الكتاب: الإعلام والدعوة إلى الله المؤلف: طه عبد الفتاح مقلد الناشر: الجامعة الإسلامية، المدينة المنورة الطبعة: السنة الثامنة، العدد الثالث، ذو الحجة 1395هـ/ ديسمبر 1975م عدد الأجزاء: 1   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] ---------- الإعلام والدعوة إلى الله طه عبد الفتاح مقلد الكتاب: الإعلام والدعوة إلى الله المؤلف: طه عبد الفتاح مقلد الناشر: الجامعة الإسلامية، المدينة المنورة الطبعة: السنة الثامنة، العدد الثالث، ذو الحجة 1395هـ/ ديسمبر 1975م عدد الأجزاء: 1   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] مدخل ... الإعلام والدعوة الإسلامية للدكتور طه عبد الفتاح مقلد المدرس بكلية الدعوة وأصول الدين بالجامعة ((إن العالم اليوم يموج من حولنا بتيارات وعقائد متباينة كل يبغي السيطرة والسيادة عبر الكلمة المكتوبة والمسموعة. وأدركت الأمم الكافرة أهمية وسائل الإعلام فسخرتها لنشر سمومها وأباطيلها، إيمانا منها بالدور الفعال الذي تلعبه وسائل الإعلام في نشر الأفكار وتغيير العقائد. ويزداد ذلك يوما بعد يوم - في الداخل والخارج - أمام تيار الدعوة الإسلامية)) . شهد النصف الثاني من هذا القرن الأثر الملحوظ في تطور وسائل الاتصال عبر الأثير عن طريق الكلمة التي تبثها الإذاعة المسموعة، والتي تخطت بها الحواجز المادية، عبر البحار والأنهار والصحاري والقفار وإلى كل الأماكن المجهولة والنائية … وانتقلت مع الإنسان أينما حلّ وأينما رحلّ. وأصبح الفرد في مجتمعه لا يحيا منعزلا عن العالم الذي يعيش فيه ... وأضحى يتأثر بالقوى والمؤثرات الجديدة التي تؤثر عليه في الحاضر والمستقبل سواء بسواء. وبما أن الإعلام وسيلة فعالة من وسائل الاتصال بالجماهير فإنه من البداهة أن يعتبر قيامها بدور فعال في الدعوة الإسلامية وفاء لواجب من واجبات الإسلام الأساسية عليها. بل إن هذا الواجب يتأكد نتيجة لمرور المجتمعات الإسلامية بعصور متطاولة من الجهل والتخلف الفكري.. كان من نتيجتها. أن تأثر وضوح الرؤية لدى هذه المجتمعات بالنسبة لأفكار الإسلام وقيمه. كما كان من نتيجته ظهور انحرافات بالغة ومدمرة، سواء من حيث السلوك أم من حيث التعلق بالخرافات والأوهام. واستخدام الإذاعة من أجل الدعوة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 87 إلى دين الله وفاء بواجب أساسي عليها تجاه المجتمع الإسلامي خاصة والمجتمع الإنساني كله عامة. يتأكد ذلك إذا عرفنا أن ما اصطلح على تسميته بالثقافة ينزع إلى الاختلاف والتفرقة عن الطريق وسائل الاتصال بالجماهير عبر الإذاعة كما أكد ذلك ((أبراهام مولز)) وبين أن الناس يستمعون إلى الأخبار والبرامج التي تخرج من مصادر واحدة (وكالات الأنباء) فالإنسانية تتجه لأن تعيش بنفس الأفكار وقد يكون لها نفس الاستجابات وهذا يفسر طغيان عقائد بعض الأمم على بعضها الآخر. وهذا يدفعنا إلى أن ندعو إلى أن تهدف إذاعاتنا إلى الدعوة لدين الله الحق بالحكمة والموعظة الحسنة أمام تلك التيارات المتباينة تحقيقا لقوله تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} النحل - 125. وقوله تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} يوسف -108. ولعل واقع الإعلام الإذاعي اليوم باختلاف فنونه وأساليبه للتأثير على الجماهير يدعونا إلى أن ندعو إلى سبيل الله بحكمة وبصيرة لأننا نعرف أن الغالبية العظمى من المستمعين تميل إلى عدم الاهتمام بمعرفة الطريقة التي يتم بها خلق الثقافة بل تتقبلها على أنها إنتاج يعرض من محطات الإذاعة التي تبث برامجها. فالفرد في الغالب الأعم لا يفكر ولا