الكتاب: معرفة القراء الكبار على الطبقات والأعصار المؤلف: شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قَايْماز الذهبي (المتوفى: 748هـ) الناشر: دار الكتب العلمية الطبعة: الأولى 1417 هـ- 1997م عدد الأجزاء: 1   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع وهو مذيل بالحواشي] ---------- معرفة القراء الكبار على الطبقات والأعصار الذهبي، شمس الدين الكتاب: معرفة القراء الكبار على الطبقات والأعصار المؤلف: شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قَايْماز الذهبي (المتوفى: 748هـ) الناشر: دار الكتب العلمية الطبعة: الأولى 1417 هـ- 1997م عدد الأجزاء: 1   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع وهو مذيل بالحواشي] ال مقدمة : بسم الله الرحمن الرحيم التعريف بالذهبي: هو أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز بن عبد الله الذهبي, ولد في شهر ربيع الآخر سنة 673هـ وكان من أسرة تركمانية الأصل, تنتهي بالولاء إلى بني تميم, وقد اهتم الذهبي بقراءة القرآن الكريم, والعناية بدراسة علم القراءات, فتوجه سنة 691هـ، هو ورفقة له إلى شيخ القراء جمال الدين أبي إسحاق إبراهيم بن داود العسقلاني ثم الدمشقي المعروف بالفاضلي, فشرع عليه بالجامع الكبير وكان الفاضلي وصحب الشيخ علم الدين السخاوي المتوفى سنة 643هـ وهو الذي انتمت إليه رياسة الإقراء في زمانه وجمع عليه القراءات السبع وتصدر للإقراء بتربة أم صالح, ولكنه أصيب بطرف من الفالج فكان يقرئ في بيته وينتهي الذهبي عليه في أواخر سورة القصص, ويزداد الفالج على الشيخ فيمنعه الطلبة من الدخول عليه ثم يموت سنة 962هـ وتظل قراءة الذهبي على الفاضلي ناقصة, وكان في هذه الأثناء قد شرع يقرأ بالجامع الكبير على الشيخ جمال الدين أبي إسحاق إبراهيم بن غالي المقرئ الدمشقي توفي سنة 708هـ وقرأ خاتمة لمذاهب القراء السبعة بما اشتمل عليه كتاب التيسير للداني وكتاب حرز الأماني للشاطبي على ابن جبريل المصمدي نزيل دمشق, وما لبث الذهبي أن أصبح على معرفة جيدة بالقراءات وأصولها ومسائلها. وهو لما يزل فتى لم يتعد العشرين من عمره, وقد استمد -رحمه الله- في تحصيل علم القراءات, فكتب المقدمة في التجويد عن مؤلفها المقرئ المجود أبي عبد الله محمد بن جوهر التلعرفي 696هـ، وتلا خاتمة للسبعة على مجد الدين أبي بكر بن محمد المرسي نزيل دمشق 718هـ. وجمع الختمة على شيخ القراء ببعلبك موفق الدين 695هـ وقرأ بالسبع أيضا على المقرئ شمس الدين أبي عبد الله محمد بن منصور الحلبي 700هـ. وكان الحلبي هذا من المتصدرين بالعادلية وبالجامع الأموي، وقرأ كتاب المبهج في القراءات السبع لسبط الشيخ أبي منصور الخياط البغدادي، والسبعة لأبي مجاهد وغيرهما، على شيخه أبي حفص عمر بن القواس المتوفى سنة 698هـ. وسمع الشاطبية من غير واحد من القراء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 3 وقد تنازل له عن حلقته بالجامع الأموي الشيخ أبو عبد الله محمد بن عبد العزيز الدمياطي، ثم الدمشقي الشافعي. تصانيفه كثيرة تقارب المائة، منها: 1- المشتبه في الأسماء والأنساب والكنى والألقاب. 2- العباب في التاريخ. 3- تاريخ الإسلام الكبير. 4- دول الإسلام. ثلاثة أجزاء. 5- سير أعلام النبلاء. 6- تذكرة الحفاظ. 7- العبر في خبر من غبر. 4 أجزاء. 8- طبقات القراء الكبار. 9- المغني في رجال الحديث. جزآن. 10- معرفة القراء الكبار. كتابنا هذا. وفاته: أضر الذهبي في آخريات سني حياته قبل موته بأربع سنين أو أكثر بماء نزل في عينيه، فكان يتأذى ويعضب إذا قيل له: لو قدحت هذا لرجع البصر. ويقول: ليس هذا بماء, وأنا أعرف نفسي؛ لأنني ما زال بصري ينقص قليلا قليلا إلى أن تكامل عدمه. وتوفي رحمه الله بتربة أم صالح ليلة الاثنين, ثالث ذي القعدة قبل نصف الليل سنة 748هـ، ودفن بمقابر باب الصفير، وحضر الصلاة عليه جملة من العلماء, كان من بينهم تاج الدين السبكي. وقد رثاه غير واحد من تلامذته، منهم الصلاح الصدفي، والتاج السبكي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 4 وصف المخطوط: قمنا في تحقيق هذا الكتاب الجليل بفضل الله الواحد الأحد الغني الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد بالاستعانة بمخطوطتين خطيتين وهما: أ- مصدرة بدلين ورمزنا لها بالرمز أ. ب- مصدرة دار الكتب المصرية ورمزنا لها بالرمز ب. وفي النهاية أسأل الله أن يوفقنا الله سبحانه وتعالى من تحقيق هذا الكتاب على إتمامه والشكر لمشايخي الذين تلقيت عليهم العلم وهم: الشيخ الحسيني الشيخ, والشيخ جاد الدين رمضان, والشيخ محمد أنيس عبادة, والدكتور كمال عبد العظيم العقاني. جزاهم الله عنا وعن المسلمين خير الجزاء. طالب العلم، أبو عبد الله محمد حسن محمد حسن إسماعيل الشافعي أ، محمد فارس الجزء: 1 ¦ الصفحة: 5 بسم الله الرحمن الرحيم وهو حسبي, الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ما لمع نور واختفى، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، سيد الشرفا, وحسبي الله وكفى. أما بعد، فهذا كتاب فيه معرفة المشهورين من القراء1 الأعيان، أولي الإسناد والإتقان، والتقدم في البلدان على الطبقات والأزمان، والله تعالى المستعان. الطبقة الأولى: الذين عرضوا على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رضي الله عنهم باب الطبقة الأولى الذين عرضوا على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رضي الله عنهم. 1- عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب أمير المؤمنين أبو عمرو 2, وأبو عبد الله القرشي الأموي ذو النورين 3 -رضي الله عنه. أحد السابقين الأولين وأحد من جمع4 القرآن على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم.   1 القراء بضم القاف وتشديد الراء مفتوحة جمع قارئ وهو: من نطق بألفاظ الآية عن نظر أو عن حفظ، أما القراء بفتح القاف وتشديد الراء مفتوحة فهو: من يجيد قراءة القرآن. "انظر المعجم الوجيز ص494-495". 2 كان عثمان يكنى في الجاهلية أبا عمرو، فلما ولدت له في الإسلام رقية غلاما سماه عبد الله واكتنى به. "انظر صفة الصفوة ص154 ج1". 3 سمي ذو النورين لجمعه بين بنتي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رقية وأم كلثوم رضي الله عنهما. "انظر صفة الصفوة ص154 جـ1". 4 لا بد أن نفرق بين جمع القرآن في عهد أبي بكر وجمعه في عهد عثمان على النحو الآتي: فجمع القرآن في عهد أبي بكر معناه: ترتيب آيات كل سورة على حدة، وإن ظلت السورة بعد ذلك مفرقة, لم يرتب بعضها إثر بعض. أما جمعه في عهد عثمان فمعناه ترتيب سوره ونسخه من الصحف من مصحف واحد جامع لكل آياته وسوره على الترتيب الذي نقرأه به ونشاهد اليوم. فالفرق إذا بين الصحف والمصاحف: أن الصحف هي ما جمع فيها أبو بكر سور القرآن بعد ترتيب آياتها من غير رعاية ترتيب السور. والمصحف: هو ما جمعت فيه تلك الصحف بعد ترتيب سورها. فإذا علمت هذا فاعلم أن القرآن كان في عهد الرسول -صلوات الله وسلامه عليه- محفوظا في الصدور، مكتوبا في الرقاع "جمع رقعة بالضم وهي القطعة من الجلد" والعسب "جمع عسيب وهي جريدة من النخل= الجزء: 1 ¦ الصفحة: 9 قرأ عليه المغيرة بن أبي شهاب المخزومي1. ويقال: قرأ عليه ابن عامر2 وليس بشيء، وإنما قرأ على المغيرة وحدث عنه بنوه أبان وعمرو وسعيد وحمران بن أبان وابن عباس وعبد الله بن عمر بن الخطاب وأنس بن مالك -رضي الله عنهم- أجمعين، والسائب بن يزيد وأبو أمامة بن سهل وأبو عبد الرحمن السلمي والأحنف بن قيس3 وطارق بن شهاب وخلق كثير. تزوج بابنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رقية -رضي الله عنها، فولدت له عبد الله وبه كان يكنى ثم كني، بابنه عمرو، فلما توفيت رقية ليالي بدر زوجه النبي -صلى الله عليه وسلم- بأختها أم كلثوم -رضي الله عنها، وكان معتدل الطول حسن الوجه كبير اللحية أسمر بعيد ما بين المنكبين مخضبا بالصفرة. قال السائب: رأيته فما رأيت شيخا أجمل منه, قلت: سقت أخباره في تاريخ الإسلام، قتل شهيدا في داره مظلوما، قاتل الله قاتله في ثامن عشر ذي الحجة سنة خمس وثلاثين, وله اثنتان وثمانون سنة على الصحيح -رضي الله عنه4.   = مستقيمة مزال خوصها" واللخاف "ككتاب جمع لخفة بالكسر وهي حجارة بيض رقاق" غير مجموع ولا مرتب السور، وقد نظم بعضهم ذلك فقال: لم يجمع القرآن في مجلد به ... على الصحيح في حياة أحمد للأمن فيه من خلاف ينشأ ... وخيفة النسخ بوحي يطرأ وكان يكتب على الأكتاف ... وقطع الأدم واللخاف وبعد إغماض النبي فالأحق ... أن أبا بكر بجمعه سبق جمعه غير مرتب السور ... بعد إشارة إليه من عمر ثم تولى الجمع ذو النورين ... فضمه ما بين دفتين مرتب السور والآيات ... مخرجا بأفصح اللغات "انظر لطائف البيان في رسم القرآن شرح مورد الظمآن ص6, 7". 1 انظر ترجمته ضمن الطبقة الثانية. 2 هو عبد الله بن عامر بن يزيد بن تميم بن ربيعة بن عامر اليحصبي بتثليث الصاد. وكنيته أبو عمران ولد سنة إحدى وعشرين من الهجرة, وقيل سنة ثمان منها. وتوفي بدمشق يوم عاشوراء سنة ثماني عشرة ومائة. "انظر تاريخ القراء العشرة ورواتهم وتأثر قراءاتهم ص21". 3 هو أبو بحر المعروف بالأحنف بن قيس التميمي السعدي، كان من سادات التابعين يضرب بحلمه المثل، فعن الحسن قال: ما رأيت شريف قوم أفضل من الأحنف، أدرك عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- وأسلم قومه بإشارته, ولم يغد على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وله رواية عن عمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم، توفي سنة اثنتين وسبعين للهجرة. "انظر شذرات الذهب في أخبار من ذهب ص78 جـ1". 4 انظر أسد الغابة "3/ 584", الإصابة "2/ 455". تاريخ الخلفاء "ص/ 147", تذكرة الحفاظ "1/ 8". خلاصة تذهيب الكمال "221", شذرات الذهب "1/ 40". طبقات ابن سعد "3/ 36", طبقات الشيرازي "40". طبقات القراء لابن الجزري "1/ 507", العبر "1/ 36". مروج الذهب "2/ 340", النجوم الذاهدة "1/ 92". حلية الأولياء "1/ 55", الرياض الناضرة "2/ 82". مرآة الجنان "1/ 90", العقد الثمين "2/ 32" الجزء: 1 ¦ الصفحة: 10 2- علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب أمير المؤمنين أبو الحسن الهاشمي -رضي الله عنه. أحد السابقين الأولين, لم يسبقه الى الإسلام إلا خديجة -رضي الله عنها. واختلف فيه وفي أبي بكر -رضي الله عنهما- أيهما أسلم أول, ولكن إسلام الصديق كان أنفع للإسلام وأكمل، لأن عليا -رضي الله عنهما- أسلم وله ثماني سنين. وقيل: تسع سنين. وقيل: ابن عشر سنين, وقيل ابن اثنتي عشرة سنة, وقيل ابن ثلاث عشرة, وقيل ابن خمس عشرة. قال ابن عيينة1 عن جعفر الصادق2 عن أبيه أن عليا قتل وهو ابن ثمان وخمسين سنة. قال المؤلف: هذا يطابق أنه أسلم وله ثماني سنين، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- بعث فأقام بمكة عشرا وبالمدينة عشرا, وعلى قول من يقول أقام بمكة ثلاث عشرة سنة كما قال الشاعر: "ثوى في قريش بضع عشرة حجة" فيكون علي أسلم وله خمس سنين أو نحوها. وروى عبد الله بن محمد بن عقيل عن ابن الحنفية3 قال: قتل أبي وله ثلاث وستون سنة. وكذا قال أبو إسحاق السبيعي وأبو بكر بن عياش وجماعة، ورواه فرات بن السائب   1 هو شيخ الحجاز وأحد الأعلام أبو محمد بن سفيان بن عيينة الهلالي مولاهم الكوفي الحافظ نزيل مكة، قال الشافعي: لولا مالك وابن عيينة لذهب علم الحجاز وقال ابن وهب: لا أعلم أحدا أعلم بالتفسير من ابن عيينة, وقال أحمد العجلي: كان حديثه نحوا من سبعة آلاف حديث. توفي في الأول من رجب سنة ثمان وتسعين ومائة وله إحدى وتسعون سنة: "انظر شذرات الذهب ص354 جـ1". 2 هو أبو عبد الله جعفر الصادق بن أبي جعفر محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين السبط بن علي بن أبي طالب، كان سيد بني هاشم في زمانه وقد توفي في آخر سنة48 عن ثمان وستين سنة "العبر: 20811". 3 ابن الحنفية: هو أبو القاسم -ويقال: أبو عبد الله- محمد بن علي بن أبي طالب، وأمه خولة بنت جعفر بن قيس بن سلمة، من بني حنيفة بن لجيم، وقد كان عالما فاضلا شجاعا، وتوفي في سنة81 "تهذيب التهذيب 9/ 354, والعبد: 1/ 93, ومشاهير علماء الأمصار رقم419". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 11 عن ميمون بن مهران عن ابن عمر وهو رواية أخرى عن أبي جعفر الباقر1. وقال الهيثم بن عدي وأبو بكر بن البرقي: عاش سبعا وخمسين سنة، ومناقب علي -رضي الله عنه- يضيق المكان عنها، وقد أفردت سيرته في كتاب سميته فتح المطالب في أخبار علي بن أبي طالب. أجمع المسلمون على أنه قتل شهيدا يوم قتل، وما على وجه الأرض بدري أفضل منه، ضربه ابن ملجم المرادي2 صبيحة سابع عشرة من رمضان سنة أربعين من الهجرة بالكوفة، وكان قد جمع القرآن بعد وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم. وقال الشعبي3: لم يجمع القرآن أحد من الخلفاء الأربعة إلا عثمان. وقال أبو بكر بن عياش عن عاصم قال: ما أقرأني أحد حرفا إلا أبو عبد الرحمن السلمي. وكان قد قرأ على علي -رضي الله عنه- فكنت أرجع من عنده فأعرض على زر4, وكان زر قد قرأ على ابن مسعود، فقلت لعاصم: لقد استوثقت قلت هذا يرد على الشعبي قوله. وقال علي بن رباح: جمع القرآن في حياة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أربعة، علي -عثمان- وأبي بن كعب وعبد الله بن مسعود. وقال حماد بن زيد: أنا أيوب عن ابن سيرين5. قال مات أبو بكر -رضي الله عنه- ولم يختم القرآن. وقال ابن علية عن منصور بن عبد الرحمن عن الشعبي: قبض أبو بكر وعمر وعلي -رضي الله عنهم- ولم يجمعوا القرآن.   1 هو أبو جعفر، محمد الباقر بن علي بن الحسين السبط بن علي بن أبي طالب، ولد في سنة56 من الهجرة, وروى عن أبي سعيد الخدري وجابر بن عبد الله، ثم كان من فقهاء المدينة. وتوفي في سنة 114 "العبر: 1/ 142, ومشاهير علماء الأمصار رقم420". 2 عبد الرحمن بن ملجم، المرادي، الحميري، هو الفاتك الثائر الذي اغتال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب -رضي الله عنه، قتل في سنة40 من الهجرة عقيب جريمته. 3 الشعبي: هو عامر بن شراحبيل، ثقة مشهور، فقيه "انظر التهذيب 5/ 45، التقريب 1/ 387". 4 هو أبو مريم زر بن حبيش الأسدي القارئ بالكوفة، توفي سنة اثنتين وثمانين وله من العمر مائة وعشرون سنة "انظر شذرات الذهب ص91 جـ1". 5 محمد بن سيرين: هو شيخ البصرة إمام المعبرين كاتب أنس بن مالك بفارس، توفي يوم الجمعة من شهر شوال بالبصرة سنة عشر ومائة "انظر شذرات الأصب ص138 جـ1". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 12 وقال يحيى بن آدم: قلت لأبي بكر بن عياش: تقولون إن عليا -رضي الله عنه- لم يقرأ القرآن قال: أبطل من قال هذا. وروى عاصم بن أبي النجود عن أبي عبد الرحمن السلمي قال: ما رأيت أحدا كان أقرأ من علي. وقال ابن سيرين: يزعمون أن عليا كتب القرآن على تنزيله, فلو أصبت ذلك الكتاب لكان فيه علم1. 3- أبي بن كعب بن قيس بن عبيد بن زيد بن معاوية بن عمرو بن مالك بن النجار أبو المنذر الأنصاري -رضي الله عنه. أقرأ الأمة, عرض2 القرآن على النبي -صلى الله عليه وسلم، أخذ عنه القراءة ابن عباس وأبو هريرة وعبد الله بن السائب وعبد الله بن عياش بن أبي ربيعة وأبو عبد الرحمن السلمي، وحدث عنه سويد بن غفلة، وعبد الرحمن بن أبزي وأبو المهلب، وآخرون. شهد بدرا والمشاهد كلها ومناقبه كثيرة، وكان ربعة3 من الرجال شيخا أبيض الرأس واللحية. روى سلام عن زيد العمي عن أبي الصديق الناجي عن أبي سعيد الخدري4 -رضي الله عنه، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "أرحم هذه الأمة بها أبو بكر" وذكر الحديث وفيه: "وأقرؤهم لكتاب الله أبي بن كعب سلام" "ضعيف"، وزيد حسن الحديث5. وقال حماد بن سلمة6 عن عاصم الأحول عن أبي قلابة، إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:   1 انظر، أسد الغابة "4/ 91", الإصابة "2/ 501". تاريخ بغداد "9/ 133", تاريخ الخلفاء "166". تذكرة الحفاظ "1/ 10", الخلاصة "320". شذرات الذهب "1/ 194", طبقات ابن سعد "3/ 211". طبقات الشيرازي "41", طبقات القراء لابن الجزري "1/ 546". العبر "1/ 46". مروج الذهب "2/ 358", النجوم الزاهدة "1/ 119". 2 يقال عرض القرآن أو الكتاب أي: قرأه عن ظهر قلب. "انظر المعجم الوجيز ص413". 3 الربعة: الوسيط القامة. "انظر المعجم الوجيز ص253". 4 هو سعد بن مالك، الأنصاري، أحد فقهاء الصحابة وأعيانهم، شهد الخندق وغيرها، وشهد بيعة الرضوان، وتوفي من سنة 74 "العبر: 1/ 74". 5 بل زيد هذا ضعيف الحديث, فقد نقل المصنف تضعيفه عن ابن معين وأبي صاتم والنسائي. انظر/ الميزان "2/ 102". والحديث صحيح: أخرجه الترمذي "3793". وابن ماجه "154". والإمام أحمد "3/ 184", والحاكم "3/ 422". 6 حماد بن سلمة يكن أبا سلمة مولى لبني تميم، وهو ابن أخت حميد الطويل. عن عبد الرحمن بن مهدي قال: لو قيل لحماد بن سلمة: إنك تموت غدا ما قدر أن يزيد من العمل شيئا. وأسند عن خلف لا يحصون من التابعين. وتوفي في سنة ثمان وستين ومائة بينما كان يصلي في المسجد "انظر صفة الصفوة ص 243، 244 ج3". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 13 "أقرؤهم أبي بن كعب" 1 هذا مرسل جيد، وقال ابن أبي مليكة سمعت ابن عباس يقول: قال عمر -رضي الله عنه- أقضانا علي، وأقرؤنا أبي2. وقال قتادة عن أنس -رضي الله عنه، إن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لأبي "إني أمرت أن أقرأ عليك"، وفي لفظ "أن أقرئك القرآن" , قال: الله سماني لك. قال: "نعم" فبكى أبي"3. وقال أيوب: سمعت أبا قلابة عن أبي المهلب, قال: كان أبي يختم القرآن في ثمان، إسناده صحيح، وقال له النبي -صلى الله عليه وسلم: "ليهنك العلم أبا المنذر" 4. وقال عمر -رضي الله عنه- يوم موت أبي: اليوم مات سيد المسلمين5 توفي بالمدينة. قال ابن معين: سنة عشرين أو تسع عشرة. وقال الواقدي ومحمد بن عبد الله بن نمير ومحمد بن يحيى والترمذي سنة اثنتين وعشرين6، قلت: أبي بن كعب أقرأ من أبي بكر ومن عمر، وبعد هذا فما استخلف النبي -صلى الله عليه وسلم- أبيا بل استخلف أبا بكر على الصلاة. وقد قال -صلى الله عليه وسلم: " يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله" الحديث، وهذا مشكل. قال أبو وائل عن مسروق عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما، إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يقول: "استقرئوا القرآن من أربعة: عبد الله بن مسعود، وسالم مولى أبي حذيفة، ومعاذ بن جبل، وأبي بن كعب" 7 رضي الله عنهم8. 4- عبد الله بن مسعود بن غافل بن حبيب بن شمخ بن فار بن مخزوم ابن   1 أخرجه الترمذي في المناقب "3793", وابن ماجه "154". 2 أخرجه البخاري في التفسير "4481", والإمام أحمد في مسنده "5/ 113". 3 أخرجه البخاري في المناقب "4959", والترمذي في المناقب "3895", والإمام أحمد في مسنده "3/ 130". 4 أخرجه مسلم في صلاة المسافرين "810". وأبو داود في الوتر "1460". والإمام أحمد في مسنده "5/ 142". 5 انظر، طبقات ابن سعد "3/ 61". صفة الصفوة "1/ 246". 6 وفي رواية مات في سنة ثلاثين. انظر صفة الصوفة "1/ 246". تهذيب الكمال "2/ 271-272". 7 أخرجه البخاري في الفضائل "3758". 8 انظر أسد الغابة "1/ 61", الإصابة "1/ 31". تذكرة الحفاظ "1/ 16", خلاصة تذهيب الكمال "21". شذرات الذهب "1/ 31", طبقات ابن سعد "3/ 59". طبقات الشيرازي "244", طبقات القراء لابن الجذري "1/ 31", العبر "1/ 23". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 14 صاهلة بن كاهل بن الحارث بن تميم بن سعد بن هذيل بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار أبو عبد الرحمن الهذلي المكي حليف بني زهرة -رضي الله عنه. كان من السابقين الأولين ومن مهاجرة الحبشة. شهد بدرا واحتز رأس أبي جهل, فأتى به النبي -صلى الله عليه وسلم، وكان أحد من جمع القرآن على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم، وأقرأه وكان يقول: حفظت من في رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سبعين سورة، قرأ عليه علقمة ومسروق والأسود، وزر بن حبيش وأبو عبد الرحمن السلمي وطائفة. وتفقه به خلق كثير, وكانوا لا يفضلون عليه أحدا في العلم، وأمه أم عبد هذلية أيضا من المهاجرات الأول، وكان ابن أم عبد يخدم النبي -صلى الله عليه وسلم- ويلزمه ويحمل نعل النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا خلعها، وكان آدم1 خفيف اللحم لطيف القد2 أحمش الساقين حسن البزة3 طيب الرائحة، موصوفا بالذكاء والفطنة. أسلم قبل عمر -رضي الله عنه- وقال: قال له النبي -صلى الله عليه وسلم: "إنك لغليم 4 معلم" 5. وقال حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس -رضي الله عنه: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- آخى بين الزبير وابن مسعود6. وقال أبو موسى: ما كنت أحسب ابن مسعود وأمه إلا من أهل البيت؛ لكثرة دخولهم وخروجهم7.   1 الآدم في اللغة: الشديد السمرة. "انظر المعجم الوجيز ص10". 2 دقيق الساقين. "انظر المعجم الوجيز". 3 البزة بفتح الباء الموحدة وتشديد الزاي المعجمة مفتوحة يعني: الهيئة أو السلاح، والمعنى الأول هو المقصود. "انظر المعجم الوجيز ص49". 4 أخرجه الإمام أحمد في مسنده "1/ 379". 5 عن زر بن حبيش، عن عبد الله بن مسعود، قال: كنت غلاما يافعا أرعى غنما لعقبة بن أبي معيط، فجاء النبي -صلى الله عليه وسلم- وأبو بكر وقد نقرا من المشركين فقالا: يا غلام هل عندك من لبن تستقينا؟ فقلت: إني مؤتمن ولست ساقيكما. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "هل عندك من جذعة لم ينز عليها الفحل؟ " قلت: نعم, فأتيتهما بها فاعتقلها النبي -صلى الله عليه وسلم- ومسح الضرع ودعا فحفل الضرع "أي: امتلأ وسال" ثم أتاه أبو بكر بصخرة منقعرة فاحتلب فيها فشرب أبو بكر ثم شربت: ثم قال للضرع: "اقلص"، فقلص "أي: تدانى وانقبض" قال: فأتيته بعد ذلك فقلت: علمن من هذا القول. قال: "إنك غلام معلم". فأخذت من فيه سبعين سورة لا ينازعن فيها أحد. "انظر صفة الصفوة ص208 جـ1". 6 أخرجه الحاكم "3/ 314". 7 متفق عليه: أخرجه البخاري في الفضائل "3763". ومسلم في الفضائل "2460". والترمذي "3808". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 15 وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يطلع ابن مسعود على أسراره ونجواه1. وكان يتولى فراش النبي -صلى الله عليه وسلم- ووساده وسواكه ونعله وطهوره2. وروى عبيدة السلماني عن ابن مسعود أن النبي -صلى الله عليه وسلم- بشره بالجنة، وعده في العشرة وأسقط أبا عبيدة بن الحجاج وجعل عبد الله بدله، وقال -صلى الله عليه وسلم: " من أحب أن يقرأ القرآن غضا كما أنزل فليقرأ قراءة ابن أم عبد" 3. وسمعه يدعو فقال: "سل تعطه" 4. وقال: "لرجل عبد الله في الميزان أثقل من أحد" 5. وقال: "تمسكوا بعهد ابن أم عبد" 6. وقال حذيفة: ما أعلم أحدا أقرب سمتا ولا هديا ودلا برسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى يواريه بيته من ابن أم عبد7. وقال أبو وائل عن عبد الله قال: لقد علم أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أني أقرؤهم لكتاب الله عز وجل. وقال أبو مسعود: والله لا أعلم أحدا تركه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أعلم بكتاب الله تعالى من هذا، وأشار إلى ابن مسعود، رواه مسلم8. وقال زيد بن وهب: جاء ابن مسعود الى مجلس عمر -رضي الله عنهما- فجعل يكلم عمر ويضاحكه، فكاد الجلوس يوازونه من قصره، فلما ولى قال عمر: كنيف ملئ علما9. وقال أبو موسى10: مجلس كنت أجالسه ابن مسعود أوثق في نفسي من عمل سنة.   1 أخرجه الإمام أحمد في مسنده "1/ 385". 2 أخرجه ابن سعد "3/ 108". 3 أخرجه ابن ماجه "138", والإمام أحمد في مسنده "1/ 7". والبيمقى "1/ 452", والحاكم "3/ 368". 4 أخرجه الإمام أحمد في مسنده "1/ 25, 26". 5 أخرجه الإمام أحمد في مسنده "1/ 114". 6 أخرجه الترمذي في المناقب "3810", وابن ماجه في المقدمة "97", والإمام أحمد في مسنده "5/ 385". 7 أخرجه البخاري في الأدب "6097", والترمذي في المناقب "3809", والإمام أحمد في مسنده "5/ 401, 402". 8 الحديث "3/ 1/ 2461". 9 أخرجه ابن سعد "3/ 110". 10 أبو موسى: عبد الله بن قيس، الأشعري، الأمير، المقرئ، صحابي جليل، استعمله النبي -صلى الله عليه وسلم على عدن، واستعمله عمر على الكوفة والبصرة، وفتحت على يديه عدة أمصار، وتوفي في شهر ذي الحجة من سنة 44 "العبر: 1/ 52", مشاهير علماء الأمصار "رقم216". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 16 وقال الأعمش1 عن عمارة بن عمير عن حريث بن ظهير قال: جاء نعي عبد الله إلى أبي الدرداء2 فقال: ما ترك بعده مثله، اتفق أن عبد الله وفد من الكوفة فمات بالمدينة في آخر سنة اثنتين وثلاثين -رضي الله عنه3. 5- زيد بن ثابت بن الضحاك بن زيد بن لوذان بن عمرو بن عبد عوف ابن غنم بن مالك بن النجار أبو سعيد وأبو خارجة الأنصاري الخزرجي النجاري المقري الفرضي. كاتب النبي -صلى الله عليه وسلم- وأمينه على الوحي -رضي الله عنه، كان أسن من أنس بسنة، وكان شابا ذكيا ثقفا، جمع القرآن على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم، وجمعه في صحف لأبي بكر الصديق -رضي الله عنه، ثم تولى كتابة مصحف عثمان -رضي الله عنه، الذي بعث به عثمان نسخا إلى الأمصار، قرأ عليه أبو هريرة وابن عباس في قول. وروى عنه ابنه خارجة وابن عمر وأنس وعبيد بن السباق، وعطاء بن يسار4 وحجر المدري وعروة5 وطاوس6 وآخرون، وشهد الخندق وبيعة الرضوان، وكان عمر -رضي الله عنه- يستخلفه على المدينة إذا حج.   1 هو أبو محمد سليمان بن مهران الأسدي الكاهلي مولاهم الأعمش، روى عن ابن أبي أوفى وأبي وائل والكبار، وكان محدث الكوفة وعالمها، قال ابن المدني: للأعمش نحو ألف وثلاثمائة حديث وقال ابن عيينة: كان أقرأهم لكتاب الله وأعلمهم بالفرائض وأحفظهم للحديث, وقال يحيى القطان: هو علامة الإسلام, قال وكيع: بقي الأعمش قريبا من سبعين سنة لم تفته التكبيرة الأولى. توفي في ربيع الأول سنة ثمان وأربعين ومائة للهجرة "انظر شذرات الذهب في أنبار من ذهب ص220". 2 أبو الدرداء: هو عويمر بن زيد -ويقال: ابن عبد الله- الأنصاري، الخزرجي، أسلم بعد غزوة بدر، وكان حكم هذه الأمة، ولي قضاء دمشق، وبها توفي في سنة 32 "العبر: 1/ 33". 3 انظر أسد الغابة "3/ 384", الإصابة "2/ 360". تاريخ بغداد "1/ 147", تذكرة الحفاظ "1/ 31". خلاصة تذهيب الكمال "181", شذرات الذهب "1/ 38". طبقات ابن سعد "3/ 106", طبقات الشيرازي "43". طبقات القراء لابن الجزري "1/ 458", العبر "1/ 33". النجوم الزاهرة "1/ 89". 4 هو عطاء بن يسار المدني الفقيه مولى ميمونة أم المؤمنين، ثقة إمام، كان يقضي بالمدينة, وروى عن كبار الصحابة: قاله الذهبي، وقال ابن قتيبة: كان عطاء قاضيا ويرى القدر ويكنى أبا محمد توفي سنة ثلاث ومائة وهو ابن أربع وثمانين. "انظر شذرات الذهب ص125 جـ1". 5 هو أبو محمد عروة بن الزبير بن العوام الأسدي المدني الفقيه الحافظ، أحد فقهاء المدينة السبعة جمع العلم والسيادة والعبادة، حفظ عن والدة وكان يصوم الدهر ومات صائما, واشتهر أنه قطعت رحيله وهو في الصلاة لأكلة وقعت فيها ولم يتحرك، وكان عبد الملك بن مروان يقول: من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى عروة بن الزبير, ولد سنة تسع وعشرين للهجرة وتوفي سنة أربع وتسعين "انظر شذرات الذهب ص103 جـ1". 6 هو طاوس بن كيان يكنى أبا عبد الرحمن, قال الواقدي: كان طاوس مولى بعير بن ريسان الحميدي وكان ينزل الجند، وقال الفضل ابن دكين: هو مولى لهمدان وقال عبد المنعم بن إدريس: هو مولى لابن هوذة الهمداني. أدرك طاوس خلقا كثيرا من الصحابة وأكثر روايته عن ابن عباس، وروى عنه من التابعين: مجاهد، وعطاء، وعمرو بن دينار، وأبو الزبير ومحمد بن المنكدر والزهري ووهب بن منبه "انظر صفة الصفوة ص188، 19 جـ3". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 17 قال أنس: جمع القرآن على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زيد وأبي ومعاذ وأبو زيد الأنصاريون1. قال محمد بن سعد: حدثنا محمد بن عمر حدثني الضحاك بن عثمان عن الزهري قال، قال ثعلبة بن أبي مالك: سمعت عثمان يقول: من يعذرني من ابن مسعود غضب إذ لم أوله نسخ القرآن، فهلا غضب على أبي بكر وعمر وهما عزلاه عن ذلك، ووليا زيدا، فاتبعت أمرهما. وقال وكيع عن سفيان عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن أنس -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "أفرض أمتي زيد بن ثابت" 2. وقال الشعبي: غلب زيد الناس على القرآن والفرائض. وعن داود بن أبي هند عن الشعبي قال: لم يجمع القرآن في حياة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- غير ستة كلهم من الأنصار. زيد بن ثابت، وأبو زيد ومعاذ بن جبل وأبي بن كعب وأبو الدرداء، ونسي السادس، رواه إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي فسمى السادس سعد بن عبيد، وزاد آخر وهو مجمع بن جارية, فقال: قرأ أيضا القرآن إلا سورة أو سورتين أو ثلاثا. قال حفص عن عاصم عن أبي عبد الرحمن قال: لم أخالف عليا في شيء من قراءته إلا في التابوت، كان زيد يقرؤها بالهاء وعلي بالتاء، قلت له مناقب جمة، وتوفي سنة خمس وأربعين3 على الأصح4. 6- أبو موسى الأشعري عبد الله بن قيس بن سليم بن حضار الأشعري اليماني -رضي الله عنه.   1 أخرجه البخاري "4619". 2 تقدم تخريجه. 3 قال غير الواقدي مات سنة إحدى أو اثنتين وخمسين. وقال آخر: مات سنة خمس وخمسين. "انظر صفة الصفوة ص359". 4 انظر أسد الغابة "2/ 278", الإصابة "1/ 43". تذكرة الحفاظ "31", خلاصة تذهيب الكمال "108". شذرات الذهب "1/ 54", طبقات الشيرازي "46". طبقات القراء لابن الجزري "1/ 296", العبر "1/ 53". النجوم الذاهدة "1/ 31". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 18 هاجر إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقدم عليه عند فتح خيبر وحفظ القرآن والعلم، ولئن قصرت مدة صحبته فلقد كان من نجباء الصحابة، وكان من أطيب الناس صوتا، سمع النبي -صلى الله عليه وسلم- قراءته فقال: "لقد أوتي هذا مزمارا من مزامير آل داود" 1، وقد استغفر له النبي -صلى الله عليه وسلم- واستعمله على زبيد وعدن. ثم ولي إمرة الكوفة والبصرة لعمر -رضي الله عنه، وحكمه علي -رضي الله عنه- على نفسه في شأن الخلافة لجلالته وفضله، فمكر به عمرو وخدعه، وقرأ عليه أبو رجاء العطاردي2 وحطان الرقاشي. روى عنه بنوه أبو بكر وأبو بردة وموسى وإبراهيم وربعي بن حراش وزهدم الجري وسعيد بن المسيب وخلق سواهم. وافتتح أصبهان زمن عمر ومحاسنه كثيرة, توفي في ذي الحجة سنة أربع وأربعين على الصحيح -رضي الله3 عنه4. 7- أبو الدرداء 5 عويمر بن زيد، ويقال ابن عبد الله ويقال ابن ثعلبة الأنصاري الخزرجي -رضي الله عنه. حكيم هذه الأمة، قرأ القرآن في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم، وقد تأخر إسلامه عن بدر وأبلى يوم أحد بلاء حسنا. وآخى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بينه وبين سلمان، وكان عند مقدمه المدينة آخى بين المهاجرين   1 أخرجه البخاري "5048" ومسلم "2498" وعن أبي سلمة قال: كان عمر بن الخطاب يقول لأبي موسى: ذكرنا ربنا تعالى فيقرأ. وعن أبي عثمان النهدي قال: صلى بنا أبو موسى الأشعري صلاة الصبح فما سمعت صوت صنح ولا بربط "هو المزهر الذي يضرب عليه" كان أحبن صوتا منه. وهذا يدل على حسن صوته "انظر صفة الصفوة ص285 جـ1". 2 أبو رجاء: هو عمران بن ملحان العطاردي البصري، أدرك زمن النبي ولم يره وهو ثقة. "انظر: التهذيب 2140 التقريب 2/ 85". 3 قال: أصحاب السير: توفى أبو موسى سنة اثنتين وخمسين، وقيل: اثنتين وأربعين وقيل: أربع وأربعين. ودفن بمكة. وقيل: دفن بالتوبة على ميلين من الكوفة. "انظر صفة الصفوة ص287 جـ1". 4 انظر أسد الغابة "306016", تذكرة الحفاظ "1/ 3", خلاصة تذهيب الكمال "178". طبقات الشيرازي "404", طبقات القراء لابن الجزري "1/ 442", العدد "1/ 521", النجوم الذاهدة "1/ 1406". 5 الأدرد أو الدرداء: الذي سقطت أسنانه أو أسنانها. ويقال أدرده: إذا أسقط أسنانه كلها. وفي الحديث: "لزمت السواك حتى خشيت أنه يدردني" "انظر المعجم الوجيز ص225". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 19 والأنصار، وهذان أسلما بعد ذلك بمدة، فآخى بينهما، وقد ولي أبو الدرداء قضاء دمشق، وكان من العلماء الحلماء الألباء1 يقال إن عبد الله بن عامر قرأ عليه. وروى عنه أنس وأبو أمامة وزوجته أم الدرداء، وابنه بلال وعلقمة وخبير بن نقير، وسعيد بن المسيب، وما أحسبه لقيه، وأبو إدريس الخولاني وخالد بن معدان وغيرهم، توفي سنة اثنتين وثلاثين. وما خلف بالشام كلها بعده مثله -رضي الله عنه. قال سويد بن عبد العزيز: كان أبو الدرداء إذا صلى الغداة في جامع دمشق اجتمع الناس للقراءة عليه فكان يجعلهم عشرة عشرة وعلى كل عشرة عريفا، ويقف هو في المحراب يرمقهم ببصره، فإذا غلط أحدهم رجع إلى عريفه فإذا غلط عريفهم رجع إلى أبي الدرداء يسأله عن ذلك. وكان ابن عامر عريفا على عشرة كذا قال سويد، فلما مات أبو الدرداء خلفه ابن عامر. وعن سام ابن مشكم قال: قال لي أبو الدرداء: اعدد من يقرأ عندي القرآن. فعددتهم ألفا وستمائة ونيفا2، وكان لكل عشرة منهم مقرىء. وكان أبو الدرداء يكون عليهم قائما وإذا أحكم الرجل منهم تحول إلى أبي الدرداء -رضي الله عنه، فهؤلاء الذين بلغنا أنهم حفظوا القرآن في حياة النبي -صلى الله عليه وسلم، وأخذ عنهم عرضا، وعليهم دارت أسانيد قراءة الأئمة العشرة. وقد جمع القرآن غيرهم من الصحابة كمعاذ بن جبل وأبي زيد وسالم مولى أبي حذيفة، وعبد الله بن عمر وعتبة بن عامر، ولكن لم تتصل بنا قراءتهم فلهذا اقتصرت على هؤلاء السبعة -رضي الله عنهم، واختصرت أخبارهم، فلو سقتها كلها لبلغت خمسين كراسا3.   1 الألباء: جمع لبيب وهو: ذو اللب. "انظر المعجم الوجيز ص549". 2 النيف: الزائد على غيره. والزائد على العقد من واحد إلى ثلاثة، وما كان من أربعة إلى تسعة فهو بضع. يقال: عشرة ونيف، وألف ونيف. ولا يقال: خمسة عشر ونيف، ولا نيف وعشرة. ولا يستعمل إلا بعد العقد. "انظر المعجم الوجيز ص640". 3 له ترجمة من: أسد الغابة 6/ 97، تذكرة الحفاظ 1/ 24، خلاصة تذهيب الكمال 254، للشذرات الذهب 1/ 39، الطبقات للشيرازي 47، طبقات ابن الجزري 1/ 306، العبر 1/ 33، النجوم الزاهرة 1/ 89. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 20 الطبقة الثانية: وهم الذين عرضوا على بعض المذكورين قبلهم 1- أبو هريرة: في اسمه عدة أقوال أقواها وأشهرها عبد الله بن صخر الدوسي الحافظ -رضي الله عنه، وكان اسمه في الجاهلية عبد شمس, أسلم سنة سبع هو وأمه وروى ما لا يوصف عن النبي -صلى الله عليه وسلم. وقرأ القرآن على أبي بن كعب، قرأ عليه غير واحد، وروى عنه نحو من ثمانمائة نفس، وحديثه في مسند بقي بن مخلد أكثر من خمسة آلاف حديث، وكان إماما مفتيا فقيها صالحا حسن الأخلاق متواضعا محببا إلى الأمة. روى عنه سعيد بن المسيب1 وأبو سلمة بن عبد الرحمن2 وعبيد الله بن عبد الله3، وأبو صالح السمان4 وأبو حازم الأشجعي5 وعروة6 وابن سيرين7 وهمام   1 هو الإمام السيد الجليل أبو محمد سعيد بن المسيب المخزومي المدني أحد أعلام الدنيا سيد التابعين، قال ابن عمر: لو رأى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هذا لسره، وقال مكحول وقتادة والزهري وغيرهم: ما رأينا أعلم من ابن المسيب، قال علي بن المدني: لا أعلم في التابعين أوسع علما منه وجل روايته عن أبي هريرة وكان تزوج ابنته، وهو من فقهاء المدينة جمع بين الحديث والتفسير والفقه والورع والعبادة. ولو لسنتين مضتا من خلافة عمر, وتوفي بالمدينة سنة أربع وتسعين للهجرة. "انظر شذرات الذهب من أخبار من ذهب ص102 جـ1". 2 هو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف الفقيه واسمه عبد الله، ولي شرطة سعيد بن العاص أمه تماضر بنت الأصبع الكلبية "انظر جمهرة أنساب العرب ص131". 3 هو عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي الضرير أحد الفقهاء مؤدب عمر بن عبد العزيز توفي سنة ثمان وتسعين للهجرة "انظر شذرات الذهب في أخبار من ذهب ص114 جـ1". 4 واسمه عبد الرحمن بن قيس أخو طليعة كذا ذكره ابن سعد وقال البخاري: يكن أبا سالم إبراهيم مؤذن بني حنيفة. أسند عن علي وابن مسعود وحذيفة وآخرين. "انظر صفة الصفوة ص47 جـ3". 5 هو أبو حازم سلمة بن دينار الأعرج مولى لقوم من بني ليث بن بكر أسند أبو حازم عن ابن عمر وسهل بن مسعد وأنس بن مالك وقيل إنه رأى أبا هريرة، وسمع من كبار التابعين كسعيد بن المسيب وأبي سلمة وعروة وغيرهم وتوفي في بغداد سنة أربعين ومائة من خلافة المنصور "انظر صفة الصفوة ص111، 113 جـ2". 6 مرت ترجمته. 7 مرت ترجمته. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 21 ابن منبه1 وسعيد المقبري، وكان آدم بعيد ما بين المنكبين ذا ضفيرتين أفرق الثنيتين يخضب بالحمرة وقد ذاق جوعا وفاقة، ثم استعمله عمر -رضي الله عنه، فأثرى وكثر ماله وولي إمرة المدينة زمن معاوية. وكان كثير العبادة والذكر؛ وقد مر في ولايته وهو يحمل حزمة حطب ويقول أوسع الطريق للأمير. روى محمد بن عمر الأسلمي حدثنا عبد الحميد بن جعفر عن أبيه عن زياد بن مينا قال: كان ابن عباس وابن عمر وأبو هريرة وأبو سعيد وجابر وغيرهم من الصحابة يفتون في المدينة ويحدثون من لدن توفي عثمان -رضي الله عنه- وعنهم إلى أن توفوا. وإلى هؤلاء الخمسة صارت الفتوى، توفي أبو هريرة سنة سبع وقيل سنة ثمان وخمسين والقولان مشهوران، وقال الواقدي سنة تسع وخمسين ولعله الصحيح، لأنه صلى على أم سلمة ومات في شوال سنة تسع وخمسين, قيل في كنيته أبو الأسود2. 2- عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف الحبر، البحر أبو العباس ابن عم رسول الله -صلى الله عليه وسلم، رضي الله عنه. قرأ القرآن على أبي، وروى عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وعمر وعثمان وعلي وأبي ذر ووالده، وأبي سفيان -رضي الله عنهم- وغيرهم، قرأ عليه مجاهد3 وسعيد بن جبير4 والأعرج5   1 هو أبو عبد الله بن وهب بن منبه الصنعاني من أبناء الفرس الذين بعث بهم كسرى إلى اليمن. روى عن ابن عباس، قيل: وأبو هريرة وغيره من الصحابة. توفي بصنعاء سنة أربع عشرة ومائة "انظر شذرات الذهب ص150 جـ1". 2 انظر، أسد الغابة "6/ 318", تذكرة الحفاظ "1/ 32". خلاصة تذهيب الكمال "397", شذرات الذهب "1/ 63". طبقات ابن سعد "4/ 52", طبقات القراء لابن الجزري "1/ 307", العبر "1/ 72", النجوم الزاهرة "1/ 151". 3 هو الإمام أبو الحجاج مجاهد بن جبر، الإمام المكي، قال خصيف: كان أعلمهم بالتفسير توفي بمكة سنة ثلاث ومائة للهجرة وهو ابن ثلاث وثمانين عاما "انظر شذرات الذهب ص125 جـ1". 4 يكني أبا عبد الله بن الحارثية، من ابن أسد بن خزيمة. أسند سعيد بن جبير عن علي "عليه السلام"، وابن عمر، وابن عمرو، وأبي موسى وابن المغفل، وعدي بن حاتم، وأبي هريرة، وغيرهم. وأكثر رواياته عن ابن عباس، وقتل في سنة أربع وتسعين، وقيل سنة خمس وتسعين "انظر صفة الصفوة ص49، 54 جـ3". 5 هو عبد الرحمن بن هرمز الأعرج أبو داود المدني مولى محمد بن ربيعة. روى ابن لهيعة عن أبي النظر قال: كان عبد الرحمن بن هرمز الأعرج، أول من وضع العربية، وكان من أعلم الناس بأنساب قريش، توفي في الإسكندرية من سنة سبع عشرة ومائة. "للمزيد من حياته انظر ترجمته ص61، 62". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 22 وعكرمة بن خالد1 وسلمان بن قتة شيخ عاصم الجحدري2. وأبو جعفر3 وغيرهم وحدث عنه عكرمة4 وعطاء5 وطاوس6 وأبو الشعثاء7 وعلي بن الحسين8 وخلق لا يحصون. دعا له النبي -صلى الله عليه وسلم، وقال: جمعت المفصل9 على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم، وذكر أنه كان في حجة الوداع، وقد ناهز الاحتلام وكان أبيض طويلا مشربا صفرة، جسيما وسيما مليح الوجه، يخضب بالحناء مديد القامة، قال عطاء: ما رأيت البدر إلا ذكرت وجه ابن عباس، وقال سعيد بن جبير عن ابن عباس: بت عند خالتي فوضعت لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- غسلا فقال: "من وضع هذا؟ " , قالوا: عبد الله. قال: "اللهم علمه التأويل وفقهه في الدين" 10، رواه أيضا عبيد الله بن أبي يزيد عن ابن عباس.   1 هو عكرمة مولى ابن عباس، أحد فقهاء مكة، من التابعين والأعلام، أصله من البربر, وهب لابن عباس فاجتهد في تعليمه ورحل إلى مصر وفراسان واليمن وأصبهان والمغرب وغيرها, وكانت الأمراد تكرمت أذن له مولاه بالفتوى، قيل لسعيد بن جبير: هل تعلم أحدا أعلم منك؟ فقال: عكرمة. توفي سنة خمس ومائة للهجرة أو قبلها أو بعدها بسنة. "انظر شذرات الذهب ص130جـ1". 2 هو عاصم بن أبي الصباح الحجدري البصري. قال ابن الجزري: "قراءته في الكمال والاتضاح فيها مناكير ولا يثبت سندها، والسند إليه صحيح" غاية النهاية في طبقات القراء للجزري "1/ 349". 3 هو يزيد بن القعقاع أحد العشرة، مدني مشهور رفيع الذكر، قرأ القرآن على مولاه عبد الله بن عياش بن ربيعة المخزومي وفاقا "انظر ترجمته ص58". 4 مرت ترجمته. 5 مرت ترجمته. 6 مرت ترجمته. 7 هو أبو الشعثاء جابر بن زيد الأنصاري. عن ابن سيرين قال: كان أبو الشعثاء مسلما عند الدينار والدرهم. وأسند أبو الشعثاء عن ابن عمر وابن عباس. وتوفي سنة ثلاث "ومائة انظر صفة الصفوة ص158 جـ3". 8 هو علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام، أمه أم ولد اسمها غزالة وهو علي الأصغر. وأما الأكبر فإنه قتل مع الحسين عليهما السلام. أسند علي بن الحسين عن أبيه وابن عباس وجابر بن عبد الله وصفية وأم سلمة وغيرهم من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعند خلف كثير من التابعين. وتوفي بالمدينة سنة أربع وتسعين، وقيل اثنتين وتسعين، ودفن بالبقيع وهو ابن ثمان وخمسين سنة. رضي الله عنه "انظر صفة الصفوة ص66، 72 جـ3". 9 المفصل كمعظم من القرآن. من الحجرات إلى آخره من الأصح أو من الجاثية أو القتال أو قاف عن النواوي أو الصافات أو الصف أو تبارك عن ابن أبي الصيف أو إنا فتحا عن الدزمادي أو سبح اسم ربك عن الفركاح أو الضحى عن الخطابي وسمي لكثرة الفصول بين سوره أو لقلة المنسوخ فيه. "انظر القاموس المحيط ص30 جـ4 فصل الفاء باب اللام". 10 أخرجه الإمام أحمد في مسنده "1/ 266". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 23 وروى كريب1 عنه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- دعا له أن يزيده الله فهما وعلما، ومناقب ابن عباس غزيرة وسعة علمه إليه المنتهى. ولم يكن على وجه الأرض في زمانه أحد أعلم منه، توفي بالطائف سنة ثمان وستين وصلى عليه محمد بن الحنفية2 وقال اليوم مات رباني الأمة، وقد كف بصره في أواخر عمره -رضي الله عنه3. 3- عبد الله بن السائب بن أبي السائب، صيفي بن عابد بن عمر بن مخزوم المخزومي. قارئ أهل مكة أبو السايب، وقيل أبو عبد الرحمن له صحبة ورواية يسيرة، وهو من صغار الصحابة. وأبوه أو جده -رضي الله عنهم- فكان شريك النبي -صلى الله عليه وسلم- قبل النبوة، قرأ عبد الله القرآن على أبي بن كعب، وروى أيضا عن عمر -رضي الله عنه، عرض عليه القرآن مجاهد وعبد الله بن كثير4 فيما قيل، وحدث عنه ابن أبي مليكة وعطاء وابن بنته محمد بن عباد بن جعفر وآخرون قال مسلم وابن أبي حاتم وغيرهما: له صحبة. وقال الزبير بن بكار حدثنا أبو ضمرة أنس5 عمن حدثه عن أبي السائب عبد الله بن السائب المخزومي، قال: كان جدي في الجاهلية يكنى أبا السائب وبه اكتنيت. وكان خليطا للنبي -صلى الله عليه وسلم- في الجاهلية، فكان عليه السلام إذا ذكره قال: نعم الخليط،   1 هو مولى ابن عباس، وكان كثير العلم كنزا له، كبير السن والقدر، قال موسى بن عقبة: وضع كريب عندنا عدل بعير من كتب ابن عباس، توفي سنة ثمان وتسعين للهجرة. "انظرشذرات الذهب صض122 جـ1". 2 هو أبو القاسم -ويقال: أبو عبد الله -محمد بن علي بن أبي طالب وأمه خولة بنت جعفر بن قيس، ابن بني حنيفة بن الحبير، وقد كان محمد عالما فاضلا. شجاعا، وتوفي في سنة81 "تهذيب التهذيب 9/ 354, والعير: 1/ 93, ومشاهير علماء الأمصار رقم419". 3 انظر، أسد الغابة "3/ 290", الإصابة "1/ 322". تاريخ بغداد "1/ 173", التذكرة "41", خلاصة تذهيب الكمال. "172" 0شذرات الذهب "1/ 75". طبقات الشيرازي "48", طبقات ابن الجزري "1/ 425". العبر "1/ 86", النجوم الزاهرة "1/ 182". نكت الهميان "180". 4 ويكن أبا معيد إمام أهل مكة في القراءة ولد بمكة سنة خمس وأربعين ولقي بها من الصحابة أبا أيوب الأنصاري، وأنس بن مالك وغيرهما فهو من التابعين وأخذ القراءة عرضا عن عبد الله بن السائب وغيره، وكان فصيحا بليغا مفوها عليه السكينة والوقار، ومات سنة عشرين ومائة. "انظر تاريخ القراء العشرة". 5 هو خادم رسول الله -صلى الله عليه وسلم: أبو حمزة أنس بن مالك بن نصر، الأنصاري، قدم على النبي صلوات الله وسلامه عليه وسنه عشرة سنين، ومات في سنة 93، ويقال: في سنة 90، ويقال: في سنة 91، ويقال: في سنة 92 "العبر: 1/ 107, والبدء والتاريخ 5/ 117". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 24 كان أبو السائب لا يشاري ولا يماري، عن ابن عيينة1 عن داود بن شابور عن مجاهد، قال: كنا نفخر على الناس بقارينا عبد الله بن السائب، وبفقيهنا ابن عباس، وبمؤذننا أبي محذورة وبقاصنا عبيد بن عمير اليئي. قلت: توفي في حدود سنة سبعين في إمرة ابن الزبير2، قال ابن أبي مليكة، رأيت ابن عباس قام على قبر عبد الله بن السائب فدعا له ثم انصرف، قاله ابن نمير عن ابن جريح عن ابن أبي مليكة3. 4- المغيرة بن أبي شهاب المخزومي. قرأ القرآن على عثمان -رضي الله عنه، وعليه قرأ عبد الله بن عامر اليحصبي، وأحسبه كان يقرئ بدمشق في دولة معاوية، ولا يكاد يعرف إلا من قراءة ابن عامر عليه، قرأت بخط القطاع أنه مات سنة إحدى وتسعين، وله تسعون سنة، واسم أبيه عبد الله بن عمرو بن المغيرة بن ربيعة بن عمرو بن مخزوم. 5- حطان بن عبد الله الدقاشي ويقال السدوسي البصري، قرأ على أبي موسى الأشعري، قرأ عليه الحسن البصري 4، وسمع من علي وعبادة بن الصامت 5 -رضي الله عنهما.   1 هو شيخ الحجاز وأحد الأعلام أبو محمد بن سفيان بن عيينة الهلالي مولاهم الكوفي الحافظ تنزيل مكة، قال الشافعي: لولا مالك وابن عيينة لذهب علم الحجاز وقال ابن وهب: لا أعلم أحدا أعلم بالتفسير من ابن عيينة، وقال أحمد العجلي: كان حديثه نحوا من سبعة آلاف حديث توفي في الأول من رجب سنة ثمان وتسعين ومائة وله إحدى وتسعون سنة "انظر شذرات الذهب ص354 جـ1". 2 هو أبو بكر -وأبو خبيب أيضا- عبد الله بن الزبير بن خويلد بن أسد بن عبد العزي، وأمه أسماء ذات النطاقين بنت أبي بكر الصديق وهو أول مولود في الإسلام بالمدينة قتله الحجاج بن يوسف الثقفي في المسجد الحرام سنة 72 في عهد عبد الملك بن مروان ثم صلبة، وقيل: كان ذلك من سنة 73 "مشاهير علماء الأمصار رقم 154, والعبر: 1/ 81 وتهذيب التهذيب: 5/ 213, ومروج الذهب: 3/ 891". 3 انظر، سير أعلام النبلاء "3/ 388", طبقات القراء لابن الجزري "1/ 419". تهذيب التهديب "5/ 229". 4 هو الحسن بن أبي حسن البصري أبو سعيد، إمام أهل البصرة وخير أهل زمانه، ولد لسنتين بقضاء خلافة عمر، وسمع خطبة عثمان وشهد يوم الدار، أبوه مولى زيد بن ثابت، وأمه مولاة أم سلمة، كان جامعا عالما رقيقا فيها حجة مأمونا عابدا ناسكا كثير العلم. قال أبو بكر الهزلي: قال لي السفاح: بأي شيء بلغ حسنكم ما بلغ؟ فقلت: جمع القرآن وهو ابن اثنتين عشرة سنة، ثم لم يخرج من سورة إلى غيرها حتى يعرف تأويلها وفيما أنزلت، ولم يقلب درهما من تجارة ولا ولي سلطانا ولا أمر بشيء حتى فعله ولا نهى عن شيء، حتى ودعه، توفي سنة عشر ومائة. "انظر شذرات الذهب ص136 جـ1". 5 هو عبادة بن الصامت بن قيس بن أصرم من النقباء وشهد بدرا وما بعدها ووجهه عمر إلى الشام قاضيا ومعلما، أقام بحمص ثم انتقل إلى فلسطين ومات فيها، وقيل بالرملة ودفن ببيت المقدس توفي سنة خمس وثلاثين. "انظر شذرات الذهب ص40 جـ1" وانظر جمهرة أنساب بالعرب ص354 جـ1". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 25 روى عنه الحسن ويونس بن جبير وأبو مجاز لاحق بن حميد، وكان كبير القدر صاحب ورع وعلم، أحسبه مات سنة نيف وسبعين1. 6- الأسود بن يزيد النخعي: أبو عمرو أخذ القراءة عرضا عن ابن مسعود -رضي الله عنه، وحدث عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي ومعاذ، وبلال، وعائشة -رضي الله عنهم- وجماعة. قرأ عليه يحيى بن وثاب وإبراهيم النخعي، وأبو إسحاق السبيعي، وكان أسن من علقمة بسنوات. قال منصور عن إبراهيم: كان الأسود يختم القرآن في كل ست، وفي رمضان في كل ليلتين، وكان علقمة يختم في خمس. وروى يزيد بن عطاء عن علقمة ابن مرثد، قال: كان الأسود بن يزيد يصوم حتى يخضر جسده، ولقد حج ثمانين من حجة وعمرة، قلت: كان الأسود بن يزيد رأسا في العلم والعمل، وكان من كبار أصحاب ابن مسعود روى عنه إبراهيم النخعي وابنه عبد الرحمن بن الأسود وأخوه عبد الرحمن وعمارة بن عمير، وأبو إسحاق. قال المدائني: توفي سنة خمس وسبعين، وقال غيره قبل ذلك2. 7 - علقمة بن قيس بن عبد الله بن مالك أبو شبل النخعي 3، الفقيه عم الأسود بن يزيد، وخال إبراهيم النخعي. ولد في حياة النبي -صلى الله عليه وسلم، وقرأ القرآن على ابن مسعود، وسمع من عمر وعلي وأبي الدرداء، وعائشة -رضي الله عنهم- وطائفة. قرأ عليه يحيى بن وثاب وعبيد بن نضيلة وأبو إسحاق وغيرهم، وتفقه به إبراهيم والشعبي.   1 انظر، طبقات ابن الجزري "2/ 305". 2 انظر، تذكرة الحفاظ "1/ 50", تهذيب التهذيب "1/ 342", خلاصة تذهيب الكمال "32", شذرات الذهب "1/ 82", طبقات ابن سعد "6/ 46", طبقات الشيرازي "79", طبقات القراء لابن الجزري "1/ 171", العبر "1/ 86". 3 النخعي: بفتح النون والخاء: منسوب إلى النخع جد قبيلة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 26 وروى عنه إبراهيم بن سويد وأبو الضحى والقاسم بن مخيمرة وآخرون، وكان أشبه الناس بابن مسعود سمتا وهديا وعلما، وكان أعرج من أحسن الناس صوتا بالقرآن. قال عبد الرحمن بن يزيد النخعي: قال ابن مسعود: ما أعلم شيئا أو ما أقرأ إلا وعلقمة يعلمه. وقال قابوس بن أبي ظبيان: قلت لأبي: لأي شيء كنت تأتي علقمة وتدع الصحابة؟ قال: أدركت ناسا من الصحابة وهم يسألونه ويستفتونه، وقال إبراهيم النخعي: قرأ علقمة على عبد الله، فكأنه عجل فقال: فداك أبي وأمي رتل فإنه زين القرآن. وقال علقمة: قرأت القرآن في سنتين، وقال إبراهيم: كان علقمة يقرأ القرآن في خمس، وقد قام بالقرآن في ليلة عند البيت، توفي علقمة سنة اثنتين وستين1. 8- أبو عبد الرحمن السلمي مقرئ الكوفة، عبد الله بن حبيب بن ربيعة، ولأبيه صحبة. وولد هو في حياة النبي -صلى الله عليه وسلم، وقرأ القرآن وجوده وبرع في حفظه، وعرض على عثمان وعلي وابن مسعود -رضي الله عنهم- وغيرهم وحدث عن عمر وعثمان -رضي الله عنهما. قال أبو عمرو الداني: أخذ القراءة عرضا عن عثمان وعلي وابن مسعود وزيد بن ثابت وأبي بن كعب -رضي الله عنهم. وأخذ عنه القراءة عرضا عاصم بن أبي النجود ويحيى بن وثاب وعطاء بن السائب وعبد الله بن عيسى بن أبي ليلى ومحمد بن أيوب أبو عون الثقفي والشعبي وإسماعيل بن أبي خالد وعرض عليه الحسن والحسين -رضي الله عنهما. قال حسين بن علي الجعفي عن محمد بن أبان عن علقمة بن مرثد: أن أبا عبد الرحمن السلمي تعلم القرآن من عثمان بن عفان، وعرض على علي -رضي الله عنهما. وقال أبو إسحاق السبيعي: إن أبا عبد الرحمن كان يقرئ الناس في المسجد الأعظم أربعين سنة.   1 انظر/ سير أعلام النبلاء "4/ 53" تهذيب التهذيب "7/ 276" النجوم الزاهرة "1/ 157". تذكرة الحفاظ "1/ 157". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 27 وقال شعبة1: عن علقمة بن مرثد عن سعد بن عبيدة إن أبا عبد الرحمن أقرأ في خلافة عثمان -رضي الله عنه، إلى أن توفي في إمرة الحجاج. وقال زهير عن أبي إسحاق عن أبي عبد الرحمن قال: والدي علمني القرآن فإن أبي كان من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم، قد شهد معه. وقال حجاج بن محمد قال شعبة: لم يسمع أبو عبد الرحمن السلمي من عثمان لم يتابع شعبة على هذا. وروى أبان بن يزيد عن عاصم عن أبي عبد الرحمن قال: أخذت القراءة عن علي ومنصور بن المعتمر عن تميم بن سلمة، أن أبا عبد الرحمن كان إمام المسجد، وكان يحمل في الطين في اليوم المطير. وقال عطاء بن السائب فيما حدث به حماد بن زيد وغيره: إن أبا عبد الرحمن السلمي قال: إنا أخذنا، القرآن عن قوم أخبرونا أنهم كانوا إذا تعلموا عشر آيات لم يجاوزوهن إلى العشر الأخر، حتى يعلموا ما فيهن، فكنا نتعلم القرآن والعمل به، وإنه سيرث القرآن بعدنا قوم يشربونه شرب الماء لا يجاوز تراقيهم، بل لا يجاوز ههنا ووضع يده على حلقه. وروى عبد الحميد بن أبي جعفر الفراء عن أبيه عن أبي عبد الرحمن أنه جاء وفي الدار جلال2 وجزر3 وقالوا: بعث بها عمرو بن حريث لأنك علمت ابنه القرآن قال: رد إنا لا نأخذ على كتاب الله أجرا. وقال عاصم بن بهدلة: كنا نأتي أبا عبد الرحمن ونحن أغيلمة يفاع، فيقول: لا تجالسوا القصاص، غير أبي الأحوص.   1 هو بسطام شعبة بن الحجاج بن الورد العتكي الأزدي مولاهم الواسطي شيخ البصرة وأمير المؤمنين في الحديث. روى عن معاوية بن قرة، وعمرة بن عمرة وخلق من التابعين وقال الشافعي: لولا شعبة ما عرف الحديث من وكان موصوفا بالعلم والزهد والقناعة والرحمة والخير، وكان رأسا في العربية والشعر، قال أبو عبد الرحمن النسائي: أمناء الله على علم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثلاثة: شعبة بن الحجاج ويحيى بن سعيد القطان ومالك بن أنس، توفي سنة ستين ومائة لثلاث بقين من جمادى الآخرة. "انظر شذرات الذهب ص247 جـ1". 2 الجلال الدواب "والجل" واحد "جلال" وجمع الجلال أجلة. "انظر مختار الصحاح ص107 مادة ج ل ل". 3 الجزر بضمتين من الإبل يطلق على الذكر والأنثى وهي تؤنث ومفردها الجزور. "انزر مختار الصحاح ص102 مادة ج ز ر". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 28 وروى سعد بن عبيدة عن أبي عبد الرحمن عن عثمان -رضي الله عنه، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "خيركم من علم القرآن أو تعلمه" 1. قال أبو عبد الرحمن: فذلك الذي أقعدني هذا المقعد، وقال إسماعيل بن أبي خالد: كان أبو عبد الرحمن السلمي يعلمنا القرآن خمس آيات خمس آيات. وقال أبو حصين: كنا نذهب بأبي عبد الرحمن من مجلسه وكان أعمى. وقال عطاء بن السائب: كنت أقرأ على أبي عبد الرحمن وهو يمشي. وروى أبو بكر بن عياش عن عاصم أن أبا عبد الرحمن قرأ على علي -رضي الله عنه، وعن عاصم عن أبي عبد الرحمن قال: خرج علينا علي -رضي الله عنه- وأنا أقرأ. وقال أبو جناب الكلبي: حدثني أبو عون الثقفي، قال: كنت أقرأ على أبي عبد الرحمن السلمي، وكان الحسن بن علي -رضي الله عنهما- يقرأ عليه. وقال عبد الواحد بن أبي هاشم: حدثنا محمد بن عبيد الله المقرئ، حدثنا عبيد الله بن عبد الرحمن، حدثنا أبي حدثنا حفص بن عمر عن عاصم بن بهدلة وعطاء بن السائب، ومحمد بن أبي أيوب الثقفي، وعبد الله بن عيسى بن أبي ليلى، أنهم قرءوا على أبي عبد الرحمن، وذكروا أنه أخبرهم أنه قرأ على عثمان -رضي الله عنه- عامة القرآن، وكان يسأله عن القرآن وكان ولي الأمر فشق عليه وكان يسأله عن القرآن فيقول: إنك تشغلني عن أمر الناس فعليك بزيد بن ثابت فإنه يجلس للناس ويتفرغ لهم ولست أخالفه في شيء من القرآن. قال: وكنت ألقى عليا -رضي الله عنه- فأسأله فيخبرني، ويقول: عليك بزيد بن ثابت، فأقبلت على زيد فقرأت عليه القرآن ثلاث عشرة سنة. وعن عطاء بن السائب عن أبي عبد الرحمن قال: حدثني الذين كانوا يقرءوننا عثمان وابن مسعود وأبي بن كعب -رضي الله عنهم- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يقرئهم العشر فلا يجاوزنها إلى عشر أخرى، حتى يتعلموا ما فيها من العمل فتعلمنا القرآن والعمل جميعا. وقال أحمد بن أبي خيثمة: ثنا يحيى بن السري ثنا وكيع عن عطاء بن السائب، قال: كان رجل يقرأ على أبي عبد الرحمن فأهدى له قوسا فردها، وقال: ألا كان هذا قبل القراءة. وقال عطاء بن السائب: دخلنا على أبي عبد الرحمن نعوده، فذهب بعضهم يرجيه، فقال: أنا أرجو ربي وقد صمت له ثمانين رمضانا، قلت: وقول حجاج عن شعبة، إن أبا عبد   1 تقدم تخريجه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 29 الرحمن لم يسمع من عثمان بن عفان -رضي الله عنه- ليس بشيء، فإنه ثبت لقيه لعثمان، وكان ثقة كبير القدر وحديثه مخرج في الكتب الستة توفي في سنة أربع وسبعين. وقيل: سنة ثلاث وسبعين. وقيل: في إمرة بشر على العراق. وقيل: في أوائل ولاية الحجاج والله أعلم. وقد روى عنه إبراهيم النخعي وسعيد بن جبير وعلقمة بن مرثد، وعطاء بن السائب وإسماعيل السدي وغيرهم، وأما قول ابن قانع هكذا بالأصل ولعله نافع مات سنة خمس ومائة فغلط فاحش1. 9- عبد الله بن عياش بن ربيعة المخزومي المكي ثم المدني القارئ أبو الحارث. ولد بالحبشة فقيل إنه رأى النبي -صلى الله عليه وسلم، قرأ القرآن على أبي بن كعب وسمع من عمر وابن عباس وأبيه عياش وغيرهم -رضي الله عنهم، قرأ عليه مولاه أبو جعفر القارئ2 ويزيد بن رومان3 وشيبة4 ومسلم بن جندب5 وغيرهم. وحدث عنه ابن الحارث، ونافع مولى ابن عمر، وسليمان بن يسار وجماعة، وكان أقرأ أهل المدينة في زمانه. قال خليفة في الطبقات: إنه استشهد بسجستان مع عبيد الله بن أبي بكرة سنة ثمان وسبعين. وقال في تاريخه: إن الذي قتل بسجستان عبد الله بن عياش بن ربيعة بن الحارث الهاشمي. وقيل: إن ابن عياش المخزومي مات بعد سنة سبعين6 والله أعلم.   1 انظر/ تاريخ بغداد "12/ 296" تذكرة الحفاظ "1/ 48". تهذيب التهذيب "7/ 276" خلاصة تذهيب الكمال "239". شذرات الذهب "1/ 516" العدد "1/ 66". طبقات القراء لابن الجزري "1/ 70". طبقات ابن سعد "6/ 57"، طبقات الشيرازي "79" مرآة الجنان "1/ 137". النجوم الزاهرة "15/ 157". 2 انظر ترجمته ضمن رجال الطبقة الثالثة. 3 انظر ترجمته ضمن رجال الطبقة الثالثة. 4 انظر ترجمته ضمن رجال الطبقة الثالثة. 5 انظر ترجمته ضمن رجال الطبقة الثالثة. 6 انظر تذكرة الحفاظ "1/ 58" تهذيب التذهيب "5/ 183". خلاصة تذهيب الكمال "2164". طبقات ابن سعد "6/ 119". طبقات ابن الجزري "1/ 413". نكت الهميان "178". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 30 10- أبو رجاء العطاردي عمران بن تيم البصري: أخذ القراءة عرضا عن ابن عباس -رضي الله عنهما- وتلقن القرآن من أبي موسى، ولقي أبا بكر -رضي الله عنهما. قرأ عليه القرآن أبو الأشهب العطاردي. قال ابن معين: مات سنة خمس ومائة، وله مائة وسبع وعشرون سنة. قال أبو الأشهب: كان أبو رجاء يختم القرآن في كل عشر ليال. وعن أبي رجاء قال: كان أبو موسى يعلمنا القرآن خمس آيات خمس آيات1. 11- أبو الأسود الدؤلي قاضي البصرة واسمه على الأصح: ظالم بن عمرو. قرأ على علي -رضي الله عنه، وكان من وجوه شيعبة، وروى عن عمر، وأبي بن كعب، وابن مسعود، وأبي ذر -رضي الله عنهم- والكبار وهو أول من وضع مسائل في النحو بإشارة علي -رضي الله عنه، فلما عرضها على علي قال: ما أحسن هذا النحو، الذي نحوت، فمن ثم سمي النحو نحوا، أخذ عنه ولده أبو حرب بن أبي الأسود ويحيى بن يعمر وعبد الله بن بريدة وجماعة. وقد أسلم في حياة النبي -صلى الله عليه وسلم- ولم يره، وثقه أحمد العجلي وغيره، توفي سنة تسع وستين في طاعون الجارف بالبصرة. قال المدائني: حدثني من أدرك الجارف قال: كان ثلاثة أيام فمات فيها في كل يوم نحو من سبعين ألفا. وقال أبو اليقظان وغيره: مات لأنس بن مالك -رضي الله عنه- في طاعون الجارف سبعون ولدا يعني من أولاده وأولاد أولاده2. 12- أبو العالية الرياحي رفيع بن مهران البصري مولى امرأة من بني رياح بن يربوع، أسلم في خلافة أبي بكر -رضي الله عنه، ودخل عليه وصلى خلف عمر.   1 انظر/ تذكرة الحفاظ "1/ 66" سير أعلام النبلاء "4/ 253". العبر "1/ 129". تهذيب التهذيب "8/ 140". الإصابة "4/ 74". خلاصة تذهيب الكمال "296". شذرات الذهب "1/ 130". الإصابة "4/ 74". 2 انظر/ شذرات الذهب "1/ 76". العبر "1/ 77". النجوم الذاهرة "1/ 184". خلاصة تذهيب الكمال "443". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 31 وقرأ القرآن على أبي، وروى عن عمر وعلي وأبي ذر وابن مسعود وأبي موسى وطائفة -رضي الله عنهم. قال أبو عمرو الداني: أخذ القراءة عرضا عن أبي وزيد بن ثابت وابن عباس، ويقال قرأ على عمر -رضي الله عنهم، قرأ عليه شعيب بن الحبحاب والربيع بن أنس والأعمش1، ويقال قرأ عليه أبو عمرو وروى عنه خالد الحذاء وعاصم الأحول وخلق. وقد روى معتمر وغيره عن هشام عن حفصة بنت سيرين، قالت: قال لي أبو العالية قرأت على عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- القرآن ثلاث مرات، وهذا حديث صحيح غريب رواه جماعة عن هشام بن حسان. وروى محمد بن عبد الله الأنصاري عن أبي خلدة أن أبا العالية قال: قرأت على عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- القرآن ثلاث مرات، نقله ابن المنادي، وقال أبو العالية: كنت آتي ابن عباس وهو أمير البصرة فيجلسني على السرير. وقال مغيرة: كان أشبه أهل البصرة علما بإبراهيم النخعي أبو العالية، قلت: كان أبو العالية إماما في القرآن والتفسير والعلم والعمل، مات سنة تسعين وقيل سنة ثلاث وتسعين، فهؤلاء الذين دارت عليهم أسانيد القراءات المشهورة ورواياتهم والله أعلم2.   1 هو أبو محمد سليمان بن عمران الأسدي الكاهلي مولاهم الأعمش، ورى عن ابن أبي أوفى وأبي وائل والكبار، وكان محدث الكوفة وعالمها, قال ابن المديني: للأعمش نحو ألف وثلاثمائة حديث، وقال ابن عيينة: كان أقرأهم لكتاب الله وأعلمهم بالفرائض وأحفظهم للحديث، وقال يحيى القطان: هو علامة الإسلام، قال وكيع: بقي الأعمش قريبا من سبعين سنة لم تفته التكبيرة الأولى. توفى في ربيع الأول سنة ثمان وأربعين ومائة للهجرة "انظر شذرات الذهب في أخبار من ذهب من 220 جـ1". 2 انظر/ تذكرة الحفاظ "1/ 61". تهذيب التهذيب "3/ 483". خلاصة تذهيب الكمال "101". شذرات الذهب "1/ 102". طبقات ابن سعد "7/ 81". طبقات الشيرازي "88". طبقات القراء لابن الجزري "1/ 284". طبقات المفسرين "1/ 172" العبر "1/ 180". اللباب "1/ 483". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 32 الطبقة الثالثة: وهم من التابعين 1- يحيى بن وثاب الأسدي الكوفي القارئ العابد أحد الأعلام، مولى بني أسد روى عن ابن عباس وابن عمر -رضي الله عنهم- وعن مسروق وعبيدة السلماني وزر، وأبي عبد الرحمن السلمي وأبي عمرو الشيباني وعلقمة والأسود، وقرأ على بعضهم. قال أبو عمرو الداني: أخذ القراءة عرضا عن علقمة والأسود ومسروق والشيباني وأبي عبد الرحمن، قلت: الثابت هكذا بالأصل ولعله الثابت أنه قرأ القرآن كله على عبيد بن نضيلة صاحب علقمة كل يوم آية. قال أبو بكر بن عياش عن عاصم، قال: تعلم يحيى بن وثاب من عبيد بن نضيلة آية آية، وكان والله قارئا. قلت: قرأ عليه الأعمش وطلحة بن مصرف وأبو حصين الأسدي وحمران بن أعين، وحدث عنه عاصم بن أبي النجود وأبو العميس عتبة المسعودي، وأبو حصين عثمان بن عاصم وآخرون. قال محمد بن جرير الطبري: يحيى بن وثاب مولى بني كاهل من بني أسد بن خزيمة، كان مقرئ الكوفة في زمانه. وقال أحمد بن عبد الله العجلي:1 تابعي ثقة الكوفة، وكان يؤم قومه، فأمر الحجاج أن لا يؤم بالكوفة إلا عربي. فقال ليحيى قومه: اعتزل. فقال الحجاج: من هذا؟ قالوا: يحيى بن وثاب.   1 العجلي هو: هارون بن سعد العجلي ويقال: الجعفي الكوفي الأعور روى عنه أبو حازم الأشجعي وأبو إسحاق السبيعي وأبو الضحى والأعمش وغيرهم، وعنه شجت والثورى وشريل وقيس بن الربيع والحسن بن حسين وعبد الرحيم بن هارون الغساني، وآخرون. قال أحمد: روى عنه الناس وهو صالح. وكان عثمان الدارمي عن ابن معين ليس به بأس. وكان ابن أبي حاتم: سألت أبي عنه فقال: لا بأس به. وذكره ابن حيان في الثقات. "التبصير ص75. وتهذيب التهذيب 11/ 6". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 33 قال: ما له؟ قالوا: أمرت أن لا يؤم إلا عربي فنحاه قومه، فقال: ليس عن مثل هذا نهيت, وقال: فصلى بهم يوما. ثم قال: اطلبوا إماما غيري، إنما أردت أن لا تستذلوني، فإذا صار الأمر إلي فأنا لا أؤمكم. وقال الأعمش: كان يحيى بن وثاب إذا قضى الصلاة مكث ما شاء الله تعرف فيه كآبة الصلاة، وقال عبيد الله بن موسى: كان الأعمش يقول: يحيى بن وثاب أقرأ من بال على تراب. وقال شعيب الصريفيني: ثنا يحيى بن آدم سمعت حسن بن صالح يقول: قرأ يحيى على علقمة وقرأ علقمة على ابن مسعود، فأي قراءة أفضل من هذه. وروي عن زائدة قلت للأعمش: على من قرأ يحيى؟ قال: على علقمة والأسود ومسروق. وقال يحيى بن معين: ثنا ابن أبي زائدة قال: قال الأعمش: كان يحيى بن وثاب لا يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم لا في عرض ولا في غيره، وقال يحيى بن عيسى الرملي عن الأعمش، قال: كان يحيى بن وثاب من أحسن الناس قراءة، وربما اشتهيت تقبيل رأسه لحسن قراءته وكان إذا قرأ لم يحس في المسجد حركة كأن ليس في المسجد أحد. قلت: كان يحيى بن وثاب ثقة إماما كبير القدر، قال الأعمش: كنت إذا "رأيته قلت: هذا قد وقف للحساب يقول: أي رب أذنبت كذا أذنبت"1. قال أبو محمد بن قتيبة: توفي سنة ثلاث ومائة. أحمد بن عبد العزيز 2: أبو جعفر بن القاص البغدادي القطفتي3 الزاهد المقرئ، قرأ الروايات على ابن بدران الحلواني، وأبي الخير المبارك بن الغسال، وسمع أبا القاسم بن بيان. أقرأ الناس وحدث عنه أبو القاسم بن صصري وجماعة، توفي سنة ثلاث وسبعين   1 انظر/ تذكرة الحفاظ "1/ 106". تهذيب التهذيب "11/ 294". شذرات الذهب "11/ 125". طبقات ابن الجزري "2/ 380". 2 ما بين المعكوفتين تراجم لا علاقة لها بطبقة التابعين أثبتناها كما هي في الأصل "أ" فتنبه. 3 نسبة إلى قطف بضمتين قرية دون ثنية العقاب في طرف البرية من ناحية حمص. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 34 وقد قرأ أيضا عليه أبو بكر محمد بن علي بن سلامة الأيدي, وقرأ عليه بالسبع عبد العزيز بن دلف1. القاسم بن عبد الرحمن بن دحمان، أبو محمد الأنصاري المالقي. أخذ عن منصور بن الخير وجماعة وبرع في العربية والقراءات وعللها، وتصدر مدة للأقراء أخذ عنه السهيلي وابن خروف، توفي في سنة خمس وسبعين وقد نيف على ثمانين سنة2. يوسف بن إبراهيم بن عثمان الإمام أبو الحجاج العبدري الغرناطي المقرئ الحافظ، المعروف بالغزي ذكره الأبار. فقال: أخذ القراءات عن عبد الرحيم بن الفرس الغرناطي، وأبي الحسن شريح ويحيى بن الخلوف وأبي الحسن بن الباذش. وسمع منهم ومن أبي الحسن بن مفيث وأبي بكر بن العربي وأبي مروان الباجي، وخلق، وأجاز له أبو علي الصدفي وأبو بكر الطرطوشي، وأحكم العربية على أبي بكر بن مسعود النحوي. قال: وكان حافظا محدثا فقيها مقرئا، راوية ضابطا مفسرا أديبا. نزل في الفتنة نفوسة وولي خطابتها وأقرأ بها, أكثر عنه أبو عبد الله التجيبي، وقال: لم أر أفضل ولا أزهد منه ولا أحفظ لحديث وتفسير منه، روى عنه أبو عمر بن عياد وأبو سليمان بن حوط الله وأبو العباس بن عميرة، مات في شوال سنة تسع وسبعين وخمسمائة3. محمد بن خالد بن بختيار أبو بكر الأزجي الرزاز المقرئ الضرير النحوي. أبو بكر الأزجي4 الرزاز المقري الضرير النحوي، قرأ بالروايات على أبي عبد الله بن البارع، وأبي محمد سبط الخياط، ودعوان بن علي، وأقرأ الناس مدة وكان عارفا بوجوه القراءات، تخرج به جماعة في العربية، توفي في سنة ثمانين وخمسمائة5.   1 انظر/ طبقات ابن الجزري "1/ 70". 2 انظر/ طبقات ابن الجزري "2/ 19". 3 انظر/ طبقات ابن الجزري "2/ 136". 4 نسبة إلى محلة ببغداد تسمى باب الأزج انظر/ القاموس المحيط "1/ 176". 5 انظر/ طبقات القراء لابن الجزري "2/ 136". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 35 عساكر بن علي بن إسماعيل أبو الجيوش المصري المقرئ النحوي الشافعي المعدل ولد سنة تسعين وأربعمائة. وقرأ القراءات على أبي الخير أحمد بن محمد شمول وعلي بن عبد الرحمن الحضرمي، ونفطويه، وإبراهيم بن أغلب النحوي، والشريف الخطيب، وتفقه على قاضي القضاة مجلى بن جميع. وقرأ العربية وتصدر للإقراء بدار العلم، وبالجامع الظافري وانتفع به الناس، وكان ذا صلاح ودين، أخذ عنه علم الدين السخاوي وغيره، والحسن بن سيف المصري، والعفيف بن الرياح، ومات في المحرم سنة إحدى وثمانين وخمسمائة1. الحسن بن علي بن عبيدة أبو محمد الكرخي 2 المقرئ النحوي. قرأ بالروايات على سبط الخياط وأبي منصور بن خيرون، وأبي البركات عمر بن إبراهيم الكوفي، وسمع من قاضي المرستان، وأخذ العربية عن أبي السعادات بن الشجرى، والفرائض والحساب وأقرأ الناس مدة. وكان رأسا في القراءات, توفي في شوال سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة، ومن شعره: وما شنآن الشيب من أجل لونه ... ولكنه حاد إلى الموت مسرع إذا ما بدت منه الطليعة آذنت ... بأن المنايا بعدها تتطلع3, 4 2- الحسن بن أبي الحسن البصري أبو سعيد، سيد أهل زمانه علما وعملا. قرأ القرآن على حطان القرشي عن أبي موسى، روى القراءة عنه يونس بن عبيد، وأبو عمرو بن العلاء وسلام الطويل فيحاقيل، وغيرهم ومناقبه وأخباره يطول شرحها, توفي سنة عشر ومائة5. 3- عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري الكوفي، قرأ القرآن على أبيه. قرأ عليه أخوه محمد بن عبد الرحمن القاضي، وأبوهما ممن قرأ على علي -رضي الله عنه، وعيسى وثقه ابن معين وله رواية قليلة في السنن6.   1 انظر/ سير أعلام النبلاء "2/ 130". طبقات القراء لابن الجزري "1/ 512". 2 نسبة إلى محلة ببغداد وتسمى الكرخ. انظر/ القاموس المحيط "1/ 226". 3 انظر/ ترجمته في طبقات القراء لابن الجزري "1/ 24". 4 إلى هنا نهاية التراجم التي لا علاقة لها بطبقة التابعين. طالب العلم/ محمد فارس. 5 انظر/ سير أعلام النبلاء "4/ 563". 6 انظر تهذيب التهذيب "8/ 219". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 36 4- مجاهد بن جبر الإمام أبو الحجاج مولى السائب بن أبي السائب المخزومي المكي المقرئ المفسر أحد الأعلام. قرأ على ابن عباس، وروى عن عائشة وأبي هريرة، وسعد وعبد الله بن عمرو، وجماعة من الصحابة -رضي الله عنهم- قرأ عليه ابن كثير، وأبو عمرو وابن محيصن وغيرهم، وحدث عنه قتادة، والحكم، وعمرو بن دينار، وأيوب ومنصور والأعمش وابن عون وخلق، وجاء عنه أنه قرأ القرآن على ابن عباس ثلاثين مرة، والذي صح عنه أنه قال: عرضت القرآن على ابن عباس ثلاث عرضات أقفه عند كل آية أسأله فيم نزلت؟ وكيف كانت؟. وقال شباب العصفري عن معاذ المعلم سمع أبا مدثر سمعت مجاهدا يقول: ختمت القرآن على ابن عباس تسعا وعشرين مرة. قال قتادة: أعلم من بقي في التفسير مجاهد. وقال سلمة بن كهيل: كان مجاهد ممن يريد بعلمه الله وعن مجاهد قال: ربما أخذ لي ابن عمر بالدكاب. وقال الأعمش: كنت إذا رأيت مجاهدا ازدريته متبذلا كأنه خذ بندج قد ضل حماره. قلت: توفي سنة ثلاث ومائة وقد نيف على الثمانين1. 5- يحيى بن يعمر العدواني أبو سليمان البصري، أخذ القراءة عرضا عن أبي الأسود الدؤلي وسمع ابن عباس، وابن عمر، وعائشة وأبا هريرة وروى أيضا عن أبي ذر، وعمار بن ياسر -رضي الله عنهم. قرأ عليه أبو عمرو بن العلاء وعبد الله بن أبي إسحاق الخضرمي وحدث عنه قتادة، ويحيى بن عقيل، وعطاء الخراساني وسليمان التيمي وإسحاق بن سويد وولي قضاء خراسان لقتيبة بن مسلم. وهو أول من نقط المصحف، وكان فصيحا مفوها عالما، أخذ العربية عن أبي الأسود، ثم إن قتيبة عزله لما بلغه عنه شرب المنصف. قال عمر: أنا القطان عن قتادة عن نصر بن عاصم عن عبد الله بن فطيمة، عن يحيى بن يعمر قال: قال عثمان -رضي الله عنه- في القرآن لحن ستقيمه العرب بألسنتها. قال خليفة: توفي يحيى بن يعمر قبل سنة تسعين2.   1 انظر/ تهذيب التهذيب "8/ 219". 2 انظر/ طبقات ابن سعد "7/ 368". سير أعلام النبلاء "4/ 441". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 37 6- سعيد بن جبير بن هشام الإمام العالم أبو عبد الله الأسدي الوالي مولاهم الكوفي. قرأ على ابن عباس قرأ عليه أبو عمرو والمنهال بن عمرو وقد حدث عن ابن عباس وعدي بن حاتم وابن عمر وعبد الله بن معقل وأبي هريرة -رضي الله عنهم- وغيرهم, روى عنه الحكم وأيوب وجعفر بن أبي المغيرة ومحمد بن سوقة والأعمش وخلق كثير, فعن أشعث بن إسحاق قال: كان يقال لسعيد بن جبير جهبذ1 العلماء وعن ابن عباس -رضي الله عنه- قال: يا أهل الكوفة، تسألوني وفيكم سعيد بن جبير! خرج سعيد مع ابن الأشعث على الحجاج ثم اختفى وتنقل في النواحي ثم أتى به الحجاج فقتله، لكونه قوى نفسه ولم يعتذر إليه، وكان سعيد من سادة التابعين علما وفضلا وصدقا وعبادة. ثبت عنه أنه قال لابنه: ما يبكيك ما بقاء أبيك بعد سبع وخمسين سنة. قال الفضل بن سويد الضبي: دعاه الحجاج وأنا شاهد فأقبل يعاتبه معاتبة الرجل ولده، فانفلتت من سعيد كلمة، فقال: إن ابن الأشعث عزم علي، قال ربيعة الرأي: كان سعيد بن جبير من العلماء العباد. قلت: استشهد بواسط2 في شعبان، سنة خمس وتسعين، وروى عمرو بن ميمون بن مهران عن أبيه قال: مات سعيد بن جبير وما على وجه الأرض أحد إلا وهو محتاج إلى علمه3. وقال إسماعيل بن عبد الملك: كان سعيد بن جبير يؤمنا في رمضان، فيقرأ ليلة بقراءة ابن مسعود وليلة بقراءة زيد، وعن هلال بن يساف، دخل سعيد بن جبير الكعبة فقرأ القرآن في ركعة، وقيل إنه كان يختم في كل ليلتين4. 7- حمران بن أعين مولى بني شيبان، كوفي مقرئ كبير. قال أبو عمرو الداني: أخذ القراءة عرضا وسماعا عن عبيد بن نضيلة، وأبي حرب بن أبي الأسود ويحيى بن وثاب.   1 الجهبذ بالكسر النقاد الخبير. "الظن القاموس المحيط ص349ج". 2 واسط بلد سمي بالقصر الذي بناه الحجاج بين الكوفة والبصرة مذكر مصروف. "انظر مختار الصحاح ص720 مادة وس ط". 3 وفي طبقات ابن سعد ج1 ص257. قال كان ابن عباس بعد ما عمي إذا أتاه أهل الكوفة يسألونه قال: تسألوني وفيكم ابن أم دهماء. قال يعقوب: يعني سعيد بن جبير. 4 انظر/ طبقات القراء لابن الجزري "1/ 305". تذكرة الحفاظ "1/ 76". تهذيب التهذيب "4/ 11". الحليلة "4/ 272". الخلاصة "116". الشذرات "1/ 108". طبقات ابن سعد "6/ 178". طبقات الشيرازي "82". طبقات المفسرين للدواوي "1/ 181". المعارف "445". وفيات الأعيان "1/ 204". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 38 عرض عليه حمزة الزيات، وقد سمع من أبي الطفيل عامر بن وائلة وأبي جعفر الباقر، حدث عنه الثوري وإسرائيل، قال الكسائي: قلت لحمزة على من قرأت؟ قال: على ابن أبي ليلى وحمران بن أعين. قلت: فحمران على من قرأ، قال: على عبيد بن نضيلة، رواه ابن مجاهد عن شيخين كلاهما عن هارون عن الكسائي. وقد خولف فيه، فقال محمد بن الحسن بن عطية: قرأت على أبي وقرأ على حمزة، وقرأ حمزة على حمران، وقرأ حمران على يحيى بن وثاب، عن عبيد بن نضيلة، وقرأ عبيد على ابن مسعود، وقد اختلف في عبيد بن نضيلة المقرئ، والثابت أنه قرأ على علقمة عن ابن مسعود، وكذا اختلف في حمران، فقيل أيضا قرأ على أبي الأسود الدؤلي نفسه، والله أعلم، وقراءة حمزة عليه متيقنة، قال ابن معين: حمران ضعيف. وقال النسائي: ليس بثقة. وقال أبو داود: وكان رافضيا، توفي في حدود الثلاثين ومالية1. 8- نصر بن عاصم الليثي ويقال الدؤلي البصري النحوي. قرأ القرآن على أبي الأسود وسمع من مالك بن الحويرث، وأبي بكرة الثقفي. قال الداني: روى عنه القراءة عرضا عبد الله بن أبي إسحاق الخضرمي، وأبو عمرو بن العلاء، وسمع منه قتادة، وروى عنه الحروف مالك بن دينار، ويقال إنه أول من نقط المصاحف2 وخمسها3 وعشرها4. وقال خالد الحذاء: هو أول من وضع العربية.   1 انظر/ طبقات ابن الجزري "1/ 261". 2 قوله أول من نقط المصاحف المراد به: نقط الإعجام والمراد به النقط الذي يميز الحروف المتماثلة رسما من بعضها مثل: ب، ت، ث، ج، ح، خ. وهكذا: فإن أرجح الأراء في أن الواضع له: نصر بن عاصم، يحيى بن يعمر. وذلك صيانة للقرآن من الخطأ الذي تفشى على ألسنة الكثيرين الداخلين في الإسلام. فخيف على القرآن أن تمتد إليه أخطاء المخطئين في النطق العربي. الأمر الذي حمل أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان أن يعمل جاهدا على إزالة هذا العبث فأمر الحجاج بن يوسف وكان واليا على العراق أن يزيل أسباب هذا التحريف عن القرآن. فكلف الحجاج اثنين من علماء المسلمين الذين لهم قدم راسخة من فنون العربية وأسرارها بوضع علامات تميز الحروف من بعضها موضعا النقط المسمى بنقط الإعجام. أما نقط الإعراب فالمخترع له أبو الأسود الدؤلي. وذلك بتكليف من زياد بن أبيه بذلك. طالب العلم/ محمد فارس. 3 وقوله خمسها أي: بوضع لفظ خمس عند انقضاء خمس آيات. 4 وقوله عشرها أي: بوضع لفظ عشر عند انتهاء عشر آيات. وهكذا وبه لفظ خمس وعشر مع تكرار هذا العدد من الآيات من كل سورة من نهاية السورة يؤخذ هذا من قول قتادة وربد أو اقتقطوا ثم خمسوا ثم عشروا "2" طالب العلم/ محمد فارس. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 39 وقال أبو داود: كان من الخوارج1، قلت وممن روى عنه الزهري وعمرو بن دينار وحميد بن هلال، وثقه النسائي وغيره، وتوفي قديما قبل سنة مائة2. 9- يزيد بن القعقاع أبو جعفر القارئ أحد العشرة. مدني مشهور رفيع الذكر، قرأ القرآن، على مولاه عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة المخزومي وفاقا. وقال غير واحد: قرأ أيضا على أبي هريرة وابن عباس -رضي الله عنهم، عن قراءتهم على أبي بن كعب، وصلى بابن عمر وحدث عن أبي هريرة وابن عباس، وهو قليل الحديث، تصدى لإقراء القرآن دهرا. فورد أنه أقرأ الناس من قبل وقعة الحرة3، حتى قيل إنه قرأ على زيد بن ثابت ولم يصح، قرأ عليه نافع بن أبي نعيم، وسليمان بن مسلم بن جماز، وعيسى بن وردان الحذار وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وحدث عنه مالك الإمام، وعبد العزيز الدراوردي، وعبد العزيز بن أبي حازم، وقد وثقه يحيى بن معين والنسائي. قال أبو عبيد في كتاب القراءات: كان أبو جعفر يقرئ الناس قبل وقعة الحرة، ثنا بذلك عنه إسماعيل بن جعفر، أخبرنا عمر الطائي أخبرنا زيد الكندي إجازة، أنبئنا أبو الحسن بن توبة، أخبرنا ابن هذارمدد حدثنا عمر الكناني حدثنا ابن مجاهد حدثنا محمد بن الجهم حدثنا سليمان بن داود حدثنا إسماعيل بن جعفر قال: قال لي سليمان بن مسلم: أخبرني أبو جعفر أنه كان يقرئ في مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قبل الحرة، وكانت الحرة سنة ثلاث وستين. وأخبرني أنه كان يملك المصحف على مولاه عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة، وكان من أقرأ الناس، قال: وكنت أرى كل ما يقرأ وأخذت عنه قراءته. وأخبرني أبو جعفر أنه أتي به إلى أم سلمة وهو صغير فمسحت على رأسه ودعت له بالبركة.   1 يقال لهذه الطائفة: الخوارج، والحرورية، والنواصب، والشراة، والحكمية، والمارقة. فأما الخوارج فجمع خارج، وهو الذي خلع طاعة، الإمام الحصر، وأعلن عصيانه، وألب عليه، بعد أن يكون له تأويل، وعلماء الشريعة يسمونهم "بغاة" "مقالات الأشقوي: 1/ 156". 2 انظر/ طبقات ابن الجزري "2/ 336". 3 الحرة: موضع معروف قريب من مدينة الرسول -صلى الله عليه وسلم. وفيه حدثت موقعة عظيمة بين أهل المدينة من أبناء الأنصار والمهاجرين وجيش يزيد بن معاوية بن أبي سفيان ومسلم بن عقبة المزي. وقد قتل فيها خلق كثير من بني هاشم وسائر قريش ومن الأنصار. والإسراف مسلم في القتل سماه كثير من المؤرخين مسرفا "مروج الذهب: 3/ 79". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 40 وعن ابن أبي الزناد قال: كان أبو جعفر يقدم في زمانه على عبد الرحمن بن هرمز الأعرج. وعن سليمان بن عباد سألت أبا جعفر متى علمت القرآن؟ قال: زمن معاوية. وروى مطرف بن عبد الله عن مالك عن أبي جعفر القارئ قال: رأيت ابن عمر إذا أهوى ليسجد يمسح الحصا لموضع جبهته مسحا خفيفا. وروى محمد بن إسحاق المسيبي عن أبيه عن نافع قال: كان أبو جعفر يقوم الليل فإذا أصبح جلس يقرئ الناس، فيقع عليه النوم فيقول لهم: خذوا الحصا فضعوه بين أصابعي، ثم ضموها فكانوا يفعلون ذلك وكان النوم يغلبه، فقال: أراني أنام على هذا، فإذا رأيتموني قد نمت فخذوا خصلة من لحيتي فمدوها. قال: فيمر عبد الله بن عياش مولاه، فيرى ما يفعلون به فيقول أيها الشيخ ذهبت بك الغفلة، فيقول أبو جعفر: إن هذا الشيخ في خلقه شيء دوروا بنا وراء القبر موضعا لا يرانا، رواها ابن مجاهد. حدثنا عبد الله ابن أبي بكر حدثنا أبي حدثنا محمد بن إسحاق. قال عبد الله بن وهب: حدثنا ابن زيد بن أسلم. قال: قال رجل لأبي جعفر مولى ابن عياش، وكان في دينه فقيها وفي دنياه أبله: هنيئا لك ما أتاك من القرآن، فقال: ذاك إذا أحللت حلاله وحرمت حرامه وعملت بما فيه. وروى ابن وهب عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم قال: أكان أبو جعفر يصلي خلف القراء في رمضان يلقنهم يؤمر بذلك. وكان بعده شيبة جعلوه لذلك، وعن مالك بن أنس قال: كان أبو جعفر القارئ إذا مر سائل بالليل وهو يصلي دعاه فيستتر منه ثم يلقي إليه إزاره. وعن أحمد بن عبد الرحمن بن وهب عن عمه قال: قال لي مالك: كان أبو جعفر القارئ رجلا صالحا يفتي الناس بالمدينة. وقال يونس بن حبيب: حدثنا قتيبة بن مهران، حدثنا سليمان بن مسلم بن جماز، سمعت أبا جعفر يحكي لنا قراءة أبي هريرة، في إذا الشمس كورت، يحزنها شبه الرثاء، فأما قراءة أبي جعفر فدارت على أحمد بن زيد الحلواني، عن قالون عن عيسى بن وردان الحذاء، عن أبي جعفر قرأ بها الفضل بن شاذان الداري، وجعفر بن الهيثم عن الحلواني، وأقرأ بها الزبير بن محمد العمري، عن قراءته على قالون بإسناده. وأقرأها سليمان بن داود الهاشمي عن سليمان بن مسلم بن جماز، عن أبي جعفر، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 41 وأقرأها الدوري عن إسماعيل بن جعفر، عن أبي جعفر، أو عن رجل عنه، وأقرأه أبو جعفر طرقا عدة، مذكورة في الكامل. قال ابن وهب: حدثني ابن زيد بن أسلم عن سليمان بن مسلم قال: رأيت أبا جعفر القارئ على الكعبة فقلت: أبا جعفر قال: نعم، أقرئ إخواني السلام، وخبرهم أن الله تعالى جعلني من الشهداء الأحياء المرزوقين. وأقرئ أبا حازم السلام وقل له: يقول لك أبو جعفر الكيس الكيس، فإن الله تعالى وملائكته يتراءون مجلسك بالعشيات، قال: وحدثنا سليمان بن مسلم أخبرني أبو جعفر حين كان يمر به نافع، يقول: أترى هذا كان يأتيني وهو غلام، فيقرأ علي ثم كفر بي وهو يضحك. قال سليمان: وشهدت أبا جعفر حين احتضر، جاء أبو حازم ومشيخة، فأكبوا عليه يصرخون به فلم يجبهم، قال شيبة: وكان ختنه على ابنة أبي جعفر، ألا أريكم منه عجبا، قالوا: بلى، فكشف عن صدره فإذا دوارة بيضاء مثل اللبن فقال أبو حازم وأصحابه: هذا والله نور القرآن. قال سليمان: فقالت لي أم ولده بعد ما مات: صار ذلك البياض غرة بين عينيه. وروى محمد بن إسحاق المسيبي، حدثني أبي عن نافع، قال: لما غسل أبو جعفر القارئ نظروا ما بين نحره إلى فؤاده مثل ورقة المصحف، فما شك من حضره أنه نور القرآن، رحمه الله. قلت: قد اختلفوا في تاريخ وفاته. فقال محمد بن المثنى العنزي: توفي سنة سبع وعشرين ومائة. وقال آخر: سنة ثمان وعشرين. وقال خليفة: سنة اثنتين وثلاثين. وقيل: سنة إحدى وثلاثين. وقيل: سنة ثلاث وثلاثين، عن نيف وتسعين سنة1. 10- يزيد بن رومان المدني أبو روح القارئ مولى آل الزبير بن العوام. قرأ القرآن على عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة، وسمع من عروة بن الزبير وصالح بن خوات.   1 انظر/ سير أعلام النبلاء "5/ 287". طبقات ابن الجزري "2/ 382". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 42 وقيل: إنه روى عن أبي هريرة، وقرأ على ابن عباس وليس بشيء، وهو ثقة ثبت حديثه في الكتب الستة، وهو أحد شيوخ نافع في القراءة، وثقه ابن معين وغيره. وكان فقيها قارئا محدثا. قال ابن سعد: كان عالما ثقة كثير الحديث, قلت: حدث عنه أبو حازم الأعرج، وعبد الله بن عمر ومحمد بن إسحاق، وجرير بن حازم ومالك بن أنس وجماعة. قال وهب بن جرير: حدثنا أبي قال: رأيت محمد بن سيرين ويزيد بن رومان يعقدان الآي في الصلاة. وروى مطرف عن مالك عن يزيد بن رومان، أنه قال: كان الناس يقومون في زمان عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- بثلاث وعشرين ركعة في رمضان، توفي سنة عشرين ومائة، وقيل سنة تسع وعشرين. وقيل: سنة ثلاثين ومائة، ولم يذكر أبو عمرو الداني إلا هذا القول1. 11- عبد الرحمن بن هرمز الأعرج أبو داود المدني مولى محمد بن ربيعة. أخذ القراءة عرضا عن أبي هريرة وابن عباس -رضي الله عنهم، وعبد الله بن عباس بن أبي ربيعة، وأكثر من السنن عن أبي هريرة، قرأ عليه القرآن نافع بن أبي نعيم وغيره. وقال إبراهيم بن سعد: كان الأعرج يكتب المصاحف، وقال مصعب الزبيري: هو مولى محمد بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب. وقال الأصمعي حدثنا نافع حدثنا الأعرج، أنه قرأ {لَتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا} [الكهف: 77] قال: لا تأخذها عنه، فإنه لم يكن عالما بالعربية، وروى مالك عن داود بن الحصين2، أنه سمع عبد الرحمن الأعرج يقول: ما أدركت الناس إلا وهم يلعنون الكفرة في رمضان. وكان القارئ يقرأ سورة البقرة في ثماني ركعات، فإذا قام بهم في اثنتي عشرة ركعة،   1 انظر/ طبقات ابن الجزري "2/ 381". 2 هو داود بن الحصين المدني مولى بني أمية، روى عن عكرمة وجماعة، قال في المغني: داود بن الحصين أبو سليمان المدني. عن عكرمة: صدوق يغرب ووثقه غير واحد كابن معين، وقال ابن المديني: ما روى عن عكرمة فمنكر، وقال أبو حاتم الرازي: لولا مالكا روى عنه لنزل حديثه. توفيى سنة خمس وثلاثين ومائة. "انظر شذرات الذهب ص192 جـ1". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 43 رأى الناس أنه قد خفف، وقد روى الأعرج أيضا عن أبي سعيد الخدري، وعبد الله بن بحينة -رضي الله عنهما- وجماعة، حدث عنه أبو الزناد، وابن شهاب وصالح بن كيسان، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وعبد الله بن لهيعة وطائفة سواهم. وروى ابن لهيعة عن أبي النضر قال: كان عبد الرحمن بن هرمز الأعرج، أول من وضع العربية، وكان أعلم الناس بأنساب قريش، قلت: كان الأعرج أحد من برز في القرآن والسنة. وقالوا: هو أول من وضع العربية بالمدينة، أخذ عن أبي الأسود، وله خبرة بأنساب قريش، وافر العلم مع الثقة والأمانة، اتفق أنه خرج إلى الإسكندرية فأدركه أجله بها في سنة سبع عشرة ومائة. وأرخه مصعب الزبيري وغير واحد1. 12- شيبة بن نصاح بن سرجس بن يعقوب المدني المقرئ الإمام. مولى أم سلمة -رضي الله عنها، وأحد شيوخ نافع في القراءة، وقاضي المدينة ومقرئها مع أبي جعفر. أدرك أم المؤمنين عائشة وأم سلمة -رضي الله عنهما، وقرأ القرآن على عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة، ووهم من قال إنه قرأ على أبي هريرة وابن عباس -رضي الله عنهما، فإنه لم يدرك ذلك. وقد مسحت أم سلمة رأس شيبة وهو صغير، وقد حدث عن القاسم بن محمد وخالد بن مغيث وأبي سلمة بن عبد الرحمن، وأبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث وغيرهم، وهو قليل الحديث صدوق بعيد الصيت في القراءة. قرأ عليه نافع وإسماعيل بن جعفر وسليمان بن جماز، وحدث عنه ابن جريج وابن إسحاق وأبو ذكية يحيى بن محمد بن قيس، وأبو ضمرة أنس بن عياض وآخرون وقيل كنيته أبو ميمونة. قال الدوري: حدثنا إسماعيل بن جعفر. قال: قرأت على شيبة بن نصاح مولى أم سلمة، فكان إمام أهل المدينة في القراءة, قال إسماعيل: وأخبرني سليمان بن مسلم، أن شيبة   1 ترجمة من مذاكرة الحفاظ "1/ 96". تهذيب الأسماء "2/ 55". تهذيب التهذيب "7/ 333". حلية الأولياء "2/ 183" خلاصة "67"، الشذرات "1/ 1135". الطبقات الكبرى "5/ 139" طبقات الشيرازي "59" العبر "1/ 132" نكت الهميان 230 ووفيات الأعيان "1/ 418". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 44 أخبره أنه أتي به إلى أم سلمة وهو صغير فمسحت رأسه وبركت عليه، قلت: وكذا غلط من قال إن أبا جعفر وشيبة كانا يقرئان في مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قبل الحرة، قاله محمد بن سعدان عن يعقوب بن جعفر بن أبي كثير. بل قد نقل ذلك عن أبي حعفر وحده، وهو أسن من شيبة بكثير وهو والد ميمونة زوجة شيبة، وقال قالون: كان نافع أكثر اتباعا لشيبة منه لأبي جعفر. وقال النسائي وغيره: شيبة ثقة. قلت: خرج له النسائي وحده. "حديثا واحدا"1. وقال قتيبة الأصبهاني: حدثنا سليمان بن مسلم، رجع شيبة إلى قراءة أبي جعفر، حين مات أبو جعفر. وقال خليفة بن خياط: توفي شيبة سنة ثلاثين ومائة2. 13- مسلم بن جندب أبو عبد الله المدني القارئ القاص مولى هذيل. قرأ القرآن على عبد الله بن عياش المخزومي مقرئ المدينة، وحدث عن أبي هريرة وحكيم بن حزام3 وابن عمر، وابن الزبير وأسلم مولى عمر وغيرهم، قرأ عليه نافع الإمام وتأدب عليه عمر بن عبد العزيز. وحدث عنه ابنه عبد الله بن مسلم، وزيد بن أسلم ومحمد بن عمرو بن حلحلة، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وابن أبي ذئب وآخرون، وكان من فصحاء أهل زمانه، وكان يقص بالمدينة. وروى معمر عن يحيى بن أبي كثير عن مسلم بن جندب، عن ابن عمر -رضي الله عنهما، قال: "المكاتب عبد ما بقي عليه درهمان"، وروى ابن أبي ذئب عن مسلم بن   1 ثبت في أ "حدثنا واحد". 2 انظر/ طبقات ابن الجزري "1/ 329". 3 هو حكيم بن حزام بن خويلد بن أسد القرشي الأسدي ابن أخي خديجة الشريف الجواد، أعتق في الجاهلية مائة رقبة وحمل على مائة بعير، وفعل مثل ذلك في الإسلام وأهدى مائة بدنة وألف شاة, أعتق بعرفة مائة وصيف في أعناقهم أطواق الفضة منقوش فيها "عتقاء الله من حكيم بن حزام" وباع دار الندوة بمائة ألف وتصدق بها فقيل له: بكت مكرمة قريش فقال: ذهبت المكارم، ولدته أمه من الكعبة وعاش ستين سنة من الجاهلية وستين سنة من الإسلام، وهو من مسلمة الفتح توفي سنة أربع وخمسين للهجرة ودفن في داره بالمدينة "انظر شذرات الذهب من أخبار الذهب ص60 جـ1". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 45 جندب، عن الزبير بن العوام -رضي الله عنه، فذكر حديثا وهذا مرسل فلا يغتر به، ولا أحسب رواية مسلم عن حكيم وأبي هريرة إلا منقطعة. وقال محمد بن الضحاك الحزامي عن مالك بن أنس، قال: جاء رجل إلى سعيد بن المسيب فقال: يا أبا محمد أي الأيام خير؟ قال: سل عن ذلك القاضي مسلم بن جندب، فذهب فسأله فقال: يوم النحر، ثم رجع إلى سعيد فأخبره فقال: سعيد أعرابي يعظم الدماء أعظم هذه الأيام يوم الجمعة، وقال ابن وهب: حدثني نافع قال: سألت مسلم بن جندب عن قوله تعالى: {كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ} [المعارج: 43] قال: إلى غاية، فسألته عن {رِدْءًا يُصَدِّقُنِي} [القصص: 34] قال: الردء الزيادة. وقال الحلواني عن قالون قال: كان أهل المدينة لا يهمزون، حتى همز ابن جندب فهمزوا: {مُسْتَهْزِئِينَ} و: {يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ} . وقال عباس بن الفضل عن جعفر بن الزبير، قال: كان مسلم بن جندب يقرأ علينا غدوة ثلاثين آية وعشية ثلاثين آية. قلت: وما علمت في مسلم جرحة، وقد روى له الترمذي. ومات في خلافة هشام بن عبد الملك، بعد سنة عشر ومائة تقريبا1. 14- عبد الله بن عامر اليحصبي إمام أهل الشام في القراءة، عبد الله بن عامر بن يزيد بن تميم، بن ربيعة، أبو عمران على الأصح. وقيل: أبو عامر. وقيل أبو نعيم. وقيل: أبو عليم. وقيل: أبو عبيد. وقيل: أبو محمد. وقيل أبو موسى. وقيل: أبو معبد. وقيل: أبو عثمان الدمشقي.   1 انظر/ طبقات ابن الجزري "2/ 297". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 46 ثابت النسب إلى يحصب بن دهمان. أحد حمير، وحمير من قحطان، وبعضهم يتكلم في نسبه، والصحيح أنه صريح النسب1. قال خالد بن يزيد المري: سمعت عبد الله بن عامر يقول: قبض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولي سنتان، وانتقلت إلى دمشق، ولي تسع سنين، وعن خالد بن يزيد عن أبي عامر قال: قرأت على أبي معاذ وأبي الدرداء، روى ابن زيد عن أبي عامر، قال: قرأت على معاوية2، وعلى واثلة بن الأسقع3، وفضالة بن عبيد. وروى القراءة عرضا على ابن فضل. وعن يحيى بن الحارث الذماري. قال: ولد ابن عامر سنة إحدى وعشرين من الهجرة. قال أبو عمرو الداني: عبد الله بن عامر القاضي اليحصبي يكنى أبا عمران. وقيل: أبا نعيم. أخذ القراءة عرضا عن أبي الدرداء، وعن المغيرة بن أبي شهاب صاحب عثمان، وقيل عرض على عثمان نفسه -رضي الله عنه "وروى عنه القراءة عرضا يحيى الذماري"4، قلت: ولي قضاء دمشق بعد أبي إدريس الخولاني، وحدث عن "معاوية وفضالة بن عبيد والنعمان بن بشير وواثلة بن الأسقع وقرأ أيضا على فضالة بن عبيد"5. روى عنه محمد بن الوليد الزبيدي، وربيعة بن يزيد، وعبد الرحمن بن يزيد بن   1 قوله صريح النسب: أي إن ابن عامر نسبه خالص من الرق ومن ولادة العجم فهو من صميم العرب. وقال الجعبري: ابن عامر نسبه خالص من الرق وولادة العجم قال الشاطبي من فتن الشاطبية. أبو عماهم واليحصبي ابن عامر، صريح وباقيهم أحاط به الولاء. "انظر شرح الشاطبية للشيخ عبد الفتاح القاضي ص17". 2 هو معاوية بن أبي سفيان بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف. واسم أبي سفيان صخر بن حرب. أسلم عام الفتح مع أبيه، وكتب لرسول الله وولي الشام لعمر، وبقى بها إلى أن مات بدمشق يوم الخميس منتصف رجب من سنة ستين عن ثمان وسبعين سنة "مشاهير علماء الأمصار رقم326 والعبر: 1/ 64". 3 هو واثلة بن الأسقع، أحد أصحاب الصفة، وكان فارسا شجاعا، شهد غزوة تبوك وأبلى فيها، ومات من سنة 285، ويقال: من سنة 86 عن ثمان وتسعين سنة "العبر: 1/ 99". 4 سقط من أ. 5 سقط من أ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 47 جابر، وعبد الله بن العلاء بن زبر وآخرون له حديث في صحيح مسلم وكان على نظر عمارة جامع دمشق. قال هشام بن عمار: حدثنا عراك بن خالد، حدثنا يحيى بن الحارث. قال: قرأت على ابن عامر وقرأ على المغيرة بن أبي شهاب، وقرأ المغيرة على عثمان -رضي الله عنه. قال هشام: وهذا أصح عندنا، وذلك أن الوليد بن مسلم حدثنا عن يحيى بن الحارث، عن ابن عامر أنه قرأ على عثمان -رضي الله عنه، أبو مسهر الغساني عن الوليد، وأيوب بن تميم عن يحيى بن الحارث عن ابن عامر قال: قال لي فضالة بن عبيد: أمسك علي هذا المصحف ولا تردن علي ألفا ولا واوا، فسيأتي أقوام لا يسقط عليهم ألف ولا واو. قال هشام بن عمار: حدثني الهيثم بن عمران، قال: كان رأس المسجد بدمشق زمن الوليد عبد الله بن عامر، وكان يزعم أنه من حمير، وكان يغمز في نسبه. وقال يحيى بن الحارث: كان ابن عامر قاضي الجند، وكان رئيس المسجد لا يرى فيه بدعة إلا غيرها وروي أن ابن عامر لم يقرأ على عثمان بل سمع قراءته في الصلاة. وقال هشام بن عمار: حدثنا صدقة بن خالد، عن يحيى بن الحارث، قال: حدثني من سمع عثمان -رضي الله عنه، يقرأ غرفة يعني عبد الله بن عامر. قال أبو مسهر عن عبد الله بن العلاء عن عمرو بن المهاجر: إن عبد الله بن عامر استأذن على عمر بن عبد العزيز فلم يأذن له. وقال الذي ضرب أخاه يعني عطيه بن قيس: إن رفع يديه إن ذا ليؤدب عليه بالمدينة، قال سعيد بن عبد العزيز: ضرب ابن عامر عطية بن قيس، لكونه رفع يديه في الصلاة، قال عطية بن قيس: فمصعني مصعات. القسوي في تاريخيه، حدثنا هشام بن عمار حدثنا الهيثم، بن عمران قال: كان رأس المسجد بدمشق في زمن عبد الملك وبعده، عبد الله بن عامر اليحصبي، وكان يغمز في نسبه، فجاء رمضان فقالوا: من يؤمنا؟ فذكروا المهاجر بن أبي المهاجر، فقيل ذاك مولى ولسنا نريد أن يؤمنا مولى، فبلغت سليمان بن عبد الملك. فلما استخلف بعث إلى المهاجر فقال: إذا كان أول ليلة من رمضان قف خلف الإمام، فإذا تقدم ابن عامر فخذ بثيابه واجذبه، وقل تأخر فلن يتقدمنا دعي، وصل أنت يا مهاجر ففعل. قال أحمد بن عبد الله العجلي: ابن عامر شامي ثقة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 48 وروى محمد بن شعيب بن شابور عن يحيى بن الحارث عن عبد الله بن عامر، أنه قرأ على أبي الدرداء، هذا خبر غريب، وعليه اعتمد الداني وغيره، في أن ابن عامر قرأ على أبي الدرداء. والذي عند هشام وابن ذكوان والكبار، أن ابن عامر إنما قرأ على المغيرة المخزومي عن عثمان، وهذا هو الحق. قال هارون بن موسى الأخفش: حدثنا عبد الله بن ذكوان قال: قرأت على أيوب بن تميم، وقال لي: إنه قرأ على يحيى الذماري، وقرأ يحيى على ابن عامر. وقرأ ابن عامر على رجل قال هارون: لم يسمه لنا ابن ذكوان، وسماه لنا هشام بن عمار، فقال: إن الذي لم يسمه لكم ابن ذكوان والمغيرة بن أبي شهاب، المخزومي، وقد قرأ المغيرة على عثمان -رضي الله عنه. وقال علي بن موسى: حدثنا إسحاق بن أبي إسرائيل حدثنا الوليد بن مسلم عن يحيى بن الحارث، أنه قرأ على ابن عامر، وأنه قرأ على المغيرة بن أبي شهاب، وأن المغيرة قرأ على عثمان، فذكرنا رواية هشام عن الوليد، وفيها إسقاط المغيرة. وأن هشاما ضعف ذلك ووهاه، قال: قال خليفة ومحمد بن سعد وابن جرير، وتوفي ابن عامر سنة ثماني عشرة ومائة1. 15- عبد الله بن كثير بن المطلب الإمام أبو معبد، مولى عمرو بن علقمة الكناني الداري المكي إمام المكيين في القراءة. أصله فارسي، وكان داريا بمكة، وهو العطار، مأخوذ من قوله عطر دارين، ودارين موضع بنواحي الهند. وقيل في نسبته الداري: إنه قرشي من بني عبد الدار، قاله البخاري. وقال أبو بكر بن أبي داود: الدار بطن من لحم. وهو رهط تميم الداري. وعن الأصمعي قال: الداري الذي لا يبرح في داره، ولا يطلب معاشا. وعنه قال: كان عبد الله بن كثير عطارا. قلت: هذا هو الحق فلا يبطله اشتراك الأنساب، وابن كثير من أبناء فارس، الذين بعثهم كسرى إلى صنعاء فطردوا عنها الحبشة.   1 انظر/ سير أعلام النبلاء "5/ 292". طبقات القراء لابن الجزري "1/ 423". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 49 قلت: قرأ على عبد الله بن السائب المخزومي، وعلى مجاهد ودرباس مولى ابن عباس، وحدث عن عبد الله بن الزبير وعبد الرحمن بن مطعم، وعمر بن عبد العزيز. وتصدر للإقراء وصار إمام أهل مكة في ضبط القرآن، قرأ عليه أبو عمرو بن العلاء، وشبل بن عباد، ومعروف بن مشكان، وإسماعيل بن عبد الله بن قسطنطين وطائفة. وحدث عنه أيوب السختياني، وابن جريج وجرير بن حازم، والحسين بن واقد وعبد الله بن أبي نجيح، وحماد بن سلمة وقرة بن خالد، والحارث بن قدامة وخلق سواهم. وقال سفيان بن عيينة: رأيته يخضب بالصفرة، ويقص للجماعة. وقال ابن معين: ثقة. قلت: بعض القراء يغلط، ويورد هذه الأبيات لعبد الله بن كثير: بني كثير كثير الذنوب ... ففي الحل واليل من كان سبه إنما هي لمحمد بن كثير أحد شيوخ الحديث، بعد المائتين والله أعلم. وبلغنا أن عبد الله بن كثير كان فصيحا بليغا مفوها، أبيض اللحية طويلا جسيما، أسمر أشهل العينين1، يخضب بالحناء عليه سكينة ووقار. وقال ابن عيينة: حضرت جنازته سنة عشرين ومائة. وقال غيره: عاش خمسا وسبعين سنة. قلت: فيكون مولده ظنا في سنة خمس وأربعين ومات شيخه عبد الله بن السائب -رضي الله عنه- بعد السبعين. وقد قرأ على أبي بن كعب، وقرأ مجاهد على ابن عباس، وحديث ابن كثير مخرج في الكتب الستة2.   1 "الشهلة" من العين ابن يشبوب سوادها زرقة وعين "شهلاء" ورجل "أشهل" العين بين "الشهل. "انظر مختار الصحاح ص350 "مادة شهل". 2 انظر/ سير أعلام النبلاء "5/ 318-322". تهذيب التهذيب "5/ 367" طبقات القراء لابن الجزري "1/ 346". شذرات الذهب "1/ 157". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 50 16- عاصم بن أبي النجود 1 الأسدي مولاهم الكوفي القارئ الإمام أبو بكر. أحد السبعة، واسم أمه بهدلة2 على الصحيح، قرأ القرآن على أبي عبد الرحمن السلمي، وزر بن حبيش الأسدي، وحدث عنهما وعن أبي وائل، ومصعب بن سعد بن أبي وقاص، وجماعة. وقيل: إنه روى عن الحارث بن حسان البكري، ورفاعة بن يثربي التميمي أو التيمي -رضي الله عنهما. وهو معدود في التابعين، روى عنه عطاء بن أبي رباح، وأبو صالح السمان وهما من شيوخه ومن كبار التابعين، وقرأ عليه خلق كثير فإنه تصدى لإقراء كتاب الله تعالى، منهم الأعمش والمفضل بن محمد الضبي، وحماد بن شعيب وأبو بكر بن عياش وحفص بن سليمان ونعيم بن ميسرة. وروى عنه أبو عمرو بن العلاء وحمزة بن حبيب والحمادان والخليل بن أحمد، أحرفا من القراءة، وسليمان التيمي، وسفيان الثوري، وشعبة وأبان وشيبان، وأبو عوانة وسفيان بن عيينة، وخلق. وإليه انتهت الإمامة في القراءة بالكوفة، بعد شيخه أبي عبد الرحمن السلمي، قال أبو بكر بن عياش: لما هلك أبو عبد الرحمن جلس عاصم يقرئ الناس، وكان عاصم أحسن الناس صوتا بالقرآن. وقال أبو خيثمة وغيره: اسم أبي النجود بهدلة، وقال الفلاس: اسم أمه بهدلة، وقال أبو عبيد: كان من قراء الكوفة، يحيى بن وثاب وعاصم بن أبي النجود والأعمش، وهم من بني أسد موالي. ابن الأصبهاني، ومحمد بن إسماعيل قالا: حدثنا أبو بكر بن عياش عن عاصم عن الحارث بن حسان. قال: رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- على المنبر، وبلال قائم متقلد سيفا، قال أبو بكر بن عياش: سمعت أبا إسحاق السبيعي يقول: ما رأيت أحدا أقرأ من عاصم بن أبي النجود.   1 معنى النجود في اللغة: الإبل والأتق الطويلة العنق أو التي لا تحمل والناقة الماضية والمتقدمة والمغزارة والتي تبرك على المكان المرتفع. والمرآة العاقلة والنبيلة ج: نجد "انظر القاموس المحيط ص337 جـ1 مادة: النجد". 2 التبهدلة: الخفة والإسراع في المشي واسم أم عاصم بن أبي النجود المقرئ "انظر القاموس المحيط ص329 جـ3". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 51 وقال يحيى بن آدم: حدثنا حسن بن صالح قال: ما رأيت أحدا قط كان أفصح من عاصم بن أبي النجود إذا تكلم، كاد يدخله خيلاء. وقال عفان: حدثنا حماد بن سلمة أنا عاصم بن أبي النجود، قال: ما قدمت على أبي وائل من سفر إلا قبّل كفي. وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل: سألت أبي عن عاصم بن بهدلة فقال: رجل صالح خير ثقة. فسألته أي القراءة أحب إليك؟ قال: قراءة أهل المدينة، فإن لم يكن فقراءة عاصم أبو كريب. حدثنا أبو بكر قال لي عاصم: مرضت سنتين فلما قمت قرأت القرآن فما أخطأت حرفا، منجاب بن الحارث ثنا شريك. قال: كان عاصم صاحب همز ومد وقراءة سديدة، أبو بكر بن عياش عن أبي إسحاق عن شمر بن عطية قال: فينا رجلان أحدهما أقرأ الناس لقراءة زيد عاصم، والآخر أقرأ الناس لقراءة عبد الله الأعمش. وقال أحمد بن عبد الله العجلي عاصم بن بهدلة: صاحب سنة وقراءة، كان رأسا في القرآن، قدم البصرة فأقرأهم، قرأ عليه سلام أبو المنذر، وكان عثمانيا، قرأ عليه الأعمش في حداثته، ثم قرأ على يحيى بن وثاب، وقال أبو بكر بن عياش، كان عاصم نحويا فصيحا، إذا تكلم مشهور الكلام. وكان الأعمش وعاصم وأبو حصين كلهم لا يبصرون، جاء رجل يوما يقود عاصما فوقع وقعة شديدة، فما كهره1 ولا قال له شيئا. وقال حماد بن زيد عن عاصم؛ قال: كنا نأتي أبا عبد الرحمن ونحن غلمة أيفاع، وقال أبو بكر بن عياش: قال عاصم: من لم يحسن من العربية إلا وجها واحدا لم يحسن شيئا، وقال لي عاصم: ما أقرأني أحد حرفا، إلا أبو عبد الرحمن، وكان أبو عبد الرحمن قد قرأ على علي -رضي الله عنه، فكنت أرجع من عنده فأعرض على زر. وكان زر قد قرأ على عبد الله -رضي الله عنه، فقلت لعاصم: لقد استوثقت.   1 أي: نهره. انظر/ القاموس المحيط للفيروزآبادي "2/ ... ". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 52 رواها يحيى بن آدم عنه، وروى جماعة عن عمرو بن الصباح عن حفص الغاضري عن عاصم عن أبي عبد الرحمن عن علي -رضي الله عنه- بالقراءة. وذكر عاصم أنه لم يخالف أبا عبد الرحمن في شيء من قراءته، وأن أبا عبد الرحمن لم يخالف عليا في شيء من قراءته. وروى أحمد بن يونس عن أبي بكر بن عياش، قال: كل قراءة عاصم قراءة أبي عبد الرحمن إلا حرفا. وروى أبو بكر عن عاصم، كان أبو عمرو الشيباني يقرئ الناس في المسجد الأعظم. فقرأت عليه ثم سألته عن آية فاتهمني بسهوي، فكنت إذا دخلت المسجد يشير إلي ويحذر أصحابه مني، رواها يحيى بن آدم عنه. وروي عن حفص بن سليمان قال: قال لي عاصم: ما كان من القراءة التي أقرأتك بها، فهي القراءة التي قرأت بها على أبي عبد الرحمن السلمي، عن علي -رضي الله عنه. وما كان من القراءة التي أقرأت بها أبا بكر بن عياش، فهي القراءة التي كنت أعرضها على زر بن حبيش، عن أبي مسعود -رضي الله عنه، وقال سلمة بن عاصم: كان عاصم بن أبي النجود ذا نسك وأدب وفصاحة وصوت حسن، وقال يزداد بن أبي حماد: حدثنا يحيى بن آدم حدثنا أبو بكر قال: لم يكن عاصم يعد ألم آية ولا حم آية ولا كهيعص آية ولا طه ولا نحوها. وقال زياد بن أيوب: حدثنا أبو بكر قال: كان عاصم إذا صلى ينتصب كأنه عود، وكان عاصم يوم الجمعة في المسجد إلى العصر. وكان عابدا خيرا أبدا، يصلي ربما أتى حاجة فإذا رأى مسجدا قال: مل بنا، فإن حاجتنا لا تفوت, ثم يدخل فيصلي. حسين الجعفي عن صالح بن موسى، قال: سمعت أبي يسأل عاصم بن أبي النجود. قال: يا أبا بكر على ما تضعون هذا من علي -رضي الله عنه- خير هذه الأمة بعد نبيها، أبو بكر وعمر -رضي الله عنهما، وعلمت مكان الثالث فقال عاصم: ما تضعه إلا أنه عني عثمان -رضي الله عنه، هو كان أفضل من أن يزكي نفسه -رضي الله عنه. وقال أبو بكر بن عياش: دخلت على عاصم وهو في الموت فقرأ ردوا إلى الله مولاهم الحق بكسر الراء، وهي لغة هذيل. وقال أبو هاشم الرفاعي: حدثنا يحيى حدثنا أبو بكر قال: دخلت على عاصم فأغمي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 53 عليه فأفاق، ثم قرأ: {ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ أَلا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ} [الأنعام: 62] . فهمز فعلمت أن القراءة منه سجية. وثقه أبو زرعة وجماعة. وقال أبو حاتم: محله الصدق. وقال الدارقطني: في حفظه شيء، توفي عاصم في آخر سنة سبع وعشرين ومائة. وقال إسماعيل بن مجالد: سنة ثمانٍ وعشرين رواه البخاري عن أحمد بن سليمان عنه فلعله في أولها. مات وحديثه مخرج في الكتب الستة وليس حديثه بالكبير -رحمه الله تعالى، وأعلى ما يقع لنا القرآن العظيم من جهته، فإنني قرأت القرآن كله على أبي القاسم سحنون المالكي. عن أبي القاسم الصفراوي عن أبي القاسم بن عطية، عن ابن الفحام عن ابن نفيس، عن السامري عن الأشناني عن عبيد بن الصباح عن حفص عن عاصم عن أبي عبد الرحمن، عن علي وعن زر عن عبد الله عن النبي -صلى الله عليه وسلم، عن جبريل -عليه السلام- عن الله -عز وجل، فنسأل الله أن يجعله شاهدا لنا وشافعا1. 17- سليمان بن مهران الأعمش الإمام العلم أبو محمد الأسدي الكاهلي مولاهم الكوفي. أصله من أعمال الري، رأى أنسا -رضي الله عنه- يصلي. وروي عن عبد الله بن أبي أوفى وأبي وائل وزيد بن وهب وإبراهيم النخعي وسعيد بن جبير، ومجاهد وأبي عمرو الشيباني وخلق. وقرأ القرآن على يحيى بن وثاب، وورد أيضا أنه قرأ على زيد بن وهب وزر بن حبيش، وعرض القرآن على أبي العالية الرياحي ومجاهد وعاصم بن بهدلة. وأقرأ الناس ونشر العلم دهرا طويلا، ويقال ختم عليه القرآن ثلاثة أنفس، قرأ عليه حمزة الزيات وغيره. وروى عنه الحكم بن عتيبة مع تقدمه، وشعبة والسفيانان وزايدة، وجرير بن عبد الحميد وأبو معاوية ووكيع وأبو أسامة، وعبيد الله بن موسى وأبو نعيم وخلق لا يحصون.   1 انظر/ سير أعلام النبلاء "5/ 256-261". تهذيب التهذيب "5/ 381". شذرات الذهب "1/ 175". طبقات القراء لابن الجزري "1/ 346". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 54 وكان مولده سنة إحدى وستين. قال ابن عيينة: كان الأعمش أقرأهم لكتاب الله وأحفظهم للحديث وأعلمهم بالفرائض، وقال أبو حفص الفلاس: كان الأعمش يسمي المصحف من صدقه. وقال يحيى بن القطان: هو علامة الإسلام، وقال وكيع: بقي الأعمش قريبا من سبعين سنة لم تفته التكبيرة الأولى. وقال الخرشي: ما خلف الأعمش أعبد منه، وكان صاحب سنة، وللأعمش ملح ونوادر وإساءة أخلاق على المحدثين، وهم مع ذلك يحتملون أخلاقه. خرج يوما إليهم فقال: لولا أن في منزلي من هو أبغض إلي منكم ما خرجت إليكم. وجاء أن حائكا سأله ما تقول في الصلاة خلف الحائك؟ قال: لا بأس بها على غير وضوء. وقيل له ما تقول في شهادة الحائك؟ قال: تقبل مع عدلين، وقال عيسى بن يونس: لم نر نحن مثل الأعمش، وما رأيت الأغنياء عند أحد أحقر منهم عند الأعمش مع فقره وحاجته. وقال علي بن عتام عن أبيه، قال: قيل للأعمش ألا تموت فنحدث عنك؟ قال: وكم من جب أصبهاني قد انكسر على رأسه كيزان كثيرة، وقال أحمد بن عبد الله العجلي: كان الأعمش ثقة ثبتا، يقال: إنه ظهر له أربعة آلاف حديث ولم يكن له كتاب. وكان يقرئ الناس القرآن رأس فيه وكان فصيحا، وكان أبوه من سبي الديلم1، وكان لا يلحن حرفا وكان فيه تشيع يسير، ولم يختم عليه إلا ثلاثة طلحة بن مصرف، وكان أسن منه وأبان بن تغلب، وأبو عبيدة بن معن. قلت: قد ذكرنا أن حمزة عرض عليه القرآن، توفي في ربيع الأول سنة ثمان وأربعين ومائة2. 18- حميد بن قيس الأعرج أبو صفوان المكي القارئ، أخو عمر سندل. قرأ القرآن على مجاهد ثلاث مرات، وروى عن مجاهد وعطاء والزهري وغيرهم.   1 الديلم: جبل من العجم كانوا يسكنون نواحي إذربيجان انظر/ المعجم الوجيز "ص240". 2 انظر/ تاريخ بغداد "319". تذكرة الحفاظ "1/ 154". الخلاصة "1/ 13". شذرات الذهب "1/ 220". طبقات ابن سعد "6/ 238". طبقات القراء لابن الجذري "3/ 25". لسان الميزان "6/ 569". المعارف "489". ميزان الاعتدال "2/ 324". النجوم الزاهرة "2/ 10". وفيات الأعيان "1/ 213". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 55 قال أبو عمرو الداني: روى عنه القراءة عرضا أبو عمرو بن العلاء، وسفيان بن عيينة، وإبراهيم بن يحيى بن أبي حية، وجنيد بن عمرة، وعبد الوارث التنوري، وسمع منه مالك والثوري. قلت: وحدث عنه أيضا معمر وابن عيينة وغيرهم، وثقه أبو داود وهو قليل الحديث. قال ابن عيينة: حدثنا حميد بن قيس الأعرج، مولى بني فزارة. وقال جنيد بن عمرو: وقرأت على حميد بن قيس الأعرج، مولى آل الزبير، وقال إسماعيل بن أبي أويس، حدثنا أبي عن حميد بن قيس المكي، مولى بني أسد بن عبد العزى. وقال عبد الله بن مسلم بن قتيبة: حميد بن قيس، مولى آل الزبير. وكان قارئ أهل مكة، وكان كثير الحديث فارضا حاسبا قرأ على مجاهد. وقال البخاري: قال ابن معين: هو مولى منظور بن سيار الفزاري. وقال بعضهم: مولاه من قبل الأم. قلت: هذا الجمع بين القولين إن ولاءه لبني فزارة من قبل الأم، ولبني أسد من قبل الأب. وقال ابن عيينة، قال حميد: كل شيء أقرؤه فهو قراءة مجاهد. قال ابن عيينة: كان حميد بن قيس أفرضهم وأحسبهم، وكانوا لا يجتمعون إلا على قراءته، ولم يكن بمكة أحد أقرأ منه، ومن ابن كثير. قال خليفة: توفي في سنة ثلاثين ومائة. وقال محمد بن سعد: توفي في خلافة السفاح1. 19- محمد بن عبد الرحمن بن محيصن السهمي مولاهم المكي. قارئ أهل مكة، مع ابن كثير وحميد الأعرج، ومنهم من يسميه عمرو ومن القراء من سماه عبد الرحمن بن محمد بن محيصن، ومنهم من سماه محمد بن عبد الله بن محيصن، حكى هذين القولين ابن مجاهد.   1 انظر/ تهذيب التهذيب "3/ 46-47". طبقات ابن الجزري "2/ 167". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 56 وقال مصعب الزبيري: هو عبد الرحمن بن محيصن بن أبي وداعة، ولابن محيصن رواية شاذة في كتاب المبهج وغيره. وهو في الحديث ثقة، احتج به مسلم، وقرأ القرآن على سعيد بن جبير، ومجاهد ودرباس مولى ابن عباس، وحدث عن أبيه، وصفية بنت شيبة، ومحمد بن قيس بن مخرمة، وعطاء. قرأ عليه شبل بن عباد، وأبو عمرو بن العلاء، وعيسى بن عمر القارئ. وحدث عنه ابن جريج، وهشيم وابن عيينة وعبد الله بن المؤمل المخزومي. قال ابن المديني: قلت: لسفيان هذا يعني عمر بن محيصن الذي كان قارئا ههنا قال: نعم. وقال بعضهم: هذا الصواب، فإن محمدا أسن من عمر كذا قال هذا, وقد سماه محمد بن عبد الرحمن شبل بن عباد، وغير واحد، وسماه أبو عبد الله الحاكم، وأبو أحمد السامري، عبد الله بن محيصن، وسماه ابن معين وابن عدي عمر. فهذه ستة أقوال في اسمه، والله أعلم، توفي سنة ثلاث وعشرين ومائة بمكة -رحمه الله تعالى1.   1 انظر/ شذرات الذهب "1/ 162". طبقات القراء لابن الجزري "2/ 167". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 57 الطبقة الرابعة : 1- أبو عمرو بن العلاء المازني المقرئ النحوي البصري الإمام، مقرئ أهل البصرة. اسمه زبان على الأصح وقيل: العريان. وقيل: يحيى. وقيل: محبوب. وقيل: جنيد. وقيل: عيينة. وقيل: عثمان. وقيل: عياد، وهو أبو عمرو بن العلاء بن عمار بن العريان. وقيل: ابن العلاء بن عمار بن عبد الله بن الحسين بن الحارث بن جلهمة بن خزاعي بن هازن بن مالك بن عمرو بن تميم التميمي، ثم المازني. وقال الأصمعي: وعمر بن شبة اسمه كنيته. وعن الأصمعي1، رواية أخرى مرت قال: اسمه زيان وله إخوة: سفيان ومعاذ وأبو حفص، ولد أبو عمرو سنة ثمان وستين وقيل سنة سبعين، وأخذ القراءة عن أهل الحجاز، وأهل البصرة، فعرض بمكة على مجاهد وسعيد بن جبير، وعطاء وعكرمة بن خالد، وابن كثير. وقيل: إنه قرأ على أبي العالية الرياحي، ولم يصح مع أنه أدركه، وأدرك من حياته نيفا وعشرين سنة. وقيل: إنه عرض بالمدينة على أبي جعفر ويزيد بن رومان، وشيبة.   1 هو العلامة: أبو سعيد عبد الملك بن قريب، الأصمعي، الباهلي، البصري، اللغوي، الإخباري: سمع ابن عون، وأكثر عن أبي عمرو بن العلاء، وكانت الخلفاء تجالسه وتحب منادمته، وقد صنف كثيرا، ومات في سنة 216 وله ثمان وثمانون سنة "العبر: 1/ 370, وشذرات الذهب؛ 2/ 46". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 58 وعرض بالبصرة على يحيى بن يعمر، ونصر بن عاصم، والحسن وغيرهم وحدث عن أنس بن مالك وعطاء بن أبي رباح، ونافع وأبي صالح السمان. قرأ عليه خلق كثير؛ منهم: يحيى بن المبارك اليزيدي1، وعبد الوارث التنوري، وشجاع البلخي، وعبد الله بن المبارك. وأخذ عنه القراءة والحديث والآداب أبو عبيدة، والأصمعي وشبابة، ويعلى بن عبيد والعباس بن الفضل ومعاذ بن معاذ، وسلام أبو المنذر وعلي بن نصر الجهضمي، ومحبوب بن الحسن ومعاذ بن مسلم النحوي، وهارون بن موسى، وعبيد بن عقيل. قال أبو عمرو الداني: يقال: إنه ولد بمكة سنة ثمان وستين، ونشأ بالبصرة، ومات بالكوفة، وإليه انتهت الإمامة في القراءة بالبصرة. قال الأصمعي: سمعت أبا عمرو يقول: كنت رأسا والحسن البصري حي. وقال اليزيدي: كان أبو عمرو قد عرف القراءات، فقرأ من كل قراءة بأحسنها، وبما يختار العرب ومما بلغه من لغة النبي -صلى الله عليه وسلم، وجاء تصديقه في كتاب الله -عز وجل. وروى اليزيدي عن أبي عمرو قال: سمع سعيد بن جبير قراءتي، فقال: الزم قراءتك هذه. وقال أبو عبيد: حدثني شجاع بن أبي نصر وكان صدوقا، قال: رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- في المنام فعرضت عليه أشياء من قراءة أبي عمرو فما رد علي إلا حرفين أحدهما {وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا} 2 والآخر قوله: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا} 3. وقال أبا عمرو: كان قراءته "أَوْ نَنْسَاهَا".   1 يحيى بن المبارك اليزيدي هو السند المتوسط بين أبي عمرو وراوييه وهما: أبو عمرو الدوري وأبو شعيب السوس. قال الشاطبي -رحمه الله: أفاض علي يحيى اليزيدي سيبه. فأصبح بالعذاب الفرات معللا أبو عمرو الدوري وصالحهم أبو شعيب هو السوسي عنه تقبلا والمراد بـ"أفاض" أبو عمرو. "انظر شرح الشاطبية لعبد الفتاح القاضي ص15". 2 من الآية 128 سورة البقرة. لأن السوسي يقرأ بإسكان الراء والدوري باختلاس كسرتها وكلاهما راويا أبي عمرو قال الشاطبي: وأرنا وأرني ساكن الكسر "د" م "ي" دا إلى قوله وأخفاهما "ط" لعه فالدال رمز ابن كثير والياء رمز السوس والطاء رمز دوري أبي عمرو. 3 من الآية 106 سورة البقرة. لأن أبي عمرو ومعه ابن كثير يقرآن "نَنْسَأْهَا" بفتح النون الأولى وهمزة ساكنة بين السين والهاء. ولا إبدال للسوس من همزتها لأنها من المستثنيات. وقرأ الباتون بضم النون الأولى. وكسر السين من غير همز. قال الشاطبي: ونفسها مثل من غيرهم. "ذ" كت "إ" لى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 59 وقال ابن مجاهد حدثني جعفر بن محمد، قال محمد بن بشير: قال سفيان بن عيينة: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقلت: يا رسول الله قد اختلفت علي القراءات، فبقراءة من تأمرني أن أقرأ، فقال: اقرأ بقراءة أبي عمرو بن العلاء. وقال وهب بن جرير: قال لي شعبة: تمسك بقراءة أبي عمرو، فإنها ستصير للناس إسنادا وقال الأصمعي: سمعت أبا عمرو يقول: لولا أنه ليس لي أن أقرأ إلا بما قرئ به لقرأت حرف كذا وحرف كذا، وسمعته يقول: خذ الخير من أهله ودع الشر لأهله. وقال وكيع: قدم أبو عمرو بن العلاء الكوفة, فاجتمعوا إليه كما اجتمعوا على هشام بن عروة1. وقال أبو العيناء عن أبي عبيدة: كان أبو عمرو أعلم الناس بالقراءات والعربية وأيام العرب، والشعر وأيام الناس. أبو العيناء عن الأصمعي قال لي أبو عمرو: لو تهيأ لي أن أفرغ ما في صدري من العلم في صدرك لفعلت لقد حفظت في علم القرآن أشياء لو كتبت ما قدر الأعمش على حملها. ولولا أن ليس لي أن أقرأ إلا بما قرئ لقرأت كذا وكذا، وذكر حروفا، قال إبراهيم الحربي وغيره، كان أبو عمرو من أهل السنة وقال اليزيدي ومحمد بن حفص، تكلم عمرو بن عبيد2 في الوعيد سنة.   1 هو هشام بن عروق بن الزبير الفقيه أحد حفاظ الحديث، قال: مسح ابن عمر برأس ود عالي. وقال وهيب: قدم علينا هشام بن عروق فكان مثل الحسن وابن سيرين وحدث عن أبي وعمه, وكان ثبتا متقنا توفى ببغداد وصلى عليه المنصور ودفن بمقبرة الخيزران، قيل إنه ولد وعمر بن عبد العزيز والزهرة وقتادة والأعمش ليالي قتل الحسين بن علي من المحرم سنة إحدى وستين وتوفي سنة ستة وأربعين ومائة. "انظر شذرات الذهب ص218 جـ1". 2 ورد في سبب قول أبي عمرو بن العلاء لعمرو بن عبيد إنك لألكن الفهم. إن عمرو بن عبيد القدزي قال لأبي عمرو بن العلاء: وقد ورد من الله تعالى الوعد والوعيد، والله تعالى يصدق وعده ووعيده، فأراد بهذا الكلام أن ينصر بدعته التي ابتدعها من أن العصاة من المؤمنين خالدون مخلدون من النار، فقال أبو عمرو بن العلاء: إنك لأمن الفهم. فأين أنت من قول العرب: إن الكريم إذا أوعد عفاد، وإذا وعد وفى، وافتخار قائلهم بالعفو حيث قال: وإني إذا أوعدته أو وعدته ... لمخلف إبعادي ومنجز موعدي فعده من الكرم لا من الخلق المذموم. "انظر الفرق بين الفرق ص389".= الجزء: 1 ¦ الصفحة: 60 فقال أبو عمرو: إنك لألكن الفهم، إذا صيرت الوعيد الذي في أعظم شيء مثله في أصغر شيء، فاعلم أن النهي عن الصغير والكبير ليسا سواء، إنما نهى الله تعالى عنهما لتتم حجته على خلقه ولئلا يعدل عن أمره. ووراء وعيده عفوه وكرمه ثم أنشد1: ولا يرهب ابن العم ما عشت صولتي ... ولا أختتي من صولة المتهدد وإني وإن أوعدته أو وعدته ... لمخلف إبعادي ومنجز موعدي قال عمرو صدقت: وقد يمتدح العرب بالوفاء بهما كقولهم، لا يخلف الوعد والوعيد، ولا يبيت من ثأره على فوت. فقد وافق هذا قول الله تعالى: {وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا} [الأعراف: 44] فقال أبو عمرو: قد وافق الأول إخبار رسول الله -صلى الله عليه وسلم، والحديث يفسر القرآن، وقال الأصمعي: كنت إذا رأيت أبا عمرو يتكلم ظننته لا يعرف شيئا، كان يتكلم كلاما سهلا, وكان له كل يوم بفلس كوز، وبفلس ريحان، فيشرب بالكوز يوما ويهبه. ويأمر الجارية فتدق الريحان إذا جف في الأشنان2. وقال أبو عبيدة: كانت دفاتر أبي عمرو ملء بيت إلى السقف، ثم تنسك فأحرقها، وكان من أشراف العرب ووجوههم. وقال الأصمعي: قال أبو عمرو: إنما نحن فيمن مضى كبقل في أصول، نخل طوال.   = وأما عمرو بن عبيد فهو: أبو عثمان: عمرو بن عبيد بن باب، البصري، الزاهد، الكابد، المعتزلي، القدري، قال ابن قتيبة: "كان يرى رأى القدر، ويدعو إليه، واعتزل الحسن هو وأصحاب له فسموا المعتزلة" ا. هـ. وقال الذهبي: "صحب الحسن، ثم خالفة واعتزل حلقته، فلذا قيل: المعتزلي" ا. هـ. ومات عمر في طريق مكة سنتة 142 ودفن بمران على ليلتين من مكة، وصلى عليه سليمان بن علي ورثاه أبو جعفر المنصور ومن شكره فيه: كلكم يمشي رويدا كلكم يطلب صيدا. غير عمرو بن عبيد "الكبر: 1/ 193 والمعارف 483, وتاريخ بغداد رقم 6652, ومروج الذهب: 3/ 313, 314". 1 الشعر لعامر بن الطفيل انظر/ ديوانه "ص58". 2 "الإشنان": شجر يثبت في الأرض الرملية، يستعمل هو أو رماده من غسل الثياب والأيدي. "انظر المعجم الوجيز ص19". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 61 قال ابن معين: أبو عمرو ثقة. وقال أبو حاتم: لا بأس به. قلت: ليس له في الكتب الستة شيء. وعن أبي عمرو قال: نظرت في هذا العلم قبل أن أختن، ولي أربع وثمانون سنة وروى أبو مجاهد عن جعفر بن محمد عن أحمد بن الأسود أن أبا عمرو كان متواريا فدخل عليه الفرزدق فأنشده: ما زلت أفتح أبوابا وأغلقها ... حتى أتيت أبا عمرو بن عمار حتى أتيت فتى ضخما وسميته ... مر المريرة حر وابن أحرار تنميهم مازن في فرع نبعتها ... جد كريم وعود غير خوار قال أبو عبيدة: حدثني عدة عن أبي عمرو، أنه قرأ القرآن على مجاهد. وقال بعضهم: وعلى سعيد بن جبير. قال ابن مجاهد: حدثونا عن محمد بن سلام، قال: مر أبو عمرو بمجلس فقال رجل من القوم: ليت شعري من هذا، أعرابي أم مولى وهو على بغلة. فقالت: النسب من مازن والولاء للعنبر، وقال عدس للبغلة ومضى. قال ابن مجاهد: حدثني بعض أصحابنا عن أبي بكر بن خلاد، عن وكيع، قال: قرأت على قبر أبي عمرو بالكوفة هذا قبر أبي عمرو بن العلاء مولى بني حنيفة. قلت: لعله ولاء خلق؛ ابن دريد. حدثنا أبو حاتم عن أبي عبيدة، قال: قال أبو عمرو بن العلاء: أنا زدت هذا البيت في أول قصيدة الأعشى، وأستغفر الله منه: وأنكرتني وما كان الذي نكرت ... من الحوادث إلا الشيب والصلعا قال الأصمعي وغيره: توفي أبو عمرو سنة أربع وخمسين ومائة1. 2- يحيى بن الحارث الذماري الغساني الدمشقي إمام الجامع ومقرئ البلد، وذمار قرية من قرى اليمن، من أعمال صنعاء، أبوه منها وهو الذي خلف ابن عامر بدمشق، وانتصب للإقراء، أخذ عن ابن عامر.   1 انظر/ تهذيب التهذيب "12/ 178". شذرات الذهب "1/ 237, 238". سير أعلام النبلاء "6/ 407". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 62 وقيل: إنه قرأ أيضا على واثلة بن الأسقع، وحدث عن واثلة وسعيد بن المسيب، وأبي سلام وأبي الأشعث الصنعاني وسالم بن عبد الله وجماعة. قرأ عليه أئمة مثل عراك بن خالد وأيوب بن تميم، والوليد بن مسلم1 ومدرك بن أبي سعد، وسويد بن عبد العزيز، وهشام بن الغازي ويحيى بن حمزة، وصدقة بن عبد الله. وسمع منه الأوزاعي2 وسعيد بن عبد العزيز، وصدقة بن خالد، وصدقة بن عبد الله السمين، ومحمد بن شعيب بن شابور وغيرهم، ذكره أبو حاتم، فقال: ثقة عالم بالقراءة في دهره بدمشق. وروى ابن ذكوان عن أيوب بن تميم، قال: كان يحيى بن الحارث يقف خلف الأئمة، لا يستطيع أن يؤم من الكبر. كان يرد عليهم إذا غفلوا وقال سويد بن عبد العزيز: سألت يحيى بن الحارث عن عدد آي القرآن, فأشار إلي بيده اليسار ستة آلاف، ومئتان وست وعشرون. وقال مروان الطاطري: حدثنا أبو عبد الملك القارئ؛ حدثنا يحيى بن الحارث، قال: لقيت واثلة بن السقع فقلت: هل بايعت بيدك هذه رسول الله -صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم، قلت: فأعطنيها حتى أقبلها، فأعطانيها، فقبلتها. قال أبو حاتم الرازي: عاش يحيى الذماري تسعين سنة. وقال خليفة توفي سنة خمس وأربعين ومائة. قلت: وحديثه في السنن الأربعة3.   1 هو محدث الشام: أبو العباس الوليد بن مسلم، روى عن يحيى الذماري ويزيد بن أبي مريم والأوزاعي وابن جريج وخلق آخرين، وروى عنه الليث بن سعد وبقية بن الوليد، وقد أغرب بأحاديث صحيحة، لم يشركه فيها أحد، وصنف تصانيف كثيرة، مدحه عبد الله بن أحمد، وقال أبو مسهر: كان مدلسا، وتوفي من سنة 195، وقيل 194 وقيل 196 "العبر: 1/ 319, تهذيب التهذيب: 11/ 151". 2 هو إمام الشاميين أبو عمرو عبد الرحمن بن الأوزاعي الفقيه، روى عن عطاء والقاسم بن مخيمرة وخلق كثير من التابعين. وكان رأسا في العلم والعمل كثير المناقب. وقال أبو مسهر: كان الأوزاعي يحيي الليل صلاة وقرآنا وبكاء, ولد في سنة 80 ومات ببيروت في الحمام: أغلقت عليه امرأته باب الحمام ونسيته فمات من سنة 157. "العبر: 1/ 227, مشاهير علماء الأمصار رقم 1425 -ووفيات الأعيان رقم334". 3 انظر/ تهذيب التهذيب "11/ 193, 194". شذرات الذهب "1/ 217". سير أعلام النبلاء "6/ 189". طبقات القراء لابن الجزري "2/ 367". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 63 3- نافع بن عبد الرحمن ابن أبي نعيم الليثي، مولاهم أبو رويم المقرئ المدني. أحد الأعلام، هو مولى جعونة بن شعوب الليثي، حليف حمزة بن عبد المطلب أو حليف أخيه العباس. وقيل يكنى أبا الحسن, وقيل أبا عبد الرحمن, وقيل أبو عبد الله. وقيل: أبو نعيم وأشهرها أبو رويم. قرأ على طائفة من تابعي أهل المدينة، وكان أسود اللون حالكا وأصله من أصبهان. قال أبو قرة موسى بن طارق: سمعته يقول: قرأت على سبعين من التابعين. قال أبو عمرو الداني: قرأ على الأعرج وأبي جعفر القارئ، وشيبة بن نصاح، ومسلم بن جندب ويزيد بن رومان، وصالح بن خوات. قلت: وسمع الأعرج ونافعا مولى ابن عمر وعامر بن عبد الله بن الزبير، وأبا الزناد، وعبد الرحمن بن القاسم وغيرهم، وأقرأ الناس دهرا طويلا، فقرأ عليه من القدماء مالك وإسماعيل بن جعفر، وعيسى بن وردان الحذاء، وسليمان بن مسلم بن جماز. وممن بعدهم إسحاق المسيبي والواقدي، ويعقوب بن إبراهيم بن سعد، وقالون وورش، وإسماعيل بن أبي أويس، وهو آخر من قرأ عليه موتا. وروى عنه الليث بن سعد، وخارجة بن مصعب، وابن وهب وأشهب، وخالد بن مخلد، وسعيد بن أبي مريم والقعنبي، ومروان الطاطري. وسقلاب ومعلي بن دحية، وكورم المغربي والغاز بن قيس. وخلق كثير، وكثير منهم قرأ عليه. وبعضهم حمل عنه الحروف. قال سعيد بن منصور: سمعت مالكا يقول: قراءة أهل المدينة سنة. قيل له: قراءة نافع؟ قال: نعم. وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل: سألت أبي: أي القراءة أحب إليك؟ قال: قراءة أهل المدينة، فإن لم يكن فقراءة عاصم. وقال مالك: نافع إمام الناس في القراءة، وروى أبو خليد الدمشقي واسمه عتبة عن الليث بن سعد أنه قدم المدينة سنة عشر، فوجد نافعا إمام الناس في القراءة لا ينازع. قلت: المحفوظ عن الليث أنه قال: في سنة ثلاث عشرة، قال ابن وهب وغيره عنه، وقال أحمد بن هلال المصري: قال لي الشيباني: قال لي رجل ممن قرأ على نافع: إن نافعا كان إذا تكلم يشم من فيه رائحة المسك. فقلت له: يا أبا عبد الله أو يا أبا أتتطيب كلما قعدت تقرئ؟ قال: ما أمس طيبا ولكني رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- وآله وسلم. وهو يقرأ في في، فمن ذلك الوقت أشم من في هذه الرائحة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 64 وقال الأصمعي: عن فلان قال: أدركت المدينة سنة مائة ونافع رئيس في القراءة. وروى هارون بن موسى القروي عن أبيه عن نافع بن أبي نعيم أنه كان يجيز كل ما قرئ عليه، إلا أن يسأله إنسان أن يقفه على قراءته فيقفه عليها. وعن الأعشي قال: كان نافع يسهل القرآن لمن قرأ عليه، إلا أن يسأله. وقال نافع: تركت من قراءة أبي جعفر سبعين حرفا. وجلست إلى نافع مولى ابن عمر ومالك صبي. رواها الأصمعي عنه. أبو مصعب الزهري، عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم قال: كنا نقرأ على ابن جعفر القارئ، وكان نافع يأتيه فيقول: يا أبا جعفر ممن أخذت صرف كذا وكذا؟ فيقول: من رجل قارئ من مروان بن الحكم. ثم يقول له: ممن أخذت صرف كذا وكذا؟ فيقول: من رجل قارئ من الحجاج بن يوسف فلما رأى ذلك نافع، تتبع القراءة يطلبها. وقال إسحاق المسيبي: قال نافع: قرأت على هؤلاء فنظرت إلى ما اجتمع عليه اثنان منهم فأخذته، وما شذ فيه واحد تركته حتى ألفت هذه القراءة. وقال الأصمعي: سألت نافعا عن "الذئب" و"البئر" فقال: إن كانت العرب تهمزها فاهمزها. وروى الحلواني عن قالون أن نافعا كان لا يهمز همزا شديدا ويمد ويحقق القراءة ولا يشدد، ويقرب بين الممدود وغير الممدود. وقال عبيد بن ميمون التبان: قال لي هارون بن المسيب: قراءة من تقرئ؟ قلت: قراءة نافع، قال: فعلى من قرأ نافع؟ قال: على الأعرج وقال الأعرج: قرأت على أبي هريرة -رضي الله عنه. وقال عثمان بن خرزاذ: حدثنا عبد الله بن ذكوان حدثنا إسحاق بن محمد المسيبي عن نافع أخبره أنه أدرك أئمة يقتدى بهم في القراءة منهم: الأعرج، وأبو جعفر، وشيبة، ومسلم بن جندب وغيرهم. قلت: وروي أن نافعا كان صاحب دعابة وطيب أخلاق، وثقه يحيى بن معين، ولينه أحمد بن حنبل. وقال النسائي: ليس به بأس. وقال أبو حاتم: صدوق. قلت: لم يخرجوا له شيئا في الكتب الستة. قال ابن عدي لنافع عن الأعرج: نسخة مائة حديث رواها جعفر بن محمد الرازي عن سعيد بن هاشم عنه، وله نسخة أخرى أكثر من مائة حديث عن أبي الزناد عن الأعرج، رواها ابن أبي فديك عنه، وله من التفاريق قدر خمسين حديثا أيضا. ولم أر له شيئا منكرا وأرجو أنه لا بأس به، أخبرني عمر بن عبد المنعم عن الكندي أنا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 65 ابن توبة أنا الصريفيني أنا عمر بن إبراهيم، حدثنا ابن مجاهد حدثنا أبو بكر عبد الله بن أبي بكر بن حماد المقرئ حدثنا أبي حدثنا محمد بن إسحاق عن أبيه قال: لما حضرت نافعا الوفاة، قال له أبناؤه أوصنا قال: {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} قال: ومات سنة تسع وستين ومائة -رحمه الله تعالى1. 4- عيسى بن وردان الحذاء أبو الحارث المدني القارئ. قرأ على أبي جعفر القارئ وشيبة بن نصاح ثم عرض على نافع بن أبي نعيم، وهو من قدماء أصحابه. ولعله مات قبله، روى عنه القراءة عرضا إسماعيل بن جعفر المدني، وقالوان والواقدي وغيرهم2. 5- حمزة بن حبيب بن عمارة بن إسماعيل الإمام، أبو عمارة الكوفي مولى آل عكرمة بن ربعي التميمي الزيات أحد القراء السبعة. ولد سنة ثمانين، وأدرك الصحابة بالسن فلعله رأى بعضهم، وقرأ القرآن عرضا على الأعمش؛ وحمران بن أعين، ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، ومنصور وأبي إسحاق وغيرهم. وقرأ أيضا على طلحة بن مصرف، وجعفر الصادق3، وتصدر للإقراء مدة، وقرأ عليه عدد كثير، وقد حدث عن طلحة بن مصرف، وحبيب بن أبي ثابت، والحكم وعمرو بن مرة، وعدي بن ثابت، ومنصور وعدة قرأ عليه الكسائي وسليم بن عيسى وهما أجل أصحابه، وعبد الرحمن بن أبي حماد، وعابد بن أبي عابد، والحسن بن عطية، وإسحاق الأزرق، وعبيد الله بن موسى، وحجاج بن محمد، وإبراهيم بن طعمة. ويحيى بن علي الجزار، وسعيد بن أبي الجهم، ويحيى بن اليمان، وخلق، وحدث عنه الثوري، وشريك ومندل بن علي، وأبو الأحوص وشعيب بن حرب، وجرير بن عبد الحميد، ويحيى بن آدم، وقبيصة بن عقبة وبكر بن بكار، ومحمد بن فضيل، وعبد الله بن صالح العجلي، وأمم سواهم.   1 انظر/ تهذيب التهذيب "10/ 407, 408". شذرات الذهب "1/ 270". سير أعلام النبلاء "7/ 336". طبقات القراء لابن الجزري "2/ 330". 2 انظر/ طبقات القراء لابن الجزري "1/ 616". 3 هو أبو عبد الله جعفر الصادق بن أبي جعفر محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين السبط بن علي بن أبي طالب، كان سيد بني هاشم في زمانه، وقد توفي في آخر سنة 148 عن ثمان وستين سنة "العبر: 1/ 208". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 66 وكان إماما حجة قيما بكتاب الله تعالى، حافظا للحديث، بصيرا بالفرائض والعربية، عابدا خاشعا قانتا لله، ثخين الورع عديم النظير. قال البخاري: حمزة بن حبيب الزيات، مولى بني تيم الله بن ربيعة. وقال سليم: حمزة مولى بني تيم الله بن ثعلبة بن عكاية. وقال محمد بن الحسن: النقاش مولى بني عجل، من ولد أكثم بن صيفي وقال كان حمزة يجلب الزيت من العراق إلى حلوان، ويجلب من حلوان الجوز والجبن إلى الكوفة. وقال أبو عبيد1: حمزة هو الذي صار عظم أهل الكوفة إلى قراءته، غير أن يطبق عليه جماعتهم، وعن شعيب بن حرب. قال: أم حمزة الناس سنة مائة. قال: ودرس سفيان الثوري2 على حمزة القرآن أربع درسات. وقال أبو عمر الدوري: حدثنا أبو المنذر يحيى بن عقيل، قال: كان الأعمش إذا رأى حمزة قد أقبل، قال: هذا حبر القرآن، وعن مندل قال: إذا ذكر القراء فحسبك بحمزة في القراءة والفرائض. وقال أحمد بن عبد الله العجلي: حدثنا أبي قال: حمزة سنة يكون بالكوفة، وسنة بحلوان فختم عليه رجل من أهل حلوان من مشاهيرهم، فبعث إليه بألف درهم.   1 هو أبو عبيد القاسم بن سلام، أحد الفقهاء والمحدثين والنحويين والعلماء بالكتاب والسنة، وكان مؤدبا لم يكتب الناس أصح من كتبه ولا أكثر فائدة، وكان إسحاق بن راهويه يقول: يحب الله الحق، أبو عبيد أعلم مني ومن أحمد بن حنبل ومحمد بن إدريس الشافعي، وأبو عبيد مولى للأزد من أبناء خراسان، وولي قضاء طرسوس أيام ثابت بن نصر بن مالك ولم يزل معه ومع ولده، وقد اختلف في وفاته، فقال البخاري: مات في سنة 224، وقال غيره: مات في سنة 223، وقيل: في سنة 222 "المنهج الأحمد: 1/ 80 بتحقيقنا, وطبقات الزبيدي ص217, والعين 1/ 392, وطبقات الحفاظ للذهبي ص417, وشذرات الذهب؛ 2/ 54". 2 هو الإمام العالم: أبو عبد الله سفيان بن سعيد بن مسروق بن حمزة بن حبيب الثوري نسبة إلى ثورة، وهو بطن من تميم -الكوفي، الفقيه سيد أهل زمانه علما وعملا، ولد في سنة خمس وتسعين، وروى عن عمرو بن مرة وسماك بن حرب، قال عنه أحمد بن حنبل: لا يتقدم سفيان في قلبي أحد، وقال يحيى بن معين: مهدي أمير المؤمنين في الحديث، وقال يحيى القطان: ما رأيت أحدا أحفظ من الثوري، وقال سفيان عن نفسه: ما استودعت قلبي شيئا قط فخافني، ومات بالبصرة مختفيا عند عبد الرحمن بن مهدي وفي داره، في شعبان من سنة 161 "العبر: 1/ 235, مشاهير علماء الأمصار رقم349 وفيات الأعيان رقم252". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 67 فقال لابنه: قد كنت أظن لك عقلا، أنا آخذ على القرآن أجرا، أرجو على هذا الفردوس، قال عبد الله العجلي: ومات حمزة فترك عليه ألف درهم دينا، فقضاها عنه يعقوب بن داود، قال عبد الله، وقال أبو حنيفة1: لحمزة شيآن غلبتنا عليهما، لسنا ننازعك فيهما، القرآن والفرائض. قال عبد الله: وقال حمزة نظرت في المصحف حتى خشيت أن يذهب بصري، قال: وكان مصحفه على هجاء مصحف ابن الزبير. وقال: إنما تعلمت جودة القراءة على ابن أبي ليلى. قال: وقرأ على ابن أبي ليلى فأخطأ، فلم يأخذ عليه، فقال حمزة: ما لك لم تأخذ علي؟ قال: خفت الله، أن تكون أنت المصيب وأنا المخطئ. وقال أحمد بن زهير وعثمان الدارمي: قال يحيى بن معين: حمزة ثقة. وقال سفيان الثوري: غلب حمزة الناس على القرآن والفرائض. وقال عبد الله بن موسى: ما رأيت أحدا أقرأ من حمزة. أنا عمر الطائي أنا زيد الكندي في كتابه أنا ابن توبة أنا الصريفيني أنا عمر بن إبراهيم، حدثنا ابن مجاهد حدثني ابن أبي الدنيا، حدثنا الطيب بن إسماعيل عن شعيب بن حرب سمعت حمزة يقول: ما قرأت حرفا إلا بأثر، وبه قال ابن مجاهد. حدثنا مطين2 حدثنا عقبة بن قبيصة، حدثنا أبي، قال: كنا عند سفيان الثوري، فجاء حمزة فكلمه، فلما قام من عنده أقبل علينا سفيان، فقال: هذا ما قرأ حرفا من كتاب الله -عز   1 هو فقيه أهل العراق، العابد، الورع، السخن: أبو حنيفة النعمان بن ثابت، الكوفي، ولد في سنة ثمانين، وروى عن عطاء بن أبي رباح وطبقته، وتفقه على حماد بن أبي سليمان، وكان من المبرزين المتفوقين في الذكاء وكان لا يقبل جوائز الدولة، بل كان يتفق ويوانس من كسبه، وكان له دار كبيرة لعمل الخذ وعنده صناع وأجراد، قال عنه الشافعي: الناس في الفقه عيال على أبي حنيفة، وقال يزيد بن هارون: ما رأيت أورع ولا أعقل من أبي حنيفة، وتوفي في رجب من سنة 150 "العبر: 1/ 214, وفيات الأعيان رقم736 تاريخ بغداد: 13/ 323". 2 "مطين": لقب أبي جعفر الحضرمي، ولقب به لأنه كان وهو صغير يلعب مع الصبيان في الماء فيطينون ظهره، فقال له أبو نعيم: يا مطين لم لا تحضر مجلس العلم؟. "تيسير مصطلع الحديث د/ محمود الطحانب ص222". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 68 وجل- إلا بأثر، وبه حدثني محمد بن عيسى حدثنا أبو هشام حدثنا سليم عن حمزة، أنه كان إذا قرأ في الصلاة لم يكن يهمز. وبه حدثنا ابن أبي الدنيا، قال: قال محمد بن الهيثم أخبرني إبراهيم الأزرق قال: كان حمزة يقرأ في الصلاة كما يقرأ لا يدع شيئا من قراءته، فذكر المد والهمز والإدغام. وحدثني علي بن الحسين سمعت محمد بن الهيثم حدثني عبد الرحمن سمعت حمزة يقول: إن لهذا التحقيق منتهى ينتهي إليه ثم يكون قبيحا، مثل البياض له منتهى فإذا صار برصا. ومثل الجعودة1 لها منتهى تنتهي إليه فإذا زادت صارت قططا2. أخبرنا أحمد بن عبد الرحمن العلوي، وأحمد بن محمد الحافظ، قال: أنا عبد الله بن عمر أنا عبد الأول بن عيسى، أنا عبد الرحمن بن محمد أنا عبد الرحمن بن أحمد. أنا عبد الله بن محمد، حدثنا سويد بن سعيد، حدثنا علي بن مسهر سمعت أنا وحمزة الزيات من أبان بن أبي عياش خمسمائة حديث، أو ذكر أكثر، فأخبرني حمزة الزيات، قال: رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- في المنام فعرضتها عليه، فما عرف منها إلا اليسير، خمسة أو ستة أحاديث، فتركت الحديث عنه، أخرجه مسلم في صدر صحيحه، عن سويد. وقال عبد الله بن موسى، كان حمزة يقرئ القرآن حتى يتفرق الناس، ثم ينهض فيصلي أربع ركعات، ثم يصلي ما بين الظهر والعصر، وما بين المغرب والعشاء. وحدثني بعض جيرانه أنه لا ينام الليل، وأنهم يسمعون قراءته يرتل القرآن، رواه محمد بن علي بن عفان عنه. وقال أبو عمر الدوري: قال حمزة ترك الهمز في المحاريب من الأستاذية. وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل قال أبي: أكره من قراءة حمزة الهمز الشديد، والإضجاع. وقال يحيى بن معين: سمعت محمد بن فضيل يقول: ما أحسب أن الله يدفع البلاء عن أهل الكوفة إلا بحمزة.   1 الجعودة والجعادة: اجتماع الشعر وتقبضه والتواؤه. 2 القطط: قصر الشعر وجعودته. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 69 وقال إسحاق بن الجراح: قال خلف بن تميم: مات أبي وعليه دين، فأتيت حمزة؛ ليكلم صاحب الدين فقال: ويحك إنه يقرأ علي، وأنا أكره أن أشرب من بيت من يقرأ علي الماء. وقال أسود بن سالم: سألت الكسائي عن الهمز والإدغام، ألكم فيه إمام؟ قال: نعم. هذا حمزة يهمز ويكسر وهو إمام من أئمة المسلمين، وسيد القراء والزهاد، لو رأيته لقرت عينك به من نسكه. قلت: يريد بقوله: يكسر أي يميل، وقال حسين الجعفي: ربما عطش حمزة فلا يستقي كراهية أن يصادف من قرأ عليه. وذكر جرير بن عبد الحميد قال: مر بي فطلب ماء فأتيته به فلم يشرب مني، لكوني أحضر القراءة عنده. وعن حمزة قال: إنما الهمز رياضة، فإذا حسنها الرجل سهلها. وكان شعيب بن حرب يقول لأصحابه الحديث: ألا تسألوني عن الدر؟ قراءة حمزة. وقال النسائي: حمزة الزيات ليس به بأس. قلت: وحديثه مخرج في صحيح مسلم، وفي السنن الأربعة. وروى خلف بن هشام عن سليم قال: قرأ حمزة على الأعمش وابن أبي ليلى، فما كان من قراءة الأعمش فهي عن ابن مسعود -رضي الله عنه، وما كان من قراءة ابن أبي ليلى فهي عن علي -رضي الله عنه. وقال سليم عن حمزة: قرأت القرآن أربع مرات على ابن أبي ليلى: وقال هارون بن حاتم: حدثنا الكسائي. قلت لحمزة: على من قرأت؟ قال: على ابن أبي ليلى، وحمران بن أعين. قلت: فحمران على من قرأ؟ قال: على عبيد بن نضلة الخزاعي. وقرأ عبيد على علقمة عن ابن مسعود؛ وقرأ ابن أبي ليلى على المنهال بن عمرو، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس عن أبي، وقال عبد الله بن موسى والحسن بن عطية وغيرهما: قرأنا على حمزة، وقرأ على حمران بن أعين، وعلى ابن أبي ليلى، وعلى الأعمش، وأبي إسحاق. فأما حمران فقرأ على يحيى بن وثاب، وأما الأعمش فقرأ على زر وزيد بن وهب، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 70 والمنهال بن عمرو، وقرأ زرد وزيد على عبد الله، وقال الأعمش: قرأ يحيى بن وثاب على علقمة والأسود، وعبيد بن فضيل ومسروق وعبيدة. وكان الأعمش يقول: يحيى أقرأ الناس، قالوا: وقرأ الأعمش أيضا على إبراهيم النخعي، فأما أبو إسحاق فقرأ على أصحاب علي وابن مسعود، وأما ابن أبي ليلى فقرأ على الشعبي. وجاءت أخبار أخر تؤذن بقراءته على الأعمش أيضا، ثم جاءت أخبار بخلاف ذلك. قال محمد بن يحيى الأزدي: قلت لابن داود: قرأ حمزة على الأعمش؟ قال: من أين قرأ عليه، إنما سأله عن حروف. وقال أحمد بن جبير: حدثنا حجاج بن محمد. قلت لحمزة: قرأت على الأعمش؟ قال: لا، ولكني سألته عن هذه الحروف حرفا حرفا. وقال أبو عبيد القاسم بن سلام: حدثني عدة من أهل العلم عن حمزة، أنه قرأ على حمران، وكانت هذه الحروف التي يرويها حمزة عن الأعمش. إنما أخذها عن الأعمش أخذا، ولم يبلغنا أنه قرأ عليه القرآن من أوله إلى آخره. وقال يوسف بن موسى: قيل لجرير بن عبد الحميد: كيف أخذتم هذه الحروف عن الأعمش؟ قال: كان إذا جاء شهر رمضان جاء أبو حيان التيمي وحمزة الزيات، مع كل واحد منهما مصحف، فيمسكان على الأعمش، ويقرأ فيستمعون لقراءته فأخذنا الحروف من قراءته. وقال سهل بن محمد التميمي: قال لنا سليم: سمعت حمزة يقول: ولدت سنة ثمانين، وأحكمت القراءة ولي خمس عشرة سنة، وقال ابن أبي الدنيا: حدثني محمود بن أبي نصر العجلي. قال: مات حمزة سنة ست وخمسين ومائة، وكذا وأرخه غير واحد، وقيل سنة ثمان وخمسين وهو وهم، رحمه الله1.   1 انظر/ تهذيب التهذيب "13/ 27, 28". شذرات الذهب "1/ 240". سير أعلام النبلاء "7/ 90". طبقات القراء لابن الجزري "1/ 261". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 71 6- عيسى بن عمر الهمداني الكوفي القارئ مولى بني أسد، لا عيسى بن عمر الثقفي البصري النحوي، كنيته أبو عمر. قرأ على عاصم بن أبي النجود، وطلحة بن مصرف، والأعمش، قرأ عليه الكسائي وعبيد الله بن موسى، وعبد الرحمن بن أبي حماد، ومت1 بن عبد الرحمن وجماعة. وكان مقرئ أهل الكوفة بعد حمزة. روى عن عطاء بن أبي رباح، وحماد وعمرو بن مرة وغيرهم. وروى عنه ابن المبارك وأبو نعيم وخلاد بن يحيى ووكيع ومحمد بن يوسف القريابي وآخرون. وثقه يحيى بن معين، قال عبد الرحمن بن أبي حماد: عن سفيان الثوري، أدركت الكوفة وما بها أحد أقرأ من عيسى الهمداني. وقال ابن معين: عيسى بن عمر الكوفي ثقة همداني هو صاحب الحروف. وقال أحمد بن عبد الله العجلي هو ثقة: رجل صالح رأس في القرآن، قرأ على عاصم والأعمش. وقال مطين: مات سنة ست وخمسين ومائة -رحمه الله2. 7- علي بن حمزة الكسائي3 الإمام أبو الحسن الأسدي، مولاهم الكوفي المقرئ النحوي. أحد الأعلام، ولد في حدود سنة عشرين ومائة، وسمع من جعفر الصادق   1 هو محمد بن عبد الرحمن النيسابوري النحوي يعرف بمت. 2 انظر/ تهذيب التذيب "8/ 222, 223". سير أعلام النبلاء "7/ 199". طبقات ابن الجزري "1/ 612". 3 الكسائي قيل سمي الكسائي لأنه كان مر بأكسايا قرية من السواد قاله الأهوازي, قال أبو جعفر: إن صح هذا فهو من شاذ النسب كمروزي والقياس باكساوي ياكسائي قال وقال آخرون: بل كان ينسج بكسا ويجلس فجلس حمزة فإذا أراد أن يقرأ يقول: اعرضوا على صاحب الكسا فسمي الكسائي لذلك ولكن الصحيح في تسميته بذلك أنه أحرم في كسائي وذلك ردا على سؤال من سأله قائلا: لم سميت الكسائي؟ فأجابه بما أوردناه سالفا وإلى ذلك أشار الشاطبي: وأما علي فالكسائي نكته ... لما كان في الإحرام فيه تسربلا "انظر شرح الشاطبية للشيخ عبد الفتاح القاضي ص17". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 72 والأعمش. وزائدة، وسليمان بن أرقم وجماعة يسيرة، وقرأ القرآن وجوده على حمزة: الزيات وعيسى بن عمر الهمداني. ونقل أبو عمرو الداني وغيره: أن الكسائي قرأ على محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى أيضا، واختار لنفسه قراءة، ورحل إلى البصرة فأخذ العربية عن الخليل بن أحمد. قال محمد بن عيسى الأصبهاني: حدثنا محمد بن سفيان قال: قال الكسائي: أدركت أشياخ أهل الكوفة أبان بن تغلب وابن أبي ليلى، وحجاج بن أرطأة وعيسى بن عمر الهمداني وحمزة. قلت: وأخذ الحروف أيضا عن أبي بكر بن عياش وغيره، وخرج إلى البوادي فغاب مدة طويلة، وكتب الكثير من اللغات والغريب عن الأعراب. بنجد وتهامة. ثم قدم وقد أنفد خمس عشرة قنينة حبر. قال الصولي: هو علي بن حمزة بن عبد الله بن بهمن بن فيروز مولى بني أسد. قلت: قرأ عليه أبو عمر الدوري، وأبو الحارث الليث، ونصير بن يوسف الرازي، وقتيبة بن مهران الأصبهاني. وأحمد بن أبي سريج النهشلي، وأبو حمدون الطيب بن إسماعيل، وعيسى بن سليمان الشيرزي، وأحمد بن جبير الأنطاكي، وأبو عبد القاسم بن سلام، ومحمد بن سفيان، وخلق سواهم. وحدث عنه: يحيى الفراء، وخلف البزار، ومحمد بن المغيرة، وإسحاق بن أبي إسرائيل، ومحمد بن يزيد الرفاعي، ويعقوب الدورقي، وأحمد بن حنبل ومحمد بن سعدان، وعدد كثير، وإليه انتهت الإمامة في القراءة والعربية. قال ابن مجاهد: كان الناس يأخذون عنه ألفاظه بقراءته عليهم، قال أبو عبيد، في كتاب القراءات: كان الكسائي يتخير القراءات، فأخذ من قراءة حمزة ببعض وترك بعضا. وكان من أهل القراءة، وهي كانت علمه وصناعته، ولم نجالس أحدا كان أضبط ولا أقوم بها منه. وقال أبو عمر الدوري: سمعت يحيى بن معين يقول: ما رأيت بعيني أصدق لهجة من الكسائي. وقال إسحاق بن إبراهيم: سمعت الكسائي وهو يقرأ على الناس القرآن مرتين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 73 وقال خلف بن هشام: كنت أحضر بين يدي الكسائي، وهو يقرأ على الناس وينقطون مصاحفهم بقراءته عليهم. قلت: لم يكن ظهر للناس الشكل بعد، إنما كانوا يعربون بالنقط، قال خلف: قرأ الكسائي على حمزة القرآن أربع مرات. وقال أحمد بن رستم: حدثنا نصير بن يوسف، قال: قرأت على الكسائي، وأخبرني أنه قرأ القرآن على حمزة، وعلى جماعة في عصر حمزة، منهم ابن أبي ليلى، والهمداني وأبو بكر بن عياش. وقال موسى بن عبد الرحيم: سألت الكسائي عن نسبته فقال: أحرمت في كساء. قال الشافعي -رضي الله عنه: من أراد أن يتبحر في النحو فهو عيال على الكسائي. وقال أبو بكر بن الأنباري: اجتمعت في الكسائي أمور، كان أعلم الناس بالنحو، وواحدهم في الغريب، وكان أوحد الناس في القرآن، فكانوا يكثرون عليه، حتى لا يضبط الأخذ عليهم. فيجمعهم ويجلس على كرسي ويتلو القرآن من أوله إلى آخره, وهم يسمعون ويضبطون عنه حتى المقاطع والمبادئ. قلت: وكان في الكسائي تيه وحشمة، لما نال من الرياسة بإقراء محمد الأمين ولد الرشيد، وتأديبه أيضا للرشيد. فنال ما لم ينله أحد من الجاه والمال، والإكرام، وحصل له رياسة العلم والدنيا. قال ثعلب: حدثنا خلف بن هشام، قال: عملت وليمة فدعوت الكسائي واليزيدي فقال اليزيدي، للكسائي: يا أبا الحسن أمور تبلغنا عنك ننكر مثلها. فقال الكسائي: أومثلي يخاطب بهذا، وهل مع العالم من العربية إلا فضل بصاقي هذا، ثم بصق فسكت اليزيدي. وقال أبو طاهر بن أبي هاشم، قال محمد بن بشار: حدثني أبي عن بعض أصحابه قال: قيل لأبي عمر الدوري، كيف صحبتم الكسائي على الدعابة التي فيه؟ قال: لصدق لسانه. وقال أحمد بن فرح: حدثنا الدوري سمعت الكسائي يقول: من علامة الأستاذية ترك الهمز في المحاريب. أخبرنا أبو بكر العطار، أخبرنا عبد الوهاب بن رواج، أنا أبو طاهر السلفي الحافظ، أنا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 74 أبو طاهر بن سوار مؤلف المستنير حدثنا الحسن بن علي العطار حدثنا إبراهيم بن أحمد الطبري المقرئ حدثنا أحمد بن فرح حدثنا الدوري قال: قيل للكسائي لم لا تهمز الذيب؟ قال: أخاف أن يأكلني. وقيل إنه قال هذه الأبيات: قل للخليفة لا يلوم؛ ولا يصح ذلك عنه. وقال أبو العباس بن مسروق، حدثنا سلمة بن عاصم قال: قال الكسائي: صليت بهارون الرشيد فأعجبتني قراءتي فغلطت في آية ما أخطأ فيها صبي قط، أردت أن أقول: {لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} ، فقلت: لعلهم يرجعين، فوالله ما اجترأ هارون أن يقول أخطأت. ولكنه لما سلم قال: أي لغة هذه؟ قلت: يا أمير المؤمنين قد يعثر الجواد، قال: أما هذه فنعم، أنبأني بها المؤمل بن محمد وغيره، عن الكندي عن أبي منصور الشيباني، عن أبي بكر الخطيب. عن عبد الله بن أحمد الأصبهاني، عن الخلدي، عن ابن مسروق وروى سلمة عن الفراء1 قال: قال لي الكسائي: ربما سبقني لساني باللحن، فلا يمكنني أن أرده أو كلاما نحو هذا. وأنبأنا عن الكندي عن الشيباني عن الخطيب، قال: أنا أبو الحسن الحمامي، سمعت عمر بن محمد الإسكاف، سمعت عمي يقول: سمعت ابن الدورقي يقول: اجتمع الكسائي واليزيدي عند الرشيد، فحضرت صلاة فقدموا الكسائي يصلي فأرتج عليه، قراءة {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} ، فقال اليزيدي: قراءة {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: 1] ترتج على قارئ الكوفة. قال: فحضرت صلاة، فقدموا اليزيدي فأرتج عليه في الحمد، فلما سلم قال: احفظ لسانك لا تقول فتبتلى ... إن البلاء موكل بالمنطق وروى الخطيب بإسناده عن خلف البزار قال: كان الكسائي يقرأ لنا على المنبر، فقرأ يوما ونحن تحته "أَنَا أَكْثَرَ مِنْك" فنصب أكثر فلما فرغ سألوه عن العلة. فثرت في وجوههم أنه أراد في فتحه أقل: {إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا"} .   1 هو أبو زكريا: يحيى بن زياد بن عبد الله منصور، الفراء، الديلمي، أبرع أهل الكوفة في علمهم، نزل بغداد، وهو أجل أصحاب الكسائي، وكان رأسا في النحو واللغة، مات في سنة 207 "العبر: 1/ 354, مراتب النحويين لأبي الطيب الحلبي ص89, طبقات النحويين واللغويين الزبيدي ص143, شذرات الذهب: 2/ 19". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 75 وقال الكسائي أكثر فمحوه من كتبهم ثم قال لي: يا خلف يكون أحد من بعدي يسلم من اللحن. وعن الفراء قال: ناظرت الكسائي يوما وزدت فكأني كنت طائرا أشرب من بحر. قال الفراء: إنما تعلم الكسائي النحو على كبر، لأنه جاء إلى قوم وقد أعيا فقال قد عييت، فقالوا له: تجالسنا وأنت تلحن، قال: كيف لحنت؟ قالوا له: إن كنت أردت من التعب فقل أعييت، وإن كنت أردت انقطاع الحيلة والتحير في الأمر، فقل عييت، فأنف من ذلك. وقام من فوره، فسأل عمن يعلم النحو، فدل على معاذ الفراء فلزمه ثم خرج إلى البصرة فلقي الخليل، ثم خرج إلى بادية الحجاز. وقال ابن الأنباري: حدثنا أبي قال قال الفراء: لقيت الكسائي يوما، فرأيته كالباكي فقلت: ما يبكيك؟ فقال: هذا الملك يحيى بن خالد، يحضرني فيسألني عن الشيء فإن أبطأت في الجواب لحقني منه عتب، وإن بادرت لم آمن الزلل. فقلت: يا أبا الحسن من يعترض عليك، قل ما شئت فأنت الكسائي فأخذ لسانه بيده فقال: قطعه الله إذا إن قلت ما لا أعلم. وقال أحمد بن أبي سريج، سمعت أبا المعاني وكان عالما بالقراءات يقول: الكسائي القاضي على أهل زمانه. وقال أبو عمرو الداني من ترجمة عبد الله بن ذكوان أخذ عن أيوب بن تميم وقرأ على الكسائي حين قدم الشام ثم قال: وقال محمد بن الحسن البقاش؛ قال ابن ذكوان. أقمت على الكسائي سبعة أشهر وقرأت عليه القرآن غير مرة قلت: لم يتابع النقاش أحد على هذا والنقاش يأتي بالعجائب دائما, وذكر الداني في ترجمة الكسائي أن ابن ذكوان سمع الحروف من الكسائي. وأما الحافظ فلم يذكر شيئا من ذلك ولا ذكر الكسائي في تاريخ دمشق أصلا، وروى عن نصير بن يوسف قال: دخلت على الكسائي في مرض موته فأنشأ يقول: قدر أحلك ذا النخيل وقد ترى ... لولاه ملك ذو النخيل بدار ألا كداركم بذي بقر الحمى ... هيهات ذو بقر من المزدار فقلت: كلا ويمتع الله الجميع بك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 76 فقال: لئن قلت ذاك لقد كنت أقرئ الناس في مسجد دمشق فأغفيت في المحراب فرأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- داخلا من باب المسجد فقام إليه رجل فقال: بحرف من تقرأ فأومأ إلي. وللكسائي من التصانيف كتاب معاني القرآن، كتاب القراءات، كتاب العدد، كتاب النوادر الكبير، كتاب النوادر الأوسط، كتاب النوادر الأصغر، كتاب النحو، كتاب العدد واختلافهم فيه، كتاب الهجاء. كتاب مقطوع القرآن وموصوله، كتاب المصادر، كتاب الحروف، كتاب أشعار المعاياة، كتاب الهاءات، قال أبو سعيد السيرافي: رثى يحيى اليزيدي محمد بن الحسن والكسائي، وكانا خرجا مع الرشيد إلى خراسان فماتا في الطريق، فقال: تصرمت الدنيا فليس خلود ... وما قد ترى من بهجة سيبيد لكل امرئ كأس من الموت مترع ... وما إن لنا إلا عليه ورود ألم تر شيبا شاملا ينذر البلى ... وإن الشباب الغض ليس يعود سيأتيك ما أفنى القرون التي مضت ... فكن مستعدا فالفناء عتيد أسيت على قاضي القضاة محمد ... فأذريت دمعي والفؤاد عميد وقلت إذا ما الخطب أشكل من لنا ... بإيضاحه يوما وأنت فقيد وأقلقني موت الكسائي بعده ... وكادت بي الأرض الفضاء تميد فأذهلني عن كل عيش ولذة ... وأرق عيني والعيون هجود هما عالمنا أوديا وتخرما ... فما لهما في العالمين نديد فحزني إن تخطر على القلب خطرة ... بذكرهما حتى الممات جديد قال أبو عمر الدوري: توفي الكسائي بالري بقرية رنبوية، وقال أحمد بن جبير الأنطاكي: توفي برنبوية، سنة سبع وثمانين ومائة، وقال أبو بكر بن مجاهد: توفي برنبويه سنة تسع وثمانين، وكذا وأرخه غير واحد وهو الصحيح. وقد قيل في وفاته أقوال واهية: سنة إحدى وثمانين، وسنة اثنتين وسنة ثلاث وسنة خمس أعني وثمانين وسنة ثلاث وتسعين والله أعلم، وقيل: إنه عاش سبعين سنة. ولما مات محمد والكسائي قال الرشيد: دفنا الفقه والنحو بالري1.   1 انظر/ تهذيب التهذيب "7/ 313, 314". شذرات الذهب "1/ 321". سير أعلام النبلاء "9/ 131". طبقات ابن الجزري "1/ 535". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 77 8- شبل بن عباد المكي. صاحب ابن كثير، ومقرئ مكة عرض على ابن كثير وابن محيصن، وحدث عن أبي الطفيل، والمقبري. وعمرو بن دينار، وابن أبي نجيح وجماعة، وأقرأ مدة، روى عنه القراءة عرضا إسماعيل بن عبد الله القسط، وابنه داود بن شبل، وأبو الأخريط وهب بن واضح ومحمد بن سبعون، وعكرمة بن سليمان، وآخرون. وحدث عنه سفيان بن عيينة، وأبو أسامة، وأبو نعيم وروح بن عبادة، ويحيى بن أبي بكير وأبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي، وعبيد بن عقيل. روى عنه من القدماء حمزة الزيات وغيره. ووثقه يحيى بن معين، قال ابن مجاهد: وشبل هو مولى عبد الله بن عامر الأموي، وهو أحد أصحاب ابن كثير، الذين خلفوه في القراءة بمكة. قال خلف بن هشام: حدثنا عبيد بن عقيل قال: سألت شبل بن عباد، فحدثني بقراءة أهل مكة، وهي قراءة ابن كثير. قلت: وحديثه مخرج في صحيح البخاري. وفي سنن أبي داود والنسائي، وقد أرخ بعضهم وفاته في سنة ثمان وأربعين ومائة، وأظنه وهما، فإن أبا حذيفة إنما سمع سنة نيف وخمسين فيحرر هذا والله أعلم1. 9- معروف بن مشكان أبو الوليد المكي قارئ أهل مكة مع شبل. عرض على ابن كثير، وحدث عن عطاء بن أبي رباح، ومجاهد وغيرهما، قرأ عليه إسماعيل بن عبد الله القسط، وهو رفيقه في الأخذ أيضا ووهب بن واضح. وحدث عنه ابن المبارك، ومروان بن معاوية، ومحمد بن حنظلة المخزومي، ومطرف النهدي وهو قليل الحديث مقدم في القراءة له في سنن ابن ماجه حديث واحد. وقد اختلف في ضبط مشكان هل يضم أوله أو يكسر توفي سنة خمس وستين ومائة -رحمه الله تعالى2.   1 انظر/ تهذيب التهذيب "1/ 346". شذرات الذهب "1/ 223". طبقات القراء لابن الجزري "1/ 323". 2 انظر/ تهذيب التهذيب "10/ 232, 233". طبقات القراء لابن الجزري "2/ 303". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 78 10- المفضل بن محمد الضبي الكوفي المقرئ، أبو محمد. كان من جلة أصحاب عاصم بن بهدلة، قرأ عليه. وتصدر للإقراء، وحدث عن سماك بن حرب، وأبي إسحاق وعاصم وغيرهم، وكان علامة إخباريا موثقا، كذا قال أبو بكر الخطيب. وأما ابن أبي حاتم الرازي فقال: متروك القراءة والحديث، قلت: قد شذ عن عاصم بأحرف، أخذ عنه تلاوة الكسائي. وأبو زيد الأنصاري سعيد بن أوس. وجبلة بن مالك البصري، وغيرهم، وروى عنه أبو الحسن المدائني وقال أبو حاتم السجستاني: هو ثقة في الأشعار، غير ثقة في الحروف، وقيل إن ابن الأعرابي أدركه وحمل عنه، وآخر أصحابه وفاة أبو كامل الفضيل الجحدري. ولما بلغ ابن المبارك موته قال: نعي لي رجال والمفضل منهم ... فكيف تقر العين بعد المفضل توفي سنة ثمان وستين ومائة1. 11- سلام بن سليمان أبو المنذر المزيي مولاهم البصري، ثم الكوفي المقرئ النحوي، المعروف بالخراساني شيخ يعقوب. قرأ على عاصم وعلى أبي عمرو، وعلى عاصم الجحدري، وشهاب بن شرنقة، وروى عن الحسن وثابت ومطر الوراق، وجماعة، قرأ عليه يعقوب الحضري، وإبراهيم بن الحسن العلاف وأيوب بن المتوكل. وحدث عنه عفان، وعبيد الله بن محمد العيشي، ومحمد بن سلام الجمحي، وعبد الوهاب بن غياث، وزيد بن الحباب وآخرون، وكان من جلة علماء البصرة. قال ابن معين: لا بأس به. وقال أبو حاتم: صدوق صالح الحديث، وكانت قراءته على عاصم بالبصرة عندما قدم عليهم وورد عن يعقوب بن إسحاق. قال: لم يكن في وقت سلام أبي المنذر أعلم منه، وكان فصيحا نحويا، ويقال إنه قرأ على الحسن البصري ولم يصح هذا، قاله أبو أحمد السامري، وهو واه لا يدري ما يقول.   1 انظر/ سير أعلام النبلاء "14/ 362". طبقات ابن الجزري: "2/ 307". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 79 وقال زكريا بن يحيى الساجي: سلام أبو المنذر صدوق، كان صاحب سنة. وكان يؤم بجامع البصرة. وقال غيره: كان صاحب سنة شديد الإنكار، قال أبو داود: كان نصر بن علي الجهضمي ينكر عليه شيئا من الحروف. وعن عفان قال: كنت عند سلام أبي المنذر، فأتاه رجل بمصحف فقال: أليس هذا ورق وزاج؟ فقال: قم يا زنديق، وقال محمد بن المثنى: مات سنة إحدى وسبعين ومائة. قلت: خرج له النسائي والترمذي، ويشتبه به رجل في طبقته ضعيف وهو سلام الطويل المدايني المعروف بالخراساني، سعدي يكنى أبا سليمان. ولا يميز بينه وبين القارئ إلا الحذاق، روى عن منصور بن زاذان، وزيد العمي وجماعة1. 12- أبو بكر بن عياش بن سالم الأسدي الكوفي الإمام، أحد الأعلام مولى واصل الأحدب. وكان حناطا بالنون2، اختلف في اسمه على عشرة أقوال، أصحها قولان، كنيته، وما رواه أبو هشام الرفاعي، وحسين بن عبد الأول، أنهما سألاه عن اسمه فقال شعبة. وقال النسائي: ويغره، اسمه محمد. وقيل: مطرف. وقيل: رؤبة، وسالم وعتيق وعطاء، وحماد. وقال هارون بن حاتم سمعته يقول: ولدت سنة خمس وتسعين. قرأ القرآن ثلاث مرات على عاصم وروى عن إسماعيل السدي، وأبي حصين، وحصين بن عبد الرحمن، وأبي إسحاق وعبد الملك بن عمير وصالح بن أبي صالح مولى عمرو بن حريث. حدثه عن أبي هريرة، وسليمان الأعمش، وطائفة سواهم، وعرض القرآن أيضا على عطاء بن السائب، وأسلم المنقري، وعمر دهرا.   1 انظر/ تهذيب التهذيب "4/ 284, 285". طبقات القراء لابن الجزري "1/ 309". 2 حناط: من يحنط الموتى والحنوط كل ما يخلط من الطيب بأكفان الموتى وأجسامهم خاصة من مسك وذريرة وصندل وعنبر وكافور وغير ذلك. "انظر المعجم الوجيز ص175". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 80 وكان يقول: أنا نصف الإسلام، وكان سيدا إماما حجة كثير العلم والعمل، منقطع القرين، قرأ عليه أبو الحسن الكسائي، ويحيى العليمي، وأبو يوسف يعقوب الأعشى، وعبد الحميد بن صالح البرجمي، وعروة بن محمد الأسدي، وعبد الرحمن بن أبي حماد وسمع منه الحروف يحيى بن آدم وغيره. وروى عنه أيضا ابن المبارك، مع تقدمه، وأبو داود الطيالسي، وأحمد بن حنبل، وأبو كريب ومحمد بن عبد الله بن نمير، وعلي بن محمد الطنافسي، والحسن بن عرفة، وأبو هشام الرفاعي وأحمد بن عمران الأختسي وأحمد بن عبد الجبار العطاردي، وخلق لا يحصون. قال أحمد بن حنبل: ثقة ربما غلط، صاحب قراءة، وخير. وقال ابن المبارك: ما رأيت أحدا أسرع إلى السنة من أبي بكر بن عياش. وقال عثمان بن أبي شيبة: أحضر الرشيد أبا بكر بن عياش من الكوفة، فجاء ومعه وكيع فدخل ووكيع يقوده، فأدناه الرشيد. وقال: أدركت أيام بني أمية وأيامنا فأينا خير قال: أولئك كانوا أبقع للناس، وأنتم أقوم بالصلاة، فصرفه الرشيد وأجازه بستة آلآف دينار، وأجاز وكيعا بثلاثة آلاف دينار، رواها محمد بن عثمان عن أبيه. وقال أبو داود: حدثنا حمزة بن سعيد المروزي، وكان ثقة. قال: سألت أبا بكر بن عياش فقلت: قد بلغك ما كان من أمر ابن علية في القرآن، قال: ويلك. من زعم أن القرآن مخلوق فهو عندنا كافر زنديق عدو الله، لا نجالسه ولا نكلمه. وقال أبو هشام الرفاعي:، سمعت أبا بكر يقول: أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- خليفة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في القرآن. لأن الله تعالى قال: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} [الحشر: 8] قالوا: يا خليفة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون، فمن سماه الله صادقا فليس بكذب. قال الحافظ يعقوب بن شيبة: كان أبو بكر معروفا بالصلاح البارع؛ وكان له فقه وعلم بالأخبار، في حديثه اضطراب. وقال أبو نعيم: لم يكن في شيوخنا أكثر غلطا منه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 81 وقال يزيد بن هارون، كان أبو بكر خيرا زاهدا فاضلا، لم يضع جنبه إلى الأرض أربعين سنة. وقال يحيى بن معين لم يفرش لأبي بكر فراش خمسين سنة. وقال يحيى الحماني: حدثني أبو بكر بن عياش قال: جئت ليلة إلى زمزم فاستقيت منه دلوا عسلا ولبنا. وقال أبو هشام الرفاعي: سمعت أبا بكر يقول: الخلق أربعة: معذور، ومخبور، ومجبور، ومثبور، فالمعذور البهائم، والمخبور ابن آدم، والمجبور الملائكة، والمثبور الجن. وقال أبو بكر: أدنى نفع السكوت السلامة، وكفى بها عافية، وأدنى ضرر المنطق الشهرة وكفى بها بلية. وقال عثمان بن سعيد عن ابن معين: الحسن بن عياش وأخوه أبو بكر ثقتان، وقال أحمد بن يزيد: سمعت أبا بكر بن عياش، سمعت الأعمش يقول لأصحاب الحديث: إذا حدث بثلاثة أحاديث، قد جاءكم السيل، واليوم أنا مثل الأعمش أحمد بن زهير. أنا سليمان بن أبي شيخ. حدثني يحيى بن سعيد. قال: زاملت أبا بكر ابن عياش إلى مكة، فما رأيت أورع منه، ولقد أهدى له رجل من أهل الكوفة رطبا، فبلغه أنه من الذي قبض عن خالد بن سلمة المخزومي، فأتى إلى مكة فاستحلهم وتصدق بثمنه. وقال الفسوي: وحدثنا أحمد بن يونس، وذكروا له حديثا أنكروه من حديث أبي بكر عن الأعمش، قال: كان الأعمش يضربهم ويشتمهم ويطردهم، ويأخذ يد أبي بكر فيجلس معه في زاوية. فقال رجل: ولم يفعل ذا؟ قال: لحال القرآن. وقال يحيى بن آدم: قال لي أبو بكر: تعلمت من عاصم القرآن كما يتعلم الصبي من المعلم، فلقي مني شدة، فما أحسن غير قراءته، وهذا الذي أخبرتك به من القرآن إنما تعلمته من عاصم تعلما. وقال هارون بن حاتم: سمعت رجلًا قال: قلت لأبي بكر: قرأت على أحد غير عاصم قال: نعم، على عطاء بن السائب، وأسلم المنقري. قلت: هذه رواية واهية، روى يحيى بن آدم عن أبي بكر قال: تعلمت من عاصم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 82 خمسا خمسا ولم أتعلم من غيره، ولا قرأت على غيره، واختلفت إليه نحوا من ثلاث سنين، في الحر والشتاء والأمطار. وقال عبيد بن يعيش: سمعت أبا بكر يقول: ما رأيت أقرأ من عاصم، فقرأت عليه، وما رأيت أفقه من مغيرة فلزمته. وروى من غير وجه عن أبي بكر، أنه مكث أربعين سنة أو نحوها يختم القرآن في كل يوم وليلة. وعن أبي بكر قال: الدخول في العلم سهل والخروج منه إلى الله شديد. جعفر الخلدي، حدثنا ابن مسروق حدثنا يحيى الحماني، قال: لما حضرت أبا بكر بن عياش الوفاة، بكت أخته فقال لها: ما يبكيك، انظري إلى تلك الزاوية قد ختمت فيها ثماني عشرة ألف ختمة. توفي في جمادى الأولى سنة ثلاث وتسعين ومائة، أرخه يحيى بن آدم وأحمد بن حنبل1. 14- سليم بن عيسى بن سليم بن عامر بن غالب، أبو عيسى ويقال أبو محمد الحنفي مولاهم الكوفي المقرئ صاحب حمزة الزيات، وأخص تلامذته به، وأحذقهم بالقراءة، وأقومهم بالحرف. وهو الذي خلف حمزة في الإقراء بالكوفة، قرأ عليه خلف بن هشام البزار، وخلاد بن خالد الصيرفي، وأبو عمر الدوري، ومحمد بن يزيد والطيب بن إسماعيل، وعلي بن كيسة المصري، وأحمد بن جبير، وإبراهيم بن زربي، وترك الحذاء، وعدد كثير. حتى إن رفقاءه في القراءة على حمزة، قرءوا عليه لإتقانه منهم خالد الطيب وحمزة بن القاسم وجعفر الخشكني، وإبراهيم الأزرق، وعبد الله بن صالح العجلي. ولد سنة ثلاثين ومائة, قال: وتوفي سنة ثمان وثمانين ومائة, وأما خلف فقال: ولد سنة تسع عشرة ومائة.   1 انظر/ سير أعلام النبلاء "8/ 495". تبصير المنتبه "2/ 516". تذكرة الحفاظ "1/ 265". تذكرة الحفاظ "1/ 265". شذرات الذهب "1/ 334". طبقات ابن سعد "6/ 269" العبر "1/ 311" النجوم الزاهرة "2/ 144" طبقات القراء لابن الجزري "1/ 325". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 83 وقد سمع الحديث من حمزة وسفيان الثوري، سمع منه أحمد بن حميد، وضرار بن صرد. وقال يحيى بن سليمان الجعفي: حدثنا يحيى بن المبارك قال: كنا نقرأ على حمزة ونحن شباب، فإذا جاء سليم. قال لنا حمزة: تحفظوا وتثبتوا قد جاءكم سليم. وقال الدوري: حدثنا الكسائي، قال: كنت أقرأ على حمزة، فجاء سليم فتلكأت، فقال لي حمزة: تهاب سليما، ولا تهابني، فقال لي: يا أستاذ أنت إن أخطأت قومتني وهذا إن أخطأت عيرني. وقال ضرار بن صرد: سمعت سليم بن عيسى. وأتاه رجل فقال: يا أبا عيسى، جئتك لأقرأ عليك بالتحقيق. فقال يابن أخي، شهدت حمزة، وأتاه رجل في مثل هذا فبكى. وقال: يابن أخي إنما التحقيق صون القرآن، فإن صنته فقد حققته، هذا هو التحقيق، فمضى الرجل ولم يقرأ عليه، وقال خلف: قرأت على سليم مرارا. وسمعته يقول: قرأت القرآن على حمزة عشرة مرات، قال هارون بن حاتم: توفي سليم سنة ثمان وثمانين ومائة، وقال أبو هشام الرفاعي: سنة تسع وثمانين ومائة1. 15- حفص بن سليمان أبو عمر الدوري مولاهم الغاضري الكوفي، المقرئ الإمام صاحب عاصم، وابن زوجة عاصم. قال خلف بن هشام: مولد حفص سنة تسعين، ومات سنة ثمانين ومائة، قلت: روى الحديث عن علقمة بن مرثد، وثابت البناني، وأبي إسحاق السبيعي، وكثير بن زاذان ومحارب بن دثار، وإسماعيل السدي وليث بن سليم، وعاصم وخلق. قال أبو عمرو الداني: قرأ عليه عرضا وسماعا عمرو بن الصباح، وأخوه عبيد بن الصباح، وأبو شعيب القواس، وحمزة بن القاسم، وحسين بن محمد المروذي، وخلف الحداد، ثم سمى أبو عمرو خلقا سواهم. وروى عنه بكر بن بكار، وآدم بن أبي إياس، وأحمد بن عبده، وهشام بن عمار،   1 انظر/ سير أعلام النبلاء "9/ 375". طبقات ابن الجزري "1/ 318". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 84 وعلي بن حجر، وعمرو الناقد، وهبيرة التمار، وآخرون، قال أحمد بن حنبل: ما به بأس، وقال أبو هشام الرفاعي: كان حفص أعلمهم بقراءة عاصم، وقال البخاري: تركوه، وقال صالح جزرة: لا يكتب حديثه. وقال زكريا الساجي: له أحاديث بواطل. وقال ابن عدي: عامة أحاديثه غير محفوظة. قلت: أما في القراءة فثقة ثبت ضابط لها بخلاف حاله في الحديث، وقد عاش تسعين سنة. ويقال إنه سأل الحسن البصري مسألة. قال أبو الحسين بن المنادي: قرأ على عاصم مرارا. وكان الأولون يعدونه في الحفظ فوق أبي بكر بن عياش، ويصفونه بضبط الحروف، التي قرأ بها على عاصم -أقرأ الناس- دهرا. وكانت القراءة التي أخذها عن عاصم ترتفع إلى علي -رضي الله عنه1. 16- إسماعيل بن عبد الله بن قسطنطين أبو إسحاق المخزومي مولاهم المكي المقرئ المعروف بالقسط. قارئ أهل مكة في زمانه، وآخر أصحاب ابن كثير وفاة عرض عليه وعلى صاحبيه شبل بن عباد، ومعروف بن مشكان، وسمع من علي بن زيد بن جدعان، وأقرأ الناس دهرا، قرأ عليه أبو الأخريط وهب بن واضح، وعكرمة بن سليمان. والإمام محمد بن إدريس الشافعي2، ومحمد بن سبعون، ومحمد بن بزيع وداود بن شبل بن عباد، وروى عنه أحمد بن موسى اللؤلؤي، ومت بن عبد الرحمن.   1 انظر/ تهذيب التهذيب "2/ 400-402". شذرات الذهب "1/ 293". طبقات ابن الجزري "1/ 254". 2 هو عالم قريش، فقيه عصره: أبو عبد الله محمد بن إدريس بن عباس بن عثمان بن شافع بين السائب، الشافعي، المطلبي، الذي لم ترعينه مثل نفسه ولم ترعين من رآه مثله، ناصر الحديث، ولد بغزة ونقل إلى مكة وله سنتان، أخذ العلم عن مالك بن أنس، ومسلم بن خالد الزنجي وطبقتهما، وكان -مع تبحره وسعة عقله- يجيد الرمي حاذقا فيه يصيب تسعة من كل عشرة، وعنه يقول المزني: ما رأيت أحسن وجها من الشافعي، ويقول أبو ثور: ما رأيت مثل الشافعي، ولا رأى هو مثل نفسه، توفى في مصر سنة 204 "العبر 1/ 343, تهذيب التهذيب: 9/ 25, المنهج الأحد: 1/ 63, وفيات الأعيان رقم530, الوافي بالوفيات 2/ 171, شذرات الذهب: 2/ 9". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 85 وأبو قرة موسى بن طارق، وآخرون قال مضر بن محمد الأسدي: حدثنا ابن أبي بزة، أنه قرأ على عكرمة، وأخبرني أنه قرأ على شبل بن عباد وعلى إسماعيل بن عبد الله بن قسطنطين, مولى بني ميسرة مولى العاص بن هشام المخزومي، وأخبرا أنهما قرآ على عبد الله بن كثير. أخبرني عمر بن عبد المنعم عن الكندي، أخبرنا ابن توبة أنا العريفي، أنا الكتاني. حدثنا ابن مجاهد حدثنا مضر بن محمد، قال: قال البزي: وقرأت على أبي الأخريط وهب بن واضح وأخبرني أنه قرأ على إسماعيل بن عبد الله بن كثير، وخالفه ابن عون القواس وبالإسناد إلى ابن مجاهد قال: قرأت على قنبل. وأخبرني أنه قرأ على القواس، وقال: قرأت على أبي الأخريط قال: قرأت على إسماعيل بن عبد الله القسط، وقرأ إسماعيل على شبل بن عباد ومعروف وقرأ على ابن كثير تابعه الشافعي، فقال محمد بن عبد الله بن عبد الحكم: حدثنا الشافعي، قال: قرأت على إسماعيل بن قسطنطين، قال: قرأت على شبل بن عباد. وأخبرني أنه قرأ على ابن كثير، عن قراءته على مجاهد، قلت: والقولان صحيحان، ويقوي القول الأول، ما رواه أبو جمة يوسف، حدثنا أبو قرة موسى عن إسماعيل بن عبد الله, أنه قرأ على عبد الله بن كثير، حدثنا إسحاق بن أحمد الخزاعي قال: قال قرأت على عبد الوهاب بن فليح قال: قرأت على محمد بن سبعون، وداود بن شبل، وأخبراني أنهما قرآ على إسماعيل بن عبد الله بن قسطنطين، وأنه قرأ على ابن كثير. قلت: والجمع بين القولين، أن يكون إسماعيل أقرأ شيخ البزي بما أخذه عن ابن كثير نفسه، وحمل قنبل في روايته، ما عند إسماعيل عن شبل، ومعروف عن ابن كثير، والله أعلم. وقال عبد الواحد بن أبي هاشم: حدثني محمد بن موسى العباسي، حدثنا إسحاق الخزاعي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 86 قال: قال ابن فليح قرأت على داود بن شبل عن أبيه، وعن القسط فذكر لي داود أن القسط كان يقرأ على أبيه. وقال أبو عمرو الداني: حدثنا فارس حدثنا عبد الباقي بن الحسن، عن محمد بن زريق، عن محمد بن الصباح، عن قنبل عن القواس، عن أبي الأخريط عن القسط، أنه قرأ على شبل ومعروف، قال: القسط وقرأت بعد ذلك على ابن كثير. وقال أبو عبد الله الشافعي: قرأت على إسماعيل، وكان يقول القرآن اسم وليس بمهموز، ولو كان من قرأت كان كلما قرئ قرآنا ولكنه اسم للقرآن مثل التوراة والإنجيل: تهمز قرأت ولا تهمز القرآن نقل أبو عبد الله بن القصاع، أن وفاة القسط سنة تسعين ومائة فلعله سنة سبعين ومائة، فصحفت عليه1. 17- إسماعيل بن جعفر بن أبي كثير الأنصاري مولاهم المدني القارئ أبو إسحاق. أخو محمد ويعقوب، أخذ القراءة عرضا عن شيبة بن نصاح، ثم عرض على نافع وسليمان بن مسلم بن جماز، وعيسى بن وردان. وبرع في القراءة، وسمع من أبي طولة وعبد الله بن دينار، والعلاء بن عبد الرحمن، وربيعة بن أبي عبد الرحمن، وأبي جعفر القارئ وغيرهم. ونزل بغداد ونشر بها علمه، وأقرأ بها، أخذ عنه القراءة علي بن حمزة الكسائي، وأبو عبيد القاسم بن سلام، وسليمان بن داود الهاشمي، وأبو عمر الدوري، وروى عنه قتيبة، وعلي بن حجر ومحمد بن سلام البيكندي. ومحمد بن زنبور وأبو همام السكوني، وإبراهيم بن عبد الله الهروي، وعيسى بن سليمان الشيرزي وآخرون. قال أحمد بن زهير: قال ابن معين: إسماعيل بن جعفر ثقة مأمون قليل الخطأ، هو وأخواه، محمد وكثير بدنيون قلت: توفي ببغداد سنة ثمانين ومائة2.   1 انظر/ شذرات الذهب "1/ 236". العبر "1/ 305". طبقات ابن الجزري "1/ 165". 2 انظر/ تهذيب التهذيب: "1/ 287". شذرات الذهب "1/ 293" تذكرة الحفاظ "1/ 250". سير أعلام النبلاء "8/ 228". طبقات القراء لابن الجزري "1/ 163". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 87 الطبقة الخامسة : 1- وهب بن واضح أبو الأخريط، رواد، المكي القارئ مولى عبد العزيز بن أبي رواد ويكنى أيضا أبا القاسم قرأ القرآن على شبل بن عباد، ومعروف بن مشكان، وإسماعيل بن عبد الله القسط، وانتهت إليه رياسة الإقراء بمكة. قرأ عليه أبو الحسن أحمد بن محمد البزي، وأبو الحسن أحمد بن محمد القواس النبال. قال أبو عمرو الداني: أخذ القراءة عرضا عن إسماعيل، ثم عرض على شبل، ومعروف قلت توفي سنة تسعين ومائة1. 2- عكرمة بن سليمان بن كثير بن عامر، أبو القاسم المكي المقرئ، مولى آل شيبة الحجي قرأ القرآن على شبل بن عباد، وإسماعيل القسط. قرأ عليه أحمد بن محمد البزي وغيره، وقد تفرد عنه البزي بحديث التكبير من والضحى، وعكرمة شيخ مستور ما علمت أحدا تكلم فيه2. 3- إسحاق بن محمد بن عبد الرحمن أبو محمد المسيبي المخزومي، المدني المقرئ قرأ على نافع بن أبي نعيم، وهو من جلة أصحابه المحققين. وقد روى عن ابن أبي ذئب وغيره، أخذ القراءة عنه ولده محمد، وأبو حمدون الطيب بن إسماعيل. وخلف بن هشام البزار، ومحمد بن سعدان، ومحمد بن جبير وطائفة كبيرة، وحدث عنه ابن ذكوان، وأحمد بن حنبل، روى له أبو داود في سننه حديثا. وقال عبد الله بن الصقر السكري: حدثنا محمد بن إسحاق بن محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن المسيب بن أبي السائب المسيبي، عن أبيه، توفي سنة ست ومائتين3.   1 انظر/ طبقات القراء لابن الجزري "2/ 361". 2 انظر/ طبقات القراء لابن الجزري "1/ 515". 3 انظر/ تهذيب التهذيب "1/ 249". طبقات القراء لابن الجزري "1/ 515". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 88 4- أيوب بن تميم أبو سليمان التميمي، الدمشقي المقرئ. قرأ القرآن على يحيى بن حارث الذماري، صاحب ابن عامر، وهو الذي خلف يحيى في القيام بالقراءة، أخذ القراءة عنه عرضا عبد الله بن ذكوان، والوليد بن عتبة. وأخذ عنه الحروف عبد الحميد بن بكار، وأبو مسهر الغساني، وهشام بن عمار. قال ابن ذكوان: قلت لأيوب بن تميم: أنت تقرأ بقراءة يحيى بن الحارث؟ قال: نعم، أقرأ بحروفه كلها، إلا قوله جبلا في "يس"، فإنه رفع الجيم، وأنا أكسرها. قال محمد بن إسماعيل الترمذي: قال ابن ذكوان: توفي أيوب سنة ثمان وتسعين ومائة1. 5- أيوب بن المتوكل البصري، الصيدلاني المقرئ. عرض القراءة على سلام القارئ، وأبي الحسن الكسائي، وحسين الجعفي، وحدث عن فضيل بن سليمان، وجماعة، واختار لنفسه مقرءا وكان إماما ضابطا ثقة، متبعا للأثر. وثقه علي بن المديني وغيره. قرأ عليه جماعة، أجلهم محمد بن يحيى القطعي، وحدث عنه ابن المديني، ويحيى بن معين، وجماعة، قال إسحاق بن إبراهيم الشهيدي دخلت الكوفة. فأتيت أبا عبد الله بن إدريس، فأول ما سألني عن أيوب بن المتوكل، قلت: هو بخير، قال: يقرئ؟ قلت: نعم، قال: ذاك أقرأ الناس. وقال أحمد بن سنان: سمعت أيوب بن المتوكل يقول: قرأت على يحيى القطان، وسألني كتاب الحروف فسمعه مني. قال أبو حاتم السجستاني: أيوب بن المتوكل من أقرأ الناس وأرواهم للآثار في القرآن، وروى عن أيوب بن المتوكل، قال: ما غلبت الحضرمي يعقوب إلا بالأثر. وجاء عن أيوب أخبار كثيرة، وكان من جلة القراء، وبلغنا أن يعقوب الحضرمي وقف على قبر أيوب عندما دفن، فقال: يرحمك الله. يا أيوب، ما تركت خلقا أعلم بكتاب الله منك، قلت: مات سنة مائتين2.   1 انظر/ طبقات القراء لابن الجزري "1/ 172". 2 انظر/ طبقات القراء ابن الجزري "1/ 172". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 89 6- عراك بن خالد بن يزيد بن صالح بن صبيح المري الدمشقي المقرئ أبو الضحاك. صاحب يحيى الذماري، ومقرئ أهل دمشق في عصره، قرأ عليه هشام بن عمار، والربيع بن ثعلب، وحدث عنه ابن ذكوان، ومحمد بن وهبة بن عطية، وموسى بن عامر المري. وله رواية عن أبيه، وعن ابراهيم بن أبي عبلة، وعثمان بن عطاء الخراساني وجماعة، قال أبو حاتم الرازي: مضطرب الحديث، وليس بالقوي. وقال الدارقطني: لا بأس به، قلت: لم يخرجوا له في الكتب الستة شيئا، توفي قبل المائتين1. 7- سويد بن عبد العزيز بن نمير أبو محمد السلمي، مولاهم الدمشقي، قاضي بعلبك، قرأ القرآن على يحيى بن الحارث، وأقرأ الناس، فأخذ عنه الربيع بن ثعلب، وأبو مسهر الغساني، وهشام بن عمار. وقد حدث عن أيوب السختياني، وأبي الزبير المكي، وثابت بن عجلان، وعاصم الأحول، وطائفة من التابعين. روى عنه داود بن رشيد، وعلي بن حجر، ودحيم، ومحمد بن هاشم البعلبكي، وخلق كثير، ولم يوثقه إلا دحيم فقط، وكان كثير الحديث، قال يحيى بن معين: كان قاضيا بدمشق بين النصارى، ليس بشيء. وقال البخاري: في بعض حديثه نظر، قلت: ولد سنة ثمان ومائة، وتوفي سنة أربع وتسعين ومائة2. 8- يحيى بن المبارك اليزيدي الإمام أبو محمد البصري النحوي، المقرئ وعرف باليزيدي، لاتصاله بيزيد بن منصور، خال المهدي يؤدب ولده، جود القرآن على أبي عمرو، وحدث عنه وعن ابن جريج. قرأ عليه الدوري والسوسي، وأحمد بن جبير الأنطاكي، وأبو أيوب الخياط، وسليمان بن الحكم، وعامر بن عمر المعروف بأوقية وأبو حمدون، وجعفر غلام سجادة   1 انظر/ تهذيب التهذيب "4/ 276, 277". شذرات الذهب "1/ 340". طبقات القراء لابن الجزري "1/ 511". 2 انظر/ شذرات الذهب "412". طبقات ابن الجزري "1/ 321". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 90 وطائفة سواهم، وله اختيار كان يقرئ به أيضا خالف فيه أبا عمرو في أماكن يسيرة، وقد اتصل بالرشيد وأدب المأمون. وكان ثقة علامة فصيحا مفوها، بارعا في اللغات والآداب، أخذ عن الخليل وغيره، حتى قيل: إنه أملى عشرة آلاف ورقة، عن أبي عمرو خاصة. وله عدة تصانيف منها: كتاب النوادر: كتاب المقصور، وكتاب الشكل، وكتاب نوادر اللغة، وكتاب في النحو مختصر، وله عدة أولاد فضلاء علماء، محمد وعبد الله وإبراهيم، وإسماعيل وإسحاق، أخذوا عنه. وأخذ عنه ابن ابنه أحمد بن محمد، توفي سنة اثنتين ومائتين1. 9- عثمان بن سعيد الملقب بورش أبو سعيد المصري المقرئ. وقيل: أبو عمرو. وقيل: أبو القاسم، عثمان بن سعيد بن عبد الله بن عمرو بن سليمان. وقيل: عثمان بن سعيد بن عدي بن غزوان، بن داود بن سابق القبطي مولى آل الزبير بن العوام. وقيل: أصله من إفريقية، ويقال له الرواس ولد سنة عشر ومائة وأرخه الأهوازي. قرأ القرآن وجوده على نافع عدة ختمات، في حدود سنة خمس وخمسين ومائة. ونافع هو الذي لقبه بورش لشدة بياضه، والورش شيء يصنع من اللبن. وقيل: لقبه بالورشان2، وهو طائر معروف. وكان يقول: اقرأ يا ورشان، وهات يا ورشان، ثم خفف وقيل ورش، وكان لا يكرهه ويعجبه، ويقول: أستاذي نافع سماني به، وكان في أول أمره رأسا ثم اشتغل بالقرآن والعربية ومهر فيهما. وكان أشقر أزرق سمينا، مربوعا، يلبس مع ذلك ثيابا مقدرة، وإليه انتهت رياسة الإقراء بالديار المصرية في زمانه.   1 انظر/ شذرات الذهب "412". سير أعلام النبلاء "9/ 562". طبقات ابن الجزري "2/ 375". 2 قال صاحب القاموس المحيط: والورشان محركة طائر وهو ساق حر لحمه أخف من الجمام ج ورشان بالكسر ووراشين وفي المثل: بعلة الورشان يأكل رطب المشان يضرب لمن يظهر شيئا والمراد منه شيء آخر. "القاموس المحيط ص290، 291 جـ2". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 91 فقرأ عليه أحمد بن صالح الحافظ، وداود بن أبي طيبة، وأبو يعقوب الأزرق وعبد الصمد بن عبد الرحمن بن القاسم، ويونس بن عبد الأعلى. وعامر بن سعيد الخرشي، وسليمان بن داود المهري. وسمع منه عبد الله بن وهب، وإسحاق بن حجاج وغير واحد، وكان ثقة حجة في القراءة. قال إسماعيل النحاس: قال لي أبو يعقوب الأزرق: إن ورشا لما تعمق في النحو وأحكمه، اتخذ لنفسه مقرأ يسمى مقرأ ورش. وقال محمد بن عبد الرحيم: الأصبهاني المقرئ، سمعت أبا القاسم، ومواسا أبا الربيع وغيرهم، ممن قرأت عليه يقولون: إن ورشا إنما قرأ على نافع، بعد ما حصل نافع القراءة. وقال الداني: أخبرنا علي بن الحسن وعلي بن إبراهيم وأبو محمد الإمام قالوا: حدثنا محمد بن علي هو الأذفوي. حدثني محمد بن سعيد، عن أبي جعفر، أحمد بن هلال، حدثني محمد بن سلمة العثماني قال: قلت لأبي: أكان بينك وبين ورش مودة؟ قال: نعم، حدثني ورش قال: خرجت من مصر، لأقرأ على نافع، فلما وصلت إلى المدينة، صرت إلى مسجد نافع، فإذا هو لا يطاق القراءة عليه من كثرتهم، وإنما يقرئ ثلاثين. فجلست خلف الحلقة، وقلت لإنسان: من أكبر الناس عند نافع؟ فقال لي: كبير الجعفريين، فقلت: فكيف به؟ قال: أنا أجيء معك إلى منزله. وجئنا إلى منزله، فخرج شيخ فقلت: أنا من مصر، جئت لأقرأ على نافع، فلم أصل إليه، وأخبرت أنك من أصدق الناس له، وأنا أريد أن تكون الوسيلة إليه، فقال: نعم وكرامة. وأخذ طيلسانه ومضى معنا إلى نافع، وكان لنافع كنيتان، أبو رويم وأبو عبد الله فبأيهما نودي أجاب، فقال له الجعفري: هذا وسيلتي إليك، جاء من مصر ليس معه تجارة، ولا جاء لحج، إنما جاء للقراءة خاصة. فقال: ترى ما ألقى من أبناء المهاجرين والأنصار، فقال صديقه: تحتال له، فقال لي نافع: أيمكنك، أن تبيت في المسجد؟ قلت: نعم، فبت في المسجد فلما أن كان الفجر جاء نافع. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 92 فقال ما فعل الغريب: فقلت: ها أنا رحمك الله، قال: أنت أولى بالقراءة، قال: وكنت مع ذلك حسن الصوت، مدادا به، فاستفتحت فملأ صوتي مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم. فقرأت ثلاثين آية فأشار بيده أن اسكت فسكت، فقام إليه شاب من الحلقة، فقال: يا معلم أعزك الله، نحن معك وهذا رجل غريب. وإنما رحل للقراءة عليك، وقد جعلت له عشرا واقتصر على عشرين فقال: نعم وكرامة فقرأت عشرا فقام فتى آخر، فقال كقول صاحبه فقرأت عشرا وقعدت واقتصرت على عشرين، حتى لم يبق له أحد ممن له قراءة. فقال لي: اقرأ فأقرأني خمسين آية فما زلت أقرأ عليه خمسين في خمسين حتى قرأت عليه ختمات قبل أن أخرج من المدينة، توفي ورش بمصر سنة سبع وتسعين ومائة1. 10- قالون أبو موسى عيسى بن مينا بن وردان بن عيسى الزرقي، مولى بني زهرة. قارئ أهل المدينة في زمانه ونحويهم. قيل: إنه كان ربيب نافع، وهو الذي لقبه قالون لجودة قراءته، وهي لفظة رومية معناها جيد، لم يزل يقرأ على نافع حتى مهر وحذق. وروى الحديث عن شيخه، وعن محمد بن جعفر بن أبي كثير، وعبد الرحمن بن أبي الزناد، وعرض القرآن أيضا على عيسى بن وردان الحذاء وتبتل لإقراء القرآن والعربية. وطال عمره وبعد صيته، قال عثمان بن خرزاذ: حدثنا قالون، قال: قال لي نافع: كم تقرأ علي؟ اجلس إلى أسطوانة حتى أرسل إليك من يقرأ، وقال علي بن الحسن الهسنجاني الحافظ: كان قالون شديد الصمم، فلو رفعت صوتك، لا إلى غاية لا يسمع فكان ينظر إلى شفتي القارئ، فيرد عليه اللحن والخطأ، قلت: قرأ عليه بشر كثير منهم ولداه أحمد وإبراهيم، وأحمد بن يزيد الحلواني، ومحمد بن هارون أبو نشيط، وحمد بن صالح المصري. وسمع منه إسماعيل القاضي، وموسى بن إسحاق الأنصاري القاضي، وأبو زرعة الرازي، وإبراهيم بن ديزيل ومحمد بن عبد الحكم القطري.   1 انظر/ شذرات الذهب "1/ 349". سير أعلام النبلاء "9/ 295". طبقات ابن الجزري "1/ 502". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 93 وعثمان بن خرزاذ الأنطاكي، توفي سنة عشرين ومائتين وله نيف وثمانون سنة -رحمه الله1. 11- يعقوب بن إسحاق الحضرمي. قارئ أهل البصرة في عصره، الإمام أبو محمد يعقوب بن إسحاق بن زيد بن عبد الله بن أبي إسحاق مولى الحضرميين. قرأ القرآن على أبي المنذر، سلام بن سليم، وعلى أبي الأشهب العطاردي، ومهدي بن ميمون، وشهاب بن شرقة. وسمع من حمزة الزيات، وشعبة وهارون بن موسى النحوي، وسليم بن حيان، وهمام بن يحيى، وزائدة، وأبي عقيل الدورقي، والأسود بن شيبان. وبرع في الإقراء. قرأ عليه روح بن عبد المؤمن، ومحمد بن المتوكل رويس، والوليد بن حسان التوزي، وأحمد بن عبد الخالق المكفوف، وأبو حاتم السجستاني وأبو عمر الدوري، وخلق سواهم. وحدث عنه أبو حفص الفلاس، وأبو قلابة الرقاشي، وإسحاق بن إبراهيم ومحمد بن يونس الكديمي، قال أبو حاتم السجستاني: هو أعلم من رأيت بالحروف، والاختلاف في القرآن وعلله ومذاهبه، ومذاهب النحو. وقال أحمد بن حنبل هو صدوق ولبعضهم: أبوه من القراء كان وجده ... ويعقوب في القراء كالكوكب الدري تفرده محض الصواب ووجهه ... فمن مثله في وقته وإلى الحشر قال طاهر بن غلبون: وإمام أهل البصرة بالجامع. لا يقرأ إلا بقراءة يعقوب -رحمه الله تعالى- يعني في الصلوات. وقال علي بن جعفر السعيدي، كان يعقوب أقرأ أهل زمانه. وكان لا يلحن في كلامه، وكان أبو حاتم من بعض تلامذته، وقال أبو القاسم الهذلي: لم ير في زمن يعقوب مثله.   1 انظر/ شذرات الذهب "2/ 48". سير أعلام النبلاء "1/ 326". طبقات ابن الجزري "1/ 615". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 94 كان عالما بالعربية ووجوهها، والقرآن واختلافه، فاضلا نقيا تقيا، ورعا زاهدا بلغ من زهده أنه سرق رداؤه عن كتفه في الصلاة، ولم يشعر ورد إليه ولم يشعر لشغله بالصلاة. وبلغ من جاهه بالبصرة، أنه كان يحبس ويطلق، وقال ابن سوار وغيره: توفي في ذي الحجة سنة خمس ومائتين1. 12- أبو يوسف الأعشى هو يعقوب بن محمد بن خليفة الكوفي. قرأ على أبي بكر بن عياش وكان أجل من قرأ على أبي بكر، تصدر للإقراء بالكوفة، فقرأ عليه أبو جعفر محمد بن غالب الصيرفي، وأبو جعفر بن محمد بن حبيب الشموني. وأخذ عنه الحروف أحمد بن جبير، وخلف بن هشام، وعمرو بن الصباح، ومحمد بن خلف التيمي، ومحمد بن إبراهيم الخواص، قال أبو بكر النقاش. كان أبو يوسف الأعشى صاحب قرآن وفرائض، ولست أقدم عليه أحدا في القراءة على أبي بكر، كما لا أقدم أحدا على يحيى بن آدم عن أبي بكر، وقال أبو العباس بن عقدة: حدثنا القاسم بن أحمد، حدثنا أبو جعفر الشموني عن أبي يوسف، الأعشى قال: قال لي أبو بكر، يا أبا يوسف أنا أصلي خلف فلان، وهو يقرأ قراءة حمزة. فقد شككني في بعض الحروف التي أقرؤها، فأعرض علي عرضة تكون لك، أتحفظها عنك. قال: فجلس له في أصحاب الشعير فقرأ واجتمع الناس حوله يكتبون الحروف2. 13- سقلاب بن شيبة أبو سعيد المصري، قرأ القرآن على نافع. قرأ عليه يونس بن عبد الأعلى، وأبو يعقوب الأزرق وغيرهما، وكان يقرئ في أيام ورش، توفي سنة إحدى وتسعين ومائة3. 14- معلى بن دحية المصري، أبو دحية. قرأ القرآن وجوده على نافع، قرأ عليه يونس بن عبد الأعلى، وعبد القوي بن كمونة، وأبو مسعود المدني، وسمع منه الحروف هشام بن عمار، وبلغنا عن معلى بن دحية.   1 انظر سير أعلام النبلاء "10/ 169". طبقات ابن الجزري "2/ 386". 2 انظر/ طبقات ابن الجزري "2/ 390". 3 انظر/ طبقات ابن الجزري. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 95 قال: سافرت بكتاب الليث بن سعد، إلى نافع بن أبي نعيم لأقرأ عليه، فوجدته يقرئ الناس بجميع القراءات، فقلت له: يا أبا رويم، ما هذا؟ فقال: إذا جاءني من يطلب حرفي أقرأته به1. 15- العباس بن الفضل بن عمرو بن عبيد بن الفضل بن حنظلة الواقفي الأنصاري، المقرئ قاضي الموصل، أبو الفضل. قرأ القرآن وجوده على أبي عمرو بن العلاء، وبرع في معرفة الإدغام الكبير، وورد أنه ناظر الكسائي في الإمالة. وعن أبي عمرو قال: لو لم يكن من أصحابي إلا عباس لكفاني. قلت: وإنما لم يشتهر؛ لأنه لم يجلس للإقراء، وما علمت أحدا قرأ عليه، إلا عامر بن عمر المعروف بأوقية الموصلي، وهو ضعيف في الحديث. ولد سنة خمس ومائة. ورأى نافعا مولى ابن عمر، ومحمد بن المنكدر، وروى عن يونس بن عبيد، وداود بن أبي هند، وخالد الحذاء وغيرهم، ومن أهل بلده. روى عنه بشر بن سالم الكوفي، وإبراهيم بن عبد الله الهروي، ومحمد بن عبد الله بن عمار، ومسعود بن جويدية. وزكريا بن يحيى زحمويه وآخرون، ومما نقم عليه حديثه، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة عن أبي الشعثاء، عن أبي عباس، إذا كان سنة مائتين يكون كيت وكيت. قال أبو أحمد بن عدي: وهو مع ضعفه يكتب حديثه، وقال أحمد بن حنبل: ما أنكرت عليه إلا حديثا واحدا. قلت توفي سنة ست وثمانين ومائة، روى له ابن ماجه2. 16- شجاع بن أبي نصر البلخي المقرئ الزاهد، أبو نعيم. قرأ القرآن على أبي عمرو وجوده، وأقرأه وحدث عن الأعمش وغيره، أخذ عنه القراءة أبو عبيد القاسم بن سلام، ومحمد بن غالب. وروى عنه أبو عمر الدوري، والحسن بن عرفة، وسريج بن يونس وهارون الحمال،   1 انظر/ طبقات الجزري "1/ 304". 2 انظر/ طبقات الجزري "1/ 353". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 96 وثقه أبو عبيد، وسئل عنه أحمد بن حنبل فقال: بخ بخ، وأين مثله اليوم توفي شجاع ببغداد سنة تسعين ومائة -رحمه الله تعالى1. 17- عبد الوارث بن سعيد التنوري أبو عبيدة العنبري، مولاهم البصري، الحافظ المقرئ. ولد سنة اثنتين ومائة. وقرأ القرآن وجوده على أبي عمرو بن العلاء، وجلس للإقراء، فقرأ عليه محمد بن عمر القصبي، وأبو معمر المنقري، وعمران بن موسى القزاز وغيرهم. وكان ممن روى الكثير عن أيوب السختياني وشعيب بن الحبحاب ويزيد الرشك وأيوب بن موسى، والجعد أبي عثمان وطائفة. وعنه ابنه عبد الصمد، وبشر بن هلال الصواف، ومسدد وقتيبة وخلق كثير، وكان ثقة حجة، موصوفا بالعبادة والدين والفصاحة، والبلاغة قال أبو عمر الجرمي: ما رأيت فقيها أفصح من عبد الوارث، إلا حماد بن سلمة، قلت: لكنه اتهم بالقدر، قال محمود بن غيلان: قيل لأبي داود الطيالسي: لم لا تحدث عن عبد الوارث. فقال: أحدثك عن رجل، كان يزعم يوما أن عمرو بن عبيد، أكبر من عمر أيوب، ويونس وابن عون. قلت: مات عبد الوارث، في المحرم سنة ثمانين ومائة2. 18- حسين بن علي الجعفي مولاهم الكوفي، أبو عبد الله الزاهد، أحد الأعلام قرأ القرآن على حمزة وأخذ الحروف عن أبي عمرو، وعن أبي بكر بن عياش، وبرع في القراءة والحديث. روى عن جعفر بن برقان، والأعمش. وفضيل بن مرزوق، وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر، ومجمع بن يحيى الأنصاري، وسفيان الثوري، وزائدة وطائفة، وأقرأ الناس بعد حمزة.   1 انظر/ طبقات الجزري "1/ 324". 2 انظر/ تهذيب التهذيب "6/ 441". شذرات الذهب "1/ 293". سير أعلام النبلاء "8/ 300". طبقات ابن الجزري "1/ 478". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 97 قرأ عليه أيوب بن المتوكل وغيره، وأخذ عنه أحمد بن حنبل، والطيب بن إسماعيل، ومحمد بن الهيثم، وهارون بن حاتم، وأبو هاشم الرفاعي، وإسحاق بن راهويه، ويحيى بن معين، وأحمد بن عمر الوكيعي. وأحمد بن الفرات، وعبد بن حميد، وعباس الدوري، ومحمد بن عاصم الثقفي وخلق كثير. قال أحمد بن حنبل: ما رأيت أفضل من حسين الجعفي. وقال قتيبة بن سعيد: قالوا لسفيان بن عيينة: قدم حسين الجعفي، فوثب قائما، وقال: قدم أفضل رجل يكون قط. وقال موسى بن داود: كنت عند ابن عيينة، فأتاه حسين الجعفي، فقام سفيان بن عيينة فقبل يده. وقال يحيى بن يحيى النيسابوري: إن كان بقي من الأبدال أحد فحسين الجعفي، وقال محمد بن رافع: كان راهب أهل الكوفة، يعني عابدهم. وروى أبو هشام الرفاعي عن الكسائي قال: قال لي الرشيد: من أقرأ الناس؟ قلت: حسين الجعفي. وقال أحمد بن عبد الله العجلي: كان الجعفي يقرئ الناس وهو رأس فيه. ولم أر رجلا قط أفضل منه، وهو ثقة، ولم نره إلا مقعدا، ولم يطأ قط، وكان جميلا لباسا، يخضب، خلف ثلاثة عشر دينارا، مات في ذي القعدة سنة ثلاث ومائتين. قلت: عاش أربعا وثمانين سنة1. 19- عبد الله بن صالح العجلي الكوفي المقرئ أبو أحمد، من كبار المقرئين. قرأ على حمزة، وحدث عنه، وعن أبي بكر الهشلي، وعبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان. وفضيل بن مرزوق، وحماد بن سلمة، وأسباط بن نصر، وزهير بن معاوية، وشبيب بن شيبة، والحسن بن صالح، وطائفة، وسكن بغداد في آخر أيامه، وأقرأ بها. تلا عليه أبو حمدون الطيب بن إسماعيل، وإبراهيم بن نصر الرازي، وجماعة،   1 انظر/ طبقات الجزري "1/ 247". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 98 وسمع منه ولده العلامة أبو صالح، أحمد بن عبد الله العجلي، نزيل المغرب، وأبو زرعة الرازي، وبشر بن موسى. ومحمد بن غالب تمتام، وإبراهيم الحربي، وأحمد بن يحيى البلاذري، وطائفة سواهم، قال أبو حاتم: صدوق، وقال ابن حبان: مستقيم الحديث توفي قبل العشرين ومائتين. وقيل إن البخاري روى عنه وما صح ذلك1. 20- يحيى بن آدم بن سليمان، الإمام أبو زكريا القرشي، مولى آل أبي معيط الكوفي الأحول، الحافظ المقرئ، صاحب أبي بكر بن عياش. قال أبو عمرو الداني وغيره: روى حروف عاصم سماعا، من غير تلاوة عن أبي بكر، قلت: وحدث عن فطر بن خليفة، وعيسى بن طهمان، ويونس بن أبي إسحاق، وفضيل بن مرزوق، ومسعر بن كدام، ومفضل بن مهلهل، وسفيان الثوري وإسرائيل، وورقاء، وخلق. أخذ عنه القراءة إسحاق بن راهويه، وأحمد بن عمر الوكيعي، وأبو حمدون الطيب، وخلف بن هشام، وشعيب بن أيوب، الصريفيني وموسى بن حزام الترمذي، وعبد الله بن محمد بن شاكر، وآخرون وحدث عنه هؤلاء بها. وبعضهم أقرأ بالرواية عنه. وروى عنه أيضا أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وأبو كريب، وهارون الحمال وعبد بن حميد، والحسن بن علي بن عفان وخلق كثير. وثقه ابن معين والنسائي، وسئل عنه أبو داود، فقال: ذاك واحد الناس. وقال علي بن المديني: يرحم الله يحيى بن آدم، أي علم كان عنده، وجعل يطريه. وقال أبو أسامة: ما رأيت يحيى بن آدم إلا ذكرت الشعبي، يعني أنه كان جامعا للعلم كان عمر في زمانه، رأس الناس، وكان بعده ابن عباس، ثم كان بعده الشعبي، في زمانه، وكان بعد الشعبي الثوري في زمانه، وكان بعد الثوري يحيى بن آدم، قلت: أثبت الروايات عن أبي بكر، رواية يحيى بن آدم.   1 انظر/ تهذيب التهذيب "5/ 261-263". وشذرات الذهب "2/ 27". طبقات القراء لابن الجزري "1/ 423". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 99 وما ذكر صاحب التيسير غيرها، وهي كما قال: سماع لا تلاوة. قال جماعة: حدثنا أبو هشام الرفاعي، حدثنا يحيى بن آدم، قال: سألت أبا بكر عن حروف عاصم، التي في هذه الكراسة أربعين سنة، فحدثني بها كلها. وقرأها علي حرفا حرفا. توفي يحيى بفم الصلح في ربيع الأول، سنة ثلاث ومائتين، وهو في عشر السبعين، رحمه الله تعالى1. 21- عبيد الله بن موسى العبسي مولاهم الكوفي أبو محمد المقرئ الحافظ الشيعي، شيخ البخاري. ولد بعد العشرين ومائة، وقرأ القرآن وجوده على عيسى بن عمر الهمداني، وعلي بن صالح بن حي. وأخذ الحروف عن حمزة والكسائي، وشيبان النحوي وجلس للإقراء وحدث عن هشام بن عروة، والأعمش، وإسماعيل بن أبي خالد، وزكريا بن أبي زائدة وابن جريج. والأوزاعي وشيبان وخلق، قرأ عليه أحمد بن جبير الأنطاكي، وأيوب بن علي، وإبراهيم بن سليمان، ومحمد بن عبد الرحمن، وطائفة، وحدث عنه أحمد بن حنبل قليلا. وأحمد بن أبي عرزة الغفاري ويحيى بن معين، وعبد بن حميد، وابن نمير وعباس الدوري، وخلق كثير، وعمر دهرا وثقه أبو حاتم وغيره، وكان ثبتا في إسرائيل. قال أحمد بن عبد الله العجلي: عالم بالقرآن، رأس فيه، ما رأيته رافعا رأسه، وما رؤي ضاحكا قط. وقال أبو داود: كان شيعيا متحرقا. قلت: حديثه في الكتب الستة بواسطة، وعند البخاري بلا واسطة، وكان صاحب عبادة، وتهجد وزهد، صحب حمزة الزيات، وتخلق بسيرته إلا في التسنن. قال أحمد بن حنبل: حدث بأحاديث سوء، وأخرج تلك البلايا فحدث بها. قال ابن سعد: توفي في ذي القعدة، سنة ثلاث عشرة ومائتين2.   1 انظر/ شذرات الذهب "2/ 81". تذكرة الحفاظ "1/ 353" العبر: "1/ 364". طبقات ابن الجزري "2/ 363". 2 انظر/ شذرات الذهب "2/ 29" طبقات ابن الجزري "1/ 493". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 100 الطبقة السادسة : 1- القاسم بن سلام أبو عبيد الأنصاري، مولاهم البغدادي، الإمام. أحد الأعلام وذو التصانيف الكثيرة في القراءات، والفقه واللغة والشعر قال أبو عمرو الداني: أخذ القراءة عرضا وسماعا، عن الكسائي، وشجاع بن أبي نصر، وإسماعيل بن جعفر، وعن حجاج بن محمد، وعن أبي مسهر. وهشام بن عمار، قلت: وسمع من شريك. وإسماعيل بن عياش، وهشيم وابن المبارك، وأبي بكر بن عياش، وجرير بن عبد الحميد. وسفيان بن عيينة، وعباد بن عباد، وخلق كثير، قال الداني: إمام أهل دهره، في جميع العلوم، صاحب سنة ثقة مأمون. روى عنه القراءة أحمد بن إبراهيم، وراق خلق، وأحمد بن يوسف التغلبي، وعن علي بن عبد العزيز، ونصر بن داود، وثابت بن أبي ثابت. قلت: وحدث عنه، أبو محمد الدارمي، وأبو بكر بن أبي الدنيا. وعباس الدوري، والحارث بن أبي أسامة، ومحمد بن يحيى المدوزي وأحمد بن يحيى البلاذري، وآخرون، ولي قضاء الطرسوس، أيام ثابت بن نصر الخزاعي. ولم يزل معه ومع ولده، وكان يجتهد ولا يقلد أحدا، ويذكر في طبقة الشافعي، وأحمد وإسحاق، وكان هو أعلمهم بلغات العرب، ومن جلالته. قال أحمد بن سلمة، سمعت إسحاق بن راهويه يقول: الحق يجب لله، أبو عبيد أفقه مني، وأعلم. وقال الحسن بن سفيان، سمعت ابن راهويه يقول: نحن نحتاج إلى أبي عبيد، وأبو عبيد لا يحتاج إلينا. وقال عباس: سمعت أحمد بن حنبل يقول: أبو عبيد ممن يزداد عندنا كل يوم خيرا, وقال أبو قدامة: سمعت أحمد بن حنبل يقول: أبو عبيد أستاذ، وسئل ابن معين عنه فقال: مثلي يسأل عن أبي عبيد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 101 أبو عبيد يسأل عن الناس. وقال الدارقطني: ثقة، إمام جبل، وسلام أبوه رومي. قال ابن يونس هو مروزي، سكن بغداد. وقال الحاكم: الإمام المقبول عند الكل أبو عبيد، وقال إبراهيم الحربي: ما مثلت أبا عبيد إلا بجبل نفخ فيه الروح، وأجل كتبه غريب المصنف. ولأبي عبيد كتاب في القراءات، ليس لأحد من الكوفيين قبله مثله، وقال ابن الأنباري: كان أبو عبيد يقسم الليل، فيصلي ثلثه وينام ثلثه، ويصنف ثلثه. وفضائل أبي عبيد كثيرة، ومناقبه شهيرة. قال عباس الدوري: سمعته يقول: عاشرت الناس، وكلمت أهل الكلام. فما رأيت قوما أوسخ وسخا، ولا أضعف جهة من الرافضة، ولا أحمق منهم قال عبد الله بن طاهر الأمير: الناس أربعة، ابن عباس في زمانه والشعبي في زمانه، والقاسم بن معن المسعودي في زمانه، وأبو عبيد في زمانه. وقال إسحاق بن إبراهيم المنجنيقي: حدثنا القاسم بن محمد المؤدب، عن محمد بن أبي بشر قال: أتيت أحمد بن حنبل، في مسألة فقال لي: ائت أبا عبيد، فإن له بيانا لا نسمعه من غيره، فأتيته فشفاني جوابه، وأخبرته بقول أحمد. فقال: يابن أخي ذاك رجل من عمال الله، وإنه لكما قيل: يزينك إما غاب عنك وإن دنا ... رأيت له زينا يسرك مقبلا يعلم هذا الخلق ما شذ عنهم ... من الأدب المعهود كهفا ومعقلا ويخشن في ذات الإله إذا رأى ... مضيما لأهل الحق لا يسأم البلا وإخوانه الأدنون كل موفق ... بصير بأمر الله يسمو إلى العلا توفي أبو عبيد، سنة أربع وعشرين ومائتين -رحمه الله1. 2- أحمد بن محمد بن عبد الله بن القاسم بن نافع بن أبي بزة. أبو الحسن البزي المكي، المقرئ قارئ مكة، ومؤذن المسجد الحرام ومولى بني مخزوم.   1 انظر/ تهذيب التهذيب "8/ 315". شذرات الذهب "2/ 54". طبقات القراء لابن الجزري "2/ 17". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 102 قال البخاري: اسم أبي بزة، بشار مولى عبد الله، بن السائب المخزومي. وأبو بزة فارسي. وقيل: همذاني، أسلم على يد السائب بن صيفي المخزومي، ولد البزي سنة سبعين ومائة وقرأ القرآن على عكرمة بن سليمان وأبي الأخربط وهب بن واضح، وعبد الله بن زياد مولى عبيد بن عمير الليثي، عن أحدهم، عن إسماعيل بن عبد الله القسط، وقد ذكرنا إسناد القسط في ترجمته. قال أبو عمرو الداني: اتفق الناقلون عن البزي، على أن إسماعيل القسط، قرأ على ابن كثير نفسه، إلا ما كان من الاختلاف عن أبي الأخريط. فإن البزي حكى عنه الموافقة للجماعة، من أن إسماعيل قرأ على ابن كثير، وحكى عنه القواس، أنه قرأ على القسط، وأنه قرأ على شبل بن عباد، ومعروف. وقرأ على ابن كثير. قال أبو الأخريط: ولقيت شبلا ومعروفا، فقرأت عليهما القراءة، التي قرأتها على إسماعيل القسط وقد تقدم هذا. قرأ على البزي أبو ربيعة محمد بن إسحاق الربعي، وإسحاق الخزاعي، وأبو جعفر اللهبي، وموسى بن هارون وطائفة. وقد حدث البزي، عن مؤمل بن إسماعيل ومالك بن سعيد بن الخمس. وأبي عبد الرحمن المقرئ، وسليمان بن حرب، وغيرهم، روى عنه البخاري في تاريخه، والحسن بن الحباب بن مخلد، ومحمد بن يوسف بن موسى، والحسن بن العباس الرازي، ويحيى بن محمد بن صاعد، ومضر بن محمد الأسدي وآخرون. وأذن في المسجد الحرام أربعين سنة، وأقرأ الناس بالتكبير من والضحى، وروى في ذلك خبرا عجيبا، رواه عنه جماعة، قرأته على عبد الحافظ بن بدران، ويوسف بن أحمد أن موسى بن الشيخ عبد القادر الجيلي، أخبرهما قال: أخبرنا سعيد بن أحمد بن البناء، أنا علي بن أحمد بن البسري. حدثنا وقرأت على عمر بن غدير، سنة ثلاث وتسعين وستمائة. أخبركم أبو اليمن الكندي إجازة، أنا الحسين بن علي السبط، أنا أبو الحسين بن النقود، قالا: أنا أبو طاهر المخلص، حدثنا يحيى بن محمد بن صاعد، حدثنا أحمد بن محمد بن القاسم بن أبي بزة البزي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 103 قال: سمعت عكرمة بن سليمان يقول: قرأت على إسماعيل بن عبد الله بن قسطنطين، فلما بلغت: {وَالضُّحَى} قال: كبر عند خاتمة كل سورة، فإني قرأت على عبد الله بن كثير، فلما بلغت: {وَالضُّحَى} قال: كبر حتى تختم، وأخبره ابن كثير أنه قرأ على مجاهد، فأمره بذلك. وأخبره مجاهد، أن ابن عباس أمره بذلك، وأخبره ابن عباس، أن أبي بن كعب أمره بذلك، وأخبره أبي -رضي الله عنه، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمره بذلك. قال الحاكم: هذا صحيح الإسناد، ولم يخرجه البخاري ولا مسلم. وقال أبو عمرو الداني: حدثنا فارس بن أحمد، حدثنا عبد الله بن الحسين قال: قرأت على محمد بن عبد العزيز بن الصباح، حدثني موسى بن هارون مكي مقرئ غير معروف حدثنا أحمد بن محمد بن أبي بزة. قال: قرأت على عكرمة بن سليمان، فلما بلغت والضحى قال: كبِّر، قرأت على شبل بن عباد، وإسماعيل بن قسطنطين، فقالا: كبِّر، قرأنا على عبد الله بن كثير، فقال لنا: كبِّرا، فإني قرأت على مجاهد فقال لي: كبِّر. قرأت على ابن عباس فقال لي: كبر، قرأت على أبي فقال لي: كبِّر، قرأت على النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال لي: "كبِّر"، وبه قال موسى بن هارون. قال لي ابن أبي بزة: حدثت محمد بن إدريس الشافعي، فقال لي: إن تركت التكبير فقد تركت سنة من سنن نبيك -صلى الله عليه وسلم. وقال عبد الباقي بن الحسن: قال لي أبو الحسن علي بن محمد: قال لي أبو عبد الله محمد بن الصباح: قال موسى بن هارون: قال ابن أبي بزة: قال لي الشافعي -رضي الله عنه مثله، قال عبد الباقي بن الحسن: حدثنا أحمد بن صالح، وأحمد بن سلم، قالا: حدثنا الحسن بن الحباب حدثنا البزي قال: قرأت على عكرمة بن سليمان قال: قرأت على إسماعيل بن عبد الله، فلما بلغت: {وَالضُّحَى} قال: كبر، حتى تختم مع خاتمة كل سورة، فإني قرأت على ابن كثير ... وساق الحديث. أخبرنا يوسف بن الحسن المعدل بالإسكندرية، أخبرنا جعفر بن علي المقرئ أنا عبد الرحمن بن عطية، أنا أبو القاسم عبد الرحمن بن أبي بكر الصقلي، حدثني أبو الحسن عبد الباقي بن فارس، حدثنا أبو أحمد عبد الله بن الحسين السامري. حدثنا أبو الحسن بن الرقي، وأبي قالا: حدثنا، أبو يحيى، عبد الله بن زكريا بن الحارث بن أبي مسرة قال: أخبرني أبي والحميدي قالا: حدثنا إبراهيم بن يحيى بن أبي حية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 104 قال: قرأت على حميد الأعرج، فلما بلغت إلى والضحى قال: كبر، إذا ختمت كل سورة حتى تختم، فإني قرأت على مجاهد بن جبر فأمرني بذلك. قال مجاهد: وقرأت على ابن عباس، فأمرني بذلك. وقال: يعقوب الفسوي، حدثنا الحميدي، حدثنا سفيان بن عيينة، قال: رأيت حميدا الأعرج، يقرأ والناس حوله، فإذا بلغ والضحى كبر إذا ختم كل سورة، حتى تختم. وقال: وحدثنا الحميدي، حدثنا غير واحد، عن ابن جريج عن حميد عن مجاهد، أنه كان يكبر من والضحى. قال: وحدثنا الحميدي، قال: سألت ابن عيينة: قلت: يا أبا محمد، رأيت شيئا ربما فعله الناس عندنا، يكبر القارئ في شهر رمضان إذا ختم، فقال: رأيت صدقة بن عبد الله بن كثير، يؤم الناس منذ أكثر من سبعين سنة، فكان إذا ختم القرآن كبر. وقال الحسن بن الحباب: سألت البزي كيف التكبير، فقال: لا إله إلا الله والله أكبر. وقال الآجري: حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد الحميد، حدثنا أحمد بن محمد بن أبي بزة، سمعت المؤمل بن إسماعيل يقول: القرآن كلام الله ليس بمخلوق. وقال ابن أبي بزة: فمن قال هو مخلوق، فهو على غير دين الله تعالى، ودين رسوله -صلى الله عليه وسلم، حتى يتوب، توفي البزي سنة خمسين ومائتين، رحمه الله تعالى1. 3- أحمد بن محمد بن علقمة بن نافع بن عمر بن صبح بن عون، أبو الحسن المكي المقرئ، النبال المعروف بالقواس. قرأ على أبي الأخريط وهب بن واضح، وحدث عن مسلم بن خالد الزنجي، وغيره، وجلس للإقراء مدة. قرأ عليه أحمد بن يزيد الحلواني، وقنبل وعبد الله بن جبير الهاشمي، وقيل إن البزي قرأ عليه القرآن أيضا، وحدث عنه بقي بن مخلد، ومحمد بن علي الصايغ، ومطين، وعلي بن أحمد بن بسطام، وغيرهم. قال ابن مجاهد: قال لي قنبل: قال لي القواس: في سنة سبع وثلاثين ومائتين، الق هذا الرجل يعني البزي، فقل له هذا الحرف ليس من قراءتنا يعني {وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ} [إبراهيم: 17] مخففا، وإنما يخفف من الميت من قد مات، وما لم يمت فهو مشدد.   1 انظر/ شذرات الذهب "2/ 120, 121" العبر: "1/ 455". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 105 فلقيت البزي فأخبرته فقال: قد رجعت عنه، ثم أتى إلى القواس من الغد، فقال: قد جاءني أبو عمر، برسالتك في هذا الحرف، وكان معه حرفان آخران، رددتهما عليه. وقد كان عكرمة بن سليمان أقرأنيها، وقد رجعت عنها إلى قولك، قال أبو عمرو الداني: توفي القواس بمكة، سنة أربعين ومائتين، وقال غيره: سنة خمس وأربعين، والله أعلم1. 4- عبد الوهاب بن فليح المكي أبو إسحاق المقرئ، مولى عبد الله بن عامر بن كريز. قرأ القرآن على داود بن شبل بن عباد، ومحمد بن بزيع، ومحمد بن سبعون، وسعيد بن أبي مرة، وسمع من سفيان بن عيينة، ومروان بن معاوية الفزاري. وعبد الله بن ميمون القداح، وغيرهم، قرأ عليه إسحاق بن أحمد الخزاعي، ومحمد بن عمران الدينوري، والحسن بن أحمد الحداد، وعباس بن أحمد وغيرهم. وروى عنه محمد بن أحمد الشطوي، ومحمد بن هارون الأزدي، ويحيى بن محمد بن صاعد، وقع لنا حديثه عاليا. قال النقاش: حدثنا محمد بن عمران، سمعت عبد الله بن فليح يقول: قرأت على أكثر من ثمانين نفسا، منهم من قرأت عليه، ومنهم من سألته عن الحروف المكية. وقال ابن أبي حاتم: عبد الوهاب روى عنه أبي، وقال: هو صدوق, قلت: توفي في حدود الخمسين ومائتين على أن بعضهم قد ورخ موته في سنة سبعين ومائتين، وهو بعيد2. 5- أبو يعقوب الأزرق يوسف بن عمرو بن يسار المدني، ثم المصري. لزم ورشا مدة طويلة، وأتقن عنه الأداء، وجلس للإقراء، وانفرد عن ورش بتغليظ اللامات، وترقيق الراءات، قرأ عليه إسماعيل بن عبد الله النحاس، ومواس بن سهل المعافري, ومحمد بن سعد الأنماطي، وجماعة، آخرهم موتا أبو بكر بن سيف قال أبو عدي عبد العزيز: سمعت أبا بكر بن سيف يقول: سمعت أبا يعقوب الأزرق يقول: إن ورشا لما تعمق في النحو اتخذ لنفسه مقرأ يسمى مقرأ ورش، فلما جئت لأقرأ عليه، قلت له: يا أبا   1 انظر/ تهذيب التهذيب "1/ 80". 2 انظر/ غاية النهاية "1/ 480, 481". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 106 سعيد، إني أحب أن تقرئني، مقرأ نافع خالصا، وتدعني مما استحسنت لنفسك قال: فقلدته مقرأ نافع. وكنت نازلا مع ورش في الدار، فقرأت عليه عشرين ختمة، بين حدر وتحقيق، فأما التحقيق فكنت أقرأ عليه في الدار، التي كنا نسكنها في مسجد عبد الله، وأما الحدر. فكنت أقرأ عليه إذا رابطت معه بالإسكندرية، قال أبو الفضل الخزاعي: أدركت أهل مصر والمغرب على رواية أبي يعقوب عن ورش، لا يعرفون غيرها. قلت: وقد عرض أبو يعقوب على سقلاب وغيره، وهو الذي خلف ورشا في الإقراء بالديار المصرية، توفي في حدود الأربعين ومائتين1. 6- عبد الصمد بن عبد الرحمن بن القاسم العتقي، أبو الأزهر المصري. أحد الأئمة الأعلام كوالده، حدث عن أبيه، وعن سفيان بن عيينة، وابن وهب وقرأ القرآن وجوده على ورش. قرأ عليه محمد بن سعيد الأنماطي وحبيب بن إسحاق. والفضل بن يعقوب الحمراوي، وإسماعيل بن عبد الله النحاس، وعبد الجبار بن محمد، ومحمد بن وضاح القرطبي، لكن لم يختم عليه النحاس لمكان أبي الأزهر. اعتمد الأندلسيون على قراءة ورش، وهو أخو الفقيه موسى بن عبد الرحمن، توفي أبو الأزهر، في رجب سنة إحدى وثلاثين ومائتين2. 7- داود بن أبي طيبة المصري أبو سليمان بن هارون بن يزيد مولى آل عمر بن الخطاب. قرأ على ورش، وتحقق بالأداء. ثم عرض على علي بن كيسة صاحب سليم، قرأ عليه ابنه عبد الرحمن ومواس بن سهل، والحسين بن علي بن زياد، وعبيد بن محمد البزاز، والفضل بن يعقوب الحمراوي وغيرهم. قد رآه بعض الناس في النوم فقال له: إلى ما صرت قال: رحمني الله بتعليم القرآن،   1 انظر/ غاية النهاية "2/ 402". 2 انظر/ غاية النهاية "2/ 389". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 107 قال أبو سعيد بن يونس في تاريخه: توفي في شوال سنة ثلاث وعشرين ومائتين1. 8- سليمان بن داود بن حماد بن سعد الرشديني. أبو الربيع المهري المصري، المقرئ، ويقال له ابن أخي الرشديني لأن جده أخو رشدين بن سعد المحدث، كان من جلة القرأة وعبادهم، قرأ على ورش. وروى عن ابن وهب، وأشهب وعبد الملك الماجشون وجماعة، قرأ عليه محمد بن عبد الرحيم الأصبهاني وغيره، وحدث عنه أبو داود والنسائي في السنن، وعمر بن محمد بن بجير، ومحمد بن زبان المصري، وآخرون. قال أبو سعيد بن يونس: كان فقيها على مذهب مالك، وكان رجلا زاهدا. وقال أبو داود السجستاني: قل من رأيت في فضله. قال ابن يونس: ولد في سنة ثمان وسبعين ومائة، وتوفي في أول ذي القعدة سنة ثلاث وخمسين ومائتين2. 9- أحمد بن صالح أبو جعفر المصري، الحافظ المقرئ، أحد الأعلام. قال ابن يونس في تاريخه: كان أبوه من أجناد طبرستان، فولد له أحمد بمصر سنة سبعين ومائة. قلت: وسمع من سفيان بن عيينة، وعبد الله بن وهب، وابن أبي فديك، وعبد الرزاق، وحرمي بن عمارة، وخلق سواهم. وقال أبو عمرو الداني: أخذ القراءة عرضا وسماعا عن ورش وقالون، وإسماعيل بن أبي أويس، وأخيه أبي بكر عن نافع, وروى حرف عاصم عن حرمي بن عمارة. روى عنه القراءة أحمد بن محمد بن حجاج الرشديني، والحسن بن أبي مهران، والحسن بن علي بن مالك الأشناني، والحسن بن القاسم وغيرهم. قال البخاري: ثقة مأمون ما رأيت أحدا يتكلم فيه بحجة، كان أحمد وابن المديني وابن نمير يثنون عليه، وكان يحيى يقول: سلوه فإنه ثبت، وقال ابن مجاهد في كتاب السبعة له: حدثنا الحسن بن علي حدثنا أحمد بن صالح، عن ورش، وقالون، وأبي بكر وإسماعيل، عن نافع بالحروف. قلت: وحدث عنه البخاري وأبو داود، ومحمد بن يحيى الذهلي، وصالح بن محمد جزرة ومحمد بن إسماعيل الترمذي، وأبو بكر بن أبي داود، وخلق كثير.   1 انظر/ طبقات القراء لابن الجزري "1/ 279". 2 انظر/ تهذيب التهذيب "4/ 186". غاية النهاية "1/ 313". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 108 وهو من كهول مشيخة البخاري، ومع هذا فقد روى في الصحيح عن رجل عنه، وقد رحل في الكهولة إلى بغداد، وذاكر أحمد بن حنبل وسمع من عفان بن مسلم وغيره, قال أحمد بن صالح: كتبت عن ابن وهب خمسين ألف حديث. وقال صالح بن محمد الحافظ: لم يكن بمصر أحد يحسن الحديث، غير أحمد بن صالح، كان رجلا جامعا يعرف الفقه والحديث والنحو، ويتكلم في حديث الثوري وشعبة وغيرهما، يعني يذاكر به. قال: وكان يحفظ حديث الزهري. وقال ابن نمير: إذا جاوزت الفرات فليس أحد مثل أحمد بن صالح. وقال يعقوب الفسوي الحافظ: كتبت عن أكثر من ألف شيخ. حجتي فيما بيني وبين الله رجلان، أحمد بن حنبل، وأحمد بن صالح، وقال ابن داره: هؤلاء أركان الدين، أحمد بن حنبل، وابن نمير والنفيلي، وأحمد بن صالح. قال ابن عدي: لم يكن لأحمد بن صالح آفة غير الكبر، وهو من حفاظ الحديث. وقال أبو عمرو الداني: قال مسلمة بن القاسم الأندلسي: الناس مجمعون على ثقة أحمد بن صالح لعلمه وخيره وفضله، فإن أحمد بن حنبل وغيره كتبوا عنه ووثقوه. وقال أحمد بن عبد الله العجلي: أحمد بن صالح ثقة صاحب سنة. وقال أبو داود: سألت أحمد بن صالح عمن قال القرآن كلام الله، ولا يقول مخلوق ولا غير مخلوق، فقال: هذا شاك والشاك كافر. وقال القاسم بن أسد الأصبهاني الحافظ: حدثنا أبو بكر محمد بن موسى المصري وجماعة، قال: سألت أحمد بن صالح، قلت: إن قوما يقولون، إن لفظنا بالقرآن هو غير الملفوظ به فقال: لفظنا بالقرآن هو الملفوظ الملفوظ، والحكاية هي المحكى، والدراسة هي المدروس، وهو كلام الله غير مخلوق. ومن قال لفظي به مخلوق فهو كافر. قلت: اللفظ يطلق على ألفاظ القرآن، وكلماته وحروفه، التي بلغها جبريل عن الله تعالى، إلى نبيه -صلى الله عليه وسلم. فليس لجبريل ولا للنبي -صلى الله عليه وسلم- في القرآن إلا مجرد البلاغ, ومحض الأداء من غير زيادة حرف فيه، ولا نقصان ولا تصرف، ويطلق اللفظ أيضا على تلفظ القارئ، ونطقه وتلاوته للملفوظ المتلو المسموع. تقول فلان حسن التلفظ وعذب التلاوة ومليح القراءة، ورديء الأداء، وبشع القراءة، ولا تقول فلان حسن الملفوظ ولا المقروء. لأن التلاوة والتلفظ والقراءة من فعل القارئ وأفعاله مخلوقة، قال الله تعالى: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} [الصافات: 96] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 109 ولا يوصف المقروء ولا الملفوظ من كتاب الله تعالى إلا بما وصفه الله تعالى به ورسوله -صلى الله عليه وسلم، من العظمة والهدى والإعجاز، والحق فهو في نفسه شيء واحد من حيث النعوت الكاملة، سواء قرأه خير الناس أو شر الناس. لكن الصوت الحسن واللفظ العذب يزيده حلاوة وطلاوة وبراعة، في الأسماع والقلوب، لا سيما إذا سمع كذلك من قارئ مجود، صاحب قلب منيب وخوف شديد1.   1 اعلم أنه الله تعالى متكلم له كلام عند أهل السنة والجماعة وإن كلامه قديم ليس بمخلوق، ولا مجعول ولا محدث, بل كلامه قديم صفة من صفات ذاته كعلمه وقدرته وإرادته ونحو ذلك من صفات الذات، ولا تجوز أنه يقال: كلام الله عبارة ولا حكاية، ولا يوصف بشيء من صفات الخلق ولا يجوز أنه يقول أحد لفظي بالقرآن مخلوق، ولا غير مخلوق ولا أني أتكلم بكلام الله. فأما الدليل على كون كلام الله قديما غير مخلوق: فقوله تعالى: {أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} فصل بين الخلق والأمر فدل على أن الأمر غير مخلوف؛ لأن كلامه أمر نهي وخبر. وقوله تعالى {وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ} وقوله: {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} ولو أن كلامه مخلوق لاحتاج في خلقه إلى قول يقول به "كن" واحتاج القول إلى قول ثالث والثالث إلى رابع إلى ما لا نهاية له, وهذا محال بحال فثبت أنه القول الذي تكون به الأشياء المخلوقة غير مخلوق وهو كلامه القديم. ويدل عليه من السنة: قوله -صلى الله عليه وسلم: "فضل كلام الله على سائر الكلام كفضل الله على سائر خلقه" فلما كان فضل الله على خلقه بقدمه ودوامه؛ لأنه غير مخلوق وهم مخلوق فكذلك القول في كلامه, فوجب أنه يكون غير مخلوق وكلامهم مخلوق. ويدل عليه أيضا أن أبا الدرداء لما سأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن القرآن فقال: "كلام الله غير مخلوق". ويدل عليه أيضا إجماع الصحابة وهو أن الخليفة عليا عليه السلام, لما أنكر عليه التحكيم وكفر الخوارج فقال بحضرة الصحابة: والله ما حكمت مخلوقا ولكن حكمت القرآن، ولم ينكر ذلك منكر. فدل على أنه إجماع، ولأنه لو كان مخلوقا لم يخل أنه يكون خلقه في نفسه أو في غير شيء، ولا يحوز أن يكون مخلوقا في نفسه لأنه ذاته لا تقوم بها المخلوقات. والحوادث يتعالى عن ذلك علوا كبيرا. ولا يجوز أن يكون خلقه من غيره؛ لأنه لو كان خلقه في غيره أو في غير شيء لكان ذلك الغير إلها آمرا ناهيا قائلا: {يَا مُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} . وهذا محال باطل، ولا يجوز أنه يكون خلقه في غير شيء لأنه يؤدي إلى وجود كلام من غير متكلم وهذا محال. فإذا ثبت بطلان هذه الثلاثة أقسام لم يبق إلا أنه غير مخلوق بل هو صفة من صفات ذاته قديم بقدمه موجود بوجوده موصوف به فلما يذل وفيما لا يزال ولا يجوز أنه يباينه ولا يزايله ولا تحل في مخلوق ولا ينصف بالحلول رأسا. ويجب أن يعلم أن القراءة غير المقدور والتلاوة غير المتلو والكتابة غير المكتوب، والدليل عليه. ويجب أن يعلم أن القراءة غير المقروء والتلاوة غير المتلو، والكتابة غير المكتوب. فأما الدليل من الكتاب فكثير جدا منه: {وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ} فأخبر تعالى أن القرآن منه منزل موصى, وأن الرسول يقرؤه ويعلمه فالموصى المنزل المقروء هو كلام الله تعالى القديم وصفة ذاته، والقراءة له فعل الرسول التي هي صفته. وأيضا قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ} ففعل الرسول البلاغ الذي هو القراءة= الجزء: 1 ¦ الصفحة: 110 قال النبي -صلى الله عليه وسلم: "زينوا القرآن بأصواتكم" 1, 2، وقال لما سمع قراءة أبي موسى:   = وقوله تعالى: {يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ} وقوله تعالى: {إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ, وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ} فمعلوم أن ههنا آمر أمر بشيئين وهو الله تعالى ومأمور وهو الرسول فأمره بالعبادة له، فحصل ههنا آمر، ومأمور، ومأمور به، فالآمر هو الله تعالى والمأمور الرسول، والمأمور به العبادة، فالمعبود غير العبادة التي هي فعل الرسول وهو المأمور به، والمتلو كلامه القديم ولم يأمره أن يأتي بكلامه القديم؛ لأنه ذلك لا يتصور الأمر به، ولا يدخل تحت قدرة مخلوق، إنما أمر بتلاوة كلامه كما أمر بعبادته وعبادته غيره فكذلك تلاوة كلامه غير كلامه فحصل من هذا تال وهو الرسول -صلى الله عليه وسلم- وتلاوته صفة له ومتلو وهو كلام الله القديم الذي هو صفة له. ويدل على صحة ذلك من السنة وأن القراءة والتلاوة صفة القارئ والمقروء المتلو صفة البارئ قوله صلى الله تعالى وآله وسلم: "من أراد أن يقرأ القرآن غضا فليقرأ على قراءة ابن أم عبد". يعني ابن مسعود فأضاف القراءة إلى ابن مسعود والمقروء صفة الله تعالى والذي يدل على صحة هذا القول أنه يجوز أن يقول: "هذا الحرف قراءة ابن مسعود وليس قراءة أبي وغيره من القراءة, والقرآن الذي يقرأ هذه بقراءته هو القرآن الذي يقرأه هذا إنه شيء واحد لا يختلف ولا يتغير وإن تغيرت القراءة له واختلفت. انظر/ الإنصاف للباقلاني "ص71-89". 1 قال الحافظ ابن حجر: قال ابن بطال: المراد بقوله "زينوا القرآن بأصواتكم" المد والترتيل والمهارة في القرآن جودة التلاوة بجودة الحفظ مثلا يتلعثم ولا يتشكل وتكون قراءته سهلة بتيسير الله تعالى عما يسره على الكرام البررة قال: ولعل الحافظ البخاري أشار بأحاديث هذا الباب إلى أن الماهر بالقرآن هو الحافظ له مع حسن الصوت به, والجهر به بصوت مطرب بحيث يلتذ سامعه. ا. هـ. قال الحافظ: أو الذي قصده البخاري إثبات كون التلاوة فعل العبد فإنما يدخلها التديين والتحسين والتطريب, وقد يقع بأضداد ذلك ولك ذلك دال على المراد، وقد أشار إلى ذلك ابن المنير فقال: ظن الشارح أن غرض البخاري جواز قراءة القرآن بتحسين الصوت وليس كذلك، وإنما غرضه الإشارة إلى ما تقدم عن وصف التلاوة بالتحسين والترجيع والخفض والدفع, ومقارنة الأحوال البشرية كقول السيدة عائشة -رضي الله عنها: يقرأ القرآن في حجري وأنا حائض، فكل ذلك يحقق أن التلاوة فعل القارئ, وتتصف به الأفعال بعد أن أخرج حديث: "زينوا القرآن بأصواتكم" من حديث البداءة وعلقمة من حديث أبي هريرة -رضي الله عنهما- وذكر حديث أبي موسى -رضي الله عنه- أنه النبي -صلى الله عليه وأله وسلم- قال له: "يا آبا موسى لقد أوتيت من مزامير آل داود"، وأخرجه من حديث البراء بلفظ سمع أبا موسى يقرأ فقال: "كأن هذا من أصوات آل داود"، ثم قال: ولا ريب في تخليق مزامير آل داود وندائهم لقوله تعالى: {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ} ثم ذكر حديث عائشة "الماهر بالقرآن مع السفرة" الحديث، وحديث أنس أنه سئل عن قراءة النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: كان يعد حدا, وحديث قطبة بن مالك أنه النبي -صلى الله عليه وسلم- ثم قال: فبين النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه أصوات الخلق وقراءتهم مختلفة بعضها أحسن من بعض وأزين وأحلى وأرتل وأمهر وأمه وغير ذلك. انظر/ فتح البادي "13/ 528, 529". 2 أخرجه البخاري معلقا في التوحيد "13/ 527" باب "52". وأبو داود في الوتر "2/ 75". الحديث "1468". والنسائي في الافتتاح "2/ 39". باب تزيين القرآن بالصوت "83" وابن ماجه في الإقامة "1/ 426". الحديث "1342". والدارمي في فضائل القرآن "2/ 565". الحديث "350". والإمام أحمد في مسنده "7/ 347". الحديث "2/ 185". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 111 "لقد أُوتِي هذا مزمارا من مزامير آل داود" 1. وقال: "من أحب أن يقرأ القرآن غضا كما أنزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد"، وقال أبو موسى: يا رسول الله لو أعلم أنك تتسمع، لحبرته تحبيرا يعني لحسنت صوتي وتلاوتي تحسينا يطربك ويسرك. قال الله تعالى: {فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ} [الروم: 15] جاء في التفسير قال: هو السماع، فالصوت وتحسينه والتلاوة وتجويدها، والتلفظ وتحريره ونحو ذلك جميعه، من كسب العبد. والقرآن الملفوظ المتلو المسموع المكتوب كلام الله تعالى، وقوله غير مخلوق، فمن زعم أنه كلام البشر فقد ضل وكفر، وأضل منه من زعم أن صوت العبد أو تلفظه وتلاوته وكتابته غير مخلوقة. ولم يرد أحمد بن صالح هذا قط، وإن كان ظاهر عبارته يدل عليه، والشأن في صحة ذلك عنه؛ لأن راويها لا أعرفه، وقد غلط غير واحد من الكبار في هذه المسألة. وما ذكرته لك فيها هو فصل الخطاب والله أعلم. وهي من أدق المسائل التي يعذر الله فيها العباد بالجهل إن شاء الله، فقد جهل بعض الناس. وقالوا: صوت العبد قديم، كما جهل بعض الناس وقالوا: ليس لله كلام يسمع، مات أحمد بن صالح، سنة ثمان وأربعين ومائتين، في ذي القعدة -رحمه الله تعالى2. 10- يونس بن عبد الأعلى بن موسى بن ميسرة بن حفص بن حيان. أبو موسى الصدفي المصري المقرئ الفقيه، ولد سنة سبع ومائة، وقرأ القرآن على ورش، ومعلى بن دحية، وأقرأ الناس، وحدث عن سفيان بن عيينة وابن وهب. والوليد بن مسلم، ومعن بن عيسى، وأبي ضمرة والشافعي، رضي الله عنه، وتفقه عليه.   1 أخرجه ابن ماجه في إقامة الصلاة "2/ 435, 436" الحديث "134". والدارمي في فضائل القرآن "2/ 565". الحديث "3499". 2 انظر/ تهذيب التهذيب "1/ 39". شذرات الذهب "2/ 117". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 112 قال الداني: قرأ عليه مواس بن سهل، وأحمد بن محمد الواسطي، وروى عنه القراءة محمد بن عبد الرحيم الأصبهاني وأسامة بن أحمد التجيبي، ومحمد بن الربيع، وابن خزيمة ومحمد بن جرير. قلت: وحدث عنه مسلم والنسائي في كتابيهما، وأبو بكر بن زياد النيسابوري، وأبو عوانة الإسفراييني. وأبو الطاهر أحمد بن محمد المديني، وبشر كثير من المشارقة والمغاربة، وانتهت إليه رياسة العلم، وعلو الإسناد في الكتاب والسنة. وكان كبير الشهود بمصر. قال ابن أبي حاتم: سمعت أبي يوثق يونس بن عبد الأعلى، ويرفع من شأنه. وقال يحيى بن حسان التنيسي: يونسكم هذا ركن من أركان الإسلام. وقال النسائي: ثقة. قلت: توفي في ربيع الآخر سنة أربع وستين ومائتين، وله أربع وتسعون سنة1. 11- عامر بن سعيد الجوسقي نزيل المصيصة 2 قرأ على ورش. قرأ عليه محمد بن عبد الرحيم الأصبهاني، وكناه أبا الأشعث. قال الداني: كان خيرا فاضلا، بلغ المائة في سنه، وزاد عليها وغزا الروم سبعين سنة، قال الأصفهاني: فختمت عليه ختمتين وشرعت في الثالثة فمات3. 12- أبو عمر الدوري حفص بن عمر بن عبد العزيز بن صهبان. ويقال: صهيب الأزدي، المقرئ النحوي البغدادي الضرير، نزيل سامراء مقرئ الإسلام، وشيخ العراق في وقته. قرأ على إسماعيل بن جعفر، وعلى الكسائي وعلى يحيى اليزيدي، وعلى سليم وسمع الحروف من أبي بكر. ويقال: إنه أول من جمع القراءات وألفها.   1 انظر/ تهذيب التهذيب "1/ 440". شذرات الذهب "2/ 149". طبقات القراء لابن الجزري "2/ 406". 2 المصيصة كسفينة بلد بالشام ولا تشدد. انظر/ القاموس المحيط للفيروزآبادي "2/ 316". 3 انظر/ غاية النهاية "1/ 349, 350". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 113 وروى أيضا عن أبي إسماعيل المؤدب، وإبراهيم بن سليمان، وإسماعيل بن عياش. وسفيان بن عيينة، وأبي معاوية الضرير، ومحمد بن مروان السدي وعثمان بن عبد الرحمن الوقاصي، ويزيد بن هارون، وقد روى عن أحمد بن حنبل، وهو من أقرانه، وطال عمره. وقصد من الآفاق، وازدحم عليه الحذاق لعلو سنده، وسعة علمه، قرأ عليه أحمد بن يزيد الحلواني، وأبو الزعراء عبد الرحمن بن عبدوس، وأحمد بن فرح. والحسن بن بشار بن العلاف وعمر بن محمد الكاغدي، والقاسم بن زكريا المطرز، وأبو عثمان سعيد بن عبد الرحيم الضرير، وعلي بن سليم. وجعفر بن أسد النصيبي، وقاسم بن عبد الوارث، وأحمد بن مسعود السراج، ومحمد بن محمد بن النفاح الباهلي، ومحمد بن حمدون المتقي. والحسن بن عبد الوهاب الوراق، والحسن بن الحسين الصواف، وأحمد بن حرب شيخ المطوعي، وخلق سواهم، وحدث عنه ابن ماجه في سننه، وأبو زرعة الرازي، وحاجب بن أركين. ومحمد بن حامد، خال ولد السني، وخلق كثير. قال ابن النفاح: سمعت الدوري يقول: قرأت على إسماعيل بن جعفر، بقراءة أهل المدينة ختمة، وأدركت حياة نافع. ولو كان عندي عشرة دراهم أرحلت إليه، وقال أبو حاتم: هو صدوق. وقال أبو علي الأهوازي: رحل الدوري في طلب القراءات. وقرأ بسائر الحروف السبعة، وبالشواذ، وجمع من ذلك شيئا كثيرا, وهو ثقة في جميع ما يرويه، وعاش دهرا وذهب بصره في آخر عمره، وكان ذا دين وخير، وقال أبو داود: رأيت أحمد بن حنبل يكتب عن أبي عمر الدوري، وقال أحمد بن فرح الضرير: سألت الدوري ما تقول في القرآن، قال: كلام الله غير مخلوق، وتوفي في شوال سنة ست وأربعين ومائتين. وغلط من قال سنة ثمان وأربعين، والدور المنسوب إليها الدوري محلة معروفة بالجانب الشرقي من بغداد1.   1 انظر/ تهذيب التهذيب "2/ 408". غاية النهاية "1/ 255-257". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 114 13- أبو شعيب السوسي صالح بن زياد بن عبد الله بن إسماعيل بن إبراهيم بن الجارود، بن مسرح الرستبي الرقي المقرئ. قرأ القرآن علي اليزيدي، وسمع بالكوفة من عبد الله بن نمير، وأسباط بن محمد، وبمكة من سفيان بن عيينة، قرأ عليه ابنه أبو معصوم. وموسى بن جرير النحوي، وعلي بن الحسين، وأبو الحارث محمد بن أحمد، وأبو عثمان النحوي الرقيون، وأبو علي محمد بن سعيد الحراني وأخذ عنه الحروف أبو عبد الرحمن النسائي، وجعفر بن سليمان المشحلائي. وحدث عنه أبو بكر بن أبي عاصم، وأبو عروبة الحراني، وأبو علي محمد بن سعيد الرقي. وقال أبو حاتم صدوق: قلت: مات في أول سنة إحدى وستين ومائتين، وقد قارب تسعين سنة، رحمه الله تعالى1. 14- أبو أيوب الخياط سليمان بن الحكم البغدادي المقرئ، من جلة المقرئين. قرأ على يحيى اليزيدي، قرأ عليه أحمد بن حرب المعدل، وإسحاق بن مخلد الدقاق، وبكر بن أحمد السراويلي، والسري بن مكرم2 سليمان بن خلاد السامري. المؤدب المقرئ، أخذ القراءة عن أبي محمد اليزيدي. وذكر علي بن مروان بن نفيس، أنه قرأ عليه وأنه قرأ على اليزيدي، وآخر من روى عنه القراءة أبو عيسى محمد بن أحمد بن قطن، وهذه الرواية في التيسير عن محمد بن أحمد الكاتب، عن ابن قطن سماعا. وقد حدث هذا الشيخ عن يزيد بن هارون، وشبابة، ووهب بن جرير، حدث عنه أبو بكر بن أبي داود، ومحمد بن مخلد، وعبد الرحمن بن أبي حاتم. وقال: صدوق، يكنى أبا خلاد، قلت: توفي سنة إحدى وستين2. 15- هشام بن عمار بن نصير بن ميسرة، أبو الوليد السلمي، ويقال الظفري الدمشقي. شيخ أهل دمشق ومفتيهم، وخطيبهم ومقرئهم ومحدثهم، ولد سنة ثلاث وخمسين ومائة، وقرأ القرآن على عراك بن خالد.   1 انظر/ تهذيب التهذيب "4/ 392". شذرات الذهب "2/ 143". 2 انظر/ غاية النهاية "1/ 312". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 115 وأيوب بن تميم وغيرهما، من أصحاب يحيى الذماري، وسمع من مالك بن أنس، ومسلم بن خالد الزنجي، وإسماعيل بن عياش، ويحيى بن حمزة. والهيثم بن حميد، والهقل بن زياد، والحكم بن هشام الثقفي، وعبد العزيز بن أبي حازم، وصدقة بن خالد، وخلق كثير، قرأ عليه أبو عبيد مع تقدمه وأحمد بن يزيد الحلواني. وهارون بن موسى الأخفش، وأبو علي إسماعيل بن الحويرس، وأحمد بن محمد بن مامويه، وطائفة، وحدث عنه الوليد بن مسلم. ومحمد بن شعيب، وهما من شيوخه، والبخاري في صحيحه، وأبو داود والنسائي وابن ماجه، في سننهم، وحدث الترمذي عن رجل عنه، وممن حدث عنه محمد بن سعد كاتب الواقدي, وبقي بن مخلد وأبو بكر بن أبي عاصم، وجعفر الفريابي، وعبدان الأهوازي، وابن قتيبة العسقلاني، ومحمد بن محمد الباغندي، ومحمد بن خريم العقيلي، وعبد الله بن عتاب الرفني وخلق لا يحصون، وثقه يحيى بن معين. وقال النسائي: لا بأس به. وقال الدارقطني: صدوق كبير المحل، وقد روى هشام عن ابن لهيعة بالإجازة، وكان طلابا للعلم واسع الرواية، متبحرا في العلوم. روى عنه عبدان الأهوازي، قال: ما أعدت خطبة منذ عشرين سنة، قال عبدان: ما كان في الدنيا مثل هشام. وقال محمد بن خريم: سمعت هشاما يقول في خطبته: قولوا الحق ينزلكم الحق منازل أهل الحق يوم لا يقضى إلا بالحق. قال: وكان هشام فصيحا مفوها، وقال محمد بن الفيض الغساني: سمعت هشاما يقول: باع أبي بيتا بعشرين دينارا، وجهزني للحج فلما صرت إلى المدينة أتيت مجلس مالك ومعي مسائل، فأتيته وهو جالس في هيئة الملوك وغلمان قيام والناس يسألونه، وهو يجيبهم. فقلت: ما تقول في كذا، فقال: حصلنا على الصبيان، يا غلام احمله فحملني كما يحمل الصبي، وأنا يومئذ مدرك، فضربني بدرة مثل درة المعلمين سبع عشرة درة فوقفت أبكي، فقال: ما يبكيك أوجعتك هذه؟ قلت: إن أبي باع منزله ووجه بي، أتشرف بك وبالسماع منك، فضربتني، فقال: اكتب فحدثني سبعة عشر حديثا وأجابني عن المسائل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 116 وقال صالح جزرة: سمعت هشام بن عمار يقول: دخلت على مالك، فقلت: حدثني، فقال: اقرأ فقلت: لا بل حدثني، فقال: اقرأ فلما راددته قال للغلام: اضربه، فضربني خمس عشرة درة، فقلت: ظلمتني لا أجعلك في حل. فقال: ما كفارته؟ قلت: أن تحدثني بخمسة عشر حديثا، فحدثني فقلت: زد من الضرب، وزد في الحديث فضحك، وقال: اذهب. قال ابن الفيض: كان هشام يربع بعلي. وقال أبو زرعة: الرازي: من فاته هشام يحتاج أن ينزل في عشرة آلاف حديث. وقال أبو عبد الله الحميدي: أخبرني بعض أهل الحديث، أن هشام بن عمار قال: سألت الله سبع حوائج سألته أن يغفر لي ولوالدي، فما أدري ما صنع في هذه. وسألته الستة فقضاهن لي، وهي الحج، وأن يعمرني نحو المائة، وأن يجعلني مصدقا على حديث نبيه -صلى الله عليه وسلم، وأن أخطب على منبر دمشق، وأن يرزقني ألف دينار حلالا، وأن يغدو الناس إلي في طلب العلم. فقيل له: من أين لك الذهب؟ قال: وجه المتوكل بولده ليكتب عني لما قدم إلينا، فجلست فانكشف ذكري. فقال الغلام: يا عم استتر، فقلت: رأيته ما إنك لن ترمد، فلما دخل على المتوكل ضحك، فسأله فأخبره، فقال: فأل حسن من الشيخ. احملوا إليه ألف دينار، فحملت إلي من غير مسألة، ولا استشراف نفس. قال البخاري وغيره: مات في آخر المحرم، سنة خمس وأربعين ومائتين، وعندي لهشام أخبار طويلة اختصرتها1. 16- عبد الله بن أحمد بن بشير بن ذكوان، أبو عمرو. وأبو محمد البهراني مولاهم الدمشقي المقرئ، مقرئ دمشق وإمام الجامع قرأ على أيوب بن تميم وغيره، وقيل إن الكسائي، قدم دمشق فقرأ عليه ابن ذكوان، وأنا أستبعد ذلك.   1 انظر/ تهذيب التهذيب "11/ 51-54". تذكرة الحفاظ "2/ 451". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 117 قرأ على ابن ذكوان هارون بن موسى الأخفش ومحمد بن موسى الصوري، ومحمد بن القاسم الإسكندراني، وأحمد بن يوسف التغلبي، وآخرون. وقد حدث عن بقية بن الوليد، وعراك بن خالد، وسويد بن عبد العزيز، والوليد بن مسلم، ووكيع بن الجراح، وطائفة. روى عنه أبو داود وابن ماجه في سننهما، وولده أبو عبيدة أحمد بن عبد الله، وإسماعيل بن قيراط، وعبد الله بن محمد بن مسلم المقدسي، ومحمد بن إسحاق بن الحريص، وخلق. قال أبو حاتم: صدوق. وقلت كان ابن ذكوان أقرأ من هشام بكثير, وكان هشام أوسع علما من ابن ذكوان بكثير، قال أبو زرعة الدمشقي: لم يكن بالعراق ولا بالحجاز، ولا بالشام ولا بمصر ولا بخراسان، في زمان ابن ذكوان أقرأ عندي منه. وقال الوليد بن عتبة الدمشقي: ما بالعراق أقرأ من ابن ذكوان. قلت: بلى، أبو عمر الدوري أقرأ أهل زمانه. قال ابن ذكوان ولدت يوم عاشوراء، سنة ثلاث وسبعين. وقال محمد بن الفيض الغساني: جاء رجل من الحرجلة يطلب لأخيه لعابين1 لعرسه، فوجد ولي الأمر قد منعهم. فجاء يطلب المغبرين2 فلقيه صوفي ماجن، فأرشده إلى ابن ذكوان، وهو خلف المنبر، فجاءه. وقال: إن السلطان قد منع المخنثين، فقال: أحسن والله، فقال: نعمل العرس بالمغبرين، وقد أرشدت إليك، فقال لنا رئيس: فإن جاء معك جئت، وهو ذاك. وأشار إلى هشام بن عمار فقام الرجل إليه وهو متكئ بجدار المحراب فقال الرجل لهشام: أبو من؟ فرد عليه ردا ضعيفا، وقال: أبو الوليد قال: يا أبا الوليد أنا من الحرجة.   1 لعابين: مفردها: لعاب وهو: الذي حرفته اللعب كالحاوي والقراد. "انظر المعجم الوجيز ص558". 2 المغبرين أو المغبرة قوم يغبرون بذكر الله أي: يهللون ويرددون الصوت بالقراءة وغيرها؛ سموا بهذا لأنهم يرغبون الناس من الغابرة أي: الباقية. "انظر القاموس المحيط ص98 جـ2". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 118 قال: لا أبالي من أين كنت، قال: إن أخي يعمل عرسه، قال: فماذا أصنع؟ قال: قد أرسلني أطلب له المخنثين، يعني المغاني، قال: لا بارك الله فيهم ولا فيك. قال: وقد طلب المغبرين، فأرشدت إليك. قال: ومن أرشدك؟ قال: ذاك الرجل، فرفع هشام رجله ورفسه وقال: قم. ثم صاح بابن ذكوان قد تفرغت لهذا، قال: إي والله أنت رئيسنا لو مضيت لمضينا. قال محمد بن الفيض: رآني هشام ومعي عصا لابن ذكوان وقد ذهب يتوضأ، فقال: ما هذه العصا؟ قالوا: لابن ذكوان، قال: أنا أكبر من أبيه، وما أحمل عصا. وقيل إن هشاما كان الخطيب، وكان ابن ذكوان، يؤم في الصلوات أو لعله كان نائب هشام. قال غير واحد: توفي ابن ذكوان، يوم الاثنين لليلتين بقيتا من شوال، سنة اثنتين وأربعين ومائتين، وغلط من قال سنة ثلاث1. 17- الوليد بن عتبة الأشجعي أبو العباس الدمشقي المقرئ. قرأ على أيوب بن تميم التميمي، وروى عن الوليد بن مسلم، وبقية بن الوليد، وضمرة بن ربيعة، قرأ عليه أحمد بن نصير بن شاكر، وحمل عنه القراءة سماعا أحمد الحلواني، وفضل بن محمد الأنطاكي. وحدث عنه أبو داود في سننه، ومحمد بن الحسن بن قتيبة العسقلاني، وجعفر الفريابي، وعمر بن سعد المنبجي. قال أبو زرعة الدمشقي: كان القراء بدمشق، الذين يحكمون القراءة الشامية العثمانية، ويضبطونها هشام وابن ذكوان، والوليد بن عتبة. وقال محمد بن عوف: هو أوثق من صفوان بن صالح. ولد سنة ست وسبعين ومائة. وقال أبو زرعة: مات في جمادى الأولى سنة أربعين ومائتين -رحمه الله2. 18- عبد الحميد بن صالح البرجمي الكوفي المقرئ، أبو صالح. قرأ على أبي بكر بن عياش، ثم على أبي يوسف الأعشى، قرأ عليه جعفر بن   1 انظر/ تهذيب التهذيب "5/ 140". شذرات الذهب "2/ 100". 2 انظر/ تهذيب التهذيب "11/ 141, 142". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 119 عنبسة، وإسماعيل بن علي الخياط، وغير واحد، وقد روى عن زهير بن معاوية، وأبي بكر النهشلي، وعاصم بن محمد العمري، وقيس بن الربيع، وجماعة. حدث عنه عباس الدوري، ومطين ومحمد بن عثمان بن أبي شيبة، والحسين بن إسحاق التستري، وموسى بن إسحاق الأنصاري وآخرون. وقال أبو حاتم صدوق، قال مطين: مات سنة ثلاثين ومائتين1. 19- يحيى العليمي؛ هو يحيى بن محمد بن قيس الأنصاري الكوفي. مقرئ الكوفة في وقته، قرأ القرآن على أبي بكر بن عياش، وحماد بن شعيب، صاحبي عاصم. قرأ عليه يوسف بن يعقوب الواسطي وغيره، توفي سنة ثلاث وأربعين ومائتين، وله ثلاث وتسعون سنة. وكانت قراءته على أبي بكر بن عياش، في سنة سبعين ومائة، وقد وقعت لنا هذه الطريق عالية، من كتاب المبهج وغيره والله أعلم2. 20- عمرو بن الصباح أبو حفص الكوفي المقرئ الضرير. قرأ على حفص، وكان أحذق من قرأ عليه، وأبصرهم بحرفه، وروى الحروف عن أبي يوسف الأعشى، عن أبي بكر، قرأ عليه علي بن سعيد البزار، والحسن بن المبارك. وعلي بن محصن، ومحمد بن عبد الرحمن الخياط، وأبو جعفر أحمد بن محمد بن حميد الملقب بالفيل، وبعضهم يقول لم يقرأ على حفص. بل أخذ القراءة عنه سماعا، وقد صرح الفيل وغيره، بأنه قرأ على حفص، توفي سنة إحدى وعشرين ومائتين، وأما محمد بن عبد الرحمن الخياط، فروى عنه ابن شنبوذ، ومحمد بن أبي أمية، أنه قال قال: عمرو قرأت على حفص إلى التوبة، وعرضت عليه باقي الحروف3. 21- عبيد بن الصباح بن صبيح أبو محمد الكوفي، أخو عمرو بن الصباح. قال أبو عمرو الداني: أخذ القراءة عرضا عن حفص، وهو من أجل أصحابه وأضبطهم، روى عنه القراءة عرضا أحمد بن سهل الأشناني.   1 انظر/ تهذيب التهذيب "6/ 117". الجرح والتعديل لابن أبي صائم "6/ 14". 2 انظر/ غاية النهاية "2/ 378, 379". 3 انظر/ غاية النهاية "1/ 60". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 120 قال ابن شنبوذ: لم يرو عنه، غير الأشناني، وقال علي بن محمد الهاشمي شيخ ابن غلبون: حدثنا الأشناني قال: قرأت على عبيد. وكان ما علمت من الورعين المتقين1. أبو شعيب القواس صالح بن محمد الكوفي. وقيل: البغدادي المقرئ، قرأ على حفص بن سليمان، قرأ عليه أحمد بن يزيد الحلواني، وأحمد بن الحسين المالحاني، وأحمد بن موسى الصفار، وعبد الله بن الهذيل. قال غلام الهراس: قرأت على أبي العباس بن نفيس. قال: قرأت على عبد الله بن الحسين قال: قرأت على أبي العباس أحمد بن حسين المالحاني قال: قرأت على أبي شعيب. قال: قرأت على حفص2. 22- هبيرة بن محمد الثمار أبو عمر الأبرش بغدادي مشهور بالإقراء والمعرفة. قرأ على حفص، وروى عن هشيم والكسائي. أخذ عنه أحمد بن علي الخزاز وحسنون بن الهيثم الدويري، تلاوة3. أبو جعفر الشموني المقرئ محمد بن حبيب الكوفي، قرأ على أبي يوسف الأعشى، وكان أقرأ أصحاب الأعشى. قرأ عليه القاسم بن أحمد الخياط، وإدريس بن عبد الكريم الحداد، ومحمد بن عبد الله الحربي، وكان يلقن القرآن بالكوفة4. 23- شعيب بن أيوب بن رزيق أبو بكر الصريفيني، صريفين واسط لا صريفين بغداد. أخذ القراءة عن يحيى بن آدم عرضا ومنهم من يقول سماعا فقط. قرأ عليه يوسف بن يعقوب القاضي وأبو بكر أحمد بن يوسف القافلاني، وأحمد بن سعيد الضرير، وكان رأسا في قراءة عاصم، وثقه الدارقطني وغيره.   1 انظر/ غاية النهاية "1/ 495, 496". 2 انظر/ غاية النهاية "1/ 334". 3 انظر/ غاية النهاية "2/ 353". 4 انظر/ غاية النهاية "2/ 114". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 121 وتوقف فيه أبو داود، روى الحديث عن يحيى القطان، وحسين بن علي الجعفي، روى عنه أبو داود حديثا واحد في سننه، وعبدان الأهوازي، وأبو بكر بن أبي داود، ومحمد بن مخلد. وعبد الله بن عمر بن شوذب الواسطي، وآخرون، توفي بواسط سنة إحدى وستين ومائتين، وكان فقيها محدثا مقرئا قاضيا ماضيا1. 24- أحمد بن جبير بن محمد بن جبير، أبو جعفر الكوفي نزيل أنطاكية. كان من كبار القراء وحذاقهم ومعمريهم، عني بلقي القراء من الصغر، بإفادة والده، فقرأ على والده. قال أبو عمرو الداني: أخذ القراءة عرضا وسماعا عن الكسائي، وعن سليم وعبيد الله بن موسى، واليزيدي، وإسحاق المسيبي، وأبي يوسف الأعشى، وكردم المغربي، وغير هؤلاء. وسمع بعض قراءة عاصم، من أبي بكر بن عياش، ثم قال الداني: إمام جليل ثقة ضابط، أقرأ الناس بأنطاكية، إلى أن مات، روى القراءة عنه عرضا خلق كثير منهم. ومنهم عبد الله بن صدقة، ومحمد بن العباس بن شعبة، إمام أنطاكية ومحمد بن علان، وشهاب بن طالب، والفضل بن زكريا الجرجرائي، والحسين بن إبراهيم بن أبي عجرم، وحمدان المغربل، وموسى بن جمهور وأحمد بن محمد بن صدقة، وعبد الرازق بن الحسن. قال أحمد بن يعقوب التائب: أدركته وأنا ابن عشرين سنة، أو دونها، وكان فصيحا عالما، وكان إذا قرأ تخاله لفخامة صوته وجهورية صوته بدويا. روى عبد الباقي بن فارس، عن عبيد الله بن علي، عن الحسين بن إبراهيم، قال: قرأت على أحمد بن جبير الكوفي، المعروف بالأنطاكي، لطول مقامه بها. وأخبرني أنه قرأ على الكسائي بالحروف، التي عرضها على أبي بكر بن عياش. وقال أبو طاهر بن أبي هاشم: حدثنا محمد بن يونس، حدثنا أحمد بن صدقة. حدثنا أحمد بن جبير بأنطاكية، قال: سمعت أبا بكر بن عياش، وكنت أقول له: فلان يقرأ عندنا كذا وكذا، فيقول: كذب.   1 انظر/ تهذيب التهذيب "4/ 348-349". شذرات الذهب "2/ 143". سير أعلام النبلاء "12/ 362". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 122 كان عاصم يقرأ كذا وكذا، توفي سنة ثمان وخمسين ومائتين قاله الهذلي1. 25- خلف بن هشام بن ثعلب، وقيل ابن طالب بن غراب، أبو محمد البغدادي المقرئ البزار، أحد الأعلام. وله اختيار أقرأ به، وخالف فيه حمزة، قرأ على سليم عن حمزة، وسمع مالكا وأبا عوانة، وحماد بن زيد، وأبا شهاب عبد ربه الحفاط، وأبا الأحوص وشريكا. وحماد بن يحيى الأربح، وطائفة، وقرأ أيضا على أبي يوسف الأعشي لعاصم، وأخذ حرف نافع عن إسحاق المسيبي، وقراءة أبي بكر عن يحيى بن آدم، قرأ عليه أحمد بن يزيد الحلواني. وأحمد بن إبراهيم وراقة، ومحمد بن يحيى الكسائي الصغير، وإدريس بن عبد الكريم الحداد، ومحمد بن الجهم، وسلمة بن عاصم، وخلق سواهم. وحدث عنه مسلم في صحيحه، وأبو داود في سننه، وأحمد بن حنبل وأبو زرعة الرازي، وأحمد بن أبي خيثمة ومحمد بن إبراهيم بن أبي السراج وأبو يعلى الموصلي، وأبو القاسم البغوي، وعدد كثير. وثقه ابن معين والنسائي، وقال الدارقطني: كان عابدا فاضلا. وقال حمدان بن هانئ المقرئ: سمعت خلف بن هشام يقول: أشكل علي باب من النحو، فأنفقت ثمانين ألف درهم، حتى حذقته. وعن خلف قال: أعدت الصلاة أربعين سنة، كنت أتناول فيها الشراب على مذهب الكوفيين. وقال الحسين بن فهم: ما رأيت أنبل من خلف بن هشام. كان يبدأ بأهل القرآن ثم يأذن للمحدثين، وكان يقرأ علينا من حديث أبي عوانة خمسين حديثا، وورد أن خلفا كان يصوم الدهر. وقال أحمد بن إبراهيم وراق خلف: سمعته يقول: قدمت الكوفة فصرت إلى سليم، فقال: ما أقدمك؟ قلت: أقرأ على أبي بكر بن عياش. فقال: تريده؟ قلت: بلى، فدعا ابنه وكتب معه ورقة إلى أبي بكر، لم أدر ما كتب فيها، فأتيناه فقرأ الورقة وصعد في النظر ثم قال: أنت خلف؟ قلت: نعم، قال: أنت لم تخلف ببغداد أحدا أقرأ منك، فسكت.   1 انظر/ غاية النهاية "2/ 42". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 123 فقال لي: اقعد هات اقرأ قلت: عليك؟ قال: نعم، قلت: لا والله لا أقرأ على من يستصغر رجلا من حملة القرآن، ثم خرجت فوجه إلى سليم يسأله، أن يردني فأبيت. ثم ندمت واحتجت فكتبت قراءة عاصم عن يحيى بن آدم، عنه توفي في جمادى الآخرة، سنة تسع وعشرين ومائتين، وكان مولده سنة خمسين ومائة1. 26- خلاد بن خالد وقيل: ابن عيسى أبو عيسى وقيل: أبو عبد الله الشيباني، مولاهم الصيرفي الكوفي الأحول المقرئ صاحب سليم. أقرأ الناس مدة، وحدث عن زهير بن معاوية، والحسن بن صالح بن حي، قرأ عليه محمد بن شاذان الجوهري ومحمد بن الهيثم قاضي عكبرا2، ومحمد بن يحيى الخنيسي، والقاسم بن يزيد الوزان، وهو أنبل أصحابه، وحدث عنه أبو زرعة، وأبو حاتم وكان صدوقا، توفي سنة عشرين ومائتين3. 27- الليث بن خالد أبو الحارث البغدادي المقرئ صاحب الكسائي، والمقدم من بين أصحابه، قرأ عليه. وسمع الحروف من حمزة بن القاسم الأحول، وأبي محمد اليزيدي، قال أبو عمرو الداني: وقد غلط أحمد بن نصر في نسبته، فقال الليث بن خالد المروزي: وذاك رجل آخر من أصحاب الحديث، سمع من مالك بن أنس وجماعة يكنى أبا بكر. قرأ على أبي الحارث سلمة بن عاصم، ومحمد بن يحيى الكسائي، الصغير توفي سنة أربعين ومائتين4. 28- الطيب بن إسماعيل أبو حمدون الذهلي البغدادي، اللؤلؤي. المقرئ، العبد الصالح، قرأ على اليزيدي والكسائي وسليم، وإسحاق المسيبي، صاحب نافع، ويعقوب الحضرمي، وحدث عن سفيان بن عيينة، وغير واحد، وجلس للإقراء. وقصده الطلبة لدينه وورعه، وإتقانه وحذقه بالأداء، قرأ عليه أبو علي الحسن بن الحسين الصواف، والفضل بن مخلد الدقاق، والحسين بن شريك.   1 انظر/ شذرات الذهب "2/ 67". غاية النهاية "1/ 272". 2 عكبراء أو عكبرا بفتح الباء قوية، والنسبة إليهما عكبراوي عكبري. انظر القاموس المحيط للفيروزآبادي "2/ 93". 3 انظر/ شذرات الذهب "2/ 47". 4 انظر/ شذرات الذهب "2/ 95". غاية النهاية "2/ 34". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 124 وحدث عنه إسحاق بن سنين الختلي، وسليمان بن يحيى الضبي، والقاسم بن أحمد المعشري، وأبو العباس بن مسروق، وغيرهم. وكان على قدم عظيم من التقلل والقناعة والعبادة، بلغنا أنه كان يلتقط المنبوذ ويتقوت به، وذكر الخطيب في تاريخه أن أبا حمدون كانت له صحيفة فيها أسماء ثلاثمائة نفس من أصحابه، يدعو لهم كل ليلة، فنام عنهم ليلة فقيل له في النوم: لم تسرج مصابيحك، قال: فقعد ودعا لهم1. 29- قتيبة بن مهران الأزاذاني الأصبهاني المقرئ، صاحب الإمالة. قرأ على الكسائي، وصحبه أربعين سنة، حتى قيل إن الكسائي قرأ أيضا عليه، حدث عن شعبة والليث بن سعد، وأبي معشر السندي، وجماعة. قرأ عليه العباس بن الوليد بن مرداس، وأحمد بن محمد بن حوثرة الأصم، وزهير بن أحمد الزهراني وبشر بن إبراهيم الثقفي، وطائفة من الأصبهانيين. وقيل: إن إدريس بن عبد الكريم الحداد، قرأ عليه، وإليه انتهت رياسة الإقراء، بأصبهان، وله إمالات مزعجة معروفة، وورد أيضا أنه أخذ القراءة عن إسماعيل بن جعفر وسليمان بن مسلم بن جماز. روى عنه يونس بن حبيب، وعقيل بن يحيى وإسماعيل بن يزيد القطان الأصبهانيون وأثنى عليه يونس، وقال: كان من خيار الناس، وكان مقرئ أصبهان في وقته. روى العباس بن الوليد، عن قتيبة بن مهران أنه قرأ "وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلِكَيْنِ" بالكسر، جعلهما من ملوك الدنيا2. 30- نصير بن يوسف بن أبي نصر الرازي المقرئ النحوي، أبو المنذر صاحب الكسائي. كان من الأئمة الحذاق، لا سيما في رسم المصحف، وله فيه مصنف، قرأ عليه محمد بن عيسى الأصبهاني، وعلي بن أبي نصر النحوي ومحمد بن إدريس الدنداني. وآخر من بقي ممن قرأ عليه أحمد بن محمد بن رستم الطبري، شيخ عبد الواحد بن أبي هاشم، وقد روى الحديث عن إسحاق بن سليمان الرازي وغيره3.   1 انظر/ غاية النهاية "1/ 343, 344". 2 انظر/ غاية النهاية "2/ 26, 27". الجرح والتعديل "7/ 140". 3 انظر/ شذرات الذهب "2/ 95". غاية النهاية "2/ 340". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 125 31- روح بن عبد المؤمن أبو الحسن البصري المقرئ، صاحب يعقوب الحضرمي. كان متقنا مجودا، روى أيضا عن أبي عوانة وحماد بن زيد، وجعفر بن سليمان الضبعي، قرأ عليه أحمد بن يزيد الحلواني، وأبو الطيب بن حمدان وأبو بكر محمد بن وهيب الثقفي، وأحمد بن يحيى الوكيل، وروى عنه البخاري في صحيحه؛ وعبد الله بن أحمد، ومطين وأبو خليفة. وإبراهيم بن محمد بن نائلة الأصبهاني، وأبو يعلى الموصلي، ذكره ابن حبان في الثقات، وقال: مات سنة ثلاث وثلاثين قبلها أبو بعدها, وقال غيره: سنة أربع أو خمس وثلاثين ومائتين1. 32- رويم بن يزيد أبو الحسن البصري، المقرئ. قرأ على سليم صاحب حمزة، وعلى ميمون القناد، وحدث عن سلام بن سليمان الطويل، والليث بن سعد، قرأ عليه محمد بن شاذان الجوهري وحدث عنه محمد بن عبد الرحيم. ومحمد بن أبي عتاب الأعين، وجعفر بن محمد بن شاكر، وكان ثقة كبير القدر كان يقرئ بمسجده ببغداد، بنهر القلايين. وكان أبوه مولى العوام بن حوشب، توفي رويم سنة إحدى عشرة ومائتين2. 33- روح بن قرة البصري. قرأ القرآن على سلام أبي المنذر، ويعقوب الحضرمي. وسمع من ابن عيينة، قرأ عليه أبو عبد الله الزبيري فقيه البصرة، وسمع منه أحمد بن الصقر بن ثوبان3. 34- محمد بن المتوكل أبو عبد الله اللؤلؤي، رويس المقرئ. قرأ على يعقوب، وتصدر للإقراء، قرأ عليه محمد بن هارون التمار، وأبو عبد الله الزبيري، الفقيه الشافعي، توفي بالبصرة سنة ثمان وثلاثين ومائتين4. 35- محمد بن إسحاق بن محمد بن عبد الرحمن المسيبي المدني. قرأ على والده، وأقرأ، وحدث عن سفيان بن عيينة، ومحمد بن فليح، ومعن القزاز وجماعة.   1 انظر/ تهذيب التهذيب "3/ 296". غاية النهاية "1/ 285". 2 انظر/ غاية النهاية "1/ 286". الجرح والتعديل "3/ 523". 3 انظر/ غاية النهاية "1/ 285, 286". 4 انظر/ تهذيب التهذيب "9/ 424". غاية النهاية ""2/ 234, 235". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 126 روى عنه مسلم وأبو داود، في كتابيهما وأبو زرعة الرازي، وإبراهيم الحربي، وأبو يعلى الموصلي وعبد الله بن الصقر السكري، وآخرون من الكبار، وكان من العلماء العاملين، قال صالح جزرة: ثقة، وقال مصعب الزبيري: لا أعلم في قريش كلها أفضل من المسيبي. توفي في ربيع الأول، سنة ست وثلاثين ومائتين1. 36- محمد بن سعدان الكوفي النحوي المقرئ الضرير، أبو جعفر. قرأ على سليم ويحيى اليزيدي، وإسحاق المسيبي، وحدث عن أبي معاوية، وأبي إدريس الأودي، وجماعة. قرأ عليه محمد بن أحمد بن واصل، وهو أنبل أصحابه. وجعفر بن محمد الأدمي، وسليمان بن يحيى الضبي، ومحمد بن يحيى المروزي. وحدث عنه عبد الله بن أحمد بن حنبل وجماعة. وصنف في العربية والقرآن، وثقه الخطيب، وغيره توفي سنة إحدى وثلاثين ومائتين2. 37- محمد بن غالب الأنماطي أبو جعفر البغدادي. قرأ على شجاع بن أبي نصر، وهو أجل أصحابه. قرأ عليه الحسن بن الحباب، وعبد الله بن سهلان، والحسن بن الحسين الصواف، وأحمد بن إبراهيم الغصباني، ونصر بن القاسم الفرائضي، ومحمد بن المعلى الشونيزي, وكان أميا لا يكتب صالحا ورعا خيارا فيه غفلة، توفي سنة أربع وخمسين ومائتين3. 38- محمد بن غالب الصيرفي أبو جعفر. قرأ على أبي يوسف الأعشى قرأ عليه علي بن الحسن التميمي لا أعلم أحدا قرأ عليه غيره4. 39- أحمد بن أبي سريج الصباح وقيل أحمد بن عمر بن الصباح، النهشلي الرازي، أبو جعفر المقرئ.   1 انظر/ تهذيب التهذيب "9/ 37". غاية النهاية "2/ 98". 2 انظر/ غاية النهاية "2/ 143". 3 انظر/ غاية النهاية "2/ 226". 4 انظر/ غاية النهاية "2/ 227". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 127 قرأ على الكسائي، قرأ عليه العباس بن الفضل الرازي، وغيره وروى عن شعيب بن حرب، وأبي معاوية الضرير، وجماعة. حدث عنه البخاري وأبو داود والنسائي في كتبهم، وأبو بكر بن أبي داود، وأبو حاتم وقال: صدوق1. 40- أبو حاتم السجستاني سهل بن محمد بن عثمان نحوي البصرة، ومقرئها في زمانه، وإمام جامعها. قرأ القرآن على يعقوب الحضرمي وغيره، وأخذ العربية عن أبي عبيدة وأبي زيد والأصمعي، ووهب بن جرير، والحديث عنهم، وعن زيد بن هارون، وأبي عامر العقدي وطبقتهم وصنف التصانيف. روى عنه أبو داود والنسائي في كتابيهما، والبزار في مسنده والمبرد وابن دريد، وابن خزيمة، ويحيى بن صاعد، وخلق. آخرهم موتا أبو روق الهزاني، وكان يتجر في الكتب، ويعنى بجمعها وله يد طولى في اللغات، والشعر والأخبار والعروض، واستخراج المعمي. ولم يكن في النحو بذاك الماهر، وقد قرأ كتاب سيبويه مرتين، على الأخفش. توفي سنة خمسين، وقيل سنة خمس وخمسين ومائتين2. 41- عامر بن عمر أبو الفتح الموصلي أوقية المقرئ، صاحب اليزيدي، والعباس بن الفضل الأنصاري قاضي الموصل، وسمع من وكيع، وأبي أسامة. قرأ عليه أحمد بن حنبل بن سمعويه، وعيسى بن رصاص، وأحمد بن مسعود السراج، وموسى بن جمهور، وآخرون. توفي سنة خمسين ومائتين3. 42- محمد بن الهيثم الكوفي صاحب خلاد، بل أجل أصحابه. عرض أيضا على حسين الجعفي، وعبد الرحمن بن أبي حماد. وحذق في قراءة حمزة، قرأ عليه القاسم بن نصر المازني، وعبد الله بن ثابت.   1 انظر/ تهذيب التهذيب "1/ 44" الجرح والتعديل "2/ 56". 2 انظر/ تهذيب التهذيب "4/ 257, 258". غاية النهاية "1/ 320, 321". 3 انظر/ غاية النهاية "1/ 350, 351". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 128 وحدث عنه ابن أبي الدنيا، وسليمان بن يحيى الضبي، وغيرهم، يقال توفي سنة تسع وأربعين ومائتين1. 43- أحمد بن يزيد الحلواني أبو الحسن المقرئ، من كبار الحذاق المجودين. قرأ على قالون، وعلى خلف البزار، وعلى هشام بن عمار، وجماعة. وحدث عن أبي نعيم، وأبي حذيفة النهدي، وعبد الله بن صالح وغيرهم، وكان كثير الترحال، أقرأ بالري، فقرأ عليه الحسن بن العباس بن أبي مهران، والفضل بن شاذان. وجعفر بن محمد بن الهيثم، ومحمد بن عمرو بن عون الواسطي، ومحمد بن بسام، وحيون المزوق، وآخرون وسئل عنه أبو حاتم، فلم يرضه في الحديث. ويقال إنه رحل إلى هشام بن عمار ثلاث مرات، وكان ثبتا في قالون، وهشام، قيل إنه توفي سنة خمسين ومائتين، وأرخه أبو عبد الله القصاع2. 44- أبو نشيط محمد بن هارون المروزي. قرأ على قالون، وكان من أجل أصحابه. قرأ عليه أبو حسان، أحمد بن محمد بن أبي الأشعث العنزي، وغيره، وعلى روايته اعتمد الداني في التيسير، وهو محمد بن هارون الربعي المروزي ثم البغدادي. ويكنى أيضا أبا جعفر، وكان من حفاظ الحديث والرحالين فيه، سمع الفريابي، وأبا المغيرة الحمصي، ويحيى بن أبي بكير، وطبقتهم. روى عنه ابن ماجه في تفسيره، وأبو بكر بن أبي الدنيا، وابن صاعد وابن أبي حاتم، والمحاملي وآخرون. قال ابن أبي حاتم: صدوق. قلت: توفي سنة ثمان وخمسين، ووهم أبو عمرو الداني فقال: توفي سنة ثلاث وستين، وإنما ذاك محمد بن أحمد بن هارون شيطا. توفي سنة ثلاث وستين3.   1 انظر/ غاية النهاية "2/ 274". 2 انظر/ غاية النهاية "1/ 149, 150". 3 انظر/ تهذيب التهذيب "9/ 493, 494". غاية النهاية "2/ 272". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 129 45- محمد بن عيسى بن رزين التيمي الرازي، ثم الأصبهاني المقرئ، أحد الحذاق. قرأ القرآن على نصير، وخلاد صاحبي الكسائي، وسمع الحروف من عبد الله بن موسى، وإسحاق بن سليمان، وصنف كتاب الجامع في القراءات وكتابا في العدد، وفي الرسم، وكان رأسا في النحو. قال أبو نعيم الأصبهاني: ما أعلم أحدا أعلم منه في وقته في فنه، يعني القراءات، أخذ عنه الفضل بن شاذان، والحسين بن العباس، وأبو سهل حمدان وجماعة. قال أبو حاتم: صدوق. قلت: توفي سنة ثلاث وخمسين ومائتين. وممن قرأ عليه من الأصبهانيين جعفر بن عبد الله بن الصباح، مقرئ أصبهان1. 46- أحمد بن قالون المدني، خلف أباه في الإقراء بالمدينة. قرأ عليه الحسن بن أبي مهران الجمال وحده، فيما علمت2. 47- محمد بن يزيد بن رفاعة أبو هاشم الرفاعي الكوفي، القاضي، أحد العلماء المشهورين، قرأ عليه سليم. وسمع الحروف من حسين الجعفي، ويحيى بن آدم، وأبي يوسف الأعشى، والكسائي، وضبط حروفا عن أبي بكر بن عياش، فإنه سمع عليه ختمة، بقراءة أبي يوسف الأعشى. قال أبو عمرو الداني: وله عن هؤلاء شذوذ كثير، فارق فيه سائر أصحابه. وله كتاب جامع في القراءات. روى عنه القراءة موسى بن إسحاق القاضي، وعلي بن الحسن القطيعى، وأحمد بن سعيد المروزي، والقاسم بن داود، وعثمان بن خرزاذ، وعلي بن أحمد بن قربة وجماعة. قلت: وروى عن أبي بكر بن عياش، وحفص بن غياث، والمطلب بن زياد، وابن فضيل وطائفة، روى عنه مسلم والترمذي وابن ماجه في كتبهم، وأحمد بن أبي خيثمة. وإمام الأئمة ابن خزيمة، وابن صاعد، وأبو عبد الله المحاملي، وآخرون، وقع لنا حديثه عاليا.   1 انظر/ غاية النهاية "2/ 223, 224". 2 انظر/ غاية النهاية "1/ 94". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 130 قال أحمد بن عبد الله العجلي: لا بأس به صاحب قرآن. قرأ على مسلم، وولي قضاء المدائن، وقال ابن جرير: ولي قضاء المدائن حتى مات. قال محمد بن عبد الله بن نمير: كان أضعفنا طلبا، وأكثرنا غرائب, وقال البخاري: رأيتهم مجمعين على ضعفه، وقال أبو العباس السراج: مات في آخر يوم من شعبان ببغداد. وكان قاضيا عليها، سنة ثمان وأربعين ومائتين، قلت: هو محمد بن يزيد بن محمد بن كثير بن رفاعه بن سماعة العجلي، رحمه الله تعالى1.   1 انظر/ غاية النهاية "2/ 280, 281". الجرح والتعديل "8/ 129". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 131 الطبقة السابعة : 1- إسحاق بن أحمد بن إسحاق بن نافع، أبو محمد الخزاعي المكي، الإمام مقرئ المسجد الحرام. قرأ على البزي، وعبد الوهاب بن فليح، وحدث عن محمد بن يحيى العدني، ومحمد بن زنبور، وأبي الوليد محمد بن عبد الله الأزرقي وغيرهم، فأكثر. وكان ثقة حجة رفيع الذكر، قرأ عليه ابن شنبوذ، والحسن بن سعيد المطوعي، ومحمد بن موسى الذينبي، وإبراهيم بن أحمد بن إبراهيم. وأخذ عنه الحروف أبو بكر بن مجاهد، وإبراهيم بن عبد الرزاق، وأحمد بن يعقوب، ومحمد بن عيسى بن بندار، وطائفة، وحدث عنه أبو بكر بن المقرئ، بمسند العدني. قال ابن مجاهد: حدثنا أبو محمد إسحاق بن أحمد بن إسحاق بن نافع بن أبي بكر بن العدني بن يوسف ابن أمير مكة، نافع بن عبد الحارث، الذي استخلفه عمر -رضي الله عنه- على مكة. وقال عبد الباقي بن الحسن: قرأت على إبراهيم بن أحمد، قال: قرأت على إسحاق الخزاعي، وأخبرني أنه قرأ على أبي الحسن البزي المؤذن. قال الخزاعي: وقرأت على عبد الوهاب بن فليح، وختمت عليه نحوا من عشرين ومائة ختمة، قال أبو عمرو الداني: أخذ إسحاق القراءة عرضا عن عبد الوهاب، وأبي الحسن، وهو من أثبت الناس فهما، وروى الحروف عن عبد الله بن جبير، وقنبل، وهو إمام في قراءة المكيين مطلع ضابط ثقة، مأمون. له كتاب حسن، جمعه في اختلاف المكيين واتفاقهم، توفي في يوم الجمعة ثامن رمضان، سنة ثمان وثلاثمائة بمكة1.   1 انظر/ شذرات الذهب "2/ 252". غاية النهاية "1/ 156". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 132 2- محمد بن إسحاق بن وهب بن أعين بن ربيعة الربعي المكي، المقرئ مؤذن المسجد الحرام. قرأ على البزي، وعرض على قنبل، وصنف قراءة ابن كثير، وأقرأ في حياة شيخه، قرأ عليه محمد بن الصباح، ومحمد بن عيسى بن بندار. وعبد الله بن أحمد البلخي، وإبراهيم بن عبد الرزاق، وأبو بكر النقاش، وهبة الله بن جعفر. توفي في رمضان، سنة أربع وتسعين، وهو أجل أصحاب البزي في زمانه1. 3- الحسن بن الحباب بن مخلد، أبو علي البغدادي الدقاق، المقرئ من حذاق أهل الأداء، قرأ على البزي، وعلى محمد بن غالب الأنماطي. أخذ عنه ابن مجاهد والنقاش، وابن الأنباري، وعبد الواحد بن أبي هاشم، وأحمد بن عبد الرحمن الولي، وآخرون من البغداديين. وقد حدث عن لوين ومحمد بن أبي سمينة، روى عنه أبو علي بن الصواف ومحمد بن عمر الجعابي، وكان ثقة. وهو الذي انفرد بزيادة لا إله إلا الله مع التكبير، عن البزي، توفي سنة إحدى وثلاث ومائة2. 4- قنبل مقرئ أهل مكة هو أبو عمر محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن خالد بن سعيد بن جرجة المخزومي، مولاهم المكي. ولد سنة خمس وتسعين ومائة، وجود القراءة على أبي الحسن القواس وأخذ القراءة عن البزي أيضا. وانتهت إليه رئاسة الإقراء بالحجاز، قرأ عليه خلق كثير، منهم أبو بكر بن مجاهد، وأبو الحسن بن شنبوذ، ومحمد بن عيسى الجصاص وإبراهيم بن عبد الرزاق الأنطاكي، سمع منه الحروف فقط، لأنه لم يجاوز عنده، وممن رحل إليه. وقرأ عليه: أبو بكر محمد بن موسى الزينبي، ومحمد بن عبد العزيز بن الصباح. وقيل إنه كان يستعمل دواء يسقى للبقر يسمى قنبيل.   1 انظر/ غاية النهاية "2/ 99". 2 انظر/ غاية النهاية "1/ 209". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 133 فلما أكثر من استعماله عرف به، ثم خفف وقيل قنبل، وقيل بل هو من قوم يقال لهم القنابلة، وكان قنبل قد ولي الشرطة بمكة في وسط عمره، فحمدت سيرته. ثم إنه طعن في السن وشاخ، وقطع الإقراء قبل موته بسبع سنين، توفي سنة إحدى وتسعين ومائتين1. 5- إسماعيل بن عبد الله بن عمرو بن سعيد بن عبد الله أبو الحسن النحاس، مقرئ الديار المصرية، جود القرآن على أبي يعقوب الأزرق، صاحب ورش. وتصدر للإقراء مدة. فقرأ عليه خلق لإتقانه، وتحريره وبصره بمقرأ ورش، وكان قد قرأ على الأزرق، سبع عشرة ختمة. وقرأ على عبد القوي بن كمونة، ختمتين، وعلى عبد الصمد بن عبد الرحمن إلى سورة طه، وهما من أصحاب ورش، وكان يقرئ بمكتبه، وبجامع عمرو بن العاص. وكف بصره بآخرة، قرأ عليه أبو جعفر أحمد بن عبد الله بن هلال الأزدي، وحمدان بن عون الخولاني، ومحمد بن خيرون الأندلسي. وأبو الحسن بن شنبوذ، وأحمد بن إبراهيم الخياط، وأبو جعفر أحمد بن أسامة التجيبي، وأبو بكر أحمد بن أبي الرخاء. توفي سنة بضع وثمانين ومائتين2. 6- أبو بكر بن عبد الله بن مالك بن عبد الله، بن سيف التجيبي، المقرئ. شيخ الإقليم، في القراءات في زمانه، المصري. قرأ القرآن على أبي يعقوب الأزرق، وعمر دهرا طويلا. وحدث عن محمد بن رمح، صاحب الليث بن سعد، وغيره قرأ عليه إبراهيم بن محمد بن مروان، ومحمد بن عبد الرحمن الطهراوي. وأبو بكر محمد بن عبد الله بن القاسم الخرقي، شيخ أبي علي الأهوازي، وأبو عدي عبد العزيز بن علي بن محمد بن إسحاق بن الإمام، وغيرهم. قرأ القرآن على أبي القاسم المالكي، بالإسكندرية لورش، عن قراءته على أبي القاسم الصفراوي، عن ابن عطية عن ابن الفحام.   1 انظر/ غاية النهاية "1/ 165". 2 انظر/ غاية النهاية "1/ 165". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 134 عن أحمد بن نفيس، عن أبي عدي، عن ابن سيف، عن أبي يعقوب، عن ورش. وقد ساوى شيخنا في هذه الرواية، علم الدين السخاوي وطبقته، توفي ابن سيف في جمادى الآخرة، سنة سبع وثلاثمائة. وأرخه أبو سعيد بن يونس، وحدث عنه في تاريخه1. 7- محمد بن عبد الرحيم بن إبراهيم بن شبيب، أبو بكر الأصبهاني، المقرئ شيخ القراء في زمانه. قرأ لورش على عامر الجرشي، وسليمان بن أخي الرشديني، وعبد الرحمن بن داود بن أبي طيبة، وسمع القراءة على يونس بن عبد الأعلى، صاحب ورش. وحذق في معرفة حرف نافع، وحدث عن عثمان بن أبي شيبة، وداود بن رشيد، وإسحاق بن أبي إسرائيل. وأبي همام السكوني، وعبد الله بن عمر مشكدانة. قرأ عليه طائفة منهم، هبة الله بن جعفر، وعبد الله بن أحمد المطرز، ومحمد بن يونس وإبراهيم بن جعفر. وأخذ عنه ابن مجاهد، وحدث عنه أبو أحمد العسال، وأبو الشيخ بن حيان، ومحمد بن أحمد بن عبد الوهاب المقرئ، وآخرون. قال عبد الباقي بن الحسن ابن السقا: قال محمد بن عبد الرحيم الأصبهاني: رحلت إلى مصر، ومعي ثمانون ألفا فأنفقتها على ثمانين ختمة، توفي ببغداد سنة ست وتسعين ومائتين. ولقد بالغ أبو عمر في تعظيمه، وقال: هو إمام عصره، في رواية ورش لم ينازعه في ذلك أحد من نظرائه. قال أبو الفتح فارس، قرأت على عبد الباقي بن الحسن، قال: قرأت على إبراهيم بن عبد العزيز الفارسي. وأخبرني أنه لقي أبا بكر محمد بن عبد الرحيم، وإبراهيم بن شبيب، ابن يزيد بن خالد بن قرة، مولى بني أسد، موالي بني عامر المعروف بالأصبهاني، وقرأ عليه القرآن.   1 انظر شذرات الذهب "2/ 251" غاية النهاية "1/ 445". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 135 وأخبرني أنه قرأ على مواس بن سهل، قال الأصبهاني: فسألته إلى من تسند قراءتك؟ فقال لي: قرأت على يونس بن عبد الأعلى، وغيره. وقال عبد الواحد بن أبي هاشم: حدثنا محمد بن أحمد الدقاق، حدثنا محمد بن عبد الرحيم، قال: قرأت القرآن على أبي الربيع، ابن أخي الرشديني. وختمت عليه إحدى وثلاثين ختمة، وقلت له: إلى من تسند قراءتك؟ قال: إلى ورش، قال محمد بن عبد الرحيم: وصار جماعة من القراء، إلى يونس بن عبد الأعلى، وأنا حاضر، فسألوه أن يقرئهم القرآن، فامتنع، وقال: أحضروا مواسا ليقرأ، فاسمعوا قراءته علي، وهي لكم إجازة. فقرأ عليه القرآن كله، في أيام كثيرة، وسمعت قراءته عليه1. 8- الفضل بن شاذان أبو العباس الرازي، المقرئ، أحد الأعلام، وشيخ الإقراء بالري. قرأ على أحمد بن يزيد الحلواني، ومحمد بن عيسى الأصبهاني، وسمع من إسماعيل بن أبي أويس، آخر من قرأ على نافع. ومن سعيد بن منصور، وأحمد بن يونس، ومهدي بن جعفر، وطبقتهم، روى عنه أبو حاتم الرازي، مع تقدمه، وابنه عبد الرحمن بن أبي حاتم، وقال: ثقة. وقرأ عليه محمد بن عبد الله بن الحسن، بن سعيد، وأحمد بن محمد بن عبد الله، وأحمد بن محمد بن عثمان بن شبيب، وابنه العباس بن الفضل الرازيون. قال أبو عمرو الداني: لم يكن في دهره مثله في علمه وفهمه، وعدالته وحسن اضطلاعه، قلت: وهو قديم الموت2. 9- الحسن بن العباس بن أبي مهران الرازي الحمال، أبو علي المقرئ. روى عن سهل بن عثمان، وعبد المؤمن بن علي الزعفراني، ويعقوب بن حميد بن كاسب، وعُني بالقراءات. فقرأ على الأحمدين بن قالون والحلواني، ومحمد بن عيسى الأصبهاني، وأحمد بن صالح المصري، وكان إليه المنتهى في الضبط والتحرير.   1 انظر/ غاية النهاية "2/ 169, 170". 2 انظر/ غاية النهاية "2/ 10". الجرح والتعديل "7/ 63". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 136 أقرأ ببغداد وغيرها، قرأ عليه ابن مجاهد، وابن شنبوذ، والنقاش وأحمد بن حماد، صاحب المشطاح. وحدث عنه ابن السماك، وابن قانع وعبد الصمد الطستي، وأبو سهل القطان، وأبو القاسم الطبراني، قال الخطيب: ثقة. توفي في رمضان سنة تسع وثمانين ومائتين1. 10- العباس بن الفضل بن شاذان، بن عيسى الرازي المقرئ، إمام محقق مجود، كان يقرئ مع والده بالري، قرأ على أبيه. وأخذ قراءة الكسائي، عن أحمد بن أبي سريج، عن الكسائي، وسمع من جماعة، وعاش إلى بعد الثلاثمائة، أخذ عنه القراءة أبو بكر محمد بن أحمد الداجوني، وأحمد بن عجلان. وأبو بكر النقاش، وابن مجاهد، وآخر من روى عنه أبو علي بن حبش الدينوري، وقد روى الحديث عن محمد بن حميد الرازي، ومحمد بن علي بن شفيق. قال الخليلي: أدركت بقزوين ثمانية من أصحابه، قلت: وممن من روى عنه أبو عمرو بن حمدان الحيري، وبقي إلى سنة عشر وثلاثمائة2. 11- الحسين بن علي بن حماد بن مهران الرازي، الجمال الأزرق المقرئ. رفيق الحسن، بن العباس بن أبي مهران في القراءة على الحلواني، عمر وأقرأ الناس، وسكن قزوين، كنيته أبو عبد الله. وقد قرأ أيضا على محمد بن إدريس الدنداني، صاحب نصير، قرأ عليه جماعة منهم ابن شنبوذ، وأحمد بن محمد الرازي نزيل الأهواز، وأبو بكر النقاش والحسن بن سعيد المطوعي وكان محققا لقراءة ابن عامر، توفي في حدود ثلاثمائة3. 12- أحمد بن محمد بن يزيد بن الأشعث أبو حسان العنزي البغدادي، القاضي المقرئ. قرأ القرآن على أبي نشيط، وأحمد بن زرارة، عن سليم، وحذق في قراءة قالون، وتصدر للإقراء، تلا عليه ابن شنبوذ، وعلي بن سعيد بن ذؤابة وأبو الحسين أحمد بن بويان وغيرهم.   1 انظر/ غاية النهاية "2/ 10". 2 انظر/ غاية النهاية "1/ 352, 353". 3 انظر/ غاية النهاية "1/ 244". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 137 وله كنية أخرى، وهي أبو بكر، توفي قبل الثلاثمائة فيما أحسب1. 13- عبد الرحمن بن عبدوس أبو الزعراء البغدادي، من جلة أهل الأداء وحذاقهم، وأرفع أصحاب أبي عمر الدوري. قرأ عليه بعدة روايات، وتصدر للإقراء مدة قرأ عليه ابن مجاهد، وهو أنبل أصحابه، وعلي بن الحسين الرقي، ومحمد بن المعلي الشونيزي. ومحمد بن يعقوب المعدل، وعمر بن عجلان، قال ابن مجاهد: قرأت لنافع على أبي الزعراء، نحوا من عشرين ختمة، وقرأت عليه لأبي عمرو الكسائي وحمزة2. 14- أحمد بن فرح بن جبريل، أبو جعفر البغدادي، الضرير المقرئ المفسر، قرأ على الدوري والبزي. وحدث عن علي بن المديني، وأبي بكر بن أبي شيبة، وأبي الربيع الزهراني وطائفة، وتصدر للإفادة زمانا، وبعد صيته، واشتهر اسمه لسعة علمه وعلو سنه. قرأ عليه زيد بن علي بن أبي بلال، وعبد الله بن محرز، وعلي بن سعيد القزاز، وأبو بكر النقاش، وعبد الواحد بن أبي هاشم، وأحمد بن عبد الرحمن الولي. والحسن بن سعيد المطوعي، وآخرون، وحدث عنه أحمد بن جعفر الختلي، وابن سمعان الرزاز، سكن الكوفة مدة، وحمل أهلها عنه علما جما، وكان ثقة مأمونا. توفي في ذي الحجة سنة ثلاث وثلاثمائة، وقد قارب التسعين3. 15- عمر بن محمد بن نصر أبو حفص السكاغدي القاضي، بغدادي كبير القدر. قرأ على الدوري، وحدث عن أبي حفص الفلاس، ومحمود بن خداش وجماعة، قرأ عليه أحمد بن نصر الشذائي، وجماعة. وحدث عنه عبد العزيز الخرقي، وأبو حفص بن الزيات، وأبو محمد السبيعي توفي سنة خمس وثلاثمائة4. 16- القاسم بن زكريا أبو بكر البغدادي المطرز. رأ على الدوري، وأبي حمدون، وبرع في الأداء والمعرفة، وسمع بن سويد بن سعيد، ومحمد بن الصباح الجرجرائي، وعباد بن يعقوب الأسدي، وطبقتهم.   1 انظر/ غاية النهاية "1/ 133, 134". 2 انظر/ غاية النهاية "1/ 373, 374". 3 انظر/ شذرات الذهب "2/ 241". غاية النهاية "1/ 95, 96". 4 انظر/ غاية النهاية "1/ 598". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 138 قرأ عليه أحمد بن عبد الرحمن بن الفضل، وعلي بن الحسين الغضائري، شيخ الأهوازي، وأخذ عنه الحروف ابن مجاهد، وابن أبي هاشم. وحدث عنه محمد بن المظفر، وعبد العزيز الخرقي، وأبو حفص بن الزيات، وآخرون. وكان ثقة حجة إماما مصنفا، أثنى عليه الدارقطني، وغيره، توفي في صفر سنة خمس وثلاثمائة1. 17- هارون بن علي بن الحكم، أبو موسى المزوق، بغدادي مقرئ نبيل، يعرف بحيون المزوق. أخذ القراءة عن أحمد بن يزيد الحلواني، وأبي عمر الدوري، وروى عن إبراهيم بن سعيد الجوهري، وزياد بن أيوب. روى عنه محمد بن حميد المحرمي، وعثمان المجاشي، وعمر بن أحمد الوكيل، وكان ثقة توفي سنة خمس وثلاثمائة2. 18- الحسن بن الحسين أبو علي الصواف، بغدادي مقرئ كبير القدر، عارف بالفن، متصدر للإقراء، متصدر للإفادة. قرأ على الدوري، وعلى محمد بن غالب، صاحب شجاع البلخي، وعلى أبي حمدون الطيب بن إسماعيل، وسمع أبا سعيد الأشج وجماعة. قرأ عليه بكار بن أحمد، وعبد الواحد بن أبي هاشم، وأبو العباس المطوعي، وعلي بن الحسين الغضائري، وجماعة. وحدث عنه ابن المظفر، وأبو الفضل الزهري، وأحمد بن جعفر الشعيري، توفي سنة عشر وثلاثمائة3. 19- جعفر بن محمد بن أسد النصيبي، الضرير أبو الفضل. قرأ على الدوري، وكان من جلة أصحابه، قرأ عليه محمد بن علي بن الجلندا، ومحمد بن علي بن حسن العطوفي وجماعة، بنصيبين، توفي سنة سبع وثلاثمائة4.   1 انظر/ شذرات الذهب "2/ 246". غاية النهاية "2/ 17". 2 انظر/ غاية النهاية "2/ 346". 3 انظر/ تذكرة الحفاظ "2/ 759". غاية النهاية "1/ 210". 4 انظر/ غاية النهاية "1/ 195". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 139 20- سعيد بن عبد الرحيم أبو عثمان البغدادي، المقرئ المؤدب الضرير، صاحب الدوري، من جلة القراء. قرأ عليه أبو الفتح بن بدهن، وعبد الواحد بن أبي هاشم، وأبو بكر الشذائي، والحسن بن سعيد المطوعي، وعلي بن الحسين الغضائري. توفي بعد سنة عشر وثلاثمائة -رحمه الله تعالى1. 21- الحسن بن علي بن أحمد بن بشار العلاف، أبو بكر البغدادي، المقرئ الأديب، قرأ على الدوري. وسمع منه، ومن حميد بن مسعدة، ونصر بن علي الجهضمي، وقال الشعر الرائق، وهو صاحب مرثية الهر وكان ضريرا. قرأ عليه أبو الفرج الشنبوذي، وأحمد بن نصر الشذائي، وحدث عنه أبو عمر بن حيوة، وأبو حفص بن شاهين، وجماعة. عمر دهرا طويلا، وأظنه آخر من قرأ القرآن على الدوري، توفي سنة ثماني عشرة وثلاثمائة2. 22- جعفر بن عبد الله بن الصباح، بن نهشل الأنصاري، الأصبهاني المقرئ إمام جامع أصبهان، قرأ على الدوري. وسمع من إسماعيل بن موسى ابن بنت السدي، وإبراهيم بن عبد الله الهروي، وجماعة، وقرأ بأصبهان، على محمد بن عيسى التيمي، وكان رأسا في علوم القرآن والتجويد. وعليه قرأ محمد بن أحمد الكسائي، ومحمد بن أحمد بن عبد الوهاب وغيرهما، وحدث عنه أبو أحمد العسال. وأبو القاسم الطبراني، وأبو الشيخ، توفي سنة أربع وتسعين ومائتين3. 23- محمد بن محمد بن عبد الله بن النفاخ بن بدر الباهلي، أبو الحسن البغدادي، المقرئ، نزيل مصر.   1 انظر/ غاية النهاية "1/ 306, 307". 2 انظر/ شذرات الذهب "2/ 277". غاية النهاية "1/ 222". 3 انظر/ غاية النهاية "1/ 192, 193". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 140 أخذ القراءة عن الدوري، وقيل إنه قرأ عليه الحسن بن سعيد المطوعي، وقد حدث عنه إسحاق بن أبي إسرائيل، وأحمد بن إبراهيم الدورقي، ومحمود بن خالد الدمشقي، وطبقتهم. روى عنه حمزة الكناني، ومحمد بن إسحاق الصفار، وأبو بكر بن المقرئ، وعبد الله بن إبراهيم الأنبردواني، وأحمد بن محمد المهندس، وعبيد الله بن محمد بن خلف البزاز، وأبو سعيد بن يونس. وقال: كان ثقة ثبتا، صاحب حديث، متقللا من الدنيا، توفي في ربيع الآخر، سنة أربع عشرة وثلاثمائة1. 24- موسى بن جرير أبو عمران الرقي، المقرئ النحوي الضرير، أجل أصحاب السوسي. كان بصيرا بالإدغام، ماهرا في العربية، وافر الحرمة كثير الأصحاب، قرأ عليه نظيف بن عبد الله والحسين بن محمد بن حبش الدينوري. والحسن بن سعيد المطوعي، ومسلم بن عبد العزيز، وعبد الله بن الحسين السامري، وعبد الله بن اليسع الأنطاكي. قال أبو الحسين بن المنادي: لما مات أبو شعيب السوسي، خلفه ابنه أبو معصوم، وأبو عمران موسى بن جرير، توفي أبو عمران في حدود سنة عشر وثلاثمائة2. 25- علي بن الحسين أبو الحسن بن الرقي الوزان. قال أبو عمرو الداني: شيخ بغدادي ثقة, أخذ القراءة عرضا عن أبي شعيب السوسي، وقنبل، وعبد الرحمن بن عبدوس، وأحمد بن علي الخزاز، وإسحاق الخزاعي. روى عنه القراءة عرضا، عبد الله بن الحسين السامري، نسبه لنا فارس بن أحمد قلت: هذا شيخ مجهول، ما ذكره إلا السامري، والعهدة عليه3. 26- أبو الحارث الرقي محمد بن أحمد نزيل طرسوس. قرأ على أبي شعيب السوسي وهو من جلة أصحابه وأوثقهم قرأ عليه نظيف بن عبد الله وأبو بكر النقاش، ومحمد بن إسماعيل أبو بكر القرشي.   1 انظر/ شذرات الذهب "2/ 269". غاية النهاية "2/ 242". 2 انظر/ شذرات الذهب "2/ 261". غاية النهاية "2/ 317, 318". 3 انظر/ غاية النهاية "1/ 534, 535". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 141 قرأ على السوسي. قال الداني: هو جليل في أصحابه، قرأ عليه محمد بن علي ابن الجلندا1. 27- هارون بن موسى بن شريك الأخفش، الدمشقي. أبو عبد الله التغلبي، شيخ المقرئين بدمشق، في زمانه قرأ على ابن ذكوان، وأخذ الحروف عن هشام بن عمار. وحدث عن أبي مسهر بشيء يسير، وعن سلام بن سليمان المدايني، قرأ عليه خلق كثير، ورحل إليه الطلبة من الأقطار، لإتقانه وتبحره، منهم جعفر بن أبي داود. وإبراهيم بن عبد الرزاق، ومحمد بن النضر الأخرم، وأبو علي الحسن بن حبيب الحصائري، وأبو الحسن بن شنبوذ، وعبد الله بن أحمد بن إبراهيم البلخي، ومحمد بن سليمان بن ذكوان البعلبكي. حدث عنه أبو القاسم الطبراني، وأبو أحمد بن الناصح المفسر، وجماعة. وقيل: إنه صنف كتبا، في القراءات والعربية، وكان ثقة معمرا، قال ابن الناصح: توفي في صفر، سنة اثنتين وتسعين ومائتين، وله اثنتان وتسعون سنة، وقد رأى أبا عبيد بدمشق، وسأله مسألة في اللغة. قال أبو علي الأصبهاني: كان هارون الأخفش، من أهل الفضل، صنف كتبا كثيرة في القراءات والعربية. وإليه رجعت الإمامة في قراءة ابن ذكوان2. 28- أحمد بن سهل بن فيروزان، الشيخ الأشناني، أبو العباس المقرئ. بقية المسندين في القراءة، قرأ على عبيد بن الصباح، صاحب حفص ثم قرأ بعده على جماعة من أصحاب أخيه عمرو بن الصباح، حتى برع في القراءة، قال ابن غلبون: حدثنا علي بن محمد، حدثنا أحمد بن سهل الأشناني، قال: قرأت على عبيد بن الصباح، وكان ما علمت من الورعين المتقين. قال: قرأت القرآن كله على حفص بن سليمان، ليس بيني وبينه أحد، قلت: وسمع الأشناني من بشر الوليد الكندي، وعبد الأعلى بن حماد النيربي، وطال عمره، وطار ذكره.   1 انظر/ غاية النهاية "2/ 94". 2 انظر/ شذرات الذهب "2/ 209". غاية النهاية "2/ 347, 348". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 142 قرأ عليه أبو طاهر بن أبي هاشم، والحسن بن سعيد المطوعي، وعلي بن محمد بن صالح الهاشمي، البصري، وإبراهيم بن أحمد الحرقي، وأبو بكر النقاش. وعلي بن الحسين الغضائري، شيخ الأهوازي، وأبو أحمد السامري، وحدث عنه عبد العزيز الحرقي، ومحمد بن علي بن سويد المؤدب. وثقه الدارقطني، وتوفي أول سنة سبع وثلاثمائة ببغداد1. 29- محمد بن حمدون أبو الحسن الواسطي الحذاء. سمع الحروف من شعيب بن أيوب الصريفيني، وقرأ القرآن على قنبل، وعلى أبي عون، محمد بن عمرو، وروى عنه القراءة ابن مجاهد. وعلي بن سعيد بن ذؤابة، وأبو أحمد عبد الله بن الحسين. وقال أبو طاهر بن أبي هاشم: كان من أهل الثقة والإتقان2. 30- يوسف بن يعقوب الواسطي أبو بكر الأصم، إمام جامع واسط، ومقرئها. ومن انتهى إليه علو رواية عاصم، قرأ القرآن على يحيى بن محمد العليمي، عن أبي بكر، وحماد بن شعيب، عن عاصم. وقرأ أيضا على شعيب بن أيوب الصريفيني، وسمع من محمد بن خالد بن عبد الله الطحان، وغيره. قرأ عليه أبو الحسن علي بن محمد بن خليع القلانسي، وأبو القاسم يوسف بن محمد الضرير، وعثمان بن أحمد بن سمعان المجاشي. والحسن بن سعيد المطوعي، وأبو بكر النقاش، وإبراهيم بن عبد الرحمن البغدادي، وأبو أحمد السامري، وآخرون، وحدث عنه أبو أحمد الحاكم، وأبو بكر بن المقرئ. قال ابن خليع: كان شيخنا حسن الأخذ، قرأت عليه، وله نيف وتسعون سنة وقال القصاع: ولد سنة ثماني عشرة ومائتين، قرأ على العليمي، سنة أربعين وبعدها توفي في ذي القعدة، سنة ثلاث عشرة وثلاثمائة3.   1 انظر/ شذرات الذهب "2/ 250". غاية النهاية "1/ 59, 60". 2 انظر/ غاية النهاية "2/ 135, 136". 3 انظر/ غاية النهاية "2/ 404, 405". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 143 31- القاسم بن أحمد الخياط أبو محمد التميمي، الكوفي المقرئ. أحد الحذاق، قرأ على أبي جعفر محمد بن حبيب الشموني، ختما عديدة، وأقرأ الناس دهرا، قرأ عليه الحسن بن داود النقاش. وسعيد بن أحمد الإسكاف، وأبو الحسن بن شنبوذ، وأبو بكر النقاش، ومحمد بن أحمد بن الضحاك، وآخرون. قال النقار: قرأت عليه أربعين ختمة، وسمعت إجماع الناس على تفضيل قاسم، في قراءة عاصم، قال الداني: توفي بعد التسعين ومائتين1. 32- حسنون بن الهيثم أبو علي الدوري، المقرئ، قرأ على هبيرة التمار، صاحب حفص. وحدث عن محمد بن كثير الفهري، وداود بن رشيد، قرأ عليه أبو بكر الدبيلي، شيخ أبي العلاء الواسطي. وأبو بكر النقاش، ومحمد بن أحمد بن هارون، وسمع منه ابن مجاهد، وأبو بحر البربهاري، وعبد الرحمن بن العباس المخلص توفي سنة 90 هـ2. 33- الخضر بن الهيثم بن جابر أبو القاسم الطوسي، المقرئ. قرأ على أبي حمدون، الطيب بن إسماعيل، وأبي شعيب السوسي، وأبو عمر بن شبة النميري، وهبيرة بن محمد التمار، وعمر دهرا طويلا. وكان حيا في سنة عشر وثلاثمائة، قرأ عليه أحمد بن عبد الله الجبي وأحمد بن محمد العجلي، شيخا الأهوازي3. 34- عبد الله بن هاشم. أبو محمد الزعفراني المقرئ. زعم أنه قرأ على خلف بن هشام، وعلى دحيم الدمشقي، وعلى الدوري، وعلى أبي هشام الرفاعي. قرأ عليه علي بن الحسين الغضائري.   1 انظر/ غاية النهاية "2/ 16,17". 2 انظر/ غاية النهاية "1/ 234, 235". 3 انظر/ غاية النهاية "1/ 270". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 144 وهو مجهول، لم يأت به أحد، إلا الأهوازي1. 35- محمد بن موسى بن عبد الرحمن، أبو العباس الصوري المقرئ. قرأ على ابن ذكوان، وعلى عبد الرزاق بن حسن الإمام، عن أيوب بن تميم، قرأ عليه أبو بكر محمد بن أحمد الداجوني. والحسن بن سعيد المطوعي وآخرون، قال أبو الفضل الخزاعي: توفي سنة سبع وثلاثمائة2. 36- إدريس بن عبد الكريم الحداد المقرئ، أبو الحسن البغدادي. قرأ على خلف البزار، وروى عن عاصم بن علي، وأحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، ومصعب بن عبد الله، وطائفة. وأقرأ الناس، ورحل إليه من البلاد، لإتقانه وعلو سنده، قرأ عليه أبو الحسن أحمد بن ثوبان، وابن شنبوذ، وأبو بكر بن مقسم. وأبو علي، أحمد بن عبد الله بن حمدان، والحسن بن سعيد المطوعي وكذا زعم المطوعي، أنه لقبه، وقرأ عليه، وما ذلك بمستحيل، لأن المطوعي ذكر أنه قارب المائة. وحدث عنه ابن مجاهد، وأبو بكر النجار، وإسماعيل الخطبي، وأبو بكر بن حمدان القطعي وأبو القاسم الطبراني، وآخرون، سئل عنه الدارقطني فقال: ثقة، وفوق الثقة بدرجة، توفي إدريس يوم الأضحى، سنة اثنتين وتسعين ومائتين، وله ثلاث وتسعون سنة3. 37- محمد بن شاذان أبو بكر الجوهري، المقرئ. قرأ على خلاد بن خالد، صاحب سليم. وحدث عن هوذة بن خليفة، وزكريا بن عدي، قرأ عليه أبو الحسن بن شنبوذ، وغيره. وحدث عنه قاسم بن أصبغ القرطبي، وأبو بكر النجاد، وعبد الباقي بن قانع، وثقه الدارقطني، ومات سنة ست وثمانين ومائتين، وقد نيف على التسعين4.   1 انظر/ غاية النهاية "270, 271". 2 انظر/ غاية النهاية "2/ 268". 3 انظر/ شذرات الذهب "2/ 210". غاية النهاية "1/ 154". 4 انظر/ غاية النهاية "2/ 152". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 145 38- محمد بن يحيى الكسائي الصغير أبو عبد الله بغدادي مقرئ، مجود قرأ على الليث بن خالد صاحب الكسائي وهو أجل أصحابه. قرأ عليه أحمد بن الحسن البطي، وأبو بكر بن مجاهد، ومحمد بن خلف وكيع، وإبراهيم بن زياد. وأحمد بن علي السمسار، توفي سنة ثمان وثمانين ومائتين1. 39- السري بن مكرم البغدادي المقرئ، صاحب أبي أيوب الخياط، تلميذ اليزيدي. قرأ عليه ابن شنبوذ، وأحمد بن يوسف الأهوازي، وعلي بن أحمد السامري، وغيرهم2. 40- سليمان بن يحيى الضبي أبو أيوب البغدادي، المقرئ، من كبار المقرئين، ومن علمائهم. قرأ على الدوري، ورجاء بن عيسى، وترك الحذاء، وروى عن خلف بن هشام وأبي حمدون الطيب بن إسماعيل. روى عنه ابن الأنباري، وعبد الباقي بن قانع، وأبو القاسم الطبراني وطبقتهم، وقرأ عليه أبو بكر النقاش، وأحمد بن محمد الأدمي. وكان موثقا مصدقا، مات سنة إحدى وتسعين ومائتين3. 41- عبد الرزاق بن الحسن بن عبد الرزاق الأنطاكي المقرئ الوراق والد إبراهيم، أخذ الحروف عن أحمد بن جبير الأنطاكي. سمع منه ابنه، وأحمد بن يعقوب التائب، وأبو بكر النقاش، وأبو بكر الداجوني، وقيل إنه قرأ على ابن ذكوان4. 42- محمد بن وهيب بن يحيى الثقفي، أبو بكر البصري. سمع من يعقوب الحضرمي، الحروف، وعرض القرآن على صاحبه روح، وهو أجل أصحابه، وأحذقهم.   1 انظر/ غاية النهاية "2/ 289". 2 انظر/ غاية النهاية "1/ 302". 3 انظر/ غاية النهاية "1/ 317". 4 انظر/ غاية النهاية "1/ 384". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 146 قرأ عليه محمد بن يعقوب المعدل، ومحمد بن المؤمل الصيرفي، ومحمد بن جامع الحلواني. وحدث عنه أبو سعيد بن الأعرابي، وبعضهم نسبه الفزاري1. 43- أحمد بن علي بن الفضيل أبو جعفر الخزاز بغدادي، مشهور. صاحب قرآن وحديث، قرأ على هبيرة التمار، صاحب حفص، وسمع الحروف من محمد بن يحيى القطعي، وأبي هشام الرفاعي. وروى عن هوزة بن خليفة وعاصم بن علي وجماعة، أخذ عنه ابن مجاهد، وابن شنبوذ، وعلي بن الرقي، وأحمد بن عجلان. وآخرون روى عنه الحديث، أحمد بن يوسف بن خلاد النصيبي، وثقه الخطيب، وتوفي في المحرم سنة ست وثمانين ومائتين2. 44- أحمد بن حفص المصيصي، الخشاب. قرأ على السوسي. أخذ عنه إبراهيم بن عبد الرزاق، وأحمد بن يعقوب التائب، وغيرهما3. 45- أحمد بن محمد بن حميد الملقب بالفيل، لعظم خلقه. قرأ على يحيى بن هاشم السمسار، عن قراءته على حمزة الزيات، وقرأ على عمرو بن الصباح، في سنة تسع عشرة ومائتين. قرأ عليه أحمد بن عبد الرحمن الولي، وأخذ الحروف عنه ابن مجاهد ومحمد بن خلف وكيع4. 46- أحمد بن موسى الصفار، أبو جعفر البغدادي المعدل. قرأ على عمرو بن الصباح، وأبي شعيب القواس البغدادي، صاحبي حفص. أخذ عنه ابن شنبوذ، ومحمد بن أبي جعفر، بن أبي أمية، ومحمد بن عمران التمار5.   1 انظر/ غاية النهاية "1/ 276". 2 انظر/ غاية النهاية "1/ 86, 87". 3 انظر/ غاية النهاية "1/ 51". 4 انظر/ غاية النهاية "1/ 112". 5 انظر/ غاية النهاية "1/ 143". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 147 47- محمد بن سنان بن سرج الشيرزي، القاضي أبو جعفر. قرأ القرآن على عيسى بن سليمان الشيرزي، صاحب الكسائي، وسمع من عبد الوهاب بن نجدة، وهشام بن عمار، وأبي نعيم الحلبي، وطائفة. قرأ عليه أبو الحسن بن شنبوذ، وإبراهيم بن عبد الرزاق، وأبو العباس الضرير، ومحمد بن عبد الله الرازي. وحدث عنه ولده إسماعيل، وأبو جعفر الطحاوي، وأبو علي بن هارون، وأبو القاسم الطبراني، وأحمد بن إبراهيم بن جامع السكري. وأحمد بن الحسن بن عتبة الرازي، وكان ضريرا، توفي سنة ثلاث وتسعين ومائتين1. 48- محمد بن المعلى الشونيزي البغدادي، أبو عبد الله، مقرئ مجود. قرأ على محمد بن غالب، ومحمد بن عمرو بن عون، وعبد الرحمن بن عبدوس، قرأ عليه أحمد بن نصر الشذائي، وعبد الغفار الحضيني2. 49- الفضل بن مخلد بن عبد الله البغدادي الدقاق، الأعرج المقرئ المعروف بفضلان. قرأ على أبي حمدون الطيب، وهو من أجل أصحابه، قرأ عليه أبو الحسين بن المنادي، وأبو الحسن بن شنبوذ، وسمع منه ابن مجاهد. 50- محمد بن سعيد أبو عبد الله الأنماطي، المصري المقرئ. قرأ على أبي يعقوب الأزرق، وعبد الصمد بن عبد الرحمن بن القاسم. قال أبو عمرو الداني: هو من كبار أصحابهما، ومن جلة المصريين، أخذ القراءة عنه عرضا، عبد المجيد بن مسكين، ومحمد بن خيرون المغربي3. 51- محمد بن سعيد أبو جعفر الكوفي، البزاز. قرأ على خلف، وخلاد، وبرع في القراءة، وله اختيار معروف.   1 انظر/ غاية النهاية "2/ 150, 151". 2 انظر/ غاية النهاية "2/ 264". 3 انظر/ غاية النهاية "2/ 11". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 148 قرأ عليه أحمد بن سهلان، ومحمد بن إبراهيم السواق، وإسحاق بن أحمد النحوي، وغيرهم. وهو قديم الوفاة. ذكره أبو عمرو الداني1. 52- محمد بن أحمد بن واصل أبو العباس البغدادي، المقرئ، قرأ القرآن على محمد بن سعدان المقرئ، صاحب سليم. قال أبو عمرو الداني: وهو أجل أصحابه، قلت: وسمع من خلف بن هشام، وأحمد بن حنبل، وسلمة بن عاصم، وغيرهم. قال الداني: روى القراءة عنه عرضا وسماعا، أحمد بن بويان، ومحمد بن أحمد الرامي، وابن مجاهد، وموسى بن عبيد الله الخاقاني. والحسن بن السري بن سهل، وعبد الله بن محمد الطوسي، الكاتب وغيرهم، قال الرامي: قرأت على ابن واصل. وقرأ على محمد بن سعدان النحوي، وقرأ على سليم، ووجدت في تاريخى أنه توفي في جمادى الآخرة، سنة ثلاث وسبعين ومائتين2. 53- عبد الصمد بن محمد بن أبي عمران أبو محمد العينوني المقرئ. قرأ على عمرو بن الصباح، صاحب حفص. قرأ عليه نظيف بن عبد الله الحلبي، وأبو بكر النقاش. وإبراهيم بن عبد الرزاق، وصالح بن أحمد، وغيرهم، توفي بعينون سنة أربع وتسعين ومائتين3. 54- محمد بن أحمد بن البراء العبدي القاضي، وأبو الحسن البغدادي. قرأ على خلف البزار، ختمات، وسمع منه ومن علي بن المديني، والمعافى بن سليمان، وطائفة. قرأ عليه أحمد بن محمد الديباجي، وعلي بن سعيد القزاز وعثمان بن السماك، وابن زياد النقاش.   1 انظر/ غاية النهاية "2/ 144, 145". 2 انظر/ غاية النهاية "2/ 91". 3 انظر/ غاية النهاية "1/ 391". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 149 وروى عنه ابن قانع، ومحمد بن إسحاق بن أيوب، ومحمد بن علي بن سهل الأصبهانيان، وأبو القاسم الطبراني، وطائفة سواهم. وثقه الخطيب وغيره، ومات في شوال، سنة إحدى وتسعين ومائتين1. 