الكتاب: الاقتصاد في الاعتقاد المؤلف: عبد الغني بن عبد الواحد بن علي بن سرور المقدسي الجماعيلي الدمشقي الحنبلي، أبو محمد، تقي الدين (المتوفى: 600هـ) المحقق: أحمد بن عطية بن علي الغامدي الناشر: مكتبة العلوم والحكم، المدينة المنورة، المملكة العربية السعودية الطبعة: الأولى، 1414هـ/1993م عدد الأجزاء: 1   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع وهو مذيل بالحواشي] ---------- الاقتصاد في الاعتقاد للمقدسي المقدسي، عبد الغني الكتاب: الاقتصاد في الاعتقاد المؤلف: عبد الغني بن عبد الواحد بن علي بن سرور المقدسي الجماعيلي الدمشقي الحنبلي، أبو محمد، تقي الدين (المتوفى: 600هـ) المحقق: أحمد بن عطية بن علي الغامدي الناشر: مكتبة العلوم والحكم، المدينة المنورة، المملكة العربية السعودية الطبعة: الأولى، 1414هـ/1993م عدد الأجزاء: 1   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع وهو مذيل بالحواشي] الاقتصاد في الاعتقاد تأليف: تقي الدين أبو محمد عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي تحقيق: د/ أحمد بن عطية الغامدي بسم الله الرحمن الرحيم ال مقدمة الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أفضل الخلق أجمعين نبينا محمد صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه ومن سار على هديهم إلى يوم الدين، أما بعد. فإن ما منيت به الأمة الإسلامية على مختلف عصورها من انحرافات عقدية لعبت بأفكار بعض طوائفها بسبب جنوحهم عن الطريق القويم، وسلوك طرق ملتوية تؤدي إلى ما يريده أعداء الإسلام من إبعاد المسلمين عن دينهم وفك ارتباطهم بعقيدتهم، جعل علماء هذه الأمة يولون هذا الجانب اهتمامهم، حفاظاً على عقيدة الإسلام، وصيانة لها، ودفعاً لصولة أعدائها، فانبروا لبيان العقيدة الصحيحة التي يجب على المسلمين اعتناقها مدعومة بأدلتها الصريحة الواضحة من مصدرها الذي يجب على كل مسلم تعظيمه، والتسليم له، ألا وهو الوحي بقسميه كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، مبتعدين في ذلك عن أوضار الأفكار المنحلة، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 5 والمذاهب المنحرفة، فألفوا الكتب لتقرير الحق بأدلته التي تحمل في منطوقها ومفهومها تهافت كل ما خالفها، وفضح عواره، ولست في حاجة إلى ضرب أمثلة لذلك فهذه المكتبة السلفية تزخر بمؤلفاتهم على مختلف العصور، كمؤلفات ابن منده وابن خزيمة، وابن قتيبة، واللالكائي، وقبل هؤلاء جميعاً إمام أهل السنة الإمام أحمد بن حنبل الذي أصطلى بنار الأفكار الهدامة والعقائد الباطلة، فقارع أصحابها حتى أظهره الله عليهم. وبعد هؤلاء جميعاً شيخ الإسلام ابن تيمية الذي ألقم كل صاحب فكر ضال أو منهج منحرف ألف حجر وحجر، وبين هؤلاء وأولئك كان ثمة علماء أجلاء، ساروا على الطريق نفسه وخدموا الهدف ذاته، ومن هؤلاء الإمام الحافظ عبد الغني المقدسي الذي أسهم في خدمة هذا الهدف النبيل، حيث جاهد في سبيل ذلك، فامتحن كما امتحن غيره، وأوذي في عقيدته كما أوذي غيره من العلماء المخلصين، وقد ألف كتباً قيمة، ولعل أهمها هذا الكتاب النفيس الذي يدل عنوانه على محتواه فهو كتاب يحمل في طياته إيضاحاً لعقيدة السلف، وأنها العقيدة المثلى التي يتبوأ أربابها الوسطية بين جميع الطوائف، ولذلك حمل هذا السفر النفيس اسم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 6 ((الاقتصاد في الاعتقاد)) وهو اسم على مسمى، فعقيدة السلف وسط بين الإفراط والتفريط، عقيدة تجمع ولا تفرق، لها من الخصائص العظيمة ما لم ولن يتوافر في ما سواها من العقائد المنحرفة، التي ضلت الطريق القويم باطراح دلالة الوحي، والجري وراء عقليات سقيمة، وفلسفات عقيمة، أدت إلى تعطيل الخالق عن صفات الكمال، وإلى نفي القدر، وإلى القول بالجبر، والتكفير لمذنبي الأمة ونفي الغيبيات الثابتة، وغير ذلك من الانحرافات المزرية. وكان حامل لواء الانحراف رجل دخيل هو الجهم بن صفوان الترمذي، الذي ظهر في نهاية المئة الأولى، فحمل لواء التعطيل، وتولى كبر الجحود والإنكار، فعطل صفات الرب تعالى، وحارب تعاليم الإسلام، وانتشرت بعد ذلك المذاهب الكلامية، والمناهج الفلسفية، وتوزعت تركته بين أربابها، ولكن الحق يعلو ولا يعلى عليه فهو أبلج ناصع، سهل ميسور، أما تعقيدات القوم فلم تنطل إلا على من فسدت فطرته، أو عظم جهله، أو غلبت عليه شقوته، وقد أدى علماء الأمة ومن بينهم الإمام المقدسي واجب الإيضاح والبيان، والتحذير من مجانبة طريق أهل القرآن، وإنني إذ أقدم هذا السفر القيم بما حوى من تعليقات توضح غامضاً، أو تفصل مجملاً، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 7 لأرجو الله الكريم، رب العرش العظيم أن يجعل عملى خالصاً لوجهه، وأن يهئ لنا من أمرنا رشداً، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. د/ أحمد بن عطية الغامدي المدينة المنورة في 25/12/1413هـ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 8 (التعربف بالمؤلف) اسمه ونسبه هو الإمام الحافظ عبد الغني بن عبد الواحد بن علي بن سرور بن رافع بن حسين بن جعفر المقدسي1، الجَمّاعيلي2، ثم الدمشقي المنشأ، الصالحي3، يكنى أبا محمد، ويلقب بتقي الدين.   1 المَقْدسي، بفتح الميم، وسكون القاف، وكسر الدال، هذه النسبة إلى بيت المقدس، وينسب إليه كثير من العلماء. انظر: اللباب 3/246. 2 جَمَّاعيل: بالفتح وتشديد الميم، قرية من جبل نابلس، من أرض فلسطين، وإنما انتسب المقدسي المولود بها إلى بيت المقدس لقرب جَمَّاعيل منها، ولأن نابلس وأعمالها جميعاً من مضافات بيت المقدس، وبينهما مسيرة يوم واحد. معجم البلدان 2/159-160. 3 نسبة إلى الصالحية، وهي قرية كبيرة، ذات أسواق وجامع في جبل قاسيون من غوطة دمشق، كان أكثر سكانها من النازحين من بيت المقدس، ممن هم على مذهب الإمام أحمد بن حنبل. انظر: معجم البلدان 3/390. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 9 ولادته ولد ـ رحمه الله ـ بجَمَّاعيل من أرض نابلس، واختلف في تاريخ ولادته، فبينما يذكر ابن رجب عن الحافظ ضياء الدين المقدسي1 أن ولادته كانت في ربيع الآخر من سنة إحدى وأربعين وخمسمائة 2 يذكر ابن طولون عن الضياء نفسه ترجيحه أنه ولد سنة أربع وأربعين وخمسمائة3، وقال المنذري: ذكر عنه بعض أصحابه ما يدل على أن مولده كان سنة أربع وأربعين وخمسمائة4، وهو ما ذكره ابن الدمياطي في المستفاد 5.   1 محمد بن عبد الواحد بن أحمد بن عبد الرحمن بن إسماعيل بن منصور، ضياء الدين، أبو عبد الله السَّعْدي المقدسي الجًمَّاعيلي، ثم الدمشقي الصالحي، ولد سنة 569هـ، وكان إماماً حافظاً، كتب مجموعة سير للمقادسة، منها سيرة شيخيه الحافظ عبد الغني، والشيخ الموفق، توفي سنة643هـ. انظر: السير 23/126-130، وذيل طبقات الحنابلة 2/236-240. 2 انظر: ذيل طبقات الحنابلة 2-5، والسير 21/444. 3 انظر: القلائد الجوهرية 2/439. 4 التكملة 2/18. 5 انظر: المستفاد من ذيل تاريخ بغداد ص169. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 10 وذكر ابن رجب نقلاً عن ابن النجار في تاريخه أنه سأل الحافظ عبد الغني عن مولده فقال: إما في سنة ثلاث، أو في سنة أربع وأربعين وخمسمائة 1، فهذه ثلاثة أقوال متقاربة في تاريخ ولادته.   1 انظر: ذيل طبقات الحنابلة 2/5. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 11 أسرته ترعرع ـ رحمه الله ـ في أكناف أسرة كريمة، شغوفة بالعلم، نذرت نفسها لخدمته، وكانت هذه الأسرة تقيم في بيت المقدس، ثم رحلت بأبنائها إلى دمشق ونزلت عند مسجد أبي صالح، خارج الباب الشرقي أولاً، ثم انتقلوا إلى سفح جبل قاسيون، فعرفت محلة الصالحية بهم 1 وكان من أشهر هذه الأسرة وأجلهم الإمامان الحافظ عبد الغني، وابن خالته الإمام موفق الدين ابن قدامة المقدسي الذي وصف علاقته بالحافظ عبد الغني بقوله: " رفيقي في الصبا، وفي طلب العلم، وما كنا نستبق إلى خير إلا سبقني إليه إلا القليل … " 2. وحين استقرت هذه الأسرة بسفح جبل قاسيون، بنوا داراً   1 انظر: البداية والنهاية 13/38. 2 ذيل طبقات الحنابلة 2/11. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 12 تحتوي على عدد كبير من الحجرات دعيت بدار الحنابلة، ثم شرعوا في بناء أول مدرسة في جبل قاسيون، وهي المعروفة بـ ((المدرسة العمرية)) 1. ومن هذه الأسرة ظهر علماء أجلاء، أسهموا في نشر المذهب الحنبلي في الشام حيث انتشر هذا المذهب ومدارسه، لا في دمشق وحدها، بل حتى في المناطق المجاورة لها، وكان لهجرتهم الأثر البالغ في خدمة مذهب الإمام أحمد، حيث ألفوا فيه الكتب القيمة التي أصبحت عمدة في فقه المذهب حتى يومنا هذا، ومؤلفوها يعدون من جهابذة العلماء، كالحافظ عبد الغني، وابن خالته موفق الدين ابن قدامة صاحب أشهر كتاب في تاريخ الفقة الإسلامي ألا وهو كتاب المغني، وعميد أسرتهم العلامة الشيخ أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي خال الحافظ عبد الغني 2.   1 انظر: القلائد الجوهرية 1/250، وقد أنشأ هذه المدرسة الشيخ أبو عمر المقدسي، محمد بن أحمد بن قدامة، والد الموفق، وكانت من أشهر المدارس في ذلك العصر. 2 انظر: مقدمة كتاب عمدة الأحكام ص18. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 13 وأصبح لهذه الأسرة الكريمة شهرة عظيمة، سارت بها الركبان، وألفت في فضائلها وتاريخها الكتب، ومن أشهرها مؤلفات الضياء المقدسي وكتاب القلائد الجوهرية في تاريخ الصالحية لابن طولون، وغيرها. وهي أسرة جديرة بعناية المؤرخين، لما لها من دور بارز في نشر العلم وخدمته بشتى الوسائل، من تدريس، وتأليف، وإنشاء مدارس، وعناية بطلابه. وقد رزق الإمام عبد الغني ثلاثة أولاد من زوجته إبنة خاله: رابعة بنت أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي وهم، محمد، وعبد الله، وعبد الرحمن، وبنت واحدة أسماها فاطمة. وقد كان أولاده الثلاثة علماء أجلاء، لهم شأن كبير في ميدان الفقه والحديث. 1 ـ فأما محمد فكان أكبرهم، وهو محدث حافظ إمام رحال، يلقب بعز الدين ويكنى أبا الفتح، مات سنة ثلاث عشرة وستمائة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 14 2 ـ وأما عبد الله، فهو المحدث الحافظ المصنف جمال الدين أبو موسى، رحل وسمع من ابن كُلَيب، وخليل الرَّاراني، مات في رمضان سنة تسع وعشرين وستمائة. 3 ـ أما الابن الثالث وهو عبد الرحمن ويكنى أبا سليمان، فقد اشتغل بعلم الفقه حتى برز فيه، وأصبح من المفتين في مسائله، وسمع من البوصيري، وابن الجوزي 1. وإذا علمنا أن زوجته رابعة كانت من المشتغلين بعلم الحديث، وكانت ذات دين وزهد وعبادة وصلاح فإنه يتضح لنا أن هذه الأسرة الفريدة كانت ذات سيرة حميدة ومكانة علمية مرموقة، أثرت في أبنائها بما جعلهم من أوعية العلم حفظاً، ومن حذاقه عناية وتدقيقاً ونشراً. فرحمهم الله، وجزاهم عن الإسلام وأهله خير الجزاء.   1 انظر عن هؤلاء الثلاثة: سير أعلام النبلاء 21/468. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 15 رحلاته العلمية ما تحدثنا به كتب التاريخ عن الوسائل التي اتبعها علماؤنا الأجلاء من سلفنا الصالح في سبيل تحصيل العلم، وتتبع مصادره، وجمع شتاته، تحفز الهمم، وتبعث على الإعجاب والتقدير، فقد كانوا ـ رحمهم الله ـ يركبون الصعب والذلول، ويقطعون المفاوز، ويتعرضون للأخطار الجسام، في سبيل الوصول إلى العلماء في مواطن إقامتهم، والأخذ عنهم، وتدوين علمهم، وروايته ونشره، خدمة لهذا الدين، وأداءاً لواجب الأمانة، ونصحاً للأمة، وهداية لها بنور العلم الشرعي الأصيل. والحافظ عبد الغني المقدسي لم يصل إلى ما وصل إليه من مكانة علمية سامقة، ولم يتمكن من النبوغ الفريد في علم الحديث، ويؤلف ما ألف فيه من كتب عظيمة، إلا بعد بذل جهد كبير، ومكابدة مشقة عظيمة، فقد سلك السنة المعروفة المميزة لجهابذة العلماء، ألا وهي الرحلة في سبيل الطلب، والإتصال بأئمة هذا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 16 الشأن في ما تيسر له الوصول إليه من بقاع العالم الإسلامي في ذلك الوقت، والتتلمذ على أيديهم، وتدوين ما تيسر له من علومهم، وكان يفصل بين مواطن رحلاته مسافات شاسعة، فمن أصبهان شرقاً، إلى ثغر مصر غرباً، وهي مسافات تعد بمقاييس المواصلات في ذلك العصر شاسعة متباعدة، ولكن همة طالب العلم تستسهل الصعب، ولا تقف به دون بلوغ مطامحه، سيما بين أولئك العلماء الأفذاذ من أسلافنا الكرام، الذين كانوا يطلبون العلم لله بإخلاص وتجرد، لا يهمهم في ذلك بلوغ جاه، أو نيل دنيا. ولذلك نرى أثار رحلاتهم انعكست على سعة تحصيلهم، وجودة تأليفهم، وعموم نفعها لمن بعدهم. فكلما تعددت الرحلات، وكثر الشيوخ، وطالت المدد، كلما كان صاحبها أوسع علماً، وأكثر إتقاناً، وأحظى مكانة بين تلاميذه وأقرانه. وتحدثنا كتب التاريخ عن رحلات كثيرة للحافظ عبد الغني، بدأها بهجرته مع أسرته من مسقط رأسه في فلسطين، إلى دمشق وهو صغير، وكان ذلك سنة إحدى وخمسين وخمسمائة، وكانت سنه آنذاك إحدى عشرة سنة على القول بأن ولادته كانت سنة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 17 إحدى وأربعين وخمسمائة، وثمان سنين على القول بأن ولادته كانت سنة أربع وأربعين وخسمائة، وكان أول طلبه العلم بها، حيث سمع من أبي المكارم عبد الواحد بن محمد بن هلال، وأبي علي الحسن بن مكي بن جعفر الصوفي وغيرهما. وكانت هذه الرحلة بداية الانطلاق لمراحل أرحب، ورحلات أشق وأوسع، ففي سنة ستين وقيل إحدى وستين وخمسمائة رحل إلى بغداد، وكانت حاضرة العلم والعلماء في ذلك الوقت، وقد صحبه في هذه الرحلة ابن خالته الإمام موفق الدين أبي محمد عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي، وكان بين ميولهما العلمية اختلاف، فبينما فضل الإمام الموفق الاتجاه إلى الفقه والعناية به، والتبحر فيه، وجه الحافظ عبد الغني عنايته إلى الحديث. وفيها نزلا على الشيخ عبد القادر الجيلي في مدرسته، وكان لا ينزل بها أحداً، إلا أنه توسم فيهما الخير والنجابة والصلاح، وكان يراعيهما، ويحسن إليهما، وقرآ عليه شيئاً من الحديث والفقه، ودامت إقامتهما عنده أربعين يوماً ـ كما ذكر الشيخ الموفق، وقيل خمسين، توفي بعدها الشيخ عبد القادر، ثم تتلمذا بعده في الفقه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 18 والخلاف على الشيخ نصر بن فتيان المعروف بابن المنى، وأكثرا فيها من السماع على عدد كبير من الشيوخ، ثم قدما دمشق بعد أربع سنوات. ورحل الشيخ عبد الغني إلى مصر والاسكندرية وكان ذلك سنة ست وستين وخمسمائة فأقام هناك مدة، إلا أنه عاد إلى الاسكندرية سنة سبعين، وسمع بها من الحافظ أبي طاهر السلفي وأكثر عنه، حتى قيل: إنه كتب عنه ألف جزء. وسمع بمصر من عدد كبير من العلماء من أبرزهم العلامة أبو محمد عبد الله بن بَرّي، وأبو عبد الله محمد بن علي الرحبي، وغيرهم. وكانت له رحلة إلى الجزيرة 1 كما يذكر الإمام ابن كثير، ورحلة أخرى إلى بغداد، أما رحلته إلى أصبهان فكانت بعد   1 هي جزيرة أقُور، بالقاف، وهي بين دجلة والفرات، مجاورة الشام، تشتمل على ديار مضر، وديار بكر، سميت الجزيرة لأنها بين دجلة والفرات. معجم البلدان 2/134. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 19 السبعين، وفي هذه الرحلة كابد شظف العيش حيث لم يتيسر له فيها إلا القليل من المال الذي لا يكفيه لمؤنة سفره، إلا أن الله أعانه عليها لصفاء مقصده، حيث هيأ له من أعانه على أعباء المعيشة حتى دخل أصبهان، وحصّل بها الكثير من العلم، والنفيس من الكتب، وبها تتلمذ على أئمة أجلاء من أبرزهم الحافظ: أبو موسى محمد بن أبي بكر المَدِيني، وأبو سعد محمد بن عبد الواحد بن عبد الوهاب الصائغ، وخلق كثير سواهم. أما رحلته إلى همذان، فلم أجد من أرّخها إلا أنه رحل إليها، ولعل رحلته إليها كانت بعد خروجه من أصبهان، حيث سمع بها من أبي المحاسن عبد الرزاق بن إسماعيل القرماني، وأبي سعيد المطهر بن عبد الكريم القومساني وسواهما. ويذكر المنذري أنه حدث بدمياط، وهذا يدل على أنه رحل إليها أيضاً، ورحل إلى الموصل، وسمع من خطيبها أبي الفضل الطوسي. وله رحلات جانبية أخرى، إذ كان ـ رحمه الله ـ عالي الهمة، شديد التعلق بكل ما يزيد في علمه، ويخدم هدفه 1.   1 انظر عن رحلاته: ذيل طبقات الحنابلة 2/5-6، وسير أعلام النبلاء 21/444-445، والقلائد الجوهرية 2/440، وتذكرة الحفاظ 4/1373، والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد ص168، والبداية والنهاية 13/38-39. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 20 وإذا كان الحافظ عبد الغني قد طوف حواضر العلم شرقاً وغرباً، وحصل بذلك العلم الغزير وتبحر فيه حتى أصبح من أعلامه البارزين، فإنه لابد من أن يبذل كما أخذ، فقد حدث بأكثر البلاد التي دخلها، وروى عنه خلق كثير 1.   1 انظر: ذيل طبقات الحنابلة 2/32. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 21 شيوخه لقد كان الإكثار من الشيوخ سمة بارزة بين علماء السلف الصالح، فما من عالم له شأن إلا ونجد وراء نبوغه عدداً غير قليل من العلماء الذين تتلمذ على أيديهم، والحافظ عبد الغني المقدسي ممن أكثر من الشيوخ، حيث حرص على أن لا يفوته السماع من مشاهير عصره، ورحلاته التي سبق الحديث عنها، كانت وسيلة رئيسة في الاتصال بهم، وفيما يلي أورد أهم شيوخه في كل بلد رحل إليه، كما ذكرهم المنذري وهو من تلاميذه، وهو لذلك كان من أكثر الناس معرفة به، وهم: 1ـ أبو المكارم عبد الواحد بن محمد بن هلال. 2ـ أبو علي الحسن بن مكي بن جعفر الصوفي. 3ـ أبو المعالي عبد الله بن عبد الرحمن بن صابر. أبو عبد الله محمد بن حمزة بن أبي جميل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 22 ومن هؤلاء وغيرهم كان سماعه بدمشق. 5ـ الخطيب أبو الفضل عبد الله بن أحمد الطوسي. وكان سماعه منه بالموصل. 6ـ أبو محمد عبد القادر بن أبي صالح الجيلي ـ شيخه في الفقه. 7ـ أبو طالب المبارك بن علي بن محمد بن خضير الصيرفي. 8ـ أبو الفضل المبارك بن المبارك بن صدقه السّمْسَار. 9ـ أبوالفتوح عبد القاهر بن محمد بن عبد الله بن الوكيل. 10ـ أبو بكر أحمد بن المُقَرَّب الكَرْخي. 11ـ أبو المعالي أحمد بن عبد الغني بن محمد الباجِسرائي. 12ـ أبو الحسن سعد الله بن نصر بن الدَّجَاجي. 13ـ الحافظ أبو أحمد معمر بن عبد الواحد بن الفاخر. 14ـ أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن سلمان. 15ـ أبو المظفر يحيى بن علي بن خطاب الخِيَميّ. 16ـ أبو بكر عبد الله بن محمد ابن النقور. 17ـ أبوالقاسم يحيى بن ثابت بن بُنْدار. 18ـ أبو زرعة طاهر بن محمد المقدسي. أبو المكارم المبارك بن محمد بن المُعَمَّر البادرائي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 23 20ـ أبو الحسن علي بن المبارك بن الحسين الواسطي. 21ـ أبو محمد عبد الله بن أحمد بن أحمد ابن الخشّاب. ومن هؤلاء وغيرهم سمع في بغداد. 22ـ أبو المحاسن عبد الرزاق بن إسماعيل. 23ـ أبو سعيد المُطَهَّر بن عبد الكريم. 24ـ أبو الفرج إسماعيل بن محمد بن إسماعيل القومساني. ومن هؤلاء وغيرهم سمع في همذان. 25ـ أبو موسى محمد بن أبي بكر المَدِينِيّ. 26ـ أبو سعد محمد بن عبد الواحد بن عبد الوهاب الصائغ. 27ـ أبو الفتح عبد الله بن أحمد بن أبي الفتح الخِرَقي. 28ـ ابو العباس أحمد بن أبي منصور أحمد بن محمد بن يَنَال. 29ـ أبو رشيد حبيب بن إبراهيم بن عبد الله المقرئ. 30ـ ابو رشيد إسماعيل بن غانم بن خالد البيّع. 31ـ أبو غالب محمد بن محمد بن ناصر. 32ـ أبو القاسم عبد الله سفيان وأبو القاسم عليّ ابني أبي الفضل بن طاهر الخرقي. أبو بكر بنيمان بن أبي الفوارس بن أبي الفتح السبّاك. وسمع الجزء: 1 ¦ الصفحة: 24 من هؤلاء وسواهم في أصبهان. 34ـ العلامة أبو محمد عبد الله بن بَرّي. 35ـ أبو عبد الله محمد بن علي الَّرحْبي. 36ـ أبو الحسن علي بن هبة الله بن عبد الصمد الكاملي. وكان سماعه منهم في مصر. وسمع بالاسكندرية من 37ـ الحافظ أبي طاهر أحمد بن محمد الأصبهاني. وهو من أشهر مشايخه الذين أكثر عنهم. 38ـ وأبي محمد عبد الله بن عبد الرحمن العثماني. 39ـ وأبي القاسم عبد الرحمن بن خلف المقري. 40ـ وأبي الحسين يحيى بن أبي عبد الله محمد بن أحمد الرازي، وغيرهم 1. هؤلاء هم بعض أبرز مشايخه، وهم كثر، ولم يدع أحد من المؤرخين أنه استوعب ذكر مشايخه في أي بلد من البلدان التي رحل   1 التكملة لوفيات النقلة 2/18-19، وانظر السير 21/444-445، والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد 168-169، والقلائد الجوهرية 2/439-440، وغيرها من مصادر ترجمته. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 25 إليها. إلا أن أكثر مشايخه كان في بغداد، ولعل السبب في ذلك أنها كانت عامرة بعدد كبير من جهابذة العلماء، فكانت تُعد بحق عاصمة العلم في ذلك العصر، إذ لم يجتمع من العلماء بذلك العدد الضخم، والشهرة الواسعة في أي بلد كما اجتمع فيها. والله أعلم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 26 تلاميذه إن عالماً جليلاً مثل الإمام عبد الغني المقدسي بلغ مرتبة الحفاظ المتقنين لا بد أن يتطلع إليه طلاب العلم للتتلمذ على يديه والإفادة منه، ولا بد أن يكون نشر العلم أحد أهدافه السامية التي أراد تكريس حياته لها، إلا أنه انشغل في طلب العلم وجمعه، وحينما اتجه لنشره توفاه الله قبل أن يتم ما عزم عليه، ولذلك يقول عنه ابن خالته الإمام موفق الدين ابن قدامة المقدسي: " رزق العلم وتحصيل الكتب الكثيرة، إلا أنه لم يعمر حتى يبلغ غرضه في روايتها ونشرها "1 ومع ذلك حدث وعقد حلق العلم، وتتلمذ على يديه الكثير، ومن أشهرهم إبناه أبو موسى عبد الله بن عبد الغني المقدسي الملقب بجمال الدين الذي نال ثناء العلماء وإعجابهم 2، وأبو الفتح محمد بن عبد الغني الملقب بعزالدين.   1 ذيل طبقات الحنابلة 2/11. 2 انظر: السير 22/318، وتذكرة الحفاظ 4/1408. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 27 وممن تتلمذ على يديه محمد بن الواحد بن أحمد المقدسي الجماعيلي الدمشقي الصالحي المعروف بالضياء المقدسي. الذي جمع سيرة الإمام عبد الغني في مجلدين، وابن خالته الإمام موفق الذين أبي محمد عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي وكان من أقرانه. ويوسف بن خليل بن قراجا عبد الله شمس الدين أبو الحجاج الدمشقي الأدمي. وعثمان بن مكي الشارعي، وعبد القادر الرهاوي ومحمد بن مهلهل الحسني، وهو آخر من سمع منه 1 وغيرهم. ويذكر المنذري أنه حدث ببغداد، ودمشق، ومصر، ودمياط، والإسكندرية … ولم يزل يَجمع ويَسْمع ويُسْمع، وذكر أنه ممن حضر عنده وسمع منه 2، وإذا كان ـ رحمه الله ـ قد حدّث في جميع هذه البلدان، وهو بالمكانة التي لا تخفى على أحد، فلنا أن نتصور العدد الهائل من طلاب العلم الذين سمعوا منه وتتلمذوا على يديه، إلا إن كتب التاريخ لم تسعفنا عنهم إلا بأمثلة قليلة ذكرت   1 انظر عن تلاميذه تذكرة الحفاظ 4/1373، والقلائد الجوهرية 2/442. 2 انظر: التكملة 2/19. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 28 بعضاً منها. وكان ـ رحمه الله ـ ذا عناية بتلاميذه، يكرمهم، ويحسن إليهم، ويتعهد النابهين منهم ويرشدهم إلى الرحلة من أجل الطلب، بل ويحملهم عليها ويعينهم على أعبائها 1؛ لأنه ـ رحمه الله ـ يرى فيها أنجح السبل لتحصيل العلم، من واقع تجربته التي عاشها، وكابدها.   1 انظر: السير 21/450. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 29 ثقافته وثناء العلماء عليه كان الإمام المقدسي شغوفاً بالحديث وعلومه، فقد قضى جل طلبه في هذا الميدان حتى برز فيه، وفاق مشايخه وأقرانه، وأصبح من جهابذته وأعلامه، وإنتاجه العلمي في هذا الفن تميز بالجودة والدقة والإتقان، فكتابه الشهير الضخم في الرجال المعروف بـ ((الكمال)) والكتاب الذي ألفه مستدركاً فيه بعض الأوهام التي وقع فيها الحافظ أبو نعيم الأصبهاني في كتابه ((معرفة الصحابة)) يدلان على نبوغ وبراعة وإتقان، فعمله في كتاب ((تبيين الإصابة)) كان عملاً جسوراً هابه جهابذة سواه، فهذا شيخه أبو موسى محمد بن أبي بكر المديني تمنى أن يقوم بهذا العمل فلم يجسر عليه كما ذكر الضياء المقدسي حين قال: … فكان الحافظ أبو موسى يشتهي أن يأخذ على أبي نعيم في كتابه الذي في الصحابة فلم يجسر، فلما قدم الحافظ عبد الغني أشار إليه بذلك، قال: فأخذ على أبي نعيم نحواً من مئتين وتسعين موضعاً 1.   1 السير 21/458. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 30 ووصف الذهبي عمله فيه بأنه يدل على براعته وحفظه1. وللحافظ عبد الغني اهتمامات علمية أخرى، وإن كان اشتهر عنه نبوغه في الحديث بحيث لا يعرف عنه إلا أنه محدث نحرير لا يشق له غبار، فقد درس الفقه والخلاف وأخذ منه بنصيب وافر حتى أصبح فيه متكلماً، وفي مسائله مناظراً، وكان أبرز شيوخه في هذا الفن هو وابن خالته الإمام موفق الدين ابن قدامة الشيخ نصر بن فتيان المشهور بابن المنى، والشيخ عبد القادر الجيلي في بغداد، وكان عالماً في عقيدة السلف متمكناً فيها واسع الدراية بها، وكان ذا دراية بالمذاهب المخالفة، وكتابه هذا أكبر شاهد على معرفته بعقيدة السلف وتضلعه في مسائلها، وإحاطته بالمذاهب الأخرى. وله مؤلفات أخرى تدل على تمكنه في هذا العلم العظيم، مثل كتاب التوحيد، وكتاب الصفات، وغيرها. كما أن تأليفه في مشكل الحديث يدل على أنه عالم لغوي متمكن حيث ألف في ذلك كتابه ((غنية الحفاظ في تحقيق مشكل   1 نفس المصدر ص448. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 31 الألفاظ)) وإن كنت لم أطلع عليه إلا أن عنوانه يدل على أنه في علم الغريب الذي لا يؤلف فيه عادة إلا من كان له من علم العربية نصيب. أما مكانته بين العلماء وثناؤهم عليه فكان مداره على ما اشتهر به وتبحر فيه، ألا وهو علم الحديث ورجاله، إذ أنه ـ يرحمه الله ـ أولاه العناية الكبرى حتى أصبح إماماً فيه، وجهبذاً من أبرز جهابذته، وعلماً من أعلامه ومشاهيره. ولذلك وصفه الحافظ الضياء بقوله: كان الحافظ عبد الغني أمير المؤمنين في الحديث 1. ووصفه ابن النجار بقوله: كان غزير الحفظ، من أهل الحفظ والإتقان والتجويد، قيّماً بجميع فنون الحديث، عارفاً بقوانينه وأصوله، وعلله، وصحيحه وسقيمه، وناسخه ومنسوخه، وغريبه، ومشكله، وفقهه، ومعانيه، وضبط أسماء رواته، ومعرفة أحوالهم 2.   1 ذيل طبقات الحنابلة 2/7، وسير أعلام النبلاء 21/448. 2 نقلاً عن ذيل طبقات الحنابلة 2/9. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 32 ووصفه الحافظ ابن كثير قارناً بينه وبين شيخه المزي حيث قال: لقد كانا نادرين في زمانهما في أسماء الرجال، حفظاً وإنقاناً، وسماعاً وإسماعاً وسرداً للمتون وأسماء الرجال 1. وقد دون شيخه أبو موسى المديني ثناءه على الحافظ على كتاب ((تبيين الإصابة)) حيث قال: قَلَّ من قدم علينا يفهم هذا الشأن كفهم الشيخ الإمام ضياء الدين أبي محمد عبد الغني المقدسي، وقد وفق لتبيين هذه الغَلَطات، ولو كان الدارقطني وأمثاله في الأحياء لصوبوا فعله، وقَلّ من يفهم في زماننا ما فهم. 2 وقال عنه الضياء: كان شيخنا الحافظ لا يكاد يُسأل عن حديث إلا ذكره وبيَّنه وذكر صحته أو سقمه، ولا يُسأل عن رجل إلا قال: هو فلان بن فلان الفلاني ويذكر نسبه 3. هذا قليل من كثير قيل بحق هذا الجهبذ الفذ، فقد نال إعجاب العلماء في عصره وفي كل عصر جاء بعده إلى يومنا هذا، وكتبه تعد مرجعاً أميناً وكنزاً ثميناً من كنوز هذا العلم العظيم.   1 البداية والنهاية 13/39. 2 سير أعلام النبلاء 21/449. 3 نفس المصدر ص448. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 33 مؤلفاته لقد كان لبنوغ الحافظ المقدسي، وسعة علمه، وفرط عنايته بجمع كل ما تيسر له من الكتب، أثر بارز في وفرة إنتاجه سيما في مجال الحديث ورجاله، وفي بعض المجالات الأخرى التي لا تنفك عن السنة والتي تعتبر أحد مصادرها مثل علم العقيدة على منهج السلف الصالح. وفيما يلي أورد ما تيسر لي من عناوين مصنفاته: 1ـ كتاب التوحيد: حقق ضمن رسالة علمية بالجامعة الإسلامية، وله صورة بمكتبة الجامعة الإسلامية بالمدينة والمنورة رقم ((1544)) ضمن مجموعة مصورة عن أصلها بالمكتبة الظاهرية في دمشق. الجامع الصغير لأحكام البشير النذير: لم يتمه المصنف، ويوجد منه عدة أجزاء مصورة بمكتبة الجامعة الإسلامية برقم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 34 ((2324)) ، و ((548)) وأصلها في المكتبة الظاهرية في دمشق. 3ـ الأحكام: وهو كتاب غير مسند صنفه على أبواب الفقه يقع في ستة أجزاء. 4ـ الأربعين من كلام رب العالمين: وقد ذكر الحافظ ابن رجب أربعة كتب بعنوان الأربعين، ولم يميز منها في الاسم إلا هذا العنوان الذي أوردت ولعلها أحاديث مختارة في موضوعات متعددة في كل موضوع أربعين حديثاً. 5ـ الترغيب في الدعاء والحث عليه: وقد حقق ضمن رسالة علمية بالجامعة الإسلامية وله نسخة مصورة عن أصلها بالظاهرية، محفوظة بقسم المخطوطات بالجامعة الإسلامية برقم ((2312)) و ((2313)) ضمن مجموعة. 6ـ التوكل وسؤال الله عز وجل: ومنه نسخة مصورة بمكتبة الجامعة الإسلامية برقم ((2315)) ضمن مجموعة، مصورة عن أصلها بظاهرية دمشق. الآثار المرضية في فضائل خير البرية: أربعة أجزاء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 35 8ـ أحاديث الأنبياء: منه صورة في مكتبة الجامعة الإسلامية رقم ((1544)) . 9ـ أحاديث الشعر: مصور بالجامعة الإسلامية عن أصله في المكتبة الظاهرية ورقمه في الجامعة ((873)) . 10ـ كتاب الجواهر: مصور بمكتبة الجامعة الإسلامية برقم ((549)) وأصله في المكتبة الظاهرية. 11ـ أخبار الحسن البصري: مصور بمكتبة الجامعة الإسلامية عن أصله في المكتبة الظاهرية ورقمه في الجامعة ((778)) ضمن مجموعة. 12ـ أخبار الصلاة: مصور بمكتبة الجامعة الإسلامية ضمن مجموعة رقم ((964)) . 13ـ كتاب التهجد: جزءان. 14ـ كتاب الأسرار: جزءان. 15ـ الروضة: أربعة أجزاء. كتاب الفرج: جزءان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 36 17ـ الصلات من الأحياء إلى الأموات، جزءان. 18ـ الصفات: جزءان. 19ـ اعتقاد الإمام الشافعي، جزء كبير. 20ـ الاقتصاد في الاعتقاد: جزء غير مسند، وهو موضوع عملي هذا. 21ـ الأقسام التي أقسم بها النبي صلى الله عليه وسلم، جزء. 22ـ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: جزء. 23ـ المصباح، في عيون الأحاديث الصحاح، ثمانية وأربعين جزءاً يشتمل على أحاديث الصحيحين، يوجد منه بعض أجزاء مصورة في قسم المخطوطات بالجامعة الإسلامية. 24ـ النصيحة في الأدعية الصحيحة: جزء غير مسند. 25ـ اليواقيت في المواقيت: مجلد. تبيين الإصابة لأوهام حصلت في معرفة الصحابة: ويعني بمعرفة الصحابة كتاب الحافظ أبي نعيم الأصبهاني، وقد عد عمل الحافظ عبد الغني في هذا الكتاب دليل براعته وتمكنه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 37 (راجع الحديث عن ثقافته) . 27ـ تحريم القتل وتعظيمه: يوجد له نسخة مصورة بمكتبة الجامعة الإسلامية رقمها ((1544)) . 28ـ تحفة الطالبين في الجهاد والمجاهدين. 29ـ تذكرة مختصرة في أصول الفقه على مذهب الإمام أحمد: منها نسخة مصورة في مكتبة الجامعة الإسلامية ضمن مجموع رقم ((1531)) . 30ـ جزء في ذكر القبور. 31ـ حديث الإفك: يوجد له نسخة مصورة بمكتبة الجامعة الإسلامية فيلم رقم ((3667/20)) . 32ـ كتاب الحكايات: سبعة أجزاء. 33ـ درر الأثر: على حروف المعجم. غير مسند، ويقع في تسعة أجزاء. 34- ذكر الإسلام: حقق ضمن رسالة علمية بالجامعة الإسلامية، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 38 ويوجد له نسخة مصورة بمكتبة الجامعة الإسلامية رقمها ((1544)) ضمن مجموعة. 35ـ ذكر النار: حقق ضمن الرسالة العلمية المشار إليها آنفاً، وله نسخة مصورة بمكتبة الجامعة الإسلامية، ضمن مجموعة رقمها ((1499)) . 36ـ ذم الرياء: جزء كبير. 37ـ ذم الغيبة: جزء كبير. 38ـ رسالة في الجواب عن سؤال معنى لا إله إلا الله المعبود بكل مكان: يوجد منه نسخة مصورة بمكتبة الجامعة الإسلامية برقم ((955/4)) ضمن مجموعة. 39ـ سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، جزء كبير، غير مسند. 40ـ عمدة الأحكام من كلام خير الأنام: طبعة بتحقيق محمود الأرناؤط. وهو غير مسند. 41ـ غنية الحفاظ في تحقيق مشكل الألفاظ: مجلدان. 42- فضائل الحج: جزء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 39 43ـ فضائل حسان ومقتل عثمان: يوجد له صورة بمكتبة الجامعة ضمن مجموع رقم ((563)) وأصلها في المكتبة الظاهرية. 44ـ فضائل الصدقة: جزء. 45ـ فضائل رمضان: جزء ويوجد له نسختان مصورتان عن أصلهما في الظاهرية ورقمها بالجامعة الإسلامية ((554،484)) ضمن مجموعة. 46ـ فضائل الصدقة: جزء. 47ـ فضائل عشر ذي الحجة: جزء. 48ـ فضائل عمر بن الخطاب، ويوجد له نسخة مصورة في مكتبة الجامعة الإسلامية رقمها ((3667/19)) . 49ـ فضائل مكة: أربعة أجزاء. 50- فضل الجهاد: منه نسخة مصورة عن أصلها في الظاهرية، وتوجد في مكتبة الجامعة الإسلامية ضمن مجموع رقم ((545/37)) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 40 51ـ الكمال في معرفة الرجال: على رجال الكتب الستة، وهو الذي هذبه الحافظ أبو الحجاج المزي في كتابه ((تهذيب الكمال)) . 52ـ محنة الإمام أحمد بن حنبل: نشرت بتحقيق الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي. 53ـ نهاية المراد من كلام خير العباد في السنن يقع في نحو مائتي جزء، ويوجد منه قطعة مصورة بمكتبة الجامعة الإسلامية ورقمها ((490)) وأصلها في المكتبة الظاهرية. 54ـ مناقب عمر بن عبد العزيز: جزء. 55ـ وفاة النبي صلى الله عليه وسلم: جزء1. وما أوردته ليس حصراً لمصنفاته فهناك الكثير مما لم يتم، والكثير مما جمعه ولم يبيضه   1 مصادري عن هذه المؤلفات: ذيل طبقات الحنابلة 2/18-19، والمنهج الأحمد للعليمي ص326/خ، وسير أعلام النبلاء 21/446-448، وهدية العارفين 5/589، وفهارس المخطوطات بمكتبة الجامعة الإسلامية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 41 وهكذا نرى أن إنتاجه وفير، ومنهجه في التأليف يميل إلى إفراد مهمات المسائل والموضوعات بمؤلفات خاصة، فرحمه الله رحمة واسعة وأجزل له الأجر والثواب، إنه سميع مجيب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 42 محنته لقد ابتلي كثير من العلماء المخلصين على مر التاريخ بكثير من المحن، لثباتهم على الحق وصمودهم في وجه أعدائه، وعدم ممالاة الحكام والسلاطين، ومجاراتهم في أهوائهم، فهذا إمام أهل السنة أحمد بن حنبل اصطلى بنار المبتدعة من أرباب الإعتزال في عصره وسلطانهم الذي سخروه لخدمة فكرهم، فما انقاد لما يريدون، ولا ضعف أمام بطشهم ولا استكان، بل صمد صمود الرواسي، فأظهر الله الحق على يديه في مسألة من أخطر ما تكلم فيه المبتدعة في ذلك العصر، ألا وهي مسألة القول بخلق القرآن، فكان لموقفه العظيم هذا أثره الكبير في قمع البدعة وانحسار سلطانها، وظهور الحق على الباطل في ملحمة تاريخية فريدة، سجلها رجل واحد بسبب صموده وتحديه لأئمة البدعة والضلال وسلطانهم الذي كان يناصرهم، ويحمل على اعتناق فكرهم لا بالإقناع ـ ففكرهم متهافت مصادم لفطر العقول المستقيمة والأفكار المستنيرة بنور الجزء: 1 ¦ الصفحة: 43 والوحي ـ بل بالقتل والضرب والتعذيب، وهذا شأن كل مفلس من الحق، لا يتورع أن يسلك ما استطاع من وسائل لنشر باطله، وقمع خصومه. ولنا مثل آخر ناصع الدلالة والبيان على إفلاس أرباب الأفكار المتهوكة من كل إقناع يؤيد فكرهم، ويظهر باطلهم، فهذا الإمام الحافظ أبو إسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري الهروي المتوفي سنة481هـ، تألب عليه المبتدعة لإظهاره الحق ووقوفه بحزم في وجه الباطل، وحاولوا بما استطاعوا من حيل ووسائل لاستخدام السلطان وإيغار صدره عليه لينتقم منه ويبطش به، لأنهم أفلسوا فكرياً، وما استطاعوا أن يدافعوا عن باطلهم أمام صولة الحق الدامغ الذي كان يقرره الإمام الهروي، مستنداً إلى أنصع دليل وأوضح حجة، من خلال كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فبلغ بهم الإسفاف والحقد إلى أن يحيكوا ضده مؤامرة قذرة تمثلت في حملهم صنماً صغيراً من نحاس، جعلوه في المحراب تحت سجادة الشيخ الهروي، ودخلوا على السلطان مستغيثين مولولين بأن الشيخ مجسم، ودليلهم على ذلك الصنم الذي وضعوه سجادته وقالوا ـ ظلماً وزوراً وبهتاناً ـ بأنه هو الذي وضعه لأنه يزعم أن الله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 44 على صورته. ولكن الله أبطل مكيدتهم، ورد كيدهم إلى نحورهم فانكشف للسلطان مكرهم وخبثهم وكذبهم، وأقروا بصنيعهم فارتد كيدهم إلى نحورهم 1. وهذه محنة الإمام شيخ الإسلام ابن تيمية الذي مات في السجن لدفاعة عن الحق وصموده في وجه الباطل. تلك أمثلة يسيرة مما حصل لعلماء الأمة المخلصين، ليس الإمام المقدسي بدعاً من هؤلاء، فقد أراد الله له الخير بأن جعله من المبتلين الصابرين، فالإبتلاء سنة الله في أهل الخير والصلاح، فالأنبياء عليهم السلام أكثر الناس ابتلاءاً يليهم الأمثل فالأمثل من أتباعهم. وهذه قصة الإمام المقدسي في محنته كما روتها لنا كتب التاريخ، وموقفه فيها، وصموده في وجه طغاتها، مثل آخر على حقد المبتدعة على أهل السنة والجماعة وعلمائهم، فقد كان الإمام المقدسي متأثراً بالإمام أحمد وسيرته العطرة وآرائه السديدة تأثراً كبيراً، حتى إنه دعا الله تعالى أن يرزقه سيرة مثل سيرته، فقد ذكر الذهبي نقلاً عن الحافظ الضياء المقدسي أحد تلامذة الإمام عبد الغني   1 انظر هذه القصة في تذكرة الحفاظ للذهبي 3/1188. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 45 قال: سمعت أبا محمد عبد الرحمن بن محمد بن عبد الجبار يقول: سمعت الحافظ يقول: سألت الله أن يرزقني مثل حال الإمام أحمد، فقد رزقني صلاته قال: ثم ابتلي بعد ذلك وأوذي.1 ونظراً لما للحافظ من مكانة علمية عالية لم تتوفر لأحد من أبناء عصره، وما كان يبذله من جهد في نشر العلم الصحيح، متمسكاً في ذلك بالكتاب والأثر، فقد كثر حساده ومخالفوه من المبتدعة، الذين لا يفتأون على مر التاريخ يحاربون أهل السنة والجماعة، فجعلوا يجتهدون في إيذائه والنيل منه، ذكر الحافظ ابن رجب أن الحافظ عبد الغني كان يحدث بدمشق، وينتفع الناس به إلى أن تكلم في الصفات والقرآن بشيئ أنكره عليه أهل التأويل من الفقهاء، وشنعوا عليه2فضايقوه في جامع دمشق، وكادوا له كثيراً، ودبروا له بعض المؤامرات التي أثاروا بها أنصار الفريقين، ثم أغروا به الوالي زاعمين أنه هو وأصحابه من الحنابلة إنما يريدون الفتنة، وذكروا مخالفته   1 السير 21/458، وتذكرة الحفاظ 4/1378، وذيل طبقات الحنابلة 2/19. 2 انظر: ذيل طبقات الحنابلة 2/9. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 46 لهم في الاعتقاد، وطلبوا مناظرته، وأرادوا حمله على أن يقول بقولهم، ويعتقد عقيدتهم، ويسجل ذلك لهم بخط يده، ولكنه صمد في وجوههم فناظرهم وأظهره الله عليهم، فما كان منهم إلا أن رفعوا كل ما يختص به وبأصحابه من جامع دمشق بإذن من واليها، وكسروا منبره ومنعوه من الجلوس، ومنعوا أصحابه حتى من الصلاة في الجامع، وكادت تحصل فتنة عظيمة، لولا أن الحافظ كان حكيماً، فآثر الخروج من دمشق درءاً لشرهم فمضى إلى بعلبك، ومنها إلى مصر، فلاحقه أهل دمشق الذين أرسلوا إلى ملكها العزيز عثمان رسولاً حاملاً إليه افتراءاتهم وتشنيعاتهم على الحافظ، ولكن الله وقاه شر هذه المكيدة، فأقام في مصر معززاً مكرماً في حماية ملكها الجديد الملك العادل، رغم ما بذله المخالفون في مصر من جهد في سبيل إيذائه، حيث حاولوا إيغار صدر الملك عليه، حتى يقال إنه قد بلغ الأمر ببعضهم أن بذل أموالاً طائلة من أجل قتله، ولكن الله نجاه من مكيدتهم، فلما سافر الملك العادل إلى دمشق وحل محله الملك الكامل، عزم هذا على إخراج الحافظ من مصر لكثرة ما قاله فيه عنده المخالفون، واعتقل في دار سبع ليال، وصفها ـ رحمه الله ـ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 47 بقوله: " ما وجدت راحة بمصر مثل تلك الليالي ".1 إلا أنه بعد أن تأكد للملك سوء مقاصد مخالفيه وخبث طويتهم وأنهم حاسدون له، وحانقون عليه بسبب تشبثه القرآن والسنة في الاعتقاد خلى سبيله وأمر بعدم التعرض له 2. فما أشبه موقف هؤلاء من الحافظ المقدسي بموقف اسلافهم من المبتدعة من إمام أهل السنة الإمام أحمد، الذي دعا الحافظ الله أن يرزقه حالاً مثل حاله، فكان له ما أراد. وليست هذه هي المحنة الوحيدة التي حصلت للإمام المقدسي بل حصلت له محنتان أخريان، إحداهما في أصبهان، والأخرى بالموصل. فأما بالموصل: فيذكر الحافظ الضياء أن الإمام عبد الغني حينما استدرك على أبي نعيم في كتابه معرفة الصحابة نحواً من مئتين وتسعين موضعاً، استاء لذلك صدر الدين أبو بكر محمد بن   1 انظر: ذيل الطبقات 2/21،25، والسير 21/459-461. 2 انظر ما ذكره ابن رجب من قصص تؤيد ذلك 2/26من الذيل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 48 عبد اللطيف بن محمد الخجندي، رئيس الشافعية بأصبهان، وكان أشعرياً متعصباً لأبي نعيم، فطلب الحافظ عبد الغني فأراد هلاكه لذلك فاختفى. 1 أما بالموصل فيحكي الحافظ قصته قائلاً: كنا بالموصل نسمع الضعفاء للعقيلي، فأخذني أهل الموصل وحبسوني، وأرادوا قتلي من أجل ذكر شيئ فيه، فجاءني رجل طويل ومعه سيف، فقلت: يقتلني وأستريح، قال: فلم يصنع شيئاً، ثم اطلقوني 2. وسبب خلاصه: أن أحد من كان يسمع معه قلع ذلك الشيئ الذي أغضب أهل الموصل ـ من الكراس ـ ولعله كان يتصل بأبي حنيفة ـ فلما أرسلوا وفتشوا عما يريدون لم يجدوا شيئاً 3. وهكذا نرى أن الحافظ عبد الغني قد ناله أذى كثير من أجل ثباته على عقيدته، وعدم مداهنته للمبتدعة، فقد كان ـ رحمه الله ـ لا يخاف في الله لومة لائم.   1 انظر: السير 21/458-459. 2 نفس المصدر ص459. 3 نفس المصدر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 49 عقيدته الإمام عبد الغني المقدسي ـ رحمه الله ـ رزقه الله العلم الشرعي الخالي من شوائب الآراء السقيمة والأهواء العقيمة، فقد ترعرع في أحضان السنة النبوية الشريفة، ورتع من رياضها الورافة، حتى أصبح علماً من أعلامها، إذا تحدث أنصت له الناس، وإذا ألف تقلى طلاب العلم، بل والعلماء تأليفاته بالقبول، فذاعت بينهم ونفع الله بها، وأصبحت مثالاً يحتذى في الدقة والإلتزام، وإذا كان هذا هو مرتعه فلن يكون له إلى غيره معدلاً، ولا يمكن أن يرضى بسواه بدلاً وكان قد دعى ـ كما سبق أن أسلفت ـ أن يرزقه الله حالاً كحال إمام أهل السنة أحمد بن حنبل، فكان له ما أراد، فقد تأثر به تأثراً كبيراً في مسلكه ومنهجه، والإمام أحمد كان إماماً في العلم والعمل، والمنهج والسلوك، فقد كان قدوة صالحة بأسلوبه المميز في إيضاح العقيدة الصحيحة، والجهاد في إقرارها والدفاع عنها، فقد كافح ونافح، ووقف سداً منيعاً في وجه الدخلاء على عقيدة الأمة، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 50 الذين حاولوا النيل منها، وزعزعة منهجها القويم، واشتهر هو وأتباعه بالتمسك بعقيدة السلف، والذب عنها، وتأليف الكتب في إيضاحها وترسيخها، ولجم خصومها، بالحجج الدامغة، والأدلة الواضحة، ولذلك كانت مؤلفات الإمام عبد الغني المقدسي تقصد إلى الهدف نفسه، حيث سار على منهج السلف في التأليف في العقيدة، فقد جعل من نصوص الكتاب والسنة مداراً لما يهدف إليه، مجانباً للكلام المذموم، فمنها ما هو سرد للنصوص بأسانيدها، كما هو الحال في كتاب التوحيد إلا أن عقيدته تتضح لنا أكثر من ثنايا هذا الكتاب الذي هو موضوع دراستي هذه، حيث ألفه بأسلوب يقرر به عقيدته التي هي عقيدة السلف، ويتضمن الرد على الخصوم، مستنداً في كل ما يقول إلى نصوص الكتاب والسنة، وأقوال سلف الأمة، فيقول في أوله: " اعلم وفقنا الله وإياك لما يرضيه من القول والنية والعمل، وأعاذنا وإياك من الزيغ والزلل، أن صالح السلف وخيار الخلف، وسادة الأئمة، وعلماء الأمة، اتفقت أقوالهم، وتطابقت آراؤهم على الإيمان بالله عز وجل، وأنه أحد فرد صمد، حي قيوم، سميع بصير، لا شريك له ولا وزير، ولا شبيه ولا نظير، ولا عِدْل، ولا مثل، وأنه عز وجل موصوف بصفاته القديمة التي نطق بها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 51 كتابه العزيز الذي {لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيد} وصح بها النقل عن نبيه، وخيرته من خلقه، محمد سيد البشر … ولم يدع لملحد مجالاً، ولا لقائل مقالاً. . فآمنوا بما قال الله سبحانه في كتابه، وصح عن نبيه، وأمَرّوه كما ورد من غير تعرض لكيفية، أو اعتقاد شبهة أو مثلية، أو تأويل يؤدي إلى التعطيل، ووسعتهم السنة المحمدية، والطريقة المرضية، ولم يتعدوها إلى البدعة المُرْدية الرّديّة، فحازوا بذلك الرتبة السنية والمنزلة العلية " 1. ثم شرع بعد ذلك في تفصيل القول في الصفات بإيراد أدلتها من الكتاب والسنة، وأقوال سلف الأمة مثل صفتي العلو والاستواء، الذي قال بعد إيراد أدلتهما: " وفي هذه المسألة أدلة من الكتاب والسنة يطول بذكرها الكتاب، ومنكر أن يكون الله في جهة العلو بعد هذه الآيات والأحاديث، مخالف لكتاب الله، منكر لسنة رسول الله "   1 راجع ص79،80. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 52 وقال ـ رحمه الله ـ معقباً على حديث الجارية التي سألها الرسول صلى الله عليه وسلم: أين الله؟ فقالت: في السماء: " ومن أجهل جهلاً، وأسخف عقلاً، وأضل سبيلاً ممن يقول إنه لا يجوز أن يقال: أين الله، بعد تصريح صاحب الشريعة بقوله " أين الله "؟! 1 وقال معقباً على ما أورده من أدلة لإثبات صفة الوجه: " فهذه صفة ثابتة بنص الكتاب وخبر الصادق الأمين، فيجب الإقرار بها، والتسليم، كسائر الصفات الثابتة بواضح الدلالات "2. وفي صفة النزول سار على المنوال نفسه، فأثبت بالأدلة، ونفى جواز التأويل حيث قال: " وتواترت الأخبار، وصحت الآثار، بأن الله عز وجل ينزل كل ليلة إلى سماء الدنيا، فيجب الإيمان به، والتسليم له وترك الإعتراض عليه، وإمراره من غير تكييف، ولا تمثيل، ولا تأويل، ولا تنزيه ينفي حقيقة النزول … ولا يصح حمله على نزول القدرة، ولا الرحمة، ولا نزول الملك "3.   1 راجع ص89. 2 راجع ص98. 3 راجع ص100، 101 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 53 وهكذا في بقية ما أورده من صفات، إثبات مقرون بالتحذير من التشبيه والتعطيل، وهذا هو مذهب السلف الذي به يقولون، وعنه ينافحون، ألا ترى إلى قول الحافظ أبي عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني ـ رحمه الله ـ: " إن أصحاب الحديث المتمسكين بالكتاب والسنة، يعرفون ربهم تبارك وتعالى بصفاته التي نطق بها كتابه وتنزيله، وشهد له بها رسوله، على ما وردت به الأخبار الصحاح، ونقله العدول الثقات، ولا يعتقدون تشبيهاً لصفاته بصفات خلقه، ولا يكيفونها تكييف المشبهة، ولا يحرفون الكلم عن مواضعه تحريف المعتزلة والجهمية، وقد أعاذ الله سبحانه أهل السنة من التحريف والتكييف، ومَنَّ عليهم بالتفهم والتعريف، حتى سلكوا سبيل التوحيد والتنزيه، وتركوا القول بالتعطيل والتشبيه"1، وهذا هو المنهج الذي سار عليه الإمام عبد الغني المقدسي ـ رحمه الله ـ فهو سلفي العقيدة منهجاً وتقريراً، وجميع ما ورد في كتابه هذا، وفي غيره من الكتب المؤلفة في مسائل العقيدة   1 ذكره عنه بسنده الإمام ابن قدامة المقدسي في ذم التأويل ص16، وانظر عقيدة السلف وأصحاب الحديث للصابوني ضمن الرسائل المنيرية 1/106-107. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 54 دليل على ذلك، فقد اشتملت على بيان مجمل لعقيدة السلف، بأسلوب تميز بالإلتزام بمنهج الوحي، وعدم تجاوزه إلى الكلام الممقوت، الذي ارتضاه المتأخرون، فجانبوا به طريق الحق، ووقعوا في حبائل الكائدين من أعداء الإسلام، فإنا لله وإنا إليه راجعون. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 55 وفاته توفي ـ رحمه الله ـ يوم الإثنين، الثالث والعشرين من شهر ربيع الأول سنة ستمائة من الهجرة النبوية، ودفن بالقرافة1 في مصر يوم الثلاثاء، وشيعه خلق كثير من الأئمة والأمراء 2. وكانت وصيته رحمه الله لابنه موسى هو: المحافظة على علم الحديث الذي تعب في جمعه وخدمته، وتقوى الله تعالى، والمحافظة على طاعته3، وكانت أمنيته الجنة والنظر إلى وجه الله الكريم، فأنعم بها من وصية تهم كل مسلم يرجو أن يلقى الله تعالى   1 القَرَافَةُ: خطة بالفسطاط من مصر، وقرافة بطن من المعافر نزلوها فسميت باسمهم، وكانت في ذلك الوقت مقبرة أهل مصر. انظر: معجم البلدان 4/317. 2 انظر: سير أعلام النبلاء 21/467، وذيل طبقات الحنابلة 2/29، والمنهج الأحمد ص327 خ، والقلائد الجوهرية 2/442، والبداية والنهاية 13/39. 3 نفس المصادر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 56 وهو عنه راض، وأنعم بها من أمنية هي غاية عمل العاملين. فرحم الله هذا الإمام الجِهْبذ، الذي قضى عمره خادماً لسنة رسول الله، مجاهداً من أجل حماية عقيدة السلف، آمراً بالمعروف، وناهياً عن المنكر، لا يهمه من الدنيا إلا ما يقيم صلبه، مستعيناً به على طاعة الله، فقد كانت سيرته مثلاً يحتذى، واجتهاده في تحصيل العلم مثلاُ يضرب، وهاهم طلاب العلم ـ إلى يومنا هذا ـ ينهلون من معين علمه، ويفيدون من اجتهاده وجهاده، فجزاه الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 57 (التعريف بالكتاب) موضوع الكتاب للإمام الحافظ عبد الغني المقدسي مؤلفات عظيمة في خدمة عقيدة السلف الصالح، فقد سار على منهاجهم فيها تأليفاً لنصوصها، وتقريراً وإيضاحاً لمسائلها، وله جهاد بارز في مقارعة المبتدعة، حيث ناله بسبب عقيدته السلفية الملتزمة كثير من الأذى ـ كما تقدم عند الكلام عن محنته ـ فأصابه فيها ما أصاب أسلافه، وإذا كان ـ رحمه الله ـ قد ألف قدراً لا بأس به من الكتب في إيضاح عقيدة السلف وتقريرها، مثل كتاب التوحيد الذي سار فيه على طريقة السلف، حيث ساق أدلة مسائله بإسنادها، دون أن يعلق عليها، لأنه من عادة علماء السلف أن يوردوا النصوص مسندة، ولا يخوضوا في بيان معانيها، لأنهم يرون ذلك من الأمور المسلمة، إذ من منهجهم الذي رسموه لأنفسهم في هذا الباب أن يوردوا النصوص ويقفوا عليها لوضوح معناها، وجلاء دلالتها. إلا أنهم قد يضطرون إلى الخروج عن هذه القاعدة بسبب ما الجزء: 1 ¦ الصفحة: 58 ابتلوا به من طوائف ندّت عن منهج السلف، الذي هو منهج القرآن، وفضلوا اتباع أساليب الأدعياء من فلاسفة اليونان، وحذروا من الاعتماد على ما في نصوص الوحي من البيان يقول ابن المرتضي اليماني واصفاً حالهم: " نبغ في هذا الزمان من عادى علوم القرآن، وفارق فريق الفرقان، وصنف في التحذير من الإعتماد على ما فيه من التبيان، في معرفة الديان، وأصول قواعد الأديان، وحث على الرجوع في ذلك إلى معرفة قواعد المبتدعة واليونان، منتقصاً لمن اكتفى بما في معجز التنزيل من البرهان، مقبحاً لتلقي كثير من محكماته بالقبول والإيمان، لا جرم أن الله تعالى وإن وصفه بأنه لقوم هدى، فقد وصفه بأنه على قوم عمى، فحسبوه حين عموا عنه وصموا أنه لأمر يرجع إلى ذاته، ولخلل يعود إلى بَيّن آياته، ولم يعلموا أن ذلك يخصهم، لما في قلوبهم من العمه والعمى، والرداءة والرديء، فكأنهم المنافقون ريباً وخبثاً وبهتاناً، حين قالوا أيكم زادته هذه إيماناً. ومن يك ذا فم مرّ مريض ... يجد مُراً به الماء الزلالا "1   1 ترجيح أساليب القرآن على أساليب اليونان ص8. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 59 وهؤلاء لم يكونوا في عهد ابن المرتضي الذي عاش في القرنين الثامن والتاسع وحسب بل ظهروا بين المسلمين في وقت مبكر. ولذلك ألف بعض علماء السلف كتباً في الرد على هذه الطوائف، على طريقتهم المعهودة التي تتمثل في إيراد الأدلة من الكتاب والسنة والأثر، وقد يُتْبعون الأدلة بعض الايضاحات، ويشرعون في تفنيد باطلهم بطريقة تستند إلى نصوص الكتاب والسنة، وأقوال سلف الأمة وإلى العقل الذي يوافق النقل. والإمام المقدسي ـ رحمه الله ـ ألف كتابه هذا لغرضين: 1 ـ تقرير المذهب الحق في المسائل العقدية التي تحدث عنها، بأدلته من الكتاب والسنة وأقوال سلف الأمة. 2 ـ الرد على المبتدعة، ليس بعرض آرائهم، وأدلتهم ومناقشتها، بل بسوق الأدلة النقلية، بل والعقلية أحياناً، وهو يفترض أنه إنما يخاطب مسلمين يريدون الحق، فبأيضاحه بأدلته من نصوص الوحي، يكون قد أوضح بطلان ما سواه الذي لاحظ له من أدلة الكتاب والسنة، بل وأبطل بصريح العبارة ووضوح الاستدلال دعوى من يزعم أن ما يذهب إليه من القول بالتأويل، أو التفويض هو الجزء: 1 ¦ الصفحة: 60 مذهب السلف. لأنه حينما يذكر في بداية كتابه هذا إجماع السلف، وخيار الخلف، وسادة الأئمة، وعلماء الأمة على أنه سبحانه موصوف بصفات الكمال التي وردت بها أدلة الوحي من نصوص الكتاب والسنة، من غير تعرض لكيفية أو اعتقاد شبهة أو مثلية، أو تأويل يؤدي إلى التعطيل، فإنه يشير بذلك إلى تفرق من سواهم وتعدد آرائهم، وتنوع مشاربهم، وهذا أكبر الشواهد على مجانبتهم للحق، لزيغهم عن الطريق الموصلة إليه، شرع ـ رحمه الله ـ بعد ذلك في تفصيل القول في الصفات صفة صفة، فتحدث عن الإستواء، والعلو، والنزول، والوجه واليدين، وصفة الكلام، وغير ذلك من الصفات، مورداً أدلتها مفصلة من الكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة. وله على بعضها تعقيبات تتضمن إيضاح تهافت آراء المخالفين، ومما اشتمل عليه الكتاب من مسائل العقيدة: الحديث عن القضاء والقدر، والإسراء والمعراج، والحوض، وعذاب القبر، ومسألة منكر ونكير، والجنة والنار، والإيمان بالميزان، ثم تحدث عن مسائل الإيمان، وخروج الدجال، ونزول عيسى، والإيمان بملك الموت، وأنه يذبح يوم القيامة على هيئة كبش أملح، ثم تحدث عن خصائص الرسول الجزء: 1 ¦ الصفحة: 61 صلى الله عليه وسلم والمفاضلة بين الخلفاء وسائر الصحابة، والشهادة لمن شهد له الرسول صلى الله عليه وسلم بالجنة، وعن فضل الإتباع وخطر الإبتداع. وقد حاول أن يكون كتابه هذا شاملاً لجميع مسائل العقيدة، مظهراً في حديثه أصالة مذهب السلف، وأنه مذهب مقتصد حيث أحب أن يحمل كتابه هذا اسم ((الاقتصاد في الاعتقاد)) لأن مذهب السلف كان وسطاً بين طرفي الإفراط والتفريط، وهذا هو معنى الاقتصاد كما ذكر الإمام ابن القيم ـ رحمه الله ـ حين قال: " والفرق بين الاقتصاد والتقصير: أن الاقتصاد هو التوسط بين طرفي الإفراط والتفريط، وله طرفان هما ضدان له: تقصير، ومجاوزة، فالمقتصد قد أخذ بالوسط وعدل بين الطرفين … والدين كله بين هذين الطرفين بل الإسلام قصد بين الملل، والسنة قصد بين البدع، ودين الله بين الغالي فيه والجافي عنه.. وما أمر الله بأمر إلا وللشيطان فيه نزغتان: فإما إلى غلو ومجاوزة، وإما إلى تفريط وتقصير، وهما آفتان لا يخلص منهما في الاعتقاد والقصد والعمل إلا من مشى خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، وترك أقوال الناس وآراءهم لما جاء به، لا من ترك ما جاء به لأقوالهم وآرائهم، وهذان المرضان الخطران قد استوليا على أكثر بني آدم، ولهذا حذر السلف منهما أشد التحذير، وخوفوا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 62 من بلى بأحدهما بالهلاك، وقد يجتمعان في الشخص الواحد كما هو حال أكثر الخلق، يكون مقصراً مفرّطاً في بعض دينه، غالياً متجاوزاً في بعضه، والمهدي من هداه الله "1. وهذا هو الاقتصاد الذي أراده المصنف عنواناً لهذا الكتاب، وقد أدى كتابه هذا ما هدف إليه من إيضاح الحق بأدلته الناصعة من القرآن والسنة، وأقوال أئمة السلف، وبيان أن السلف ـ رحمهم الله ـ أعدل الطوائف في باب الاعتقاد، حيث ساروا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ضاربين بكل ما يخالف منهج الوحي عرض الحائط، متمسكين بنصوصه، ولم يغلو في إثبات ما جاءت به على خلاف منطوقها في الإثبات، ومفهوم القواعد العامة التي وضعت لهذا الإثبات، حيث تجاوزوا الإفراط في الإثبات الذي يؤدي إلى التشبيه، والتفريط فيه الذي أدى إلى التعطيل، فسلكوا مسلك الوحي: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} ، كما أنهم لم يُفْرطوا في إثبات القدر إلى حد القول بالجبر، كما فعلت الجبرية،   1 الروح ص384. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 63 ولم يُفرّطوا تفريط المعتزلة الذي أداهم إلى ادعاء أن العبد يخلق فعله سالبين الله القدرة على ذلك، بل اثبتوا للعبد قدرة واختياراً في حدود علم الله السابق ومشيئته النافذة {وَمَا تَشَاءُونَ إِلاّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} . وكذا الحال في الإيمان، كانوا وسطاً بين من يقول بأنه كل لا يتجزأ، فكَفّروا من أخل بشيئ منه كما يقول الخوارج، وبين من يقول بأنه مجرد المعرفة، وأنه لذلك لا تضر مع الإيمان معصية كما لا تنفع مع الكفر طاعة. لأن الإيمان عندهم لا يزيد ولا ينقص ولا يتفاضل أهله فيه، كما يقوله المرجئة الخالصة. أما السلف فكان قولهم وسطاً بين الفريقين حين قالوا: إنه يزيد وينقص ويتفاضل أهله فيه والعاصي مؤمن فاسق، واقع تحت مشيئة الله تعالى مستحق لعقابه. وهكذا الشأن في مسائل العقيدة كلها، كانوا فيها وسطاً بين جميع الطوائف، لأن منبع رأيهم الإتباع لا الابتداع، وذلك بالسير على هدي خير العباد صلوات الله وسلامه عليه.   أما مخالفوهم من الفرق الكلامية التي زاغت عن المنهج الحق، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 64 والطريق الأقوم، فإنهم سلكوا مناهج عقلية سقيمة، بعيدة كل البعد عن منهج الإسلام الصحيح، وهي مناهج هزيلة، تعجز حتى عن اقناع أصحابها، فضلاً عن قدرتها على إقناع الآخرين، لأنها مجرد جدل عقيم لا فائدة منه، فهي في غاية التهافت والقصور، وفي غاية التباين والاختلاف، وذلك من أبرز سمات المناهج العقلية المجردة. ومن أمعن النظر في مناهج المتكلمين يجدها تثير من الشبه ما تعجز معه عن الإقناع، لأنها تمثل منهجاً شيطانياً يؤدي إلى الفرقة والاختلاف، ولذلك كان مصير أساطينه الحيرة والإعتراف بالعجز وعدم الاهتداء، ورجوع كثير منهم إلى مذهب السلف بعد أن أدركوا إفلاس مناهجهم، وتملكتهم الحيرة، فأعلنوا التوبة، وعضوا أصابع الندم على ما فات من حياتهم التي قضوها في القيل والقال، الذي يهدم ولا يبني، ويفسد ولا يصلح، ويفرق ولا يجمع 1. فعلم التوحيد لا يؤخذ من عقول الرجال، لأنه أساس الدين الذي عليه تنبني فروعه، فالمصدر الأوحد له هو الوحي المتمثل في   1 انظر: مقدمة إثبات صفة العلو ص39-40. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 65 الكتاب والسنة ومفهوم السلف الصالح لنصوصه. أما المذاهب الكلامية فهي مذاهب دخيلة هدامة لا تمت إلى الإسلام بصلة. نسأل الله الهداية إلى الحق والثبات عليه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 66 اسم الكتاب ونسبته إلى مؤلفه النسخ التي بين أيدينا افتتحت بنسبة محتواها إلى عبد الغني المقدسي، وكتب عليها: " هذه عقيدة الشيخ الحافظ تقي الدين أبي محمد عبد الغني بن عبد الواحد بن علي بن سرور المقدسي ". وهذا بالتأكيد ليس هو العنوان الذي اختاره له مؤلفه، وإنما هو عنوان وضعه النساخ باعتبار أن الموضوع عقيدة، والمؤلف هو عبد الغني المقدسي ولكنني بعد تتبع مؤلفاته وما ورد في وصفها، تبين لي أن هذا الكتاب عنوانه الصحيح ((الاقتصاد في الاعتقاد)) ودليلي على ذلك ما يأتي: 1 ـ أن هذا العنوان ذكر ضمن مؤلفات الحافظ عبد الغني المقدسي، ذكره كل من: ابن رجب في ذيل طبقات الحنابلة، وعبد الرحمن العليمي في المنهج الأحمد، وابن طولون في القلائد الجوهرية، ووصفوه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 67 بأنه جزء، ووصفه ابن رجب بأنه كبير، واتفقوا على أنه غير مسند1. وذكره أيضاً إسماعيل باشا في هداية العارفين 2. 2 ـ هذا الوصف لا ينطبق إلا على هذا الكتاب من مؤلفات المقدسي في العقيدة، لأن بقية مؤلفاته فيها وصفت بأنها مسندة، وقد وجدتها جميعاً مسندة، عدا كتاب الصفات الذي وصف بأنه جزءان وذكر ضمن المؤلفات المسندة، وهذا يعني أنه ضعف حجم هذا الكتاب، وإذا كان كتاب ((الاقتصاد في الاعتقاد)) هو الوحيد من مصنفاته في العقيدة الذي وصف بأنه غير مسند، فإن هذا يقطع بأنه هذا الكتاب الذي بين أيدينا لأنه جزء في العقيدة غير مسند، ولم يوصف بهذا الوصف غيره من مؤلفات المقدسي في هذا الفن. 3 ـ أن شمول الكتاب وطريقة مؤلفه في عرض مسائله تتفق تماماً مع هذا الاسم، لأنه عبارة عن عرض لعقيدة السلف في جميع المسائل العقدية تقريباً بأدلتها من الكتاب والسنة وأقوال سلف   1 انظر: ذيل طبقات الحنابلة 2/19، والمنهج الأحمد للعليمي ص226 خ، والقلائد الجوهرية 2/441. 2 5/589. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 68 الأمة، وقد تقدم بيان معنى الاقتصاد وملائمته لموضوع الكتاب. 4 ـ لم أجد من ذكر للمقدسي كتاباً في العقيدة يتسم بالشمول، وغير مسند بحيث يمكن أن يلتبس مع هذا الكتاب. فجميع ما ورد من معلومات تؤيد ما ذهبت إليه من أن عنوان الكتاب هو الاسم الذي ذكر ضمن مؤلفاته ((الاقتصاد في الاعتقاد)) . أما عن نسبة الكتاب إلى مؤلفه فإن النسخ الخطية التي بين أيدينا كتب عليها نسبة هذا الكتاب إلى الإمام المقدسي، وقد ذكر كما اسلفت بعنوان الاقتصاد في الاعتقاد ونسبه إليه كل من ذكره ضمن مؤلفاته بهذا الاسم، فلا أشك في صحة هذه النسبة سيما إذا علمنا أن بعض الألفاظ التي أخذها المبتدعة عليه وامتحنوه بسببها موجودة في هذا الكتاب، مثل ما أورده ابن رجب وهو قوله: " ولا أنزهه تنزيهاً ينفي حقيقة النزول "1.   1 راجع ص100. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 69 ومسألة الحرف والصوت، وقد تحدث عنها في هذا الكتاب حيث أثبت أن الله يتكلم بحرف وصوت 1.   1 راجع ص149. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 70 نسخ الكتاب لقد تيسر لي الحصول على نسختين خطيتين لهذا الكتاب: النسخة الأولى: من محفوظات المكتبة السعودية العامة بالرياض، التابعة للرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد برقم ((686/86)) ضمن مجموعة، وهي بخط نسخ جيد مكتوبة بقلم القاضي الشيخ إبراهيم بن حمد بن محمد بن عيسى المتوفي سنة 1228هـ، وتقع في ست عشرة صفحة، عدد أسطر الصفحة الواحدة ما بين ((21-22)) سطراً، كلمات السطر الواحد ما بين ((18-20)) كلمة. وقد اعتمدت هذه النسخة أصلاً لوضوحها ودقتها، ورمزت لها بكلمة ((الأصل)) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 71 النسخة الثانية: أهداها إلي ـ مشكوراً مأجوراً إن شاء الله ـ فضيلة الشيخ الوليد بن عبد الرحمن آل فريان، وهي أيضاً بخط نسخ جيد وتقع في ثلاث وعشرين صفحة، عدد أسطر كل صفحة ((20)) سطراً، وكلمات كل سطر ما بين ((11-13)) كلمة. وسجل في نهايتها الشهر واليوم الذي فرغ من نسخها فيه، ولم يذكر العام. وقد رمزت لهذه النسخة بحرف ((ل)) . وقد طبع هذا الكتاب بعنوان ((عقيدة الحافظ تقي الدين عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي)) بتحقيق فضيلة الشيخ / عبد الله البصيري عام 1411هـ، ونشرته دار الإفتاء السعودي بالرياض، وسبق أن ذكرت عنوانه الصحيح، وقد وصلني بعد أن أوشكت على الإنتهاء من عملي، وأترك الحكم في الفرق بين العملين للقارئ الكريم فسيتبين له ذلك إن شاء الله. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 72 عملي في الكتاب اتبعت في خدمة هذا الكتاب الخطوات التالية: 1 ـ تحقيق النصوص الواردة فيه حتى يخرج على أقرب صورة تركه عليها المصنف ـ قدر الإمكان ـ ولذلك قمت بمقابلة النسختين وإثبات الفروقات بينهما في الهامش، معتمداً عبارة الأصل، ما لم يكن لفظ النسخة الأخرى أصح فأثبته وأشير إلى لفظ الأصل في الهامش، وهذا قليل جداً، لأن نسخة الأصل أكثر دقة، وقد أستعين في الضبط بمصادر الحديث. 2 ـ تخريج الأحاديث والآثار التي أوردها المصنف، بإحالتها إلى مواضعها من كتب السنة ما استطعت إلى ذلك سبيلاً. 3 ـ دراسة الأحاديث والآثار من حيث الصحة أو الضعف معتمداً كلام العلماء فيها. 4 ـ الإشارة إلى مواضع الآيات من السور بذكر اسم السورة ورقم الآية. 5 ـ الترجمة لبعض الأعلام الذين ورد ذكرهم في الكتاب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 73 6 ـ قدمت للكتاب بدراسة تناولت فيها حياة المصنف الإجتماعية والعلمية، وبعض العناصر الأخرى المتعلقة بالمؤلف والكتاب. 7 ـ قمت بالتعليق على بعض المواضع التي تحتاج إلى ذلك، وقد يطول التعليق حسب ما يقتضيه الحال ويتطلبه المقام من تفصيل أو إيضاح. 8 ـ شرحت الكلمات الغريبة التي وردت في ثنايا نصوص الكتاب. 9 ـ وضعت عناوين جانبية لموضوعاته. 10 ـ ختمت عملي بالفهارس الآتية: 1ـ فهرس الآيات القرآنية. 2ـ فهرس الأحاديث والآثار. 3ـ فهرس للأعلام المترجم لهم. 4ـ فهرس للمراجع. 5ـ فهرس موضوعات المقدمة. 6ـ فهرس موضوعات الكتاب. أسأل الله تعالى أن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه وأن يكتب للجميع الأجر والثواب. والله الهادي إلى سواء السبيل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 74 النص المحقق (مقدمة المؤلف) ... (النص المحقق) بسم الله الرحمن الرحيم رب يسر وأعن والحمد لله وحده، حسبنا الله ونعم الوكيل.1 قال الشيخ الإمام العالم الزاهد الحافظ تقي الدين أبو محمد عبد الغني بن عبد الواحد بن علي بن سرور [الحنبلي] 2 المقدسي ـ رحمه الله تعالى ـ: الحمد لله المتفرد بالكمال والبقاء، والعز والكبرياء، الموصوف بالصفات والأسماء، المنزه عن الأشباه والنظراء، الذي سبق علمه في بريته بمحكم القضاء، من السعادة والشقاء، واستوى على عرشه فوق السماء، وصلى الله على الهادي إلى المحجة البيضاء والشريعة الغراء، محمد سيد المرسلين والأنبياء، وعلى آله وصحبه الطاهرين الأتقياء، صلاة دائمة إلى يوم اللقاء.   1 من قوله: [رب يسر] إلى هنا لا يوجد في [ل] . 2 من [ل] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 77 اعلم وفقنا الله وإياك لما يرضيه من القول [والنية] 1 والعمل، وأعاذنا وإياك من الزيغ والزلل، أن صالح السلف، وخيار الخلف، وسادة الأئمة، وعلماء الأمة، اتفقت أقوالهم، وتطابقت آراؤهم على الإيمان بالله عز وجل، وأنه أحد فرد صمد، حي قيوم، سميع بصير، لا شريك له ولا وزير، ولا [شبيه] 2 [له] 3 ولا نظير ولا عِدْل ولا مثل. وأنه عز وجل موصوف بصفاته القديمة التي نطق بها كتابه العزيز الذي {لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيد} 4، وصح بها النقل عن نبيه وخيرته من خلقه محمد سيد البشر، الذي بلغ رسالة ربه، ونصح لأمته، وجاهد في الله حق جهاده، وأقام الملة، وأوضح المحجة، وأكمل الدين، وقمع الكافرين، ولم يدع [لملحد] 5 مجالاً، ولا لقائل مقالاً.   1 في الأصل [السنه] وما أثبت من [ل] . 2 في الأصل: [شبه] وما أثبت من [ل] . 3 لا توجد في [ل] . 4 سورة فصلت /42. 5 في [ل] : [للملحد] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 78 1 ـ فروى طارق بن شهاب1 قال: جاء يهودي2 إلى عمر بن الخطاب [رضي الله عنه] 3 فقال: يا أمير المؤمنين، آية في كتابكم تقرأونها لو علينا معشر يهود نزلت نعلم اليوم الذي نزلت فيه لاتخذنا ذلك اليوم عيداً. قال: أي آية؟ قال: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الأِسْلامَ دِيناً} 4. فقال: إني لأعلم اليوم الذي نزلت والمكان، نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن بعرفة عشية جمعة 5.   1 طارق بن شهاب بن عبدشمس البجلي الأحمسي، أبوعبد الله الكوفي، رأى النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسمع منه، مات سنة اثنتين أو ثلاثاً وثمانين. التقريب /376. 2 هو كعب الأحبار، وفي بعض روايات الحديث عند البخاري ومسلم: " قالت اليهود " قال ابن حجر: " يحمل على أنهم كانوا حين سؤال كعب عن ذلك جماعة وتكلم كعب على لسانهم ". فتح الباري 1/105. 3 من [ل] . 4 سورة المائدة /3. 5 متفق عليه. انظر صحيح البخاري، كتاب الإيمان، باب زيادة الإيمان ونقصانه، ح ((45)) 1/31، وكتاب التفسير، باب ((اليوم أكملت لكم دينكم)) ح ((4606)) 3/222، وصحيح مسلم، كتاب التفسير، ح ((3017)) 4/2312. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 79 صفة الاستواء ... فآمنوا بما قال الله سبحانه في كتابه، وصح عن نبيه، وأمَرّوه كما ورد من غير تعرض لكيفية، أو اعتقاد شبهة أو مثلية، أو تأويل يؤدي إلى التعطيل1. ووسعتهم السنة المحمدية، والطريقة المرضية، ولم يتعدوها إلى البدعة 2 المردية الرَّدِيّة، فحازوا بذلك الرتبة السنية، والمنزلة العلية. [فمن صفات الله تعالى] 3 التي وصف بها نفسه، ونطق بها كتابه، وأخبر بها نبيه: أنه مستو على عرشه كما أخبر عن   1 يشير المصنف ـ رحمه الله ـ إلى وجوب التمسك بالوحي، فلا يزاد فيه، ولا ينقص منه، إذ لا بد من الإلتزام بالوحي منطوقاً ومفهوماً، فيثبت لله تعالى من الأسماء والصفات ما أثبته لنفسه وما أثبته له الرسول صلى الله عليه وسلم من غير تأويل ولا تشبيه، ولا تعطيل ولا تمثيل ولا تكييف، بل ينهج فيه منهج الوحي كما في قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} في جانب التنزيه، {وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} في جانب الإثبات، فلا بد من الإثبات مع قطع الطمع عن إدارك الكيفية. 2 البدعة هي: الأمر المحدث المخالف للسنة الذي لم يكن عليه الصحابة والتابعون، ولم يكن مما اقتضاه الدليل الشرعي. التعريفات للجرجاني ص43. 3 في [ل] : [فمن صفاته عز وجل] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 80 نفسه فقال [عز من قائل] 1 في سورة الأعراف: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} 2. وقال في سورة يونس عليه السلام: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} 3. وقال في سورة الرعد: {الَّذِي رَفَعَ 4 السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} 5. وقال في سورة طه: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} 6. وقال في سورة الفرقان: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ} 7. وقال في سورة السجدة: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا   1 في [ل] : [عز وجل] . 2 سورة الأعراف /54. 3 سورة يونس /3. 4 في [ل] : [خلق] وهو خطأ. 5 سورة الرعد /2. 6 سورة طه /5. 7 سورة الفرقان /59. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 81 يْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} 1. وقال في سورة الحديد: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} 2. فهذه سبعة مواضع أخبر [الله] 3 فيها سبحانه أنه على العرش. 2 ـ وروى أبو هريرة4 رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إن الله عز وجل كتب كتاباً قبل أن يخلق الخلق: إن رحمتي سبقت غضبي. فهو عنده فوق العرش" 5.   1 سورة السجدة /4. 2 سورة الحديد /4. 3 لا يوجد في [ل] . 4 اختلف في اسمه واسم أبيه على نحو عشرين قولاً، فقيل عمير بن عامر، وقيل عبد الرحمن، وقيل عبدشمس، وقيل غير ذلك، وقد اشتهر بكنيته، وهو من أشهر صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكثرهم تحديثاً عنه. انظر: الاستغناء 1/346. 