يحلل بقدر ما يستمع وينصت ولعل هذا يجعلنا أكثر حذرا وأكثر بصيرة. ولقد لاحظ لازارزفلد Lazarsfeld وشرام Schramm وبرلسن. أن هذا يبدو جليا بين من يخلق المواد المذاعة وبين من يسمعها. إننا نجد أن الدول الكبرى تمتلك اليوم أقوى محطات للبث عن طريق الأقمار الصناعية. التي ملأت كوكبنا الأرضي بالعديد من العقائد والثقافات المرغوب فيها وغير المرغوب فيها. لقد فطنت كثير من الدول الكبرى إلى الإذاعة لما لها من القدرة على التأثير الوجداني والعقائدي من خلال الكلمة المسموعة والموسيقى والأغاني والبرامج الترفيهية. وفي ثنايا ذلك تبث سمومها لتحطيم إرادة الجماهير أو تعمل على نشر الشائعات لتضل الناس عن صراط الله المستقيم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 88 تأثيرات كامنة: وهناك تأثيرات ظاهرة وأخرى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 88 كامنة تسعى إليها الإذاعات للتأثير على الجماهير (كما أوضح ذلك جوزف كليبر) حيث يكون هناك تركيز معين لتدعيم اتجاه ما، بل إن الإذاعة تكون في كثير من الأحيان قادرة على خلق اتجاه جديد أكثر من قدرتها على تحويل الاتجاهات المسبقة الراسخة. ولقد عمل أعداء الإسلام ردحا من الزمن على خلق تيارات فكرية وعقائدية جديدة. بل أخذوا يعلمون المسلمين لغتهم ويلقنونهم فكرهم. وتدخلوا في ثقافة المواطن المسلم كما حدث في جنوب إفريقيا وبلدان من آسيا. ألبسوا ذلك رداء الإسلام حينا وسموا الأشياء بغير مسمياتها حينا آخر.. لقد أكد ((اللورد ماكولي)) مرة أن سياسة الإعلام في الهند كانت تهدف إلى خلق طبقة من المثقفين في جلود هندية، ولكنهم يفكرون ويدركون بعقول إنجليزية، ويقومون كذلك بدور الوسطاء بين بريطانيا وبين الملايين من الناس. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 89 تجاهل مقصود: ونحن نجد اليوم كثيرا من الإذاعات تروج للعقائد والمذاهب الضالة عملا وفكرا، بل تسعى جاهدة على أن تصور الإسلام على أن الدين فيه غير الدنيا. ومما يؤسف له أن هذا التفكير الذي ينطوي على تجاهل مقصود لحقيقة الإسلام قد سرت عدواه إلى كثير من المثقفين في البلاد الإسلامية نتيجة لروافد الفكر المادي أو ((العلماني)) فأصبحت كلمة الإسلام في نظر الكثير منهم يمكن أن تعني أي شيء إلا الأمور المتعلقة بشؤون الحياة التي نحيا فيها فكانت تلك هي الهوة التي تفصل بين الدين وبين اللحاق بركب الحضارة. وطغى هذا المفهوم ((العلماني)) على ميدان الإرسال الإذاعي فتلك برامج دينية وهذه برامج غير دينية وهذا رجل دين وهذا ليس برجل دين. ولا يغيب عنا جميعا أن الإسلام ليس وقفا على رجل يعرف بأنه رجل دين وليس كذلك وقفا على برنامج دون آخر إعلامي أم ثقافي أم ترفيهي. فروح الإسلام يجب أن ترفرف على برامج الإذاعة كلها مهما اختلفت أشكالها وتعددت أغراضها. لقد وقعت كثير من البلدان الإسلامية ردحا من الزمن تحت سيطرة الاحتلال الأجنبي الذي سمى نفسه استعمارا. لكي يوهم أممنا الإسلامية أنه ما جاء إلا لدفع عجلة العمران وهو في الحقيقة جاء ليستنزف خيراتها ويبدل عقائدها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 89 الإعلام المقنع: ورحل المحتل عن بلادنا الإسلامية بجيشه وعتاده وأبقى لنا العديد من ضلاله وأوهامه وعقائده الفاسدة التي تضعف الجزء: 1 ¦ الصفحة: 89 من روح الإسلام وأهله والتي ظل يمدها عن طريق إذاعاته الموجهة. إن الإذاعات الموجهة سلاح ماض استغلته اليوم جميع الدول التي تسعى إلى تحقيق مناطق نفوذ، ((فهتلر)) مثلا منذ توليه السلطة عام 1933 أنشأ شبكة ضخمة للإرسال الإذاعي الموجه إلى أوربا وإمريكا