الكتاب: الحج والعمرة والزيارة المؤلف: عبد الله بن محمد البصيري الناشر: مكتبة الملك فهد الوطنية الطبعة: الثانية, 1423هـ عدد الأجزاء: 1   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع وهو مذيل بالحواشي] ---------- الحج والعمرة والزيارة عبد الله بن محمد البصيري الكتاب: الحج والعمرة والزيارة المؤلف: عبد الله بن محمد البصيري الناشر: مكتبة الملك فهد الوطنية الطبعة: الثانية, 1423هـ عدد الأجزاء: 1   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع وهو مذيل بالحواشي] 0بسم الله الرحمن الرحيم الحج والعمرة والزيارة حكم، فضائل، وصايا، نصائح، فوائد، آداب، منافع، توجيهات، مناسك، أحكام، تنبيهات، فتاوى جمع واختيار الدكتور عبد الله بن محمد البصيري " مقدمة " الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد: فإنه لما كان الحج أحد أركان الإسلام وتأديته على الوجه الصحيح واجب على كل مسلم ومسلمة ولما كان للحج الكثير من الأحكام التي يجهلها الكثير من الناس فقد رأيت أن أؤلف كتاباً أجمع فيه كل ما يتعلق بالحج والعمرة والزيارة من الأحكام والفضائل والمناسك وكل ما يحتاجه الحاج، وقبل أن أبدأ بالتأليف جمعت الكثير من الكتب والرسائل والفتاوى والتنبيهات والتوجيهات التي كتبت عن الحج، وهي كثيرة، ونظرت فيها فإذا هي تتضمن فوائد عظيمة لا يستغني عنها الحاج وقد بذل مؤلفوها جهوداً كبيرة في تأليفها وقد انتفع بها المسلمون فجزاهم الله خيراً وأحسن ثوابهم، لكني بعد الاستقراء والنظر فيها لم أجد فيها كتاباً جمع كل ما يتعلق بالحج والعمرة والزيارة وكل ما يحتاجه الحاج على نحو شامل جامع، بل رأيتها تكاد تنحصر في ثلاثة أقسام: القسم الأول منها -وهو الأكثر- هو ما يتعلق بالحج والعمرة وفضائلهما ومناسكهما وما فيهما من أحكام. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 7 7- شروط الحج: 1-الإسلام 2-العقل 3-البلوغ 4-الحرية5-الاستطاعة 6-ويزاد في حق المرأة شرط سادس وهو وجود المحرم الذي يسافر معها إذ يحرم عليها السفر للحج وغيره بدون محرم لقول النبي صلي الله عليه وسلم:"لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم"1 متفق عليه. فضل الحج والعمرة ورد في فضل الحج والعمرة أحاديث كثيرة صحيحة منها: ما في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:سئل رسول الله صلي الله عليه وسلم أي العمل أفضل؟ قال:"الإيمان بالله ورسوله" قيل: ثم ماذا؟ قال:"الجهاد في سبيل الله" قيل: ثم ماذا؟ قال:"حج مبرور" 2 متفق عليه. وروى البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت يا رسول الله، نرى الجهاد أفضل العمل أفلا نجاهد؟ قال:"لكن أفضل من الجهاد حج مبرور "3.وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول:"من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه"   1 البخاري 2/659 رقم 1086) ، مسلم رقم 1338) . 2 صحيح البخاري 1/97 رقم 26) ، مسلم 1/88 رقم 83) . 3 البخاري 3/446 رقم 1520) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 8 1.وفيهما عنه –رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم:" العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة" 2.وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال:"ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبداً من النار من يوم عرفة وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول: ما أراد هؤلاء؟ " 3.وفي الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم:"عمرة في رمضان تقضي حجة أو حجة معي" 4.العمرة لغة: الزيارة. شرعاً: هي قصد بيت الله الحرام لأداء نسك مكون من الإحرام والطواف والسعي والحلق أو التقصير وأركان العمرة وواجباتها وأحكامها مثل الحج إلا الوقوف بعرفة وما يتبعه من إفاضة إلى المزدلفة فمنى فرمي جمار، وتختلف العمرة عن الحج في الميقات الزمني فالحج له زمن مخصوص لا يجوز في غيره، أما العمرة فتجوز في كل أيام السنة إلا أيام النحر الأربعة على الحاج، أما على غيره فتجوز عمرته فيها، أما عند أحمد والشافعي فلا تكره العمرة فيها.   1 البخاري 3/446 رقم 1521) ، مسلم رقم 1350) . 2 البخاري 3/698 رقم 1773) ، مسلم رقم 1349) . 3 مسلم رقم 1348) . 4 البخاري رقم 1782) ، مسلم رقم 1256) . . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 9 حكم العمرة اختلف العلماء في حكمها على قولين: الأول: القول بوجوبها، وهو المشهور عن أحمد والشافعي وجماعة من أهل الحديث وغيرهم -رحمهم الله، ومن أدلتهم على ذلك: ما رواه أهل السنن وغيرهم عن أبي رزين العقيلي -وافد بني المنتفق- أنه أتى النبي صلي الله عليه وسلم فقال: إن أبي شيخ كبير لا يستطيع الحج ولا العمرة، فقال:"حج عن أبيك واعتمر" 1، صححه الترمذي، وقال أحمد: لا أعلم في إيجاب العمرة حديثاً أجود من هذا ولا أصح منه. وبحديث عمر في رواية الدارقطني وفيه قال صلي الله عليه وسلم:"وتحج البيت وتعتمر" 2.وبحديث عائشة أنها قالت: يا رسول الله هل على النساء من جهاد؟ قال:"عليهن جهاد لا قتال فيه: الحج والعمرة" 3.واستأنسوا بقوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الحَجَّ وَالْعُمرَةَ للهِ} [البقرة:196] . الثاني: أنها سنة وليست بواجبة، وهو مذهب مالك وأبي حنيفة وإحدى الروايتين عن الشافعي وأحمد، وقول أكثر أهل العلم، واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، ومن أدلة ذلك:   1 رواه الترمذي رقم 930) ، والنسائي 5/88-89، وابن ماجه رقم 2906) . 2 رواه ابن خزيمة في صحيحه 1/4، والدارقطني 2/282. 3 أخرجه أحمد 6/165، وابن ماجه رقم 2901) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 10 والقسم الثاني: هو ما يتعلق بالأخطاء التي تقع من بعض الحجاج والتنبيه عليها. والقسم الثالث: هو ما يتعلق بالفتاوى. وقد عزمت على تأليف كتاب أجمع فيه كل هذه الأمور وما يحتاجه الحاج على نحو جامع وشامل وفي ختام هذه الكلمة أكرر القول أني سبقت في هذا الموضوع والسبق والفضل فيه لغيري، وإن تكن لي من حسنة فهي الجمع والترتيب فجزاهم الله خيراً، وأسأل الله سبحانه وتعالى أن ينفعني وأن ينفع به إخواني المسلمين، إنه سميع عليم. هذا وقد جعلته في خمسة أقسام هي: القسم الأول: وصايا، نصائح، فوائد، آداب، منافع، توجيهات، تحذيرات. القسم الثاني: مناسك الحج والعمرة وصفتهما. القسم الثالث: زيارة المسجد النبوي وما فيها من أحكام وآداب. القسم الرابع: تنبيهات على أخطاء تقع من بعض الحجاج. القسم الخامس: الفتاوى. 1- تعريف الحج لغة: قصد الشيء المعظم وإتيانه. 2- تعريف الحج شرعاً: الحج أحد أركان الإسلام الخمسة، وهو عبادة روحية اجتماعية، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 11 بدنية مالية، ومعناه القصد إلى بيت الله الحرام بمكة المكرمة لأداء النسك فيه وفيما جاوره من الأماكن الشريفة. 3- فرضية الحج: فرض الحج في السنة التاسعة أو العاشرة من الهجرة، وهذا ما ذهب إليه ابن القيم رحمه الله1، وقال الشيخ عبد الرحمن بن قاسم رحمه الله:"فرض الحج سنة تسع من الهجرة عند أكثر أهل العلم وجزم به غير واحد من أهل التحقيق"2. 4- حكم الحج: فرض فرضه الله على عباده وهو أحد أركان الإسلام الخمسة، فرضه الله تعالى على أهل الإسلام بقوله سبحانه: {وَللهِ عَلَى النَّاسِ حجُّ البَيت مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيه سَبِيلاً وَمَنْ كَفَر فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِين} [سورة آل عمران:97] وقوله تعالى: {الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ} [سورة البقرة193] وقوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمرةَ للهِ} [سورة البقرة:166] وقد جاءت السنة الصحيحة عن النبي صلي الله عليه وسلم بالتصريح بأنه أحد أركان   1 انظر: زاد المعاد 100-101. 2 حاشية الروض المربع 2/499. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 12 الإسلام ففي الصحيحين عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي صلي الله عليه وسلم قال:"بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج بيت الله الحرام" 1.وفي حديث جبريل في رواية عمر رضي الله عنه عند مسلم أنه قال للنبي صلي الله عليه وسلم: ما الإسلام؟ قال:"أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلاً" 2، وفي صحيح مسلم أيضاً عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلي الله عليه وسلم قال:"أيها الناس، قد فرض الله عليكم الحج فحجوا" 3، وأحاديث كثيرة -في الصحيحين وغيرهما- في هذا المعنى، وبفرضه كمل بناء الدين وتم بناؤه على أركانه الخمسة، وأجمع المسلمون على أنه ركن من أركان الإسلام، وفرضٌ من فروضه إجماعاً ضروياً، وهو من العلم المستفيض الذي توارثته الأمة خلفاً عن سلف. 5 - أركان الحج: 1 -الإحرام 2-الوقوف بعرفة 3- طواف الزيارة 4-السعي. 6- واجبات الحج: 1-الإحرام من الميقات.2-الوقوف بعرفة إلى الليل 3-المبيت بمزدلفة-المبيت بمنى. 5-الرمي 6-الحلق أو التقصير 7- طواف الوداع   1 البخاري 1/64 رقم 8) ، ومسلم 1/45 رقم 16) . 2مسلم 1/36 رقم 8) . 3 مسلم 2/975 رقم 1337) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 13 حديث جابر –رضي الله عنه - مرفوعاً: سئل -يعني النبي صلي الله عليه وسلم - عن العمرة: أواجبة هي؟ قال:"لا، وأن تعتمر خير لك" 1، صححه الترمذي. قلت: وأصح القولين -والله أعلم- هو القول بوجوبها، وذلك لكثرة الأدلة وقوتها وهو ما ذهب إليه الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله وغفر له- في كتابه التحقيق والإيضاح لكثير من مسائل الحج والعمرة ص8، حيث قال -رحمه الله-:وقد وردت أحاديث تدل على وجوب العمرة منها ثم ساق بعض الأدلة التي تدل على الوجوب. أركان العمرة: ثلاثة، هي1 - الإحرام2- الطواف 3- السعي. شروط العمرة: خمسة، هي:1- الإسلام.2-العقل. 3-البلوغ4-الحرية5-الاستطاعة. واجبات العمرة: اثنان، وهما:1-الإحرام من الميقات2-الحلق أو التقصير. ولا يجب الحج والعمرة في العمر إلامرةواحدة، لقول النبي صلي الله عليه وسلم في الحديث الصحيح:"الحج مرة فمن زاد فهو تطوع"2.   1 الترمذي رقم 931) ، النسائي 5/83. 2 أخرجه أبو داود رقم 1721) ، والنسائي 5/83، وابن ماجه رقم 2866) من حديث الأقرع بن حابس. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 14 القسم الثالث زيارة المسجد النبوي وما فيها من أحكام وآداب في أحكام الزيارة وآدابها1 وتسن زيارة مجسد النبي صلي الله عليه وسلم، قبل الحج أو بعده لما ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم:"صلاة في مسجدي هذا خيرٌ من ألْفِ صلاةٍ فيما سواه إلا المسجد الحَرام" وعن ابن عمر، أن النبي صلي الله عليه وسلم، قال:"صلاةٌ في مسْجدي هذا أَفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام" رواه مسلم. وعن عبد الله بن الزبير–رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم:"صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام، وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة صلاة في مسجدي هذا". أخرجه أحمد وابن خزيمة وابن حبان وعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال:"صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه، إلا المسجد الحرام، وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة فيما سواه"، أخرجه أحمد وابن ماجه والأحاديث في هذا المعنى كثيرة فإذا وصل الزائر إلى المسجد استحب له أن يقدم رجله اليمنى عند دخوله ويقول:"بسم الله والصلاة والسلام   1 من كتاب "التحقيق والإيضاح" للشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله وغفر له. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 75 على رسول الله، أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم، اللهم افتح لي أبواب رحمتك"، كما يقول ذلك عند دخول سائر المساجد، وليس لدخول مسجده صلي الله عليه وسلم ذكر مخصوص، ثم يصلي ركعتين فيدعو الله فيهما بما أحب من خيري الدنيا والآخرة، وإن صلاهما في الروضة الشريفة فهو أفضل، لقوله صلي الله عليه وسلم:"ما بَينَ بَيتي ومنبري روضة من رياض الجنة"، ثم بعد الصلاة يزور قبر النبي صلي الله عليه وسلم، وقبرَي صاحبيه، أبي بكر وعمر رضي الله عنهما فيقف تجاه قبر النبي صلي الله عليه وسلم بأدب وخفض صوت، ثم يسلم عليه، عليه الصلاة والسلام قائلاً:"السلام عليك يا رسول الله ورحمةُ الله وبركاته"، لما في سنن أبي داود بإسناد حسن عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:قال رسول الله صلي الله عليه وسلم:"ما من أحَدٍ يُسَلِّم عليَّ إلا رَدَّ الله عليَّ روحي حَتَّى أَرُدَ عليه السلام"، وإن قال الزائر في سلامه:"السلام عليك يا نبي الله، السلام عليك ياخيرة الله من خلقه، السلام عليك يا سيد المرسلين وإمام المتقين، أشهد أنك قد بلغت الرسالة وأديت الأمانة ونصحت الأمة وجاهدت في الله حق جهاده"، فلا بأس بذلك؛ لأن هذا كله من أوصافه صلي الله عليه وسلم، ويصلي عليه، عليه الصلاة والسلام، ويدعو له، لما قد تقرر في الشريعة من شرعية الجمع بين الصلاة والسلام عليه، عملاً بقوله تعالى: {ياأهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب:56] ، ثم يسلم على أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ويدعو لهما ويترضى عنهما وكان ابن عمر رضي الله عنهما إذا سلم على الرسول صلي الله عليه وسلم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 76 وصاحبيه، لا يزيد غالباً على قوله:"السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا أبا بكر، السلام عليك يا أبتاه"، ثم ينصرف وهذه الزيارة إنما تشرع في حق الرجال خاصة، أما النساء فليس لهن زيارة شيء من القبور، كما ثبت عن النبي صلي الله عليه وسلم، "أنه لعن زوارات القبور من النساء والمتخذين عليها المساجد والسرج" وأما قصد المدينة للصلاة في مسجد الرسول صلي الله عليه وسلم، والدعاء فيه، ونحو ذلك مما يشرع في سائر المساجد، فهو مشروع في حق الجميع لما تقدم من الأحاديث في ذلك. ويسن للزائر أن يصلي الصلوات الخمس في مسجد الرسول صلي الله عليه وسلم، وأن يكثر فيه من الذكر والدعاء وصلاة النافلة اغتناماً لما في ذلك من الأجر الجزيل. ويستحب أن يكثر من صلاة النافلة في الروضة الشريفة، لما سبق من الحديث الصحيح في فضلها، وهو قول النبي صلي الله عليه وسلم:"ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة" أما صلاة الفريضة فينبغي للزائر وغيره أن يتقدم إليها ويحافظ على الصف الأول مهما استطاع، وإن كان في الزيادة القبلية لما جاء في الأحاديث الصحيحة عن النبي صلي الله عليه وسلم، من الحث والترغيب في الصف الأول. ولا يجوز لأحد أن يتمسح بالحجرة أو يقبلها أو يطوف بها؛ لأن ذلك لم ينقل عن السلف الصالح بل هو بدعة منكرة! الجزء: 1 ¦ الصفحة: 77 ولا يجوز لأحد أن يسأل الرسول صلي الله عليه وسلم قضاء حاجة أو تفريج كربة أو شفاء مريض أو نحو ذلك؛ لأن ذلك كله لا يطلب إلا من الله سبحانه، وطلبه من الأموات شرك بالله وعبادة لغيره، ودين الإسلام مبني على أصلين: أحدهما: ألا يعبد إلا الله وحده. والثاني: ألا يعبد إلا بما شرعه الله والرسول صلي الله عليه وسلم. وهذا معنى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله. تنبيه ليست زيارة قبر النبي صلي الله عليه وسلم واجبة ولا شرطاً في الحج كما يظنه بعض العامة وأشباههم، بل هي مستحبة في حق من زار مسجد الرسول صلي الله عليه وسلم، أو كان قريباً منه أما البعيد عن المدينة فليس له شد الرحل لقصد زيارة القبر، ولكن يسن له شد الرحل لقصد المسجد الشريف، فإذا وصله زار القبر الشريف وقبر الصاحبين، ودخلت الزيارة لقبره عليه السلام وقبر صاحبيه تبعاً لزيارة مسجده صلي الله عليه وسلم، وذلك لما ثبت في الصحيحين أن النبي صلي الله عليه وسلم قال:"لا تُشَدُّ الرِّحالُ إلا إلى ثلاثة مساجد: المسْجد الحرام ومَسْجدي هذا والمسجد الأقْصَى" الجزء: 1 ¦ الصفحة: 78 فصل في استحباب زيارة مسجد قباء والبقيع ويستحب لزائر المدينة أن يزور مسجد قباء ويصلي فيه، لما في الصحيحين من حديث ابن عمر، قال:"كان النبي صلي الله عليه وسلم يزور مسجد قباء راكباً وماشياً ويصلي فيه ركعتين"وعن سهل بن حُنيف رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم:"من تَطهَّر في بيته ثم أَتَى مسجد قُبَاء فصلَّى فيه صلاةً كان له كأجْر عُمْرة". ويسن له زيارة قبور البقيع وقبور الشهداء وقبر حمزة رضي الله عنه؛ لأن النبي صلي الله عليه وسلم كان يزورهم ويدعو لهم، ولقوله صلي الله عليه وسلم:"زُورُوا القُبُور فإنَّها تُذَكِّركم الآخرة" أخرجه مسلم وكان النبي صلي الله عليه وسلم يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا: "السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية" أخرجه مسلم من حديث سليمان بن بريدة عن أبيه وأخرج الترمذي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: مر النبي صلي الله عليه وسلم بقبور المدينة فأقبل عليهم بوجهه فقال:"السلام عليكم يا أهل القُبور يَغْفر الله لنا ولكم أنتم سلفنا ونحن بالأثر" ومن هذه الأحاديث يعلم أن الزيارة الشرعية للقبور يقصد منها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 79 تذكّر الآخرة والإحسان إلى الموتى والدعاء لهم والترحم عليهم فأما زيارتهم لقصد الدعاء عند قبورهم أو العكوف عندها أو سؤالهم قضاء الحاجات أو شفاء المرضى أو سؤال الله بهم أو بجاههم ونحو ذلك، فهذه زيارة بدعية منكرة لم يشرعها الله ولا رسوله ولا فعلها السلف الصالح رضي الله عنهم، بل هي من الهجر الذي نهى عنه الرسول صلي الله عليه وسلم، حيث قال:"زُورُوا القُبور ولا تَقُولُوا هُجْراً "وهذه الأمور المذكورة تجتمع في كونها بدعة ولكنها مختلفة المراتب فبعضها بدعة وليس بشرك كدعاء الله سبحانه عند القبور وسؤاله بحق الميت وجاهه ونحو ذلك وبعضها من الشرك الأكبر كدعاء الموتى والاستعانة بهم ونحو ذلك، وقد سبق بيان هذا مفصلاً فيما تقدم، فتنبه واحذر واسأل ربك التوفيق والهداية للحق فهو سبحانه الموفق والهادي لا إله غيره، ولا رب سواه هذا آخر ما أردنا إملاءه والحمد لله أولاً وآخراً، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله وخيرته من خلقه محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 80 توجيهات أخي الحاج: احرص على أداء الصلاة في الجماعة وحافظ عليها واجتهد في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجتنب ما حرمه الله من الكفر والشرك والبدع والمعاصي عموماً والتي منها أكل الربا والسرقة والغش في المعاملات والظلم والخيانة في الأمانات وشرب المسكرات والدخان وإسبال الثياب وقراءة المجلات السيئة المدمرة للفضيلة الناشرة للرذيلة والحسد والغيبة والنميمة والكبر واستماع الغناء وحلق اللحى وتصوير ذوات الأرواح وغير ذلك. أخي الحاج: بادر إلى نفع إخوانك الحجاج والإحسان إليهم بالقول والفعل من اسداء النصيحة أو اهداء كتاب نافع أو شريط مفيد وهذا من أعظم النفع لعنايتك بصلاح القلب وكل هذا من وسائل الدعوة إلى الله، قدم لهم الطعام وخاصة المحتاج منهم او مشروبات ونحو ذلك. أخي الحاج: احذر من ضياع الوقت فيما لا فائدة منه كالتجول في منى مثلاً من مكان لآخر -لا تكثر من النوم- لا تقرأ ولا تسمع إلا ما كان فيه فائدة - احفظ الله يحفظك، احفظ لسانك وبصرك وسمعك ويدك ورجلك عن الحرام تجنب كثرة المزاح المفرط- تذكر الموت واعلم أنك سوف تُقْدِم على مولاك وستكون مرتهن بعملك والأعمال بالخواتيم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 81 - اقتصد في الأكل ولا تكثر منه حتى لا يكون ذلك سبباً في الخمول والكسل عن الطاعة - جدد توبتك واستغفر ربك مراراً وتكراراً - قاطع المعاصي من غير رجعة واستحضر عظمة الله ولا تنظر إلى صغر الذنب ولكن انظر إلى عظمة من عصيت-حاسب نفسك وفتِّش عن مواطن التقصير واسأل الله العون والسداد-اسأل عن كل ما أُشكل عليك في أمور دينك ودنياك عند من تثق بعلمه ودينه وأمانته من العلماء الأفاضل واجعل لهم في قلبك قدراً من المحبة والاحترام-أن تحب لإخوانك المسلمين ما تحب لنفسك- ليكن في قلبك همّ لهذا الدين-لا تنس الدعاء لنفسك ولوالديك وإخوانك وأخواتك وذريتك والمسلمين عامة والمجاهدين في سبيل الله خاصة بالثبات على الدين وقبول الأعمال الصالحة والفوز بالجنة والنجاة من النار. أخي الحاج: إن خير ما يشغل الوقت في منى حضور مجالس الذكر والصدقة على المستحقين سواء لفقراء مكة أو خارجها ومن ذلك كثرة قراءة القرآن والأذكار المطلقة-الزيارة في الله وقراءة كتاب مفيد نافع وغير ذلك من الأنشطة الدعوية المباركة لأن الحسنات في الحرم مضاعفة والسيئات فيها عظيمة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 82 تحذيرات أيها الحاج الكريم: 1- احذر أن تفعل شيئاً من محظورات الإحرام وهي أخذ الشعر وتقليم الأظافر ولبس المخيط للرجل وتغطية رأسه والطيب وقتل صيد البر والجماع وعقد النكاح. 2- احذر أن تصحب معك آلات اللهو وما يشغلك عن ذكر الله. 3- احذر أن تتجاوز الميقات بغير إحرام. 4- احذر أن تقطع شيئاً من نبات الحرم وشجره الأخضر سواء كنت محرماً أو غير محرم. 5- احذر أن تقف خارج حدود عرفات فلا حج لمن فعل ذلك. 6- احذر أن تنصرف من عرفات قبل غروب الشمس. 7- احذر أن تنصرف من مزدلفة قبل نصف ليلة العيد. 8- احذر أن تبيت خارج حدود منى لغير عذر. 9- احذر الرفث والفسوق والجدال والمعاصي كلها في الحج وغيره. 10- احذر أن تكون نفقات حجك من مال حرام. 11- احذر أن تسعى بين الصفا والمروة قبل أن تطوف بالبيت. 12- احذر أن تذبح هديك قبل يوم العيد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 83 13- احذر أن ترمي الجمرات أيام التشريق قبل زوال الشمس، واحذر أن ترميها وأنت بعيد عنها، أو أن ترميها بحذاء أو حجر كبير. 14- احذر أن تترك الصلاة متعمداً فتكون من الخاسرين. 15- احذر أن تمنع زكاة مالك فيكون عذاباً عليك. 16- احذر أن تؤخر حج الفريضة مع القدرة عليه فتموت عاصياً قبل أن تحج. 17- احذر أن تخرج من مكة قبل انتهاء أعمال الحج وطواف الوداع. 18- احذر أن ترجع إلى المعاصي بعد الحج فتأثم ويفوتك الأجر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 84 القسم الرابع تنبيهات على أخطاء ومخالفات تحصل من بعض الحجاج مخالفات وتنبيهات عند الميقات1 1- تجاوز الميقات بدون إحرام - لمن أراد الحج أو العمرة: يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز حفظه الله تعالى: الواجب على من قصد مكة للحج أو العمرة الإحرام من الميقات الذي يمر عليه ولا يجوز له تجاوزه بدون إحرام لقول النبي صلي الله عليه وسلم لما وقَّت المواقيت:"هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمرة ومن كان دون ذلك فمهله من حيث أنشأ حتى أهل مكة يهلُّون من مكة"2. 2- اعتقاد أن الإحرام مجرد اللباس: يقول فضيلة الشيخ عبد الله الجبرين حفظه الله تعالى: وليس الإحرام مجرد اللباس فقد يلبس الإزار والرداء وهو في بلده بغير نية ولا يسمى محرماً وقد يحرم بقلبه ويترك عليه لباسه المعتاد كالقميص والعمامة ونحوهما ويفدي3. 3- اعتقاد أن أداء الصلاة قبل الإحرام شرط لصحة الإحرام: يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى: أداء الصلاة   1 مأخوذ من كتاب "تبصير الحاج بما يريد ويحتاج" لعبد المجيد بن سليمان الحديثي. 2 مجموع فتاوى ابن باز 5/73. 3 فتاوى إسلامية 2/214. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 87 قبل الإحرام ليس شرطاً في الإحرام وإنما ذلك مستحب عند الأكثر1. 4- وضع الطيب على الرداء أو الإزار: يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى: لا ينبغي وضع الطيب على الرداء والإزار إنما السنة تطييب البدن كرأسه ولحيته وإبطيه ونحو ذلك، أما الملابس فلا يُطيبها عند الإحرام، لقوله صلي الله عليه وسلم:"لا يلبس شيئاً من الثياب مسّه الزعفران أو الورس"، فالسنة أن يتطيب في بدنه فقط أما ملابس الإحرام فإنه لا يطيبها وإذا طيبها لم يلبسها حتى يغسلها أو يغيِّرها2. 5- إحرام الرجل بالخفين أو الجوربين: يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى: لا يجوز للرجل أن يحرم بالجوربين ولا في الخفين إلا إذا لم يجد نعلين لقول النبي صلي الله عليه وسلم:"ومن لم يجد نعلين فليلبس الخفين ومن لم يجد إزاراً فليلبس السراويل"، متفق على صحته3. 6- اعتقاد أن المنع من محظورات الإحرام يكون بمجرد الاغتسال: وهذا اعتقاد خاطيء فالمنع إنما يكون بعد عقد نية الإحرام.   1 فتاوى إسلامية 2/218. 2 مجموع فتاوى ابن باز 5/96. 3 فتاوى إسلامية 2/224. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 88 7- اعتقاد أن للإحرام صلاة تخصه: يقول فضيلة الشيخ محمد العثيمين حفظه الله تعالى: ينبغي أن نعلم أن الإحرام ليس له صلاة فإنه لم يرد عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه شرع لأمته صلاة الإحرام لا بقوله ولا بفعله ولا بإقراره1. 8- تجاوز الميقات بدون إحرام عند عدم وجود ملابس الإحرام: يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز حفظه الله تعالى: من لم يحمل معه ملابس الإحرام فإنه ليس له أن يؤخر إحرامه إلى جدة بل الواجب عليه أن يُحرم في السراويل إذا كان ليس معه إزار لقول النبي صلي الله عيم وسلم في الحديث الصحيح:"من لم يجد نعلين فليلبس الخفين ومن لم يجد إزاراً فليلبس السراويل" وعليه كشف رأسه؛ لأن النبي صلي الله عليه وسلم لما سئل عما يلبس المحرم قال:"لا يلبس القميص ولا العمائم ولا السراويل ولا البرانس ولا الخفاف إلا لمن لم يجد النعلين" الحديث متفق عليه فلا يجوز أن يكون على رأس المحرم عمامة ولا قلنسوة ولا غيرهما مما يُلبس على الرأس، وإذا كان لديه عمامة ساترة يمكنه أن يجعلها إزاراً يتَّزر بها ولم يجز له لبس السراويل فإذا وصل إلى جدة وجب عليه أن يخلع السراويل ويستبدلها بإزار إذا قدر على ذلك فإن لم يكن عليه سراويل وليس لديه عمامة تصلح أن تكون إزاراً حين محاذاته للميقات في الطائرة   1 فتاوى الشيخ محمد العثيمين 2/647. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 89 أو الباخرة أو السفينة جاز له أن يحرم في قميصه الذي عليه مع كشف رأسه فإذا وصل إلى جدة اشترى إزاراً وخلع القميص، وعليه عن لبسه القميص كفارة وهي إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع من تمر أو أرز أو غيرهما من قوت البلد لمساكين الحرم أو صيام ثلاثة أيام أو ذبح شاة وهو مخير بين هذه الثلاثة كما خير النبي صلي الله عليه وسلم كعب بن عجرة لما أذن له في حلق رأسه وهو محرم للمرض الذي أصابه1. 9- اعتقاد أن الغسل أو الوضوء عند الإحرام واجب: يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى في معرض حديثه عن الإحرام من الميقات: مع العلم بأن الغسل ليس واجباً وإنما هو مستحب وهكذا الوضوء ليس بواجب فلو أحرم من دون وضوء ولا غسل فإحرامه صحيح2. 10- اعتقاد أن الإحرام لا ينعقد حتى يركب الراحلة:وهذا اعتقاد خاطيء فانعقاد الإحرام يكون بالنية ويقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى: الأفضل أن يكون الدخول بالإحرام بالنية والتلبية بعد الركوب لأن النبي صلي الله عليه وسلم كان يهل   1 مجموع فتاوى ابن باز 5/46. 2 مجموع فتاوى ابن باز 5/76. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 90 إذا انبعثت به راحلته1. 11- حلق الليحة أو أخذ شيء منها عند الإحرام: فاللحية يحرم حلقها أو أخذ شيء منها سواء عند الإحرام أو في غيره من الأوقات لأن الواجب إعفاؤها وتوفيرها لما ثبت في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم:"خالفوا المشركين، وفِّروا اللحى، وأحفُّوا الشوارب" وأخرج مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم "جزوا الشوارب، وأرخو اللحى، خالفوا المجوس". 12- الأخذ من الرأس عند الإحرام: يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى: وأما الرأس فلا يُشرع أخذ شيء منه عند الإحرام لا في حق الرجال ولا في حق النساء2. 13- اعتقاد أن الإحرام قبل الميقات لا ينعقد: يقول فضيلة الشيخ عبد الله الجبرين حفظه الله تعالى: لا بأس بالإحرام قبل الميقات المكاني كأن تحرم من الطائف بأن تتنظف وتلبس إحرامك وتنوي وتلبي ويجوز لأهل المدينة الإحرام من بيوتهم،   1 مجموع فتاوى ابن باز 5/106 2 التحقيق والإيضاح 16. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 91 وكذا يجوز لأهل مصر إذا عزموا على السفر أن يحرم أحدهم حين يخرج من بيته أو حين يركب الطائرة متوجهاً إلى جدة أو نحو ذلك لكنه خلاف الأولى1. 14- جهل الوافدين إلى مكة للحج أو العمرة من طريق الجو أو البحر بمحاذاة المواقيت: وفي معرض حديثه عن قرار مجلس مجمع الفقه الإسلامي فيما يعرض لكثير من الوافدين إلى مكة المكرمة للحج أو للعمرة من طريق الجو أو البحر من جهلهم بمحاذاة المواقيت التي وقَّتها النبي صلي الله عليه وسلم، قال سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى: وقرر أن الواجب عليهم أن يحرموا إذا حاذوا أقرب ميقات لهم من هذه المواقيت الخمسة جوًّا أو بحراً فإن اشتبه عليهم ذلك ولم يجدوا معهم من يرشدهم إلى المحاذاة وجب عليهم أن يحتاطوا وأن يحرموا قبل ذلك بوقت يعتقدون أو يغلب على ظنهم أنهم أحرموا قبل المحاذاة؛ لأن الإحرام قبل الميقات جائز مع الكراهة ومع التحري والاحتياط خوفاً من تجاوز الميقات بغير إحرام تزول الكراهة؛ لأنه لا كراهة في أداء الواجب، وقد نص أهل العلم في جميع المذاهب الأربعة على ما ذكرنا واحتجوا على ذلك بالأحاديث الصحيحة   1 فتاوى إسلامية 2/218. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 92 الثابتة عن رسول الله صلي الله عليه وسلم في توقيت المواقيت للحجاج والعمار1 15- اعتقاد وجوب الإحرام عند المرور بالميقات: يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى: أما إن كان قدم لغرض آخر لم يرد حجًّا ولا عمرة إنما جاء لمكة للبيع أو الشراء أو لزيارة بعض أقاربه وأصدقائه أو لغرض آخر ولم يرد حجًّا ولا عمرة فهذا ليس عليه إحرام على الصحيح، وله أن يدخل بدون إحرام، هذا هو الراجح في قولي العلماء والأفضل أنه يحرم بالعمرة ليغتنم الفرصة2. 16- اعتقاد أن جدة ميقات: يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز حفظه الله تعالى: أما جدة فليست ميقاتاً للوافدين وإنما هي ميقات لأهلها ولمن وفدوا إليها غير مريدين الحج ولا العمرة ثم أنشأوا الحج والعمرة منها3. 17- اعتقاد عدم جواز أن تكون ملابس الإحرام غير بيضاء: يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى: أما الرجل فالأفضل أن يحرم في ثوبين أبيضين إزار ورداء، وإن أحرم في غير أبيضين فلا بأس، وقد ثبت عن الرسول صلي الله عليه وسلم أنه طاف ببرد أخضر وقد ثبت عنه   1 مجموع فتاوى ابن باز 5/45-46. 2 فتاوى إسلامية 2/201. 3 الفتاوى الدعوة) 125. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 93 صلى الله عليه وسلم أنه لبس العمامة السوداء، فالحاصل أنه لا بأس أن يحرم في ثوب غير أبيض1. اعتقاد بعض الناس أنه لابد من صلاة ركعتين بين يدي إحرامه بل إن بعض الناس يعود بعد ذهابه من الميقات ليصلي تلك الركعتين2. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:"ليس للإحرام صلاة تخصه"3. وقال سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:"وركعتا الإحرام سُنّة عند الجمهور وبعض أهل العلم لا يستحبها لأنه لم يرد فيها شيء مخصوص، والجمهور استحبوها لما ثبت عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال وهو في ذي الحليفة:"أتاني آتٍ من ربي فقال: صل في هذا الوادي المبارك وقل: عمرة في حجة "4"5 اهـ. بعض الناس قد يسافر جوًا معتمرًا أو حاجاً فيتهاون في الإحرام عند مروره على الميقات بل وبعضهم يؤخر الإحرام إلى أن ينزل في أرض المطار وكلاهما على خطأ ففي مثل هذه الحالة ينبغي لمن أراد الإحرام أن   1 فتاوى إسلامية 2/225. 2 مأخوذة من كتاب"من مخالفات الحج والعمرة والزيارة" للشيخ عبد العزيز بن محمد السدحان. 3 الفتاوى 26/109. 4 الحديث أخرجه البخاري. 5 فتاوى تتعلق بأحكام الحج والعمرة والزيارة ص12. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 94 يلبس ثياب الإحرام قبيل وصوله إلى الميقات ثم يتلفظ بنسكه عند مروره على الميقات أو يلبس لباس الإحرام قبل ركوبه الطائرة لأن ذلك أحوط له فلعله لا يتمكن من اللباس داخل الطائرة إمّا لزحام أو لضيق المكان. قال سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى:"من جاوز الميقات لحج أو عمرة ولم يحرم وجب عليه الرجوع والإحرام بالحج والعمرة من الميقات لأن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال:"يهُِلُّ أهل المدينة من ذي الحليفة ويُهِلُّ أهل الشام من الجحفة ويُهِلُّ أهل نجد من قرن ويُهِلُّ أهل اليمن من يلملم". وقال رحمه الله تعالى أيضاً:"القادم عن طريق الجو أو البحر يحرم إذا حاذى الميقات مثل صاحب البر إذا حاذى الميقات أحرم في الجو أو في البحر أو قبله بيسير حتى يحتاط لسرعة الطائرة أو سرعة السفينة أو الباخرة1، فإذا تجاوز من أراد الحج أو العمرة الميقات ولم يرجع إليه وأحرم من مكانه فعليه فدية يذبحها في مكة ويطعمها كلها للفقراء2. ومن المخالفات أيضاً: ما يعتقده بعض النساء من أن ثوب الإحرام لابد له من لون خاص كالأخضر مثلاً:   1 فتاوى مهمة 28-32. 2 فتاوى مهمة 34، دليل الحاج والمعتمر 35. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 95 وهذا خلاف الصواب لأنه لا يتعين لون خاص للثوب الذي تلبسه المرأة في الإحرام وإنما تحرم في ثيابها العادية، إلا ثياب الزينة أو الثياب الضيقة أو الشفافة فلا يجوز لها لبسها لا في الإحرام ولا في غيره."ذكر ذلك الشيخ صالح الفوزان حفظه الله تعالى"1قال سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى:"وأمّا تخصيص بعض العامة إحرام المراة في الأخضر أو الأسود دون غيرهما فلا أصل له) 2. ومما يتعلق بأمر النساء أيضاً أنَّ بعض النساء إذا مرّت بالميقات تريد الحج أو العمرة وكانت حائضاً أو أصابها الحيض فإنها لا تحرم ظنًا منها أو من وليها أن الإحرام تشترط له الطهارة فتتجاوز الميقات بدون إحرام. وهذا خطأ واضح لأن الحيض لا يمنع الإحرام فالحائض تحرم وتفعل كما يفعل الحاج غير الطواف بالبيت فإنها تؤخره إلى أن تطهر3ودليل ذلك ما أخرجه البخاري في قصة عائشة رضي الله عنها عندما حاضت وهي في طريقها إلى الحج قالت:"فدخل عليَّ النبي صلي الله عليه وسلم وأنا أبكي فقال:"ما يبكيك؟ " قلت: لودِدْت والله أني لم أحج العام. قال:   1 منسك الفوزان ص44. 2 التحقيق والإيضاح 14. 3 منسك الفوزان ص 44-45. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 96 "لعلك نَفِسْت؟ " قلتُ: نعم. قال:"فإنَّ ذلك شيء كتبه الله على بنات آدم، فافعلي ما يفعل الحاج غير أنْ لا تطوفي بالبيت حتى تطهري" 1. ومن المخالفات أيضاً ما يعتقده بعض الحجاج والمعتمرين من أن لباس الإحرام الذي لبسه عند الميقات لا يجوز تغييره ولو اتسخ. وهذا جهل منهم بل يجوز أن يغير ملابس الإحرام بمثلها وأن يغير حذاءه بحذاء آخر ولا يتجنب إلاَّ محظورات الإحرام المعروفة2.قال سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى: "لا بأس أن يغسل ملابس الإحرام ولا بأس أن يغيرها ويستعمل غيرها ملابس جديدة أو مغسولة"3، وكذا قال سماحة الشيخ عبد الله بن حميد رحمه الله تعالى. يظن بعضهم أن المخيط الممنوع من الإحرام هو كل ما كان فيه خيوط. وهذا فهم خاطئ. بل المراد بالمخيط ما كان مفصلاً على حجم العضو من "رأس، وكف، وقدم ... إلخ"ولذلك فلو جعل المحرم ثوبة العادي رداءًا له أو إزاراً صح ذلك ولا حرج عليه لكنه ترك الأفضل والأكمل من عدم إحرامه بالإزار والرداء   1 فتح الباري 1/407. 2 منسك الفوزان ص 43. 3 منسك الفوزان ص 43. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 97 الأبيضين النظيفين1. ومن المخالفات أيضاً: أنَّ بعض الرجال إذا أحرموا كشفوا أكتافهم على هيئة الاضطباع. وهذا غير مشروع إلاَّ في حالة الطواف "طواف القدوم أو طواف العمرة" وما عدا ذلك يكون الكتف مستوراً بالرداء في كل الحالات2. يعتقد بعض الحجاج أو المعتمرين أنه لابد أن يكون متطهراً عندما يتلفظ بنسك الحج والعمرة. وهذا جهل فمن الذي أوجب ذلك. نعم كون المسلم دائماً على طهارة أفضل لقول النبي صلي الله عليه وسلم:"ولا يحافظ على الوضوء إلاَّ مؤمن". أمّا أن يظن بعضهم أن ذلك من الواجبات في الحج والعمرة بل ويلزم من معه بذلك فهذا جهل، ثم يقال إذا كانت الحائض يجوز لها أن تحرم وتتلفظ بالنسك إذا مرت بالميقات وهي مريدة للحج أو العمرة بل يجب عليها ذلك وحدثها أكبر من غيرها فمن كان على غير وضوء يحوز له ذلك من باب أولى ومن الخطأ أيضاً ما يظنه بعض الناس من أن لباس الإحرام لا   1 مجلة البلاغ عدد 1044) ص 17) 2 منسك الفوزان ص 43. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 98 يجزي لبسه إلاَّ واحدة في حج أو عمرة، ولابد من تغييره عندما يريد الحج أو العمرة مرة ثانية. وهذا جهل لا دليل عليه. مخالفات وتنبيهات في النية وتغييرها1 تغيير النيّة بعد الإحرام: يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى: الإنسان إذا أحرم بالحج عن نفسه فليس له بعد ذلك أن يغير لا في الطريق ولا في عرفة ولا في غير ذلك، بل يلزمه لنفسه ولا يغير لا لأبيه ولا لأمه ولا لغيرهما، بل يتعين الحج له لقول الله سبحانه وتعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} فإذا أحرم لنفسه وجب أن يتمه لنفسه وإن أحرم به لغيره وجب أن يتمه لغيره، ولا يغير بعد الإحرام2. بعض المتمتعين إذا لم يستطيعوا أن يهدوا لضياع النفقة مثلاً يغيرون نيتهم إلى الإفراد. يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى: ليس له ذلك ولو ضاعت نفقته إذا عجز يصوم عشرة أيام، والحمد لله ثلاث أيام في   1 مأخوذة من كتاب "تبصير الحاج بما يريد ويحتاج". 2 فتاوى الشيخ ابن باز 5/69-70. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 99 الحج قبل عرفة وسبعة إذا رجع إلى أهله؛ لأن الأفضل أن يكون يوم عرفة مفطراً اقتداء بالنبي صلي الله عليه وسلم فإنه وقف بها مفطراً. اعتقاد أن الانتقال من الإفراد إلى التمتع لا يجوز. يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى: الرسول صلي الله عليه وسلم أمر الحجاج المفردين والقارنين أن ينتقلوا من حجهم وقرانهم إلى العمرة وليس لأحد كلام مع رسول الله صلي الله عليه وسلم فالرسول عليه الصلاة والسلام أمر أصحابه في حجة الوداع وكانوا على ثلاثة أقسام قسم منهم أحرموا بالقران أي لبوا بالحج والعمرة، وقسم لبوا بالحج مفرداً وقسم لبوا بالعمرة، وكان النبي صلي الله عليه وسلم قد لبى بالحج والعمرة جميعاً أي قارناً لأنه قد ساق الهدي فأمرهم عليه الصلاة والسلام لما دنوا من مكة أن يجعلوها عمرة إلا من كان معه الهدي فملا دخلوا مكة وطافوا وسعوا أكد عليهم أن يقصروا ويحلوا إلا من كان معه الهدي فسمعوا وأطاعوا وقصروا وحلوا هذا هو السنة لمن قدم مفرداً أو قارناً وليس معه هدي حتى يستريح ولا يتكلف فإذا جاء اليوم الثامن أحرم بالحج ولا يخفى ما في هذا من الخير العظيم؛ لأن الحاج إذا بقي من أول ذي الحجة أو من نصف ذي القعدة وهو محرم لا يأتي ما نُهى المحرم عن فعله فإنه يشق عليه ذلك فينبغي قبول هذا التيسير من الله سبحانه وتعالى1.   1 فتاوى إسلامية 2/213. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 100 الدخول في النسك ثم الرجوع عنه من دون إتمامه. يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى: إذا كنت نويت الدخول في الإحرام بالعمرة فليس لك الرجوع عن ذلك وعليك إتمامها كالحج لقول الله سبحانه وتعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} وهذا أمر مجمع عليه بين أهل العلم1. من المخالفات الطواف والسعي 2 كثير من الحجاج يلتزم أدعية خاصة في الطواف يقرأها من مناسك، وقد يكون مجموعات منهم يتلقونها من قاريء يلقنهم إياها يرددونها بصوت جماعي. وهذا خطأ من ناحيتين: الأولى: أنه التزم دعاء لم يرد التزامه في هذا الموطن؛ لأنه لم يرد عن النبي صلي الله عليه وسلم في الطواف دعاء خاص. الثانية: أن الدعاء الجماعي بدعة وفيه تشويش على الطائفين والمشروع أن يدعو كل شخص لنفسه وبدون رفع صوته3.وقال الشيخ ابن عثيمين حفظه الله تعالى: ومن الخطأ الذي يرتكبه   1 فتاوى إسلامية 2/300. 2 مأخوذة من كتاب"من مخالفات الحج والعمرة والزيارة" للشيخ عبد العزيز بن محمد السدحان. 3 منسك الفوزان ص 45-46. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 101 بعض الطائفين أن يجتمع جماعة على قائد يطوف بهم ويلقنهم الدعاء بصوت مرتفع فيتبعه الجماعة بصوت واحد فتعلوا الأصوات وتحصل الفوضى ويتشوش بقية الطائفين، فلا يدرون ما يقولون وفي هذا ذهاب للخشوع وإيذاء لعباد الله تعالى في هذا المكان الآمن وقد خرج النبي صلي الله عليه وسلم على الناس وهم يصلون ويجهرون بالقراءة فقال النبي صلي الله عليه وسلم:"كلكم يناجي ربه فلا يجهر بعضكم على بعض في القرآن" 1، قال ابن عبد البر وهو حديث صحيح. ويا حبذا لو أن هذا القائد إذا أقبل بهم على الكعبة وقف بهم وقال: افعلوا كذا قولوا كذا ادعوا بما تحبون وصار يمشي معهم في المطاف حتى لا يخطئ منهم أحد فطافوا بخشوع وطمأنينة يدعون ربهم خوفاً وطمعاً بما يحبونه وما يعرفون معناه ويقصدونه وسَلِم الناس من أذاهم2.وقال سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى: ولا يجب في هذا الطواف -يعني طواف القدوم- ولا غيره من الأطوفة ولا في السعي ذكر مخصوص ولا دعاء مخصوص أمّا ما أحدثه بعض الناس من تخصيص كل شوط من الطواف أو السعي بأذكار مخصوصة أو أدعية مخصوصة فلا أصل له، بل مهما تيسر من الذكر والدعاء كفى3   1 رواه مالك في الموطأ. 2 منسك ابن عثيمين ص30-31. 3 التحقيق والإيضاح ص 30. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 102 ومن المخالفات: ما يفعله بعض الناس من المزاحمة لاستلام الحجر الأسود وتقبيله. وهذا غير مشروع؛ لأن الزحام فيه مشقة شديدة وخطر على الإنسان وعلى غيره وفيه فتنة بمزاحمة الرجال للنساء، والمشروع تقبيل الحجر واستلامه مع الإمكان وإذا لم يتمكن أشار إليه بدون مزاحمة ومخاطرة وافتتان. والعبادات مبناها على اليسر والسهولة، لا سيما وأن استلام الحجر وتقبيله مستحب مع الإمكان ومع عدم الإمكان تكفي الإشارة إليه. والمزاحمة قد يكون فيها ارتكاب محرمات، فكيف ترتكب محرماً لتحصيل سُنَّة1. وقال فضيلة الشيخ ابن عثيمين حفظه الله تعالى في أثناء كلامه عن الأخطاء التي تقع من بعض الحجاج: المزاحمة الشديدة للوصول إلى الحجر لتقبيله حتى إنه يؤدي في بعض الأحيان إلى المقاتلة والمشاتمة فيحصل من التضارب والأقوال المنكرة2 ما لا يليق بهذا العمل ولا بهذا المكان في مسجد الله الحرام وتحت ظل بيته فينقض بذلك الطواف بل النسك كله لقوله تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ   1 منسك الفوزان ص 46-47. 2 وهذا مشاهد ومسموع عند الحجر نسأل الله لنا ولهم الهداية والتوفيق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 103 وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} . [البقرة:197] وهذه المزاحمة تذهب الخشوع وتنسي ذكر الله تعالى وهما من أعظم المقصود في الطواف1.وقال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى:"وإذا دخل المسجد الحرام بدأ بالطواف فيبتدئ من الحجر الأسود يستقبله ويقبله إن أمكن ولا يؤذي أحداً بالمزاحمة عليه ... " 2. بعض الحجاج يُقَبل الركن اليماني. وهذا خطأ؛ لأن الركن اليماني يُستلم باليد فقط ولا يُقبل وإنما يُقبل الحجر الأسود فالحجر الأسود يُستلم ويُقبل إن أمكن أو يُشار مع الزحمة إليه. والركن اليماني يُستلم ولا يُقبل ولا يُشار إليه عند الزحمة وبقية الأركان لا تُستلم ولا تُقبل3.قال شيخ الإسلام رحمة الله تعالى:"وأمّا الركن اليماني فلا يُقبل على القول الصحيح"4.   1 منسك ابن عثيمين ص 27. وانظر إيضاحه حجة النبي صلي الله عليه وسلم للألباني ص 114. 2 الفتاوى 26/120. 3 منسك الفوزان ص 46. 4 الفتاوى 26/97. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 104 ومن المخالفات أيضاً ابتداء الطواف من قَبل الحجر الأسود أي بينه وبين الركن اليماني. وهذا من الغلو في الدين الذي نهى عنه النبي صلي الله عليه وسلم وهو يشبه من بعض الوجوه تقدم رمضان بيوم أو يومين وقد ثبت النهي عنه. وادعاء بعض الحجاج أنه يفعل ذلك احتياطاً غير مقبول منه، فالاحتياط الحقيقي النافع هو اتباع الشريعة وعدم التقدم بين يدي الله تعالى ورسوله صلي الله عليه وسلم1. قال جابر رضي الله عنه في سياقه لحجة النبي صلي الله عليه وسلم:" استلم الحجر الأسود ثم مضى عن يمينه" 2. قال شيخ الإسلام:"وإذا دخل المسجد بدأ بالطواف فيبتديء من الحجر الأسود ويستقبله استقبالاً ويستلمه ويقبله إن أمكن." 3. ومن المخالفات أيضاً: أنّ بعض الطائفين يستلم جميع أركان الكعبة ويتمسح بها. وهذا جهل وضلال فإن الاستلام عبادة وتعظيم الله عز وجل فيجب الوقوف فيها على ما ورد عن النبي صلي الله عليه وسلم ولم يستلم النبي صلي الله عليه وسلم من البيت   1 منسك ابن عثيمين ص 26. 2 حجة النبي صلي الله عليه وسلم ص 57. 3 الفتاوى 26. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 105 سوى الركنين اليمانيين "لحجر الأسود وهو الركن اليماني الشرقي من الكعبة والركن اليماني الغربي". وفي مسند الإمام أحمد عن مجاهد، عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه طاف مع معاوية رضي الله عنه فجعل معاوية يستلم الأركان كلها فقال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: لِم تستلم هذين الركنين ولم يكن رسول الله صلي الله عليه وسلم يستلمهما، فقال معاوية: ليس شيء من البيت مهجوراً، فقال ابن عباس: لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة فقال معاوية: صدقت1. قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى:"وأمّا سائر جوانب البيت والركنان الشاميان ومقام إبراهيم فلا يُقبَّل ولا يُتَمسَّح به باتفاق المسلمين المتبعين للسنة المتواترة عن النبي صلي الله عليه وسلم2. وقال في موضع آخر ولا يستلم من الأركان إلا الركنين اليمانيين دون الشاميين فإن النبي صلي الله عليه وسلم إنما استلمهما خاصة لأنهما على قواعد إبراهيم والآخران هما في داخل البيت فالركن الأسود يستلم ويُقبَّل والآخران لا يستلمان ولا يُقَبَّلان والاستلام هو مسحه باليد أمَّا سائر جوانب البيت ومقام إبراهيم وسائر ما في الأرض من المساجد وحيطانها ومقابر الأنبياء   1 منسك ابن عثيمين ص 28. 2 الفتاوى 26/97. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 106 والصالحين كحجرة نبينا صلي الله عليه وسلم ومغارة إبراهيم ومقام نبينا صلي الله عليه وسلم الذي كان يصلي فيه وغير ذلك من مقابر الأنبياء والصالحين وصخرة بيت المقدس فلا تستلم ولا تقبل باتفاق الأئمة1. ومن ذلك: استلام جميع أركان الكعبة وربما جميع جدرانها والتمسح بها ولم يستلم النبي صلي عليه وسلم من الكعبة سوى ركن الحجر الأسود والركان اليماني"2. وقال الشيخ محمد بن عبد السلام خضر الشقيري رحمه الله تعالى:"ومن البدع: التمسح بجدران الكعبة كلها؛ لأن الرسول صلي الله عليه وسلم لم يفعله وإنما كان يمس الركن اليماني ويقبّل الحجر الأسود" 3. وقال الإمام الصنعاني رحمه الله تعالى:"ويستلم الركن اليماني والحجر الأسود لا غيرهما من الأركان فاستلام غيرهما بدعة منكرة"4. وقال ابن الحاج رحمه الله تعالى:"ولا يستلم الركنين اللذين يليان الحجر لوجهين: أحدهما: أنّ البيت لم يتم هناك على قواعد إبراهيم، والثاني: أن النبي صلي الله عليه وسلم لم يستلمهما"5.   1 الفتاوى 26/121. 2 الدليل ص 37. 3 السنن والمبتدعات ص 171. 4 منسك الصنعاني ص 54. 5 المدخل 4/224. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 107 وفي زاد المعاد قال ابن القيم رحمه الله تعالى:"ولم يستلمْ صلي الله عليه وسلم ولم يمسّ من الأركان إلا اليمانيين فقط، قال الشافعي رحمه الله: ولم يَدَعْ أحد استلامهما هجرة لبيت الله، ولكن استلم ما استلم رسول الله صلي الله عليه وسلم، وأمسك عمَّا أمسك عنه"1. ومن المخالفات أيضاً:ما يفعله بعض الطائفين من كونهم يعتقدون أن ركعتي الطواف لابد أن تكون قريباً من المقام فيزدحمون على ذلك ويؤذون الطائفين في أيام المواسم ويعوقون سير طوافهم. وهذا الظن خطأ فالركعتان بعد الطواف تجزيان في أي مكان من المسجد ويمكن المصلي أن يجعل المقام بينه وبين الكعبة وإن كان بعيداً عنه فيصلي في الصحن أو في رواق المسجد ويسلم من الأذيَّة فلا يؤذى وتحصل له الصلاة بخشوع وطمأنينة2.وقال سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى:"فإذا فرغ من الطواف صلى ركعتين خلف المقام إذا تيسر ذلك وإن لم يتيسر ذلك لزحام ونحوه صلاهما في أي موضع من المسجد"3. ومن المخالفات أيضاً: ما اعتاده بعض الطائفين من قولهم قُبالةَ   1 زاد المعاد 2/227. 2 منسك ابن عثيمين ص 32. 3 التحقيق والإيضاح ص 31. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 108 باب الكعبة: اللهم إن البيت بيتك والحرم حرمك والأمن أمنك وهذا مقام العائذ بك من النار-مشيراً إلى مقام إبراهيم عليه السلام1. ومن المخالفات أيضاً: ما يرتكبه بعض الطائفين من تخصيص كل شوط بدعاء معين لا يدعو فيه بغيره، حتى إنه إذا أتمَ الشوط قبل تمام الدعاء قطعه ولو لم يبق عليه إلاَّ كلمة واحدة ليأتي بالدعاء الجديد للشوط الذي يليه وإذا أتمَّ الدعاء قبل تمام الشوط سكت، ولم يرد عن النبي صلي الله عليه وسلم في الطواف دعاء مخصص لكل شوط. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:"وليس فيه -يعني الطواف- ذكر محدود عن النبي صلي الله عليه وسلم لا بأمره ولا بقوله ولا بتعليمه بل يدعو فيه بسائر الأدعية الشرعية ما يذكره كثير من الناس من دعاء معين تحت الميزاب ونحو ذلك فلا أصل له"2وعلى هذا فيدعو الطائف بما أحب من خيري الدنيا والآخرة ويذكر الله تعالى بأي ذكر مشروع من تسبيح أو تحميد أو تهليل أو تكبير أو قراءة قرآن قال سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى:"وأمّا ما أحدثه بعض الناس من تخصيص كل شوط من الطواف أو السعي بأذكار مخصوصة   1 حجة النبي r للألباني ص 115، انظر كلام ابن الحاج في المدخل 4/225. 2 الفتاوى 26/122. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 109 أو أدعية مخصوصة فلا أصل له، بل مهما تيسر من الذكر والدعاء كفى"1وقال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى في سياق كلامه لصفة الحج:"ولم يدع عند الباب بدعاء ولا تحت الميزاب ولا عند ظهر الكعبة وأركانها ولا وقّت للطواف ذِكراً معينًا لا بفعله ولا بتعليمه"2.وقال الشيخ عبد الله بن حميد رحمه الله تعالى:"وما أحدثه الناس من تخصيص دعاء لكل شوط من أشواط الطواف والسعي فلا أصل له بل يدعو بما تيسر له من الأدعية المأثورة"3.وليس للطواف والسعي ذكر واجب مخصوص بل يأتي الطائف والساعي بما تيسر من الذكر والدعاء أو قراءة القرآن مع العناية بما ثبت عن النبي صلي الله عليه وسلم في ذلك من الذكر والدعاء4.ومن الخطأ أن بعض الذين يصلون خلف المقام يصلون عدة ركعات كثيرة بدون سبب مع حاجة الناس الذين فرغوا من الطواف إلى مكانهم5   1 التحقيق والإيضاح ص 30. 2 زاد المعاد 2/225. 3 هداية الناسك ص 30. 4 الدليل ص 23. 5 منسك ابن عثيمين ص 33. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 110 والذي ثبت عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه لمّا فرغ من الطواف نفذ إلى مقام إبراهيم عليه السلام فقرأ: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ} . ورفع صوته يسمع الناس ثم جعل المقام بينه وبين البيت فصلى ركعتين قرأ فيهما قل هو الله أحد وقل يا أيها الكافرون، وفي رواية: قل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد1. ومن المخالفات أيضاً: أن بعض الطائفين إذا فرغ من الركعتين -يعني خلف المقام- وقف بهم قائدهم2 يدعو بهم بصوت مرتفع فيشوشون على المصلين خلف المقام فيعتدون عليهم، وقد قال الله تعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} 3، [الأعراف:55] قال الشيخ سليمان بن عبد الرحمن بن حمدان رحمه الله تعالى:"ومن المعلوم -أن مسألة التطويف من الأمور المحدثة بعد القرون المفضلة4 واجتماع الجم الغفير من الحجاج خلف مطوفهم كتلة واحدة يمشون على مهل- مما يعرقل المسير في المطاف فبمجرد ما يكون اثنان أو ثلاثة من المطوفين في المطاف ومع كل واحدٍ منهم جم غفير من الحجاج يسدون طريق الطائفين سداً محكمًا بحيث لا يتمكن   1 حجة النبيي صلي الله عليه وسلم ص 58. 2 وهم قوم يتسمون بالمطوفين واحدهم مطوّف. 3 منسك ابن عثيمين ص 33. 4 فائدة: نشأت مهنة "الطوافة" بمكّة على عهد المماليك الجراكسة وكان أوّل مطوّف بمكّة هو القاضي إبراهيم بن ظهيرة، وهو الذي قام بتطويف السلطان "قايتباي" حين أدّى فريضة الحج عام 884هـ، انظر: كتاب "لبيك" ص50. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 111 أحد من تخللهم وإذا فقد واحد منهم وقفوا في المطاف يبحثون عنه وكل هذا وغيره مما لا يمكن وصفه مما يعرقل السير في المطاف1ومن أعظم أسبابه -يعني الزحام- تكتل الحجاج مع مطوفيهم ووقوفهم بهم في وسط المطاف أمام باب البيت للدعاء وليس من شرط قبول الدعاء أن يكون في وسط المطاف ولا أمام البيت ومن أسبابه أيضاً وقوف المطوفين بحجاجهم أمام الحجر للاستلام2. ومن المخالفات أيضاً أن بعض الطائفين يقوم بمسح ما يقابله في طوافه كمقام إبراهيم وجدار الحِجر وأستار الكعبة والشاذروان3. والسُنَّة أن يستلم الحجر الأسود ويقبله إنْ أمكن وإلاَّ أشار إليه ويستلم الركن اليماني إن أمكن وإلاَّ تركه ولا يشير إليه قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى:" وأمَّا سائر جوانب البيت ومقام إبراهيم وسائر ما في الأرض من المساجد وحيطانها ومقابر الأنبياء والصالحين كحجرة نبينا صلي الله عليه وسلم ومغارة إبراهيم ومقام نبينا صلي الله عليه وسلم الذي كان يصلي فيه وغير ذلك من مقابر الأنبياء والصالحين وصخرة   1 نقض المباني ص 182. 2 نقض المباني ص 16. 3 الشاذروان: بفتح الذال وهو ما فضل عن جدار الكعبة، ويرتفع عن وجه الأرض قدر ثلثي الذراع، كان ظاهراً في جوانب البيت كالذي عند الملتزم وبالحجر ثم صُفَّح باجتهاد من المحب الطبري في تسنيمه، حاشية الروض لابن قاسم 4/108. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 112 بيت المقدس فلا تستلم ولا تقبَّل باتفاق الأئمة" 1ومما يتعلق بالنساء أيضاً: ما يقوم به بعضهن من المزاحمة عند الحجر الأسود، فتزاحم الرجال بجسمها فيلتصف بها بعض الرجال وهنا مكمن الشر والفتنة فترتكب المحرم وتتسبب في فتنة الآخرين في تحصيل أمر مسنون تركه في حقها والحال كما تقدم واجب ودرء المفاسد مقدم على جلب المصالح. والذي يرى ما تقوم به بعض النساء -هداهن الله- من مزاحمة الرجال عند تقبيل الحجر يرى عجباً مما يحصل من الدفع والجذب إضافة إلى ما يسمع من العتاب الشديد بل قد يتعدى العتاب إلى ما هو أعظم. نسأل الله أن يهدي ضال المسلمين. وسيأتي في المخالفة القادمة زيادة إن شاء الله تعالى. ومن المخالفات أيضاً: ما يتعتقده بعض الحجاج من أنْ الحجر نافع بذاته. ولذلك تجدهم إذا استلموه مسحوا بأيديهم على بقية أجسامهم أو مسحوا بها على أطفالهم الذين معهم وكل هذا جهل وضلال فالنفع والضرر من الله وحده، وقد قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه:"إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا أني   1 الفتاوى 26/121. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 113 رأيت النبي صلي الله عليه وسلم يقبلك ما قبّلتك 1 وإنّما قال عمر رضي الله عنه ذلك لئلا يغتر بهذا التقبيل بعض من ألِفَ في الجاهلية عبادة الأحجار تعظيماً ورجاء بقصد طلب شفاعتها له عند الله فأخبر رضي الله عنه أنّه الحجر الأسود لا يضر ولا ينفع وأنّه إنما قبّله اقتداء بالنبي صلي الله عليه وسلم وأشاع عمر هذا في الموسم ليحفظ عنه أهل الموسم المختلفو الأوطان والله أعلم2. ومن الجهل أيضاً: التبرك بالمطر النازل من ميزاب الكعبة3وهنا يحصل التزاحم بين الطائفين وغير الطائفين كل يطمع أن يصيبه شيء من ذلك الماء لتصيبه البركة كما يزعمون. وقد ذكر بعض من شاهد ذلك بعينه أنه رأى زحاماً تحت الميزاب حتى أن بعضهم قد نزل منه الدم بسبب المزاحمة والمشادة4. ومن المخالفات أن بعض الحجاج -وخاصة بعض من يتعجل في يومين- يوكل من يطوف عنه للوداع وهذا من الجهل فالوداع لابد أن يطوفه بنفسه.   1 منسك ابن عثيمين: وقول عمر رضي الله عنه أخرجه الشيخان. 2 مفيد الأنام ونور الظلام 1/268. 3 حجة النبي صلي الله عليه وسلم للألباني ص 118. 4 أخبرني بذلك العم ناصر جزاه الله خيراً وقال إن ذلك كان عام 1362هـ أو 1363هـ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 114 ومن ذلك أيضاً: السعي بين الصفا والمروة أربعة عشر شوطاً بحيث يختم على الصفا، بمعنى أنه يعد الذهاب والإياب إلى الصفا شوطاً واحداً. والسُنَّة سبعة أشواط والختم على المروة. جاء في وصف حجة النبي صلي الله عليه وسلم: حتى إذا كان آخر طوافه وفي رواية: كان السابع على المروة1. ومن المخالفات المتعلقة بالسعي أيضاً: ما يفعله بعضهم إذا فرع من السعي صلى ركعتين كما فعل بعد الطواف بالبيت. فيقال أمّا صلاة الركعتين بعد الطواف بالبيت فثابت عن النبي صلي الله عليه وسلم. وأمّا صلاة ركعتين بعد السعي فهو محدثٌ من الأمر خلال هدي النبي صلي الله عليه وسلم. وأمّا قياس من قاسهما بالركعتين بعد الطواف فقياس مردود لأنه مخالف للنص الثابت في السعي2.   1 قال الشيخ الألباني: فيه رد صريح على من قال أنه صلي الله عليه وسلم سعى أربع عشرة مرة وكان يحتسب بذهابه ورجوعه مرة واحدة: "قال ابن القيم في زاد المعاد: وهذا غلط عليه صلي الله عليه وسلم لم ينقله أحد عنه ولا قاله أحد من الأئمة الذين اشتهرت أقوالهم وإن ذهب إليه بعض من المنتسبين إلى الأئمة ومما يبين بطلان هذا القول أنه صلي الله عليه وسلم لا اختلاف عنه أنه ختم بالمروة ولو كان الذهاب والرجوع مرة واحدة لكان ختمه إنما يقع على الصفا) ، حجة النبي صلي الله عليه وسلم، ص60. 2 قال الشيخ الألباني حفظه الله تعالى: [ذهب إلى استحبابها -يعني صلاة الركعتين بعد السعي- غير واحد قياساً على ركعتي الطواف، قال ابن الهمام في الفتح 2/156-157: "ولا حاجة إلى هذا القياس إذْ فيه نص وهو ما روى المطلب بن أبي وداعة قال: رأيت رسول الله صلي الله عليه وسلم حين فرغ من سعيه جاء ... فصلى ركعتين في حاشية المطاف. وليس بينه وبين الطائفين أحد. رواه أحمد وابن ماجه". قلت: وهذا وَهُمٌ عجيب من مثل هذا العالم التحرير، فقد تحرّف عليه لفظ سعيه) والصواب سبعة) كما في ابن ماجة رقم 2958) وهو في المسند بلفظ أسبوعه) وفي رواية أخرى له طاف بالبيت سبعاً ثم صلى ركعتين بحذائه ... ) على أن الحديث من أصله لا يصح من قبل إسناده فإن فيه اضطراباً وجهالة كما بَيَّنتهُ في سلسلة الأحاديث الضعيفة رقم 932) اهـ حجة النبي صلي الله عليه وسلم ص 121.? الجزء: 1 ¦ الصفحة: 115 اعتقاد أنه لابد من الوضوء للسعي بين الصفا والمروة، وهذا الاعتقاد في غير محله وقياسه على الطواف قياس مردود لأنه في مقابل النص. قال سماحة الشيخ ابن باز:"ولو سعى على غير طهارة أجزأه ذلك وهكذا لو حاضت المرأة أو نَفِسَتْ بعد الطواف سعت وأجزأها ذلك لأن الطهارة ليست شرطاً في السعي وإنما هي مستحبة1. ومن الأخطاء أيضاً: ظن بعضهم كراهة تأخير السعي إلى ما بعد طواف الحج "الإفاضة" للمفرد والقارن. بل الصواب أنّه مخير إن شاء سعي بعد طواف القدوم فيسقط عنه السعي بعد طواف الإفاضة وإن شاء لم يسع بعد القدوم وأخّر ولو بلا عذر فعليه حينئذ السعي بعد طواف الإفاضة2. من الجهل أيضاً: ما يقع فيه بعض الساعين عندما يبتدأون   1 التحقيق والإيضاح ص32. 2 مجلة البلاغ عدد 1045) ص 57) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 116 سعيهم من المروة1. وهذا خطأ واضح، قال الله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [البقرة:158] ، ولما توجه النبي صلي الله عليه وسلم إلى السعي خرج من الباب إلى الصفا فلما دنا من الصفا قرأ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} ثم قال "أبدأ" وفي رواية: "نبدأ بما بدأ الله به" فبدأ بالصفا فرقى عليه حتى رأى البيت2. وعلى هذا فمن طاف سبعة أشواط وقد ابتدأ طوافه من المروة فلا يعتبر له إلاَّ ستة أشواط وعليه أن يأتي بشوط ليتم له سبعة أشواط. ومن المخالفات أيضاً: ما يعتقده بعض الحجاج أو المعتمرين من أنه لابد من الإتيان بالسعي بعد الفراغ من الطواف وأنه لا يجوز تأخيره. وهذا جهل منه. فيقال في مثل هذا:"للمحرم أن يستريح بعد الفراغ من الطواف ليستجمع قواه للسعي ولا يشق على نفسه أو من معه. فالله تعالى يقول: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا مَا آتَاهَا} [الطلاق:7] .ويقول: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً} 3 [النساء:29] . ومن الجهل أيضاً: ما يصنعه بعض الحجاج أو المتعمرين من   1 مجلة البلاغ عدد 1045، ص 58. 2 حجة النبي صلي الله عليه وسلم للألباني ص 58-59. 3 مجلة البلاغ عدد 1045، ص 57. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 117 السعي بين الصفا والمروة تطوعاً في غير عمرة أو حج قياساً على الطواف. ومن المخالفات المتعلقة بالطواف والسعي: استمرار بعضهم في طوافه أو سعيه ولو بعد إقامة الصلاة يريد بذلك إكمال الشوط الذي هو فيه وقد تفوته الركعة لشدة الزحام1. سُئل سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى عن الحكم إذا أقيمت الصلاة والحاج أو المعتمر لم ينته من إكمال الطواف أو السعي. فأجاب سماحته بما نصه:"يصلي مع الناس ثم يكمل طوافه وسعيه حيث انتهى يبدأ من حيث انتهى"2.وقال فضيلة الشيخ ابن عثيمين أثابه الله تعالى:"وإذا أقيمت الصلاة وهو يسعى فإنه يدخل في الصلاة فإذا سَلَّم أتم سعيه من الموضع الذي قطعه منه"3. بعضهم ينوي الحج متمتعاً ثم يغير رأيه فيلبي بالحج مفرداً: يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:"هذا يختلف فإن كان نوى قبل وصوله إلى الميقات أنه يتمتع وبعد وصوله إلى الميقات   1 حجة النبي صلي الله عليه وسلم للألباني ص 121. 2 فتاوى مهمة ص 42. 3 المنهج ص 49. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 118 غيّر نيته وأحرم بالحج وحده، فهذا لا حرج عليه ولا فدية، أما إن كان لبى بالعمرة والحج جميعاً من الميقات أو قبل الميقات ثم أراد أن يجعله حجَّا فليس له ذلك، ولكن لا مانع أن يجعله عمرة أما أن يجعله حجَّا فلا، فالقرآن لا يفسخ إلى حج، ولكن يفسخ إلى عمرة؛ لأنه أرفق بالمؤمن. ولأنها هي التي أمر بها النبي صلي الله عليه وسلم أصحابه فإذا أحرم بهما جميعاً من الميقات ثم أراد أن يجعله حجًّا مفرداً فليس له ذلك، ولكن له أن يجعل ذلك عمرة مفردة، وهو الأفضل له، فيطوف ويسعى ويقصر ويحل ثم يلبي بعد ذلك فيكون متمتعاً1. مخالفات يوم التروية2 طواف الحاج طواف الوداع عند خروجه من مكة إلى منى يوم التروية. يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:"ولا حاجة إلى دخوله إلى المسجد الحرام للطواف؛ لأن الخارج إلى منى يوم التروية ليس عليه وداع"3.   1 مجموع فتاوى ابن باز 5/89. 2 مأخوذة من كتاب "تبصير الحاج بما يريد ويحتاج". 3 مجموع فتاوى ابن باز 5/95. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 119 اعتقاد أن من كان في منى قبل يوم التروية أنه يدخل مكة فيحرم منها: يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:"الجالس في منى يشرع له أن يحرم من منى والحمد لله، ولا حاجة إلى الدخول إلى مكة، بل يلبي من مكانه بالحج إذا جاء وقته"1. صيام يوم عرفة لمن كان واقفاً بعرفة: قال سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى في معرض حديثه عن فعل النبي صلي الله عليه وسلم يوم عرفة: "وكان مفطراً ذلك اليوم فعُلم بذلك أن المشروع للحجاج أن يفعلوا كفعله صلي الله عليه وسلم في عرفات وأن يشتغلوا بذكر الله والدعاء والتلبية إلى غروب الشمس وأن يرفعوا أيديهم بالدعاء وأن يكونوا مفطرين لا صائمين2. الانصراف من عرفة قبل غروب الشمس: يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:"على من انصرف من عرفة قبل الغروب فدية عند أكثر أهل العلم، إلا أن يعود إليها ليلاً فتسقط عنه الفدية، وهي دم يوزع لمساكين الحرم3.   1 فتاوى إسلامية 2/219. 2 مجموع فتاوى ابن باز 5/16-17. 3 مجموع فتاوى ابن باز 5/140. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 120 وقوف بعض الحجاج في بطن عرنة ظنّاً منهم أنها عرفة: قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:"فإن بين كل مشعرين حدّاً ليس منهما، فإن بين عرفة ومزدلفة بطن عرنة، وبين مزدلفة ومنى بطن محسر -قال النبي صلي الله عليه وسلم-:"عرفة كلها موقف، وارفعوا عن بطن عرنة، ومزدلفة كلها موقف وارفعوا عن بطن محسر) "1. اعتقاد أن من غربت عليه شمس يوم التاسع ولم يقف بعرفة فقد فاته الوقوف: يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:"يمتد زمن الوقوف بعرفة من طلوع فجر اليوم التاسع إلى طلوع فجر يوم النحر فإذا لم يتمكن الحاج من الوقوف في نهار اليوم التاسع فوقف في الليل بعد الانصراف كفاه ذلك حتى لو لم يقف بعرفة إلا آخر الليل قبيل الصبح ويكفيه ولو بضع دقائق، وكذا لو مر من عرفات وهو سائر على سيارته أجزأه ذلك، ولكن الأفضل له أن يحضر في الوقت الذي يقف فيه الناس ويشاركهم في الدعاء عشية عرفة، ويظهر منه الخشوع وحضور القلب. ويرجو مثل ما يرجون من نزول الرحمة وحصول المغفرة، فإن فاته النهار فوقف بالليل فالأفضل له أن يبكر بالوقوف مهما استطاع، فينزل بعرفة ولو قليلاً ويمد يديه إلى ربه، ويتضرع إليه في السؤال، ثم يذهب معهم إلى   1 فتاوى شيخ الإسلام 26/134. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 121 مزدلفة، ويمكث بها إلى آخر الليل حتى يتم حجه"1. استقبال الجبل عند الدعاء دون القبلة: فبعض الحجاج عند الدعاء يستقبلون جبل الرحمة دون القبلة، والسنة استقبال القبلة. استخدام الغلظة والشدة في التعامل مع المسلمين عند الإفاضة من عرفات إلى مزدلفة والسنة أن يفيض وعليه السكينة. ومن الأخطاء العظيمة المتعلقة بيوم عرفة أنَّ بعض الحجاج ينزلون خارج حدود عرفة ويبقون في منازلهم حتى تغرب الشمس ثم ينصرفون منها إلى مزدلفة من غير أن يقفوا بعرفة2. وهذا خطأ عظيم يفوت به الحج فإن الوقوف بعرفة ركن لا يصح الحج إلاَّ به فمن لم يقف بعرفة في وقت الوقوف فلا حج له لقول النبي رضي الله عنه:"الحج عرفة من جاء ليلة جمع قبل طلوع الفجر فقد أدرك". وسبب هذا الخطأ الفادح أن الناس يغتر بعضهم ببعض لأن بعضهم ينزل قبل أن يصلها ولا يتفقد علاماتها فيفوت على نفسه الحج ويغر غيره3.   1 مجموع فتاوى ابن باز 5/140. 2 مأخوذة من كتاب "من مخالفات الحج والعمرة والزيارة" للشيخ عبد العزيز بن محمد السدحان. 3 منسك ابن عثيمين ص 35-36. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 122 ومن ذلك أيضاً: أن بعض الحجاج ينصرفون من عرفة قبل غروب الشمس وهذا خلاف سُنَّة النبي صلي الله عليه وسلم حيث وقف إلى أن غبت الشمس وغاب قرصها ولأن الانصراف من عرفة قبل الغروب عمل أهل الجاهلية1. وقال سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:"ولا يجوز الانصراف -من عرفة- قبل الغروب لأن النبي صلي الله عليه وسلم وقف حتى غربت الشمس وقال:"خذوا عني مناسِكَكُم" 2. ومن ذلك أيضاً: أنَّ بعض الحجاج يستقبلون الجبل -جبل عرفة- عند الدعاء ولو كانت القبلة خلف ظهورهم أو على أيمانهم أو شمائلهم. وهذا خلاف السُنَّة استقبال القبلة كما فعل النبي صلي الله عليه وسلم3. يعتقد بعض الحجاج أنَّه لابد في الوقوف بعرفة من رؤية جبل الرحمة أو الذهاب إليه والصعود عليه فيكلفون أنفسهم عنتاً ومشقة شديدة ويتعرضون لأخطار عظيمة من أجل الحصول على ذلك، وهذا كله غير مطلوب منهم: وإنما المطلوب حصولهم في عرفة في أي مكان منها لقوله صلي الله عليه وسلم:"وعرفة كلها موقف ورفعوا عن بطن عرنة" سواء رأوا الجبل   1 منسك ابن عثيمين ص 36. 2 التحقيق والإيضاح ص 41، والحديث أخرجه مسلم. 3 منسك ابن عثيمين ص36-37. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 123 أو لم يروه. ومن الأخطاء أيضاً ما استفاض على ألْسِنَة العوام أن وقفة عرفة يوم الجمعة تعدل ثنتين وسبعين حجة1. فيقال أما كون عرفة يوم الجمعة فلا شك في فضله فيوم الجمعة فيه فضائل تميّزه عن غيره كما قال صلي الله عليه وسلم:" أفضل الأيام عند الله يوم الجمعة" 2وقال: صلي الله عليه وسلم عن يوم الجمعة:"خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة فيه خُلِقَ آدم وفيه أُدخل الجنة وفيه أُخرج منها ولا تقوم الساعة إلاَّ في يوم الجمعة "3أما اعتقاد كون عرفة يوافق الجمعة فإنه يعدل ثنتين وسبعين حجة، فإن الحديث الوارد في ذلك ضعيف جداً بل عدّه بعضهم موضوعاً قال ابن القيم رحمه الله:"فإذا وافق يوم عرفة كان له زيادة مزية واختصاص وفضل ليس لغيره"ثم قال رحمه الله تعالى:"وأمّا ما استفاض على ألسِنَة العوام بأنها تعدل ثنتين وسبعين حجة فباطل لا أصل له عن رسول الله صلي الله عليه وسلم ولا عن أحد من الصحابة والتابعين والله أعلم"4.   1 حجة النبي صلي الله عليه وسلم للألباني ص 127. 2 أخرجه البيهقي. 3 أخرجه مسلم. 4 زاد المعاد 64-65. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 124 ولفظ الحديث الوارد في هذا هو:"أفضل الأيام يوم عرفة إذا وافق يوم الجمعة وهو أفضل من سبعين حجة في غير جمعة) 1 الإسراع وقت الدفع من عرفة إلى مزدلفة، فيلاحظ على كثير من الناس الإسراع بشدة بسياراتهم وإزعاج الناس بمنبهات الصوت والتدافع على أن يكون كل منهم قبل صاحبه في أوّل الطريق فيحصل من آثار ذلك ما الله به عليم من الشتائم والدعاء على بعضهم والحوادث وكل هذا يتنافي مع أخلاق المسلم فكيف إذا كان في هذا الموسم العظيم قال ابن القيّم رحمه الله تعالى في وصف إفاضة النبي صلي الله عليه وسلم من عرفات إلى منى:"ثم جعل يسير العَنق وهو ضرب من السير ليس بالسريع ولا البطئ فإذا وجد فجوة وهو المتسمع نصَّ سيره -أي رفعه فوق ذلك-"2وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:"ولا يزاحم الناس بل إن وجد خلوة أسرع"3.   ومما يفعله بعض الحجاج التأخر في الانصراف من عرفة، 1 ذكره الشيخ الألباني في السلسلة الضعيفة 2) ص225) حديث رقم 207) ، وقال عنه:"باطل لا أصل له، ثم ذكر كلام ابن القيم عن الحديث ثم قال -الألباني- وأقره المناوي في فيض القدير ثم ابن عابدين في الحاشية". 2 زاد المعاد 2/247. 3 الفتاوى 26/134. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 125 فبعضهم لا ينصرف إلاَّ بعد الغروب بساعة وبعضهم في وسط الليل والأدهى والأمر أن بعضهم ينام فيها كل ذلك بزعم أن التأخر في عرفة أفضل من الانصراف بعد الغروب، وهذا جهل ومخالفة للسُنَّة وإلاَّ فخير الهدي هدي محمد صلي الله عليه وسلم وقد كان ينصرف بعد مغيب قرص الشمس. مخالفات وتنبيهات في المبيت بمزدلفة1 تأخير صلاتي المغرب والعشاء إلى ما بعد منتصف الليل: يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:"الصلاة تصح في كل مكان إلا ما استثناه الشارع كما قال صلي الله عليه وسلم:"جُعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً"، ولكن المشروع للحاج أن يصلي المغرب والعشاء جمعاً في مزدلفة حيث أمكنه ذلك قبل نصف الليل، فإن لم يتيسر له ذلك لزحام أو غيره صلاها بأي مكان كان، ولم يجز له تأخيرهما إلى ما بعد نصف الليل لقوله تعالى: {إنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً موقُوتاً} أي مفروضاً في الأوقات، ولقول النبي صلي الله عليه وسلم:" وقت العشاء إلى نصف الليل " رواه مسلم من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما والله أعلم2.   1 مأخوذة من كتاب "تبصير الحاج بما يريد ويحتاج". 2 فتاوى إسلامية 2/270. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 126 اعتقاد البعض أنه إذا صلى المغرب والعشاء جمعاً فقد أدى الواجب من المبيت: يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:"المبيت بمزدلفة من واجبات الحج، اقتداء بالنبي صلي الله عليه وسلم فقد بات بها صلي الله عليه وسلم وصلى الفجر بها وأقام حتى أسفر جدّاً وقال:"خذوا عني مناسككم"، ولا يعتبر الحاج قد أدى هذا الواجب إذا صلى المغرب والعشاء فيها جمعاً، ثم انصرف، لأن النبي صلي الله عليه وسلم لم يرخص إلا للضعفة آخر الليل1. نزول البعض في نمرة ظنّاً منهم أنها مزدلفة: يقول الشيخ محمد العثيمين حفظه الله تعالى:"الذين نزلوا بنمرة يظنونها مزدلفة، عليهم فدية، لأنهم مفرطون، حيث لم يسألوا، وحجهم صحيح"2. التكلف وتحمل المشقة من أجل الوصول إلى المشعر: يقول فضيلة الشيخ محمد العثيمين حفظه الله تعالى:"والذي يظهر من قول النبي صلي الله عليه وسلم:"وقفت هاهنا وجمع كلها موقف" أنه لا ينبغي للإنسان أن يتكلف ويحمل مشقة من أجل الوصول إلى المشعر. بل يقف في مكانه الذي هو فيه إذا صلى الفجر، فيدعو الله عز وجل ثم يدفع إلى منى3.   1 فتاوى إسلامية 2/270. 2 فتاوى إسلامية 2/271. 3 فتاوى إسلامية 2/272. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 127 بعض المطوفين قد يلزم من معه من الحجاج بالانصراف قبل منتصف الليل: يقول فضيلة الشيخ محمد العثيمين حفظه الله تعالى:"المبيتُ بمُزْدلفة من واجبات الحج، وليس من أركانه، وإذا تركه الإنسان مكرهاً فإنه لا شيء عليه، ولكن يجب على الإنسان إذا أكرهه المطوف أن يمتنع ولو امتنع أهل الحافلة كلهم ما تمكن المطوف من السير بدونهم، ولكن إذا سارت الحافلة فإن كان الإنسان يمكنه أن يبقى بدون ضرر فليبق وإن سارت الحافلة، وإن كان لا يمكنه إلا بضرر فإنه يسقط الوجوب عنه حينئذ ولا شيء عليه1. عدم تحري بعض الحجاج لحدود مزدلفة فيبيتون خارجها: يقول فضيلة الشيخ محمد العثيمين حفظه الله تعالى:" وفي مزدلفة فإن كثيراً من الناس مع التعب من الانصراف من عرفة ينزلون قبل أن يصلوا إلى مزدلفة وهؤلاء إن لم يقوموا من مكانهم هذا إلا بعد طلوع الفجر بعد صلاة الفجر فإنه يكون قد فاتهم الوقوف في مزدلفة فيلزمهم فدية تذبح ويوزعونها على الفقراء، لأنهم تركوا واجباً، وترك الواجب عند أهل العلم مُوجب للفدية2.   1 فتاوى الشيخ محمد العثيمين 2/600. 2 فتاوى الشيخ محمد العثيمين 2/601. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 128 التقاط حصى الجمار فور الوصول إلى مزدلفة وقبل الصلاة: وقال سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:"وما يفعله بعض العامة من لقط حصى الجمار من حين وصولهم إلى مزدلفة قبل الصلاة واعتقاد كثير منهم أن ذلك مشروع فهو غلط لا أصل له"1. ما يفعله بعض الحجاج من التقاط جميع حصى الجمار وعددها سبعون من مزدلفة: قال في الحاشية: ولم ينقل أنه التقط سبعين منها كما يفعله كثير من العوام اليوم2. اعتقاد بعض الحجاج أن حصى الجمار لابد أن يكون من مزدلفة: قال سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:"والنبي صلي الله عليه وسلم لم يأمر أن يلتقط له الحصى إلا بعد انصرافه من المشعر إلى منى، ومن أي موضع لقط الحصى أجزأه ذلك، ولا يتعين لقطه من مزدلفة، بل يجوز لقطه من منى3.   ما يفعله بعض الحجاج من الدفع إلى منى في ليلة مزدلفة -دون 1 التحقيق والإيضاح 53. 2 حاشية الروض المربع 4/148. 3 التحقيق والإيضاح 53. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 129 المبيت بها- بحجة التخلص من الزحام أو ابتغاء الاستقرار في منى والواجب هو المبيت بمزدلفة1. الصلاة إلى غير القبلة: فكثير من الحجاج لا يتحرون جهة القبلة فيصلون إلى أي جهة لذلك تجد أن كثيراً من الحجاج يصلون إلى عدة جهات مع أنهم في مكان واحد، بل ربما نجد أنهم يصلون إلى جميع الجهات الأربع، فالواجب على هؤلاء السؤال عن جهة القبلة، ولا يخلوا ذلك المكان في تلك الليلة من العلماء وطلاب العلم والصالحين. ومما يتعلق بمزدلفة: ما يحصل من بعض الحجاج فمنهم من لا يتأكد من حدود مزدلفة ويبيت خارجها وبعهضم يخرج منها قبل منتصف الليل ولا يبيت فيها2. ومن لم يبت بمزدلفة من غير عذر فقد ترك واجباً من واجبات الحج يلزمه به دم جبران مع التوبة والاستغفار3.   1 من فقه الحج والعمرة 16. 2 مأخوذة من كتاب "من مخالفات الحج والعمرة والزيارة" للشيخ عبد العزيز بن محمد السدحان. 3 منسك الفوزان ص 49-50. وانظر تنبيه الغافلين ص 288. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 130 مخالفات وتنبيهات في رمي الجمرات1 رمي الجمرة قبل نصف ليلة العيد: يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:"رمي الجمرة قبل نصف الليل لا يجوز، فإن أول وقت لرمي الجمرة بعد نصف ليلة النحر عند جمع من أهل العلم، فلا يجوز رميها قبل ذلك2. الرمي بحجر قد رُمِيَ به3: الاستدلال بجواز الرمي في الليل بحديث ابن عباس "رميت بعد ما أمسيت": يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:"وأما حديث ابن عباس المذكور فليس دليلاً على الرمي بالليل، لأن السائل سأل النبي صلي الله عليه وسلم يوم النحر فقوله:" بعد ما أمسيت" أي بعد الزوال" 4. وقال سماحته بعد أن ذكر حديث "رميت بعد ما أمسيت" أي أنه رمى في آخر النهار وهذا مجزيء عند الجميع إذا رمى آخر النهار يوم العيد بعد الظهر أو بعد العصر فلا بأس، وليس معناه أنه رمى في الليل، لأنه سأل   1 مأخوذة من كتاب "تبصير الحاج بما يريد ويحتاج". 2 مجموع الفتاى ابن باز 5/158. 3 مجموع فتاوى شيخ الإسلام 26/137، التحقيق والإيضاح 54. 4 مجموع فتاوى ابن باز 5/165. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 131 النبي صلي الله عليه وسلم قبل أن يجيء الليل1. الرمي قبل الزوال أيام التشريق: يقول فضيلة الشيخ محمد العثيمين حفظه الله تعالى:"وأما بالنسبة لرمي الجمار في أيام التشريق، وهي اليوم الحادي عشر والثَّاني عشر والثالث عشر فإن ابتداء الرمي يكون من زَوال الشَّمس عند دخول وقت الظهر ويستمر إلى الليل، وإذا كان هناك مَشَقَّة من زحام أو غيره فلا بأس أن يرمي في الليل، ولا يحل الرمي في اليوم الحادي عشر والثاني عشر إلا بعد الزوال، لأن النبي صلي الله عليه وسلم لم يرم إلا بعد الزوال، وقال للناس:"خُذوا عَني مَناسككم " وكون الرسول صلي الله عليه وسلم يُؤخر الرمي فيرمي في شدة الحر ويدع أو النهار مع أنه أبرد وأيسر دليل على أنه لا يحل الرمي قبل هذا الوقت، ويدل لذلك أيضاً أن الرسول صلي الله عليه وسلم كان يرمي من حين أن تزول الشمس قبل أن يصلي الظهر، وهذا دليل على أنه لا يحل أن يرمي قبل الزوال وإلا لكان الرمي قبل الزَّوال أفضل لأجل أن يُصَلِّي صلاة الظهر في أول وقتها لأن الصَّلاة في أول وقتها أفضل، والحاصل أن الأدلة قد دَلَّت على أن الرمي في اليوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر لا يجوز قبل الزوال. والله الموفق2   1 مجموع فتاوى ابن باز 5/167. 2 فتاوى الشيخ محمد العثيمين 2/638-639. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 132 التزاحم والتدافع والتقاتل الشديد عند رمي الجمرات: وهذا يؤدي إلى استعمال العنف والشدة والغلظة في التعامل مع الحجاج وعدم مبالاة بعضهم ببعض. بل قد يؤدي إلى الهلاك وإلحاق الضرر بالآخرين. والمشروع الرفق، وتحري الرمي من دون إيذاء أحد حسب الطاقة. رمي الجمرات دفعة واحدة: يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:"الواجب أن ترمى الجمرات السبع: واحدة بعد واحدة فإذا رماها الحاج رمية واحدة لم تجزئ إلا عن حصاة واحدة1. الاعتقاد بأن الواجب رمي الشاخص أو العمود: يقول فضيلة الشيخ صالح الفوزان حفظه الله تعالى:"أما رمي الشاخص أو العمود فهو غير مشروع والعمود إنما جعل علامة على الرمي فقط، وليس هو المقصود بالرمي2. عدم الترتيب في رمي الجمرات الثلاث: والواجب أن يبدأ بالصغرى، ثم الوسطى، ثم الكبرى. تحرج من دفع مع نسائه ليلة العيد من الرمي بعد منتصف الليل:   1 مجموع فتاوى ابن باز 5/163. 2 المنتقى من فتاوى الشيخ صالح الفوزان 1/42-43. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 133 يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:"ومن دفع مع الضعفة والنساء من المحارم والسائقين وغيرهم، فحكمه حكمهم، يجزئه أن يرمي في آخر الليل مع النساء1. الاعتقاد بأن الجمرة لابد أن تستقر في الحوض بعد أو وقعت فيه: يقول فضيلة الشيخ صالح الفوزان حفظه الله تعالى:"وأما موضع الرمي فهو الحوض فيشترط أن تسقط الحصاة في حوض الجمرة سواء استقرت فيه بعد ذلك أو تدحرجت وسقطت2. بعضهم يرمي ولا يبالي وقعت حصاته في الحوض أو لا. وقد يكون بعيداً: يقول فضيلة الشيخ محمد العثيمين حفظه الله تعالى: احرص أن تدنو من الحوض حتى يكون عندك يقين أو غلبة ظن أن الحصى وقع في الحوض، فإذا تيقنت أو غلب على ظنك أنه وقع في الحوض فإن هذا كافٍ، ولو طاشت بعض الحصيات ولم تقع في الحوض فلا حرج عليك أن تأخذ من تحت قدمك أحجاراً وترمي بقية الحصيات3.   1 فتاوى إسلامية 2/283. 2 المنتقى 1/42. 3 فتاوى ابن عثيمين 2/635. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 134 الرمي بحجارة صغيرة جدّاً أو كبيرة: والمشروع أن تكون الحصيات التي يرمي بها مثل حصى الخذف تشبه بعر الغنم المتوسط فوق الحمص ودون البندق، ثم إن الحجارة الكبيرة قد تقع على الناس فتؤذيهم. وضعها في الحوض من غير رمي: لأن هذا خلاف الوارد ولا يسمى رمياً ولا في معنى الرمي1. عدم التكبير مع الرمي: وهذا خلاف السنة، فالسنة أن يكبر مع كل حصاة. الرمي بغير الحصى كالأحذية أو الأخشاب: التحرج من الرمي بالحصى الذي حول الجمار: يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:"يجوز له ذلك، لأن الأصل أنه لم يحصل به الرمي، أما الذي في الحوض فلا يرمي بشيء منه"2. رمي الجمرة الصغرى والوسطى يوم العيد: والواجب هو رمي جمرة العقبة فقط يوم العيد. بعضهم يرمي أكثر من سبع حصيات عن كل جمرة:   1 حاشية الروض المربع 4/151. 2 مجموع فتاوى ابن باز 5/161. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 135 اعتقاد بعض الحجاج أن الرمي لا يكون إلا في أول الوقت: وينتج عن ذلك الزحام الشديد في أول الوقت وما يترتب على ذلك من التدافع والتقاتل مما يؤدي أحياناً إلى الموت والهلاك. الشك بأن بعض الحصى لم يسقط في الحوض: يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:"من شك فعليه التكميل يأخذ من الحصى الذي عنده في منى من الأرض، ويكمل بها"1الاستمرار بالتلبية بعد رمي جمرة العقبة من يوم العيد: لحديث الفضل بن عباس أن النبي صلي الله عليه وسلم لم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة. وعلى هذا إذا شرع الحاج في الرمي قطع التلبية2.   1 مجموع فتاوى ابن باز 5/161. 2 مجموع فتاوى شيخ الإسلام 26/136، حاشية الروض المربع 4/154. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 136 مخالفات وتنبيهات في التوكيل "في الحج والرمي وغيرهما استنابة القادر على الحج: أجابت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على سؤال وجه إليها عن حكم من أراد أن يحج عن نفسه وهو صحيح الجسم فأجابت: لا تجوز استنابة القادر على الحج في حج واجب عليه بإجماع العلماء، قال ابن قدامة رحمه الله في المغني: "لا يجوز أن يستنيب في الحج من يقدر على الحج بنفسه إجماعاً"، كما لا تجوز استنابته في حج نافلة على القول الصحيح؛ لأن الحج عبادة والأصل في العبادات التوقيف، ولم يرد في الشرع فيما نعلم ما يدل على ذلك، وقد ثبت عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال:"من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" وفي لفظ "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد"1. من حج عن غيره ولم ينشئ سفره من مسقط رأسه: تلقت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء السؤال التالي، وأجابت عليه: س: رجل حج هذا العام عن والده المتوفي ولم ينشئ سفر الحج من   1 فتاوى إسلامية 2/192. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 137 مسقط رأس والده، ويسأل عن صحة ذلك الحج؟. الجواب: يظهر من سؤال السائل أنه متبرع بالحج عن والده فإذا كان كذلك فلا يظهر بأس في صحة حجة عنه، وإن لم ينشئ سفر الحج من مسقط رأس والده1. توكيل غير الحاج في الرمي: يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:"لا يجوز أن يتولّى الرمي إلا من كان حاجّاً، أما الشخص الذي لم يحجّ فليس له أن يتوكل عن غيره في الرمي ولا يجزيء رميه عن غيره2. التوكيل في الرمي، ثم يطوف للوداع، ويسافر قبل إتمام الرمي: يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:"لا يجوز لأحد أن يستنيب ويسافر قبل إتمام الرمي، بل يجب عليه أن ينتظر فإن كان قادراً رمى بنفسه وإن كان عاجزاً انتظر ووكَّل من ينوب عنه، ولا يسافر الإنسان حتى ينتهي وكيله من رمي الجمار، ثم يودع البيت هذا الموكل، وبعد ذلك له السفر3.   1 فتاوى إسلامية 2/315. 2 فتاوى إسلامية 2/240. 3 مجموع فتاوى ابن باز 5/168. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 138 توكيل القادر على الرمي غيره ليرمي عنه: يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:"أما إذا كان صحيحاً فليس له التوكيل، بل يجب عليه أن يرمي بنفسه، لأنه لما أحرم بالحج وجب عليه إكماله كما قال تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} ، وهكذا العمرة كما في الآية الكريمة إذا شرع فيها وجب عليه الإتمام والإكمال، وليس له أن يوكل في بعض أعمال الحج على الصحيح مادام قادراً على فعلها"1. توكيل غير المكلف في الرمي بأن يوكل صغيراً ليرمي عنه. عدم رمي الوكيل عن نفسه أولاً ثم عن موكله إن كان حجه فرضاً: فإذا كان الوكيل مفترضاً فيجب أن يبدأ بنفسه ثم يرمي عن غيره، أما إذا كان متنفلاً فلا يضره سواء بدأ بنفسه أو بغيره، لكن إذا بدأ بنفسه فهو الأفضل2. جواز التوكيل للعاجز: يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:"يجوز الاستنابة في رمي الجمار للعاجز عن مباشرة الرمي، وذلك لمرض أو كبر سن أو   1 مجموع فتاوى ابن باز 5/168-169. 2 فتاوى إسلامية 2/243. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 139 صغر، وكذا لمن يخشى على غيره كالحامل وذات الطفل التي لا تجد من يحفظ طفلها حتى ترجع، لما عليهما من الخطر والضرر في مزاحمة الناس وقت الرمي1. التوكيل في الطواف: أجابت اللجنة الدائمة على سؤال عن حكم التوكيل في طواف الوداع بما يلي: لا يصح التوكيل في طواف الوداع ولا في طوافٍ آخر بالبيت، ومن وكل في طواف الوداع ولم يطفه بنفسه أثم، ووجب عليه دم لتركه طواف الوداع يذبح بالحرم، وليس للموكل أن ينفر حتى يرمي وكيله، ويطوف بنفسه طواف الوداع بعد الانتهاء من الرمي2. توكيل المرأة القوية النشيطة غيرها ليرمي عنها: يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:"لا بأس بالتوكيل عن المريض والمرأة العاجزة كالحبلى والثقيلة والضعيفة التي لا تستطيع رمي الجمار، فلا بأس بالتوكيل عنهم، أما القوية النشيطة، فإنها ترمي بنفسها، ومن عجز عنه نهاراً بعد الزوال رمي في الليل، ومن عجز يوم العيد رمي ليلة إحدى عشرة عن يوم العيد، ومن عجز يوم الحادي   1 مجموع فتاوى ابن باز 5/155. 2 فتاوى إسلامية 2/242. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 140 عشر، رمي ليلة اثنتى عشرة عن يوم الحادي عشر، ومن عجز في اليوم الثاني عشر أو فاته الرمي بعد الزوال رمي في الليلة الثالثة عشرة عن يوم الثاني عشر وينتهي الرمي بطلوع الفجر. أما في النهار فلا يرمي إلا بعد الزوال في أيام التشريق1. عشر، رمي ليلة اثنتى عشرة عن يوم الحادي عشر، ومن عجز في اليوم الثاني عشر أو فاته الرمي بعد الزوال رمي في الليلة الثالثة عشرة عن يوم الثاني عشر وينتهي الرمي بطلوع الفجر. أما في النهار فلا يرمي إلا بعد الزوال في أيام التشريق1. كيفية رمي الوكيل يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:"يرمي النائب الجمار كلها عن نفسه، ثم عن مستنيبه، أما رمي جمرة العقبة يوم النحر، فالأمر فيه واضح، وهو أن يحضر النائب بالحصيات التي يريد الرمي بها عن نفسه وعن غيره، فيرمي أولاً بسبع عن نفسه، ثم يرمي سبعاً عن منيبه، وهو في موقفه، واحدة بعد واحدة، يرفع يده ويكبر مع كل حصاة، ولا حاجة إلى أن يرجع إلى منزله ليأتي بحصيات المنوب عنه، كما قد يفتي بذلك بعض الجهال، وأما الرمي في أيام التشريق فللنائب فيه حالان. أحدهما: أن يرمي الجمار الثلاث عن نفسه أولاً، ثم يرميها عن مستنيبه وهذه الصفة قد نصَّ عليها أهل العلم ولا أعلم فيها مخالفاً. والحال الثاني:أن يرمي الجمرة الأولى عن نفسه ثم عن مستنيبه، ثم ينتقل إلى الوسطى فيرميها عن نفسه ثم عن مستنيبه، ثم إلى الثالثة فيرميها   1 فتاوى إسلامية 2/241. يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:"يرمي النائب الجمار كلها عن نفسه، ثم عن مستنيبه، أما رمي جمرة العقبة يوم النحر، فالأمر فيه واضح، وهو أن يحضر النائب بالحصيات التي يريد الرمي بها عن نفسه وعن غيره، فيرمي أولاً بسبع عن نفسه، ثم يرمي سبعاً عن منيبه، وهو في موقفه، واحدة بعد واحدة، يرفع يده ويكبر مع كل حصاة، ولا حاجة إلى أن يرجع إلى منزله ليأتي بحصيات المنوب عنه، كما قد يفتي بذلك بعض الجهال، وأما الرمي في أيام التشريق فللنائب فيه حالان. أحدهما: أن يرمي الجمار الثلاث عن نفسه أولاً، ثم يرميها عن مستنيبه وهذه الصفة قد نصَّ عليها أهل العلم ولا أعلم فيها مخالفاً. والحال الثاني: أن يرمي الجمرة الأولى عن نفسه ثم عن مستنيبه، ثم ينتقل إلى الوسطى فيرميها عن نفسه ثم عن مستنيبه، ثم إلى الثالثة فيرميها   1 فتاوى إسلامية 2/241. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 141 كذلك، وهذه الصفة قد منع منها بعض أهل العلم، واختار جمع من العلماء جوازها لعدم الدليل على المنع، ولأنها أيسر وأسهل على النائب في هذا المقام الشديد الخطير، وقد قال تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة185] وقال تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج78] ، وكان صلي الله عليه وسلم يقول لرسله إذا بعثهم:"يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفِّروا". قالت عائشة رضي الله عنها:"ما خير رسول الله صلي الله عليه وسلم بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً، فإن كان إثماً أبعد الناس عن الإثم". ومعلوم أن هذا المقام يحتمل الأمرين، وهما رميه عن نفسه لجميع الجمار أولاً ثم عن مستنيبه، والأمر الثاني رميه كل جمرة عن نفسه ثم عن مستنيبه ولا ريب أن الثاني أيسر وأسهل، وأبعد عن الخطر، فيكون أقرب إلى الشريعة التي جاءت بالتيسير ونفي الحرج1. ما يعتقده بعض الحجاج أنهم برميهم الجِمار يرمون الشياطين. ولهذا يطلقون اسم الشياطين على الجمار فيقولون: رمينا الشيطان الكبير أو الصغير أو رمينا أبا الشياطين يعنون به الجمرة الكبرى جمرة العقبة ونحو ذلك من العبارات التي لا تليق بهذه المشاعر2.   1 مجموع فتاوى ابن باز 5/155-156. 2 مأخوذة من كتاب "من مخالفات الحج والعمرة والزيارة" للشيخ عبد العزيز بن محمد السدحان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 142 ومن ذلك أيضاً: رميهم الجِمَار بحصى كبيرة وبالحذاء "النعل" والخفاف "الجزمات" والأخشاب، وهذا خطأ كبير مخالف لما شرعه النبي صلي الله عليه وسلم لأمته بفعله وأمره حيث رمي بمثل حصى الخزف وأمر أمّته أن يرموا بمثله وحذرهم من الغلو في الدين وسبب هذا الخطأ الكبير ما سبق من اعتقادهم أنهم يرمون شياطين1. ومن ذلك أيضاً: تقدم بعض الحجاج إلى جَمَرات بعنف وشدة لا يخشعون لله تعالى ولا يرحمون عباد الله، فيحصل بفعلهم هذا من الأذية للمسلمين والإضرار بهم والمشاتمة والمضاربة ما يقلب هذه العبادة وهذا المشعر إلى مشهد مشاتمة ومقاتلة ويخرجها عما شُرِعت من أجله وعما كان عليه النبي صلي الله عليه وسلم، ففي المسند عن قدامة بن عبد الله بن عمار قال:"رأيت رسول الله صلي الله عليه وسلم يوم النحر يرمي جمرة على ناقة صهباء لا ضرب ولا طرد ولا إليك إليك". رواه الترمذي وقال: حسن صحيح2. ومن الأخطاء أيضاً:ترك كثير من الحجاج الوقوف للدعاء بعد رمي الجمرة الأولى والثانية في أيام التشريق. وقد ثبت أن النبي صلي الله عليه وسلم كان يقف بعد رميها مستقبل القبلة رافعاً يديه يدعو دعاء طويلاً، وسبب ترك   1 منسك ابن عثيمين ص 40-41. 2 منسك ابن عثيمين ص 41. والحديث في المسند. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 143 الناس لهذا الوقوف الجهل بالسنة أو محبة كثير من الناس للعجلة والتخلّص من العبادة1. ومن المخالفات المتعلقة بالجمَار أيضاً: رميهم الحصى جميعاً بكف واحدة. وهذا خطأ، وقد قال أهل العلم أنه إذا رمي بكف واحدة أكثر من حصاة لم يحتسب له سوى حصاة واحدة. فالواجب أن يرمي الحصى واحدة فواحدة كما فعل النبي صلي الله عليه وسلم2. ومن المخالفات أيضاً: تهاونهم برمي الجمار بأنفسهم فتراهم يوكلون من يرمي عنهم مع قدرتهم ليسقطوا عن أنفسهم معاناة الزحام ومشقة العمل. وهذا مخالف لِمَا أمر الله تعالى به من إتمام الحج حيث يقول سبحانه: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة:196] . فالواجب على القادر على الرمي أن يباشره بنفسه ويصبر على المشقة والتعب فإن الحج نوع من الجهاد لابد فيه من الكلفة والمشقة فليتق الحاج ربه وليتم نسكه كما أمره الله تعالى به ما استطاع إلى ذلك سبيلاً3. سُئل سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى عن حكم التوكيل في الرمي عن المريض والمرأة والصبي؟.   1 منسك ابن عثيمين ص 42. 2 منسك ابن عثيمين ص 42. 3 منسك ابن عثيمين ص 43. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 144 فأجاب رحمه الله تعالى بقوله:"لا بأس بالتوكيل عن المريض والمرأة العاجزة كالحبلى والثقيلة والضعيفة التي لا تستطيع رمي الجمار فلا بأس بالتوكيل عنهم أمّا القوية النشيطة فإنها ترمي بنفسها ومن عجز عنه نهاراً بعد الزوال رمي في الليل. إلخ الجواب"1ومن ذلك أيضاً: أن من الحجاج من يرمي في غير وقت الرمي بأن يرمي جمرة العقبة قبل منتصف الليل في ليلة العيد2. ومن ذلك أيضاً: أن بعضهم يرمي الجمرات الثلاث في أيام التشريق قبل زوال الشمس. وهذا الرمي لا يجزيء لأنه غيّر في وقته المحدود له فهو كما لو صلى قبل دخول وقت الصلاة المحدد لها3. والثابت عنه صلي الله عليه وسلم أنّه رمى في أيام التشريق بعد الزوال. ومن ذلك: أن بعضهم يرمي في غير محل الرمي وهو حوض الجمرة وذلك بأن يرمي الحصى من بُعد فلا تقع في الحوض أو يضرب بها العمود فتطير ولا تقع في الحوض. وهذا رمي لا يجزيء لأنه لم يقع في الحوض والسبب في ذلك الجهل أو العجلة أو عدم المبالاة4.   1 فتاوى مهمة ص 50. 2 منسك الفوزان ص 50. 3 منسك الفوزان ص 50-51. 4 منسك الفوزان ص 51. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 145 ومن ذلك أيضاً: من يقدم رمي الأيام الأخيرة مع رمي اليوم الأول من أيام التشريق ثم يسافر قبل تمام الحج1. ومن المخالفات أيضاً: أنَّ بعض الحجاج إذا رمي لليوم الأول يوكل من يرمي عنه البقية ويسافر إلى وطنه. وهذا تلاعب بأعمال الحج وغرور من الشيطان فهذا الإنسان تحمل المشاق وبذل الأموال لأداء الحج فلما بقي عليه القليل من أعماله تلاعب به الشيطان فأخَّل به وترك عدة واجبات من واجبات الحج وهي: 1- رمي الجمرات الباقية. 2- وترك المبيت بمنى ليالي أيام التشريق. 3- وطوافه للوداع في غير وقته لأن وقته بعد نهاية أيام الحج وأعماله. فهذا لو لم يحج أصلاً وسَلِم من التعب وإضاعة المال لكان أحسن لأن الله تعالى يقول: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة:196] ومعنى إتمام الحج والعمرة إجمال أعمالهما لمن أحْرَمَ بهما على الوجه المشروع وأن يكون القصد خالصاً لوجه الله تعالى2. ومن الخطأ أيضاً: ما يقوم به بعض الحجاج من غسل حصى   1 منسك ابن عثيمين ص 51 2 منسك الفوزان ص 51-52. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 146 الجمار1. قال سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:"ولا يستحب غسل الحصى بل يرمي به من غير غسل لأن ذلك لم ينقل عن النبي صلي الله عليه وسلم وأصحابه."2. يخطئ بعض الحجاج عند الوصول إلى منى فيرجم سبع حصيات الجمرة "الصغرى" أو "الوسطى" بدل العقبة. وبناء عليه فمن لم يرجم العقبة يوم النحر عليه الإعادة وإن رجم الصغرى أو الوسطى3. يخطئ بعض الحجاج في ترتيب الجمار أيام التشريق فيرمي الكبرى ثم الوسطى ثم الصغرى أو يبدأ بالوسطى. والسُنَّة الثابتة عن النبي صلي الله عليه وسلم أنّه رمى الصغرى ثم الوسطى ثم الكبرى4. اعتقاد بعض الحجاج أنه لابد من أخذ الحصا من مزدلفة، فيُتعِبون أنفسهم بلقطها في الليل واستصحابها بها في أيام منى حتى إن الواحد منهم إذا أضاع منه حصاة حزن حزناً كبيراً وطلب من رفقته أن يتبرعوا له مما معهم من حصا مزدلفة5   1 حجة النبي صلي الله عليه وسلم للألباني ص 131. 2 التحقيق والإيضاح ص 42. 3 مجلة البلاغ عدد 1045) ص 56. 4 منسك الفوزان ص 51. 5 منسك ابن عثيمين ص 39. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 147 وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:"وله أن يأخذ الحصى من حيث شاء"1. مخالفات وتنبيهات في الهدي والذبح2 التصدق بقيمة الهدي دون ذبحه: قرر مجلس هيئة كبار العلماء وبالإجماع أنه لا يجوز أن يستعاض عن ذبح هدي التمتع والقران بالتصدق بقيمته لدلالة الكتاب والسنة والإجماع على منع ذلك مع أن المقصود الأول من ذبح الهدي هو التقرب إلى الله تعالى بإراقة الدماء، كما قال تعالى: {لنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ} 3. العدول عن الإهداء وهو قادر إلى الصيام: يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:"أما أن يغير نظام الهدي بأن يصوم وهو قادر أو يشتري هدياً في بلاده للفقراء، أو يوزع قيمته، فهذا تشريع جديد لا يجوز للمسلم أن يفعله4.   1 الفتاوى 26/137. 2 مأخوذة من كتاب "تبصير الحاج بما يريد ويحتاج". 3 فتاوى إسلامية 2/297. 4 مجموع فتاوى ابن باز 5/195-196. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 148 ترك الذبائح دون الاستفادة منها: يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:"فكل مسلم يعتني بهديه حتى يوزعه على المساكين، أو يأكله أو يهديه إلى بعض إخوانه وأما أن يدعه في أماكن لا يستفاد منه فلا يجزئه ذلك، وهكذا في المذبح يجب على صاحب الهدي أن يعتني بهذا المقام وأن يحرص كل الحرص على توزيعه إذا أمكن1. ذبح الهدي خارج الحرم: يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:"هدي التمتع والقران لا يجوز ذبحه إلا في الحرم فإذا ذبحه في غير الحرم كعرفات وجدة وغيرهما فإنه لا يجزئه، ولو وزع لحمه في الحرم. وعليه هدي آخر يذبحه في الحرم، سواء كان جاهلاً أو عالماً، لأن النبي صلي الله عليه وسلم نحر هديه في الحرم وقال:"خذوا عني مناسككم"2. ذبح الهدي قبل يوم العيد: يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:" من ذبح قبل يوم العيد دم التمتع، فإنه لا يجزئه لأن الرسول صلي الله عليه وسلم وأصحابه لم يذبحوا إلا في أيام النحر فالحاصل أن هذه عبادة أداها قبل الوقت فلا تجزئ فعليه   1 مجموع فتاوى ابن باز 5/196. 2 الفتاوى ابن باز، الدعوة 1/129. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 149 أن يعيد هذا الذبح إن قدر وإن عجز صام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله، فتكون عشرة أيام بدلاً من الذبح1. عدم إحسان الذبح وإراحة الذبيحة: ومن ذلك أيضاً: أن بعض الحجاج لا يتحرى السِن المجزئة في الهدي، فالمهم عنده أن ينحر بغض النظر عن سِن ما يذبح وبعض من يبيع الهدي لا يتقي الله فيغش عباد الله في هذا الموسم العظيم وذلك لأنه يبيع ما لا يجزي من بهيمة الأنعام وهو عالم بذلك لكن يستغل جهل كثير من الحجاج لهذه الأمور2. وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة ما نصه:"دلت الأدلة الشرعية على أنه يجزيء من الضأن ما تم له ستة أشهر ومن المعز ما تم له سنة ومن البقر ما تم له سنتان ومن الإبل ما تم له خمس سنين وما كان دون ذلك فلا يجزيء هدياً ولا أضحية"3. ومما يتعلق بالمخالفات في الهدي والأضاحي: أن بعض الناس لا يتورع في البحث عن عيوب هديه أو أضحيته. فتراه يشتري أول ما   1 مجموع فتاوى ابن باز 5/194-195. 2 مأخوذة من كتاب "من مخالفات الحج والعمرة والزيارة" للشيخ عبد العزيز بن محمد السدحان. 3 فتاوى تتعلق بأحكام الحج والعمرة والزيارة ص 86. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 150 يقابله إذا كان رخيص الثمن بغية التخلص من المسؤولية والراحة من المشقة. جاء في فتاوى اللجنة الدائمة ما نصه:" يشترط في الهدي ما يشترط في الأضحية فلا تجزيء العوراء البيِّن عورها ولا المريضة البيِّن مرضها ولا العرجاء البيِّن عرجها ولا الهزيلة التي لا تنقي وأدنى سن في الشاة ستة شهور، وفي المعز سنة وفي البقر سنتان وفي الإبل خمس سنين فما كان أقل من ذلك لا يجزيء هديًا ولا أضحية1. ومن المخالفات المتعلقة بالهدي والأضاحي: ما يقع من بعض الناس من حد السكين والبهيمة تنظر إليه. فلا ينبغي هذا لأن النبي صلي الله عليه وسلم أمر أن تحد الشفار وأن توارى عن البهائم2. ورأى رجلاً أضجع شاة وهو يحد شفرته فقال النبي صلي الله عليه وسلم:"لقد أردت أن تميتها موتتان هلا حددتها قبل أن تضجعها" 3. ولأن حد الشفرة وهي تنظر يوجب إزعاجها وذعرها وهو ينافي الرحمة المطلوبة4. ومن المخالفات المتعلقة بأمر الذبح: أن يذكي البهيمة بآلة كآلة.   1 فتاوى تتعلق بأحكام الحج والعمرة والزيارة ص 86-87. 2 رواه أحمد وابن ماجه. 3 رواه الحاكم والطبراني. 4 أحكام الأضحية والزكاة للشيخ ابن عثيمين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 151 فإن في ذلك مخالفة لأمر النبي صلي الله عليه وسلم بإحداد الشفرة1 ولما فيه من تعذيب الحيوان، وقد حرّم ذلك بعض أهل العلم2. ومن الخطأ أيضاً: أن يذكي البهيمة والأخرى تنظر إليها، هكذا قال أهل العلم وذلك لأنها تنزعج إذا رأت أختها تذكي بنحر أو ذبح فإنها تشعر بذلك كما هو مشاهد فإنك ترى القطيع أو الذود ينفر إذا نفرت منه واحدة وإن لم ير السبب الذي نفرت منه3. وهذا قد يكون شاقاً في الحج خاصة لكن إن استطاع أن يمنعها من النظر إلى التي تذبح فليفعل. ومن الأخطاء التي يقع فيها الحجاج: أنهم ينحرون هديهم في غير مكّة ومنى. قال صلي الله عليه وسلم:"قد نحرت هاهنا ومنى كلها منحر، وكل فجاج مكّة طريق ومنحر"4. ومن الأخطاء المتعلقة بالهدي: أنّ بعض الحجاج يذبح أو ينحر هديه في أوّل أيام عشر ذي الحجة خشية الزحام. قال سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:"من ذبح قبل   1 الحديث "وليحدَّ أحدكم شفرته وليرح ذبيحته" رواه مسلم عن شداد بن أوس رضي الله عنه. 2 أحكام الأضحية والزكاة. 3 نفس المصدر السابق. 4 حجة النبي صلي الله عليه وسلم ص 86-87. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 152 العيد دم التمتع فإنه لا يجزئه لأن الرسول صلي اله عليه وسلم وأصحابه لم يذبحوا إلاَّ في أيام النحر وقد قاموا وهم متمتعون في اليوم الرابع من ذي الحجة وبقيت الغنم والإبل التي معهم موقوفة حتى جاء يوم النحر فلو كان ذَبُحها جائزاً قبل ذلك لبادر النبي صلي الله عليه وسلم وأصحابه إليه في الأيام الأربعة التي أقاموها قبل خروجهم إلى عرفات لأن الناس بحاجة إلى اللحوم في ذلك الوقت فلما لم يذبح النبي صلي الله عليه وسلم ولا أصحابه حتى جاء يوم النحر دل ذلك على عدم الإجزاء وأن الذي ذبح قبل يوم النحر قد خالف السنة وأتى بشرع جديد فلا يجزيء كمن صلى أو صام قبل الوقت فلا يصح صوم رمضان قبل وقته ولا الصلاة قبل وقتها ونحو ذلك فالحاصل أن هذه عبادة أدَّاها قبل الوقت فلا تجزيء فعليه أن يعيد هذا الذبح إنْ قدر وإن عجز صام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله فتكون عشرة أيام بدلاً من الذبح" انتهى جواب سماحة الشيخ رحمه الله تعالى. ومما يتهاون به بعض الحجاج إهمال التسمية عند ذبح أو نحر الهدي. وهذا امر لا ينبغي فيه التساهل بل على المسلم أن يحرص على التسمية عند الذبح خاصة أن بعض العلماء يمنع من أكل لحم الذبيحة التي تركت عليها التسمية ولو نسياناً. ومن ذلك أيضاً: أن بعض الحجاج يتصدق بقيمة الهدي ويعتقد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 153 أن ذلك يجزيء عن ذبحه. سُئل سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى عن الهدي الذي يُهدى ولا يستفاد منه إلاّ قليلاً أليس من الأفضل أن يصوم الحاج القادر على الهدي وعند عودته يخرج قيمة الهدي لمساكين وطنه ثم يتم صيام باقي العشرة أيام فما رأيكم أثابكم الله؟. فأجاب رحمه الله تعالى بقوله:"من المعلوم أن الشرائع تتلقى عن الله وعن رسوله لا عن آراء الناس والله سبحانه وتعالى شَرَع لنا في الحج إذا كان الحاج متمتعاً أو قارناً أن يهدي فإذا عجز عن الهدي صام عشرة أيام ثلاثة منها في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله وليس لنا أن نشرع شيئاً من قِبَل أنفسنا -إلى أن قال: أمّا أن يغير نظام الهدي بأن يصوم وهو قادر أو يشتري هديًا في بلاده للفقراء أو يوزع قيمته فهذا تشريع جديد لا يجوز للمسلم أن يفعله لأن المشَرِّع هو الله سبحانه وتعالى وليس لأحد تشريع {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} فالواجب على المسلمين أن يخضعوا لشرع الله وأن ينفذوه وإذا وقع خلل من الناس في تنفيذه وجب الإصلاح والعناية بذلك ... إلخ جوابه رحمه الله تعالى"1بعض الحجاج لا يُحسن التصرف عند ذبح الهدي فبعضهم منذ أن ينحر أو يذبح هديه يعود أدراجه إلى مكان إقامته في منى وقد يكون   1 فتاوى تتعلق بأحكام الحج والعمرة والزيارة ص 93-94. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 154 الهدي بعيداً عن متناول الفقراء فيفسد ذلك اللحم ويذهب هدرًا، وللشيخ الشنقيطي رحمه الله تعالى كلام مُسّددٌ حَول هذه القضية قال رحمه الله تعالى ما نصه1: "اعلم أن ما يفعله كثير من الحجاج الذين يزعمون التقرب بالهدي، يوم النحر من ذبح الغنم في أماكن متفرقة من منى لا يقدر الفقراء على الوصول إليها، والتمكن منها، وتركها مذبوحة ليس بقربها فقير ينتفع بها، وتضيع تلك الغنم بكثرة وتنتفخ وينتشر نتن ريحها في أقطار مني، حتى يعم أرجاءها النتن كأنه نتن الجيف أن كل ذلك لا يجوز وهو إلى المعصية أقرب منه إلى الطاعة، ولا يجوز لمن بسط الله يده إقرارهم على ذلك، لأنه فساد وأذية لسائر الحجاج بالروائح المنتنة، وإضاعة للمال، وإفساد له باسم التقرب إلى الله، ودواء ذلك الداء المنتشر في منى كل سنة أن يعلم كل مهد وكل مضح: أنه يلزمه إيصال لحم ما يتقرب به إلى الفقراء، فعليه إذا ذبحها أن يؤجر من يسلخها طرية حين ذبحها أو يسلخها هو، ويحملها بنفسه أو بأجرة، حتى يوصلها إلى المستحقين، لأن الله يقول {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} ويقول {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} ولا يمكنه إطعام أحد ممن أمره الله بإطعامهم إلا بإيصال ذلك إليهم، ولو اجتهد في إيصاله إليهم، لأمكنه ذلك لأنه قادر عليه   1 أضواء البيان 5/553. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 155 وعلى من بسط الله يده، أن يعين الحجاج المتقربين بالدماء على طريق الإيصال إلى الفقراء بالطرق الكفيلة بتيسير ذلك كتهيئة عدد ضخم من العاملين للإيجار يوم النحر على سلخ الهدايا والضحايا طرية، وحمل لحومها إلى الفقراء في أماكنهم، وكتعدد مواضع الذبح في أرجاء منى، وفجاج مكّة، ونحو ذلك من الطرق المعينة على إيصال الحقوق لمستحقيها" انتهى بحروفه. مخالفات وتنبيهات في الحلق1 تقصير أو حلق بعض الرأس: يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:"لا يجزيء تقصير بعض الرأس ولا حلق بعضه في أصح قولي العلماء بل الواجب حلق الراس كله أو تقصيره كله2. البدء بالجهة اليسرى عند الحلق أو التقصير: والأفضل أن يبدأ بالشق الأيمن في الحلق والتقصير. اعتقاد أن من السنة استقبال القبلة عند الحلق. ومما يتعلق بالحلق والتقصير: أنّ بعض الحجاج أو المتعمرين إذا   1 مأخوذة من كتاب "تبصير الحاج بما يريد ويحتاج". 2 فتاوى إسلامية 2/262. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 156 مَنّ الله تعالى عليهم ويسر عليهم ويسر لهم إتمام نسكهم ختموا ذلك بالمعصية فيلاحظ على كثير من الحجاج أنهم عند حلق رؤوسهم يحلقون أو يقصرون لحاهم، وهذا حرام لا يجوز في النسك ولا في غيره1. والأحاديث الواردة في تحريم حلق اللحى كثيرة منها: قوله صلي الله عليه وسلم:"انهكوا الشوارب واعفوا اللحى" 2وقوله صلي الله عليه وسلم:"جزوا الشوارب وارخو اللحى وخالفوا المجوس" 3وقوله صلي الله عليه وسلم:"ارخوا" وفي رواية:"اتركوا اللحى". مخالفات وتنبيهات في الطواف والسعي4 الطواف للإفاضة قبل منتصف الليل: لأن الطواف للإفاضة قبل منتصف الليل لا يصح5. التحرج من تقديم الطواف والسعي للحج قبل الرمي:   1 من كتاب "من مخالفات الحج والعمرة والزيارة" للشيخ عبد العزيز بن محمد السدحان. 2 رواه البخاري 137) . 3 رواه مسلم. 4 من كتاب "تبصير الحاج بما يريد ويحتاج". 5 مجموع فتاوى ابن باز 5/158. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 157 والصحيح أنه يجوز تقديم الطواف والسعي للحج قبل الرمي1. التحرج من تأخير طواف الإفاضة إلى الوداع: يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:"لا حرج في ذلك إذا طاف عند السفر بعد أعمال الحج فإن طوافه للإفاضة يكفيه عن طواف الوداع سواء نوى طواف الوداع مع طواف الإفاضة أو لم ينو المقصود أن طواف الإفاضة يكفي وحده عن طواف الوداع إذا كان عند الخروج، وإن نواهما جميعاً فلا حرج في ذلك2. تحرج من قدم السعي على الطواف جهلاً منه: يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:"السنة أن يكون الطواف أولاً ثم السعي بعده فإن سعي قبل الطواف جهلاً منه فلا حرج في ذلك، وقد ثبت عنه صلي الله عليه وسلم أنه سأله رجل فقال: سعيت قبل أن أطوف قال:"لا حرج" فدل ذلك على أنه إن قدم السعي أجزأه، لكن السنة أن يطوف ثم يسعي، هذا هو السنة في العمرة والحج جميعاً3. اعتقاد أن على القارن والمفرد سعي ثانٍ: يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:"هذا الذي حج مفرداً، وهكذا لو حج قارناً بالحج والعمرة جميعاً، ثم قدم مكة وطاف وسعى وبقي على إحرامه لكونه مفرداً أو قارناً ولم يتحلل فإنه   1 مجموع فتاوى ابن باز 5/120. 2 فتاوى إسلامية 2/253. 3 فتاوى إسلامية 2/260. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 158 يجزؤه السعي ولا يلزمه سعي آخر، فإذا طاف يوم العيد أو بعده كفاه طواف الإفاضة إذا كان لم يتحلل من إحرامه حتى يوم النحر، أو كان معه الهدي فإنه لا يتحلل حتى يحل من حجه وعمرته جميعاً يوم النحر، والسعي الذي سعاه أولاً مجزئ سواء كان معه هدي أو ليس معه هدي إن كان لم يتحلل إلا بعد ما نزل من عرفة يوم العيد فإن سعيه الأول يكفيه ولا يحتاج إلى سعي ثانٍ إذا كان قارناً بالحج والعمرة أو كان مفرداً للحج، وإنما السعي الثاني على المتمتع الذي أحرم بالعمرة وطاف وسعى وتحلل ثم أحرم بالحج، فهذا عليه سعي ثان للحج غير سعي العمرة1. مخالفات وتنبيهات في التحلل الجماع قبل التحلل الأول والثاني: يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:"في حكم الجماع قبل التحلل الأول: إذا جامع قبل التحلل الأول يفسد حجه، وعليه أن يتمه، وعليه أن يقضيه بعد ذلك، ولو كان حج تطوع، كما أفتى بذلك أصحاب النبي صلي الله عليه وسلم وعليه بدنة يذبحها ويقسمها على الفقراء بمكة المكرمة والله المستعان2.   1 مجموع فتاوى ابن باز 5/126. 2 مجموع فتاوى ابن باز 5/98. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 159 اعتقاد البعض بأنه تحل له النساء بمجرد طواف الإفاضة: يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:"إذا طاف الحاج طواف الإفاضة لا يحل له إتيان النساء إلا إذا كان قد استوفى الأمور الأخرى كرمي الجمرة والحلق أو التقصير، وعند ذلك يباح له النساء وإلا فلا، والطواف وحده لا يكفي ولابد من رمي الجمرة يوم العيد، ولابد من حلق أو تقصير، ولابد من الطواف والسعي إن كان عليه سعي، وبهذا يحل له مباشرة النساء، أما بدون ذلك فلا، لكن إذا فعل اثنين من ثلاثة بأن رمى وحلق أو قصر فإنه يباح له اللبس والطيب ونحو ذلك ما عدا النساء، وهكذا لو رمى وطاف أو طاف وحلق فإنه يحل له الطيب واللباس المخيط، ومثله الصيد وقص الظفر وما أشبه ذلك، لكن لا يحل له جماع النساء إلا باجتماع الثلاثة أن يرمي جمرة العقبة، ويحلق أو يقصر، ويطوف طواف الإفاضة ويسعى إن كان عليه سعي كالمتمتع، وبعد هذا تحل له النساء1. عدم معرفة متى يتم التحلل الأول والثاني: وعدم معرفة أن التحلل لا يحصل إلا بعد السعي لمن كان عليه سعي بعد الطواف: يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:"يحصل التحلل   1 مجموع فتاوى ابن باز 5/127. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 160 الكامل برمي جمرة العقبة يوم العيد، والحلق أو التقصير، وطواف الإفاضة والسعي في حق من عليه سعي، فإذا رمى الحاج جمرة العقبة يوم العيد وحلق رأسه أو قصره وطاف طواف الإفاضة وسعي إن كان عليه سعي، فإنه بذلك قد حل حلاً كاملاً، وإن لم يذبح فيباح له الطيب، ولبس المخيط، وتغطية رأسه، وجماع زوجته، أما إن فعل اثنين من هذه الأمور وهي الرمي والحلق أو التقصير والطواف والسعي إن كان عليه سعي، فإنه يحل له الطيب ولبس المخيط، وكل شيء حرم عليه بالإحرام، ويبقى عليه تحريم النساء حتى يكمل الأمور الأربعة، والسعي تابع للطواف فمن ليس عليه سعي بأن كان مفرداً أو قارناً وقد سعى مع طواف القدوم فإنه لا يبقى عليه إلا الطواف مع الرمي والحلق أو التقصير، فإذا فعل اثنين منها حل التحلل الأول كما تقدم، فإذا فعل الثلاثة فقد حل حلاً كاملاً، أما إن كان لم يسعَ مع طواف القدوم أو كان متمتعاً فإنه لا يتم له الحل الكامل حتى يسعى1.   1 مجموع فتاوى ابن باز 5/176-177. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 161 مخالفات وتنبيهات في المبيت بمنى تفريط بعضهم في السؤال عن حدود منى فيبيت خارجها: وقد سئل فضيلة الشيخ محمد العثيمين حفظه الله تعالى عن حاج اكتشف بعد مضي يومين إنه كان يبيت خارج منى فأجاب:"إذا كنت لم تجد مكاناً فلا شيء عليك وإن كنت قد وجدت المكان وفرطت فعليك أن تتوب إلى الله عزّوجل وإذا كنت لم تبت كل الليالي فإن أهل العلم يقولون إن عليك فدية توزعها على الفقراء بمكة، وإن كنت لم تبت ليلة واحدة وبت في الليلة الثانية فعليك إطعام مسكين1. اعتقاد أن المقصود بالمبيت بمنى هو النوم فقط: يقول فضيلة الشيخ محمد العثيمين حفظه الله تعالى:"المراد بقول أهل العلم أن المبيت بمنى في أيام التشريق واجب، المراد به أن يبقى في منى سواء كان نائماً أو مستيقظاً، وليس المراد أن يكون نائماً فحسب، فعلى هذا نقول للسائل لا يجوز لك أن تبقى في مكة المكرمة أيام التشريق، بل يجب عليك أن تكون في منى. إلا أن أهل العلم يقولون إذا قضى معظم الليل في منى كفاه ذلك، وإذا لم يجد مكاناً في منى، فإنه يجب أن ينزل منتهى آخر خيمة وليس له   1 فتاوى إسلامية 2/273. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 162 أن يذهب إلى مكة المكرمة أيضاً.. بل نقول إنك إذا لم تستطع أن تكون في منى، فانظر آخر خيمة من خيام الحجاج، وكن إلى جنبهم لأن الواجب أن يكون الناس بعضهم مع بعض، كما نقول أيضاً إذا امتلأ المسجد بالناس فإنهم يصفون بعضهم إلى بعض والله أعلم1. بعض الحجاج إذا لم يجدوا مكاناً في منى ذهبوا إلى مكة وباتوا فيها: يقول فضيلة الشيخ صالح الفوزان حفظه الله تعالى: "يقول الله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} فإذا حاولت أن تجد مكاناً تنزل فيه بمنى ولم تجد وتعذر عليك هذا فإنك تنزل في أقرب مكان إليها من مزدلفة أو غيرها متصلاً بمنازل الحجاج، وهذا منتهى استطاعتك ولا شيء عليك إن شاء الله، لكن ما يفعله بعض الحجاج من التساهل في طلب النزول بمنى والبحث عن مكان، ويذهبون وينزلون في شقق في العزيزية أو في مكة من أجل الرفاهية، فهذا عمل لا تبرأ به ذممهم2.   1 فتاوى إسلامية 2/275. 2 المنتقى 1/45. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 163 مخالفات في التعجل اعتقاد أن المراد باليومين في قوله تعالى: {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ} أنهما يوما العيد والذي بعده: يقول فضيلة الشيخ محمد العثيمين حفظه الله تعالى:"أود أن أنبه إخواني الحجاج على هذا الخطأ، فإنَّ كثيراً من الحجاج يَفْهمون من قوله تعالى: {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ} [البقرة:203] أي خرج في اليوم الحادي عشر يعتبرون اليومين يوم العيد ويوم الحادي عشر، والأمر ليس كذلك بل هذا خطأ في الفهم لأن الله تعالى قال: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْه} [البقرة:203] والأيام المعدودات هي: أيام التشريق، وأيام التشريق أولها اليوم الحادي عشر، وعلى هذا فيكون قوله: {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ} [البقرة:203] أي من أيام التشريق وهو اليوم الثاني عشر فينبغي أن يصحح الإنسان مفهومه نحو هذه المسألة حتى لا يُخطئ1. خروج بعض المتعجلين مع أن الغروب قد أدركهم وهم بمنى قبل أن يرتحلوا: يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:"إذا كان   1 فتاوى الشيخ ابن عثيمين 2/606. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 164 الغروب أدركهم وقد ارتحلوا فليس عليهم مبيت، وهم في حكم النافرين قبل الغروب، أما إن أدركهم الغروب قبل أن يرتحلوا فالواجب عليهم أن يبيتوا تلك الليلة أعني ليلة ثلاث عشرة، وأن يرموا الجمار بعد الزوال في اليوم الثالث عشر ثم بعد ذلك ينفرون1. بعض المتعجلين ينزل إلى مكة فيطوف للوداع ثم يرجع إلى منى فيرمي الجمرات ثم يسافر إلى بلده فيكون آخر عهده بالجمار لا بالبيت وقد قال النبي صلي الله عليه وسلم:"لا ينفرن أحدكم حتى يكون آخر عهده بالبيت" فطواف الوداع يجب أن يكون بعد الفراغ من أعمال الحج ثم إذا طاف سافر. مخالفات وتنبيهات في طواف الوداع طواف بعضهم للوداع يوم العيد: يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:"ولو طاف في نفس يوم العيد لا يجزؤه، ولا يسمى وداعاً، لأن طواف الوداع يكون بعد رمي الجمار2. السفر دون طواف الوداع: يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:"فإن خرج ولم   1 مجموع فتاوى ابن باز 5/183. 2 مجموع فتاوى ابن باز 5/160. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 165 يودع البيت، فعليه دم عند جمهور أهل العلم، يذبح في مكة، ويوزع على الفقراء والمساكين، وحجه صحيح1. تقديم طواف الوداع على رمي الجمرات: يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:"فلا يطاف للوداع قبل الرمي لقول النبي صلي الله عليه وسلم:"لا ينفرن أحدكم حتى يكون آخر عهده بالبيت" ولما ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال:" أُمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت، إلا أنه خفف عن المرأة الحائض" 2. متفق على صحته. سعي بعضهم بعد طواف الوداع اعتقاداً منهم أن للوداع سعيا: والصحيح أن الوداع ليس فيه سعي. بل طواف فقط. لا: يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:"الواجب على سكان جدة وأمثالهم ألا ينفروا بعد الحج إلا بعد طواف الوداع كأهل الطائف وأشباههم لعموم قوله صلي الله عليه وسلم يخاطب الحجيج:"لا ينفرن أحد منكم حتى يكون آخر عهده بالبيت"3، خرجه مسلم في صحيحه.   1 مجموع فتاوى ابن باز 5/203. 2 مجموع فتاوى ابن باز 5/160. 3 مجموع فتاوى ابن باز 5/207. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 166 اعتقاد بعضهم أن من وادع لا يجوز له أن يشتري شيئاً من مكة قبل السفر: يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:"وله أن يشتري ما يحتاج إليه بعد الوداع من جميع الحاجات حتى ولو اشترى شيئاً للتجارة مادامت المدة قصيرة لم تطل. أما إن طالت المدة فإنه يعيد الطواف، فإن لم تطل عرفاً فلا إعادة عليه مطلقاً1.   1 فتاوى إسلامية 2/257. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 167 القسم الخامس الفتاوى ميقات المكي للعمرة1 س: أين ميقات المكي للعمرة؟ ج: ميقات العمرة لمن بمكة الحل، لأن عائشة رضي الله عنها لما ألحت على النبي صلي الله عليه وسلم أنْ تعتمر عمرة مفردة بعد أن حجت معه قارنة أمر أخاها عبد الرحمن أن يذهب معها إلى التنعيم لتحرم منه بالعمرة وهو أقرب ما يكون من الحل إلى مكة، وكان ذلك ليلاً، ولو كان الإحرام بالعمرة من مكة أو من أي مكان من الحرم جائزاً لما شق النبي صلي الله عليه وسلم على نفسه على عائشة وأخيها، بأمره أخاها أن يذهب معها إلى التنعيم لتحرم منه بالعمرة وقد كان ذلك ليلاً وهم على سفر ويحوجه ذلك إلى انتظارها، ولأذن لها أن تحرم من منزلها معه ببطحاء مكة عملاً بسمحة الشريعة ويسرها، ولأنه ما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً فإن كان إثماً كان أبعد الناس منه وحيث لم يأذن لها في الإحرام بالعمرة من بطحاء مكة دل ذلك على أن الحرم ليس ميقاتاً للإحرام بالعمرة وكان هذا مخصصاً لحديث "وقَّت رسول الله صلي الله عليه وسلم لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام الجحفة، ولأهل اليمن يلملم وقال هن لهن ولمن أتى عليهن   1 من كتاب "فتاوى الحج والعمرة والزيارة"، من فتاوى كبار العلماء: جمع وترتيب: محمد ابن عبد العزيز المسند. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 171 من غير أهلهن ممن يريد الحج والعمرة ومن كان دون ذلك فمهله من حيث أنشأ حتى أهل مكة يهلون من مكة". اللجنة الدائمة. حكم من قصد مكة لغير حج ولا عمرة س: ما حكم الشرع فيمن خرج من الرياض إلى مكة ولم يقصد لا حجاً ولا عمرة ثم بعد وصوله مكة أراد الحج فأحرم من جدة قارناً فهل يجزئه الإحرام من جدة أم عليه دم ولابد من ذهابه إلى أحد المواقيت المعلومة افتونا مأجورين؟. ج: من خرج من الرياض أو غيرها قاصداً مكة ولم يرد حجاً ولا عمرة وإنما أراد عملاً آخر كالتجارة أو زيارة بعض الأقاب أو نحو ذلك ثم بدا له بعد ما وصل مكة أن يحج فإنه يحرم من مكانه الذي هو فيه، إن كان في جدة أحرم من جدة وإن كان في مكة أحرم من مكة، وهكذا أي مكان يعزم على الحج أو العمرة وهو فيه يحرم منه للحج والعمرة إذا كان دون المواقيت ولا حرج عليه لأن ميقاته هو الذي نوى فيه الحج لقول النبي صلي الله عليه وسلم لمَّا وقَّت المواقيت:"ومن كان دون ذلك فمهله من حيث أنشأ حتى أهل مكة يهلون من مكه". اللجنة الدائمة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 172 حكم مجاوزة الميقات بغير إحرام س: ما حكم من جاوز الميقات دون أن يحرم سواء كان لحج أو عمرة أو لغرض آخر؟ ج: من جاوز الميقات لحج أو عمرة ولم يحرم وجب عليه الرجوع والإحرام بالحج والعمرة من الميقات، لأن رسول الله صلي الله عليه وسلم أمر بذلك قال عليه الصلاة والسلام:"يهل أهل المدينة من ذي الحليفة ويهل أهل الشام من الجحفة ويهل أهل نجد من قرن ويهل أهل اليمن من يلملم". هكذا جاء في الحديث الصحيح وقال ابن عباس:"وقَّت النبي صلي الله عليه وسلم لأهل المدينة ذا الحليفة ولأهل الشام الجحفة، ولأهل نجد قرناً ولأهل اليمن يلملم هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمرة"، فإذا كان قصده الحج أو العمرة يلزمه أن يحرم من الميقات الذي يمر عليه، فإن كان من طريق المدينة أحرم من ذي الحليفة وإن كان من طريق الشام أو مصر أو المغرب أحرم من الجحفة من رابغ الآن، وإن كان من طريق اليمن أحرم من يلملم، وإن كان من طريق نجد أو الطائف أحرم من وادي قرن ويسمى قرناً ويسمى السيل الآن ويسميه بعض الناس وادي محرم، فيحرم من ذلك بحجه أو عمرته أو بهما جميعاً، والأفضل إذا كان في أشهر الحج أن يحرم بالعمرة فيطوف لها ويسعى ويقصر ويحل ثم يحرم بالحج في وقته، وإن كان مر على الميقات في غير أشهر الحج مثل رمضان أو شعبان أحرم بالعمرة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 173 فقط، هذا هو المشروع، أما إن كان قدم لغرض آخر لم يرد حجاً ولا عمرة إنما جاء لمكة للبيع أو الشراء أو لزيارة بعض أقاربه وأصدقائه أو لغرض آخر ولم يرد حجا ولا عمرة فهذا ليس عليه إحرام على الصحيح وله أن يدخل بدون إحرام، هذا هو الراجح في قولي العلماء والأفضل أنه يحرم بالعمرة ليغتنم الفرصة. الشيخ ابن باز الذين يباح لهم مجاوزة الميقات بلا إحرام س: من الذي يجوز له تجاوز الميقات دون إحرام ومن الذي لا يجوز له ذلك وما الذي يلزم من تجاوز الميقات دون إحرام؟ ج: ورد في الصحيح عن ابن عباس رضي الله عنه قال: وقَّت رسول الله صلي الله عليه وسلم لأهل المدينة ذا الحليفة ولأهل الشام الجحفة ولأهل نجد قرن المنازل ولأهل اليمن يلملم وقال هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن يريد الحج والعمرة، الحديث وهو دليل على أن من مر بهذه المواقيت قاصداً مكة لأداء نسك حج أو عمرة لزمه الإحرام، فإن كان لا إرادة له ولا نية وإنما قصد مكة لزيارة قريب أو لأمر خاص جاز له التجاوز إذا كان ممن يتكرر مروره كالحطاب والبريد والأجير للسيارة ونحوهم وبكل حال فلا يلزم الإحرام إلا من مر على الميقات وهو قاصد مكة لحج أو عمرة، ومن تجاوز الميقات بغير إحرام فعليه أن يرجع إليه ليحرم من هناك فإذا نزل من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 174 الطائرة بجدة ركب سيارة إلى ميقات أهل نجد وأحرم منه فإن أحرم من جدة وهو عازم على الحج والعمرة لزمه دم جبران عن تجاوز الميقات. الشيخ ابن جبرين متى يحرم من قدم عن طريق الجو أو البحر س: متى يحرم الحاج والمعتمر القادم عن طريق الجو؟ ج: القادم عن طريق الجو أو البحر يحرم إذا حاذى الميقات مثل صاحب البر، إذا حاذى الميقات أحرم في الجو أو في البحر أو قبله بيسير حتى يحتاط لسرعة الطائرة وسرعة السفينة أو الباخرة. الشيخ ابن جبرين س: قدمت إلى مكة المكرمة من أجل العمل وأديت فريضة الحج عن نفسي وفي السنة الثانية أردت أن أحج عن والدتي المتوفاة وقد سألت بعض الناس عن كيفية الإحرام فقالوا لي أن أذهب إلى جدة وأحرم من هناك وفعلاً ذهبت إلى جدة وأحرمت من هناك وأتممت مناسك الحج فهل حجتي هذه صحيحة أم يلزمني شيء آخر أفعله أفيدوني بارك الله فيكم؟ 1 الجواب: إذا كنت في مكة فإن إحرامك بالحج يكون من مكانك   1 من كتاب "فتاوى الحج" للشيخ محمد بن صالح بن عثيمين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 175 الذي أنت فيه بمكة ولا حاجة أن تخرج إلى جدة ولا إلى غيرها ففي حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلي الله عليه وسلم وقّت المواقيت ثم قال ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ حتى أهل مكة من مكة أما إذا كنت تريد أن تحرم بعمرة وأنت في مكة فإنه لابد أن تخرج لأدنى الحل يعني إلى خارج حدود الحرم حتى تُهِلْ بها ولهذا لما طلبت عائشة رضي الله عنها من النبي صلي الله عليه وسلم أن تأتي بعمرة أمر أخاها عبد الرحمن بن أبي بكر أن يخرج بها إلى التنعيم حتى تهل منه، وعلى هذا الذي قال لك لابد أن تخرج إلى جدة لا وجه لقوله وحجك بكل تقدير صحيح إن شاء الله تعالى ما دام متمشياً على منهاج الرسول صلي الله عليه وسلم ويكون لأمك كما أردته. ما حكم من أتى من بلده بالطائرة ولم يحرم في الميقات وأحرم من جدة؟ الجواب: إن كان عالماً فهو آثم وعليه الفدية يذبحها في مكة ويوزعها على الفقراء لتركه الواجب وهو الإحرام من الميقات وإن كان جاهلاً فليس بآثم لكن عليه الفدية يذبحها في مكة ويوزعها على الفقراء لتركه الواجب، لأن كل من أراد الحج والعمرة ومر بالمواقيت فإنه يجب عليه أن يحرم من أول ميقات يمر به. ما حكم من خرج من الرياض إلى مكة ولم يقصد لا حجاً ولا عمرة ثم بعد وصوله مكة أراد الحج فأحرم من جدة قارناً فهل يجزئه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 176 الإحرام من جدة أم عليه دم لابد من ذهابه إلى المواقيت المعلومة، أفتونا مأجورين؟ الجواب: إذا تجاوز الإنسان الميقات وهو لا يريد حجاً ولا عمرة فليس عليه شيء وإذا تجددت له النية بعد أن تجاوز المواقيت فإنه يحرم من المكان الذي تجددت له به النية لقوله صلي الله عليه وسلم:"ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ". المحرم ماذا يلزمه وماذا عليه أن يفعل إذا وقع على ثوب الإحرام دم قليل أو كثير فهل يصلي فيه وعليه الدم؟ وما حد ما يبطل الصلاة أو الحج من الدم إذا وقع على ثوب الإحرام؟ الجواب: الدم إذا كان خارجاً من السبيلين فهو نجس قليله وكثيره، أما إذا كان خارجاً من غير السبيلين فإنه يعفى عن يسيره كما قاله أهل العلم ولا يضره إذا كان على ثوب الإحرام، أو في الصلاة. الاغتسال للمحرم هل يجوز؟ وأنه يحج عن جده المتوفي؟ الجواب: الاغتسال للمحرم لا بأس به لثبوت ذلك عن النبي صلي الله عليه وسلم سواء اغتسل مرة أو مرتين أو أكثر ولكنه يجب أن يغتسل من الجنابة إذا احتلم وهو محرم. وأما حجه عن جده المتوفي فلا بأس به لأنه جاءت به السنة عن النبي صلي الله عليه وسلم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 177 س: من أحرم بالحج متمتعاً واعتمر ولم يخلع إحرامه إلى أن ذبح الهدي جاهلاً ماذا عليه؟ الجواب: يجب عليك أن تعرف أن الإنسان إذا أحرم متمتعاً فإنه إذا طاف وسعى وقصر من شعره من جميع الرأس حل من إحرامه، فإذا استمررت في إحرامك فإنك إن كنت قد نويت الحج قبل أن تشرع في الطواف أي طواف العمرة فهذا لا حرج عليك وتكون قارناً فتكون ما أديت من الهدي عن القران وإن كنت بقيت على نية العمرة فطفت وسعيت ثم نويت الحج قبل أن تحلق أو تقصر فإن كثيراً من أهل العلم يقول إن إحرامك بالحج غير صحيح، لأنه لا يصح إدخال الحج على العمرة بعد الشروع في طوافها ويرى بعض أهل العلم أنه لا بأس به وحيث إنك جاهل في هذه الحال فأرى أن لا شيء عليك وأن حجك صحيح إن شاء الله هذا إذا كنت أحرمت بالحج قبل التحلل من العمرة أما إن كنت تحللت منها فطفت وسعيت وقصرت وبقي ثوب الإحرام فقط ثم أحرمت بالحج فلا شيء عليك. هل يجوز للمرأة المحرمة بالحج أن تغير ملابسها متى شاءت وهل للإحرام ملابس معينة وما حكم النقاب والقفازين للمحرمة؟ الجواب: نعم يجوز للمرأة المحرمة أن تغير ثيابها إلى ثياب أخرى سواء كان ذلك لحاجة أم لغير حاجة لكن بشرط أن تكون الثياب الأخرى ليست ثياب تبرج وجمال أمام الرجال، وعلى هذا فإذا أرادت أن تغير الجزء: 1 ¦ الصفحة: 178 أحد ثيابها التي أحرمت بها فلا حرج عليها وليس للإحرام ثياب تخصصه بالنسبة للمرأة، بل تلبس ما شاءت، إلا أنها لا تلبس النقاب ولا تلبس القفازين والنقاب معروف هو الذي يوضع على الوجه ويكون فيه نقب للعينين أما القفازان فهما اللذان يلبسان في اليد ويسميان شراب اليدين وأما الرجل فله لباس خاص في الإحرام هو الإزار والرداء فلا يلبس القميص ولا السراويل ولا العمائم ولا البرانص ولا الخفاف ويجوز له أن يغير رداءه إلى رداء آخر وإزاره إلى إزار آخر. هل يجوز للمرأة أن تلبس الكفوف والجوارب في الحج؟ الجواب: أما الجوارب فلها أن تلبسها في الحج لأن النبي صلي الله عليه وسلم لم يَنْه عنها المراة، وأما الكفوف وهما القفازان فإنها لا تلبسها لأن الرسول صلي الله عليه وسلم نهى المرأة أن تلبس القفازين في حال الإحرام. ماذا يفعل الحاج في اليوم الثامن من ذي الحجة؟ الجواب: إن كان قارناً أو مفرداً وقد أحرم من قبل فالإحرام واضح وإذا كان متمتعاً فإنه يحرم في اليوم الثامن من ذي الحجة فيغتسل ويلبس ثياب الإحرام ويخرج إلى منى ويبقى فيها ويصلي الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر وفي صباح يوم عرفة يسير إلى عرفة بعد طلوع الشمس. إنني أخذت عمرة في أول شهر رمضان في هذا العام ومكثت مدة خمسة عشر يوماً ورجعت لأخذ عمرة بثوبي فأول ما وصلت إلى الحرم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 179 صليت ركعتين ونويتها تحية المسجد وطفت سبعة أشواط على البيت وتحولت بعدها فصليت ركعتين خلف مقام إبراهيم عليه السلام وتحولت إلى السعي فسعيت سبعة أشواط وبعد ذلك قصرت من شعري؟ الجواب: الذي حصل منك هو أنك لم تحرم من الميقات والإحرام من الميقات واجب من الواجبات وقد ذكر العلماء أن من ترك واجباً من واجبات الحج أو العمرة فإنه عليه فدية يذبحها في مكة ويفرقها على الفقراء وأما بقاء اللباس عليك فالظاهر أنك جاهل لهذا الشيء لأنك لم تعلم أنه حرام والجاهل لا شيء عليه إذا فعل شيئاً من محظورات الإحرام. جدة ليست ميقاتاً1 س: بعضهم يفتي للقادم للحج بطريق الجو بأن يحرم من جدة وآخرون ينكرون ذلك، فما هو وجه الصواب في هذه المسألة؟ أفتونا ماجورين؟. الجواب: الواجب على جميع الحجاج جواً وبحراً وبراً أن يحرموا من الميقات الذي يمرون عليه براً أو يحاذونه جواً أو بحراً لقول النبي صلي الله عليه وسلم لما   1 من كتاب "فتاوى الحج والعمرة والزيارة" من فتاوى كبار العلماء، جمع وترتيب: محمد ابن عبد العزيز المسند. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 180 وقّت المواقيت:"هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمرة" [الحديث متفق عليه] . الشيخ ابن باز حكم تأخير الإحرام إلى جدة س: رجل أراد الحج أو العمرة ولبس ثياب الإحرام بالطائرة، ثم هو مع ذلك لا يعرف مكان الميقات فهل له تأخير الإحرام إلى جدة أم لا؟. الجواب: إذا أراد الحج أو العمرة جواً فله أن يغتسل في بيته ويلبس الإزار والرداء إن شاء، فإذا بقي على الميقات شيء قليل أحرم بما يريد من حج أو عمرة وليس في ذلك مشقة. وإذا كان لا يعرف الميقات فإنه يسأل قائد الطائرة أو أحد ملاحي الطائرة أو أحد الركاب ممن يثق به من أهل الخبرة بذلك وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه. اللجنة الدائمة. حكم الإحرام من جدة لمن قدم بالطائرة س: ما حكم من نوى الحج قادماً من أحد البلدان وهبطت الطائرة في مطار جدة وهو لم يحرم فأحرم من جدة فماذا عليه؟. الجواب: إذا هبطت الطائرة في جدة وهو من أهل الشام أو مصر فإنه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 181 يحرم من رابغ، يذهب إلى رابغ في السيارة أو غيرها ويحرم من رابغ ولا يحرم من جدة، وهكذا لو جاء من نجد ولم يحرم حتى نزل إلى جدة يذهب إلى السيل وهو وادي قرن فيحرم منه، فإذا أحرم من جدة ولم يذهب فعليه دمٌ شاة واحدة تجزيء في الأضحية يذبحها في مكة للفقراء أو سُبع بدنة أو سُبع بقرة جبراً لحجته أو عمرته وبالله التوفيق. الشيخ ابن باز حكم التردد بين الطائف وجدة للعمل بلا إحرام س: موظف قد عزم على الحج لكن له أعمال في الطائف يتردد من أجلها بين الطائف وجدة بغير إحرام؟. الجواب: لا حرج في ذلك لأنه حين تردده من الطائف إلى جدة لم يقصد حجاً ولا عمرة وإنما أراد قضاء حاجاته لكن من علم في الرجعة الأخيرة من الطائف أنه لا عودة له إلى الطائف قبل الحج فعليه أن يحرم من الميقات بالعمرة أو الحج، أما إذا لم يعلم ثم صادف وقت الحج وهو في جدة فإنه يحرم من جدة بالحج ولا شيء عليه، ويكون حكمه حكم المقيمين في جدة الذين جاءوا إليها لبعض الأعمال ولم يريدوا حجاً ولا عمرة عند مرورهم بالميقات. الشيخ ابن باز الجزء: 1 ¦ الصفحة: 182 حكم الإحرام من مدينة جدة لأهل الطائف س: ما حكم من نزل من الطائف إلى جدة للإقام بها إلى وقت الحج وهو حين النزول ينوي الحج من ذلك العام، وكان نزوله في أشهر الحج وأحرم من جدة بالحج أو بالعمرة؟ الجواب: ظاهر الأدلة الشرعية أن على هذا أن يرجع ويحرم من ميقات الطائف إذا أراد الحج أو العمرة لكونه جاوزه بدون إحرام وهو ناو للحج ومن لم يفعل وأحرم من جدة فعليه دم يذبح في مكة للفقراء. أما إن كان حين جاوز الميقات ليس عنده جزم بحج ولا عمرة فلا حرج في إحرامه من جدة بالحج أو العمرة لقول النبي صلي الله عليه وسلم لما وقت المواقيت:"هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج أو العمرة، فمن كان دون ذلك فمهله من أهل حتى أهل مكة من مكة". الشيخ ابن باز أحرم من جدة قادماً من المدينة س: يقول: إنني طالب بالمدينة وأردت العمرة فلم أجد سيارة إلى مكة مباشرة وإنما ذهبت إلى جدة أولاً فأحرمت في جدة فما يجب عليَّ؟ وهل يصح أن أحرم من جدة؟ الجواب: إذا كان الواقع كما ذكرت من أنك أردت العمرة وأنت في المدينة وذهبت إلى جدة وأحرمت منها فقد أخطأت بتجاوزك لميقات الجزء: 1 ¦ الصفحة: 183 أهل المدينة بدون إحرام وعليك أن تستغفر الله وألا تعود لمثلها وتجبر نقص إحرامك بتجاوزك الميقات بدون إحرام بذبح رأس من الغنم يجزئ في الأضحية في أي وقت في مكة المكرمة يوزع على فقراء الحرم ولا تأكل منه شيئاً، وبالله التوفيق وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم. اللجنة الدائمة. "أنساك الحج" حكم من نسي التلبية س: حاج أحرم من الميقات لكنه في التلبية نسي أن يقول لبيك عمرة متمتعاً بها إلى الحج فهل يكمل نسكه متمتعاً وماذا عليه إذا تحلل من عمرته ثم أحرم بالحج من مكة؟ الجواب: إذا كان نوى العمرة عند إحرامه ولكن نسي التلبية وهو ناوٍ العمرة حكمه حكم من لبى، يطوف ويسعى ويقصر ويتحلل، وتشرع له التلبية في أثناء الطريق فلو لم يلب فلا شيء عليه، لأن التلبية سنة مؤكدة فيطوف ويسعى ويقصر ويجعلها عمرة لأنه ناوٍ عمرة، أما إن كان في الإحرام ناوياً حجاً والوقت واسع فإن الأفضل أن يفسخ حجه إلى عمرة فيطوف ويسعى ويقصر ويتحلل والحمد لله ويكون حكمه حكم المتمتعين. الشيخ ابن باز الجزء: 1 ¦ الصفحة: 184 حكم من اعتمر في رمضان وأراد الحج في العام نفسه وأنواع النسك س: فضيلة الشيخ: ماذا ترون حول من أخذ عمرة بشهر رمضان المبارك وأراد الحج بنفس العام، فهل يلزمه الفدي، وما هي أفضل أنواع النسك؟؟!. الجواب: من أخذ عمرة في رمضان ثم أحرم بالحج مفرداً في ذلك العام، فإنه لا فدية عليه، لأن الفدية إنما تلزم من تمتع بالعمرة إلى الحج لقول الله سبحانه وتعالى: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} والذي أتى بعمرة في رمضان ثم أحرم بالحج في أشهره لا يسمى متمتعاً، وإنما المتمتع من أحرم بالعمرة في أشهر الحج وهي شوال وذو القعدة والعشر الأول من ذي الحجة، ثم أحرم بالحج من عامة، أو قرن بين الحج والعمرة فهذا هو المتمتع وهو الذي عليه الفدية. والأفضل لمن أراد الحج أن يأتي بعمرة مع حجته ويطوف لها ويسعى ويقصر ويحل ثم يحرم بالحج في عامه، والأفضل أن يكون إحرامه بالحج في اليوم الثامن من ذي الحجة، كما أمر النبي صلي الله عليه وسلم أصحابه بذلك في حجة الوداع. وعلى المتمتع أن يطوف ويسعى لحجه كما طاف وسعى للعمرة، ولا يجزئه سعي العمرة عن سعي الحج عند أكثر أهل العلم، وهو الصواب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 185 لدلالة الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلي الله عليه وسلم على ذلك. الشيخ ابن باز من اعتمر قبل أشهر الحج لا يكون متمتعاً س: إذا قدم المسلم إلى مكة قبل أشهر الحج بنية الحج ثم اعتمر وبقي إلى الحج فحج فهل حجه يعتبر تمتعاً أو إفراداً؟. الجواب: حجه يعتبر إفراداً لأن التمتع هو أن يحرم بالعمرة في أشهر الحج ويفرغ منها ثم يحرم بالحج من عامه إلا إذا قرن بأن يحرم بالحج والعمرة جميعاً فيكون قارناً وإنما اختص التمتع بمن أحرم بالعمرة في أشهر الحج لأنه لما دخلت أشهر الحج كان الإحرام بالحج فيها أخص من الإحرام بالعمرة فخفف الله تعالى عن العباد وأذن لهم بل أحب أن يجعلوه عمرة ليتمتعوا بها إلى الحج فيفعلوا ما كان حراماً عليهم بالإحرام. الشيخ ابن عثيمين من اعتمر في شوال وعاد إلى أهله ثم حج مفرداً هل يكون متمتعا؟ س: أديت العمرة أواخر شهر شوال ثم عدت بنية الحج مفرداً فأرجو إفادتي عن وضعي هل أعتبر متمتعاً ويجب عليَّ الهدي أم لا؟. الجواب: إذا أدَّى الإنسان العمرة في شوال أو في ذي القعدة ثم رجع الجزء: 1 ¦ الصفحة: 186 إلى أهله ثم أتى بالحج مفرداً فالجمهور على أنه ليس بمتمتع وليس عليه هدي لأنه ذهب إلى أهله ثم رجع بالحج مفرداً، وهذا هو المروي عن عمر وابنه رضي الله عنهما، وهو قول الجمهور، والمروي عن ابن عباس أنَّه يكون متمتعاً أن عليه الهدي لأنه جمع بين الحج والعمرة في أشهر الحج في سنة واحدة، أما الجمهور فيقولون إذا رجع إلى أهله، وبعضهم يقول: إذا سافر مسافة قصر، ثم جاء بحج مفرد فليس بتمتع، ويظهر والله أعلم أن الأرجح ما جاء عن عمر وابنه رضي الله عنهما، أنه إذا رجع إلى أهله فإنه ليس بمتمتع وأما من جاء للحج وأدى العمرة ثم بقي في جدة أو الطائف ثم أحرم بالحج فهذا متمتع، فخروجه إلى الطائف أو جدة أو المدينة لا يخرجه عن كونه متمتعاً لأنه جاء لأدائهما جميعاً وإنما سافر إلى جدة أو الطائف لحاجة وكذا من سافر إلى المدينة للزيارة كل ذلك لا يخرجه عن كونه متمتعاً في الأظهر والأرجح، فعليه الهدي، هدي المتمتع، وعليه أن يسعى لحجه كما سعى لعمرته. اللجنة الدائمة وقت التمتع وحكم الإحرام بالحج قبل يوم التروية س: المتمتع هل له وقت محدود يتمتع فيه وهل له أن يحرم بالحج قبل يوم التروية؟ الجواب: نعم الإحرام بالتمتع له وقت محدود وهو شوال وذو القعدة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 187 والعشر الأول من ذي الحجة، هذه أشهر الحج، فليس له أن يحرم بالتمتع قبل شوال ولا بعد ليلة العيد، ولكن الأفضل أن يحرم بالعمرة وحدها فإذا فرغ منها أحرم بالحج وحده هذا هو التمتع الكامل وإن أحرم بهما جميعاً سمي متمتعاً وسمي قارناً وفي الحالتين جميعاً عليه دم يسمى دم التمتع وهو ذبيحة واحدة تجزئ في الأضحية أو سُبع بدنة أو سُبع بقرة لقوله تعالى: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} ، فإن عجز صام عشرة أيام، ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله والمدة غير محددة كما تقدم. فلو أحرم بالعمرة في أول شوال وحلَّ منها صارت المدة بين العمرة وبين الإحرام بالحج طويلة إلى ثامن ذي الحجة كما أحرم أصحاب النبي صلي الله عليه وسلم بذلك بأمر النبي عليه الصلاة والسلام فإنه أمرهم أن يحلوا من إحرامهم لما قدموا مفردين بالحج وبعضهم قدم قارناً بين الحج والعمرة، فأمرهم النبي صلي الله عليه وسلم أن يحلّوا إلا من كان معه الهدي، فطافوا وسعوا وقصروا وحلوا وصاروا متمتعين بذلك، فلما كان يوم التروية وهو اليوم الثامن، أمرهم أن يهلوا بالحج من منازلهم، وهذا هو الأفضل، ولو أهل بالحج قبل ذلك في أول ذي الحجة أو قبل ذلك أجزأه وصح ولكن الأفضل أن يكون إهلاله بالحج في اليوم الثامن كما فعله أصحاب النبي صلي الله عليه وسلم بأمره عليه الصلاة والسلام. الشيخ ابن باز الجزء: 1 ¦ الصفحة: 188 المفرد ليس عليه إلا سعي واحد س: حججت مفرداً وقمت بالطواف والسعي قبل عرفة فهل يلزمني الطواف والسعي عند الإفاضة، أو مع طواف الإفاضة؟ الجواب: هذا الذي حج مفرداً وهكذا لو حج قارناً بالحج والعمرة جميعاً ثم قدم مكة وطاف وسعى وبقي على إحرامه لأنه مفرداً أو قارناً ولم يتحلل فإنه يجزؤه السعي ولا يلزمه سعي آخر، فإذا طاف يوم العيد كفاه طواف الإفاضة إذا كان لم يتحلل من إحرامه حتى يوم النحر أو كان معه الهدي فإنه لا يتحلل حتى يحل من حجه وعمرته جميعاً يوم النحر، والسعي الذي سعاه أولا مجزيء سواء كان معه هدي أو ليس معه هدي إن كان لم يتحلل إلا بعد ما نزل من عرفة يوم العيد فإن سعيه الأول يكفيه ولا يحتاج إلى سعي ثان إذا كان قارناً بالحج والعمرة أو كان مفرداً للحج، وإنما السعي الثاني على المتمتع الذي أحرم بالعمرة وطاف وسعى لهذا، وتحلل ثم أحرم بالحج لهذا عليه سعي ثان للحج غير سعي العمرة. الشيخ ابن باز حكم قلب النسك من القران إلى التمتع س: ما حكم من أحرم بالحج والعمرة قارناً وبعد العمرة حل الإحرام هل يعتبر متمتعاً؟ الجواب: نعم إذا أحرم بالحج والعمرة قارناً ثم طاف وسعى وقصر وجعلها عمرة يسمى متمتعاً وعليه دم التمتع. الشيخ ابن باز الجزء: 1 ¦ الصفحة: 189 حكم من نوى الإفراد ثم أراد التمتع س: ما حكم من نوى الحج بالإفراد ثم بعد وصوله إلى مكة قَلَبَه تمتعاً فأتى بالعمرة تحلل منها فماذا عليه ومتى يحرم بالحج ومن أين؟. الجواب: هذا هو الأفضل إذا قدم المحرم بالحج أو بالحج والعمرة جميعاً فإن الأفضل أن يجعلها عمرة وهو الذي أمر به النبي صلي الله عليه وسلم أصحابه لما قدموا، بعضهم قارن وبعضهم مفرد بالحج، وليس معهم هدي، أمرهم أن يجعلوها عمرة، فطافوا وسعوا وقصروا وحلوا إلا من كان معه الهدي فإنه يبقى على إحرامه حتى يحل منهما إن كان قارناً أو من الحج إن كان محرماً بالحج، يوم العيد. المقصود أن من جاء مكة محرماً بالحج وحده أو بالحج والعمرة جميعاً وليس معه هدي فإن السنة أن يفسخ إحرامه إلى عمرة فيطوف ويسعى ويقصر ويتحلل ثم يحرم بالحج في وقته ويكون متمتعاً وعليه دم التمتع. الشيخ ابن باز نسخ القران والإفراد س: يدعي بعض الناس أن القران والإفراد قد نسخا بأمر النبي صلي الله عليه وسلم للصحابة بأن يتمتعوا فما رأي سماحتكم في هذا القول؟ الجواب: هذا قول باطل لا أساس له من الصحة وقد أجمع العلماء على أن الأنساك ثلاثة: الإفراد، والقران، والتمتع فمن أفرد الحج فإحرامه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 190 صحيح، وحجه صحيح ولا فدية عليه لكن إنْ فسخه إلى العمرة فهو أفضل في أصح أقوال أهل العلم لأن النبي صلي الله عليه وسلم أمر الذين أحرموا بالحج أو قرنوا بين الحج والعمرة وليس معهم هدي أن يجعلوا إحرامهم عمرة فيطوفوا ويسعوا ويقصروا ويحلوا وقد فعل الصحابة ذلك رضي الله عنهم وليس ذلك نسخاً لإفراد الحج وإنما هو إرشاد من النبي صلي الله عليه وسلم إلى ما هو الأفضل والأكمل، والله ولي التوفيق. الشيخ ابن باز حكم من نوى التمتع ثم لبى مفرداً س: ما حكم من نوى بالحج متمتعاً وبعد الميقات غير رأيه ولبى بالحج مفرداً هل عليه هدي؟ الجواب: هذا يختلف فإن كان قبل وصوله إلى الميقات نوى أنه يتمتع، وبعد وصوله إلى الميقات غير نيته وأحرم بالحج وحده فهذا لا حرج عليه ولا فدية، أما إن كان لبى بالعمرة والحج جميعاً من الميقات أو قبل الميقات ثم أراد أن يجعله حجاً فليس له ذلك، ولكن لا مانع أن يجعله عمرة، أما أن يجعله حجاً فلا، فالقران لا يفسخ إلى حج ولكن يفسخ إلى عمرة لأنه أرفق بالمؤمن ولأنها هي التي أمر بها النبي أصحابه عليه الصلاة والسلام فإذا أحرم بهما جميعاً من الميقات ثم أراد أن يجعله حجاً مفرداً فليس له ذلك ولكن له أن يجعل ذلك عمرة مفردة وهو الأفضل له، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 191 فيطوف ويسعى ويقصر ويحل ثم يلبي بالحج بعد ذلك فيكون متمتعاً. الشيخ ابن باز ضاعت نقوده فلم يستطع أن يفدي فقلب حجه إلى الإفراد س: ما حكم من أحرم بالحج والعمرة وبعد وصوله إلى مكة ضاعت نفقته ولم يستطع أن يفدي وغير نيته إلى مفرد هل يصح ذلك، وإذا كانت الحجة لغيره ومشترطاً عليه التمتع فماذا يفعل؟ الجواب: ليس له ذلك ولو ضاعت نفقته، إذا عجز يصوم عشرة أيام، والحمد لله، ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله ويبقى على تمتعه، وعليه أن ينفذ الشرط بأن يحرم بالعمرة ويطوف ويسعى ويقصر ويحل ثم يلبي بالحج ويفدي، فإن عجز صام عشرة أيام ثلاثة في الحج قبل عرفه وسبعة إذا رجع إلى أهله لأن الأفضل أن يكون يوم عرفة مفطراً اقتداء بالنبي صلي الله عليه وسلم، فإنه وقف بها مفطراً. الشيخ ابن باز حكم الانتقال من الإفراد إلى القران س: جاء في بعض كتب الحديث أن الحاج المفرد لا يجوز له أن ينتقل من الإفراد إلى القران فهل هذا صحيح؟ الجواب: الرسول صلي الله عليه وسلم أمر الحجاج المفردين والقارنين أن ينتقلوا من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 192 حجهم وقرانهم إلى العمرة وليس لأحد كلام مع رسول الله صلي الله عليه وسلم، فالرسول عليه الصلاة والسلام أمر أصحابه في حجة الوداع وكانوا على ثلاثة أقسام، قسم منهم أحرموا بالقران أي لبوا بالحج والعمرة، وقسم لبوا بالحج مفرداً، وقسم لبوا بالعمرة، وكان النبي صلي الله عليه وسلم قد لبى بالحج والعمرة جميعاً أي قارناً، لأنه قد ساق الهدي، فأمرهم عليه الصلاة والسلام لما دنوا من مكة أن يجعلوها عمرة إلا من كان معه الهدي فلما دخلوا مكة وطافوا وسعوا أكد عليهم أن يقصروا ويحلوا إلا من كان معه الهدي، فسمعوا وأطاعوا وقصروا وحلوا، هذا هو السنة لمن قدم مفرداً أو قارناً وليس معه هدي حتى يستريح ولا يتكلف، فإذا جاء اليوم الثامن أحرم بالحج، ولا يخفى ما في هذا من الخير العظيم لأن الحاج إذا بقي من أول ذي الحجة أو من نصف ذي القعدة وهو محرم لا يأتي ما نُهِي المحرم عن فعله -فإنه يشق عليه ذلك، فينبغي قبول هذا التيسير من الله سبحانه وتعالى. والله ولي التوفيق. الشيخ ابن باز الجزء: 1 ¦ الصفحة: 193 حكم من حج ولم يعتمر س: حججت حجة فرض ولم أعتمر معها فهل عليَّ شيء؟ ومن اعتمر مع حجه هل يلزمه الاعتمار مرة أخرى؟ الجواب: إذا حج الإنسان ولم يعتمر سابقاً في حياته بعد بلوغه فإنه يعتمر سواء كان قبل الحج أو بعده، أما إذا حج ولم يعتمر فإنه يعتمر بعد الحج إذا كان لم يعتمر سابقاً لأن الله أوجب الحج والعمرة، وقد دل على ذلك عدة أحاديث عن النبي صلي الله عليه وسلم، فالواجب على المؤمن أن يؤديها، فإن قرن الحج والعمرة فلا بأس بأن أحرم بهما جميعاً، أو أحرم بالعمرة ثم أدخل عليها الحج فلا بأس، ويكفيه ذلك، أما إن حج مفرداً بأن أحرم بالحج مفرداً من الميقات ثم بقي على إحرامه حتى أكمله فإنه يأتي بعمرة بعد ذلك من التنعيم أو من الجعرانة أي من الحل خارج الحرم فيحرم هناك ثم يدخل فيطوف ويسعى ويحلق أو يقصر هذه هي العمرة كما فعلت عائشة رضي الله عنها فإنها لما قدمت وهي محرمة بالعمرة أصابها الحيض قرب مكة فلم تتمكن من الطواف بالبيت وتكميل عمرتها فأمرها الرسول صلي الله عليه وسلم أن تحرم بالحج وأن تكون قارنة ففعلت ذلك وكملت حجها ثم طلبت من النبي صلي الله عليه وسلم أن تعتمر لأن صواحباتها قد اعتمرن عمرة مفردة فأمر أخاها عبد الرحمن أن يذهب بها إلى التنعيم فتحرم بالعمرة من هناك فذهبت إلى التنعيم وأحرمت بعمرة ودخلت وطافت وسعت وقصرت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 194 فهذا دليل على أن من لم يؤد العمرة في حجه يكفيه أن يحرم من التنعيم وأشباهه من الحل ولا يلزمه الخروج إلى الميقات، أما من اعتمر سابقاً وحج سابقاً ثم جاء ويسر الله له الحج فإنه لا تلزمه العمرة ويكتفي بالعمرة السابقة، لأن العمرة إنما تجب في العمر مرة كالحج سواء، فالحج مرة في العمر والعمرة كذلك. الشيخ ابن باز "الإحرام ونية النسك " معنى الإحرام وما يسن له س: ما معنى الإحرام وما الذي يسن للمحرم؟ الجواب: الإحرام هو نية النسك وهو عقد القلب على الدخول في نسك الحج أو العمرة بحيث إذا دخل فيها امتنع من المحظورات المحرمة على المحرم، وليس الإحرام مجرد اللباس، فقد يلبس الإزار والرداء وهو في بلده بغير نية ولا يسمى محرماً، وقد يحرم بقلبه ويترك عليه لباسه المعتاد كالقميص والعمامة ونحوهما ويفدي، ويسن عند الإحرام الاغتسال إن كان بعيد العهد بالنظافة ومدة إحرامه تطول فإن كان قد اغتسل وتنظف قبل يوم فلا حاجة إلى تجديد الاغتسال، ويسن له أن يتنظف من الوسخ ونحوه ويقص شاربه إن كان طويلاً مخافة أن يطول بعد الإحرام ويتأذى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 195 به، ويسن أن يتطيب قبل النية حيث أنه ممنوع منه بعد النية حتى لا يتأذى بالعرق والوسخ فإن لم يخف من ذلك فلا بأس بتركه وهو الغالب في هذه الأزمنة لقصر مدة الإحرام سواء في الحج أو العمرة والله أعلم. الشيخ ابن جبرين إحرام النبي صلي الله عليه وسلم وتلبيته وغسله للإحرام س: هل الرسول صلي الله عليه وسلم أحرم واغتسل من المدينة المنورة؟ الجواب: أحرم النبي صلي الله عليه وسلم من ذي الحليفة أي أهلَّ بالنسك ولبى به منها لا من المدينة، وذلك أن النبي صلي الله عليه وسلم وقَّت المواقيت المكانية لنسك الحج والعمرة فجعل ذا الحليفة ميقاتاً لأهل المدينة وما كان صلي الله عليه سلم ليشرّع شيئاً ويخالفه، وقد ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: "وقَّت رسول الله لأهل المدينة ذا الحليفة ولأهل الشام الجحفة ولأهل نجد قرن المنازل ولأهل اليمن يلملم وقال هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمرة ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ حتى أهل مكة من مكة" رواه البخاري ومسلم. وثبت عن سالم بن عبد الله بن عمر رضي الله عنهم أنه سمع أباه يقول:" ما أهلَّ رسول الله صلي الله عليه وسلم إلا من عند المسجد يعني مسجد ذي الحليفة"، رواه البخاري ومسلم، واغتسل بذي الحليفة أيضاً لما روي عن خارجة بن زيد بن ثابت، عن أبيه "أنه رأى النبي صلي الله عليه وسلم تجرد لإهلاله واغتسل" رواه الترمذي وصلى الله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 196 على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. اللجنة الدائمة. الأفضل أن يغتسل قبل الإحرام س: إذا نزل مريد الحج من مكة إلى منى في اليوم الثامن من ذي الحجة واغتسل من منى فهل يكفيه ذلك، وماذا عليه؟ الجواب: إذا اغتسل من منى فلا حرج عليه في ذلك، لكن الأفضل أن يغتسل قبل إحرامه في بيته أو في أي مكان في مكة ثم يحرم بالحج في منزله، ولا حاجة إلى دخوله إلى المسجد الحرام للطواف، لأن الخارج إلى منى يوم التروية ليس عليه وداع، فإذا أحرم دون غسل فلا حرج، وإذا اغتسل بعد ذلك في منى وهو محرم فلا بأس، لكن الأفضل والسنة أن يكون غسله قبل أن يحرم فإن لم يغتسل بل أحرم من دون غسل أو من وضوء فلا حرج في ذلك لأن الغسل سنة والوضوء سنة في هذا المقام. الشيخ ابن باز حكم التلفظ بالنية في الحج والعمرة س: هل يجوز التلفظ بالنية لأداء العمرة أو الحج أو الطواف والسعي بالبيت الحرام ومتى يجوز التلفظ بها؟. الجواب: التلفظ بالنية لم يرد عن النبي صلي الله عليه وسلم لا في الصلاة ولا في الجزء: 1 ¦ الصفحة: 197 الطهارة ولا في الصيام ولا في أي شيء من عباداته صلي الله عليه وسلم حتى في الحج والعمرة لم يكن صلي الله عليه وسلم يقول إذا أراد الحج أو العمرة. اللهم إني أريد كذا وكذا، ما ثبت عنه ذلك ولا أمر به أحداً من أصحابه، غاية ما ورد في هذا الأمر أن ضباعة بنت الزبير رضي الله عنها شكت إليه أنها تريد الحج وهي شاكية "مريضة" فقال لها النبي صلي الله عليه وسلم:"حجي واشترطي أن محلي حيث حبستني فإن لك على ربك ما استثنيت" إنما كان الكلام هنا باللسان لأن عقد الحج بمنزلة النذر، والنذر يكون باللسان؛ لأن الإنسان لو نوى أن ينذر في قلبه لم يكن ذلك نذراً ولا ينعقد النذر، ولما كان الحج مثل النذر في لزوم الوفاء عند الشروع فيه أمرها النبي عليه الصلاة والسلام أن تشترط بلسانها وأن تقول:"إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني" وأما ما ثبت به الحديث عن رسول الله صلي الله عليه وسلم من قوله: إن جبريل أتاني وقال صلِّ في هذا الوادي المبارك وقل عمرة في حجة أو عمرة وحجة، فليس معنى ذلك أنه يتلفظ بالنية، ولكن معنى ذلك أنه يذكر نسكه في تلبيته، وإلا فالنبي عليه الصلاة والسلام ما تلفظ بالنية. الشيخ ابن عثيمين النية محلها القلب ويستحب التلفظ بها في الحج س: هل نية الإحرام في التلفظ باللسان، وما صفتها إذا كان الحاج يحج عن شخص آخر؟ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 198 الجواب: النية محلها القلب وصفتها أن ينوي بقلبه أنه يحج عن فلان أو عن أخيه أو عن فلان ابن فلان هكذا تكون النية، ويستحب مع ذلك أن يتلفظ فيقول: اللهم لبيك حجاً عن فلان أو لبيك عمرة عن فلان، "عن أبيه" أو عن فلان بن فلان حتى يؤكد ما في القلب باللفظ، لأن الرسول صلي الله عليه وسلم تلفظ بالحج وتلفظ بالعمرة فدل ذلك على شرعية التلفظ لما نواه تأسياً بالنبي عليه الصلاة والسلام، وهكذا الصحابة تلفظوا بذلك كما علمهم نبيهم عليه الصلاة والسلام وكانوا يرفعون أصواتهم بذلك، هذا هو السنة، ولو لم يتلفظ واكتفى بالنية كفت النية وعمل في أعمال الحج مثل ما يفعل عن نفسه يلبي مطلقاً ويكرر التلبية مطلقاً من غير حاجة إلى ذكر فلان أو فلان كما يلبي عن نفسه كأنه حاج عن نفسه، لكن إذا عينه في النسك يكون أفضل في التلبية ثم يستمر في التلبية كسائر الحجاج والعمار، لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك، لبيك اللهم لبيك، لبيك إله الحق لبيك، المقصود أنه يلبي كما يلبي عن نفسه من غير ذكر أحد إلا في أول النسك يقول لبيك حجاً عن فلان أو عمرة عن فلان أو لبيك عمرة وحجاً عن فلان هذا هو الأفضل عند أول ما يحرم مع النية. الشيخ ابن باز س: إذا صار فيه موظف مسافر من تبوك إلى مكة المكرمة لعمل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 199 رسمي وحكم عليه العمل أن يدخل مكة بدون أن يحرم ورجع إلى جدة لفترة قصيرة وأحرم من جدة ورجع إلى مكة لأداء العمرة فما رأي فضيلتكم في ذلك هي تكتب له عمرة أم لا؟ 1 الجواب: من مر على أي واحد من المواقيت التي ثبتت عن رسول الله صلي الله عليه وسلم أو حاذاه جوا أو برا وهو يريد الحج أو العمرة وجب عليه الإحرام وإذا كان لا يريد حجا ولا عمرة فلا يجب عليه أن يحرم وإذا جاوزها بدون إرادة حج أو عمرة ثم أنشأ الحج والعمرة من مكة أو جدة فإنه يحرم بالحج من حيث أنشأ من مكة أو جدة -مثلا- أما العمرة فإن أنشأها خارج الحرام أحرم من حيث أنشأ وإن أنشأها من داخل الحرم فعليه أن يخرج إلى أدنى الحل ويحرم منه للعمرة هذا هو الأصل في هذا الباب وهذا الشخص المسؤول عنه إذا كان أنشأ العمرة من جدة وهو لم يردها عند مروره الميقات فعمرته صحيحة. والأصل في هذا حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال:"وقّت رسول الله صلي الله عليه وسلم لأهل المدينة ذا الحليفة ولأهل الشام الجحفة ولأهل نجد قرن المنازل ولأهل اليمن يلملم، قال هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن لمن كان يريد الحج والعمرة فمن كان دونهن فمهله من أهله وكذلك حتى أهل مكة   1 من كتاب "فتاوى تتعلق بأحكام الحج والعمرة والزيارة" من إجابة سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 200 يهلون منها" متفق عليه، وعن عائشة رضي الله عنها قالت:"نزل رسول الله صلي الله عليه وسلم المحصب فدعا عبد الرحمن بن أبي بكر فقال: اخرج باختك من الحرم فتهل بعمرة ثم لتطف بالبيت فإني انتظر كما هاهنا - قالت: فخرجنا فأهللت ثم طفت بالبيت وبالصفا والمروة فجئنا رسول الله وهو في منزله في جوف الليل فقال: هل فرغت قلت: نعم، فأذن في أصحابه بالرحيل فخرج فمر بالبيت فطاف به قبل صلاة الصبح ثم خرج إلى المدينة" متفق عليه. " أعمال الحج " 1 أعمال يوم النحر وحكم التقديم والتأخير فيها س: ما هو الأفضل للحاج في أعمال يوم النحر وهل يجوز التقديم والتأخير؟ الجواب: السنة في يوم النحر أن يرمي الجمرات برمي جمرة العقبة وهي التي لي مكة يرميها سبع حصيات، كل حصاة على حده، يكبر مع كل حصاة، ثم ينحر هديه إن كان عنده هدي، ثم يحلق رأسه أو يقصره والحلق أفضل، ثم يطوف ويسعي إن كان عليه سعي هذا هو الأفضل كما فعله النبي صلي الله عليه وسلم، فإنه رمى ثم نحر ثم حلق ثم ذهب إلى مكة فطاف   1 من كتاب "فتاوى الحج والعمرة والزيارة" من فتاوى كبار العلماء، جمع وترتيب: محمد ابن عبد العزيز المسند. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 201 عليه الصلاة والسلام، هذا الترتيب هو الأفضل، الرمي ثم النحر ثم الحلق أو التقصير ثم الطواف والسعي إن كان عليه سعي، فإن قدم بعضها على بعض فلا حرج فلو نحر قبل أن يرمي أو أفاض قبل أن يرمي أو حلق قبل أن يرمي أو حلق قبل أن يذبح كل هذا لا حرج فيه، والنبي صلي الله عليه وسلم سئل عن من قدم أو أخَّر فقال:"لا حرج لا حرج". الشيخ ابن باز معنى التحلل الأول والثاني س: ماذا يقصد بالتحلل الأول والتحلل الثاني: الجواب: يقصد بالتحلل الأول إذا فعل اثنين من ثلاثة، إذا رمى وحلق أو قصر، أو رمى وطاف، أو طاف وحلق أو قصر فهذا هو التحلل الأول وإذا فعل الثلاثة: الرمي، والطواف، والحلق أو التقصير، فهذا هو التحلل الثاني، فإذا فعل اثنين فقط، لبس المخيط وتطيب وحل له كل ما حرم عليه ماعدا الجماع فإذا جاء بالثالث وكمل ما بقي عليه حل له الجماع، وذهب بعض العلماء إلى أنه إذا رمى الجمرة يوم العيد يصح له التحلل الأول، وهو قول جيد، ولو فعله إنسان فلا حرج عليه إن شاء الله لكن الأولى والأحوط ألا يعجل حتى يفعل معه ثانياً بعده، الحلق أو التقصير أو يضيف إليه الطواف لحديث عائشة وإن كان في إسناده نظر أن النبي صلي الله عليه وسلم قال:"إذا رميتم وحلقتم فقد حل لكم الطيب وكل شيء إلا النساء"، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 202 ولأحاديث أخرى جاءت في الباب، ولأنه صلي الله عليه وسلم لما رمى الجمرة يوم العيد ونحر هديه وحلق، طيبته عائشة، وظاهر النص أنه لم يتطيب إلا بعد أن رمي ونحر وحلق، فالأفضل والأحوط أن لا يتحلل التحلل الأول إلا بعد أن يرمي وحتى يحلق أو يقصر وإن تيسر أيضاً أن ينحر الهدي بعد الرمي وقبل الحلق فهو أفضل وفيه جمع بين الأحاديث. الشيخ ابن باز [الطواف والسعي] ركعتا الطواف تجزيء عن تحية المسجد س: إذا أردت العمرة أو الحج وأحرمت ودخلت المسجد الحرام، فهل أصلي ركعتين تحية المسجد، أم أدخل في الطواف مباشرة؟ الجواب: المشروع لمن دخل المسجد الحرام من الحجاج والعمار أن يبدأ بالطواف وتكفيه ركعتا الطواف عن تحية المسجد، إلا أن يكون هناك عذر شرعي يمنعه من الطواف حين دخول المسجد، فإنه يصلي ركعتي التحية ثم يطوف متى تيّسر له ذلك، وهكذا لو دخل المسجد وقد أُقيمت الصلاة، فإنه يصلي مع الناس ثم يطوف بعد ذلك والله ولي التوفيق. الشيخ ابن باز الجزء: 1 ¦ الصفحة: 203 الطواف بعيدا عن الكعبة س: ما حكم الطواف وراء المقام أو وراء زمزم؟ الجواب: لا حرج في ذلك حتى لو طاف في الأروقة أجزأه ذلك، ولكن كل مادنا من الكعبة كان أفضل وإذا كان هناك سعة وليس فيه زحمة فدنا من الكعبة فهو أفضل، وإن شق عليه ذلك طاف من بعيد ولا حرج في ذلك. الشيخ ابن باز حكم الطواف في الطابق العلوي للحرم س: لقد كنت حاجاً في العام الماضي "سنة 1400هـ" ولما رجعت في اليوم الثاني من أيام التشريق بعد زوال الشمس مباشرة ذهبت إلى الطواف بالكعبة طواف الوداع وكان ذهابي من موقع خيامنا الكائن في آخر منى إلى المرجم إلى الحرم سيراً على الأقدام ولما وصلنا إلى الحرم وجدناه مكتظاً بالناس ويكادون أن يصلوا بطوافهم إلى الأروقة في المسجد وكان الوقت ظهراً وكنا متعبين من السير فقال لي صاحباي هلموا لنطوف في الطابق العلوي تفادياً للزحمة والشمس وطفنا وذهبنا إلى بلدنا، ولما ذهبنا في هذا العام للحج سألت بعض شيوخ إدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد في منى فمنهم من قال الجزء: 1 ¦ الصفحة: 204 لكثرة زحمة الناس وطوافهم تحت الأروقة فلا بأس أن يطوفوا فوق، ومنهم من قال لا يجوز لأن مستوى الطابق العلوي أعلى من مستوى الكعبة أرجو من سماحتكم بيان هذا النقطة؟. الجواب: إذا كان الواقع كما ذكر فلا حرج عليكم وطوافكم صحيح، وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. اللجنة الدائمة. الطواف يجزيء بنية الحامل والمحمول س: إذا كان الساعي أو الطائف يحمل طفلاً صغيراً أو كان يحمل مريضاً فهل يجزي السعي أو الطواف عن الكل الحامل والمحمول أم لا؟. الجواب: يجزي عنهما بنية الحامل وبنية المحمول المميز في أصح قولي العلماء. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم،،، اللجنة الدائمة حكم الطواف داخل الحجر س: رجل طاف من داخل حجر إسماعيل وسعى وحل الإحرام ثم ذهب إلى داره وجامع زوجته هل عليه إثم في ذلك؟ الجواب: هذه العمرة فاسدة لأن طوافه غير صحيح فعليه أن يعيد الطواف والسعي ويقصر شعره وعليه دمٌ، شاة تذبح في مكة عن جماعه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 205 زوجته قبل إتمام عمرته لأن طوافه من داخل الحجر غير صحيح، لابد أن يطوف من وراء الحجر وبذلك تتم عمرته الفاسدة ثم يأتي بعمرة أخرى صحيحة يحرم بها منه الميقات الذي أحرم منه بالأولى، هذا هو الواجب عليه لإفساده عمرته بالجماع، والله ولي التوفيق. الشيخ ابن باز. حكم الطواف داخل الحجر س: هل يصح للحاج أو المعتمر أثناء الطواف بالبيت أن يدخل من حجر إسماعيل أثناء الطواف؟ الجواب: لا يجوز لطائف بالبيت في حج أو عمرة أو طواف نفل أن يدخل من حجر إسماعيل ولا يجزئه ذلك لو فعله لأن الطواف بالبيت، والحجر من البيت لقول الله -سبحانه وتعالى - {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} ، وما روى مسلم وغيره عن عائشة رضي الله عنها قالت: سألت رسول الله صلي الله عليه وسلم، عن الحجر فقال هو من البيت وفي لفظ قالت إني نذرت أن أصلي في البيت قال صلي في الحجر فإن الحجر من البيت اللجنة الدائمة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 206 حكم تقبيل الحجر الأسود للنساء في حال الزحام س: يقول السائل رأيت بعض الطائفين يدفع نساءه لتقبيل الحجر فأيهما أفضل تقبيل الحجر أو البعد عن مزاحمة الرجال؟ الجواب: إذا كان هذا السائل رأى هذا الأمر العجيب فأنا رأيت أمراً أعجب منه رأيت من يقوم قبل أن يسلم من الصلاة المفروضة ليسعى بشدة إلى تقبيل الحجر فيبطل صلاته المفروضة التي هي أحد أركان الإسلام لأجل أن يفعل هذا الأمر الذي ليس بواجب وليس بمشروع أيضاً إلا إذا كان قرن بالطواف، وهذا من جهل الناس الجهل المطبق الذي يأسف الإنسان له، فتقبيل الحجر واستلام الحجر ليس بسنة إلا في الطواف لأني لا أعلم أن استلامه مستقلاً عن الطواف من السنة وأنا أقول لا أعلم وأرجو ممن عنده علم خلاف ما أعلم أن يبلغنا به جزاه الله خيراً، إذاً فهو من مسنونات الطواف، ثم إنه ليس بمسنون إلا حيث لا يكون في ذلك أذية لا على الطائف ولا على غيره فإن كان في ذلك أذية على الطائف أو على غيره فإننا ننتقل إلى المرتبة الثانية التي شرعها لنا رسول الله صلي الله عليه وسلم، بحيث أن الإنسان يستلم الحجر بيده ويقبل يده فإن كان هذه المرتبة لا تمكن أيضاً إلا بأذى أو مشقة فإننا ننتقل إلى المرتبة الثالثة التي شرعها لنا رسول الله صلي الله عليه وسلم، وهي الإشارة إليه فنشير إليه بيدنا لا بيدينا الثنتين ولكن بيدنا الواحدة اليمنى نشير إليه ولا نقبلها هكذا كانت سنة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 207 الرسول صلي الله عليه وسلم، إذا كان الأمر أفظع وأشد كما يذكر السائل إنه كان يدفع بنسائه ربما تكون امرأته حاملاً أو عجوزاً أو فتاة لا تطيق أو صيباً يرفعه بيده ليقبل الحجر كل هذا من الأمور المنكرة لأنه يحصل بذلك ضرر على الأهل، ومضايقة ومزاحمة للرجال، وكل هذا مما يكون دائراً بين التحريم أو الكراهية، فعلى المرء أن لا يفعل ذلك مادام الأمر ولله الحمد واسعاً فأوسع على نفسك ولا تشدد فيشدد الله عليك. الشيخ ابن عثيمين حكم استلام الركن اليماني والإشارة إليه س: ما حكم المسح أو الإشارة إلى الركن الجنوبي الغربي للكعبة المشرفة أثناء الطواف وكم عدد التكبيرات التي تقال عنده وعند الحجر الأسود أفيدونا؟ ج: يشرع للطائف أن يستلم الحجر الأسود والركن اليماني في كل شوط من أشواط الطواف، كما يستحب له تقبيل الحجر الأسود خاصة في كل شوط مع الاستلام حتى في الشوط الأخير إذا تيسر ذلك من دون مشقة أما مع المشقة فيكره الزحام، ويشرع أن يشير إلى الحجر الأسود بيده أو عصاه ويكبر أما الركن اليماني فلم يرد فيما نعلم ما يدل على الإشارة إليه وإنما يستلمه بيمينه إذا استطاع من دون مشقة ولا يقبله ويقول باسم الله والله أكبر أو الله أكبر أما مع المشقة فلا يشرع له الجزء: 1 ¦ الصفحة: 208 استلامه ويمضي في طوافه من دون إشارة أو تكبير لعدم ورود ذلك عن النبي صلي الله عليه وسلم، ولا عن أصحابه رضي الله عنهم -كما أوضحت ذلك- في كتابي "التحقيق والإيضاح لكثير من مسائل الحج والعمرة والزيارة" أما التكبير فيكون مرة واحدة ولا أعلم ما يدل على شرعية التكرار، ويقول في طوافه كله ما تيسر من الدعوات والأذكار الشرعية ويختم كل شوط بما ثبت عن النبي صلي الله عليه وسلم، أنه كان يختم به كل شوط وهو الدعاء المشهور {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} وجميع الأذكار والدعوات في الطواف والسعي سنة وليست واجبة، والله ولي التوفيق. الشيخ ابن باز هل تشترط الطهارة للطواف والسعي س: هل يلزم للطواف والسعي طهارة؟ الجواب: تلزم الطهارة في الطواف فقط، أما السعي فالأفضل أن يكون عن طهارة وإن سعى بدون طهارة أجزاه ذلك. الشيخ ابن باز الجزء: 1 ¦ الصفحة: 209 إذا أقيمت الصلاة أثناء الطواف س: ما الحكم إذا أقيمت الصلاة والحاج أو المعتمر لم ينته من إكمال الطواف أو السعي؟ الجواب: يصلي مع الناس ثم يكمل طوافه وسعيه من حيث انتهى، يبدأ من حيث انتهى. الشيخ ابن باز أقيمت الصلاة وهو في الطواف س: لو أن إنساناً بدأ بالطواف بالبيت العتيق ثم طاف ثلاثة أشواط أو أربعة وما تيسر ثم أقيمت الصلاة فماذا يفعل هل يقطع الطواف أم يكمل وإذا قطعه فهل يبني على ما طاف أولاً أم يبدأ من جديد؟ الجواب: إذا أقيمت الصلاة وهو في أثناء الطواف فإنه يصلي وبعد فراغه من صلاته يكمل ما بقي من طوافه ولكن لا يعتد بالشوط الأخير من الأشواط قبل الصلاة إذا كان هذا الشوط غير كامل والشوط الكامل هو ما كان من الحجر الأسود فإذا لم يكن كاملاً بدأ من الحجر الأسود وهذا فيه احتياط من الخلاف. الشيخ ابن باز الجزء: 1 ¦ الصفحة: 210 من شك في عدد أشواط الطواف فإنه يبني على اليقين س: في رمضان الفائت قمت بأداء مناسك العمرة ولكني في نهاية الطواف انتابني الشك في عدد الأشواط أهي ستة أم سبعة وخوفاً من النقص في عدد الأشواط وقطعاً للشك طفت زيادة شوط، ولا أدري هل عملي هذا صحيح أم لا؟ وهل عليَّ شيء في ذلك؟ الجواب: قد أحسنت في ذلك وهذا هو الواجب عليك فإن الواجب على من شك في عدد أشواط الطواف أو السعي هو البناء على اليقين وهو الأقل كما لو شك في الصلاة هل صلى ثلاثاً أم أربعاً فإنه يبني على اليقين وهو الأقل ويأتي بالرابعة ويسجد للسهو إن كان إماماً أو منفرداً أما إن كان مأموماً فهو تابع لإمامه وهكذا الطواف والسعي إذا شك الطائف هل طاف ستة أو سبعة فإنه يبني على اليقين وهو الأقل ويأتي بالسابع ولا شيء عليه. والله ولي التوفيق. الشيخ ابن باز حكم ركعتي الطواف وأين تصلي؟ س: هل ركعتا الطواف خلف المقام تلزم لكل طواف وما حكم من نسيها؟ الجواب: لا تلزم خلف المقام وإنما تجزئ الركعتان في كل مكان في الجزء: 1 ¦ الصفحة: 211 الحرم،ومن نسيها فلا حرج عليه لأنها سنة وليس واجب. والله الموفق. الشيخ ابن باز من لم يستطع طواف القدوم فماذا عليه س: من لم يستطع طواف القدوم لأنه لم يصل إلى مكة إلا عصر يوم عرفة فهل يذهب لعرفة مباشرة دون المرور بالحرم وماذا عليه؟ الجواب: هو مخيّر إن شاء دخل مكة وطاف وسعى وبقي على إحرامه وخرج إلى عرفات ووقف بها ما شاء الله ولو في الليل ثم ينصرف إلى مزدلفة للمبيت بها، وإن شاء قصد عرفات ووقف بها حتى الغروب ثم نفر إلى مزدلفة مع الناس وصلى بها المغرب والعشاء وبات بها، ثم يطوف ويسعى بعد ذلك في يوم النحر أو بعده ولا حرج عليه في ذلك ولا دم عليه إذا كان قد أحرم بالحج فقط، أما إن كان أحرم بالحج والعمرة جميعاً فعليه هدي تمتع سُبع بدنة أو سُبع بقرة أو ثني من المعز أو جذع من الضان يذبح في منى أو في مكة ويأكل منه ويتصدق لقول الله سبحانه: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} . الشيخ ابن باز الجزء: 1 ¦ الصفحة: 212 مات قبل أن يطوف طواف الإفاضة س: حكم من أتم أعمال الحج ما عدا طواف الإفاضة، ثم توفي هل يطاف عنه أو لا؟ الجواب: من أتم أعمال الحج ما عدا طواف الإفاضة ثم مات قبل ذلك لا يطاف عنه لقول ابن عباس رضي الله عنهما: بينما رجل واقف مع رسول الله صلي الله عليه وسلم إذ وقع عن راحلته فوقصته فمات، فذكر للنبي صلي الله عليه وسلم فقال:" اغسلوه بماء وسدر، وكفنوه في ثوبيه، ولا تحنطوه، ولا تخمروا رأسه، فإن الله تعالى يبعثه يوم القيام ملبياً". رواه البخاري ومسلم وأصحاب السنن، فلم يأمر النبي صلي الله عليه وسلم بالطواف عنه، بل أخبر بأن الله يبعثه يوم القيامة ملبياً، لبقائه على إحرامه بحيث لم يطف ولم يُطَف عنه. اللجنة الدائمة حكم تأخير السعي عن الطواف س: ما حكم من طاف طواف الإفاضة ولم يسع حتى غربت الشمس بعد آخر أيام التشريق وما حكم السعي إذا سعى بعد غروب الشمس من ذلك اليوم وبعد أيام التشريق؟. الجواب: سعيك آخر أيام التشريق أو بعد أيام التشريق صحيح ولا حرج عليك في تأخيره لأنه ليس من شروط صحته أن يكون متصلاً بالطواف لكن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 213 من الكمال أن يكون بعد الطواف متصلاً به تأسياً بالنبي صلي الله عليه وسلم. اللجنة الدائمة. حكم تقديم طواف الإفاضة قبل الرمي أو قبل الوقوف بعرفة س: هل يجوز تقديم طواف الإفاضة والسعي قبل رمي جمرة العقبة الكبرى أو قبل الوقوف بعرفة أفيدونا أفادكم الله؟. الجواب: يجوز تقديم الطواف والسعي للحج قبل الرمي لكن لا يجزيء طواف الحج قبل عرفات ولا قبل نصف الليل من ليلة النحر بل إذا انصرف منها ونزل من مزدلفة ليلة العيد يجوز له أن يطوف ويسعي في النصف الأخير من ليلة النحر وفي يوم النحر قبل أن يرمي:"سأل رجل النبي صلي الله عليه وسلم وقال: أفضت قبل أن أرمي قال: لا حرج" فإذا نزل من مزدلفة صباح العيد أو في آخر الليل كالنساء وأمثالهم جاز لهم البدء بالطواف لئلا تحيض المرأة وهكذا الرجل الضعيف يبدأ بالطواف ثم يرمي بعد ذلك لا حرج في ذلك ولكن الأفضل أنه يرمي ثم ينحر الهدي إن كان عنده هدي ثم يحلق أو يقصر والحلق أفضل ثم يطوف الطواف الأخير كما فعل الرسول صلي الله عليه وسلم، حينما رمي الجمرة يوم العيد ثم نحر هديه ثم حلق رأسه ثم تطيب ثم ركب إلى البيت فطاف ولكن لو قدم بعضها على بعض بأن ينحر قبل أن يرمي أو حلق قبل أن ينحر، أو حلق قبل أن يرمي أو طاف قبل أن يرمي أو طاف قبل أن يذبح أو طاف قبل أن يحلق كل ذلك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 214 مجزيء بحمد الله لأن الرسول صلي الله عليه وسلم سئل عن التقديم والتأخير فقال:"لا حرج لا حرج". الشيخ ابن باز حكم تأخير طواف الإفاضة س: طواف الإفاضة هل يجوز تأخيره مع طواف الوداع، وهل للحاج أن يفصل بين الأشواط السبعة بشرب ماء وغيره؟ الجواب: يجوز تأخير طواف الإفاضة خوف زحام ونحوه، فإذا طافه عند الخروج ونوى به الإفاضة والوداع كفى بذلك عن الاثنين فيخرج بعده حيث يصدق عليه أن آخر عهده بالبيت مع أن الأفضل كون طواف الإفاضة يوم العيد أو في أيام التشريق وله تأخيره عن ذلك. أما الفصل بين الأشواط فيجوز إذا كان يسيراً كتجديد وضوء وشرب ماء وصلاة مكتوبة أو صلاة جنازة ونحو ذلك. فأما الفصل الطويل بنصف ساعة أو أكثر فالصحيح أنه يبطل ما مضى فعليه بعد الفصل أن يستأنف الطواف من أوله وهكذا يقال في السعي بين الصفا والمروة، والله أعلم. الشيخ ابن جبرين الجزء: 1 ¦ الصفحة: 215 طواف الإفاضة يجزيء عن طواف الوداع س: ما حكم من أخَّر طواف الإفاضة إلى طواف الوداع وجعله طوافاً واحداً بنية طواف الإفاضة والوداع معاً، وهل يجوز أن يؤدي طواف الإفاضة ليلاً؟. الجواب: لا حرج في ذلك إذا طاف عند السفر بعد أعمال الحج فإن طوافه للإفاضة يكفيه عن طواف الوداع، سواء نوى طواف الوداع مع طواف الإفاضة أو لم ينو، المقصود أن طواف الإفاضة يكفي وحده عن طواف الوداع إذا كان عند الخروج وإن نواهما جميعاً فلا حرج في ذلك. ويجوز أن يؤدي طواف الإفاضة وطواف الوداع ليلاً أو نهاراً. الشيخ ابن باز الواجب بعد طواف الوداع س: ما الواجب على الحاج بعد طواف الوداع؟ الجواب: طواف الوداع هو آخر أعمال الحج فعليه بعده أن يحاول الوقوف بالملتزم ويدعو بما تيسر ويسأل ربه أن يرزقه العودة إلى البيت وأن لا يكون هذا آخر العهد به ثم يخرج على هيئته المعتادة ولا يشرع مشيه القهقرى بل يمشي ويجعل البيت خلفه كالمعتاد ثم يسافر بعده فإن أقام طويلاً كنصف يوم لغير ضرورة أعاد الوداع فإن اتجر أي باع واشترى أو الجزء: 1 ¦ الصفحة: 216 عمل عملاً يدل على رغبة في الإقامة أعاد الوداع أما إن اشترى شيئاً لسفره أو لحاجة أهله فلا يلزمه الإعادة، والله أعلم. الشيخ ابن جبرين. لم يتمكن من الخروج بعد طواف الوداع س: رجل حج وأدى طواف الوداع بالليل ولم يتمكن من الخروج من مكة بعد الطواف وبات في مكة حتى الصباح ثم سافر فما الحكم؟ الجواب: المشروع أن يكون طواف الحاج للوداع عند مغادرته لمكة لحديث ابن عباس المتفق عليه "أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن الحائض"، وما دام طاف بنية الخروج بالليل ولم يتمكن من الخروج إلا في الصباح فلا شيء عليه في ذلك إن شاء الله ولو كان أعاد الطواف عند الخروج لكان أحوط. اللجنة الدائمة. عمل عملاً يدل على رغبة في الإقامة أعاد الوداع أما إن اشترى شيئاً لسفره أو لحاجة أهله فلا يلزمه الإعادة، والله أعلم. الشيخ ابن جبرين. لم يتمكن من الخروج بعد طواف الوداع س: رجل حج وأدى طواف الوداع بالليل ولم يتمكن من الخروج من مكة بعد الطواف وبات في مكة حتى الصباح ثم سافر فما الحكم؟ الجواب: المشروع أن يكون طواف الحاج للوداع عند مغادرته لمكة لحديث ابن عباس المتفق عليه "أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن الحائض"، وما دام طاف بنية الخروج بالليل ولم يتمكن من الخروج إلا في الصباح فلا شيء عليه في ذلك إن شاء الله ولو كان أعاد الطواف عند الخروج لكان أحوط. اللجنة الدائمة. حكم تأخير طواف الوداع بسبب الزحام س: نحن من سكان جدة قدمنا العام الماضي للحج وأكملنا جميع المناسك ما عدا طواف الوداع فقد أجلناه إلى نهاية شهر ذي الحجة وبعد أن خف الزحام عدنا، فهل حجنا صحيح؟ الجواب: إذا حج الإنسان وأخر طواف الوداع إلى وقت آخر فحجه س: نحن من سكان جدة قدمنا العام الماضي للحج وأكملنا جميع المناسك ما عدا طواف الوداع فقد أجلناه إلى نهاية شهر ذي الحجة وبعد أن خف الزحام عدنا، فهل حجنا صحيح؟ الجواب: إذا حج الإنسان وأخر طواف الوداع إلى وقت آخر فحجه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 217 صحيح وعليه أن يطوف للوداع عند خروجه من مكة فإن كان في خارج مكة كأهل جدة وأهل الطائف والمدينة وأشباههم فليس له النفير حتى يودع البيت بطواف سبعة أشواط حول الكعبة فقط، ليس فيه سعي لأن الوداع ليس فيه سعي بل طواف فقط فإن خرج ولم يودع البيت فعليه دم عند جمهور أهل العلم يذبح في مكة ويوزع على الفقراء والمساكين وحجه صحيح كما تقدم، هذا هو الذي عليه جمهور أهل العلم فالحاصل أن طواف الوداع نسك واجب في أصح أقوال أهل العلم وقد ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال:"من ترك نسكاً أو نسيه فليرق دماً"، وهذا نسك تركه الإنسان عمداً فعليه أن يريق دماً يذبحه في مكة للفقراء والمساكين، وكونه يرجع بعد ذلك لا يسقطه عنه، هذا هو المختار وهذا هو الأرجح عندي، والله أعلم. الشيخ ابن باز ليس على الحائض والنفساء طواف وداع س: هل الحائض والنفساء يلزمهما طواف الوداع والعاجز والمريض مع العلم أنني سألت عندما حدث هذا في منى ولكن العلماء ما تطابقوا منهم من قال ما يلزمهن طواف الوداع ومنهم من قال يلزم أن يأتين بطواف الوداع؟ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 218 الجواب: ليس على الحائض ولا النفساء طواف وداع، وأما العاجز فيطاف به محمولاً وهكذا المريض لقول النبي صلي الله عليه وسلم:"لا ينفرن أحد منكم حتى يكون آخر عهده بالبيت" ولما ثبت في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:" أُمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن المرأة الحائض "، وجاء في حديث آخر ما يدل على أن النفساء مثل الحائض ليس عليها وداع. اللجنة الدائمة. حكم من ترك شوطاً من طواف الوداع لعذر س: حججت ومعي جماعة وأتممنا حجنا ولله الحمد إلا أنه في نهاية الشوط السادس من طواف الوداع أغمى على زوجتي فاضطررت إلى حملها خارج الحرم ولم نتمكن أنا وأخوها وهي من إتمام الشوط السابع فهل علينا شيء؟ الجواب: إذا كنتم لم تعيدوا طواف الوداع فعلى كل واحد منكم دم يذبح في مكة لفقراء الحرم لأن طواف الوداع واجب على كل حاج يريد الخروج من مكة وفي تركه دم والدم الواجب هو سبع بدنة أو سبع بقرة أو رأس من الغنم ثني من المعز أو جذع من الضأن سليم من العيوب كالضحية، مع التوبة والاستغفار لأن طواف الوداع لا يجوز تركه لقول النبي صلي الله عليه وسلم:"لا ينفرن أحد منكم حتى يكون آخر عهده بالبيت" خرجه مسلم في صحيحه، ولقول ابن عباس رضي الله عنهما:"أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن المرأة الحائض" متفق عليه، والنفساء حكمها حكم الحائض عند أهل العلم. الشيخ ابن باز. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 219 حكم من ترك طواف الوداع من الحجاج س: حكم من ترك طواف الوداع من الحجاج؟ الجواب: قد صح عن رسول الله صلي الله عليه وسلم أنه قال:"لا ينفر أحد منكم حتى يكون آخر عهده بالبيت"، أخرجه مسلم في صحيحه من حديث ابن عباس رضي الله عنهما وخرجه الشيخان من حديثه أيضاً قال:" أُمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن الحائض "، وقد ودع عليه الصلاة والسلام البيت حين فرغ من أعماله في حجة الوداع وأراد السفر وقال خذوا عني مناسككم هذه الأحاديث كلها تدل على وجوب طواف الوداع إلا على الحائض والنفساء، فمن تركه من الحجاج فعليه دم لكونه خالف السنة وترك نسكاً واجباً هذا هو الصحيح من أقوال العلماء، وقد صح عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال:" من ترك نسكاً أو نسيه فليهرق دماً" وهذا قول أكثر العلماء، أما الحائض والنفساء فليس عليهما وداع لحديث ابن عباس المذكور وما جاء في معناه. الشيخ ابن باز طواف الوداع واجب من واجبات الحج س: أنا من سكان جدة وقد حججت سبع مرات إلا أنني لم أطف طواف الوداع لأن بعض الناس قال إن سكان جدة ليس عليهم وداع هل حجي صحيح أم لا أفيدوني جزاكم الله خيراً؟. الجواب: الواجب عل سكان جدة وأمثالهم ألا ينفروا من الحج إلا بعد طواف الوداع كأهل الطائف وأشباههم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 220 لعموم قوله صلي الله عليه وسلم يخاطب الحجيج:"لا ينفرن أحد منكم حتى يكون آخر عهده بالبيت"، أخرجه مسلم في صحيحه وفي الصحيحين من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال:"أُمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن الحائض"، وعلى من ترك ذلك دم وهو سُبع بدنة أو سُبع بقرة أو رأس من الغنم ثني من الماعز أو جذع من الضأن يذبح في مكة ويوزع في فقراء الحرم. مع التوبة والاستغفار والعزم الصادق على ألا يعود إلى مثل ذلك أما الحائض والنفساء، فلا وداع عليهما، وهكذا المعتمر لا وداع عليه في أصح قولي العلماء وهو قول جمهور أهل العلم وحكاه ابن عبد البر إجماعاً لأدلة كثيرة منها: أنه صلي الله وعليه وسلم لم يأمر الذين حلوا من عمرتهم في حجة الوداع بطواف الوداع إذا خرجوا من مكة. ومنها أنه أمر المحلين بمكة في حجة الوداع أن يتوجهوا من منازلهم إلى منى ثم إلى عرفة ولم يأمرهم بطواف الوداع، والله ولي التوفيق. الشيخ ابن باز حكم السفر إلى جدة قبل طواف الوداع للحاج س: هل يجوز للحاج أن يسافر إلى جدة دون أن يطوف الوداع وما الذي يلزم من فعل ذلك؟. الجواب: لا يجوز للحاج أن ينفر من مكة بعد الحج إلا بعد طواف الوداع لقول النبي صلي الله عليه وسلم:"لا ينفرن أحد منكم حتى يكون آخر عهده بالبيت "، رواه مسلم. وفي الصحيحين من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال:"أُمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن المرأة الحائض"، فلا يجوز الجزء: 1 ¦ الصفحة: 221 لأهل جدة ولا لأهل الطائف ولا غيرهم الخروج من مكة بعد الحج إلا بعد الوداع فمن سافر قبل الوداع فإن عليه دماً لكونه ترك واجباً. وقال بعض أهل العلم لو رجع بنية طواف الوداع أجزأه ذلك وسقط عنه الدم، ولكن هذا فيه نظر والأحوط للمؤمن مادام سافر مسافة قصر ولم يودع البيت فإن عليه دماً يجبر به حجه. الشيخ ابن باز حكم الطواف للوداع للمعتمر وحكم شراء شيء بعد طواف الوداع س: هل طواف الوداع واجب في العمرة، وهل يجوز شراء شيء من مكة بعد طواف الوداع سواء كان حجاً أو عمرة؟ الجواب: طواف الوداع ليس بواجب في العمرة ولكن فعله أفضل، فلو خرج ولم يودع فلا حرج أما في الحج فهو واجب لقول النبي صلي الله عليه وسلم:"لا ينفرنَّ أحد منكم حتى يكون آخر عهده بالبيت" وهذا كان خطاباً للحجاج. وله أن يشتري ما يحتاج إليه بعد الوداع من جميع الحاجات حتى ولو اشترى شيئاً للتجارة مادامت المدة قصيرة لم تطل، أما إن طالت المدة فإنه يعيد الطواف، فإن لم تطل عرفاً فلا إعادة عليه مطلقاً. الشيخ ابن باز الجزء: 1 ¦ الصفحة: 222 الطواف للوالدين والأقارب س: هل يجوز أن يطوف الإنسان عن والديه أو أحد أقاربه المتوفى؟!. الجواب: لا بأس بأن يحج الرجل عن أحد والديه ويعتمر عنه أو عن قريبه، وكذا لا بأس إن شاء الله أن يطوف له سبعاً ينوي أجره لأحد أبويه أو أحد أقاربه. الشيخ ابن جبرين. الطواف أم صلاة التطوع س: هل الأفضل تكرار الطواف أم التطوع بصلاة؟ الجواب: في التفضيل بينهما خلاف لكن الأولى أن يجمع بين الأمرين فيكثر من الصلاة والطواف حتى يجمع بين الخيرين، وبعض العلماء فضل الطواف في حق الغرباء لأنهم لا يجدون الكعبة في بلدانهم فاستحب أن يكثروا من الطواف ماداموا بمكة، وقوم فضلوا الصلاة لأنها أفضل والأولى فيهما أرى أن يكثر من هذا ويكثر من هذا وإن كان غريباً حتى لا يفوته فضل أحدهما. الشيخ ابن باز. حكم إهداء ثواب الأعمال كالطواف وغيره للأموات المسلمين ... س: امرأة تسأل فتقول: عندما كنت في مكة المكرمة وصلني نبأ أن قريبتي قد توفيت فطفت لها سُبعاً حول الكعبة ونويتها لها، فهل يجوز ذلك؟. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 223 الجواب: نعم يجوز لك أن تطوفي سبعاً تجعلين ثوابه لمن شئت من المسمين هذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد رحمه الله: أن أي قربة فعلها المسلم وجعل ثوابها لمسلم ميت أو حي فإن ذلك ينفعه سواء كانت هذه القربة عملاً بدنياً محضاً كالصلاة والطواف أم مالياً محضاً كالصدقة أم جامعاً بينهما كالأضحية. ولكن ينبغي أن يعلم أن الأفضل للإنسان أن يجعل الأعمال الصالحة لنفسه وأن يخص من شاء من المسلمين بالدعاء له لأن هذا هو ما أرشد إليه النبي صلي الله عليه وسلم في قوله:" إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له". الشيخ ابن عثيمين. حكم دفع الرشوة لتقبيل الحجر س: رجل أتى بأمه لتقبل الحجر الأسود وهما حاجان وتعذر ذلك لكثرة الناس فأعطى الجندي الذي عند الحجر الأسود عشرة ريالات فأبعد الجندي الناس عن الحجر لهذا الرجل وأمه فقبلاه فهل هذا جائز أم لا؟ وهل له حج أم لا؟. الجواب: إذا كان الأمر كما ذكر فهذا المبلغ الذي دفعه الرجل للجندي رشوة لا يجوز له أن يدفعه، وتقبيل الحجر الأسود سنة وليس من أركان الحج ولا من واجباته فمن استطاع أن يستلمه ويقبله بدون أن يؤذي أحداً استحب له ذلك فإن لم يتمكن من استلامه وتقبيله استلمه بعصا وقبلها وإن لم يتمكن من استلامه بيده أو بعصا أشار إليه عند محاذاته وكبر، وهذه هي السنة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 224 وأما بذل الرشوة في ذلك فلا يجوز لا للطائف ولا للجندي وعليهما جميعاً التوبة إلى الله من ذلك، وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. اللجنة الدائمة. صفة السعي ومن أين يبدأ. وعدد أشواطه س: ما هي صفة السعي، ومن أي مكان يبدأ الساعي وما عدد أشواطه؟. الجواب: يبدأ من الصفا ويختم بالمروة والعدد، سبعة أشواط أولها يبدأ بالصفا وآخرها ينتهي بالمروة، يذكر الله فيها ويسبحه ويدعو، ويكرر الذكر والدعاء والتكبير على الصفا والمروة ثلاث مرات رافعاً يديه مستقبلاً القبلة لفعله صلي الله عليه وسلم ذلك. الشيخ ابن باز. ما يقوله الساعي في بداية سعيه س: في بداية كل شوط من السعي هل يجوز لي أن أقول: "بسم الله، نبدأ بما بدأ الله ورسوله به، إن الصفاء والمروة من شعائر الله، أم أن هذا الأمر بدعة؟. الجواب: المشروع أن يقرأ في أول شوط من السعي: {إِنَّ الصَّفَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 225 وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} كما فعل النبي صلي الله عليه وسلم ذلك، أما تكرار ذلك فلا نعلم ما يدل على استحبابه، ويشرع للساعي في جميع الأشواط أن يكثر من ذكر الله والدعاء والتسبيح والتحميد والتهليل والتكبير والاستغفار، وهكذا في الطواف لقول النبي صلي الله عليه وسلم:"إنما جعل الطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله" أخرجه أحمد وأبو داود بإسناد حسن. الشيخ ابن باز. سعوا خمسة أشواط ثم ذهبوا إلى رحالهم س: جماعة سعوا بين الصفا والمروة فأتوا بخمسة أشواط ثم خرجوا من المسعى ولم يذكروا الشوطين الباقيين إلا بعد أن تحولوا إلى رحالهم فما الحكم؟. الجواب: هؤلاء الذين سعوا خمسة أشواط ثم ذهبوا إلى رحالهم ولم يتذكروا الشوطين الأخيرين، عليهم الرجوع حتى يكملوا الشوطين ولا حرج، وهذا هو الصواب لأن الموالاة بين أشواط السعي لا تشترط على الراجح، وإن أعادوه من أوله فلا بأس، لكن الصواب أنه يكفيهم أن يأتوا بالشوطين ويكملوا، هذا هو الأرجح من قولي العلماء في ذلك. الشيخ ابن باز. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 226 فالحاج يفعل يوم العيد خمسة أنساك مرتبة: رمي جمرة العقبة ثم النحر ثم الحلق أو التقصير ثم الطواف بالبيت ثم السعي بين الصفا والمروة إلا أن يكون قارناً أو متمتعاً سعى بعد طواف القدوم، والأفضل أن يرتبها على ما ذكرنا وإن قدَّم بعضها على بعض لا سيما مع الحاجة فلا حرج وهذا من رحمة الله تعالى وتيسيره فلله الحمد رب العالمين. الشيخ ابن عثيمين. تقديم السعي على الطواف جائز في يوم العيد وغيره س: رجل سمع أنه يجوز السعي قبل الطواف فسعى ثم طاف في اليوم الثاني عشر أو الثالث عشر فقيل له إن ذلك خاص بيوم العيد فما الحكم؟. الجواب: الصواب أنه لا فرق بين يوم العيد وغيره في أنه يجوز تقديم السعي على الطواف حتى لو كان بعد يوم العيد لعموم الحديث، حيث قال رجل للنبي صلي الله عليه وسلم سعيت قبل أن أطوف قال:"لا حرج" وإذا كان الحديث عاماً فإنه لا فرق بين أن يأتي ذلك في يوم العيد أو فيما بعده. الشيخ ابن عثيمين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 227 فالحاج يفعل يوم العيد خمسة أنساك مرتبة: رمي جمرة العقبة ثم النحر ثم الحلق أو التقصير ثم الطواف بالبيت ثم السعي بين الصفا والمروة إلا أن يكون قارناً أو متمتعاً سعى بعد طواف القدوم، والأفضل أن يرتبها على ما ذكرنا وإن قدَّم بعضها على بعض لا سيما مع الحاجة فلا حرج وهذا من رحمة الله تعالى وتيسيره فلله الحمد رب العالمين. الشيخ ابن عثيمين. تقديم السعي على الطواف جائز في يوم العيد وغيره س: رجل سمع أنه يجوز السعي قبل الطواف فسعى ثم طاف في اليوم الثاني عشر أو الثالث عشر فقيل له إن ذلك خاص بيوم العيد فما الحكم؟. الجواب: الصواب أنه لا فرق بين يوم العيد وغيره في أنه يجوز تقديم السعي على الطواف حتى لو كان بعد يوم العيد لعموم الحديث، حيث قال رجل للنبي صلي الله عليه وسلم سعيت قبل أن أطوف قال:"لا حرج" وإذا كان الحديث عاماً فإنه لا فرق بين أن يأتي ذلك في يوم العيد أو فيما بعده. الشيخ ابن عثيمين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 228 سعي في الحج قبل أن يطوف س: معتمر لم يدر فسعى قبل أن يطوف هل عليه بعد إعادة الطواف أن يسعى ثانية؟ الجواب: ليس عليه إعادة السعي لما روى أبو داود في سننه بإسناد صحيح إلى أسامة بن شريك قال: خرجت مع النبي صلي الله عليه وسلم حاجاً فكان الناس يأتونه فمن قائل يا رسول الله سعيت قبل أن أطوف أو قدمت شيئاً وأخرت شيئاً فكان يقول لا حرج إلا على رجل اقترض عرض رجل مسلم وهو ظالم فذلك الذي حرج وهلك. اللجنة الدائمة. حكم من طاف ولم يسع س: إذا طاف من عليه سعي ثم خرج ولم يسع وأُخبر بعد خمسة أيام بأن عليه سعياً فهل يجوز أن يسعى فقط ولا يطوف قبله؟. الجواب: إذا طاف الإنسان معتقداً أنه لا سعي عليه ثم بعد ذلك أُخبر بأن عليه سعياً فإنه يأتي بالسعي فقط ولا حاجة إلى إعادة الطواف وذلك لأنه لا يشترط الموالاة بين الطواف والسعي، حتى لو فرض أن الرجل ترك ذلك عمداً أي أخَّر السعي عن الطواف عمداً فلا حرج عليه، ولكن الأفضل أن يكون السعي موالياً للطواف. الشيخ ابن عثيمين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 229 بدأ بالمروة وقصر في الصفا س: أنا شيخ كبير طفت للعمرة ثم سعيت سبعة أشواط ولكني بدأت من المروة وقصرت في الصفا ولبست المخيط فما حكم ذلك؟. الجواب: هذا عليه أن يأتي بشوط آخر لأنه فاته شوط إلا إذا كان سعى ثمانية أشواط فلا حرج، والشوط الأول يكون زائداً لا يضره، المقصود أنه إذا كان بدأ بالمروة وختم بالصفا ثمانية أشواط يكون له منها سبعة أشواط كاملة، أما إن كانت سبعة فقد فاته شوط وعليه تكملته ويعيد تقصير رأسه حتى تتم عمرته والتقصير الأول لا يكفيه لأنه قصر قبل أن يكمل السعي، والشوط الأول الذي بدأه من المروة لا يعتبر. الشيخ ابن باز. "الحلق والتقصير" الحلق أفضل من التقصير س: أيهما أفضل الحلق أو التقصير بعد أداء النسك في العمرة أو الحج، وهل يجزيء تقصير بعض الرأس؟ الجواب: الأفضل الحلق في العمرة والحج جميعاً لأن الرسول صلي الله عليه وسلم دعا للمحلقين ثلاثاً بالمغفرة والرحمة، وللمقصرين واحدة، فالأفضل الحلق، لكن إذا كانت العمرة قرب الحج فالأفضل فيها التقصير حتى يتوفر الحلق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 230 في الحج لأن الحج أكمل من العمرة فيكون الأكمل للأكمل، أما إن كانت العمرة بعيدة عن الحج، مثلاً في شوال حيث يمكن لشعر الرأس أن يطول، فإنه يحلق حتى يحوز فضل الحلق، ولا يجزيء تقصير بعض الرأس ولا حلق بعضه في أصح قولي العلماء، بل الواجب حلق الرأس كله أو تقصيره كله، والأفضل أن يبدأ بالشق الأيمن في الحلق والتقصير. الشيخ ابن باز. كيفية التقصير س: رأينا في الحج بعض الناس عند التقصير في حج أو عمرة يقصرون من أسفل الرأس فقط على شكل دائرة يمرون على أسفله من جميع الجهات، أما الباقي فلا يأخذون منه شيئاً ولم قلنا لهم أن التقصير لابد أن يكون بتعميم الرأس قالوا لنا هذا هو المطلوب فأي العمل هو الواجب؟. الجواب: الواجب تعميم الرأس كله بالحلق أو التقصير في حج أو عمرة ولا يلزم أن يأخذ من كل شعره بعينها، وما فعله مَنْ ذكرت لا يكفي في أصح أقوال العلماء وليس من سنة محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام. اللجنة الدائمة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 231 إذا قصر الحاج ولم يعمم فما الحكم؟ س: إذا قصّر الحاج والمعتمر من جانبي رأسه ثم حل إحرامه وهو لم يعمم الرأس فما الحكم؟ الجواب: الحكم إن كان في الحج وقد طاف ورمي فإنه يبقى في ثيابه ويكمل حلق رأسه أو تقصيره، وإن كان في عمرة فعليه أن يخلع ثيابه ويعود إلى ثياب الإحرام ثم يحلق أو يقصر تقصيراً تاماً يعم جميع الرأس وهو محرم أي وهو لابس ثياب الإحرام. الشيخ ابن عثيمين. حكم من ترك الحلق أو التقصير جهلا س: حاج قدم متمتعاً فلما طاف وسعى لبس ملابسه العادية ولم يقصر أو يحلق وسأل بعد الحج وأُخبر أنه أخطأ فكيف يفعل وقد ذهب الحج بعد وقت العمرة؟ الجواب: هذا الرجل يعتبر تاركاً لواجب من واجبات العمرة وهو الحلق أو التقصير، وعليه عند أهل العلم أن يذبح فدية في مكة ويوزعها على فقراء مكة وهو باق على تمتعه. الشيخ ابن عثيمين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 232 حكم من نسي الحلق أو التقصير س: ما حكم من نسي الحلق أو التقصير في العمرة فلبس المخيط ثم ذكر أنه لم يقصر أو يحلق؟ الجواب: من نسي الحلق أو التقصير في العمرة فطاف وسعى ثم لبس قبل أن يحلق أو يقصر فإنَّه ينزع ثيابه إذا ذكر ويحلق أو يقصر ثم يعيد لبسهما، فإنْ قصر أو حلق وثيابه عليه جهلاً منه أو نيساناً فلا شيء عليه وأجزأه ذلك ولا حاجة إلى الإعادة للتقصير أو الحلق، ولكن متى تنبه فإن الواجب عليه أن يخلع حتى يحلق أو يقصر وهو محرم. اللجنة الدائمة. لم تقصر شعرها نسياناً س: امرأة حجت وفعلت جميع أعمال الحج إلا أنها لم تقصر شعرها حتى الآن جهلاً أو نسياناً وقد وصلت إلى بلدها وفعلت كل الأمور المحظورة على المحرم وتسأل ماذا يلزمها وماذا يترتب عليه؟ الجواب: إذا كان الأمر كما ذكره السائل من أنها فعلت كل شيء إلا التقصير نسياناً منها أو جهلاً فيلزمها أن تقصر رأسها في بلدها ولا شيء عليها لقاء تأخيره لجهلها أو نسيانها بنية إتمام الحج ونسأل الله للجميع التوفيق والقبول، وحيث ذكر في السؤال أن زوجها جامعها قبل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 233 التقصير فعليها دمٌ شاة أو سُبع بدنة تصلح أضحية، تذبح في مكة لمساكين الحرم إلا أن يكون الجماع بعد خروجها من الحرم في بلدها أو غيره فإنها تذبح في بلدها وتفرق على المساكين فيه. اللجنة الدائمة. الحلق من محظورات الإحرام فكيف يبدأ به في التحلل س: معلوم أن حلق الرأس من محظورات الإحرام فكيف يجوز البدء به في التحلل يوم العيد، لأن العلماء يقولون إن التحلل بفعل اثنين من ثلاث ويذكرون منها الحلق وعلى هذا فإن الحاج يجوز أن يبدأ به؟. الجواب: نعم يجوز البدء به لأن حلقه عند الإحلال للنسك فيكون غير محرم بل يكون نسكاً مأموراً به، وإذا كان مأموراً به فإن فعله لا يعد إثماً ولا وقوعاً في محظور، وقد ثبت عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه سئل عن الحلق قبل النحر وقبل الرمي فقال لا حرج، وكون الشيء مأموراً به أو محظوراً إنما يتلقى من الشرع ألا ترى إلى السجود لغير الله تعالى كان شركاً ولما أمر الله به الملائكة أن يسجدوا لآدم كان سجودهم له طاعة، ثم ألم تر إلى قتل النفس ولا سيما الأودلا كان من الكبائر العظيمة فلما أمر الله تعالى به نبيه إبراهيم أن يقتل ابنه إسماعيل كان طاعة نال بها إبراهيم مرتبة عظيمة، ولكن الله تعالى برحمته خفف عنه وعن ابنه فقال: مَا {فَلَمَّا أَسْلَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 234 وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ} . الشيخ ابن عثيمين. حكم الحلق أو التقصير بعد التحلل الثاني س: هل يجب الحلق أو التقصير في التحلل الأكبر بعد أن حلق أو قص شعره في التحلل الأصغر أي بعد انتهاء رمي الجمرات؟. الجواب: لا يجب ولا يستحب الحلق أو التقصير بعد التحلل الأكبر بعد أن حلق أو قص شعره في التحلل الأصغر أي بعد انتهاء رمي الجمرات لأن ذلك نسك في الحج فهو عبادة والعبادات مبنية على التوقيف ولم يثبت عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه حلق أو قصر بعد التحلل الأكبر بل فعل ذلك عند التحلل الأصغر فقط وثبت عنه أنه قال:"خذوا عني مناسككم". اللجنة الدائمة. حكم الحلق أو التقصير في العمرة س: ما حكم الحلق أو التقصير بالنسبة للعمرة؟ الجواب: الحلق أو التقصير بالنسبة للعمرة واجب لأن النبي صلي الله عليه وسلم لما قدم مكة حجة الوداع وطاف وسعى أمر كل من لم يسق الهدي أن يقصر ثم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 235 يحلق فلما أمرهم أن يقصروا والأصل في الأمر للوجوب دل على أنه لابد من التقصير، ويدل لذلك أن النبي صلي الله عليه وسلم أمرهم حين أُحصروا في غزوة الحديبية أمرهم أن يحلقوا حتى أنه صلي الله عليه وسلم غضب حين توانوا في ذلك، وأما هل الأفضل في العمرة التقصير أو الحلق، فالأفضل الحلق إلا للمتمتع الذي قدم متأخراً، فإن الأفضل في حقه التقصير من أجل أن يتوفر الحلق للحج. الشيخ ابن عثيمين. "الوقوف بعرفة" وقت النزول إلى عرفة والانصراف منها س: متى يتوجه الحاج إلى عرفة ومتى ينصرف منها؟ الجواب: يشرع التوجه إليها بعد طلوع الشمس من يوم عرفة وهو اليوم التاسع ويصلي بها الظهر والعصر جمعاً وقصراً جمع تقديم بأذان واحد وإقامتين تأسياً بالنبي صلي الله عليه وسلم وأصحابه y ويبقى فيها إلى غروب الشمس مشتغلاً بالذكر والدعاء وقراءة القرآن والتلبية حتى تغيب الشمس، ويشرع الإكثار من قول:"لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، وسبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله ولا حول ولا قوة إلا بالله" ويرفع يديه بالدعاء ويحمد الله ويصلي على النبي صلي الله عليه وسلم قبل الدعاء ويستقبل القبلة، وعرفة كلها موقف، فإذا غابت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 236 الشمس شرع للحجاج الانصراف إلى مزدلفة بسكينة ووقار مع الإكثار من التلبية، فإذا وصلوا مزدلفة صلوا المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين المغرب ثلاثاً والعشاء ركعتين. الشيخ ابن باز. انصرف من عرفة قبل الغروب س: ما حكم من حج وانصرف من عرفة قبل غروب الشمس لظروف عمله؟ الجواب: على من انصرف من عرفة قبل الغروب فديةٌ عند أكثر أهل العلم إلا أن يعود إليها ليلاً فتسقط عنه الفدية، وهي دم يوزع لمساكين الحرم. الشيخ ابن باز. الوقوف خارج عرفة س: إذا وقف الحاج خارج حدود عرفة –قريباً منها- حتى غربت الشمس ثم انصرف فما حكم حجه؟ الجواب: إذا لم يقف الحاج في عرفة في وقت الوقوف فلا حج له لقول النبي صلي الله عليه وسلم:"الحج عرفة، فمن أدرك عرفة بليل قبل أن يطلع الفجر فقد أدرك الحج"، وزمن الوقوف، ما بعد الزوال من يوم عرفة إلى طلوع الفجر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 237 من ليلة النحر، هذا هو المجمع عليه بين أهل العلم. أما ما قبل الزوال ففيه خلاف بين أهل العلم والأكثرون على أنه لا يجزيء الوقوف فيه إذا لم يقف بعد الزوال ولا في الليل، ومن وقف نهاراً بعد الزوال أو ليلاً أجزأه ذلك والأفضل أن يقف نهاراً بعد صلاة الظهر والعصر جمع تقديم إلى غروب الشمس، ولا يجوز الانصراف قبل الغروب لمن وقف نهاراً، فإن فعل ذلك فعليه دم عند أكثر أهل العلم لكونه ترك واجباً وهو الجمع في الوقوف بين الليل والنهار لمن وقف نهاراً. الشيخ ابن باز. من فاته الوقوف بعرفة في النهار فهل له الوقوف في الليل س: شخص شارك في أعمال الحج ولم يمكنه عمله من الوقوف بعرفة في النهار فهل يجوز له أن يقف بعد انصراف الناس في الليل؟ وكم يكفيه في الوقوف؟ وهل لو مرَّ بسيارته في عرفة يجز له ذلك؟ الجواب: يمتد زمن الوقوف بعرفة من طلوع فجر اليوم التاسع إلى طلوع الفجر يوم النحر، فإذا لم يتمكن الحاج من الوقوف في نهار اليوم التاسع فوقف في الليل بعد الانصراف كفاه ذلك حتى لو لم يقف بعرفة إلا آخر الليل قبيل الصبح. ويكفيه ولو بضع دقائق، وكذا لو مرّ في عرفات وهو سائر على سيارته أجزأه ذلك ولكن الأفضل له أن يحضر في الوقت الذي يقف فيه الناس ويشاركهم في الدعاء عشية عرفة ويظهر منه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 238 الخشوع وحضور القلب، ويرجو مثل ما يرجون من نزول الرحمة وحصول المغفرة، فإن فاته النهار فوقف بالليل فالأفضل له أن يبكر بالوقوف مهما استطاع فينزل بعرفة ولو قليلاً ويمد يديه إلى ربه ويتضرع إليه في السؤال، ثم يذهب معهم إلى مزدلفة ويمكث بها إلى آخر الليل حتى يتم حجه. الشيخ ابن باز. حكم الدعاء الجماعي في عرفة وغيرها س: ما حكم الاجتماع في الدعاء في يوم عرفة سواء كان ذلك في عرفات أو غيرها وذلك بأن يدعو إنسان من الحجاج الدعاء الوارد في بعض كتب الأدعية المسمى بدعاء يوم عرفة أو غيره ثم يردد الحجاج ما يقول هذا الإنسان دون أن يقولوا آمين فهل يعتبر هذا الدعاء بدعة أم لا نرجو توضيح ذلك مع ذكر الدليل؟. الجواب: الأفضل للحاج في هذا اليوم العظيم أن يجتهد في الدعاء والضراعة إلى الله سبحانه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 239 وتعالى ويرفع يديه لأن النبي صلي الله عليه وسلم اجتهد في الدعاء والذكر في هذا اليوم حتى غربت الشمس وذلك بعد ما صلى الظهر والعصر جمعاً وقصراً في وادي عرنة ثم توجه إلى الموقف فوقف هناك عند الصخرات وجبل الدعاء ويسمى جبل الآل واجتهد في الدعاء والذكر رافعاً يديه مستقبلاً القبلة وهو على ناقته، وقد شرع الله سبحانه لعباده الدعاء بتضرع وخفية وخشوع لله عز وجل ورغبة ورهبة، وهذا الموطن من أفضل مواطن الدعاء، قال الله تعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} ، وقال تعالى: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ} الآية. وفي الصحيحين قال أبو موسى الأشعري رضي الله عنه: رفع الناس أصواتهم بالدعاء فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم:"أيها الناس اربعوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصمَّ ولا غائباً إن الذي تدعونه سميع قريب أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته"، وقد أثنى الله جلا وعلا على زكريا عليه السلام في ذلك، قال تعالى: {ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيّاً} ، وقال عزوجل: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} . الآية، والآيات والأحاديث في الحث على الذكر والدعاء كثيرة ويشرع في هذا الموطن بوجه خاص الإكثار من الذكر والدعاء بإخلاص وحضور قلب ورغبة ورهبة، ويشرع رفع الصوت به أو بالتلبية كما فعل ذلك النبي صلي الله عليه وسلم، وأصحابه رضي الله عنهم فيما علمت لكن لو دعا إنسان في جماعة وأمّنوا على دعائه فلا بأس في ذلك كما في دعاء القنوت ودعاء ختم القرآن الكريم ودعاء الاستسقاء ونحو ذلك. أما التجمع في يوم في عرفة غير عرفة فلا أصل له عن النبي صلي الله عليه وسلم، وقد قال صلي الله عليه وسلم:"من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد"، أخرجه مسلم في صحيحه، والله ولي التوفيق. الشيخ ابن باز. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 240 " المبيت بمزدلفة " حكم الوقوف بمزدلفة ومتى يبدأ الانصراف منها س: ما حكم الوقوف بمزدلفة والمبيت فيها وما قدره. ومتى يبدأ الحاج الانصراف منها؟. الجواب: المبيت بمزدلفة واجب على الصحيح، وقال بعضهم إنه ركن، وقال بعضهم مستحب، والصواب من أقوال أهل العلم أنه واجب، من تركه فعليه دم، والسنة أن لا ينصرف منها إلا بعد صلاة الفجر وبعد الإسفار، يصلي فيها الفجر فإذا أسفر توجه إلى منى ملبياً والسنة أن يذكر الله بعد الصلاة ويدعو فإذا أسفر توجه إلى منى ملبياً. ويجوز للضعفة من النساء والرجال والشيوخ الانصراف من مزدلفة في النصف الأخير من الليل، رخص لهم النبي صلي الله عليه وسلم، أما الأقوياء فالسنة لهم أن يبقوا حتى يصلوا الفجر وحتى يذكروا الله كثيراً بعد الصلاة ثم ينصرفوا قبل أن تطلع الشمس، ويسنُّ رفع اليدين مع الدعاء في مزدلفة مستقبلاً القبلة كما فعل في عرفة، ومزدلفة كلها موقف. الشيخ ابن باز. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 241 المبيت بمزدلفة س: ما حكم المبيت بالمزدلفة قبل نصف الليل؟ الجواب: يجب على الحاج المبيت بمزدلفة ليلة العاشر من ذي الحجة إلى الفجر إلا لعذر من مرض ونحوه فيجوز له ولمن يقوم بشؤونه بعد نصف الليل أن يرحل إلى منى، لمبيت النبي صلي الله عليه وسلم، بها في حجه إلى الفجر وترخيصه لأهل الأعذار في الانصراف من المزدلفة إلى منى بعد منتصف الليل. الشيخ ابن باز. ما ضابط المبيت بمزدلفة وما الحكم إذا تعذر س: ما هو ضابط المبيت بمزدلفة وإذا تعذر المبيت واكتفى الحاج بالمرور بها فقط فما حكم حجه؟. الجواب: يجب على الحاج المبيت بمزدلفة إلى أن ينتصف الليل، وإن كمَّل المبيت وصلى بها الفجر وذكر الله بعد الصلاة واستغفره حتى يسفر كان أفضل وأكمل، ويجوز للضعفة من النساء والشيوخ ونحوهم يلزمهم الدفع في النصف الأخير من الليل لأن الرسول صلي الله عليه وسلم رخّص للضعفة من أهله في ذلك، أما هو صلي الله عليه وسلم فبات بها وصلّى بها الفجر وذكر الله بعد الصلاة وهلَّله واستغفره، فلما أسفر جداً دفع إلى منى، والأكمل للحجاج الجزء: 1 ¦ الصفحة: 242 التأسي به صلي الله عليه وسلم في ذلك، وللضعفة الترخيص في الدفع قبل الصبح كما تقدم، ومن ترك المبيت في مزدلفة من غير عذر شرعي وجب عليه دم لكونه خالف السنة ولقول ابن عباس رضي الله عنهما:" من ترك نسكاً أو نسيه فليهرق دماً" ولا شك أن المبيت في مزدلفة نسك عظيم حتى ذهب بعض أهل العلم إلى أنه ركن من أركان الحج وذهب بعضهم إلى أنه سنة وأعدل الأقوال أنه واجب من الواجبات في الحج يجب بتركه دم مع التوبة والاستغفار ممن ترك ذلك عمداً من غير عذر شرعي. الشيخ ابن باز. حكم من ترك المبيت بمزدلفة س: ما الحكم في ترك المبيت للحاج في مزدلفة ليلة العيد؟ الجواب: المبيت بمزدلفة واجب، ويرخص للضعفة الدفع في آخر الليل، وفي تركه عمداً الإثم والفدية عند جمهور أهل العلم، ومع الجهل الفدية فقط، ومع العجز يسقط كسائر الواجبات، ولكن من أدرك صلاة الفجر في أول الوقت وبقي بعد الصلاة يذكر الله ثم دفع أجزأه ذلك. الشيخ ابن عثيمين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 243 حكم ترك المبيت بمزدلفة من أجل الزحام س: نرى في هذه الأيام عند النَّفرة من عرفات إلى مزدلفة الزِّحام الشديد بحيث أن الحاج إذا وصل إلى مزدلفة لا يستطيع المبيت فيها من شدة الزحام ويجد مشقة في ذلك فهل يجوز ترك المبيت بمزدلفة وهل على الحاج شيء إذا ترك المبيت بها، وهل تجزيء صلاة المغرب والعشاء عن الوقوف والمبيت في مزدلفة وذلك بأن يصلي الحاج صلاتي المغرب والعشاء في مزدلفة ثم يتجه فوراً إلى منى فهل يصح الوقوف على هذا النحو نرجو توضيح ذلك مع ذكر الدليل؟. الجواب: المبيت بمزدلفة من واجبات الحج، اقتداء بالنبي صلي الله عليه وسلم، فقد بات بها صلي الله عليه وسلم، وصلى الفجر بها وأقام حتى أسفر جداً وقال:"خذوا عني مناسككم"، ولا يعتبر الحاج قد أدى هذا الواجب إذا صلى المغرب والعشاء فيها جمعاً ثم انصرف لأن النبي صلي الله عليه وسلم لم يرخص إلا للضعفة آخر الليل. وإذا لم يبت في مزدلفة فعليه دم جبران لتركه الواجب والخلاف بين أهل العلم رحمهم الله في كون المبيت في مزدلفة ركناً أو واجباً أو سنة مشهور معلوم وأرجح الأقوال الثلاثة أنه واجب، على من تركه دم وحجه صحيح، وهذا هو قول أكثر أهل العلم، ولا يرخص في ترك المبيت إلى النصف الثاني من الليل إلا للضعفة، أما الأقوياء الذين ليس معهم ضعفة فالسنة لهم أن يبقوا في مزدلفة حتى يصلوا الفجر بها ذاكرين الله داعينه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 244 سبحانه حتى يسفروا ثم ينصرفوا قبل طلوع الشمس تأسياً برسول الله صلي الله عليه وسلم، ومن لم يَصِلْها إلا في النصف الأخير من الضعفة كفاه أن يقيم بها بعض الوقت ثم ينصرف أخذاً بالرخصة، والله ولي التوفيق. الشيخ ابن باز. حكم من صلى المغرب والعشاء قبل مزدلفة س: ما حكم من صلى صلاتي المغرب والعشاء قصراً وجمع تأخير قبل دخول مزدلفة وذلك لأسباب طارئة منها تعطل سيارته في الطريق إلى مزدلفة وخشية فوات وقت المغرب والعشاء حيث كان الوقت متأخراً جداً فصلى صلاتي المغرب والعشاء على حدود مزدلفة أي قبل مزدلفة بمسافة بسيطة ثم نام ريثما يتم إصلاح سيارته ثم صلى أيضاً صلاة الفجر وذلك بعد دخول وقت صلاة الفجر أيضاً صلاها على حدود مزدلفة حيث إنه لم يستطع دخول مزدلفة إلا في الصباح والشمس قد أشرقت فهل تصح صلاته هذه لكل من المغرب والعشاء والفجر على حدود مزدلفة فنرجو من سماحتكم توضيح ذلك مع ذكر الدليل؟. الجواب: الصلاة تصح في كل مكان إلا ما استثناه الشارع كما قال صلي الله عليه وسلم:"جُعِلَتْ في الأرض مسجداً وطهوراً "، ولكن المشروع للحاج أن يصلي المغرب والعشاء جمعاً في مزدلفة حيث أمكنه ذلك قبل نصف الليل فإن لم يتيسر له ذلك لزحام أو غيره صلاها بأي مكان كان ولم يجز له تأخيرهما الجزء: 1 ¦ الصفحة: 245 إلى ما بعد نصف الليل لقوله تعالى: {إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاًً} أي مفروضاً في الأوقات ولقول النبي صلي الله عليه وسلم:"وقت العشاء إلى نصف الليل". رواه مسلم من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، والله أعلم. الشيخ ابن باز. من أدرك صلاة الفجر بمزدلفة فلا شيء عليه س: حملة خرجت من عرفة بعد الغروب فضلوا الطريق فتوجهوا إلى مكة ثم ردتهم الشرطة إلى عرفة فلما أقبلوا عليها توقفوا وصلوا المغرب والعشاء في الساعة الواحدة ليلاً، ثم دخلوا المزدلفة أذان الفجر فصلوا فيها الفجر ثم خرجوا فهل عليهم شيء في ذلك أم لا؟. الجواب: هؤلاء لا شيء عليهم لأنهم أدركوا صلاة الفجر في مزدلفة حين دخلوها وقت أذان الفجر وصلوا الفجر فيها بغلس وقد ثبت عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال:"من شهد صلاتنا هذه ووقف معنا حتى ندفع وقد وقف قبل ذلك بعرفة ليلاً أو نهاراً فقد تم حجه وقضى تفثه"، لكن هؤلاء أخطؤوا حين أخروا الصلاة إلى ما بعد منتصف الليل لأن وقت صلاة العشاء إلى نصف الليل كما ثبت ذلك في صحيح مسلم من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي صلي الله عليه وسلم. الشيخ ابن عثيمين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 246 لم يجد مكانا في مزدلفة س: إذا لم يجد الحاج مكاناً بمزدلفة ينزل به ليلة العيد فما الحكم؟ الجواب: من لم يمكنه النزول بمزدلفة فالظاهر أنه لا شيء عليه لأن الواجبات تسقط بالعجز عنها. الشيخ ابن عثيمين. نزل بنمرة يظنها مزدلفة س: حاج نزل بنمرة يظنها مزدلفة فما حكم حجه؟ الجواب: الذين نزلوا بنمرة يظنونها مزدلفة عليهم فدية لأنهم مفرطون حيث لم يسألوا وحجهم صحيح. الشيخ ابن عثيمين. الوقوف عند المشعر الحرام ليس واجباً على الحاج س: أثناء حجي هذا العام وبعد عرفة ذهبت إلى المزدلفة فبت بها ولكن نسيت أن أذهب إلى المشعر الحرام فهل عليَّ إثم في هذا؟ الجواب: ليس عليك إثم إذا بت في مزدلفة في أي مكان فيها ولا ضرر إذا لم تذهب إلى المشعر الحرام لأن النبي صلي الله عليه وسلم وقف في المشعر الحرام وقال:"وقفت هاهنا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 247 وجمع كلها موقف" "جمعُ" يعني مزدلفة في أي مكان وقفت فيه وبت فيه يكفي، والذي يظهر من قول النبي صلي الله عليه وسلم:"وقفت هاهنا وجمع كلها موقف" أنه لا ينبغي للإنسان أن يتكلف ويحمل مشقة من أجل الوصول إلى المشعر بل يقف في مكانه الذي هو فيه إذا صلى الفجر فيدعو الله عز وجل ثم يدفع إلى منى. الشيخ ابن عثيمين. حكم من خرج من مزدلفة في الساعة 11.40 ورمى الجمرة في 12 س: خرجنا من مزدلفة الساعة الحادية عشرة وأربعين دقيقة 11.40) وكان معنا أطفال علماً بأننا رجمنا الجمرة الساعة الثانية عشرة إلا عشر دقائق 11.50) ثم نزلنا إلى مكة فما الحكم؟ الجواب: ليس عليكم شيء لأن خروجكم من مزدلفة صادف وقت انتصاف الليل، ولو تأخرتم حتى يغيب القمر لكان أفضل وأحوط وفق الله الجميع لما فيه رضاه وتقبل منا ومنكم ومن جميع المسلمين. الشيخ ابن باز. حكم الانصراف من مزدلفة قبل نصف الليل س: رجل مصري مقيم بالمملكة استقبل والدته بمطار جدة قادمة من مصر بنية الحج فلما وصلت ذهبوا وأدوا مناسك الحج فلما نفروا من عرفات إلى مزدلفة بمعية مطوف وعندما وصلوا إلى مزدلفة جمعوا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 248 صلاتي المغرب والعشاء ثم أجبرهم المطوف على أن يذهبوا إلى منى قبل منتصف الليل أي أنهم لم يبيتوا بمزدلفة ولم يجلسوا فيها إلا قبل منتصف الليل فذهبوا بالإكراه وقضوا حجهم فماذا عليهم. مع العلم أن والدته سافرت لمصر ولا يمكن أن ترجع وهل يجوز حجها حيث أتت في الطائرة بدون محرم. الجواب: إذا كان الواقع هو ما ذكره السائل فحج المرأة المذكورة صحيح وليس عليها ولا على ولدها شيء عند انصرافهما من مزدلفة قبل نصف الليل لأنهما مكرهان على ذلك. أما مجيئها من مصر بدون محرم فلا يجوز وعليها التوبة من ذلك ولكن ذلك لا يبطل حجها بل حجها صحيح، والله ولي التوفيق. الشيخ ابن باز. "المبيت بمنى" لم يجد مكانا في منى س: إذا لم يجد الحجاج مكاناً أيام التشريق في منى ولياليها فما الحكم؟ الجواب: إذا لم يجدوا مكاناً في منى نزلوا عند آخر خيمة من خيام الحجاج ولو خارج حدود منى لقوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} . الشيخ ابن عثيمين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 249 بات خارج منى بسبب الزحام س: إذالم يجد الحاج مكاناً يبيت فيه بمنى فماذا يفعل وهل إذا بات خارج منى عليه شيء؟. الجواب: إذا اجتهد الحاج في التماس مكان في منى ليبيت ليالي منى فلم يجد شيئاً فلا حرج عليه أن ينزل في خارجها لقول الله عز وجل: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} ولا فدية عليه من جهة ترك المنزل لعدم قدرته عليه. الشيخ ابن باز. حكم من بات خارج منى جاهلا س: إنني حججت وعائلتي لهذا العام وبتنا ثلاثة أيام وبسبب كثرة الحجيج اكتشفنا بعد مضي اليوم الثاني بأننا خارج منى لذا فإنني أرجو الإفادة بما يترتب عليَّ في ذلك؟. الجواب: إذا كنت لم تجد مكاناً فلا شيء عليك وإن كنت قد وجدت المكان وفرطت فعليك أن تتوب إلى الله عز وجل، وإذا كنت لم تبت كل الليالي فإن أهل العلم يقولون أن عليك فدية توزعها على الفقراء بمكة وإن كنت لم تبت ليلة واحدة وبت في الليلة الثانية فعليك إطعام مسكين. الشيخ ابن عثيمين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 250 حكم من بات خارج منى جاهلاً ولم يسأل س: رجل بات ليلتين قريباً من منى جداً ظناً منه أنه بات فيها ولكن تبين له بعد ذلك أنه قريب، ولم يعلم بذلك إلا هذه الأيام منذ الحج الماضي، فماذا يعمل الآن؟ الجواب: عليه دم يذبحه في مكة للفقراء لأنه ترك واجباً بدون عذر شرعي وكان الواجب عليه أن يسأل عن منى حتى يبيت بها. والمذكور لم يقم بهذا الواجب فلهذا وجب عليه دم وهو جذع ضأن أو ثني معز يجزيء في الأضحية، أما من التمس مكاناً في منى فلم يقدر على ذلك فلا شيء عليه لقول الله عز وجل: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} وقوله سبحانه: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا} ، وقول النبي صلي الله عليه وسلم:"إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم" ويستثنى من ذلك أيضاً من له عذر شرعي منعه من المبيت في منى كالمريض والرعاة والسقاة فلا شيء عليهم. وبالله التوفيق. الشيخ ابن باز. الأفضل المبيت بمنى الليل كله س: لقد وفقني الله وحججت مع زوجي وكنا في أيام التشريق الثلاثة لا نجلس في منى إلا إلى الساعة الواحدة ليلاً ونرجع نبيت بمكة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 251 لوجود بيت لنا هناك فهل هذا جائز؟ أفيدوني جزاكم الله خيراً الجواب: المبيت بمنى أكثر الليل كاف والحمد لله وليس عليكما شيء ولكن لو بقيتم في منى الليل كله كان أفضل تأسياً بالنبي صلي الله عليه وسلم، وأصحابه رضي الله عنهم، وبالله التوفيق. الشيخ ابن باز. المبيت بمنى يشترط أن يكون معظم الليل س: ما حكم من بات في منى إلى الساعة الثانية عشرة ليلاً ثم دخل مكة ولم يَعُد حتى طلوع الفجر؟ الجواب: إذا كانت الساعة الثانية عشرة ليلاً هي منتصف الليل في منى فإنه لا بأس أن يخرج منها بعدها وإن كان الأفضل أن يبقى في منى ليلاً ونهاراً، وإن كانت الساعة الثانية عشرة قبل منتصف الليل فإنه لا يخرج لأن المبيت في منى يشترط أن يكون معظم الليل على ما ذكره فقهاؤنا رحمهم الله تعالى. الشيخ ابن عثيمين. حكم مبيت الحاج أيام التشريق في مكة س: معلوم أن الحاج يلزمه المبيت في منى أيام التشريق، لكن إذا كان الإنسان لا يريد أن ينام في الليل، فهل له أن يخرج خارج منى، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 252 ويبقى في الحرم لأداء المزيد من العبادة، وفقكم الله؟. الجواب: المراد بقول أهل العلم أن المبيت بمنى في أيام التشريق واجب، المراد به أن يبقى في منى سواء كان نائماً أو مستيقظاً، وليس المراد أن يكون نائماً فحسب، فعلى هذا نقول للسائل لا يجوز لك أن تبقى في مكة المكرمة أيام التشقريق، بل يجب عليك أن تكون في منى. إلا أن أهل العلم يقولون إذا قضى معظم الليل في منى كفاه ذلك، وإذا لم يجد مكاناً في منى، فإنه يجب أن ينزل عند منتهى آخر خيمة وليس له أن يذهب إلى مكة المكرمة أيضاً بل نقول إنك إذا لم تستطع أن تكون في منى، فانظر آخر خيمة من خيام الحجاج، وكن إلى جنبهم لأن الواجب أن يكون الناس بعضهم مع بعض، كما نقول أيضاً إذا امتلأ المسجد بالناس فإنهم يصفون بعضهم إلى بعض. والله أعلم. الشيخ ابن عثيمين. من لا يستطيع المبيت بمنى للعمل س: ما حكم من لم تسمح له ظروف عمله بالمبيت بمنى أيام التشريق؟ الجواب: المبيت بمنى يسقط لأصحاب الأعذار، ولكن عليهم أن يغتنموا بقية الأوقات للمكث بمنى مع الحجاج الشيخ ابن باز. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 253 حكم المبيت خارج منى أيام التشريق س: ما حكم المبيت خارج منى أيام التشريق سواء كان ذلك عمداً أو لتعذر وجود مكان فيها. ومتى يبدأ الحاج بالنفير من منى؟. الجواب: المبيت في منى واجب على الصحيح ليلة إحدى عشرة وليلة اثنتي عشرة هذا هو الذي رجحه المحققون من أهل العلم على الرجال والنساء من الحجاج فإن لم يجدوا مكاناً سقط عنهم ولا شيء عليهم ومن تركه بلا عذر فعليه دم. ويبدأ الحاج بالنفير من منى إذا رمى الجمرات يوم الثاني عشر بعد الزوال فله الرخصة أن ينزل من منى وإن تأخر حتى يرمي الجمرات في اليوم الثالث عشر بعد الزوال فهو أفضل. الشيخ ابن باز. ترك المبيت بمنى أيام التشريق بدون عذر س: ما حكم من ترك المبيت في منى ثلاثة أيام أو اليومين المذكورين للمتعجل فهل يلزمه دم عن كل يوم فاته المبيت فيه في منى أم أنه عليه دم واحد فقط لكل الأيام الثلاثة التي لم يبت فيها بمنى نرجو توضيح ذلك مع ذكر الدليل؟ الجواب: من ترك المبيت بمنى أيام التشريق بدون عذر فقد ترك نسكاً الجزء: 1 ¦ الصفحة: 254 شرعه رسول الله صلي الله عليه وسلم بقوله وفعله وبدلالة ترخيصه لبعض أهل الأعذار مثل الرعاة وأهل السقاية، والرخصة لا تكون إلا مقابل العزيمة ولذلك اعتبر المبيت بمنى أيام التشريق من واجبات الحج في أصح قولي أهل العلم ومن تركه بدون عذر شرعي فعليه دم لما ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال:"من ترك نسكاً أو نسيه فليرق دماً"، ويكفيه دم واحد عن ترك المبيت أيام التشريق. والله أعلم. الشيخ ابن باز. ترك المبيت بمنى لمرضه س: ما حكم من ترك المبيت في منى ليلة واحدة وهي ليلة الحادي عشر وذلك بأن كان الحاج مريضاً ولم يستطع المبيت في منى تلك الليلة، ولكنه رمى الجمار نهاراً بعد الزوال أي أنه رمى جمار يوم الحادي عشر من أيام التشريق مع جمار اليوم الثاني عشر في النهار بعد الزوال. فهل يلزمه دم في هذه الحالة حيث إنه ترك مبيت ليلة الحادي عشر بمنى مع العلم أنه باب ليلة الثاني عشر في منى ورمي الجمار بعد الزوال من ذلك اليوم ثم ارتحل عن منى إلى مكة نرجو توضيح ذلك مع ذكر الدليل؟ الجواب: مادام ترك المبيت بمنى ليلة واحدة لعذر المرض فلا شيء عليه لقوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} ، ولأن النبي صلي الله عليه وسلم رخص للساقة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 255 والرعاة المبيت بمنى من أجل السقي والرعي، والله أعلم. الشيخ ابن باز. يوم العيد ليس من أيام التشريق س: بعض الناس يمكثون بمنى ليلة واحدة وهي ليلة الحادي عشر ويرمون الثاني عشر في يوم الحادي عشر ويظنون أنهم قد مكثوا يومين وذلك لأنهم يحسبون يوم العيد يوماً من أيام التشريق فيقولون نحن قد رمينا يوم العيد "يوم النحر" واليوم الثاني الذي بعده وهو يوم الحادي عشر ويقولون إن هذه يومان استناداً إلى الآية الكريمة في قوله تعالى: {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ} الآية، وبذلك يغادرون منى يوم الحادي عشر بعد أن يكونوا قد رموا اليوم الثاني عشر في يوم الحادي عشر ويتركون بيات يوم الثاني عشر في منى فهل هذا يجوز شرعاً وهل يصح للإنسان أن يحسب يوم العيد من اليومين أم أنهم قد رموا يوم الثاني عشر في يوم الحادي عشر ثم انصرفوا من منى نرجو توضيح ذلك من ذكر الدليل؟. الجواب: المراد باليومين اللذين أباح الله جل وعلا للمتعجل الانصراف من منى بعد انقضائهما، هما ثاني وثالث العيد. لأن يوم العيد هو يوم الحج الأكبر وأيام التشريق هي ثلاثة أيام تلي يوم العيد وهي محل رمي الجمرات وذكر الله جل وعلا فمن تعجل انصرف قبل غروب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 256 الشمس يوم الثاني عشر ومن غربت عليه الشمس في هذا اليوم وهو في منى لزمه المبيت والرمي في اليوم الثالث عشر. وهذا هو الذي فعله النبي صلي الله عليه وسلم وأصحابه، والمنصرف في اليوم الحادي عشر قد أخلَّ بما يجب عليه من الرمي فعليه دم يذبح في مكة للفقراء، أما تركه المبيت في منى ليلة الثاني عشر فعليه عن ذلك صدقة بما يتيسر، مع التوبة والاستغفار عما حصل منه من الخلل والتعجل في غير وقته. الشيخ ابن باز. خرج من منى يوم 12 متعجلاً ويريد العودة للعمل س: إذا خرج الحاج من منى قبل غروب الشمس يوم الثاني عشر بنية التعجل ولديه عمل في منى سيعود له بعد الغروب فهل يعتبر متعجلاً؟. الجواب: نعم يعتبر متعجلاً لأنه أنهى الحج ونية رجوعه إلى منى لعمله فيها لا يمنع التعجل لأنه إنما نوى الرجوع للعمل المنوط به لا للنسك. الشيخ ابن عثيمين. "رمي الجمرات" حصى الجمار س: من أين تؤخذ حصى الجمار وما صفته وما حكم غسله؟ الجواب: يؤخذ الحصى من منى وإذا أخذ حصى يوم العيد من المزدلفة فلا بأس وهي سبع يوم العيد لا يشرع غسلها بل يأخذها من منى أو المزدلفة ويرمي بها أو من بقية الحرم يجزيء ذلك ولا حرج فيه وأيام التشريق يلقطها من منى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 257 كل يوم واحدة وعشرين حصاة إن تعجل اثنين وأربعين لليوم الحادي عشر والثاني عشر وإن لم يتعجل ثلاثاً وستين وهي من الحصى الخذف تشبه بعر الغنم المتوسط فوق الحمص ودون البندق كما قال الفقهاء وتسمى حصى الخذف كما تقدم أقل من بعر الغنم قليلاً. الشيخ ابن باز. حكم الرمي بالحصى الذي حول الجمار س: هل يجوز للحاج أن يرمي من الحصى الذي حول الجمار؟ الجواب: يجوز له ذلك لأن الأصل أنه لم يحصل به الرمي أما الذي في الحوض فلا يرمي بشيء منه. الشيخ ابن باز. س: يقال إنه لا يجوز الرمي بجمرة قد رمى بها فهل هذا صحيح وما الدليل عليه؟ الجواب: هذا ليس بصحيح لأن الذين استدلوا بأنه لا يرمي بجمرة قد رمى بها، عللوا ذلك بعلل ثلاث: قالوا: إنها أي الجمرة التي رمى بها كالماء المستعمل في طهارة واجبة، والماء المستعمل في الطهارة الواجبة يكون طاهراً غير مطهر، وإنها كالعبد إذا أعُتق فإنه لا يعتق بعد ذلك في الجزء: 1 ¦ الصفحة: 258 كفارة أو غيرها، وإنه يلزم من القول بالجواز أن يرمي جميع الحجيج بحجر واحد، فترمي أنت هذا الحجر ثم تأخذه وترمي ثم تأخذه وترمي حتى تكمل السبع ثم يجيء الثاني فيأخذه فيرمي حتى يكمل السبع، فهذه ثلاث علل وكلها عند التأمل عليلة جداً أما التعليل الأول فإننا نقول بمنع الحكم في الأصل وهو أن الماء المستعمل في طهارة واجبة يكون طاهراً غير مطهر، لأنه لا دليل على ذلك ولا يمكن نقل الماء عن وصفه الأصلي وهو الطهورية إلا بدليل وعلى هذا فالماء المستعمل في طهارة واجبة طهور مطهر فإذا انتفى حكم الأصل المقيس عليه انتفى حكم الفرع، وأما التعليل الثاني وهو قياس الحصاة المرمي بها على العبد المعتق فهو قياس مع الفارق فإن العبد إذا أُعتق كان حراً لا عبداً فلم يكن محلاً للعتق بخلاف الحجر إذا رمي به فإنه يبقى حجراً بعد الرمي به فلم ينتف المعنى الذي كان من أجله صالحاً للرمي به ولهذا لو أن هذا العبد الذي أعتق استرق مرة أخرى بسبب شرعي جاز أن يعتق مرة ثانية، وأما التعليل الثالث وهو أنه يلزم من ذلك أن يقتصر الحجاج على حصاة واحدة فنقول إن أمكن ذلك فليكن، ولكن هذا غير ممكن ولن يعدل إليه أحد مع توفر الحصا. وبناء على ذلك فإنه إذا سقط من يدك حصاة أو أكثر حول الجمرات فخذ بدلها مما عندك وارم به سواء غلب على ظنك أنه قد رمي بها أم لا. الشيخ ابن عثيمين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 259 بداية رمي الجمرات وكيفيته، وعدد الحصى س: متى يبدأ الحاج رمي الجمرات؟ وما كيفية الرمي؟ وما عدد الحصى؟ وبأي الجمرات يبدأ الرمي ومتى ينتهي؟. الجواب: يرمي أول الجمار يوم العيد وهي الجمرة التي تلي مكة ويقال لها "جمرة العقبة" يرميها يوم العيد وإن رماها في النصف الأخير من ليلة النحر كفى ذلك، ولكن الأفضل أن يرميها ضحى ويستمر إلى غروب الشمس فإن فاته الرمي رماها بعد غروب الشمس ليلاً عن يوم العيد، يرمي واحدة بعد واحدة ويكبر مع كل حصاة، أما في أيام التشريق فيرميها بعد زوال الشمس يرمي الأولى التي تلي مسجد الخيف بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة ثم الوسطى بسبع حصيات ثم الأخيرة بسبع حصيات في اليوم الحادي عشر والثاني عشر وهكذا الثالث عشر لمن لم يتعجل، والسنة أن يقف بعد الأولى وبعد الثانية بعد ما يرمي الأولى يقف مستقبلاً القبلة ويجعلها عن يساره ويدعو ربه طويلاً، وبعد الثانية يقف ويجعلها عن يمينه مستقبلاً القبلة ويدعو ربه طويلاً، في اليوم الحادي عشر والثاني عشر وفي الثالث عشر لمن لم يتعجل، أما الجمرة الأخيرة التي تلي مكة فهذه يرميها ولا يقف عندها لأن الرسول صلي الله عليه وسلم رماها ولم يقف عندها عليه الصلاة والسلام. الشيخ ابن باز. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 260 وقت رمي الجمار، والرمي ليلا س: متى يبدأ وقت رمي الجمار جمار أيام التشريق الثلاثة وإلى متى ينتهي، وهل يصح أن يرمي الحاج ليلاً هذه الجمار خاصة هذه الأيام ونحن نرى الزحام الشديد والمشقة الصعبة في الرمي نهاراً وذلك لأن بعض الناس يستدلون الحديث الصحيح الذي رواه البخاري في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:"كان رسول الله صلي الله عليه وسلم يسأل يوم النحر بمنى فيقول لا حرج فسأله رجل فقال حلقت قبل أن أذبح قال: اذبح ولا حرج، فقال رميت بعد ما أمسيت فقالا لا حرج". هم يقولون إنه إذا كان رسول الله صلي الله عليه وسلم قد أجاز للرجل الرمي ليلاً حيث إن الرمي في يوم النحر من أوجب الواجبات على كل حاج حتى يتحلل الأول فيكف ببقية أيام التشريق الثلاثة التي تقل وجوباً عن يوم النحر فهذا دليل على أن الرمي أيام التشريق الثلاثة جائز ليلاً فما حكم من رمى الجمار ليلاً هل عليه شيء أم لا؟ نرجو من سماحتكم توضيح هذه النقطة من ذكر الدليل؟. الجواب: وقت رمي الجمار أيام التشريق من زوال الشمس إلى غروبها لما روى مسلم في صحيحه أن جابراً رضي الله عنه قال:"رمي رسول الله صلي الله عليه وسلم يوم النحر ضحى ورمى بعد ذلك بعد الزوال". وما رواه البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه سئل عن ذلك فقال:"كنا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 261 نتحين فإذا زالت الشمس رمينا"، وعليه جمهور العلماء لكن إذا اضطر إلى الرمي ليلاً فلا بأس بذلك ولكن الأحوط الرمي قبل الغروب لمن قدر على ذلك أخذاً بالسنة وخروجاً من الخلاف. وأما حديث ابن عباس المذكور فليس دليلاً على الرمي بالليل لأن السائل سأل النبي صلي الله عليه وسلم يوم النحر فقوله:"بعد ما أمسيت" أي بعد الزوال ولكن يستدل على الرمي بالليل بأنه لم يرد عن النبي صلي الله عليه وسلم نص صريح يدل على عدم جواز الرمي بالليل والأصل جوازه لكنه في النهار أفضل وأحوط ومتى دعت الحاجة إليه ليلاً فلا بأس به في رمي اليوم الذي غابت شمسه إلى آخر الليل أما اليوم المستقبل فلا يرمي عنه في الليلة السابقة له ما عدا ليلة النحر في حق الضعفة في النصف الأخير أما الأقوياء فالسنة لهم أن يكون رميهم جمرة العقبة بعد طلوع الشمس كما تقدم، جمعاً بين الأحاديث الواردة في ذلك، والله أعلم. الشيخ ابن باز. وقت رمي جمرة العقبة أداء وقضاء. س: متى ينتهي رمي جمرة العقبة أداءً ومتى ينتهي قضاءً؟. الجواب: أما رمي الجمرة العقبة يوم العيد فإنه ينتهي بطلوع الفجر من اليوم الحادي عشر ويبتديء من آخر الليل من ليلة النحر للضعفاء ونحوهم من الذين لا يستطيعون مزاحمة الناس وأما رميها في أيام التشريق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 262 فهي كرمي الجمرتين اللتين معهما، يبتدئ الرمي من الزوال، وينتهي بطلوع الفجر، من الليل التي تلي اليوم إلا إذا كان في آخر أيام التشريق انتهت بغروب شمسها، ومع ذلك الرمي في النهار أفضل إلا أنه في هذه الأوقات مع كثرة الحجيج وغشمهم وعدم مبالاة بعضهم ببعض، إذا خاف على نفسه من الهلاك أو الضرر أو المشقة الشديدة فإنه يرمي ليلاً ولا حرج عليه، كما أنه لو رمي ليلاً بدون أن يخاف هذا فلا حرج عليه، ولكن الأفضل أن يراعي الاحتياط في هذه المسألة ولا يرمي ليلاً إلا عند الحاجة إليه، وأما قوله قضاء فإنها تكون قضاء إذا طلع الفجر من اليوم التالي. الشيخ ابن عثيمين. لا يجوز رمي الجمرات أيام التشريق قبل الزوال س: حاج من خارج المملكة لا يعلم عن ظروف السفر وترتيبات التذاكر والطائرات وسأل في بلده هل يمكنه الحجز الساعة الرابعة عصرً 13/12/1405هـ) وقيل يمكن ذلك فحجز على هذا الموعد ثم أدركه المبيت بمنى ليلة ثلاث عشر، اثني عشر، فهل يجوز له أن يرمي صباحاً ثم ينفر علماً أنه لو تأخر بعد الزوال فات السفر وترتب عليه مشقة كبيرة ومخالفة لأولي الأمر؟. الجواب: لا يجوز له أن يرمي قبل الزوال ولكن يمكن أن نسقط عنه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 263 الرمي في هذه الحالة للضرورة ونقول له يلزمك فدية تذبحها في منى أو في مكة أو توكل من يذبحها عنك وتوزَّع على الفقراء وتطوف طواف الوداع وتمشي، ونقول أما قولك إذا كان الجواب بعدم الجواز أليس هناك رأي يجيز الرمي قبل الزوال، الجواب: هناك رأي يجيز الرمي قبل الزوال ولكنه ليس بصحيح والصواب أن الرمي قبل الزوال لا يجوز وذلك لأن النبي صلي الله عليه وسلم قال: خذوا عني مناسككم، ولم يرم صلي الله عليه وسلم إلا بعد الزوال، فإن قال قائل: رمي النبي صلي الله عليه وسلم بعد الزوال مجرد فعل ومجرد الفعل لا يدل على الوجوب قلنا هذا صحيح، إنه مجرد فعل، ومجرد الفعل لا يدل على الوجوب: أما كونه مجرد فعل فلأن النبي صلي الله عليه وسلم لم يأمر بأن يكون الرمي بعد الزوال ولا نهى عن الرمي قبل الزوال، وأما كون الفعل لا يدل على الوجوب فنعم، لا يدل على الوجوب لأن الوجوب لا يكون إلا بأمر بالفعل أو نهي عن الترك، ولكن نقول هذا الفعل دلت القرينة على أنه للوجوب، ووجه ذلك أن كون الرسول صلي الله عليه وسلم يؤخر الرمي حتى تزول الشمس يدل على الوجوب إذ لو كان الرمي قبل الزوال جائزاً لكان النبي صلي الله عليه وسلم يفعله لأنه أيسر على العباد وأسهل، والنبي عليه الصلاة والسلام ما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً، فكونه لم يختر الأيسر هنا وهو الرمي قبل الزوال يدل على أنه إثم، والوجه الثاني مما يدل على أن هذا الفعل للوجوب كون الرسول عليه الصلاة والسلام يرمي فور زوال الشمس قبل أن يصلي الظهر فكأنه يترقب الزوال بفارغ الصبر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 264 ليبادر بالرمي، ولهذا أخر صلاة الظهر مع أن الأفضل تقديمها في أول الوقت، كل ذلك من أجل أن يرمي بعد الزوال. الشيخ ابن عثيمين. لا يجزيء الرمي قبل الزوال س: إنني في آخر أيام الحج رميت الجمرات قبل أذان الظهر بربع ساعة فهل هذا وقت الزوال وهل عليَّ شيء إن كان لم يبدأ بعد؟. الجواب: عليك دم يذبح في مكة للفقراء لأن رمي الجمار في أيام التشريق إنما يكون بعد الزوال ولا يجزيء قبله لأن النبي صلي الله عليه وسلم رمى في أيام التشريق بعد الزوال وقال:"خذوا عني مناسككم ". فوجب على المسلمين اتباعه في ذلك عليه من ربه أفضل الصلاة والتسليم. وعليك مع ذلك التوبة إلى الله سبحانه لأنك خالفت المشروع عفا الله عنا وعنك وعن كل مسلم. الشيخ ابن باز. حكم رمي جمرة العقبة ليلا س: هل يجوز رمي جمرة العقبة ليلاً أي ليلة عيد الأضحى بعد الانصراف من مزدلفة إلى منى في الليل وما هو تعليق سماحتكم على الحديث الصحيح وهو قول النبي صلي الله عليه وسلم لغلمان بني عبد المطلب: " لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس"؟. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 265 الجواب: الأفضل للأقويا رمي جمرة العقبة يوم العيد بعد طلوع الشمس اقتداء بالنبي صلي الله عليه وسلم وعملاً بالحديث المذكور أما أهل الأعذار وهم الضعفة فإنه يجوز لهم في النصف الأخير من الليل لأحاديث وردت في ذلك منها حديث أم سلمة رضي الله عنها:"أنها رمت الجمرة قبل الفجر"، رواه أبو داود بإسناد صحيح، ولما رواه البخاري رحمه الله عن عبد الله مولى أسماء:"أنها نزلت ليلة جمع في المزدلفة فقامت تصلي فصلت ساعة ثم قالت يا بني هل غاب القمر؟ قلت: لا، فصلَّت ساعة ثم قالت هل غاب القمر؟ قلت: نعم، قالت فارتحلوا فارتحلنا ومضينا حتى رمت جمرة العقبة ثم رجعت وصلت الصبح في منزلها فقلت لها: يا هنتاه ما أرانا إلا قد غلسنا -قالت يا بني إن رسول الله صلي الله عليه وسلم أذن للظعن"، أما حديث ابن عباس رضي الله عنهما في الرمي بعد طلوع الشمس فقد ضعفه بعض أهل العلم لما في إسناده من الانقطاع وعلى فرض صحته فهو محمول على الندب والأفضلية جمعاً بين الأحاديث الواردة في ذلك كما نبه على ذلك الحافظ ابن حجر رحمه الله، والله أعلم. اللجنة الدائمة. حكم رمي جمرة العقبة في الليل س: جاء في حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال إني رميت بعد ما أمسيت قال: لا حرج صححه البيهقي فهل هذا صحيح، وأنه يجوز رمي جمرة العقبة بعد غروب شمس يوم النحر؟. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 266 الجواب: جاء عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه سُئل يوم النحر وليس في أيام التشريق، حيث جاء في البخاري أن أحد الصحابة قال: رميت بعدما أمسيت أي أنه رمى في آخر النهار وهذا مجزيء عند الجميع إذا رمى آخر النهار يوم العيد بعد الظهر أو بعد العصر فلا بأس وليس معناه أنه رمي في الليل، لأنه سأل النبي صلي الله عليه وسلم قبل أن يجيء الليل، أما الرمي بعد غروب الشمس فهو محل خلاف بين أهل العلم، منهم من قال أنه يجزيء وهو قول قوي، وقال آخرون إذا غربت الشمس لا يجزيء بل يؤجل ويرمي بعد زوال الشمس من اليوم الحادي عشر ولكن يرمي جمرة العقبة قبل أن يرمي جمرات اليوم الحادي عشر هذا هو المشروع عند العلماء، ولكن ينبغي للمسلم أن يجتهد حتى يرمي جمرة العقبة في النهار يوم العيد كما رمي النبي صلي الله عليه وسلم وكما رمى الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم وهكذا في الأيام التي أعدت للرمي بعد الزوال وقبل غروب الشمس، فإذا ضاقت عليه الأمور وغابت الشمس ولم يرم أجزأه الرمي بعد الغروب إلى آخر الليل على الصحيح، والله ولي التوفيق. الشيخ ابن باز. حكم رمي الجمار ليلاً، ومن دفع من مزدلفة مع النساء هل يجوز له الرمي قبل منتصف الليل س: هل يجوز رمي الجمرات الثلاث في أيام التشريق ليلاً لمن ليس لديه عذر؟ وهل يجوز لمن دفع مع النساء والضعفة ليلة النحر بعد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 267 منتصف الليل من مزدلفة أن يرمي جمرة العقبة أم لا؟. الجواب: يجوز الرمي بعد الغروب على الصحيح لكن السنة أن يرمي بعد الزوال قبل الغروب هذا هو الأفضل إذا تيسر وإذا لم يتيسر فله الرمي بعد الغروب على الصحيح ومن دفع مع الضعفة والنساء من المحارم والسائقين وغيرهم فحكمه حكمهم يجزئه أن يرمي في آخر الليل مع النساء. الشيخ ابن باز. حكم من شك في سقوط الحصى في الحوض س: ما حكم من حصل عنده شك بأن بعض الحصى لم يسقط في الحوض؟ الجواب: من شك فعليه التكميل، يأخذ من الحصى الذي عنده في منى من الأرض ويكمل بها. الشيخ ابن باز. إذا لم يسقط الحصى في الحوض س: حاج رمي جمرة العقبة من جهة الشرق ولم يسقط الحجر في الحوض فما العمل وهو في اليوم الثالث عشر وهل يلزمه إعادة الرمي في أيام التشريق؟ الجواب: لا يلزمه إعادة الرمي كله وإنما يلزمه إعادة الرمي الذي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 268 أخطأ فيه فقط وعلى هذا يعيد رمي جمرة العقبة فقط ويرميها على الصواب، ولا يجزئه الرمي الذي رماه من جهة الشرق لأنه في هذه الحال لا يسقط في الحوض الذي هو موضع الرمي ولهذا لو رماها من الجسر من الناحية الشرقية أجزأ لأنه يسقط في الحوض. الشيخ ابن عثيمين. حكم من رمي ست حصوات فقط س: ماذا يجب على من رمي إحدى الحصوات وهي آخر ما كان معه فلم تقع في حوض الجمرة الكبرى من شدة الزحام الذي أنهك قوته؟ الجواب: إن أمكنه أن يرمي بدلها دون حرج رمي واحدة عنها وإلا أجزأه ما رمى ولا دم عليه ولا إطعام. اللجنة الدائمة. من بقى عليه جمرة أو جمرتان س: إذا لم تصب جمرة من الجمار السبع المرمي أو جمرتان، ومضى يوم أو يومان فهل يلزمه إعادة هذه الجمرة أو الجمرتين، وإذا لزمه فهل يعيد ما بعدها من الرمي؟. الجواب: إذا بقي عليه رمي جمرة أو جمرتين من الجمرات أو على الأوضح حصاة أو حصاتين من إحدى الجمرات فإن الفقهاء يقولون إذا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 269 كان من آخر جمرة فإنه يكملها أي يكمل هذا الذي نقص فقط ولا يلزمه رمي ما قبلها، وإن كان من غير آخر جمرة فإنه يكمل الناقص ويرمي ما بعده، والصواب عندي أنه يكمل النقص مطلقاً ولا يلزمه إعادة رمي ما بعدها، وذلك لأن الترتيب يسقط بالجهل أو بالنسيان وهذا الرجل قد رمى الثانية وهو لا يعتقد أن عليه شيئاً مما قبلها، فهو بين الجهل والنسيان، وحينئذ نقول له ما نقص من الحصاة فارمه ولا يجب عليك رمي ما بعدها وقبل إنهاء الجواب أحب أن أنبه إلى أن المرمي مجتمع الحصا وليس العمود المنصوب للدلالة عليه فلو رمى في الحوض ولم يصب العمود بشيء من الحصيات فرميه صحيح. والله أعلم. الشيخ ابن عثيمين. حكم رمي الجمار كلها في يوم واحد س: هل يجوز للحاج رمي جمار أيام التشريق كلها في يوم واحد سواء كان ذلك اليوم هو أول يوم من أيام التشريق أو كان النحر مثلاً أو كان آخر يوم من أيام التشريق ثم يبيت في منى اليومين أو الأيام الثلاثة بدون رمي حيث إنه قد رمى جميع الجمار في يوم واحد فهل يصح رميه هذا أم أنه لابد من ترتيب رمي الأيام كل يوم على حدة حتى ينتهي من رمي الأيام الثلاثة نرجو توضيح ذلك مع ذكر الدليل؟ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 270 الجواب: رمي الجمار من واجبات الحج، ويجب في يوم العيد وأيام التشريق الثلاثة لغير المتعجل، وفي اليومين الأولين من أيام التشريق للمتعجل ويرمي عن كل يوم بعد الزوال لفعل النبي صلي الله عليه وسلم وقوله:" خذوا عني مناسككم"، ولا يجوز تقديم رميها قبل وقته، أما التأخير فيجوز عند الحاجة الشديدة كالزحام عند جمع من أهل العلم قياساً على الرعاة لأن النبي صلي الله عليه وسلم رخص لهم بأن يجمعوا رمي يومين في اليوم الثاني منهما وهو الثاني عشر ويرتب ذلك بالنية، أولها يوم العيد ثم رمي اليوم الأول ثم الثاني ثم الثالث إن لم يتعجل ويكون طواف الوداع بعد ذلك، والله أعلم. الشيخ ابن باز. حكم من رمي الجمار دفعة واحدة س: حججت مع والدي وعمري 17 عاماً الفريضة وأنا جاهلة ولا أعرف شيئاً عن الحج وذهبت مع والدي للرجم لرمي الجمرات فأخذها والدي ورماها كلها جميعاً فهل حجي صحيح أم لا؟ أفيدوني أفادكم الله؟. الجواب: إذا كان والدك رمى الجمرات السبع دفة واحدة فعليك دم وهو سُبع بدنة أو سُبع بقرة أو رأس من الغنم، جذع من الضأن أو ثني من الماعز، يذبح في مكة ويوزع بين فقراء الحرم لأن رمي الجمرات في الحج واجب من واجبات الحج والواجب أن ترمي الجمرات السبع واحدة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 271 بعد واحدة فإذا رماها الحاج رمية واحدة لم تجزيء إلا عن حصاة واحدة، وحجك صحيح وليس عليك إعادته ولكن حصل فيه نقص يجبر بالدم المذكور وإذا تيسر لك الحج مرة أخرى فذلك من باب التطوع، وفي الحج فرضاً وتطوعاً فضل عظيم وأجر كبير لمن تيسر له ذلك وأداه على الوجه الشرعي لقول النبي صلي الله عليه وسلم:"الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة"، والعاجز عن الرمي كالمريض والشيخ الكبير والمرأة التي لا تستطيع الوصول إلى الجمرة وأشباههم يجوز له التوكيل في رمي الجمار لقول الله عز وجل: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} . والواجب على المسلمين جميعاً من الذكور والإناث التفقه في الدين ومعرفة أحكام ما أوجب الله عليهم من صلاة وزكاة وصوم وحج وغير ذلك، لأن الله خلق الثقلين لعبادته ولا سبيل إلى معرفتها إلا بالتعلم والتفقه في الدين وقد صح عن رسول الله صلي الله عليه وسلم أنه قال:"من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين"، وقال صلي الله عليه وسلم:"من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة" وفق الله المسلمين جميعاً للعلم النافع والعمل به إنَّه خير مسؤول. الشيخ ابن باز. حكم من رمى قبل الزوال في اليوم الثاني س: ماذا يجب على من رمى الجمار ضحى ثاني يوم العيد، ثم علم بعد ذلك أن وقت الرمي هو بعد الظهر؟. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 272 الجواب: من رمى الجمار ثاني يوم العيد الأضحى قبل الزوال فعليه أن يعيد رميها بعد زوال ذلك اليوم فإن لم يعلم خطأه إلا في اليوم الثالث أو الرابع أعاد رميها بعد الزوال من اليوم الثالث أو الرابع بعد الزوال قبل أن يرمي لذلك اليوم الذي ذكر فيه فإن لم يعلم إلا بعد غروب الشمس لليوم الرابع لم يرم وعليه دم يذبح بالحرم ويطعمه الفقراء. اللجنة الدائمة. حكم من عكس في رمي الجمار س: حضر قريب لي لتأدية فريضة الحج سنة 1406هـ وفي اليوم الأول لرمي الجمار.. بدل أن يرمي الأصغر فالأوسط فالأكبر عكس الرمي وعلم بهذا الخطأ في اليوم الثاني حيث صحح الرمي في اليومين الثاني والثالث ولم يرم عن الأول أو يكفّر، حتى أتم جميع المناسك وعاد إلى بلده، وأرسل يسأل عما عليه تجاه هذا الخطأ حيث اختلفت آراء الذين سألهم. الجواب: عليه دم وهو سُبع بدنة أو سُبع بقرة أو رأس من الغنم يكون جذعاً من الضأن أو ثنياً من المعز يذبح في مكة ويوزع بين فقراء الحرم لكونه علم بالحكم في أيام الرمي فلم يُعد الرمي على الوجه المشروع وقد ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال:" من ترك نسكاً أو نسيه فليهرق دماً"، وهذا له حكم الرفع لأنه لا يقال من جهة الرأي ولم يعرف له مخالف من الصحابة رضي الله عنهم. وبالله التوفيق. الشيخ ابن باز. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 273 من تأخر وجب عليه المبيت والرمي بعد الزوال س: ما حكم من مكث يومين بعد العيد وبات ليلة اليوم الثالث هل يجوز له أن يرمي بعد طلوع الفجر أو بعد طلوع الشمس إذا بدت له ظروف قاسية؟. الجواب: من بقي في منى حتى أدركه الليل في الثالثة عشرة لزمه المبيت وأن يرمي بعد الزوال، ولا يجوز له الرمي قبل الزوال كاليومين السابقين، ليس له الرمي فيهما إلا بعد الزوال لأن الرسول صلي الله عليه وسلم بقي في منى اليوم الثالث عشر ولم يرم إلا بعد الزوال وقال:"خُذوا عَنِّي مناسككم". الشيخ ابن باز. حكم من ترك الرمي في اليوم الثاني عشر ومبيت الليلة الثانية عشرة س: كنت مع زوجي في أداء فريضة الحج للمرة الثانية وكان أولادي في الرياض فبعد أن رمينا الجمرة الثانية نزلنا مكة وأكملنا حجنا وسافرنا للرياض لانشغال بالنا على الأطفال ووكلنا أحد أقاربنا برمي الجمرات عنا؟ فهل هذا جائز؟ وماذا يجب علينا؟. الجواب: عليكما التوبة إلى الله سبحانه لأنكما تركتما واجب الرمي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 274 في اليوم الثاني عشر ومبيت الليلة الثانية عشرة وطواف الوداع في وقته لأن وقته بعد انتهاء الرمي، وعلى كل واحد منكما ذبيحتان تجزئان في الضحية، تذبحان في مكة وتوزعان بين فقراء الحرم عن ترك الرمي في اليوم الثاني عشر وعن ترك طواف الوداع لأنه واجب وقد فعلتماه قبل وقته وعليكما صدقة بما يسَّر الله عن ترك المبيت الليلة الثانية عشرة عفا الله عنا وعنكم. الشيخ ابن باز. رمي في اليوم الحادي عشر ثم ودّع وسافر س: ماحكم من رمي في اليوم الحادي عشر ثم ودع البيت وسافر. الجواب: إذا رمى في اليوم الحادي عشر ثم ودع البيت وسافر فقد ترك واجبين هما رمي الجمرات في الثاني عشر والبيتوتة بمنى ليلته فعليه فديتان على ما قاله كثير من أهل العلم يذبحهما في مكة ويتصدق بهما هناك؟. الشيخ ابن عثيمين. كيفية رمي الجمار لمن أخرها إلى آخر أيام التشريق لمرض أو كبر س: إذا أخّر الحاج الرمي إلى آخر أيام التشريق لمرض أو كبر وخوف زحام فهل يرمي جمرة العقبة والجمرات الأخرى وهو في موقف واحد أم لابد من الرمي عن كل يوم على حدة بمعنى أنه يرمي عن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 275 اليوم الأول ثم يبدأ من جديد لليوم الثاني وهكذا عن اليوم الثالث ولو كان في ذلك مشقة؟. الجواب: يرمي جمرة العقبة أولاً، ثم يرمي جمرات اليوم الحادي عشر ثم جمرات اليوم الثاني عشر ثم الثالث عشر إن لم يتعجل والسنة أن كل يوم في وقته حسب الطاقة. اللجنة الدائمة. يصح التوكيل لمسوغ شرعي س: إن والدتي وإخوتي الاثنتين قد وكلوني عنهم برمي الجمرات وذلك خوفاً من شدة الازدحام فهل يصح ذلك؟ جزاكم الله خير الجزاء. الجواب: يصح التوكيل إذا كن عاجزات عن الرمي لشدة الزحام ولمرضهن أو مسوغ آخر من المسوغات الشرعية. الشيخ ابن باز. "الفدية" فدية فعل المحظور وأقسامها وتكرار المحظور س: ما الفدية في الحج؟ وما أقسامها؟ وما الحكم إذا كرر فعل محظور من جنس واحد؟ الجواب: الفدية هي: فدية فعل المحظور من محظورات الإحرام وهي أقسام الأول: التخيير بين ذبح شاة أو إطعام ستة مساكين أو صيام ثلاثة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 276 أيام وهذا في حلق الشعر ولو ثلاث شعرات، وتقليم الأظافر ولبس المخيط واستعمال الطيب وتغطية الرأس فمن فدى بشيء من ذلك كفى. القسم الثاني:جزاء الصيد، فيخير بين أن يذبح مثله من بهيمة الأنعام أو يقدر ثمنها طعاماً يتصدق به أو يصوم عدله أياماً عن كل مد يوماً. الثالث:فدية التمتع والقرآن فيلزمه دم إن وجد فإن عدمه صام عشرة أيام ثلاثة بمكة وسبعة إذا رجع. القسم الرابع: دم الجبران إذا ترك شيئاً من واجبات الحج كالمبيت بمزدلفة ورمي الجمار والحلق وطواف الوداع والإحرام من الميقات، فمن ترك شيئاً من ذلك فعليه دم لمساكين الحرم، أما إذا كرر محظوراً من جنس فليس عليه إلا فدية واحدة كأن حلق كل يوم شعرات أو غطى رأسه عدة مرات لكن إن فدى عن الأول ثم عاد، لزمته فدية ثانية. الشيخ ابن جبرين. حكم من قطع شجرة في الحرم س: ما الذي يجب على من قطع شجرة في الحرم وما هي حدود حرم مكة؟ الجواب: من قطع شجرة كبيرة في الحرم المكي فعليه ذبح بدنة وفي الشجرة الصغيرة شاة وفي الحشيش قيمته، ويجوز قطع الأغصان التي تمتد على الطريق وتؤذي المارة ويجوز قطع ما أنبته الآدمي، والحرم المكي له حدود الجزء: 1 ¦ الصفحة: 277 معروفة قد نصب في نهايتها أعلام ظاهرة توجد في الطرق الذي بين مزدلفة وعرفة وأخرى في طريق جدة قرب الشميسي وهو موضع الحديبية وغيرها. الشيخ ابن جبرين. الدم لا يسقط عمن ترك واجباً س: هل يسقط الدم عن الجاهل الذي لا يعرف الحكم أو الناسي الذي ترك واجباً من واجبات الحج كالمبيت والرمي والحلق أم لابد من الدم وكذلك الحال لمن ارتكب شيئاً من محظورات الإحرام؟. الجواب: يسقط عن الجاهل والناسي الذي ارتكب محظوراً من محظورات الإحرام ولا يسقط عمن ترك واجباً من واجبا الحج أو العمرة جهلاً أو نسياناً، لقول ابن عباس رضي الله عنه: من ترك نسكاً أو نسيه فعليه دم، ولحديث صاحب الجبة الذي تضمخ بالطيب وهو معتمر. اللجنة الدائمة. "الاحصار" أحرم من الميقات ثم حبسه حابس س: ما حكم من أحرم من الميقات للحج أو العمرة ثم حبسه حابس عن الطواف والسعي؟ الجواب: يبقى على إحرامه إذا كان يرجو زوال هذا الحابس قريباً كأن يكون المانع سيلاً أو عدواً يمكن التفاوض معه في الدخول وأداء الجزء: 1 ¦ الصفحة: 278 الطواف والسعي ولا يعجل في التحلل، كما حديث للنبي صلي الله عليه وسلم. الحج عن الغير:1 يجوز للمسلم الذي أدى حج الفريضة عن نفسه أن يحج عن غيره إذا كان ذلك الغير لا يستطيع الحج بنفسه لكبر سنه أو مرضٍ لا يرجى برؤه أو لكونه ميتاً، أما إن كان من يراد الحج عنه لا يستطيع الحج لأمرٍ عارض يُرجى زواله كالمرض الذي يرجى برؤه، وكالعذر السياسي، وكعدم أمن الطرق ونحو ذلك، فإنه لا يجزئ الحج عنه وإذا لم يقدر الإنسان على الحج بنفسه لفقره فإنه لا يجوز له الحج عن غيره حتى يحج عن نفسه. حج المرأة المرأة التي لا محرم لها لا يجب عليها الحج لأن المحرم بالنسبة لها من السبيل، واستطاعة السبيل شرط في وجوب الحج، ولا يجوز لها أن تسافر للحج أو غيره إلا ومعها زوج أو محرم لها. وعليه فلا يجوز لها أن تسافر مع نسوة ثقات أو رجال ثقات غير محارم ولا يجوز للمرأة أن تخرج إلى الحج وهي في عدة الوفاة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 279 لا يجب على الزوج لزوجته نفقات حجها مثل ما تجب عليه نفقات أكلها وكسوتها وسكنها، ولو كان غنياً، لكن بذلُه من باب حسن العشرة ومكارم الأخلاق، ويجب لها عليه في سفر حجها ما يقابل نفقتها حال كونها مقيمة، وإذا لم تجد نفقة للحج ولم يبذلها الزوج: سقط الحج عنها وإن كانت مستطيعة صحةً ومالاً وتيسر لها من يسافر معها من زوج أو محرم: وجب عليها الحج بنفسها، وإن عجزت لكبر سنٍ أو لمرض لا يرجى برؤه أنابت من يحج عنها من مالها، وإن ماتت ولم تحج حجِّج عنها من مالهاوإذا حجت المرأة مع غير زوج أو محرم فحجها صحيح تسقط به فريضة الحج، لكنها آثمة في سفرها من غير محرم وعليها التوبة والاستغفار ولا يشترط للمرأة إذن الزوج في وجوب الحج وإذا منع الزوج زوجته من الحج مع قدرتها ووجود المحرم لها، فلا طاعة له، ويجب عليها أداء الحج والعمرة. أحكام النيابة في الحج نيابة المرأة عن الرجل في الحج جائزة إذا كانت النائبة قد حجت عن نفسها. ينبغي لمن يريد أن ينيب في الحج أن يتحرَّ في من يستثنيه أن يكون من أهل الدين والأمانة، حتى يطمئن إلى قيامه بالواجب من مات قبل أن يحج ويعتمر وهو مكلف وله مال يكفي للحج الجزء: 1 ¦ الصفحة: 280 والعمرة، فإنه يجب أن يُحج عنه من ماله قبل تقسيم التركة، ولو حج عنه أحد تبرعاً كفاه ذلك من كان عاجزاً عن الحج لمرضٍ لا يرجى برؤه، أو لكبر وهو غني وجب عليه أن ينيب من يحج عنه ويعتمر. لا يجوز لأحدٍ أن يحج مرة واحدة ويجعلها لشخصين، فالحج لا يجزئ إلا عن واحد، وكذلك العمرة، لكن لو حج عن شخص واعتمر عن آخر في سنة واحدة أجزأه ذلك، إذا كان قد حج واعتمر عن نفسه، لأن كلاً من الحج والعمرة نُسُكٌ مستقل من أعطى مالاً ليحج عن غيره فنقص المال أو زاد، فإن كان بينهما شرط على رد الزائد وإكمال الناقص فعلى كل منهما أن يفي بالتزامه، لأن المسلمين على شروطهم، وإن لم يكن بينهما شرط فإنه يأخذ الزائد ويكمل النقص أما الأجر فله أجر-إن شاء الله- إذا أخذ المال بنية صالحة، وأدى الواجب عليه يجوز لمن وُكِّل أن يحج عن غيره أن يأخذ ما جُعل له من الأجر عن قيامه بذلك الحج، ولو كان أكثر مما أنفقه في المواصلات والطعام والشراب ونحو ذلك مما يحتاجه مثله لأداء الحج، ويُشرع له أن يقصد بذلك المشاركة في الخير وأداء ما ييسر الله من العبادات في الحرم الشريف، وألا يكون قصده المال فقط الجزء: 1 ¦ الصفحة: 281 لا ينبغي للمسلم أن يجعل فعله للقربات التي تدخلها النيابة وسيلة لكسب الدنيا، فإن هذا ليس من مكارم الأخلاق من وَكل غيره ليقوم بالحج عن أحد يوم عرفة من عرفة أو غيرها فحجه صحيح مجزئ إذا أدى المناسك على وجه صحيح ومن وُكَّل في الحج عن شخص فغلط فنواه عن شخص آخر ظناً منه أنه هو المقصود فإن الحج يكون لمن قصده المُوكِّل، والعبرة بنية المنيب لا النائب ولا تأثير لغلط النائب في الاسم إذا كان الرجل لا يصلي ولا يصوم ويذبح للجن ومات مصراً على ذلك فهو مشرك شركاً أكبر، ولا يجوز الحج عنه، ولا الاستغفار له من كان غنياً قادراً وجب عليه أداء الحج بنفسه، ولا تجوز له الإنابة، ولا يكفي حج غيره عنه ما دام مستطيعاً الحج بنفسه لا يجزئ حج الصغير الفريضة عن غيره إلا بعد أن يبلغ ويحج عن نفسه ويجب على الإنسان أن يقوم بالحج عن نفسه أولاً قبل أن يحج بوالديه إذا كان لا يقدر على نفقة الجميع، ولو قدمهما على نفسه صح حجهما لا يشترط فيمن يحج عن غيره أن يقيم الحج من بلد الموكِّل. المواقيت من مر على أحد المواقيت التي ثبتت عن رسول الله صلي الله عليه وسلم أو حاذاه جواً أو براً أو بحراً وهو يريد الحج والعمرة وجب عليه الإحرام، وإذا كان الجزء: 1 ¦ الصفحة: 282 لا يريد الحج والعمرة فلا يجب عليه أن يحرم، وإذا جاوزها بدون إرادة حج أو عمرة ثم أنشأ من مكة أو جدة فإنه يحرم بالحج من حيث أنشأ من مكة أو جدة مثلاً- أما العمرة فإن أنشأها خارج الحرم أحرم من حيث أنشأ، وإن أنشأها من داخل الحرم فعليه أن يخرج إلى أدنى الحِل ويُحْرم منه للعمرة. أحرم النبي صلي الله عليه وسلم- أي أهلَّ بالنسك- من ذي الحليفة ميقات أهل المدينة، وكذلك غسله عليه السلام كان بذي الحليفة، ولم يحرم أو يغتسل للإحرام في المدينة جدة ميقات لأهل جدة والمقيمين بها إذا أرادوا حجاً أو عمرة، وكذا من مر بها ممن لا يريد الحج والعمرة ثم بدا له الحج أو العمرة وهو بها فإنه يُحرم منها وأما جعلُ جدة ميقاتاً بدلاً من يلملم فلا أصل له، فمن مر على يلملم وترك الإحرام منه وأحرم من جدة وجب عليه دم، كمن جاوز سائر المواقيت وهو يريد حجاً أو عمرة ميقات العمرة لمن كان بمكة الحلّ، بل قال المحب الطبري: لا أعلم أحداً جعل مكة ميقاتاً للعمرة. وحديث ابن عباس:"حتى أهل مكة من مكة" يتعين حمله على القارن والمفرد للحج دون المعتمر عمرة مفردة، لأمر النبي صلي الله عليه وسلم عائشة رضي الله عنها أن تحرم بعمرتها من التنعيم، وكانت مع الجزء: 1 ¦ الصفحة: 283 رسول الله صلي الله عليه وسلم في الحرم. وحديث ابن عباس رضي الله عنهما عامٌّ وحديث عائشة رضي الله عنها خاص، ويتعين حمل العام على الخاص التنعيم والجعرانة من الحل، وقد أمر النبي صلي الله عليه وسلم عائشة رضي الله عنها أن تُحرم من التنعيم لأنه أدنى الحل، ومن أراد العمرة ممن كان في الحرم فيلزمه الخروج إلى الحل - التنعيم أو غيرها ليحرم بالعمرة. وإذا أحرم بالعمرة داخل الحرم لزمه دم يجب على أهل مصر والمغرب أن يحرموا من رابغ أو مما يحاذيها جواً إذا سافروا بالطائرة، أو مما يحاذيها بحراً إذا سافروا بالبحر، وليس لهم أن يؤخروا الإحرام حتى يحرموا من جدة يجب على من جاء حاجاُ أو معتمراً بالطائرة أن يحرم حين يحاذي أول ميقات يمر عليه، وإن نوى الدخول في الإحرام بالحج أو العمرة ولبى قبل الميقات الذي سيمر عليه خشية أن يتجاوزه غير محرم فلا بأس. أما التهيؤ للإحرام بتنظيف أو غُسل أو ارتداء ملابس الإحرام فيجوز في أي مكان. أنواع المناسك أنواع الإحرام ثلاثة: الأول: الإحرام بالحج فقط، ومن حج مفرداً فلا يجب عليه هدي. الثاني: الإحرام بالحج والعمرة معاً، وهذا يُسمى قارناً ويُسمى أيضاً متمتعاً، ويجب على القارن الهدي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 284 الثالث: الإحرام بالعمرة في أشهر الحج، ويتحلل منها ثم يحج في نفس السنة، ويسمى من فعل هذا متمتعاً، ويجب عليه هدي ومن لم يجد الهدي صام ثلاثة أيام في الحج وسبعة وإذا رجع إلى وطنه أو محل إقامته وأفضل أنواع النسك الثلاثة: التمتع بالعمرة إلى الحج. عمرة التمتع هي التي يؤتى بها في أشهر الحج " شوال وذو القعدة والعشر الأولى من ذي الحجة " ثم يحج من عامه. أما العمرة التي تكون في رمضان فلا يحصل بها نسك التمتع من أحرم متمتعاً لا يجوز له أن يقلب تمتعه إلى الإفراد، فإن فعل ولم يكن حل إحرامه فإنه يكون قارناً ويلزمه هدي القِران من نوى الحج أو العمرة معاً ثم حول نيته إلى الحج فقط، فإن كان تحويل النية قبل عقد الإحرام فلا شيء عليه، وإن كان بعد عقد الإحرام فلا يسقط ذلك عنه حكم القِران، وعليه هدي من كان متمتعاً فطاف للعمرة وهو محدث ثم حل من عمرته وأحرم بالحج اليوم الثامن وأتم حجه، فإنه يُعتبر قارناً لأنه أحرم بالحج قبل طواف العمرة حيث إن طوافه للعمرة وهو محدث غير صحيح. وليس عليه دم من أحرم قارناً ثم أحل بعمرة ثم أحرم بالحج يوم الثامن فقد أحسن من أدى عمرة التمتع ثم اعتمر قبل الحج عن أحد فلا شيء عليه ويكون متمتعاً إذا أدى الحج. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 285 صفة الحج السنة لداخل الحرم ولا سيما المحرم البدء بالطواف إن تيسر له ذلك. المشروع السعي للحج بعد طواف الإفاضة لكن لو سعى الحاج ثم طاف ناوياً طواف الحج والوداع ثم سافر فلا شيء عليه. إذا أدى المتمتع العمرة فإنه يُحِلّ من إحرامه ويلبس ملابسه العادية ويباح له ما كان ممنوعاً منه بالإحرام، كالحلق وتقليم الأظفار ولبس المخيط وصيد البر وعقد النكاح والجماع ودواعيه. ثم يحرم بالحج في اليوم الثامن. السنة المبيت ليلة اليوم التاسع في منى، ولا حرج في ترك المبيت في منى تلك الليلة. الأفضل للحاج أن يذهب من منى إلى عرفة بعد طلوع الشمس من اليوم التاسع، ولو ذهب قبل ذلك فلا حرج عليه. ليس صحيحاً أنه إذا كان يوم عرفة يوم جمعة أن الحجة تعدل سبع حجج أو سبعين. من وقف بعرفة ثم أغمى عليه، وفعل بعض المناسك وهو في شبه إغماء: فحجه صحيح إذا أدى جميع المناسك. لا يتنفل الحاج بعد صلاته الظهر والعصر جمعاً بعرفة حتى المغرب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 286 لا يشرع للحاج صعود جبل عرفات، المسمى "جبل الرحمة" ولا الصلاة عليه، بل هو بدعة. والذي ثبت عنه صلي الله عليه وسلم أنه وقف تحت هذا الجبل عند الصخرات الكبار. المبيت بمزدلفة: من كان معه ضَعَفَة جاز له الانصراف من مزدلفة بعد نصف الليل. من أفاض من عرفة قبل غروب الشمس: فعليه دم لترك واجب. من لم يقف بمزدلفة بسبب الزحام حتى طلعت الشمس فلا شيء عليه لأنه معذور. تبدأ مزدلفة غرباً من وادي مُحَسِّر وتنتهي شرقاً بأول المأزميْن من جهتها وقدر ما بينهما "سبعة آلاف وسبعمائة وثمانون ذراعاً، وأربعة أسباع الذراع".