُّ: حدَّثني عبدُاللَّهِ بنُ محمدٍ، حدَّثنا عارِمٌ، حدَّثنا المُعْتَمِرُ ابنُ سُليمانَ، يُحَدِّثُ عن أبيهِ، قال: سمعتُ أبا تَمِيْمَةَ يُحدِّثُ عن أبي عُثمانَ النَّهْدِيِّ يُحدِّثُهُ أبو عُثمانَ، عن أُسامةَ بن زيدٍ، رضي اللَّهُ عنهما: كانَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يأخذُني فَيُقْعِدُني على فَخِذِهِ ... وعن عليٍّ، قال: حدَّثنا يحيى، حدَّثنا سُليمانُ، عن أبي عُثمانَ، قال التَّيْمِيُّ: فوقعَ في قلبي منهُ..1. قال الحافظُ ابنُ حجرٍ: قولهُ: وعن عليٍّ، قال: حدَّثنا يحيى، حدَّثنا سُليمانُ، أمَّا عليّ فهو عليُّ بن عبدِاللَّهِ المَدينيُّ، وأمَّا يحيى، فهو ابنُ سعيدٍ القطَّانُ، وأمَّا سُليمانُ، فهو التَّيْمِيُّ المذكور قبل، ثُمَّ هو معطوفٌ على السَّنَدِ الذي قبلهُ، وهو قولهُ: حدَّثنا عبدُاللَّهِ بنُ محمدٍ، فيكونُ مِن رواية البُخاريّ، عن عليٍّ، ولكنَّهُ عَبَّرَ عنهُ بصيغة عن، فقال: حدَّثنا عبدُاللَّه بنُ محمد إلخ، ويحتملُ: أن يكونَ معطوفاً على قولهِ: حدَّثنا عارمٌ، فيكونُ مِن روايةِ البُخاريِّ، عن شيخهِ بواسطة قَرينهِ، عبد اللَّهِ بن محمدٍ، ولا يُستغرَبُ ذلكَ مِن روايةِ الأقران، ولا مِنَ البُخاريِّ فقد حدَّثَ بالكثيرِ عن كثيرٍ من شيوخهِ، ويُدخلُ أحياناً بينهم الواسطة2. وقال الحافظُ ابنُ حجرٍ: وفي السَّندِ على الأوَّلِ ثلاثةٌ بصريونَ مِنَ التَّابعينَ في نسقٍ، مِن سُليمانَ التَّيْمِيِّ، فصاعداً3. 36- قال البُخاريُّ: حدَّثنا إسماعيلُ بنُ أبي أويسٍ، قال: حدَّثني مالكٌ، عن يحيى بنِ سعيدٍ، قال: أخبرني أبو بكر بنُ محمدٍ، عن عَمْرَةَ، عن عائشةَ رضي   1 البخاري: 10/434 (6003) . 2 فتح الباري: 10/434. 3 فتح الباري: 10/435. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 53 اللَّهُ عنها، عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قال: "مازالَ جِبْريلُ يُوصيني بالجار، حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثهُ" 1. قال الحافظُ ابنُ حجرٍ: قولهُ: أبو بكر بن محمدٍ، أي ابن عَمرو بن حزمٍ، وَعَمرةُ هي أمُّهُ، والسَّنَدُ كلُّهُ كوفيُّونَ، وفيه ثلاثةٌ مِنَ التَّابعينَ في نسقٍ، وقد سمعَ يحيى بنُ سعيدٍ وهو الأنصاريُّ من عَمرةَ كثيراً وربَّما دخل بينهما واسطة مثل هذا، وروايتُهُ عن أبي بكر المذكور مِنَ الأقران2. 37- قال البُخاريُّ: حدَّثنا عليُّ بنُ الحَدَّادِ، أخبرنا شُعبةُ، عن سَيَّارٍ، عن ثابتٍ البُنَانِيِّ، عن أنسِ بنِ مالكٍ رضي الله عنه: أنَّهُ مَرَّ على صبيانٍ فَسَلَّمَ وقال: كان النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يَفعله3. قال الحافظُ ابنُ حجرٍ: سيَّار، هو أبو الحَكَمِ وهو عَنَزِيٌّ واسطيٌ، من طبقةِ الأعمشِ، وتقدَّمت وفاتُهُ على وفاة شيخِهِ ثابتٍ البُنانيِّ بِسَنَةٍ وقيل: أكثر، وليس لهُ في (الصَّحيحين) عن ثابتٍ إلاَّ هذا الحديث.. ورواية شُعبة عنهُ مِن رواية الأقرانِ، وقد حدَّثَ شُعبةُ عن ثابتٍ نفسِهِ بعدَّة أحاديث4.   1 البخاري: 1/441 (6014) . 2 فتح الباري: 10/441. 3 البخاري: 11/32 (6247) . 