الكتاب: اللمحة في شرح الملحة المؤلف: محمد بن حسن بن سِباع بن أبي بكر الجذامي، أبو عبد الله، شمس الدين، المعروف بابن الصائغ (المتوفى: 720هـ) المحقق: إبراهيم بن سالم الصاعدي الناشر: عمادة البحث العلمي بالجامعة الإسلامية، المدينة المنورة، المملكة العربية السعودية الطبعة: الأولى، 1424هـ/2004م عدد الأجزاء: 2   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع وهو مذيل بالحواشي] ---------- اللمحة في شرح الملحة ابن الصَّائغ الكتاب: اللمحة في شرح الملحة المؤلف: محمد بن حسن بن سِباع بن أبي بكر الجذامي، أبو عبد الله، شمس الدين، المعروف بابن الصائغ (المتوفى: 720هـ) المحقق: إبراهيم بن سالم الصاعدي الناشر: عمادة البحث العلمي بالجامعة الإسلامية، المدينة المنورة، المملكة العربية السعودية الطبعة: الأولى، 1424هـ/2004م عدد الأجزاء: 2   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع وهو مذيل بالحواشي] المجلد الأول مقدمة ... كتاب اللمحة في شرح الملحة تأليف: محمد بن الحسن الصايغ (645 - 720هـ) تحقيق: إبراهيم بن سالم الصاعدي بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مقدمة المحقق أَحْمَدُ الله - تَعَالَى - حَمْدًا يَليْقُ بِجَلاَلِهِ، عَلَى مَا أَسْدَاهُ مِنْ دَقَائِقِ نَعْمَائِهِ، وجَلاَئِلِ آلاَئِهِ، وصَلاَةً وسَلاَمًا عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ. وَبَعْدُ؛ فَإِنَّ فِي مَكْتَبَتِنَا الْعَرَبِيَّةِ تُرَاثًا غَزِيرًا، حَفَلَتْ بِهِ مُنْذُ أَنْ مَكَّنَ اللَّهُ لِهَذهِ الأُمَّةِ فِي الأَرْضِ بِمَا مَنَّ بِهِ عَلَيْهَا مِنْ إِقَامَةِ دِيْنِهِ، وَتَحْكِيْمِهِ فِي كُلِّ صُقْعٍ حَلَّتْ فِيهِ. وَكَانَ لِعُلُومِ الْعَرَبِيَّةِ وَآدَابِهَا نَصِيْبٌ مَوْفُورٌ فِي خَزَائِنِ الكُتُبِ شَرْقًا وَغَرْبًا؛ وَكَانَت تِلْكَ الْخَزَائِنُ مَرْجِعًا لِطُلاّبِ العِلمِ على مُخْتَلَفِ العصور؛ حتّى عَصْرنَا هذَا الّذي تَيَسّرتْ فِيهِ أَسْبَابُ الإِفَادَة مِنْ ذَلِكَ الرَّصِيدِ الضَّخْمِ، حَيْثُ فَتَحَتِ الْجَامِعَاتُ أَبْوَابَهَا، وَمَدَّتْ يَدَ الْعَوْنِ وَالْمُسَاعَدَةِ لِطُلاَّبِ الْعِلْمِ وَالْمَعْنِيِّينَ بِتَحْقِيقِ التُّرَاثِ؛ ليَعُمَّ الانْتِفَاعُ بِهِ. وَلَقَدْ وَدِدْتُ أَنْ أُشَارِكَ بِسَهْمٍ فِي هَذَا الْمَجَالِ الرَّحْبِ؛ فَأَخَذْتُ أَبْحَثُ تَارَةً وَأَسْأَلُ أَهْلَ الشَّأْن تَارَةً، حَتَّى اهْتَدَيْتُ - بِفَضْلِ اللَّهِ - إِلَى شَرْحٍ نَفِيْسٍ مِنْ شُرُوحِ (مُلْحَةِ الإِعْرَاب) ، وَهُوَ المُسمّى (اللَّمْحَةَ فِي شَرْحِ المُلْحَةِ) لمحمَّد بنِ الحسن الصَّايِغ، فَاسْتَشَرْتُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 7 شكر وتقدير: أَحْمَدُ اللهَ العَليّ العظيمَ الَّذِي سلَكَ بِي سَبِيلَ العِلْمِ، وَوَفَّقَنِي لإتمام هذا الكِتَاب. ثُمَّ أَشْكُرُ لِوالِديّ اللّذين كَانَ لَهُمَا الفَضْلُ بَعْد اللهِ تَعَالى فِي مُوَاصَلَة دِرَاسَتِي العُلْيَا؛ حَيْثُ هَيَّا لِي كُلَّ السُّبل، وحَثَّانِي عَلَى إِنْجَازِ هَذَا العَمَل، فَأََسْأل اللهَ أَنْ يَجْزِيَهُمَا عَنِّي خَيْراً، وَيُبَارِكَ فِي عُمْرِهِمَا. كَمَا أَشْكُرُ الْقَائِمِينَ عَلَى هَذَا الصَّرْحِ الْعِلْمِيِّ الشَّامِخِ؛ أَعْنِي الْجَامِعَةَ الإِسْلاَمِيَّةَ فِي الْمَدِيْنَةِ النَّبَوِيَّةِ؛ الَّذِيْنَ مَا فَتِئُوا يُولُونَ أَبْنَاءَ الأُمَّةِ الإِسْلاَمِيَّةِ جُهُودَهُمْ المُبَارَكَة، وَيُعِدُّونَهُمْ لِتَحَمُّلِ أَعْبَاءِ الدَّعْوَةِ إِلَى اللهِ عَلَى هَدْيٍ مِنَ كِتَابِهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْه وَسَلَّم. كَمَا أُزْجِي الشُّكْرَ لِفَضِيْلَةِ شَيْخِي وَمُشْرِفِي الدُّكْتُور مُحَمَّدُ بْنُ عَوَضٍ السِّهْلِيّ؛ الَّذِي تَكَرَّمَ بِالإِشْرَافِ عَلَى هَذِهِ الرِّسَالَة، وَأَعْطَانِي مِنْ وَقْتِهِ الثَّمِين مَا أَعْطَانِي، وَوَاكَبَ خُطُوَاتِ البَحْثَ، وَشَارَكَنِي هُمُومَهُ؛ فَلَقَدْ وَجَدْتُ فِيْهُ خُلُقَ الْعُلَمَاءِ، وَكَرَمَ الْفُضَلاءِ؛ فَجَزُاهُ اللَّهُ عَنِّي خَيْرَ الْجَزَاءِ، وَبَارَكَ فِيْهِ وَفِي عَقِبِهِ، وَجَعَلَ مَا قَدَّمَهُ لِي فِي مِيْزَانِ حَسَنَاتِهِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 10 مَشَايِخِي الأَجِلاَّءَ فِيهِ، فَامْتَدَحُوا الْكِتَابَ، وَأَشَارُوا عَلَيَّ بِتَحْقِيقِه؛ لِذَا عَقَدْتُ الْعَزْمَ عَلَى تَحْقِيقِهِ وَدِرَاسَتِهِ - مُسْتَعِيْنًا بِاللَّهِ تَعَالَى-، لِيَكُونَ مَوْضُوعَ رِسَالَتِي العالمِيّة (المَاجستير) ؛ وَكَانَ مِنْ أَهَمِّ الأَسْبَابِ الَّتِي دَفَعَتْنِي إِلَى ذَلِكَ مَا يَلِي: 1- أَنَّ هَذَا الْكِتَابَ شَرْحٌ لِمَنْظُومَةِ (مُلْحَةِ الإِعْرَابِ) الَّتِي تُعَدُّ مِنْ أَوَائِلِ الْمَنْظُومَاتِ النَّحوِيَّةِ الَّتِي وَصَلَتْ إِلَيْنَا كَامِلَةً؛ وَلَقَدْ طَبَّقَتْ شُهْرَتُهَا الآفَاقَ، إِذْ تَنَاوَلَهَا جَمْعٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ شَرْحًا وَاخْتِصَارًا وَإِعْرَابًا. 2- أَنَّ هَذَا الْكِتَابَ يُعَدُّ مِنْ أَوْسَعِ الْكُتُبِ الَّتِي شَرَحَتِ (الْمُلْحَة) ؛ فَقَدْ تَمَيَّزَ بِكَثْرَةِ عَرْضِهِ لِلْمَسَائِلِ النَّحوِيَّةِ، وَأَقْوَالِ الْعُلَمَاءِ، وَمُنَاقَشَتِهَا، وَكَثْرَةِ شَوَاهِدِهِ، وَتَنَوُّعِهَا. 3- أَنَّ مُؤَلِّفَ هَذَا الْكِتَاب عَاشَ فِي الْقَرْنِ الثَّامِن، وَهُوَ الْقَرْنُ الَّذِي نَشِطَتْ فِيهِ الدِّرَاسَاتُ الإِسْلاَمِيَّةُ، وَكَثُرَتْ فِيهِ الْمُؤَلَّفَاتُ، وَتَمَيَّزَ فِيهِ كَوْكَبَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ الأَعْلاَمِ، كَأَبِي حَيَّان، وَالْمُرَادِي، وَابْنِ هِشَام، وَابْنِ عَقِيلٍ، مِمَّا كَانَ لَهُ أَبْلَغُ الأَثَرِ فِي إِيْجَادِ مُجْتَمَعٍ عِلْمِيّ مُتَمَيِّزٍ ظَهَرَتْ آثَارُهُ فِي تِلْكِ الدِّرَاسَاتِ. 4- الْكَشْفُ عَنْ مَعَالِمِ شَخْصِيَّةِ الصَّائِغِ؛ لأنّه لَمْ يُحَقَّقْ لَهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 11 أَيُّ كِتَابٍ قَبْلَ هَذَا - على حدِّ عِلْمِي، وَلَمْ تُدْرَسْ شَخْصِيَّتُهُ. 5- أَنَّ فِي تَحْقِيقِ هَذَا الْكِتَاب مُشَارَكَةً فِي إِحْيَاءِ كُتُبِ التُّرَاثِ الَّتِي ظَلَّتْ قَابِعَةً فِي رُفُوفِ الْمَكْتَبَاتِ زَمَنًا طَوِيلاً. فَكَانَتْ هَذِهِ الأَسْبَابُ مُجْتَمِعَةً مِنْ أَهَمَّ مَا دَفَعَنِي إِلَى تَحْقِيقِ هَذَا الْكِتَابِ. هَذَا، وَقَدْ اقْتَضَت طَبِيعَةُ الْبَحْث أَنْ أُقَسِّمَهُ قِسْمَيْنِ رَئِيسَيْنِ: الْقِسْمُ الأَوَّلُ: الدِّرَاسَةُ، وَتَشْتَمِلُ عَلَى تَمْهِيد، وَفَصْلَيْن: التَّمْهِيدُ: وَفِيهِ تَعْرِيفٌ مُوجَزٌ بِالْحَرِيرِيّ صَاحَبِ الْمَنْظُومَةِ الَّتِي نَحْنُ بِصَدَدِ تَحْقِيْقِ شَرْحِهَا. الفَصْلُ الأَوَّلُ: الصَّايِغ، وَفِيهِ أَرْبَعَةُ مَبَاحِث: المَبحَثُ الأَوَّلُ: اسْمُهُ، وَنَسَبُهُ، وَكُنْيَتُه، وَلَقَبُهُ. المبَحَثُ الثَّانِي: مَوْلِدُهُ، وَنَشْأَتُهُ، وَوَفَاتُهُ. المَبحَثُ الثَّالِث: شُيُوخُهُ، وَتَلاَمِيذُهُ. المَبْحَثُ الرَّابِعُ: مُصَنَّفَاتُهُ. الفَصْلُ الثَّانِي: (اللَّمْحَةُ فِي شَرْحِ المُلْحَةِ) ، وَفِيه سِتَّةُ مَبَاحِث: المَبحَثُ الأَوَّلُ: تَوْثِيقُ اسْمِ الْكِتَابِ، وَنِسْبَتِهِ إِلَى مُؤَلِّفِهِ. المَبحَثُ الثَّانِي: مَنْهَجُ الْمُؤَلِّفِ فِي الْكِتَابِ. المَبْحَثُ الثَّالِثُ: مَصَادِرُهُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 12 المَبْحَثُ الرَّابِعُ: شَوَاهِدُهُ. المَبْحَثُ الخَامِسُ: مُوَازَنَةٌ بَيْنَ (اللَّمْحَةِ) وَ (شَرْحِ الْحَرِيرِيِّ عَلَى المُلْحَة) . المَبْحَثُ السَّادِسُ: تَقْوِيمُ الْكِتَاب. الْقِسْمُ الثَّانِي: التَّحْقِيقُ، وَيَشْتَمِلُ عَلَى مَا يَلِي: 1- وَصْفُ النُّسَخِ الْخَطِّيَّةِ الْمُعْتَمَدَةِ فِي التَّحْقِيق. 2- مَنْهَجِي فِي التَّحْقِيقِ. 3- النَّصُّ الْمُحَقَّق. ثُمَّ ذَيَّلْتُ الكِتَابَ بِالْفَهَارِسِ الْفَنِّيَّةِ اللاَّزِمَة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 13 كَمَا أَشْكُرُ جَمِيعَ أَسَاتِذَتِي الَّذِينَ سَاعَدُونِي فِي إِنْجَازِ هَذَا الْكِتَاب؛ وَعَلَى رَأسِهم فَضِيلَة الأُستاذ الدّكتور/ عليّ بن سُلْطَان الحكميّ؛ رئيس قسم اللّغويات بالكلّية. كَمَا أَشْكُرُ زَوْجَتِي المُخْلِصَة؛ لِمَا بَذَلَتْه مِنْ صَبْرٍ ومُسَاعَدةٍ، كَانَ لَهُمَا الأَثَرُ الكَبِيرُ فِي مُوَاصَلةِ الدِّرَاسَةِ وَالتَّحْصِيلِ. كَمَا أَشْكُرُ إخوَاني الأوفِيَاء؛ وأَخُصُّ منْهُم بالذّكر أَخي الشّيخ عبد الله الّذي قَدَّم لِي يدَ العَوْنِ والمُسَاعَدةِ في سَبِيلِ إِنْجَازِ هذا العَمَل. وَبَعْدُ؛ فَلَقَدْ بَذَلْتُ فِي هَذَا الْكتاب كُلَّ مَا فِي وُسْعِي، وَلَكِنَّنِي - مَعَ ذَلِكَ - لاَ أَدَّعِي فِيهِ الْوُصُولَ إَلَى الْكَمَال؛ فَمَا كَانَ فِيهِ مِنْ صَوَابٍ فَهُوَ مِنَ فَضْلِ اللَّهِ - تَعَالَى - وَكَرَمِهِ وَتَوْفِيقِهِ، وَمَا كَانَ فِيهِ مِنْ خَطَأ أَوْ زَلَلٍ أَوْ تَقْصِير فَهُوَ مِنِّي، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ، وَحَسْبِي أَنِّي تَحَرَّيْتُ الصَّوَابَ جُهْدِي، وَبَحَثْتُ عَنْهُ مَا اسْتَطَعْتُ. وَخِتَامًا أَسْأَلُ اللَّهَ - تَعَالَى - أَنْ يَجْعَلَ هَذَا الْعَمَلَ خَالِصًا لِوَجْهِهِ الْكَرِيم، وَأَنْ يُوَفِّقَنِي لِمَا يُحِبُّ وَيَرْضَى، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ، وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ. وكتب إبراهيم بن سالم الصّاعديّ 27/4/1419هـ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 14 القسم الأول: قسم الدراسة التمهيد ... التمهيد تعريف موجز بالحريريّ: الحريريّ1 هو: أبو محمّد القاسم بن عليّ بن محمّد بن عثمان الحريريّ2 الحراميّ3 البصريّ؛ وينتهي نسبُه إلى رَبِيعةَ الفَرَس4. ولد الحريريّ في قرية (المَشَانّ) 5 من أعمال البصرة، سنة   1 تُنظر ترجمته في: نزهة الألبّاء 278، وخريدة القَصْر - قسم العراق - 4/599، والمنتظم 9/241، والكامل في التّأريخ 8/305، ومعجم الأدباء 16/261، وإنباه الرّواة 3/23، ووفيات الأعيان 4/63، وإشارة التّعيين 263، وسير أعلام النّبلاء 19/460، وطبقات الشّافعيّة للسّبكيّ 7/266، والبداية والنّهاية 12/205، والبُلغة 173، والنّجوم الزّاهرة 5/235، وبُغية الوُعاة 2/257، وشذرات الذّهب 4/50، والأعلام 5/177، ومعجم المؤلِّفين 8/108. 2 الحريريّ: نسبة إلى الحرير وعمله، أو بيعه. يُنظر: وفيات الأعيان 4/67. 3 الحراميّ: نسبة إلى خُطَّةٍ كبيرة بالبصرة، سكنها بنو حرام - قبيلةٌ من العرب -، فنُسبت إليهم. يُنظر: معجم البُلدان 2/235، ووفيات الأعيان 4/67. 4 بنو ربيعة الفَرَس: حيٌّ من مُضَر من العدنانيّة؛ وهم بنو ربيعة بن نِزار بن مَعَدِّ بن عدنان؛ وسُمِّي ربيعةُ بن نِزار بربيعة الفرَس؛ لأنّ أباه حينما حضرته الوفاة أوصى له بالخيْل الدُّهْم وما أشبهها. يُنظر: نهاية الأرَب 242، 382. 5 المَشَانّ: بُلَيْدَةٌ قريبةٌ من البصْرة؛ كثيرة التّمر والفواكه. يُنظر: معجم البُلدان 5/131، ومعجم الأدباء 16/261، ووفيات الأعيان 4/67. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 19 ستّ وأربعين وأربعمائة من الهجرة؛ وفيها قضى طُفولته وبعض صباه، ثمّ انتقل إلى البصرة، وفيها تلقّى أنواع العلوم على كبار الشّيوخ في ذلك العَصْر. فقد قرأ النّحو على أبي القاسم الفضْل بن محمّد القَصَبَانيّ1، ثم دخل بغداد فقرأ النّحو والأدب على عليّ بن فَضّال المجاشعيّ2، وتفقّه على ابن الصّبّاغ3، وأبي إسحاق الشّيرازيّ4، وقرأ الفرائض والحساب على أبي حكيم الخَبْرِيّ5. وكان الحريريّ من ذَوِي الجاه واليَسَار؛ له مُلْكٌ حَسَنٌ بالمَشَانّ؛ يقال: إنّه كان له ثماني عشرة ألف نخْلة6. وكان من ذوي الوجاهة لدى السّلطان؛ فقد كان صاحب الخبَر7 بالبصرة؛ وهو منصبٌ ظلّ به إلى أنْ مات؛ فتوارثه أولادُه من بعده8.   1 تُنظر ترجمته في: نزهة الألبّاء 257، وإشارة التّعيين 257، وبُغية الوُعاة 2/246. 2 تُنظر ترجمته في: إنباه الرّواة 2/299، والبُلغة 155، وبُغية الوُعاة 2/183. 3 تُنظر ترجمته في: وفيات الأعيان 3/217، وطبقات الشّافعيّة للسّبكيّ 5/122. 4 تُنظر ترجمته في: وفيات الأعيان 1/29، وطبقات الشّافعيّة للسّبكيّ 4/215. 5 تُنظر ترجمته في: إنباه الرّواة 2/98، وبُغية الوُعاة 2/29. 6 يُنظر: إنباه الرّواة 3/25، وسير أعلام النّبلاء 19/465. 7 صاحبُ الخبر هو: الّذي يحمل إلى الخليفة أخبار النّاس، والجيش، والإدارة؛ وهي وظيفة شبيهة بالاستخبارات في هذه الأيّام. يُنظر: تأريخ الأدب العربيّ لعمر فرّوخ 3/238، 239. 8 يُنظر: معجم الأدباء 16/262. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 20 وكان - رحمه الله - أديبًا، لغويًّا، نحويًّا، ناظمًا، ناثرًا1؛ وكان غايةً في الذّكاء، والفِطْنة، والفصاحة، والبلاغة2. توفّي - رحمه الله - في البصرة، في محلّة بني حرام؛ سنة ستّ عشرة وخمسمائة من الهجرة، وعمرُه سبعون سنة3. وقد ترك من المصنّفات ما يلي: 1- دُرَّةُ الغَوَّاصّ في أوهام الخَوَاص4. وهو كتابٌ بَيَّن فيه أغلاط الكُتّاب فيما يستعملونه من الألفاظ في غير معناه، أو في غير موضعه. 2- المقامات5.   1 يُنظر: معجم المؤلِّفين 8/108. 2 يُنظر: معجم الأدباء 16، 262، وبُغية الوُعاة 2/257. 3 يُنظر: إنباه الرّواة 3/27، ووفيات الأعيان 4/67، وسير أعلام النّبلاء 19/465. 4 طُبِعَ هذا الكتاب في ليبزج سنة 1871م، وبمصر سنة 1273هـ، وغيرها. ثم حقّقه أخيرًا الأستاذ محمّد أبو الفضْل إبراهيم، وطبعه في مصر سنة 1975م. وشرحه شهاب الدّين أحمد بن محمّد الخفاجيّ؛ وطُبع هذا الشّرح في إستانبول سنة 1299?. يُنظر: تأريخ الأدب العربيّ لبروكلمان 5/151، ومعجم المطبوعات العربيّة والمعرّبة 1/748، وتأريخ آداب اللّغة العربيّة 2/40. 5 طُبعت مرارًا في أوربّا، والهند، والشّام، ومصر. يُنظر: تأريخ الأدب العربيّ لبروكلمان 5/145، ومعجم المطبوعات العربيّة والمعربّة 1/749، 750، وتأريخ آداب اللّغة العربيّة 2/39. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 21 وهي أشهرُ كتبه على الإطلاق؛ قال ياقوت الحمويّ1: "وله صانيف تشهد بفضلِهِ، وتُقِرُّ بِنُبْلِهِ؛ وكفاه شاهدًا كتاب "المقامات" الّتي أَبَرَّ بها على الأوائل وأعجز الأواخر". وقد بدأ تأليفَها سنة 495هـ2؛ ودام تأليفها بضع سنوات، وجعلها خمسين مقامة. وقد اعتنى بشرحها عددٌ كبيرٌ من العلماء؛ فمنهم مَن طَوَّل، ومنهم من اختصر3. 3- ملحة الإعراب4. وهي أُرجوزة في النّحو، تقع في 377 بيتًا؛ ومطلُعها: أَقُولُ مِنْ بَعْدِ افْتِتَاحِ القَول ... بحمد ذي الطول شديد الحول 4- شرح ملحة الإعراب5.   1 معجم الأدباء 16/262. 2 يُنظر: معجم الأدباء 16/283، وتأريخ الأدب العربيّ لبروكلمان 5/145. 3 يُنظر: وفيات الأعيان 4/65، وتأريخ الأدب العربيّ لبروكلمان 5/147. 4 طُبعت مرارًا في باريس، وبيروت، ومصر؛ وطُبعت أخيرًا في المملكة العربيّةالسّعوديّة، في دار العليّان للنّشر والتّوزيع ـ بريدة ـ سنة 1407هـ. يُنظر: تأريخ الأدب العربيّ لبروكلمان 5/152، ومعجم المطبوعات العربيّة والمعرّبة 1/750، وتأريخ آداب اللّغة العربيّة 2/40. 5 ملحة الإعراب 5. 6طُبع في بولاق سنة 1292هـ، ومطبعة شرف بمصر سنة 1302هـ، والمطبعة الميمنيّة 1306هـ؛ ثم طُبع أخيرًا في المملكة العربيّة السّعوديّة سنة 1412هـ بتحقيق الدّكتور: أحمد محمّد قاسم ـ رحمه الله ـ، ونشرته دار التّراث بالمدينة النّبويّة. يُنظر: معجم المطبوعات العربيّة والمعرّبة 1/750. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 22 5- كتاب رسائل الحريري1. ومن هذه الرّسائل: الرّسالة السّينيّة، والرّسالة الشّينيّة2؛ كلّ كلمة في الأولى تحوي سينًا، وكلّ كلمة في الثّانية تحوي شينًا. 6- كتاب شعر الحريري3. 7- الفرْق بين الضّاد والظّاء4. 8- توشيح البيان5.   1 يُنظر: معجم الأدباء 16/271. 2 طُبعتا بآخر كتاب (المقامات) بالمطبعة الحسينيّة سنة 1326هـ، ثم أُعيد طبعها بآخر كتاب (المقامات) أيضًا في مطبعة الحلبيّ. يُنظر: معجم المطبوعات العربيّة والمعرّبة 1/750. 3 يُنظر: معجم الأدباء 16/271. ومنه نُسخة خطّيّة في مكتبة برلين تحت رقم 7022. يُنظر: تأريخ الأدب العربيّ لبروكلمان 5/151. 4 يُنظر: معجم الأدباء 16/271، وإنباه الرّواة 3/25، وبُغية الوُعاة 2/259، ومعجم المؤلِّفين 8/108. 5 نسبه إليه ابن حجّة الحمويّ في كتابه ثمرات الأوراق 40. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 23 الفصل الأول: الصايغ المبحث الأول: اسمه، ونسبُه، وكنيته، ولقبه ... المبحث الأوّل: اسمه، ونسبُه، وكنيته، ولقبه هو الإمام، العلاّمة، النّحويّ، اللّغويّ؛ شمس الدّين1 أبو عبد الله محمّد ابن الحسن2 بن سِبَاع بن أبي بكر المصريّ الأصل، الدّمشقيّ المولد والوفاة؛ المعروف بـ (الصّايغ) 3؛ - بالياء - وهو غير ابن الصائغ المشهور -   1 تُنظر ترجمته في: ذُيول العِبَر4/58، وتأريخ ابن الورْديّ 2/386، والوافي بالوفيات 2/361 - 363، وفوات الوفيات 3/326 - 330، والبداية والنّهاية 14/101، وعقود الجمان 232، 233، والسّلوك لمعرفة الملوك 2/239، وطبقات ابن قاضي شُهْبَة 78، والدُّرر الكامنة 4/40، والمنهل الصّافي 6/96، والدّليل الشّافي 2/614، والنّجوم الزّاهرة 9/248، 249، وتاج التّراجم 258، وبُغية الوُعاة 1/84، ودرّة الحجال 2/303، 305، وكشف الظّنون 2/1072، 1438، 1808، وشذرات الذّهب 6/53، وإيضاح المكنون 2/552، 3/513، وهديّة العارفين 2/145، والأعلام 6/87، ومعجم المؤلّفين 9/192. 2 وفي بعض المصادر (حسن) بدون (أل) . يُنظر: ذيول العِبَر 4/58، والنّجوم الزّاهرة 9/248، والدّليل الشّافي 2/614، ودرّة الحجال 2/303، وإيضاح المكنون 2/552، والأعلام 6/87. وفي البداية والنّهاية 14/101: (محمّد بن حسين) ، وهو تصحيف. 3 ينظر: الوافي بالوفيات 2/361، وفوات الوفيات 3/326، وشذرات الذهب 6/53. وفي بعض المصادر: (الصائغ) بالهمزة؛ ينظر: الدليل الشافي 2/614. وفي بعض المصادر: (ابن الصّائغ) وهو المثبت على غلاف النسخة: (أ) وإن كان فيه طمس. ويُنظر: الدرر الكامنة 4/40، وتاج التراجم 258، ودرة الحجال 2/303. والصحيح هو الأول – الصّايغ – لثلاثة أدلة: 1- أنّ هذا هو المثبت في مقدمة النسخة: (أ) ، وعلى غلاف النسخة (ب) وفي خاتمتها. 2- ما ذكره المترجمون من أنّ له حانوتاً بالصّاغة، فهذا يدل على أنه هو الصّايغ وليس والده. 3- أن هذا هو المثبت في كثير من المصادر التي ترجمت للمؤلف، وقد سبق ذكرها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 27 كما نصّ على ذلك السّيوطيّ في البُغية -1. وينتهي نَسَبُهُ إلى بني جُذام عمرو بن عديّ بن الحارث بن مرّة بن أُدَد ابن زيد بن يَشْجُب بن عريب بن زيد بن كهْلان بن سَبَأ، وهو عامر بن يَشْجُب بن يَعْرب بن قحْطان2. وقد كُتب على صفحة العنوان من النّسخة (ب) : "شمس الدّين محمّد   1 بُغية الوُعاة 1/84. وابن الصّائغ المشهور هو: محمّد بن عبد الرّحمن بن عليّ بن أبي الحسن الزّمرّديّ؛ شمس الدّين أبو عبد الله، المعروف بابن الصّائع. وُلد سنة 716?، واشتغل بالعلم، وبرع في اللّغة، والنّحو، والفقه؛ وأخذ عن الشّهاب بن المرحّل، وأبي حيّان. وكان ملازمًا للاشتغال، كثير المعاشرة للرّؤساء، كثير الاستحضار؛ فاضلاً، بارعًا، حسن النّظم والنّثر، قويّ البادرة، دَمِثَ الأخلاق؛ ولي قضاء العسْكر، وإفتاء دار العدْل، ودرّس بالجامع الطّولونيّ وغيره. ومن مصنّفاته: شرح المشارق في الحديث، وشرح الألفيّة لابن مالك، والتّذكرة في النّحو - في عدّة مجلّدات -، وغيرها. توفّي سنة 776?. يُنظر: الوافي بالوفيات 3/244، والدّرر الكامنة 4/119، 120، والدّليل الشّافي 2/635، وبُغية الوُعاة 1/155. 2 يُنظر: جمهرة أنساب العرب 329، 420، 421، ونهاية الأرب 191، 366. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 28 ابن بدر الدّين حسن ... " ولم تذكر جميع المصادر (بدر الدّين) هذا؛ وكأنّ إيرادَه تصرُّفٌ من النّاسخ؛ لأنّه كتب في آخر النّسخة: "نجز ما ألّفه الشّيخ، الإمام، شمس الدّين محمّد بن حسن ... "؛ ولم يذكر (بدر الدّين) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 29 المبحث الثاني: مولده، ونشأته، ووفاته أوّلاً - مولده، ونشأته: وُلد الصّايغ في دمشق في شهر صفر، سنة خمس وأربعين وستمائة1. وبالرّجوع إلى المصادر الّتي تناولت حياة الصّايغ لم أجد أحداً ذكر شيئاً عن نشأته في طفولته، وشبابه وحياته العلميّة، إلاّ ما ذُكِرَ من أنّه كان له حانوت بالصّاغة يقرئ الطّلبة فيه العربيّة والعروض والأدب؛ وقد أقرأ (ديوان المتنبّي) و (الحماسة) ، وغير ذلك2. وكان يسكن بين دَرْب الحبّالين والفراش عند بُستان القطّ3. وكان حسن الأخلاق، متواضعاً، ذا فضائل4. وكان فيه وُدّ، لطيف المحاورة والمحاضرة5. وكانت حياتُه حافلة بالتّنقّل؛ فقد نشأ في دمشق، ثم انتقل إلى مصر، ثم عاد مرّة أخرى إلى دمشق 6.   1 يُنظر: الدّرر الكامنة 4/40، والنّجوم الزّاهرة 9/248، وبُغية الوُعاة 1/84. وفي البداية والنهاية 14/101 وُلد بمصر. 2 يُنظر: الدرر الكامنة 4/40، وبُغية الوُعاة 1/84. 3 البداية والنهاية 14/101. 4 يُنظر: الدرر الكامنة 4/40، وبُغية الوُعاة 1/84. 5 البداية والنّهاية 14/101. 6 يُنظر: السّلوك جـ 2، قسم 1/239. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 31 ثانياً - وفاتُه: توفّي الصّايغ في داره بدمشق، يوم الاثنين1 ثالث شعبان2، سنة 720هـ، ودفن بباب الصّغير3، عن خمس وسبعين4 سنة رحمه الله. وقيل: إنّه توفّي سنة 722هـ5. وذكر ابن القاضي6 أنّه توفّي سنة 721?؛ ولم أجد مَن تابعه على ذلك. وذكر السيوطيّ7 أنّه توفّي سنة 725، ووافقه صاحب (كشف الظنون) 8؛ لكنّه ذكر في مواضع أخرى التأريخين الأولين9.   1 نصّ على ذلك ابن كثير في البداية والنّهاية 14/101. 2 وفي الدرر الكامنة 4/40: (أو رمضان) . 3 نصّ على ذلك ابن كثير في البداية والنّهاية 14/101. 4 يُنظر: ذيول العبر 4/58، والبداية والنّهاية 14/101، وطبقات ابن قاضي شُهْبة 87، والدرر الكامنة 4/40، والنّجوم الزّاهرة 9/248، وشذرات الذّهب 6/53، والأعلام 6/87. 5 يُنظر: الوافي بالوفيات 2/362، وفوات الوفيات 3/326، وعقود الجمان 232، والسّلوك جـ 2، قسم 1/239، والمنهل الصافي 6/96، والدّليل الشّافي 2/614، وهديّة العارفين 2/145. 6 درّة الحجال 2/304. 7 بُغية الوُعاة 1/84. 8 يُنظر: 2/1808. 9 يُنظر: كشف الظّنون 2/1072، 1780. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 32 المبحث الثالث: شيوخه، وتلاميذه أوّلاً- شيوخه: لم تذكر لنا المصادر من شيوخه إلاّ ابن أبي اليسر1؛ وهو: أبو محمّد إسماعيل بن إبراهيم بن أبي اليسر شاكر بن عبد الله بن أبي المجد، مسند الشّام، تقيّ الدّين، شرف الفضلاء، التّنوخيّ، المعريّ الأصل، الدّمشقيّ. وُلد سنة 589هـ، وتوفّي سنة 672هـ. ومن شيوخ ابن أبي اليسر: الخشوعيّ، وعبد اللّطيف بن شيخ الشّيوخ، والقاسم بن عساكر؛ وأجاز له جماعة، وروى الكثير، واشتهر ذكره. تفرّد بأشياء كثيرة، وكان متميّزًا في كتابة الإنشاء، جيّد النّظم، حسن القول، ديِّنًا متصوّنًا، صحيح السّماع؛ من بيت كتابة وجلالة؛ وله شعرٌ جيِّد وبلاغة؛ وفيه خير وعدالة2. وهناك شيخٌ آخر للصّايغ أشار إليه في هذا الشّرح؛ لكنّه لم يصرّح باسمه، وإنّما اكتفى بقوله: "قال شيخُنا - رحمه الله-"، أو"كقول شيخنا - رحمه الله تعالى -"3، ثم أورد نصّين نقلهما عن هذا الشّيخ؛ وقد تبيّن لي   1 يُنظر: طبقات ابن قاضي شُهبة 87، وتاج التّراجم 258، وبُغية الوُعاة 1/84. 2 تُنظر ترجمته في: العِبَر في خبر مَن غَبر 3/325، والوافي 9/71، وفوات الوفيات 1/170، والبداية والنّهاية 13/282، والدّليل الشّافي 1/122، وشذرات الذّهب 5/338. 3 يُنظر: ص 548، 571 من النّصّ المحقّق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 33 من خلال مراجعة هذين النّصّين أنّ المقصود بهذا الشّيخ ابن النّاظم؛ والنّصّان موجودان في شرحه على الألفيّة1. وقد راجعتُ ترجمة ابن النّاظم بُغية أن أجد من ينصّ على أنّ من تلاميذه الصّايغ؛ لكنّني لم أظفر بشيءٍ من ذلك؛ ولا غرابة في ذلك إذْ إنّ كلّ شيخ له تلاميذ كُثُر، وأصحاب التّراجم لا ينصّون إلاّ على بعض التّلاميذ. وممّا يؤيد ذلك كثرة نقوله عنه - في شرحه على الألفيّة - دون أن يصرّح بالنّقل عنه2؛ ففي هذا دلالة على أنّه من شيوخه. وابن النّاظم هو: أبو عبد الله محمّد بن محمّد بن عبد الله بن عبد الله ابن مالك بدر الدّين الشّافعيّ الطّائيّ الجيّانيّ الدّمشقيّ النّحويّ. شيخ العربيّة، وقدوة أرباب المعاني والبيان، وأحدُ العلماء الفضلاء؛ قرأ على أبيه، وأخذ عنه النّحو واللّغة؛ وكان ذكيًّا فهمًا، عارفًا بالمنطق، والأصول، والنّظر؛ أخذ عنه جماعة منهم: كمال الدّين ابن الزّملكانيّ، وبدر الدّين ابن جماعة، وغيرهما. ومن مصنّفاته: شرح ألفيّة والده، والمصباح في المعاني والبيان، ومقدّمة في المنطق، ومقدّمة في العروض؛ وشرح ملحة الإعراب وغير ذلك. توفّي بدمشق يوم الأحد ثامن المحرّم سنة 686هـ، ودُفن بمقبرة باب الصّغير، وتأسّف النّاس عليه3.   1 يُنظر: شرح الألفيّة لابن النّاظم 131، 163. 2 يُنظر - على سبيل المثال - ص: 430، 449، 672، 710، 771 من النّصّ المحقّق. 3 تُنظر ترجمته في: العبر 3/363، والوافي 1/204، والبداية والنّهاية 13/331، وطبقات ابن قاضي شهبة 247، وبُغية الوُعاة 1/225، وشذرات الذّهب 5/398. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 34 ثانيًا- تلاميذه: إنّ كتب التّراجم الّتي تترجم للعلماء ربّما تكون مختصرة لا تستوعب أكبر قدر ممكن من ذكر العلماء وأخبارهم؛ ولم نجد من يذكر تلاميذ الصّايغ بأسمائهم، مع شهرته ومكانته، حيث لم تزد المصادر الّتي بين أيدينا على قولها: "تخرّج به فضلاء" 1. ولكن من خلال مطالعاتي في تراجم رجال القَرْن الثّامن وقفت على ترجمة ابن فضل الله العمريّ، ووجدتّ المترجمين ينصّون على أنّ من شيوخه الّذين تلقّى عنهم الأدب والعروض شمس الدّين ابن الصّائغ؛ وقد تبيّن لي - من خلال المراجَعة والتّدقيق - أنّ شمس الدّين بن الصّائغ هو: محمّد بن الحسن بن سباع شارح "الملحة" لا محمّد بن عبد الرّحمن بن عليّ المشهور بابن الصّائغ؛ لأسباب عدّة: أوّلاً - أنّ محمّد بن الحسن اشتهر بفنّ الأدب والعروض؛ وقد وجدنا المترجِمين يلقّبونه بـ (الأديب العروضيّ) 2. ثانيًا- أنّه من أهل دمشق، وابن الصّائغ المشهور من أهل مصر - وإنْ كانت له رحلات إلى دمشق، لكنّ معظم حياته قضاها في مصر- وابن فضل الله العمريّ تلقّى معظم علومه في دمشق. ثالثًا- أنّ مُدَّة التّحصيل والطّلب هي الفترة الّتي عاشها   1 يُنظر: ذُيول العِبر 4/58، وشذرات الذّهب 6/53. 2 يُنظر: الوافي بالوفيات 2/361، وفوات الوفيات 3/326، والدّرر الكامنة 4/40، والدّليل الشّافي 2/614. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 35 ابن فضل الله العمريّ في دمشق - وكان محمّد بن الحسن من أبرز علماء دمشق في هذه الفترة - لأنّه وُلد سنة 697هـ أو 700هـ، ومحمّد بن الحسن توفّي سنة 720هـ أو 722هـ؛ وهذه المدّة تتسع لتلقيه العلم من الصّايغ صاحبنا. وابن فضل الله العمريّ هو1: شهاب الدّين أبو العبّاس أحمد بن يحيى بن فضل الله ابن يحيى القرشيّ العدويّ العمريّ الدّمشقيّ. وُلد في دمشق في ثالث شوّال سنة 697هـ، وقيل 700هـ؛ وكان إمامًا بارعًا، وكاتبًا فقيهًا، نظم كثيرًا من القصائد، والأراجيز، والمقطّعات، والدّوبيت؛ وأنشأ كثيرًا من التّقاليد والمناشير والتّواقيع. قرأ العربيّة على كمال الدّين بن قاضي شُهْبة، والفقه على ابن الفركاح، وشهاب الدّين ابن المجد، وقرأ العروض والأدب على الشّيخ شمس الدّين ابن الصّائغ، وعلاء الدّين الوداعيّ، وقرأ جملة من المعاني والبيان على العلاّمة شهاب الدّين محمود، وقرأ عليه جملة من الدّواوين، وكتب الأدب. ومن مصنّفاته: مسالك الأبصار في ممالك الأمصار، وفواصل السّمر في فضائل آل عمر، وصبابة المشتاق، ودمعة الباكي، وغيرها. توفّي في دمشق يوم السّبت تاسع ذي الحجّة سنة 749هـ.   1 تُنظر ترجمته في: الوافي بالوفيات 8/252 - 270، والدّرر الكامنة 1/352 - 354، والنّجوم الزّاهرة 10/334 ـ 335، والدّليل الشّافي 1/96. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 36 المبحث الرابع: مصنّفاته ترك الصّايغ مصنّفات كثيرة؛ منها: 1- ديوان شعر. في مجلّدين كبيرين1. 2- شرح قصيدة ابن الحاجب في العروض2. 3- شرح مقصورة ابن دُريد. في مجلّدين كبيرين3. 4- كتاب العراقيّين في الفروع4. وأغلب الظّنّ أنّه ليس له؛ لأنّ حاجّي خليفة عندما ذكر هذا الكتاب نسبه لمحمّد بن الحسن الصّائغ الحلال الشّافعيّ؛ ولم ينصّ أحدٌ من الّذين ترجموا للصّايغ صاحبنا على هذا اللّقب (الحلال) ؛ والصّايغ من فقهاء الحنفيّة   1 يُنظر: فوات الوفيات 3/326، وهديّة العارفين 2/145، وإيضاح المكنون 3/513، ومعجم المؤلِّفين 9/192. 2 انفرد بذكره ابن الورديّ. يُنظر: تأريخ ابن الورديّ 2/386. 3 يُنظر: فوات الوفيات 3/326، والبداية والنّهاية 14/101، والدّرر الكامنة 4/40، والنّجوم الزّاهرة 9/248، وبُغية الوُعاة 1/84، وكشف الظّنون 2/1808، وهديّة العارفين 2/145، ومعجم المؤلِّفين 9/192، والأعلام 6/87. ومنه نسخة خطّيّة في دار الكتب الظّاهريّة تحت رقم 7188. يُنظر: فهرس مخطوطات دار الكتب الظّاهريّة، الشِّعر 303، 304. 4 يُنظر: كشف الظّنون 2/1438، وهديّة العارفين 2/145. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 37 وليس من الشّافعيّة؛ ولذلك ترجم له قطلوبغا في (تاج التّراجم) ، وهوكتاب في طبقات الحنفيّة. 5- القصيدة التّائيّة في نحو ألفي بيت؛ ذكر فيها العلوم والصّنائع1. 6- اللَّمْحَةُ فِي شَرْحِ المُلْحَةِ. وهو موضوع هذه الدّراسة والتّحقيق. 7- مختصر صحاح الجوهريّ2. اختصر فيه (الصِّحاح) بتجريده من الشّواهد، والإيجاز في الشّروح.   1 يُنظر: تأريخ ابن الورديّ 2/386، والبداية والنّهاية 14/101، والدّرر الكامنة 4/40، والنّجوم الزّاهرة 9/248، وبُغية الوُعاة 1/84، وهديّة العارفين 2/145. وفي فوات الوفيات 3/326: "وله قصيدةٌ تائيّة على وزن الهيتيّة الّتي لشيطان العراق؛ وتزيد على ألفي بيت". ويُنظر: الوافي بالوفيات 2/362، وعقود الجمان 232، وطبقات ابن قاضي شُهبة 87، والمنهل الصّافي 6/96، وتاج التّراجم 258. 2 يُنظر: المصادر السّابقة. وقد ذكره أحمد الشّرقاويّ إقبال في كتابه معجم المعاجم 230 في المختصرات الّتي قامت باختصار الصّحاح، وسمّاه: (الجامع في اختصار الصّحاح) ؛ وذكر أنّ له نسخة خطّيّة في مكتبة عارف حكمت بالمدينة؛ وبالرّجوع إلى هذه النّسخة تبيّن أنّ هذه النّسخة لكتاب آخر اسمه (الجامع) ، وموضوعه - كذلك - اختصار (الصّحاح) بتجريده من الشّواهد، والإيجاز في الشّرح؛ لكن مؤلّفه السّيّد محمّد بن السّيّد حسن الشّريف المتوفّى سنة 866هـ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 38 8- المقامة الشّهابيّة، وشرحها1.   1 عملها للقاضي شهاب الدّين الخُوَييّ. يُنظر: فوات الوفيات 3/326، والنّجوم الزّاهرة 9/248، وبُغية الوُعاة 1/84، وكشف الظّنون 2/1785، وهديّة العارفين 2/145، ومعجم المؤلِّفين 9/192. وفي الوافي بالوفيات 2/362: (المقالة الشّهابيّة) . والقاضي شهاب الدّين الخوييّ هو: محمّد بن أحمد بن خليل، قاضي القُضاة، ذو الفنون، شهاب الدّين أبو عبد الله، ابن قاضي القضاة شمس الدّين الخَوَييّ الشّافعيّ؛ قاضي دمشق وابن قاضيها. وُلد سنة 626هـ، ومات والده وهو ابنُ إحدى عشرة سنة، فأقام بالعادليّة، ولزم الاشتغال حتى برع، وسمع الحديث، وحدّث، وصنّف كتبًا؛ منها: شرح الفصول لابن معطٍ، ونظْم علوم الحديث لابن الصّلاح، والفصيح لثعلب؛ توفّي سنة 693هـ. يُنظر: الوافي بالوفيات 2/137 ـ 139، وفوات الوفيات 3/313، 314، وطبقات الشّافعيّة للأسنويّ 1/501، 502، وشذرات الذّهب 5/423. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 39 الفصل الثاني: اللمحة في شرح الملحة المبحث الأول: توثيق اسم الكتاب، ونسبته إلى مؤلفه ... المبحث الأوّل: توثيق اسم الكتاب، ونسبته إلى مؤلّفه أ- توثيق اسم الكتاب: في سبيل توثيق اسم الكتاب رجعتُ إلى كتب التّراجم الّتي ترجمت للصّايغ، فوجدتّها تذكُر له شرحًا على (ملحة الإعراب) 1 دون أن تنصّ على اسمٍ له؛ لكنّ كتاب (كشف الظّنون) 2 نصَّ على أنّ من شروح (ملحة الإعراب) شرحًا للصّايغ سمّاه: (اللَّمْحة في شرح الملحة) . وكذلك نصّ على هذه التّسمية صاحب (إيضاح المكنون) 3، و (هديّة العارفين) 4. وهذا العنوان هو الموجود على غلاف النّسخة (ب) ولم يكن واضحًا في النّسخة (أ) . والصّايغ - رحمه الله - لم يصرّح باسم كتابه هذا؛ لأنّه لم يصدّره بمقدّمة يحتمل أن ينصّ فيها على اسمٍ لشرحه هذا، وكذلك لم يصرّح به في خاتمة الكتاب.   1 يُنظر: تاريخ ابن الورديّ 2/386، والوافي بالوفيات 2/362، وفوات الوفيات 3/326، وطبقات ابن قاضي شهبة 87، والدّرر الكامنة 4/40، وتاج التّراجم 258. 2 يُنظر: 2/1818. 3 يُنظر: 4/552. 4 يُنظر: 2/145. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 43 ب - توثيق نسبة الكتاب إلى مؤلّفه: مؤلّف هذا الكتاب هو: محمّد بن الحسن بن سباع الصّايغ، وليس هناك شكٌّ في نسبة هذا الكتاب إليه؛ وذلك للأسباب التّالية: 1- أنّ المؤرّخين الّذين ترجموا للصّايغ ذكروا أنّه شَرَحَ (ملحة الإعراب) 1. 2- أنّ بعض العلماء نقل من هذا الكتاب مع نسبته للصّايغ؛ كـ (ياسين) في حاشيته على (التّصريح) 2. 3- أنّ المؤلّف نفسه صرّح باسمه في افتتاحيّته للكتاب بقوله: "قال العبد الفقير إلى الله تعالى محمّد بن الحسن بن سباع الصّايغ عفا الله عنه". 4- أنّ اسم المؤلِّف ذُكِرَ في خاتمة النّسخة (ب) حيث جاء فيها: "نجز ما ألّفه الشّيخ الإمام شمس الدّين محمّد بن حسن بن سباع الصّايغ رحمه الله تعالى". 5- أنّ اسمه مكتوبٌ على غلاف النّسختين، وإن لم يكن واضحًا في (أ) .   1 يُنظر: تأريخ ابن الورديّ 2/386، والوافي بالوفيات 2/362، وفوات الوفيات 3/326، وطبقات ابن قاضي شُهبة 87، والدّرر الكامنة 4/40، وتاج التّراجم 258. 2 يُنظر: ص 544، 568 من النّصّ المحقّق؛ وحاشية ياسين 1/112، 1/192. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 44 المبحث الثاني: منهج المؤلّف في الكتاب إنّ أيّ مؤلِّفٍ - في الغالب - لا بدّ أنْ يصدِّر مؤلَّفه بمقدّمة يبيّن فيها سمات منهجه الّذي سار عليه في كتابه. أمّا الصّايغ - رحمه الله - فلم يفعل شيئًا من ذلك؛ ولذا لا بدّ أن نستقري الكتاب، ومن خلال هذا الاستقراء نستطيع أن نوضّح المنهج العام الّذي اتّبعه في هذا الكتاب. ويمكننا أن نلخّص منهج الصّايغ في شرحه للملحة في النّقاط التّالية: 1- دأب الشّارح على ذكر اسم الباب، ثمّ يذكر الأبيات المتعلّقة به من (ملحة الإعراب) ، ثمّ يتبعها بالشّرح. 2- اختلفت طريقته في تناوله لأبيات (الملحة) ؛ فيذكُر بيتًا1، أو بيتين2، أو أكثر3، حسب ترابُط تلك الأبيات. 3- يُلحظ عليه عدم العناية بأبيات (ملحة الإعراب) ، ويتجلّى ذلك في إهماله لتفسير معاني الألفاظ الغريبة؛ ومن أمثلة ذلك عدم تفسيره كلمة (راتكه) 4 الواردة في قول الحريريّ في باب الفاعل:   1 يُنظر مثالاً على ذلك: ص 99، 199، 415 من النّصّ المحقّق. 2 يُنظر مثالاً على ذلك: ص 109، 205، 293 من النّصّ المحقّق. 3 يُنظر مثالاً على ذلك: ص 140، 443، 547 من النّصّ المحقّق. 4 يُنظر: ص 312 من النّصّ المحقّق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 45 كَقَوْلِهِمْ: جَاءَتْ سُعَادُ ضَاحِكَهْ ... وَانْطَلَقَتْ نَاقَةُ هِنْدٍ رَاتِكَهْ1 وكذلك عدم تفسيره كلمة (الجبابا) 2 الواردة في قول الحريريّ في باب المفعول معه: تَقُولُ: جَاءَ الْبَرْدُ وَالْجِبَابَا ... وَاسْتَوَتْ الْمِيَاهُ وَالأَخْشَابَا3 وكذلك عدم تعريفه بالمواضع الواردة في قول الحريريّ في باب ما لا ينصرف4: مِثْلُ: حُنَيْنٍ ومِنًى وَبَدْرِ ... وَوَاسِطٍ وَدَابِقٍ وَحَجْرِ5 4- يُكثر من التّعليلات النّحويّة؛ كقوله: "والحرف سمّي حرفًا لاستغناء الاسم والفعل عنه في انعقاد الجمل؛ فصار بمنزلة الأخير، وآخر كلّ شيءٍ حرفه"6. وكقوله: "أصل الاسم الإعراب؛ وذلك لدلالته بصيغة واحدة على معانٍ مختلفة، فاحتيج إلى إعرابه؛ لتبيين تلك المعاني، والبناء فيه فرع. والفعل أصله البناء؛ لدلالته بالصّيغ المختلفة على المعاني المختلفة،   1 يُنظر: متن ملحة الإعراب 19. 2 يُنظر: ص 367 من النّصّ المحقّق. 3 يُنظر: متن ملحة الإعراب 24. 4 يُنظر: ص 773 من النّصّ المحقّق. 5 يُنظر: متن ملحة الإعراب 46. 6 يُنظر: ص 118 من النّصّ المحقّق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 46 فأغنى اختلاف صيغه عن إعرابه، والإعراب فيه فرع"1. وكقوله: "وقيل: اختير للفاعل الرّفع، وللمفعول النّصب، لثقل الضّمّة وخفّة الفتحة"2. 5 - يعرض أقوال النّحاة وخلافاتهم كثيرًا3، ويختار أحد الأقوال أحيانًا4، ويدلّل لبعض الآراء الّتي يختارُها5. 6- قد يشرح بعض الكلمات الغريبة في الشّواهد الشّعريّة؛ كقوله بعدذكره لقول الشّاعر: وَلاَ تَرَى بَعْلاً وَلاَ حَلائِلاَ ... كَهُ وَلاَ كَهُنَّ إِلاّ عَاضِلاَ (أي: غيورًا) 6. وكذلك قوله بعد ذكره لقول الشّاعر: لَوَاحِقُ الأقْرَابِ فِيهَا كَالْمَقَقْ (أي: فيها مقق، وهو: الطّول) 7.   1 يُنظر: ص 151 من النّصّ المحقّق. 2 يُنظر: ص 311 من النّصّ المحقّق. 3 يُنظر مثالاً على ذلك: ص 111، 128، 348، 411 من النّصّ المحقّق. 4 يُنظر مثالاً على ذلك: ص 111، 182، 523 من النّصّ المحقّق. 5 يُنظر مثالاً على ذلك: ص 182، 348، 507 من النّصّ المحقّق. 6 يُنظر: ص 247 من النّصّ المحقّق. 7 يُنظر: ص 247 من النّصّ المحقّق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 47 كما يشرح أحيانًا بعض الكلمات الغريبة في الأمثلة الّتي يذكُرها؛ فمن ذلك قولُه: "ولم يصرف أدهم" - للقيد - نظرًا إلى كونه صفةً في الأصل، و (أجدل) للصّقر، و (أخيل) للطّائر ذي خيلان، و (أفعى) لضربٍ من الحيّات) 1. وكقوله: "والمراد بالوزن الخاصّ بالفعل ما لا يوجد دون ندور في غير فعلٍ، أو علم، أو أعجميّ؛ فالنّادر نحو: (دئل) لدويبة، و (ينجلب) لخرزة، و (تبشّر) لطائر"2. وكقوله: "يمنع من الصّرف اجتماع التّعريف والعدل، وهذا اسم عدل به عن صيغة (فاعل) إلى (فُعَل) ، نحو: (مضر) المعدول به عن (ماضر) ، وهو مازج اللّبن بالماء، و (جشم) المعدول به عن (جاشم) وهوالّذي يفعل الشّيء علىاستثقال، و (دلف) المعدول به عن (دالف) وهو المتأخّر الخطو، و (زحل) وهو النّجم المعروف بالطّارق، عدل به عن (زاحل) لأنّه أبعد الكواكب السّيّارة"3. 7- يورد الشّاهد الشّعريّ، أو شطره، أو قطعة منه، ويذكر قائله أحيانًا. 8- يعرّف في الغالب بالباب الّذي سيشرحُه تعريفًا لغويًّا   1 يُنظر: ص 749 من النّصّ المحقّق. 2 يُنظر: ص 761 من النّصّ المحقّق. 3 يُنظر: ص 764، 765 من النّصّ المحقّق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 48 واصطلاحيًّا، ومن ذلك تعريفُه كلاًّ من الإعراب1، والتّرخيم2، وعطف النّسق3، والتّوكيد4، وعطف البيان5، وما لاينصرف6. 9- يزيد بعض الأبواب الّتي لم يذكرها الحريريّ أحيانًا، مثل باب أفعل الّذي للتّفضيل7. 10- ينقُل كثيرًا من (شرح الألفيّة) لابن النّاظم8، و (شرح ملحة الإعراب) للحريريّ9، دون إشارة إلى المصدر؛ فينقل نصوصًا كاملة، ونادرًا ما يتصرّف فيها.   1 يُنظر: ص 147، 148 من النّصّ المحقّق. 2 يُنظر: ص 631 من النّصّ المحقّق. 3 يُنظر: ص 689 من النّصّ المحقّق. 4 يُنظر: ص 705 من النّص المحقّق. 5 يُنظر: ص 737 من النّصّ المحقّق. 6 يُنظر: ص 743، 744 من النّصّ المحقّق. 7 يُنظر: 415 من النّصّ المحقّق. 8 يُنظر مثالاً على ذلك: ص 357، 382، 568 من النّصّ المحقّق. 9 يُنظر مثالاً على ذلك: 100، 152، 527 من النّصّ المحقّق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 49 المبحث الثالث: مصادره لا شكّ أنّ الصّايغ قد رجع كغيره إلى كتب النّحاة السّابقين، وأفاد منها؛ وقد انعكس ذلك على عمله هذا - وإن كان قليل التّنصيص على ذكر تلك المصادر - فقد أورد أقوالاً وآراء معزوّة إلى بعض أئمّة النّحو، كسيبويه، والخليل، ويونس، والمبرّد، والمازنيّ، وابن السّرّاج، وابن جنّي، والفرّاء، والسّيرافيّ، وابن بابشاذ. وتارة يذكُر هذه الأقوال دون أن يعزوها إلى عالم بعينِه، وإنّما يكتفي بقوله: "قال بعضُ النّحاة" أو: "قال بعضُهم" أو: "قال غيره" أو: "ومنهم من قال"، إلى آخر ما ذكر من الإحالات. ومِن هُنا يصعُب على الباحث أنْ يحصُر هذه المصادر الّتي اعتمد عليها في هذا الشّرح، ويظهر لي أنّ أهمّ مصدر استقى منه الشّارح هو "شرح الألفيّة" لابن النّاظم، ويتمثّل هذا في نقله عنه دون إشارة في الغالب، فينقل نصًّا كاملاً، ونادرًا ما يتصرّف فيه1. ومع كثرة نقوله عن ابن النّاظم لم يصرّح بالنّقل عنه إلاّ مرّتين2. ونقل عنه مرّتين3مصدّرًا نقله بقوله: "قال شيخُنا"، وبالرّجوع إلى "شرح الألفيّة" لابن النّاظم وجدنا النّصّ كاملاً؛ وهذا يدلّ على أنّه   1 يُنظر مثالاً على ذلك: ص 357، 381، 387 من النّصّ المحقّق. 2 يُنظر: ص 461، 475 من النّصّ المحقّق. 3 يُنظر: ص 548، 571 من النّصّ المحقّق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 51 هو المقصود بقوله: "شيخُنا". وهناك مصدرٌ آخر استقى منه الشّارح كثيرًا، ألا وهو "شرح ملحة الإعراب"1 للحريريّ، وطريقته في النّقل عنه كطريقته مع شرح ابن النّاظم. كما اعتمد على كتاب سيبويه؛ فقد أثبت كثيرًا من آرائه، وأقواله، وما حكاه عن العرب، وما أنشده، وما تضمّنه الكتاب من أقوال الخليل ويونس. من ذلك قوله في باب التّصغير: " ... وفي إبراهيم وإسماعيل: بريه، وسميع، نصَّ على ذلك سيبويه في كتابه"2. وقوله في باب النّسب: "كقولك في (ثبة) و (مكّة) و (أخت) : ثُبيّ، ومكّيّ، وأخويّ؛ هذا مذهب سيبويه والخليل - أعني: قولك في أخت: أخويّ -، ويونس يقول: أختيٌّ"3. وقال في باب حروف الجرّ عند حديثه عن (من) : "وتكون زائدة في الموجب، وهو مذهب الأخفش، وسيبويه لا يرى ذلك"4. وقال - أيضًا - في باب حروف الجرّ عند حديثه عن (مذ) و (منذ) : "فإذا أتى بعدهما   الفعل حُكم باسميّتهما، وكونهما ظرفين؛ 1 يُنظر مثالاً على ذلك: ص 100، 152، 527 من النّصّ المحقّق. 2 يُنظر: ص 675 من النّصّ المحقّق. 3 يُنظر: ص 678 من النّصّ المحقّق. 4 يُنظر: ص 219 من النّصّ المحقّق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 52 قال سيبويه: وممّا يُضاف إلى الفعل قولُك: ما رأيتُه مذ كان عندي، ومنذ جاءني"1. إلى غير ذلك ممّا أخذ من كتاب سيبويه2. كما نصّ على النّقل عن الزّمخشري3؛ وبالرجوع إلى كتب الزّمخشري تبيّن أنّ هذا النّقل من "المفصّل". كما نصّ على النّقل عن ابن برهان4 وبالرجوع إلى كتب ابن برهان تبيّن أن هذا النّقل من "شرح اللّمع". كما نصّ على النّقل عن ابن بابشاذ5 وبالرجوع إلى كتب ابن بابشاذ تبيّن أنّ هذا النّقل من "شرح الجمل" وهو مخطوط.   1 يُنظر: ص 236 من النّصّ المحقّق. 2 يُنظر مزيدٌ من ذلك في: ص 387، 433، 604، 640، 821، 869، 870، 872 من النّصّ المحقّق. 3 يُنظر: ص 367 من النّصّ المحقّق. 4 يُنظر: ص 565 من النّصّ المحقّق. 5 يُنظر: ص 515، 902 من النّصّ المحقّق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 53 المبحث الرابع: شواهده إنّ أهمّ الأدلّة على القواعد النّحويّة هو السّماع؛ ويتمثّل في الآيات القرآنية، والأحاديث النّبويّة، وكلام العرب الفصحاء الّذين يحتجّ بكلامهم شعرًا أو نثرًا؛ وسأفصّل الكلام على كلٍّ فيما يلي: 1- القرآن الكريم: ليس من شكٍّ أنّ كلامَ الله - تعالى - الّذي أُنزل على نبيّه محمّد - صلّى الله عليه وسلّم - هو في المرتبة الأولى من الفصاحة والبلاغة؛ ولذلك نجد الصّايغ يُكثر من الاستشهاد به؛ فلا تكاد تجد بابًا من الأبواب يخلو من الآيات القرآنيّة؛ فقد بلغ عدد الآيات الّتي استشهد بها في هذا الكتاب اثنتين وثلاثين ومائتي آية تقريبًا، عدا المكرّرة؛ وهذا ممّا يُحمد للصّايغ فقلَّ أن تجد موضوعًا لا يستشهد فيه بآية كريمة أو آيات. وكان منهجه في عرض الشّواهد القرآنيّة: أنّه يذكر الآية كاملة، وأحيانًا يذكر جزءًا من الآية وهو موطن الشّاهد. وقد استدلّ بالقراءات القرآنيّة المتواترة منها، والشّاذة. وكان في أكثر المواضع لا يعزو القراءة، وإنّما يكتفي بقوله: "وقرأ الباقون"1 أو: "وقراءة الباقين"2 أو: "وفي بعض المصاحف"3   1 يُنظر: ص 843 من النّصّ المحقّق. 2 يُنظر: ص 821، 838 من النّصّ المحقّق. 3 يُنظر: ص 826 من النّصّ المحقّق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 55 أو: "قرئ"1 أو "قراءة بعضهم"2. 2- الحديث الشّريف: حذا الصّايغ حذو ابن مالك - رحمهما الله تعالى - في الاستدلال بالأحاديث النّبويّة الشّريفة؛ فيستدلّ بها على إثبات قاعدة نحويّة، وينصر بها مذهبًا نحويًّا، أو يحتجّ بها على آخر. وكان عدد ما أورده اثني عشر حديثًا؛ وكذا الأمر بالنّسبة لما روي عن الصّحابة - رضي الله تعالى عنهم -؛ فقد أورد من ذلك ثلاثة آثار. 3- كلامُ العرب: 1- الشّعر: احتجّ الصّايغ - رحمه الله تعالى - في كثير من المسائل النّحويّة بالشّعر، وقد بلغ عددُ الأبيات الّتي استشهد بها تسعة وثلاثين وأربعمائة بيت عدا المكرّر؛ وهو عددٌ كبير إذا ما قيس بحجم الكتاب. وقد اشتملت هذه الشّواهد على أبيات قليلة الذّكر في كتب النّحو المتداولة، وعلى أبيات أخرى لم أقف عليها في مكان آخر. فمن النّوع الأوّل: فَإِنْ يَكُ خَيْرٌ أَوْيَكُن ْبَعْضُ رَاحَةٍ ... فَإِنَّكَ لاَقٍ مِنْ هُمُومٍ وَمِنْ كَرْبِ3   1 يُنظر: ص 612، 613، 617 من النّصّ المحقّق. 2 يُنظر: ص 614 من النّصّ المحقّق. 3 يُنظر: ص 220 من النّصّ المحقّق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 56 وقول بشامة بن الغدير: مِنْ عَهْدِ عَادٍ كَانَ مَعْرُوفًا لَنَا ... أَسْرُ المُلُوكِ وَقَتْلُهَا وَقِتَالُهَا1 وقول الشّاعر: وَلَقَدْ أَعْطِفُهَا كَارِهَةً ... حَيْث ُلِلنَّفْسِ مِن المَوْت هَرِيْرُ2 ومن النّوع الثّاني: قول الشّاعر: فَاقْر ِالهُمُوم َقَلاَئِصًا عَبْدِيّةً ... تَطْوِي الفَيَافِي بِالْوَجِيْفِ الْمُعْنِقِ3 وقول الرّاجز: وَلاَ تُخَالِفْ ثِقَةً فَتَنْدَمَا4 ومن ملامح منهجه في إيراد الشّواهد الشّعريّة ما يلي: 1- يورد البيت كاملاً، وفي بعض الأحيان يورد شطْرًا منه. 2- لا ينسب البيت إلى صاحبه غالبًا، وإنّما يكتفي بقوله: "كقول الشّاعر"5 أو: "كقول الآخر"6 أو: "ومنه قول الشّاعر"7.   1 يُنظر: ص 222 من النّصّ المحقّق. 2 يُنظر: ص 737 من النّصّ المحقّق. 3 يُنظر: ص 796 من النّصّ المحقّق. 4 يُنظر: ص 831 من النّصّ المحقّق. 5 يُنظر: ص 226، 231، 280 من النّصّ المحقّق. 6 يُنظر: ص 222، 281، 585 من النّصّ المحقّق. 7 يُنظر: ص 229، 364، 589 من النّصّ المحقّق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 57 أو "ومنه قول الآخر"1. 3- لا يبيّن وجه الاستشهاد من البيت الّذي أورده؛ معتمدًا على فهم القارئ من خلال السّياق. 2- أقوال العرب وأمثالهم: كان لأقوال العرب وأمثالهم في هذا الكتاب نصيبٌ موفور؛ إذْ بلغت خمسة وأربعين قولاً ومثلاً.   1 ينظر: ص 585 من النّصّ المحقّق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 58 المبحث الخامس: موازنة بين اللّمحة وشرح الحريريّ على الملحة في هذا المبحث سأعقد موازنة بين شرحي الصّايغ والحريريّ للملحة، لتبيّن ما امتاز به كلّ منهما عن صاحبه في المنهج، والأسلوب، والاستشهاد، وما إلى ذلك. وإنّما اخترتُ الحريريّ من بين الشرّاح؛ لأنّه صدر هذا الشأن وصاحبه، فهو ناظم (الملحة) ، وهو أوّل من شرح هذه المنظومة فيما يظهر لي، كما أنّ شرحه أفضل الشّروح الّتي وقفت عليها قبل شرح الصّايغ. أوّلاً- موازنة عامّة: بعد القراءة المتأنّية لكلٍّ من (شرح ملحة الإعراب) للحريريّ و (اللّمحة في شرح الملحة) للصّايغ خرجتُ بما يلي: 1- اتّفق الشّرحان في خلوّهما من مقدّمة يُبيّن فيها المنهج الّذي سارا عليه، والمعالم الأساسيّة لذلك. 2- توخّى الحريريّ في شرحه للملحة الاختصار، بينما اتّسم شرح الصّايغ بالتّوسّع؛ ويمكن معرفة هذا من خلال النّقاط التّالية: أ- استشهد الحريريّ بتسع عشرة ومائتي آية بما في ذلك الآيات المكرّرة، واستشهد الصّايغ بثلاث وأربعين ومائتي آية بما في ذلك الآيات المكرّرة. ب- استشهد الحريريّ بثلاثة أحاديث، ولم يستشهد بأي أثرٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 59 من الآثار المرويّة عن أحد الصّحابة رضي الله عنهم. واستشهد الصّايغ باثني عشر حديثا، وثلاثة آثار من آثار الصّحابة رضوان الله عليهم. ج- استشهد الحريريّ بثلاثة وثمانين بيتا من الشّعر، واستشهد الصّايغ بتسعة وخمسين وأربعمائة بيت، بما في ذلك الأبيات المكرّرة. د- استشهد الحريريّ بخمسة أقوال من الأقوال المرويّة عن العرب، واستشهد الصّايغ بخمسة وأربعين قوْلاً. هـ- شَرْح الصّايغ تكثُر فيه الخلافات النّحويّة، وأقوال النّحاة؛ أمّا شرح الحريريّ فقد ندر فيه التّعرّض للخلافات النّحويّة. 3- التزم الحريريّ التزاما تاما بترتيب أبواب (الملحة) ، والحديث عن كلّ حكم عند ذكره للبيت الّذي يتناوله. أمّا الصّايغ فقد التزم بترتيب أبواب (الملحة) ، إلاّ أنّه أضاف بعض الأبواب، كدمجه (باب أفعل التّفضيل) مع (حبّذا) تحت باب واحد هو (باب حبّذا وأفعل الّذي للتّفضيل) ، وقسّم ما سمّاه الحريريّ (باب حروف الجرّ) إلى ثلاثة أبواب؛ وهي: (باب حروف الجرّ) ، وبعده (باب رُبَّ) ، وبعده (باب القسَم) . وكذلك لم يلتزم دائما بشرح الأحكام في كلِّ بيتٍ من أبيات (الملحة) . 4- اقتصر الحريريّ على ما ورد في (الملحة) ، وتعرّض لإعراب بعض الكلمات الواردة فيها، وفسّر بعض الكلمات الغريبة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 60 أمّا الصّايغ فقد توسّع توسعا كبيرًا في الشّرح، إلى درجة أنّ القارئ لهذا الكتاب لا يتصوّر أنّه شرحٌ لـ (ملحة الإعراب) بل هو شرحٌ لـ (ألفيّة ابن مالك) ؛ إذْ إنّه نقل من ابن النّاظم في شرحه على (الألفيّة) نقولاً كثيرة دون التّصريح بذلك. وكذلك لم يذكر الصّايغ إعراب أيّ كلمة من كلمات (الملحة) ، لكنّه فسّر بعض الكلمات، وترك كثيرًا ممّا يحتاج إلى ذلك. 5- لم يهتمّ الحريريّ اهتماما واضحا بالتّعليلات النّحويّة، بخلاف الصّايغ الّذي اهتمّ بها. 6- يتّضح في شرح الحريريّ متانة الأسلوب، وجمال العبارة، ونصاعتها؛ لتوخِّيه الإيجاز من ناحية، ولأنّه من فرسان البيان العربيّ. أمّا الصّايغ فقد تفاوت أسلوبه من حين لآخر؛ فبينما تراه قويا سلسا في موضع، تجده واهنا ركيكا في موضع آخر. ثانيا- موازنة خاصّة في بعض الأبواب: لزيادة البيان والإيضاح رأيتُ أن أقدِّم بين يدي القارئ الكريم موازنة في بعض الأبواب بين هذين الشّرحين؛ بغية التّوصّل من خلالها إلى إبراز قيمة هذا الشّرح؛ وقد اخترت لذلك الأبواب التّالية: 1- باب حروف1الجرّ: قسّم الصّايغ هذا الباب إلى ثلاثة أبواب؛ فجعل ما يتعلّق بـ (رُبَّ)   1 يُنظر: شرح الصّايغ 217- 253، وشرح الحريريّ 122 - 134. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 61 في باب سمّاه (باب رُبَّ) ، وجعل ما يتعلّق بالقسَم في باب آخر سمّاه (باب القسَم) ، ومرادُه به حروف القسَم. أمّا الحريريّ فجعل هذه الأبواب تحت بابٍ واحدٍ هو باب حروف الجرّ. وقد خرجت من هذه الموازنة بما يلي: 1- بلغت الآيات القرآنيّة الّتي استشهد بها الصّايغ أربعا وثلاثين آية، على حين بلغت عند الحريريّ اثنتي عشرة آية. 2- استشهد الصّايغ في هذا الباب بخمسة أقوال من أقوال العرب، على حين لم يستشهد الحريريّ بشيء من ذلك. 3- بلغت الشّواهد الشّعريّة الّتي استشهد بها الصّايغ في هذا الباب تسعة وخمسين بيتا، على حين بلغت عند الحريريّ سبعة أبيات. 4- بلغ عدد أسماء النّحاة والشّعراء الّذين ذكرهم الصّايغ في هذا الباب خمسة وعشرين علَما، على حين ذكر الحريريّ ثلاثة شعراء فقط. 5- توسّع الصّايغ في تناوُله لمعاني حروف الجرّ توسّعا كبيرًا، فأورد لكلّ حرف ما يتعلّق به من معان، مستشهدًا لمعظم تلك المعاني، أمّا الحريريّ فقد اقتصر على المعاني المشهورة لكلّ حرف فقط. 6- ذكر الصّايغ بعض المسائل الخلافيّة المتعلّقة بحروف الجرّ، بخلاف الحريريّ. 7- يحسُن بنا أن نورِد نصا من كلام الصّايغ في هذا الباب، وما يقابله عند الحريريّ؛ لتبيين معالم المنهج الّذي سلكاه في معالجة مسائل هذا الباب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 62 قال الصّايغ1 في معاني (من) : "وابتدأ بذكر (من) لأنّها أمّ الباب، وهو حرف جرّ يدخُل على الظّاهر وعلى المضمَر، تقول: أخذت من زيدٍ، وسمعتُ منه؛ وله معانٍ: أحدها: ابتداء الغاية في المكان، كقوله: قمت من الدّار، وللتّبعيض، كقولك: أنفقت من المال، ولتمييز الشّيء من غيره، كقولك: أحبّ الحمام من الطّير؛ وتكون سببيّة، كقولك: من أجل السّلامة أطلتُ الصّمت، ومنه قولُ الفرزدق: يُغْضِي حَيَاءً ويُغْضَى مِنْ مَهَابَتِه ... فَلاَ يُكَلَّمُ إِلاَّ حِينَ يَبْتَسِمُ وتقع مكان باء القسَم، كقولهم: من ربّي ما فعلتُ ذلك، أي: بربّي أقسمتُ. وتكون زائدة، ويُشترط لذلك أن تكون بعد حرف نفي، كقوله- تعالى-: {مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا شَفِيعٍ} ، أو بعد استفهام كقوله تعالى: {هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ} ؛ وتكون زائدة في الموجب، وهو مذهب الأخفش، وسيبويه لا يرى ذلك، ومنه قول إياس بن الأرتّ: فَإِنْ يَكُ خَيْرٌ أَوْ يَكُنْ بَعْضُ رَاحَةٍ ... فَإِنَّكَ لاَقٍ مِنْ هُمُومٍ وَمِنْ كَرْبِ وتقع مكان (على) كقوله - تعالى -: {وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ} أي: على القوم. وتكون مكان (الباء) كقوله تعالى: {يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ}   1 يُنظر: ص 217 من النّصّ المحقّق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 63 أي: بأمر الله. وقد تكون دالاًّ على ضرْبٍ من النّعت، كقوله - تعالى -: {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ} أي: الرّجس الوثنيّ. وتكون بمعنى (في) كقوله - تعالى -: {أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الأَرْضِ} . وتقع لابتداء الغاية في الزّمان، كقول امرئ القيس: لِمَنِ الدِّيَارُ بِقُنَّةِ الْحِجْرِ؟ ... أَقْوَيْنَ مِنْ حِجَجٍ وَمِنْ دَهْرِ وكقول الآخر: مِنْ عَهْدِ عَادٍ كَانَ مَعْرُوفا لَنَا ... أَسْرُ المُلُوكِ وَقَتْلُهَا وَقِتَالُهَا". وقال الحريريّ1: "و (من) تأتي في الكلام على أربعة معانٍ: أحدها: أن تقع بمعنى الابتداء المختصّ بالمكان الّتي تقابلها (إلى) الّتي يختصّ بها انتهاء الغاية، كقولك: سرتُ من البصرة إلى مكّة. والثّاني: أن تكون للتّبعيض، كقولك: شربت من النّهر. والثّالث: أن تأتي لتبيين الجنس، كقوله تعالى: {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ} . الرّابع: أن تأتي زائدة، كقولك: ما جاءني من أحد؛ فإنْ قلتَ: "ما جاءني من رجل" فليست زائدة في هذا الموضع، بل هي جاعلة اسم الشّخص للنّوع، وتنزل منزلة قولك: "ما جاءني أحد" الّذي معناه نفي النّوع.   1 شرح ملحة الإعراب 124. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 64 والفائدة في دخولها في هذا الكلام: استغراقُ النّفي؛ لأنّ الكلام كان يحتمل قبل دخولها أن يكون: ما جاءك رجل بل جاءك اثنان أو جماعة". فقد تبيّن من خلال هذين النّصّين أنّ الصّايغ قد أورد أحد عشر معنا ل (من) ، بينما اقتصر الحريريّ على أربعة معان. كما أنّ الصّايغ قد أولى الشّواهد عناية واضحة، خلافا للحريريّ الّذي لم يعن عناية كبيرة بالاستشهاد لما ذكره من معان. كما تعرّض الصّايغ لشيء من الخلاف بين النّحاة في بعض تلك المعاني، أمّا الحريريّ فلم يتعرّض لشيء من ذلك. 2- باب الاستثناء1: 1- بلغت الآيات القرآنيّة الّتي استشهد بها الصّايغ في هذا الباب ثلاث آيات، بينما بلغت عند الحريريّ أربع آيات. 2- استشهد الصّايغ في هذا الباب بثلاثة أحاديث، بينما لم يستشهد الحريريّ بأيّ حديث في هذا الباب. 3- استشهد الصّايغ في هذا الباب بقولٍ واحدٍ من أقوال العرب، بينما لم يستشهد الحريريّ بأيّ قولٍ من أقوال العرب. 4- بلغت الشّواهد الشّعريّة الّتي استشهد بها الصّايغ في هذا الباب اثني عشر بيتا، بينما بلغت عند الحريريّ بيتين.   1 يُنظر: شرح الصّايغ 457-479، وشرح الحريريّ 209 ـ 217. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 65 5- بلغ عدد أسماء النّحاة والشّعراء الّذين ذكرهم الصّايغ تسعة أعلام، بينما ذكر الحريريّ شاعرين فقط. 6 للوقوف على طرفٍ من منهج الرّجلين في معالجة هذا الباب نورِد بعضا ممّا ذكراه في شرح هذين البيتين: وَكُلُّ مَا اسْتَثْنَيْتَهُ مِنْ مُوْجَبِ ... تَمَّ الكَلاَمُ عِنْدَهُ فَلْيُنْصَبِ تَقُولُ: جَاءَ القَوْمُ إِلاَّ سَعْدَا ... وَقَامَتِ النِّسْوَةُ إِلاَّ هِنْدَا1 إذْ قال الصّايغ2: "الاستثناء هو: إخراج شيءٍ ممّا دخل فيه غيرُه، أو إدخال شيء فيما خرج منه غيرُه، والاسم المستثنى ضدّ المستثنى منه. والاستثناء نوعان: متّصل، ومنقطع. فالمتّصل: إخراج مذكور بـ (إلاّ) أو ما في معناها من حكم شامل، أو ملفوظٍ به، أو مقدّر. فـ (الإخراج) جنس يشمل نوعي الاستثناء، ويخرج الوصف بـ (إلاّ) ، كقوله - تعالى -: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلاَّ اللَّهُ لَفَسَدَتَا} ؛ فقوله: "إخراج مذكور" ولم يقل: إخراج اسم: ليعمّ استثناء المفرد، نحو: (قام القوم إلاَّ زيدًا) ، واستثناء الجملة لتأوّلها بالمشتقّ، نحو: (ما مررت بأحدٍ إلاّ زيدٌ خيرٌ منه) ". وقوله: "? (إلاّ) أو ما في معناها) ليخرج التّخصيص ونحوه، ويدخل   1 يُنظر: متن الملحة 28. 2 يُنظر: ص 457 من النّصّ المحقّق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 66 الاستثناء بـ (غير) و (سوى) و (حاشا) و (خلا) و (عدا) و (ليس) و (لا يكون) . وقوله: "من حكم شامل له" ليخرج الاستثناء المنقطع. وقوله: "ملفوظ به أو مقدّر" ليتناول الحدّ الاستثناء التّامّ والمفرّغ. والاستثناء التّامّ هو: أن يكون المخرج منه مذكورًا، نحو: (قام القوم إلاّ زيدًا) . والمفرّغ هو: أن يكون المخرج منه مقدّرًا في قوّة المنطوق به، نحو: (ما قام إلاّ زيد) ، التّقدير: ما قام أحدٌ إلاَّ زيدٌ. والمنقطع هو: الإخراج ب (إلاّ) أو (غير) أو (بيد) لما دخل في حكم دلالة المفهوم .... والنّاصب هو: (إلاّ) لا ما قبلها بتقويتها، ولا به مستقلاًّ، ولا باستثني مضمَرًا، خلافا لزاعمي ذلك. والسّيرافيّ يذهب إلى أنّ النّاصب هو ما قبل (إلاّ) من فعل أو غيره بتعدية (إلاّ) . وذهب ابن خروف إلى أنّ النّاصب هو ما قبل (إلاّ) على سبيل الاستقلال. وذهب الزّجّاج إلى أنّ النّاصب (استثني) مضمرًا". وقال الحريريّ1: "معنى الاستثناء: إخراج الشّيء ممّا دخل فيه   1 شرح ملحة الإعراب 209. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 67 غيرُه، أو إدخاله فيما خرج منه غيره؛ فالاسم المستثنى أبدًا ضدّ المستثنى منه. وللاستثناء عدّة أدوات، إلاّ أنّ حرفه المستولي عليه: (إلاّ) ، ولا يخلو حال الكلام قبل أن ينطق المتكلِّم ب (إلاّ) من قسمين: أحدهما: أن يكون منقطعا. الثاني: أن يكون تاما. فإن كان منقطعا مرتبطا بما بعد (إلاّ) لم تعمل (إلاّ) شيئا من الإعراب، بل يكون إعراب ما بعدها كإعرابه لو لم تذكر، وذلك كقولك: (ما قام إلاّ زيد) و (ما ضربت إلاّ زيدًا) و (ما مررت إلاّ بزيد) ؛ ف (إلاّ) هاهنا أفادت إثبات القيام لزيد، وإيقاع الضّرب به، وحصول المرور به، من غير أن تحدث إعرابا .... وأمّا إذا كان ما قبل (إلاّ) كلاما تاما فلا يخلو من قسمين: أحدهما: أن يكون موجبا. والثّاني: أن يكون غير موجب. فإنْ كان موجبا كقولك: (جاء القوم إلاّ سعدًا) نصبت ما بعد (إلاّ) ، وكان النّاصب له الفعل الّذي هو: (جاء) ، لكن نصبه بواسطة (إلاّ) كما ينصب الفعل المفعول معه بواسطة الواو. وعند بعضهم: أنّ (إلاّ) هي النّاصبة، وأنّ تقدير الكلام: جاء القوم أستثني زيدًا، أو: لا أعني زيدًا". فواضح من خلال هذين النّصّين أنّ الصّايغ عني بتعريف المصطلحات، وإخراج محترزات كلّ تعريف، بخلاف الحريريّ الّذي اقتصر على تعريف الاستثناء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 68 واتّفقا في ذكر أقسام الاستثناء، وذكر الخلاف في ناصب المستثنى، لكنّ الصّايغ توسّع في بيان الخلاف ناسبا كلّ قول إلى صاحبه. 3- باب نواصب الفعل1: 1- بلغت الآيات القرآنيّة الّتي استشهد بها الصّايغ إحدى وعشرين آية، بينما بلغت عند الحريريّ سبع آيات. 2- أورد الصّايغ ثلاث قراءات، ناسبا كلّ قراءة إلى مَن قرأ بها؛ أمّا الحريريّ فقد ذكر قراءة واحدة، دون ذكر مَنْ قرأ بها، وإنّما اكتفى بقوله: (وقرىء) . 