55- محمد بن جرير الطبري الإمام أبو جعفر، صاحب المصنفات والتفسير والتاريخ. ولد بآمل طبرستان، سنة أربع وعشرين ومائتين، ورحل في العلم، وله عشرون سنة، فقرأ القرآن على سليمان بن عبد الرحمن الطلحي، صاحب خلاد. وسمع حرف نافع، من يونس بن عبد الأعلى، وسمع الحديث من ابن أبي الشوارب، وإسحاق بن أبي إسرائيل، وإسماعيل بن موسى الفزاري، وأحمد بن منيع, ومحمد بن حميد الرازي، وأبي كريب وهناد، وخلق كثير، وصنف كتابا حسنا في القراءات، أخذ عنه ابن مجاهد، ومحمد بن أحمد الداجوني. وأبو طاهر بن أبي هاشم، وغيرهم، وتفقه عليه خلق كثير، وحدث عنه أبو شعيب الحراني، مع تقدمه، وأحمد بن كامل القاضي. وأبو القاسم الطبراني، وعبد الغفار الحضيني، وأبو عمرو بن حمدان، ومخلد الباقرحي والجعابي، وآخرون. قال أبو بكر الخطيب: محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الطبري، ثم سرد ترجمته. وقال ابن عساكر: قرأ القرآن ببيروت، على العباس بن الوليد بن مزيد، قال الخطيب: كان أحد أئمة العلم، يحكم بقوله، ويرجع إلى رأيه، لمعرفته وفضله. وكان قد جمع بين العلوم، ما لم يشاركه فيه أحد، من أهل عصره فكان حافظا لكتاب الله، عارفا بالقراءات، بصيرا بالمعاني، فقيها في أحكام القرآن, عالما بالسنن وطرقها، صحيحها وسقيمها، وناسخها ومنسوخها، عارفا بأقوال الصحابة والتابعين، عارفا بأيام الناس وأخبارهم. وله كتاب تهذيب الآثار، لم أر مثله في معناه، لكن لم يتمه، وله في أصول الفقه وفروعه، كتب كثيرة، واختيار من أقاويل الفقهاء.   1 انظر/ شذرات الذهب "2/ 208". غاية النهاية "2/ 56". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 150 وتفرد بمسائل حفظت عنه وقال أبو محمد الفرغاني: صاحب ابن جرير إن قوما من تلامذة محمد بن جرير، حسبوا له منذ بلغ الحلم، إلى أن مات. ثم قسموا على تلك المدة، أوراق مصنفاته، فصار لكل يوم أربعة عشر ورقة. وقال أبو حامد الإسفراييني: شيخ الشافعية، لو سافر رجل إلى الصين، حتى يحصل تفسير محمد بن جرير، لم يكن كثيرا. قلت: قد سقنا أخبار محمد بن جرير، في تاريخ الإسلام، وفي مختصر تاريخ دمشق، وتوفي في شوال، سنة عشر وثلاثمائة ببغداد، ولم يخلف مثله1. 56- الحسين بن إبراهيم بن أبي عجرم، أبو عيسى الأنطاكي. قرأ على أحمد بن جبير، قرأ عليه عبد الله بن اليسع الأنطاكي وعلي بن الحسن الغضائري، وغيرهما2. 57- محمد بن هارون بن نافع، أبو بكر التمار. مقرىء أهل البصرة، وأبصرهم بحرف يعقوب، قرأ على محمد بن المتوكل رويس، وهو أجل أصحاب رويس. قرأ عليه أبو بكر بن الأنباري، وأبو بكر النقاش وأبو الفرج الشنبوذي، وأبو طاهر بن أبي هاشم. وأحمد بن محمد اليقطيني، وعبيد الله بن سليمان النحاس، وأبو أحمد السامري، وأبو بكر محمد بن علي الجلندا. وذكر الجلندا، أنه عرض عليه ختمة، وأعطاه ثمانية عشر درهما، توفي بعد سنة عشر وثلاثمائة3.   1 انظر/ تاريخ بغداد "2/ 162-169". تذكرة الحفاظ "2/ 710". طبقات الشيرازي "93". النجوم الزاهرة "3/ 205". غاية النهاية "2/ 106-108". 2 انظر/ غاية النهاية "1/ 237". 3 انظر/ غاية النهاية "2/ 271, 272". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 151 الطبقة الثامنة : 1- أبو بكر الداجوني محمد بن أحمد بن عمر الرملي، الضرير المقرئ، وهو الداجوني الكبير. أحد من عني بهذا الشأن، ورحل إلى الشيوخ، وجمع القراءات، قرأ على هارون الأخفش، الدمشقي، ومحمد بن موسى الصوري، والعباس بن الفضل الرازي. وأحمد بن محمد بن عبد الله البيساني، وإسماعيل بن الحويرس البزاز وجماعة. قرأ عليه أبو بكر بن مجاهد، وعبد الله بن محمد القباب الأصبهاني وزيد بن أبي بلال الكوفي. والعباس بن محمد الداجوني الصغير، وأحمد العجلي، وشيخ أبي علي الأهوازي، وأظنه صنف كتابا في القراءات، توفي بعد العشرين وثلاثمائة, فقيل مات سنة أربع وعشرين وثلاثمائة1. 2- أحمد بن محمد بن عثمان بن شبيب، أبو بكر الرازي، نزيل مصر. عرض القرآن على أحمد بن أبي سريج، والفضل بن شاذان، وموسى بن محمد بن هارون، صاحب البزي، ويمكن أن يدخل في الطبقة الماضية، لأنه كبير. روى عنه الحروف الداجوني. وأحمد بن محمد بن إسماعيل المهندس، والحسن بن رشيق، توفي بمصر، سنة اثنتي عشرة وثلاثمائة، وممن قرأ عليه أبو الفرج الشنبوذي. وأبو العباس أحمد بن محمد العجلى، شيخ الأهوازي، ولكن بعضهم يقول: أحمد بن محمد بن عبد الله الرازي، وبعضهم يقول: أحمد بن محمد بن عبد الصمد الرازي. وبعضهم يقول: أحمد بن محمد بن يزيد الرازي، فما أدري هل الكل واحد، أو اثنان   1 انظر/ غاية النهاية "2/ 77". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 152 فصاعدا، ولم يختلفوا في أن شيخه الفضل بن شاذان1. 3- أحمد بن موسى بن العباس بن مجاهد شيخ العصر أبو بكر البغدادي العطشي، المقرئ الأستاذ، مصنف كتاب القراءات السبعة، ولد سنة خمس وأربعين ومائتين، بسوق العطش من بغداد. وسمع الحديث من سعدان بن نصر، وأحمد بن منصور الرمادي، ومحمد بن عبد الله المخرمي، وأبي بكر الصغاني، وعباس الدوري، وخلق وقرأ القرآن على أبي الإعراء بن عبدوس، وقنبل المكي. وسمع القراءات من طائفة كبيرة، مذكورين في صدر كتابه، وتصدر للإقراء، وازدحم عليه أهل الأداء، ورجل إليه من الأقطار وبعد صيته. قرأ عليه أبو طاهر عبد الواحد بن أبي هاشم، وصالح بن إدريس وأبو عيسى بكار بن أحمد، وأبو بكر الشذائي، وأبو الفرج الشنبوذي وأبو الحسين عبيد الله بن البواب. وعبد الله بن الحسين السامري، وأحمد بن محمد العجلي، وأبو علي بن حبش الدينوري، وأبو الفتح بن بدهن، وعلي بن الحسين الغضائري وطلحة بن محمد بن جعفر، ومنصور بن محمد بن منصور القزاز. وأبو علي الحسين بن عثمان المجاهدي، وحدث عنه أبو حفص، عمر بن شاهين، وعمر بن إبراهيم الكتاني، وأبو بكر بن شاذان، وأبو الحسن الدارقطني. وأبو مسلم محمد بن أحمد الكاتب، وكان ثقة حجة، قال أبو عمرو الداني: فاق ابن مجاهد في عصره، سائر نظائره من أهل صناعته، مع اتساع علمه، وبراعة فهمه، وصدق لهجته، وظهور نسكه. تصدر للإقراء، في حياة محمد بن يحيى الكسائي الصغير. وقال عبد الواحد بن أبي هاشم: سأل رجل ابن مجاهد، لم لا يختار الشيخ لنفسه حرفا يحمل عنه؟ فقال: نحن أحوج إلى أن نعمل أنفسنا في حفظ ما مضى عليه أئمتنا، أحوج منا إلى اختيار حرف يقرأ به من بعدنا. وقال فارس بن أحمد: انفرد ابن مجاهد، عن قنبل بعشر أحرف لم يتابع عليها، وقال علي بن عمر المقرئ: كان ابن مجاهد له في حلقته أربعة وثمانون خليفة، يأخذون على الناس، وقال عبد الباقي بن الحسن: كان في حلقة ابن مجاهد، خمسة عشر رجلا، أضراء يتلقنون لعاصم.   1 انظر/ غاية النهاية "1/ 123". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 153 قلت: آخر من روى السبعة لابن مجاهد، أبو اليمن الكندي، تفرد بعلو رواية الكتاب، عن ابن توبة عن الصريفيني، عن أبي حفص الكتاني، عنه. قرأت الكتاب كله على عمر بن عبد المنعم الطائي، عن الكندي إجازة، توفي في شعبان سنة أربع وعشرين وثلاثمائة1. 4- أحمد بن عبد الله بن محمد بن هلال أبو جعفر الأزدي المصري، أحد الأئمة القراء بمصر. قرأ على أبيه وعلى إسماعيل بن عبد الله النحاس، وسمع الحروف من بكر بن سهل الدمياطي، وتصدر للإقراء، قرأ عليه المظفر بن أحمد أبو غانم، ومحمد بن أحمد بن أبي الأصبغ، وحمدان بن عون. وسعيد بن جابر الأندلسي، وعتيق ابن ما شاء الله المصري، وآخرون، قال أبو سعيد بن يونس في تاريخه: توفي في ذي القعدة سنة عشر وثلاثمائة2. 5- أحمد بن علي أبو علي البغدادي السمسار، تلقن القرآن وجوده، على أحمد بن يحيى الكسائي الصغير، وهو أنبل أصحابه. وروى عن محمد بن الجهم السمري، روى عنه القراءة بكار بن أحمد، وعبد الواحد بن أبي هاشم، وزيد بن أبي بلال، وأحمد بن عبد الرحمن الولي وغيرهم وتصدر للإقراء3. 6- إبراهيم بن محمد بن عرفة أبو عبد الله العتكي الواسطي، نفطويه النحوي صاحب التصانيف روى عن إسحاق بن وهب العلاف وشعيب بن أيوب الصريفيني. وأحمد بن عبد الجبار العطاردي ومحمد بن عبد الملك الدقيقي. وخلق, وقرأ على محمد بن عمرو بن عون بواسط وغيره, وأخذ الحروف عن شعيب بن أيوب وعن محمد بن الجهم. قرأ عليه علي بن سعيد القزاز بن ذؤابة ومحمد بن أحمد الشنبوذي، وأحمد بن نصر الشذائي، وسمع منه عبد الواحد بن أبي هاشم وأبو بكر بن شاذان، والمعافا الجريري، وأبو حفص الكتاني، وأبو بكر المقرئ وطائفة.   1 انظر/ شذرات الذهب "2/ 302". غاية النهاية "1/ 139". 2 انظر/ غاية النهاية "1/ 74". 3 انظر/ غاية النهاية "1/ 90". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 154 وكان ممن ينكر الاشتقاق، ويحليه، ومن محفوظاته نقائض جرير والفرزدق، وشعر ذي الرمة. أخذ النحو عن ثعلب، والمبرد، ومحمد بن الجهم، وخلط نحو الكوفيين بنحو البصريين، وكان من أذكياء العالم، رأسا في مذهب داود بن علي. صنف تاريخ الخلفاء في سفرين، وكتاب غريب القرآن، وكتاب البارع وكتاب المقنع في النحو، وكان صاحب سنة وجماعة. توفي في صفر، سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة ببغداد1. 7- موسى بن عبيد الله بن يحيى بن خاقان الإمام، أبو مزاحم الخاقاني، المقرئ المحدث من أولاد الوزراء. سمع من عباس الدوري، وأبي بكر المروري، وأبي قلابة الرقاشي وغيرهم وجود القرآن على الحسن بن عبد الوهاب، صاحب الدوري، وبرع في قراءة الكسائي. وأقرأ الناس، ونظم القصيدة المشهورة في التجويد، فأجاد، قرأ عليه أحمد بن نصر الشذائي، وأبو الفرج الشنبوذي، وحدث عنه أبو بكر الآجري المجاور. وأبو طاهر بن أبي هاشم، وأبو عمر بن حيويه، وأبو حفص بن شاهين وجماعة، وكان من جلة العلماء، قال الخطيب: كان ثقة من أهل السنة. مات في ذي الحجة سنة خمس وعشرين وثلاثمائة2. 8- أحمد بن محمد بن إسماعيل المقرئ أبو بكر الأدمي، المعروف بالحمزي، لأنه كان عارفا بحرف حمزة. أقرأ الناس ببغداد في بروج المدينة مدة، وحمل الناس عنه لزهده وإتقانه وهو أجل أصحاب سليمان بن يحيى الضبي. قرأ عليه محمد بن عبد الله بن أشته الأصبهاني، ومحمد بن أحمد الشنبوذي، وعبد الله بن الحسين السامري. وقد حدث عن الحسن بن عرفة، والفضل بن سهل الأعرج، روى عنه مثل الدارقطني، وابن شاهين.   1 انظر/ شذرات الذهب "2/ 298، 299". غاية النهاية "1/ 25". 2 انظر/ شذرات الذهب "2/ 307". غاية النهاية "2/ 320". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 155 وكان ثقة في الحديث والقراءة توفي سنة سبع وعشرين وثلاثمائة1. 9- سليمان يحيى الضبي: قرأ عليه محمد بن عبد الله بن أشته الأصبهاني، ومحمد بن أحمد الشنبوذي، وعبد الله بن الحسين السامري. وقد حدث عن الحسن بن عرفة، والفضل بن سهل الأعرج، روى عنه مثل الدارقطنى، وابن شاهين، وكان ثقة في الحديث والقراءة، توفي سنة إحدى وتسعين ومائتين2. 10- أبو الحسن بن شنبوذ هو محمد بن أيوب بن الصلت، ومنهم من يقول: ابن الصلت بن أيوب بن شنبوذ البغدادي. شيخ الإقراء بالعراق. مع ابن مجاهد. قرأ القرآن على عدد كثير بالأمصار، منهم قنبل وإسحاق الخزاعي، والحسن بن العباس، وإدريس بن عبد الكريم. وهارون بن موسى الأخفش، وإسماعيل بن عبد الله المصري، وبكر بن سهل الدمياطي، وقيل لم يتل عليه، ومحمد بن شاذان، والقاسم بن أحمد، وأبي حسان العنزي. وأحمد بن نصر بن شاكر، صاحب الوليد بن عتبة، وأحمد بن بشار الأنباري، صاحب الدوري، وإبراهيم الحربي، والزبير بن محمد العمري، المدني صاحب قالون. ومحمد بن يحيى الكسائي الصغير، وموسى بن جمهور، وأحمد بن محمد الرشديني، وتهيأ له من لقاء الكبار ما لم يتهيأ لابن مجاهد. وقرأ بالمشهور والشاذ، وسمع من إسحاق الدبري، صاحب عبد الرزاق ومن عبد الرحمن بن محمد بن منصور الحارثي، ومحمد بن الحسين الحقيقي وغيرهم. وقرأ عليه عدد كثير، منهم أحمد بن نصر الشذائي، ومحمد بن أحمد الشنبوذي، تلميذه، وعلي بن الحسين الغضائري، وأبو الحسين أحمد بن عبد الله، وعبد الله بن أحمد السامري. وغزوان بن القاسم، ومحمد بن صالح، والمعافى بن زكريا الجريري وأبو العباس   1 انظر/ غاية النهاية "1/ 106". 2 هكذا في أوسقط من ب وهي ترجمة مكررة تقدمت. طالب العلم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 156 المطوعي، وابن فورك القباب، وإدريس بن علي المؤدب، واعتمد أبو عمرو الداني، والكبار على أسانيده في كتبهم. وروى عنه أبو بكر بن شاذان، وعمر بن شاهين، وأحمد بن محمد بن إبراهيم النيسابوري، وأبو طاهر بن أبي هاشم، وأبو الشيخ بن حيان. وكان يرى جواز الصلاة بما جاء في مصحف أبي، ومصحف ابن مسعود، وبما صح في الأحاديث، مع أن الاختلاف في جوازه معروف بين العلماء قديما وحديثا، ويتعاطى ذلك. وكان ثقة في نفسه، صالحا دينا متبحرا في هذا الشأن، لكنه كان يحط على ابن مجاهد، ويقول: هذا العطشى لم تغبر قدماه في طلب العلم، ويعني أنه لم يرحل من بغداد، وليس الأمر كذلك، قد حج وقرأ على قنبل بمكة. قال محمد بن يوسف الحافظ: كان ابن شنبوذ إذا أتاه رجل من القراء، قال: هل قرأت على ابن مجاهد؟ فإن قال نعم لم يقرئه. قال أبو بكر الجلاء المقرئ: كان ابن شنبوذ رجلا صالحا، قال أبو عمرو الداني: سمعت عبد الرحمن بن عبد الله الفرائضي، يقول: استتيب ابن شنبوذ على هذه الآية: {وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [المائدة: 118] قرأ: "فَإِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ". قال لنا عبد الرحمن: فسمعت أبا بكر الأنهري، يقول: أنا كنت ذلك اليوم الذي نوظر فيه ابن شنبوذ، حاضرا مع جملة الفقهاء، وابن مجاهد بالحضرة. قال الداني: حدثت عن إسماعيل بن عبد الله الأشعري، حدثنا أبو القاسم بن زنجي الكاتب الأنباري، قال: حضرت مجلس الوزير أبي علي بن مقلة، وزير الراضي, وقد أحضر ابن شنبوذ، وجرت معه مناظرات في حروف، حكي عنه أنه يقرأ بها، وهي شواذ، فاعترف منها بما عمل به، محضر بحضرة أبي علي بن مقلة، وأبي بكر بن مجاهد. ومحمد بن موسى الهاشمي، وأبي أيوب محمد بن أحمد، وهما يومئذ شاهدان مقبولان، نسخة المحضر، سئل محمد بن أحمد بن أيوب المعروف بابن شنبوذ، عما حكي عنه أنه يقرؤه، وهو "فَامْضُوا إِلَى ذِكْرِ اللهِ"1، فاعترف به.   1 يريد: {فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [سورة الجمعة: من الآية 9] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 157 وعن "وَيَجْعَلُونَ شُكْرَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ"1، وعن "كُلِّ سَفِينَةٍ صَالِحَةٍ2، غَصْبًا" فاعترف به، وعن "كَالصُّوفِ الْمَنْقُوشِ"3، فاعترف به، وعن "فَالْيَوْمَ نُنَحِّيكَ بِبَدَنِكَ"4، فاعترف به. وعن "فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْإِنْسُ أَنَّ الْجِنَّ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبَثُوا حَوْلًا فِي الْعَذَابِ"5 فاعترف به، وعن "وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى"6 فاعترف به. وعن "فَقَدِ كَذَّبَ الْكَافِرُونَ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا"7، وعن "وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيَسْتَعِينُونَ اللهَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ، وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ"8، وعن "فَسَادٍ عَرِيضٍ فَاعْتَرَفَ بِذَلِكَ"9. وفيه اعترف ابن شنبوذ بما في هذه الرقعة بحضرتي، وكتب ابن مجاهد بيده يوم السبت لست خلون بن ربيع الآخر سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة. ونقل ابن الجوزي وغير واحد، في حوادث سنة ثلاث هذه، أن ابن شنبوذ، أحضر. وأحضر عمر بن محمد بن يوسف القاضي، وابن مجاهد، وجماعة من القراء. ونوظر فأغلظ للوزير في الخطاب، وللقاضي، ولابن مجاهد، ونسبهم إلى قلة المعرفة، وأنهم ما سافروا في طلب العلم، كما سافر. فأمر الوزير بضربه سبع درر، وهو يدعو على الوزير، بأن يقطع الله يده، ويشتت شمله، ثم أوقف على الحروف التي يقرأ بها، فأهدر منها ما كان شنعا.   1 الصحيح: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ} [سورة القارعة: الآية 82] . 2 {كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا} [سورة الكهف: من الآية 79] . 3 الصحيح المتواتر {كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ} [سورة القارعة: من الآية 5] . 4 الصحيح والمتواتر: {فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ} [سورة يونس: من الآية 92] . 5 الصحيح المتواتر: {فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ} [سورة سبأ: الآية 14] . 6 الصحيح المتواتر: {أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى} [سورة النجم: الآية 21] . 7 الصحيح المتواتر: {فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا} [سورة الفرقان: من الآية 77] . 8 الصحيح المتواتر: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [سورة التوبة: الآية 71] . 9 الصحيح المتوتر: {إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ} [سورة الأنفال: من الآية 73] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 158 وتوبوه عن التلاوة بها غصبا، وقيل إنه أخرج من بغداد، فذهب إلى البصرة، وقيل إنه لما ضرب بالدرة، جرد وأقيم بين الهبارين، وضرب نحو العشر، فتألم وصاح وأذعن بالرجوع. وقد استجيب دعاؤه على الوزير، وقطعت يده وذاق الذل، توفي ابن شنبوذ، في صفر سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة، وفيها هلك ابن مقلة1. 11- محمد بن القاسم بن محمد بن بشار بن الحسن العلامة، أبو بكر بن الأنباري، المقرئ النحوي البغدادي. صاحب التصانيف، ولد سنة إحدى وسبعين ومائتين. روى القراءة عن أبيه، وإسماعيل القاضي، وسليمان بن يحيى الضبي، وأحمد بن سهل الأشناني، وإدريس بن عبد الكريم، ومحمد بن هارون التمار، وطائفة وقرأ على بعضهم. وسمع من الكديمي، وهو أكبر شيخ له، وأحمد بن يحيى ثعلب، وأحمد بن الهيثم البزاز، روى عنه عبد الواحد بن أبي هاشم، وأبو الفتح بن بدهن، وأحمد بن نصر الشذائي. وأبو علي إسماعيل القالي، وصالح بن إدريس، والحسين بن خالويه، وأبو عمر بن حيويه، والدارقطني، وابن أخي ميمي وخلق كثير، من آخرهم محمد بن أحمد أبو مسلم الكاتب. روى عنه الداني كتاب الوقف، والابتداء، قال أبو علي القالي: كان ابن الأنباري، يحفظ ثلاثمائة ألف بيت شاهدا في القرآن. وكان ثقة صدوقا، وقال أبو علي التنوخي: كان ابن الأنباري يملي من حفظه، ما أملى قط من دفتر، وقال حمزة بن محمد بن طاهر: كان ابن الأنباري، زاهدا متواضعا. حكى الدارقطني، أنه حضره في مجلس يوم الجمعة، فصحف اسما، فأعظمت له أن يحمل عنه وهم، وهبته، فلما انقضى المجلس، عرفت مستمليه. فلما حضرت الجمعة الثانية، قال ابن الأنباري، للمستملي: عرف الجماعة، أنا صحفنا الاسم الفلاني، ونبهنا ذلك الشاب على الصواب.   1 انظر/ شذرات الذهب "2/ 311". غاية النهاية "2/ 52". المنتظم "6/ 308". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 159 قال محمد بن جعفر التميمي: ما رأينا أحفظ من ابن الأنباري، ولا أغزر من علمه، حدثوني عنه أنه قال: أحفظ ثلاثة عشر صندوقا، التميمي، وهذا ما لا يحفظ لأحد قبله. وحدثت أنه كان يحفظ مائة وعشرين تفسيرا، بأسانيدها. وقال لي أبو الحسن العروضي: كان ابن الأنباري يتردد إلى أولاد الراضي بالله، فسألته جارية عن تعبير رؤيا، فقال: أنا حاقن، ومضى. فجاء من الغد وقد صار عابرا، مضى من يومه فدرس كتاب الكرماني. وقيل: إن ابن الأنباري، أملى كتاب غريب الحديث في خمسة وأربعين ألف ورقة. وله كتاب شرح الكافي في ألف ورقة، وكتاب الأضداد، وهو كبير، وكتاب الجاهليات في سبع مائة ورقة، وكان رأسا في نحو الكوفيين، وله كتاب المذكر والمؤنث، ما ألف أحد أكبر منه. توفي ليلة الأضحى سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة، ببغداد، وكان أبوه أديبا لغويا علامة مصنفا1. 12- أحمد بن يعقوب التائب المقرئ أبو الطيب الأنطاكي، رأى أحمد بن جبير، وحضر مجلسه مرات، ولم يقرأ عليه. وقرأ على صاحبه عبيد الله بن صدقة، بخمس روايات، وعلى محمد بن حفص الخشاب صاحب السوسي، وروى الحديث عن أبي أمية الطرسوسي وعثمان بن خرزاذ وجماعة. قال الداني: له كتاب حسن في القراءات، وهو إمام في هذه الصنعة ضابط بصير بالعربية، أخذ عنه القراءة علي بن محمد بن بشر الأنطاكي نزيل الأندلس، وعبد الله بن عمر البغدادي، وعلي بن محمد. وقال بعض الشيوخ: لم يكن بعد ابن مجاهد أعرف من أحمد بن يعقوب التائب، بحروف القراء، توفي بأنطاكية سنة أربعين وثلاثمائة2. 13- محمد بن عمر بن خيرون المعافري، أبو عبد الله المغربي شيخ الإقراء بالقيروان.   1 انظر/ شذرات الذهب "2/ 315, 316". غاية النهاية "2/ 230, 231". 2 انظر/ غاية النهاية "1/ 151". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 160 رحل وقرأ على إسماعيل النحاس، وأبي بكر سيف، ومحمد بن سعيد الأنماطي، وعبيد بن محمد المعروف برجال، وحذق في قراءة ورش. وله مسجد بالقيروان منسوب إليه. قال أبو عمرو الداني: روى القراءة عنه عامة أهل القيروان، وسائر المغرب، فممن اشتهر بالنقل عنه أبناء محمد وعلي، وأبو جعفر أحمد بن بكر، وأبو بكر الهواري، وعبد الحكم بن إبراهيم. وكان رجلا صالحا فاضلا، كريم الأخلاق، إماما في القرآن شديد الأخذ، ولم يكن يقرأ أهل إفريقية بحرف، نافع، إلا خواص حتى قدم ابن خيرون، فاجتمع عليه الناس. وقد سمع من عيسى بن مسكين، توفي بمدينة سوسة في نصف شعبان سنة ست وثلاثمائة1. 14- محمد بن عبد العزيز بن الصباح المكي أبو عبد الله من جلة المقرئين، قرأ على قنبل وأبي ربيعة، ومحمد بن إسحاق بن أعين. قرأ عليه علي بن محمد الحجازي، ومحمد بن زريق البلدي، وعبد الله بن الحسين السامري2. 15- محمد بن يونس الحضرمي البغدادي المطرز المقرئ. أخذ القراءة عرضا وسماعا، عن محمد بن عبد الرحيم الأصبهاني، وأحمد بن محمد بن صدقة، وجعفر بن محمد بن حرب، وجماعة. قال الداني: مقرئ متصدر مشهور، وروى القراءة عنه عبد الواحد بن عمر، وأحمد بن محمد بن بشر المروروذي وغيرهما3. 16- أحمد بن جعفر بن محمد بن عبيد الله بن المنادي، أبو الحسين المقرئ الحافظ البغدادي. قرأ على جماعة، وأخذ عنهم القراءات، كإدريس بن عبد الكريم، وسليمان بن يحيى الضبي، والفضل بن مخلد، وسمع الحديث من جده أبي جعفر، ومحمد بن عبد الملك الدقيقي، وأبي بكر الصغاني، وأبي داود السجستاني، وطبقتهم.   1 انظر/ غاية النهاية "2/ 172, 173". 2 انظر/ غاية النهاية "2/ 172, 173". 3 انظر/ غاية النهاية "2/ 289, 290". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 161 قرأ عليه أحمد بن نصر الشذائي، وعبد الواحد بن أبي هاشم، وروى عنه أبو عمر بن حيويه، ومحمد بن فارس الفوري وجماعة. قال الداني: مقرئ جليل، غاية في الإتقان، فصيح عالم بالآثار، نهاية في علم العربية، ثقة مأمون صاحب سنة. وقال الخطيب: كان صلب الدين، شرس الأخلاق، صنف أشياء وجمع. توفي في المحرم، سنة ست وثلاثين وثلاثمائة1. 17- محمد بن موسى بن سليمان الزينبي الهاشمي أبو بكر البغدادي أحد من عني بالقراءات. قرأ على قنبل وإسحاق الخزاعي، وجماعة، قال الداني: أهل مكة لا يثبتون قراءته على قنبل. وهو إمام في قراءة المكيين، قرأ عليه أبو الفتح بن بدهن، وأحمد بن عبد الرحمن الولي, وأحمد بن نصر الشذائي، وغيرهم. قال: وتوفي قريبا من سنة عشرين وثلاثمائة2. 18- مظفر بن أحمد بن حمدان أبو غانم المصري، المقرئ النحوي، أجل أصحاب أحمد بن هلال، وأضبطهم. قال أبو عمرو الداني: قرأ عليه محمد بن علي الأدفوي، ومحمد بن خراسان الصقلي، وعامة أهل مصر، توفي في ربيع الأول، سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة، وله مصنف في اختلاف السبعة3. 19- محمد بن يعقوب بن الحجاج التيمي المعدل البصري يكنى أبا العباس. قرأ على أبي الزعراء صاحب الدوري، ومحمد بن وهب الثقفي، وهو أكبر أصحاب الثقفي، وروى عن أبي داود السجستاني، ومحمد بن الجهم اللؤلؤي، قرأ عليه محمد بن عبد الله بن أشته، وعلي بن محمد بن خشنام المالكي، وأبو أحمد السامري. قال أبو عمرو الداني: انفرد بالإمامة في عصره ببلده، فلم ينازعه في ذلك أحد من أقرانه، مع ثقته وضبطه وحسن معرفته4.   1 انظر/ شذرات الذهب "2/ 343". غاية النهاية "1/ 44". 2 انظر/ غاية النهاية "2/ 267، 268". 3 انظر/ غاية النهاية "2/ 301". 4 انظر/ غاية النهاية "2/ 282". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 162 20- إبراهيم بن عبد الرزاق بن الحسن أبو إسحاق الأنطاكي المقرئ، أحد الحذاق. أخذ القراءة عرضا وسماعا عن طائفة كبار، فقرأ على هارون بن موسى الأخفش، وقنبل وعثمان بن خرزاذ، وإسحاق الخزاعي، وأحمد بن أبي الرجاء، ووالده، وشهاب بن طالب، والفضل بن زكريا، صاحبي أحمد بن جبير. وصنف كتابا في القراءات الثمان. وروى عن أبي أمية الطرسوسي، ومحمد بن إبراهيم الصوري، ويزيد بن عبد الصمد، وعلي بن عبد العزيز البغوي وغيرهم. قال أبو عمرو الداني: مقرئ جليل ضابط مشهور، ثقة مأمون، روى عنه القراءة عرضا محمد بن الحسن بن علي، وعلي بن محمد بن بشر الأنطاكيين، وعبد المنعم بن غلبون. قلت: وعلي بن إسماعيل البصري، وأبو علي بن حبش الدينوري. وكان مقرئ الشام في زمانه معرفة وإسنادا، حدث عنه أبو أحمد محمد بن جامع الدهان، وشهاب بن محمد الصوري، ومحمد بن أحمد الملطي، ومحمد بن أحمد بن جميع الغساني. قال أبو الفتح فارس: مات في سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة، وقال غيره: في شعبان سنة تسع، وقيل إنه لم يتل على قنبل. قال محمد بن الحسن الأنطاكي: سمعته يقول: أتيت مكة وقنبل حي، وقرأت هذه القراءات من هذا الكتاب، الذي رواه قنبل، وهو يسمع فما رد علي شيئا، وما أرى ذلك إلا لصحة قراءتي. وذلك أني حفظتها بعينها، وقد رحلت إلى المصيصة، وبها أحمد بن حفص الخشاب، فأخذت قراءة أبي عمرو عنه، وكان قد قرأها على السوسي. وقرأت على جماعة من أصحاب أحمد بن جبير، وقرأت على الأخفش، مقرئ أهل الشام. وقال عبد المنعم بن غلبون: قلت لابن عبد الرزاق، كيف سمعت الكتاب من قبل، ولم تقرأ عليه. قال: لأنه كان قطع الإقراء قبل موته بسبع سنين. قال علي بن محمد بن بشر الأنطاكي: توفي شيخنا في شعبان سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة1.   1 انظر/ شذرات الذهب "2/ 346". غاية النهاية "1/ 16". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 163 21- محمد بن الحسن بن يونس أبو العباس الكوفي، المقرئ النحوي. أخذ القراءة عرضا عن الحسن بن علي الشحام صاحب قالون وعن عبد الواحد بن أحمد عن ابن المسيبي، وعن غيرهما. قال أبو عمرو الداني: مشهور ثقة ضابط جليل. روى القراءة عنه عرضا زيد بن علي الكوفي، ومحمد بن عبد الله الجعفي القاضي، ومحمد بن جعفر التميمي، وأحمد بن نصر الشذائي وعلي بن محمد الشاهد، ومحمد بن محمد بن فيروز الكرجي، وآخرون. وقد قرأ أيضا على إسماعيل القاضي، وعلى علي بن الحسن التميمي، صاحب محمد بن غالب الصيرفي1. 22- الحسن بن حبيب بن عبد الملك أبو علي الحصائري الدمشقي، الفقيه المقرئ. قرأ على هارون الأخفش، وحدث عن الربيع بن سليمان، ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم، وأبي أمية الطرسوسي، وكان يروي كتاب الأم للشافعي -رضي الله عنه، ويعرفه ويشتغل في المذهب. روى عنه القراءة أبو الطيب بن غلبون، وحدث عنه ابن المقرئ، وابن جميع الغساني، وتمام الرازي، وأبو بكر بن أبي الحديد، وأبو حفص بن شاهين، وعبد الواحد بن عمر بن أبي نصر، وعبد الرحمن بن عثمان بن أبي نصر التميمي. وكان مولده سنة اثنتين وأربعين ومائتين. قال عبد العزيز الكتاني: ثقة نبيل حافظ لمذهب الشافعي -رضي الله عنه. مات في ذي القعدة سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة، قال ابن عساكر: وكان إمام مسجد باب الجابية2. 23- جعفر بن أبي داود حمدان بن سليمان أبو الفضل النيسابوري، المقرئ المؤدب، نزيل دمشق. قرأ على هارون الأخفش، وكان من حذاق أصحابه، قرأ عليه عبد الله بن عطية، وأبو بكر محمد بن أحمد الجنبي وجماعة, توفي في صفر سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة بدمشق3.   1 انظر/ غاية النهاية "2/ 125، 126". 2 انظر/ شذرات الذهب "2/ 346". غاية النهاية "1/ 209". 3 انظر/ غاية النهاية "1/ 191". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 164 24- محمد بن النضر بن مر بن الحر الربعي، الإمام أبو الحسن بن الأخرم الدمشقي، صاحب هارون بن موسى بن شريك. قرأ على هارون، وعلى جعفر بن محمد بن كزاز، وانتهت إليه رياسة الإقراء بالشام، وكان له حلقة عظيمة، وتلامذة جلة. قال أبو عمرو الداني: روى القراءة عنه عرضا أحمد بن عبد العزيز بن بدهن، وأحمد بن نصر الشذائي، ومحمد بن أحمد الشنبوذي، ومحمد بن الخليل، وصالح بن إدريس، وعلي بن محمد بن بشر الأنطاكي، وعبد الله بن عطية المفسر. وأبو الفتح المظفر بن برهام، وعلي بن داود الداراني، ومحمد بن حجر، وجماعة لا يحصى عددهم. قلت: منهم محمد بن أحمد السلمي الجبني شيخ الأهوازي، وسلامة بن الربيع المطرز، وأبو بكر أحمد بن مهران. وقد أخطأ عبد الباقي بن الحسن في اسمه واسم أبيه، فقال فيه: علي بن الحسن بن مر. وقال علي بن داود: لما قدم ابن الأخرم بغداد، حضر مجلس ابن مجاهد، فقال لأصحابه: هذا صاحب الأخفش الدمشقي، فاقرءوا عليه, فكان ممن قرأ عليه أبو الفتح بن بدهن. وقال الشنبوذي: قرأت على أبي الحسن المعروف بابن الأخرم، فما رأيت شيخا أحسن معرفة منه بالقرآن، ولا أحفظ. وكان مع ذلك يحفظ تفسيرا كثيرا، ومعاني، قال لي: إن الأخفش لقنه القرآن. وقال عبد الباقي بن الحسن: قال لي ابن الأخرم: قرأت على الأخفش، وكان يأخذ علي في منزلي، قال عبد الباقي: كان أبوه يخلص للأخفش رزقه من السلطان في كل سنة. قال أبو القاسم بن عساكر: طال عمر ابن الأخرم، وارتحل الناس إليه. وكان عارفا بعلل القراءات بصيرا بالتفسير والعربية، متواضعا حسن الأخلاق كبير الشأن. وقال محمد بن علي السلمي: قمت ليلة المؤذن الكبير لأخذ النوبة على ابن الأخرم، فوجدت قد سبقني ثلاثون قارئا، ولم تدركني النوبة إلى العصر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 165 قال أبو علي أحمد بن محمد الأصبهاني: توفي ابن الأخرم الربعي سنة إحدى وأربعين وثلاثمائة. وقال غيره: سنة اثنتين وأربعين. وقال عبد الباقي بن الحسن: توفي أبو الحسن بن الأخرم بعد سنة أربعين وصليت عليه في المصلى بعد الظهر، وكان يوما صائفا، وصعدت غمامة على جنازته من المصلى إلى قبره، فكانت شبه الآية له -رحمه الله1. 25- أحمد بن عثمان بن بويان أبو الحسين مقرئ أهل بغداد في وقته. قرأ على إدريس بن عبد الكريم الحداد، وأحمد بن محمد بن الأشعث العنزي، ومحمد بن أحمد بن واصل، وأبي عيسى الزينبي، قرأ عليه إبراهيم بن عمر البغدادي، وأبو الحسن علي بن محمد بن العلاف، وإبراهيم بن أحمد الطبري، وأحمد بن نصر الشذائي. وعبيد الله بن أبي مسلم الفرضي، ومحمد بن يوسف بن نهار الحرتكي وأبو الحسن علي بن عمر الدارقطني، وآخرون، وقد روى الحديث عن حمدان بن علي الوراق، وإدريس بن عبد الكريم، وموسى بن هارون. وروى عنه أبو نصر بن حسنون، وأبو رزقويه، ومحمد بن الحسين القطان. قال الخطيب: ثقة. وقال أبو عمرو الداني: هو ثقة، حافظ ضابط مشهور. قلت: ولد سنة ستين ومائتين، ومات سنة أبع وأربعين وثلاثمائة2. 26- محمد بن أحمد بن الحسن بن عمر أبو عبد الله الكسائي الأصبهاني، المقرئ مولى ثقيف. قرأ على محمد بن عبد الله بن شاكر، وجعفر بن عبد الله بن الصباح وحدث عن عبد العزيز بن معاوية القرشي، وعبد الله بن محمد بن النعمان. وأبي بكر بن أبي عاصم، وجماعة، قرأ عليه محمد بن عبد الله بن أشته، نزيل مصر، وغير واحد.   1 انظر/ غاية النهاية "2/ 270، 271". شذرات الذهب "2/ 361". 2 انظر/ شذرات الذهب "2/ 366". غاية النهاية "1/ 79، 80". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 166 وروى عنه أبو بكر بن المقرئ. وأبو بكر بن أبي علي الذكواني، ومحمد بن علي بن مصعب التاجر شيخ أبي علي الحداد، توفي سنة سبع وأربعين وثلاثمائة بأصبهان1. 27- أبو بكر النقاش محمد بن الحسن بن محمد بن زياد بن هارون الموصلي، ثم البغدادي المقرئ المفسر، أحد الأعلام. ولد سنة ست وستين ومائتين، وعني بالقراءات من صغره، فقرأ على الحسن بن العباس بن أبي مهران الرازي، سنة خمس وثمانين، وعلى إدريس بن عبد الكريم، وأحمد بن فرح المفسر، والحسين بن الحسين الصواف، ورحل في طلب الإسناد. فذكر أنه قرأ بدمشق على هارون الأخفش، وبمصر على إسماعيل بن عبد الله النحاس، وقرأ على أبي ربيعة محمد بن إسحاق، وعلى أبي أيوب سليمان بن يحيى الضبي. والقاسم بن أحمد الخياط، ذكر هؤلاء الداني، وسمى له غيرهم، وقال أيضا: وسمع الحروف من جماعة كبيرة، وطاف في الأمصار وتجول في البلدان. وكتب الحديث وقيد السنن، وصنف المصنفات في القراءات والتفسير وطالت أيامه، فانفرد بالإمامة في صناعته مع ظهور نسكه وورعه، وصدق لهجته وبراعة فهمه وحسن اضطلاعه واتساع معرفته. روى القراءة عنه عرضا خلق لا يحصى عددهم، منهم محمد بن عبد الله بن أشته، ومحمد بن أحمد الشنبوذي، والحسن محمد الفحام، وعلي بن عمر الدارقطني، والفرج بن محمد القاضي وشيخنا عبد العزيز بن جعفر. وقد سمع منه محمد بن أحمد الداجوني. قلت: ومات الداجوني قبله، بنحو من أربعين سنة، وقرأ عليه أبو بكر بن مهران، وأبو الحسن الحمامي، وعلي بن محمد العلاف، وأبو الفرج عبد الملك النهرواني، والحسن بن علي بن بشار السابوري وخلق. آخرهم موتا أبو القاسم، علي بن محمد الزيدي الحراني، وقد حدث عن أبي مسلم الكجي، وإسحاق بن سنين الختلي، وإبراهيم بن زهير الحلواني، ومحمد بن علي الصايغ، والحسن بن سفيان رحل إليه، والحسين بن إدريس الهروي وطبقتهم.   1 انظر/ شذرات الذهب "2/ 375". غاية النهاية "2/ 61". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 167 وممن روى عنه شيخه ابن مجاهد جعفر الخلدي، وابن شاهين، وأبو أحمد الفرضي، وأبو علي بن شاذان، وأبو القاسم الحرقي، وهو مصنف كتاب شفاء الصدور، في التفسير، وقد أتى فيه بالعجائب والموضوعات. وهو مع علمه وجلالته ليس بثقة، وخيار من أثنى عليه أبو عمرو الداني، فقبله وزكاه، على أنه قال: حدثنا فارس بن أحمد، سمعت عبد الله بن الحسين، سمعت ابن شنبوذ يقول: خرجت من دمشق، وقد فرغت من الأخفش، فإذا بقافلة مقبلة فيها أبو بكر بن النقاش، بيده رغيف فقال لي: ما فعل الأخفش، قلت: توفي، قال: فانصرف النقاش، ثم قال: قرأ على الأخفش، قلت: عبد الله بن الحسين ضعيف كثير الغلط، فلعله ما ضبط هذه الحكاية. وقد قال أبو الفرج الشنبوذي: قرأت على النقاش، وأخبرني أنه قصد دمشق للقاء الأخفش، فقرأ عليه القرآن من أوله إلى آخره. قال الداني: حدثنا عبد العزيز بن جعفر قرأت على النقاش، وقرأ على الأخفش، وكان النقاش يقول: وأي عين رأت الأخفش، منذ خمسين سنة؟ قلت: روى جماعة عن النقاش. قال: حدثنا أبو غالب ابن بنت معاوية بن عمرو، واسمه علي بن أحمد حدثنا جدي معاوية عن زائدة عن ليث عن مجاهد عن ابن عمر -رضي الله عنهما، رفعه "إن الله لا يقبل دعاء حبيب على حبيبه". قال الدارقطني: فأنكرت هذا على النقاش، وقلت له: إن أبا غالب ليس هو بابن بنت معاوية، وإنما أخوه لأبيه محمد، ومعاوية وزائدة ثقتان، وهذا حديث موضوع فرجع عنه. قال أبو بكر الخطيب: لا أعرف وجه قول الدارقطني في أبي غالب إنه ليس بابن معاوية، لأن أبا غالب يذكر أن أبا معاوية جده. وقد رواه أبو علي الكوكبي عن أبي غالب عن جده عن معاوية بن عمرو فذكره النقاش: حدثنا يحيى بن محمد المديني، حدثنا إدريس بن عيسى القطان، عن شيخ له ثقة، عن الثوري عن قابوس بن أبي ظبيان، عن أبيه عن ابن عباس -رضي الله عنهما، قصة إبراهيم، والحسن والحسين. قال الدارقطني: وهذا كذب، قال الخطيب: كان النقاش عالما بالحروف حافظا للتفسير، صنف التفسير وكتبا في القراءات وغيرها، وسافر الكثير شرقا وغربا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 168 وكتب بمصر والشام والجزيرة، والجبال وخراسان وما وراء النهر، وفي حديثه مناكير، بأسانيد مشهورة. وقال الدارقطني في كتاب المصحفين: قال النقاش: كسرى أنو شروان جعلها كنية، وهو بالنون، وقال: كان يدعو فيقول: ولا رجعت يد صفراء من عطائك بالفتح والمد والصواب صفرا، ويقول: وفقت قوما فأفلجوا، يقولها بالجيم. قال طلحة بن محمد بن جعفر: كان النقاش يكذب في الحديث، والغالب عليه القصص، قال الخطيب: حدثني من سمع شيخنا البرقاني، ذكر تفسير النقاش، فقال: ليس فيه حديث صحيح، وأنا فسألت البرقاني، فقال: كل حديثه منكر. وحدثني محمد بن يحيى الكرماني، سمعت أبا القاسم اللالكائي يقول في تفسير النقاش: ذاك أشفى الصدور، ليس بشفاء الصدور. وقال الداني: سمعت عبد العزيز بن جعفر يقول: كان النقاش يقصد في قراءة ابن كثير وابن عامر، لعلو إسناده فيها، وكان له بيت ملآن كتبا. وكان الدارقطني يستملي له، وينتقي من حديثه، وقد حدث عنه ابن مجاهد، وكان حسن الخلق ذا سخاء، وكان صاحبنا ابن البواب يقول لنا: تعالوا إلى النقاش، فإن فالوذجه1 طيب. وقال أبو الحسن بن الفضل القطان: حضرت أبا بكر النقاش، وهو يجود بنفسه في ثالث شوال، سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة، فجعل يحرك شفتيه، ثم نادى بعلو صوته {لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ} يرددها ثلاثا ثم خرجت نفسه -رحمه الله2. 28- أحمد بن أسامة بن أحمد بن أسامة بن عبد الرحمن بن عبد الله بن السمح. أبو جعفر بن الشيخ، أبي سلمة التجيبي، مولاهم المصري المقرئ. قرأ لورش على إسماعيل بن عبد الله النحاس، وسمع والده، قرأ عليه محمد بن النعمان، وخلف بن قاسم بن خاقان، وعبد الرحمن بن يونس، وروايته موجودة في التيسير. قال خلف بن إبراهيم: توفي سنة اثنتين وأربعين وثلاثمائة، وقد نيف على المائة، وكان قيما بقراءة ورش، وأما أبو القاسم يحيى بن علي بن الطحان، فروى عنه في تاريخه.   1 القالوذ، والفالوذج تلواء تعمل من الدقيق والماء والعسل أو تصنع من النشا والماء والسكر. انظر/ شذرات الذهب "3/ 8". غاية النهاية "2/ 119". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 169 وقال: توفي في شهر رجب سنة ست وخمسين وثلاثمائة، قلت: كأن هذا أصح1. 28- حمدان بن عون أبو جعفر الخولاني المصري، المقرئ أحد الحذاق، قرأ على إسماعيل بن عبد الله النحاس، قرأ عليه عمر بن محمد بن عراك. وقال: قال لي حمدان بن عون بن حكيم، سنة اثنتين وثلاثين وثلاثمائة، قرأت على أحمد بن هلال، ثلاثمائة ختمة، ثم أتى بي إلى إسماعيل بن النحاس، فقال له: هذا تلميذي، وقد قرأ علي وجود، فخذ عليه، فأخذ علي ختمتين. قال أبو عمرو الداني، توفي حمدان حول سنة أربعين وثلاثمائة2. 29- علي بن سعيد بن الحسن أبو الحسن بن ذؤابة البغدادي، القزاز المقرئ. كان من جلة أهل الأداء، مشهور ضابط محقق قرأ على إسحاق بن أحمد الخزاعي، وأبي عبد الرحمن اللهبي، صاحبي البزي، وعلى أحمد بن فرح الضرير، وأبي بكر بن مجاهد، وتصدر للإقراء مدة، قرأ عليه أبو الحسن الدارقطني، وصالح بن إدريس، وعامة البغداديين. قال أبو عمرو الداني: مشهور بالضبط والإتقان، ثقة مأمون3. 30- محمد بن جعفر بن محمد بن المستفاض، أبو الحسن الفريابي، نزيل حلب. حدث عن عباس الدوري، وإسحاق بن سيار النصيبي، ومحمد بن أحمد بن الجنيد، وإسماعيل القاضي, وكان يأخذ عنه المقرئون حرف قالون، رواه عن إسماعيل القاضي, روى عنه ابن شاهين، وعمر الكتاني، وعلي بن محمد بن إسحاق الحلبي. وعبد المنعم بن غلبون، وابن جميع الصيداوي، وثقه أبو بكر الخطيب4. 31- جعفر بن سليمان الخراساني، ثم الحلبي المشحلائي أبو أحمد. شيخ معمر، روى الحروف عن أبي شعيب السوسي وهو آخر من حدث عنه القراءة، عبد الله بن المبارك، وعبد المنعم بن غلبون، وكان مقيما بقرية مشحلايا من أعمال حلب5. 32- محمد بن أحمد بن عبد العزيز بن منير, أبو بكر الإمام، ويعرف بابن أبي الأصبغ الحراني، نزيل مصر.   1 انظر/ غاية النهاية "1/ 38". 2 انظر/ غاية النهاية "1/ 260". 3 انظر/ غاية النهاية "1/ 543، 544". 4 انظر/ غاية النهاية "2/ 111". 5 انظر/ غاية النهاية "1/ 192". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 170 قرأ على أحمد بن هلال الأزدي. وسمع حرف نافع من عبد الله بن عيسى المدني، عن قالون، وسمع من محمد بن سليمان المنقري وغيره، وكان بصيرا بمذهب مالك. روى عنه أحمد بن عمر بن محفوظ الجيزي، ومنير بن أحمد الخشاب. وأبو محمد بن النحاس، وأبو عبد الله بن مفرج الأندلسي، وتوفي في شوال سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة. 33- محمد بن عبد الله الحربي المقرئ، وقيل محمد بن جعفر أبو عبد الله. قرأ على أحمد بن سهل الأشناني، وأحمد بن علي البزاز. وكان محققا مجودا لحرف عاصم، قرأ عليه الدارقطني، وأحمد بن نصر الشذائي، وأبو الفرج الشنبوذي، وعمر بن إبراهيم الكتاني، وكلهم قال ابن جعفر، سوى الدارقطني، وكان أحد الصالحين -رحمه الله تعالى1. 34- صالح بن إدريس أبو سهل البغدادي المقرئ، أحد الحذاق. قرأ على ابن مجاهد وغيره، وسمع من يحيى بن صاعد، وبرع في القراءات وعللها، وتصدر بدمشق، وأقرأ في أيام شيخه ابن الأخرم، قرأ عليه عبد المنعم بن غلبون. وعلي بن محمد الأنطاكي وعلي بن داود الداراني، وكان شابا صالحا ناسكا، منقطع القرين من سادة المقرئين، حدث عنه عبيد الله بن فطيس وتمام الرازي. وعبد الرحمن بن عمر بن نصر وغيرهم، توفي سنة خمس وأربعين وثلاثمائة، وله نيف وأربعون سنة، أو نحوها2. 35- أحمد بن عبيد الله بن حمدان بن صالح أبو علي البغدادي. تلقن القرآن كله في ثلاثة أعوام، من إدريس بن عبد الكريم الحداد وقرأ عرضا على الحسن بن الحباب الدقاق، قرأ عليه عبد الباقي بن الحسن وغيره3. 36- أحمد بن محمد بن عبد الصمد أبو العباس الرازي نزيل الأهواز. قرأ على العباس بن الفضل بن شاذان الرازي، قرأ عليه أحمد بن نصر الشذائي،   1 انظر/ غاية النهاية "2/ 111". 2 انظر/ غاية النهاية "1/ 192". 3 انظر/ غاية النهاية "1/ 332". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 171 وأحمد بن محمد بن عبيد الله العجلي، ومحمد بن أحمد الشنبوذي وغيرهم1. 37- الحسن بن داود أبو علي النقار، الكوفي المقرئ النحوي. قرأ لعاصم، على القاسم بن أحمد الخياط، وأخذ قراءة حمزة عن محمد بن لاحق، وأقرأ الناس دهرا، قرأ عليه زيد بن أبي بلال، مع تقدمه، وعبد الواحد بن أبي هاشم، وأحمد بن نصر الشذائي، ومحمد بن جعفر التميمي، وعلي بن محمد بن يوسف العلاف، وآخرون. وكان ثقة قيما بحرف عاصم. قال أبو أحمد السامري: حدثنا الحسن بن داود بن الحسن بن عون بن منذر مولى معاوية بن أبي سفيان الأموي، في ربيع الآخر سنة ثلاث وأربعين وثلاثمائة، أنه قرأ على الخياط صاحب أبي جعفر الشموني، أربعين ختمة2. 38- محمد بن أحمد بن مرشد بن الزرز، أبو بكر الدمشقي المقرئ. قرأ على هارون الأخفش، قرأ عليه عبد الباقي بن السقاء، ثلاث ختمات وقال: كان من خيار المسلمين، صابرا على صيام الدهر، ولزوم الجماعة3. 39- محمد بن علي بن الحسن أبو بكر الجلندا الموصلي، المقرئ. قرأ على جعفر بن محمد بن أسد، وأحمد بن سهل الأشناني، والحسين بن الحسن الصواف، ومحمد بن هارون التمار، واشتهر بالضبط والإتقان، وبرع في القراءات. قرأ عليه عبد الباقي بن الحسن بن السقاء وغيره، له ذكر في التيسير4. 40- نظيف بن عبد الله أبو الحسن الكسروي، مولى بني كسرى الحلبي. كان من كبار القراء، قرأ القرآن على عبد الصمد بن محمد العينوني، في سنة تسعين ومائتين، ولم يكمل عليه، بل سمع منه كتاب عمرو بن الصباح، عن حفص. وقرأ على موسى بن جرير الرقي النحوي، وأحمد بن محمد اليقطيني قرأ عليه عبد الباقي بن الحسن، وعبد المنعم بن غلبون، وقد وهم ابن الفحام، وذكر أنه قرأ على قنبل5.   1 انظر/ غاية النهاية "1/ 118". 2 انظر/ غاية النهاية "1/ 212". 3 انظر/ غاية النهاية "2/ 88". 4 انظر/ غاية النهاية "2/ 20". 5 انظر/ غاية النهاية "2/ 341، 342". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 172 41- بكار بن أحمد بن بكار بن بنان أبو عيسى البغدادي، المقرئ، من كبار أئمة الأداء. أقرأ القرآن نحوا من ستين سنة، قرأ على أحمد بن يعقوب ابن أخي العرق، والحسن بن الحسين الصواف، وعبد الله بن الصقر السكري، وابن مجاهد وغيرهم. وسمع الحديث من عبد الله بن أحمد بن حنبل، وأحمد بن علي الأبار وغيرهما قرأ عليه أبو حفص الكتاني والحسن بن محمد الفحام وأبو الحسن الحمامي وجماعة. وحدث عنه أبو العلاء محمد بن الحسن الوراق، والحمامي. وأبو الفتح بن أبي الفوارس، وثقه الخطيب، وأبو عمرو الداني، توفي في ربيع الأول، سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة، وله ثمان وسبعون سنة1. 42- محمد بن الحسن بن يعقوب بن الحسن بن مقسم الإمام أبو بكر البغدادي، المقرئ النحوي العطار. أخذ القراءة عرضا عن إدريس الحداد، وداود بن سليمان وصاحب نصر بن يوسف، وأبي قبيصة حاتم بن إسحاق الموصلي، وجماعة، وسمع أبا مسلم الكجي. ومحمد بن عثمان بن أبي شيبة، ومحمد بن يحيى المروزي، وموسى بن إسحاق الأنصاري، وغيرهم، وأكثر من الآداب على ثعلب، وعمر دهرا. قرأ عليه إبراهيم بن أحمد الطبري، وأبو الفرج النهرواني، والحسن بن محمد السامري بن الفحام. والفرج بن محمد القاضي، وعلي بن أحمد الرزاز، شيخ عبد السيد بن عتاب، وأبو الحسن بن الحمامي، وحدث عنه عبد العزيز بن جعفر الفارسي، وأبو الحسن بن رزقويه، وأبو علي بن شاذان، وآخرون. وكان من أحفظ أهل زمانه لنحو الكوفيين، وأعرفهم بالقراءات مشهورها وغريبها وشاذها. قال أبو عمرو الداني: هو مشهور بالضبط والإتقان، عالم بالعربية حافظ للغة حسن التصنيف، في علوم القرآن. وكان قد سلك مذهب ابن شنبوذ، الذي أنكر عليه فحمل الناس عليه لذلك قال:   1 انظر/ شذرات الذهب "3/ 12". غاية النهاية "1/ 177". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 173 وسمعت عبد العزيز بن جعفر يقول: سمعت منه أمالي ثعلب، واختار حروفا خالف فيها العامة. فنوظر عليها فلم يكن عنده حجة، فاستتيب فرجع عن اختياره بعد أن وقف للضرب، وسأل ابن مجاهد أن يدرأ عنه ذلك فدرأ عنه، فكان يقول: ما لأحد علي منة كمنة ابن مجاهد. ثم رجع بعد موت ابن مجاهد إلى قوله، فكان ينسب إلى أن كل قراءة توافق خط المصحف، فالقراءة جائزة، وإن لم يكن لها مادة، قال أبو بكر الخطيب: لابن مقسم كتاب جليل في التفسير، ومعاني القرآن سماه كتاب الأنوار. وله تصانيف عدة، ومما طعن عليه أنه عمد إلى حروف من القرآن فخالف الإجماع فيها، فقرأها وأقرأها على وجوه، ذكر أنها تجوز في اللغة والعربية. وشاع ذلك عنه، فأنكر عليه فارتفع الأمر إلى السلطان، فأحضره واستتابه بحضرة الفقهاء والقراء، فأذعن بالتوبة، وكتب محضر توبته، وقيل إنه لم ينزع عن تلك الحروف، وكان يقرئ بها إلى آخر وفاته. وقال أبو طاهر بن أبي هاشم في كتاب البيان: وقد نبغ نابغ في عصرنا هذا، فزعم أن كل من صح عنده وجه في العربية لحرف من القرآن يوافق خط المصحف فقراءته جائزة في الصلاة وغيرها. فابتدع بقيله ذلك بدعة، ضل بها عن قصد السبيل، وأورط نفسه في منزلة عظمت بها جنايته على الإسلام وأهله، وحاول إلحاق كتاب الله من الباطل ما لا يأتيه من بين يديه ولا من خلفه. إذ جعل لأهل الإلحاد في دين الله، بسبب رأيه طريقا إلى مغالطة أهل الحق، بتخيير القراءات من جهة والبحث والاستخراج بالآراء، دون الاعتصام والتمسك بالأثر. وكان شيخنا أبو بكر نصر الله وجهه، سئل عن بدعته المضلة فاستتابه منها، بعد أن سئل البرهان على ما ذهب إليه، فلم يأت بطائل، ولم يكن له حجة قوية، فاستوهب أبو بكر تأديبه من السلطان، عند توبته، ثم عاود في وقتنا هذا إلى ما كان ابتدعه. واستغوى من أصاغر الناس من هو في الغفلة والغباوة دونه، إلى أن قال ابن أبي هاشم: وذلك أنه قال: إن لما كان لخلف بن هشام وأبي عبيد وابن سعدان، أن يختاروا وكان ذلك لهم مباحا غير منكر، كان لمن بعدهم مباحا. فلو كان حذا حذوهم فيما اختاروه، وسلك طريقهم، ولكان ذلك سائغا له ولغيره، وذلك أن خلفا ترك حروفا من حروف حمزة، اختار أن يقرأها على مذهب نافع. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 174 وأما أبو عبيد وابن سعدان فلم يتجاوز واحد منهما، قراءة أئمة الأمصار، وإنما كان النكير على هذا شذوذه عما عليه الأئمة، الذين هم الحجة فيما جاءوا به مجتمعين ومختلفين. قال الخطيب: حدثني أبو بكر أحمد بن محمد المستملي الغزالي سمعت أبا أحمد الفرضي غير مرة يقول: رأيت في المنام، كأني في الجامع أصلي مع الناس، وكان محمد بن الحسن بن مقسم، قد ولى ظهره القبلة، وهو يصلي مستدبرها، فأولت ذلك بمخالفته للأئمة، فيما اختاره لنفسه. ولد ابن مقسم سنة خمس وستين ومائتين، وتوفي في ثامن ربيع الآخر سنة أربع وخمسين وثلاثمائة، توفي على ساعات من النهار ودفن بعد صلاة الظهر من يومه1. 43- أحمد بن العباس بن عبيد الله أبو بكر بن الإمام، المقرئ شيخ بغدادي. نزل خراسان قرأ على أحمد بن سهل الأشناني، وأبي بكر بن مجاهد، قرأ عليه أبو عبد الله الحاكم، وقال: كان أوحد عصره في أداء الحروف، دخل مرو وبخارى. وسمعتهم يذكرون أنه وصل إلى فرغانة، وأن نوح بن نصر الأمير، قرأ عليه ختمة، ووصله بأموال، وكان خليعا يضيع ما يصح له، ولا يخلي لياليه من الصوفية، والقوالين. سمعته يقول يوم وفاته: لنا سبعون جارية يصحن واسيداه وأما من يكفن الغريب فبلغني أنه مات وكفن كمن يكفن الغريب، توفي سنة خمس وخمسين وثلاثمائة2. 44- أحمد بن عبد الرحمن بن الفضل أبو بكر العجلي البغدادي، الدقاق المقرئ المجود، المعروف بالولي. قرأ القرآن على أحمد بن فرح، وعلي بن سليم بن الخطيب. وأحمد بن سهل الأشناني، وأبي عبد الرحمن اللهبي، وأبي عثمان سعيد بن عبد الرحيم الضرير، وسمع الحديث، من أحمد بن يحيى الحلواني، وعبد الله بن ناجية، ومحمد بن الليث الجوهري، وكان من كبار المقرئين وثقاتهم. قرأ عليه إبراهيم بن أحمد الطبري، وأبو الحسن بن الحمامي وجماعة، وحدث عنه علي بن داود الرزاز، توفي ببغداد في رجب، سنة خمس وخمسين وثلاثمائة3.   1 انظر/ شذرات الذهب "3/ 16". غاية النهاية "2/ 123-125". 2 انظر/ غاية النهاية "1/ 64، 65". 3 انظر/ غاية النهاية "1/ 66، 67". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 175 45- أحمد بن عثمان بن الفضل بن بكر أبو بكر الربعي، البغدادي المقرئ، المعروف بغلام السباك. قرأ على الحسن بن الحباب، والحسن بن الحسين الصواف، وأقرأ بدمشق قرأ عليه تمام الرازي، وعلي بن داود الداراني، وعبد القاهر الجواهري، وعبد الرحمن بن أبي نصر. قال عبد القاهر: سمعت غلام السباك يقول: ثقل سمعي. وكان شاب جميل يقرأ علي، فكنت أنظر إلى فمه ولسانه مراعاة لقراءته، وكان الناس يقفون ينظرون إليه لحسنه، فاتهمت فيه فساءني ذلك. فسألت الله أن يرد علي سمعي، فرده علي، توفي سنة خمس وأربعين وثلاثمائة1. 46- عبد الواحد بن عمر بن محمد بن أبي هاشم أبو طاهر البغدادي، المقرئ أحد الأعلام ومصنف كتاب البيان، ومن انتهى إليه الحذق بأداء القرآن. قرأ القراءات على ابن مجاهد، وقرأ القرآن على أحمد بن سهل الأشناني، وعلى أبي عثمان سعيد بن عبد الرحيم، فبلغ عليه إلى التغابن، وأخذ القراءات سماعا، عن محمد بن خلف وكيع. وأحمد بن فرح، ومحمد بن جعفر القتات، وعبد الله بن الصقر السكري وإسحاق بن أحمد الخزاعي، والحسن بن الحباب وغيرهم، وقد أطنب أبو عمرو الداني في وصفه. وقال: لم يكن بعد ابن مجاهد، مثل أبي طاهر في علمه وفهمه، مع صدق لهجته واستقامة طريقته، قرأ عليه خلق كثير، وكان ينتحل في النحو مذهب الكوفيين. وكان بارعا فيه. قال القفطي: في تاريخ النحاة، قرأ كتاب سيبويه على أبي محمد بن درستويه الفارسي، ولم ير بعد ابن مجاهد في القراءات مثله. قال الداني: سمعت عبد العزيز الفارسي يقول: لما توفي ابن مجاهد، وأحق يوم موته، أجمعوا على أن يقدموا شيخنا أبا طاهر، فتصدر للإقراء في مجلسه، وقصده الأكابر، فتحلقوا عنده. وكان قد خالف جميع أصحابه في إمالة الناس لأبي عمرو، وكانوا ينكرون ذلك عليه.   1 انظر/ شذرات الذهب "2/ 396". غاية النهاية "1/ 81". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 176 قلت: قرأ عليه عدد كثير، منهم عبد العزيز بن خواستى الفارسي، وأبو الحسن الحمامي وعلي بن محمد الجوهري، وأبو الحسن علي بن العلاف، وأبو الفرج عبيد الله بن عمر المصاحفي، وأبو الحسين أحمد بن عبد الله السوسنجردي، وغيرهم، قال الخطيب: كان ثقة أمينا، مات في شوال، تسع وأربعين وثلاثمائة، قلت: عاش سبعين سنة1. 47- علي بن محمد بن خليع أبو الحسن البغدادي، الخياط القلانسي، المقرئ. أخذ القراءة عن يوسف بن يعقوب، الواسطي الأصم، وزرعان بن أحمد، قرأ عليه عبد الباقي بن الحسن، وأبو الحسن الحمامي، ومحمد بن عبد الله الحربي، وأحمد بن عبد الله السوسنجردي. قال عبد الباقي: بلغت عليه إلى الكوثر، فقال لي: اختم فختمت، ثم إنه سقط ذلك اليوم من مكانه، فتكسر ومات، وذلك في ذي القعدة سنة ست وخمسين وثلاثمائة، وهو في عشر الثمانين2. 48- زيد بن علي بن أحمد بن محمد بن عمران بن أبي بلال، أبو القاسم العجلي الكوفي المقرئ. أحد الحذاق وشيخ العراق، قرأ على أحمد بن فرح، وعبد الله بن جعفر السواق، ومحمد بن أحمد الداجوني، وابن مجاهد، وسمع من محمد بن عبد الله مطين، وعبد الله بن زيدان البجلي، وعلي بن العباس. قرأ عليه بكر بن شاذان الواعظ، وأبو الحسن الحمامي، وعبد الله بن عمر المصاحفي، والحسن بن الفحام السامري، والحسن بن علي بن الصقر الكاتب، وعبد الباقي بن الحسن، وعلي بن محمد بن موسى الصابوني، وطائفة سواهم. وحدث عنه أبو نعيم الحافظ، وجماعة، قال الخطيب: كان صدوقا توفي ببغداد في جمادى الأولى، سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة3. 49- هبة الله بن جعفر بن محمد بن الهيثم، أبو القاسم البغدادي المقرئ. أحد من عني بالقراءات وتبحر فيها، قرأ على أبيه، وعلى محمد بن عبد الرحيم   1 انظر/ غاية النهاية "1/ 475، 476". 2 انظر/ غاية النهاية "1/ 566". 3 انظر/ شذرات الذهب "3/ 27". غاية النهاية "1/ 298، 299". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 177 الأصبهاني، وأبي ربيعة محمد بن إسحاق بن أعين، وأبي عبد الرحمن اللهبي، وأحمد بن فرح وجماعة. وتصدر للإقراء دهرا، قرأ عليه عبد الملك بن بكران النهرواني وعلي بن عمر الحمامي وجماعة1. 50- أحمد بن عبد العزيز بن بدهن أبو الفتح البغدادي، المقرئ نزيل مصر. قرأ على أحمد بن سهل الأشناني، وسعيد بن عبد الرحيم الضرير، ومحمد بن موسى الزينبي، وابن مجاهد وابن الأخرم الدمشقي وحذق ومهر، وطال عمره واشتهر، وحدث عن إبراهيم بن عبد الله المخرمي وغيره. وكان من أطيب الناس صوتا بالقرآن، وأفصحهم أداء، أخذ عنه عبد المنعم بن غلبون، وابنه طاهر بن عبد المنعم، ومحمد بن علي بن محمد المالكي والحسن بن سليمان اليافعي، توفي سنة تسع وخمسين وثلاثمائة2. 51- محمد بن سليمان بن أحمد بن ذكوان، أبو طاهر البعلبكي المؤذن المقرئ. نزيل صيدا، شيخ معمر عالي الإسناد، قرأ على هارون بن موسى الأخفش، وحدث عن أحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة. وزكريا بن يحيى خياط السنة، وأحمد بن إبراهيم البسري، والحسين بن محمد بن جمعة، قرأ عليه عبد الباقي بن الحسن، وجعفر بن أحمد بن الفضل. وروى عنه أبو الحسين بن جميع وولده السكن بن جميع. وأبو عبد الله بن منده، وصالح بن أحمد الميانجي وآخرون، وإنما جلس يؤدب بباب جامع صيدا قبل موته بعامين، لأنه احتاج إلى تعليم الصبيان. ولد سنة أربع وستين ومائتين، ومات سنة أربع وخمسين وثلاثمائة، وقيل توفي سنة ستين وثلاثمائة3. 52- أحمد بن صالح بن عمر البغدادي أبو بكر المقرئ، قرأ على الحسن بن الحباب، والحسن بن الحسين الصواف، ومحمد بن هارون التمار، وابن مجاهد.   1 انظر/ غاية النهاية "2/ 350، 351". 2 انظر/ غاية النهاية "1/ 68، 69". 3 انظر/ شذرات الذهب "3/ 35". غاية النهاية "2/ 148". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 178 قال أبو عمرو الداني: كان ثقة ضابطا، قرأ عليه عبد الباقي بن الحسن وعبد المنعم بن غلبون، وعلي بن محمد بن بشر الأنطاكي، وخلف بن قاسم وآخرون، توفي بعد الخمسين وثلاثمائة بالرملة1. 53- أحمد بن محمد بن بشر أبو بكر بن الشارب، المقرئ خراساني. نزل بغداد وأدب بها، وأقرأ، قرأ علي أبي بكر محمد بن موسى الزينبي، وهو أثبت أصحابه، قرأ عليه عبد الباقي بن السقا، وعلي بن عمر الحمامي، وبكر بن شاذان، والقاضي أبو العلاء الواسطي2. 54- الحسن بن سعيد بن جعفر المطوعي، أبو العباس العباداني، المقرئ المعمر. نزيل اصطخر، ولد في حدود سنة سبعين ومائتين، وكان أحد من عني بهذا الفن وتبحر فيه، ولقي الكبار، وأكثر الرحلة في الأقطار. قرأ على إدريس بن عبد الكريم الحداد، ومحمد بن عبد الرحيم الأصبهاني، والحسين بن علي الأزرق الجمال، ومحمد بن القاسم بن يزيد الإسكندراني، ومحمد بن موسى الصوري صاحبي ابن ذكوان. وأحمد بن فرح المفسر، ومحمد بن محمد بن بدر صاحبي الدوري وإسحاق بن أحمد الخزاعي، وسمع الحديث من الحسن بن المثنى، وإدريس بن عبد الكريم، وأبي خليفة الجمحي، وجعفر الفريابي، وطائفة، وجمع. وصنف وعمر دهرا طويلا، وانتهى إليه علو الإسناد في القراءات. قرأ عليه أبو الفضل محمد بن جعفر الخزاعي، وأبو الحسين علي بن محمد الخبازي، وأبو بكر محمد بن عمر بن زلال النهاوندي، شيخ عبد السيد بن عتاب. ومحمد بن الحسين الكارزيني، وهو آخر من تلى عليه، ورواياته عند تاج الدين الكندي في السماء علوا لأنه قرأ على سبط الخياط، على الشريف العباسي، عن الكارزيني. وحدث عن المطوعي أبو بكر بن أبي علي الذكواني، وأبو نعيم الحافظ وجماعة، قال أبو الفضل الخزاعي: قلت للمطوعي: في أي سنة قرأت على إدريس الحداد؟ فقال: في السنة التي رحلت فيها إلى الري، سنة اثنتين وتسعين ومائتين.   1 انظر/ غاية النهاية "1/ 62". 2 انظر/ غاية النهاية "1/ 107، 108". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 179 فقلت له: قد قاربت المائة. فقال: الاثنتين، قلت له: ذاك في سنة سبع وستين وثلاثمائة، قال الخزاعي: وكان أبوه واعظا محدثا، قلت: أبوه كان سبب إعانته على الرحلة. قال أبو نعيم الحافظ: قدم الحسن هذا أصبهان، سنة خمس وخمسين وثلاثمائة، وكان رأسا في القرآن، وحفظه، وقال: في حديثه وروايته لين. وقال أبو بكر بن مردويه: ضعيف. قلت: توفي سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة وقد جاوز المائة1. 55- موسى بن عبد الرحمن أبو عمران البيروتي الصباغ، المقرئ، إمام جامع بيروت، كان أسند من بقي في الشام من القراء. وآخر من قرأ القرآن على هارون بن موسى الأخفش في الدنيا، وقد سمع من أبي زرعة الدمشقي، وأحمد بن عبد الوهاب الحوطي، وأبي مسلم الكجي، وجماعة. روى عنه أبو عبد الله بن منده، وتمام الرازي، وأبو الحسين بن جميع، وولده السكن، والخصيب بن عبد الله القاضي، وعبد الوهاب الميداني، وصالح بن أحمد الميانجي وآخرون، توفي بعد الستين وثلاثمائة، وقد نيف على التسعين2. 56- أحمد بن نصر بن منصور بن عبد المجيد، أبو بكر الشذائي البصري. أحد القراء المشهورين، قرأ على عمر بن محمد بن نصر الكاغذي والحسن بن بشار بن العلاف، صاحبي الدوري، وأبي بكر بن مجاهد، وابن شنبوذ وأبي عبد الله نفطويه. ومحمد بن أحمد الداجوني الكبير، وأبي مزاحم الخاقاني، وعبد الله بن الهيثم البلخي، صاحب يونس بن عبد الأعلى، وأبي عثمان سعيد بن عبد الرحيم الضرير، ومحمد بن موسى الزينبي، وأحمد بن محمد بن إسماعيل الأدمي. قرأ عليه أبو الفضل الخزاعي، وأبو عمرو بن سعيد البصري، ومحمد بن عمر بن زلال النهاوندي، وعلي بن أحمد الجورزكي، ومحمد بن الحسين بن آذر بهرام الكارزيني. قال أبو عمرو الداني: مشهور بالضبط والإتقان، عالم بالقراءة بصير بالعربية.   1 انظر/ شذرات الذهب "3/ 75". غاية النهاية "1/ 213-215". 2 انظر/ غاية النهاية "2/ 320". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 180 قال فارس بن أحمد الكبراء من أصحاب ابن مجاهد أربعة: أبو طاهر بن أبي هاشم، وأبو بكر بن أشته، وأبو بكر الشذائي، ونسي الرابع. وقال طاهر بن غلبون، لقيت الشذائي بالبصرة، قلت: توفي سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة، أو في سنة ست وسبعين1. 57- محمد بن عبد الله بن أشته أبو بكر الأصبهاني، المقرئ النحوي أحد الأئمة. قرأ القرآن على ابن مجاهد، ومحمد بن يعقوب المعدل، ومحمد بن أحمد بن الحسن الكسائي، وطائفة، وصنف في القراءات. قال أبو عمرو الداني: ضابط مشهور، ثقة عالم بالعربية، بصير بالمعاني حسن التصنيف، صاحب سنة. روى عنه جماعة من شيوخنا، وسمع منه عبد المنعم بن غلبون، وخلف بن إبراهيم، وعبد الله بن محمد بن أسد الأندلسي، وآخرون. توفي بمصر في شعبان سنة ستين وثلاثمائة، وله كتاب المحبر وكتاب المفيد في الشاذ2. 58- علي بن محمد بن صالح بن داود أبو الحسن الهاشمي، المقرئ الضرير، شيخ القراء بالبصرة وبقيتهم. قرأ على أحمد بن سهل الأشاني وغيره، قرأ عليه أبو الحسن طاهر بن غلبون رحل إليه، توفي سنة ثمان وستين وثلاثمائة3. 59- أحمد بن محمد بن هارون أبو بكر الرازي، الديبلي. ذكر أنه قرأ القراءات على حسنون بن الهيثم، صاحب هبيرة ثلاث ختمات في سنة تسع وثمانين ومائتين، وروى عن إبراهيم بن شريك، والفريابي. قال أبو العلاء الواسطي: قرأ عليه ختمة في سنة سبعين وثلاثمائة، ومات فيها في رجب، وكان يكون ببغداد بالحربية، وروى عنه أبو علي بن دوما، ومات في عشر المائة4.   1 انظر/ غاية النهاية "1/ 144، 145". شذرات الذهب "3/ 80". 2 انظر/ غاية النهاية "2/ 184". 3 انظر/ غاية النهاية "1/ 685". 4 انظر/ غاية النهاية "1/ 131، 132". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 181 60- الحسين بن محمد بن حبش، أبو علي الدينوري، المقرئ. قرأ القراءات على أبي عمران موسى بن جرير الرقي، والعباس بن الفضل الرازي، وإبراهيم بن حرب شيخ مجهول، وأبي بكر بن مجاهد. قال أبو عمرو الداني: متقدم في علم القرآت مشهور بالإتقان، ثقة مأمون، روى القراءة عن إسماعيل بن محمد البردعي، والحسين بن محمد السلماني. قلت: قرأ عليه جماعة، منهم محمد بن المظفر بن حرب الدينوري، وأبو العلاء محمد بن علي الواسطي، ومحمد بن جعفر الخزاعي. وروى عنه جزءا من حديثه أبو نصر الكسار، قال فارس بن أحمد: كان ابن حبش مقرئ الدينور، وكان يأخذ للقراء كلهم بالتكبير من والضحى اتباعا للآثار الواردة. قلت: توفي سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة1. 61- محمد بن عبد الله بن محمد بن أبي مرة الطوسي، أبو الحسن النقاش، ويعرف بابن أبي عمر بغدادي جليل. قرأ على الحسن بن الحسين الصواف، وابن مجاهد، وإبراهيم بن زياد القنطري، صاحب الكسائي الصغير، وتصدر للأداء، قرأ عليه أحمد بن عبد الله السوسنجردي، وأبو الفرج النهرواني، وأبو الحسن الحمامي، وغيرهم، توفي سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة2. 62- عبد الله بن الحسن بن سليمان أبو القاسم بن النحاس، البغدادي المقرئ. قرأ على محمد بن هارون التمار، صاحب رويس، قرأ عليه أبو الحسن الحمامي، ومحمد بن الحسين بن آذر بهرام، وأبو العلاء محمد بن علي الواسطي وغيرهم. وحدث عنه شيخه أبو بكر بن مجاهد، وأبو بكر البرقاني، وأبو طالب عمر بن إبراهيم الفقيه، وقد حدث عن عبد الله بن ناجية، وأحمد بن الحسن الصوفي، وعبد الله البغوي. قال الحافظ أبو الحسن بن الفرات: قل ما رأيت في الشيوخ مثله. وقال الخطيب: ولد سنة تسعين ومائتين، وكان ثقة، توفي سنة ثمان وستين وثلاثمائة3.   1 انظر/ شذرات الذهب "3/ 81". غاية النهاية "1/ 250". 2 انظر/ غاية النهاية "2/ 186". 3 انظر/ غاية النهاية "1/ 414". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 182 63- إبراهيم بن محمد بن مروان، أبو اسحاق المقرئ. قرأ على أبي بكر بن سيف، في سنة ثمان وتسعين ومائتين، قرأ عليه ابن غلبون، وابنه طاهر مؤلف التذكرة، وغيرهما، وكان عالما بقراءة ورش، عالي الإسناد فيها، توفي سنة بضع وستين وثلاثمائة1. 64- محمد بن عبد الله المعافري أبو بكر المصري المقرئ. أخذ القراءة عرضا عن أبي بكر محمد بن حميد بن القباب، قرأ عليه خلف بن إبراهيم بن خاقان، وسعيد بن عبد العزيز الثغري الأندلسي، ووصفه بالتحرير والأخذ الشديد. توفي بمصر سنة بضع وخمسين وثلاثمائة، لا أعرف شيخه القباب2. 65- إبراهيم بن أحمد بن إبراهيم، أبو إسحاق البزوري البغدادي، مقرئ كبير. قرأ على الحسن بن الحسين الصواف، وأحمد بن فرح، وأحمد بن يعقوب ابن أخي العرق، وجعفر بن محمد الرافقي، وإسحاق الخزاعي المكي، وابن مجاهد، وسمع من أبي القاسم البغوي. قال أبو عمرو الداني: أخذ القراءة عنه عرضا علي بن محمد الحذاء، وعبد الباقي بن الحسن. قال عبد الباقي: وقد حدث عنه صاحبه أبو حفص بن شاهين، قلت: وقرأ عليه محمد بن عمر بن بكير، ومحمد بن عبد الله الشمعي3. 66- عمر بن بنان أبو محمد البغدادي المقرئ الزاهد. قرأ لابن كثير على الحسن بن الحباب الدقاق وقرأ للدوري على أحمد بن فرح المفسر. قرأ عليه الحسين بن أحمد شيخ عبد السيد وكان موصوفا بالعبادة، توفي سنة أربع وسبعين وثلاثمائة، وهو عمر بن محمد بن عبد الصمد بن الليث بن بنان قرأت نسبه بخط القصاع4.   1 انظر/ غاية النهاية "1/ 26". 2 انظر/ غاية النهاية "1/ 188، 189". 3 انظر/ غاية النهاية "1/ 4". 4 انظر/ غاية النهاية "1/ 597". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 183 الطبقة التاسعة : 1- عبد الله بن الحسين بن حسنون أبو أحمد السامري البغدادي المقرئ، مسند القراء، بالديار المصرية. قال أبو عمرو الداني: أخذ القراءة عرضا عن محمد بن حمدون الحذاء ويموت بن المزرع، وأحمد بن سهل الأشناني، وابن مجاهد وابن شنبوذ، وأبي الحسن الرقي، وسلامة بن هارون، وأحمد بن محمد بن هارون بن بقرة، ومحمد بن هارون التمار، ويوسف بن يعقوب الواسطي. ثم سمى الداني جماعة، لم يذكر فيهم موسى بن جرير الرقي، ولا أحمد بن الحسين المالحاني، الذي قرأ على أبي شعيب القواس، صالح بن محمد صاحب حفص قرأ عليه كما زعم. ثم قال: وسمع أبا بكر بن أبي داود وابن الأنباري وجماعة، مشهور ضابط ثقة مأمون غير أن أيامه طالت فاخحتل حفظه ولحقه الوهم، وقل من ضبط عنه في أخريات أيامه. روى عنه القراءة في وقت حفظه وضبطه شيخنا فارس بن أحمد، ومحمد بن الحسين بن النعمان، وخلق من المصريين، سمعت أبا الفتح فارسا يقول: كان أبو أحمد ربما قال لي خرج لي رواية فلان، فأخرجها وأدفعها إليه. وقد قلنا له: قرأت على أبي الحسن الباهلي، ووقفناه على ذلك فقال: قرأت عليه خمس آيات، أو كما قال: سمعت أبا الفتح يقول: ولد أبو أحمد سنة خمس وتسعين، أو قال: سنة ست هو شك. وتوفي في المحرم سنة ست وثمانين وثلاثمائة، وصلى عليه عمر بن عراك، قلت: لا أشك في ضعف أبي أحمد، وأعلى ما وقع لي إسناد القراءات من طريقه، ولكن الحق يقال. فمن ضعفه أنه روى عن أبي العلاء الكوفي، وعبد الله بن المعتز ويموت بن المزرع، ومحمد بن الباهلي، وذكر أنه قرأ على محمد بن يحيى الكسائي، ولم يلق أحدا من هؤلاء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 184 وزعم أنه قرأ على الأشناني، وقد أدرك من عمره إحدى عشرة سنة، فالعهدة عليه، وقال: إنه قرأ على موسى بن جرير، وعلى أبي عثمان النحوي وعلى ابن الرقي. وأنهم قرءوا على السوسي، فموسى بعيد أن يكون لقيه فإنه كان بالرقة والآخران لا يعرفان إلا من جهة أبي أحمد وكان عارفا بالقراءات شديد العناية بها. قرأ عليه أبو الفضل الخزاعي ويوسف بن رباح وفارس بن أحمد الضرير، وعبد الساتر بن الذرب اللاذقي، وأبو الحسن التنيسي، وأبو عبد الله محمد بن سليمان الآبي، وأبو القاسم عبد الرحمن بن الحسن الأستاذ شيخان لابن سهل، وعبد الجبار بن أحمد الطرسوسي. وخلق آخرهم موتا أبو العباس بن نفيس، وقد ضعفه قبل جماعة. قال محمد بن علي الصوري الحافظ: قال لي أبو القاسم العنابي البزاز: كنا يوما عند أبي أحمد المقرئ، فحدثنا عن أبي العلاء محمد بن أحمد الوكيعي. فاجتمعت بالحافظ عبد الغني بن سعيد، فذكرت له ذلك، فاستعظمه وقال: سلهة متى سمع من أبي العلاء؟ فرجعت إليه، فسألته فقال: سمعت منه بمكة في الموسم سنة ثلاثمائة. فأتيت عبد الغني فأخبرته، فقال: مات أبو العلاء عندنا في أول سنة ثلاثمائة، ثم عبرت مع عبد الغني بعد مدة، وأبو أحمد قاعد يقرئ، فقلت: ألا تسلم عليه. فقال: لا أسلم على من يكذب في حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم. قلت: أبو أحمد، قد ذكر أنه ولد سنة ست أو خمس وتسعين. فمن أبعد الأشياء بل أعدمها في ذلك الزمان، أن يكون قد حج سنة ثلاثمائة، وسمع فيها الحديث، وهو ابن أربع سنين، أو خمس سنين هذا لو كان أبو العلاء حج عامئذ كيف، وكان قد مات. وقال مصنف العنوان: قرأت برواية الكسائي على عبد الجبار الطرسوسي، عن قراءته على أبي أحمد السامري، عن قراءته على محمد بن يحيى الكسائي الصغير. قال أبو عبد الله القصاع: كذا نقل الجماعة عن السامري أنه قرأ على الكسائي الصغير. قال الصوري: فبلغني أنه كتب في ذلك إلى بغداد، يسأل عن وفاة الكسائي، فكان الأمر من ذلك بعيدا، قلت: مات هذا الكسائي قبل مولد أبي أحمد. وأما أبو عمرو الداني، فإنما روى هذه القراءة عن فارس بن أحمد عن أبي أحمد قال: قرأت بها على ابن مجاهد، قال: أنا محمد بن يحيى الكسائي عن الليث عن الكسائي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 185 وأما أبو القاسم الهذلي، وأبو القاسم بن الفحام وغيرهما ممن عنده طرق أبي أحمد السامري، فلم يوردوا طريق السامري، عن محمد بن يحيى أصلا. وقد قرأ بهذه الرواية، أبو الحسن بن شنبوذ، على محمد بن يحيى الكسائي، وتلى أبو أحمد السامري على ابن شنبوذ بعدة روايات، فلعله سبقه لسانه أو قلمه في كتابته للإجازة لجماعة، فأسقط ابن شنبوذ والله أعلم. توفي أبو أحمد سنة ست وثمانين وثلاثمائة، وقد سألت أبا حيان محمد بن يوسف الأندلسي، عن أبي أحمد، فأثنى عليه، ووثقه ومشى أمره. وقال الداني: سمعت فارسا يقول: سمعت عبد الله بن الحسين يقول: كنا نقرأ على أبي العباس الأشناني خفية من ابن مجاهد، فكنا نباكر إليه فنجلس عند المسجد نتظر مجيء الشيخ، فربما خطر علينا ابن مجاهد، فيقول لنا: أحسنتم الزموا الشيخ1. 2- غزوان بن القاسم بن علي بن غزوان أبو عمرو المازني. قال أبو عمرو الداني: أخذ القراءة عرضا عن ابن مجاهد وابن شنبوذ وغيرهما. وكان ماهرا ضابطا شديد الأخذ واسع الرواية حافظا للحروف، قال لي فارس بن أحمد: من أين أخذ عن ابن مجاهد، إنما أخذ عن ابن شنبوط. وسمعت يحيى بن إبراهيم الإمام، يقول: ولد غزوان سنة اثنتين وتسعين ومائتين، وتوفي بمصر سنة ست وثمانين وثلاثمائة، وعهد أن يصلي عليه الشيخ أبو أحمد يعني السامري قلت: قرأ عليه إسماعيل بن عمرو الحداد من قراءته على محمد بن سلمة العثماني صاحب يونس بن عبد الأعلى2. 3- محمد بن أحمد بن إبراهيم أبو الفرج الشنبوذي البغدادي، المقرئ غلام بن شنبوذ. قرأ عليه وعلى ابن مجاهد وإبراهيم نفطويه، وابن الأخرم الدمشقي، ومحمد بن هارون التمار، وأبي بكر الأدمي، وأبي مزاحم الخاقاني، وأبي بكر النقاش. وأكثر الترحال في طلب القراءات، وتبحر فيها واشتهر اسمه، وطال عمره، قرأ عليه   1 انظر/ شذرات الذهب "3/ 119". غاية النهاية "1/ 415-417". 2 انظر/ غاية النهاية "2/ 3". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 186 الهيثم بن أحمد الصباغ، وأبو طاهر محمد بن ياسين الحلبي وأبو الفرج الاستراباذي وأبو العلاء محمد بن علي الواسطي، ومحمد بن الحسين الكارزيني، وأبو علي الأهوازي، وخلق سواهم، وكان عالما بالتفسير وعلل القراءات. قال الخطيب: سمعت عبيد الله بن أحمد، يذكر الشنبوذي فعظم أمره وقال سمعته يقول: أحفظ خمسين ألف بيت من الشعر شواهد للقرآن. وقال أبو عمرو الداني: مشهور نبيل، حافظ ماهر حاذق، كان يتجول في البلدان، سمعت عبد العزيز بن علي المالكي يقول: دخل أبو الفرج غلام بن شنبوذ على عضد الدولة، زائرا، فقال له: يا أبا الفرج، إن الله يقول: {يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ} 1 ونرى العسل يأكله المحرور، فيتأذى به والله الصادق في قوله. قال: أصلح الله الملك إن الله لم يقل فيه الشفاء للناس بالألف واللام اللذين يدخلان لاستيفاء الجنس، وإنما ذكره منكرا فمعناه فيه شفاء لبعض الناس دون بعض. قال الداني: الصواب أن الألف واللام في قوله لا يستغرقان الجنس كله كما لا يستغرقان في قوله: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ} 2 وفي قوله تعالى: {فَنَادَتْهُ الْمَلائِكَةُ} 3 وفي قوله: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ} 4 وشبهه. سمعت عبد الرحمن بن عبد الله يقول: كنت أجلس إلى الشنبوذي أسمع منه التفسير، وكان من أعلم الناس به. سمعت فارس بن أحمد يقول: قدم علينا الشنبوذي حمص، فقال لنا: كيف يقف الكسائي على قوله: {ترَاءَى الْجَمْعَانِ} 5، فقلنا: الفائدة من الشيخ أعزه الله، قال: تراى6 فأمالها. قال أبو بكر الخطيب: ولد الشنبوذي سنة ثلاثمائة، وتكلم الناس في رواياته، فحدثني أحمد بن سليمان الواسطي المقرئ قال: كان الشنبوذي يذكر أنه.   1 من الآية 69 سورة النحل. 2 من الآية 173 سورة آل عمران. 3 من الآية 39 آل عمران. 4 من الآية 30 سورة التوبة. 5 من الآية 61 سورة الشعراء. 6 إذا وقف الكسائي على كلمة "تراءى" من الشعراء فإنه يميل الهمزة فقط. "انظر الإرشادات الجلية من القراءات السبع من طريق الشاطبية ص396". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 187 قرأ على الأشناني، فتكلم الناس فيه، وقرأت عليه لابن كثير ثم سألت الدارقطني عنه فأساء القول فيه، وقال التنوخي: توفي أبو الفرج الشنبوذي، في صفر سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة1. 4- عبد الغفار بن عبيد الله بن السري أبو الطيب الحضيني، الكوفي المقرئ. شيخ الإقراء بواسط. له كتاب في القراءات، قرأ على أبي بكر بن مجاهد، ومحمد بن جعفر بن الخليل، وأحمد بن سعيد الضرير، قرأ عليه محمد بن الحسين الكارزيني، وحدث عنه أبو العلاء محمد بن علي، وإبراهيم بن سعيد الرفاعي، وأحمد بن محمد بن علان المعدل وغيرهم. حدث عن عمر بن أبي غيلان، ومحمد بن جرير الطبري، وأحمد بن حماد بن سفيان، وثقه خميس الحوزي، وقال: أظن أنه توفي في سنة سبع وستين وثلاثمائة، وأقرأ الناس مدة، قرأ غلام الهراس على الرفاعي المذكور عن قراءته عليه، وممن قرأ عليه أبو بكر أحمد بن المبارك الواسطي2. 5- أحمد بن الصقر أبو الحسن المنبجي المقرئ، صنف كتابا في القراءات وسماه الحجة. قرأ على أبي عيسى بكار، وأبي بكر بن مقسم، وعبد الواحد بن أبي هاشم، روى عنه عبدان بن عمر المنبجي، وعلي بن معيوف العين ثرمائي، وغيرهما، ومات كهلا، توفي سنة ست وستين وثلاثمائة3. 6- علي بن محمد بن إبراهيم بن خشنام أبو الحسن البصري المالكي، المقرئ. قرأ على أبي بكر محمد بن موسى الزينبي، ومحمد بن يعقوب بن الحجاج المعدل، قرأ عليه القاضي أحمد بن عبد الكريم، وأبو الحسن طاهر بن غليون، وجماعة. ومسافر بن الطيب، وأبو عبد الله محمد بن الحسين الكارزيني4. 7- أحمد بن عبد الله بن الحسين بن إسماعيل أبو الحسين الجنبي المقرئ. قرأ على ابن شنبوذ، وأحمد بن محمد الرازي، قرأ عليه أبو علي الأهوازي، وحده.   1 انظر/ غاية النهاية "2/ 50". 2 انظر/ غاية النهاية "1/ 397". 3 انظر/ غاية النهاية "1/ 63". 4 انظر/ غاية النهاية "1/ 562، 563". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 188 قرأ أيضا على الحسن بن محمد صاحب أحمد بن جبير الأنطاكي وعلى الخضر بن الهيثم1. 8- علي بن الحسين بن عثمان بن سعيد أبو الحسن الغضائري، المقرئ. قرأ على ابن هاشم الزعفراني، وأحمد بن فرح المفسر، وسعيد بن عبد الرحيم الضرير، وابن شنبوذ، ومحمد بن إبراهيم الأهناسي، والقاسم بن زكريا المطرز، ومحمد بن المعلى الشونيزي الأهوازي، قرأ على أحمد بن محمد بن عبد الصمد الرازي صاحب الفضل بن شاذان. قرأ عليه أبو علي الأهوازي، وقرأ أيضا على الخضر بن الهيثم الطوسي ومحمد بن موسى الزينبي، بقي إلى قريب الثمانين وثلاثمائة2. 9- محمد بن عبد الله بن القاسم أبو بكر الخرقي، المقرئ. شيخ لا يعرف، كالثلاثة قبله، ذكر الأهوازي أنه قرأ عليه لورش، عن قراءته على عبد الله بن مالك بن سيف صاحب الأزرق3 محمد بن محمد بن فيروز بن زاذان، أبو عبيد الله الكرجي، تلى على الحسن بن الحباب. ذكر الأهوازي، أنه قرأ على هذا الشيخ بالأهواز بروايات وأنه تلى أيضا على عبد الله بن محمد بن العباس المدني صاحب الحلواني، وعلى محمد بن هارون التمار، صاحب رويس، ولا أعرف هذا إلا من طريق الأهوازي4. 10- علي بن إسماعيل بن الحسن، الأستاذ أبو علي البصري. المقرئ القطان، المعروف بالخاشع. أحد من اعتنى بالأداء، قرأ بمكة على أبي بكر بن محمد بن عيسى بن بندار صاحب قنبل، وبأنطاكية على الأستاذ إبراهيم بن عبد الرزاق. وقرأ أيضا على أحمد بن محمد بن بقرة، ومحمد بن عبد العزيز بن الصباح، ومحمد بن عبد الله الرازي وغيرهم، قرأ عليه أبو بكر محمد بن عمر بن زلال النهاوندي وأبو علي الأهوازي، وأبو نصر الخباز وغيرهم، أقرأ ببغداد5.   1 انظر/ غاية النهاية "1/ 72، 73". 2 انظر/ غاية النهاية "1/ 534". 3 انظر/ غاية النهاية "2/ 183". 4 انظر/ غاية النهاية "2/ 247". 5 انظر/ غاية النهاية "1/ 526". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 189 11- أحمد بن عبد الله أبو الحسن الكتاني. تلى على عبد الله بن أحمد بن الهيثم البلخي عن قراءته على أبي حمدون الطيب بن إسماعيل قرأ عليه الأهوازي1. 12- محمد بن أحمد بن علي أبو بكر الباهلي البصري، النجار المقرئ. قرأ عليه أبو علي الأهوازي، في مسجده بالبصرة، وقال: إنه قرأ على القاسم بن زكريا المطرز، أبي بكر الداجوني الكبير، وعمر بن محمد السكاغذي، وأبي سلمة عبد الرحمن بن إسحاق الكوفي وغيرهم، كان حيا في سنة خمس وثمانين وثلاثمائة2. 13- عبد الله بن نافع بن هارون أبو القاسم العنبري. ذكر أنه قرأ على أحمد بن فرح المفسر، قرأ عليه الأهوازي3. 14- علي بن أحمد بن صالح بن حماد الإمام، أبو الحسن القزويني، المقرئ ولد سنة ثلاث وثمانين ومائتين. وأخذ القراءات عن أبي عبد الله الأزرق، والعباس بن الفضل الرازيين ولقي ابن مجاهد ببغداد وناظره، وتصدر للإقراء نحوا من ثلاثين سنة. وقد سمع من يوسف بن عاصم الرازي، ومحمد بن مسعود الأسدي ويوسف بن حمدان، روى عنه القاضي أبو يعلى الخليلي. قال: وتوفي في رمضان سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة، قلت: عاش ثمانيا وتسعين سنة4. 15- عبد الله بن محمد أبو محمد القضاعي الأندلسي، المعروف بمقرون المقرئ. نزيل بجاية5، ثم نزيل وهران6 ثم نزيل مالقة7، ثم نزيل قرطبة8، قدمها باستقدام الحكم أمير المؤمنين بالأندلس في حدود خمسين وثلاثمائة.   1 انظر/ غاية النهاية "1/ 72، 73". 2 انظر/ غاية النهاية "2/ 76". 3 انظر/ غاية النهاية "1/ 462". 4 انظر/ غاية النهاية "1/ 519". 5 بلد بالجزائر. 6 بلد بالجزائر. 7 بلد بالأندلس. 8 بلد بالمغرب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 190 قال أبو عمرو الداني: فأقرأ الناس بها بحرف ورش، وكان ينحو في قراءته، نحو مذهب القرويين والمصريين، وذكر أنه أخذ القراءة عرضا عن أبي الفضل عبد الحكم بن إبراهيم المقرئ، صاحب أبي بكر بن سيف. وذكر قاسم بن مسعود أن مولد شيخه القضاعي، سنة تسعين ومائتين، ومات بقرطبة سنة ثمان وسبعين وثلاثمائة1. 16- عبيد الله بن عمر بن أحمد أبو القاسم القيسي البغدادي، المقرئ نزيل قرطبة. قال الداني: أخذ القراءة عرضا عن ابن مجاهد، وأحمد بن يعقوب التائب، وإسحاق بن أبي عمران الإمام. وعرض على ابن بدهن بمصر، وكان إماما في مذهب الشافعي، رضي الله عنه، كثير التصنيف في أصول الفقه، وغير ذلك. ويعرف بعبيد مات سنة ستين وثلاثمائة في آخرها، وله خمس وستون سنة2. 17- علي بن محمد بن إسماعيل بن بشر الأنطاكي، الإمام أبو الحسن التميمي. نزيل الأندلس ومقريها، ومسندها. قال الداني: أخذ القراءة عرضا وسماعا عن إبراهيم بن عبد الرزاق، ومحمد بن الأخرم. وأحمد بن يعقوب التائب، وأحمد بن محمد بن خشيش، ومحمد بن جعفر بن بيان، وصنف قراءة ورش، قرأ عليه أبو الفرج الهيثم الصباغ وإبراهيم بن مبشر المقرئ، وطائفة من قراء الأندلس. وسمع منه عبد الله بن أحمد بن معاذ الداراني، قال أبو الوليد بن القرضي: أدخل الأندلس علما جما، وكان بصيرا بالعربية والحساب، وله حظ من الفقه. قرأ الناس عليه وسمعت أنا منه، وكان رأسا في القراءات، لا يتقدمه أحد في معرفتها في وقته، وكان مولده بأنطاكية، سنة تسع وتسعين ومائتين. ومات بقرطبة في ربيع الأول، سنة سبع وسبعين وثلاثمائة3.   1 انظر/ غاية النهاية "1/ 456". 2 انظر/ غاية النهاية "1/ 489، 490". 3 انظر/ شذرات الذهب "3/ 90". غاية النهاية "1/ 564، 565". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 191 18- محمد بن أحمد بن عبد الرحمن أبو الحسن الملطي، المقرئ الفقيه الشافعي. نزيل عسقلان1. قال الداني: أخذ القراءة عرضا، عن أبي بكر بن مجاهد، وأبي بكر بن الأنباري، وجماعة، مشهور بالثقة والإتقان. وسمعت إسماعيل بن رجاء يقول: كان أبو الحسن كثير العلم، كثير التنصنيف في الفقه، جيد الشعر. قلت: له قصيدة في وصف القراءة، كالخاقانية أولها: أقول لأهل اللب والفضل والحجر ... مقال مريد للثواب وللأجر وقد حدث عن عدي بن عبد الباقي، وخيثمة الأطرابلسي، وأحمد بن مسعود الوزان، روى عنه إسماعيل بن رجاء، وعمر بن أحمد الواسطي، وداود بن مصحح وعبيد الله بن سلمة المكتب. وقرأ عليه الحسن بن ملاعب الحلبي. أخبرنا عبد الحافظ بن بدران بنابلس، أنا أحمد بن طاوس، أنا حمزة بن أحمد السلمي سنة خمسين وخمسمائة. حدثنا الفقيه نصر بن إبراهيم، أخبرنا عمر بن أحمد الخطيب، حدثنا أبو الحسين الملطي، حدثنا أحمد بن محمد بن أبي إدريس، الإمام بحلب، حدثنا سهل بن صالح الأنطاكي، حدثنا عبدة عن هشام بن عروة عن أبيه. عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قالت هند: يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح2، وإنه لا يعطيني ما يكفيني، ويكفي بني، أفآخذ من ماله وهو لا يعلم؟ فهل علي منه شيء؟   1 بلد بساحل الشام تحجبه النصارى. انظر القاموس المحيط "4/ 16". 2 الشح: البخل مع الحوص، والشح أعم من البخل؛ لأن البخل يختص بمنع المال، والشح بكل شيء. وقيل: الشح لازم كالطبع والبخل غير لازم. قال الحافظ: قال القرطبي: لكم ترد هند وصف أبي سفيان بالشح في جميع أحواله، وإنما وصفت حالها معه وأنه كان يقتر عليهما وعلى أولادها. وهذا لا يستلزم البخل مطلقا فإنه كثيرا من الرؤساء يفعل ذلك مع أهله ويؤثر الأجانب استئلافا. انظر فتح الباري "9/ 419". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 192 قال: "خذي من ماله ما يكفيك وبنيك بالمعروف" 1، 2 أخرجه البخاري ومسلم.   1 قال الحافظ: قال القرطبي: قوله: "خذي" أمر إباحة بدليل قوله: "لا حرج" والمراد بالمعروف القدر الذي عرف بالعادة أنه الكفاية قال: وهذه الإباحة وإن كانت مطلقة لفظا لكنها مفيدة معنى كأنه قال: إن صح ما ذكرت. قال الحافظ: وقال غيره: يحتمل أن يكون -صلى الله عليه وسلم- علم صدقها فيما ذكرت فاستغنى عن التقييد. قال الحافظ: واستدل بهذا الحديث على مسائل: منها: جواز ذكر الإنسان بما لا يعجبه إذا كان على وجه الاستفتاء والاستكثار ونحو ذلك، وهو أحد المواضع التي تباح فيها الغيبة ومنها: جواز ذكر الإنسان بالتعظيم كاللقب والكنية. قال الحافظ: وفيه نظر، لأن أبا سفيان كان مشهورا بكنيته دون اسمه فلا يدل قولها "إن أبا سفيان" على إرادة التعظيم ومنها: جواز استماع كلام أحد الخصمين في غيبة الآخر. ومنها: أن من نسب إلى نفسه أمرًا عليه فيه غضاضة فليقرنه بما يقيم عذره في ذلك. ومنها: جواز سماع كلام الأجنبية عند الحكم والإفتاء عند من يقول إن صوتها عورة ويقول جاز هنا للضرورة. ومنها: أن القول قول الزوجة في قبض النفقة؛ لأنه لو كان القول قول الزوج إنه منفق لكلفت هذه البينة على إثبات عدم الكفاية. وأجاب المازري عنه: لأنه من باب تكليف الفتيا لا القضاء. ومنها: وجوب نفقه الزوجة وأنها مقدرة بالكفاية وهو قول أكثر العلماء وهو قول للشافعي حكاه الجويني والمشهور عن إمامنا الشافعي أنه قدرها بالأمداد فعلى الموسر كل يوم مدان والمتوسط مد ونصف والمعسر مد، وتقريرها بالأمداد، رواية عن الإمام مالك أيضا. انظر/ فتح الباري "9/ 419". قال الشيخ النووي: وهذا الحديث يرد على أصحابنا. انظر شرح صحيح مسلم للنووي "2/ 11". قال الحافظ ابن حجر: وليس صريحا في الرد عليهم لكن التقدير بالأمداد محتاج إلى دليل، فإن ثبت ثملت الكفاية في حديث الباب على القدر المقدر بالأمداد، فكأنه كان يعطيها وهو موسر ما يعطي المتوسط فأذن لها في أخذ التكملة. ومن الفوائد: اعتبار النفقة بحال الزوجة وهو قول السادة الأصناف، واختار الخصاف منهم أنهم معتبرة بحال الزوجين معا قال صاحب الهداية: وعليه الفتوى والحجة فيه ضم ضم قوله تعالى: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ} الآية إلى هذا الحديث. وذهبت الشافعية إلى اعتبار حال الزوج تمسكا بالآية وهو قول بعض الحنفية. ومنها وجوب نفقة الأولاد بشرط الحاجة، والأصح عندنا نحن الشافعية اعتبار الصغر أو الذهانة. ومنها: وجوب فقه خادم المرأة على الزوج. قال الخطابي: لأن أبا سفيان كان رئيس قومه ويبعد أن يمنع زوجته وأولاده النفقة، فكأنه كان يعطيها قدر كفايتها وولدها دون من يخدمهم فأضافت ذلك إلى نفسها لأن خادمها داخل في جملتها. قال الحافظ: قلت: ويحتمل أن يتمسك لذلك بقوله في بعض طرقه "إن أطعم من الذي له عيالنا" ومنها: استدل به على وجوب نفقة الابن على الأب ولو كان الابن كبيرا. وتعقب بأنها واقعة عين ولا عموم في الأفعال، فيحمل أن يكون المراد بقولها "بني" بعضهم أي: من كان صغيرا أو كبيرا زمنا لا جميعهم. ومنها: استدل به على أن من له عند غيره حق وهو عاجز عن استيفائه جاز له أن يأخذ من ماله قدر حقه بغير إذنه، وهو قول الإمام الشافعي وجماعة، وتسمى مسألة الظفر، والراجح عندهم لا يأخذ غير جنس حقه إلا إذا تعذر جنس حقه. وعن الإمام الأعظم المنع. وعنه: يأخذ جنس حقه ولا يأخذ من غير جنس حقه إلا أحد التقدين بدل الآخر. وعن الإمام مالك ثلاث روايات كهذه الآراء. وعن الإمام أحمد المنع مطلقا. ومنها: أن للمرأة مدخلا في القيام على أولادها وكفالتهم والإنفاق عليهم. ومنها: اعتماد العرف في الأمور التي لا تحديد فيها من قبل الشرع. ومنها: استدل به الشيخ الخطابي على جواز القضاء على الغائب انظر فتح الباري "9/ 419-421". شرح صحيح مسلم للنووي "12/ 7، 8". 2 متفق عليه: أخرجه البخاري في البيوع "4/ 473، 474". الحديث "2211". ومسلم في الأقضية "3/ 338". الحديث "7/ 14-17". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 193 توفي الملطي سنة سبع وسبعين وثلاثمائة، أيضا أما أبو الحسين محمد بن علي الملطي، ففي الطبقة الآتية. 19- طلحة بن محمد بن جعفر الشاهد أبو القاسم البغدادي المقرئ. قرأ على ابن مجاهد، واستملى عليه، ولذلك يقال له غلام ابن مجاهد وقرأ على نصر بن القاسم الفرائضي، عن قراءته على محمد بن غالب، صاحب شجاع البلخي. قرأ عليه أبو العلاء محمد بن علي الواسطي وغيره، وقد روى عن عمر بن أبي غيلان، وأبي القاسم البغوي، وأبي صخرة الكاتب وطبقتهم حدث عنه عبيد الله الأزهري، وأبو القاسم التنوخي، والحسن بن محمد الخلال وأبو محمد الجوهري. وصنف كتابا في أخبار القضاة، وبقراءته سمع أبو مسلم الكاتب، كتاب السبعة من ابن مجاهد، في سنة عشرين وثلاثمائة، ولم يكن بالمتقن مع كثرة إطلاعه، ضعفه الأزهري المذكور. وقال ابن أبي الفوارس: كان يدعو إلى الاعتزال. قلت: مات سنة ثمانين وثلاثمائة، وله تسعون سنة1. 20- محمد بن الحسن بن علي بن طاهر الأنطاكي، المقرئ، أحد أعلام القرآن نزل مصر. قال أبو عمرو الداني: أخذ القراءة عرضا وسماعا، عن إبراهيم بن عبد الرزاق، وهو من جلة أصحابه، ومن أثبت الناس فيه. روى القراءة عنه غير واحد من نظرائه، منهم عبد المنعم بن غلبون وعلي بن داود الداراني، وعرض عليه وسمع منه شيخنا فارس، وعبيد الله بن مسلمة، كتابه في القراءات الثمانية. قلت: وقرأ على عتيق بن عبد الرحمن الأدنى أيضا، روى عنه علي بن محمد الحنائي وغيره، خرج من مصر إلى الشام، فمات في الطريق قبل سنة ثمانين وثلاثمائة2. 21- محمد بن يوسف بن نهار الحرتكي، أبو الحسين البغدادي المقرئ، إمام جامع البصرة.   1 انظر/ شذرات الذهب "3/ 97". غاية النهاية "1/ 342". 2 انظر/ شذرات الذهب "3/ 90". غاية النهاية "2/ 118". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 194 قال عمرو الداني: هو بصري، قرأ على ابن مجاهد وابن شنبوذ وأحمد بن بويان وغيرهم، وسمع من أبي القاسم البغوي، قرأ عليه واحد من شيوخنا. وتوفي بعد السبعين وثلاثمائة، قلت: قرأ عليه طاهر بن غلبون، وعيسى بن سعيد القرطبي، وحدث عنه محمد بن الحسين بن جرير الدشتي لقيه بالأهواز1. 22- عبد العزيز بن علي بن محمد بن إسحاق بن الفرج، أبو عدي المصري المقرئ. ويعرف بابن الإمام، مسند القراء في زمانه بمصر، تلى على أبي بكر عبد الله بمن مالك بن سيف، صاحب الأزرق، قرأ عليه أئمة، كطاهر بن غلبون، وأبو الفضل الخزاعي. وأحمد بن علي بن هاشم، ومكي بن أبي طالب، وأبو عمر الطلمنكي، وعبد الجبار بن أحمد الطرسوسي، وإسماعيل بن عمرو بن راشد الحداد، وآخر من قرأ عليه موتا، أبو العباس أحمد بن نفيس، شيخ ابن الفحام الصقلي. وقد روى الحديث عن علي بن قديد، ومحمد بن زبان، وجماعة حدث عنه يحيى بن الطحان وغيره، وقال أبو إسحاق الحبال: توفي في عاشر ربيع الأول، سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة. قلت: أظنه عاش تسعين سنة، أو أكثر، وهو أعلى من قرأت القرآن من طريقه2. 23- أحمد بن الحسين بن مهران الأستاذ أبو بكر الأصبهاني، ثم النيسابوري المقرئ، العبد الصالح. مصنف كتاب الغاية، الذي قرأته على أبي الفضل، أحمد بن تاج الأمناء، بإجازته من المؤيد الطوسي، وزينب بنت الشعري، قالا: أنا أبو القاسم الشحامي أنا أبو بكر أحمد بن إبراهيم المقرئ، أخبرنا المصنف: كان من أئمة هذا الفن، قرأ بدمشق على أبي الحسن بن الأخرم، وببغداد على أبي الحسين بن بويان، وأبي بكر النقاش، وأبي عيسى بكار، وبخراسان على جماعة. وسمع من إمام الأئمة ابن خزيمة، وأبي العباس بن السراج، وأحمد بن محمد بن الحسين المآسرجسي، وجماعة.   1 انظر/ غاية النهاية "2/ 288". 2 انظر/ شذرات الذهب "3/ 101". غاية النهاية "1/ 394". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 195 روى عنه أبو عبد الله الحاكم، وقال: كان إمام عصره في القراءات، وكان أعبد من رأينا من القراء، وكان مجاب الدعوة، انتقيت عليه خمسة أجزاء. وروى عنه عبد الرحمن بن الحسن بن عليك وأبو سعد المقرئ، وأبو حفص بن مسرور، وأبو سعد الكنجرودي وغيرهم. وقرأ عليه القراءات جماعة منهم أبو الوفاء مهدي بن طرارة شيخ الهذلي. وأبو القاسم علي بن أحمد البستي المقرئ شيخ الواحدي، وسعيد بن محمد الحيري، ويوم موته، مات أبو الحسن العامري الفيلسوف. قال عمر بن أحمد بن مسرور: حدثني ثقة أنه رأى أبا بكر بن مهران في النوم، في الليلة التي دفن فيها، فقلت: يا أستاذ ما فعل الله بك؟ قال: إن الله أقام أبا الحسن العامري بحذائي، وقال: هذا فداؤك من النار. قال الحاكم: قرأت ببخارى على ابن مهران كتاب الشامل له في القراءات، ومات في شوال سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة، وله ست وثمانون سنة -رحمه الله تعالى1. 24- علي بن أحمد بن صالح القزويني المقرئ، أحد الأعلام. سمع من يوسف بن عاصم الرازي، ومحمد بن مسعود الأسدي؛ ويوسف بن حمدان، وأخذ القراءات عن العباس بن الفضل بن شاذان وأبي عبد الله الأزرق. ولقي ببغداد ابن مجاهد، وناظره، وأقرأ الناس ثلاثين سنة، ترجمة أبو ليلى الخليلي، وحدث عنه. وقال: توفي في رمضان سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة، وله ثمان وتسعون سنة، قال: فإنه ولد سنة ثلاث وثمانين ومائتين2. 25- عبد الله بن عطية بن حبيب أبو محمد الدمشقي، المفسر المقرئ المعدل. قرأ على ابن الأخرم، وجعفر بن أبي داود النيسابوري، وحدث عن ابن جوصا، وجماعة، روى عنه أبو محمد بن أبي نصر، وطرفة الحرستاني.   1 انظر/ شذرات الذهب "3/ 98". غاية النهاية "1/ 49". 2 انظر/ غاية النهاية "1/ 519". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 196 وعبد الله بن سوار العنسي، وأبو نصر بن الحباب وآخرون، وكان إمام مسجد باب الجابية، قال عبد العزيز الكتاني: كان يحفظ فيما يقال خمسين ألف بيت، للاستشهاد على معاني القرآن. وكان ثقة، توفي في شوال سنة ثلاث وثمانين وثلاثمائة، حدثنا عنه علي بن الحسن الربعي وغيره1. 26- علي بن عمر أبو الحسن الدارقطني البغدادي المقرئ، الحافظ أحد الأعلام، وصاحب التصانيف. سمع من البغوي، وأبي بكر بن أبي داود، ومحمد بن هارون الحضرمي، وعلي بن عبد الله بن مبشر، وخلق كثير، وقرأ القرآن على أبي بكر النقاش، وأبي الحسين بن بويان. وأحمد بن محمد الديباجي، وعلي بن سعيد بن ذؤابة، وسمع كتاب السبعة من ابن مجاهد، وتصدر في أواخر أيامه، وصنف فيها كتابا حافلا. وهو أول من عمل الأبواب قبل فرش الحروف، وقد رحل في الكهولة إلى الشام، ومصر، وحدث وأفاد، وسمع من أبي الطاهر الذهلي، وطبقته روى عنه عدد كثير منهم العلامة، أبو حامد الإسفراييني، وأبو عبد الله الحاكم، عبد الغني الأزدي بن سعيد الأزدي، وتمام الرازي. وحمزة السهمي، وأبو ذر الهروي، وأبو بكر البرقاني، وأبو نعيم الأصبهاني، وأبو محمد الخلال وأبو الطيب الطبري، وأبو الغنائم عبد الصمد بن المأمون، وأبو الحسين بن المهتدي بالله. قال الحاكم: صار الدارقطني، أوحد عصره في الحفظ، والفهم والورع وإماما في القراء والنحويين، سألته عن العلل والشيوخ وصادفته فوق ما وصف لي، وله مصنفات يطول ذكرها. وقال الخطيب: كان الدارقطني، فريد عصره، وقريع دهره، ونسيج وحده، وإمام وقته، انتهى إليه علم الأثر، ومعرفة العلل، مع الصدق والثقة، وصحة الاعتقاد، والاضطلاع على علوم، سوى الحديث. منها القراءات، ومنها المعرفة بمذاهب الفقهاء، وبلغني أنه درس فقه الشافعي -رضي الله عنه، على الإصطخري. ومنها المعرفة بالأدب، والشعر فقيل إنه كان يحفظ دواوين جماعة.   1 انظر/ غاية النهاية "1/ 433". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 197 ونسب الى التشيع لحفظه ديوان السيد الحميري، قلت: هو بريء من التشيع، وقد سأله رجل وألح عليه، هل رأيت مثل نفسك؟ قال: لم أر أحدا جمع ما جمعت. وقال أبو ذر: قلت للحاكم، هل رأيت مثل الداقطني؟ فقال: هو لم ير مثل نفسه، فكيف أنا. وقال البرقاني: كان الدارقطني يملي علي العلل من حفظه. توفي في ثامن ذي القعدة، سنة خمس وثمانين وثلاثمائة، وله ثمانون سنة1. 27- محمد بن محمد بن محمد بن أحمد بن عثمان أبو بكر البغدادي، المقرئ المعروف بالطرازي. نزيل نيسابور، مقرئ ضابط صالح عالي السند، قرأ على ابن مجاهد وسمع من البغوي وغيره، وكان عارفا بالعربية والحديث، قال الحاكم: خالف الأئمة في آخر عمره، في أحاديث حدث بها من حفظه. قلت: روى عنه أبو حفص بن مسرور، وأبو سعد الكنجرودي وغيرهما، توفي في سنة خمس أيضا2. 28- مظفر بن أحمد بن إبراهيم أبو الفتح بن برهام المقرئ، من كبار القراء المصنفين بدمشق. قرأ على محمد بن النضر بن الأخرم، وعلي بن أبي العقب، وصالح بن إدريس البغدادي، وحدث عن أحمد بن عبد الله بن نصر بن هلال، وأبي علي الحصائري، وجماعة. روى عنه تمام الرازي، أبو سعد الماليني، وعلي بن الحسن الربعي، قال ابن عساكر: الصواب ابن برهان بالضم والنون، توفي سنة خمس وثمانين أيضا3، وقد مر في الطبقة الماضية مظفر بن أحمد النحوي. 29- محمد بن علي بن أحمد الإمام أبو بكر الأدفوي المصري، المقرئ النحوي المفسر.   1 انظر/ شذرات الذهب "3/ 116". غاية النهاية "1/ 558". 2 انظر/ غاية النهاية "2/ 237". 3 انظر/ غاية النهاية "2/ 300، 301". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 198 وأدفو قرية من الصعيد مما يلي أسوان، سكن مصر وكان خشابا يتجر، قرأ القرآن على أبي غانم، المظفر بن أحمد، وسمع الحروف من أحمد بن إبراهيم بن جامع، ومن سعيد بن السكن. ولزم أبا جعفر النحاس، وحمل عنه كتبه، وبرع في علوم القرآن، وكان سيد أهل عصره بمصر. قال أبو عمرو الداني: انفرد أبو بكر بالإمامة في وقته، في قراءة نافع مع سعة علمه، وبراعة فهمه وصدق لهجته وتمكنه من علم العربية، وبصره بالمعاني. روى عنه القراءة جماعة من الأكابر، منهم محمد بن الحسين بن النعمان، وشيخنا الحسن بن سليمان، وعاش ثلاثا وثمانين سنة، قلت: له كتاب التفسير، في مائة وعشرين مجلدا، موجود بالقاهرة. وقال سهل بن عبد الله البزاز: صنف شيخنا أبو بكر الأدفوي، كتابه الاستغناء في علوم القرآن في اثنتي عشرة سنة. توفي في سابع ربيع الأول، سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة1. 