الكتاب: المسائل المهمة فيما يحتاج إليه العاقد عند الخطوب المدلهمة المؤلف: شمس الدين أبي عبد الله محمد بن أحمد ابن سعيد النابلسي الدمشقي، الحلبي، المقدسي، المكي الحنبلي (المتوفى: 855هـ) المحقق: عبد الكريم بن صنيتان العمري الناشر: دار المدني المؤسسة السعودية بمصر، القاهرة، جمهورية مصر العربية الطبعة: الأولى، 1411هـ/1990م عدد الأجزاء: 1   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع وهو مذيل بالحواشي] ---------- المسائل المهمة فيما يحتاج إليه العاقد عند الخطوب المدلهمة المَقْدِسي، محمد بن أحمد الكتاب: المسائل المهمة فيما يحتاج إليه العاقد عند الخطوب المدلهمة المؤلف: شمس الدين أبي عبد الله محمد بن أحمد ابن سعيد النابلسي الدمشقي، الحلبي، المقدسي، المكي الحنبلي (المتوفى: 855هـ) المحقق: عبد الكريم بن صنيتان العمري الناشر: دار المدني المؤسسة السعودية بمصر، القاهرة، جمهورية مصر العربية الطبعة: الأولى، 1411هـ/1990م عدد الأجزاء: 1   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع وهو مذيل بالحواشي] مقدمة ... بسم الله الرحمن الرحيم إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليماً كثيراً. أما بعد: فإن علماءنا الأخيار في العصور الماضية، والأزمنة العابرة، قد قضوا أيامهم وأفنوا أعمارهم في طاعة الله تعالى، وتعلم العلوم الشرعية وتعليمها، والتصنيف في شتى أنواع العلوم والفنون من تفسير وحديث، وأصول وفقه، وأدب، وغير ذلك. وكانت مصنفاتهم تلك هي الثروة الباقية لهم، التي خلفوها لمن وراءهم، فكانت نعم التركة، ونعم الموروث، ونعم ما اشتملت عليه. ولقد امتلأت خزائن المخطوطات في مختلف المكتبات في أنحاء العالم بمئات الألوف من تلك المخطوطات التي احتوت على الثروة العلمية الحقيقية لهذه الأمة. ولم يغفل طلبة العلم في هذا العصر عن تركة أسلافهم الماضين، فامتدت أيدي الباحثين منهم تنقب عن تلك المخطوطات، وتتبعها في الجزء: 1 ¦ الصفحة: 5 كل مكان من هذا العالم المترامي الأطراف، فأخرجوا إلى النور منها ما أخرجوه، إلا أن ما رأى النور منها لا يمثل إلا نسبة ضئيلة إلى جانب تلك المخطوطات المكدًسة والقابعة في خزائن المخطوطات. ولقد شاء الله تعالى أن أدلي بدلوي مع أولئك الباحثين، فوقع نظري على واحد من تلك المخطوطات في الفقه، لعالم جليل بعنوان (المسائل المهمة فيما يحتاج إليه العاقد عند الخطوب المدلهمة) لمصنفه محمد بن أحمد بن سعيد المقدسي الحنبلي، فعقدت العزم على تحقيقه وإخراجه، ليستفيد منه القارئ الكريم. وإن العمل التحقيقي الذي أقوم به في هذا الكتاب، هو العمل الأول الذي أخوض به هذا الميدان، وإني لأسأل الله تعالى أن يكون عملي هذا خالصاً لوجهه الكريم، وأن يكون نافعاً لكل من اطلع عليه، كما وأسأله تعالى أن يجعل خير أعمالي خواتمها، وخير أيامي يوم ألقاه، وأن يجعل آخر كلامي من الدنيا شهادة أن لا إله الله. وهو حسبي ونعم الوكيل. المحقق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 6 أولاً: مصادر ترجمته: وردت ترجمة المصنف في المصادر الآتية 1: الدر الكمين بذيل العقد الثمين، لابن فهد (ورقة 5/ب) مخطوط. التبر المسبوك في ذيل السلوك: للسخاوي:393. الضوء اللامع لأهل القرن التاسع: للسخاوي أيضاً:309:6. الجوهر المنضد في طبقات متأخري أصحاب أحمد: لابن عبد الهادي 145-146. - الدر المنضد في ذكر أصحاب الإمام أحمد، للعليمي (ورقة 185/أ) مخطوط. - المنهج الأحمد في تراجم أصحاب الإمام أحمد، للعليمي أيضاً (143/2/ب) مخطوط. - كشف الظنون على أسامي الكتب والفنون: لحاجي خليفة 992:2،1492. - شذرات الذهب في أخبار من ذهب، لابن العماد الحنبلي 286:7. السحب الوابلة على ضرائح الحنابلة: لابن حميد النجدي: 245،344-345.   (1) أوردت مصادر ترجمته هنا مرتبة حسب أسبقية وفاة مؤلفيها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 11 -إيضاح المكنون: لإسماعيل باشا أيضاً2: 39، 476. - هدية العارفين: لإسماعيل باشا 199:2. - الأعلام: للزركلي: 332:5. - معجم المؤلفين: لعمر رضا كحالة:265:8. - مصطلحات الفقه الحنبلي: للثقفي201. - مفاتيح الفقه الحنبلي للثقفي أيضاً 169:2. ثانيا: اسمه ونسبه وكنيته: هو الشيخ الإمام العلامة شمس الدين أبي عبد الله محمد بن أحمد ابن سعيد النابلسي الدمشقي، الحلبي، المقدسي، المكي الحنبلي1. فالنابلسي: بفتح النون وضم الباء واللام، وكسر السين هذه النسبة إلى (نابلس) 2 وهي مدينة معروفة في فلسطين اليوم تتوسط إقليم المرتفعات الجبلية بفلسطين، وتبعد عن القدس بحوالي تسعة وستين كيلاً   (1) انظر: المصادر السابقة. (2) نابلس: يقال: إن سبب تسميتها بهذا الاسم هو أنه كانت هناك حية كبيرة في أحد أوديتها قد امتنعت فيه, وكانوا يسمونها بلغتهم (لُس) فاحتالوا عليها حتى قتلوها وانتزعوا نابها, وجاؤوا بها فعلقوها على باب هذه المدينة, فقيل: هذا (ناب لس) أي ناب الحية, ثم كثر استعماله حتى كتبوها متصلة (نابلس) هكذا, وغلب هذا الاسم عليها. انظر معجم البلدان248:5. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 12 إلى الشمال منها 1 وينسب إليها المصنف لأنه ولد في قرية (كفر الّلبد) إحدى القرى التابعة لنابلس 2. والدمشقي: نسبة إلى مدينة دمشق المعروفة، حيث بدأ المصنف رحلاته العلمية بها، فتتلمذ على عدد من علمائها في المدرسة الصالحية فيها 3. والحلبي: بفتح الحاء واللام ونسبة إلى حلب المدينة المشهورة الواقعة في شمال سورية اليوم، ونسب إليها المصنف لكونه أقام بها قريباً من إحدى وعشرين سنة، حيث ناب بها في القضاء والخطابة وقرأ على عدد من علمائها4. المقدسي: بفتح الميم وسكون القاف وكسر الدال والسين، نسبة إلى بيت المقدس، ونسب إليها المصنف لتتلمذه على عدد من علمائها، وبقائه فيها حوالي ست سنوات 5 وإليها ينسب عدد كبير من العلماء قديماً وحديثاً 6. المكي: نسبة إلى مكة المكرمة، حيث كانت هي آخر محط رحال المصنف، وقد القضاء بها ومات فيها.   1 معجم بلدان فلسطين 697, الموسوعة الفلسطينية 415:4. 2 الأنساب للسمعاني 441:5. 3 انظر الكلام عن هذه المدرسة في: القلائد الجوهرية في تاريخ الصالحية 64وما بعدها, والدارس في أخبار المدارس 316:1. 4 الضوء اللامع 309:6, التبر المسبوك 393. 5 السحب الوابلة 345. 6 الأنساب 363:5. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 13 الحنبلي: نسبة إلى مذهب الإمام الشهير أحمد بن محمد حنبل رحمه الله. وأما لقبه: فالذي اشتهر به والذي نص عليه جميع من ترجم له والذي ذكره في مقدمة كتابه هذا هو (شمس الدين) 1 وذكر حاجي خليفة وإسماعيل باشا والزركلي أن لقبه (عز الدين) ولم يذكر هذا أحدهم غيرهم 2 وأما كنيته: فلم أجد من ذكرها في أي من المصادر التي ترجمت له، إلا أن المصنف – رحمه الله – قد نص عليها في مقدمة كتابه عندما ذكر اسمه ونسبه فقال: .... أبو عبد الله محمد ... . ثالثا: مولده ونشأته: ولد القاضي شمس الدين الحنبلي سنة إحدى وسبعين وسبعمائة للهجرة، كما كتب ذلك بخط يده 3 وكان مولده في (كفر اللّبد) وهي قرية من القرى التابعة لمدينة نابلس، والواقعة على بعد حوالي سبعة وعشرين كيلاً إلى الشرق من شاطئ البحر الأبيض المتوسط وينسب إليها عدد من العلماء باسم اللبدي4. ونشأ المصنف بهذه القرية وشغف منذ صغره بحب العلم ومجالسة   1 انظر مصادر ترجمته. 2 كشف الظنون 992:2:1492, إيضاح المكنون 476:2, الأعلام 332:5. 3 التبر المسبوك 363, الضوء اللامع: 309, السحب الوابلة 344. 4 معجم بلدان فلسطين 629, الأنساب441:5. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 14 العلماء، فحفظ القرآن كاملاً في صباه ثم بدأ بعد ذلك برحلاته لطلب العلم خارج بلده. رابعاً: رحلاته العلمية: تعتبر الرحلات العلمية من قطر إلى آخر واحدة من أهم الوسائل المهمة لتلقي العلوم والمعارف ونقلها من بلد إلى آخر، وهي طريق من الطرق التي بواسطتها ينمي الإنسان معلوماته، ويغذي بها أفكاره، ويحفظ لنا التاريخ أعلاماً كباراً على مر العصور، اشتهروا برحلاتهم وتنقلاتهم إلى سائر الأمصار وحين عادوا تبوءوا مركز الصدارة والريادة العلمية. ولقد كانت بلاد الشام مركزاً هاماً من مراكز العلم، وموطناً للعلماء يتوافد عليها طلاب العلم من كل حدب وصوب، ويقصدونها من سائر البلدان. والإمام العلامة شمس الدين الحنبلي شأنه شأن غيره من طلبة العلم، فإنه بعد أن حفظ القرآن في مسقط رأسه (كفر اللّبد) بدأ يجوب البلاد وأخذ يطوف في بلاد الشام ينتقل من مدينة إلى أخرى متتبعاً لكبار علماء عصره، يحضر مجالسهم، ويسعد بسماع دروسهم ويزاحم غيره من الطلاب ويسابقهم في الحضور إلى سائر الحلقات العلمية التي كانت تقام في المساجد أو في المدارس التي كانت منتشرة في ذلك الوقت لا سيما في دمشق. وقد بدأت رحلته العلمية المباركة بالانتقال إلى مدينة دمشق سنة (789هـ) حيث المدرسة الصالحية التي كانت تغص بالعلماء والتي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 15 تعتبر من أكثر المراكز ازدهاراً بهم في تلك الفترة، فتفقه على عدد من علمائها، وقام بها قريباً من سنتين، ثم شد رحاله إلى مدينة حلب سنة (791هـ) فسمع على عدد من علمائها، وحفظ بها (عمدة الأحكام) لموفق الدين ابن قدامة و (مختصر الخرقي) وتفقه بها على القاضي شهاب الدين ابن فياض 1 وقرأ على برهان الدين إبراهيم بن محمد بن صُديق من صحيح البخاري من أول باب من جلس في المسجد ينتظر الصلاة وفضل المساجد إلى آخر باب صلاة الكسوف جماعة 2، وناب بحلب في القضاء والخطابة بجامعها الكبير، وكانت إقامته بحلب حوالي إحدى وعشرين سنة 3 ثم رحل إلى بيت المقدس سنة (812هـ) وأقام بها قريبا من ست سنوات، ثم عاد إلى دمشق مرة أخرى ثم رحل إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة واستجازه الأعيان فيها 4 حتى استقر به المطاف في آخر الأمر فأقام بمكة سنة (852هـ) وبقي بها إلى أن توفي. خامساً: شيوخه: تتلمذ المصنف خلال رحلته العلمية تلك في مختلف البلدان على عدد من علمائها وتفقه بهم وقرأ عليهم شتى العلوم والفنون.   1 الضوء اللامع 4309:6, السحب الوابلة 344-345. 2 انظر: صحيح البخاري 21:1-186. 3 التبر المسبوك 363. 4 شذرات الذهب 286:7. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 16 ومن أبرز شيوخه: 1. إبراهيم بن محمد بن صّديق الدمشقي، برهان الدين، ويعرف بابن صّديق، وبابن الرسام، ولد بدمشق، ونشأ بها فحفظ القرآن وسمع من شيخ الإسلام ابن تيمية، وابن جماعة وغيرهما، وأجاز له خلق من الشاميين والمصريين، وحدث بحلب فقرئ عليه صحيح البخاري فيها أربع مرات، وبمكة المكرمة أكثر من عشرين مرة، وكان خيراً ديناً مواظباً على الجماعات، متعبداً لطيفاً يستحضر الكثير من المتون، وكان يأخذ أجرا على حديثه لفقره وحاجته مات سنة (806هـ) 2- إبراهيم بن محمد بن مفلح تقي الدين، ويقال برهان الدين الصالحي الحنبلي، شيخ الحنابلة ورئيسهم في زمنه، أخذ عن جماعة منهم والده، وجده جمال الدين المرداوي، وأفتى ودرس بالصالحية، وصنف واشتهر ذكره وذاع صيته، وولى قضاء الحنابلة بدمشق فحمدت سيرته، وأخذ عنه جماعات منهم ابن حجر العسقلاني، وكان يحضر مجلسه الفقهاء من كل مذهب، من مصنفاته: شرح المقنع، وطبقات أصحاب أحمد، وغيرهما، مات سنة (803هـ)   1 الضوء اللامع 147:1, شذرات الذهب 54:7. 2 الدارس 47:7, القلائد الجوهرية 161, الضوء اللامع 167:1, شذرات الذهب 22:7, السحب الوابلة 36. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 17 3.أحمد بن موسى بن فياض بن عبد العزيز بن فياض، شهاب الدين المقدسي قاضي حلب وابن قاضيها تنازل له أبوه عن القضاء باختياره سنة (774هـ) فاستمر قاضيا إلى أن مات، وكان عالماً عادلاً خيراً متواضعاً ديناً كثير السكون محمود الطريقة، مشكوراً في أحكامه، مات في شعبان سنة (796هـ) 1. 4.عبد الرحمن بن أحمد بن رجب، زين الدين أبو الفرج الدمشقي، أحد كبار فقهاء الحنابلة في عصره، وأحد الأعلام حفاظ الحديث، ولد في بغداد سنة (736هـ) ونشأ بدمشق وسمع علماءها وأكثر الاشتغال بالعلوم حتى مهر وبرع وصنف، وكان يحفظ كثيراً من كلام السلف زاهداً خيراً منجمعاً عن الناس لا يخالط ولا يتردد إلى أحد من الولاة وولي تدريس الحنابلة وكان فقيراً متعففاً غني النفس. من مصنفاته: فتح الباري في شرح صحيح البخاري، وصل فيه إلى كتاب الجنائز، وطبقات أصحاب الإمام أحمد جعله ذيلاً على طبقات ابن أبي يعلي، والقواعد الفقهية، وكتاب الخواتيم، وغير ذلك من المصنفات النافعة، مات بدمشق سنة (795هـ) 2.   1 الدرر الكامنة 344:1, السحب الوابلة 108. 2 الدرر الكامنة 428:2 الدارس 86:2 , شذرات الذهب 339:6, طبقات الحفاظ للسيوطي 540, الجوهرة المنضد 46, السحب الوابلة 179, المدخل 414. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 18 5.عبد الله بن محمد بن مفلح المقدسي الصالحي الحنبلي الإمام العلامة، مات أبوه وهو صغير فحفظ القرآن وكثيراً من المتون في الفقه وغيره، وكان أستاذاً في الأصول بارعاً في التفسير والحديث علامة في الفقه، قال عنه السخاوي: وأما استحضار فروع الفقه فكان فيه عجباً مع استحضار كثير من العلوم بحيث انتهت إليه رئاسة الحنابلة في زمانه. مات بدمشق سنة (834هـ) 1. 6.علي بن محمد عباس، أبو الحسن، علاء الدين ابن اللًحام الحنبلي الدمشقي، الفقيه الزاهد، الواعظ الأصولي قرأ على ابن رجب وغيره وكان حسن الكتابة وكتب أكثر كتب ابن رجب بخطه، وكان محباً لابن تيمية وناب في القضاء ثم تركه في آخر عمره واشتغل بالتصنيف. من مصنفاته: تجريد العناية في تحرير أحكام النهاية، والقواعد الأصولية، واختيارات الشيخ تقي الدين ابن تيمية، وغيرها، مات سنة (803هـ) . 2 7 - محمد بن عبد الله بن ظهيرة، أبو حامد جمال الدين القرشي   1 الجوهر المنضد 72, الضوء اللامع 67:5, شذرات الذهب 208:7, السحب الوابلة 268. 2 الجوهر المنضد 81, الدارس 124:3, الضوء اللامع320:5, شذرات الذهب 31:7 , السحب الوابلة 308, المدخل 457. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 19 المخزومي الشافعي الإمام العلامة الحافظ، رحل إلى عدد من البلدان طلباً للعلم وبرع في الفقه والحديث وأقام بمكة نحواً من أربعين سنة فانتفع الناس به، وكان كثير الاستحضار للفقه، مع التمييز في الحديث متناً وإسناداً ولغة وفقها، ومعرفة حسنة بالعربية وغيرها من فنون العلم، وكان ورعاً متواضعاً طارحاً للتكلف، كثير المروءة والبر والنصح والمحبة لأصحابه، وافر العقل حسن الأخلاق توفي قاضياً بمكة سنة (817هـ) 1. سادساً: تلاميذه: على الرغم من أن المصنف ـ رحمه الله ـ كان أحد المعمرين حيث أن سنه كانت عند وفاته أربعاً وثمانين سنة، وأنه قضى معظم حياته في طلب العلم والسعي إليه، والحث عليه، والاشتغال في تصنيف الكتب النافعة، وأنه قضى معظم حياته في بلاد الشام التي كانت من أهم مراكز العالم الإسلامي آنذاك، ومن منابع الثقافة والنهضة العلمية، ومركز إشعاع لسائر العلوم والفنون، على رغم من ذلك كله لم تسعفنا المصادر التي ترجمت له ودوّنت حياته، بكثير من أسماء تلاميذه مع أنه في ذلك الوقت كان من الأعلام المشهورين شهرة واسعة، وذاع صيته في سائر البلاد، وكل ما عثرت عليه بعد البحث والتنقيب عن تلاميذه في بطون المصادر المطبوعة والمخطوطة هم:   1 الضوء اللامع 92:8, طبقات الحفاظ للسيوطي 548, شذرات الذهب 125:7, الجزء: 1 ¦ الصفحة: 20 1. حمد بن إبراهيم بن نصر الله بن أحمد، أبو البركات عز الدين الكنائي العسقلاني الصالحي، ولد في القاهرة سنة ثمانمائة للهجرة ونشأ بها وتوفي والده وهو رضيع، فحفظ القرآن في صباه ومختصر الخرقي، وألفية ابن مالك وغير ذلك، وولي القضاء بمصر وكان ورعاً زاهداً، باشر القضاء بعفة ونزاهة وصيانة مع لين جانب وتواضع، وعلت كلمته وأكثر من الجمع والتأليف والإنتقاد والتصنيف حتى إنه قل فن إلا وصنف فيه، إما نظماً وإما نثراً. من مصنفاته: مختصر المحرر في الفقه وتصحيحه ونظمه، وطبقات الحنابلة، وشرح ألفية ابن مالك. مات بالقاهرة سنة (876هـ) 1. 2. محمد بن عبد الرحمن بن محمد شمس الدين السخاوي، الحافظ المؤرخ طاف البلاد طلباً للعلم، فسمع من كبار العلماء في حلب ودمشق والخليل ونابلس وغيرها من البلدان، ومن أشهر شيوخه الحافظ ابن حجر، وأجاز له كبار علماء عصره منهم المصنف 2 وصنف التصانيف العديدة منها: الضوء اللامع لأهل   1 الضوء اللامع 205:2, شذرات الذهب 321:8, الجوهر المنضد6, القلائد الجوهرية 374, السحب الوابلة42, الأعلام 88:1. 2 الضوء اللامع 309:6, التبر المسبوك 363, السحب الوابلة 345, أجاز كتابة كما ذكره السخاوي نفسه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 21 القرن التاسع، المقاصد الحسنة، الجواهر والدرر في ترجمة شيخ الإسلام ابن حجر، وغيرها. مات بالمدينة المنورة سنة (902هـ) 3. محمد بن محمد بن عبد المنعم بن داود بدر الدين البغدادي المصري الحنبلي، الإمام القاضي العلامة ولد بالقاهرة سنة (801هـ) فنشأ بها وحفظ القرآن، وأفتى ودّرس واشتغل بسائر العلوم، وكان كريماً، محباً للفقراء، عرف بالديانة والأمانة، والأوصاف الحميدة، وكان بارعاً في المذهب، وولي القضاء فسار فيه سيرة حسنة جداً بعفة ونزاهة وصيانة وأمانة، وتثبت وإمعان، مات بالقاهرة سنة (857هـ) 2. 4. يوسف بن أحمد بن نصر الله، جمال الدين أبو المحاسن البغدادي المصري الحنبلي، ولد سنة (819هـ) بالقاهرة، ونشأ بها في كنف أبيه فحفظ القرآن وكثيراً من المتون، ثم رحل إلى الشام وغيرها، وتفقه على عدد من علمائها، وبرع وذاع شهرته، وشهد له بالفضل معاصروه، وكان يكتب على الفتاوى كتابة جيدة للغاية، وولي القضاء وكانت وفاته بالقاهرة سنة (889هـ) 3.   1 الضوء اللامع 2:8, البدر الطالع 184:2, شذرات الذهب 15:8, هدية العارفين 219:6, 2 الضوء اللامع 131:9, شذرات الذهب 292:7, السحب الوابلة 438. 3 الضوء اللامع 10: 299, شذرات الذهب 349:8 , السحب الوابلة 485. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 22 سابعاً: تقلده منصب القضاء: يعد القضاء إحدى الوسائل الهامة المتصلة اتصالا وثيقاً بحياة الناس، ومن أهم الولايات المرتبطة بتيسير أمور المجتمع، وفض النزاعات، والفصل في الخصومات الدائرة بين الناس في حياتهم، وإظهار حقوق الله تعالى، وحقوق العباد، فهو مسؤولية كبيرة، وأمانة عظيمة ذات خطورة متناهية. وقد تولى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ القضاء وكذلك خلفاؤه الراشدون من بعده، ونصبوا القضاة في سائر الأمصار ليقيموا موازيين العدل بين الناس، إذ أن تحقيق العدل في المجتمع من أهم الأمور التي ينبغي تحقيقها، فهو عمل جليل بحد ذاته. ولذلك فإنه لابد لمن يتولى منصب القضاء أن يكون مؤهلاً للقيام بتلك المسؤولية وتحمل أعبائها وتبعاتها، والصبر على ما يواجهه من الخصوم، وقبل ذلك كله علمه بالأحكام الشرعية وكيفية استنباطها فيما يجد عنده من القضايا، متحليا بصفة العدل والإنصاف، ذكيا فطناً ذا قدرة على كشف الحقائق وتمييز الأمور، أمينا وضيء الفكر ثاقب النظر بعيداً عن مواضع التهمة والشك والريب. ولقد كان المصنف ـ رحمه الله ـ واحداً ممن تولوا منصب القضاء حيث عمل نائبا في القضاء عند إقامته بمدينة حلب، ثم لما قدم مكة واستقر بها ولي قضاء الحنابلة فيها بعد موت القاضي عبد اللطيف بن محمد الفاسي المتوفي سنة (853هـ) 1 وقد سعى له في ذلك تلميذه   1 السحب الوابلة345,245. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 23 القاضي بدر الدين البغدادي1 وقد تولى القضاء في يوم الخميس الثالث عشر من شهر ربيع الأول سنة أربع وخمسين وثمانمائة للهجرة، واستمر فيه إلى أن مات وكانت مدة ولايته للقضاء عشرة أشهر كاملة، وقد سار القاضي شمس الدين في القضاء سيرة حسنة وبرع فيه، حيث أثنى عليه معاصروه وشهدوا له بالنزاهة والعفة وتوخي العدل والدقة في أحكامه وقضائه. فقال عنه ابن فهد: وسار في القضاء سيرة حسنة بعفة ونزاهة وتواضع وحسن خلق 2. وقال عنه الحافظ شمس الدين السخاوي: كان متواضعا حسن الخلق عفيفاً نزيهاً محمود السيرة في قضائه3. ثامناً: مصنفاته: كان المصنف رحمه الله من المشتغلين بالتأليف والتصنيف إلى جانب ما كان يقوم به من التدريس والخطابة والدعوة والقضاء، إلا أنه لم يذكر لنا من مصنفاته الشيء الكثير، ولم يصل إلينا إلا النزر اليسير منها، والذي يبدو أن مصنفاته قد أحرقت وعبث بها، فإنه قال في مقدمة أحد مصنفاته 4: (إني لما عدمت كتبي فيما جرى به   1 انظر ترجمته ص 22. 2 الدر الكمين (ورقة 5/ب) . 3 التبر المسبوك 363, الضوء اللامع 309:6. 4 انظر مقدمة تكملته لكتاب (منازل السائرين) في فهارس مكتبة كوبريلي282:1. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 24 تمرلنك1 وحصل ما حصل من التفرقة والشتات..) ، فيظهر من هذا أنها قد فقدت في حياته. وبعد الاستقراء والتتبع والبحث وقفت على مصنفاته الآتية: 1. الآداب 2. 2. الرسالة في الفقه. وهذا الكتاب يقع في (86) ورقة، تشتمل على أحكام مختلفة في أصول الدين وفروعه، وهي محفوظة بمكتبة (كوبريلى) باستانبول بتركيا 3. ولم ينسب هذه الرسالة له أحد ممن ترجم له، سوى ما اطلعت عليه في فهارس المكتبة المذكورة. 3. سفينة الأبرار الجامعة للآثار والأخبار في المواعظ وهي في ثلاثة مجلدات4.   (1) للاستزادة من أخبار الطاغية (تمرلنك) الذي عاث في الأرض فساداً. انظر: شذرات الذهب 62:7. (2) الضوء اللامع 309:6, المنهج الأحمد (2/143/ب) الدر المنضد (185/ب) , شذرات الذهب 286:7) , الأعلام 332:5. (3) فهارس مخطوطات مكتبة كوبريلى 281:1. (4) الدر الكمين (5/ب) , التبر المسبوك363, الضوء اللامع 309:6, الجوهر المنضد 146, الدر المنضد (185/ب) المنهج الأحمد (2/143/ب) كشف الظنون 2/992, شذرات الذهب 286:7, السحب الوابلة 345, هدية العارفين 199:2, الأعلام 332:5, معجم المؤلفين 265:8, مصطلحات الفقه الحنبلي 201, مفاتيح الفقه الحنبلي 169:2. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 25 وتوجد نسخة من هذا الكتاب في دار الكتب المصرية بالقاهرة 1. 4. شرح ملحة الإعراب في النحو2، وملحة الإعراب منظومة في النحو نظمها أبو محمد القاسم بن علي الحريري المتوفي سنة (516هـ) 3. وتوجد نسخة من شرح المصنف في دار الكتب المصرية 4. 5. قوت النفس في معرفة الأركان الخمس. وتوجد نسخة من هذا الكتاب في مكتبة كوبريلى بتركيا، ويقع في خمس وعشرين ورقة 5. 6. كشف الغمة بتيسير الخلع لهذه الأمة 6. وتوجد نسخة منه في مكتبة كوبريلى بتركيا، ويقع في ست عشرة   (1) ملحق الجزء الأول من فهرس دار الكتب المصرية 43:1, تاريخ التراث العربي لبروكلمان 225:2. (2) الدر الكمين: لابن فهد (5/ب) . (3) كشف الظنون 1817:2, الأعلام 177:5. (4) فهرس دار الكتب المصرية 73:3. (5) فهرس مخطوطات مكتبة كوبريلى 282:1. (6) الدر الكمين (5/ب) , التبر المسبوك 363, الضوء اللامع 309:6, الدر المنضد (185/ب) , المنهج الأحمد (2/143/ب) , كشف الظنون1492:2, شذرات الذهب 286:7, السحب الوابلة 345, هدية العارفين 199:2, معجم المؤلفين 265:8, مصطلحات الفقه الحنبلي 201, مفاتيح الفقه الحنبلي 169:2. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 26 ورقة، وهو يشتمل على أقوال العلماء المتعلقة بمسائل الخلع 1. 7- المسائل المهمة فيما يحتاج إليه العاقد عند الخطوب المدلهمة. وهو كتابنا هذا وسيأتي الكلام عنه بالتفصيل إن شاء الله تعالى. 8- أكمل كتاب (منازل السائرين) وهذا الكتاب لمؤلفه: عبد الله ابن محمد بن علي الأنصاري الحنبلي المتوفي سنة (481هـ) 2. وقد قال المصنف ـ رحمه الله ـ في مقدمة إكماله لهذا الكتاب:.. إني رأيت أوراقا قليلة جمعت فوائد جليلة من كلام الشيخ العلامة صاحب (منازل السائرين) لكني وجدتها مخرومة ورقة من أولها فشرعت في تكميلها.. ويقع هذا الكتاب في خمس عشرة ورقة 3. 9- المنتخب الشافي من كتاب الوافي4. اختصر فيه كتاب الكافي في الفقه، لموفق الدين ابن قدامة الحنبلي.   (1) فهرس مخطوطات مكتبة كوبريلى 282:1. (2) كشف الظنون 1828:2, الأعلام 122:4. (3) فهرس مخطوطات مكتبة كوبريلى 282:1. (4) الدر الكمين (5/ب) , التبر المسبوك 363, الضوء اللامع 309:6, الدر المنضد (185/ب) , المنهج الأحمد (2/143/ب) شذرات الذهب 286:7, السحب الوابلة 345, إيضاح المكنون39:2, الأعلام 333:5, معجم المؤلفين 265:8, مصطلحات الفقه الحنبلي 201, مفاتيح الفقه الحنبلي 169:2. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 27 تاسعاً: وفاته: بعد حياة حافلة بالعلم والتعلم والتدريس والفتوى والخطابة والوعظ والقضاء والتصنيف، توفي قاضي مكة، العلامة شمس الدين محمد بن أحمد بن سعيد المقدسي الحنبلي، وكانت وفاته بمكة المكرمة ليلة الخميس الرابع عشر من شهر صفر سنة خمس وخمسين وثمانمائة للهجرة، عن أربع وثمانين سنة، وصلَّي عليه عند باب الكعبة بعد صلاة الصبح، ودفن بمقبرة المٌعلاة بمكة وخلف دنياً ولا وارث له، رحمنا الله وإياه1. عاشراً: ثناء العلماء عليه: السيرة الحسنة والطريقة المثلى القويمة التي يتصف بها الإنسان بها في حياته، هي التي تبقى له بعد وفاته، فإذا جمع مع ذلك كله صفة العلم التي يطمح كل إنسان لأن يتصف بها، يكون بذلك قد استوفى الصفات التي يستحق ثناء الناس عليه بها، لاسيما إذا جاءت الشهادة له بالثناء من العلماء المشهورين والموثوقين. والقاضي شمس الدين الحنبلي جمع كل تلك الصفات من التفقه في الدين والعلم الغزير، والعدل في القضاء، والسيرة الحسنة، فاستحق بذلك ثناء معاصريه ومن جاء بعدهم له بالثناء الحسن. فقال عنه ابن فهد: وسار في القضاء سيرة حسنة بعفة ونزاهة، وتواضع وحسن خلق، وكان إماماً عالما دينا خيراً ساكناً منجمعاً عن   (1) المصادر السابقة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 28 الناس يستحضر مذهب الإمام أحمد كثيراً لا يخل بالصلاة في الجماعة مع كبر سنه وله كتابة مليحة 1. وقال السخاوي: وكان إماماً عالماً كثير الاستحضار لفروع مذهبه، مليح الحظ، خيراً ديناً، ساكناً منجمعاً عن الناس، مديما للجماعة مع كبر سنه، متواضعاً، حسن الخلق، عفيفاً، نزهاً، محمود السيرة في قضائه2. وقال ابن عبد الهادي: الشيخ، الورع، الزاهد، أثنى عليه الناس بالخير3. وقال العليمي: الشيخ، الإمام، العلامة، ... كان رجلاً جيداً خيراً عالماً.. وصنف التصانيف الجيدة 4. وقال ابن العماد: كان عالماً خيراً.. وصنف التصانيف الجيدة 5.   (1) الدر الكمين (5/ب) . (2) التبر المسبوك 363, الضوء اللامع 309:6, السحب الوابلة 345. (3) الجوهر المنضد 145-146. (4) الدر المنضد (185/أ) المنهج الأحمد (2/143/ب) . (5) شذارت الذهب 386:7. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 29 نسبة الكتاب إلى المؤلف: هذا الكتاب من مؤلفات المصنف – رحمه الله – ونسبته إليه أكيدة لا يعتريها أدنى شك، ولا يرد عليها أي تردد أو احتمال، فقد ذكر المصنف في خطبة الكتاب أنه من مصنفاته، وأكد ذلك كل من ترجم له، وعدّد مصنفاته، وقد نسب الكتاب له كل من: السخاوي في: الضوء اللامع 309:6. العليمي في: الدر المنضد (185/ب) . وفي المنهج الأحمد (2/143/ب) . وابن العماد في: شذرات الذهب 286:7. وابن حميد النجدي في: السحب الوابلة 345. وعمر رضا كحالة في: معجم المؤلفين 265:8. والثقفي في: مصطلحات الفقه الحنبلي201. وفي: مفاتيح الفقه الحنبلي169:2. فنسبة كتاب (المسائل المهمة فيما يحتاج إليه العاقد عند الخطوب المدلهمة) ثابت ثبوتاً جازماً لمؤلفه شمس الدين محمد بن أحمد ابن سعيد الحنبلي. وقد سبق أن أشرت عند ذكر لقب المصنف إلى أن جُل من ترجم له أن لقبه (شمس الدين) الحنبلي، وأن هناك من ذكر أن لقبه (عز الدين) ، ومن هؤلاء إسماعيل باشا صاحب كتابي: إيضاح المكنون، وهدية العارفين. ومن هنا فإن إسماعيل باشا لما ذكر هذا الكتاب ونسبه إلى مصنفه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 33 في إيضاح المكنون746:2 قال: لعز الدين عبد العزيز المقدسي الحنبلي، صاحب بديع المعاني، ولا شك أن هذا سهو منه شذ به عن جميع من ترجم للمصنف ومن ذكر مؤلفاته، ثم إن عز الدين عبد العزيز المقدسي لم ينسب له هذا الكتاب أحد ممن عدد مصنفاته عند الترجمة له 1 ولعله اختلط عليه اللقبان لاتحادهما فنسب الكتاب إلى هذا سهواً منه. موضوع الكتاب يتحدث المصنف في كتابه هذا عن المسائل الفقيهة المتعلقة بالأحكام الشرعية المرتبطة ارتباطاً وثيقاً وتاماً بعقد النكاح، والتي لا يستغنى عن معرفتها والإلمام بها العاقد للنكاح، أو مأذون الأنكحة بصورة خاصة. وقد افتتح المصنف كتابه بالكلام عن خطبة النكاح التي يقولها عاقد النكاح قبل العقد، ثم أعقبها ببيان الأحكام الخاصة بعقد النكاح ابتداء وما يتعلق بذلك من أركانه وشروطه، ثم ما يتعلق بكل منها من شروط، فذكر الولي ثم ما يلزم أن يتوفر فيه من الصفات، ثم الشهود وما يتعلق بهم، والتوكيل في النكاح، والصور التي يزوج فيها الحاكم ثم   (1) انظر ترجمة عز الدين عبد العزيز بن علي المقدسي المتوفي سنة (846هـ) في كل من: الجوهر المنضد67 , التبر المسبوك 54, الضوء اللامع 222:4, شذرات الذهب259:7, السحب الوابلة 221, الأعلام23:4. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 34 حالات الإجبار وعدمه المتعلقة بالكبيرة أو الصغيرة بكراً كانت أو ثيبا وحقيقة الكفاءة في النكاح، وشروطها ووقت تسليم الزوجة لزوجها، وما يتعلق بذلك كله. وتحدث بعد ذلك عن الشروط التي يشترطها الولي على الزوج والحالات التي يلزم الوفاء بها والتي لا يلزم وبيّن عند ذلك الأنكحة المحرمة بأنواعها، ثم أوضح العيوب المجوزة لفسخ النكاح سواء كانت مشتركة بين الزوجين أو ما ينفرد بها أحدهما عن الآخر. وأتبع ذلك ببيان حكم النكاح من غير تسمية صداق، وتأثير الخلوة في استقرار الصداق وعدمه. ثم سرد المصنف المحرمات في النكاح وجميع ما يتعلق بذلك مفصلاً ومبيناً بياناً كافياً وشاملاً. وذكر بعد ذلك الخلع وما يتعلق به من أحكام، والألفاظ الخاصة به، وحكمه عند وجود العوض المعلوم أو المجهول وكل ما يتصل بذلك. ثم أعقب ذلك بعقد باب خاص بالمسائل المتعلقة بالطلاق والرجعة، وبيّن فيها الأحكام المتصلة بالطلاق وألفاظه، وأحكام المطلقات على اختلاف أنواعهن، وما يرتبط بذلك من مراجعة الزوج لزوجته المطلقة. ثم عقد المصنف بعد ذلك باباً تحدث فيه عن العدّة، وذكر أقسام المعتدات، وذكر ما يتعلق بكل قسم بالتفصيل مبيناً ما يتعلق به من فروع وجزئيات، وختم المصنف كتابه بذكر باب خاص يتعلق بأحكام الجزء: 1 ¦ الصفحة: 35 الشهادات وما يتصل بها وكيفية أدائها ومن تقبل شهادته ومن ترد، والصفات المخلة بالشهادة وحكم شهادة الأقارب أو الأعداء بعضهم على بعض، والحالات التي تكون التهمة فيها مانعة من قبول الشهادة. وقد بيّن المصنف تلك الأحكام المذكورة بياناً مفيداً مختصراً محرراً ذلك كله على مذهب الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله، ويذكر في أغلب الأحيان القول المعتمد في المذهب، ويشير إلى الروايات الأخرى في بعض الأحيان وقد يذكر الدليل في بعض المواضع معتمداً في ذلك كله على كتابي المغني، والكافي لموفق الدين ابن قدامة رحمه الله. وقد ذكر المصنف ـ رحمه الله ـ في مسائل كثيرة من كتابه هذا أقوال الأئمة الثلاثة الآخرين أبي حنيفة ومالك والشافعي رحمهم الله، وربما تطرق أحياناً إلى اثنين منهم أو واحد دون الإشارة إلى البقية وهكذا. فالكتاب قد دوّن المصنف فيه أحكام النكاح بأسلوب بيّن مختصر واضح خال من التكلف مصدراً كل حكم يذكره بقوله (مسألة) . فهو كتاب مختصر في ذلك على مذهب الحنابلة مع الإشارة إلى المذاهب الأخرى في بعض الأحيان. وهذا الكتاب ـ حسب معرفتي ـ هو الفريد من نوعه الذي أفردت فيه المسائل التي يحتاج إليها عاقد الأنكحة بمؤلف منفرد بأسلوب سهل مبسط واضح. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 36 وصف النسخة المعتمدة في التحقيق بعد البحث والتنقيب في الفهارس المكتبات المختلفة لم أعثر لهذا الكتاب إلا على نسخة خطية واحدة فاعتمدت عليها في التحقيق، وهي النسخة المحفوظة في مكتبة شستربتي بمدينة دبلن بإيرلندا، ولا أعلم للكتاب سوى هذا المخطوط. وهي موجودة في المكتبة المذكورة ضمن مجموع برقم (3292) وتوجد في هذا المجموع ثمان رسائل مخطوطة وهذا الكتاب هو السابع حسب تسلسل تلك الرسائل، من (ورقة 157-169) 1 وتوجد صورة من هذا الكتاب في معهد المخطوطات العربية بالكويت 2 حيث قام المعهد مشكوراً بتزويدي بنسخة مصورة من الكتاب المذكور. وتقع نسخة هذا الكتاب في ثلاث وعشرين صفحة وقد نسخت بقلم معتاد بخط أحمد بن محمد ابن الحراني فرغ منها في أوائل القرن التاسع الهجري تقديراً. وقد ألحق بآخر النسخة ورقتان وضع لهما عنوان (فائدة) وهي من فوائد المؤلف وتكملة للكلام على ثبوت الشهادة وما يتعلق بها وقد رأيت إتماماً للفائدة وليطلع القارئ على بعض الأحكام الأخرى المتعلقة بالشهادة غير التي ذكرها المصنف في صلب الكتاب رأيت إكمال تحقيق هاتين الورقتين ليعم النفع وتشمل الفائدة.   (1) انظر: فهرس ذخائر التراث العربي في مكتبة شستربتي:إعداد كوركيس عواد. (2) فهرس المخطوطات المصورة (الفقه وأصوله) بمعهد المخطوطات العربية بالكويت 1: 411-412. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 37 عملي في التحقيق يتخلص عملي في تحقيق هذا الكتاب بما يلي: 1- قمت بنسخ الكتاب حسب قواعد الإملاء والخط الحديثة. 2- صححت ما وجدت في الأصل من تصحيف، وأضفت إلى الأصل ما كان فيه من سقط، حيث اعتمدت في ذلك على المصدرين الذين اعتمدهما المصنف في هذا الكتاب وهما كتابا المغني والكافي لابن قدامة. 3- وضعت أرقاماً متسلسلة للمسائل حيث أن المصنف يعنون لكل حكم يذكره بقوله (مسألة) فأثبت لكل مسألة رقماً مستقلاً حتى بلغت أرقام المسائل عشرين ومائة مسألة. 4- عند اقتضاء سياق الكلام في بعض المواضع إضافة كلمة ما لا يستقيم المعنى إلا بها أضفتها في الأصل وأشرت إلى ذلك في الحاشية، وهذا قليل جداً. 5- رقمت الآيات القرآنية الموجودة في الكتاب، وتثبّت منها في مواضعها من المصحف الشريف، فأذكر في الحاشية رقم الآية واسم السورة ليسهل الرجوع إليها. 6- خرّجت الأحاديث النبوية الشريفة التي ورد ذكرها في الكتاب، فإن كانت الأحاديث في الصحيحين أو في أحدهما، اكتفيت بتخريجه منهما أو من أحدهما، وأما إن لم يوجد فيهما فإنني أجتهد في تخريجه من كتب الأحاديث الأخرى كالسنن والمسانيد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 38 والمصنفات، ثم أبحث عن قوة ذلك الحديث وضعفه في الكتب التي تهتم بهذا الشأن، ثم أبين درجة الحديث. 7- وثقت المسائل الفقهية التي ذكرها المصنف بعزوها إلى مصادرها الأصلية من كتب الحنابلة، وأبين ما في تلك المسألة من روايات أخرى في المذهب لم بذكرها المصنف، كما نسبت كل قول ذكره المصنف من أقوال أئمة المذاهب الأخرى إلى مصادره الأصلية وبيان الصواب المعتمد في المذهب إذا كان المذكور في هذا الكتاب غيره. 8- شرحت المصطلحات والألفاظ والكلمات الغريبة الواردة في الكتاب والتي تحتاج إلى بيان معتمداً في ذلك على الكتب التي تهتم بهذا الشأن. 9- ترجمت لجميع الأعلام الذين ذكرهم المصنف في كتابه ترجمة مختصرة عند ذكر العلم أول مرة، ثم أتبعه بذكر المصادر التي ترجمت لذلك العلم. 10- ضعت فهارس عامة للكتاب في آخره تعين القارئ عند الرجوع إلى ما يريد من الكتاب، وتُسهل عليه كثيراً وهذه الفهارس هي: 1. فهرس الآيات القرآنية الكريمة مرتبة حسب ترتيب السور في المصحف الشريف. 2. فهرس الأحاديث النبوية الشريفة مرتبة على الحروف الهجائية. 3. فهرس للأعلام المترجم لهم مرتبة ترتيباً هجائياً. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 39 4- فهرس للمصطلحات والكلمات الغريبة المشروحة في داخل الرسالة 5- فهرس للمصادر والمراجع التي اعتمدت عليها في تحقيق الكتاب مرتبة حسب الحروف الهجائية. 6- فهرس تفصيلي بيّنت فيه المسائل الأصلية والفرعية التي ذكرها المصنف. وفي الختام أحمد الله تعالى وأشكره على ما أمدنّي به من عون حتى أتممت تحقيق هذا الكتاب، فإن كنتُ قد وفقت إلى الصواب فذلك بفضل من الله وكرمه، وإن كان غير ذلك فحسبي أني بذلت جهدي وأبحرت بقاربي في بحر التحقيق لأول مرة، وإن كنت من غير أهله. والله أسأل أن يكون عملي هذا خالصاً لوجهه الكريم، إنه ولي ذلك والقادر عليه وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى أله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. كتبه: الفقير إلى عفو ربه عبد الكريم بن صنيتان العمري الحربي المدينة المنورة ص. ب 89 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 40 قسم التحقيق ... بسم الله الرحمن الرحيم وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت قال الشيخ العلامة، وحيد دهره، وفريد عصره، شمس الدين، قدوة الحفاظ والمحدثين، أبو عبد الله، محمد بن الشيخ الإمام العالم، شهاب الدين أبي العباس أحمد بن سعد الدين سعيد الحنبلي، نفع الله بطول بقائه وحياته: الحمد لله الذي جعل النكاح من سنن الأنبياء والمرسلين1   (1) يشير بذلك إلى حديث أنس – رضي الله عنه – وفيه أن النبي – صلى الله عليه وسلم قال: (.. أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له, لكني أصوم, وأفطر ,وأصلي وأرقد, وأتزوج النساء, فمن رغب عن سنتي فليس مني) . وأخرج البخاري في كتاب النكاح-باب الترغيب في النكاح 237:3واللفظ له, ومسلم في كتاب النكاح- باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه ووجد مؤنة 1020:2رقم (1401) . وروى أبو أيوب الأنصاري – رضي الله عنه – عن النبي –صلى الله عليه وسلم – قال: (أربع من سنن المرسلين, الحياء والتعطر والسواك والنكاح) . أخرجه سعيد بن منصور في سننه _ باب الترغيب في النكاح 167:1رقم (503) , وعبد الرزاق في مصنفه _ كتاب النكاح باب وجوب النكاح وفضله 6-173رقم (10390) , وأحمد 421:5, والترمذي في أبواب النكاح _ باب ما جاء في فضل التزويج والحث عليه 272:2رقم (1068) وقال: حديث حصن غريب , وابن حاتم في الجرح والتعديل 390:9وهو ضعيف. وانظر: التلخيص الحبير 660:1,16:3, إرواء الغليل 116:1. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 51 وحض 1 عليه في كتابه العزيز المبين 2 والصلاة والسلام على أكثر هذه الأمة نسبا، سيد العرب والعجم، محمد القائل (تناكحوا تناسلوا فإني مكاثر بكم الأمم) 3.   (1) في الأصل: حظ, بالضاد وما أثبته هو الصواب. وانظر: لسان العرب 136:7, 440. (2) من ذلك قوله تعالى: (فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ) } الآية: 3} من سورة النساء. وقوله تعالى:) وانكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم) {الآية:32} من سورة النور. (3) لم أجده باللفظ الذي ذكره المصنف, والذي وقفت عليه هو: (تناكحوا تكثروا فإني أباهي بكم الأمم يوم القيامة) وقد رواه مرسلاً سعيد ابن أبي هلال الليثي, مولاهم , وأسنده ابن مردويه عن ابن عمر – رضي الله عنهما- وإسناده ضعيف. وانظر: مصنف عبد الرزاق- كتاب النكاح – باب وجوب النكاح وفضله 173:6رقم (10391) , التيسير بشرح الجامع الصغير للمناوي 456:1, كنز العمال 276:16رقم (44443) , ضعيف الجامع الصغير وزيادته 41:3رقم (2483) , التلخيص الحبير 116:3سير أعلام البنلاء303:6. قلت: وقد روى أنس بن مالك –رضي الله عنه – قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم –يأمر بالباءة وينهي عن التبتل نهيا شديداً ويقول: (تزوجوا الودود الولود, فإني مكاثر بكم الأنبياء يوم القيامة) . أخرجه سعيد بن منصور في كتاب النكاح – باب الترغيب في النكاح 139:1رقم (490) وأحمد في المسند 158:3 وابن حبان في كتاب النكاح – باب ما جاء في التزويج واستحبابه (موارد) 302رقم (1228) واللفظ له , والبيهقي في كتاب النكاح – باب استحباب التزويج بالودود الولود81:7وإسناده حسن. وصححه ابن حبان , انظر: مجمع الزوائد 258:4, التلخيص الحبير 116:3, نيل الأوطار 104:6. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 52 وعلى آله وأصحابه ساداتنا الكرام، وعلى أئمتنا وعلمائنا السادة الأعلام، وبعد: فهذه مسائل يحتاج إليها العاقد، ولا يستغني عنها الصادر والوارد، وسميتها: (المسائل المهمة فيما يحتاج إليه العاقد عند الخطوب المدلهمة) نقلتها من المغني1   (1) المغني من مؤلفات موفق الدين أبي محمد عبد الله بن أحمد بن محمد ابن قدامة المقدسي, المتوفي سنة (620هـ) وهو شرح لـ (مختصر) أبي القاسم عمر بن الحسين الخرقي, المتوفي سنة (334هـ) وقد اشتهر هذا المختصر في المذهب, ولم يخدم كتاب في المذهب مثل ما خدم, ولا اعتني بكتاب مثل ما اعتني به, حتى بلغت شروحه ثلاثمائة شرح, وأعظم شروحه وأشهرها (المغني) , وهو من أعظم الكتب الفقهية الجامعة لمذاهب الأئمة الفقهاء, وطريقته في هذا الشرح أن يكتب المسألة من الخرقي, ويجعلها كالترجمة, ثم يأتي على شرحها وتبيينها, وبيان ما دلت عليه بمنطوقها ومفهومها ومضمونها , ويبّين غالبا روايات الإمام أحمد – رحمه الله – في المسألة, ويذكر أقوال أصحاب المذاهب الأربعة وغيرهم من مجتهدي الصحابة والتابعين وتابعيهم وما لهم من الدليل والتعليل, ثم يرجع قولاً من تلك الأقوال على طريقة فن الخلاف والجدل ويتوسع في فروع المسألة. قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام المتوفي سنة (660هـ) : ما رأيت في كتب الإسلام مثل (المحلى) لابن حزم وكتاب (المغني) لابن قدامة في جودتهما, وتحقيق ما فيهما, ولم تطب نفسي بالإفتاء حتى صار عندي نسخة من (المغني) . وقد طُبع الكتاب عدة طبعات مختلفة, وكان آخرها وأجودها تحقيقاً وطباعة بتحقيق كل من د. عبد الله بن عبد المحسن التركي, ود. عبد الفتاح الحلو. وانظر: كشف الظنون 1751:2, 1626, المدخل لابن بدران 424-627مقدمة المغني, ومقدمة المقنع. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 53 والكافي 1، غير حاشيتين وجدتهما على الكافي الشافي2 والله أسأله التوفيق والعصمة فهو المانح لكل فائدة ونعمة.   (1) الكافي: من مؤلفاته موفق الدين ابن قدامة المتقدم, يذكر فيه الفروع الفقيهة, ولا يخلو من ذكر الأدلة والروايات. قال ابن قدامة في مقدمته: توسطت فيه بين الإطالة والإختصار, وأومات إلى أدلة مسائله مع الإقتصار, وعزوت أحاديثه إلى كتب أئمة الأمصار, ليكون الكتاب كافيا في فنه عما سواه, مقنعاً لقارئه بما حواه, وافياً بالغرض من غير تطويل, جامعاً بين الحكم والدليل, وقد طبع الكتاب أخيراً في أربعة مجلدات. وانظر: مقدمة الكافي, والمقنع, كشف الطنون1378:2, المدخل 430. (2) أشار المصنف إلى إحدى الحاشيتين في المسألة رقم (36) ولم ينص على الأخرى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 54 (1) مسألة: يستحب أن يخطب العاقد، أو غيره، قبل العقد 1، والمستحب أن يخطب بخطبة عبد الله بن مسعود 2 (رضي الله عنه) 3 التي قال: علّمنا رسول الله- صلى الله عليه وسلم – التشهد في الصلاة، والتشهد في الحاجة، قال: "التشهد في الحاجة: إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، ويقرأ ثلاث آيات: (اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) 4، (وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) 5،   (1) المقنع 9:3, الهداية 247:2, المبدع16:7, غاية المنتهى 8:3. (2) عبد الله بن مسعود بن غافل, الهذلي, المكي, صحابي جليل, كان من السابقين الأولين إلى الإسلام, ومن النجباء العاملين, شهد بدراً مع النبي – صلى الله عليه وسلم- وهاجر الهجرتين, وهو من كبار الفقهاء والمقرئين, ومناقبه ومواقفه كثيرة, وغزيرة مشهورة, مات بالكوفة سنة32هـ. ترجمته في: المعارف 249, حلية الأولياء 124:1, تاريخ بغداد 147:1أسد الغابة 384:3, سير أعلام النبلاء 461:1, تهذيب الأسماء واللغات 288:1, مرآة الجنان 87:1, تهذيب التهذيب 72:6. (3) ساقط من الأصل. (4) الآية 102 من سورة آل عمران. (5) الآية 1 من سورة النساء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 55 (اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً) الآية1. رواه أبو داود 2 والترمذي 3 وقال: حديث حسن 4.   (1) الآية 70 من سورة الأحزاب. (2) هو الإمام الحافظ سليمان بن الأشعث بن شداد, الأزدي, أبو داود السجستاني, صاحب السنن, كان أحد أئمة الدنيا فقهاً وعلماً وحفظاً, وعبادة وورعاً, وإتقاناً وجمع وصنف, وذبّ عن السنة, قال عنه النووي: اتفق العلماء على الثناء عليه, ووصفه بالحفظ التام, والعلم الوافر, والإتقان والورع والدين والفهم الثاقب في الحديث وغيره, من مصنفاته: السنن, المراسيل, وغيرهما, مات بالبصرة سنة 235هـ. ترجمته في: الجرح والتعديل 101:4, تاريخ بغداد 55:9, تهذيب الأسماء واللغات 224:2, مرآة الجنان 189:2, طبقات الشافعية للسبكي 293:2, وفيات الأعيان 404:2, تذكرة الحفاظ 591:2, تهذيب التهذيب 169:4, شذرات الذهب 167:2, كشف الطنون1004:2, هدية العارفين 395:2. (3) هو الإمام الحافظ العلامة, محمد بن عيسى بن سورة السلمي, أبو عيسى الترمذي, أحد أئمة الحديث, وحفاظه, طاف البلاد وسمع خلقا كثيراً. من مصنفاته: الجامع الصحيح الشهير بسنن الترمذي, الشمائل النبوية, العلل, التاريخ, وغيرها, مات بترمذ في رجب سنة 279هـ. ترجمته في: وفيات الأعيان 278:4, تذكرة الحفاظ 633:2, ميزان الاعتدال 117:3, تهذيب التهذيب 387:9, طبقات الحفاظ للسيوطي 282, شذرات الذهب 174:2, كشف الظنون559:1, هدية العارفين 19:2, الأعلام322:6. (4) الحديث أخرجه عبد الرزاق في مصنفه, كتاب النكاح, باب القول عند النكاح187:6 حديث رقم (10449) , وابن أبي شيبة في كتاب النكاح – باب خطب النكاح 381:4, وأحمد في مسنده 432:1, وأبو داود في النكاح , باب خطبة النكاح 591:2رقم (2118) , والترمذي في أبواب النكاح, باب خطبة النكاح 285:2رقم (1111) وحسنه, والنسائي في كتاب النكاح, باب ما يستحب من الكلام عند النكاح 89:6, وابن ماجه في كتاب النكاح , باب خطبة النكاح 609:1رقم (1892) , والحاكم في المستدرك, كتاب النكاح 182:2, والدرامي في كتاب النكاح, باب خطبة النكاح 66:2. رقم (2208) , والطيالسي في مسنده 45رقم (338) , وابن الجارود في المنتقى 170حديث رقم (679) , والبغوي في شرحه السنة, كتاب النكاح , باب خطبة النكاح والحاجة 49:9رقم (2268) , والبيهقي في كتاب النكاح, باب خطبة النكاح 146:7, وصححه أبو عوانة وابن حبان, انظر فتح الباري 202:9. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 56 وكان أحمد بن حنبل 1 - رضي الله عنه – إذا حضر عقد النكاح   (1) أحمد بن حنبل بن هلال الشيباني, أبو عبد الله إمام المذهب المعروف, كان من كبار الحفاظ, ومن أخيار هذه الأئمة , مجمع على جلالته وزهده, وحفظه ووفور علمه, قال عنه أبو حاتم: كان بارع الفهم بمعرفة صحيح الحديث وسقيمه, وقال أيضاً: إذا رأيت الرجل يحب أحمد بن حنبل فاعلم أنه صاحب سنة, وقال عنه الإمام الشافعي: خرجت من بغداد فما خلفت بها أفقه ولا أزهد ولا أروع ولا أعلم منه, له العديد من المصنفات منها: المسند, فضائل الصحابة, المسائل , العلل والرجال, الزهد, وغيرها, مات ببغداد سنة 241هـ. ترجمته في الجرح والتعديل 92:1, حلية الأولياء 161:9, تاريخ بغداد 412:2, تهذيب الأسماء واللغات 11:1, وفيات الأعيان 63:1, تذكرة الحفاظ 431:2, سيرة أعلام النبلاء 177:11-358. مرآة الجنان132:2, المنهج الأحمد 51:1- 108, شذرات الذهب 96:2, هدية العارفين 48:1, الأعلام 203:1. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 57 فلم يخطب فيه بخطبة عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه- 1 قام وتركهم2. وهذا كان من أحمد على طريق المبالغة في الاستحباب، لا على الوجوب3 فإنه لم يقل أحد من العلماء بوجوب الخطبة4 إلا داود 5   (1) ساقط من الأصل. (2) المغني 536:6, الإقناع 162:3, الفروع160:5. (3) المصادر السابقة , والكافي 34:3, كشاف القناع21:5. (4) بداية المجتهد 3:2, الإشراف لابن المنذر 32:4 , فتح الباري 302:9, نيل الأوطار 132:6, سبل السلام 979:3. (5) داود بن علي بن خلف, أبو سليمان الأصبهاني البغدادي, الحافظ الفقيه, أحد الأئمة المجتهدين, وإليه ينسب الظاهرية، انتهت إليه رئاسة العلم ببغداد في عصره, وكان أكثر الناس تعصباً للإمام الشافعي, وقد نفى القياس في الأحكام الشرعية, وتمسك بظاهر الكتاب والسنة, وكان بصيراً بالحديث صحيحه وسقيمه, إماما ورعاً ناسكاً زاهداً. قال عنه ثعلب: كان عقل داود أكبر من علمه, مات ببغداد سنة270هـ , وله العديد من المؤلفات. ترجمته في: تاريخ بغداد369:8, وفيات الأعيان 255,2, مرآة الجنان184:2, طبقات الشافعية للسبكي 248:2,تهذيب الأسماء واللغات182:1, تذكرة الحفاظ 572:2, طبقات الحفاظ للسيوطي 257, هدية العارفين 359:1, الأعلام 333:2. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 58 فإنه قال بوجوبها 1. وقال الشافعي 2: المسنون خطبتان: هذه التي ذكرناها، وخطبة من الزوج قبل قبوله3 والمنقول عن النبي- صلى الله عليه وسلم – وعن السلف خطبة واحدة 4.   (1) قول داود في: المغني 537:6, الشرح الكبير166:4. (2) هو محمد بن إدريس بن العباس الهاشمي القرشي, أبو عبد الله المطلبي, أحد الأئمة الأربعة المجتهدين المشهورين, وإمام المذهب المعروف, وإليه تنسب الشافعية كافة, مناقبه كثيرة مشهورة, ولد بغزة بفلسطين وحمل منها إلى مكة وهو في الثانية من عمره, وزار بغداد مرتين, وكان من أشعر الناس, قال عنه الإمام أحمد: ما أحد ممن بيده محبرة أو ورقة إلا وللشافعي في رقبته منة, كان ذكياً مفرطاً, وكان الحميدي يقول: حدثنا سيد الفقهاء الشافعي. من مصنفاته: الأم, الرسالة, أحكام القرآن, اختلاف الحديث, المسند, وغيرها, مات بمصر سنة 204هـ. ترجمته في: حلية الأولياء 63:9, تاريخ بغداد56:2, تهذيب الأسماء واللغات 44:1, وفيات الأعيان 163:4,طبقات الشافعية للسبكي, المجلد الأول, تذكرة الحفاظ364:1, تهذيب التهذيب 25:9, شذرات الذهب 9:3, والأعلام 26:6. (3) التنبيه 159, روضة الطالبين 35:7, مغني المحتاج 138:3, الوجيز3:2. (4) لحديث ابن مسعود الذي سبق قبل قليل, وانظر أيضاً الشرح الكبير166:4. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 59 (2) مسألة: شروط النكاح التي لا يصح إلا بها 1 خمسة 2: الولي، وأن يحضره شاهدان، وتعيين الزوجين، والتراضي من الزوجين، أو ممن يقوم مقامهما والشرط الخامس: الإيجاب 3 والقبول 4. وفي اشتراط الكفاءة لصحة النكاح روايتان عن أحمد، ويأتي بيان ذلك إن شاء الله تعالى 5. (3) مسألة يشترط للولي ثمانية شروط: العقل 6 والحرية 7   (1) سيذكر المصنف في المسائل التالية ما يتعلق بهذه الشروط من الجزيئات والفرعيات المختلفة بالتفصيل. (2) الكافي 10:3, 21, 23, 24, 28. (3) الإيجاب: اللفظ الصادر من قبل الولي, أو من يقوم مقامه. الإقناع: 167:3. (4) القبول: اللفظ الصادر من الزوج, أو من يقوم مقامه. الروض المربع 67:3. (5) سيفصل المصنف الكلام على اشتراط الكفاءة في النكاح في المسالة رقم (45) . (6) الإقناع173:3, دليل الطالب203. (7) هذا هو المذهب, فلا ولاية لعبد, وذكر ابن مفلح في المبدع نقلاً عن الروضة: أن فيه روايتين. الإنصاف 72:8, المبدع 34:7, شرح منتهى الإرادات 18:3, الفروع 177:5. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 60 والذكورية 1 والبلوغ 2. وعن أحمد: أن الصبي المميز إذا بلغ عشر سنين صح تزويجه 3 والأول أولى 4 واتفاق الدين 5 والعدالة 6 والتعصيب 7 أو ما يقوم   (1) المقنع 21:3, مغني ذوي الإفهام 121. (2) اشتراط بلوغ الولي, هو المذهب, وهذا أصح الروايتين عن أحمد. الإنصاف73:8, المذهب الأحمد 123, المحرر15:2, كشاف القناع 53:5. (3) هذه هي الرواية الثانية عن أحمد, وعن أنه إذا بلغ اثنتي عشرة سنة صح تزويجه. الإنصاف 73:8, المبدع 53:7, المسائل الفقهية لأبي يعلى 92:2. (4) المصادر السابقة, والمغني 466:6. (5) واستثنى من ذلك حالتان: الحالة الأولى: لا يلي الكافر نكاح مسلمة إلا أم ولده إذا أسلمت, ففيها وجهان: الأولى: أنه يلي تزويجها, والثانية: لا يليه. الحالة الثانية: لا يلي مسلم نكاح كافرة إلا الحاكم فإنه يلي نكاح الذمية التي لا ولي لها, وكذلك يلي الكتابي نكاح موليته الكتابية من مسلم. المغني 472:6, الكافي 15:3, الإقناع 174:3. (6) هذا هو المذهب, أن العدالة من شروط الولي , وهي أصح الروايتين عن أحمد, والراوية الثانية: لا تشترط العدالة فيصح تزويج الفاسق. الإنصاف 73:8, 74, المحرر15:2, الفروع 177:5, شرح منتهى الإرادات 18:3. (7) عصبة الرجل: بنوه وقرابته لأبيه, وإنما سموا عصبة , لأنهم عصبوا به أي أحاطوه به, فالأب طرف , والابن طرف, والعم جانب, والأخ جانب, والجمع عصبات, والعصبة على نوعين: عصبة نسبية وهي على ثلاثة أنواع: العصبة بالنفس, العصبة بالغير, والعصبة مع الغير, وعصبة سببية, وهي على نوعين بحسب سببها, عصبة سببها العتق, وعصبة سببها العقد. المطلع 302, الصحاح 182:1, أنيس الفقهاء 301, معجم لغة الفقهاء 313. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 61 مقامه 1 وعدم من هو أولى منه 2. (4) مسألة: إذا مات الأقرب، أو جن، أو فسق انتقلت الولاية إلى ما بعده فإن عقل المجنون، وتاب الفاسق عادت ولايته3. (5) مسألة: يشترط في الشهود سبع صفات: العقل، والسمع، والنطق 4   (1) الكافي 16:3. (2) المصدر السابق. (3) الهداية 249:1, الكافي 16:3, المذهب الأحمد 123, شرح منتهى الإرادات191:3, كشاف القناع 54:5-55, الروض المربع 74:3, الروض الندي 355. (4) الإقناع 178:3, غاية المنتهى 24:3, مغني ذوي الأفهام 122. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 62 والبلوغ1، وعن أحمد – رضي الله عنه – تنعقد بحضور مراهقين 23 والأول أصح 4. والإسلام 5 والعدالة 6، وعن أحمد: ينعقد بحضور فاسقين7 والأولى أولى8. ويكفي الشاهد أن يكون مستور 9 الحال 10، والذكورية 11   (1) هذا هو مذهب – الإنصاف 102:8. (2) المراهق: الغلام الذي قارب الاحتلام – لسان العرب 130:10. (3) الإنصاف: الصفحة السابقة, والهداية 350:1. (4) وصححه ابن قدامة في الكافي 23:3. (5) هذا المذهب, وقال أبو الخطاب: ويتخرج أن ينقد نكاح ذمية لمسلم بحضور ذميين, وهو مخرج من رواية قبول شهادة أهل الذمة بعضهم على بعض. الإنصاف 104:8, الهداية 250:1, الشرح الكبير 205:4, الفروع 188:5. (6) شرح المنتهى 25:3, المبدع 47:8. (7) وقال في الفروع: وأسقطها – أي رواية الفسق – أكثرهم. الفروع 188:5. (8) الكافي 22:3. (9) مستور الحال: من يكون عدلا في الظاهر, ولا تعرف عدالة باطنه. مقدمة ابن الصلاح 225. (10) المغني 452:6. (11) هذا هو المذهب. الإنصاف 102:8, الشرح الكبير204:4. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 63 وعنه: ينقد بشهادة رجل وامرأتين 1،والأول المذهب 2. (6) مسألة: لا ينعقد النكاح إلا بشهادة مسلمين3. فأما الفاسقان ففي انعقاد النكاح بشهادتهما روايتان: إحداهما لا ينعقد 4، وهو مذهب الشافعي5. والثانية 6: ينعقد بشهادتهما 7. وهو مذهب أبي حنيفة 8   (1) المصدر السابق, والهداية 250:1. (2) المصادر السابقة , والكافي 22:3. (3) كذا في الأصل, وفي المغني أيضاً, ولعل الصواب عدلين. وانظر: المغني 451:6, الشرح الكبير 204:4, الكافي 22:3. (4) المغني: 452:6. (5) لأم 19:5, مغني المحتاج 144:3. (6) في الأصل: الثاني. (7) المغني 452:6. (8) هو النعمان بن ثابت بن زوطي , التيمي بالولاء الكوفي, أبو حنيفة فقيه العراق , وإمام أصحاب الرأي , وصاحب المذهب المعروف, وأحد الأئمة الأربعة المشهورين, كان قوي الحجة من أحسن الناس منطقاً , قال عنه الإمام مالك: رأيت رجلاً لو كلمته في هذه السارية أن يجعلها ذهباً لقام بحجته, وكان كريماً في أخلاقه , جواداً , وقال عنه الإمام الشافعي: الناس في الفقه عيال عليه, وأكره على القضاء فحبس إلى أن مات سنة 150هـ. ترجمته في: الجواهر المضية 49:1, طبقات ابن سعد 368:6, المعارف 495, تاريخ بغداد 323:13, وفيات الأعيان 405:5, تهذيب الأسماء واللغات 216:3, مرآة الجنان 309:1, تهذيب التهذيب 449:10 , شذرات الذهب 227:1, هدية العارفين 495:2, الإعلام 36:8. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 64 رضي الله عنه 1. وعلى كلتا الروايتين لا يعتبر حقيقة العدالة، بل ينعقد بشهادة مستوري الحال، لأن النكاح يكون في القرى والبادية وبين عامة الناس، فاعتبار ذلك يشق، فاكتفي بظاهر الحال2. فإن تبين بعد العقد أنه كان فاسقاً لم يؤثر ذلك في العقد 3. (7) مسألة: لا ينعقد النكاح إلا بشاهدين، وهذا المشهور عن أحمد4. وبه قال الشافعي5 وأبو حنيفة 6 رضي الله عنهما.   (1) الاختيار: 83:4. (2) المغني 425:6, الشرح الكبير 204:4, شرح منتهى الإرادات 25:3. (3) المصادر السابقة , وكشاف القناع 66:5. (4) المحرر18:2, مسائل أحمد لابن هانئ 195:1, الإنصاف 102:8, المسائل الفقيه لأبي يعلى 84:2, الشرح الكبير 203:4, المذهب الأحمد 123, المبدع 46:7, كشاف القناع 65:5, منار السبيل 157:2, السلسبيل 695:2. (5) الأم 19:5. (6) بدائع الصنائع 252:2, الاختيار 83:3. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 65 وعن أحمد: أنه يصح بغير شهود 1 وبه قال مالك 2 رضي الله عنه 3. (8) مسألة: لا ينعقد النكاح بشهادة صبيين، وعنه ينعقد بشهادة مراهقين 4.   (1) الهداية 250:2, المغني 451:6, الإفصاح 115:2. (2) مالك بن أنس بن مالك الأصبحي المدني الإمام المشهور ,إمام دار الهجرة, وأحد الأئمة الأربعة أصحاب المذاهب المشهورة , وهو من تابعي التابعين, أجمعت طوائف العلماء على إمامته وجلالته, وتبجيله وتوقيره, وعلو كعبه في الفقه والحديث , أرسل إليه الرشيد العباسي رسولاً ليأتي إليه فيحدثه فقال مالك: العلم يؤتى إليه, فقصده الرشيد واستند إلى الجدار , فقال مالك: يا أمير المؤمنين من إجلال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إجلال العلم , فجلس بين يديه فحدثه, وسأله المنصور: أن يضع كتاباً للناس يحملهم على العمل به , فصنف الموطأ, مات بالمدينة المنورة سنة 179هـ. ترجمته في: الديباج المذهب 17, المعارف 498, حلية الأولياء وفيات الأعيان 135:4, تهذيب الأسماء واللغات 75:2, مرآة الجنان 373:1, تذكرة الحفاظ 207:1, تهذيب التهذيب 5:10, طبقات الحفاظ للسيوطي 96, شذرات الذهب 289:1, كشف الظنون 1907:2, الأعلام 258:5. (3) الإشهاد ليس بشرط لصحة العقد عند مالك فإن تزوج ولم يشهد فنكاحه صحيح, ويشهدان فيما يستقبلان إلا أن يكونا قصدا نكاح السر فلا يصح أن يثبتا عليه, فلا يجب الإشهاد عنده إلا عند الدخول. المدونة 192:1, المقدمات والممهدات 479:1, بداية المجتهد 17:2. (4) سبق الكلام على هذا في المسألة رقم 5. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 66 ولا ينعقد بشهادة مجنونين، ولا أصمين، ولا أخرسين 1. وفي انعقاده بحضور أهل الصنائع الزرية 2 وجهان 3. وفي انعقاد بشهادة عدوين، أو ابني الزوجين، أو أحدهما، وجهان 4. (9) مسألة: ينعقد النكاح بشهادة عبدين 5.   (1) المغني 453:6, المقنع 28:3, كشاف القناع 66:5. (2) أي: الرديئة المعيبة المحتقرة عند الناس, كالحجامة والكناسة والحياكة وغيرها. الصحاح 2367:6, اللسان 356:14. (3) أحدهما: ينعقد , وهو المذهب, والثاني: لا ينعقد. المغني 453:6, الكافي 23:3, الشرح الكبير 205:4, وانظر المسألة رقم:103. (4) أما انعقاده بحضور عدوين , فالوجه الأول: ينعقد بحضورهما , وهو المذهب , والثاني: لا ينعقد , وأما انعقاده بحضور ابن الزوجين , أو أحدهما , فالوجه الأول: لا ينعقد , وهو المذهب , والثاني: ينعقد بهما , أو بأحدهما. وقيل: روايتان في كل منهما. المغني: الصفحة السابقة , الهداية 250:1, الإنصاف 104:8-105, المحرر 18,2, الفروع 187:5, التنقيح المشبع 291, تصحيح الفروع 187:5, شرح منتهى الإرادات 25:3. (5) الهداية 250:1, المغني 453:6, الشرح الكبير 205:4, غاية المنتهى 25:3, دليل الطالب204. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 67 وقال أبو حنيفة 1 والشافعي 2- رضي الله عنهما- لا ينعقد بشهادتهما. وينعقد النكاح بشهادة ضريرين 3. وللشافعية في ذلك وجهان 4. (10) مسألة: أحق الناس بنكاح المرأة الحرة 5 أبوها 6. وبه قال الشافعي 7 وهو المشهور عن أبي حنيفة 8.   (1) مختصر الطحاوي 335, بدائع الصنائع 253:2, الاختيار 82:3. (2) الأم 19:5, كفاية الأخيار 32:2. (3) الكافي 23:3, المبدع 47:7, منتهى الإرادات 168:2, كشاف القناع 66:5, الروض المربع 76:3, الروض الندي 356. (4) الأول: لا يصح أن يكون الشاهد ضريرا, والوجه الثاني: يصح أن يكون الأعمى شاهداً ,والأول هو الأصح عندهم. الوجيز 4:2, الروضة 45:7, مغني المحتاج 144:3, الإقناع للشربيني 74:2. (5) قيد المرأة بالحرة , لأن الأمة لا ولاية لأبيها عليها , وإنما وليها سيدها. المغني 456:6. (6) المصدر السابق, مختصر الخرقي 81, المبدع 30:7, الفروع 178:5. (7) الأم 11:5, التنبيه 158, الإقناع للشربيني 74:2. (8) بدائع الصنائع 250:2. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 68 وقال مالك 1 وأبو يوسف 2:الإبن أولى من الأب 3. وهو رواية عن أبي حنيفة 4، لأنه أولى منه بالميراث وأقوى تعصيباً 5.   (1) المشهور عن مالك ما ذكره المصنف , وعنه رواية أن الأب أولى من الإبن. المدونة 161:2, أسهل المدارك 70:2, سراج السالك 37:2, المنتقى 268:3, حاشية العدوي42:2. (2) هو يعقوب بن إبراهيم بن حبيب الأنصاري أبو يوسف القاضي صاحب أبي حنيفة, ومن كبار تلاميذه وإليه يرجع الفضل – بعد الله- في نشر فقه شيخه في سائر الأمصار, وثقه النسائي وأبو حاتم وغيرهما, وقال عنه يحيى ابن معين: ما رأيت في أصحاب الرأي أثبت في الحديث لا أحفظ ولا أصح رواية من أبي يوسف، وقال أيضا: أبو يوسف صاحب حديث وسنة , وقال الإمام أحمد: كان مصنفاً في الحديث , ولي القضاء للهادي والمهدي والرشيد. من مصنفاته: الخراج , الآثار , أدب القاضي , اختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى , الأمالي في الفقه , وغيرها, مات ببغداد سنة 182هـ. ترجمته في: المعارف 499, تاريخ بغداد 242:14, الجواهر المضية 220:2, مرآة الجنان 382:1, وفيات الأعيان 318:6, ميزان الاعتدال447:4, طبقات الحفاظ للسيوطي 127, شذرات الذهب 298:1, هدية العارفين 536:2, الأعلام 193:8. (3) مختصر الطحاوي 169, مجمع الأنهر 336:1. (4) انظر المصدرين السابقين. (5) المغني 456:6, كفاية الطالب الرباني 42:2, الإشراف 43:4, البدائع 250:2. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 69 ثم الجد وإن علت درجته، وهو أولى من الإبن 1، وعن أحمد: أن الإبن مقدم على الجد 2. وهو قول مالك رحمه الله 3. وعن أحمد رواية ثالثة: أن الأخ يقدم على الجد 4. وبه قال مالك رحمه الله 5. وعن أحمد رواية رابعة: أن الجد والأخ سواء 6. وإذا عدم الأب والجد وإن علا، فأولى الناس بتزويج المرأة ابنها، ثم ابنه وإن نزلا، الأقرب فالأقرب منهم7. وبه قال أبو حنيفة 8.   (1) هذا هو المذهب. وانظر: مختصر الخرقي 81, المقنع 19:3, شرح منتهى الإرادات 17:3. (2) نقل هذه الرواية عنه إسحاق بن منصور الكوسج في مسائله 196, وانظر: المسائل الفقيهة لأبي يعلى 91:2, والفروع 178:5, الكافي 12:3. (3) سراج السالك 36:2, أسهل المدارك 70:2. (4) الفروع 178:5, الإنصاف 69:8. (5) المدونة 161:2, الكافي لابن عبد البر1: 429. (6) الهدية 249:1, الفروع 178:5, المحرر 16:2. (7) المغني 458:6 , الشرح الكبير 185:4, منار السبيل 152:2. (8) مجمع الأنهر 337:1. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 70 وقال الشافعي – رحمه الله – لا ولاية للإبن إلا أن يكون ابن عم، أو مولى1 أو حاكماً فيلي بذلك لا بالبنوة 2. ولا خلاف بين أهل العلم في تقديم الأخ بعد عمودي 3 النسب 4.   (1) المولى: جمعه موال , وله في اللغة معان كثيرة منها: المحب التابع , والسيد , والعبد , المعتق , والمعتق , وابن العم , والحليف , والجار , والشريك , والولي , والناصر , والمالك , وغير ذلك. والموالي ثلاثة أنواع: 1ـ مولى العتاقة, ومولى النعمة, وهو المعتق لأنه ولى الإنعام عليه بالإعتناق وهو المراد هنا. 2ـ مولى الإسلام: فمن أسلم على يد رجل نسب إليه وكان مولاه. 3ـ مولى الحلف: وهو أسلم أن يأتيه رجل مجهول النسب فيتعاقد معه قائلا: أنت وليي ترثني إذا مت وتعقل عني إذا جنيت. وانظر: المطلع 289, 300, اللسان 409:15, الصحاح 2029:6, أنيس الفقهاء 262, التقييد والإيضاح 414, علوم الحديث 400, مغني المحتاج 151:3. (2) الأم 12:5, روضة الطالبين 60:7, كفاية الأخيار 32:2. (3) عمودا النسب: الآباء والأمهات وإن علوا , والأولاد وإن سفلوا , وسموا عمودين استعارة من العمود لغة , لأن الإنسان يعمد بهما أي يسند بهما ويقوي. المطلع 315, الصحاح 511:3, اللسان 304:3, 305, معجم لغة الفقهاء 322. (4) مختصر الطحاوي 169, المنتقى 268:3, مغني المحتاج 151:3, المغني 458. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 71 والمشهور عن أحمد – رحمه الله- أن الأخ للأبوين، والأخ للأب إذا اجتمعا (أنهما) 1 سواء 2. والرواية الثانية: أن الأخ للأبوين / 3 أولى 4 اختارها 5 أبو بكر 6   (1) ما بين القوسين ساقط من الأصل. وهي زيادة يقتضيها السياق, وانظر: المغني 459:6. (2) هذه إحدى الروايتين عنه, وهي المذهب عند المتقدمين , قال في الفروع: اختاره الأكثر , ونقل المرادي عن الزركشي قوله: وهو المذهب عند الجمهور. المغني 459:6, مختصر الخرقي 81, الهداية 249:1, مسائل أحمد لابنه صالح 332:2, الإنصاف 69:8-70, الفروع 178:5, المبدع 31:7, الإفصاح 119:2. (3) نهاية لـ (1) . (4) هذه الرواية هي المذهب عند المتأخرين. وانظر: الصفحة السابقة , وكشاف القناع 51:5, والمذهب الأحمد 122, شرح منتهى الإرادات 17:3, مغني ذوي الأفهام 121, دليل الطالب 203, الروض الندي 355. (5) انظر اختيار أبي بكر في: المغني , والإنصاف , والمبدع الصفحات السابقة. (6) هو عبد العزيز بن جعفر بن أحمد بن يزداد بن معروف, أبو بكر المعروف بغلام الخلال , حدث عن محمد بن عثمان بن أبي شيبة , وموسى بن هارون , وأبي القاسم البغوي وغيرهم , وحدث عنه أبو إسحاق ابن شاقلا , وأبو عبد الله ابن بطة , وأبو الحسن التميمي , كان أحد أهل الفهم والفقه, موثوقاً به في العلم , متسع الرواية , مشهوراً بالديانة , موصوفاً بالأمانة , عابداً ورعا بارعاً في مذهب أحمد , وكان له قدم راسخ في تفسير القرآن ومعرفة معانيه. من مصنفاته: الشافي , المقنع , زاد المسافر , مختصر السنة , تفسير القرآن, وغيرها , مات سنة 363هـ. ترجمته في: تاريخ بغداد 459:10, طبقات الحنابلة 119:2, مناقب الإمام أحمد 612, سير أعلام النبلاء 143:16, المنهج الأحمد 68:2, المطلع 437, شذرات الذهب 45:3, هدية العارفين 577:2, المدخل 414, الأعلام 15:4. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 72 وهذا قول أبي حنيفة 1 ومالك 2 رحمهما الله تعالى. وهو قول الشافعي في الجديد 3. وهو الصحيح إن شاء الله تعالى 4. ثم بعد الأخوة بنوهم وإن سفلوا، ثم الأعمام، ثم بنوهم وإن سفلوا، ثم الأقرب فالأقرب على ترتيب الإرث بالتعصيب5.   (1) بدر المتقى في شرح الملتقى 337:1, الاختيار 95:3،5: 93, مختصر الطحاوي 169. (2) عن مالك روايتان: الأولى التي ذكرها المصنف, وهي أن الأخ الشقيق مقدم على الأخ لأب, وهذه هي الرواية المشهورة, والرواية الثانية: أنهما سواء. حاشية العدوي 43:2, المنتقى 268:3, سراج السالك38:2. (3) وقال في القديم: هما سواء, وانظر: الأم 12:5, الروضة 59:7, الوجيز 6:2, الإقناع 75:2, (4) وممن صححه ابن قدامة وأبو الفرج المقدسي وغيرهما. وانظر: المغني 459:6, الشرح الكبير 185:4, الإنصاف 69:8. (5) مختصر الخرقي 81, المغني 459:6, المذهب الأحمد 123, المبدع 23:7, كشاف القناع 51:5, شرح منتهى الإرادات 17:3, مغني ذوي الأفهام 121, الروض الندي 355, منار السبيل 153:2. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 73 (11) مسألة: لا ولاية لغير العصبات من الأقارب، كالأخ من الأم، والخال، وعم الأم، والجد أبي الأم، ونحوهم1. (12) مسألة: إذا لم يكن للمرأة عصبة من نسبها، ولها مولى معتق، فهو وليها في النكاح بلا خلاف، ولا خلاف في أن العصبة المناسبة أولى منه، فإن عدم المولى المعتق، أو لم يكن من أهل الولاية كالمرأة، والطفل، والكافر، فعصابته الأقرب فالأقرب على ترتيب الميراث، ثم مولى المولى، ثم عصباته من بعده فإن اجتمع ابن المعتق وأبوه، فالإبن أولى لأنه أحق بالميراث، وإنما قدم الأب المناسب على الابن لزيادة شفقته، وفضيلة ولادته 2.   (1) المغني 460:6, الشرح الكبير 186:4, الإقناع 172:3, كشاف القناع 52:5, غاية المنتهى 19:3, حاشية المقنع 20:3, منار السبيل 153:2. (2) المغني, والشرح الكبير, الصفحات السابقة, والكافي 12:3, كشاف القناع 51:5, شرح منتهى الإرادات 17:3, 19. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 74 (13) مسألة: إذا عدمت الأولياء من النسب والولاء، فالولي في التزويج السلطان1. ولا خلاف في ذلك بين أهل العلم 2. والسلطان هو: (الإمام أو) 3 الحاكم، أو من فوضا إليه ذلك4. (14) مسألة: لا يشترط في الولي أن يكون بصيراً 5.   (1) هذا هو المذهب, وعن أحمد: أن من أسلمت على يد إنسان فهو أحق بتزوجها من السلطان. الإنصاف: 70:6, الفروع 178:5, مختصر الخرقي81, المقنع 20:3, الكافي 13:3, كشاف القناع 51:5, منتهى الإرادات 161:2, دليل الطالب 203, مغني ذوي الأفهام 121, الروض الندي 355. (2) مجمع الأنهر 338:1, سراج السالك 38:2, مغني المحتاج 152:3, المغني 460:6. (3) ما بين القوسين ساقط من الأصل, والزيادة من المغني 461:6, والشرح الكبير187:4. (4) وقال الإمام أحمد: القاضي أحب إلّي من الأمير في هذا. وانظر: المغني, والشرح الكبير, الصفحات السابقة, الفروع 187:5, شرح منتهى الإرادات 18:3, المبدع 32:7. (5) هذا هو الصحيح من المذهب, وقيل: تزول بالعمى. المغني 466:4, الشرح الكبير 190:4, الفروع 177:5, المبدع 36:7, الإنصاف75:8, الإقناع 172:3, شرح منتهى الإرادات 19:3. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 75 ولا يشترط كونه ناطقاً، بل يجوز أن يلي الأخرس إذا كان مفهوم الإشارة، لأن إشارته تقوم مقام نطقه 1. (15) مسألة: يزوج أمة المرأة بإذنها من يزوجها 2. وعن أحمد-رضي الله عنه- أن للمرأة أن تولي أمر أمتها رجلاً يزوجها3. وهكذا في مولاتها 4 روايتان، أصحهما: ولي سيدتها وليها، فإن لم يكن لسيدتها ولي زوجها الحاكم 5.   (1) أما إذا لم تفهم إشارته , فإن ولايته لا تصح. المصادر السابقة , والكافي 18:3, كشاف القناع 53:5, مسائل أحمد لابنه عبد الله 335,340. (2) هذا هو الصحيح من المذهب , مختصر الخرقي 81, المقنع 20:3, الإنصاف 67:8, المذهب الأحمد 123, الهداية 284:1, كشاف القناع49:5. (3) المصادر السابقة, والمسائل الفقهية لأبي يعلى 97:2. (4) أي عتيقتها. (5) المغني 468:6, الشرح الكبير 188:4, المبدع 33:7, شرح منتهى الإرادات 188:4. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 76 قال في المغني: ولا يفتقر إلى إذن المعتقة في تزويج مولاتها لأنها لا ولاية لها ولا ملك 1. وعن أحمد: أن لمولاتها التوكيل في تزويجها رجلاً لأنها عصبتها2. والرواية الأولى أصح 3. (16) مسألة: إذا لم يكن للمرأة ولي، ولا في البلد حاكم، فعن أحمد ما يدل على أنه يزوجها رجل عدل بإذنها. قال أحمد- رضي الله عنه- في دهقان 4 قرية، يزوج من   (1) المغني 469:6. (2) الشرح الكبير188:4, الكافي 11:3. وقد نُقل عن أحمد كلام يحتمل رواية ثالثة, وهو أن سيدتها تزوجها, فإنه قيل له: تزوج أمتها؟ قال: قد قيل ذلك هي مالها, وهذا يحتمل أنه ذهب إليه, ويحتمل أنه قاله حكاية لمذهب غيره. وانظر: المغني 468:6, الكافي والشرح الكبير, الصفحات السابقة, الفروع 175:5, الإنصاف 66:8. (3) وصححها ابن قدامة, وأبو الفرج المقدسي, انظر: المغني 468:6, الشرح الكبير 188:4. (4) الدهقان: بكسر الدال وضعها, يطلق على رئيس القرية , وعلى التاجر, وعلى من له مال وعقار, وهو فارسي معرب, ويجمع على دهاقن , ودهاقين , اللسان 163:13, المصباح المنير201. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 77 لا ولي لها إذا احتاط لها في الكفء والمهر إذا لم يكن في الرستاق1 قاض2. (17) مسألة: إذا استولى أهل البغي على بلد، جرى حكم سلطانهم، وقاضيهم في ذلك مجرى الإمام، أو قاضيه3. (18) مسألة: يجوز التوكيل في النكاح، سواء أكان الولي حاضراً أو غير حاضر، مجبراً أو غير مجبر 4.   (1) الرستاق, الناحية التي هي طرف الإقليم, ويقال أيضاً: الرزتاق والرزداق, والرسداق, وهو فارسي معرب. الصحاح1481:4, اللسان 116:10, المصباح المنير226. (2) المشهور عن أحمد , أن والي البلد لا يزوج, وعنه: أنه يزوج عند عدم القاضي , وهي الرواية التي ذكرها المصنف , لكن حملوا هذه الرواية على أنه أذن له في التزويج. المغني 461:6, الشرح الكبير187:4, الكافي 20:3, الإنصاف 71:8, المبدع 33:7, كشاف القناع 51:5, شرح منتهى الإرادات 18:3, منار السبيل 153:2. (3) وذلك لأنه أجري مجراه في قبض الصدقات والجزية والخراج والأحكام , فكذلك في هذا. انظر: المصادر السابقة , الصفحات السابقة , والإقناع 172:3, منتهى الإرادات 161:2, حاشية المقنع 20:3. (4) المغني 462:6, الشرح الكبير 195:4, المبدع 40,7, العدة 363, المحرر349:1, شرح منتهى الإرادات 20:3. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 78 ولأصحاب الشافعي في توكيل غير الأب والجد وجهان 1. ولا خلاف في أن الحاكم أو يستنيب من غير إذن المرأة 2. ويجوز التوكيل مطلقاً ومقيداً 3. فالمقيد: التوكيل في تزويج رجل بعينه 4. والمطلق: التوكيل في تزويج من يرضاه، أو من شاء 5. قال أحمد في رواية عبد الله 6 في الرجل يقول: إذا وجدت من   (1) أحدهما: الجواز, والثاني: عدمه , والأول هو الأصح عندهم. الوجيز 7:2, الروضة 72:7, مغني المحتاج 160:3. (2) المغني 462:6, الشرح الكبير 195:4, كشاف القناع 57:5. (3) هذا هو المذهب , وقيل: يعتبر التعيين لغير المجبر, وقيل: يعتبر التعيين للمجبر وغيره , المغني 462:6, غاية المنتهى 21:3, الروض الندي 355, دليل الطالب 203. (4) المصادر السابقة, والشرح الكبير 195:4, المبدع 40:7, كشاف القناع57:5. (5) المصادر السابقة. (6) عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل , أبو عبد الرحمن الشيباني , ابن الإمام أحمد بن حنبل, روى عن أبيه شيئاً كثيراً , من جملته المسند, والزهد , وروى عن يحيى بن معين , وابن أبي شيبة, وخلق كثير , وحدث عنه النسائي والبغوي, وأبو بكر النجاد وغيرهم, كان صينا دينا صادقا, صاحب حديث واتباع , بصيراً بالرجال , ثقة , ثبتا فهما , حافظاً, صالحاً , صادق اللهجة كثير الحياء له: الزوائد على كتاب الزهد لأبيه , وزوائد المسند, زاد به على مسند أبيه نحو عشر آلاف حديث , والثلاثيات, الرد على الجهمية , الجمل , مات سنة 290هـ. ترجمته في: طبقات الحنابلة 180:1, تاريخ بغداد 375:9, الجرح والتعديل 7:5, المنهج الأحمد 294:1, مناقب الإمام أحمد 383, شذرات الذهب 203:2, المدخل 413, هدية العارفين 442:1. الأعلام 65:4. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 79 ترضاه فزوجه، فتزويجه جائز 1. ومنع بعض الشافعية التوكيل المطلق2. ولنا: أنه إذن في النكاح فجاز مطلقاً كإذن المرأة، أو عقد فجاز التوكيل مطلقاً3. (19) مسألة: لا يعتبر في صحة الوكالة إذن المرأة في الوكيل، سواء كان الموكل   (1) مسائل أحمد لابنه عبد الله 320, مسألة رقم (1184) . وانظر: المغني 463:6, الشرح الكبير195:4. (2) انظر: روضة الطالبين 72:7-73, مغني المحتاج 157:3-158. (3) لكن قالوا: يتقيد الولي إذا أذنت له أن يزوجها, وأطلقت بالكفء, ويتقيد وكيله المطلق بالكفء. المغني, والشرح الكبير الصفحات السابقة , الكافي 19:3, كشاف القناع 57:5, شرح منتهى الإرادات 20:3, منار السبيل 155:2. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 80 أباً أو غيره1. ولا يفتقر التوكيل إلى حضور شاهدين2. وقال بعض الشافعية: لا يجوز لغير المجبر التوكيل إلا بإذن المرأة في التوكيل3. وحكي عن الحسن بن صالح 4: أنه لا يصح التوكيل إلا بحضرة   (1) هذا هو الصحيح من المذهب, وقيل: لا يوكل غير مجبر بلا إذنها إلا الحاكم, وقيل: لا يوكل مجبر أيضاً بلا إذنها, إن كان لها إذن معتبر. المغني 463:6, المبدع 40:7, الإنصاف 83:8, كشاف القناع56:5. (2) المصادر السابقة, والشرح الكبير 195:4, الإقناع 174:3, شرح منتهى الإرادات 20:3. (3) روضة الطالبين 73:7, منتهى المحتاج 158:3. (4) الحسن بن صالح بن حي الهمداني الثوري, أبو عبد الله الكوفي, أحد الأئمة الفقهاء, اجتمع فيه حسن الإتقان, والفقه والعبادة والزهد, وثّقه أحمد بن حنبل, ويحيى بن معين, وأبو حاتم, والنسائي, وغيرهم, وقال عنه أحمد بن حنبل أيضاً: الحسن بن صالح صحيح الرواية يتفقه, صائن لنفسه في الحديث والورع, وقال الذهبي: هو من أئمة الإسلام لولا تلبسه ببدعة, مات بالكوفة سنة 168هـ. ترجمته في: حلية الأولياء 327:7, المعارف 509, الجرح والتعديل 18:3, مرآة الجنان353:1, ميزان الاعتدال 496:1, سير أعلام النبلاء 361:7, تهذيب التهذيب 285:2, طبقات الحفاظ للسيوطي 98, شذرات الذهب 262:1, الأعلام 193:2. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 81 شاهدين1. (20) مسألة: هل تستفاد ولاية النكاح بالوصية 2أم لا؟ على روايتين 3. وقال الشافعي4 وأبو حنيفة5: لا تستفاد بالوصية. والوصي الذي يزوج هو الموصى إليه في التزويج، وتجوز الوصية من كل ولي مجبر أو غير مجبر6.   (1) قول الحسن في: المغني 463:6, الشرح الكبير 196:4, حلية العلماء 345:6. (2) صفة الإيصاء: أن يقول الأب لمن اختاره: وصّيتُ إليك بنكاح بناتي, أو جعلتُك وصيَّا في نكاح بناتي, كقوله في المال: وصَّيتُ إليك بالنظر في أموال أولادي. الإقناع 175:3. (3) الرواية الأولى: أن ولاية النكاح تستفاد بالوصية, إذا نص على التزويج وهذه الرواية هي المذهب. الرواية الثانية: لا تستفاد ولاية النكاح بالوصية, وعن أحمد رواية ثالثة: أنهالا تستفاد بالوصية, إذا كان لموصي عصبة. انظر: المعنى 463:6, مسائل أحمد لإسحاق بن هانئ197:1, مسائل أحمد وإسحاق للكوسج 95, المسائل الفقهية لأبي يعلى 80:2, الإنصاف85:8, 86, شرح منتهى الإرادات21:3, منح الشفا 110:2, منار السبيل 155:2. (4) الأم 17:5, حلية الأولياء 68:6. (5) مختصر الطحاوي 173, بدائع الصنائع 252:2. (6) المغني 464:6, الشرح الكبير196:4, كشاف القناع58:5, شرح منتهى الإرادات21:3. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 82 (21) مسألة: إذا غاب الولي القريب، أو كان من غير أهل الولاية انتقلت الولاية إلى الأبعد1. وقال الشافعي: تنتقل إلى الحاكم2. (22) مسألة: الغيبة المنطقة التي يجوز للأبعد التزويج في مثلها، اختلفت القول فيها: ففي قول الخرقي 3: هي ما لا يصل إليه الكتاب، أو يصل   (1) هذا هو المذهب, وعن أحمد, أنه يزوج الحاكم, المغني 478:6, الهداية249:1, الإنصاف 76:8, الإقناع173:3. (2) الأم 12:5. (3) عمر بن الحسين بن عبد الله البغدادي, أبو القاسم الخرقي (نسبة إلى بيع الخرق) من كبار فقهاء الحنابلة, قرأ العلم على أبي بكر المروذي, وصالح وعبد الله ابني الإمام أحمد, وحرب الكرماني وغيرهم, وقرأ عليه ابن بطة, وأبو الحسين التميمي, وأبو الحسين ابن شمعون, وغيرهم, كان من سادات الفقهاء والعباد, كثير العبادة والفضائل. له المصنفات الكثيرة, وتخريجات على المذهب, لم ينتشر منها إلا المختصر في الفقه, لأنه خرج من بغداد لما ظهر سَبُ الصحابة- رضي الله عنهم- وأودع كتبه في دار فاحترقت الدار التي كانت فيها, وعدمت مصنفاته, ولم تكن انتشرت لبعده عن البلد, فاشتهر مختصره هذا وقد شرحه جماعة من أعيان المذهب, مات بدمشق سنة334هـ. ترجمته في: طبقات الحنابلة 75:2, تاريخ بغداد 234:11, وفيات الأعيان 441:3, سير أعلام النبلاء 363:15, المنهج الأحمد 61:2, مناقب الإمام أحمد 622, المطلع 445, كشف الظنون1626:2, المدخل 416, الأعلام44:5. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 83 فلا يجيب عنه1. وقال القاضي2: يجب أن يكون حد المسافة أن لا تردد القافلة3   (1) مختصر الخرقي 81-82. (2) محمد بن الحسين بن محمد بن خلف الفراء, أبو يعلى البغدادي الحنبلي, مجتهد المذهب الحنبلي, القاضي, وإذا أطلق هذا فهو المراد به, سمع من أبي الحسن السكري, وإسماعيل بن سويد, وعلى بن عمر الحربي وغيرهم, وأخذ عنه أبو الوفاء ابن عقيل, وأبو الخطاب الكلوذاني, وأبو الفرج المقدسي وغيرهم, كان له القدم الرفيع, والباع الطويل في كثير من الفنون, في الأصول والفروع, عالماً بالقرآن وعلومه, والحديث والفتوى أفتى ودرس وكان عالم العراق في زمانه, وكان أبوه من أعيان الحنيفة, ولي القضاء, وكان ذا عبادة وتهجد. من مصنفاته: أحكام القرآن, عيون المسائل, شرح مختصر الخرقي, العدة في الأصول الفقه, وغيرها, مات سنة 458هـ. ترجمته في: طبقات الحنابلة 193:1, تاريخ بغداد 256:2, المنهج الأحمد 128:2, مناقب الإمام أحمد 627, المطلع 456, شذرات الذهب 306:3, المدخل 409,417, هدية العارفين 72:2, الأعلام 96:6. (3) القافلة: الرفقة الراجعة من السفر, أو المبتدئة به, وهو اسم فاعل مؤنث, تقول: قفل الجيش فهو قافل, وقفلت الجماعة فهي قافلة, المطلع 221, الصحاح1803:5, اللسان 560:11, المصباح 51. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 84 فيه في السنة، إلا مرة واحدة1. وقال أحمد في موضع: إذا الأب بعيد السفر يزوج الأخ 2. قال أبو الخطاب3: فيحتمل أنه أراد بالسفر ما تقصر فيه الصلاة 4،   (1) ووافقه أبو الخطاب, وابن هبيرة, وانظر قولهم في: المغني478:6, الهداية 249:1, الإفصاح 122:2, الإنصاف 76:8, الشرح الكبير192:4, المبدع 73:7. (2) المقنع 21:3, المغني 479:6, الكافي 17:3. (3) محفوظ بن أحمد بن الحسن بن أحمد الكلوذاني, أبو الخطاب البغدادي, أحد أئمة المذهب الحنبلي وأعيانه, تتلمذ على القاضي أبي يعلى, وأبي طالب العشاري, وأبي محمد الجوهري, وغيرهم, كان إمام وقته, وشيخ عصره, مفتيا, صالحاً, عابداً, ورعاً, حسن العشرة والخلق من أذكياء الرجال, وله قصيده دالية في إيضاح معتقده, مشهورة منها: قالوا أتزعم أن على العرش استوى قلت الصواب كذاك خبر سيدي قالوا فما معنى استواه أبن لنا فأجبتهم هذا سؤال المعتدي وله العديد من المصنفات منها: الهداية, الانتصار, رؤوس المسائل: أصول الفقه, وغيرها.. مات سنة 510هـ. ترجمته في: طبقات الحنابلة 258:2, المنهج الأحمد 233:2, مرآة الجنان 200:3, ذيل الطبقات 116:1, مناقب الإمام أحمد 635, المطلع 453, شذرات الذهب 27:4, المدخل 419, كشف الظنون2031:2, هدية العارفين 6:2, الأعلام291:5. (4) مسافة القصر عند الحنابلة – الصحيح من المذهب – أنه يشترط في جواز القصر أن تكون مسافة السفر ستة عشر فرسخاً (88,407) كيلو متراً وقطع به كثير منهم, وعن أحمد رواية: أنه يشترط أن تكون المسافة عشرين فرسخاً (110,88 كيلو متراً) . وقد رجح ابن قدامة وابن تيمية وابن القيم- رحمهم الله- عدم تحديد مسافة القصر بحد معين, وقالوا: إنه لا حجة للتحديد, بل الحجة لمن أباح القصر لكل مسافر, إلا أن ينعقد الإجماع على خلافه. وانظر: المغني 255:2- 258, الإنصاف 318:2, الاختيارات الفقهية 72, زاد المعاد55:2, معجم لغة الفقهاء 343. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 85 لأن ذلك هو السفر البعيد الذي علقت عليه الأحكام 1. وذهب أبو بكر إلى أن حدها: ما لا يقطع إلا بكلفة ومشقة2. قال الشيخ موفق الدين 3: وهذا القول إن شاء الله تعالى أقرب   (1) وكذا قال ابن قدامة, وانظر قولهما في: الهداية249:1, المغني 479:6, الشرح الكبير 192:4, المقنع22:3. (2) هذا هو المذهب, وانظر: الإنصاف 76:8, المحرر17:2, الهداية 249:1, الشرح الكبير 192:4, كشاف القناع 55:5. (3) هو عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة, موفق الدين أبو محمد المقدسي الجماعيلي الصالحي الحنبلي الشهير, سمع من أبي الفتح البطي, وأبي زرعة بن طاهر, وأحمد بن المقرب, وغيرهم, كان عالم الشام في زمانه, ثقة حجة نبيلاً ورعاً عابداً , عليه النور والوقار, متواضعاً, ذا أناة وحلم ووقار, مجلسه معمور بالفقهاء والمحدثين, وكان إماماً في التفسير والفقه وعلم الخلاف والنحو وغيرها, قال عنه ابن غنيمة: ما أعرف أحداً في زماننا أدرك الاجتهاد إلا الموفق. من مصنفاته: المغني, الكافي, المقنع, العمدة, مختصر الهداية, الاعتقاد وغيرها, مات سنة 620هـ. ترجمته في: الذيل على الطبقات 133:2, سير أعلام النبلاء 165:22, شذرات الذهب 88:5, المطلع 426, كشف الظنون 1751:2, هدية العارفين 459:1, المدخل 413, الأعلام 67:4. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 86 إلى الصواب، فإن التحديدات بابها التوقيف1، ولا توقيف2 في هذه المسألة3. واختلف أصحاب الشافعي في الغيبة التي يزوج فيها الحاكم. فقال بعضهم: مسافة القصر4.   (1) في الأصل: التوفيق. (2) في الأصل: ولا توفيق. (3) وزاد ابن قدامة في المغني: فتُردُّ إلى ما يتعارفه الناس بينهم, مما لم تجر العادة بالانتظار فيه, ويلحق المرأة الضرر بمنعها من التزويج في مثله فإنه يتعذر في ذلك الوصول إلى المصلحة من نظر الأقرب, فيكون كالمعدوم, والتحديد بالعام كبير, فإن الضرر يلحق بالانتظار في مثل ذلك, ويذهب الخاطب, ومن لا يصل الكتاب منه أبعد, ومن هو على مسافة القصر لا تلحق المشقة في مكاتبته, والتوسط أولى والله أعلم. انتهى. انظر: المغني 479:6. قلت: وهناك أقوال أخرى غير ما ذكره المصنف في تحديد الغيبة المنقطعة عندهم. فقيل: ما نستضر به الزوجة, وصوبه المرداوي. وقيل: ما يفوت به كفء راغب, وقواه المرداوي. وقد أشار ابن قدامة إلى هذين القولين في كلامه السابق.. (4) مسافة القصر عندهم ستة عشر فرسخاً (88,407كيلو متراً) كما هي عند الحنابلة. وانظر مغني المحتاج 266:1, كفاية الأخيار 87:1, الإقناع للشربيني 158:1. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 87 وقال بعضهم: يزوج الحاكم وإن كان الولي قريباً1. وظاهر كلام أحمد: إن كانت الغيبة غير منطقة انتظر وروسل حتى يقدم أو يوكل 2. (23) مسألة: لا يصح النكاح إلا بولي3.   (1) الحكم عند الشافعية في هذه المسألة هو: أن الولي إذا غاب إلى مسافة تقصر فيها الصلاة زوجها الحاكم, ولم يكن لمن بعده من الأولياء أن يزوج لأن ولاية الغائب باقية, ولهذا لو زوجها في مكانه صح العقد, وإنما تعذر من جهته فقام السلطان مقامه, فإن كان غيابه إلى مسافة لا تقصر فيها الصلاة فوجهان عندهم: الأول: لا يجوز تزويجها إلا بإذنه لأنه كالحاضر. الثاني: يجوز للحاكم أن يزوجها لأنه تعذر استذانه فأشبه ما إذا كان في سفر بعيد. وانظر: الأم 12:5, الوجيز7:2, التنبيه 158, المهذب 47:2, الروضة 69:7. (2) المغني 479:6, الشرح الكبير 192:4. (3) هذا هو المذهب, قاله المرداوي, وقال: وعليه الأصحاب, ونص عليه, قال الزركشي: لا يختلف الأصحاب في ذلك. وعنه: ليس الولي بشرط مطلقا, وخصها ابن قدامة وغيره بالعذر, لعدم الولي والسلطان. وانظر: المقنع 18:3, المغني 449:6, الهداية 248:1, المحرر 16:2, الإنصاف 66:8, كشاف القناع 48:5, الروض الندي 354, منار السبيل 150:2. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 88 ولا تملك المرأة تزويج نفسها، ولا توكيل غير وليها في تزويجها، فإن فعلت لم يصح النكاح1. وبه قال الشافعي2. وقال أبو حنيفة: لها أن تزوج (نفسها) 3 وغيرها، وتوكل في النكاح4. ولنا قول النبي- صلى الله عليه وسلم- "لا نكاح إلا بولي" 5.   (1) وهذا هو المذهب، وعن أحمد: يجوز لها تزويج نفسها وعنه أيضا: أن لها أن تأمر رجلا يزوجها. أنظر: الإنصاف، الصفحة السابقة، الفروع 175:5 شرح منتهى الإرادات 16:3. (2) الأم 5: 11, 16, 17, مغني المحتاج 147:3, 158. (3) ما بين القوسين ساقط من الأصل, وما أثبته من المغنى 449:6. (4) الاختيار90:3, مجمع الأنهر 332:1, 339. (5) الحديث أخرجه عن أبي موسى الأشعري-رضي الله عنه- مرفوعاً ابن أبي شيبة في كتاب النكاح/ باب النكاح إلا بولي أو سلطان131:4, وأحمد في مسنده 4:394, وأبو داود في كتاب النكاح/ باب في الولي 568:2, رقم (2085) , والترمذي في أبواب النكاح / باب لا نكاح إلا بولي 280:2, رقم (1107) , وابن ماجه في كتاب النكاح/ باب لا نكاح إلا بولي605:1 رقم (1881) , والدارمي ف كتاب النكاح/ باب النهي عن النكاح بغير ولي61:2 رقم (2188) , والطيالسي في مسنده 71, رقم (523) , وابن الجارود في المنتقى176, رقم (701) , (702) , (703) , (704) , والطحاوي في شرح معاني الآثار/كتاب النكاح/باب النكاح بغير ولي وعصبة 9:3 / وابن حبان في كتاب النكاح /باب ما جاء في الولي والشهود (موارد) 304, رقم (1243) , والحاكم في كتاب النكاح 169:2, وأطال في تخريجه, والدارقطني في كتاب النكاح 220:3, والبيهقي في كتاب النكاح/ باب لا نكاح إلا بولي 107:7, قال ابن عبد الهادي في المحرر544:2, وصححه ابن المديني وغيره, وانظر طرق الحديث الأخرى في إرواء الغليل236:6. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 89 وروت عائشة 1- رضي الله عنها- عن النبي- صلى الله عليه وسلم- "أيما امرأة نكحت نفسها بغير إذن وليها فنكاحها باطل، باطل، باطل" رواه   (1) عائشة بنت أبي بكر الصديق, الصديقة بنت الصديق, أم المؤمنين, زوج النبي- صلى الله عليه وسلم- وأشهر نسائه, تزوجها قبل الهجرة بسنتين, وروت عنه الكثير من الأحاديث, وروت عن أبيها, وعن عمر, وفاطمة وغيرهم, وروى عنها خلق كثير منهم: سعيد بن المسيب, وسليمان بن يسار, وعكرمة, كانت من أفقه النساء, ومن أحسن الناس رأيا في العامة, وكان أكابر الصحابة يسألونها عن الفرائض, قال عروة بن الزبير: ما رأيت أحداً أعلم بفقه ولا بطب ولا بشعر من عائشة, ولو لم يكن لعائشة من الفضائل إلا قصة الإفك لكفى بها فضلاً وعلو مجد, فإنها نزل فيها من القرآن ما يتلى إلى يوم القيامة, ماتت- رضي الله عنها- بالمدينة المنورة سنة 58هـ. ترجمتها في: طبقات ابن سعد58:8, حلية الأولياء 43:2, أسد الغابة 188:7, سير أعلام النبلاء135:2, الإصابة 359:4, تهذيب التهذيب 433:12, تهذيب الأسماء واللغات350:2, تذكرة الحفاظ 27:1,شذرات الذهب 61:1, أعلام النساء 760:2, الأعلام 240:3. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 90 الإمام أحمد وأبو داود1. وعن أحمد: لها تزوج أمتها2فيخرج 3منه أن لها تزويج   (1) الحديث أخرجه عبد الرزاق في كتابه النكاح/باب النكاح بغير ولي 195:6 رقم (10472) , وابن شيبة في كتاب النكاح/باب لا نكاح إلا بولي أو سلطان 128:4, وأحمد في مسنده 47:6, وأبو داود في كتاب النكاح/باب الولي 566:2رقم (2083) , والترمذي في أبواب النكاح/باب لا نكاح إلا بولي 280:2, رقم (1108) وقال: هذا حديث حسن, وابن ماجه في كتاب النكاح/باب لا نكاح إلا بولي 605:1, رقم (1979) والدرامي في كتاب النكاح/ باب النهي عن النكاح بغير ولي 62:2, رقم (2190) , وابن الجارود في المنتقى 175رقم (700) , والطحاوي في شرح معاني الآثار/كتاب النكاح /باب النكاح بغير ولي وعصبة 7:3, وابن حبان في كتاب النكاح / باب ما جاء في الولي والشهود (موارد) 305, رقم (1248) , والحاكم في كتاب النكاح 168:2, وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه, والدارقطني في كتابه النكاح 221:3, والبيهقي في كتاب النكاح/ باب لا نكاح إلا بولي 105:7 وهو صحيح. وانظر: التلخيص الحبير107:3, نصب الراية 184:3, إرواء الغليل243:6. (2) الهداية248:1, الفروع 175:5, الإنصاف 66:8. (3) التخريج من الألفاظ المنقولة عن أصحاب الإمام أحمد, وهو: نقل حكم المسألتين المتشابهتين إلى الأخرى ما لم يتفرق بينهما, أو يقرب الزمن, ولا يكون إلا إذا فهم المعنى. المطلع 461, الإنصاف 6:1و 157:12, شرح منتهى الإرادات 8:1. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 91 نفسها بإذن وليها، وتزويج غيرها بالوكالة 1 والصحيح الأول2. (24) مسألة: إذا حكم حاكم بصحة هذا العقد المعين أعلاه الذي تزوجت المرأة (فيه) 3 بغير ولي، أو كان المتولي لعقده حاكماً لم يجز نقضه4، وكذلك في سائر الأنكحة الفاسدة والمختلف فيها، لأنها مسألة مختلف فيها، ويسوغ فيها الاجتهاد، فلم يجز نقض الحكم به5. (25) مسألة: لو أقر رجل وامرأة أنهما نكحا بولي وشاهدي عدل قبل قولهما وثبت النكاح بإقرارهما وتوارثا6.   (1) خرج هذا أبو الخطاب, والمجد ابن تيمية وغيرهم, انظر: الهداية والفروع, الصفحات السابقة, والمحرر16:2, لكن نقل المرداوي عن ابن تيمية قوله: هذا التخريج غلط. وقال أيضاً: قال الزركشي, وصاحب تجريد العناية- عن هذا التخريج – ليس بشئ.. الإنصاف 66:8. (2) وممن صححه ابن قدامة وأبو الفرج المقدسي, انظر: المغني 45:6, الشرح الكبير183:4, المبدع 29:7. (3) ما بين القوسين ساقط من الأصل, وهي زيادة يقتضيها السياق. (4) هذا هو الصحيح من المذهب, وخرّج القاضي في هذا وجها أنه ينقض, الإنصاف 86:8, المبدع 30:7, كشاف القناع49:5. (5) المغني 450:6, الكافي 11:3, الشرح الكبير 184:4. (6) المغني 514:6. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 92 وقال أبو الخطاب: في هذا روايتان1. والصحيح: أنه مقبول، ولذلك لو ادّعى/2 أنه تزوج امرأة بولي وشاهدين عَّينهما، فأقرت المرأة بذلك، وأنكر الشاهدان لم يلتفت إلى إنكارهما، ويحتمل 3 أن لا يقبل إقرارها 4 مع إنكار أبيها5. (26) مسألة: في الإيجاب والقبول6. إذا قال: زوجتك ابنتي فلانة، فقال: قبلتُ: انعقد النكاح7.   (1) الهداية249:1. (2) نهاية لـ (2) . (3) الاحتمال بكون للأصحاب, إما لدليل مرجوح بالنسبة إلى ما خالفه, أو الدليل مساو له, ولا يكون إلا إذا فهم المعنى. وأكثر الاحتمالات في المذهب للقاضي أبو يعلى, في كتابه المجرد وغيره. المطلع 461, الإنصاف 6:1, 257:12. (4) في الأصل: إقرارهما. (5) المغني 514:6, 515. (6) سبق تعريفهما في المسألة رقم (2) . انظر: ص 60. (7) هذا هو المذهب, نص عليه أحمد, ويحتمل أن لا يصح. المقنع 11:3, الكافي28:3, الإنصاف49:8, المحرر15:2, الإقناع167:3, التنقيح المشبع 287. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 93 وقال الشافعي: لا ينعقد حتى يقول: قبلت هذا النكاح، أو هذا التزويج1. وينعقد النكاح بلفظ الإنكاح والتزويج، سواء اتفقا من الجانبين أو اختلفا، مثل أن يقول: زوجتك بنتي فلانة، فيقول: قبلت هذا النكاح 2. ولا ينعقد بغير لفظ الإنكاح والتزويج3.   (1) هذا هو الأظهر عنده, كما هو نصه في الأم, وعليه العمل عند الشافعية, وقيل, ينعقد النكاح إذا قال قبلت. وانظر: الأم 33:5, الوجيز4:2, التنبيه159, روضة الطالبين37:7, مغني المحتاج139:3. (2) المغني 533:6, الشرح الكبير167:4. (3) هذا هو الصحيح من المذهب, وقيل: يصح, وينعقد بالكتابة أيضاً. قال المرداوي: وقال ابن خطيب السلامية في نكته على المحرر, قال الشيخ تقي الدين رحمه الله- ومن خطه نقلت- الذي عليه أكثر العلماء أن النكاح ينعقد بغير لفظ (الإنكاح) و (التزويج) قال: وهو المنصوص عن الإمام أحمد رحمه الله, وقياس مذهبه وعليه قدماء أصحابه, فإن الإمام أحمد- رحمه الله- نص في غير موضع على أنه ينعقد بقوله (جعلت عتقك صداقك) وليس في هذا اللفظ (إنكاح) ولا (تزويج) ولم ينقل عن الإمام أحمد-رحمه الله- أنه خصه بهذين اللفظين, وأول من قال من أصحاب الإمام أحمد- رحمه الله- فيما علمت أنه يختص بلفظ (الإنكاح) و (والتزويج) ابن حامد وتبعه على ذلك القاضي ومن جاء بعده لسبب انتشار كتبه وكثرة أصحابه وأتباعه. انتهى. وقال في الفائق, وقال شيخنا: قياس المذهب صحته بما تعارفاه نكاحاً من هبة وتمليك ونحوهما, أخذاً من قول الإمام أحمد – رحمه الله – (اعتقتك وجعلت عتقك صداقك) قال: وهو المختار. انظر: المحرر 14:2, الهداية 251:1, الإنصاف45:8- 46, الفروع 168:5, المبدع 17:7-18, شرح منتهى الإرادات 11:3, الإختيارات الفقهية203. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 94 وبهذا قال الشافعي1. وقال أبو حنيفة: ينعقد بلفظ الهبة، والبيع، والتمليك2. وفي لفظ الإجارة عن أبي حنيفة: روايتان3. وقال مالك – رحمه الله -: ينعقد بذلك إذا ذكر المهر4.   (1) انظر: مصادر الشافعية في الحاشية رقم (1) من الصفحة السابقة, والمهذب 43:2, والإقناع47:2, حلية العلماء 368:6. (2) بدائع الصنائع 229:2, مجمع الأنهر 318:1-319, الاختيار 83:3. (3) الأولى: أن النكاح لا ينعقد بلفظ الإجارة, وهي الصحيحة عند الحنفية, والثانية: أنه ينعقد. انظر: المصادر السابقة, والهداية 190:1. (4) للمالكية تفصيل في الألفاظ التي ينعقد بها النكاح, محصله أن الصيغة تنقسم عندهم إلى ثلاثة أقسام: الأول: لا ينعقد به النكاح ولو نواه به واقترن بلفظ الصداق, وهو لفظ: الوقف, والحبس, والعمرى, والإجارة, والرهن, والعارية, والوصية. الثاني: ينقد به النكاح إذا اقترن بلفظ الصداق, وهو لفظ الهبة, والصدقة, والعطية, ونحوها, كالمنيحة وتسمية الصداق تتضمن إرادة النكاح بما قارنها. الثالث: فيه التردد, وهو لفظ الهبة والصدقة وما أشبهما إذا لم يسم مع ذلك الصداق وقصد بها النكاح وكذا لفظ الإباحة والإحلال والإطلاق والبيع والتمليك ونحوها, إذا قصد بها النكاح, أو سمي معها الصداق, والراجح عدم الانعقاد. وانظر: كفاية الطالب الرباني 35:2, أسهل المدارك 69:3, حاشية العدوي35:2, سراج السالك 42:2, القوانين الفقهية131, أحكام القرآن لابن العربي 1468:3. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 95 واحتجوا بقول النبي- صلى الله عليه وسلم- للرجل: " قد ملكتكها بما معك من القرآن" 1.   (1) الحديث أخرجه البخاري في كتاب النكاح/باب تزويج المعسر 241:3, واللفظ له, ومسلم في كتاب النكاح/باب الصداق وجواز كونه تعليم قرآن وخاتم حديد1040:2 رقم (1425) بإسنادهما عن سهل بن سعد الساعدي – رضي الله عنه- قال: جاءت امرأة إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقالت: يا رسول الله , جئت أهب لك نفسي, قال: فنظر إليها رسول الله – صلى الله عليه وسلم-, فصعد النظر فيها وصوبه, ثم طأطأ رسول الله- صلى الله عليه وسلم- رأسه فلما رأت المرأة أنه لم يقض فيها شيئا, جلست فقام رجل من أصحابه فقال: يا رسول الله, إن لم يكن بها حاجة فزوجنيها, فقال: وهل عندك من شيء؟ قال: لا والله يا رسول الله , فقال: اذهب إلى أهلك فانظر هل تجد شيئا؟ فذهب ثم رجع, فقال: لا والله ما وجدت شيئاُ, فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: انظر ولو خاتماً من حديد فذهب ثم رجع, فقال: لا والله يا رسول الله ولا خاتما من حديد ولكن هذا إزاري, قال سهل: ماله رداء, فلها نصفه, فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم- " ما تصنع بإزارك إن لبسته لم يكن عليها منه شيء وإن لبسته لم يكن عليك شيء ", فجلس الرجل حتى إذا طال مجلسه قام, فرآه رسول الله – صلى الله عليه وسلم – مولياً فأمر به فدعي فلما جاء قال: "ماذا معك من القرآن؟ " قال: معي سورة كذا وسورة كذا, عدّدها, فقال:" تقرؤهن عن ظهر قلبك؟ " قال: نعم, قال:" اذهب فقد ملكتكها بما معك من القرآن ". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 96 ولنا: قول الله تعالى: {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ} - إلى قوله {خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} 1 2. ومن قدر على لفظ النكاح بالعربية لم يصح عقده بغيرها3. وعن أبي حنيفة: ينعقد4. فأما من لا يحسن العربية، فيصح منه عقد النكاح بلسانه،   (1) الآية (50) من سورة الأحزاب. (2) زاد في المغني: فذكر ذلك خالصاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم. (3) هذا هو الصحيح من المذاهب. قال المرداوي: واختار المصنف – أي ابن قدامة – انعقاده بغيرها, واختار الشارح أيضاً , وقال: هو أقيس, واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله , وصاحب الفائق وغيرهم, وجزم به التبصرة. وانظر: المحرر14:2, الهداية 251:1, الفروع 169:5, الإنصاف 48:8, الكافي28:3-30, كشاف القناع 38:5, الاختيارات الفقيهة203. (4) مجمع الأنهر 318:1, بدر المتقى 318:1. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 97 ويحتاج أن يأتي بمعناهما الخاص1. ويصح نكاح الأخرس إذا فُهِمَت إشارتُه كبيعه وطلاقه2. (27) مسألة: إذا قال الخاطب للولي: أزوجت؟ فقال: نعم، وقال للمتزوج: أقبلت؟ فقال: نعم، فقد انعقد النكاح إذا كان بحضرة شاهدين3. وقال الشافعي- رحمه الله-: لا ينعقد حتى يقول: زوجتك ابنتي، ويقول الزوج: قبلت هذا التزويج، لأن هذين ركنا العقد4.   (1) إذا قدر على تعلمها بالعربية فالمذهب أنه لا يلزمه تعلمها, وينعقد بلسانه بمعناهما الخاص لهما. وهناك وجه: أنه يلزمه تعلمها. وانظر: المغني 534:6, الكافي28:3-30, الشرح الكبير168:4, الإنصاف 48:8, الهداية251:1, الإقناع 168:3. (2) المحرر 15:2, الفروع 169:5, المغني 534:6, كشاف القناع 39:5, شرخ منتهى الإرادات12:3, الروض المربع 68:3, وانظر المسألة رقم (14) . (3) هذا هو المذهب, وهناك احتمال بعدم الصحة. مختصر الخرقي83, المحرر15:2, الهداية251:1, المبدع 19:7, الإنصاف 49:8, مغني ذوي الأفهام 121,المذهب الأحمد124. (4) في الأصل: للعقد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 98 فلا ينعقد بدونهما 1. ولنا: أن نعم جواب كاف2 لقوله: أزوجت؟ وأقبلت؟ والسؤال يكون مضمراً في الجواب معاداً فيه، فتكون نعم من الأول زوجته ابنتي، ومعنى نعم من المتزوج قبلت هذا التزويج 3. (28) مسألة: إذا تقدم القبول على الإيجاب لا يصح النكاح رواية واحدة، سواء كان بلفظ الماضي كقوله: تزوجت ابنتك، أو بلفظ الطلب كقوله: زوجني ابنتك، فيقول: زوجتكها4.   (1) هذا هو الأظهر عنده, وقيل: ينعقد النكاح بذلك. الأم 33:5, مغني المحتاج 139:3, روضة الطالبين 37:3. (2) في الأصل: كافي. (3) ثم إن ذلك لا احتمال فيه, فيجب أن ينعقد به, ولذلك لما قال الله تعالى: {فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقّاً قَالُوا نَعَمْ} [سورة الأعراف الآية رقم 44] كان إقرارا منهم بوجدان ذلك, أنهم وجدوا ما وعدهم ربهم حقا, ولو قيل لرجل: لي عليك ألف درهم؟ فقال: نعم, كان إقراراً صريحاً لا يفتقر إلى نية, ولا يرجع في ذلك إلى تفسيره, وبمثله تقطع اليد في السرقة, فوجب أن ينعقد به التزويج كما لو لفظ بذلك. وانظر: المغني532:6, الشرح الكبير169:4, المبدع 19:7, الكافي28:3, كشاف القناع 38:5, شرح منتهى شرح الإرادات 12:3. (4) قال المرداوي: وذكر ابن عقيل وجماعة رواية بالصحة-منهم صاحب الفائق – إذا تقدم بلفظ الماضي أو الأمر. وذكر عن ابن قدامة احتمالا بالصحة إذا تقدم بلفظ الطالب. وانظر: الهداية251:1, الكافي 29:3, المغني 534:6, الإنصاف 50:8, منح الشفا الشافيات 109:2, الإقناع 68:3, شرح منتهى الإرادات 12:3, الروض الندي 353, مغني ذوي الأفهام 121. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 99 وقال مالك1 والشافعي2 وأبو حنيفة3: يصح فيهما جميعاً، لأنه قد وجد الإيجاب والقبول. (29) مسألة: إذا تراخى القبول عن الإيجاب صح ما داما في المجلس، ولم يتشاغلا عنه بغيره، لأن حكم المجلس حالة العقد 4. فإن تفرقا قبل القبول، بطل الإيجاب5.   (1) كفاية الطالب الرباني 35:2, حاشية العدوي35:2. (2) الأم34:5, مغني المحتاج 104:3. (3) بدائع الصنائع 331:2, الإختيار 82:3. (4) الهداية 251:1, الكافي 29:3, المبدع 20:7, كشاف القناع 41:5. (5) هذا هو المذهب, وعن أحمد رواية أنه لا يبطل, نقلها أبو طالب وهي: أنه قيل للإمام أحمد: رجل مشى إليه قوم فقالوا له: زوج فلاناً, قال: قد زوجته على ألف, فرجعوا إلى الزوج فأخبروه, فقال: قد قبلت, هل يكون هذا نكاحاً؟ قال: نعم. قال المرادوي: فأشكل هذا النص على الأصحاب, فقال القاضي: هذا حكم بصحته بعد تفرق عن مجلس العقد, قال: وهو محمول على أنه قد كان وكّل من قبل العقد عنه, ثم أخبر بذلك فأمضاه, ورد ابن عقيل, وقال: رواية أبي طالب تعطى أن النكاح الموقوف صحيح, قال الشيخ تقي الدين- رحمه الله- قد أحسن ابن عقيل, وهو طريقة أبي بكر, فإن هذا ليس تراخيا للقبول, وإنما هو تراخ للإجازة, ومسألة أبي طالب وكلام أبي بكر فيما إذا لم يكن الزوج حاضراً في مجلس الإيجاب, وهذا أحسن, أما إذا تفرقا عن مجلس الإيجاب: فليس في كلام أحمد وأبي بكر ما يدل على ذلك. وانظر: المغني 535:6, الكافي29:3, الهداية 251:1, المبدع 20:7, الإنصاف 50:8-51, الإختيارات الفقهية 203. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 100 وكذلك إن داما في المجلس وتشاغلا عنه بما قطعه1. (30) مسألة: إذا عقد النكاح هازلا2 أو تلجئة 3 صح 4، لأن النبي-صلى الله عليه وسلم- قال: " ثلاث هزلهن جد، وجدهن جد، الطلاق والنكاح   (1) المصادر السابقة, ومنتهى الإرادات 158:2, الإقناع 168:3. (2) الهزل: هو أن لا يراد باللفظ معناه, لا الحقيقي ولا المجازي, وهو ضد الجد. التعريفات 257. (3) التلجئة: تفعلة من الإلجاء, كأنه قد ألجأك إلى أن تأتي أمراً باطنه خلاف ظاهره. اللسان 152:1, النهاية 232:4. (4) المغني535:6, الكافي29:3, الشرح الكبير169:4, الفروع 168:5, الإقناع168:3, شرح منتهى الإرادات11:3, حاشية المقنع 12:3, منار السبيل 146:2, الجزء: 1 ¦ الصفحة: 101 والرجعة" رواه الترمذي1. (31) مسألة: إذا عقد النكاح بولي وشاهدين، وأسروه، أو تواصوا بكتمانه، كره ذلك2، وصح النكاح 3.   (1) الحديث أخرجه عن أبي هريرة-رضي الله عنه- أبو داود في كتاب الطلاق/ باب الطلاق على الهزل643:2, رقم (2194) , والترمذي في أبواب الطلاق / باب ما جاء في الجد والهزل في الطلاق 328:2, رقم (1195) وقال هذا حديث حسن غريب وابن ماجة في كتاب الطلاق /باب من طلق أو نكح أو راجع لاعباً657:1,رقم (2039) وسعيد بن منصور في سننه 369:1,وابن الجارود في المنتقي 178 رقم (712) والبغوي في شرح السنة / كتاب الطلاق/ باب الطلاق على الهزل 219:9 رقم (2356) والدارقطني في كتاب الطلاق 18:4, والبيهقي في كتاب الخلع والطلاق 341:7, والحاكم في المستدراك / كتاب الطلاق 179:2, وصححه ووافقه الذهبي, وحسنه الحافظ ابن حجر وغيره, وقد عزاه ابن عبد الهادي بن حجر إلى أحمد, ولم أقف عليه في مسنده, وانظر: المحرر في الحديث569:2, التلخيص الحبير209:3-210 إرواء الغليل 224:6. (2) إنما كره لأن السنة إعلان النكاح. كما سيأتي في المسألة التالية. (3) المغني 538:6, الإقناع 178:3, منتهى الإرادات 168:2, الكافي 33:3, كشاف القناع 66:5, شرح منتهى الإرادات 25:3, غاية المنتهى 25:3, وقال الوزير ابن هبيرة: هذا أظهر الروايتين عن أحمد , والأخرى:أنه يبطل بالتواصي بكتمانه. الإفصاح 119:2. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 102 وبه قال أبو حنيفة 1، والشافعي2. وقال أبو بكر عبد العزيز: النكاح باطل3. وهو مذهب مالك رحمه الله 4 (32) مسألة: يستحب إعلان النكاح، والضرب عليه بالدف حتى يشتهر ويعرف5. قال النبي –صلى الله عليه وسلم -: " أعلنوا النكاح" 6.   (1) بدائع الصنائع 253:2. (2) الأم 19:5. (3) قوله في المغني. الصفحة السابقة. (4) المدونة 194:2, بداية المجتهد 17:2. (5) المقنع 101:3, الكافي 33:3, المغني 537:6, الشرح الكبير345:4, الإنصاف 341:8, المبدع 187:7, بدائع الفوائد 103:3, شرح منتهى الإرادات 92:3, كشاف القناع 183:5, الروض الندي 378, الروض المربع 123:3, منار السبيل 213:2. (6) الحديث ورد من طريق عبد الله بن الزبير وعائشة رضي الله عنهم. 1- فأما حديث عبد الله بن الزبير فقد خرجه أحمد 5:4, والحاكم في المستدرك / كتاب النكاح 83:2, وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه , ووافقه الذهبي , وابن حبان في كتاب النكاح / باب إعلان النكاح 313, رقم (1285) , والبيهقي في كتاب الصداق / باب ما يستحب من إظهار النكاح 288:7, قال الهيثمي في مجمع الزوائد 289:4, رواه أحمد والبزار والطبراني في الكبير والأوسط ورجال أحمد ثقات , وقال ابن عبد الهادي: وقال الطبراني: صحيح الإسناد. انظر: المحرر في الحديث 453:2. 2- وأما حديث عائشة , فقد أخرجه الترمذي في أبواب النكاح / باب ما جاء في إعلان النكاح 276:2, رقم (1095) وقال: هذا حديث حسن غريب في هذا الباب, وابن ماجة في كتاب النكاح / باب إعلان النكاح 611:1رقم (1895) وقال محققه: قال في الزوائد في إسناده خالد بن إلياس أبو الهيثم العدوي, اتفقوا على ضعفه , بل نسبه ابن حبان والحاكم وأبو سعيد النفاش إلى الوضع , وأخرجه البيهقي في كتاب السابق 290:7. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 103 وقال: " فصل ما بين الحلال والحرام الصوت والدف في النكاح" رواه الترمذي1.   (1) الحديث ورد من طريق محمد بن حاطب الجحمي رضي الله عنه , وأخرجه أحمد 418:3, 259:4, والترمذي في أبواب النكاح / باب ما جاء في إعلان النكاح275:3, رقم (1094) وقال: حديث حسن , والنسائي في كتاب النكاح / باب إعلان النكاح بالصوت وضرب الدف127:6, وابن ماجة في كتاب النكاح /باب إعلان النكاح 611:1, رقم (1869) , والحاكم في كتاب النكاح 184:2, وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه وافقه الذهبي , والبغوي في شرح السنة / كتاب النكاح / باب إعلان بضرب الدف 47:9, 48, رقم (2266) , والبيهقي في كتاب الصداق / باب ما يستحب من إظهار النكاح 289:7. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 104 (33) مسألة: من شرط صحة النكاح تعيين الزوجين 1. فإن كانت المرأة حاضرة، فقال: زوجتك هذه، وأشار إليها، صح، فإن الإشارة تكفي في التعيين2، وإن كانت غائبة، فقال: زوجتك بنتي، وليس له غيرها صح 3، فإن كان له ابنتان أو أكثر، فقال: زوجتك ابنتي، لم يصح حتى يضم إلى ذلك ما تتميز به من اسم أو صفة،: ابنتي الكبرى أو الوسطى أو الصغرى، فإن سماها مع ذلك كان تأكيداً 4. وإن كان له ابنة واحدة اسمها فاطمة، فقال: زوجتك فاطمة لم يصح، لأن هذا الاسم مشترك بينها وبين سائر الفواطم، حتى يقول مع ذلك: ابنتي 5.   (1) المقنع 12:3, مغني ذوي الإفهام 121, المبدع 20:7, المذهب الأحمد 124. (2) الكافي 23:3, الإقناع 169:3, الروض المربع 69:3, منار السبيل 147:2. (3) المصادر السابقة , والشرح الكبير 170:4. (4) المغني 547:4, كشاف القناع 41:5, غاية المنتهى 16:3, الروض الندي353. (5) المصادر السابقة , شرح منتهى الإرادات 13:3, التنقيح المشبع 288. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 105 وقال بعض الشافعية: يصح إذا نوياها1 جميعا2. وإن قال: زوجتك فاطمة بنت فلان احتاج أن يرفع في نسبها حتى يبلغ ما تتميز به عن النساء 3. ولا يصح النكاح حتى يذكر المرأة بما تتميز به 4. (34) مسألة: إذا طلق الحر رابعة طلاقاً يملك الرجعة أو لا يملك، لم يكن له أن يتزوج خامسة حتى تنقض عدتها، وكذلك العبد إذا طلق أحدى زوجتيه ليس له أن يتزوج ثالثة حتى تنقض عدتها، وقال الشافع   ي 5.   (1) في الأصل: نويا , وما أثبته من المغني 547:4. (2) قال الإمام النووي- رحمه الله -: وأما إذا كان اسم بنته الواحدة فاطمة , فقال: زوجتك فاطمة , ولم يقل: بنتي , فلا يصح النكاح لكثرة الفواطم , لكن لو نواها صح, كذا قال به العراقيون والبغوي , واعترض ابن الصباغ بأن الشهادة شرط , والشهود لا يطلعون على النية , وهذا قوي. روضة الطالبين 44:7. (3) المغني 547:6, المبدع 21:7. (4) المقنع 13:3, الإقناع 169:3, غاية المنتهى 16:3. (5) المقنع 73:3، المغني 543:6، الشرح الكبير 223:4،مختصر الخرقي 83، المبدع 68:7،الإنصاف 131:8. (6) الأم 130:5، روضة الطالبين121:7. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 106 ومالك1: إن كان الطلاق بائناً جاز ذلك قبل انقضاء العدة. (35) مسالة: ليس لغير الأب إجبار كبيرة2 ولا تزويج صغيرة جداً أو غيره3. وبهذا قال مالك4 والشافعي5 إلا في الجد فإنه جعله كالأب. وقال أبو حنيفة: لغير الأب تزويج الصغيرة، ولها الخيار إذا بلغت6.   (1) هذا هو المشهور عن مالك. انظر: القوانين الفقهية 139, كفاية الطالب الرباني 58:2. (2) البكر البالغة في تزويج الأب لها روايتان: الأولى: له إجبارها. على الصحيح من المذهب.وعليه جماهير الأصحاب, وهي أظهر الروايتين. الثانية: ليس للأب إجبارها. واختارها أبو بكر وابن تيمية. مختصر الخرقي 82, الهداية248:1, الإفصاح 122:2, الإنصاف 55:8, المسائل الفقهية لأبي يعلى 81:2, شرح منتهى الإرادات 41:3, الإختيارات الفقهية 204. (3) المصادر السابقة , والمغني 489:6, المبدع25:7, الإقناع170:3. (4) المدونة 155:2, 157,161,162, القوانين الفقهية 133. (5) الأم 15:5, 16, روضة الطالبين 53:7, 54. (6) الاختيار 94:3, مجمع الأنهر 336:1. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 107 قال أبو الخطاب1: وقد نقل عبد الله2 عن أبيه أحمد كقول أبي حنيفة. (36) مسألة: في تزويج الغيرة إذا زوجها غير الأب والوصي، وفي المسألة ثلاث روايات: إحداهن: ليس لهم تزويجها بحال 3. والثانية: لهم تزويجها، ولها الخيار إذا بلغت4. والثالثة: لهم تزويجها إذا بلغت تسع سنين بإذنها، ولا يجوز قبل ذلك5 لقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ:"تستأمر اليتيمة في نفسها، فإن سكتت فهو إذنها، وإن أبت فلا جواز عليها" رواه أبو داود6   (1) الهداية 248:1. (2) مسائل أحمد لابنه عبد الله 321.وسيذكر المصنف هذه المسائل فيما بعد, انظر: مسألة رقم (47) . (3) الهداية 248:1, العمدة 365, الإنصاف 62:8. (4) المحرر 16:2, المقنع 17:3, المبدع62:7. (5) الكافي 27:3, المغني 489:4, 490. (6) الحديث أخرجه عن طريق أبي هريرة- رضي الله عنه- عبد الرزاق في كتاب النكاح / باب استئمار اليتيمة في نفسها 144:6،رقم (10295) وابن أبي شيبة في كتاب النكاح/باب في اليتيمة من قال: تستأمر في نفسها 138:4, وأحمد 259:2, وأبو داود في كتاب النكاح / باب في الاستئمار 573:2, رقم (2093) واللفظ له, والترمذي في أبوب النكاح / باب إكراه التيمية على التزويج 228:2, رقم (115) وحسنه , وابن حبان في كتاب النكاح / باب الاستئمار 304,رقم (1240) , والبيهقي في كتاب النكاح/ باب إذن البكر الصمت, وإذن الثيب الكلام122:7. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 108 وقيدنا ذلك بابنة تسع سنين1 لأن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: إذا بلغت الجارية تسع سنين فهي امرأة2. وروي ذلك مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم 3. ورأيت حاشية على كتاب الكافي بخط بعض العلماء، ليس للأولياء، غير الأب والوصي تزويج صغيرة بحال، وعنه: لهم ذلك ولها الخيار إذا بلغت، وعنه: لهم تزويج ابنة تسع سنين بإذنها4، نص على هذه الرواية القاضي، وابنه أبو الحسين5   (1) الكافي 72:3, المغني 490:6, الشرح الكبير175:4, كشاف القناع 46:5, منح الشفا الشافيات 111:2. (2) أخرجه تعليقاً عنها بدون إسناد, الترمذي في أبواب النكاح/ باب ما جاء في إكراه اليتيمة على التزويج 288:2, رقم (1115) والبيهقي في كتاب الحيض 320:1. (3) ورد من حديث ابن عمر-رضي الله عنهما- كما قال الألباني, وضعفه, انظر: إرواء الغليل 199:1, 299:6, ولم أقف عليه. (4) سبق ذكر هذه الروايات في أول المسألة. (5) محمد بن محمد بن الحسين بن محمد الفراء, القاضي أبي الحسين ابن القاضي أبي يعلى, أحد أعيان الحنابلة وعلمائهم, وفقهائهم, تفقه على أبيه, وأبي بكر الخياط, وغيرهما, توفي والده وهو صغير, فتفقه بعده على الشريف أبي جعفر, وبرع في الفقه, وكان له في كل فن من العلم حظ كبير, وبلغ درجة عالية في العلم حتى درس وأفتى وناظر وكان عارفاً بالمذهب متشدداً في السنة, له تصانيف كثيرة في الأصول والفروع وغير ذلك , منها: المجموع, رؤوس المسائل, التمام لكتاب الروايتين والوجهين, طبقات الحنابلة, المفردات في أصول الفقه, شرح مختصر الخرقي. مات ببغداد سنة 526هـ. وقيل غير ذلك. ترجمته في: المنهج الأحمد275:2, مناقب الإمام أحمد لابن الجوزي 1,637, ذيل الطبقات 176:1, مرآة الجنان 252:3, سير أعلام النبلاء 601:19, المطلع 455, شذرات الذهب 89:4, المدخل لابن بدران 418, إيضاح المكنون547:1, 280:2, هدية العارفين 86:2. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 109 والشريف1 أبو جعفر2، وأبو الخطاب،   (1) في الأصل: والشريف وأبو جعفر. (2) هو: عبد الخالق بن عيسى بن أحمد بن محمد بن عيسى الشريف, أبو جعفر الهاشمي, إمام الحنابلة في عصره, سمع من أبي القاسم بن بشران, وأبي الحسين الحراني, وأبي محمد الخلال, وتفقه على القاضي أبي يعلى, وكان فقيهاً, ديناً, عفيفاً, بارعاً, ورعاً, زاهداً, متقناً, عالماً بأحكام القرآن والفرائض والأصول, جيد الكلام في المنظرة, قوالاً للحق, لا يجابي ولا تأخذه في الله لومة لائم, قال أبو الحسين ابن الفراء عنه: لزمته خمس سنين وكان إذا بلغه منكر عظم عليه جداً, وكان شديداً على المبتدعة لم تزل كلمته عالية عليهم. من مصنفاته: أدب الفقه, رؤوس المسائل في الفقه, مات ببغداد سنة 470هـ. ترجمته في: طبقات الحنابلة 237:2, ذيل الطبقات15:1, المنهج الأحمد151:2, مناقب الإمام أحمد لابن الجوزي629, سير أعلام النبلاء 456:11, شذرات الذهب 336:3, المدخل لابن بدران 415, 432, الأعلام 292:3. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 110 وغيرهم1. وقطع به ابن الزاغوني2 في الواضح والحلواني3   (1) ينظر: المحرر 16:2, الفروع171:5, الهداية 248:1, الكافي 27:3, المبدع 23:7, الإنصاف 54:8. (2) علي بن عبد الله , وقيل: عبيد الله بن نصر ابن السري البغدادي, أبو الحسين ابن الزغواني, أحد أعيان الحنابلة: كان من بحور العلم, اشتهر بالصلاح والديانة والورع والصيانة, برع في شتى العلوم من الأصول والفروع والحديث والوعظ, وصنف في ذلك كله, ووعظ مدة طويلة, وقرأ القرآن على الروايات, وكان ثقة صدوقاً, صحيح السماع, تفقه عليه خلق كثير منهم ابن الجوزي. وكان كثير التصانيف منها: الواضح, الإقناع, المفردات, الخلاف الكبير, غرر البيان في الأصول الفقه, مناسك الحج, وغيرها , مات سنة 527هـ ترجمته في: مرآة الجنان 852:3, المنهج الأحمد 277:2, مناقب الإمام أحمد637, ذيل الطبقات 180:1, شذرات الذهب 80:4, إيضاح المكنون 145:2, هدية العارفين696:1, المدخل 416. (3) محمد بن علي بن محمد بن عثمان ابن المراق, أبو الفتح الحلواني, نسبته إلى بيع الحلوى, من كبار فقهاء الحنابلة, صحب القاضي أبا يعلى, وقرأ على أبي جعفر الشريف, وأبي علي يعقوب البرزبيني, ودرس عليهما الفقه أصولا وفروعاً حتى برع فيهما, وأفتى ودرّس وحدث, وكان ذا زهادة وعبادة, مشهوراً بالورع. من مصنفاته: كفاية المبتدئ في الفقه, ومختصر العبادات, ومصنف في أصول الفقه, مات ببغداد سنة 505هـ. ترجمته في: ذيل الطبقات 106:1, مناقب الإمام أحمد634, المنهج الأحمد 224:2, هدية العارفين81:2, المدخل 418, الأعلام 277:6. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 111 وغيرهما1. وذكر أبو الحسين/2 أنه اختيار الخرقي، والقاضي الشريف3 وقال تقي الدين أبو العباس أحمد بن تيمية4 ـ رحمة الله ـ هذا هو   (1) مسائل أحمد لابنه عبد الله 321-322, الإنصاف 8: 54-55, كشاف القناع46:5, حاشية المقنع 15:3. (2) نهاية لـ (3) . (3) الإنصاف 54:8. (4) أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن ابن أبي القاسم, ابن تيمية الحراني الدمشقي, الإمام الفقيه المجتهد المحدث الحافظ المفسر الأصولي الزاهد, شيخ الإسلام, وعلم الأعلام, وشهرته تغني عن الإطناب في ذكره, والإسهاب في أمره, كان من بحور العلم ومن الأذكياء المعدودين والزهاد, أفتى ودرّس وهو دون العشرين, مات مسجوناً سنة 728هـ وخرجت دمشق كلها في جنازته. مصنفاته كثيرة مشهورة منها: الفتاوى, السياسية الشرعية, القواعد النورانية الفقهية, درء تعارض العقل والنقل, رفع الملام عن الأئمة الأعلام, وقد أفردت ترجمته في مصنفات. ترجمته في: مرآة الجنان277:4, الذيل على الطبقات387:2, تذكرة الحفاظ1496:4, طبقات الحفاظ للسيوطي520, شذرات الذهب 80:6, البدر الطالع 63:1, هدية العارفين 105:1, الأعلام 144:1. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 112 الصحيح الذي دلت عليه السنة، وهو مذهب أحمد المشهور عنه1. وقال موفق الدين في المغني2 إذا بلغت الجارية تسع سنين ففيها روايتان: إحداهما: أنها كمن لم تبلغ تسعاً، نص عليه في رواية الأثرم. 3   (1) مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية 32: 45-46, الاختيارات الفقهية 204. (2) المغني 490:6. (3) هو الإمام الحافظ العلامة , أبو بكر أحمد بن محمد بن هانئ الإسكافي الأثرم الطائي , وقيل: الكلبي , نقل عن الإمام أحمد مسائل كثيرة وصنفها ورتبها أبواباً, سمع من القعنبي , وأبي الوليد الطيالسي , ومسدد بن مسرهد , وابن أبي شيبة وغيرهم , وحدث عنه النسائي , وموسى بن هارون , ويحيى ابن صاعد , وغيرهم , كان فقيهاً جليل القدر , حافظاً , وكان عنده تيقظ عجيب أثنى عليه يحيى بن معين , وقال إبراهيم ابن الأصفهاني: هو أحفظ من أبي زرعة الرازي وأتقن. من مصنفاته: علل الحديث , السنن, الناسخ والمنسوخ في الحديث. مات سنة 273هـ وقيل غيرذلك. ترجمته في: الجرح والتعديل 27:2, طبقات الحنابلة 66:1, تاريخ بغداد 110:5, مناقب الإمام أحمد 184, 612, تذكرة الحفاظ 570:2, طبقات الحفاظ للسيوطي 259, تهذيب التهذيب 78:1, شذرات الذهب 141:2, هدية العارفين 50:1, المدخل 411, الأعلام 205:1. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 113 وهو قول مالك1 والشافعي2 وأبي حنيفة3 والثانية: حكمها حكم البالغة، نص عليه في رواية4 ابن منصور5 لأنه ورد في الخبر الصحيح أن اليتيمة تنكح بإذنها وإن أبت فلا جواز عليها 6. وحديث عائشة – رضي الله عنها – إذا بلغت الجارية تسع سنين   (1) المدونة 155:2. (2) الأم 15:5. (3) مجمع الأنهر 333:1. (4) مسائل أحمد وإسحاق برواية إسحاق بن منصور 172. (5) إسحاق بن منصور بن بهرام الكوسج أبو يعقوب الإمام الفقيه الحافظ الحجة , أحد من روى المسائل عن الإمام أحمد, أخذ الفقه عن كثير من المشايخ , وتعمق في الحديث حتى أصبح أحد أئمته الزهاد وأحد المتمسكين بالسنة وقد اعتمداه أيما اعتماد، من شيوخه: سفيان بن عيينة، ووكيع بن الجراح، ويحي بن سعيد القطان، وعبد الرحمن بن مهدي، وغيرهم وحدث عنه: البخاري،ومسلم، والنسائي، والترمذي، وابن خزيمة، وأبو زرعة الرازي وغيرهم، له المسائل في الفقه رواها عنه شيخه الإمام أحمد ,مات بنيسابور سنة 251هـ. ترجمته في: الجرح والتعديل 234:2, تاريخ بغداد 362:6, مناقب الإمام أحمد 615, طبقات الحنابلة 113:1, المنهج الأحمد 119:1, تذكرة الحفاظ 524:2, تهذيب التهذيب 249:1, طبقات الحفاظ للسيوطي 233, شذرات الذهب 123:2, الأعلام 297:1, (6) يشير إلى حديث أبي هريرة _ رضي الله عنه_ الذي سبق ذكره في أول المسألة. انظر ص 108. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 114 فهي امرأة، رواه القاضي بإسناده1 فيباح تزويجها كالبالغة2. وقد خطب عمر 3– رضي الله عنه – أم كلثوم بنت أبي بكر4 - رضي الله عنه- إلى عائشة – رضي الله عنها- بعد موت أبي بكر5–   (1) سبق الكلام عليه في أول المسألة ص109, وانظر: المغني 490:6. (2) المغني 491:6, الشرح الكبير 175:4. (3) عمر بن الخطاب بن نفيل العدوي القرشي , أبو حفص أمير المؤمنين وثاني الخلفاء الراشدين , أسلم فكان إسلامه فتحاً على المسلمين وكان من أفقه الصحابة نزل القرآن موافقاً له في بعض الأشياء وحج بالناس عشر سنين متوالية , قتله أبو لؤلؤة المجوسي بالمدينة المنورة سنة 23هـ. ترجمته في: المعارف 179, حلية الأولياء 38:1, أسد الغابة 52:4, تهذي الأسماء واللغات3:2, تذكرة الحفاظ 5:1, تهذيب التهذيب 438:7, شذرات الذهب 33:1, الأعلام 45:5. (4) أم كلثوم بنت أبي بكر الصديق ابن أبي قحافة , تابعية مات أبوها وهي حمل فوضعتها أمها حبيبة بنت خارجة بعد موت أبي بكر وروي عنها جابر بن حبيب وطلحة بن يحيى والمغيرة بن حكيم وغيرهم. ترجمتها في: الإصابة 493:7, أسد الغابة 383:7, طبقات ابن سعد 462:8, تقريب التهذيب 624:2. (5) هو عبد الله بن عثمان بن عامر القرشي التيمي أبو بكر الصديق , صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الغار , وفي الهجرة , وفي المشاهد كلها , وخليفته بعد وفاته كان_ رضي الله عنه _ من رؤساء قريش في الجاهلية وأهل مشاورتهم ومحببا فيهم , فلما جاء الإسلام آثره على ما سواه ودخل فيه أكمل دخول ولم يزل مترقياً في معارفه متزايداً في محاسنه حتى توفي وأسلم على يده خلائق من الصحابة منهم خمسة من العشرة, مات سنة 13هـ. ترجمته في: طبقات ابن سعد 119:3, أسد الغابة 309:3, الإصابة 341:2, تهذيب الأسماء واللغات 181:2, حلية الأولياء 93:4, الأعلام 102:4. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 115 رضي الله عنه- فأجابته، وهي لدون عشر سنين لأنها إنما ولدت بعد موت أبيها. وكانت ولاية عمر- رضي الله عنه- عشر سنين1، فكرهته الجارية، فتزوجتها طلحة2 بن عبيد الله3 ولم ينكره منكر، فدل ذلك   (1) كانت خلافته _ رضي الله عنه _ عشر سنين وخمسة أشهر وواحداً وعشرين يوماً , وقيل: عشر سنين وستة أشهر وخمس ليال. وانظر: المعارف 183, أسد الغابة 179:4, البداية والنهاية 142:7. (2) طلحة بن عبيد الله بن عثمان القرشي التيمي أبو محمد أحد الصحابة العشرة المشهود لهم بالجنة وأحد الثمانية الذين سبقوا إلى الإسلام , وأحد الستة أصحاب الشورى , له عدة أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وحدث عنه بنوه: يحيى , وموسى وعيسى والسائب بن يزيد , والأحنف بن قيس التميمي وأبو سلمة بن عبد الرحمن وآخرون , كان – رضي الله عنه – من دهاة قريش ومن علمائهم ويقال له طلحة الجود , وطلحة الخير وطلحة الفياض , وكل ذلك لقبه به رسول الله صلى الله عليه وسلم في مناسبات مختلفة قتل يوم الجمل سنة 36هـ ودفن بالبصرة. ترجمته في: طبقات ابن سعد 152:3, حلية الأولياء 87:1, أسد الغابة 85:3, المعارف 228، تهذيب الأسماء واللغات 251:1, الإصابة 229:2, تهذي التهذيب 20:5, شذرات الذهب 42:1, الأعلام 229:3. (3) في الأصل: عبد الله , وانظر: مصادر ترجمته السابقة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 116 على اتفاقهم على صحة تزويجها قبل بلوغها بولاية غير أبيها1. وقد قال الله تبارك وتعالى: {وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى..} 2 فمفهومه أنه إذالم يخف فله تزويج اليتيم3 واليتيمة من لم تبلغ4 لقول النبي –صلى الله عليه وسلم-: " لا يتم بعد احتلام" 5 (37) مسألة: ولا يجوز لسائر الأولياء تزويج الكبيرة إلا بإذنها، إلا المجنونة لهم تزويجها إذا ظهر منها الميل إلى الرجال6.   (1) المغني 491:6, الشرح الكبير 175:4. (2) الآية (3) من سورة النساء. (3) المغني 489:6، زاد المعاد 100:5،أحكام القرآن لابن العربي 310:1،فتح القدير للشوكاني 419:1. (4) المغني 489:6،زاد المعاد 100:5. (5) أخرجه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أبو داود في كتاب الوصايا/باب ما جاء متى ينقطع اليتم؟ 293:3، رقم (2873) وصححه الألباني في إرواء الغليل 079:5 (6) هذا هو المذهب , وقيل ليس لهم ذلك مطلقاً وقال القاضي أبو يعلى: لا يزوجها إلا الحاكم , وقال بعضهم: يجبرها الحاكم. المغني 496:6, الهداية 248:1, المحرر المبدع 25:7, المبدع25:7، الفروع 173, الإنصاف 60:8, كشاف القناع 45:5, شرح منتهى الإرادات 14:3, الروض المربع 70:3. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 117 (38) مسألة: الثيب تنقسم قسمين: كبيرة وصغيرة: فأما الكبيرة فلا يجوز لأحد تزويجها إلا بإذنهاو1 لقول النبي- صلى الله عليه وسلم:" لا تنكح الأيم2 حتى تستأمر " 3 متفق عليه. وقال: " الأيم أحق بنفسها من وليها " 4 القسم الثاني: الثيب الصغيرة، وفيه وجهان: أحدهما: لا يجوز تزويجها5 وهو اختيار القاضي6.   (1) الكافي 26:3, المغني 492:6, الإنصاف 57:8. (2) الأيم: هي في الأصل التي لا زوج لها، بكرا كانت أو ثيبا، مطلقة كانت أو متوفى عنها، والمراد بها هنا الثيب خاصة، يقال: تأيمت المرأة وآمت إذا أقامت لا تتزوج. النهاية 85:1. (3) الحديث ورد من طريق أبي هريرة رضي الله عنه , وأخرجه البخاري في كتاب النكاح / باب لا ينكح الأب وغيره البكر والثيب إلا برضاهما 250:3, ومسلم في كتاب النكاح / باب اسئذان الثيب في النكاح 136:2, رقم (1419) . (4) الحديث ورد من طريق ابن عباس رضي الله عنهما , أخرجه مسلم في الكتاب والباب السابقين 1037:2, رقم (1421) (5) وهذا هو المذهب وعليه جماهير الأصحاب. وانظر: الكافي 27:3, المغني 492:6, المسائل الفقهية لأبي يعلى 81:2. الإنصاف 56:8. (6) انظر: اختيار القاضي ومن معه في المصادر السابقة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 118 وابن حامد1، وابن بطة2   (1) الحسن بن حامد بن علي بن مروان، أبو عبد الله البغدادي، إمام الحنابلة في زمانه، ومدرسهم وفقيههم، سمع من أبي بكر بن مالك، وأبي بكر بن الشافعي، وأبي بكر النجاد وغيرهم، وهو أستاذ القاضي أبي يعلى، وكان كثير الحج فعوتب في ذلك لكبر سنه، فقال: لعل الدرهم الزيف (الرديء) يخرج مع الدراهم الجيدة، وكان ينسخ الكتب ويقتات من أجرتها، وبعث إليه الخليفة بجائزة فردها تعففاً مع حاجته إلى بعضها. له المصنفات العديدة في العلوم المختلفة منها: الجامع في المذهب، شرح مختصر الخرقي، شرح أصول الدين، أصول الفقه. مات راجعا من الحج سنة 403هـ. ترجمته في: تاريخ بغداد 7: 303، طبقات الحنابلة2: 171،مناقب الإمام أحمد 625، المنهج الأحمد 2:98، المطلع432، سير أعلام النبلاء203:17، شذرات الذهب3:166، المدخل412، الأعلام2:187. (2) عبيد الله بن محمد بن محمد بن حمدان، أبو عبد الله العكبري، المعروف بابن بطة (بفتح الباء والطاء المشددة) عالم بالحديث، من كبار فقهاء الحنابلة، سمع من أبي القاسم البغوي، وأبي محمد بن صاعد، وإسماعيل الوراق، وأبي القاسم الخرقي، وغيرهم، وسافر كثيرا في طلب العلم، وكان له الحظ الوافر من العلم والعبادة، قال الخطيب البغدادي: حدثني عبد الواحد بن علي العكبري قال: لم أر في شيوخ أصحاب الحديث ولا في غيرهم أحسن هيئة من ابن بطة، وكان آمرا بالمعروف ولم يبلغه منكر إلا غيره. من مصنفاته: الشرح والإبانة على أصول السنة والديانة، المناسك، السنن، وغيرها. مات سنة387هـ. وفي رثائه البيت المشهور من قصيدة لتلميذه ابن شهاب العكبري: هيهات أن يأتي الزمان بمثله إن الزمان بمثله لبخيل. ترجمته في: طبقات الحنابلة2: 144، تاريخ بغداد10: 371، مناقب الإمام أحمد623، المنهج الأحمد2:81، المطلع439، شذرات الذهب3:123، إيضاح المكنون1:8، هدية العارفين1:647، الأعلام4:197. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 119 وهو مذهب الشافعي1. والوجه الثاني: أن لأبيها تزويجها ولا يستأذنها، اختاره أبو بكر2. وهو قول مالك3 وأبي حنيفة4 لأنها صغيرة فجاز إجبارها. (39) مسألة: إذن الثيب الكلام5 وإذن البكر الصمت، فإن نطقت فهو أتم   (1) الأم5:16. (2) الهداية1: 248، المغني6: 492، الإنصاف8: 57، المسائل الفقهية لأبي يعلى2: 81 (3) المدونة 155:2،القوانين الفقهية 133. (4) الاختيار 94:3، مجمع الأنهار 335:1. (5) المقنع3: 17، الكافي3: 28، المبدع7: 27، كشاف القناع5: 46. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 120 وأكمل1 وإن بكت أو ضحكت فهو بمنزلة سكوتها2. (40) مسألة: الثيب هي: الموطوءة في القبل سواء كان الوطء حلالا أو حراما3.   (1) هذا هو المذهب وعليه الأصحاب، وقطع به كثير منهم، وقيل: يعتبر النطق في غير الأب. الفروع5: 175، المغني6:492، الإنصاف8: 64. (2) المغني6: 494، شرح منتهى الإرادات3: 15، كشاف القناع5: 46-47، الروض المربع 3: 71-72. وقال المرداوي – رحمه الله-: (وقال في الرعاية: قلت: فإن بكت كارهة فلا، إلا أن تكون مجبرة. انتهى. قلت: وهو الصواب، فإن البكاء تارة يكون من شدة الفرح، وتارة يكون لشدة الغضب، وعدم الرضى بالواقع، فإن اشتبه في ذلك نظرنا إلى دمعها، فإن كان من السرور كان باردا، وإن كان من الحزن كان حارا، ذكره البغوي عن بعض أهل العلم في تفسير قوله تعالى – في [سورة مريم آية26]- {وقري عينا} فإن قيل: كان يمكنها النطق إذا كرهت، قلنا: وكان يمكنها النطق بالإذن إذا رضيت، ولكنها لما كانت مطبوعة على الحياء في النطق عم الرضى والكراهة. انتهى كلام المرداوي) . وانظر: الإنصاف8: 65،66، معالم التنزيل للبغوي4: 243، فتح القدير للشوكاني3: 329. (3) أما الوطء المباح: فلا خلاف في المذهب في أنها ثيبة به. وأما الوطء بالزنا وذهاب البكارة به: فالصحيح من المذهب: أنه كالوطء المباح في اعتبار الكلام في إذنها، وعليه الأصحاب، وقال الزركشي: صرح به الأصحاب، قال المرداوي: قلت: بل أولى عن كانت مطاوعة، قال في الفروع: والأصح ولو بزنا، وقيل حكمها حكم الأبكار، قلت – أي المرداوي-: لعل صاحب هذا القول أراد إن كانت مكروهة، وإلا فلا وجه له. انتهى كلام المرداوي. المغني 6: 494، الكافي3: 26، الفروع5: 174، الإنصاف8: 64-65، الهداية1: 248. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 121 وهذا مذهب الشافعي1. وقال مالك2 وأبو حنيفة3: حكم الموطوءة بالفجور حكم البكر في إذنها وتزويجها. فإن ذهبت بكارتها بغير جماع كالوثبة، أو بأصبع، أو عود فحكمها حكم الأبكار4. ولو وطئت في الدبر لم تصر ثيباً5.   (1) الأم5: 16. (2) المشهور عن مالك – رحمه الله- أن الثيبوبة المانعة من الجبر هي ما إذا كان الوطء حلالا ,وقيل: ولوكان الوطء حراما. المقدمات والممهدات1: 477، القوانين الفقهية133. (3) الاختيار3: 93، مجمع الأنهر1: 334. (4) هذا هو الصحيح من المذهب، وعن أحمد: تغير صفة الإذن فيعتبر النطق في الكل. المغني6: 495، الإنصاف8: 65. (5) هذا هو الصحيح من المذهب وقيل: تصير ثيباً بالوطء في الدبر. انظر: المصدرين السابقين، والفروع5: 174، الإقناع3: 171. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 122 (41) مسألة: للأب تزويج ابنته بدون صداق مثلها1 بكرا كانت أو ثيبا، صغيرة كانت أو كبيرة2. وبهذا قال أبو حنيفة3 ومالك4. وقال الشافعي: ليس له ذلك، فإن فعل فعلها مهر مثلها5. فأما غير الأب فليس له أن ينقصها عن مهر مثلها، فإن زوّج بدون مهر المثل صح النكاح لأن فساد التسمية وعدمها لا يؤثر في   (1) صداق المثل: ما اعتاد الناس أن يدفعوه صداقا لأمثالها من قريباتها، وهو معتبر بمن يساويها من جميع أقاربها، من جهة أبيها وأمها كأختها وعمتها وبنت أخيها وبنت عمها وأمها وخالتها، وغيرهن القربى فالقربى، وتعتبر المساواة في المال والجمال والعقل والأدب والسن والبكارة والثيوبة والبلد وصراحة نسبها، وكل ما يختلف لأجله الصداق. وانظر: الإقناع3: 224، كشاف القناع5: 159. (2) هذا هو المذهب وهو من مفرداته، وقيل: يختص ذلك بالمحجور عليها في المال، وهناك احتمال أن حكم الأب مع الثيب حكم غيره من الأولياء. وانظر: مختصر الخرقي88، المقنع79:3، المبدع7: 154، الشرح الكبير4: 299، الإنصاف8: 249-250، المحرر2: 34، منح الشفا الشافيات2: 126. (3) بدائع الصنائع2: 245، مختصر الطحاوي173. (4) المدونة2: 155، القوانين الفقهية136. (5) الأم5: 65، التنبيه165,166. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 123 النكاح ويكون لها مهر مثلها، لأنه قيمة بضعها، وتمام المهر على الزوج، وعلى الولي ضمانه لأنه المفرط، ولا تملك المرأة الفسخ لأنه قد حصل لها وجوب مهر مثلها1. (42) مسألة: إذا زوجها الأبعد مع حضور الأقرب وأجابته على تزويجها من غير إذنه لم يصح2.   (1) إذا زوج غيرُ الأبِ المرأةَ بدون صداق مثلها فهذا له حالتان: الأولى: أن يفعل ذلك بإذنها فيصح ذلك على الصحيح من المذهب، وقيل: على الزوج بقية صداق المثل. الثانية: أن يفعل ذلك بغير إذنها، فيكمله الزوج على الصحيح من المذهب، ويحتمل أن لا يلزم الزوج إلا المسمى والباقي على الولي كالوكيل في البيع. قال المرداوي: وهو الصواب وقد نص عليه الإمام أحمد واختاره ابن تيمية. وانظر: المغني6: 498، الهداية1: 264، الإنصاف8: 251، المحرر2: 34، كشاف القناع5: 138، الاختيارات الفقهية236، شرح منتهى الإرادات3: 69. (2) هذا هو أصح الروايتين، وهي المذهب، والرواية الثانية: أنه موقوف على إجازة من له الإذن، فإن أجازه جاز وإلا بطل. المغني6: 473، الكافي3: 18، الشرح الكبير4: 193، المبدع7: 39. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 124 وبهذا قال الشافعي1. وقال مالك: يصح، لأن هذا ولي فصح أن يزوجها بإذنها كالأقرب2. (43) مسألة: الكفء: ذو الدين والمنصب3. والمنصب هو: النسب4 فلا يكون الفاسق كفؤا للعفيفة، ولا المولى5 والعجمي كفؤا للعربية6. والعرب بعضهم لبعض أكفاء7 لأن المقداد بن الأسود8 تزوج   (1) الأم5: 12، كفاية الأخيار2: 33. (2) هذا هو المشهور عن مالك، وقيل: للأقرب أن يفسخه ما لم يدخل بها، وقيل: ينظر فيه السلطان. القوانين الفقهية134. (3) هذه إحدى الروايتين عن أحمد، وعنه رواية ثانية، أن الكفاءة: الدين والمنصب والحرية، والصناعة واليسار، وسيتكلم المصنف عن هاتين الروايتين في المسألة رقم (46) . (4) منتهى الإرادات2: 169. (5) سبق بيان الموالي وأقسامهم في المسألة رقم (10) ، ص71. (6) الكافي3: 31، المغني6: 482-483. (7) هذه الرواية هي المذهب، وسيذكر المصنف الرواية الثانية في آخر هذه المسألة. وانظر: العمدة367، الكافي3: 31، الإنصاف8: 109، المبدع7: 53، زاد المعاد5: 159. (8) هو المقداد بن عمرو بن ثعلبة بن مالك بن ربيعة القضاعي الكندي، واشتهر بالمقداد بن الأسود لأنه تربى في حجر الأسود بن عبد يغوث الزهري، والمقداد أحد أجلاء الصحابة، شهد بدرا والمشاهد كلها، وثبت أنه كان يوم بدر فارسا فهو من السابقين إلى الإسلام، وأول من أظهر إسلامه بمكة سبعة منهم المقداد، وهاجر إلى الحبشة ثم عاد إلى مكة ثم هاجر إلى المدينة، مات بالقرب منها سنة33هـ. ترجمته في: المعارف262، أسد الغابة5: 251، الجرح والتعديل8: 426، تهذيب الأسماء واللغات2: 11، تهذيب التهذيب10: 285، شذرات الذهب1: 39، الأعلام7: 282. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 125 ضباعة بنت الزبير1 عم النبي صلى الله عليه وسلم2.   (1) ضباعة بنت عم رسول الله –صلى الله عليه وسلم- الزبير بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف الهاشمية، صحابية من المهاجرات، روى عنها: سعيد بن المسيب، وابنتها كريمة، وعروة بن الزبير وعبد الرحمن بن الأعرج، وأنس بن مالك، وقد ولدت لزوجها المقداد ابن الأسود عبد الله وكريمة، وقتل عبد الله يوم الجمل، ماتت رضي الله عنها بعد الأربعين. ترجمتها في: المعارف120، 262، أسد الغابة7: 178، تهذيب التهذيب12: 432، تهذيب الأسماء واللغات350:2، تقريب التهذيب2: 604، أعلام النساء2: 353. (2) فقد روت عائشة –رضي الله عنها- قالت: دخل رسول الله –صلى الله عليه وسلم- على ضباعة بنت الزبير، فقال لها: "لعلك أردت الحج" قالت: والله لا أجدني إلا وَجِعَة، فقال لها: "حجي واشترطي، قولي: اللهم محلي حيث حبستني" وكانت تحت المقداد بن الأسود. قال الحافظ ابن حجر: إن المقداد بن عمرو الكندي نسب إلى الأسود بن عبد يغوث الزهري، لكونه تبناه، فكان من حلفاء قريش، وتزوج ضباعة –وهي هاشمية- فلولا أن الكفاءة لا تعتبر بالنسب لما جاز أن يتزوجها لأنها فوقه في النسب. انتهى. والحديث أخرجه البخاري في كتاب النكاح/ باب الأكفاء في الدين3: 243، واللفظ له، ومسلم في كتاب النكاح/ باب جواز اشتراط المحرم التحلل بعذر المرض ونحوه2: 867، رقم (1207) ، وانظر: فتح الباري9: 135. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 126 وزوج أبو بكر أخته1 من الأشعث بن قيس الكندي2، وزوج علي3 –رضي الله عنه-   (1) هي أم فروة بنت أبي قحافة، فقد روى إبراهيم النخعي قال: ارتد الأشعث بن قيس في ناس من كندة، فحوصر فأخذ الأمان لسبعين منهم، ولم يأخذ لنفسه، فأتي به أبو بكر الصديق رضي الله عنه فقال: إنا قاتلوك لا أمان لك، فقال: تَمُنُُ عليَّ وأسلم، قال: ففعل، وزوجه أختَه أمَّ فروة بنت أبي قحافة. انظر: الأموال لأبي عبيد122، المعارف334، المغني6: 483، سير أعلام النبلاء2: 39، أعلام النساء4: 160، الإصابة4: 483، أسد الغابة7: 377، طبقات ابن سعد8: 249. (2) الأشعث بن قيس الكندي بن معدي كرب الكندي، صحابي وفد على رسول الله –صلى الله عليه وسلم- في سبعين من قومه، وهو أمير كندة في الجاهلية والإسلام، وسمي الأشعث لشعث رأسه فغلب عليه، كان من ذوي الرأي والإقدام، موصوفا بالهيبة، وهو أول راكب مشت معه الرجال يحملون الأعمدة بين يديه ومن خلفهن كان عاملا لعثمان رضي الله عنه على أذربيجان. مات بالكوفة سنة40هـ. ترجمته في: المعارف333، طبقات ابن سعد22:6، أسد الغابة1: 118، تهذيب الأسماء واللغات1: 123، تهذيب التهذيب1: 359، الأعلام1:332. (3) علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرسي الهاشمي المكي أمير المؤمنين، وابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورابع الخلفاء الراشدين، وأحد القادة الشجعان المشهورين، ومن أكابر الخطباء والعلماء بالقضاء، وأحد السابقين إلى الإسلام، فهو أول من أسلم من الصبيان، شهد المشاهد كلها مع رسول الله –صلى الله عليه وسلم- إلا تبوك، وروى الكثير من الأحاديث عنه، ولي الخلافة بعد مقتل عثمان –رضي الله عنه- واستمر فيها حوالي خمس سنوات، وفضائله ومناقبه في كل شيء مشهورة، وأكثر من أن تحصر، استشهد –رضي الله عنه- سنة40 من الهجرة. ترجمته في: المعارف203، حلية الأولياء1: 61، تاريخ بغداد 133:1،، أسد الغابة4: 91، تهذيب الأسماء واللغات1: 344، تذكرة الحفاظ1: 10، تهذيب التهذيب7: 334، الأعلام4: 295. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 127 ابنته أم كلثوم1 عمر بن الخطاب رضي الله عنه2. وعن أحمد –رحمه الله- رواية أخرى: أن غير قريش لا يكافئهم، وغير بني هاشم لا يكافئهم3.   (1) أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب بن عبد المطلب الهاشمية، ولدت في حدود سنة ست من الهجرة، ورأت النبي - (- ولم ترو عنه شيئا، تزوجها عمر بن الخطاب –رضي الله عنه- فولدت له زيدا، ورقية، وتوفي عنها، ثم تزوجها عون بن جعفر بن أبي طالب، ثم مات عنها، فتزوجت محمد بن جعفر فمات ثم تزوجت بعبد الله بن جعفر فماتت عنده، وكان موتها وموت ابنها زيدا في يوم واحد في أوائل خلافة معاوية. ترجمتها في: المعارف211، طبقات ابن سعد8: 463، أسد الغابة7: 387، تهذيب الأسماء واللغات1: 204، 2: 365, سير أعلام النبلاء3: 500، أعلام النساء4: 255. (2) فقد زوجها علي لعمر مع أنها هاشمية، وانظر قصة تزويجه إياها في: المستدرك للحاكم3: 142، سير أعلام النبلاء3: 500، مجمع الزوائد9: 483. (3) هذه هي الرواية الثانية عن أحمد رحمه الله تعالى. وقد رد ابن تيمية –رحمه الله- هذه الرواية فقال: ليس في كلام الإمام أحمد –رضي الله عنه- ما يدل عليها، وإنما المنصوص عنه في رواية الجماعة: أن قريشا بعضهم لبعض أكفاء، قال: وذكر ذلك ابن أبي موسى، والقاضي في خلافه وروايتيه وصححهما فيه. وقال أيضا: ومن قال: إن الهاشمية لا تزوج بغير هاشمي، بمعنى أنه لا يجوز ذلك، فهذا مارق من دين الإسلام؛ إذ قصة تزويج الهاشميات –من بنات النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهن بغير الهاشميين- ثابت في السنة ثبوتا لا يخفى، فلا يجوز أن يحكى هذا خلافا في مذهب الإمام أحمد رضي الله عنه، وليس في لفظه ما يدل عليه. انتهى. وعن أحمد رواية ثالثة وهي: أن ولد الزنا ليس كفؤا لذات النسب كالعربية. وانظر: المغني6: 483، الكافي3: 31، صحيح البخاري3: 241، المسائل الفقهية لأبي يعلى2: 93-94، المبدع7: 53، زاد المعاد5: 159، فتح الباري9: 132، الإنصاف8: 109، شرح منتهى الإرادات3: 27. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 128 (44) مسألة: من أسلم أو عتق من العبيد فهو كفء لمن له أبوان في الإسلام والحرية1. وقال أبو حنيفة: ليس بكفء2.   (1) هذا هو الصحيح من المذهب، وعن أحمد رواية أنها لا تزوج به. المغني6: 485، المبدع7: 54، الشرح الكبير4: 209، الإنصاف8: 110. (2) بدائع الصنائع2: 319، مجمع الأنهر1: 341، بدر المتقي1: 341. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 129 (45) مسألة: اختلفت الرواية عن أحمد1 –رحمه الله- في اشتراط الكفاءة لصحة النكاح: فروي عنه: أنها شرط2 لقول النبي –صلى الله عليه وسلم- "لا تنكحوا النساء إلا من الأكفاء، ولا يزوجهن إلا الأولياء" رواه الدارقطني34.   (1) في الأصل: أحمد في أحمد. (2) هذه الرواية هي المذهب عند أكثر المتقدمين، ونقل المرداوي عن الزركشي قوله: هذا المنصوص المشهور، والمختار لعامة الأصحاب من الروايتين. مختصر الخرقي82، الكافي3: 30، المغني6: 480، المحرر2:18، الإنصاف8: 105. (3) هو الإمام الحافظ، علي بن عمر بن أحمد البغدادي، أبو الحسن الدارقطني، المحدث المشهور، سمع من البغوي وابن أبي داود وابن صاعد وغيرهم، وحدث عنه الحاكم وأبو حامد الإسفرائيني، وأبو نعيم الأصبهاني، وغيرهم، كان الدارقطني فريد عصره، وإمام وقته في الحفظ والفهم والورع، وانتهى إليه علم الأثر والمعرفة بالعلل وأسماء الرجال مع الصدق والثقة، وصحة الاعتقاد، وله باع طويل في علوم القراءات، ومعرفة بمذاهب الفقهاء. من مصنفاته الكثيرة: السنن، الإلزامات والتتبع، العلل في الحديث، المختلف والمؤتلف في أسماء الرجال وغيرها. مات سنة385هـ ببغداد. ترجمته في: تاريخ بغداد12: 34، وفيات الأعيان3: 297، تذكرة الحفاظ3: 991، طبقات الشافعية للسبكي3: 462، طبقات الحفاظ للسيوطي393، شذرات الذهب3: 116، كشف الظنون2: 1007، هدية العارفين1:683، الأعلام4: 413. (4) الحديث ورد من طريق جابر بن عبد الله –رضي الله عنهما- أخرجه الدارقطني في باب المهر3: 245، والبيهقي في كتاب النكاح/ باب اعتبار الكفاءة7: 133، وقال الدارقطني: مبشر بن عبيد –أحد رواة الحديث- متروك الحديث، أحاديثه لا يتابع عليها، وضعفه البيهقي، وقال الزيلعي، وأسند البيهقي في "المعرفة" عن أحمد بن حنبل أنه قال: أحاديث مبشر بن عبيد موضوعة كذب. وانظر: علل الحديث للإمام أحمد382، نصب الراية3: 196، الدراية2:62. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 130 إلا أن ابن عبد البر1 قال: هذا ضعيف لا أصل له ولا يحتج بمثله2. والرواية الأخرى عن أحمد: أن الكفاءة ليست شرطا للنكاح3.   (1) الحافظ الإمام، يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر النمري، أبو عمر القرطبي المالكي، أحد كبار حفاظ الحديث، ومن أعيان المالكية، عارف بالرجال وأحوالهم، انتهى إليه مع إمامته علو الإسناد وولي القضاء، وكان ظاهريا، ثم تحول مالكياً, وكان عالما بالقراءات، والحديث والخلاف. من مصنفاته: التمهيد، الاستذكار، الاستيعاب، الكنى, المغازي، الكافي، مات بشاطبة سنة463هـ. ترجمته في: الديباج المذهب357، وفيات الأعيان7:66، تذكرة الحفاظ3: 1128، مرآة الجنان3: 89، طبقات الحفاظ للسيوطي431، شذرات الذهب3: 314، كشف الظنون1:12،43،78،81،142، إيضاح المكنون2: 266، هدية العارفين2/550، الأعلام8: 240. (2) نقله عنه ابن قدامة وأبو الفرج المقدسي، انظر: المغني6: 480، الشرح الكبير4: 206. (3) المقنع3: 29، الكافي3: 30، الإنصاف8: 105، الإقناع3: 179. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 131 وهذا قول أكثر أهل العلم1. وهي الصحيحه2 لقول الله تعالى: {إن أكرمكم عند الله أتقاكم} 3. وأمر النبي - صلى الله عليه وسلم- فاطمة بنت قيس4 أن تنكح أسامة بن زيد5 فنكحها بأمره. رواه البخاري6   (1) الاختيار3: 98، أسهل المدارك2: 76، مغني المحتاج3: 164، الإشراف4: 28، المغني6: 480، شرح منتهى الإرادات3: 26. (2) وممن صححها ابن قدامة، وأبو الفرج المقدسي والمرداوي وغيرهم، وانظر: المغني6: 481، المقنع3: 29، الشرح الكبير4: 206، المحرر2: 18، الفروع5: 189، الإنصاف8: 106. (3) الآية 13 من سورة الحجرات. (4) ترجمتها بعد قليل. (5) ترجمته بعد قليل. (6) أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة الجعفي، الإمام البخاري، الحافظ العلم، صاحب (الصحيح) وإمام المحدثين، والمعول على صحيحه في جميع الأمصار والأزمان، روى عن الإمام أحمد وعلي بن المديني، ومكي بن إبراهيم/ وروى عنه مسلم والترمذي وابن أبي الدنيا وخلق سواهم، وشهرته تغني عن الإطناب في الكلام عنه وذكر سيرته. من مصنفاته: الجامع الصحيح، التاريخ الكبير، الأدب المفرد، القراءة خلف الإمام وغيرها. مات ليلة عيد الفطر سنة256هـ. ترجمته في: الجرح والتعديل7: 191، طبقات الحنابلة1: 271، تهذيب الأسماء واللغات1:67، وفيات الأعيان4: 188، تذكرة الحفاظ2: 555، المنهج الأحمد1: 241، تهذيب التهذيب9: 47، مرآة الجنان2: 167، شذرات الذهب2: 134، هدية العارفين2: 16، الأعلام6: 34. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 132 ومس   لم12.   (1) الإمام الكبير الحافظ، مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري، أبو الحسن النيسابوري, صاحب الصحيح، وأحد الأئمة الأعلام، روى عن الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه ويحيى بن معين، وروى عنه أبو عيسى الترمذي، وأبو بكر ابن خزيمة، وأبو عوانة وغيرهم، كان من أوعية العلم، ثقة متقنا جليل القدر عالما بالحديث والرجال والفقه، قال أحمد بن سلمة: رأيت أبا زرعة وأبا حاتم يقدمان مسلم بن الحجاج في معرفة الصحيح على مشايخ عصرهما. من مصنفاته: كتاب الصحيح، الأسماء والكنى وغيرهما. مات سنة261هـ. ترجمته في: الجرح والتعديل8: 182، تاريخ بغداد13: 100، طبقات الحنابلة1: 337، تهذيب الأسماء واللغات2: 89، طبقات الحفاظ للسيوطي264، تذكرة الحفاظ2: 588، المنهج الأحمد1: 221، تهذيب التهذيب10: 126، شذرات الذهب2: 144، هدية العارفين2: 431، الأعلام7: 221. (2) الحديث لم يخرجه البخاري كما ذكر المصنف، وإنما أخرجه مسلم في كتاب الطلاق/ باب المطلقة ثلاثا لا نفقة لها2: 1114 رقم1480، بإسناده عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن فاطمة بنت قيس، أن أبا عمرو بن حفص طلقها لبتة، وهو غائب، فأرسل إليها وكيله بشعير، فسخطته، فقال: والله ما لك علينا من شيء، فجاءت رسول الله –صلى الله عليه وسلم- فذكرت ذلك له، فقال: "ليس لك عليه نفقة" فأمرها أن تعتد في بيت أم شريك، ثم قال: "تلك امرأة يغشاها أصحابي، اعتدي عند ابن أم مكتوم، فإنه رجل أعمى، تضعين ثيابك، فإذا حللت فآذنيني" قالت: فلما حللت ذكرت له: أن معاوية بن أبي سفيان وأبا جهم خطباني، فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم-: "أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه، وأما معاوية فصعلوك لا مال له، انكحي أسامة بن زيد" فكرهته، ثم قال: "انكحي أسامة" فنكحته، فجعل الله فيه خيراً واغتبطت. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 133 وأسامة هو ابن زيد1 وزيد هو مولاه2 وفاطمة بنت قيس قرشية3.   (1) أسامة بن زيد بن حارثة الكلبي، أبو محمد، صحابي جليل، حِبُّ رسول الله –صلى الله عليه وسلم- ومولاه، وابن مولاه حدث عنه أبو هريرة وابن عباس وعروة بن الزبير وغيرهم، استعمله النبي صلى الله عليه وسلم على جيش لغزو الشام، وفي الجيش عمر والكبار، فمات –عليه الصلاة والسلام- قبل أن يتوجه، فبادر الصديق ببعثه أميرا على الجيش، كان أسامة شديد السواد، خفيف الروح, شجاعا، رباه - (- وأحبه كثيرا، مات بالمدينة في آخر خلافة معاوية رضي الله عنهما. ترجمته في: المعارف144، الجرح والتعديل2: 283، طبقات ابن سعد4: 61، أسد الغابة1: 97، تهذيب التهذيب1: 208، الأعلام1: 291. (2) روى أسامة بن زيد –رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم- لزيد بن حارثة –رضي الله عنه-: "يا زيد أنت مولاي، ومني وإليّ، وأحب القوم إليّ" أخرجه أحمد في مسنده5: 204، والحاكم في كتاب معرفة الصحابة3: 217، وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي، وحسّنه الحافظ ابن حجر في الإصابة. وستأتي ترجمة زيد بعد قليل. (3) فاطمة بنت قيس بن خالد القرشية الفهرية، صحابية جليلة، روت عن النبي –صلى الله عليه وسلم-، وروى عنها القاسم بن محمد بن أبي بكر، والشعبي، وسعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، وغيرهم، كانت من المهاجرات الأول، ذات عقل وجمال، وكانت قبل أن ينكحها أسامة تحت أبي عمرو بن حفص، وفي بيتها اجتمع أصحاب الشورى عند قتل عمر، توفيت سنة50هـ. ترجمتها في: طبقات ابن سعد8: 273، أسد الغابة7: 230، سير أعلام النبلاء2: 319، الإصابة4: 384، تهذيب التهذيب12: 444، الأعلام5:131، أعلام النساء4: 92. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 134 وأيضا زيد بن حارثة1 تزوج زينب بنت جحش الأسدية2 وهي   (1) زيد بن حارثة بن شراحيل، أو شرحبيل أبو أسامة الكلبي الصحابي الجليل، سيد الموالي، وأسبقهم إلى الإسلام، وحب رسول الله –صلى الله عليه وسلم- تبناه النبي –صلى الله عليه وسلم- قبل الإسلام وأعتقهن وكان الصحابة يدعونه زيد بن محمد حتى نزل قوله تعالى – من [سورة الأحزاب الآية5]- {ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله} استشهد –رضي الله عنه- في غزوة مؤتة سنة8هـ. ترجمته في: المعارف144، طبقات ابن سعد3: 27، الجرح والتعديل3: 559، أسد الغابة2: 281، تهذيب الأسماء واللغات1: 202، تهذيب التهذيب3: 401، الأعلام3: 57. (2) زينب بنت جحش بن رئاب الأسدية، أم المؤمنين، تزوجها النبي – صلى الله عليه وسلم- وكانت قبله عند زيد بن حارثة، وهي التي نزل فيها قوله تعالى – في [سورة الأحزاب، الآية32] : {فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها} فكانت تفخر بذلك على أمهات المؤمنين، وتقول: زوجكن أهاليكن، وزوجني الله من فوق عرشه، كانت قديمة الإسلام ومن المهاجرات، وكانت كثيرة الخير والصدقة، صالحة قوامة, قالت عائشة –رضي الله عنها- ما رأيت امرأة قط خيرا في الدين من زينب، وأتقى لله، وأصدق حديثا، وأوصل للرحم، وأعظم أمانة، وصدقة، وكانت امرأة صنَّاعة، فكانت تدبغ وتخرز وتتصدق به في سبيل الله، وهي أول من مات من نساء النبي –صلى الله عليه وسلم- وأول امرأة صُنع لها النَّعش، وكان موتها سنة20هـ ودفنت بالبقيع بالمدينة المنورة. ترجمتها في: المعارف555، طبقات ابن سعد8: 101، أسد الغابة 7: 125، الإصابة4: 313، تهذيب التهذيب 12: 420، تهذيب الأسماء واللغات2: 344، شذرات الذهب1: 31، الأعلام3: 66، أعلام النساء2: 59. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 135 بنت عمة النبي – صلى الله عليه وسلم-1 وهو مولى2 وسماها الله عز وجل زوجة له في قوله تعالى: {وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك} 3 ولو كانت الكفاءة شرطا لم يُقَرَّ زيد على هذا التزويج، ولم تسمَّ زينب له زوجا4. وروت عائشة –رضي الله عنها- أن أبا حذيفة بن عتبة بن ربيعة5 تبنى سالما6 وأنكحه ابنة أخي   هـ   (1) اسمها: أميمة بنت عبد المطلب، أسلمت وهاجرت. انظر: سير أعلام النبلاء2: 273. (2) المغني6: 480، الشرح الكبير4: 206. (3) الآية 37 من سورة الأحزاب. (4) المغني6: 480، المبدع7: 51، الكافي3: 30، كشاف القناع5: 67. (5) أبو حذيفة ابن شيخ الجاهلية عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي العبشمي، اسمه مهشم وقيل هشيم، وقيل: قيس، وقيل: هاشم. كان من السابقين إلى الإسلام، وهاجر الهجرتين، وصلى إلى القبلتين، وشهد بدرا وأحدا والخندق، والمشاهد كلها، وكان حسن الوجه، طوالا، أحول، استشهد يوم اليمامة سنة12هـ. ترجمته في: المعارف272، طبقات ابن سعد3: 84، أسد الغابة6: 70، تهذيب الأسماء واللغات2: 212، الإصابة4: 42، الأعلام2: 171. (6) سالم بن معقل، مولى أبي حذيفة السابق ذكره، صحابي من السابقين الأولين البدريين، والى أبا حذيفة، وإنما الذي أعتقه هي ثبيتة بنت يعار الأنصارية زوجة أبي حذيفة بن عتبة، وتبناه أبو حذيفة، من قراء الصحابة، وكان يؤم المهاجرين الأولين قبل الهجرة في مسجد قباء وفيهم عمر لأنه كان أكثرهم قرآنا، وقد استشهد يوم اليمامة ويقال: إن سالما وُجد هو ومولاه أبو حذيفة رأسُ أحدهما عند رجلي الآخر صريعين رضي الله عنهما وكان ذلك سنة12هـ. ترجمته في: حلية الأولياء1: 176، المعارف273، طبقات ابن سعد3: 85، أسد الغابة2: 307، تهذيب الأسماء واللغات1: 206، الإصابة2:60, الأعلام3: 73. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 136 هند1 ابنة الوليد بن عتبة، وهو مولى لامرأة من الأنصار2، رواه البخ   اري3 وأب   وداود4   (1) كذا ذكر البخاري وغيره، أن اسمها هند، ووقع عند مالك في الموطأ أن اسمها فاطمة بنت الوليد بن عتبة بن ربيعة، وكذا ذكر ابن قتيبة. قال الحافظ ابن حجر: ويمكن الجمع بأن بنت أبي حذيفة كان لها اسمان ... والله أعلم. وانظر: صحيح البخاري3: 241، الموطأ323، المعارف273، أسد الغابة7: 295، الإصابة4: 427، فتح الباري7: 315، أعلام النساء5: 266. (2) اسمها: ثبيتة بنت يعار الأنصارية. انظر: سير أعلام النبلاء1: 167، فتح الباري7: 315. (3) في كتاب النكاح/ باب الأكفاء في الدين3: 241. (4) في كتاب النكاح/ باب من حرم برضاعة الكبير2: 549، رقم2061. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 137 والنسائي12. فإن قلنا بالرواية الأولى: إنها شرط النكاح فزوجت بغير كفء فالنكاح باطل3. وإن قلنا بالرواية الأخرى –وهي صحيحة-4: أن الكفاءة   (1) الإمام الحافظ أحمد بن شعيب بن علي الخراساني، أبو عبد الرحمن النسائي، سمع من إسحاق بن راهويه، والحسن بن الصباح وهشام بن عمار وغيرهم، وحدث عنه: أبو بشر الدولابي وأبو جعفر الطحاوي وأبو بكر ابن السني وغيرهم، كان من بحور العلم مع الفهم والإتقان ونقد الرجال، وحسن التأليف، جال في طلب العلم في سائر الأمصار, ثم استوطن مصر، ورحل الحفاظ إليه، ولم يبق له نظير في هذا الشأن، قال الحاكم: كلام النسائي على فقه الحديث كثير، ومن نظر في سننه تحير في حسن كلامه. من مصنفاته: السنن الكبرى، المجتبى وهو السنن الصغرى، الضعفاء والمتروكون، مناسك الحج، وغيرها. مات بالقدس سنة303هـ. ترجمته في: وفيات الأعيان1: 77، تذكرة الحفاظ2: 698، مرآة الجنان2: 240، طبقات الشافعية للسبكي3: 14، تهذيب التهذيب1: 36، شذرات الذهب2:239، كشف الظنون2: 1006، هدية العارفين1: 56، الأعلام1: 171. (2) في كتاب النكاح/ باب رضاع الكبير6: 104. (3) الكافي3: 30، المبدع7: 50. (4) وممن صححها ابن قدامة، وأبو الفرج المقدسي، وأبو الخطاب، والمرداوي وغيرهم. انظر: المغني6: 481، الشرح الكبير4: 206، الإنصاف8: 106. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 138 ليست شرطا، فرضيت المرأة والأولياء كلهم لزم النكاح، وإن لم يرض بعضهم صح النكاح، ولمن لم يرض الفسخ، ولا فرق بين القريب والبعيد منهم1. ولو زوّج الأب بغير كفء، ولم يرض الإخوة: فلهم الفسخ لأن العار يلحقهم لأنهم أولياء2. (46) مسألة: في شروط الكفاءة: اختلفت الرواية عن أحمد في شروط الكفاءة: فعن أحمد هما شرطان: الدين والحسب3، والحسب: النسب4. وعن أحمد أن شروط/5 الكفاءة خمسة: الدين، والنسب،   (1) ما ذكره المصنف هو أصح الروايتين، والرواية الأخرى: أن العقد باطل. وانظر: المغني6: 481، الكافي3: 30، الشرح الكبير4: 206. (2) المصادر السابقة، شرح منتهى الإرادات3: 26، كشاف القناع5: 76. (3) هذه هي الرواية الأولى، وسبق أن أوردها المصنف في أول المسألة رقم (43) ص125. (4) المغني: الصفحة السابقة. (5) نهاية لـ (4) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 139 والحرية، والصناعة، واليسار1. والدليل على اعتبار الدين قول الله عز وجل: {أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون} 2. ولأن الفاسق مرذول3 مردود الشهادة4 ناقص عند الله وعند خلقه، قليل الحظ في الدنيا والآخرة، فلا يجوز أن يكون كفؤا لعفيفة ولا مساويا لها، لكن يكون كفؤا لمثله5. والدليل على اعتبار النسب في الكفاءة6 قول عمر –رضي الله عنه-: لأمنعن تزوج ذوات الأحساب إلا من الأكفاء. رواه أبو بكر   (1) هذه هي الرواية الثانية عن أحمد رحمه الله، قال المرداوي: وهو المذهب. انظر: المصادر السابقة، والمسائل الفقهية لأبي يعلى2: 92، الشرح الكبير4: 207، زاد المعاد5: 160. (2) الآية18 من سورة السجدة. (3) الرذل والرذيل والأرذل: الدون من الناس، وقيل: الدون في منظره وحالاته، وقيل هو الدون الخسيس. لسان العرب11: 280. (4) لمغني 164:9, وانظر المسألة رقم (103) . (5) المغني6: 482-483، الكافي3: 31، الشرح الكبير4: 207، المبدع7: 52، كشاف القناع5: 67, شرح منتهى الإرادات3: 26. (6) المغني6: 483، كشاف القناع5: 67، شرح منتهى الإرادات3: 27. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 140 عبد العزيز بإسناده1. والدليل على أن الحرية شرط من شروط الكفاءة2 أن النبي –صلى الله عليه وسلم- (خيَّر) 3 بريرة4 حين عتقت تحت عبد5 ولا يمنع صحة   (1) أخرجه عبد الرزاق في كتاب النكاح/ باب الأكفاء6: 152، رقم (10324) ، وابن أبي شيبة في كتاب النكاح/ باب الأكفاء في النكاح4: 418، والدارقطني في كتاب النكاح3: 298، واللفظ له، والبيهقي في كتاب النكاح/ باب اعتبار الكفاءة7: 133، وهو ضعيف، انظر: إرواء الغليل6: 265. (2) في اشتراط الحرية في الكفاءة روايتان: الأولى أنها شرط وهي الصحيحة، والثانية: أنها ليست بشرط. انظر: المغني6: 484، الكافي3: 31-32، كشاف القناع5: 68. (3) ما بين القوسين ساقط من الأصل، وما أثبته من المغني6: 484، والمبدع7: 53. (4) بريرة مولاة عائشة أم المؤمنين والذي كانت تحته هو مغيث مولى أبي أحمد بن جحش الأسدي، وقد عاشت بريرة إلى زمن يزيد بن معاوية. وانظر: طبقات ابن سعد8: 256، تهذيب الأسماء واللغات2: 109، 332، أسد الغابة5: 243، 7: 39، الإصابة3: 451، 4: 251، سير أعلم النبلاء2: 297، تهذيب التهذيب12: 403، تقريب التهذيب2: 591. (5) فقد روت عائشة –رضي الله عنها- قالت: ... وكان زوجها عبدا فخيّرها رسول الله صلى الله وعليه وسلم فاختارت نفسها، ولو كان حرا لم يخيرها. أخرجه مسلم في كتاب العتق/ باب إنما الولاء لمن أعتق2: 1143 رقم (1504، 9) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 141 النكاح؛ لأن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال لبريرة: "لو راجعتيه؟ 1 قالت: يا رسول الله أتأمرني؟ قال لها: أنا شفيع2 قالت: فلا حاجة لي فيه" رواه البخاري3. ولا يشفع إليها في إنكاح عبد إلا والنكاح صحيح4. والدليل على أن اليسار5 شرط6 قول النبي –صلى الله عليه وسلم-: "الحسب اليسار" 7.   (1) كذا في الأصل بإثبات الياء الساكنة بعد التاء، وهي رواية ابن ماجه 1: 671، والذي في صحيح البخاري (لو راجعته) بحذف الياء3: 324. (2) لفظ البخاري "إنما أنا أشفع" ولفظ ابن ماجه "إنما أشفع" ولفظ أحمد وأبي داود "إنما أنا شافع". انظر: صحيح البخاري3: 274، وسنن ابن ماجه1: 671، ومسند أحمد1: 215، وسنن أبي داود2: 671. (3) في كتاب الطلاق/ باب شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم في زوج بريرة 3: 274. (4) المغني6: 484، الشرح الكبير4: 208. (5) اليسار المعتبر: ما يقدر به على الإنفاق عليها بحسب ما يجب لها. الكافي3: 32. (6) في اشتراط اليسار روايتان: الأولى: أنه شرط في الكفاءة، والثانية: أنه ليس بشرط. وانظر: المصادر السابقة، وكشاف القناع5: 68، شرح منتهى الإرادات3: 27. (7) الحديث لم أعثر عليه بهذا اللفظ، وقد ورد من طريق سمرة بن جندب –رضي الله عنه- أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال: "الحسب المال والكرم والتقوى". أخرجه أحمد 5: 10، والترمذي في أبواب تفسير القرآن الكريم/ باب تفسير سورة الحجرات5: 65 رقم (3325) وقال: هذا حديث حسن غريب صحيح من حديث سمرة لا نعرفه إلا من حديث سلام بن أبي مطيع، وابن ماجه في كتاب الزهد/ باب الورع والتقوى2: 1410 رقم (4219) ، والحاكم في كتاب النكاح 2: 163، وقال هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه، وأقره الذهبي، والدارقطني في كتاب النكاح 3: 302، والبيهقي في كتاب النكاح/ باب اعتبار اليسار في الكفاءة 7: 136. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 142 والدليل على أن الصناعة الزرية1 لا تكون كفؤا لبنات أصحاب الصناعات الجليلة: أن فيها نقصا ودناءة2. والصحيح أن اليسار والصناعة ليسا بشرط في الكفاءة، لأن الفقر شرف في الدين3،   (1) في الصناعة روايتان: الأولى: أن أصحاب الصناعة الدنيئة لا يكافئون من هو أعلى منهم، والثانية: ليست بشرط. الكافي3: 32. (2) الكافي. الصفحة السابقة، المغني6: 485. (3) ويدل على ذلك أحاديث كثيرة منها: 1. عن سهل بن سعد الساعدي –رضي الله عنه- أنه قال: مّر رجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لرجل عنده جالس:"ما رأيك في هذا؟ " قال: رجل من أشراف الناس، هذا والله حرِيٌّ إن خطب أن يُنكح وإن شفع أن يشفع، قال: فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم مرّ رجل فقال له رسول الله –صلى الله عليه وسلم: (ما رأيك في هذا؟) فقال: يا رسول الله هذا رجل من فقراء المسلمين، هذا حري إن خطب أن لا يُنكح وإن شفع أن لا يُشفّع، وإن قال أن لا يُسمع قولُه، فقال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: "هذا خير من ملء الأرض مثل هذا". أخرجه البخاري في كتاب الرقاق: باب فضل الفقر4/121. 2. عن عمران بن حصين –رضي الله عنهما- عن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: "اطَّلعتُ في الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء، واطلعت في النار فوجدت أكثر أهلها النساء". أخرجه البخاري في الكتاب والباب السابقين4: 122، وأخرجه مسلم من طريق ابن عباس –رضي الله عنهما- في كتاب الرقاق/ باب أكثر أهل الجنة الفقراء 4: 2096، رقم (2737) . وقد بين الحافظ ابن حجر محل الخلاف في تفضيل الفقر على الغنى أو العكس. انظر: فتح الباري11: 274. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 143 والصناعة ليست بنقص في الدين1. (47) مسألة: للأب إجبار ابنته الصغير البكر على النكاح2. وهل له إجبار البكر البالغة العاقلة3؟ فيه روايتان: إحداهما: له إجبارها وإن كرهت4.   (1) المغني6: 485، الكافي3: 32، الشرح الكبير4: 209، المبدع7: 53، كشاف القناع5: 68. (2) المقنع3: 16، مغني ذوي الأفهام121. (3) سبق ذكر هذه المسألة تحت رقم (35) ص107. (4) وهذه هي أظهر الروايتين، الإنصاف8: 55، المذهب الأحمد124، الفروع5: 172. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 144 وهذا مذهب الشافعي1 ومالك2. والثانية: ليس له ذلك3. وهو مذهب أبي حنيفة4. (48) مسألة: ليس للسيد إجبار عبده الكبير على النكاح5.   (1) الأم5: 160، مغني المحتاج1: 149. (2) إلا أن مالكا استثنى البكر المُعَنِّسة، وهي التي كبرت سنها وعرفت مصالح نفسها، وبلغ سنُّها ثلاثين، وقيل خمسا وثلاثين، وقيل أربعين سنة. فروي عنه: أنها كالبكر الحديثة السن في جواز العقد عليها. الرواية الثانية: وهي الأظهر، أنه لا يعقد عليها إلا بإذنها كالثيب، فلا يملك إجبارها. وانظر: المدونة2: 155، التفريع2: 29، المقدمات والممهدات1: 475، القوانين الفقهية133. (3) واختار هذه الرواية ابن تيمية –رحمه الله – وغيره. وانظر: الكافي3: 26، المسائل الفقهية لأبي يعلى2: 81، الإنصاف8: 55، الاختيارات الفقهية204، مجموع فتاوى ابن تيمية23: 22. (4) الهداية للمرغيناني2: 196. (5) هذا هو الصحيح من المذهب، وقيل يملك إجباره. المقنع3: 16، الفروع5: 171، الإنصاف8: 60، مغني ذوي الأفهام121. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 145 وبهذا قال الشافعي في أحد قوليه1. وقال أبو حنيفة2 ومالك3: له ذلك. وللسيد إجبار عبده الصغير على النكاح4 والمهر والنفقة على السيد، سواء ضمنهما أو لم يضمنهما، وسواء باشر العقد أو أذن لعبده فعقده العبد5. (49) مسألة: إذا كان للرجل أمة، فزوجها بغير إذنها لزمها النكاح، كبيرة كانت أو صغيرة6.   (1) وهو قوله الجديد، وقال في القديم: له أن يجبره. الوجيز2: 10، روضة الطالبين7: 102. (2) عن أبي حنيفة –رحمه الله- روايتان، الأولى: ذكرهما المصنف، والثانية: أنه لا يزوجه إلا برضاه أو يبلغه وقد زوجه بغير رضاه فيجيز ذلك. مختصر الطحاوي174، الهداية للمرغيناني1: 216، الاختيار3: 109. (3) المدونة2: 174، القوانين الفقهية134. (4) هذا هو المذهب، وقال المرداوي: ويحتمل أن لا يملك إجبارهم وهو رواية. الفروع5: 171، المذهب الأحمد124، الإنصاف8: 60، منتهى الإرادات2: 160، كشاف القناع5: 45، غاية المنتهى3: 18. (5) المغني6: 507، المبدع7: 25، حاشية المقنع3: 16. (6) هذا هو المذهب بلا نزاع، وروي عن أحمد ما يدل على أنه لا تجبر الأمة الكبيرة. مختصر الخرقي82، الفروع5: 171، المبدع7: 24، العمدة368. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 146 والمدبّرة1 وأم الولد2 والمعلَّق عتقُها بصفة3 كالأمة القِنّ4 في إجبارها على النكاح5. وليس للسيد إكراه أمته على التزويج بمعيب عيبا يرد به النكاح6.   (1) التدبير: تعليق السيد عتق عبده أو أمته على موته. المغني9: 386، المطلع315، أنيس الفقهاء169، معجم لغة الفقهاء126. (2) أم الولد: التي ولدت من سيدها في ملكه. المغني9: 527، معجم لغة الفقهاء88. (3) كقول السيد لها: أنت حرة إن دخلت الدار، أو جاء المطر، أو رأس الحول ونحوه. شرح منتهى الإرادات2: 655. (4) القن: لغة: العبد المملوك هو وأبواه، وهون بكسر القاف وتشديد النون، ولفظه يستوي فيه الواحد والإثنان والجمع والمذكر والمؤنث، وحكي في جمعه: أقنان وأقِنَّة. واصطلاحا: الرقيق الكامل رقه، ولم يحصل فيه شيء من أسباب العتق أو مقدماته كالمكاتبة أو التدبير ونجو ذلك. اللسان13: 348، المطلع311، أنيس الفقهاء152، المصباح المنير517. (5) المبدع7: 24، كشاف القناع5: 44، شرح منتهى الإرادات3: 15. (6) المذهب الأحمد129، الإنصاف8: 204، منتهى الإرادات2: 191، دليل الطالب207. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 147 (50) مسألة: ليس لغير الأب أو وصيه في النكاح تزويج صبي قبل بلوغه1. وقال القاضي: للحاكم تزويجه إذا رأى المصلحة في ذلك لأنه يلي ماله2. وليس للوصي في المال تزويجه ولا يزوج الوصي إلا أن ينص الأب على تزويجه3. وإذا زوج الأب ابنه الصغير يَقبل النكاح له، ولا يجوز أن يأذن له في قبوله4. وإن كان الغلام ابن عشر سنين فقياس المذهب تفويض القبول إليه حتى يتولاه لنفسه، وإن تزوج له الولي جاز5. وإذا زوج ابنه تعلق الصداق بذمة الابن موسرا كان أو معسرا6، وهل يضمنه الأب؟ فيه روايتان:   (1) الكافي3: 25، منتهى الإرادات2: 159، الروض الندي353. (2) نقله عنه ابن قدامة، وأبو الفرج المقدسي. المغني:6: 499، الشرح الكبير4: 172. (3) المغني6: 501، الكافي3: 27ن الإقناع3: 175. (4) لأنه ليس من أهل التصرف. المغني الصفحة السابقة. (5) المغني: الصفحة السابقة، الشرح الكبير4: 173، الإنصاف8: 53، حاشية المقنع3: 14. (6) المغني6: 502، كشاف القناع5: 138. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 148 إحداهما: يضمن، نص عليه احمد، فقال: تزويج1 الأب لابنه الطفل جائز، ويغرم الأب المهر، لأنه التزم العوض عنه فضمنه كما أو نطق بالضمان2. والرواية الأخرى: لا يضمنه3. قال القاضي: هذا أصح4.   (1) في الأصل: تزوج. والتصحيح من المغني6: 502. (2) المغني: الصفحة السابقة، الكافي3: 110، مسائل أحمد لابن هانئ1: 214، المسائل الفقهية لأبي يعلى2: 89، الإنصاف8: 252. (3) المصادر السابقة، والمحرر2/34، الفروع5: 266، شرح منتهى الإرادات3: 70. (4) المسائل الفقهية لأبي يعلى2: 89، المغني 502:6، الإنصاف8: 252. وقال ابن تيمية –رحمه الله-: ويتحرر لأصحابنا فيما إذا زوج ابنه الصغير بمهر المثل أو أزيد، روايات: - الأولى: أنه على الابن مطلقا إلا أن يضمنه الأب فيكون عليهما. - الثانية: هو على الابن مطلقان إلا أن يضمنه الأب فيكون عليه وحده. - الثالثة: أنه على الأب ضمانا. - الرابعة: أنه عليه أصالة. - الخامسة: أنه إذا كان الابن مقرا فهو على الأب أصالة. - السادسة: الفرق بين رضا الأب وعدم رضاه. وانظر: الاختيارات الفقهية236، الإنصاف، الصفحة السابقة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 149 وقال القاضي: إنما الروايتان فيما إذا كان الابن معسرا، أما إذا كان الابن موسرا فلا يضمن الأب عنه رواية واحدة1. (51) مسألة: إذا تزوج المحجور عليه2 للسفه بغير إذن وليه، فقال أبو بكر: يصح النكاح3. قال القاضي: يعني إذا كان محتاجا إليه، فإن عدمت الحاجة لم يجز لأنه إتلاف لماله في غير حاجة4.   (1) نقله عنه ابن قدامة في المغني6: 502. (2) الحجر في اللغة: المنع. واصطلاحا: منع الإنسان لحق نفسه، كالحجر على السفيه والصغير والمجنون. والثاني: حجر عليه لحق غيره كالحجر على المفلس لحق غرمائه، وعلى المكاتب والعبد لحق سيدهمان والراهن يحجر عليه في الرهن لحق المرتهن، وغير ذلك. وانظر: اللسان4: 167، المغني4: 505، المذهب الأحمد98، الروض الندي247. (3) المغني6: 53، وقال ابن قدامة: أومأ إليه أحمد، والشرح الكبير4: 182. (4) إذا كان محتاجا إلى الزواج: فيصح تزوجه بغير إذن وليه على الصحيح من المذهب، وقيل: لا يصح وأما إن لم يكن محتاجا إلى الزواج: فلا يصح تزوجه على الصحيح من المذهب، وقيل: يصح. وانظر: المحرر1: 347، المغني6: 503، الإنصاف8: 334. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 150 وقال أصحاب الشافعي: إن أمكنه استئذان وليه لم يصح إلا بإذنه1، وإن طلب منه النكاح فأبى أن يزوجه، ففيه وجهان2. (52) مسألة: إذا كان للمرأة وليان في درجة واحدة فأذنت لكل واحد منهما في تزويجها جاز، سواء أذنت في رجل معين أو مطلقان فقالت: قد أذنت لكل واحد من أوليائي في تزويجي من أراد3. فإن زوجها الوليان لرجلين وعُلم السابق منهما، فالنكاح له، دخل بها الثاني أو لم يدخل4.   (1) التنبيه103، كفاية الأخيار1: 165، مغني المحتاج3: 171. (2) قال النووي: أصحهما عدم صحة النكاح، ونقل عن الغزالي وغيره قوله: إذا امتنع الولي فليراجع السفيه السلطان كالمرأة المعضولة, فإن خَفَّت الحاجة وتعذرت مراجعة السلطان ففي استقلال السفيه حينئذ الوجهان. الوجيز2: 10، روضة الطالبين7: 100. (3) المغني6: 510، الشرح الكبير4: 197، منار السبيل2: 156. (4) إذا علم الحال قبل وطء الثاني دُفعت الزوجة إلى الأول, ولا شيء على الثاني، لأن عقده فاسد لا يوجب شيئا. وأما إن وطئها الثاني وهو لا يعلم أنها متزوجة فُرق بينهما، ويجب عليه لها المهر، لأنه وطء شبهة، وترد إلى الأول لأنها زوجتهن ولا يحل له وطؤها حتى تنقضي عدتها من وطء الثاني، وهل يجب على الثاني لها مهر مثلها أو المسمى؟ اختار الخرقي أن الواجب لها عليه مهر مثلها، وذكر أكثرهم أن هذا هو الأصح. وقال أبو بكر: لها المسمى، قال القاضي: وهو قياس المذهب. ولا يجب لها المهر إلا بالوطء دون مجرد الدخول والوطء دون الفرج لأنه نكاح باطل لا حكم له. وانظر: مختصر الخرقي82، المسائل الفقهية لأبي يعلى2: 134، المغني6: 511، الكافي3: 14، الشرح الكبير4: 198، المبدع7: 42، حاشية المقنع3: 25. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 151 وبهذا قال الشافعي1 وأبو حنيفة2. وقال مالك: إن دخل بها الثاني صار أولى3. ولنا ما روى سمرة4   (1) الأم5: 14، روضة الطالبين7: 88، مغني المحتاج3: 161. (2) بدائع الصنائع2: 252، الاختيار3: 97. (3) المدونة2: 168، التفريع2: 33، أسهل المدارك73:2. (4) سمرة بن جندب بن هلال الفزاري صحابي جليل، حدث عنه جماعة منهم ابنه سليمان وأبو رجاء العطاردي والحسن البصري، وللعلماء اختلاف في الاحتجاج بما رواه عنه، كان سمرة عظيم الأمانة صدوقا وكان زياد ابن أبيه يستخلفه على البصرة إذا سار إلى الكوفة، ويستخلفه على الكوفة إذا سافر إلى البصرة، وكان شديدا على الخوارج، مات سنة59هـ وقيل غير ذلك. ترجمته في: طبقات ابن سعد6: 34، المعارف305، الجرح والتعديل4: 154، أسد الغابة2: 254، تهذيب السماء واللغات1: 237، مرآة الجنان1: 131، تهذيب التهذيب4: 236، تقريب التهذيب1: 333، شذرات الذهب1: 65، الأعلام3:139. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 152 وعقبة1 –رضي الله عنهما2- عن النبي – صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "أيما امرأة زوّجها وليان فهي للأول" أخرج حديث سمرة أبو داود والترمذي3.   (1) عقبة بن عامر بن عيسى بن عمرو الجهني، الإمام المقرئ، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم حدث عنه سعيد بن المسيب وأبو الخير مرثد اليزني، وأبو إدريس الخولاني وغيرهم، كان عالما مقرئا فصيحا فقيها فرضيا شاعرا كبير الشأن, وشهد فتوح الشام وكان هو البريد إلى عمر –رضي الله عنه- بفتح دمشق، وشهد فتح مصر وولي الجند بها لمعاوية رضي الله عنه، مات سنة58هـ بمصر. ترجمته في: طبقات ابن سعد4: 343، المعارف279، الجرح والتعديل6: 313، حلية الأولياء20: 8، أسد الغابة4: 53، تهذيب السماء واللغات1: 336، تهذيب التهذيب 7: 242، شذرات الذهب1: 64، الأعلام4: 240. (2) زيادة ليست في الأصل. (3) الحديث كما ذكر المصنف –رحمه الله تعالى- ورد من طريق سمرة بن جندب، وعقبة بن عامر رضي الله عنهما: أ - فأما حديث سمرة –رضي الله عنه- فقال فيه: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: "أيما امرأة زوجها وليان فهي للأول منهما، ومن باع بيعا من رجلين فهو للأول منهما". وأخرجه أحمد5/8، وابن أبي شيبة في كتاب النكاح/ باب في الوليين يزوجان4: 139، وأبو داود في كتاب النكاح/ باب إذا انكح الوليان2: 571، رقم (2088) ، والترمذي في أبواب النكاح/ باب في الوليين يزوجان2/ 288، رقم (1116) وحسّنه، والنسائي في كتاب البيوع/ باب الرجل يبيع السلعة فيستحقها مستحق7: 314، والحاكم في كتاب النكاح2: 174، وصححه، ووافقه الذهبي، والبغوي في شرح السنة في كتاب النكاح/ باب إذا نكح الوليان 9: 56، رقم (2272) وحسنه، والدارمي في كتاب النكاح/ باب المرأة يزوجها وليان2: 63، رقم (2199) ، والبيهقي في كتاب النكاح/ باب الوكالة في النكاح7: 139، وأخرج ابن ماجه في كتاب التجارات/ باب إذا باع المجيزان فهو للأول2: 738 رقم2191، القطعة الثانية منه الخاصة بالبيع. قال الحافظ عن الحديث: وصححه أبو زرعة وأبو حاتم. التلخيص الحبير3: 165. ب - وأما حديث عقبة بن عامر –رضي الله عنه- فقد أخرجه أحمد4: 149، والشافعي في مسنده في كتاب النكاح/ باب الولي 2: 13، رقم29، وفي الأم في كتاب النكاح/ باب إنكاح الوليين5: 14، وابن أبي شيبة في كتاب النكاح/ باب في الوليين يزوجان4: 139، وقال الحافظ: قال الترمذي: الحسن عن سمرة في هذا اصح، وقال ابن المديني: لم يسمع الحسن من عقبة شيئا. انظر: التلخيص الحبير3: 165، وأخرجه ابن ماجه 2: 738 عن سمرة أو عن عقبة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 153 فإن جهل الأول منهما فسخ النكاحان ثم تتزوج بمن1 شاءت   (1) في الأصل: بما شاءت، وما أثبته هو الأصوب لغة، وانظر: المغني6: 512. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 154 منهما، أو من غيرهما1. وعن أحمد رواية أخرى: أنه يقرع بينهما، فمن تقع له القرعة يؤمر الآخر بالطلاق2 ثم يجدد القارع العقد3. وإن علم أن العقدين4 وقعا معاً لم يسبق أحدهما الآخر فهما   (1) هذه الرواية هي المذهب، واختلف فيمن يفسخه، فالصحيح من المذهب: يفسخه الحاكم، وعن أحمد: أنه مفسوخ بنفسه فلا يحتاج إلى فاسخ. وذكر المرداوي عن ابن أبي موسى أنه قال: يبطل النكاحان، قال: وهذا أظهر وأصح. وانظر: مختصر الخرقي82، المغني6: 512، المسائل الفقهية لأبي يعلى2: 95، المحرر2: 17، الإنصاف8: 88-89، منتهى الإرادات2: 164. (2) هذه هي الرواية الثانية عن أحمد، وقيل: إن جهل وقوعهما معا بطلا كالعلم به, وإن علم سبقه ونسي، فقيل: كجهله، وقيل يقف الأمر حتى يتبين. المبدع7: 42، الإنصاف8: 92، تصحيح الفروع5: 185. (3) ما ذكره المصنف هو الصحيح من المذهب، وهو أن القارع يجدد عقد النكاح، وعن أحمد رواية أخرى وهي: أنها للقارع من غير تجديد عقد. المسائل الفقهية لأبي يعلى2: 95، الفروع5: 184، الإنصاف8: 88. (4) في الأصل: العقدان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 155 باطلان لا حاجة إلى فسخهما1 ولا مهر لها على واحد منهما2. (53) مسألة: إذا استوى وليان فأكثر في درجة3 فالأولى تقديم أكبرهم وأفضلهم وأدينهم4، فإن تشاحوا5 أقرع بينهم6.   (1) هذا هو الصحيح من المذهب، وذكر أبو يعلى في كتاب الروايتين: أنه يقرع بينهما، قال المرداوي: وذكره –أي أبو يعلى- في خلافه احتمالان ثم قال: قال المجد في شرح الهداية: ولا أظن هذا الاحتمال إلا خلاف الإجماع. المغني6: 513، المسائل الفقهية لأبي يعلى2: 96، الإنصاف8: 93، شرح منتهى الإرادات3: 22. (2) المغني: الصفحة السابقة، الشرح الكبير4: 199. (3) كالإخوة وبنيهم، والأعمام وبنيهم. (4) المذهب: أنه يُقدم الأفضل في العلم والدين والورع والخبرة بذلك، ثم السن ثم القرعة. وذكر المرداوي عن ابن رزين أنه قال: يقدم الأعلم ثم الأسن ثم الأفضل ثم القرعة. واختار ابن تيمية: أنه لا أثر للسن هنا، وقال: ظاهر كلام الإمام أحمد يقتضي ذلك. وانظر: المغني6: 510، المبدع7: 41، الفروع5: 184، الإنصاف8: 87، مغني ذوي الأفهام121، الإقناع3: 175، الاختيارات الفقهية206. (5) تشاحوا في الأمر وعليه: شح بعضهم على بعضن وتبادروا إليه حذر فوتهن وتقال: هما يتشاحان على أمر إذا تنازعاه، لا يريد كل واحد منهما أن يفوته. اللسان2: 495. (6) المقنع3: 25، الكافي3: 13، الإقناع3: 175. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 156 وإن بدأ واحد منهما فزوج بإذن المرأة صح، ولو كان هو الأصغر المفضول الذي وقعت القرعة لغيره لأنه ولي1. (54) مسألة: متى تسلم الزوجة الصغيرة إلى زوجها إذا طلبها؟ حدّه أحمد: بتسع سنين، قال في رواية أبي الحارث2 في الصغير يطلبها زوجها: إذا أتى عليها تسع سنين دفعت إليه، ليس لهم أن يحبسوها بعد التسع3.   (1) إذا أذنت له صح نكاحه ولم يصح نكاح غيره. قال المرداوي: وقال في الرعاية الكبرى وعنه –أي عن أحمد- إن أجازه من عينته صح وإلا فلا، وأما إذا أذنت لهم فزوج أحدهم غير الذي وقعت له القرعة: صح تزويجه في أصح الوجهين، وفي الثاني: لا يصح. المغني3: 511، الكافي3: 13، الفروع5: 184، الإنصاف8: 88، كشاف القناع5: 59. (2) أحمد بن محمد، أبو الحارث الصائغ، روى عن الإمام أحمد مسائل كثيرة، وجوّد الرواية عنه، وكان أحمد يأنس به ويقدمه، ويكرمه، وكان له عنده موضع جليل، قال أبو الحارث: سمعت أبا عبد الله يقول: إنما العلم مواهب، يؤتيه الله من أحب من خلقه، وليس يناله أحد بالحسب، ولو كان تعلمه بالحسب كان أولى الناس به أهل بيت رسول الله –صلى الله عليه وسلم-. ترجمته في: تاريخ بغداد5: 128، طبقات الحنابلة1: 74، المنهج الأحمد1: 363. (3) الشرح الكبير 4: 349، المغني6: 736، الفروع5: 316، حاشية المقنع3: 101. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 157 وذهب في ذلك إلى أن النبي - صلى الله عليه وسلم- بنى بعائشة - رضي الله عنها- وهي بنت تسع سنين1. قال القاضي: وهذا ليس عندي على سبيل التحديد، وإنما ذكره أحمد لأن الغالب أن بنت تسع سنين يمكن الاستمتاع بها2. وإمكان الوطء في الصغيرة معتبر بحالها واحتمالها، لأنها قد تكون صغيرة السن وتصلح للوطء، وتكون كبيرة نحيفة الجسم لا تصلح للوطء، فمتى كانت لا تصلح للوطء لم يجب على أهلها تسليمها إليه3. وقال الشيخ محيي الدين النووي4 في   (1) الحديث نصه عن عائشة – رضي الله عنها- قالت: تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم لست سنين وبنى بي وأنا بنت تسع سنين.. الحديث. أخرجه البخاري في كتاب النكاح/ باب إنكاح الرجل ولده الصغار3: 284، واللفظ له، ومسلم في كتاب النكاح/ باب تزويج الأب البكر الصغير2: 1038، رقم (1422) واللفظ له. (2) قول القاضي في المصادر السابقة، والمبدع7: 192، الإنصاف8: 344، كشاف القناع5: 186، شرح منتهى الإرادات3: 93. (3) المغني6: 736، الكافي3: 122، الشرح الكبير4: 394. (4) هو العلامة يحيى بن شرف بن مري النووي، محيي الدين، أبو زكريا من كبار أئمة الشافعية، ومحرر المذهب الشافعي، ومهذبه ومنقحه ومرتبه، سار في الآفاق ذكره وارتفع محله وقدره، كان ورعا زاهدا كثير العبادة، لا يصرف ساعة في غير طاعة، عارفا باللغة والصرف، وغيرها من العلوم. مات سنة676هـ. من مصنفاته: المجموع شرح فيه المهذب للشيرازي وأبدع فيه إلا أنه لم يتمه، روضة الطالبين، شرح صحيح مسلم، رياض الصالحين، تهذيب الأسماء واللغات وغيرها. ترجمته في: تذكرة الحفاظ4: 1470، طبقات الشافعية للسبكي8: 395، طبقات الحفاظ للسيوطي513، شذرات الذهب5: 354، كشف الظنون1: 514، إيضاح المكنون2: 152، هدية العارفين2: 524، الأعلام8: 149. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 158 شرح مسلم1: وأما وقت زفاف الصغيرة المزوجة، والدخول بها: فإن اتفق الزوج والولي على شيء/2 لا ضرر على الصغيرة فيه عمل به، وإن اختلفا، فقال أحمد3: يجبر على ذلك بنت تسع سنين دون غيرها. وقال مالك4 والشافعي5 وأبو حنيفة6: حد ذلك أن تطيق الجماع، ويختلف ذلك باختلافهن ولا يضبط بسن، وهذا هو الصحيح. (55) مسألة: للمرأة أن تمنع نفسها من الدخول على الزوج حتى يعطيها مهرها، وإن قال الزوج: لا أسلم إليها الصداق حتى أتسلمها أجبر الزوج على   (1) شرح صحيح مسلم10: 206. (2) نهاية لـ (5) . (3) سبق ذكر قول أحمد في أول المسألة. (4) البيان والتحصيل4: 282. (5) شرح صحيح مسلم. الصفحة السابقة. (6) الفتاوى الهندية1: 287، الفتاوى البزازية4: 122. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 159 تسليم الصداق إذا كان حالاًّ1. فإن كان الصداق مؤجلا فليس لها منع نفسها2 قبل قبضه3. وإن سلمت نفسها ثم أرادت منع نفسها حتى تقبض الصداق فقد توقف أحمد عن الجواب4. وذهب بعض أصحاب أحمد: إلى أنه ليس لها ذلك5. وهو قول مالك6 والشافعي7. وذهب ابن حامد إلى أن لها ذلك8.   (1) المقنع3: 97، المغني6: 737، 7: 604، الإنصاف8: 310، التنقيح المشبع305، الإقناع3: 226. (2) منع نفسها: تكررت في الأصل. (3) فلو حل هذا المؤجل قبل الدخول فهل لها منع نفسها؟ فيه وجهان، أحدهما: ليس لها ذلك وهو الصحيح، والثاني: لها ذلك. المغني6: 737، المحرر2:38، الفروع5: 290، الإنصاف8: 311. (4) الكافي3: 94، المسائل الفقهية لأبي يعلى3: 126، الشرح الكبير4: 336. (5) منهم أبو عبد الله ابن بطة، وأبو إسحاق ابن شاقلا، وهذا هو أصح الوجهين، واختاره الأكثر. الكافي والمحرر: الصفحات السابقة، والفروع5: 291. (6) القوانين الفقهية136، أسهل المدارك2: 111. (7) التنبيه166، الوجيز2: 26. (8) هذا هو الوجه الثاني عند الحنابلة، وانظر: مصادر الحنابلة السابقة، والمبدع7: 167. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 160 وهو مذهب أبي حنيفة1. (56) مسألة: إذا تزوج امرأة فضمن أبوه نفقتها عشر سنين صحن ذكره أبو بكر، لأن أكثر ما فيه أنه ضمان مجهول، أو ضمان ما لم يجب، وكلاهما صحيح عندنا، ولا فرق بين كون الزوج موسرا أو معسراً2. (57) مسألة: الشروط3 في النكاح ثلاثة أقسام: أحدها: شرط يلزم الوفاء به، ويصح العقد والشرط، وهو ما يعود إليها نفعه وفائدته، مثل أن تشترط أن لا يخرجها من دارها أو بلدها، أو لا يسافر بها، أو لا يتزوج عليها، أو لا يتسرى4 عليها، فهذا يلزمه   (1) الهداية للمرغيناني1: 212. (2) المغني 6: 749، الشرح الكبير4: 312. (3) الشرط في اللغة: العلامة، ومنه قوله تعالى: {فقد جاء أشراطها} أي علاماتها، الآية18 من سورة محمد. واصطلاحا: ما يلزم من انتفائه انتفاء أمر على غير جهة السببية، كالإحصان والحَوْل ينتفي الرجم والزكاة لانتفائهما. الصحاح3:136، المصباح309، المختصر في أصول الفقه66، المطلع54، التعريفات125. (4) التسرِّي: اتخاذ أَمة للجماع. المطلع114. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 161 الوفاء به، فإن لم يف به فلها فسخ النكاح1. وأبطل هذا الشرط مالك2 والشافعي3 وأبو حنيفة4 واحتجوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "كل شرط ليس في كتاب الله (فهو) 5 باطل" 6 وهذا ليس في كتاب الله تعالى7. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "المسلمون على شروطهم، إلا شرطا أحل حراما أو حرم حلالا" 8، وهذا يحرم الحلال وهو التزويج والتسري.   (1) المقنع3: 45، المذهب الأحمد127، مختصر الخرقي83، المغني6: 548، الشرح الكبير4: 237، منتهى الإرادات2: 179، منح الشفا الشافيات2: 116، منار السبيل2: 171. (2) المدونة2: 197، سراج السالك2: 46. (3) الأم5: 56، روضة الطالبين7: 265. (4) مجمع الأنهر1: 352، بدائع الصنائع2: 285. (5) ما بين القوسين سقط من الأصل، وما أثبته من الصحيحين. (6) الحديث ورد من طريق عائشة رضي الله عنها أخرجه البخاري في كتاب الشروط/ باب الشروط في الولاء2: 119، ومسلم في كتاب العتق/ باب إنما الولاء لمن أعتق2: 1142، رقم (1504) . (7) انظر: المصادر السابقة. (8) الحديث ورد عن غير واحد من الصحابة رضي الله عنهم، منها: طريق عمرو بن عوف المزني – رضي الله عنه- وأخرج حديثه الترمذي في أبواب الأحكام/ باب ما ذكر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلح بين الناس2: 403ن رقم (1363) وقال: هذا حديث حسن صحيح، وابن ماجه في باب الصلح2: 788، رقم (2353) . وانظر طرق الحديث الأخرى في: إرواء الغليل5: 142، وما بعدها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 162 ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن أحق ما وفيتم به من الشروط ما استحللتم به الفروج" 1 القسم الثاني: ما يبطل الشرط ويصح العقد: مثل أن يشترط أن لا مهر لها أو لا ينفق عليها، أو أن لا يطأها، أو يعزل عنها، أو يقسم لها أقل من ضرَّتها، وأن لا يكون عندها الجمعة إلا ليلة، أو لا يكون عندها إلا نهاراً2، أو تنفق عليه، أو تعطيه شيئا.   (1) الحديث ورد من طريق عقبة بن عامر رضي الله عنه، أخرجه البخاري في كتاب الشروط/ باب الشروط في المهر عند عقدة النكاح2: 177، ومسلم في كتاب النكاح/ باب الوفاء بالشروط في النكاح2: 1035، رقم (1418) . (2) وهذا ما يعرف عند الفقهاء بنكاح النهاريات، وهو أن تأتي المرأة زوجها نهارا ولا تأتيه ليلا، وقد أنكر الإمام أحمد هذا النكاح إنكارا شديدا، فقد قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد الله، قيل له: حديث الحسن في الليليات والنهاريات: الرجل يكون في السوق وبينه وبين منزله بُعد، فلا يستطيع أن يرجع فيقيل عندهم، فيتزوج عند سوقه امرأة يأتيها بالنهار، وإذا رجع إلى منزله بالليل له امرأة، فهذا شأن أهل البصرة، فقال أحمد: إيش هذا، وعجب منه، وقال: هذا شنيع جدا. وقال بفساده مالك والشافعي، وأجازه أبو حنيفة. وانظر: تبيين الحقائق2: 116، التفريع2: 49، مغني المحتاج3: 227، المبدع7: 89، مسائل أحمد لابن هانئ1: 198، كشاف القناع5: 98، شرح منتهى الإرادات3: 43. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 163 فهذه الشروط باطلة في نفسها لأنها تنافي (مقتضى) 1 العقد، والعقد في نفسه صحيح2. القسم الثالث: ما يبطل النكاح من أصله. مثل أن يشترط تأقيت النكاح إلى مدة وهو المتعة3 أو يطلقها   (1) ما بين القوسين ساقط من الأصل، وما أثبته من المغني6: 550. (2) هذا هو المذهب، وقيل: يبطل النكاح، واختار ابن تيمية فساد العقد فيما إذا شرط أن لا صداق لها. وانظر: المغني6: 550، الكافي3: 56، الهداية1: 255، المسائل لأبي بعلى2: 113، المذهب الأحمد128، المقنع3: 49، الفروع5: 217، المبدع7: 98، الإنصاف8: 165، كشاف القناع5: 98، اختيارات ابن تيمية219، كشاف القناع5: 98. (3) المتعة: من تمتع بالشيء إذا انتفع به، ونكاح المتعة: العقد على الاستمتاع بالمرأة مدة معينة مقابل مهر معين بلفظ المتعة. والمشهور عن أحمد – رحمه الله- القول بحرمتها رواية واحدة، ونقل إسحاق بن منصور عنه، أنه سأله عن متعة النساء تقول إنها حرام؟ قال: أجتنبها أحب إليّ، فظاهر هذا أنها مكروهة، وقد اختلف علماء المذهب في توجيه جوابه هذا في رواية ابن منصور إلى أربعة أقوال ذكرها صاحب المبدع، وهي: 1. أثبت ذلك أبو بكر في كتابه (الخلاف) رواية. 2. أبى ذلك القاضي. 3. قال ابن عقيل: رجع عنها الإمام أحمد. 4. وقال ابن تيمية: توقف أحمد عن لفظ الحرام ولم ينفه. وانظر: مسائل أحمد وإسحاق، لإسحاق بن منصور244، المسائل الفقهية لأبي يعلى3: 7، المغني6: 551، 644، المبدع7: 87، الإنصاف 8، 163، المطلع323، القاموس المحيط3: 86، معجم لغة الفقهاء487. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 164 في وقت بعينه1 أو يعلقه على شرط مثل: إن رضيت أمُّها أو فلان2 أو يشترط الخيار لهما أو لأحدهما3. فهذه شروط باطلة ويبطل بها النكاح4. وكذلك نكاح الشغار وهو: أن يزوج الرجل ابنته على أن يزوجه ابنته ولا صداق لهما5. (58) مسألة: نكاح المحلِّل6 حرام باطل في قول عامة أهل العلم7.   (1) قال المرداوي: ويتخرج أن يصح النكاح ويبطل الشرط. الإنصاف8: 164. (2) وذكر المرداوي رواية عن أحمد بصحة العقد، قال: وبعَّدها القاضي وأبو الخطاب. الإنصاف: الصفحة السابقة. (3) هذا المذهب، وعنه: صحة الشرط وبعَّدها القاضي، واختار ابن تيمية صحة العقد. المحرر2: 23، الشرح الكبير4: 244، اختيارات ابن تيمية218، الإنصاف8: 166. (4) الهداية1: 255، المقنع3: 48، الإقناع3: 193، منتهى الإرادات2: 181، مغني ذوي الأفهام123، دليل الطالب206. (5) هذا هو المذهب، سواء قالا: بضع كل واحدة مهر الأخرى أو لا، وعن أحمد: يصح العقد ويفسد الشرط. الهداية1: 255، المغني6: 641، الفروع5: 215، الإنصاف8: 159. (6) نكاح المحلل: أن يتزوج الرجل المطلقة ثلاثا على أنه إذا وطئها طلقها. شرح منتهى الإرادات3: 42. (7) وهذا هو المذهب، وعن أحمد: أنه يصح العقد ويبطل الشرط، قال المرداوي: قال الزركشي وخرّج القاضي وأبو الخطاب: رواية ببطلان الشرط وصحة العقد من اشتراط الخيار. الهداية1: 255، الفروع5: 215، الكافي3: 58، الإنصاف8: 161. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 165 وبه قال مالك1. وسواء قال: زوجتكها إلى أن تطأها، أو شرط أنه إذا أحلها فلا نكاح بينهما، أو أنه إذا أحلها للأول طلقها2. وعن أبي حنيفة3: أنه يحل النكاح ويبطل الشرط. وقال الشافعي – في الصورتين الأولتين- لا يصح4، وفي الثالثة: على قولين5.   (1) الموطأ279، المدونة2: 291، المنتقى3: 300، أسهل المدارك2: 85. (2) المغني6: 646، الشرح الكبير4: 239، المبدع7: 85، شرح منتهى الإرادات3: 42. (3) الهداية للمرغيناني2: 11، الاختيار3: 151، مجمع الأنهر1: 439. (4) الأم5: 71، مغني المحتاج3: 183. (5) أحدهما: أنه يبطل، والثاني: يصح العقد ويبطل الشرط، والأول هو الأظهر. التنبيه161، روضة الطالبين7: 126-127. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 166 ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لعن الله المحلِّل والمحلل له" رواه أبو داود وابن ماجه1 والترمذي وقال: حديث حسن صحيح2.   (1) الحافظ محمد بن يزيد أبو عبد الله ابن ماجه القزويني، حافظ قزوين في عصره، سمع من أبي بكر بن أبي شيبة وأبي خيثمة وهشام بن عمار وخلق سواهم، وروى عنه محمد بن عيسى الأبهري وعلي بن إبراهيم القطان وأحمد بن روح البغدادي وآخرون، كان حافظا ناقدا، واسع العلم، اتفق على توثيقه، رحل إلى البصرى وبغداد والشام ومصر لطلب الحديث، مات سنة273هـ. من مصنفاته: كتابه المعروف بسنن ابن ماجه، تاريخ قزوين، تفسير القرآن. ترجمته في: وفيات الأعيان4: 297، مرآة الجنان2: 188، تذكرة الحفاظ2: 636، تهذيب التهذيب9: 530، طبقات الحفاظ للسيوطي282، شذرات الذهب2: 164، كشف الظنون1: 300، 2: 1004، هدية العارفين2: 18، الأعلام7: 144. (2) الحديث ورد عن غير واحد من الصحابة رضي الله عنهم، ومنها طريق ابن مسعود رضي الله عنه، أخرجه أحمد1: 448، وابن أبي شيبة في كتاب النكاح 4: 295، والترمذي في أبواب النكاح/ باب المحلل والمحلل له2: 294، رقم (1129) وقال حسن صحيح، والنسائي في كتاب الطلاق/ باب إحلال المطلقة ثلاثا وما فيه من التغليط6: 149، والدارمي في كتاب النكاح/ باب النهي عن التحليل 2/81، رقم (2263) ، والبغوي في شرح السنن/ كتاب النكاح/ باب النكاح المحلل9/100، رقم (2293) والبيهقي في كتاب النكاح/ باب ما جاء في نكاح المحلل7/208، قال الحافظ: وصححه ابن القطان وابن دقيق العيد على شرط البخاري. انظر: التلخيص الحبير3: 170. وقول المصنف: رواه أبو داود هو من حديث علي رضي الله عنه، كتاب النكاح/ باب التحليل2/562، رقم (2076) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 167 وسماه النبي صلى الله عليه وسلم التيس المستعار12. (59) مسألة: إذا شرط عليه التحليل قبل العقد ولم يذكره في العقد، أو نوى التحليل من غير شرط فالنكاح باطل أيضا3. وبهذا قال مالك4. وقال أبو حنيفة5 والشافعي6: العقد صحيح.   (1) فقد روى عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا أخبركم بالتيس المستعار؟ قالوا: بلى يا رسول الله؟ قال: "هو المحلل، لعن الله المحلل والمحلل له" أخرجه ابن ماجه في كتاب النكاح/ باب المحلل والمحلل له1: 622ن رقم (1936) ، والحاكم في كتاب الطلاق2: 198، وصححه ووافقه الذهبي، والدارقطني في كتاب النكاح3: 251، والبيهقي في كتاب النكاح/ باب ما جاء في نكاح المحلل7: 208، وقال عبد الحق: إسناده حسن. التعليق المغني3: 251. (2) المغني6: 646، الشرح الكبير4: 239، الكافي3: 58، زاد المعاد5: 109، شرح منتهى الإرادات3: 42، كشاف القناع5: 94، منار السبيل2: 183. (3) الهداية1: 255، المحرر2: 23، المذهب الأحمد127، الشرح الكبير5: 240، المبدع7: 85. (4) القوانين الفقهية140، أسهل المدارك2: 86، سراج السالك2: 52. (5) الهداية للمرغيناني2: 11، الاختيار3: 151. (6) الأم5: 71، مغني المحتاج3: 183، روضة الطالبين7: 127، وقال النووي: كره، وصح العقد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 168 وذكر القاضي في صحته وجها مثل قولهما لأنه خلا عن شرط يفسده1. (60) مسألة: فإن شرط عليه أن يحلها قبل العقد، فنوى بالعقد غير ما شرطوا عليه وقصد الزوج نكاح رغبة صح العقد لأنه خلا عن نية التحليل وشرطه فصح2. وإن قصدت المرأة التحليل أو وليها دون الزوج لم يؤثر ذلك في العقد وصح3. (61) مسألة: لا يحصل بنكاح المحلل الإباحة للزوج الأول، وهي باقية التحريم عليه حتى تنكح نكاح رغبة4.   (1) نقله عنه ابن قدامة وغيره، وزاد: لأنه خلا عن شرط يفسده، فأشبه ما لو نوى طلاقها لغي الإحلال، أو ما لو نوت المرأة ذلك/ ولأن العقد إنما يبطل بما شرط لا بما قصد، بدليل ما لو اشترى عبدا فشرط أن يبيعه لم يصح، ولو نوى ذلك لم يبطل. المغني6: 647، الكافي3: 85، الشرح الكبير4: 240، الإنصاف8: 161. (2) المغني6: 648، الشرح الكبير4: 241ن الإنصاف8: 162، الإقناع3: 191، كشاف القناع5: 95. (3) المصادر السابقة، والكافي3: 95. (4) المصادر السابقة، والمبدع7: 86، شرح منتهى الإرادات3: 42. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 169 (62) مسألة: عدد العيوب المجوزة لفسخ النكاح ثمانية1. ثلاثة يشترك فيها الرجل والمرأة: الجنون، والجذام2، والبرص3. واثنان يختصان بالرجل: الجَبّ4، والعِنَّة5. وثلاثة تختص بالمرأة: الفَتْق، والقَرَن، والعَفَل6.   (1) مختصر الخرقي86، مغني ذوي الأفهام124، الإقناع3: 1970198، غاية المنتهى3: 42-43. (2) الجذام: علة يحمرُّ منها العضو ثم يسودّ ثم يتقطّع ويتناثر، سمي بذلك لتجذم الأصابع وتقطعها. المطلع324، المصباح المنير94، معجم لغة الفقهاء161. (3) بياض شديد يبقع الجلد ويذهب دمويته. المطلع413، المصباح المنير44، معجم لغة الفقهاء106. (4) الجب: القطع، والمجبوب: الذي قد استوصل ذكره وخصيتاه، أو قطع بعضه ولم يبق منه ما يمكن أن يجامع به. اللسان1: 249، معجم لغة الفقهاء159. (5) العنين: من لا يقدر على الجماع، أو يصل إلى الثيب دون البكر، أو لا يصل إلى امرأة واحدة بعينها فحسب، ويكون ذلك لمرض به، أو لضعف في خلقته، أو لكبر سنه، وسمي عنينا؛ لأن ذكره يعن عن قبل المرأة من عن يمينه وشماله فلا يقصده. الصحاح6: 2166، المطلع319، أنيس الفقهاء165، معجم لغة الفقهاء323. (6) سيعرف بها المصنف بعد قليل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 170 وقال القاضي: العيوب سبعة1، جعل القرن والعفل شيئا واحدا، وهو الرتق، وذلك لحم ينبت في الفرج يمنع الوطء2. وحُكي أن العفل: رغوة في الفرج3. أما الفتق، فهو: انخراق ما بين مجرى البول ومجرى المنين وقيل: ما بين القبل والدبر4. ومن شرط ثبوت الخيار لهذه العيوب أن لا يكون عالما بها وقت العقد، ولا يرضى بها بعده، فإن علم بها في العقد أو بعده فرضي فلا خيار له5.   (1) نقله عنه ابن قدامة وأبو الفرج المقدسي، وقال ابن قدامة في الكافي مثل قوله. انظر: المغني6: 651، الشرح الكبير4: 255، الكافي3: 60. (2) فعلى هذا يكون القرن والعفل شيئا واحدا، وقيل: القرن عظم أو غدة تمنع ولوج الذكر، والرتق: تلاحم الشفرين خلقة. وانظر: اللسان10/ 134، 11: 457، 13: 335، الصحاح4: 1480، 5: 1769، 6: 2180، المطلع323، المصباح المنير218، 419، 500، أنيس الفقهاء151، المغني6: 651، شرح منتهى الإرادات3: 51، معجم لغة الفقهاء219، 316، 361. (3) فتمنع تلك الرغوة لذة الوطء. انظر: المغني6: 651. (4) اللسان10: 297، الصحاح4: 1539، الكافي3: 60، الشرح الكبير4: 257. (5) المقنع3: 59، المغني6: 654، المبدع7: 109، شرح منتهى الإرادات3: 52. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 171 وإن علم فأخر المطالبة بالفسخ لم يبطل خياره، وقال القاضي: يبطل1. وليس لولي الصغير والصغيرة والأمة تزويجهم من به أحد العيوب لأنه ناظر لهم بما فيه الحظ ولا حظ لهم في هذا2. (63) مسألة: اختلف أصحاب أحمد في البخر وهو نتن الفم3 وفي الذي لا يستمسك بوله ولا غائطه. فقال أبو بكر: يثبت به الخيار4. وقال غيره: لا خيار فيه5.   (1) الكافي3: 62، المغني6: 654، العدة: 388. (2) المغني6: 658، الشرح الكبير4: 256، كشاف القناع5: 114. (3) البخَر: على وزن قلَم: نتن يكون في الفم وغيره، كما ذكر المصنف، وقال ابن حامد: نتن في الفرج يثور عند الوطء، وقال في الفروع: البخر يشملهما. وانظر: اللسان4: 42، الصحاح2: 586، المصباح المنير73، المطلع324، المغني6: 652، معجم لغة الفقهاء104. (4) قوله في المغني الصفحة السابقة، الكافي3: 61، تصحيح الفروع5: 232، كشاف القناع5: 110. (5) قال المرداوي في تصحيح الفروع5: 233: وهو مفهوم كلام الخرقي؛ لأنه ذكر العيوب التي يثبت بها الخيار في فسخ النكاح، ولم يذكر شيئا من هذه، وقدمه ابن رزين في شرحه في غير ما أطلق فيه الخلاف، ومال إليه الشيخ الموفق والشارح. وانظر: مختصر الخرقي86، المغني6: 652، الكافي3: 61، الهداية1: 256، الشرح الكبير4: 262. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 172 ويتخرج الناصور1 والباسور2 والقروح السيالة في الفرج3. وما عدا هذه العيوب كالقرع والعمى والعور والعرج والحول لا يثبت به خيار4. (64) مسألة: النكاح يصح من غير تسمية صداق5 وسواء تركا ذكر المهر أو   (1) الناصور: وقد يقال: ناسور، قرحة بشكل أنبوبة ضيقة الفتحة تمتد في الجسم، وخصوصا حول المقعدة. اللسان5:205، المطلع324، كشاف القناع5: 110، معجم لغة الفقهاء472. (2) الباسور: مرض يحدث فيه تمدد وريدي في الشرج. اللسان4: 59، المصباح المنير48، المطلع والكشاف، الصفحات السابقة، معجم لغة الفقهاء102. (3) الهداية1: 256، المحرر2: 24، الفروع5: 231. (4) المغني6: 653، الشرح الكبير4: 262، الفروع5: 234. (5) الصداق فيه لغات أكثرها بفتح الصاد، وله مسميات كثيرة منها: المهر، الفريضة، الصدقة، الطول، العلائق، الحباء، وغيرها. واصطلاحا: العوض المسمى في عقد النكاح، وبعده لمن لم يسم لها فيه. وانظر: اللسان4: 595، 5: 184، 10262، الصحاح2: 121، القاموس المحيط2: 142، المطلع326، المصباح المنير335، 582، التنقيح المشبع301، منتهى الإرادات2: 200. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 173 شرطا نفيه مثل أن يقول: زوجتك بغي مهر فيقبله كذلك1. (65) مسألة: إذا خلا الرجل بامرأته بعد عقد صحيح2 استقر عليه المهر، ووجبت عليها العدة، وإن لم يطأ3. وبه قال أبو حنيفة4.   (1) المغني6: 712، المذهب الأحمد131، شرح منتهى الإرادات3: 62. (2) الخلوة في اللغة: الانفراد. واصطلاحا: غلق الرجل الباب على منكوحته بلا مانع وطء. وانظر: اللسان14: 238، المصباح المنير180، التعريفات101. (3) هذا هو الصحيح من المذهب، وعن أحمد رواية: أن المهر لا يستقر بالخلوة المجردة عن الوطء، وأنكر أكثرهم هذه الرواية، كما قال المرداوي. وانظر: المغني6: 724، الشرح الكبير4: 324، تصحيح الفروع5: 271، الإنصاف8: 283، الفروع5: 271، كشاف القناع5: 151ن منح الشفا الشافيات2: 132. (4) بدائع الصنائع2: 291، الهداية للمرغيناني1: 205. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 174 وقال الشافعي في الجديد: لا يستقر بالوطء1. ولنا إجماع الصحابة/2. روى زرارة بن أوفى3 رضي الله عنه4 قال: قضى الخلفاء الراشدون أن من أغلق بابا أو أرخى سترا فقد وجب المهر ووجبت العدة5.   (1) وقال في القديم كقول أحمد. وانظر: روضة الطالبين7: 263، حلية العلماء6: 459، كفاية الأخيار2: 40. (2) نهاية لـ (6) . (3) في الأصل: ابن أبي أوفى، وما أثبته هو الصواب، وانظر: المصادر الآتية في ترجمته. (4) زرارة بن أوفى، أبو حاجب العامري، الإمام التابعي الجليل، قاضي البصرة، سمع من عمران بن حصين وأبي هريرة وابن عباس، وروى عنه أيوب السختياني وقتادة وبهز بن حكيم وغيرهم، وثقه ابن معين والنسائي والعجلي وابن حجر وغيرهم. يقال: إنه قرأ في صلاة الفجر: {فإذا نقر في الناقور} [المدثر: الآية8] فخر ميتان وكان ذلك بالبصر سنة93هـ. ترجمته في: حلية الأولياء2: 258، الجرح والتعديل3: 603، سير أعلام النبلاء5: 515، تقريب التهذيب1: 259، تهذيب التهذيب3: 322، شذرات الذهب1: 102. (5) أخرجه عبد الرزاق في كتاب النكاح/ باب وجوب الصداق6: 288، رقم (10875) ، وابن أبي شيبة في كتاب النكاح/ باب من قال: إذا أغلق الباب أو أرخى الستر فقد وجب الصداق4: 235، والبيهقي في كتاب الصداق/ باب من قال:؛ من أغلق بابا أو أرخى سترا فقد وجب الصداق7/ 255، وقال: هذا مرسل زرارة لم يدركهم، وانظر: التلخيص الحبير3: 193، إرواء الغليل7: 195. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 175 وبالخلوة يجب المهر كاملا والعدة، وتحرم أختها إذا طلقها حتى تنقضي عدتها، وله عليها الرجعة في العدة كالتي وطئها1. وقال أبو حنيفة2: لا رجعة له عليها إذا أقر أنه لم يصبها. ولها عليه نفقة العدة والسكنى، ولا يثبت بالخلوة الإباحة للزوج المطلق ثلاثا، ولا يثبت لها الإحصان ولا تحرم الربيبة3 بالخلوة على الصحيح4، وسواء خلا بها وهما محرمان أو صائمان أو حائض أو سالمان من هذه الأشياء5.   (1) ما ذكره المصنف هنا هو المذهب من أنه يملك عليها الرجعة، وقال أبو بكر: لا رجعة بالخلوة من غير دخول. وانظر: المقنع3: 286، المغني6: 725، الشرح الكبير4: 323، الإنصاف9: 150، العدة397، منتهى الإرادات2: 344، كشاف القناع5: 152، دليل الطالب233. (2) الاختيار3: 149، مجمع الأنهر1: 436. (3) الربيبة: كل بنت للزوجة من غير الزوج، من نسب أو رضاع، قريبة كانت أو بعيدة، وارثة أو غير وارثة. المغني6: 569، المطلع322. (4) وصحح هذا ابن قدامة وغيره، والرواية الثانية: أن الربيبة تحرم بالخلوة، وصحح هذه الزركشي وغيره. المغني6: 581، 725، تصحيح الفروع5: 196، الإنصاف8: 116. (5) اختلفت الرواية عن أحمد –رحمه الله- إذا خلا بها وبهما أو بأحدهما مانع من الوطء، فظاهر كلامه أن المهر يتقرر جميعه على أية صفة كانت الخلوة، هذا هو الصحيح من المذهب. وعنه رواية ثانية: أنه لا يكمل الصداق مع وجود تلك الموانع. وعنه رواية ثالثة: إن كانا صائمين صوم رمضان لم يكمل الصداق، فإن كان غيره كمل. وعنه رواية رابعة: أنه يكمل إن كان المانع به وإلا فلا. المغني6: 726، المسائل الفقهية لأبي يعلى3: 127، مسائل أحمد لأبي داود165، الشرح الكبير4: 323، الإقناع3: 22، الإنصاف8: 286، منح الشفا الشافيات2: 132، الزوائد2: 784. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 176 فإن خلا بها وهي صغيرة، أو كان أعمى ولم يعلم بدخولها لم يتكمل الصداق1. (66) مسألة: إذا عقد على امرأة ولم يدخل بها حرمت على أبيه وابنه، وحرمت عليه أمها بمجرد العقد2. (67) مسألة: المحرمات في النكاح عشرة أنواع3: أحدها: المحرمات بالنسب، وهن سبع: الأمهات، والبنات،   (1) المغني6: 726، كشاف القناع5: 151، شرح منتهى الإرادات3: 77، منح الشفا الشافيات2: 132، الروض الندي370. (2) مختصر الخرقي84، المغني6: 575، المذهب الأحمد126، منار السبيل2: 163. (3) الكافي3: 36. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 177 والأخوات، والعمات، والخالات، وبنات الأخ، وبنات الأخت1. النوع الثاني: المحرمات بالرضاع، وهن مثل المحرمات بالنسب2. النوع الثالث: المحرمات بالمصاهرة،3 وهن أربع: أمهات النساء4، وبنات النساء، وهن الربائب. ولا تحرم الربيبة إلا أن يدخل بأمها5. وإن ماتت6 قبل دخوله بها لم تحرم ابنتها7.   (1) المقنع3: 31، الهداية1: 252، منتهى الإرادات2: 169، التنقيح المشبع292، دليل الطالب204، الزوائد2: 758. (2) المصادر السابقة، وعمدة الأحكام371، المبدع7: 57. (3) الصهر: القرابة، والأصهار: أهل بيت المرأة، والمصاهرة: القرابة عن طريق الزوج، وحرمة المصاهرة: الحرمة التي سببها القرابة بالزواج. وانظر: اللسان4: 471، المصباح المنير349، المطلع322، المبدع7: 58، معجم لغة الفقهاء432. (4) فيحرمن بمجرد العقد على البنت على الصحيح من المذهب، وعنه: أنهن كالربائب لا يحرمن إلا بالدخول ببناتهن. المذهب الأحمد126، الإنصاف8: 114، الإقناع3: 181. (5) سواء كانت الربيبة في حجره أو لا، وهو الصحيح من المذهب، وقيل: لا تحرم إلا إذا كانت في حجرهن اختاره ابن عقيل، قال المرداوي: وهو ظاهر القرآن. المغني6: 569، الإنصاف8: 115، العدة370. (6) في الأصل: مات. (7) هذا هو المذهب. الكافي3: 37، المحرر2: 19، الشرح الكبير4: 212، كشاف القناع5: 71. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 178 وعنه: تحرم1. وحلائل2 الأبناء من نسب أو رضاع، وزوجات الأب من نسب أو رضاع3. النوع الرابع: تحريم الجمع، وهو قسمان: القسم الأول: (جمع) 4حرم لأجل النسب، وهن أربع: يحرم الجمع بين الأختين، وبين المرأة وبنتها، وبين المرأة وعمتها، وبين المرأة وخالتها5. القسم الثاني: يحرم الجمع لكثرة العدد، فلا يحل للحر أن يجمع بين أكثر من أربع زوجات، ولا للعبد أكثر من اثنتين6.   (1) هذه هي الرواية الثانية عن أحمد، اختارها أبو بكر. المصادر السابقة، والمغني6: 570، المبدع7: 60، الإنصاف8: 116. (2) حلائل: جمع حليلة، وهي الزوجة، وسميت امرأة الرجل حليلة؛ لأنها تحل إزار زوجها وهي محللة له. اللسان11: 164، المطلع322، كشاف القناع5: 71. (3) المبدع7: 58، الإنصاف8: 114، مغني ذوي الأفهام122، الروض الندي357، منار السبيل2: 163. (4) زيادة من الكافي3: 40، ليست في الأصل. (5) المقنع3: 34، الكافي3: 40، المذهب الأحمد125، التنقيح المشبع293، منتهى الإرادات2: 173، مغني ذوي الأفهام122، الروض الندي357، منار السبيل2: 165. (6) عمدة الأحكام373، مختصر الخرقي83، المغني6: 539، المبدع7: 67، كشاف القناع5: 80، غاية المنتهى3: 32، دليل الطالب205، الزوائد2: 761. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 179 النوع الخامس: المحرمات لاختلاف الدين، فلا يحل لمسلم أن يتزوج كافرة غير كتابية1، ولا لمسلمة أن تتزوج بكافر بحال2. النوع السادس: التحريم لأجل الرق3، فإن كانت الأمة كتابية فلا تحل لمسلم بحال4، وإن كان مسلمة فيجوز للعبد التزوج بها5. ولا يحل لحر مسلم نكاح أمة إلا بشرطين: عدم الطَّول، وهو العجز عن نكاح حرة أو شراء أمة6.   (1) المراد بأهل الكتاب: اليهود والنصارى، ومن وافقهم في أصل دينهم، ودان بالتوراة والإنجيل كالسامرة وفرق النصارى. الكافي3: 47، المغني6: 590. (2) كتابيا كان أو غير كتابي. المقنع3: 38، الشرح الكبير4: 227، المذهب الأحمد126، المحرر2: 21، شرح منتهى الإرادات3: 36، دليل الطالب205. (3) أي العبودية. (4) ولو كان عبدا، وهذا هو الصحيح من المذهب، وعن أحمد: رواية بالجواز، قال المرداوي: وردها الخلال، وقال: إنما توقف الإمام أحمد –رحمه الله- فيها، ولم ينفذ له قول. الكافي3: 48، الهداية1: 253، الشرح الكبير4: 230، المبدع7: 73، منار السبيل2: 169. (5) الكافي3: 48. (6) الطول: هو أن لا يملك مالاً حاضرا، على الصحيح من المذهب، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 180 والشرط الثاني: خوف العنت، وهو الزنا1. النوع السابع: منكوحة غيره والمعتدة منه والمستبرأة2 منه3. ولا يحل التعريض4 بخطبة المعتدة الرجعية5.   وفسره الإمام أحمد: بالسعة. وقال القاضي: هو أن لا يجد صداق حرة، وزاد ابن عقيل: ولا نفقتها. قال المرداوي: وهو أولى. انظر: الإنصاف8: 141. (1) الكافي3: 48، العدة37، المذهب الأحمد126، المحرر141، 22، كشاف القناع5: 85، منتهى الإرادات2: 177، السلسبيل2: 704. (2) الاستبراء: ترك الأمة مدة حتى يبرأ رحمها، وتتبين حالها، هل هي حامل أو لا؟. المطلع336. (3) الكافي3: 50، المبدع7: 69، كشاف القناع5: 82، مغني ذوي الأفهام123. (4) التعريض: ما يفهم به السامع مراد المتكلم من غير تصريح. والتعريض في الخطبة أن يقول: إني في مثلك لراغب، وإنك عليّ لكريمة، وإن الله لسائق إليك خيرا، ولا تسبقيني بنفسك، وتجيبه: ما يرغب عنك. روى مجاهد قال: مات رجل وكانت امرأته تتبع الجنازة، فقال رجل: لا تسبقينا بنفسك، فقالت: سبقك غيرك. وانظر: الكافي3: 51، المغني6: 609، مصنف ابن أبي شيبة4: 257، التعريفات62. (5) المقنع3: 7، الكافي3: 51، الإنصاف8: 34. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 181 ويجوز التعريض بخطبة المعتدة من الوفاة والطلاق الثلاث1. وأما البائن بالخلع فهل يحل التعريض بخطبتها2؟ فيه وجهان3. وأما التصريح بالخطبة في كل معتدة4. النوع الثامن: الملاعنة5 تحرم على الملاعن6.   (1) المصادر السابقة، والمغمي6: 608، المبدع8: 14، العدة360. (2) مراده ما إذا كان المعرِّض بالخطبة غير الزوج، وأما الزوج فيحل له التصريح بخطبتها والتعريض. المغني6: 6-9، الكافي3: 51، كشاف القناع5: 18. (3) وهما روايتان: الأولى: عدم الجواز، والثانية: الجواز، وهو المذهب. الهداية1: 247، الشرح الكبير4: 162، المذهب الأحمد122، المحرر2: 14، الإنصاف8: 35. (4) المصادر السابقة، وعمدة الأحكام359، الإقناع3: 160، غاية المنتهى3: 6، منار السبيل2: 142. (5) اللعان: مشتق من اللعن، وأصله الطرد والإبعاد. والمراد به عند الفقهاء: شهادات مؤكدة بأيمان من الزوجين مقرونة باللعن والغضب، قائمة مقام حد القذف في حقه، ومقام حد الزنا في حقها. اللسان13: 387، التعريفات192، المطلع3476، الإقناع4: 95، أنيس الفقهاء163. (6) تحرم الملاعنة على الملاعن على التأبيد، لكن لو أكذب نفسه، هل تحل له أم لا؟ على روايتين: -الأولى: - وهي المذهب- أنها لا تحل له بل تحريم على التأبيد. -والثانية: تباح له، ونقل هذه الرواية حنبل. وقال ابن قدامة: هذه الرواية شذ بها حنبل عن سائر أصحابه. الكافي3: 53، المبدع7: 53، 290، المسائل الفقهية لأبي يعلى3: 198، الفروع5: 197، الإنصاف8: 121. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 182 النوع التاسع: الزانية يحرم نكاحها حتى تتوب، ويحرم نكاحها في عدتها على الزاني وغيره1. النوع العاشر: التحريم للإحرام، فلا يحل نكاح محرم ولا محرمة، ولا يجوز للمحرم أن يعقد نكاح غيره2. (68) مسألة: إذا زنى بامرأة حرمت على أبيه وابنه، وحرمت عليه أمها وابنتها3،   (1) الكافي3: 53، المبدع7: 69، منح الشفا الشافيات2: 112، شرح منتهى الإرادات3: 35، دليل الطالب205. (2) المذهب أنه لا يصح ذلك من المحرم، وعن أحمد رواية: إن زوّج المحرمُ عيرَه صح. مسائل أحمد لابنه عبد الله235، المسائل لأبي يعلى1: 281. (3) عمدة الأحكام372، المبدع7: 60، الإنصاف8: 117. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 183 كما لو وطئها بشبهة1 أو حلال. ولو وطئ أم زوجته أو ابنتها حرمت عليه زوجته، نص أحمد على هذا2. وبه قال أبو حنيفة3. وقال الشافعي4ومالك5: وطء الحرام لا تنتشر الحرمة به. ولا فرق بين الزنا في القبل أو الدبر6. (69) مسألة: إذا تلوط بغلام، قال أصحاب أحمد: يتعلق به التحريم، فيحرم على اللائط أم الغلام وابنته، وعلى الغلام أم اللائط وابنته، نص عليه أحمد7.   (1) يثبت تحريم المصاهرة بوطء الشبهة على الصحيح من المذهب، وقيل: لا يثبت. المغني6: 576-577، الشرح الكبير3: 213، الإنصاف8: 118، كشاف القناع5: 72. (2) المصادر السابقة، وحاشية المقنع3: 33، الزوائد2: 759. (3) مختصر الطحاوي177، الاختيار3: 88. (4) الأم5: 22، حلية العلماء6: 376، روضة الطالبين7: 111، مغني المحتاج3: 178. (5) هذا هو المشهور عن مالك – رحمه الله- وهو قوله في الموطأ، وقال في المدونة: إذا زنى بامرأة لم ينبغ لابنه ولا لأبيه أن يتزوجها أبدا، وانظر: الموطأ280، المدونة2: 278، التفريع2: 44، المنتقى3: 306، القوانين الفقهية138. (6) المذهب أنه يثبت التحريم بالمصاهرة بالزنا سواء أكان الوطء في القبل أو الدبر، وقيل: لا يثبت بالوطء بالدبر، وانظر: الكافي3: 39، المبدع7: 60، الإنصاف8: 117. (7) هذا هو المذهب، وخرَّجه أبو الخطاب على روايتين. المغني الجزء: 1 ¦ الصفحة: 184 والصحيح أن هذا لا تنتشر به الحرمة1. (70) مسألة: يحرم على الرجل نكاح ابنته من الزنا وأخته وبنت ابنه وبنت وبنته من الزنا وبنت أخيه وبنت أخته من الزنا2. وقال مالك3 والشافعي4: يجوز ذلك كله. 6: 578، الهداية2: 252، المحرر2: 19، الفروع5: 197، الإنصاف8: 120، منح الشفا الشافيات2: 122.   (1) وممن صححه ابن قدامة وأبو الفرج المقدسي وغيرهما. وانظر: المصادر السابقة، المقنع3: 34، الشرح الكبير4: 215، الزوائد2: 759-760. (2) المغني6: 578، الكافي3: 37، الشرح الكبير4: 216، المذهب الأحمد125، المبدع7: 56، الإنصاف8: 113، الإقناع3: 180، شرح منتهى الإرادات3: 28، غاية المنتهى3: 27، منار السبيل2: 161. (3) لمالك – رحمه الله- قولان في هذه المسألة: الأول: قوله في الموطأ وهو ما ذكره المصنف. والثاني: كقول أحمد رحمه الله، نقله ابن القاسم في المدونة، قال ابن رشد: وقال سحنون: أصحاب مالك يخالفون ابن القاسم ويذهبون إلى ما في الموطأ. وانظر: الموطأ280، المدونة2: 277-279، بداية المجتهد2: 34، التفريع2: 44، المنتقى3: 307، أسهل الدارك2: 79، القوانين الفقهية138، حاشية العدوي2: 55. (4) وقال النووي: لا يحرم نكاحها لكن يكره، وقيل: إن تيقن أنها من مائه حرمت عليه، وقيل: تحرم مطلقا، وصحح الحل مطلقا. وانظر: الأم5: 22، حلية العلماء6: 376، روضة الطالبين7: 109، مغني المحتاج3: 175. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 185 باب في مسائل الخلع1 (71) مسألة: إذا خالع الرجل زوجته بغير عوض لم يصح الخلع2. فإن كان بلفظ الطلاق أو نواه به فهو طلاق3. وإن كان بلفظ الخلع ولم ينو به الطلاق لم يقع به شيء، والزوجة بحالها4.   (1) الخلع بضم الخاء وفتحها: النزع والعزل والإزالة. واصطلاحا: فراق الزوج على عوض تبذله له بألفاظ مخصوصة. اللسان8: 76، الصحاح3: 1205، المطلع331، منتهى الإرادات2: 237، أنيس الفقهاء346:5، معجم لغة الفقهاء199. (2) هذا هو أصح الروايتين، وهو المذهب، عليه جماهير الأصحاب. المقنع3: 119، المسائل لأبي يعلى2: 139، المحرر2: 45، الفروع5: 346، الإنصاف8: 396، كشاف القناع5: 218، الزوائد2: 811. (3) على الصحيح من المذهب، وعن أحمد: أنه فسخ. الكافي3: 145، الهداية1: 272، الإنصاف8: 393. (4) إذا خالعها بلفظ الخلع ولم ينو به الطلاق ففيه روايتان: أحدهما: أن الخلع فسخ لا ينقص به عدد الطلاق، وهذه هي الرواية المشهورة في المذهب. والثانية: أنه طلقة بائنة. وانظر: الكافي3: 145، الهداية1: 272، الشرح الكبير4: 378، الإنصاف8: 392، كشاف القناع5: 216. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 186 وعن أحمد –رحمه الله- يصح الخلع بغير عوض1، اختاره الخرقي2. وإن قال: خلعتك، من غير سؤال الزوجة لم يكن خلعا، وإن نوى به الطلاق فهو طلاق، وإن لم ينو به الطلاق لم يكن شيئان والزوجية بحالها3. (72) مسألة: يصح الخلع من كل زوجة رشيدة4. وأما السفيهة والمجنونة والصغيرة فلا يصح بذل العوض منهن5.   (1) هذه هي الرواية الثانية. مسائل أحمد لابنه عبد الله338، المغني7: 67. (2) واختارها ابن عقيل أيضا. مختصر الخرقي91، الإنصاف8: 396. (3) المصادر السابقة، والكافي3: 141. (4) الكافي3: 144، المبدع7: 323. (5) وإن خالعته إحداهن لم يصح الخلع، سواء أذن فيه الولي أو لم يأذن، وقال ابن مفلح: الأظهر الصحة مع الإذن. وانظر: المقنع3: 117، المغني7: 83، المبدع7: 225-226. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 187 وليس لغير الزوجة خلعها بشيء من مالها لا من صداقها ولا من غيرهن ولو كان أبا الصغيرة1. فإن فعل وكان طلاقا كان رجعيا2، وإن كان بلفظ الخلع ونوى به الطلاق كان رجعيا أيضا، وإن كان بغير لفظ الطلاق ونيته لم يقع به شيء، والزوجية بحالها3. (73) مسألة: اختلفت الرواية عن أحمد – رحمه الله- في الخلع بغير لفظ الطلاق ونيته: فعن أحمد: هو طلاق بائن. والرواية الأخرى: هو فسخ للنكاح، لا يقع به طلاق، ولا يُنقِص عدد الطلاق، وهذه الرواية هي الصحيحة4.   (1) هذا هو المذهب، وقيل: لأبيها ذلك، وقال ابن قدامة وأبو الفرج المقدسي: ويحتمل أن يملك ذلك إذا رأى لها فيه المصلحة والحظ، وصوبه المرداوي وغيره. وانظر: الكافي3: 144، الشرح الكبير4: 376، الإنصاف9: 388-389. (2) الكافي: الصفحة السابقة. (3) سبق الكلام على هذا في المسألة رقم (71) . (4) سبق ذكر هاتين الروايتين من خلال الكلام على المسألة رقم (71) . وانظر: الكافي3: 145، المغني7: 56، الهداية1: 272، الإفصاح2: 144، المحرر2: 45، المذهب الأحمد137، الإنصاف8: 392. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 188 فإن قلنا: هو طلاق فخلعها ثلاث مرات حرمت عليه حتى تنكح زوجا غيره. وإن قلنا: هو فسخ –وهو الصحيح- لم ينقص عدد الطلاق، وحلت له من غير زوج ثان ولو خلعها مائة مرة1. (74) مسألة: الخلع يقع بائنا فلا يلحقها طلاقه ولو واجهها به لأنها بائن2. (75) مسألة: لو قال لها: خلعتك بألف، فقالت: قبلتُ، صح الخلع ووقع واستحق الألف، هذا قول القاضين وقياس أحمد أنه يقع الطلاق رجعياًّ ولا شيء له3. فأما المعاوضة الصحيحة فهو أن تسأل المرأة فتقول: اخلعني   (1) الكافي3: 145، المغني7: 57، الشرح الكبير4: 378، المبدع7: 226-227. (2) هذا هو المذهب، قال المرداوي: وقال في الترغيب: لا يقع بالمعتدة من الخلع طلاق ولو واجدهها به، إلا إن قلنا: هو طلقة، ويكون بلا عوض، ويكون بعد الدخول أيضا، وقاله في الرعاية الصغرى. انتهى. المغني7: 59، الكافي3: 146، المبدع7: 228، الإنصاف8: 395. (3) الكافي3: 147. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 189 بألف، أو اخلعني/1 على ألف، فيقول: خلعتك، وكذا لو قالت: طلقني بألف أو على ألف، فقال: طلقتكن ولا يحتاج إلى ذكر الألف في الجواب2. ولا يصح الجواب في هذا إلا على الفور3. ويجوز للمرأة الرجوع في السؤال قبل القبول4وكذلك للرجل إذا قال: طلقتك بألف قبل قبولها5. (76) مسألة: يجوز الخلع إذا كان معلقا على شرط، مثاله أن يقول: إن أعطيتني – أراد اعطيتني ألفا -، أو متى أعطيتني ألفا، أو متى ضمنت لي ألفا   (1) نهاية لـ (7) . (2) هذا هو المذهب، وقيل: يشترط من الزوج ذكر العوض ويستحق الألف. (3) هذا هو الصحيح من المذهب، وقيل: لا يشترط الفور، بل يكون على التراخي. المبدع7: 239، الإنصاف8: 411. (4) وقيل: يثبت خيار المجلس. الإنصاف8: 411، الإقناع3: 259، شرح منتهى الإرادات3: 114. (5) الكافي3: 147، الإقناع3: 260، كشاف القناع5: 227، منتهى الإرادات2: 244. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 190 فأنت طالق، فمتى أعطته ألفا أو ضمنت له ألفا طلقت سواء كان على الفور أو على التراخي1. ويكفي في العطية أن تُحضر المال وتَأذن في القبض، أخذ أو لم يأخذ2. (77) مسألة: إذا قال: أنت طالق وعليك ألف طلقت رجعية ولا شيء له. (78) مسألة: يصح الخلع على عوض مجهول في ظاهر المذهب3.   (1) الكافي3: 147، الشرح الكبير4: 390، المبدع7: 238، شرح منتهى الإرادات3: 113، مغني ذوي الأفهام128، الزوائد2: 816. (2) المغني 71:7،المقنع 124:3،المحرر48:3،الإنصاف410:8،كشاف القناع224:5. (3) الكافي7: 148، المغني7: 80، الشرح الكبير4: 395، المبدع7: 242. (4) وهذا هو المعمول به، لأن الطلاق معنى يصح تعليقه بالشرط فجاز أن يستحق به العوض المجهول كالوصية، ولأن الخلع إسقاط لحقه من البضع، وليس فيه تمليك شيء، والإسقاط تدخله المسامحة، ولذلك جاز من غير عوض، بخلاف النكاح. الكافي 3: 153، المغني7: 61، المذهب الأحمد137، الإنصاف8: 403، الإقناع3: 257. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 191 وقال أبو بكر: لا يصح1. ولو قالت له: اخلعني على ما في يدي من الدراهم، أو ما في بيتي من المتاع فخلعها على ذلك صح الخلع وله ما في يدها وما في بيتها من المتاع قليلا كان أو كثيرا، وإن لم يكن في يدها شيء لزمها ثلاثة دراهم، وإن لم يكن في بيتها متاع بالكلية فله أقل ما يسمى متاعا2. وقال القاضي وأصحابه: له المسمى في صداقها3. (79) مسألة: إذا خالعها على رضاع ولدها4 مدة معلومة صح، وإن أطلق صح أيضا، وينصرف إلى ما بقي من الحولين5. وإن خالعها على كفالة (ولده) 6 عشر سنين صح، ويرجع   (1) قال: لأنه عقد معاوضة فلا يصح بالمجهول كالبيع. انظر: المصادر السابقة، والهداية1: 272، الفروع5: 347، المبدع7: 233، العدة408. (2) الكافي3: 153، المغني7: 62، المذهب الأحمد137، كشاف القناع5: 222، شرح منتهى الإرادات3: 112، الزوائد2: 815. (3) المصادر السابقة، والشرح الكبير4: 378، المبدع7: 234. (4) أي ولدها منه. (5) المقنع3: 121، المغني7: 64، المبدع7: 232، منتهى الإرادات2: 239، الروض المربع3: 140، غاية المنتهى3: 97. (6) ساقط من الأصل، وما أثبته من الكافي3: 156. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 192 عند الإطلاق إلى نفقة مثله، فإن مات في أثناء المدة فله بدل ما ثبت في ذمتها1. (80) مسألة: يجوز التوكيل في الخلع من الزوجين ومن كل واحد منهما مع تقدير العوض وإطلاقه2، وإذا وكل الزوج فخالع وكيله بما قدر له أو بزيادة جاز وصح لأنه زاد خيرا3، وإن خالع بنقصان عما قدر له ففيه وجهان: -أحدهما: لا يصح، اختاره ابن حامد لأنه خالف موكله4. - والثاني: يصح، ويرجع على الوكيل بالنقص، اختاره أبو بكر5.   (1) الكافي3: 156، المغني7: 65-66، الهداية2: 173، الشرح الكبير4: 385، شرح منتهى الإرادات3: 112، كشاف القناع5: 220، الزوائد2: 812. (2) الكافي3: 156، المغني7: 90، غاية المنتهى3: 102، كشاف القناع9: 229. (3) المصادر السابقة، والشرح الكبير4: 398-399، الإقناع3: 262، شرح منتهى الإرادات3: 117، الزوائد2: 815. (4) المقنع3: 129، المغني7: 91، الإنصاف8: 420. (5) وهذا هو المذهب، وهناك وجهان آخران، الأول: أن الزوج مخير بين قبول العوض ناقصا، وبين رده وله الرجعة، الثاني: يسقط المسمى ويجب مهر المثل. وانظر: المصادر السابقة، والكافي3: 157، المسائل لأبي يعلى3: 139، الشرح الكبير4: 399، المبدع7: 244. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 193 وأما الوكيل عن المرأة إذا خالع بما قدر له أو بدونه صح أيضا1 ولزم الوكيل الزيادة لأنه التزمها للزوج2.   (1) المصادر السابقة، والمقنع3: 129. (2) إذا زاد وكيل المرأة على ما عينته له صح، ولزمت الوكيل الزيادة، وهذا هو المذهب، وقيل: لا يصح. وجعل بعضهم هذا الأخير هو المذهب. الكافي3: 157، المغني7: 92، المحرر2: 48، المبدع7: 245، الإنصاف8: 421، شرح منتهى الإرادات3: 117، حاشية المقنع3: 129، الزوائد815. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 194 باب في الطلاق1 والرجعة2 (81) مسألة 3: إذا قال لغير مدخول بها: أنت طالق أنت طالق طلقت واحدة، لأنها بانت بالأولى فلم يقع بها ما بعدها4. ولو قال لها: أنت طالق وطالق، طلقت طلقتين لأن الواو تقتضي الجمع دون الترتيب5. وإن قال: أنت طالق وطالق وطالق فهي ثلاث6.   (1) الطلاق لغة: التخلية. واصطلاحا: حل قيد النكاح أو بعضه. القاموس المحيط3: 267، اللسان10: 224، الإقناع4: 2، التعريفات141، المطلع333. (2) الرجعة: إعادة الزوجة المطلقة غير البائن إلى النكاح من غير استئناف عقد. اللسان8: 15، المطلع342، الإقناع4: 65، التعريفات109. (3) سقطت كلمة: مسألة من الأصل. (4) الكافي3: 185، المبدع7: 303. (5) الكافي: الصفحة السابقة. (6) المصدر السابق، ومختصر الخرقي94، الشرح الكبير4: 452، منتهى الإرادات2: 268، كشاف القناع5: 268. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 195 (82) مسألة: متى علق طلاق زوجته على صفة ثم أبانها ثم تزوجها قبل وجود الصفة عادت الصفة في النكاح الثاني1. وإن وجدت الصفة حال البينونة لم تنحل اليمين، ويتخرّج أن تنحل اليمين2، وهو اختيار أبي الحسن3 التميمي4.5   (1) الكافي3: 220، المغني7: 168، المبدع: 322. (2) المصادر السابقة، والشرح الكبير4: 467-468، الإنصاف9: 57، حاشية المقنع3: 176. (3) في الأصل: أبي الحسين. (4) هو عبد العزيز بن إسماعيل بن الحارث بن أسد أبو الحسن التميمي، حدث عن أبي بكر النيسابوري ونفطويه والقاضي المحاملي وغيرهم، وصحب أبا القاسم الخرقي وأبا بكر عبد العزيز، وكان له أولاد أبو الفضل وأبو الفرج وغيرهما. قيل: إنه حج ثلاثا وعشرين حجة، وصنف في الأصول والفروع والفرائض. قال ابن الجوزي: وقد تعصّب عليه الخطيب البغدادي، وهذا شأنه في أصحاب أحمد، مات سنة371هـ. ترجمته: تاريخ بغداد10: 461، طبقات الحنابلة2: 139، مناقب الإمام أحمد623، المطلع439، لسان الميزان4: 26، المنهج الأحمد2: 79، الأعلام4: 16. (5) انظر اختيار التميمي في المغني7: 167، الكافي3: 220، الشرح الكبير4: 467، المبدع7: 322، الإنصاف9: 57، حاشية المقنع3: 176. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 196 (83) مسألة: إذا طلق الحر زوجته بعد الدخول بغير عوض أقل من ثلاث تطليقات فله ارتجاعها بغير إذنها ولا إذن وليها ولا صداق1. وهل تفتقر الرجعة إلى حضور شاهدين؟ فيه روايتان: إحداها: يجب2. وهو قول الشافعي3. والثانية: لا يجب4. وهو قول مالك5،   (1) المغني7: 278، 282، المقنع3: 221، الهداية2: 41، المذهب الأحمد152، مغني ذوي الأفهام134، منتهى الإرادات2: 312. (2) الكافي3: 228، المذهب الأحمد152، المحرر2: 83، الفروع5: 466، المبدع7: 392. (3) هذا قول الشافعي في الجديد، وقال في القديم: لا يجب الإشهاد. الوجيز2: 71، روضة الطالبين8: 216، الإقناع للشربيني2: 111، كفاية الأخيار2: 67. (4) وهي المذهب، وصححها أكثرهم. المسائل الفقهية لأبي يعلى2: 168، المغني7: 283، الشرح الكبير4: 522، الهداية2: 41، تصحيح الفروع5: 466، مغني ذوي الأفهام134، شرح منتهى الإرادات3: 184، كشاف القناع5: 342. (5) المشهور عن مالك – رحمه الله- استحباب الإشهاد على الرجعة، وقيل: الإشهاد واجب. التفريع2: 76، القوانين الفقهية155، بداية المجتهد2: 85، أسهل المدارك2: 138، سراج السالك2: 79. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 197 وأبي حنيفة1. والرجعية زوجة فيلحقها طلاقه وظهاره وخلعه ويرثها وترثه، وهي مباحة لزوجها، فله السفر بها والخلوة2، وله وطؤها في ظاهر المذهب3. (84) مسألة: تحصل الرجعة بالوطء في ظاهر المذهب، قصد الرجعة أو لم يقصدها4. وألفاظ الرجعة: راجعتُك، وارتجعتُك، ورددتُك، وأمسكتُك5.   (1) الهداية2: 7، الاختيار3: 148، مجمع الأنهر1: 433. (2) المغني7: 279، الكافي3: 288، منتهى الإرادات2: 312. (3) وعن أحمد: أنها محرمة. المغني الصفحة السابقة، الكافي3: 229، الهداية2: 42. (4) هذا هو المذهب، وعن أحمد رواية ثانية: أن الرجعة لا تحصل بالوطء إلا مع نية الرجعة، وعنه رواية ثالثة: لا تحصل الرجعة بوطئها مطلقا، بل لا بد من القول. المغني7: 238، الهداية2: 42، المحرر2: 83، المبدع7: 393، الإنصاف9: 154. (5) المقنع3: 221، المغني7: 284، شرح منتهى الإرادات3: 183، زاد المستقنع102. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 198 وإن قال: نكحتُك، وتزوجتُك، ففيه وجهان1. (85) مسألة: إذا ادّعت المرأة انقضاء عدتها بالقروء2 في زمن يمكن انقضاؤها فيه، أو بوضع الحمل الممكن فأنكرها الزوج فالقول قولها3. وإن ادعت انقضاء عدتها بالشهور فأنكرها فالقول قوله4. وإن ادعت انقضاء عدتها في مدة لا يمكن5 انقضاؤها فيها لم تسمع دعواها، مثل أن تدّعي انقضاء عدتها بالقروء في أقل من ثمانية وعشرين يوماً إذا قلنا الأقراء: الأطهار، أو في أقل من تسعة وعشرين يوما إذا قلنا الأقراء: الحِيَض6.   (1) وقال بعضهم روايتان: إحداهما: لا تحصل الرجعة بذلك، والثانية: تحصل الرجعة بهذين اللفظين. الكافي3: 230، المذهب الأحمد152، تصحيح الفروع5: 464، الإنصاف9: 151. (2) سيذكر المصنف المراد بالقرء في المسألة رقم (93) . (3) المغني7: 285، الكافي3: 231، الهداية2: 42، المذهب الأحمد153، المبدع7: 399. (4) المغني7: 288، الشرح الكبير4: 529. (5) في الأصل: ولا يمكن، ما أثبته أنسب للسياق. (6) الكافي3: 231. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 199 (86) مسألة: إذا ادعى رجعتها في عدتها فأنكرته، فالقول قوله لأنه يملك رجعتها1. وإن ادعى رججعتها بعد انقضاء العدة فأنكرتهن فالقول قولها بإجماعهم، لأنه في زمن لا يملكها2. (87) مسألة: فإن طلقها فقضت عدتها وتزوجت ثم ادّعى رجعتها فصدّقته هي وزوجها ردت إليه3، وإن صدّقه أحدهما دون الآخر قبل قوله في حقه وحده4، فإن صدّقه الزوج5 انفسخ نكاحه، ولم تسلم إليه لأن إقرار الزوج عليها غير مقبول6.   (1) هذا هو المذهب، وقال الخرقي وغيره: القول قولها. مختصر الخرقي95، المحرر2: 84، الهداية2: 42، المذهب الأحمد153، المبدع7: 402، الإنصاف9: 163. (2) المغني7: 289، الكافي3: 232، الشرح الكبير4: 530، المبدع7: 401، كشاف القناع5: 348. (3) هذا هو المذهب، وعن أحمد: أنها زوجة الثاني. المغني7: 294، المحرر2: 84، المذهب الأحمد152، الفروع5: 469، الإنصاف9: 160، كشاف القناع5: 345. (4) الفروع: الصفحة السابقة. (5) أي الزوج الثاني. (6) المغني7: 265، الشرح الكبير4: 527، المبدع7: 398. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 200 وإن صدقته المرأة وحدها لم يقبل قولها في فسخ نكاحها من الزوج، فإن بانت منه بطلاق أو غيره رُدت إلى الأول1، وإن أنكراه فالقول قولهما، فإن أقام بدعواه قُبلت وردت إليه سواء دخل بها الثاني أو لم يدخل2. وعن أبي عبد الله رواية أخرى: إن دخل بها الثاني فهي3 زوجته ويبطل نكاح الأول؛ لأن كل واحد منهما عقد عليها وهي ممن يجوز العقد عليها في الظاهر4، والأول المذهب5. (88) مسألة: إذا عادت المطلقة ثلاثا إلى زوجها بعد زوج وإصابة مَلَكَ عليها ثلاث تطليقات6، وإن كان طلاقها أقل من ثلاث رجعت إليه على ما بقي من طلاقها7.   (1) المغني7: 296، المبدع7: 398، الإنصاف6: 160، كشاف القناع5: 346. (2) المغني7: 294، الكافي3: 233، الشرح الكبير4: 527، شرح منتهى الإرادات3: 185. (3) في الأصل: فهو. (4) المصادر السابقة، ومختصر الخرقي95، المسائل الفقهية لأبي يعلى2: 168. (5) المصادر السابقة. (6) الكافي3: 237، الشرح الكبير4: 526، المبدع7: 396، العدة422. (7) هذا هو المذهب. عمدة الأحكام422، الإنصاف9: 159. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 201 وعنه: أنها ترجع إليه على ثلاث طلقات إذا كان بعد زوج وإصابة1. (89) مسألة: إذا اختلفا في الإصابة، فقال: قد أصبتك فلي رجعتك، فأنكرته، أو قالت: قد أصابني فلي المهر كاملا، فالقول قول المنكر منهما؛ لأن الأصل معه فلا يزول إلا بيقين2. (90) مسألة: إذا طلقها واحدة ولم تنقض عدتها حتى طلقها ثانية بنت على ما مضى من العدة3. وبهذا قال أبو حنيفة4. وهو أحد قولي الشافعي.5   (1) المصادر السابقة، والمقنع3: 224. (2) المغني7: 290، الشرح الكبير4: 530، المبدع7: 402، كشاف القناع5: 348، حاشية المقنع3: 227. (3) مختصر الخرقي95، المقنع3: 228، الكافي3: 319، الإنصاف9: 300، منتهى الإرادات2: 352، غاية المنتهى3: 208، الزوائد2: 891. (4) المبسوط6: 26. (5) وهو المذهب، والقول الثاني: أنها تستأنف العدة. مغني المحتاج4: 393، المهذب2: 152. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 202 فإن طلقها رجعيا ثم راجعها ثم طلقها قبل دخوله/1 بها ففيها روايتان: -إحداهما: تبنى على ما مضى من العدة2، اختار ذلك أبو بكر3. وهو أحد قولي الشافعي4. والثانية: تستأنف العدة5، وهي أصح6.   (1) نهاية لـ (8) . (2) مختصر الخرقي95، المغني7: 292، الهداية2: 62، الإنصاف9: 300. (3) وممن اختارها أيضا الخرقي والقاضي أبو يعلى وأصحابه. المصادر السابقة، والكافي3: 319، المسائل الفقهية لأبي يعلى3: 217، منح الشفا الشافيات2: 190. (4) للشافعي –رحمه الله- قولان: الأول: ما ذكره المصنف، والثاني: وهو الأصح عند أكثر الشافعية- أنها تستأنف العدة. التنبيه202، الوجيز2: 98، المهذب2: 153، حلية العلماء7: 353. (5) وهذه الرواية هي المذهب، الكافي3: 319، الإنصاف9: 300، منتهى الإرادات2: 352، كشاف القناع5: 428. (6) وممن صححها ابن قدامة وغيره. انظر: المصادر السابقة، والمغني7: 292، تصحيح الفروع5: 553. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 203 وبه قال أبو حنيفة1. وقال الثوري23: أجمع الفقهاء على هذا4. وإن خالع زوجته أو فسخ النكاح ثم تزوجها في عدتها ثم طلقها: فإن كان دخل بها فعليها العدة بلا خلاف، وإن لم يكن دخل بها بَنَتْ على العدة الأولى في الصحيح من المذهب5.   (1) بدائع الصنائع3: 201، البحر الرائق4: 161، تبيين الحقائق3: 33. (2) في الأصل: النووي، وهو خطأ. (3) سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، واحد من كبار حفاظ الحديث، سمع من حبيب بن أبي ثابت وحميد الطويل وشعبة بن الحجاج وخلق سواهم، وحدث عنه الأعمش وأبو داود الطيالسي وسفيان بن عيينة وغيرهم، كان سفيان رأسا في الحفظ ومعرفة الآثار والفقه والزهد والورع، قال شعبة: سفيان أمير المؤمنين في الحديث، ساد الناس بالعلم والورع، مات سنة161هـ بالبصرة. له من الكتب: الجامع الكبير، الجامع الصغير، كلاهما في الحديث، وكتاب في الفرائض. ترجمته في: المعارف497، حلية الأولياء6: 356، تاريخ بغداد9: 151، الجرح والتعديل4: 222، وفيات الأعيان2: 386، تهذيب الأسماء واللغات1: 222، تذكرة الحفاظ1: 203، شذرات الذهب1: 250، هدية العارفين1: 387، الأعلام3: 104. (4) انظر قول الثوري في: الإشراف4: 383، المغني7: 292. (5) المغني7: 293، الكافي3: 320، شرح منتهى الإرادات3: 226. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 204 وعنه: أنها تستأنف العدة1. وهو قول أبي حنيفة2. (91) مسألة: زوج الرجعية إذا راجعها وهي لا تعلم صحت المراجعة، لأنها لا تفتقر إلى علمها، فإن راجعها وهي لا تعلم فانقضت عدتها وتزوجت ثم جاء وادّعى أنه كان راجعها قبل انقضاء عدتها وأقام البينة على ذلك ثبت أنها زوجته، وأن نكاح الثاني فاسد وتُرد إلى الأول سواء دخل بها الثاني أو لم يدخل بها، هذا هو الصحيح3. وهو مذهب أكثر الفقهاء4 منهم الشافعي5 وأبو حنيفة6. وعن أحمد: إن دخل بها الثاني فهي امرأته ويبطل نكاح الأول7. وهو قول مالك8.   (1) المصادر السابقة، والفروع5: 553. (2) تبيين الحقائق3: 33، البحر الرائق4: 161. (3) سبق الكلام على هذا من خلال المسألة رقم (87) . (4) المغني7: 294. (5) الأم5: 226، روضة الطالبين8: 225. (6) بدائع الصنائع3: 215. (7) المغني: الصفحة السابقة، والشرح الكبير4: 527. (8) المدونة2: 440، أسهل المدارك2: 139. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 205 لأن كل واحد منهما عقد عليها، وهو ممن يجوز له العقد في الظاهر، ومع الثاني مزيّة الدخول فقُدم1. (91) مسألة: إذا طلقها طلاقا رجعيا وغاب فقضت عدتها وأرادت التزويج فقال وكيله: توقفي كيلا يكون راجعك، لم يجب عليها التوقف لأن الأصل عدم الرجعة، ولو وجب عليها التوقف لأفضى إلى تحريم النكاح على كل رجعية غاب زوجها أبداً2.   (1) المغني، والشرح الكبير: الصفحات السابقة. (2) المغني7: 297، الشرح الكبير4: 536، كشاف القناع5: 353، الزوائد2: 868. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 206 باب في العدة 1 (93) مسألة: المعتدات ثلاثة أقسام: معتدة بالحمل فتنقضي عدتها بوضعه سواء كانت حرة أو أمة، مفارقة بالحياة أو بوفاة2. فإن ألقت شيئا – يعني: أسقطت – لم يخل من خمسة أحوال3: - أحدها: أن تضع ما بان فيه خلق الآدمي من الرأس واليد والرجل، فهذا تنقضي به العدة بلا خلاف4. - الحال الثاني: ألقت نطفة أو دما أو علقة5، فهذا لا يتعلق به   (1) العدة لغة: الإحصاء. واصطلاحا: التربص المحدود شرعا. الصحاح2: 505، اللسان3: 281، التعريفات148، منتهى الإرادات2: 344. (2) عمدة الأحكام424، الكافي3: 301، زاد المستقنع106، زاد المعاد5: 594. (3) المغني7: 475. (4) المصادر السابقة، والمقنع3: 269، مغني ذوي الأفهام138. (5) المعلقة: المني ينتقل بعد طوره، فيصير دما غليظا متجمدا، فهي المرحلة الأولى من تكوين الجنين قبل أن يصبح مضغة. المصباح المنير426، تهذيب الأسماء واللغات4: 26، معجم لغة الفقهاء320؟ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 207 - من الأحكام شيء ولا تنقضي به العدة1. - الحال الثالث: ألقت مضغة2 لم يتبين فيها خلق الآدمي فشهد ثقات من القوابل3 أن فيه صورة خفية بان بها أنها خلقة آدمي، فهذا في حكم الحال الأول وتنقضي به العدة4. - الحال الرابع: إذا ألقت مضغة لا صورة فيها فشهد ثقات من القوابل أنه بُدُوُّ خلق آدمي، فعن أحمد فيها روايتان: نقل أبو طالب5 عن أحمد: أن عدتها لا تنقضي به ولا تصير به أم ولد6.   (1) المغني7: 475، كشاف القناع5: 413. (2) المضغة: بضم الميم وفتح الغين: الحمل عند ما يكون قطعة من اللحم غير مخلقة تشبه اللقمة الممضوغة. الصحاح4: 1326، معجم لغة الفقهاء435. (3) القوابل: جمع قابلة، وهي التي تتلقى الولد عند ولادة المرأة. المطلع119، المصباح المنير488. (4) الإنصاف9: 273، شرح منتهى الإرادات3: 217، حاشية المقنع3: 270، الزوائد2: 881. (5) أحمد بن حميد، أبو طالب المشكاني، صحب الإمام أحمد، وروى عنه مسائل كثيرة لم تنتشر لقرب موته من موت الإمام أحمد، وكان أحمد يكرمه ويعظمه ويقدمه، حدث عنه أبو محمد فوران وزكريا بن يحيى وغيرهما، وكان رجلا صالحا فقيرا، صبورا على الفقر، مات – رحمه الله- سنة244هـ. ترجمته في: تاريخ بغداد4: 122، طبقات الحنابلة1: 39، مناقب الإمام أحمد610، المنهج الأحمد1: 176. (6) هذه الرواية هي المذهب، قال المرداوي، وقال ابن قدامة: المنصوص أن العدة لا تنقضي به، وصحح هذه الرواية القاضي أبو يعلى. الكافي3: 302، المسائل الفقهية لأبي يعلى2: 213، المذهب الأحمد159، الإنصاف9: 272، كشاف القناع5: 413، حاشية المقنع3: 270، الزوائد2: 881. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 208 ونقل الأثرم عن أحمد: أن عدتها لا تنقضي به وتصير أم ولد1. ونقل حنبل2: أنها تصير أم ولد ولم يذكر العدة3. وقال بعض أصحابنا: على هذا تنقضي به العدة4.   (1) زاد في المغني: لأنه مشكوك في كونه ولدا، فلم يحكم بانتفاء العدة المتيقنة بأمر مشكوك فيه، ولم يجز بيع الأمة الوالدة له مع الشك في رقها، فيثبت كونها أم ولد احتياطا، ولا تنقضي العدة احتياطا. انظر: المغني7: 476، والمصادر السابقة، والهداية2: 59. (2) حنبل بن إسحاق بن حنبل بن هلال، أبو علي الشيباني، ابن عم الإمام أحمد وتلميذه، وسمع أيضا الفضل بن دكين والحميدي وسليمان بن حرب، وأبا الوليد الطيالسي، وغيرهم، وحدث عنه أبو بكر الخلال، ويحيى بن صاعد وعثمان بن السماك وآخرون. كان ثقة ثبتا صدوقا حافظا فقيرا. من كتبه: التاريخ، كتاب الفتن، محنة الإمام أحمد بن حنبل، مات بواسط سنة273هـ. ترجمته في: تاريخ بغداد8: 268، الجرح والتعديل3: 320، طبقات الحنابلة1: 143، تذكرة الحفاظ2: 600، المطلع434، شذرات الذهب2: 163، هدية العارفين1: 338، المدخل413، الأعلام2: 286. (3) المصادر السابقة في الحاشية رقم (1) . (4) وممن قال ذلك أبو يعلى. انظر: كتابه المسائل الفقهية2: 213، الإنصاف9: 273. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 209 وهو ظاهر مذهب الشافعي1. والصحيح أن هذا ليس رواية في العدة2. - الحال الخامس: أن تضع مضغة لا صورة فيها، ولم تشهد القوابل بأنها مبدأ خلق آدمي، فهذا لا تنقضي به العدة ولا تصير أم ولد3. القسم الثاني: معتدة بالقروء وهي: كل مطلقة أو مفارقة في الحياة وهي حائل4 ممن تحيض، فالحرة عدتها ثلاثة قروء، والأمة قرءان5. وفي القرء روايتان: إحداهما: هي الحيض6.   (1) وهو المذهب المنصوص عنه، وقيل: لا تنقضي به العدة، الأم5: 203، روضة الطالبين8: 3765، مغني المحتاج3: 389. (2) وقاله ابن قدامة أيضا، انظر: المغني7: 476. (3) المغني7: 746، الروض الندي423، حاشية المقنع3: 270. (4) الحائل: المرأة التي لا تحمل. المصباح المنير157. (5) وعن أحمد: أن عدة المختلعة حيضة. الكافي3: 303، المقنع3: 273، عمدة الأحكام425، الإنصاف9: 279. (6) هذا هو المذهب وهو أصح الروايتين عن أحمد رحمه الله. قال ابن القيم: فإنه – أي الإمام أحمد- رجع إلى القول به، واستقر مذهبه عليه، فليس له مذهبه سواه. وقال القاضي أبو يعلى: وهي الصحيحة. وانظر: المغني7: 452، المسائل الفقهية لأبي يعلى2: 209، زاد المعاد5: 601، المذهب الأحمد159، الإنصاف9: 279، الهداية2: 59، المحرر2: 104. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 210 والثانية: القروء الأطهار1. فإن قلنا: هي الحِيَض، لم تحتسب الحيضة التي طلقها فيها ولزمها ثلاث حيض مستقبلة2. وإن قلنا: هي الأطهار، احتسب بالطهر الذي3 طلقها فيه قرءا ولو بقي منه لحظة4. ومتى قلنا: القرء الحيض، فآخر عدتها انقطاع الدم من الحيضة الثالثة، لأن ذلك آخر القروء5. وعنه: لا تنقضي حتى تغتسل من الحيضة الثالثة6، اختاره7   (1) المصادر السابقة، والكافي3: 303، الفروع5: 539. (2) الكافي3: 304، العدة425. (3) في الأصل: التي. (4) انظر: المصدرين السابقين. (5) الهداية2: 509، المحرر2: 104، الفروع5: 539، المبدع8: 118. (6) هذه الرواية هي المذهب. انظر: المصادر السابقة، والمغني7: 456، كشاف القناع5: 418، شرح منتهى الإرادات3: 220، الإنصاف9: 280، تصحيح الفروع5: 539. (7) في الأصل: أجازه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 211 الخرقي1. وإن قلنا: القروء الأطهار فآخر عدتها آخر الطهر الثالث، إذا رأت الدم بعده انقضت عدتها2. وأقل ما تنقضي به العدة تسعة وعشرون يوما إن قلنا: القرء الحيض، وبنينا على أقل الطهر ثلاثة عشر يومان وأقل الحيض يوما وليلة. وإن قلنا: الأقراء: الأطهار والطهر ثلاثة عشر يوما فتنقضي العدة في ثمانية وعشرين يوما ولحظة. وإن قلنا: أقل الطهر خمسة عشر يوما فأقل العدة ثلاثة وثلاثون يوما، إن قلنا: الأقراء: الحِيض، وإن قلنا: الأطهار فأقلها اثنان وثلاثون يوما ولحظة3. القسم الثالث: المعتدة بالشهور، وهي ثلاثة أنواع:   (1) واختارها القاضي أبو يعلى وغيره. وانظر: الإنصاف، الصفحة السابقة، ومختصر الخرقي99، والمسائل الفقهية لأبي يعلى3: 211. (2) هذا هو الصحيح من المذهب، وقيل: لا تنقضي بانقضاءها حتى ترى الدم يوما وليلة. المغني7: 456، الكافي3: 304، المبدع8: 119، الإنصاف9: 281. (3) الكافي3: 305. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 212 إحداهن: الآيسة1 والصغيرة التي لم تحض إذا بانت في حياة زوجها بعد دخوله بها، فإن كانت حرة فعدتها ثلاثة أشهر2، والأمة شهران3. وفي رواية: عدة الأمة شهر ونصف4. وفي رواية ثالثة: أن عدتها ثلاثة أشهر5. واختلف في حد الإياس: فعن أحمد: أوله خمسون سنة6.   (1) الآيسة: المرأة التي بلغت من الكبر سنا انقطع فيه حيضها. المطلع348، التعريفات41، معجم لغة الفقهاء37. (2) المقنع3: 277، عمدة الأحكام426، المذهب الأحمد160، مغني ذوي الأفهام138، منتهى الإرادات2: 347، دليل الطالب233، السلسبيل3: 827. (3) هذا هو المذهب، ونقله أكثرهم عن الإمام أحمد رحمه الله. المغني7: 409، الفروع5: 141، شرح منتهى الإرادات3: 220، منح الشفا الشافيات2: 191، العدة426، زاد المستقنع107، الروض المربع3: 210، منار السبيل2: 282. (4) المسائل الفقهية لأبي يعلى2: 216، المقنع3: 277، الهداية2: 59، الإنصاف9: 282. (5) المصادر السابقة، والكافي3: 306، المذهب الأحمد160، المحرر2: 105، المبدع8: 121. (6) هذه الرواية هي المذهب. وانظر: الهداية2: 60، المقنع3: 271، مغني ذوي الأفهام138، الإنصاف9: 283، الروض المربع3: 211، كشاف القناع5: 418. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 213 وعنه: إن كانت من نساء العجم فخمسون سنة، وإن كانت من نساء العرب فستون سنة، لأنهن أقوى جبلة وطبع1. ويحتمل كلام الخرقي أن يكون وحده ستين سنة في حق الكل، لقوله: وإن رأته بعد الستين فقد زال الإشكال، وتبيّن2 أنه ليس بحيض3.   (1) المغني7: 460، الكافي3: 306، المذهب الأحمد160. (2) كذا في الأصل: وفي مختصر الخرقي16، والكافي3: 306، والمغني7: 461: تيقن. (3) قلت: والحاصل من هذه المسألة أن لأحمد – رحمه الله – في حد الإياس خمس روايات: - الأولى: أن حد الإياس خمسون سنة، وهذه الرواية هي المذهب وصححها أكثرهم. - الثانية: التفريق بين نساء العرب ونساء الهجم، فحده ستون في نساء العرب، وخمسون في نساء العجم. - الثالثة: أن ما بين الخمسين والستين دم مشكوك فيه، فتصوم وتصلي وتقضي الصوم المفروض، واختار هذه الخرقي. - الرابعة: أن حده ستون سنة مطلقا، واختار هذه الرواية أبو الخطاب وغيره. - الخامسة: أن الدم إن عاود بعد الخمسين وتكرر فهو حيض وإلا فلا، وصحح هذه الرواية وصوبها ابن قدامة والمرداوي. قال ابن قدامة – رحمه الله -: والصحيح – إن شاء الله – أنه متى بلغت المرأة خمسين سنة، فانقطع حيضها عن عادتها مرات لغير سبب، فقد صارت آيسة، لأن وجود الحيض في حق هذه نادر ... إلى أن قال: ... وإن رأت الدم بعد الخمسين على العادة التي كانت تراه فيها فهو حيض في الصحيح، لأن دليل الحيض الوجود في زمن الإمكان، وهذا يمكن وجود الحيض فيه، وإن كان نادرا، وإن رأته بعد الستين فقد تيقن أنه ليس بحيض. واختار ابن تيمية –رحمه الله- أنه لا حد لأكثر سن الحيض. وانظر في هذا: مختصر الخرقي16، الكافي3: 306، المغني1: 363-364، 7: 460-461، المحرر1: 26، المقنع3: 278، زاد المعاد5: 657، الهداية2: 60، المذهب الأحمد11: 160، اختيارات ابن تيمية28، المبدع7: 122، الإنصاف1: 356، 9: 285-286، الزوائد2: 885-886. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 214 (94) مسألة: إذا شرعت الصغيرة في الاعتداد بالشهور فلم تنقض العدة حتى حاضت بطل ما مضى من عدتها واستقبلت العدة بالأقراء، لأنها قدرت على الأصل فبطل حكم البدل كالمتيمم يجد الماء1. وإن لم تحض حتى كملت عدتها بالشهور لم يلتفت إليه2.   (1) المقنع3: 278، الكافي3: 307، الهداية2: 60، المبدع8: 122، شرح منتهى الإرادات3: 221. (2) أي لا يلزمها استئناف العدة، لأنه معنى حدث بعد انقضاء العدة فلا يلتفت إليه. وانظر: المصادر السابقة، والمغني7: 468، كشاف القناع419:5. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 215 النوع الثاني من المعتدات بالشهور: المتوفى عنها زوجها إذا لم تكن حاملا فعدتها أربعة أشهر وعشرا، إن كانت حرة مدخولا بها أو غير مدخول بها، وإن كانت أمة اعتدت بشهرين وخمس ليال1، ومَن نصفها حر فعدتها بالحساب من عدة أمة وحرة وذلك ثلاثة أشهر وثمان ليال2. النوع الثالث: ذات القروء إذا ارتفع حيضها لا تدري ما رفعه فعدتها سنة، تسعة أشهر للحمل وثلاثة أشهر للعدة3.   (1) أي خمس ليال بخمسة أيام، فاليوم مقدم على الليلة، فالمعتبر في هذا خمس ليال بأيامها. المغني7: 471، المبدع8: 112. (2) الكافي3: 307-308، المغني7: 470-471، عمدة الأحكام425، المذهب الأحمد159، شرح منتهى الإرادات3: 218، كشاف القناع5: 514، الروض المربع3: 208، منار السبيل2: 278، السلسبيل3: 824. (3) هذا المذهب، وقيل: تعتد للحمل أكثر مدته، وقال أبو الخطاب: ويحتمل أن تعتد للحمل أربع سنين. وانظر: المغني7: 466، الهداية2: 59، المذهب الأحمد159، الإنصاف9: 285، تصحيح الفروع5: 543، كشاف القناع5: 419-420، الروض المربع3: 210، الروض الندي425، الزوائد2: 886. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 216 ولو عرفت ما رفع الحيض من الرضاع والمرض ونحوه لم تزل في العدة حتى يعود الحيض/1 فتعتد به2. (95) مسألة: إذا مات زوج المعتدة الرجعية فعليها عدة الوفاة، تستأنفها من حين الموت وتنقطع عدة الطلاق3.   (1) نهاية ل (9) . (2) إذا عرفت ما رفع الحيض فالمذهب ما ذكره المصنف من أنها لا تزال في عدة حتى يعود الحيض فتعتد به، إلا أن تصير آيسة فتعتد عدة آيسة حينئذ. وعن أحمد رواية: أنها تنتظر زواله، ثم إن حاضت اعتدت به وإلا اعتدت بسنة، وصوّب هذه المرداوي. ونقل ابن هانئ: أنها تعتد سنة. ونقل حنبل: إن كانت لا تحيض أو ارتفع حيضها أو صغيرة فعدتها ثلاثة أشهر. ونقل أبو الحارث – في أمة ارتفع حيضها لعارض – تستبرأ بتسعة أشهر للحمل وشهر للحيض. واختار ابن تيمية – رحمه الله – أنها إن علمت عدم عوده تعتد بالأشهر وإلا اعتدت بسنة. وانظر: الكافي3: 309، مسائل احمد لابن هانئ1: 207، العدة427، المذهب الأحمد159، المحرر2: 106، المبدع8: 126-127، الإنصاف9: 277-278، شرح منتهى الإرادات3: 221، غاية المنتهى3: 204، اختيارات ابن تيمية283، منار السبيل2: 282. (3) هذا هو المذهب، وعن أحمد: أنها تعتد بأطولهما، واستُبعد هذا. المغني7: 471، المذهب الأحمد159، المحرر2: 104، الفروع5: 538، الإنصاف9: 275، كشاف القناع5: 514. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 217 وإن كانت بائنا غير وارثة لكونها مطلقة في صحته بنت على عدة الطلاق1. وغن كانت وارثة كالحرة المسلمة يطلقها زوجها الحر في مرض موته فعليها أطول الأجلين من ثلاثة قروء أو أربعة أشهر وعشر2. (96) مسألة: إذا وُطئت المرأة بشبهة أو زنا لزمتها العدة، لأن العدة تجب لاستبراء الرحم؛ حفظا عن اختلاط المياه، واشتباه الأنساب، وعدتها كعدة المطلقة3.   (1) المقنع3: 272، الكافي3: 310، منتهى الإرادات2: 345. (2) هذا هو المذهب، وعن أحمد: أنها تعتد للوفاة فقط، وعنه رواية ثالثة: أنها تعتد للطلاق فقط. وانظر: المحرر2: 104، المبدع8: 114، الإنصاف9: 276، تصحيح الفروع5: 538، شرح منتهى الإرادات3: 219. (3) هذه الرواية هي المذهب. وانظر: المقنع3: 285، الكافي3: 311، المذهب الأحمد160، الهداية2: 60، المحرر2: 107، الفروع5: 550، المبدع8: 133، منح الشفا الشافيات2: 188، كشاف القناع5: 523، الإنصاف9: 295. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 218 وعن أحمد: أن الزانية تستبرأ بحيضة1. (97) مسألة: إذا ارتابت المعتدة لرؤيتها إمارة الحمل من حركة أو نحوها لم تزل في عدة حتى تزول الريبة2. فإن تزوجت قبل زوال الريبة لم يصح نكاحها3. (98) مسألة: إذا طلق الرجل زوجته طلاقا رجعيا فلم تنقض عدتها حتى طلقها بائنا بنت على ما مضى من العدة، لأنهما طلاقان لم يتخللهما وطء ولا رجعة. وإن طلق الرجل زوجته ثم ارتجعها ثم طلقها قبل وطئها ففيه وجهان: أحدهما: تبني على العدة الأولى لأنهما طلاقان. والثاني: استأنف عدة كاملة، وإن طلقها بعد دخوله بها   (1) المقنع3: 272، الكافي3: 312، المغني7: 469، الإنصاف9: 277. (2) المصادر السابقة: الصفحات السابقة. (3) هذا هو المذهب، وقيل: يصح النكاح إذا كان بعد انقضاء العدة. المغني7: 469، الهداية2: 60، المحرر2: 104، المبدع8: 115، الإنصاف9: 277، منتهى الإرادات2: 346، حاشية المقنع3: 273. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 219 استأنفت العدة رواية واحدة1. (99) مسألة: إذا خالعها ثم ردها وطلقها قبل أن يمسها، ففيه روايتان كما ذكرنا في الرجعية. والأول ها هنا: أن تبني على عدة الطلاق الأول فتتمها، لأن الطلاق الثاني من طلاق قبل المسيس فلم يوجب عدة2 (100) مسألة: إذا أقرت المرأة بانقضاء عدتها ثم أتت بولد لستة أشهر فصاعدا من بعد انقضائها لم يلحق نسبه بالزوج3. وبه قال أبو حنيفة4.   (1) سبق الكلام على هذه الأحكام في المسألة رقم (90) . (2) سبق الكلام على هذه الأحكام في المسألة رقم (90) أيضا. (3) قال المرداوي: هذه المذهب، وعليه الصحاب، وقطع به كثير منهم، وذكر بعضهم قولا: إن أقرت بفراغ العدة أو الآستبراء من عتق، ثم ولدت بعد فوق نصف سنة، لحقه نسبه. المغني7: 479، الكافي3: 295، الهداية2: 58، المبدع8: 99، الإنصاف9: 259، منح الشفا الشافيات2: 183، كشاف القناع5: 406، شرح منتهى الإرادات3: 213. (4) الهداية للمرغيناني2: 35، مجمع الأنهر1: 475، الاختيار3: 179. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 220 وقال مالك1 والشافعي2: يلحق به ما لم تتزوج أو تبلغ أربع سنين. وكلام الخرقي يحتمل ذلك فإنه أطلق قوله: إن أتت بولد بعد طلاقه أو موته بأربع سنين لحقه الولد3. ولنا: أنها أتت4 به بعد الحكم بقضاء عدتها فلم يلحق به5. فإن انقضت عدتها بالشهور ثم أتت بولد لدون أربع سنين لحقه نسبه6.   (1) أسهل المدارك2: 198، سراج السالك2: 97. (2) الأم5: 204، التنبيه191، الوجيز2: 96، مغني المحتاج3: 391. (3) مختصر الخرقي99، المغني7: 479. (4) في الأصل: إن أتت، ولا يستقيم الكلام إلا بحذف (إن) كما أثبته. (4) المغني: الصفحة السابقة، والمبدع8: 99. (5) المغني: الصفحة السابقة، الكافي3: 294، شرح منتهى الإرادات3: 212، كشاف القناع5: 407. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 221 باب يتعلق بالشهادة1 وما يحتاج إليه الشاهد (101) مسألة: تحمل الشهادة وأداؤها فرض كفاية2 إن لم يجد من يُكتفى به   (1) الشهادة: مصدر شهد يشهد شهادة فهو شاهد، وهي الخبر القاطع، والشهادة تطلق على التحمل، تقول: شهدت بمعنى تحملت، وعلى الأداء، تقول: شهدت عند الحاكم شهادة، أي أديتها. واصطلاحا: حجة شرعية تظهر الحق المدعى به ولا توجبه. الصحاح2: 494، المصباح المنير324، المطلع406، التعريفات129، الإنصاف12: 4، كشاف القناع6: 404. (2) تحمل الشهادة لا يخلو غما أن يكون في حق الله تعالى أو في حق غيره. فإن كان في حق غير الله – كحق الآدمي والمال وهو مراد المصنف- فالصحيح من المذهب أن تحملها فرض كفاية. وقيل: إن في إثمه بامتناعه مع وجود غيره وجهين. وأما عن كان في حق الله تعالى: فليس تحملها فرض كفاية على الصحيح من المذهب. وقيل: بل هو فرض كفاية. وقيل: إن قل الشهود وكثر أهل البلد فهي فرض عين. وانظر: المغني9: 146-147، الهداية2: 147، الشرح الكبير6: 422، التنقيح المشبع424، الإنصاف12: 3، منتهى الإرادات2: 647، السلسبيل3: 1023، الزوائد2: 1077. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 222 غير اثنين تعين عليهما؛ لأن المقصود لا يحصل إلا بهما1. فإن قام بهما من يُكتفَى به سقطت عمن سواه2. ولا تجب الشهادة في غير النكاح والرجعة3. (102) مسألة: من كانت عنده شهادة لآدمي عالم بها لم يشهد حتى يسأله صاحبها4.   (1) الكافي4: 519، المذهب الأحمد323، منار السبيل2: 481. (2) المصادر السابقة، والروض الندي522. (3) سبق الكلام على حكم الشهادة في النكاح والرجعة، انظر: المسألتين رقم (7) ، (83) ، وأما في غيرهما فهي مستحبة. وانظر: الكافي4: 519، المغني4: 302، المحرر2: 244، شرح منتهى الإرادات3: 537، كشاف القناع6: 407. (4) ويدل لهذا ما رواه عمران بن حصين – رضي الله عنهما – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "خيركم قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم" قال عمران: لا أدري أذكر النبي صل الله عليه وسلم بعد قرنين أو ثلاثة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "عن بعدكم قوما يخونون ولا يؤتمنون، ويشهدون ولا يُستشهدون، ويُنذرون ولا يَفون، ويظهر فيهم السمن". أخرجه البخاري في كتاب الشهادات/ باب لا يشهد على شهادة جور إذا اشهد2: 106، واللفظ له، ومسلم في كتاب فضائل الصحابة/ باب فضل الصحابة ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم4: 1964، رقم (2535) .وانظر: المغني9: 216، الكافي4: 520، كشاف القناع6: 406، منتهى الإرادات2: 648. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 223 وإن لم يعلم بها استحب إعلامه بها1وله أداؤها قبل إعلامه2. ومن كانت عنده شهادة في حق الله تعالى لم يستحب له أداؤها3.   (1) ويؤيد هذا ما رواه زيد بن خالد الجهني –رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ألا أخبركم بخير الشهداء الذي يأتي بشهادته قبل أن يُسألها". أخرجه مسلم في كتاب الأقضية/ باب بيان خير الشهود3: 1344، رقم (1719) . وانظر: المصادر الفقهية السابقة، والمذهب الأحمد223، الشرح الكبير6: 244، المبدع10: 193، شرح منتهى الإرادات3: 536. قلت: وقد اختلفوا في وجه الجمع بين هذين الحديثين، ولعل أحسن الأجوبة هو: أن المراد بحديث زيد من عنده شهادة لإنسان بحق لا يعلم بها صاحبها فيأتي إليه فيخبره بها، أو يموت صاحبها العالم بها، ويخلف ورثة فيأتي الشاهد غليهم أو على من يتحدث عنهم فيعلمهم بذلك. وانظر في هذا: شرح السنة1: 139، شرح صحيح مسلم للنووي12: 17، فتح الباري5: 260. (2) الكافي4: 520، المقنع3: 667، الهداية2: 47. (3) هذا هو المذهب، وقال القاضي: يستحب ترك ذلك للترغيب في الستر، وقال في الفروع: ويتوجه فيمن عرف بالشر والفساد أن لا يستر عليه. الكافي3: 520، المبدع10: 192، الفروع6: 550، الإنصاف12: 7-8. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 224 (103) مسألة: يعتبر في الشاهد المقبول شهادته ستة1 شروط: العقل2. والبلوغ، وعنه: تقبل شهادة ابن العشر سنين إذا كان عاقلا3.   (1) في الأصل: ست. (2) المذهب أنه لا تقبل شهادة غير العاقل، إلا من يُخنق في بعض الأحيان إذا شهد في حال إفاقته بشرط أن يكون قد تحمل ذلك في حال إفاقته، وقال بعضهم: تقبل شهادة من يُصرع في الشهر مرة أو مرتين. المقنع3: 687، المحرر2: 247، المبدع10: 214، الإنصاف12: 38. (3) لأحمد رحمه الله أربع روايات في اشتراط البلوغ: الأولى: أن البلوغ شرط في اعتبار الشهادة فلا تقبل شهادة صبي لم يبلغ بحال، وهذه الرواية هي المذهب. الثانية: ما ذكره المصنف من قبول شهادة ابن عشر سنين إذا كان عاقلا. الثالثة: أن شهادة الصبيان تقبل في الجراح إذا شهدوا قبل الافتراق عن الحالة التي تجارحوا عليها. الرابعة: أنها تقبل شهادتهم على مثلهم. وانظر: المغني9: 164، مسائل أحمد لابن هانئ2: 36، الشرح الكبير6: 256، المحرر2: 283، النكت والموائد السنية2: 283-285، الإنصاف12: 37. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 225 الثالث: الضبط، فلا تقبل شهادة من يُعرف بكثرة الغلط1 والغفلة2. الرابع: النطق3. الخامس: الإسلام، فلا تقبل شهادة كافر4.   (1) في الأصل: اللغط، وما أثبته هو الأصوب لغة. وانظر: اللسان7: 363، 391، القاموس2: 390، 397، الصحاح3: 1147، 1157، الكافي4: 521. (2) وكذا المعروف بكثرة النسيان، وهذا هو الصحيح من المذهب. وقال بعضهم: إلا في أمر جلي يكشفه الحاكم ويراجعه فيه حتى يعلم تثبته فيه، وأنه لا سهو ولا غلط فيه. الكافي4: 521، المذهب الحم224، المبدع10: 218، الإنصاف12: 42-43، كشاف القناع6: 418. (3) فلا تقبل شهادة الأخرس، وهذا هو المذهب، قال المرداوي: ويحتمل أن تقبل فيما طريقه الرواية إذا فهمت إشارته، قال: وهو قوي جدا، وقد أومأ إليه الإمام أحمد رحمه الله. وأما لو كتب الشهادة بخطه فقد توقف الإمام أحمد فيها، وقال: لا أدري واختار المجد ابن تيمية قبولها، وصوّبه المرداوي، وهو المعمول به عند الحنابلة. المغني9: 190، المحرر2: 286، النكت والفوائد2: 287، الإنصاف12: 38، شرح منتهى الإرادات3: 545، الزوائد2: 1084. (3) المذهب عدم قبول شهادة الكافر إلا أهل الكتاب فتقبل شهادتهم فيما إذا شهد بوصية المسافر الذي مات في سفره شاهدان من أهل الكتاب، فتقبل شهادتهما إذا لم يوجد غيرهما ويُستحلفان، والمذهب: أن استحلافهم على سبيل الوجوب، وهناك وجه أنه على سبيل الاستحباب. المغني9: 182، الهداية2: 149، العدة649، كشاف القناع6: 417، منح الشفا الشافيات5: 295، الإنصاف12: 41، منار السبيل2: 486. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 226 وروى1 حنبل عن أحمد: أن شهادة بعضهم على بعض جائزة2 والمذهب الأول3. قال الخلال4: غلط حنبل فيم   ارواه   (1) في الأصل: روى. (2) انظر روايته في: المغني9: 184، المسائل الفقهية لأبي يعلى3: 92، النكت والفوائد2: 281، وقد اختار ابن تيمية رحمه الله هذه الرواية. انظر: اختياراته357. (3) المصادر السابقة، والكافي4: 522. (4) أحمد بن محمد بن هارون بن يزيد البغدادي، أبو بكر الخلال، الحافظ الفقيه، شيخ الحنابلة في عصرهن سمع من الحسن بن عرفة وأبي داود السجستاني وعبد الله بن أحمد بن حنبل وغيرهم، حدث عنه أبو بكر عبد العزيز وهو غلامه المشهور، ومحمد بن المظفر ومحمد بن يوسف الصيرفي وغيرهم، رحل الخلال إلى أقاصي البلاد لجمع مسائل الإمام أحمد وسماعها منه، وشهد له شيوخ المذهب بالعلم والفضل والتقدم. من مصنفاته: الجامع في الفقه، العلل، السنن، الحث على التجارة والصناعة والعمل، وغيرها، مات سنة311هـ. ترجمته في: طبقات الحنابلة2: 12: تاريخ بغداد5: 112، مناقب الإمام أحمد618، المطلع430، تذكرة الحفاظ3: 785، المنهج الأحمد2: 8، شذرات الذهب2: 261، هدية العارفين1: 57، المدخل411، الأعلام1: 206. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 227 لا شك فيه1. السادس: العدالة، فلا تقبل شهادة فاسق2. ويعتبر في العدالة شيئان: اجتناب الكبائر و (اجتناب) 3 الإدمان على الصغائر4. والكبائر: كل ما فيها حد أو وعيد5، فمن فعل كبيرة أو أدمن على صغيرة لا تقبل شهادته6.   (1) قول الخلال في: الكافي4: 522، المغني9: 184، الشرح الكبير6: 257، الإنصاف12: 41. (2) المغني9: 164، منتهى الإرادات2: 659، زاد المستقنع131. (3) ما بين القوسين سقط من الأصل، وما أثبته من الكافي4: 522. (4) الكافي: الصفحة السابقة، الروض المربع3: 422. (5) هذا نص أحمد رحمه الله. وعند ابن تيمية رحمه الله هي: ما فيه حد أو وعيد أو غضب أو لعنة أو نفي إيمان. المبدع10: 221، الإنصاف12: 46. (6) هذا هو المذهب، وعن أحمد: أن الشهادة ترد بالكذبة الواحدة، واختار هذه ابن تيمية. الكافي4: 523، الهداية2: 149، المحرر2: 248، الإنصاف12: 45، اختيارات ابن تيمية358. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 228 الثاني: المروءة1. فلا تقبل شهادة غير ذي المروءة كالمغنِّي، والرقّاص، والطُفيلي2، والمتمسخِر3، ومن يكشف عورته، أو يمد رجليه في مجمع الناس، وأشباه ذلك مما يحتنبه أهل المروءة4. وفي أصحاب الصنائع الدنيئة وجهان5،   (1) المروءة: صفة نفسية تحمل الإنسان على الأخذ بحميد الأخلاق وترك رديئها. اللسان1: 154، الصحاح1: 72، المطلع409، التعريفات210، معجم الفقهاء423. (2) الطفيلي: من يدخل إلى الوليمة والمآدب مع القوم فيأكل منها ولم يُدع إليها. اللسان11: 404، الصحاح5: 1752، المصباح المنير374. (3) المتمسخر: اسم الفاعل من تمسخر، من يفعل ويقول شيئا يكون سببا لأن يُسخر منه، أي يُهزأ به. اللسان4: 353، الصحاح2: 679، المطلع409. (4) المقنع3: 692، الكافي4: 523، الشرح الكبير6: 261، العدة652، المذهب الأحمد224، المبدع10: 226، 231، الإنصاف12: 51، 54، كشاف القناع6: 422، شرح منتهى الإرادات3: 549، الروض الندي526، الزوائد2: 1086. (5) أحدهما: تقبل إذا حسنت طريقتهم، وهو المذهب، الثاني: لا تقبل شهادتهم مطلقا، قال المرداوي: وهما روايتان. المغني9: 170، النكت والفوائد2: 270، الإنصاف12: 55، التنقيح المشبع427، شرح منتهى الإرادات3: 551. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 229 كالكسّاح1، والزبّال2، والقرّاد3، والمشعوذ4، والحجّام. وألحق أصحاب أحمد بأصحاب هذه الصنائع: الحياكة5، والدباغة، والحراسة6. والأَولى في هذه قبول الشهادة لأنه قد تولاها كثير من الصالحين7.   (1) الكساح: مثل الكنّاس، وهو الذي ينزح البيت ويُخرج ما فيه من القمامة. الصحاح1: 399، اللسان2: 571، المصباح المنير533. (2) الزبال: الذي صناعته الزبالة جمعا وكنسا ونقلا وغير ذلك. المطلع410. (3) القراد: سائس القرود، وهو الذي يلعب بالقرود ويطوف به في الأسواق ونحوها، مكتسبا بذلك. اللسان3: 350، المطلع410. (4) المشعوذ: اسم فاعل من الشعوذة، وهو من يستعمل الحيلة أو خفة اليد في أفعال عجيبة يظنها من يراها حقيقة، وهي ليست كذلك. اللسان3: 495، المصباح المنير314، المطلع410، معجم لغة الفقهاء431. (5) الحياكة: حرفة ينتسب إليها كل من يعمل في نسج الثياب. اللسان10: 418، الصحاح4: 1582، المصباح المنير157. (6) الكافي4: 524. (7) المصدر السابق، والشرح الكبير6: 246، المبدع10، 232، حاشية المقنع3: 695. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 230 ومن كانت صناعته محرم1 كالطنابير2 والمزامير لا تقبل له شهادة؛ لأنه مدمن على المعاصي3، وكذلك المقامر45. (104) مسألة: يحرم اللعب بالنرد6والشطرن   ج7،   (1) كذا في الأصل، والأصح: محرمة. (2) الطنابير: جمع طنبور، فارسي معرب، وهو آلة من آلات اللهو والطرب ذات أوتار. المطلع277، معجم لغة الفقهاء293. (3) الكافي4: 524. (4) المقامر: اسم فاعل من قامر، وهو أن يلعب مع شخص على مال يأخذه الغالب من المغلوب كائنا من كان. المطلع256. (5) الكافي: الصفحة السابقة. (6) النرد: عبارة عن قطع صغيرة من العاج (سن الفيل) أو العظم أو الخشب، وله أوجه ستة، ولكل وجه من الأوجه الستة نقاط مرتبة من الواحد إلى الستة جميعا، وهي منقسمة بحيث يكون مجموع النقاط في وجهين متقابلين سبعة. وقال بعضهم: النرد لعبة تعتمد على الحظ، ذات صندوق وحجارة وزهرين، وتنتقل فيها الحجارة حسبما يأتي به الزهران، وتعرف اليوم بلعبة (الطاولة) . الجامع لأحكام القرآن للقرطبي8: 337، اللسان3: 421، المصباح المنير 599، المطلع409، الموسوعة العربية الميسرة1829، معجم لغة الفقهاء477. (7) الشطرنج: مأخوذ من المشاطرة، وهي: المقاسمة، لأن كل واحد من الطرفين له شطر ما يستحقه من اللعب، وهو النصيب، وقيل: هو بالسين المهملة (سطرنج) لأنه مأخوذ من التسطير: أي التنظيم عند التعبئة للرقعة. والشطرنج: لعبة تلعب على رقعة ذات أربعة وستين مربعا، تمثل دولتين متحاربتين باثنتين وثلاثين قطعة، ثمثل الملكين والوزيرين والخيالة والقلاع والفيلة والجنود. القاموس المحيط1: 196، اللسان3: 133، المصباح312، الموسوعة العربية الميسرة1084، معجم لغة الفقهاء263. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 231 وإن خلا من قمار1. ورد في سنن أبي داود –رحمه الله - "من لعب بالنردشير2 فقد عصى الله ورسوله" 3.   (1) هذا هو الصحيح من المذهب، وقيل: لا يحرم إذا خلا من ذلك بل يكره. الكافي4: 524، النكت والفوائد2: 266، الفروع6: 573، الإنصاف12: 52-53. (2) النردشير: هو النردن وشير بمعنى حلو، ويقال له النردشير: نسبة إلى أول من وضعه، وهو أول ملوك الفرس. ويقال: إن أول من وضعه سابور بن أردشير ثاني ملوك الساسان. اللسان3: 421، القاموس1: 353. (3) الحديث ورد من طريق أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من لعب بالنرد فقد عصى الله ورسوله". أخرجه ابن أبي شيبة في كتاب الأدب/ باب اللعب بالنرد8: 635، والبخاري في الأدب المفرد2: 664-665، رقم (1269) ، (1272) ، ومالك في الموطأ في كتاب الجامع/ باب ما جاء في النرد527، رقم (1742) ، وأحمد في المسند4: 394، وأبو داود في كتاب الأدب/ باب النهي عن اللعب بالنرد5: 230، رقم (4938) ، وابن ماجه في كتاب الأدب/ باب اللعب بالنرد2: 1238، رقم (3762، والآجري في كتاب تحريم النرد والشطرنج والملاهي114، والحاكم في كتاب الإيمان1: 50، وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي، والطيالسي في مسنده69، رقم (510) ، والبغوي في شرح السنة، في كتاب الاستئذان/ باب تحريم اللعب بالنرد12: 384،رقم (3414) ،والبيهقي في كتاب الشهادات /باب كراهية اللعب بالنرد214:10. قال ابن الملقن: وصححه ابن حبان والحاكم، وأما ابن القطان فرماه بالانقطاع. وحسنه الألباني، وانظر: تحفة المحتاج لابن الملقن2: 581، إرواء الغليل8: 284. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 232 وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن لله في كل يوم ثلاثمائة وستين نظرة ليس لصاحب الشاه1 فيها شيء". رواه أبو بكر2.   (1) الشاه: بهاء أصلية، وليست بالتاء التي تبدل منها في الوقف الهاء، والمراد بها هنا الملك، وهي إحدى قطع لعبة الشطرنج. اللسان13: 511. (2) ورد هذا من طريق واثلة بن الأسقع رضي الله عنه. وقد أوده ابن حبان في كتابه المجروحين2: 297، والذهبي في ميزان الاعتدال3: 510، وابن حجر في لسان الميزان5: 117، وابن الجوزي في العلل المتناهية2: 297، وقال: فيه محمد بن الحجاج، ويقال له المصفر، قال أحمد بن حنبل: قد تركت حديثه، وقال يحيى بن معين: ليس بثقة، وقال النسائي ومسلم بن الحجاج والدارقطني: متروك، وقال ابن حبان: لا تحل الرواية عنه، وقال الألباني عن الحديث: هو موضوع. وانظر: المصادر السابقة، والجرح والتعديل7: 234، الضعفاء الصغير للنسائي230، الضعفاء للدارقطني337، الكامل لابن عدي6: 2157، إرواء الغليل8: 287. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 233 ومر (علي رضي الله عنه) 1 على قوم يلعبون بالشطرنج، فقال: {ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون} 23. (105) مسألة: من كان يغشى بيوت الغناء، أو يغشاه المغنون ليسمعوه وهو متظاهر بذلك وكثر منه ردت شهادته4. ومن استتر بذلك وقتا قليلا لم ترد شهادته5.   (1) ما بين القوسين ساقط من الأصل، وانظر: المصادر في الحاشية الآتية في تخريج هذا الأثر. (2) الآية52 من سورة الأنبياء. (3) أخرجه ابن أبي شيبة في كتاب الأدب/ باب اللعب بالشطرنج8: 738، والآجري في كتابه تحريم النرد والشطرنج والملاهي145، والبيهقي في كتاب الشهادات/ باب الاختلاف في اللعب بالشطرنج10: 212، ونُقل عن الإمام أحمد قوله: أصح ما في الشطرنج قول علي رضي الله عنه، وانظر: إرواء الغليل8: 288. (4) المغني9: 176، الشرح الكبير6: 266. (5) الكافي4: 526. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 234 (106) مسألة: لا يجوز تحمل الشهادة وأداؤها إلا عن علم، فإن كانت الشهادة على فعل لم تجز إلا عن مشاهدة ورؤية1. وإن كانت على قول كالبيع والنكاح والطلاق والإقرار وغير ذلك، لم يجز التحمل فيها إلا بسماع القول ومعرفة القائل يقينا2؛ لأن العلم لا يحصل بدونهما، وإن لم يحصل العلم إلا بمشاهدة القائل اعتبر ذلك، وإن حصل العلم بدونه لمعرفته صوت القائل كفى لأنه علم المشهود عليه3. (107) مسألة: تجوز الشهادة بما عَلِمَه بالاستفاضة4 في تسعة أشياء:   (1) الرؤية تختص بالأفعال كالقتل والغصب والسرقة وشرب الخمر والرضاع والولادة وغيرها. المقنع3: 677. (2) السماع نوعان: - أحدهما: من المشهود عليه كالإقرار والعقود والطلاق وغير ذلك من الأقوال، فيحتاج إلى أن يسمع كلام المتعاقدين. - الثاني: سماع من جهة الاستفاضة فيما يتعذر علمه في الغالب إلا بذلك كالنسب والموت وغيرهما. المقنع4: 678 (3) المغني9: 158، الكافي4: 542، الشرح الكبير6: 244، المبدع10: 193، كشاف القناع6: 407، شرح منتهى الإرادات3: 527. (4) الاستفاضة: الانتشار والشيوع بين الناس. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 235 النسب، والنكاح، والملك المطلق1، والوقف2، ومصرفه، والموت والعتق، والولاية، والعزل3. لأننا نشهد أن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم4 وأن   (1) كأن يستفيض عنده أن هذا الشيء ملك فلان. (2) الوقف: مصدر وقف الشيء وأوقفه، وحبسه وأحبسه وسبّله، كله بمعنى واحد. اصطلاحا: تحبيس مالك مطلق التصرف ماله المنتفع به مع بقاء عينه بقطع تصرف المالك وغيره في رقبته، بصرف رَيْعِه إلى جهة برٍّ تقربا إلى الله تعالى. اللسان9: 359، المصباح669، المطلع285، منتهى الإرادات2: 3. (3) اقتصر المصنف على هذه الأشياء، ومما لم يذكره المصنف مما يشهد بالاستفاضة فيه مما هو معتمد في المذهب ... الخلع والولاء والطلاق. واقتصر بعضهم على النسب والموت والملك المطلق والنكاح والوقف والعتق والولاء، قال في الفروع: ولعله أشهر، وأسقط بعضهم: الخلع والطلاق. وانظر: الشرح الكبير6: 246، الهداية2: 147، الفروع6: 552، المبدع10: 196، الإنصاف12: 11-12، مغني ذوي الأفهام165، منتهى الإرادات2: 650، كشاف القناع6: 409، منار السبيل2: 483. (4) فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم سيدة نساء العالمين، أمها خديجة بنت خويلد أم المؤمنين، مولدها قبل البعثة بقليل، تزوجها علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يحبها ويكرمها، ومناقبها غزيرة، وكانت صابرة عينة خيرة صينة قانعة شاكرة لله، ولدت لعلي الحسن والحسين وأم كلثوم وزينب رضي الله عنهن أجمعين، ماتت سنة11هـ، بالمدينة المنورة. ترجمتها في: حلية الأولياء2: 39، المعارف142، طبقات ابن سعد8: 19، تهذيب الأسماء واللغات2: 352، أسد الغابة7: 220، سير أعلام النبلاء2: 118، تهذيب التهذيب12: 440، أعلام النساء3: 1899، الأعلام5: 132. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 236 نافعا1 مولى ابن عمر2، وأنهم ماتوا، ونعلم ذلك يقينا ولم نشاهده3.   (1) نافع أبو عبد الله المدني مولى ابن عمر وراويته، وهو من سبي نيسابور وقيل غير ذلك، روى عن سيده ابن عمر وعن أبي هريرة وأبي سعيد الخدري وغيرهم، وروى عنه خلائق من التابعين، منهم الحكم بن عتيبة والقاسم بن محمد وسالم بن عبد الله، أجمعوا على توثيقه وجلالته، قال البخاري: أصح الأسانيد مالك عن نافع عن ابن عمر، وتسمى السلسلة الذهبية، مات بالمدينة سنة117هـ. ترجمته في: المعارف460، تهذيب الأسماء واللغات2: 123، وفيات الأعيان5: 367، سير أعلام النبلاء5: 95، تهذيب التهذيب10، 412، شذرات الذهب1: 154. (2) عبد الله بن عمر بن الخطاب بن نفيل، أبو عبد الرحمن القرشي العدوي أحد أجلاء الصحابة أسلم صغيرا ثم هاجر مع أبيه إلى المدينة، وهو أحد المكثرين من رواية الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أحد الفقهاء الصحابة، ورعا متواضعا، كثير العبادة، مات بمكة سنة73هـ. ترجمته في: حلية الأولياء1: 292، تاريخ بغداد1: 171، أسد الغابة3: 227، تهذيب الأسماء واللغات1: 278، سير أعلام النبلاء3: 203، تهذيب التهذيب5: 328، شذرات الذهب1: 81. (3) المغني9: 161، الكافي4: 543، الشرح الكبير6: 246. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 237 وظاهر كلام أحمد والخرقي أنه لا يشهد بذلك حتى يسمعه من عدد كثير يحصل له به العلم1. قال القاضي: يكفي أن يسمع من عدلين يسكن قلبه إلى خبرهما2. (108) مسألة: إذا سمع إنسانا يقر بحق جاز أن يشهد عليه وإن لم يقل له: اشهد عليّ، لأنه سمع إقراره يقينا3. وعن أحمد: لا يشهد حتى يسترعيَه المقر ذلك، ويقول: اشهد عليّ4. وعنه: إن سمعه يقر بالدين كالقرض ونحوه لم يشهد به، لأنه يجوز أن يكون قد وفّاه5.   (1) هذا هو المذهب، وقيل: يشهد باستفاضة من تسكن النفس إليه ولو كان واحدا، واختاره المجد وحفيده. الفروع6: 553، الإنصاف12: 13، المحرر2: 345، اختيارات ابن تيمية355. (2) المصادر السابقة، والهداية2: 147. (3) مختصر الخرقي137، الهداية2: 151، الفروع6: 551، مغني ذوي الأفهام166، منتهى الإرادات2: 650، الروض المربع3: 417. (4) الإنصاف12: 23. (5) المغني9: 214، المحرر2: 244. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 238 وعنه: يجوز أن يشهد بما سمعه ولا يجب1 أداؤه2 حتى يقول: اشهد عليّ3. والأول المذهب4/5. (109) مسألة: من رأى في يد إنسان شيئا مدة يسيرة لم يجز أن يشهد له بالملك، ويجوز أن يشهد له باليد6. وإن رآه في يده مدة طويلة يتصرف فيه تصرف الملاك من النقض والبناء والسكنى والاستغلال وغيره، جاز أن يشهد له بالملك في قول ابن حامد7.   (1) في الأصل: ولا يجوز، وما أثبته هو الصواب، وانظر: الكافي4: 544. (2) في الأصل: أداه. (3) الكافي: الصفحة السابقة، والشرح الكبير6: 250. (4) المغني9: 214، الإنصاف12: 22، المبدع10: 306، كشاف القناع6: 408، شرح منتهى الإرادات3: 538. (5) نهاية ل (10) . (6) الكافي4: 544. (7) وهذا هو المذهب. المغني9: 162، الشرح الكبير6: 247، كشاف القناع6: 410، الإنصاف12: 16، منار السبيل2: 484. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 239 ويحتمل أن لا يشهد إلا باليد1. (110) مسألة: لا تجوز الشهادة حتى يعرف المشهودَ عليه والمشهودَ له، نص عليه أحمد، وقال: لا يشهد على امرأة حتى ينظر إلى وجهها، ويعرف كلامها، وإن كانت ممن عرف اسمها ودعيت وذهبت وجاءت فليشهد وإلا فلا يشهد2. ولا يجوز أن يقول لرجل: أشهد أن هذه فلانة، ويشهد على شهادته، قال القاضي: يجوز أن يحمل هذا على الاستحباب لتجويز الشهادة بالاستفاضة3. قال (أحمد) 4: ولا يشهد على امرأة إلا بإذن زوجها5.   (1) المصادر السابقة. وقال المرداوي: وهو الصواب خصوصا في هذه الأزمنة، ومع القول بجواز الإجارة مدة طويلة، وهذا الاحتمال للقاضي. وقال البهوتي: والورع أن لا يشهد إلا باليد والتصرف لأنه أحوط خصوصا في هذه الأزمنة. انظر: الإنصاف والكشاف: الصفحات السابقة. (2) المغني9: 159، الشرح الكبير6: 345. (3) المغني9: 160، الشرح الكبير6: 345، بدائع الفوائد4: 81، الإنصاف12: 10. (4) ما بين القوسين ساقط من الأصل، وما أثبته من المغني والشرح الكبير والإنصاف. الصفحات السابقة. (5) المصادر السابقة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 240 ولا يشهد لرجل على رجل بحق وهو لا يعرف اسميهما إلا إذا كانا حاضرين، فقال: أشهد أن لهذا على هذا كذا، وأما إذا كانا غائبين فلا1. (111) مسألة: يعتبر في أداء الشهادة الإتيان بلفظها، فيقول: أشهد بكذا، فإن قال: أعلم أو أتيقن أو أحق ونحوه لم يعتد به2.   (1) المصادر السابقة، والمبدع10: 195، حاشية المستقنع3: 678. (2) عن أحمد رحمه الله ثلاث روايات في الإتيان بلفظ الشهادة: الأولى: ما ذكره المصنف، وهذه الرواية هي المذهب. الثانية: أن الشهادة تصح بهذه الألفاظ ويحكم بها، ولا يشترط الإتيان بلفظها. الثالثة: الفرق بين الأقوال والأفعال، فإن شهد على الفعل لم يشترط لفظ الشهادة، بل يكفيه أن يقول: رأيت وشاهدت وتيقنت ونحوه، وإن شهد على القول فلا بد من لفظ الشهادة. واختار أبو الخطاب وابن تيمية وابن القيم رحمهم الله الرواية الثانية. المقنع3: 720، الكافي4: 546، الشرح الكبير6: 307، الهداية2: 152، المحرر2: 311، الفروع6: 594، بدائع الفوائد1: 8, 4: 54، 55، المبدع10، 281، النكت والفوائد السنية2: 311-313، اختيارات ابن تيمية361، كشاف القناع6: 447، شرح منتهى الإرادات3: 566، الإنصاف12: 108، الزوائد2: 1094. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 241 وإذا شهد بأرض أو دار فلا بد من ذكر حدودها1. وإن شهد بنكاح اشترط ذكر شروطه من الولي والشهود والإيجاب والقبول2. وإن شهد بجناية ذكر صفتها، فيقول: ضَرَبَه بالسيف فمات من الضربة، وإن قال: ضَرَبَه فمات، أو فوجدتُه ميتا، لم تصح شهادته لأنه قد يموت بغير الضربة3. (112) مسألة: كل حق لله تعالى كالحدود والحقوق المالية، وما كان حقا لآدمي غير معين كالوقف على الفقراء والمساكين والمساجد والمقبرة المسبَّلة، فلا يفتقر أداء الشهادة فيه إلى تقدم دعوى، لأنه لا يستحقها آدمي معين فيدعيها، وما عدا ذلك فلا تسمع الشهادة فيه إلا بعد تقدم الدعوى لأن الشهادة به حق لآدمي فلا ستوفى (إلا) 4 بمطالبته وأدائه5.   (1) الكافي4: 546، الإنصاف12: 18. (2) المغني9: 244، المقنع3: 680، الشرح الكبير6: 247، المبدع10: 199، شرح منتهى الإرادات3: 539. (3) المصادر السابقة، وكشاف القناع6: 410، منتهى الإرادات2: 651. (4) ما بين القوسين ساقط من الأصل. (5) الكافي4: 549، المغني9: 215، الشرح الكبير6: 251. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 242 (113) مسألة: إذا غيّر العدلُ شهادتَه بحضرة الحاكم فزاد فيها أو نقص قبلت ما لم يحكم بشهادته، وإن ادُّعيت عنده شهادة فأنكر ثم شهد بها فقال: كنت أنسيتها قُبلت، لأن ما ذكره محتمل فلا يجوز تكذيبه مع إمكان تصديقه1. (114) مسألة: إذا رجع الشاهدان قبل الحكم بشهادتهما لم يحكم بها، لأنها شرط الحكم فيشترط2 استدامتها إلى انقضائه3. وإن رجعا بعد الحكم في حد أو قصاص قبل الاستيفاء لم يجز استيفاؤه لأنه يدرأ بالشبهات4.   (1) هذا هو المذهب، وقيل: لا يُقبل كبعد الحكم، وقيل يؤخذ بقوله المتقدم. وانظر: مختصر الخرقي138، المغني9: 262، 266، الكافي4: 549-550، الفروع6: 598، الإنصاف12: 104، منتهى الإرادات2: 675، شرح منتهى الإرادات3: 562، كشاف القناع6: 441-442. (2) في الأصل: يشترط. (3) الكافي4: 561، المغني9: 245، الهداية2: 154، الشرح الكبير6: 299، الروض الندي532. (4) زاد في المغني: ورجوعهما من أعظم الشبهات. وهذا هو الصحيح من المذهب، وقيل: يستوفى إن كان للآدمي كما لو طرأ فسقهم. وانظر: المغني9: 246، المقنع3: 717، الشرح الكبير6: 299، الهداية2: 154، المبدع10: 237، الإنصاف12: 99، غاية المنتهى3: 487. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 243 وإن كان المشهود به غير ذلك1 وجب استيفاؤه، لأن حق المشهود له قد وجب وحكم به، فلم يسقط بقولهما المشكوك فيه2. وإن رجعا بعد الاستيفاء في حد أو قصاص وقالا: عمدنا3 ذلك ليقتص فعليهما القصاص4. وإن قالا: عمدنا الشهادة5 ولم نعلم أنه يقتل فعليهما دية   (1) كالمال أو العتق أو الطلاق. (2) فإن كان المشهود به مالا لزم الشهود ضمانه، وإن كان عتقا غرموا القيمة، وإن كان طلاقا فإن كان قبل الدخول غرموا نصف المسمى أو بدله، وإن كان بعد الدخول لم يغرموا شيئا على الصحيح من المذهب. وعن أحمد رواية: أنهم يغرمون كل الصدقة، وقال ابن تيمية: يغرمون صداق المثل. ومحل الضمان هذا فيما إذا لم يصدقهم المشهود له، فأما إن صدقهم فلا يضمن الشهود شيئا. وانظر: الكافي4: 563، المغني9: 249-250، المبدع1: 271، الإنصاف12: 97-98، شرح منتهى الإرادات3: 562. (3) في الأصل: عمدا. (4) المغني7: 646، 9: 247، الكافي4: 18، 561، عمدة الأحكام658، كشاف القناع5: 510، 6: 443. (5) في الأصل: بالشهادة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 244 مغلظة لأنه شبه عمد1. وإن قالا: أخطأنا فعليهما دية مخففة، ولا تحملها2 العاقلة3، لأنها وجبت باعترافهما4. (115) مسألة: إذا شهدا5 بمال ثم رجعا بعد الحكم غرماه، سواء كان المال تالفا أو قائما، فإن رجع أحدهما غرم النصف، وإن كانوا ثلاثة فالضمان بينهم على عددهم6.   (1) المصادر السابقة، والشرح الكبير6: 300. (2) في الأصل: ولا تحمله. (3) العاقلة: صفة موصوف محذوف، أي: الجماعة العاقلة، وسميت بذلك لأن الإبل تجمع فتعقل بفناء أولياء المقتول، أي تُشد في عُقُلها لتسلم إليهم ويقبضونها، ولذلك سميت الدية عقلا. وهم: الذين يحملون دية الخطأ، وهم عصبة الرجل. وانظر: اللسان11: 360، الصحاح5: 1771، المصباح المنير423، المطلع368، المغني7: 784، كشاف القناع6: 59، معجم لغة الفقهاء301. (4) المغني9: 247، الكافي4: 561، المبدع10: 274. (5) في الأصل: شهد، بالإفراد. (6) الكافي4: 564، المغني9: 251، العدة657، الإنصاف12: 97، كشاف القناع6: 442، منار السبيل2: 500. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 245 (116) مسألة: تقبل شهادة العدو لعدوه1. وتقبل شهادة الأخ لأخيه2. وتقبل شهادة الصديق الملاطف3 وسائر الأقارب4.   (1) مراد المصنف هنا: العداوة في الدين، كالمسلم يشهد على الكافر، أو المحق من أهل السنة يشهد على مبتدع، فالحكم هنا كما ذكره المصنف من أنه تقبل شهادته عليه لأن الدين يمنعه من ارتكاب محظور في دينه، وكذلك تقبل شهادة العدو على عدوه في عقد نكاح، بأن يكون الشاهد عدوا للزوجين، أو أحدهما أو للولي، وهذا هو الصحيح من المذهب، وعن أحمد رواية: لا تقبل. وأما العداوة الدنيوية فسيأتي الكلام عليها في المسألة الأخيرة من هذا الكتاب في النوع السادس. وانظر: المغني9: 185، المحرر2: 297، المبدع10: 249-250، النكت والفوائد2: 297، الإنصاف12: 74، كشاف القناع6: 431، الروض المربع3: 429، الزوائد2: 1089. (2) المقنع3: 701، الشرح الكبير6: 278، مغني ذوي الأفهام167، دليل الطالب285. (3) هذا المذهب، وقال ابن عقيل: ترد شهادة الصديق بصداقة مؤكدة، والعاشق لمعشوقه لأن العشق يطيش. المبدع10: 245، الفروع6: 585، الإنصاف12: 70. (4) الكافي4: 532، المغني9: 194، مغني ذوي الأفهام167. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 246 وتقبل شهادة ولد الزنا، والجندي إذا سلما في دينهما1. وتقبل شهادة الوصي والوكيل بعد العزل في أحد الوجهين2 إلا أن يكونا3 قد خاصما فيما شهدا به، فلا تقبل لأنهما قد صارا خصمين4. (117) مسألة: من شهد بشهادة زور فُسِّق وردت شهادته لأنها من الكبائر5. ويثبت أنه شاهد زور بأحد ثلاثة أمور6: أحدهما: أن يقر بذلك.   (1) مختصر الخرقي136، المقنع3: 698، الكافي4: 532، الشرح الكبير6: 276، الفروع6: 585، كشاف القناع6: 427، اختيارات ابن تيمية357. (2) الصحيح من المذهب: أنه لا تقبل الشهادة من الوصي أو الوكيل بعد العزل لموليه وموكله. وقيل: ترد إن كان خاصم فيه، وإلا فلا. الهداية2: 150، المبدع10: 247، الإنصاف12: 72، كشاف القناع6: 430، منتهى الإرادات2: 665. (3) في الأصل: يكون. (4) الكافي4: 532، الإنصاف: الصفحة السابقة. (5) الكافي4: 532، المغني9: 260. (6) انظر: المصدرين السابقين، والمبدع10: 280، شرح منتهى الإرادات3: 565. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 247 الثاني: أن تقوم البينة به. الثالث: أن يشهد بما يقطع بكذبه1. تكذيب إحداهما2 بأولى من الأخرى3. ومتى ثبت أنه شاهد زور عزَّره الحاكم بما يراه من الضرب أو الحبس، وشهره بأن بقيمه للناس في موضع يشتهر أنه شاهد زور4. فأما الغلط5 والنسيان فلا يصير به شاهد زور لأنه   (1) كأن يشهد بقتل رجل وهو حي، أو أن هذه البهيمة في يد هذا منذ ثلاثة أعوام وسنها أقل من ذلك، أو يشهد على رجل أنه فعل شيئا في وقت، وقد مات قبل ذلك الوقت، أو لم يولد إلا بعده، ونحو ذلك. المغني9: 261، كشاف القناع6: 447. (2) في الأصل: أحدهما. (3) الكافي4: 532، المغني9: 262، الفروع6: 602، المبدع10: 280، كشاف القناع6: 447. (4) للحاكم أن يعزره بما يراه، ما لم يخف نصا، أو معنى نص، كحلق لحية، أو قطع طرف أو أخذ مال، كما يكره تسويد وجهه. فيطاف به في المواضع التي يشتهر فيها كالإتيان به في سوقه أو محلته، وينادى عليه، فيقال: إنا وجدنا هذا شاهد زور فاجتنبوه، وذلك ليعلم الناس به. المغني9: 261، المقنع3: 720، الشرح الكبير6: 306، الهداية2: 152، شرح منتهى الإرادات3: 565، كشاف القناع5: 446، منار السبيل2: 501. (5) في الأصل: اللغط، وما أثبته هو الأصوب لغة كما سبق بيانه، وانظر: الكافي4: 533. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 248 لم يتعمده1. (118) مسألة: تقبل توبة القاذف2 والعاصي، وتقبل شهادته3. والتوبة من الذنب: الاستغفار4 والندم على الفعل، والعزم على أن لا يعود، والإقلاع عن الذنب، وإن كانت مظلمة لآدمي فالإقلاع   (1) وكذا لا تثبت عليه شهادة الزور بظهور فسقه، أو رجوعه عن شهادته. المغني9: 262، الفروع6: 602، الإنصاف12: 108. (2) القذف في اللغة: رمي الشيء بقوة. واصطلاحا: الرمي بزنا أو لواط، أو شهادة بأحدهما، ولم تكمل البينة. الصحاح4: 1414، المصباح المنير494، المطلع371، منتهى الإرادات2: 467، كشاف القناع6: 104. (3) مختصر الخرقي136، المقنع3: 696، عمدة الأحكام648. (4) ما ذكره هنا خاص بتوبة العاصي، وأما القاذف فتوبته أن يكذب نفسه، فيقول: كذبت فيما قلت، وهذا هو المذهب، وقيل: توبته إن علم صدق نفسه أن يقول: ندمت على ما قلت، ولن أعود إلى مثله، وأنا تائب إلى الله تعالى منه، وصوب هذا المرداوي وقال: قال الزركشي: وهو حسن. المغني9: 199-200، الشرح الكبير6: 273، المحرر2: 253ن الإنصاف12: 59، المبدع10: 235، كشاف القناع5: 425. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 249 عنها بالتخلص منها بإيفاء صاحبها، أو التحلل منه، وإن عجز عن ذلك عزم على إيفائه متى قدر1. ولا يعتبر مع التوبة إصلاح العمل2، لأن عمر رضي الله عنه قال لأبي بكرة3: تب أقبل شهادتك4. ويحتمل أن تمضي مدة يعلم توبته فيها5.   (1) الكافي4: 534، الإنصاف12: 58، العدة648. (2) هذا هو المذهب، وقيل: يعتبر في التائب إصلاح العمل سنة، وقيل: ذلك فيمن فسقه بفعل، وقيل: يعتبر في قاذف وفاسق مدة يعلم حالهما. المغني9: 202، المحرر2: 257، الهداية2: 150، المبدع10: 234، الإنصاف12: 57-58. (3) أبو بكرة الثقفي، اسمه نفيع بن الحارث، وكنِّي بأبي بكرة لأنه تدلى من حصن الطائف ببكرة، وهو أحد أجلاء الصحابة وفقهائهم، وأحد الفضلاء الصالحين، كثير العبادة، ولم يزل كذلك حتى توفي، وكان أولاده أشرافا بالبصرة في كثرة العلم والمال والولايات، وقد اعتزل أبو بكرة يوم الجمل فلم يقاتل مع أحد الفريقين، مات بالبصرة سنة52هـ. ترجمته في: طبقات ابن سعد7: 156، المعارف288، أسد الغابة5: 151، تهذيب الأسماء واللغات2: 198، تهذيب التهذيب10: 469، شذرات الذهب1: 58، الأعلام8: 44. (4) أخرجه الشافعي في الأم7: 41، والطبري في جامع البيان18: 76، والبيهقي في كتاب الشهادات/ باب شهادة القاذف10: 152، وأخرجه سعيد بن منصور. وانظر: فتح الباري5: 256، الدر المنثور18: 131، فتح القدير4: 10. (5) الكافي4: 534. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 250 (119) مسألة: لا يجوز أخذ الجعل1 على تحمل الشهادة ولا على أدائها2. وقيل: يجوز إذا لم تتعين3. وقيل: يجوز بشرط الحاجة4. ويستحب الإشهاد على العقود كلها، ولا يجب الإشهاد في غير النكاح والرجعة5.   (1) الجعل: مل جعل للإنسان من شيء على شيء يفعله. الصحاح4: 1656، تهذيب الأسماء واللغات3: 52، التعريفات76، المطلع281، أنيس الفقهاء169. (2) هذا المذهب، وقال في الفروع: ويحرم في الأصح أخذ أجرة وجعل، وقيل: يجوز الأخذ مع التحمل، وقيل: أجرته من بيت المال. المغني9: 158، الشرح الكبير6: 243، الهداية2: 147، المذهب الأحمد223، الفروع6: 550، الإنصاف12: 6، شرح منتهى الإرادات3: 535، كشاف القناع6: 406. (3) إذا لم تتعين عليه فأصح الوجهين عدم الجواز، والثاني: ما ذكره المصنف. المقنع3: 677، المغني9: 158، المحرر2: 243، المبدع10: 191. (4) واختار هذا ابن تيمية رحمه الله، فيجوز أخذ الأجرة ولو تعينت إذا كان محتاجا. انظر: المصادر السابقة، اختيارات ابن تيمية354. (5) سبق الكلام على حكم الإشهاد. انظر: المسائل رقم (7) ، (83) ، (101) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 251 (120) مسألة: تمنع التهمة قبول الشهادة، وهي ستة أنواع: أحدها: كونه والدا وإن علا، أو ولدا وإن سفل، لأن كل واحد منهما متهم في حق صاحبه1. وعن أحمد2: تقبل شهادتهما لأنهما عدلان من رجالنا فيدخلان في عموم الآية3.   (1) ورد عن أحمد رحمه الله أربع روايات في شهادة الوالد لولده، والولد لوالده: الأولى: ذكرها المصنف، وهي أصح الروايات، وهي المذهب. الثانية: تجوز شهادة كل واحد منهما لصاحبه، فيما لا يجر به نفعا، نحو أن يشهد أحدهما لصاحبه بعقد نكاح أو قذف. الثالثة: تقبل ما لم يجر نفعا غالبا كشهادته له بمال وكل منهما غني. الرابعة: تقبل شهادة الابن لأبيه ولا تقبل شهادة الأب له. وانظر: عمدة الأحكام650، المغني9: 191، الكافي4: 528، المسائل الفقهية لأبي يعلى3: 95-96ن المحرر2: 303، الفروع6: 584، المذهب الأحمد225، الهداية2: 150، الزوائد2: 1086. (2) المصادر السابقة. (3) يشير على قوله تعالى: {وأشهدوا ذوي عدل منكم} [الآية2 من سورة الطلاق] . وانظر: السلسبيل3: 1027، الزوائد2: 1087. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 252 وأما شهادة أحدهما على صاحبه فمقبولة1 لأنه غير متهم2. وحكى القاضي رواية عن أحمد: أن شهادته عليه لا تقبل3. والمذهب الأول4. النوع الثاني: الزوجان، فلا تقبل شهادة أحدهما للآخر، لأنه ينتفع بشهادته، لتَبَسُّط كل واحد منهما في مال الآخر عادة5. وعن أحمد: أن شهادة أحدهما للآخر مقبولة6.   (1) في الأصل: مقبولة. (2) هذه هي أصح الروايتين، وهي المذهب. المقنع3: 700، المغني9: 192، الهداية2: 150، الإنصاف12: 67، كشاف القناع6: 428، الروض المربع3: 427. (3) المصادر السابقة. (4) المصادر السابقة، والشرح الكبير6: 277. (5) هذه الرواية هي المذهب، ونقل المرداوي عن الزركشي قوله: هذا هو المذهب المشهور المجزوم به عند الأكثرين. مختصر الخرقي136، الكافي4: 529، المبدع10: 244، الإنصاف12: 68، منتهى الإرادات2: 664، كشاف القناع6: 428، منار السبيل2: 490. (6) المصادر السابقة، والهداية 2: 150، المحرر2: 304، الشرح الكبير6: 278، الفروع6: 586. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 253 النوع الثالث: الجار إلى نفسه، أو الدافع/1 عنها كشهادة الغرماء للمفلس2 أو الميت بدين أو عين، فإنه لو ثبت له تعلقت حقوقهم به3. ولا شهادة الوصي بمال للميت، لأنه يثبت له فيه حق التصرف، وكذلك شهادة الشريك لشريكه بمال الشركة4، ولا الوكيل لموكله فيما هو وكيل فيه5. قال القاضي: ولا تقبل شهادة الأجير لمستأجره، نص عليه أحمد6. وأما الذي يدفع عن نفسه فلا تقبل شهادة الضامن بقضاء الدين والبراءة منه، ولا شهادة المشهود عليه بجرح الشهود ونحو ذلك7.   (1) نهاية ل (11) . (2) المفلس: من دينه أكثر من ماله، وخرجه أكثر من دخله. المطلع254. (3) المقنع3: 703، الشرح الكبير6: 279، المذهب الأحمد224، الإنصاف12: 71، كشاف القناع430. (4) المصادر السابقة، والهداية2: 150، التنقيح المشبع428، مغني ذوي الأفهام285، المبدع10: 246، شرح منتهى الإرادات3: 553. (5) المغني9: 188، الشرح الكبير6: 280. (6) الكافي4: 530، المغني9: 187، منتهى الإرادات2: 655. (7) المغني9: 188، الشرح الكبير6: 280، المبدع10: 248-249، كشاف القناع6: 430، شرح منتهى الإرادات3: 554 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 254 النوع الرابع: من ردت شهادته لفسقه ثم أعادها بعد عدالته لم تقبل للتهمة في أدائها1. النوع الخامس: من شهد بشهادة ترد في البعض ردت في الكل، مثل: من يشهد على رجل بأنه قذفه وأجنبيا، أو قطع الطريق عليه وعلى أجنبي، أو شهد الأب لابنه وأجنبي بدين فلا تقبل للتهمة2. النوع السادس: العداوة تمنع قبول شهادة العدو على عدوه لأنه متهم، فلا تقبل شهادة المقطوع عليه الطريق على القاطع، ولا المقذوف على القاذف لأنه عدوه3.   (1) هذا هو المذهب، وعليه الأصحاب، وقطعوا به، وعن أحمد رواية: أنها تقبل. مختصر الخرقي136، الشرح الكبير6: 281، المذهب الأحمد225، النكت والفوائد2: 309، المبدع10: 251، شرح منتهى الإرادات3: 555، منار السبيل2: 493. (2) هذا هو الصحيح من المذهب، وقيل: تصح لمن لا ترد شهادته له. الكافي4: 531، الهداية2: 151، العدة652، الإنصاف12: 74، شرح منتهى الإرادات3: 555، كشاف القناع6: 432، حاشية المقنع3: 704. (3) المقنع3: 704، الشرح الكبير6: 281، المحرر2: 297، الفروع6: 583، المبدع10: 249، الإنصاف12: 74، شرح منتهى الإرادات3: 554، كشاف القناع6: 431، الروض المربع3: 429، السلسبيل3: 1027. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 255 وأما المتحاكمان على مال فلا يمنع ذلك قبول شهادة أحدهما على صاحبه لأنه ليس بعدو له1. والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب. آخره، والحمد لله وحده، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا، وحسبنا الله ونعم الوكيل.   (1) الكافي4: 531. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 256 فائدة من فوائد الشيخ شمس الدين أبي عبد الله محمد بن الشيخ المرحوم شهاب الدين أبي العباس أحمد بن سعيد الحنبلي المشار إليه أبقاه الله ونفع به وأحسن إليه، تتعلق بمعرفة المشهود عليه في قول الشاهد: وقد عَرَفه شهوده، لما ناظره بعض السادة القضاة بدمشق المحمية: بأنه لا يجوز للشاهد أن يقول: وقد عرفه شهوده إلا إذا عرف نسبه فقال: لا تجوز الشهادة حتى يعرف المشهود عليه والمشهود له، نص عليه الإمام أحمد رضي الله عنه1. واشترط في الشهادة وتحملها على الإنسان معرفته، ولكن المعرفة تختلف في حال حضور المشهود عليه وغيبته. فإن كان في حال حضوره وشهد في وجهه فلا يحتاج إلى معرفة نسبه، بل ولا إلى معرفة اسمه، بل يشترط معرفة تمييزه عن غيره2. فلو قال في حضور المشهود عليه والمشهود له: اشهد أن هذا أقر لهذا بكذا وكذا، أو باعه كذا وكذا، جازت شهادته وقبلت وإن لم يعرف نسبهما واسمهما وكفى في ذلك تميزهما عن غيرهما3.   (1) الكافي4: 545. (2) المغني9: 159، الفروع6: 552، كشاف القناع6: 407. (4) الزوائد2: 1094. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 257 وأما إذا كان المشهود له والمشهود عليه غائبين فللعلماء في الشهادة عليهما بالمعرفة خلاف: فمنهم من قال: لا يشهد عليهما حتى يعرف اسميهما ونسبيهما1 وتميزهما بالاسم والنسب، والقائل بذلك يجوّز معرفة النسب بالاستفاضة فإن الأنساب غالبها لا تثبت إلا بالاستفاضة، فإذا قال الشاهد: أشهد على فلان عارفا به، وأسند معرفته إلى الاستفاضة جاز له ذلك وكان معرفة في حقه. وبماذا تحصل الاستفاضة؟ في ذلك خلاف بين العلماء: فمنهم من قال: لا بد أن يسمعهم جمع كثير لا يمكن تواطؤهم على الكذب2. ومنهم من قال: تحصل الاستفاضة بخبر اثنين يثق بهما يقولان له: هذا فلان بن فلان، أو هذه فلانة بنت فلان، فيشهد عليهما بالمعرفة بذلك ومستنده الاستفاضة3. وقال الإمام أحمد رضي الله عنه: لا يشهد على امرأة حتى ينظر إليها ويعرف كلامها إذا لم يعرف اسمها ولا نسبها، فإنه قال: فإن   (1) كشاف القناع6: 407، شرح منتهى الإرادات3: 537. (2) الهداية1: 147، الفروع6: 553، الإنصاف12: 13، شرح منتهى الإرادات3: 539. (3) الهداية، والفروع، والإنصاف: الصفحات السابقة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 258 كانت ممن عرف اسمها ودعيت وذهبت وجاءت فليشهد1. ولا يشهد لرجل على رجل بحق وهو لا يعرف اسميهما إلا إذا كانا شاهدين فإنه يجوز2. ولا يشترط هنا معرفة النسب، فيقول: أشهد أن لهذا على هذا كذا وكذا، وأما إذا كانا غائبين فلا يجوز3. وذكر الشيخ مجد4 الدين5 في المحرر قال: وتجوز شهادة   (1) الكافي4: 545-546، المغني9: 159، كشاف القناع6: 408. (2) الكافي4: 546، شرح منتهى الإرادات3: 537، كشاف القناع6: 408. (3) المصادر السابقة. (4) في الأصل: مجدد الدين. (5) الإمام العلاوة مجدد الدين أبو البركات عبد السلام بن عبد الله بن الخضر بن محمد بن علي بن تيمية الحراني جد شيخ الإسلام ابن تيمية، ولد سنة (590هـ) وتفقه على عمه فخر الدين الخطيب ورحل إلى بغداد فسمع من كبار علمائها، وانتهت إليه الإمامة في الفقه وكان عالما بالقراءات، وقال عنه حفيده شيخ الإسلام: كان جدنا عجبا في سرد المتون وحفظ مذاهب الناس وإيرادها بلا كلفة، توفي سنة (652هـ) . من مصنفاته: المحرر في الفقه، المنتقى في أحاديث الأحكام، وغيرها. ترجمته في: ذيل طبقات الحفاظ لابن رجب2: 249، سير أعلام النبلاء23: 291، شذرات الذهب5: 257، كشف الظنون2: 1812، 1651، هدية العارفين2: 570، المدخل416، الأعلام4: 6. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 259 الأعمى في المسموعات، وبما رآه قبل عماه إذا عرف الفاعل باسمه ونسبه، فإن لم يعرفه إلا بعينه فوصفه فوجهان1: الجواز، وعدم الجواز، فعلى وجه الجواز تجوز الشهادة بالوصف وإن لم يعرف النسب2. وقد وضع أصحاب الشروط في الوثائق لمعرفة الشاهد بالمشهود عليه والمشهود له كلاما وجعلوه مراتبا، فقالوا: (المرتبة الأولى) 3: إذا شهد على أعيان الناس كالقضاة والملوك فلا يكتب في الوثيقة وشهوده به عارفون، بل يسكت عن ذلك فهو أليق بمقامهن لأن هذا لا يحتاج إلى تعريف، لأن ترك المعرفة له معرفة، كما أن الحرف ترك العلامة له علامة. المرتبة الثانية: إذا شهد على أقاربه وجيرانه ومعارفه وهو عارف بأنسابهم فيقول في الوثيقة: وشهوده به عارفون، أو يقول: وهو معروف عند شهوده. المرتبة الثالثة: من لا خالطه4 الشاهد، وإنما هو يعلم أن هذا فلان بن فلان بالاستفاضة، فهذا يجوز له أن يصرح بالمعرفة، ويكون مستنده الاستفاضة.   (1) المحرر2: 287-288. (2) النكت والفوائد2: 289. (3) مابين القوسين ساقط من الأصل. (4) كذا في الأصل، ولعل الأصوب: من لم يخالطه الشاهد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 260 المرتبة الرابعة: حضر إلى الشاهد من لا يعرفه، ولا رآه قبل ذلك، لكن لما حضر ذكر اسمه واسم أبيه/1 وجده وبلده وصنعته ولقبه، فهذا إن عرف اثنان يثق عليهما أنه فلان بن فلان جاز له أن يشهد بالمعرفة، ويكون مستنده الاستفاضة وإن لم يعرف به أحد فيقول الشاهد: وقد عرفه شهوده. هذا الأمر هو الغالب على شهود المراكز في جميع الممالك كلها من غير نكير. وإذا حضر الشاهد في هذه المرتبة إلى الحاكم وضُيق عليه في المعرفة فهل يجوز له أن يشهد بالمعرفة أم لا؟ للعلماء في ذلك خلاف: فمنهم من قال: لا يشهد بالمعرفة حتى يعرف النسب. ومنهم من قال: إذا عرف اسم المشهود عليه واسم المشهود له جاز له أن يشهد عليهما في غيبتهما، كما حكى ذلك الشيخ موفق الدين في الكافي2. وقد تقدم أن صاحب المحرر3 قال: تجوز شهادة الأعمى بالوصف في وجه إذا كان قد تحمل الشهادة قبل العمى. وقد قال الإمام أحمد رحمه الله: لا يشهد على المرأة حتى ينظر   (1) نهاية الورقة الأولى من الورقتين الملحقتين بالكتاب. (2) الكافي4: 546. (3) المحرر2: 289. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 261 إلى وجهها ويسمع كلامها إذا لم يعرف اسمها، فإن كان ممن عرف اسمها ودعيت فذهبت وجاءت فيشهد1. وقال القاضي من أصحاب أحمد2: يجوز في الاستفاضة إذا عرفه اثنان بالرجل أو المرأة أن يشهد عليهما، ويكفي الحاكم من الشاهد أن يقول وقد عرفه شهوده، فإن هذه رتبة من رتب معرفة المشهود عليه، فإنه أتى بصيغة: قد، وقد لها معانٍ: إما للتقريب3، وإما للتقليل4، وإما للتحقيق5، وليس لها معنى هنا إلا التحقيق. فكأن الشاهد لما قال: وقد عرفه شهوده إما تحقق معرفته مما يخفى عليه بعد ذلك، وإما عرفه بالاستفاضة، وإما وقع منه تدليس في المعرفة فيتجاوز الحاكم عنه، ولا إثم على الحاكم في ذلك، لأن التدليس قد وقع فيما هو أعظم من ذلكن واغتفره الثقات النقاد لمن دلس ذلك، وهو العنعنة في رواية الحديث: فإن الراوي إذا روى عن فلان عن فلان عن فلان يحتمل أن يكون سمعه منه، ويحتمل أن لا يكون سمعه، وعدوا ذلك تدليسا وقبلوه6.   (1) المغني9: 159، الكافي4: 546. (2) الكافي4: 543، 546، المغني9: 160. (3) مثل قولك: قد أقبل العالم. (4) مثل قولك: قد يصدق الكذوب. (5) مثل قوله تعالى: {قد أفلح من زكاها} [الآية 9 من سورة الشمس] . (6) للاستزادة من معرفة التدليس وأنواعه وما يتعلق به، انظر: التقييد والإيضاح78، مقدمة ابن الصلاح165، الكفاية في علم الرواية355. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 262 فقول الشاهد: وقد عرفه شهوده، يحتمل أن يكون عرّفه بنسبه أحد فاستند إلى الاستفاضة، أو أنه قد عرفه وما بقي يخفى عليه، وهذا جائز عند بعض العلماء إذا عرف اسم المشهود عليه والمشهود له. المرتبة الخامسة: إذا كتب الشاهد الوثيقة وخاف أن يخفى عليه معرفة المشهود عليه بعد ذلك فلا يكتب وقد عرفه شهوده، بل يكتب: ومن جانبه المقر أو المقرة كذا وكذا، وهذه الوثيقة لا تثبت إلا في وجه المشهود عليه. والله سبحانه وتعالى أعلم الصواب، وإليه المآب، والحمد لله وحده، وحسبنا الله ونعم الوكيل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 263