3- استشهد الصّايغ في هذا الباب بقولين من أقوال العرب؛ بينما لم يستشهد الحريريّ بأيّ قولٍ من أقوال العرب. 4- بلغت الشّواهد الشّعريّة الّتي استشهد بها الصّايغ في هذا الباب ستّة عشر بيتا، بينما بلغت عند الحريريّ ثلاثة أبيات. 5- بلغ عدد أسماء النّحاة والشّعراء والقرّاء الّذين ذكرهم الصّايغ في هذا الباب عشرة أعلام، بينما ذكر الحريريّ شاعرين فقط. 6- أورد الصّايغ بعض المسائل الخلافيّة في هذا الباب، بينما لم يورد الحريريّ أيّ مسألة. 7- ينبغي أن نورد نصا من كلام الصّايغ في هذا الباب، وما يقابله عند الحريريّ؛ للوُقوف على طريقة تناولهما لمسائل هذا الباب.   1 يُنظر: شرح الصّايغ 815- 845، وشرح الحريريّ 336 - 347. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 69 فقد قال الصّايغ1 في الحرف النّاصب (لن) : "وأمّا (لن) فهي عند سيبويه مفردة، وعند الخليل مركّبة، وأصلُها عنده: (لا أن) ، فحذفت الهمزة تخفيفا والتقى ساكنان؛ وهما: الألف والنّون؛ فحذفت الألف لذلك، وبقي (لن) ؛ والصّحيح ما ذهب إليه سيبويه. وهي لفظة نفي وضعت لجواب الفعل المقترن بأحد حرفي التنفيس؛ وهما: السّين وسوف، ف (لن يخرج زيد) جواب من قال: سوف يخرج، أو سيخرج. وتختصّ (لن) دون أخواتها بأن يتقدّم عليها مفعول الفعل الّذي نصبته، كقولك: (زيدًا لن أضرب) ، وأجمعوا على ذلك، وعلى أنّ معناها نفي الفعل المستقبل". وقال الحريريّ2: "وأمّا (لن) فهي لفظة نفي وُضعت لجواب حرفي التّنفيس اللّذين هما: السّين، وسوف؛ فكأنّ قولك: (لن يخرج زيد) هو جواب مَن قال: سوف يخرج، أو سيخرُج. وتختصّ (لن) دون أخواتها بجواز أن يتقدّم عليها مفعول الفعل الّذي نصبته، كقولك: (زيدًا لن أضرب) ". فالنّاظر لهذين النّصّين يرى أنّ الصّايغ والحريريّ قد اتّفقا في ذكر وظيفة هذه الأداة، وخصوصيّتها على بقيّة أخواتها، وزاد الصّايغ عليه   1 يُنظر: ص 821 من النّصّ المحقّق. 2 شرح ملحة الإعراب 341. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 70 بذكر أصل بنيتها: أهي مركّبة أم بسيطة؟ مع التّرجيح. وبعد؛ فمن خلال هذه الموازنات يتبيّن تفوّق الصّايغ في شرحه ل (ملحة الإعراب) على الحريريّ؛ ليس في جانب واحد فحسْب، بل في سائر مقوّمات الشّرح الوافي. والحمد لله أوّلاً وآخرًا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 71 المبحث السادس: تقويم الكتاب الكلام في هذا المبحث يتناول شيئين؛ وهما: مميّزات الكتاب، والمآخذ عليه. فأقول - بعد الاستعانة بالله-: أوّلاً- مميّزات الكتاب: تميّز هذا الشّرح عن بقيّة شروح (ملحة الإعراب) الّتي وقفتُ عليه بأكثر من ميزة؛ وأهمّ هذه المميّزات ما يلي: 1- التّوسّع في الشّرح قياسا على نظائره من شروح (ملحة الإعراب) ؛ فبالرّغم من أنّ (ملحة الإعراب) منظومة مختصرة ألّفها الحريريّ للمبتدئين، إلاّ أن شرح الصّايغ لها جعل منها عملاً علمياً حافلاً؛ وخيرُ دليلٍ على هذا: كثرة شواهده، فلقد استشهد بقدر كبير من جميع الشّواهد - كما تقدّم - وممّا يدلّ على توسّع الصّايغ أيضا: كثرة إيراده المسائل الخلافيّة، ومناقشته لكثيرٍ من القضايا النّحويّة؛ فلقد تردّد في هذا الكتاب أسماء أشهر النّحاة منذ بدء النّحو إلى عصر المؤلِّف. ويُضاف إلى ذلك أيضا: إيرادُه بعض لغات القبائل العربيّة. 2- الدّقّة في نسبته الأقوال إلى أصحابها غالبا. 3- تفرد الكتاب ببعض الشّواهد الشّعريّة الّتي لم أجدها في غيره، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 73 وببعض الشّواهد قليلة الذّكر في كتب النّحو المتداولة1. ثانيا- المآخذ عليه: لا يسلَم أيّ عملٍ بشري في الغالب من الخطأ والنّقص والخلَل، ولا غرابة في هذا؛ لأنّ الإنسان يتعرّض للسّهو والنّسيان والخطأ. والصّايغ في أثناء تأليفه لهذا الكتاب وقع في بعض هذه الأشياء؛ وها أنذا أعرضها فيما يلي، رجاءَ أن ينفع الله بها، وأن يغفر لنا الزّلل، وأن يصلح لنا الخلَل. 1- اعتمد في شرحه على (شرح ملحة الإعراب) للحريريّ، و (شرح الألفيّة) لابن النّاظم اعتمادًا كبيرًا، وكان الأولى أن يصرّح بما نقله منهما، وبخاصّة أنّه ينقُل أحيانا نصوصا كاملة دون تصرّف فيها، ومع ذلك لا يُشير إلى المنقول منه. 2- أخطأ في نسبة بيت إلى امرئ القيْس؛ وهو قولُه: لِمَنِ الدِّيَارُ بِقُنَّةِ الْحِجْرِ؟ ... أَقْوَيْنَ مِنْ حِجَجٍ وَمِنْ دَهْرِ2 والصّحيح: أنّه لزُهير بن أبي سُلمى. وكذلك أخطأ في نسبة بيتٍ إلى الطّرمّاح؛ وهو قولُه: لاَ يَرْكَنَنْ أَحَدٌ إِلَى الإِحْجَامِ ... يَوْمَ الْوَغْى مُتَخَوِّفا لِحِمَامِ3   1 يُنظر: مبحث شواهده ص56، 57. 2 يُنظر: ص 221 من النّصّ المحقّق. 3 يُنظر: ص 390 من النّصّ المحقّق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 74 والصّحيح: أنّه لقطريّ بن الفجاءة؛ وهو تابعٌ في هذا الخطأ لابن النّاظم1 رحمه الله تعالى. 3- منهجه لم يكن على وتيرة واحدة؛ فتارةً يكون قويا في منهجه، ويستقصي كلّ الشّواهد في المسألة، وتارة أُخرى نراه يقتضب الحديث ويختصر فيه. 4- يُلحظ في منهج الصّايغ أنّه عندما يقوم بتقسيم المسائل فإنّه يذكُر أحد الأقسام، ثمّ يُغفِل باقي الأقسام؛ وهذا ظاهرٌ كثير الانتشار في الكتاب. 5- عدم الاهتمام بأبيات (ملحة الإعراب) ؛ فلا يفسّر الكلمات الغامضة، ولا يعرب الكلمات المشكلة. 6- عدم الدقة في شرح كلام الحريريّ؛ فأحيانا يذكُر أبياتا من (الملحة) ، ويتكلّم عن موضوعها بشكل عامّ، ولا يتطرّق إلى المسائل الّتي ذكرها الحريريّ؛ ومن الأمثلة على ذلك: طريقة تناوله لمباحث باب الحال2، وكذلك باب الاستثناء3.   1 يُنظر: شرح الألفيّة لابن النّاظم 320. 2 يُنظر: ص 375 من النّصّ المحقّق. 3 يُنظر: ص 457 من النّصّ المحقّق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 75 القسم الثاني: قسم التحقيق وصف النسخ الخطية المعتمدة في التحقيق ... وصف النّسخ الخطّيّة المعتمدة في التّحقيق: بعد البحث عن نسخ هذا الكتاب تمكّنت من الحصول على نسختين خطّيّتين، اعتمدتّ عليهما في تحقيق هذا الكتاب؛ وفيما يلي وصفهما: النّسخة الأولى: مصوّرة من نسخة موجودة بدار الكتب الوطنيّة بتونس، تحت رقم (671) وعدد لوحاتها أربع وستّون ومائة لوحة، وعدد الأسطر ثلاثة عشر سطرًا، في السّطر الواحد ثلاث عشرة كلمة. وقد كتبت بخطّ مشرقيّ، واضح مشكول، وميّزت أبيات (الملحة) للحريريّ من الشّرح بخطّ كبير، وعناوين الأبواب كلّها، وكلمة (فصل) مكتوبة بخط أحمر، وبعض الأبيات مكتوب بخطّ أحمر، وبعضها مكتوب بخطّ أسود وهو الأكثر. وهذه النّسخة روجعت من قِبل ناسخها؛ فكان يستدرك ما سقط منها فيكتبه في الهامش، ثم يضع في نهايته كلمة (صح) . وفي هوامشها إشارات توضّح أنّها قوبلت مع نسخة أخرى. واسم النّاسخ: إبراهيم بن عبد العالي محمود؛ وقد نُسخت في القرن التّاسع الهجريّ سنة 864هـ. وكُتب على غلاف هذه النّسخة: (كتاب شرح الملحة لابن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 81 الصّائغ) . وقد رمزت لها بالحرف: (أ) . 2- النّسخة الثّانية: مصوّرة من نسخة موجودة بمكتبة جامعة إستانبول بتركيا، تحت رقم (1016) وعدد لوحاتها خمسون ومائة لوحة، وعدد الأسطر خمسة عشر سطرًا، في السّطر الواحد إحدى عشرة كلمة. وقد كُتبت بخطّ معتاد، واضح، وبهوامشها بعض التّصويبات، وفيها سقْط مقدارُه إحدى عشرة لوحة، يقابل في (أ) : 10/أ - 21/أ. واسم النّاسخ: عليّ بن صدَقة، وتأريخ نسخها سنة 890هـ، وقد التزم النّاسخ بوضع رمز (ص) عند أوّل النّظم، و (ش) عند الشّرح. وكُتب على غلاف هذه النّسخة: "كتاب اللّمحة في شرح الملحة للشّيخ، الإمام، العالم، وحيد دهره، وفريد عصره، شمس الدّين محمّد بن بدر الدّين بن سباع الصّايغ، عفا الله عنه، وأنار ضريحه، وأوسع ضريحه، إنّه على كلّ شيء قدير. آمين". وقد رمزت لها بالحرف: (ب) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 82 منهجي في التّحقيق كان منهجي في تحقيق الكتاب كالتّالي: احترمتُ النّصّ؛ فلم أتدخّل فيه إلاّ بالقدر الّذي يقيم معوجًّا، أو يكمّل ناقصًا، وما أضفتُه جعلتُه بين معقوفين هكذا [] . اخترت ما سمّي بمنهج التّلفيق بين النسخ، فقابلت بين نسختي المخطوط مقابلة دقيقة، وأشرتُ إلى مواضع الزّيادة، والاختلاف، والتّحريف في كلّ منهما، وأثبتّ ما رأيته أليق بالمقام من ذلك في الصّلب، وما لا يليق بالصّلب أثبته في الحاشية، كما أشرتُ إلى مواضع السّقط، وميزّت النّصّ السّاقط من إحدى المخطوطتين بوضعه بين معقوفين هكذا [] . ميّزت أبيات النّظم بأن كتبتها بحرف كبير أسود. كتبت النّصّ وفقًا للقواعد الإملائيّة الحديثة. ضبطت الآيات القرآنيّة الكريمة، والأحاديث الشّريفة، والشّواهد الشّعريّة والنّثريّة، وأبيات النّظم، والكلمات الّتي تحتاج إلى ضبط. عزوت الآيات القرآنيّة إلى سورها، ذاكرًا رقم الآية. خرّجت القراءات القرآنيّة، ونسبتها إلى قرّائها من كتب القراءات. خرّجت الأحاديث الشّريفة والآثار من كتب السّنّة المعتمدة. خرّجت الأمثال من كتب الأمثال. خرّجت الشّواهد الشّعريّة، مبيّنًا بحر البيت، وقائله - إنْ أمكن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 83 ذلك -، مع الإحالة إلى ديوانه إنْ وُجد، أو إلى كتب المختارات الشّعريّة، ذاكرًا وجهَ الاستشهاد فيه، مع إيراد بعض الكتب النّحويّة الّتي استشهدت به، مراعيًا في ذلك التّسلسل التّأريخيّ لوفاة مؤلّفيها. وثّقت الأقوال والآراء الواردة في الشّرح؛ بالرّجوع إلى مصنّفات أصحابها إنْ تيسّرت، وإلاّ فمن كتب النّحو المعتمدة. عرّفت بالأعلام والأماكن والبُلدان الواردة في الشّرح. شرحت الكلمات الغريبة الواردة في الشّرح؛ وذلك بالرّجوع إلى المعاجم اللّغويّة. خرّجت المسائل النّحويّة، وذلك بالرّجوع إلى مظانّها من كتب النّحو. بيّنت ما أبهمه الشّارح، وذكرتُ ما أغفله ممّا تدعو الحاجة إلى ذكره. قمت بعمل الفهارس الفنّيّة اللاّزمة الّتي تيسّر الإفادة من الكتاب. وضعت اختصاراً لأسماء بعض المصادر التي تتكرر كثيراً في التحقيق، وهي: ابن عقيل- شرح الألفيّة لابن عقيل. ابن النّاظم- شرح الألفيّة لابن النّاظم. الإتحاف- إتحاف فضلاء البشر بالقراءات الأربعة عشر للبنّا. الأشمونيّ- شرح الأشمونيّ على ألفيّة ابن مالك. حاشية ياسين- حاشية ياسين على التّصريح. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 84 الدّرر- الدّرر اللّوامع على همع الهوامع للشنقيطيّ. شرح الجمل- شرح جمل الزّجّاجيّ لابن عصفور. شرح الرّضيّ- شرح الكافية للرّضيّ الاستراباذيّ. شرح الملحة- شرح ملحة الإعراب للحريريّ. الصّبّان- حاشية الصّبّان على شرح الأشمونيّ على ألفيّة ابن مالك. اللّباب- اللّباب في علل البناء والإعراب للعكبريّ. النّكت- النّكت في تفسير كتاب سيبويه للأعلم الشّنتمريّ. الهمع- همع الهوامع في شرح جمع الجوامع للسّيوطيّ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 85 النص المحقق كتاب اللمحة في شرح الملحة ... بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وما توفيقي إلاَّ بالله عليه توكّلت1. [قال العبد الفقير إلى الله تعالى محمّد بن الحسن بن سِبَاع الصّايغ ـ عفا الله عنه -: أحمدُ الله، وأستعينه، وأصلِّي على رسوله محمّد وآله وصحبه] 2. قال الشّيخ، الإمام، العالِم، العلاّمة3، حجّة العرب، ولسان الأدب، أبو محمّد القاسم4 ابن عليّ بن محمّد5 الحريريّ - رحمه الله تعالى6، [وأثابه الجنَّة برحمته] 7: أَقُولُ مِنْ بَعْدِ افْتِتَاحِ الْقَوْلِ ... بِحَمْدِ ذِي الطَّوْلِ الشَّدِيدِ8 الْحَوْلِ9   1 في ب: ربِّ يسِّر وأنت كريم. 2 ما بين المعقوفين ساقط من ب. (العلاّمة) ساقطة من أ. 4 في أ: القسم. (بن محمّد) ساقطة من ب. 6 ما بين المعقوفين ساقط من ب. 7 ما بين المعقوفين ساقط من أ. 8 في متن الملحة 5، وشرح الملحة 37: شَدِيدِ الحَوْلِ. 9 ورد في متن الملحة 5، وشرح الملحة 37 بعد هذا البيت بيتان آخَران؛ وهُما قولُه: عَلَى النَّبِيِّ سَيِّدِ الأَنَامِ ... وَبَعْدَهُ فَأَفْضَلُ السَّلاَمِ وَآلِهِ الأَطْهَارِ خَيْرِ آلِ ... فَافْهَمْ كَلاَمِي وَاسْتَمِعْ مَقَالِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 99 يقول: إنّه قد ابتدأ بحمد الله تعالى قبل شُروعِه فيما قصده من الكلام. والحول1: البَطْش، والطَّول: المَنُّ والكرم. حَدًّا وَنَوْعًا وَ2 إِلَى كَمْ يَنْقَسِمْ؟ ... يَا سَائِلِي عَنِ الْكَلاَمِ المُنْتَظِمْ قال: أقول يا [سَائلي؛ فَأَقَامَ] 3 مُخَاطَبًا له؛ كيْلا يكون مُلْقيًا كلامَه إلى غير سَامِعٍ. والكلامُ: [ما حَصَلَ] 4 به فائدةُ السَّامع، وحَسُنَ عليه سُكُوتُ المتكلِّم. و [الحدُّ هو: الجامع] 5 المانع؛ لأنَّه مُركَّب من جنسٍ وفصل؛ فهو بالجنس يَعُمُّ ويجمع، وبالفصل يخصُّ ويَمْنع. وهو في اللّغة: المنع، [قال الشّاعر: [2/ب] لاَ تَعْبُدُنَّ إِلَهًا دُوْنَ خَالِقِكُمْ ... فَإِنْ دُعِيْتُمْ فَقُولُوا دُوْنَهُ حَدَدُ6 فهو يمنع الشّيء المحدود من الخروج إلى غيره، كما يمنع غيرَه من   1 الحول: الحيلة، والقوّة. يُنظر: اللّسان (حَوَل) 11/185. 2 في متن الملحة 5: إِلَى كَمْ يَنْقَسِمْ - بدون العاطِف -. 3 ما بين المعقوفين مطموسٌ في أ. 4 في أ: يحصل. 5 ما بين المعقوفين بياضٌ في أ. 6 هذا بيتٌ من البسيط، وهو لزيد بن عَمرو بن نُفيل. يُنظر هذا البيت في: التّهذيب (حَدد) 3/422، والصّحاح (حدد) 2/462، واللّسان (حدد) 3/142. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 100 الدخول إليه؛ ومنه قيل للبوّاب: حَدَّاد] 1، قال الشّاعر: يَقُولُ لِيَ الْحَدَّادُ وَهْوَ يَقُودُنِي إِلَى السِّجْنِ لاَ تَجْزَعْ فَمَا بِكَ مِنْ بَاسِ! 2 والنّوع: ما كان تحت جنسٍ كالفرع من أصله، وقد يكون جنسًا إذا اشتمل على أنواعٍ بالنّسبة إلى ما تحته. اسْمَعْ هُدِيْتَ الرُّشْدَ مَا أَقُولُ ... وَافْهَمْهُ فَهْمَ مَنْ لَهُ مَعْقُولُ فالمعقول مصدر عَقَل، ومثله من المصادر: مَيْسُورٌ، ومَعْسُورٌ، ومَخْلُوق3.   1 ما بين المعقوفين ساقط من ب. 2 هذا بيتٌ من الطّويل، وهو لقيس بن الخطيم. يُنظر هذا البيت في: الملاحن 51، واللّسان (حدد) 3/142، (باس) 6/20، وشرح اللُّمحة البدريّة 1/203 ـ وفيه (السّجّان) بدل (الحدّاد) ولا شاهد فيه على هذه الرّواية -، وتاج العروس (بأس) 15/430، وملحقات الدّيوان 34. 3 في أ: مخلوف. ووُرود المصدر بِزِنَة اسم المفعول جائز عند الجمهور ـ وإنْ كان قليلاً ـ نحو: (ميسور) من اليُسْر، و (معسور) من العُسْر، و (معقول) من العقل، و (مخلوق) من الخلق. وخالف سيبويه وغيرُه في مجيء المصدر على وزن المفعول؛ وجعل الميسور والمعسور صفة للزّمان ـ أي: الزّمان الذي يُؤسر فيه ويُعسر فيه على حذف الجارّ ـ؛ وجَعل المعقول بمعنى المحبوس المشدود صفةً للعقل؛ إذْ قال: "كأنّه قال: عُقِل له شيء، أي: حُبس له لُبّه وشدّد". ومثله المخلوق صفة للخلق. يُنظر: الكتاب 4/97، وشرح المفصّل 6/50، وشرح الشّافية 1/174، 175، واللّسان (عقل) 12/458، (عسر) 4/564، (يسر) 5/297، (خلق) 10/85. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 101 [بَابُ الكَلاَمِ] 1 حَدُّ الْكَلاَمِ مَا أَفَادَ اَلْمُسْتَمِعْ ... نَحْوُ: سَعَى زَيْدٌ وَعَمْروٌ مُتَّبِع قد تقدّم الكلام في أنّه عِبَارةٌ عمّا يحسُن [السُّكوت] 2 عليه، ولا يأتلف من أقلّ من كلمتين3؛ أحدُ رُكني الإسناد [فيهما الاسم] 4 عدا الحرف إلاّ في النِّداء؛ لتضمُّنه معنى الفعل5. وهو كما مَثَّل من قوله: [قام زيد، و] 6 زيدٌ قائم؛ فالجملة الأولى تُسَمَّى الفعليّة، والثّانية تُسَمّى [الاسميّة؛ فإذا] 7 انفصل [3/أ] تركيب   1 العنوان زيادة من المحقِّق؛ يقتضيه صنيعُه في بقيّة الأبواب. 2 ما بين المعقوفين غيرُ واضحٍ في أ. 3 لا يحصل التّركيب الّذي ينعقد به الكلام وتحصل منه الفائدة إلاَّ من اسمين أُسْنِدَ أحدهما إلى الآخر؛ كإسناد (ذاهب) إلى (زيد) في قولنا: (زيدٌ ذاهب) ؛ أو من اسم وفعل مُسند إلى الاسم، كإسناد (فاز) إلى (التّائب) في قولنا: (فاز التّائب) . فـ (زيد ذاهب) وشِبْهه جُملةٌ اسميّة لتصديرها باسم. و (فاز التّائب) وشبهه جملةٌ فعليّة لتصديرها بفعل. يُنظر: شرح الكافية الشّافية 1/159، وشرح المفصّل 1/20، وشرح ألفيّة ابن معط 1/192، وأوضح المسالك 1/11. 4 ما بين المعقوفين غيرُ واضحٍ في أ؛ من أثر الرطوبة. 5 لأنّ حرف النّداء ناب عن الفعل: (دعوت) أو (ناديت) . يُنظر: شرح ألفيّة ابن معطٍ 1/193. 6 ما بين المعقوفين غير واضحٍ في أ؛ من أثر الرطوبة. 7 ما بين المعقوفين غير واضحٍ في أ؛ من أثر الرطوبة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 103 الجملة عادَ كلّ واحدٍ منهما مُفْردًا، ويُسَمَّى كلمةً1. والكلمةُ هي: اللّفظة الدّالّة على معنىً مفردٍ بالوضع عند النّحويّين2. وعند اللّغويّين هي: كلامٌ مستقلّ بنفسه؛ ومن ذلك قولهم إذا أنشدوا بيتًا من قصيدة فيقولون: "من3كلمة له"؛فتصدُق الكلمة على القصيدة4، ومن ذلك قوله صلّى الله عليه وسلّم: " أَصْدَقُ كَلِمَةٍ قَالَهَا شَّاعِرٌ5؛ كَلِمَةُ لَبِيْدٍ6: أَلاَ كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلاَ اللهَ بَاطِلُ" 7 ... وَكُلُّ نَعِيمٍ لاَ مَحَالَةَ زَائِلُ8   1 الكلمة فيها ثلاثُ لغاتٍ: كَلِمَةٌ، كِلْمَةٌ، كَلْمَةٌ. يُنظر اللّسان (كلم) 12/523. 2 يُنظر: المفصّل 6. 3 في أ: ومن. 4 قال صاحب اللّسان: "الكلمة: تقع على الحرف الواحد من حروف الهجاء، وتقع على لفظة مُؤلَّفة من جماعةِ حروفٍ ذاتِ معنىً، وتقعُ على قصيدة بكمالها وخطبة بأسرِها". اللّسان (كلم) 12/524. 5 في: ب: الشاعر. 6 هو: لبيد بن ربيعة العامريّ، كان من شعراء الجاهليّة وفرسانها، أدرك الإسلام فأسلم ثم قدِم الكوفة وأقام بها إلى أنْ مات وهو ابن مائة وسبع وخمسين سنة في أوّل خلافة معاوية. يُنظر: الاستيعاب 3/324، وأسد الغابة 4/ 514، والإصابة 3/326. 7 ورد هذا الحديث - من غير ذكر الشّطر الثّاني من البيت - في صحيح البخاريّ، كتاب الأدب، باب ما يجوز من الشّعر والرّجز والحداء وما يُكره منه، 8/64، وصحيح مسلم، كتاب الشِّعر، 4/1768، وسنن التّرمذيّ، كتاب الأدب، باب ما جاء في إنشاد الشّعر، 5/140، وسنن ابن ماجه، كتاب الأدب، باب الشِّعر، 2/1236. 8 هذا بيتٌ من الطّويل. يُنظر: أسرار العربيّة 21، وشرح المفصّل 2/78، وشرح الكافية الشّافية 2/722، وابن الناظم 22، وأوضح المسالك 2/74، والتّصريح 1/29، والهمع 1/4، 3/261، والخزانة 2/255، والدّيوان 132. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 104 وقيل: هي اللّفظُ الدّالُّ بالوضع على معنىً مفرد1. وقيل: اَلْجُزْءُ المفرد2. وقيل: اللّفظة الموضوعة بإزاء معنىً، فهي أحد أنواع اسْم جِنْسٍ3 وهو الكلم، لقبوله4: أن يصير5 نوعًا بدخول حرف الهاء عليه. والكلم: يطلق6 على المفيد وغيره. ولا ينعقد الكلام المفيد من فعلين، ولا من حرفين، ولا من فعل وحرف، ولا من اسم وحرف؛ إلاّ في باب النِّداء7.   1 يُنظر: الكافية 59، وشرح ألفيّة ابن معطٍ /195، والفصول الخمسون 149. 2 يُنظر: المرتجل 5. 3 الكلم: اسم جنس جمعيّ، واحده: كلمة. يُنظر: التّصريح 1/25، 26، والأشمونيّ 1/25، 26. 4 في كلتا النسختين لقوله، والأقرب الذي يستقيم عليه الكلام هو ما أثبته 5 في أ: إن يصر، وهو تحريف. 6 في كلتا النسختين: ينطلق، والصواب ما هو مثبت. 7 لا ينعقد الكلام المفيد من فعلين؛ لأنّ الفعل نفسه خبر ولا يفيد حتّى تُسنده إلى محدث عنه؛ ولا من حرفين لعدمهما جميعًا، ولا من فعل وحرف، ولا حرف واسم؛ لأنّ الحرف جاء لمعنىً في الاسم والفعل فهو كالجزء منهما، وجزء الشّيء لا ينعقد مع غيره كلامًا، ولم يفد الحرف مع الاسم إلاّ في موطنٍ واحدٍ وهو النِّداء خاًصّة؛ وذلك لنيابة الحرف فيه عن الفعل، ولذلك ساغت فيه الإمالة. يُنظر: شرح المفصّل 1/20، والإيضاح في شرح المفصّل 1/62. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 105 وَنَوْعُهُ الَّذِي عَلَيْهِ يُبْنَى ... اسْمٌ وَفِعْلٌ ثُمَّ حَرْفُ مَعْنَى أَنْواع الكلم ثلاثة؛ وهي: الاسم، والفعل، والحرف1. لا يمكن أن تكون [3/ب] أربعةً؛ لوصول النّفوس إلى أغراضها من العبارة بها؛ فوجب الاستغناء عن القسم الرّابع؛ وكذلك لا يمكن كونُها كلمتين؛ لاحتياجهم إلى القسم الثّالث. فالاسم: بمنزلة الذّات؛ لأنّه لا يكون كلامًا إلاّ بوجوده2؛ فلذلك تقدّم وَضْعًا، ومنه قولُ الشّاعر: جَعَلَتْنِي3 كَالْحَرْفِ [جَاءَ] 4 لِمَعْنىً ... غَلَطًا مِنْ ضَلاَلِهَا وَشَقَاهَا وَأَنَا5 الاسْمُ لاَ يُتَمَّمُ6 شَيءٌ ... بِسِوَى وَضْعِهِ وَلاَ يَتَنَاهى7   1 هذه الأقسام مُجْمَعٌ عليها؛ وشذّ في هذا من لا يُعتدّ بخلافه؛ وهو أبو جعفر بن صابر، حيث ذهب إلى أنّ هناك قسمًا رابعًا؛ وهو اسم الفعل، وسمّاه (الخالفة) ؛ والحقّ أنّ ذلك من أفراد الاسم وليس قسمًا من أقسام الكلمة. يُنظر: الهمع 1/7، 5/121، والأشمونيّ 1/23، والصّبّان 1/23. 2 في كلتا النسختين: لوجوده، والصواب ما هو مثبت. 3 في ب: جلعتني، وهو تحريف. (جاء) ساقطة من ب. 5 في ب: وإنّما. 6 في ب: لا يتمّ، وهو تحريف. 7 هذان بيتان من الخفيف، ولم أقف على قائلهما. ومعناهما: أن الاسم لا تتم جملة إلاّ بوجوده. ولم أجد من ذكر هذين البيتين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 106 وهو يُخبر به وعنه1. والفعل: بمنزلة الحَدَث فهو مفتقرٌ إلى الإسناد إلى الاسم؛ لأنّه يخبر به لا عنه. والحرف: واسطة بين الذّات والحدث؛ والمراد به معنىً2 في غيره لا في ذاته؛ فهو لا يخبر به ولا عنه؛ فلذلك تأخّر وَلَزِمَ توسُّط الفعل.   1 في ب: يخبر عنه. 2 في كلتا النسختين: لمعنى، والصّواب ما هو مثبت. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 107 بَابُ الاسْمِ: فَالاسْمُ مَا يَدْخُلُهُ مِنْ وَإِلَى ... أَوْ كَانَ مَجْرُورًا بِحَتَّى وَعَلَى مِثَالُهُ: زَيْدٌ وَخَيْلٌ وَغَنَمْ ... وَذَا وَتِلْكَ1 وَالَّذِيْ وَمَنْ وَكَمْ اقتصر الشّيخ [رحمه الله تعالى] 2 من علامات الاسم على حروف الجرّ؛ لكونها أعمّ [4/أ] علاماته؛ لدخولها على المضمرات، كقولك: (أخذت منه) و (أقبلتُ عليه) ؛ وعلى أسماء الإشارة، كقولك: (عجبتُ من هذا الأمر) و (سِرْتُ إلى تلك المدينة) ؛ وعلى الموصول، كقولك: (استعنتُ بالّذي لم يَخِبِ المستعينُ به) ؛ وعلى أسماء الاستفهام، كقولك: (إلى متى؟) و (من أين؟) و (إلى كم؟) و (على كيف؟) . ومن علائم الاسم3: أن يكون مُنوَّنًا، كقولك: (زيدٌ) ؛ مجرورًا، كقولك: (قمتُ مِنَ الدّار) ؛ مُعَرَّفًا بالألف واللاّم، كقولك: (الرَّجل) ؛ مُصَغَّرًا، كقولك في رَاجِل: (رُويجل) ؛ مُخْبِرًا عنه، كقولك: (اليوم4 مبارك) ؛ مثنّى، كقولك: (الزّيدان) ؛ مجموعًا، كقولك: (الزّيدون) ؛ مضافًا، كـ (غلام زيد) ؛ منادًى، كقولك: (يا رجلاً) ؛   1 في متن الملحة 5، وشرح الملحة 43: وَذَا وَأَنْتَ. 2 ما بين المعقوفين زيادة من ب. 3 أوصل بعضُ النُّحاة علامات الاسم إلى ثلاثين علامة. يُنظر: كشف المشكل 1/173، والأشباه والنّظائر 1/8. 4 تمثيله باليوم غير دقيق؛ لأنه يقترن بعلامة أخرى؛ فالأولى أن يمثّل باسم لا تعرف اسميته إلاّ بواسطة الإخبار عنه؛ مثل الضمائر كأن يقول: أنت مبارك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 109 منعوتًا، كقولك: (زيدٌ الكريمُ) . فالاسم1: ما أبان عن مُسَمًّى؛ شخصًا كان أو غير شخصٍ. وَحَدُّه2: كلمةٌ دَلّت على معنىً في نفسها3، غير مقترنةٍ بزمن4 مُحَصَّلٍ5. فَمُحَصَّلٌ6: احترازٌ من7 الصَّبُوح والغَبُوق؛ لوقوع كلّ واحدٍ منهما في وقتٍ لكنَّهُ غير مُحَصَّلٍ8.   1 الاسم: اللّفظ الموضوع على الجوهر أو العرَض لتفصل به بعضه من بعض، كقولك مبتدئا اسم هذا كذا، وإنْ شئتَ قلتَ: اسْمُ هذا كذا. وفي الاسم خمسُ لغات: اِسْم بكسر الهمزة، واُسم بضمّها، وسِمٌ بكسر السّين، وسُمٌ بضمّها - ويروى سُمُهْ بضمّ السّين -، وسُمًى على وزن عُلىً. يُنظر: الإنصاف، المسألة الأولى، 1/16، وأسرار العربيّة 8، واللّسان (سما) 14/401. 2 ذكر أبو البركات الأنباريّ أنّ النحويّين ذكروا في الاسم حدودًا كثيرة تنيف على سبعين حدّاً. أسرار العربيّة 9، 10. 3 تحرُّزًا من الحرف؛ لأنّ الحرف يدلّ على معنىً في غيره. أمالي ابن الشّجريّ 2/15. 4 تحرُّزًا من الفعل؛ لأنّ الفعل وُضِع ليدلّ على الزّمان. أمالي ابن الشّجريّ 2/15. 5 أي: مميّز ومعيّن ومبيّن. اللّسان (حصل) 11/153. 6 وُصِفَ الزّمن بمُحَصَّل ليدخل في الحدِّ أسماءُ الفاعلين وأسماء المفعولين والمصادر من حيث كانت هذه الأشياء دالّة على الزّمان لاشتقاق بعضها من الفعل، وهو اسم الفاعل واسم المفعول، واشتقاقُ الفعل من بعضها وهو المصدر إلاّ أنّها تدلّ على زمانٍ مجهول. أمالي ابن الشّجريّ 2/15. 7 في ب: فمحصّل يخرج الصّبوح والغبوق احترازًا من لوقوع كلّ واحد منهما 8 مراد الشّارح: أنّ الصّبوح: الشّرب وقت الغداة، والغبوق: الشّرب (من اللبن فيهما) آخر النهار، فهو يدل على حدثٍٍ: الشرب في وقتٍ: أول النهار، أو آخره؛ لكنّه غير محصَّل؛ لصلاحه للأزمان الثّلاثة: الماضي، والحال، والمستقبل، ففارق: (اصطبَحَ) الدال على ذلك في زمن محصَّل هو الماضي، و (يصطبحُ) الدال على الحدث في زمن محصّل هو الحال، أو المستقبل، و (اصطَبحْ) الدال على حدث في زمن محصّل هو المستقبل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 110 واشتقاقه عند البصريّين من السُّمُوّ1؛ لأنّه عَالٍ على مُسَمَّاهُ، ولأنَّه2 سمَا على الفعل والحرف لاستغنائِه عنهما؛ وعند الكوفيّين [4/ب] من السِّمَة3. والاعتمادُ على القول الأوَّل؛ لدلالة الجمع والتّصغير على أُصول4 الأشياء، كقولهم في التّصغير: (سُمَيّ) ، وفي الجمع: (أسماء) 5.   1 السُّمُوُّ: الارتفاع والعُلُوُّ. اللّسان (سما) 14/397. 2 في ب: ولا، وهو تحريف. 3 السِّمة: العلاَمة. اللّسان (علم) 12/419. 4 في ب: أهول، وهو تحريف. 5 اختلف العلماء في أصل اشتقاق الاسم على قولين: القول الأوّل: أنّه مشتقّ من السُّمُوِّ - وهو العُلُوّ -؛ لأنّه سما على الفعل والحرف بكونه قد يستغني بنفسه عنهما؛ ولأنّه من (سما - يسمو) ك (علا يعلو) ؛ ومنه (السّماءُ) لكلّ مرتفع؛ ولأنّ الاسم رَفَعَ المُسمّى، وأخرجه إلى الوجود؛ فلولا الاسم لَمَا عُرف المُسمَّى، فتبيَّنَ أَنّه من السُّموّ. والأصل فيه: (سِمْوٌ) إلاَّ أنّهم حذفوا الواو من آخره، وعوّضوا الهمزة في أوّله؛ فصار اسما وزنه (اِفْعٌ) لأنّه قد حذف منه لامه الّتي هي الواو في (سِمْو) وهذا قول البصريين. القول الثّاني: أنّه مشتقّ من السِّمة - وهي العلامة -؛ وذلك لكونِهِ علامة يُعرف بها المسمّى. = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 111 ....................................................................   = والأصل فيها: (وَسْم) إلاَّ أنّهم حذفوا الواو من أوّله وعوّضوا مكانها الهمزة، فصار اسما وزنه (اِعْلٌ) لأنّه قد حذف منه فاؤه التّي هي الواو في (وَسْم) ؛ وهذا قول الكوفيين. يُنظر تفصيل المسألة في: شرح عيوان الإعراب 51، والإنصاف، المسألة الأولى، 1/6، وأسرار العربيّة 5، والتّبيين، المسألة الرّابعة، 132، وشرح المفصّل 1/23، وائتلاف النّصرة، فصل الاسم، المسألة الأولى، 27. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 112 بَابُ الْفِعْلِ: وَالْفِعْلُ مَا يَدْخُلُ قَدْ وَالسِّينُ ... عَلَيْهِ مِثْلُ: بَانَ أَوْ يَبِينُ (قد) حَرْفٌ يدخل على الماضي والمضارِع؛ فإذا دخل على الماضي قيل فيه: حرفُ تَقْرِيْبٍ، وإنْ دخل على المضارِع1؛ فلا يخلو من الوجوب والإمكان، فإنْ كان مُمْكِنًا2، قيل3: حرف تقليل، كقولك: (قد يقع المطر) ، وإن كان واجبًا، كقولك: (قد تغرب الشَّمسُ) ، فهو4 حرف تحقيقٍ5. (والسِّين وسَوْفَ) حرفا تنفيسٍ، يختصّان بالمضارِع المستقبل6،   1 في أ: مضارع. 2 في ب: متمكّنًا. 3 في كلتا النّسختين: فقيل، وما أثبته هو الأولى. 4 في كلتا النسختين: وهو؛ وما أثبته هو الأولى. 5 جملة ما ذكره النّحويّون لـ (قد) خمسة معانٍ: الأوّل: التّوقُّع. و (قد) تَرِد للدّلالة على التّوقّع مع الماضي والمضارِع. الثّاني: التّقريب. ولا ترد للدّلالة عليه إلاّ مع الماضي. الثّالث: التّقليل. وترد للدّلالة عليه مع المضارع. الرّابع: التّكثير. الخامس: التّحقيق. وترد للدّلالة عليه مع الفعلين: الماضي والمضارِع. والحاصل: أنّها تُفيد مع الماضي أحد ثلاثة معانٍ: التّوقّع، والتّقريب، والتّحقيق؛ ومع المضارِع أحد أربعة معانٍ: التّوقّع، والتّقليل، والتّحقيق، والتّكثير. يُنظر: الجنى الدّاني 256، والمغني 227. (سوف) أشدّ تراخيًا في الاستقبال من السّين وأبلغ تنفيسًا. يُنظر: شرح المفصّل 8/148، والجنى الدّاني 59، 458، والمغني 184. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 113 وقد يستعملان في الوعد والوعيد 1. أَوْ لَحِقَتْهُ تَاءُ مَنْ يُحَدِّثُ ... كَقَوْلِهِمْ فِي لَيْسَ: لَسْتُ أَنْفُثُ من علائم الفعل: دخول الضّمائر على آخره؛ كتاء المتكلّم، وهي إذا كانت لمتكلّم مبنيّة على الضّمّ، ويستوي2 فيها المذكّر والمؤنّث؛ فإن كانت لمخاطبٍ فُتِحَتْ مع المذكّر وكُسِرَتْ مع المؤنَّث؛ فإن كان المؤنَّث غائبًا كانت ساكنة3، [5/أ] كقولك: (بئست الفاجرة) ، وكذلك المشار إليه4.   1 الأكثر في السّين الوعد؛ نحو قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً} [مريم: 96] ، وتأتي للوعيد؛ نحو قوله تعالى: {وَسَيَعْلَمُ الَّذِيْنَ ظَلَمُواْ أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} [الشّعراء: 227] . أمّا سوف فتُستعمل كثيرًا في الوعيد والتّهديد، وقد تُستعمل في الوعد؛ مثال الوعيد: {وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ العَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيْلاً} [الفرقان: 42] ، ومثال الوعد: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيْكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} [الضّحى: 5] . يُنظر: البُرهان في علوم القرآن 4/282، 283، والإتقان 1/212، ودراسات لأسلوب القرآن الكريم 2/168. 2 في ب: تستوي فيه. 3 يُفهم من كلام الشّارح - رحمه الله تعالى - أنّه يرى أنّ تاء التّأنيث السّاكنة ضمير؛ وهذا خلاف ما عليه الجمهور الّذين يرون أنّها علامة تأنيث تلحق بالفعل إذا كان الفاعل مؤنّثًا. 4 يقصد الشّارح أن كاف الخطاب في نحو: (ذلكَ) تفتح مع المشار إليه المذكّر، وتكسر مع المؤنث: (ذلكِ) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 114 ومنها: دخول ضمير الاثنين وهو الألف، كقولك: (الرجلان قاما) ، وكذلك ضمير الجمع، كقولك: (النّاس قاموا) . ومنها: دخول حرف الجزْم على أوّله ونون التّوكيد على آخره، كقولك: (لم يقم زيدٌ) و (لا تُخْدَعنَّ بالباطل) وكقولك: (لم يَضْرِبَنْ) . أَوْ كَانَ أَمْراً ذَا اشْتِقَاقٍ نَحْوَ: قُلْ ... وَمِثْلُهُ: ادْخُلْ وَانْبَسِطْ وَاشْرَبْ وَكُلْ من أنواع الفعل: الأمر، وشرطه: أن يكون مُشتقًّا من مصدر1، كقوله: (ادخل وانبسط) فهما مشتقّان من الدّخول والانبساط؛ احترازًا من أسماء الأفعال الّتي هي: (صَهْ) و (مَهْ) لدلالتهما على اهتمام السَّامع بالسّكوت والكفّ مع خُلوّهما من الاشتقاق. واشتقاق الفعل عند البصريّين من المصدر؛ ومذهب الكوفيّين أنّ المصدر مشتقّ منه. والاعتماد على القول الأوّل؛ لدلالة الفرع على ما في أصله مع الزّيادة عليه2.   1 الأمر: يشترط كونه مشتقًّا مأخوذًا من مضارع؛ لأنّه بهذه القيود طلب إيجاد ما ليس بموجود؛ والأسماء أعيان ثابتة؛ فالأمر بإيجادها أمرٌ بتحصيل الحاصل، وهو محال. فإن قيل: المصادر أسماء وليس بأعيان. قلنا: الأمر من المصدر لا يمكن إلاَّ بصيغة الفعل المشتقّ منه؛ وهو المطلوب. شرح ألفيّة ابن معطٍ 1/212. 2 اختلف العلماء في أصل الاشتقاق الفعل هل هو الفعل أو المصدر؟. فذهب البصريّون إلى أنَّ الفعل مشتقّ من المصدر وفرع عليه؛ لأنّ المصدر لا يدلّ على زمان مختصّ، والفعل في الأصل يدلّ على زمان مختصّ، فصار كالمطلَق؛ فكما أنَّ المُطْلق أصل المُقَيَّد فكذلك المصدر أصل الفعل؛ ولأنّ المصدر اسمٌ، والاسم يقوم بنفسه، ويستغني عن الفعل، وأمّا الفعل فإنّه لا يقوم بنفسه أصلاً، وما يقوم بنفسه أولى من الّذي لا يقوم إلاّ مع غيره؛ ولأنّ الفعل يدلّ بصيغته على شيئين: الحدَث والزّمان المحْض، والمصدر إنّما يدلّ بصيغته على شيء واحد وهو الحدث فقط، فصار كالواحد مع الاثنين؛ فكما أنّ الواحد أصلُ الاثنين والاثنان ليسا أصلاً للواحد، وكذلك المصدر الّذي هو يدلّ على شيء واحد أصلٌ للفعل الّذي هو يدلّ على شيئين؛ ولأنّ المصدر له مثال واحد نحو: الضّرب والقتل، والفعل له أمثلة مختلفة. وذهب الكوفيّون إلى أنّ المصدر مشتقّ من الفعل وفرع عليه؛ لأنّ المصدر يصحّ بصحّته ويعتلّ باعتلاله؛ ولأنّه ينطلق على المصدر عاملاً له من غير واسطة، مثل: ضرب ضربًا؛ ولأنّ المصدر قد يُذكر تأكيدًا له، مثل: ضربته ضربًا؛ ولأنّه قد توجَد أفعال لا مصادر لها، وذلك دليل على أصالتها. تُنظر هذه المسألة في: شرح عيون الإعراب 169، وأسرار العربيّة 171، والإنصاف، المسألة الثّامنة والعشرون، 1/235، والتّبيين، المسألة السّادسة، 143، وشرح المفصّل 1/110، وائتلاف النّصرة، فصل الفعل، المسألة الأولى، 111. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 115 وحَدُّهُ: كَلِمَةٌ دلّت على معنىً في نفسها مقترنةٌ بزمنٍ مُحَصَّل1.   1 مقترنة بزمنٍ محصّل: للفرق بينه وبين المصدر؛ وذلك أنَّ المصدر يدلّ على زمان؛ إذِ الحدث لا يكون إلاَّ في زمان، لكن زمانه غير متعيّن كما كان في الفعل؛ والحق: أنّه لا يحتاج إلى هذا القيْد، وذلك من قبل أنّ الفعل وُضع للدّلالة على الحدَث وزمان وجوده ولولا ذلك لكان المصدر كافيًا، فدلالته عليهما من جهة اللّفظ وهي دلالة مطابَقة. شرح المفصّل 7/2. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 116 [5/ب] باب الحرف وَالْحَرْفُ مَا لَيْسَتْ لَهُ عَلاَمَهْ ... فَقِسْ عَلَى قَوْلِي تَكُنْ عَلاَّمَهْ مِثَالُهُ: حَتَّى وَلاَ وَثُمَّا ... وَهَلْ وَبَلْ وَلَوْ [وَلَمْ] 1 وَلَمَّا علامة الحرف: سَلْبُه ممّا تقدّم من علائم الأسماء والأفعال2؛ فتجريده من3 العلامة عَلاَمَةٌ له وَحَدُّهُ 4: كلمةٌ5 لا تدلّ على معنىً إلاَّ في غيرها6.   1 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 2 علامة الحرف: ألاّ يقبل علامات الأسماء ولا علامات الأفعال؛ وإنّما يُؤتى به رابطًا بين اسمين، أو فعلين، أو بين جملتين، أو بين اسم وفعل، أو مخصِّصًا للاسم أو الفعل، أو قالبًا لمعنى الجملة، أو مؤكِّدًا لها، عاملاً أو زائدًا. يُنظر: الفصول الخمسون 153. 3 في أ: عن. 4 قال بعضُ النّحويّين: "لا يُحتاج في الحقيقة إلى حدِّ الحرف، لأنّه كَلِمٌ محصورة" وليس كما قال، بل هو ممّا لا بدّ منه، ولا يُستغنى عنه، ليُرجَع عند الإشكال إليه، ويُحكم عند الاختلاف بحرفيَّة ما صدق الحدّ عليه. الجنى الدّاني 20. 5 قوله: (كلمة) جنس يشمل الاسم والفعل والحرف؛ وعُلِمَ من تصدير الحدّ بها أنّ ما ليس بكلمة فليس بحرف، كهمزتي النّقل والوصل، وياء التّصغير؛ فهذه من حروف الهجاء لا من حروف المعاني، فإنّها ليستْ بكلمات بل هي أبعاض كلمات؛ وهذا أولى من تصدير الحدِّ بـ (ما) لإبهامها. الجنى الدّاني 20. 6 قوله: "لا تدلّ على معنىً إلاَّ في غيره" يفصله عمّا عداه؛ وفائدة الحصر: إخراج الأسماء المناسبة للحروف، نحو: (أين) ، و (كيف) و (مَنْ) فإنَّ لها دلالة على معنىً في نفسها من جهة الاسميّة، وعلى معنىً في غيرها من جهة مناسبة الحرف، وكذلك المصادر والصّفات ممّا له معنىً في نفسه وفي غيره. شرح ألفيّة ابن معطٍ 1/200. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 117 والعَلاَّمَةُ 1 هو: الكثير العلم؛ فالهاء إلحاقها2 بالمذكّر3 للمبالغة4. والحرف5 سُمَّي حَرْفًا لاستغناء الاسم والفعل عنه في انعقاد الجُمل؛ فصار بمنزلة الأخير، وآخر كلِّ شيءٍ حَرْفُهُ؛ فهو مأخوذٌ من الطَّرَف؛ والطَّرَف6 هو المبتدأ به والمنتهى إليه. والفرق بين حرف المعنى وحرف الهجاء: أنّ حرف الهجاء [جزء] 7 من الكلمة، وحرف المعنى كلمةٌ بذاتها. والحرف ينقسم إلى: مُعْمَلٍ، ومُهْمَل. فالمُعْمَلُ8 هو: المختصّ بتأثيرٍ؛ كحرف الجرّ، وحرف الجزم. والمُهْمَلُ9: كحرف الاستفهام، وحرف العطف10.   1 يُنظر: اللّسان (علم) 12/417. 2 في ب: إلحاقاها. 3 في أ: في المذكّر. 4 أي: لتأكيد المبالغة؛ حيث توجد المبالغة من صيغة علاّم. 5 الحرف في الأصل: الطَّرَف والجانِب، وبه سُمّي الحرف من حروف الهجاء، وحرْفُ كلِّ شيء طَرَفُهُ وشفيرُه وحدُّه. يُنظر: اللّسان (حرف) 9/41، 42. 6 الطَّرَفُ - بالتّحريك -: النّاحية من النّواحي والطّائفة من الشيء، والجمع: أطراف، وطرفُ الشيء: منتهاه. يُنظر: اللّسان (طرَف) 9/216، 217. 7 ما بين المعقوفين غير واضحٍ في أ. 8 المُعْمَلُ هو: ما يختصّ بالأسماء فيعمل فيها كـ (في) ، وما يختصّ بالأفعال فيعمل فيها كـ (لَمْ) . يُنظر: الجنى الدّاني 27، وأوضح المسالك 1/20. 9 المُهْمَلُ هو: ما لا يختصّ بالأسماء ولا بالأفعال؛ فلا يعمل شيئًا، كحرف الاستفهام، وحرف العطف. يُنظر: الجنى الدّاني 27، وأوضح المسالك 1/20. 10 في أ: كحروف الاستفهام، والعطف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 118 باب النكرة والمعرفة : وَالاِسْمُ ضَرْبَانِ فَضَرْبٌ نَكِرَهْ ... وَالآخَرُ اَلْمَعْرِفَةُ الْمُشْتَهِرهْ [6/أ] النَّكرة هو1 الأصل2، والمعرفة فرع عليه. والنَّكرة هو3: الاسم الشّائع في جنسه، وهو كلّ اسمٍ يقبل دخول الألِف واللاّم عليه4، أو يقع5 موقع ما يقبل الألِف واللاّم6.   1 في أ: هي. 2 إنَّما كانت النّكرة هي الأصل؛ لاندراج كلّ معرفة تحتها من غير عكس؛ ولأنّها لا تحتاج في دلالتها إلى قرينة بخلاف المعرفة؛ وما يحتاج فرعٌ عمّا لا يحتاج؛ ولأنّه لا يوجد معرفة إلاّ وله اسم نكرة، ويوجد كثيرٌ من النّكرات لا معرفة له، والمستقلّ أولى بالأصالة؛ ومنها: أنّ مسمّاها أسبق في الذّهن. يُنظر: ابن النّاظم 55، والتّصريح 1/91، والأشمونيّ 1/105، وحاشية ابن حمدون على المكوديّ 76. 3 في أ: هي. 4 قال ابن مالك: "وتمييز النّكرة بعد عَدِّ المعارف بأن يُقال: وما سوى ذلك نكرة، أجود من تمييزها بدخول (رُبّ) و (الألف واللاّم) ؛ لأنَّ من المعارف ما تدخل عليه (الألف واللاّم) كفضل وعبّاس، ومن النّكرات ما لا تدخل عليه (رُبَّ) ولا (الألف واللاّم) كـ (أين) و (كيف) و (عَريب) و (دَيّار) ". شرح التّسهيل 1/117. 5 في أ: أو وقع. 6 للنّكرة علامات كثيرة غير ما ذكر الشّارح؛ منها: أن يقبل دخول (من) للاستغراق، نحو: (ما جاءني من رجل) ، أو (كلّ) للاستغراق، نحو: (كلّ رجل يأتيني فله درْهم) ، أو (كم) ، نحو: (كم رجل جاءني) . أو يكون حالاً، أو تمييزًا، أو اسم (لا) أو خبرها، أو مضافًا إضافة لا ترفع إبهامًا. يُنظر: الفصول الخمسون 225، وشرح ألفيّة ابن معطٍ 1/629، والأشباه والنّظائر 3/73. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 119 والمعرفة1 هو: المقول2 على واحدٍ بعينه. وأعمُّ النّكرات: شيء3. فَكُلُّ مَا رُبَّ عَلَيْهِ تَدْخُلُ ... فَإِنَّهُ مُنَكَّرٌ يَا رَجُلُ نَحْوُ: غُلاَمٍ وَكِتَابٍ4 وَطَبَقْ ... كَقَوْلِهِمْ: رُبَّ غُلاَمٍ لِي أَبَقْ كلّ اسمٍ حَسُنَ عليه دخولُ (رُبَّ) فهو نكرة5؛ وبهذا عُلِمَ أنَّ (مثلك) و (غيرك) نكرتان؛ لدخول (رُبَّ) عليهما6، قال7 الشّاعر:   1 قال ابن مالك: "من تعرّض لحدِّ المعرفة عجز عن الوصول إليه دون استدراك عليه؛ لأنّ من الأسماء ما هو معرفة معنىً نكرة لفظًا وعكسه ... ؛ فإذا ثبت كونُ الاسم بهذه المثابة، فأحسنُ ما يبيّن به ذكر أقسامه مستقصاة، ثم يقال: وما سوى ذلك فهو نكرة". شرح التّسهيل 1/115، 116. 2 في ب: القول. 3 أعمّ النّكرات (شيء) ؛ لأنّه مبهم في الأشياء كلّها. المقتضب 3/186. وقال أبو البقاء في الكلّيّات 896: "والنّكرات بعضها أنكر من بعض كالمعارف؛ فأنكر النّكرات: (شيء) ، ثمّ (متحيّز) ، ثمّ (جسم) ، ثمّ (نام) ، ثمّ (حيوان) ، ثمّ (ماش) ، ثمّ (ذو رجلين) ، ثمّ (إنسان) ، ثمّ (رَجُل) . والضّابط: أنّ النّكرة إذا دخل غيرها تحتها ولم تدخل هي تحت غيرها فهي أنكر النّكرات". 4 في متن الملحة 7: نَحْوُ: كِتَابٍ وَغُلاَمٍ. 5 هذه من علامات النّكرة الّتي نصَّ عليها الشّارح رحمه الله. 6 في أ: عليها. 7 في ب: لقول الجزء: 1 ¦ الصفحة: 120 يَا رُبَّ غَيْرِكِ فِي النِّسَاءِ عَزِيزَةٍ ... بَيْضَاءَ قَدْ مَتَّعْتُهَا بِطَلاَقِ1 وكقول امرئ القيس2 بإضمار (رُبَّ) بعد الفاء: فَمِثْلِكِ حُبْلَى قَدْ طَرَقْتُ وَمُرْضِعٍ ... فَأَلْهَيْتُهَا عَنْ ذِي تَمَائِمَ مُحْوِلِ3   1 هذا بيتٌ من الكامل، وهو لأبي مِحْجَن الثّقفيّ. و (عزيزة) : من العزّة والامتناع؛ فالمرأة تسمّى عزيزة لامتناعها عن وصول الرّجال إليها. و (متّعتها بطلاق) : أعطيتها شيئًا تستمتع به عند طلاقها؛ والمتعة: ما وُصلت به المرأة بعد الطّلاق من ثوب أو خادم أو دراهم أو طعام. وقال ابن يعيش 2/126: ((كأنّه يهدِّد زوجته بالطّلاق)) . والشّاهد فيه: (يَا رُبَّ غَيْرِكِ) على أنّ (غير) وإن كانت مضافة إلى (الكاف) إلاَّ أنّها نكرة لدخول رُبَّ عليها. يُنظر هذا البيت في: الكتاب 1/427، 2/286، والمقتضب 4/289، وسرّ صناعة الإعراب 2/457، والتّبصرة 1/175، وشرح ملحة الإعراب 52، وشرح المفصّل 2/126، ورصف المباني 267، وجواهر الأدب 237. والبيت ليس في ديوان أبي محجن المطبوع. 2 هو: امرؤ القيس بن حُجْر بن عمرو الكِنْديّ، من أهل نجد، من شعراء الطّبقة الأولى، ومن أشهر شعراء العربيّة؛ توفّي سنة (80هـ) تقريبًا. يُنظر: طبقات فحول الشّعراء 1/51، والشّعر والشّعراء 49، والأغاني 9/93. 3 هذا بيتٌ من الطّويل. و (طرقتُ) : أتيت ليلاً؛ وسُمّي الآتي باللّيل طارقًا لحاجته إلى دقّ الباب. و (تمائم) : واحدتها تميمة؛ وهي: خرزات كان الأعراب يعلِّقونها على أولادهم يتّقون بها النّفس والعين ـ بزعمهم ـ، فأبطلها الإسلام. و (محول) : من أحْوَل الصّبيّ فهو مُحْوِل: أتى عليه حَوْلٌ من مولده. والشّاهد فيه: (فمثلك حُبلى) على أنّ كلّ اسم حَسُنَ دخول (رُبَّ) عليه فهو نكرة؛ وهنا دخلت على (مثلك) ؛ فهذا يدلّ على أنَّها نكرة، سواءً كانت (رُبَّ) ظاهرة أم مُضمرة. يُنظر هذا البيت في الكتاب 2/163، والتّبصرة 2/626، وشرح الكافية الشّافية 2/821، وابن النّاظم 376، واللّسان (حول) 11/184، (غيل) 11/511، وأوضح المسالك 2/162، وابن عقيل 2/264، والتّصريح 2/22، والهمع 4/222، والدّيوان 12. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 121 وَمَا عَدَا ذَلِكَ فَهْوَ مَعْرِفَهْ ... لاَ يَمْتَرِيْ فِيهِ الصَّحِيْحُ الْمَعْرِفَهْ مِثَالُهُ: الدَّارُ وَزَيْدٌ وَأَنَا ... وَذَا وَتِلْكَ وَالَّذِيْ وَذُو الْغِنَى المعرفة: ما خصَّ واحدًا بعينه؛ وهو أقسام: منها المضمر1 وهو: مَا دَلَّ على مسمًّى [6/ب] مُشْعِرًا بحضوره أو غيبته2. وهو متَّصلٌ ومُنْفَصِلٌ. فالمتّصل: الضّمائر المتّصلة بالأفعال؛ وهي: (التّاء) و (الألِف) و (الواو) على ما يقتضي حُكمها لاختلاف الفاعلين. ومنها (كاف المخاطب) ، و (هاء الغائب) ، و (ياء المتكلّم) ، و (النّون والألف) الدّالاّن على الجمع3؛ فهذه إذا اتّصلت بالاسم كانت   1 إنّما كان المضمر معرفة لأنّه لا يُضمر إلاّ بعد أن يُعرف. التّبصرة 1/95. 2 فالمشعِر بالحضور: ما لمتكلّم وما لمخاطب، والمشعِر بالغيبة: ما سواهما؛ والثّلاثة على ضربين: متّصل ومنفصل. شرح عمدة الحافظ 1/142. 3 مراده بـ (النّون والألف) الدّالاّن على الجمع هو (نا) الضّمير الدّال على جماعة المتكلّمين؛ في نحو قولك: (ضربنا) و (كتابنا) و (مرّ بنا) . وهو المعنيّ في قول ابن مالكٍ: لِلرَّفْعِ وَالنَّصْبِ وَجَرٍّنَا صَلَحْ ... كَاعْرِفْ بِنَا فَإِنَّنَا نِلْنَا الْمِنَحْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 122 مُضافًا1 [إليها] 2، وإذا اتّصلت بالحرف [كانت] 3 مجرورةً4، كقولك: (عملك لك) ، و (عمله له) ، و (عملي لي) ، و (عملنا لنا) . وإذا اتّصلت بالفعل كانت مفعولةً إلاَّ ضمير الجمع فإنّه يكون تارةً فاعلاً، وتارةً مفعولاً5، لقولك: (الله خلقني وَخَلَقَكَ، وخَلَقَهُ، وهدانا فاتّبعنا الحقَّ) ، وما يتصرّف6 من ذلك. والمنفصل؛ مثل: (أنا) ، و (أنت) ، و (نحن) ، و (هو) ، و (هي) ، و (هم) ، و (هُنَّ) ، و (إيّاكَ) ، و (إيّايَ) ؛ وما تصرّف منه؛ وهذه أعرف المعارف عند الأكثر7.   1 في كلتا النّسختين: كانت مضاعفةً، وهو تحريف، والصّواب ما هو مثبت. 2 ما بين المعقوفين زيادة يقتضيها السياق. 3 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 4 يريد في محلّ جرّ؛ لأنّ الضّمائر مبنيّة. 5 وهُناك حالة ثالثة يكون فيها مجرورًا؛ وذلك إذا اتّصل بالاسم، أو بالحرف، نحو: (كتابنا) و (مرّ بنا) 6 في ب: ما تصرّف. 7 كسيبويه والجمهور فقد ذهبوا إلى أنَّ أعرف المعارف الاسم المضمَر؛ لأنَّه لا يُضمر إلاَّ وقد عُرف؛ ولهذا لا يفتقر إلى أنْ يوصف كغيره من المعارف. وأعرف الضّمائر ضمير المتكلّم؛ لأنّه لا يشاركه فيه أحدٌ غيره، فلا يقع فيه التباس، بخلاف غيره من سائر المعارف؛ ثم ضمير المخاطب، ثم ضمير الغائب. يُنظر: الكتاب 2/6، 11، والمقتضب 4/281، والإنصاف، المسألة الواحدة بعد المائة، 2/707، وأسرار العربيّة 345، واللّباب 1/494، وشرح المفصّل 3/56، 5/87، والهمع 1/191. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 123 والعلم هو: ما عُلِّقَ على شيءٍ بعينه، غير مُتَناولٍ1 مَا أشبهه. وهو لا يخلو من2 أنْ يكون مفردًا كـ (زيد) ، أو مضافًا كـ (عبد الله) ، أو كنيةً كـ (أبي الحسن) ، أو لقبًا كـ (تأبّط شرًّا) ؛ وهذا عند بعض3 النّحويّين أعرف المعارف4. وأسماء الإشارة وهي المبهمة، نحو: (هذا) ، و (ذاك) ، و (هذه) ، و (تلك) ، و (ذان) ، و (تان) ، و (أولى) ؛ وهذه [7/أ] عند ابن السّرَّاج5   1 في ب: مشاركٍ. 2 في ب: عن. (بعض) ساقطة من ب. 4 كأبي سعيد السّيرافيّ. وإنّما كان العلم أعرف المعارف لأنّه في أوّل وضعه لا يكون له مشارك إذ كان علامة توضَع على المسمّى يُعرف بها دون غيره ويميّز من سائر الأشخاص. يُنظر: الإنصاف، المسألة الواحدة بعد المائة، 2/707، وأسرار العربيّة 346، واللّباب 1/494، وشرح المفصّل 3/56، 5/87، والهمع 1/191. 5 ابن السّرّاج هو: أبو بكر محمَّد بن السّريّ البغداديّ النّحويّ، من العلماء المشهورين باللّغة والنّحو والأدب، أخذ عن المبرّد، وأخذ عنه الزّجّاجيّ، والسّيرافيّ، والفارسيّ، والرّمّانيّ؛ ومن مصنّفاته: الأصول في النّحو، والموجز، وشرح سيبويه؛ مات شابًّا سنة (316هـ) . يُنظر: إنباه الرُّواة 3/140، وإشارة التّعيين 313، وبُغية الوُعاة 1/109. وينظر رأي ابن السرّاج في: شرح المقدّمة المحسبة 1/169، 170، وشرح الجمل لابن بابشاذ 1/293، والإنصاف، المسألة الواحدة بعد المائة، 2/708، وأسرار العربيّة 345، واللّباب 1/494، وشرح المفصّل 3/56، 5/87، والهمع 1/191. ولكن في الأصول 2/313 ما يخالف هذا النّقل؛ فنجده يصرّح بأنّ الضمير أعرف المعارف؛ فهو موافق للجمهور. وذهب الكوفيّون إلى أنّ الاسم المبهمَ نحو: هذا وذاك أعرف من الاسم العلم، نحو: زيد، وعمرو؛ وإلى هذا أشار الزجّاجيّ في الجمل، ونسبه إلى الفرّاء. ينظر: الجمل 178، والإنصاف 2/707. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 124 أعرف المعارف 1. و (الَّذي) وفروعه في أسماء الإشارة 2. والمعرّف بالألف واللاّم، نحو: (الرّجل) ؛ وهذه تكون تارةً للعهد، كقوله تعالى: {كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُوْلاً فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُوْلَ} 3؛ وتكون تارةً للجنس، كقولك: (الرّجل خيرٌ من المرأة) .   1 لأنّها تتعرّف بالقلب والعين، وغيره يتعرّف بالقلب لا غير؛ فكان ما يتعرّف بشيئين أعرف ممّا يتعرّف بشيء واحد. ينظر الإنصاف 2/708. 2 يلاحظ أنّ الشّارح - رحمه الله - ذكر لفظ (الّذي) وفروعه من أسماء الإشارة، ولم يُشِرْ في أنواع المعارف الّتي ذكرها إلى الأسماء الموصولة؛ وهو في فعله هذا متابِع للحريريّ في شرحه على الملحة حيث جعل الأسماء الموصولة داخلةً في باب أسماء الإشارة؛ وهذا مبنيّ على أساس كوفيّ؛ لأنّ الكوفيّين يذهبون إلى أنّ أسماء الإشارة تكون بمعنى الأسماء الموصولة. يُنظر: الإنصاف، المسألة الثّالثة بعد المائة، 2/717، وشرح الملحة 54، وشرح المفصّل 4/24، وشرح الرّضيّ 2/42، والتّصريح 1/139. 3 سورة المزّمّل، الآية: 15، 16. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 125 وتكون بمعنى (الّذي) ، كقولك: (مررت بالضّارب زيد) أي: بالّذي ضربه. وتكون للتّفخيم، وهي لا تفارِق اسم1 الله تعالى2. والمضاف إلى أحد هؤلاء [الأربعة] 3 المتقدّم4 ذكرها، كقولك: (غُلاَمي) ، و (غُلامُ زَيْدٍ) ، و (غلام هذا) ، و (غُلام الأمير) . والمنادى5 كقولك: (يا رجل) فهو6 معرفة لِمَا عرض له   1 في أ: كاسم الله. 2 اختلف العلماء في الألف واللاّم الّتي في اسم الله تعالى على قولين: القول الأوّل: أنّها عِوَضٌ من الهمزة، والأصل فيه (إلاه) ، فحُذفت الهمزة حذفًا على غير قياس، وعوّض منها (أل) ؛ وهذا قول سيبويه 2/195. القولُ الثّاني: أنّ الأصل (لاه) ثم دخلت (أل) للتّعظيم والتّفخيم، واستدلّ على ذلك بقول بعضهم (لاه أبوك) . وذهب الكوفيّون إلى أنَّ الألف واللاّم في اسم الله للتّفخيم والتّعظيم. تُنظر هذه المسألة معاني الحروف 65، 66، وشرح المفصّل 1/3، وشرح الرّضيّ 1/131، والجنى الدّاني 200. 3 ما بين المعقوفين غير واضح في أ. 4 في أ: المقدَّم. 5 أغفل أكثرُ العلماء ذكر المنادى؛ والمراد به: النّكرة المقصودة، نحو (يا رجل) فتعريفه بالقصد والمواجهة، كما ذكر ذلك ابن مالك. وذهب قومٌ إلى أنّ تعريفه بـ (أل) محذوفة وناب حرف النِّداء منابها؛ قال أبو حيّان "وهو الّذي صحّحه أصحابنا". يُنظر: شرح عمدة الحافظ 1/155، والارتشاف 1/460، والهمع 1/190. 6 في ب: هو. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 126 من تخصيص النّداء، كقول كُثَيِّر1: حَيَّتْكَ عَزَّةُ يَوْمَ النَّفْرِ2 وَانْصَرَفَتْ ... فَحَيِّ وَيْحَكَ مَنْ حَيَّاكَ يَا جَمَلُ مَا ضَرَّهَا لَوْ أَشَارَتْ في تَحَيَّتِهَا ... مَكَانَ يَا جَمَلٌ حُيِّيتَ يَا رَجُلُ3 وَآلَةُ التَّعْرِيْفِ [أَلْ] 4 فَمَنْ يُرِدْ ... تَعْرِيفَ كَبْدٍ مُبْهَمٍ قَالَ: الكَبِدْ [7/ب] إذا أردتّ تعريف الاسم النّكرة أدخلت عليه الألف واللاّم/ فيصير معرفة، ويكون على ما يراد به من اختلاف المعنى - كما تقدّم فيه الكلام -. وَقَالَ قَوْمٌ: إِنَّهَا اللاَّمُ فَقَطْ ... إِذْ أَلِفُ الوَصْلِ مَتَى يُدْرَجْ سَقَطْ   1 هو: كُثَيِّر بن عبد الرّحمن بن الأسود بن عامر الخُزاعيّ القحطانيّ، أبو صخر، شاعر إسلاميّ، متيّم، مشهور، من أهل المدينة، وأكثر إقامته بمصر، أخباره مع عَزّة بنت جميل كثيرة؛ توفّي بالمدينة سنة (105هـ) . يُنظر: طبقات فحول الشّعراء 2/540، والشّعر والشّعراء 334، والأغاني 9/5، ومعجم الشّعراء 242، والخزانة 5/221. 2 في ب: يوم الفقر، وهو تحريف. 3 هذان بيتان من البسيط. والشّاهد فيهما: (يا جَمَلُ) و (يا رَجَلُ) حيث استشهد بهما على أنّ النِّداء من أنواع المعارف؛ والمقصود بالنِّداء أن يكون نكرة مقصودة؛ لأنّ تعريفه بالقصد والمواجهة. يُنظر هذان البيتان في: الجُمل 153، والأغاني 9/43، والمقاصد النّحويّة 4/214، والدّيوان 453. ويوجد البيت الثّاني فقط في: شرح التّسهيل 3/397، وشرح الكافية الشّافية 3/1305، وابن النّاظم 570، والهمع 3/42، والأشمونيّ 3/144. 4 ما بين المعقوفين غير واضحٍ في أ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 127 ذهب الخليل1 إلى أنّ الألف واللاّم آلة التَّعْريف، وقال: (إنّ (أَل) حَرْفٌ كهل) . وقال غيره2: "إنّ (اللاّم) آلة التَّعْريف لخلوّ اللّفظ من همزة الوصل عند إدراج الكلام". وقال: "التّعريف نقيض التّنكير، والتّنكير يدخله التّنوين؛ وهو حرْفٌ واحد؛ فلزم أن يكون التّعريف شيئًا3 واحدًا؛ لأنّ الشّيء يُحْمَلُ على نقيضه كما يُحمل على نظيره"4.   1 يُنظر: الكتاب 3/324، 325. والخليل هو: أبو عبد الرّحمن الخليل بن أحمد الفراهيديّ البصريّ، كان الغاية في استخراج مسائل النّحو، وأوّل من استخرج العروض، وهو أستاذ سيبويه؛ ومن مصنّفاته: كتاب العَيْن، والعروض، والنّقط والشّكل؛ توفّي سنة (175هـ) . يُنظر: طبقات النّحويّين واللّغويّين 43، ونزهة الألبّاء 45، وإنباه الرُّواة 1/376، وإشارة التّعيين 114، وبغية الوُعاة 1/557. 2 المقصود بغيره: سيبويه - رحمه الله -. الكتاب 4/147، 148. ومعه أكثرُ البصريِّين. قال ابن يعيش 9/17: "واللاّم هي حرف التّعريف وحدها، والهمزة وصلة إلى النّطق بها ساكنة؛ هذا مذهب سيبويه، وعليه أكثر البصريّين والكوفيّين ما عدا الخليل". 3 في ب: بشيءٍ. 4 اختلف العلماء في آلة التّعريف على أقوال: القول الأوّل: أنها (أل) والألف أصل؛ وهو مذهب الخليل؛ وهي حرف ثنائي الوضع بمنزلة (قد) و (هل) . واحتَجَّ على ذلك: بأنّ الهمزة همزة قطع أصليّة لكثرة الاستعمال، والهمزة مفتوحة، وهمزة الوصل مكسورة، وإنْ فُتحت فلعارِضٍ كهمزة (ايمن الله) فإنّها إنما فتحت = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 128 ...........................................................................   = لئلاّ ينتقل من كسر إلى ضمّ دون حاجز حصين. وبأنّ العرب تقف عليها، تقول (أَلي) ثم تتذكّر فتقول (الرجل) ، كما تقول (قدي) ثم تقول (قد فعل) ؛ ولا يوقف إلاَّ ما كان على حرفين. القول الثّاني: أنّها (أل) والألف زائدة؛ وإلى ذلك ذهب سيبويه، وجعلها من الحروف الثنائيّة الوضع. وحجّته: سقوطها في الدّرج؛ وأمّا فتحها فلمخالفتها القياس بدخولها على الحرف، وأمّا ثبوتها مع الحركة فالحركة عارضة فلا يعتدّ بها. القول الثّالث: أنّها (اللاّم) وحدها، والهمزة قبلها همزة وصلٍ زائدة؛ وإليه ذهب بعض النّحويّين، ونقله ابن مالك في شرح الكافية عن سيبويه. القول الرابع: أنّها (الهمزة) وحدها، واللاّم زائدة للفرق بينها وبين همزة الاستفهام؛ ونسبه الرّضيّ إلى المبرّد، فقال "وذكر المبرّد في كتاب الشّافي أنّ حرف التّعريف الهمزة المفتوحة وحدها، وإنما ضمّ اللاّم إليها لئلاّ يشتبه التّعريف بالاستفهام"، ونسبه إلى المبرّد - أيضًا - الأزهريّ في التّصريح، لكنّ محقّق المقتضب يرى أنّ حديث المبرّد عن (أل) إنما هو ترديدٌ لِمَا ذكره سيبويه. وحُجّته: أنّها جاءتْ لمعنى، وأولى الحروف بذلك حرف العلّة؛ وحُرِّكت لتعذُّر الابتداء بالسّاكن، فصارت همزة كهمزة التكلّم والاستفهام، وأنّ اللاّم تُغَيَّر عن صورتها في لغة حمير فتقلب ميمًا. تُنظر هذه المسألة في: الكتاب 4/147، 148، 226، 3/325، والمقتضب 1/83، واللاّمات للزّجّاجيّ 17، 18، وشرح المفصّل 9/17، وشرح الكافية الشّافية 1/319، وشرح التّسهيل 1/253، وشرح الرّضيّ 2/130، 131، والمساعِد 1/195، 196، والتّصريح 1/148، والهمع 1/271. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 129 باب قسمة الأفعال : وَإِنْ أَرَدْتَ قِسْمَةَ الأَفْعَالِ ... لِيَنْجَلِي عَنْكَ صَدَى الإِشْكَالِ فَهْيَ ثَلاَثٌ مَا لَهُنَّ رَابِعُ ... مَاضٍ وَفِعْلُ الأَمْرِ وَالْمُضَارِعُ الفِعْلُ: حَدَثٌ؛ وهو لا يقع إلاّ في زمان، ويختلف باختلافه. والزّمانُ على ثلاثة أقسام: ماضٍ، وحالٍ، ومستقبل. فكلّ [فعل] 1 يقع في زمانٍ فهو مختصّ به؛ فالماضي يُعْتَبَرُ بأمس2، والمضارِع يُعْتَبَرُ بالآن، وهو [بدخول] 3 السِّين أو سوف للمستقبَل، وفعل الأمر يُسْتَدعى به من المأمور أن يُحْدِثَ الفعلَ فلا يقع إلاَّ [8/أ] في المستقبَل.   1 ما بين المعقوفين غير واضح في أ. 2 تمييز الفعل الماضي بأن تلحقه تاء الفاعل وتاء التأنيث السّاكنة أولى من تمييزه بأن يحسن معه (أمس) ؛ لأنّ من الفعل الماضي ما لا يحسُن معه (أمس) كـ (عسى) و (ليس) . وكذلك لا يصحّ أن تقول في مثل: (إنْ خرج زيدٌ أكرمته) : إن خرج أمس أكرمته، مع أنّه صيغة فعل ماض؛ وكذا يصحّ أن تقول في مثل: (لم يخرج زيد) : لم يخرج أمس. والعلّة في عدم صلاحيّة (أمس) في نحو: (إن خرج زيد) أنّ (إنْ) الشَّرْطيّة تقلب معنى الماضي مستقبلاً وإن كان لفظه ماضيًا. والعلّة في صلاحية (لم يخرج زيد أمس) أنّ (لم) النّافية تقلب معنى المستقبل ماضيًا وإن كان لفظه مضارِعًا. يُنظر: شرح الكافية الشّافية 1/170، وتحفة الأحباب 6. 3 ما بين المعقوفين غير واضحٍ في أ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 131 ومن ذلك قولُ زُهَيْر1: وَأَعْلَمُ مَا فِي اليَوْمِ وَالأَمْسِ قَبْلَهُ ... [وَلَكِنَّنِي] 2عَنْ عِلْمِ مَا فِي غَدٍ عَمِ3 فقسَّم الزّمان على ثلاثة أَقْسَامٍ مَجَازًا. فَكُلُّ مَا يَصْلُحُ فِيهِ أَمْسِ ... فَإِنَّهُ مَاضٍ بِغَيْرِ لَبْسِ وَحُكْمُهُ فَتْحُ الأَخِيرِ مِنْهُ ... كَقَوْلِهِمْ: سَارَ وَبَانَ عَنْهُ الماضي يُعْتَبَرُ وقوعُه في زمنٍ مَاضٍ قَرُبَ أو بَعُدَ؛ فإنْ دخل عليه حرفُ شرطٍ نَقَل معناه إلى الاستقبال4، كقولك: (إِنْ وصلَ زيدٌ أَكْرَمْتُهُ) لِمَا يقتضيه الشَّرْط من وقوع الجزاءِ في المستقبل.   1 هو: زُهير بن أبي سُلمى؛ شاعر جاهليّ، من أصحاب المعلَّقات؛ كان ممّن يُعْنَى بشعره وينقِّحه، ولذلك سمّى قصائده الحوليّات؛ غلب على شعره المدح والحكمة؛ توفّي قبل المبعث بسنة. يُنظر: طبقات فُحول الشّعراء 1/63، والشّعر والشّعراء 69، والأغاني 10/336، والخِزانة 2/332. 2 في أ: على أنّني. 3 هذا بيتٌ من الطّويل. والشّاهد فيه: وُرُوْدُ الأزْمِنَة الثّلاثة فيه: اليوم للحال، والأمس للماضي، وغد للمستقبَل. يُنظر هذا البيت في: ديوانه - بشرح ثعلب - 29، وبشرح الأعلم 25، وشرح القصائد السّبع الطِّوال 289، وشرح ملحة الإعراب 60، واللّباب 2/14، والخزانة 7/506. 4 في ب: للاستقبال. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 132 وهو مبنيّ 1 على الفتح، وكان مبنيًّا على حركةٍ لوُقوعه موقع الفعل المضارِع في مواضع: أحدها: أَنْ يكون خبرًا لمبتدأٍ، كقولك: (زيدٌ قام) ، كما تقول: (يقوم) . وأن يقع خبرًا لحرفٍ عاملٍ، كقولك: (ليت عَمْرًا ذَهَبَ) كما تقول: (يذهب) . وأن يقع به الشّرط كما يقع بالمضارِع، كقولك: (إنْ قام زيدٌ قمتُ) كما تقول: (إن تقم 2 أقم) . [8/ب] وَبُني على الفتح طلبًا3 للخِفّة، ما لم يكن معتلّ اللاّم4؛ وذلك   1 الفعل الماضي مبنيّ؛ لأنّ البناء هو الأصل في الفعل، والأصل في البناء السُّكون؛ وإنّما بُني على حركةٍ لأنّه أشبه الفعل المضارع المعرب في وقوعه صفة وصِلةً وخبرًا وحالاً وشرْطًا؛ والأصل في الإعراب أن يكون بالحركات. وكذلك بُني على حركة لتكون له مزيّة على فعل الأمر الّذي لم يشبه الاسم، ولم يقع موقع الفعل المضارِع. يُنظر: التّبصرة 1/78، وأسرار العربيّة 315، وكشف المُشْكِل 1/254، وشرح المفصّل 7/4، 5، والتّصريح 1/54. 2 في ب: يقم. 3 في ب: طباً. 4 الفعل الماضي يبنى على الفتح لفظًا أو تقديرًا؛ فإن لم يتّصل به شيء كـ (ضرب) ، أو اتّصل به تاء التّأنيث السّاكنة، نحو: (ضربت) ؛ أو ألف الاثنين، نحو: (ضربا) فهو مبنيّ على الفتحة الظّاهرة؛ وإن اتّصل به تاء الضّمير، أو نا الّتي للفاعل، أو نون النّسوة؛ نحو: (ضربت) ، أو (ضربنا) أو (ضربْن) فهو مبنيّ على الفتحة المقدَّرة، منع من ظهورها اشتغال المحل بالسكون العارض لدفع كراهة توالي أربع متحركات فيما هو كالكلمة الواحدة. وإنّ اتّصل به واو الجماعة، نحو (ضَرَبُوا) فهو مبنيّ على الفتحة المقدَّرة، منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة مناسبة. وإذا كان الماضي معتلّ الآخر، نحو (دعا) و (رحى) فهو مبنيّ على فتحة مقدّرة للتّعذّر. يُنظر: أوضح المسالِك 1/27، والتّصريح 1/54، 55، والأشمونيّ 1/58، وحاشية ياسين على التّصريح 1/54، 55. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 133 إن كان ثلاثيًّا كـ (ضَرَبَ) 1، أورُباعيًّا كـ (أَقْبَلَ) ، أو خُماسيًّا كـ (انْعَطَفَ) ، أو سُداسيًّا2 كـ (اسْتَخْرَجَ) .   1 في ب: كضربا. 2 في ب: سادسياً. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 134 باب الأمر : وَالأَمْرُ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ ... مِثَالُهُ: احْذَرْ صَفْقَةَ الْمَغْبُونِ وَإِنْ تَلاَهُ أَلِفٌ وَلاَمُ ... فَاكْسِرْ وَقُلْ: لِيَقُمِ الْغُلاَمُ أفعال الأمر مَبْنيّاتُ1 الأواخر على السّكونِ2 ما لم يلها3 حرف ساكنٌ، فإن وليها كُسِرت، كقولك: (اتَّقِ الله) . ويجرى على هذا الحكم كُلُّ كَلمةٍ ساكنةٍ الآخِر؛ لامتناع الجمع بين ساكنين؛ فمِن ذلك الفِعْلُ المضارع المجزوم، كقولك: (لِيَقُمِ الغُلاَمُ) ؛   1 في ب: مبنيّ على السُّكون. 2 فعلُ الأمر مبنيٌّ عند البصريّين، ومعربٌ عند الكوفيّين والأخفش. وعند الكوفيّين والأخفش أنّ نحو: (قم) و (اقعد) مجزوم بلام الأمر، وأنها حُذفت حذفًا مستمرًّا، والأصل: (لتقم) و (لتقعد) فحُذفت اللام تخفيفًا وتبعها حرف المضارعة. ويبنى فعلُ الأمر على ما يجزم به مضارعه؛ فيُبْنى على السّكون إذا لم يتّصل به شيء، نحو: (اضرب) ؛ ويُبنى على حذف النّون إذا اتّصل به ألف الاثنين أو واو الجماعة أو ياء المخاطَبة نحو: (اضربا) و (اضربوا) و (اضربي) ، ويبنى على حذف حرف العلّة إنْ كان آخره معتلاًّ نحو (اغز) و (اخش) و (ارم) ؛ ويُبنى على الفتح إذا اتّصلت به نون التّوكيد نحو: (اجتهدنَّ) . يُنظر: الإنصاف، المسألة الثّانية والسّبعون، 2/524، والتّبيين، المسألة الخامسة عشرة، 176، واللّباب 2/17، وشرح الرّضيّ 2/268، وأوضح المسالِك 1/27، وابن عقيل 1/41، وائتلاف النّصرة، فصل الفعل، المسألة الحادية عشرة، 125، والتّصريح 1/55. 