30- عمر بن محمد بن عراك أبو حفص الحضرمي المصري، المقرئ. قرأ على حمدان بن عون، وعبد الحميد بن مسكين، وقسيم بن مطير. وسمع الحروف من أحمد بن محمد بن زكريا الصدفي، وأحمد بن إبراهيم بن جامع السكري، أخذ عنه الحروف أيضا، وتلا على أبي غانم المظفر بن أحمد، قرأ عليه تاج الأئمة، أحمد بن علي بن هاشم، وأبو الفتح فارس بن أحمد، وجماعة. وكان متبحرا في قراءة ورش، وكان يقول: أنا كنت السبب في تأليف أبي جعفر بن النحاس، كتاب اللامات بمصر، توفي في سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة2. 31- عبد المنعم بن عبيد الله بن غلبون بن المبارك، أبو الطيب الحلبي المقرئ، المحقق. مؤلف كتاب الإرشاد في القراءات، والد أبي الحسن مؤلف التذكرة عداده في المصريين، سكنها مدة.   1 انظر/ شذرات الذهب "3/ 130". غاية النهاية "2/ 198". 2 انظر/ غاية النهاية "1/ 597". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 199 قرأ على إبراهيم بن عبد الرزاق، ونظيف بن عبد الله، ونصر بن يوسف المجاهدي، وصالح بن إدريس، ومحمد بن جعفر الفريابي. وسمع الحرف من جعفر بن سليمان صاحب السوسي؛ ومن الحسن بن حبيب الحصائري، صاحب الأخفش، وسمع الحديث من عبيد الله بن الحسين الأنطاكي، وسليمان بن زويط، وأحمد بن محمد بن عمارة الدمشقي، وعدي بن عبد الباقي. قرأ عليه ولده والحسن بن عبد الله الصقلي، وأبو عمر الطلمنكي، ومكي بن أبي طالب القيسي، والحسن بن قتيبة الصقلي، وأحمد بن علي الريغي. وأبو جعفر أحمد بن علي الأزدي، وأبو القاسم عبد الرحمن بن الحسن الأستاذ، وخلف بن غصن الطائي، وأبو عبد الله محمد بن سفيان، وأحمد بن علي تاج الأئمة، وأبو العباس أحمد بن نفيس. وحدث عنه محمد بن جعفر اليماني، والحسن بن إسماعيل الضراب وجماعة قال أبو علي الغساني: كان ثقة خيارا، وقال أبو عمرو الداني: كان حافظا للقراءة ضابطا، ذا عفاف ونسك، وفضل وحسن تصنيف. وكان الوزير أبو جعفر بن الفضل معجبا به، وكان يحضر عنده المجلس، مع العلماء، سمعت فارس بن أحمد يقول: ولد عبد المنعم سنة تسع وثلاثمائة في رجب، ومات بمصر في جمادى الأولى، سنة تسع وثمانين وثلاثمائة1. 32- عمر بن إبراهيم بن أحمد بن كثير الكتاني، أبو حفص البغدادي، المقرئ المحدث. قرأ القرآن على ابن مجاهد، وسمع منه كتاب السبعة، وقرأ أيضا على محمد الحربي، وأبي عيسى بكار، وزيد بن أبي بلال، وعلي بن سعيد بن ذؤابة. قرأ عليه أبو علي الأهوازي وغيره، وقد سمع من أبي القاسم البغوي وابن صاعد، ومحمد بن هارون الحضرمي، وجماعة. حدث عنه الحسن بن محمد الخلال، وأبو القاسم التنوخي، وأبو الحسين بن المهتدي بالله وأبو محمد بن هزارمرد الصريفيني وأبو الحسين بن النقور وآخرون، وكان يقرئ بمسجده.   1 انظر/ شذرات الذهب "3/ 131". غاية النهاية "1/ 470". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 200 قال الداني: قال عمر: سألت ابن مجاهد أن ينقلني عن قراءة عاصم إلى غيرها، فأبى علي، فقرأت قراءة ابن كثير على بكار، عن ابن مجاهد عن قنبل وطالت أيام عمر. فكان من آخر من قرأ على ابن مجاهد، قال الخطيب: ثقة توفي في رجب سنة تسعين وثلاثمائة، وله تسعون سنة1. 33- عبد الباقي بن الحسن بن أحمد بن السقا، أبو الحسن الخراساني ثم الدمشقي، المقرئ أحد الحذاق. قرأ على محمد بن سليمان بن ذكوان البعلبكي، ونظيف بن عبد الله الحلبي، ومحمد بن علي الجلندا، ومحمد بن النضر بن الأخرم، وزيد بن أبي بلال، وإبراهيم بن الحسن، وطائفة سواهم. وحدث عن عبد الله بن عتاب الرفني وأبي علي الحصائري، وجماعة، قرأ عليه فارس بن أحمد وجماعة، وروى عنه علي بن داود المقرئ، وأبو علي أحمد بن محمد الأصبهاني. قال أبو عمرو الداني: كان خيرا فاضلا ثقة، مأمونا، إماما في القراءات، عالما بالعربية، بصيرا بالمعاني، قال لي فارس عنه: إنه أدرك إبراهيم بن عبد الرزاق بأنطاكية، وجلس بين يديه، في سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة. سمعت عبد الرحمن بن عبد الله يقول: كان عبد الباقي يسمع معنا ببغداد، على أبي بكر الأبهري، وكتب عنه كتبه في الشرح، ثم قدم مصر، فقامت له بها رياسة عظيمة، وكنا لا نظنه هناك، إذ كان ببغداد. وتوفي عبد الباقي بعد سنة ثمانين وثلاثمائة، بالإسكندرية أو بمصر2. 34- إبراهيم بن أحمد أبو إسحاق الطبري، المالكي المقرئ، المعدل، بغدادي مشهور ثقة. ولد سنة أربع وعشرين وثلاثمائة، وحدث عن إسماعيل الصفار، وعلي الستوري وأحمد بن سليمان العباداني وطائفة.   1 انظر/ شذرات الذهب "3/ 134". غاية النهاية "1/ 587، 588". 2 انظر/ غاية النهاية "1/ 356، 357". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 201 وقرأ القرآن على أحمد بن عثمان بن بويان، وأحمد بن عبد الرحمن الولي، وأبي بكر النقاش، وأبي مقسم، وأبي عيسى بكار وغيرهم. وصنف في القراءات، قرأ عليه الحسن بن علي العطار، والحسن بن أبي الفضل الشرمقاني، شيخا ابن سوار، وأبو علي الأهوازي، وأبو نصر أحمد بن مسرور، وأبو علي المالكي، صاحب الروضة، وأحمد بن رضوان. قال أبو بكر الخطيب: كان الدارقطني قد خرج لأبي إسحاق الطبري خمسمائة جزء، وكان مفضلا على أهل العلم، وداره مجمع أهل القرآن، والحديث، وكان ثقة. قلت روى عنه جماعة. وكان بصيرا بمذهب مالك، قرأ عليه الشريف الرضي، فنحل الشريف دارا فاخرة بالكرخ، توفي سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة1. 35- محمد بن أحمد بن علي بن حسين أبو مسلم الكاتب البغدادي، نزيل مصر. روى القراءة سماعا، عن أبي بكر بن مجاهد، وأبي عيسى محمد بن أحمد بن قطن وسمع من أبي القاسم البغوي، وأبي بكر بن أبي داود وابن دريد ونفطويه، وابن صاعد. وسعيد أخي زبير الحافظ، وأبي بكر ابن الأنباري، وأبي علي الحصائري، وأبي علي محمد بن سعيد الحافظ، ودخل المغرب، وسمع من أبي القاسم زياد بن يونس. قال أبو عمرو الداني: كتبنا عنه كثيرا. قلت: روى عنه الداني، والحافظ عبد الغني، ورشا بن نظيف، وأبو علي الأهوازي، وأحمد بن بابشاذ، وأبو الحسين، محمد بن مكي، ومحمد بن أبي عدي السمرقندي، وأحمد بن القاسم بن ميمون الحسيني. وعلي بن بقاء الوراق، وأبو عبد الله محمد بن سلامة القضاعي، وخلق سواهم. وهو آخر من روى عن البغوي وغيره، وآخر من روى السبعة عن ابن مجاهد، قال محمد بن علي الصوري: بعض أصوله جياد عن البغوي وغيره. وهو أمثل من ابن الجندي، حدثني وكيل أبي مسلم، وكان حافظا يقال له أبو الحسين العطار، قال: ما رأيت في أصول أبي مسلم عن البغوي شيئا صحيحا غير جزء واحد كان سماعه فيه صحيحا، وما عداه كان مفسودا. قال الحبال: توفي في ذي القعدة، سنة تسع وتسعين وثلاثمائة2.   1 انظر/ شذرات الذهب "3/ 142" غاية النهاية "1/ 5-6". 2 انظر/ غاية النهاية "2/ 73-74". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 202 36- الحسين بن عثمان أبو علي المجاهدي الضرير المقرئ. آخر من قرأ على ابن مجاهد القرآن، بلغنا أنه كان يأخذ على الإنسان الختمة بدينار، عمر دهرا، وتوفي سنة أربعمائة، وقال بعضهم: توفي سنة أربع وأربعمائة1. 37- منصور بن محمد بن منصور أبو الحسن القزاز، المقرئ بغدادي معمر. قرأ لأبي عمرو على أبي بكر بن مجاهد، وهو من آخر أصحابه موتا قرأ عليه أبو نصر أحمد بن مسرور الخباز، وأبو علي الحسن بن علي العطار، ونصر بن عبد العزيز الشيرازي وآخرون2. 38- عبيد الله بن إبراهيم أبو القاسم البغدادي، مقرئ أبي قرة شيخ معمر. قرأ على ابن مجاهد، برواية أبي عمرو، قرأ عليه أبو علي غلام الهراس3. 39- الفرج بن محمد أبو جعفر المقرئ، قاضي تكريت، قرأ على النقاش، وابن مقسم. قرأ عليه الحسن بن محمد صاحب الروضة4. 40- علي بن محمد بن يوسف أبو الحسن بن العلاف البغدادي، المقرئ من كبار أئمة الأداء. قرأ على النقاش، وابن أبي هاشم، وبكار وزيد بن أبي بلال، وأبي علي النقار، وتصدر للإقراء مدة، وحدث عن الواعظ علي بن محمد المصري، وجماعة. قرأ عليه الحسن بن محمد صاحب الروضة، وأبو الفتح بن شيطا، وأحمد بن محمد القنطري المجاور، وروى عنه ابنه محمد، وعبد العزيز الأزجي، وثقه الخطيب. ولد سنة عشر وثلاثمائة، ومات سنة ست وتسعين وثلاثمائة، -رحمه الله- وممن قرأ عليه أبو علي الشرمقاني، والحسن بن علي العطار، وأحمد بن رضوان الصيدلاني5. 41- أحمد بن عبد الله بن الخضر بن مسرور، أبو الحسن السوسنجردي. ثم البغدادي المقرئ المعدل، قرأ القراءات على زيد بن أبي بلال وعبد الواحد بن   1 انظر/ غاية النهاية "1/ 243، 244". 2 انظر/ غاية النهاية "2/ 314". 3 انظر/ غاية النهاية "1/ 483، 484". 4 انظر/ غاية النهاية "2/ 8". 5 انظر/ غاية النهاية "1/ 577". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 203 أبي هاشم، ومحمد بن عبد الله بن أبي مرة الطوسي، وسمع الحديث من أبي جعفر بن البختري، وأبي عمرو بن السماك، وطائفة. قرأ عليه أبو علي الهراس، وأبو بكر محمد بن علي الخياط، والحسن بن محمد بن إبراهيم المالكي، ونصر بن عبد العزيز الفارسي وآخرون، وحدث عنه أبو الحسين بن المهتدي بالله. قال الخطيب: كان ثقة دينا شديدا في السنة، مات في رجب سنة اثنتين وأربعمائة، وقد نيف على الثمانين -رحمه الله1. 42- خلف بن إبراهيم بن محمد بن جعفر بن خاقان أبو القاسم، المصري المقرئ أحد الحذاق في قراءة ورش. قرأ على أحمد بن أسامة التجيبي، وأحمد بن محمد بن أبي الرجاء، ومحمد بن عبد الله المعافري، وأبي سلمة الحمراوي، وسمع من عبد الله بن جعفر بن الورد، وأحمد بن الحسن الرازي، وابن أبي الموت وجماعة، قال تلميذه أبو عمرو الداني: كان ضابطا لقراءة ورش، متقنا لها مجودا، مشهورا بالفضل والنسك، واسع الرواية صادق اللهجة، كتبنا عنه الكثير من القراءات والحديث والفقه. سمعته يقول: كتبت العلم ثلاثين سنة، وذهب بصره دهرا، ثم عاد إليه، وكان يؤم بمسجد، مات بمصر سنة اثنتين وأربعمائة، وهو في عشر الثمانين2. 43- عبيد الله بن محمد بن أحمد بن محمد بن علي بن مهران الإمام، أبو أحمد بن أبي مسلم البغدادي، المقرئ الفرضي، أحد الأعلام. قرأ على أبي الحسين، أحمد بن بويان، وهو آخر من قرأ في الدنيا عليه، ولم يكن عنده سوى رواية قالون، وقد سمع من القاضي المحاملي ويوسف بن البهلول، وحضر مجلس أبي بكر بن الأنباري. قرأ عليه خلق كثير، منهم الحسن بن محمد بن إبراهيم البغدادي، ونصر بن عبد العزيز الشيرازي، والحسن بن علي العطار، وأبو بكر محمد بن علي الخياط، وأبو علي غلام الهراس وغيرهم. وحدَّث عنه أبو محمد الخلال، وأحمد بن علي بن أبي عثمان، وعلي بن أحمد   1 انظر/ شذرات الذهب "3/ 163". غاية النهاية "1/ 73". 2 انظر/ غاية النهاية "1/ 271". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 204 ابن البسري، وعلي بن محمد بن محمد الأنباري، وخلق قرأت على أبي حفص بن القواس، عن الكندي. حدثنا هبة الله بن الطبر قراءة، قال: تلوت القرآن على محمد بن علي الخياط، عن قراءته على أبي أحمد الفرضي، قال الخطيب: كان أبو أحمد ثقة ورعا دينا. وقال العتيقي: ما رأينا في معناه مثله. وقال عبيد الله الأزهري: إمام من الأئمة. وقال عيسى بن أحمد الهمذاني: كان أبو أحمد الفرضي، إذا جاء إلى الشيخ أبي حامد الإسفراييني، قام أبو حامد من مجلسه ومشى إلى باب مسجده حافيا، مستقبلا له. قال الخطيب: حدثنا منصور بن عمر الفقيه، قال: لم أر في الشيوخ من يعلم لله غير أبي أحمد الفرضي، اجتمعت فيه أدوات الرياسة، من علم وقرآن وإسناد، وحالة متسعة من الدنيا. وكان مع ذلك أورع الخلق، كان يقرأ علينا الحديث بنفسه، لم أر مثله، قلت: مات في شوال سنة ست وأربعمائة، وله اثنتان وثمانون سنة1. 44- علي بن داود أبو الحسن الداراني، القطان إمام جامع دمشق، ومقرئه. قرأ القرآن بالروايات، على طائفة، منهم أبو الحسن بن الأخرم، وأحمد بن عثمان بن السباك، وسمع من خيثمة الأطرابلسي، وأبي علي الحصائري، وابن حذلم وجماعة. قرأ عليه رشا بن نظيف، وعلي بن الحسن الربعي، وأحمد بن محمد الأصبهاني، وأبو علي الأهوازي، وتاج الأئمة أحمد بن علي المصري، وعبد الرحمن بن أحمد شيخ الهذلي، وحدث عنه رشا وغيره. وقال رشا: لم ألق مثله، حذقا وإتقانا في رواية ابن عامر، قال عبد المنعم بن النحوي: خرج القاضي أبو محمد العلوي، وجماعة من الشيوخ إلى داريا، إلى ابن داود، فأخذوه ليؤم بجامع دمشق، في سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة. وجاءوا به بعد أن منعهم أهل داريا، وتنافسوا، قال الحافظ ابن عساكر: سمعت ابن الأكفاني يحكي عن بعض مشايخه، أن أبا الحسن بن داود، كان إمام داريا.   1 انظر/ شذرات الذهب "3/ 181". غاية النهاية "1/ 491". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 205 فمات إمام الجامع فخرج أهل البلد إلى داريا ليأتوا به، فلبس أهل داريا السلاح، وقالوا: لا نمكنكم من أخذ إمامنا، فقال أبو محمد عبد الرحمن بن أبي نصر: يا أهل داريا، ألا ترضون أن يسمع في البلاد أن أهل دمشق احتاجوا إليكم في إمام، فقالوا: قد رضينا. فقدمت له بغلة القاضي فأبى، وركب حماره، ودخل معهم فسكن في المنارة الشرقية، وكان يقرئ بشرقي الرواق الأوسط. ولا يأخذ على الإمامة رزقا، ولا يقبل ممن يقرأ عليه برا. ويقتات من غلة أرض له بداريا، ويحمل ما يكفيه من الحنطة، ويخرج بنفسه إلى الطاحون فيطحنه، ثم يعجنه ويخبزه، قال الكتاني: كان ثقة. انتهت إليه الرياسة في قراءة الشاميين، ومضى على سداد، وكان يذهب مذهب أبي الحسن الأشعري، حضرت جنازته في جمادى الأولى، سنة اثنتين وأربعمائة، قلت: مات في عشر التسعين1. 45- محمد بن جعفر بن محمد بن هارون، أبو الحسن التميمي الكوفي، المقرئ النحوي المعروف بابن النجار. قرأ لعاصم على الحسن بن عون النقار، صاحب قاسم بن أحمد الخياط وسمع الحديث من محمد بن الحسين الأشناني، وأبي بكر بن دريد وإبراهيم نفطويه، وأبي روق الهزاني، وعمر دهرا طويلا. وانتهى إليه علو الإسناد، قرأ عليه الحسن بن محمد بن إبراهيم، وأبو علي الهراس وغيرهما، وحدث عنه أبو القاسم عبيد الله الأزهري وجماعة، لقيهم أبو الغنائم النرسي. وكان مولده أول سنة ثلاث وثلاثمائة، قال العتيقي: توفي في جمادى الأول، سنة اثنتين وأربعمائة بالكوفة وهو ثقة2. 46- محمد بن عبد الله بن الحسين أبو عبد الله الجعفي، الكوفي المقرئ الفقيه، الحنفي القاضي المعروف بالهرواني. قرأ القرآن على محمد بن الحسن بن يونس النحوي صاحب جعفر بن محمد الوزان، وسمع من محمد بن القاسم المحاربي، وعلي بن محمد بن هارون قرأ عليه أبو علي غلام الهراس، والحسن بن محمد بن إبراهيم صاحب الروضة.   1 انظر/ شذرات الذهب "3/ 164". غاية النهاية "1/ 541". 2 انظر/ شذرات الذهب "3/ 164". غاية النهاية "2/ 11". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 206 قال الخطيب: كان ثقة، حدث ببغداد، قال: وكان من عاصره بالكوفة يقول: لم يكن بالكوفة من زمن ابن مسعود إلى وقته، أحد أفقه منه، حدثنا عنه غير واحد. وقال لي العتيقي: ما رأيت بالكوفة مثله. قلت: روى عنه يحيى بن محمد الأقساسي، ومحمد بن أحمد بن علان الكرجي، ومحمد بن الحسن بن المنثور، الجهني وعدة، توفي في رجب سنة اثنتين وأربعمائة1. 47- طاهر بن عبد المنعم بن عبيد بن غلبون، أبو الحسن الحلبي المقرئ. أحد الحذاق المحققين، ومصنف التذكرة في القراءات، أخذ القراءات عن والده، وبرع في الفن، وقرأ على محمد بن يوسف بن نهار، وعلى ابن محمد بن خشنام المالكي بالبصرة، وعلى علي بن موسى الهاشمي. وسمع الحروف من إبراهيم بن محمد بن مروان، وعتيق بن ما شاء الله، وأبي أحمد بن الناصح، وأبي الفتح بن بدهن، وروى الحديث عن البصريين، ابن حيويه النيسابوري، والحسن بن رشيق. ولقي ببغداد أبا بكر القطيعي، وبحلب الحسين بن خالويه النحوي وكان من كبار المقرئين في عصره بالديار المصرية. قرأ عليه القراءات أبو عمرو الداني، وقال: لم نر في وقته مثله، في فهمه وعلمه مع فضله وصدق لهجته، كتبنا عنه كثيرا. وتوفي بمصر لعشر مضين من شوال سنة تسع وتسعين وثلاثمائة، قلت: مات في سن الكهولة. قلت: وقرأ عليه أيضا، أحمد بن بابشاذ الجوهري، وأبو عبد الله محمد بن أحمد القزويني، وإبراهيم بن ثابت الأفليشي وغيرهم2. 48- علي بن جعفر السعيدي أبو الحسن مقرئ أهل فارس. قرأ على أبي بكر النقاش، وأحمد بن نصر الشذائي، والحسن بن سعيد المطوعي، وابن الإمام وغيرهم، قرأ عليه نصر بن عبد العزيز الشيرازي وغيرهم وله مصنف في القراءات، رأيته توفي في حدود الأربعمائة3.   1 انظر/ شذرات الذهب "3/ 165". غاية النهاية "2/ 177". 2 انظر/ غاية النهاية "1/ 339". 3 انظر/ غاية النهاية "1/ 529". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 207 49- عبد الملك بن بكران أبو الفرج النهرواني، المقرئ القطان، من جلة شيوخ المقارئ. قرأ على زيد بن علي الكوفي، وأبي بكر النقاش، وهبة الله بن جعفر، وأبي عيسى بكار، وابن مقسم، وابن أبي هاشم، وطال عمره وبعد صيته. وله مصنف في القراءات، قرأ عليه الحسن بن محمد المالكي. والحسن بن علي بن عبد الله العطار، ونصر بن عبد العزيز الفارسي، وأبو علي غلام الهراس، وآخرون. وحدث عن جعفر الخلدي، وأبي بكر النجار، وثقه الخطيب، وقال: توفي في رمضان سنة أربع وأربعمائة1. 50- بكر بن شاذان الواعظ أبو القاسم المقرئ البغدادي. قرأ على زيد بن أبي بلال، وأبي بكر محمد بن علون، وجماعة، قرأ عليه الشرمقاني، والحسن بن محمد المالكي، والحسن بن علي العطار، وأبو علي الهراس، وآخرون. قال الخطيب: كان عبدا صالحا ثقة، رحمه الله، توفي في شوال سنة خمس وأربعمائة2. 51- الحسن بن محمد بن يحيى بن الفحام السامري، أبو محمد المقرئ. قرأ القراءات على أبي بكر النقاش، وابن مقسم، ومحمد بن أحمد بن الخليل، وأبي عيسى بكار وجماعة، وبرع فيها وطال عمره، واحتيج إلى ما عنده. وحدث عن أبي جعفر بن البختري، وإسماعيل الصفار، قرأ عليه أبو علي غلام الهراس، ونصر بن عبد العزيز الفارسي، والحسن بن محمد. وحدث عنه محمد بن محمد بن عبد العزيز العكبري، وكان فقيها عارفا بمذهب الشافعي -رضي الله عنه، لكنه شيعي جلد، له كتاب إنكار غسل الرجلين. وله كتاب الآيات المنزلة في أهل البيت، أخذ عنه أبو جعفر الطوسي شيخ الشيعة، توفي سنة ثمان وأربعمائة ببغداد3.   1 انظر/ غاية النهاية "1/ 467، 468". شذرات الذهب "3/ 173". 2 انظر/ شذرات الذهب "3/ 174". غاية النهاية "1/ 178". 3 انظر/ غاية النهاية "1/ 232، 233". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 208 52- محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن هلال، أبو بكر الجبني، السلمي، الدمشقي المقرئ الأطروش. قرأ على أبيه وعلى أبي الحسن بن الأخرم، وجعفر بن أبي داود النيسابوري، وأحمد بن عثمان بن السباك، وجماعة. وحذق في القراءات لا سيما قراءة الشاميين، وكان أبوه إمام مسجد سوق الجبن، فلهذا قيل له الجبني، قلت: قرأ عليه أبو علي الأهوازي، وعلي بن الحسن الربعي، وأبو العباس أحمد بن محمد بن مردة الأصبهاني، ورشا بن نظيف وآخرون. وقد قرأ أيضا على أبي القاسم علي بن الحسين بن السفر الجرشي، المتوفى سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة، وعن قراءته على الأخفش. توفي فيما قال الكتاني: سنة ثمان وأربعمائة، وقال الأهوازي: سنة سبع وأربعمائة، وقد جاوز الثمانين1. 53- أحمد بن محمد بن أحمد بن الحسن بن سعيد أبو علي الأصبهاني، المقرئ الإمام. شيخ القراء بدمشق، في وقته، قرأ على أبي بكر النقاش، وزيد بن علي الكوفي، وجماعة كثيرة، وصنف كتبا في القراءات، وسمع الحديث الكثير، وأكثر الترحال. حدث عن أبي إسحاق إبراهيم بن علي الهجيمي، وأبي القاسم، الطبراني وأبي أحمد بن عدي. روى عنه تمام الرازي، وأبو نصر بن الجبان وإسماعيل بن رجاء العسقلاني، وآخرون. وقرأ عليه جماعة، توفي سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة، وشيعه الخلق إلى مقبرة باب الفراديس2. 54- عبد العزيز بن جعفر بن محمد بن إسحاق، بن محمد بن خواستي، أبو القاسم الفارسي ثم البغدادي، المقرئ النحوي، ويعرف بابن أبي غسان.   1 انظر/ غاية النهاية "2/ 84، 85". 2 انظر/ غاية النهاية "1/ 101". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 209 ولد سنة عشرين وثلاثمائة وقال: أذكر يوم موت أبي بكر بن مجاهد قرأ على أبي بكر النقاش، وعبد الواحد بن أبي هاشم، وسمع من أبي بكر بن داسه، وإسماعيل الصفار، وأبي بكر النجار، وأبي عمر الزاهد، رحل سنة ثمان وثلاثين بنفسه. وسمع بالبصرة سنن أبي داود، وتفرد بعلوه، ودخل الأندلس للتجارة، في سنة خمسين وثلاثمائة فسكنها، قال أبو عمرو الداني: كان خيرا فاضلا صدوقا ضابطا. أخذ العربية عن أبي سعيد السيرافي، قرأت عليه القرآن بثلاث روايات وروى عنه أيضا أبو الوليد بن الفرضي، لقيه بمدينة التراب. توفي في شهر ربيع الأول سنة ثلاث عشرة وأربعمائة، وله ثلاث وتسعون سنة -رحمه الله1. 55- أحمد بن زيدان الشيخ أبو العباس المقرئ، قال أبو عمرو الداني: بغدادي. أقرأ الناس ببيت المقدس، أخذ القراءة عن أبي بكر بن مجاهد، وهو الذي لقنه القرآن، توفي سنة أربع عشرة وأربعمائة، وعمر ونيف على المائة، قاله لي من قرأ عليه من أصحابنا المغاربة. قلت: هذا مجهول لا يعرف، روى عنه نكرة لا يتعرف، وكتبناه للفرجة2. 56- علي بن أحمد بن عمر بن حفص أبو الحسن بن الحمامي، البغدادي. مقرئ العراق، ومسند الآفاق، قرأ على النقاش، وأبي عيسى بكار وزيد بن علي الكوفي، وهبة الله بن جعفر، وعبد الواحد بن أبي هاشم وجماعة. وبرع في الفن، وسمع من عثمان بن السماك، وأحمد بن عثمان الأدمي والنجار، وعبد الباقي بن قانع، وعلي بن محمد بن الزبير الكوفي، وغيرهم. قرأ عليه خلق كثير، منهم أبو الفتح بن شيطا، ونصر بن عبد العزيز الفارسي، والحسن بن أبي الفضل الشرمقاني، والحسن بن علي العطار، والحسن بن محمد بن إبراهيم صاحب الروضة. وأبو بكر محمد بن موسى الخياط، وأبو الخطاب أحمد بن علي الصوفي المقرئ وأبو علي الهراس، وعبد السيد بن عتاب، ورزق الله التميمي؛ وأبو نصر أحمد بن علي الهاشمي، شيخ الشهرزوري.   1 انظر/ شذرات الذهب "3/ 198، 199". 2 غاية النهاية "1/ 392". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 210 وأبو علي الحسن بن البناء، ويحيى بن أحمد السيبي القصري، وحدث عنه أبو بكر الخطيب، والبيهقي، وهبة الله بن علي الدقاق، وطراد الزينبي، وأبو الحسن علي بن العلاف. قال الخطيب: كان صدوقا دينا فاضلا. تفرد بأسانيد القراءات وعلوها، ولد سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة، وتوفي في شعبان سنة سبع عشرة وأربعمائة، وهو في تسعين سنة -رحمه الله1. 57- عبد السلام بن الحسين أبو أحمد البصري المقرئ، اللغوي نزيل بغداد. قال الخطيب: حدث عن جماعة من البصريين، حدثني عنه عبد العزيز الأزجي، وكان صدوقا عارفا بالقراءات، مات سنة خمس وأربعمائة. قلت: قرأ بالبصرة على ابن خشنام المالكي وغيره، قرأ عليه عبد الوهاب بن شيطا2. 58- الهيثم بن أحمد بن محمد بن سلمة أبو الفرج القرشي، الدمشقي الشافعي المقرئ، المعروف بابن الصباغ، إمام مسجد سوق اللؤلؤ بدمشق. قرأ بالروايات على أبي الفرج غلام بن شنبوذ، وأبي الحسن على بن محمد بن إسماعيل الأنطاكي، وصنف كتابا في قراءة حمزة. وحدث عن علي بن أبي العقب، وأبي عبد الله بن مروان، ومحمد بن محمد بن آدم الفزاري، وعنه علي الربعي، وعلي بن محمد بن شجاع، وأبو علي الأهوازي، وغيرهم. توفي في ربيع الأول سنة ثلاث وأربعمائة بدمشق3.   1 انظر/ شذرات الذهب "3/ 208". غاية النهاية "1/ 521، 522". 2 انظر/ غاية النهاية "1/ 385". 3 انظر/ غاية النهاية "2/ 357". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 211 الطبقة العاشرة : 1- فارس بن أحمد بن موسى بن عمران أبو الفتح الحمصي، المقرئ الضرير، مؤلف كتاب المنشا في القراءات الثمان، وأحد الحذاق بهذا الشأن. قرأ على أبي أحمد السامري، وعبد الباقي بن الحسن بن السقا، ومحمد بن الحسن الأنطاكي، وأبي الفرج الشنبوذي وجماعة، وأبي عدي المصري. قرأ عليه جماعة منهم ولده عبد الباقي بن فارس، وأبو عمرو الداني، وقال: لم ألق مثله في حفظه وضبطه، قلت: توفي سنة إحدى وأربعمائة بمصر، وله ثمان وستون سنة، وهو المذكور في باب التكبير في حرز الأماني1. 2- محمد بن جعفر بن عبد الكريم بن بديل الخزاعي، أبو الفضل الجرجاني، المقرئ مؤلف الواضح في القراءات. كان أحد من جال في الأفاق، ولقي الكبار، وأخذ عن الحسن بن سعيد المطوعي، وأبي علي بن حبش، وأحمد بن نصر الشذائي، وسمع من أبي بكر الإسماعيلي، وأبي بكر القطيعي، ويوسف بن يعقوب النجيرمي. روى عنه أبو القاسم التنوخي، وأبو العلاء الواسطي، وأحمد بن الفضل الباطرقاني، وعبد الله بن شبيب الأصبهاني وآخرون، ونزل آمل، ولم يكن موثقا في نقله. حكى أبو العلاء الواسطي، أن الخزاعي وضع كتابا في الحروف، نسبة إلى أبي حنيفة -رحمه الله، فأخذت خط الدارقطني، وجماعة، بأن الكتاب موضوع لا أصل له، فكبر ذلك عليه، ونزح عن بغداد، توفي سنة ثمان وأربعمائة2. 3- محمد بن سفيان أبو عبد الله القيراوني، المقرئ.   1 انظر/ غاية النهاية "2/ 5، 6". 2 انظر/ غاية النهاية "2/ 109". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 212 مصنف كتاب الهادي في القراءات، قرأ القرآن بالروايات على أبي الطيب بن غلبون، وتفقه على أبي الحسن القابسي، وبرع في مذهب مالك. قرأ عليه أبو بكر القصري، والحسن بن علي الجلولي، وأبو العالية البندوني، وعثمان بن بلال الزاهد، وعبد الملك بن داود القسطلاني، وأبو محمد عبد الحق الجلاد. وحدث عنه حاتم بن محمد، والدلائي وغيرهما، وكان من العلماء العاملين، قال أبو عمرو الداني: كان ذا فهم وحفظ وعفاف. اتفق موت ابن سفيان بمدينة النبي -صلى الله عليه وسلم، بعد رجوعه من الحج، في صفر سنة خمس عشرة وأربعمائة1. 4- أحمد بن طريف أبو بكر القرطبي المقرئ، ابن الحطاب. عني بهذا الشأن ورحل. وقرأ بمصر على أبي الحسن الأنطاكي، وأبي أحمد السامري، وأبي الطيب بن غلبون، وعمر بن عراك، وسكن في الفتنة جزيرة ميورقة، وأقرأ الناس. توفي في ربيع الأول سنة ست عشرة وأربعمائة2. 5- عبد الجبار بن أحمد الطرسوسي أبو القاسم المقرئ، شيخ الإقراء بمصر في زمانه. قرأ على أبي عدي عبد العزيز، وأبي أحمد السامري، وغيرهما. قرأ عليه أبو الطاهر إسماعيل بن خلف مصنف العنوان، وإبراهيم بن ثابت بن أخطل، الذي تصدر بعده، وآخر من ذكر أنه سمع منه أبو الحسين يحيى بن البياز، وله كتاب المجتني في القراءات. توفي في غرة ربيع الآخر سنة عشرين وأربعمائة3. 6- محمد بن ياسين أبو طاهر البغدادي البزاز، أحد أعلام القرآن، له مصنف في القراءات. قرأ على أبي الفرج الشنبوذي، وعلى محمد بن العلاف، وأبي حفص الكتاني،   1 انظر/ غاية النهاية "2/ 147". 2 انظر/ غاية النهاية "1/ 64". 3 انظر/ غاية النهاية "1/ 357، 358". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 213 قرأ عليه جماعة منهم عبد السيد بن عتاب، وعلي بن الحسين الطريثيشي وجماعة، وكان يعرف بالحلبي. توفي في ربيع الأول سنة ست وعشرين وأربعمائة ببغداد1. 7- محمد بن علي بن أبي فروة أبو الحسن الملطي، المقرئ نزيل دمشق. روى عن محمد بن شاه مرد الفارسي وجماعة مجهولين، روى عنه تمام وعلي بن محمد الحنائي وجماعة، وهو غير أبي الحسين الملطي نزيل عسقلان2. 8- عيسى بن سعيد بن سعدان أبو الأصبغ الكلبي الأندلسي، القرطبي المقرئ. رحل وقرأ القراءات على أحمد بن نصر الشذائي، وأبي أحمد السامري وأبي حفص الكتاني، وأقرأ في مسجده بقرطبة مدة، توفي في جمادى الآخرة سنة تسعين وثلاثمائة كهلا3. 9- العراقي صاحب التصانيف في القراءات. ذكره الهذلي في كامله، هو أبو نصر منصور بن أحمد المقرئ. قرأ على أبي بكر بن مهران، وأبي الفرج الشنبوذي، وإبراهيم بن أحمد المروزي، والحسن بن عبد الله صاحب ابن مجاهد وجماعة، قرأ عليه محمد أحمد بن النوجاباذي، وأبو بكر محمد بن علي الزنبيلي وغيرهما، وكان من أئمة هذا الشأن4. 10- قسيم بن أحمد بن مطير أبو القاسم الظهراوي، المصري المقرئ، من ساكني قرية بلبيس. قرأ على جده لأمه محمد بن عبد الرحمن، وقيل عبد الله بن عبد الرحمن الظهراوي، صاحب أبي بكر بن سيف، قال أبو عمرو الداني في طبقات القراء: كان ضابطا لرواية ورش، يقصد فيها وتؤخذ عنه. وكان خيرا فاضلا، سمعت فارس بن أحمد يثني عليه، وكان يقرئ بموضعه إذ كنت بمصر، سنة سبع وتسعين وثلاثمائة، وتوفي سنة ثمان أو تسع وتسعين.   1 انظر/ غاية النهاية "2/ 276". 2 انظر/ غاية النهاية "2/ 206". 3 انظر/ غاية النهاية "1/ 608". 4 انظر/ غاية النهاية "2/ 311، 312". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 214 قلت: قرأ عليه عبد الباقي بن فارس شيخ ابن الفحام1. 11- أحمد بن علي أبو جعفر الأزدي القيرواني، المقرئ الشافعي. قرأ القراءات بمصر، على أبي الطيب عبد المعنم بن غلبون، وأقرأ الناس مدة، بالقيروان، توفي سنة سبع وعشرين وأربعمائة2. 12- إسماعيل بن عمرو بن إسماعيل بن راشد الحداد، الشيخ أبو محمد المصري المقرئ، الرجل الصالح. قرأ القراءات على أبي عدي عبد العزيز بن الإمام، وغزوان بن القاسم المازني، وابن مطير وسمع من الحسن بن رشيق، وأحمد بن محمد بن سلمة الخياش، والعباس بن أحمد الهاشمي. قرأ عليه أبو القاسم الهذلي، والمصريون، وحدث عنه سعيد بن علي الزنجاني، وأبو الحسن القاضي الخلعي، توفي سنة تسع وعشرين وأربعمائة3. 13- أبو عمر الطلمنكي أحمد بن محمد بن عبد الله بن أبي عيسى بن لب بن يحيى المعافري الأندلسي، المقرئ الحافظ، نزيل قرطبة. ولد سنة أربعين وثلاثمائة، وأول سماعه سنة اثنتين وستين وثلاثمائة، قرأ على أبي الحسن علي بن محمد الأنطاكي، وعمر بن عراك، وأبي الطيب بن غلبون. ومحمد بن علي الأدفوي، ومحمد بن الحسين بن النعمان، وقيل سمع من الأدفوي، ولم يقرأ عليه، وروى عن أبي عيسى يحيى بن عبد الله الليثي. وأبي بكر الزبيدي، وأحمد بن عون الله، وأبي عبد الله بن مفرج، وأبي محمد عبد الله الباجي، وخلف بن محمد الخولاني. وأبي الطاهر محمد بن محمد العجيفي وأبي بكر المهندس، وأبي القاسم الجوهري، وأبي العلاء بن ماهان. ومحمد بن يحيى بن عمار الدمياطي، وأبي محمد بن أبي يزيد، ورجع إلى الأندلس بعلم جم. وروى عنه أبو عمر بن عبد البر، وأبو محمد بن حزم، وعيسى بن محمد الحجازي، وطائفة كبيرة.   1 انظر/ غاية النهاية "2/ 271". 2 انظر/ غاية النهاية "1/ 91". 3 انظر/ غاية النهاية "1/ 167". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 215 وقرأ عليه عبد الله بن سهل وطائفة، وكان رأسا في علم القرآن، قراءاته وإعرابه وأحكامه وناسخه ومنسوخه ومعانيه، رأسا في معرفة الحديث وطرقه، حافظا للسنن، ذا عناية بالآثار والسنة، إماما عارفا بأصول الديانات، ذا هدى وسمت ونسك، وصمت. قال أبو عمرو الداني: كان فاضلا ضابطا شديدا في السنة، وقال ابن بشكوال في كتاب الصلة: كان سيفا مجردا على أهل الأهواء والبدع قامعا لهم غيورا على الشريعة، شديدا في ذات الله. أقرأ الناس محتسبا، وأسمع الحديث، وأم بمسجد منعة منها ثم إنه خرج إلى ثغر فجال فيه، وانتفع الناس بعلمه. ثم قصد بلده في آخر عمره فتوفي به في ذي الحجة سنة تسع وعشرين وأربعمائة، رحمه الله تعالى1. 14- أحمد بن رضوان بن محمد بن جالينوس، الأستاذ أبو الحسين الصيدلاني، البغدادي المقرئ، مصنف كتاب الواضح، في القراءات العشر. قرأ بالروايات على أبي الحسن بن العلاف، وأبي الفرج النهرواني، وبكر بن شاذان، وإبراهيم بن أحمد الطبري، وأبي الحسن بن الحمامي وغيرهم، وسمع من أبي طاهر المخلص وغيره. قرأ عليه القراءات عبد السيد بن عتاب، بكتابه الواضح، وحدث عنه ولده محمد أبو طاهر. أنبانا المسلم بن محمد، أخبرنا الكندي، أخبرنا القزاز. حدثنا أبو بكر الخطيب في تاريخه، قال: كان أحمد بن رضوان أحد القراء المذكورين، بإتقان الروايات، له في ذلك تصانيف، توفي وهو شاب. وقد كان الناس يقرءون عليه في حياة الحمامي لعلمه، حضرته ليلة في الجامع، فقرأ فيها ختمتين قبل أن يطلع الفجر. توفي سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة، قلت: كتابه الواضح، يعلو عند شيخنا ابن خيرون الموصلي، تلاوة وسماعا2. 15- محمد بن إبراهيم بن هانئ بن عيشون الألبيري، أبو عبد الله الأندلسي.   1 انظر/ شذرات الذهب "3/ 234". غاية النهاية "1/ 120". 2 انظر/ غاية النهاية "1/ 54". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 216 رحل وأخذ القراءات عرضا عن محمد بن عبد الله بن أشته، وسمع منه بعض تصانيفه، وأقرأ الناس بالأندلس. قال الداني: حدث وكتب، وقرأ عليه غير واحد من أصحابنا، وتوفي بعد التسعين وثلاثمائة1. 16- محمد بن يوسف بن محمد أبو عبد الله الأموي، مولاهم القرطبي النجار، المقرئ خال أبي عمرو الداني. ذكره أبو عمرو في الطبقات، وقال: أخذ القراءة عرضا عن أبي أحمد السامري، وأبي الحسن علي بن محمد بن بشر الأنطاكي، وغيرهما، وكان من أهل الضبط والإتقان، والمعرفة بما يقرئ، مع نصيب وافر من العربية، وعلم الفرائض والحساب. أقرأ الناس بقرطبة في مسجده، من بعد سنة اثنتين وثمانين ثم نزح في الفتنة، وسكن الثغر، وأقرأ الناس به دهرا، ثم رد إلى قرطبة، وبها توفي في صدر ذي القعدة، سنة تسع وعشرين وأربعمائة، وولد بعد سنة خمسين وثلاثمائة بيسير2. 17- موسى بن عيسى بن أبي حاج، أبو عمران الفاسي المقرئ، الفقيه المالكي الأصولي شيخ القيروان. تفقه على أبي الحسن وهو أجل أصحابه، ودخل الأندلس، فتفقه على أبي محمد الأصيلي، وسمع من عبد الوارث بن سفيان وسعيد بن نصر والكبار، ثم حج مرات وقرأ القراءات ببغداد على أبي الحسن الحمامي، وغيره وسمع من أبي الفتح بن أبي الفوارس، وأخذ الأصول عن أبي بكر بن الباقلاني، وانتهت إليه رياسة العلم بالقيروان. قال حاتم بن محمد: كان أبو عمران الفاسي، من أعلم الناس وأحفظهم، جمع حفظه الفقه والحديث والرجال، وكان يقرأ القراءات ويجودها، مع معرفة بالجرح والتعديل. أخذ عنه الناس من أقطار المغرب، ولم ألق أحدا أوسع منه علما ولا أكثر رواية. وقال أبو عمرو الداني في ترجمته: ثم إنه توجه إلى القيروان، وأقرأ الناس بها مدة، ثم ترك الإقراء، ودارس الفقه وأسمع الحديث إلى أن توفي بها، في ثالث عشر رمضان، سنة ثلاثين وأربعمائة.   1 انظر/ غاية النهاية "2/ 47". 2 انظر/ غاية النهاية "2/ 287". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 217 قلت مولده سنة ثمان وستين وثلاثمائة1. 18- محمد بن عبد الله بن أحمد بن القاسم بن المرزبان، أبو بكر الأصبهاني المقرئ، نزيل بغداد شيخ صالح مقرئ عالي الإسناد. قرأ على أبي بكر عبد الله بن محمد القباب، صاحب ابن شنبوذ، وعبد الرحيم بن محمد الحسناباذي، وأبي بكر أحمد بن شاذه ومحمد بن أحمد بن عمر الخرقي. أخذ عنه عبد العزيز بن الحسين، وعبد السيد بن عتاب، قال أبو الفضل بن خيرون: توفي سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة. وفيها مات أبو بكر محمد بن عبد الله بن شاذان الأصبهاني الأعرج، اللغوي، راوية أبي بكر القباب2. 19- محمد بن علي بن أحمد بن يعقوب أبو العلاء الواسطي، القاضي المقرئ أصله من فم الصلح. نشأ بواسط، وقرأ القراءات بها وبغيرها، ورحل إلى الدينور، فقرأ على أبي علي بن حبش، وقرأ على أحمد بن محمد بن هارون الرازي، وأبي بكر أحمد بن محمد بن الشارب، وأبي الحسين عبيد الله بن البواب، وأبي الفرج الشنبوذي. وأول قراءته على يوسف بن محمد الضرير بواسط، في سنة خمس وستين وثلاثمائة، فقرأ عليه لعاصم عن قراءته على يوسف بن يعقوب الأصم، وتبحر في القراءات. وصنف وجمع وتفنن، وولي قضاء الحريم الطاهري، وانتهت إليه رياسة الإقراء بالعراق، وحدث عن القطيعي، وأبي محمد بن السقا، وعلي أبي عبد الرحمن البكائي وجماعة. قرأ عليه أبو علي غلام الهراس، وأبو القاسم الهذلي، وعبد السيد بن عتاب وأبو البركات محمد بن عبد الله الوكيل، وأبو الفضل بن خيرون، وحدث عنه أبو بكر الخطيب، وجماعة. آخرهم موتا أبو القاسم بن بيان الرزاز، قال الخطيب: رأيت له أصولا صحيحة، وأصولا مضطربة، ورأيت له أشياء سماعه فيها مفسود، إما مكشوط أو مصلح بالقلم، فاتهم بوضع حديث مسلسل، فأنكرت عليه.   1 انظر/ شذرات الذهب "3/ 247، 248". غاية النهاية "2/ 321، 322". 2 انظر/ غاية النهاية "2/ 175". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 218 فسئل بعد إنكاري أن يحدث به فامتنع، ثم ذكر الخطيب أشياء توجب ضعفه، ولد سنة تسع وأربعين وثلاثمائة. قال الخطيب: مات في جمادى الآخرة، سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة1. 20- إبراهيم بن ثابت بن أخطل أبو إسحاق الأفليشي، المقرئ نزيل مصر. روى عن أبى مسلم الكاتب وجماعة، وقرأ القراءات على أبي الحسن طاهر بن غلبون، وعبد الجبار الطرسوسي، وأقرأ الناس بمصر في مكان عبد الجبار بعد موته. توفي سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة، وقد شاخ2. 21- عبد الملك بن الحسين بن عبدويه العطار، أبو أحمد الأصبهاني المقرئ. قرأ على أبي الفرج غلام بن شنبوذ وغيره. وروى عن علي بن عمر السكري، قرأ عليه أبو القاسم الهذلي، وروى عنه أبو علي الحداد، توفي سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة3. 22- علي بن محمد بن علي المقرئ المعمر، أبو القاسم العلوي الحسيني، الزيدي الحراني الحنبلي. قرأ بالروايات على أبي بكر النقاش، وسمع منه تفسيره، فكان آخر من رآه، قرأ عليه أبو القاسم يوسف الهذلي، وأبو معشر عبد الكريم الطبري، وأبو العباس أحمد بن فتح الموصلي، شيخ المحولي، وآخرون. وكان صالحا كبير القدر، وقد قال هبة الله بن الأكفاني: سمعت عبد العزيز الكتاني، وقد رأيته جزءا من كتب إبراهيم بن شكر، من مصنفات الآجري، والسماع عليه، مزور بين التزوير. فقال: ما يكفي علي بن محمد الزيدي الحراني، أن يكذب حتى يكذب عليه، وأما أبو عمرو الداني فقال: هو آخر من قرأ على النقاش، قال: وكان ضابطا ثقة، مشهورا. أقرأ بحران دهرا طويلا، قلت: توفي في العشرين من شوال، سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة، وقد غلط الهذلي في اسمه، فسماه حمزة4.   1 انظر/ شذرات الذهب "3/ 249". غاية النهاية "2/ 199". 2 انظر/ غاية النهاية "1/ 10". 3 انظر/ غاية النهاية "1/ 468". 4 انظر/ شذرات الذهب "3/ 351". غاية النهاية "1/ 572، 573". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 219 23- الحسين بن علي بن الصقر أبو محمد البغدادي المقرئ، الكاتب. قرأ لأبي عمرو على زيد بن علي بن أبي بلال، وهو آخر من روى عنه، قرأ عليه عبد السيد بن عتاب، وأبو البركات محمد بن عبد الله الوكيل، وثابت بن بندار، وأبو الخطاب علي بن الجراح، وأبو الفضل بن خيرون وآخرون. وكان رأسا وافر الحرمة عالي الرواية، أدرك السماع من مثل إسماعيل الصفار، والكبار، ولكن لم يوجد له شيء. توفي في جمادى الأولى، سنة تسع وعشرين وأربعمائة، وله أربع1 وتسعون سنة. 24- مكي بن أبي طالب واسم أبي طالب حموش بن محمد بن مختار الإمام، أبو محمد القيسي المغربي، القيرواني ثم الأندلسي القرطبي، العلامة المقرئ. ولد سنة خمس وخمسين وثلاثمائة بالقيروان، وحج وسمع بمكة من أحمد بن فراس، وأبي القاسم عبيد الله السقطي، وبالقيروان من أبي محمد بن أبي زيد، والقابسي. وقرأ القراءات على أبي الطيب بن غلبون، وابنه طاهر، وأبي عدي عبد العزيز، وسمع من علي بن محمد الأدفوي، قال صاحبه أبو عمر أحمد بن مهدي المقرئ: كان -رحمه الله- من أهل التبحر في علوم القرآن والعربية، حسن الفهم والخلق، جيد الدين والعقل، كثير التأليف في علوم القرآن، محسنا مجودا عالما بمعاني القراءات. أخبرني أنه سافر إلى مصر، وهو ابن ثلاث عشرة سنة، وتردد إلى المؤدبين، بالحساب، فأكمل القرآن ورجع إلى القيروان، ثم رحل فقرأ القراءات على ابن غلبون، سنة ست وسبعين. وقرأ بالقيروان أيضا بعد ذلك، ثم رحل سنة اثنتين وثمانين وثلاثمائة، وحج ثم حج سنة سبع وثمانين وجاور ثلاثة أعوام. ثم دخل الأندلس، سنة ثلاث وتسعين، وجلس للإقراء بجامع قرطبة، وعظم اسمه وجل قدره. قال ابن بشكوال: قلده أبو الحزم جهور خطابة قرطبة، بعد وفاة يونس بن عبد الله القاضي. وكان قبل ذلك ينوب عن يونس، وله ثمانون تأليفا، وكان خيرا متدينا مشهورا بالصلاح، وإجابة الدعوة.   1 انظر/ غاية النهاية "1/ 224". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 220 دعا على رجل كان يسخر به وقت الخطبة، فأقعد ذلك الرجل، توفي في ثاني المحرم، سنة سبع وثلاثين وأربعمائة. قرأ عليه جماعة كثيرة، وله تواليف مشهورة، فممن قرأ عليه محمد بن أحمد بن مطرف الكناني1. 25- أحمد بن محمد أبو الحسن القطري المقرئ. أخذ القراءات على أبي الفرج الشنبوذي وعلى ابن يوسف العلاف، وعمر بن إبراهيم الكتاني. قال أبو عمرو الداني: أقرأ الناس دهرا بمكة، ولم يكن بالضابط ولا بالحافظ، مات بمكة سنة ثمان وثلاثين وأربعمائة. قلت: قرأ عليه محمد بن شريح وغيره2. 26- الحسن بن محمد بن إبراهيم أبو علي البغدادي، المقرئ المالكي، مصنف كتاب الروضة في القراءات. قرأ على أبي أحمد الفرضي، وأحمد بن عبد الله السوسنجردي وأبي الحسن بن الحمامي، وعبد الملك النهرواني، وطبقتهم، وقرأ بالكوفة على محمد بن عبد الله الهرواني، ومحمد بن جعفر النجار. وسكن مصر، وصار شيخ الإقراء بها، قرأ عليه أبو القاسم الهذلي وأبو إسحاق إبراهيم بن إسماعيل بن غالب الخياط، وابن شريح صاحب الكافي. وروى الروضة عنه علي بن محمد بن حميد الواعظ، وتوفي في رمضان سنة ثمان وثلاثين وأربعمائة3. 27- محمد بن الحسين بن محمد بن آذر بهرام الكارزيني، أبو عبد الله الفارسي المقرئ، مسند القراء في زمانه. تنقل في البلاد وجاور بمكة، وعاش تسعين أو دونها، قرأ القراءات على الحسن بن سعيد المطوعي، وهوآخر من قرأ في الدنيا عليه.   1 انظر/ شذرات الذهب "3/ 260, 261". غاية النهاية "2/ 309". 2 انظر/ غاية النهاية "1/ 136". 3 انظر/ شذرات الذهب "3/ 261". غاية النهاية "1/ 230". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 221 وقرأ بالبصرة على أحمد بن نصر الشذائي، وببغداد على أبي القاسم عبد الله بن الحسن النحاس، قرأ عليه أبو القاسم الهذلي، وأبو علي غلام الهراس، وإبراهيم بن إسماعيل بن غالب المصري المالكي. وأبو معشر عبد الكريم الطبري، وأبو القاسم بن عبد الوهاب، وأبو بكر محمد بن المفرج، والشريف عبد القاهر بن عبد السلام العباسي، وآخرون. سألت الإمام أبا حيان عنه فكتب إلي: إمام مشهور لا يسأل عن مثله, وكان الأستاذ أبو علي عمر بن عبد المجيد الرندي يصحف فيه، فيقول الكازريني بتقديم الزاي. قلت: لا أعلم متى توفي، إلا أنه كان حيا في سنة أربعين وأربعمائة، وفيها قرأ عليه الشريف عبد القاهر بجميع ما في كتاب المبهج، تأليف أبي محمد سبط الخياط، عن قراءته على عبد القاهر. قرأت هذا الكتاب، على أبي حفص بن القواس، عن الكندي، قال: أنا سبط الخياط تلاوة وسماعا للكتاب1. 28- أحمد بن سليمان أبو جعفر الكناني الأندلسي الطنجي، المقرئ المعروف بابن أبي الربيع، مسند القراء بالأندلس. رحل وقرأ بالروايات، على أبي أحمد السامري وأبي بكر الأدفوي وأبي الطيب بن غلبون، وأقرأ الناس ببجانة والمرية، وعمر دهرا طويلا. توفي قبل سنة أربعين وأربعمائة، قاله ابن بشكوال، وقال غيره توفي سنة ست وأربعين بالمرية2. 29- أحمد بن عمار أبو العباس المهدوي، المقرئ من أهل المهدية 3. رحل وأخذ عن أبي الحسن القابسي، وقرأ بالروايات على أبي عبد الله محمد بن سفيان، وأبي بكر أحمد بن محمد البرائي. وكان رأسا في القراءات والعربية، صنف كتبا مفيدة.   1 انظر/ شذرات الذهب "3/ 265". غاية النهاية "2/ 132". 2 انظر/ غاية النهاية "1/ 58". 3 المهدية: بلدة بأفريقيا وقد ذكره الشاطبي حتى باب الاستعاذة بقوله: وإخفاؤه فصل أباه وعاتنا ... وكم من فتى كالمهدوي فيه أعمالا انظر متن الشاطبية باب الاستعاذة". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 222 أخذ عنه غانم بن وليد المالقي، وأبو عبد الله الطرفي المقرئ، وغيرهما، توفي بعد الثلاثين وأربعمائة1. 30- مهدي بن طرارا أبو البقاء القايني، ثم البغدادي المقرئ، نزيل كرمان. قرأ القراءات على أبي بكر بن مهران وغيره، قرأ عليه أبو القاسم الهذلي، وهو من كبار شيوخه2. 31- علي بن طلحة بن محمد بن عمر أبو الحسن البغدادي المقرئ. قرأ على أبي القاسم عبد الله بن اليسع وعبد العزيز بن عصام، تلميذي ابن مجاهد، وسمع من القطيعي، وابن ماسي وجماعة. قرأ عليه أبو طاهر بن سوار. وروى عنه أبو بكر الخطيب، وقال: لم يكن به بأس، مات في ربيع الآخر سنة أربع وثلاثين وأربعمائة، عن ثلاث وثمانين سنة. وممن قرأ عليه أبو البركات الوكيل، وعبد السيد بن عتاب، وأبو الفضل بن خيرون وآخرون، وقرأ أيضا على محمد بن أحمد بن محمين المؤدب بالبصرة3. 32- مسافر بن الطيب بن عباد أبو القاسم الزاهد المقرئ، كان بصيرا بقراءة يعقوب، حافظا لها، عالي الإسناد. قرأ علي أبي الحسن، علي بن محمد بن خشنام البصرى المالكي، وذكر أنه سمع من أبي إسحاق، إبراهيم بن علي الهجيمي، وضاع سماعه، قال الخطيب: كان شيخا صالحا، توفي في شوال سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة، وحدثني أحمد بن خيرون، قال: سمعته يقول: ولدت سنة أربع وأربعين وثلاثمائة قلت: قرأ عليه جماعة، منهم أبو الفضل أحمد بن الحسن بن خيرون، وعبد السيد بن عتاب، وأبو الخطاب بن الجراح، وأحمد بن عبد القادر وثابت بن بندار وعدة4. 33- رشا بن نظيف بن ما شاء الله، أبو الحسن الدمشقي المقرئ.   1 انظر/ غاية النهاية "1/ 92". 2 انظر/ غاية النهاية "2/ 315". 3 انظر/ غاية النهاية "1/ 546". 4 انظر/ غاية النهاية "2/ 293, 294". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 223 قرأ على علي بن داود الداراني، وجماعة، ورحل في طلب القراءات والحديث، وأخذ عن شيوخ مصر وبغداد. وروى الحديث عن عبد الوهاب الكلابي، وأبي مسلم محمد بن أحمد الكاتب، وأبي الفتح بن سيخنت، والحسن بن إسماعيل الضراب، وأبي عمر بن مهدي الفارسي وخلق. روى عنه عبد العزيز الكتاني، وعلي بن الحسين بن صصري، وسهل بن بشر الإسفراييني وأبو القاسم علي بن إبراهيم النسيب، وأبو الوحش سبيع بن قيراط وآخرون. قال الكتاني: كان ثقة مأمونا، انتهت إليه الرياسة في قراءة ابن عامر، توفي في المحرم سنة أربع وأربعين. قلت: وولد في حدود السبعين وثلاثمائة، وله دار موقوفة على القراء، إلى جانب السميساطية بدمشق1. 34- أبو علي الأهوازي واسمه الحسن بن علي بن إبراهيم، بن يزداد بن هرمز المقرئ، الأستاذ المحدث. ولد سنة اثنتين وستين وثلاثمائة، وقدم دمشق سنة إحدى وتسعين، فاستوطنها, كان أعلى من بقي في الدنيا إسنادا في القراءات، على لين فيه. عني من صغره بالروايات والأداء، وذكر أنه قرأ لأبي عمرو على علي بن الحسين الغضائري، عن القاسم بن زكريا المطرز، تلميذ الدوري. وقرأ لعاصم على الغضائري المذكور، عن أحمد بن سهل الأشناني، وقرأ لابن كثير على محمد بن محمد بن فيروز، عن الحسن بن الحباب. وقرأ لنافع على أبي بكر محمد بن عبيد الله بن القاسم الخرقي، عن ابن سيف، وقرأ لقالون بالأهواز، سنة ثمان وسبعين وثلاثمائة، على أحمد بن محمد بن عبيد الله التستري. وقرأ ببغداد على أبي حفص الكتاني، وأبي الفرج الشنبوذي، وبدمشق على محمد بن أحمد الجبني، صاحب ابن الأخرم، وقرأ على جماعة يطول ذكرهم، وعنهم أناس لا يعرفون إلا من قبله. وصنف عدة كتب في القراءات، كالموجز والوجيز، ورحل إليه القراء لتبحره في   1 انظر/ شذرات الذهب "3/ 271". غاية النهاية "1/ 284". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 224 الفن، وعلو إسناده، قرأ عليه أبو علي غلام الهراس، وأبو القاسم الهذلي، وأبو بكر أحمد بن أبي الأشعث السمرقندي. وأبو نصر أحمد بن علي الزينبي، وأبو الحسن علي بن أحمد الأبهري المصيني، وأبو بكر محمد بن المفرج البطليوسي، وأبو الوحش سبيع بن قيراط. وأبو القاسم عبد الوهاب بن محمد القرطبي، مؤلف كتاب المفتاح وكان عالي الرواية في الحديث أيضا، روى عن نصر بن أحمد المرجى صاحب أبي يعلى الموصلي. والمعافي بن زكريا الجريري، وعبد الوهاب الكلابي، وعبد الله بن موسى الموصلي، وأبي مسلم الكاتب، وخلق سواهم، وله تواليف في الحديث، فيها أحاديث واهية. حدث عنه أبو بكر الخطيب، وأبو السعد السمان، وعبد الرحيم البخاري وعبد العزيز الكتاني، والفقيه نصر المقدسي، وأبو طاهر الحنائي، وأبو القاسم النسيب. وروى عنه بالإجازة أبو سعد أحمد بن الطيوري، وله مصنف في الصفات، أورد فيه أحاديث موضوعة، فتكلم فيه الأشعريون لذلك، ولأنه كان ينال من أبي الحسن ويذمه. قال ابن عساكر: كان يقول بالظاهر ويتمسك بالأحاديث الضعيفة، التي تقوي رأيه. قال عبد العزيز الكتاني: اجتمعت بهبة الله اللالكائي، فسألني عن أهل العلم بدمشق، فذكرت له جماعة، وذكرت الأهوازي، فقال: لو سلم من الروايات في القراءات. وكذلك ضعفه ابن خيرون، وقد تلقى القراء رواياته بالقبول. وكان يقرئ بدمشق من بعد سنة أربعمائة، وذلك في حياة بعض شيوخه. توفي في رابع ذي الحجة، سنة ست وأربعين وأربعمائة -رحمه الله تعالى1. 35- أحمد بن علي بن هاشم تاج الأئمة، أبو العباس المصري المقرئ. قرأ على عمر بن عراك، وأبي عدي عبد العزيز بن الإمام، وأبي الطيب بن غلبون، وأبي الحسن علي بن محمد بن إسحاق الحلبي، وأبي الحسن بن الحمامي، قرأ عليه ببغداد، وأقرأ الناس دهرا بمصر، ودخل بلاد الأندلس، سنة عشرين وأربعمائة. قال أبو عمر بن الحذاء: هو أحفظ من لقيت، لاختلاف القراء وأخبارهم، قلت وسمع منه أبو عمر الطلمنكي، مع تقدمه، وقرأ عليه أبو القاسم الهذلي وغيره، وحدث عنه أبو عبد الله محمد بن أحمد الرازي في مشيخته.   1 انظر/ شذرات الذهب "3/ 274". غاية النهاية "1/ 220, 221". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 225 قال أبو إسحاق الحبال: توفي في شوال سنة خمس وأربعين وأربعمائة -رحمه الله، وممن قرأ عليه محمد بن شريح، صاحب الكافي1. 36- أبو عمرو الداني هو عثمان بن سعيد بن عثمان بن سعيد بن عمر الأموي، مولاهم القرطبي، الإمام العلم، المعروف في زمانه بأبي الصيرفي، وفي زماننا بأبي عمرو الداني، لنزوله بدانية. ولد سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة، قال: وابتدأت بطلب العلم، في سنة ست وثمانين وثلاثمائة، ورحلت إلى المشرق سنة سبع وتسعين. فمكثت بالقيروان أربعة أشهر، أكتب. ثم دخلت مصر في شوال من السنة، فمكثت بها سنة، وحججت ودخلت الأندلس، في ذي القعدة سنة تسع وتسعين. وخرجت إلى الثغر سنة ثلاث وأربعمائة، فسكنت سرقسطة سبعة أعوام، ثم رجعت إلى قرطبة، قال: وقدمت دانية سنة سبع عشرة، فاستوطنها حتى مات. وقرأ بالروايات على عبد العزيز بن جعفر بن خواشي الفارسي، وعلى خلف بن إبراهيم بن خاقان، وأبي الفتح فارس بن أحمد، وأبي الحسن طاهر بن غلبون. وسمع كتاب ابن مجاهد في اختلاف السبعة، من أبي مسلم محمد بن أحمد الكاتب، بسماعه منه، وسمع الحديث من أبي مسلم، ومن أحمد بن فراس العبقسي، وعبد الرحمن بن عثمان الزاهد. وحاتم بن عبد الله البزاز، وأحمد بن فتح بن الرسان، ومحمد بن خليفة بن عبد الجبار، وأحمد بن عمر بن محفوظ الجيزي، وعبد الرحمن بن عمر بن النحاس، وأبي الحسن علي بن محمد القابسي، وأبي عبد الله بن أبي زمنين، وعبد الوهاب بن منير المصري، وطائفة كبيرة. قرأ عليه أبو بكر بن الفصيح، وأبو الذواد مفرج فتى إقبال الدولة وأبو الحسين يحيى بن أبي زيد. وأبو بكر محمد بن المفرج، وأبو الحسن علي بن عبد الرحمن بن الدش، وأبو داود سليمان بن نجاح، وأبو عبد الله محمد بن مزاحم، وأبو علي الحسين بن علي بن مبشر، وأبو القاسم خلف بن إبراهيم، وأبو إسحاق إبراهيم بن علي، وخلق سواهم.   1 انظر/ شذرات الذهب "2/ 272, 273". غاية النهاية "1/ 89". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 226 قال ابن بشكوال: كان أبو عمرو أحد الأئمة في علم القرآن رواياته وتفسيره، ومعانيه وطرقه وإعرابه. وجمع في ذلك كله تآليف حسانا مفيدة، يطول تعدادها، وله معرفة بالحديث وطرقة، وأسماء رجاله ونقلته، وكان حسن الخط جيد الضبط، من أهل الحفظ والذكاء والتفنن، دينا فاضلا ورعا سنيا. وقال المغامي: كان أبو عمرو الداني مجاب الدعوة، مالكي المذهب، قلت: وكتبه في غاية الحسن والإتقان، منها كتاب جامع البيان في القراءات السبع، وطرقها المشهورة والغربية، وكتاب إيجاز البيان في قراءة ورش مجلد وكتاب التلخيص في قراءة ورش مجلد صغير، وكتاب التيسير مجلد، وكتاب المقنع في رسم المصحف وكتاب المحتوى في القراءات الشواذ، وكتاب الأرجوزة في أصول السنة وكتاب طبقات القراء، وأخبارهم في أربعة أسفار وكتاب الوقف والابتداء، وغير ذلك؛ بلغني أن له مائة وعشرين مصنفا، وقفت على أسماء مصنفاته في تاريخ الأدباء لياقوت الحموي، فإذا فيها كتاب التمهيد لاختلاف قراءة نافع عشرون جزءا. وكتاب الاقتصار في القراءات السبع مجلد، كتاب اللامات والراءات لورش مجلد، وكتاب الفتن مجلدان، كتاب مذاهب القراء في الهمزتين مجلد. وكتاب اختلافهم في "ثلاث". مجلد وكتاب الفتح والإمالة لأبي عمرو بن العلاء مجلد، ثم عامة تآليفه جزء جزء، وقد روى عنه بالإجازة أحمد بن محمد بن عبد الله الخولاني. وأحمد بن عبد الملك بن أبي حمزة المرسي، وبقي ابن أبي حمزة، هذا إلى بعد الثلاثين وخمسمائة، ومن أرجوزته في السنة: كلم موسى عبده تكليما ... ولم يزل مدبرا، حكيما كلامه وقوله قديم ... وهو فوق عرشه العظيم والقول في كتابه المفصل ... بأنه كلامه المنزل على رسوله النبي الصادق ... ليس بمخلوق ولا بخالق من قال فيه أنه مخلوق ... أو محدث فقوله مُروق أهون بقول جهم1 الخسيس ... وواصلٍ2 وبشرٍ المريسي3   1 هو جهم بن صفوان: أبو محرز جهم بن صفوان الراسبي، قال عنه الذهبي في تذكرة الحفاظ رقم "1584": "الضال المبتدع، رأس الجهمية، هلك في زمان صغار التابعين، وما علمته روى شيئا، ولكنه زرع شرا عظيما" وقال الطبري عنه: إنه كان كاتبا للحارث بن سريج الذي خرج من خراسان في آخر دولة بني أمية "انظر حوادث سنة 128" وكان جهم هذا تلميذا للجعد بن درهم الزنديق الذي كان أول من ابتدع القول بخلق القرآن، وفيه يقول الذهبي في ميزان الاعتدال "رقم1484": "الجعد بن درهم، عدوه من التابعين، مبتدع ضال، زعم أن الله لم يتخذ إبراهيم خليلا، ولم يكلم موسى تكليما، فقتل على ذلك بالعراق يوم النحر". 2 هو واصل بن عطاء: البصري، المتكلم، ولد بالمدينة في سنة ثمانين، ومات في سنة 131 قال عنه المسعودي: "هو قديم المعتزلة وشيخها، وأول من أظهر القول بالمنزلة بين المنزلتين" كان يجلس في سوق الغزالين فلقب لذلك بالغزال "لسان الميزان: 6/ 214, والبدء والتاريخ: 5/ 142". 3 هو بشر بن غياث المريسي، مبتدع ضال، تفقه أول أمره على قاضي القضاة أبي يوسف صاحب أبي حنيفة، وأتقن علم الكلام، ثم جرد القول بخلق القرآن، وناظر عليه، ولم يدرك الجهم بن صفوان ولكنه أخذ مقالته، واحتج لها، ودعا إليها، وأخذ في أيام دولة الرشيد، وأوذي لأجل مقالته، وحدث البويطي قال: سمعت الشافعي يقول: ناظرت المريسي في القرعة، فذكرت لها فيها أحاديث عمران بن حصين، فقال: هذا قمار، فأتيت أبا البختري القاضي فحكيت له ذلك فقال: يا أبا عبد الله، شاهد آخر وأصلبه، ومات بشر في سنة 218 وهو من أبناء السبعين "ميزان الاعتدال للذهبي رقم1214, ابن خلكان الترجمة رقم112, تاريخ بغداد: 7/ 56". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 227 توفي الحافظ أبو عمرو الداني بدانية، يوم الاثنين، منتصف شوال سنة أربع وأربعين وأربعمائة، ودفن ليومه بعد العصر. ومشى صاحب دانية أمام نعشه، وشيعه خلق عظيم، رحمه الله تعالى1. 37- عتبة بن عبد الملك بن عاصم العثماني، أبوالوليد الأندلسي المقرئ، نزيل بغداد. رحل في طلب العلم، وقرأ على أبي أحمد السامري، وأبي حفص بن عراك، وأبي بكر الأدفوي وأبي الطيب بن غلبون وكانت رحلته في سنة ثمانين وثلاثمائة، وسمع الحديث من طائفة. قرأ عليه أبو طاهر بن سوار، وأبو بكر أحمد بن الحسين القطان، وحدث عنه أبو بكر الخطيب، وأبو الفضل بن خيرون، وأحمد بن علي بن زكريا الطريثيثي، وأبو الحسين المبارك بن الطيوري. وكان موصوفا بالدين والصلاح، ومعرفة القراءات، عالي الإسناد عديم النظير، توفي في رجب سنة خمس وأربعين وأربعمائة، وقد ناهز التسعين أو جاوزها2. 38- عبد الرحمن بن الحسن بن سعيد أبو القاسم الخزرجي، القرطبي المقرئ، مسند أهل الأندلس في زمانه.   1 انظر/ شذرات الذهب "3/ 272". غاية النهاية "1/ 3-5". 2 انظر/ غاية النهاية "1/ 499". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 228 رحل سنة ثمانين وثلاثمائة، فحج أربع مرات، وقرأ على الكبار. قال أبو علي الغساني: سمعته غير مرة يقول: من شيوخي في القرآن أبو أحمد السامري، وأبو بكر الأدفوي، وأبو الطيب بن غلبون. ومن شيوخي في الحديث أبو بكر المهندس، وأبو مسلم الكاتب، والحسن بن إسماعيل الضراب، وأبو محمد بن أبي زيد، وقرأ بالأندلس على أبي الحسن الأنطاكي. وأقرأ الناس دهرا مسجده بقرطبة، وفي الجامع، قال أبو عمر أحمد بن مهدي: كان من أهل العلم بالقراءات، حافظا للخلاف، مجودا للأداء بصيرا بالنحو، مع الخير والحال الحسن. توفي فجأة في المحرم، سنة ست وأربعين وأربعمائة، قرأ عليه أبو الحسين بن البياز1. 39- محمد بن عبد الله أبو عبد الله بن الصناع، القرطبي المقرئ. قرأ القرآن وجوده على أبي الحسن علي بن محمد بن بشر الأنطاكي وهوآخر من قرأ عليه، وأقرأ الناس مدة، وروى كتاب قراءة ورش عن الأنطاكي. قال أبو القاسم بن بشكوال: أخبرنا بهذا الكتاب أبو محمد بن عتاب عنه، ووصفه لي بالفضل والصلاح، وكثرة التلاوة. توفي في المحرم سنة ثمان وأربعين وأربعمائة، عن إحدى وتسعين سنة2. 40- الحسن بن الفضل أبو علي الشرمقاني المقرئ المؤدب. قال الخطيب: كان من العالمين بالقراءات ووجوهها. قلت: قرأ على مثل الحمامي، وإبراهيم بن أحمد الطبري وقال: حدثني زاهر بن أحمد السرخسي، وشرمقان من قرى نسا، قلت: قرأ عليه أبو طاهر بن سوار وغيره، وكان زاهدا ورعا، يقنع بالمنبوذ، ويأوي إلى مسجده. رآه ابن العلاف يأكل الورق، فأخبر الوزير، فقال: أرسل إليه شيئا قال: ما يقبله، قال: نتحيل، وأمر غلاما له أن يعمل لذلك المسجد مفتاحا آخر، وقال: اأحمل إليه كل يوم رغيفا ودجاجة وقطعة حلاوة.   1 انظر/ غاية النهاية "1/ 367". 2 انظر/ غاية النهاية "2/ 189". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 229 فكان أبو علي يجيء فيفتح فيجد ذلك فيعجب، ويقول: لعل هذا من الجنة. وكتم أمره فأخصب جسمه وسمن، فقال له ابن العلاف: ما لك قد سمنت؟ فتمثل بهذا الشعر: من أطلعوه على سر فباح به ... لم يأمنوه على الأسرار ما عاشا ثم أخذ يوري ولا يصرح فما زال به العلاف حتى أخبره بالكرامة فقال له: ينبغي أن تدعو للوزير ابن المسلم، ففهم القضية وانكسر قلبه، ولم تطل بعدها مدته. توفي سنة إحدى وخمسين وأربعمائة1. 41- الحسن بن علي بن عبد الله أبو علي العطار المقرئ المؤدب، المعروف بالأقرع، والد فاطمة بنت الأقرع، صاحبة الخط الفائق، من كبار القراء ببغداد. قرأ عليه أبو طاهر بن سوار وغيره، سمع من عيسى بن الوزير، وأبي حفص الكتاني، وقرأ القراءات على أبي الفرج النهرواني، وأبي إسحاق إبراهيم بن أحمد الطبري، وأبي الحسن الحمامي. وقد حدث عنه أبو بكر الخطيب، وقال: لم يكن به بأس، توفي سنة سبع وأربعين وأربعمائة2. 42- محمد بن علي بن محمد بن حسن أبو عبد الله الخبازي، مقرئ نيسابور، ومسندها. ولد سنة اثنتين وسبعين وثلاثمائة، وقرأ على والده أبي الحسين المقرئ الخبازي الكبير، وعلى أبي بكر محمد بن محمد الطرازي، صاحب ابن مجاهد. وسمع من أبي أحمد الحاكم، وأبي محمد المخلدي وجماعة، وتصدى للإقراء، وصنف في القراءات وتخرج به عدد كثير، وقد سمع صحيح البخاري من الكشميهني، وكان ذا حرمة وافرة عند الدولة، لعبادته وزهده وتهجده. ويقال كان مجاب الدعوة. روى عنه مسعود بن ناصر الركاب، وإسماعيل بن عبد الغافر، وأبو عبد الله محمد بن الفضل الفداوي وآخرون، توفي سنة تسع وأربعين وأربعمائة3. 43- أحمد بن مسرور بن عبد الوهاب الشيخ أبو نصر البغدادي، الخباز المقرئ. قرأ بالروايات على منصور بن محمد بن منصور صاحب ابن مجاهد، وأبي الحسن   1 انظر/ غاية النهاية "1/ 227". 2 انظر/ غاية النهاية "1/ 224". 3 انظر/ شذرات الذهب "3/ 283". غاية النهاية "2/ 207". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 230 علي بن إسماعيل القطان، والمعافي الحريري، وإبراهيم بن أحمد الطبري، وعمر بن إبراهيم الكتاني وغيرهم. وجلس للإقراء مدة، قرأ عليه أبو طاهر بن سوار، وأبو منصور محمد بن أحمد الخياط، والهذلي، والحسن بن أحمد والد أبي الكرم الشهرزوري وعبد السيد بن عتاب، وأبو البركات عبد الملك بن أحمد وآخرون. وكان من أئمة هذا الشأن1. 44- أبو الفتح بن شيطا هو المقرئ الأستاذ، عبد الواحد بن الحسين بن أحمد بن عثمان بن شيطا البغدادي، مصنف كتاب التذكار في القراءات العشر. ولد سنة سبعين وثلاثمائة، وقرأ بالروايات على أبي الحسن علي بن يوسف بن العلاف، وأبي الحسن بن الحمامي، وسمع من أبي بكر محمد بن إسماعيل الوراق، والقاضي ابن معروف، وعيسى بن علي الوزير وجماعة. قال الخطيب: كتبنا عنه، قال: وكان ثقة عالما بوجوه القراءات، بصيرا بالعربية، توفي في صفر سنة خمسين وأربعمائة، وممن قرأ عليه ابن شيطا، أحمد بن عبد الله السوسنجردي، وعبد السلام بن الحسين. وكان من كبار أئمة الإقراء، قرأ عليه أبو الفضل محمد بن محمد بن الصباغ شيخ سبط الخياط، وسمع منه التذكار الحسن بن محمد الباقرحي أنبأني بالكتاب أبو الحسن علي بن بلبان قال: أنا صفي الدين عبد العزيز بن محمد بن القبيطي، سنة ثلاث وثلاثين وستمائة، أنا أبو نصر عبد الرحيم بن يوسف، أخبرنا الباقرحي بالكتاب عن المؤلف2. 45- محمد بن أحمد بن علي أبو عبد الله القزويني المقرئ نزيل مصر. قرأ على علي بن داود الداراني بدمشق، وعلى الحسن بن سليمان الأنطاكي، النافعي، وعلى طاهر بن غلبون وسمع من والده أبي الطيب بن غلبون، كتاب التذكرة، وأحسبه قرأ عليه. وحدث عن القاضي علي بن محمد الحلبي، وميمون بن حمزة الحسيني، وجماعة، وكان أحد الحذاق بالقراءات، قرأ عليه أبو الحسين يحيى بن الخشاب، وأبو الحسن علي بن بليمة.   1 انظر/ غاية النهاية "1/ 137, 138". 2 انظر/ شذرات الذهب "3/ 285". غاية النهاية "1/ 473". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 231 وحدث عنه عبد العزيز الكتاني، ومحمد بن أحمد الرازي، في مشيخته توفي في ربيع الآخر سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة1. 46- أحمد بن سعيد بن أحمد بن نفيس، أبو العباس المصري المقرئ، الأطرابلسي الأصل. انتهى إليه علو الإسناد، ورياسة الإقراء، قرأ على أبي أحمد السامري، وعبد المنعم بن غلبون، وأبي عدي عبد العزيز وغيرهم، وحدث عن علي بن الحسين بن بندار الأنطاكي، وأبي القاسم الجوهري، صاحب المسند وجماعة. عرض عليه القراءات جماعة، منهم أبو القاسم الهذلي، وأبو القاسم بن الفحام الصقلي، وأبو الحسن علي بن بليمة، وأبو الحسين الخشاب. وحدث عنه جعفر بن إسماعيل بن خلف الصقلي، وعبد الغني بن طاهر وأبو عبد الله محمد بن أحمد الرازي، وآخرون، وكان صحيح الرواية، رفيع الذكر. توفي في رجب سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة، وهو في عشر المائة2. 47- عبد الرحمن بن أحمد بن الحسن بن بندار الرازي أبو الفضل العجلي، المقرئ أحد الأعلام وشيخ الإسلام. ورد أن مولده بمكة، وما زال يتنقل في البلدان، على قدم التجريد والأنس بالله، ذكره أبو سعد بن السمعاني، فقال: كان مقرئا فاضلا كثير التصانيف، حسن السيرة، زاهدا متعبدا خشن العيش، منفردا قانعا باليسير. يقرئ أكثر أوقاته، ويروي الحديث، وكان يسافر وحده، ويدخل البراري، سمع بمكة من أحمد بن فراس العبقسي، وعلي بن جعفر السيرواني، وبالري من جعفر بن فناكي. وبنيسابور من أبي عبد الرحمن السلمي، وبأصبهان من أبي عبد الله بن منده الحافظ، وبطوس وجرجان وبغداد والكوفة والبصرة ونسا ودمشق ومصر، وقال: وكان من أفراد الدهر علما وورعا. قلت: قرأ لابن عامر على علي بن داود الداراني وقرأ على أبي عبد الله المجاهدي، صاحب ابن مجاهد، وعلى أبي الحسن الحمامي، وأبي الفرج النهرواني، وبكر بن شاذان الواعظ، وأبي بكر الشامي وجماعة كثيرة.   1 انظر/ غاية النهاية "2/ 75". 2 انظر/ شذرات الذهب "3/ 290". غاية النهاية "1/ 56, 57". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 232 وكان أحد من عني بهذا الشأن، وسمع من أبي مسلم الكاتب، وعبد الوهاب الكلابي، قرأ عليه القراءات أبو القاسم الهذلي، وأبو علي الحداد الأصبهاني. وحدث عنه محمد بن عبد الواحد الدقاق، والحسين بن عبد الملك الخلال، وأبو سهل بن سعدويه، وفاطمة بنت محمد بن أبي سعد، وآخرون. قال عبد الغافر الفارسي، في تاريخه: كان ثقة جوالا إماما في القراءات، أوحد في طريقته، وكان الشيوخ يعظمونه، وكان لا ينزل الخوانق، بل يأوي إلى مسجد خراب فإذا عرف مكانه تركه، وإذا فتح عليه بشيء آثر به. وقال يحيى بن منده في تاريخه: قرأ عليه جماعة، وخرج من أصبهان1 إلى كرمان2، وحدث بها، وبها مات، وهو ثقة ورع متدين، عارف بالقراءات والروايات، عالم بالأدب والنحو، أكبر من أن يدل عليه مثلي. وهو أشهر من الشمس، وأضوأ من القمر، ذو فنون في العلم، مهيب منظور فصيح، حسن الطريقة، كبير الوزن، بلغني أنه ولد سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة. قلت: وله شعر رايق في الزهد. قال أبو عبد الله الخلال: خرج الإمام أبو الفضل الرازي من أصبهان، متوجها إلى كرمان، فخرج الناس يشيعونه، فصرفهم، وقصد الطريق وحده، وقال: إذا نحن أدلجنا وأنت إمامنا ... كفى لمطايانا بذكراك حاديا قرأت على إسحاق بن أبي بكر الأسدي، أخبرك يوسف بن خليل أنا خليل بن أبي الرجاء، أنا محمد بن عبد الواحد الدقاق، قال: ورد علينا الإمام أبو الفضل، عبد الرحمن بن أحمد الرازي. وكان من الأئمة الثقات، ذكره يملأ الفم، ويذرف العين، وكان رجلا مهيبا مديد القامة، وليا من أولياء الله تعالى، صاحب كرامات، طوف الدنيا مستفيدا ومفيدا. وقال الخلال: كان أبو الفضل في طريق ومعه خبز، وشيء من الفانيز، فقصده قطاع الطريق، وأرادوا أن يأخذوا ذلك، فدفعهم بعصاه فقيل له في ذلك، فقال: إنما منعتهم منه، لأنه كان حلالا، وربما كنت لا أجد حلالا مثله.   1 أصبهان: مدينة في بلاد فارس. 2 كرمان: وراء أصبهان إلى ناحية الهند مسيرة مائة وثلاثين فرسخا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 233 ودخل كرمان في هيئة رثة، وعليه أخلاق1 وأسمال2، فحمل إلى الملك وقالوا: هو جاسوس، فسأله الملك ما الخبر؟ فقال: إن كنت تسألني عن خبر الأرض، فكل من عليها فان. وإن كنت تسألني عن خبر السماء، فكل يوم هو في شأن، فتعجب الملك من كلامه، وهابه وأكرمه، وعرض عليه مالا، فلم يقبله توفي في جمادى الأولى، سنة أربع وخمسين3. 47- محمد بن العباس أبو الفوارس الأواني الصريفيني، المقرئ. قرأ لعاصم على أبي حفص عمر بن إبراهيم الكتاني، صاحب ابن مجاهد، وعاش دهرا طويلا، رحل إليه أبو العز القلانسي، وقرأ عليه بأوانا4، قال أبو العلاء العطار: قرأت برواية عاصم على أبي العز، وقرأ على أبي الفوارس5. 48- عبيد الله بن أحمد بن علي أبو الفضل الصيرفي البغدادي، المقرئ المعروف بابن الكوفي. سمع ابن أخي ميمي الدقاق، وأبا حفص الكتاني، والمخلص. وقرأ القرآن على أبي حفص الكتاني، قال الخطيب: كتبت عنه وكان من العارفين باختلاف القراءات. قال: ومات في ذي الحجة سنة إحدى وخمسين وأربعمائة، وله إحدى وثمانون سنة6. 49- محمد بن عبد الله بن عبيد الله أبو الحسين البغدادي، المقرئ المؤدب الضرير. سمع الدارقطني وابن شاهين، وقرأ القرآن، على أبي حفص الكتاني. قال الخطيب: كان ثقة، مات في المحرم سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة، وله تسعون سنة7.   1 أخلاق: أثواب بالية ومنها ثوب خلق. 2 الأسمال: الأثواب الخلقة أي: البالية. 3 أوانا: قرية ببغداد وأيضا بالموصل. 4 انظر/ شذرات الذهب "3/ 293". غاية النهاية "1/ 361-363". 5 انظر/ غاية النهاية "2/ 158". 6 انظر/ غاية النهاية "1/ 485". 7 انظر/ غاية النهاية "2/ 191". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 234 الطبقة الحادية عشرة : وفيها من لعله من الطبقة الماضية، ولكنهم تأخرت وفاتهم. 1- نصر بن عبد العزيز بن أحمد بن نوح الفارسي الشيرازي، المقرئ أبو الحسين، مقرئ الديار المصرية، ومسندها. قرأ بفارس على علي بن جعفر السعيدي وغيره، وببغداد على أبي أحمد الفرضي، وأبي الحسن السوسنجردي، وبكر بن شاذان، وأبي الحسن الحمامي، ومنصور بن محمد بن منصور، صاحب ابن مجاهد، وعلي بن محمد بن يوسف ابن العلاف، وجماعة. وحدث عن ابن رزقويه، وأبي الحسين بن بشران، قرأ عليه أبو القاسم بن الفحام، وطبقته، وحدث عنه أحمد بن يحيى بن الجارود المعري، وروزبة بن موسى، ومحمد بن أحمد بن الخطاب الرازي. توفي سنة إحدى وستين وأربعمائة، وكان ينفرد عن أبي حيان التوحيدي بنكت عجيبة1. 2- عبد الله بن شبيب بن عبد الله أبو المظفر الضبي، الأصبهاني المقرئ. قرأ بالروايات الكثيرة، على أبي الفضل محمد بن جعفر الخزاعي، وتصدر للإقراء مدة، وأم الناس بجامع أصبهان، دهرا، وحدث عن جده أبي بكر محمد بن يحيى، والحافظ أبي عبد الله بن منده. وكان بليغ الخطاب، مليح الوعظ كبير القدر. قرأ عليه أبو القاسم الهذلي، وأهل أصبهان، وحدث عنه إسماعيل الإخشيد، وأبو عبد الله الدقاق، والحسين بن عبد الملك الخلال. سئل عنه إسماعيل بن الفضل الحافظ، فقال: إمام زاهد عابد عالم بالقراءات، كثير   1 انظر/ شذرات الذهب "3/ 309". غاية النهاية "2/ 336". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 235 السماع، قلت: توفي في صفر سنة إحدى وخمسين وأربعمائة1. 3- إسماعيل بن خلف بن سعيد بن عمران، أبو الطاهر الأنصاري، الأندلسي ثم المصري المقرئ مؤلف كتاب العنوان في القراءات أخذ القراءات عن عبد الجبار بن أحمد الطرسوسي. وتصدر للإقراء زمانا، ولتعليم العربية، وكان رأسا في ذلك. اختصر كتاب الحجة لأبي علي الفارسي، أخذ عنه جماهر بن عبد الرحمن الفقيه، وأبو الحسين الخشاب، وولده جعفر بن إسماعيل، وغيرهم. توفي في أول المحرم، سنة خمس وخمسين وأربعمائة، وقد وقع لي كتاب العنوان بسند عال ولله الحمد2. 4- عبد الباقي بن فارس بن أحمد أبو الحسن الحمصي، ثم المصري المقرئ. جود القراءات على والده، وقرأ لورش على عمر بن عراك، وعلى قسيم بن مطير الظهراوي، وجلس للإقراء، وعمر دهرا. قرأ عليه القراءات أبو القاسم بن الفحام، وأبو علي بن بليمة، وجماعة توفي في حدود الخمسين وأربعمائة3. 5- أحمد بن الفضل بن محمد بن أحمد بن محمد بن جعفر أبو بكر الباطرقاني، الأصبهاني مقرئ أصبهان، ومحدثها. قرأ بالروايات الكثيرة، على أبي الفضل الخزاعي، ومحمد بن عبد العزيز الكسائي، صاحب محمد بن أحمد بن الحسن الكسائي، وغيرهما، وأخذ الحروف عن أبي عبد الله بن منده. وكان مكثرا من السماع، على ابن منده، وإبراهيم بن خورشيد قوله، وأحمد بن يوسف الثقفي، والحسن بن بوه وأبي مسلم بن شهدل كتب بخطه الدقيق شيئا كثيرا. وصنف كتاب القراءات الشواذ، وكتاب طبقات القراء، قرأ عليه أبو القاسم الهذلي، وأبو علي الحداد المقرئ. وروى عنه سعيد بن أبي الرجاء، والحسين بن عبد الملك الخلال، وأبو الخير عبد السلام بن محمد الحسان باذي، وأحمد بن الفضل بن المهاد، ومحمد بن عبد الله الدقاق.   1 انظر/ شذرات الذهب "3/ 288". غاية النهاية "1/ 422, 423". 2 انظر/ غاية النهاية "1/ 164". 3 انظر/ غاية النهاية "1/ 357". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 236 وقال الدقاق في رسالته: لم أر شيخا بأصبهان جمع بين علم القرآن والقراءات والحديث والروايات وكثرة الكتابة والسماع أفضل من أبي بكر الباطرقاني. كان إمام الجامع الكبير، حسن الخلق والهيأة، والمنظر والقراءة، والرواية، ثقة في الحديث. قلت: ولي إمامة الجامع، بعد ابن شبيب المذكور، وكان أحد الحفاظ، ولم يكن بالمتقن. قال أبو زكريا بن منده: ذكره عمي يوما، والحافظ عبد العزيز النخشبي، وجماعة حاضرون. فقال النخشبي: صنف مسندا ضمنه ما في صحيح البخاري، إلا أنه كتب أكثره من الأصل، ثم ألحقه إسناده، وهذا ليس من شرط المحدثين. قال أبو زكريا: تكلم في مسائل لا يسع الموضع ذكرها، ولو اقتصر على الإقراء والتحديث، لكان خيرا، قلت: يريد أبو زكريا أنه دخل في شيء من علم الكلام. ثم قال: وقال لي إنه ولد في سنة اثنتين وسبعين وثلاثمائة، ومات في الثاني والعشرين من صفر سنة ستين وأربعمائة1. 6- محمد بن علي بن موسى أبو بكر الخياط المقرئ البغدادي، مسند القراء في عصره، ولولا تأخر وفاته لذكرته في الطبقة الماضية. ولد سنة ست وسبعين وثلاثمائة، وقرأ على أبي أحمد عبيد الله بن أبي مسلم الفرضي، وأحمد بن عبد الله السوسنجردي، وبكر بن شاذان، وأبي الحسن الحمامي، وسمع من أبي الصلت المجبر، وأبي عمر بن مهدي الفارسي، وإسماعيل بن الحسن الصرصري، وطبقتهم. قرأ عليه جماعة كثيرة، منهم أبو الحسين بن الفراء، وأبو عبد الله البارع، وأبو بكر محمد بن الحسين المزرفي، وهبة الله بن الطبر الحريري. وحدث عنه أبو بكر الخطيب في تاريخه، وأبو منصور القزاز وعبد الخالق بن البدر ويحيى بن الطراح وأحمد بن ظفر المغازلي. وكان كبير القدر عديم النظير بصيرا بالقراءات صالحا عابدا ورعا بكاء قانتا خشن   1 انظر/ شذرات الذهب "3/ 329". غاية النهاية "1/ 96-97". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 237 العيش فقيرا متعففا ثقة فقيها على مذهب أحمد, توفي في جمادى الأولى سنة سبع وستين وأربعمائة1. 7- أبو علي غلام الهراس هو حسن بن القاسم بن علي الواسطي المقرئ شيخ القراء ومسند العراق. ولد سنة أربع وسبعين وثلاثمائة ورحل في القراءات شرقا وغربا, وأدرك الكبار وقرأ على صاحب ابن مجاهد, وهو من الطبقة المارة؛ وإنما أخرته إلى هنا لأنه عمر وتأخر موته كثيرا عن رفقائه. قرأ بالروايات قبل الأربعمائة، وبعدها على طائفة منهم، عبيد الله بن إبراهيم، مقرئ أبي قره، قرأ عليه للدوري عن قراءته على ابن مجاهد. وقرأ بواسط على عبد الله العلوي صاحب النقاش، وببغداد على عبد الملك النهرواني، وأبي أحمد بن أبي مسلم الفرضي. وابن الخضر السوسنجردي وبكر بن شاذان، والحسن بن محمد السامري. وعلي بن أحمد الحمامي، وجماعة، وبالكوفة على القاضي، محمد بن عبد الله الجعفي الهرواني، وأبي الحسن محمد بن جعفر النحوي ابن النجار, وبدمشق على أبي علي الأهوازي، والحسين بن علي بن عبيد الله الرهاوي. وتصدر للإقراء، بدمشق مدة في حياتهما، ثم حج وجاور، وقرأ على محمد بن الحسن الكارزيني، وقرأ بحران على أبي القاسم الزيدي وبمصر على أبي العباس بن نفيس، وبالبصرة على الحسن بن علي بن بشار السابوري، صاحب النقاش. وكان بفرد عين, ثم شاخ وعمي رحل الناس إليه من الآفاق، وقرءوا عليه، وجميع كتاب الكفاية في القراءات العشر، لأبي العز القلانسي من تلاوة أبي العز عليه. قال خميس الحوزي: كان قديما أعور. رأيته، وجلست بين يديه كثيرا، وكان يلقب إمام الحرمين وللبغداديين فيه كلام. روى الحديث عن ابن خرقة، وسمعت من يقول من أصحابنا: إنه سمع أبا الفضل بن خيرون. وقيل له أبو علي غلام الهراس، عن أبي علي الأهوازي، فقال مطرز: معلم كذاب، عن كذاب.   1 انظر/ شذرات الذهب "3/ 329". غاية النهاية "2/ 208, 209". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 238 وقال هبة الله بن المبارك السقطي: كنت أحد من رحل إلى أبي علي، فألفيت شيخا عالما فهما صالحا، صدوقا، متيقظا نبيلا وقورا. وقال أبو الفضل بن خيرون في الوفيات: كان غلام الهراس مقرئا غير أنه خلط في شيء، من القراءات فادعى إسنادا في شيء لا حقيقة له. وروى عجائب، وتوفي يوم الجمعة، سابع جمادى الأولى سنة ثمان وستين وأربعمائة، وهذا أصح من قول خميس، من أنه توفي في أواخر سنة سبع وستين. قال ابن السمعاني: قرأ أبو علي بالأمصار، وسافر في طلب القراءات وأتعب نفسه في التجويد والتحقيق حتى صار طبقة العصر، ورحل الناس إليه من الأقطار، قلت: قرأ عليه القلانسي، وأبو المجد محمد بن محمد بن جهور، قاضي واسط وعلي بن علي بن شيراز1. 8- أبو القاسم الهذلي المقرئ الجوال، أحد من طوف الدنيا في طلب القراءات، واسمه يوسف بن علي بن جبارة بن محمد بن عقيل بن سوادة المغربي البسكري، وبسكرة بليدة بالمغرب، ورحل من أقصى المغرب، إلى بلاد الترك. وكانت رحلته في سنة خمس وعشرين وأربعمائة، وبعدها، فقرأ بحران على أبي القاسم الزيدي، صاحب النقاش وهو أكبر شيوخه، وعلى الأهوازي بدمشق، وعلى إسماعيل بن عمرو بن راشد الحداد، وجماعة بمصر، وعلى مهدي بن طراره. والحسن بن محمد بن إبراهيم المالكي، صاحب الروضة، وتاج الأئمة أحمد بن علي المصري، وأبي العلاء محمد بن علي الواسطي، ومحمد بن الحسين الكارزيني. وقد ذكر الشيوخ الذين قرأ عليهم، وعدتهم مائة واثنان وعشرون شيخا وهم تاج الأئمة ابن نفيس، وابن راشد الحداد، وصاحب الروضة، وعبد الملك بن سابور، ومحمد بن الحسين الشيرازي بمصر، وعبد العزيز، وابن سمحان. وابن أبي رماد بالقيروان2، وخلف الله السبتي بفاس3، وعلي بن النمر بأطرابلس4، وعبد الواحد بن عبد القادر بدمياط5، وعبد الساتر بن الذرب باللاذقية6.   1 انظر/ شذرات الذهب "3/ 329". غاية النهاية "1/ 228". 2 القيروان: بلدة بالمغرب. 3 فاس: بلد بالمغرب. 4 أطرابلس: بلد بالشام، وبلدة بالمغرب. 5 دمياط: بلد بمصر. 6 اللاذقية: بلد من تحتمل حلب الآن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 239 وأبو الحسين الخشاب بتنيس1، وعبد الرحمن بن علي القروي، ومحمد بن إسماعيل المبيض بالرملة2، وعبد الملك بن سعيد ببيت المقدس، وسعيد الحداد بها. وابن رجاء بعسقلان3، وإسماعيل بن عليان بأرسوف4، وجامع بن الخضر بصيدا5، والخضر بن أحمد بها، وسليم بصور6، وأبو طاهر الحنائي، وعبد الملك الرهاوي، ومحمد الإسكاف. والأهوازي بدمشق7، ومحمد بن إسماعيل ببيروت8، وعبد الله بن منير بقنسرين9، وأبو المجد، وأبو المهذب بالمعرة10، وإسماعيل بن الطبر بحلب11 وعبد الله بن الأقرع، ومحمد بن المعلم. وعقيل بن علي بالرحبة12، وحسين بن الكاتب بالرقة13 ومحمد بن البحتري بالخانوقة14، وحمزة بن علي الزيدي بحران15 كذا سماه فَوَهِمَ. وصدقة بن المهذب الخطيب بحران، ومحمد بن البغل القاضي بآمد16، وحسين بن منصور بميافارقين17، ووهبان بالجزيرة18. ومنصور بن ودعان بالموصل19، ومحمد بن سماعة بها، ومسروق بن جعفر   1 تنيس: بلد بجزيرة من جزائر بحر الروم قرب دمياط تنسب إليه الثياب الفاخرة. 2 الرملة: بلد بالشام. 3 عسقلان: مدينة عظيمة من فلسطين على ساحل البحر بين غزوة وبين جبرين. 4 أرسوف: بلد بساحل الشام. 5 صيدا: بلد بساحل الشام. 6 صور: بلد بساحل الشام. 7 دمشق: بلد بالشام "عاصمة سوريا الآن". 8 بيروت: بلد بالشام "عاصمة لبنان الآن". 9 قنسرين: كورة بالشام. 10 المعرة: بلد بين حماة وحلب وتضاف إلى النعمان. 11 حلب: كورة بالشام. 12 الرحبة: قرية حذاء القادسية وناحية بين المدينة والشام وبالفتح قرية بدمشق. 13 الرقة: بلد على الفرات وبلدة بقوهستان. 14 الخانوقة: بلد على الفرات. 15 حران: بلد بالشام. 16 آمد: بلد بالثغور. 17 أفارقين: مدينة معروفة نسبت إلى مية بنت أد وأصلها "فارقين". 18 الجزيرة أرض بالبصرة. 19 الموصل: أرض بين العراق والجزيرة وسميت بذلك لوصلها بين دجلة والفرات. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 240 بهيت، والفضل بن فراس بالأنبار1، وعبد الخالق بغانة2 وحسن بن خشيش بالكوفة3، وأحمد بن الصقر. ومحمد بن يعقوب، يعني أبا العلاء، وأبو نصر بن مسرور، وإسماعيل الشرمقاني، وإبراهيم بن الخطيب ببغداد، وأحمد بن علي بالإسكندرية. ويوسف بن عبد الله بالمغرب، وحسان بن سكينة بجرجرايا4، وحسين بدير العاقول5، وأبو الحسن الماورائي، وأحمد بن علان، وعبد الرحمن بن الهرمزان، وأبو رجاء بواسط6، وأبو الوفاء بالصليق7. وأحمد الحاجي بالأبله8، وابن أبي شيخ، والشاموخي، وأبو عمرو بن سعيد، وأبو الحسن الجوردكي بالبصرة9، وجماعة بها سماهم، وأبو القاسم العسكري بالأهواز10، وأبو غانم بالكرج11، وأبو الحسن الأصم. ومحمد النوشجاني بكازرون12، وأبو يعقوب بالبيضاء13، وأبو نصر بن قيراط، وأبو زرعة الخطيب وأخوه أبو طاهر بشيراز14، وعبد الملك بن علي بفسا15. وأبو الفضل بن عبدان، ومحمد بن لال بهمذان16، وأبو غانم بجيرفت17 وأبو الحسين القاضي بكرمان18.   1 الأنبار: بلد بالعراق، وقرية ببلخ منها محمد بن علي الأنباري المحدث. 2 غانة: بلد بالمغرب. 3 الكوفة: مدينة بالعراق. 4 جرجرايا. 5 دير الصاقول: بلد النهروان. 6 واسط: مدينة من مدن العراق. 7 الصليق: بلد بواسط. 8 الأبلة: مدينة على شاطئ دجلة قرب البصرة. 9 البصرة: بفتح الباد، بلد مشهورة، مصرها عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهي من سواد العراق. 10 الأهواز: تتسع لور بين البصرة وفارس لكل كورة منها اسم ويجمعهن الأهواز. 11 الكرخ: قحلة ببغداد. 12 كازرون: بلدة معروفة بفارس. 13 البيضا: بلدة بفارس وكورة بالمغرب وأربع قرى بمصر وموضع بالبحرين. 14 شيراز: مدينة عظيمة شهيرة الذكر فسيحة الأرجاء من بلاد فارس. 15 فسبا: بلدة بفارس. 16 همذان: مدينة من بلاد فارس. 17 جرفة: موضع باليمامة. 18 كرمان: وراء أصبهان إلى ناحية الهند مسيرة مائة وثلاثين فرسخا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 241 وأبو الفضل الضرير ببست1، ويوسف بن يعقوب، وأحمد السكاك بسمرقند2، وأبو أحمد العطار وأبو القاسم الدلال، وأحمد بن الفضل الباطرقاني، وعبد الله بن شبيب، وعبد الله بن اللبان. وجماعة بأصبهان، وذكر جماعة إلى أن قال: فجملة من لقيت في هذا العلم، ثلاثمائة وخمسة وستون شيخا من آخر المغرب إلى باب فرغانة3 يمينا وشمالا وجبلا وبحرا. ولو علمت أحدا يقدم علي في هذه الطريقة، في جميع بلاد الإسلام لقصدته. قلت: إنما ذكرت شيوخه، وبأن كان أكثرهم مجهولين لتعلم كيف كانت همة الفضلاء في طلب العلم. قال: وألفت هذا الكتاب، يعني الكامل، فجعلته جامعا للطرق المتلوة، والقراءات المعروفة، ونسخت به مصنفاتي، كالوجيز، والهادي، وغيرهما قلت: وحدث عن أبي نعيم الحافظ، وجماعة، روى عنه إسماعيل بن الإخشيد، وأبو العز محمد بن الحسين القلانسي، وقرأ عليه أبو العز بما في الكامل. قال ابن ماكولا: كان يدرس علم النحو، ويفهم الكلام، وذكره عبد الغافر، ونعته بأنه ضرير فكأنه عمي في أواخر عمره، وكان قد أرسله نظام الملك الوزير ليجلس في مدرسته بنيسابور فقعد سنين وأفاد. وكان مقدما في النحو والصرف عارفا بالعلل، كان يحضر مجلس أبي القاسم القشيري، ويقرأ عليه في الأصول. وكان القشيري يراجعه في مسائل النحو، ويستفيد منه، وكان حضوره في سنة ثمان وخمسين وأربعمائة إلى أن توفي. قلت: بلغني أنه مات في سنة خمس وستين وأربعمائة -سامحه الله تعالى. وله أغاليط كثيرة في أسانيد القراءات، وحشد في كتابه أشياء منكرة لا تحل القراءة بها، ولا يصح لها إسناد4. 9- أبو علي ابن البناء الحنبلي هو الحسن بن أحمد بن عبد الله البغدادي، الفقيه المقرئ، المحدث، صاحب التصانيف.   1 تبست: واد بأرض إبل وبالضم بلدة بسجستان. 2 سمرقند: مدينة في أوزبكستان. 3 فرغانة: مدينة عظيمة متاخمة لتركستان، وبلدة بالمغرب. 4 انظر/ شذرات الذهب "3/ 324". غاية النهاية "2/ 397-401". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 242 قرأ القراءات على أبي الحسن الحمامي، وسمع من هلال الحفار، وأبي الفتح بن أبي الفوارس، وابن رزقويه، وجماعة. قرأ عليه بالروايات مثل أبي عبد الله البارع، وأبي العز القلانسي، وهو من قدماء تلامذة القاضي أبي يعلي بن الفراء. وكانت له حلقتان للفتوى، والوعظ، وكان شديدا على المبتدعة ناصرا للسنة. روى عنه ولداه أبو غالب أحمد، ويحيى وأبو الحسين بن الفراء وأبو بكر قاضي المارستان. وبالإجازة الحافظ محمد بن ناصر، توفي سنة إحدى وسبعين وأربعمائة ببغداد1. 10- محمد بن محمد الشيخ أبو الفضل العكبري المقرئ. كان من أعيان القراء ومسنديهم في زمانه، قرأ على أبي الفرج النهرواني، والحسن بن محمد الفحام السر من رآى، وأبي الحسن الحمامي، وسمع من ابن رزقويه، روى عنه عبد الله بن السمرقندي، وأخوه أبو القاسم إسماعيل وكان صدوقا، توفي بعكبرا في ربيع الآخر، سنة ثلاث وسبعين وأربعمائة2. 11- محمد بن شريح بن أحمد بن محمد بن شريح الرعيني، أبو عبد الله الإشبيلي المقرئ الأستاذ، مصنف كتاب الكافي وكتاب التذكير. وكان من جلة قراء الأندلس، أجاز له مكي بن أبي طالب، وأخذ عنه، وعن أبي ذر عبد بن أحمد، وأبي العباس أحمد بن نفيس المصري وعثمان بن أحمد القيشطالي وجماعة. وقرأ بالروايات على ابن نفيس، وأحمد بن محمد القنطري، نزيل مكة وتاج الأئمة أحمد بن علي، والحسن بن محمد بن إبراهيم، صاحب الروضة حمل عنه ابنه الخطيب أبو الحسن شريح وغيره. توفي في رابع شوال، سنة ست وسبعين وأربعمائة، وله أربع وثمانون سنة3. 12- أبو معشر عبد الكريم بن عبد الصمد بن محمد بن علي الطبري المقرئ، القطان مقرئ أهل مكة، ومصنف التلخيص.   1 انظر/ شذرات الذهب "3/ 338, 339". غاية النهاية "1/ 206". 2 انظر/ غاية النهاية "2/ 258, 259". 3 انظر/ شذرات الذهب "3/ 354". غاية النهاية "2/ 153". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 243 قرأ القراءات على أبي القاسم الزيدي بحران، وأبي عبد الله الكارزيني وابن نفيس، وإسماعيل بن راشد الحداد، والحسين بن محمد الأصفهاني، وخلق أسند عنهم في تواليفه، وجماعة. وسمع الحديث من أبي عبد الله بن نظيف وأبي النعمان تراب بن عمر وعبد الله بن يوسف بتنيس، وأبي الطيب الطبري، قرأ عليه أبو علي بن العرجاء، وجماعة. وله كتاب سوق العروس، فيه ألف وخمسمائة طريق، وحدث عنه أبو بكر محمد بن عبد الباقي، وإبراهيم بن أحمد الصميري، وأبو نصر أحمد بن عمر الغازي، ومحمد بن المسبح الفضي، والحسن بن عمر الطبري وأبو القاسم خلف بن النحاس. وممن قرأ عليه الحسن بن خلف بن بليمة، وآخرون، قال محمد بن طاهر المقدسي: سمعت أبا سعيد الحرمي بهراة، يقول: لم يكن سماع أبي معشر الطبري لجزء ابن نظيف صحيحا، وإنما أخذ نسخة فرواها. قلت: توفي سنة ثمان وسبعين وأربعمائة بمكة1. 13- عبد الله بن سهل بن يوسف الإمام، أبو محمد الأنصاري، الأندلسي المرسي، مقرئ أهل الأندلس في زمانه. أخذ القراءات عن أبي عمر الطلمنكي، ومكي بن أبي طالب القيسي وعبد الجبار الطرسوسي، قرأ عليه بمصر، وأبي عمرو الداني، وأبي عبد الله محمد بن سفيان القيرواني مؤلف الهادي، ومحمد بن سليمان الأبي. وكان رأسا في القراءات وعللها ومعانيها، أكثر الناس عنه. قال أبو علي بن سكرة: هو إمام وقته في فنه، لقيته بالمرية، لازم أبا عمرو الداني، ثمانية عشر عاما، ورحل ولقي جماعة. أقرأ بالأندلس، وبعد صيته، فمن شيوخه مكي والطلمنكي وأبو ذر الهروي، وأبو عمران الفاسي، وأبو عبد الله بن عابد، والحسن بن حمود التونسي، وعبد الباقي بن فارس الحمصي. قال: وجرت بينه وبين شيخه أبي عمرو الداني عند قدومه منافسة ومقاطعة، وكان أبو محمد شديدا على أهل البدع قوالا بالحق مهيبا، جرت له في ذلك أخبار كثيرة.   1 انظر/ شذرات الذهب "3/ 358". غاية النهاية "1/ 401". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 244 وامتحن وغرب ولفظته البلاد، وغمزه كثير من الناس، فدخل سبتة، وأقرأ بها مدة، ثم خرج إلى طنجة، ثم رجع إلى الأندلس، فمات برندة1، قال ابن سكرة: عزمت على القراءة عليه، فقطع عن ذلك قاطع. وقال القاضي عياض: حدث عنه خالي أبو بكر محمد بن علي، وأبو إسحاق بن جعفر، وقال أبو الأصبغ بن سهل: أشكلت علي مسائل من علم القرآن، لم أجد من يشفيني فيها، حتى لقيت أبا محمد بن سهل. قال: وكانت بين القاضي أبي الوليد الباجي وبينه منافرة عظيمة، بسبب مسألة الكتابة، فكان ابن سهل يلعنه في حياته وبعد موته، فبالغ أصحاب أبي الوليد في القول في ابن سهل، والإكثار عليه. قلت: كان أبو الوليد يقول: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- كتب اسمه يوم الحديبية في كتاب الصلح، ويحتج بالحديث المروي فيه، وكان ابن سهل يعظم ذلك على أبي الوليد. وقد قرأ القراءات على ابن سهل طائفة، منهم أبو الحسن عبد العزيز بن عبد الملك بن شفيع المذكور في إجازات الشاطبي، توفي ابن سهل سنة ثمانية وأربعمائة2. 14- علي بن عبد الله بن فرح أبو الحسن الجذامي الطليطلي المقرئ الأستاذ، خطيب طليطلة 3، ويعرف بابن الألبيري. أخذ القراءات وغيرها عرضا ورواية، عن مكي بن أبي طالب القيسي وأبي القاسم وليد وأبي محمد بن عباس، ومحمد بن مشاور وطائفة، وأقرأ الناس دهرا، وكان ثقة عارفا بالفن، صالحا واعظا. قدم قرطبة وتصدر بجامعها للإقراء، فأقرأ الناس نحو شهرين، ومات سنة ثلاث وثمانين وأربعمائة وولد سنة عشر4. 15- عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن بن عباس، أبو محمد القرطبي. قرأ القراءات على مكي، وسمع من حاتم بن محمد، ومحمد بن عتاب قال ابن بشكوال: كان من جلة المقرئين، وخيارهم، عارفا بالقراءات ضابطا مجودا مع العفاف والدين.   1 رندة: حصن من تاكرني بالأندلس. 2 انظر/ شذرات الذهب "3/ 364". غاية النهاية "1/ 421, 422". 3 طليطلة: بلد بالمغرب. 4 انظر/ غاية النهاية "1/ 553, 554". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 245 أخبرنا عنه جماعة، توفي في ذي الحجة سنة اثنتين وسبعين وأربعمائة1. 16- محمد بن أحمد بن علي بن حامد، الإمام أبو نصر الكركانجي، المقرئ الأستاذ صاحب أبي الحسين الدهان، مقرئ أهل مرو 2 في عصره. قال أبو سعد السمعاني: له مصنفات كثيره، ككتاب المعول، وكتاب التذكرة، طوف الكثير إلى العراق، والحجاز والشام والجزيرة وكان زاهدا ورعا عابدا، قرأ بمرو على أبي الحسين عبد الرحمن بن محمد الدهان. وببغداد على مسند العراق أبي الحسن الحمامي، وبنيسابور على محمد بن علي الخبازي، وسعيد بن محمد العدل، وبالموصل على الحسين بن عبد الواحد المعلم. وبحران على أبي القاسم علي بن محمد الزيدي، وبدمشق على الحسين بن عبيد الله الرهاوي، وبمصر على إسماعيل بن عمرو الحداد. ولد سنة تسعين وثلاثمائة تقريبا، ومات سنة إحدى وثمانين، وقيل سنة أربع وثمانين وأربعمائة3. 17- أحمد بن الحسين بن أحمد أبو بكر المقدسي القطان، المقرئ. أحد من جرد العناية في طلب القراءات، أخذ عن أبي القاسم الزيدي، بحران، وأبي علي الأهوازي بدمشق، وأبي عبد الله الكارزيني بمكة، وعتبة العثماني ببغداد. أخذ عنه أبو بكر المزرفي وغيره، توفي سنة ثمان وستين وأربعمائة4. 18- عبد السيد بن عتاب أبو القاسم البغدادي الضرير، المقرئ من كبار القراء المسندين. قرأ على أبي الحسن الحمامي، وأبي العلاء الواسطي، والحسن بن علي بن الصقر الكاتب، وأبي طاهر محمد بن ياسين الحلبي، وأبي بكر محمد بن علي بن زلال المطرز، والحسن بن أبي الفضل الشرمقاني، وجماعة. قرأ عليه أبو علي بن سكرة الصدفي، وأبو منصور محمد بن عبد الملك بن خيرون، وأبو الكرم المبارك بن الشهرزوري، وآخرون.   1 انظر/ غاية النهاية "1/ 377". 2 مرو: مدينة في بلاد فارس. 3 انظر/ شذرات الذهب "3/ 372". غاية النهاية "2/ 72". 4 انظر/ غاية النهاية "1/ 48". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 246 توفي في نصف ذي القعدة سنة سبع وثمانين وأربعمائة، على نحو تسعين سنة1. 19- رزق الله بن عبد الوهاب بن عبد العزيز بن الحارث بن أسد أبو محمد التميمي البغدادي الحنبلي، المقرئ الفقيه الواعظ. ولد سنة أربعمائة، وقرأ القرآن على أبي الحسن الحمامي، وسمع من أبي الحسين أحمد بن المتيم، وأبي عمر بن مهدي، وأبي الحسين بن بشران وجماعة. وكان إماما مقرئا فقيها محدثا، واعظا أصوليا مفسرا لغويا، فرضيا كبير الشأن وافر الحرمة. قال ابن سكرة: قرأت عليه لقالون ختمة. وقال أبو زكريا يحيى بن منده الحافظ: سمعت رزق الله يقول: أدركت من أصحاب ابن مجاهد، رجلا يقال له أبو القاسم عبيد الله بن محمد الخفاف. وقرأت عليه سورة البقرة، وقرأها على أبي بكر بن مجاهد، قلت: وممن قرأ لقالون على رزق الله، محمد بن الخضر المحولي، شيخ تاج الدين الكندي، والشيخ أبو الكرم الشهرزوري. وقد روى أبو سعد السمعاني، حديث "من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب"، وعن أربعة وسبعين نفسا، سمعوه من رزق الله التميمي، وآخر من روى عنه ببغداد، أبو الفتح بن البطي، وآخر من روى عنه مطلقا أبو طاهر السلفي، روى عنه إجازة، قال ابن ناصر: توفي شيخنا أبو محمد التميمي، في نصف جمادى الأولى سنة ثمان وثمانين وأربعمائة، ودفن بداره، ثم حول بعد ثلاث سنين2. 20- يحيى بن أحمد بن محمد بن علي أبو القاسم السيبي القصري المقرئ. ولد سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة، بقصر ابن هبيرة، وقدم بغداد، فقرأ على أبي الحسن الحمامي القرآن، وسمع من أبي الحسن بن الصلت، وأبي الحسن بن بشران، وأبي الفضل عبد الواحد التميمي وجماعة. ولو سمع على قدر مولده لسمع من أصحاب البغوي وابن صاعد, وكان حسن الإقراء مجودا عارفا، ختم عليه خلق، وكان خيرا دينا صالحا ثقة ممتعا بقواه.   1 انظر/ غاية النهاية "1/ 387". 2 انظر/ شذرات الذهب "3/ 384". غاية النهاية "1/ 284". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 247 روى عنه أبو بكر قاضي المارستان، وإسماعيل ابن السمرقندي، وعبد الوهاب الأنماطي، وإسماعيل بن محمد التميمي الأصبهاني، وأبو الفرج عبد الخالق اليوسفي، وآخرون. وقرأ عليه أبو الكرم الشهرزوري، توفي في ربيع الآخر، سنة تسعين وأربعمائة، وله مائة وسنتان1. 21- محمد بن عيسى بن فرج المغامي، أبو عبد الله التجيبي، الطليطلي المقرئ صاحب أبي عمرو الداني. كان أحد الحذاق بالقراءات، أخذ عن الداني، ومكي بن أبي طالب، وسليمان بن إبرهيم، قال ابن بشكوال: كان عالما بوجوه القراءات ضابطا لها متقنا لمعانيها، إماما دينا، أخبرنا عنه غير واحد من شيوخنا ووصفوه بالتجويد والمعرفة. وقال ابن سكرة: هو مشهور بالتقدم والإمامة في الإقراء، وشدة الأخذ على القراءة، والالتزام للسمت والهيبة، ومن شيوخه مكي وأبو عمر الطلمنكي، ومغام حصن بثغر طليطلة. قال ابن بشكوال: توفي بأشبيلية2 في نصف ذي القعدة، سنة خمس وثمانين وأربعمائة3. 22- أحمد بن علي بن محمد بن يحيى بن الفرج، أبو نصر الهاشمي البصري، ثم البغدادي المقرئ المعروف بالهباري، وبالعاجي الفرضي. قدم بغداد، عام سنة عشر وأربعمائة، وقرأ القرآن على أبي الحسن الحمامي، وقرأ القراءات بحران على الشريف أبي القاسم الزيدي، وبدمشق على أبي علي الأهوازي. وجال في العراق وخراسان، وحدث بمرو بكتاب السنن، عن أبي عمر. قرأ عليه القراءات جمعا، إلى سورة الفتح، أبو الكرم الشهرزوري وسمع منه أبو بكر بن السمعاني، والد أبي سعد كتاب السنن، قال أبو طاهر محمد بن محمد المروزي الخطيب: لما ورد أبو بكر بن السمعاني بغداد طعنوا في الهباري ورموه بالكذب والتعمد فيه، وشرطوا عليه أن لا يروي عنه. وقال الدقاق: أبو نصر الهباري كذاب، وقال خميس الحوزي: ولد أبو نصر   1 انظر/ شذرات الذهب "3/ 396". غاية النهاية "2/ 365". 2 أعظم بلد بالأندلس. 3 انظر/ شذرات الذهب "3/ 376". غاية النهاية "2/ 224, 225". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 248 بالبصرة، سنة ست وتسعين وثلاثمائة، وحدث بواسط في سنة ثلاث وثمانين وأربعمائة1. 23- محمد بن إبراهيم بن إلياس أبو عبد الله اللخمي، الأندلسى المعروف بابن شعيب المقرئ، وشعيب هو جده لأمه. أخذ عن جده وعن مكي بن أبي طالب، وأبي العباس المهدي، وأبي عمرو الداني، قال ابن الأبار، تصدر بجامع المرية، لإقراء القرآن والعربية والآداب، روى عنه أبو الحسن بن موهب، وأبو الحسن بن نافع، وأبو عبد الله بن معمر، قلت: وقرأ عليه بالسبع أبو الحسن عون الله بن عبد الرحمن، شيخ ابن الفحام، قال ابن الأبار: وقفت على السماع منه، في سنة إحدى وثمانين وأربعمائة2. 24- خازم بن محمد بن خازم الإمام أبو بكر المخزومي القرطبي، ولد سنة عشر وأربعمائة. وأخذ عن مكي بن أبي طالب، ويونس بن عبد الله القاضي، وأبي محمد الشنيتجالي، وأبي القاسم بن الإفليلي وطائفة، وتصدر للإقراء والتسميع وطال عمره وبعد صيته، إلا أنه ضعيف. قال ابن بشكوال: كان قديم الطلب، وافر الأدب، ولم يكن بالضابط، وكان يخلط في أسمعته، وقفت له على أشياء قد اضطرب فيها. وكان أبو مروان بن سراج، ومحمد بن فرج يضعفانه، قلت: روى عنه جماعة، آخرهم وفاة، محمد بن عبد الله بن خليل القيسي، نزيل مراكش3 توفي سنة ست وتسعين وأربعمائة4. 