5 متفق عليه. انظر صحيح البخاري، كتاب بدء الخلق، باب ((وهو الذي يبدأ الخلق)) ح ((3194)) 2/419، وكتاب التوحيد، باب ((وكان عرشه على الماء)) ح ((7422)) 4/388، وباب قول الله تعالى: {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ} ح ((7404)) 13/383، ومواضع أخرى غيرها. وصحيح مسلم، كتاب التوبة، ((باب في سعة رحمة الله وأنها سبقت غضبه)) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 82 ........................................................   ح ((2751)) 4/2107. ورواه أيضاً أحمد في المسند 2/358، 381، وابن أبي عاصم في السنة ح ((608)) 1/270. وابن ماجه في كتاب الزهد من سننه، باب ما يرجي من رحمة الله يوم القيامة ح ((4295)) 2/1435. وابن خزيمة في التوحيد ص58، والآجري في الشريعة ص290. وأبو إسماعيل الهروي في الأربعين ح ((12)) ص55. وابن قدامة في إثبات صفة العلو ح ((18)) ص104. وهذا الحديث يدل على إثبات صفتين أخريين هما: صفة الرحمة، وصفة الغضب، وهما ثابتتان لله تعالى بالكتاب والسنة. فأما صفة الرحمة فيدل على إثباتها من القرآن الكريم قوله تعالى في سورة غافر {رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً} ، وفي سورة الأحزاب: {وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً} . وفي سورة الأنعام: {كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} ، وغيرها من الآيات وهي كثيرة جداً. أما من السنة فهناك أحاديث كثيرة منها ما أورد المصنف في هذا الكتاب وستأتي، ومنها حديث أسامة عند البخاري " … إنما يرحم الله من عباده الرحماء " ح ((7448)) 4/394، وحديث أبي هريرة المتفق عليه في اختصام الجنة والنار وفيه: " … فقال الله تعالى للجنة: أنت رحمتي، وقال للنار: أنت عذابي " وغيرها من الأحاديث. أما صفة الغضب فقال تعالى في سورة النساء: {وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ} . وقال في سورة الفتح: {وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ} . وقال في سورة المجادلة: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ} . وغيرها. أما من السنة فورد بإثباتها أحاديث أخرى غير هذا الحديث، فمنها حديث الجزء: 1 ¦ الصفحة: 83 3 ـ وروى العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر سبع سموات وما [بينها] 1 ثم قال: " وفوق ذلك بحر بين [أعلاه وأسلفه] 2، كما بين سماء إلى سماء، ثم فوق ذلك ثمانية أوعال ما بين أظلافهن وركبهن ما بين سماء إلى سماء، ثم فوق ظهورهن العرش ما بين أعلاه وأسفله ما بين سماء إلى سماء، والله تعالى فوق ذلك " 3. رواه أبو داود، والترمذي   أبي قتادة رضي الله عنه عند مسلم رقم ((1162)) وفيه: " … فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رآى عمر رضي الله عنه غضبه قال: رضينا بالله رباً وبالإسلام ديناً، وبمحمد نبياً. نعوذ بالله من غضب الله وغضب رسوله … " الحديث. وحديث عائشة رضي الله عنها عند البخاري رقم ((6401)) وفيه: أن اليهود أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: السامُ عليك. قال: وعليكم. فقالت عائشة: السام عليكم ولعنكم الله وغضب عليكم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مهلاً ياعائشة … " الحديث. وغيرها من الأحاديث التي تدل على إثبات هذه الصفة. فهاتان الصفتان ثابتتان لله تعالى على ما يليق بجلاله وعظمته، فلا رحمته تشبه رحمة المخلوقين ولا غضبه يشبه غضبهم. 1 في [ل] : [وما بينهما] . 2 في [ل] : [بين أسفله وأعلاه] . 3 سنن أبي داود، كتاب السنة، باب في الجهمية، ح ((4723)) 5/93، وسنن الترمذي، كتاب التفسير، باب ((ومن سورة الحاقة)) ح ((3320)) 5/424، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 84 وابن ماجه القزويني. 4 ـ وقالت أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، ومالك بن أنس في قوله [عز وجل] 1: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} ، الاستواء غير مجهول والكيف غير معقول، والإقرار به إيمان، والجحود به كفر2.   وقال: هذا حديث حسن غريب. وسنن ابن ماجه، المقدمة، باب فيما أنكرت الجهمية، ح ((193)) 1/69. ورواه أيضاً ابن خزيمة في كتاب التوحيد ص 101-102. وابن أبي عاصم في كتاب السنة، ح ((577)) 1/253، وأحمد في المسند 1/206-207. وأورده الذهبي في العلو ص 50 وقال: تفرد به سماك عن عبد الله، وعبد الله فيه جهالة. أهـ. وحكم الشيخ الألباني في تخريجه لأحاديث السنة لابن أبي عاصم بضعف إسناده. 1 في [ل] : [تعالى] . 2 أخرجه عن أم سلمة اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة رقم ((663)) 2/397، وأشار إلى قولها ابن حجر في الفتح 13/406، وشيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى 5/365 حيث قال: رُوي هذا الجواب عن أم سلمة رضي الله عنها موقوفاً ومرفوعاً، ولكن ليس إسناده مما يعتمد عليه. وأخرجه الإمام الصابوني في عقيدة السلف وأصحاب الحديث ضمن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 85 ........................................................   مجموعة الرسائل المنيرية 1/110، وأورده الذهبي في العلو ص65 وقال: فأما عن أم سلمة فلا يصح. وابن قدامة في إثبات صفة العلو رقم ((67)) ص176. أما قول الإمام مالك فثابت عنه، أخرجه البيهقي في الأسماء والصفات ص516 من طريقين، وذكره الحافظ في الفتح 13/406-407 وحكم بأن إسناده جيد. ورواه اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة رقم ((664)) 2/398، وأبوعثمان الصابوني في عقيدة السلف ضمن الرسائل المنيرية 1/111، وأبو نعيم في الحلية 6/325، والدارمي في الرد على الجهمية ص27، والذهبي في العلو ص103 وقال: " وهذا ثابت عن مالك ". وابن قدامة في إثبات صفة العلو رقم ((88)) ص194. قال الإمام ابن تيمية معلقاً على قول مالك: وكلام مالك صريح في إثبات الإستواء، وأنه معلوم، وأن له كيفية، لكن تلك الكيفية مجهولة لنا لا نعلمها نحن، ولهذا بَدّع السائل الذي سأله عن هذه الكيفية، فإن السؤال إنما يكون عن أمر معلوم لنا، ونحن لا نعلم استواءه، وليس كل ما كان معلوماً وله كيفية تكون تلك الكيفية معلومة لنا. مجموع الفتاوى 5/181. وقد روى مثل هذا القول عن ربيعة شيخ الإمام مالك، وهو قول أهل السنة قاطبة. وإن من أعجب العجب أن نرى كثيراً من أصحاب مالك ـ المتأخرين ـ فارقوا عقيدته، ودانوا بغيرها، فسلكوا مسلك الأشاعرة في منهجهم العقدي الذي يتسم بمخالفة منطوق الوحي، خاصة ما يتعلق بمسائل الصفات. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 86 صفة العلو ... 5 ـ وروى أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " والذي نفسي بيده مامن رجل يدعو امرأته إلى فراشها فتأبى عليه إلا كان الذي في السماء ساخطاً عليها حتى يرضى " 1. 6 ـ وروى أبو سعيد الخدري2 رضي الله عنه أن [النبي] 3 صلى الله عليه وسلم قال: " ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء، يأتيني خبر من   وهم بهذا ينزعون ثقتهم بإمام جليل لا يحيدون عن مذهبه في الفروع قيد أنملة، ويضربون بمذهبه في الأصول ـ الملتزم بالوحي ـ عرض الحائط. وهذا شأن بعض أتباع مذاهب الأئمة الآخرين أبي حنيفة والشافعي وأحمد، حيث ذهبوا مذاهب في الاعتقاد فارقوا بها ما عليه أئمتهم الذين اعتصموا بالتنزيل ولم يفارقوه. أما أولئك الأتباع المفارقون فقد ارتضوا لأنفسهم مذاهب الكلام والسفسطة التي أودت بهم إلى الزيغ والضلال. نسأل الله الهداية والثبات على الحق. 1 متفق عليه. صحيح البخاري، كتاب النكاح، باب ((إذا باتت المرأة مهاجرة فراش زوجها)) ((5193-5194)) 3/387. وصحيح مسلم، كتاب النكاح ((باب تحريم امتناعها من فراش زوجها)) ح ((1436)) 2/1060 واللفظ لمسلم في إحدى الروايات عنده. 2 هو سعد بن مالك بن سنان بن ثعلبة بن عبيد بن الأبجر، وهوخدره بن عوف الأنصاري، صحابي مشهور، مات سنة 74. انظر: الاستيعاب 1/314. 3 في [ل] : [رسول الله] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 87 في السماء صباحاً ومساءاً " 1. 7 ـ وروى معاوية بن الحكم السلمي2 رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لجاريته: " أين الله؟ قالت: في السماء، قال: من أنا؟ قالت: أنت رسول الله. قال: اعتقها فإنها مؤمنة " 3. رواه   1 متفق عليه. صحيح البخاري، كتاب المغازي، ((باب بعث علي بن أبي طالب وخالد بن الوليد إلى اليمن … )) ح ((4351)) 3/162. وصحيح مسلم، كتاب الزكاة، باب ((ذكر الخوارج وصفاتهم)) ح ((1064)) 2/742. ورواه أيضاً الإمام أحمد في المسند 3/ 4. وهو حديث طويل يتضمن قصة ذي الخويصرة التميمي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وما أخبر به عليه السلام من أمر الخوارج. 2 معاوية بن الحكم السلمي، قال أبو عمر: كان يسكن بني سليم وينزل المدينة، وقال البخاري: له صحبة يعد في أهل الحجاز. 3 جزء من حديث أخرجه مسلم في كتاب المساجد من صحيحه، باب ((تحريم الكلام في الصلاة ونسخ ما كان من إباحة)) ح ((537)) 1/381. وأبو داود في سننه، كتاب الصلاة، باب ((تشميت العاطس في الصلاة)) ح ((930)) 1/570، والنسائي في كتاب السهو، باب الكلام في الصلاة 3/13. وابن أبي عاصم في كتاب السنة ح ((489)) 1/215، ومالك في الموطأ، كتاب العتق والولاء، باب ((ما يجوز من العتق في الرقاب الواجبة)) 2/776. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 88 مسلم [بن الحجاج] 1 وأبو داود، و [أبو عبد الرحمن] 2 النسائي. ومن أجهل جهلاً، وأسخف عقلاً، وأضل سبيلاً ممن يقول إنه لا يجوز أن يقال: أين الله، بعد تصريح صاحب الشريعة بقوله [أين الله] 3؟!.   إلا أن مالك قال: عن عمر بن الحكم، وصوابه ((معاوية)) ، وقد وهم فيه مالك كما قال الحافظ في التقريب 2/53، وانظر الإصابة 6/149، ورواه ابن أبي زامنين المالكي في أصول السنة وتابع مالكاً في هذا الوهم، انظر ح ((47)) 1/353 بتحقيق محمد هارون. وأخرجه البيهقي في الأسماء والصفات ص422، إلا أنه وهم فقال: إن مسلماً أخرج الحديث دون قصة الجارية. وأحمد في المسند 5/477، وأبو داود الطيالسي في مسنده ص150، وابن خزيمة في كتاب التوحيد ص121. 1 لا يوجد في [ل] . 2 لا يوجد في [ل] . 3 جهم بن صفوان وأصحابه هم المانعون من السؤال عن الله بأين، ووافقهم على ذلك بعض من ينفي علو الله تعالى من الأشاعرة والمعتزلة. يقول الإمام أبو محمد عبد الله بن سعيد بن كلاب ـ وهو من مثبتي صفة العلو الجزء: 1 ¦ الصفحة: 89 ........................................................   والرادين على من أنكرها وتأولها من المبتدعة ـ يقول: ورسول الله صلى الله عليه وسلم وهو صفوة الله من خلقه، وخيرته من بريته، وأعلمهم جميعاً يجيز الأين ويقوله ويستصوب قول القائل: إنه في السماء، وشهد له بالإيمان عند ذلك، وجهم بن صفوان وأصحابه لا يجيزون الأين، ويحرمون القول به. قال: ولو كان خطأ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحق بالإنكار له، وكان ينبغي أن يقول لها: لا تقولي هذا فتوهمي أنه عز وجل محدود، وأنه في مكان دون مكان، ولكن قولي: إنه في كل مكان، لأنه هو الصواب دون ما قلت. كلا، فلقد أجازه رسول الله صلى الله عليه وسلم مع علمه بما فيه، وأنه أصوب الإيمان، بل الأمر الذي يجب به الإيمان لقائله، ومن أجله شهد لها بالإيمان حين قالته، وكيف يكون الحق في خلاف ذلك والكتاب ناطق به وشاهد له؟! انظر مجموع الفتاوى 5/319. وكل صاحب فطرة مستقيمة لا يمكن أن يجيب على مثل هذا السؤال إلا بمثل ما أجابت به الجارية. ففي الخبر مسألتان كما يقول الإمام الذهبي: أحداهما: شرعية قول المسلم: أين الله؟. وثانيهما: قول المسؤول: في السماء. فمن أنكر هاتين المسألتين فإنما ينكر على المصطفى صلى الله عليه وسلم. انظر: العلو ص 46. وقال الإمام عثمان بن سعيد الدارمي ـ رحمه الله ـ: ففي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا دليل على أن الرجل إذا لم يعلم أن الله عز وجل في السماء دون الأرض فليس بمؤمن، ولو كان عبداً فأعتق لم يجز في رقبة مؤمنة، إذ لا يعلم أن الله في السماء، ألا ترى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل أمارة إيمانها معرفتها أن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 90 ........................................................   الله في السماء وفي قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أين الله؟) تكذيب لقول من يقول هو في كل مكان لا يوصف بأين، لأن شيئاً لا يخلو منه مكان يستحيل أن يقال: أين الله؟، ولا يقال: أين إلا لمن هو في مكان يخلو منه مكان. ولو كان الأمر كما يدعي هؤلاء الزائفة لأنكر عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم قولها وعلّمها، ولكنها علمت به فصدقها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشهد لها بالإيمان بذلك، ولو كان في الأرض كما هو في السماء لم يتم إيمانها حتى تعرفه في الأرض كما عرفته في السماء. فالله تبارك وتعالى فوق عرشه، فوق سمواته بائن من خلقه، فمن لم يعرفه بذلك لم يعرف إلهه الذي يعبد، وعلمه من فوق العرش بأقصى خلقه وأدناهم واحد، لا يبعد عنه شيئ. الرد على الجهمية ص17-18. ويقول أستاذنا الدكتور / محمد خليل هراس ـ رحمه الله ـ: " هذا الحديث يتألق نصاعة ووضوحاً، وهو صاعقة على رؤوس أهل التعطيل، فهذا رجل أخطأ في حق جاريته بضربها، فأراد أن يكفّر عن خطيئته بعتقها، فاستمهله الرسول صلى الله عليه وسلم حتى يمتحن إيمانها، فكان السؤال الذي اختاره لهذا الإمتحان هو: أين الله؟ ولما أجابت بأنه في السماء رضي جوابها وشهد لها بالإيمان، ولو أنك قلت لمعطل: أين الله؟ لحكم عليك بالكفران ". انظر هامش كتاب التوحيد لابن خزيمة ص121. وقد أعلّ بعض المبتدعة هذا الحديث بالإضطراب، كما فعل محمد زاهد الكوثري حين علق عليه في هامش كتاب الأسماء والصفات للبيهقي. إلا أن قدحه هذا غير وارد لأنه تعسف واضح وتجن بيّن، وقد فنده ورد عليه الشيخ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 91 8 ـ وروى أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كانت زينب بنت جحش [تفخر] 1 على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم تقول: " زوجكن أهاليكن، وزوجني الله من فوق سبع سموات "2 رواه البخاري. 9 ـ وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر المؤمن عند موته، وأنه يعرج بروحه حتى ينتهي إلى السماء   الألباني في اختصاره لكتاب العلو للذهبي ص18. الكوثري صاحب مواقف مغرضة وظالمة من أئمة السلف وعقيدتهم الناصعة الصافية التي لم تشبها شوائب البدع لرجوعهم فيما يعتقدون إلى كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، لا إلى المنطق العقيم والفلسفة السقيمة وتصورات العقول المريضة. راجع الدراسة التي قدمت بها بالإشتراك ـ لكتاب الصواعق المنزلة لابن القيم. 1 في [ل] : [تفتخر] . 2 صحيح البخاري، كتاب التوحيد، باب ((وكان عرشه على الماء)) ح ((7420)) ، و ((7420)) 4/388. والترمذي، كتاب التفسير، باب ((ومن سورة الأحزاب)) ح ((3213)) 5/354-355. وأبو نعيم في الحلية 2/52، وابن سعد في الطبقات 8/103,106، والذهبي في العلو ص20. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 92 التي فيها الله عز وجل " 1 رواه الإمام أحمد والدارقطني وغيرهما. 10 ـ وروى أبو الدرداء2 رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من اشتكى منكم أو اشتكى أخ له فليقل: ربنا الله الذي في السماء تقدس اسمك، أمرك في السماء والارض، كما رحمتك في السماء، إغفر لنا حوبنا وخطايانا، أنت رب الطيبين، انزل رحمة وشفاءاً من شفائك على هذا الوجع فيبرأ " 3 رواه أبو القاسم   1 أخرجه الإمام أحمد في المسند 2/364، وابن ماجه في الزهد من سننه باب ((ذكر الموت والاستعداد له)) ح ((4262)) 2/1423، والذهبي في العلو ص22، والحاكم في المستدرك 1/353. وقد أورده الألباني في صحيح ابن ماجه وحكم بصحته 20/420، وكذا في مختصر العلو للذهبي ص85. 2 هو الصحابي الجليل عويمر بن زيد، ويقال: ابن عبد الله، ويقال ابن عامر، الأنصاري الخزرجي، أسلم بعد غزوة بدر، وكان حكيم هذه الأمة، ولي قضاء دمشق وبها توفي سنة 32هـ، وقيل33هـ. انظر الإستغناء لابن عبد البر 1/169، وسير أعلام النبلاء 2/335. 3 شرح أصول اعتقاد أهل السنة للطبري اللالكائي ((648)) 2/389، وسنن أبي داود كتاب الطب، باب كيف الرقي، ح ((3892)) 4/218. ومسند أحمد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 93 [الطبري] 1 سننه. وفي هذه المسألة أدلة من الكتاب والسنة يطول بذكرها الكتاب. ومنكر أن يكون الله في جهة العلو بعد هذه الآيات والأحاديث مخالف لكتاب الله، منكر لسنة رسول الله. 11 ـ وقال مالك بن أنس: الله في السماء، وعلمه في كل مكان لا يخلو من علمه مكان2.   6/21، والرد على الجهمية للدارمي ص18، والأسماء والصفات للبيهقي ص533، والعلو للعلي الغفار للذهبي ص28. والحديث ضعيف الإسناد جداً، لأن فيه زياد بن محمد الأنصاري قال عنه الذهبي: لين الحديث. وقال البخاري والنسائي وأبو حاتم: منكر الحديث. وقال ابن حبان: منكر الحديث جداً يروي المناكير عن المشاهير فاستحق الترك. انظر التهذيب لابن حجر 3/392.1 في [ل] : [الطبراني] . 2 رواه الآجري في كتاب الشريعة ص289، وعبد الله بن أحمد في كتاب السنة رقم ((11)) 1/107، وابن قدامة في إثبات صفة العلو رقم ((76)) ص186، واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة رقم ((673)) 2/401. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 94 12 ـ وقال الشافعي: خلافة أبي بكر حق قضاها الله في سمائه، وجمع [عليها] 1 قلوب أصحاب نبيه صلى الله عليه وسلم2. 13 ـ وقال عبد الله بن المبارك3: نعرف ربنا فوق سبع سماوات بائناً من خلقه، ولا نقول كما قالت الجهمية: إنه هاهنا، وأشار إلى الأرض4.   1 في [ل] : [عليه] . 2 رواه ابن قدامة في إثبات صفة العلو رقم ((93)) ص181 عن طريق أبي الحسن علي بن أحمد بن يوسف الهكاري الذي قال فيه ابن عساكر: لم يكن موثقاً. وقال ابن النجار: متهم بوضع الأحاديث وتركيب الأسانيد. انظر: ميزان الاعتدال للذهبي 3/112، والكشف الحثيث لبرهان الدين الحلبي ص293. 3 هو أبو عبد الرحمن، عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي، مولى بني حنظلة، الحافظ شيخ الإسلام، ولد سنة 118 وتوفي سنة181، وقيل 182هـ. انظر حلية الأولياء 2/237، وتاريخ بغداد 10/152، وشذرات الذهب 2/237، وسير أعلام النبلاء للذهبي 8/236. 4 رواه عبد الله بن أحمد في كتاب السنة رقم ((22)) و ((598)) 1/111، 307. والبخاري في خلق أفعال العباد ص8، والدارمي في الرد على الجهمية ص9، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 95 صفة الوجه ... ومن الصفات التي نطق بها القرآن، وصحت بها الأخبار: الوجه. قال الله عز وجل1: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاّ وَجْهَهُ} 2. وقال عز وجل: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالأِكْرَامِ} 3. 14 ـ وروى أبو موسى4 رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " جنات الفردوس أربع، ثنتان من ذهب حليتهما وآنيتهما وما فيهما، وثنتان من فضة حليتهما وآنيتهما وما فيهما، وما بين القوم   والرد على بشر المريسي ص103، والبيهقي في الأسماء والصفات ص538، وابن قدامة في إثبات صفة العلو رقم ((83 و 84)) ص192، 193. وأورده الإمام ابن القيم في اجتماع الجيوش الإسلامية ص76 وصححه. 1 في [ل] قدم ذكر الآية الثانية هنا على الأولى. 2 سورة القصص/ 88. 3 سورة الرحمن/ 27. 4 هو عبد الله بن قيس بن حَضَّار، أبو موسى الأشعري، صحابي جليل، مشهور باسمه وكنيته معاً، أمّره عمر ثم عثمان، وهو أحد الحكمين بصفين. مات سنة ((50)) وقيل بعدها. الإصابة 4/211، وتقريب التهذيب 1/441. ومن الصفات التي نطق بها القرآن، وصحت بها الأخبار: الوجه. قال الله عز وجل1: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاّ وَجْهَهُ} 2. وقال عز وجل: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالأِكْرَامِ} 3. 14 ـ وروى أبو موسى4 رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " جنات الفردوس أربع، ثنتان من ذهب حليتهما وآنيتهما وما فيهما، وثنتان من فضة حليتهما وآنيتهما وما فيهما، وما بين القوم   والرد على بشر المريسي ص103، والبيهقي في الأسماء والصفات ص538، وابن قدامة في إثبات صفة العلو رقم ((83 و 84)) ص192، 193. وأورده الإمام ابن القيم في اجتماع الجيوش الإسلامية ص76 وصححه. 1 في [ل] قدم ذكر الآية الثانية هنا على الأولى. 2 سورة القصص/ 88. 3 سورة الرحمن/ 27. 4 هو عبد الله بن قيس بن حَضَّار، أبو موسى الأشعري، صحابي جليل، مشهور باسمه وكنيته معاً، أمّره عمر ثم عثمان، وهو أحد الحكمين بصفين. مات سنة ((50)) وقيل بعدها. الإصابة 4/211، وتقريب التهذيب 1/441. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 96 وبين أن ينظروا إلى ربهم عز وجل إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن" 1. 15 ـ وروى أبو موسى قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأربع فقال: " إن الله لا ينام، ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه، يرفع إليه عمل الليل قبل النهار، وعمل النهار قبل الليل، حجابه النار، لو كشفها لأحرقت سبحات وجهه كل شيئ   1 البخاري مع الشرح، كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} ح ((7444)) 4/393. ومسلم في كتاب الإيمان باب إثبات رؤية المؤمنين في الآخرة ربهم، ح ((296)) 1/163. والترمذي في سننه، كتاب صفة الجنة، باب ما جاء في صفة غرف الجنة ح ((2528)) 4/673. وابن ماجه في المقدمة، باب فيما أنكرت الجهمية ح ((186)) 1/66، وابن منده في الرد على الجهمية ح ((82)) ص94. والبيهقي في الأسماء والصفات ص384. وهذا الحديث يدل أيضاً على إثبات صفة الكبرياء لله جل وعلا، وفي بيان هذه الدلالة يقول الإمام البيهقي ـ رحمه الله ـ: رداء الكبرياء، يريد به صفة الكبرياء، فهو بكبريائه وعظمته لا يريد أن يراه أحد من خلقه بعد رؤية يوم القيامة، حتى يأذن لهم بدخول جنة عدن، فإذا دخلوها أراد أن يروه وهم في جنة عدن. الأسماء والصفات ص384. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 97 أدركه بصره. ثم قرأ: {أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا} 1 رواه مسلم2. فهذه صفة [ثابتة] 3 بنص الكتاب وخبر الصادق الأمين، فيجب الإقرار بها، والتسليم كسائر الصفات الثابتة بواضح الدلالات4.   1 سورة النمل/ 8. 2 مسلم، كتاب الإيمان باب قوله عليه السلام: " إن الله لا ينام … " ح ((293)) 1/161، وسنن ابن ماجه، المقدمة، باب فيما أنكرت الجهمية، ح ((195)) 1/70، ومسند أحمد 4/401، 405، والأسماء والصفات للبيهقي ص392. 3 في [ل] : [ثانية] . 4 صفة الوجه من صفات الذات الثابتة لله تعالى بنصوص الكتاب والسنة، ودلالتها عليها في غاية الصراحة والوضوح، ولذلك لم يجد بعض المؤولة سبيلاً إلى تأويلها. فالأشاعرة مثلاً ـ وهم من رواد منهج التأويل ـ نرى بعضهم يصرح بأنه لا سبيل إلى تأويل هذه الصفة، كما يقول أبوبكر بن فورك مؤلف كتاب مشكل الحديث الذي تصدى فيه لأحاديث الصفات بالتأويل على مقتضى العقل، يقول عن صفة الوجه: وذلك من الصفات التي لاسبيل إلى إثباتها إلا من جهة النقل، … وذهب أصحابنا إلى أن الله عز وجل ذو وجه، وأن الوجه صفة من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 98 ........................................................   الصفات القائمة به، … والمقصود بالوجه: إثبات وجه بخلاف معقول الشاهد، كما أن إثبات من أضيف إليه الوجه إثبات موجود بخلاف معقول الشاهد. مشكل الحديث ص131-132. وممن قال بإثبات هذه الصفة من الأشاعرة الإمام البيهقي ـ رحمه الله ـ مستدلاً بما استدل به السلف من نصوص الكتاب والسنة. انظر الأسماء والصفات ص301. ويذهب جماعة آخرون من أئمة الأشاعرة إلى صرف هذه النصوص عن دلالتها بتأويلها عن ظاهر معناها، كما فعل البغدادي والآمدي اللذين أولا الوجه بالذات. انظر أصول الدين للبغدادي ص110، وغاية المرام في علم الكلام للآمدي ص140، وهذا بعينه تأويل المعتزلة من قبل. انظر مقالات الإسلاميين للأشعري 1/245-248. ولا يخفى أن منهج التأويل منهج ضال لجنايته على العقيدة الإسلامية الصحيحة التي نهجها السلف متبعين لا مبتدعين، بل أثبتوا ما أثبته الله تعالى لنفسه من الصفات، أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تأويل ولا تفويض ولا تشبيه، بل إثبات مع التنزيه وفق ما رسمه الله من منهج لذلك حيث قال جل شأنه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} . فإثبات الوجه صفة لله تعالى على ما يليق بجلاله وعظمته، لا تشبه ما يتصف به المخلوق هو مذهب السلف الصالح الذي يصوره الإمام ابن خزيمة ـ رحمه الله ـ بقوله: " نحن نقول، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 99 وتواترت الأخبار، وصحت الآثار بأن الله عز وجل ينزل كل ليلة إلى سماء الدنيا فيجب الإيمان به، والتسليم له، وترك الإعتراض عليه، وإمراره من غير تكييف ولا تمثيل، ولا تأويل، ولا تنزيه ينفي حقيقة النزول1.   وعلماؤنا جميعاً في الأقطار: إن لمعبودنا عز وجل وجهاً كما أعلمنا الله في محكم تنزيله، فذواه بالجلال والإكرام، وحكم له بالبقاء، ونفى عنه الهلاك، ونقول: إن لوجه ربنا عز وجل من النور والضياء والبهاء، ما لو كشف حجابه لأحرقت سبحات وجهه كل شيئ أدركه بصره، محجوب عنه أبصار أهل الدنيا، لا يراه بشر ما دام في الدنيا الفانية، ونقول: إن وجه ربنا القديم لم يزل بالباقي الذي لا يزال، فنفى عنه الهلاك والفناء ". كتاب التوحيد ص22-23 1يشير إلى دعوى الذين أولوا صفة النزول بنفي حقيقة هذه الصفة، مدعين أنهم إنما فعلوا ذلك لأن الإثبات الحقيقي يتنافى مع مقصد التنزيه، وأن التنزيه يقتضي نفي هذه الحقيقة. وكذا القائلين بالتفويض لجزمهم بنفي حقيقة النزول مع تفويضهم المعنى. وهذه العبارة مما أخذه المبتدعة على الإمام عبد الغني وشنعوا عليه بها، ورد عليهم الحافظ ابن رجب بقوله: إن صح هذا عنه فهو حق، وهو كقول القائل: لا أنزهه تنزيهاً ينفي حقيقة وجوده، أو حقيقة كلامه، أو حقيقة علمه، أو سمعه وبصره، ونحو ذلك. ذيل طبقات الحنابلة 2/23. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 100 16 ـ فروى أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ينزل ربنا عز وجل كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر يقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له، حتى يطلع الفجر " 1. وفي لفظ: " ينزل الله عز وجل " ولا يصح حمله على نزول القدرة، ولا الرحمة ولا نزول الملك.   1 رواه مالك في الموطأ، كتاب القرآن، باب ما جاء في الدعاء، ح ((30)) 1/214، وعنه رواه البخاري في كتاب التهجد من صحيحه باب الدعاء والصلاة من آخر الليل ح ((1145)) 1/356، وكتاب الدعوات، باب الدعاء نصف الليل، ح ((6321)) 4/157. وكتاب التوحيد، باب قول الله تعالى {يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ} ح ((7494)) 4/403، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين، باب الترغيب والذكر في آخر الليل والإجابة فيه، ح ((758)) 1/521. وأحمد في عدة مواضع من مسنده، انظر مثلاً2/264، 267، وغيرها، وأبو داود في سننه، كتاب السنة، باب في الرد على الجهمية ح ((4733)) 5/100-101. والترمذي في كتاب الدعوات. ح ((3498)) 5/526. وابن ماجه، كتاب الإقامة، باب ما جاء في أي ساعات الليل أفضل ح ((1366)) 1/435. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 101 17 ـ لما روى مسلم بإسناده عن سهيل بن أبي صالح1 عن أبيه عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ينزل الله عز وجل إلى السماء الدنيا حين يمضي ثلث الليل فيقول: أنا الملك، أنا الملك، من ذا الذي يدعوني فأستجيب له، من ذا الذي يستغفرني فأغفر له، حتى يضئ الفجر " 2. 18 ـ وروى رفاعة بن عرابة الجهني3 أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إذا مضى نصف الليل أو ثلث الليل، ينزل الله عز وجل إلى   1 سهيل بن ابي صالح، ذكوان السّمان، أبو يزيد المدني، صدوق، تغير حفظه بآخره، روى له البخاري مقروناً وتعليقاً، من السادسة، مات في خلافة المنصور. تقريب التهذيب 1/338. 2 هذه أحدى طرق الحديث السابق عند مسلم 1/522. ورواه أيضاً الترمذي في سننه، كتاب الصلاة، باب ما جاء في نزول الرب عز وجل إلى السماء الدنيا كل ليلة ح ((446)) 2/307. 3 هو رفاعة بن عَرابة، وقيل عَراده الجهني المدني: قال الترمذي: عَرادَة وهم، وقال ابن حبان: عرادة جده، فمن قال: ابن عرادة نسبة إلى جده. وذكر ابن حجر صحابياً آخر اسمه: رفاعة بن عرادة العذري. الإصابة 2/493، وانظر التاريخ الكبير للبخاري 3/321. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 102 السماء الدنيا فيقول: لا أسأل عن عبادي أحداً غيري، من ذا الذي يستغفرني أغفر له، من ذا الذي يدعوني أستجيب له، من ذا الذي يسألني أعطيه. حتى ينفجر الصبح " رواه الإمام أحمد1.   1 انظر مسند أحمد 4/16، وسنن ابن ماجه، كتاب إقامة الصلاة، باب ما جاء في أي ساعات الليل أقضل، ح ((1367)) 1/535، والرد على الجهمية للدارمي ضمن مجموعة عقائد السلف ص378. فهذه روايات ثلاث في وقت النزول، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ: والنزول المذكور في الحديث النبوي على قائله أفضل الصلاة والسلام الذي اتفق عليه الشيخان البخاري ومسلم، واتفق علماء الحديث على صحته هو: " إذا بقي ثلت الليل الآخر "، وأما رواية النصف والثلثين، فانفرد به مسلم في بعض طرقه، وقد قال الترمذي: إن أصح الروايات عن أبي هريرة: " إذا بقي ثلث الليل الآخر " وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من رواية جماعة كثيرة من الصحابة … فهو حديث متواتر عند أهل العلم بالحديث، والذي لا شك فيه: " إذا بقي ثلث الليل الآخر " فإن كان النبي صلى الله عليه وسلم قد ذكر النزول أيضاً إذا مضى ثلث الليل الأول، وإذا انتصف الليل، فقوله حق، وهو الصادق المصدوق، ويكون النزول أنواعاً ثلاثة … شرح حديث النزول ص107-108. فالأخبار المثبتة لصفة النزول متواترة كما ذكر المصنف، وكما أوردت في كلام الإمام ابن تيمية السابق، ويقول ابن عبد البر عن حديث النزول: إنه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 103 ........................................................   حديث كثير الطرق متواتر من جهة النقل. التمهيد 7/128. ولذلك اتفق السلف على إثبات هذه الصفة لله تعالى على ما يليق بجلاله وعظمته، فنزوله سبحانه لا يشبه نزول المخلوق، فهو مستو على عرشه كما أخبر عن نفسه في سبعة مواضع من كتابه، وينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا، وينزل عشية عرفة، وينزل يوم القيامة لفصل القضاء، ولا مناقاة بين نزوله سبحانه واستوائه على عرشه، لأنه سبحانه ينزل نزولاً يليق بجلاله وعظمته، لا نعلم كيفيته ولا ندرك كنهه، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ مبيناً ما يجب اعتقاده من حديث النزول: " اتفق سلف الأمة وأئمتها، وأهل العلم بالسنة والحديث على تصديق ذلك، وتلقيه بالقبول، ومن قال ما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم فقوله حق وصدق، وإن كان لا يعرف حقيقة ما اشتمل عليه من المعاني، كمن قرأ القرآن ولم يفهم ما فيه من المعاني، فإن أصدق الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، والنبي صلى الله عليه وسلم قال هذا الكلام وأمثاله علانية، وبلغه الأمة تبليعاً عاماً، لم يخص به أحداً دون أحد، ولا كتمه عن أحد، وكان الصحابة والتابعون تذكره، وتأثره، وتبلغه، وترويه في المجالس الخاصة والعامة، واشتملت عليه كتب الإسلام التي تقرأ في المجالس الخاصة والعامة، كصحيحي البخاري ومسلم، وموطأ مالك، ومسند أحمد، وسنن أبي داود، والترمذي، والنسائي، وأمثال ذلك من كتب المسلمين، ولكن من فهم من هذا الحديث وأمثاله ما يجب تنزيه الله عنه كتمثيله بصفات المخلوقين، ووصفه بالنقص المنافي لكماله الذي يستحقه، فقد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 104 ........................................................   أخطأ في ذلك، وإن أظهر ذلك منع منه، وإن زعم أن الحديث يدل على ذلك ويقتضيه فقد أخطأ أيضاً في ذلك، فإن وصفه سبحانه وتعالى في هذا الحديث بالنزول هو كوصفه بسائر الصفات … ". شرح حديث النزول ص5. وقال الإمام محمد بن الحسين الآجري ـ رحمه الله ـ: " الإيمان بهذا واجب، ولا يسع المسلم العاقل أن يقول: كيف ينزل؟ ولا يرد هذا إلا المعتزلة. وأما أهل الحق فيقولون: الإيمان به واجب بلا كيف، لأن الأخبار قد صحت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله عز وجل ينزل إلى السماء الدنيا كل ليلة، والذين نقلوا إلينا هذه الأخبار هم الذين نقلوا إلينا الأحكام من الحلال والحرام، وعلم الصلاة والزكاة والحج والجهاد، وكما قبل العلماء منهم ذلك كذلك قبلوا منهم هذه السنن وقالوا: من ردها فهو ضال خبيث، يَحْذَرونه ويُحَذّرن منه. الشريعة ص306. ويقول إمام الأئمة أبو بكر بن خزيمة ـ رحمه الله ـ نشهد شهادة مقر بلسانه مصدق بقلبه، مستيقن بما في هذه الأخبار من ذكر نزول الرب، من غير أن يصف الكيفية، لأن نبينا المصطفى لم يصف لنا كيفية نزول خالقنا إلى سماء الدنيا، وأعلمنا أنه ينزل، والله جل وعلا لم يترك ولا نبيه عليه السلام بيان ما بالمسلمين إليه حاجة من أمر دينهم، فنحن قائلون مصدقون بما في هذه الأخبار من ذكر النزول، غير متكلفين القول بصفته أو بصفة الكيفية، إذ النبي صلى الله عليه وسلم لم يصف لنا كيفية النزول. وفي هذه الأخبار ما بان وثبت وصح أن الله جل وعلا فوق السماء الدنيا الذي أخبرنا نبينا صلى الله عليه وسلم أنه ينزل إليها، إذ محال في لغة العرب أن يقول: ينزل من أسفل إلى أعلى، ومفهوم الخطاب أن النزول من أعلى إلى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 105 وهاذان الحديثان يقطعان تأويل كل متأول، ويدحضان حجة كل مبطل. وروى حديث النزول علي بن أبي طالب1 وعبد الله   أسفل. التوحيد 125-126 هذا هو مذهب السلف في صفة النزول وهو شأن مذهبهم في بقية الصفات إثبات من غير تشبيه ولا تعطيل، والأمر كما قال المصنف هنا-أعني المقدسي- نحن مؤمنون بذلك مصدقوم من غير أن نصف له كيفية أو نشبهه بنزول المخلوقين. أما المتكلمون فقد غلبت عليهم شقوتهم فنحوا بهذه الصفة فنحاهم ببقية الصفات واختاروا جانب التأويل حيث أولوا نزول الله تعالى بنزول أمره ورحمته، وهو ما ذهب إليه المعتزلة والأشاعرة ومن سار على طريقتهم، وقالت جماعة أخرى بالتفويض كما هو رأي بعض محدثي الأشاعرة كالبيهقي والخطابي. انظر: الأسماء والصفات للبيهقيص496، زمعالم السنن للخطابي بهامش سنن أبي داود 5/101 1 انظر روايته عند اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة ح ((748)) 3/437، وابن ماجه مقيداً بليلة النصف من شعبان، ح ((1388)) 1/444. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 106 ابن مسعود1 وجبير بن مطعم2 وجابر بن عبد الله3، وأبو سعيد الخدري4، وعمرو بن عبسه5،   1 انظر روايته عند أحمد في المسند 1/388، 403، والشريعة للآجري ص312، وشرح أصول اعتقاد أهل السنة ح ((757)) 3/443. 