3 في ب: يليها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 135 أو كانت اسمًا، كقولك: (كَمِ المالُ؟) ؛ أو كانت حرف معنىً، كقولك: (رميتُ عنِ القوس) . وفَتْحُ (مِنْ) شاذّ1؛ ومنه قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ} 2، وقد تُكْسَرُ3.   1 فتحُ (مِنْ) ليس شاذًّا؛ وإنما الغالب في نون (مِنْ) أنها تُفتح مع حرف التّعريف وتُكسر مع غيره، ولم تُكسر على الأصل استثقالاً لتوالي الكسرتين فيما يكثر استعماله وهو وُقوع (أل) بعد (مِنْ) والشارح متابعٌ للحريري في القول بشذوذ فتح النون في (من) . قال سيبويه - رحمه الله -: "ونظير ذلك (أي: نظير فتح الميم من "ألم") قولهم: (مِن الله) و (مِنَ الرّسول) و (مِنَ الْمُؤْمنِين) ؛ لَمّا كثُرت في كلامهم ولم تكن فعلاً وكان الفتحُ أخفّ عليهم فتحوا، وشبّهوها بـ (أَيْنَ) و (كَيْفَ) ". الكتاب 4/153، 154. ويُنظر: المساعِد 3/341، والهمع 6/180. فالّذي رجّح الفتح عند سيبويه كثرة الاستعمال. وأضاف السّيرافيّ إلى كثرة الاستعمال كسر الميم؛ فكرهوا توالي كسرتين لو كسروا النّون. قال: "وكان الكسائي يقول: إنّ (مِنْ) فتحت النّون فيها لأنّ أصلها منا" ولم يأت في ذلك بحجّة مقنعة". يُنظر: شرح كتاب سيبويه للسّيرافيّ جـ2/ق 233/أ. 2 من الآية: 204 من سورة البقرة. 3 بعض العرب يكسر نون (مِن) مع (أل) على الأصل في التّخلُّص من السّاكنَيْن، ولم يبال بالكسرتين لعروض الثّانية. شرح الشّافية 2/247. قال سيبويه: "وزعموا أنّ ناسًا من العرب يقولون: (مِنِ الله) فيكسرونه ويُجْرُونَهُ على القياس". الكتاب 4/154. أمّا إذا ولي نون (مِن) ساكنٌ أخَر غير (لام التّعريف) فالمشهور كسر النّون على الأصل، نحو: (مِنِ ابنك) ، ولم يبال بالكسرتين لقلّة الاستعمال. شرح الشّافية 2/246. وقال سيبويه: "وقد اختلفت العرب في (مِنْ) إذا كان بعدها ألف وصل غير ألف اللاّم؛ فكسره قومٌ على القياس، وهي أكثر في كلامهم، وهي الجيّدة. ولم يكسروا في ألف اللاّم لأنّها مع ألف اللاّم أكثر، لأنّ الألف واللاّم كثيرةٌ في الكلام في كلّ اسم، ففتحوا استخفافًا؛ فصار مَنِ الله - بكسر النّون - بمنزلة الشّاذّ. وذلك قولك: (منِ ابنكَ) و (منِ امْرِئٍ) . وقد فتح قومٌ فصحاءُ فقالوا: (منَ ابنك) فأجروها مجرى (منَ المسلمين) ". الكتاب 4/154، 155. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 136 فَصْلٌ: ودخول الهمزة على بعض أفعال الأَمر تَوصُّلٌ إلى النّطق بالسَّاكن إذْ1 هو غيرُ مُمْكِن 2؛ ويُعلم ذلك بدخول حرف المضارعة على الفعل وتنْظَر3، فإنْ كان ما بعدَه4 متحرِّكًا كقولك: (هو يَسِيْرُ) فتقول منه: (سِرْ) ، وإِنْ كان ما بعده ساكنًا كقولك: (يَذْهَبُ) فتقول منه: (اِذْهَبْ) . وهذه الهمزة تُعْتَبَرُ حركتها من حركة ثالث الفعل المضارع؛ فإنْ كان مضمومًا كانت الهمزة مضمومة، فَتَأمُرُ مَنْ يَسْكُنُ فتقول: (اُسْكُنْ) بالضّمّ. [9/أ] وإِنْ كان ثالثة مكسورًا نحو: (يَضْرِب) أو مفتوحًا كـ (يَذْهَبْ) فتكسر الهمزة، كقولك: (اِضْرِبْ) و (اِذْهَبْ) .   1 في ب: إذا. 2 في ب: غير متمكّن، وهو تحريف. 3 في ب: ويُنظر، وهو تصحيف. 4 في ب: ما بعد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 137 وكذلك الخُماسيُّ والسُّداسيّ نحو: (انْطَلَقَ) و (اسْتَخْرَجَ) ، تقول منه: (اِنْطَلِق) و (اِسْتَخْرِجْ) . وأمّا الموضع الّذي تفتح فيه فهو إذا كان الفعل الماضي رُباعيًّا فتقول مِن أَكْرَم: (يُكْرِم) ، (أَكْرِم) ، قال تعالى: {وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْكَ} 1. فَصْلٌ: وإنْ أمرت من فِعْلٍ مُضاعَفٍ لمذكّر كـ (شُدَّ) و (غُضّ) فلك فيه وجهان: فَكُّ التّضعيف2؛ تقول: (اشْدُدْ) و (اغْضُضْ) بسكون آخره. وإبقاؤه على3تشديده؛ فتقول: (غُضَّ البصر) . وفي آخره وُجوهٌ: الأَوّل: كسره لالتقاء السّاكنين كما تقدّم. الثّاني: إتباع حركة ما قَبْلَهُ - وهي الضّمّ -، فتقول: (غُضُّ البَصَر) . الثّالث: الفتحة طلبًا للخِفّة؛ فتقول: (غُضَّ) ؛ وعلى [9/ب] هذا4 يُنْشَد بيتُ جرير5:   1 من الآية: 77 من سورة القصص. 2 الفَكُّ: لغة أهل الحجاز، وبها جاء القرآن غالبًا. يُنظر: التَّتِمَّة في التّصريف 204، وشرح الكافية الشّافية 4/2190، وأوضح المسالك 3/350، والأشمونيّ 4/352. 3 الإدغام لغة تميم. يُنظر: المصادر السّابقة. 4 أي: على الأوجه الثلاثة. 5 هو: أبو حزرة، جرير بن عطيّة اليربوعيّ، من فُحول شعراء الدّولة الأمويّة، كان مُجيدًا في النّسيب والمدح؛ وكان من أشدّ النّاس هجاءً؛ ونقائضه مع الفرزدق والأخطل مشهورة؛ وُلد ومات في اليمامة؛ وكانت وفاته سنة (110هـ) . يُنظر: طبقات فحول الشّعراء 2/374، والشّعر والشّعراء 304، والأغاني 8/5 - 94، والخزانة 1/75. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 138 فَغُضَّ الطّرْفَ إِنَّكَ مِنْ نُمَيْرٍ ... فَلاَ كَعْبًا بَلَغْتَ وَلاَ كِلاَبَا1 وهذا الفعلُ يُضمُّ أوّله إذا كان من مُتَعَدٍّ2، ويُكْسَرُ إذا كان من لازمٍ؛ فتقول: (فِرَّ من الفِتْنَة) ، قال الله تعالى: {فَفِرُّوا إِلَى اللهِ} 3؛ وهذا إذا كان لِمُفْرَدٍ مُذكّرٍ يُكْسَر آخِرُهُ ويُفتح ولا يُضمُّ4.   1 هذا بيتٌ من الوافر. والشّاهد فيه: (فَغُضَّ الطّرْف) فإنه يروى بضمّ الضّاد وفتحها وكسرها؛ فأمّا ضمّها فعلى الإتباع لضمّة الغين قبلها، وأمّا فتحها فلقصد التّخفيف؛ لأنّ الفتحة أخفّ الحركات الثّلاث، وأمّا كسرها فعلى الأصل في التّخلّص من التقاء السّاكنين. يُنظر هذا البيت في: الكتاب 3/533، والمقتضب 1/185، وشرح المفصّل 9/128، وشرح الشّافية 2/244، وأوضح المسالك 3/350، والتّصريح 2/401، والهمع 6/288، والأشمونيّ 4/352، والدّيوان 2/821. 2 الفعل المتعدّى نحو: (رُدَّ) و (غُضَّ) . 3 من الآية:50 من سورة الذّاريات. 4 يجوز في أمر المضاعف المدغم إذا كان مضموم العين في المضارع ثلاثة أوجه: فتح اللاّم؛ لأنّ الفتح أخفّ الحركات، وكسرها؛ لأنّ الكسر هو الأصل في التّخلّص من السّاكنين، وضمّها (بإتباع اللاّم للعين في حركتها) ، تقول في: (عَدَّ) : (عُدُّ) و (عُدَّ) و (عُدِّ) ؛ وهذه لغة تميم؛ وأهل الحجاز يُظهرون التّضعيف في الأمر يقولون: (امْرُرْ بنا) و (اعدُدْ كذا) . وإذا كان المضارع مفتوح العين أو مكسورها يجور فيه وجهان: فتح اللاّم، وكسرها؛ وكذا الأمر منها: تقول في (عَضَّ) : (عضَّ) - بفتح الضّاد -، و (عَضِّ) - بكسرها على أصل الحركة عند التقاء السّاكنين -؛ وتقول في (فَرَّ) : (فِرِّ) و (فِرَّ) . يُنظر: الكتاب 3/530 - 533، والمقتضب 1/184، 185، والتّتمّة في التّصريف 204، وشرح المفصّل 9/127، 128، والممتع 2/656 ـ 659. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 139 وَإِنْ أَمَرْتَ مِنْ سَعَى وَمِنْ غَدَا ... فَأَسْقِطِ الْحَرْفَ الأَخِيرَ أَبَدَا تَقُولُ: يَا زَيْدُ اْغْدُ فِي يَوْمِ الأَحَدْ ... وَاسْعَ إِلَى الْخَيْرَاتِ لُقِّيْتَ الرَّشَدْ وَهَكَذَا قَوْلُكَ: إرْمِ1مِنْ رَمَى ... فَاحْذُ عَلَى ذَلِكَ فِيمَا اسْتَبْهَمَا [فَصْلٌ2] : [10/أ] الأمر من المعتلّ إذا كان آخر الفعل المضارِع حرف عِلَّةٍ حذفته في الأمر؛ فإنْ كان ألِفًا أبقيتَ بعد حذفها فتحةً لطيفةً تدلّ عليها، كقولك في الأمر من يسعى3: (اسعَ يا زيدُ) بِرَوْمِ4 الفتحة، قال الله تعالى: {فَتَوَلَّ عَنْهُمْ} 5.   1 في متن الملحة 8، وشرح الملحة 68: فِي ارْمِ مِنْ رَمَى. 2 ما بين المعقوفين ساقط من ب. 3 في ب: سعى. 4 الرَّوْمُ: هو الإتيان بالحركة خفيّة حرصًا على بيان الحركة الّتي تحرّك بها آخر الكلمة في الوصل؛ وذلك: إمّا حركات الإعراب، وهم بشأنها أَعْنَى لدلالتها على المعاني في الأصل، وإمّا حركات البناء كـ (أين) و (أمْسِ) و (قبل) . وعلامة الرَّوْم: خطّ بين يدي الحرف هكذا: (زيد) . وسمّى رومًا لأنّك تروم الحركة وتريدها حين لم تسقطها بالكليّة. ويُدرك الرَّوْمُ الأعمى الصّحيح السّمع إذا استمع، لأنّ في آخر الكلمة صُوَيْتًا خفيفًا. شرح الشّافية 2/275. 5 من الآية: 174 من سورة الصّافّات. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 140 وإنْ كان واوًا فتقول مِنْ يغدو: (اغْدُ) بِرَوْمِ الضّمّة، كقوله تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ} 1. وإنْ كان ياءً أبقيت بعدها كسرة، كقوله تعالى: {فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ} 2 بِرَوْم الكسرة. فإنْ وقفت على شيءٍ من ذلك فلك أن تقف عليه بالسّكون: (اخشْ) و (اغدْ) و (ارمْ) ؛ ولك أن تزيد عليه هاءً لبيان الحركة فتقول: (اخشه) ، (اغده) ، [ارمه3] ، كقوله تعالى: {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} 4. وَالأَمْرُ5 مِنْ خَافَ خَفِ الْعِقاَبَا ... وَمِنْ أَجَادَ أَجِدِ الْجَوَابَا إذا كان الفعل معتلّ6 العين فهو يسقط في حال الأمر لوجوب سكون آخره؛ لئلاّ يجتمع ساكنان؛ وذلك إذا أمرت به المفرد7 المذكّر، كقولك:   1 من الآية 27 من سورة المائدة. 2 من الآية: 72 من سورة طه. 3 ما بين المعقوفين ساقط من ب. 4 من الآية: 90 من سورة الأنعام. 5 في ب: فالأمر. 6 الفعل المعتلّ العين يُسمَّى أجوف تشبيهًا بالشّيء الّذي أُخذ ما في داخله فبقي أجوف؛ وذلك لأنّه تذهب عينُه كثيرًا، نحو: (قُلْتُ) و (بِعْتُ) و (لم يَقُلْ) و (لَمْ يَبِعْ) و (قُلْ) و (بِعْ) . ويسمّى ذا الثّلاثة - أيضًا - اعتبارًا بأوّل ألفاظ الماضي، نحو: (قُلْتُ) ؛ لأنّهم يبتدئون بحكاية النّفس وهي على ثلاثة أحرف. يُنظر: شرح الشّافية 1/34. 7 من كلمة (المفرد) يبدأ السّقط من (ب) إلى منتصف باب التّثنية بمقدار إحدى عشرة لوحة ينظر ص191 من النّصّ المحقق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 141 (خَف) و (بِعْ) و (قُلْ) 1؛ وكذلك إذا أمرت به جمع المؤنّث فتقول: (خَفْنَ) و (بِعْنَ) و (قُلْنَ) . والمقرَّرُ من ذلك: أنّه متى التقى ساكنان أحدهما حَرفُ علّةٍ كان هو المحذوف2. وَإِنْ يَكُنْ أَمْرُكَ لِلْمُؤَنَّثِ ... َقُلْ لَهَا: خَافِي رِجَالَ الْعَبَثِ فإنْ كان الأمر لمؤَنَّثٍ مفردٍ، أو لمثنّى، أو لجماعة مذكّرٍ، أو اتّصل بالفعل [10/ب] نونا التّوكيد الخفيفة أو الثّقيلة فتثبت حروف العلّة؛ لوجود المتحرّكات بعدها، فتقول: (خافي ياهذه) و (قولا) و (بيعا) و (خافوا يا هؤلاء) و (خافَنَّ الله يا زيد) و (خافَنَّ يا عمرو) . فإنْ أمرت مِن (وَعَدَ) ومِنْ (وَزَنَ) فمضارِع هذين: (يَوْعِدُ) و (يَوْزِنُ) ؛ ولكنّهم لم يجمعوا بين الياء والواو فحذفوا فاء الفعل، فقالوا: (يَعِدُ) و (يَزِنُ) ؛ فالأمرُ من ذلك بسقوط حرف المضارعة، فتقول للمفرد المذكّر من (يَعِد) : (عِدْ) ، وللمؤنَّثِ المفرد: (عِدي يا هِنْدُ) ، وللمثنّى: (عِداني) ، والجمع: (عِدُوني يا رجال) و (عدنني يا نِسَاء) .   1 الأصل في (خف) : (خاف) ، حذفت الألف لالتقائها ساكنة مع لام الكلمة. وفي (قل) و (بِع) : (أقوُل) و (أبيِع) ؛ نقلت حركة العين إلى السّاكن قبلها فاستغني عن همزة الوصل، وحُذفت العين لسكونها مع سكون اللاّم. 2 يسقط حرف العلّة في الأمر في موضعين؛ وهما: إذا أمرت به المفرد المذكّر، أو أمرت به جمع المؤنّث؛ وقد وضّح الشّارح العلّة في ذلك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 142 باب الفعل المضارع : وَإِنْ وَجَدْتَ هَمْزَةً أَوْ تَاءَ ... أَوْ نُونَ جَمْعٍ مُخْبِرٍ أَوْ يَاءَ قَدْ أُلْحِقَتْ أَوَّلَ كُلِّ فِعْلِ ... فَإِنَّهُ المُضَارِعُ المُسْتَعْلِى حروف المضارعة هي: الهمزة، والنّون، والتّاء، والياء. فإذا اتَّصل أَحَدُهَا بأَوّل فعلٍ ماضٍ سُمّيَ مُضارِعا وَعَادَ مَعَهَا. [مُعْرَباً1] . فالهمزة تختصّ بالمتكلّم، ويستوي فيه المذكّر والمؤنَّث، كـ (أَنَا أَفْعَلُ) . والنّون إذا كان معه [11/أ] غيره، كـ (نَحْنُ نَفْعَلُ) ، أو يكون معظّماً نَفْسَهُ. والتّاء للمذكّر الحاضر، كـ (أَنْتَ تَفْعَلُ) . والياء للمذكّر الغائب، كـ (هُوَ يَفْعَلُ) . ونون العظمة تختصّ باسم الله تعالى. وأمّا قولُ الملوك: (نَحْنُ نَفْعَلُ) ؛ قيل: لَمّا كانت تصاريف أقضية الله تعالى تجري على أيدي خَلْقِهِ نُزِّلَتْ أفعالهم منزلة فِعْلِه مجازًا؛ وعلى هذا الحكم يجوز أن يَنطق بالنّون مَن لا يباشِر الأمر بنفسه. وأمّا قولُ العَالِم: (نَحْنُ نبيِّنُ) ؛ فهو مُخْبِرٌ عن نفسه وأَهْلِ مقالته. وَلَيْسَ فِي الأَفْعَالِ فِعْلٌ يُعْرَبُ ... سِوَاهُ والتِّمْثَالُ فِيهِ: يَضْرِبُ2 هذا الفعل شابه الاسم.   1 ما بين المعقوفين زيادة يقتضيها السّياق.. 2 في متن الملحة 9، وشرح الملحة 75: والتَّمْثِيلُ فِيهِ: يَضْرِبُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 143 والمضارعة هي: المشابَهة؛ فلذلك أُعْرِبَ1. وتوجيه ذلك: أنّه يكون مُبْهما زمني الحال والاستقبال، كما يكون الاسم مُبْهما في حال تنكيره. ويكون مُخْتَصا بدخول حرف التَّنفيس عليه، كما يختصّ الاسم بدخول حرف التّعريف عليه. وتدخلُه لام الابتداء، كقولك: (لزيدٌ قائم) 2. وهو جَارٍ على حركات الاسم وسَكَنَاته وعدد حروفه في قولك: (هو يَضْرِبُ) ، (زَيْدٌ ضَارِبٌ) ، فلمَّا شابه المُعْرَبَ أُعْرِبَ.   1 أُعرب الفعل المضارِع لمشابهته الاسم من عِدّة أوجه - ذكر الشّارح منها ثلاثة أوجه - ومنها: 1- أنّ هذا الفعل يشترك فيه الحال والاستقبال فأشبه الأسماء المشتركة؛ كالعين ينطلق على العين الباصرة وعلى عين الماء، وعلى غير ذلك. 2- أن يكون صفة كما يكون الاسم كذلك، تقول: (مررت برجل يضرب) ، كما تقول: (مررت برجل ضارب) ، فقد قام (يضرب) مقام (ضارب) . أسرار العربيّة 27. ويُنظر: التّبصرة 1/76، 77، واللّباب 2/20، وشرح المفصّل 7/6، وشرح ألفيّة ابن معطٍ 1/241. 2 لام الابتداء تدخل على الفعل المضارِع في خبر (إنّ) ، كما تدخل على الاسم، تقول: (إنّ زيدًا ليقوم) ، كما تقول: (إنّ زيدًا لقائم) . ولا تدخل هذه اللاّم على الفعل الماضي والأمر؛ لبُعد ما بينهما وبين الاسم، فلا تقول: (إنّ زيدًا لقام) و (وَلأَكرِمْ زيدًا يا عمرو) . يُنظر: التّبصرة 1/76، 77، وأسرار العربيّة 26، واللّباب 2/20، وشرح المفصّل 7/6. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 144 [11/ب] وَالأَحْرُفُ الأَرْبَعَةُ المُتَابَعَهْ ... مُسَمَّيَاتٌ أَحْرُفَ المُضَارَعَهْ وَسِمْطُهَا الْحَاوِي لَهَا نَأَيْتُ ... فَاسْمَعْ وَعِ الْقَوْلَ كَمَا وَعَيْتُ السِّمْطُ1: الشّيءُ المنظوم كالقلادة والعِقْد. قال: هذه يَجْمَعُهَا كلمةُ: (نَأَيْتُ) ؛ ويجمعها - أيضا -: (أنيت) و (أَتَيْنَ) و (تَنْأَي) . وَضَمُّهَا مِنْ أَصْلِهَا الرُّبَاعِي ... مِثْلُ: يُجِيْبُ مِنْ أَجَابَ الدَّاعِي يقول: إنّ هذه الحروف تكون مضمومةً إذا كان ماضي2ما اتّصلت به رُباعيا، كـ (يُجِيْبُ) مْن (أَجَابَ) ، و (يُصِيْبُ) مِن (أَصَابَ) . وَمَا سِوَاهُ فَهْيَ مِنْهُ تُفْتَتَحْ ... وَلاَ تُبَلْ أَخَفَّ وَزْنٌ أَمْ رَجَحْ يقول: إِنَّ المضارِع إن نقص ماضيه عن هذه الأربعة أحرف، كقولك: (ذَهَبَ) فلا يُضمّ أوّله بل يكون مفتوحا، كقولك: (يَذْهَبُ) ؛ وكذلك إذا زاد عليه؛ كالخُماسيّ والسُّداسيّ. [12/ أ] مِثَالُهُ: يَذْهَبُ زَيْدٌ وَيَجِي ... وَيَسْتَجِيْشُ تَارَةً وَيَلْتَجِيِ   1 السِّمْطُ: هو الخيط الّذي تُنْظَمُ فيه الخَرَزُ. يُنظر: اللّسان (سمط) 7/322. فهنا شبَّه النّاظم -رحمه الله- اجتماعَ الحروف المتفرّقة في كلمة واحدة باجتماع الخرز المُنْتَظِم فِي خيطٍ واحدٍ. 2 في أ: ما مضى، وهو تحريف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 145 قد مَثَّل ما نَقَصَ من الرُّباعيّ بفعلين: أحدهما: سالم1؛ وهو: (يذهب) . والآخرُ: مهموز2؛ وهو: (يجيء) . وممّا زاد عليه بفعلين: أحدهما: سُداسيّ، والآخَر: خُماسيّ؛ فتقول: (يستجيش زيدٌ) ، مِن (استجاش) ، و (يلتجيء) مِن (التجأ) .   1 السّالم: من أقسام الفعل الصّحيح؛ وهو: ما سلِمت حروفه الأصليّة من حروف العلّة، والهمزة، والتّضعيف. يُنظر: شرح مختصر التّصريف العزّيّ 30. 2 المهموز: من أقسام الفعل الصّحيح؛ وهو: ما أحدُ حروفه الأصليّة همزة، كـ (أمر) و (سأل) و (قرأ) . يُنظر: شرح الشّافية 1/33، 34، وشرح مختصر التّصريف العزّيّ 169. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 146 باب الإعراب وَإِنْ تُرِدْ أَنْ تَعْرِفَ الإِعْرَابَا ... لِتَقْتَفِي فِي نُطْقِكَ الصَّوَابَا الإعراب في اللّغة1: هو البيانُ؛ يُقال: (أَعْرَبَ الرّجلُ عمَّا في نفسه) أي: أَبَانَ عَنْهُ. وقيل: هو التّحسين، من قوله تعالى: {عُرُبًا أَتْرَابًا} 2؛ لأنّ العَرُوْبَ المُتحسِّنة3. وقيل فيه: التّغييرُ، من قولهم: (عَرِبَتْ مَعِدَةُ الفَصِيْلِ) إِذا تَغَيَّرت؛ وأعْرَبْتُها4: إذا أَزَلْتُ فَسَادَهَا5.   1 يُطْلَق الإعراب في اللّغة على عدّة معان، غير ما ذكر الشّارح- رحمه الله-. يُنظر: مقاييس اللّغة (عرب) 4/299- 301، واللّسان (عرب) 1/586- 593، والأشمونيّ 1/47، وحاشية ياسين على التّصريح 1/59. 2 الآية: 37 من سورة الواقعة. 3 العَرُوْبُ: المتحبِّبَةُ إلى زوجها؛ وقيل: المحسِنَةُ للكلام؛ وقيل: العاشقة لزوجها. يُنظر: الصِّحاح (عرب) 2/180، والجامع لأحكام القرآن 17/137، والبحر المحيط 10/82. 4 في أ: عربتها، والصّواب ما هو مثبَت. 5 يقال: (أعربت الكلام) أي: أزلت عَرَبه- وهو فساده-؛ وصار هذا كقولك: (أعجمتُ الكتاب) إذا أزلت عُجمته؛ (واشكيت الرجل) إذا أزلت شكايته؛ وهذه الهمزة تسمّى (همزة السّلب) . يُنظر: أسرار العربيّة 19، واللّباب 1/53، وشرح الشّافية 1/83، 91. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 147 فالمُعْرَبُ: يتغيّر بتغيّر العوامِل الدّاخلة عليه لاختلاف المعاني من حَالٍ إلى حَال؛ وهو أحسنُ في اللّفظ من العاري من الحركات الموجِبَةِ له. وذلك التّغييرُ يكون لفظًا في السّالم، وتقديرًا في المعتلّ1. فَإِنَّهُ بِالرَّفْعِ ثُمَّ الْجَرِّ ... وَالنَّصْبِ وَالْجَزْمِ جَمِيْعًا يَجْرِي [12/ ب] وألقَابُه أَرْبَعَةٌ؛ وهي: رَفْعٌ، وَنَصْبٌ، وَجَرٌّ، وَجَزْمٌ. والبِنَاءُ2: ضِدُّ الإعرابِ، وهو مثله في اللّفظ3. وألقابُه أَرْبَعَةٌ؛ وهي: ضَمٌّ، وَفَتْحٌ، وَكَسْرٌ، وَوَقْفٌ. وَذُكِرَ البِنَاءُ هاهُنا وإنْ لم يكن في بابه؛ للاحتياج4إلى ذكره في سائر الأبواب. والمُعْرَبُ من الكلام كلمتان؛ وهما: الاسم المتمكّنُ5، والفعل المضارع.   1 أراد بالسّالم: الصّحيح، نحو زيدٌ؛ ممّا تظهر عليه الحركات. وبالمعتلّ: ما خُتم بحرف علّة ولم تظهر عليه الحركات، نحو: (موسى) . 2 البناء هو: لُزُوم آخر الكلمة سكونًا أو حركة، نحو (كَمْ) و (حَيْثُ) و (هؤلاء) و (الّذين) ، وما أشبه ذلك ممّا لا تغيّره العوامِل. وسُمّي بناءً لأنّه لا يزول، ولا يتغيّر بدخول العوامِل المختلفة. يُنظر: التّبصرة 1/76، وأسرار العربيّة 19، وكشف المشكِل 1/238. 3 أي: إنّ المبنيّ لا تختلف الحركة في آخره عن المعرب؛ فهو يسكن، ويُفتح، ويُكسر، ويُضمّ؛ كما إنّ المعرب كذلك. 4 في أ: الاحتياج، ولا يستقيم الكلام بها؛ فلعلّ الكلمة كما أثبتّها. 5 الاسم ضربان: متمكّن- وهو المعرب-، وغير متمكّن- وهو المبني-. والمتمكّن ضربان: متمكّن أمكن؛ وهو المنصرف، كـ (زيدٍ) و (عمرو) . ومتمكّن غير أمكن؛ وهو غير المنصرف، كـ (أحمدَ) و (مساجد) . يُنظر: التّبصرة 1/81، وشرح التّسهيل 1/39، والمساعِد 1/22، وابن عقيل 1/38. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 148 فالرَّفْعُ هُوَ أَتمُّ ألقاب الإعراب؛ ولهذا كان إعرابًا لِمَا هو عُمدةٌ في الكلام وهو الفاعل وما حُمِلَ عليه، والنّصب والجرّ لا يُوْجَدَان1حتَّى يتقدَّمهما الرّفعُ، كقولك: (ضَرَبَ زَيْدٌ عَمْرًا) وَ (مَرَرْتُ بِزَيْدٍ) . والنّصبُ عُمْدَةُ المفعولِ وما حُمِل عليه، والجرُّ عُمْدَةُ الإضافة وما جرى مَجْراهَا. فَالرَّفْعُ وَالنَّصْبُ بِلاَ مُمَانِعِ ... قَدْ دَخَلاَ فِي الاسْمِ وَالمُضَارِع وَالْجَرُّ يَسْتَأْثِرُ بِالأَسْمَاءِ ... وَالْجَزْمُ فِي الْفِعْلِ2بِلاَ امْتِرَاءِ الاسم المُعْرَبُ: هو المتمكّن؛ وهو ما لم يشابه الحرف، ولم يتضمّن معناه، ولم يَقَعْ مَوْقِعَ المبنيّ؛ فهو والمضارع يشتركان في الرّفع والنّصب، كقولك: (زَيْدٌ يَذْهَبُ) ، و (إِنَّ عَمْرًا لن يَرْكَبَ) . [13/ أ] ويختلفان3في الاختصاص؛ فالاسم يختصّ بالجرّ، والفعل يختصّ بالجَزْمِ واختصاص الاسم بالجرِّ إمّا بإضافة حَرْفٍ إلى اسمٍ، [أ] وْ4 بإضافة اسمٍ إلى اسم؛ ويُعْلَمُ من ذلك إمَّا مِلْكٌ، أو اسْتِحْقَاقٌ.   1 في أ: لا توجدان، وهو تصحيف. 2 في متن الملحة 9: وَالْجَزْمُ بِالْفِعْلِ. 3 في أ: تختلفان، وهو تصحيف. 4 ما بين المعقوفين زيادة يقتضيها السّياق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 149 فامتنع الجرُّ من الأفعال1؛ لأنَّها لا تُملَكُ ولا تُستَحقّ لكَوْنَها2 ليست من الذّوات. امتنع الجزْم من الاسم3؛ لأنّه حَذْفٌ4، ولو حُذِفَ بعضُ الاسم كما يحذف فاءُ الفعل، أو عينُه، أو لامُه، لتغيَّرتْ صيغة الاسم عمَّا كانت عليه، والفعل ليس هُوَ كَذَلِكَ.   1"إنّما لم يدخل الجرّ الأفعال؛ لأنَّ الجرَّ لا يكون إلاَّ بأدوات من الحروف، والأسماء يستحيل دخولها على الفعل؛ لقلّة الفائدة في ذلك؛ ألا ترى أنّه لا فائدة في قولك: (غُلامُ يذهب) بالإضافة، ولا في: (مررت بيقوم) ؛ والكلام وُضِعَ للفائدة فلمّا لم يكن في دخول أدوات الجرّ على الأفعال فائدة تُرِك جَرُّها أصلاً. ووجهٌ آخر وهو: أنّ الفعل والفاعلَ كالشّيء الواحد، والمجرور يقوم من الاسم الجارّ مقامَ التّنوين؛ فلم يجز أن يقوم الفعل والفاعل- وهما شيئان قَوِيَّان- مقام التّنوين وهو حرف ضعيف". التّبصرة 1/80. ويُنظر: شرح عيون الإعراب 56، وكشف المشكِل1/231، وشرح المفصّل7/10، 11. 2 في كلتا النسختين: كونها؛ وما أثبتّه هو الأولى. 3 "وإنّما لم تُجزم الأسماء؛ لتمكّنها ولزوم الحركة والتّنوين لها؛ فلو جزمت لأبطل الجازم الحركة، وإذا زالت الحركة زال بزوالها التّنوين؛ لأنّ التّنوين تابعٌ للحركة ولو زالا اختلّت الكلمة بذهاب شيئين؛ أحدهما: الحركة وهو دليل كونها فاعلة أو مفعولة أو مضافاً إليها؛ والآخر: التّنوين الّذي هو دليل كونه منصرفًا". شرح المفصّل 1/73. ويُنظر: التّبصرة 1/80، 81، وشرح عيون الإعراب 55، 56، وكشف المشكِل 1/231، واللُّباب 1/65. 4 في كلتا النسختين: لأنّه منه حذف؛ ويستقيم المعنى بدون (منه) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 150 فَالرَّفْعُ1 ضَمُّ آخِرِ الحُرُوفِ ... وَالنَّصْبُ بِالْفَتْحِ بِلاَ وُقُوفِ وَالْجَرُّ بِالْكَسْرَةِ لِلتَّبْيِينِ ... وَالْجَزْمُ فِي السَّالِمِ بِالتَّسْكِيْنِ حَرْفُ الإعراب من كُلّ معرب: آخِرُهُ كـ (دالِ زَيْدٍ) و (ميم يقوم) ؛ وذلك لأنَّهُ كالصِّفَةِ؛ والصِّفَةُ لا تأتي إلاَّ بعد كَمَالِ المَوْصُوفِ، ولا سَبِيْلَ إلى معرفته إلاَّ بعد كَمَالِ صيْغَتِهِ. وأصلُ الاسم الإعرابُ2؛ وذلك لدلالته بصِيغةٍ واحدةٍ على مَعَانٍ مُخْتَلِفَةٍ فاحتيج إلى إعرابه، لتبيين تلك المعاني3؛ والبناءُ فيه [13/ ب] فَرْعٌ والفعل أصله البناءُ؛ لدلالته بالصِّيغ المختلفة على المعاني المختلفةِ؛   1 في شرح الملحة 81: وَالرَّفْعُ. 2 هذا مذهب البصريّين؛ وذهب الكوفيّون إلى أنَّ الإعراب أصلٌ في الأسماء والأفعال؛ وقيل: هو أصلٌ في الفعل، فرعٌ في الاسم. تُنظر هذه المسألة في: الإيضاح في علل النّحو 77 - 82، وأسرار العربيّة 24، والتّبيين، المسألة الثّامنة، 153، وابن عقيل 1/39، 40، والمساعِد 1/20، والهمع 1/44، 45. 3 الأسماء تتضمّن معاني مختلفة نحو: (الفاعليّة) و (المفعوليّة) و (الإضافة) ؛ فلو لم تُعرب لالتبست هذه المعاني بعضها ببعض؛ يدلُّك على ذلك أنّك لو قلت: (ما أحسنَ زيدًا!) لكنتَ متعجِّبًا، ولو قلتَ: (ما أحسنَ زيدٌ) لكنتَ نافيًا، ولو قلتَ: (ما أحسنُ زيدٍ؟) لكنتَ مستفهمًا عن أيّ شيء منه حَسَن؛ فلو لم تعرب في هذه المواضع لالتبس التّعجّب بالنّفي، والنّفي بالاستفهام، واشتبهت هذه المعاني بعضها ببعض؛ وإزالة الالتباس واجب. أسرار العربيّة 24، 25. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 151 فأغنى اختلاف صيغه عن إعرابه1، والإعراب فيه فَرْعٌ وسُمِّيَ الضَّمُّ رَفْعًا؛ لانضمام الشّفتين به، إذْ هُمَا أرفع الفَمِ2. وسُمِّيَ الفَتْحُ نَصْبًَا؛ لأنَّ الفتحة إذا أُشْبِعتْ صارت ألفًا؛ والنُّطْقُ به انتصابٌ إلى أعلى الحَنَكِ3. وسُمِّيَتْ الكسرةُ جَرًّا؛ لِهُوِيِّ النّطق بها سُفْلاً؛ فكأنَّهُ مَأخُوذٌ من جَرِّ الجبل وهو سَفْحُهُ4. وسُمِّيَ الجَزْمُ جَزْمًا؛ لقطع الحركة أو الحرفِ؛ لأنَّهُ في اللّغة: القَطْعُ5.   ((كقولك: (قام) إذا أردتّ الزّمان الماضي، و (سيقوم) إذا أردتّ المستقبَل، و (يقوم الآن) إذا أردتّ الحال)) . التّبصرة 1/76. 2 قال الزّجّاجيّ في الإيضاح 93: "نسبوا الرّفع كلّه إلى حركة الرّفع؛ لأنّ المتكلّم بالكلمة المضمومة يرفع حنكه الأسفل إلى الأعلى، ويجمع بين شفتيه، وجُعِل ما كان منه بغير حركة موسومًا أيضًا بسمة الحركة لأنّها هي الأصل". وقال الحيدرة اليمنيّ: "وذلك أنّ الفاعل والمبتدأ لَمّا كانا شريفين سُمِّيَ إعرابُهما رفعًا". كشف المشكل 1/230. 3 "المتكلّم بالكلمة المنصوبة يفتح فاه؛ فيبيّن حنكه الأسفل من الأعلى؛ فيبين للنّاظر إليه كأنّه قد نصبه لإبانة أحدهما عن صاحبه". الإيضاح 93. وقيل: "المفعول وشبهُه لَمّا كانت حركته خفيفة تخرج بغير تكلّف سمّيت نصبًا؛ والنّصب: الصّوت الحسن السّهل". كشف المشكل 1/231. 4 قال صاحب اللّسان (جرر) 4/130: "الجرُّ: أصل الجبل وسَفْحُهُ؛ والجمع: جِرارٌ، قال الشّاعر: وَقَدْ قَطَعْتُ وَادِيًا وَجَرَّا وفي حديث عبد الرّحمن: رأيته يوم أُحُد عند جَرِّ الجبل - أي: أسفله -". 5 اللّسان (جزم) 2/97. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 152 وأصل الإعراب الحركة1؛ وأصل البناءُ السُّكون2؛ والحرفُ مبنيٌّ ولا حظَّ له في الإعراب3.   1 إنّما كان الأصل في علامات الإعراب الحركات دون الحروف لثلاثة أوجه: أحدها: أنّ الإعراب دالٌّ على معنىً عارِضٍ في الكلمة؛ فكانت علامته حركة عارضة في الكلمة لِمَا بينهما من التّناسب. والثّاني: أنّ الحركة أيسر من الحرف؛ وهي كافية في الدّلالة على الإعراب؛ وإذا حصل الغرض بالأيسر لم يُصَرْ إلى غيره. والثّالث: أنّ الحرف من جملة الصِّيغة الدّالّة على معنى الكلمة اللاّزم لها؛ فلو جعل الحرف دليلاً على الإعراب لأدّى ذلك إلى أن يدلّ الشّيء الواحد على معنيين؛ وفي ذلك اشتراك؛ والأصل أن يُخصّ كلّ معنى بدليل. اللّباب 1/54، 55. 2 إنّما كان الأصل في البناء السّكون لوجهين: أحدهما: أنّه ضدُّ الإعراب، والإعرابُ يكون بالحركات، فضدّه يكون بالسّكون. والثّاني: أنّ الحركة زِيدَتْ على المعرب للحاجة إليها؛ ولا حاجة إلى الحركة في المبنيّ، إذْ لا تدلّ على معنى. اللّباب 1/66. 3 الحروف كلّها مبنيّة، لا حظّ لها في الإعراب؛ لأنّها لا تنصرف ولا يعتور عليها من المعاني ما يحتاج إلى الإعراب لبيانها، فبُنيت لذلك. ابن النّاظم 32. ويُنظر: ابن عقيل 1/43. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 153 باب التنوين : وَنَوِّنِ الاِسْمَ الْفَرِيْدَ المُنْصَرِفْ ... إِذَا انْدَرَجْتَ1 قَائِلاً وَلاَ تَقِفْ التَّنوين2: نُونٌ سَاكِنَةٌ تَثْبُتُ وَصْلاً، وتَسْقُطُ وَقْفًا. وَهُوَ أَنواعٌ: تنوينُ تمكين3، كـ (زيْدٍ) وَ (رَجُلٍ) . وتنوينُ تنكير4 وهو: ما يلزمُ الأسماءَ بعد التَّعريف تَنْكِيْرًا، نحو: (مَهْ) و (صَهْ) ، فتقول: (مَهٍ) و (صَهٍ) ؛ و (سيبويهِ) [14/أ] و (سيْبَوَيْهٍ) آخر. وتنوين مُقَابَلةٍ5، كـ (مُسْلِمَاتٍ) و (صَالحاتٍ) .   1 في متن الملحة 10، وشرح الملحة 38: إِذَا دَرَجْتَ. 2 التّنوين لغةً: مصدر نوّنت الحرف، أي: ألحقته نونًا؛ ويُطلق على التّصويت. واصطلاحًا: هو نون ساكنة تلحق الآخر لفظًا لا خطًّا لغير توكيد. يُنظر: نتائج الفكر 86، واللّسان (نون) 13/429، وأوضحُ المسالِك 1/13، والصّبّان 1/30. 3 ويسمّى: تنوين الأمكنيّة، وتنوين الصّرف: وهو اللاّحق للأسماء المُعْربة كما مَثَّل. وفائدته: الدّلالة على خفّة الاسم وتمكّنه في باب الاسميّة؛ لكونه لم يشبه الحرف فيبنى، ولا الفعل فيمنع من الصّرف. يُنظر: الكتاب 1/22، وأوضح المسالك 1/13، وابن عقيل 1/22، والتّصريح 1/32. 4 تنوين التّنكير هو: اللاّحق لبعض الأسماء المبنيّة فرقًا بين معرفتها ونكرتها كما مثَّل. يُنظر: أوضح المسالك 1/13، وابن عقيل 1/22، والتّصريح 1/32. 5 تنوين المُقَابَلة هو: اللاّحق لجمع المؤنّث السّالم- كما مثَّل-، في مقابلة النّون في جمع المذكّر السّالم. يُنظر: ابن عقيل 1/22، والتّصريح 1/33. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 155 وتنوين عِوَضٍ وهو: ما جيءَ به عِوَضًا عَنْ جُمْلَةٍ مَحْذُوْفةٍ، ك (يومئذٍ) و (حينئذٍ) ؛ فـ (إذٍ) ظرف زَمَانٍ مبنيّ؛ لافتقاره إلى جملةٍ يُضَافُ إليها، فَحُذِفَت الجملة للعلم بها وعُوِّضَ عنها بالتّنوين، وكُسِرَ ذَاْلُ (إذ) لالتقاء السّاكنين؛ وهما: الذّال والتّنوين. ومنه قَوْلُ أبي ذُؤَيْبٍ1: نَهَيْتُكَ عَنْ طِلاَبِكَ أُمَّ عَمْرٍو ... بِعَافِيَةٍ وَأَنْتَ إذٍ صَحِيْحُ2   1 هو: خويلد بن خالد بن محرِّث الهذليّ: شاعرٌ فحل، مخضرَم، أدرك الجاهليّة والإسلام؛ وهو أشعر هُذيل من غير مدافَعة؛ توفّي في مغزىً نحو المغرب. يُنظر: طبقات فحول الشّعراء 1/131، والشّعر والشّعراء 435، والمؤتلف والمختلف 173، والخزانة 1/422. 2 هذا بيتٌ من الوافر. والمعنى: يذكِّر قلبه بما كان من وعظه له في ابتداء الأمر، وزجره قبل استحكام الحبّ؛ فيقول: دفعتك عن طلب هذه المرأة بعاقبة، أي: بآخر ما وصّيتك به. ويجوز أن يكون المعنى: نهيتك عن طلبها بذكر ما يُفضي أمرك إليه وتدور عاقبتك عليه، وأنت بعدُ سليمٌ تقدر على التّملّس منها وتملك أمرك وشأنك في حبّها. وفي رواية: (بعافية) أي: حال كونك متلبّسًا بعافية. والشّاهد فيه: (إذٍ صحيح) حيث جاء بالتّنوين عوضًا عن الجملة، والأصل: وأنت إذ الأمر على هذه الحال. يُنظر هذا البيت في: ديوان الهذليّين1/68،ومعاني القرآن للأخفش2/484، والأصول2/144،والخصائص2/376،وكشف المشكل1/251،وشرح المفصّل 3/29، 9/31، ورصف المباني 411، والخزانة 6/539. والرّوايةفيمامضىمن لمصادر (بعاقبة) ،وهُناك رواية أُخرى (بعافية) وهي رواية الشّارح؛ في المرتجل10، وشرح التّسهيل 2/207، والجنى الدّاني 187، والمغني 119، والمساعد 1/499، والأشمونيّ 1/36. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 156 ويكونُ عِوَضًا عَنْ غير جُمْلَةٍ1؛ وهو تنوينُ (جَوار) و (غَوَاشٍ) ؛ فهو في هذا ونحوه عِوَضٌ من الياءِ المحذوفةِ. وتنوينُ تَرنُّم2 وهو: يَخْتَصُّ بالقافِيَةِ المطلقَة3بدلاً من حرُوف الإطلاق؛ عِوَضًا من مدَّاتِ4 التَّرَنُّمِ.   1 وينقسم هذا إلى قسمين: قسمٌ يكون عوضًا عن حرفٍ- كما مثّل الشّارح-. وقسمٌ يكون عوضًا عن اسم؛ وهو اللاّحق لـ (كُلٍّ) عوضًا عمّا تُضاف إليه، نحو (كلٌّ قَائِمٌ) أي: كلّ إنسان قائم، فحذف إنسان وأتى بالتّنوين عِوَضًا عنه. يُنظر: ابن عقيل 1/22، والأشمونيّ 1/35، 36، والتّصريح 1/34، 35. 2 التَّرنُّمُ: مَدُّ الصَّوْتِ بِمَدَّةٍ تُجانِسُ حركة الرَّوِيِّ. وقولُ النُّحاة: (تنوين التّرنّم) على حذف مضاف، أي: ترك التّرنّم؛ فإنّه إذا أراد التّرنّم أثبت حرف الإطلاق. وقيل: لا حذف؛ لأنّ التّرنّم يحصل بالنّون نفسها لأنَّها حرف أغنّ. يُنظر: شرح المفصّل 9/33، وشرح الكافية الشّافية 3/1427، والتّصريح 1/35، والأشمونيّ 1/31. 3 القافية المطلَقة: ما كان رويّها متحرّكًا. ويلحقها التّنوين في لغة بني تميم وقيس. يُنظر: الكتاب 1/206، والأصول 2/386، وسرّ صناعة الإعراب 1/501، ومفتاح العلوم 871، والجنى الدّاني 146، والمساعِد 2/678، والتّصريح 1/36. 4 في أ: مرّات، والصواب ما هو مثبت. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 157 فالمبدل من الألف كقول الشّاعر: يَا صَاحِ مَا هَاجَ الدُّمُوعَ الذُّرَّفَنْ1 [و] 2 مِنْ طَلَلٍ كَالأَتْحَمِيِّ أَنْهَجَنْ3   1 هذا بيتٌ من الرّجز، وبعده قوله: مِنْ طَلَلٍ أَمْسَى تَخَالُ المُصْحَفَا وهو للعجّاج. و (الذَّرْفُ) : صَبُّ الدَّمعِ، وذَرَفَ الدَّمْعُ: سَالَ، وذَرَفَتِ العينُ الدَّمْعَ: أَسالَتْهُ. والشّاهد فيه: (الذُّرَّفَنْ) حيث وصل القافية بتنوين التّرنّم بدلاً من الألف الذي للإطلاق يُنظر هذا البيت في: الكتاب 4/207، والأصول 2/387، والنّكت 2/1122، وشرح الكافية الشّافية 3/1428، وابن النّاظم 24، والملخّص 641، والجنى الدّاني 146، وشرح التّحفة الورديّة 114، والخزانة 3/443، والدّيوان 2/421، وفيه (الذُّرَّفا) ولا شاهد فيه على هذه الرّواية. 2 ما بين المعقوفين زيادة يقتضيها عدمُ الخلط بين الأبيات؛ وصنيع الشّارح يوهم بأن المصراعين من أرجوزة واحدة، وذلك غير متأتّ؛ لاختلاف رويّهما بالفاء والجيم؛ ويتّضح ذلك إذا استعملتهما بحرف الإطلاق؛ والصّواب أنهما من أرجوزتين. يُنظر: تلخيص الشّواهد وتلخيص الفوائد 47. 3 هذا بيتٌ من الرّجز، وقبله قولُه: مَا هَاج أَحْزانًا وَشَجْوًا قَدْ شَجَا. وهو للعجّاج. و (الأَتْحميُّ) : ضربٌ من البرود موشّى، شبه آثار الدّياربه. و (أَنْهَجَ) : أَخْلَقَ وبلي. والشّاهد فيه: (أنهجن) حيث وصل القافية بتنوين التّرنّم بدلاً من الألف التي للإطلاق. يُنظر هذا البيت في: الكتاب 4/207، والأصول 2/387، والخصائص 1/171، والنّكت 2/1122، وشرح الكافية الشّافية 3/1428، ورصف المباني 417، والجنى الدّاني 146، وشرح التّحفة الورديّة 115، والمغني 487، والتّصريح 1/37، والدّيوان 321، وفيه (أَنْهَجَا) ولا شاهد فيه على هذه الرّواية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 158 والمبدل من الواو كقول الشّاعر: ............................. ... سُقِيْتِ الْغَيْثَ أَيَّتُهَا الخِيَامُنْ1 [14/ ب] والمبدل من الياء2 كقول جرير:   1 هذا عجز بيت من الوافر، وصدره: مَتَى كَانَ الخِيَامُ بِذي طُلُوحٍ وهو لجرير. و (ذو طُلُوح) : موضع بعينه؛ سُمّي بذلك لِمَا فيه من الطّلح؛ وهو شجر عظيم له شوك. والشّاهد فيه: (الخيامُنْ) حيث وصل القافية بتنوين التّرنّم بدلاً من الواو التّي للإطلاق. يُنظر هذا البيت في: الكتاب 4/206، والقوافي 106، والأصول 2/386، والمنصف 1/224، والنّكت 2/1121، والمرتجل 11، 12، وشرح المفصّل (9/33) ، وشرح الجمل 2/553، والخزانة 9/121، والدّيوان 1/278، وفيه (الخيام) ولا شاهد فيه على هذه الرّواية. 2 في أ: والمبدل من الواو، وهو خطأ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 159 ............................ ... كَانَتْ مُبَارَكَةً1 مِنَ الأيَّامِنْ2 وتنوينٌ غال3 وهو: يختصُّ بالقافية   1 هذا عجُز بيتٍ من الكامل، وصدره: أَيْهَاتَ مَنْزِلُنَا بِنَعْفِ سُوَيْقَةٍ و (أيهات) : لغة في هيهات؛ ومعناه: البُعْدُ. و (النّعف) : المكان المرتفع في اعتراض. و (سُويقة) : اسم موضع. و (كانت مبارَكةً) أي: كانت تلك الأيّام الّتي جمعتنا ومَن نُحبّ؛ فأضمرها ولم يجر لها ذكر لما جاء بعد ذلك من التّفسير. والشّاهد فيه: (الأيّامِنْ) حيث وصل القافية بتنوين الترنّم بدلاً من الياء التي للإطلاق. يُنظر هذا البيت في: الكتاب 4/206، والأصول 2/386، والخصائص 3/43، والنّكت 2/1122، والكافي 151، وإيضاح شواهد الإيضاح 1/378، والمرتجل 11، 12، وشرح المفصّل 4/36، وملحق الدّيوان 2/1039، وفيه (الأيّام) ولا شاهد فيه على هذه الرّواية. 2 تنوين التّرنّم يلحق الأسماء كما في الشّاهد الأوّل (الذّرّفن) ؛ والأفعال كما في الشّاهد الثّاني (أَنْهَجْنَ) ؛ ويلحق الحروف كقول النّابغة الذّبيانيّ: أَزِفَ التَّرَحُّلُ غَيْرَ أَنَّ رِكَابَنَا ... لَمَّا تَزُلْ بِرِحَالِنَا وَكَأَنْ قَدِنْ يُنظر: الجنى الدّاني 146، وابن عقيل 1/23، والتّصريح 1/36، والأشمونيّ 1/31. 3 تنوين الغالي: زاده الأخفش، وسمّاه بذلك؛ لأنّ الغلو الزّيادة، وهو زيادة على الوزن، وسمّى الحركة الّتي قبل لحاقه غُلُوًّا. وزعم ابن الحاجب أنّه إنّما سُمّي غاليًا؛ لقلّته، ونفاه السّيرافيّ، والزّجّاج. وتنوين الغالي يلحق الاسم - كما مثَّل - والفعل كما في (يَأْتَمِرْنْ) من قول امرئ القيس: أَحَارِ بْنَ عَمْرٍو كَأنِّي خَمِرْنْ ... وَيَعْدُو عَلَى المَرْءِ مَا يَأْتَمِرْنْ والحرف كما في قول رؤبة: قَالَتْ بَنَاتُ العَمِّ يَا سَلْمَى وَإِنْنْ ... كَانَ فَقِيْرًا مُعْدِمًا قَالَتْ وَإِننْ يُنظر: القوافي 35، 36، والكافي 159، 160، وشرح المفصّل 9/34، والجنى الدّاني 147، 148، والمغني 448، والتّصريح 1/36، 37، والأشمونيّ 1/32، 33. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 160 المقيَّدة1، كقول رُؤْبَةَ2: وَقَاتِمِ الأَعْمَاقِ خَاوِي المُخْتَرَقْنْ ... مُشْتَبِهِ الأَعْلاَمِ لَمَّاعِ الخَفَقْنْ3   1 القافية المقيّدة: ما كان رويّها ساكنًا. مفتاح العلوم 871. ويُنظر: التّصريح 1/36. 2 هو: رُؤْبَة بن العجّاج التّميميّ السّعديّ، يكنى بأبي الجحّاف؛ راجز من الفصحاء المشهورين، من مخضرمي الدّولتين الأمويّة والعبّاسيّة؛ كان أكثر مقامه في البصرة، وكانوا يحتجّون بشعره؛ توفّي سنة (145هـ) . يُنظر: طبقات فحول الشّعراء 2/761، والشّعر والشّعراء 394، والمؤتلف والمختلف 175، ووفيات الأعيان 2/303. 3 هذا بيتٌ من الرّجز. و (القُتْمَة) : الغبرة إلى الحمرة. و (الأعماق) :جمع عمق- بفتح العين وضمّها- وهو: ما بَعُدَ من أطراف المفاوِز. و (الخاوي) : الخالي. و (المخترقن) : مكان الاختراق؛ وهو هُنا: قطع المفاوز واجتيابها. و (الأعلام) : جمع عَلَم؛ وهي: الجبال الّتي يُهتدى بها؛ واشتباهها: أنّ بعضها يشبه بعضًا، فلا يتبيّن السّائر طريقه فتشتبه عليه الهداية. و (الخفق) : اضطّراب السّراب؛ وهو الّذي تراه بالنّهار وكأنّه ماء. والمعنى: كثيرٌ من الأمكنة الّتي لا يهتدي أحد إلى السّير فيها؛ لشدّة التباسها، وخفائها، قد سرت فيها وأعملت ناقتي ولم أخف؛ يريد أنّه شجاع عظيم الخبرة. والشّاهد فيه: (المُخْتَرَقِْنْ) و (الخَفَقْنْ) ، فقد لحق التّنوين القاف، وهو رويّ قافية مقيّدة، وهو ما يسمّى بالتّنوين الغالي يُنظر هذا البيت في: الكتاب 4/210، والقوافي 35، 36، 109، والخصائص 1/264، وإيضاح شواهد الإيضاح 1/376، وشرح المفصّل 9/34، وشرح الكافية الشّافية 3/1429، ورصف المباني 418، والجنى الدّاني 147، والمغني 448، والخزانة 1/78، والدّيوان 104، وفيه (المخترق) و (الخفق) ولا شاهد فيه على هذه الرّواية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 161 والتّنوين يختصُّ بالاسم المنصرف لخِفَّتِهِ. وهو مأخوذٌ من صريف البَكْرةِ1 عند الاستِقاءِ؛ لأنّه يُحْدِثُ في الاسم صَوْتًا شَبِيْهًا به فلذلك سُمِّيَ مُنْصَرِفًا؛ فتقول من ذلك: (أَكْرَمتُ زَيْدًا يا هذا) في اتّصال الكلام. وَقِفْ عَلَى المَنْصُوبِ مِنْهُ بِالأَلِفْ ... كَمِثْلِ مَا تَكْتُبُهُ لاَ يَخْتَلِفْ تَقُولُ: عَمْرٌو قَدْ أَضَافَ زَيْدَا ... وَخَالِدٌ صَادَ الغَدَاةَ صَيْدَا يُبْدَلُ في الوقف على الاسم المنصوب أَلِفًا من فتحه مع التّنوين؛ لبُعْدِه ممَّا يَمْنَع ذلك في المجرور والمرفوع؛ لأنَّه لو وقف على المجرور بالياء لالتبس بالمضاف إلى ياء المتكلّم؛ فلو قال قائلٌ: (مررت بغلامي) لتوَهَّم أنّ [15/ أ] الغلام ِمُلْكُهُ؛ ولو وقف على المرفوع بالواو فيقول: (جاء زَيْدُو) لخرج عن أصل كلام العرب؛ لأنَّهُ لا يوجد في كلامهم اسمٌ آخره واوٌ قبلها ضمَّةٌ، وإنّما يوجد ذلك في الأفعال2؛ ولذلك اضطّروا في بعض الجموع إلى مثل ذلك، فأبدلوا الواو ياءً، وكسروا ما قبلها، فقالوا في جمع (دَلْوٍ) و (جَرْوٍ) : (أَدْلٍ) و (أَجرٍ) ، والأصل: (أَدْلُوٌ) و (أَجْرُو) ٌ؛ ففرّوا من هذا محافظةً على الأصل3.   1 صَرِيْفُ البَكْرةِ: صوتها عند الاستقاءِ. اللّسان (صرف) 9/191. 2 نحو: (سَرُوَ) و (يَدْعُو) . 3 الأصل هو: أنّه ليس في العربيّة اسم معرب آخره واو قبلها ضمّ أصلي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 162 وَتُسْقِطُ التَّنْوِينَ إِنْ أَضَفْتَهُ ... أَوْ إِنْ تَكُنْ بِاللاَّمِ قَدْ عَرَّفْتَهُ مِثَالُهُ: جَاءَ غُلاَمُ الْوَالِي ... وَأَقْبَلَ الغُلاَمُ كَالْغَزَالِ التّنوين يسقط في أربعة مواضع: أحدها: من الاسم المُعرَّف باللاّم؛ لأنّه زيادةٌ على أوّل الاسم، والتّنوين زِيَادةٌ على آخره فلم يَحْتَمِلْ الجمع بين زيادتين. الثّاني: يَسْقُطْ من المُضاف الأوّل، كقولك: (غُلامُ زَيْدٍ) ؛ لأنَّه بالإضافة مِنَ الثّاني كبعض الكلمة لاتّصاله به، والتّنوين يَفْصِلُ بينهما؛ فلذلك لَزِمَ أَنْ لا يكون إلاَّ في آخر الثّاني. الثّالث: الاسم الّذي لا ينصرف [15/ب] كـ (أَحْمدَ) و (أَحْمَرَ) ،وذلك لشبهها بالفعل- ويأتي بيان ذلك في (باب ما لا ينصرف) -. الرَّابع: أَنْ يكون الاسم المفرد علمًا موصوفًا بابن وهو مضاف إلى عَلَمٍ من اسمٍ أو كنيةٍ أو لقبٍ؛ فالتّنوين يَسْقُطُ من المعرَّف باللاّم، ومن الموصوف به؛ للإضافة، فتقول: (جاء زيدُ بن عَمْرٍو) [و] 1 (رأيتُ خالدَ بن أبي الحسن) و (مررت بزيد بن تأبّط شرًّا) . ومن هذا قولُ الشّاعر: قَتَلْتُ بِعَبْدِ اللهِ خَيْرَ لِدَاتِهِ2 ... ذُؤَابَ بنَ أَسْمَاءَ بنِ زَيْدِ بنِ قَارِبِ3   1ما بين المعقوفين زيادة يقتضيها السياق. 2في أ: لذاته، وهو تصحيف. 3هذا بيتٌ من الطّويل، وهو لدريد بن الصِّمَّة. و (اللِّدة) - بكسر اللاّم- تِربك الّذي وُلد معك. = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 163 وتوجيه ذلك: أَنَّ التّنوين سَاكِنٌ، وألِف (ابن) أَلِفُ وصل تسقط في اندراج الكلام فيلتقي التّنوين بالباء السّاكنة فَحُذِفَ لِذَلِكَ. فَإنْ وُصِف الاسم بابن مُضَافٍ إلى ما فيه الألف واللاّم نُوِّنَ؛ لثبوت همزة الوصل بعده، كقولك: (هذا زَيْدٌ بنُ الأمير) لأنَّ الأميرَ ليس بِعَلَمٍ.   = ومعنى البيت: لقد أخذتُ بثأر أخي عبد الله فقتلتُ تِربه الّذي قتله؛ وهو ذؤاب بن أسماء بن زيد بن قارب. والشّاهد فيه: (ذؤاب بن أسماء بن زيد) حيث حذف التّنوين من (ذؤاب) و (زيد) لإضافة كلٍّ منهما إلى ابن؛ وأمّا حذف التّنوين من (أسماء) فلكونه لا ينصرف. يُنظر هذا البيت في: الكتاب 3/43 وورد العجز فيه كالتّالي: .................................... ... ذُؤَابًا فَلَمْ أَفْخَرْ بِذَاكَ وَأَجْزَعَا ولا شاهد فيه على هذه الرّواية. والأصمعيّات111، والشّعر والشّعراء 506، والاشتقاق 292، والتّبصرة 1/401، وأمالي ابن الشّجريّ 2/148، وشرح ملحة الإعراب 84، وسرح العيون 365، والخزانة 7/30، والدّيوان 27. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 164 بَابُ الأَسْمَاءِ المُعْتلَّةِ المُضَافَةِ: وَسِتَّةٌ تَرْفَعُهَا بِالْوَاوِ ... فِي قَوْلِ كُلِّ عَالِمٍ وَرَاوِي وَالنَّصْبُ فِيهَا يَا أُخَيَّ بِالأَلِفْ ... وَجَرُّهَا بِالْيَاءِ فَاعْرِفْ وَاعْتَرِف [16/أ] هذه الأَسماء أَمْكَنُ 1 ممّا يُشَاركُها في الإعراب بالحروف2، وأُعْرِبَ كلّ منها بالحرف مُضافًا إلى غير ياء المتكلّم؛ لأنَّ مَدْلُوْلَه زائدٌ على مدلول المفرد؛ لأنَّهُ فَرْعٌ عليه، والحرفُ زائدٌ على الحركة كونُهُ فرعًا لها؛ فكان ذلك تعديلاً في النِّسْبَةِ. فالواو: في هذا الباب علامة الرّفع نِيَابةً عن الضَّمّة، وفي جمع المذكّر السّالم.   1 يقصد الشارح بـ (أمكن) أنّ هذه الأسماء مفردات، فهي قبل التثنية والجمع المذكر السالم؛ فلذا نابت فيها حروف ثلاثة عن الحركات الثلاثة. 2 ذكر النُّحاةُ في إعراب الأسماء السّتّة أقوالاً كثيرة، أوصلها السّيوطيّ إلى اثني عشر قولاً؛ من أشهر تلك الأقوال: أنّها معربة بالحروف نيابة عن الحركات. وقيل: إنّها معربة بحركات مقدّرة في الحروف، وأنّها أتبع فيها ما قبل الآخر للآخر. وقيل: إنّها معربة من مكانين بالحركات والحروف معًا. تُنظر هذه المسألة في: الكتاب 3/359، 360، 412، والمقتضب 2/154، 155، والمرتجل 54، والإنصاف، المسألة الثّانية، 1/17، والتّبيين، المسألة العشرون، 193، وشرح المفصّل 1/51، 52، وشرح الرّضيّ 1/27، وشرح التّسهيل 1/43، وتوضيح المقاصد 1/68 - 70، وائتلاف النُّصرة، فصل الاسم، المسألة الثّانية، 28، والهمع 1/123- 127. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 165 والألِفُ: تنوبُ عن الفتحة فتكون علامةُ النّصب في هذه الأَسماء لا غير. والياءُ: نائبةٌ عن الكسرة1 فتكونُ2 علامة الجرِّ في هذه الأَسماء، وفي باب التّثنية، وفي جمع الصِّحَّةِ3. وَهِيَ أَخُوكَ وَأَبُو عِمْرَانَا ... وَذُو وَفُوكَ وَحَمُو عُثْمَانَا ثُمَّ هَنُوكَ سَادِسُ الأَسْمَاءِ ... فَاحْفَظْ مَقَالِي حِفْظَ ذِي الذَّكَاءِ هذه الأسماء إذا كانت مضافةً إلى غير ياء مُتكلِّمٍ تُعْرَبُ جميعها بالحروف4 -كما تقدّم -؛ فتقول: جاءني أَبُوهُ ورأيتُ أَبَاهُ ومررتُ بأبيهِ؛ وكذلك الجميع. وقيل: إنّ ذو أصل الباب لملازمته الإعراب بالحرف، وهو لا يُنطقُ به إلاَّ مُضافًا، ولا يضافُ إلى مضمرٍ بل إلى أسماء الأجناس5، [16/ب] وجميعها تنفصل عن الإضافة فتعربُ بالحركات إلاَّ ذو.   1 في أ: الكسر. 2 في أ: تكون، وما أثبته هو الأولى. 3 يقصد بجمع الصحة: جمع المذكر السالم. 4 ويُشترط لإعراب هذه الأسماء غير ما ذُكر: ألاَّ تصغّر، ولا تثنَّى، ولا تُجمع. يُنظر: الارتشاف 1/418، وتوضيح المقاصد 1/81، وابن عقيل 1/55، والهمع 1/122، والأشمونيّ 1/73. 5 ويُشترط في (ذو) أن تكون بمعنى صاحب، نحو: (جاءني ذُو مالٍ) أي: صاحبُ مالٍ، احترازًا من (ذو) الموصولة في لغة طيء، فإنّها مبنيّة على الأعرف. يُنظر: توضيح المقاصِد 1/71، وابن عقيل 1/48، والهمع 1/123. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 166 وفُوهُ1يعوّض عن الواو ميمًا بحال انفصاله، فتقول: هذا فَمٌ ورأيتُ فَمًا، ونظرتُ إلى فَمٍ. وهَنُ 2 يُعَبَّرُ به عمَّا يُسْتَقْبَحُ ذِكره؛ وله إعرابٌ آخر في استعماله منقوصًا3 فتقول: هذا هَنُهُ وسَتَرْتُ هَنَهُ و "أَعِضُّوهُ بِهَنِ أَبِيْهِ"4.   1 يُشترط في إعراب الفم بهذه الأحرف زَوَالُ الميم منه، نحو (هذا فُوهُ) و (رأيتُ فاهُ) و (نظرتُ إلى فِيهِ) . يُنظر: ابن عقيل 1/50، والهمع 1/123. وفي (فم) عشر لغات ذكرها العلماء. يُنظر: شرح التّسهيل 1/47، 48، وتوضيح المقاصد 1/71، والهمع 1/129، والأشمونيّ 1/69. 2 الهَنُ: كلمةٌ يكنّى بها عن أسماء الأجناس، كرجل وفرس وغيرهما. وقيل: يُطلق على الشّيء المستهجن الذّكر من العورة، والفعل القبيح. وقيل: عن الفرج خاصّة. يُنظر: اللّسان (هنا) 15/365 - 369، وشرح قطر النّدى 54، والتّصريح 1/64، والأشمونيّ 1/69. 3 النّقص: أن تحذف لامه، ويعرب بالحركات الظّاهرة على العين، وهي النّون. ولقلّة الإتمام في (هن) أنكر الفرّاء جوازه؛ وهو محجوج بحكاية سيبويه عن العرب، ومَن حَفِظَ حُجّةٌ على من لم يحفظ. وقد جرت عادة أكثر النّحويّين أن يذكروا (الهن) مع هذه الأسماء؛ فيوهم ذلك مساواته لهنّ في الاستعمال، وليس كذلك، فقد قال ابن مالك في شرح التّسهيل 1/44: "ومن العرب من يقول: (هذا هَنُوك) و (رأيت هَنَاك) و (مررت بهنيك) ، وهو قليل؛ فمن لم ينبّه على قلّته فليس بمصيب، وإنْ حظي من الفضائل بأوفر نصيب". ويُنظر: توضيح المقاصد 1/72، 73، وشرح قطر النّدى 54، وابن عقيل 1/51، والهمع 1/123، والأشمونيّ 1/69. 4 هذا جُزْءٌ من حديث نصّه: "مَنْ تَعَزَّى بِعَزَاءِ الجَاهِليّةِ فَأَعِضُّوهُ بِهَنِ أَبِيْهِ؛ وَلاَ تَكْنُوا". = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 167 وفي إعراب حَمِيهِ1 وُجوهٌ: أحدُها: ما تقدَّم من الإعراب بالحرف. والثّاني: أن يكون مقصورًا؛ فتقول: جاءني حَمَاهُ. وأن يكون مهموزًا، ويعرب بالحركات الثّلاث؛ فتقول: [جاء] 2 حَمْؤُهُ ورأيتُ حَمَأَهُ ومررت بِحَمئِهِ.   = أخرجه البخاريّ في الأدب المفرد 324، والنّسائيّ في السّنن الكبرى، كتاب السِّيَر، باب إعضاض من تعزّى بعزاء الجاهليّة، 5/272، وأحمد في مسنده 5/136، والبغويّ في شرح السّنّة، كتاب الاستئذان، باب التّعزّي بعزاء الجاهليّة، 13/120، والألبانيّ في صحيح الجامع الصّغير وزيادته 1/159، وصحّحه، وذكره في سلسلة الأحاديث الصّحيحة 1/477. قوله: "مَنْ تَعَزَّى بِعَزَاءِ الجَاهِلِيّة" أي: انتسب وانتمى، ويقصد به من يقول: (يا لفلان) ليحرِّك النّاس إلى القتال في الباطل. "فَأَعِضُّوهُ بِهَنِ أَبِيْهِ" أي: قولوا له: اعضض بأيْر أبيك؛ ولا تكنوا عن الأير بالهَنِ؛ تنْكيلاً له وتأديبًا. 1 حمو المرأة: أبو زوجها، وأخو زوجها، وكلّ من ولي الزّوج من قرابته فهم أحماء المرأة. وحمو الرّجل: أبو امرأته، أو أخوها، أو عمّها. يُنظر: شرح التّسهيل 1/44، واللّسان (حما) 14/197، وتوضيح المقاصد 1/72، وشرح قطر النّدى 54. وفي (الحمو) ستّ لغات ذكرها العلماء. يُنظر: التّوطئة 124، وشرح التّسهيل 1/44، 45، والبسيط 1/196، واللّسان (حما) 14/197، وتوضيح المقاصد 1/77، والأشمونيّ 1/71. 2 ما بين المعقوفين زيادة يقتضيها السياق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 168 وقد ندر في بعض اللّغات نقص أبٍ وأخٍ كحمٍ؛ فمن ذلك قولُ الشّاعر: بِأَبِهِ اقْتَدَى عَدِيُّ فِي الْكَرَمْ ... وَمَنْ يُشَابِهْ أَبَهُ فَمَا ظَلَمَ1 وفيها لغة ثالثة: القَصْرُ2؛ وهي أشهر من لغة النّقص، كقول الرّاجز: إِنَّ أَبَاهَا وَأَبَا أَبَاهَا ... قَدْ بَلَغَا فِي المَجْدِ غَايَتَاهَا3   1 هذان بيتان من الرّجز، ويُنسبان لرُؤْبة بن العجّاج. والشّاهد فيهما: (بأبه، ومن يشابِه أَبَهُ) حيث أعرب الشّاعر هاتين الكلمتين بالحركات الظّاهرة؛ فجرَّ الأولى بالكسرة الظّاهرة، ونصب الثّانية بالفتحة الظّاهرة؛ وهذا يجري على لغة النّقص. يُنظر هذا البيت في: شرح الكافية الشّافية 1/184، وابن النّاظم 38، وتوضيح المقاصد 1/74، وأوضح المسالك 1/32، وابن عقيل 1/52، والمقاصد النّحويّة 1/129، والتّصريح 1/64، والهمع 1/128، وملحقات الدّيوان 182. 2 القصر: هو التزام الألف مطلَقًا، وجعل الإعراب بالحركات المقدّرة على الألف؛ نحو (هذا أَبَاهُ) و (رأيت أباهُ) و (مررتُ بأباهُ) . يُنظر: توضيح المقاصد 1/75، وابن عقيل 1/52، والتّصريح 1/65، والأشمونيّ 1/70. 3 هذان بيتان من الرّجز المشطور، ويُنسبان لرُؤْبَة، وهما في ملحقات ديوانه 168، كما ينسبان إلى أبي النّجم العجليّ، وهما في ديوانه 227، كما يُنسبان إلى رجل من بني الحارث، أو لرجل من اليمن. والشّاهد فيهما: (أباها) الثّانية؛ لأنّها في موضع الجرّ بإضافة ما قبلها إليها، ومع ذلك فقد جاء بها بالألف على لغة القصر. يُنظر هذان البيتان في: سرّ صناعة الإعراب 2/705، والإنصاف 1/18، وشرح المفصّل 1/53، وشرح الجمل 1/151، وتوضيح المقاصد 1/75، وأوضح المسالك 1/33، والمقاصد النّحويّة 1/133، والتّصريح 1/65، والخزانة 7/455. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 169 فتقول مِن هذا: جاءني أَبَاهُ ومَرَرْتُ بأبَاهُ. وإنْ جاءَتْ ذُوْ بمعنى الّذي فالأَعْرَفُ فيها البناءُ، كقول الشّاعِرِ: وَإِمَّا كِرَامٌ مُوْسِرُونَ أَتَيْتُهُمْ ... فَحَسْبِيَ مِنْ ذُوْ عِنْدَهُمْ مَا كَفَانِيَا1 [17/أ] وَقَدْ روى ابن جنِّي2هذا البيت: "من ذي عِنْدَهُمْ"، يُشِيْرُ إلى إعرابه3.   1 هذا بيتٌ من الطّويل، وهو لمنظور بن سحيم الفَقْعَسيّ، وبعده: وَإِمَّا كِرَامٌ مُعْسِرُونَ عَذَرْتُهُمْ ... وَإِمَّا لِئَامٌ فَادّخَرْتُ حَيَائِيَا والمعنى: التّمدُّح بالقناعة، والكَفُّ عن أعراض النّاس؛ يقول: النّاس ثلاثة أنواع: موسِرون كرام فأكتفي منهم بمقدار كفايتي، ومعسرون كرام فأعذرهم، وموسرون لئام فأكفّ عن ذمّهم حياء. والشّاهد فيه: (من ذو) فإنّها هُنا اسم موصول بمعنى (الّذي) ، مبنيّة على سكون الواو في محلّ جرٍّ بـ (مِن) . وقد روي البيت بإعرابها (من ذي) حملاً على ذي بمعنى (صاحب) . يُنظر هذا البيت في: ديوان الحماسة 1/584، وشرح المفصّل 3/148، والمقرّب 1/59، وشرح الكافية الشّافية 1/274، وابن النّاظم 36، وأوضح المسالك 1/30، والتّصريح 1/63، والهمع 1/289. 2 هو: عثمان بن جِنِّي، أبو الفتح، النّحويّ، من أحذق العلماء بالنّحو والتّصريف؛ لزم أبا عليّ الفارسيّ، ولَمّا مات تصدّر ابن جِنّي مكانه ببغداد؛ ومن مصنّفاتة: الخصائص، وسرّ صناعة الإعراب، والمنصف في شرح تصريف المازنيّ، والمحتسب؛ توفّي سنة (392هـ) . يُنظر: نزهة الألبّاء 244، وإنباه الرّواة 2/335، وإشارة التّعيين 200، وبُغية الوُعاة 2/132. 3 "ذكر ابن جنّي أن بعضهم يعربها". قاله ابن مالك في شرح الكافية الشافية1/274؛ ونسب رواية البيت له بالياء معرباً في شرح عمدة الحافظ1/122؛ حيث قال: "هكذا رواه ابن جنّي بالياء معرباً، ورواه غيره بالبناء". وينظر: ابن الناظم 88، وتخليص الشواهد 54، وتعليق الفرائد2/206، والتصريح1/63. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 170 وتكونُ جاريةً بلفظِ المفردِ مع المذكّر، والمؤنّث، والمثنّى، والمجموع، ولم تتغيّر واوها على اختلاف استعمالها1؛ فتقول: أنا ذو عَرَفْتُ ورأيْتُ الرّجلين ذو عَرَفْتُهُمَا ومررتُ بالرِّجال ذو عَرَفْتُهُمْ. قال الشّاعر: فَإِنَّ المَاءَ مَاءُ أَبِي وَجَدِّي ... وَبِئْرِي ذُوْ حَفَرْتُ وَذُوْ طَوَيْتُ2 فقال: ذو حَفَرْتُ، والبئر مُؤَنَّثةٌ.   1 المشهور في (ذو) عدم تصرفها مع بنائها؛ والعلّة في ذلك - كما قال الصيمريّ -: "وإنّما لم يُثنّ، ولم يجمع، ولم يغيّر لفظه عن الواو؛ لأنّه منقول عن (ذو) بمعنى (صاحب) في قولك: (ذو مالٍ) فضعف عن التّصرّف، وألزم وجهًا واحدًا". التّبصرة 1/520. ويُنظر استعمالاتها الأخرى في: شرح المفصّل 3/147، وشرح الرّضيّ 2/41، وأوضح المسالك 1/110، والتّصريح 1/137، 138، والهمع 1/289. 2 هذا بيتٌ من الوافر، من جملة أبياتٍ قالها سنان بن الفحل الطّائيّ، يخاطِب بها عبد الرّحمن ابن الضّحّاك والي المدينة في بئر وقع فيها نزاع بين حيّين من العرب. و (ذو حفرت) أي: الّتي حفرتها. و (ذو طويت) أي: الّتي طويتها؛ و (طيّ البئر) : بناؤها بالحجارة. والمعنى: إنّ هذا الماء من عهد أبي وجدّي، وأنا الّذي حفرت هذه البئر وبنيتها. والشّاهد فيه: (ذو حفرت) و (ذو طويت) حيث استعمل (ذو) في الجملتين اسمًا موصولاً بمعنى (الّتي) ، وأجراه على غير العاقل؛ لأنّ المقصود بها البئر، وهي مُؤنّثة. يُنظر هذا البيت في: ديوان الحماسة 1/302، وأمالي ابن الشّجريّ 3/55، والإنصاف 1/384، وشرح المفصّل 3/147، وشرح الجمل 1/177، وشرح التّسهيل 1/199، وابن النّاظم 88، والبسيط 1/291، وتوضيح المقاصد 1/228، والخزانة 6/34. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 171 بَابُ حُرُوفِ الْعِلَّةِ: وَالْوَاوُ وَالْيَاءُ جَمِيعًا وَالأَلِف ... هُنَّ حُرُوفُ الاِعْتِلاَلِ المُكْتَنِفْ هذه الحروفُ سُمِّيَتْ حُرُوفَ العِلّةِ؛ لسكُونِهَا وعدم الحركاتِ فيها دائمًا1. وسُمِّيَتْ حُرُوْفَ اللّين؛ لَضَعْفِهَا واتّساع مَخَارِجِهَا2. والألِفُ أَكْثَرُهَا اتّساعًا، وإنّما ضَعُفَتْ بالتّغيّير والانتقال، واختصاصها بالمدِّ؛ لمجاورة3 الهمزة حرف قويّ، فَقَوِيَتْ على المدِّ بذلك؛ [18/ب] فإِنْ لم يَكُنْ ما قبل الواو مَضْمُوْمًَا، ولا ما قبل الياء مَكْسُوْرًا، لم يكونا حرفي اعتلالٍ.   1 وقيل: سمّيت حروف العلّة لكثرة تغيّرها. يُنظر: شرح المفصّل 9/54، والإيضاح في شرح المفصّل 2/415. 2 حروف العلّة إنْ كانت متحرّكة لا تسمّى حروف المدّ واللّين؛ لانتفائهما فيها، وهذا في غير الألف، وإنْ كانت ساكنةً تسمّى حروفَ اللّين لِمَا فيها من اللّين لاتّساع مخرجها؛ لأنّها تخرج في لين من غير خشونة على اللّسان، وحينئذ إنْ كانت حركاتُ ما قبلها من جنسها بأن يكون ما قبل الواو مضمومًا، والألف مفتوحًا، والياء مكسورًا، تُسمّى حروف المدّ أيضًا، لِمَا فيها من اللّين والامتداد، نحو (قال، يقول) ، و (باع، يبيع) ، وإلاّ تُسمّى حروف اللّين لا المدّ لانتفائه فيها؛ هذا في الواو والياء. وأمّا الألف فيكون حرف مدّ أبدًا. وقيل: سمّيت حروف المدّ واللّين؛ لأنّها تخرج في لين من غير كُلْفة على اللّسان، وذلك لاتّساع مخرجها؛ فإنّ المخرَج إذا اتّسع انتشر الصّوت وامتدّ ولان، وإذا ضاق انضغط فيه الصّوت وصَلُبَ. يُنظر: شرح مختصر التّصريف العزّيّ 106. 3 في أ: المجاوزة، وهو تصحيف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 173 بَابُ الاِسْمِ الْمَنْقُوصِ: وَالْيَاءُ فِي الْقَاضِي وَفِي الْمُسْتَشْرِي ... سَاكِنَةٌ فِي رَفْعِهَا واَلْجَرِّ َتُفْتَحُ الْيَاءُ إِذَا مَا نُصِبَا ... نَحْوُ: لَقِيْتُ القَاضِيَ المُهَذَّبَا المعتلّ من الأسماء غير المضاف اسمان؛ وهما: المنقوص، والمقصور. فالمنقوص: كُلُّ اسم آخِره ياءٌ خَفِيْفَةٌ قبلها كَسْرَةٌ، كـ (القَاضِي) و (المقتضي) و (المستقضي) . وهذا يسكن [ياؤه] 1 في رفعه وجرّه، ويقدّر على حرف إعرابه في حال رفعه ضَمَّةٌ، وفي حال جرّه كسرةٌ؛ والمانع من ظهور ما قُدِّر فيه: الاستثقال؛ ويظهرُ فيه بحال نصبه الفتحةُ؛ لخفّتها؛ فتقول: (جاءني القَاضِي) و (مررتُ بالقاضِي) و (رأيتُ القَاضيَ) ؛ فتَنْقُصُ من إعرابه حركتان2؛ فلذلك سُمِّيَ مَنْقُوصًا3.   1 في أ: وَاوُهُ، وهو سهو. 2 وهما: الضّمّة والكسرة. 3 وقيل: سُمِّي منقوصًا "لأنّه نقص الرّفع والجرّ، تقول: (هذا قاض) و (مررت بقاضٍ) ، والأصل: (هذا قاضِيٌ) و (مررت بقاضيٍ) إلاّ أنّهم استثقلوا الضّمّة والكسرة على الياء فحذفوهما، فبقيت الياء ساكنة، والتّنوين ساكنًا، فحذفوا الياء لالتقاء السّاكنين". ينظر: أسرار العربيّة 37.ويُنظر اللّباب 1/81. وقيل:"لأنّه نقص شيئين حركة وحرفًا؛ فالحركة هي الضّمّة أو الكسرة، حذفت للثّقل، والحرف هو الياء حذف لالتقاء السّاكنين حين يخلو من الألف واللام". ينظر: شرح المفصّل 1/56. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 175 ويجوز [إظهار] 1حركة هذه الياء في حال الجرِّ والرَّفع في ضرورة الشِّعرِ، قال ابن قيس الرُّقَيَّات2: لاَ بَارَكَ اللهُ فِي الْغَوَانِيِ هَلْ ... يُصْبِحْنَ إِلاَّ لَهُنَّ مُطَّلَبُ3 وَنَوِّنِ المُنَكَّرَ المَنْقُوصَا ... فِي رَفْعِهِ وَجَرِّهِ خُصُوصَا تَقُولُ: هَذَا مُشْتَرٍ مُخَادِعُ ... وَافْزَعْ إِلَى حَامٍ حِمَاهُ مَانِعُ [18/أ] هذا الاسم لا يخلو أن يكون مُعَرَّفًا باللاّم4-كما تقّدم-،أو بالإضافة، كقولك: (قاضِي مكّة) ، (وَالِي المدينة) ؛ وهذا يُعْرَبُ كما تقدّم.   1 ما بين المعقوفين زيادة يقتضيها السّياق. 2 هو: عُبيد الله بن قَيْس بن شُرَيْح بن مالك العَامريّ: شاعر قريش في العصر الأمويّ، أكثر شعره الغزل والنّسيب، وله مدحٌ وفخر؛ لقِّب بابن قيس الرّقيّات؛ لأنّه كان يتغزّل بثلاث نسوة اسم كلّ واحدة منهنّ رقيّة؛ توفّي سنة (85هـ) . يُنظر: طبقات فحول الشّعراء 2/647، والشّعر والشّعراء 361، والأغاني 5/80 - 110، والخزانة 7/280 - 289. 3 هذا بيتٌ من المنسرح. و (الغانية) :الّتي استغنت بجمالها؛ وقيل: بزوجها. و (اَطَّلَبَ الشّيء) على افتعل: طلبه؛ والمراد أنّهنّ كثيرات المطالب، أو أنّهنَّ يطلبن من يواصلنه، لا تثبت مودّتهنّ لأحد. والشّاهد فيه: (الغوانِيِ) حيث حرّك ياء الغواني بالكسر لضرورة الشّعر. يُنظر هذا البيت في: الكتاب 3/314، والمقتضب 1/142، وما ينصرف وما لا ينصرف 149، والخصائص 1/262، وتحصيل عين الذّهب 488، والفصول الخمسون 273، وشرح المفصّل 10/101، واللّسان (غنا) 15/138، والهمع 1/184، والدّيوان 3، وفيه (الغوانيْ فما) - بسكون الياء - ولا شاهد فيه على هذه الرّواية. 4 أراد بقوله: (أن يكون مُعَرَّفًا باللاّم) أي: بالألف واللاّم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 176 أو أنْ يكون نكرةً؛ فهذا يَسْقُطُ حَرْفُ إعرابه لوجوب تنوينه؛ فِرارًا من الجمع بين ساكنين، وسَاغَ ذلك لدلالة الكسرة الّتي قبله عليه؛ فتقول في حال رفعه: (هذا قَاضٍ يا زَيْدُ) ، وفي جَرِّه: (نَزَلْتُ بِوادٍ رَحْبٍ) . وتَثْبُتُ الياء في حال نصبه؛ لحركتها على أصل إعرابه؛ فتقول: (وَجَدْتُ قَاضِيًا عَادِلاً) . ويُوقف على المُعَرَّف باللاّم منه في حال رفعه وجرّه بسكون يائه- كما تقدّم-، وبالألف في حال نصبه. فإنْ كان نكرةً وقفتَ بحذف الياء؛ فتقول: (هذا قاضْ) و (مررتُ بقاضْ) ؛ وفي حال نصبه بالألف المبدلة من التّنوين مع إثبات يائه فتقول: (رأيتُ قاضِيا) ، ويجوز إلحاق الياء به في قَوْلِهِمْ: (هذا قاضِي) و (أقَمْتُ بِوَادي) 1. وكذلك حذفها من المعرفة، فتقول: (هذا العادِ) 2 و (نَزَلْتُ بالوَادِ) .   