4 فتح الباري: 11/32. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 54 38- قال البُخاريُّ: حدَّثنا عبدُاللَّهِ بنُ مَسْلَمَةَ، عن مالكٍ، عن عبدِاللَّهِ ابنِ أبي بكرٍ، عن أبيهِ، عن عَمرو بنِ سُليمٍ الزُّرَقِيِّ، قال: أخبرني أبو حُميدٍ السَّاعديُّ، أنَّهُم قالوا: يارسولَ اللَّهِ، كيفَ نُصَلِّي عليكَ؟ ... 1. قال الحافظُ ابنُ حجرٍ: عبدُاللَّهِ بنُ أبي بكرٍ، هو أبو بكر بنُ محمدِ بن عَمرو ابن حزمٍ الأنصاريُّ، وروايتُهُ عن عَمرو بنِ سُلَيْمٍ منَ الأقرانِ، وولده من صغار التَّابعينَ، ففي السَّنَدِ: ثلاثةٌ مِنَ التَّابعينَ في نَسقٍ، والسَّنَدُ كلُّهُ مَدنيُّونَ2. 39- قال البُخاريُّ: حدَّثنا عُثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا جريرٌ، عن منصورٍ، عن أبي وائلٍ، عن مسروقٍ، عن عائشةَ قال: دَخَلَتْ عَلَيَّ عجوزانِ مِن عُجُزِ يهودِ المدينةِ فقالتا لي: إنَّ أهلَ القُبورِ يُعذَّبونَ في قُبُورِهِم ... 3. قال الحافظُ ابنُ حجرٍ: وجريرٌ المذكور.. هو ابنُ عبدِالحميدِ، ومنصورُ، هو ابنُ المُعْتَمِرِ، من صغار التَّابعين، وأبو وائلٍ، هو شقيقُ بنُ سَلَمَةَ، وهو ومسروق شيخه، من كبار التَّابعينَ، ورجالُ الإسنادِ كُلُّهم كوفيُّونَ إلى عائشةَ، ورواية أبي وائلٍ، عن مَسْروقٍ مِنَ الأقران4.   1 البخاري: 11/169 (6360) . 2 فتح الباري: 11/171. 3 البخاري: 11/174 (6366) . 4 فتح الباري: 11/175. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 55 40- قال البُخاريُّ: حدَّثنا إسماعيلُ، حدَّثني أخي، عن سُليمانَ، عن ثَوْرٍ، عن أبي الغَيْثِ، عن أبي هريرةَ: أنَّ النَّبَيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "أوَّلُ مَن يُدعى يومَ القيامَةِ آدَمُ، فَتَراءى ذُرِّيتهُ فيقالُ: هذا أبوكُم آدَمُ .... " 1. قال الحافظُ ابنُ حجرٍ: إسماعيلُ، هو ابنُ ابي أُويسٍ، وأخوهُ هو أبو بكر ابنُ عبدِالحميدِ، وسُليمانُ، هو ابنُ بلالٍ.. وثورُ، هو ابنُ زيدٍ الدِّيليُّ، وأبو الغَيْثِ، هو سَالمٌ، والكُلُّ مدنيُّونَ، ورواية إسماعيلَ، عن أخيهِ مِن روايةِ الأقرانِ، وكذا سُليمانُ عن ثورٍ، ولكنَّ إسماعيل أصغر مِن أخيهِ، وسُليمان أصغر مِن ثورٍ2. 41- قال البُخاريُّ: حدَّثني محمدُ بنُ الحُسينِ بنِ إبراهيمَ، أخبرنا عُبيدُاللَّهِ ابنُ موسى، أخبرنا كيسانُ، عن فِراسٍ، عن الشَّعبيِّ، عن عبدِاللَّهِ بنِ عَمرو، رضي اللَّهُ عنهما، قالا: جاءَ أعرابيٌّ إلى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فقال: يارسولَ اللَّهِ ماالكبائِر؟ قال: "الإشراكُ باللَّهِ … " 3. قال الحافظُ ابنُ حجرٍ: ومحمدُ بنُ الحسين بن إبراهيمَ في أول السَّنَدِ هو المعروف بابنِ أشْكَاب، أخو عليٍّ، وهو مِن أقران البُخاريِّ، ولكنَّهُ سمع قبلهُ قليلاً، ومات بعدهُ، وعُبيدُاللَّهِ بنُ موسى شيخهُ، هو مِن كبار شيوخ البُخاريِّ المشهورينَ، وقد أكثرَ عنهُ بلا واسطة4.   1 البخاري: 11/378 (6529) . 2 فتح الباري: 11/388. 3 البخاري: 12/264 (6920) . 4 فتح الباري: 12/266. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 56 42- قال البُخاريُّ: حدَّثنا عبدُاللَّهِ بنُ محمدِ بنِ أسماء، حدَّثنا جُويْريَّةُ، عن مالكٍ، عن الزُّهريِّ: أنَّ سعيدَ بنَ المُسَيّبِ، وأبا عُبيدٍ أخبراهُ، عن أبي هُريرةَ رضي الله عنه قال: قال رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"لو لَبِثْتُ في السِّجْنِ ما لَبِثَ يوسُفُ ثُمَّ أتاني الدَّاعي لأجَبتُهُ" 1. قال الحافظُ ابنُ حجرٍ: جُويريَّةُ، هو ابنُ إسماعيلَ الضُّبَعِيُّ، وروايتُهُ عن مالكٍ مِنَ الأقرانِ2. 43- قال البُخاريُّ: حدَّثنا عبدُاللَّهِ بنُ يزيدَ المقرئ، حدَّثنا سعيدٌ، حدَّثني عُقيلٌ، عن ابنِ شِهابٍ، عن عامرِ بنِ سعدِ بنِ أبي وَقَّاصٍ، عن أبيهِ، أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "إنَّ أعظَمَ المسلمينَ جرماً مَن سَألَ عن شيءٍ لَمْ يُحَرَّم، فَحُرِّمَ مِن أجلِ مَسْأَلَتِهِ" 3. قال الحافظُ ابنُ حجرٍ: سعيدُ، هو ابنُ أبي أيُّوبَ، وهو الخُزاعيُّ المِصريُّ، وروايتُهُ عن عُقيلِ هو ابنُ خالدٍ، تدخلُ في روايةِ الأقرانِ، لأنَّهُ مِن طبقتهِ4. 44- حدَّثنا حَمَّادُ بنُ حُميدٍ، حدَّثنا عُبيدُاللَّهِ بنُ مُعاذٍ، حدَّثنا أبي، حدَّثنا شُعبةُ، عن سَعْدِ بنِ إبراهيمَ، عن محمدِ بنِ المُنْكَدِرِ، قال: رأيتُ جابرَ بنَ عبدِاللَّهِ يَحْلِفُ باللَّهِ أنَّ ابنَ الصَّيَّادِ الدَّجَّال ... 5. 1 البخاري: 12/381 (6992) . 2 فتح الباري: 12/382. 3 البخاري: 12/264 (7289) . 4 فتح الباري: 12/268. 5 البخاري: 13/323 (7355) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 57 قال الحافظُ ابنُ حجرٍ: وسعدُ بنُ إبراهيمَ أي ابن عبد الرَّحمن بن عوفٍ، وروايتُهُ عن محمدِ بنِ المُنْكَدِرِ منَ الأقرانِ، لأنَّهُ مِن طبقتهِ1. 45- قال البُخاريُّ: حدَّثنا إسحاقُ، حدَّثنا عفَّانُ، حدَّثنا وُهَيْبٌ، حدَّثنا موسى - هو ابن عُقبةَ - حدَّثني محمدُ بنُ يحيى بن حَيَّانَ، عن ابنِ مُحَيْريزٍ، عن أبي سعيدٍ الخُدْريِّ في غزوةِ بني المُصْطَلَقِ أنَّهُم أصابوا ... وقال مجاهدٌ، عن قَزَعَةَ: سمعتُ أبا سعيدٍ فقال: قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم:"ليست نَفْسٌ مَخْلوقَة إلاَّ اللَّهُ خالقها" 2. قال الحافظُ ابنُ حجرٍ: مُجاهدٌ، عن قزَعَةَ، هو ابنُ يحيى، وهو مِن روايةِ الأقرانِ، لأنَّ مُجاهداً وهو ابنُ جَبْرٍ المُفَسِّرُ المشهور المكيُّ في طبقةِ قَزَعَةَ3. إنَّ هذا التَّتبع لروايات الأقران في (صحيح البخاري) لا يفيد الحصر، غير أنَّهُ يبرز للباحث المتأمل أهمية المُدَبَّج ورواية الأقران، وأثره في علم الرِّواية، وتوثيق النُّصوص، كما أنَّه يظهر مدى الثِّقة والاعتزاز بالشُّيوخِ، والعمل على ترجيح رأيهم وإعطائهِ أهمية في موطن الخلاف، سيما أنَّ رواية الأقران تعني في غالب الأحوال، رواية أهل الأمصار بعضهم عن بعض، وهذا سيقودنا إلى ظاهرة التَّنافس العلمي التي برزت بينَ المدارس والأقاليم، في القرن الثَّاني الهجري، والتي كان من مظاهرها الاعتزاز والتَّشبث بمرويات الشُّيوخ، وتفضيل آرائهم الفقهية، وتقديمها على مرويات وآراء غيرهم مِن شيوخ المدن الأخرى.   