2 جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل بن عبدمناف بن قُصي، شيخ قريش في زمانه من الطلقاء الذين حسن أسلامهم. سير أعلام النبلاء 3/95. انظر حديثه في شرح أصول اعتقاد أهل السنة ح ((759)) 3/443، والسنة لابن أبي عاصم ح ((507)) 1/222، قال المحقق الشيخ الألباني: صحيح على شرط مسلم، ومسند أحمد 4/81، وسنن الدارمي 1/347، والتوحيد لابن خزيمة 1/315. 3 انظر روايته في شرح أصول اعتقاد أهل السنة ح ((751)) 3/339، والتوحيد لابن خزيمة 1/296. 4 انظر: شرح أصول اعتقاد أهل السنة ح ((746)) 3/436، والسنة لابن ابي عاصم ح ((500-501)) ، وسنن الترمذي ح ((3498)) 5/526. 5 هو عمرو بن عَبَسة بن خالد بن حذيفة، أبو نجيح السلمي البجلي، أحد السابقين، كان من أمراء الجيش يوم وقعة اليرموك. السير 2/456. انظر حديثه في مسند أحمد 4/385، وشرح أصول اعتقاد أهل السنة ح ((761)) 3/445 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 107 وأبو الدرداء1، وعثمان بن أبي العاص2، ومعاذ بن جبل3، وأم سلمة زوج4 [رسول الله] 5 صلى الله عليه وسلم، وخلق سواهم. ونحن مؤمنون بذلك مصدقون، من غير أن نصف له كيفية،   1 انظر التوحيد لابن خزيمة 1/323، وشرح أصول اعتقاد أهل السنة ح ((756)) 3/442. 2 عثمان بن أبي العاص، أبو عبد الله الثقفي الطائفي، قدم في وفد ثقيف على النبي صلى الله عليه وسلم سنة تسع فأسلم، توفي رضي الله عنه سنة 51هـ. انظر التاريخ الكبير 6/212، وسير أعلام النبلاء 2/374، وانظر روايته عند أحمد في المسند 4/22، 217، وابن خزيمة في التوحيد ص135. 3 انظر روايته عند ابن أبي عاصم في السنة ح ((512)) 1/224. 4 انظر شرح أصول اعتقاد اهل السنة ح ((767-768)) 3/450. وهذه الروايات وإن كان في أسانيد بعضها ضعف إلا أن منها ما اتفق عليه الشيخان، ومنها مالم يتفقا عليه أو لم يخرجاه أصلاً ولكن حكم أئمة الحديث بصحته. وقد ذكر اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة 3/434 أن حديث النزول رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم عشرون نفساً … فهي لكثرتها التي بلغت حد التواتر ـ كما تقدم ـ تجعل المسألة من الأمور المسلمة المعلومة من الدين بالضرورة، لا يسع أحداً المكابرة فيها، إلا من غلب عليه الهوى وتردى في هوة الضلال والعياذ بالله. 5 في [ل] : [النبي] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 108 أو نشبهه بنزول [المخلوقين] 1. 19 ـ وقد قال بعض العلماء: سئل أبو حنيفة عنه ـ يعني عن النزول ـ فقال: ينزل بلا كيف2. 20 ـ وقال محمد بن الحسن الشيباني3 ـ صاحبه ـ: " الأحاديث التي جاءت أن الله يهبط إلى سماء الدنيا ونحو هذا من الأحاديث4 أن هذه الأحاديث قد روتها الثقات، فنحن نرويها، ونؤمن بها، ولا نفسرها "5.   1 في [ل] : [المخلوقون] . 2 انظر الأسماء والصفات للبيهقي ص572. 3 هو محمد بن الحسن بن فَرقد، فقيه العراق، أبو عبد الله الشيباني الكوفي صاحب أبي حنيفة، ولد بواسط، ونشأ بالكوفة، وأخذ عن أبي حنيفة بعض الفقه، وتمم على القاضي أبي يوسف. كان الشافعي يقول عنه: كتبت عنه وِقْر بخْتي، وما ناظرت سميناً أذكى منه. توفي بالري سنة ((189)) . انظر: سير أعلام النبلاء 9/134، وشذرات الذهب 1/325. 4 من بداية كلام الحسن إلى هنا مكرر في [ل] . 5 رواه اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة رقم ((741)) 3/433. وابن قدامة في إثبات صفة العلو رقم ((82)) ص170، والذهبي في العلو ص113. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 109 21 ـ وروينا عن عبد الله بن أحمد بن حنبل1 قال: كنت أنا وأبي عابرين في المسجد، فسمع قاصاً يقص بحديث النزول فقال: إذا كان ليلة النصف من شعبان ينزل الله عز وجل إلى سماء الدنيا بلا زوال ولا انتقال ولا تغير حال، فارتعد أبي ـ رحمه الله ـ واصفر لونه، [ولزم] 2 يدي، وأمسكته حتى سكن ثم قال: قف بنا على هذا [المتخوض] 3، فلما حاذاه قال: يا هذا، رسول الله أغير على ربه عز وجل منك، قل كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. وانصرف4.   1 هو عبد الله بن أحمد بن محمد حنبل الشيباني، أبو عبد الرحمن ولد الإمام، من الثانية عشرة، قال الخطيب البغدادي: كان ثقة ثبتاً فهماً. وقال ابن المنادي: لم يكن أحد أروى في الدنيا عن أبيه من عبد الله بن أحمد. مات سنة ((290هـ)) . انظر تقريب التهذيب 2/401، وتذكرة الحفاظ 2/665. 2 في [ل] : [وأمسك] . 3 في [ل] : [المتخرص] . 4 لم أجد ذكراً لهذه القصة فيما اطلعت عليه من مظانها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 110 22 ـ قال حنبل1: قلت لأبي عبد الله ـ يعني أحمد بن حنبل ـ ينزل الله إلى سماء الدنيا، قلت: نزوله بعلمه أو بماذا؟ فقال لي: اسكت عن هذا، مالك ولهذا، أمضي الحديث على ما روى بلا كيف ولا حد، على ما جاءت به الآثار، وبما جاء به الكتاب2. 23 ـ وقال [الإمام] 3 إسحاق بن راهويه4: قال لي الأمير عبد الله   1 حنبل بن إسحاق بن حنبل بن هلال بن أسد، أبو علي الشيباني، الحافظ الثقة، ابن عم الإمام أحمد وتلميذه، قال الخطيب: كان ثقة ثبتاً. توفي سنة ((273)) . انظر: تذكرة الحفاظ 2/600. 2 روى هذه القصة اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة رقم ((777)) 3/453. 3 من [ل] . 4 الإمام الكبير شيخ المشرق، سيد الحفاظ، إسحاق بن إبراهيم بن مخلد، أبو يعقوب الحنظلي، ولد سنة 163، وتوفي سنة ((238)) وقيل غير ذلك. انظر السير 11/358، وطبقات الحنابلة 1/109، والتاريخ الكبير للبخاري 1/379. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 111 ابن طاهر1: يا أبا يعقوب، هذا الحديث الذي ترويه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم2: ينزل ربنا عز وجل كل ليلة إلى سماء الدنيا. كيف ينزل؟ قال: قلت: أعز الله الأمير، لا يقال لأمر الرب عز وجل كيف، إنما ينزل بلا كيف3، ومن قال يخلو العرش عند النزول أو لا يخلو فقد أتى بقول مبتدع ورأى مخترع4. ومن صفاته سبحانه الواردة في كتابه العزيز، الثابتة عن رسوله   1 عبد الله بن طاهر بن الحسين بن مصعب بن زريق الخزاعي بالولاء، أبو العباس، أمير خراسان، من أشهر الولاة في العصر العباسي، للمؤرخين إعجاب بأعماله وثناء عليه. قال ابن خلكان: كان عبد الله سيداً نبيلاً عالي الهمة شهماً، وكان المأمون كثير الاعتماد عليه. انظر وفيات الأعيان 3/83، والأعلام للزركلي 4/226. 2 لا توجد في [ل] . 3 ذكره بنحوه اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة رقم ((774)) 3/452، وأورده الذهبي في العلو ص132. وانظر مختصره للألباني ص193، وشرح حديث النزول لابن تيمية ص51. 4 ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ ثلاثة أقوال في هذه المسألة حيث قال: وأهل الحديث في هذا على ثلاثة أقوال: منهم من ينكر أن يقال: يخلو أو لا يخلو، كما يقول ذلك الحافظ عبد الغني المقدسي وغيره. ومنهم من يقول: بل يخلو منه العرش. وقد صنف أبو القاسم عبد الرحمن بن أبي عبد الله بن محمد بن منده في الإنكار على من قال: لا يخلو منه العرش. شرح حديث النزول ص43. ثم قال شيخ الإسلام ـ بعد أن بسط الكلام في هذه المسألة ـ: فالقائلون بأنه يخلو منه العرش طائفة قليلة من أهل الحديث، وجمهورهم على أنه لا يخلو منه العرش، وهو المأثور عن الأئمة المعروفين بالسنة، ولم ينقل عن أحد منهم بإسناد صحيح ولا ضعيف أن العرش يخلو منه. شرح حديث النزول ص54. وقد أورد الذهبي في كتاب العلو ص132 قول الإمام إسحاق بن راهويه: دخلت على عبد الله بن طاهر فقال: ما هذه الأحاديث؟ تروون أن الله ينزل إلى السماء الدنيا؟ قلت: نعم، رواها الثقات الذين يروون الأحكام، فقال: ينزل ويدع عرشه؟ فقلت: يقدر أن ينزل من غير أن يخلو منه العرش؟ قال: نعم، قلت: فلم تتلكم في هذا؟ قال الشيخ محمد ناصر الدين الألباني: إسناده صحيح، ثم عقب عليه بقوله: في قول إسحاق ـ رحمه الله ـ: " يقدر أن ينزل من غير أن يخلو منه العرش " إشارة منه إلى تحقيق أن نزوله تعالى ليس كنزول المخلوق، وأنه ينزل إلى السماء الدنيا دون أن يخلو منه العرش ويصير العرش فوقه، وهذا مستحيل بالنسبة لنزول المخلوق الذي يستلزم تفريغ مكان وشغل آخر. وهذا الذي أشار إليه إسحاق هو المأثور عن سلف الأمة وأئمتها، أنه تعالى لا يزال فوق العرش، ولا يخلو العرش منه، مع دنوه ونزوله إلى السماء. قال شيخ الإسلام ابن تيمية وهو الصواب. مختصر كتاب العلو ص192-193. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 112 صفة اليدين ... ومن صفاته سبحانه الواردة في كتابه العزيز، الثابتة عن رسوله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 112 المصطفى الأمين: اليدان الجزء: 1 ¦ الصفحة: 113 قال الله عز وجل: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} 1. وقال عز وجل: {مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيّ} 2. 24 ـ وروى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: التقى آدم وموسى، فقال موسى: يا آدم، أنت أبونا، خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه، وأسجد لك ملائكته، خيبتنا، وأخرجتنا [من الجنة] 3. فقال آدم: أنت موسى، كلمك الله تكليماً، وخط لك التوراة بيده، واصطفاك برسالته، فبكم وجدت في كتاب الله {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى} 4؟ قال: بأربعين سنة، قال: فتلومني على أمر قدره [الله] 5 علي قبل أن يخلقني بأربعين سنة؟! قال [النبي صلى الله عليه وسلم] 6: فحج آدم موسى7.   1 سورة المائدة/ 64. 2 سورة ص/ 75. 3 من [ل] . 4 سورة طه/ 121. 5 من [ل] . 6 لا يوجد في [ل] . 7 رواه البخاري في عدة مواضع من صحيحه، انظر كتاب التفسير باب ((واصطفتك لنفسي)) ح ((4736)) ، ((وباب {فَلا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى} )) ح ((4738)) 3/260. وكتاب القدر، باب ((تحاج آدم وموسى)) ح ((6614)) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 114 ........................................................   4/212، وكتاب التوحيد، باب ((ما جاء في قوله عز وجل: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً} )) ح ((7515)) 4/407. ومسلم، كتاب القدر، باب ((احتجاج آدم وموسى عليهما السلام)) ، ح ((2652)) 4/2042، 2043. وأبو داود في سننه، كتاب السنة ح ((4701)) 5/76. والترمذي في كتاب القدر، باب ما جاء في احتجاج آدم وموسى ح ((2134)) 4/444. وابن ماجه في المقدمة، باب في القدر ح ((80)) 1/31. هذا الحديث الذي أورده المصنف دليلاً على إثبات صفة اليد، هو دليل أيضاً على إثبات القدر. وقد استدل به بعض المبتدعة على الاحتجاج بالقدر. ولذلك علق عليه الإمام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ في معرض رده على أصحاب هذا الاتجاه فقال: " وهذا الحديث ضلت فيه طائفتان: طائفة كذبت به لما ظنوا أنه يقتضي رفع الذم والعقاب عمن عصى الله لأجل القدر، وطائفة شر من هؤلاء، جعلوه حجة، وقد يقولون: القدر حجة لأهل الحقيقة الذين شهدوه، أو الذين لا يرون أن لهم فعلاً، ومن الناس من قال: إنما حج آدم موسى لأنه أبوه، أو لأنه قد تاب، أو لأن الذنب كان في شريعة واللوم في أخرى، أو لأن هذا يكون في الدنيا دون الأخرى، وكل هذا باطل. ثم قال: ولكن وجه الحديث أن موسى عليه السلام لم يلم أباه لأجل المصيبة التي لحقتهم من أجل أكله من الشجرة، فقال له: لماذا أخرجتنا ونفسك من الجنة؟ لم يلمه لمجرد كونه أذنب ذنباً وتاب منه، فإن موسى يعلم أن التائب من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 115 فلا نقول: يد كيد، ولا نكيف، ولا نشبه، ولا نتأول اليدين   الذنب لا يلام، وهو قد تاب منه أيضاً، ولو كان آدم يعتقد رفع الملام عنه لأجل القدر لم يقل: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} ، والمؤمن مأمور عند المصائب أن يصبر ويسلم، وعند الذنوب أن يستغفر ويتوب، قال الله تعالى: {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ} . فأمره بالصبر على المصائب والاستغفار من العائب ". الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ص115، وانظر التدمرية ص230. ويقول الإمام ابن القيم ـ رحمه الله ـ في معرض كلامه عن هذا الحديث: وقد رد هذا الحديث من لم يفهمه من المعتزلة، كأبي علي الجبائي، ومن وافقه على ذلك، وقال: لو صح لبطلت نبوات الأنبياء، فإن القدر إذا كان حجة للعاصي بطل الأمر والنهي، فإن العاصي بترك الامر، أو فعل النهي، إذا صحت له الحجة بالقدر السابق ارتفع اللوم عنه، وهذا من ضلال فريق الاعتزال وجهلهم بالله ورسوله وسنته، فإن هذا حديث صحيح متفق على صحته، لم تزل الأمة تتلقاه بالقبول من عهد نبيها قرناً بعد قرن، وتقابله بالتصديق والتسليم … ولم يزل أهل الكلام المذموم موكلين برد أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم التي تخالف قواعدهم الباطلة، وعقائدهم الفاسدة. شفاء العليل ص29. ثم أورد ـ رحمه الله ـ الاتجاهات في فهم هذا الحديث، ورد الفاسد منها، والتقى مع شيخ الإسلام ابن تيمية فيما سبق ذكره مما يجب فهمه من هذا الحديث. انظر: المصدر نفسه ص30-41. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 116 على القدرتين كما يقول أهل التعطيل والتأويل1، بل نؤمن   1 ذهب المبتدعة من معتزلة وأشاعرة وغيرهم إلى تأويل اليد الواردة في النصوص مضافة إلى الله تعالى على قولين، فمنهم من أولها بمعنى النعمة، وآخرون أولوها بمعنى القدرة. انظر أصول الدين للبغدادي ص111، وأساس التقديس للرازي ص125. وهذا التأويل واضح التهافت والبطلان لأن النصوص الواردة بإثبات هذه الصفة في غاية الصراحة والبيان، ولا يمكن أن يستقيم لمبتدع تأويلها لأمور كثيرة ـ منها: أـ أن تأويل اليد بالقدرة فيه إبطال لما اختص الله تبارك وتعالى به بعض مخلوقاته تفضيلاً لهم على غيرهم، كما خص آدم بأن خلقه بيده، والقول بأن المقصود باليد القدرة فيه مساواة بين آدم عليه السلام وإبليس لعنه الله، في هذا الأمر، لأن الله تعالى خلق إبليس أيضاً بقدرته، فلا معنى حينئذ لتخصيص آدم بأنه كان بيد الله، لأن إبليس ـ لعنه الله ـ يعلم هذه الخصيصة لآدم، وإلا لاحتج على الله تعالى حين قال له: {مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} ، بأنه خلقه أيضاً بيديه كما خلق آدم، إذا كان معنى بيدي: بقدرتي، إلا أن إبليس ـ لعنه الله ـ كان أكثر إدراكاً لهذه الحقيقة من المعطلة. ب ـ أن القول بتأويل اليدين بالقدرتين أو النعمتين غير جائز، لأن التثنية في {بِيَدَيّ} يبطل القول بالتأويل أيضاً، لأن التشديد تحقيق في التثنية، وتخصيص التثنية في نعم الله وقدرته ليس له معنى يصح، لأن قدرة الله واحدة لا حدود لها، ونعمه كثيرة لا تحصى، فلا يصح تأويل {بِيَدَيّ} بقدرتي أو بنعمتي، لعدم جواز انحصار قدرة الله ونعمه في عدد. وقد فصل الإمام عثمان بن سعيد الدارمي الرد على هذا التأويل الباطل في رده على بشر المريسي ص28-41، وانظر الاعتقاد للبيهقي ص 29-30. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 117 بذلك ونثبت [له] 1 الصفة من غير تحديد2 ولا تشبيه. ولا يصح حمل اليدين على القدرتين، فإن قدرة الله [عز وجل] 3 واحدة، ولا على النعمتين، فإن نعم الله [عز وجل] 4 لا تحصى، كما قال عز وجل: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا} 5 وكل ما قال الله عز وجل في كتابه، وصح عن رسوله بنقل العدل عن العدل مثل   1 من [ل] . 2 أي من غير تحديد لكيفية الصفة، لأن الكيفية لا يعلمها إلا الله، فالسلف إنما يثبتون الصفة بمعناها الظاهر منها وينفون المشابهة والكيفية. 3 لا توجد في [ل] . 4 لا توجد في [ل] . 5 سورة إبراهيم/ 34. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 118 صفة المحبة والمشيئة والإرادة ... المحبة1، والمشيئة والإرادة2،   1 من أدلة إثباتها قوله تعالى: {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} المائدة/ 54، وقوله: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} الممتحنة/ 8، وقوله: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} آل عمران/ 31، وقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه: " إذا أحب الله العبد نادى جبريل: إن الله يحب فلاناً فأحببه، فيحبه جبريل، فينادي جبريل في أهل السماء: إن الله يحب فلاناً فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض ". رواه البخاري، كتاب بدء الخلق، باب ((ذكر الملائكة)) ، ح ((3209)) 2/424، وكتاب الأدب باب ((المِقة من الله)) ح ((6040)) 4/98، وكتاب التوحيد، باب ((كلام الرب مع جبريل ونداء الملائكة)) ح ((7485)) 4/401، ومسلم، كتاب البر والصلة، باب ((إذا أحب الله عبداً حببه إلى عباده)) ، ح ((2637)) 4/2030. 2 من أدلة إثبات الإرادة والمشيئة قوله تعالى: {وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ} الكهف/ 39، وقوله: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ} البقرة/ 253، وقوله: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ} الأنعام/ 125، وقوله سبحانه: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} البقرة/185، وغيرها. أما من السنة فالأدلة كثيرة جداً. انظر مثلاُ ما أورده البخاري في كتاب التوحيد في صحيحه، باب في المشيئة والإرادة، ح ((7464-7480)) 4/396-400. والإرادة نوعان: أـ إرادة كونية ترادفها المشيئة، وهما تتعلقان بكل ما يشاء الله فعله وإحداثه فهو سبحانه إذا أراد شيئاً وشاءه كان عقب إرادته له، كما قال: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} يس/82. ب ـ إرادة شرعية تتعلق بما يأمر الله به عباده مما يحبه ويرضاه، وهي المذكورة في مثل قوله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} . راجع شرح الدكتور محمد خليل هراس على العقيدة الواسطية لابن تيمية ص99 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 119 صفة الضحك والفرح ... والضحك1، والفرح2،   1 من أدلة إثبات صفة الضحك الحديث المتفق عليه الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " يضحك الله إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر يدخلان الجنة … " الحديث. صحيح البخاري، كتاب الجهاد، باب الكافر يقتل المسلم ثم يسلم فَيُسَدَّد بعد ويقتل. ح ((2826)) 2/313، وصحيح مسلم، كتاب الإمارة، باب بيان الرجلين يقتل أحدهما الآخر يدخلان الجنة، ح ((1890)) 3/1504،1505. وحديث أبي هريرة عند البخاري، وفيه قصة الرجل الذي هو آخر أهل الجنة دخولاً، ـ كما في نص الحديث ـ وساق القصة حتى قال صلى الله عليه وسلم حاكياً قصة الرجل: " … فيقول: أي رب لا أكون أشقى خلقك، فلا يزال يدعو حتى يضحك الله منه، فإذا ضحك منه قال: ادخل الجنة … " كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} ح ((7437)) 4/390. 2 من أدلة إثباتها حديث أنس بن مالك رضي الله عنه المتفق على صحته، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: " لله أشد فرحاً بتوبة عبده من أحدكم إذا استيقظ على بعيره قد أضله بأرض فلاة " صحيح البخاري، كتاب الدعوات، باب التوبة ح ((6309)) 4/154، وصحيح مسلم، كتاب التوبة، باب ((في الحض على التوبة والفرح بها)) ، ح ((2747)) 4/210. وحديث ابن مسعود في هذا المعنى عند الشيخين في نفس الموضع السابق، البخاري رقم ((6308)) ، ومسلم رقم ((2744)) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 120 صفة العجب والبغض ... والعجب1، والبغض2،   1 من أدلته حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " عجب الله من قوم يدخلون الجنة في السلاسل " رواه البخاري، كتاب الجهاد، باب الأسارى في السلاسل، ح ((3010)) 2/361. وأحمد في المسند 2/302، وأبو داود، كتاب الجهاد، باب ((في الأسير يوثق)) ح ((2677)) 3/127. وحديث ابي هريرة أيضاً وفيه قوله عليه الصلاة والسلام: " … لقد عجب الله ـ أو ضحك ـ من فلان وفلانه " صحيح البخاري، كتاب التفسير، باب {وَالَّذِينَ تَبَوَّأُوا الدَّارَ وَالْأِيمَانَ} ح ((4889)) 3/306. 2من أدلته حديث ابي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله إذا أحب عبداً دعا جبريل فقال: إني أحب فلاناً فأحبه،. . ـ إلى أن قال ـ: وإذا أبغض عبداً دعا جبريل فيقول: إني أبغض فلاناً فأبغضه، قال: فيبغضه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء: إن الله يبغض فلاناً فأبغضوه. قال: فيبغضونه، ثم توضع له البغضاء في الارض " رواه مسلم، كتاب البر والصلة، باب ((إذا أحب الله عبداً حببه إلى عباده)) ح ((2637)) 4/2030. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 121 صفة السخط والكره والرضا ... والسخط1، والكره2، والرضا3، وسائر ما صح   1 من أدلته قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ} سورة محمد/28، وقوله سبحانه: {لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ} المائدة/ 80. وحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه المتفق عليه وفيه: " … فيقول: أنا أعطيكم أفضل من ذلك، قالوا: يارب، وأي شيئ أفضل من ذلك؟ فيقول: أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم أبداً " البخاري، كتاب الرقاق، باب ((صفة الجنة)) ح ((6549)) 4/200، وكتاب التوحيد، ((باب كلام الرب مع أهل الجنة)) ح ((7518)) 4/408. وأخرجه مسلم مطولاً في كتاب الإيمان، باب معرفة طريق الرؤية، ح ((183)) 1/167. 2 من أدلته قوله تعالى: {وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ} التوبة/46، وقوله صلى الله عليه وسلم: " من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه " متفق عليه. البخاري، كتاب الرقاق، باب من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ح ((6507، 6508)) 4/192، ومسلم كتاب الذكر والدعاء، باب ((من أحب لقاء الله … )) ، ح ((2683-2686)) 4/2065-2067. 3 من أدلته قوله تعالى: {رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} المائدة/ 119، والتوبة/ 100، وقوله: {وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ} الزمر/ 7. وقوله صلى الله عليه وسلم في حديث الأقرع والأبرص والأعمى المتفق عليه: " … فقد رضي الله عنك وسخط على صاحبيك " البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء، باب حديث أبرص وأقرع وأعمى في بني إسرائيل، ح ((3464)) 2/495. ومسلم، كتاب الزهد والرقائق ح ((2964)) 4/2275. وقوله صلى الله عليه وسلم: " اللهم أعوذ برضاك من سخطك. . " رواه مسلم في كتاب الصلاة، باب ((ما يقال في الركوع والسجود)) ح ((486)) 1/352. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 122 صفة النفس ... [عن الله ورسوله] 1، وإن نبت2 عنها أسماع بعض الجاهلين واستوحشت منها نفوس المعطلين. ومما نطق بها القرآن، وصح [بها] 3 النقل من الصفات: النفس، قال الله عز وجل إخباراً عن نبيه عيسى عليه السلام أنه قال: {ُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلاّمُ الْغُيُوبِ} 4. وقال عز وجل: {كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} 5، وقال عز وجل لموسى عليه السلام: {وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي} 6.   1 في [ل] : [عن رسوله] . 2 أي تجافت عنها لعدم قبولها بها. قال ابن فارس: نبا بصره عن الشيئ ينبو، ونبا السيف عن الضريبة: تجافى ولم يمض فيها، ونبا به منزله لم يوافقه، وكذا: فراشه، ويقال نبا جنبه عن الفراش، قال: إن جنبي عن الفراش لناب ... كتجافي الأسَرّ فوق الظّرب معجم مقاييس اللغة 5/385، مادة ((نبو)) . 3 في [ل] : [به] . 4 سورة المائدة/ 116. 5 سورة الأنعام/ 12. وفي [ل] : [كتب ربكم. .] وهي في السورة نفسها آية/ 54. 6 سورة طه/ 41. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 123 25 ـ وروى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " يقول الله عز وجل: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه حين يذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم، وإن اقترب إلي شبراً اقتربت إليه ذراعاً، وإن اقترب إلي ذراعاً اقتربت إليه باعاً، وإن أتاني يمشي، أتيته هرولة " 1. 26 ـ وروى أبو هريرة [رضي الله عنه] 2 قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لما خلق الله الخلق كتب في كتاب، فكتبه على نفسه، فهو موضوع عنده على العرش: إن رحمتي تغلب   1 رواه البخاري في كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ} ح ((7405)) 4/384، ومسلم كتاب الذكر والدعاء ن باب ((الحث على ذكر الله)) ، ح ((2675)) 4/2061، والترمذي، كتاب الدعوات، باب ((في حسن الظن بالله عز وجل)) ، ح ((3822)) 2/1255، وأحمد في المسند 2/251. وراجع معنى الحديث بكامله في شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري لشيخنا الجليل عبد الله بن محمد الغنيمان 1/263-271. 2 من [ل] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 124 صفة الرؤية ... غضبي " 1. وأجمع أهل الحق واتفق أهل التوحيد والصدق أن الله تعالى يُرى في الآخرة، كما جاء في كتابه، وصح عن رسوله [صلى الله عليه وسلم] 2، قال الله عز وجل: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} 3.   1 رواه البخاري في كتاب بدء الخلق، باب ((وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده)) ، ح ((3194)) 2/419، وكتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ} ح ((7404)) 13/384 وباب ((وكان عرشه على الماء)) ح ((7422)) 4/388، وباب ((ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين)) ح ((7453)) 4/395، وباب قوله تعالى: {بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ} ، ح ((7554)) 4/417. ورواه مسلم في كتاب التوبة، باب في سعة رحمة الله تعالى وأنها سبقت غضبه ح ((2751)) 4/2107. وأحمد في المسند 2/358، 381، وابن ماجه في الزهد، باب ما يرجى من رحمة الله يوم القيامة، ح ((4295)) 2/1435، وابن أبي عاصم في السنة ح ((608،609)) 1/270، وابن خزيمة في التوحيد 58، والآجري في الشريعة ص290، وأبو إسماعيل الهروي في كتاب الأربعين ح ((12)) ص55. وطرق الحديث عن أبي هريرة كثيرة. 2 من [ل] . 3 سورة القيامة/23. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 125 27 ـ وروى جرير بن عبد الله البجلي1 رضي الله عنه قال: كنا جلوساً ليلة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فنظر إلى القمر ليلة أربع عشرة فقال: " إنكم سترون ربكم عز وجل كما ترون هذا القمر، لا تضامون 2 في رؤيته فإن استطعتم ألا تغلبوا على صلاة قبل   1 صحابي شهير ن يكنى أبا عمرو، وقيل أبا عبد الله، اختلف في تاريخ إسلامه، توفي سنة 51، وقيل 54، وهو الذي بعثه النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذي الخلصة فهدمها. انظر الإصابة 1/475-476. 2 قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ قوله: " لا تضامون " يروى بالتخفيف، أي لا يلحقكم ضيم في رؤيته كما يلحق الناس عند رؤية الشيئ الحسن كالهلال، فإنه يلحقهم ضيم في طلب رؤيته حين يرى، وهو سبحانه يتجلى تجلياً ظاهراً، فيرونه كما ترى الشمس والقمر بلا ضيم يلحقكم في رؤيته، وهذه الرواية المشهورة. وقيل: " لا تَضامّون ": بالتشديد، أي لا ينضم بعضكم إلى بعض، كما يَتَضَامّ الناس عند رؤية الشيئ الخفي كالهلال … " مجموع الفتاوى 16/85،86. أما الأشاعرة ففسروه بما ينسجم مع مذهبهم القائل بنفي الجهة مع إثبات الرؤية كالبيهقي، وشيخه ابن فورك، وغيرهما، حيث فسروا " تضامّون " بالتشديد بأن معناه: لا تتضامون في رؤيته بالاجتماع في جهة، وهو دون تشديد الميم من الضيم، معناه: لا تظلمون فيه برؤية بعضكم دون بعض، وإنكم ترونه في جهاتكم كلها، وهو يتعالى عن جهة. الاعتقاد للبيهقي ص51. وقد رد شيخ الإسلام ابن تيمية: بأن هذا القول انفرد به هؤلاء الأشاعرة دون بقية طوائف الأمة، وأن هذا معروف الفساد ضرورة، ولأجل ذلك ذهب بعض حذاقهم إلى موافقة المعتزلة في ما ذهبوا إليه من نفي للرؤية والجهة معاً، وتفسير الرؤية بأنها زيادة انكشاف، وليس رؤية حقيقية. مجموع الفتاوى 16/85. ثم قال ـ رحمه الله ـ: " فأما أن يروى بالتشديد ويقال: " لا تضامّون " أي لا تضمكم جهة واحدة، فهذا باطل، لأن التضام انضمام بعضهم إلى بعض، فهو تفاعل، كالتَّمَاسّ، والتَّرَادّ، ونحوذلك، … ثم يقال: الراؤون كلهم في جهة واحدة على الأرض، وإن قُدّر أن المرئي ليس في جهة، فكيف يجوز أن يقال: لا تضمكم جهة واحدة، وهم كلهم على الأرض، أرض القيامة، أو في الجنة، وكل ذلك جهة، ووجودهم نفسهم لا في جهة ومكان ممتنع حساً وعقلاً. نفس المصدر ص86. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 126 طلوع الشمس وقبل [غروبها] 1 فافعلو" 2. ثم قرأ:   1 في [ل] : [الغروب] . 2 رواه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب ((فضل صلاة العصر)) ، ح ((554)) 1/190، وباب ((فضل صلاة الفجر)) ، ح ((573)) 1/196، وكتاب التفسير، تفسير سورة ق، باب ((وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب)) ح ((4851)) 3/296، وكتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} ح ((7434)) وح ((7436)) 4/390. ورواه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل صلاتي الصبح والعصر والمحافظة عليهما، ح ((633)) 1/439. وأبوداود، كتاب السنة، باب ((في الرؤية)) ح ((4729)) 5/97-98. والترمذي، كتاب صفة الجنة، باب ما جاء في رؤية الرب تبارك وتعالى، ح ((2551)) 4/687. وابن ماجه في المقدمة، باب ((فيما أنكرت الجهمية)) ح ((177)) 1/63. وأحمد في المسند 4/360،362،365، والبيهقي في الاعتقاد ص50، وابن خزيمة في كتاب التوحيد ص169. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 127 {وَسَبِّحْ 1 بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ} 2. وفي رواية: سترون ربكم عياناً3. 28 ـ وروى صهيب4 عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا دخل أهل الجنة   1 في الأصل وفي [ل] : [فسبح] وهو خطأ. 2 سورة ق/ 39. 3 هذه الرواية عند البخاري في كتاب التوحيد، باب قول الله {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} ، ح ((7435)) 4/390، ورواها أيضاً ابن خزيمة في كتاب التوحيد ص169، والبيهقي في الاعتقاد ص51، وعبد الله بن أحمد في كتاب السنة رقم ((415)) 1/230. 4 هو صهيب بن سنان بن مالك، ويقال: خالد بن عمر بن عُقيل، ويقال طفيل بن عامر بن جَنْدلة بن سعد بن خزيمة ـ وقيل: جذيمة ـ بن كعب بن سعد بن أسلم بن أوس بن زيد مناة بن التمر بن قاسط النمري، أبو يحي، وهو الرومي، قيل له ذلك لأن الروم سبوه صغيراً، أسلم بمكة، وشهد بدراً، توفي في شوال سنة38هـ. والطبقات الكبري 3/226، والإصابة 3/249. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 128 الجنة نودوا: يا أهل الجنة، إن لكم عند الله موعداً لم تروه، فيقولون: ما هو؟ ألم [يبيض] 1 وجوهنا [ويزحزحنا] 2 عن النار، [ويدخلنا] 3 الجنة؟ قال: فيكشف الحجاب فينظرون إليه، قال: فوالله ما أعطاهم الله شيئاً أحب إليهم من النظر إليه، ثم تلا: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} 4. رواه مسلم5. 29 ـ وقال مالك بن أنس [رضي الله عنه] 6: [الناس] 7 ينظرون إلى الله تعالى بأعينهم يوم القيامة8.   1 في [ل] : [تبيض] . 2 في [ل] : [وتزحزحنا] . 3 في [ل] : [وتدخلنا] . 4 سورة يونس/ 26. 5 مسلم، كتاب الإيمان، باب ((إثبات رؤية المؤمنين ربهم سبحانه وتعالى)) ، ح ((181)) 1/163، والترمذي، كتاب التفسير، باب ((من سورة يونس)) ، ح ((3105)) 5/286، وابن ماجه، المقدمة ح ((187)) 1/67، وأحمد في المسند 6/16. 6 من [ل] . 7 لا توجد في [ل] . 8 رواه الآجري في كتاب الشريعة ص254. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 129 صفة الكلام ... 30 ـ وقال أحمد بن حنبل: من قال: إن الله لا يرى في الآخرة فهو كافر1. ومن مذهب أهل الحق أن الله عز وجل لم يزل متكلماً بكلام مسموع، مفهوم، مكتوب، قال الله عز وجل: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً} 2. 31 ـ وروى عدي بن حاتم3 قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما منكم من أحد إلا سيكلمه الله يوم القيامة ليس بينه وبينه ترجمان، ثم ينظر أيمن منه فلا [ينظر] 4 إلا شيئاً قدمه، ثم   1 رواه الآجري في نفس المصدر، وفي كتاب التصديق بالنظر إلى الله تعالى في الآخرة ص46. 2 سورة النساء/164. 3 هوعدي بن حاتم بن عبد الله بن سعد الحشرج بن امرئ القيس بن عدي الطائي، ولد الجواد المشهور، أبو طريف، أسلم سنة تسع، وقيل سنة عشر، شهد فتح العراق، ثم سكن الكوفة، وشهد صفين مع علي، ومات بعد الستين في زمن المختار، وقد أَسَنَّ، قال خليفة: بلغ عشراً ومائة سنة. الإصابة 4/469، وانظر الطبقات لابن سعد 6/22. 4 في [ل] : [يرى] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 130 ينظر أشأم1 منه فلا يرى إلا شيئاً قدمه، ثم ينظر تلقاء وجهه فتستقبله النار، فمن استطاع منكم أن يقي وجهه النار ولو بشق تمرة فليفعل " 2. 32 ـ وروى جابر بن عبد الله قال: لما قتل عبد الله بن عمرو بن حرام3 قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا جابر، ألا أخبرك ما قال الله لأبيك؟ قال: بلى، قال: وما كلم الله   1 يعني الشمال، ورد في صفة الإبل: " ولا يأتي خيرها إلا من جانبها الأشْأم ". النهاية في غريب الحديث 2/437. 2 رواه البخاري في كتاب الرقاق، باب ((من نوقش الحساب عذب)) ، ح ((6539)) 4/198، وكتاب التوحيد ح ((7443)) 4/393، ومسلم كتاب الزكاة، باب ((الحث على الصدقة ولو بشق تمرة. .)) ح ((1016)) 2/703، والترمذي كتاب صفة القيامة والرقائق والورع ح ((2415)) 4/611، وأحمد في المسند 4/256، وابن ماجه في المقدمة، باب فيما أنكرت الجهمية، ح ((185)) 1/66، وابن خزيمة في التوحيد ص150، والآجري في الشريعة ص270. 3 هو عبد الله بن عمرو بن حرام بن ثعلبة بن حرام الأنصاري الخزرجي السلمي، والد جابر بن عبد الله الصحابي المشهور راوي هذا الحديث، معدود في أهل العقبة وبدر، وكان أول النقباء واستشهد بأحد. الإصابة 4/189. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 131 أحداً إلا من وراء حجاب، وكلم أباك كفاحاً1، قال: يا عبد الله تمن عليّ أعطيك، قال: يارب، تحييني فأقتل فيك ثانية، قال: [إنه] 2 سبق مني أنهم إليها لا يرجعون، قال: فأبلغ من ورائي. فأنزل الله عز وجل: {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} 3. رواه ابن ماجه4. والقرآن كلام الله عز وجل، ووحيه، وتنزيله، والمسموع من   1 أي مواجهة، ليس بينهما حجاب ولا رسول. النهاية لابن الأثير 4/185. 2 في [ل] : [إن] . 3 سورة آل عمران/169. 4 ابن ماجه المقدمة، باب ((فيما أنكرت الجهمية)) ، ح ((190)) 1/68، وكتاب الجهاد باب ((فضل الشهادة في سبيل الله)) ، ح ((2800)) 2/936. وأخرجه الترمذي في كتاب التفسير، باب ومن سورة آل عمران، ح ((3010)) 5/230، وقال: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه. وابن أبي عاصم في السنة ح ((602)) 1/267. قال المحقق الشيخ الألباني: إسناده حسن، رجاله صدوقون على ضعف في موسى بن إبراهيم بن كثير. وأخرجه الحاكم في المستدرك 2/120 وقال: صحيح الإسناد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 132 القول في القرآن ... القاري كلام الله عز وجل، قال الله عز وجل: {فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ} 1، وإنما [سمعه] 2 من التالي، وقال الله عز وجل: {يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ} 3 وقال عز وجل: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} 4. وقال عز وجل: {وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ} 5. وهو محفوظ في الصدور، كما قال عز وجل: {بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ} 6. 