1 الوقف على المنقوص المنوّن في حالة الرّفع والجرّ فيه مذهبان: إسقاط الياء، وإثباتها. واختلف النّحويّون في الأجود منهما؛ فذهب سيبويه إلى أنَّ حذف الياء أجود؛ إجراءً للوقف على الوصل؛ لأنّ الوصل هو الأصل. وذهب يونس إلى أنَّ إثبات الياء أجود؛ لأنَّ الياء إنّما حذفت لأجل التّنوين، ولا تنوين في الوقف؛ فوجب ردّ الياء، وإثبات الياء أجود الوجهين؛ لزوال المانع. أمَّا النّصب فلا خلاف أنَّ الوقف على الألف. تُنظر هذه المسألة في: الكتاب 4/183، 184، والمرتجل 41، 42، وأسرار العربيّة 38، 39، وشرح المفصّل 9/75، والفصول الخمسون 87، والهمع 6/203. 2 في أ: الهاد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 177 وَهَكَذَا تَفْعَلُ فِي يَاءِ الشَّجِي ... وَكُلِّ يَاءٍ بَعْدَ مَكْسُورٍ تَجِي هَذَا إِذَا مَا وَرَدَتْ مُخَفَّفَهْ ... فَافْهَمْهُ عَنِّي فَهْمَ صَافِي المَعْرِفَهْ [18/ب] المنقوصُ مستوٍ في حكم إعرابه - على ما تقدّم -، [سواء كان] 1 ثلاثيًّا2، أَوْ رُبَاعِيًّا، أو خُمَاسيًّا، أَوْ سُدَاسيًّا، كـ (الشّجي) و (القاضِي) و (المُشْتَرِي) و (المُسْتَقْصِي) . فإِنْ كانت ياؤهُ مشدَّدةً، كـ (الصبيِّ) و (الكُرسيِّ) و (الأَلمَعيِّ) . أوكان ما قبلها ساكنًا، كـ (ظَبْيٍ) و (دَلْوٍ) ،كان كالاسم السّالم في تعاقُب الحركات عَلَيْهِ3.   1 ما بين المعقوفين زيادة يقتضيها السّياق. 2 في أ: كاثلاثيًّا. 3 لأنّه قد اختلّ فيه شرطٌ من شروط الاسم المنقوص. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 178 بَابُ الاِسْمِ الْمَقْصُورِ: وَلَيْسَ لِلإِعْرَابِ فِيمَا قَدْ قُصِرْ ... مِنَ الأَسَامِي أَثَرٌ إِذَا ذُكِرْ مِثَالُهُ: يَحْيىَ وَمُوسَى وَالْعَصَا ... أَوْ كَحَيًا أَوْ كَرَحىً أَوْ كَحَصى الاسم المقصور: ما كان آخِرُهُ ألفًا مُفْرَدَةً. وقيل: ملساء، أي: لا يَتبعُهَا هَمْزَةٌ. [19/أ] والقصر في اللّغة: الحبس1؛ فَسُمِّي مقصورًا من ذلك؛ لأنّه يُقَدَّرُ إعرابه في رفعه ونصبه وجرّهِ، فتقول: (هذا يحيى) ؛ فعلى حرف إعرابه ضمّةٌ مقدّرةٌ، و (رأيتُ يحيى) ، فعلى حرف إعرابه فتحةٌ مُقدّرةٌ، و (سلّمتُ على يحيى) ، فعلى حرف إعرابه كسرةٌ مُقدَّرةٌ؛ والمانع من ظهور ما قُدِّر فيه: التّعذّر؛ لأنَّ الألِفَ لا تكون مُتَحَرّكةً البتَّةَ. وفي تسميتهِ مقصورًا ثلاثة أقوال2: أحدُها: أنّه حُبِسَ عن الحركات. الثّاني: أنّ الحركات حُبِسَتْ عَنْهُ. الثّالثُ: أنّها حُبِسَتْ فِيْهِ. والاسم المقصور ينقسمُ قِسْمين: أحَدُهُما: ما يدخله التّنوين، نحو (حَيًا) و (رَحَىً) ،كقوله تعالى: {يَوْمَ لاَ يُغْنِي مَوْلًى عَن مَّوْلىً شَيْئًا} 3؛ فالأوّل مرفوع، والثّاني مجرور.   1 اللّسان (قصر) 5/96. 2 يُنظر: اللُّباب 1/84. 3 من الآية: 41 من سورة الدّخان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 179 والثّاني: ما لا يدخله التّنوين؛ وذلك إمَّا أن يكون عَلَمًا غيرَ مُنْصَرِفٍ، كـ (موسى) و (سُعدى) ، أو أَنْ يكون مُعَرّفًا باللاّم، كـ (الحَيَا) و (الرّحَى) . فَهَذِهِ آخِرُهَا لاَ يَخْتَلِفْ ... عَلَى تَصَارِيْفِ الْكَلاَمِ المُؤْتَلِفْ [19/ب] يُشِيْرُ بهذا الكلام إلى شَيْئين: أَحَدُهما: أنّه لا يتغيَّرُ آخرها لتغيّرالعامِل الدّاخل عليها لفظًا. والثّاني: أَنَّهُ لا يوقف عليه إلاَّ بالأَلِفْ، مُنوَّنًا كان، أو غير مُنَوَّنٍ1. وفي المنوَّن ثلاثةُ مَذَاهِبٍ: أَحَدُها: مذهب سيبويه2؛ وهو الحكم عليه في الرّفع والجرِّ أَنَّ تنوينه [محذوف] 3 دون عوض، وأنَّ الوقف على الألف الّتي من نفس الاسم، والحكم عليه في النّصب أنّ تنوينه أُبدِل منه في الوقف ألفاً إجراءً له مُجْرَى الصَّحيح4.   1 نحو: (سكرى) و (حُبلى) و (القفا) و (العصا) فأَلِفُه ثابتة، وهي الألف الأصليّة الّتي كانت في الوصل؛ لأنّه لا تنوين فيه فيكون الألف بدلاً منه. يُنظر: شرح المفصّل 9/77، وشرح الشّافية 2/284. 2 هو: عمرو بن عثمان بن قَنْبَر، أبو بِشر: إمامُ النُّحاة البصريّين، نشأ بالبصرة، وأخذ عن الخليل، ويونس، والأخفش الأكبر؛ وصنّف الكتاب؛ توفّي سنة (180هـ) . يُنظر: طبقات النّحويّين واللّغويّين 66، ونزهة الألبّاء 60، وإنباه الرّواة 2/346، وإشارة التّعيين 242، وبُغية الوُعاة 2/229. 3 ما بين المعقوفين زيادة يقتضيها السّياق. 4 نَسَبَ هذا المذهب إلى سيبويه الزّمخشريّ في المفصّل 477، والعُكبريّ = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 180 والمازنيّ1 يرى: أَنّ الألف الثّابتة2 في الوقف هي بَدَل في ثلاثة أحواله3.   = في التّبيين 186، والخوارزميّ في التّخمير 4/228، وابن يعيش في شرحه على المفصّل 9/76، وابن مالك في شرح الكافية 4/1983. ويُنظر: الارتشاف 1/393، والمساعد 4/304، والتّصريح 2/338، والأشمونيّ 4/205. والحقّ: أنّ هذا الرّأي ليس رأي سيبويه؛ وأنّ الرّأي الثّالث الّذي نسب إلى الكسائيّ هو رأيه كما قال ابن يعيش 9/76:"وبعضهم يزعم أن مذهب سيبويه أنّها لام الكلمة في الأحوال كلّها". وقال بهذا الرّضيّ في شرحه على الشّافية 2/280، ورجّحه السّيرافيّ في شرحه على الكتاب جـ2/ق120/ب، والأعلم الشّنتمريّ في النّكت 2/1112؛ وعزاه ابن الباذش في الإقناع إلى سيبويه والخليل 1/353. وهذا الرّأي هو الرّأي الثّالث الّذي نُسِبَ إلى الكسائيّ. أمَّا ما نسب إلى سيبويه فهو أحد قولي أبي عليّ الفارسيّ؛ وقد نصَّ عليه في التّكملة 26؛ وقد رجّحه ابن مالك في التّسهيل 328. 1 هو: أبو عثمان بكر بن محمّد: بصريّ، روى عن أبي عبيدة، والأصمعيّ، وأبي زيد؛ وعنه: المبرّد، واليزيديّ؛ كان إمامًا في العربيّة، متّسعًا في الرّواية، لا يناظِرُ أحدًا إلاّ أفحمه؛ من مصنّفاته: التّصريف، وعلل النّحو؛ توفّي سنة (249هـ) . يُنظر: أخبار النّحويّين البصريّين 85، وطبقات النّحويّين واللّغويّين 87، ونزهة الألبّاء 140، وإنباه الرُّواة 1/281، وبُغية الوُعاة 1/463. 2 في أ: الثّانية. 3 وهو مذهب أبي الحسن الأخفش، والفرّاء؛ وهو أحدُ قولي أبي عليّ في التّذكرة. يُنظر: التّكملة 26، والإقناع 1/353، والتّبيين 187، والتّخمير 4/228، وشرح المفصّل 9/77، والإيضاح في شرح المفصّل 2/310، وشرح الكافية الشّافية 4/1983، والارتشاف 1/393، والمساعد 4/304، والتّصريح 2/338، والهمع 6/202، والأشمونيّ 4/204. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 181 والكسائي1: أنَّ الألف الموقوف عليها هي من نفس الكلمة في الثّلاثة2؛ ويُقَوِّي هذا المذهب ثبوت الرِّوَاية بإِمالةِ الألِف3، والاعتداد بها   1 هو: عليّ بن حمزة، أبو الحسن، الكِسائيّ، مولى بني أسد: إمام الكوفيّين في النّحو واللّغة، وأحدُ القُرّاء السّبعة المشهورين؛ من مصنّفاته: معاني القرآن، وما تلحن فيه العامّة؛ توفّي سنة (189هـ) . يُنظر: طبقات النّحويّين واللّغويّين 127، ونزهة الألبّاء 58، وإنباه الرُّواة 2/256، وإشارة التّعيين 217، وبُغية الوُعاة 2/162. 2 نُسِبَ هذا الرّأي إلى أبي عمرو بن العلاء، والكوفيّين؛ وإليه ذهب ابن كَيْسان والسِّيرافيّ؛ ونقله ابن الباذش في الإقناع عن سيبويه والخليل؛ واختاره ابن مالكٍ في شرح الكافية الشّافية. يُنظر شرح الكتاب للسّيرافيّ جـ2/ ق102/ب، والإقناع 1/353، والتّبيين 186، والتّخمير 4/228، وشرح المفصّل 9/76، وشرح الكافية الشّافية 4/1984، والارتشاف 1/393، والمساعد 4/304، والتّصريح 2/338، 339،والهمع 6/202، والأشمونيّ 4/204. 3 قال الرّضيّ: "وأيضًا فإنّها تمال في حال النّصب، كقوله تعالى: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيْمَ مُصَلًّى} [البقرة: 125] ؛ وإمالة ألف التّنوين قليلة". شرح الشّافية 2/284. ويُنظر: النّكت 2/1112، والمرتجل 48، والتّبيين 190، والتّخمير 4/230، وشرح الكافية الشّافية 4/1983، والأشمونيّ 4/204. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 182 رويًّا1؛ وبدل التّنوين لا يكون كذلك2.   1 في قول الشّاعر: وَرُبَّ ضَيْفٍ طَرَقَ الحَيَّ سُرَى ... صَادَفَ زَادًا وَحَدِيْثًا مَا اشْتَهَى فألِف (سُرى) هي الرّوي؛ والألف المبدلة من التّنوين في النّصب إذا وقفت عليها لا تكون رويًّا؛ فلا يقع في القوافي مثل: (نظرت زيدًا) - مثلاً - في آخر البيت، ويقع في آخِرِ (آخَر) و (شكرت عمرًا) ، وهما في قصيدة واحدة. ويقويّ هذا المذهب أنّ ألف (هدى) في قوله تعالى: {أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدىً} [طه: 10] كُتبت في المصحف بالياء، وألف التّنوين تُكتب ألفاً. يُنظر: المرتجل 48، والتّبيين 189، وشرح المفصّل 9/77، وشرح الشّافية 2/283. 2 قد جاء عن بعض العرب قلب الألِف الموقوف عليها همزة أو ياءً أو واوًا، نحو: (هذه أفعأ) أو (أفعي) أو (أفعو) في: (هذه أفعى) ؛ و (هذه عصأ) أو (عصي) أو (عصو) في (عصا) . يُنظر: الكتاب 4/176، 177، 181، والتّكملة 26، وشرح الكافية الشّافية 4/1984، والهمع 6/205. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 183 بَابُ التَّثْنِيَةِ وَرَفْعُ مَنْ1ثَنَّيْتَهُ بِالأَلِفِ ... كَقَوْلِكَ: الزَّيْدَانِ كَانَا مَأْلَفِي التَّثْنِيَةُ: ضَمُّ الشّيء إلى مِثْلهِ. والغرض بها: الاختصارُ، وحُسْنُ التّركيبِ. وأصلُها: العطفُ؛ ويدلُّ على ذلك قولُ الرّاجز: لَيْثٌ وَلَيْثٌ فِي مَحَلٍّ ضَنْكِ2 ... ................................ [20/أ] وقال غيرُه: كَأَنَّ بَيْنَ فَكِّهَا وَالْفَكِّ3 ... ............................   1 في متن الملحة 12: وَرَفْعُ مَا ثَنَّيْتَهُ. 2 هذا صدرُ بيتٍ من الرّجز، وعجزه: كِلاَهُمَا ذُوْ أَشَرٍ وَمَحْكِ يُنسب إلى واثِلة بن الأسْقَع - الصّحابي -، كما يُنسب إلى جحدر بن مالك الحنفيّ. و (الضَّنْك) : الضّيق. و (الأَشَر) : البطر. و (المحْك) : اللَّجاج. والشّاهد فيه: (لَيْثٌ ولَيْث) على أنَّ أصل المثنى العطف بالواو؛ فلذلك يرجع إليه الشاعر في الضرورة كما هُنا؛ فإنّ القياس أن يقول: ليثان، لكنَّه أفردهما وعطف بالواو لضرورة الشِّعر. يُنظر هذا البيت في: أمالي ابن الشّجريّ 1/14، وأسرار العربيّة 48، والمقرّب 2/41، وشرح الجمل 1/137، واللّسان (درك) 10/420، والهمع 1/145، والخزانة 7/461. 3 هذا صدرُ بيتٍ من الرّجز، وعجزه: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 185 أراد بينَ فَكَّيْهَا، فلم يستقم له الوزن فعاد إلى الأصل. والتّثنيةُ على ثلاثةِ أضرُبٍ1: تثنية في اللّفظ والمعنى؛ وعليه أكثرُ الكلام. وتثنية في اللفظ دون المعنى؛ وذلك على حُكم التّغْلِيْبِ؛ وهو قليلٌ، كـ (العُمَرَين) 2 و (القَمَرين) 3و (الأَبوَين) 4.   = فَارةَ مِسْكٍ ذُبِحَتْ في سُكِّ يُنسب إلى منظور بن مرثد الأسديّ، كما يُنسب إلى رُؤْبَة. و (الفكّ) : اللَّحْي، وهو: عظم الحنك، وهو الذي عليه الأسنان، وهو من الإنسان حيث ينبُت الشعر. و (فارة المسك) هي: نافجة المسك - أي: وعاؤه - و (ذُبِحَتْ) أي: شقّت وَفُتِقَتْ. و (السُّكُّ) : ضربٌ من الطِّيْب. والمعنى: أنّ الشّاعر يصف امرأة بطيب الفم؛ يريد: أنّ ريح المسك يخرُج من فيها. والشّاهد فيه: (بين فكّها والفكّ) يريد: بين فكَّيْها، لكنّه أتى بالمتعاطفين للضّرورة. يُنظر هذا البيت في: إصلاح المنطق 7، وأمالي ابن الشّجريّ 1/14، وأسرار العربيّة 47، وكشف المشكِل 1/257، وشرح المفصّل 4/138، وشرح الجمل 1/137، وشرح التّسهيل 1/68، والبسيط 1/200، والخزانة 7/468، وملحقات ديوان رُؤبة 193. 1 يُنظر: أمالي ابن الشّجريّ 1/15، وكشف المشكِل 1/257، وشرح الجمل 1/37. 2 العُمَرَان هما: أبو بكر الصِّدِّيق، وعمر بن الخطّاب - رضي الله عنهما -. وغلَّبوا عمر على أبي بكر؛ لأنَّ أيّام عمر امتدَّت فاشتهرت؛ وقيل: لأنّه أخفُّ الاسمين. يُنظر: إصلاح المنطق 402، وأمالي ابن الشّجريّ 1/19. 3 القَمَرَان: الشّمس والقمر. وغلّبوا القمر على الشّمس؛ لخفّة التّذكير. يُنظر: أمالي ابن الشّجريّ 1/19. 4 الأَبوان: الأب والأُم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 186 وتثنية في المعنى دون اللّفظ؛ وهو لِمَا كان في الجَسَدِ منه شيءٌ واحدٌ، وأُريْدَ تثنيتُه وهو مضافٌ إلى مثنّى، فهو يكونُ بلفظ الجمع، مثل: (أعجبني وجُوهُكُمَا) و (سَرَّني طيبةُ قُلُوبِكُمَا) ، وكقوله تعالى: {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} 1. ويشترك في التّثنية: المُذكّر والمؤنّث، والمنكّر والمعرَّف، ومَن يَعْقِل ومن لا يَعْقِل2. والألفُ في قولك: (الزّيدان) تدلّ على ثلاثة أشياء3:   1 سورة التّحريم، الآية: 4. 2 المثنّى لَمّا كان لا يصلح إلاَّ لوجه واحدٍ فلم يكن (مسلمان) لأكثر من اثنين، فكان ما يعقل وما لا يعقل واحد في المثنّى، ولم يحتج إلى الفرق بين الصّيغتين، بخلاف الجمع فإنّه يحتمل القِلّة والكثرة فلهذا افترقت صيَغُ الجمع حاشية يس على التّصريح 1/66. 3 اختلف النّحويّون في حرف الإعراب في التّثنية والجمع: فذهب سيبويه إلى أنّ الألف والواو والياء هي حروف الإعراب وذهب أبو الحسن الأخفش، والمبرّد إلى أنّها تدلّ على الإعراب، وليست بإعراب ولا حروف إعراب. وذهب أبو عمر الجرميّ إلى أنّ انقلابها هو الإعراب. وذهب قُطْرُب، والفرّاء، والزّياديّ إلى أنّها هي الإعراب. تُنظر هذه المسألة في: الكتاب 1/17، والمقتضب 2/153، 154، وسرّ صناعة الإعراب 2/695، وأسرار العربيّة 51، 52، والإنصاف، المسألة الثّالثة، 1/33 - 39، وكشف المُشْكِل 1/261، والتّبيين، المسألة الثّانية والعشرون، 203، واللّباب 1/103، وشرح المفصّل 4/139، وشرح التّسهيل 1/74، وائتلاف النُّصرة، فصل الاسم، المسألة الثّالثة، 29، والهمع 1/161، والأشمونيّ 1/88. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 187 أَحَدها: أنّها حَرْفُ الإعْرَابِ. الثّاني: علامة الرّفع. الثّالث: الدَّالُّ على التّثنية. وحرف إعراب المفرَد يُفْتَحُ1قبل دخول الألف أو الياء؛ ولهذا يَثْبُتُ بالاسم المنقوص؛ وذلك لخفّة الفتحة. [20/ب] وَنَصْبُهُ وَجَرُّهُ بِالْيَاءِ ... بِغَيْرِ إِشْكَالٍ وَلاَ مِرَاءِ تَقُولُ: زَيْدٌ لاَبِسٌ بُرْدَيْنِ ... وَخَالِدٌ مُنْطَلِقُ الْيَدَيْنِ اعلم أَنَّ المنصوب هو أخو المجرور مِنْ وجُوهٍ2: أَحَدُهَا: أنَّ كُلَّ واحدٍ منهما فَضْلةٌ في وُرُوْده. والثّاني: أَنَّ المجرور مفعولٌ لَكنَّهُ لم يُؤَثِّر3فكأنّ حرفَ الجرِّ بَعضٌ من الفعل لتعدِّيه إليه؛ فالمجرور مفعولٌ في المعنى4. الثّالِث: اتفاقهما في حركة البناء إذا كانا ضميرين، كقولك: (قصدتُّكَ) و (وثقتُ بِكَ) و (قصدتُّه) و (شكرتُ له) ؛ فلهذا اشترك المنصوب والمجرور في هذا الباب؛ وفي الجمع السّالم في الإعراب بالياء.   1 في أ: ويفتح، والكلام يستقيم بدون هذه الواو. 2 يُنظر: أسرار العربيّة 50، واللُّباب 1/101، وشرح المفصّل 4/139. 3 أي: لم يؤثِّر فيه الفعل في اللفظ. 4 تقول: مررت بزيد؛ فيكون في معنى: (جزت زيدًا) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 188 وهذه الياء لَمَّا كان المثنّى مرفوعًا بقرار الألف، ثم دخل عليه عاملُ جرٍّ لمقتضى المعنى؛ فقلبت الألف ياءً للمناسبة، فلم يبق إلاَّ حمل النّصب على الرّفع أو على الجرّ؛ فكان حمله على الجرِّ أَوْلى لِمَا تقدَّم من المُمَاثَلةِ1. فالياء: حَرْفُ الإعراب، وعلامةُ التّثنية، وعلامةُ الجرِّ أو النَّصْبِ. والنّون: دخلت المثنّى عِوَضًا من الحركات والتّنوين2،وكُسِرَتْ على الأصل في التقاء السّاكنَيْن3، وحَكَى [21/أ] الفرّاءُ4 فتحها5،   1 يُنظر: أسرار العربيّة 50، 51، وشرح المفصّل 4/139. 2 هذا مذهب جمهور البصريين. وذهب بعضُ النّحويّين إلى أنّها عوضٌ من التّنوين وحده، نحو (رحيان) و (وعصوان) . وقيل: إنّها التّنوين نفسه. وقال آخرون: إنّها عوض من الحركة وحدها، نحو: (الرّجلان) و (الفرسان) . وذهب الفرّاء إلى أنها زيدت للفرق بين التّثنية، والواحد المنصوب في نحو قولك: (رأيت زيدًا) . تُنظر هذه المسألة في: أسرار العربيّة 54، والتّبيين، المسألة الرّابعة والعشرون، 211، واللّباب 1/105، 106، وشرح المفصّل 4/140، وشرح التّسهيل 1/75، والبسيط 1/256، والهمع 1/163. 3 يُنظر: شرح المفصّل 4/141. وقيل: إنّهم كسروا نون التّثنية، وفتحوا نون الجمع؛ للفرق بينهما. يُنظر: سرّ صناعة الإعراب 2/488، وأسرار العربيّة 55، وشرح المفصل 4/141. 4 هو: أبو زكريّا يحيى بن زياد الدّيلميّ: إمامُ أهل الكوفة في النّحو واللّغة بعد الكِسَائيّ، أَخذ عنه وعليه اعتمد، وأخذ عن يونس؛ وله مصنّفات كثيرة؛ منها: معاني القرآن، والمذكّر والمؤنّث، والمقصور والممدود؛ توفّي في طريق مكّة المكرّمة سنة (207هـ) . يُنظر: مراتب النّحويّين 139، وطبقات النّحويّين واللّغويّين 131، ونزهة الألبّاء 81، وإنباه الرّواة 4/7، وبُغية الوُعاة 333. 5 يُنظر: شرح التسهيل 1/62، والتذييل والتكميل 1/238. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 189 وقال:"هي لغة بعض العرب"1، وأَنْشَدَ: عَلَى أَحْوَذِيَّيْنَ اسْتَقَلَّتْ عَشِيَّةً ... فَمَا هِيَ إِلاَّ لَمْحَةٌ وَتَغِيْبُ2 ويسلم في التّثنية نظم الواحد، إلاَّ اسمُ الإشارةِ والملحق بهِ، وهو (الّذي) وفروعه3،فتقول فيهما: (هذانِ) و (اللّذانِ) و (اللّتانِ) ، وفي   1 المقصود ببعض العرب: بني أسد في نقل الفرّاء، وبني زياد بن فقعس في نقل الكسائيّ. يُنظر: التذييل والتكميل 1/238، وتخليص الشّواهد 78. 2 هذا بيتٌ من الطّويل، وهو لحميد بن ثور الهلاليّ-رضي الله عنه-، من قصيدة يصِف فيها قَطاة. و (الأحوذيّان) : مثنّى أحوذي؛ وهو: الخفيف المشي، وأراد بهما جناحي القَطاة. و (استقلّت) : ارتفعت. و (اللّمحة) : النّظرة. والشّاهد فيه: (على أَحْوَذِيَّيْنَ) حيث فتحت نون المثنّى على لغة بعض العرب، وليس الفتحُ هنا ضرورة؛ لأنّ الكسر يصحّ معه الوزن. يُنظر هذا البيت في: سرّ صناعة الإعراب 2/488، وشرح المفصّل 4/141، والمقرّب 2/47، وابن النّاظم 50، واللّسان (حوذ) 3/486،وتخليص الشّواهد 1/79، والتّصريح 1/78، والهمع 1/165، والخزانة 7/458، والدّيوان 55. 3 فإنّ آخرها حذف في التّثنية، تقول في تثنية (ذا) و (تا) و (الّذي) و (الّتي) : ذان، وتان، واللّذان، واللّتان؛ إذْ من شروط التّثنية الإعراب. وأمّا (ذان) و (اللّذان) ونحوهما فصيَغٌ وضعتْ للمثنّى، وليست من المثنّى الحقيقي عند المحقِّقين. وكان القياس في تثنيتها: ذيان، وتيان، واللّذيان، واللّتيان، بإثبات (الياء) . لكنّهم فرّقوا بين تثنية المبنيّ كـ (الّذي) و (ذا) ، وتثنية المعرب كـ (القاضي) و (فتى) فحذفوا الحرف الأخير وهو (الياء) من (الّذي) و (الّتي) ؛ و (الألف) من (ذا) و (تا) ، وأثبتوه في (القاضي) و (فتى) ؛ ففرّقوا بين المعرب والمبنيّ. وقيل: إنّ (الّذي) و (الّتي) لم يكن ليائهما حظٌّ في التّحريك لبنائهما، فاجتمعت ساكنة مع العلامة فحذفت لالتقاء السّاكنين. يُنظر: الملخّص 115، والبسيط1/246، وتوضيح المقاصِد1/82، 207، والتّصريح1/67، 131، والأشمونيّ1/147، والصّبّان1/76. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 190 الجرِّ: (مررت بهذينِ) و (اللّذين) و (اللّتينِ) ، وقيل: إنَّ هذه صيغة التّخفيف1 بالتّثنية. والمنقوص، كـ (الشّجيّ) تثبت ياؤه في التّثنية، وليس هو كـ (الّذي) ؛ وذلك لأنَّ (ياءه) تتحرّكُ في حال النّصب، و (ياء الّذي) لا تتحرّك بِوَجْهٍ؛ فَجَرَى لذلك مَجْرَى الصَّحيح. والمقصور إن كانت أَلِفُهُ رابعةً فصاعدًا قُلِبَتْ (ياءً) في التّثنية، فتقول في تثنية (موسى) و (سُعدى) في الرفع: موسيان، وسعديان، وفي (مصطفى) : مصطفيان. فإنْ كانت ألِفُه ثالثةً رَدَدْتَهَا إلى أصلها واوًا أو ياءً؛ والطّريق في2 ذلك: أن تنظر في تصريف الكلمة، فإنْ وَجَدْتَ الواوَ في بعض تصاريفها فهي من ذوات الواو، وإِنْ وَجَدْتَ الياءَ فهي من ذوات الياء؛ فتقول في تثنية (قَفًَا) و (عَصًَا) : قَفَوان، وعَصَوان؛ لأنّهما من (قَفَوت) و (عصوت) .   1 إلى هنا انتهى السّقط المشار إليه في ص 141 من ب. 2 في ب: إلى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 191 وتقول في تثنية (هُدًى) و (رَحَىً) هُدَيَانِ، ورَحَيَانِ؛ لأنّهما من (هَدَيْتُ) و (رَحَيْتُ) . وإن ثنّيتَ الممدودَ أَبدلت1همزتَهُ واوًا فيما لا ينصرف، وأقررتها فيما ينصرف؛ فتقول في تثنية (حمراء) و (حسناء) : حمراوان، وحسناوان، وفي تثنية (سماء) و (كساء) : سماءان، وكساءان؛ وقد ورد إبدالهما واوًا2، والأوّل أفصح3. [21/ب] ويلتحق4 الأَلِفُ واللاّم بأوّل المثنّى إذا [كان] 5 عَلَمًا جَبْراً6 لِمَا حَصَل له من التّنكير بالتّثنية7. وَتَلْحَقُ النُّونُ بِمَا قَدْ ثُنِّيَ مِنَ المَفَارِيْدِ لِجَبْرِ الْوَهْنِ هذه النّونُ بها جَبْرٌ لِمَا حَصَلَ للمفرديْن8من الضّعف؛ لسقوط الحركتين والتّنوين لفظًا أو تقديرًا. وهذه النّونُ تُفارِقُ التّنوين في أَنّ حركتها لازِمةٌ، وأنها تثبتُ في الوقف، [و] 9 مع الألِف واللاّم10.   1 في ب: أبدلت من. 2 تقول: (سماوان) و (كساوان) . 3 في ب: أصحّ، وهو تصحيف. 4 في ب: وتلحق. (كان) ساقطة من ب. 6 في كلتا النّسختين: خبراً، والظاهر أنها جبراً. 7 لأنّ العلَم إذا ثُنِّي نُكِّر؛ بدليل دخول الألف واللاّم عليه بعد التّثنية، وامتناعهما قبل التّثنية. يُنظر: الملخّص 116، والبسيط 1/246. 8 في أ: للفردين. (الواو) ساقطة من ب. 10 يُنظر: شرح المفصّل 4/140. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 192 [بَابُ جَمْعِ الْمُذَكَّرِ السَّالِمِ] 1: وَكُلُّ جَمْعٍ صَحَّ فِيْهِ وَاحِدُهْ ... ثُمَّ أَتَى بَعْدَ التَّنَاهِي زَائِدُهْ فَرَفْعُهُ بِالْوَاوِ وَالنُّونُ تَبَعْ ... مِثْلُ: شَجَانِي الْخَاطِبُونَ فِي الْجُمَعْ [22/أ] الجمع هو: ضَمُّ الشّيء إلى أَكثرَ مِنْهُ. وهو ينقسم إلى جمع صِحَّة، وإلى جمع تكسير. فجمع الصّحّة: ما سَلِمَ فيه نظمُ الواحد وبناؤه. وجمع التّكسير: ما تغيّر فيه نظمُ الواحد وبناؤه. وإعرابه بالحروف على حكم ما تقدّم، ورفعه بالواو مضموماً ما قَبْلَهُ. فالواو علامة رفعه، وعلامة جمع الصّحّة، وحرف الإعراب؛ وكذلك الياء. وحكم النّون التّابع الواو والياء حكم نون التّثنية. وهذا الجمع من شرطه2: أَنْ يكون مذكّرًا، علَمًا، عاقلاً، عاريًا من تاء التّأنيث وألف التّأنيث.   1 ما بين المعقوفين ساقط من أ. 2 جمع المذكّر السّالم قسمان: اسم، وصفة. وقد ذكر الشّارح شروط الاسم - ويُضاف عليها: أن يكون خاليًا من التّركيب-. وبقيت شروط الصّفة؛ وهي: أن تكون صفةً لمذّكر، عاقل، خالية من تاء التّأنيث، ليست من باب أفعل فعلاء، ولا من باب فعلان فُعلى، ولا ممّا يستوي فيه المذكّر والمؤنّث. يُنظر: توضيح المقاصد 1/92، وابن عقيل 1/62، والأشمونيّ 1/81. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 193 وَنَصْبُهُ وَجَرُّهُ بِالْيَاءِ ... عِنْدَ جَمِيْعِ الْعَرَبِ الْعَرْبَاءِ تَقُولُ: حَيَّ النَّازِلِيْنَ فِي مِنَى ... وَسَلْ عَنِ الزَّيْدِينَ هَلْ كَانُوا هُنَا قوله:"عند جميع العرب"أي: إنَّ إعرابه على هذا الحكم لم يقع فيه خُلْفٌ كما اختُلِفَ في إعراب المثنّى؛ فجعله بعضُهم1بالألِف في جميع أحواله، وعليه حمل بعضُهم قوله تعالى: {إِنَّ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ} 2، ومنه [22/ ب] قول المُتَلَمِّس3: فَأَطْرَقَ إطْرَاقَ الشُّجَاعِ وَلَوْ رَأى ... مَسَاغًا لِنَابَاهُ الشُّجَاعُ لَصَمَّمَا4   1 وهي لغة بلحارث بن كعب، وبطونٌ من ربيعة، وقبائل أخرى؛ وأنكرها المبرّد؛ وهو محجوج بنقل الأئمّة. يُنظر: معاني القرآن للفرّاء 2/184، وسرّ صناعة الإعراب 2/704، وتوضيح المقاصد 1/90، وشرح الشّذور 48، والأشمونيّ 1/79. 2 من الآية: 63 من سورة طه. وهي قراءة نافع، وابن عامر، وحمزة، والكِسائيّ، وأبي جعفر، ويعقوب، وخلف العاشر. يُنظر: السّبعة في القراءات 419، والحجّة في القراءات السّبع 242، والمبسوط 296، وحجّة القراءات 454، والكشف 2/99، والتّيسير 123، 242، والمهذّب في القراءات العشر 2/20. وقد خرَّج العلماء هذه القراءة بتخريجات أُخرى غير هذا التّخريج الّذي ذكره الشّارح. يُنظر: البحر المحيط 7/349، 350، وشرح الشّذور 48. 3 هو: جرير بن عبد المسيح بن عبد الله بن زيد الضّبيعيّ: شاعر جاهلي، حماسي، كان نديمًا للملك عمرو بن هند؛ وقصّة صحيفته مشهورة. يُنظر: طبقات فحول الشّعراء 1/155، والشّعر والشّعراء 99، والأغاني 24/216، والخزانة 6/345. 4 هذا بيتٌ من الطّويل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 194 بل اتُّفِقَ على إعرابه كما1 تقدَّم [عند] 2جميع العرب، وكان الإعرابُ فيه بالانقلاب؛ لامتناع ظهور الحركات على الواو المضموم ما قبلها؛ فاستقرّت الواو في الرّفع؛ فإذا دخل [عليه] 3عامل الجرّ قُلِبَت ياءً للمناسبة، وكُسِرَ4ما قبلها لئلاّ يلتبس الجمع بالمثنّى في بعض الصُّور، وحُمِلَ النّصب على الجرّ-كما مَرَّ في (باب التّثنية) 5. والتحاق النّون عِوَضًا - كما تقدّم - عن الحركة والتّنوين؛ ولذلك: تسقط في الإضافة كسقوط التّنوين، وتثبُتُ6 مع الألِف واللاّم؛   = و (الشّجاع) : الحيّة الذّكر. و (المساغ) : مفعلٌ مِنْ ساغ يسوغ؛ وأصل معناه: سهولة مدخل الشّراب في الحلْق. و (صمّم) : عضّ ونيّب، فلم يُرسل ما عضّ. والشّاهد فيه: (لناباه) حيث جاء بالمثنّى بالألِف في حالة الجرّ، وذلك على لغة بلحارث بن كعب، فإنّهم يلزمون المثنّى الألِف في جميع حالاته. يُنظر هذا البيتُ في: الأصمعيّات 246- وفيه (لنابيه) بدل (لناباه) ولا شاهد فيه على هذه الرّواية-، ومعاني القرآن للفرّاء 2/184، وسرّ صناعة الإعراب 2/704، وشرح المفصّل 3/128، والحماسة البصريّة 1/137 - وفيه (لنابيه) بدل (لناباه) ولا شاهد فيه على هذه الرّواية-، وشرح التّسهيل 1/63، والأشمونيّ 1/79، والدّيوان 34 - وفيه (لنابيه) بدل (لناباه) ولا شاهد فيه على هذه الرّواية. 1 في كلتا النسختين: بما، والصّواب ما هو مثبت. 2 ما بين المعقوفين ساقط من أ. (عليه) ساقط من أ. 4 في ب: وكسروا. 5 يظر: (ص 189) من النّصّ المحقّق. 6 في أ: ويثبُتُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 195 لكونها1 بدلاً من الحركة، وفتح النّون تخفيف. وأَوْجَبَ الرّفع - ههنا2بالواو، وفي المثنّى بالألِف - قِلّةُ هذا الجمع بما شُرط فيه؛ فاختصَّ بالواو لِقِلّته، وكثرة ما يُثنّى [بالألِف3] [لِخَفّة] 4 الألِف؛ وكان ذلك تَعْدِيلاً. فالواو والنّون، أو الياء والنّون المكسور ما قبلها؛ لا يدلاّن إلاَّ على جمع5الصّحّة، ولا يوصَف بهما إلاَّ مَن يعقِل، كقولك: (الزّيدون) [و] 6 (السّابقون) . [23/أ] فإنْ وصفت ما لا يعقل أتيتَ7بالألِف والتّاء، فتقول من ذلك: (نَخْلٌ باسِقات) و (خَيْلٌ سابقات) . فإنْ أتى8ما لا يعقل موصوفًا بالواو والنّون؛ فذلك9 لِمُنَاسَبَةٍ، أو تنزيل منزلة من يعقِل، كقوله تعالى إخبارًا عن السّماء والأرض: {قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} 10، فَنُزِّلا لوصفهما بالقول منزلة من يَعْقِل؛ ومثله   1 في أ: كونها. 2 في ب: هُنا. 3 ما بين المعقوفين ساقط من ب. 4 ما بين المعقوفين زيادة يقتضيها السّياق. 5 في ب: الجمع. 6 العاطفُ ساقطٌ من ب. 7 في ب: أثبت الألِف والتّاء. 8 في ب: جاء. 9 في أ: كقولك، وهو تحريف. 10 من الآية: 11 من سورة فصّلت. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 196 قوله تعالى حكايةً عن النّملة: {ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لاَ يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ} 1، وكذلك: {إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِيْنَ} 2. فساغ ذلك تغليبًا بالوصف بمن يعقل. أو تغليبًا لمجاوَرةٍ، كقولك: (الفَرَسُ والجَمَلُ وعمرٌو ذاهبون) و (هندٌ وسعادٌ وزيدٌ منطلِقون) .أو تشبيهًا من جهة اللّفظ3، كـ (عشرين) إلى (تسعين) ؛ وهذا من أسماء الجموع. و (أَرضون) 4 و (سنون) 5 وما جاء مِن ذلك ممّا   1 من الآية: 18 من سورة النّمل. 2 من الآية: 4 من سورة يوسف. 3 عشرون إلى تسعين ملحق بجمع المذكّر السّالم؛ لأنّه لا واحد له من لفظه، إذْ لا يقال: عِشْرٌ. وقيل:"لأنّ العدد لَمّا كان يقع على من يعقل نحو: (عشرين رجلاً) ، وعلى ما لا يعقل نحو (عشرين ثوبًا) ، وكذلك إلى التّسعين، غلّب جانب من يعقل على ما لا يعقل". أسرار العربيّة 57. ويُنظر: توضيح المقاصِد 1/95، وابن عقيل 1/64. 4"لأنّ الأصل في أرضٍ: (أرضة) بدليل قولهم في التّصغير: (أُرَيْضَة) ، وكان القياس يقتضي: أن تُجمع بالألِف والتّاء، إلاّ أنّهم لَمّا حذفوا التّاء من (أرض) ، جمعوه بالواو والنّون تعويضًا عن حذف التّاء، وتخصيصًا له بشيء لا يكون في سائر أخواته". أسرار العربيّة 58. 5"لأنّ الأصل في (سنة) : (سنوة) - بدليل قولهم في الجمع: (سنوات) - و (سنهة) - على قولِ بعضهم -؛ إلاّ أنّهم لَمّا حذفوا اللاّم جمعوه بالواو والنّون تعويضًا من حذف اللاّم، وتخصيصًا له بشيء لا يكون في الأمر التّامّ؛ وهذا التّعويض تعويض جوازٍ، لا تعويض وُجوب؛ لأنّهم لا يقولون في جمع (شمس) : (شمسون) ، ولا في جمع (غدٍ) : (غدون) ؛ فلهذا لَمّا كان هذا الجمع في (أرض) و (سنة) على خلاف الأصل، أُدخل فيه ضربٌ من التّكثير، وفُتحت الرّاء من (أرضون) وكُسرت السين من (سنون) ؛ إشعارًا بأنّه جُمِعَ جمعَ السّلامة على خلاف الأصل". أسرار العربيّة 58. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 197 حُذِف هَاؤه1، فيجمع بالواو والنّون تعويضًا2. فإنْ جمعت اسمًا مقصورًا3فإنّك تفتح ما قبل علامة الجمع؛ ليدلّ على الألِف المحذوفة، كقوله تعالى: {وَأَنْتُمْ الأَعْلَوْنَ} 4، وفي جمع المصطفى: {وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ المُصْطَفَيْنَ الأَخْيَارِ} 5. وكذلك ياء المنقوص تُحذف في هذا الجمع، كقولهم في الرّفع: (القاضون) ، وفي الجرّ والنّصب: (القاضين) ؛ [23/ب] وحذفها لامتناع دخول الضّمّة والكسرة على هذه6 الياء. وَنُوْنُهُ مَفْتُوحَةٌ إِذْ تُذْكَرُ ... وَالنُّونُ فِي كُلِّ مُثَنًّى تُكْسَرُ   1 يريد: لامه. 2 أشار الشّارح -رحمه الله - إلى بعض ما يلحق بجمع المذكّر السّالم، مثل أسماء جُموع كـ (عشرين) إلى (تسعين) ، وجموع تكسير كـ (أرضين) و (سنين) ؛ ويلحق بالجمع المذكّر- كذلك -: (أهلون) و (عالمون) و (عِلِّيُّون) و (أولو) . يُنظر: توضيح المقاصد 1/95، وأوضح المسالك 1/37، وابن عقيل 1/64، 65، والأشمونيّ 1/82. 3 في ب: أسماء مقصورة. 4 من الآية: 139 من سورة آل عمران. 5 سورة ص، الآية: 47. 6 في ب: هذا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 198 وذلك لأَنَّ الفتح بعد الضَّمّ أو الكسر خفيفٌ، والكسر بعد الألِف أو الياء أثقل من ذلك؛ فكان تعديلاً بأنْ جُعِلَ الأخفّ للأثقل والأثقل للأخفِّ1. وقد كَسَرَ الشّاعِرُ نونَ الجمع للضّرورة2، فقال: أَكُلُّ الدَّهْرِ حِلٌّ وَارْتِحَالٌ ... أَمَا يُبْقِي عَلَيَّ وَلاَ يَقِيْنِي؟ وَمَاذاَ يَدَّرِي3 الشُّعَرَاءُ مِنِّي ... وَقَدْ جَاوَزْتُ حَدَّ الأَرْبَعِيْنِ؟ 4   1 وقيل: إنّ التّثنية قبل الجمع؛ والأصل في التقاء السّاكنَيْن: الكسر؛ فحُرِّكت نون التّثنية بما وجب لها في الأصل، وفُتحت نون الجمع؛ لأنّ الفتح أخفّ من الضّمّ. وقيل: إنّ الجمع أثقل من التّثنية، والكسر أثقل من الفتح، فأعطوا الأخف الأثقل، والأثقل الأخف ليعادلوا بينهما. يُنظر: أسرار العربيّة 56، واللّباب 1/109، 110. 2 في ب: ضرورة. 3 في ب: تدّري. 4 هذان بيتان من الوافر، وهما لِسُحَيْم بن وَثيل الرِّياحيّ. وقد نبّه ابن هشام في تخليص الشّواهد وتلخيص الفوائد 75 - 77: بأنّ هذين البيتين من كلمتين لشاعرين؛ فأمّا البيت الأوّل فإنه من كلمة للمثقّب العبديّ أوّلها: أَفَاطِمُ قَبْلَ بَيْنِكِ نَبِّئنِي ... ومنعك مَا سألتُ كأنْ تبيني ومنها هذا البيت. وأمّا البيت الثّاني فإنه لسحيم بن وثيل الرّياحيّ. و (يدّري) : يقال: ادّراه يدّريه: إذا خَتَلَه وخدعه. والشاهد فيهما: (حدّالأربعين) حيث كسر نون الأربعين للضرورة. ولها توجيهات أخرى تُنظر في مواطنها. يُنظر البيت الثاني في: الأصمعيّات 19، وإصلاح المنطق 156، والمقتضب 3/332، وسرّ صناعة الإعراب 2/627، وشرح التّسهيل 1/86، وابن الناظم 49، وشرح المفصّل 5/11، 13، وتذكرة النُّحاة 480، وتخليص الشواهد 74، وابن عقيل 1/69 - وقد ذُكر فيهما البيتان -، والخزانة 8/65. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 199 وَتَسْقُطُ النُّونَانِ فِي الإِضَافَهْ نَحْوُ: رَأَيْتُ سَاكِنِي الرَّصَافَهْ1 سقُوطُها في الإضافة كسقوط التّنوين في المضاف؛ فتقول: (غُلاما زيد) و (مسلمو المدينة) 2. وثبتت3هاتان النّونان مع الألِف واللاّم، ولم تثبتا4مع المضاف؟. لأنّ الإضافة زيادةٌ أُلحِقَت بآخر الاسم [24/أ] كنون التّثنية، ونون الجمع؛ فاستثقل التَّوالي بين زيادتين؛ وليس كذلك الألِف واللاّم لِمَا بينهما من الافتراق5.   1 ورد في متن الملحة 13، وشرح الملحة 108 بعد هذا البيت بيتٌ آخَر، وهو قولُه: وَقَدْ لَقِيْتُ صَاحِبَيْ أَخِينَا ... فَاعْلَمْهُ فِي حَذْفِهَا يَقِينَا 2 في ب: مكّة. 3 في كلتا النّسختين: ثبات، وهو تحريف، والصّواب ما هو مثبَت. 4 في كلتا النّسختين: يثبتا، وهو تصحيف. 5 لأنّ النّون عوضٌ من الحركة والتّنوين، والتّنوين لا يثبت مع الإضافة؛ فكذلك ما هو بدلٌ منه. يُنظر: كشف المشكِل 1/261، وشرح المفصّل 4/145. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 200 بَابُ جَمْعِ التَّأْنِيْثِ: وَكُلُّ جَمْعٍ فِيهِ تَاءٌ زَائِدَهْ ... فَارْفَعْهُ بِالضَّمِّ كَرَفْعٍ حَامِدَهْ وَنَصْبُهُ وَجَرُّهُ بِالْكَسْرِ ... نَحْوُ: كَفَيْتُ المُسْلِمَاتِ شَرِّي جمع المؤنّث السّالم بالألف والتّاء؛ والمؤنّث له ثلاث علامات: أَحَدُها: التّاء الّتي تثبُت هاءً في الوقفِ1؛ وهي على ضرين2: فَارِقة بين المُذكّر والمؤنّث، كقولك: (مُسْلم) و (مسلمة) ؛ وفارِقة بين الجنس ونوعه، كـ (شجر) و (شجرة) . وَغَيرِ فارقةٍ، كما3 في (غَرْفَةٍ) 4 و (جَفْنَةٍ) . الثّانية5: الألِف المقصورة، كألف (سُعدى) و (حُبْلَى) . الثّالثة: الألِف الممدودة، كألف (حسناء) و (حمراء) .   1 "إنّماوقف عليها بالهاء ووصل بالتّاء؛ للفرق بين التّاء الّتي تلحق الأسماء، وبين التّاء الّتي تلحق الأفعال نحو (قامت) و (ذهبت) ؛ فالوصل والوقف في تاء الفعل بالتّاء على كلّ حال". التّبصرة 2/614. 2 ذكر ابن يعيش أنّ التّاء تأتي في الكلام على عشرة أنواع؛ وقال الرّضيّ: أنّها تجيء لأربعة عشر معنى. يُنظر: شرح المفصّل 5/96، وشرح الرّضيّ 2/164، وشرح الكافية الشّافية 4/1734، وابن النّاظم 751. 3 في كلتا النّسختين: كماء، وهو تحريفٌ؛ والصّواب ما هو مثبَت. 4 في أ: عَرَفة. 5 في أ: الثّاني. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 201 فَتُجْمَعُ هذه الثّلاثة بالألف والتّاء؛ فهما بمنزلة حرف الإعراب. ويشترك في هذا الجمع من يعقل من المؤنّث، وما لا يعقل، كقولك: (مسلمات) و (فاطمات) و (سعديات) و (حسناوات) [24/ ب]- بإبدال الهمزة واوًا1- و (شجرات) . وحُذِفت التّاء من (مسلمةٍ) ولم تُحذف الألف المقصورة ولا الممدودة؛ والكُلُّ علامات التّأنيث؛ لأنَّ التّاء الّتي حُذِفت كالتّاء2 الّتي بعد الألِف؛ فكرهوا أَنْ يجمعوا بين علامتين كالشّيء الواحد، فحذفوا الأولى؛ لاستغنائهم عنها بالثّانية؛ وليس كذلك العلامتان؛ لأنّهما من غير جنس التّاء. وحكم إعراب هذا الجمع: ضَمُّ تائِه في الرّفع، وكسرها في الجرّ والنّصب اتباعًا لجمع المذكّر السّالم؛ ومنصوبه محمولٌ على مجروره3. وجميع صِفات المؤنّث تجمع بالألِف والتّاء، إلاَّ ما كان على وزن (فَعْلاء) الّتي مذكّرها (أَفْعل) ، كـ (بَيْضاء) و (حَمْراء) ؛   1 إنْ كان الاسم المؤنّث ممدودًا قُلبَت الهمزة في جمعه واوًا - كما مثَّل الشّارح -. يُنظر: التّبصرة 2/638، وشرح ملحة الإعراب 112. 2 في أ: كالباء، وفي ب: كالياء، وكلتاهما مصحّفة. 3"لأنّه لَمّا وجب حملُ النّصب على الجرّ في جمع المذكّر الّذي هو الأصل، وجب - أيضًا - حملُ النّصب على الجرّ في جمع المؤنّث الّذي هو الفرع؛ حملاً للفرع على الأصل؛ وإذا كانوا قدْ حملوا: (أعد) و (نعد) و (تعد) على (يعد) في الاعتدال، وإنْ لم يكن فرعًا عليه، فَلأَنْ يُحمل جمع المؤنّث على جمع المذكّر وهو فرعٌ عليه، كان ذلك من طريق الأولى". أسرار العربيّة 62. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 202 أو على1 وزن (فَعْلَى) الّتي مذكّرها (فَعْلاَن) ،2كـ (سَكْرَى) و (غَضْبَى) ؛ فلا يقال: (بَيْضَاوَاتٍ) ، كما لم يَقُلْ في مذكّرها (أَبْيَضُون) ، وكذلك لا يُقال: (سَكْرَانُون) 3؛ لأنّ كلّ ما لم يُجْمع مُذكَّرُه بالواو والنّون فلا يُجمع مُؤنّثه بالألِف والتّاء4. وإنْ كان ممّا ثالِثُه ألِفٌ بعدها تاء التّأنيث5 الموقوف عليها بالهاء6؛ حُذِفت التّاء، وقلبت إلى أصلها؛ فتقول في جمع (غَزَاةٍ) و (قَنَاةٍ) : غَزَوَاتٍ، وقَنَواتٍ؛ لأنّ أصل ألِفها: الواو؛ وتقول في جمع (فَتَاةٍ)   1 في أ: وعلى. 2 قال سيبويه: "وليس شيءٌ من الصّفات آخره علامة التّأنيث يمتنع من الجمع بالتّاء غير (فَعْلاَء أَفْعَلَ) ، و (فَعْلَى فَعْلاَنَ) ". الكتاب 3/647. ويُنظر: شرح التّسهيل 1/113، وشرح الكافية الشّافية 1/204، والارتشاف 1/272، والهمع 1/69. 3 أي: فلا يقال في جمعها المؤنث: (سكرانون) . 4 أمَّا الكوفيّون فإنّهم يجوِّزون فيهما أن يُجمعا جمع تصحيح؛ فيقولون: (بيضاواتٍ) و (أبيضون) و (سكروات) و (سكرانون) . قال السّيوطيّ:"ومحلّ الخلاف ما داما باقيين على الوصفيّة، فإنّ سُمّي بهما جُمِعَا بالألِف والتّاء بلا خلاف". الهمع 1/69. ويُنظر: التّبصرة 2/672، 673، وشرح ألفيّة ابن معطٍ 1/297، والارتشاف 1/272، وحاشية يس على التّصريح 1/79. 5 في أ: تاء تأنيث. 6 في أ: بهاء. 7 في ب: قناة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 203 و (دَوَاةٍ) 1: فَتَيَاتٍ2، [25/أ] ودَوَيَاتٍ؛ لأنَّ أصل ألِفها الياء. وقد جاء عن العرب جَمْعُ أسماء مُذَكَّرةٍ من أجناس ما لا يعقل؛ وذلك ممّا لا يوجد إلاَّ سماعًا ولا يُقاس عليه، كقولهم في جمع (حَمَّامٌ) و (مَقَامٌ) و (سُرَادِق) 3 و [إيوان] 4: حَمَّامَاتٌ، ومَقَامَاتٌ، وسُرَادِقَاتٌ، وإيْوَانَاتٌ5؛ وكذلك: (المحرَّم) و (شَعْبان) و (رَمَضَان) و (ذُوْ القعدة) و (ابْنُ عِرْسٍ) 6 و (ابنُ آوَى) 7: مُحَرَّمات، وشَعْبَانَاتٍ، و [رَمَضَانَاتٍ] 8، وذواتِ القعدة، وبَنَاتِ عِرْسٍ، وبنات آوَى9.   1 في أ: في جمع دواةٍ، وفتاةٍ. 2 في ب: قنيات. 3 السُّرادِق: ما أحاط بالبناء؛ والجمع: سُرادِقات. وقيل: هو كلّ ما أحاط بشَيْءٍ مِنْ حائط، أو خِباء. يُنظر: اللّسان (سردق) 10/157. 4 ما بين المعقوفين ساقط من أ. 5 في أ: وإيواناتٍ، وسُرادِقَاتٍ. الإيوان: الصُّفة العظيمة كالأَزَج، وهو أعجميّ مُعرَّب، وجمعه: إِيواناتٌ وأوَاوينُ. يُنظر: الصّحاح (أون) 5/2076، والمعرّب 113، واللّسان (أون) 13/40. 6 ابنُ عِرْسٍ: دُوَويْبَّةٌ معروفة دون السِّنَّوْر، أشتر أصلم أصكُّ له ناب؛ والجمع: بنات عِرْسٍ ذكرًا كان أو أنثى، معرفة ونكِرة. اللّسان (عرس) 6/137. 7 ابن آوى: هو الصغير من الذّئاب. ينظر: المنتخب من غريب كلام العرب 1/370. 8 ما بين المعقوفين ساقط من أ. 9 يُنظر: شرح ألفيّة ابن معطٍ 1/303، وشرح التّسهيل 1/114، والهمع 1/70. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 204 بَابُ جَمْعِ التَّكْسِيْرِ: وَكُلُّ مَا كُسِّرَ فِي الجُمُوعِ ... كَاْلأُسْدِ وَالأَبْيَاتِ وَالرُّبُوعِ فَهْوَ نَظِيرُ الْفَرْدِ فِي الإِعْرَابِ ... فَاسْمَعْ مَقَالِي وَاتَّبِعْ صَوَابِي جمع التّكسير هو: ما تغيّر1 [فيه] نظم الواحد وبناؤه2؛ لأَنَّ واحدَهُ يُكسَّر فيه كما يُكسر الإناء، ثمّ يُجمع على صيغة أُخرى3. والتّغيير الّذي يقع فيه على ثلاثة أَضْرُبٍ4:   (فيه) ساقطة من أ. 2 تغيير نظم الواحد وبناؤه يكون لفظًا أو تقديرًا؛ أمّا الأوّل فقد مثَّل له الشّارح بعدّة أمثلة، وأمّا الثّاني: فنحو: (فُلْك) فإنّه يُطلق على الواحد وعلى الجمع، وفاؤها مضمومة. لكنّ التّقدير مختلف؛ أمّا الواحد فكقوله تعالى: {فِي الْفُلْكِ المَشْحُونِ} [الشّعراء: 119] ، وضمّة الفاء حينئذ بمنزلة ضمّ الفاء في (قُفْل) ، وأمّا الجمع فكقوله تعالى: {حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الفُلْكِ وَجَرَيْنَ} [يونس:22] ، والضّمّة بمنزلة ضمّة الجمع في (حُمْر) . يُنظر: أسرار العربيّة 64، وشرح ألفيّة ابن معطٍ 1/292. 3 في أ: صيغ. 4 وبعضهم قَسَّم التّغيير اللّفظي إلى ستّة أقسام: لأنّه إمّا بزيادة، كـ (صِنْو) و (صِنْوان) ، أو بنقص، كـ (تُخْمَة) و (تُخَم) ، أو تبديل شكل، كـ (أَسَد) و (أُسْد) ، أو بزيادة وتبديل شكل، كـ (رجل) و (رِجال) ، أو بنقص وتبديل شكل، كـ (رَسُول) و (رُسُل) ، أو بهنّ، كـ (غُلام) و (غِلمان) . يُنظر: أوضح المسالك 3/254، والتّصريح 2/300، والأشمونيّ 4/119. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 205 أَحَدُهَا: بزيادة؛ كقولك في جمع (ثَوْبٍ) : أَثْواب. الثّاني: بنقصان؛ كقولك في جمع (كتاب) و (إزارٍ) : كُتُب، وأُزُر. الثّالث: أَن يأتي على عَدَدِ حُرُوفهِ مع تغيير الحركة والسّكون؛ [25/ب] كقولك في جمع (رَهْنٍ) و (سَقْفٍ) : رُهُن، وسُقُف. وحكم إعراب هذا الجمع كإعراب واحده؛ في اعتقابِ حركات الإعراب عليه1. والألفاظُ2 الّتي بها الجمع تنقسم إلى قسمين: قسمٌ وُضِعَ لأقلّ العدد. وقسمٌ وُضِعَ للكثرة. وحدّ القليل ما بين الثّلاثة إلى العشرة، والكثير ما جاوز ذلك. وأبْنية جمع القِلّة أربعة؛ وهي: (أَفْعُل) : كـ (كَلْبٍ) و (أَكْلُبٍ) . و (أَفْعَال) : كـ (جَمَلٍ) و (أَجْمَالٍ) . و (أَفْعِلة) : كـ (رِدَاءٍ) و (أَرْدِيَةٍ) .   1"إنّما أُعرب بالحركات؛ لأنَّ الغرض - وهو الفرق بين المعاني - يحصل بها، وإذا حصل الغرض بالأخفّ، فلا يعدل عنه إلى غيره؛ ولأنّ بناءه لَمّا كان مخترعًا كبناء الواحد أُعرب كإعرابه". شرح ألفيّة ابن معطٍ 1/292. 2 في أ: وللألفاظ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 206 و (فِعْلة) : كـ (غُلاَمٍ) و (غِلْمَةٍ) . وما سوى هذه الأربعة فهي جموع1 كَثْرةٍ، ويُسْتَعْمَلُ كُلٌّ منها في موضع الآخر مجازًا2.   1 في أ: فجموع كَثْرةٍ. 2 "أي: إنْ كان للمفرد الجمعان؛ أمّا إذا لم يكن له إلاّ جمع قلّة أو جمع كثرة، فلا تَجَوّز؛ لأنّه حينئذٍ من قبيل المشترك". الصّبّان 4/120. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 207 فَصْلٌ: والمذكور ههنا من هذا الجمع ممّا يحتاج إلى معرفة تصريف ألفاظه، وممّا يختصّ على سبيل الاختصار. نبتدئ أوّلاً بالثّلاثيّ على ترتيب أوزانه؛ والغالب أَنْ يأتي جَمْعُ1 جميعها على (أَفْعَالٍ) 2، وقد يأتي منها على غير ذلك. الأوّل: فَعْلٌ سالم ساكن العين كـ (سَمْعٍ) و (أَسْمَاعٍ) ؛ و (أَفْعُل) كـ (اكْعُبٍ) ، وفي الكثرة (فِعَال) كـ (كِعَاب) 3؛ و (فُعُول) كـ (نُجُوم) ؛ [26/أ] و (فُعْلاَن) كـ (بُطْنَان) 4، و (فَعِيْل) كـ (عَبِيد) ؛ و (فَعْل) كـ (لَحْد) 5؛ و (فِعْلاَن) كـ (عِبْدان) ؛ و (أَفْعِلَة) كـ (أَنْجِدَة) . وممّا عينه ألف، أو واوٌ، أو ياءٌ، فيأتي [على (أَفْعَال) كـ (أَبْوَابٍ) و (أَثْوابٍ) و (أَبْيَاتٍ) ؛ و (أَبْيُتٍ) و (أَثْوُبٍ) شاذّان] 6؛ ومن مضاعفه   1 في ب: جميع. 2 في ب: على أفعالٍ كأبوابٍ، وأثواب، وأبيات؛ وأبيت، وأثوب شاذّان؛ وقد تأتي منها على غير ذلك. وهو انتقال نظرٍ من النّاسخ، وخلطٌ بين الأسطر. 3 في ب: كلكعاب. 4 بُطْنَان: جمع بطن؛ والبطن: خلاف الظّهر. يُنظر: القاموس (بطن) 1523. 5 في ب: وفعل: كألحد. 6 ما بين المعقوفين ساقط من ب في هذا الموضع؛ ولانتقال النظر كتبه النّاسخ أوّل الأمر عندما ذكر (أفعال) - كما بيّنا ذلك-. وشذّ (أَبْيتٌ) و (أَثْوبٌ) ؛ لاعتلال العين؛ لأنّ أَفْعل جمع لكلّ اسم ثلاثيّ على فَعْلٍ صحيح العين، نحو: (أكلب) ، وخرج بصحيح العين المعتلّ العين، نحو: (ثوب) و (بيت) . يُنظر: أوضح المسالك 3/254، وابن عقيل 2/416. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 208 (فُعُول) كـ (فُصُوص) ؛ و (فُعُولة) كـ (عُمُومة) . [و1] (فَعَل) المفتوح2 العين له من الجموع: (أَفْعَال) كـ (أَبْصَار) ؛ و (أَفْعُل) كـ (أَزْمُن) ؛ و (فُعُول) كـ (ذُكُور) ؛ و (فُعْلاَن) كـ (حُمْلاَن) 3، و (فُعْل) كـ (أُسْدٍ) ؛ و (فِعَالة) كـ (حِجَارةٍ) ؛ و (فِعِيل) كـ (عِصِيّ) ؛ ومن مُعْتَلّهِ (أَفْعُلْ) كـ (أدْؤُرٍ) . [و4] (فَعِل) المكسورالعين من أوزان جمعه: [ (أَفْعَال) كـ (أَكْتَاف) ؛ و (فُعُول) كـ (كُبُود) و (وُعُود) ؛و (فُعُل) كـ (نُمُر) 5.و (فَعُل) المضموم العين من أوزان جمعه] 6: (أَفْعَال) كـ (أَعْضَاد) ؛ و (فِعَال) كـ (رِجَال) ؛ و (افْعُل) كأضْبُع7 شاذّ8. المكسور الفاء السّاكن العين من أوزان جمعه: (أَفْعَال) كـ (أَحْمَال) 9،   (الواو) ساقطة من أ. 2 في ب: مفتوح. 3 الحُملان: جمع حَمَل، وهو: الجَذَع من أولاد الضّأن. اللّسان (حمل) 11/181. (الواو) ساقطة من أ. 5 في ب: تمر. 6 ما بين المعقوفين ساقط من أ. 7 في أ: لأضبع. 8 أضبع شاذّ؛ لأنّ أَفْعل يطّرد في نوعين من المفردات ليس منها أضبع. يُنظر: شرح الكافية الشّافية 4/1816، 1817، والأشمونيّ 4/122، 123. 9 الحِمْل: بالكسر: ما حُمِل على ظهر أو رأس؛ والجمع: أَحْمَال. اللّسان (حمل) 11/177. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 209 و (فُعُول) كـ (سُتُور) ؛ و (فِعَلَة) كـ (قِرَدَةٍ) ؛ و (فُعْلان) كـ (ذُؤْبان) ؛ و (أَفْعُل) [كـ] 1 (أَذْؤُب) ؛ وهو قليل؛ و (فِعْلان) كـ (صِنْوان) 2؛ و (أَفْعَال) لِمَا اعتلَّ عينه كـ (آبَار) 3 و (أَمْيَال) 4؛ و (فِعَال) كـ (رِيَاح) ؛ ومن مضاعفه (فِعَال) كـ (زِقَاقٍ) ، و (فُعُول) كـ (زُقُوقٍ) . المكسور5 الأوّل المفتوح العين منها: [26/ب] (أَفْعَال) كـ (أَعْنَاب) و (أَضْلاعٍ) و (أَضْلُعٍ) 6 شاذّ. [و7] المكسور الفاء والعين له: (أَفْعَال) كـ (إِبِلٍ) و (آبَالٍ) . المضموم الأوّل السّاكن العين من أوزان جمعه (أَفْعَال) كـ (أَقْفَالٍ) ؛ وشَذَّ (أَفْعُل) 8 كـ (أَرْكُنْ) ؛ و (فُعُول) كـ (بُرُود) ، و (فِعْلاَن) لمعتلّه   1 ما بين المعقوفتين زيادة يقتضيها السّياق. 2 الصّنوان: جمع صِنْو، وهو: الأخ الشّقيق، والعمّ، والابن، والشّيء يخرج مع آخر من أصلٍ واحد. اللّسان (صنا) 14/470. 3 مفرد آبار: بئر؛ وبئر ليست معتلّة العين، لكنّها قد تصير إلى (بير) بعد إبدال الهمزة ياء - وهو مطّرد إذا كانت ساكنة وقبلها كسرة -، فلعلّه نظر إلى حالتها الطّارئة. يُنظر: الوجيز في علم التّصريف 48، وشرح الملوكي 244، والممتع 1/379. 4 في ب: أمثال. 5 في ب: المكسورة. (أَضْلُع) شاذّ؛ لأنّ أَفْعَلُ يطّرد في نوعين من المفردات ليس منها (أضلع) . يُنظر: شرح الكافية الشّافية 4/1816، 1817، والأشمونيّ 4/122، 123. (الواو) ساقطة من أ. 8 بُيِّنَ علّة الشّذوذ في مثل هذا الموضع فيما سبق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 210 كـ (كِيْزَان) 1؛ و (أَفْعَال) كـ (أَسْوارٍ) ؛ و (فِعَال) كـ (رِمَاح) 2. المضموم الأوّل المفتوح العين من أوزان جمعه: (أَفْعَال) كـ (أَرْطَابٍ) ؛ و (فِعْلان) كـ (صِرْدانٍ) 3؛ و (فُعْلان) كـ (جُرْذان) 4. المضموم العين والفاء من أوزان جمعه: (أَفْعَال) كـ (أَطْنابٍ) و (أَعْنَاقٍ) في القِلَّة والكثرة؛ ومن مضعّفه (أَفْعَال) كـ (أَمْدَاد) 5؛ وَشَذَّ منه (فُعُول) كـ (خُصُوص) 6.   1 الكُوزُ: من الأواني: معروف؛ وهو مشتقّ من ذلك؛ والجمع: أَكْوازٌ، وكِيزانٌ، وكِوَزَةٌ. اللّسان (كوز) 5/402. 2 في ب: كرياح، وهو تحريف. 3 الصِّرْدان: جمع صُرَد، وهو: طائر فوق العصفور. وقيل: هو طائر أبقع ضخم الرّأس يكون في الشّجر، نصفُه أبيض، ونصفه أسود، ضخم المنقار. اللّسان (صرد) 3/249، 250. 4 في كلتا النّسختين: جعلان، وهو تحريف. والجُرَذ: الذّكر من الفأْر، وقيل: الذّكر الكبير من الفأْر. وجمعه: جِْرْذان. اللسان: (جرذ) 3/480. 5 الأمداد: جمع مُدّ، وهو: ضربٌ من المكاييل، وهو ربع صاع، وهو قدر مُدّ النّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم. والصّاع: خمسة أرطال؛ والجمع: أمدادٌ، ومِدَدٌ، ومِدادٌ - كثيرة -، ومِدَدةٌ. اللّسان (مدد) 3/400. 6 الخُصّ: بيتٌ من شجر أو قَصَبٍ؛ وقيل: الخُصّ: البيت الّذي يُسَقَّف عليه بخشبة على هيئة الأزج. اللّسان (خصص) 7/26. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 211 فَصْلٌ: الرّباعيّ يأتي جمع (فعَال) على اختلاف فائه، على (أَفْعِلَة) في القِلَّة1 كـ (أَغْرِبةٍ) ، وفي الكثرة: (فِعْلاَن) كـ (غِرْبَان) ، و (أَفْعِلَة) كـ (أَطْعِمَة) و (أَحْمِرةٍ) والكثير (حُمْرٌ) ، و (فُعُل) كـ (شُهُبٍ) ؛ و (أَفْعِلة) للمعتلّ اللاّم كـ (أَقْبِية) ، وللمدود كـ (أرْدِيَة) ، ومضاعفًا لـ (زِمامٍ) 2 كـ (أزِمَّةِ) ؛ ومن أمثلة جمع القلّة (فِعْلة) كـ (غُلاَم) و (غِلْمَة) . ومن الكثرة (فُعُل) كـ (أُتُن) ؛ وممّا ثالثه حَرْفُ علّةٍ: (قُصُب) و (صُبُر) ، و (فُعَل) للمؤنّث كـ (غُرَفٍ) ، [27/أ] وللمؤنّث بالألِف المقصورة كـ (الكُبْرى) و (كُبَر) ، و (فِعَل) كـ (قِصَع) 3. وجائز أن يجمع ما كان على (فَُعلَة) من مفتوح العين، ومكسورها، أو مضمومها بالألِف والتّاء. فإنْ كان صفة جُمِعَ على (فَعْلاَت) - بسكون العين -كـ (ضَخْمةٍ) (عَبْلة) 4؛ فتقول: ضَخْمَات، وعَبْلاَت.   1 في أ: قلّة. 2 أي: جمعاً لزمام. 3 القَصْعَةٌ: الصَّحْفَةُ. القاموس (قصع) 971. 4 العَبْلُ: الضّخم من كلّ شيء؛ وامرأة عَبْلة أي: تامّة الخَلْق؛ والجمع: عَبْلات، وعِبال. اللّسان (عبل) 11/420. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 212 وإنْ كان اسمًا، كـ (جَفْنَةٍ) 1 جُمِعَ بفتح عينه وسكونها، كـ (جَفنَاتٍ) و (جَفْنَاتٍ) و (جِفَانٍ) ، وكذلك (صَحْفَة) 2. فإنْ كان ثاني الاسم حرف عِلَّة سكنت في جَمْعِهِ، كـ (بَيْضَاتٍ) و (رَوْضَاتٍ) 3؛ وتقول في المضّعف: (مَرَّاتٍ) . ويفرّق4 في هذا بين المخلوق والمصنوع [فتقول] 5: (نَخَلاَتٍ) و (نَخْل) ، و (جَوْزَاتٍ) و (جَوْز) ؛ ولا يُقال: [في] 6 (جَفْن) ؛ ( [جفنات] 7) لأنَّه مصنوع؛ وتقول في (ظُلْمة) 8: (ظُلُمَات) و (ظُلَم) - بضمّ ثانيه وتسكينه وفتحه -فتقول: (ظُلُمات) و (ظُلْمات) [وظُلَمات] 9.   1 في أ: كحفنِه. 2 يُنظر: الكتاب 3/578، والتّبصرة 2/648. 3 الكتاب 3/592. 4 في أ: وتفرّق. 5 ما بين المعقوفين ساقط من أ. 6 ما بين المعقوفين زيادة يقتضيها السياق. 7 ما بين المعقوفين زيادة يقتضيها السياق. 8 فُعلة نحو: (ظُلْمة) جمعها المكسّر على فُعَل نحو (ظُلَم) ، وجمعها المُسلَّم بالألِف والتّاء على ثلاثة أوجه: أحدها: (ظُلْمات) بإسكان الثّاني على الأصل. والثّاني: (ظُلُمات) بضم الثّاني على الاتّباع. والثّالث: (ظُلَمات) بفتح الثّاني تخفيفًا. التّبصرة 2/653. 9 ما بين المعقوفين زيادة يقتضيها السّياق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 213 وكذلك المكْسور الفاء بكسرها وفتحها؛ فتقول في (سِدْرَةٍ) : (سِدَرَاتٍ) و (سَِدَرَاتٍ) 1. [وسِدْرات] 2. ومن جُموع3 الكثرة (فُعَلَة) وصفٌ لمذّكر عاقل، كـ (قُضَاة) و (رُمَاة) ؛ و (فَعَلَة) كـ (كَمَلَة) 4 و (فَجَرة) 5. ومنه: (فَعْلَى) ممّا جاء صفة كـ (فَعِيل) 6 و (فَعْلى) ، أو لِمَا هو بمعنى فاعل كـ (مَرْضَى) 7، أو لفاعل كـ (هَلْكَى) ، أو لفَيْعل8 كـ (مَوْتَى) ، أو لأفْعَل كـ (حَمْقى) ، أو لفَعْلان كـ (سَكْرَى) . ومنها: (فُعَلاَء) وأكثر9ما يدلّ على مدح جمعًا لفَعِيل [27/ب] كـ (ظُرَفَاء) 10، ومنه أَفْعَال كـ (أَشْرَافٍ) ؛ أو لِفَاعِلٍ كـ (صُلَحاء) ، ومنه (أَفْعِلاَء) لفَعِيل كـ (أَشِدَّاء) و (أَوْلِيَاء) .   1 السِّدْرُ: شجر النَّبْق، واحدتها: سِدْرَة، وجمعها: سِدْراتٌ، وسِدِراتٌ، وسدَراتٌ، وسِدَرٌ، وسُدورٌ - الأخيرة نادرة -. اللّسان (سدر) 4/354. 2 ما بين المعقوفين ساقط من ب. 3 في ب: ومن جمع. 4 في أ: ككلة، وفي ب: ككلمة، وكلتاهما محرّفة، والصّواب ما هو مثبت. 5 في أ: فحوة. 6 جاء وصفاً على فعيل بمعنى (مفعول) دالاً على هلك أو توجّع، كـ (قتيل) و (قَتْلى) و (جريح) و (جَرْحى) . يُنظر: ابن النّاظم 773، والأشمونيّ 4/132. 7"فعيل بمعنى فاعل، كـ (مريض) و (مَرْضى) ". ابن النّاظم 773. 8 في أ: لفعيل، وفي ب: لفعل، وكلتاهما محرّفة. 9 في كلتا النسختين: أو أكثر، والصّواب ما هو مثبت. 10 في ب: كطرفا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 214 ومنها: أوزانٌ يُعْلَمُ بها على اختلافها نهايةُ ما يرتقي إليه الجمع، فمنها: (أَفَاعِل) جمع (أَفْعُل) كـ (أَدَاهِم) و (أَجَادِل) ، و (فَوَاعِل) -لـ (فَوْعلٍ) 1-كـ (جَوَاهِرٍ) ، ولـ (فاعِل) 2 كـ (طَوَابِع) ، ولمذكّر لا يعقل كـ (صَوَاهِل) ؛ وشَذَّ منه للمذكّر العاقل: (فَوَارِس) و (سَوَابِق) ، ومنه صِفَةٌ لمؤنّث كـ (حَوَائِض) و (صَوَاحِب) ، ولفاعلة مطلقًا كـ (فَوَاطِم) . ومنه3 (فَعَائِل) كـ (سَحَائِب) و (رَسَائل) ؛ وللمجرّد من الهاء كـ (عَجَائز) ؛ ومنه (فَعَالِي) كـ (مَوَامٍ) 4، و (سَعَالٍ) 5، و (فَعَالى) كـ (عَذَارَى) و (حَبَالى) ، و (فعالِيَّ) كـ (كَرَاسيّ) ، و (فَعَالِل) كـ (جَعَافر) و (بَرَاثن) ، وما قبل آخره حرف مدٍّ يُجْمع على (فَعَاليل) كـ (قَنَادِيل) ؛ وهذان المثالان إليهما مُنتهى الجموع. [28/ أ] فإذا كان في الاسم من حروف الزّيادة ما يخلّ بقاؤه بأحد المثالين حُذِف كـ (سَفَارِج) 6؛ فإنْ تأتَّى بحذف بعضٍ وإبقاء بعضٍ؛ أُبقي7 ماله مَزيّةٌ، فإنْ   1 في أ: كفوعل. 2 في أ: كفاعل. 3 أي: من جموع الكثرة. 4 في ب: كمرامي، وهو تحريف. والْمَوْمَاةُ: المفَازَةُ الواسعة المَلْساء؛ وقيل: هي الفلاة الّتي لا ماء بها ولا أنيس بها؛ وجمعها: مَوامٍ. اللّسان (موم) 12/566. 5 السِّعْلاةُ: الغول؛ وقيل: هي ساحرة الجنّ، وجمعها: سَعَالٍ. اللّسان (سعل) 11/336. 6 أمّا الخماسيّ: فإنْ كان مجرّدًا جُمع في القياس على (فَعَالِل) بحذف آخره نحو: (سَفَرْجَلٍِ) و (سَفَارِجَ) ؛ ويجوز حذف رابعه إنْ كان ممّا يزاد كنون (خَدَرْنق) أو من مخرج ما يزاد كدال (فرزدق) ، فلك أن تقول: (فَرَازِق) ، والأجود (خدارن) و (فَرَازِد) . ابن النّاظم 783. 7 في كلتا النّسختين: ابقا، والتصويب من ابن الناظم 784. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 215 ثبت التّكافؤ؛ فالحاذف1 مُخيّر؛ فعلى هذا تقول2 في3جمع (مُسْتَدعٍ) : (مَدَاعٍ) 4، [و5] حذفوا ما قبل الآخر إذا6 كان يشبه حروف الزّيادة، فقالوا في (فَرَزْدق) : (فَرَازِد) و (فَرَازِقْ) .   1 في كلتا النسختين: فالحاذق والتصويب من ابن الناظم 784. 2 في أ: يقول. 3 أي: فيما له مزية. 4 "تقول في (مُسْتَدْعٍ) : (مَدَاع) بحذف السّين والتّاء معًا؛ لأنّ بقاءهما يخلّ ببنية الجمع؛ وأُبقيت الميم لأنّ لها مزيّة في المعنى عليهما؛ لكون زيادتها لمعنىً مختصّ بالأسماء؛ بخلافهما فإنّهما يزادان في الأسماء والأفعال". الأشمونيّ 4/149. 5 ما بين المعقوفين زيادة يقتضيها السّياق. 6 أي: إذا لم يكن له مزيّة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 216 بَابُ حُرُوفِ الْجَرِّ: وَالجَرُّ فِي الاِسْمِ الصَّحِيْحِ المُنْصَرِفْ ... بِأَحْرُفٍ هُنَّ إِذَا مَا قِيلَ صِفْ مِنْ وَإِلَى وَفِي وَحَتَّى وَعَلَى ... وَعَنْ وَمُنْذُ ثُمَّ حَاشَا وَخَلاَ قولُه: (والجرُّ في الاسم) يُشير إلى اختصاصه به. وقوله: (الصّحيح) احترازًا مِنَ المُعْتلّ؛ لأنَّ الجرَّ فيه مُقدّرٌ. وقوله: (المنصرف) احترازًا ممّا لا ينصرف. وقوله: (بأحرف) يُعْلَمُ منه أنَّ الاسم يُجرُّ بغير الحرف، وهو الاسم؛ فإنْ تضمَّن الاسم الأوّل معنى زمانٍ أو مكان فهو ظرفٌ1، والاسم الثّاني مخفوضٌ2 به؛ وإنْ لم يتضمّن ذلك فهو مضافٌ3، والثّاني مضافٌ إليه؛ لكنَّهُ تقدّم بذكر الحرف؛ لأنَّه أولى بالعمل من الاسم. وابتدأ بذكر (مِنْ) لأنَّها أُمُّ [28/ب] الباب؛ وهو حرفُ جَرٍّ يدخل على الظّاهر، وعلى المضمر؛ تقول: (أخذت من زيدٍ) و (سمعت منه) ؛ وله مَعَانٍ: أَحَدُها: ابتداء الغاية في المكان، كقوله4: (قُمْتُ من الدّار) . وللتّبعيض، كقولك: (أَنْفَقْتُ من المال) . ولتمييز الشّيء5 من غيره، كقولك: (أُحِبُّ الحَمَامَ من الطَّيْرِ) .   1 في كلتا النسحتين: طرق والصواب ما هو مثبت. 2 في ب: محفوظ. 3 في أ: فهو مضافٌ إليه، وهو سهو. 4 في ب: كقولك له. 5 أي: (من) التي لبيان الجنس. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 217 وتكون سببيّة، كقولك: (من أجل السّلامة أَطَلْتُ الصَّمْتَ) . ومنه قولُ الفرزدق1: يُغْضِي حَيَاءً ويُغْضَى مِنْ مَهَابَتِهِ ... فَلاَ يُكَلَّمُ إِلاَّ حِينَ يَبْتَسِمُ2 وتقع3 مكان باء القسم، كقولهم: (من ربِّي مَا فَعَلْتُ ذلك) أي: بربِّي أَقْسمْتُ.   1 هو: همّام بن غالب بن صعصعة المجاشعيّ، يُكْنى أبا فِراس: شاعرٌ من النّبلاء، من أهل البصرة، عظيم الأثر في اللّغة، كان بينه وبين جرير هجاء مستمرّ؛ توفّي سنة (110?) وقيل: (114?) . يُنظر: طبقات فحول الشّعراء 2/298، والشّعر والشّعراء 310، والأغاني 21/278، والخزانة 1/217. 2 هذا بيتٌ من البسيط، ينسب للحزين الكنانيّ (عمرو بن عبد وهب) . في الأغاني15/263، واللّسان (حزن) 13/114، والمؤتلف والمختلف 88، 89. ويُنسب للفرزدق من كلمة قالها في مدح زين العابدين عليّ بن الحسين بن عليّ ابن أبي طالب - رضي الله عنه -. و (الإغضاء) في الأصل أنْ تُقارِب بين جَفْنَيْ عينيك حتى لتكاد تطبّقهما. و (المهابة) : التعظيم والإجلال. و (الابتسام) : أوائل الضّحك. والشّاهد فيه: (من مهابته) حيث جاءت (مِنْ) للتّعليل، بمعنى: من أجل مهابته. يُنظر هذا البيت في: شرح ديوان الحماسة للمرزوقيّ 4/1622، وأمالي المرتضى 1/62، وشرح المفصّل 2/53، وأوضح المسالك 2/131، والمغني 421، والأشمونيّ 2/213، وديوان الفرزدق 2/178. 3 في أ: ويقع. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 218 وتكون زائدة1، ويشترط لذلك2 أَنْ تكون بعدحرف نفي، كقوله تعالى: {مَالَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ شَفِيعٍ} 3؛ أو بعد استفهام كقوله تعالى: {هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللهِ يَرْزُقُكُمْ} 4. وتكون [زائدة] 5 في الموجب؛ وهو مذهب الأخفش6؛   1 إذا كانت زائدة لها ثلاثة شروط: 1- أن يسبقها نفيٌ أو شبهه؛ وهو النّهي والاستفهام. 2- أن يكون مجرورها نكرة. 3- أن يكون إمّا فاعلاً، أو مفعولاً، أو مبتدأ. وذهب الكوفيّون والأخفش إلى عدم اشتراط النّفي أو شبهه، وجعلوها زائدة في نحو قولهم: (قد كان من مطر) . وذهب الأخفش أيضاً إلى عدم اشتراط أن يكون مجرورها نكرة. ينظر: معاني القرآن للأخفش 1/272، وشرح التسهيل 3/138، وأوضح المسالك 2/130، وشفاء العليل 2/657، والأشمونيّ 2/212، والصّبّان 2/211. 2 في أ: ذلك. 3 من الآية: 4 من سورة السّجدة. 4 من الآية: 3 من سورة فاطر. (زائدة) ساقطة من ب. 6 هو: سعيد بن مسعدة، أبو الحسن، الأخفش الأوسط: من أكابر النّحويّين البصريّين؛ كان من أعلم النّاس بالكلام، وأحذقهم بالجدل، قرأ النّحو على سيبويه، وقرأ عليه الكتاب أبو عمر الجرميّ والمازنيّ، وروى عنه أبو حاتم السّجستانيّ؛ ومن مصنّفاته: معاني القرآن، والعروض، والقوافي؛ توفّي سنة (215هـ) . يُنظر: أخبار النّحويّين البصريّين 66، وطبقات النّحويّين واللّغويّين 72، ونزهة الألبّاء 107، وإنباه الرّواة 2/36 - 43، وإشارة التّعيين 131، والبلغة 104. ورأي الأخفش موجود في معاني القرآن 1/272. وقال ابن مالك في شرح التّسهيل 3/138: "وبقوله: أقول؛ لثبوت السّماع بذلك نظمًا ونثرًا؛ فمن النّثر قوله تعالى: {وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَأِ المُرْسَلِينَ} [الأنعام: 34] ... ومن النّظم المتضمّن زيادة (مِنْ) في الإيجاب قولُ عمر بن أبي ربيعة: وَيَنْمِي لَهَا حُبُّهَا عِنْدَنَا ... فَمَا قَالَ مِنْ كَاشِحٍ لَمْ يَضُرّْ أراد: فما قال كاشحٌ لم يضر". ويُنظر: مقدّمة في النّحو 63، وشرح المفصّل 8/10، 137، وشرح الكافية الشّافية 2/798، وشفاء العليل 2/657، والأشمونيّ 2/212. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 219 وسيبويه1 لا يرى ذلك، ومنه قول إياس بن الأرتِّ2: فَإِنْ يَكُ خَيْرٌ أَوْ يَكُنْ3 بَعْضُ رَاحَةٍ ... فَإِنّكَ لاَقٍ4 مِنْ هُمُومٍ وَمِنْ كَرْبِ5 وتقع مكان (على) ، كقوله تعالى: {وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ} 6 أي: على القوم.   1 يُنظر: الكتاب 2/315، 316، 4/225. 2 إياس بن الأرتِّ الطّائيّ: شاعر إسلامي مُقِلّ، وفارسٌ كريم مُفْلقِ. يُنظر: شرح الحماسة للتّبريزيّ 1/423، وشعر طيّء وأخبارها في الجاهليّة والإسلام 2/533. 3 في أ: أو تكن. 4 في ب: لاقين. 5 هذا بيتٌ من الطّويل. والمعنى: أنّ الدهر لا يصفوا كدرُه؛ فكما تلقى الرّاحة تلقى الغمّ في مقابلها. والشّاهد فيه: (من هموم) على أنّ (مِنْ) زائدة في الموجِب؛ وهو مذهب الأخفش. يُنظر هذا البيت في: الحماسة 2/36، وشرح الحماسة للمرزوقيّ 3/1278، وشرح الحماسة للتّبريزيّ 3/137، والتّذكرة السّعديّة 306، 447، وشعر طيّء 2/534. 