وإفريقيا وأستراليا بهدف التأثير على هذه البلاد ثم اهتمت إيطاليا كذلك بالإذاعات الموجهة، ونافستها في ذلك بريطانيا التي أخذت تعنى عناية فائقة بهذا الضرب من الإذاعات ثم أسهمت الولايات المتحدة الإمريكية والإتحاد السوفيتي بنصيب وافر في هذا المضمار. والتزمت هذه الإذاعات بالواقع الإعلامي المقنع إذ تختار الأخبار والأفكار شبه الموضوعية مع حذف ما يريدون حذفه في دهاء وصياغة إعلامية لا يدركها المستمع بيسر وربما خلع عليها صفة الحياة. فكانت جميع البرامج والأخبار تحررها مراكز التوجيه مع مراعاة الطابع الموجه لكل بلد من البلدان، والمهم عندها هو اجتناب الكذب الذي يسهل اكتشافه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 90 تأثيرات كامنة : وهناك تأثيرات ظاهرة وأخرى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 88 تجاهل مقصود : ونحن نجد اليوم كثيرا من الإذاعات تروج للعقائد والمذاهب الضالة عملا وفكرا، بل تسعى جاهدة على أن تصور الإسلام على أن الدين فيه غير الدنيا. ومما يؤسف له أن هذا التفكير الذي ينطوي على تجاهل مقصود لحقيقة الإسلام قد سرت عدواه إلى كثير من المثقفين في البلاد الإسلامية نتيجة لروافد الفكر المادي أو ((العلماني)) فأصبحت كلمة الإسلام في نظر الكثير منهم يمكن أن تعني أي شيء إلا الأمور المتعلقة بشؤون الحياة التي نحيا فيها فكانت تلك هي الهوة التي تفصل بين الدين وبين اللحاق بركب الحضارة. وطغى هذا المفهوم ((العلماني)) على ميدان الإرسال الإذاعي فتلك برامج دينية وهذه برامج غير دينية وهذا رجل دين وهذا ليس برجل دين. ولا يغيب عنا جميعا أن الإسلام ليس وقفا على رجل يعرف بأنه رجل دين وليس كذلك وقفا على برنامج دون آخر إعلامي أم ثقافي أم ترفيهي. فروح الإسلام يجب أن ترفرف على برامج الإذاعة كلها مهما اختلفت أشكالها وتعددت أغراضها. لقد وقعت كثير من البلدان الإسلامية ردحا من الزمن تحت سيطرة الاحتلال الأجنبي الذي سمى نفسه استعمارا. لكي يوهم أممنا الإسلامية أنه ما جاء إلا لدفع عجلة العمران وهو في الحقيقة جاء ليستنزف خيراتها ويبدل عقائدها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 89 الإعلام المقنع : ورحل المحتل عن بلادنا الإسلامية بجيشه وعتاده وأبقى لنا العديد من ضلاله وأوهامه وعقائده الفاسدة التي تضعف الجزء: 1 ¦ الصفحة: 89 صراع وصراع : إن كثيرا من الإذاعات الموجهة تستهدف عزل الإسلام كقوة اجتماعية وكقوة سياسية لها أثرها في محيط السياسة العالمية وكقوة فكرية لها أثرها البالغ في صلة الإنسان بأخيه الإنسان. وحصر الإسلام في نطاق ضيق يتقوقع على نفسه فيه حتى يبقى نصوصا تتلى وحديثا يقرأ. لا روح في ذلك ولا عمل يدفع إلى التقدم والعلم. ومن الأمر الذي يجب أن يوضح بين أعين الإذاعات الإسلامية أن صليبية الغرب الثقافية وشيوعية الكتلة الشرقية على اختلاف المفاهيم بينهما يلتقيان ويتعاونان معا من أجل إضعاف العقائد الإسلامية وعزلها عن الحياة.. تلك الحرب التي تستهدف أول ما تستهدف حجب الرؤية عن المثقفين من أبناء المسلمين وجعلهم في موضع الحيرة والضياع فلا يرون ما بين أيديهم من نور وهداية وإنما يتلفتون شرقا وغربا بحثا عما يتخيلون أنه طريق التقدم والتطور. أُصيب المجتمع الإسلامي بالتخلف ولجأت بعض الإذاعات الموجهة إلى بث برامجها إلى المستمع في بلادنا يزينون له الباطل والمبادئ الهدامة على أنه هو الحق. وهذه الإذاعات الموجهة بعقليتها وتفكيرها تقلل من أهمية ما تملكه من عناصر وقوى حضارية يمكن إن أحسنت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 90 إذاعتنا