1 فتح الباري: 13/324. 2 البخاري: 13/390-391 (7409) . 3 فتح الباري: 13/391-392. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 58 قال البُخاريُّ: حدَّثني محمدُ بنُ عرعرةَ، حدَّثنا شُعبةُ، عن سعدِ بنِ إبراهيمَ، عن أبي سلمةَ، عن عائشَةَ رضي اللَّهُ عنها أنَّها قالت: سُئِلَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: أيُّ الأعمالِ أحبُّ إلى اللَّهِ؟ قال: "أدوَمُها وإنْ قَلَّ". وقال: "اكلَفوا منَ الأعمالِ ما تُطيقُونَ"1. قال الحافظُ ابنُ حجرٍ: قوله: عن سعدِ بنِ إبراهيمَ: أي ابن عبد الرَّحمن ابن عوفٍ، وأبو سلمة شيخه هو عمه. قوله: عن عائشةَ: وقع عندَ النَّسائيّ: من طريق ابنِ إسحاقَ، وهو السَّبيعِيّ، عن أبي سَلَمَةَ، عن أمِّ سَلَمَةَ، فذكر معنى حديث عائشةَ، ورواية سعد بن إبراهيمَ، أقوى لكون أبي سَلَمَةَ بلديه وقريبه2.   1 البخاري: 11/294 (6465) . 2 فتح الباري: 11/298. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 59 عناية كتب التَّراجم برواية الأقران: إنَّ عناية النُّقاد والمؤرخين من المُحَدِّثين في كتُبِ التَّراجم على ذِكرِ رواية الأقران قد لقيت العناية في كثيرٍ من المواضع في أثناء ترجمتهم للرواة، ومن أمثلة ذلك: قال الإمامُ المِزِّيُّ في ترجمة إسحاق بن إبراهيم بن يونس: روى عنهُ النَّسائيُّ وهو من أقرانه3. قال الإمامُ المِزِّيُّ في ترجمة سليمان بن داود المُباركيِّ: روى عنهُ..خلف ابن هِشامٍ البزَّارُ، وهو مِن أقرانهِ..4.   3 تهذيب الكمال: 2/393. 4 تهذيب الكمال: 11/426 (2514) ، تهذيب التهذيب: 4/192 (323) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 59 وقال الحافظ ابنُ حجرٍ في ترجمة سلامة بن روح الأُمويِّ: روى عنهُ قرينه محمد بن عزيز1. وقال الحافظ ابنُ حجرٍ في ترجمة عثمان بن خالد بن عمر الأُمويِّ: روى عنهُ قرينه سعيد بن خالد بن عبدِاللَّهِ2. وبعد، فإنَّ الحديث عن المُدَبَّجِ وروايةِ الأقران، والذي يقومُ على أساس دراسةِ الأسانيد، يمثل نمطاً من أنماط الرِّواية عند المُحَدِّثينَ، قد يستغرق مساحة أكبر ممَّا جاء في هذهِ الصَّفحات، غير أنَّ ماذكرناه في هذا البحث قد استوفى المادة العلميَّة المتمثلة في تحليل مادته، وإبراز عناصره الهامة، وأثر هذا النَّوع من المُصنَّفات في توثيق النُّصوصِ، قد أعطى صورة متكاملة عن أهميَّة علم الرِّواية، وأثره في الحضارة الإسلاميَّة، بل في الحضارة جمعاء.   1 تهذيب التهذيب: 4/289 (496) . 2 تهذيب التهذيب: 7/114 (243) . وانظر: تعجيل المنفعة: ترجمة: (عبد السلام، عن حماد) ، برقم: (657) ، وترجمة (عبد العزيز بن عبد اللَّه بن عمرو) ، برقم: (662) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 60 الخاتمة تُعدُّ رواية الحديث النَّبويّ الشَّريف، وقوانينها المُحكمة، والأنماط المُتَّبعة لروايتها منَ العُلومِ التي أدّت دوراً بارزاً في الحفاظ على السُّنَّةِ وعلومها، ولا تزال هذهِ القوانينُ والأنماط مجهولة لدى الكثير من المشتغلين في توثيق النُّصوصِ وضبطها، وتفتقر إلى المزيد من