6 من الآية: 77 من سورة الأنبياء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 220 وتكون مكان (الباء) ، 1 كقوله تعالى: {يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللهِ} 2 أي: بأمر الله. [29/أ] وقد يكون دالاًّ على ضَرْبٍ من النّعت، كقوله تعالى3: {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوثَانِ} 4 أيْ: الرِّجس الْوَثَنِيّ5. وتكون بمعنى (في) ، كقوله تعالى: {أَرُونِي مَاذَا خَلَقُواْ مِنَ الأَرْضِ} 6. وتقع لابتداء الغاية في7 الزّمان، كقول امرئ القيس8: لِمَنِ الدِّيَارُ بِقُنَّةِ الْحِجْرِ؟ ... أَقْوَيْنَ9 مِنْ حِجَجٍ وَمِنْ دَهْرِ10   1 في ب: التّاء، وهو تصحيف. 2 من الآية 11 من سورة الرّعد. (تعالى) ساقطةٌ من ب. 4 من الآية 30 من سورة الحجّ. (من) في الآية الكريمة لبيان الجنس عند كثير من النحويين. ينظر: شرح المفصل 8/10، والمغني 420/، وجواهر الأدب 271. 6 من الآية 4 من سورة الأحقاف. 7 في أ: من. 8 هذا وهمٌ من الشّارح؛ والصّواب: أنّ هذا البيت لزُهير بن أبي سُلمى، كما أشارتْ بذلك جميع المصادر الّتي تعرّضت للبيت. 9 في ب: أقوفن، وهو تحريف. 10 هذا بيتٌ من الكامل، وهو لزُهير بن أبي سُلمى. و (القُنّة) - بضمّ القاف، وتشديد النّون-: أعلى الجبل. و (الحِجْر) : مدائن صالح مدينة أثرية تبعد عن العلا شمالاً 35كم وعن المدينة 356كم. ينظر: الآثار في شمال الحجاز 1/151-152. و (أقوين) : أي خَلَوْنَ من السُّكّان. و (حجج) : جمع حِجّة وهي: السّنَة. و (الدّهر) : الأبد الممدود. والاستفهام في قوله: (لمن الدّيار) للتّعجّب من شدّة خرابها، حتى كأنّها لا تُعرف ولا يُعرف سكّانها وأصحابها. والشّاهد فيه: (من حجج ومن دهر) حيث جاءت (مِنْ) لابتداء الغاية الزّمانيّة، والكوفيّون يستشهدون بهذ البيت لورود (من) لهذا المعنى، والبصريّون يُنكرون ذلك. فمنهم مَن ينكر نسبته إلى زُهير، ومنهم من يُنكر هذه الرّواية، ويذكُر أنّ الرّواية الصّحيحة (مذ حجج ومذ دهر) ؛ فإذا سُلِّم بصحّة الرّواية فللبصريّين عليه تخريجات، تُنظر في: الإنصاف 1/375. يُنظر هذا البيت في: الأزهيّة 283، والإنصاف 1/371، وشرح المفصّل 4/93، 8/11، وشرح الرّضيّ 2/321، ورصف المباني 386، وجواهر الأدب 270، والخزانة 9/439، والدّيوان 114 - وفيه (شهر) بدل (دهر) . وقوله: (من حجج ومن شهر) يريد: من مَرّ حجج ومن مَرّ شهور؛ فاجتزأ بالواحد عن الجمع؛ لأنّه اسم جنس يدلّ على ما كثُر منه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 221 وكقول الآخر: مِنْ عَهْدِ عَادٍ كَانَ مَعْرُوفًا لَنَا ... أَسْرُ المُلُوكِ وقَتْلُهَا وَقِتَالُهَا1 (إِلَى) : حرف جرٍّ يدخل على الظّاهر والمُضْمَر؛ وله مَعَانٍ: أَحَدُها: انتهاء الغاية، كقولك: (وصلتُ إلى المدينة) .   1 هذا بيتٌ من الكامل، وهو لبَشامة بن الغدير. والشّاهد فيه: (من عهد عاد) على أنّ (مِنْ) تأتي لابتداء الغاية الزّمانيّة؛ هذا عند الكوفيّين، والبصريّون يُنكرون ذلك. يُنظر هذا البيت في: الحماسة 10/225، وشرح الحماسة للمرزوقيّ 1/396، والتّذكرة السّعديّة 1/88، والخزانة 7/123. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 222 وتكون بمعنى (مَعَ) ، كقوله تعالى: {وَلاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُم} 1، وتقول العرب: "الذَّوْدُ إِلَى الذَّوْدِ إبِلٌ"2 أي: مع الذّوْدِ. وقد تأتي بمعنى (عند) ، كقول [أبي3] كَبِير4: أَمْ لاَ سَبِيلَ إِلَى الشَّبَابِ وَذُِكْرُهُ ... أَشْهَى إِلَيَّ مِنَ الرَّحِيقِ السَّلْسَلِ5   1 من الآية: 2 من سورة النّساء. 2 هذا مَثَلٌ يُضْرب في اجتماع القليل إلى القليل حتى يؤدِّي إلى الكثير. والذّودُ: لا يوحّد، وقد يُجمع (أذوادًا) ؛ وهو اسم مؤنّث يقع على قليل الإبل، ولا يقع على الكثير، وهو ما بين الثّلاث إلى العشر إلى العشرين إلى الثّلاثين ولا يجاوز ذلك. يُنظر هذا المَثَل في: كتاب الأمثال لأبي عُبيد 190، وجمهرة الأمثال 1/462، ومجمع الأمثال 2/6. 3 ما بين المعقوفين زيادة من ب. 4 في كلتا النسختين: كثير، وهو تصحيف. وأبو كَبِير هو: عامر بن الحُلَيْس أحدُ بني سَعْد بن هُذيل: شاعر، صحابي، اشتُهر بكنيته؛ قيل: إنّه أسلم ثم أتى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقال: (أَحِلَّ لي الزّنا) ، فقال: "أتحبُّ أن يُؤتى إليك مثل ذلك؟ "، قال: (لا) ، قال: "فارض لأخيك ما ترضى لنفسك"، قال: (فادعُ الله أن يُذهب ذلك عنّي) . يُنظر: ديوان الهذليّين 2/89، والشّعر والشّعراء 446، وأُسد الغابة 6/262، والإصابة 7/284، والخزانة 8/209. 5 هذا بيتٌ من الكامل. و (الرّحيق) : الخمر. و (السّلسل) : اللّينة الباردة. والشّاهد فيه: (أشهى إِليَّ) حيث جاءت (إلى) بمعنى (عند) . يُنظر هذا البيت في: ديوان الهذليّين 2/89، وشرح أشعار الهذليّين 3/1069، وشرح الكافية الشّافية 2/801، والجنى الدّاني 389، والمغني 105، والهمع 4/155، والأشمونيّ 2/214. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 223 وقد تأتي مكان (في) ، كقول النّابغة1: [29/ب] فَلاَ تَتْرُكَنِّي بِالوَعِيدِ2كَأَنَّنِي ... إِلَى النَّاسِ مَطْلِيٌّ بِهِ القَارُ أَجْرَبُ3 وكقول طَرَفة4: وَإِنْ يَلْتَقِ5 الحَيُّ الْجَمِيعُ تُلاقِنِي6 ... إِلَى ذِرْوَةِ البَيْتِ العَتِيقِ المُعَمَّدِ7   1هو: زياد بن معاوية، ويكنى أبا أُمامة: شاعرجاهليّ، من الطبقةالأولى، كانت تُضرب له قُبّة بسوق عكاظ؛ فتقصده الشّعراء فتَعرض عليه أشعارها؛ مات في الجاهليّة. يُنظر: طبقات فحول الشّعراء 1/51، والشّعر والشّعراء 83، والخزانة2/135، والأعلام 3/54. 2 في ب: بالوعد، وهو تحريف. 3 هذا بيتٌ من الطّويل. و (الوعيد) : التّهديد. و (القار) : القَطِران. و (أجرب) : به داءُ الجَرَب. وإنّما شبّه نفسه بالبعير الأجرب المطليّ بالقطران؛ لأنّ النّاس يطردونه إذا أراد الدّخول بين إبلهم لئلاّ يُعْدِيَهَا بدائِه. والشّاهد فيه: (إلى النّاس) حيث جاءت (إلى) بمعنى (في) . يُنظر هذا البيت في: الأزهيّة 273، وأمالي ابن الشّجريّ 2/608، ورصف المباني 169، والجنى الدّاني 387، والمغني 105، والهمع 4/154، والأشمونيّ 2/214، والخزانة 9/465، والدّرر 4/101، والدّيوان 73. 4 هو: طَرَفَة بن العَبْد البكريّ: شاعرٌ جاهليّ، وأحد أصحاب المعلَّقات؛ تَغلِبُ الحكمة على لسانه في أكثر شعره، قُتِل وهو ابن عشرين سنة. يُنظر: طبقات فحول الشّعراء 1/137، والشّعر والشّعراء 103، والخزانة 2/419. 5 في كلتا النسختين يلتقي. 6 في ب: تلاقيني، وهو تحريف. 7 هذا بيتٌ من الطّويل. و (إلى ذروة البيت) أي: في ذروة البيت؛ وذروة كلّ شيء: أعلاه. والمعنى: إذا التقى الحيّ الجميع بعد افتراقهم، وجدتّني في موضع الشّرف منهم، وعُلوّ المنزلة. والشّاهد فيه: (إلى ذروة البيت) حيث جاءت (إلى) بمعنى (في) . يُنظر هذا البيت في: الأصول 1/415، والأزهيّة 274، وأمالي ابن الشّجريّ 2/608، ورصف المباني 169، والخزانة 9/469، والدّيوان 29. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 224 أي: في ذروة [البيت] 1. (فِي) : حَرْفُ جرٍّ يدخل على الظّاهر والمُضْمَر؛ وله مَعَانٍ: أَحَدُها: الوِعَاءُ والظّرفيّة، كقولك: (زيدٌ في المسجد) و (الخير فيه) . ومن ذلك قولُ سُوَيد بن أبي كَاهِل2: هُمُ صَلَبُوا العَبْدِيَّ فِي جِذْعِ نَخْلَةٍ ... فَلاَ عَطَسَتْ3 شَيْبَانُ4 إِلاَّ بِأَجْدَعَا5   1 ما بين المعقوفين ساقطٌ من ب. 2 هو: غُطيف بن حارثة اليشكُريّ، ويكنى أبا سعد، وهو شاعر مقدَّم، مخضرَم، أدرك الجاهليّة والإسلام، عَدّه ابن سلاّم في الطّبقة السّادسة من فحول الجاهليّة. يُنظر: طبقات فحول الشّعراء 1/152، والشّعر والشّعراء 270، والأغاني13/114، والخزانة 6/125. 3 في كلتا النّسختين: عطشت، وهو تصحيف. 4 في ب: شبيان، وهو تصحيف. 5 هذا بيتٌ من الطّويل، وهو لسُويد بن أبي كَاهل اليشكُريّ؛ ونُسب إلى امرأة من العرب - كما ذكر ابن جِنِّي في الخصائص 2/313 -، ونُسب - مع بيتن آخرين - إلى قُراد بن حَنَش الصّارِديِّ - في الحماسة البصريّة 1/263 -. و (العبديّ) : نسبة إلى عبد القيس. و (الأجدع) : وصفٌ للأنف المقطوع. والتقدير: فلا عطست شيبان إلا بأنفٍ أجدع؛ فحذف الموصوف، ودعا عليهم بجدع الأنوف لصلبهم العبديّ. والشّاهد فيه: (في جذع نخلة) حيث جاءت (في) بمعنى (على) . يُنظر هذا البيت في: مجاز القرآن 2/24، 234، والمقتضب 2/319، والصّاحبيّ 239، والأزهيّة 268، وأمالي ابن الشّجريّ 2/606، ورصف المباني 451، والمغني 183. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 225 وقد تأتي بمعنى (مَعَ) ، كقول الشّاعر: إِذَا أُمُّ سِرْدَاحٍ غَدَتْ فِي ظَعَائِنٍ1 ... جَوَالِسَ نَجْدًا فَاضَتِ العَيْنُ تَدْمَعُ2 وقد تكون مكان (بعد) ، كقوله تعالى: {وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ} 3 [أي: بعد عامين] 4. وقد تقع موقع (مِنْ) ، كقول امرئ القيس: وَهَلْ يَعِمَنْ5 مَنْ كَانَ أَقْرَبَ عَهْدِهِ ... ثَلاَثُونَ6 شَهْرًا فِي7 ثَلاَثَةِ أَحْوَالِ8   1 في كلتا النسختين: ضعائن، والصواب ما هو مثبت. 2 هذا بيتٌ من الطّويل، وهو لدرَّاج بن زُرْعَة الضّبابيّ، وقيل: لبعض أُمراء مكّة. (أم سرداح) : امرأة. و (السِّرْداح) : القويّ الشّديد التّامّ من الرّجال. و (الظّعائن) : جمع ظعينة وهي: المرأة في الهودَج. و (جوالس نجدًا) : يقال: جَلَسَ فُلانٌ: إذا أتى نَجْدًا، ويُقال لنجدٍ: الجَلْسُ. والشّاهد فيه: (في ظعائن) يريد: مع ظعائن، فجاءت (في) بمعنى (مع) . يُنظر هذا البيت في: ديوان الهذليّين 3/46، والوحشيّات 31، والمقتضب 2/178، والأزهيّة 269، وأمالي ابن الشّجريّ 2/607، واللّسان (سرح) 2/482. 3 من الآية: 14 من سورة لقمان. 4 ما بين المعقوفين ساقطٌ من ب. 5 في ب: ينعمن، وهو تصحيف. 6 في الدّيوان وجميع المصادر: (ثلاثين) على أنه خبرٌ لـ (كان) ، وعند الشّارح على أنّها اسمٌ لـ (كان) . 7 في أ: أو. 8 هذا بيتٌ من الطّويل. والمعنى: كيف ينعم من كان أقرب عهده بالرّفاهيّة ثلاثين شهرًا من ثلاثة أحوال. والشّاهد فيه: (في ثلاثة أحوال) حيث جاءت (في) بمعنى (مِنْ) . يُنظر هذا البيت في: الخصائص 2/313، ورصف المباني 453، والجنى الدّاني 252، والمغني 225، والهمع 4/193، والخزانة 1/62، والدّيوان 27. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 226 أي: من ثَلاثَة أحوال. [3/ أ] وتأتي بمعنى (الباء) ، كقول الشّاعر: وَتَرْكَبُ يَوْمَ الرَّوْعِ مِنَّا فَوَارِسٌ ... بَصِيرُونَ فِي طَعْنِ الكُلَى1 وَالأَبَاهِرِ2 (حَتَّى) : تكون حرفَ جرٍّ، وغير حرف جرٍّ؛ فإذا كان جارًّا فهو يدخل على الظّاهر. ومعناه: انتهاء الغاية كـ (إلى) .   1 جميع المصادر الّتي تعرّضت للبيت أوردته هكذا: (فِي طَعْنِ الأَبَاهِرِ وَالكُلَى) . 2 هذا بيتٌ من الطّويل، وهو لزيد الخيل. و (يوم الرّوْع) : اليوم الّذي يفزع النّاس فيه، وأراد به: يوم الحرب. و (بصيرون) : عارفون. و (الأباهر) : جمع أبهر، وهو: عرق مستبطَنٌ في الصّلب، والقلب متّصلٌ به، فإذا انقطع لم تكن معه حياة. و (الكُلى) : جمع كُلْية، وللإنسان والحيوان كُلْيَتان؛ وهما: لحمتان مُنْتَبِرتَان حَمْروان لازقتان بعظم الصّلب. والمعنى: في اليوم الّذي يفزَع فيه النّاس ويرهبون - وهو يوم الحرب- تركب مِنَّا فرسان شجعان مدرّبون على الحرب خبيرون بطعن المقاتل الّتي تقضي على الأعداء. والشّاهد فيه: (بصيرون في طعن) حيث جاءتْ (في) بمعنى (الباء) . يُنظر هذا البيت في: نوادر أبي زيد 80، والأزهيّة 271، وأمالي ابن الشّجريّ 2/607، والجنى الدّاني 251، والمغني 224، والخزانة 9/493، والدّيوان 67. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 227 وإذا ابتدئَ بعدها الكلام؛ فلك في الاسم الواقع بعدها ثلاثة أوجُهٍ: الجرُّ بمعنى (إِلَى) ؛ والنّصب لكونها1 حرف عطفٍ. والرّفع لكون2 الاسم الواقع بعدها مبتدأً؛ فمن ذلك: (أَكَلْتُ السَّمَكةَ حتَّى رَأْسِها) أي: إِلَى رَأْسِها؛ و (حتَّى رَأْسَها) أي: ورَأْسَها؛ (وحتَّى رَأْسُها) أي: حتّى رَأْسُها مأكولٌ؛ [وعلى ذلك] 3 أنشدوا4: أَلْقَى الصَّحِيفَةَ كَيْ يُخَفِّفَ رَحْلَهُ ... وَالزَّادَ حَتَّى نَعْلَهُ أَلْقَاهَا5   1 في كلتا النّسختين: كونها، وما أثبتّه هو الأولى. 2 في كلتا النسختين كون وما أثبته هو الأولى. (وعلى ذلك) ساقطة من ب. 4 في ب: وأنشد. 5 هذا بيتٌ من الكامل، نسبه سيبويه - في الكتاب 1/97 - لابن مروان النّحويّ، ويُنسب للمتلمّس في ملحق ديوانه 327، ولمروان بن سعيد النّحويّ في مُعْجَمِ الأُدباء 19/146، وبُغية الوُعاة 2/284. والشّاهد فيه: (حتّى نعله ألقاها) حيث يجوز في (حتَّى) ثلاثة أوجه: الرّفع على أنّ (حتّى) ابتدائيّة، و (نعله) مبتدأ، وجملة (ألقاها) في محلّ رفع خبر المبتدأ؛ والنّصب على أنْ يكون (نعله) مفعولاً لفعل محذوف يفسّره المذكور بعده، والتّقدير: حتّى ألقى نعله. ويجوز أنْ تكون (حتّى) عاطفة بمعنى الواو، ويكون (نعله) معطوف على (الزّاد) عطف مفرد على مفرد. والجرُّ على أنَّ (حتى) حرف جرّ وغاية، و (نعله) مجرور بها. يُنظر هذا البيت في: الأصول 1/425، وأسرار العربيّة 269، وشرح المفصّل 8/19، ورصْف المباني 258، والجنى الدّاني 547، 553، والخزانة 3/21. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 228 برفع (النّعل) ، وجرِّها، ونصبِها. وممّا جاء بعده المبتدأ والخبر قولُ1 جَرِيْرٍ: فَمَا زَالَتِ القَتْلَى تَمُجُّ دِمَاءَهَا ... بِدِجْلَةَ حَتَّى مَاءُ دِجْلَةَ أَشْكَلُ2 (عَلَى) : حرف جرٍّ يدخل على الظّاهر والمُضْمَر؛ وله مَعَانٍ: أَحَدُها: [30/ ب] الاستعلاء، كقولك: (رَكِبْتُ عَلَى الفَرَسِ) . وقد تكون بمعنى (عند) ، كقولك: (لَهُ عَلَيَّ دَيْنٌ) . وتكون بمعنى (في) ، كقولهم: (أتيتُه على عَهْدِ فلان) أي: في عهده، ومنه قولُ الشّاعر: وَصَلِّ عَلَى حِينِ العَشِيَّاتِ وَالضُّحَى ... وَلاَ تَعْبُدِ3 الشَّيْطَانَ وَاللهَ فَاعْبُدَا4   1 في ب: ومنه قول. 2 هذا بيتٌ من الطّويل. و (القتلى) : جمع قتيل. و (تَمُجُّ) : تقذف. و (دجلة) : النّهر الّذي يمرّ ببغداد؛ لا ينصرف للعَلَميّة والتّركيب. و (أشكل) هو: حُمرة مختلطة ببياض، والشّكلة كالحُمرة وزنًا ومعنى، لكن يخالطها بياض، وهو مأخوذٌ من أشكل الأمر أي: التبس. والشّاهد فيه: (حتى ماء دجلة) حيث جاءت (حتّى) ابتدائيّة تليها الجملة الاسميّة. ينظر هذا البيت في: الأزهيّة 216، وأسرار العربيّة 267، وشرح المفصّل 8/18، والجنى الدّاني 552، والمغني 173، والخزانة 9/479، والدّيوان 1/143. 3 في ب: ولا يعبد. 4 هذا بيتٌ من الطّويل، وهو للأعشى الكبير. والبيت في رواية الشّارح ملفّقٌ من بيتين وَرَدَا في الدّيوان هكذا: وَذَا النُّصُبِ الْمَنْصُوبَ لاَ تَنْسُكَنَّهُ ... وَلاَ تَعْبُدِ الأَوْثَانَ وَاللهَ فَاعْبُدَا وَصَلِّ عَلَى حِينِ العَشِيَّاتِ وَالضُّحَى ... وَلاَ تَحْمَد الشَّيْطَانَ وَاللهَ فَاحْمَدَا الدّيوان 137. والشّاهد فيه: (على حين العشيّات) حيث جاءت (على) بمعنى (في) أي: في حين العشيّات. يُنظر هذا البيت في: الأزهيّة 275، وأمالي ابن الشّجريّ 2/609، وشرح المفصّل9/39، والمغني 486. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 229 وتكون بمعنى (مِنْ) ، كقوله تعالى: {الَّذِيْنَ إِذَا اكْتَالُواْ عَلَى النَّاسِ} 1 أي: من النّاس. وتقع موقع (عَنْ) ، كقول العُقَيليِّ2: إِذَا رَضِيَتْ عَلَيَّ بَنُو قُشَيْرٍ ... لَعَمْرُ اللهِ يُعْجِبُنِي رِضَاهَا3   1 من الآية: 2 من سورة المطفّفين. 2 هو: القُحَيْف بن خُمَيْر بن سُلَيْم العُقَيْليِّ: شاعرٌ مُقِلٌّ من شعراء الإسلام. يُنظر: طبقات فحول الشّعراء 2/770، والأغاني 24/77، والخزانة 10/139. 3 هذا بيتٌ من الوافر. و (بنو قُشَير) : قبيلة تُنسب إلى كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة. و (لعمر اللهِ) : المراد الحلف بإقراره لله تعالى بالخلود والبقاء بعد فناء الخلق. والشّاهد فيه: (رضيتْ عليَّ) حيث جاءت (على) بمعنى (عن) . يُنظر هذا البيت في: نوادر أبي زيد 176، والمقتضب 2/320، والأزهيّة 277، وأمالي ابن الشّجريّ 2/610، ورصف المباني 434، والخزانة 10/132، 133، وشعراء بني عُقيل وشعرهم 2/202. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 230 وقد تلمح فيه الاسميّة بدخول حرف الجرّ عليه، كقول الشّاعر: غَدَتْ مِنْ عَلَيْهِ بَعْدَ مَا تَمَّ ظِمْؤُهَا1 ... [تَصِلٌّ] 2 وَعَنْ قَيْضٍ3 بِزَيْزَاءَ مَجْهَلِ4 وتكون بمعنى (الباء) ، كقولك5: (سِرْ على اسمِ الله) . (عَنْ) : حرف جَرٍّ يدخل على الظّاهر والمُضْمَر؛ وله مَعَانٍ: أَحَدُها: المجاوزة، كقولك: (بلغني عن زيدٍ حديث) أي: جاوزه. وقد تكون مكان (من أجل) ، قال لبيد: لوِرْدٍ تَقْلِصُ الْغِيْطَانُ6 عَنْهُ7 ... ............................   1 في ب: ضمّها، وهو تحريف. 2 ما بين المعقوفين ساقطة من ب، وفي أ: تصدُّ، وهو تحريف. 3 في كلتا النسختين فيض، والصواب ما هو مثبت. 4 هذا بيتٌ من الطّويل، وهو لِمُزَاحِم بن الحارث العُقَيْليِّ. و (الظِّمْءُ) : مدّة صَبْرِها عن الماء، وهو ما بين الشّرب إلى الشّرب. و (تَصِلُّ) : تُصوِّت، أي: يُسمع لأحشائها صليل من يبس العظم. و (القَيْضُ) : قِشْرُ البيض. و (الزِّيزَاء) : البيداء. و (مجهل) : الصّحراء الّتي يُجهل فيها؛ إذْ لا علامة فيها. والمعنى: إنّ هذه القَطَاة انصرفت من فوق فِرَاخها بعدما نفد صبرها عن الماء، تصوّت أحشاؤها لعطشها، بسبب بعد عهدها عن الماء. والشّاهد فيه: (من عليه) على أنّ (على) فيه اسم بمعنى (فوق) ؛ بدليل دخول حرف الجرّ عليه. يُنظر هذا البيت في: الكتاب 4/231، ونوادر أبي زيد 163، والمقتضب 3/53، والأزهيّة 194، وشرح المفصّل 8/38، ورصف المباني 433، والخزانة 10/147، 150، وشعرُه -ضمن مجلّة معهد المخطوطات العربيّة، المجلّد 22 - 1/120. 5 في ب: كقولهم. 6 في كلتا النّسختين: الغيلان، والصّواب ما هو مثبت. 7 هذا صدر بيتٍ من الوافر، وعجزه: يَبُذُّ مَفَازَةَ الْخِمْسِ الْكَمَالِ وهو للبيد، من أبيات له يصفُ فيها الحمار والأتن. و (الورد) : بمعنى الورود. و (الغيطان) : المواضع المطمئنّة من الأرض. و (تقلص) : تقصر. و (يبذّ) : يقطع. و (الخمس) : وُرود الماء في اليوم الخامس. و (الكمال) : الكامل. والشّاهد فيه: (عنه) حيث جاءت (عن) بمعنى (من أجل) أي: من أجله. يُنظر هذا البيت في: أدب الكاتب 406، وحروف المعاني للزّجّاجيّ 80،والاقتضاب 445، وشرح أدب الكاتب للجواليقيّ 267، والدّيوان 107. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 231 أي: من أَجْلِهِ. [31/ أ] وتُستعمل بمعنى (اللاّم) ، نحو: (لَقِيْتُه كَفَّةً عَنْ كَفَّةٍ) أي: لِكَفَّةٍ. وتكون بمعنى (على) ، كقوله تعالى: {وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ} 1 أي: على نفسه، ومنه قولُ الشّاعر: وَرَجِّ الْفَتَى لِلْخَيْرِ مَا إِنْ رَأَيْتَهُ ... عَنِ السِّنِّ خَيْرًا لاَ يَزَالُ يَزِيدُ2   1 من الآية: 38 من سورة محمّد. 2 هذا بيتٌ من الطّويل، وهو للمَعْلُوط بن بَدَل القُرَيْعِيّ. والمعنى: يريد أنّك إذا رأيت الفتى يزداد خيرًا كلّما عَلَتْ به السّنّ، فترقّب منه الخير الوافر، وأمِّل فيه الأمل البعيد. والشّاهد فيه: (عن السّنّ) حيث جاءت (عن) بمعنى (على) أي: على السّنّ. يُنظر هذا البيت في: الكتاب 4/222، وحروف المعاني 81، والخصائص 1/110، والأزهيّة 96، وشرح المفصّل 8/130، والمقرّب 1/97، وأوضح المسالك 1/173، والخزانة 8/443. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 232 أي: على السِّنّ. وتكون1 بمعنى (مِنْ) ، كقوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ} 2 أي: من عباده. وتكون بمعنى (الباء) ، كقوله تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الهَوَى} 3 أي: بالهوى. ومنه قولهم: (رميت عن القوس) أي: بالقوس4، قال امرؤ القيس: تَصُدُّ وَتُبْدِي عَنْ أَسِيْلٍ وَتَتَّقِي5 ... ............................. وتكون بمعنى (بعد) ، كقوله تعالى: {لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَق} 6،   1 في أ: ويكون. 2 من الآية: 25 من سورة الشّورى. 3 سورة النّجم، الآية: 3. 4 قال الفرّاء: "العرب تقول: (رميت عن القوس) و (بالقوس) و (على القوس) ". معاني القرآن 2/267. ويُنظر: تأويل مشكل القرآن 569، وأدب الكاتب 399، والأزهيّة 279. 5 هذا صدرُ بيتٍ من الطّويل، وعجزه: بِنَاظِرَةٍ مِنْ وَحْشِ وَجْرَةَ مُطْفِلِ و (الصّدّ) : الإعراض. و (الأسيل) : الخدّ الليّن السّهل. والشّاهد فيه: (عن أسيلٍ) حيث جاءت (عن) بمعنى (الباء) . يُنظر هذا البيت في: الأزهيّة 279، ورصف المباني 432، واللّسان (وجر) 5/280، والجنى الدّاني 249، والخزانة 10/125، والدّيوان 16. 6 سورة الانشقاق، الآية: 19. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 233 ومنه قولُ الْعَجَّاج1: وَمَنْهَلٍ وَرَدْتُهُ عَنْ مَنْهَلٍ2 أَيْ: بَعْدَ مَنْهل. ومنه قولُ3 الحارث بن عُبَادٍ4: قَرِّبَا مَرْبِطَ النَّعَامَةِ مِنِّي ... لَقِحَتْ حَرْبُ وَائِلٍ عَنْ حِيَالِ5   1 هو: عبد الله بن رؤبة بن لبيد بن صخر التّميميّ، ويكنى أبا الشّعثاء ـ وهي ابنته ـ، راجزٌ مشهورٌ، وهو أوّل من رفع الرّجز وساواه بالقصيد؛ لقي أبا هريرة - رضي الله عنه -، وسمع منه أحاديث؛ مات أيّام الوليد بن عبد الملك بعد إصابته بالفالج؛ وهو والد رؤبة الرّاجز المشهور أيضًا. يُنظر: الشّعر والشّعراء 392، والأعلام 4/86. 2 هذا بيتٌ من الرّجز. و (المنهل) : مورد الماء تَرِدُه الإبل في المراعي. والشّاهد فيه: (عن منهل) حيث جاءت (عن) بمعنى (بعد) . يُنظر هذا البيت في: الأزهيّة 280، وأمالي ابن الشّجريّ 2/612، ورصف المباني 431، والمغني 197، وجواهر الأدب 324، والدّيوان 181. 3 في ب: وكقول. 4 هو: الحارث بن عُبَادٍ بن قيس بن ثعلبة البكريّ: من حُكّام ربيعة وفرسانها المعدودين؛ اعتزل حرب البسوس في مبدئها، حتى قتل المهلهل ابنه بجيرًا، فغضب، وقال القصيدة الّتي منها هذا البيت. يُنظر: الأعلام 2/156. 5 هذا بيتٌ من الخفيف. و (النّعامة) : اسمُ فَرَسِه. ويُروى: (مَرْبَط) و (مَرْبِط) - بفتح الباء وكسرها -؛ فمن فتح أراد المصدر، ومن كسر أراد موضع الرّبط؛ والمربَط - بكسر الميم، وفتح الباء -: الحَبْلُ. و (لقحت) حملت. و (الحيال) : من حالت النّاقة أي: لا تحمل. والشّاهد فيه: (عن حيال) حيث جاءت (عن) بمعنى (بعد) ، أي: بعد حيال. يُنظر هذا البيت في: الأصمعيّات 71، والكامل 2/776، والأزهيّة 280، وأمالي ابن الشّجريّ 2/612، ورصف المباني 430، واللّسان (عنن) 13/295، والخزانة 1/472. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 234 وقيل فيه: إنّه لدخول حرف الجرّ عليه اسم؛ لامتناع دخول الحرف على الحرف، وأنشدوا1: فَلَقَدْ أُرَانِي للرِّمَاحِ دَريَّةً ... مِنْ عَنْ يَمِيْنِي تَارَةً وَأَمَامِي2 [31/ ب] (مُذْ) و (مُنْذُ) : حرفان؛ معناهما: ابتداء الغاية في الزّمان كـ (مِنْ) في المكان3. فـ (مُذْ) : مبنيّ على السّكون، و (مُنْذُ) : على الضَّمّ؛ فتقول: (لَمْ أَرَهُ   1 في ب: وأنشد. 2 في أ: وشمالي. وهذا البيت من الكامل، وهو لِقَطَرِيِّ بن الفُجَاءَةِ. والمعنى: يصف نفسه بالشّجاعة، والصّبر على الجِلاد في مَعْمَعَةِ الحرب حين يفرّ الأبطال، فتتقاذف نحوه رماح الأعداء ونِبالُهم، وتأتيه مِن كلّ جانب، وهو ثابت. أو يريد: أنّ المحاربين معه يتّخذونه وِقايةً يتّقون به رماح الأعداء؛ لشجاعته وصبره. والشّاهد فيه: (مِن عن يميني) على أنّ (عن) اسمٌ بمعنى جانب؛ لدخول حرف الجرّ عليها. يُنظر هذا البيت في: شرح الحماسة للمرزوقيّ 1/136، وأسرار العربيّة 255، وشرح المفصّل 8/40، والمغني 199، وابن عقيل 2/30، والأشمونيّ 2/226، والخزانة 10/158، وديوان شعر الخوارج 126. (مُذْ) و (مُنْذُ) لابتداء الغاية في الزّمان، كما كانت (مِنْ) لابتداء الغاية في المكان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 235 مُنْذُ يَوْمُ الجمعة) و (لَمْ أَرَهُ مُذْ اليومُ) ؛ فإذا جُرَّ الزّمان بعدهما فهما حرفا جرٍّ بمعنى (مِنْ) مع الماضي، وبمعنى (في) مع الحاضر كما تقدّم. فإذا أتى بعدهما الفعل حُكِمَ باسميّتهما، [و] 1 كونهما ظرفين2. قال سيبويه3: "وممّا يُضاف إلى الفعل قولك: ما رأيته مُذْ كان عندي، ومُنْذُ جاءني"، ومنه قولُ الفرزدق: مَا زَالَ مُذْ عَقَدَتْ يَدَاهُ إِزَارَهُ ... فَسَمَا فَأَدْرَكَ خَمْسَةَ الأَشْبَارِ يُدْنِي4 كَتَائِبَ مِنْ كَتَائِبَ تَلْتَقِي ... فِي ظِلِّ مُعْتَركِ الْعَجَاجِ مُثَارِ5 وقد يُضافان إلى جملة اسميّةٍ، كقول الآخر:   1 ما بين المعقوفين زيادةٌ مِنِّي يقتضيها السّياق. 2 في ب: طرفين. 3 نَصُّ كلام سيبويه في الكتاب 3/117 ما يلي:"وممّا يُضاف إلى الفعل أيضًا قولك: ما رأيتُه مُنْذُ كان عندي، ومُذْ جاءني". 4 في ب: يدي، وهوتحريف. 5 هذا بيتٌ من الكامل. و (إزاره) : مئزره. (فسما) : ارتفع وشبّ، من السّموّ وهو: العلوّ. و (أدرك) : بلغ ووصل. و (يدني) : يقرِّب. و (كتائب) جمع كتيبة؛ وهي: الجيش. و (المعترَك) : موضع الاعتراك، وهو المحارَبة. و (العَجاج) : الغُبار. والمعنى: يصف الشّاعر يزيد بن المهلّب بأنّ مخايِل النّجابة بَدَتْ عليه منذ طفولته؛ فهو رجل جِدٍّ وحرب، يقرِّب الكتائب، ويضرم نار الحرب في ظلّ غبارها الثّائر. والشّاهد فيه: (مذ عقدت) حيث أضيف (مذ) إلى الجملة الفعليّة. يُنظر هذا البيت في: في المقتضب 2/176، وشرح المفصّل 2/121، وشرح الكافية الشّافية 2/815، وابن النّاظم 373، والجنى الدّاني 504، والمغني 442، والخزانة 1/216، والدّيوان 1/305. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 236 وَمَا زِلْتُ مَحْمُولاً عَلَيَّ ضَغِينَةٌ ... ومُضْطَلِعَ الأَضْغَانِ1 مُذْ أَنَا يَافِعُ2 وقيل: الغالب على (مُذْ) 3 الاسميّة؛ لوُقوع الحذف فيها4 والتّصغير/ كقولهم: (مُنَيْذٌ) . [32/ أ] والغالِبُ على (مُنْذُ) الحرفيّة5. والأجود أَن يُجرَّ بـ (مُنْذُ) ماضي الزّمان وحاضره، وأن يُجرَّ بـ (مُذْ) حاضر الزّمان، ويرفع ماضيه؛ فتقول: (ما رأيته مُذْ اليومُ) و (لم أَرَهُ مُذ يومان) أي: أَمَدُ6 انقطاع الرّؤية يومان؛   1 في ب: الأضعان وهو تصحيف. 2 هذا بيتٌ من الطّويل، وهو للكُمَيْتِ بن مَعْرُوفٍ الأَسَدِيّ. ومعناه - كما ذكر الشّنتمريّ -:"وصف ما جُبِلَ عليه من عزّة النّفس، وبُعد الهمّة؛ فيقول: لم أزل مُحَسَّدًا يُضْطغن عليّ، ومُضْطّلِعًا للأضغان على العَدوّ ومطالِبًا له؛ والمضطّلع ها هنا: الحامل بين أضلاعه الضّغينة والعداوةَ؛ واليافع: الّذي ناهز الحُلُم". تحصيل عين الذّهب 256. والشّاهد فيه: (مذ أنا يافع) حيث أضيف (مُذْ) إلى الجملة الاسميّة. يُنظر هذا البيت في: الكتاب 2/45، والنّكت 1/462، وشرح الكافية الشّافية 2/815، وابن النّاظم 373، والجنى الدّاني 504، وشعره ضمن شعراء مقلّون 173. 3 في ب: مُنذُ، وهو تحريف. 4"لأنّه محذوف من (مُنْذُ) ، والحذف حقّه أنْ يكون من الأسماء؛ لتصرّفها وتمكّنها". التّبصرة 1/284. ويُنظر: أسرار العربيّة 270. 5 "لأنّه في الزّمان بمنزلة (مِنْ) في المكان". التّبصرة 1/284. 6 في ب: ابتداء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 237 فتحلّ (مُذ) محلّ المبتدأ، و (يومان) الخبر1. والحَاصِلُ: أَنَّ (مُذْ) و (مُنْذُ) لا يخلوان من أَنْ يكونا حرفي جرٍّ، بمعنى: [ (مِن) ] 2 أو (فِي) ، أو اسمين بمعنى: (أوّل3 المدّة) ؛ [أو] 4 جميعها. (حاشا) : حَرْفٌ؛ معناه: الاستثناء مع تنزيه المستثنى. وهو يَجُرُّ ما بعده5، ويدخل على الظّاهر والمُضْمَر6. ومِن عمله قولُ الشّاعر7: حَاشَا أَبِي ثَوْبَانَ إِنَّ بِهِ ... ضَنًّا عَنِ المَلْحَاةِ8 وَالشَّتْمِ9   1 يُنظر: شرح عيون الإعراب 204، 205، وأسرار العربيّة 271. (مِنْ) ساقطة من ب. 3 في ب: أوال. (أو) ساقطة من ب. 5 قال ابن يعيش 8/47:"اعلم: أنّ (حاشا) عند سيبويه حرفٌ يجرّ ما بعده كما يجرّ (حتّى) ما بعده؛ وفيه معنى الاستثناء؛ فهو من حروف الإضافة، يدخل في باب الاستثناء؛ لمضارعة (إلاّ) بما فيه من معنى النّفي؛ إذْ كان معناه التّنزيه والبراءة". ويُنظر: الكتاب 2/309، 349. 6 المضمر نحو قولك: حاشاي، فحاشا هنا حرف جر؛ إذ لو كانت فعلاً لزم نون الوقاية قبل ياء المتكلم. ينظر: حاشية يا سين على شرح الفاكهي لقطر الندى 2/159. 7 في ب: قول النّابغة، وهو خطأ. 8 في ب: الملحمات، وهو تحريف. 9 هذا بيتٌ من الكامل، وهو للجُمَيْحِ الأسديّ. وقد لفّق النُّحاة هذا البيت من بيتين، وصواب الإنشاد هكذا: حَاشَا أَبِي ثَوْبَانَ إِنَّ أَبَا ... ثَوْبَانَ لَيْسَ بِبُكْمَةٍ فَدْمِ عَمْرَو بنَ عَبْدِاللهِ إِنَّ بِهِ ... ضَنًّا عَنِ الْمَلْحَاةِ وَالشَّتْمِ والشّاهد فيه: (حاشا أبي ثوبان) فقد استدلّ به الشّارح على أنّ (حاشا) تجرّ ما بعدها. يُنظر هذا البيت في: المفضّليّات 367، والأصمعيّات 218، والإنصاف 1/280، وشرح المفصّل 8/47، والجنى الدّاني 562، 563، والمغني 166، والهمع 3/284. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 238 وقد جعله بعضُهم فِعْلاً1 وَصرَّفه، كقول النّابغة2: ..................................... ... وَمَا أُحَاشِي مِنَ الأَقْوَامِ مِنْ أَحَدِ3 وأنشد4 الأخفش: رَأَيْتُ النَّاسَ مَا حَاشَا قُرَيْشًا ... فَإِنَّا نَحْنُ أَكْثَرُهُمْ فَعَالاَ5   (حاشا) هو حرف جرٍّ عند سيبويه، وفعل عند الكِسائيّ والمازِنيّ، وفعل لا فاعل له عند الفرّاء، وتارةً فعلاً، وتارة حرف جرٍّ عند المبرّد. يُنظر: الإنصاف، المسألة السّابعة والثّلاثون، 1/278، وشرح المفصّل 2/84، 85، 8/48، 49، وجواهر الأدب 426، والجنى الدّاني 558. 2 في ب: كقول الشّاعر. 3 هذا عجز بيتٍ من البسيط، وصدره: وَلاَ أَرَى فَاعِلاً فِي النَّاسِ يُشْبِهُه ... .............................. والشّاهد فيه: (وما أُحاشي) حيث جاء (حاشا) فعلاً متصرّفًا متعدّيًا. يُنظر هذا البيت في: أسرار العربيّة 208، والإنصاف 1/278، وشرح المفصّل 1/49، والجنى الدّاني 558، 559، والمغني 164، والهمع 3/288،والأشمونيّ 2/167، والخزانة 3/403، والدّيوان 20. 4 في ب: قال. 5 هذا بيتٌ من الوافر، وهو للأخطل. والشّاهد فيه: (ما حاشا قريشًا) حيث دخلت (ما) المصدريّة على (حاشا) ؛ وهو دليل على فعليّتها، وهو قليل. يُنظر هذا البيت في: الجنى الدّاني 565، والمغني 164، وابن عقيل 1/566، والمقاصد النّحويّة 3/136، والهمع 3/287، والأشمونيّ 2/165، والخزانة 3/387، والدّيوان 568. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 239 [32/ب] بإلحاق أوّلها1 بـ (ما) المصدريّة. (خلا) : معناها2الاستثناء، والغالبُ عليها3 الجرُّ، وقد نُصِبَ بها؛ فإنْ دخل عليها (ما) فليس إلاَّ النّصب4، كقول5 لَبيد: أَلاَ كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلاَ اللهَ بَاطِلُ ... وَكُلُّ نَعِيْمٍ لاَ مَحَالَةَ زَائِلُ6 وَالْبَاءُ وَالْكَافُ إِذَا مَا زِيدَا وَاللاَّمُ فَاحْفَظْهَا تَكُنْ رَشِيدَا (الباء) : حرفُ جَرٍّ مبنيّ على الكسر، واختُصّ بذلك لأنَّه في كلّ مواضعه يَجُرُّ؛   1 في ب: بإلحاقها بـ (ما) المصدريّة. 2 في ب: معناه. 3 في كلتا النسختين عليه وما أثبته هو الأولى 4 "وإنّما تعيّن النّصب؛ لاختصاصها حينئذ بالفعل بدخول (ما) المصدريّة؛ إذْ تقديرُه: (خلوَ بعضهم زيدًا) ، بنصب (خلو) لوقوعه موقع الحال". جواهر الأدب 382. 5 في ب: قال. 6 تقدّم تخريج هذا البيت في ص (104) . والشّاهد فيه هُنا: (ما خلا اللهَ) حيث ورد بنصب لفظ الجلالة بعد (خلا) ؛ فدلّ ذلك على أنّ الاسم الواقع بعد (ما خلا) يكون منصوبًا؛ وذلك لأنّ (ما) هذه مصدريّة، و (ما) المصدريّة لا يكون بعدها إلا فعل؛ ولذلك يجب نصب ما بعدها على أنّه مفعولٌ به. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 240 فجُعلت حركته من جنس عمله، وهي تدخل على الظّاهر والمُضمَر؛ ولها مَعَانٍ: أَحَدُهَا: الإلصاق، كقولك: (مسحت يدي بالمنديل) . وتكون بمعنى الاستعانة، كقولك: (ضربتُ بالسّيف) . وتكون بمعنى (على) ، قال عَمْرُو بن قَمِيئةَ1: بِوُدِّكِ مَا قَوْمِي عَلَى أَنْ تَرَكْتِهِمْ سُلَيْمَى إِذَا هَبَّتْ شَمَالٌ وَرِيحُهَا2 أيْ: على وُدِّك، و (ما) زائدة. وتكون بمعنى (مِنْ أَجْل) ، قال لَبيد: غُلْبٌ تَشَذَّرُ3 بِالذُّحُولِ4 ....... ... ............................................   1 هو: عَمْرُو بن قَمِيئة بن سعد بن مالك بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة البكريّ الوائليّ، ويكنى أبا كعب: شاعرٌ جاهليّ مقدَّم؛ خرج مع امرئ القيس في توجُّهه إلى قيصر، فمات في سفره ذلك؛ سنة (85ق هـ) ، فسمَّتْه بكرٌ (عمرًا الضّائع) . يُنظر: الشّعر والشّعراء 238، والأغاني 18/143، والمؤتلف والمختلف 254، ومعجم الشّعراء 3، والخزانة 4/411. 2 هذا بيتٌ من الطّويل. و (سليمى) يريد: يا سليمى؛ وكانت امرأته. والمعنى: بودّك مجاورة قومي وقت هبوب ريح الشّمال - يريد: الكِناية عن شدّة الزّمان وكَلَبه- على أنّك قد تركتهم وفارقتهم. وتكون الباء بمعنى القسم؛ أي: بحقّ المودّة التي بيني وبينك؛ أي: شيء قومي في الكرم. ويروى (بوَدّك) ، أي: بحقّ صنمك الذي تعبدين. والشّاهد فيه: (بودّك ما قومي) حيث جاءت (الباء) بمعنى (على) ، و (ما) زائدة. يُنظر هذا البيت في: أدب الكاتِب 414، وحروف المعاني 86، والأزهيّة 285، والاقتضاب 455، والدّيوان 23. 3 في ب: تشدو وهو تحريف. 4 في كلتا النسختين: الدّخول، وهو تحريف، والصواب ما هو مثبت. هذا جزء بيتٍ من الكامل، وهو بتمامه: غُلْبٌ تَشَذَّرُ بِالذُّحُولِ كَأَنَّهَا ... جِنُّ الْبُدِيِّ رَوَاسِيًا أَقْدَامُهَا وهو من معلّقة لَبيد. و (غُلْبٌ) : جمع أغلب؛ وهو: الغليظ العُنق. و (التّشذّر) : التّوعّد، والتَّهَدُّدُ. و (الذّحول) : الأحقاد. و (البديّ) : وادٍ تسكُنه الجنّ. و (الرّواسي) : الثّوابت. قال الزّوزنيّ في شرح هذا البيت: "هم رجالٌ غلاظ الأعناق كالأُسود، أي: خُلقوا خِلقة الأسود، أي: يهدّد بعضُهم بعضًا بسبب الأحقاد الّتي بينهم؛ ثم شبّههم بجنّ هذا الموضع في ثباتهم في الخصام والجدل. يمدح خصومه؛ وكلّما كان الخصم قويًّا وشديدًا فإنّ قاهرَهُ وغالِبَهُ أقوى وأشدّ". شرح المعلّقات السّبع 97. والشّاهد فيه: (بالذّحول) حيث جاءت (الباء) بمعنى (من أجل) ، أي: من أجل الذّحول. يُنظر هذا البيت في: أدب الكاتب 415، وحروف المعاني 86، والأزهيّة 87، والاقتضاب 456، واللّسان (شذر) 4/499، (با) 15/443، والخزانة 9/515، والدّيوان 177. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 241 وقد تكون مكان اللاّم، كقوله تعالى: {مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلاَّ بِالْحَقِّ} 1. [33/أ] وتكون للتّعدية، كقوله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ اللهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ} 2. وتكون بمعنى (مِنْ) الّتي للتّبعيض، قال الشّاعر: فَلَثَمْتُ فَاهَا آخِذًا بِقُرُونِهَا ... شُرْبَ النَّزِيفِ بِبَرْدِ3 مَاءِ الحَشْرَجِ4   1 من الآية: 39 من سورة الدّخان. 2 من الآية: 20 من سورة البقرة. 3 في ب: بعود. 4 هذا بيتٌ من الكامل، وهو منسوبٌ إلى عدد من الشعراء؛ منهم: عمر بن أبي ربيعة، وقيل: لجميل بن معمَر، وقيل: لعبيد بن أوس الطائي. و (بقرونها) : بخصل شعرها. و (النّزيف) : المحموم الّذي مُنِع من الماء. و (الحشْرج) : الماء العذب من ماء الحِسْيِ. والشّاهد فيه: (ببرد ماء الحشرج) حيث جاءت (الباء) للتّبعيض، أي: من ماء الحشرج. يُنظر هذا البيت في: الحماسة البصريّة 2/114، وشرح التسهيل 3/152، وابن النّاظم 366، واللّسان (الحشرج) 2/237، والجنى الدّاني 44، والمغني 143، والهمع 4/159، وديوان عمر بن أبي ربيعة 488، وملحق ديوان جميل 235. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 242 وتكون للمصاحَبة، كقولك: (بِعْتُك الدّارَ بأثاثها) 1. وتكون بمعنى (في) ، كقولك: (أَقَمْتُ بالمدينة) . وتكون زائدة مع الفاعل، كقوله تعالى: {وَكَفَى بِاللهِ شَهِيْدًا} 2، ومع المفعول، كقوله تعالى: {وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ} 3، ومع المبتدأ4، كقولك: (بحسبك زيد) ، ومع الخبر، كقولك: (ما زيدٌ بقائم) 5.   1 في ب: بأثمانها. 2 من الآية: 79 من سورة النّساء. 3 من الآية: 6 من سورة المائدة. 4 في ب: ومع الابتداء. 5 الباء الزّائدة تكون في ستّة مواضع؛ ذكر منها الشّارح أربعة مواضع، وبقي اثنان؛ وهما: 1- الحال المنفيّة؛ لأنّها شبيهةٌ بالخبر، كقوله: فَمَا رَجَعَتْ بِخَائِبَةٍ رِكَابُ ... حَكِيْمُ بن المُسَيِّبِ مُنتَهَاهَا 2- النّفس والعين في باب التّوكيد؛ يقال: (جاء زيدٌ بنفسه) و (بعينه) ؛ والأصل: (جاء زيدٌ نفسه) و (عينه) . يُنظر: الجنى الدّاني 48، والمغني 144، وجواهر الأدب 50. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 243 وتأتي بمعنى (عَنْ) ، كقول الشّاعر: فَإِنْ تَسْأَلُونِي بِالنِّسَاءِ فَإِنَّنِي ... عَلِيمٌ1 بِأَحْوَالِ النِّسَاءِ طَبِيْبُ2 وتأتي بمعنى (مِنْ) ، كقوله تعالى: {عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللهِ} 3، قيل: تكون بمعنى (يشرب مِنها) ، وبمعنى (يشربُهَا) 4؛ قال الهذليّ يذكُر السّحاب: شَرِبْنَ بِمَاءِ5 البَحْرِ ثُمَّ تَرَفَّعَتْ ... مَتَى لُجَجٍ خُضْرٍ لَهُنَّ نَئِيْجُ6   1 في ب: خبير. 2 هذا بيتٌ من الطّويل، وهو لِعَلْقَمَةَ بنِ عَبْدَةَ الفَحْل. والشّاهد فيه: (بالنّساء) حيث جاءت (الباء) بمعنى (عن) ، أي: عن النِّساء. يُنظر هذا البيت في: المفضّليّات 392، والأزهيّة 284، ورصف المباني 222، والجنى الدّاني 41، والهمع 4/161، والدّيوان 23. 3 من الآية: 6 من سورة الإنسان. 4 في ب: يشربهما. 5 في ب: شربن المزن. 6 في أ: بائح، وفي ب: نمأيج، وكلتاهما محرّفة؛ والصّواب ما هو مثبَت. وهذا البيتُ من الطّويل، وهو لأبي ذؤيب الهذليّ يصف السّحاب. و (ترفّعت) : تصاعدت وتباعدت. و (مَتَى) حرف جرّ بمعنى (من) وهي لغة هذيل. و (لجج) : جمع لُجَّة؛ وهي: معظم الماء. و (نئيج) : صوتٌ عال. والمعنى: إنّ السّحب شربت من ماء البحر، وأخذت ماءها من لججه الخضر الغزيرة، ولها في تلك الحالة صوتٌ عال، ثمّ تباعدت عنه. والشّاهد فيه: (بماء البحر) حيث جاءت (الباء) بمعنى (من) ، أي: شَرِبْنَ من ماء البحر. يُنظر هذا البيت في: ديوان الهذليّين 1/51، ورواية البيت كما في الدّيوان: تَرَوَّتْ بِمَاءِ الْبَحْرِ ثُمَّ تَنَصَّبَتْ ... عَلَى حَبَشِيَّاتٍ لَهُنَّ نَئِيجُ ومعاني القرآن للفرّاء 3/215، وتأويل مشكل القرآن 575، والخصائص 2/85، والأزهيّة 284، وأمالي ابن الشّجريّ 2/613، وعمدة شرح الحافظ 1/268، ورصف المباني 228، والجنى الدّاني 43، والمغني 142، والهمع 4/159. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 244 [و] 1 قال عَنْتَرَةُ2: شَرِبَتْ بِمَاءِ الدُّحْرُضَينِ3 فَأَصْبَحَتْ ... زَوْرَاءَ تَنْفِرُ عَنْ حِيَاضِ الدَّيْلَمِ4 [33/ب]   1 ما بين العاطف ساقطٌ من ب. 2 هو: عَنْتَرَةُ بن شدّاد العبسيّ: أحد أغربة العرب؛ شاعر شُجاعٌ جواد؛ شهد حرب داحس والغَبْراء، وحُمِدَتْ مشاهدُه فيها؛ توفّي بعد أن أَسَنّ. يُنظر: طبقات فحول الشّعراء 1/152، والشّعر والشّعراء 149، والأغاني 8/244، والخزانة 1/128. 3 في أ: الدّرحضين، وفي ب: الدّمحضين، وكلتاهما محرّفة؛ والصّواب ما هو مثبت. 4 هذا بيتٌ من الكامل. و (الدّحرضان) : ماءان يُقال لأحدهما: (دُحْرُض) وللآخر (وسيع) ، فلمّا جمعهما غلّب أحد الاسمين. و (زوراء) : تمايل. و (الدّيلم) قيل: الأعداء، وقيل: ماءٌ من مياه بني سعد. شرح القصائد السّبع لابن الأنباريّ 324، 325. والشّاهد فيه: (شربتْ بماء الدّحرضين) حيث جاءت (الباء) بمعنى (من) ، أي: شربت من ماء الدّحرضين. يُنظر هذا البيت في: أدب الكاتب 515، وتأويل مشكل القرآن 575، وسرّ صناعة الإعراب 1/134، والأزهيّة 283، وأمالي ابن الشّجريّ 2/613، وشرح المفصّل 2/115، ورصف المباني 228، والدّيوان 201. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 245 وهي أصل باب القسم. (الكاف) : حرفُ جرٍّ، يدخل على الظّاهر غالبًا. ومعناه: التّشبيه، كقولك: (زيدٌ كالأسد إقدامًا) . وقد جاء في الشّعر دخولها على المضمر، كقول الشّاعر يَصِفُ حمارًا وحشيًّا1 وأُتُنًا: وَلاَ تَرَى بَعْلاً وَلاَ حَلائِلاَ2 كَهُ3 وَلاَ كَهُنَّ إِلاَّ4 عَاضِلاَ5   1 ومشْياً وهو تحريف. 2 في كلتا النّسختين: ولا حلاحلا، والصّواب ما هو مثبت؛ لأنّ جميع المصادر الّتي تعرّضت للبيت- ومنها الدّيوان -ذكرته بهذه الرّواية. 3 في كلتا النّسختين: كهو، والصّواب ما هو مثبَت. 4 في كلتا النّسختين: إلاّ عاطلا، وهو تحريف؛ والصّواب ما هو مثبَت. 5 هذان بيتان من الرّجز، وهما لرُؤْبَة بن العجّاج، وقيل: للعجّاج. و (البَعْل) : الزّوج. و (الحليلة) : الزّوجة. و (العاضل) : المانع من التّزويج؛ لأنّ الحمار يمنع أُتُنه من حمار آخر يريدهنّ. والشّاهد فيهما: (كَهُ ولا كَهُنّ) حيث جرّت الكافُ الضّميرَ في الموضعين؛ وهو شاذّ مختصّ بالضّرورة. يُنظر هذان البيتان في: الكتاب 2/384، وتحصيل عين الذّهب 383، وابن النّاظم 358، ورصف المباني 280، وابن عقيل 2/17، والهمع 4/196، والأشمونيّ 2/209، والخزانة 10/196، وديوان رُؤبة 128. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 246 أي: غَيورًا. وتكون زائدة، كقوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِه شَيْءٌ} 1، وكقول رُؤْبة: لَوَاحِقُ الأقْرَابِ فِيهَا كَالْمَقَقْ2 أي: فيها مَقَقٌ؛ وهو: الطُّول3. وتكون للتّعليل، كقوله [تعالى] 4: {وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ} 5. وتخرُج إلى الاسميّة، فتكون فاعلةً، كقول6 الشّاعر: أَتَنْتَهُونَ وَلَنْ يَنْهَى ذَوِي شَطَطٍ ... كَالطَّعْنِ يَذْهَبُ فِيهِ الزَّيْتُ وَالْفُتُلُ7   1 من الآية: 11 من سورة الشّورى. 2 هذا بيتٌ من الرّجز، وهو لرُؤْبة، يصف به خيلاً. و (لواحق الأقراب) : الضّوامر من الخيل، والأقراب: جمع قُرُْب- بضمّة فسكون، وبضمّتين-: الخاصِرة. والمعنى: إنّ هذه الخيول ضوامر الخواصر، وفيها طول. والشّاهد فيه: (كالمقق) حيث جاءت (الكاف) زائدة. يُنظر هذا البيت في: المقتضب 4/418، والإنصاف 1/299، وأسرار العربيّة 264، وابن النّاظم 369، واللّسان (مقق) 10/346، وابن عقيل 2/27، والأشمونيّ 2/225، والخزانة 1/89، والدّيوان 106. 3 المقق: الطُّول عامّة، وقيل: هو الطُّول الفاحش في دِقّة. اللّسان (مقق) 10/346. (تعالى) ساقطة من ب. 5 من الآية: 198 من سورة البقرة. 6 في ب: قال. 7 هذا بيتٌ من البسيط، وهو للأعشى الكبير. و (الشّطط) : الجوْر والظُّلم. و (يذهب فيه) : يغيب فيه. و (الفُتُلُ) جمع فتيلة: يداوَى بها الجرح. والمعنى: لا ينهى الجائرين عن جوْرهم، ولا يردع الظّالمين عن ظلمهم؛ مثل الطّعن الشّديد الّذي تكون جراحُه غائرة يغيب فيها الزّيت، والفتْل الّتي توضَع في الجرح لتجفيفه ومداواته. والشّاهد فيه: (كالطّعن) حيث وقعت (الكاف) فاعلاً لـ (ينهى) ؛ فهي اسم بمعنى مثل. يُنظر هذا البيت في: المقتضب 4/141، والخصائص 2/368، وأسرار العربيّة 258، وشرح المفصّل 8/43، وابن النّاظم 369، ورصف المباني 272، والجنى الدّاني 82، وابن عقيل 2/28، والهمع 4/198، والدّيوان 63 - والرّواية فيه (هَلْ تَنْتَهُونَ؟ وَلاَ يَنْهَى ذَوِي شَطَطٍ .... ) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 247 وتكون بمعنى (على) ، كقوله تعالى: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ} 1 أي: على ما أُمِرْتَ، و (ما) بمعنى (الّذي) . وتدخُل على ضميري الرّفع والنّصب، كقول بعض العرب: (مَا أنَا كَأَنتَ وَلاَ أنا كَإيّاكَ) 2، وأنشد3 الكِسائيّ: فَأَحْسِنْ4 وَأَجْمِلْ فِي أَسِيرِكَ إِنَّهُ ... ضَعِيفٌ وَلَمْ يَأْسِرْ كَإيَّاكَ آسِرُ5 [34/ أ]   1 من الآية: 112 من سورة هود. 2 يُنظر: شرح عمدة الحافظ 1/270. 3 في ب: قال. 4 في أ: فأجمل وأحسن. 5 في ب: أسير، وهو تحريف. وهذا البيت من الطّويل، ولم أقف على قائله. والشّاهد فيه: (كإيّاك آسر) حيث دخلت (الكاف) على الضّمير المنصوب وهو ضرورة عند الكوفيين وغير جائز عند البصريين. يُنظر هذا البيت في: مجالس ثعلب 1/133، وما يجوز للشّاعر في الضّرورة 223، وشرح التسهيل 3/170 وشرح عمدة الحافظ 1/270، والهمع 4/197، والخزانة 10/194، والدّرر 4/155. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 248 وقد تكون مجرورةً، كقول الرّاجز: يَضْحَكْنَ عَنْ كَالْبَرَدِ1 المُنْهَمِّ2 (اللاّم) : حَرْفُ جَرٍّ، يدخل على الظّاهر والمُضمَر؛ وله مَعَانٍ: أَحَدُها: الملك، كقولك: (المال لزيدٍ) . والاختصاص، كقولك: (الباب للدّار) . والاستحقاق، كقولك: (الحمد لله) . وتكون بمعنى (على) ، كقوله تعالى: {وَلاَ تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ} 3، قال الشّاعر: ............................................ ... فَخَرَّ صَرِيعًا لِلْيَدَيْنِ وَلِلْفَمِ4   1 في كلتا النّسختين: كالمبرد، وهو تصحيف؛ والصّواب ما هو مثبَت. 2 في أ: المتهم، وهو تصحيف، والصواب ما هو مثبت. وهذا البيتُ من الرّجز، وهو للعجّاج، وقبله: بَيْضٌ ثَلاثٌ كَنِعَاجٍ جُمِّ و (البَرَد) : حبُّ الغمام. و (المنهمّ) : الذائب. والشّاهد فيه: (عن كالبَرَد) حيث جاءت (الكاف) اسمًا بمعنى (مثل) ؛ بدليل دخول حرف الجرّ عليها. يُنظر هذا البيت في: أسرار العربيّة 258، وشرح المفصّل 8/42، 44، وابن النّاظم 370، وشرح الرّضيّ 2/343، والمغني 239، والهمع 4/197، والأشمونيّ 2/225، والخزانة 10/166، والدّيوان 2/328. 3 من الآية: 2 من سورة الحجرات. 4 هذا عجز بيتٍ من الطّويل، وصدرُه: تَنَاوَلَهُ بِالرُّمْحِ ثُمَّ اتَّنَى لَهُ يُنسب إلى جَابر بن حُنَيٍّ التَّغْلَبِي، من قصيدةٍ له في المفضّليّات 212. ويُنسب إلى المكعبر الأسديّ، وقيل: إنّه للمكعبر الضّبّيّ، ويُقال: إنّه لشُريح بن أوفى العبسيّ، وقيل: إنّه لعصام بن المقشعر العبسيّ؛ وذكر ابن شبّة أنّه للأشعث بن قيسٍ الكِنديّ. يُنظر: الاقتضاب 439. وهو في الأزهيّة 228 منسوبٌ إلى الأشعث بن قيسٍ الكِنديّ، وصدرُه: تَنَاوَلْتُ بِالرُّمْحِ الطَّوِيلِ ثِيَابَهُ وقال الجواليقيّ - في شرحه على أدب الكاتب 262 -: "إنّه من شعرٍ لكعب بن جدير المنقريّ، وصدره: شَكَكْتُ لَهُ بِالرُّمْحِ جَيْبَ قَمِيصِهِ والشّاهد فيه: (لليدين وللفم) حيث جاءت اللاّم بمعنى (على) . يُنظر هذا البيت في: أدب الكاتب 401، وأمالي ابن الشّجريّ 2/616، ورصف المباني 297، والجنى الدّاني 100، والمغني 280، والأشمونيّ 2/217. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 249 [وقد] 1 تكون بمعنى (عند2) ، كقوله تعالى: {وَخَشَعَتِ الأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ} 3. وتكون بمعنى (مِنْ أجل) ، تقولُ4: (فعلتُ ذلك لك) ، أي: لأجلك،   (قد) ساقطة من ب. 2 الأولى حمل اللام على معنى التعليل أو السببيّة؛ أي: ذلّت وخضعت لهيبته، وهول مطلع قدرته. يُنظر: المحرر الوجيز 4/64، والمغني 275. 3 من الآية: 108 من سورة طه. 4 في ب: كقولك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 250 ومنه قولُ الشّاعر: وَإِنِّي لَتَعْرُونِي لِذِكْرَاكِ هِزَّةٌ ... كَمَا انْتَفَضَ العُصْفُورُ بَلَّلَهُ القَطْرُ1 وتكون للعاقبة، كقول2 الشّاعر: أَمْوَالُنَا لِذَوي المِيْرَاثِ نَجْمَعُهَا ... وَدُورُنَا لِخَرابِ الدَّهْرِ نَبْنِيْهَا3 [34/ب] أي: إنّها تعود إلى ذلك، وهي ملتبسة بلام المفعول من أجله وليست به؛ لأنّك تقول: (أعددت هذه الخشبة لميل الحائط عمادًا) ، وأنت لم تُرِدْ4 ميله لكن أعددتّها خوفًا منه.   1 هذا بيتٌ من الطّويل، وهو لأبي صَخْرٍ الهذليّ. و (تعروني) : تُصيبني. و (هزّة) - بفتح الهاء وكسرها -: حركة واضطّراب. و (انتفض) : تحرّك. و (القطر) : المطر. والشّاهد فيه: (لذكراك) حيث جاءت (اللاّم) للتّعليل. يُنظر هذا البيت في: شرح أشعار الهذليّين 2/957، والإنصاف 1/253، وشرح المفصّل 2/67، وأوضح المسالك 2/45، 131، وابن عقيل 2/22، والهمع 3/132، والأشمونيّ 2/215، والخزانة 3/254. 2 في ب: قال. 3 هذا بيتٌ من البسيط، وهو لِسَابق البربريّ. والشّاهد فيه: (لذوي) و (لخراب) حيث جاءت (اللاّم) في الكلمتين للعاقِبة. يُنظر هذا البيت في: اللاّمات للزّجّاجيِّ 127، واللاّمات للهرويّ 184،واللّسان (لوم) 12/562. 4 في أ: لا تريد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 251 وتكون بمعنى (إلى) ، كقولك: (سيّرتُ لِفُلانٍ جوابه) ، وكقوله تعالى: {الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا} 1 أي: إلى هذا. وقد تقع بمعنى (مَعَ) ، قال مُتَمِّمُ2 بن نُوَيْرَةَ يَرْثِي أخاهُ مالكًا3: فَلمَّا تَفَرَّقْنَا كَأَنِّي وَمَالِكًا ... لِطُولِ اجْتِمَاعٍ لَمْ نَبِتْ لَيْلَةً مَعَا4   1 من الآية: 43 من سورة الأعراف. 2 في كلتا النّسختين: ميمون، وهو تحريف؛ والصّواب ما هو مثبَت. ومَتَمِّم هو: مُتَمِّم بن نُوَيْرَةَ بن جَمْرة اليربوعيّ التّميميّ، يكنى أبا نَهشل: شاعرٌ فحل، اشتهر في الجاهليّة والإسلام، أدرك الإسلام فأسلم وحسُن إسلامه؛ جعله ابن سلاّم في المرتبة الأولى من أصحاب المراثي؛ كان أكثر شعره في مراثي أخيه مالك. يُنظر: طبقات فحول الشّعراء 1/202، والشّعر والشّعراء 209، والأغاني 15/289، والاستيعاب 4/18، والإصابة 5/566، والخزانة 2/24. 3 هو: مَالك بن نُوَيْرَةَ بن جَمْرة اليربوعيّ التّميميّ، يكنى أبا حنظلة، ويلقّب الجَفُول؛ وهو شاعرٌ شريف، أحدُ فرسان بن يربوع بن حنظلة ورجالهم المعدودين في الجاهليّة؛ وكان من أرداف الملوك؛ استعمله النّبيّ - صلّى الله عليه وسلّم - على صدقات قومه، فلمّا بلغه وفاة الرّسول - صلّى الله عليه وسلّم - أمسك الصدقة وفرّقها في قومه، فقتله ضِرار بن الأزوَر بأمرِ خالد بن الوليد بالبطاح صبرًا. يُنظر: طبقات فحول الشّعراء 1/205، والشّعر والشّعراء 209، والأغاني15/289، ومعجم الشّعراء 232، والاستيعاب 13/417، والإصابة 5/560، والخزانة 2/24. 4 هذا بيتٌ من الطّويل. والشّاهد فيه: (لطول) حيث جاءت (اللاّم) بمعنى (مع) ، أي: مع طول اجتماع. يُنظر هذا البيت في: المفضّليّات 267، والأزهيّة 289، وأمالي ابن الشّجريّ 2/616، ورصف المباني 298، والجنى الدّاني 102، والمغني 281، والأشمونيّ 2/218، والخزانة 8/272، والدّيوان 112. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 252 وقد تكون بمعنى (بعد) ، كقولهم: (كتبتُ لثلاثٍ خَلَوْنَ) أي: بعد ثلاث، وتكون مكسورة مع الاسم الظّاهر؛ إلاَّ مع المستغاث به1، ومفتوحةً مع المُضمر؛2 إلاَّ مع ياء المتكلِّم.   1 تُفتح اللاّم مع المستغاث به، وكذلك المتعجّب منه؛ لأنّهما ظاهران في موضع مضمَرين؛ إذ المنادى في موضع مضمرٍ مخاطب، ولو دخلت على المضمر لم تكن إلاّ مفتوحة؛ فعومِل الظّاهر الواقع موقعه معاملته. وبعض العرب يخالف هذا الأصل فيفتح اللاّم مع الظّاهر، فيقول: (المال لَزَيد) . يُنظر: سرّ صناعة الإعراب 1/328، 329، ورصف المباني 325. 2 يُنظر: سرّ صناعة الإعراب 1/326. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 253 [بَابُ رُبَّ] 1: وَرُبَّ أَيْضًا ثُمَّ مُذْ فِيمَا حَضَرْ ... مِنَ الزَّمَانِ دُوْنَ مَا مِنْهُ غَبَرْ تَقُولُ: مَا رَأَيْتُهُ2 مُذْ يَوْمِنَا ... وَرُبَّ عَبْدٍ كَيِّسٍ مَرَّ بِنَا (رُبَّ) : حَرْفُ جرٍّ3؛ معناه: التّقليل4، ويختصّ بدخوله على الظّاهر، وبالنّكرات دون المعارِف، وقد تخفَّف كقول الشّاعر: أَزُهَيْرُ إِنْ يَشِبِ الْقَذَالُ فَإِنَّهُ ... رُبَ هَيْضَلٍ لَجِبٍ لَفَفْتُ5 بِهَيْضَلِ6   1 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 2 في شرح الملحة 122: تَقُولُ: مَا لَقِيتُهُ. 3 هذا قولُ البصريّين، وذهب الكوفيّون إلى أنّ (رُبَّ) اسم. تُنظر هذه المسألة في: الإنصاف، المسألة الحادية والعشرون بعد المائة، 2/832، وائتلاف النّصرة، فصل الحروف، المسألة الرّابعة، 144، والهمع 4/173. 4 اختلف النّحويّون في معنى (رُبّ) على أقوال: 1- القول الأوّل: أنّها للتّقليل دائما؛ وهو مذهب الجمهور، وعليه الشّارح. 2- القول الثّاني: أنّها للتّكثير دائما. 3- القول الثّالث: أنّها تكون للتّقليل والتّكثير. 4- القول الرّابع: أنّها أكثر ما تكون للتّقليل، والتّكثير بها نادر. 5- القول الخامس: أنّها أكثر ما تكون للتّكثير، والتّقليل بها نادر. 6- القول السّادس: أنّها حرفُ إثباتٍ، لم يوضع لتقليل ولا تكثير، بل ذلك مستَفادٌ من السِّياق. 7- القول السّابع: أنّها للتّكثير في موضع المُباهاة والافتخار. 8- القول الثّامن: أنّها لمُبْهَم العدد؛ تكون تقليلاً وتكثيرًا. يُنظر: الجنى الدّاني 439، والهمع 4/174. 5 في أ: كففت، وهو تحريف. 6 هذا بيتٌ من الكامل، وهو لأبي كبيرٍ الهذلي. (أزهير) : الهمزة للنّداء؛ وزهير: مرخم زُهيرة وهي ابنته. و (القَذال) : ما بين الأذنين والقفا؛ وهو أبطأ الرّأس شيبا. و (الهيضل) : الجماعة من النّاس. و (لَجِب) - بفتح اللاّم، وكسر الجيم -: كثير الجلبة، مرتفع الأصوات؛ ويروى في مكانه (مَرِس) -بفتح فكسر -، ومعناه: شديد. و (لففت) : جمعت. والشّاهد فيه: (رُبَ هيضل) حيث جاءت (رُبّ) بالتّخفيف. يُنظر هذا البيت في: ديوان الهذليّين 2/89، والأزهيّة 265، وأمالي ابن الشّجريّ 2/179، 3/48، والإنصاف 1/285، وشرح المفصّل 8/31، والمقرّب 1/200، ورصف المباني 270، والخزانة 9/535. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 255 وَرُبَّ تَأْتِي أَبَدًا مُصَدَّرَهْ ... وَلاَ يَلِيهَا الاسْمُ إِلاَّ نَكِرَهْ [35/ أ] و (رُبَّ) تختصّ عن الحروف بوجوهٍ؛ منها1: أنّها لا تقع إلاَّ في صدر الكلام. وبدخولها على النّكرات. وأنّه لا يجوز الاقتصار على النّكرة الّذي دخلت عليه حتّى تُوصف2، كقولك: (رُبَّ عبدٍ ملكتُه) 3. وَتَارَةً تُضْمَرُ بَعْدَ الْوَاوِ ... كَقَولِهِمْ: وَرَاكِبٍ4 بِجَاوِي5 وتختصّ - أيضًا -بجرِّها الاسم مُضمرةً بعد الواو والفاء،   1 يُنظر في خصائص (رُبّ) : الكتاب 1/427، والأصول 1/416، وأسرار العربيّة 261، وشرح المفصّل 8/27، وجواهر الأدب 367. 2 في كلتا النسختين: الذي دخلت حتى يوصف، ومطابقة الكلام تقتضي ما أثبته. 3 في ب: ملكت. 4 في أ: ورالب. 5 بجاء: قبيلة. ينظر: الصحاح (بَجى) 6/2278. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 256 كقول الشّاعر: وَفَارِسٍ فِي غِمَارِ المَوْتِ مُنْغَمِسٍ ... إِذَا تَأَلَّى عَلَى مَكْرُوهَةٍ صَدَقَا1 أي: وَرُبَّ فارسٍ. وكقول2 امرئ القيس: فَمِثْلِكِ حُبْلَى قَدْ طَرَقْتُ وَمُرْضِعٍ3 ... ................................. فهي مضمر4 بعد الفاء5. وتقدّر بغير الواو والفاء، كقول6 الشّاعر:   1 هذا بيتٌ من البسيط، وهو لِبَلْعَاء بن قَيس الكِنانيّ. والشّاهد فيه: (وفارس) حيث جرّ بـ (رُبّ) المحذوفة بعد الواو. يُنظر هذا البيتُ في: الحماسة 1/67، والزّهرة 2/213، وديوان المعاني 1/114، وشرح الحماسة للمرزوقيّ 1/59، واللّسان (غمر) 5/29، (كره) 13/536، والتّذكرة السّعديّة1/59. 2 في ب: قال. 3 هذا صدرُ بيتٍ من الطّويل، وعجزُه: فَأَلْهَيْتُهَا عَنْ ذِي تَمَائِمَ مُحْوِلِ وقد تقدّم تخريجُه في ص 121. والشّاهد فيه هُنا: (فمثلك) حيث جرّ بـ (رُبّ) المحذوفة بعد الفاء. 4 في ب: تضمر. 5 في قول الشاعر: فَحُورٍ قد لَهوتُ بِهِنّ عِينِ ... نواعِمَ في المرُوطِ وفي الرّياط ينظر: شرح عمدة الحافظ 1/273. 6 في ب: قال. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 257 رَسْمِ دَاْرٍ وَقَفْتُ فِي طَلَلِهْ ... كِدْتُ أَقْضِي الْحَيَاةَ مِنْ جَلَلَهِ1 وتضمَر بعد (بل) ، كقول الرّاجز: بَلْ بَلَدٍ مِلْءُ الآكَامِ قَتَمُهْ ... لاَ يُشْتَرَى2 كَتَّانُهُ3 وَجَهْرَمُهْ4   1 هذا بيتٌ من الخفيف، وهو لجميل بن مَعْمَر العذريّ. و (الرسم) : ما بقي من آثار الدّيار لاصقا بالأرض كالرّماد. و (الطّلل) : ما بقي منها شاخصا مرتفعا كالوتد والأثافي. و (من جلله) : من عظمه في عيني، وقيل: من أجله. والشّاهد فيه: (رسم دارٍ) حيث جرّ (رسم) بـ (رُبّ) المضمَرة، ولم يتقدّمها واو ولا فاء؛ وهو قليلٌ جدًّا. يُنظر هذا البيتُ في: الخصائص 1/285، 3/150، وشرح المفصّل 3/28، 79، 8/52، وشرح عمدة الحافظ 1/274، وابن النّاظم 377، ورصف المباني 233، والمغني 164، وابن عقيل 2/37، والأشمونيّ 2/233، والخزانة 10/20، والدّيوان 105. 2 في كلتا النّسختين: لا يستوي، وهو تحريف، والصّواب ما هو مثبَت؛ لأنّ جميع المصادر الّتي تعرّضت للبيت - ومنها الدّيوان - أوردته هكذا. 3 في أ: كنانه، وفي ب: كعانه، وكلتاهما محرفة، والصواب ما هو مثبت. 4 في أ: وجوهمه، وفي ب: وجرهمه، وكلتاهما محرَّفة، والصّواب ما هو مثبَت؛ لأنّ جميع المصادر الّتي تعرّضت للبيت -ومنها الدّيوان - أوردته هكذا. وهذا البيت من الرّجز، وهو لرؤبة بن العجّاج. و (الآكامُ) : جمع أَكَمَة، والأَكَمَةُ: القُفُّ من حجارة واحدة، وقيل: هو دون الجبال، وقيل: هو الموضع الّذي أشدُّ ارتفاعا ممّا حوله؛ وهو غليظٌ لا يبلُغ أن يكون حَجَرًا. و (قتمه) : الغبار. و (الجهرم) : البساط. والمعنى: رُبّ بلدٍ بعيدٍ موصوف بأنّ غباره يملأ الطّرق الواسعة والآكام، وبأنّه لا يُشترى كتّانه ولا بسطه، قَطَعْتُه وتجاوزْتُه. والشّاهد فيه: (بل بلد) حيث جرّ (بلدٍ) بـ (رُبّ) المحذوفة بعد (بل) . يُنظر هذا البيتُ في: أمالي ابن الشّجريّ 1/218، 2/135، والإنصاف 2/529، وشرح المفصّل 8/105، وشرح عمدة الحافظ 1/273، وابن النّاظم 376، ورصف المباني 232، والمغني 152، وابن عقيل 2/36، والأشمونيّ 2/232، والدّيوان 150. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 258 [35/ب] وقد تدخل عليها (ما) فتكفّها عن العمل، فتأتي بعدها المعرِفة، كقولك: (رُبّما زَيْدٌ قائم) . ويأتي بعدها الفعل، كقولك: ( [رُبَّما] 1 يقوم زيد) ، قال اللهُ تعالى: {رُبَّمَا2 يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ} 3. وقد تدلّ على التّكثير4، كقول أبي عَطَاءٍ السِّنديّ5:   (رُبَّما) ساقطة من ب. 2 قرأ أبو جعفر، ونافع، وعاصم: {رُبَمَا} بالتّخفيف. وقرأ الباقون: {رُبَّمَا} بالتّشديد. يُنظر: السّبعة 366، والمبسوط 259، وحجّة القراءات 380، والكشف 2/29. 3 من الآية: 2 من سورة الحجر. 4 في أ: التّنكير، وهو تحريف. 5 في أ: السُّدي، وهو تحريف. وأبو عطاء السّنديّ اسمه: أفلح بن يسار: نشأ في الكوفة، وهو من مخضرمي الدّولتين الأمويّة والعبّاسيّة، شاعرٌ فحلٌ من شعراء بني أميّة؛ مات أيّام المنصور. يُنظر: الشّعر والشّعراء 518، والأغاني 17/327، والخزانة 9/545. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 259 فَإِنْ تُمْسِ مَهْجُورَ الْفِنَاءِ فَرُبَّمَا ... أَقَامَ بِهِ بَعْدَ الوُفُودِ وفُودُ1 وقد تقع زائدة2 فلا تمنعها عن العمل، كقول عَديّ الغَسَّانيّ3: رُبَّمَا ضَرْبَةٍ بِسَيْفٍ صَقِيْلٍ ... دُوْنَ بُصْرَى وَطَعْنَةٍ نَجْلاَءِ4 وفيها لغاتٌ5: (رُبَّ) مضمومة الرّاء مشدّدة الباء، أو مخفّفة؛ و (رُبَّتَ) بإلحاق التّاء   1 هذا بيتٌ من الطّويل. و (الفِناء) : ساحة الدّار. و (الوُفود) : الزّوّار وطُلاّب الحاجات. والشّاهد فيه: (فربّما) حيث جاءت (ربّما) للتّكثير. يُنظر هذا البيتُ في: الحماسة 1/391، والشّعر والشّعراء 519، وشرح اللّمع لابن بَرْهان 1/170، والمقتصد 2/829، واللّسان (عهد) 3/313، وجواهر الأدب 366، والأشباه والنّظائر 3/186، والخزانة 9/539، وشعره - ضمن مجلّة المورِد، المجلّد التّاسع، العدد الثّاني - 282. 2 أي: (ما) . 3 هو: عديّ بن الرّعلاء الغسّانيّ: شاعرٌ جاهليّ؛ والرّعلاء: اسم أمّه، اشتُهر بها. يُنظر: معجم الشّعراء 77، والخزانة 9/586. 4 هذا بيتٌ من الخفيف. و (صقيل) : بمعنى مصقول، أي: مجلوّ، صفة لسيف. و (بُصرى) : بلدٌ بالشّام. و (الطّعنة النّجلاء) : الواسعة البيِّنة الاتّساع. والشّاهد فيه: (ربّما ضربة) حيث جرّ (ضربة) بـ (رُبّ) مع دخول (ما) عليها. يُنظر هذا البيت في: الأصمعيّات 152، والأزهيّة 82، 94، وأمالي ابن الشّجريّ 2/566، ورصف المباني 271، والجنى الدّاني 456، والمغني 183، وأوضح المسالك 2/155، والهمع 4/230، والأشمونيّ 2/231، والخزانة 9/582. 5 في (رُبّ) ستّ عشرة لغة أحصاها ابن هشام في المغني 184. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 260 مشدّدة أو مخفّفة، كقول1 الشّاعر: وَرُبَّتَ سَائِلٍ عَنِّي2 حَفِيَّ ... أَغَارَتْ عَيْنُهُ أَمْ لَنْ تَغَارَا3 وقد تدخُل (ما) الكافّة بعد التّاء، فلا تمنعها عن العمل، كقول الشّاعر: مَاوِيَّ يَا رُبَّتَمَا غَارَةٍ ... شَعْوَاءَ كَاللّذعَةِ4 بِالْمِيْسَمِ5 ولا يتعلّق إلا بفعلٍ متأخّر.   1 في ب: قال. 2 في ب: عن. 3 هذا بيتٌ من الوافر، وهو لابن أحمر الباهليّ. و (الحفيّ) : المبادر في السّؤال المستقصي له. و (غارت العين) : دخلت في الرّأس؛ ويروى (عارت) أي: سال دمعها. والشّاهد فيه: (ربّت) حيث جاءت (رُبّ) ملحقة بالتّاء مشدّدة. يُنظر هذا البيتُ في: أدب الكاتب 398، واشتقاق أسماء الله 36، والأزهيّة 262، وأمالي ابن الشّجريّ 3/48، وشرح المفصّل 10/75، واللّسان (عور) 4/612، (غور) 5/34، وتذكرة النّحاة 382، وشرح شواهد الشّافية 353، والدّيوان 76. 