33 ـ وروى عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إستذكروا القرآن فلهو أشد [تَفَصّياً] 7 من صدور   1 سورة التوبة/ 6. 2 في [ل] : [يسمعه] . 3 سورة الفتح/ 15. 4 سورة الحجر/ 9. 5 سورة الشعراء/ 192-194. 6 سورة العنكبوت/ 49. 7 أي أشد خروجاً، يقال: تفصيتُ من الأمر تَفصّياً إذا خرجت منه وتخلصت. النهاية لابن الأثير 3/452. وفي رواية أبي موسى الأشعري: " أشد تفلتاً " والمعنى واحد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 133 الرجال من النعم من [عقله] 1. وهو مكتوب في المصاحف منظور بالأعين، قال الله عز وجل: {وَالطُّورِ وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ} 2. وقال عز وجل: {إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ} 3. 34 ـ وروى عبد الله بن عمر: " أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو مخافة أن يناله العدو "4.   1 كذا عند المصنف وعند النسائي، وهي رواية عند مسلم وأحمد، وفي بقية مصادر الحديث: [عقلها] . والحديث رواه البخاري، كتاب فضائل القرآن، ح ((5032)) 3/347، ومسلم، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، ح ((790)) 1/544، والدارمي في كتاب الرقائق، باب ((في تعاهد القرآن)) ، 2/308-309، وكتاب فضائل القرآن للنسائي بتحقيق الدكتور/ فاروق حمادة ح ((64،65)) ص88-89. وأحمد في المسند 1/463. 2 سورة الطور/ 1-3. 3 سورة الواقعة/ 77-79. 4 رواه البخاري في كتاب الجهاد من صحيحه، باب ((كراهية السفر بالمصاحف إلى أرض العدو)) ح ((2990)) 2/356، ومسلم في كتاب الأمارة، باب ((النهي أن يسافر بالمصاحف إلى أرض الكفار إذا خيف وقوعه في أيديهم)) ، ح ((1869)) 3/1490)) ، وأبوداود في سننه، كتاب الجهاد، باب في المصحف يسافر به إلى أرض العدو ح ((2610)) 3/82، وابن ماجه، كتاب الجهاد، باب ((النهي أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو)) ، ح ((2879، 2880)) 2/961، والإمام مالك في الموطأ، كتاب الجهاد، باب ((النهي عن أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو)) ، ح ((7)) 1/446، وأحمد في المسند 2/6، واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة رقم ((565)) 2/341. وقوله: " مخافة أن يناله العدو " من قول الإمام مالك، كما ذكر ذلك أبوداود، وهو كذلك في الموطأ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 134 35 ـ وقال عثمان بن عفان رضي الله عنه: " ما أحب أن يأتي علي يوم [وليلة] 1 حتى أنظر في كلام الله عز وجل "2 يعني القراءة في المصحف. 36 ـ وقال عبد الله بن أبي مليكة3: " كان عكرمة بن أبي   1 في [ل] : [ولا ليلة] . 2 رواه البيهقي بلفظ " لو أن قلوبنا ظهرت ما شبعنا من كلام ربنا، وإني لأكره أن يأتي علي يوم لا أنظر في المصحف ". الأسماء والصفات ص313. 3 هو عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة، زهير بن عبد الله بن جدعان، إمام حجة حافظ، حدث عن عائشة أم المؤمنين وأختها أسماء، وابن عباس، وغيرهم، كان عالماً فقيهاً، صاحب حديث وإتقان، وحدث عنه رفيقه عطاء بن أبي رباح، وعمرو بن دينار، وغيرهم. مات سنة 117هـ. انظر: التاريخ الكبير 2/108، وحلية الأولياء 5/221، وسير أعلام النبلاء 5/88. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 135 جهل1 رضي الله عنه يأخذ المصحف فيضعه على وجهه فيقول: كتاب ربي عز وجل وكلام ربي عز وجل "2. وأجمع أئمة السلف، والمُقتدى بهم من الخلف على أنه غير مخلوق، ومن قال مخلوق فهو كافر. 37 ـ قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه في القرآن: " ليس بخالق ولا مخلوق، ولكنه كلام الله، منه بدا وإليه يعود" 3. 38 ـ وقال عبد الله بن عباس وعبد الله بن مسعود4: " القرآن كلام   1 عكرمة بن أبي جهل عمرو بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم القرشي المخزومي، أسلم عام الفتح، وأبلى في حروب الردة بلاءاً حسناً، قيل توفي في خلافة أبي بكر سنة 13هـ. وقيل غير ذلك. الإصابة 4/538. 2 رواه عبد الله بن أحمد بن حنبل في كتاب السنة رقم ((110)) 1/140-141. 3 رواه اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة رقم ((374)) 1/229-230. 4 في [ل] : [عبد الله بن مسعود وعبد الله بن عباس] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 136 الله منه بدا وإليه يعود" 1. 39 ـ وروي عن سفيان بن عيينة2 قال: سعت عمرو بن دينار3 يقول: أدركت مشايخنا والناس منذ سبعين سنة   1 رواه اللالكائي عن ابن عباس رقم ((376)) 1/230-231. ورواه عن ابن عباس أيضاً البيهقي في الاسماء والصفات ص312. وأورده البغوي في شرح السنة 1/186. أما ابن مسعود رضي الله عنه فلم أجده عنه بهذا اللفظ، وإنما ورد قوله في القرآن بألفاظ أخرى كقوله فيما رواه عنه الإمام البيهقي: القرآن كلام الله تعالى، فمن كذب على القرآن فإنما يكذب على الله. والأسماء والصفات ص311. وانظر أقوالاً مشابهة عند اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة 2/231-232. 2 سفيان بن عيينة بن أبي عمران ميمون الهلالي، أبو محمد الكوفي ثم المكي، ثقة، حافظ، فقيه حجة، من رؤس الطبقة الثامنة، مات في رجب سنة 198هـ وله إحدى وتسعون سنة. انظر: حلية الأولياء 7/270، وتقريب التهذيب 1/312، وسير أعلام النبلاء 8/400. 3 الإمام الكبير، الحافظ، أبو محمد عمرو بن دينار الجمحي مولاهم المكي الأثرم، أحد الأعلام، ولد في إمرة معاوية سنة خمس أو ست وأربعين، وتوفي سنة ست وعشرين، وقيل خمس وعشرين ومائة. انظر التهذيب 8/28، وسير أعلام النبلاء 5/300، وشذرات الذهب 1/171. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 137 يقولون: " القرآن كلام الله منه بدا وإليه يعود ". رواه محمد بن جرير بن يزيد الفقيه وهبة الله بن الحسن بن منصور الحافظ الطبريان في كتاب السنة لهما1. وقد أدرك عمرو بن   1 يريد المصنف بكتاب ((السنة لهما)) : كتاب ((صريح السنة)) للإمام محمد بن جرير الطبري المفسر المعروف، ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ ونقل منه، انظر مجموع الفتاوى 6/187. وقد طبعت هذه العقيدة ثلاث مرات، الأولى في بومباي بالهند سنة1311هـ، والثانية في مكة المكرمة بمطبعة النهضة الحديثة سنة 1391هـ، وهذه الأخيرة بتحقيق الشيخ/ عبد الله بن حميد رحمه الله، أما الطبعة الثالثة فهي بتحقيق الشيخ بدر بن يوسف المعتوق، قام بنشرها دار الخلفاء للكتاب الإسلامي عام 1405هـ. ولها نسخة مصورة في مكتبة جلال كشك بتركيا، وهي ضمن مجموعة بالجامعة الإسلامية رقمها ((187)) . أما كتاب السنة لهبة الله الحسن بن منصور الطبري فيريد به المصنف كتاب شرح أصول اعتقاد أهل السنة، وقد قام بتحقيقه الدكتور أحمد سعد حمدان، وقامت بنشره دار طيبة بالرياض، والأثر المذكور فيه برقم ((1381)) 1/234. ورواه أيضاً الدارمي في الرد على الجهمية ص88، والبيهقي في الأسماء والصفات ص315. ولبيان مراد أئمة السلف من قولهم في القرآن: " منه بدا وإليه يعود " أورد شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ قول الإمام أحمد: " كلام الله من الله ليس ببائن منه "، ثم عقب عليه بقوله: " وهذا معنى قول السلف: " القرآن كلام الله منه بدا، ومنه خرج، وإليه يعود ". . وليس معنى قول السلف والأئمة: إنه منه خرج، ومنه بدا، أنه فارق ذاته وحل بغيره، فإن كلام المخلوق إذا تكلم به لا يفارق ذاته ويحل بغيره، فكيف يكون كلام الله؟ … ولكن مقصود السلف الرد على هؤلاء الجهمية، فإنهم زعموا أن القرآن خلقه الله في غيره، فيكون قد ابتدأ وخرج من ذلك المحل الذي خلق فيه، لا من الله كما يقولون: كلامه لموسى خرج من الشجرة. فبين السلف والأئمة أن القرآن من الله بدأ وخرج ". مجموع الفتاوى 12/517-518. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 138 دينار أبا هريرة وابن عباس وابن عمر. واحتج أحمد1 على ذلك بأن الله كلم موسى2، فكان الكلام من الله والإستماع من موسى، وبقوله عز وجل: {وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي} 3. 40 ـ وروى الترمذي من رواية خباب بن الأرت4 أن النبي صلى الله عليه وسلم   1 في [ل] : [أحمد بن حنبل] . 2 انظر الرد على الجهمية للإمام أحمد، بتحقيق الدكتور عبد الرحمن عميرة ص117. 3 سورة السجدة/ 13. 4 الصحابي الجليل خباب بن الأرت بن جندلة بن سعد بن خزيمة بن كعب بن سعد بن زيد مناة من تميم، أبو يحي التميمي، وقيل أبو عبد الله، من نجباء السابقين، مات بالكوفة سنة 37هـ. التاريخ الكبير 3/215، وسير أعلام النبلاء 2/323-335، وشذرات الذهب 1/47. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 139 قال: " إنكم لن تتقربوا إلى الله بأفضل مما خرج منه" 1. يعني القرآن. ونعتقد أن الحروف المكتوبة [والأصوات المسموعة] 2 عين كلام الله عز وجل، لا حكاية ولا عبارة. قال الله عز وجل:   1 لم أجد هذا الحديث في سنن الترمذي عن طريق خباب، وإنما فيه روايتان، إحداهما عن أبي أمامة ولفظها: " … وما تقرب العباد إلى الله بمثل ما خرج منه "، قال الترمذي: قال أبو النضر: يعني القرآن. كتاب فضائل القرآن ح ((2911)) . والأخرى في نفس الموضع عن جبير بن نفير رضي الله عنه، ولفظها: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " إنكم لن ترجعوا إلى الله بأفضل مما خرج منه " يعني القرآن ح ((2912)) 5/176، 177. وقد ذكر الإمام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ حديث جبير هذا وعزاه إلى الإمام أحمد، وأشار إلى الرواية السابقة عن أبي أمامة فقال: وقد روي أيضاً عن أبي أمامة مرفوعاً. انظر مجموع الفتاوى 2/517. وذكر الإمام البخاري قول خباب بن الأرت موقوفاً عليه بلفظ: " تقرب إلى الله ما استطعت، فإنك لن تقرب إلى الله بشيئ أحب إليه من كلامه ". انظر: خلق أفعال العباد ص13، ورواه عنه أيضاً الآجري في الشريعة ص77، والبيهقي في الأسماء والصفات ص311. 2 ما بين القوسين سقط من [ل] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 140 {الم ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ} 1. وقال: {المص كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ} 2. وقال: {الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ} 3. وقال: {المر} 4. وقال: {كهيعص} 5. {حم عسق} 6، فمن لم يقل إن هذه الأحرف عين كلام الله عز وجل فقد مرق من الدين، وخرج عن جملة المسلمين، ومن أنكر أن يكون حروفاً فقد كابر العيان وأتى بالبهتان7.   1 سورة البقرة/ 1-2. 2 سورة الأعراف/ 1-2. والآية الثانية لا توجد في الأصل، وأضفتها من [ل] . 3 سورة يوسف/ 1. وهذه الآية لا توجد في الأصل وأضفتها من [ل] . 4 سورة الرعد/ 1. 5 سورة مريم/ 1. 6 سورة الشورى/ 1-2. 7 يشير المصنف ـ رحمه الله ـ هنا إلى مقالة الأشاعرة في القرآن الكريم والتي يقولون فيها: إن القرآن الكريم ليس هو كلام الله حقيقة، وإنما هو عبارة عن كلام الله تعالى ـ على قول طائفة منهم ـ أو حكاية لكلام الله تعالى على قول طائفة أخرى. لأن كلام الله تعالى ـ عندهم ـ نفسي قديم قائم بذات الله تعالى ليس بحروف ولا أصوات. والمصنف رحمه الله يرد هنا على هذه الفرية ويقرر الحق بأدلته من الكتاب والسنة. انظر مقالة الأشاعرة في الإنصاف للباقلاني ص106-107. ولهم على ذلك استدلالات باطلة. راجع كتاب البيهقي وموقفه من الإليهات ص199-213. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 141 41 ـ وروى الترمذي من طريق عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " من قرأ حرفاً من كتاب الله عز وجل فله عشر حسنات ". قال الترمذي: هذا حديث صحيح. ورواه غيره من الأئمة وفيه: " أما أني لا أقول {الم} حرف، ولكن [ألف] 1 حرف ولام حرف وميم حرف"2.   1 في [ل] : [الألف] . 2 سنن الترمذي، كتاب فضائل القرآن، باب ما جاء فيمن قرأ حرفاً من القرآن ماله من الأجر، ح ((2910)) 5/175، وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه. وما ذكره المصنف هنا من أن الترمذي قال عن هذا الحديث: هذا حديث صحيح، لعله وهم منه، لأن ثمة فرقاً بين الإصطلاحين عند الترمذي، فقوله في الحديث: هذا حديث صحيح غير قوله: حديث حسن صحيح غريب. انظر علوم الحديث لابن الصلاح بتحقيق الدكتور نور الدين عتر ص36 هامش ((1)) . والحديث رواه أيضاً الإمام الدارمي في سننه 2/429 من طريق أبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود موقوفاً ولفظه: " تعلموا هذا القرآن فإنكم تؤجرون بتلاوته بكل حرف عشر حسنات. أما إني لا أقول بـ {الم} ولكن بألف ولام وميم، بكل حرف عشر حسنات ". ورواه الطبراني في الكبير موقوفاً أيضاً من عدة طرق في بعضها ضعف. انظر ح ((8646-8649)) 9/130. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 142 42 ـ وروى يعلى بن مَمْلك1 عن أم سلمة " أنها نعتت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هي تنعت قراءة مفسرة حرفاً حرفاً ". رواه أبو داود، وأبو عبد الرحمن النسائي وأبو عيسى الترمذي2، وقال: حديث حسن صحيح [غريب] 3. 43 ـ وروى سهل بن سعد الساعدي4 قال: بينا نحن نقتري إذ   1 في الأصل: [مالك] وهو خطأ والتصويب من [ل] ومن مصادر الحديث، وهو يعلى بن مملك ـ بوزن جعفر ـ المكي، مقبول، من الثالثة. انظر: التقريب 2/379. 2 سنن أبي داود، كتاب الصلاة، باب ((استحباب الترتيل في القراءة)) ح ((1466)) 2/154. وسنن النسائي، كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب ((ذكر صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالليل)) ، ح ((1629)) 3/214. وسنن الترمذي، كتاب فضائل القرآن، باب ((ما جاء كيف كان قراءة النبي صلى الله عليه وسلم)) ح ((2923)) 5/182. ورواه أيضاً الإمام أحمد في المسند 6/294،300، 323. والبخاري في خلق أفعال العباد ص23، والنسائي في فضائل القرآن رقم ((82)) ص97، وابن المبارك في مسنده رقم ((56)) ص33. تحقيق صبحي السامرائي. 3 لا توجد في الأصل ولا في [ل] وأضفتها من الترمذي. 4 هو الصحابي الجليل سهل بن سعد بن مالك بن خالد بن ثعلبة بن حارثة بن عمرو بن الخزرج بن ساعدة، الأنصاري الساعدي، يقال: كان اسمه حَزْناً فغيره النبي صلى الله عليه وسلم، آخر من مات بالمدينة من الصحابة سنة إحدى وتسعين، وقيل قبل ذلك. الإصابة 3/200. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 143 خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " الحمد لله كتاب الله واحد، وفيكم الأخيار، وفيكم الأحمر والأسود، إقرأوا القرآن قبل أن يأتي أقوام يقرأونه [يقيمون حروفه كما يُقام السهم لا يتجاوز تراقيهم يتعجلون أجره] 1 ولا يتأجلونه ". رواه أبو بكر الآجري وأئمة غيره2. 44 ـ وروي عن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما أنهما قالا: " إعراب القرآن أحب إلينا من حفظ بعض حروفه "3.   1 ما بين القوسين لا يوجد في الأصل، وأثبته من [ل] ومن مصدره الذي أحال عليه المصنف. 2 رواه الآجري في أخلاق حملة القرآن، باب ((أخلاق من قرأ القرآن لا يريد به الله عز وجل)) ، ح ((29)) ، وإسناده فيه ضعف لوجود موسى بن عبيدة الربذي فيه، قال عنه ابن حجر: ضعيف. التقريب 2/286. ورواه أبو داود في السنن بإسناد جيد، كتاب الصلاة، باب ((ما يجزئ الأمي والأعجمي من القراءة)) ، ح ((830)) 1/520. 3 أورده الإمام ابن قدامة المقدسي في المناظرة التي جرت بينه وبين بعض المبتدعين لوحة رقم ((67)) ضمن مجموع مصور بالجامعة الإسلامية رقم ((2466)) ، وفي كتاب البرهان في بيان القرآن بتحقيق الدكتور/ سعود الفنيسان ضمن مجلة البحوث الإسلامية العدد ((19)) ص230. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 144 45 ـ وروى أبو عبيد1 في فضائل القرآن بإسناده قال: " سئل علي رضي الله عنه عن الجنب [يقرأ] 2 القرآن؟ فقال: لا، ولا حرفاً "3. 46 ـ وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: من كفر بحرف منه ـ يعني القرآن ـ فقد كفر به أجمع4.   1 هو الإمام الحافظ أبو عبيد القاسم بن سَلاّم بن عبد الله، سمع شريكاً ويحيى القطان وغيرهم، وقرأ القرآن على أبي الحسين الكسائي، وآخرين، وله تصانيف كثيرة منها: كتاب غريب الحديث، وكتاب الأموال، وكتاب فضائل القرآن، وقد بلغ عددها ـ كما يقول الذهبي ـ بضعة وعشرون كتاباً. توفي بمكة سنة ((224)) . انظر: الطبقات الكبري لابن سعد 7/355، والتاريخ الكبير للبخاري 7/172، وسير أعلام النبلاء 10/49. 2 في [ل] : [أيقرأ] . 3 أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه 1/102، وأورده ابن قدامة في كتاب البرهان في بيان القرآن منشور في مجلة البحوث الإسلامية عدد ((19)) ص231. 4 رواه الإمام الطبري في مقدمة تفسيره 1/23، واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة رقم ((379)) 1/232، والهروي في ذم الكلام رقم ((179)) 2/228 بلفظ: " من حلف بالقرآن فعليه بكل آية يمين، ومن كفر بحرف منه فقد كفر به أجمع ". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 145 47 ـ وقال أيضاً: من حلف بسورة البقرة فعليه بكل حرف يمين1. 48 ـ وقال طلحة بن مصرّف2: قرأ رجل على معاذ بن جبل فترك واواً فقال: لقد تركت حرفاً أعظم من جبل أحد3. 49 ـ وقال الحسن البصري4 في كلام له: قال الله عز وجل:   1 أخرجه عبد الرزاق في مصنفه رقم ((15950)) 8/473. 2 طلحة بن مصرف بن عمرو بن كعب الإمام الحافظ المقرئ المجود، شيخ الإسلام، أبو محمد اليامي الهَمْذاني الكوفي، قال عنه عبد الملك بن أبجر: ما رأيت طلحة بن مصرف في ملأ إلا رأيت له الفضل عليهم، توفي سنة 112هـ. انظر طبقات ابن سعد 6/308، والتاريخ الكبير 4/346، وسير أعلام النبلاء 5/191. 3 لم أجد من ذكره. 4 الحسن بن أبي الحسن، أبو سعيد البصري، واسم أبيه يسار، مولى زيد بن ثابت الأنصاري، ولد بالمدينة لسنتين بقيتا من خلافة عمر، وتوفي سنة 111هـ قال ابن سعد: كان جامعاً عالماً رفيعاً ثقة حجة مأموناً عابداً ناسكاً كثير العلم فصيحاً. انظر طبقات ابن سعد 7/156، والتاريخ الكبير 2/289، والبداية والنهاية 9/266، وسير أعلام النبلاء 8/336. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 146 {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ} 1، وما تدبر آياته إلا اتباعه، أما والله ما هو بحفظ حروفه، وإضاعة حدوده، حتى إن أحدهم ليقول: قد قرأت القرآن كله فما اسقطت منه حرفاً، وقد اسقطه والله كله2. 50 ـ وقال عبد الله بن المبارك3: من كفر بحرف من القرآن فقد كفر بالقرآن، ومن قال: لا أومن [بهذه اللام] 4 فقد كفر5. 51 ـ وروى عبد الله بن أنيس6 [رضي الله عنه] 7 قال: سمعت   1 سورة ص/29. 2 رواه ابن كثير في تفسيره 7/55، وعزاه إلى ابن أبي حاتم. 3 تقدمت ترجمته، راجع ص12. 4 في عقيدة السلف للصابوني: [بهذا الكلام] . 5 رواه أبو عثمان الصابوني في عقيدة السلف وأصحاب الحديث ضمن الرسائل المنيرية 1/109. 6 هو الصحابي الجليل: عبد الله بن أنيس الجهني، أبو يحي المدني، حليف بني سلمة، من الأنصار، كان أحد من كسر أصنام بني سلمة من الأنصار، توفي بالشام سنة 54. انظر: الإصابة لابن حجر 4/15. 7 ما بين القوسين من [ل] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 147 كلام الله بحرف وصوت ... 52 ـ وروى عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا تكلم الله بالوحي سمع صوته أهل السماء كجر السلسلة على الصفوان، فيخرون سجداً " 1. وذكر الحديث. وقول القائل: بأن الحرف والصوت لا يكون إلا من مخارج باطل ومحال2. قال الله عز وجل: {يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ   1 رواه البخاري تعليقاً في كتاب التوحيد، باب ((قول الله تعالى {وَلا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ} )) 4/400، وأخرج نحوه من حديث عكرمة مولى ابن عباس عن أبي هريرة في كتاب التفسير، باب {إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ} ح ((4701)) 3/247، باب {حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ … } ح ((4800)) 3/281. وأخرجه أبو داود في كتاب السنة، باب ((في القرآن)) ، ح ((4738)) 5/105، وابن خزيمة في كتاب التوحيد من عدة طرق ص145-148. 2 هذه الشبهة هي ما استند إليه نفاة الحرف والصوت عن كلام الله تعالى، وبمثل رد المصنف هنا رد أئمة السلف غيره، يقول الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ " … وأما قولهم: إن الكلام لا يكون إلا من جوف وفم وشفتين ولسان، أليس الله قال للسموات والأرض: {ائْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} ، وقال: {وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُدَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ} أتراها سبحت بجوف وفم ولسان وشفتين؟ والجوارح إذا شهدت على الكافر فقالوا: {لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ} أتراها أنها نطقت بجوف وفم ولسان؟ ولكن الله أنطقها كيف يشاء، من غير أن يقول بجوف ولا فم ولا شفتين ولا لسان "، الرد على الجهمية والزنادقة ص131. فهذه الأدلة تدل على أنه ليس من شرط المتكلم أن يكون ذا مخارج فبطلت شبهة القوم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 149 امْتَلأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ} 1. وكذلك قال [عز وجل] 2 إخباراً عن السماء والأرض أنهما {قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} 3. فحصل القول من غير مخارج ولا أدوات. 53 ـ وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كلمه الذراع المسمومة4. 54 ـ وصح أنه سلم عليه الحجر5.   1 سورة ق/ 30. 2 من [ل] . 3 سورة فصلت/ 11. 4 يشير إلى حديث أبي هريرة رضي الله عنه وفيه قصة الشاة المسمومة التي أهداها اليهود للنبي صلى الله عليه وسلم يوم فتح خيبر. وراه البخاري في كتاب الجزية والموادعة، باب ((إذا غدر المشركون بالمسلمين هل يعفى عنهم؟)) ح ((3169)) 2/410، ورواه البيهقي في دلائل البنوة 4/256. 5 حديث تسليم الحجر على رسول الله صلى الله عليه وسلم رواه مسلم في صحيحه، كتاب الفضائل باب ((فضل نسب النبي صلى الله عليه وسلم وتسليم الحجر عليه قبل النبوة)) ح ((2277)) 4/1782 والترمذي في سننه كتاب المناقب، باب ((في آيات إثبات نبوة النبي صلى الله عليه وسلم وما قد خصه الله عز وجل به)) ح ((3624)) 5/592، والدارمي في سننه، باب ((كيف كان أول شأن النبي صلى الله عليه وسلم)) 1/12، وأحمد في المسند 5/98، 95، 105. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 150 الإيمان بالقضاء والقدر ... 55 ـ وسلمت عليه الشجرة1. وأجمع أئمة السلف من أهل الإسلام على الإيمان بالقدر خيره وشره، حلوه ومره، قليله وكثيره، بقضاء الله وقدره، لا يكون شيئ إلا بإرادته، ولا يجري خير وشر إلا بمشيئته، خلق من شاء للسعادة واستعمله بها فضلاً، وخلق من أراد للشقاء واستعمله [به] 2 عدلاً، فهو سر استأثر به، وعلم حجبه عن خلقه، {لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} 3، قال الله عز وجل: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالأِنْسِ} 4. وقال [تعالى] 5: {وَلَوْ شِئْنَا لآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} 6، وقال   1 ورد ذلك في حديث علي صلى الله عليه وسلم عند الحاكم في المستدرك 2/620 وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي في التلخيص. 2 في الأصل: [بها] وما أثبت من [ل] . 3 سورة الأنبياء/ 23. 4 سورة الأعراف/ 179. 5 في [ل] : [عز وجل] . 6 سورة السجدة/ 13. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 151 عز وجل: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} 1. 56 ـ وروى علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: " كنا في جنازة في بقيع الغرقد2 فأتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقعد وقعدنا حوله ومعه [مخصره] 3 فنكّس وجعل [ينكت] 4 بمخصرته ثم قال: "ما منكم من أحد إلا قد [كتب] 5 مقعده من الجنة ومقعده من النار6"، فقالوا: يا رسول الله، أفلا نتكل على كتابنا؟ فقال: "اعملوا فكل ميسر لما خلق له، أما من كان من   1 سورة القمر/ 49. 2 الغرقد ضرب من شجر العِضَاة، وشجر الشوك، وفي حديث أشراط الساعة: " إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود "، ومنه قيل لمقبرة أهل المدينة: " بقيع الغرقد " لأنه كان فيه غرقد فقطع. النهاية في غريب الحديث 3/362. 3 المِخْصَرة: ما يختصره الإنسان بيده فيمسكه من عصا، أو عكازة، أو مقرعة، أو قضيب، وقد يتكى عليه. النهاية 2/36. 4 أي يضرب الأرض. انظر: المجموع المغيث لأبي موسى الأصفهاني 3/339. 5 سقطت من [ل] . 6 في [ل] : [مقعده من النار ومقعده من الجنة] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 152 أهل السعادة [فييسر] 1 لعمل أهل السعادة، وأما من كان من أهل [الشقاوة] 2 [فييسر] 3 لعمل [أهل] 4 الشقاء "، ثم قرأ: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى} 5 الآية. 57 ـ وروى عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: " حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق أن خلق أحدكم   1 في [ل] : [فسيصير] . 2 في [ل] : [الشقاء] . 3 في [ل] : [فسيصير] . 4 لا توجد في [ل] . 5 الآيات من سورة الليل/ 5-7، أما الحديث فمتفق عليه، البخاري، كتاب التفسير ح ((4946-4949)) 3/325-326، وكتاب القدر، باب {وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَقْدُوراً} ح ((6605)) 4/210، وكتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ … } ح ((7552)) 4/417، ومسلم في كتاب القدر، باب ((كيفية الخلق الآدمي في بطن أمه … )) ح ((2647)) 4/2039-2040، وأخرجه أيضاً ابو داود في سننه، كتاب السنة ((باب في القدر)) ح ((2694)) 5/68، والترمذي في القدر ((باب ما جاء في الشقاء والسعادة)) ح ((2135)) 4/445، وابن ماجه في المقدمة، باب ((في القدر)) ح ((78)) 1/30، وأحمد في المسند 1/82،140. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 153 [يجتمع] 1 في بطن أمه أربعين يوماً [نطفة] 2 ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يبعث إليه ملكاً بأربع كلمات، يكتب رزقه، وأجله، وعمله، وشقي أو سعيد، فوالذي لا إله غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى لا يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها "3.   1 في [ل] : [يُجمع] . 2 سقطت من الأصل، وأضفتها من [ل] . 3 متفق عليه، البخاري، كتاب بدء الخلق، باب ((ذكر الملائكة)) ، ح ((3208)) 2/424، وكتاب أحاديث الأنبياء، باب ((خلق آدم وذريته)) ح ((3332)) 2/451، وكتاب القدر ح ((6594)) 4/208، وكتاب التوحيد، باب ((قوله تعالى: {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ} ح ((7454)) 4/395-396، ومسلم كتاب القدر، باب ((كيفية الخلق الآدمي في بطن أمه. .)) ح ((2643)) 4/2036، ورواه أيضاً أبو داود في سننه، كتاب السنة، باب في القدر ح ((4708)) 5/82، والترمذي، كتاب القدر، باب ((ما جاء أن الأعمال بالخواتيم)) ح ((2137)) 4/446، وابن ماجه، المقدمة، باب ((في القدر)) ح ((76)) 1/29. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 154 الإسراء والمعراج ... 58 ـ وفي حديث عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ الذي رواه مسلم في الصحيح، وأبو داود في السنن، وغيرهما من الأئمة: " أن جبريل عليه السلام قال للنبي صلى الله عليه وسلم: ما الإيمان؟ قال: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، والقدر خيره وشره، قال: فإذا فعلت ذلك فقد آمنت؟ قال: نعم "1، وفيه من الأدلة ما لو استقصيناه لأدى إلى الإملال. وأجمع القائلون بالأخبار، والمؤمنون بالآثار، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أسري به إلى [فوق] 2 سبع سماوات، ثم إلى سدرة المنتهى، أسري به ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، مسجد بيت المقدس، ثم عرج به إلى السماء بجسده وروحه جميعاً، ثم عاد من ليلته إلى مكة قبل الصبح، ومن قال: إن   1 مسلم، كتاب الإيمان، باب ((بيان الإيمان والإسلام والإحسان)) ح ((8)) 1/36، وأبو داود، باب ((في القدر)) ح ((4695)) 5/69-73، وابن ماجه، المقدمة، باب ((في الإيمان)) ح ((63)) 1/24، وأحمد في المسند 1/27، ومواضع كثيرة منه. 2 من [ل] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 155 الإسراء في ليلة والمعراج [في ليلة] 1 فقد غلط، ومن قال: إنه منام وأنه لم يسر بجسده فقد كفر. قال الله عز وجل: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ} 2. 59 ـ وروى قصة الإسراء عن النبي صلى الله عليه وسلم أبو ذر3، وأنس بن مالك، ومالك بن صعصعة4، وجابر بن عبد الله، وشداد بن أوس5،   1 في [ل] : [في أخرى] . 2 سورة الإسراء/ 1. 3 اسمه جندب بن جنادة، ويقال: جندب بن سكن، وقيل أيضاً: برير بن جنادة، وجندب بن جنادة أشهر، وقائلوه أكثر. انظر: الأسماء المبهمة للخطيب البغدادي ص46. 4 مالك بن صعصعة بن وهب بن عدي بن مالك بن غنم بن عدي بن عامر بن عدي بن النجار الأنصاري، حدث أنس بن مالك عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم بقصة الإسراء، قال البغوي: سكن المدينة، وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثين. الإصابة 5/728. 5 شداد بن أوس بن ثابت الخزرجي، ابن أخي حسان بن ثابت، أبو يعلى ويقال أبو عبد الرحمن، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن كعب الأحبار، قال خالد بن معدان: لم يبق من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشام أحد كان أوثق ولا أفقه، ولا أرضى من عبادة بن الصامت وشداد بن أوس. توفي سنة 58، وقيل غيرها. الإصابة 3/319، وانظر طبقات ابن سعد 2/374. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 156 وغيرهم، كلها صحاح مقبولة مرضية عند أهل النقل، مخرجة في الصحاح1.   1 الحديث متفق عليه، رواه البخاري في صحيحه، كتاب مناقب الأنصار، باب ((المعراج)) ، ح ((3887)) 3/63، ومسلم في كتاب الإيمان من صحيحه، باب ((الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السموات وفرض الصلوات)) ح ((162)) 1/145، و ((163)) 1/148. ورواه الإمام ابن قدامة في إثبات صفة العلو رقم ((31)) وذكر في نهايته قول الحافظ أبو الفضل بن ناصر ـ رحمه الله ـ اتفق أئمة الحديث على صحة هذا الحديث وثبوته. وذكر الإمام ابن القيم في اجتماع الجيوش الإسلامية ص98 أن قصة الإسراء والمعراج متواترة، وقد أفردها بعض العلماء بالتأليف كما فعل السيوطي في كتابه ((الآية الكبرى في المعراج والإسراء)) ، وجمع الإمام ابن كثير ـ رحمه الله ـ طرق هذا الحديث في تفسير سورة الإسراء، ومنها الصحيح والحسن والضعيف. انظر تفسير القرآن العظيم 5/4-39. اما مسألة الإسراء فقد حصل الخلاف فيها هل كان بالروح فقط، أم بالروح والبدن جميعاً، وهل كان ذلك يقظة أم مناماً؟ . إلا أن الحق في ذلك ما عليه جمهور علماء الأمة وأئمتها من أن الإسراء كان بالروح والبدن جميعاً، يقظة لا مناماً، واستدلوا لذلك بما يلي: 1 ـ أن الله تعالى قال: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى} الإسراء/1، والعبد عبارة عن مجموع الجسد والروح، كما أن الإنسان اسم لمجموع الجسد والروح، هذا هو المعروف عند الإطلاق، وهو الصحيح، فيكون الإسراء بهذا المجموع. 2 ـ أن ذلك جائز عقلاً، إذ لو جاز إستبعاد صعود البشر لجاز استبعاد نزول الملائكة، وذلك يؤدي إلى إنكار النبوة وهو كفر. 3 ـ أن التسبيح في قوله: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى} الآية، إنما يكون عند الأمور العظام، ولو كان مناماً لم يكن فيه كبير شيئ ولم يكن مستعظماً، ولما بادرت قريش إلى تكذيبه، ولما ارتد جماعة ممن كان أسلم. 4 ـ أنه صلى الله عليه وسلم حمل على البراق، وهو دابة، وإنما يكون هذا للبدن لا للروح، لأنها لا تحتاج في حركتها إلى مركب تركب عليه. انظر شرح الطحاوية 1/270، وتفسير ابن كثير 5/40-41، وزاد المعاد 3/4042. أما قول المصنف ـ رحمه الله ـ: إن من قال إنه منام فقد كفر، فإنه وإن كان القول بأن الإسراء كان مناماً فيه مخالفة بيّنه وتكذيب واضح للأخبار التي رويت في الإسراء، فإن القول بتكفير قائله فيه نظر، لأنه لا يعدو كونه متأولاً مخطئاً، وإن كان خطؤه شنيعاً، ولذلك ذكر هذا القول الإمام الطبري في تفسيره، وتعقبه بالإنكار والتشنيع، لأن هذا خلاف سياق الأدلة من الكتاب والسنة، إلا أنه لم يُكَفّر أصحابه، ولم أجد من كفرهم سوى المصنف ـ رحمه الله ـ. راجع تفسير الطبري 15/17. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 157 رؤية الرسول ربه ليلة الإسراء ... وأنه صلى الله عليه وسلم رأى ربه عز وجل كما قال عز وجل: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى} 1.   1 سورة النجم/ 13-14. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 158 60 ـ قال الإمام أحمد في ما روينا عنه: وأن النبي صلى الله عليه وسلم رأى عز وجل، فإنه مأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم، صحيح رواه قتادة عكرمة عن ابن عباس1. [ورواه الحكم بن إبان عن عكرمة عن ابن عباس] 2، ورواه علي بن زيد عن يوسف بن مهران عن ابن عباس3. والحديث على ظاهره كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، والكلام فيه بدعة، ولكن نؤمن به كما جاء على ظاهره، ولا نناظر فيه أحداً4.   1 رواه الإمام أحمد في المسند 1/285، 290، واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة 3/513 رقم ((897)) ، وأورده الإمام ابن كثير في التفسير وقال: إسناده على شرط الصحيح. تفسير القرآن العظيم 7/425. 2 ما بين القوسين لا يوجد في [ل] . وهذه الرواية عند الترمذي كتاب التفسير، باب ((ومن سورة النجم)) ، ح ((3279)) 5/395، وقال: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه، وأخرجه ابن أبي عاصم في السنة ح ((437)) وقال: وفيه كلام. قال الألباني: ورجاله ثقات لكن الحكم بن أبان فيه ضعف من جهة حفظه. 3 لم أجد هذه الرواية. 4 إلى هنا انتهى كلام الإمام أحمد، ذكره ابن الجوزي في المناقب ص223، بسنده إلى عبدوس بن مالك العطار قال: سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل يقول: … وذكر عقيدته، ومنها هذا الكلام الذي أورده المصنف هنا. ولكن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 159 ........................................................   هل ما اختاره المصنف هنا وعزاه إلى الإمام أحمد هو القول الراجح أم غيره؟ يقول الإمام أبو بكر ابن خزيمة ـ رحمه الله ـ: أهل قبلتنا من الصحابة والتابعات والتابعين، ومن بعدهم إلى من شاهدنا من العلماء من أهل عصرنا، لم يختلفوا، ولم يشكوا، ولم يرتابوا أن جميع المؤمنين يرون خالقهم يوم القيامة عياناً، وإنما اختلف العلماء هل رأى النبي صلى الله عليه وسلم خالقه عز وجل قبل نزول المنية؟ التوحيد ص221. أقول: كان هذا الاختلاف الذي يشير إليه الإمام ابن خزيمة على قولين: 1 ـ أن الرسول صلى الله عليه وسلم رأى ربه بعيني رأسه في الدنيا، وهو رأي ابن عباس وأنس وعكرمة وغيرهم، وبه قال أبو الحسن الأشعري وجملة من أصحابه. 