البحوثِ المُعاصرة كي تسترعي نظر الباحثينَ والمُحللين، وتميط اللثام عن أهميَّة هذا العلم ومنهجه الفريد، واتجاهاته المُختلفة التي حالت دون العبث بتراثنا، وقدَّمت برهاناً ساطعاً غير مشكوك فيه على دقَّةِ المُحدِّثينَ وسلامة منهجهم في توثيقِ النُّصوصِ وضبطها. وبحثنا هذا حاول أن يبرز جانباً من جوانب علم الرِّواية عند المُحَدِّثين، وأثره المميز الذي تفتقده معظم الحضارات القديمة والحديثة على حدٍّ سواء. إنَّ الأمثلة التي حرصنا على ذِكرها في بحثنا هذا والتي كان معظمها من كتاب (الجامع الصَّحيح) للإمام البُخاريِّ، رحمه اللَّهُ تعالى، قد وفرت لنا مادةً علميَّةً أعطت لنا القُدرة على التَّحركِ للكتابةِ في مجال المُدَبَّجِ وروايةِ الأقران. وعلى الرّغم من فقدانِ المؤلَّفات المُستقلَّة التي كتبها المتقدمونَ، عن هذا النَّوع من أنواع علم الرِّوايةِ، أو أنَّها ماتزال في طيّ المجهول - ووضعت بين أيدينا الحجج التي ساعدتنا على إثبات المزيد مِنَ الأفكار التي قدمت لنا مُعطيات علميَّةٍ عن علم الرِّواية وأثرهِ في توثيق النُّصوصِ وضبطها، وأعطتنا صوراً واضحةً مفادها أنَّ هذا العلمَ لم يكن ارتجالياً، وإنَّما هو عِلْمٌ قائمٌ على قواعدَ واضحة المعالمِ، ويسودها طابع الدَّقَّةِ، والوحدة الموضوعيَّةِ، وأنَّ هذا النَّوعَ من أنواعِ علم الرِّواية، هو حلقة من حلقات علم توثيق النُّصوصِ وضبطها عند المُحَدِّثين، وأنَّها تتميز بالتحليل العميق، والدِّراسة المنظمةِ لفنِّ الرِّواية عند الجزء: 1 ¦ الصفحة: 61 المسلمينَ، والذي يمكننا أن نقول وبكل اطمئنان: إنَّ هذا الفنَّ لقي العناية الفائقة، وأنَّهُ استطاعَ أن يُثبت لنا صِحَّةَ النُّصوصِ، وصدقَ رواتها، ودقَّةَ أدائهم، من غير أن نخشى الخطأ والزلل الذي قد يتطرقُ إلى أذهان الرواةِ. كما أنَّ بحثنا هذا على وجازته استطاعَ أن يُثبتَ لنا أنَّ علمَ الرِّواية وقواعدها المُحكمة عند المُحدِّثينَ، هو مِنَ العلوم التي تفيض ذكاء، وتتميَّزُ بالابتكارِ، والإبداعِ، والمهارة، وأنَّهُ من العلومِ المُنسَّقةِ التي تمتلئ بالحيويَّةِ، وأنَّ الكثيرَ مِنَ النَّاقدينَ للسُّنَّةِ والمشككينَ في صحتها، قد أسرفوا على أنْفُسِهم، وأنَّ الجماهير منهم لم يكن علم الرِّواية عندَ المُحدِّثينَ قد وضحَ في مَخيلتهِ، فانقضُّوا في النَّقدِ مترسمينَ آثاراً، ذات نزعةٍ مُغاليةٍ لا يمكن أن تسعفهم، في رحلتهم، أو أن تحقق لهم الطَّابع العلميَّ الذي يجب أن يتَّسمَ به الدَّارسونَ للمؤلَّفات القديمة، وتتطلبه الأمانة العِلميَّة، وأنَّ ما سطرتهُ أقلام كبار المنتقدين للسُّنَّةِ وتدوينها، لم يكن كلامهم سوى شططٍ، لجهلهم بقوانين الرِّوايةِ وأنماط التَّصنيف فيها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 62 مصادر ومراجع ... ثَبَتُ المصادر والمراجع - الاقتراح في بيان الاصطلاح: للإمام تقي الدين محمد بن علي المعروف بابن دقيق العيد (ت702?) ، تحقيق ودراسة قحطان عبد الرَّحمن الدُّوري، مطبعة الإرشاد، بغداد 1402?