25- محمد بن أحمد بن الهيثم الإمام أبو بكر البلخي، ثم الروذباري المقرئ. قرأ بالروايات على أبي علي الأهوازي، واستوطن مدينة غزنة، من أول حد الهند، وأقرأ بها القراءات، وكان بصيرا بالعلل، عالي الرواية قال الحافظ ابن عساكر: أنبأ عبد السلام بن عبد الرحيم الهروي، المقرئ بهراة، أنبأ أبو بكر الروذباري بغزنة، سنة تسع وثمانين وأربعمائة، وكان عالما بالقراءات5.   1 انظر/ غاية النهاية "1/ 88, 89". 2 انظر/ غاية النهاية "2/ 47". 3 بلدة بالمغرب. 4 انظر/ غاية النهاية "1/ 269". 5 انظر/ شذرات الذهب "3/ 353". غاية النهاية "1/ 85". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 249 26- أبو الخطاب الصوفي المقرئ واسمه أحمد بن علي البغدادي، من شيوخ الإقراء ببغداد. توفي سنة ست وسبعين وأربعمائة، قرأ على أبي الحسن الحمامي وغيره، قرأ عليه أبو الفضل محمد بن المهتدي بالله، وهبة الله بن المجلي، وأبو نصر أحمد بن محمد بن بغراج. وروى عنه أبو بكر قاضي المارستان، قال أبو الفضل بن خيرون: كان عنده عن الحمامي السبعة تلاوة، وله قصيدة في السنة، وقصيدة في عدد الآي، ولد سنة اثنين وتسعين وثلاثمائة1. 27- عبد القاهر بن عبد السلام بن علي العباسي، الشريف أبو الفضل المكي، النقيب المقرئ. قرأ بالروايات الكثيرة على أبي عبد الله، محمد بن الحسين بن آذر بهرام الكارزيني، وطال عمره، وكان من آخر من مات من أصحاب الكارزيني. وكان نقيب بني هاشم بمكة، سكن بغداد، وأقرأ القراءات، وكان ضابطا لها وكان من سروات العباسيين. قال أبو الفضل محمد بن محمد بن عطاف: رحمة الله على هذا الشريف. فلقد كان على أحسن طريقة سلكها الأشراف، من دين مكين وعقل رزين، قدم من مكة وسكن المدرسة النظامية، فأقرأ بها القرآن عن جماعة، وحدث. قلت: قرأ عليه دعوان بن علي، وأبو محمد عبد الله بن علي سبط الخياط، وأبو الكرم الشهرزوري وآخرون. وتوفي في يوم الجمعة من جمادى الآخرة، سنة ثلاث وتسعين وأربعمائة وقد حدث عن أبي الحسن بن صخر وغيره2. 28- أبو طاهر بن سوار صاحب المستنير في القراءات العشر، هو أحمد بن علي بن عبيد الله بن عمر بن سوار البغدادي. أحد الحذاق، ولد سنة اثنتي عشرة وأربعمائة، وقرأ القراءات على عتبة بن عبد الملك العثماني، وأبي علي الشرمقاني، والحسن بن علي العطار وجماعة.   1 انظر/ شذرات الذهب "3/ 353". غاية النهاية "1/ 85". 2 انظر/ شذرات الذهب "3/ 400". غاية النهاية "1/ 399". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 250 وسمع الحديث الكثير من محمد بن عبد الواحد بن رزمة، ومحمد بن الحسين الحراني، ومحمد بن محمد بن غيلان، وعلي بن المحسن التنوخي وطائفة. قرأ عليه القراءات أبو علي بن سكرة الصدفي، ومحمد بن الخضر المحولي، وأبو محمد بن سبط الخياط، وحدث عنه ابن ناصر وأبو طاهر السلفي، وعبد الوهاب الأنماطي، وآخرون. قال ابن سكرة: هو حنفي المذهب، ثقة خير، حبس نفسه على الإقراء والتحديث، وقال ابن ناصر نبيل ثقة ثبت متقن. وقال السمعاني: كان ثقة أمينا مقرئا حسن الأخذ للقرآن، ختم عليه جماعة كتاب الله، وكتب بخطه الكثير من الحديث. توفي في شعبان سنة ست وتسعين وأربعمائة ببغداد1. 29- يحيى بن إبراهيم بن أبي زيد أبو الحسين بن البياز اللواتي المرسي المقرئ، أحد شيوخ الوقت بالأندلس. ذكر أنه قرأ القراءات وسمعها، على مكي بن أبي طالب، وأبي عمرو الداني، وعبد الرحمن بن الحسن الأستاذ، وغيرهم ورحل إلى مصر فسمع الحروف من عبد الجبار بن أحمد الطرسوسي. وسمع كتاب التلقين من القاضي عبد الوهاب المالكي، وتصدر للإقراء. وعمر دهرا. قال أبو القاسم بن بشكوال: أخبرنا عنه جماعة. وسمعت بعضهم يضعفه وينسبه إلى الكذب، وإلى ادعاء الرواية، عمن لم يلقه ولا أجاز له، ويشبه أن يكون ذلك في وقت اختلاطه لأنه اختلط في آخر عمره. ومات بمرسية في ثالث المحرم سنة ست وتسعين وأربعمائة، وله تسعون سنة. قلت: أخذ عنه القراءات أبو عبد الله بن سعيد الداني، ابن غلام الفرس، وعلي بن عبد الله بن ثابت الخزرجي، وأبو داود سليمان بن يحيى بن سعيد وغيرهم. وقد وقع لنا سنده بالقراءات عاليا، وفرحنا به وقتا، ثم أوذينا فيه وبان لنا ضعفه2. 30- سليمان بن أبي القاسم نجاح أبو داود المقرئ، مولى الأمير المؤيد بالله، ابن المستنصر الأموي الأندلسي، شيخ الإقراء مسند القراء، وعمدة أهل الأداء.   1 انظر/ شذرات الذهب "3/ 403". غاية النهاية "1/ 86". 2 انظر/ شذرات الذهب "3/ 404". غاية النهاية "2/ 364". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 251 أخذ القراءات عن أبي عمرو الداني، ولازمه مدة، وأكثر عنه، وهو أجل أصحابه، وكتب عن أبي عمر بن عبد البر، وابن دلهاث العذري وأبي عبد الله بن سعدون القروي، وأبي الوليد سليمان بن خلف الباجي، وأبي شاكر الخطيب. قرأ عليه بشر كثير، منهم أبو عبد الله بن سعيد الداني، وأبو علي الصدفي، وأبو العباس أحمد بن عبد الرحمن بن عاصم الثقفي، وأحمد بن سحنون المرسي، وإبراهيم بن جماعة البكري الداني، وجعفر بن يحيى بن ختال، ومحمد بن علي النوالشي, وعبد الله بن فرج الزهيري، وأبو الحسن علي بن هذيل، وأبو نصر فتح بن خلف البلنسي، وأبو نصر فتح بن يوسف بن أبي كبة، وأبو داود سليمان بن يحيى القرطبي. قال ابن بشكوال: كان من جلة المقرئين وفضلائهم وأحبارهم، عالما بالقراءات وطرقها، حسن الضبط ثقة دينا، له تواليف كثيرة في معاني القرآن العظيم وغيره. أخبرنا عنه جماعة ووصفوه بالعلم والفضل والدين، قلت: قرأت بخط بعض تلامذة أبي داود، قال: تسمية الكتب التي صنفها أبو داود. كتاب البيان الجامع لعلوم القرآن في ثلاثمائة جزء، كتاب التبيين لهجاء التنزيل، في ستة مجلدات، كتاب الرجز المسمى بالاعتماد الذي عارض به شيخه أبا عمرو في أصول القراءات. وعقود الديانة وهو عشرة أجزاء، وعدد هذه الأرجوزة ثمانية عشر ألف بيت، وأربعمائة وأربعون بيتا. وله كتاب الجواب عن قوله تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى} [البقرة: 238] . في مجلد، ثم سمى تتمة ستة وعشرين مصنفا. قال ابن بشكوال: ولد سنة ثلاث عشرة وأربعمائة، وتوفي ببلنسية في سادس عشر رمضان، سنة ست وتسعين وتزاحموا على نعشه1. 31- عبد الرحمن بن علي بن أحمد أبو الحسن بن الدوش، الشاطبي المقرئ. أخذ القراءات عرضا عن أبي عمرو الداني، وسمع منه ومن ابن عبد البر وأقرأ الناس دهرا.   1 انظر/ شذرات الذهب "3/ 403, 404". غاية النهاية "1/ 316". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 252 قال ابن بشكوال: أقرأ الناس وأسمعهم، وكان ثقة فيما رواه ثبتا فيه دينا فاضلا. قلت: قرأ عليه القراءات أبو عبد الله بن غلام الفرس، وأبو داود سليمان بن يحيى القرطبي، وإبراهيم بن محمد بن خليفة النفري الداني، وعلي بن محمد بن أبي العيش الطرطوشي، ثم الشاطبي، ومحمد بن علي بن خلف التجيبي وآخرون. توفي في رابع شعبان سنة ست وتسعين وأربعمائة بشاطبة -رحمه الله- قرأت القراءات من طريقة, ويقال فيه ابن الدش بلا واو وابن أخي الدوش1. 32- علي بن أحمد بن علي أبو الحسن الأبهري المقرئ الضرير، المعروف بالمصيني. قرأ القراءات بدمشق، على أبي علي الأهوازي، وأقرأ بالديار المصرية قرأ عليه الشريف أبو الفتوح ناصر الخطيب، وعليه دارت في وقتنا طرق الأهوازي. ولا أعلم أحدا ذكر له ترجمة، وكان موجودا في حدود عام خمسمائة2. 33- عبد الوهاب بن محمد بن عبد الوهاب بن عبد القدوس، الأستاذ أبو القاسم القرطبي، مؤلف المفتاح في القراءات، ومقرئ أهل قرطبة. رحل وقرأ القراءات على أبي علي الأهوازي3. 34- أحمد بن عبد الله بن علي بن طاوس، أبو البركات البغدادي المقرئ، نزيل دمشق، ولد سنة ثلاث عشرة وأربعمائة. وقرأ القراءات على الحسن بن علي العطار، وأبي بكر محمد بن علي الخياط، وسمع من عبيد الله الأزهري، وأبي طالب بن بكير، وابن غيلان، والعتيقي، وبدمشق من أبي القاسم الحنائي وغيره، وصنف في القراءات، ورأس فيها. وأقرأ الناس، وكان ثقة دينا مجودا محققا، روى عنه الفقيه نصر المقدسي، وهو أكبر منه، ونصر الله بن عبد القوي المصيصي، وحمزة بن كروس.   1 انظر/ شذرات الذهب "3/ 404". غاية النهاية "1/ 375". 2 انظر/ غاية النهاية "1/ 521". 3 وبحران علي بن أبي القاسم الزيدي، وبمصر على أبي العباس نفيس وبمكة على أبي عبد الله الكارزيني، سمع بدمشق من أبي الحسن بن السمسار. وبلغنا أنه كان عجبا في تحرير هذا الشأن ومعرفة فنونه. قال ابن بشكوال: كانت الرحلة إليه في وقته. ولد سنة ثلاث وأربعمائة ومات في ذي القعدة سنة إحدى وستين وأربعمائة, قرأ عليه أبو القاسم خلف بن النحاس وأبو الحسين يحيى بن البياز وجماعة. انظر/ غاية النهاية "1/ 482". نفح الطيب "3/ 393". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 253 وقرأ عليه ابنه هبة الله بن أحمد وجماعة، توفي في جمادى الآخرة سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة1. 35- عتيق بن محمد أبو بكر الردائي المقرئ، شيخ الإقراء بقلعة حماد، من أرض المغرب، رحل. وقرأ على الأهوازي، لم يذكره ابن عساكر، وهو من شرطه، وقرأ بمصر على أبي العباس بن نفيس وغيره، وعمر دهرا. رحل إليه أبو بكر محمد بن محمد بن معاذ الإشبيلي فقرأ عليه2. 36- محمد بن المفرج بن إبراهيم البطليوسي، المقرئ أبو عبد الله. قيل إنه قرأ على مكي بن أبي طالب، وأبي عمرو الداني، وأبي علي الأهوازي ومحمد بن الحسين الكارزيني، وما علمت أحدا جمع الأخذ عن هؤلاء. قال ابن بشكوال: روى ابن المفرج عن أبي عمرو الداني، فيما كان يزعم، وذكر أن له رحلة إلى المشرق، روى فيها عن الأهوازي، وكان يكذب فيما ذكره من ذلك كله، وقد وقف على ذلك كله أصحابنا، وأنكروا ما ذكره. توفي بالمرية سنة أربع وتسعين وأربعمائة، قلت: وقعت لنا القراءات من طريق هذا، لكن بإسناد واه، من رواية أبي عيسى عن ابن الخلوف عن أبيه، وعن سليمان بن يحيى كلاهما عنه3. 37- أبو الفتح أحمد بن محمد بن أحمد بن سعيد الأصبهاني، الحداد المقرئ التاجر. سبط الحافظ أبي عبد الله بن منده، شيخ جليل عالي السند، كبير القدر عارف بالقراءات، قرأ على أبي عمر بن أحمد بن عمر الخرقي الأصبهاني، صاحب أبي بكر محمد بن أحمد بن عبد الوهاب السلمي. وجاور بمكة، فقرأ بالروايات، على أبي عبد الله الكارزيني، قرأ عليه علي بن أحمد بن محمويه اليزدي، وأبو طاهر السلفي وغيرهما، وكان أعلى من بقي سماعا، فإنه ولد سنة ثمان وأربعمائة، وسمع من أبي سعيد النقاش، وغلام محسن وابن عبد   1 انظر/ غاية النهاية "1/ 74". 2 انظر/ غاية النهاية "1/ 500". 3 انظر/ غاية النهاية "2/ 265". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 254 كويه، وتلك الطبقة، وأجاز له من مرو. إسماعيل بن ينال مولى ابن محبوب، الذي انفرد عن مولاه محمد بن أحمد بن محبوب، بسماع جامع الترمذي. روى عنه طائفة، آخرهم وفاة أبو الفتح عبد الله الخرق، توفي أبو الفتح الحداد في ذي القعدة سنة خمسمائة1. 38- سعيد بن أحمد بن عمرو القاضي أبو منصور الجزري. قرأ بالسبع بكتاب الموجز، وسمعه من مؤلفه أبي علي الأهوازي، وأقرأ به سنة ثلاث وتسعين وأربعمائة، ببلد الجزيرة الجديدة جزيرة ابن عمر. قرأ عليه أبو بكر محمد بن علي بن سلامة الدارمي الآمدي، وطريقه متصلة لابن عبد الله بن خروف الموصلي، الذي قدم علينا2. 39- أبو الخطاب بن الجراح هو علي بن عبد الرحمن بن هارون بن عيسى بن هارون بن الجراح البغدادي، المقرئ الشافعي النحوي، الكاتب. ولد سنة تسع أو عشر وأربعمائة، وقرأ بعد الثلاثين وأربعمائة، على جماعة، ورأس في القراءات، وصنف منظومة في القراءات، وحدث عن عبد الملك بن بشران، ومحمد بن عمر بن بكير النجار، وجماعة. وختم عليه جماعة كثيرة، روى عنه عبد الوهاب الأنماطي، وعمر المغازلي وابن ناصر والسلفي، وخطيب الموصل، وآخرون، ذكره السلفي فقال: إمام في اللغة، ونظمه ففي أعلى درجة، وخطه فمن أحسن الخطوط. والقول يتسع في فضائله، وكان يصلي بأمير المؤمنين المستظهر بالله التراويح، قلت: مات في ذي الحجة سنة سبع وتسعين وأربعمائة3. 40- أبو منصور الخياط الزاهد المقرئ، هو محمد بن أحمد بن علي بن عبد الرزاق البغدادي، الملقن. ولد سنة إحدى وأربعمائة، وسمع في كبره من أبي القاسم بن بشران وعبد الغفار المؤدب، وأبي بكر محمد بن عمر بن الأخضر الفقيه، وجماعة. وقرأ القرآن على أبي نصر أحمد بن مسرور، وكان يمكنه التلاوة على الحمامي، والسماع على أبي عمر بن مهدي، ولقن خلقا كثيرا، قرأ عليه سبطاه أبو محمد عبد الله وأبو عبد الله الحسين، وحدث عنه أحمد بن عبد الغني الباجسري، وسعد الله بن الدجاجي، وأبو طاهر السلفي، وأبو الفضل خطيب الموصل وغيرهم.   1 انظر شذرات الذهب "13/ 410". غاية النهاية "1/ 101, 102". 2 انظر/ غاية النهاية "1/ 304". 3 انظر شذرات الذهب "3/ 406". غاية النهاية "1/ 548, 549". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 255 قال أبو سعد السمعاني: كان له ورد بين العشاءين يقرأ فيه سبعا من القرآن، قائما وقاعدا حتى طعن في السن، وكان صاحب كرامات وقال ابن نصر: كانت له كرامات. قلت: كان إمام مسجد ابن جردة بالحريم، ثم اعتكف فيه مدة يعلم العميان، ويسأل لهم وينفق عليهم. قال ابن النجار في تاريخه: بلغ عدد من أقرأهم أبو منصور القرآن سبعين ألفا، ثم قال: هكذا رأيته بخط أبي نصر اليونارتي الحافظ، قلت: هذا مستحيل، فلعله أراد أن يكتب سبعين نفسا فسبقه القلم، فكتب سبعين ألفا. قال أبو منصور بن خيرون: ما رأيت مثل يوم صلي على أبي منصور الخياط، من كثرة الخلق والتبرك بالجنازة، وقال السمعاني: رأوه بعد موته فقيل له ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي بتعليمي الصبيان فاتحة الكتاب. وقال السلفي: ذكر لي المؤتمن الساجي، في ثاني جمعة من وفاة الشيخ أبي منصور، اليوم ختموا على قبره مائتين وإحدى وعشرين ختمة. يعني أنهم كانوا قد قرءوا الختم قبل ذلك، إلى سورة الإخلاص، فختموا هناك، ودعوا عقيب كل ختمة. قال السلفي: وقال لي علي بن الأيسر العكبري: وكان رجلا صالحا، حضرت جنازة أبي منصور، فلم أر أكثر خلقا منها، فاستقبلنا يهودي، فرأى كثرة الزحام والخلق، فقال: أشهد أن هذا الدين هو الحق، وأسلم. توفي يوم الأربعاء، سادس عشر محرم سنة تسع وتسعين وأربعمائة1. 41- محمد بن عبد الله بن يحيى أبو البركات بن الوكيل الخباز الدباس، الشيرجي المقرئ البغدادي، الكرخي، كما رأيت مثله في من بقي من القراء بالعراق. قرأ بالروايات على أبي العلاء الواسطي، والحسن بن الصقر، ومحمد بن بكير النجار، وعلي بن طلحة، وتفقه على القاضي أبي الطيب، وسمع من عبد الملك بن بشران، وعلي بن أيوب صاحب المنيني. وكان مولده في سنة ست وأربعمائة، قرأ عليه القراءات أبو الكرم الشهرزوري، وغيره، وحدث عنه ابن ناصر والسلفي، وقرأ عليه ختمة، وأبو بكر عبد الله بن النقور. قال ابن ناصر: كان رجلا صالحا، اتهم بالاعتزال، ولم يكن يذكره ولا يدعو إليه، وقال أبو المعمر المبارك بن أحمد: دخلت على أبي البركات الوكيل في مرضه.   1انظر شذرات الذهب "3/ 406". غاية النهاية "2/ 74". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 256 فقال له المؤتمن الساجي: يا شيخ يبلغنا عنك أشياء، فقال: ذاك صحيح، وأنا قد رجعت إلى الله وتبت عن ذلك الاعتقاد، توفي في ربيع الأول سنة تسع وتسعين وأربعمائة1. 42- علي بن خلف بن ذي النون، بن أحمد الأستاذ أبو الحسن العبسي الأندلسي، الإشبيلي، ثم القرطبي، شيخ القراء بقرطبة. ولد سنة سبع عشرة وأربعمائة، رحل وأخذ القراءات بمصر، عن أبي العباس أحمد بن نفيس وغيره، وسمع من أبي محمد بن خزرج، والقاضي أبي عبد الله القضاعي، وأبي محمد بن الوليد الأندلسي وجماعة. وأقرأ بجامع قرطبة وأسمع, أخذ عنه عبد الجليل بن عبد العزيز الأموي وعبد الله بن موسى القرطبي، ويحيى بن محمد بن سعادة، وأحمد بن خلف بن عيسون، ومحمد بن علي النوالشي وآخرون. قال ابن بشكوال: كان من جلة المقرئين وعلمائهم، ثقة شهر بالخير والزهد، والتقلل والصلاح، والتواضع، وشهرت إجابة دعوته وعلمت من غير ما قصة بالغ ابن حزم في تعظيمه في العلم والعمل. قال: وتوفي في جمادى الأولى سنة ثمان وتسعين وأربعمائة، وكانت جنازته مشهودة2. 43- العاص بن خلف بن محمد الأستاذ أبو الحكم الإشبيلي المقرئ، مصنف كتاب التذكرة في القراءات السبع، وكتاب التهذيب، وأسانيده في صدور كتبه. ذكر ابن بشكوال وفاته، في سنة سبعين وأربعمائة، وذكر ابن عيسى الإسكندري، أنه قرأ بكتابه في القراءات على ابن خلف الداني3. 44- أحمد بن عثمان بن سعيد الشيخ أبو العباس بن الحافظ أبي عمرو الداني. قرأ القراءات على أبيه، وتصدر للإقراء، وأخذ عنه الناس. حمل عنه أبو القاسم بن عدي وغيره، توفي سنة إحدى وسبعين وأربعمائة4.   1 انظر/ شذرات الذهب "3/ 410". غاية النهاية "2/ 187". 2 انظر/ غاية النهاية "1/ 541". 3 انظر/ غاية النهاية "1/ 346". 4 انظر/ غاية النهاية "1/ 80". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 257 الطبقة الثانية عشرة : وفي أوائلها جماعة لولا تأخر موتهم لكانوا في الطبقة الماضية. 1- يحيى بن علي بن الفرج الأستاذ أبو الحسين المصري، المقرئ المعروف بابن الخشاب، مقرئ الديار المصرية في وقته. قرأ القراءات على أبي العباس أحمد بن نفيس، وأبي الطاهر إسماعيل بن خلف، ومحمد بن أحمد القزويني، ونصر بن عبد العزيز الفارسي وغيرهما. قرأ عليه جماعة، منهم أبو الفتوح ناصر بن الحسن الزيدي الخطيب, وتوفي سنة أربع وخمسمائة1. 2- سبيع بن المسلم بن علي بن هارون الدمشقي، المقرئ الضرير، أبو الوحش المعروف بابن قيراط. قرأ القراءات على أبي علي الأهوازي، ورشا بن نظيف، وسمع منهما، ومن عبد الوهاب بن برهان الغزال، وأبي القاسم السمياطي وجماعة، وانتهت إليه المشيخة في القراءة بدمشق، وقرأ عليه جماعة. وكان يقرئ الناس تلقينا وتجويدا، من الصبح إلى قريب الظهر. وأقعد فكان يحمل إلى الجامع، روى عنه على بن الحسن الكلابي بن الماسح، والصائن بن عساكر، وأخوة الحافظ أبو القاسم، وأبو البركات بن عبد الحارثي، وقال أبو القاسم الحافظ: كان ثقة ولد سنة تسع عشرة وأربعمائة، وتوفي في شهر شعبان سنة ثمان وخمسمائة2. 3- أحمد بن علي بن بدران أبو بكر الحلواني البغدادي، المقرئ المعروف بخالوه، كان شيخا صالحا خيرا مقرئا، محدثا عالي السند بعيد الصيت.   1 انظر/ شذرات الذهب "4/ 10". غاية النهاية "2/ 375". 2 انظر/ شذرات الذهب "4/ 23". غاية النهاية "1/ 301". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 258 قرأ بالروايات على الحسن بن غالب، وعلي بن فارس الخياط، وسمع من محمد بن علي بن شبابة الدينوري، وأبي الطيب الطبري، وأبي الحسن الماوردي، وأبي محمد الجوهري. قرأ عليه أبو الكرم الشهرزوري، وعبد الوهاب بن محمد الصابوني، وجماعة، وخرج له الحميدي، وخرج هو لنفسه، حدث عنه السلفي، وأبو طالب بن خضير، وخطيب الموصل، وعبد المنعم بن كليب، وخلق. قال ابن ناصر: شيخ صالح ضعيف، لا يحتج به، لم يكن له معرفة بالحديث. وقال السلفي: كان ثقة زاهدا. وقال غيره: ولد سنة عشرين وأربعمائة، ومات في جمادى الآخرة سنة سبع وخمسمائة1. 4- محمد بن عبد الواحد أبو غالب الشيباني القزاز المقرئ، من كبار القراء ببغداد. قرأ على أبي علي الشرمقاني، وأبي الفتح بن شيطا، والعطار، وعلي بن محمد الخياط، وسمع من أبي إسحاق البرمكي، وأبي محمد الجوهري، وجماعة. وكان ثقة عالما جليلا، نسخ الكثير وأسمع ولده أبا منصور تاريخ الخطيب منه، روى عنه يحيى بن موهوب بن السدنك، وسعد الله الدقاق، وحفيده نصر الله القزاز. توفي في رابع شوال سنة ثمان وخمسمائة، وكان مولده في سنة ثلاثين وأربعمائة2. 5- المبارك بن الحسين أبو الخير البغدادي الغسال، المقرئ الشافعي الأديب. قرأ على أبي القاسم الغوري وأبي علي غلام الهراس، وأبي بكر محمد بن علي الخياط، والحسن بن غالب وطائفة، وعني بالقراءات عناية كلية وتقدم فيها. وطال عمره وعلا سنده، وقصده الطلبة لحذقه، وبصره بالفن، وقد حدث عن أبي محمد الخلال، والقاضي أبي يعلي، وابن المسلمة. روى عنه أبو طالب محمد بن محمد السنحي، وعلي بن أحمد المحمودي وسعد الله بن محمد، وعبد المنعم بن كليب، توفي في جمادى الأولى سنة عشرة وخمسمائة3.   1 انظر/ شذرات الذهب "4/ 16". غاية النهاية "1/ 84". 2 انظر/ غاية النهاية "2/ 192, 193". 3 انظر/ شذرات الذهب "4/ 27". غاية النهاية "2/ 40". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 259 6- خلف بن إبراهيم بن خلف بن سعيد، العلامة أبو القاسم بن النحاس، القرطبي الحصار المقرئ، خطيب قرطبة. رحل وحج وقرأ القراءات بمكة، على أبي معشر عبد الكريم الطبري وبمصر على نصر بن عبد العزيز الشيرازي. وروى عن أبي القاسم بن عبد الوهاب المقرئ، ومحمد بن عابد، وحاتم بن محمد، وكريمة المروزية، وعدة، وطال عمره وبعد صيته. وكان مدار الإقراء عليه بقرطبة، قرأ عليه أبو عبد المنعم يحيى بن الخلوف الغرناطي، ويحيى بن سعدون القرطبي، وجماعة. قال ابن بشكوال: كان ثقة صدوقا بليغ الموعظة فصيح اللسان، حسن البيان جميل المنظر والملبس، فكه المجلس، سمعت خطبه في الأعياد والجمع. ولد سنة سبع وعشرين وأربعمائة، ومات في صفر سنة إحدى عشرة وخمسمائة -رحمه الله1. 7- أبو ياسر محمد بن علي الحمامي البغدادي المقرئ، أحد الحذاق. قرأ القراءات الكثيرة على أبي علي غلام الهراس، وأبي بكر بن موسى الخياط، وجماعة، وسمع من أبي جعفر بن المسلمة، وجماعة، وكتب الكثير بخطه، وعني بالقراءات، وصنف كتاب الإيجاز، في القراءات. قرأ عليه به أبو بكر المزرفي. قال ابن الجميزي: قرأت بهذا الكتاب على شيخنا ابن أبي عصرون، وقرأ به على المزرفي. توفي في المحرم سنة تسع وثمانين وأربعمائة، وممن قرأ عليه أبو نصر أحمد بن محمد بن بغراج2. 8- محمد بن أبي بكر عتيق بن محمد بن أبي نصر، العلامة أبو عبد الله التميمي القيرواني، المقرئ المتكلم الأشعري، ويعرف بابن أبي كدية. أخذ علم الكلام بالقيروان، عن صاحب ابن الباقلاني، أبي عبد الله الحسين بن حاتم الأزدي الأصولي.   1 انظر/ غاية النهاية "1/ 271". 2 انظر/ غاية النهاية "2/ 214". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 260 وقرأ القراءات بمصر، على أبي العباس بن نفيس، وسمع من أبي عبد الله القضاعي، وأبي عمر بن عبد البر وجماعة، وقدم دمشق، فأخذ عنه الأصول أبو الفتح نصر الله المصيصي. وأقرأ علم الكلام والقراءات بالنظامية ببغداد زمانا، وسمع بها من أصحاب المخلص، قرأ عليه أبو الكرم الشهرزوري، وحدث عنه أبو الحسين عبد الحق اليوسفي. قال ابن عقيل: ذاكرته فرأيته مملوءا علما وحفظا. وقال السلفي: كان مشارا إليه في علم الكلام، قال لي: أنا أدرس علم الكلام من سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة. وكان مقدما على نظرائه مبجلا عند من ينتحل مذهبه، مجانبا عند مخالفته، جرت بينه وبين الحنابلة فتن، وأوذي غاية الإيذاء. أنشدني من شعر صديقه الحسن بن رشيق، قلت: توفي ببغداد في ذي الحجة سنة اثنتي عشرة وخمسمائة، وقد فاق التسعين1. 9- علي بن عقيل العلامة أبو الوفاء البغدادي، الظفري الحنبلي المقرئ، الأصولي. شيخ الحنابلة، وصاحب كتاب الفنون، الذي بلغ أربعمائة وسبعين مجلدا، ولد سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة، وقرأ القراءات على أبي الفتح بن شيطا. وسمع من أبي محمد الجوهري وطائفة، وتفقه على القاضي أبي يعلى، وأخذ علم الكلام عن أبي علي بن الوليد، وأبي القاسم بن التبان، صاحبي أبي الحسين البصري، شيخ المعتزلة، ومن ثم حصل فيه شائبة تجهم واعتزال، وانحراف عن السنة. وكان إماما مبرزا، متبحرا في العلوم يتوقد ذكاء، وكان أنظر أهل زمانه. قال السلفي: ما رأيت عيناي مثله، ما كان أحد يقدر أن يتكلم معه لغزارة علمه، وبلاغته وحسن إيراده، وقوة حجته. قلت: توفي في جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة وخمسمائة، وقد سقت جملة من أخباره في تاريخي الكبير2. 10- الحسن بن خلف بن عبد الله بن بليمه، الأستاذ أبو علي القيرواني، المقرئ نزيل الإسكندرية، ومصنف كتاب تلخيص العبارات في القراءات.   1 انظر/ غاية النهاية "2/ 195, 196". 2 انظر/ شذرات الذهب "3514", غاية النهاية "1/ 556". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 261 ولد سنة سبع أو ثمان وعشرين وأربعمائة، وعني بالقراءات، وتقدم فيها، فقرأ بالقيروان، على أبي بكر القصري، والحسن بن علي الجلولي وأبي العالية البندوني، وعثمان بن بلال، وعبد الملك بن داود القسطلاني, وقرأ بمصر على محمد بن أحمد بن علي القزويني، وأحمد بن نفيس، وعبد الباقي بن فارس. وتصدر للإقراء مدة. قرأ عليه أبو العباس أحمد بن الحطيئة، وعبد الرحمن بن خلف الله بن عطية، وأبو الحسن بن عظيمة، واسمه محمد بن عبد الرحمن الإشبيلي المقرئ، ويحيى بن سعدون وجماعة. توفي بالإسكندرية، في ثالث عشر من رجب سنة أربع عشرة وخمسمائة1. 11- عبد العزيز بن عبد الملك بن شفيع الأستاذ أبو الحسن الأندلسي، المري المقرئ. أخذ القراءات عن أبي محمد عبد الله بن سهل، وتلمذ له؛ وروى عن أبي محمد بن عبد البر، وخلف بن إبراهيم الطليطلي، وأبي تمام القطيني. وأقرأ الناس بجامع المرية، فقرأ عليه أبو عبد الله محمد بن الحسن بن غلام الفرس وغيره، ومحمد بن عبد الله بن الأشقر الداني، مقرئ سبتة. قال ابن بشكوال: كان شيخا صالحا مجودا حسن الصوت بالقرآن, سمعت صاحبنا أبا عبد الله القطان، يثني عليه ويصحح سماعه من أبي عبد البر, وقد أخذ عنه بعض أصحابنا، وتكلم بعضهم فيه، فأنكر سماعه من ابن عبد البر. ولد قبل الثلاثين وأربعمائة، وتوفي بالمرية، سنة أربع عشرة في شعبان وطرقه في إجازات الشاطبي من ابن أبي العاص النفزي2. 12- الحسن بن أحمد بن الحسن أبو علي الحداد؛ شيخ أصبهان، ومقرئها في عصره، وأسند من بقي بها، بل وبالدنيا. ولد سنة تسع عشرة وأربعمائة وأول سماعه للحديث في سن أربع وعشرين وأربعمائة، فسمع الكثير من أبي نعيم الحافظ، وأبي الحسين بن فاذ شاه. وأبي سعد عبد الرحمن بن أحمد الصفار، وأبي بكر محمد بن علي بن مصعب، وطائفة كثيرة، وخرج لنفسه معجما سمعناه.   1 انظر/ شذرات الذهب "4/ 41", غاية النهاية "1/ 211". 2 انظر/ شذرات الذهب "1614", غاية النهاية "1/ 394". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 262 وقرأ القراءات على جماعة، منهم أبو القاسم عبد الله بن محمد العطار وأبو الفضل عبد الرحمن بن أحمد بن بندار العجلي الرازي، قرأ عليه أبو العلاء الهمداني العطار، وجماعة. وحدث عنه السلفي، وأبو موسى المديني، وخطيب الموصل، ويحيى الثقفي؛ ومسعود الجمال، وخليل الداراني، ومحمد بن إسماعيل الطرسوسي. وأبو المكارم اللبان، ومحمد بن أبي زيد الكراني، قال أبو سعد السمعاني: كان ثقة عالما صدوقا، من أهل العلم والقرآن والدين والصلاح. سمع مسند الإمام أحمد، والموطأ، ومسند الحارث، ومسند الطيالسي ومسند الكحي من أبي نعيم، وسمع منه الحلية، والمستخرجين على الصحيحين، وأشياء كثيرة. توفي في ذي الحجة سنة خمس عشرة وخمسمائة، عن سبع وتسعين سنة -رحمه الله1. 13- عبد الرحمن بن أبي بكر عتيق بن خلف، العلامة الأستاذ أبو القاسم، الفحام الصقلي المقرئ صاحب كتاب التجريد. قرأ القراءات على أبي العباس أحمد بن سعيد بن أحمد بن نفيس وأبي الحسين نصر بن عبد العزيز الفارسي، وعبد الباقي بن فارس، وأبي إسحاق إبراهيم بن إسماعيل المالكي، وانتهت إليه رياسة الإقراء بالإسكندرية، علوا ومعرفة. قرأ عليه أبو العباسي بن الحطيئة، وأبو طاهر السلفي، ويحيى بن سعدون شيخ الموصل، وعبد الرحمن بن خلف الله بن عطية، شيخ الصفراوي، والهمداني، وأعلى ما تلوت كتاب الله تعالى من طريقه. توفي في ذي القعدة سنة ست عشرة وخمسمائة، وقد جاوز التسعين ونيف عليه، وكان يتردد في مولده، هل هو في سنة اثنتين وعشرين وأربعمائة، أو في سنة خمس وعشرين. وثقة السلفي، وعلي بن المفضل، وقد قرأ العربية على ابن باب شاذ، وشرح مقدمته، قال سليمان بن عبد العزيز الأندلسي: ما رأيت أحدا أعلم بالقراءات منه، لا بالمشرق ولا بالمغرب -رحمه الله2.   1 انظر/ شذرات الذهب "4/ 47", غاية النهاية "1/ 206". 2 انظر/ شذرات الذهب "4914", غاية النهاية "1/ 374, 375". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 263 14- محمد بن الحسين بن بندار الأستاذ، أبو العز الواسطي القلانسي مقرئ العراق، وصاحب التصانيف. قرأ بالروايات المشهورة والشاذة على أبي علي غلام الهراس وغيره، وأخذ أيضا عن أبي القاسم الهذلي، ورحل إلى بغداد، سنة إحدى وستين، وأربعمائة. وسمع من أبي جعفر بن المسلمة، وأبي الغنائم بن المأمون وأبي الحسين بن المهتدي بالله، وذهب إلى قرية أوانا، فقرأ بها ختمة لعاصم على أبي الفوارس محمد بن العباس الأواني. آخر من قرأ على الكتاني، وتصدر للإقراء دهرا، ورحل إليه من الأقطار، قرأ عليه أبو محمد سبط الخياط، وأبو الفتح المبارك بن زريق الحداد، وعلي بن عساكر البطائحي, وعلي بن المظفر الخطيب، وأبو بكر عبد الله بن منصور بن الباقلاني، وسعد الله بن محمد وآخرون، وكان بصيرا بالقراءات وعللها، وغوامضها, عارفا بطرقها عالي الإسناد. قال أبو سعد السمعاني: سمعت عبد الوهاب الأنماطي، ينسب أبا العز القلانسي إلى الرفض، وأساء الثناء عليه. قال أبو سعد: ثم وجدت لأبي العز أبياتا في فضيلة الجماعة، فأنشدنا سعد الله بن محمد المقرئ، أنشدني أبو العز القلانسي لنفسه: إن من لم يفضل الصديقا ... لم يكن لي حتى الممات صديقا والذي لا يقول قولي في الفارو ... ق أنوى لشخصه تفريقا ولنار الجحيم باغض عثما ... ن ويهوى منها مكانا سحيقا من يوالي عندي عليا وعادا ... هم طرا عددته زنديقا قال الحافظ بن ناصر: ألحق أبو العز سماعه في جزء من كتاب هاءات الكناية، لعبد الواحد بن أبي هاشم من أبي علي بن البناء، بعد أن لم يكن سماعه فيه، قلت: بعض الناس يترخص في مثل هذا، إذا تيقن سماعه للجزء من ذلك الرجل. وقال أبو سعد: سمعت المبارك بن غالب المفيد يقول: قرأ ابن ميمون حين كان يسمع معنا وهو صبي، على أبي العز القلانسي. وما كان يحسن أن يقرأ، فكتب له في الإجازة، قرأ علي فلان وجود، فقلنا له: كيف جود القراءة؟ قال: جود الذهب. وقال ابن النجار في تاريخه: سمعت أبا العباس أحمد بن البندنيجي يقول: سألت شيخنا أبا جعفر أحمد بن أحمد بن القاص، هل قرأت على أبي العز القلانسي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 264 قال: لما قدم بغداد، أردت أن أقرأ عليه، فطلب مني ذهبا، فقلت له: والله إني قادر على ما طلبت مني، ولكن لا أعطيك على القرآن أجرا، ولم أقرأ عليه. قال السلفي: سألت خميسا الحوزي، عن أبي العز؛ فقال: هو أحد الأئمة الأعيان، في علوم القرآن، برع في القراءات وسمع من جماعة، وهو حسن العقل، ذو فهم فيما يقوله. وقال أبو الفرج بن الجوزي، ولد سنة خمس وثلاثين وأربعمائة، وتوفي في شوال سنة إحدى وعشرين وخمسمائة بواسط -رحمه الله1. 15- علي بن علي بن جعفر بن شيران، الشيخ أبو القاسم الواسطي المقرئ. قرأ بالروايات على أبي علي غلام الهراس، وكان ضريرا عارفا بالقراءات مجودا، حدث عن الحسن بن أحمد الغندجاني وغيره. قرأ عليه أبو الفتح نصر الله بن الكيال، وأبو بكر عبد الله بن الباقلاني وغيرهما، وحدث عنه علي بن أحمد اليزدي. قال ابن السمعاني: سمعت سعد الله بن محمد الدقاق يقول: كان ابن شيران يميل إلى الاعتزال، قلت: وقد حدث ببغداد، بعد الخمسمائة، وبقي إلى بعد العشرين وخمسمائة2. 16- الحسين بن محمد بن عبد الوهاب بن أحمد بن محمد بن حسين بن عبد الله بن الوزير القاسم بن عبيد الله بن سليمان البكري. أبو عبد الله البغدادي الدباس، المقرئ الأديب الشاعر الملقب بالبارع, له مصنفات وديوان شعر، وشعره في الذروة، وله كتاب الشمس المنيرة في التسعة الشهيرة، قرأ القراءات على أبي بكر محمد بن علي بن موسى الخياط، وأبي علي بن البناء وجماعة. قرأ عليه القراءات أبو جعفر عبد الله بن أحمد الواسطي الضرير، وعلي بن المرحب البطائحي وأبو العلاء الهمذاني العطار, وأبو الفتح نصر الله بن علي بن الكيال، ويوسف بن يعقوب الحربي، وعوض المراتبي، وقد روى عن الحسن بن غالب المقرئ، وأبي جعفر بن المسلمة. وأخذ الأدب واللغة عن جماعة.   1 انظر/ شذرات الذهب "4/ 64", غاية النهاية "2/ 128". 2 انظر/ غاية النهاية "1/ 557". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 265 روى عنه ابن عساكر وابن الجوزي، وأبو بكر بن الباقلاني البصري المقرئ، وأبو الفتح بن المندائي، وإبراهيم بن حمدية وغيرهم، وهو أخو أبي الكرم بن فاخر النحوي المشهور لأمه. ذكره العماد الكاتب، فقال: من أهل السؤذد، كريم المحتد نحوي زمانه، عديم النظير في أوانه وسئل ابن عساكر عنه، فقال: ما كان به بأس، وللبارع: ذكر الأحباب والوطنا ... والصبى1 والأهل والسكنا فبكى شجوا2 وحق له ... مدنف بالشوق3 حلف ضنا4 من لمشتاق تميله ... ذات شجع ميلت فننا5 لك يا ورقاء أسوة من ... لم تذيض طرفة الوسنا6 أين قلبي ما صنعت به ... ما رأى صدري له سكنا كان يوم النفر7 وهو معي ... فأبى أن يصحب البدنا ولد سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة، ومات في جمادى الآخرة، سنة أربع وعشرين وخمسمائة8. 17- عبد الرحمن بن سعيد بن هارون أبو المطرف بن الوراق الفهمي السرقسطي. أحد الحذاق بالقراءات، أخذ عن أبي عبد الله المغامي، والحسن بن مبشر، وأبي داود، وسمع من أبي الوليد الباجي وغيره، وأقرأ الناس بجامع قرطبة، وأم به. وكان ثقة محققا، قرأ عليه أبو محمد عبد الله بن سعدون الوشقي، وأبو مروان عبد الملك بن الصيقل، وعلي بن أبي العيش9. وأحمد بن الحسن بن هبة الله أبو الفضل البغدادي الإسكاف بن العالمة المقرئ.   1 الصبى: الشوق. 2 شجوا: حدنا. 3 مدنف بالشوق: مريض به. 4 حلف ضنا: أي: ملازم للمرض والهزال. 5 فننا: غصنا والجمع: أفنان. 6 الوسنا: النعاس. 7 يوم النفر: اليوم الذي ينفر الناس من منى وهو بعد يوم القر ويقال له أيضا يوم "النفر" ويوم "النفير" ويوم "النفور" "انظر مختار الصحاح ص672". 8 انظر/ شذرات الذهب "4/ 69", غاية النهاية "1/ 251". 9 انظر/ غاية النهاية "1/ 369". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 266 قرأ القراءات على عبد السيد بن عتاب، وأبي الوفاء بن القواس وتلقن على أبي منصور الخياط، وسمع من أبي الحسين بن النقور وابن هزار مرد الصريفيني وأقرأ القراءات مدة. روى عنه ابن الجوزي وغيره، وكان إماما مقرئا مجودا فقيرا صالحا، متعففا، توفي سنة ثلاثين وخمسمائة عن إحدى وسبعين سنة -رحمه الله1. 18- شعيب بن عيسى بن علي بن جابر الأستاذ، أبو محمد الأشجعي الأندلسي البابري. نزيل إشبيلية ومقرئها أخذ القراءات عن خاله خلف بن شعيب، صاحب مكي، وعن أبي بكر محمد بن المفرج البطليوسي، وأبي بكر عياش بن مخراش، وعبد الله بن طلحة، وأجاز له أبو الوليد الباجي وغيره. وكان بصيرا بعلل القراءات، غواصا على المعاني، عالي السند عارفا بالأدب، له مصنفات في القراءات. أخذ عنه أبو بكر بن خير، وهشام بن أبان، ونخبة بن يحيى، توفي بعد سنة ثلاثين وخمسمائة2. 19- عبد الكريم بن الحسن بن المحسن بن سوار، الأستاذ أبو علي المصري التككي المقرئ النحوي. قرأ بالروايات، على أبي الحسن علي بن محمد بن حميد الواعظ، صاحب مصنف الروضة، وسمع أبا إسحاق الحبال، وأبا الحسن الخلعي. وبرع في القراءات وعللها، والتفسير ووجوهه، والعربية وغوامضها، وكانت له حلقة إقراء بمصر، روى عنه أبو طاهر بن سلفة وغيره. توفي في ربيع الآخر سنة خمس وعشرين وخمسمائة، وله ثمان وستون سنة3. 20- عبد الجليل بن عبد العزيز بن محمد أبو الحسن الأموي، القرطبي المقرئ، أحد الحذاق. أخذ عن أبي داود وابن البياز، وعلي بن خلف العبسي، وطائفة، ورأس في القراءات، وعللها، وشارك في علم الحديث والعربية والآداب.   1 انظر/ غاية النهاية "1/ 369". 2 انظر/ غاية النهاية "1/ 328". 3 انظر/ غاية النهاية "1/ 400". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 267 وأقرأ بجامع قرطبة مدة، توفي في المحرم سنة ست وعشرين وخمسمائة1. 21- منصور بن الخير أبو علي المالقي المقرئ، أحد الأعلام. أخذ القراءات عن أبي عبد الله بن شريح، صاحب الكافي، وأبي معشر الطبري، صاحب التلخيص بمكة، وجالس أبا الوليد الباجي، وصنف كتبا في القراءات، وقصده الناس. قال ابن بشكوال: سمعت بعض شيوخنا يضعفه، ومات في شوال سنة ست وعشرين وخمسمائة بمالقة، قلت: قرأ عليه خلق، ومنهم محمد بن أبي العيش الطرطوشي، ومحمد بن عبيد الله بن العويص2. 22- علي بن أحمد بن كرز أبو الحسن الأنصاري، الغرناطي المقرئ. أخذ القراءات عن أبي القاسم عبد الوهاب بن محمد بن عبد الوهاب القرطبي، صاحب أبي علي الأهوازي، وحمل أيضا عن غانم بن وليد وأبي عبد الله محمد بن عتاب، وعني بالروايات. وكان ثقة فاضلا، مات سنة إحدى عشرة وخمسمائة3. 23- أحمد بن محمد بن عبد العزيز بن بغراج الأستاذ، أبو نصر الحريمي الظاهري الدلال. قرأ القراءات على أبي الخطاب أحمد بن الصوفي، وأبي ياسر محمد بن علي الحمامي، وسمع من الحسن بن المقتدر، والقزويني والبرمكي، وابن المذهب. قرأ عليه يوسف بن إبراهيم الضرير، وروى عنه ابن ناصر وأبو طالب بن خضير، توفي في المحرم سنة ثمان وخمسمائة4. 24- أحمد بن خلف بن عيشون بن خيار، أبو العباس الجذامي الإشبيلي، المقرئ الأستاذ. أخذ القراءات، عن أبي عبد الله محمد بن شريح، وأبي الحسن العبسي، وأبي عبد الله السرقسطي، ومحمد بن يحيى العبدري.   1 انظر/ غاية النهاية "1/ 358". 2 انظر/ غاية النهاية "2/ 312". 3 انظر/ غاية النهاية "1/ 523". 4 انظر/ غاية النهاية "1/ 118". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 268 وتصدر للإقراء، في أيام أبي داود سليمان بن نجاح، وطال عمره، أخذ عنه أبو جعفر بن الباذش، وأبو بكر بن خير، وعبد العزيز السماني، ونجية بن يحيى وآخرون. وكان يلقب بالمجود لحسن أدائه، وله مصنف في الناسخ والمنسوخ، توفي في رجب سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة، عن سبع وستين سنة1. 25- محمد بن علي بن أحمد أبو عبد الله الأستاذ التجيبي، الغرناطي النوالشي، المقرئ. أحد الأئمة، أخذ القراءات وجودها على أبي داود، وأبي الحسين بن البياز، وابن الدوش، وأبي الحسن العبسي، وخازم بن محمد القرطبي. قال الأبار في تاريخه: تصدر النوالشي للإقراء، وبعد صيته، لإتقانه وصلاحه. وأخذ الناس عنه. وجدت سماع عبد المنعم بن الخلوف الغرناطي منه على كتاب الرعاية لمكي، في عام اثنتين وثلاثين وخمسمائة. ومن تلامذته ابن الخلوف، وابن عروس، وعبد الوهاب بن غياث وغيرهم2. 26- محمد بن الحسين بن علي أبو بكر المزرفي، ومزرفة قرية بين بغداد، وعكبرا، المقرئ الفرضي، المعروف أيضا بالحاجي. ولد سنة تسع وثلاثين وأربعمائة ببغداد، وقرأ القراءات وجودها، جماعة من أصحاب الحمامي، وسمع من ابن المسلمة، وعبد الصمد بن المأمون، والصريفيني وطائفة، روى عنه ابن عساكر. وأبو سعد بن أبي عصرون، وأبو موسى المديني، وأبو الفرج بن الجوزي. وكان من ثقات العلماء، مات ساجدا في أول سنة سبع وعشرين وخمسمائة، قرأ عليه يوسف بن يعقوب الحربي، وعلي بن عساكر البطائحي وعوض المراتبي3. 27- هبة الله بن أحمد بن عمر الشيخ، أبو القاسم بن الطبر البغدادي الحريري، المقرئ خال الحافظ عبد الوهاب الأنماطي.   1 انظر/ غاية النهاية "1/ 52". 2 انظر/ غاية النهاية "2/ 200". 3 انظر/ شذرات الذهب "4/ 81", غاية النهاية "2/ 131". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 269 ولد سنة خمس وثلاثين وأربعمائة، قرأ بالروايات على أبي بكر محمد بن علي الخياط، وغيره، وسمع من أبي إسحاق البرمكي, وأبي طالب العشاري، ومحمد بن عبد الواحد بن زوج الحرة، وغيرهم. قرأ عليه العلامة أبو اليمن الكندي، بست روايات، فكان آخر من قرأ في الدنيا عليه، بل وآخر من روى عنه الحديث. وممن قرأ عليه، أبو المجد محمود بن نصر الشعار. وحدث عنه أبو القاسم بن عساكر، وأبو موسى المديني، والحسن بن عبد الرحمن الفارسي، وعبد الله بن الطويلة، وأبو الفتح المندائي، وعمر بن طبرزد قال أبو الفرج بن الجوزي: كان صحيح السماع، قوي التدين، ثبتا كثير الفكر، دائم التلاوة. وهو آخر من روى عن ابن زوج الحرة، سمعت عليه الكثير، وقرأت عليه، وكنت أجيء إليه في الحر فيقول: تصعد إلى سطح المسجد، فيسبقني في الدرج، ومتع بسمعة وبصره، وجوارحه إلى أن توفي في جمادى الآخرة سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة، وقال أبو موسى المديني: كان قد عمي ثم عاد بصيرا قلت: عاش ستا وتسعين سنة1. 28- محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الجبار بن توبة، أبو الحسن الأسدي العكبري المقرئ. ولد سنة خمس وخمسين وأربعمائة، وقرأ بالروايات على أصحاب الحمامي، وكان حسن التلاوة، له سمت ووقار، تفقه على أبي إسحاق الشيرازي. وسمع كتاب السبعة لابن مجاهد، على أبي محمد الصريفيني، وسمع من أبي جعفر بن المسلمة، وأبي بكر الخطيب وجماعة. قال ابن السمعاني: شيخ صالح خير، قرأ بالروايات، وكان حسن الأخذ وكنت أقدم السماع عليه على غيره، قلت: روى عنه الحافظ ابن عساكر، وأبو اليمن الكندي وجماعة. وسمعت سبعة ابن مجاهد من طريقه، توفي في صفر سنة خمس وثلاثين وخمسمائة2.   1 انظر/ شذرات الذهب "4/ 97", غاية النهاية "2/ 349, 350". 2 انظر/ شذرات الذهب "4/ 107", غاية النهاية "2/ 84". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 270 29- الحسن بن عبد الله بن عمر بن العرجاء، الإمام أبو علي بن المقرئ، أبي محمد. قرأ بمكة على والده، وعلى أبي معشر الطبري، وطال عمره، وقصده القراء لعلو سنده، قرأ عليه محمد بن أحمد بن معط الأوريولي، وأبو الحسن بن كوثر المحاربي. وأبو القاسم محمد بن وضاح، خطيب سقر، وآخرون، وكان أبوه قد أدرك عند مجيئه من الغرب الشيخ أبا العباس بن نفيس، وأخذ عنه وعن عبد الباقي بن فارس. وبقي إلى حدود سنة خمسمائة بمكة، وبقي أبو علي هذا إلى حدود الأربعين وخمسمائة. وقد رحل إليه أبو عبد الله بن غلام الفرس، بابنه إبراهيم، وقرأ عليه بالروايات الكثيرة1. 30- هبة الله بن أحمد بن عبد الله بن علي بن طاوس البغدادي، ثم الدمشقي الأستاذ أبو محمد إمام جامع دمشق. قرأ الراويات، وأتقنها على والده، أبي البركات، وسمع الكثير من أبي القاسم بن أبي العلاء وجماعة، وخرج إلى العراق مع أبيه في رسالة السلطان تاج الدولة تتش إلى السلطان ملكشاه. فسمع من البانياسي، وعاصم ورزق الله، وبأصبهان من أبي منصور محمد بن شكرويه، وسليمان الحافظ، وطائفة. وأدب مدة في مسجد سوق الأحد، ثم تركه لما ولي إمامة الجامع، وتصدر للإقراء، وختم عليه خلق، وكان ثقة محققا حسن السيرة، يفهم الحديث، ولد في صفر، سنة إحدى وستين وأربعمائة. ومات في المحرم، سنة ست وثلاثين وخمسمائة، روى عنه الحافظان ابن عساكر والسلفي، وأبو القاسم بن الحرستاني، وأبو المحاسن بن أبي لقمة وأخرون2. 31- محمد بن عبد الله بن أحمد الشريف، أبو الفضل بن المهتدي بالله، الهاشمي العباسي البغدادي الخطيب المقرئ. قرأ بخمس روايات، على أبي الخطاب أحمد بن علي الصوفي، صاحب الحمامي،   1 انظر/ غاية النهاية "1/ 217". 2 انظر/ شذرات الذهب "4/ 114", غاية النهاية "2/ 349". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 271 وحدث عن أبي الحسين بن النقور، وجده لأمه طاهر بن الحسين القواس، وأبي القاسم بن البسري وجماعة. وكان خطيب جامع القصر، ثقة صالحا خيرا، سدد الصوم نيفا وخمسين سنة. قرأ عليه القراءات التاج الكندي وغيره، وحدث عنه أبو حفص بن طبرزد، توفي في جمادى الأولى، سنة سبع وثلاثين وخمسمائة1. 32- عتيق بن أسد بن عبد الرحمن بن أسد، أبو بكر الأنصاري، الأندلسي المرسي. أخذ القراءات عن أبي الحسين بن البياز، وأكثر من السماع عن أبي علي بن سكرة، وتفقه بأبي محمد بن جعفر، وبرع في مذهب مالك. وولي قضاء شاطبة، ودانية، وتفنن في العلوم، روى عنه أبو بكر مفوز بن طاهر، وأبو محمد بن سفيان، وغير واحد، توفي في جمادى الآخرة سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة2. 33- محمد بن الخضر بن إبراهيم المحولي، أبو بكر الخطيب، المقرئ الأستاذ. أحد من يضرب به المثل في التجويد والإقراء، قرأ على رزق الله التميمي، وأبي طاهر بن سوار، وأحمد بن الفتح الموصلي، وغيرهم. وكان أحذق أصحاب ابن سوار، فإنه لزمه خمس عشرة سنة، قرأ عليه القراءات أبو اليمن الكندي وغيره، وولي خطابة المحول. وكان من أحسن الناس خطابة، مع الخشوع وحضور القلب، مات في ذي القعدة سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة3. 34- أحمد بن محمد بن سعيد بن حرب، الأستاذ أبو العباس المسيلي، المقرئ. أخذ القراءات عن أبي داود سليمان بن نجاح، وخازم بن محمد، وأبي الحسن العبسي، وكان من أهل الحذق والتجويد. صنف كتاب التقريب في القراءات السبع، وتصدر للإقراء بإشبيلية أخذ عنه نجية بن   1 انظر/ غاية النهاية "2/ 176". 2 انظر/ غاية النهاية "1/ 499, 500". 3 انظر/ غاية النهاية "2/ 137". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 272 يحيى وابن خير، وبقي إلى حدود الأربعين وخمسمائة1. 35- شريح بن محمد بن شريح بن أحمد، الإمام أبو الحسن الرعيني الإشبيلي، المقرئ الأستاذ. ولد صاحب كتاب الكافي، روى الكثير عن أبيه وقرأ عليه القراءات وروى عن أبي عبد الله بن منظور، وعلي بن محمد الباجي، وأبي محمد بن خزرج. وأجاز له أبو محمد بن حزم صاحب التصانيف. قال ابن بشكوال: كان من جلة المقرئين، معدودا في الأدباء والمحدثين، خطيبا بليغا، حافظا محسنا، مليح الخط واسع الخلق. ولي خطابة إشبيلية، وقضاءها، ثم صرف من القضاء، ازدحم عليه الخلق ورحلوا إليه، لقيته سنة ست عشرة وخمسمائة، فأخذت عنه وقال لي: ولدت سنة إحدى وخمسين وأربعمائة. قرأ عليه عدد كثير، وسمعوا منه، قلت: فمن أصحابه محمد بن عبد الله بن الغاسل، ومحمد بن يوسف بن مفرج، ومحمد بن حسنون الكتامي وأحمد بن محمد بن مقلد الرعيني، وهؤلاء ممن قرأ عليه بالروايات. وحدث عنه محمد بن خلف بن صاف، ومحمد بن جعفر بن حميد بن مأمون، وأبو بكر محمد بن الجد الحافظ، وخلق، آخرهم موتا عبد الرحمن بن علي الزهري، بقي إلى سنة ثلاث عشرة وستمائة. وآخر من روى عنه في الدنيا بالإجازة، القاضي أبو القاسم بن تقي الدين. توفي سنة خمس وعشرين وستمائة، وقيل توفي أبو الحسن شريح سنة تسع وثلاثين وخمسمائة2. 36- عبد الله بن سعدون بن مجيب أبو محمد التميمي والوشقي، المقرئ الضرير، نزيل بلنسية 3. أخذ القراءات على أبي مطرف بن الوراق، وعبد الوهاب بن حكم وخلف بن أفلح، وأبي داود وابن الدوش، وتصدر للإقراء زمانا.   1 انظر/ غاية النهاية "1/ 155". 2 انظر شذرات الذهب "3/ 354", غاية النهاية "1/ 324, 325". 3 بلد شرقي الأندلس محفوف بالأنعماء والجنان لا ترى إلا مياها تدفع ولا تسمع إلى أطيارا تسجع. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 273 وكان محققا مجودا بصيرا بالفن، محققا للعربية، أخذ عنه أبو الربيع بن حوط الله، وأبو العطاء بن نذير، وأبو الوليد الأزدي، قال الأبار: مات قبل الأربعين وخمسمائة1. 37- علي بن عبد الله بن ثابت أبو الحسن الأنصاري، الخزرجي العبادي، المقرئ المجود. قرأ القراءات على أبي الحسن بن كرز، وأبي داود، وأبي الحسن بن الدوش، وأبي الحسين بن أبي زيد، وعني بالفن أتم عناية. وحج فسمع من أبي مكتوم عيسى بن أبي ذر، وفاته تسع ورقات من صحيح البخاري، وسمع الحسين بن علي الطبري، وولي خطابة غرناطة2. وكان موصوفا بالحذق والإتقان، والفضل والصلاح، أخذ عنه أبو بكر بن رزق، وأبو عبد الله بن حميد، وعبد الصمد بن يعيش، وأبو جعفر بن حكم. توفي بغرناطة، في ذي الحجة سنة تسع وثلاثين وخمسمائة3. 38- محمد بن عبد الملك بن الحسن بن خيرون، الأستاذ أبو منصور البغدادي، المقرئ الدباس. مصنف كتاب المفتاح في القراءات، أجاز له أبو محمد الجوهري، وهو آخر من روى في الدنيا عنه، وسمع من أبي جعفر بن المسلمة، وأبي بكر الخطيب، وعبد الصمد بن المأمون، وجماعة، فأكثر. وقرأ القراءات، على عبد السيد بن عتاب، وعلى جده لأمه أبي البركات عبد الملك بن أحمد، وأبي الفضل بن خيرون، وهو عمه، قرأ عليه بكتابه المفتاح، أبو اليمن الكندي، ويحيى بن الحسين الأواني، وأبو محمد الحسن بن عبيدة. وكان ثقة صالحا، رأسا في القراءات مليح النسخ، ملازما للإقراء روى عنه الحافظ ابن عساكر، والسمعاني، وأبو موسى المديني، وابن الجوزي، وعلي بن محمد الموصلي، وعمر بن طبرزد، والكندي. وآخر من روى عنه بالإجازة، أبو منصور محمد بن عفيجة، توفي في رجب سنة تسع وثلاثين وخمسمائة، عن بضع وثمانين سنة4.   1 انظر/ غاية النهاية "1/ 420". 2 بلد بالأندلس، والصواب فيها أغرناطة ومعناها الدقانة بالأندلسية. 3 انظر/ غاية النهاية "1/ 552, 553". 4 انظر/ شذرات الذهب "4/ 125", غاية النهاية "2/ 192". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 274 39- أحمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن الحسين بن عاصم الثقفي، أبو العباس القصبي الأندلسي المقرئ. أخذ القراءات عن أبي عمران موسى بن سليمان، وسمع من أبي داود وابن الدوش، وأبي خالد يزيد مولى المعتصم بن صمادح، وأبي الحسين بن أبي زيد. وحج وتصدر للإقراء بالمرية، أخذ عنه أبو بكر بن رزق، وأبو القاسم بن حبيش، وأبو يحيى اليسع بن حزم، وغيرهم، قال الأبار: توفي في حدود سنة أربعين وخمسمائة1. 40- عبد الله بن علي بن أحمد الأستاذ البارع، أبو محمد البغدادي المقرئ النحوي، سبط أبي منصور الخياط. ولد سنة أربع وستين وأربعمائة، وسمع من الحسين بن النقور وأبي منصور محمد بن محمد بن أحمد العكبري، وطراد الزينبي، وطائفة. وقرأ القراءات على الشريف عبد القاهر العباسي، وأبي طاهر بن سوار وثابت بن بندار، وأبي الخطاب بن الجراح، وأبي البركات محمد بن الوكيل. ويحيى بن أحمد السيبي صاحب الحمامي، وابن بدران الحلواني وجده الزاهد أبي منصور، محمد بن أحمد المقرئ، وأبي الحسن بن الفاعوس، وأبي الغنايم محمد بن علي الترسي، وأبي العز القلانسي. وقرأ العربية على أبي الكرم بن فاخر، وأقرأ الناس بمسجد ابن جرده، وأم به دهرا، وكان رئيس المقرئين في عصره، ختم عليه خلق كثير. وعرض عليه جماعة، وكان إماما محققا واسع العلم، متين الديانة قليل المثل، وكان أطيب أهل زمانه صوتا بالقرآن، على كبر السن، صنف التصانيف المليحة في القراءات، مثل المبهج. وكتاب الكفاية، والقصيدة المنجدة في القراءات، وكتاب الروضة، وكتاب الإيجاز في السبعة، وكتاب المؤيدة للسبعة، وكتاب الموضحة في العشرة، وكتاب الاختيار، وكتاب التبصرة غير ذلك. وأخذ النحو عن أبي الكرم المبارك بن فاخر، قرأ عليه كتاب سيبويه، وتصانيف ابن جني.   1 انظر/ غاية النهاية "1/ 66". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 275 قرأ عليه بالروايات عبد الوهاب بن سكينة ومحمد بن يوسف الغزنوي. وعبد الواحد بن سلطان، وأبو الفتح نصر الله بن الكيال ومحمد بن محمد بن هارون بن الكمال الحلي، والمبارك بن المبارك الحداد، وصالح بن علي الصرصري وحمزة بن علي القبيطي، وزاهر بن رستم، وخلق كثير. آخرهم موتا التاج أبو اليمن الكندي. وحدث عنه هؤلاء، وإسماعيل بن إبراهيم بن فارس، وعبد العزيز بن منينا، وعبد الله بن المبارك بن سكينة، ومحمود بن الداريج، وآخرون. قال أبو سعد السمعاني: كان متواضعا مترددا حسن القراءة في المحراب سيما ليالي رمضان، كان يحضر عنده الناس لاستماع قراءته، له تصانيف في القراءات، خولف في بعضها، وشنعوا عليه. وسمعت أنه رجع إلى ذلك، والله يغفر لنا وله, كتبت عنه وعلقت عنه من شعره، قال أحمد بن صالح الجيلي: سار ذكر سبط الخياط في الأغوار والأنجاد، ورأس، أصحاب الإمام أحمد. وصار أوحد وقته ونسيج وحده, لم أسمع في جميع عمري من يقرأ الفاتحة أحسن ولا أصح منه، وكان جمال العراق بأسره، وكان ظريفا كريما لم يخلف مثله في أكثر فنونه. قلت: وكان أيضا من كبار أئمة اللغة، قرأت كتاب المبهج بكماله، على أبي حفص عمر بن غدير القواس، عن الكندي إجازة، عن المؤلف سماعا وتلاوة، ومن شعره: أيها الزائرون بعد وفاتي ... جدثا ضمني ولحدا عميقا سترون الذي رأيت من المو ... ت عيانا وتسلكون الطريقا توفي سبط الخياط، في ربيع الآخر، سنة إحدى وأربعين وخمسمائة وصلى عليه الشيخ عبد القادر الجيلي. قال عبد الله بن جرير القرشي الناسخ: دفن عند جده أبي منصور، على دكة الإمام أحمد -رضي الله عنه، وكان الجمع يفوق الإحصاء، غلق أكثر البلد ذلك اليوم، وقال ابن الجوزي: ما رأيت جمعا أكثر من جمع جنازته -رحمه الله1. 41- نصر بن الحسين الإمام أبو القاسم بن الخبازة، البغدادي المقرئ الحنبلي. قرأ بالروايات على يحيى بن أحمد السيبي، صاحب الحمامي، وعلى الشريف عبد   1 انظر/ شذرات الذهب "4/ 128, 129". غاية النهاية "1/ 434, 435". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 276 القاهر العباسي، وسمع من طراد الزينبي وغيره، وتصدر للإقراء، حدث عنه معمر بن الفاخر، وأبو الفرج بن الجوزي، توفي سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة1. 42- جعفر بن يحيى بن غتال العلامة أبو الحكم الداني. أخذ القراءات عن أبي داود، وسمع منه ومن أبي علي بن سكرة. قال الأبار: كان أديبا شاعرا منشئا, له خطب مليحة، أقرأ الناس العربية، روى عنه أبو الحسن بن هذيل. وأبو عبد الله العكفاسي، وأبو محمد بن سفيان، توفي سنة تسع وثلاثين وخمسمائة، في السجن من جهة الدولة2. 43- عبد الله بن محمد بن يحيى بن فرج، أبو محمد العبدري الزهيري المدبي. أخذ القراءات عن أبي داود، وأقرأ بقلعة حماد زمانا، ثم نزل بجاية، وبها توفي سنة أربعين وخمسمائة3. 44- محمد بن علي بن سلامة بن صالح الإمام، أبو بكر الدارمي الآمدي المقرئ. أحد من عني بالقراءات، قرأ بالسبع على القاضي، سعيد بن أحمد الجزري في سنة ثلاث وتسعين وأربعمائة، وتصدر للإقراء. قرأ عليه بالموجز للأهوازي، أحمد بن أحمد القاص، شيخ عبد العزيز بن دلف4. 45- عمر بن ظفر أبو حفص المغازلي البغدادي، المقرئ المحدث، ولد في سنة إحدى وستين وأربعمائة، وسمع من علي بن البسري، ومالك البانياسي، وطراد الزينبي وطبقتهم. وقرأ بالسبع على أحمد بن أبي الأشعث السمرقندي، بطرق الموجز للأهوازي، قرأ عليه القراءات، يحيى بن أحمد الأواني وغيره، وحدث عنه ابن عساكر، وابن الجوزي، والتاج الكندي. وقد طلب الحديث بنفسه، ونسخ الكثير، وختم عليه في مسجده خلق كثير، وكان من أهل العلم والعمل، توفي في شعبان سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة5.   1 انظر/ غاية النهاية "2/ 335". 2 انظر/ غاية النهاية "1/ 199". 3 انظر/ غاية النهاية "1/ 455". 4 انظر/ غاية النهاية "2/ 203". 5 انظر/ شذرات الذهب "4/ 131", غاية النهاية "1/ 593". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 277 46- يحيى بن خلف بن نفيس أبو بكر المعروف بابن الخلوف، الغرناطي المقرئ، أحد الحذاق. ولد في أول سنة ست وستين وأربعمائة، وعني بالقراءات، حتى برع فيها، لقي من القراء أبا الحسن العبسي، وخازم بن محمد صاحب مكي. وأبا بكر محمد بن المفرج البطليوسي، وأبا القاسم بن النخاس وعياش بن خلف. ولقي ببغداد أبا طاهر بن سوار، وسمع من الفقيه نصر المقدسي، ومحمد بن الطلاع، وأبي علي الغساني، وأبي مروان بن سراج، وسمع صحيح مسلم بمكة من أبي عبد الله الطبري. وتصدر للإقراء بجامع غرناطة وطال عمره وشاع ذكره. وكان رأسا في القراءات، عارفا بالتفسير، كثير التفنن ذا جلالة ووقار, ذكره الأبار في تاريخه، وبالغ في وصفه. روى عنه أبو عبد الله النميري وابنه عبد المنعم بن يحيى شيخ ابن عيسى وأبو بكر بن رزق وأبو الحسن بن الضحاك وعبد المنعم بن محمد بن عبد الرحيم بن الفرس، ووالده أبو عبد الله. وأبو محمد بن عبيد الله الحجري، وأبو عبد الله بن عروس، توفي في آخر عام أحد وأربعين وخمسمائة1. 47- أحمد بن علي بن أحمد بن زرقون بن سحنون العلامة أبو العباس المرسي، المقرئ الفقيه المالكي. أخذ القراءات عن أبي داود، الدوش وابن الدوش وابن البياز، وبرع فيها وسمع من محمد بن الفرج الطلاعي، وأبي علي الغساني، وقرأ لورش على أبي الحسن بن الجزار، صاحب مكي بن أبي طالب. وتصدر للإقراء بمدينة الجزيرة الخضراء، وكان فقيها مشاورا، ومحدثا حافظا، ونحويا مفسرا، روى عنه أبو حفص بن عذره, وابن خير وأبو الحسن بن مؤمن، وجماعة توفي في ذي القعدة سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة وقد شاخ2.   1 انظر/ غاية النهاية "3/ 369, 370". 2 انظر/ غاية النهاية "1/ 83". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 278 48- دعوان بن علي بن حماد بن صدقة، الإمام أبو محمد الجبي، البغدادي الضرير المقرئ. ولد سنة ثلاث وستين وأربعمائة، بقرية جبة من سواد بغداد، وقدم فسمع من رزق الله التميمي، وجماعة، وقرأ القراءات على الشريف عبد القاهر المكي، وأبي طاهر بن سوار. وتفقه على أبي سعيد المخرمي الحنبلي، فأحكم الفقه وأعاد لشيخه، وكان ذكيا حافظا، متصوفا على طريقة السلف. قرأ عليه طائفة كبيرة. منهم منصور بن أحمد الحميلي، ومحمد بن محمد الحلي بن الكال، ومحمد بن خالد الأزجي، توفي دعوان في ذي القعدة سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة، قال عبد الله بن أبي الحسن الجبائي: رأيت دعوان بن علي في النوم، فقال: عرضت على الله تعالى خمسين مرة، وقال: أيش عملت؟ قلت: قرأت القرآن وأقرأته، فقال لي: أنا أتولاك أنا أتولاك1. 49- عبد الرحيم بن محمد بن الفرج أبو القاسم، الأنصاري الغرناطي، المقرئ المحقق، المعروف بابن الفرس. قرأ على جماعة، ثم أرتحل فقرأ بالروايات على أبي داود، وأبي الحسن بن الدش، وسمع من جماعة، وتفقه وأقرأ الناس دهرا بجامع المرية، ودرس وأفتى وارتحل القراء إليه لمعرفته وإتقانه. روى عنه ابنه أبو عبد الله محمد، وحفيده عبد المنعم، وأبو القاسم القنطري، وأبو العباس بن اليتيم، وأبو جعفر بن حكم، وأبو الحجاج الثغري، وجماعة، فلما وقعت الفتنة بغرناطة عند زوال دولة لمتونه، سنة تسع وثلاثين. نزح إلى مدينة المنكب، فأقرأ بها، إلى أن مات في شعبان، سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة، عاش سبعين سنة2. 50- سهل بن محمد بن أحمد بن الحسين بن طاهر الأستاذ أبو علي الأصبهاني الحاجي المقرئ، بقية القراء بأصبهان.   1 انظر/ شذرات الذهب "4/ 131", غاية النهاية "2801". 2 انظر/ غاية النهاية "1/ 383". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 279 سمع أبا القاسم يوسف بن علي الهذلي، مصنف الكامل، وإسماعيل بن مسعدة الإسماعيلي، ومحمد بن أحمد بن ماجه الأبهري، وجماعة. ولد بعد سنة خمسين وأربعمائة، روى عنه أبو سعد السمعاني، وأبو موسى المديني، وكان مؤدبا صالحا خيرا, توفي في نصف شعبان سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة، وهوآخر من روى عن الهذلي1. 51- صافي بن عبد الله أبو الفضل البغدادي، مولى ابن الخرقي مقرئ مجود عالي الإسناد كثير التعبد والأوراد. قرأ على رزق الله التميمي، ويحيى بن أحمد السيبي، عن قراءاتهما على أبي الحسن الحمامي، وسمع من مالك البانياسي وغيره، توفي في غالب الظن سنة ست وأربعين وخمسمائة. ومن كلامه: سلوا القلوب عن المودات ... فإنها لا تقبل الرشا2 52- محمد بن عبد الرحمن بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن بن الطفيل، الأستاذ أبو الحسين بن عظيمة، العبدي الإشبيلي المقرئ. عني بالقراءات وأخذ عن أبي عبد الله السرقسطي، وخازم بن محمد وأبي داود؛ وحج فأخذ بالإسكندرية على أبي علي بن بليمة، وأبي القاسم ابن الفحام. وسمع من محمد بن الفرح الطلاعي، وأبي علي الغساني، واشتهر بالصدق والإتقان، وحمل الناس عنه، ومن جلة أصحابه أبو بكر بن خير. وله أرجوزة في القراءات؛ بقي إلى حدود الأربعين وخمسمائة، ومن أصحابه ابنه طفيل3. 53- محمد بن الحسن بن محمد بن سعيد، الأستاذ أبو عبد الله بن غلام الفرس الأندلسي الداني المقرئ، النحوي، أحد الأئمة. أخذ القراءات على أبي داود، وابن أبي زيد، وابن الدوش؛ وعبد العزيز بن عبد الملك بن شفيع وغيرهم، وقرأ اللغة على مالك العتبي وابن العواد.   1 انظر/ غاية النهاية "1/ 320". 2 انظر/ غاية النهاية "1/ 331". 3 انظر/ غاية النهاية "2/ 166, 167". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 280 وارتحل بابنه إبراهيم، سنة بضع وعشرين وخمسمائة، فأخذ عن السلفي وأخذ السلفي عنه. وقرأ على أبي علي بن العرجاء، صاحب أبي معشر الطبري، وهو أبو علي الحسن بن عبد الله بن عمر القيرواني ابن العرجاء نزيل مكة ومقرئها ورجع فتصدر للإقراء، والتحديث وتعليم العربية. قرأ عليه أبو عبد الله محمد بن أبي العاص النفزي، وأبو جعفر أحمد بن علي الحصار، وأبو جعفر أحمد بن محمد بن أبي العاص ولد المذكور وعبد الله بن يحيى بن صاحب الصلاة وأبو الحجاج يوسف بن عبد الله الفهري، ويوسف بن سليمان البلنسي. قرأ عليه هذا البلنسي القراءات في ختمة واحدة، وكتب عنه أبو طاهر السلفي مع تقدمه، وابن بشكوال، وأبو العباس الأقليشي، وأبو عبد الله بن سعادة. وهو آخر من روى عنه. وقال: قال الأبار في تاريخه، كان صاحب ضبط وإتقان، مشاركا في علوم جمة، يتحقق بها، وكان حسن الخط أنيق الوراقة، ولي خطابة دانية. وكانوا يرحلون إليه للسماع والقراءة، والفرس هو لقب إنسان تاجر من أهل دانية، وهو أستاذ سعيد، ولد أبو عبد الله سنة اثنتين وسبعين وأربعمائة. ومات بدانية في ثالث عشر محرم، سنة سبع وأربعين وخمسمائة، وقد أصابه خدر قبل موته بسنة، وكان ذا حظ من علم الحديث ومعرفة رجاله. ولي خطابة دانية في آواخر عمره1. 54- المبارك بن الحسن بن أحمد بن علي بن فتحان بن منصور الأستاذ أبو الكرم الشهرزوري، البغدادي المقرئ، مصنف المصباح الزاهر في العشرة البواهر. قرأ بالروايات على الكبار، رزق الله بن عبد الوهاب التميمي، ويحيى بن أحمد السيبي، وابن سوار، وعبد السيد بن عتاب، وعبد القاهر العباسي ومحمد بن أبي بكر بن محمد القيرواني، وأبي نصر أحمد بن علي الهباري. وأبي سعد أحمد بن المبارك الأكفاني، صاحب الحمامي، وأبي البركات محمد بن عبد الله الوكيل، وثابت بن بندار، وابن بدران الحلواني، والحسن بن محمد بن الفضل الكرماني الزاهد.   1 انظر/ شذرات الذهب "4/ 144", غاية النهاية "2/ 221, 222". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 281 شيخ قرأ بدمشق على الحسين بن علي الرهاوي، وعلي بن الفرج الدينوري القارئ، وأبي الخطاب علي بن الجراح، وأبي الحسين أحمد بن عبد القادر بن يوسف، وأجاز له عبد الصمد بن المأمون، وأبو الحسين بن المهتدي بالله وابن هزار مرد الصريفيني، وابن النقور وآخرون، وسمع من إسماعيل بن مسعدة الإسماعيلي، ورزق الله، وأبي الفضل بن خيرون، وطراد الزينبي، والكبار. وانتهت إليه مشيخة الإقراء بالعراق، بعد سبط الخياط، وهو في طبقته، قرأ عليه عدد كثير منهم عمر بن بكرون، ومحمد بن محمد بن هارون الحلي بن الكيال. والشيخ عبد الواحد بن سلطان، ويحيى بن الحسين الأواني، وصالح بن علي الصرصري، وأبو يعلى حمزة بن القبيطي وأحمد بن الحسن العاقولي وزاهر بن رستم، وعبد العزيز بن الناقد، ومشرف بن علي الخالصي. وعلي بن أحمد الدباس، وأبو العباس محمد بن عبد الله الرشيدي الضرير. وحدث عنه محمد بن أبي المعالي بن البناء، وأسعد بن صعلوك، والفتح بن عبد السلام وآخرون. قال أبو سعد السمعاني: هو شيخ صالح دين خير قيم بكتاب الله -عز وجل، عارف باختلاف الروايات والقراءات حسن السيرة جيد الأخذ على الطلاب. له روايات عالية، كتبت عنه، ومولده في ربيع الآخر سنة اثنتين وستين وأربعمائة، ومات في ذي الحجة، سنة خمسين وخمسمائة -رحمه الله1. 55- سليمان بن يحيى بن سعيد أبو داود المعافري، القرطبي المقرئ الأستاذ. قال الأبار: أخذ عن أبي داود، وابن الدوش، وأبي الحسين بن البياز، وأبي الحسن الحصري، وأبي عبد الله بن مفرح، وتصدر للإقراء والعربية بقرطبة. وكان مقرئا ماهرا محققا، ويعرف بأبي داود الصغير، أخذ عنه أبو بكر بن خير، والحسن بن الضحاك، وأبو القاسم القنطري، وأبو زيد السهيلي، وتوفي بعد الأربعين وخمسمائة2. 56- عبد الله بن خلف بن بقي الأستاذ، أبو محمد المقسي الأندلسي، والبياسي المقرئ.   1 انظر/ شذرات الذهب "4/ 157", غاية النهاية "2/ 38-40". 2 انظر/ غاية النهاية "1/ 417". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 282 أخذ القراءات بمرسية، عن أبي الحسين بن البياز، وبشاطبه، عن أبي الحسن بن الدوش، وسمع من أبي بحر سفيان بن العاص، وعبد العزيز بن عبادة الجياني. وحج فقرأ على ابن الفحام، وأبي بكر بن عبد الجليل، وأبي محمد عبد الله بن عمر بن العرجاء إمام المقام، وكان من أصحاب ابن نفيس، وعبد الباقي بن فارس. فبرع البياسي في القراءات، ورأس فيها مع الصلاح والزهد والجهاد، وقرأ عليه أبو بكر محمد بن حسنون البياسي وغيره، توفي بعد الأربعين وخمسمائة وقد شاخ1. 57- عمر بن عبد الله أبو حفص الحربي المقرئ الرجل الصالح، سمع من طراد والنعالي وقرأ على " "2. قرأ عليه ريحان بن تركان الضرير، وعبد العزيز بن الناقد، وحدث عنه ابن طبرزد، وأبو المنجا بن اللتي، توفي سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة3.   1 انظر/ غاية النهاية "1/ 418". 2 بياض في الأصل. 3 انظر/ شذرات الذهب "4/ 162" غاية النهاية "1/ 593, 594". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 283 الطبقة الثالثة عشرة : 1- علي بن محمد بن علي بن هذيل الإمام، أبو الحسن البلنسي المقرئ الزاهد. لازم أبا داود سليمان بن أبي القاسم، مدة سنتين بدانية، وببلنسية. ونشأ في حجره، لأنه كان زوج أمه، فقرأ عليه القراءات، وسمع منه شيئا كثيرا، وهو أجل أصحاب أبي داود وأثبتهم، صارت إليه أصول أبي داود العتيقة. وأجاز له أبو الحسين بن البياز، وخادم بن محمد، وسمع صحيح البخاري من أبي محمد الركلي، وسمع من أبي عبد الله بن عيسى، مختصر الطليطلي في الفقه. وسمع صحيح مسلم من طارق بن يعيش، وانتهت إليه رئاسة الإقراء في زمانه، قرأ عليه أبو القاسم بن فيره الشاطبي، ومحمد بن خلف بن نسع البلنسي، ومحمد بن سعيد المرادي، ومحمد بن أيوب بن نوح الغافقي. وأحمد بن علي الحصار، ومحمد بن فتوح الشاطبي وولده أبو عامر محمد بن علي، ومحمد بن عبد العزيز بن سعادة، وعتيق بن أحمد المخزومي وأبو عمر بن عياد، ومحمد بن أحمد بن مسعود صاحب الصلاة، وخلق سواهم. قال ابن الأبار: كان منقطع القرين في الفضل والدين والورع والزهد مع العدالة والتواضع، والإعراض عن الدنيا، والتقلل صواما قواما كثير الصدقة. كانت له ضيعة يخرج لتفقدها فتصحبه الطلبة، فمن قارئ ومن سامع وهو منشرح لذلك، طويل الاحتمال على فرط ملازمتهم ليلا ونهارا. أسن وعمر، وهو آخر من حدث عن أبي داود، وانتهت إليه رئاسة الإقراء عامة عمره، لعلو روايته وإمامته، في التجويد والإتقان، حدث عن جلة لا يحصون، وروى العلم نحوا من ستين سنة. ولد سنة سبعين وأربعمائة، أو سنة إحدى وسبعين، وتوفي، فحضره السلطان أبو الحجاج يوسف بن سعد، وتزاحم الناس على نعشه، ورثاه ابن واجب بقوله: لم أنس يوم تهادى نعشه أسفا ... أيدي الورى وتراميها على الكفن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 284 كزهرة تتهاداها الأكف فلا ... يقيم في راحة إلا على ظعن قال الأبار: وقال لنا محمد بن أحمد بن سلمون: هذا صحيح، كان الناس يتعلقون بالنطق وبالسقف، ليدركوا النعش بأيديهم، ثم يمسحون بها على وجوههم. وكان يتصدق على الأرامل واليتامى، فقالت له زوجته: إنك لتسعى بهذا في فقر أولادك، فقال لها: لا والله بل أنا شيخ طماع أسعى في غناهم. توفي يوم الخميس سابع عشر رجب، سنة أربع وستين وخمسمائة، وصلي عليه من الغد، فأم الناس أبو الحسن بن النعمة -رحمه الله1. 2- مسعود بن عبد الواحد بن الحصين الإمام، أبو منصور الشيباني البغدادي المقرئ الكاتب. ولد سنة سبع وستين وأربعمائة، وسمع من أبي الحسن علي بن محمد بن محمد الأنباري، ورزق الله وطراد والنعالي وطبقتهم، وطلب بعد ذلك وكتب الكثير، وبالغ. وقرأ بالروايات على أبي منصور محمد بن أحمد الخياط، روى عنه ابن الأخضر، وأحمد بن صدقة، وداود بن يونس الأنصاري، وعبد الرحمن بن عمر الغزال. قال أحمد بن شافع: كان مديما للتلاوة، قرأ بالروايات العالية، وسمع ما لا يدخل تحت الحصر، إلا أن أكثره على كبر السن، وتفقه وتميز وهو من بيت الكتابة والحديث، ما أظن أن أحدا من أهل بيته، مثله زهادة وخيرا ودينا. وكان ثقة فهما، توفي في رابع عشر ذي الحجة سنة خمس وخمسين وخمسمائة -رحمه الله تعالى2. 3- محمد بن يحيى بن محمد أبو عبد الله الأنصاري اللريي، ولرية من عمل بلنسية، شيخ مقرئ كبير ارتحل عن وطنه إلى جيان، سنة ثمان وثمانين وأربعمائة، فأقام بها سبعة أعوام، وأخذ القراءات عن أبي بكر بن الصناع، صاحب أبي داود. ثم قصد أبا داود المقرئ، فوجده مريضا مرض الموت، وسمع من أبي محمد البطليوسي، وأقرأ الناس، وكان بصيرا بالتجويد، روى عنه أبو عبد الله بن نوح الغافقي، وأبو عبد الله بن الحسين الأندي. توفي في شوال سنة سبع وأربعين وخمسمائة، قاله أبو عبد الله الأبار3.   1 انظر/ شذرات الذهب "4/ 213", غاية النهاية "1/ 573". 2 انظر غاية النهاية "2/ 296". 3 انظر غاية النهاية "2/ 277". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 285 4- عبيد الله بن عمرو بن هشام أبو مروان الحضرمي الإشبيلي المقرئ، أحد الأئمة، ويعرف بعبيد أخذ القراءات عن أبي القاسم بن النحاس، وأبي الحسن عون الله وغيرهما، وسمع من أبي محمد عبد الرحمن بن عتاب، وبرع في العربية، وقال الشعر الرائق. وتصدر بمراكش للإقراء والتعليم. ثم نزل مرسية وخطب بها، وله تصانيف مفيدة، منها الإفصاح في اختصار المصباح، وشرح مقصورة ابن دريد، وكتاب قراءة نافع، حدث عنه أبو ذر الخشني، وأخذ عنه أبو عمر بن عياد القراءات والنحو، وابنه أبو عبد الله بن عياد. ولد سنة تسع وثمانين وأربعمائة بقرطبة، وبقي حيا إلى سنة خمسين وخمسمائة1. 5- عبد الرحمن بن أبي رجاء أبو القاسم البلوي الأندلسي المقرئ. أخذ القراءات بغرناطة؛ عن أبي الحسن بن كرز وجماعة. وحج سنة سبع وتسعين وأربعمائة، فأخذ القراءات عن أبي علي بن العرجاء، وسمع من الغزالي، وأخذ بالمهدية عن علي بن ثابت الخولاني الأقطع، وكان عالما زاهدا مجاب الدعوة، ولي خطابة المرية. وحمل عنه ابنه عبد الصمد، وهو آخر من روى في الدنيا عنه، وأبو القاسم بن بشكوال، وأبو القاسم بن حبيش، نزح عن المرية عام أحد وأربعين وخمسمائة، قبل تغلب الروم لعنهم الله عليها بسنة. فنزل بلد وادي آش، توفي سنة خمس وأربعين وخمسمائة، وله ثمان وسبعون سنة، وقد نقل الصفراوي أنه قرأ على أبي داود، وهذا غلط. ولما توفي كان عمر ولده عبد الصمد عشر سنين2. 6- عبد الوهاب بن محمد بن حسين أبو الفتح المالكي، المولد البغدادي الحنبلي المقرئ، ويعرف بالصابوني، ولد سنة اثنتين وثمانين وأربعمائة. وقرأ القراءات على أبي بكر بن بدران الحلواني، والقلانسي، وسمع من النعالي، ونصر بن البطر وجماعة، قال ابن السمعاني: كتبت عنه وهو شيخ صالح صدوق قيم بكتاب الله تعالى، يأكل من كده. توفي في صفر سنة ست وخمسين وخمسمائة، قلت: روى عنه عمر بن كرم وغيره، قال ابن النجار: أصله من المالكية، قرية على الفرات، وله دكان يبيع فيها خفاف النساء.   1 انظر/ غاية النهاية "1/ 490, 491". 2 انظر/ غاية النهاية "1/ 368, 369". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 286 قرأ بالروايات الكثيرة على ابن بدران، وأبي العز القلانسي، وكان قيما بمعرفتها وطرقها، ثبتا، قرأ عليه والد التقي ابن باسويه1. 7- علي بن الحسن بن الحسن أبو القاسم بن الماسح الكلابي، الدمشقي الشافعي المقرئ النحوي الفرضي المعروف بجمال الأئمة. ولد سنة ثمان وثمانين وأربعمائة، وقرأ بالروايات على جماعة، منهم أبو الوحش سبيع صاحب الأهوازي، وتفقه على جمال الإسلام، أبي الحسن السلمي، وسمع من جماعة، وحدث بكتاب الوجيز للأهوازي، عن أبي الوحش وعليه كان الإعتماد في الفتوى، وكانت له حلقة بجامع دمشق للإقراء، والفقه والنحو، درس بالمجاهدية، وأعاد بالأمينية، لجمال الإسلام. روى عنه ابن عساكر وولده القاسم، وأبو المواهب بن صصري، وأخوه أبو القاسم بن صصري، توفي في ذي الحجة سنة اثنتين وستين وخمسمائة2. 8- أحمد بن محمد بن شنيف أبو الفضل الدارقري، المقرئ أسند من بقي ببغداد في القراءات. قرأ بالروايات على أبي طاهر بن سوار، وثابت بن بندار، وأبي منصور الخياط، وسمع منهم، وحدث وأقرأ وعمر دهرًا. توفي في المحرم سنة ثمانٍ وستين وخمسمائة، وله ست وتسعون سنة، قرأ عليه القراءات أحمد بن سلمان الحربي السكر، وعبد الوهاب بن بزغش وأبو البركات محمد بن حسين. وقد حصل طرفًا من مذهب أحمد، وسمع من أبي علي بن نبهان، والحافظ يحيى بن منده، قال ابن النجار: كان صدوقا فاضلا متدينا3. 9- ناصر بن الحسن بن اسماعيل الشريف، أبو الفتوح الزيدي الخطيب، مقرئ الديار المصرية. قرأ بالروايات، على أبي الحسن علي بن أحمد الأبهري، وأبي الحسين يحيى بن الفرج الخشاب، وسمع من أبي الحسن محمد بن عبد الله بن أبي داود الفارسي ثم المصري، صاحب ابن نظيف، ومن ابن القطاع اللغوي وغير واحد.   1 انظر/ شذرات الذهب "4/ 177" غاية النهاية "1/ 481". 2 انظر/ غاية النهاية "1/ 530". 3 انظر/ شذرات الذهب "4/ 226", غاية النهاية "1/ 117". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 287 انتهت إليه رياسة الإقراء بالديار المصرية، وكان من جلة العلماء في زمانه، قرأ عليه بالروايات، أبو الجود غياث بن فارس. وعبد الصمد بن سلطان بن قراقيش، وعبد السلام بن عبد الناصر بن عديسة، وأبو الجيوش عساكر بن علي، وآخرون، وآخر من روى عنه سماعا القاضي أبو الكرم أسعد بن قادوس المتوفى في حدود الأربعين وستمائة. توفي الشريف الخطيب، يوم عيد الفطر سنة ثلاث وستين وخمسمائة عن إحدى وثمانين سنة1. 10- أحمد بن عبد الله بن هشام أبو العباس بن الحطيئة اللخمي المغربي الفاسي، المقرئ الناسخ الرجل الصالح. ولد بفاس سنة ثمان وسبعين وأربعمائة، وقدم الإسكندرية، فقرأ بها القراءات على أبي القاسم ابن الفحام الصقلي وغيره، وسمع من أبي الحسن بن المشرف وأبي عبد الله الحضرمي وجماعة. وقرأ الفقه والعربية، وسكن بمصر، وتصدر بها للإقراء، وتزوج، فعلم زوجته الخط، ثم ولد له بنت فعلمها الخط، كأحسن ما يكون، حتى كانتا تكتبان مثله سواء، وخطه مرغوب فيه لإتقانه. ثم كان هو وبنته وزوجته ينسخون في الكتاب الواحد، فلا يفرق أحد بين خطوطهم، وهذا من عجيب الإتفاق، وكان صالحا عابدا متعففا كبير القدر، حصل بمصر قحط فاحتاج. وكان لا يقبل لأحد شيئا، فتحيل عليه رجل حتى زوجه بابنته، فطلب منه أن تكون أمها معها تؤنسها فأجابه، وخف ظهره، وبلغنا أن الناس بقوا بمصر بلا قاض ثلاثة أشهر، في عام ثلاثة وثلاثين وخمسمائة. ثم وقع اختيار الدولة على أبي العباس بن الحطيئة، فاشترط عليهم أن لا يقضي بمذهبهم، فلم يمكنوه من ذلك إلا أن يحكم على مذهب الشيعة وولوا غيره، قرأ عليه جماعة، منهم شجاع بن محمد بن سيدهم المدلجي. توفي في المحرم سنة ستين وخمسمائة، وقد كتب عنه أبو طاهر السلفي2.   1 انظر/ شذرات الذهب "4/ 210", غاية النهاية "2/ 329". 2 انظر/ شذرات الذهب "4/ 188", غاية النهاية "1/ 71, 72". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 288 11- محمد بن أحمد بن عمران بن نمارة الأستاذ أبو بكر الحجري من ولد أوس بن حجر التميمي الشاعر الجاهلي، شاعر بني تميم، وأبو بكر أندلسي من أهل بلنسية. نزح به أبوه منها عند غلبة العدو عليها، في عام سبعة وثمانين وأربعمائة، فنشأ بالمرية، وقرأ على أبي الحسن البرجي. ورحل فقرأ بقرطبة على أبي القاسم بن النحاس وسمع من أبي على بن سكرة، وعباد بن سرحان، وأبي بحر بن العاص، وأجاز له أبو عبد الله أحمد بن محمد الخولاني، وصحب أبا العباس بن العريف، وأخذ العربية فأحكمها، عن أبي محمد البطليوسي. وتفقه على أبي القاسم بن الأنقر السرقسطي، وتصدر للإقراء، ونشر العلوم، وألف شرحا لمقدمة ابن بابشاذ، أخذ عنه غير واحد. توفي سنة ثلاث وستين وخمسمائة، وكانت جنازته مشهودة، عاش ثمانين سنة، قلت: قرأ عليه محمد بن يوسف بن الجبار، ومحمد بن هاجر البلنسي1. 12- إبراهيم بن محمد بن خليفة أبو إسحاق النقري الداني المقرئ. أخذ القراءات عن أبي الحسن بن الدوش، وأخذ قراءة ورش عن عبد العزيز بن شفيع، وسمع من ابن تليد، وأبي بكر بن الخياط، قال الأبار: تصدر للإقراء وحملوا عنه. وكان متحققا بالقراءات، معروفا بالضبط والتجويد، أديبا مفوها، عمر وأسن، وتوفي سنة أربع وستين وخمسمائة، وله تسعون سنة إلا سنة2. 13- محمد بن محمد بن عبد الله بن معاذ، الأستاذ أبو بكر اللخمي الإشبيلى، المعروف بالفلنقي. أخذ القراءات عن شريح، وصحبه مدة، ورحل إلى قلعة حماد، فقرأ بها على عتيق بن محمد، صاحب أبي العباس بن نفيس، وروى عن ابن الأخضر، وأبي محمد بن عتاب، وأبي مروان التاجي، وطائفة. قال الأبار: كان إماما في صناعة الإقراء، مشاركا في العربية، مليح الخط، له كتاب في القراءات سماه كتاب الإيماء، أخذ عنه أبو الحسن نجية، وأبو ذر الخشني، وأبو محمد بن عبد الله.   1 انظر/ غاية النهاية "2/ 78". 2 انظر/ غاية النهاية "1/ 23, 24". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 289 ونزل فاس فأقرأ بها، إلى أن مات، في المحرم سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة1. 14- يوسف بن المبارك بن محمد بن أبي شيبة، أبو القاسم البغدادي المقرئ الخياط الوكيل. قرأ بالروايات على أبي الخطاب علي بن عبد الرحمن بن الجراح، وأبي العز القلانسي، وادعى أنه قرأ على أبي طاهر بن سوار، وتبين كذبه قرأ عليه جماعة. وروى عن أبي عثمان بن ملة، حدث عنه عبد العزيز بن الأخضر، وقرأ عليه علي بن أحمد الدباس، احتاج في الآخر فصار وكيلا بأبواب القضاة. ذكره ابن الدبيثي، وقال: توفي في شهر رجب سنة سبعين وخمسمائة2. 15- علي بن أحمد بن الحسين بن محمويه اليزدي الإمام أبو الحسن، المقرئ الفقيه الشافعي، سمع من الحسين بن جوانشير، وأبي المكارم محمد بن علي الفسوي. وأحمد بن محمد بن أحمد بن موسى بن مردويه، وعبد الرحمن بن محمد الدوني، وأبي الحسن العلاف، وأبي القاسم الربعي وطبقتهم، وقرأ بأصبهان الروايات على أبي سعد المطرز، وأبي الفتح أحمد بن محمد الحداد. وتفقه على الإمام أبي بكر الشاشي، وقاضي واسط، أبي على الفارقي وبرع في المذهب، وصنف التصانيف، وأقرأ القراءات والفقه، وكان صالحا زاهدا عابدا، ممن جمع بين العلم والعمل، مع الثقة والجلالة. توفي في تاسع وعشرين جمادى الآخرة سنة إحدى وخمسين وخمسمائة وله ثمان وسبعون سنة، روى عنه ابن سكينة وابن الأخضر الدولعي. وقرأ عليه جماعة منهم حمزة بن القبيطي، وأبو الحسن بن الدباس وعبد العزيز بن أبي الرضى، أحمد بن الناقد3. 16- محمد بن عبد الرحمن بن عبادة، أبو عبد الله الأنصاري الجياني المقرئ. ولد سنة ثمانين وأربعمائة، وقرأ القراءات على أبي القاسم بن النحاس ومنصور بن الخير، وأبي الحسن شريح، وسمع من أبي محمد بن عتاب وجماعة، وتفقه بأبي الوليد بن رشد، وأبي عبد الله بن الحاج.   1 انظر/ غاية النهاية "2/ 242". 2 انظر/ غاية النهاية "2/ 402, 403". 3 انظر/ شذرات الذهب "4/ 159", غاية النهاية "1/ 517, 518". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 290 وأقرأ الناس بجيان، ثم بشاطبة، قال الأبار: كان مقرئا ماهرا توفي بشاطبة، سنة أربع وستين وخمسمائة أخذ عنه شيخنا أبو عبد الله بن سعادة وغيره1. 17- سعد الله بن نصر بن سعيد، أبو الحسن بن الدجاجي، البغدادي المقرئ الواعظ. قرأ على أبي الخطاب بن الجراح، وأبي منصور الخياط. وسمع منهما ومن جماعة، أقرأ ووعظ وحدث، روى عنه ابنه محمد وابن الأخضر وابن قدامة، ومحمد بن عماد، والأنجب الحمامي. مات في شعبان، سنة أربع وستين وخمسمائة، وله أربع وثمانون سنة2. 18- فتح بن يوسف أبو نصر البلنسي المقرئ، المعروف بابن أبي كبة. قرأ القراءات على أبي داود، وعمر دهرا. أخذ عنه أبو عبد الله محمد بن على الشاري، الذي بقي إلى سنة أربع وعشرين وستمائة3. 19- عبد الملك بن سلمة أبو مروان بن الصيقل الأموي، مولاهم الأندلسي، الوشقي المقرئ، أحد الحذاق. أخذ القراءات عن أبي القاسم بن النحاس، وأبي الحسن بن شفيع وأبي المطرف بن الوراق، وأبي زيد بن حيوة، وسمع من أبي محمد بن عتاب وطائفة، وتصدر زمانا ببلنسية، للإقراء والنحو. قال الأبار: كان من أهل الضبط والفصاحة والذكاء، روى عنه أبو عمر بن عياد، وأبو عبد الله بن نوح الغافقي وجماعة، توفي سنة أربعين وخمسمائة4. 20- محمد بن جعفر بن عبد الرحمن بن صاف، أبو بكر الجياني ثم القرطبي اللخمي. أخذ القراءات عن عبد الرحمن بن شعيب، وحازم بن محمد، وروى عن أبي   1 انظر/ غاية النهاية "2/ 162". 2 انظر/ شذرات الذهب "4/ 212", غاية النهاية "1/ 3, 3". 3 انظر/ غاية النهاية "2/ 7". 4 انظر/ غاية النهاية "1/ 468, 469". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 291 محمد بن عتاب وجماعة، وتصدر للإقراء بقرطبة، ثم بغرناطة وبلنسية، وكان صالحا زاهدا. قال الأبار: توفي بوهران، وقد قارب الثمانين1. 21- علي بن محمد بن أبي العيش الأستاذ أبو الحسن الطرطوشي، المقرئ نزيل شاطبة. قرأ القراءات على أبي الحسن بن الدوش، وأبي المطرف بن الوراق وأبي محمد بن جوشن، وتصدر للإقراء، قال الأبار: كان من أهل الصلاح والفضل، مع التقدم في صناعة القراءات. أخذ عنه أبو بكر مفوز بن طاهر، وأخوه أبو محمد عبد الله والزاهد أبو الحسين بن جبير، وغيرهم، توفي بعد الستين وخمسمائة2. 22- يحيى بن سعدون بن تمام العلامة أبو بكر الأزدي، القرطبي المقرئ النحوي. ضياء الدين. ولد بقرطبة سنة ست وثمانين وأربعمائة وأخذ القراءات بها عن أبي القاسم خلف بن إبراهيم بن النخاس، وسمع من أبي محمد بن عتاب، وأبي جعفر أحمد بن عبد الحق. وارتحل فأخذ بالمهدية من المغرب، عن أبي بكر محمد بن سعيد المقرئ الضرير، وبالإسكندرية، عن أبي بكر الطرطوشي، وقرأ بها القراءات على ابن الفحام. وسمع بمصر صحيح البخاري، سنة خمس عشرة وخمسمائة من أبي صادق المديني، وسمع من محمد بن بركات السعيدي، وعلي بن عمر الفراء. وعلي بن صولة، وأبي عبد الله محمد بن أحمد الرازي، ورزين العبدري، وأبي القاسم الزمخشري، وبرع عليه وعلى غيره في العربية. وسمع ببغداد من هبة الله بن الحصين، وابن كادش، وبدمشق من جمال الإسلام السلمي، وكان ثقة محققا، واسع العلم، روى عنه الحافظان ابن عساكر وابن السمعاني، وأبو الحسن القطيعي، وعبد الله بن الحسين الموصلي، وطائفة. وقرأ عليه الفخر محمد بن أبي الفرج الموصلي، والعز محمد بن عبد الكريم   1 انظر/ غاية النهاية "2/ 109". 2 انظر/ غاية النهاية "1/ 575". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 292 البوازيحي، والقاضي أبو المحاسن بن شداد، ومحمد بن محمد الحلي وأبو جعفر القرطبي، نزيل دمشق. وكان ذا دين ونسك وورع ووقار، توفي يوم الفطر سنة سبع وستين وخمسمائة بالموصل1. 23- مسعود بن الحسين بن هبة الله أبو المظفر الشيباني، الحلي الضرير المقرئ. أحد الحذاق بالعراق في زمانه، أقرأ بالروايات على أبي العز القلانسي وسمع ببغداد عندما قدمها، في سنة ست وخمسمائة، من أبي القاسم بن بيان، وأبي عثمان بن ملة. وزعم أنه قرأ على أبي طاهر بن سوار، فافتضح، قال عمر بن على القرشي: سألته متى قرأت على ابن سوار؟ فقال: في سنة ست، فقلت: إن ابن سوار توفي قبل هذا بعشر سنين. قال ابن النجار في تاريخه: سمعت أحمد بن أحمد بن البندنيجي يقول: كان ابن هبيرة الوزير2، قد قرأ بالروايات على مسعود الحلي وأسندها عنه في كتاب الإفصاح عن قراءته على ابن سوار. وجمع الناس لسماع الكتاب، وكان القارئ ابن شافع، فقال لي شيخنا أبو الحسن البطائحي الضرير: خذ بيدي واحملني إلى هناك، ففعلت، وكان مجلسا حفلا. ولم يكن البطائحي يومئذ مشهورا، ولا له ما يتجمل به، فأقعدته في غمار الناس، وقعدت معه، فلما قال ابن شافع: وأما رواية عاصم فإنك قرأت بها على مسعود بن الحسين. قال: قرأت على ابن سوار، قام البطائحي فقال: هذا كذب، ورفع صوته. ثم قال: قم بنا فأخذت بيده وخرجنا، فتكلم الناس، ووصل الحديث إلى الوزير، فطلب البطائحي، قال: فأتينا دار الوزير، وهو خائف نادم على كلمته، فأدخلوه من باب النساء، وجلست أنتظره. وطلب مسعود فأحضر، وعليه الطرحة على عمامته، قال: ثم خرج البطائحي، فأعطاني مفتاح منزله، وأمرني بإحضار نسخته بكتاب المستنير، وهي بخط أبي طاهر بن سوار، فأتيته بها، فدخل بها.   1 انظر شذرات الذهب "4/ 225", غاية النهاية "2/ 372". 2 خققنا له كتاب الإفصاح "دار الكتب العلمية/ محمد فارس". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 293 ثم خرج مسعود بعد ساعة، وهو مشوش الطرحة، يسوق نفسه سوقا، ثم خرج بعده البطائحي، وعليه خلعة ثم جاء الناس يهنئونه. فسأله ابن شافع ما جرى لك عند الوزير، قال: قال لي ما الكلام الذي قلته؟ قلت: يا مولانا إن مسعودا لم يلق ابن سوار، والخط الذي بيده مزور، بخط ابن رويح الكاتب. وكان خطه شبيها بخط ابن سوار، وكان يكتبه للناس بالأجرة، وأحضرت المستنير بخط مؤلفه فقابل الوزير بين الخطين، فبان الفرق. فأمر بإحضار مسعود، وسأله متى دخلت بغداد؟ فذكر أنه في سنة كذا فقلت: هذا بعد موت ابن سوار بكثير. فقال له الوزير: لا جزاك الله خيرا يا شيخ السوء، تكذب في القرآن والله لولا أنك شيخ لنكلت بك وأمر بإخراجه ومنعه من الصلاة بالناس. قال ابن البندنيجي: ثم قرأ الوزير على شيخنا البطائحي، وأسند عنه القراءات، وعلا قدره قال الحلي: ولدت سنة خمس وسبعين وأربعمائة، قال صدقة الحداد: توفي مسعود الحلي في رجب سنة أربع وستين وخمسمائة1. 24- المبارك بن أحمد بن زريق الحداد، أبو الفتح إمام جامع واسط. قرأ القراءات على أبي العز القلانسي، وسبط الخياط، وسمع أبا نعيم الجمازي، وخميسا الحوزي، وصنف في القراءات. أخذ عنه ابنه المبارك، وإبراهيم بن البناء، توفي سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة2. 25- عبد الرحمن بن خلف الله بن عطية أبو القاسم الإسكندري المالكي المقرئ المؤدب. قرأ القراءات على أبي القاسم بن الفحام، وأبي علي بن بليمة وغيرهما وحدث عن أبي عبد الله الرازي وغيره. وأقرأ الناس مدة على صدق واستقامة قرأ عليه أبو القاسم الصفراوي وأبو الفضل الهمداني، وروى عنه علي بن المفضل الحافظ، والحافظ عبد الغني؛ والحافظ عبد القادر وآخرون.   1 انظر/ غاية النهاية "2/ 294, 295". 2 انظر/ غاية النهاية "2/ 37". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 294 توفي قريبا من سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة، وقد قرأ على ابن بليمة صحيح البخاري. وقال: قرأته على كريمة. قال الصفراوي: كان شيخنا ابن خلف الله، ذا مكانة عند القاضي أبي علي الحسن بن حديد قاضي الإسكندرية1. 26- محمد بن محمد بن حمود أبو الأزهر الصوفي، الواسطي المقرئ. قرأ العشرة على أبي العز القلانسي، وسمع من أبي نعيم الجمازي، وأبي غالب بن البناء، وأقرأ الناس مدة، وقرأ عليه جماعة وسمع منه عمر بن علي القاضي، وعمر بن محمد الدينوري. توفي ببغداد في رجب، سنة إحدى وسبعين وخمسمائة2. 27- عبد الله بن محمد بن خلف الداني؛ أبو محمد الأصبحي المقرئ، سمع أبا بكر بن نمارة، وجماعة، في حدود الستين وخمسمائة. ثم رحل فسمع الكثير من السلفي، وأبي طاهر بن عوف وجماعة، روى عنه أبو القاسم عيسى بن الوجيه عبد العزيز بن عيسى، وحمله الرواية عن قوم لم يرهم، بل ولا لهم وجود. وكان مقرئا محدثا. غرق في البحر في رجوعه من الرحلة، سنة بضع وسبعين وخمسمائة3. 28- علي بن عساكر بن المرحب بن العوام، أبو الحسن البطائحي المقرئ. أحد أئمة العراق، قرأ على أبي العز القلانسي، وأبي عبد الله البارع، وأبي بكر المزرفي، وعمر بن إبراهيم الزيدي بالكوفة، وسمع من أبي طالب بن يوسف؛ وابن الحصين وطبقتهما. وأقرأ الناس زمانا، وصنف كتابا في القراءات، وكان ثقة عارفا بالعربية. قرأ عليه القراءات خلق منهم عبد العزيز بن دلف، ومحمد بن أبي القاسم بن سالم، وأبو الحسن علي بن هبة الله بن الجميزي.   1 انظر/ غاية النهاية "1/ 367, 368". 2 انظر/ غاية النهاية "2/ 239, 240". 3 انظر/ غاية النهاية "1/ 448". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 295 وحدث عنه الحافظان ابن الأخضر وعبد الغني المقدسي، والشهاب بن راجح، والشيخ موفق الدين، وعبد القادر الرهاوي وآخرون توفي في شعبان سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة، وله اثنتان وثمانون سنة. وممن قرأ عليه الوزير عون الدين بن هبيرة، وأكرمه، ونوه باسمه1. 29- الحسن بن أحمد بن الحسن بن أحمد بن محمد الأستاذ قطب، أبو العلا الهمداني العطار، الحافظ المقرئ، شيخ أهل همذان. ولد سنة ثمان وثمانين وأربعمائة، وارتحل إلى أصبهان، فقرأ بها القراءات والحديث على أبي علي الحداد، وإلى بغداد، فقرأ على أبي عبد الله البارع، وعلى أبي بكر المزرفي، وإلى واسط، فقرأ على أبي العز القلانسي. وسمع من ابن بيان الدزاز، وعبد الرحمن بن حمد الدوني، وابن نبهان الكاتب، وأبي علي بن المهدي وأبي عبد الله الفراوي وطبقتهم، وحصل الأصول النفيسة، والكتب الكبار. وانتهت إليه مشيخة العلم ببلده وبرع في فني القراءات والحديث، روى عنه يوسف بن أحمد الشيرازي، وأبو المواهب بن صصرى، والحافظ عبد القادر الرهاوي، والمبارك بن أبي الأزهر. وقرأ عليه أبو أحمد عبد الوهاب بن سكينة، ومحمد بن محمد بن الكال. وقد أثنى عليه عبد القادر، وقال: تعذر وجود مثله في أعصار كثيرة، وأربي على أهل زمانة، في كثرة السماعات، مع تحصيل أصول ما سمع، وجودة النسخ، وإتقان ما كتب. فما كان يكتب شيئا إلا معربا منقوطا، وبرع على الحفاظ، جاءته فتوى في أمر عثمان -رضي الله عنه، فكتب فيها من حفظه، ونحن جلوس درجا طويلا. وله التصانيف في الحديث والزهد والرقائق، صنف كتاب زاد المسافر، في خمسين مجلدا، وصنف في القراءات العشرة، والوقف والابتداء والتجويد ومعرفة القراء، وأخبارهم، وهو كبير. وكان إماما في النحو واللغة، سمعت أنه حفظ كتاب الجمهرة، وكان من أبناء التجار، فأنفق جميع ما ورثه في طلب العلم، حتى سافر إلى بغداد وأصبهان مرات ماشيا.   1 انظر/ شذرات الذهب "4/ 232", غاية النهاية "1/ 556". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 296 وكان يحمل كتبه على ظهره قال لي: كنت أبيت ببغداد في المساجد، وآكل خبز الدخن إلى أن قال عبد القادر: ثم عظم شأنه، حتى كان يمر بالبلد، فلا يبقى أحد رآه إلا قام ودعا له حتى الصبيان واليهود. وكان يقرئ نصف نهاره القرآن والعلم، ونصفه الآخر الحديث، وكان لا يغشى السلاطين، ولا يأخذه في الله لومة لائم، وكانت السنة شعاره ودثاره، اعتقادا وفعلا. ولا يمس الجزء الحديثي إلا على وضوء، توفي في تاسع عشر جمادى الأولى سنة تسع وستين وخمسمائة1. 30- اليسع بن عيسى بن حزم أبو يحيى الغافقي الأندلسي الجياني. أخذ القراءات عن أبيه، وكان أبوه من جلة المقرئين، الذين حملوا عن أبي داود وابن البناء وابن الدوش، وأخذ أبو يحيى عن أبي العباس القصبي، وأبي الحسن شريح، وأبي القاسم بن أبي رجاء. وسمع منهم ومن أبي عبد الله بن زغيبة وطائفة، وأجاز له أبو محمد بن عتاب، ورحل فسكن الإسكندرية وأقرأ بها ثم رحل إلى مصر، فاشتمل عليه الملك الناصر صلاح الدين، ورتب له معلوما وافرا. قال أبو عبد الله: كان صلاح الدين يكرمه ويشفعه في مطالب الناس؛ لأنه كان أول من خطب على منابر العبيدية، عند نقل الدعوة العباسية، تجاسر على ذلك، حين تهيبه سواه. وكان فقيها مشاورا، مقرئا محدثا حافظا نسابة، من أبدع الناس خطا، وله تاريخ في محاسن المغرب هو متهم في تأليفه. قلت: روى عنه أبو عبد الله التجيبي وابن المفضل المقدسي، قرأ عليه الصفراوي وابن عيسى، مات في رجب سنة خمس وسبعين وخمسمائة2. 31- علي بن أحمد بن حنين، أبو الحسن الكناني القرطبي، المقرئ الفقيه. نزيل فاس، ولد سنة ست وسبعين وأربعمائة. وقرأ القراءات على أبي الحسن العبسي، صاحب ابن نفيس.   1 انظر/ شذرات الذهب "4/ 231, 232", غاية النهاية "1/ 204". 2 انظر/ شذرات الذهب "4/ 250", غاية النهاية "2/ 385". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 297 وسمع الموطأ من محمد بن فرح الطلاعي، وأخذ أيضا عن خازم بن محمد. وأبي الحسن بن شفيع، وقرأ بجيان على أبي عامر محمد بن حبيب، وحج سنة خمسمائة. قال الأبار: لقي أبا حامد الغزالي وصحبه، وسمع منه أكثر الموطأ رواية يحيى بن بكير، وأقام تسعة أشهر يقرئ ببيت المقدس، وطال عمره. وتصدر للإقراء، روى عنه من شيوخنا أبو القاسم بن بقي، وأبو زكريا التادلي، أنا التادلي، بكتاب الشهاب سماعا. قال: حدثنا ابن حنين، حدثنا أبو الحسن العبسي عن القضاعي، توفي سنة تسع وستين وخمسمائة1. 32- محمد بن علي بن محمد بن أبي العاص النفزي، الإمام أبو عبد الله بن اللايه، الشاطبي المقرئ. أخذ القراءات وجودها عن أبي عبد الله بن سعيد الداني على ابن غلام الفرس، وكان دينا خيرا بصيرا بالروايات، وعنه أخذ أبو عبد الله بن سعادة، وأبو القاسم بن فيرة الرعيني، وغيرهما، وهو قديم الوفاة. أظنه توفي قبل ابن هذيل، وابنه أحمد من أعيان المقرئين2. 33- محمد بن أحمد بن محمد بن عداق أبو عبد الله الغافقي القرطبي المقرئين. ذكره الأبار فقال: أخذ القراءات عن أبي القاسم بن النحاس، وعون الله بن محمد، وسمع من أبي محمد بن عتاب، وأبي بحر الأسدي، وتصدر للإقراء والتسميع. حدث عنه ابن حوط الله، وأبو الخطاب بن الجميل يعني ابن دحية، قال: وتوفي في رجب سنة تسع وسبعين، وله تسع وثمانون سنة3. 34- إبراهيم بن أحمد بن عبد الرحمن بن عثمان، أبو اسحاق الأنصاري الغرناطي. قرأ بالروايات على أبي المطرف بن الوراق، وأبي الحسن بن شفيع، ومنصور بن الخير، وسمع من ابن عتاب، وأبي غالب بن عطية، وطائفة. وكان إماما كاملا متضننا، توفي سنة تسع وسبعين وخمسمائة، وهو في عشر التسعين4.   1 انظر/ شذرات الذهب "4/ 234", غاية النهاية "1/ 518". 2 انظر/ غاية النهاية "2/ 204". 3 انظر/ غاية النهاية "2/ 86". 4 انظر/ غاية النهاية "1/ 7". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 298 35- محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن، أبو عبد الله بن الأشقر الأموي، الداني المقرئ، نزيل سبتة. أخذ القراءات عن أبي الحسن بن شفيع، وأبي محمد بن إدريس، قال: الأبار أقرأ القرآن. وكان عالي الرواية، فاضلا مجاب الدعوة، أخذ عنه أبو الصبر أيوب بن عبد الله، وقال: توفي في جمادى الآخرة، سنة تسع وخمسين وخمسمائة1. 36- عبد العزيز بن علي بن محمد بن سلمة، الأستاذ أبو حميد، وأبو الأصبغ، السماني الإشبيلي المقرئ، ويعرف في بلده بابن الطحان. ولد سنة ثمان وتسعين وأربعمائة، وأخذ القراءات عن أبي العباس بن عيسون، وشريح بن محمد، وروى عنهما، وعن أبي عبد الله بن عبد الرزاق الكلبي، ويحيى بن سعادة. وروى مصنف النسائي عن أبي مروان بن مسرة، وتصدر للإقراء ثم انتقل الى فاس، ثم حج ودخل العراق، وقرأ بواسط القراءات، وأقرأها أيضا. وكان بارعا في معرفتها وعللها، صنف كتابا في الوقف والابتداء، ودخل الشام واشتهر ذكره، قال الأبار: سمع منه وجل قدره، وصنف تصانيف، وكان أستاذا ماهرا في القراءات، روى عنه عبد الحق الإشبيلي الحافظ، وعلي بن يونس. وأجاز لشيخنا أبي القاسم بن بقي, وقال الدبيثي: سمعت غير واحد يقول: ليس بالمغرب أعلم بالقراءات من ابن الطحان، قرأ عليه الأثير أبو الحسن محمد بن أبي العلاء. وأبو طالب بن عبد السميع، ونعمة الله بن أحمد بن أبي الهندبا، وتوفي بحلب بعد الستين وخمسمائة2. 37- محمد بن أحمد بن محرز أبو بكر البطليوسي المقرئ، المعروف بالمنتانجشي، نزيل أشبيلية. أخذ القراءات عن أبي القاسم خلف بن النحاس، وأبي عبد الله بن مزاحم، وابن طريف وسمع من أبيه وأبي الوليد العتبي، وأبي محمد بن عتاب، وأخذ العربية عن أبي عبد الله بن أبي العافية.   1 انظر/ غاية النهاية "2/ 180". 2 انظر/ غاية النهاية "1/ 395". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 299 قال الأبار: كان فقيها مشاورا حافظا أديبا حافلا كاتبا، روى عنه أبو بكر بن خير، وأبو عمر بن عياد، وشيخنا أبو الخطاب بن واجب, توفي في آخر سنة تسع وستين وخمسمائة1. 38- علي بن خلف أبو الحسن الغرناطي، أخذ القراءات عن منصور بن الخير. وروى عن أبي القاسم بن النخاس، وأبي الحسن بن الباذش، وأبي بكر بن الخلوف، سكن ميورقه، وأقرأ القراءات، وكان عارفا بها سخيا جوادا روى عنه أبو عمر بن عياد. وأجاز لأبي الخطاب بن واجب وعتيق بن علي، توفي في حدود السبعين وخمسمائة2. 39- أحمد بن أحمد بن عبد العزيز أبو جعفر بن القاص البغدادي القطفطي الزاهد المقرئ. قرأ بالروايات على ابن بدران الحلواني، وأبي الخير المبارك العسال، وسمع أبا القاسم بن بيان، أقرأ الناس وحدث. روى عنه أبو القاسم بن صصرى وجماعة. مات سنة ثلاث وسبعين. وقد قرأ أيضا على أبي بكر محمد بن علي بن سلامة الآمدي. قرأ عليه بالسبع عبد العزيز بن دلف3. 