4 في أ: كالدغة، وفي ب: كالذعة والصواب ما هو مثبت. 5 هذا بيتٌ من السّريع، وهو لِضَمْرَةَ بْنِ ضَمْرَةَ النَّهْشَلِيِّ. (ماويّ) - مرخم ماويّة -: اسم امرأة. و (الشّعواء) : الغارة الكثيرة المنتشرة. و (الميسم) : ما يوسَم به البعير؛ وذلك بوضعه في النّار وكَيِّ البعير به ليكون علامة مميّزة له. والشّاهد فيه: (رُبَّتَمَا غارة) حيث دخلت (ما) الزّائدة على (رُبَّتَ) فلم تكفّها عن العمل. يُنظر هذا البيتُ في: نوادر أبي زيد 55، والأزهيّة 262، والإنصاف 1/105، وشرح المفصّل 8/31، والأشباه والنّظائر 3/186، والخزانة 9/384. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 261 بَابُ القَسَمِ: [ثُمَّ تَجُرُّ الاِسْمَ بَاءُ الْقَسَمِ ... وَوَاوُهُ وَالتَّاءُ أَيْضًا فَاعْلَمِ] 1 لَكِنْ تُخَصُّ التَّاءُ بِاسْمِ اللهِ ... إِذَا تَعَجَّبْتَ بِلاَ اشْتِبَاهِ [36/أ] حروف القسم2: (الباء) : وهي تدخل على الظّاهر والمضمر، وتأتي بعد فعل القسم، كقولك: (أقسمتُ بالله3 وبِهِ) ، ومن دخولها على المضمَر قولُ4 أبي زَيْدٍ5:   1 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 2 أدوات القسم خمس: (الباء) و (الواو) و (التّاء) و (اللاّم) و (من) . يُنظر: الأصول 1/430، والتّبصرة 1/445، وشرح المفصّل 9/99، وشرح ألفيّة ابن معطٍ 1/421. 3 في أ: المصحف. 4 في ب: كقول أبي زيد. وليس هذا من قول أبي زيد وإنما من إنشاده. وقد صرّح بإنشاده لهذا البيت ابن جنّي في الخصائص 2/19، وسرّ صناعة الإعراب 1/104، وابن يعيش في شرحه على المفصّل 9/99. ولم أعثر عليه في النّوادر. 5 هو: سعيد بن أوس بن ثابت الأنصاريّ الخزرجيّ: كان إمامًا نحويًّا بصريًّا، غلبت عليه اللّغة والنّوادر والغريب، روى له أبو داود والترّمذيّ؛ وكلّما قال سيبويه: ((أخبرني الثّقة)) فالمراد أبو زيد؛ ومن مصنّفاته: لغات القرآن، وخلق الإنسان، والنّوادر؛ توفّي سنة (215هـ) . يُنظر: مراتب النّحويّين 73، وأخبار النّحويّين 64، 68، وطبقات النّحويّين واللّغويّين 165، ونزهة الألبّاء 101، وإنباه الرّواة 2/30، وبغية الوُعاة 1/582. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 263 أَلاَ نَادَتْ أُمَامَةُ بِاحْتِمَالِ ... لِتَحْزُنَنِي فَلاَ بِكِ لاَ أُبَالِي1 والواو: بدلٌ منها، وهي تدخل على الظّاهر دون المُضمَر؛ فتقول: (والمصحف) 2، ولا تأتي بعد الفعل؛ وتوجيه الإبدال كون بعض معاني الباء للإلصاق، ومن معنى الواو العطف، وهو الجمع؛ فلمّا تقارَب معناهما وقع الإبدال فيهما3.   1 هذا بيتٌ من الوافر، وهو لِغُوَيّة بن سُلْمَى بن ربيعة. و (الاحتمال) : الارتحال. ومعنى البيت: خَبّرتني أُمامة بارتحالها؛ لتجلب عليَّ الحزن والغم، لكنّني أدعو أن لا يقع ذلك. والشّاهد فيه: (فلا بك) حيث جرّ الباءُ الكافَ؛ فهي تجرّ الاسم الظّاهر والمُضمَر؛ وهي هُنا للقسم. يُنظر هذا البيت في: المسائل العسكريّة 100، وسرّ صناعة الإعراب 1/104، والخصائص 2/109، والتّبصرة 1/445، وشرح الحماسة للمرزوقيّ 2/1001، وشرح المفصّل 8/34، 9/101، وشرح ألفيّة ابن معطٍ 1/421، ورصف المباني 1/224. 2 هذا على أنّ المصحف يتضمّن كلامَ الله، وكلامُ الله تعالى من صفاته؛ فإنّه يجوز الحلِف بالمصحف، بأن يقول الإنسان: (والمصحف) ، ويقصد ما فيه من كلام الله عزّ وجلّ. أمّا إذا قصد بالمصحف الصحُف والأوراق، أو الجلدة، أو المِداد فهذا لا يجوز. يُنظر: المغني والشّرح الكبير على المقنع 11/173، ومنار السّبيل 2/433، وفتاوى الشّيخ محمّد الصّالح العثيمين 1/231. (فيهما) زيادة من ب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 264 وقيل: أشبهت الواو لقُرب المخرَج1. والتّاء: هي بدلٌ من الواو، كما أبدلت من2الواو في قولهم: (تُراث) و (تخمة) و (تهمة) ؛ إذ اشتقاق هذه الكلمات من: (ورث) ، ومن (الوخامة) ، ومن (الوهم) 3، فعدلوا إلى الإبدال طلبًا للخفَّة. ولم تدخل التّاء إلاَّ على اسم الله تعالى، كقوله سبحانه: {وَتَاللهِ لأَكِيْدَنَّ أَصْنَامَكُمْ} 4 لأنّها بدلٌ من بدل، فلم تدخل إلاَّ على اسمٍ واحدٍ [36/ب] معظّم. ومنهُ5 قول الشّاعر: تَاللهِ يَبْقَى عَلَى الأَيَّامِ ذُو حَيَدٍ ... بِمُشْمَخِرٍّ بِهِ الظَّيَّانُ وَالآسُ6   1 يُنظر: أسرار العربيّة 276، وشرح المفصّل 9/99. 2 في ب: منها. 3 في ب: من اسم الوهم. 4 من الآية: 57 من سورة الأنبياء. (ومنه) ساقطة من ب. 6 هذا بيتٌ من البسيط، وقد اختُلف في نسبته؛ فنسبه سيبويه في الكتاب 3/497 إلى أُميّة بن أبي عائذ، ونسبه الزّمخشريّ في المفصّل 484 إلى عبدِ مناة الهذليّ، وابن يعيش في شرحه على المفصّل 9/99 إلى أُميّة بن أبي عائذ، وقيل: لأبي ذؤيب الهذليّ، وقيل: للفضل بن العبّاس اللّيثيّ. ونُسب إلى مالك بن خالد الهذليّ - كما في ديوان الهذليّين 3/2 -؛ ورواية الصّدر فيه: وَالخُنْسُ لَنْ يُعْجِزَ الأيّامَ ذُو حَيَدٍ وصدره في ديوان الهذليّين لِسَاعدة بن جُؤَيَةَ الهذليّ 1/193، وعجزه: أَدْفَى صَلُودٌ مِنْ الأَوْعَالِ ذُو خَدمِ و (ذو حَيَدٍ) : يريد بذلك الوعل، والحيَد - يروى بفتح الحاء والياء على أنّه مصدرٌ بمعنى العوج والأود - وهو: اعوجاجٌ يكون في قرن الوعْل؛ ويُروى بكسر الحاء مع فتح الياء على أنّه جمع (حَيْدَة) ؛ وهي: العُقدة في قَرْنِ الوعِل. و (المشمخرّ) : الجبل الشّامخ. و (الظّيّان) : ياسمين البر. و (الآس) : الرّيحان، ومنابتهما: الجبال وحزون الأرض؛ وإنّما ذكرهما إشارةً إلى أنّ الوعل في خصبٍ، فلا يحتاج إلى السّهول فيُصاد. والشّاهد فيه: (تالله يبقى) على أنّ التّاء لا تدخل إلاَّ على لفظ (الله) تعالى. يُنظر هذا البيت في: الكتاب 3/497، والمقتضب 2/324 - وفيهما (لله) بدل (تالله) ولا شاهد فيه على هذه الرّواية -، والجُمل 71، والتّبصرة 446، ورصف المباني 198، 247، واللّسان (حيد) 15/158، والهمع 4/236، والأشمونيّ 2/216 - وفيهما (لله) بدل (تالله) ولا شاهد فيه على هذه الرّواية -. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 265 وهاء التّنبيه1 فهي عِوَضٌ من الواو2، تقول: (ها الله لأفعلنَّ) . فالمُقْسِمُ هُنا قد نبَّه السَّامِع على تأكيد القسم؛ فهذا الحرف هُنا يقتضي تنبيهًا3 ومُنَبِّهًا4 ومُنَبَّهًا عليه.   1 في أ: التثنية، وهو تحريف. 2 ويجوز في ألف (ها) وجهان: أحدهما: أن تُحذَف ألفها، والهمزة من اسم الله تعالى؛ فتقول: (ها لله لأفعلنّ) . والثّاني: أن تثبت ألفها، وتقطع الهمزة من اسم الله تعالى؛ فتقول: (ها ألله لأفعلنّ) . يُنظر: شرح ملحة الإعراب 133، وشرح المفصّل 9/106. 3 في أ: مُنبّهًا، وهو تحريف. (ومنبِّهًا) ساقطة من ب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 266 وتعوّض1 - أيضًا - همزة الاستفهام، وألف القطع،2 كقولك: (ألله لتفعلنَّ؟) ، ويجوز ألاَّ يؤتى بحرف القسم ولا بالعوض منه فينتقل إلى النّصب، فتقول: (اللهَ) ؛ فيكون من باب ما سقط فيه الجارّ وتعدّى الفِعْلُ فَنَصَبَ. ويجوز القطع عن مراعاة الفعل، والحمل على الابتداء نحو: (أللهُ لأفعلنَّ) فيكون مبتدأً وخبرًا، كأنّك قُلْتَ: (اللهُ قسمي) أو (قسمي اللهُ) ، ومنه قولُهم: (لَعَمْرُكَ) - بالضّمّ -، ومنه قولُ الشّاعر: فَقَالَ فَرِيقُ الْقَوْمِ لاَ، وَفَرِيقُهُمْ ... نَعَمْ وَفَرِيقٌ أَيْمُنُ اللهِ مَا نَدْرِي3 المعنى: أقسِمُ بيمين الله. وقال امرؤ القيس: وَقَالَتْ يَمِيْنُ اللهِ مَالَكَ حِيْلَةٌ4 ... ...................................   1 في ب: ويعوّض. 2 يُنظر: شرح ألفيّة ابن معطٍ 1/424. 3 هذا بيتٌ من الطّويل، وهو لِنُصَيْبِ بْنِ رَبَاح. ومعنى البيت: وَصَف أنّه تعرّض لزيارة من يُحب فجعل ينشد ذودًا من الإبل ضلّت له؛ مخافةَ أن ينكَر عليه مجيئه وإلمامه. والشّاهد فيه: (أيمنُ الله ما ندري) على أنّ (أيمن) تُستعمل للقسم، بمعنى: أقسم بيمين الله. يُنظر هذا البيت في: الكتاب 3/503، والمقتضب 1/228، والأزهيّة 21، وتحصيل عين الذّهب 515، والإنصاف 1/407، وشرح المفصّل 8/35، 9/92، وشرح ألفيّة ابن معطٍ 1/427، والهمع 4/329، والدّيوان 94. 4 هذا صدرُ بيتٍ من الطّويل، وعجزه: وَمَا إِنْ أَرَى عَنْكَ العَمَايَةَ تَنْجَلِي والشّاهد فيه: (يمين الله) حيث جاء بها للقسم. يُنظر هذا البيتُ في: الدّيوان 14. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 267 ويحذف أوّل (أَيْمَنْ) 1، فيُقال: [37/أ] (مُنُ اللهِ) و (مَنَ اللهِ) 2 و (مُ اللهِ) وممّا يقسم به العمر؛ فيقال: (لَعَمْرُ اللهِ) ؛ فهو مرفوعٌ بالابتداء، وكقوله تعالى: {لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ} 3، ويكون مفتوحًا عاريًا من اللاّم: (لَعَمْرَكَ الله) ، وتقديره: (عَمْرَكَ الله) قسمي به، أي: ببقائك4.   1 اختلف البصريّون والكوفيّون في (أيمُن) في القسم: فذهب الكوفيّون إلى أنّها جمع (يمين) ، وأنّ ألِفها ألفُ قطع في الأصل، وحُذفت تخفيفًا لكثرة الاستعمال. وذهب البصريّون إلى أنّ (أيمن) ليس جمع يمين، وإنّما هو اسمٌ مفرَدٌ مشتقّ من (اليُمْن) ، وأنّ همزته همزة وصلٍ. وفيها لغاتٌ كثيرة، وصلت إلى عشرين لغة. يُنظر: الكتاب 3/503، والإنصاف، المسألة التّاسعة والخمسون، 1/404، وشرح المفصّل 8/35، 9/92، وشرح الكافية الشّافية 2/878، وشرح ألفيّة ابن معطٍ 1/427، والجنى الدّاني 538، 541، والهمع 4/238. (ومن الله) ساقطة من أ. 3 سورة الحجر، الآية: 72. (العَمْر) يُستعمل على ضربين: أحدهما: أن يقترن باللاّم، وحينئذ يجب رفعه بالابتداء لتصدّره بلامه، والخبر محذوف لسدّ الجواب مسدّه. والثّاني: أن يتجرّد من اللاّم فيجب نصبه. يُنظر: شرح الكافية الشافية 2/874. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 268 والحروف الّتي يجاب بها القسم أربعة:1 حرفان للنّفي؛ وهما: (ما) و (لا) ؛ وحرفان للإيجاب؛ وهما: (إنَّ) و (اللاّم) ، كقولك: (والله لزيدٌ أفضلُ من عَمْرٍو) ، وكقوله تعالى: {وَالْعَصْرِ إِنَّ الإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} 2. وتأتي بعده3 (قد) ، ويسوغ حذف ما هو للنّفي دون الإيجاب، كقوله تعالى: {تَاللهِ تَفْتَؤُ تَذْكُرُ يُوسُفَ} 4 أي: لا تَفْتَأُ، ومنه قولُ امرئ القيس: فَقُلْتُ يَمِيْنُ اللهِ أَبْرَحُ قَاعِدَاً ... وَلَوْ قَطَّعُوا رَأْسِي لَدَيْكِ وَأَوْصَالِي5   1 يُنظر: التّبصرة 1/452، وشرح ملحة الإعراب 134، والمقرّب 1/205، وشرح الجمل 1/526، وشرح ألفيّة ابن معطٍ 1/430. 2 سورة العصر، الآية: 1 – 2. ومثال (ما) قوله تعالى: {يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا} [التوبة:74] . ومثال (لا) قوله تعالى: {لَئِنْ أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ} [الحشر:12] 3 في ب: بعد، وهو تصحيف. 4 من الآية: 85 من سورة يوسف. 5 هذا بيتٌ من الطّويل. و (الأوصال) : جمع وصل؛ وهو كلّ عضوٍ ينفصل عن الآخر. والشّاهد فيه: (أبرح قاعدًا) على أنّه يسوغ حذف ما هو للنّفي دون الإيجاب، والتّقدير: لا أبرح. يُنظر هذا البيتُ في: الكتاب 3/504، والمقتضب 2/326، والجمل 73، والتّبصرة 1/454، وشرح المفصّل 8/37، 9/104، وشرح ألفيّة ابن معطٍ 1/426، والمغني 834، والأشمونيّ 1/228، والدّيوان 32. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 269 أي: لا أبرح. فإنْ أدخلت1 هذه اللاّم على الفعل المضارِع ألحقت بالفعل النّون الثّقيلة أو الخفيفة، كقوله تعالى: {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} 2. وحرف (قد) يقترن باللاّم الّتي يتلقّى بها الفعل، فيجوز [37/ب] أن يليها الماضي؛ وهي في هذا الحكم على أربعةِ أوجهٍ: أَحَدُها: أنْ تأتي مقترنة بـ (قد) ، كقوله تعالى: {وَهَذَا الْبَلَدِ الأَمِينِ لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ} 3. الثّاني: بحذف (اللاّم) و (قد) ، كقوله4 [تعالى] 5: {وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ قُتِلَ أَصْحَابُ الأُخْدُودِ} 6. الثّالث: وقوع الجواب بـ (قد) عاريًا من اللاّم، كقوله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا} 7. الرّابع: أن يكون باللاّم عاريًا من (قد) ، كقول8 امرئ القيس: حَلَفْتُ لَهَا بِاللهِ حَلْفَةَ فَاجِرٍ ... لَنَامُوا فَمَا إِنْ مِنْ حَدِيثٍ وَلاَ صَالِ9   1 في كلتا النسختين: فإن دخلت، وما أثبته هو الأولى. 2 سورة الحجر، الآية: 92. 3 سورة التّين، الآية: 3 - 4. 4 في أ: لقوله. (تعالى) ساقطةٌ من ب. 6 سورة البروج، الآية: 3-4. 7 سورة الشّمس، الآية: 9. 8 في ب: وأنشد. دون اسم الشّاعر. 9 هذا بيتٌ من الطّويل. و (الصّالي) : الّذي يصطلي بالنّار. والمعني: لَمّا خوّفتني من السّمّار أقسمتُ لها كاذبًا أنْ ليس منهم أحدٌ إِلاَّ نائمًا. والشّاهد فيه: (لناموا) حيث أدخل اللاّم في الجواب وهو فعل ماض، بدون قد. يُنظر هذا البيتُ في: الأصول 1/242، وسرّ صناعة الإعراب 1/374، والتّبصرة 1/77، 452، والأزهيّة 52، 452، وشرح المفصّل 9/97، والمقرّب 1/205، وشرح ألفيّة ابن معطٍ 1/431، والمغني 229، والخزانة 10/71، والدّيوان 32. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 270 والفرق بين واو القسم والواو الّتي تضمر بعدها (رُبَّ) : أنَّ واوَ القسم يجوز أن يدخل عليها واو العطف وفاؤه، كقولك: (وو الله) ، وكما قال اللهُ تعالى: {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ} 1. والواو القائمة مقام (رُبَّ) فلا يدخل2عليها واو العطف، ولا فاؤه؛ فلا يجوز أنْ تقول: و [وصاحب في قول الشّاعر] 3: وَصَاحِبٍ نَبَّهْتُهُ لِيَنْهَضَا ... إِذَا الْكَرَى في عَيْنِهِ تَمَضْمَضَا4 ولا (فو صاحب) .   1 من الآية: 92 من سورة الحجر. 2 في ب: فلا تدخل. 3 ما بين المعقوفين زيادة يقتضيها السّياق. 4 هذا بيتٌ من الرّجز؛ وهو للرّكّاض الدُّبيريّ. و (تمضمض النّعاس في عينيه) : دَبَّ. والتّمثيل فيه (وصاحبٍ) على أنّ الواو القائمة مقام (رُبّ) لا يجوز أن يدخل عليها واو العطف ولا فاؤه. يُنظر هذا البيتُ في: نوادر أبي زيد 168، والكامل 1/192، والجمهرة (مضمض) 1/212، 3/1284، والتّهذيب (أرض) 12/63، 64، والصّحاح (مضض) 6/1106، والمخصّص 10/158، وشرح ملحة الإعراب 131، واللّسان (أرض) 7/112، (مضض) 7/234. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 271 بَابُ الإِضَافَةِ: وَقَدْ يُجَرُّ الاسْمُ بِالإِضَافَهْ ... كَقَوْلِهِمْ: دَارُ أَبِي قُحَافَهْ [38/أ] الإضافة هي: إمالة الشّيء إلى الشّيء ونسبته إليه1؛ فالأوّل: مُضاف، والثّاني: مُضافٌ إليه، وينزّلان2 بالتّركيب الإضافي3 منزلة4 الاسم الواحد؛ ولذلك سقط التّنوين من الأوّل؛ لأنَّه لا يكون حشوً الكلمة؛ فالاسم5 الأوّل مُعْربٌ بما يقتضيه العامل، والثّاني مجرورٌ به6 دائمًا.   1 وفي الاصطلاح هي: إسناد اسمٍ إلى غيره، على تنزيل الثّاني من الأوّل منزلة تنوينه، أو ما يقوم مقام تنوينه. شرح الشّذور 306. وقيل: نسبة تقييديّة بين اسمين توجِب لثانيهما الجرّ. يُنظر: الهمع 4/264، والصّبّان 2/237. 2 في أ: ويتّصلان. 3 في أ: للإضافة. 4 في أ: بمنزلة. 5 في ب: والاسم. 6 حكم المضاف إليه الجرّ دائمًا؛ وقد اختُلف في عامل الجرّ فيه: فذهب سيبويه والجمهور إلى أنّه مجرورٌ بالمضاف؛ وذهب الزّجّاج إلى أنّه مجرور بحرف جرٍّ مقدّر. وقيل: هو مجرورٌ بالإضافة؛ وقيل: هو مجرورٌ بحرف مقدّر ناب عنه المضاف. تُنظر هذه المسألة في: الكتاب 1/419، والبسيط 2/886، وشرح ألفيّة ابن معطٍ 2/731، وأوضح المسالك 2/167، والتّصريح 2/24، 25، والهمع 4/265. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 273 فَتَارَةً تَأْتِي بِمَعْنَى اللاَّمِ ... نَحْوُ: أَتَى عَبْدُ أَبِي1 تَمَّامِ وَتَارَةً تَأْتِي بِمَعْنَى مِنْ إِذَا ... قُلْتَ: مَنَا2 زَيْتٍ فَقِسْ ذَاْكَ وَذَا اعلم أَنَّ الإضافة تنقسم إلى قسمين: مَحْضَة، وغَيْر مَحْضَةٍ. فالمحضة: تقع تارةً بمعنى (اللاَّم) ، وتسمّى إضافة المِلك، كقولك: (غُلام زيدٍ) ، أو الاختصاص3 كـ (باب الدّار) . وتارةً بمعنى (مِنْ) ، وتُسمَّى إضافة الجنس، ويكونُ الأوّل بعض الثّاني، كقولك: (خاتم فِضَّةٍ) 4؛ وهذا5يجوز في إعراب المضاف إليه [38/ب] ثلاثة أوجهٍ6: جرُّه بالإضافة، ونصبه إمَّا على الحال أو على التّمييز وهو الأولى7، واتباعه للأوّل إمَّا على الصّفة وإمَّا على البدل8؛ مثاله: (خاتم حديدٍ) و (حديدًا) و (حديدٌ) . ومن شرطه9 أن يكون الأوّل نكرة، والثّاني معرفة؛ فيتعرَّفُ   1 في أ: بني. 2 في أ: منّي زيت وإن شئت فذا. 3 في أ: أو لاختصاص. 4 في ب: ذهب. 5 لو قال: (وبهذا) لكان أحسن. 6 يُنظر: الكتاب 2/117، 118، والبسيط 2/898، 899. 7 في أ: وهو أولى. 8 في كلتا النسختين: من البدل، وما أثبتّه هو الأولى. 9 في ب: ومن شرطها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 274 بإضافته إليه1، وإن كانا نكرتين فالتّنكير بَاقٍ، كقولك: (طالبُ عِلْمٍ) 2. ومنها: إضافةٌ بمعنى (في) ، كقولك: (هؤلاء مسلمو المدينة) ،وكقوله تعالى: {يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ} 3، ومنه قولُ النّبيّ - صلّى الله عليه وسلّم – "رِبَاطُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ أَفْضَلُ مِنْ صِيَامِ شَهْرٍ وَقِيَامِهِ" 4، ومنه قولُ حَسَّان5: تُسَائِلُ عَنْ قَوْمٍ هِجَانٍ سَمَيْدَعٍ ... لَدَى البَأْسِ مِغْوَارِ الْصَّبَاحِ جَسُورِ6   1 نحو: (غلام زيد) ؛ فـ (غلام) قبل الإضافة نكرة، فلمّا أضيف إلى المعرفة اكتسب التّعريف منها. يُنظر: التّصريح 2/26. 2 في هذا المثال اكتسب المضاف من المضاف إليه التّخصيص؛ فـ (طالب) قبل الإضافة نكرةٌ خالية عن التّخصيص، فلمّا أُضيف إلى النّكرة تخصّص بها. يُنظر: التّصريح 2/26. 3 من الآية: 39 من سورة يوسف. 4 يُنظر: صحيح مسلم، كتاب الإمارة، باب فضل الرِّباط في سبيل الله عزّ وجلّ، 3/1520، وسنن التّرمذيّ، كتاب فضائل الجهاد، باب ما جاء في فضل المرابِط، 4/188، وسنن النّسائيّ، كتاب الجهاد، باب فضل الرّباط، 6/39، ومسند أحمد 5/441، ومشكل الآثار 3/102. 5 هو: حسّان بن ثابت الخزرجيّ الأنصاريّ، يكنى أبا الوليد: شاعرُ النّبيّ - صلّى الله عليه وسلّم -، وأحد المخضرَمين، عاش ستّين سنة في الجاهليّة ومثلها في الإسلام، كُفّ بصره في آخر عمره؛ ومات في زمن معاوية - رضي الله عنه-. يُنظر: طبقات فحول الشّعراء 1/215، والشّعر والشّعراء 188، والأغاني 4/141، والاستيعاب 1/400، والإصابة 1/55. 6 هذا بيتٌ من الطّويل. و (الهجان) : الكريم الحسَب. و (السّميدع) : الشّجاع الموطّأ الأكناف. و (لدى البأس) : عند الشّدّة في الحرب. و (مغوار) : من أغار على العدوّ يُغير إغارة، ورجلٌ مِغْوارٌ: مقاتِلٌ. و (جسور) : مِقْدَامٌ. والشّاهد فيه: (مغوار الصّباح) أي: مغوارٌ في الصّباح فالإضافة فيه بمعنى (في) . يُنظر هذا البيتُ في: شرح عمدة الحافظ 1/483، وشرح الكافية الشّافية 2/908، وابن النّاظم 381، والمقاصِد النّحويّة 3/358، والدّيوان 1/133. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 275 وغير المحضة هي:1 ما يُقَدَّرُ فيها التّنوين، ولا2يتعرّف بها المضاف، كإضافة اسم الفاعل إذا أُريد به الحال أو الاستقبال، كقوله تعالى: {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} 3، والتّقدير في هذه الإضافة [الانفصال] 4 والتّنوين؛ وأصلُ هذا الكلام: (هديًا بالغًا الكعبة) ، وتقول: (مررت برجلٍ حَسَنِ الوجه) [39/ أ] و (حَسَنٍ وجهًا) و (حَسَنٍ وَجْهُهُ) 5. ويجوز في الإضافة الّتي هي غير محضةٍ إدخال الألف واللاَّم على المضافين6، كقولك: (مررتُ بالرّجل الحسنِ الوجه) ، كقوله تعالى: {وَالْمُقِيمِي الصَّلاَةِ} 7.   1 في أ: هو، وهو تحريف. 2 في ب: فلا. 3 من الآية: 95 من سورة المائدة. 4 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 5 وكذلك الصّفة المشبّهة باسم الفاعل لا يتعرّف بها المضاف كما مثّل. ينظر: شرح الملحة 137. 6 يجوز دخول (أل) على المضاف في خمس مسائل. ينظر: التّصريح 2/29، والأشمونيّ 2/245. 7 من الآية: 35 من سورة الحجّ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 276 والإضافة المحضة يجوز أن تَفْصِل بين المضاف والمضاف إليه اضطرارًا1، كما ورد في النّظم، [وذلك] 2 بنعتٍ في3 قول الشّاعر: نَجَوْتُ4 وَقَدْ بَلَّ المُرَادِيُّ سَيْفَهُ ... مِنَ ابْنِ أَبِي - شَيْخِ الأَبَاطِحِ - طَالِبِ5   1 هذا مذهب كثيرٍ من النّحويّين، وذهب ابن مالك إلى أنّه يجوز - في السّعة- الفصل بينهما في ثلاث صور: الأولى: أن يكون المضاف مصدرًا، والمضاف إليه فاعله، والفاصل إمّا مفعوله كقراءة ابن عامرٍ: {قَتْلُ أَوْلاَدَهُمْ شُرَكَائِهِمْ} [الأنعام: 137] ، وإمّا ظرفه كقول بعضهم: (ترك - يوما - نفسك وهواها سعيٌ لها في رداها) . الثّانية: أن يكون المضاف وصفًا، والمضاف إليه مفعوله الأوّل، والفاصل إمّا مفعوله الثّاني كقراءة بعضهم: {فَلاَ تَحْسَبَنَّ اللهَ مُخْلِفَ وَعْدَهُ رُسُلِهِ} [إبراهيم: 47] ، أو ظرف: كقوله - صلّى الله عليه وسلّم -: "هَلْ أَنْتُمْ تَارِكُو- لِي- صَاحِبي". الثّالثة: أنْ يكون الفاصل القسَم، نحو قولهم: (هذا غلامُ - والله - زيدٍ) . تُنظر هذه المسألة في: شرح التّسهيل 3/276-277، وابن النّاظم 405، والتّصريح2/57، والأشمونيّ 2/275، 276. (وذلك) ساقطة من أ. 3 في أ: بنعتٍ من. 4 في أ: بقيت. 5 هذا بيتٌ من الطّويل، وهو لمعاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنه-. و (بَلَّ) : لطّخ سيفه بالدّم. و (المُراديّ) : عبد الرّحمن بن مُلجم قاتِلُ عليّ بن أبي طالبٍ - رضي الله عنه -. و (الأباطح) : جمع أبطح، وهو: كلّ مكان متّسع، أو هو مسيلٌ واسعٌ فيه دِقاقُ الحصى، وأراد بالأباطح: مكّة المكرّمة. و (شيخ الأباطح) : هو أبو طالب - والد عليّ رضي الله عنه -. والشّاهد فيه: (من ابن أبي شيخ الأباطح طالب) حيث فصل بين المضاف وهو (أبي) والمضاف إليه وهو (طالب) بالنّعت للضّرورة الشّعريّة. يُنظر هذا البيتُ في: شرح الكافية الشّافية 2/990، وشرح عمدة الحافظ 1/496، وابن النّاظم 411، وابن عقيل 2/79، والمساعِد 2/372، والمقاصد النّحويّة 3/478، والتّصريح 2/59، والهمع 4/296، والأشمونيّ 2/278. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 277 أو بجملةٍ1، كقول الآخر2: لَهَا خَائِلٌ أَوْعَى - بِأَيَّةِ كُلَّمَا ... تَنَاوَلَ كَفَّاهُ البِسَارَ - الجَوَانِحِ3   1 في ب: أو مجمله. 2 في أ: الرّاجز، وهو سهوٌ من النّاسخ. 3 في ب: الحوايج، وهو تصحيف. وهذا البيتُ من الطّويل، وهو لِسُوَيد بن الصّامت الأنصاريّ - رضي الله عنه - من قصيدة قالها؛ وقد ادّان دَيْنًا وطُولب فاستغاث بقومه فقصّروا عنه؛ ومنها: وَأَصْبَحْتُ قَدْ أَنْكَرْتُ قَوْمِي كَأَنَّنِي ... جَنَيْتُ لَهُمْ بِالدَّيْنِ إِحْدَى الفَضَائِحِ أَدَيْنٌ وَمَا دَيْنِي عَلَيْهِم بِمَغْرَمٍ ... وَلَكِنْ عَلَى الشُّمِّ الجِلاَدِ القَرَاوِحِ أَدِينُ عَلَى أَثْمَارِهَا وَأُصُولِهَا ... لِمَوْلَى قَرِيبٍ أَوْ لآخَرَ نَازِحِ الإصابة 3/187، واللّسان (قرح) 2/562. و (نخلة قِرْواح) : ملساء جَرْداءُ طويلة، والجمع قراويح ولكن حذفت الياء. و (الشّمّ) : الطِّوالُ من النّخل وغيرها. و (الجلاد) : الصّوابر على الحرّ والعطش وعلى البرد، والضّمير في (لها) يرجع إلى النّخل الّذي يصفه. و (الخائل) المتعهّد للشّيء والمصلِح له القائم به. و (أوعى الجوانح) : مجبورها بعد كسر، قال في اللّسان - (وعى) 15/396 -:"وَعَى العظم إذا انجبر بعد الكسر". و (البِسار) : الحَبْل الّذي يُرتقى به إلى النّخل. والشّاهد فيه: (أوعى الجوانحِ) حيث فصل بين المضاف - وهو (أوعى) - والمضاف إليه - وهو (الجوانح) - بنعت هو جملة؛ للضّرورة الشّعريّة. يُنظر هذا البيت في: التّقفية في اللّغة 389، وشرح التّسهيل 3/276، وشرح عمدة الحافظ 1/497. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 278 أو بظرفٍ، كقول الشّاعر: ................................. ... لِلَّهِ دَرُّ - اليَومَ - مَنْ لاَمَهَا1   1 هذا عجُز بيتٍ من السّريع، وصدره: لَمَّا رَأَتْ سَاتِيدَمَا اسْتَعْبَرَتْ وهو لعمرو بن قميئة. و (سَاتِيدَمَا) : جبلٌ متّصلٌ من بحر الرّوم إلى بحر الهند، يقال: إنه سُمِّيَ بذلك لأنّه ليس مِنْ يومٍ إلاّ ويُسْفكُ عليه دمٌ، كأنّهما اسمان جعلا اسمًا واحدًا. يُنظر: معجم ما استُعجم 2/711، ومعجم البلدان 3/168. و (استعبرتْ) بكت من وحشة الغُربة، ولبُعدها عن أراضي أهلها؛ والعرب تقول: (لله درُّ فلان) إذا دعوا له، أو تعجّبوا من بلوغه الغاية في شيءٍ مّا. والمعنى: وصفَ الشّاعر امرأةً نظرت إلى (سَاتِيدَمَا) - وهو جبلٌ بعيد من ديارها- فتذكّرتْ به بلادها، فاستعبرتْ شوقًا إليهم. والشّاهد فيه: (درّ اليوم من لا مها) فإنّ (درّ) مضاف و (من لامها) اسمٌ موصولٌ مضافٌ إليه، وقد فصَل بين المُضاف والمضاف إليه بالظّرف وهو (اليوم) للضّرورة الشِّعريّة. يُنظر هذا البيتُ في: الكتاب 1/178، والمقتضب 4/377، ومجالس ثعلب 125، وتحصيل عين الذّهب 147، والإنصاف 2/ 432، وشرح المفصّل 1/103، 3/20، والأشباه والنّظائر 2/232، والخزانة 4/406، والدّيوان 182. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 279 [و] 1 كقول الآخر: كَمَا خُطَّ الكِتَابُ بِكَفِّ - يَوْمًا - ... يَهُودِيٍّ يُقَارِبُ أَوْ يُزِيْلُ2 أو بجارّ ومجرور، كقول الشّاعر: [هُمَا أَخَوَا3 - فِي الحَرْبِ - مَنْ لاَ أَخَا لَهُ 4 ... ......................................   1 العاطف ساقط من ب. 2 هذا بيتٌ من الوافر، وهو لأبي حَيَّةَ النُّمَيْرِيِّ، يصف رسم دار. و (يقارِب) : يضم بعض ما يكتبه إلى بعض. (أو يزيل) يفرِّق كتابته. والمعنى: وصف رسوم الدّار فشبّهها بالكتاب في دقّتها والاستدلال بها؛ وخصّ اليهود لأنّهم أهلُ كتابٍ، وجعل كتابته بعضها متقاربٌ وبعضها متفرّق ومتباين؛ لاقتضاء آثار الدّار تلك الصّفة والحال. والشّاهد فيه: (بِكَفِّ - يومًا - يهوديّ) حيث فصَل بين المضاف - وهو (كف) - والمضاف إليه - وهو (يهوديّ) - بالظّرف - وهو (يومًا) - للضّرورة الشّعريّة. يُنظر هذا البيتُ في: الكتاب 1/179، والمقتضب 4/377، والخصائص 2/405، والإنصاف 2/432، وشرح المفصّل 1/103، وشرح التّسهيل 3/273، وابن النّاظم 410، وابن عقيل 2/78، والخزانة 4/419، وشعره - ضمن مجلّة المورِد، المجلّد الرّابع، العدد الأوّل - 142. 3 في ب: إلي، وهو تحريف؛ والصّواب ما هو مثبت. 4 هذا صدرُ بيتٍ من الطّويل، وعجزه: إِذَا خَافَ يَوْمًا نَبْوَةً فَدَعَاهُمَا نُسِبَ إلى عَمْرَة الخثعميّة، وقيل: لدُرْنا بنت عَبْعَبَةَ، وقيل: لامرأة من بني سعد. و (النّبوَة) أصلُها: أنْ يضرِب بالسّيف فينبوَ عن الضّريبة ولا يمضي فيها. (فدعاهما) : استغاث بهما. والمعنى: ترثي الشّاعرة أخويها فتقول: كانا لمن لا أخا له في الحرب ولا ناصر، أخوين ينصرانه إذا غشيه العدوّ فخاف أن ينبوَ عن مقاومته. والشّاهد فيه: (هما أخوا - في الحرب - من لا أخا له) حيث فصَل بين المضاف - وهو (أخوا) - والمضاف إليه - وهو (مَن) - بالجارّ والمجرور- وهو (في الحرب) - للضّرورة الشّعريّة. يُنظر هذا البيت في: الكتاب 1/180، ونوادر أبي زيد 115، 116، والخصائص 2/405، وتحصيل عين الذّهب 149، والإنصاف 2/434، وشرح المفصّل 3/21، وابن النّاظم 410، والمقاصِد النّحويّة 3/472، والهمع 4/295. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 280 أو بنداء ومنادى1، كقول الآخر:] 2 كَأَنَّ بِرْذَوْنَ - أَبَا عِصَامِ3 - ... زَيْدٍ حِمَارٌ دُقَّ بِاللِّجَامِ4   1 في ب: ومنادى إلى؛ ويستقيم الكلامُ بدون حرف الجرّ. 2 ما بين المعقوفين ساقط من أ. 3 في أ: عاصم. 4 هذا بيتٌ من الرّجز، ولم أقفْ على قائله. و (البرذون) من الخيل ما ليس بعربيّ. والمعنى: يشبّه برذون زيد بحمار ملجّم. والشّاهد فيه: (برذون أبا عصام زيد) حيث فصَل بين المضاف - وهو (برذون) - والمضاف إليه - وهو (زيد) - بالمنادى - (أبا عصام) - للضّرورة الشّعريّة. يُنظر هذا البيت في: الخصائص 2/404، وشرح التّسهيل 3/275، وابن النّاظم 412، وابن عقيل 2/81، والمقاصد النّحويّة 3/480، والتّصريح 2/60، والهمع 4/296، والأشمونيّ 2/278. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 281 [39/ ب] وَفِي المُضَافِ مَا يُجَرُّ أَبَدَا ... مِثْلُ: لَدُنْ زَيْدٍ وَإِنْ شِئْتَ لَدَى وَمِنْهُ سُبْحَانَ وَذُو وَمِثْلُ ... وَمَعْ وَعِنْدَ وَأُوْلُو وَكُلُّ ثُمَّ الجِهَاتُ السِّتُّ فَوْقُ وَوَرَا ... وَيَمْنَةً وَعَكْسُهَا بِلاَ مِرَا وَهَكَذَا غَيْرُ وَبَعْضُ وَسِوَى ... فِي كَلِمٍ شَتَّى رَوَاهَا مَنْ رَوَى1 الأسماء المضافة إضافة معنويّةً؛ لازمة الإضافة، وغير لازمة. فاللاّزمةُ على ضربين: ظروف، وغير ظروف2. فمن الظّروف: (لَدُنْ) ، وهو بمنزلة (عند) 3، وهو مع الظّاهر آخره ألفٌ، ومع المضمَر ينقلب4 ياءً؛ تقول: (لدى زيد ولديك) ؛ فإذا استقبلها الألف5واللاّم تسقط نُونها، كقولك: (لدى الرّجل) ؛ ومن العرب مَن ينصب بها6. وتكون بمعنى (مُنْذُ) ؛ تقول: (ما رأيته من لَدُنْ غُدْوَةً) ، قال أبو سفيان7 بن حَرْبٍ:   1 في ب: قُدِّمَ هذا البيتُ على الّذي قبله. 2 يُنظر: شرح المفصّل 2/126. 3 إلاَّ أنّ (لدن) تختصّ عن (عند) بستّة أمور. يُنظر: التّصريح 2/45، والأشمونيّ 2/264. 4 في ب: تنقلب. 5 أي: دخل الألف واللاّم على المضاف إليه. 6 يُنظر: الكتاب 1/58، 210، 3/119، والتّصريح 2/45. 7 في أ: أبو اسفين، وفي ب: أبو سفين، وكلتاهُما محرّفة، والصوّاب ما هو مثبت. وأبو سفيان هو: صخر بن حرب بن أُميّة القرشيّ الأمويّ، مشهور باسمه وكنيته: كان من دُهاة العرب، ومن أهل الرّأي والشّرف فيهم، أسلم عام الفتح، وشهد حنينًا والطّائف، وكان من المؤلَّفة قلوبهم؛ توفّي بالمدينة سنة (30هـ) . يُنظر: الاستيعاب 2/270، وسير أعلام النّبلاء 2/105، والعبر 1/23، والإصابة 3/332. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 282 وَمَا زَالَ مُهْرِي مَزْجَرَ الكَلْبِ مِنْهُمُ ... لَدُنْ1 غُدْوَةً حَتَّى دَنَتْ لِغُرُوبِ2 (سُبحان الله) معناه: التّنزيه. [و] 3 (ذو) 4: بمعنى صاحب لازم الإضافة، ومن إضافته إلى المضمَر5؛ ما أنشده الأصْمَعيُّ6:   1 في أ: لذن، وهو تصحيف. 2 هذا بيتٌ من الطّويل. و (مزجَر الكلب) : مكان زجر الكلب وإبعاده. والمعنى: ما زال مهري بعيدًا عن هؤلاء القوم من أوّل النّهار إلى آخره. والشّاهد فيه: (لدن غدوة) حيث جاءت (لدن) بمعنى (مُنْذُ) أي: مُنْذُ غدوة. وجميع النُّحاة استشهدوا به على نصب غدوة بعد (لدن) ولم تجرّ بالإضافة؛ وهذا نادر. يُنظر هذا البيتُ في: حُروف المعاني 26، وشرح اللّمع لابن بَرْهان 2/429، واللّسان (لدن) 13/384، وابن عقيل 2/65، والمقاصد النّحويّة 3/429، والتّصريح 2/46، والهمع 3/218، والأشمونيّ 2/263، والدّرر 3/138. 3 العاطِف ساقطٌ من ب. 4 في أ: وذ، وهو تحريف. 5 في ب: إلى مضمرٍ. 6 هو: عبد الملك بن قُرَيب، أبو سعيد الأصمعيّ، البصريّ، اللّغويّ: أحدُ أئمّة اللّغة، والغريب، والأخبار، والملح، والنّوادر؛ مولده ووفاته بالبصرة؛ ومن مصنّفاته: الإبل، وخلق الإنسان، والخيل، والأضداد، وله قصائد اختارها، عُرفت بالأصمعيّات؛ توفّي سنة (216هـ) . يُنظر: مراتب النّحويّين 80 - 105، وأخبار النّحويّين البصريّين 72 - 80، وطبقات النّحويّين واللّغويّين 167، ونزهة الألبّاء 90، وإنباه الرُّواة 2/197. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 283 [40/أ] إِنَّمَا يَصْطَنِعُ المَعْـ ... رُوفَ فِي النَّاسِ ذَوُوهُ1 ومن إضافته إلى المضاف للمضمَر2قولُ عِثْيَر بن لَبِيد3: يَبْكِي عَلَيْهِ غَرِيْبٌ لَيْسَ يَعْرِفُهُ ... وَذُوْ قَرَابتَهِ فِي الحَيِّ مَسْرُورُ4   1 هذا بيتٌ من مجزوء الرّمل؛ أنشده الأصمعيّ ولم يعزه لقائل معيّن. والشّاهد فيه: (ذووه) حيث أضاف (ذوو) - وهو جمع (ذو) - إلى المضمَر؛ والمختار: إضافة (ذو) إلى المضمَر. يُنظر هذا البيت في: شرح المفصّل 3/38، وشرح الكافية الشّافية 2/928، وشرح التّسهيل 3/242، واللّسان (ذو) 15/458، والمساعِد 2/346، والهمع 4/284، والدّرر 5/27. 2 في كلتا النّسختين: ومن إضافته إلى المضاف المضمر، وهو تحريف، والصّواب ما هو مثبَت. 3 في ب: كبير. ولم أقف على ترجمةٍ له. 4 هذا بيتٌ من البسيط، وهو لِعثير بن لبيد العذريّ، وقيل: لعثمان بن لبيد العذريّ، وقيل: لحُرَيْث بن جَبَلة العذريّ. والشّاهد فيه: (وذو قرابته) حيث أضاف (ذو) إلى المضاف للمضمر. يُنظر هذا البيت في: المعمّرين 61، وعيون الأخبار 2/328، ومجالس ثعلب 1/221، ودرّة الغوّاص 73، 74، ونزهة الألبّاء 33، واللّسان (دهر) 4/293، وشرح شواهد المغني 1/244، والدّرر 3/101. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 284 (مِثْل) : تسوية1، وقد يَدْخُلُ2 عليه الكاف تأكيدًا للتّشبيه. (مَعَ) : كلمةٌ تَضُمُّ الشّيء إلى الشّيء، والغالب عليها الظّرفيّةُ، كقولك: (سِرْتُ مَعَ القوم) أي: في جَمْعهِمْ. (عِنْد) : ظرف مكان، تقول: (كُنْتُ عِنْدَ زَيْدٍ) ؛ و [قد] 3 تكون ظرف زمان، كقولك: (كان هذا عند انتصاف4 النّهار) . (أولو) : 5 اسم لجمع6 أسماء الإشارة. (كلّ) : معناه العموم والإحاطة. (فَوْقُ) و (تَحْتُ) : هما7 ظرفان، وقد8 يكونان اسمين9 في قولك: (تحتُكَ رجلاك) ؛ لأنَّ الرِّجْل هي التَّحْتُ نفسه10، وكذا: (فوقَكَ بناءٌ حَسَن) 11.   1 في كلتا النّسختين: سويّه؛ ولعلّها محرّفة؛ والتّصويب من الكتاب 4/231. 2 في ب: تدخل. (قد) ساقطة من ب. 4 في أ: انتصاب. 5 في أ: ألو، وهو تحريف. 6 في كلتا النّسختين: لجميع، وهو تحريف. 7 في أ: فهما. 8 في ب: وقيل. 9 يُنظر: الكتاب 1/411، 416، 420. 10 وكذا (فوقُكَ رأْسُك) ؛ لأنّ الفوق هو الرّأس. يُنظر: حروف المعاني 27. 11 (فوق) في هذا المِثال ظرف، وكذا (تحت) في قولك: تحتَك بساطٌ. يُنظر: حروف المعاني 27. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 285 والجهات السِّت:1ظروف أمكنةٍ؛ ومنها: (يمين) و (شمال) و (أعلى) و (أسفل) و (قُبالَة) و (حِذاءَ) و (إِزاء) [و (تِلْقَاء) ] 2 و (تِجاه) و (أمام) و (وراء) و (بين ذلك) . ومنها: (وسَْط) :3- بسكون السّين [وفتحها -؛ والفرق بينهما: أنَّ المتحرِّكة السّين] 4 تقع فيما لا ينقسم، كقولك: (ضربت وَسَطَ رأسه) ، والسّاكنة السّين تحلّ محلّ (بين) ، تقول: (جلس5 وَسْط القوم) [40/ب] (غَيْرُ) : كلمةٌ بمعنى (سِوى) ، ويستثنى بها بعضُ اختصاص من (كُلّ) ، وبعض الشّيء: طائفةٌ مِنْهُ. (سِوى) :6- تُضَمُّ سينه وتُفتح - وهي تكون اسمًا وظرفًا7؛   1 في أ: السّتّة. 2 ما بين المعقوفين ساقط من أ. 3 وسط: يكون اسمًا وظرْفًا: فإذا أردتّ الظّرف أسْكنت السّين، وإذا أردّت الاسم فتحتَ، فتقول: (وَسْط رأسك دهن) إذا أخبرت أنّه استقرّ في ذلك الموضع أسكنت السّين ونصبت لأنّه ظرف، وتقول: (وسَط رأسك صلب) فتحت السّين ورفعت لأنّه اسم غير ظرف. يُنظر: الكتاب 1/411، والمقتضب 4/341، 342، وشرح المفصّل 2/128، والبسيط 2/880، والهمع 3/157. 4 ما بين المعقوفين ساقط من أ. 5 في ب: جلست. 6 يُنظر: حروف المعاني 10، 23. 7 هذا مذهب الكوفيين، وأما البصريون فإنها لا يكون عندهم إلا ظرفاً. ينظر: الإنصاف، المسألة السادسة والثلاثون 1/214. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 286 فإذا كانت اسمًا مُدَّت وقُصِرَت، ولا تُمَدُّ إلاَّ إذا كانت مفتوحة السّين. فإذا كانت اسمًا فهي بمعنى (غير) 1، كقول الأعشى2: ................................. ... وَمَا قَصَدَتْ مِنْ أَهْلِهَا لِسَوائِكَا3 وإذا4 كانت ظرفًا فهي بمنزلة (وَسَط) ، وتكون ممدودةً للتّحقيق، تقول: (مررتُ برجُلٍ سَواءٍ) أي: مثلك.   1 في ب: عن، وهو تحريف. 2 هو: ميمون بن قيس، المعروف بأعشى قيس، ويكنى أبا بصير: شاعرٌ جاهليّ من شعراء المعلَّقات العشر، لقِّب بـ (صنّاجة العرب) لجودة شعره، وقيل: لأنّه كان يتغنّى بشعره؛ أدرك الإسلام في أواخر عمره ولم يُسْلِم. يُنظر: طبقات فحول الشّعراء 1/65، والشّعر والشّعراء 154، والأغاني 9/127، والمؤتلف والمختلف 10، والخزانة 1/175. 3 في ب: لسواكه، وهو تحريف. وهذا عجز بيتٍ من الطّويل، وصدره: تَجَانَفُ عَنْ جُوّ اليَمَامَةِ نَاقَتِي و (التّجانف) : الميل والانحراف. والشّاهد فيه: (لسوائكا) على أنّ (سِوى) تكون اسمًا بمعنى (غير) أي: لغيرك. يُنظر هذا البيت في: الكتاب 1/32، 408، والمقتَضب 4/349، وتحصيل عين الذّهب 68، وأمالي ابن الشّجريّ 1/359، 2/250، والإنصاف 1/295، وشرح المفصّل 2/84، والهمع 3/162، والخزانة 3/435، والدّيوان 89. 4 في أ: وإنْ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 287 بَابُ كَمِ الْخَبَرِيَّةِ: وَاجْرُرْ بِكَمْ مَا كُنْتَ عَنْهُ مُخْبِِراً ... مُعَظِّمًا لِقَدْرِهِ مُكَثِّرَا1 تَقُولُ: كَمْ مَالٍ أَفَادَتْهُ يَدِي ... وَكَمْ إِمَاءٍ مَلَكَتْ وَأَعْبُدِ (كَمْ) : اسم موضوع لعدد مُبْهَمٍ جِنْسًا ومِقْدارًا؛ ولها موضعان2: الخبر [41/أ] ، والاستفهام. فالخبرُ يقترن بالتّكثير3؛ والعددُ مجرورٌ بها، ولزمت صدر الكلام لأَنَّها في الخبر بمنزلة (رُبَّ) ؛ لأنَّ الشّيءَ يحمل على نقيضه4 فلم يتقدّم عليها شيءٌ سِوى حرف الجرِّ؛ لأنَّ الجارّ والمجرور كالشّيء الواحد. ويحكم على موضعها بالرّفع تارةً، وبالنّصب أُخرى، وبالجرّ تارةً على ما يقتضيه العامل. وهي تشبه الاستفهاميّة من وُجوهٍ، وتخالِفها من وُجوهٍ5؛ وتوجيه المشابهة:   1 في متن الملحة 17: مُكَبِّرَا. 2 في أ: موضوعان، وهو تحريف. 3 في أ: بالتّنكير، وهو تحريف. 4 قيل: لأنّها إنْ كانت استفهاميّة فالاستفهام له صدرُ الكلام؛ وإنْ كانت خبريّة فهي نقيضة (رُبّ) ، و (رُبّ) معناها: التّقليل، والتّقليل مضارِعٌ للنّفي، والنّفي له صدرُ الكلام كالاستفهام. يُنظر: أسرار العربيّة 214، وشرح الرّضيّ 2/97، والصّبّان 4/83. 5 يُنظر: التّصريح 2/279، والأشمونيّ 4/83. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 289 أنّهما يشتركان في لفظ الكميَّةِ1، ويلزمان صدر الكلام، وأنّهما يشتركان في البِناء لتَضمُّنِهمَا معنى الحرف، وأنّهما يشتركان في احتياجهما إلى مُفَسِّرٍ لأجل ابهامهما، ويشتركان في جواز الحمل على اللّفظ، وتارةً على المعنى في الإفراد والجمع والتّذكير والتّأنيث2. ووجوه المخالَفة: مِنْهَا: أنَّ الاستفهاميّة بمنزلة عَدَدٍ مُنوَّنٍ، نحو: (عشرين دِرْهمًا) ، والخبريّة بمنزلة عَدَدٍ مُضافٍ؛ ويدلّ على ذلك: انتصاب مميّز الاستفهاميَّة، [وانجرار مميّز الخبريّة. ومنها: أنّ مميّز الاستفهاميّة] 3 فردٌ منصوبٌ4، ومميّز الخبريّة   1 لأنّهما كنايتان عن عدد مجهول الجنس والمقدار. التّصريح 2/279. 2 يُنظر: شرح المفصّل 4/132، وشرح ألفيّة ابن معطٍ 2/1123. 3 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 4 أمّا الإفراد فلازمٌ عند البصريّين، وأجاز الكوفيّون كونه جمعًا مطلَقًا، وفصّل بعضهم فقال: إنْ كان السّؤال عن الجماعات - نحو (كم غلامانًا لك) إذا أردتّ أصنافًا من الغلمان - جاز، وإلاَّ فَلا، وهو مذهب الأخفش. وأمّا نصبه ففيه ثلاثة مذاهب: أحدها: أنّه لازمٌ ولا يجوز جرّه مطلَقًا؛ وهو مذهب بعض النّحويّين. والثّاني: أنّه ليس بلازم بل يجوز جرّه مطلَقًا حملاً على الخبريّة، وإليه ذهب الفرّاء، والزّجّاج، والفارسيّ. والثّالث: أنّه يجوز جرّه بـ (مِنْ) مضمَرةً جوازًا إنْ جرّت (كم) بحرف، نحو: (بكم درهم اشتريت ثوبك؟) ؛ هذا هو المشهور، ولم يذكر سيبويه جرّه إلاّ إذ دخل على (كم) حرفُ جرٍّ ليكون حرف الجرّ الدّاخل على (كم) عوضًا من اللّفظ بـ (من) المضمَرة؛ وهو مذهب الخليل، وسيبويه، وجماعة؛ وذهب الزّجّاج إلى أنّ جرّ التّمييز إنّما هو بإضافة (كم) إليه. تُنظر هذه المسألة في: الكتاب 2/159، 160، والمقتضب 3/56، وشرح الرّضيّ 2/96، والتّصريح 2/279، والهمع 4/78، 79، والأشمونيّ 4/79، 80. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 290 جمع مجرور1. ومنها: [41/ب] أنَّ الاستفهاميّة تقتضي جوابًا؛ وجوابها: إعرابه يكون بحسب موضعها؛ فإذا قُلْتَ: (كم مالك؟) فجوابه: (عشرون) ؛ والخبريّة لا تقتضي جوابًا؛ لأنّ المتكلِّم بها يُخْبِرُ عن نفسه. ويجوز أن يأتي الاسم بعد الخبريّة مُفْرَدًا وجمعًا2، كقولك: (كم عَبْدٍ ملكت) و (كم عبيدٍ) . فإن فَصَل بينها3 وبين ما عملت فيه فاصلٌ انتصب على التّمييز4،   1 تمييز (كم الخبريّة) مجرورٌ، ويكون مفرَدًا، وجمعًا، والجرُّ هُنا بإضافة (كم) على الصّحيح إذْ لا مانع منها؛ وقال الفرّاء: "إنّه بمن مقدّرة"، ونُقل عن الكوفيّين. ينظر: الهمع 4/80، 81، والأشمونيّ 4/81. 2 الإفراد أكثر من الجمع وليس الجمع بشاذ - كما زعم بعضهم -. تنظر هذه المسألة في شرح الرّضيّ 2/96، 97، والتصريح 2/279، 280، والهمع 4/ 80، والأشماوني 4/ 80، 81. 3 في أ: ما بينها، بإقحام الميم. 4 يفصل - في السّعة - بين (كم) الاستفهاميّة، ومميّزها بالظّرف، وشبهه، نحو: (كم عندك غلامًا؟) و (كم لك جارية؟) . ولا يفصل بين (كم) الخبريّة ومميّزها إلاّ في الضّرورة؛ فيجوز لأجلها الفصل بينهما بالظّرف، وشبهه، وبالجملة. ثم اختلف العلماء: فذهب الكوفيّون إلى أنّه إذا فصل بين (كم) في الخبر وبين الاسم بالظّرف وحرف الجرّ كان مخفوضًا، نحو (كم عندك رجل) و (كم في الدّار غلام) . وذهب البصريّون إلى أنّه لا يجوز فيه الجرّ، ويجب أن يكون منصوبًا. تُنظر هذه المسألة في: الكتاب 2/164، والمقتضب 3/60، والأصول 1/319، والإنصاف، المسألة الحادية والأربعون، 1/303، والتّبيين، المسألة الرّابعة والسّبعون، 429، وشرح المفصّل 4/131، وشرح الرّضيّ 2/97، وابن النّاظم 742، والهمع 4/82، والأشموني ّ4/81، 82. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 291 كقول الشّاعر: كَمْ نَالَنِي مِنْهُمُ فَضْلاً عَلَى عَدَمٍ ... إِذْ لاَ أَكَادُ مِنَ الإِقْتَارِ أَحْتَمِلُ1 فتقول من ذلك: (كم لي عَبْدًا) .   1 هذا بيتٌ من البسيط، وهو لِلْقُطَامِيّ. و (العدم) : فقْدُ المال وقلّته. و (الإقتار) : الافتقار. والمعنى: الشّاعر يمدح هؤلاء القوم بأنّهم أنعموا عليه وأفضلو عند فقره وعدمه - لشدّة الزّمان وشمول الجدب -؛ وحين بلغ به الجهد وسوء الحال إلى أنّه لا يستطيع الاحتمال - أي: الارتحال - لطلب الرّزق ضعفًا وفقرًا. ويروى (أجتمل) - بالجيم - أي: أجمع العظام لأخرج وَدَكها وأتعلّل به، و (الجميل) : الوَدَك. والشّاهد فيه: (فضلاً) حيث نصب (فضلاً) على التّمييز مع الفصْل بينه وبين (كم) الخبريّة بفاصل. يُنظر هذا البيتُ في الكتاب 2/165، والمقتضب 3/60، وتحصيل عين الذّهب 301، والإنصاف 1/305، والتّبيين 430، وشرح المفصّل 4/131، وشرح عمدة الحافظ 535، وابن النّاظم 744، والمقاصد النّحويّة 3/298، والخزانة 6/477، والدّيوان 30. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 292 بَابُ الْمُبْتَدَأ [وَخَبَرِهِ] 1: وَإِنْ فَتَحْتَ النُّطْقَ باسْمِ ... مُبْتَدَا فَارْفَعْهُ وَالإِخْبَارَ عَنْهُ أَبَدَا2 تَقُولُ مِنْ ذَلِكَ: زَيْدٌ عَاقِلُ ... وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَالأَمِيرُ عَادِلُ المبتدأ: كُلُّ اسمٍ ابتدأت به، وعرّيته من العوامِل [اللّفظيّة3 لتسند إليه خبرًا يكون به جملةً تحصُل به الفائدة. وهو وخبره - إذا لم يكن ظرفًا ولا جارًّا ومجرورًا - مرفوعان، كـ (الصُّلْحُ خَيْرٌ) فالمبتدأ مُعْتمد السّؤال، والخبر - من ذي (خير) - معتمد الفائدة4. وهو مرفوعٌ بالابتداء5؛ والابتداءُ مَعْنىً لا لفظ، وهو وَصْفٌ؛   1 ما بين المعقوفين ساقط من أ. 2 ورد في شرح الملحة 143بعد هذا البيت بيتٌ آخَر؛ وهو قولُه: وَلاَ يَكُونُ المُبْتَدَأ فِي الغَالِبِ ... إِلاَّ وَقَدْ عَرَّفْتَهُ كَالكَاتِبِ 3 أي: غير المزيدة؛ ليدخل نحو: (بحسبك زيد) ، {وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلاَّ الله} [المائدة: 73] ممّا جاء مبتدأً مجرورًا بحرف جرّ زائد. يُنظر: ابن النّاظم 105. 4 يُنظر: شرح ألفيّة ابن معطٍ 2/818. 5 اختلف العلماء في رافع المبتدأ: فذهب سيبويه وجمهور البصريّين إلى أنّه مرفوعٌ بالابتداء. وذهب الجرميّ والسّيرافيّ وكثيرٌ من البصريّين إلى أنّ عامله التّعرِّي من العوامِل اللّفظيّة. = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 293 ........................................................................................   = وذهب الزّجّاج إلى أنّ المبتدأ يرتفع بما في النّفس من معنى الإخبار. وذهب آخرون إلى أنّ المبتدأ يرتفع بإسناد الخبر إليه. وذهب الكوفيّون إلى أنّ المبتدأ يرفع الخبر، واختاره ابن جِنّي، وأبو حيّان، والسّيوطيّ. وقيل: إنّه يرتفع بالعائد من الخبر؛ وهو مذهبٌ آخرٌ للكوفيّين. وقال ابن عقيل بعد ذكر الخلاف: "وهذا الخلاف ممّا لا طائل فيه". واختلفوا في الابتداء: فقيل: هو التعرية من العوامِل اللّفظيّة. وقيل: هو جعل الاسم أوّلاً ليُخبر عنه. وقيل: هو عبارة عن مجموع وصفين هما التّجرّد والإسناد. وقيل: هو علّة ذاتُ أوصاف ثلاثة: التّجرّد من العوامل اللّفظيّة لفظًا أو تقديرًا، والتّعرَّض لدخولها، والإسناد. واختلفوا في رافع الخبر: فذهب سيبويه وأكثرُ البصريّين إلى أنّه مرفوعٌ بالمبتدأ؛ وهو أحدُ قولي المبرّد في المقتضب 4/12، ونُسب إلى أبي عليّ الفارسيّ وابن جِنّي؛ واختاره ابن مالكٍ في التّسهيل 44. وذهب الأخفش وابن السّرّاج، والزّمخشريّ والسّيوطيّ، إلى أنّه مرفوع بالابتداء. وقيل: إنّ الخبر يرتفع بالابتداء والمبتدأ معًا؛ وهو أحدُ قولي المبرّد في المقتضب 2/49، 4/126؛ وهو مذهب ابن السّرّاج الذي قرره في كتابه الأصول 1/58، وكذلك ابن جنّي الّذي قرّره في كتابه الخصائص 2/385؛ وقال عنه ابن يعيش 1/85: "وهذا القولُ عليه كثيرٌ من البصريّين". وذهب الكوفيّون إلى أنّ الخبر يرتفع بالمبتدأ؛ وهو اختيار ابن جنّي، وأبي حيّان، والسيوطي. وقال ابن عقيل - بعد ذكر الخلاف -: "وهذا الخلاف ممّا لا طائل فيه". تُنظر هذه المسائل في: الكتاب 2/127، والمقتضب 4/126، والتّبصرة 1/99، والمفصّل 24، وأسرار العربيّة 67، 76، والإنصاف، المسألة الخامسة، 1/44، والتّبيين، المسألة السّابعة والعشرون، 224، والمسألة الثّامنة والعشرون، 229، وشرح المفصّل 1/84، 85، وابن النّاظم 107، 108، وشرح ألفيّة ابن معطٍ 2/814، 816، والارتشاف 2/28، وابن عقيل 1/188، 189، والهمع 2/8، 9، والأشمونيّ 1/193، والصّبّان 1/193. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 294 وذلك الوصفُ اهتمامُك بالمبتدأ وجعلك إيّاهُ أوّلاً لثانٍ، يكون الثّاني خبرًا عنه. والخبر مرفوع بالمبتدأ فهو العامِل فيه. ومن شرط الخبر أنْ يكون نكرة1] 2، [فإنْ كان معرفةً فأنتَ مخيَّرٌ في جعلك أيّهما شئتَ المبتدأ] 3، كقولك: (اللهُ رَبُّنَا) ، [42/أ] وكقول الرّاجز: أَنَا أَبُو النَّجْمِ وَشِعْرِي شِعْرِي4   1 أصل المبتدأ: أن يكون معرفة، وأصل الخبر: أن يكون نكرة؛ وذلك "لأنّ الفائدة في الخبر، وإنما يذكر الاسم لتسند إليه الفائدة؛ ألا ترى أنّك إذا قلتَ: (زيدٌ قائم) ؛ فالمخاطَب لم يستفد بقولك: (زيدٌ) شيئًا لأنّه كان يعرفه، وإنما فائدته في قولك: (قائمٌ) لأنّه قد كان يجوز أن يجهل قيامه؛ فإذا أخبره به فقد أوصلت إليه فائدة". التّبصرة 1/101. ويُنظر: الكتاب 1/328، والأصول 1/59، وشرح عيون الإعراب 94، وشرح المفصّل 1/85. 2 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 3 ما بين المعقوفين ساقطٌ من ب. 4 هذا بيتٌ من الرّجز، وهو لأبي النّجم العجليّ. والمعنى: شعري الآن هو شعري المشهور المعروف بنفسه لا شيء آخر. والشّاهد فيه: (وشعري شعري) حيث وقع المبتدأ والخبر معرفتين؛ فأنت مخيّرٌ في جعلك أيّهما شئت المبتدأ. يُنظر هذا البيتُ في: إيضاح الشّعر 353، والخصائص 3/337، والمقتصد 1/307، وأمالي ابن الشّجريّ 1/373، والمرتجل 377، وشرح المفصّل 1/98، 9/83، والإرشاد إلى علم الإعراب 123، والمغني 434، والخزانة 1/439، والدّيوان 99. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 295 والمبتدأ يُشْبِهُ الفاعل مِنْ وَجْهٍ، ويخالفه مِنْ وَجْهٍ: فالمشابهةُ: أَنَّهُمَا أَبَدًا مرفوعان لفظًا أو تقديرًا؛ و1 أنَّهُمَا مُحَدّث عنهما2. والمخالَفةُ: أنَّ حديث المبتدأ بعده، وحديث الفاعل قبله؛ وأنَّ عامل الفاعل لفظيٌّ، وعامل المبتدأ معنويٌّ. ويشترط في المبتدأ أَنْ يكون اسمًا، أو مُنَزَّلاً منزلةَ الاسم مُخْبَرًا عنه؛ والمنزّل منزلة الاسم قولهم: (تَسْمَعُ بِالمُعَيْدِيِّ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَرَاهُ) 3 تقديره: سَمَاعك بالمعيديّ.   1 في ب: أو. 2 يُنظر: الأصول 1/58، وكشف المُشْكِل 1/313. 3 هذا مثَلٌ يُضرب لمن يكون خبره والحديث عنه أفضل من مَرْآه؛ وأوّل مَن قاله هو: المنذر بن ماء السّماء. و (تسمع) مبتدأ؛ وهو في تأويل سماعك. وقبله (أَنْ) مقدّرة، ويروى: (لأَنْ تَسْمَعَ بالمُعَيْدِيّ خيرٌ) ، و (أَنْ تَسْمَعَ) . يُنظر هذا المِثل في: كتاب الأمثال لأبي عُبيد 97، وجمهرة الأمثال 1/266، ومجمع الأمثال 1/227، والمستقصى 1/370. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 296 وأنْ يكون معرفةً إذْ لا طريق إلى [معرفة] 1 الفائدة إلاَّ به، فإذا لم يُعْرَف في نفسه فأحرى2 ألاّ يعرف خَبَرَهُ؛ أو مقارنًا للمعرفة بتخصيصٍ أو فائدة؛ وذلك في سِتّة مواضع3: أوَّلها: أنْ يكون نكرة موصوفةً4، كقوله تعالى: {وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ} 5. أو أَنْ يتقدَّم6 خَبَرُه عليه في الجارّ والمجرور أو الظّرف7، كقولك: (لكَ مالٌ) و (عنده عِلْمٌ) ؛ لأنَّ تقدّمه هُنا قَدْ أبطل كونُهُ صِفَةً.   1 ما بين المعقوفين ساقط من أ. 2 في أ: فأحرى. 3 لم يشترط سيبويه والمتقدِّمون لجواز الابتداء بالنّكرة إلاَّ حصول الفائدة، وقال جمعٌ من المحقّقين كابن هشام والمراديّ: أنّ مرجع المسوّغات إلى التّعميم والتّخصيص. ورأى المتأخّرون أنّه ليس كلّ واحدٍ يهتدي إلى مواطن الفائدة فتتبّعوها فمن مُقلّ مخلّ، ومِن مُكثِر مورِدٍ ما لا يصلُح، أو معدّد لأمور متداخِلة. وقد أنهى بعض المتأخّرين ذلك إلى نيِّفٍ وثلاثين مسوّغًا؛ والمرجع في كلّ هذه المسوّغات هو حصول الفائدة. يُنظر: المقرّب 1/82، وتوضيح المقاصد 1/281، والمغني 608، وشرح شذور الذّهب 175، وابن عقيل 1/203، والأشمونيّ 1/204. 4 في ب: موصوفا. 5 من الآية: 221 من سورة البقرة. 6 في أ: يقدّم. 7 في أ: الطّرف. ولا بدّ مع تقديم الخبر وكونه ظرفًا أو جارًّا ومجرورًا من أنْ يكون مختصًّا؛ فلو قلتَ: (عند رجل رجل) و (في دارٍ رجل رجل) لم يصح. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 297 أو يقع1 دُعاءً2، كقوله تعالى: [42/ب] {سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ} 3 و {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ} 4 فأفاد لتضمّنه معنى الفعل. أو معتمداً5 على نفيٍ، كقولك: (ما أَحدٌ أفضل منك) . أو على استفهام6، كـ (هل فتًى فأقصده؟) . أو اختصاص بعملٍ، كقولك: (أَمْرٌ بِمَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ) 7. وإذا كانت النّكرة في معنى الفعل وقد ارتفع بها الاسم، كقولك: (أقائمٌ الزّيدان) و (ما ذاهِبٌ العمران) أفادت8 لاعتماده على الاستفهام،   1 في ب: أو تقع. 2 والدّعاء: إمّا بخير أو بشرّ. 3 من الآية: 24 من سورة الرّعد. 4 سورة المطفّفين، الآية: 1. 5 في أ: أو يعتمد. 6 في ب: الاستفهام. 7 هذا جزءٌ من حديث طويل رواه أبو ذرّ عن النّبيّ - صلّى الله عليه وسلّم -، قاله لقومٍ قالوا: يا رسول الله ذهب أهلُ الدُّثور بالأُجور: يصلّون كما نصلّي، ويصومون كما نصوم وقد أخرجه بهذا اللّفظ: أحمد في مسنده 5/167. وأخرجه مسلمٌ في صحيحه، كتاب الزّكاة، باب بيان أنّ اسم الصّدقة يقع على كلّ نوعٍ من المعروف، 2/697 بلفظ: " وَأَمْرٌ بِالمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ ". 8 في أ: يفيد، وفي ب: تفيد، وما أثبَتّه هو الأولى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 298 أو1 النّفي، وَمِنْهُ قولُ الشّاعر: أَقَاطِنٌ قَوْمُ سَلْمَى أَمْ نَوَوْا ظَعَنَا؟ ... إِنْ يَظْعَنُوا فَعَجِيبٌ عَيْشُ مَنْ قَطَنَا2 وكقول3 الآخر: خَلِيلَيَّ مَا وَافٍ بِعَهْدِيَ أَنْتُمَا ... إِذَا لَمْ تَكُونَا لِي عَلَى مَنْ أُقَاطِعُ4   1 في أ: والنّفي. 2 هذا بيتٌ من البسيط، لمْ أقفْ على قائله. و (قاطن) : مقيم. و (ظعنًا) : رحيلاً. والمعنى: أمقيم قومُ سلمى في مكانهم الّذي أعهده؟، أمْ عزموا على الرّحيل؟؛ فإنْ كانوا قد عزموا على الرّحيل فعيش من يقيم ويتخلّف عنهم يكون عجيبًا. والشّاهد فيه: (أقاطنٌ قوم سلمى) حيث سوّغ الابتداء بهذه النّكرة - قاطن - كونها في معنى الفعل، مع اعتمادها على الاستفهام. وجميعُ النُّحاة استشهدوا بهذا البيت على اعتماد الوصف (قاطن) على الاستفهام بالهمزة، وهو اسم فاعل مبتدأ، فاستغنى بمرفوعه عن الخبر. يُنظر هذا البيت في: شرح التّسهيل 1/269، وابن النّاظم 106، وأوضح المسالك 1/134، وتخليص الشّواهد 181، والمساعِد 1/204، والمقاصد النّحويّة 1/512، والتّصريح 1/157، والأشمونيّ 1/190. 3 في ب: وقول. 4 هذا بيتٌ من الطّويل، ولم أقف على قائله. والمعنى: يقول لصديقَيْهِ: إنّكما إذا لم تكونا لي على مَنْ أُعاديه، وإذا لم تقاطِعا مَن أُقاطع من النّاس من أجلي، فإنّكما لم تَفِيَا بما بيننا من الصّداقة والوِداد. والشّاهد فيه: (ما وافٍ بعهديَ أنتما) حيث سوّغ الابتداء بهذه النّكرة (وافٍ) كونها في معنى الفعل، مع اعتمادها على النّفي. وجميعُ النّحاة استشهدوا بهذا البيت على اعتماد الوصف (وافٍ) على النّفي (ما) ، وهو اسم فاعل، فرفع فاعلاً سدّ مسدّ الخبر. يُنظر هذا البيت في: شرح التّسهيل 1/269، وابن النّاظم 106، وأوضح المسالك 1/133، وتخليص الشّواهد 181، والمساعِد 1/204، والمقاصد النّحويّة 1/516، والتّصريح 1/157، والهمع 2/6، والأشمونيّ 1/191. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 299 أو يكون جوابًا1، كقول2 قائلٍ: (مَنْ جاءك؟) ، فتقول: (رجلٌ) أي: رَجُلٌ جاءني؛ لأنَّهُ داخِلٌ تحتَ (مَنْ) . فهذه جُمْلَة ما يُبْتَدأُ فيها بالنّكرة.   1 يُنظر: كشف المشكِل 1/314. 2 في ب: لقول. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 300 [فَصْلٌ] 1: [وَلاَ يَحُوْلُ حُكْمُهُ مَتَى دَخَلْ ... لَكِنْ عَلَى جُمْلَتِهِ وَهَلْ وَبَلْ] 2 الّذي يُغَيِّرُ المبتدأ عن حاله ثلاثة؛ وهي: العوامِل اللفظيّة؛ فَمِنْهَا: ما ينصب المبتدأ؛ وهي: (إنّ) وأخواتهَا؛ ومنها: ما ينصبُ الخبر؛ وهي/: (كان) وأخواتها؛ ومنها: ما ينصبهما مَعًا؛ وهي: (ظننت) وأخواتها؛ ويأتي ذِكرُ الجميع إنْ شاء الله تعالى. وممَّا يَدْخُلُ على المبتدأ ولا يغيّرهُ عن حُكم الابتداء، ولا يؤثّر فيه بِوَجْهٍ3: (هَلْ) و (بَلْ) و (لَكِنْ) و (حَيْثُ) و (همزة الاستفهام) و (إذ) و (لام الابتداء) و (أَمَا) و (أَلاَ) المخفّفان اللّذان لاستفتاح4 الكلام، و (أَمّا) - بفتح الهمزة وتشديد الميم - الّتي لتفصيل الجملة، و (لولا) [43/ أ] الّتي معناها امتناع الشّيء لوجود غَيْرِهِ. وَقَدِّمِ الأَخْبَارَ إِذْ تَسْتَفْهِمُ ... كَقَوْلِهِمْ: أَيْنَ الْكَرِيمُ المُنْعِمُ؟ وَمِثْلُهُ: كَيْفَ الْمَرِيضُ المُدْنَفُ؟ ... وأَيُّهَا الْغَادِي مَتَى المُنْصَرَفُ؟ خَبَرُ المبتدأ يجوز تقديمه إذا كان غَيْرَ مُسْتَفْهَمٍ به، كقولك: (عَالِمٌ زَيْدٌ بالأمر) .   1 ما بين المعقوفين ساقطٌ من ب. 2 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 3 يُنظر: الكتاب 3/116، والأصول 1/61، والجُمل 302. 4 في أ: لافتتاح. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 301 فإنْ كان اسم استفهام وَجَبَ تَقْدِيمُهُ، كقولك: (أَيْنَ زَيْدٌ؟) و (مَتَى الصّيامُ؟) و (كيف أَنْتَ؟) ؛ لأنَّ أسماء الاستفهام لها صدرُ الكلام1. وقد يقع اسمُ الاستفهام مبتدأً؛ وذلك إذا وقع بعده فِعْلٌ أَوْ جارٌّ ومجرورٌ، كقولك: [43/ب] (أين تسكُن؟) و (كم معك دِرْهَمًا؟) . وَإِنْ يَكُنْ بَعْضُ الظُّروفِ الْخَبَرَا ... فَأَوْلِهِ النَّصْبَ وَدَعْ عَنْكَ الْمِرَا تَقُولُ: زَيْدٌ خَلْفَ عَمْرٍو قَعَدَا ... وَالصَّوْمُ يَوْمَ السَّبْتِ وَالسَّيْرُ غَدَا خبر المبتدأ أنواع: منها: الظَّرْفُ2؛ وَهُوَ نَوْعان: ظَرْفُ زَمَانٍ وهو يختصُّ بالأحدَاث3، كقولك: (الصِّيام يوم الخميس) . وظرف مَكَانٍ وهو يختصّ بالأجسام، كقولك: (الإمام4 أَمَامَ القوم) ؛   1 يُنظر: المقتصد 1/224، وشرح عيون الإعراب 96، وكشف المشكِل 1/316، والارتشاف 2/43. 2 في أ: الطرف. 3 ظروف الزّمان لا يجوز أن تقع أخبارًا عن الأشخاص؛ لأنّ الفائدة لا تتمّ إلاَّ بها، لو قلت: (زيدٌ يوم الجمعة) لم تكن مُخبِرًا بشيء. يُنظر: الأصول 1/63، والتّبصرة 1/102، وكشف المشكِل 1/320، وشرح المفصّل 1/89. 4 في ب: الأمير. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 302 وقد يقع ظرف المكان خبرًا عَنْ حَدَثٍ، كقولك: (الصّلاةُ وراء الإمام) 1. ويقع الخبر جارًّا ومجرورًا، كقولك: (زَيْدٌ في دَاْرِهِ) 2، ولا يجوز: (في داره زيد) ؛ لأنّه لو قُدِّمَ عادَ الضّميرُ منه3 إلى مُتأخِّرٍ في اللَّفظِ والرُّتبة؛ والضّابط لتقدير هذين الخبرين: ما يقدَّر4لهما من مُفْرَدٍ5 أَوْ جُمْلَةٍ، نحو: (مُسْتَقِرّ) أو (اسْتَقَرَّ) . ويكون الخبر جُمْلَةً اسميّةً، كقولك: (زيدٌ أبوه عَالِمٌ) ، وفعليَّةً، كقولك6: (زَيْدٌ قَامَ أبوه) ، أو أَنْ7تكون الجملة شرطيّة، كقولك: (زَيْدٌ إنْ تُكْرِمْهُ يُكْرِمْك) ؛ ولا بُدَّ أَنْ يكون8لهذه الجمل ضمير [44/أ] يعود على المبتدأ كالهاء الرّابطة في الثّلاثة9.ويكون الخبر فعلاً ماضيًا، كقولك: (زيد قام) ؛ ففي هذا الفعل   1 يُنظر: الأصول 1/63، والتّبصرة 1/103، وكشف المشكِل 1/320، وشرح المفصّل 1/89. 2 في ب: الدّار. 3 في كلتا النسختين: معه، وهو تحريف. 4 في أ: ما تقدّر، وهو تصحيف. 5 في ب: بمفرد. 6 في ب: لقولك. 7 في ب: أو بأن تكون. 8 في أ: ولا بدّ لهذه الجمل أن تكون ضميرًا. 9 هُناك روابِطُ أُخرى غير الضّمير، أوصلها النّحاة إلى عشرة، لكن الشّارح - رحمه الله - اقتصر على الضّمير؛ لأنّه الأصل، ولهذا يربط به مذكورًا ومحذوفًا. يُنظر: المقرّب 1/82، والارتشاف 2/50، والمغني 647، والهمع 2/18. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 303 ضميرٌ [يعود على المبتدأ مُسْتترٌ] 1. وكذلك يكون مضارِعًا على حكم ما تَقدَّم، كقولك: (خالدٌ يقومُ) فإن ثُنِّي المبتدأ أو جُمِعَ ظهر الضّميرُ، كقولك: (الزّيدان قاما) و (الرّجال قاموا) و (الزّيدون يقومون) . وبالجملة: لا يخلو2 الخبر من أنْ يكون مُفردًا، أو جُمْلَة، أو ظرفًا3. ويلزم حذف الخبر إذا كان بعد قَسَمٍ مستغنًى عَنْهُ بجواب القسم4، كقولك: (لعمرك إنَّ زيدًا صادقٌ) ، والتّقدير: قَسمي. وبعد (لولا) ، كقولك: (لولا زيدٌ لزرتُك) ، والتّقدير: حاضِرٌ. وفي المُثُل: (أخطبُ ما يكون الأمير قائمًا) أي: إذا كان قائمًا5.   1 ما بين المعقوفين ساقطٌ من ب. 2 في ب: فلا يخلو. 3 وكذلك يكون الخبر جارًّا ومجرورًا، ويُطلق على الظّرف والجارّ والمجرور شبه الجملة. 4 وذلك بأنْ يكون المبتدأ صريحًا في القسَم. يُنظر: ابن النّاظم 123، وأوضح المسالك 1/158. 5 أو يكون المبتدأ مصدرًا، وبعده حال سدّت مسدّ الخبر، وهي لا تصلح أنْ تكون خبرًا، فيُحذف الخبر وُجوبًا لسدّ الحال مسدّه، نحو (ضربي العبد مسيئًا) . أو أفعل تفضيل مضافًا إلى المصدر المذكور؛ وقد مثّل له الشّارح. يُنظر: شرح عمدة الحافظ 1/177، وابن النّاظم 123، وابن عقيل 1/235. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 304 ويُحذف في غير هذه الثّلاثة1 توسّعًا إذا دَلَّ عليه الكلام، وأكثر ما يقع في الاستخبار2، كقولك: (أين زَيْدٌ؟) ، فيُقال: (في المسجد) ؛ فالمبتدأ محذوفٌ، والتّقدير: زيد؛ وإذا قيل لك: (مَنْ عندك؟) فقلت: (زيد) ؛ فالخبر محذوف، والتّقدير: زَيْدٌ عِنْدي. وَإِنْ تَقُلْ: أَيْنَ الأَمِيْرُ جَالِسُ ... وَفِي فِنَاءِ الدَّارِ بِشْرٌ مَائِسُ فَجَالِسٌ وَمَائِسٌ قَدْ رُفِعَا ... وَقَدْ أُجِيزَ الرَّفْعُ3 وَالنَّصْبُ مَعَا [44/ب] هذه المسألة يُعْلَمُ منها: أنَّ الجملة الابتدائيّة إذا تَقَدَّمَ خَبَرُها وجُوبًا، أو اختيارًا لكونُه4 اسم استفهام أو جارًّا ومجرورًا، وأتيت بعد تمام الكلام بنكرة متعلّقة بالجُملة، كقولك: (أَيْنَ الأمير جَالِسٌ؟) ؛ جاز رفع (جالس) ونصبه؛ فإنْ رفعتَ جعلته خبر المبتدأ بإلغاء الظّرف أو الجارّ؛ وإِنْ نَصَبْتَ فعلى الحال؛ والعامِل فيه معنى الاستفهام، ومع الجارّ ما يُقدَّر5 مِن الاستقرار.   1 بقي موضعٌ رابعٌ لم يذكره الشّارح؛ وهو: أن يكون المبتدأ معطوفًا عليه اسمٌ بواوٍ هي نصّ في المعيّة، نحو: (كلّ رجل وضيعته) ، والتّقدير: كلّ رجل وضيعته مقترنان. يُنظر: شرح عمدة الحافظ 1/176، وابن النّاظم 123، وأوضح المسالك 1/158، وابن عقيل 1/235. 2 في أ: الأخبار. 3 في شرح الملحة 151: وَقَدْ أُجِيزَ النَّصْبُ وَالرَّفْعُ مَعَا. 4 في كلتا النسختين: كونه وما أثبته هو الأولى. 