2 ـ أنه صلى الله عليه وسلم لم يره بعينه مع القول بإمكان الرؤية بدليل سؤال موسى الله تعالى أن يريه ذاته سبحانه، ولكنه لم يره لامتناعها في الدنيا. وممن قال بالمنع عائشة رضي الله عنها، وشددت النكير على أصحاب القول الأول، وهو المشهور عن ابن مسعود وأبي هريرة، وقال بذلك أيضاً جماعة من المحدثين والفقهاء والمتكلمين. انظر: الشفا للقاضي عياض 1/257-261. إلا أن الصحيح الذي تدل عليه الأدلة أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم ير ربه بعيني رأسه في الدنيا، كما في حديث أبي ذر رضي الله عنه عند مسلم، وفيه يقول أبو ذر رضي الله عنه: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل رأيت ربك؟ فقال: " نور أنى أراه "، مسلم، كتاب الإيمان، باب ((باب في قوله عليه السلام: " نور أنى أراه ")) ح ((291)) 1/161. وقد قال الله سبحانه: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً الجزء: 1 ¦ الصفحة: 160 ........................................................   مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ} ، ولو كان قد أراه نفسه بعينه لكان ذكر ذلك أولى، وكذلك قوله: {أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} ، ولو كان رآه بعينه لكان ذكر ذلك أولى. والألفاظ الواردة عن ابن عباس رضي الله عنه إما مطلقة أو مقيدة بالفؤاد، ولم يثبت لفظ صريح عن ابن عباس أنه رآه بعينه. انظر فتاوى ابن تيمية 6/509. ومما ورد عن ابن عباس مقيداً ما رواه مسلم في كتاب الإيمان من صحيحه، باب معنى قول الله عز وجل: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى … } عن ابن عباس قال: " رآه بقلبه " رقم ((176)) ، وفي رواية أخرى في نفس الموضع عن أبي العالية عن ابن عباس قال: {مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى} {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} قال " رآه بفؤاد مرتين " فهذا مقيد، والمطلق محمول على المقيد. فما ذكره المصنف هنا من استدلال غير قاطع فيما يريد، بل الأدلة تدل على خلافه، وما روي عن الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ لا دليل فيه أيضاً، ولم يثبت عنه قطعاً القول برؤية العين، يقول الإمام ابن تيمية: وكذلك الإمام أحمد تارة يطلق الرؤية، وتارة يقول بفؤاده، ولم يقل أحد إنه سمع أحمد يقول: رآه بعينه، لكن طائفة من أصحابه سمعوا بعض كلامه المطلق ففهموا منه رؤية العين، كما سمع بعض الناس مطلق كلام ابن عباس ففهم منه الرؤية بالعين. مجموع الفتاوى 6/509. ومعول مثبتي الرؤية بالعين على آية النجم، والتنازع فيها مأثور، والإحتمال لها ممكن ـ كما قال القاضي عياض ـ رحمه الله. شرح الطحاوية ص92. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 161 61 ـ وروى عن عكرمة عن ابن عباس قال: " إن الله عز وجل اصطفى إبراهيم بالخلة واصطفى موسى بالكلام، واصطفى محمدً صلى الله عليه وسلم بالرؤية " 1. 62 ـ وروى عطاء2 عن ابن عباس قال: " رأى محمد صلى الله عليه وسلم ربه   ومن أراد المزيد حول هذه المسألة فليراجع تفسير ابن كثير 7/419-430، والتوحيد لابن خزيمة ص221-230، وابن خزيمة من مناصري القول بأن الرسول صلى الله عليه وسلم رأى ربه بعيني رأسه. أما نفاة هذه الرؤية فيجيبون عن استدلال أصحاب الرأي الآخر بآية النجم بأن الرؤية الواردة فيها إنما هي رؤية النبي صلى الله عليه وسلم لجبريل عليه السلام. انظر تفسير ابن كثير 7/426.1 أخرجه النسائي في كتاب التفسير من السنن الكبرى ح ((11539)) 6/472، قال الحافظ في الفتح 8/608: إسناده صحيح وصححه الحاكم. ورواه ابن خزيمة في التوحيد ص199، وعبد الله بن أحمد بن حنبل في كتاب السنة رقم ((577-579)) 1/298-299. وابن أبي عاصم في السنة ح ((436)) 1/189، قال الألباني: إسناده صحيح موقوف أيضاً، رجاله ثقات على شرط البخاري وهو قول الحاكم في المستدرك 1/65 ووافقه الذهبي. 2 هو عطاء بن أبي رباح، واسم أبي رباح أسلم القرشي، مولاهم المكي، ثقة فقيه فاضل لكنه كثير الإرسال من الثالثة، مات سنة اربع عشرة ومائة على أشهر الأقوال. التقريب 2/22، وسير أعلام النبلاء 5/78. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 162 مرتين " 1. 63 ـ وروي عن أحمد ـ رحمه الله ـ أنه قيل له: بم تجيب عن قول عائشة رضي الله عنها: " من زعم أن محمداً قد رأى ربه عز وجل … "2 الحديث؟ قال: بقول النبي صلى الله عليه وسلم: " رأيت ربي عز وجل " 3.   1 أخرجه ابن خزيمة في التوحيد ص200، وعبد الله بن أحمد في السنة رقم ((1138)) 2/495. قال المحقق: رجاله ثقات. وهناك رواية أخرى مقيدة عند مسلم بلفظ " رأى محمد ربه بفؤاده مرتين " وقد تقدم ذكرها قريباً. 2 يشير إلى حديث مسروق الذي قال فيه: " قلت لعائشة رضي الله عنها: يا أمتاه، هل رأى محمد صلى الله عليه وسلم ربه؟ فقالت: لقد قَفّ شعري مما قلت، أين أنت من ثلاث من حدثكهن فقد كذب، من حدثك أن محمداً صلى الله عليه وسلم رأى به فقد كذب … " الحديث. هذا لفظ البخاري، كتاب التفسير ح ((4855)) 8/606. وورد بألفاظ أخرى عند غيره. 3 قول الإمام أحمد أورده الحافظ في الفتح 8/608 وعزاه إلى الخلال في كتاب السنة. وذكره يوسف بن حسن بن أحمد بن حسن بن عبد الهادي في كتاب تحفة الوصول إلى علم الأصول ورقة 12ل ((أ)) مخطوط بمكتبة برلين، وزعم فيه إجماع الحنابلة على ذلك وفي هذه الدعوى نظر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 163 الشفاعة ... 64 ـ وفي حديث شريك بن عبد الله بن أبي نمر عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " فرجعت إلى ربي وهو في مكانه "، والحديث بطوله مخرج في الصحيحين1 والمنكر لهذه اللفظة راد على الله ورسوله. ويعتقد أهل السنة ويؤمنون أن النبي صلى الله عليه وسلم يشفع [يوم القيامة] 2 لأهل الجمع كلهم شفاعة عامة، ويشفع في المذنبين من أمته فيخرجهم من النار بعدما احترقوا. 65 ـ كما روى أبو هريرة [رضي الله عنه] 3 أن رسول الله صلى الله عليه وسلم   1 صحيح البخاري، كتاب التوحيد، باب ما جاء في قوله عز وجل: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً} ح ((7517)) 4/407، وصحيح مسلم، كتاب الإيمان من حديث ثابت البناني عن أنس، باب ((الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم. .)) ح ((162)) 1/145، وما ذكره المصنف عند البخاري فقط مع اختلاف في اللفظ، إذ لفظه عند البخاري (فقال وهو مكانه) . ولا أدري ما وجه استدلال المصنف به على هذه المسألة؟ إذ ليس فيه ـ فيما يظهر لي ـ ما يمكن الاستدلال به عليها فضلاً عن أن يكون فاصلاً في الموضوع لا يمكن تجاوزه أو الحيدة عنه. 2 ما بين القوسين من [ل] . 3 من [ل] ؟ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 164 قال: " لكل نبي دعوة يدعو بها، فأريد إن شاء الله أن أختبي دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة" 1. 66 ـ وروى أبو هريرة [رضي الله عنه] 2 أنه قال: " قلت يارسول الله من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة؟ قال: لقد ظننت أن لا يسألني عن هذا الحديث أحد أول [منك] 3 لما رأيت من حرصك على الحديث، إن أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال: لا إله إلا الله خالصاً من قبل نفسه " رواه البخاري4.   1 متفق عليه. صحيح البخاري، كتاب الدعوات، باب ((لكل نبي دعوة مستجابة)) ح ((6304)) 4/153، وكتاب التوحيد، باب ((في المشيئة والإرادة)) ح ((7474)) 4/399، وصحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب ((اختباء النبي صلى الله عليه وسلم دعوة الشفاعة لأمته)) ح ((198)) 1/188، ومالك في الموطأ، كتاب القرآن، باب ((ما جاء في الدعاء)) ح ((26)) 1/212، وأحمد في المسند 1/281، 295، ومواضع أخرى. 2 من [ل] . 3 في [ل] : [منكم] . 4 صحيح البخاري مع شرحه، كتاب العلم، باب ((الحرص على الحديث)) ، ح ((99)) 1/193، وكتاب الرقاق، باب ((صفة الجنة والنار)) ، ح ((6570)) 4/203، ورواه الإمام أحمد في المسند2/373. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 165 وروى حديث الشفاعة بطوله أبو بكر الصديق1، وعبد الله بن عباس2، وعبد الله بن عمر بن الخطاب3، وأنس بن مالك4، وحذيفة بن اليمان5، وأبو موسى عبد الله   1 في مسند أحمد 1/4-5، والسنة لابن أبي عاصم رقم ((751،812)) 2/349، 381، قال الهيثمي في مجمع الزوائد 1/374-375: رواه أحمد وأبو يعلى والبزار ورجاله ثقات. 2 في المسند 1/281، ومسند الطيالسي ص353، قال الهيثمي: رواه أبو يعلى وأحمد وفيه علي بن زيد وقد وثق على ضعفه، وبقية رجالهما رجال الصحيح. مجمع الزوائد 1/373. 3 رواه البخاري في كتاب التفسير من صحيحه، باب ((عسى ربك أن يبعثك مقاماً محموداً)) ح ((4718)) 3/252، والبيهقي في البعث، القسم الثاني رقم ((29-30)) . 4 رواه البخاري في كتاب التفسير، باب قول الله {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا} ح ((4476)) 3/189، ومسلم، كتاب الإيمان، باب ((أدنى أهل الجنة منزلة)) ح ((193)) 1/180، والبيهقي في الاعتقاد ص126، واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة رقم ((2062)) 6/1099، وابن ماجه، كتاب الزهد، باب في ذكر الشفاعة ح ((4312)) 2/1442. 5 رواه مسلم في كتاب الإيمان باب ((أدنى أهل الجنة منزلة)) ح ((195)) 1/186. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 166 بن قيس1، وأبو هريرة2، وغيرهم3.   1 رواه ابن أبي عاصم في كتاب السنة ح ((819)) 2/389، قال الألباني: إسناده صحيح على شرط مسلم، وعبد الرزاق في مصنفه ح ((20865)) 12/413. 2 رواه البخاري، كتاب الأنبياء، باب ((يَزفون النّسَلان في المشي)) ح ((3316)) 2/462، وباب ((قول الله عز وجل {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ} )) ح ((3340)) 2/453، وكتاب التفسير، سورة بني إسرائيل، باب {ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ} ح ((4712)) 3/250، ومسلم، كتاب الإيمان، باب ((أدنى أهل الجنة منزلة)) ح ((194)) 1/184. 3 ممن روى حديث الشفاعة من الصحابة غير هؤلاء عقبة بن عامر الجهني كما في سنن الدارمي 2/327. قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ وله صلى الله عليه وسلم في القيامة ثلاث شفاعات: أما الشفاعة الأولى: فيشفع في أهل الموقف حتى يُقضى بينهم بعد أن تتراجع الأنبياء: آدم ونوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى بن مريم، الشفاعة حتى تنتهي إليه. وأما الشفاعة الثانية: فيشفع في أهل الجنة أن يدخلوا الجنة، وهاتان الشفاعتان خاصتان له. وأما الشفاعة الثالثة: فيشفع فيمن استحق النار، وهذه الشفاعة له وسائر النبيين والصديقين وغيرهم، فيشفع فيمن استحق النار أن لا يدخلها، ويشفع فيمن دخلها أن يخرج منها، ويخرج الله تعالى من النار أقواماً بغير شفاعة، بل بفضله ورحمته، ويبقى في الجنة فضل عمن دخلها من أهل الدنيا، فينشئ الله لها أقواماً فيدخلهم الجنة. مجموع الفتاوى 3/147-148. وهذه الشفاعة ينكرها الخوارج والمعتزلة، بناءاً على مذهبهم في إنكار خروج أحد من أهل النار بعد دخولها، وعلى القول بدخول مرتكب الكبيرة النار حتماً وخلوده فيها، على اختلاف بين الفريقين في الحكم الدنيوي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 167 الإيمان بالحوض ... ثم الإيمان بأن لرسول الله صلى الله عليه وسلم حوضاً ترده أمته كما صح عنه. 67 ـ[وأنه] 1 كما بين عدن إلى عمان البلقاء2. 68 ـ وروى من مكة إلى بيت المقدس3، وبألفاظ أخر، " ماؤه أشد بياضاً من اللبن، وأحلى من العسل، وأكوابه عدد نجوم   1 من [ل] . 2 البلقاء: بفتح الموحدة وسكون اللام بعدها قاف وبالمد، بلدة معروفة بفلسطين، وعمان بفتح المهملة وتشديد الميم، وتنسب إلى البلقاء لقربها منها. وهذا اللفظ ورد في حديث ثوبان رضي الله عنه أخرجه أحمد في المسند 5/275، ونحوه من حديث أبي أمامة عند ابن حبان رقم ((6423)) 8/125. 3 لم أجد هذا للفظ، وورد من حديث جابر رضي الله عنه بلفظ " ما بين أيلة إلى مكة " وأيلة هي بيت المقدس، روى هذا الحديث اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة رقم ((2115)) 6/1123، وابن أبي عاصم في كتاب السنة رقم ((771)) 2/358. قال الألباني: وإسناده صحيح على شرط مسلم سوى أبي بكر النيسابوري ـ أحد رجال السند ـ وهو حافظ كبير ثقة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 168 السماء". رواه عبد الله بن عمر1، وعبد الله بن عمرو2، وأبي بن كعب3، وأبو ذر4،   1 رواه عن ابن عمر الإمام أحمد في المسند 2/132، والدارمي في سننه ص337. واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة ح ((2120)) 6/1125. قال الهيثمي في مجمع الزوائد: رواه أحمد والطبراني من رواية عمرو بن عمر الأحموشي عن المخارق بن أبي المخارق، واسم أبيه عبد الله بن جابر، وقد ذكرهما ابن حبان في الثقات، وشيخ أحمد أبو المغيرة من رجال الصحيح، مجمع الزوائد 10/366. 2 حديث عبد الله بن عمرو متفق عليه، البخاري، كتاب الرقاق، باب في الحوض ح ((6579)) 4/205، ومسلم، كتاب الفضائل، باب ((إثبات حوض نبينا صلى الله عليه وسلم وصفاته)) ح ((2292)) 4/1793. 3 أبي بن كعب بن قيس بن عبيد بن زيد بن معاوية الأنصاري، أبو المنذر وأبو الفضل، سيد القراء كان من أصحاب العقبة الثانية، شهد بدراً والمشاهد كلها. الإصابة 1/27. وروايته عند ابن أبي عاصم في السنة رقم ((718)) 2/331، قال الألباني: إسناده موضوع. قلت: لم أجده عند غير ابن أبي عاصم، إلا أن معناه صحيح لا غبار عليه، بدلالة الأحاديث الصحيحة الثابتة الأخرى. 4 رواه مسلم في صحيحه، كتاب الفضائل ح ((2300)) 4/1798، والترمذي في جامعه، كتاب صفة القيامة، باب ما جاء في صفة أواني الحوض ح ((2445)) 4/630. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 169 وثوبان1 مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو أمامة الباهلي2، وبريدة الأسلمي3.   1 ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، صحابي مشهور، يقال: إنه من العرب حكمي من حكم بن سعد بن حمير، وقيل من السراة. اشتراه ثم أعتقه رسول الله صلى الله عليه وسلم فخدمه إلى أن مات، توفي بحمص سنة 54هـ. الإصابة 1/413. وحديثه سبق تخريجه في رقم ((67)) وهو عند مسلم بلفظ مقارب لما سبق، كتاب الفضائل ح ((2301)) 4/1799. 2 أبو أمامة الباهلي صُدَيّ بن عجلان بن الحارث، ويقال: ابن وهب، مشهور بكنيته، مات سنة 86. الإصابة 3/420، والإستغناء 1/86، وحديثه في مسند أحمد 5/250، والسنة لابن أبي عاصم ح ((729)) 2/338. قال الألباني: إسناده مضطرب، رجاله ثقات، غير أبي اليمان الهوزني واسمه عامر بن عبد الله بن لحي الحمصي، لم يوثقه غير ابن حبان، وقال ابن القطان: لا يعرف له حال. وأشار إلى ذلك الذهبي بقوله: ما علمت له راوياً سوى صفوان بن عمرو أهـ، وقد سبقت الإشارة في رقم 67 إلى تخريج ابن حبان له. 3 بريدة بن الحصيب، أبو سهل الأسلمي، أسلم قبل بدر ومات سنة 63، التقريب 1/96. وحديثه رواه اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة ح ((2119)) 6/1124، وفي سنده عائذ بن نسير، ضعفه ابن معين وابن عدي كما في الميزان 2/363. وأحاديث الحوض رواها بضعة وثلاثون صحابياً. انظر شرح الطحاوية 1/277. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 170 ........................................................   قلت: جميع الروايات السابقة مختلفة ألفاظها، ففي حديث ابن عمر " ما بين عدن وعمان "، وفي رواية أخرى لابن عمر عند البخاري رقم ((6577)) : " كما بين جَرْباء وأذرُح ". وفي حديث عبد الله بن عمرو " حوضي مسيرة شهر "، وفي حديث أبي ذر " ما بين عَمّان إلى أيله " إلى آخر الألفاظ الواردة. قال القاضي عياض موضحاً أن هذا الاختلاف لا يدل على التعارض أو الإضطراب: " هذا من اختلاف التقدير لأن ذلك لم يقع في حديث واحد فيعد اضطراباً من الرواة، وإنما جاء في أحاديث مختلفة عن غير واحد من الصحابة سمعوه في مواطن مختلفة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يضرب في كل منها مثلاً لبعد أقطار الحوض وسعته بما يسنح له من العبارات، ويقرب ذلك للعلم ببعد ما بين البلاد النائية بعضها من بعض، لا على إرادة المسافة المحققة، قال: فبهذا يجمع بين الألفاظ المختلفة من جهة المعنى ". انظر: فتح الباري 11/471. وقال القرطبي: ظن بعض الناس أن هذه التحديدات في أحاديث الحوض اضطراب واختلاف، وليس كذلك، وإنما تحدث النبي صلى الله عليه وسلم بحديث الحوض مرات عديدة، وذكر فيها تلك الألفاظ المختلفة، مخاطباً لك طائفة بما كانت تعرف من مسافات مواضعها، فيقول لأهل الشام: ما بين أذرح وجربا، ولأهل اليمن من صنعاء إلى عدن، وهكذا. وتارة أخرى يقدر بالزمان فيقول: مسيرة شهر، والمعنى المقصود: أنه حوض كبير متسع الجوانب والزوايا، فكان ذلك بحسب من حضره ممن يعرف تلك الجهات، فخاطب كل قوم بالجهة التي يعرفونها، والله أعلم. التذكرة ص364. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 171 و الإيمان بعذاب القبر حق واجب، وفرض لازم. رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب1، وأبو أيوب2، وزيد بن ثابت3، وأنس بن   قلت: والإيمان بالحوض هو مذهب أهل السنة كافة لورود النصوص الصحيحة الصريحة بإثباته لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم كرامة له ولأمته. ولم ينكر الحوض سوى بعض المبتدعة كالخوارج وبعض المعتزلة كما ذكر ابن حجر في الفتح 11/467. قال ابن أبي العز الحنفي: والذي يتلخص من الأحاديث الواردة في صفة الحوض أنه حوض عظيم ومورد كريم، يُمَدُّ من شراب الجنة، من نهر الكوثر الذي هو أشد بياضاً من اللبن، وأبرد من الثلج، وأحلى من العسل، وأطيب ريحاً من المسك، وهو في غاية الإتساع، عرضه وطوله سواء كل زاوية من زاوياه مسيرة شهر. شرح الطحاوية 1/281. 1 انظر صحيح البخاري، كتاب المغازي، باب ((غزوة الخندق)) ح ((4111)) 7405، وصحيح مسلم، كتاب المساجد، ح ((627)) 1/436، وإثبات عذاب القبر للبيهقي ص107-108. 2 انظر: صحيح البخاري، كتاب الجنائز، باب في التعوذ من عذاب القبر، ح ((1375)) 1/422، وصحيح مسلم، كتاب الجنة، باب ((عرض مقعد الميت)) ح ((2869)) 4/2200، وإثبات عذاب القبر ص72. 3 انظر: صحيح مسلم، كتاب الجنة، باب مقعد الميت، ح ((2867)) 4/2199 ومسند أحمد 5/190، والسنة لابن أبي عاصم، ح ((868)) 2/421، وإثبات عذاب القبر ص120. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 172 مالك1، وأبو هريرة2، وأبو بكرة3، وأبو رافع4، وعثمان بن أبي العاص5،   1 انظر: صحيح البخاري، كتاب الجنائز، باب ((ما جاء في عذاب القبر)) ح ((1374)) 1/422، وصحيح مسلم، كتاب الجنة، باب عرض مقعد الميت، ح ((2868، 2870)) 4/2200. 2 انظر: صحيح البخاري، كتاب الجنائز، باب ((التعوذ من عذاب القبر)) ح ((1377)) 1/423، وصحيح مسلم، كتاب الجنة، باب ((عرض مقعد الميت)) ح ((2872)) 4/2202. 3 هو أبو بكرة الثقفي، اسمه نُفَيع بن الحارث بن كَلَدة، وقيل نفيع بن مسروح. انظر الإستغناء لابن عبد البر 1/118. وحديثه في مسند أحمد 5/39، ومصنف ابن أبي شيبة ص122، وإثبات عذاب القبر للبيهقي ص88، والسنة لابن أبي عاصم رقم ((870)) 2/422، قال الألباني: وإسناده صحيح على شرط مسلم. 4 هو مولى الرسول صلى الله عليه وسلم، اختلف في اسمه، فقيل: أسلم، وهو الأكثر، وقيل إبراهيم، وقيل هرمز، وقيل: ثابت. انظر: الإستغناء لابن عبد البر 1/174، وحديثه في مسند أحمد 6/392، وصحيح ابن خزيمة 4/52، وإثبات عذاب القبر للبيهقي ص92. 5 عثمان بن أبي العاص بن نوفل بن عبدشمس بن عبدمناف. انظر: الإصابة 5/61، وحديثه بحثت عنه فلم أجده. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 173 وعبد الله بن عباس1، وجابر بن عبد الله2، وعائشة3 زوج النبي صلى الله عليه وسلم، وأختها أسماء4، وغيرهم.   1 انظر: صحيح البخاري، كتاب الجنائز، باب ((الجريدة على القبر)) ح ((1361)) 1/418، وصحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب ((الدليل على نجاسة البول)) ح ((292)) 1/240، والشريعة للآجري ص261، وإثبات عذاب القبر ص86، ومصنف ابن أبي شيبة 1/122. 2 انظر: إثبات عذاب القبر للبيهقي ص126. 3 انظر: صحيح البخاري، كتاب الجنائز، باب ((ما جاء في عذاب القبر)) ح ((1372)) 1/421، وصحيح مسلم، كتاب الذكر، باب ((التعوذ من شر الفتن)) ح ((2706)) 4/2078، والسنة لابن أبي عاصم ح ((871، 873، 874)) 2/422-423، وإثبات عذاب القبر ص41. 4 انظر صحيح البخاري، كتاب الجنائز، باب ما جاء في عذاب القبر، ح ((1373)) 1/422، وكتاب الكسوف، باب ((صلاة النساء مع الرجال في الكسوف)) ح ((1053)) 2/543، وصحيح مسلم، كتاب الكسوف، باب ((ما عرض على النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الكسوف)) ح ((905)) 2/624، وإثبات عذاب القبر ص36، 81. ومن أحاديث إثبات عذاب القبر حديث البراء بن عازب رضي الله عنه رواه بطوله الإمام أحمد في المسند 4/287 و 295-296، وأبو داود في سننه، كتاب السنة، باب في المسألة في القبر وعذاب القبر ح ((4753)) 5/114، والطيالسي في مسنده رقم ((753)) ص102، وهو حديث صحيح. ولعذاب القبر أدلة من القرآن الكريم منها الآيتان ((45، 46)) من سورة غافر ذكرهما الإمام ابن قتيبة موضحاً وجه الاستدلال بهما فقال: وأما قوله (تعالى) : {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً} فإنه لم يُرد أن ذلك في الآخرة، وإنما أراد أنهم يعرضون عليها بعد مماتهم في القبور، وهذا شاهد من كتاب الله لعذاب القبر، يدلك على ذلك قوله: {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} فهم في البرزخ يعرضون على النار غدواً وعشياً، وفي القيامة يُدخلون أشد العذاب. تأويل مشكل الحديث ص83، وانظر تفسير ابن كثير 7/136. فعذاب القبر ونعيمه من الأمور الغيبية التي وردت بإثباتها النصوص الشرعية فلا يسعنا إلا الإيمان بها والتسليم بمقتضاها. يقول الإمام ابن أبي العز الحنفي ـ رحمه الله ـ: وقد تواترت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثبوت عذاب القبر ونعيمه لمن كان لذلك أهلاً، وسؤال الملكين، فيجب اعتقاد ثبوت ذلك والإيمان به، ولا نتكلم في كيفيته، إذ ليس للعقل وقوف على كيفيته، لكونه لا عهد له به في هذه الدار، والشرع لا يأتي بما يحيله المعقول، ولكنه قد يأتي بما تحار فيه العقول، فإن عود الروح إلى الجسد ليس على الوجه المعهود في الدنيا، بل تعاد الروح إليه إعادة غير الإعادة المألوفة في الدنيا. شرح الطحاوية 2/578. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 174 وكذلك الإيمان بمساءلة منكر ونكير1.   1 منكر ونكير اسمان للملكين اللذين يتوليان مساءلة الميت بعد أن يوضع في قبره، وقد اشتملت بعض الأحاديث التي سبق تخريجها على ذكر هذين الملكين، وقد ورد التصريح باسميهما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه رواه بطوله ابن حبان في صحيحه ولفظه: " إذا قبر الميت ـ أو الإنسان ـ أتاه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 175 والإيمان بأن الجنة والنار مخلوقتان لا تفنيان أبدا، خلقتا للبقاء لا للفناء، وقد صح في ذلك أحاديث عدة1.   ملكان أسودان أزرقا يقال لأحدهما: المنكر، وللآخر: النكير … " الحديث. الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان رقم ((3107)) 5/47-48، وعلى نتيجة هذه المساءلة يترتب مصير الميت في قبره، إما منعماً لمن ثبته الله، وإما معذباً لمن زل فحار ولم يجب، نسأل الله التثبيت بفضله في الحياة الدنيا وفي الآخرة. وقد اختلف في هذه المسألة لمن تكون، فقيل إنها عامة في حق المسلمين والمنافقين والكفار، وقيل: بل تختص بالمسلم والمنافق، وهذا قول أبي عمر بن عبد البر حيث يقول: والآثار الدالة تدل على أن الفتنة في القبر لا تكون إلا لمؤمن أو منافق كان منسوباً إلى أهل القبلة ودين الإسلام بظاهر الشهادة، وأما الكافر الجاحد المبطل فليس ممن يُسأل عن ربه ودينه ونبيه، وإنما يسأل عن هذا أهل الإسلام فيثبت الله الذين آمنوا ويرتاب المبطلون. ذكر ذلك عن الإمام ابن القيم وعزاه إلى التمهيد ورده قائلاً: والقرآن والسنة تدل على خلاف هذا القول، وأن السؤال للكافر والمسلم. كتاب الروح ص123-124. وقد أنكر عذاب القبر وسؤال منكر ونكير الجهمية، ذكر ذلك ورد عليه الإمام أبو الحسين الملطي في التنبيه والرد ص124-125 فليراجع. 1 اتفق أهل السنة والجماعة على أن الجنة والنار مخلوفتان موجودتان الآن، وأن خلقهما سبق خلق آدم عليه السلام واستدلوا على ذلك بالكتاب والسنة، فقد بين الله تعالى في كتابه العزيز أنه أعد الجنة وأعد النار فقال عن الجنة: {أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} آل عمران/133، {أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ} الحديد/21، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 176 ........................................................   وقال عن النار: {أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} آل عمران/131، {إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَاداً لِلطَّاغِينَ مَآباً} النبأ/21-22. ومن أوضح الأدلة وأصرحها على خلق الجنة قصة آدم عليه السلام، قال تعالى: {وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ} الأعراف/91، وقال تعالى {يَا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ} الآية الأعراف/57. وغير ذلك من الآيات الواردة في بيان قصة آدم عليه السلام مع عدوه إبليس لعنه الله. أما من السنة: ففي الصحيحين من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشي، إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة، وإن كان من أهل النار فمن أهل النار، يقال: هذا مقعدك حتى يبعثك الله يوم القيامة ". أخرجه مالك في الموطأ، كتاب الجنائز، باب ((جامع الجنائز)) ح ((47)) 1/239، ومن طريقه البخاري في كتاب الجنائز، باب ((الميت يعرض عليه مقعده بالغداة والعشي)) ح ((1379)) 1/443، ومسلم، كتاب الجنة، باب ((عرض مقعد الميت من الجنة أو النار عليه)) ح ((2866)) 4/2199. وفي الصحيحين أيضاً عن عبد الله بن عباس قال: " انخسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر الحديث وفيه: فقالوا يارسول الله رأيناك تناولت شيئاً في مقامك، ثم رأيناك تكعكعت، فقال: إني رأيت الجنة فتناولت عنقوداً، ولو أصبته لأكلتم منه ما بقيت الدنيا، ورأيت النار، فلم أر منظراً الجزء: 1 ¦ الصفحة: 177 ........................................................   كاليوم قط أفظع، ورأيت أكثر أهلها النساء … " الحديث. البخاري، كتاب الكسوف، باب ((صلاة الكسوف جماعة)) ، ح ((1052)) 1/331، ومسلم كتاب الكسوف، باب ((ما عرض على النبي صلى الله عليه وسلم في الكسوف من أمر الجنة والنار)) ح ((907)) 2/626، وغير ذلك من الأدلة. يقول الإمام محمد بن الحسين الآجري ـ رحمه الله ـ: اعلموا ـ رحمنا الله وإياكم ـ أن القرآن شاهد أن الله عز وجل خلق الجنة والنار قبل أن يخلق آدم عليه السلام، خلق للجنة أهلاً وللنار أهلاً قبل أن يخرجهم إلى الدنيا، لا يختلف في هذا من شمله الإسلام وذاق حلاوة طعم الإيمان، دل على ذلك القرآن والسنة. الشريعة ص387. وعلى هذا سار السلف ـ رحمهم الله ـ لم يختلفوا في ذلك، حتى ظهرت القدرية والمعتزلة فأنكرت ذلك وقالت: بل ينشئهما الله يوم القيامة، وحملهم على ذلك أصلهم الفاسد الذي وضعوا به شريعة لما يفعله الله، وأنه ينبغي أن يفعل كذا، ولا ينبغي له أن يفعل كذا، وقاسوه على خلقه في أفعالهم، فهم مشبهة في الأفعال، ودخل التجهم فيهم، فصاروا مع ذلك معطلة، وقالوا: خلق الجنة قبل الجزاء عبث، لأنها تصير معطلة مدداً متطاولة، فردوا من النصوص ما خالف هذه الشريعة الباطلة التي وضعوها للرب تعالى، وحرفوا النصوص عن مواضعها، وضللوا وبدعوا من خالف شريعتهم. شرح الطحاوية 2/614-615. أما فناء الجنة والنار أو بقاؤهما فالقول الحق فيه: ما عليه جمهور الأئمة من السلف والخلف وهو القول ببقائهما، وأنهما لا تفنيان ولا تبيدان، لأنهما الجزء: 1 ¦ الصفحة: 178 ........................................................   خلقتا للبقاء لا للفناء. وأما ما روي عن بعض السلف من القول بفناء النار فهو ـ إن صح ـ قول ضعيف مرجوح لا دليل له، بل هو مخالف لما ثبت من أدلة قطعية من الكتاب والسنة تدل على بقاء النار أبد الآبدين، وبقاء أهلها ممن حق عليهم الخلود للعذاب فيها. فأما أبدية الجنة فمن أدلته قوله تعالى: {وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ} هود/108. وقد أكد الله تعالى خلود الجنة بالتأبيد في عدة مواضع من كتابه وأخبر أنهم {لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى} الدخان/56. وقال: {لا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ} الحجر/48. والأدلة من السنة على أبدية الجنة ودوامها كثيرة، كقوله صلى الله عليه وسلم: " من يدخل الجنة ينعم، لا ييأس، لا تبلى ثيابه، ولا يفنى شبابه " مسلم، كتاب الجنة، باب ((دوام نعيم أهل الجنة)) ح ((2836)) 4/2181. وقوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه أبو هريرة: " ينادي منادٍ: إن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبداً، وإن لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبداً، وإن لكم أن تنعموا فلا تبأسوا أبداً، فذلك قول الله عز وجل: {وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} الأعراف/43 ". أخرجه مسلم في الموضع السابق ح ((2837)) وأحمد في المسند 2/319، 3/38، 95. وهذا لفظ مسلم. وأما أبدية النار فمن أدلته ما ورد من خلود بعض أهلها فيها، وتأبيدهم وعدم خروجهم منها، وأن عذابها مقيم، كقوله تعالى: {وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ} الجزء: 1 ¦ الصفحة: 179 و الإيمان بالميزان ، قال الله عز وجل: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} 1.   المائدة/ 37. وقوله: {لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ} الزخرف/75. وقوله {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا} البينة/ 6. وقد أشار شارح الطحاوية في أبدية النار ودوامها ثمانية أقوال، ما ذكرته من القول بدوامها وبقاء الكفار فيها هو القول الحق الذي تسنده الأدلة، ومن أراد المزيد فليراجع المصدر المذكور 2/624-625. إلا أن أقبح الأقوال وأشدها شذوذاً ونكراناً: قول الجهم بن صفوان إمام المعطلة، الذي ذهب إلى القول بفناء الجنة والنار جميعاً، وليس له في هذا القول سلف، وأنكر عليه عامة أهل السنة وكفروه به. انظر: شرح الطحاوية 2/621. 1 سورة الأنبياء/ 47. وقال تعالى أيضاً {فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ} سورة المؤمنون/ 102-103، وفي حديث أبي هريرة المتفق عليه: " إنه ليأتي الرجل العظيم السمين يوم القيامة لا يزن عند الله جناح بعوضه. وقال: اقرأوا إن شئتم {فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْناً} الكهف/ 105". صحيح البخاري، كتاب التفسير، ح ((4729)) 3/257، وصحيح مسلم، كتاب صفة القيامة، ح ((2785)) 4/2147. وفي حديث أبي هريرة المتفق عليه: " كلمتان خفيفتان على اللسان حبيبتان إلى الرحمان ثقيلتان في الميزان، سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم " البخاري، كتاب الدعوات، باب ((فضل التسبيح)) ، ح ((6406)) 4/173، وصحيح مسلم، كتاب الذكر والدعاء ح ((2694)) 4/2072. فهذه الأدلة وغيرها مما لا يتسع المقام لذكره تدل على أن الميزان حق، وأن له كفتان حسيتان مشاهدتان، توزن فيه أعمال العباد حسنها وسيئها. انظر فتيا وجوابها للإمام أبي العلا الحسن بن أحمد الهمداني ص92، وشرح الطحاوية 2/609. وقد ذهب المعتزلة وبعض المتكلمين إلى إنكار الميزان زاعمين أن الأعمال أعراض والأعراض يستحيل وزنها إذ لا تقوم بأنفسها. انظر التذكرة للقرطبي ص377. وفي الرد على أرباب هذا القول الفاسد الذي يتعارض مع ما ورد من الأدلة الصحيحة الدامغة التي لا تقبل المراء، يقول الإمام ابن أبي العز ـ رحمه الله ـ: فلا يلتفت إلى ملحد معاند يقول: الأعمال أعراض لا تقبل الوزن، وإنما يقبل الوزن الأجسام، فإن الله يقلب الأعراض أجساماً. . ويا خيبة من ينفي وضع الموازين القسط ليوم القيامة كما أخبر الشارع، لخفاء الحكمة عليه، ويقدح في النصوص بقوله: لا يحتاج إلى الميزان إلا البقال والفوال، وما أحراه بأن يكون من الذين لا يقيم الله لهم يوم القيامة وزناً. ولو لم يكن من الحكمة في وزن الأعمال إلا ظهور عدله سبحانه لجميع عباده، فلا أحد أحب إليه العذر من الله، ومن أجل ذلك أرسل الرسل مبشرين منذرين، فكيف ووراء ذلك من الحكم ما لا إطلاع لنا عليه. شرح الطحاوية 2/612-613. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 180 أركان الإيمان وزيادته ونقصانه ... والإيمان بأن الإيمان قول وعمل ونية، يزيد بالطاعة وينقص الجزء: 1 ¦ الصفحة: 181 بالمعصية قال الله تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً} 1. وقال عز وجل: {لِيَزْدَادُوا إِيمَاناً مَعَ إِيمَانِهِمْ} 2وقال عز وجل: {وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَاناً} 3. 69 ـ وروى أبو هريرة [رضي الله عنه] 4 عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:5 " الإيمان بضع وسبعون، وفي رواية بضع وستون شعبة، والحياء شبعة من الإيمان، ولمسلم وأبي داود: فأفضلها قول: لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق " 6.   1 سورة التوبة/ 124. 2 سورة الفتح/ 4. 3 سورة المدثر/ 31. 4 لا توجد في [ل] . 5 في [ل] : [قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم] . 6 اللفظ الأول للبخاري في كتاب الإيمان، باب ((أمور الإيمان)) ح ((9)) 1/21، والحديث بزيادته التي ذكرها المصنف عند مسلم في كتاب الإيمان، باب ((بيان عدد شعب الإيمان)) ح ((35)) 1/63، وسنن أبي داود، كتاب السنة، باب ((في رد الإرجاء)) ح ((4676)) 5/55-56. وما ذكره المصنف هو مذهب أهل السنة والجماعة قاطبة، ولم يخالفهم في ذلك سوى المبتدعة من المرجئة ومن وافقهم على اختلاف بينهم في بيان حقيقة الإيمان واتفاقهم على إبعاد العمل عن الركنية، وكذا الحال في الزيادة والنقصان إذ يرون أن الإيمان لا يزيد ولا ينقص ولا يتفاضل أهله فيه. وخالفهم في ذلك المعتزلة والخوارج. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 182 و الإستثناء في الإيمان سنة ماضية، فإذا سئل الرجل: أمؤمن أنت؟ قال: إن شاء الله. روي ذلك عن عبد الله بن مسعود1، وعلقمة بن قيس2، والأسود بن يزيد3،   1 انظر: الشريعة للآجري ص137، 139، والإيمان لأبي عبيد ص67، وشرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي 5/976. 2 هو الإمام الحافظ، أبو شبل، علقمة بن قيس بن عبد الله بن مالك بن علقمة بن سلامان بن كهل، وقيل ابن كهيل بن بكر بن عوف النخعي، الكوفي، ولد في أيام الرسالة المحمدية، وعداده في المخضرمين، وحدث عن عمر وعثمان وعلي وغيرهم من كبار الصحابة، اختلف في تاريخ وفاته، فقيل سنة اثنتين، وقيل ثلاث، وقيل خمس وستين، وقيل غيرها. انظر: سير أعلام النبلاء 4/53، وتاريخ بغداد 12/296، والتاريخ الكبير للبخاري 7/41، وانظر قوله في الشريعة للآجري ص139، والإيمان لأبي عبيد ص68. 3 هو الإمام القدوة، الأسود بن يزيد بن قيس، أبو عمر النخي الكوفي، كان مخضرماً، أدرك الجاهلية والإسلام، حدث عن معاذ بن جبل وغيره من الصحابة، توفي سنة خمس وسبعين، وقيل غيرها. انظر: السير 4/50، والتاريخ الكبير 1/449. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 183 وأبي وائل شقيق بن سلمة1، ومسروق بن الأجدع2، ومنصور ابن المعتمر3، وإبراهيم النخعي4،   1 هو الإمام الكبير، أبو وائل شقيق بن سلمة الأسدي الكوفي شيخ الكوفة، مخضرم، أدرك النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يره، حدث عن عدد من كبار الصحابة كعمر وعثمان وعلي وغيرهم. انظر: السير 4/161، والتاريخ الكبير 4/245، وطبقات ابن سعد 6/96. 2 هو الإمام القدوة، مسروق بن الأجدع بن مالك بن أمية بن عبد الله، أبو عائشة الوادعي، الهمداني الكوفي، حدث عن أبي بن كعب وعمر بن الخطاب وأبي بكر الصديق وغيرهم من الصحابة، من كبار التابعين المخضرمين الذين أسلموا في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، مات سنة اثنتين وستين، وقيل ثلاث وستين. انظر: طبقات ابن سعد 6/76، والتاريخ الكبير 8/35، وحلية الأولياء 2/95. 3 هو الحافظ الثبت القدوة، منصور بن المعتمر أبو عتاب السلمي الكوفي، أحد الأعلام، قال العجلي: ثقة، ثبت في الحديث، كان أثبت أهل الكوفة، توفي سنة اثنتين وثلاثين ومائة. انظر: الثقات للعجلي 2/299، والتاريخ الكبير 7/346، وسير أعلام النبلاء 5/402. 4 هو الإمام الحافظ فقيه العراق، أبو عمران إبراهيم بن يزيد بن قيس بن الأسود النخعي اليماني ثم الكوفي، أحد الأعلام، مات سنة ست وتسعين. انظر: الطبقات الكبرى 6/270، والتاريخ الكبير 1/333، والسير 4/520، وانظر قوله في الشريعة ص141، وأصول اعتقاد أهل السنة 5/968. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 184 ومغيرة بن مقسم الضبي1، وفضيل بن عياض2 وغيرهم3. وهذا استثناء على يقين4 قال الله عز وجل: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ   1 هو الإمام العلامة الثقة، مغيرة بن مقسم، أبو هشام الضبي، مولاهم الكوفي، الأعمى الفقيه، يلحق بصغار التابعين، مات سنة ثلاث وثلاثين ومائة، وقيل أربع وثلاثين ومائة. انظر: التاريخ الكبير 4/322، وسير أعلام النبلاء 6/10، وشذرات الذهب 1/191، وقوله في أصول اعتقاد أهل السنة 5/978. 2 هو الفضيل بن عياض بن مسعود بن بشر، الإمام القدوة الثبت، شيخ الإسلام، أبو علي التميمي اليَربوعي الخراساني، ولد بسمرقند، ونشأ بأبِيْوَرْد ـ بليدة بخراسان ـ وارتحل في طلب العلم. توفي بمكة سنة سبع وثمانين ومائة. انظر: وفيات الأعيان 4/47-50، وسير أعلام النبلاء 8/372-390. 3 ممن قال بالاستثناء في الإيمان غير من تقدم العلاء بن المسيب، وابن شبرمة، وعمارة بن القعقاع، والأعمش، وليث بن أبي سليم، وإسماعيل بن أبي خالد، وعطاء بن السائب، وحمزة بن حبيب الزيات، ويزيد بن أبي زياد، وسفيان الثوري، وعبد الله بن المبارك، وكلهم من التابعين رضوان الله عليهم. انظر: شرح أصول اعتقاد أهل السنة 5/978. 4 لأن الاستثناء في الإيمان لا يعني الشك فيه، إذ المذهب الحق جوازه عن يقين لأن المستثني إذا أراد من استثنائه الشك في إيمانه منع منه، ولم يجز له ذلك، وهو أمر لا خلاف فيه. انظر: شرح الطحاوية 2/498. ويوضح الإمام أبو بكر الآجري ذلك بقوله: من صفة أهل الحق ممن ذكرنا من أهل العلم الاستثناء في الإيمان لا على جهة الشك ـ نعوذ بالله من الشك في الإيمان ـ ولكن خوف التزكية لأنفسهم من الاستكمال للإيمان، لا يدري أهو ممن يستحق حقيقة الإيمان أم لا؟ وذلك أن أهل العلم من أهل الحق إذا سئلوا: أمؤمن أنت؟ قال: آمنت بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والجنة والنار، وأشباه هذا، والناطق بهذا والمصدق به بقلبه مؤمن. وإنما الاستثناء في الإيمان لأنه لا يدري أهو ممن يستوجب ما نعت الله عز وجل به المؤمنين من حقيقة الإيمان أم لا؟. هذا طريق الصحابة رضي الله عنهم، والتابعين لهم بإحسان، عندهم أن الاستثناء في الأعمال، لا يكون في القول والتصديق بالقلب، وإنما الاستثناء في الأعمال الموجبة لحقيقة الإيمان. الشريعة ص136. فهذا قول بجواز الاستثناء في الإيمان باعتبار، ومنعه باعتبار آخر. وثمة قولان آخران: أحدهما: إيجاب الاستثناء. والثاني: تحريمه. انظر تفصيل ذلك وتفنيده في شرح الطحاوية 2/495-498. إلا أن أسعد الأقوال بالدليل ما ذكره المصنف هنا، وفصله الإمام الآجري فيما أوردت. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 185 الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ} 1.   1 سورة الفتح/27. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 186 حقيقة الإيمان ... والإيمان هو الإسلام وزيادة قال الله تعالى: {قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} 1. 70 ـ وروى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصيام شهر رمضان، وحج البيت " 2. فهذه حقيقة الإسلام. والإيمان فحقيقته ما رواه أبو هريرة فيما قدمناه3. 71 ـ وروى سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: " أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم رهطاً4 وأنا جالس، وترك رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم   1 سورة الحجرات/14. 2 رواه البخاري في كتاب الإيمان، باب ((دعاؤكم إيمانكم)) ح ((8)) 1/20، ومسلم في كتاب الإيمان أيضاً، باب ((بيان أركان الإسلام ودعائمه العظام)) ح ((16)) 1/45. 3 راجع رقم ((69)) . 4 رهط: ما بين الثلاثة إلى العشرة. غريب الحديث لابن قتيبة 1/467. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 187 رجلاً هو أعجبهم إليّ فقمت فقلت: مالك عن فلان، والله إني لأراه مؤمناً. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أو مسلماً"، ذكر ذلك سعد ثلاثاً وأجابه بمثل ذلك. ثم قال: "إني لأعطي الرجل وغيره أحب إلى منه خشية أن يكب في النار على وجهه "1. 72 ـ قال الزهري2: فنرى أن الإسلام الكلمة والإيمان العمل الصالح3. قلنا: فعلى هذا قد [يخرج] 4 الرجل من الإيمان إلى الإسلام، ولا يخرج من الإسلام إلا إلى الكفر بالله   1 رواه البخاري في كتاب الإيمان، باب ((إذا لم يكن الإسلام على الحقيقة)) ، ح ((27)) 1/25، ومسلم في كتاب الإيمان أيضاً، باب ((تألف قلب من يخاف على إيمانه لضعفه)) ، ح ((150)) 1/132. 2 هو الإمام الحافظ أبو بكر محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب القرشي الزهري، ولد سنة 50، وحدث عن ابن عمر، وسهل بن سعد، وأنس بن مالك، توفي في رمضان سنة 124هـ. تذكرة الحفاظ 1/108. 3 انظر شرح أصول اعتقاد أهل السنة رقم ((1493)) ورقم ((1495)) 4/812-813. 4 ساقطة من [ل] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 188 الإيمان بخروج الدجال ... عز وجل1. ونؤمن بأن الدجال خارج في هذه الأمة لا محالة، كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وصح عنه2.   1 اختلف العلماء من أهل السنة والحديث في مسألة الإيمان والإسلام هل هما واحد أم مختلفان؟ . فالقول بأنهما اسمان لشيئ واحد ذهب إليه محمد بن نصر المروزي وابن عبد البر ويروى عن سفيان الثوري، وغيرهم. أما القول بالتفريق بينهما فذهب إليه قتادة، وداود بن أبي هند، وأبو جعفر الباقر، والزهري، وحماد بن زيد، وابن مهدي، وأحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وغيرهم. وهناك قول ثالث يجمع بين القولين، وهو أن يقال: إذا أفرد كل من الإسلام والإيمان بالذكر فلا فرق حينئذ بينهما، وإن قرن بين الاسمين كان بينهما فرقاً، وتحقيق الفرق بينهما ـ كما يقول ابن رجب رحمه الله ـ أن الإيمان هو تصديق القلب وإقراره ومعرفته، والإسلام هو استسلام العبد لله وخضوعه وانقياده له، وذلك يكون بالعمل. انظر: جامع العلوم والحكم لابن رجب ص26، ولوامع الأنوار البهية للسفاريني 1/426. 2 ورد ذكر الدجال في أحاديث كثيرة، ذكر منه الإمام البخاري عشرة أحاديث من رقم ((7122-7131)) من هذه الأحاديث ما رواه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: " قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس فأثنى على الله بما هو أهله، ثم ذكر الدجال فقال: إني لأنذركموه، وما من نبي إلا وقد أنذره قومه، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 189 ........................................................   ولكني سأقول لكم فيه قولاً لم يقله نبي لقومه، إنه أعور وإن الله ليس بأعور ". كتاب الفتن باب ذكر الدجال ح ((7127)) 4/325، وراجع صحيح مسلم ح ((169)) 4/2245. وراجع لأحاديث الدجال صحيح مسلم أيضاً، كتاب الفتن وأشراط الساعة ح ((2933-2947)) 4/2248-2268. قال النووي نقلاً عن القاضي عياض: هذه الأحاديث التي ذكرها مسلم وغيره في قصة الدجال حجة لمذهب أهل الحق في صحة وجوده، وأنه شخص بعينه ابتلى الله به عباده، وأقدره على أشياء من مقدورات الله تعالى من إحياء الميت الذي يقلته، ومن ظهور زهرة الدنيا والخصب معه، وجنته وناره ونهريه، واتباع كنوز الأرض له، وأمره السماء أن تمطر فتمطر، والأرض أن تنبت فتنبت، فيقع كل ذلك بقدرة الله تعالى ومشيئته، ثم يعجزه الله تعالى بعد ذلك فلا يقدر على قتل ذلك الرجل ولا غيره، ويبطل أمره، ويقتله عيسى صلى الله عليه وسلم، ويثبت الله الذين آمنوا. هذا مذهب أهل السنة، وجميع المحدثين والفقهاء والنظار، خلافاً لمن أنكره وأبطل أمره من الخوارج والجهمية، وبعض المعتزلة، وخلافاً للبخاري ـ لعله الجبائي كما في الفتح ـ المعتزلي وموافقيه من الجهمية وغيرهم في أنه صحيح الوجود، ولكن الذي يدعي مخارف وخيالات لا حقائق لها، وزعموا أنه لو كان حقاً لم يوثق بمعجزات الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم. وهذا غلط من جميعهم لأنه لم يدع النبوة فيكون ما معه كالتصديق له، وإنما يدعي الإلهية، وهو في دعواه مكذب لها بصورة حاله، ووجود دلائل الحدوث فيه، ونقص صورته، وعجزه عن إزالة العور الذي في عينيه، وعن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 190 نزول عيسى وقتله الدجال ... وأن عيسى بن مريم عليه السلام ينزل على المنارة البيضاء شرقي دمشق، فيأتيه وقد حصر المسلمون على عقبة أُفَيق1، فيهرب منه، فيقتله عند باب لد الشرقي2. ولُدّ من أرض فلسطين   إزالة الشاهد بكفره المكتوب بين عينيه، ولهذه الدلائل وغيرها لا يغتر به إلا رعاع من الناس لسد الحاجة والفاقة وغبة في سد الرمق، أو تقية وخوفاً من أذاه، لأن فتنته عظيمة جداً تدهش العقول وتحير الألباب، مع سرعة مروره في الأمر، فلا يمكث بحيث يتأمل الضعفاء حالة ودلائل الحدوث فيه والنقص، فيصدقه من صدقه في هذه الحالة، ولهذا حذرت الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين من فتنته، ونبهوا على نقصه، ودلائل إبطاله، وأما أهل التوفيق فلا يغترون به ولا يخدعون لما معه. شرح صحيح مسلم 18/58-59، وانظر فتح الباري 13/105 1 أُفَيق: بلدة بين دمشق وطبريه من أعمال حوران، وهي عقبة طويلة نحو ميلين، والبلد المذكور في أول العقبة ينحدر منها إلى غور الأردن، ومنها يشرف على طبريه. تاج العروس 7/54. 2 صحت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بنزول عيسى بن مريم عليه السلام، منها حديث أبي هريرة أن رسول الله قال: " لا تقوم الساعة حتى ينزل عيسى بن مريم حكماً مُقْسطاً، وإماماً عدلاً، فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد ". وراه ابن ماجه، كتاب الفتن، باب ((فتنة الدجال وخروج عيسى)) ح ((4078)) 2/1363، والترمذي، كتاب الفتن باب ((ما جاء في نزول عيسى بن مريم)) ح ((2233)) 4/506، وقال: هذا حديث حسن صحيح، صححه الشيخ الألباني، انظر صحيح ابن ماجه 2/387. أما قتله الدجال فثبت بأحاديث أخر، منها حديث النواس بن سمعان رضي الله عنه، رواه بطوله الإمام مسلم في كتاب الفتن من صحيحه، باب ((ذكر الدجال)) ح ((4075)) 2/1356. وحديث عثمان بن أبي العاص عند أحمد في المسند 4/216-217، وغيرها من الأحاديث. وإن من أعجب العجب أن يذهب بعض المسلمين إلى إنكار الدجال ونزول عيسى، ويقول عن الدجال: إنه يمثل الباطل، ونزول عيسى يمثل صولة الحق، قال ذلك محمد فهيم أبو عبيه في تعليقه على قوله صلى الله عليه وسلم " يقتل ابن مريم الدجال بباب لد " الذي أورده ابن كثير في النهاية 1/158 هامش رقم ((2)) . وهذا تأويل باطل وقول بغير علم، وتكذيب لما تواتر من الأدلة، يقول العلامة الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان: وفي عصرنا هذا ينكر بعض الكتاب الجهال وأنصاف العلماء نزول عيسى عليه السلام اعتماداً على عقولهم وأفكارهم، ويطعنون في الأحاديث الصحيحة، أو يؤولونها بتأويلات باطلة، والواجب على المسلم التصديق بما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم وصح عنه، واعتقاده، لأن ذلك من الإيمان بالغيب الذي أطلع الله رسوله عليه. الإرشاد إلى صحيح الاعتقاد ص209. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 191 بالقرب من الرملة على نحو ميلين منها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 192 الإيمان بملك الموت وفقء موسى عينه ... ونؤمن بأن ملك الموت أرسل إلى موسى [عليه السلام] 1 فصكه2 ففقأ عينه، كما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم 3 لا ينكره   1 لا توجد في [ل] . 2 أي ضربه على عينه. 3 يشير إلى ما رواه الشيخان وغيرهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: أرسل ملك الموت إلى موسى عليه السلام فلما جاءه صكة ففقأ عينه. . الحديث. صحيح البخاري مع الفتح، كتاب الجنائز، باب ((من أحب الدفن في الأرض المقدسة أو نحوها)) ، ح ((1339)) 1/410، وكتاب الأنبياء، باب ((وفاة موسى)) ، ح ((3407)) 2/478، ومسلم، كتاب الفضائل، باب ((من فضائل موسى)) ح ((2372)) 4/1842، وأحمد في المسند 2/269. قال الإمام النووي: قال المازري: وقد أنكر بعض الملاحدة هذا الحديث، وأنكر تصوره، قالوا: كيف يجوز على موسى فَقْأ عين ملك الموت؟ قال: وأجاب العلماء عن هذا بأجوبة، أحدها: أنه لا يمتنع أن يكون موسى صلى الله عليه وسلم قد أذن الله تعالى له في هذه اللطمة ويكون ذلك امتحاناً للملطوم، والله سبحانه وتعالى يفعل في خلقه ما شاء، ويمتحنهم بما أراد … أو أن موسى عليه السلام لم يعلم أنه ملك من عند الله، وظن أنه رجل قصده يريد نفسه فدافعه عنها، فأدت المدافعة إلى فقء عينه، لا أنه قصدها بالفقأ. وهذا جواب الإمام أبي بكر بن خزيمة وغيره من المتقدمين، واختاره المازري والقاضي عياض. شرح صحيح مسلم للنووي 15/129، وانظر فتح الباري 6/443. وقال ابن قتيبة: لما تمثل ملك الموت لموسى عليه السلام، وهذا ملك الله، وهذا نبي الله، وجاذبه، لطمه موسى لطمة أذهبت العين التي هي تخييل وتمثيل، وليست حقيقة، وعاد ملك الموت عليه السلام إلى حقيقة خلقته الروحانية، كما كان لم ينقص منه شيئ. تأويل مختلف الحديث ص278. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 193 إلا ضال مبتدع راد على الله ورسوله. ونؤمن بأن الموت يؤتى به يوم القيامة فيذبح. 73 ـ كما روى أبو سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يؤتى بالموت كهيئة كبش أملح1 فينادي منادٍ: يا أهل الجنة فيشرئبون2 وينظرون، فيقول: هل تعرفون هذا؟ فيقولون: هذا الموت، وكلهم قد رآه، ثم ينادي: يا أهل النار، فيشرئبون وينظرون، فيقول: هل تعرفون هذا؟ فيقولون: نعم، هذا الموت وكلهم قد رآه، فيذبح، ثم يقول: يا أهل الجنة خلود فلا موت، ويا أهل النار خلود فلا موت، ثم قرأ: {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لا   1 المُلحة: من الألوان بياض يخالطه سواد. الصحاح، مادة ملح 1/407. 2 أي يمدون أعناقهم ويرفعون رؤسهم للنظر. فتح الباري 11/420. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 194 ذبح الموت يوم القيامة ... إلا ضال مبتدع راد على الله ورسوله. ونؤمن بأن الموت يؤتى به يوم القيامة فيذبح. 73 ـ كما روى أبو سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يؤتى بالموت كهيئة كبش أملح1 فينادي منادٍ: يا أهل الجنة فيشرئبون2 وينظرون، فيقول: هل تعرفون هذا؟ فيقولون: هذا الموت، وكلهم قد رآه، ثم ينادي: يا أهل النار، فيشرئبون وينظرون، فيقول: هل تعرفون هذا؟ فيقولون: نعم، هذا الموت وكلهم قد رآه، فيذبح، ثم يقول: يا أهل الجنة خلود فلا موت، ويا أهل النار خلود فلا موت، ثم قرأ: {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لا   1 المُلحة: من الألوان بياض يخالطه سواد. الصحاح، مادة ملح 1/407. 2 أي يمدون أعناقهم ويرفعون رؤسهم للنظر. فتح الباري 11/420. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 194 يُؤْمِنُونَ} 1.   1 سورة مريم/ 39. والحديث رواه البخاري في كتاب التفسير، تفسير سورة مريم، باب {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ} ح ((4730)) 3/258. ومسلم في كتاب الجنة، باب ((النار يدخلها الجبارون والجنة يدخلها الضعفاء)) ، ح ((2849)) 4/2188. والترمذي في كتاب التفسير، باب ((ومن سورة مريم)) ح ((3156)) 5/315، وأحمد في المسند 3/9، والآجري في الشريعة ص401. قال الترمذي: والمذهب في هذا عند أهل العلم من الأئمة مثل سفيان الثوري، ومالك بن أنس، وابن المبارك، وابن عيينة، ووكيع، وغيرهم، أنهم رووا هذه الأشياء ثم قالوا: نروي هذه الأحاديث، ونؤمن بها، ولا يقال كيف؟ وهذا الذي اختاره أهل الحديث أن تروى هذه الأشياء كما جاءت، ويؤمن بها، ولا تفسر، ولا نتوهم، ولا يقال: كيف؟ . وهذا أمر أهل العلم الذي اختاروه وذهبوا إليه. الجامع الصحيح 4/692. قلت: لا يعنون بقولهم: ولا تفسر، أنه لا يفهم لها معنى، بل يقصدون عدم تفسيرها بخلاف ظاهرها الذي تدل عليه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 195 فصل: خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم ... فصل ونعتقد أن محمداً المصطفى خير الخلائق، وأفضلهم، وأكرمهم [على الله عز وجل] 1 وأعلاهم درجة، وأقربهم إلى الله وسيلة، بعثه الله رحمة للعالمين، وخصه بالشفاعة في الخلق أجمعين. 74 ـ روى2 جابر بن عبد الله [رضي الله عنه] 3 أن [رسول الله] 4 صلى الله عليه وسلم قال: " أعطيت خمساًلم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي، نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل، وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي، وأعطيت الشفاعة، وكان   1 زيادة من [ل] . 2 في [ل] : [وروى] . 3 زيادة من [ل] . 4 في [ل] : [النبي] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 196 النبي يبعث إلى قومه خاصة، وبعثت إلى الناس عامة " 1. 75 ـ وروى أبو هريرة [رضي الله عنه] 2 قال: " كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في دعوة، فرفع إليه الذراع ـ وكانت تعجبه ـ فنهش منها نهشة3 ثم قال: أنا سيد الناس يوم القيامة ". وذكر حديث الشفاعة بطوله4. 76 ـ وروى أنس بن مالك [رضي الله عنه] 5 قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " آتي يوم القيامة باب الجنة، فأستفتح فيقول الخازن: من أنت؟ فأقول: محمد، فيقول: بك أمرت أن لا أفتح لأحد   1 رواه البخاري، كتاب التيمم، ح ((335)) 1/126، وكتاب الصلاة، باب ((قول النبي صلى الله عليه وسلم: جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً)) ح ((438)) 1/158، ومسلم في كتاب المساجد ح ((523)) 1/371. 2 من [ل] . 3 في إحدى روايات الحديث: (فنهس) بالسين المهملة، وقد فُرّق بين النّهْس والنَّهْش، فقيل: النهس بأطراف الأسنان، والنهش بالأضراس. انظر: الفائق للزمخشري مادة ((نهش)) 4/33، والنهاية في غريب الحديث لابن الأثير 5/136. 4 راجع تخريجه ص167 هامش رقم ((2)) . 5 أضفتها من [ل] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 197 المفاضلة بين الخلفاء الراشدين ... قبلك " رواه مسلم1. 77 ـ وعن أبي هريرة [رضي الله عنه] 2 قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر، وأول من ينشق عنه القبر، وأول شافع، وأول مشفع " رواه مسلم وأبوداود3. ونعتقد أن خير هذه الأمة وأفضلها بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم صاحبه الأخص، وأخوه في الإسلام، ورفيقه في الهجرة   1 مسلم، كتاب الإيمان، باب ((في قول النبي صلى الله عليه وسلم: أنا أول الناس يشفع في الجنة..)) ح ((197)) 1/188، ومسند أحمد 3/136. 2 أضفتها من [ل] . 3 مسلم، كتاب الفضائل، باب ((تفضيل نبينا صلى الله عليه وسلم على جميع الخلائق)) ح ((2278)) 4/1782، وأبو داود، كتاب السنة، باب في ((التخيير بين الأنبياء)) ح ((4673)) 5/54، وأحمد في المسند 2/540، وشرح أصول اعتقاد أهل السنة رقم ((1453)) 4/788. أما التفضيل بين الأنبياء فمذهب أهل السنة والجماعة جواز ذلك ما لم يكن على وجه الفخر والحمية والتنقص، وعلى ذلك يحمل نهيه صلى الله عليه وسلم عن تفضيله على الأنبياء عموماً، وعن بعضهم على وجه الخصوص، أو أن ذلك كان منه صلى الله عليه وسلم على سبيل التواضع. انظر تأويل مختلف الحديث لابن قتيبة ص116، ومنهاج السنة لابن تيمية 7/255، وشرح الطحاوية 1/159. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 198 والغار [أبو بكر الصديق] 1 وزيره في حياته، وخليفته بعد وفاته، عبد الله بن عثمان عتيق بن أبي قحابة. ثم بعده الفاروق أبو حفص عمر بن الخطاب الذي أعز الله به وأظهر الدين. ثم بعده ذو النورين أبو عبد الله عثمان بن عفان الذي جمع القرآن2 وأظهر العدل والإحسان.   1 سقطت من الأصل، وأضفتها من [ل] . 2 يذكر الإمام ابن كثير ـ رحمه الله ـ في البداية والنهاية أن من مناقبه الكبار وحسناته العظيمة رضي الله عنه أن جمع الناس على قراءة واحدة، وكتب المصحف على العرضة الأخيرة التي درسها جبريل على رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر سني حياته، وذكر أن سبب ذلك ما وقع من اختلاف بين القراء في بعض الغزوات، وكان معهم حذيفة بن اليمان رضي الله عنه فركب إلى عثمان وأخبره بما كان وقال له: أدرك هذه الأمة قبل أن تختلف في كتابها كاختلاف اليهود والنصارى في كتبهم عند ذلك جمع عثمان الصحابة وشاورهم في ذلك، ورأى أن يكتب المصحف على حرف واحد، وأن يجمع الناس في سائر الأقاليم على القراءة به دوما سواه لما رأى في ذلك من مصلحة كف المنازعة ودفع الاختلاف، فاستدعى بالصحف التي كان الصديق أمر زيد بن ثابت بجمعها، وأمر زيد بن ثابت الأنصاري أن يكتب وأن يملي عليه سعيد بن العاص الأموي بحضرة عبد الله بن الزبير الأسدي، وعبد الرحمن بن الحارث المخزومي، وأمرهم إذا اختلفوا في شيئ أن يكتبوه بلغة قريش، فكتب سبعة مصاحف بعث بها عثمان إلى الأمصار، ويقال لهذه المصاحف: الأئمة. ثم عمد إلى بقية المصاحف التي بأيدي الناس مما يخالف ما كتبه فحرقه، لئلا يقع بسببه اختلاف. انظر: البداية والنهاية لابن كثير 7/217-218، فعثمان رضي الله عنه وحد المسلمين على مصحف واحد، أما جمع القرآن فكان في عهد أبي بكر رضي الله عنه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 199 ثم ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وختنه علي بن أبي طالب [رضوان الله عليهم] 1 فهؤلاء الخلفاء الراشدون والأئمة المهديون2.   1 في [ل] : [رضي الله عليهم أجمعين] . 2 من عقيدة أهل السنة والجماعة الإيمان بأن الخليفة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبوبكر وعمر ثم عثمان ثم علي، وأن الطعن في خلافة أحد من هؤلاء ضلال وزيغ، وأن ترتيب الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم في الفضل كترتيبهم في الخلافة. انظر شرح الطحاوية 2/227، والعقيدة الواسطية بشرح الهراس ص243. قال الشيخ ابن أبي العز الحنفي ـ رحمه الله ـ: ولأبي بكر وعمر رضي الله عنهما من المزية أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرنا باتباع سنة الخلفاء الراشدين، ولم يأمرنا في الاقتداء في الأفعال إلا بأبي بكر وعمر فقال: " واقتدوا بالذَيْن من بعدي، أبي بكر وعمر "، وفَرْقٌ بين اتباع سنتهم والاقتداء بهم، فحال أبي بكر وعمر فوق حال عثمان وعلي رضي الله عنهم أجمعين. شرح الطحاوية 2/727. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 200 ........................................................   فمذهب أهل السنة والجماعة موالاة خلفاء رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشدين المهديين من بعده، وحب أصحابه الذين هم خير الخلق من بعده، وموالاتهم من غير إفراط ولا تفريط، ولا نتبرأ من أحد منهم كما هو شأن الرافضة قبحهم الله، بل نواليهم وننزلهم منازلهم التي يستحقونها بالعدل والإنصاف، فمناقبهم لا تعد، وفضائلهم لا تحصى، وقد أثنى اله تعالى عليهم في كتابه العزيز، وأثنى على من جاء بعدهم ممن أنزلهم منازلهم، وأدى إليهم حقهم من الثناء والدعاء، والحب قال تعالى: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ وَالَّذِينَ تَبَوَّأُوا الدَّارَ وَالْأِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} الحشر/8-10. فمن أضل ممن يكون في قلبه غل لخيار المؤمنين، وسادات أولياء الله تعالى بعد النبيين؟ بل قد فَضَلَتْهُم اليهود والنصارى بخصلة، قيل لليهود: من خير أهل ملتكم؟ قالوا أصحاب موسى. وقيل للنصارى: من خير أهل ملتكم؟ قالوا: أصحاب عيسى. وقيل للرافضة: من شر أهل ملتكم؟ قالوا: أصحاب محمد. لم يستثنوا منهم إلا القليل، وفيمن سبوهم من هو خير ممن استثنوهم بأضعاف مضاعفة. شرح الطحاوية 2/696. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 201 ........................................................   ولا يخفى على كل ذي لب أن القدح في صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم قدح في الدين كله أصوله وفروعه، لأنهم واسطتنا في نقله إلينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذه أمانة كبرى رعوها حق رعايتها، وأدوها أكمل أداء، فقد جاهدوا في الله حق جهاده، وبلغوا دين الإسلام كما أراد الله منهم، ولذلك كانت لهم منزلة رفيعة ومقام لا يطاله أحد غيرهم، وقد حذر نبي الهدى صلى الله عليه وسلم من انتقاصهم فقال: " لا تسبوا أصحابي، لا تسبوا أصحابي، فوالذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهباً ما أدرك مُدّ أحدهم ولا نصيفه " متفق عليه. والأحاديث في فضائل الأصحاب رضوان الله عليهم أكثر من أن تحصى. فالرافضة ـ قبحهم الله ـ حملة لواء سب صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ لفقوا الإفتراءات الظالمة على أبي بكر وعمر وعثمان وغيرهم من صحابة رسول الله، وآل الأمر بهم إلى تكفيرهم جميعاً إلا بضعة عشر رجلاً وعند بعضهم أقل. انظر العواصم من القواصم لابن العربي مع حاشيته ص182-183. والروافض من أكثر الطوائف تأويلاً للنصوص القرآنية حتى جعلوا كل مدح في القرآن موجهاً لآل البيت، أما من سواهم فألصقوا بهم كل ذم وقبح ظلماً وزوراً وبهتاناً، فما أحسن ما قال فيهم هارون بن سعد العجلي رحمه الله: برئت إلى الرحمن من كل رافضٍ ... بصير بباب الكفر في الدين أعورا إذا كف أهل الحق عن بدعة مضى ... عليها وإن يمضوا على الحق قصرا ولو قال إن الفيل ضب لصدقوا ... ولو قال زنجى تحول أحمرا وأخْلَفُ من بول البعير فإنه ... إذا هو للإقبال وجه ادبرا فقبح أقوام رموه بقرية ... كما قال في عيسى الفرى من تنصرا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 202 ثم الستة الباقون من العشرة: طلحة بن عبيد الله، والزبير بن العوام، وسعد بن أبي وقاص، وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، وعبد الرحمن بن عوف، وأبو عبيدة بن الجراح رضوان الله عليهم. فهؤلاء العشرة الكرام البررة الذين شهد لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة، فنشهد لهم بها كما شهد لهم [بها] 1 اتباعاً لقوله وامتثالاً لأمره2، وقد شهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة   انظر تأويل مختلف الحديث لابن قتيبة ص71. نسأل الله الثبات على الحق وأن يرزقنا حب أصحاب نبيه صلى الله عليه وسلم، وأن يجازي مبغضيهم بشر أعمالهم وسوء مقاصدهم. 1 لا توجد في [ل] . 2 ورد ذكر العشرة المبشرين بالجنة في حديث سعيد بن زيد رضي الله عنه، رواه أبو داود في سننه، كتاب السنة، باب ((في الخلفاء)) ح ((4648-4650)) 1/48، وأحمد في المسند 1/187، 188، 189. وورد ذكرهم أيضاً في حديث عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، أخرجه الترمذي في المصدر السابق ح ((3747)) ، وأحمد في المسند 1/193، وابن قدامة في منهاج القاصدين ح ((43)) ص213-214. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 203 لثابت بن قيس1، وعبد الله بن سلام2، ولبلال بن رباح3 ولجماعة من الرجال والنساء من أصحابه. 78 ـ وبشر خديجة ببيت من قصب لا صخب فيه ولا نصب4.   1 يشير إلى ما ورد في حديث أنس بن مالك المتفق عليه. صحيح البخاري، كتاب المناقب، باب ((علامات النبوة في الإسلام)) ح ((3613)) 2/531. وصحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب ((مخافة المؤمن أن يحبط عمله)) ح ((119)) 1/110. 2 يشير إلى ما رواه البخاري من حديث سعد بن أبي وقاص، كتاب مناقب الأنصار، باب ((مناقب عبد الله بن سلام)) ح ((3812-3813)) 3/46. ومسلم من حديث قيس بن عُبَاد وخَرَشَةَ بن الحُرّ رضي الله عنهما، كتاب فضائل الصحابة، باب ((من فضائل عبد الله بن سلام)) ح ((2484)) 4/1930. 3 ورد ذلك في حديث أبي هريرة المتفق عليه، صحيح البخاري، كتاب التهجد، باب ((فضل الطهور بالليل والنهار … )) ح ((1149)) 1/357، ومسلم كتاب فضائل الصحابة، باب ((فضائل بلال رضي الله عنه)) ح ((2458)) 4/1910، وحديث جابر بن عبد الله المتفق عليه أيضاً. البخاري، كتاب فضائل الصحابة، باب ((فضائل عمر بن الخطاب)) ح ((3679)) 3/14، ومسلم في فضائل الصحابة أيضاً، باب ((من فضائل أم سليم)) ح ((2456)) 4/1908. 4 القصب: لؤلؤ مجوّف واسع كالقصر المنيف. النهاية 4/67. الصخب: الضجة، واضطراب الأصوات للخصام. نفس المصدر 3/14. النّصَب: التعب. والحديث متفق عليه من حديث عبد الله بن أبي أوفى وأبي هريرة رضي الله عنهما. انظر: صحيح البخاري، كتاب العمرة ـ باب ((ما يحل للمعتمر)) ح ((1791-1792)) 1/542-543، وكتاب مناقب الأنصار، باب ((تزويج النبي صلى الله عليه وسلم خديجة وفضلها)) ح ((3819-3820)) 3/47. ومسلم، كتاب فضائل الصحابة، باب ((فضائل خديجة)) ح ((2432-2433)) 4/1887. ورواه أحمد في المسند 2/321، 4/355. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 204 الشهادة بالجنة لمن شهد له الرسول صلى الله عليه وسلم ... وأخبر أنه رأى الرميصاء1 بنت ملحان في الجنة2. فكل من شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم [بالجنة] 3 شهدنا له، ولا نشهد لأحد غيرهم، بل نرجو للمحسن، ونخاف على المسئ، ونكل علم الخلق إلى خالقهم4 فالزم ـ رحمك الله ـ   1 ويقال لها: الغميصاء، وهي أم سُليم بنت ملحان بن خالد بن زيد بن حرام بن جندب الأنصارية الخزرجية. أم خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم أنس بن مالك، من أفاضل النساء، شهدت حنيناً وأحداً. انظر: سير أعلام النبلاء 2/304. 2 يشير إلى ما ورد في حديث جابر المتفق عليه. تقدم تخريجه ص204 ضمن هامش رقم (3) . 3 لا توجد في [ل] . 4 من عقيدة أهل السنة والجماعة عدم القطع لأحد بعينه من أهل القبلة بجنة ولا نار، إلا ما أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أنه من أهل الجنة كالذين ذكرهم المصنف من العشرة المبشرين بالجنة وغيرهم. أما النار فلا بد أن يدخلها من يشاء الله من أهل الكبائر، ولكنه لا يخلد فيها، بل لا بد أن يخرج منها، أما الشخص المعين فلا يجوز القطع له بجنة ولا نار إلا عن علم توقيفي، لأن حقيقة باطنه لا يعلمه إلا الله، لكن نرجو للمحسنين، ونخاف على المسيئين. انظر: شرح الطحاوية 2/537-538، وشرح لمعة الاعتقاد للشيخ ابن عثيمين ص99. يقول العلامة الشيخ محمد بن عثيمين: وخالف في هذا طائفتان: الأولى: الخوارج، قالوا فاعل الكبيرة كافر خالد في النار. الثانية: المعتزلة، قالوا: فاعل الكبيرة خارج عن الإيمان، ليس بمؤمن ولا كافر، في منزلة بين المنزلتين، وهو خالد في النار. ونرد على الطائفتين بما يأتي: 1 ـ مخالفتهم لنصوص الكتاب والسنة. 2 ـ مخالفتهم لإجماع السلف. شرح لمعة الاعتقاد ص99-100. قلت: وممن خالف في ذلك المرجئة الخالصة القائلون: إنه لا تضر مع الإيمان معصية، كما لا تنفع مع الكفر طاعة، فمرتكبوا الكبائر عندهم مؤمنون كاملوا الإيمان، لا يضرهم ما اقترفوه من المعاصي، ولا يؤاخذون عليها، لأنهم في الجنة بإيمانهم الذي هو مجرد المعرفة عندهم. وهذا ـ كما ترى ـ أخطر الآراء رغم خطورة الرأيين السابقين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 205 ما ذكرت لك من كتاب ربك العزيز، [وكلام] 1 نبيك   1 في [ل] : [أو كلام] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 206 الكريم، ولا تحد عنه، ولا تبتغ الهدى [في] 1 غيره، ولا تغتر بزخارف المبطلين، وآراء المتكلفين، فإن الرشد والهدى والفوز والرضا فيما جاء من عند الله ورسوله، لا فيما أحدثه المحدثون، وأتى به المتنطعون من آرائهم المضمحلة، ونتائج عقولهم الفاسدة، وارض بكتاب الله وسنة رسوله، عوضاً من قول كل قائل، وزخرف وباطل.   1 في [ل] : [من] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 207 فصل في فضل الإتباع 79 ـ روى جابر بن عبد الله رضي الله [عنهما] 1 قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في خطبته: نحمد الله تعالى ونثني عليه بما هو أهله، ثم يقول: "من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل الله فلا هادي له، إن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار". ثم يقول: "بعثت أنا والساعة كهاتين". وكان إذا ذكر الساعة احمرت وجنتاه، وعلا صوته، واشتد غضبه كأنه منذر جيش، صبحكم مساكم، ثم قال: "من ترك مالاً فلأهله، ومن ترك ديناً أو   1 في الأصل: [عنه] : وما أثبت من [ل] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 208 ضَيَاعاً1 [فإلي وعلي] 2 وأنا ولي المؤمنين " رواه مسلم، والنسائي3، ولم يذكر مسلم: " وكل ضلالة في النار ". 80 ـ وروى زيد بن أرقم4 قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيباً فحمد الله وأثنى عليه، ووعظ وذكر ثم قال: "أما بعد، أيها الناس، فإنما أنا بشر [مثلكم] 5 يوشك أن يأتيني رسول ربي   1 قال أهل اللغة: الضَّياع ـ بفتح الضاد ـ: العيال. قال ابن قتيبة: أصله مصدر ضاع يَضِيع ضَيَاعاً، المراد: من ترك أطفالاً وعيالاً ذوي ضَيَاع، فأوقع المصدر موضع الاسم. شرح النووي 6/155. 2 في [ل] : [فلي أو علي] . 3 مسلم، كتاب الجمعة، باب ((تخفيف الصلاة والخطبة)) ، ح ((867)) 2/592. والنسائي في كتاب العيدين، باب ((كيف الخطبة)) 3/188. وابن ماجه في المقدمة، باب ((اجتناب البدع والجدل)) ح ((45)) 1/17. 4 هو الصحابي الجليل زيد بن أرقم بن زيد بن قيس بن النعمان بن مالك الأنصاري الخزرجي، اختلف في كنيته، فقيل أبو عمرو، وقيل أبو عامر، وقيل غير ذلك، شهد غزوة مؤتة، ومات بالكوفة سنة 66، وقيل 68هـ. انظر طبقات ابن سعد 6/18، وسير أعلام النبلاء 3/165. 5 من [ل] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 209 عز وجل فأجيبه، وأنا تارك فيكم الثقلين1 أولهما كتاب الله، فيه الهدى والنور، من استمسك به وأخذ به كان على الهدى، ومن تركه وأخطأه كان على الضلالة، وأهل بيتي، [أذكركم] 2 الله في أهل بيتي ثلاث مرات "3. رواه مسلم. 81 ـ وروى العرباض بن سارية السلمي4 رضي الله عنه قال: " وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة بليغة، ذرفت منها [الأعين] 5، ووجلت منها القلوب، فقال قائل: يارسول الله،   1 سيما الثقلين لعظمهما وكبير شأنهما، وقيل لثقل العمل بهما. انظر: شرح صحيح مسلم 15/180. 