40- القاسم بن عبد الرحمن بن وجمان أبو محمد الأنصاري المالقي. أخذ عن منصور بن الخير وجماعة. وبرع في العربية والقراءات وعللها، وتصدر مدة للإقراء. أخذ عنه السهيلي، وابن خروف. توفي في سنة خمس وسبعين، وقد نيف على ثمانين سنة4. 41- يوسف بن إبراهيم بن عثمان الإمام أبو الحجاج العبدري الغرناطي المقرئ الحافظ المعروف بالثغري.   1 انظر/ غاية النهاية "2/ 80". 2 انظر/ غاية النهاية "1/ 541". 3 انظر/ غاية النهاية "1/ 38". 4 انظر/ غاية النهاية "2/ 19". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 300 ذكره الأبار، فقال: أخذ القراءات عن عبد الرحيم ابن الفرس الغرناطي، وأبي الحسن شريح، ويحيى بن الخلوف، وأبي الحسن بن الباذش وسمع منهم، ومن أبي الحسن بن مغيث، وأبي بكر بن العربي، وأبي مروان الباجي، وخلق وأجاز له أبو علي الصدفي، وأبو بكر الطرطوشي، وأحكم العربية على أبي بكر بن مسعود النحوي، قال: وكان حافظا محدثا فقيها مقرئا، راوية ضابطا مفسرا أديبا نزل في الفتنة تليوشة وولي خطابتها وأقرأ بها, أكثر عنه أبو عبد الله التجيبي، وقال: لم أر أفضل منه ولا أزهد منه، ولا أحفظ لحديث وتفسير منه، وروى عنه أبو عمر بن عباد، وأبو سليمان بن حوط الله، وأبو العباس بن عميرة. مات في شوال سنة تسع وسبعين وخمسمائة1. 42- محمد بن خالد بن البختيار أبو بكر الأزجي الرزاز المقرئ الضرير النحوي. قرأ بالروايات على أبي عبد الله البارع، وأبي محمد سبط الخياط، ودحوان بن علي، وأقرأ الناس مدة، وكان عارفا بوجوه القراءات. تخرج من جماعة في العربية. توفي في سنة ثمانين وخمسمائة2. 43- عساكر بن علي بن إسماعيل أبو الجيوش المصري، المقرئ النحوي الشافعي، المعدل. ولد سنة تسعين وأربعمائة، وقرأ القراءات على أبي الحسين أحمد بن محمد بن شمول، وعلي بن عبد الرحمن الحضرمي فغطويه، وإبراهيم بن أخلب النحوي، والشريف الخطيب، وتفقه على قاضي القضاة مجلي بن جميع، وقرأ العربية وتصدر للإقراء بدار العلم بالجامع الظافري، وانتفع به الناس، وكان ذا صلاح ودين. أخذ عنه علم الدين السخاوي، وغيره والحسن بن سيف المصري، والعفيف بن الرماح، ومات في المحرم سنة إحدى وثمانين وخمسمائة3. 44- الحسن بن علي بن عبيدة أبو محمد الكرخي، المقرئ النحوي. قرأ بالروايات على سبط الخياط، وأبي منصور بن خيرون، وأبي البركات عمر بن إبراهيم الكوفي، وسمع من قاضي المرستان، وأخذ العربية عن أبي السعادات بن الشجري، والفرائض والحساب، وأقرأ الناس مدة وكان رأسا في القراءات.   1 انظر/ غاية النهاية "2/ 392, 393". 2 انظر/ غاية النهاية "2/ 136". 3 انظر/ غاية النهاية "1/ 512". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 301 توفي في شوال سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة1. ومن شعره: وما شنآن الشيب من أجل لونه ... ولكنه حاد إلى الموت مسرع إذا ما بدت منه الطليعة آذنت ... بأن المنايا بعدها تتطلع فإن قصها المقراض جاءت بأختها ... وتطلع يتلوها ثلاث وأربع وإن خضبت حال الخضاب لأنه ... يغالب صنع الله والله أصنع 45- الحسين بن محمد بن الحسين بن علي بن عريب، أبو علي الأنصاري الطرطوشي، المقرئ الفقيه. ولد سنة سبع وسبعين وأربعمائة، وقرأ القراءات على أبي علي بن سكرة الصدفي، وابن مؤمن الطرطوشي، وابن الوراق السرقسطي، وتفقه على أبي العباس بن مسعدة القاضي. وحدث عن أبي الحسن بن نافع وجماعة، وقرأ كتاب أدب الكاتب، على أبي العرب الصقلي، بسماعه من أبي بكر بن البر، عن النجيرمي، نزيل مصر، عن المهلبي عن أبي جعفر بن قتيبة عن أبيه، وقد أقرأ بجامع مرسية، وولي خطابتها. وكان رأسًا في الإقراء، ذا حلقة عظيمة، وذا صلاح ولطف ولين روى عنه أبو الخطاب بن واجب، وأبو محمد بن غلبون. توفي بمرسيه، في ذي القعدة، سنة ثلاث وستين وخمسمائة، وكانت جنازته مشهودة2. 46- يوسف بن عبد الله بن سعيد الحافظ، المقرئ بن عمر بن عياد اللريي. أخذ القراءات عن أبي عبد الله بن أبي إسحاق، إلا أنه غلب عليه علم الحديث، وكتب العالي والنازل، وصنف التصانيف مات سنة خمس وسبعين وخمسمائة3. 47- محمد بن خلف بن محمد بن عبد الله بن صاف، أبو بكر الإشبيلي المقرئ النحوي. أحد الحذاق، قرأ على أبي الحسن شريح، وهو من جلة أصحابه، وأخذ العربية عن أبي القاسم بن الرماك، وأجاز له أبو الحسن بن مغيث وغيره.   1 انظر/ غاية النهاية "1/ 224". 2 انظر/ غاية النهاية "1/ 251, 252". 3 انظر/ شذرات الذهب "4/ 254" غاية النهاية "397". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 302 شرح الأشعار الستة، وشرح الفصيح، وأقرأ الناس نحوا من خمسين سنة، توفي سنة خمس وثمانين وخمسمائة، أو بعدها، وله بضع وسبعون سنة. أخذ عنه القراءات أبو جعفر القرطبي إمام الكلاسة، وطائفة من أهل بلده1. 48- أحمد بن جعفر بن أحمد بن إدريس، الإمام أبو القاسم الغافقي، المقرئ الخطيب. ولد سنة خمسمائة، وقرأ بالروايات على أبي البركات، محمد بن عبد الله بن عمر المقرئ، صاحب أبي معشر الطبري. قرأ عليه شكر بن صبرة العوفي وأبو القاسم الصفراوي، وجماعة قال ابن المفضل: توفي سنة تسع وستين وخمسمائة بالإسكندرية2. 49- عبد المنعم بن أبي بكر يحيى بن خلف بن نفيس بن الخلوف. الإمام، الأستاذ أبو الطيب الحميري، الغرناطي المقرئ المكتب، أخذ القراءات عن والده، وعن أبي الحسن شريح، وأبي عبد الله النوالشي، وأبي الحسن بن ثابت الخطيب، وابن هذيل. وحدث عن أبي بكر بن العربي، والقاضي عياض، وأبي الحسن بن موهب الجذامي، وجماعة، ونزل مراكش، فأقرأ بها مدة، ثم قدم الإسكندرية، فزعم أبو القاسم بن عيسى أنه قرأ عليه القراءات. وسمع منه أبو الحسن المفضل، وأبو البركات محمد بن محمد البلوي، وأبو الحسن بن خيرة، قال أبو عبد الله الأبار: أخذ عنه ولم يكن بالضابط لأسماء شيوخه، مع رداءة خطه. وكان له حظ من العربية، ثم إنه حج وتجول في بلاد المشرق، توفي في ربيع الأول سنة ست وثمانين وخمسمائة3. 50- أحمد بن محمد بن عبد الله أبو العباس بن اليتيم، الأنصاري، الأندرشي، المقرئ. أخذ القراءات عن أبي الحسن بن موهب، وأبي علي بن غريب وأبي العباس ابن   1 انظر/ غاية النهاية "2/ 137". 2 انظر/ غاية النهاية "1/ 43". 3 انظر/ غاية النهاية "1/ 471". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 303 العريف، وأبي إسحاق بن صالح، لقيهم بالمرية، وسمع منهم، وأجاز له أبو علي بن سكرة وغيره. وتصدر للإقراء، بمالقة، روى عنه ابنه أبو عبد الله، وأبو القاسم بن بقي، وأبو الخطاب بن دحية، توفي بالمرية، في رمضان سنة إحدى وثمانين1. 51- محمد بن أحمد بن معط أبو أحمد التجيبي الأريولي المقرئ أخذ القراءات عن ابن عمار. وحج وقرأ على أبي علي بن العرجاء، وكان صالحا ورعا محققا. أخذ عنه نسيبه أبو عبد الله التجيبي، القراءات تلاوة، في سنة خمس وستين وخمسمائة2. 52- محمد بن خير بن عمر أبو بكر اللمتوني، الإشبيلي المقرئ الحافظ، قرأ على شريح، إلى أن برع في القراءات. وسمع من أبي بكر بن العربي، وأبي القاسم بن بقي، وابن مغيث، وخلق كثير، وكان مكثرا إلى الغاية تصدر بإشبيلة للإقراء والتسميع. وكان قائما على الصناعتين، مبرزا فيهما، نحويا لغويا ثقة، رضى إليه المنتهي في التحرير، وإتقان الأصول،، ولي إمامة جامع قرطبة، قال الأبار: أكثر عنه شيخنا ابن واجب. ومات في ربيع الأول، سنة خمس وسبعين وخمسمائة، وله ثلاث وسبعون سنة3. 53- محمد بن جعفر بن حميد بن مأمون، أبو عبد الله الأموي البلنسي المقرئ. أخذ القراءات بإشبيلية، عن أبي الحسن شريح، بعد أن تلي بغرناطة، على أبي الحسن بن ثابت الخطيب، وأبي عبد الله بن أبي سمرة وسمع بالمرسية، من أبي جعفر بن ثعبان، وأبي محمد بن عطية. وأجاز له أبو الحسن بن مغيث، وبرع في علم النحو، وولي قضاء بلنسية، فحمدت سيرته، ثم استوطن مرسية. وتوفي في جمادى الأولى سنة ست أيضا، وله ثلاث وسبعون سنة، روى عنه أبو الربيع بن سالم الكلاعي وغيره4.   1 انظر/ غاية النهاية "1/ 121, 122". 2 انظر/ غاية النهاية "2/ 89". 3 انظر/ غاية النهاية "2/ 139". 4 انظر/ غاية النهاية "2/ 108". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 304 54- نصر الله بن علي بن منصور أبو الفتح بن الكيال، الواسطي المقرئ الفقيه، الحنفي. شيخ الإقراء بواسط، قرأ على علي بن علي بن شيران الواسطي، وببغداد على أبي عبد الله البارع، وتفقه على القاضي أبي علي الفارقي، ثم على الحسن بن سلامة المنبجي، وقرأ الخلاف وناظر. وأفتى وسمع من ابن الحصين، ولي قضاء البصرة ثم قضاء واسط، قال أبو عبد الله محمد بن سعيد بن الدبيثي، كان ثقة قرأت عليه بالروايات، وسمعت منه الكثير. قلت: وروى عنه أبو الحسن القطيعي، وعبد الوهاب بن برغش، ومحمد بن محمود بن محمد الأزجي المقرئ، وقرأ عليه بالروايات، ومرجى بن شقيرة. وأبو طالب عبد الرحمن بن عبد السميع، وعمر بن عبد الواحد، وعلي بن مسعود بن هياب الواسطيون، وصنف كتاب المفيدة في القراءات العشر. سمعه وقرأ به الشيخ عبد الصمد بن أبي الجيش على الأزجي وابن الدبيثي، مات بواسط في جمادى الأخرة سنة ست وثمانين وخمسمائة، وهو في عشر التسعين1. 55- يعقوب بن يوسف بن عمر أبو محمد الحربي المقرئ. قرأ القراءات على الحسين بن محمد البارع، ومحمد بن الحسين المزرفي، وسمع من هبة الله بن الحصين، وأبي العز بن كادش وجماعة. وأقرأ الناس مدة، وكان عارفا ثقة مبرزا في الأداء والخلاف، روى عنه البهاء عبد الرحمن، ومحمد بن سعيد الدبيثي، وعبد الرحمن بن الكل، وأجاز للزين أحمد بن عبد الدائم. توفي في شوال سنة سبع وثمانين وخمسمائة، وقد ناطح التسعين، قرأ عليه أحمد بن سليمان السكر، وعبد العزيز بن دلف2. 56- أحمد بن الحسين الفقيه أبو العباس العراقي، المقرئ الملقن تحت النسر بدمشق. قرأ القراءات على أبي محمد سبط الخياط، وسمع من محمد بن عبد الله.   1 انظر/ غاية النهاية "2/ 339، 340". 2 انظر/ غاية النهاية "2/ 391". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 305 ابن سملون، وأبي الفتح الكروخي وجماعة، وأقرأ بدمشق بضعا وثلاثين سنة. وكان عارفا بمذهب أحمد، داعية إلى السنة، شرح عبادات الخرقي بالشعر، وكان مجموع الفضائل، روى عنه الشيخ الموفق، والبهاء عبد الرحمن، ومحمد بن طرخان، ويوسف بن خليل، وآخرون. توفي سنة ثمان وثمانين وخمسمائة1. 57- عبد الرحمن بن محمد بن غالب أبو القاسم بن الشراط الأنصاري، مقرئ أهل قرطبة. قرأ على أبي القاسم الحجازي، وأبي الحسن شريح، وأبي القاسم بن رضي وكان مقرئا محققا، زاهدا عابدا أقرأ دهرا ومات سنة ست وثمانين2. 58- علي بن أحمد بن محمد بن كوثر، أبو الحسن المحاربي، الغرناطي، المقرئ الأستاذ. رحل به أبوه فأخذ القراءات بمكة عن أبي علي بن العرجاء القيرواني، وأبي الحسن بن رضا البلنسي الضرير. وقرأ بمصر على أبي العباس أحمد بن الحطيئة، وأبي الفتوح الخطيب، وسمع جامع الترمذي من أبي الفتح عبد الملك الكروطي. وأكثر عن أبي طاهر السلفي، وعاد إلى بلده بعلم جم، وإسناد عال، فتصدر للإقراء والرواية، وصنف في القراءات، وبعد صيته، وحمل الناس عنه. توفي في ربيع الآخر سنة تسع وثمانين وخمسمائة، وهو آخر من تلا على ابن العرجاء، صاحب أبي معشر الطبري3. 59- عبد الله بن أحمد بن جعفر أبو جعفر الواسطي الضرير، المقرئ. قرأ القرآن على أبي عبد الله البارع، وأظنه آخر من قرأ عليه وفاة، وحدث عن أبي القاسم بن الحصين، وأبي الحسن بن الزاغوني الفقيه، وجماعة، وكان يسكن بباب الأزج. روى عنه أبو عبد الله الدبيثي، ويوسف بن خليل، وأحمد بن محمد بن طلحة،   1 انظر/ غاية النهاية "1/ 50". 2 انظر/ غاية النهاية "1/ 379". 3 انظر/ غاية النهاية "1/ 524". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 306 شيخ لابن النجار قال ابن النجار: قرأ القراءات على أبي عبد الله البارع، وقرأ أيضا على سبط الخياط، قال ابن النجار: توفي يوم عرفة، سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة، وقد جاوز التسعين، وقال الدبيثي: توفي يوم عرفة عام أحد وتسعين وخمسمائة، وله ثمان وثمانون سنة1. 60- نجبة بن يحيى بن خلف بن نجبة، أبو الحسن الرعيني الإشبيلي المقرئ النحوي. ولد بعيد العشرين وخمسمائة، وأخذ القراءات، عن أبي الحسن شريح وأبي محمد بن شعيب اليابري، وأبي حعفر بن عيشون والكبار. وسمع من أبي بكر بن العربي، وأبي مروان عبد الملك بن الباجي وطائفة، وأجاز له عتيق بن محمد وغيره، وتصدر للإقراء والعربية ببلده. قال الأبار: كان إماما مقدما مع الصلاح والتواضع، استوطن مراكش مدة، وأقرأ بها وبأفريقية، وكان مقرئا محققا ونحويا حافظا، روى عنه أبو الربيع بن سالم، وجماعة من شيوخنا. توفي بشريش، في جمادى الآخرة, سنة إحدى وتسعين وله سبعون سنة2. 61- عوض بن ابراهيم بن علي أبو محمد البغدادي المراتبي المقرئ. قرأ القراءات على أبي عبد الله البارع وأبي بكر محمد بن الحسين المزرفي أخذ عنه ابن الدبيثي وغيره وتوفي في رجب سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة ببغداد3. 62- عبد الله بن منصور بن عمران بن ربيعة، الأستاذ أبو بكر المربعي الواسطي المقرئ المعروف بابن الباقلاني، مسند القراء بالعراق. ولد في أول سنة خمسمائة، وقرأ القراءات على أبي العز القلانسي، وعلى ابن علي بن شيران وعلى أبي محمد عبد الله بن علي، سبط الخياط. وسمع منهم، ومن أبي علي الحسن بن إبراهيم الفارقي، الفقيه، وخميس الحوزي الحافظ، وأبي عبد الله البارع، وأحسبه قرأ عليه وأبي القاسم بن الحصين، وأبي العز بن كادش، ونصر الله بن الجلخت وجماعة.   1 انظر/ غاية النهاية "1/ 406". 2 انظر/ غاية النهاية "2/ 334". 3 انظر/ غاية النهاية "1/ 605, 606". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 307 ونظر في الفقه والعربية، وقال الشعر، وقدم دمشق، وسمع بها وانتهى إليه علو الإسناد، ورحل إليه الطلبة، وطار ذكره وبعد صيته، روى عنه من شعره ابن السمعاني وابن عساكر، وماتا قبله بدهر. وقرأ عليه بالروايات الإمام أبو الفرج بن الجوزي، وابنه يوسف، وأبو عبد الله محمد بن سعيد الدبيثي، والتقي علي بن باسويه، والحسن بن أبي الحسن بن ثابت الطيبي، والمرجى بن شقيرة، ومحمد بن عمر بن الداعي الرشيدي، وغيرهم. ودار عليه إسناد العراق، ذكره ابن عساكر في تاريخه، فقال: شاب قدم دمشق وأقرأ بها، قرأ علي كتاب الغاية لابن مهران، وتفسير الواحدي الوسيط. ومدح بدمشق بعض الناس بقصيدة، يقول فيها: بأي حكم دم العشاق مطلول ... فليس يودي لهم في الشرع مقتول ليت البنان التي فيها رأيت دمي ... يرى بها لي تقليب وتقبيل وقال ابن نقطة: حدث بسنن أبي داود، وقد سمعه سنة ثمان عشرة وخمسمائة، وحدثني محمد بن أحمد بن الحسن ابن أخت ابن عبد السميع الواسطي. وكان ثقة صالحا قال: سمعت من ابن الباقلاني السنن، وسماعه فيه صحيح، قال: وكان قد قرأ على القلانسي بكتاب الإرشاد، وقراءته به صحيحة، وما سوى ذلك فإنه كان يزوره. قال ابن نقطة: قال لي أبو طالب بن عبد السميع: كان ابن الباقلاني يسمع كتاب مناقب علي -رضي الله عنه، عن مؤلفه أبي عبد الله بن الجلابي. فذكر أن سماعه في نسخة ليست موجودة بواسط، فقلت له: إن النسخ بها مختلفة، تزيد وتنقص، فلم يزل يسمعها من أي نسخة كانت. وقال ابن الدبيثي: انفرد في وقته برواية العشرة عن أبي العز وادعى رواية شيء آخر من الشواذ، عن أبي العز فتكلم الناس فيه، ووقفوا في ذلك، واستمر هو على روايته للمشهور والشاذ، شرها منه، وكان عارفا بوجوه القراءات، حسن التلاوة. قلت: يحتمل أنه روى ذلك الشاذ عن أبي العز بالإجازة، ودلس الأمر فيه، قال: وأقرأ الناس أكثر من أربعين سنه. وتوفي في ربيع الأول، سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة. قال ابن الدبيثي، سمعت أبا طالب عبد المحسن بن أبي العميد الصوفي يقول: رأيت في النوم بعد وفاة ابن الباقلاني، رحمه الله، كأن شخصا يقول لي: صلى عليه سبعون وليا لله -عز وجل1.   1 انظر/ غاية النهاية "1/ 461". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 308 63- المبارك بن المبارك بن أحمد بن زريق، الأستاذ أبو جعفر بن الإمام، أبي الفتح الواسطي الحداد المقرئ. ولد سنة تسع وخمسمائة، وقرأ القراءات على أبيه، وعلى أبي محمد سبط الخياط، وكان رأسا في معرفة الفن وقد سمع من علي بن علي بن شيران، وأبي علي الفارقي، ونصر الله بن الجلخت، وأبي عبد الله بن الجلابي، والمبارك بن نغوبا، وعلي بن عبد السلام الكاتب. وأجاز له خميس الحوزي، وأبو طالب بن يوسف، وعبد الله بن السمرقندي، ورزين العبدري، أقرأ الناس وأمهم زمانا. ذكره ابن الدبيثي، فقال: كان صدوقا، قرأت عليه القراءات ومات في رمضان، سنة ست وتسعين وخمسمائة. قلت: وحدث عنه يوسف بن خليل وغيره، وقرأ عليه بالروايات الداعي الرشيدي1. 64- محمد بن محمد بن هارون بن محمد بن كوكب، الأستاذ أبو عبد الله الحلي، ثم البغدادي المقرئ المعروف بابن الكال. ولد سنة خمس عشرة وخمسمائة، وعني بالقراءات المشهورة، والغريبة عناية كلية، وقرأ القراءات على أبي محمد سبط الخياط، وأبي الكرم الشهرزوري، ودعوان بن علي، وأبي العلاء الهمذاني، ويحيى بن سعدون القرطبي. وأقرأ الناس بالحلة مدة، قال أبو عبد الله الدبيثي: قرأت عليه بالروايات العشرة، وسمعت منه بالحلة المزيدية، وله بها حانوت. وبها توفي في حادي عشر ذي الحجة، سنة سبع وتسعين وخمسمائة قلت: وقرأ عليه القراءات الداعي الرشيد2. 65- محمد بن أبي محمد بن أبي المعالي، الشيخ أبو شجاع بن المقرون البغدادي، من أهل محلة اللوزية شيخ صالح عابد مقرئ محقق بصير بالقراءات. تصدر للإقراء والتلقين ستين سنة، حتى لقن الآباء والأبناء والأحفاد احتسابا لله تعالى.   1 انظر/ غاية النهاية "2/ 41". 2 انظر/ غاية النهاية "2/ 256, 257". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 309 فكان لا يأخذ من أحد شيئا، ويأكل من كسب يمينه، قرأ بالروايات على سبط الخياط، وأبي الكرم الشهرزوري، وسمع من علي بن الصباغ، وأبي الفتح عبد الله بن البيضاوي، وأبي الحسن بن عبد السلام وجماعة. وكان كبير القدر كثير الخير، أمارا بالمعروف نهاء عن المنكر، قال أبو عبد الله بن النجار: لقن خلقا كثيرا. ومات في ربيع الآخر سنة سبع وتسعين وخمسمائة، وحملت جنازته على الرءوس، وما رأيت جمعا أكثر من جمع جنازته، وكان وقورا مستجاب الدعوة. وقال أبو عبد الله الدبيثي: قرأنا عليه بالروايات، وسمعنا منه، ونعم الشيخ كان، ودفن بصفة بشر الحافي. قلت: وروى عنه الضياء المقدسي، وابن خليل، والتقي اليلداني والنجيب عبد اللطيف، والزين بن عبد الدائم، وآخرون. وقرأ عليه بالمبهج إبراهيم بن الخير1. 66- يوسف بن عبد الرحمن بن غصن أبو الحجاج الإشبيلي المقرئ. أحد الحذاق أخذ القراءات عن أبي الحسن شريح، وأبي العباس بن حرب المسيلي، وأبي العباس أحمد بن عيشون. وحدث عن أبي بكر بن العربي، وعمر دهرا طويلا، وتصدر للإقراء بإشبيلية، وانفرد بعلو الإسناد، بقي إلى حدود سنة سبع وتسعين وخمسمائة، وقد رحل الناس إليه2. 67- محمد بن إبراهيم بن محمد بن وضاح، أبو القاسم اللخمي الغرناطي، المقرئ. أخذ القراءات بمكة عن أبي علي بن العرجاء، سنة سبع وأربعين وخمسمائة، قاله الأبار: وأخذ أيضا عن ابن هذيل، ودخل بغداد. واستوطن جزيرة شقر، خطيبا ومقرئا بها، وكان صالحا زاهدا مشارا إليه بإجابة الدعوة. أخذ عنه ابنه أبو بكر محمد بن وضاح، وأبو عبد الله بن سعادة، توفي سنة سبع وثمانين وخمسمائة3.   1 انظر/ غاية النهاية "2/ 259". 2 انظر/ غاية النهاية "2/ 396, 397". 3 انظر/ غاية النهاية "2/ 46". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 310 68- عياش بن محمد بن عبد الرحمن بن الطفيل، الأستاذ أبو عمرو بن عظيمة العبدري، الإشبيلي المقرئ. أخذ القراءات عن أبيه الإمام أبي الحسن، وقد ذكر وعن أبي الحسن شريح، وتصدر للإقراء، فخلف أباه، وكان رأسا في التجويد، ثقة رضي عذب الصوت، له استدراك، وزيادة على أبيه في كتاب الإفادة. أخذ عنه القراءات ابنه أبو الحسن بن عظيمة، وأبو علي الشلوبيني توفي سنة خمس وثمانين وخمسمائة. وعاش ولده أبو الحسن محمد بن عياش، إلى سنة بضع وستمائة وهم بيت علم وقراءات بإشبيلية1. 69- عبد الله بن أحمد بن بكران أبو محمد الداهري الضرير، والداهرية من قرى نهر عيسى. وكان أحد الحذاق، من أصحاب سبط الخياط، وقد روى عن أبي غالب بن البناء، وأقرأ القراءات، وحج ومات بالمدينة، سنة خمس وسبعين وخمسمائة2. 70- علي بن عباس بن أحمد بن مظفر، الأستاذ أبو الحسن الواسطي، المقرئ خطيب شافيا. قرأ بالروايات على أبي العز القلانسي، وطال عمره، واشتهر اسمه. قرأ عليه ابن باسويه، وعلي بن خطاب المحدثي, مات في حدود التسعين وخمسمائة3.   1 انظر/ غاية النهاية "1/ 607". 2 انظر/ غاية النهاية "1/ 405". 3 انظر/ غاية النهاية "1/ 547". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 311 الطبقة الرابعة عشرة : 1- القاسم بن فيرة بن خلف بن أحمد الإمام أبو محمد وأبو القاسم الرعيني الشاطبي المقرئ الضرير أحد الأعلام. ولد في آخر سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة، وقرأ ببلده القراءات وأتقنها على أبي عبد الله محمد بن أبي العاص النفزي. ثم ارتحل إلى بلنسية وهي قريبة من شاطبة. فعرض بها التيسير من حفظه والقراءات على أبي الحسن بن هذيل وسمع الحديث منه، ومن أبي الحسن بن النعمة، وأبي عبد الله بن سعادة وأبي محمد بن عاشر، وأبي عبد الله بن عبد الرحيم، وعليم بن عبد العزيز وأبي عبد الله بن حميد. وارتحل ليحج، فسمع من أبي طاهر السلفي وغيره، واستوطن مصر واشتهر اسمه وبعد صيته، وقصده الطلبة من النواحي، وكان إماما علامة، ذكيا كثير الفنون منقطع القرين، رأسا في القراءات، حافظا للحديث، بصيرا بالعربية، واسع العلم. وقد سارت الركبان بقصيدتيه، حرز الأماني وعقيلة أتراب القصائد، اللتين في القراءات والرسم، وحفظهما خلق لا يحصون؛ وخضع لهما فحول الشعراء وكبار البلغاء، وحذاق القراء. ولقد أودع وأوجز وسهل الصعب، روى عنه أبو الحسن بن خيرة، ووصفه من قوة الحفظ بأمر معجب، وقرأ عليه بالروايات عدد كثير، منهم أبو موسى عيسى بن يوسف المقدسي, وأبو القاسم عبد الرحمن بن سعد الشافعي، شيخا أبي عبد الله الفاسي وأبو عبد الله محمد بن عمر بن يوسف القرطبي، والزين أبو عبد الله الكردي، وأبو الحسن علي بن محمد السخاوي، والسديد عيسى بن أبي الحرم العامري، والكمال علي بن شجاع الضرير. وحدث عنه محمد بن يحيى الجنجالي، وبهاء الدين بن الجميزي، وآخر من روى عنه الشاطبية، أبو محمد عبد الله بن عبد الوارث الأنصاري ويعرف بابن فار اللبن، وهو آخر أصحابه موتا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 312 قال أبو عبد الله الأبار في تاريخه: تصدر للإقراء بمصر، فعظم شأنه، وبعد صيته، وانتهت إليه الرياسة في الإقراء، قال: وقفت على نسخة من إجازته، حدث فيها بالقراءات، عن أبي عبد الله بن اللاية، عن أبي عبد الله بن سعيد، ولم يحدث فيها عن ابن هذيل. قال: وتوفي بمصر في الثامن والعشرين من جمادى الآخرة، سنة تسعين وخمسمائة. قلت: وكان موصوفا أيضا بالزهد، والعبادة والانقطاع وقد تصدر للإقراء بالمدرسة الفاضلية، ومن شعره. قل للأمير نصيحة ... لا يركنن إلى فقيه إن الفقيه إذا أتى ... أبوابكم لا خير فيه عاش الشاطبي -رحمه الله- اثنتين وخمسين سنة، وخلف أولادا منهم زوجة الكمال الضرير، ومنهم أبو عبد الله محمد بن القاسم، بقي إلى سنة خمس وخمسين وستمائة. وروي عن أبيه، وعن البوصيري، وعاش قريبا من ثمانين سنة1. 2- شجاع بن محمد بن سيدهم، بن عمرو بن حديد بن عسكر الإمام أبو الحسن المذلجي المصري المقرئ المالكي. ولد سنة ثمان وعشرين وخمسمائة، وقرأ القراءات على أبي العباس أحمد بن الحطيئة، وسمع منه ومن عبد الله بن رفاعة السعدي، وعبد المنعم بن موهوب الواعظ، وأبي طاهر السلفي. وأخذ العربية عن أبي بكر بن السراج، والفقه عن أبي القاسم عبد الرحمن بن الحسين الجباب، وعمر بن محمد الذهبي، وتصدر للإقراء بجامع مصر، وانتفع به الجماعة. قرأ عليه الكمال علي بن شجاع العباسي وغيره، وتوفي في ربيع الآخر سنة إحدى وتسعين وخمسمائة2. 3- أحمد بن علي بن عتيق بن إسماعيل أبو جعفر القرطبي، الفنكي الشافعي المقرئ إمام الكلاسة. ولد بقرطبة سنة ثمان وعشرين وخمسمائة، وسمع من أبي الوليد يوسف بن الدباغ الحافظ، بقراءة أبيه، وحج.   1 انظر/ غاية النهاية "2/ 20-23". 2 انظر/ غاية النهاية "1/ 324". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 313 وجاور، فقرأ القراءات على الشيخ عبد الكافي بن توكل الجبلي، صاحب أبي العز القلانسي، وكان قد قرأ القراءات بالأندلس، على أبي بكر محمد بن جعفر بن صاف، صاحب أبي الحسن شريح بن محمد. ثم رحل إلى الموصل، وقرأ على يحيى بن سعدون الأزدي، وقدم دمشق فسمع بها الكثير، من الحافظ أبي القاسم بن عساكر وأبي نصر عبد الرحيم بن يوسف، وخلق. وعني بالحديث والقراءات، وكتب الكثير، وخطه معروف حلو، وكان إماما صالحا قانتا لله، كبير القدر، وفنك قلعة من أعمال قرطبة، أقرأ القراءات. روى عنه: ولداه تاج الدين محمد وإسماعيل، ويوسف بن خليل والشهاب القوصي، وبالإجازة شيخنا أحمد بن سلامة الحداد. توفي في شهر رمضان، سنة ست وتسعين وخمسمائة1. 4- علي بن عتيق بن عيسى بن أحمد، أبو الحسن القرطبي الأنصاري، الخزرجي المقرئ. قال الأبار: أخذ القراءات عن أبي القاسم عبد الرحيم بن الفرس، وأبي العباس بن زرقون، وأبي جعفر البطروجي. وحدث عن أبي محمد الرشاطي، وأبي الحسن بن مغيث، وأبي القاسم بن بقي، وأبي بكر بن العربي، وطائفة، وحج فسمع من السلفي وغيره، وعني بالحديث. وكان بصيرا بالقراءات، يشارك في علم الطب، وعلم الشعر، ألف في الطب والأصول، سمع منه أبو الحسن بن المفضل المقدسي، وشيوخنا أبو عبد الله التجيبي، وأبو الربيع بن سالم، وأبو الحسن بن خيرة. توفي سنة ثمان وتسعين وخمسمائة، وولد بعد العشرين وخمسمائة2. 5- طفيل بن محمد بن عبد الرحمن بن طفيل أبو نصر بن عظيمة العبدي الإشبيلي المقرئ. قال الأبار: أخذ القراءات عن أبيه أبي الحسن، وأبي الحسن شريح، وكان مجودا ضابطا عارفا، أدب بالقرآن، وطال عمره، وأخذ عنه الآباء والأبناء، روى عنه أبو علي الشلوبيني وغيره.   1 انظر/ غاية النهاية "2/ 205". 2 انظر/ غاية النهاية "1/ 555". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 314 وعاش إلى سنة تسع وتسعين وخمسمائة وهو أخو عياش1. 6- عبد الله بن أحمد بن محمد بن علوش الإشبيلي المقرئ، نزيل مراكش. أخذ القراءات عن أبي الحسن شريح، وسمع من جده محمد بن علي، وأبي بكر بن العربي، وأدب بمراكش أولاد المنصور يعقوب بن يوسف. وكان عالما محققا مهيبا، مجودا للقراءات مشاركا في العربية، توفي قبل الستمائة2. 7- محمد بن يوسف بن علي الإمام شهاب الدين، أبو الفضل الغزنوي، المقرئ الفقيه الحنفي، نزيل القاهرة. ولد سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة، وسمع في صغره من أبي بكر قاضي المرستان، وأبي منصور بن خيرون وجماعة، وقرأ القراءات على أبي محمد سبط الخياط. وحدث ببغداد والشام ومصر، وتصدر للإقراء، قرأ عليه الإمامان علم الدين السخاوي وجمال الدين بن الحاجب، وحدث عنه ابن خليل والضياء المقدسي. والكمال الضرير، والرشيد العطار، والمعين أحمد بن زين الدين الدمشقي، ودرس المذهب بمسجد الغزنوي المعروف به. ومات بالقاهرة، في نصف ربيع الأول، سنة تسع وتسعين وخمسمائة3. 8- محمد بن يوسف بن مفرج بن سعادة أبو بكر، وأبو عبد الله الإشبيلي المقرئ، نزيل تلمسان. قال أبو عبد الله الأبار: أخذ القراءات عن أبي الحسن شريح، وأبي العباس بن حرب المسيلي، وسمع منهما ومن أبي بكر بن العربي، وأبي بكر بن مدير. وكان مقرئا فاضلا، ومحدثا ضابطا، أخذ الناس عنه، وعمر وأسن، توفي سنة ستمائة4. 9- أحمد بن سلمان بن أحمد بن أبي شريك الحربي أبو العباس المقرئ، المحدث الملقب بالسكر.   1 انظر/ غاية النهاية "1/ 341". 2 انظر/ غاية النهاية "1/ 408". 3 انظر/ غاية النهاية "2/ 286". 4 انظر/ غاية النهاية "2/ 288". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 315 قرأ بالروايات على أبي الفضل أحمد بن محمد بن شنيف، ويعقوب بن يوسف الحربي، وأبي بكر بن الباقلاني، وسمع من سعيد بن البناء، فمن بعده. وكان مفيد المحدثين في زمانه، مع الخير والعبادة والتلاوة، توفي سنة إحدى وستمائة1. 10- محمد بن خلف بن مروان بن مرزوق بن أبي الأحوص، أبو عبد الله الزناتي البلنسي المقرئ، المعروف بابن نسع. قرأ القراءات على أبي الحسن بن هذيل، واختص به ولازمه، وسمع السيرة من طارق بن يعيش بنزول وكثيرا ما كان يسمع منه، حتى كاد أن يحفظها. روى عنه أبو محمد عبد الله بن أبي بكر الأبار، وأبو الحسن بن خيرة، وأبو الربيع بن سالم، وأبو بكر بن محرز، وجماعة. توفي في شعبان سنة تسع وتسعين، وله تسعون سنة، وشيعه أمم لا يحصون، وكان موصوفا بالزهد والصلاح2. 11- حمزة بن علي بن فارس الأستاذ أبو يعلى الحراني، ثم البغدادي المقرئ، المعروف بابن القبيطي، أحد القراء المحققين المسندين. قرأ القراءات على سبط الخياط، وأبي الكرم الشهرزوري، وعلي بن أحمد الأزدي، وسمع منهم، ومن أبي عبد الله بن السلال، وأبي الحسن بن توبة، وأبي الفضل الأرموي. وكان ثقة صادقا حسن الأخلاق، روى عنه أبو عبد الله الدبيثي، والضياء محمد، وابن خليل، والنجيب عبد اللطيف، توفي في ذي الحجة سنة اثنتين وستمائة، وقد قارب الثمانين3. 12- عبد الوهاب بن الأمين علي بن علي بن عبد الله، الإمام أبو أحمد بن سكينة، البغدادي المقرئ الصوفي، شيخ العراق في عصره. ولد سنة تسع عشرة وخمسمائة، وأسمعه ابن ناصر من هبة الله بن الحصين، وزاهر الشحامي، وأبي بكر قاضي المارستان، وأبي غالب الماوردي، ومحمد بن حمويه الجويني الزاهد، وعمر بن إبراهيم الزيدي.   1 انظر/ غاية النهاية "1/ 58". 2 انظر/ غاية النهاية "2/ 38". 3 انظر/ غاية النهاية "1/ 264". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 316 وسمع بعد ذلك بنفسه، على أبيه وخلق كثير، وكان يسمع مع الحافظين ابن عساكر وابن السمعاني، وقرأ بالروايات الكثيرة على أبي محمد سبط الخياط، وعلى أبي العلاء الهمذاني، وعلى أبي الحسن بن محمويه. وتفقه في المذاهب والخلاف على شيخ الشافعية سعيد بن الرزاز، وقرأ العربية على ابن الخشاب، ولبس الخرقة من جده لأمه أبي البركات النيسابوري، وصحبه، ولازم ابن ناصر، فقرأ عليه الكثير، وعلى ابن الطلاية، وهذه الطبقة. وطال عمره وانتهت إليه مشيخة العلم، وكان إماما صالحا قدوة، مقرئا مجودا كثير المحاسن. ذكره ابن النجار، فقال: عمر حتى حدث بجميع مروياته مرارا، وقصده الطلبة من البلاد. وكانت أوقاته محفوظة، فلا تمضي له ساعة إلا في قراءة أو ذكر أو تهجد أو تسميع، وكان كثير الحج والمجاورة والطهارة، لا يخرج إلا لحضور جمعة أو عيد أو جنازة. ولا يحضر دور الرؤساء، ويديم الصوم غالبا، ويستعمل السنة في أموره، ويتواضع لجميع الناس، وكان ظاهر الخشوع غزير الدمعة، قد ألبس رداء من البهاء، وحسن الخلقة وقبول الصورة، وجلالة العبادة. وكانت له في القلوب منزلة عظيمة، صحبته قريبا من عشرين سنة، وطفت البلاد، فما رأيت أكمل منه ولا أكثر عبادة، ولا أحسن سمتا، وقرأت عليه بالروايات وكان ثقة حجة. وقال يحيى بن القاسم مدرس النظامية: كان ابن سكينة عالما عاملا، دائم التكرار لكتاب "التنبيه" كثير الإشتغال بـ"المهذب" و"الوسيط"، لا يضيع شيئا من وقته. قلت: روى عنه موفق الدين بن قدامة، وتقي الدين بن الصلاح، والضياء وابن الدبيثي، وابن خليل وابن عبد الدائم، والنجيب عبد اللطيف، وغيرهم. توفي في ربيع الآخر سنة سبع وستمائة1. 13- عبد الواحد بن عبد السلام بن السلطان أبو الفضل الأزجي، البيع المقرئ المعدل.   1 انظر/ غاية النهاية "1/ 480". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 317 قرأ القراءات الكثيرة على أبي محمد سبط الخياط، وأبي الكرم الشهرزوري، وسمع منهما ومن جماعة، وتصدر للإقراء، فقرأ عليه جماعة، منهم الشيخ مجد الدين ابن تيمية، وإبراهيم بن الخير، وحدث عنه يوسف بن خليل، والضياء المقدسي، والنجيب عبد اللطيف. وكان صالحا خيرا بصيرا بصناعة الإقراء، عالي الإسناد، توفي في ربيع الأول، سنة أربع وستمائة، ودفن بباب حرب، وله ثلاث وثمانون سنة1. 14- أحمد بن محمد بن أحمد بن مقدام، أبو العباس الرعيني الإشبيلي المقرئ. أخذ القراءات عرضا عن أبي الحسن شريح، وسمع منه وابن العربي، وأبي عمر بن صالح وجماعة، وكان عارفا بالقراءات، أديبا زاهدا دينا؛ انفرد بالتلاوة على شريح. أخذ الناس عنه كثيرا، توفي سنة أربع وستمائة بين العيدين، وله ثمان وثمانون سنة2. 15- محمد بن علي بن عبد الرحمن بن عبد العزيز بن زكريا الخطيب، أبو بكر بن حسنون الكتامي الأندلسي، البياسي المقرئ. أخذ القراءات عن أبيه وعن أبي الحسن شريح، وعبد الله بن خلف صاحب ابن الدوش وغيره، وسمع منهم، ومن القاضي أبي بكر بن العربي، وأبي القاسم بن ورد. وولي قضاء بياسة وخطابتها، وتصدر للإقراء والتحديث، وكان حاذقا بالصناعة مجودا ماهرا، توفي في رمضان سنة أربع -أيضا- وستمائة. وقد بلغ التسعين، وقيل: بل جاوز الثمانين3. 16- زيد بن الحسن بن زيد بن الحسن بن زيد بن الحسن بن الحسن، بن سعيد بن عصمة بن حمير، العلامة تاج الدين أبو اليمن الكندي البغدادي، التاجر المقرئ النحوي الحنفي، شيخ القراء والنحاة بدمشق. ولد في شعبان سنة عشرين وخمسمائة، وقرأ القرآن تلقينا على أبي محمد سبط الخياط، وله نحو من سبع سنين، وهذا نادر. وأندر منه أنه قرأ بالرويات العشر، وهو ابن عشر حجج، وما علمت هذا وقع لأحد أصلا.   1 انظر/ غاية النهاية "1/ 474". 2 انظر/ غاية النهاية "1/ 104". 3 انظر/ غاية النهاية "2/ 205-241". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 318 وأعجب من ذلك أنه عمر الدهر الطويل، وانفرد في الدنيا بعلو الإسناد في القراءات، وعاش بعد ما قرأها بعدة كتب، ثلاثا وثمانين سنة. وهذا لا نظير له في الإسلام، وقد قرأ بست روايات، على هبة الله بن الطبر الحريري، وسمع منه وهو آخر أصحابه موتا. وقرأ بالعشر على أبي منصور بن خيرون، وأبي بكر محمد بن ابراهيم المحولي، وأبي الفضل بن المهتدي بالله، وسمع من القاضي أبي بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري، وأبي منصور الشيباني، وأبي القاسم بن السمرقندي، وأبي الحسن بن توبة، وطائفة سواهم، تفرد عن كبارهم. وأخذ العربية عن سبط الخياط، ثم عن أبي السعادات هبة الله بن الشجري وغيره، واللغة وكان بارعا فيها عن أبي منصور بن الجواليقي. وتفقه في مذهب أحمد، وقال الشعر الجيد، وعانى في شبيبته التجارة والأسفار، ومدح بالشعر فروخشاه نائب دمشق، فنوه بذكره، وأقبل عليه، وتصدر بدمشق للاشغال زمانا. ونال جاها ودنيا عريضة، واتخذ المماليك، ودارا كبيرة بدرب العجم فكان الملك المعظم صاحب دمشق ينزل إليه ويقرأ عليه، وانتقل إلى مذهب أبي حنيفة لأجل الدنيا. وكان حسن الأخلاق طيب المزاج، مكرما للغرباء، حجة في النقل متبحرا في عدة علوم، خرج له عدة أصحاب، وقرأ عليه القراءات علم الدين السخاوي، وعلم الدين القاسم الأندلسي، ومنتخب الدين الهمذاني، وكمال الدين بن فارس، وجماعة. وانتهى إليه أيضا علو الإسناد في الحديث، وسمع منه خلق لا يحصون روى عنه الحافظ عبد الغني وأولاده، وابن الأنماطي، والضياء المقدسي والشيخ شمس الدين بن أبي عمر، وأبو الغنائم بن علان. وفخر الدين بن البخاري، ومحمد بن مؤمن ويوسف بن المجاور، وأمم سواهم، وفيه يقول السخاوي: لم يكن في عصر عمرو مثله، وكذا الكندي في آخر عصره. فهما زيد وعمرو إنما ... بني النحو على زيد وعمرو توفي تاج الدين الكندي، في شوال سنة ثلاث عشرة وستمائة، ودفن بقاسيون، رحمه الله تعالى. 17- محمد بن أحمد بن بختيار الإمام القاضي أبو الفتح المندائي الواسطي، المقرئ المعدل. ولد سنة سبع عشرة وخمسمائة، وسمع القراءات من أبي عبد الله البارع. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 319 وقرأ بواسط على أحمد بن عبيد الله الآمدي، سبط الأغلاقي، والرئيس أبي يعلى محمد بن سعد بن تركان، وسمع من ابن الحصين، وهبة الله بن الطبر، وأبي السعود أحمد بن علي المجلي. وأبي الحسن عبد الله بن محمد بن البيهقي، وأبي بكر محمد بن الحسين المزرفي، وعمر بن إبراهيم العلوي، وأبي عبد الله الجلاني، وأبي عامر محمد بن سعدون العبدري، وطائفة سواهم. وكان مسند العراق في زمانه، قال أبو عبد الله بن الدبيثي: كان حسن المعرفة جيد الأصول، صحيح النقل مستيقظا، روى الكثير وصار أسند أهل زمانه، وقصد من الآفاق. ونعم الشيخ كان عقلا وخلقا ومودة، توفي في شعبان سنة خمس وستمائة، قلت: روى عنه أبو الطاهر إسماعيل بن الأنماطي، والخطير فتوح الخوبي، والزين أحمد بن عبد الدائم1. 18- غياث بن فارس بن مكي الأستاذ أبو الجود اللخمي المنذري، المصري المقرئ الفرضي، النحوي العروضي الضرير، شيخ القراء بديار مصر. قرأ القراءات على الشريف أبي الفتوح الخطيب، وسمع من عبد الله بن رفاعة السعدي وغيره، وتصدر للإقراء، من شبيبته. وقرأ عليه خلق كثير، منهم علم الدين السخاوي، وعبد الظاهر بن نشوان، والمنتخب الهمذاني، والفقيه زيادة، وأبو عمرو بن الحاجب، والعلم أبو محمد القاسم بن أحمد اللورقي، والكمال على بن شجاع العباسي. وأبو علي منصور بن عبد الله الأنصاري الضرير، والتقي عبد الرحمن بن مرهف الناشري، وأبو الفتح عبد الهادي بن عبد الكريم خطيب جامع المقياس. وخلق آخرهم وفاة أبو طاهر اسماعيل بن هبة الله المليجي، ذكره الحافظ زكي الدين المنذري في الوفيات له، وقال: أقرأ الناس دهرا، ورحل إليه، وأكثر المتصدرين للإقراء بمصر أصحابه، وأصحاب أصحابه، سمعت منه. وقرأت القراءات في حياته على أصحابه، ولم يتيسر لي القراءة عليه، ومولده سنة ثمان عشرة وخمسمائة، قال: وكان دينا فاضلا بارعا في الأدب حسن الأداء لفاظا، متواضعا كثير المروءة، لا يطلب منه قصد أحد في حاجة إلا يجيب.   1 انظر/ غاية النهاية "2/ 56". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 320 وربما اعتذر إليه المشفوع إليه، ولم يجبه فيطلب منه العود إليه فيعود إليه، تصدر بالجامع العتيق بمصر، وبمسجد الأمير موسك بالقاهرة، وبالمدرسة الفاضلية، إلى أن توفي في تاسع رمضان سنة خمس وستمائة1. 19- يحيى بن الحسين بن أحمد الأستاذ، أبو زكريا الأواني العراقي، الضرير المقرئ. ولد سنة بضع عشرة وخمسمائة، وقرأ على أبي الكرم الشهرزوري، ودعوان بن علي وغيرهما، وذكر أنه قرأ على سبط الخياط، فتكلم فيه لذلك. وقد سمع بواسط من أبي عبد الله الجلابي، وتصدر للإقراء، وكان عارفا بالفن، عالي الإسناد، لكنه ليس بالمتقن، وفيه تساهل في الرواية والأخذ. وقد قرأ بواسط على محفوظ بن عبد الباقي، روى عنه ابن الدبيثي، والضياء محمد، وابن خليل والنجيب الحراني، وآخرون، ويقال له ابن حميلة بحاء مضمومة. توفي في الثالث والعشرين من صفر، سنة ست وستمائة، وقد جاوز التسعين، وجد في المسجد ميتا2. 20- عبد العزيز بن أحمد بن مسعود بن مسعد بن علي بن الناقد، الإمام أبو محمد البغدادي، المقرئ الجصاص. قرأ بالروايات الكثيرة، على أبي الكرم الشهرزوري، وعمر بن عبد الله الحربي، وسمع من أبي الفضل الأرموي، وابن ناصر وجماعة، وتصدر للإقراء مدة، وكان ثقة بصيرا بالفن، قرأ عليه بالمصباح جماعة. منهم أبو منصور محمد بن علي بن عبد الصمد المقرئ، وقرأ القرآن عليه بالعشر، الشيخ عبد الصمد، وحدث عنه الضياء المقدسي، وابن النجار، والنجيب الحراني، والشيخ عبد الصمد بن أبي الجيش. توفي في شوال سنة ست عشرة وستمائة، وله ست وثمانون سنة وكان من بقايا القراء المسندين، والصلحاء الذاكرين3. 21- أحمد بن علي بن يحيى بن عون الله الأستاذ المقرئ، أبو جعفر الحصار الداني نزيل بلنسية.   1 انظر/ غاية النهاية "2/ 4". 2 انظر/ غاية النهاية "2/ 368". 3 انظر/ غاية النهاية "1/ 392". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 321 ولد في حدود سنة ثلاثين وخمسمائة، قرأ على أبي عبد الله محمد بن سعيد بن غلام الفرس، وأخذ عن أبي إسحاق بن محارب، تلميذ ابن غلام الفرس. ورحل فقرأ على أبي الحسن بن هذيل، وأكثر من السماع منه، ومن أبي الحسن بن النعمة، وابن سعادة، وتصدر للإقراء فرأس أهل العصر بالأندلس ورحل الناس إليه. ذكره الأبار فقال: لم يكن أحد يدانيه في الضبط والتجويد والإتقان، تصدر في حياة شيوخه، وأخذ عنه الآباء والأبناء، ثم اضطرب بأخرة في روايته، فأسند عن جماعة أدركهم. وكان بعض شيوخنا ينكر ذلك عليه، مع صحة روايته عن المذكورين قبل، وإكثاره عنهم، قلت: لم يذكر ابن الأبار فيهم ابن غلام الفرس، فهو أحد من أسند عنه بأخرة، فتكلم فيه. قال: وأخذ عنه والدي القراءات، وأخذتها بعد مدة أنا عن الحصار، وسمعت منه جملة، قلت: وأخذ عنه علم الدين القاسم بن أحمد الأندلسي، نزيل دمشق. قال الأبار: توفي في ثالث صفر سنة تسع وستمائة، قبل الكائنة العظمى على المسلمين بالعقاب من ناحية جيان بأيام، وقد قارب الثمانين1. 22- محمد بن سعيد بن محمد أبو عبد الله المرادي المرسي المقرئ. أخذ القراءات عن أبي الحسن بن هذيل، وأبي علي بن غريب، وسمع منهما، ومن أبي عبد الله بن سعادة، وأبي محمد بن عاشر، قرأ عليه بالتيسير علم الدين القاسم وغيره. ذكره الأبار فقال: كان خيرا فاضلا، أخذ الناس عنه، الكثير وتوفي بمرسية ليلة الجمعة الحادي والعشرين من رمضان سنة ست وستمائة، وله أربع وستون سنة2. 23- محمد بن أيوب بن محمد بن وهب بن محمد بن وهب بن نوح الغافقي، القاضي أبو عبد الله البلنسي المقرئ. أخذ القراءات عن ابن هذيل، وسمع من أبيه، وأبي عبد الله بن سعادة، وأبي الحسن بن النعمة، وجماعة، وتفقه بأبي بكر يحيى بن محمد بن عقال، صاحب أبي جعفر البطروجي، واستظهر عليه المدونة.   1 انظر/ غاية النهاية "1/ 90". 2 انظر/ غاية النهاية "2/ 145". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 322 وأخذ النحو عن ابن النعمة، وكتب إليه بالإجازة، أبو مروان بن قزمان، وأبو طاهر السلفي، وكان جم الفضائل، لم يكن له في زمانه بشرق الأندلس، نظير، تفننا واستبحارا. وكان من الراسخين في العلم، صدرا في المشاورين من الفقهاء، قد برع في علم القراءات والعربية، والفقه والفتيا، وأما عقد الشروط فإليه انتهت الرياسة فيه، وإليه كان المنتهى. وكان كريم الأخلاق. عظيم القدر سمحا جوادا سريا، خطب بجامع بلنسية، وكانت فيه دعابة، فوجد بعض الناس سبيلا إلى التكلم فيه. أقرأ القراءات ودرس الفقه وعلم النحو، ورحل الطلبة إليه، وطال عمره وبعد صيته، قرأ عليه بالروايات العلامة أبو عبد الله محمد بن عبد الله الأبار، والعلامة أبو محمد القاسم بن أحمد اللورقي. ولد سنة ثلاثين وخمسمائة، ومات في سادس شوال سنة ثمان وستمائة، أرخه الأبار1. 24- علي بن أحمد بن سعيد الأستاذ أبو الحسن بن الدباس، الواسطي المقرئ العدل. ولد بواسط سنة ثمان وعشرين وخمسمائة، وقرأ بها القراءات على الشيخ عبد الرحمن بن الحسين بن الدجاجي، وأبي الفتح المبارك بن أحمد بن زريق الحداد، وأبي الكرم محفوظ بن عبد الباقي بن النازنج. ثم رحل إلى همذان فقرأ على الحافظ أبي العلاء، وقرأ ببغداد القراءات على أبي الكرم الشهرزوري، كما زعم وهو أكبر شيوخه، وعلى عبد الوهاب بن محمد الصابوني، وعلى ابن أحمد اليزدي، ويوسف بن المبارك بن أبي شيبة الخياط. وقرأ بالموصل على يحيى بن سعدون القرطبي، وأقرأ الناس دهرا، وكان رأسا في معرفة القراءات وعللها بصيرا بالعربية، حسن التواضع، انتفع به خلق عظيم ببغداد. قال الحافظ عبد العظيم المنذري: ذكر أبو الحسن الدباس، أنه قرأ على أبي الكرم الشهرزوري، فأنكر عليه، وروى عن أبي طالب الكتاني، ما لا يعرف عنه. وقال ابن النجار في تاريخه، ذكر لي محمد بن سعيد الحافظ، أن أبا الحسن بن الدباس، حدث بكتاب الحجة لأبي علي الفارسي عن الكتاني، قال: أخبرنا أبو الفضل بن   1 انظر/ غاية النهاية "2/ 103". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 323 خيرون إجازة، وما علمنا له من ابن خيرون إجازة، ولم يشاهد ابن الدباس عند الكتاني قط. وقال ابن الدبيثي في تاريخه: قال لي عبد العزيز بن عبد الملك الشيباني: وقفت على رقعة فيها خط مزور، على خط أبي الكرم الشهرزوري، بقراءة ابن الدباس عليه. وقال ابن النجار: سألت ابن الدباس عن مولده فقال: سنة سبع وعشرين وخمسمائة، ودخلت بغداد سنة تسع وأربعين. قال: وكان عالما بالقراءات وعللها قيما بحفظ أسانيدها، توفي ببغداد في سابع عشر رجب سنة سبع وستمائة1. 25- علي بن أبي الأزهر الشيخ أبو الحسن الأجمي، البغدادي المقرئ، كان لا يلحقه أحد في سرعة القراءة. ولقد قرأ في يوم واحد بمحضر جماعة من القراءة، أخذت خطوطهم بتلاوة أربع ختمات إلا سبع، وهذا أمر عجب، توفي في رمضان، سنة سبع وستمائة ببغداد2. 26- عبد الصمد بن سلطان بن أحمد بن الفرح، أبو محمد الجذامي الصويتي، المصري المقرئ النحوي، المعروف بالمعتمد ابن قراقيش. ولد سنة أربعين وخمسمائة، وقرأ القرآن على الشريف أبي الفتوح الخطيب، وكان متقنا للعربية، رأسا في الطب، قال المنذري: توفي في جمادى الآخرة، سنة ثمان وستمائة3. 27- أحمد بن الحسن بن أبي البقاء، أبو العباس العاقولي، ثم البغدادي المقرئ. قرأ بالروايات على أبي الكرم الشهرزوري، وتصدر للإقراء، وحدث عن أبي منصور الشيباني، وأبي منصور بن خيرون وجماعة كثيرة، بإفادة أخيه. روى عنه الضياء محمد، وابن خليل والنجيب عبد اللطيف، وابن عبد الدائم، وتوفي يوم التروية من ذي الحجة، سنة ثمان وستمائة وله ثلاث وثمانون سنة4. 28- زاهر بن رستم الشيخ أبو شجاع الأصبهاني، ثم البغدادي المقرئ الفقيه الشافعي.   1 انظر/ غاية النهاية "1/ 519". 2 انظر/ غاية النهاية "1/ 526". 3 انظر/ غاية النهاية "1/ 388". 4 انظر/ غاية النهاية "1/ 45, 46". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 324 ولد سنة ست وعشرين، وقرأ بالقراءات على أبي محمد سبط الخياط، وأبي الكرم الشهرزوري، وسمع منهما ومن أبي الفتح الكروخي وطبقتهم وصحب الصوفية ثم جاور وأم بالمقام، وروى الكثير. قال ابن نقطة: كان صحيح السماع والقراءات، توفي في ذي القعدة سنة تسع وستمائة، روى عنه الزكي البرزالي، والضياء المقدسي، وابن خليل والنجيب عبد اللطيف1. 29- أسامة بن سليمان بن محمد بن غالب، أبو بكر الداني. قرأ القراءات على أبي عبد الله بن غلام الفرس، وسمع من أبي الوليد بن الدباغ، وأبي الحسن بن عز الناس، وشارك في الفقه، وتقدم في عقد الشروط. وكان منقطع القرين في الصلاح والورع، حمل الناس عنه توفي سنة ست وستمائة2. 30- الحسين بن يوسف بن أحمد بن يوسف بن فتوح، العلامة أبو علي بن زلال البلنسي المقرئ. أخذ القراءات عن ابن هذيل، وطارق بن موسى صاحب شريح، وسمع منهما ومن ابن النعمة وابن سعادة، وأجاز له السلفي، وانتهت إليه أستاذية الإقراء، لإتقانه وتحقيقه، وتجويده وعلو إسناده، وتفننه، وذكائه، وكان ضريرا. قال الأبار: سمعت منه جملة، وانتقل إلى مرسية، فأقرأ بها إلى أن مات في المحرم سنة ثلاث عشرة وستمائة وولد سنة سبع وأربعين وخمسمائة3. 31- مفوز بن طاهر بن حيدرة بن مفوز، أبو بكر المعافري الشاطبي قاضي شاطبة. سمع أباه وأبا الوليد بن الدباغ، وأبا عامر بن حبيب، وقرأ القراءات على أبي الحسن علي بن أبي العيش، وأبي عبد الله محمد بن علي النقزي بن اللايه، وتفقه بأبي محمد بن عاشر، وكان فصيحا مشاورا حسن السمت. توفي سنة تسعين وخمسمائة، عن ثلاث وسبعين سنة4.   1 انظر/ غاية النهاية "1/ 288". 2 انظر/ غاية النهاية "1/ 155". 3 انظر/ غاية النهاية "1/ 253". 4 انظر/ غاية النهاية "2/ 308". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 325 32- علي بن موسى بن علي بن موسى بن محمد أبو الحسن بن النقرات، الأنصاري السالمي الجياني نزيل فاس ومقرئها. أخذ القراءات، عن أبي علي بن عريب، وعبد الله بن محمد الفهري وغيرهما، وكان صالحا ورعا توفي سنة بضع وتسعين وخمسمائة، وقد قارب الثمانين1. 33- يحيى بن أحمد بن سليمان الشيخ أبو زكريا بن مورين الجذامي، الإشبيلي المقرئ. أخذ القراءات عن شريح، وأبي العباس بن عيشون، وشعيب بن عيسى، وأبي العباس بن حرب المسيلي، وأخذ النحو عن أبي الحسن بن مسلم، وتصدر ببلده للإقراء. وكان مجودا متقنا أسره العدو وخلصه الله تعالى، وتمت له في خلاصه عجائب، أخذ عنه أبو العباس النباتي، وأبو بكر بن سيد الناس، عمر وأسن، ومات في عشر المائة. وكان مسند القراء في عصره بالأندلس، قال الأبار: توفي في ذي القعدة، سنة ست وستمائة، ومولده سنة خمس عشرة وخمسمائة2. 34- عبد الوهاب بن برغش أبو الفتح البغدادي المقرئ ختن ابن الجوزي. قرأ بالروايات الكثيرة، على أحمد بن محمد بن شنيف، وعلى ابن عساكر البطائحي، وسعد الله بن الدجاجي وتفقه في مذهب أحمد، وقرأ الخلاف. وكان صدوقا خيرا قانعا باليسير، حدث عن أبي الوقت، وأقرأ، توفي سنة اثنتي عشرة وستمائة، وله سبعون سنة3. 35- عبد السلام بن عبد الناصر بن عبد المحسن، الشيخ أبو محمد المصري المقرئ، شيخ عالي الإسناد، في القراءات، يعرف بابن عديسة. قال الحافظ عبد العظيم: قرأ القراءات على الشريف أبي الفتوح الخطيب، وأقرأ بدمياط مدة، توفي سنة ثلاث عشرة وستمائة4. 36- محمد بن أحمد بن عبد العزيز بن سعادة، الشاطبي أبو عبد الله المقرئ. أخذ القراءات عن ابن هذيل، وأبي بكر بن نمارة، وجماعة وأخذ العربية عن أبي   1 انظر/ غاية النهاية "1/ 581, 582". 2 انظر/ غاية النهاية "2/ 366". 3 انظر/ غاية النهاية "1/ 478". 4 انظر/ غاية النهاية "1/ 386". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 326 الحسن بن النعمة، وأبي عبد الله بن حميد، وسمع من أبي عبد الله بن سعادة، وابن عاشر. ذكره الأبار فقال: كان مقرئا متصدرا نحويا لغويا محققا لقيته وسمعت منه مسألة، وأجاز لي، وقد أخذ عنه جماعة، وتوفي سنة أربع عشرة وستمائة1. 37- محمد بن أحمد بن جبير أبو الحسين الكناني البلنسي المقرئ. أخذ القراءات عن أبي الحسن بن أبي العيش، وأجاز له أبو الوليد بن الدباغ، وسمع من أبيه، وأبي عبد الله الأصيلي، وجماعة وعني بالآداب عناية لا مزيد عليها. قال الأبار: تقدم في صناعة النظم والنثر، ونال بها دنيا عريضة، ثم رفضها وزهد، وصحب أبا جعفر بن حسان للحج فسمع من عمر الميانشي، وبدمشق من الخشوعي، ورجع فحدث بالأندلس، ودون شعره. ثم رحل إلى المشرق ثانية وثالثة، وحدث هناك، قلت: روى عنه الحافظ زكي الدين عبد العظيم، والكمال الضرير، وجماعة. توفي بالإسكندرية، في شعبان سنة أربع عشرة وستمائة، وله خمس وسبعون سنة2. 38- محمد بن عبد العزيز بن سعادة، أبو عبد الله الشاطبي، المقرئ المعمر. ولد سنة ست عشرة وخمسمائة، وقيل: سنة أربع عشرة، قال الأبار: أخذ القراءات عن ابن هذيل، وأبي بكر بن نمارة، وأخذ بعض القراءات عن ابن غلام الفرس وأبي الحسن بن النعمة، وسمع منهم ومن جماعة. وكان من أهل الصلاح والمعرفة بالقراءات والإتقان لها، وعمر وأخذ الناس عنه, قدم بلنسية سنة عشر وستمائة، فأخذت عنه وسمعت منه، وكان شيخنا أبو الخطاب بن واجب، يثني عليه ويوثقه. توفي في تاسع شوال سنة أربع عشرة وستمائة عن سن عالية، أربت على المائة يسيرا بشاطبة قلت: وفي هذه السنة توفي ابن أخيه المذكور قلت: قرأ لنافع على ابن غلام الفرس3. 39- محمد ابن الأستاذ أبي الحسن علي بن محمد بن علي بن هذيل، الإمام القدوة أبو عامر البلنسي المقرئ.   1 انظر/ غاية النهاية "2/ 67, 68". 2 انظر/ غاية النهاية "2/ 60". 3 انظر/ غاية النهاية "2/ 172". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 327 قرأ بالروايات على والده، وسمع منه كثيرا، ومن طارق بن يعيش، وأبي عبد الله بن سعادة، قال الأبار: كان من أهل الصلاح والورع، شديد الانقباض عن الناس، مقتصرا على باديته معروفا بالعبادة والزهد. أخذ عنه بعض الناس، ولقيته فهبت أن أستجيزه، لنفوره واستجازه لي أبي. توفي في ذي القعدة، سنة أربع عشرة وستمائة، وقد نيف على السبعين، وازدحمت العامة على نعشه، وشهده السلطان1. 40- مشرف بن علي بن أبي جعفر بن كامل الشيخ أبو العز الخالصي، ثم البغدادي المقرئ الضرير. قرأ بالروايات على أبي الكرم الشهرزوري، وعلى مسعود بن الحصين، وعلي ابن أبي الغنائم، وروى عن أبي الوقت وجماعة، وكان صدوقا صالحا، من كبار القراء المجودين، يؤم بمسجد درب الدواب. توفي في ربيع الآخر سنة ثمان عشرة وستمائة2. 41- محمد بن عبد الله بن أحمد أبو العباس الرشيدي، المقرئ الضرير. قرأ بالروايات على أبي الكرم الشهرزوري، وسمع منه ومن سعيد بن أحمد بن البناء، وأبي الوقت السجزي. روى عنه أبو عبد الله الدبيثي، وقال: في نسبه إلى هارون الرشيد مقال، توفي في شعبان، سنة ثمان عشرة وستمائة3. 42- داود بن أحمد بن يحيى الشيخ أبو سليمان الملهمي المقرئ الفقيه، الداودي الضرير. قرأ القراءات على أبي الفضل أحمد بن محمد بن شنيف، وعلى ابن عساكر البطائحي، والحسن بن عبيدة، وتأدب على ابن عبيدة، وكان ينتحل مذهب داود ويفهمه، توفي في المحرم، سنة خمس عشرة وستمائة4. 43- محمد بن أبي الحسن بن أبي نصر، أبو الفضل البغدادي، المقرئ الضرير، المعروف بالخطيب.   1 انظر/ غاية النهاية "2/ 208". 2 انظر/ غاية النهاية "2/ 299". 3 انظر/ غاية النهاية "2/ 176". 4 انظر/ غاية النهاية "2/ 278". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 328 قرأ القراءات على سعد الله بن نصر بن الدجاجي، وعلى ابن عساكر، وسمع من أبي الفتح بن البطي وجماعة، وأقرأ الناس إلى أن مات في المحرم، سنة عشرين وستمائة1. 44- جعفر بن عبد الله بن سيد بونة، الأستاذ أبو أحمد الخزاعي الأندلسي القسطنطاني، المقرئ العابد، وقسطنطانية: من عمل دانية. قرأ القراءات على أبي الحسن بن هذيل، وسمع منه ومن ابن النعمة، وسمع التيسير من أبي الحسن، في سنة ستين وخمسمائة، وحج بعد السبعين وخمسمائة. قال الأبار: فرجع مائلا إلى الزهد والتخلي، وكان شيخ الصوفية في وقته، علا ذكره وبعد صيته في العبادة، إلا أنه كانت فيه غفلة، وقد رأيته. توفي في ذي القعدة، سنة أربع وعشرين وستمائة، عن سن عالية، تقارب المائة، وشيعه بشر كثير، وانتاب الناس زيارة قبره، دهرا طويلا يتبركون بزيارته2. 45- محمد بن أحمد بن عبيد الله، أبو الوليد بن قبوج، النفزي الشاطبي. أخذ القراءات عن أبي الحسن بن هذيل، وتفقه بابن عاشر وغيره، وبرع في مذهب مالك، توفي بعد سنة ست عشرة وستمائة3. 46- محمد بن علي بن محمد بن يحيى، أبو عبد الله الغافقي المرسي الشاري المقرئ نزيل سبتة، وشارة قرية من عمل مرسية. أخذ القراءات عن أبي نصر، فتح بن يوسف، صاحب أبي داود سليمان بن نجاح المقرئ، وتفقه على أبي محمد بن عاشر، روى عنه ابنه أبو الحسن. توفي سنة أربع وعشرين وستمائة، وله سبع وثمانون سنة4. 47- عبد الصمد بن عبد الرحمن بن أبي رجاء أبو محمد البلوي الأندلسي الآشي المقرئ. ولد سنة نيف وثلاثين، قال الأبار: ولد في حدود سنة أربع وثلاثين وخمسمائة، روى عن أبيه الأستاذ أبي القاسم، وأبي العباس الجزولي، وأبي بكر بن رزق، وأبي   1 انظر/ غاية النهاية "2/ 127". 2 انظر/ غاية النهاية "1/ 192". 3 انظر/ غاية النهاية "2/ 70". 4 انظر/ غاية النهاية "2/ 209". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 329 الحسن بن كوثر، وأبي القاسم بن حبيش، وأبي عبد الله بن حميد، وأخذ عن جماعة منهم، القراءات. وأجاز له أبو الحسن بن حنين، وأبو طاهر السلفي وجماعة، وكان راوية مكثرا، وواعظا مذكرا، يتحقق بالقراءات والتفاسير، ويشارك في الحديث والعربية، اعتمد في ذلك على أبيه، وأبي العباس الجزولي. أقرأ الناس ببلده، وتصدر وحدث، وقال أبو حيان النحوي، فيما كتب إلي: أن عبد الصمد هذا روى عن أبيه القرآن تلاوة، وسمع منه عدة كتب، ومات أبوه، ولذا نحو من عشر سنين، ومع ذلك. روى الناس عنه، ووثقوة، سألت أبا علي بن أبي الأحوص عنه، فوثقه، روى عنه الحافظ أبو عبد الله محمد بن سعيد الطراز، وشيخانا أبو جعفر أحمد بن سعد بن بشير، وأبو جعفر أحمد بن عبد الرحمن بن عروس الغساني. وقال الأبار: توفي في رجب سنة تسع عشرة وستمائة1. 48- عبد الرحمن بن محمد بن عبد السميع، أبو طالب الهاشمي الواسطي المقرئ المعدل ولد، سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة. وقرأ على أبي السعادات، أحمد بن علي بن خليفة، وأبي حميد عبد العزيز السماني صاحب شريح، وسمع من جده، ومحمد بن محمد بن أبي زنبقة، وهبة الله بن أحمد الشبلي، وأبي الفتح بن البطي، وخلق. وكتب الكثير ورواه، وألف أشياء مفيدة، مع الثقة والجلالة، أجاز لشيخنا أبي المعالي الأبرقوهي، وسمع منه التقي بن الأنماطي، والقدماء. توفي في المحرم سنة إحدى وعشرين وستمائة2. 49- محمد بن الحسين بن حرب أبو البركات الدارقزي المقرئ، قرأ بالروايات على أبي الفضل أحمد بن محمد بن شنيف، وطال عمره. وأقرأ الناس، وكان عالي الإسناد، مجودا للحروف، توفي سنة أربع وعشرين وستمائة3.   1 انظر/ غاية النهاية "1/ 389". 2 انظر/ غاية النهاية "1/ 377". 3 انظر/ غاية النهاية "2/ 130". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 330 50- إلياس بن محمد بن علي الشيخ أبو البركات الأنصاري، ذكره ابن الحاجب في معجمه فقال: أحد عدول دمشق، مطبوع صاحب نوادر. قرأ القراءات السبع، على يحيى بن سعدون القرطبي، وكان يشهد تحت الساعات، توفي في رجب سنة ست وعشرين وستمائة1. 51- محمد بن أحمد بن مسعود الشيخ أبو عبد الله الأزدي الشاطبي، المعروف بابن صاحب الصلاة. قرأ برواية نافع على ابن الهذيل، وسمع منه جملة كتب، من تصانيف أبي عمرو الداني، عام ثلاثة وستين وقبلها، وكتب بخطه علما كثيرا، واحتيج إليه. قال الأبار: لم آخذ عنه لتسمحه في الإقراء والإسماع، سمح الله له، قلت: رأيت ما يدل على ذلك بخطه، أن بعض القراء قرأ عليه في ليلة واحدة، ختمة برواية نافع. ولد بشاطبة، سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة، ومات ببلنسية، سنة خمس وعشرين وستمائة، وقد قرأ عليه أبو عبد الله محمد بن محمد الفصال، ورضي الدين محمد بن علي الشاطبي اللغوي2. 52- محمد بن أبي الفرج بن معالي الإمام فخر الدين، أبو المعالي الموصلي، المقرئ الفقيه الشافعي. ولد بالموصل سنة تسع وثلاثين وخمسمائة، وقرأ بها القراءات، على يحيى بن سعدون القرطبي، وسمع منه ومن خطيب الموصل، أبي الفضل الطوسي، وقدم بغداد فتفقه بها وبرع في المذهب. وقرأ العربية على الكمال عبد الرحمن بن محمد الأنباري، وأعاد بالنظامية، وتصدر للإقراء، قرأ عليه الشيخ عبد الصمد بن أبي الجيش، والكمال عبد الرحمن بن المكبر، وعلي بن إسماعيل الفقيه، وغيرهم. توفي في سادس رمضان سنة إحدى وعشرين وستمائة، ببغداد، اتصلت القراءات من طريقه في زماننا، قرأ جماعة من الطلبة على الشيخ أبي بكر بن المشيع الجزري، أخذت عنه الحروف سماعا قال: تلوت للسبعة على الشيخ عبد الصمد، عن تلاوته على الفخر الموصلي.   1 انظر/ غاية النهاية "1/ 171, 172". 2 انظر/ غاية النهاية "2/ 88". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 331 قال ابن النجار: كانت له معرفة تامة، بوجوه القراءات وعللها وطرقها، له في ذلك مصنفات، وكان حسن الكلام في مسائل الخلاف، وفي العربي كيسا متوددا صدوقا1. 53- عيسى بن عبد العزيز بن عيسى الأستاذ أبو القاسم ابن المحدث أبي محمد اللخمي الشريشي، ثم الإسكندراني المقرئ، أحد الضعفاء المتهمين، أسمعه أبوه من السلفي وغيره. وقرأ القراءات وجودها، على أبي الطيب عبد المنعم بن الخلوف وغيره، وعني بهذا الشأن ورأس فيه، وتصدر مدة. قرأ عليه الشيخ زين الدين الزواوي، ورشيد الدين بن أبي الدر وتقي الدين يعقوب بن الجرائدي، وجماعة، وحدث عنه الكمال الضرير، والحافظ ابن النجار، والحافظ عبد العظيم، وحسن المالكي سبط زيادة، وإسحاق بن أسد وجماعة. وآخر من روى عنه بالإجازة، القاضي تقي الدين سليمان، وقد ضعفه غير واحد، قرأت بخط عمر بن الحاجب الحافظ، قال: كان عيسى لو رأى ما رأى قال: هذا سماعي، أو لي من هذا الشيخ إجازة. ويقول: جمعت كتابا في القراءات، فيه أربعة آلاف رواية، ولم يكن أهل بلده يثنون عليه، وكان فاضلا مقرئا كيس الأخلاق، مكرما لأهل العلم، قلت: قرأ عليه الزواوي، في حدود سنة ست عشرة، وكتب له الإجازة، فلم يسند له القراءات إلا عن ابن الخلوف، ثم بعد ذلك ادعى أشياء، حتى افتضح، ولو كان. قرأ القراءات على ابن خلف الله، صاحب ابن الفحام الأحسن، ولهذا ما جسر أن يزعم أنه قرأ عليه، مع وجود الصفراوي والهمداني، بل أتى بشيوخ لا يعرفهم أحد، اختلقهم. قال العلامة أبو حيان النحوي: كان له اعتناء بالقراءات، وتصانيف عدة، وكان فقيها مفتيا، اعتنى به أبوه وقرأ عليه الناس، قال: وقفت على إجازة يعقوب بن بدران الجزائدي، منه بالقراءات. وذكر أنه أجازه الشريف أبو الفتوح ناصر الخطيب، وأسند فيها عن رجلين أحدهما، عبد الله بن محمد بن خلف الداني، فذكر أنه قرأ عليه أربعة وثلاثين كتابا، وتلا عليه بكلهن.   1 انظر/ غاية النهاية "2/ 228". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 332 منها: التيسير والكافي، وتبصرة مكي، والمحبر لابن أشتة، والمفيد في الشواذ له، والهادي لابن سفيان، وكتاب القراءات لأبي عبيد والجامع لابن مجاهد. والتذكرة لابن غلبون، والهداية للمهدوي، والقراءات للأذفوي، واختلاف السبعة للمظفر بن أحمد النحوي، وكتاب القراءات لابن عبد البر. وكتاب القراءات لأبي عبد الله محمد بن السيد البطليوسي، والسبعة ليوسف بن خليف بن سفيان الغساني الوراق، والقراءات لأبي بكر يحيى بن سعيد بن يحيى، والقراءات لخلف بن جعفر. والقراءات لأبي بكر بن الأنباري، والقراءات لابن جرير الطبري، وكتاب مختصر الروايات، لأبي جعفر النحاس، وكتاب القراءات للطلمنكي، وكتاب القراءات لابن قتيبة. وكتاب الموجز، وكتاب الوجيز، وكتاب الإيضاح، وكتاب الإفصاح لأبي علي الأهوازي، وكتاب البيان لابن أبي هاشم. وكتاب القراءات لأبي محمد عبد الله بن محمد بن السيد، والمؤيد في القراءات الثمانية، لمحمد بن علي بن أبي القاسم، وكتاب القراءات لمعمر بن المثنى، وكتاب القراءات لأبي القاسم عبد الرحمن بن محمد اللبيدي. وكتاب القراءات لعبد الله بن أبي زمنين، وكتاب القراءات لأبي الحكم العاص بن خلف الإشبيلي، قال ابن عيسى: وتلوت عليه أيضا كتاب القراءات لقاسم بن إبراهيم، والقراءات لحاتم بن محمد الطرابلسي، والقراءات للنقاش. وكتاب المنظم في القراءات للمظفر بن أحمد الدينوري، وكتاب القاصد لعبد الرحمن بن حسن الخزرجي، وكتاب نهاية الاختصار لأبي الحسن القنطري وكتاب عبد الملك بن حبيب في القراءات وكتاب مختصر القراءات لأبي حفص الهوزني، وكتاب التنبيه والإرشاد إلى معرفة اختلاف القراء لابن شفيع، وكتاب القراءات، وكتاب الهداية في قراءة نافع لعبد الله بن شهدة بن يوسف. وكتاب القراءات لأبي حاتم السجستاني، وكتاب القراءات لمقاتل بن سليمان، وكتاب القراءات لابن فورك، وكتاب القراءات لأبي مروان عبيد الله بن مالك القرطبي، فصار المجموع تسعة وأربعين كتابا، ذكر أنه تلى بهن على هذا الداني. وذكر الذين روى عنهم الداني، قال: فمنهم: عبد الملك بن عبد القدوس، وأنه قرأ على أبي عمرو الداني، ومنهم أبو الحسن شريح، ومنهم سليمان بن عبد الله، بن سليمان الأنصاري، عن أبي معشر الطبري. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 333 ومنهم رحمة بن موسى القرطبي، عن مكي والأهوازي وجماعة، ومنهم: محمد بن جامع الأندلسي، عن يعقوب بن حامد، عن ابن سفيان مؤلف الهادي، ومنهم: محمد بن عبد الرحمن، ويوسف بن علي بن حمدان. وأبو عبد الله الخولاني، وعبد الله بن محمد بن السيد البطليوسي، قال أبو حيان: فأما رحمة وعبد الملك وسليمان وابن جامع ويوسف بن حمدان فمجاهيل، أو لم يكونوا موجودين في الدنيا، بل هي أسماء موضوعة لغير موجود. ثم الذين أرخوا في علماء الأندلس، ذكروا ابن خلف الداني هذا، فلم يذكروا في شيوخه أحدا من التسعة، مع اطلاعهم على أهل بلادهم، ومعرفتهم بأحوالهم. بل ذكره الأبار وقال: حدث عنه عيسى بن الوجيه، أبي محمد عبد العزيز، وحمله الرواية عن قوم لم يرهم، وبعضهم لا يعرف. وأبو عبد الله الأبار، متى عرض له في تاريخه، ذكر ابن عيسى يحذر منه، حتى إنه ذكره في موضع وقال ما معناه: إنما أكثرت الكلام عليه ليحذر، أو قريبا من هذا المعنى. وأما الرجل الآخر الذي أسند عنه ابن عيسى القراءات، فهو مقاتل بن عبد العزيز بن يعقوب المقرئ، قال: قرأت عليه التجريد، وبما تضمنه، وحدثني به عن مؤلفه، وقرأت عليه بالعنوان وحدثني به عن الحسن بن خلف إلى أن قال أن عيسى: وتلوت بكتب كثيرة لا تسع هذه الإجازة، وهي مذكورة في كتاب التبيين، ومن هذه الكتب ومن غيرها، خرجت سبعة آلاف رواية، التي تلوت بها. قال أبو حيان: ومقاتل هذا لا نعرفه إلا من جهة ابن عيسى، قلت: هذا رجل قليل الحياء، مكابر للحس، فأين السبعة آلاف رواية. فالقراء الذين كلهم في التواريخ، ما أظنهم يبلغون سبعة آلاف رجل، فالله يسامحه المسكين توفي سنة تسع وعشرين وستمائة، في جمادى الآخرة1. 54- يوسف بن رافع بن تميم بن عتبة بن محمد بن عتاب، العلامة العلم، قاضي القضاة أبو المحاسن، وأبو العز المعروف بابن شداد الأسدي الحلبي. ولد سنة تسع وثلاثين وخمسمائة ونشأ بالموصل. وحفظ القرآن، ولزم يحيى بن سعدون القرطبي، فأحكم عليه القراءات والعربية،   1 انظر/ غاية النهاية "1/ 609". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 334 وسمع من محمد بن أسعد العطاري حفدة، وابن ياسر الجياني، وأبي الفضل خطيب الموصل، وأخيه عبد الرحمن بن أحمد، وطائفة كبيرة، وببغداد من شهده، وأبي الخير القزويني. وتفنن في العلوم، ورأس في مذهب الشافعي -رضي الله عنه، ونال من الرياسة والحرمة والجاه، ما لا مزيد عليه، وحدث بمصر ودمشق وحلب. روى عنه أبو عبد الله الفاسي المقرئ، وأظنه قرأ عليه، والزكي المنذري، والكمال بن العديم، وولده، والجمال بن الصابوني، والشهاب القوصي، وسنقر القضائي، وآخرون. وبالإجازة، القاضي تقي الدين الحنبلي، وأبو نصر محمد بن الشيرازي. وكان كما قال عمرو بن الحاجب: ثقة حجة، عارفا بأمور الدين، اشتهر اسمه وسار ذكره، وكان ذا صلاح وعبادة، وكان في زمانه كالقاضي أبي يوسف في زمانه، دبر أمور المملكة بحلب، واجتمعت الألسن على مدحه أنشأ دار حديث بحلب, وصنف كتاب "دلائل الأحكام" في أربع مجلدات، وقال ابن خلكان في "تاريخه": أعاد ببغداد، ثم رجع إلى الموصل، ودرس بها بمدرسة القاضي كمال الدين بن الشهرزوري، وانتفع به جماعة. ثم حج ووفد على صلاح الدين، فولاه قضاء العسكر، ثم ولي قضاء حلب، ولم يرزق ولدا ولا كان له أقارب، وكان ذا مال عظيم، فعمر منه مدرسة ودار حديث، وعمل له بينهما تربة. توفي في صفر سنة اثنتين وثلاثين وستمائة بحلب، وله عدة مصنفات، قلت: وهو سبط ابن شداد1. 55- الحسين بن عبد العزيز أبو علي التجيبي البلنسي القشتليوني وقشتليونه قرية. ولد سنة ثمان وأربعين، وقرأ على ابن هذيل. قال الأبار: أخذ القراءات عن ابن هذيل، وأجاز له في جمادى الآخرة، سنة ثلاث وستين. وكان يكتب المصاحف، سكن تونس، وأقرأ بها القرآن. ورأيت الأخذ عنه في شعبان، سنة خمس وثلاثين وستمائة وتوفي على أثر ذلك، قلت: هذا آخر من قرأ على ابن هذيل2.   1 انظر/ غاية النهاية "2/ 395, 396". 2 انظر/ غاية النهاية "1/ 242, 243". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 335 56- علي بن المبارك بن الحسن بن أحمد بن باسويه، الفقيه المقرئ، تقي الدين أبو الحسن الواسطي البرجوني. قرأ بالروايات العشر، على علي بن المظفر الخطيب، وأبي بكر الباقلاني، وسمع من أبي طالب الكتاني وابن شاتيل، وأبي السعادات القزاز وعبد المنعم بن الفراوي، وطائفة، وسكن دمشق. وتصدر الإقراء، فقرأ عليه علم الدين القاسم بن أحمد الأندلسي، والرشيد بن أبي الدر، والتقي يعقوب الجرائدي، والعماد الفصال، والصفي خليل المراغي، وجماعة. وروى عنه الضياء وابن الحلوانية، وأبو القاسم عبد الصمد بن الحرستاني، ومحمد بن قيماز، ومحمد بن شرف، ومات في شعبان سنة اثنتين وثلاثين وستمائة، عن ست وسبعين سنة، وكان ثقة إماما1. 57- علي بن عبد الصمد بن محمد بن مفرج بن الرماح، الشيخ عفيف الدين، أبو الحسن المصري المقرئ الشافعي العدل. قرأ القراءات على الشيخ أبي الجيوش عساكر بن علي، في سنة خمس وسبعين وخمسمائة، والأستاذ أبي الجود، وسمع منهما ومن السلفي. وقرأ العربية على أبي الحسين يحيى، وتصدر للإقراء بالفاضلية وانتفع به الناس، ولد سنة سبع وخمسين وخمسمائة، ومات في جمادى الأولى، سنة ثلاث وثلاثين وستمائة. قرأت القرآن لأبي عمرو على النظام محمد بن عبد الكريم، وأخبرني أنه قرأ على ابن الرماح، وكان حسن السمت، مؤثرا للانقطاع، حسن الإنصات جيد المعرفة، وقرأ عليه ليعقوب، رشيد الدين بن أبي الدر2. 58- جعفر بن علي بن هبة الله بن جعفر بن يحيى بن منير، الإمام أبو الفضل الهمداني الإسكندراني، المقرئ المالكي المحدث. ولد سنة ست وأربعين وخمسمائة، وقرأ القراءات على عبد الرحمن بن خلف الله القرشي، وسمع الكثير من أبي طاهر السلفي، وأبي محمد العثماني، وأحمد بن جعفر الغافقي، وأبي الطاهر بن عوف وجماعة. وتفقه وأخذ العربية، وكتب بخطه كثيرا، وكان يؤم بمسجد النخلة. ويقرئ به، ثم في أواخر عمره، طلب إلى دمشق فقدمها، وحدث بها، قرأ عليه القراءات الشيخ علي الدهان.   1 انظر/ غاية النهاية "1/ 562". 2 انظر/ غاية النهاية "1/ 549". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 336 وعبد النصير المريوطي، ورشيد الدين بن أبي الدر، وجماعة، وحدث عنه أبو الحسين اليونيني، وأحمد بن مؤمن، والقاسم بن عمر الهواري، وأبو علي بن الخلال، وعيسى بن أبي محمد المغاري، والقاضي تقي الدين، وعيسى المطعم، ويحيى بن سعد، وإبراهيم بن المخرمي وخلق كثير. وقد بقي من أصحابه، عبد الرحمن بن جماعة، والمطعم، وابن سعد، وزينب بنت شكر، وكان ثقة خيرا كثير الفضائل. توفي بدمشق، في صفر سنة ست وثلاثين وستمائة، وله تسعون سنة -رحمه الله1. 59- عبد الرحمن بن عبد المجيد بن إسماعيل بن عثمان بن يوسف بن حسين بن حفص الإمام جمال الدين، أبو القاسم بن الصفراوي، الإسكندراني المقرئ الفقيه المالكي، ولد في أول سنة أربع وأربعين وخمسمائة. وقرأ بالروايات، على أبي القاسم عبد الرحمن بن خلف الله، وأبي العباس أحمد بن جعفر الغافقي، وأبي يحيى اليسع بن عيسى بن حزم، وأبي الطيب عبد المنعم بن يحيى الغرناطي، وهو آخر من تلا عليهم وفاة. وتفقه على أبي طالب، صالح ابن بنت معافى، وسمع الكثير من أبي طاهر السلفي وأبي الطاهر بن عوف الزهري وغيرهما، وعمر دهرا طويلا، فدرس وأفتى. وأقرأ القراءات، وانتهت إليه رياسة العلم بالإسكندرية، قرأ عليه القراءات الشيخ علي بن موسى الدهان، وابن أبي الدر، والمكين الأسمر، وعبد النصير، ويحيى بن الصواف، وعبد الرحمن بن سحنون، وعدة. توفي في ربيع الآخر، سنة ست وثلاثين وستمائة، وقد روى عنه الحديث خلق كثير منهم يوسف بن الحسن القابسي، وأحمد بن عطية، وعيسى بن يحيى السبتي، وعمر بن الكدوف. وأجاز لمحمد بن مشرق وغيره، توفي في ربيع الآخر، سنة ست وثلاثين وستمائة وهو في عشر المائة2. 60- عبد العزيز بن دلف بن أبي طالب، المقرئ الصالح، أبو محمد البغدادي الناسخ، خازن كتب المستنصرية.   1 انظر/ غاية النهاية "1/ 193". 2 انظر/ غاية النهاية "1/ 373". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 337 قرأ القراءات على أبي الحسن البطائحي، وأبي الحارث أحمد بن سعيد العسكري، أحد الضعفاء، ويعقوب بن يوسف الحربي، وسمع من أبي علي بن الرحبي، وخديجة بنت النهرواني، وجماعة. وكتب الكثير، وعني بالحديث، وكان صالحا عابدا، تام المروءة كثير الصدقة، بادي المحاسن، ولي مشيخة رباط الحريم، وكان المستنصر بالله قائلا به. توفي الى رحمة الله تعالى، في صفر سنة سبع وثلاثين وستمائة، قرأ عليه بالسبع، عبد الصمد بن أبي الجيش وغيره1. 61- محمد بن سعيد بن يحيى بن علي بن الحجاج الإمام، أبو عبد الله بن الدبيثي، الواسطي المقرئ، المحدث الفقيه الشافعي، الحافظ المعدل. ولد سنة ثمان وخمسين وخمسمائة، وقرأ القراءات الكثيرة، على أبي الحسن علي بن المظفر الخطيب، وأبي الفتح نصر الله بن الكيال، وعوض بن ابراهيم المراتبي، وأبي بكر بن الباقلاني وجماعة. سمع من أبي طالب الكناني، وهبة الله بن قسام، وعبيد الله بن شاتيل، ونصر الله القزاز، وأبي العلاء بن عقيل، وعبد المنعم الفراوي، وخلق كثير، وبرع في القراءات والحديث، وصنف تاريخ بغداد، وتاريخ واسط، وله خبرة تامة بالعربية والشعر وأيام الناس. تصدى للإقراء والتحديث، روى عنه زكي الدين البرزالي وأبو الحسن علي بن محمد الكازروني، وعز الدين الفاروثي، وجمال الدين الشريشي، وتاج الدين علي الغرافي، وآخرون، وأضر بآخرة. وتوفي ببغداد في ربيع الآخر سنة سبع وثلاثين وستمائة، والله أعلم، قرأ عليه بالعشرة عبد الصمد بن أبي الجيش2. 62- علي بن خطاب بن مقلد الإمام موفق الدين، الواسطي المحدثي المقرئ الضرير، كان إماما في القراءات ومعرفتها، عارفا بمذهب الشافعي -رضي الله عنه. قرأ بالروايات العشر، على أبي الحسن علي بن عباس، خطيب شافي، وتصدر للإقراء، قرأ عليه بالإرشاد، الشيخ عبد الصمد بن أبي الجيش وغيره3.   1 انظر/ غاية النهاية "1/ 393". 2 انظر/ غاية النهاية "2/ 145, 146". 3 انظر/ غاية النهاية "1/ 541". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 338 63- عبد المجيد بن محمد بن عشائر الخطيب الإمام، كمال الدين القبيصي، الموصلي المقرئ يكنى أبا محمد. ولد سنة سبع وثلاثين وخمسمائة، وقرأ بالروايات السبع على ابن سعدون القرطبي، وعمر دهرا، سمع منه الصاحب مجد الدين بن العديم وغيره وروى عنه القراءات، بالإجازة الشيخ عبد الصمد بن أبي الجيش، توفي بحلب، في جمادى الأولى سنة إحدى وثلاثين وستمائة1. 64- محمد بن أبي القاسم بن أبي الفضل بن سالم، أبو عبد الله البغدادي المقرئ. قرأ العشرة على أبي الحسن علي بن عساكر البطائحي، وتصدر للإقراء قرأ عليه عبد الصمد بن أبي الجيش وغيره. 65- محمد بن محمود بن محمد بن حمزة، أبو بكر الأزجي الناسخ. من أعيان القراء ببغداد. قرأ بالمفيدة في القراءات العشر، على مؤلفها أبي الفتح، نصر الله بن الكيال الواسطي، قرأ عليه القراءات، عبد الصمد بن أبي الجيش وغيره2.   1 انظر/ غاية النهاية "1/ 466, 467". 2 انظر/ غاية النهاية "2/ 232". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 339 الطبقة الخامسة عشرة : 1- علي بن محمد بن عبد الصمد بن عبد الأحد بن عبد الغالب بن غطاس الإمام علم الدين، أبو الحسن الهمداني السخاوي، المقرئ المفسر النحوي، شيخ القراء بدمشق في زمانه. ولد سنة ثمان أو تسع وخمسين وخمسمائة، وقدم من سخا فسمع من السلفي، وأبي الطاهر بن عوف، وبمصر من أبي الجيوش عساكر بن علي، وهبة الله البوصيري، وإسماعيل بن ياسين. وأخذ القراءات عن أبي القاسم الشاطبي، وأبي الجود اللخمي، وأبي الفضل الغزنوي، وأبي اليمن الكندي، لكن اقتصر على الشاطبي، وأبي الجود في إسناد الروايات عنهما، وأقرأ الناس نيفا وأربعين سنة. فقرأ عليه خلق كثير بالروايات، منهم: شهاب الدين أبو شامة، وشمس الدين أبو الفتح، وهو الذي تصدر للإقراء، بعده بالتربة الصالحية، وزين الدين عبد السلام الزواوي. ورشيد الدين أبو بكر بن أبي الدر، وتقي الدين يعقوب الجرائدي وجمال الدين إبراهيم الفاضلي، ورضي الدين جعفر بن دبوقا، وشهاب الدين محمد بن مزهر، وشمس الدين محمد الدمياطي، وقرأ عليه بشر كثير، ثم تركوا الفن كالجمال عبد الواحد بن كثير، ورشيد الدين إسماعيل الحنفي. وشمس الدين محمد بن قيماز، والنظام محمد التبريزي، وروى عنه إبراهيم بن أبي الحسن المخرمي، وشرف الدين أحمد بن إبراهيم الفزاري والشهاب بن مروان، والزين أحمد بن محمود القلانسي، والصدر إسماعيل بن مكتوم. وهؤلاء ممن قرأ عليه القرآن، وآخر من بقي من الذين سمعوا عليه إبراهيم بن علي بن النصير، وكان إماما كاملا ومقرئا محققا، ونحويا علامة مع بصره بمذهب الشافعي -رضي الله عنه، ومعرفته بالأصول، وإتقانه للغة وبراعته في التفسير، وإحكامه لضروب الأدب. وفصاحته بالشعر وطول باعه في النثر، مع الدين والمروءة والتواضع، واطراح الجزء: 1 ¦ الصفحة: 340 التكلف وحسن الأخلاق، ووفور الحرمة وظهور الجلالة، وكثرة التصانيف. منها شرح الشاطبية في مجلدين، وشرح الرائية في مجلد، وشرح المفصل في أربعة أسفار، وجمال القراء في مجلد، ومنير الدياجي في الأحاجي مجلد، وتفسير نصف القرآن في أربعة أسفار، مات قبل كماله. قال القاضي في "وفيات الأعيان": رأيته مرارا راكبا بهيمة إلى الجبل وحوله اثنان وثلاثة يقرءون عليه، دفعة واحدة في أماكن من القرآن مختلفة، وهو يرد على الجميع. قلت: ما أعلم أحدا من المقرئين ترخص في إقراء اثنين فصاعدا، إلا الشيخ علم الدين، وفي النفس من صحة تحمل الرواية على هذا الفعل شيء، فإن الله تعالى ما جعل لرجل من قلبين في جوفه. ولا ريب في أن ذلك أيضا خلاف السنة، لأن الله تعالى يقول: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} [الأعراف: 204] . وإذا كان هذا يقرأ في سورة، وهذا في سورة، وهذا في سورة، في آن واحد، ففيه مفاسد، أحدها زوال بهجة القرآن عند السامعين، وثانيها أن كل واحد يشوش على الآخر، مع كونه مأمورا بالإنصات. وثالثها: أن القارئ منهم لا يجوز له أن يقول قرأت القرآن كله، على الشيخ وهو يسمع، ويعي ما أتلوه عليه، كما لا يسوغ للشيخ أن يقول لكل فرد منهم: قرأ علي فلان القرآن جميعه، وأنا أسمع قراءته وما هذا في قوة البشر. قالت عائشة -رضي الله عنها، سبحان من وسع سمعه الأصوات، وإنما يصحح التحمل إجازة الشيخ للتلميذ، ولكن تصير الرواية بالقراءة إجازة، لا سماعا من كل وجه. وقد كان الشيخ علم الدين، من أفراد العالم، ومن أذكياء بني آدم حلو النادرة مليح المحاورة، ومن شعره: قالوا غدا نأتي ديار الحمى ... وينزل الركب بمغناهم وكل من كان مطيعا لهم ... أصبح مسرورا بلقياهم قلت فلي ذنب فما حيلتي ... بأي وجه أتلقاهم قيل أليس العفو من شأنهم ... لا سيما عمن ترجاهم ومن غرائب الاتفاق، أن الشيخ علم الدين، مدح السلطان صلاح الدين، ومدح الأديب رشيد الدين الفارقي، وبين وفاتي الممدوحين مائة سنة، قال شهاب الدين أبو شامة، شيخ وقته: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 341 توفي شيخنا علم الدين علامة زمانه، وشيخ أوانه، بمنزله بالتربة الصالحية، ودفن بسفح قاسيون، وكانت على جنازته هيبة وجلالة وإخبات، ومنه استفدت علوما جمة، كالقراءات والتفسير وفنون العربية، وصحبته من شعبان سنة أربع عشرة وستمائة، ومات وهو عني راض، في ثاني عشر جمادى الآخرة، سنة ثلاث وأربعين وستمائة. قلت: وكان شيخ الإقراء بالتربة المذكورة، وهو أول من أقرأ بها وكانت له حلقة إقراء بالجامع، فكان يقرئ عند المكان بقبر يحيى بن زكريا، وقد مات في هذه السنة خلق لا يحصون. منهم الشيخ تقي الدين ابن الصلاح، والحافظ سيف الدين ابن المجد والقاضي الأشرف ابن القاضي الفاضل، والتقي ابن العز، شيخ المقادسة، والشرف أحمد ابن الجوهري المحدث. والصاحب معين الدين، ابن شيخ الشيوخ الجويني، وربيعة خاتون أخت السلطان صلاح الدين، ودفنت بالصاحبية وسيف الدين على بن قليج. ودفن بمدرسته القليجية، وعبد الله بن عزيز اليونيني الزاهد، والشرف عبد الله بن أبي عمر، خطيب الجبل، وأبو منصور عبد الله بن الوليد محدث بغداد. والفقيه أبو سليمان بن الحافظ عبد الغني، والمحدث سراج الدين بن شحاتة، محدث حران، وأسعد الدين عبد الرحمن بن مقرب، محدث الأسكندرية وأمين الدين عبد المحسن بن حمود، صاحب الإنشاء. وأبو الحسن بن المقير، مسند الديار المصرية، والفلك المسيري الوزير والعز النسابة ابن عساكر، والتاج ابن أبي جعفر إمام الكلاسة، وأبو بكر بن الخازن مسند بغداد. والحافظ الضياء المقدسي، محدث دمشق، والفخر ابن المالكي، والضياء بن محاسن، أحد أئمة الحنابلة، ومحب الدين بن النجار، مؤرخ بغداد وحافظها، والمنتجب الهمذاني شارح الشاطبية. والصاحب شهاب الدين يعقوب بن المجاور، وموفق الدين يعيش الحلبي شيخ العربية، وتسمى سنة الخوارزمية وكان الحصار بهم. مع ابن الشيخ على دمشق وأبيع فيها القمح الغرارة بألف وستمائة درهم نسأل الله الأمن والعافية بمنه وكرمه1.   1 انظر/ غاية النهاية "1/ 568-571". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 342 2- علي بن علي بن عبد الله بن ياسين بن نجم، الإمام أبو الحسن الكناني العسقلاني، ثم التنيسي المصري المنشأ، المعروف بابن البلان المقرئ النحوي. ولد سنة بضع وخمسين وخمسمائة، وقرأ القراءات قديما على أبي الجود، وحذق في العربية، على أبي محمد عبد الله بن بري، وسمع منه ومن مشرف بن علي الأنماطي. وتصدر بالجامع العتيق بمصر، وأم بمسجد سوق وردان، وسافر إلى بغداد وإلى دمشق، وكان ثقة خيرا كثير التلاوة والتحري. توفي في ذي القعدة، سنة ست وثلاثين وستمائة، عن نحو من ثمانين سنة1. 3- نذير بن وهب بن لب بن عبد الملك أبو عامر الفهري، الأندلسي البلنسي المقرئ. أخذ القراءات عن أبيه أبي العطاء، عن أخذه عن أبي محمد بن سعدون الوشقي، صاحب ابن الدوش وغيره، وسمع الحديث من أبي القاسم بن حبيش، وأبي عبد الله بن حميد، وأجاز له أبو الحسن بن هذيل، وبرع في الشروط، فلم يكن أحد يقاربه فيها، وكان يستحضر الكامل للمبرد، ولي قضاء دانية وغيرها، توفي في شعبان سنة ست وثلاثين وستمائة2. 4- المنتجب بن أبي العز بن رشيد الإمام، منتجب الدين، أبو يوسف الهمذاني المقرئ النحوي شيخ الإقراء، بالتربة الزنجيلية، وصاحب شرح الشاطبية، وشرح المفصل. كان رأسا في القراءات والعربية، صالحا متواضعا، صوفيا، قرأ القراءات على أبي الجود، غياث بن فارس، وسمع من ابن طبرزد والكندي، وقرأ أيضا على الكندي، سمع منه جماعة. وقرأ عليه بالروايات الصائن الضرير، نزيل قونية، والنظام محمد بن عبد الكريم التبريزي، وغيرهما، وكان سوقه كاسدا، مع وجود أبي الحسن السخاوي، قال الإمام أبو شامة: توفي في سادس ربيع الأول، سنة ثلاث وأربعين وستمائة3. 5- المنتجب الهمذاني وكان مقرئا مجودا، قرأ على أبي الجود والكندي، وانتفع بشيخنا السخاوي، في معرفة قصيد الشاطبي.   1 انظر/ غاية النهاية "1/ 554, 555". 2 انظر/ غاية النهاية "2/ 334". 3 انظر/ غاية النهاية "2/ 310". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 343 ثم تعاطى شرح القصيد، فخاض ثم عجز عن سباحته، وجحد حق تعليم شيخنا له وإفادته، والله يعفو عنا وعنه، حدثني النظام التبريزي قال: قرأت بأربع روايات على المنتجب، وكنت أقرأ عليه خفية من شيخنا علم الدين. وكان أصحاب شيخنا لا يجسرون أن يقرءوا على المنتجب، فوشى بي بعض الطلبة إلى الشيخ علم الدين، فقال: هذا ما هو مثل غيره، هذا يقرأ ويذهب وما يكثر فضولا. 6- إبراهيم بن عبد الله بن إبراهيم بن قسوم، أبو إسحاق اللخمي الإشبيلي المقرئ. ذكره أبو عبد الله الأبار فقال: أخذ القراءات عن أبي عمرو بن عظيمة صاحب شريح، وروى عن أبي بكر بن الجد، وأبي عبد الله بن زرقون وأبي محمد بن عبيد الله، ونجبة بن يحيى. وكان فقيها أصوليا، ناسكا صادعا بالحق، تغلب عليه العبادة، توفي في شوال سنة اثنتين وأربعين وستمائة عن سن عالية1. 7- الزين الكردي المقرئ, من كبار القراء في عصر الشيخ علم الدين السخاوي بدمشق. أخذ القراءات عن أبي القاسم الشاطبي، وتصدر للإقراء، قرأ عليه الرشيد بن أبي الدر وغيره، قال أبو شامة: توفي الزين أبو عبد الله محمد, هو ابن عمر بن حسين الكردي في سنة ثمان وعشرين وستمائة, وأخذ مكانه في جامع دمشق شيخنا أبو عمرو بن الحاجب2. 8- زيادة بن عمران بن زيادة، أبو النجا المصري المالكي، المقرئ الضرير. قرأ القراءات على أبي الجود، وتفقه على أبي منصور ظافر، وقرأ العربية، وتصدر للإقراء بمصر، وبالفاضلية، أخذ عنه سبطه حسن بن عبد الكريم، والقدماء. وتوفي في شعبان سنة تسع وعشرين وستمائة3. 9- أبو عبد الله القرطبي محمد بن عمر بن يوسف الأنصاري، المقرئ الفقيه المالكي الزاهد.   1 انظر/ غاية النهاية "1/ 17". 2 انظر/ غاية النهاية "2/ 216". 3 انظر/ غاية النهاية "1/ 295, 296". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 344 قرأ القراءات على الشاطبي، وسمع منه ومن عبد المنعم بن عبد الله الفراوي، ومحمد بن عبد الرحمن الحضرمي، وهبة الله بن علي البوصيري وغيرهم. وكان مولده في سنة بضع وخمسين وخمسمائة، روى لنا عنه حسن بن عبد الكريم المالكي، وكان أستاذا في معرفة القراءات، والتفسير والنحو، كثير الحج والمجاورة بالمدينة. جلس للإقراء بعد موت الشاطبي، ثم تزهد، توفي في مستهل صفر، سنة إحدى وثلاثين وستمائة بالمدينة، وكان له قبول تام، من الخاص والعام. وفيه مروءة وافرة، وقضاء الحق لحقوق الإخوان، سمع عليه الشاطبية الشيخ عبد الصمد بن أبي الجيش، وخلع عليه فرجية فقبلها منه، أبو عبد الله القرطبي. وروى عنه الزكي عبد العظيم، ومجد الدين بن العديم العقيلي1. 10- يحيى بن منصور الفقيه أبو الحسن السليماني، اليماني المقرئ الشافعي. قرأ القراءات على أبي الجود، وتفقه على الشهاب الطوسي، ثم لازم درس أبي الحسن بن المفضل المقدسي مدة. توفي سنة إحدى وثلاثين وستمائة2. 11- عبد العزيز بن محمد بن علي بن حمزة بن فارس أبو البركات بن القبيطي البغدادي المقرئ. ولد سنة ثلاث وستين وخمسمائة، وقرأ بطرق المبهج على عمه أبي يعلى حمزة صاحب سبط الخياط. وسمع الحديث من شهدة الكاتبة، وأبي الفتح بن شاتيل، وكان من أعيان القراء المجودين في زمانه، وكان جده ممن قرأ على أبي العز القلانسي. توفي أبو البركات، في ربيع الأول، سنة أربع وثلاثين وستمائة3. 12- عبد الكريم بن غازي بن أحمد الفقيه، أبو نصر الواسطي، المقرئ الضرير بن الأغلاقي.   1 انظر/ غاية النهاية "2/ 219, 220". 2 انظر/ غاية النهاية "2/ 379". 3 انظر/ غاية النهاية "1/ 396". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 345 قدم مصر وقرأ القراءات على أبي الجود، وسمع من أبي القاسم البوصيري، وجماعة، وكان موصوفا بالذكاء، وهو والد شيخنا أحمد. توفي في نصف رجب، سنة أربعين وستمائة1 بالقاهرة. 13- عبد القوي بن المغربل تقي الدين المقرئ. قرأ بالروايات على أبي الجود، وتصدر وأقرأ، أخذ عنه البرهان الوزيري، وغيره، في سنة أربعين، ومات سنة ست وأربعين وستمائة. 14- عبد القوي بن عزون بن داود بن منصور، أبو محمد المصري المقرئ. قرأ القراءات على أبي الجود، وسمع من البوصيري، وإسماعيل بن ياسين، وبدمشق من الخشوعي، وبالإسكندرية من حماد الحراني، وبالموصل وحلب. وكان من أهل الديانة والصيانة، توفي سنة أربعين وستمائة، وله ثلاث وسبعون سنة2. 15- منصور بن عبد الله بن جامع بن مقلد، الأنصاري المصري المقرئ، الأستاذ أبو علي الملقب بشرف الدين، الدهشوري الضرير. قرأ القراءات على أبي الجود، وأبي عبد الله القرطبي، وقدم دمشق فقرأ بكتاب المبهج على التاج الكندي، وسمع من ابن طبرزد وغيره، وأقرأ بالفيوم، وأخذ عنه جماعة، وكان بصيرا بهذا الشأن. توفي سنة أربعين، أو إحدى وأربعين وستمائة، قرأ عليه الرشيد بن أبي الدر وغيره3. 16- أحمد بن محمد أبو جعفر القيسي، القرطبي المقرئ النحوي. أخذ عن أبي القاسم الشراط، وسمع من الحافظ بن بشكوال، وتصدر للإقراء وللعربية، واختصر كتاب التبصرة لمكي في القراءات، وصنف كتابا في النحو. ولما أخذت قرطبة، سكن أشبيلية، ثم ركب البحر، فأسرته الروم وعذب، فتوفي إلى رحمة الله تعالى، بميورقة، سنة ثلاث وأربعين4.   1 انظر/ غاية النهاية "1/ 403". 2 انظر/ غاية النهاية "1/ 399". 3 انظر/ غاية النهاية "2/ 313". 4 انظر/ غاية النهاية "1/ 136". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 346 17- محمد بن محمد بن وضاح، أبو بكر اللخمي الأندلسي، الشقيري المقرئ، خطيب جزيرة شقر. أخذ القراءات عن أبيه أبي القاسم، وسمع أبا إسحاق بن فتحون وحج عام ثمانين وخمسمائة، فسمع ببجاية، من الحافظ الأزدي عبد الحق. وأجاز له أبو الحسن بن هذيل، وسمع حرز الأماني من أبي القاسم الشاطبي، وتصدر للإقراء مدة ببلده، وكان رجلا صالحا. توفي في صفر سنة أربع وثلاثين وستمائة، وله خمس وسبعون سنة1. 18- محمد بن عبد الله بن عمر أبو عبد الله الأنصاري، الأوسي القرطبي، الضرير المقرئ المعروف بابن الصفار. أخذ القراءات عن أبي القاسم الشراط وغيره، وسمع ابن بشكوال وابن الجد وأبا عبد الله بن زرقون. وأقرأ الناس، وتنقل في البلاد، ثم استقر بتونس، قال الأبار: صحبته طويلا، ورأيته ادعى الإكثار فارتبت. وكان يقرئ العربية، توفي سنة تسع وثلاثين وستمائة2. 19- محمد بن عبد الله بن خلف أبو عبد الله الأنصاري، البلنسي المقرئ. أخذ القراءات عن أبي العطاء بن نذير، وأبي عبد الله بن نوح الغافقي وأتقن العربية، تزهد وأقبل على العلم، وتحقق بالتفسير. وأقرأ القراءات، وله كتاب نسيم الصبا في الوعظ، على طريقة ابن الجوزي، وكتاب في الخطب، توفي في رجب سنة أربعين وستمائة، وله ست وستون سنة، وازدحم الخلق على نعشه حتى كسروه3. 20- محمد بن إبراهيم بن عبد الملك، أبو عبد الله الأزدي، القارجي الأندلسي، المقرئ من أهل قيجاطة. أخذ القراءات عن أبي عبد الله بن يربوع، وتأدب عليه، وأخذ القراءات جمعا -فيما ذكر- عن علي بن محمد التجيبي، ولقيه بطبرية.   1 انظر/ غاية النهاية "2/ 257". 2 انظر/ غاية النهاية "2/ 182". 3 انظر/ غاية النهاية "2/ 178". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 347 وحدثه بالقراءات، عن سليمان بن طاهر بن عيسى، عن أبي عمرو الداني، وفي هذا نظر، ولا يصح من هذا شيء، وسمع من الخشوعي وغيره، وبمصر من أبي عبد الله القرطبي، ثم رجع. وأخذ القراءات عن أبي جعفر الحصار، وأقرأ بمرسية، توفي في المحرم، سنة ثلاث وأربعين وستمائة1. 21- علي بن عبد الرحمن بن علي أبو الحسن الزهري، الإشبيلي المقرئ. أخذ القراءات عن أبي بكر بن صاف، والعربية عن أبي إسحاق بن ملكون، وصحيح البخاري عن أبيه، عن أبي الحسن شريح، وولي قضاء الجماعة، في مدة أبي مروان، أحمد بن محمد الباجي، قتيل ابن الأحمر. توفي في ربيع الآخر، سنة ثلاث وأربعين وستمائة، وله ثلاث وتسعون سنة2. 22- علي بن جابر بن علي اللخمي الإشبيلي، الإمام أبو الحسن بن الدباج، المقرئ، النحوي أخذ القراءات عن أبي بكر بن صاف، وأبي الحسن نجبة بن يحيى وأخذ العربية عن أبي ذر الخشني، وأبي الحسن بن خروف. وتصدر للعلمين زمانا طويلا، وكان من أهل الصلاح والصيانة، أم بجامع العدبس، توفي في شعبان سنة ست وأربعين وستمائة، بعد استيلاء الروم، لعنهم الله على البلد بأيام. هاله نطق الناقوس، وخرس الأذان، فما زال يتأسف ويضطرب ألما لذلك، إلى أن قضى نحبه -رحمه الله، وعاش ثمانين سنة، وهو شيخ ابن عصفور في النحو3. 23- أبو عمرو بن الحاجب هو عثمان بن عمر بن أبي بكر بن يونس الكردي، الدوني الأصل الإسنائي المولد، المقرئ المالكي النحوي الأصولي. أحد الأعلام، قال: ولدت سنة سبعين أو سنة إحدى وسبعين وخمسمائة بإسنا، من أعمال الصعيد وكان أبوه جنديا حاجبا للأمير عز الدين موسك الصلاحي. فاشتغل أبو عمرو في الصغر بالقاهرة، وحفظ القرآن، وقرأ ببعض الروايات على الشاطبي، وسمع منه التيسير، ثم قرأ القراءات على أبي الفضل الغزنوي، وأبي الجود اللخمي.   1 انظر/ غاية النهاية "2/ 45". 2 انظر/ غاية النهاية "1/ 548". 3 انظر/ غاية النهاية "1/ 528, 529". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 348 وأخذ الفقه عن أبي المنصور الأبياري وغيره، وتأدب على الشاطبي وابن البنا، وسمع من أبي القاسم البوصيري، وإسماعيل بن ياسين، وجماعة. وكان حاد القريحة، يتوقد ذكاء قدم دمشق ودرس بها، وأكب الفضلاء على الأخذ عنه، وصنف التصانيف النفيسة المتنافس فيها, ذكره الحافظ عمر بن الحاجب الأمين، فقال: هو فقيه مفتي مناظر مبرز في عدة علوم مع ثقة ودين وورع، وتواضع واحتمال واطراح للتكلف، قلت: ثم نزح إلى مصر، عندما أنكر على الصالح إسماعيل، هو وابن عبد السلام، فتصدر بالفاضلية، ثم تحول إلى الإسكندرية، ليقيم بها. قرأ عليه بالروايات، الشيخ موفق الدين محمد بن أبي العلاء ببعلبك، عن قراءته على أبي عمرو بن الحاجب، وحدث عنه الحافظ عبد العظيم والحافظ شرف الدين عبد المؤمن، وجمال الدين الفاضلي، وأبو علي بن الخلال، وأبو الحسن بن البقال، وأبو الفضل الذهبي وآخرون. توفي في شوال سنة ست وأربعين1 وستمائة -رحمه الله. 24- محمد بن عمر بن أبي القاسم بن الداعي الرشيدي، العباسي الإمام، أبو عبد الله الواسطي المقرئ، شيخ القراء بالعراق، نقلت من خطه. أنه قرأ بما حواه المستنير لابن سوار، على المبارك بن المبارك الحداد، ومحمد بن محمد بن الكال الحلي، وقرأ للعشرة، على أبي بكر عبد الله بن الباقلاني، وأن الشيخ موفق الدين عبد الله بن مظفر بن علان البعقوبي الضرير قرأ عليه للعشرة ختمة كاملة، وكتب الداعي الرشيدي بالمدرسة النظامية في جمادى الأولى سنة اثنتين وخمسين وستمائة قلت: وممن حكى لي أنه قرأ على الداعي الرشيدي، الشيخ جمال الدين المصري، إمام مسجد الأشراف وعمر الشريف الداعي وعمر دهرا، وبقي إلى سنة أربع وستين وستمائة، بواسط، رأيت خطه بالإجازة في هذا الوقت لأبي عبد الله بن خروف2. 25- عبد الظاهر بن نشوان بن عبد الظاهر بن نجدة، الإمام رشيد الدين، أبو محمد الجذامي الزنباعي المصري المقرئ الضرير.   1 انظر/ غاية النهاية "1/ 508, 509". 2 انظر/ غاية النهاية "2/ 218". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 349 قرأ القراءات على أبي الجود، وسمع من أبي القاسم البوصيري، وغيره وبرع في العربية، وتصدر للإقراء مدة، وأخذ عنه القراءات طائفة من الأعيان، وكان ذا حرمة وافرة، وجلالة ظاهرة، وخبرة تامة بوجوه القراءات. انتهت إليه رياسة الفن في زمانه، وقد قرأت القرآن على النظام التبريزي وأخبرني أنه قرأ عليه لأبي عمرو، وهو والد الكاتب البليغ محيي الدين. توفي في جمادى الأولى، سنة تسع وأربعين وستمائة1. 26- علي بن هبة الله بن سلامة بن المسلم، الإمام بهاء الدين، أبو الحسن اللخمي ابن الجميزي المصري، الشافعي المقرئ الخطيب، أحد الأعلام. ولد سنة تسع وخمسين وخمسمائة بمصر، وحفظ القرآن سنة تسع وستين، ورحل به أبوه، فسمع بدمشق من الحافظ أبي القاسم بن عساكر. وقرأ ببغداد القراءات العشر على أبي الحسن علي بن المرحب البطائحي وبدمشق على قاضي القضاة، أبي سعيد بن أبي عصرون، وقرأ عليه المهذب كله. وكان قد قرأ القراءات على أبي بكر المزرفي, وأنا أتعجب من القراء كيف لم يزدحموا على الشيخ بهاء الدين؛ لأنه كان أعلى أهل زمانه إسنادا في القراءات، فلعله كان المانع من جهته، وقد سمع من أبي طاهر السلفي وشهدة الكاتبة، وجماعة. وتفرد بالأسانيد العالية، وقرأ على الشاطبي عدة ختمات، ولم يكمل عليه القراءات، وهو من طبقة الشاطبي في بعض الروايات، وقد تفقه بمصر، على أبي إسحاق، إبراهيم بن منصور العراقي، والشهاب الطوسي ودرس وأفتى. وانتهت إليه رياسة العلم بالديار المصرية، وانقطع بموته إسناد عال، حدثنا عنه الدمياطي، وابن دقيق العيد، وأبو الحسين اليونيني، والفخر التوزري. والضياء السبتي، والرضي الطبري، والشرف محمد بن النشو وخلق سواهم، توفي في الرابع والعشرين من ذي الحجة سنة تسع وأربعين وستمائة وقد جاوز التسعين2. 27- عيسى بن أبي الحرم مكي بن حسين بن يقظان، الشيخ سديد الدين أبو القاسم، العامري المصري، المقرئ الشافعي، إمام جامع الحاكم.   1 انظر/ غاية النهاية "1/ 391, 392". 2 انظر/ غاية النهاية "1/ 583". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 350 ولد قبل السبعين وخمسمائة، وقرأ للسبعة على أبي القاسم بن فيرة الرعيني، وتصدر للإقراء، وكان بصيرا بالقراءات عالي الإسناد. قرأ عليه تقي الدين يعقوب بن بدران الجرائدي، ونور الدين علي بن ظهير الكفتي، وموفق الدين محمد بن أبي العلاء النصيبي، وآخرون وحدث عنه الحافظ عبد العظيم، ودانيال الكركي، والصاحب مجد الدين العديمي. توفي في شوال، سنة تسع وأربعين أيضا1. 28- عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم، الخضر بن محمد بن علي الإمام، مجد الدين أبو البركات بن تيمية، الحراني الحنبلي. أحد الأعلام وجد شيخنا تقي الدين، ولد في حدود سنة تسعين وخمسمائة وحفظ القرآن، وتفقه على عمه الخطيب فخر الدين، ثم رحل في صحبة سيف الدين ابن عمه، وهو مراهق. فقرأ القراءات بكتاب المبهج، على الشيخ عبد الواحد بن سلطان، وسمع من عبد الوهاب بن سكينة، وعمر بن طبرزد، وضياء بن الخريف ويوسف بن كامل، وسمع قبلها بحران من حنبل المكبر، وعبد القادر الرهاوي. وتفقه ببغداد، على أبي بكر بن غنيمة الحلاوي، وانتهت إليه الإمامة في زمانه، قرأ عليه القراءات أبو عبد الله القيرواني. وتخرج به في الفقه جماعة، وحدث عنه ولده شهاب الدين عبد الحليم وشرف الدين الدمياطي، وأمين الدين بن شقير. والشيخ محمد بن محمد الكنجي، وأبو العباس أحمد بن الظاهري، ومحمد بن أحمد القزاز، وعبد الغني بن منصور المؤذن، والزاهد محمد بن زباطر وعفيف الدين إسحاق الآمدي. وكان إماما كاملا، معدوم النظير في زمانه، رأسا في الفقه وأصوله بارعا في الحديث ومعانيه، وله اليد الطولى في معرفة القراءات والتفسير، صنف التصانيف، واشتهر اسمه وبعد صيته. وله أرجوزة في القراءات، ومصنف في أصول الفقه، وكتاب كبير في الأحكام،   1 انظر/ غاية النهاية "1/ 614". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 351 معروف، وشرح الهداية وغير ذلك، وكان فرد زمانه في معرفة المذهب، مفرط الذكاء متين الديانة، كبير الشأن. قال لي شيخنا أبو العباس: كان الشيخ جمال الدين بن مالك يقول: ألين للشيخ المجد الفقه، كما ألين لداود الحديد، وبلغنا أن الشيخ المجد لما حج من بغداد في آخر عمره. اجتمع به الصاحب العلامة محيي الدين بن الجوزي، فانبهر له، وقال: هذا الرجل ما عندنا ببغداد مثله، ولما رجع من الحج التمسوا منه أن يقيم ببغداد، فامتنع واعتل بالأهل والوطن. وكان من عجائب الوجود في المناظرة وسرعة الجواب، قل أن ترى مثله العيون، كان الشيخ نجم الدين بن حمدان، مصنف الرعاية الكبرى يقول: كنت أطالع على درس الشيخ المجد، وما أبقى ممكنا. فإذا حضرت الدرس يأتي الشيخ بأشياء كثيرة لا أعرفها، وكان عجبا في سرد الأحاديث، وحفظ مذاهب السلف، وإيرادها بلا كلفة، وكان قد أتقن العربية على الشيخ أبي البقاء العكبري. توفي إلى رحمة الله تعالى بحران، يوم عيد الفطر، سنة اثنتين وخمسين وستمائة، وله نيف وستون سنة1. 29- إبراهيم بن محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن وثيق الأستاذ المحقق، أبو إسحاق الأندلسي الإشبيلي، المقرئ. أخذ القراءات ببلده، سنة سبع وتسعين وخمسمائة، عن أبي الحسين حبيب بن محمد، سبط أبي الحسن شريح، وعن أبي الحكم عبد الرحمن بن محمد اللخمي، وأبي العباس أحمد بن مقدام الرعيني، وأبي الحسن خالص. قال: قرأت عليهم بالروايات، وقالوا: قرأنا على أبي الحسن شريح الرعيني، وقال: أخبرنا بكتاب التيسير، أبو عبد الله بن زرقون إجازة، عن أحمد بن محمد الخولاني إجازة، عن أبي عمرو الداني. وكان ابن وثيق، إماما مجودا بارعا في معرفة وجوه القراءات، وعللها، كثير الترحال والتنقل، أقرأ بالموصل والشام ومصر.   1 انظر/ غاية النهاية "1/ 385, 386". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 352 أخذ عنه القراءات: الشيخ عماد الدين بن أبي زهران الموصلي، ونور الدين علي بن ظهير الكفتي وجماعة، وحدث عنه محمد بن جوهر التلعفري. وقرأ عليه النفيس إسماعيل بن صدقة، وأبو عبد الله محمد بن علي بن زبير الجيلي، وممن قرأ عليه الفخر عثمان التوزري شيخنا، ولد سنة سبع وستين وخمسمائة. ومات بالإسكندرية في ربيع الآخر سنة أربع وخمسين وستمائة فينبغي أن يبادر إلى أخذ القراءات سماعا من الجيلي عنه1. 30- الحسين بن أبي الحسن بن ثابت الطيبي، الإمام أبو عبد الله المقرئ. قرأ القراءات، بواسط، على أبي بكر عبد الله بن الباقلاني، صاحب أبي العز القلانسي، وتصدر للإقراء بواسط، قرأ عليه الشيخ عز الدين أحمد الفاروثي، وغيره2. 31- المرجى بن الحسن بن علي بن هبة الله بن غزال بن شقيرا الشيخ عفيف الدين أبو الفضل، الواسطي المقرئ التاجر السفار. ولد سنة إحدى وستين وخمسمائة، وقرأ القراءات على أبي بكر بن الباقلاني، وتفقه على يحيى بن الربيع الشافعي، وسمع من أبي طالب محمد بن علي الكتاني، وتفرد في الدنيا عنه. وسافر في التجارة إلى البلاد البعيدة، ثم إنه شاخ وجلس للإقراء وعمر دهرا طويلا، وقد حدث بمصر والشام والعراق. قرأ عليه بالروايات، الرشيد بن أبي الدر، وروى عنه الشيخ عز الدين الفاروثي، والحافظ عبد المؤمن الدمياطي، وأبو علي بن الخلال، ومحمد بن يوسف الذهبي، والعماد بن البالسي، وآخرون. ذكر الفاروثي، أن ابن شقيرا عاش إلى حدود سنة ست وخمسين وستمائة3. 32- علي بن شجاع بن سالم بن علي بن موسى بن حسان بن طوق بن سند بن علي بن الفضل بن علي بن عبد الرحمن بن علي بن موسى بن عيسى بن موسى بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس. الشيخ الإمام كمال الدين الضرير، أبو الحسن بن أبي الفوارس، الهاشمي العباسي   1 انظر/ غاية النهاية "1/ 24". 2 انظر/ غاية النهاية "1/ 240". 3 انظر/ غاية النهاية "2/ 293". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 353 المصري المقرئ الشافعي، شيخ القراء بالديار المصرية في زمانه، ولد في شعبان سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة. وقرأ القراءات السبعة، مفردا للرواة الأربعة عشر، سوى الليث، ومجامعا بما في التيسير والقصيد، من أول القرآن العزيز إلى سورة الأحقاف على الإمام أبي محمد القاسم بن فيرة الشاطبي، فتوفي الشاطبي قبل كمال الختمة. وقد تزوج بعد ذلك بابنة الشاطبي، وجاءه منها الأولاد، وقرأ القراءات أيضا على أبي الحسن شجاع بن محمد المدلجي، صاحب ابن الحطيئة، وعلى أبي الجود غياث بن فارس. وتفقه على أبي القاسم عبد الرحمن بن الوراق، وسمع من أبي القاسم البوصيري، والشهاب الغزنوي، وأبي عبد الله الأرتاحي وطائفة. وسمع كتاب التيسير، من أبي الحسين، محمد بن أحمد بن جبير الكناني، بسماعه من علي بن أبي العيش، عن ابن الدوش، عن المؤلف، وسمعه أيضا من الشاطبي، وقرأ الشاطبية دروسا على المؤلف، وسمعها عليه. وسمع التجريد لابن الفحام، من بهاء الدين بن شداد، بسماعه من ابن سعدون. وسمع التذكار لابن شيطا، عن أبي بكر عبد الرحمن بن باقا، قال: أخبرنا علي بن أبي سعد الخباز، أخبرنا الحسن بن أحمد الباقرحي، أخبرنا المصنف. وكان أحد الأئمة المشاركين في فنون من العلم، حسن الأخلاق تام المروءة، كثير التواضع مليح التودد، وافر المحاسن. انتهت إليه رياسة الإقراء، وازدحم عليه القراء، قرأ عليه الشيخ محمد بن إسرائيل القصاع، والشيخ حسن الراشدي، وشمس الدين محمد الحاضري، والحافظ شرف الدين الدمياطي, والشيخ نصر المنبجي، وبرهان الدين الوزيري، وروى عنه الشيخ داود الحريري، والعماد محمد بن الجرائدي، والأمير علم الدين سنجر الدواداري، وإسحاق بن الوزيري، والزين عبد الرحيم الساعاتي، وطائفة بقيد الحياة. توفي في سابع ذي الحجة، سنة إحدى وستين وستمائة1.   1 انظر/ غاية النهاية "1/ 544". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 354 33- عبد الرحمن بن مرهف بن عبد الله بن يحيى الإمام، تقي الدين أبو القاسم الناشري، المقرئ الفقيه الشافعي. ولد سنة ثمانين وخمسمائة وقرأ القراءات على أبي الجود اللخمي، وسمع من الحافظ على بن المفضل وغيره، وانتصب للإقراء مدة، بجامع مصر، اشتهر اسمه. وقرأ عليه جماعة، وكان عارفا بالقراءات، صالحا فاضلا وافر الحرمة توفي في شوال، سنة إحدى وستين وستمائة -رحمه الله1. 34- القاسم بن أحمد بن الموفق بن جعفر، العلامة علم الدين، أبو محمد المرسي اللورقي المقرئ الأصولي النحوي. ولد سنة خمس وسبعين وخمسمائة، وقرأ بالروايات قبل الستمائة على أبي جعفر أحمد بن علي الحصار، وأبي عبد الله محمد بن سعيد المرادي، وأبي عبد الله محمد بن نوح الغافقي. وقرأ بمصر، على أبي الجود، وبدمشق على أبي اليمن الكندي، وابن باسويه، وسمع ببغداد من أبي محمد بن الأخضر. وعزم على الرحلة إلى الفخر بن الخطيب، ليأخذ عنه علم الكلام فبلغه موته، وأخذ العربية عن أبي البقاء، ولقي الجزولي بالمغرب. وسأله عن مسألة مشكلة في مقدمته، فأجابه، وبرع في العربية، وفي علم الكلام والفلسفة. وكان يقرئ هذه المباحث، ويحققها، درس بالعزيزية، نيابة. وأقرأ بالتربة العادلية، وشرح المفصل في أربع مجلدات، فأجاد وأفاد، وشرح الجزولية، والشاطبية، وكان مليح الشكل حسن البزة، موطأ الأكناف. قرأ عليه القراءات سبطه بهاء الدين محمد بن البرزالي، والشيخ أبو عبد الله القصاع، وشيخنا برهان الدين الإسكندري وشهاب الدين حسين الكفري وغيرهم. قال أبو شامة: توفي علم الدين، أبو محمد القاسم، في سابع رجب سنة إحدى وستين وستمائة. قال: وكان معمرا مشتغلا بأنواع من العلوم، على خلل في ذهنه2.   1 انظر/ غاية النهاية "1/ 379, 380". 2 انظر/ غاية النهاية "2/ 15, 16". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 355 35- عبد الله بن محمد بن عبد الوارث العدل، معين الدين أبو الفضل الأنصاري المصري المعروف بابن فار اللبن. سمع الشاطبية على مؤلفها، الإمام أبي القاسم، وطال عمره، وكان آخر من روى عن أبي القاسم في الدنيا. رواها عنه الشيخ حسن بن عبد الله الراشدي، وبدر الدين محمد بن أيوب التاذفي، وفخر الدين عثمان التوزري، وبقي إلى سنة أربع وستين وستمائة1. 36- علي بن عبد الله بن أبي بكر الإمام، زين الدين أبو الحسن بن القلال، الجزائري نزيل مصر. روى التيسير سماعا، عن أبي عبد الله محمد بن عمر بن ملك المعافري قال: أخبرنا أبو نصر فتح بن محمد بن فتح الإشبيلي، عن الثلاثة: أبي داود، وابن البياز، وابن الدوش، عن المصنف. حدث بالكتاب بالقاهرة، في سنة ثمان وستين وستمائة، سمعه منه الشيخ أحمد المصري، وجماعة. 37- الفصال هو الشيخ المقرئ أبو عبد الله، محمد بن محمد المغربي، نزيل الصعيد. قرأ على أبي عبد الله محمد بن أحمد بن مسعود الشاطبي، صاحب ابن هذيل، بعد العشرين وستمائة. وقرأ العشرة بدمشق، على التقي بن باسويه. وتصدر للإقراء، ارتحل إليه برهان الدين، أبو اسحاق الوزيري، فقرأ عليه بالروايات. وسمع منه التيسير، سنة بضع وخمسين وستمائة2. 38- عبد الهادي بن عبد الكريم بن علي بن عيسى، الشيخ أبو الفتح القيسى المصري، المقرئ الشافعي، خطيب جامع المقياس. ولد سنة سبع وسبعين وخمسمائة، وقرأ القراءات على الأستاذ أبي الجود.   1 انظر/ غاية النهاية "1/ 452, 453". 2 انظر/ غاية النهاية "2/ 241". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 356 وسمع من قاسم بن إبراهيم المقدسي، وأبي عبد الله الأرتاحي، وجماعة وأجاز له أبو طالب أحمد بن المسلم اللخمي وأبو الطاهر بن عوف الزهري ومحمد بن عبد الرحمن الحضرمي. وتفرد في الدنيا بالرواية عن جماعة، وروى الكثير، وكان صالحا خيرا كثير التلاوة، قرأ عليه القراءات الشيخ أبو بكر الجعبري المؤذن وغيره، توفي في شعبان، سنة إحدى وسبعين وستمائة، ولم يكن بالماهر في القراءات1. 39- إسماعيل بن هبة الله بن علي بن هبة الله، أبو الطاهر المليجي المصري المقرئ. قرأ القراءات على أبي الجود غياث بن فارس، وعمر دهرا، واحتيج إلى إسناده العالي، فقرأ عليه جماعة، منهم الإمام أبو حيان النحوي، وأبو بكر الجعبري. وختم بموته أصحاب أبي الجود، وكان تاركا للفن، وإنما ازدحموا عليه لعوالي رواياته، مات في رمضان سنة إحدى وثمانين وستمائة ودفن بالقرافة. وقد قرأ شيخنا مجد الدين التونسي، القراءات وبرع فيها، وخرج من مصر إلى الشام، وهذا المليجي بعد في الأحياء، وأظنه أعرض عنه، على قاعدة المغاربة، في تركهم الأخذ عن من لا يحكم الفن2. 40- إبراهيم بن أحمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن فارس، الرئيس العالم كمال الدين، أبو إسحاق بن الوزير نجيب الدين، التميمي الإسكندراني، المقرئ الكاتب. ولد سنة ست وتسعين وخمسمائة، وقرأ بالروايات الكثيرة، بكتب عديدة على أبي اليمن الكندي، وقرأ شيئا من العربية والفقه، ثم تشاغل بالكتابة، وخدم في الجهات، وطال عمره. وكان آخر من قرأ على الكندي، فقصده الطلبة، وتوقف بعضهم في الأخذ عنه، تدينا لكونه مباشرا بيت المال، ولتركه الفن. فقرأ عليه القراءات الشيخ محمد بن إسرائيل القصاع، والشيخ محمد المصري المزراب، وجمال الدين، وإبراهيم البدوي، والشيخ أبو محمد الدلاصي، شيخ الإقراء في وقتنا بمكة، والشيخ إسحاق بن الوزيري، وآخرون. توفي في صفر، سنة ست وسبعين وستمائة، وله ثمانون سنة، وما كان تزوج3.   1 انظر/ غاية النهاية "1/ 473". 2 انظر/ غاية النهاية "1/ 169". 3 انظر/ غاية النهاية "1/ 6". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 357 41- عبد الصمد بن أحمد بن عبد القادر بن أبي الجيش، الأستاذ الكبير مجد الدين أبو أحمد البغدادي المقرئ، الحنبلي، شيخ الإقراء ببغداد. قرأ القراءات على الفخر الموصلي، وجماعة كثيرة، بعدة كتب، فأقدمهم وأعلاهم إسنادا، الشيخ عبد العزيز بن أحمد بن الناقد، قرأ عليه بالروايات العشرة، عن قراءته على أبي الكرم الشهرزوري. وقرأ على ابن الدبيثي، وعبد العزيز بن دلف، ومحمد بن أبي القاسم بن سالم، ومحمد بن محمود الأرجي، وعلي بن خطاب الموفق الضرير، وإبراهيم بن الخير وأحكم الفن، واعتنى بهذا الشأن، وسمع كثيرا من كتب القراءات. وسمع من عبد العزيز بن الناقد، وأحمد بن صرما، والفتح بن عبد السلام، وأجاز له أبو الفرج بن الجوزي، قرأ عليه الشيخ إبراهيم الرقي الزاهد، والتقي أبو بكر الجزري المقصاتي، وأبو عبد الله محمد بن علي بن الوراق بن خروف الموصلي، وأبو العباس أحمد الموصلي وجماعة. وكان إماما محققا بصيرا بالقراءات، وعللها وغريبها، صالحا ورعا زاهدا كبير القدر بعيد الصيت، قرأت بخط السيف بن المجد، قال: كنت ببغداد، فبنى المستنصر مسجدا وزخرفه، وجعل به من يقرئ ويسمع. فاستدعى الوزير جماعة من القراء، وكان منهم صاحبنا عبد الصمد بن أحمد، فقال له: تنتقل إلى مذهب الشافعي؟ فامتنع، فقال: أليس مذهب الشافعي حسنا؟ قال: بلى، ولكن مذهبي ما علمت به عيبا أتركه لأجله. فبلغ الخليفة ذلك فأعجبه قوله، وقال: هو يكون إمامه دونهم، وعرضت عليه العدالة فأباها. قلت: توفي في ربيع الأول، سنة ست وسبعين وستمائة، وهو في عشر التسعين. سمعت أبا بكر المقصاتي يقول: طلب مني شيخنا عبد الصمد مقصا فعملته، وأتيته به، فما أخذه حتى أعطاني فوق قيمته، سمعت أبا بكر يقول: سمعت عبد الصمد يقول: ما كان الفخر الموصلي، يأخذ علي كتابا من كتب القراءات إلا بشيء. ولما أردت أن أقرأ عليه كتاب التبصرة لمكي، وكان يرويه عن ابن سعدون القرطبي، بعت بقيارا إلي بسبعة دنانير، ثم جعلتها في كاغد وناولته إياها. قال لي أبو بكر: كان شيخنا عبد الصمد، يروي أكثر من ثلاثين كتابا في القراءات، رحمه الله1.   1 انظر/ غاية النهاية "1/ 387, 388". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 358 الطبقة السادسة عشرة : 1- أبو عبد الله الفاسي الإمام العلامة، جمال الدين، محمد بن حسن بن محمد بن يوسف المغربي، المقرئ نزيل حلب. ولد بفاس سنة نيف وثمانين وخمسمائة، وقدم مصر بعد موت أبي الجود، فقرأ القراءات على اثنين من أصحاب الشاطبي، تقدمت وفاتهما، وهما أبو موسى عيسى بن يوسف بن إسماعيل المقدسي. وأبو القاسم عبد الصمد بن سعيد الشافعي، وعرض عليهما حرز الأماني، وعرض عقيلة أتراب القصائد على جمال الدين علي بن أبي بكر الشاطبي، بسماعه من مصنفها. وأخذ القراءات بحلب فيما أظن، عن أبي المحاسن يوسف بن شداد، صاحب ابن سعدون، وقرأ عليه أكثر صحيح مسلم حفظا. وتفقه على مذهب أبي حنيفة، وروى أيضا عن أبي القاسم عيسى بن عبد العزيز بن عيسى, وعبد العزيز بن زيدان النحوي، ومحمد بن أحمد بن خلوص المرادي، وأبي ذر مصعب بن أبي ركب الخشني النحوي، وكان إماما متفننا ذكيا متقنا، واسع العلم كثير المحفوظ، بصيرا بالقراءات وعللها، مشهورها وشاذها. خبيرا باللغة مليح الكتابة، وافر الفضائل موطأ الأكناف، متين الديانة ثقة حجة، انتهت إليه رياسة الإقراء ببلد حلب. وأخذ عنه خلق كثير، منهم الشيخ بهاء الدين محمد بن النحاس، والشيخ يحيى المنبجي، والشيخ بدر الدين محمد التادفي، والناصح أبو بكر بن يوسف الحراني. والشريف حسين بن قتادة المدني، وعبد الله بن إبراهيم الجزري، وجمال الدين أحمد بن الظاهري الحافظ، وشرحه للشاطبية في غاية الحسن. وكان يعرف الكلام على طريقة أبي الحسن الأشعري، توفي في أحد الربيعين سنة ست وخمسين وستمائة، وكانت جنازته مشهودة، رحمه الله تعالى1.   1 انظر/ غاية النهاية "2/ 122". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 359 2- محمد بن علي بن موسى الإمام، شمس الدين أبو الفتح الأنصاري الدمشقي. أحد الكبار، من أصحاب أبي الحسن السخاوي، وهو الذي ولي مشيخة الإقراء، بعد شيخه بتربة أم الصالح، وكان عارفا بوجوه القراءات، جيد العربية مجموع الفضائل. وقد ولي التربة قبله فخر الدين بن المالكي أياما وتوفي، قال لنا غير واحد: وقع نزاع فيمن يتولى التربة؛ لأن شرطها أن يكون أقرأ من في البلد، فذكر لها أبو الفتح وأبو شامة. فتكلموا من يكون الحاكم بين الطرفين، فوقع التعيين إلى الإمام علم الدين القاسم بن أحمد، وكان ينبغي أن يقدم عليهما، لأنه في طبقة شيخهما في الإسناد. وله معرفة تامة بالقراءات وقد شرح الشاطبية شرحا متوسطا، وله اليد الباسطة في العربية، فامتحن كل واحد منهما ثم قال في حق أبي شامة: هذا إمام، وقال في حق أبي الفتح: هذا رجل، يعرف القراءات كما ينبغي. وكان لولي الأمر ميل إلى أبي الفتح، فقال: ما غرضنا إلا من يعرف القراءات كما ينبغي، ورسم له بها، فقرأ عليه جماعة، منهم الشيخ برهان الدين الإسكندراني، والخطيب شرف الدين الفزاري, وعلاء الدين علي بن مظفر الكاتب، قال أبو شامة: وفي صفر سنة سبع وخمسين وستمائة توفي شمس الدين أبو الفتح، الذي كان يقرئ بالتربة الصالحية، بعد الفخر بن المالكي، قال: وكان إماما في القراءات1. 3- منصور بن سرار بن عيسى بن سليم أبو علي الأنصاري الإسكندراني، المالكي المقرئ المؤدب، المعروف بالمسدي، ولد سنة سبعين وخمسمائة. وقرأ على شيوخ بلده، وسمع من عبد الرحمن بن موقى، ومحمد بن محمد الكركتني، ومنصور بن خميس، وكان من حذاق القراء. نظم أرجوزة في القراءات، وسليم بفتح السين، توفي في رجب وله ثمانون سنة، سنة أحدى وخمسين وستمائة، وله شهرة بتلك الديار2. 4- شعلة هو الإمام أبو عبد الله، محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن الحسين الموصلي، المقرئ الحنبلي، ناظم كتاب الشمعة في القراءات السبعة.   1 انظر/ غاية النهاية "2/ 211". 2 انظر/ غاية النهاية "2/ 312". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 360 كان شابا فاضلا، ومقرئا محققا ذا ذكاء مفرط، وفهم ثاقب، ومعرفة تامة بالعربية واللغة، قرأ القراءات على أبي الحسن علي بن عبد العزيز الإربلي وغيره. وسيأتي ذكر شيخه إن شاء الله تعالى، وشعره في غاية الجودة، نظم في الفقه وفي التاريخ وغيره، وكان مع فرط ذكائه صالحا زاهدا متواضعا. كان شيخنا التقي المقصاتي، يصف شمائله وفضائله ويثني عليه، وكان قد حضر بحوثه، وسمع أبا الحسن شيخه يقول: كان أبو عبد الله نائما إلى جانبي فاستيقظ, فقال لي: رأيت الساعة رسول الله -صلى الله عليه وسلم، فطلبت منه العلم فأطعمني تمرات. قال أبو الحسن: ومن ذلك الوقت، فتح عليه وتكلم، توفي في صفر، سنة ست وخمسين وستمائة بالموصل، وله ثلاث وثلاثون سنة، رحمه الله1. 5- علي بن موسى بن يوسف الإمام، أبو الحسن السعدي المصري، المقرئ المعروف بالدهان. ولد سنة سبع وتسعين وخمسمائة، وقرأ القراءات على أبي الفضل جعفر الهمداني، وجمع إلى سورة الأعراف، على أبي القاسم الصفراوي. وسمع من جماعة، وتصدر للإقراء بالفاضلية، وكان ورعا خيرا عارفا بوجوه القراءات، كثير المروءة، ساعيا في مصالح تلامذته. قرأ عليه القراءات، أبو عبد الله القصاع، والبرهان الوزيري، والشمس الحاضري وطائفة. توفي فجأة في الرابع والعشرين من رجب، سنة خمس وستين وستمائة، وشيعه الخلق2. 6- أبو شامة عبد الرحمن بن إسماعيل بن إبراهيم بن عثمان، العلامة ذو الفنون، شهاب الدين أبو القاسم المقدسي، ثم الدمشقي الشافعي المقرئ، النحوي الأصولي، صاحب التصانيف. ولد في أحد الربيعين سنة تسع وتسعين وخمسمائة، وقرأ القرآن صغيرا، وأكمل القراءات على شيخه السخاوي سنة ست عشرة وستمائة، وسمع صحيح البخاري، من داود بن ملاعب، وأحمد بن عبد الله العطار.   1 انظر/ غاية النهاية "2/ 80, 81". 2 انظر/ غاية النهاية "1/ 582". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 361 وسمع مسند الشافعي -رضي الله عنه، من الشيخ الموفق. وسمع بالإسكندرية، من أبي القاسم بن عيسى وغيره، واعتنى بأولاده قبل الأربعين، وأسمعهم الكثير من كريمة والسخاوي، وقرأ بنفسه. وكتب الكثير من العلم، وأحكم الفقه، ودرس وأفتى وبرع في العربية، وصنف شرحا للشاطبية، واختصر تاريخ دمشق مرتين. وشرح القصائد النبوية للسخاوي، في مجلد، وألف كتاب الروضتين في أخبار الدولتين النورية والصلاحية، وكتاب الذيل عليها. وكتاب شرح الحديث المقتفى في مبعث المصطفى، وكتاب ضوء الساري إلى معرفة رؤية الباري -عز وجل. وكتاب المحقق في الأصول، فيما يتعلق بأفعال الرسول -صلى الله عليه وسلم، وكتاب البسملة في مجلد، ثم اختصره، وكتاب الباعث على إنكار البدع والحوادث، وكتاب السواك. وكتاب كشف حال بني عبيد، وكتاب الأصول من الأصول، وكتاب مفردات القراء، وكتاب الوجيز في أشياء من الكتاب العزيز. وكتاب مقدمة نحو، وكتاب نظم المفصل للزمخشري، وكتاب شيوخ البيهقي، وله مسودات كثيرة لم يفرغها، وذكر أنه حصل له الشيب وهو ابن خمس وعشرين سنة. وولي مشيخة القراءة بتربة الملك الأشرف، ومشيخة دار الحديث، وكان مع فرط ذكائه وكثرة علمه، متواضعا مطرحا للتكلف، ربما ركب الحمار بين المداوير. أخذ عنه القراءات الشيخ شهاب الدين حسين الكفري، والشيخ أحمد اللبان وآخرون، وقرأ عليه شرح القصيد، الخطيبان برهان الدين الإسكندري، وشرف الدين الفزاري، وفي جمادى الآخرة، من سنة خمس وستين وستمائة جاءه اثنان من الجبلية، وهو في بيته عند طواحين الأشنان، فدخلا يستفتيانه فضرباه ضربا مبرحا، كاد أن يأتي على نفسه. ثم ذهبا ولم يدر من سلطهما عليه، فصبر واحتسب، وتوفي في تاسع عشر رمضان من السنة، وكان فوق حاجبه الأيسر شامة كبيرة. فلهذا قيل له أبو شامة1.   1 انظر/ غاية النهاية "1/ 365, 366". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 362 7- الحسن بن أبي عبد الله بن صدقة بن أبي الفتوح، الإمام الزاهد، أبو علي الأزدي الصقلي المقرئ. ولد سنة تسعين وخمسمائة، وقرأ القراءات على أبي الحسن السخاوي، وهو من جلة أصحابه. وأجاز له المؤيد الطوسي، وأبو روح عبد المعز الهروي، وسمع من ابن الزبيدي وجماعة، قرأ عليه جماعة، وروى عنه أبو الفداء بن الخباز، وأبو الحسن بن العطار وغيرهما. قال قطب الدين اليونيني في تاريخه: كان من السادات في زهده وتعبده وتقلله, وافر الحرمة، ساعيا في قضاء الحقوق له مهابة وقبول تام. توفي إلى رضوان الله، في الثاني والعشرين من ربيع الآخر، سنة تسع وستين وستمائة بدمشق، وكان صاحب كرامات وكشف1. 8- رشيد الدين أبو بكر بن أبي الدر المكيني المقرئ، أحد الحذاق بالفن. قرأ القراءات على الزين الكردي، والعلم السخاوي، ورحل في طلب الإسناد، فقرأ بالإسكندرية، على ابن عيسى وجعفر بن علي الهمداني. وبمصر على أبي المنصور عبد الله بن جامع، كذا قال، وصوابه منصور بن عبد الله بن جامع، وقرأ ختمة للكسائي على أبي القاسم الصفراوي. وقرأ العشرة على التقي بن باسويه، والمرجى بن شقيرة، وقرأ ليعقوب على العفيف بن الرماح المصري، وكان من كبار المقرئين في زمانه. قرأ عليه رضي الدين بن دبوقا، والشيخ محمد المصري، وجمال الدين البدوي، وجماعة. توفي في سنة ثلاث وسبعين وستمائة بدمشق، وقد نيف على السبعين -رحمه الله تعالى2. 9- عبد السلام بن علي بن عمر بن سيد الناس، الإمام الكبير زين الدين، أبو محمد الزواوي المالكي، المقرئ شيخ القراء في زمانه بدمشق.   1 انظر/ غاية النهاية "1/ 219". 2 انظر/ غاية النهاية "1/ 181". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 363 وشيخ المالكية ومفتيهم وقاضيهم، ولد سنة تسع وثمانين وخمسمائة أو قبلها ببجاية، وقدم مصر في شبيبته، فقرأ بالإسكندرية القراءات، على الشيخ أبي القاسم بن عيسى، ثم قدم دمشق سنة ست عشرة وستمائة. فقرأ القراءات على الشيخ علم الدين السخاوي، وسمع منه، وكان إماما زاهدا ورعا، كبير القدر قليل المثل، درس وأفتى وولي قضاء الشام على كره منه، فحكم تسعة أعوام، ثم عزل نفسه يوم وفاة رفيقه القاضي شمس الدين بن عطاء الحنفي. واستمر على التدريس والفتوى، والإقراء بتربة أم الصالح وبالجامع، وله مصنف في الوقف والابتداء، وآخر في عدد الآي، وأقرأ بالتربة بعد أبي الفتح الأنصاري، مع وجود أبي شامة. وانتهت إليه رياسة الإقراء بالشام، قرأ عليه الشيخ برهان الدين الإسكندراني، والشيخ شهاب الدين الكفري، وتقي الدين أبو بكر الموصلي، والشيخ محمد المصري. والشيخ زين الدين المنزلي، والشيخ أحمد الحراني، وشهاب الدين أحمد بن النحاس الحنفي، وخلق سواهم، وكان يخدم نفسه، ويحمل الحاجة والحطب على يده، مع جلالته. وقد أخذ العربية عن أبي عمرو بن الحاجب وغيره، توفي إلى رضوان الله تعالى ورحمته، في رجب سنة إحدى وثمانين وستمائة، عن اثنتين وتسعين سنة، أو أزيد، وشيعه نائب السلطنة لاجين، والعالم وازدحموا على نعشه ودفن بمقبرة باب الصغير، وقبره مقصود بالزيارة -رحمه الله1. 10- محمد بن علي بن يوسف بن محمد بن يوسف، العلامة المعمر، رضي الدين أبو عبد الله الأنصاري، الشاطبي المقرئ اللغوي. ولد سنة إحدى وستمائة ببلنسية، وقرأ لنافع من طريق ورش، على ابن صاحب الصلاة، محمد بن أحمد الشاطبي، آخر أصحاب ابن هذيل في بلده. وسمع منه كتاب التلخيص للداني، في قراءة ورش، وقدم مصر فسمع من ابن المقير وجماعة، روى عنه أبو حيان، وسعد بن القاضي، وأبو الحسين اليونيني، وأبو الحجاج المزي، وأبو عمرو بن الظاهري، وآخرون. وانتهت إليه معرفة اللغة وغريبها، أخذ الناس عنه، وكان يقول: أعرف اللغة على قسمين، قسم أعرف معناه وشاهده، وقسم أعرف كيف أنطق به فقط.   1 انظر/ غاية النهاية "1/ 386". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 364 توفي إمام أهل اللغة رضي الدين الشاطبي بالقاهرة، في يوم الجمعة، الثاني والعشرين من جمادى الأولى، سنة أربع وثمانين وستمائة1. 11- علي بن عبد العزيز بن محمد الإمام، تقي الدين أبو الحسن الأربلي، المقرئ نزيل بغداد، وأحد الشيوخ بها. قرأ القراءات الكثيرة، على جماعة بعد الثلاثين وستمائة، وتصدر للإقراء والإفادة، في حدود الخمسين وستمائة، وعليه قرأ أبو عبد الله شعلة. وممن أخذ عنه أبو العباس، أحمد بن أبي البدر القلانسي، وتقي الدين أبو بكر المقصاتي، وشمس الدين أبو العلا الفرضي، وجلدك الرومي المقرئ، وأبو الحسن علي بن أحمد بن موسى الجزري، وغيرهم. وقد حدث بكتاب المصباح للشهرزوري، في سنة ثلاث وسبعين وستمائة، بسماعه من شيخه الإمام أبي إسحاق إبراهيم بن يوسف بن بركة الموصلي المؤدب، أخبرنا نصر الله بن سلامة الهيتي، سماعا عن المؤلف، ح. وبسماع تقي الدين لكتاب الشمعة، من تلميذه أبي عبد الله المؤلف، وقد روى بالإجازة عن أبي منصور محمد بن عفيجة وغيره. وسمع بالموصل من إبراهيم بن ختة، قال الفرضي: كان مقرئا فقيها فرضيا نحويا عدلا2. 12- عبد النصير المريوطي أبو محمد المقرئ من كبار القراء بالإسكندرية. قرأ بالروايات، على أبي القاسم الصفراوي، وأبي الفضل الهمذاني عن قراءتهما على أبي القاسم بن خلف الله، قرأ عليه بالتجريد وتلخيص العبارات، الإمام أبو حيان. وتوفي بعد الثمانين وستمائة3. 13- أحمد بن المبارك بن نوفل الإمام، المجود تقي الدين، أبو العباس النصيبي، الخرفي وخرفة من قرى نصيبين. دخل الموصل سنة بضع وستمائة، فقرأ القراءات على الشيخ عز الدين محمد بن عبد الكريم البوازيجي بن حرمية مقرئ أهل الموصل. وسمع عليه التجريد لابن الفحام، عن   1 انظر/ غاية النهاية "2/ 213". 2 انظر/ غاية النهاية "1/ 550". 3 انظر/ غاية النهاية "1/ 472". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 365 أخذه لذلك، عن يحيى بن سعدون، وسمع صحيح البخاري من محمد بن محمد بن سرايا، بروايته عن أبي الوقت. وقرأ العربية على أبي حفص عمر بن أحمد السفني، لقن ابن بدر الدين، صاحب الموصل القراءات. وصنف في الأحكام، وشرح مقصورة ابن دريد. وألف كتابا في العروض، وكتابا في الخطب وشرح الملحة. وله منظومة في الفرائض، ومنظومة في المسائل الملقبات، وقد أقام بسنجار مدة، ودرس بها مذهب الشافعي -رضي الله عنه، ثم نقله الأمير إسحاق بن صاحب الموصل، إلى بلد الجزيرة، فانتفع به أهلها. وكان متوسعا من المعارف، جم الفضائل، له قبول زائد. قرأ عليه القراءات، أبو الحسن علي بن أحمد بن موسى الجزري المقرئ، وروى لنا عنه كتاب التجريد بالإجازة، شيخنا أبو بكر المقصاتي. توفي سنة أربع وستين وستمائة1. 14- أحمد بن علي بن محمد بن علي بن شكر، الإمام أبو العباس الأندلسى، أحد الحذاق، رحل وقرأ القراءات، على أبي الفضل جعفر الهمداني، وسمع من ابن عيسى، وسكن بلد الفيوم. قال أبو عبد الله الأبار: إنه اختصر التيسير، وصنف شرحا للشاطبية، وتوفي في حدود الأربعين وستمائة2. 15- عبد الله بن محمد بن عبد الله القاضي، معين الدين أبو بكر النكزاوي، الإسكندراني المقرئ النحوي. ولد بالإسكندرية، سنة أربع عشرة وستمائة، وقرأ بها القراءات، على أبي القاسم الصفراوي وغيره، وصنف كتابا في القراءات، وتصدر وأفاد وتخرج به جماعة. توفي سنة ثلاث وثمانين وستمائة فجأة3.   1 انظر/ غاية النهاية "1/ 99". 2 انظر/ غاية النهاية "1/ 87". 3 انظر/ غاية النهاية "1/ 452". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 366 16- خليل بن أبي بكر بن محمد بن صديق، الإمام صفي الدين أبو الصفاء المراغي، المقرئ الحنبلي المعدل، قرأ العشرة على التقي بن باسويه. وسمع من القاضي أبي القاسم عبد الصمد بن الحرستاني، وأبي الفتوح البكري، وداود بن ملاعب وجماعة وتفقه على الشيخ موفق الدين المقدسي. وكان مجموع الفضائل كثير المناقب، متين الديانة، عارفا بالقراءات بصيرا بالمذهب، عالما بالخلاف والطب، وقرأ عليه بالروايات، بدر الدين محمد بن الجوهري, والشيخ أبو بكر الجعبري وجماعة من المصريين، وسمع منه ابن الظاهري، وابنه أبو عمرو، والقاضي أبو محمد الحارثي، والحافظ أبو الحجاج المزي، والإمام أبو حيان. والحافظ أبو محمد بن منير، وخلق سواهم. وقد ناب في القضاء بالقاهرة، وحمدت طرائقه، وشكرت خلائقه. توفي في سابع عشر ذي القعدة، سنة خمس وثمانين وستمائة، وقد قارب التسعين، وهو من آخر من قرأ القراءات على ابن باسويه، وكان مولده بمراغة، سنة بضع وتسعين1 وخمسمائة. 17- يوسف بن جامع بن أبي البركات، الإمام الأستاذ أبو إسحاق القفصي، ثم البغدادي الضرير المقرئ. ولد سنة ست وستمائة، وقرأ القراءات على جماعة، ورحل إلى الشام ومصر، ولقي الكبار، وحدث عن عمر بن عبد العزيز، ابن الناقد، وأخته تاج النساء. وكان رأسا في القراءات، عارفا باللغة والنحو، جم الفضائل، له تصانيف في القراءات، وكان لا يتقدمه أحد في زمانه في الإقراء. أخذ عنه علي بن أحمد بن موسى الجزيري، وسمع منه أبو العلاء الفرضي، وأحمد القلانسي. توفي في صفر سنة اثنتين وثمانين وستمائة. حدثني الحافظ علم الدين، أن أبا إسحاق القفصي، قدم دمشق في الكهولة، وقرأ ختمة للسبعة في نحو ثمانية أيام أو أكثر، على جده علم الدين القاسم بن أحمد. قلت: قصد بالأخذ عن علم الدين، إيصال طريق التيسير له، وإلا فهو قد قرأ على   1 انظر/ غاية النهاية "1/ 275". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 367 ناس أسند من علم الدين، قرأ بالمصباح في سنة ست وعشرين وستمائة، على الشمس علي بن أبي بكر البرسفي1. 18- الكمال المحلي هو الشيخ أبو العباس أحمد بن علي المقرئ الضرير. أحد القراء بالقاهرة كان له عدة جهات، وكان عارفا بالتجويد أخذ عن أصحاب أبي الجود، وعليه قرأ شيخنا محمد الضرير المزراب، ولد بالمحلة. ومات بالقاهرة، في ثامن عشر ربيع الآخر سنة اثنتين وسبعين وستمائة، عن بضع وخمسين سنة2. 19- موفق الدين أبو العباس الكواشي الشافعي. المقرئ المفسر الزاهد بقية الأعلام أحمد بن يوسف بن حسن بن رافع، وكواشة قلعة من بلاد الموصل. ولد سنة تسعين3 وخمسمائة، وقرأ على والده، وقدم دمشق، وأخذ عن السخاوي وغيره، وسمع من ابن روزبة، وتقدم في معرفة القراءات والتفسير والعربية. وكان منقطع القرين عديم النظير، زهدا وصلاحا وصدقا وتبتلا وورعا واجتهادا، صاحب أحوال وكرامات. كان السلطان فمن دونه يزورونه، فلا يقوم لهم ولا يعبأ بهم، ولا يقبل صلتهم، أضر قبل موته بسنوات، صنف التفسير الكبير والتفسير الصغير. وبلغنا أنه اشترى قمحا من قرية الجابية لكونها من فتوح عمر -رضي الله عنه، ثلاثة أمداد وحملها إلى الموصل، فزرعها بأرض البقعة، وخدمها بيده، ثم حصده وتقوت منه. وخبأ بذرا ثم زرعه فنما وكثر، إلى أن بقي يدخل عليه من ذلك. القمح ما يقوم به، وبجماعة من أصحابه، وكان إذا أرسل يشفع في شيء عند صاحب الموصل لا يرده. حدثني الشيخ تقي الدين المقصاتي، قال: قرأت على الشيخ موفق الدين تفسيره، فلما بلغنا إلى والفجر منعني من إتمام الكتاب، وقال: أنا أجيزه لك ولا تقول قرأته كله على المصنف، يعني أن للنفس في ذلك حظا. قال: وغبت عنه سنة ونصفا، فجئت ودققت الباب، وكان قد أضر فجاء ليفتح، وقال: من ذا أبو بكر، فاعتدتها له كرامة.   1 انظر/ غاية النهاية "2/ 394". 2 انظر/ غاية النهاية "1/ 82". 3 انظر/ غاية النهاية "1/ 151". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 368 قلت: توفي في سابع عشر جمادى الآخرة سنة ثمانين وستمائة. 20- ركن الدين إلياس بن علوان بن ممدود الأربلي المقرئ الملقن، سمع من الشيخ شهاب الدين السهروردي، وقرأ على السخاوي. وتصدر للإقراء بالجامع الأموي زمانا، وكان حاذقا بتعليم القرآن، يقال ختم عليه أكثر من ألف نفس. وكان يؤم بمسجد طوغان بالفسقار. توفي في ربيع الآخر، سنة ثلاث وسبعين وستمائة، وفي هذا الشهر ولد مؤلف هذا الكتاب1. 21- سديد الدين خضر بن عبد الرحمن بن خضر، أبو القاسم الحموي المقرئ. قرأ القراءات على أبي الحسن السخاوي، وتصدر ببلده للإقراء، وعمر دهرا، قرأ عليه ابن الفقاعي وغيره. توفي في شوال سنة احدى وثمانين وستمائة، وقد جاوز التسعين، وكان عارفا بالفن2. 22- العماد الموصلي أبو الحسن علي بن يعقوب بن شجاع بن علي بن إبراهيم بن محمد بن أبي زهران المقرئ الأستاذ، الفقيه الشافعي. ولد سنة إحدى وعشرين وستمائة، وقرأ القراءات على الشيخ أبي اسحاق بن وثيق الأندلسي، وغيره بالموصل، وكان إماما محققا رأسا في التجويد، بصيرا بالعلل، خبيرا بغوامض المسائل. وكان فصيحا مفوها، جيد العربية عالما بالأصول والنظر، نقالا للمذهب، حفظ الوجيز للغزالي، وحفظ في آخر عمره الحاوي في الفقه. وصنف شرحا للقصيد في نحو أربع مجلدات، لم يكمله ولا بيضه، وكان أبوه فقيها شاعرا، ولجده شجاع شعر حسن. وكان في الشيخ عماد الدين انبساط وعشرة، والله يغفر له. بلغني أن الشيخ زين الدين الزواوي كان يعظمه من حيث معرفة الفن، ويقدمه على نفسه، وقد قرأ عليه جماعة انتقلوا إلى الله تعالى، منهم علاء الدين المروزي الملقب بالجنة.   1 انظر/ غاية النهاية "1/ 171". 2 انظر/ غاية النهاية "1/ 270". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 369 ولي مشيخة الإقراء بتربة أم الصالح، بعد الشيخ زين الدين، فلم تطل مدته، ومات في سابع عشر صفر، سنة اثنتين وثمانين وستمائة. عن إحدى وستين سنة، ودفن بمقبرة باب الصغير1. 23- المكين الأسمر هو الأستاذ أبو محمد اللخمي الإسكندراني، مقرئ أهل الإسكندرية في وقته. قرأ القراءات على أبي القاسم الصفراوي وغيره، وتصدر للإقراء وحدث عن أصحاب السلفي، وكان عارفا بالقراءات، ذا حظ من صلاح وعبادة وتخرج به جماعة. ولما مات شيخنا الفاضلي، قبل إكمالي القراءات، بقيت أتلهف، فذكر لي هذا الشيخ، وأنه باق بالإسكندرية، وأنه أعلى رواية من الفاضلي، فازددت تلهفا وتحسرا على لقيه، ولم يكن الوالد يمكنني من السفر. توفي في غرة ذي القعدة، سنة اثنتين وتسعين وستمائة عن نيف وثمانين سنة2. 24- الصائن أبو عبد الله البصري المقرئ الضرير، سكن الروم، وتصدر للإقراء، وقصده الطلبة. قدم في شبيبته دمشق، فقرأ بالروايات على المنتجب الهمذاني، وتفقه على مذهب الشافعي -رضي الله عنه، وأضر في أثناء عمره. دخل الروم وقد شاخ، فقرأ عليه الشيخ وحيد الدين إمام الكلاسة، وسألته عنه، فأثنى على معرفته ودينه، وقال: اسمه محمد. توفي سنة أربع وثمانين وستمائة وفيها قدمت الشام. 25- التقي الجرائدي أبو يوسف يعقوب بن بدران بن منصور بن بدران المصري، ثم الدمشقي المقرئ. شيخ القراء في وقته بالديار المصرية. تصدر بالمدرسة الظاهرية وغيرها، أخذ القراءات بدمشق، عن ابن باسويه والسخاوي، ورحل فقرأ بالروايات الكثيرة، على أبي القاسم بن عيسى وغيره. وحدث عن أبي عبد الله بن الزبيدي، أبي المنجي بن الليثي، قرأ عليه ابنه العماد محمد، ونور الدين علي الشطنوفي وجماعة.   1 انظر/ غاية النهاية "1/ 584". 2 انظر/ غاية النهاية "1/ 460". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 370 ونظم في القراءات أبياتا كثيرة، وحل فيها رموز القراءات، وجعلها بدل الأبيات المرموزة في الشاطبية، تسهيلا على الطلبة. توفي في شعبان سنة ثمان وثمانين وستمائة، وعاش نيفا وثمانين سنة1. 26- علي بن الواسطي المعروف بالشيخ علي خريم شيخ القراء ببلده. قرأ بالروايات على أصحاب الباقلاني، وطال عمره واشتهر ذكره2. 27- عز الدين الفاروثي العلامة أبو العباس، أحمد بن الإمام، أبي محمد إبراهيم بن عمر بن الفرج بن أحمد بن سابور بن علي بن غنيمة الواسطي المقرئ المفسر الشافعي الخطيب الصوفي، أحد الأعلام. ولد سنة أربع عشرة وستمائة بواسط، وقرأ القراءات على والده، وعلى الحسين بن أبي الحسن بن ثابت الطيبي، كلاهما عن أبي بكر بن الباقلاني. وقد مر بغداد سنة تسع وعشرين، فسمع الحديث من عمر بن كرم، والشيخ شهاب الدين السهروردي ولبس منه الخرقة، وأبي الحسن القطيعي وخلق سواهم. وكان فقيها عالما علامة، مفتيا عارفا بالقراءات ووجوهها، بصيرا بالعربية واللغة، عالما بالتفسير، خطيبا واعظا زاهدا خيرا، صاحب أوراد وتهجد ومروءة، وفتوة وتواضع، ومحاسنه كثيرة. وكان له أصحاب ومريدون، انتفعوا بصحبته في دينهم ودنياهم، وقرأ عليه طائفة، منهم الشيخ أحمد الحراني، والشيخ جمال الدين البدوي، وشمس الدين محمد بن أحمد الرقي، وشمس الدين بن غدير. وسمع منه خلق بدمشق والحرمين والعراق، وكان له القبول التام من الخاص والعام، قدم دمشق سنة تسعين، فولي مشيخة الحديث بالظاهرية. وأعاد في الناصرية، وتدريس النجيبية، ثم ولي خطابة البلد بعد زين الدين بن المرحل، فكان يخطب من غير تكلف ولا توقف. ويذهب من صلاة الجمعة فيشيع جنازة أو يعود صاحبا، وعليه السواد، وكان طيب الأخلاق حلو المجالسة، وكان يمضي إلى دار نائب السلطنة الشجاعي، فكان يحترمه ويعظمه ويحبه.   1 انظر/ غاية النهاية "2/ 389". 2 انظر/ غاية النهاية "1/ 551". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 371 وكان بعض الصالحين ينكر مشيه إلى الشجاعي، فلما عزل من الخطابة بموفق الدين الحموي. وعزل الشجاعي عن الشام، تألم الشيخ لذلك، وسار مع الوفد في سنة إحدى وتسعين، وأودع كتبه وحمل بعضها، وكانت كثيرة إلى الغاية، ثم سار إلى واسط. وكان لطيف الشكل صغير العمامة، مطرح التكلف، له رداء أبيض، وله جنية، وقد سلمت عليه وحدثته، ولم يقض لي أن آخذ عنه شيئا. سألت الشيخ علي الواسطي الزاهد، عن الفاروثي ونسبته المصطفوي، فقال: كان أبوه الشيخ محيي الدين، يذكر أنه رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- في النوم، فواخاه فلهذا كان يكتب المصطفوي. وقد أكثر صاحبنا الحافظ علم الدين عنه، وحمل عنه عشرة كتب، منها صحيح البخاري، ونحوا من ثمانين جزءا، توفي في ذي الحجة سنة أربع وتسعين وستمائة1. 28- أحمد بن عبد الباري بن عبد الرحمن بن عبد الكريم، الشيخ شهاب الدين أبو العباس، الصعيدي ثم الإسكندراني، المقرئ المؤدب. ولد سنة اثنتي عشرة وستمائة، وقرأ القراءات على أبي القاسم بن عيسى. وروى عن الصفراوي والهمداني وعني بالحديث، وكان أحد الصالحين الأتقياء، كان له مسجد يؤم به، ويقرئ ويؤدب فيه. توفي في أوائل سنة خمس وتسعين، وقد سمعت من ولده أبي بكر2. 29- عبد الرحمن بن عبد الحليم بن عمران الإمام صدر الدين، أبو القاسم الأوسي الدكالي المالكي المقرئ ويلقب بسحنون. كان إماما عارفا بالمذهب مفتيا متفننا، جم الفضائل، قرأ القراءات على الصفراوي، وسمع منه ومن علي بن مختار، وعبد الوهاب بن رواج، وطائفة. وكان في خلقه زعارة، روى عنه ابن الظاهري، وولداه، والمزي والبرزالي، وابن سيد الناس، والشيخ رافع وابن أسامة، وغيرهم. أدركته وهو منقطع قد أضر، وضعف، فقرأت عليه جزءا، وسألته، فحدثني أنه قرأ   1 انظر/ غاية النهاية "1/ 34". 2 انظر/ غاية النهاية "1/ 65". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 372 بالروايات على أبي القاسم، فشرعت عليه في ختمة لورش وحفص، فعرضتها في أحد عشر يوما. وانتقل إلى رحمة الله في رابع شوال، سنة ستمائة وخمس وتسعين، وله ثمانون سنة أو أكثر، سألت شيخنا المزي عنه فقال: شيخ جليل فاضل، صاحب سنة, لقيته بالإسكندرية1. 30- عبد الرحمن بن عبد اللطيف بن محمد بن وريدة، الشيخ كمال الدين أبو الفرج البغدادي المقرئ الحنبلي، المكبر البزاز الملقب بالفويره، ينعتونه بالفروهية، لاشتغاله وفهمه. ولد سنة تسع وتسعين وخمسمائة، وكان أبوه مكبرا بجامع القصر، فاشتغل ابنه بالعلم، فسمع الحديث من أحمد بن صرما، وزيد بن البيع، وأبي الوفاء محمد بن منده، وعمر بن كرم والكبار، وأجاز له أبو أحمد بن سكينة، وأبو حفص بن طبرزد، وجماعة. وقرأ بالروايات على الفخر محمد بن أبي الفرج الموصلي، وسمع منه التيسير والتجريد، وعمر دهرا. وانفرد عن أقرانه وكنت أتحسر على الرحلة إليه، وما أتجسر خوفا من الوالد، فإنه كان يمنعني، ولي مشيخة المستنصرية، وروى الكثير ثم شاخ، ووقع في الهرم، أجاز لنا ما يجوز له روايته، وكتب ذلك بيده، ومات في ذي الحجة، سنة سبع وتسعين، وستمائة، ببغداد وله ثمان وتسعون سنة وأشهر -رحمه الله تعالى2. 31- محمد بن عبد الكريم بن علي الشيخ المعمر نظام الدين، أبو عبد الله التبريزي، ثم الدمشقي. ولد في حدود سنة عشر وستمائة، وحفظ القرآن وجوده، وسافر به والده إلى مصر، فذكر لي أنه قرأ على أبي عمرو، ختمة على أبي القاسم الصفراوي. وقرأ بمصر على العفيف بن الرماح، والشيخ عبد الظاهر وغيرهما، لأبي عمرو وأكمل القراءات على السخاوي، فرأيت خط السخاوي له بذلك، في سنة خمس وثلاثين، وقرأ بأربع روايات على المنتجب. وهو آخر من مات من أصحاب المنتجب، وابن الرماح، قرأت عليه ختمة لأبي عمرو، لعلو إسناده، وقرأ عليه القراءات، ولده محمد وغيره. وكان ذاكرا للخلاف حسن الأخذ، سمع من السخاوي وأبي القاسم بن رواحة وجماعة، وكان متواضعا ساكنا خيرا، يؤم بمسجد وله حلقة.   1 انظر/ غاية النهاية "1/ 371". 2 انظر/ غاية النهاية "1/ 372, 373". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 373 أقرأ بالجامع ثم انقطع، ووقع في الهرم، وعجز ثم مرض زمانا، وبقي في المارستان عدة أشهر، إلى أن توفي إلى رحمة الله تعالى، في ربيع الآخر، سنة أربع وسبعمائة، وهو في عشر المائة1. 32- يحيى بن أحمد بن عبد العزيز بن عبد الله بن علي بن عبد الباقي، الإمام شرف الدين أبو الحسين بن الإمام أبي الفضل بن الصواف الجذامي، الإسكندراني المالكي، المقرئ المعدل. ولد في أحد الربيعين سنة تسع وستمائة، وسمع سنة خمس عشرة وبعدها، من ناصر ابن الأغماتي، ومحمد بن عماد، وجده عبد العزيز بن الصواف، وعبد الخالق بن إسماعيل التنيسي، ومرتضى بن أبي الجود. وقرأ القراءات على أبي القاسم بن الصفراوي، وهو آخر من قرأ عليه وفاة، وآخر من حدث عن ابن عماد وجماعة. رحلت إليه، فأدخلت عليه، فوجدته قد أضر وأصم، ولكن فيه جلادة وشهامة، وهو في سبع وثمانين سنة، فقرأت عليه جزءا، ورفعت صوتي فسمع. وكلمته في أن أجمع عليه السبعة، فقال: اشرع. فقرأت عليه الفاتحة، وآيات من البقرة، وهو يرد الخلاف ويرد رواية يعقوب وغيره، مما قرأ به، فقلت: إنما قصدي السبعة فقط، فتخيل مني نقص المعرفة. وقال: إذا أردت أن تقرأ علي، فامض إلى تلميذي فلان، فاقرأ عليه ثم اعرض علي، فرأيت أن هذا شيء يطول. وزهدني فيه، أني كنت لا أدخل عليه إلا بمشقة وأمنع مرة، ويؤذن لي مرة، وأيضا فكنت لا أقرأ ربع حزب جمعا، حتى ينقطع صوتي، لمكان صممه. ثم ظفرت بسحنون المذكور بعد، وقرأت عليه ما ذكرت لك، وكنت قد وعدت أبي وحلفت له، أني لا أقيم في الرحلة أكثر من أربعة أشهر، فخفت أعقه. سمع منه المزي والبرزالي، وابن منير وابن سيد الناس، وأبو الحسن السبكي، وطائفة، وكان من كبار عدول الثغر كأبيه، وأخيه وولده. حدثني أبو عمرو المقاتلي، أنه توفي في سابع عشر شعبان، سنة خمس وسبعمائة، وله ست وتسعون سنة، ونزل القراء بموته درجة2.   1 انظر/ غاية النهاية "2/ 174". 2 انظر/ غاية النهاية "2/ 366". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 374 الطبقة السابعة عشرة : المذكورة إذ هي كغيرها من الطبقات فيها رجال في أوائلها يمكن أن يعدوا في الطبقة الماضية قبلهم لتقدم وفاتهم وقدم هجرتهم فاعلمه. 1- محمد بن إسرائيل الإمام الأستاذ أبو عبد الله السلمي، الدمشقي القصاع المقرئ. مصنف المغني والاستبصار في القراءات والكتابات، وقفه بخطه في الخانقاه، انتفعت بهما كثيرا، كان شابا ذكيا، زكيا خيرا صالحا متواضعا، عني بهذا الشأن أتم عناية. وقرأ بالروايات الكثيرة، على الكمال بن شجاع العباسي، والعلم أبي محمد القاسم اللورقي، والكمال بن فارس، والشيخ علي الدهان، والزواوي وغيرهم. وكان يعيش من كسب يمينه، كان شيخنا البرهان أبو إسحاق الجذامي يبالغ في الثناء على دينه ومعرفته. وقد جلس وأقرأ الناس وسمع الكثير، وعاجلته المنية، فمات قبل الكهولة، سنة إحدى وسبعين وستمائة أو بعدها1. 2- إبراهيم بن إسحاق بن المظفر الأستاذ المقرئ، برهان الدين أبو إسحاق المصري الوزيري، والوزيرية حارة بالقاهرة. ولد سنة تسع عشرة وستمائة، وحفظ العنوان، وقرأ بالروايات، على التقي عبد القوي بن المغربل، صاحب أبي الجود، ثم بعده على الكمال الضرير. وارتحل إلى الصعيد، فقرأ على أبي عبد الله محمد بن محمد الفصال، ثم قدم دمشق، وقرأ بعدة كتب على علم الدين القاسم، وكمال الدين بن فارس. وعني بهذا الشأن، وسمع وأسمع ولده إسحاق، عدة كتب في القراءات، وتصدر للإقراء، وقرأ عليه القراءات ولده، والشيخ أحمد الحراني وجماعة. وحج في سنة أربع وثمانين وستمائة، فأدركه الأجل بعد الحج بين الحرمين   1 انظر/ غاية النهاية "2/ 100". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 375 الشريفين، في الخامس والعشرين من ذي الحجة، سنة أربع وثمانين وستمائة، رحمه الله تعالى1. 3- حسن بن عبد الله بن ويحيان الأستاذ، أبو علي الراشدي التلمساني، المقرئ. وهو من بني راشد، قبيلة من البربر، لا من الراشدية، التي من قرى مصر، قرأ بالروايات على الكمال بن شجاع الضرير، وجلس للإقراء مدة. قرأ عليه شيخنا مجد الدين التونسي، والشيخ شهاب الدين أحمد بن جبارة، وكان بصيرا بالقراءات وعللها، عارفا بالعربية، صاحب عبادة وزهد وإخلاص، واشتغال بنفسه. قال لي شيخنا مجد الدين: كان لا يغتاب أحدا، وقال الإمام أبو حيان: كان الشيخ حسن حافظا للقرآن، ذاكرا للقصيد، يشرحه لمن يقرأ عليه، ولم يكن عارفا بالأسانيد، ولا المتقن للتجويد، لأنه لم يقرأ على متقن. وكان مع ذلك بربريا، في لسانه شيء من رطانتهم، وكان مشهورا بالقراءات، عنده نزر يسير جدا من العربية، كألفية ابن معطى، ومقدمة ابن بابشاذ، يحل ذلك لمن يقرأ عليه. قلت: بل كان قوي المعرفة بالعربية، ويكفيه أنه يشرح ألفية ابن معط للناس ولكن شيخنا أبو حيان لا يثبت لأحد شيئا في العربية. وينظر إلى النحاة بعين النقص، لسعة ما هو فيه من التبحر في علم اللسان، ثم قال: قد روى عن ناس متأخرين، أعلاهم الكمال الضرير، على مقال فيه، سمعت الحافظ شرف الدين الدمياطي، يذكر ذلك. قلت: كان الشيخ حسن ثقة مأمونا في قوله، وحاشاه أن يدعي ما لم يقع، كان أتقى لله وأورع من ذلك ولصدق بينة. قد انتهى السؤدد في الإقراء، إلى صاحبيه شيخنا المجد وابن جبارة ورأيتهما يثنيان على علمه ودينه. قال أبو حيان: ولعمري إن بين الشيخ أبي بكر بن القاسم التونسي، وبين شيخه في الذكاء وجودة الفهم، وحسن الإدراك لبونا بعيدا، ولو عاش الراشدي لقرأ عليه. قلت: توفي في الثامن والعشرين من صفر، سنة خمس وثمانين وستمائة2.   1 انظر/ غاية النهاية "1/ 9". 2 انظر/ غاية النهاية "1/ 218". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 376 5- إبراهيم بن داود بن ظافر بن ربيعة، الإمام جمال الدين أبو إسحاق العسقلاني، ثم الدمشقي المقرئ الشافعي: المشهور بالفاضلي؛ لأن أباه كان متصلا بالقاضي الفاضل، وابنه القاضي الأشرف، ولد في صفر سنة اثنتين وعشرين وستمائة، وسمع من أبي عبد الله الزبيدي، ومكرم بن أبي الصقر، والفخر الأربلي، وخلق سواهم. وقرأ بالروايات على الشيخ علم الدين، ولزمه ثمانية أعوام، حتى إنه جمع عليه سبع ختمات للسبعة، وحمل عنه الكثير من التفسير، والآداب والحديث. وكتب الخط المنسوب، ونسخ كثيرا وعني بالحديث، وشهد على القضاة، وكان إماما فاضلا حسن المشاركة في العلوم، يتحقق بعلم الأداب ولي التربة بعد الشيخ عماد الدين الموصلي، وتكاثر عليه الطلبة. وقرأ عليه طائفة: منهم جمال الدين البدوي، والشيخ محمد المصري والشيخ محمد بن الخياط. وقرأ عليه الشيخ بدر الدين بن بصخان لابن عامر. وكنت أنا وابن بصخان، وشمس الدين الحنفي النقيب، وشمس الدين بن غدير، نجمع عليه الجمع الكثير، فانتهيت عليه إلى أواخر القصص، وانتهى كل واحد منهم إلى سورة قبل ذلك، فقوي به الفالج، ومنعنا من الدخول عليه، نحو الشهر. وكان قد أصابه طرف من الفالج، قبل موته بسنتين أو أكثر، فبقي يقرئ في بيته، بباب البريد، وساء حفظه، ولم يختلط، وما أنكرنا عليه شيئا إلا إقراءه الجماعة وجها رابعا لحمزة في الوقف، على مثل الأرض والآخرة، وهو تسهيل الهمزة بين بين. فكلمناه وقلنا: هذا لا يجوز، فرجع وزعم أن السخاوي أقرأه به، وكان شيخا مطبوعا، رئيسا حسن البزة مليح الشكل، حلو المحاضرة كثير المحفوظ، ولي مشيخة الحديث بالفاضلية، وروى الكثير. وتوفي إلى عفو الله تعالى ورحمته، ليلة الجمعة، مستهل جمادى الأولى سنة اثنتين وتسعين وستمائة، وقد نيف على السبعين، وولي بعده التربة شيخنا مجد الدين1. 6- علي بن ظهير بن شهاب الإمام نور الدين، المصري المقرئ الموشي، المعروف بابن الكفتي، شيخ الإقراء بالجامع الأزهر.   1 انظر/ غاية النهاية "1/ 14". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 377 أخذ القراءات عن الخطيب عيسى بن أبي الحرم، وأبي إسحاق بن وسيق وجماعة، وكان أحد من اعتنى بالقراءات وعللها، وشهر بها، مع الورع والديانة والزهد والصيانة. وقد حدث عن أصحاب السلفي. روى عنه الإمام أبو حيان، وعلم الدين البرزالي وفتح الدين بن سيد الناس، توفي في ربيع الآخر، سنة تسع وثمانين وستمائة1. 7- أحمد بن عبد الله بن الزبير، الإمام شمس الدين، أبو العباس الخابوري، ثم الحلبي المقرئ الشافعي، خطيب جامع حلب. سمع بحران من خطيبها فخر الدين بن تيمية، وبحلب من أبي محمد بن الأستاذ، وابن روزبة، وببغداد من عبد السلام الداهري، وبدمشق من أبي صادق بن صباح، وقرأ القراءات على الشيخ علم الدين السخاوي وغيره. وتقدم في الفقه والعربية، وتصدر للإقراء ببلده، واشتهر ذكره، وقرأ عليه جماعة، وكان من كبار المقرئين، وله نوادر وخلاعة وظرف معروف، وطال عمره وبعد صيته، سمع منه المزي وابن الظاهري، وولده وابن سامة والبرزالي. توفي بحلب في المحرم، سنة تسعين وستمائة، وقد قارب التسعين، وصلوا عليه بجامع دمشق، صلاة الغائب2. 8- محمد بن عبد الخالق بن مزهر، الإمام شهاب الدين، أبو عبد الله الأنصاري الدمشقي. قرأ القراءات على السخاوي، وروى الحديث، وكان عالما فاضلا، ذاكرا للروايات، حسن المعرفة، له مشاركة في الفقه والنحو. قرأ عليه القراءات، شمس الدين محمد بن أحمد الرقي الحنفي وغيره، مات في رجب سنة تسعين وستمائة، ووقف كتبه بدار الحديث الأشرفية وكان يقرئ خلف قبر زكريا عليه السلام3. 9- جعفر بن القاسم بن جعفر بن علي بن حبيش الربعي الإمام، رضي الدين بن دبوقا، الدمشقي المقرئ الكاتب. ولد سنة إحدى وعشرين وستمائة بحران وكان أبوه كاتبا بها، ثم قدم دمشق، فقرأ   1 انظر/ غاية النهاية "1/ 547". 2 انظر/ غاية النهاية "1/ 73". 3 انظر/ غاية النهاية "2/ 159". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 378 القراءات على أبي الحسن السخاوي، وحصل طرفا من العلم والعربية والأدب، وعالج الكتابة والتصوف ثم أضر في أواخر عمره، فراجع القراءات. وجلس للإقراء عند قبر هود عليه السلام، وكنت أراه يقرئ والطلبة حوله، وكان شيخا حسن الشكل مليح البزة، موطأ الأكناف، جيد المعرفة بالأداء، فصيحا متقنا. وكان إمام مسجد الخواصين، قرأ عليه البرهان بن الكحال، وببعض الروايات، بدر الدين بن بهخان؛ وعلم الدين البرزالي وجماعة. وروى الحديث عن السخاوي؛ توفي في السادس والعشرين من رجب سنة إحدى وتسعين وستمائة1. 10- محمد بن عبد العزيز بن أبي عبد الله بن صدقة، الإمام شمس الدين أبو عبد الله بن الدمياطي، الدمشقي المقرئ. ولد في حدود سنة عشرين وستمائة، وقرأ القراءات مفردا في عشر ختمات، وجامعا في ختمة على الشيخ علم الدين السخاوي، واختص بخدمته وسمع منه، ومن أبي الوفاء عبد الملك بن الحنبلي، وأبي الحسن بن أبي جعفر القرطبي وغيرهم. وعرض الشاطبية والرائية، وسمع التيسير، وكان ذاكرا للقراءات ذكرا جيدا، طويل الروح، حسن الأخلاق، مطبوع العشرة، وكانت له حلقة مصدرة، وقراءة في سبع وقراءة على التربة الصلاحية، وكنت أعرف شكله من الصغر. وكان لطيف القد مليح البزة، فلما مات الفاضلي وحزنا عليه، تذاكرنا من بقي من أصحاب السخاوي، فدللنا على الدمياطي هذا، وعلى الجمال عبد الواحد بن كثير، والزين محمد بن أحمد العقيلي الكاتب، والد الشيخ جلال الدين القلانسي. والحاج محمد بن قيماز الطحان، والشيخ رشيد الدين إسماعيل بن المعلم والشيخ شرف الدين الفزاري الخطيب، فأما ابن كثير وابن قيماز، فإنهما نسيا الفن من طول الترك، وأما ابن المعلم فتمنع علينا، وقال: أنا تارك. ولم يكن بذاكر للقراءات أيضا، وأما الآخران فقرءا بعض القراءات فأتيت إلى الدمياطي، وسألته أن يجلس لنا، فأجاب. وجلس للجماعة طرفي النهار بالكلاسة، احتسابا، فشرعنا عليه، فوجدناه ذاكرا للقراءات، ذكرا جيدا قريب العهد بالخلافة، فبلغني أنه كان يتلو القرآن كل ختمة لراو،   1 انظر/ غاية النهاية "1/ 194". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 379 فلهذا لم ينس الفن. فكملت عليه الجمع الكبير، أنا وابن بصخان وابن غدير، وأفرد عليه جماعة، ولم تطل مدته، فأدركه الأجل، والشيخ شمس الدين الحنفي الزنجيلي يجمع عليه، فلم يكمل الختمة، وأصيب به، كما أصبت بالفاضلي. وروى عنه الحديث ابن الخباز، والبرزالي وجماعة، وكان له شيء من الدنيا يكفيه، حصل له عسر البول أياما، ومات به، ولما أيس من نفسه، نزل لي عن حلقته، ولسليمان بن حمزة عن السبع المجاهدي، فالله يرحمه ويسامحه. توفي في الحادي والعشرين من صفر، سنة ثلاث وتسعين وستمائة ودفناه بمقابر الصوفية، وهو والد علي بن الدمياطي، صاحب الخط المنسوب أصلحه الله1. 11- محمد بن أبي العلاء محمد بن علي بن المبارك، الإمام موفق الدين أبو عبد الله الأنصاري الرباني النصيبي المقرئ الشافعي الصوفي. نزيل بعلبك، وشيخ الإقراء بجامعها، وشيخ الخانقاه، ولد سنة سبع عشرة وستمائة، بنصيبين، وقرأ القرآن على والده، ثم رحل إلى مصر فقرأ بها القراءات، على السديد عيسى بن أبي الحرم، صاحب الشاطبي. وبالإسكندرية على العلامة أبي عمرو بن الحاجب، وسمع منه مقدمته في النحو، وغير ذلك، واستوطن بعلبك أربعين سنة، وكان إمام مسجد كبير بها، وكان يجلس للناس، ويورد أحاديث من حفظه، وقل من رأيت بفصاحته وعنه أخذت التجويد. وقرأت عليه للسبعة، في نحو من خمسين يوما، في سنة ثلاث وتسعين ورحل إليه قبلي، علم الدين طلحة مقرئ حلب، فجمع عليه، وأخذ عنه القراءات جماعة من أهل بعلبك، وتخرجوا به. وكان جيد المعرفة بالأدب، بديع النظم، عارفا بالقراءات، يحل القصيد حلا متوسطا، أنشدنا الإمام موفق الدين، محمد بن أبي العلاء لنفسه شعرا: قرأت القرآن وأقرأته ... وما زلت مغرى به مغرما وطفت البلاد على جمعه ... فصرت به في الورى مكرما وألفيت إلفي بطلابه ... فيا نعم ما زادني أنعما   1 انظر/ غاية النهاية "2/ 173". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 380 ويا فوز من لم يزل دأبه ... وما أجزل الأجر ما أعظما فلله أحمد مهما أعش ... وفي الموت أسأل أن يرحما وأصفي الصلاة نبي الهدى ... ومن فوق كل سماء سما وأفشي السلام على آله ... وأصحابه والرضى عنهما توفي شيخنا موفق الدين في ذي الحجة سنة خمس وتسعين وستمائة ببعلبك1. 12- محمد بن منصور بن موسى الإمام، شمس الدين أبو عبد الله الحلبي، الحاضري المقرئ النحوي. قرأ القراءات بجماعة كتب، في السبعة والعشرة، على الشيخ كمال الدين الضرير، والشيخ على الدهان، وقرأ العربية على الشيخ جمال الدين بن مالك، ولازمه مدة، ولكن لم يبرع في العربية. وكان شيخ الإقراء بالتربة العادلية، مع الشيخ شرف الدين الفزاري وله معلوم على المصالح، فكان يقرئ عند قبر زكريا عليه السلام، وكان متوسط المعرفة في القراءات. كمل عليه القراءات السبع أنا وابن غدير الواسطي، وتوفي في صفر سنة سبعمائة، وقد قارب السبعين2. 13- إبراهيم بن فلاح بن محمد بن حاتم، الإمام الخطيب برهان الدين، أبو إسحاق الجذامي الإسكندراني، المقرئ الشافعي. قرأ القراءات على الشيخ علم الدين القاسم، والشيخ شمس الدين أبي الفتح، والشيخ زين الدين، وتفقه على الشيخ كمال الدين سلار وغيره، ثم على الشيخ محيي الدين النواوي. ودرس وأفتى وتصدر للإقراء مدة طويلة، بدار الحديث الأشرفية، وبالتربة الأشرفية، وتحت النسر، وقد سمع الحديث من فرج الحبشي، وزين الدين خالد، وابن عبد الدائم، وطائفة. ودرس بالقومية وغيرها، وناب في الخطابة، وكان صالحا خيرا وقورا مهيبا، حسن السمت مديد القامة مليح الشيبة، وكان ناقلا للقراءات عارفا بالمذاهب، جيد المعرفة بالحديث، كثير الفضائل، معروفا بالعدالة والديانة.   1 انظر/ غاية النهاية "2/ 244, 245". 2 انظر/ غاية النهاية "2/ 266". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 381 قرأ عليه القراءات الشيخ أحمد الحراني، والشيخ بدر الدين بن بصخان وابن غدير، وصاحبي شمس الدين العسقلاني، وجمال الدين الحموي، وخلق. توفي في شوال سنة اثنتين وسبعمائة، ودفن بمقبرة باب الصغير، وهو في عشر الثمانين رحمه الله1. 14- دانيال بن منكلي بن صرفا القاضي ضياء الدين، أبو الفضائل التركماني الكركي، الشافعي المقرئ، قاضي الشوبك. ولد سنة سبع عشرة وستمائة، وسمع بالكرك، من أبي المنحى بن اللتي، ثم قدم دمشق، وقرأ القراءات على السخاوي، وسمع من كريمة وجماعة. ثم رحل وسمع ببغداد، من أبي بكر بن الخازن، وعبد الله بن النخال وجماعة، وبحلب من الحافظ بن خليل، وبمصر من يوسف الساوي، وجماعة. وكان فقيها مقرئا عالما مجموع الفضائل، مليح الشكل مديد القامة. ولي قضاء الشوبك مدة، ثم سكن دمشق مدة، وولي القضاء بأماكن، وخرج له علاء الدين بن بلبان مشيخة، قرأها عليه الشيخ شرف الدين الفزاري. وخرج له الإمام شمس الدين بن جعوان، أربعين حديثا، وسمع منه المزي والبرزالي، والطلبة، وحدث بالكثير ثم عاد إلى قضاء الشوبك لم أره، وهو ممن أدركناه من أصحاب السخاوي. وما أعلم هل أقرأ القراءات، بناحيته أم لا. توفي بالشوبك في رمضان، سنة ست وتسعين وستمائة -رحمه الله2. 15- أحمد بن علي بن محمد بن أحمد بن عيسى الإمام المقرئ، المحقق الكبير، أبو جعفر بن الطباع، الرعيني الغرناطي، شيخ القراء بغرناطة، أخذ عنه القراءات الإمام أبو حيان 3. 16- أحمد بن إبراهيم بن سباع بن ضياء الإمام شرف الدين، أبو العباس الفزاري، البدري المقرئ النحوي الشافعي، خطيب جامع دمشق.   1 انظر/ غاية النهاية "1/ 22". 2 انظر/ غاية النهاية "1/ 278". 3 انظر/ غاية النهاية "1/ 87". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 382 قرأ القرآن لنافع وابن كثير، وأبي عمرو في عدة ختمات، على الشيخ علم الدين السخاوي، وسمع عليه الكثير، وعلى التاج ابن أبي جعفر، وعتيق السلماني، وأبي عمرو بن الصلاح، والعز النسابة، وخلق سواهم. ثم أكمل القراءات، على شمس الدين أبي الفتح الأنصاري وغيره، وتفقه قليلا على أخيه مفتي الشام، تاج الدين عبد الرحمن، وقرأ في العربية كتاب المفصل، على مجد الدين الأربلي. وعني بالحديث بعد الستين وستمائة، وأكثر عن ابن عبد الدائم، والموجودين، وقرأ الكتب الكبار، وكان أحسن أهل زمانه قراءة للحديث؛ لأنه كان فصيحا مفوها، عديم اللحن، عذب العبارة طيب الصوت. خبيرا باللغة، رأسا في العربية وعللها، جم الفضائل مطبوع الحركات ظريف الجملة حلو المزاح، كثير التواضع، والتودد، ولي مشيخة الناصرية ومشيخة التربة العادلية زمانا. ثم ولي خطابة جامع جراح، ونقل منه إلى خطابة البلد، فكان من أبلغ الناس خطابة، قرأ عليه بالروايات إمام مسجد السبعة، وببعضها الشيخ بدر الدين بن بصخان. ولازمه مدة، وقرأ عليه شرح القصيد لأبي شامة، بقراءته له على المصنف، وكنت أحضر مجلسه أخذ عنه العربية جماعة، منهم شيخنا برهان الدين بن أخيه، وكمال الدين بن الشهبي، ونجم الدين القحفازي وزين الدين أبو بكر. وكان يجلس لنا وقتا قليلا، فلا يتمكن الطالب من الأخذ عنه، إلا بالملازمة مع الطول، فلهذا لم أقرأ عليه، كان مشغولا بحضور الوظائف، وسمعنا الصحيح بقراءته. وقد روى كتاب السنن الكبير للبيهقي، ولد في رمضان سنة ثلاثين وستمائة. وتوفي بدار الخطابة، ليلة العشرين من شوال، سنة خمس وسبعمائة -رحمه الله1. 17- حسين بن سليمان بن فزارة الإمام، الفقيه شهاب الدين أبو عبد الله الكفري، ثم الدمشقي المقرئ الحنفي، المعدل، ولد سنة سبع وثلاثين وستمائة. وقدم دمشق بعد الخمسين، فحفظ القرآن وقرأ الفقه، قرأ بالروايات على الشيخ علم الدين اللورقي، والشيخ زين الدين الزواوي وغيرهما، وسمع رسالة القشيري من ابن طلحة النصيبي.   1 انظر/ غاية النهاية "1/ 33". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 383 وقرأ الترمذي أو أكثره، على تقي الدين بن أبي اليسر، وشرح على الشيوخ، في القراءات والفقه والعربية، وعالج الشروط مدة، ودرس بالطرخانية زمانا. وأقرأ بالزنجيلية، وبالمقدمية، وأم بالخاتونية، وناب في القضاء، وأفتى وكان من صغره على طريقة حميدة، وقد عمر وأسن، وقصده القراء لعلو إسناده، وذكره للقراءات. قرأ عليه ولده، وأبو العباس أحمد بن الجندي البعلبكي، وأبو المحاسن بن المبيض، وابن شكر، ومحمد بن البرزالي -رحمه الله تعالى. وإسماعيل بن شيخنا إبراهيم الكردي، وشمس الدين بن البصال، وسيف الدين أبو بكر النساج وبهاء الدين بن إمام المشهد، ومدرس الزنجيلية، رفيقنا شمس الدين محمد بن إبراهيم النقيب، وعلم الدين سليمان الغزي. وبرهان الدين إبراهيم بن المغربي، وشمس الدين محمد بن علي بن السقاء، والشيخ محمد بن عبد العزير الحنبلي الصوفي الصالحي، وشرف الدين صالح بن حسن الحداد. وشمس الدين محمد بن محمود الحريري، وشرف الدين محمد بن أحمد بن الشيخ زين الدين أبي بكر المزي الحريري. وأضر آخر عمره، ولزم منزله حتى توفي في جمادى الأولى سنة تسع عشرة وسبعمائة1. طبقة بين الطبقتين: 18- الدلاصي شيخ الإقراء بالحرم الشريف وصاحب الكمال بن فارس. ولد سنة ثلاثين وستمائة، وهو بقيد الحياة الآن. قرأ عليه بالروايات، صاحبنا الفقيه عبد الله بن خليل، بارك الله فيه وذكر لي أن اسم الدلاصي: أبو محمد عبد الله بن عبد الحق بن عبد الله بن عبد الأحد بن علي المخزومي، وأنه اشتغل بمصر. فقرأ لنافع على الإمام أبي محمد، عبد الله بن لب بن خيرة الشاطبي المقرئ سنة خمسين، وسمع منه التيسير عاليا، والموطأ. وسمع الشاطبية من أبي الفضل، محمد بن هبة الله بن الأزرق، ويعرف بقارئ مصحف الذهب، ثم حج سنة أربع وخمسين، وجاور دهرا.   1 انظر/ غاية النهاية "1/ 241". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 384 ثم قدم دمشق، سنة أربع وستين، فعرض القراءات ختمة كاملة بعشرين كتابا على الكمال بن فارس، وتفقه لمالك أولا، ثم للشافعي -رضي الله عنهما. ورد إلى مكة، وأقرأ بها القراءات، وكان له أصحاب عدة، وحلقة كبيرة، فممن قرأ عليه بالروايات: الشيخ مجير الدين مقرئ الإسكندرية في وقتنا، وأبو محمد الزواوي نزيل مكة. وأبو العباس أحمد بن الرضي إمام المقام، والفقيه خليل المالكي، ومحمد قطب الدين ولده، وذكر لي عنه ابن خليل، عبادة وورعا وتألها وأورادا وأحوالا واجتهادا عظيما1. 19- محمد بن أيوب بن عبد القاهر بن بركات، الإمام بدر الدين، أبو عبد الله التاذفي الحلبي المقرئ الحنفي. ولد بقرية تاذف، سنة ثمان وعشرين وستمائة تقريبا، ولزم أبا عبد الله الفاسي مدة وأتقن عليه القراءات، وعللها، وسمع منه الكثير، ومن الصاحب كمال الدين بن العديم، ومحمد بن عبد الباقي الصفار، وجماعة. وارتحل الى مصر بعد أخذ حلب، فأخذ الشاطبية عن المعين بن عبد الوارث صاحب الشاطبي، وتكاسل عن القراءة على الشيخ كمال الدين الضرير، ففرط، وسمع من عبد الله بن علام وغيره، وشهر بإتقان السبعة. وأقرأ الناس دهرا، وأحكم العربية. وشارك في اللغة والحديث وغير ذلك، وشرح النونية التي للشيخ يحيى الصرصري، في سفرين، قدم دمشق بعد الثمانين، وأم بالربوة مدة، وسمع من الشيخ شمس الدين بن أبي عمر. قرأ عليه جماعة إذ ذاك، ثم تحول إلى حماة وسكنها، وأقرأ بها ثم قدم علينا في سنة ثلاث وتسعين، فقرأ عليه غير واحد، وحضرت عنده وكتبت عنه، ولم أنشط للجمع عليه. وكان حاذقا بالفن مليح الحل لحزر الأماني، وللعقيلة، وأقام مدة ثم انتقل إلى حماة يقرئ بها ويدرس، إلى أن توفي في رمضان سنة خمس وسبعمائة2. 20- البدوي الشيخ جمال الدين أبو إسحاق إبراهيم بن غالي بن شاور الحميري، المقرئ الشافعي نزيل دمشق.   1 انظر/ غاية النهاية "1/ 427". 2 انظر/ غاية النهاية "2/ 102". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 385 ولد في حدود الخمسين وستمائة، وقرأ القراءات الكثيرة على الكمال بن فارس، وابن أبي الدر، والزواوي والفاروثي والفاضلي وغيرهم. وعني بهذا الشأن، وكان عارفا بكثير من غوامضه، يحل القصيد حلا حسنا، ويفهم العربية، وكان يحفظ التنبيه، ويحضر المدارس، ويؤم بمسجد، وله حلقة على باب المنارة الغربية بالجامع، جالسته وانتفعت به. وشرعت في الجمع الكبير عليه، في سنة إحدى وتسعين، عندما شرعت على الفاضلي، وكان ظريفا مزاحا سامحه الله تعالى، أخذ القراءات عنه جماعة منهم النظام النحوي اليمني، والحاج محمد بن القباني والدقيقي. واشتهر اسمه، وولي مشيخة التربة الأشرفية، بعد شيخنا برهان الدين، توفي في ربيع الأول، سنة ثمان وسبعمائة1. 21- إسحاق بن إبراهيم بن إسحاق بن المظفر أبو الفضل بن الوزيري المؤدب. اعتنى به والده الشيخ برهان الدين، وأسمعه الشاطبية، وجملة من كتب القراءات، على الكمال الضرير، وسمع من الحافظ عبد العظيم المنذري معجمه. وقرأ القراءات على والده، وعلى الكمال بن فارس، وهو قادر إن شاء الله على إقرائها, وذكر الخلاف, وهو عاقل حسن السمت له حلقة إقراء، لقن جماعة، مولده سنة خمسين وستمائة، ومات في شعبان سنة تسع عشرة وسبعمائة2. 22- محمد بن عبد المحسن الشيخ المقرئ شمس الدين، أبو عبد الله المصري الضرير، الملقب بالمزراب، نزيل دمشق. قرأ بالقاهرة على الكمال المحلي، وقدم دمشق، فقرأ بها القراءات، على ابن فارس، والزواوي، وكان عارفا بالخلاف، فصيحا مفوها، قيما بالتجويد، يلقن ويقرئ بالروايات. قرأت عليه ختمة للسوسي، وأخرى لنافع -أشك: هل فاتني منها شيء من الحواميم -وكان يحضر المدارس والختم، وصار شيخ ميعاد بن عامر، وله مسجد وصوته طيب. توفي في أول سنة ثلاث وسبعمائة، وقد جاوز الستين، فيما أرى وشيخي الذي لقنني القرآن كله من جملة تلامذته3.   1 انظر/ غاية النهاية "1/ 22". 2 انظر/ غاية النهاية "1/ 155". 3 انظر/ غاية النهاية "2/ 191". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 386 23- محمد بن يوسف بن علي بن حيان، العلامة الأوحد أثير الدين، أبو حيان الأندلسي الجياني الغرناطي، المقرئ النحوي. ولد سنة أربع وخمسين، وكتب العلم سنة سبعين، وهلم جرا أخذ بغرناطة عن أبي جعفر أحمد بن إبراهيم بن الزبير الثقفي الحافظ، والمقرئ أبي جعفر أحمد بن علي بن الطباع الرعيني وغيرهما. وقرأ القراءات بالإسكندرية، على عبد النصير المريوطي، صاحب الصفراوي، وبالقاهرة على أبي طاهر إسماعيل بن هبة الله المليجي، صاحب أبي الجود. وقرأ التيسير سنة إحدى وسبعين وستمائة على أبي علي الحسين بن أبي الأحوص الحافظ: أخبرنا أبو الربيع بن سالم الكلاعي، سوى فوت يسير منه، وقرأ الموطأ سنه ثلاث وسبعين، على ابن الطباع. وأخذ علم الحديث عن شيخنا الدمياطي، وغيره، وسمع من عبد العزيز بن الصيقل، وغازي الحلاوي وطبقتهما، ومع براعته الكاملة، في العربية. له يد طولى في الفقه والآثار، والقراءات، وله مصنفات في القراءات والنحو، وهو مفخر أهل مصر في وقتنا في العلم، تخرج به عدة أئمة مد الله في عمره وختم له بالحسنى، وكفاه شر نفسه. وودي لو أنه نظر في هذا الكتاب وأصلح فيه، وزاد فيه تراجم جماعة من الكبار، فإنه إمام في هذا المعنى أيضا1. 24- محمد بن نصير بن صالح الإمام، أبو عبد الله المصري، المقرئ الصوفي، نزيل دمشق. ولد في حدود سنة خمسين وستمائة، وقدم دمشق في شبيبته، فقرأ القراءات على الرشيد بن أبي الدر، والزواوي والفاضلي وغيرهم. وسمع الحديث من الكمال بن عبد وجماعة، وكان قيما بمعرفة القراءات، بصيرا بها عارفا بكثير من عللها، مجموع الفضائل، عاقلا دينا، جلس للإقراء والتلقين، من بعد الثمانين. وقرأ عليه القراءات جماعة، منهم محمد بن البرزالي -رحمه الله. وصالح بن الحداد،   1 انظر/ غاية النهاية "2/ 285, 286". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 387 وكان شيخ الإقراء بدار الحديث الأشرفية، وله حلقة بالجامع1 توفي في ذي الحجة سنة ثماني عشرة وسبعمائة2. 25- أبو بكر بن عمر بن المشيع الإمام المجود، الصالح تقي الدين الجزري، المقصاتي المقرئ. ولد سنة إحدى وثلاثين وستمائة تقريبا، وقرأ القراءات في حدود الخمسين وستمائة، وأدرك الكبار من القراء، لكنه تهاون بنفسه، بحيث إنه قدم دمشق. وقرأ بها على الشيخ علم الدين الأندلسي عشرين جزءا من القرآن، وترك وسافر، أكمل القراءات على الشيخ عبد الصمد، مقرئ بغداد وسمع من الشيخ موفق الدين الكواشي تفسيره. وسمع كتاب جامع الأصول، من شيخ سمعه من المصنف، وجلس للإقراء سنة بضع وخمسين، ولو قرأ على الداعي الرشيدي، أو على الكمال الضرير، لكان شيخ القراء في عصره، فإنه أقرأ بالتجويد في أيامهما. قدم دمشق وسكنها، وأقرأ بالرباط الناصري مدة، ثم سكن البلد، وولي الإقراء والإمامة بدار الحديث الأشرفية، بعد شيخنا الإسكندراني وأقرأ أيضا بالجامع. وكان بصيرا بالقراءات، قيما بمعرفتها، واقفا على غوامضها، يفهم شيئا من عللها، وله اعتناء كامل بالأداء والمخارج، ناب في الخطابة مدة وكان خيرا زاهدا عزيز النفس، ذا صدق وورع. قرأ عليه بالروايات، شمس الدين محمد بن البصال، والشيخ محمد الوطائي الضرير، وجمعت عليه قديما بعض سورة البقرة، وقرأت عليه كتاب التجريد لابن الفحام، وحدثني به تلاوة وسماعا، عن الشيخ عبد الصمد بن أبي الجيش. توفي إلى رحمة الله تعالى، في سنة ثلاث عشرة وسبعمائة، وقد جاوز الثمانين3. 26- محمد بن علي بن أبي القاسم بن أبي العز، الإمام المجود بقية السلف، شمس الدين أبو عبد الله بن الوراق، الموصلي الحنبلي، المقرئ المعروف بابن خروف. ولد في حدود سنة أربعين وستمائة أو قبلها، واشتغل بالموصل، وقصد أبا عبد الله الحنبلي مصنف الشمعة، ليأخذ عنه فوجده قد مرض ثم توفي.   1 انظر/ غاية النهاية "2/ 269". 2 سقط من أ. 3 انظر/ غاية النهاية "1/ 183". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 388 ارتحل إلى بغداد، سنة اثنتين وستين، فقرأ بها القراءات بعدة كتب، مؤلفة في السبع وفي العشر، على الشيخ عبد الصمد بن أبي الجيش، ولزمه مدة طويلة، وسمع منه ومن كمال الدين بن وضاح وجماعة. وسمع بالموصل من محمد بن مسعود بن العجمي، وموفق الدين الكواشي، وقرأ القراءات، على الشيخ عبد الله بن إبراهيم الجزري، الزاهد بالموصل. وحفظ مختصر الخرقي، ونظر في العربية، وتصدر للإقراء والإفادة زمانا ببلده، ثم قدم علينا دمشق، في سنة سبع عشرة وسبعمائة1. 27- أبو بكر بن أبي شامة الشيخ الجعبري المقرئ. المؤذن شيخ مطبوع، يتعاطى التجويد، ويرهج كثيرا ويلهج، بمعرفة القراءات. وكان مستحضرا للخلاف، أدرك الكمال الضرير، وشاهده، وقرأ بمصر في حياته القراءات، على الشيخ عبد الهادي خطيب المقياس، وغيره. قرأ عليه بالروايات، بهاء الدين محمد بن علي، والجمال يوسف بن المبيض، والفخر إسماعيل بن شيخنا إبراهيم الصوفي، وله شعر حسن، وفيه دين وتواضع. وكان يحضر الوظائف، وله حلقة مصدرة بجامع دمشق، توفي سنة ثلاث عشرة وسبعمائة، وهو في عشر الثمانين2. 28- أحمد بن موسى الموصلي الحنبلي، أبو العباس المقرئ نزيل دمشق، شيخ صالح عاقل عارف بالقراءات. أخذها عن الشيخ عبد الصمد بن أبي الجيش، وكان فصيحا عارفا بالتجويد، من رفقاء الشيخ إبراهيم الرقي. توفي سنة عشر وسبعمائة وقد شارف الستين3. 29- محمد بن الحسن الشيخ أبو عبد الله الأربلي، الضرير المقرئ، نزيل القاهرة جلست معه فوجدته عارفا بالفن، محققا، للتجويد والأداء. ولي الإقراء بالفاضلية وغيرها، تلا عليه جماعة بالروايات، منهم رفيقنا الشيخ جمال الدين رافع، وفي طبقة هؤلاء طائفة كبيرة، أدركناهم لكنهم تركوا الفن فمنهم4.   1 انظر/ غاية النهاية "2/ 206". 2 انظر/ غاية النهاية "2/ 206". 3 انظر/ غاية النهاية "1/ 143". 4 انظر/ غاية النهاية "2/ 127". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 389 30- العلامة الأوحد شيخ العربية والآداب بمصر، بهاء الدين محمد بن إبراهيم بن النحاس الحلبي. قرأ القراءات على الكمال الضرير، وروى عن ابن اللثي، توفي سنة ثمان وتسعين -رحمه الله تعالى، ومنهم1. 31- الحافظ الكبير الشهير بقية الأعلام، شرف الدين عبد المؤمن بن خلف الدمياطي. قرأ القراءات على الكمال الضرير، أيضا، وتوفي سنة خمس وسبعمائة2 ومنهم: 32- المقرئ جمال الدين عبد الواحد بن كثير المصري، ثم الدمشقي، نقيب السبع. قرأ القراءات على الشيخ علم الدين السخاوي، وترك ونسى، توفي سنة ست وتسعين3. ومنهم: 33- الرئيس العالم زين الدين محمد بن أحمد العقيلي، القلانسي الكاتب، والد الشيخ جلال الدين. قرأ القراءات على السخاوي، وعرض عليه القصيد، وسمعتها عليه وكان حسن السمت والبزة، صديقا لشيخنا الفاضلي. توفي سنة ثمان وتسعين وستمائة، وهو في عشر الثمانين، عرض عليه الشاطبية رفيقنا ابن غدير4. ومنهم: 34- الحاج المقرئ شمس الدين محمد بن قيماز عتيق بشر الطحان. قرأ القراءات على السخاوي مفردا، لا جامعا، وكان معه إجازة، توفي سنة اثنتين وسبعمائة، عن ثلاث وثمانين سنة، وقد حدث بصحيح البخاري، عن ابن الزبيدي5. ومنهم:   1 انظر/ شذرات الذهب "5/ 442" غاية النهاية "2/ 46". 2 انظر/ شذرات الذهب "6/ 12" غاية النهاية "1/ 472". 3 انظر/ غاية النهاية "1/ 477". 4 انظر/ غاية النهاية "2/ 94".5 انظر/ شذرات الذهب "6/ 7", غاية النهاية "2/ 233". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 390 35- الصدر الأديب العالم نور الدين، أحمد بن إبراهيم بن عبد الضيف بن مصعب أحد رؤساء دمشق. قرأ على الشيخ علم الدين ونسى، وكان له شعر جيد، ومعرفة بالعربية، توفى سنة بضع وتسعين وستمائة1. ومنهم: 36- العلامة المفتي رشيد الدين، إسماعيل بن عثمان بن المعلم الحنفي، وكان من كبار أئمة العصر. قرأ بالروايات على السخاوي، ولو أراد لما عجز عن إقرائها، كان إماما في العربية لكنه كان ضيق الخلق، فلم يقدر على الأخذ عنه، واعتل بأنه تارك. حدثنا عن ابن الزبيدي بثلاثيات البخاري، تحول إلى القاهرة سنة سبعمائة مستجفلا، فبقي بها إلى أن مات في رجب، سنة أربع عشرة وسبعمائة. وهو آخر من قرأ القراءات على السخاوي، عاش إحدى وتسعين سنة، وتغير عقله وذهنه، قبل موته، بنحو من سنتين، رحمه الله تعالى2. ومنهم: 37- العالم الأديب شهاب الدين، أحمد بن سليمان بن مروان بن البعلبكي، أحد عدول القضاة الضعفاء. قرأ على السخاوي بثلاث روايات، وعرض عليه الشاطبية ورواها مرات عدة. مات في ربيع الآخر سنة اثنتي عشرة وسبعمائة، وله خمس وثمانون سنة، وكان يقول الشعر، وله ثروة وبزة حسنة3. ومنهم: 38- الشيخ المسند المعمر صدر الدين إسماعيل بن مكتوم الدمشقي. ذكر لي أنه قرأ ختمة على السخاوي، وسمع من ابن اللثي وغيره، توفي سنة ست   1 انظر/ غاية النهاية "1/ 341". 2 انظر/ شذرات الذهب "6/ 33" غاية النهاية "1/ 166". 3 انظر/ شذرات الذهب "6/ 29" غاية النهاية "1/ 58". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 391 عشرة وسبعمائة1. ومنهم: 39- الإمام المقرئ المحدث الفقيه فخر الدين، عثمان بن محمد التوزري، المجاور بمكة شرفها الله تعالى. حدثنا عن ابن الحميري، وحدثني صاحبنا ابن خليل المكي، أنه قرأ القراءات على الكمال الضرير، وعلى أبي إسحاق بن وثيق، فحرضته على التلاوة عليه، إذا رجع إلى مكة، فلم يدركه. توفي سنة ثلاث عشرة وسبعمائة، وله ثلاث وثمانون سنة. قرأ عليه القراءات، العلامة أبو عبد الله الغرناطي، وأبو زكريا يحيى الغياثي القناسي، وحدث بالشاطبية عن خمسة رجال عن المؤلف2. ومنهم: 40- الشيخ المعمر المقرئ الخير أبو علي الحسن بن عبد الكريم الغماري، المصري المقرئ المؤدب. سمع كتبا في القراءات، من ابن عيسى، وسمع القصيدتين من أبي عبد الله القرطبي، وقرأ القراءات على أصحاب أبي الجود، وهو سبط الفقيه زيادة. توفي في شوال سنة اثنتي عشرة وسبعمائة، وله خمس وتسعون سنة، قرأت عليه التيسير في مجلس، وكان ذاكرا بعض الشيء3. ومنهم: 41- شيخنا الإمام الحافظ الزاهد جمال الدين، أحمد بن الظاهري، الحلبي نزيل القاهرة. قرأ بالروايات على الشيخ أبي عبد الله الفاسي، وروى الحديث عن ابن اللثي، والأربلي والكبار، وكان رأسا في معرفة الحديث وطرقه. توفي سنة ست وتسعين وستمائة، وله سبعون سنة4. ومنهم:   1 انظر/ شذرات الذهب "6/ 38". 2 انظر/ شذرات الذهب "6/ 32", غاية النهاية "1/ 510". 3 انظر/ غاية النهاية "1/ 217". 4 انظر/ شذرات الذهب "5/ 435", غاية النهاية "1/ 122". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 392 42- الشيخ العالم الزاهد الكبير نصر بن سلمان المنبجي، أحد شيوخ الزوايا بالقاهرة. قرأ بالروايات على الكمال الضرير، وحدث عن إبراهيم بن خليل، ونال من الرفعة والجاه، في دولة الشاشنكير ما لا مزيد عليه، ثم خمل وانطفأ وهو حي يرزق، مقبل على العبادة والاشتغال بالله. وقد قرأ القراءات، وروى عدة كتب ومحاسنه جمة، ولد سنة نيف وثلاثين وستمائة1. ومنهم: 43- الشيخ المقرئ عماد الدين محمد بن المقرئ الكبير، تقي الدين الجرائدي، رأيت معه إجازة صحيحة، بقراءته مفردا للسبعة، على الكمال الضرير. وذكر لي أنه جمع على والده فيما بعد، وسمع من ابن الجميزي، وسبط السلفي، قرأت عليه الشاطبية، بسماعه من الكمال وغيره، وكان حافظا لها ناسيا للقراءات، كثير الدعاوي. ولد سنة تسع وثلاثين، وهو مقيم ببيت المقدس الآن2. ومنهم: 44- الشيخ المقرئ جمال الدين محمد بن علي بن صالح المصري، خازن كتب البادرائية، وإمام مسجد الأشراف. قرأ بالروايات على الكمال الضرير، ورحل إلى العراق، وحدثني أنه قرأ بطرق المبهج، على الداعي الرشيدي، سنة نيف وخمسين. ولد بعد العشرين وستمائة، ومات في رجب، سنة إحدى وسبعمائة وكان قد ترك ونسي، لقن جماعة القرآن3. ومنهم:   1 انظر/ شذرات الذهب "6/ 52" غاية النهاية "2/ 335". 2 انظر/ غاية النهاية "2/ 281". 3 انظر/ غاية النهاية "2/ 23". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 393 45- الشيخ الإمام النحوي محيي الدين، محمد بن يوسف بن أبي محمد المقدسي، ثم المصري نزيل دمشق. ولد سنة ثلاثين وستمائة، وحدثنا عن ابن رواج وغيره، وقرأ القراءات على أصحاب أبي الجود، وأحسبه قال لي إنه قرأ على الكمال الضرير. وكان بصيرا بالعربية توفي سنة ثلاث وسبعمائة، وتوفي أبوه سنة نيف وتسعين، وكان قد قرأ القراءات أيضا1. ومنهم: 46- الإمام العدل الكبير بهاء الدين محمد بن يوسف بن البرزالي. قرأ بالروايات على جده لأمه، علم الدين القاسم، وكتب الخط المنسوب، وبرع في كتابة الشروط، وتقدم فيها، وحدث عن السخاوي وجماعة. توفي سنة تسع وتسعين وستمائة2. ومنهم: 47- الشيخ الأديب المحدث علاء الدين علي بن إبراهيم، بن المظفر الكندي، الكاتب. قرأ بالروايات على الشيخ علم الدين القاسم، والشيخ شمس الدين أبي الفتح، وسمع الكثير من عبد الله بن الخشوعي، وعثمان بن خطيب القرافة، والكفر طابي وطبقتهم. وأتقن القراءات والعربية والحديث، ثم ترك وعالج الكتابة، وتعانى الخدمة، وقال الشعر، وكان غير حميد السيرة. مات في سنة ست عشرة وسبعمائة، وهو في عشر الثمانين3. ومنهم: 48- الإمام العالم الورع الزاهد المقرئ شمس الدين، محمد بن الحوراني، إمام مشهد أبي بكر -رضي الله عنه. قرأ القراءات على علم الدين القاسم، والزواوي، وكان مهيبا حسن السمت، شديد الوسواس إلى الغاية، رحمه الله- لم يقرأ عليه أحد فيما علمت.   1 انظر/ غاية النهاية "2/ 287, 288". 2 انظر/ غاية النهاية "2/ 287". 3 انظر/ شذرات الذهب "6/ 39", غاية النهاية "1/ 517". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 394 توفي في حدود السبعمائة، وهو في عشر الستين أو جاوزها. ومنهم: 49- الشيخ المقرئ أبو عمرو عثمان بن سيف القواس. ذكر أنه قرأ القراءات، على الشيخ علم الدين القاسم، وسمع منه التيسير، وهو حي يرزق به زمانه. ولد سنة ست وثلاثين وستمائة، تقريبا، وتوفي في ربيع الآخر سنة سبع عشرة وسبعمائة1.   1 انظر/ غاية النهاية "1/ 505". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 395 الطبقة الثامنة عشرة : 1- أبو بكر بن محمد بن القاسم العلامة الإمام العلم، مجد الدين المرسي الأصل التونسي الدار، المقرئ الشافعي، النحوي. ولد سنة ست وخمسين وستمائة، بتونس، وقدم مصر مع أبيه في شبيبته، فقرأ القراءات على الشيخ الإمام الزاهد الورع، نبيه الدين حسن بن عبد الله الراشدي، وشرح عليه القصيد والنحو، في سنة بضع وسبعين. ثم قدم دمشق سنة إحدى وثمانين، فأدرك الشيخ زين الدين الزواوي فحضر عنده وهو يقرئ، وسمع الحديث من الشيخ فخر الدين علي بن البخاري وغيره، وتصدر لتعليم النحو، عند قبر زكريا عليه السلام بالجامع مدة. ثم أقرأ بجامع العقيبة، وعلم النحو بالناصرية، ثم ولي مشيخة التربة الصالحية، سنة اثنتين وتسعين وستمائة، ولم يكن في ذلك الوقت يجاريه أحد لا في القراءات ولا في النحو. ثم إنه قرأ علم الأصول بعد ذلك، على الشيخ شمس الدين الأيكي، فبرع فيها، وأقبل على الفقه فبرز فيه, ودرس وأفتى، وأقرأ علم الأصول وكان موصوفا بصحة الذهن، وقوة الذكاء وجودة المناظرة. تخرج به جماعة كثيرة، في القراءات والعربية والأصول، مع ما هو عليه من السكون والديانة، والسمت الحسن والانقباض عن الناس، قرأت ختمة للسبعة عليه، في مدة طويلة، ولم أشاهد أحدا في القراءات مثله1. 2- علي بن يوسف بن حريز اللخمي الشطنوفي، الإمام الأوحد المقرئ، النحوي، نور الدين شيخ الإقراء، بالديار المصرية، أبو الحسن.   1 انظر/ شذرات الذهب "6/ 47" غاية النهاية "1/ 183". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 396 أصله من الشام من البلقاء، ومولده بالقاهرة، في سنة أربع وأربعين وستمائة سمع من النجيب عبد اللطيف وجماعة، وقرأ بالروايات، على التقي الجرائدي، والصفي خليل، وهذه الطبقة في حياة المليجي، فلو قرأ عليه لأضاف إلى فضائله علو الإسناد. تصدر للإقراء بالجامع الأزهر، وغيره وتكاثر عليه الطلبة، حضرت مجلس إقرائه، فأعجبني سمته وسكونه، وكان ذا غرام بالشيخ عبد القادر الجيلي. جمع أخباره ومناقبه في نحو من ثلاث مجلدات، وكتب فيها عمن أقبل وأدبر، فراج عليه فيها حكايات كثيرة مكذوبة1. 3- إبراهيم بن عمر بن إبراهيم الشيخ الإمام العالم، المقرئ الأستاذ برهان الدين، أبو إسحاق الجعبري، شيخ بلد الخليل عليه السلام، من بضع وعشرين سنة. له شرح كبير للشاطبية كامل في معناه، وشرح للرائية، وقصيدة لامية في القراءات العشر، قرأتها عليه، وأخرى في الرسم، وأخرى في العدد، تخرج به جماعة. وهو الآن باق قد قارب الثمانين. توفى سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة في شهر رمضان ببلد الخليل2. 4- محمد بن أحمد بن بصحان بن عين الدولة، الإمام البارع المقرئ، المجود النحوي، بدر الدين بن السراج الدمشقي. ولد سنة ثمان وستين وستمائة، وسمع الكثير بعد الثمانين، من العز بن الفراء وجماعة، وعني بالقراءات سنة تسعين وبعدها، فقرأ لأبي عمرو وابن كثير ونافع، على رضي الدين بن دبوقا، ولابن عامر على الفاضلي. ثم جمع عليه السبعة، فمات الفاضلي، وأنا وهو وابن غدير وشمس الدين الحنفي في أثناء الختمة لم يكمل أحد منا، ثم عرض ختمة بالسبع على الدمياطي، وأخرى على برهان الدين الإسكندري. وقرأ ختمة لعاصم على شرف الدين الفزاري، ولازمه مدة، وقرأ عليه شرح أبي شامة، وترددنا إلى شيخنا مجد الدين، نبحث عليه في القصيد ثم حج غير مرة، وانجفل إلى مصر سنة سبعمائة.   1 انظر/ غاية النهاية "1/ 585". 2 انظر/ شذرات الذهب "6/ 98", غاية النهاية "1/ 21". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 397 وجلس في حانوت تاجرا، ثم أقبل على العربية فأحكمها، وقدم دمشق بعد ستة أعوام، وتصدى لإقراء القراءات والنحو، وقصده القراء والمشتغلون، وظهرت فضائله وبهرت معارفه، وبعد صيته. ثم إنه أقرأ لأبي عمرو بإدغام: "وَالْحَمِير لِتَرْكَبُوهَا"، والتزم إخراجه من القصيد، وصمم على ذلك، مع اعترافه بأنه لم يقرأ به. وقال: أنا قد أذن لي أن أقرأ بما في القصيد، وهذا يخرج منها، فقام عليه شيخنا مجد الدين والشيخ كمال الدين بن الزملكاني، وغيرهما، فطلبه قاضي القضاة بحضورهم وراجعوه وباحثوه، فلم ينته. فمنعه الحاكم من الإقراء به, وأمره بموافقة الجمهور، فتألم وامتنع من الإقراء جملة، ثم إنه استخار الله تعالى، واستأذن الحاكم في الإقراء بالجامع. وجلس للإفادة، وازدحم عليه المقرءون، وأخذوا عنه القراءات والعربية، وله ملك يقوم بمصالحه، ولم يتناول من الجهات درهما إلى الآن، ولا طلب جهة مع كمال أهليته. توفي خامس ذي الحجة, سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة1. 5- أحمد بن محمد بن عبد الولي بن جبارة، الإمام العلامة المقرئ، الفقيه الأصولي النحوي، شهاب الدين المقدسى الحنبلي الصالحي. ولد سنة سبع وأربعين وستمائة، وسمع الحديث من خطيب مردا، وابن عبد الدائم وجماعة، وسافر بعد الثمانين وستمائة، فقرأ القراءات على الشيخ حسن الراشدي، وصحبه إلى أن مات. وقرأ الأصول على شهاب الدين القرافي، والعربية على الشيخ بهاء الدين بن النحاس، وبرع في ذلك وصنف شرحا كبيرا للشاطبية، حشاه بالاحتمالات البعيدة وشرحا للرائية. وقدم دمشق سنة ثلاث وتسعين، فأقرأ بها القراءات، ثم تحول إلى حلب، فأقرأ بها ثم استوطن بيت المقدس، وتصدر لإقراء القرآن والعربية وهو صالح متعفف خشن العيش، جم الفضائل ماهر بالقرآن، في لسانه تمتمة. توفى سنة ثمان وعشرين وسبعمائة، بالقدس الشريف رحمه الله حكيته من النشر لابن   1 انظر/ غاية النهاية "2/ 57-59". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 398 الجزري، وكان عمر ابن جبارة، إحدى وثمانين سنة1. 6- يحيى بن أحمد بن خذاذاذ الإمام، العالم المقرئ البارع، المحقق الصالح وحيد الدين أبو حامد الخلاطي الرومي الشافعي، إمام الكلاسة. قرأ بالروايات على الشيخ صائن الدين، صاحب المنتجب، وقدم دمشق، في أيام الفاضلي وغيره، تصدر للإقراء وأخذ عنه جماعة. وكان بصيرا بالقراءات ودقائقها، مستحضرا للخلاف، عارفا بشرح القصيد، وبالمقاطع والمبادئ والرسم, تام السكينة، حسن الديانة كثير التواضع والحياء، ولد سنة نيف وأربعين وستمائة2. 7- أحمد بن محمد بن اسماعيل الشيخ الإمام، الصالح المقرئ العالم، بقية السلف، أبو العباس الحراني الحنبلي. قرأ القراءات على الزواوي، والفاضلي والفاروثي، والبرهان الوزيري وغيرهم، وعني بالفن، أتم عناية، وتصدر للإقراء والتلقين دهرا، وسمع الكثير من كتب الحديث، على الشيخ شمس الدين المقدسي وغيره. وكان قائما على معرفة الخلاف، وفهم القصيد، وبعض علل القراءات كثير التواضع، متين الديانة حسن السمت مجموع الفضائل قرأ عليه ابن المبيض وغيره. وهو من أعيان القراء بالجامع في زماننا، تلقن عليه خلق كثير، وهو في عشر السبعين، توفى سنة خمس وعشرين وسبعمائة في ذي الحجة3. 8- أبو بكر بن محمد بن أبي بكر الإمام المقرئ، العالم المجود الكبير، بقية السلف، شيخ القراء تقي الدين الموصلي. ولد سنة نيف وثلاثين وستمائة بالموصل، وقدم دمشق، فقرأ بها القراءات على الشيخ زين الدين الزواوي وغيره، وتصدر للإقراء والتلقين دهرا، إلى جانب محراب الصحابة، وختم عليه خلق كثير. وكان شيخا حسنا خيرا، موطأ الأكناف، مجموع الفضائل، عارفا بالروايات، له حرمة وجلالة، وصار شيخ ميعاد ابن عامر مدة، جود عليه جماعة القرآن، وسمعنا منه تاريخ داريا، ونعم الشيخ كان.   1 انظر/ شذرات الذهب "6/ 87" غاية النهاية "1/ 122". 2 انظر/ غاية النهاية "2/ 365, 366". 3 انظر/ غاية النهاية "1/ 107". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 399 توفي سنة ست عشرة وسبعمائة، وشيعه خلق عظيم1. 9- أبو بكر بن يوسف بن أبي بكر الإمام العالم، الأوحد المقرئ، الكامل، بقية المشايخ زين الدين بن الحريري الشافعي، المعروف بالمزي. ولد بقرية سلى في سنة ست وأربعين وستمائة تقريبا وسمع الكثير من خطيب مردا, والصدر البكري، والتقي البلداني، والكبار. وعرض الشاطبية على العلامة شهاب الدين أبي شامة، وقرأ القراءات على الشيخ زين الدين الزواوي وغيره وأخذ العربية عن الشيخ جمال الدين بن مالك وغيره. وقرأ جمعا للسبعة على ابن مالك، إلى سورة الحج، فمات الشيخ، فسألته عمن قرأ الشيخ جمال الدين، فلم يعرف، وولي مشيخة القراءة والعربية بالعادلية، بعد الشيخ شرف الدين الفزاري. وكان عارفا بالقراءات، قائما عليها جم الفضائل كثير المحاسن، حسن التودد حسن السمت، متين الديانة، تام العدالة. قرأ عليه بالروايات حفيده شرف الدين محمد، وبهاء الدين المعافري، وابن الكركي وغيرهما2. 10- عبد الله بن محمد بن محمد الشيخ الإمام، المقرئ العالم، كمال الدين المغربي، نزيل بيت المقدس. هو أحد من عني بالقراءات، وتحقق بمعرفتها، توفي سنة نيف عشرة وسبعمائة بالقدس الشريف. 11- محمد بن أحمد بن علي بن غدير، الشيخ الإمام المقرئ المجود، شمس الدين أبو عبد الله الواسطي، رفيقنا. ولد في حدود سنة سبعين وستمائة، أو بعدها، وحج وجاور بالمدينة، سنة في صحبة الشيخ عز الدين الفاروثي، فقرأ عليه القراءات العشرة. وقدم معه دمشق فقرأ بها القراءات على الفاضلي، فلم يكملها وأكملها على الدمياطي، والإسكندراني والحاضري وغيرهم، وعني بهذا الشأن حتى تقدم فيه.   1 انظر/ غاية النهاية "1/ 183". 2 انظر/ شذرات الذهب "6/ 71", غاية النهاية "1/ 184". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 400 ثم تحول إلى مصر فسكنها، وهو من كبار المقرئين على مزاح فيه ولعب1. 12- طلحة بن عبد الله الشيخ الإمام المجود، النحوي علم الدين الحلبي، شيخ القراء في وقتنا بحلب. ولد سنة نيف وستين وستمائة، وقدم علينا سنة اثنتين وتسعين، فبحث مدة على الشيخ مجد الدين في القصيد. ثم ارتحل إلى الشيخ موفق الدين محمد بن أبي العلاء، فقرأ عليه ببعلبك القراءات، وقرأ على غيره، ومهر في القراءات والعربية، وتخرج به جماعة ببلده. توفي في وسط سنة خمس وعشرين وسبعمائة2. 13- محمد بن عمران الشيخ الإمام المقرئ، المتقن أبو عبد الله، الوطائي الحراني الضرير الملقن إلى جانب البرادة. حفظ التيسير وغيره، وعني بالقراءات وبرع فيها، وأخذ عن الفاضلي وغيره، ومات قبل الكهولة، سنة عشر وسبعمائة. وكان فقيها على مذهب الإمام أحمد، وقد سمع الحديث بعد الثمانين وستمائة ببغداد3. 14- أحمد بن مؤمن الإمام شهاب الدين الأسعردي، المقرئ المجود المعروف باللبان، كانت له حلقة إقراء تحت النسر. قرأ القراءات على الشيخ شهاب الدين أبي شامة وغيره، وكان من خيار الشيوخ، دينا وتواضعا وفضيلة، ومعرفة بالقراءات، وهو والد الفقيه شمس الدين محمد الذي سكن مصر. توفي فجأة في الطريق، في جمادى الأولى، سنة ست وسبعمائة عن نحو من سبعين سنة4. 15- إسماعيل بن محمد بن إسماعيل الإمام، المقرئ النحوي الفاضل، جمال الدين بن الفقاعي، الحموي الحنفي.   1 انظر/ غاية النهاية "2/ 51, 52". 2 انظر/ غاية النهاية "1/ 341". 3 انظر/ غاية النهاية "2/ 222". 4 انظر/ غاية النهاية "1/ 143". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 401 أخذ القراءات عن السديد خضر، صاحب السخاوي، وتصدر للاشغال ببلده زمانا، وكان موصوفا بمعرفة القراءات، بصيرا بالعربية. درس بمدرسة الطواشي بحماة، وأخذ عنه جماعة، ولد سنة اثنتين وأربعين وستمائة، ومات سنة خمس عشرة وسبعمائة، وكان يترفض1. 16- أحمد بن عبد الرحيم بن شعبان الإمام المقرئ، الفقيه شهاب الدين بن النحاس، الدمشقي الحنفي. ولد بعد الأربعين وستمائة، وقرأ على الزواوي، وتصدر للإقراء بالمقدمية، ثم أخذ مشيخة التربة بعد الفاضلي بالجاه، فلم يستقر بها. وأخذت منه لشيخنا مجد الدين، وكان خيرا متقشفا متوددا، يتكلم بأعراب، وعنده فضائل، وكان معنيا بضبط من يموت بالبلد من الكبار، والصغار. بحث ألفية ابن معطي، على الشيخ جمال الدين بن مالك، قرأ عليه ابن بصخان، كتاب الوقف والابتداء للزواوي، وقرأت أنا عليه عدد الآي للزواوي. وكان حسن المعرفة بالقراءات ضابطا للخلاف، توفي في المحرم سنة إحدى وسبعمائة2. 17- محمد بن أحمد بن علي الإمام، المقرئ الفقيه، شمس الدين أبو عبد الله الرقي، ثم الدمشقي الحنفي الأعرج. ولد سنة بضع وستين وستمائة، وقرأ القراءات على الشيخ عز الدين الفاروثي، وشهاب الدين بن مزهر وجماعة. وهو إمام فاضل، جيد المشاركة في العربية، له بصر بمشكل القصيد وخبرة بمذهبه، أفادنا أشياء، ولما سافرت إلى بعلبك، سنة ثلاث وتسعين وتعوقت بالقراءة على الموفق، وثب على حلقتي، فأخذها لكوني لم أستأذن الحاكم في الغيبة، وهو الآن يقرئ بالجامع، ويؤم بمسجد فوق كنيسة اليهود، ويناظر في المدارس. ومعرفته متوسطة ولي مشيخة دار الحديث في الإقراء بعد الشيخ محمد المقرئ، ثم درس بالجوهرية3.   1 انظر/ غاية النهاية "1/ 167". 2 انظر/ غاية النهاية "1/ 67". 3 انظر/ غاية النهاية "2/ 75, 76". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 402 18- عبد الله بن محمد بن عبد العظيم، الإمام العالم المقرئ المحقق النحوي، نجم الدين الواسطي الشافعي الصوفي. قرأ القراءات بواسط، وأتقنها على الشيخ علي خريم، ونجم الدين أحمد بن غزال، وأخيه محمد وحسن الكوساني، وقدم الشام سنة سبع وتسعين وستمائة، فاستوطنها، ونزل في المدارس، والخانقاه. وجلس لإفادة العربية، سألته أن يفرد لي قراءة يعقوب، فنظمها في كراس، فأجاد1. 19- محمد بن إبراهيم الإمام العالم المقرئ، الفقيه البارع، شمس الدين أبو عبد الله الزنجيلي، الدمشقي الحنفي النقيب، مدرس الزنجيلية. قرأ بالروايات على الفاضلي، ولم يكملها، ثم قرأ بالروايات أيضا على الدمياطي، معظم القرآن, وفجئ الدمياطي الموت فاقتصر على أن عرض ختمة، على الشيخ شهاب الدين الكفري، واشتغل بالمذهب وحصله. وكتب الخط المنسوب، وبرع في الشروط، وحجب لقاضي القضاة: نجم الدين الشافعي مدة حكمه، وهو عدل صين جيد المشاركة في الفنون2. والحمد لله حمد الشاكرين، وأحمده بجميع محامده، وصلواته على محمد وآله، كلما ذكره الذاكرون، وكلما سها عنه الغافلون، نجز بعون الله تعالى، في يوم الخميس ثالث عشر شهر رمضان المعظم قدره، من شهور سنة سبع وثلاثين وثمانمائة، كتبه محمد بن سعد أصلح الله شأنه وصانه عما شانه.   1 انظر/ غاية النهاية "1/ 450". 2 انظر/ غاية النهاية "2/ 49". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 403 الفهرس : 3 المقدمة 9الطبقة الأولى 21 الطبقة الثانية 33 الطبقة الثالثة 58 الطبقة الرابعة 88 الطبقة الخامسة 101 الطبقة السادسة 132 الطبقة السابعة 152 الطبقة الثامنة 184 الطبقة التاسعة 212 الطبقة العاشرة 235 الطبقة الحادية عشرة 258 الطبقة الثانية عشرة 284 الطبقة الثالثة عشرة 312 الطبقة الرابعة عشرة 340 الطبقة الخامسة عشرة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 405 359 الطبقة السادسة عشرة 375 الطبقة السابعة عشرة 396 الطبقة الثامنة عشرة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 406