5 في ب: ما تقدّر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 305 وَهَكَذَا إِنْ قُلْتَ: زَيْدٌ لُمْتُهُ ... وَخَالِدٌ ضَرَبْتُهُ وَضِمْتُهُ1 فَالرَّفْعُ فِيهِ جَائِزٌ وَالنَّصْبُ ... كِلاَهُمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْكُتْبُ هذه المسألة تُعرف باشتغال العامِل عن المعمول؛ فقولك2: (زَيْدٌ لُمْتُهُ) فـ (زيدٌ) مبتدأ - وما بعده فِعْلٌ، [و] 3 ضميرُ فَاعلٍ، وضمير مفعول -، والجملة خبرٌ عنه. فإنْ نصبت (زيدًا) نصبته على أنّه مفعولٌ، وليس العاملُ فيه الفعل4الّذي بعده لاشتغاله بالضّمير المنصوب؛ بل بفعلٍ مُقدَّرٍ من جنس الفعل المُتأخّر عنه، كقولك: (أكرمتُ زيدًا أكرمته) ، والرَّفعُ أجودُ من النّصب؛ لاستغنائه عن التّقدير5 [45/أ] ؛ ومن ذلك قولُ الرّبيع6: وَالذِّئْبُ أَخْشَاهُ إِنْ مَرَرْتُ بِهِ ... وَحْدِي وَأَخْشَى الرِّيَاحَ وَالْمَطَرَا7   1 ضِمْتُهُ: ظلمته؛ والضّيم: الظّلم. اللّسان (ضمم) 12/358. 2 في ب: فتقول. 3 العاطف ساقطٌ من ب. 4 في أ: الضّمير. 5 ذكر الشّارح ـ رحمه الله ـ موضعًا واحدًا من مواضِع الاشتغال؛ وهو ترجيح الرّفع على النّصب، وبقيَ بعد ذلك أربعة مواضع. يُنظر: التّبصرة 1/326، والمقتصد 1/235، وابن النّاظم 237، وشرح ألفيّة ابن معطٍ 2/849، وابن عقيل 1/471. 6 هو: الرَّبِيعُ بن ضَبُع بن عديّ الفَزَاريّ، شاعرٌ جاهليّ معمَّر، من فُرسان العرب، وخطبائهم، وحُكمائهم. قيل: إنّه عاش أربعين وثلاثمائة سنة. يُنظر: المعمّرين من العرب 15، والمؤتلف والمختلف 182، والإصابة 2/424، والخزانة 7/383، والأعلام 3/15. 7 هذا بيتٌ من المنسرح، وقبله بيتٌ هو: = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 306 ...........................................................................   = أَصْبَحْتُ لاَ أَحْمِلُ السِّلاَحَ وَلاَ ... أَمْلِكُ رَأْسَ الْبَعِيرِ إِنْ نَفَرَا والمعنى: أنّه وصف في البيتين انتهاء شبيبته وذهاب قوّته، فلا يُطيق حمل السّلاح لحربٍ، ولا يملك رأس البعير إنْ نفر من شيء؛ وإذا خلا بالذّئب خشيه على نفسه، وأنّه لا يحتمل برد الرّيح، وأذى المطر؛ لِهَرمِه وضعفه. والشّاهد فيه: (والذّئبُ أخشاه) على أنّ الرّفع أجودُ من النّصب؛ لاستغنائه عن التّقدير. وجميعُ النُّحاة استشهدوا بهذا البيت على أنّ النّصب أجود من الرّفع؛ حيث وقع الاسم المشغل عنه بعد عاطف تقدّمه جملة فعليّة (لا أملك) ، ولم يفصل بين العاطف والاسم. يُنظر هذا البيت في: الكتاب 1/89، ونوادر أبي زيد 159، وأمالي القالي 2/185، والمقتصد 1/237، والتّبصرة 1/330، وتحصيل عين الذّهب 106، والمقاصد النّحويّة 3/397، والتّصريح 2/36. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 307 بَابُ الفَاعِلِ: وَكُلُّ مَا جَاءَ مِنَ الأَسْمَاءِ ... عَقِيْبَ1 فِعْلٍ سَالِمِ الْبِنَاءِ فَارْفَعْهُ إِذْ تُعْرِبُ فَهْوَ الْفَاعِلُ ... نَحْوُ: جَرَى الْمَاءُ وَجَارَ الْعَامِلُ2 الفَاعِلُ: كُلُّ اسم ذكرته بعد فِعْلٍ، وأسندتّ ذلك الفعل إليه إسنادًا صحيحًا، وجُعِلَ الفِعْلُ حَدِيثًا عنه، وكان في الإيجاب والنَّفي سواء. فالفاعل مرفوع؛ وفي ذلك أقوالٌ: قال الخليلُ: "الأصل فيما إعرابه الرّفع3؛ الفاعل، وباقي المرفوعات محمولات عليه، ومشبَّهاتٌ به"4. وقال سيبويه5: "الأصل هو المبتدأ،   1 في أ: من بعد. 2 في متن الملحة 19، وشرح الملحة 155: وَجَارَ العَاذِلُ. 3 في أ: بالرّفع. 4قال ابن يعيش في شرح المفصّل 1/73: "وعليه حُذّاق أصحابنا"، وذكر الزّمخشريّ في المفصّل الفاعل أوّلاً، وحمل عليه المبتدأ والخبر؛ وذهب إليه - كذلك - ابن الحاجب، واختاره ابن هشام في شرح الشّذور 152. يُنظر: المفصّل 18، والكافية 68، وشرحها 1/23، 71، والبسيط 1/259، والهمع 2/3 5 قال سيبويه في الكتاب 1/23: "واعلم أنّ الاسم أوّلُ [أحواله] الابتداء" وفسّره ابن يعيش في شرح المفصّل 1/73: "يريد أوّله المبتدأ؛ لأن المبتدأ هو الاسم المرفوع، والابتداء هو العامِل". وقال سيبويه - أيضًا - 1/24: "فالمبتدأ أوّل جزء، كما كان الواحدُ أوّل العدد، والنّكرة قبل المعرفة" وعزي إلى ابن السّرّاج؛ لأنّه قدّم المبتدأ على الفاعل، ونقل عنه الرّضيّ غير هذا - كما سيأتي -، وابن مالكٍ قدّم المبتدأ على الفاعل أيضًا. وقال السّيوطيّ - بعد أنْ ذكر هذا الخلاف -: "وقال أبو حيّان: وهذا الخلاف لا يجدي فائدة". الهمع 2/4. يُنظر: الأصول 1/58، وشرح عمدة الحافظ 1/156، وشرح الرّضيّ 1/23، وحاشية يس على شرح الفاكهيّ لقطر النّدى 1/233، وحاشية يس على التّصريح 1/154، والصّبّان 1/188. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 309 والبواقي1 مشبّهة به". وقال الأخفش2: "كُلُّ واحِدٍ منهما أَصل بنفسه". واحتجَّ الخليل عن مَذْهَبِهِ، وقال: "الفاعل بالرّفع أولى؛ لأنّك إذا قُلْت: (ضرب زَيدْ [بَكرْ] 3- بإسكان الكلمتين - لم يُعرف الضّارب من المضروب، وإذا قُلْتَ: (زَيدْ قَائِمْ) - بإسكانهما - عُلِمَ من نفس اللّفظتين4 أيّهما المبتدأ؛ فثبت أنَّ افتقار الفاعل إلى الإعراب أشدُّ؛ فوجب [45/ب]   1 في أ: والباقي مشبّهاتٌ به. 2 واختارُه الرّضيّ، ونقله عن الأخفش وابن السّرّاج، ونقل ابن يعيش عن ابن السّرّاج غير هذا. انظر ما سبق الإشارة إليه من أصول ابن السّرّاج. يُنظر: شرح المفصّل 1/73، وشرح الرّضيّ 1/23، 71، والهمع 2/4، وحاشية يس على التّصريح 1/154. (بكر) ساقطٌ من ب. 4 في أ: اللّفظين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 310 أنْ يكون هو الأصل"1. واحتجَّ سيبويه أنْ قال: "قد ثبت أنّ الجملة الاسميّة مُقَدَّمَةٌ على [الجملة] 2 الفعليّة؛ فإعراب الجملة الاسميّة يجب أن يكون مُقَدَّمًا على إعراب الجملة الفعليّة"3. وقوله: (سالمُ البناء) 4 احترازًا من مفعول ما لم يُسَمَّ فَاعِله. وقيل: أُختير للفاعل الرّفع، وللمفعول النّصب؛ لثقل الضّمّة وخِفّة الفتحة؛ والفعلُ لا يُرْفَعُ به إلاَّ فاعلٌ واحدٌ، ويُنصب به عِدَّةٌ من المفاعيل، كالمصدر، والمفعول به، والظّرفين، والمفعول له، والمفعول مَعَه، والحال؛ فَجُعِل المُسْتَثْقَلُ إعرابًا لَما قَلَّ، والمُسْتَخَفُّ إعرابًا لَما كَثُرَ5. وَوَحِّدِ الْفِعْلَ مَعَ الْجَمَاعَهْ كَقَوْلِهِمْ: سَارَ الرِّجَالُ السَّاعَهْ فِعْلُ الفاعل يُوحَّدُ6 إنْ كان لمفردٍ،7 أو مثنّى، أو مجموع؛ فتقول: (جَاءَ زَيْدُ) و (جاءَ الزّيدان) [و (جاء الزّيدون) ] 8 و (ذهب القوم)   1 يُنظر: شرح المفصّل 1/73. وهناك حُجج أخرى غير ما ذكر الشّارح. يُنظر: شرح الشّذور 152، والهمع 2/3، وحاشية يس على شرح الفاكهيّ لقطر النّدى 1/233. 2 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 3 هُناك حجج أخرى. يُنظر: الهمع 2/3، وحاشية يس على شرح الفاكهيّ لقطر النّدى 1/233. 4 يقصد بالفعل السّالم: الفعل المبنيّ للمعلوم؛ لأنّ المبنيّ للمجهول لم يسلَم من التّغيير. 5 يُنظر: شرح عيون الإعراب 80، وشرح المفصّل 1/75. 6 يُنظر: أوضح المسالك 1/345، والتّصريح 1/275. 7 في ب: لفردٍ. 8 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 311 ولا يقال: (ذَهَبَا الزّيدان) 1 ولا (ذهبوا القوم) 2؛ [46/أ] لامتناع عَوْد الضّمير على غير ذي ضميرٍ، ولا يقع ذلك إلاَّ إذا تَأخَّر الفعل عن الاسم، كقولك: (زَيْدٌ ذَهَبَ) و (الزَّيدان3 ذَهَبَا) و (الرّجال ذهبوا) ؛ فضمير الفاعل مُسْتَتِرٌ في هذه الأفعال؛ لأنَّ الفعل لا يخلو من فَاعلٍ إمَّا ظاهرًا، و4 إمّا مُضْمَرًا. وَإِنْ تَشَأْ فَزِدْ عَلَيْهِ5التَّاءَ ... نَحْوُ: اشْتَكَتْ عُرَاتُنَا الشِّتَاءَ وَُتلْحَقُ التَّاءُ عَلَى التَّحْقِيقِ ... بِكُلِّ مَا تَأْنِيْثُهُ حَقِيقِي كَقَوْلِهِمْ: جَاءَتْ سُعَادُ ضَاحِكَهْ ... وَانْطَلَقَتْ نَاقَةُ هِنْدٍ رَاتِكَهْ6 وَتُكْسَرُ التَّاءُ بِلاَ مَحَالَهْ ... فِي مِثْلِ: قَدْ أَقْبَلَتِ الْغَزَالَهْ هذه التّاءُ تَلْتَحِقُ بفعلٍ لفاعلٍ7 جُمِعَ جَمْعَ تكسيرٍ؛ فيجوز أن   1 في ب: الرّجلان. 2 هذه اللّغة يسمّيها النّحاة لغة (أكلوني البراغيث) وتُنسب إلى طيّء، وأزد شنوءة، وبلحارث بن كعب. يُنظر: ابن النّاظم 220، وابن عقيل 1/425 ـ 429، والأشمونيّ 2/47. 3 في ب: الرّجلان. 4 في أ: أو، وهو تحريف. 5 في ب: على. 6 الرّاتِكةُ من النّوق: الّتي تمشي وكأنّ برجليْها قَيْدًا وتضرب بيديها. ورَتَكانُ البعير: مقاربة خطوِه في رَمَلانِهِ؛ لا يُقال إلاّ للبعير. ورَتَكَت الإبل تَرْتِك رَتْكًا ورَتَكًا وَرَتَكَانًا: وهي مشية فيها اهتزازٌ؛ وقد يُستعمل في غير الإبل، وهي في الإبل أكثر. اللّسان (رتك) 10/431. 7 في ب: الفاعل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 312 تقول: (قَالَ الرِّجال) و (قَالتِ الرِّجال) بتأنيث الفعل وتذكيره. وكذلك إذا كان جَمْعًا لمؤنّثٍ حقيقيًّا1 كان أو غير حقيقيٍّ؛ كقولك: (قال النِّساء) و (قالت النّساء) [46/ب] و (اتّسع الدُّور) و (اتَّسَعَتِ الدُّور) 2، فَيُقدَّر فيها في التَّذكير حَذْفُ مُضافٍ مُذكَّرٍ، كقولك: (قام جَمعُ3 الرِّجال) 4.   1 المؤنّث الحقيقيّ هو: ما كان من الحيوان بإزائه ذكر، كـ (امرأة) و (نعجة) و (أتان) ، ومجازيّ التّأنيث هو ما سوى الحقيقي، كـ (دار) و (نار) و (شمس) . ابن النّاظم 224. 2 يجوز تأنيث الفعل للفاعل في أربع مسائل: الأولى: أنْ يكون الفاعل اسمًا ظاهرًا حقيقيّ التّأنيث، مفصولاً عن الفعل بفاصل غير (إلاّ) ، نحو: (حضر القاضي اليوم امرأةٌ) . و (حضرت القاضي اليوم امرأةٌ) . الثّانية: أنْ يكون الفاعل اسمًا ظاهرًا مجازيّ التّأنيث، نحو: (طلع الشّمس) و (طلعت الشّمس) . الثّالثة: أنْ يكون الفاعل جمعَ تكسير لمذكّر أو مؤنّث؛ وقد ذكر ذلك الشّارح - رحمه الله -، أو يكون جمع مؤنّث سالم، نحو: (جاء المسلمات) و (جاءت المسلمات) . الرّابعة: فاعلُ (نعم) و (بئس) وأخواتهما، إذا كان مؤنّثًا جاز في فعله التّأنيث والتّذكير، نحو: (نعم المرأة هند) و (نعمت المرأة هند) . يُنظر: شرح ملحة الإعراب 160، 161، وابن النّاظم 224، وأوضح المسالك 1/356، وابن عقيل 1/437، والتّصريح 1/279. 3 في ب: جميع. 4 التّذكير على تأويلهم بالجمع، والتّأنيث على تأويلهم بالجماعة؛ فإذا قلت: (قام الرّجال) أردتّ: قام جميع الرّجال، وإذا قلتَ: (قامتِ الرّجال) أردّت: قامت جماعة الرّجال؛ وكذلك المؤنّث. يُنظر: التّبصرة 2/623، وابن النّاظم 226، وابن عقيل 1/438. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 313 ويجب إثباتُها في فعل المؤنّث الحقيقيّ1، كقولك: (قامت المرأة) و (بركت النّاقة) ؛ وفي الفعل المتأخّر كَمَا تَقَدَّم ذِكْرُه، كقولك: (الشّجرة حَمَلتْ) و (النّساء قامت) و (الدُّورُ عُمِرَتْ) . وهذه التّاء إذا وليها أَلِفٌ وَلاَمٌ كُسِرَت؛ لالتقاء السّاكنَيْن2.   1 يجب تأنيث الفعل للفاعل في مسألتين: الأولى: أنْ يكون الفاعل المؤنّث ضميرًا متّصلاً؛ ولا فرق في ذلك بين المؤنّث الحقيقيّ والمجازيّ، نحو: (هند قامت) و (الشّمس طلعت) . الثّانية: أنْ يكون الفاعل اسمًا ظاهرًا، حقيقيّ التّأنيث، نحو: (قامت هند) . يُنظر: ابن النّاظم 224، وشرح شذور الذّهب 163، وابن عقيل 1/432، والتّصريح 1/277. 2 نحو: قَالَتِ النِّساء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 314 بَابُ مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ: وَاقْضِ قَضَاءً لاَ يُرَدُّ قَائِلُهْ ... بِالرَّفْعِ فِيمَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهْ مِنْ بَعْدِ ضَمِّ أَوَّلِ1الأَفْعَالِ ... كَقَوْلِهِمْ: يُكْتَبُ عَهْدُ الْوَالِي وَإِنْ يَكُنْ ثَانِي الثُّلاَثِيِّ أَلِفْ ... فَاكْسِرْهُ حِينَ تَبْتَدِي وَلاَ تَقِفْ تَقُولُ: بِيعَ الثَّوْبُ2وَالْغُلاَمُ ... وَكِيْلَ زَيْتُ الشَّامِ وَالطَّعَامُ المفعول الّذي لم يُسَمَّ فَاعِلُهُ يقوم مقامَ الفاعل المحذوف؛ وذلك للعلم به، أو الجهل به، أو لتَعْظِيْمِهِ، أو لتحقيره3؛ فينوب عنه فيما له من الرّفع، ولزوم الفِعل، ووجوب تأخيرِهِ عنه4. وغُيِّرت له صيغةُ الفعل المسند إليه؛ [47/أ] ليعلم أنّه ليس بفعل الفاعل؛   1 في أ: أخِر. 2 في ب: الزّيت. 3 يحذف الفاعل، ويحلّ محلّه نائبه؛ لأسبابٍ وأغراضٍ كثيرة - غير ما ذكر الشّارح - منها: الخوف منه أو عليه، أو الإبهام، أو إيثارًا لغرض السّامع، أو لإقامة الوزن، أو لتوافق القوافي، أو لتقارُب الأسجاع، وغير ذلك. يُنظر: شرح المفصّل 7/69، والمقرّب 1/80، والارتشاف 2/184، والتّصريح 1/286، والأشمونيّ 2/61. 4 وينوب عنه - كذلك - في وجوب ذكره، واستحقاقه الاتّصال بالعامل، وكونه كالجزء منه، وتأنيث الفعل لتأنيثه. يُنظر: ابن النّاظم 231، وأوضح المسالك 1/373، والتّصريح 1/286، 287، والأشمونيّ 2/61، والصّبّان 2/61. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 315 وذلك بضمِّ أوّله؛ [فإنْ] 1 كان ماضيًا كُسِرَ ما قبل آخره، فتقول: ضُرِب الرَّجُلُ؛ وإنْ كان مضارِعًا فُتِحَ ما قبل آخره، فتقول: (يُضْرَبُ) . فإنْ كان ثُلاثيًّا مُعْتَلّ العين، وبُنِيَ لِمَا لَم يُسَمَّ فاعله، وَجَبَ تخفيفُهُ من استثقال الكسرة بعد الضّمّة، فألقيت حركة الفاء، ونقلت حركة العين إليها، فتقول في (قال) و (باع) : قِيلَ، وبِيعَ؛ وكان الأصل: (بُيِعَ) 2 و (قُوِلَ) ، فاستثقلت كَسْرةٌ على حرف علَّةٍ بعد ضمَّةٍ، فَأُلْقِيَت الضّمّةُ، ونُقِلَت الكسرة إلى مكانها، فَسَلِمت الياءُ من (بِيعَ) ؛ لسكونها بعد حركةٍ تُجانِسُهَا، وانقلبت3 الواو ياءً من (قِيلَ) ؛ لسكونها بعد كسرة، فصار اللّفظ4 بما أصله الياء، كاللّفظ بما أصله الواو5. وبعض العرب6 ينقل7، ويشير8 إلى الضّمّ مع التّلفّظ بالكسر،   (فإنْ) ساقطة من ب. 2 في كلتا النّسختين: بوع، والتّصويب من ابن النّاظم 232. 3 في ب: وانقلب. 4 في ب: بها، وهو تحريف. 5 وهذه أفصح اللّغات. المقاصد النّحويّة 2/24. 6 إشمام الكسر الضّمّ لغة كثيرٍ من قَيْس، وأكثر بني أسد. يُنظر: التّصريح 1/294. 7 في كلتا النّسختين: تنقل، والتّصويب من ابن النّاظم 232. 8 في أ: وتشير. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 316 ولا يغيّرُ الياء، وَيُسمَّى1ذلك إشمامًا2. ومن العرب3من يخفِّف هذا النّوع بحذف حركة عَيْنِهِ، فإنْ كانت واوًا سَلِمَتْ، كقول الرّاجِز4: حُوكَتْ عَلَى نَوْلَيْنِ إِذْ تُحَاكُ ... تَخْتَبِطُ الشَّوْكَ وَلاَ تُشَاكُ5   1 في أ: وسُمَّا. 2 الإشمام هو: شوْب الكسرة شيئًا من صوت الضّمّة. وكيفيّة اللّفظ بهذا الإشمام: أن يلفظ على فاء الكلمة بحركة تامّة مركّبة من حركتين إفرازًا لا شيوعًا. جزء الضّمّة مقدّم؛ وهو الأقلّ، يليه جزء الكسرة، وهو الأكثر؛ ومن ثمّ تمحّضت الياء؛ وهذه اللّغة تلي لغة الكسر في الفصاحة. يُنظر: توضيح المقاصد 2/25، والتّصريح 1/294، والأشمونيّ 2/63. 3 إخلاص الضّمّ لغة قليلة موجودة في كلام هُذَيل، وتعزى لفَقْعَس ودُبَير - وهما من فصحاء بني أسد -، وحُكيت عن بني ضَبّة، وعن بعض تميم. يُنظر: أوضح المسالك 1/387، والتّصريح 1/295. 4 في ب: الشّاعر. 5 هذا بيتٌ من الرّجز، ولم أقف على قائله. و (حوكت) : نسجت، والضّمير يرجع إلى بردة إما أنْ تكون تقدّم ذكرها، أو عُلِمت ذهنًا. و (نولين) تثنية (نَوْل) وهو الخشب الّذي يَلفّ عليه الحائك الثّوب، ويروى (نيرين) وهو تثنية نير، و (النّير) : علَمُ الثّوب ولُحْمته، وثوبٌ ذو نيرين: مُحْكَم نسج على لحمتين. و (تختبط الشّوك ولا تُشاك) : أي لا تتأثّر بضربه. والمعنى: هذه البُردة في غاية الإحكام والقوّة، فهي تضرب الشّوك فلا يعلق بها، ولا يؤذيها. والشّاهد فيه: (حوكت) فإنّ القياس فيه: (حيكت) ، لكنْ من العرب مَن يخفِّف هذا النّوع بحذف حركة عينه، فإنْ كانت واوًا سلِمَتْ كما في (حوكت) . يُنظر هذا البيتُ في: ابن النّاظم 233، وتخليص الشّواهد 495، وأوضح المسالك 1/386، والمقاصد النّحويّة 2/526، والتّصريح 1/295، والهمع 6/37، والأشمونيّ2/63، والدّرر 6/261. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 317 [47/ب] فإنْ كانتْ ياءً قُلِبت واوًا؛ لسكونها وانضمام ما قبلها، كقول1 الآخر: لَيْتَ وَهَلْ يَنْفَعُ شَيْئًا لَيْتُ ... لَيْتَ شَبَابًا بُوعَ فَاشْتَرَيْتُ2 وقد يعرض3 بالكسر أو بالضّمّ التباس فِعل المفعول به بفعل الفاعل؛ فيجب - حينئذ - الإشمام وإخلاص الضّمّة، في نحو قولك: (خُفْتُ) مقصودًا به خشِيتُ؛ والإشمام وإخلاص الكسرة4، في نحو قولك:   1 في ب: وقال. 2 هذا بيتٌ من الرّجز، وهو لرؤبة. والمعنى: أتمنّى أنْ يُباعَ الشّباب فأشتريه، ولكنّ التمنّي لا ينفع؛ فإنّ الشّباب إذا ولّى لا يرجع. والشّاهد فيه: (بوع) فإنّ القياس فيه: (بيع) لكن من العرب مَنْ يخفِّف هذا النّوع بحذف حركة عينه؛ فإنْ كانتْ ياءً قُلبت واوًا؛ لسكونها وانضمام ما قبلها. يُنظر هذا البيت في: أسرار العربيّة 92، وابن النّاظم 233، وأوضح المسالك 1/385، وتخليص الشّواهد 495، وابن عقيل 1/457، والمقاصد النّحويّة 2/524، والهمع 6/37، والأشمونيّ 2/63، وملحق الدّيوان 171 وفيه (بيع) بدل (بوع) ولا شاهد فيه على هذه الرّواية. 3 في أ: يعوّض، وهو تحريف. 4 في ب: الكسر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 318 (طُلْتُ) 1 مقصودًا به غُلِبْتُ في المطاولة2. والثّلاثيّ المُضاعَف يجوز في فائه من الضّمّ، والإشمام، والكسر ما جاز في فاء الثّلاثيّ المعتلّ العين، نحو: (حُبَّ الشّيء) و (حِبَّ) 3. والأشياء الّتي يجوز [أن تقوم] 4 مقام الفاعل أربعةٌ؛ وهي: المفعول به، سواءً كان من جُملةِ الأفعال المتعدِّية إلى واحدٍ أو إلى اثنين أو إلى ثلاثةٍ. والمفعول بحرف الجرِّ. و5الظّرف من الزّمان والمكان إذا كانا متمكّنين. والمصدر إذا كان مُعرّفًا أو منعوتًا مُخْتصًّا6؛ ومثال ذلك:   1 في أ: ظلت، وفي ب: طللت. 2 في أ: المطاوعة. 3 يُنظر: ابن النّاظم 233، وابن عقيل 1/459. 4 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 5 في أ: أو. 6 إذا وجد بعد الفعل المبنيّ للمجهول مفعولٌ به، ومصدر، وظرف، وجارّ ومجرور، فأيّها ينوب؟، وهل يجوز نيابة غير المفعول به مع وجوده؟ مذهب البصريّين أنّه لا يجوز نيابة غير المفعول مع وجوده. ومذهب الكوفيّين أنّه يجوز نيابة غيره وهو موجود؛ تقدّم أو تأخّر. ومذهب الأخفش أنّه إذا تقدّم غير المفعول به عليه جازَ نيابة كلّ واحدٍ منهما، وإذا تقدّم المفعول به على غيره تعيّن نيابته. تُنظر هذه المسألة في: التّبيين، المسألة الثّامنة والثّلاثون، 268، وشرح المفصّل 7/74، وابن النّاظم 235، وابن عقيل 1/462، وائتلاف النُّصرة، فصل الاسم، المسألة الثّامنة والسّبعون، 77، والتّصريح 1/290، والهمع 2/265. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 319 (ضُرِبَ زَيْدٌ) و (أُعْطِيَ عَمْرٌو دِرْهَمًا) و (ظُنَّ زيدٌ قائمًا) و (أُعْلِمَ زَيْدٌ عَمْرًا مُنْطَلِقًا) و (مُرَّ بزيدٍ) و (سِيرَ بِهِ يومان) و (مُشِيَ [عليه] 1 فَرْسَخان) و (قيلَ في خَالدٍ قَوْلٌ حَسَنٌ) .   (عليه) ساقطةٌ من ب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 320 بَابُ المَفْعُولِ بِهِ: [48/أ] وَالنَّصْبُ لِلْمَفْعُولِ حُكْمٌ أُوجِبَا1 ... كَقَوْلِهِمْ: صَادَ الأَمِيرُ أَرْنَبَا وَرُبَّمَا أُخِّرَ عَنْهُ الْفَاعِلُ ... نَحْوُ: قَدِ اسْتَوْفَى الْخَرَاجَ2 الْعَامِلُ المفعول به: كلّ اسم اتّصل به تعدّي الفعل فَنَصَبَهُ؛ فهو ما انتصب بعد تَمامِ الكلام إيجابًا أو نفيًا، مثل (ضَرَبْتُ زَيْدًا) و (مَا ضَرَبْتُ عَمْرًا) و (هَلْ رَأَيْتَ خَالِدًا؟) ، وكلّ ما جاء من باب المفاعَلة، كقولك: (ضَارَبَ زَيْدٌ عَمْرًا) ، فالمنصوب مرفوعٌ في المعنى؛ لأنّك تقول: (تَضَارَبَ زَيْدٌ وَعَمْرٌو) ؛ فإن اختصَّ أحدهما بمعنى الفاعليّة، كان الآخَرُ منصوبًا بالمفعوليّة، كقولك: (عاقبت اللِّصَّ) . وشرط المفعول: أَنْ يكون آخِرًا؛ لأنَّهُ فضلةٌ في الكلام، ومرتبة الفاعل أنْ تكون3 وسطًا4، فإنْ توسَّط المفعول، أو قُدِّم على الفعل؛ فذلك للاهتمام5 [به] 6.   1 في متن الملحة 20: حُكْمٌ وَجَبَا. 2 في أ: نحو جرى الماء وجار العامل، وهو تحريف لا يتّفقُ مع التّمثيل المطلوب. 3 في ب: أنْ يكون. 4 "الفاعل كالجزء من الفعل؛ فلذلك كان حقّه أنْ يتّصل بالفعل، وحقّ المفعول الانفصال عنه، نحو: (ضربَ زيدٌ عمرًا) ". ابن النّاظم 227. 5 في أ: الإهتمام. 6 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 321 قال سيبويه - عقيب ذكر المفعول -: "يقدِّمون في كلامهم ما هم ببيانه أهمّ وأَعْنَى"1 على هذا الحكم تَقَدَّمُه2 على الفاعل، كقولك: (ركب الفرسَ الأميرُ) اهتمامًا3 بذكره. وكذلك تَقَدُّمُهُ، كقولك: (عَمْرًا ضَرَبَ زيدٌ) ومرتبة مجيئه بعد الفاعل الأصيل4. وَإِنْ تَقُلْ: كَلَّمَ مُوسَى يَعْلَى ... فَقَدِّمِ الْفَاعِلَ فَهْوَ أَوْلَى5 [48/ب] قد تقدّم ذكر جواز تقديم6 المفعول على وجه الاهتمام به، والتوسّع7 في الكلام، بشرط الأمن من اللَّبس؛ فمتى وقع اللّبس لعدَم8 الإعراب9، كالمقصورين [في قولك: (أَكرم موسى عيسى) ] 10؛   1 يُنظر: الكتاب 1/34. 2 في ب: تقديمه. 3 في ب: أو اهتمامًا. 4 في ب: الأصل. 5 في شرح الملحة 168: فَهْوَ الأَوْلَى. 6 في أ: تقدّم. 7 في ب: أو التوسّع. 8 في أ: بعدم. والمقصود: عدم الإعراب الظّاهر. 9 قال الرّضيّ - في شرحه على الكافية 1/72 -: ((إذا انتفى الإعراب اللّفظيّ في الفاعل والمفعول معًا، مع انتفاء القرينة الدّالّة على تمييز أحدهما عن الآخر، وجب تقديم الفاعل؛ لأنّه إذا انتفت العلامة الموضوعة للتّمييز بينهما - أي: الإعراب - لمانع، والقرائن اللّفظيّة والمعنويّة الّتي قد توجَد في بعض المواضع دالّة على تعيين أحدهما من الآخر كما يجيء فليلزم كلّ واحد مركزه ليعرفا بالمكان الأصليّ)) . ويُنظر: البسيط 1/280. 10 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 322 فموسى واجب تقدّمه1 إنْ كان فاعلاً، وتأخّره إنْ كان مفعولاً. فإن أُمِنَ اللّبس جَازَ التَّقديم والتّأخير، كقولك: (أكلتْ الكُمَّثْرى الحبلى) و (أخذت ليلى الحُمَّى) 2 وما أشبه ذلك.   1 في ب: تقديمه. 2 المميّز فيهما القرينة المعنويّة؛ فتقدَّمَ المفعول فيهما. يُنظر: شرح الرّضيّ 1/72، وشرح الكافية الشّافية 2/589، وابن النّاظم 228. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 323 [بَابُ] 1 أَقْسَامِ الأَفْعَالِ فِي التَّعَدِّي: وَكُلُّ فِعْلٍ مُتَعَدٍّ يَنْصِبُ ... مَفْعُولَهُ مِثْلُ: سَقَى وَيَشْرَبُ الأفعال في التّعدّي أَنْواعٌ2: فيُقال: الفعل منه لازِمٌ وهو: كُلّ ما لا يقتضي معناه تعدِّيًا إلى مفعولٍ؛ كأفعال الألوان، والخِلَق، والمطاوعة، كـ (اسْوَدَّ) و (حَوِلَ) و (تَدَحْرَجَ) و (ظَرُفَ) . والمتعدِّي على ضربين: ما يتعدّى بحرف جرٍّ3. وما يتعدّى بنفسه. والّذي يتعدَّى بحرف الجرِّ على ضربين4: أَحَدُهما: لا يجوز إسقاط حرف الجرِّ منه إلاَّ في الشّعر؛ وذلك نحو: (مررت بزيدٍ) ، فلا يجوز إسقاط هذه الباء؛ لأنَّها كالجزء من الاسم   1 ما بين المعقوفين زيادة يقتضيه صنيعه في الأبواب السّابقة. 2 الأفعال تنقسم بحسب اللّزوم والتّعدّي سبعة أقسام. يُنظر: شرح ألفيّة ابن معطٍ 1/475. 3 لو قال الشّارح - رحمه الله -: (ما يتعدّى بغيره) لكان أفضل؛ ليشمل التّعدِّي بحرف الجرّ، وبالهمزة، وبالتّضعيف. يُنظر: أسرار العربيّة 86، وشرح ألفيّة ابن معطٍ 1/520. 4 أي: ما يتعدّى إلى المفعول مطلَقًا بحرف الجرّ ونحوه، ممّا يصل به الفعل اللاّزم إلى المفعول ضربان. يُنظر: شرح ألفيّة ابن معطٍ 1/486. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 325 لاتّصالها بِهِ، وكالجزء من الفعل لكونها [49/أ] معدّية1 له، وموصِّلة2 إلىالاسم؛ فكلّ واحدٍ من هذين - الاسم والفعل - مفتقرٌ إلى هذا الحرف؛ فخُلُوّهُما منه إجحافٌ بهما؛ وقد ورد حذفه في الشّعر، كقول الشّاعر: تَمُرُّونَ الدِّيَارَ وَلَمْ تَعُوجُوا ... كَلاَمُكُمُ عَلَيَّ إِذَنْ حَرَامُ3 الثّاني: الّذي يتعدّى بحرف الجرّ، والمتكّلم مُخيّرٌ في إثباتِهِ وحَذْفِهِ، كـ (شكرتُ) و (أَمَرْتُ) و (نَصَحْتُ) و (وَزَنْتُ) و (كِلْتُ) و (اخْتَرْتُ) 4؛ تقول: شكرتُ زيدًا، وشكرتُ له، ونصحتُه، ونصحتُ له، ووَزَنْتُه،   1 في أ: متعدّية له. 2 في أ: موصولة، وهو تحريف. 3 هذا بيتٌ من الوافر، وهو لجرير. و (لم تعوجوا) : لم تقيموا، مِن عاج بالمكان: أقام به. والشّاهد فيه: (تمرّون الدّيار) حيث إنّ الفعل (تمرّون) قد تعدّى إلى المفعول (الدّيار) بحرف الجرّ الّذي حُذِف للضّرورة؛ وأصله: تمرّون بالدّيار. يُنظر هذا البيت في: شرح المفصّل 8/8، 9/103، والمقرّب 1/115، وشرح ألفيّة ابن معطٍ 1/486، وتخليص الشّواهد 503، وابن عقيل 1/488، والمقاصد النّحويّة 2/560، والهمع 5/20، والخزانة 9/118، والدّيوان 1/278- والرّواية فيه (أَتُمْضُونَ الرُّسُومَ وَلاَ تُحَيَّى) -. (اخترتُ) من الأفعال الّتي تتعدّى إلى مفعولين؛ أحدهما بنفسها، والآخر بحرف الجرّ، نحو: (اخترت الرّجالَ زيدًا) أي: من الرّجال، ومثل الآية الكريمة الّتي استشهد بها الشّارح. يُنظر: شرح ألفيّة ابن معطٍ 1/500. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 326 ووزنت له؛ قال1 اللهُ تعالى: {وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ} 2، وقال تعالى3: {وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً} 4 أي: من قومه، وأمرته كذا، وأمرته بِهِ، ومنهُ5 قولُ الشّاعر: أَمَرْتُكَ الْخَيْرَ فَافْعَلْ مَا أُمِرْتَ بِهِ ... فَقَدْ تَرَكْتُكَ ذَا مَالٍ وَذَا نَشَبِ6   1 في ب: وقال. 2 سورة المطفّفين، الآية: 3. 3 في ب: وقال سبحانه. 4 من الآية: 155 من سورة الأعراف. 5 في ب: وقال الشّاعر. 6 في ب: وذا بشره. وهذا البيتُ من البسيط، ويُنسب إلى عمرو بن معدي كرب، وإلى العبّاس بن مرداس، وإلى زُرعة بن السّائب، وإلى خفاف بن ندبة، وإلى أعشى طرود - واسمه: إياس بن عامر -. و (النّشب) : المال الثّابت كالضّياع ونَحْوِها، وهو من نشب الشّيء إذا ثبت في موضع ولزمه. و (المال) : الإبل، أو هو عامّ. والشّاهد فيه: (أمرتك الخير) ، و (أمرت به) فإنّ العبارة الأولى قد تعدّى فيها الفعل الّذي هو (أمر) إلى مفعولين بنفسه؛ وفي العبارة الثّانية قد تعدّى إلى الأوّل منهما بنفسه، وهو النّائب عن الفاعل، وإلى الثّاني بحرف الجرّ. والّذي في كلام سيبويه والأعلم - رحمهما الله - يدلّ على أنّهما يعتبران الأصل في هذا الفعل أنّه يتعدّى إلى ثاني مفعوليه بحرف الجرّ؛ ثمّ قد يحذف حرف الجرّ فيصل الفعل إلى المفعول الثّاني بنفسه؛ ويدلّ ذلك على أنّ النّصب عندهما على نزع الخافض، وأنّه يقتصر فيهما على المسموع. يُنظر هذا البيتُ في: الكتاب 1/37، والمقتضب 2/36، 86، 321، والمؤتلف والمختلف 17، والمحتسب 1/51، 272، وتحصيل عين الذّهب 72، 73، وأمالي ابن الشّجريّ 2/133، 558، وشرح المفصّل 8/50، وشرح ألفيّة ابن معطٍ 1/501، وشرح شذور الذّهب 346، والهمع 5/18، والخزانة 1/339، وديوان عمرو بن معدي كرب 63، وديوان خفاف بن ندبة 126، وديوان العبّاس بن مرداس 46، والصّبح المنير 284. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 327 وقوله: (مِثْلُ: سَقَى وَيَشْرَبُ) يشير إلى الرّابع؛ وهو1 أقوى ممّا تقدّمه2 وهو (يشرب) 3 فإنّه متعدٍّ بنفسه إلى مفعولٍ واحدٍ؛ تقول: (شَرِبْتُ ماءً) ؛ وإلى الخامس وهو (سَقَى) ؛ لأنّه متعدٍّ بنفسه إلى مفعولين ثانيهما غير الأوّل4، تقول: (سقيتُ زيدًا ماءً) ، وهذا يجوزُ فيه ذكر المفعولين، كقوله تعالى: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوثَرَ} 5، والاقتصار على أَحدِهما، [49/ب]   1 في أ: وهذا. 2 في ب: أقوى ممّا تقدم. 3 في أ: شرب. 4 وهو ضربان: أحدهما: ما يتعدّى بنفسه مطلَقًا، نحو: (كسوت زيدًا حُلَّةً) . والثّاني: ما كان متعدّيًا إلى مفعول، فَعُدِّي بالنّقل إلى آخَرَ، نحو: (أعطيتُ زيدًا درهمًا) ؛ لأنّ أصله (عطوت الدرهم) أي: تناولته، ثمّ يُعدّى إلى الآخر بالهمزة. يُنظر: شرح ألفيّة ابن معطٍ 1/502. 5 سورة الكوثر، الآية: 1. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 328 كقولك: (أعطيتُ زيدًا) ، ولا تذكر ما أَعطيت، [و] 1 كقوله تعالى: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} 2؛ و (أعطيت درهمًا) ولا تذكر مَنْ أَعطيت؛ ولك أن تقول: (أعطيت) بحذفهما، كقوله تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى} 3؛ وهذا القسم أقوى من القسم الرّابع. والسّادس: هي4 أفعال القلوب - ويأتي ذكرها -، وهو أقوى من الخامس. والسّابع: لم يذكره الشّيخ5؛ وهو أقواها بتعديته إلى ثلاثة مفعولين6؛ وذلك إمّا بحرف جرٍّ، وإمّا بتضعيف عين الفعل، وإمّا بهمزة النّقل؛   1 العاطف ساقطٌ من أ. 2 سورة الضّحى، الآية: 5. 3 سورة اللّيل، الآية: 5. 4 في أ: من أفعال القلوب. 5 يريد: الشّيخ أبا القاسم الحريريّ صاحب الملحة. 6 قوله: (ثلاثة مفعولين) قال ابن أبي الرّبيع في البسيط 1/449: "رأيتُ بعض المتأخِّرين أَبْطَل هذا اللّفظ، وقال: إنّ العدد لا يُضاف إلى الصّفة، وإنّما يُضاف العدد إلى الأسماء، وإضافة العدد إلى الصّفات شيءٌ لا يُقاس عليه؛ لأنّه جاء على غير قياس، والمفعول صفة فقوله: (ثلاثة مفعولين) خَطَأ، إنما كان ينبغي أن يقال: ثلاثة أسماء مفعولين. وهذا الّذي أنكره قد ورد في كلام سيبويه - رحمه الله - 1/41: "هذا بابُ الفاعل الّذي يتعدَّاه فعله إلى ثلاثة مفعولين)) ، والّذي ينبغي أنْ يقال: إنّ المفعول قد جرى مجرى الأسماء؛ فإذا كان كذلك فتصحّ إضافة أسماء الأعداد إليه، كما يُضاف إلى الأسماء؛ ألا ترى أنّك تقول: (ثلاثة أصحابٍ) ، وإنْ كان صاحب صفة في الأصل، لكنّه اسْتُعمِلَ استعمال الأسماء، فجرى مجراها في كلّ شيء". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 329 وأنشد الفرّاءُ: تَعْدِيَةُ اللاَّزِمِ يَا حَمْزَهْ ... بِالْحَرْفِ وَالتَّضْعِيْفِ وَالهَمْزَهْ1 والأفعال2 هي: (أَعْلَمَ) و (أَرَى) و (أَنْبَأَ) و (نَبَّأَ) و (خَبَّرَ) و (أَخْبَرَ) و (حَدَّثَ) ؛ كقولك3: (أَعْلَمَ اللهُ النَّاسَ مُحَمَّدًا صَادِقًا) و (نَبَّأْتُ عَمْرًا زَيْدًا كَرِيمًا) و (أَخْبَرْتُ عَنْ عَمْرٍو زَيْدًا خَبَرًا) والتّقدير: أَعْلمَ اللهُ النّاسَ أنَّ محمدًا صَادِقٌ. وذوات التّعديَةِ4 أَتمّها الحرف5؛ لأنّه يتعدّى به جميع الأفعال   1 هذا بيتٌ من السّريع، ولم أقف على قائله، ولم أجد مَنْ ذكره. 2 الأفعال المتعدّية إلى ثلاثة؛ سبعة: أربعة معها همزة النّقل، وثلاثة جاءت بتضعيف العين. يُنظر: كشف المُشْكِل 1/406، والبسيط 1/449، وشرح ألفيّة ابن معطٍ 1/519. 3 في أ: كقولهم. 4 ذوات التّعدية تنقل الفعل اللاّزم من اللّزوم إلى التّعدّي، وكذلك إذا دخلت على الفعل المتعدّي فإنما تزيده مفعولاً، وإنْ كان يتعدّى إلى مفعولٍ واحدٍ، صار يتعدّى إلى مفعولين، كقولك في: (ضرب زيد عمرًا) أضربتُ زيدًا عمرًا، وما أشبه ذلك، وإنْ كان متعدّيًا إلى مفعولين صار متعدّيًا إلى ثلاثة مفعولين. يُنظر: أسرار العربيّة 86، 87، وكشف المُشْكِل 1/386، وشرح ألفيّة ابن معطٍ 1/520. 5 في أ: الحروف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 330 الثّلاثيّة وما زاد عليها. وأمَّا الهمزةُ [50/أ] فلا يتعدّى بها إلاَّ الثّلاثيّ؛ وكذلك التّضعيف، تقول من ذلك: (فَرّحتُ زيدًا) و (أخرجته من السّجن) و (ذهبتُ به) 1 و (ما اختفيتُ منه) 2.   1 هذا مثالٌ للتّعدية بالحرف، وكذلك ما بعده. 2 في ب: وما اخفيت منه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 331 بَابُ أَفْعَالِ القُلُوبِ: لَكِنَّ فِعْلَ الشَّكِّ وَالْيَقِينِ ... يَنْصِبُ مَفْعُولَيْنِ فِي التَّلْقِينِ تَقُولُ: قَدْ خِلْتُ الْهِلاَلَ لاَئِحَا ... وَقَدْ وَجَدْتُ المُسْتَشَارَ نَاصِحَا وَمَا أَظُنُّ عَامِرًا رَفِيقَا ... وَلاَ أَرَى لِي خَالِدًا صَدِيقَا وَهَكَذَا تَفْعَلُ1 فِي عَلِمْتُ ... وَفِي حَسِبْتُ ثُمَّ فِي زَعَمْتُ هذه أفعال القلوب2؛ وهي تدخل على المبتدأ والخبر فتَنْصِبُهُمَا جميعًا؛ وهي: (ظَنَنْتُ) و (رَأَيْتُ) و (وَجَدْتُ) و (عَلِمْتُ) و (حَسِبْتُ) و (خِلْتُ) و (زَعَمْتُ) . فـ (خال) 3 لا بمعنى تكبَّر، كقولك: (خِلْتُ زيْدًا صديقًا) .   1 في ب: تصنع. 2 أفعال القلوب تنقسم إلى أربعة أقسام: أحدها: ما يُفيد في الخبر يقينًا؛ وهو أربعة: وَجَد، وألْفَى، وتَعَلَّمْ - بمعنى أعلم - ودرى. والثّاني: ما يُفيد في الخبر رجحانًا؛ وهو خمسة: جَعَلَ، وحَجَا، وَعَدَّ، وهَبْ، وزَعَمَ. والثّالث: ما يرد بالوجهين، والغالب كونه لليقين؛ وهو اثنان: رأى، وعلم. والرّابع: ما يرد بهما، والغالب كونه للرّجحان؛ وهو ثلاثة: ظنَّ، وحَسِبَ، وخَال. يُنظر: أوضح المسالك 1/294، 297، 304، وشرح التّسهيل2/77، وابن النّاظم 195، والتّصريح 1/247، والأشمونيّ 2/24. (خال) إنْ كانت بمعنى تكبّر، أو ظَلَعَ في قولهم: خال الفرس؛ أي: ظلع، فهي لازمة. يُنظر: شرح التّسهيل 2/81، وابن النّاظم 197، والأشمونيّ 2/20. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 333 و (ظنّ) لا بمعنى اتّهم1، نحو (ظننت عمرًا صادقًا) . و (حَسِبَ) 2 لا من صار أَحْسَبَ، أي: ذا شُقْرةٍ، أو حُمْرَةٍ وبياضٍ كالبَرص3، بل كقول الشّاعر: وَكُنَّا حَسِبْنَا كُلَّ بَيْضَاءَ شَحْمَةً ... عَشِيَّةَ لاَقَيْنَا جُذَامَ وَحِمْيَرَا4 [50/ب]   1 إنْ أُريد بظنّ معنى اتّهم تعدَّت إلى واحد، نحو قوله تعالى: {وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ} [التّكوير: 24] . يُنظر: شرح التّسهيل 2/81، وابن النّاظم 197. 2 في كلتا النسختين: حَسِبْتُ، والتصويب من ابن الناظم 197. (حسبت) إنْ كانت بهذا المعنى الّذي ذكره الشّارح فهي لازِمة، يقال: حَسِبَ الرجل إذا احمرّ لونه، وابيضّ كالبرص، وكذا إذا كان ذا شقرة. يُنظر: شرح التّسهيل2/81، وابن النّاظم 197، والمساعد 2/360، والأشمونيّ 2/21. 4 هذا بيتٌ من الطّويل، وهو لزُفَرِ بن الحارث الكلابيّ. و (كنّا حسبنا كلّ بيضاء شحمة) أي: كنّا نطمع في أمرٍ فوجدناه على خلاف ما كنّا نظنّ. والمعنى: إنّا كنّا نظنّ أنّ النّاس سواء في الخوَر والجبن، وأنّهم متى لقوا من لا قِبَل لهم بحربه مثل قومنا فرُّوا عنهم؛ ولكنّ هذا الظّنّ لم يلبث أنْ زال حين لقينا هاتين القبيلتين؛ فلقينا بلقائهم البأس والشّدّة. والشَّاهد فيه: (حسبنا كلّ بيضاء شحمة) حيث استعمل (حسب) بمعنى الرّجحان، فنصب به مفعولين؛ أوّلهما قوله: (كلّ بيضاء) ، وثانيهما قوله: (شحمة) . يُنظر هذا البيت في: شرح ديوان الحماسة للتّبريزيّ 1/41، وابن النّاظم 197، وأوضح المسالك 1/305، وتخليص الشّواهد 435، والمغني 833، والمقاصد النّحويّة 2/382، والتّصريح 1/249. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 334 و (زعم) لا بمعنى كَفَل أو سَمِنَ أو هَزُل1، كقولك: (زَعَمْتُ بَكْرًا مقيمًا) . و (عَلِمْتُ) لا لإدراك المفرد وهو العِرفَان2، نحو: (علمت خالدًا مُحْسِنًا) . و (وَجَدْتُ) لا من وجدَان الضَّالّة3، كقولك: (وجدت محمَّدًا عالمًا) . و (رأيت) لا من قولهم: (رأيته) إذا رماه فأصاب رئته4،   (زعم) إنْ كانت بمعنى كفل، أو بمعنى رأس؛ تعدّت لواحد، تارةً بنفسها، وتارةً بالحرف؛ وإنْ كانت بمعنى سَمِنَ، أو هَزُلَ فهي لازمة، يقال: زعمت الشاة، بمعنى سمنت، وبمعنى: هزلت. يُنظر: شرح التّسهيل 2/78، وابن النّاظم 198 والمساعِد 2/356، والأشموني2/22. 2 نحو قوله تعالى: {وَاللهُ أَخْرَجَكُم مِّنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئًا} [النّحل: 78] أي: لا تعرفون، ويتعدّى حينئذ إلى واحد. يُنظر: شرح التّسهيل 2/78، وابن النّاظم 196، والمساعِد 2/356، والأشمونيّ 2/33. (وجد) إنْ كانت بمعنى أصاب؛ تعدّت إلى واحد، ومصدرها الوجدان، نحو: (وجد فلانٌ ضالّته) ؛ وإنْ كانت بمعنى (استغنى) ، أو (حزن) ، أو (حقد) ؛ فهي لازمة. يُنظر: شرح التّسهيل2/78، وابن النّاظم 196، والمساعِد 2/357، والأشمونيّ 1/21. (رأى) إنْ كانت بصريّة، أو من الرّأي، أو بمعنى أصاب رئته؛ تعدّت إلى واحد. يُنظر: شرح التّسهيل 2/81، والمساعِد 2/361، والأشمونيّ 2/19. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 335 كـ (رأيت الأميرَ عادلاً) . وقيل: (عَدّ) و (أَلْفَى) يجريان مجرى هذه الأفعال؛ فـ (عَدَّ) لا بمعنى (حَسَبَ) 1، كقول الشّاعر: لاَ أَعُدُّ الإِقْتَارَ2 عُدْمًا وَلَكِنْ ... فَقْدُ مَنْ قَدْ فَقَدْتُهُ الإِعْدَامُ3 و (ألفى) بمعنى وَجَدَ4. ومنه (حَجَا) لا بمعنى (غَلَب) في المحاجَاة، أو قَصَدَ5، كقوله:   (عدّ) إنْ كانت بمعنى (حَسَبَ) تعدّت لواحد. يُنظر: المساعِد 1/355، والأشمونيّ 2/23. 2 في أ: الافتقار. 3 هذا بيتٌ من الخفيف، وهو لأبي دُؤاد الإياديّ. و (أعدّ) : أظن. و (الإقتار) : قِلّة المال وضيق العيش. و (العدم) والإعدام: الفقر. والشّاهد فيه: (لا أعدُّ الإقتارَ عُدْمًا) حيث استعمل (عدّ) استعمال (ظنّ) فنصب بها مفعولين؛ هما (الإقتار) و (عدمًا) . يُنظر هذا البيت في: الأصمعيّات 187، وشرح التّسهيل 2/77، وابن النّاظم 198، وتخليص الشّواهد 431، والمقاصد النّحويّة 2/391، والهمع 2/211، والخزانة 8/125، 9/590، والدّرر 2/238، والدّيوان 338. 4 يقصد الشّارح (ألفى) الّتي ترادِف (وجد) المتعدّية إلى اثنين؛ أمّا الّتي بمعنى (أصاب) فإنّها تتعدّى لواحد، نحو قوله تعالى: {وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَا الْبَابِ} [يوسف: 25] . يُنظر: شرح التّسهيل 2/79، والمساعِد 1/358. 5 فإنْ كانت بمعنى غلب في المحاجات، أو قصد، أو ردّ؛ تعدّت إلى واحدٍ. وإنْ كانت بمعنى أقام، أو بخل؛ فهي لازمة. يُنظر: شرح التّسهيل 2/77، والمساعِد 1/355، والأشمونيّ 2/23. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 336 وَكُنْتُ أَحْجُو أَبَا عَمْرٍو أَخَا ثِقَةٍ ... حَتَّى أَلَمَّتْ بِنَا يَوْمًا مُلِمَّاتُ1 ومنه (هَبْ) ، كقول الشّاعر: فَقُلْتُ أَجِرْنِي أَبَا خَالِدٍ ... وَإِلاَّ فَهَبْنِي امْرَأً هَالِكًا2   1 هذا بيتٌ من البسيط، ويُنسب إلى تميم بن أبي مقبل، وإلى أبي شنبل الأعرابيّ. و (أحجو) : أظنّ. و (ألمّت) : نزلت. و (الملمّات) : جمع ملمّة؛ وهي: النّازلة من نوازِل الدّهر. والشّاهد فيه: (أحجو أبا عمرو أخا) حيث ورد الفعل (حجا) بمعنى (ظنّ) فنصب مفعولين؛ هما (أبا عمرو) و (أخا ثقة) . يُنظر هذا البيت في: شرح التّسهيل 2/77، وابن النّاظم 199، وأوضح المسالك1/298، وتخليص الشّواهد 440، وابن عقيل 1/388، والمساعد 1/355، والمقاصد النّحويّة 2/376، والتّصريح 1/248، والهمع 2/210، والأشمونيّ 2/23. 2 هذا بيتٌ من المتقارِب، وهو لعبد الله بن همّام السّلوليّ. و (أجرني) : اتّخذني جارًا لك، ثم أُريد لازم المعنى؛ وهو الحماية والدّفاع. و (هبني) أي: اعددني واحسبني. والشّاهد فيه: (فهبني امرأً) فإن (هَبْ) فيه بمعنى الظّنّ، وقد نصب به مفعولين؛ أحدهما: ياء المتكلِّم، وثانيهما قوله: (امرأ) . يُنظر هذا البيت في: شرح التّسهيل 2/78، وابن النّاظم 199، وأوضح المسالك 1/300، وتخليص الشّواهد 442، وابن عقيل 1/389، والمساعد 1/357، والمقاصد النّحويّة 2/378، والتّصريح 1/248، والهمع 2/213، والخزانة 9/36، والدّيوان 85. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 337 ومنه (جَعَل) ، كقولك: (جَعَل زَيْدٌ عَمْرًا صَدِيقًا) . فهذه الأفعال معانيها قائمة بالقلب1؛ وكُلُّ ما جاز أنْ يكون خبرًا لمبتدأ يجوز أنْ يكون المفعول الثّاني لهذه الأفعال. [51/أ] وتختصّ هذه الأفعالُ - سِوَى (هَبْ) و (تَعَلَّم) - بالإلغاء والتّعليق2. فالإلغاءُ3 هو: ترك إعمال4 الفعل؛ لضعفه بالتّأخير، أو التّوسّط بين المفعولين، كقولك مع التّأخير: (زَيْدٌ عَالِمٌ ظننت) ، ومع التّوسّط: (زَيْدٌ ظننت عَالِمٌ) . فالمثال الأوّل: يجوز فيهما5 الرّفع والنّصب6، والرّفعُ7 أجود؛ لتأخير الفعل عنهما، فعودُهما إلى الابتداء8 أَوْلى.   1 ولذلك سمّيت (أفعال القلوب) . 2 إنّما لم يدخل التّعليق والإلغاء (هب) و (تعلم) وإنْ كانا قلبيّين؛ لضعف شبههما بأفعال القلوب من حيث لزوم صيغة الأمر. يُنظر: أوضح المسالك 1/318، والتّصريح 1/256، والأشمونيّ 2/27. 3 وقيل في تعريفه: إبطال العمل لفظًا ومحلاًّ؛ لضعف العامل بتوسُّطِهِ أو تأخّره. يُنظر: أوضح المسالك 1/313، وابن عقيل 1/395. 4 في أ: الإعمال. 5 في ب: فيه. 6 الرّفع على الإلغاء، والنّصب على الإعمال. 7 في أ: والنّصب. 8 في ب: المبتدأ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 338 والمثال الثّاني: يجوز فيهما الرَّفعُ والنّصب، والنّصب أجود1؛ لعمل الفعل في بعض الجملة2. والتّعليق3 هو: ترك [إعمال] 4 الفعل؛ لفصل ماله صدر الكلام بينه وبين معمولِه، كقولك: (علمت لزيدٌ ذاهبٌ) و (علمتُ أزيدٌ أخوك أم عمرٌو؟) ، فقد تعلَّق (عمله) 5 بلام الابتداء وهمزة الاستفهام، أو بـ (ما) النّافية، كقولك: (علمت [ما] 6 زيدٌ ذاهبٌ) ، أو بالقسم، كقولك: (علمت واللهِ الْعِلْمُ نَافِعٌ) .   1 وقيل: الإعمال والإلغاء سِيَّان. يُنظر: أوضح المسالك 1/316، وابن عقيل 1/396، والأشمونيّ 2/28. 2 بقي صورة؛ وهي: إذا تقدّم الفعل، نحو: (ظننت زيدًا قائمًا) ، فعند البصريّين يمتنع الإلغاء، فلا تقول: (ظننت زيدٌ قائم) بل يجب الإعمال. فإنْ جاء من لسان العرب ما يوهم إلغائها مُتقدّمةً أوّلَ على إضمار ضمير الشّأن؛ ليكون هو المفعول الأوّل؛ والجزءان جملة في موضع المفعول الثّاني، أو على تقدير لام الابتداء. وذهب الكوفيّون إلى جواز إلغاء التّقدّم، فلا يحتاجون إلى تأويل. تُنظر هذه المسألة في: أوضح المسالك 1/320، وابن عقيل 1/396، والتّصريح 1/258، والأشمونيّ 2/28. 3 وقيل في تعريفه هو: إبطال العمل لفظًا لا محلاًّ؛ لمجيء ماله صدر الكلام بعده، وهو لام الابتداء، ولام القسم، وما النّافية، والاستفهام. يُنظر: أوضح المسالك 1/316، وابن عقيل 1/394. (إعمال) ساقطةٌ من ب. 5 في ب: علمت. (ما) ساقطة من أ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 339 بَابُ اسْمِ الفَاعِلِ: وَإِنْ ذَكَرْتَ فَاعِلاً مُنَوَّنَا ... فَهْوَ كَمَا لَوْ كَانَِ فِعْلاً بَيِّنَا فَارْفَعْ بِهِ فِي لاَزِمِ الأَفْعَالِ ... وَانْصِبْ إِذَا عُدِّي بِكُلِّ حَالِ تَقُولُ: زَيْدٌ مُشْتَرٍ1 أَبُوهُ ... بِالرَّفْعِ مِثْلُ: يَشْتَرِي2 أَخُوهُ وَقُلْ: سَعِيدٌ مُكْرِمٌ عُثْمَانَا ... بِالنَّصْبِ مِثْلُ: يُكْرِمُ الضِّيفَانَا [51/ب] يُشير إلى اسم الفاعل؛ وهو: ما يشتقّ3 من فعل الفاعل؛ فإنْ كان اشتقاقه من لازمٍ كان ما بعده مرفوعًا، كقولك: (زيدٌ شريفٌ4 أبوه) ؛ وإنْ كان من متعدٍّ عَمِلَ عَمَل الفعل المضارع؛ لشبهه به في عِدَّة5الحروف، وهيئة الحركة والسّكون، فـ (ضارب) يُضَاهي (يَضْرِبْ) في كون كلٍّ منهما رُباعيّ الحروف، ثانيهما ساكن، وما عداه متحرّك؛ فلمَّا اشتبها6من هذا الوجه أُعْرِبَ الفعل المضارع من بين الأفعال، وعمل هذا الاسم عمله في الحال والاستقبال؛ وهو لا يعمل   1 في أ: مُجْتَرٍ. 2 في أ: يَجْتَرِي. 3 في ب: اشتقّ. 4 إذا كان الفعل على وزن (فَعُلَ) كثُر مجيء اسم الفاعل منه على وزن (فعيل) ، نحو: (شَرُفَ) فهو (شريف) . يظر: ابن عقيل 2/127. 5 في ب: عدد. 6 في أ: اشتبه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 341 إلاَّ إذا كان معتمدًا على ما قبله من مبتدأ1، كقولك: (هذا ضارب زيدًا) . أو يكون على2 موصوف، كقولك: (مَرَرت3 برجلٍ ضاربٍ زَيْدًا) ؛ [أو] 4 [على صاحب الحال، كقولك: (هذا عمرٌ ضاربًا زيدًا) ؛ أو5 على همزة الاستفهام، كقولك: (أضاربٌ صاحبك زيدًا؟) 6؛ أو على7 (ما) النّافية، كقولك: (ما ضاربٌ زيدٌ عمرًا] . ولا يعمل إذا كان بمعنى8 الماضي عَمَل الفعل، بل يجرّ ما بعده، فتقول: (هذا ضاربُ زيدٍ أَمْسِ) ؛ خلافًا للكسائيّ9، والآية الكريمة   1 هذه شروط إعمال اسم الفاعل إذا لم يكن صلة لـ (أل) ؛ وبقي شرطان آخران؛ وهما: ألاّ يكون مصغّرًا، وألاّ يكون موصوفًا؛ وخالف الكسائيّ فيهما جميعًا. وإذا وقع اسم الفاعل صلة لـ (أل) عمل مطلقًا، سواء كان ماضيًا، أو مستقبَلاً، أو حالاً؛ لوقوعه حينئذ موقع الفعل؛ إذْ حَقُّ الصّلة أنْ تكون جملة؛ فتقول: (هذا الضّارب زَيْدًا الآنَ، أو غدًا، أو أمس) . يُنظر: ابن النّاظم 1/423، 426، 430، وأوضح المسالك 2/248، وابن عقيل 1/100- 104، والتّصريح 2/65، 66، والأشمونيّ 2/293، 294. 2 في ب: أو يكون موصوفًا. 3 في ب: مرّتْ 4 ما بين المعقوفين زيادة يقتضيها السّياق. 5 في ب: وعلى. 6 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 7 في أ: وعلى. 8 في أ: إلاّ إذا كان لما مضى. 9 يُنظر رأي الكسائيّ في: شرح عمدة الحافظ 2/673، وأوضح المسالك 2/248، والتّصريح 2/66، والهمع 5/81، والأشمونيّ 2/293. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 342 الّتي احتجّ بها من قوله تعالى: {وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ} 1 فحكاية حَالٍ ماضية2بمنزلة قوله تعالى: {هَذَا مِنْ شِيْعَتَهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ} 3، وليس بحاضرٍ بل هو علىالحكاية4. [52/أ] وإنْ جرى على غير من هو له برز الضّمير، كقولك: (زيد هند ضاربها هو) 5، فإنْ نصبت هندًا، [فقلت: (زَيْدٌ هِنْدًا] 6ضاربها) جاز7 ولم تحتج إلى إبراز الضّمير. ولا يتعرَّف بما يضاف إليه من المعارف إذا كان للحال والاستقبال؛   1 من الآية: 18 من سورة الكهف. 2 لا حجّة له؛ لأنّ المعنى يبسط ذراعيه؛ فيصحّ وقوع المضارِع موقعه بدليل أنّ الواو في {وَكَلْبُهُمْ} واو الحال؛ إذْ يحسُن أنْ يقال: (جاء زيد وأبوه يضحك) ، ولا يحسُن (وأبوه ضحك) ؛ ولذا قال سبحانه وتعالى: {وَنُقَلِّبُهُمْ} بالمضارع الدّالّ على الحال، ولم يقل: (وقلبناهم) بالماضي. يُنظر: شرح المفصّل 6/77، وأوضح المسالك 2/248، وابن عقيل 2/101، والتّصريح 2/66. 3 من الآية: 15 من سورة الْقَصَص. 4 "الإشارة (بهذا) إنّما يقع إلى حاضر، ولم يكن ذلك حاضرًا وقت الخبر عنه". شرح المفصّل 6/77. 5 "فـ (زيد) مبتدأ، و (هند) مبتدأ ثان، و (ضاربها) خبر هند، والفعل لزيد؛ فقد جرى على غير من هو له، فلذلك برز ضميره، وخلا اسم الفاعل من الضّمير". شرح المفصّل 6/80، ويُنظر: التّبصرة 1/220. 6 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 7 في ب: جا (بدون زاي) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 343 لأنّه يعمل عمل الفعل، والفعل نكرة؛ فكذلك ما وَقَعَ موقعه، وكذلك1 وَقَعَ صِفَةً للنّكرة2، وحالاً للمعرفة3، كقولك4: (مررتُ برجلٍ ضاربٍ عمرٍو غَدًا) ؛ ولا يجوز ذلك وأنت تريد الماضي؛ لأنّه لا يتعرّف بما أُضيف إليه، والمعارِف لا تكون أحوالاً ولا صفات النّكرات. ومن شواهد إعماله [قوله] 5: إِنِّي بِحَبْلِكِ وَاصِلٌ حَبْلِي ... وَبِرِيْشِ نَبْلِكِ رَائِشٌ نَبْلِي6   1 في ب: ولذلك. 2 في ب: النّكرة. 3 نحو: (جاء زيدٌ طالبًا أَدَبًا) . 4 في ب: كقولهم. (قوله) ساقط من ب. 6 هذا بيتٌ من الكامل، وهو لامرئ القيس، ويروى للنَّمِر بن تَوْلَب. و (راش السّهم) يريشه: ركّب فيه الرّيش. و (النّبل) : السّهام، لا واحد له من لفظه. والمعنى: يخاطِب محبوبته فيقول لها: أمري من أمرك ما لم تتشبّثي بغيري وتميلي بهواك إليه؛ وضَرَب وصل الحبل مثلاً للمودّة والتّواصُل، وريش النّبل مثلاً للمخالَطة والتّداخُلِ. والشّاهد فيه: (واصلٌ حبلي) و (رائشٌ نبلي) حيث عمل اسم الفاعل - وهو (واصل) ، و (رائش) - النّصب في المفعول به. يُنظر هذا البيت في: الكتاب 1/164، وشرح أبيات سيبويه للنّحَّاس 131، والجُمل 86، وتحصيل عين الذّهب 135، ورصف المباني 509، واللّسان (حبل) 11/135، والدّيوان 239، وملحق ديوان النَّمِر بن تَوْلَب 135. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 344 وكقول الآخر: وَكَمْ مَالِىءٍ عَيْنَيْهِ مِنْ شَيْءِ غَيْرهِ ... إِذَا رَاحَ1 نَحْوَ الْجَمْرَةِ الْبِيضُ كَالدُّمَى2 ومنه مجموع، كقوله: مِمَّنْ حَمَلْنَ بِهِ وَهُنَّ عَوَاقِدٌ ... حُبُكَ النِّطَاقِ فَشَبَّ غَيْرَ مُهَبَّلِ3 [52/ب]   1 في ب: لاح. 2 هذا بيتٌ من الطّويل، وهو لعمر بن أبي ربيعة. و (الجمرة) : مجتمع الحصى بمنى. و (البيض) النِّساء. و (الدُّمى) : صور الرُّخام؛ شبّه بها النّساء؛ لأنّ الصّانع لها لا يبقي غاية في تحسينها، وتلطيف شكلها، وتخطيطها؛ ويُراد مع ذلك السّكينة والوَقار. والمعنى: كثيرٌ من النّاس يتطلّعون إلى النّساء الجميلات المشبهات للدّمى في بياضهنّ وحسنهنّ وقت ذهابهنّ إلى الجمرات بمنى، ولكنّ النّاظر إليهنّ لا يستفيد شيئًا. والشّاهد فيه: (مالِىءٍ عينيه) حيث عمل اسم الفاعل ـ وهو (مالىءٍ) ـ النّصب في المفعول به؛ بسبب الاعتماد على موصوف محذوف تقديره: شخص مالىءٍ. يُنظر هذا البيت في: الكتاب 1/165، وشرح أبيات سيبويه للنّحّاس 132، والجمل 87، وتحصيل عين الذّهب 135، وابن النّاظم 425، وابن عقيل 2/102، والمقاصد النّحويّة 3/531، والدّيوان 459. 3 هذا بيتٌ من الكامل، وهو لأبي كبير الهذليّ، من قصيدة يمدح بها تأبّط شرًّا، وكان زوج أمّه. (ممّن حملن به) أي: هو ممّن حملت به النّساء. و (حُبُكَ النّطاق) : أطرافه، جمع: حِباك. و (المهبّل) من أهبله اللّحم وهبّله: إذا كَثُرَ عليه ورَكَب بعضه بعضًا؛ ويقال هو: المعتوه الّذي لا يتماسك. = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 345 ..................................................................   = والمعنى: إنّ هذا الفتى من الفتيان الّذين حملت أمّهاتهم بهم وهُنّ غضاب غير متهيّأت لأزواجهنّ فشبّ محمودًا؛ وهذا من مزاعِم العرب الباطلة. والشّاهد فيه: (عواقد حبك النّطاق) حيث نصب (عواقدُ) ، (حبكَ النّطاق) ؛ وفيه دليلٌ على إعمال اسم الفاعل مجموعًا جمع تكسير. يُنظر هذا البيت في: الكتاب 1/109، وديوان الهذليّين 2/92، وشرح أشعار الهذليّين 3/1072، وتحصيل عين الذّهب 110، والإنصاف 2/489، وشرح المفصّل 6/74، وابن النّاظم 430، والمقاصد النّحويّة 3/558، والأشمونيّ 2/299، والخزانة 8/192، 193. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 346 بَابُ الْمَصْدَرِ: وَالْمَصْدَرُ الأَصْلُ وَأَيُّ أَصْلِ ... وَمِنْهُ يَا صَاحِ اشْتِقَاقُ الْفِعْلِ وَأَوْجَبَتْ لَهُ النُّحَاةُ النَّصْبَا ... فِي قَوْلِهِمْ1:ضَرَبْتُ زَيْدًا ضَرْبَا المصدر: اسمٌ يقع على الأحداث، كـ (الضّرب) و (القتل) و (الإكرام) ؛ وهو أصل الأفعال، وسُمِّيَ مصدرًا؛ لصدورها عنه، وهو المفعول المطلَق2. والمفاعيل خمسةٌ؛ لأنَّ الفاعل لا بُدَّ له من فِعْلٍ به صار فاعلاً؛ وذلك أصله المصدر، كقولك: (ضربت زيدًا ضربًا) ولا بُدَّ لذلك من الوقوع بغيره؛ وهو المفعول به، وهو مقيّدٌ بالباء - كما تقدَّم -، ولا بُدَّ لوقوع ذلك من وَقْتٍ وَمَكَانٍ؛ وهو المفعول فيه، ولا بُدَّ3 لذلك الفاعل من غَرَض فَعَلَ الفِعْلَ لأجله؛ وهو المفعول له، ويحتمل مصاحبًا لِمَا يقتضيه الحال؛ وهو المفعول مَعَه؛ فكلٌّ منها4مُقَيَّدٌ بشيء وقد جُمِعَتْ هذه المفاعيل على التّرتيب في بيت - وهو ممّا [53/أ]   1 في أ: كقولهم. 2 "والمصدر أعمّ مطلَقًا من المفعول المطلَق؛ لأنّ المصدر يكون مفعولاً مطلَقًا، وفاعلاً، ومفعولاً به، وغير ذلك؛ والمفعول المطلَق لا يكون إلاَّ مصدرًا؛ نظرًا إلى أنّ ما يقوم مقامه ممّا يدلّ عليه خلف عنه في ذلك، وأنّه الأصل". الأشمونيّ 2/109. 3 في أ: فلا بُدَّ. 4 في ب: منهما. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 347 نظم المؤلِّف1- وهو الثّاني منقوله: يَا جِيْرةً قَدْ أَوْحَشُوا لَمَّا نَأَوا ... بَصَرِي وَنَفْسِي دَائِمًا وَالمِسْمَعَا كَرّرْتُ تَكْرَارًا هَوَاكُمْ سَحْرَةً ... وَسَطَ الدِّيَارِ مَحَبَّةً وَالأَدْمُعَا2 فالمصدر أصل الفعل3؛ لأنّه يدلّ على العموم، والفعل يدلّ على الخصوص، والعُموم قبل الخصوص؛ ومذهب الكوفيّين عكسُ هذا؛ وحجّتُهُم: أنَّ الفعل عاملٌ في المصدر، والعامل قبل المعمول؛ وليس هذا بدليل؛ لأنَّ الحرف يعمل في الاسم والفعل وليس بأصلٍ لهما4. والمصدر: اسمٌ مبهَم يقع على القليل والكثير، ولا يثنَّى، ولا يجمع؛ لأنَّه بمنزلة اسم الجنس، والجنس لا يثنَّى ولا يُجمع5؛ فإنْ كان المصدر   1 المؤلِّف هو: أبو القاسم الحريريّ - رحمه الله - ناظم الملحة. 2 هذان بيتان من الكامل، وهما للحريريّ. والتّمثيل فيهما: البيت الثّاني؛ حيث ذكر فيه المفاعيل بالتّمثيل، فـ (تكرارًا) مفعول مطلَق، و (هواكم) مفعولٌ به، و (سحرة) مفعول فيه اسم زمان، و (وسط) مفعولٌ فيه اسم مكان، و (محبّة) مفعول له، و (الأدمعا) مفعول معه. ولم أجد مَن ذكر هذين البيتين. 3 هذا مذهب البصريّين؛ وقد رجّحه الشّارح عندما تعرّض لهذا الخلاف في باب الفعل ص 115 فقال: "والاعتماد على القول الأوّل؛ لدلالة الفرع على ما في أصله مع الزّيادة عليه". 4 قد تعرّضنا لهذا الخلاف عند أوّل ذكره في باب الفعل، وذكرنا المذاهب في المسألة مفصّلة. فلتُنظر هناك ص 115. 5 يُنظر: كتاب الجمل 32، واللّمع 102، والملخّص 1/356. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 348 لعدد المرّات جاز تثنيته وجمعه، كقولك: (ضربت ضَرْبَتَيْنِ) و (ضَرَبَاتٍ) بدخول تاء التّأنيث في واحده فأشبه أسماء الأجناس المحدودة، كـ (القَمْحَةِ) و (التّمرة) 1. والمصدر يأتي لتأكيد الفعل، كـ (ضربت ضربًا) ، ومنه قولُه تعالى: {وَكَلَّمَ اللهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} 2. ولبيان النّوع، مثل: (ضربته ضرب الأمير) . ولعدد المرَّات، كقولك: (ضربته ضربتين) . وللحال، كقولك: (أتيتُه رَكْضًَا) 3. وأنواع المصادر يجوز تعريفها بالألف واللاّم، [53/ب] وبالإضافة، إلاّ مصدر الحال غالبًا، فإنّه لا يتعرّف كالحال. وَقَدْ أُقِيْمَ الْوَصْفُ وَالآلاَتُ ... مَقَامَهُ وَالْعَدَدُ الإِثْبَاتُ4 نَحْوُ: ضَرَبْتُ الْعَبْدَ سَوْطًا5 فَهَرَبْ ... وَاضْرِبْ أَشَدَّ الضَّرْبِ مَنْ يَغْشَى6 الرِّيَبْ وَاجْلِدْهُ فِي الخَمْرِ ارْبَعِيْنَ جَلْدَهْ ... وَاحْبِسْهُ مِثلَ حَبْس7 مَوْلًى8 عَبْدَهْ   1 يُنظر: كتاب الجمل 32، والملخّص 1/357. 2 من الآية: 164 من سورة النِّساء. 3 هُناك خلافٌ بين العلماء في المصدر الواقع موقع الحال؟ تعرّض له الشّارح في هذا الباب. فليُنظر هُناك في ص 354. 4 في أ: المرّات. 5 في ب: صوتًا، وهو تحريف. 6 في أ: يخشى. 7 في كلتا النسختين: واحبسه حبس؛ وعليها ينكسر البيت، والتصويب من متن الملحة 23. 8 في متن الملحة 23: زيد بدلاً من (مولى) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 349 يجوز حَذْفُ المصدر إذا قَامَ مقامُه صِفَتهُ1، كقولك: (قُلْتُ لك جميلاً) و (ضربته وجيعًا) 2 أي: قُلْتُ لك قولاً جميلاً؛ فحذف المصدر الموصوفَ، وأُقيمت الصّفة مقامه. وقد تقع الصّفة مُضافةً3، كقولك: (ضربتُه أشدّ الضّرب) . وقد تقوم الآلة مقام المصدر، كقولك: (ضَرَبْتُه مِقْرعَةً4 وَسَوْطًا) ، فتنصبهما5 نصب المصادر6؛ وكذلك العدد، فتقول: (ضربته عشرين ضربةً) ، وقد يُقدّر المصدر ويفسّره ما يأتي بعده   1 ينوب عن المصدر في الانتصاب على المفعول المطلَق ستّة عشر شيئًا؛ فينوب عن المصدر المبيّن للنّوع ثلاثة عشر شيئًا؛ وعن المصدر المؤكّد ثلاثة أشياء. يُنظر: ابن النّاظم 263، وأوضح المسالك 2/33، والتّصريح 1/325، والأشمونيّ 2/112 - 114. 2 التّقدير: ضربته ضربًا وجيعًا؛ فحذف المصدر الموصوف، وأُقيمت الصّفة مقامه. 3 يُشير إلى أنّها قد تقع غير مضافة، نحو: (سرت طويلاً) على إعراب الظّرفيّة، أي: زمانًا طويلاً؛ والحاليّة، أي: سرته أي السّير حال كونه طويلاً. يُنظر: الصّبّان 2/113. 4 المِقْرعةُ: خشبة تُضْرَبُ بها البغالُ والحميرُ. وقيل: كُلُّ ما قُرِعَ به فهو مِقْرَعةٌ. اللّسان (قرع) 8/264. 5 في ب: فنصبتها. 6 في ب: المصدر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 350 من النّعت المضاف، كقوله تعالى: {وَتَرَى الجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ} 1 أي: تَمرُّ مُرُورًا مثل مرِّ السّحاب وَرُبَّمَا أُضْمِرَ فِعْلُ الْمَصْدَرِ ... كَقَوْلِهِمْ: سَمْعًَا وَطَوْعًَا فَاخْبُرِ وَمِثْلُهُ: سَقْيًا لَهُ وَرَعْيَا ... وَإِنْ تَشَأْ جَدْعًا لَهُ وَكَيَّا [54/ أ] المصدر يُنْصَبُ بفعلهِ المشتقّ منه2؛ وقد جاء في كلام العرب ما يُنْصَبُ بفعلٍ محذوفٍ، كدعاءٍ لإنسانٍ، أو دعاء عليه3، كقولهم: (سَقْيًا [له] 4 ورَعْيًَا) أي: سقاه اللهُ سقيًا، وكذلك: جَدْعًا5. وممّا نُصِبَ على المصدر ولم ينطق بفعله؛ قولهم: (سُبْحَان الله)   1 من الآية 88 من سورة النَّمل. 2 المصدر المنصوب على المفعوليّة المطلَقة، عامله إمّا مصدرٌ مثله، لفظًا ومعنى، نحو: {فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَوْفُورًا} [الإسراء: 63] . أو معنىً لا لفظًا، نحو: (يعجبني إيمانُك تصديقًا) ؛ أو ما اشتقّ منه من فعل، نحو: {وَكَلَّمَ اللهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النّساء: 164] ، أو وصفٍ، نحو: {وَالصَّافَّاتِ صَفًّا} [الصّافّات: 1] . يُنظر: أوضح المسالك 2/33، والتّصريح 1/325. 3 هذه المصادر منصوبة بأفعال محذوفة وُجوبًا؛ لكونهم جعلوا المصدر بدلاً من اللّفظ بذلك الفعل؛ استغناءً بالمصدر عنها. يُنظر: الكتاب 1/311، 312، والتّبصرة 1/261، وشرح المفصّل 1/114، وابن النّاظم 267، والارتشاف 2/206، وأوضح المسالك 2/37، والتّصريح 1/330. (له) ساقطة من أ. 5 الجَدْعُ: القطع؛ وقيل: هو القطع البائن في الأنف والأذن والشَّفَةِ واليد ونحوها. اللّسان (جدع) 8/40. 6 يُنظر: الكتاب 1/322. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 351 و (جاء زيد وَحْدَهُ) ، وبعضهم1 جعل انتصاب وحده على الحال، كقولك: (جاء منفردًا) ؛ ومن ذلك: (سَمْعًا) و (طَاعةً) و (كرامةً) و (مَسَرَّةً) التّقدير: أَسْمَعُ لك، وأَطِيْعُ، وأُكْرِمُكَ، وأَسُرُّكَ2. ومنه: (ويلَ زَيْدٍ) و (ويحَ عَمْرٍو) ، تنصبهما عند الإضافة على المصدر3. ومنه: قولك لمن تأهّب للحجّ: (حَجًّا مبرورًا) ، ولِمَنْ قَدِمَ من سَفَره4: (قدومًا مُبَارَكًا) 5. ومنه: ما يأتي بعد أمرٍ، أو نهي، كقولك: (قيامًا لا قُعُودًا) .   1 يُنظر: أوضح المسالك 2/81، والتّصريح 1/373. 2 وهذه المصادر منصوبة بأفعالٍ محذوفة وُجوبًا؛ لكونهم جعلوا المصدر بدلاً من اللّفظ بذلك الفعل؛ استغناءً بالمصدر عنها؛ وهذا الفعل واقعٌ في الخبر، في مصادر مسموعة كَثُرَ استعمالها، ودلّت القرائن على عاملها. يُنظر: الكتاب 1/419، وابن النّاظم 269، وشرح المفصّل 1/114، وأوضح المسالك 2/41، والتّصريح 1/331، 332، والأشمونيّ 2/118. 3 هذه المصادر منصوبة بأفعال محذوفة وُجوبًا ولا فعل لها؛ فيقدّر لها عامل من معناها؛ فيقدَّر في (ويل زيد) : أحزن الله زيدًا ويله، أو أهلكه، أو عذّبه، وفي (ويح عمرٍو) : أحزن الله عمرًا ويحه، أو رحمه. يُنظر: الكتاب 1/318، وابن النّاظم 270، وأوضح المسالك 2/36، والتّصريح 1/330. 4 في ب: سفر. 5 جاز حذف عامل المصدر لقرينة معنويّة. يُنظر: ابن النّاظم 267، والارتشاف 2/206، وأوضح المسالك 2/36، والتّصريح 1/329، والهمع 3/105. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 352 ومنه: الاستفهام لقصد التّوبيخ، كقولك للمتواني: ( [أَ] 1 تَوَانِيًا وَقَدْ جَدّ قُرَنَاؤُكَ2؟) 3، ومنه قولُ الشَّاعر: أَعَبْدًا حَلَّ فِي شُعَبَى غَرِيْبًا ... أَلُؤْمًا لاَ أَبَا لَكَ وَاغْتِرَابَا؟ 4 وأمّا قولهم عند تذكُّرِ نعمةٍ: (اللَّهُمَّ حَمْدًا وَشُكْرًا لاَ كُفْرًا) ، وعند [54/ب] تذكُّر شدّةٍ: (صَبْرًا لاَ جَزَعًا) تقديره: أحمده حمدًا، وأشكر [هـ شُكرًا] 5، ولا أكفر.   1 الهمزة ساقطةٌ من أ. 2 في ب: في بارك، وهو تحريف. 3 هذه المصادر منصوبة بأفعال محذوفة وجوبًا؛ لكونهم جعلوا المصدر بدلاً من اللّفظ بذلك الفعل؛ استغناءً بالمصدر عنها؛ وهذا الفعل واقعٌ في الطّلب. يُنظر: الكتاب 1/339، وابن النّاظم 267، 268، وأوضح المسالك 2/37، والتّصريح 1/331، والأشمونيّ 2/116، 117. 4 هذا بيتٌ من الوافر، وهو لجرير، من قصيدة قالها في هجاء خالد بن يزيد الكِنديّ. و (شُعَبَى) : اسم موضع؛ أو المراد: جبال متشعّبة. و (ألؤمًا) : اللؤم: الخِسّة والدَّناءة. و (اغترابًا) : بُعْدًا عن الوطن. والمعنى: يهجو جريرُ خالدَ بن يزيد الكِنديّ قائلاً له: "يا عبدًا نزل شُعَبى بعيدًا عن وطنه أتفخر وقد جمعت - لا أبا لك - بين الدّناءة والخِسّة، والاغتراب عن الأهل والأوطان؟ ". والشّاهد فيه: (ألؤمًا، واغترابًا) حيث جاء المصدران بدلاً من اللّفظ بالفعل، بمعنى: أتلؤم لومًا، وتغترب اغترابًا؟؛ وهو من قبيل الطّلب الّذي هو استفهامٌ على قصد التّوبيخ. يُنظر هذا البيت في: الكتاب 1/339، وتحصيل عين الذّهب 216، وابن النّاظم 268، وأوضح المسالك 2/40، والمقاصد النّحويّة 3/49، 4/506، والتّصريح 1/331، والأشمونيّ 2/118، والخزانة 2/183، والدّيوان 2/650. 