2 في [ل] : [اذكر] . 3 مسلم، كتاب فضائل الصحابة، باب ((من فضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنه)) ح ((2408)) 4/1873، ومسند أحمد 4/367، وسنن الدارمي فضائل القرآن، باب ((فضل من قرأ القرآن)) 2/431-432. 4 العرباض بن سارية السُّلمي، من أعيان أهل الصُّفَّة، كان من البكائين، كنيته أو نَجيح، توفي سنة 75هـ. انظر حلية الأولياء 2/13، وسير أعلام النبلاء 3/419. 5 في [ل] : [العيون] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 210 كأن هذه موعظة مودع فماذا تعهد إلينا؟ قال: " أوصيكم بتقوى الله [تعالى] 1 والسمع والطاعة وإن كان عبداً حبشياً، فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافاً كثيراً2 فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضوا عليها بالنواجذ3، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة ". رواه أبو داود والترمذي، وقال حديث صحيح، ورواه ابن ماجه وفيه قال: " وقد تركتكم   1 من [ل] . 2 قال الإمام البغوي: " وقوله: " فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً " إشارة إلى ظهور البدع والأهواء ـ والله أعلم ـ فأمر بلزوم سنته وسنة الخلفاء الراشدين والتمسك بها بأبلغ وجوه الجد، ومجانبة ما أحدث على خلافها ". شرح السنة 1/206. 3 النواجذ: آخر الأضراس، واحدها: ناجذ، وإنما أراد بذلك الجد في لزوم السنة، فعل من أمسك الشيئ بين أضراسه، وعض عليها منعاً له أن يُنتزع، وذلك أشد ما يكون من التمسك بالشيئ، إذ كان ما يمسكه بمقاديم فمه أقرب تناولاً وأسهل انتزاعاً، وقد يكون معناه أيضاً الأمر بالصبر على ما يصيبه من المضض في ذات الله، كما يفعله المتألم بالوجع يصيبه. معالم السنن للخطابي بهامش سنن أبي داود 5/14. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 211 على البيضاء ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك " 1. 82 ـ وروى أبو الدرداء قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نذكر الفقر ونتخوفه فقال: " الفقر تخافون؟ والذي نفسي بيده لَتُصَبَنّ الدنيا عليكم حتى لا يُزيغ قلب أحدكم إن أزاغه إلا هِيَهْ، وأيم الله [قد] 2 تركتكم على البيضاء ليلها ونهارها سواء. قال أبو الدرداء: صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، تركنا على مثل البيضاء ليلها ونهارها سواء " رواه ابن ماجه3.   1 سنن أبي داود، كتاب السنة، باب ((في لزوم السنة)) ح ((4607)) 5/13. وسنن الترمذي، كتاب العلم، باب ((ما جاء في الأخذ بالسنة واجتناب البدع)) ح ((2676)) 5/4، وقال: هذا حديث حسن صحيح. وسنن الدارمي 1/144، والمستدرك للحاكم 1/95، وقال الحاكم: صحيح ليس له علة، ووافقه الذهبي، وسنن ابن ماجه، المقدمة، باب ((اتباع سنة الخلفاء الراشدين)) ح ((42-43)) . 2 في [ل] : [لقد] . 3 سنن ابن ماجه، المقدمة، باب ((اتباع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم)) ح ((5)) 1/4. قال الألباني: ((حسن)) . صحيح ابن ماجه 1/6، وأورده في سلسلة الأحاديث الصحيحة رقم ((688)) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 212 83 ـ وروى أبو هريرة [رضي الله عنه] 1 قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إني قد خلفت فيكم ما لن تضلوا بعدهما ما أخذتم بهما، أو عملتم بهما، كتاب الله وسنتي، ولن يفترقا حتى يردا على الحوض " رواه أبو القاسم الطبري الحافظ في السنن 2. 84 ـ وقال أبو بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ في خطبته: إنما أنا متبع ولست بمبتدع3.   1 من [ل] . 2 شرح أصول اعتقاد أهل السنة لأبي القاسم الطبري ح ((90)) 1/80، وأورده الذهبي في ترجمة صالح بن موسى الطلحي ـ أحد رجال سنده ـ وقال: كوفي ضعيف، وقال يحيى بن معين: ليس بشيئ، ولا يكتب حديثه، وقال البخاري: منكر الحديث، وقال النسائي: متروك وقال ابن عدي: هو عندي ممن لا يتعمد الكذب. ميزان الاعتدال 2/301-302، وأورده الحاكم في المستدرك ضمن شواهده 1/93. 3 من خطبته رضي الله عنه بعد توليه الخلافة، رواها ابن سعد في الطبقات 3/182-183، والطبري في تاريخه 3/223-224، وابن كثير في البداية والنهاية 6/303، ورواها بدون اللفظ الذي أورده المصنف هنا ابن هشام في السيرة 4/457، وابن الأثير في الكامل 2/224-225. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 213 85 ـ وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: قد فُرضت لكم الفرائض، وسُنت لكم السنن، وتُركتم على الواضحة إلا أن تضلوا بالناس يميناً وشمالاً1. 86 ـ وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: إنا نقتدي ولا نبتدي، ونتبع ولا نبتدع، ولن نضل ما تمسكنا بالأثر 2. 87 ـ وروى الأوزاعي3 عن الزهري أنه روى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن " 4 فسألت الزهري:   1 رواه مالك في الموطأ، كتاب الحدود، باب ((ما جاء في الرحم)) رقم ((10)) 2/824. 2 رواه اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة رقم ((105-106)) 1/86. 3 هو شيخ الإسلام وعالم أهل الشام أبو عمرو، عبد الرحمن بن عمرو بن يُحْمَد الأوزاعي، من الحفاظ، وكان مولده في حياة الصحابة. توفي سنة 57هـ. انظر تاريخ خليفة بن خياط ص428، والتاريخ الكبير 5/326، وسير أعلام النبلاء 7/107. 4 أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة، كتاب الإيمان، باب ((بيان نقصان الإيمان بالمعاصي..)) ح ((57)) 1/76، وابن ماجه، كتاب الفتن، باب ((النهي عن النهبة)) ح ((3936)) 2/1298. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 214 ما هذا؟ فقال: من الله العلم، وعلى الرسول البلاغ، وعلينا التسليم، أمِرّوا أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم كما جاءت. وفي رواية " فإن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أمروها "1.   1 قول الزهري رواه أبو نعيم في الحلية 3/369، والذهبي في السير 5/346، كلاهما بدون رواية: " فإن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أمروها "، وذكره بمعناه النووي في شرح مسلم 2/42. وقول الزهري هذا هو أحد الأوجه التي قيلت في معنى الحديث والتي ذكرها الإمام النووي فقال: هذا الحديث مما اختلف العلماء في معناه، فالقول الصحيح الذي قال المحققون أن معناه: لا يفعل هذه المعاصي وهو كامل الإيمان، وهذا من الألفاظ التي تطلق على نفي الشيئ ويراد نفي كماله، ومخناره كما يقال: لا علم إلا ما نفع، ولا مال إلا الإبل، ولا عيش إلا عيش الآخرة، وإنما تأولناه على ما ذكرناه لحديث عبادة بن الصامت الصحيح المشهور أنهم بايعوه صلى الله عليه وسلم على ألا يسرقوا ولا يزنوا ولا يعصوا. . الخ. . ثم قال لهم صلى الله عليه وسلم: " فمن وفى منكم فأجره على الله، ومن فعل شيئاً من ذلك فعوقب في الدنيا فهو كفارته، ومن فعل ولم يعاقب فهو إلى الله تعالى، إن شاء عفا عنه، وإن شاء عذبه ". فهذان الحديثان مع نظائرهما في الصحيح مع قول الله عز وجل: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} مع إجماع أهل الحق على أن الزاني والسارق والقاتل وغيرهم من أصحاب الكبائر غير الشرك لا يكفرون بذلك، بل هم مؤمنون ناقصوا الإيمان، إن تابوا سقطت عقوبتهم، وإن ماتوا مصرين على الكبائر كانوا في المشيئة، فإن شاء الله عفا عنهم وأدخلهم الجنة أولاً، وإن شاء عذبهم ثم أدخلهم الجنة … وتأول بعض العلماء هذا الحديث على من فعل ذلك مستحلاً له مع علمه بورود الشرع بتحريمه. وقال الحسن وأبو جعفر الطبري: معناه ينزع منه اسم المدح الذي يسمى به أولياء الله المؤمنين، ويستحق اسم الذم، فيقال: سارق وزان وفاجر وفاسق. وحكى عن ابن عباس رضي الله عنهما أن معناه: ينزع منه نور الإيمان، وفيه حديث مرفوع. وقال المهلب: ينزع منه بصيرته في طاعة الله تعال. انتهى. شرح صحيح مسلم 2/41-42. ثم أورد قول الزهري المذكور آنفاً بمعناه وقال بعد ذلك: وهذه الأقوال التي ذكرتها في تأويله محتملة، والصحيح في معنى الحديث ما قدمناه أولا. والله أعلم. نفس المصدر ص42. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 215 88 ـ وقال عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه: " سن رسول الله صلى الله عليه وسلم وولاة الأمر بعده سنناً، الأخذ بها تصديق لكتاب الله، واستكمال لطاعته، وقوة على دين الله، ليس لأحد تغييرها ولا تبديلها، ولا النظر في رأي من خالفها، فمن اقتدى بما سنوا اهتدى، ومن استبصر بها بصر، ومن خالفها واتبع غير سبيل المؤمنين ولاه الله ما تولى وأصلاه جهنم وساءت مصيراً "1.   1 رواه الآجري في الشريعة ص48، واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة رقم ((134)) 1/94، وابن بطة في الإبانة رقم ((230-231)) 1/352. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 216 89 ـ وقال الأوزاعي: " اصبر على السنة، وقف حيث وقف القوم، وقل في ما قالوا، وكف عما كفوا، واسلك سبيل سلفك الصالح فإنه يسعك ما وسعهم "1. 90 ـ وقال نعيم بن حماد2: " من شبه الله بخلقه فقد كفر، ومن أنكر ما وصف الله به نفسه فقد كفر، وليس ما وصف الله به نفسه تشبيهاً "3. 91 ـ وقال سفيان بن عيينة: كل شيئ وصف الله به نفسه في القرآن فقراءته تفسيره، لا كيف ولا مثل4.   1 رواه اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة رقم ((315)) 1/154. 2 هو أبو عبد الله، نعيم بن حماد بن معاوية بن الحارث الخزاعي المروزي، كان من أشهر المحدثين، توفي محبوساً في سامرا سنة 228، وقيل غير ذلك. انظر: الطبقات الكبرى 7/519، وتهذيب التهذيب 10/458. 3 أورده الذهبي في العلو ص126، قال الألباني في مختصره لكتاب الذهبي ص186: إسناده صحيح، وابن تيمية في الفتاوى 5/196، وابن القيم في اجتماع الجيوش الإسلامية ص221. 4 أخرجه الدارقطني في كتاب الصفات ص41، والصابوني في عقيدة السلف وأصحاب الحديث ضمن مجموعة الرسائل المنيرية 1/120، وابن قدامة في ذم التأويل ص19، واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة رقم ((736)) 3/431 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 217 92 ـ وقال أبو بكر المروذي1: سألت أحمد بن حنبل عن الأحاديث التي تردها الجهمية في الصفات والرؤية، والإسراء، وقصة العرش، فصححه أبو عبد الله وقال: تلقتها العلماء بالقبول، تمر الأخبار كما جاءت2. 93 ـ وقال محمد بن الحسن الشيباني ـ صاحب أبي حنيفة ـ اتفق الفقهاء كلهم من الشرق إلى الغرب على الإيمان بالقرآن والأحاديث التي جاءت بها الثقات عن [رسول الله] 3 صلى الله عليه وسلم في صفة الرب عز وجل، من غير تفسير ولا تشبيه، فمن فسر اليوم شيئاً من ذلك فقد خرج مما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم   1 هو الإمام القدوة الفقيه المحدث شيخ الإسلام أبو بكر أحمد بن محمد بن الحجاج المروذي نزيل بغداد، وصاحب الإمام أحمد، كان إماماً في السنة، شديد الإتباع. ولد في حدود المائتين، وتوفي سنة 275هـ. انظر: تاريخ بغداد 4/423-425، وتذكرة الحفاظ 2/631، وسير أعلام النبلاء 13/173. 2 رواه مختصراً ابن قدامة في ذم التأويل ص21، ورواه بتمامه ابن أبي يعلى في طبقات الحنابلة 1/56. 3 في [ل] : [النبي] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 218 وأصحابه، فإنهم لم يفسروا، ولكن أفتوا بما في الكتاب والسنة ثم سكتوا، فمن قال بقول جهم1 فقد فارق الجماعة لأنه وصفه بصفة لا شيئ2.   1 جهم بن صفوان من أهل خراسان ينسب إلى سمرقند وزمنه ومحتده الكوفة، وكنى أبا محرز، وكان مولى لبني راسب من الأزد، أخذ الكلام عن الجعد بن درهم وكان فصيحاً، وكان صاحب مجادلات ومخاصمات في مسائل الكلام التي يدعو إليها، وكان أكثر كلامه في الإلهيات. انظر تاريخ الجهمية والمعتزلة لجمال الدين القاسمي ص10. قال المقريزي: حدث مذهب الجهم بعد عصر الصحابة رضي الله عنهم ببلاد المشرق، فعظمت الفتنة به، فإنه نفى أن يكون لله تعالى صفة، وأورد على أهل الإسلام شكوكاً آثرت في الملة الإسلامية آثاراً قبيحة تولد عنها بلاء كبير، وكان قبيل المائة من سني الهجرة، فكثر أتباعة على أقواله التي تؤول إلى التعطيل، فأكبر أهل الإسلام بدعته، وتمالؤا على إنكارها وتضليل أهلها، وحذروا من الجهمية وعادوهم في الله، وذموا من جلس إليهم، وكتبوا في الرد عليهم ما هو معروف عند أهله. الخطط 2/257. 2 رواه ابن قدامة في ذم التأويل ص13-14، واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة رقم ((740)) 3/432، والذهبي في العلو ص113. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 219 94 ـ وقال عباد بن العوام1: قدم علينا شريك بن عبد الله2 فقلنا: إن قوماً ينكرون هذه الأحاديث: " إن الله ينزل إلى سماء الدنيا "3 والرؤية4 وما أشبه هذه الأحاديث فقال: إنما جاء بهذه الأحاديث من جاء بالسنن في الصلاة، والزكاة، والحج، وإنما عرفنا الله بهذه الأحاديث5.   1 عباد بن العوّام بن عمر بن المنذر الإمام المحدث الصدوق، أبو سهل الكلابي الواسطي، قال ابن سعد: كان من نبلاء الرجال في كل أمره، توفي سنة بضع وثمانين ومائة. انظر: تاريخ بعداد 11/104-105، وتذكرة الحفاظ 1/261، وسير أعلام النبلاء 8/449-450. 2 شريك بن عبد الله النخعي، أبو عبد الله الحافظ القاضي، أحد الأعلام، ولي قضاء الكوفة، تغير حفظه منذ توليه قضاء الكوفة، وكان عادلاً فاضلاً شديداً على أهل البدع، ولد سنة 95، وتوفي بالكوفة سنة 177. انظر: تاريخ بغداد 9/279، وسير أعلام النبلاء 8/178-192، وتقريب التهذيب 1/351. 3 راجع لأحاديث النزول رقم 16-18 من هذا الكتاب. 4 أحاديث الرؤية تقدمت راجع رقم 27-28. 5 لم أجده بهذا اللفظ، ورواه بلفظ مقارب الدارقطني في الصفات ص43، والذهبي في سير أعلام النبلاء 8/185. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 220 فهذه جملة مختصرة من القرآن والسنة، وآثار من سلف فالزمها، وما كان مثلها مما صح عن الله ورسوله، وصالح سلف الأمة ممن حصل الإتفاق عليه من خيار الأمة، ودع أقوال من كان عندهم محقوراً مهجوراً، مبعداً مدحوراً ومذموماً [ملوماً] 1، وإن اغتر كثير من المتأخرين بأقوالهم وجنحوا إلى اتباعهم، فلا تغتر بكثرة أهل الباطل. 95 ـ فقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدا، فطوبى للغرباء " رواه مسلم وغيره2. 96 ـ وروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ستفترق أمتي على   1 لا توجد في [ل] . 2 رواه مسلم في كتاب الإيمان من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، باب ((بيان أن الإسلام بدأ غريباً … )) ح ((145)) 1/130، وابن ماجه في كتاب الفتن، باب ((بدأ الإسلام غريباً)) ح ((3986)) 2/1319. ورواه الترمذي من حديث عبد الله بن مسعود في كتاب الإيمان، باب ((ما جاء أن الإسلام بدأ غريباً)) وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب من حديث ابن مسعود. ح ((2629)) 5/18. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 221 ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة". وفي رواية: قيل فمن الناجية؟ قال: "ما أنا عليه وأصحابي". رواه جماعة من الأئمة1. واعلم ـ رحمك الله ـ أن الإسلام وأهله أتو من طوائف [ثلاث] 2، فطائفة ردت أحاديث الصفات وكذبوا رواتها3، فهؤلاء أشد ضرراً على الإسلام وأهله من الكفار. وأخرى قالوا بصحتها وقبولها، ثم تأولوها4، فهؤلاء أعظم   1 رواه الترمذي بسند ضعيف في كتاب الإيمان، باب ما جاء في افتراق هذه الأمة ح ((2641)) 5/26. ولكنه ورد بروايات أخرى صحيحه كما في أبي داود، كتاب السنة باب شرح السنة ح ((4596-4597)) 5/4-5. وابن ماجه في كتاب الفتن، باب افتراق الأمم ح ((3991)) 5/1321. وأحمد في المسند 4/102، والحاكم في المستدرك 1/128. وتتبع الألباني طرقه في سلسلة الأحاديث الصحيحة رقم ((203، 204)) . 2 في الأصل وفي [ل] : [ثلاثة] وما أثبت أولى. 3 وهم الجهمية أتباع الجهم بن صفوان الترمذي، ومن قال برأيه من المعنزلة. 4 وهم جمهور الأشاعرة الذين قبلو النصوص، وفضلوا جانب التأويل لمعانيها. وقد وصفهم الإمام ابن القيم بأنهم أشد الناس اضطراباُ. الصواعق 1/245. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 222 ضرراً من الطائفة الأولى. والثالثة: جانبوا القولين الأولين، وأخذوا بزعمهم ـ ينزهون وهم يكذبون1، فأداهم ذلك إلى القولين الأولين، [وكانوا أعظم ضرراً من الطائفتين الأولتين] 2. فمن السنة اللازمة السكوت عما لم يرد فيه نص [عن الله ورسوله] 3، أو يتفق المسلمون على إطلاقه، وترك التعرض له بنفي أو إثبات. فكما لا يثبت إلا بنص شرعي، كذلك لا ينفى إلا بدليل سمعي. نسأل الله سبحانه أن يوفقنا لما يرضيه من القول والعمل والنية،   1 لعله يريد بذلك من سلك مسلك التجهيل وهؤلاء من الأشاعرة أيضاً، حيث قالوا: إن نصوص الصفات ألفاظ لا تعقل معانيها، ولا يدرى ما أراد الله ورسوله منها. انظر الصواعق 2/429. وهم يزعمون أنهم بهذا القول ينزهون الله عن مشابهة خلقه، لأنهم يرون إجراء النصوص على ظاهرها تشبيهاً. 2 ما بين القوسين لا يوجد في الأصل وأضفته من [ل] . 3 في [ل] : [عن الله ورسول الله] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 223 وأن يحيينا على الطريقة التي يرضاها، [ويتوفنا] عليها، وأن يلحقنا بنبيه وخيرته من خلقه محمد المصطفى وآله وصحبه، ويجمعنا معهم في دار كرامته، إنه سميع قريب مجيب. وكل حديث لم نضفه إلى من أخرجه فهو متفق عليه أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما. [آخره والحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً] . في [ل] : [يتوفانا] . في [ل] : [تم بعون الله وحسن توفيقه، وصلوات الله وسلامه على محمد وآله وصحبه إلى يوم الدين والحمد لله رب العالمين. حصل الفراغ من هذه النسخة يوم الأحد لشعر خلت من جماد أول بقلم الفقير محمد بن عبد الله، والحمد لله. تمت الحمد لله] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 224 مصادر ومراجع ... ثبت المصادر والمراجع 1ـ إثبات صفة العلو: لابن قدامة المقدسي، تحقيق الدكتور أحمد بن عطية الغامدي، نشر مكتبة العلوم والحكم بالمدينة المنورة الطبعة الأولى عام 1409هـ. 2ـ إثبات عذاب القبر: للبيهقي، تحقيق الدكتور شرف محمود القضاه، نشر دار الفرقان الطبعة الأولى عام 1403هـ. 3ـ اجتماع الجيوش الإسلامية على غزو المعطلة والجهمية: لابن قيم الجوزية، نشر مكتبة الرياض الحديثة. 4ـ أساس التقديس: للرازي، محمد بن عمر الخطيب طبع مطبعة الحلبي عام 1354هـ. 5ـ أصول الدين: لأبي منصور عبد القاهر بن طاهر البغدادي، الطبعة الأولى بمطبعة الدولة باستانبول، عام 1346هـ. أصول السنة: لابن أبي زمنين المالكي، رسالة علمية بالجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة، تحقيق الدكتور إبراهيم محمد هارون. لم تنتشر بعد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 248 7ـ الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان. للأمير علاء الدين بن بلبان الفارسي، تحقيق شعيب الأرنؤوط، نشر مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى عام 1408هـ. 8ـ التكملة لوفيات النقلة: للحافظ المنذري، تحقيق الدكتور بشار عواد، نشر مؤسسة الرسالة، الطبعة الثانية عام 1401هـ. 9ـ الأدب المفرد: لأبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري، نشر دار الكتب العلمية – بيروت. 10ـ الأربعين في دلائل التوحيد: لأبي إسماعيل الهروي، تحقيق الدكتور على محمد ناصر فقيهي، الطبعة الأولى عام 1404هـ. 11ـ الإرشاد إلى صحيح الاعتقاد: للدكتور صالح الفوزي، نشر مكتبة ابن تيمية بالقاهرة، طبع عام 1411هـ. 12ـ الاستغناء في معرفة المشهورين من حملة العلم بالكنى: لأبي عمر بن عبد البر الأندلسي، تحقيق الدكتور عبد الله مرحول السوالمة، نشر دار ابن تيمية للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى عام 1405هـ. 13ـ الأسماء والصفات: للإمام البيهقي، نشر دار الكتب العلمية – بيروت، عام 1405هـ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 249 14ـ الأسماء المبهمة في الأنباء المحكمة: للخطيب البغدادي، الناشر مطبعة الخانجي بالقاهرة، الطبعة الأولى عام 1405هـ. 15ـ الإصابة في تمييز الصحابة: لابن حجر العسقلاني نشر دار نهضة مصر بالقاهرة. 16ـ الاعتقاد والهداية إلى سبيل الرشاد: للبيهقي، تحقيق أحمد محمد مرسي، طبع 1380هـ. 17ـ الأعلام: لخير الدين الزركلي، الطبعة الثالثة، بدون تاريخ. 18ـ الإنصاف: لأبي بكر الباقلاني، تحقيق عماد الدين أحمد حيدر، نشر عالم الكتب – بيروت. 19ـ الإيمان: لأبي عبيد القاسم بن سلام، تحقيق الشيخ محمد ناصر الدين الألباني، نشر دار الأرقم بالكويت. 20ـ البداية والنهاية: لابن كثير، الطبعة الأولى عام 1966م. 21ـ البرهان في بيان القرآن: لابن قدامة المقدسي، نشر في مجلة البحوث الإسلامية عدد ((19)) بتحقيق الدكتور سعود الفنيسان. 22ـ البعث والنشور: للبيهقي، حقق رسالتين علميتين بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة ولم ينشر بعد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 250 23ـ البيهقي وموقفة من الإلهيات: للدكتور أحمد بن عطية الغامدي، نشر المجلس العلمي بالجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة، الطبعة الأولى عام 1402هـ. 24ـ التاريخ الكبير: للبخاري، نشر مؤسسة الكتب الثقافية – بيروت. 25ـ التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة: للقرطبي، تحقيق الدكتور أحمد حجازي السقا نشر دار الكتب العلمية – بيروت عام 1402هـ. 26ـ التعريفات: للجرجاني، الناشر دار الكتب العلمية الطبعة الأولى 1403هـ. 27ـ التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد: للحافظ أبي عمر بن عبد البر الأندلسي. 28ـ التنبيه والرد على أهل الأهواء والبدع: لأبي الحسين الملطي، تحقيق محمد زاهد الكوثري، الناشر مكتبة المثنى ببغداد عام 1388هـ. 29ـ التوحيد: للإمام محمد بن إسحاق بن خزيمة، تحقيق الدكتور محمد خليل هراس نشر مكتبة الكليات الأزهرية عام 1387هـ. الجامع الصحيح: للإمام الترمذي، تحقيق أحمد محمد شاكر الطبعة الأولى بمطبعة الحلبي عام 1356هـ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 251 31ـ الجامع الصحيح: لأبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري، ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي، الطبعة الأولى بالمطبعة السلفية بالقاهرة عام 1400هـ. 32ـ الخطط والآثار: للمقريزي، طبع مؤسسة الحلبي. 33ـ الرحلة في طلب الحديث: للخطيب البغدادي، تحقيق الدكتور نور الدين عتر، الناشر دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى عام 1495هـ. 34ـ الرد على الجهمية: للإمام ابن منده، تحقيق الدكتور على محمد ناصر فقيهي، الطبعة الأولى عام 1401هـ. 35ـ الرد على الجهمية: لعثمان بن سعيد الدارمي. ط بدون. 36ـ الروح: لابن قيم الجوزية، الناشر مكتبة ومطبعة محمد على صبيح عام 1393هـ. 37ـ السنة: لابن أبي عاصم، تحقيق الشيخ محمد ناصر الدين الألباني، نشر المكتب الاسلامي الطبعة الأولى عام 1400هـ. الشريعة: للآجري، أبو بكر محمد بن الحسين، تحقيق محمد حامد الفقي، الطبعة الأولى مطبعة السنة المحمدية عام 1369هـ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 252 39ـ الشفا بتعريف حقوق المصطفى: للقاضي عياض بن موسى اليحصبي، تحقيق محمد البجاوى، نشر دار الكتاب العربي ـ بيروت. 40ـ الصحاح: لإسماعيل بن حماد الجوهري، تحقيق أحمد عبد الغفور عطار، الطبعة الثانية عام 1302هـ. 41ـ الصفات: للإمام الحافظ على بن عمر الدارقطني، تحقيق الشيخ عبدلله الغنيمان، نشر مكتبة الدار بالمدينة المنورة، الطبعة الأولى عام 1402هـ. 42ـ الصواعق المنزلة: لابن قيم الجوزية، تحقيق الدكتور أحمد عطية الغامدي والدكتور على محمد ناصر فقيهي، الناشر كلية الدعوة بالجامعة الإسلامية الطبعة الأولى 1407هـ. 43ـ الطبقات الكبرى: لابن سعد، نشر دار صار – بيروت. 44ـ العقيدة التدمرية: لشيخ الاسلام ابن تيمية. 45ـ العلو للعلي الغفار: للذهبي، تحقيق عبد الكريم محمد عثمان، نشر المكتبة السلفية بالمدينة المنورة. 46ـ العواصم من القواصم: للقاضي أبي بكر بن العربي، تحقيق محب الدين الخطيب، الطبعة الرابعة عام 1389هـ، نشر المطبعة السلفية بالقاهرة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 253 47ـ الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان: لشيخ الإسلام ابن تيمية. 48ـ القلائد الجوهرية في تاريخ الصالحية: لمحمد بن طولون الصالحي. 49ـ الكامل في التاريخ: لابن الأثير، نشر دار الكتاب العربي بيروت، الطبعة الثانية عام 1387هـ. 50ـ الكتاب المصنف في الأحاديث والآثار: لأبي بكر بن أبي شيبة، تحقيق عبد الخالق الأفغاني، نشر الدار السلفية بالهند الطبعة الثانية عام 1399هـ. 51ـ الكشف الحثيث عمن رمي بوضع الحديث: لبرهان الدين الحلبي، تحقيق صبحي السامرائي، طبع مطبعة العاني في بغداد. 52ـ اللباب في تهذيب الأنساب: لابن الأثير الجزري، نشر دار صادر – بيروت. 53ـ المجموع المغيث في غريبي القرآن والحديث: لأبي موسى الأصبهاني، تحقيق عبد الكريم العزباوي، نشر مركز البحث العلمي بجامعة أم القرى الطبعة الأولى عام 1406هـ. المستدرك على الصحيحين: للحاكم، نشر دار الكتب العلمية – بيروت. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 254 55ـ المستفاد من ذيل تاريخ بغداد: لأحمد بن أيبك الحسيني المعروف بابن الدمياطي، نشر دار الكتاب العربي – بيروت. 56ـ المصنف: للحافظ أبي بكر عبد الرزاق بن همام، تحقيق حبيب الرحمن الاعظمي، نشر المكتب الإسلامي، الطبعة الثانية عام 1403هـ. 57ـ المعجم الكبير: للطبراني، تحقيق حمدي عبد المجيد السلفي، الطبعة الثانية بمطبعة الزهراء الحديثة بالموصل. 58ـ النهج الأحمد في تراجم أصحاب الإمام أحمد: لعبد الرحمن العليمي الحنبلي، مخطوط. 59ـ النهاية في غريب الحديث: لابن الأثير الجزري، تحقيق طاهر أحمد الزاوي، ومحمود الطناحي، نشر مكتبة الباز بمكة. 60ـ النهاية في الفتن والملاحم: لابن كثير، تحقيق محمد فهيم أبو عبية، نشر مكتبة النصر الحديثة بالرياض الطبعة الأولى عام 1968هـ. 61ـ تاريخ الثقات: للحافظ أحمد بن عبد الله العجلي، تحقيق الدكتور عبد المعطي قلعجي، نشر دار الكتب العلمية – بيروت، الطبعة الأولى عام 1405هـ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 255 62ـ تاريخ الجهمية والمعتزلة: لجمال الدين القاسمي، الطبعة الأولى بمطابع مؤسسة الرسالة في بيروت عام 1399هـ. 63ـ تاريخ الرسل والملوك: لأبي جعفر محمد بن جرير الطبري، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم الطبعة الثانية بدار المعارف بمصر. 64ـ تاريخ بغداد: للخطيب البغدادي، نشر المكتبة السلفية بالمدينة المنورة. 65ـ تاريخ خليفة بن خياط: تحقيق الدكتور أكرم ضياء العمري. نشر دار طيبة بالرياض الطبعة الثانية عام 1405هـ. 66ـ تأويل مختلف الحديث: لأبي محمد عبد الله بن مسلم ابن قتيبة، نشر دار الجيل – بيروت عام 1393هـ. 67ـ تذكرة الحفاظ: للذهبي، نشر دار إحياء التراث العربي ببيروت. 68ـ ترجيح أساليب القرآن على أساليب اليونان: لأبي عبد الله محمد بن المرتضى اليماني المشهور بابن الوزير، نشر دار الكتب العلمية في بيروت، الطبعة الأولى عام 1404هـ. تفسير القرآن العظيم: لابن كثير، تحقيق عبد العزيز غنيم وآخرون – مطبعة الشعب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 256 70ـ تقريب التهذيب: لابن حجر العسقلاني، طبع دار المعرفة للطباعة والنشر - بيروت. 71ـ تهذيب التهذيب: لابن حجر العسقلاني، الطبعة الأولى بمطبعة مجلس دائرة المعارف بالهند عام 1325هـ. 72ـ جامع البيان عن تأويل آي القرآن: لأبي جعفر محمد بن جرير الطبري، الطبعة الثالثة بمطبعة الحلبي عام 1388هـ. 73ـ جامع بيان العلم وفضله: للحافظ أبي عمر بن عبد البر، النشر دار الكتب العلمية – بيروت. 74ـ حلية الأولياء وطبقات الأصفياء: لأبي نعيم الأصفهاني، نشر دار الكتب العلمية – بيروت. 75ـ خلق أفعال العباد: للبخاري، نشر مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى عام 1404هـ. 76ـ دلائل النبوة: للبيهقي، تحقيق الدكتور عبد المعطي قلعجي، نشر دار الكتب العلمية – بيروت، الطبعة الأولى عام 1405هـ. ذم التأويل: لابن قدامة المقدسي، تحقيق بدر بن عبد الله البدر، نشر الدار السلفية بالكويت، الطبعة الأولى عام 1406هـ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 257 78ـ ذم الكلام وأهله: لأبي إسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري الهروي، محقق رسالة علمية بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، ولم ينشر بعد. 79ـ رد الإمام الدارمي عثمان بن سعيد على بشر المريسي العنيد: تحقيق الشيخ محمد حامد الفقي، نشر دار الكتب العلمية – بيروت. 80ـ زاد المعاد: لابن القيم، تحقيق شعيب الأرنؤوط، وعبد القادر الأرنؤوط، الناشر مؤسسة الرسالة، الطبعة الثامنة عام 1405هـ. 81ـ سلسلة الأحاديث الصحيحة: للألباني، الناشر المكتب الإسلامي في بيروت. 82ـ سنن ابن ماجه: ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي، طبع مطبعة الحلبي بمصر. 83ـ سنن أبي داود: تعليق عزت عبيد الدعاس الطبعة الأولى عام 1388هـ. سنن النسائي الطبعة الأولى بمطبعة الحلبي بمصر عام 1383هـ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 258 85ـ سيرة النبي صلى الله عليه وسلم: لأبي محمد عبد الملك بن هشام بن أيوب الحميري، مراجعة الشيخ محمد خليل هراس. الناشر مكتبة الجمهورية بالقاهرة. 86ـ سير أعلام النبلاء: للإمام الذهبي، تحقيق شعيب الأرنؤوط وآخرون، الطبعة الأولى بمطابع مؤسسة الرسالة عام 1405هـ. 87ـ شذرات الذهب: لابن العماد الحنبلي، نشر المكتب التجاري للطباعة والنشر – بيروت. 88ـ شرح السنة للبغوي: تحقيق شعيب الأرنؤوط، وزهير الشاويش، نشر المكتب الإسلامي. 89ـ شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة: للالكائي، تحقيق الدكتور أحمد سعد حمدان، الناشر دار طيبة بالرياض. 90ـ شرح العقيدة الواسطية: للدكتور محمد خليل هراس، نشر المكتبة السلفية بالمدينة المنورة. شرح العقيدة الطحاوية: للقاضي علي بن علي بن محمد بن أبي العز الدمشقي، تحقيق الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي وشعيب الأرناؤوط، نشر مؤسسة الرسالة الطبعة الأولى عام 1408هـ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 259 92ـ شرح حديث النزول: لابن تيمية، نشر المكتب الإسلامي، الطبعة الخامسة عام 1397هـ. 93ـ شرح صحيح مسلم: للنووي، الناشر المطبعة المصرية ومكتبتها. 94ـ شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري: للشيخ عبد الله بن محمد الغنيمان، نشر مكتبة الدار بالمدينة المنورة الطبعة الأولى عام 1405هـ. 95ـ شفاء العليل: لابن قيم الجوزية، تحقيق الحساني حسن عبد الله، نشر مكتبة دار التراث بالقاهرة. 96ـ شرح لمعة الاعتقاد: للشيخ محمد بن صالح العثيمين، الطبعة الثالثة بمطابع مؤسسة الرسالة عام 1405هـ. 97ـ صحيح ابن خزيمة: تحقيق الدكتور محمد مصطفى الأعظمي، نشر المكتب الإسلامي الطبعة الأولى عام 1395هـ. 98ـ صحيح سنن ابن ماجه: للشيخ محمد ناصر الدين الألباني، نشر مكتبة التربية العربي لدول الخليج، الطبعة الثالثة عام 1408هـ. صحيح مسلم: للإمام مسلم بن الحجاج، تحقيق وترقيم محمد فؤاد عبد الباقي، نشر دار إحياء الكتب العربية، الطبعة الأولى عام 1374هـ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 260 100ـ طبقات الحنابلة: للقاضي أبي الحسين محمد بن أبي يعلى، نشر دار المعرفة للطباعة والنشر – بيروت. 101ـ عقيدة السلف وأصحاب الحديث: لأبي عثمان الصابوني ضمن مجموعة الرسائل المنيرية، الطبعة الأولى بالمطابع المنيرية عام 1370هـ. 102ـ غاية المرام في علم الكلام: لسيف الدين الآمدي، تحقيق حسن محمود عبد اللطيف، نشر مطابع الأهرام التجارية بالقاهرة عام 1391هـ. 103ـ غريب الحديث: لابن قتيبة، تحقيق الدكتور عبد الله الجبوري، الطبعة الأولى بمطبعة العاني في بغداد عام 1397هـ. 104ـ فتح الباري شرح صحيح البخاري: للحافظ ابن حجر العسقلاني، طبع المطبعة السلفية بالقاهرة عام 1380هـ. 105ـ فتيا وجوابها في ذكر الاعتقاد وذم الاختلاف: للحافظ أبي العلاء الحسن بن أحمد الهمداني، تحقيق عبد الله بن يوسف الجديع، نشر دار العاصمة بالرياض، الطبعة الأولى عام 1409هـ. فضائل القرآن: للإمام أحمد بن شعيب النسائي تحقيق الدكتور فاروق حماده، الطبعة الأولى عام 1400هـ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 261 107ـ كتاب السنة: لعبد الله بن أحمد بن حنبل، تحقيق الدكتور محمد بن سعيد القحطاني، نشر دار ابن القيم الطبعة الأولى عام 1406هـ. 108ـ لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية: للشيخ محمد بن أحمد السفاريني، طبع مطبعة المدني بالقاهرة. 109ـ مختصر كتاب العلو للعلي الغفار: للذهبي، اختصار الألباني، الناشر المكتب الإسلامي عام1401هـ. 110ـ مجمع الزوائد ومنبع الفوائد: لنور الدين الهيثمي، نشر دار الريان للتراث عام 1407هـ. 111ـ مجمع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية: طبع مطابع الحكومة بالرياض. 112ـ مسند أبي داود الطيالسي: نشر دار المعرفة في بيروت. 113ـ مسند الإمام أحمد بن حنبل: نشر الكتب الإسلامي. 114ـ مسند ابن المبارك: بتحقيق صبحى السامرائي، نشر مكتبة المعارف بالرياض، الطبعة الأولى عام 1407هـ. 115ـ مشكل الحديث: لابن فورك، محمد بن الحسن، تحقيق موسى محمد علي، نشر دار الكتب الحديثة بالقاهرة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 262 116ـ معالم السنن: للخطابي بهامش سنن أبي داود، الطبعة الأولى عام 1388هـ. 117ـ معجم البلدان: لأبي عبد الله ياقوت بن عبد الله الحموي، الناشر دار إحياء التراث العربي – بيروت. 118ـ معجم مقاييس اللغة لابن فارس، بتحقيق عبد السلام محمد هارون الطبعة الثانية بمطبعة الحلبي عام 1389هـ. 119ـ مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين: لأبي الحسن علي بن إسماعيل الأشعري، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد، نشر مكتبة النهضة المصرية عام 1389هـ. 120ـ مناظرة ابن قدامة المقدسي مع بعض المبتدعة: مخطوط مصور ضمن مجموعة بمكتبة الجامعة الاسلامية رقم ((2466)) . 121ـ مناقب الإمام أحمد بن حنبل: لأبي الفرج ابن الجوزي، تحقيق الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي، الناشر مكتبة الخانجي بمصر، الطبعة الأولى عام 1399هـ. 122ـ منهاج السنة النبوية: لابن تيمية، تحقيق الدكتور محمد رشاد سالم، الناشر جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، الطبعة الأولى عام 1406هـ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 263 123ـ ميزان الاعتدال في نقد الرجال: للإمام الذهبي، تحقيق على محمد البجاوي، نشر دار المعرفة في بيروت. 124ـ موطأ الإمام مالك: ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي، طبع مطبعة الحلبي عام 1370هـ. 125ـ هداية العارفين: لإسماعيل باشا البغدادي، الناشر دار الكتب العلمية – بيروت. وفيات الأعيان: لابن خلكان، تحقيق الدكتور إحسان عباس، نشر دار صادر – بيروت. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 264