-1982م. - تاج العروس من جواهر القاموس: لأبي الفيض محمد بن مرتضى الحُسينيّ الزَّبيديّ (ت1205?) ، منشورات مكتبة الحياة بيروت. - التاريخ: للإمام النَّاقد أبي زكريا يحيى بن معين (ت233?) ، تحقيق الدكتور أحمد محمد نور سيف، مركز البحث العلمي بجامعة أم القرى، مكة المكرمة، الطبعة الأولى 1399?. - التبصرة والتذكرة: للإمام أبي الفضلِ عبد الرحيم بن الحسين بنِ عبد الرحمن العراقي (ت806?) ، تصدير محمد بن الحسين العراقي الحُسيني، طبع دار الكتب العلمية، بيروت. - تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف: للإمام أبي الحجاج يوسف بن عبد الرحمن المزيِّ (ت742?) ، تحقيق عبد الصمد شرف الدين، الدار القيمة، الهند، الطبعة الأولى 1384? – 1965م. - تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي: لجلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطيِّ (ت911?) ، تحقيق عبد الوهاب عبد الطيف، دار الكتب الحديثة، القاهرة، الطبعة الثانية (1385? - 1966م) . - تذكرة الحفاظ: للإمام أبي عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي (ت748?) ، دائرة المعارف العثمانية، الهند، الطبعة الرابعة (1390?-1970م) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 63 - تعجيل المنفعة بزوائد رجال الأئمَّةِ: للإمام أحمد بن علي ابن حجر العسقلاني (ت852?) ، النَّاشر دار الكتاب العربي، بيروت. - تقريب النَّووي: ليحيى بن شرف النَّووي (ت676?) ، مع شرحه تدريب الراوي للسيوطي، تحقيق عبد الوهاب عبد اللطيف، المكتبة العلمية بالمدينة المنورة، الطبعة الأولى 1379?-1959م. - التَّقييد والإيضاح شرح مقدمة ابن الصَّلاح: لنور الدِّين عبد الرَّحيم بن الحُسين العراقي (ت806?) ، تحقيق عبد الرَّحمن محمد عُثمان، دار الفكر، بيروت، 1401?. - تهذيب التهذيب: للإمام أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت852?) ، دائرة المعارف العثمانية، حيدر آباد الدكن 1325?. - تهذيب الكمال: للإمام أبي الحجاج يوسف بن عبد الرحمن المزِّيِّ (ت742?) ، تحقيق الدكتور بشار عواد معروف، طبع مؤسسة الرسالة، بيروت الطبعة الثانية 1403?. - توضيح الأفكار: لمحمد بن إسماعيل الأمير الصَّنعاني (ت1182?) ، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد، دار إحياء التراث العربي، بيروت، الطبعة الأولى 1366?. - تيسير مصطلح الحديث: للدكتور محمود الطَّحان، مكتبة المعارف، الرياض، الطبعة الثامنة 1407?-1987م. - جامع بيان العِلْمِ وفضلهِ وما ينبغي في روايتهِ وحملهِ: للإمامِ أبي عُمر يوسف بن عبدِالله بن عبد البر النَّمَرِيِّ القُرطُبِيِّ (ت463?) ، إدارة الطباعة المنيرية 1398?- 1978م. - الجامع الصحيح المسند من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 64 وأيامه: للإمام أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاريِّ (ت256?) ، المكتب الإسلامي، محمد أزدمير، تركيا إسطنبول (1979م) ، وانظر: (فتح الباري) . - الجرح والتَّعديل: لعبد الرحمن بن محمد بن إدريس الشَّافعي، المعروف بابن أبي حاتم الرازي (ت327?) ، تحقيق عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني، دائرة المعارف العثمانية، الهند، الطبعة الأولى 1371?