استغلالها أن يقوم عليها بناؤها الفكري وأن يشكل منها قاعدة ومنطلقا لحضارة الإنسان وتقدم البشرية. فالإذاعات الموجهة تهدف إلى أن تذوب حضارة الإسلام وعراقته. ولذا ينبغي أن نكون على حذر من ذلك وأن نكون أمام هذه التيارات المختلفة في عالمنا الآن على مستوى المسئولية نهدي أمتنا ونحترم أهدافنا. فإن الضباب الغريب عبر الأثير حجب رؤيتنا وشغلنا عن مصادر الثقافة الإسلامية الصحيحة وبعد بنا عن رؤية ما في الإسلام من نور وهداية ولا شك أن ما يمتلكه غيرنا من ضوضاء تزدحم بها أجواؤنا هو الذي ساعد على انتشار هذا الضباب الذي حجب رؤيانا وجعلنا لا نرى ما في الإسلام من ميادين الريادة والقيادة. وليس معنى ذلك أن تغلق الإذاعات الإسلامية أبوابها وتعيش في عزلة عن هذا العالم. ولكن كل ما نأمله ألا تلجأ إلى تقليد الغير دون وعي أو أن تنقل عنه دون تبصر. وينبغي أن يكون اتصالها بغيرها مبعثه إيمانها بذاتها وإصرارها على الاحتفاظ بشخصيتها. كما لا يعني هذا أننا نقف في طريق التقدم من أي مكان يأتي. ولكننا نحذر أن نستورد الأفكار والقيم بنفس الطريقة التي تستورد بها السلع الغذائية والأدوات المنزلية. ومن الواضح أن الشعوب الإسلامية في العصر الحاضر قد أغرقت بطوفان من الأيدلوجيات المختلفة بهدف تغيير عقائدها أو التأثير على قيمها وظهر التنافس حول ذلك واضحا. ولكن واحدة من هذه الأيدلوجيات لم تنجح في استقطاب الشعب المسلم أو الاستيثار بميوله. ولقد كان يخيل في بعض الأحيان أنه تحت ظل السلطان السياسي أو العسكري نجحت أيدلوجية معينة في السيطرة على الشعب وميوله. ولكن حكم الأيام ومجريات الأحداث أكدت أن أيا من هذه الأيدلوجيات لم تلامس أفئدة الشعب المسلم ولا مشاعره الحقيقية. ولكن ليس معنى هذا أن تترك المجال لسلاح الكلمة المذاعة فللكلمة المذاعة خطورتها وما تحويه من عناصر الإفضاء كما عبر عن ذلك - إرك برنيو (Erik Barnow) فالكبير يفضي إلى الصغير والصغير يفضي بما سمع لأترابه. وتسعى كثير من الدول عن طريق إذاعاتها إلى إعادة النظر ومعتقدات الإنسان ومدى تأثير البث الإذاعي فيه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 91 وتجري الإذاعات العديد من البحوث على عينات مختلفة من المستمعين إليها، باسم الإصلاح الفكري أو الإصلاح الأيديولوجي أو الاغتصاب العقلي أو التغيير الذهني أو ما يعرف باسم (غسيل المخ) . أمن الملائم أن تجري إذاعاتنا الإسلامية بعض البحوث التجريبية في مجال المستمعين إليها لقياس الأثر الناتج من سماع البرامج المذاعة وأن تقوم بدراسة دقيقة للسكان من حيث تجمعهم في مناطق دون أخرى وكذلك معرفة المستوى العلمي والعقائدي وعادات كل جماعة وظروفها وإمكانياتها وآمالها وتصوراتها في الحياة. فكما يرى (دوب) أن ردود الفعل للبرنامج الواحد يختلف في الجماعة الواحدة فقد يجد استحسانا عند البعض دون الآخرين. وقد يفهمه نفر منهم جيدا دون آخرين. ولا شك أن لهذا أثره الواضح في مجال تحسين البرامج أو المادة المذاعة وفق دراسة واعية تستهدف النهوض بالمستمع المسلم وتتعرف عن وعي إلى أي حد استجاب المستمع إلى ما ندعو إليه من دين الله الذي ارتضاه لعباده حياة ومنهجا ومن الضروري أن يقترن ذلك بشجاعة رجل الإذاعة في مواجهة النتائج أيا كان نوعها والعمل على مزيد من التقدم والنجاح. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 92 تصحيح المفاهيم: يجب أن تقوم إذاعتنا الإسلامية على أُسس قوية من العلم والفكر والإيمان حتى تمد المسلم بالقيم الإسلامية الصحيحة وحتى يستطيع أن يعيش بها حاضره وتمده كذلك بالحقائق حتى يستطيع أن يقضي على المذاهب الباطلة المعادية للإسلام. وتقوم كذلك بتصحيح المفاهيم العلمانية الخاطئة بالنسبة لعدد كبير من المسلمين الذين بهرتهم ثقافة الغرب وقضاياه، وأن تقدم البديل - البرامج الإسلامية المخططة والمدروسة -. إن كثيرا من البلدان الإسلامية لا تحظى الإذاعة فيها بنسبة تتلاءم مع مسئولياتها تجاه القضية الإسلامية، فالبرامج الإسلامية فيها لا تزيد عن 14% من نسبة برامجها المذاعة. بل هناك إذاعات إسلامية لا تصل هذه النسبة فيها إلى 10% ولعل هذا يدعونا إلى إعادة النظر في خريطة البرامج من أجل مزيد من البرامج الإسلامية الهادفة التي تنبع عن فهم سليم واع لطبيعة هذا الدين الحنيف. فإذا نظرنا إلى الإذاعات من حولنا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 92 نجد أنفسنا أمام فلسفات مختلفة (وأيديولوجيات) مختلفة متباينة تجدد كل منها أهداف الإذاعة وطبيعتها من وجهة نظرها فليكن هدفنا الإسلام والدعوة إليه. ولتسع كل إذاعة للعمل في ميدانها ولكل وجهة هو موليها، فاستبقوا الخيرات إلى كلمة تهدي أُمة وتشيد حضارة لا إلى كلمة تضل الناس وتلهيهم عن صراط الله المستقيم. والحق أن أمام إذاعاتنا مسئوليات كبرى تجاه الدعوة الإسلامية حتى يتعرف المسلم في بقاع الأرض على الإيمان الحق بالله رب العالمين الذي سخر له ما في الكون يفلح الأرض في مناكبها. نعمل حتى يدرك العالم كله أن الإسلام كرَّم الإنسان بالعلم والتقوى مما جعله يعيش مطمئنا على حياته وماله وعرضه فلا مجال لصراع بين الطبقات يمزق بعضها بعضا أو يسيطر بعضها على بعض. كما أنه لم يهدر كرامته كما فعلت بعض النظم الأرضية المنحرفة التي أخذ أهلها يتخبطون حتى اليوم في ظلام يبحثون فيه عن سبيل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 93 تصحيح المفاهيم : يجب أن تقوم إذاعتنا الإسلامية على أُسس قوية من العلم والفكر والإيمان حتى تمد المسلم بالقيم الإسلامية الصحيحة وحتى يستطيع أن يعيش بها حاضره وتمده كذلك بالحقائق حتى يستطيع أن يقضي على المذاهب الباطلة المعادية للإسلام. وتقوم كذلك بتصحيح المفاهيم العلمانية الخاطئة بالنسبة لعدد كبير من المسلمين الذين بهرتهم ثقافة الغرب وقضاياه، وأن تقدم البديل - البرامج الإسلامية المخططة والمدروسة -. إن كثيرا من البلدان الإسلامية لا تحظى الإذاعة فيها بنسبة تتلاءم مع مسئولياتها تجاه القضية الإسلامية، فالبرامج الإسلامية فيها لا تزيد عن 14% من نسبة برامجها المذاعة. بل هناك إذاعات إسلامية لا تصل هذه النسبة فيها إلى 10% ولعل هذا يدعونا إلى إعادة النظر في خريطة البرامج من أجل مزيد من البرامج الإسلامية الهادفة التي تنبع عن فهم سليم واع لطبيعة هذا الدين الحنيف. فإذا نظرنا إلى الإذاعات من حولنا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 92 ميدان الدعوة : إذن فميدان الدعوة فسيح في أرض الإسلام وفي بلدان تريد أن ترى نور الهداية والحق. ونأمر أن تترابط الإذاعات الإسلامية بعضها من بعض برباط الأخوة في سبيل تحقيق الدعوة إلى الله سبحانه وأن نتبادل معا الخبرات الإعلامية والبرامج الإسلامية ذلك حتى تتحقق قوة الروابط الأخوية ويصبح المؤمن فردا يعيش في إطار الجماعة الإسلامية تجمع بينه وبين إخوانه على اختلاف الأوطان واللغات مبادئ الأخوة في الإسلام، عقيدتهم واحدة وقبلتهم واحدة ودينهم واحد وربهم واحد. لتكن الدعوة الإسلامية هدفا أساسيا للإذاعة الإسلامية حتى تحقق قول الله سبحانه وتعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} آل عمران -110. وبالله التوفيق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 93