من خرج من مزدلفة قبل منتصف الليل فرمى جمرة العقبة أو طاف طواف الحج وسعيه فإن ذلك لا يجزئه وعليه إعادتها، أما الطواف والسعي فليس لإعادتهما وقت محدود إنما الواجب البدار بذلك بعد العلم، وأما الرمي: فمن لم يُعِده حتى انتهت أيام التشريق فعليه هدي. أعمال يوم النحر: أعمال يوم النحر ثلاثة للمفرد هي: رمي جمرة العقبة والحلق أو التقصير، وطواف الإفاضة والسعي إن لم يكن سعى بعد طواف القدوم، وأما المتمتع والقارن فيزيد بذبح الهدي، ويزيد المتمتع سعياً بعد طواف الإفاضة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 287 وهذه الأعمال تكون مرتبة: الرمي فالذبح فالحلق أو التقصير ثم الطواف والسعي. هذا هو الأفضل تأسياً بالنبي صلي الله عليه وسلم، وسئل عن ترتيب هذه الأمور، ومن قدم بعضها على بعض فقال:"افعل ولا حرج". ومن فعل اثنين سوى الذبح حصل بذلك التحلل الأول، وبذلك يحل له كل ما حرم عليه بالإحرام ما عدا النساء، وإذا فعل الثلاثة حل له شيء حرم عليه حتى النساء. وأما الحديث الذي يدل على أن من لم يطف طواف الإفاضة يوم العيد حتى غربت الشمس فإنه يعود محرماً كما كان فهو حديث ضعيف، وقال البيهقي: لا أعلم أحداً من الفقهاء قال بهذا القول. لا يجوز للحاج تأخير رمي جمرة العقبة إلى اليوم الثاني أو الثالث من أيام التشريق بدون عذر، ومن أخرها إلى أيام التشريق بلا عذر: فقد خالف السنة، وحُرِم من بعض أجر نسكه. الواجب تعميم الرأس كله بالحلق أو التقصير في حج أو عمرة، ولا يلزمه أن يأخذ من كل شعرة بعينها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 288 الطواف أنواعه وأحكامه أنواع الطواف حول الكعبة كثيرة منها: طواف الإفاضة في الحج، ويسمى أيضاً طواف الزيارة، ويكون بعد الوقوف بعرفات يوم عيد الأضحى أو بعده، وهو ركن من أركان الحج ومنها: طواف القدوم للحج، ويكون للمفرد والقارن حينما يصل إلى الكعبة، وهو واجب من واجبات الحج، أو سنة من سننه على خلاف بين العلماء ومنها: طواف العمرة، وهو ركن من أركانها لا تصح بدونه ومنها: طواف الوداع، ويكون بعد انتهاء أعمال الحج والعزم على الخروج من مكة المكرمة، وهو واجب على الصحيح من قولي العلماء على كل حاج ما عدا الحائض والنفساء، فمن تركه وجب عليه دم ومنها: الطواف وفاء بنذر من نذر الطواف بها، وهو واجب من أجل النذر ومنها: الطواف تطوعاً وكل منها: سبعة أشواط، يصلي الطائف بعدها ركعتين خلف مقام إبراهيم إذا تيسر ذلك، فإن لم يتيسر صلاّهما في بقية المسجد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 289 يُُسنّ للطائف التكبير عند نهاية الشوط الأخير لأنه ثبت عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه كان يكبر في طوافه كلما حاذى الحجر الأسود يُسنّ الاضطباع في الأشواط كلها، في طواف القدوم خاصة، كما يشرع الرََّمَل "وهو الهرولة" في الأشواط الثلاثة الأولى من طواف القدوم للحاج والمعتمر، وإذا لم يمكنه في الثلاثة الأولى الرمل فيها سقط عنه قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أنه لا رمل على النساء حول البيت ولا بين الصفا والمروة، وليس عليهن اضطباع، وذلك لأن الأصل فيهما إظهار الجلد، ولا يقصد ذلك في النساء، لأن النساء يقصد فيهن الستر، وفي الرمل والاضطباع تعرُّضٌ للكشف يبدأ وقت طواف الإفاضة بعد منتصف الليل من ليلة النحر للضَّعَفَة ومن في حكمهم، وليس لنهايته وقت محدود، لكن الأولى المبادرة قدر الاستطاعة مع مراعاة الرفق بالنفس، وتحين الأوقات التي يكون فيها المطاف خفيفاً حتى لا يؤذي ولا يؤذى يشرع تقبيل الحجر الأسود دون غيره من الكعبة المشرفة، وهو سنة مؤكدة إن تيسر فعلها بلا مزاحمة أو إيذاء، وإلا تعين الترك في حق الرجال، والنساء من باب أولى، كما لا يجوز لهن التكشف أثناء التقبيل إذا وجد عندها أحد من الرجال الأجانب. إذا توقف الطائف أثناء الشوط لأداء الصلاة المفروضة، أتم الشوط الجزء: 1 ¦ الصفحة: 290 بعد الصلاة من حيث وقف، ولا يلزمه إعادة الشوط من بدايته من طاف بعض الأشواط في صحن الحرم وبعضها في الدور العلوي لأجل الزحام فلا شيء عليه. وكذا من طافها جميعاً في الدور العلوي لأجل الزحام لا بأس بالشرب والكلام أثناء الطواف لا يجوز للطائف بالبيت فرضاً أو نفلاً أن يدخل من حجر إسماعيل، ولا يجزئه ذلك لو فعله لأن الحجر من البيت ومن فعل ذلك في طواف الحج لم يجزئه ذلك الطواف ولا بد له من الإعادة. أما من فعله في طواف الوداع فعليه دم. ومن فعله في طواف نافلة فلا شيء عليه والطواف غير صحيح. السعي صفته وأحكامه صفة السعي: أن يرقى على الصفا إن تيسر له، أو يقف عنده ويقرأ قول الله {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} الآية [البقرة:158] ويقول: أبدأ بما بدأ الله به ويستحب أن يستقبل القبلة ويحمد الله ويكبره ويقول:"لا إله إلا الله والله أكبر، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده" ثم يدعو رافعاً يديه بما تيسر له من الدعاء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 291 ويكرر هذا والدعاء ثلاث مرات، ويفعل على المروة كذلك ما عدا قراءة الآية فإنه لا يكررها، وإنما يقرؤها في مبدأ الشوط الأول من بدأ السعي بالمروة فإنه لا يلزمه أن يأتي بشوط ثامن لأن الأول يعتبر مُلغى لوقوعه على غير الصفة الشرعية من سعى أربعة عشر شوطاً جاهلاً فلا شيء عليه ويجزئه منها السبعة الأولى من عجز عن السعي ماشياً وشق عليه مشقة خارجة عن المعتاد جاز له ركوب العربية بالسعي من نسي سعي الحج لزمه أن يأتي به من طاف للإفاضة وأخرَّ السعي إلى ما بعد أيام التشريق، فسعيه صحيح لأنه ليس من شروط صحته أن يكون متصلاً بالطواف لكن من الكمال أن يكون بعد الطواف متصلاً به، تأسياً بالنبي صلي الله عليه وسلم السنة أن يكون السعي متصلاً بالطواف بقدر الاستطاعة، فإن أخَّر السعي كثيراً ثم سعى أجزأه من سعى محدثاً فلا شيء عليه لأن الطهارة لا تشترط للسعي. حدود منى: من وادي مُحَسِّر شرقاً إلى جمرة العقبة غرباً، وعلى من حج أن يلتمس مكاناً له داخل حدود منى، فإن تعذر عليه حصول المكان نزل في أقرب مكان يلي منى ولا شيء عليه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 292 المدة التي يجب على الحاج أن يمكثها في منى بعد يوم النحر يومان هما: الحادي عشر والثاني عشر من ذي الحجة، أما اليوم الثالث عشر فغير واجب المكث في منى، ولا رمي الجمرات بل يستحب. إلا إذا غربت عليه شمس اليوم الثاني عشر وهو ي منى فيجب عليه المبيت ليلة الثالث عشر ثم رمي الجمرات الثلاث بعد الزوال من لم يتيسر له النزول في منى نزل في أقرب مكان إليها وجاز له أن يبيت فيه ليالي منى، وإذا غربت عليه شمس اليوم الثاني عشر وهو بمكانه ذلك لم يجب عليه المبيت ولا الرمي يوم الثالث عشر ليست العزيزية من منى بل يفصل بينهما جبل من ترك المبيت ليلة المزدلفة "ليلة العيد" وفي منى أيام التشريق لغير عذر أثم، ووجب عليه دم: شاة أو سبع بدنة أو سبع بقرة، يذبح بمكة لفقراء الحرم، فإن لم يستطع صام عشرة أيام ترك المبيت أيام التشريق للرعاة والسقاة ومن في حكمهم جائز ولا شيء عليهم. رمي الجمرات من رمى الجمار أول أيام التشريق "وهو يوم الحادي عشر" قبل الزوال وجب عليه أن يعيدها بعد الزوال، فإن لم يعلم إلا في اليوم الثاني أو الثالث أعاد رميها بعد الزوال في اليوم الثاني أو الثالث: من أيام الجزء: 1 ¦ الصفحة: 293 التشريق قبل أن يرمي لذلك اليوم الذي ذكر فيه، فإن لم يعلم إلا بعد غروب شمس اليوم الثالث من أيام التشريق لم يرم وعليه دم من زاد على السبع حصيات في رمي الجمرة فقد أجزأه الرمي وأساء في الزيادة المطلوب في رمي الجمار أن تقع في الحوض، وإصابة الشاخص ليست مطلوبة يجب الترتيب في رمي الجمرات بأن يبتدئ بالصغرى ثم الوسطى ثم الكبرى، فإن خالف الحاج وجبت الإعادة، فإذا لم يعد أيام منى فعليه دم من رمى العمود "الشاخص" ولم تقع الحصيات في الحوض، فرميه غير صحيح وتجب عليه الإعادة، فإن فات الوقت فعليه دم، ولا تجوز الصدقة بالمال بدل الدم. إذا رمى أحد الجمرة الصغرى ثم زحم فأخر رمي الباقي إلى الليل مثلاً فلا شيء عليه ورميه صحيح أخذ الحجارة في رمي الجمرات من داخل الحوض والرمي بها لا يجزئ لأنها مستعملة من رمى حصى الجمار دفعة واحدة بضربة واحدة فإن ذلك لا يجزئه في رمي الجمار، ويعتبر كأنما رمى بحصاة واحدة يُرجى أن يكون الذي مات في زحام الجمرات شهيداً، لكونه مات بسبب الزحمة المشبهة لميت لهَدّم من أخر رمي الجمار في اليوم الحادي عشر حتى أدركه الليل، وتأخيره لعذر شرعي، ورمى الجمار ليلاً فليس عليه في ذلك شيء، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 294 وهكذا من أخره في اليوم الثاني عشر فرماه ليلاً أجزأه ذلك ولا شيء عليه، وعليه تلك الليلة المبيت في منى، والرمي لليوم الثالث عشر بعد الزوال لكونه لم ينفر في اليوم الثاني عشر قبل غروب الشمس والأحوط للحاج أن يجتهد في الرمي نهاراً. المرأة المعذورة بحمل أو كِبَر أو نحو ذلك تجوز النيابة عنها، ولا إشكال في ذلك، والذي يرمي عنها لا ينوب عنها إلا بإذنها قبل الرمي عنها. فيرمي عن نفسه ثم يرمي عنها والنائب يكون من الحجاج وكذا تجوز النيابة عن القوية لو حصلت مشقةٌ غير مألوفة تجوز النيابة في رمي الجمار عن العاجز الذي لا يقوى على مباشرة الرمي بنفسه، كالصبي والمريض وكبير السن، إذا كان النائب من الحجاج ذلك العام وقد رمى عن نفسه من وكَّل آخر في الرمي عنه ففرَّط الوكيل فلم يرم، لزم الموكِّل دم، وله مطالبة الوكيل بقيمة الدم، لكونه المتسبب في ترك الرمي من وكَّل في رمي جمراته أيام التشريق أو أحدهما ونفر يوم النحر يعتبر مخطئاً مستهزئاً بشعائر الله، ومن يوكل في رمي الجمرات اليوم الحادي عشر أو الثاني عشر من أيام التشريق ويطوف طواف الوداع ليتعجل بالسفر فقد خالف هدي الرسول صلي الله عليه وسلم، ويلزمه دم، عن ترك المبيت، ودم عن ترك الرمي الذي وكل فيه، ودم ثالث عن طواف الجزء: 1 ¦ الصفحة: 295 الوداع، حتى ولو طاف لأن طوافه للوداع وقع في غير وقته، لأن طواف الوداع إنما يكون بعد انتهاء رمي الجمرات فإن لم يستطع الدم صام عن كل فدية عشرة أيام من رمى الجمرات في اليوم الثاني عشر ثم طاف للوداع، ثم اضطر للعودة إلى منى للبحث عن الرفقة، فبات بها ليلة الثالث عشر، فلا يلزمه الرمي ذلك اليوم لكونه نفر من منى بنية الرحيل قبل غروب شمس اليوم الثاني عشر من نقص حصاة من رمي إحدى الجمار فلا شيء عليه المراد بالأيام المعدودات في قوله: {وَاذْكُرُوْا الله في أيَّامٍ مَعْدُوْدَاتٍ} أيام التشريق الثلاثة: الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر {فَمَنْ تَعَجَّلَ في يَوْمَيْنِ} أي فمن نفر اليوم الثاني عشر بعد رمي جمراته وقبل الغروب فقد تعجل، ومن بقي إلى أن يرمي جمرات اليوم الثالث عشر فقد تأخر، وذلك أفضل. طواف الوداع لا يحرم البيع ولا الشراء بعد طواف الوداع، لكن لو ودَّع الحاج ثم تأخر كثيراً عُرفاً: شُرع أن يعيد الطواف يُشرع للمعتمر- ولا سيما إن أقام بمكة بعد عمرته- أن يطوف للوداع عند خروجه من مكة، ولا يلزمه ذلك على الصحيح من قولي العلماء الجزء: 1 ¦ الصفحة: 296 وفي وجوبه على المعتمر اختلاف، ولكن الأحوط له الطواف للوداع عملاً بعموم السنة تُعفى الحائض والنفساء من طواف الوداع إذا أدركها ذلك وقت خروجها من مكة لا يلزم المودِّع الخروج من الباب المسمى باب الوداع، ولا يلزم القادم أن يدخل من باب السلام من ترك الطواف لعذرٍ غير الحيض والنفاس لزمه دم. إذا لم يطف الحاج للإفاضة إلا عند انصرافه من مكة، واكتفى به عن طواف الوداع كفاه حتى ولو وقع بعده سعي كما لوم كان متمتعاً، وإن طاف طوافاً ثانياً للوداع فذلك خير وأفضل الوداع هو آخر أعمال الحج فلا يجوز أن يتقدم على شيء منها كالرمي مثلاً من كان مقيماً بجدة لزمه طواف الوداع قبل الخروج إليها، حتى وإن كان سيسافر بعد أشهر إلى بلده الأصلي، ولا يجوز له أن يسافر إلى جدة قبل الطواف ثم يعود للطواف إذا أراد السفر إلى بلده الأصلي، فإن فعل فعليه دم من طاف للوداع محدثاً وجب عليه إعادته ما دام في مكة، فإن سافر فعليه دم يذبح في مكة للفقراء الجزء: 1 ¦ الصفحة: 297 من طاف للوداع ثم اضطر للمبيت فسافر صباحاً فلا شيء عليه، وإعادة الطواف في هذه الحالة أحوط من طاف للوداع ثم خرج إلى مكان حجز السيارات فبات به: فلا شيء عليه، لأن مكان الحجز حالياً خارج مكة، ولو دخل بعد ذلك للبحث عن رفقائه مثلاً فلا يلزمه لا إحرام عند الدخول ولا طواف وداع عند الخروج من خرج إلى جدة لحاجة اليوم الثاني عشر وهو ينوي الرجوع ليبيت ليلة الثالث عشر ويرمي ثم يطوف للوداع ورجع فأدى ذلك كله: فلا شيء عليه. العمرة العمرة في الإسلام واجبةٌ، مرة في العمر، على أهل مكة وغيرهم وأما الإحرام بالعمرة لمن كان داخل الحرم فمن الحل كالتنعيم والجعرانة ونحوهما يجوز أداء العمرة في جميع أيام السنة حتى في أشهر الحج، وإذا أداها في أشهر الحج وحج بعدها من عامه فهو متمتع بالعمرة إلى الحج، وإذا أداها مع حجه كان قارناً، وعلى المتمتع والقارن هدي إذا لم يكن من حاضري المسجد الحرام. وإذا أداها الحاج في ذي الحجة بعد أيام التشريق جاز، ولا هدي عليه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 298 وسئلوا عن معتمر سعى قبل الطواف جاهلاً، فأجابوا: بأنه ليس عليه إعادة السعي لما روى أبو داود بإسناد صحيح إلى أسامة بن شريك رضي الله عنه قال: خرجت مع النبي صلي الله عليه وسلم حاجاً فكان الناس يأتونه، فمن قائل: يا رسول الله، سعيت قبل أن أطوف، أو قدمت شيئاً وأخرت شيئاً، فكان يقول:" لا حرج لا حرج، إلا على رجل اقترض عرض رجل مسلم وهو ظالم فذلك الذي حَرِج وهلك" 1.من أحرمت بالعمرة ثم حاضت فحلت من إحرامها قبل أن تطوف وتسعى، فإن كانت جاهلةً ولم يجامعها زوجها وجب أن تكمل عمرتها بعد انقطاع حيضها واغتسالها ولا شيء عليها. وإن حصل جماع بطلت عمرتها، وعليها أن تكملها بالطواف والسعي والتقصير، ووجب عليها أن تقضيها، فتأتي بعمرة بدلها من الميقات الذي أحرمت بالأولى منه وعليها دم. أما إن كانت لم تحل من عمرتها فعليها أن تتم عمرتها ولا شيء عليها، ولا تبطل عمرتها بالحيض على كل حال الواجب أن يعم الرأس بالحلق أو التقصير من لم يكن في رأسه شعر لكونه حلق قريباً فلا شيء عليه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 299 من أحرم بالعمرة في آخر رمضان، ولم يؤد العمرة إلا في أول ليلة من شوال، ثم تحلل منها ثم حج من عامه لم يعتبر متمتعاً لأن إحرامه بالعمرة كان في غير أشهر الحج من مر بالميقات فلم يحرم وأحرم من جدة، ثم اعتمر وتحلل، ثم خرج إلى الميقات واعتمر مرة أخرى فعليه دم للعمرة الأولى لتفويته الإحرام من الميقات، ولا تُسقط العمرة الثانية الدم الواجب في العمرة الأولى الصحيح أنه يجوز تكرار العمرة في السنة عدة مرات لقول النبي صلي الله عليه وسلم "العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما" متفق عليه ولم يرد نص في تحديد فترة بين العمرة والتي تليها¸ يشرع للمعتمر-ولا سيما إن أقام بمكة بعد عمرته- أن يطوف للوداع عند خروجه من مكة، ولا يلزمه ذلك على الصحيح من قولي العلماء من أدى العمرة من الميقات فإنه يجوز له أن يأتي بعمرةٍ ثانيةٍ من الميقات أو أي مكان من الحل سواء كانت العمرة الثانية له أو لغيره إذا كان ميتاً أو عاجزاً من نذر أن يعتمر بوالدته يوم العيد من كل عام جاز له أن يعتمر بها في رمضان، لأنه أفضل من الوقت المنذور، كما لو نذر أن يصلي في المسجد الأقصى فصلى في المسجد الحرام أو المسجد النبوي، لكونه أداها في مكان أفضل أما لو امتنعت أمه من العمرة فإنه لا شيء عليه أيضاً لكونه أدى ما عليه وحصل الامتناع من غيره. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 300 الفدية والهدي فدية ترك الواجب: الأصل في إيجاب الدم على من ترك واجباً أثر ابن عباس رضي الله عنهما:"إن ترك نسكاً أو نسيه فعليه دم" 1. من ترك عدة واجبات: لزمه لكل واجب دمّ، كمن ترك الإحرام بالميقات والمبيت بالمزدلفة لزمه دمَّان مما يجزئ أضحية، يذبحه في الحرم ويفرقه على الفقراء فيه، فإن لم يستطع صام عشرة أيام عن كل دم والدم: إما سُبْع بدنة، أو سُبْع بقرة، أو شاة، تجزيء أضحية ولا يجوز إخراج قيمة الدم نقوداً، لأن إخراج النقود يخالف ما أمر الله به من وجب عليه دم لترك واجب، وهو لا يستطيعه: فإنه يصوم عشرة أيام: ثلاثة في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله. ويبدأ وقت ذبح الدم لترك واجب من أول ترك الواجب سواء كان قبل العيد أو بعده، ولا حدَّ لآخره، ولكن تعجيله بعد وجوبه مع الاستطاعة واجب، ولو أخره حتى وصل إلى بلده لم يجزئ ذبحه فبي بلاده، بل عليه أن يبعث ذلك إلى الحرم، ويشتريه من هناك ويذبحه في الحرم، ويوزع على فقراء الحرم، ويجوز أن يوكِّل من يقوم بذلك نيابة عنه من الثقات. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 301 الهدي: من اعتمر في أشهر الحج ثم عاد إلى بلده ثم حج من عامه، فجمهور الفقهاء على أنه ليس عليه هدي، لأنه لم يتمتع بالعمرة إلى الحج في سفرة واحدة والفتوى والعمل جاريان على هذا القول من اعتمر في أشهر الحج عن نفسه، ثم حج عن غيره في عامه فهو متمتع وعليه هدي، حتى وإن كان بعد العمرة غير عازم على الحج ثم حج في العام نفسه من اعتمر في أشهر الحج ثم ذهب إلى جدة أو المدينة المنورة أو العمل أو لحاجة ثم حج من عامه فهو متمتع وعليه هدي، ولو كان أحرم بالحج مفرداً، وذهابه إلى جدة لا يقطع تمتعه على الصحيح من أقوال العلماء من فقد ماله في الحج فتبرع له رجل بهدي التمتع بإذنه فإن ذلك يجزىْ من كان متمتعاً أو قارناً ولجهله ضحى ولم يهدِ وجب عليه أن يذبح هدياً بمكة وله أن يأكل منه، وله أن يوكِّل من يذبح عنه، ولا تجزئ الأضحية عن الهدي من ترك هدي التمتع والقران وجب عليه قضاؤه، فيذبح بمكة، أو يوكِّل من يقوم بذلك، فإن لم يستطع صام عشرة أيام مجتمعة أو متفرقة، والواجب المبادرة في ذلك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 302 من ذبح هدياً واحداً عنه وعن زوجته ظناً منه أن الهدي كالأضحية التي تجزئ الوحدة عن الرجل وأهل بيته، فإن عليه أن يذبح ثانية عنه وعن زوجته معاً من حج ومعه زوجته وهما متمتعان وشك هل نسك بشاة أو شاتين وجب عليه أن يذبح أخرى من الغنم أو سبع بقرة أو سبع بدنة لأن المشكوك فيها لاغية، ويجب أن تُذبح بمكة أو أي مكان من الحرم بنية أنها عمن لم يذبح عنه منهما يجب ذبح هدي التمتع والقران وكذا الأضحية في وقته المحدد، وهو أيام الذبح "يوم العيد وثلاثة أيام بعده" أما ما وجب لترك واجب، أو فعل محظور، أو كان صدقة فيذبح بعد وجود سببه، سواء كان في أيام الذبح أو قبلهما أو بعدها، مع وجوب المبادرة إلى أداء الواجب، ويجوز تأخيره عن وقت وجود سببه من تعذَّر عليه الهدي أيام التشريق لذهاب النفقة، وكان يرجو أن يجدها فإنه يذبح الهدي إذا وجد النفقة ولو بعد أن يرجع إلى بلده يذبحه بمكة وله أن يأكل منه، ويُطْعِم الفقراء، وإن عجز عن ثمنه صام عشرة أيام بدله من لم يذبح هدي التمتع في الوقت المحدد لعجزه، ثم استطاع بعد ذلك فعليه أن يذبحه قبل أن يصوم قضاء لا أداء في أي وقت بمكة، وعليه أن يتوب إن كان تعمد التأخير أو تساهل في ذلك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 303 دلت الأدلة الشرعية على أنه يجزئ من الضأن ما تم له ستة أشهر، ومن المعز ما تم له سنة، ومن البقر ما تم له سنتان، ومن الإبل ما تم له خمس سنين، وما كان دون ذلك فلا يجزئ هدياً ولا أضحيةً ولا عقيقة ويُشترط في الهدي ما يُشترط في الأضحية فلا تجزئ العوراء البيِّن عورها، ولا المريضة البيِّن مرضها، ولا العرجاء البيِّن عرجها، ولا الهزيلة التي لا تنقي من حج قارناً جاز له سوْق الهدي من ميقات إحرامه أو قبله أو بعده، وأن يشتريه من بلده، وأن يشتريه من عرفات تجزئ البدنة عن سبعة وكذا البقرة، وأما الشاة فعن واحد. ويجزئ سُبْع البدنة أو سُبْع البقرة هدياً ممن تمتع بالعمرة إلى الحج أو كان قارناً، وكذلك يجزئ في الأضحية. الزيارة لا يلزم الحجاج رجالاً أو نساءً زيارة قبر الرسول صلي الله عليه وسلم ولا البقيع، بل يحرُم شدُّ الرحال إلى زيارة القبور مطلقاً، ويحرم ذلك على النساء، ولو بلا شد الرحال ويكفي النساء أن يصلين في المسجد النبوي ويكثرن الصلاة على الرسول صلي اله عليه وسلم في المسجد وغيره. زيارة قبر النبي صلي الله عليه وسلم سنَّةٌ لعموم أدلة الحث على زيارة القبور، لكن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 304 دون شد الرحال إلى ذلك، فيزوره من كان بالمدينة أو ضواحيها ممن لا يعد انتقاله إلى المدينة سفراً، أما السفر إلى المدينة لزيارة قبره فلا يجوز، فإذا سافر إلى المدينة لحاجة من تجارة وطلب علم ونحو ذلك، أو سافر إليها للصلاة في المسجد النبوي رغبة في مضاعفة الثواب، صلى أولاً، ثم زار النبي صلي الله وسلم الزيارة الشرعية فصلى وسلم عليه، وسلم على أبي بكرٍ وعمر رضي الله عنهما، ودعا لهما دون أن يتمسح بالقبر أو بما حوله أو يقبِّل شيئاً من ذلك، ودون أن يدعوه أو يستغيث به، فإن دعاءه والاستغاثة به بعد وفاته كدعاء غيره من الأموات، وذلك شرك أكبر، بل يكتفي بالصلاة والسلام عليه والترضي عن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 305 القسم الأول: وصايا, نصائح, فوائد, آداب, منافع, توجيهات, تحذيرات ... أخي المسلم أختي المسلمة! هذه بعض الوصايا التي يجدر بنا أن نتدبرها ونعمل بالصواب منها إذا أردنا أن نستفيد من الحج ونخرج منه كيوم ولدتنا أمهاتنا بحج مبرور نسأل الله أن ينفع بها وأن يجعلها خالصة لوجهه صواباً على هدى نبيه صلي الله عليه وسلم أولاً: الإخلاص: وهو مطلبُ عظيم وشرطٌ أساسي لصحة وقبول العمل {وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّين} [الآية البينة] وقال صلي الله عليه وسلم:"إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى" ر واه الستة، وصح عنه إن الله تعالى قال: "أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه " رواه مسلم، فليست العبرةُ بكثرة الأعمال ولا بالتعب والنصب فيها فقد أخبر الله تعالى عن عذاب أقوام عاملين لم يحققوا الإخلاص والمتابعة {وجُوه يَومَئِذ خَاشِعَة، عَامِلَة نَاصِبَة، تَصْلَى نَاراً حَامية} [الغاشية] وإنما المطلوب هو الإخلاص والسداد كما قال تعالى: {لِيَبْلُوَكُم أَيّكُم أَحْسَن عَملاً} [الملك] أي أخلصه وأصوبه.. فلابد أن يكون العمل لله خالصاً صواباً على سنة رسول الله صلي الله عليه وسلم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 17 فاحرص على إخلاص العمل لله وحده ولا تشرك معه أحداً فتدعو غيره أو ترجوه أو تطوف حول قبر أو غيره ولا تطلب رضى أحد وإنما راقب الله وحده وليكن رضاه هو همك وغايتك، ليسلم لك العمل ويُقبل قال صلي الله عليه وسلم:"إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان له خالصاً وابتغي به وجهه" رواه النسائي عن أبي أمامة بسند حسن صحيح - صحيح النسائي رقم 2943. ثانياً: المتابعة: وهذا هو الشرط الثاني لقبول العمل وصحته.. قال صلي الله عليه وسلم:"من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" رواه البخاري، ومسلم عن عائشة وفي رواية "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد " رواه مسلم وهي معنى شهادة أن محمداً رسول الله أي أن لا تعبد الله إلا بما شرع فلابد من إتباع هدى الرسول صلي الله عليه وسلم في سفرك وإحرامك ومناسك حجك وسائر أعمالك لتبرهن صدق محبتك لله {قُل إِن كُنْتُم تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ الله وَيَغْفِر لَكُم ذُنُوبِكُم} الآية وقد أمرنا المصطفى صلي الله عليه وسلم بأن نأخذ هدي المناسك منه وحده "خذوا عني مناسككم"وطريق المتابعة هو العلم الشرعي فلا يمكنك معرفة هدي النبي ومتابعتك له إلا بالعلم الشرعي الصحيح فلابد من تعلم أحكام الحج.. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 18 من العلماء الربانيين الذين عُرفوا باتباع الدليل. ثالثاً: التوبة الصادقة: فتب إلى الله وتطهر من جميع الذنوب والآثام بالإقلاع عنها "والندم توبة" حديث صحيح والعزم على عدم العودة إليها واحذر أن تكون ممن يروغ كروغان الثعالب ومن عُباد المواسم والأماكن الفاضلة وهو ينوي الرجوع إلى المعاصي بعدها بل اعزم واجزم على ترك المعاصي وسل ربك الثبات والاستقامة على الدين {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنَوا تُوبُوا إلى اللهِ تَوبَة نُصُوحاً} .ولا تقنط من رحمة ربك واعلم بأن باب التوبة مفتوح لك ولغيرك مهما عملت. {قُلْ يَا عِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِم لا تَقْنَطُوا مِن رَحْمَةِ الله إِنَّ اللهَ يَغْفِر الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّه هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيم} [الزمر] . رابعاً: التحلل من الحقوق ورد المظالم والديون إلى أهلها وطلب السماح منهم: فقد صح عنه صلي الله عليه وسلم:"من كانت لأخيه عنده مظلمة من عرض أو مال فليتحلله اليوم قبل أن يؤخذ منه يوم لا دينار ولا درهم، فإن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم يكن له عمل أخذ من سيئات صاحبه فجُعلت عليه" رواه البخاري وغيره عن أبي هريرة.. فإن كان لأحد حق أو دين عندك فرده إليه أو اطلب منه السماح إن كان الدين قد حل أجله. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 19 وإن كنت قد ظلمت أحداً فرد إليه مظلمته واطلبه السماح وإن كان الأمر معنوياً كغيبة ونحوها ووجدت حرجاً ومشقة في إخباره وطلب السماح منه وخشيت أن يزيد الأمر قطيعة وفرقة وعداوة.. فاستغفر له وادع له.. واذكره بخير كما ذكرته بالسوء أولاً وليكن نصب عينيك حديث المصطفى صلي الله عليه وسلم:"أتدرون ما المفلس؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع فقال: المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ويأتي وقد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فُيعطي هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يُقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار "..رواه مسلم عن أبي هريرة - مختصر مسلم 1836. خامساً: الاستئذان من الوالدين والزوج: فاحرص على رضاهما فرضى الرب في رضاهما واطلب دعوتهما لك بالخير فدعوتهما مستجابة، فإن كان الحج عليك لأول مرة -أي فرض عين عليك- فلا يحق لهما منعك من الحج.. ولكن استئذنهما تطييباً لنفوسهما وكذا الزوجة مع زوجها تلتمس رضاه وتستئذنه فإن رضى وإلا حجت فرضها بشرط وجود محرم معها وأما في حج التطوع فلابد من الاستئذان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 20 سادساً: اطلب النفقة والزاد الطيب الحلال: فإياك ثم إياك أن تحج بمال حرام من ربا أو رشوة أو يمين غموس كاذبة أو غش أو بيع محرم كدخان ومجلات ماجنة ونحو ذلك"فإن الله طيب لا يقبل إلا طيباً" كما في صحيح مسلم وكيف يليق بك أن تحج بهذا المال؟! فتدعو في الطواف والسعي وغيره ثم تقف بعرفة بين يدي ربك رافعاً يديك تسأله وتدعوه وترجوه.. ومطعمك ومشربك وزادك وراحلتك من حرام فأنى وكيف يستجاب لك؟!! سابعاً: الوصية: فلا تخرج-أخي الحبيب- من بيتك إلا وقد كتبت وصيتك. وهذا مطلوب منك في كل حين.. ولكن تذكر هذا قبل سفرك. فاكتب وصيتك ولتكن على السنة فأوص أهلك بالتقوى والاستقامة وألاّ يبتدعوا بعد موتك سواء في كفنك ودفنك وقبرك أو النياحة ونحوها أو في سائر أمور حياتهم وتكتب فيها الذي لك والذي عليك من الديون والحقوق وتطلب من أهلك قضاءها وسدادها وأن يطلبوا السماح ممن له حق عليك وتوصى بثلث مالك في مشاريع الخير والبر قال صلي الله عليه وسلم:"ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده" رواه البخاري ومسلم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 21 ثامناً: الرفقة الصالحة: احرص -أخي الحبيب- على رفقة صالحة تذكرك بالله إذا نسيت، وتعينك على ذلك إذا ذكرت من أهل العلم والطاعة والتقوى. تتعاون أنت وإياهم في عمل الصالحات. وتطبيق هدي المصطفى صلي الله عليه وسلم في السفر والمناسك وبقية الأعمال الصالحة واحذر رفقة السوء التي تضيع عليك أعمالك أو تُنقص أجرك باللهو المحرم والقيل والقال واللغو نحوه ومنه قول المصطفى صلي الله عليه وسلم:" المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل" رواه الترمذي وحسنه الألباني وقوله صلي الله عليه وسلم في الحديث الثابت في الصحيح:" مثل الجليس الصالح والجليس السوء كمثل حامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك -أي يهديك- أو تبتاع منه أو تجد منه ريحاً طيبة ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك أو تجد منه ريحاً خبيثة" ولا تنس أيضاً: القيام بحقوق الإخوة من التعاون والتعاطف والرحمة والذلة بين المؤمنين والتواضع والإيثار وخدمة إخوانك والتسابق في ذلك والتنافس على الخير ونصح الجاهل وتعليمه وأمر المخطئ بالمعروف ونهيه عن المنكر بالحكمة والأسلوب الحسن وغير ذلك من حقوق الإخوة وآدابها التي تديم المودة وتصلها وتقطع الطريق على الجزء: 1 ¦ الصفحة: 22 الشيطان وجنوده أن ينزغوا بينكم. {وَقُل لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِي أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُم} . تاسعاً: الإكثار من النفقة الحلال: وذلك لمواساة المحتاج ومساعدة الفقير وإغاثة الملهوف ونحوه وتذكر بأن "بر الحج إطعام الطعام وطيب الكلام" حديث حسن رواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي وحسنه الألباني. عاشراً: حفظ الجوارح وخاصة اللسان عما يخدش الحج: أخي الحبيب: احفظ جوارحك عن المحرمات فغض بصرك عن الحرام.. واحفظ سمعك عن الفُحش والغناء والخنا وصن لسانك من الوقوع في الغيبة والنميمة والفُحش والسب والشتم ونحوه وإياك من شرب الحرام كالدخان والشيشة ونحوها واحذر من حلق اللحية وقضاء الأوقات في سماع الحرام أو قوله أو أكله أو شربه بل كن ممن يعمر وقته بذكر الله وطاعته واجتهد في حُسن خُلقك مع الناس وعاملهم بالحسنى فلا تضايق ولا تزاحم ولا تجرح بلسانك واعلم بأن الحج المبرور هو الذي لا يخالطه إثم ولا فُحش كما قال النووي رحمه الله قال صلي الله عليه وسلم:"والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة" رواه مسلم.. وتذكر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 23 بأن "من حج فلم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه " متفق عليه ولا تنس قول خالقك وربك ومولاك: {فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ في الْحَجِّ} [البقرة] واحذر ثم احذر أن يخالف قولك عملك. فأنت تلبي وتقول:"لبيك اللهم لبيك" أي جئتك يا رب طائعاً مجيباً منيباً ثم تخالف ذلك بعملك ومعصيتك {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُون كَبُر مَقْتاً عنْدَ اللهِ أَن تَقُولُوا مَا لاَ تَفْعَلُون} [الصف] . الحادي عشر: الحرص على آداب السفر المشروعة: وذلك بمعرفة هدي النبي صلي الله عليه وسلم الثابت الصحيح في أدعية السفر والركوب والخروج والدخول ونزول المنزل وغير ذلك واحرص على التبكير في السفر فالبركة في البكور وعليك باستغلال الوقت في سفرك بما ينفع ويفيد!! الثاني عشر: الاجتهاد في الطاعة: اجتهد أخي الحبيب في الطاعة من نوافل الصلاة والصدقة والإنفاق والقراءة وغيرها. حافظ على الصلوات في أوقاتها وفي المساجد مع المسلمين ولا تضيعها فتؤخرها عن وقتها فمن ضيعها فهو لما سواها أضيع. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 24 ومر بالمعروف وانه عن المنكر وجادل بالتي أحسن اجتهد في الدعاء والتضرع إلى الله بحضور قلب وتدبر لما تقول واتبع هدي نبيك في الدعاء ولا تعتد في الدعاء.. فتدعو بما لا يجوز أو تبتدع أو تدعو دعاءً جماعياً فهذا لم يرد من فعله صلي الله عليه وسلم وكل خير في اتباع من سلف وكل شر في ابتداع من خلف واحرص على جوامع الكلم في الأدعية وأكثر من الدعاء يوم عرفة. أكثر من قول لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير وخاصة يوم عرفة أكثر من ذكر الله في أيام التشريق فإنها أيام أكل وشرب وذكر الله تعالى أكثر من الاستغفار وتلاوة القرآن وبذل المعروف ابذل الوسع والطاقة في عمل الصالحات والتقرب إلى الله بأنواع القربات سدد الله خطاك. الثالث عشر: استشعار وتدبر أسرار الحج ومنافعه الدنيوية والأخروية: أخي الحبيب: استشعر معاني الأعمال الصالحة التي تقوم بها وتذبر أسرار الجزء: 1 ¦ الصفحة: 25 المناسك ولتكن بمثابة المحطات الإيمانية التي تتزود منها لآخرتك ودنياك كما قال تعالى: {لِيشهدُوا منَافع لَهُم} أي في الدنيا والآخرة فليذكرك السفر، سفرك إلى الدار الآخرة وهل أعددت لها الزاد والعمل والإخلاص كما حملت الزاد في سفر الدنيا. وليذكرك الإحرام والاغتسال قبله الكفن والموت الذي كلنا إليه صائر. كل ابن انثى وإن طالت سلامته يوماً على آله حدباء محمول وكفى بالموت والقبر واعظاً ومذكراً بالآخرة وتدبر ماذا بعد الموت. وليذكرك أيضاً يوم عرفة "في شدة حره وعطشه واجتماع الناس فيه بلباس واحد. كلهم سواسية" ذلك اليوم العظيم الذي تقف فيه بين يدي رب العالمين والذي تدنو فيه الشمس من الخلائق فمن الناس من يصل عرقة إلى ركبتيه إلى حقويه إلى ترقوته ومنهم من يلجمه -يغطيه- العرق إلجاماً على قدر الذنوب والمعاصي. تذكر. {يَوم لا يَنْفَعُ مَال وَلا بنُون إِلاَّ مَن أَتَى اللهُ بِقَلْبٍ سَليم} . وتذكر. {يَوم تَرَونَها تَذْهَل كُل مُرضِعَة عَمَّا أَرْضَعَت وَتَضع كُل ذات حَمل حَملهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلكِنَّ عَذَاب الله شَدِيد} [الحج] تذكر "يحشر الناس حفاة عراة غرلاً -أي غير مختونين-" حديث صحيح الجزء: 1 ¦ الصفحة: 26 وتذكر أيضاً أن هناك أناساً في ذلك اليوم العصيب تحت ظل عرش الرحمن يوم لا ظل إلا ظله من المتحابين في الله والعادلين في حكمهم والباكي في خلوته من ذكر ربه والمعلق قلبه في المسجد والشاب الناشئ في طاعة الله وغيرهم كما في حديث السبعة وغيره. تذكر وتذكر وتذكر واعمل لإنقاذ نفسك ونجاتها. أخي الحبيب: تدبر مناسك الحج وخذ منها العبرة والعظة والزاد لآخرتك وتعلّم منها أيضاً دروساً كثيرة من التأخي والتآلف والوحدة الحقيقية التي لابد أن تكون على منهج الله ورسوله وطريقة السلف الصالح وتعلّم التساوي بين المسلمين جميعاً على جميع مستوياتهم وطبقاتهم كلهم يقفون بلباس واحد وفي مكان ووقت واحد وغير ذلك من الفوائد التي تحتاج إلى رسالة بل رسائل مستقلة. وختاماً أخي الحبيب: إياك ثم إياك أن تعود إلى المعاصي والفجور بعد أن خرجت من الحج طاهراً نظيفاً كيوم ولدتك أمك حافظ على هذه النظافة والطهارة واستقم على شرع الله ولا تكن ممن ينقض الغزل "ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها" بل كن ممن يعبد ربه ويستقيم على شرعه حتى يأتيه اليقين ويلقى ربه وهو عنه راض وهو نظيف طاهر من الأوساخ والأدران الجزء: 1 ¦ الصفحة: 27 نسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يجعل حجنا مبروراً وسعينا مشكوراً وذنبنا مغفوراً وأن يعيننا على العمل بما في هذه الوصايا من حق وصواب السفر فوائد، آداب، أحكام قال الله تبارك وتعالى: {وَفِي الأَرْضِ آيَات لِلْمُوقِنِين. وَفِي أَنفُسِكُم أَفَلا تُبْصِرُون} [الذاريات: الآيتان:20،21] ، وقال تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمواتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَات لأُولِي الأَلْبَابِ الذينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهم ويَتَفَكَّرُون فِي خَلق السَّموات وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّار} [آل عمران:190،191] وقال تعالى: {فَسِيْحُوا فِي الأَرْضِ} [التوبة:2] ، وقال تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا} [الملك:15] لذا فاعلم أيها الحاج، أن السياحة في الأرض والتأمل في عجائب المخلوقات، مما يزيد العبد معرفة بربه -عز وجل- ويقيناً بأن لهذا الكون مدبراً، لا رب غيره ولا معبود بحق سواه. فالمسافر يتأمل، ثم يتدبر ثم يخشى، كل ذلك حينما يرى عجيب صنع الله وعظيم قدرته فيا عجباً كيف يُعصى الإله أم كيف يجحده الجاحدُ وفي كل شيء له آية تدل على أنه الواحدُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 28 وقد أنكر الله -عزوجل- على أناس يسيحون في الأرض ولا يتأملون في خلقه قال تعالى: {وكَأَين مِن آيَة فِي السَّمواتِ وَالأَرضِ يَمُرونَ عَلَيْهَا وَهُم عَنْها مُعرِضُون} [يوسف:105] . قال الشاعر: تأمل في نبات الأرض وانظر إلى آثار ما صنع المليك عيون من لُجَيْن شاخصات بأحداق هي الذهب السبيك على قضب الزبرجد شاهدات بأن الله ليس له شريك والسفر في العموم لا يخلو من فوائد وهي كثيرة، وقد ذكر الشافعي -رحمه الله- بعضاً من هذه الفوائد حيث قال في شعر له: تغرب عن الأوطان في طلب العُلى وسافر ففي الأسفار خمس فوائد تفرُّجُ هم واكتساب معيشة وعلم وآداب وصحبة ماجد والسفر في هذه الآونة، يختلف عن السفر في أيام مضت، فقد مهدت الطرق وجرت عليها العربات الآلية بشتى أنواعها المبدعة، فهي تسير بهم على الأرض إن شاءوا، أو تقلهم الطائرات السابحة في الهواء إن رغبوا، أو تحملهم الفلك المواخر في البحر إن أرادوا، كما أن الأزمنة قد تقاصرت فما كان يتم في شهور بشق الأنفس، أضحى يتم في أيام قصيرة، بل ساعات قليلة وبجهود محدودة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 29 ومع هذه الراحة الميسرة، فإن الأخطار المبثوثة في البر والبحر والجولم تنعدم بل إنها في ازدياد عن ذي قبل مما يؤكد الاحتماء بالله، وارتقاب لطفه، واللجؤ إليه. ثم اعلم أيها الحاج الكريم: أن خروجك من بلدك مسافراً لأداء فريضة الحج يذكرك بسفر الآخرة، الذي كتبه الله على خلقه، فالموت كأس وكل الناس شاربه، وهو بكلٍ ضيف ولابد للضيف أن يرتحل، قال تعالى: {كُلّ مَن عَلَيْهَا فَانٍ. ويَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإكْرَام} [الرحمن:26،27] ، وقال تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} [آل عمران:185] قال أحد السلف لولده: يا بني جدد السفينة، فإن البحر عميق، وأكثر الزاد فإن السفر بعيد، وأحسن العمل فإن الناقد بصير. اهـ وخير ما يتزود به العبد تقوى الله عز وجل والعمل الصالح وفي ختام هذه الوقفة يطيب لي أن أقدم للحاج الكريم بعضاً من الآداب التي ينبغي أن يراعيها المسلم عندما يريد السفر في العموم، ويدخل السفر إلى الحج في هذا العموم. من آداب السفر إلى الحج: 1- وجوب التوبة من المعاصي والخروج من المظالم: إذا عزم المسلم على السفر إلى الحج استحب له أن يوصى أهله وأصحابه بتقوى الله عز وجل وهي فعل أوامره واجتناب نواهيه وينبغي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 30 أن يكتب ما له وما عليه من الدَّيْن ويشهد على ذلك، ويجب عليه المبادرة إلى التوبة النصوح من جميع الذنوب والمعاصي لقوله تعالى: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} وحقيقة التوبة هي الإقلاع من الذنوب وتركها والندم على ما مضى منها والعزيمة على عدم العودة إليها، وإن كان عنده للناس مظالم من نفس أو مال أو عرض ردها إليهم أو تحللهم منها قبل سفره لما صح عنه صلي الله عليه وسلم أنه قال:"من كان عنده مظلمة لأخيه من مال أو عرض فليتحلل اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته وإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه"1. 2- وينبغي أن ينتخب لحجه نفقة طيبة من مال حلال لما صح عنه صلي الله عليه وسلم: أنه قال"إن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيباً" 2. 3- وينبغي للحاج الاستغناء عما في أيدي الناس والتعفف عن سؤالهم لقوله صلي الله عليه وسلم:"ومن يستعفف يعفه الله ومن يستغن يغنه الله"3. 4- وإن يقصد بحجه وجه الله والدار الآخرة ويحذر كل الحذر من أن يقصد بحجه الدنيا وحطامها أو الرياء والسمعه يقول تعالى: {مَن كَانَ يُرِيدُ الحَيَاةَ الدُّنْيا وَزِيْنَتَها نُوفّ إِلَيْهِم أَعْمَالَهُم فِيهَا وهُم فِيهَا لا يَبْخَسُون،   1 البخاري. 2 مسلم. 3 البخاري. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 31 أولئِكَ الذينَ لَيس لَهُم في الآخرة إلا النَّار وحبط ما صَنَعوا فيهَا وباطلٌ ما كانوا يعَمَلُون} 1، وصح عنه صلي الله عليه وسلم أنه قال: قال الله تعالى:" أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري تركته وشركه" 2، وينبغي له أيضاً أن يصحب في سفره الأخيار من أهل الطاعة والتقوى والفقه في الدين ويحذر من صحبة السفهاء والفسقة وينبغي له أن يتعلم ما يشرع له في حجه ويتفقه في ذلك ويسأل عما أشكل عليه ليكون على بصيرة فإذا ركب دابته أو سيارته أو طائرته أو غيرها من المركوبات استحب له أن يسمى الله سبحانه وبحمده ثم يكبر ثلاثاً يقول: {سُبحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِين وَإِنَّا إِلى رَبِّنَا لَمُنقَلِبون} [الزخرف:13] "اللهم إني أسلك في سفري هذا البر والتقوى ومن العمل ما ترضى اللهم هون علينا سفرنا هذا واطو عنا بعده اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل، اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر وكآبة المنظر وسوء المنقلب في المال والأهل"3، ويكثر في سفره من الذكر والاستغفار ودعاء الله سبحانه والتضرع إليه وتلاوة القرآن وتدبر معانيه ويحافظ على الصلوات في الجماعة ويحفظ لسانه من الكذب والغيبة والنميمة ومن كثرة القيل والقال.   1 هود الآيتان 15,16) . 2 مسلم. 3 مسلم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 32 صلاة المسافر دين الإسلام دين اليسر والسهولة لا حرج فيه ولا مشقة وكلما وجدت المشقة فتح الله لليسر أبواباً قال الله تعالى: {هُوَ اجْتَباكُم وَمَا جَعَل عَلَيكُم في الدِّينِ مِن حَرَج} ، وقال النبي صلي الله عليه وسلم:"الدين يسر"، وقال أهل العلم رحمهم الله: المشقة تجلب التيسير ولما كان السفر مظنة المشقة غالباً خففت أحكامه فمن ذلك: 1- جواز التيمم للمسافر إذا لم يجد الماء أو كان معه من الماء ما يحتاجه لأكله وشربه، لكن متى غلب على ظنه أنه يصل إلى الماء قبل خروج الوقت المختار فالأفضل تأخير الصلاة حتى يصل إلى الماء ليتطهر به. 2- إن المشروع في حق المسافر أن يقصر الصلاة الرباعية فيجعلها ركعتين من حين يخرج من بلده إلى أن يرجع إليه ولو طالت المدة لما ثبت في صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما:"أن النبي صلي الله عليه وسلم أقام بمكة عام الفتح تسعة عشر يوماً يصلي ركعتين وأقام النبي صلي الله عليه وسلم بتبوك عشرين يوماً يقصر الصلاة"لكن إذا صلى المسافر خلف إمام يصلي أربعاً فإنه يصلي أربعا تبعاً لإمامه سواء أدرك الإمام من أول الصلاة أو في أثنائها، فإذا سلم الإمام أتى بتمام الأربع لقول النبي صلي الله عليه وسلم:"إنما جُعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه"، وعموم قوله:"فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 33 وسئل ابن عباس رضي الله عنهما: ما بال المسافر يصلي ركعتين إذا انفرد وأربعاً إذا أئتم بمقيم، فقال: تلك السنة، وكان عمر رضي الله عنه إذا صلى مع الإمام صلى أربعاً وإذا صلى وحده صلى ركعتين. 3- إن المشروع في حق المسافر أن يجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء إذا احتاج إلى الجمع مثل أن يكون مستمراً في سيره والأفضل حينئذ أن يفعل ما هو الأرفق به من جمع التقديم أو التأخير أما إذا كان غير محتاج إلى الجمع فإنه لا يجمع مثاله أن يكون نازلاً في محل لا يريد أن يرتحل منه إلا بعد دخول وقت الصلاة الثانية فهذا لا يجمع بل يصلي كل فرض في وقته لأنه لا حاجة به إلى الجمع. منافع الحج وفي الحج من المنافع الدينية والدنيوية والاجتماعية والصحية ما لا يعد ولا يحصى قال الله تعالى: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُم} [الحج:28] ، ففيه امتثال لأمر الله وتوحيد وتعظيم له وإظهار لذكره وشكره وخضوع وخشوع وتذلل لعظمته، وفيه مغفرة للذنوب وتكفير السيئات وزيادة الحسنات ورفع الدرجات، وفيه تذكير بأحوال الأنبياء والمرسلين والسلف الصالحين فيوجب ذلك محبتهم والاقتداء بهم، وفيه يلتقي المسلم بإخوانه المسلمين الوافدين إلى هذا البيت من مشارق الأرض ومغاربها فيتعارفون، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 34 ويتشاورون، ويحلون مشاكلهم وفي الحج رياضة للأبدان وصحة لها، وفيه يتفكر المسلم في مخلوقات الله في الأرض والأنفس على اختلاف ألوانها وأجناسها ولغاتها {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِلْعَالِمِينَ} [الروم:22] وفي هذه الأيام يتجه المسلمون إلى بيت الله الحرام لأداء فريضة الحج تاركين في سبيل ذلك أوطانهم وأولادهم وأموالهم متجهين إلى مكان واحد في وقت واحد قاصدين رباً واحداً وهدفاً واحداً، فإذا وصلوا إلى الميقات خلعوا ثيابهم ولبس كل واحد منهم إزاراً ورداءًا كأنها أكفان الموتى وكأنهم مسافرون إلى الآخرة لا فرق في ذلك بين الصغير والكبير والغني والفقير والرئيس والمرؤوس، وكذلك يستوي في هذا الشعار المتواضع النجدي والشامي واليمني والمغربي والهندي والعربي والعجمي.. فالكل جاء يقطع البلاد جوًا وبرًا وبحرًا لحضور هذا الاجتماع الإسلامي الكبير استجابة لنداء الله على لسان خليله وشوقاً إلى لقائه فيدخلون في حرم الله محرمين خاضعين خاشعين متذللين قد تركوا مألوفاتهم واتجهوا إلى الله بقلوبهم وأبدانهم فيترددون في تلك المشاعر العظيمة من الطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة والوقوف بعرفة ومزدلفة ورمي الجمار وذبح الهدي على اسم الله والحلق أو التقصير والمبيت بمنى إلى أن يودعوا البيت كل ذلك بقلوب خاشعة وأعين دامعة وألسنة ملبية مكبرة مهللة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 35 داعية، وإذا وقفوا بعرفة اطلع الله عليهم وباهى بهم الملائكة وقال انظروا إلى عبادي أتوني شعثاً غبراً من كل فج عميق يرجون رحمتي ومغفرتي فلو كانت ذنوبهم عدد الرمل لغفرتها لهم، وما من يوم أكثر من أن يعتق الله عبيده من النار من يوم عرفة، وبعد انتهاء الحج وتوديع البيت يرجع الحجاج الأبرار إلى أوطانهم كما ولدتهم أمهاتهم، قد غفرت ذنوبهم واستجيب دعاؤهم واستحقوا العتق من النار ودخول الجنة، كما قال صلي الله عليه وسلم:"والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة" متفق عليه، فالحج فرصة ثمينة ومناسبة عظمى لا تحصل لغير المسلمين فحقيق بالمؤمن وخصوصاً من لم يحج وتوفرت فيه شروط الحج أن يبادر إليه ما دام في العمر فسحة ومن الوقت مهلة قبل حلول الأجل وهجوم الموت وفوات الأوان قال الله تعالى: {اسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ} [المائدة:48] ، {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} [آل عمران:133] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 36 مواقيت الحج وتنقسم إلى قسمين: القسم الأول: المواقيت الزمانية: وتبتدئ المواقيت الزمانية بدخول شهر شوال، وتنتهي إما بعشر ذي الحجة أي بيوم العيد، أو بآخر يوم من أيام ذي الحجة وهو القول الراجح، لقوله تعالى: {الحَجُّ أشْهرٌ مَعْلُوماتٌ} و"أشهره" جمع، والأصح في الجمع أن يراد به حقيقته ومعنى هذا الزمن: أن الحج يقع في خلال هذه الأشهر الثلاثة وليس يُفعل في أي منها، فإن الحج له أيام معلومة، إلا أن مثل الطواف والسعي إذا قلنا بأن شهر ذي الحجة كله وقت للحج، فإنه يجوز للإنسان أن يؤخر طواف الإفاضة وسعي الحج إلى آخر يوم من شهر ذي الحجة، ولا يجوز له أن يؤخرها عن ذلك اللهم إلا لعذر، كما لو نَفِست المرأة قبل طواف الإفاضة وبقي عليها النفاس حتى خرج ذي الحجة، فهي إذن معذورة في تأخير طواف الإفاضة هذه هي المواقيت الزمانية للحج: أما العمرة فليس لها ميقات زمني؛ فإنها تُفعل في أي يوم من أيام السنة، لكنها في رمضان تعدل حجة، وفي أشهر الحج اعتمر النبي صلي الله عليه وسلم كل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 37 عُمره، وعمرة الحديبية كانت في شهر ذي القعدة، وعمرة القضاء كانت في ذي القعدة، وهذا يدل على أن العمرة في أشهر الحج لها مزية وفضل لاختيار النبي صلي الله عليه وسلم هذه الأشهر لها. مسألة حكم الإحرام بالحج قبل دخول أشهر الحج: وقد اختلف العلماء -رحمهم الله- في الإحرام بالحج قبل دخول أشهر الحج، فمنهم من قال: إن الإحرام بالحج قبل أشهره ينعقد ويبقى محرماً بالحج، إلا أنه يكره له أن يحرم بالحج قبل أشهره ومنهم من قال: إنه إذا أحرم بالحج قبل أشهره، فإنه لا ينعقد، ويكون عمرة أي يتحول إلى عمرة؛ لأنه كما قال النبي صلي الله عليه وسلم: دخلت العمرة في الحج، وسماها النبي صلي الله عليه وسلم لحج الأصغر، كما في حديث عمرو بن حزم المرسل المشهور الذي تلقاه الناس بالقبول. القسم الثاني: المواقيت المكانية: ومواقيت الحج المكانية خمسة وهي: ذو الحليفة، والجحفة، يلملم، قرن المنازل، ذات عرق أما ذو الحليفة: فهي المكان المسمى الآن بأبيار علي، وهي قريبة من المدينة، وتبعد عن مكة نحو عشر مراحل، وهي أبعد المواقيت عن مكة، وهي لأهل المدينة ولمن مر بها من غير أهل المدينة. فأما الجحفة: فهي قرية قديمة في طريق أهل الشام إلى مكة، وبينها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 38 وبين مكة نحو ثلاث مراحل، وقد خربت القرية وصار الناس يحرمون من رابغ بدلاً منها. وأما يلملم: فهو جبل أو مكان في طريق لأهل اليمن في طريقهم إلى مكة، ويسمى اليوم"السعدية" وبينه وبين مكة نحو مرحلتين. وأما قرن المنازل: فهو جبل في طريق أهل نجد إلى مكة، ويسمى الآن"السيل الكبير"، وبينه وبين مكة نحو مرحلتين. وأما ذات عرق: فهي مكان في طريق أهل العراق إلى مكة، وبينه وبين مكة نحو مرحلتين أيضاً. فأما الأربعة الأولى فقد وَقَّتَها النبي صلي الله عليه وسلم، وأما ذات عرق فقد وقَّتها النبي صلي الله عليه وسلم أيضاً كما رواه أهل السنة من حديث عائشة رضي الله عنها، وصح عن عمر رضي الله عنه أنه وقَّتها لأهل الكوفة والبصرة حين جاءوا إليه فقالوا: يا أمير المؤمنين: إن النبي صلي الله عليه وسلم وقّت لأهل نجد قرناً وإنها جور عن طريقنا، فقال لهم عمر رضي الله عنه: انظروا إلى حذوها من طريقكم وعلى كل حال فإن ثبت ذلك عن رسول الله صلي الله عليه وسلم فالأمر ظاهر، وإن لم يثبت فإن هذا ثبت بسنة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وهو أحد الخلفاء الراشدين المهديين الذين أُمرنا باتباعهم، والذي جرت موافقاته لحكم الله عز وجل في عدة مواضع، منها هذا إذا لم يصح عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه وقتها، وهو أيضاً مقتضى القياس فإن الإنسان إذا مر بميقات لزمه الإحرام منه، فإذا حاذاه صار كالمار به. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 39 وفي أثر عمر بن الخطاب رضي الله عنه فائدة عظيمة في وقتنا هذا، وهو أن الإنسان إذا كان قادماً إلى مكة بالطائرة، فإنه يلزمه إذا حاذى الميقات من فوقه أن يحرم منه عند محاذاته، ولا يحل له تأخير الإحرام إلى أن يصل إلى جدة كما يفعله كثير من الناس، فإن المحاذاة فلا فرق بين أن تكون في الأرض أو في الجو أو في البحر، ولهذا يحرم أهل البواخر التي تمر من طريق البحر فتحاذى يلملم أو رابغاً فيحرمون منها إذا حاذوا هذين الميقاتين. مسألتان مهمتان الأول حكم الإحرام قبل المواقيت المكانية: يكره للإنسان أن يحرم قبل المواقيت المكانية؛ لأن النبي صلي الله عليه وسلم وقَّتها، وكون الإنسان يُحرم قبل أن يصل إليها، فيه شيء من تقدم حدود الله سبحانه وتعالى، ولهذا قال النبي صلي الله عليه وسلم في الصيام:"لا تقدموا رمضان بصوم يوم أو يومين إلا رجل كان يصوم صومه فليصمه" وهذا يدل على أنه ينبغي لنا أن نتقيد بما وقته الشرع من الحدود الزمانية والمكانية، ولكنه إذا أحرم قبل أن يصل إليها فإن إحرامه ينعقد وهنا مسألة أحب أن أنبه عليها: وهي أن الرسول صلي الله عليه وسلم لما وقت هذه المواقيت قال:"هنَّ لهنَّ ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن يريد الحج أو العمرة" الجزء: 1 ¦ الصفحة: 40 فمن كان من أهل نجد ومر بالمدينة، فإنه يحرم من ذي الحليفة -أبيار علي الآن- ومن كان من أهل الشام ومر بالمدينة فإنه يحرم من ذي الحليفة، ولا يحل له أن ينتظر حتى يصل إلى ميقات أهل الشام الأصلي على القول الراجح من أقوال أهل العلم. الثانية: حكم من تجاوز الميقات بدون إحرام: من تجاوز الميقات بدون إحرام فلا يخلو من حالين: 1- أن يكون مريداً للحج أو العمرة، فحينئذ يلزمه أن يرجع إليه ليحرم منه بما أراد من النسك، فإن لم يفعل فقد ترك واجباً من واجبات النسك، وعليه عند أهل العلم فدية دم يذبحه في مكة، ويوزعه على الفقراء هناك. 2- إذا تجاوزه وهو لا يريد الحج والعمرة، فإنه لا شيء عليه، سواء طالت مدة غيابه عن مكة أم قصرت، وذلك لأننا لو ألزمناه بالإحرام من الميقات في مروره هذا، لكان الحج يجب عليه أكثر من مرة أو العمرة، وقد ثبت عن النبي صلي الله عليه وسلم أن الحج لا يجب في العمر إلا مرة، وما زاد فهو تطوع، وهذا هو القول الراجح من أقوال أهل العلم فيمن تجاوز الميقات لا يريد الحج ولا العمرة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 41 القسم الثاني: مناسك الحج والعمرة وصفتهما الأنساك وأفضلها الأنساك ثلاثة: التمتع والقران والإفراد. فالتمتع: أن يحرم بالعمرة في أشهر الحج أي بعد دخول شهر شوال - ويفرغ منها ثم يحرم بالحج من عامه والقران: أن يقرن بين الحج والعمرة فيحرم بهما جميعاً أو يحرم بالعمرة وحدها ثم يدخل عليها الحج قبل الشروع في طوافها. الإفراد: أن يحرم بالحج وحده. وجمهور العلماء على أن الإنسان مخير بين هذه الأنساك، واختلفوا في الأفضل منها، والصحيح أن الأفضل التمتع؛ لأن النبي صلي الله عليه وسلم أمر به أصحابه، وحثهم عليه؛ ولأنه أكثر عملاً؛ لأنه يأتي بأفعال العمرة كاملة، وبأفعال الحج كاملة، ولأنه أيسر من غيره لمن قدم مكة في وقت مبكر حيث يتمتع بالحل فيما بين العمرة والحج ويجب بالتمتع هدي شكران لا جبران مما يجزئ في الأضحية من شاة أو سبع بدنه أو بقرة، يذبحه يوم العيد أو في الأيام الثلاثة بعده، ويعرفه بمنى أو بمكة ويأكل منه؛ فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج لا يتجاوز بهن الأيام الثلاثة بعد العيد، وسبعة إذا رجع إلى أهله والقارن كالمتمتع في وجوب الهدي أو بدله، أما المفرد فلا هدي عليه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 45 صفة التمتع من ابتداء الإحرام إلى انتهاء الحج العمرة1: أولاً: إذا أراد أن يحرم بالعمرة اغتسل كما يغتسل للجنابة، وتطيب بأطيب ما يجد في رأسه ولحيته، ولبس إزاراً ورداءً أبيضين، والمرأة تلبس ما شاءت من الثياب بشرط ألا تتبرج بزينة. ثانياً: ثم يصلي الفريضة إن كان وقت فريضة ليحرم بعدها، فإن لم يكن وقت فريضة صلى ركعتين بنية سنة الوضوء لا بنية سنة الإحرام؛ لأنه لم يثبت عن النبي صلي الله عليه وسلم أن للإحرام سنة. ثالثاً: ثم إذا فرغ من الصلاة نوى الدخول في العمرة فيقول:"لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك" "لبيك اللهم عمرة" يرفع الرَّجُل صوته بذلك وتخفيه المرأة، ويُسن الإكثار من التلبة حتى يبدأ بالطواف، فإذا بدأ بالطواف قطعها. رابعاً: فإذا وصل إلى مكة بدأ بالطواف من حين قدومه، فيقصد الحجر الأسود فيستلمه -أي يمسه بيده اليمنى- ويقبّله إن تيسر بدون   1 من كتاب "صفة الحج" للشيخ محمد بن عثيمين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 46 مزاحمة، وإلا أشار إليه ويقول:"بسم الله والله أكبر، اللهم إيماناً بك وتصديقاً بكتابك، ووفاء بعهدك واتباعاً لسنة نبيك صلي الله عليه وسلم "ثم ينحرف ويجعل البيت عن يساره، فإذا مر بالركن اليماني وهو آخر ركن يمر به قبل الحجر استلمه بيده اليمنى إن تيسر بدون تقبيل، ويطوف سبعة أشواط، يرمل الرجل في الثلاثة أشواط الأولى ويضطبع في جميع الطواف، والرمل: هو الإسراع في المشي مع مقاربة الخطى، والاضطباع: أن يجعل وسط الرداء تحت إبطه الأيمن وطرفيه على عاتقه الأيسر، ويذكر الله ويسبحه في طوافه، ويدعو بما أحب في خشوع وحضور قلب، وكلما أتى الحجر الأسود "كبَّر" ويقول بين الركن اليماني والحجر الأسود: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} .وأما التقيد بدعاء معين لكل شوط فليس له أصل من سنة الرسول صلي الله عليه وسلم بل هو بدعة محدثة وينبغي أن ينتبه الطائف إلى أمر يخل به بعض الناس في وقت الزحام، فتجده يدخل من باب الحجر ويخرج من الباب الثاني، ولا يطوف بالحجر مع الكعبة، وهذا خطأ؛ لأن الحجر أكثره من الكعبة، فمن دخل من باب الحجر وخرج من الباب الثاني لم يكن قد طاف بالبيت فلا يصح طوافه. خامساً: فإذا انتهى من الطواف صلى ركعتين وزار مقام إبراهيم، ولو بعد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 47 عنه، يقرأ في الركعة الأولى {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} وفي الثانية {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} . ويسن تخفيف هاتين الركعتين كما جاءت به السنة، من أجل أن يدع المكان لمن هو أحق به منه. سادساً: ثم يطوف بالصفا والمروة -أي بينهما-سبعة أشواط، يبدأ بالصفا ويختم بالمروة، والسنة إذا أقبل على الصفا أن يقرأ قوله تعالى: {إنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ الله فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أو اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَليه أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ خيراً فَإنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ} . ليستحضر ذلك أنه إنما يسعى من أجل تعظيم شعائر الله عز وجل. ويصعد على الصفا ويقف مستقبل القبلة رافعاً يديه ويكّبر الله ويحمد ويقول:"لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير لا إله إلا الله وحده أنجز وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده" ثم يدعو بعد ذلك ثم يعيد الذكر، ثم يدعو ثم يعيد الذكر مرة ثالثة، ثم ينزل متجهاً إلى المروة، والسنة للرجل أن يسعى بين العلمين الأخضرين سعياً شديداً إن تيسر له إن لم يتأذ أو يؤذ أحداً، ثم يمشي بعد العلم الثاني فيمشي مشياً عادياً، وإذا وصل إلى المروة صعد عليها واستقبل القبلة، ورفع يديه وقال مثل ما قال على الصفا، فهذا شوط. سابعاً: فإذا أتم السعي قصَّر من شعر رأسه يعمه بالتقصير، وتقصر المرأة منه قدر أنملة، وبذلك تمت العمرة وحل من إحرامه، فيستمتع بكل ما أحل الله له قبل الإحرام من اللباس والطيب والنكاح وغير ذلك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 48 الحج وكيفية أداء مناسكه أولاً: الإحرام بالحج: إذا كان يوم التروية وهو اليوم الثامن من ذي الحجة أحرم من يريد الحج بالحج من مكانه الذي هو نازل فيه، ولا يسنُّ أن يذهب إلى المسجد فيحرم منه؛ لأن ذلك لم يرد عن النبي صلي الله عليه وسلم ولا عن أصحابه فيما نعلم، ففي الصحيحين من حديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلي الله عليه وسلم قال لهم:" أقيموا حلالاً، حتى إذا كان يوم التروية فأهلوا بالحج". . الحديث، ولمسلم عنه رضي الله عنه قال:" أمرنا رسول الله صلي الله عليه وسلم لما أهللنا أن نحرم إذا توجهنا إلى منى فأهللنا من الأبطح" وإنما أهلوا من الأبطح لأنه كان مكان نزولهم ويفعل عند أحرامه بالحج كما يفعل عند إحرامه بالعمرة فيغتسل ويتطيب ويصلي سنة الوضوء ويهل بالحج بعدها، وصفة الإهلال والتلبية بالحج كصفتهما بالعمرة، إلا أنه في الحج يقول:"لبيك حجاً" بدل "لبيك عمرة"ويشترط أن محِلي حيث حبستني إن كان خائفاً من عائق يمنعه من إتمام نسكه، وإلا فلا يشترط. ثانياً: الخروج إلى منى: ثم يخرج إلى منى فيصلي بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر قصراً من غير جمع، لأن النبي صلي الله عليه وسلم فعل كذلك، وفي صحيح مسلم عن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 49 جابر رضي الله عنه قال:"فلما كان يوم التروية توجهوا إلى منى فأهلوا بالحج، وركب النبي صلي الله عليه وسلم فصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر"، وفي صحيح البخاري من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال:"صلى رسول الله صلي الله عليه وسلم بمنى ركعتين وأبو بكر وعمر وعثمان صدراً من خلافته"، ولم يكن صلي الله عليه وسلم يجمع في منى بين الصلاتين في الظهر والعصر أو المغرب والعشاء ولو فعل ذلك لنقل عنه كما نقل جمعه في عرفة ومزدلفة ويقصد أهل مكة وغيرهم؛ لأن النبي صلي الله عليه وسلم كان يصلي بالناس في حجة الوداع في هذه المشاعر ومعه أهل مكة ولم يأمرهم بالإتمام، ولو كان الإتمام واجباً عليهم لأمرهم به كما أمرهم به عام الفتح حين قال لهم:"أتموا يا أهل مكة فإنا قوم سَفْر". ثالثاً: الوقوف بعرفة: فإذا طلعت الشمس عن اليوم التاسع سار من منى إلى عرفة فنزل بنمرة إلى الزوال إن تيسر له، وإلا فلا حرج عليه؛ لأن النزول بنمرة سنة وليس بواجب، فإذا زالت الشمس صلى الظهر والعصر ركعتين ركعتين يجمع بينهما جمع تقديم، كما فعل الرسول صلي الله عليه وسلم ففي صحيح مسلم من حديث جابر رضي الله عنه قال:"وأمر -يعني النبي صلي الله عليه وسلم- بقبة من شعر تضرب له بنمرة، فسار رسول الله صلي الله عليه وسلم حتى أتى عرفة، فوجد القبة قد ضُربت له بنمرة فنزل بها، حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقصواء فرحّلت له فأتى بطن الوادي فخطب الناس ثم أذّن ثم أقام وصلى الظهر، ثم أقام فصلى العصر ولم يصل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 50 بينهما شيئاً، ثم ركب حتى أتى الموقف فجعل بطن ناقته القصواء إلى الصخرات، وجعل جبل المشاة بين يديه واستقبل القبلة، فلم يزل واقفاً حتى غربت الشمس. الحديث"والقصر والجمع في عرفة لأهل مكة وغيرهم، وإنما كان الجمع جمع تقديم ليتفرغ الناس للدعاء، ويقف الناس على منازلهم. ما يستحب من الدعاء والسنة للحاج أن يتفرغ في آخر يوم عرفة للدعاء والذكر والقراءة، ويحرص على الأذكار والأدعية الواردة عن النبي صلي الله عليه وسلم فإنها من أجمع الأدعية وأنفعها، فيقول:"اللهم لك الحمد كالذي نقول وخيراً مما نقول، اللهم لك صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي، وإليك ربي مآبي، ولك ربي تراثي، اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر، ووسوسة الصدر وشتات الأمر، اللهم إني أعوذ بك من شر ما تجيء به الريح، اللهم إنك تسمع كلامي وترى مكاني وتعلم سري وعلانيتي لا يخفى عليك شيء من أمري، أنا البائس الفقير المستغيث المستجير الوجل المشفق المقر المعترف بذنوبي، أسألك مسألة المسكين وابتهل إليك ابتهال المذنب الذليل وأدعوك دعاء الخائف الضرير مَن خضعتْ لك رقبته وفاضت لك عيناه وذل لك جسدُه ورَغِم لك أنفه، اللهم لا تجعلني بدعائك رب شقياً، وكن بي رؤوفاً رحيماً يا خير المسئولين ويا خير المعطين، اللهم اجعل في قلبي نوراً وفي سمعي نوراً، وفي بصري نوراً، اللهم اشرح لي صدري ويسر لي أمري، اللهم إني أعوذ بك من شر ما يلج في الليل، وشر ما يلج في النهار، وشر ما تهب به الرياح وشر بوائق الدهر، اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، اللهم إني ظلمت نفسي فاغفر لي إنك أنت الغفور الرحيم، اللهم إني الجزء: 1 ¦ الصفحة: 51 أعوذ بك من جهد البلاء ومن درك الشقاء ومن سوء القضاء ومن شماتة الأعداء اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل والجبن والبخل وضَلَع الدين وقهر الرجال، وأعوذ بك أن أردّ إلى أرذل العمر وأعوذ بك من فتنة الدنيا، اللهم إني أعوذ بك من المأثم والمغرم، ومن شر فتنة الغنى وأعوذ بك من فتنة الفقر، اللهم اغسل عني خطاياي بالماء والثلج والبَردَ ونقِ قلبي من الخطايا كما نقيت الثوب الأبيض من الدنس، وباعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب" ما يستحب للحاج في عرفة من الذكر والدعاء: ويستحب للحاج في هذا الموقف أن يجتهد في ذكر الله سبحانه ودعائه والتضرع إليه، ويرفع يديه حال الدعاء وإن لبّى أو قرأ شيئاً من القرآن فحسن، ويسن أن يكثر من قول:"لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيى ويميت وهو على كل شيء قدير"، لما روي عن النبي صلي الله عليه وسلم، أنه قال:"خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يُحْيي ويُميتُ، وهو على كل شيء قدير". وصح عنه صلي الله عليه وسلم أنه قال:"أحَبُّ الكلام إلى الله أربع:"سُبْحانَ الله، والحمدُ لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر" فينبغي الإكثار من هذا الذكر وتكراره بخشوع وحضور قلب، وينبغي الإكثار أيضاً من الأذكار والأدعية الواردة في الشرع في كل وقت ولا سيما في هذا الموضع وفي هذا اليوم العظيم ويختار جوامع الذكر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 52 والدعاء ومن ذلك: سبحان الله، وبحمده، سبحان الله العظيم. {لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} [الأنبياء:87] . لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون. لا حول ولا قوة إلا بالله. ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار. اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي فيها معادي، واجعل الحياة زيادة لي في كل خير، والموت راحة لي من كل شر. أعوذ بالله من جهد البلاء، ودرك الشقاء، وسوء القضاء، وشماتة الأعداء. اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن ومن العجز والكسل ومن الجبن والبخل ومن المأثم والمغرم ومن غلبة الدين وقهر الرجال، أعوذ بك اللهم من البرص والجنون والجذام ومن سيء الأسقام. اللهم إني أسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة. اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي. اللهم استر عوراتي، وآمن روعاتي، واحفظني من بين يدي ومن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 53 خلفي، وعن يميني وعن شمالي، ومن فوقي، وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي. اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي وإسرافي في أمري وما أنت أعلم به مني. اللهم اغفر لي جدِّي وهزلي وخطئي وعمدي وكل ذلك عندي. اللهم اغفر لي ما قدمتُ وما أخرتُ وما أسررت وما أعلنت وما أنت أعلم به مني أنت المقدم وأنت المؤخر وأنت على كل شيء قدير. اللهم إني أسألك الثبات في الأمر والعزيمة على الرشد، وأسألك شكر نعمتك وحسن عبادتك، وأسألك قلباً سلمياً ولساناً صادقاً، وأسألك من خير ما تعلم وأعوذ بك من شر ما تعلم وأستغفرك لما تعلم إنك علام الغيوب. اللهم رب النبي محمد صلي الله عليه وسلم، اغفر لي ذنبي وأذهب غيظ قلبي وأعذني من مضلات الفتن ما أبقيتني. اللهم رب السموات ورب الأرض ورب العرش العظيم ربنا ورب كل شيء، فالق الحب والنوى منزل التوراة والإنجيل والقرآن، أعوذ بك من شر كل شيء أنت آخذ بناصيته، أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء، أقض عني الدين وأغنني من الفقر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 54 اللهم أعط نفسي تقواها، وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها، اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والهرم والبخل، وأعوذ بك من عذاب القبر. اللهم لك أسلمت، وبك آمنت، وعليك توكلت، وإليك أنبت، وبك خاصمت، أعوذ بك بعزتك أن تضلني لا إله إلا أنت، أنت الحي الذي لا يموت والجن والإنس يموتون. اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع، ومن قلب لا يخشع، ومن نفس لا تشبع، ومن دعوة لا يستجاب لها. اللهم جنبني منكرات الأخلاق والأعمال والأهواء والأدواء. اللهم ألهمني رشدي، وأعذني من شر نفسي. اللهم اكفني بحلالك عن حرامك، وأغنني بفضلك عمن سواك. اللهم إني أسألك الهدى والتقوى والعفاف والغنى. اللهم إني أسألك الهدى والسداد. اللهم إني أسألك من الخير كله عاجله وآجله ما علمت منه وما لم أعلم، وأعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله ما علمت منه وما لم أعلم، وأسألك من خير ما سألك منه عبدك ونبيك محمد صلي الله عليه وسلم، وأعوذ بك من شر ما استعاذ منه عبدك ونبيك محمد صلي الله وسلم. اللهم إني أسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل، وأعوذ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 55 بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل، وأسألك أن تجعل كل قضاء قضيته لي خيراً. لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت بيده الخير وهو على كل شيء قدير، سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، وبارك على محمد، وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد. ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار. ويستحب في هذا الموقف العظيم أن يكرر الحاج ما تقدم من الأذكار والأدعية، وما كان في معناها من الذكر والدعاء والصلاة على النبي صلي الله عليه وسلم، ويلح في الدعاء، ويسأل ربّه من خيري الدنيا والآخرة. فالدعاء يوم عرفة خير الدعاء، قال النبي صلي الله عليه وسلم:"خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير". وإذا لم يُحط بالأدعية الواردة عن رسول الله صلي الله عليه وسلم، دعا بما يعرف من الأدعية المباحة، ودعا بما يريد لنفسه من أمور الدنيا والآخرة وينبغي أن يكون حال الدعاء مستقبل القبلة، وإن كان الجبل خلفه أو يمينه أو شماله؛ لأن السنة استقبال القبلة، ويرفع يديه، فإن كان في الجزء: 1 ¦ الصفحة: 56 إحداهما مانع رفع السليمة لحديث أسامة بن زيد رضي الله عنه قال:"كنت ردف النبي صلي الله عليه وسلم بعرفات فرفع يديه يدعو فمالت به ناقته فسقط خطامها فتناول الخطام بإحدى يديه وهو رافع يده الأخرى " رواه النسائي ويظهر الافتقار والحاجة إلى الله عز وجل، ويلح في الدعاء ولا يستبطئ الإجابة، ولا يعتدى في دعائه بأن يسأل ما لا يجوز شرعاً أو ما لا يمكن قدراً، فقد قال الله تعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} وليتجنب أكل الحرام فإن أكل الحرام من أكبر موانع الإجابة، ففي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلي الله عليه وسلم قال:"إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً.. الحديث" وفيه ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يده إلى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغُذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك" فقد استبعد النبي صلي الله وسلم إجابة من يتغذى بالحرام ويلبس بالحرام مع توفر أسباب القبول في حقه وذلك لأنه يتغذى بالحرام وإذا تيسر له أن يقف في موقف النبي صلي عليه وسلم عند الصخرات فهو أفضل، وإلا وقف فيما يتيسر له من عرفة، فعن جابر رضي الله عنه أن النبي صلي الله عليه وسلم قال:"نحرت ههنا، ومنى كلها منحر فانحروا في رحالكم، ووقفت ههنا وعرفة كلها موقف، ووقفت ههنا وجمع -يعني مزدلفة- كلها موقف" رواه أحمد ومسلم ويجب على الواقف بعرفة أن يتأكد من حدودها، وقد نصبت عليها علامات يجدها من يتطلبها، فإن كثيراً من الحجاج يتهاونون جداً فيقفون خارج حدود عرفة جهلاً منهم وتقليداً لغيرهم، وهؤلاء الذين وقفوا خارج حدود عرفة ليس لهم حج؛ لأن الحج عرفة لما روى عن عبد الرحمن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 57 بن يعمر: أن أناساً من نجد أتوا رسول الله صلي الله عليه وسلم وهو واقف بعرفة فسألوه، فأمر منادياً ينادي:"الحج عرفة من جاء ليلة جمع قبل طلوع الفجر فقد أدرك منى ثلاثة أيام، فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه، وأردف رجلاً ينادي بهن"رواه الخمسة فيجب العناية بذلك والتأكد من حدود عرفة؛ لأنه مهم جداً حتى يتيقن الإنسان أنه داخل حدودها ومن وقف بعرفة نهاراً وجب عليه البقاء إلى غروب الشمس؛ لأن النبي صلي الله عليه وسلم وقف إلى الغروب وقال: لتأخذوا عني مناسككم، ولأن الدفع قبل الغروب من أعمال الجاهلية التي جاء الإسلام بمخالفتها، ويمتد وقت الوقوف بعرفة إلى طلوع يوم العيد لقول النبي صلي الله عليه وسلم:"من جاء ليلة جمع قبل طلوع الفجر فقد أدرك" فإن طلع فجر العيد قبل أن يقف بعرفة فقد فاته الحج، فإن كان قد اشترط في ابتداء إحرامه:"إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني" تحلل من إحرامه ولا شيء عليه، وإن لم يكن اشترط فإنه يتحلل بعمرة فيذهب إلى الكعبة ويطوف بالبيت، ويسعى بين الصفا والمروة ويحلق، وإن كان معه هدي ذبحه، فإذا كان العام القادم قضى الحج الذي فاته وأهدى هدياً، فإن لم يجد صام عشرة أيام ثلاثة في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله، لما روى مالك في الموطأ أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه:"أمر أبا أيوب وهبّار بن الأسود حين فاتهما الحج فأتيا يوم النحر أن يحلا بعمرة ثم يرجعا حلالاً ثم يحجا عاماً قابلاً ويهديا فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 58 رابعاً: المبيت بمزدلفة: ثم بعد الغروب يدفع الواقف بعرفة إلى مزدلفة، فيصلي بها المغرب والعشاء ويصلي المغرب ثلاثاً والعشاء ركعتين، وفي الصحيحين عن أسامة ابن زيد رضي الله عنهما قال:"دفع النبي صلي الله عليه وسلم في عرفة فنزل الشعب فبال ثم توضأ ولم يسبغ الوضوء، قلت يا رسول الله: الصلاة، قال: الصلاة أمامك فجاء مزدلفة فتوضأ فأسبغ الوضوء، ثم أقيمت الصلاة فصلى المغرب، ثم أناخ كل إنسان بعيره في منزله، ثم أقيمت العشاء فصلاها" فالسنة للحاج أن لا يصلي المغرب والعشاء إلا بمزدلفة اقتداءً برسول الله صلي الله وعليه وسلم، إلا أن يخشى خروج وقت العشاء بمنتصف الليل، فإنه يجب عليه أن يصلي قبل خروج الوقت في أي مكان كان ويبيت بمزدلفة ولا يُحيي الليل بصلاة ولا غيرها، لأن النبي صلي الله عليه وسلم لم يفعل ذلك، وفي صحيح البخاري حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال:"جمع النبي صلي الله وعليه وسلم بين المغرب والعشاء بجمع -أي بمزدلفة- ولم يسبّح بينهما شيئاً، ولا على إثر كل واحدة منهما" وفي صحيح مسلم من حديث جابر رضي الله عنه:"أن النبي صلي الله عليه وسلم أتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين، ولم يسبح بينهما شيئاً ثم اضطجع حتى طلع الفجر" ويجوز للضعفة من الرجال والنساء أن يدفعوا من مزدلفة في آخر الليل لما في صحيح مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:"بعث بي رسول الله صلي الله وسلم بسحر من جمع في ثقل رسول الله صلي الله عليه وسلم"، وفي الصحيحين من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 59 حديث ابن عمر رضي الله عنهما: أنه كان يقدّم ضعفة أهله فيقفون عند المشعر الحرام بالمزدلفة بليل فيذكرون الله ما بدا لهم، ثم يدفعون، فمنهم من يقدم منى لصلاة الفجر ومنهم من يقدم بعد ذلك، فإذا قدموا رموا الجمرة وكان ابن عمر يقول: أرخص في أولئك رسول الله صلي الله عليه وسلم وأما من ليس ضعيفاً ولا تابعاً لضعيف فإنه يبقى بمزدلفة حتى يصلي الفجر اقتداءً برسول الله، وفي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت:"استاذنتْ سودة رسول الله صلي الله عليه وسلم ليلة المزدلفة تدفع قبله، وقبل حطمة الناس، وكانت امرأة ثبطة، فأذن لها رسول الله صلي الله عليه وسلم، وحبسنا حتى أصبحنا فدفعنا بدفعه؛ ولأن أكون استأذنت رسول الله صلي الله عليه وسلم كما استأذنت سودة فأكون أدفع بإذنه أحب إلى من مفروح به" وفي رواية أنها قالت: "وليتني كنت استأذنت رسول الله صلي الله عليه وسلم كما استأذنْته سودة "فإذا صلى الفجر أتى المشعر الحرام، فاستقبل القبلة فوحد الله وكبره وهلله ودعا بما أحب حتى يسفر جداً، وإن لم يتيسر له الذهاب إلى المشعر الحرام دعا في مكانه لقول النبي صلي الله عليه وسلم:"وقفت ههنا وجمع كلها موقف" خامساً: السير إلى منى والنزول بها: ينصرف الحجاج المقيمون بمزدلفة قبل طلوع الشمس عند الانتهاء من الدعاء والذكر، فإذا وصل الحاج إلى منى عمل ما يأتي: أولاً: رمى جمرة العقبة، وهي الجمرة الكبرى التي تلي مكة في منتهى منى، فليلقط سبع حصيات مثل حصى الخزف أكبر من الحمّص قليلاً، ثم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 60 يرمي بهن الجمرة واحدة بعد الأخرى، ويرمي من بطن الوادي إن تيسر له فيجعل الكعبة عن يساره ومنى عن يمينه لحديث ابن مسعود رضي الله عنه:"أنه انتهى إلى الجمرة الكبرى فجعل البيت عن يساره ومنى عن يمينه ورمى بسبع وقال: هكذا رمى الذي أنزل عليه سورة البقرة" متفق عليه، ويكبر مع كل حصاة فيقول: الله أكبر ولا يجوز الرمي بحصاة كبيرة ولا بالخفاف والنعال، ويرمي خاشعاً خاضعاً مكبراً الله عز وجل، ولا يفعل كما يفعل كثير من الجهال من الصياح واللغط والسب والشتم، فإنَّ رمي الجمار من شعائر الله {وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} وفي الحديث عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال:"إنما جعل الطواف بالبيت وبالصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله" ولا يندفع إلى الجمرة بعنف وقوة فيؤذي إخوانه المسلمين أو يضرهم. ثانياً: ثم بعد الجمرة يذبح الهدي إن كان معه هدي أو يشتريه فيذبحه. ثالثاً: ثم بعد ذبح الهدي يحلق رأسه إن كان رجلاً أو يقصّره، والحلق أفضل؛ لأن الله تعالى قدَّمَه في قوله: {مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ} ، ولأنه فِعل النبي صلي الله وسلم، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلي الله عليه وسلم أتى منى فأتى الجمرة فرماها ثم أتى منزله بمنى ونحر، ثم قال للحلاق: خذ وأشار إلى جانبه الأيمن، ثم الأيسر، ثم جعل يعطيه الناس" رواه مسلم، ولأن النبي صلي الله عليه وسلم:"دعا للمحلِّقين ثلاثاً وللمقصرين مرة"، ولأن الحلق أبلغ تعظيماً لله عز وجل حيث يلقى به جميع شعر رأسه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 61 ويجب أن يكون الحلق أو التقصير شاملاً لجميع شعر الرأس لقوله تعالى: {مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ} ، والفعل المضاف إلى الرأس يشمل الجميع، ولأن حلق بعض الرأس دون بعض منهي عنه شرعاً لما في الصحيحين عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلي الله عليه وسلم نهى عن القزع فقيل لنافع: ما القزع؟ قال: أن يحلق بعض من رأس الصبي، ويترك بعضه"، وإذا كان القزع منهياً عنه لم يصح أن يكون قُربة إلى الله عزوجل، ولأن النبي صلي الله عليه وسلم حلق جميع رأسه تعبّداً لله عز وجل، وقال:" لتأخذوا عني مناسككم "، وأما المرأة فتقصر من شعر رأسها بقدر أنملة فقط وإذا فعل ما سبق حل له جميع محظورات الإحرام إلا النساء، فيحل له الطيب واللباس، وقص الشعر والأظافر، وغيرها من المحظورات ما عدا النساء، لقول عائشة رضي الله عنها:"كنت أُطيّب النبي صلي الله عليه وسلم لإحرامه قبل أن يحرم، ولحله قبل أن يطوف بالبيت" متفق عليه واللفظ لمسلم وفي لفظ له "كنت أطيب النبي صلي الله عليه وسلم قبل أن يحرم ويوم النحر قبل أن يطوف بالبيت بطيب فيه مسك" ولا يتوقف الحل على فعل هذه الأشياء كلها، بل إذا رمى الجمرة وحلق أو قصر حل له كل شيء من محظورات الإحرام إلا النساء. رابعاً: الطواف بالبيت: وهو طواف الزيارة والإفاضة: لقوله تعالى: {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} وفي صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه في صفة حج النبي صلي الله عليه وسلم قال:"ثم ركب فأفاض إلى البيت فصلى بمكة الظهر.. الحديث" وعن عائشة رضي الله عنها قالت:"حججنا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 62 مع رسول الله صلي الله عليه وسلم فأفضنا يوم النحر ... الحديث " متفق عليه وإذا كان متمتعاً أتى بالسعي بعد الطواف؛ لأن سعيه الأول كان للعمرة، فلزمه الإتيان بسعي الحج، ففي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت:"فطاف الذين كانوا أهلوا بالعمرة بالبيت وبالصفا والمروة ثم حلوا ثم طافوا طوافاً آخر بعد أن رجعوا من منى لحجهم، وأما الذين جمعوا الحج والعمرة، فإنما طافوا طوافاً واحداً"ففي صحيح مسلم عنها أنها قالت:" ما أتم الله حج امرئ ولا عمرته من لم يَطُف بالصفا والمروة" ذكره البخاري تعليقاً، وفي صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:"ثم أمرنا -يعني رسول الله صلي الله عليه وسلم- عشية التروية أن نهل بالحج فإذا فرغنا من المناسك جئنا فطفنا بالبيت وبالصفا والمروة وقد تم حجنا وعلينا الهدي" ذكره البخاري في باب "ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام"وإن كان مفرداً أو قارناً، فإن كان قد سعى بعد طواف القدوم لم يُعِد السعي مرة أخرى، لقول جابر رضي الله عنه:"لم يطف النبي صلي الله عليه وسلم، ولا أصحابه بين الصفا والمروة إلا طوافاً واحداً طوافه الأول " رواه مسلم وإن كان لم يسع، وجب عليه السعي؛ لأنه لا يتم الحج إلا به كما سبق عن عائشة رضي الله عنها وإذا طاف طواف الإفاضة، وسعى للحج بعده أو قبله -إن كان مفرداً أو قارناً- فقد حل التحلل الثاني، وحل له جميع المحظورات، لما في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما في صفة حج النبي صلي الله وسلم قال:"ونحر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 63 هديه يوم النحر وأفاض، فطاف بالبيت ثم حل من كل شيء حرم منه" والأفضل ترتيب الأعمال كما يلي: 1- رمي جمرة العقبة 2- ذبح الهدي. 3- الحلق أو التقصير. 4- الطواف ثم السعي إن كان متمتعاً أو كان مفرداً وقارناً ولم يسع مع طواف القدوم، لأن النبي صلي الله عليه وسلم رتبها هكذا، وقال:"لتأخذوا عني مناسككم" فإن قدَّم بعضها على بعض فلا بأس لحديث ابن عباس رضي الله عنهما:"أن النبي صلي الله عليه وسلم قيل له في الذبح والحلق والرمي والتقديم والتأخير، فقال: افعل ولا حرج" متفق عليه، وللبخاري عنه قال:" كان النبي صلي الله عليه وسلم يُسأل يوم النحر بمنى فيقول: لا حرج، فسأله رجل فقال: حلقت قبل أن أذبح؟ قال: اذبح ولا حرج، وقال: رميت بعدما أمسيت؟ قال لا حرج" وفي صحيح مسلم من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلي الله عليه وسلم: سئل عن تقديم الحلق على الرمي، وعن تقديم الذبح على الرمي، وعن تقديم الإفاضة على الرمي، فقال:"ارمِ ولا حرج"، قال: فما رأيته يومئذ سئل عن شيء إلا قال: افعل ولا حرج"وإذا لم يتيسر له الطواف يوم العيد جاز له تأخيره، والأولى ألا يتجاوز به أيام التشريق إلا من عذر كمرض وحيض ونفاس. سادساً: المبيت بمنى ورمي الجمرات أيام التشريق: يمكث الحاج في منى بقية يوم العيد وأيام التشريق ولياليها، لأن النبي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 64 صلي الله عليه وسلم كان يمكث فيها هذه الأيام والليالي، ويلزمه المبيت بمنى ليلة الحادي عشر، وليلة الثاني عشر، وليلة الثالث عشر، إن تأخر، لأن النبي صلي الله عليه وسلم بات فيها وقال:"لتأخذوا عني مناسككم "، ويجوز ترك المبيت لعذر يتعلق بمصلحة الحج، أو الحجاج، لما في الصحيحين من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما:" إن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه استأذن النبي صلي الله عليه وسلم أن يبيت بمكة ليالي منى من أجل سقايته، فأذن له" وعن عاصم بن عدي أن رسول الله صلي الله عليه وسلم "رخص لرعاة الإبل في البيتوتة عن منى.. " الحديث رواه الخمسة وصححه الترمذي ويرمي الجمرات الثلاث في كل يوم من أيام التشريق كل واحدة بسبع حصيات متعاقبات، يكّبر مع كل حصاة، ويرميها بعد الزوال، فيرمي الجمرة الأولى التي تلي مسجد الخيف، ثم يتقدم فيسهل فيقوم مستقبل القبلة قياماً طويلاً، فيدعو رافعاً يديه، ثم يرمي الجمرة الوسطى، ثم يأخذ ذات الشمال فيسهل فيقوم مستقبل القبلة قياماً طويلاً، فيدعو هو رافع يديه، ثم يرمي جمرة العقبة، فينصرف ولا يقف للدعاء بعدها. هكذا رواه البخاري عن ابن عمر أن النبي صلي الله عليه وسلم كان يفعل ذلك وإذا لم يتيسر له طول القيام بين الجمرات، وقف بقدر ما يتيسر له ليحصل له إحياء هذه السنة التي تركها أكثر الناس إما جهلاً وإما تهاوناً، ولا ينبغي ترك هذا الوقوف فتضيع السنة، فإن السنة كلما أضيعت، كان فعلها أوكد لحصول فضيلة العمل ونشر السنة بين الناس الجزء: 1 ¦ الصفحة: 65 والرمي في هذه الأيام -يعني أيام التشريق- لا يجوز إلا بعد زوال الشمس، لأن النبي صلي الله عليه وسلم لم يرم إلا بعد الزوال وقد قال:"لتأخذوا عني مناسككم" فعن جابر رضي الله عنه قال:"رمى النبي صلي الله عليه وسلم الجمرة يوم النحر ضُحى، وأما بعد فإذا زالت الشمس" رواه المسلم، وهكذا كان الصحابة رضي الله عنهم يفعلون الرمي ففي صحيح البخاري أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما "سئل متى أرمي الجمار؟ قال: كنا نتحين فإذا زالت الشمس رمينا" ولو كان رمي الجمرات في أيام التشريق قبل الزوال جائزاً لفعله النبي صلي الله عليه وسلم لأنه أيسر للأمة، وما خُيّر النبي صلي الله عليه وسلم بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً، فلما لم يختر الأيسر وهو الرمي أول النهار، علم أنه إثم وإذا رمى الجمار في اليوم الثاني عشر، فقد انتهى من واجب الحج، فهو بالخيار إن شاء بقي في منى لليوم الثالث عشر ورمى الجمار بعد الزوال، وإن شاء نفر منها لقوله تعالى: {فَمَنْ تَعَجَّلَ في يَوْمَينِ فَلا إثْمَ عَلَيْهِ ومَنْ تَأخَّرَ فَلا إثْمَ عَلَيْهِ لِمَن اتَّقَى} والتأخر أفضل؛ لأنه فِعل النبي صلي الله عليه وسلم؛ ولأنه أكثر عملاً حيث يحصل له المبيت ليلة الثالث عشر ورمي الجمار من يومه، لكن إذا غربت الشمس في اليوم الثاني عشر قبل نفره من منى فلا يتعجل حينئذ؛ لأن الله سبحانه قال: {فَمَنْ تَعَجَّلَ في يَوْمَينِ} فقيد التعجل في اليومين ولم يطلقه، فإذا انتهى اليومان فقد انتهى وقت التعجل، واليوم ينتهي بغروب شمسه، وفي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 66 الموطأ عن نافع أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما كان يقول:"من غربت له الشمس من أوسط أيام التشريق وهو بمنى فلا ينفر حتى يرمي الجمار من الغد"لكن إذا كان تأخره إلى الغروب بغير اختياره، مثل أن يتأهب للنفر ويشد رحله فيتأخر خروجه من منى بسبب زحام السيارات أو نحو ذلك، فإنه ينفر ولا شيء عليه، ولو غربت الشمس قبل أن يخرج من منى وهنا أحب بأن أنبه على خطأ فهمه بعض الناس، وهو قوله تعالى: {فَمَنْ تَعَجَّلَ في يَوْمَينِ فَلا إثْمَ عَلَيْهِ} حيث ظنوا أن اليوم الثاني هو يوم الحادي عشر، وظنوا أن اليوم الأول هو يوم العيد، وليس الأمر كذلك، وإنما اليومان: هما اليوم الحادي عشر واليوم الثاني عشر. سابعاً: الاستنابة في الرمي: رمي الجمار نسك من مناسك الحج، وجزء من أجزائه، فيجب على الحاج أن يقوم به بنفسه إذا استطاع إلى ذلك سبيلاً، سواء كان حجه فريضة أم نافلة، لقوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} فالحج والعمرة إذا دخل فيهما الإنسان وجب عليه إتمامها، وإن كانا نفلاً، ولا يجوز للحاج أن يوكل من يرمي عنه، إلا إذا كان عاجزاً عن الرمي بنفسه لمرض أو كبر أو صغر أو نحوها، فيوكل حينئذٍ من يثق بعلمه ودينه فيرمي عنه، سواء لقط الموكل الحصى وسلمها للوكيل، أو لقطها الوكيل ورمى بها عن موكله. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 67 وكيفية الرمي في الوكالة: أن يرمي الوكيل عن نفسه أولاً سبع حصيات ثم يرمي عن موكله بعد ذلك، فيعينه بالنية فقط أو بالنية واللفظ جميعاً. ثامناً: الرمي في الليل: الأفضل للإنسان أن يرمي الجمرات في النهار، فإن كان يخشى من الزحام، فلا بأس أن يرميها ليلاً، وذلك لأن النبي صلي الله عليه وسلم وَقَّتَ ابتداء الرمي ولم يوقت انتهاءه، فدل هذا على أن الأمر في ذلك واسع، ومن شاهد أحوال الناس اليوم، وشاهد ما يجدونه من المشقة والتعب في كونهم يرمون جميعاً في نصف يوم واحد، علم أن القول بجواز الرمي ليلاً لابد منه لما في ذلك من التيسير على المسلمين في أمر لم ترد السنة بخلافه. تاسعاً: طواف الوداع: إذا نفر الحاج من منى وانتهت جميع أعمال الحج وأراد السفر إلى بلده، فإنه لا يخرج حتى يطوف بالبيت للوداع سبعة أشواط، لأن النبي صلي الله عليه وسلم طاف للوداع وقال:"لتأخذوا عني مناسككم"، ولأنه صلي الله عليه وسلم قال:"لا ينفر أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت"، وعلى هذا فيجب أن يكون هذا الطواف آخر شيء، فلا يجوز البقاء بعده بمكة، ولا التشاغل بشيء إلا ما يتعلق بأغراض السفر وحوائجه كشد الرحل، وانتظار الرفقة، أو انتظار السيارة إن كان قد وعدهم في وقت معين فتأخروا عنه ونحو ذلك فإن أقام لغير ما ذُكر وجب عليه إعاة الطواف ليكون آخر عهده بالبيت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 68 وهنا أحب أن أنبه على أمر، يفعله بعض الناس حيث ينزلون في ضحى اليوم الثاني عشر أو ضحى اليوم الثالث عشر من منى، فيطوفون للوداع ثم يرجعون إلى منى فيرمون الجمرات بعد الزوال، ثم يغادرون إلى بلادهم وهذا أمر لا يجوز، لأنهم إذا فعلوا ذلك لم يكن آخر عهدهم بالبيت، بل كان آخر عهدهم برَمي الجمرات، وهذا خلاف ما أمر به النبي صلي الله عليه وسل ولا يجب طواف الوداع على الحائض والنفساء، لحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال:"أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت، إلا أنه خفف عن الحائض" متفق عليه، وفي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت:"حاضت صفية بنت حُيَيّ بعدما أفاضت، قالت عائشة فذكرت حيضتها لرسول الله صلي الله عليه وسلم فقال: أحابستنا هي؟ فقلت يا رسول الله إنها قد كانت أفاضت، وطافت بالبيت، ثم حاضت بعد الأفاضة، فقال النبي صلي الله الله عليه وسلم: فلتنفر" والنفساء كالحائض؛ لأن الطواف لا يصح منهما. عاشراً: محظورات الإحرام: ومحظورات الإحرام هي الأشياء المحرمة في الإحرام بسبب الإحرام وتتلخص فيما يأتي: 1- إزالة الشعر من الرأس بحلق أو غيره، وألحق جمهور العلماء به شعر بقية الجسم. 2- إزالة الظفر من اليدين أو الرجلين وقد ألحقه جمهور العلماء بالشعر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 69 بجامع الترفه. 3- استعمال الطيب بعد الإحرام في البدن أو الثوب أو المأكول أو المشروب. 4- لبس القفازين وهما شراب اليدين. 5- المباشرة لشهوة. وفدية هذه المحظورات الخمسة على التخيير كما ذكره الله تعالى في القرآن في حلق الرأس، وقيس عليه الباقي، فيخير بين صيام ثلاثة أيام أو إطعام ستة مساكين، لكل مسكين نصف صاع أو ذبح شاة، ويفرق الطعام والشاة على المساكين إما في مكة أو في مكان فِعل المحظور: 6- الجماع في الفرج، وإذا وقع الجماع في الحج قبل التحلل الأول ترتب عليه أربعة أمور: أولاً: فساد النسك الذي وقع فيه الجماع. ثانياً: وجوب المضى فيه. ثالثاً: وجوب قضائه في العام القادم. رابعاً: فدية وهي بدنة ينحرها ويفرقها على المساكين في مكة أو في مكان الجماع. 7- عقد النكاح: وليس فيه فدية، ولكن النكاح يفسد، سواء كان المحرم الزوج أو الزوجة أو الولي أو وكيله فيه. 8- قتل الصيد البري المتوحش وعليه جزاؤه، وهو ذبح مثله، يفرقه على الجزء: 1 ¦ الصفحة: 70 فقراء الحرم، أو يقوِّمه بطعام يفرقه على فقراء الحرم، أو يصوم عن إطعام كل مسكين يوماً وهذا المحظورات الثمانية حرام على كل مُحرم ذكراً كان أم أنثى، ويختص الذكر بالمحظورين التاليين: أولاً: تغطية الرأس بملاصق، فأما غير الملاصق كالخيمة وسقف السيارة والشمسية فلا بأس به. ثانياً:لبس المخيط وهو كل ما خيط على قدر البدن أو على جزء منه أو عضو من أعضائه كالقميص والسراويل والخفين، فأما الإزار أو الرداء المرقع فلا بأس به، وكذلك لا بأس بلبس الخاتم والساعة ونظارة العين وسماعة الأذن، ووعاء النفقة ونحوها وتختص الأنثى بالمحظور التالي: وهو تغطية الوجه على أي صفة كانت وقال بعض العلماء: المحظور عليها هو النقاب فقط، وهو أن تغطي وجهها بغطاء منقوب لعينيها فيه، والأولى ألا تغطيه مطلقاً، وفدية هذه المحظورات الخاصة على التخيير كفدية الخمسة السابقة. الحادي عشر: حكم فاعل محظورات الإحرام: لفاعل المحظورات السابقة ثلاثة حالات: الأولى: أن يفعل المحظور بلا حاجة ولا عذر، فهذا آثم وعليه فديته. الثاني: أن يفعله لحاجة، فليس بآثم وعليه فديته، قال تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} ، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 71 مصادر ومراجع ... المراجع القرآن الكريم. 1 تبصير الحاج بما يريد ويحتاج مخالفات وتنبيهات عبد المجيد الحديثي - طبعة 1415هـ 2 التحقيق والإيضاح لكثير من مسائل الحج والعمرة والزيارة على ضوء الكتاب والسنة عبد العزيزبن باز رحمه الله - الطبة التاسعة والعشرون 1413هـ 3 جامع الأصول في أحاديث الرسول ابن الأثير الجزري عبد القادر الأرناؤوط طبعة 1389هـ 4 حاشية الروض المربع شرح زاد المستنفع عبد الرحمن النجدي - الطبعة الثالثة 1405هـ 5 خلاصة فتاوى الحج والعمرة محمد عبد العزيز الخضيري - الطبعة الأولى 1419هـ 6 دليل الحاج فوائد وتنبيهات تهم الحاج عبد العزيز المسينيد - الطبعة الثانية 1413هـ 7 رسائل للحجاج والمعتمرين ييى اليحيى - الطبعة الأولى 1414هـ 8 زاد الحاج والمعتمرين من فقه وآداب ذينك النسكين عبد الله بن صالح القصير - الطبعة الثالثة 1417هـ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 306 9 زاد المعاد في هدي خير العباد ابن القيم شعيب الأرنووط/ عبد القادر الأرنووط الطبعة الثانية 1401هـ 10 سنن أبي داود سليمان بن الأشعث الأزدي عزت عبيد الدعاس الطبعة الأولى 1388هـ 11سنن الحافظ ابن ماجه ابن ماجه محمد فؤاد عبد الباقي الطبعة الأولى 12سنن الدارقطني الدارقطني عبد الله هاشم المدني الطبعة الأولى 1386هـ 13سنن النسائي المجتبى النسائي - الطبعة الأولى 1383هـ 14صحيح ابن خزيمه ابن خزيمه محمد الأعظمي الطبعة الأولى 1390هـ 15صحيح مسلم الإمام مسلم محمد فؤاد عبد الباقي الطبعة الأولى 1374هـ 16 صفة الحج والعمرة وأحكام الصلاة في المسجد النبوي يوسف الأحمد - الطبعة الثالثة 1419هـ 17صفة الحج ومسائل تهم الحاج محمد العثيمين - الطبعة الأولى 1411هـ 18فتاوى تتعلق بأحكام الحج والعمرة والزيارة "مطبوعات إدارة البحوث العلمية والإفتاء والدعوة الإرشاد" من إجابة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله - - 19فتاوى الحج بإجابة الشيخ محمد ابن عثيمين محمد العثيمين - الطبعة الأولى 1409هـ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 307 20فتاوى الحج والعمرة والزيارة مجموعة من كبار العلماء جمع وترتيب المسند الطبعة الأولى 21 فتح الباري شرح صحيح البخاري ابن حجر العسقلاني - الطبعة الثانية 1400هـ 22مخالفات الحج والعمرة والزيارة عبد العزيز السدحان محمد فؤاد عبد الباقي الطبعة الأولى 1416هـ 23مختصر أحكام الحج والعمرة عبد الله صالح الفوزان - الطبعة الأولى 1416هـ 24 مناسك الحج وأحكامه وحكمه محمد رشيد رضا - الطبعة الثالثة 1368هـ 25مناسك الحج والعمرة في ضوء الكتاب والسنة سعيد الزهراني - الطبعة الأولى 1413هـ 26المنهاج للمعتمر والحاج 17 وقفة مع حجاج بيت الله الحرام سعود الشريم - الطبعة الأولى 1414هـ 27المنهج لمريد الحج والعمرة محمد بن صالح العثيمين - ـ 28 هداياللحجاج والمعتمرين رياض الحقيل - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 308