-1952م. - ذيل طبقات الحفاظ: للحافظ شمس الدين محمد بن عليِّ بن الحسن الحُسينيِّ (ت 765?) ، دار إحياء التراث العربي. - الرِّحلة في طلب الحديث: لأبي بكر أحمد بن عليٍّ الخطيب البغدادي (ت463?) ، تحقيق نور الدين عتر، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى 1395?. - شرف أصحاب الحديث: لأبي بكر أحمد بن عليٍّ الخطيب البغداديٍّ (ت463?) ، تحقيق محمد سعيد خطيب أوغلي، نشريات كلية الإلهيات، جامعة أنقرة 1971م، تصوير دار إحياء السنة النبوية. - شعب الإيمان: للإمام الحافظ أبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي (ت458?) ، تحقيق أبي هاجر محمد السعيد بسيوني زغلول، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى 1410?-1990م. - الصِّحاح: لإسماعيل بن حمَّادٍ الجوهريِّ (ت393?) ، تحقيق أحمد عبد الغفور عطَّار، القاهرة 1402?. - صحيح البخاري = فتح الباري. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 65 - صحيح مسلم: للإمام أبي الحسن مُسْلِم بن الحَجَّاج بن مُسْلِمٍ القُشَيريِّ النَّيْسَابوريِّ (ت261?) ، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء الكتب العربية، الطبعة الأولى 1374?-1955م. - الضوء اللامع لأهل القرن التاسع: لشمس الدين محمد بن عبد الرحمن السخاوي (ت902?) ، مكتبة حسام الدين القدسي، القاهرة 1353?. - طبقات الحُفَّاظ: لجلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي (ت911?) ، تحقيق علي محمد عمر، مكتبة وهبة، القاهرة. - عِلْمُ الأثبات ومعاجم الشُّيوخِ والمشيخات وفنُّ كتابة التَّراجم: للدكتور موفق ابن عبد الله بن عبد القادر، طبع معهد البحوث وإحياء التُّراث الإسلامي، جامعة أم القرى، مكة المكرمة. - علوم الحديث: للإمام أبي عمرو عثمان بن عبد الرحمن بن عثمان الشَّهْرَزُرِيِّ، المعروف بابن الصلاح (ت643?) ، تحقيق الدكتور نور الدين عتر، المكتبة العلمية، بيروت 1401?-1981م. - فتح الباري شرح صحيح البخاري: للإمام أبي الفضل أحمد بن عليِّ ابن حجر العسقلاني (ت852?) ، طبع المطبعة السلفية، بمصر. - فتح الباقي على ألفية العراقي: للإمام زكريا بن محمد بن أحمد بن زكريا الأنصاري (ت928?) ، طبع دار الكتب العلمية، بيروت، طبع مع (التبصرة والتذكرة) للإمام العراقي. - فتح المغيث شرح ألفية الحديث: للإمام أبي الخير محمد بن عبد الرحمن بن محمد السخاوي (ت902?) ، تحقيق عبد الرحمن بن محمد بن عثمان، المكتبة السلفية، بالمدينة المنورة، الطبعة الثانية 1388?- 1968م. - الفصل في الملل والأهواء والنِّحَل: لأبي محمد عليّ بن حزم الظَّاهريِّ (ت456 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 66 ) ، دار المعرفة، بيروت، 1395?. - الكامل في ضعفاء الرجال: للإمام أبي أحمد عبد الله بن عَدي الجرجانيِّ (ت365?) ، تحقيق لجنة من المختصين، دار الفكر، بيروت، الطبعة الأولى 1404?-1984م. - الكفاية في علم الرواية: للإمام أبي بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب البغدادي، (463?) ، المكتبة العلمية، بيروت. - لسان العرب: لجمال الدين محمد بن مكرم، المعروف بابن منظور (ت771?) ، دار صادر بيروت. - لسان الميزان: للإمام أبي الفضل أحمد بن علي ابن حجر (ت852?) ، مجلس دائرة المعارف النظامية، الهند، الطبعة الأولى 1331?. - المُحَدِّث الفاصل بين الراوي والواعي: للقاضي الحسن بن عبد الرحمن الرَّامَهُرْمُزِيِّ (ت360?) ، تحقيق الدكتور محمد عجاج الخطيب، دار الفكر، سوريا، الطبعة الأولى، 1391?. - المُحْكَم والمُحيط الأعظم: لعليِّ بن إسماعيل بن سيده (ت458?) ، مصطفى البابي الحلبي، الطبعة الأولى 1377?. - المسند: للإمام أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني (ت241?) ، المكتب الإسلامي، ودار صادر، بيروت، الطبعة الأولى 1398?. - مسند أبي يعلى الموصليِّ: للإمام الحافظ أحمد بن عليّ بن المثنى الموصليِّ التَّميميِّ (ت307?) ، تحقيق الأستاذ حسين سليم أسد، دار المأمون للتراث، دمشق، الطبعة الأولى 1404?-1984م. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 67 - مشيخة قاضي القُضاة شيخ الإسلام بدر الدين أبي عبدِاللَّه محمد بن إبراهيم ابن جماعة (ت833?) ، تخريج شيخ الإسلام علم الدين القاسم بن محمد بن يوسف البِرْزَاليِّ (ت739?) ، تحقيق ودراسة الدكتور موفق بن عبد اللَّه بن عبدِالقادر، دار الغرب الإسلامي، بيروت، الطبعة الأولى 1408?-1988م. - المصباح المنير في غريب الشرح للرَّافعي: للإمام أبي العبَّاس أحمد بن محمد بن علي المقرئ الفيوميِّ (ت770?) ، المكتبة العلمية، بيروت. - معرفة علوم الحديث: للإمام الحاكم أبي عبد الله محمدِ بنِ عبد الله النيسابوريِّ (ت405?) ، تحقيق الأستاذ معظم حسين، المكتب التجاري، بيروت، الطبعة الثاتية 1977م. - المقاصد الحسنة في بيان كثير من الأحاديث المشتهرة على الألسنة: لمحمد بن عبد الرحمن السَّخاوي (ت902?) ، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى 1399?. - ميزان الاعتدال في نقد الرجال: للإمام أبي عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي (ت748?) ، تحقيق علي محمد البجاوي، دار المعرفة، بيروت، الطبعة الأولى 1382?-1963م. - نزهة النظر شرح نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر: للإمام أبي الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت852?) ،المكتبة العلمية، المدينة المنورة،1975م. - النكت على كتاب ابن الصلاح: للإمام أبي الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت852?) ، تحقيق الدكتور ربيع بن هادي عمير، المجلس العلمي بالجامعة الإسلامية، بالمدينة المنورة، الطبعة الأولى 1404?-1984م. - النهاية في غريب الحديث والأثر: لمجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد، المعروف بابن الأثير الجَزَرِيِّ (ت606?) ، تحقيق طاهر أحمد الزاوي، ومحمود الجزء: 1 ¦ الصفحة: 68 محمد الطناحي، دار إحياء الكتب العربية، القاهرة. - هدي الساري مقدمة فتح الباري: للإمام أبي الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت852?) ، المطبعة السلفية الجزء: 1 ¦ الصفحة: 69