5 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 353 و [منه: قولهم] 1 عند ظهور ما يُعْجِبُ: (عَجَبًا) ، وعند خطاب مغضوبٍ عليه: (لا أفعل ذلك ولا كَيْدًا ولا كَراَمَةً ولاَ هَمًَّا) 2. وَمِنْهُ3: قَدْ جَاءَ الأَمِيرُ رَكْضَا ... وَاشْتَمَلَ الصَّمَّاءَ إِذْ تَوَضَّا وقد اُخْتُلِفَ في المصدر الواقع موقع الحال، كقولك: (أَقْبَلَ الأَمِيرُ رَكْضًا) و (جَاءَ زَيْدٌ مَشْيًا) . فمنهم4 مَنْ قال: الوجه نصبهما ونظائرهما5 على الحال، والتّقدير: أقبل الأمير راكضًا.   1 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 2 هذه المصادر منصوبة بأفعال محذوفة وُجوبًا؛ لكونهم جعلوا المصدر بدلاً من اللّفظ بذلك الفعل، استغناءً بالمصدر عنها؛ وهذا الفعل واقعٌ في الخبر، في مصادر مسموعة كَثُرَ استعمالها ودلّت القرائنُ على عاملها. يُنظر: الكتاب 1/318، 319، وابن النّاظم 269، وشرح المفصّل1/114، وأوضح المسالك 2/41، والتّصريح 1/331، 332. 3 في شرح الملحة 181: وَمِثْلُهُ: قَدْ جَاءَ الأَمِيرُ. 4 هذا رأي سيبويه، حيث قال في الكتاب ما نصّه 1/370، 371: "هذا باب ما ينتصب من المصادر؛ لأنّه حالٌ وقع فيه الأمرُ، فانتصب؛ لأنّه موقوعٌ فيه الأمر، وذلك قولُك: قَتلتُهَ صَبْرًا، ولقيتُه فجاءة ومُفاجأةً، وكفاحًا ومكافحةً، ولقيتُه عيانًا، وكلّمته مشافهةً، وأتيتُه ركضًا وعَدْوًا ومشيًا، وأخذت ذلك عنه سَمْعًا وسَماعًا. وليس كلُّ مصدر وإنْ كان في القياس مثل ما مضى من هذا الباب يوضع هذا الموضع؛ لأنّ المصدر ههنا في موضع فاعلٍ إذا كان حالاً. ألا ترى أنّه لا يحسُن: أتانا سُرْعة ولا أتانا رُجْلةً، كما أنّه ليس كلُّ مصدر يستعمل في باب سَقْيًا وحَمْدًا. واطّرد في هذا الباب الّذي قبله؛ لأنّ المصادر هُناك ليس في موضع فَاعِلٍ". وإليه ذهب الجمهور. 5 في ب: نظائرها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 354 وقال بعضُهم1: بل ينتصبان2انتصاب المصدر المحذوف فِعله، والتّقدير: يركض ركضًا. وقولهم لمن يجلّل جسده بثوبٍ: (اشتمل الصَّمَّاء) 3، وللقاعد المحتبي بيديه: (قَعَد القُرْفُصَاء) 4، وللسّائر مُسْرعًا: (سار الجَمَزَى) 5،   1 هذا رأي الأخفش والمبرّد. والعامِل فيه محذوف، والتّقدير في نحو: (طلع زيد بغتة) طلع زيدٌ يبغت بغتةً؛ فـ (يبغُت) عندهما هو الحال، لا (بغتة) . وذهب الكوفيّون إلى أنّه منصوبٌ على المصدريّة، كما ذَهَبا إليه؛ ولكنّ النّاصب له عندهم الفعل المذكور (طَلَعَ) لتأويله بفعل من لفظ المصدر؛ والتّقدير في قولك: (زيدٌ طلع بغتةً) زيدٌ بغت بغتةً؛ فيؤوّلون (طلع) بـ (بغت) ، وينصبون به (بغتة) . وفي المسألة أقوالٌ أخرى؛ يُنظر: المقتضب 3/236، والتّبصرة 1/299، 300، والمقتصد 1/677، وشرح المفصّل 2/62، وأوضح المسالك 2/81، والمساعِد 2/13، وابن عقيل 1/574، والتّصريح 1/374، والهمع 4/15، والأشمونيّ 2/172، 173. 2 في ب: بنصبان. 3 هذا تفسيرٌ للاشتمال عامّة، وهو أن يدير ثوبه على جسده كلّه حتى لا تَخرج منه يده. واشتمال الصّمّاء: أنْ يجلّل جسده بثوبه، نحو شِمْلةِ الأعراب بأَكْسيَتِهم، وهو أنْ يُردّ الكِساء من قِبَلِ يمينه على يده اليُسرى وعاتقه الأيسر، ثم يَرُدّه ثانيةً من خلفه على يده اليمنى وعاتقه الأيمن فيُغَطِّيَهما جميعًا. اللّسان (صمّم) 12/346، (شمل) 11/368. 4 القُرْفُصَاء: وهو أنْ يجلس على أَلْيَتَيْه ويُلْصِقَ فخذيه ببطنه، ويَحْتَبي بيديه، يضعهُما على ساقيه. أو: يجلس على ركبتيه مُنكبًّا، ويُلْصِقَ بطنه بفخذيه، ويتأبّط كَفّيه. اللّسان (قرفص) 7/71، 72. 5 الجَمْزُ: ضَرْبٌ من السَّيْر أَشَدُّ من العَنَقِ. وقد جَمَزَ الإنسانُ والبعيرُ والدّابّة يَجْمِزُ جَمْزًا. يُنظر: الصّحاح (جمز) 3/869، واللّسان (جمز) 5/323. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 355 وللرّاجع مُكْرَهًا: (رجع القَهْقَرَى) 1؛ فانتصاب هذا وما أشبهه على المصدر الّذي تدلّ عليه هيئة الفاعل، وتقديره: اشتمل الاشتمال المعروف بالصَّمَّاء2.   1 القَهْقَرَى: ضرْبٌ من الرُّجوع إلى الخلف؛ وهو: المشي إلى خَلْف من غير أنْ يعيد وجهه إلى جهة مشيه. اللّسان (قهر) 5/121. 2 كأنّه يُشير إلى ما يراه المبرّد من كونها صفات وُصفت بها المصادر، ثم حذفت موصوفاتها. يُنظر: الكتاب 1/35، والأصول 1/160، وشرح المفصّل 1/112. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 356 فَصْلٌ: المصدر يعمل عمل فعله1؛ فيرفع الفاعل، وينصب المفعول، بشرط أن يُقْصَد به قصد فعله من الحدوث والنّسبة2. [55/أ] فَيُقَدَّرُ بـ (أن) والفعل إنْ كان ماضيًا أو مستقبَلاً؛ وبـ (ما) والفعل إنْ كان حالاً3. وأكثر ما يعمل مضافًا4، كقولك: (أعجَبني ضَرْبُ زَيْدٍ عَمْرًا) ؛   1 لأنّه أصلٌ والفعل فرعه، فلم يتقيّد عمله بزمان دون زمان بل يعمل عمل الماضي والحاضر والمستقبل؛ لأنّه أصل لكلّ واحد منها. شرح التّسهيل 3/106. 2 يُنظر: ابن النّاظم 416. 3 يعمل المصدر عمل الفعل في موضعين؛ ذكر الشّارح - رحمه الله - أحدهما، والآخَر: أنْ يكون بدلاً من اللّفظ بفعله، نحو: (ضربًا زيدًا) ؛ فـ (زيدًا) نُصِبَ بالمصدر لا بالفعل المحذوف على الأصحّ؛ والمصدر بدلٌ من الفعل. وهذه شروطٌ وُجوديّة، وبقي من شروط إعمال المصدر شروطه العدميّة؛ ومنها: 1- أن لا يكون مصغّرًا؛ فلا يجوز: (أعجبني ضريبك زيدًا) . 2- ولا مضمَرا؛ فلا يجوز: (ضربي زيدًا حسن وهو عمرو قبيح) خلافًا للكوفيّين. 3- ولا محدودًا؛ فلا يجوز: (أعجبني ضربتك زيدًا) . 4- ولا موصوفًا قبل العمل؛ فلا يجوز: (أعجبني ضربك الشّديد زيدًا) . 5- ولا مثنّى ولا مجموعًا؛ فلا يجوز: (عجبت من ضَرْبَيْك زيدًا) . يُنظر: شرح التّسهيل 3/106، 107، وابن النّاظم 416، وابن عقيل 2/88، والتّصريح 2/62، والهمع 5/67، والأشمونيّ 2/285، 286. 4 إعماله مضافًا أكثر من إعماله منوّنًا؛ لأنّ الإضافة تجعل المضاف إليه كجزء من المضاف، كما يجعل الإسنادُ الفاعلَ كجزء من الفعل، ويجعل المضاف كالفعل في عدم قبول التّنوين والألف واللاّم؛ فقويت بها مناسبة المصدر للفعل. يُنظر: شرح التّسهيل 3/115. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 357 ومنوّنًا، كقولك: (عجبتُ من ضَرْبٍ زيدٌ عمرًا) تريد من أن ضَرَبَ زيدٌ عَمْرًا؛ ومنه قولُه تعالى: {أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيْمًا} 1، ومنه قولُ الشّاعر: بِضَرْبٍ2 بِالسّيُوفِ رُؤُوسَ قَوْمٍ ... أَزَلْنَا هَامَهُنَّ عَنِ الْمَقِيْلِ3 وقد يعمل مع الألِف واللاّم4، كقول الشّاعر:   1 الآية: 14؛ ومن الآية: 15 من سورة البلد. 2 في أ: فضرب، وهو تحريف. 3 هذا بيتٌ من الوافر، وهو للمَرَّار بن مُنْقذ التّميميّ. و (الهام) : جمع هامة، وهي الرّأس كلها. و (المقيل) : موضع القيلولة، وهي نوم نصف النّهار - هذا في الأصل -، وهو مستعارٌ هنا للأعناق؛ لأنّها مكان استقرار الرّؤوس وسكونها. والمعنى: أزلنا رؤوس أعدائنا عن مواضع استقرارها، فضربنا بالسّيوف رؤوسهم. والشّاهد فيه: (بِضَربٍ.. رؤوسَ) حيث أعمل المصدر المنوّن (ضربٍ) عمل فعله، فنصب به مفعولاً به - وهو (رؤوس) -. يُنظر هذا البيت في: الكتاب 1/116، 190، والمحتسب 1/219، وتحصيل عين الذّهب 158، وشرح المفصّل 6/61، وشرح التّسهيل 3/129، وابن النّاظم417، وابن عقيل 2/89، والمقاصد النّحويّة 3/499، والأشمونيّ 2/284. 4 وهو أقلّ من إعماله منوّنًا؛ لأن فيه شبهاً بالفعل المؤكّد بالنّون الخفيفة، وإعماله منوّناً أقيس. ينظر: شرح التّسهيل 3/115، وابن الناظم 417، وأوضح المسالك 2/241. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 358 ضَعِيفُ النِّكَايَةِ أَعْدَاءَهُ ... يَخَالُ الْفِرَارَ1 يُرَاخِي2 الأَجَلْ3 وإذا كان مضافًا4 جاز أنْ يضاف إلى الفاعل، فيجرّه، ثم ينصب المفعول، نحو: (بَلَغني تَطْليقُ زَيْدٍ هِنْدًا) .   1 في أ: بحال الفوار، وفي ب: يحال الفرار وكلتاهما محرّفة، والصّواب ما هو مثبت. 2 في أ: تراخي، وهو تصحيف. 3 هذا بيتٌ من المتقارِب، ولم أقف على قائله. و (النِّكاية) : التأثير في العدوّ. و (يخال) : يظنّ. و (يراخي) : يؤجّل. والمعنى: إنّ هذا الرّجل ضعيف الكيد، ولا يستطيع التّأثير في عدوّه، وجبان عن الثّبات في مواطن القتال، ولكنّه يلجأ إلى الهروب، ويظنّه مُؤخِّرًا لأجله. والشّاهد فيه: (ضعيف النّكاية أعداءه) حيث عمل المصدر المحلّى بـ (أل) - وهو (النّكاية) - عمل الفعل، فنصب (أعداءه) مفعولاً به. يُنظر هذا البيت في: الكتاب 1/192، والمنصف 3/71، وشرح المفصّل 6/59، 64، والمقرّب 1/131، وابن النّاظم 417، وأوضح المسالك 2/241، وابن عقيل 2/90، والتّصريح 2/63، والخزانة 8/127. 4 للمصدر المضاف خمسة أحوال؛ ذكر الشّارح منها حالتين؛ والثّالثة: أنْ يضاف إلى الفاعل ثم لا يذكر المفعول، نحو: {وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيم} [التّوبة: 114] ؛ والرّابعة: أنْ يُضاف إلى المفعول ثم لا يذكر الفاعل، نحو {لاَ يَسْأَمُ الإِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ} [فصّلت: 49] ؛ والخامسة: أنْ يضاف إلى الظّرف ثمّ يرفع الفاعل، وينصب المفعول، نحو: (عجبتُ من ضرب اليومِ زيدٌ عمرًا) . يُنظر: شرح التّسهيل 3/118، وابن النّاظم 419، وأوضح المسالك 2/244، وابن عقيل 2/96، والتّصريح 2/64، والأشمونيّ 2/289. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 359 ويجوز إضافة المصدر إلى المفعول1، كقول الشّاعر: تَنْفِي يَدَاهَا الْحَصَى فِي كُلِّ هَاجِرَةٍ ... نَفْيَ الدَّرَاهِمِ تَنْقَادُ2 الصَّيَارِيفِ3   1 في كلتا النّسختين: ويجوز إضافة المفعول إلى المصدر، وهو سهوٌ من النُّسّاخ، والصّواب ما هو مثبَت. 2 في أ: نقَّاد. 3 هذا بيتٌ من البسيط، وهو للفرزدق، يصف ناقة بسرعة السّير في الهواجِر. والهاجرة: نصف النّهار عند اشتداد الحرّ. والمعنى: إنّ هذه النّاقة تدفع يداها الحصى عن الأرض في وقت الظّهيرة واشتداد الحرّ؛ كما يدفع الصّيرفيّ النّاقد الدّراهم؛ وكنّى بذلك كلّه عن صلابتها، وسرعة سيرها. والشّاهد فيه: (نفي الدّراهم تنقاد) حيث أضيف المصدر (نفي) إلى مفعوله (الدّراهم) فجرّه ثم رفع الفاعل (تنقادُ) . يُنظر هذا البيتُ في: الكتاب 1/28، والمقتضب 2/258، والخصائص 2/315، وتحصيل عين الذّهب 62، وشرح المفصّل 6/106، وتخليص الشّواهد 169، وابن عقيل 2/96، والمقاصد النّحويّة 3/521، والتّصريح 2/371، والخزانة 4/424، 426، والدّيوان 570 - والرّواية في جميع هذه الكتب (الدّراهيم) بدل (الدّراهم) -. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 360 بَابُ الْمَفْعُولِ لَهُ - وَيُقَالُ: الْمَفْعُولُ مِنْ أَجْلِهِ: وَإِنْ جَرَى نُطْقُكَ بِا1 لْمَفْعُولِ لَهْ ... فَانْصِبْهُ بِالْفِعْلِ الَّذِي [قَدْ] 2 فَعَلَهْ وَهْوَ لَعَمْرِي مَصْدَرٌ فِي نَفْسِهِ ... لَكِنَّ جِنْسَ الْفِعْلِ غَيْرُ جِنْسِهِ وَغَالِبُ الأَحْوَالِ أَنْ تَرَاهُ ... جَوَابَ: لِمْ فَعَلْتَ مَا تَهْوَاهُ تَقُولُ: قَدْ زُرْتُكَ خَوْفَ الشَّرِّ ... وَغُصْتُ فِي الْبَحْرِ ابْتِغَاءَ الدُّرِّ [55/ب] المفعول له: يُنْصَبُ3؛ وهو: المصدر المذكور عِلّةً لحدَثٍ شاركه في الزّمان، والفاعل. وشَرائِطُهُ: أنْ يكون مصدرًا4، من غير جنس فعله، جواب   1 في متن الملحة 23: فِي الْمَفْعُولِ لَهُ. (قد) ساقطة من ب. 3 اختلف العلماء في ناصب المفعول له. فذهب جمهور البصريّين إلى أنّ ناصبه الفعل على تقدير لام العلّة. وخالفهم الزّجّاج والكوفيّون فزعموا أنّه مفعولٌ مطلَق؛ ثم اختلفوا، فقال الزّجّاج: "ناصبه فعل مقدَّر من لفظه"، ففي نحو: (جئتك إكرامًا) ، تقدير الفعل: جئتك أكرمك إكرامًا. وقال الكوفيّون: ناصبه الفعل المتقدِّم عليه؛ لأنّه ملاقٍ له في المعنى، وإنْ خالفه في الاشتقاق، مثل: (قعدت جلوسًا) . تُنظر هذه المسألة في: الكتاب 1/369، وأسرار العربيّة 186، وشرح المفصّل 2/52، وشرح الرّضيّ 1/192، وشرح ألفيّة ابن معطٍ 1/582، والارتشاف 2/221، والتّصريح 1/337، والهمع 3/133، والصّبّان 2/122. 4 هذا رأي الجمهور؛ وأجاز يونس: (أمّا العبيدَ فذو عبيد) بالنّصب، بمعنى: مهما يذكر شخص لأجل العبيد فالمذكور ذو عبيد؛ واقتضى كلامه: أنّ العبيد مفعول له، مع كونه غير مصدر. وقد أنكره سيبويه وقبّحه، وقال: "وزعم يونس أنّ قومًا من العرب يقولون: أمّا العبيدَ فذو عبيدٍ، وأمّا العبدَ فذو عبدٍ، يُجرونه مجرى المصدر سواءً. وهو قليلٌ خبيث". الكتاب 1/389. وأوّله الزّجّاج بتقدير: التّملّك؛ ليصير إلى معنى المصدر، كأنّه قيل: أمّا تملّك العبيد، أي: مهما تذكره من أجل تملّك العبيد. يُنظر: الكتاب 1/389، والارتشاف 2/221، وأوضح المسالك 2/44، والتّصريح 1/334، والهمع 3/131، والأشمونيّ 2/122. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 361 (لِمَ1 فَعَلْتَ) ، كقولك: (جِئْتُ رَغْبَةً فِيكَ) ، فـ (رَغْبَةً) مفعولٌ له؛ لأنّه مصدر مُعَلَّلٌ به المجيء، وزمانهما، وفاعلهما واحد2. فإن لم يستوف3 الشّروط فلا بُدَّ من جرّه4بلام التّعليل5،   1 في أ: لمه. 2 هُناك شروطٌ أُخرى ذكرها العلماء؛ منها: 1- أنْ يكون فعله محذوفًا. 2- أنْ يكون معه فعل قد حذف مصدره. 3- أنْ يكون قلبيًّا؛ فلا يجوز (جئتك قراءةً للعلم) ، ولا (قَتْلاً للكافر) . 4- أنْ يكون مُقدّرًا بلام الغرض، أو تكون معه ظاهرة. يُنظر: كشف المشكِل 1/441، وشرح المفصّل 2/53، وشرح ألفيّة ابن معطٍ 1/583، وشرح الكافية الشّافية 2/671، وأوضح المسالك 2/43، وابن عقيل 1/520، والهمع 3/131، والأشمونيّ 2/122. 3 في ب: تستوف، وهو تصحيف. 4 في أ: جَزْمٍ، وهو تحريف. 5 يُنظر: شرح الكافية الشّافية 2/671، وابن النّاظم 271، وأوضح المسالك 2/44، وابن عقيل 1/521، والأشمونيّ 2/124. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 362 أو1 ما يقوم مقامها2؛ وذلك ما كان غير مصدرٍ، كقولك: (جِئْتُ للعشب3 والماءِ) ، أو مصدرًا مُخالفًا للمعلَّل4 في الزّمان، نحو: (تأهّبتُ5 أمس للسّفر اليوم) ، أو في الفاعل، نحو: (جِئْتُ لأَمْرِكَ إِيَّاي) . ويأتي مُعَرّفًا باللاّم، أو مضافًا، [أو] 6 مجرّدًا من التّعريف باللاّم والإضافة7.   1 في كلتا النّسختين: وما يقوم، والتصويب من ابن النّاظم. 2 في ب: مقامهما. والّذي يقوم مقام اللاّم هو: (من) و (في) و (الباء) و (الكاف) . يُنظر: شرح الكافية الشّافية 2/672، وشرح عمدة الحافظ 1/396، وابن النّاظم 271، وابن عقيل 1/521، والهمع 3/134، والصّبّان 2/124. 3 في أ: للغيث. 4 في ب: للتّعليل. 5 في أ: تأهّب. (أو) ساقطة من أ. 7 في أ: وبالإضافة. وهذا مذهب سيبويه والجمهور. وذهب الجرميّ، والرّياشيّ، والمبرّد إلى أنّ شرطه أنْ يكون نكرة، وأنّ (أَلْ) فيه زائدة، وإضافته غير محضة. يُنظر: الكتاب 1/370، وشرح المفصّل 2/54، والارتشاف 2/224، والأشمونيّ 2/125. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 363 وقد جمع العجّاج بين المعرّفين والمجرّد في رجزه حيث قال1: يَرْكَبُ كُلَّ عَاقِرٍ2 جُمْهُورِ مَخَافَةً وَزَعَلَ3 الْمَحْبُورِ وَالْهَوْلَ مِنْ تَهَوُّلِ4 الهُبُورِ5   1 في ب: يقول. 2 في أ: عاقل، وهو تحريف. 3 في ب: وزغل، وهو تصحيف. 4 في أ: تَهَوّر، وهو تحريف. 5 في أ: الهيور، وهو تصحيف. وهذه الأبيات يصف الشاعر فيها ثورًا وحشيًّا، فيقول: يركب لِنشاطه وقوّته كُلّ عاقرٍ من الرّمل - وهو الّذي لا يُنْبِتُ. و (الجمهور) : المُتراكِبُ؛ لخوفه من صائدٍ أو سَبُعٍ، أو لزَعَله وسُروره؛ و (الزّعل) : النّشاط. و (المحبور) : المسرور. و (التّهوُّل) : أن يعظم الشيء في نفسك حتى يهُولك أمره. و (الهبور) : جمع هَبْر؛ وهو ما اطمأنّ من الأرض وما حوله مرتفع؛ فلأنّها مكمن للصّائد فهو يخافها فيعدل عنها إلى كلّ عاقر. والشّاهد فيه: (مخافةً، وزعل، والهول) حيث جمع بين النّكرة - مخافة -، والمعرّف بالإضافة - زعل المحبور -، والمعرّف باللاّم - الهول - ونصبها على المفعول له. يُنظر هذا البيتُ في: الكتاب 1/369، وتحصيل عين الذّهب 229، وأسرار العربيّة 178، وشرح المفصّل 2/54، وشرح الرّضيّ 1/193، وشرح ألفيّة ابن معطٍ 1/585، والخزانة 3/114، 116، والدّيوان 233، 234. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 365 باب المفعول له ويقال: المفعول من أجله ... فالمجرَّد الأكثر فيه النّصب، [نحو: (ضَربته تأديبًا) ] 1؛ وقد يجرّ فيُقال: (ضربته لتّأديب) . والمعرّف باللاّم الأكثر فيه الجرّ، كقولك: (جئت للطَّمع في برّك) 2؛ وقد يُنصب فيقال: (جئتك الطَّمَع) ، ومنه قولُ الشّاعر: لاَ أَقْعُدُ الْجُبْنَ عَنِ الْهَيْجَاءِ ... وَلَوْ تَوَالَتْ زُمَرُ الأَعْدَاءِ3 [56/أ] ويجوز تقديم المفعول له على العامل4 فيه، كقولك: (مخافة الشّرّ [جئتك5) . والمضاف جائز جرّه، كقولك: (فعلته لمخافة الشّرّ] 6؛ والنّصب أشهر7.   1 ما بين المعقوفين ساقط من أ. 2 في ب: ترك، وهو تصحيف. 3 هذا بيتٌ من الرّجز، ولم أقف على قائله. و (لا أقعد الجبن) : لا أقعد لأجله، و (الجبن) : الخوف. و (الهيجاء) : الحَرْب. (ولو توالت) أي: تتابَعتْ. و (زمر الأعداء) : جماعاتهم. والشّاهد فيه: (لا أقعد الجبن) حيث جاء المفعول له (الجبن) مقترنًا بـ (أل) ونصب؛ وهذا قليل. يُنظر هذا البيتُ في: شرح عمدة الحافظ 1/398، وشرح التّسهيل 2/198، وضمّنه ابن مالك في الخُلاصة وفي الكافية الشّافية 2/672، وأوضح المسالك 2/46، وابن عقيل 1/522، والمقاصد النّحويّة 3/67، والتّصريح 1/336، والهمع 3/134، والأشمونيّ 2/125، والدّرر 3/79. 4 في ب: الفاعل، وهو تحريف. 5 ومنعَ ذلك قومٌ ـ منهم ثعلب ـ؛ والسَّماع يردّ عليهم. يُنظر: الارتشاف 2/ 224، والهمع 3/135. 6 ما بين المعقوفين ساقط من ب. 7 الّذي عليه الجمهور أنّ المضاف يجوز فيه الأمران على السّواء. يُنظر: شرح عمدة الحافظ 1/399، وابن النّاظم 272، والارتشاف 2/224، وابن عقيل 1/524، والهمع 3/135، والأشمونيّ 2/125. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 264 بَابُ الْمَفْعُولِ مَعَهُ: وَإِنْ أَقَمْتَ الْوَاوَ فِي الْكَلاَمِ ... مُقَامَ مَعْ فَانْصِبْ بِلاَ مَلاَمِ تَقُولُ: جَاءَ الْبَرْدُ وَالْجِبَابَا1 ... وَاسْتَوَتِ الْمِيَاهُ وَالأَخْشَابَا وَمَا فَعَلْتَ2 يَا فَتَى وَسَعْدَا3 ... فَقِسْ عَلَى هَذَا4 تُصَادِفْ رُشْدَا المفعول معه5، قال الزّمخشريّ6: "هو المنصوب بعد الواو الكائنةِ بمعنى مع". وهو من جملة الفضلات.   1 الجِبَابُ: تلقيح النّخل. وجَبَّ النَّخْلَ: لقَّحَه؛ وزَمَنُ الجِباب: زمنُ التَّلْقِيح للنّخل. والجَبَابُ: القَحْطُ الشّديد. اللّسان (جبب) 1/249، 252. 2 في متن الملحة 24، وشرح الملحة 186: وَمَا صَنَعْتَ. 3 في ب: وتسعد. 4 في أ: هذي. 5 في أ: قال الزّمخشريّ المفعول معه. ففي الكلام تقديم وتأخير. 6 المفصّل 56. الزمخشري هو: محمود بن عمر، أبو القاسم، جار الله: إمامٌ في اللّغة، والنّحو، والأدب؛ وكان واسع العلم، كثير الفضل، غايةً في الذّكاء، وجَودة القريحة، متفنّنًّا في كلّ علم، معتزليًّا؛ ومن مصنّفاته: الكشّاف، والفائق في غريب الحديث، والمفصّل، والأنموذج؛ توفّي سنة (538هـ) . يُنظر: نزهة الألبّاء 290، وإنباهُ الرّواة 3/265، وإشارة التّعيين 345، والبُلغة 220، وبُغية الوعاة 2/279. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 367 والعامل فيه النّصب؛ الفعلُ الّذي قبله بواسطة الواو1، وليس من المفاعيل ما يُنْصَبُ بواسطةٍ إلاَّ المفعول معه، ويجري مجراه الاستثناء. ولا يجوز حذف الواو من هذا كما جاز حذف [56/ب] اللاّم من المفعول له2؛ ولا أن يتقدّم على النّاصب له، كما جاز تقديم3 المفعول له على ناصبه4. والنّاصبُ له: ما يتقدَّمُ عليه من فعلٍ ظاهرٍ أو مُقدَّرٍ، أو مِن اسمٍ يشبه الفعل؛ مثال الظّاهر: (استوى الماءُ والخشبَةَ) ، ومثال المقدّر5: (كيف أنتَ وقَصْعَةً من ثريدٍ؟) تقديره: كيف تكونُ6؛ ومثال الاسم   1 وهذا مذهب الجمهور؛ وقال الأخفش: "ينتصب انتصاب الظّرف، كما ينتصب مع"، وذهب الزّجّاج إلى أنّه منصوب بتقدير عامل؛ وذهب الكوفيّون إلى أنّه منصوب على الخلاف؛ وقيل: إنّ عامل النّصب في المفعول معه الواو نفسها. تُنظر هذه المسألة في: الكتاب 1/297، والإنصاف، المسألة الثّلاثون، 1/248، والتّبيين، المسألة الحادية والسّتّون، 379، وشرح الرّضيّ 1/195، والجنى الدّاني 155، والارتشاف 2/286، والتّصريح 1/343، والهمع 3/237. 2 لأنّه يعمل فيه الفعل الّذي لا يتعدّى؛ فلا بدّ من توسّط حرف يُبيّن تعلّق الفعل بما بعده. يُنظر: التّبصرة 1/256. 3 في ب: تقدّم. 4 قيل: لأنّ الأصل في الواو العطفُ، وجُعلت هنا اتّساعًا؛ لقُرب المعنى وتساويه، فلم يقدِّموا محافظة على الأصل. يُنظر: الخصائص 2/383، والملخّص 381، والتّصريح 1/344، والهمع 3/241. 5 في أ: ومن المقدّر. 6 في كلتا النّسختين: يكون، والتصويب من ابن النّاظم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 368 المشبه للفعل: (حسبك وزيدًا درهمٌ) ، ومن ذلك قولُ الشّاعر: إِذَا كَانَتِ الْهَيْجَاءُ وَانْشَقَّتِ الْعَصَا ... فَحَسْبُكَ وَالضَّحَّاكَ سَيْفٌ مُهَنَّدُ1 أي: كافيك. ومن أمثلته: (جَاءَ البَرْدُ وَالطَّيالِسَةَ) و (ما زلت أَسيرُ والنِّيلَ) و (لو تُرِكَت النَّاقةُ وفَصِيلَهَا لَرَضعَها) ؛ والتّقدير: جاء البرد مصاحبًا للطّيالسة2،   1 هذا بيتٌ من الطّويل، وقد نسبه القَالي في ذيل الأمالي إلى جرير، ولم أجده في ديوانه. وهو بلا نسبة في جميع المصادر الّتي ذكرته غير الذّيل. و (الهيجاء) : الحرب. و (العصا) هُنا: الجماعة، كنّى بانشقاق العصا عن التّفرُّق. والمعنى: كافيك سيفٌ مع صحبة الضّحّاك، وحضوره - أي: حضور هذا السّيف المُغْني عن سواه -؛ فالقصد الإخبار بأنَّ الضّحّاك نفسه هو السّيف الكافي، لا الإخبار بأنّ المخاطب يكفيه ويكفي الضّحّاك سيف. والشّاهد فيه: (والضّحّاك) حيث نصب الضّحّاك؛ لامتناع حمله على الضّمير المخفوض، وكان معناه: يكفيك ويكفي الضّحّاك. والجرّ بالعطف، وقيل: بإضمار (حسب) أخرى؛ والرّفع بتقدير (حسب) فحذفت وخلفها المضاف إليه. وذكر ابن هشام في المغني أنّ البيت يروى بالأوجه الثّلاثة: فالنّصب على أنّه مفعولٌ معه، أو مفعول به بإضمار (يحسب) ؛ يُنظر هذا البيت في: معاني القرآن للفرّاء 1/417، والأصول 2/37، والأمالي 2/262، وذيلها 140، والتّبصرة 1/263، وشرح المفصّل 2/51، وإيضاح شواهد الإيضاح 1/559، وشرح عمدة الحافظ 2/667، والمغني 731، والأشمونيّ 2/136. 2 في أ: الطّيالسة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 369 وما زلت أسير مصاحبًا النّيل، ولو خليت النّاقة لرضعها الفصيل. والفرق بين هذه الواو وواو العطف: أنّ هذه الواو تؤذن بتمكُّن المصاحبة فقط، والواو الّتي1 بمعنى العطف توجِب الشّركة في المعنى؛ فإنْ كان الأوّل على معنى الفاعل فالثّاني على معنى الفاعل؛ والواو الّتي بمعنى (مَعْ) ليست كذلك، إذ الأوّل فاعل والثّاني مفعول؛ فظهر بينهما الفرق. وقد يأتي2 ما بعد الواو مرفوعًا، في قولهم: (كيف أنت وقصعةٌ [من] 3 ثريد) [57/أ] و (ما أنت وزيدٌ) برفع4 ما بعد (الواو) على أنّها عاطفة على ما قبلها. ومن ذلك قولُ الشّاعر: يَا زِبْرِقَانُ أَخَا بَنِي خَلَفٍ ... مَا أَنْتَ وَيْبَ أَبِيْكَ وَالْفَخْرُ5   1 في ب: الّذي. 2 في ب: تأتي، وهو تصحيف. (من) ساقطة من ب. 4 الرّفع ههنا هو الوجه؛ لأنّه ليس معك فعل ينصب، ولا يمتنع عطفه على ما قبله؛ لأنّ الّذي قبله ضمير مرفوع منفصل، والضّمير المنفصل يجري مجرى الظّاهر؛ فيجوز العطف عليه؛ فلذلك كان الوجه الرّفع. وأجاز سيبويه النّصب بفعل مقدَّر، تقديره: (كيف تكون وقصعة من ثريد) و (ما كنت وزيدًا) . يُنظر: الكتاب 1/303، والتّبصرة 1/259، وشرح المفصّل 2/51. 5 هذا بيتٌ من الكامل، وهو للمُخَبَّل السّعديّ، يهجو ابن عمّه الأعلى الزّبرقان ابن بدر - وهو غير الزّبرقان بن بدر الفزاريّ -، ويُنسب للمُتَنَخِّل السّعديّ. يقال: يا أخا العرب؛ يُراد: يا واحدًا منهم. و (بنو خلف) : رهط الزِّبرقان بن بدر. (ويب أبيك) : تحقير له وتصغير. والشّاهد فيه: (الفخرُ) حيث رفعه عطفًا على (أنت) ، مع ما في الواو من معنى (مع) . ويمتنع النّصب إذْ ليس قبله فعل ينفذ إليه فينصبه. يُنظر هذا البيت في: الكتاب 1/299، والمؤتلف والمختلف 272، وتحصيل عين الذّهب 199، والتّبصرة 1/259، وشرح المفصّل 2/51، والهمع 5/281، والخزانة 6/91، والدّرر 6/167، والدّيوان 293. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 370 والأشهر النّصب1؛ فتجعل2الواو بمعنى (مَعَ) وما قبلها مرفوعًا بفعلٍ مضمَرٍ هو النّاصب لِمَا بعدها، تقديره: (ما تُلاَبِس وزيدًا) ، ومنه قولُ الشّاعر: وَمَا أَنَا وَالسَّيْرَ فِي مَتْلَفٍ ... يُبَرِّحُ بِالذَّكَرِ الضَّابِطِ 3   1 الّذي عليه الجمهور وسيبويه أنَّ الرّفع أشهر من النّصب؛ لأنّه لا إضمار فيه، والنّصب قليل؛ لتقديرك وجود ما ليس في اللّفظ. يُنظر: الكتاب 1/303، وشرح المفّصل 2/52، والهمع 3/242. 2 في أ: فتحلّ، وهو تحريف. 3 هذا بيتٌ من المتقارِب، وهو لأُسامة بن الحارث بن حبيب الهذليّ. و (المتلَف) : القفر الّذي يتلف فيه مَن سلكه. و (يبرح) : يجهد، مِن برح به الأمر تبريحًا: أجهده. و (الذّكر) : يقصد الذّكر من الإبل. و (الضّابط) : القويّ. والمعنى - كما قال العينيّ -: "يُنكر على نفسه السّفر في مثل هذا المتلَف الّذي تهلك الإبل فيه؛ وذلك لأنّ أصحابه كانوا سألوه أنْ يسافر معهم حين سافروا إلى الشّام فأبى وقال هذا الشّعر". المقاصد النّحويّة 3/98. والشّاهد فيه: (والسّير) حيث انتصب بالفعل المحذوف، أي: ما تصنع والسّير؛ ويجوز الرّفع على أنْ تكون الواو عاطفة. يُنظر هذا البيت في: الكتاب 1/303، وديوان الهذليّين 2/195، وشرح أشعار الهذليّين 3/1289، وتحصيل عين الذّهب 201، والتّبصرة 1/260، وشرح المفصّل 2/52، وشرح عمدة الحافظ 1/404، وابن النّاظم 282، والمقاصد النّحويّة 3/93. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 371 ومن أبيات الكتاب: فَكُونُوا أَنْتُمُ وَبَنِي أَبِيكُمْ ... مَكَانَ الكُلْيَتَيْنِ مِنَ الطِّحَالِ1 وأمّا ما روي من2 الاستشهاد لجواز3 تقديم المفعول معه على مصحوبه4؛ فهو خلافُ ما عليه الجمهور من المنع، ومنه قولُ الشَّاعر:   1 هذا بيتٌ من الوافر، ولم أقف على قائله. و (بني أبيكم) : أراد بهم الاخوة. والمعنى - كما قال العينيّ -: "كونوا أنتم مع إخوتكم متوافقين متّصلين اتّصال بعضكم ببعض كاتّصال الكُليتين وقربهما من الطّحال؛ وأراد الشّاعر بهذا الحثّ على الائتلاف والتّقارُب في المذهب، وضَرَبَ لهم مثلاً بقُرب الكليتين من الطّحال". المقاصد النّحويّة 3/102. والشّاهد فيه: (وبني أبيكم) حيث نصبه بالفعل الّذي قبله - فكونوا - بواسطة الواو. يُنظر هذا البيتُ في: الكتاب 1/298، والأصول 1/210، ومجالس ثعلب 1/103، وسرّ صناعة الإعراب 1/126، 2/640، والتّبصرة 1/258، وشرح المفصّل 2/48، 50، وأوضح المسالك 2/54، والمقاصد النّحويّة 3/103، والتّصريح 1/345، والهمع 3/244، والدّرر 3/154. 2 في ب: في. 3 في أ: نحوانّ، وهو تحريف. 4 الّذي أجاز تقديم المفعول معه على مصحوبه هو أبو الفتح ابن جنّي في الخصائص 2/383، واستدلّ بهذا البيت الّذي أورده الشّارح، وببيت آخر هو: أُكْنِيْهِ حِينَ أُنَادِيْهِ لأُكْرِمَهُ ... وَلاَ أُلقِّبُهُ وَالسَّوْأَةَ اللَّقَبَا وردّ عليه ابن مالكٍ في شرح الكافية الشّافية 2/698 حيث قال: "ولا حُجّة لابن جنّي في البيتين؛ لإمكان جعلِ الواوِ فيهما عاطِفةً قُدِّمت هي ومعطوفُها؛ وذلك في الأوّل ظاهر. وأمّا الثّاني فعلى أنْ يكون أصله: (ولا أُلَقِّبُهُ اللَّقَبَ وأَسُوءُ السَّوْأَةَ) ثم حُذِفَ ناصبُ (السّوأَةِ) ثم قُدِّمَ العاطفُ، ومعمولُ الفعلِ المحذوفِ". يُنظر: ابن النّاظم 280، والهمع 3/239، والأشمونيّ 2/137. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 372 جَمَعْتَ وَفُحْشًا غِيبَةً وَنَمِيمَةً ... خِصَالاً ثَلاَثًا لَسْتَ عَنْهَا بِمُرْعَوِى1 وهذا لإمكان2 جعل الواو عاطفةً قُدِّمت3 هي ومعطوفُهَا.   1 هذا بيتٌ من الطّويل، وهو ليزيد بن الحكم. (مرعوي) : منكفّ، يقال: ارعوى عن القبيح، أي: كفّ. والمعنى: جمعت القبح من أطرافه: الفحش، والغيبة، والنّميمة؛ وهي خصال الشّر، ولستَ بِمُنْتَهٍ عنها. والشّاهد فيه: (وفحشًا) حيث ذهب ابن جنّي إلى أنّ الواو في (وفحشًا) هي واو المعيّة، وأنّ الشّاعر قدّم المفعول معه على المعمول لمصاحبة المصاحب؛ وذهب الجمهور إلى أنّ الواو هذه هي واو العطف، وأنّ (فُحشًا) معطوف على (نميمة) ؛ لكنّ الشّاعر اضطّر إلى تقديم المعطوف على المعطوف عليه؛ والتّقدير: جمعتَ غيبةً ونميمةً وفُحشًا. يُنظر هذا البيتُ في: الخصائص 2/383، وأمالي ابن الشّجريّ 1/271، 275، وشرح عمدة الحافظ 2/637، وشرح الكافية الشّافية 2/696، وابن النّاظم280، والمقاصد النّحويّة 3/86، 262، والتّصريح 1/344، 2/137، والهمع 3/240، والأشمونيّ 2/137، والخزانة 3/130. 2 في ب: الإمكان. 3 في أ: قدو منتهى، وهو تحريف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 373 بَابُ الحَالِ: [57/ب] وَالْحَالُ وَالتَّمْيِيزُ مَنْصُوبَانِ ... عَلَى اخْتِلاَفِ الوَضْعِ وَالْمَبَانِي ثُمَّ كِلاَ النَّوْعَيْنِ جَاءَ فَضْلَهْ ... مُنَكَّرًا بَعْدَ تَمَامِ الجُمْلَهْ لَكِنْ إِذَا نَظَرْتَ فِي اسْمِ الحَالِ ... وَجَدْتَهُ اشْتُقَّ مِنَ الأَفْعَالِ ثُمَّ يُرَىَ1عِنْدَ اعْتِبَارِ مَنْ عَقَلْ ... جَوَابَ كَيْفَ فِي سُؤَالِ مَنْ سَأَلْ مِثَالُهُ: جَاءَ الأَمِيرُ رَاكِبًا ... وَقَامَ قُسٌّ فِي عُكَاظٍ خَاطِبًا وَمِنْهُ: مَنْ ذَا بِالْفِنَاءِ2قَاعِدَاً ... وَبِعْتُهُ بِدِرْهَمٍ فَصَاعِدَاً من المنصوبات الحال؛ وَهْوَ: وصفُ هيئةِ الفاعل، أو المفعول، أو هيئتهما معًا3. وشرطه4: أنْ يكون نكرة5، مشتقّة،   1 في متن الملحة 25: ثُمَّ تَرَى. 2 في متن الملحة 25: مَنْ ذَا فِي الفِنَاءِ. (معًا) ساقطةٌ من أ. ونحو: (جئت راكبًا) فـ (راكبًا) حالٌ مبيّنة لهيئة الفاعل؛ ونحو: (ضربته مشدودًا) فـ (مشدودًا) حالٌ مبيّنة لهيئة المفعول؛ ونحو (لقيته راكبين) فـ (راكبين) حالٌ مبيّنة لهما. 4 يُنظر في شروط الحال - أيضًا-: كشف المشكل 1/472، والفصول في العربيّة 24، والمقرّب 1/151. 5 هذا مذهب الجمهور؛ وأجاز يونس والبغداديّون تعريفه مطلَقًا بلا تأويل؛ فأجازوا (جاء زيد الرّاكب) . وفصّل الكوفيّون فقالوا: إنْ تضمّنت الحال معنى الشّرط صحّ تعريفها لفظًا؛ نحو: (عبد الله المحسِن أفضل منه المسيء) فـ (المحسن) و (المسيء) حالان؛ وصحّ مجيئهما بلفظ المعرفة لتأوّلهما بالشّرط؛ إذ التّقدير: (عبد الله إذا أحسن أفضل منه إذا أساء) ؛ فإن لم تتضمّن الحال معنى الشّرط لم يصحّ مجيئها بلفظ المعرفة؛ فلا يجوز (جاء زيد الرّاكب) إذْ لا يصحّ (جاء زيد إنْ ركب) . يُنظر: الهمع 4/18، والأشمونيّ 2/172. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 375 تأتي1 بعد معرفةٍ قد تَمَّ الكلام دُونها، مقدَّرةً بفي منتقلة2، صالحة أنْ تكون جوابًا لكيف3؛ كقولك: جاء زيد راكبًا فقد اجتمع فيها ما ذُكِر4، واستحقّت أنْ تكون نكرةً؛ لأنّها فضلةٌ جاءتْ بعد تمام الجملة [58/أ] كالمفعول به. وتشبه الظّرف من حيث إنّها مفعولٌ فيها، وتشبه التّمييز في البيان5. وقد تكون وصفًا ثابتًا6 إذا كانت [مؤكّدة، كقولك:   1 في ب: يأتي، وهو تصحيف. 2 في أ: منتقلة مقدّرة بفي. 3 في ب: جواب كيف. 4 في ب: ما ذكروا. 5 الحال يشبه التّمييز من وجهين: أحدهما: أنّه نكرة؛ كما أنّ التّمييز كذلك. والوجه الثّاني: أنّ فيه بيانًا وكشفًا للإبهام، كما أنّ التّمييز كذلك. المقتصد 1/675. 6 في كلتا النّسختين: ثانيًا، وهو تصحيف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 376 هذا أبوك عطوفًا1، وقد تكون جامدة إذا كانت] 2 في تأويل المشتقّ3،   1 وتكون وصفاً ثابتاً إن كان عاملها دالاً على تجدّد صاحبها، نحو: (خلق الله الزّرافة يديها أطولَ من رجليها) ، وكذلك في أمثلة مسموعة لا ضابط لها، نحو قوله تعالى: {قَائِمًا بِالْقِسْطِ} [آل عمران: 18] . يُنظر: ابن الناظم 312، وأوضح المسالك 2/79، والتّصريح 1/367، والأشمونيّ 2/170. 2 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 3 تأتي الحال جامدة مؤوّلة بالمشتقّ في أربعة مسائل: 1- أنْ تكون دالّة على سعر؛ نحو (بِعْهُ مُدًّا بدرهم) . 2- أنْ تكون دالّة على ترتيب؛ نحو: (ادخلوا رجُلاً رجُلا) . 3- أنْ تكون دالّة على مفاعلة؛ نحو: (بعته يَدًا بيد) . 4- أنْ تكون دالّة على تشبيه؛ نحو (كَرَّ زَيْدٌ أَسَدًا) . وتأتي الحال جامدة غير مؤوّلة بالمشتقّ في تسع حالات: 1- أنْ تكون الحال مقدّرًا قبلها مضاف؛ كقول بعض العرب: (وقع المصْطَرِعَان عِدْلَيْ عير) أي: مثل عدلي عير. 2- أنْ تكون الحال موصوفة؛ نحو: {قُرْآنًا عَرَبِيًّا} [يوسف: 2] . 3- أن تكون الحال دالّة على عدد؛ نحو: {فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً} [الأعراف: 142] . 4- أنْ تكون الحال دالّة على طَوْرٍ فيه تفصيل؛ نحو: (هذا بُسْرًا أطيبُ منه رُطَبًا) . 5- أنْ تكون الحال نوعًا من صاحبها؛ نحو: (هذا مالك ذهبًا) . 6- أنْ تكون الحال فرعًا لصاحبها؛ نحو: (هذا حديدك خاتمًا) . 7- أنْ تكون الحال أصلاً لصاحبها؛ نحو: (هذا خاتمك حديدًا) . 8- أنْ تكون الحال دالّة على تقسيم؛ نحو (أقسّم المال عليهم أثلاثًا أو أَخْماسًا) . 9- أنْ تكون الحال دالّة على تفصيل على غيره؛ نحو (أحمدُ طِفلاً أجلّ من عليٍّ كَهْلاً) . يُنظر: شرح التّسهيل 2/324، وشرح الكافية الشّافية 2/730، وابن النّاظم 313، 314، وأوضح المسالك 2/79، والتّصريح 1/369، والهمع 4/9. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 377 كقولك: هذا خاتَمُك حديدًا. وصاحب الحال لا يكون إلاَّ معرفةً غالبًا؛ [لأنّها] 1 وصاحبها خبرٌ ومخبرٌ عنه؛ فحقّها أنْ تدلّ على معروفٍ غير منكورٍ؛ كالخبر بالنّسبة إلى المبتدأ. والعامل فيها إمَّا فعلٌ، أو شبهُهُ من الصّفات2، أو معنى فعلٍ، كقولك: هذا زيدٌ قائمًا3؛ فالعامل [في الحال هو العامل] 4 في صاحبها حقيقة أو حكمًا؛ فلو قلتَ: هذا واقِفًا، لم يكن حالاً لكونه5لم يأت بعد تمام الكلام؛ وأمّا قولهم: هذا زيدٌ أَسدًا، فإنّها وإن لم تكن مشتقّةً فإنّها واقعة موقع المشتقّ؛ فأسدٌ ناب مَناب شِدَّةً6.   (لأنّها) ساقطة من أ. 2 نحو: اسم الفاعل، واسم المفعول، والصّفة المشبّهة باسم الفاعل، نحو قولك: (زيدٌ ضارب عمرًا قائمًا) فـ (قائم) حال من عمرو، والعامل فيه: اسم الفاعل. يُنظر: شرح المفصّل 2/57. 3 فـ (قائمًا) حال من (زيد) ، والعامل فيها ما في (هذا) من معنى أُشير، وليس بعاملٍ في زيد حقيقة بل حكمًا. ابن النّاظم 325. 4 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 5 في كلتا النّسختين: كونه؛ والسّياق يقتضي أن تكون لكونه. 6 في ب: الشّدة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 378 ويجوز تقديم الحال على العامِل، وتوسُّطُهَا إذا كان العامِل فِعْلاً متصرِّفًا، كقولك: جاء زيدٌ راكبًا وجاء راكبًا زيدٌ وراكبًا جاء زيدٌ، وليس كذلك المعنى1، بل ينقص عن رتبة الفعل، فتقول: هذا زيدٌ قائمًا وهذا قائمًا زيدٌ، والعامِل في الحال2 من هذا أحد شيئين: إمّا ما في ها من معنى التّنبيه3. أو ما في ذا من معنى الإشارة4. وفي هذه [58/ب] المسألة قولان5: أحدهما: أنَّ العامل أحد هذين. والآخر: العامل مجموعهما. فعلى القول الأوّل: يجوز ها قائمًا زيدٌ، ولا يجوز على القول الآخر. فإذا كان العامل ظرْفًا قد وقع خبرًا، كقولك: زيدٌ في الدّار قائمًا؛   1 يقصد بالمعنى: إذا كان الفعل جامدًا مضمّنًا معنى الفعل دون حروفه، مثل: اسم الإشارة، وحرف التّمنّي، أو التّشبيه. يُنظر: ابن النّاظم 328. 2 في أ: في هذا الحال. 3 فإذا أعملت التّنبيه فالتّقدير: انظر إليه منطلقًا، أو انتبه له منطلقًا. يُنظر: اللّباب 1/289، وشرح المفصّل 2/58، والهمع 4/30. 4 وإذا أعملت الإشارة فالتّقدير: أُشير إليه منطلِقًا. يُنظر: المصادر السّابقة. 5 يُنظر: شرح المفصّل 2/58، والهمع 4/36. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 379 ففي تقديمِهِ1 على الظّرف قولان2: أحدهما: أنّه لا يجوز زيدٌ قائمًا في الدّار لتقدُّمِهِ3 على العامل المعنويّ4؛ وهذا هو المذهب5. والأخفش6 يجيز ذلك، ويقول: تقدّمه على جُزءٍ واحدٍ كلا تقدُّمٍ؛ لأنّه بعد المبتدأ، والمبتدأ يُطالب بخبره وكأنّه في نيَّة التّقدّم. وقد وُجِدَ في كلام العرب مثل هذا، ولكن لا ينبغي أَنْ يقاس عليه؛ لأنَّ الظُّروفَ المضّمنة7 استقرارً بمنزلة الحروف في عدم التّصرُّف؛ فكما لا يجوز تقديم الحال على العامل [الحرفي، كذا لا يجوز تقديمها   1 في أ: في تقدّمه. 2 هُناك أقوالٌ أُخرى؛ وهي: الجواز إذا كانت من مضمر مرفوع، نحو: (أنت قائمًا في الدّار) ؛ والمنع إنْ كانت من ظاهرٍ؛ وعليه الكوفيّون. واختار ابن مالك أنّه إنْ كانت الحال اسمًا صريحًا ضعُف التوسّط، أو ظرفًا أو مجرورًا جاز التّوسُّط بقوّة. يُنظر: شرح التّسهيل 2/346، والارتشاف 2/355، والهمع 4/33، والأشمونيّ 2/181. 3 في ب: لتقديمه. 4 لعلّه أراد بالمعنويّ المقدّر؛ وهو متعلّق الجارّ والمجرور والظّرف. 5 أي: مذهب البصريّين. يُنظر: الارتشاف 2/355، والتّصريح 1/385، والهمع 4/33، والأشمونيّ 2/181. 6 وكذلك الفرّاء. يُنظر: اللّباب 1/290، والارتشاف 2/355، والتّصريح 1/385، والأشمونيّ 2/181. 7 في أ: المتضّمنة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 380 على العامل] 1 الظّرفي؛ فهذه المسألة على ثلاثةِ أمثلةٍ: زيد في الدّار قائمًا؛ جائز بلا خلاف، وقائمًا في الدّار زيدٌ؛ ممتنع بلا خلاف2، وزيد قائمًا في الدّار؛ يجوز ولا يجوز على الخلاف. وأمّا الحال المؤكّدة مضمون جُمْلةٍ 3: فما كان وصفًا ثابتًا، مذكورًا4 بعد جملة جامِدة الجزأين، مُعَرَّفَتيهما5 لتوكيد بيان6 تَعَيَّن،   1 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 2 وقيل: يجوز؛ وعليه الأخفش، حيث أجاز في قولهم: (فداءً لك أبي وأمّي) أنْ يكون (فداءً) منصوبًا على الحال، والعامل فيه (لك) . وأجاز ابن بَرْهان إذا كانت الحال ظرفًا أو مجرورًا، والعامل فيها ظرف أو مجرور التّقدّم، قال في قوله تعالى: {هُنَالِكَ الوَلاَيَةُ للهِ الحَقِّ} [الكهف: 44] {هُنَالِكَ} ظرف في موضع الحال، و {الوَلاَيَةُ} مبتدأ، والخبر {لله} وهو عامل في {هُنَالِكَ} الّتي هي الحال. يُنظر: اللّباب 1/290، وشرح اللّمع لابن برهان 1/136، وشرح الرّضيّ 2/25، والارتشاف 2/355، والهمع 4/32، والأشمونيّ 2/182. 3 الحال نوعان: مؤكّدة، وغير مؤكّدة. والمؤكّدة على ضربين: أحدهما: ما يؤكّد عامله. والثّاني: ما يؤكّد مضمون جملة. أمّا ما يؤكّد عامله فالغالب فيه أنْ يكون وصفًا موافقًا للعامل معنى لا لفظًا، كقوله تعالى: {وَلاَ تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِيْنَ} [البقرة: 60] . وقد يكون المؤكّد عامله موافقًا له معنى ولفظًا، كقوله تعالى: {وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً} [النّساء: 79] . يُنظر: ابن النّاظم 333، 334. 4 في أ: مذكَّرًا، وهو تحريف. 5 في أ: معرفتهما، وفي ب: معرفيهما؛ والتّصويب من ابن النّاظم. 6 في ب: فإن، وهو تحريف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 381 نحو: هو زيدٌ معلومًا، قال الشّاعر: أََنا ابْنُ دَارَةَ مَعْرُوفًا بِهَا نَسَبِي ... وَهَلْ بِدَارَةَ يَا لَلنَّاسِ مِنْ عَارِ؟ 1 [59/أ] أو فخر، نحو: أنا فُلان بطلاً شجاعًا؛ أو تعظيم، نحو: هو فلانٌ جليلاً مهيبًا؛ أو تحقير، نحو: [هو] 2 فلان مأخوذًا مقهورًا؛ أو تصاغر، نحو: أنا عبدك فقيرًا إليك؛ أو وعيد، نحو: أنا فلان متمكّنًا منك؛ أو غير ذلك كما هو في [زيد] 3 أبوك عطوفًا. والعامل في الحال4 من هذا النّوع مضمرٌ بعد الخبر، تقديره: أحقُّه   1 هذا بيتٌ من البسيط، وهو لسالم بن دَارة، من قصيدة يهجو بها بني فِزارة. و (دارة) : اسم أمّه؛ سُمّيت بذلك لجمالها تشبيهًا بدارة القمر. والمعنى: أنا ابن هذه المرأة، ونسبي معروف بها؛ وليس فيها من المعرّة ما يوجِبُ القدْح في النّسب، أو الطّعن في الشّرف. والشّاهد فيه: (معروفًا) فإنّه حال مؤكّدة لمضمون الجملة قبله. يُنظر هذا البيتُ في: الكتاب 2/79، والخصائص 2/268، 3/60، وأمالي ابن الشّجريّ 3/22، وشرح المفصّل 2/64، والملخّص 392، وشرح التّسهيل 2/357، وابن النّاظم 335، وشرح الشّذور 234، وابن عقيل 1/593،وشفاء العليل 2/539، والمقاصد النّحويّة 3/186، والهمع 4/40. 2 ما بين المعقوفين زيادة يقتضيها السّياق؛ ابن الناظم 336. 3 ما بين المعقوفين زيادة يقتضيها السّياق؛ ابن الناظم 336. 4 ذكر الشّارح - رحمه الله - في العامل قولين؛ وبقي القولُ الثّالث: وهو أنّ العامل هو المبتدأ لتضمُّنه معنى (تنبّه) ؛ وعليه ابن خروف. يُنظر: شرح التّسهيل 2/358، وابن النّاظم 336، والارتشاف 2/363، والتّصريح 1/388، والهمع 4/40. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 382 وأعرفُه إنْ كان المبتدأ غير أنا؛ فإنْ كان أنا فالتّقدير: أحقُّ وأعرفُ؛ وقال الزّجّاج1: "العامِل هو الخبر بِتَأوّله اسمًا"2. ويمنع من تقديم الحال3 على صاحبها أسبابٌ؛ منها: اقتران [الحال] 4 بإلاّ لفظًا أو معنى، نحو: ما قام زيدٌ إلاَّ مُسْرِعًا وإنّما5 قام زيدٌ مُسْرِعًا. ومنها: أنْ يكون صاحبها مجرورًا بالإضافة، نحو: عرفت قيام زَيْدٍ   1 يُنظر هذا القول في: شرح التّسهيل 2/358، وابن النّاظم 336، والارتشاف 2/363. والزّجّاج هو: أبو إسحاق إبراهيم بن السّريّ بن سهل، النّحويّ، البصريّ: لزم المبرّد؛ ومن مصنفّاته: معاني القرآن، وفعلت وأفْعَلت، وما ينصرف ومالا ينصرف؛ توفّي سنة (311هـ) . يُنظر: طبقات النّحويّين واللّغويّين 111، ونزهة الألبّاء 183، وإنباه الرّواة 1/194، وإشارة التّعيين 12، وبُغية الوُعاة 1/411. 2 في ب: المسمّى. 3 ويجب تقديم الحال على صاحبها لأسبابٍ: منها: كون صاحبها مقرونًا بـ (إِلاّ) أو ما في معناها؛ نحو: (ما قام مسرِعًا إلا زيدٌ) و (إنّما قام مسرعًا زيدٌ) . ومنها: إضافة صاحبها إلى ضمير ما لابس الحال؛ نحو: (جاء زائرًا هندًا أخوها) و (وانطلق منقادًا لعمرو صاحبه) .ابن النّاظم 322. (الحال) ساقطة من أ. 5 في كلتا النّسختين: ومنها، والتّصويب من ابن النّاظم 322. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 383 مُسْرِعًا وهذا شَاربُ السّويق ملتوتًا1. لا يجوز في هذا التّقديم2، لئلاّ يلزم الفصل بين المضاف والمضاف إليه، ولا قبله3؛ لأنَّ نسبة المضاف إليه من المضاف كنسبة/ الصّلة من الموصول؛ فلذلك لا4 يتقدّم ما يتعلّق بالمضاف إليه على المضاف [59/ ب] وحقّ الحال أن تدلّ5 على نفس ما دلّ عليه نفس صاحبها، كالخبر6 بالنّسبة إلى المبتدأ، ومقتضى هذا لا يكون المصدر حالاً7؛ لئلاّ يلزم الإخبار بمعنىً عن عينٍ؛ فإنْ ورد شيءٌ من ذلك حُفِظَ ولا يُقاس عليه إلاَّ فيما قَلَّ؛ ومنه قولهم: طلع زيدٌ علينا بَغتةً وقتلتُه صَبْرًا8 ولقيته فجأةً وكلّمته شِفاهًا وأتيتُهُ ركضًا.   1 لَتَّ السّوِيق والأقِط ونحوهما يَلُتُّه لَتًّا: خلطه بالماء ونحوه؛ ولَتّ السّويق أي: بَلَّه. اللّسان (لتت) 2/82. 2 في أ: التّقدير، وهو تحريف. 3 في كلتا النّسختين: ولا بعده؛ والتّصويب من ابن النّاظم. 4 في أ: ما. 5 في ب: يدل. 6 في ب: والخبر. 7 في وقوع المصدر حالاً خلافٌ بين العلماء، تعرّضنا له في باب المصدر. فليراجَع هُناك ص 354. 8 أصل الصَّبْر: الحبس؛ وكلُّ مَن حَبَس شيئًا فقد صَبَره؛ ويقال: (قُتِل فلانٌ صَبْرًا) : إذا حُبِسَ. اللّسان (صبر) 4/438. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 384 وقد اطَّرَدَ ورودُ المصدر حالاً في أشياء:1 منها: قولُهم: أنت الرّجل علمًا وأدبًا2 و [زَيْدٌ] 3 زُهيرٌ شعرًا، وحَاتِمٌ4 جُودًا، والأحنَفُ حِلْمًا أي: مثل زهيرٍ في حالِ شِعْرٍ، وحاتمٍ في حال جُوْدٍ5. ومن وُرود كان مقدّرًا بعد المصدر، عاملاً في الحال، قولهم6: ضربي زيدًا قائمًا وشُربي السّويق ملتوتًا [تقديره: إذا كان قائمًا وإذا كان ملتوتًا] 7 فكان هي العاملة؛ وهي تامّة لا ناقصة. وعلى ذلك قياس ما أُضيف إلى المصدر من الأسماء الّتي بمعنى التّفضيل، كقولك8: أجود ضربي زيدًا قائمًا وأحسن أفعالك مطيعًا9؛ لأنّ أفعل بعض ما يضاف إليه. ومجيئها لبيان هيئة الفاعل أو المفعول10 [60/ أ] ، كقولك: ضربت زيدًا   1 يُنظر: ابن النّاظم 317. 2 أي: الكامل في حال علم وأدب. 3 ما بين المعقوفين ساقطٌ من ب. 4 في أ: خاتم، وهو تصحيف. 5 في أ: حود، وهو تصحيف. 6 في كلتا النّسختين: كقولهم؛ والأنسب أن يقال: قولهم. 7 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 8 في أب: كقوله. 9 في أ: معطيًا. 10 في ب: والمفعول. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 385 قائمًا فيُحتمل أنْ يكون حالاً من الفاعل، أو من المفعول، أو هيئتهما، كقولك: جاءني زَيْدٌ وعمرٌو مسرعين، ومنه قولُ عنترة: مَتَى مَا تَلْقَنِي1 فَرْدَيْنِ تَرْجُفْ ... رَوَانِفُ2 ألْيَتَيْكَ وَتُسْتَطَارَا3 ومنه قولُ الشّاعر: تَعَلَّقْتُ لَيْلَى بَعْدَ عَشْرٍ مَضَتْ لَهَا ... وَلَمْ يَبْدُ للأَتْرَابِ مِنْ نَهْدِهَا4 حَجْمُ صَغِيْرَيْنِ نَرْعَى البَهْمَ يَا لَيْتَ أَنَّنا ... مَدَى الدَّهْرِ لَمْ نَكْبُر وَلَمْ تَكْبُرْ5 البَهْمُ6   1في أ: تلقي، وهو تحريف. 2 في ب: رواكف. 3 هذا بيتٌ من الوافر. و (ترجُف) : تضطرب وتتحرّك. و (الرّوانف) : جمع رانفة؛ والرّانفة: أسفل الإلية، وطرفها ممّا يلي الأرض من الإنسان إذا كان قائمًا. و (تستطارَا) من قولهم: استطير الشّيء: إذا طير. والمعنى: متى تلقني منفردين ينتابُك الخوف وتضطرب روانف إليتيْك وتكاد تطير. والشّاهد فيه (فردين) فإنّه واقعٌ حالاً من الفاعل والمفعول جميعًا. يُنظر هذا البيت في: أسرار العربيّة 191، وشرح المفصّل 2/55، وشرح عمدة الحافظ 1/460، وابن النّاظم 332، واللّسان (طير) 4/513، (رنف) 9/127، وشفاء العليل 2/535، والمقاصد النّحويّة 3/174، والتّصريح 2/294، والخزانة 4/297، والدّيوان 234. 4 في ب: صدرها. 5 في ب: يكبر. 6 هذا بيتٌ من الطّويل، وهو للمجنون؛ وكان هو وليلى يرعيان البَهْم وهما صبيّان، فعلِقها علاقة الصّبيّ، فقال هذه الأبيات. و (الأتراب) : جمع تِرْب، وهو الرّفيق من سنٍّ واحد. والشّاهد فيه: (صغيرين) حيث جاء الحال من الفاعل والمفعول بلفظٍ واحد، والحال هو قوله: (صغيرين) ؛ أما الفاعل فهو الضّمير في (تعلّقت) ؛ وأمّا المفعول فهو قوله: (ليلى) . يُنظر هذا البيت في: الشّعر والشّعراء 374، ومجالس ثعلب 2/532، وأسرار العربيّة 190، وتذكرة النُّحاة 324، والخزانة 4/230، والدّيوان 238. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 386 وكما1 جاز تعدّد خبر المبتدأ وهو مفردٌ، كقولك: زيدٌ عالم جَوادٌ فـ[ـكذلك] 2 تقول: جاء زيدٌ راكبًا ضاحكًا3. وكما4 جاز أن يبتدأ بالنّكرة5بشرط وضُوح المعنى وإزالة اللّبس؛ فكذلك6 صاحب الحال جائز تنكيره بما يسوّغ له ذلك؛ فمنها تقدّم الحال عليه، كقولك: هذا قائمًا رَجُلٌ؛ فبالتّقدّم7 امتنع أنْ يكون صفةً للنّكرة؛ لأنَّ الصّفة لا تتقدّم على الموصوف؛ فتعيّن أنْ يكون8 حالاً،   1 في ب: وكلما. 2 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 3 الحال شبيهة بالخبر والنّعت؛ فيجوز أن تتعدّد وصاحبها مفرَد، وأنْ تتعدّد وصاحبها متعدّد. فالأوّل مثّل له الشّارح؛ ومنع ابن عصفور جواز تعدّد الحال في هذا النّحو قياسًا على الظّرف. والثّاني؛ نحو (جاء زيدٌ وعمرو مُسرعين) و (لقيته مصعدًا منحدرًا) . يُنظر: المقرّب 1/155، وشرح التّسهيل 2/348، وابن النّاظم 332. 4 في ب: وكلما. 5 "قد تقدّم أنّ الحال وصاحبها خبر ومخبر عنه في المعنى؛ فأصل صاحبها أنْ يكون معرفة، كما أنّ أصل المبتدأ أنْ يكون معرفة". ابن النّاظم 318. 6 في أ: وكذلك. 7 في أ: فالتّقدير، وهو تحريف. 8 في أ: تكون. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 387 ومنه ما أنشده سيبويه: وَبِالْجِسْمِ مِنِّي بَيِّنًا لَوْ عَلِمْتِهِ ... شُحُوبٌ وَإِنْ تَسْتَشْهِدِي1 العَيْنَ تَشْهَدِ2 [60/ب] وكقول الآخر: لِمَيَّةَ مُوْحِشًا3 طَلَلُ4 ... ....................................   1 في ب: وإن تشهد. 2 هذا بيتٌ من الطّويل، لم أقف على قائله. و (بَيِّنًا) : ظاهرًا. و (الشُّحوب) : تغيُّر اللّون. والمعنى: في جسدي تغيُّرٌ ظاهرٌ لو عرفته لعطفتَ عليَّ؛ وإذا أحببت أن تري الشّاهد فانظري إلى عينيَّ فإنّهما تحدّثانك حديثه. والشّاهد فيه: (بيِّنًا) حيث جاءت الحال من النّكرة الّتي هي قوله: (شحوب) والمسوّغ تقدّمها على صاحبها؛ وهذا إنما يجيء على مذهب سيبويه من جواز مجيء الحال من المبتدأ؛ وأما على مذهب الجمهور من امتناعه فهو حال من الضّمير المستكنّ في الخبر؛ وحينئذٍ لا شاهد فيه. يُنظر هذا البيت في: الكتاب 2/123، والتّبصرة 1/299، 2/333، وشرح الكافية الشّافية 2/738، وشرح عمدة الحافظ 1/422، وابن النّاظم 319، وابن عقيل 1/576، والمساعد 2/18، وشفاء العليل 2/526، والمقاصد النّحويّة 3/147، والأشمونيّ 2/175. 3 في أ: موحش. 4 هذا صدر بيتٍ من مجزوء الوافر، وعجزه: يَلُوحُ كَأنَّهُ خِلَلُ وهو لكثيّر عزّة؛ وقال البغداديّ في الخزانة 3/211: "وهذا البيت من رَوى أوّله: (لِعَزَّةَ مُوحِشًا) ، قال هو لكثيّر عزّة؛ ومَن رواه: (لِمَيَّةَ مُوْحِشًا) قال: إنّه لذي الرُّمّة؛ فإنّ (عَزّة) اسم محبوبة كثيّر، و (مَيّة) اسم محبوبة ذي الرُّمّة". و (موحشًا) : اسم فاعل من أوحش المنزل إذا خلا من أهله، والمراد: القَفْرُ الّذي لا أنيس فيه. و (طلل) : هو ما بقي شاخصًا من آثار الدّيار. و (يلوح) : يظهر، ويلمع. و (خلل) : جمع خِلّة؛ وهي: بطانة منقوشة بالمعادن تغشّى بها أجفان السّيوف. والمعنى: أنّ دار ميّة قد أقفرت من أهلها، ودَرَسَتْ معالمها، ولم يبق منها إلاّ آثار ضئيلة، تظهر للرّائي كأنّها نقوش في البطائن الّتي تغشّى بها أجفان السّيوف. والشّاهد فيه: (مُوْحِشًا طلل) حيث وقعت (موحشًا) حال من (طلل) وهو نكرة؛ وسوّغ ذلك تقدُّمُ الحال عليها. وقيل: إنّه حال من الضّمير المستكنّ في الخبر؛ وهذا الضّمير معرفة وإنْ كان مرجعه - وهو المبتدأ - نكرة؛ وحينئذ لا شاهد فيه؛ وهو قولُ جمهور البصريّين. يُنظر هذا البيتُ في: الكتاب 2/123، ومعاني القرآن للفرّاء 1/167، والمسائل العضديّات 230، والخصائص 2/492، وأسرار العربيّة 147، ونتائج الفكر 235، وأوضح المسالك 2/82، والمقاصد النّحويّة 3/163، والتّصريح 1/375، والخزانة 3/209، وديوان كثيرّ 506. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 388 أو أنْ يتخصّص؛ إمّا بوصف1، كقوله تعالى: {فِيْهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا} 2، وكقول الشّاعر: نَجَّيْتَ يَا رَبِّ3 نُوحًا فَاسْتَجَبْتَ لَهُ ... فِي فُلُكٍ مَاخِرٍ فِي الْيَمِّ مَشْحُونَا4   1 وإمّا بإضافة، كقوله تعالى: {وَقَدَّر فِيْهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلينَ} [فصّلت: 10] . يُنظر: ابن النّاظم 320. 2 الآية: 4، وبعض الآية: 5 من سورة الدّخان. 3 في ب: يرب. 4 هذا بيتٌ من البسيط، ولم أقف على قائله. و (الفلك) : السّفينة. و (ماخر) : مِنْ مَخَرَتِ السّفينة: إذا جرَتْ تشقُّ الماء مع صوت. و (اليَمّ) : البحر، أو الماء. و (مشحونًا) : مملوءًا. والشّاهد فيه: (مشحونًا) حيث وقع حالاً من النّكرة - فُلُك -؛ وسوّغ ذلك الوصف بـ (ما خر) . يُنظر هذا البيت في: شرح التّسهيل 2/331، وابن النّاظم 319، وأوضح المسالك 2/84، وابن عقيل 1/578، وشفاء العليل 2/525، والمقاصد النّحويّة 3/149، والتّصريح 1/376، والأشمونيّ 2/175. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 389 وإمّا أنْ يتقدّم صاحب الحال نفي، أو نهي، أو استفهام، كقولك: ما أتاني من أحدٍ إلاَّ رَاكِبًا. والنّهي منه قولُ الطِّرِمَّاح1: لاَ يَرْكَنَنْ أَحَدٌ إِلَى الإِحْجَامِ ... يَوْمَ الْوَغَى مُتَخَوِّفًا لِحِمَامِ2   1 هو: الحَكَم بن حَكِيم بن الحَكَم بن نَفْر بن قَيْس بن جَحْدر الطّائيّ، يكنى أبا نَفْر؛ والطِّرِمَّاح في اللّغة: الطّويل؛ وهو شاعرٌ إسلاميّ، خارجيّ، وخطيب. يُنظر: الشّعر والشّعراء 388، والمؤتلف والمختلف 219، والأغاني 12/43، والخزانة 8/74. 2 هذا بيتٌ من الكامل، وهو لِقَطَرِيِّ بْنِ الفُجَاءَةِ؛ وقد نسبه الشّارح وابن النّاظم إلى الطِّرِمّاح؛ وربّما كان هذا سهواً منهما أو من النُّسّاخ. و (الرُّكون) : الميل. و (الإحجام) : التأخُّر والنُّكول عن لقاء العدوّ. و (الوغى) : الحرب. و (الحِمَام) : الموت. والشّاهد فيه: (مُتَخَوِّفًا) حيث وقع حالاً من النّكرة - أَحَدٌ -؛ وسوّغ ذلك وُقوع النّكرة بعد النّهي. يُنظر هذا البيت في: شرح الحماسة للمرزوقيّ 1/136، وشرح الحماسة للتّبريزيّ 1/35، وشرح الكافية الشّافية 2/739، وشرح التّسهيل 2/332، وابن النّاظم 320، وأوضح المسالك 2/85، وابن عقيل 1/580، والمقاصد النّحويّة 3/150، والتّصريح 1/377، والهمع 4/21، والخزانة 10/163، وديوان شعر الخوارج 126. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 390 ومثال ما تقدّم الاستفهام، قولك1: أَجَاءَكَ2 رَجُلٌ رَاكِبًا؟، ومنه قولُ الشّاعر: يَا صَاحِ هَلْ حُمَّ عَيْشٌ بَاقِيًا فَتَرَى ... لِنَفْسِكَ الْعُذْرَ فِي3 إِبْعَادِهَا الأَمَلاَ؟ 4 وقد تقع الجملة حالا: ً5؛ وهي إمَّا اسميّةٌ، وإمّا فعليّةٌ؛ فإنْ كانت   1 في أ: كقولك. 2 في أ: أخاك. 3 في ب: من. 4 هذا بيتٌ من البسيط، لرجلٍ من طيِّء، لم أقف على اسمه. (صاح) : أصله صاحبي، فرخّم بحذف آخره ترخيمًا غير قياسي، إذْ هو في غير علم، وقياس التّرخيم أنْ يكون في الأعلام. و (هل حُمَّ عيش) أي: هل قُدِّر عيش. والمعنى: يا صاحبي هل قُدِّرَ للإنسان حياة دائمة في الدّنيا؟، أو أنْ يعيش عيشة هنيّة لا يشوبها كَدَر؟، فيكون لك العذر في هذه الآمال البعيدة. والشّاهد فيه: (باقيًا) حيث وقع حالاً من النّكرة - عيش -؛ وسوّغ ذلك وُقوع النّكرة بعد الاستفهام. يُنظر هذا البيت في: شرح التّسهيل 2/332، وابن النّاظم 321، وأوضح المسالك 2/87، وابن عقيل 1/580، وشفاء العليل 2/526، والمقاصد النّحويّة 3/153، والتّصريح 1/377، والهمع 4/22، والأشمونيّ 2/176، وشعر طيّء 2/792. 5 تقع الحال جملة بأربعة شروط: الأوّل: كونُ الجملة خبريّة؛ وهي المحتملة للصّدق والكذب؛ وهذا الشّرط مُجْمَعٌ عليه؛ لأنّ الحال بمثابة النّعت، وهو لا يكون جملة إنشائيّة. والثّاني: أنْ تكون غير مصدّرة بدليل استقبال، كـ (السّين) و (سوف) و (لن) . والثّالث: ألاّ تكون الجملة تعجُّبيّة. والرّابع: أنْ تكون الجملة مرتبطة؛ إمّا بالواو والضّمير معًا لتقوية الرّبط، نحو قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ المَوْتِ} [البقرة:243] ؛ أو بالضّمير فقط دون الواو، نحو قوله تعالى: {اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ} [البقرة:36] ؛ أو بالواو فقط دون الضّمير، نحو قوله تعالى: {لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ} [يوسف: 14] . يُنظر: أوضح المسالك 2/103، والتّصريح 1/389، والهمع 4/42، والأشمونيّ 2/186. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 391 فعليّةً فلا تخلو1 من أنْ تكون مُصدَّرةً بفعلِ مُضارعٍ، أو ماضٍ؛ فإنْ كانت بمضارعٍ مثبتٍ خالٍ من2 قد لزم الضّمير وترك الواو، كقولك: جاء زيدٌ يضحك وقَدِمَ تُقَادُ الجَنَائِبُ بين3 يديه؛ ولا يجوز: ويضحك4. فإنْ5 كان [61/أ] مقرونًا بقد لزمته الواو6.   1 في أ: يخلو. 2 في أ: من خال قد. 3 في أ: من بين. 4 فإنْ جاء من لسان العرب ما ظاهره ذلك أوّل على إضمار مبتدأ بعد الواو، ويكون المضارِع خبرًا عن ذلك المبتدأ، نحو قولهم: (قُمْتُ وأصُكُّ عَيْنَهُ) ، وقوله: فَلَمَّا خَشِيتُ أظَافِيرَهُمْ ... نَجَوْتُ وَأَرْهَنُهُمْ مَالِكَا يُنظر: شرح التّسهيل 2/367، وابن النّاظم 337، وابن عقيل 1/595، والأشمونيّ2/187. 5 في ب: وإنْ. 6 كما في قوله تعالى: {وَقَد تَّعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ} [الصّفّ: 5] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 392 وإنْ كانت غير مصدّرةٍ بمضارِعٍ مثبت؛ فالغالب مجيئها بالضّمير1، أو بالواو، أو بهما جميعًا. فإنْ كانت مُصدّرةً بمضارعٍ منفيّ؛ فالنّافي2 إمَّا لا، وإمّا لم؛ فإنْ كان لا فالأكثر مجيئه بالضّمير3وترك الواو4، كقول الشّاعر: لَوْ أَنَّ قَوْمًا لاِرْتِفَاعِ قَبِيلَةٍ ... دَخَلُوا السَّمَاءَ دَخَلْتُهَا لاَ أُحْجَبُ5 وإنْ كان لم كَثُرَ إفراد الضّمير، والاستغناء عنه بالواو، والجمع بينهما.   1 في أ: بالضّمّ، وهو تحريف. 2 في أ: فالتّالي. 3 في أ: بالضّمّ، وهو تحريف. 4 فإنْ ورد بالواو أوّل على إضمار مبتدأ على الأصحّ؛ كقراءة ابن ذكوان {فَاسْتَقِيمَا وَلاَ تَتَّبِعَانِّ} [يونس: 89] ، وكقول الشّاعر: أَكْسَبَتْهُ الْوَرِقُ الْبِيْضُ أبًا ... وَلَقَدْ كَانَ وَلاَ يُدْعَى لأَبْ وفي كلام ابن النّاظم خلافُ ذلك. يُنظر: شرح التّسهيل 2/368، وابن النّاظم 339، وابن عقيل 1/598، والأشمونيّ 2/189. 5 هذا بيتٌ من الكامل، ولم أقف على قائله. (أحجب) : أُمنع. والمعنى: لو أنّ قومًا وصلوا إلى ذِرْوة المجد بارْتفاع قبيلتهم دخلت السماء، لا أمنع من دخولها. والشّاهد فيه: (لا أُحجب) حيث أتت الحال جملةً مصدّرة بمضارِعٍ منفيّ بـ (لا) بدون الواو؛ وهو الأكثر. يُنظر هذا البيتُ في: ابن النّاظم 338، وشفاء العليل 2/540، والمقاصد النّحويّة 3/191، والأشمونيّ 2/188. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 393 فالأوّل: 1؛ كقوله تعالى: {فَانْقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ} 2، وكقول زُهير: كَأَنَّ فُتَاتَ الْعِهْنِ فِي كُلِّ مَنْزِلٍ نَزَلْنَ بِهِ حَبُّ الْفَنَا3 لَمْ يُحَطَّمِ4 والثّاني:؛كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَاءُ إِلاَّ أَنْفُسُهُمْ} 5، [و] 6 كقول عَنترة: وَلَقَدْ خَشِيْتُ بِأَنْ أَمُوتَ وَلَمْ تَدُرْ ... لِلْحَرْبِ دَائِرَةٌ عَلَى ابْنَيْ ضَمْضَمِ7   1 في أ: بالأول. 2 من الآية: 174 من سورة آل عمران. 3 في ب: السعيا، وهو تحريف. 4 هذا بيتٌ من الطّويل. و (فُتات العهن) : قِطَعُه وما تناثَر منه. و (العهن) : الصّوف؛ وأراد به هُنا: الصّوف المصبوغ الأحمر الّذي تزيّن به الهوادج. و (الفَنا) : مقصور، الواحد فناة: عنب الثّعلب، ويقال: نبْتٌ آخر؛ وقيل: هو شجر ذو حبّ أحمر. و (لم يحطّم) : لم يكسّر ولم يتفتّت. والمعنى: كأنّ قطع الصّوف المصبوغ الّذي زيّنت به الهوادج في كلّ منزل نزلته هؤلاء النّسوة حبّ عنب الثّعلب في حال كونه غير محطّم؛ لأنّه إذا تحطّم زايَله لونُه. والشّاهد فيه: (لم يحطّم) حيث جاءت الجملة الحاليّة الّتي فعلها مضارع منفيّ مجرّدةً من الواو. يُنظر هذا البيت في: شرح التّسهيل 2/361، 368، وابن النّاظم 340، واللّسان (فتت) 2/65، (فني) 15/165، وشفاء العليل 2/547، والمقاصد النّحويّة 3/194،والأشمونيّ 2/191. 5 من الآية: 6 من سورة النّور. 6 ما بين المعقوفين ساقطٌ من ب. 7 هذا بيتٌ من الكامل. و (ابني ضَمضم) هما: هرم وحصين؛ وكان عنترة قد قتل أباهما ضمْضمًا، فكانا يتوعّدانه. والشّاهد فيه: (ولَمْ تَدُرْ) حيث وقع المضارع المنفيّ بـ (لم) حالاً مقرونًا بالواو. يُنظر هذا البيتُ في: الشّعر والشّعراء 150، وحماسة البحتريّ 43، وشرح التّسهيل 2/369، وابن النّاظم 340، والمقاصد النّحويّة 3/198، والأشمونيّ 2/191، والخزانة 1/129، والدّيوان 221. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 394 والثّالث:؛ كقوله تعالى: {أَوْ قَالَ أُوْحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ} 1، وكقول الشّاعر: سَقَطَ النَّصِيفُ2 وَلَمْ تُرِدْ إِسْقَاطَهُ فَتَنَاوَلَتْهُ وَاتَّقَتْنَا بِالْيَدِ3 / وإنْ كانت مُصدّرةً بفعلٍ مَاضٍ؛ فإنْ [كان] 4 بعد إلاّ أو قبل أو لزِم الضّمير وترك الواو، كقوله تعالى: {مَا يَأْتِيْهِم مِّن رَّسُولٍ إِلاَّ كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} 5، ومنه قولُ الشّاعر: كُنْ لِلْخَلِيلِ نَصِيرًا جَارَ أَوْ عَدَلاَ ... وَلاَ تَشِحَّ عَلَيْهِ جَادَ أَوْ بَخِلاَ6 [61/ ب]   1 من الآية: 93 من سورة الأنعام. 2 في ب: الضف وهو تحريف. 3 هذا بيتٌ من الكامل، وهو للنّابغة الذّبيانيّ. و (النّصيف) : الخِمار الّذي تتخمّر به المرأة. والشّاهد فيه: (ولم تُرِدْ) حيث وقع المضارع المنفيّ بـ (لم) حالاً مقرونًا بالواو والضّمير. يُنظر هذا البيت في: الشّعر والشّعراء 92، وشرح التّسهيل 2/370، وابن النّاظم 340، والمقاصد النّحويّة 3/201، والأشمونيّ 2/191، والدّيوان 93. 4 ما بين المعقوفين ساقطٌ من ب. 5 من الآية: 30 من سورة يس. 6 هذا بيتٌ من البسيط، ولم أقف على قائله. والشّاهد فيه: (جار) حيث وقع حالاً وهو ماضٍ، ولم يجيء معها (قد) و (الواو) ؛ لكون الماضي قد عُطف عليه بـ (أو) ؛ وكذا الكلام في قوله: (جاد) ؛ وكذا إذا وقع بعد (إلاّ) . يُنظر هذا البيتُ في: شرح عمدة الحافظ 1/449، وابن النّاظم 341، وشفاء العليل2/541، والمقاصد النّحويّة 3/202، والهمع 4/45، والأشمونيّ 2/188، والدّرر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 395 فإن لم يكن1 بعد إلاّ ولا قبل أو؛ فالأكثر اقترانُه في الإثبات2 ?الواو وقد مع الضّمير، [ودونه] 3. فالأوّل: [كقوله تعالى] 4: {أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُواْ لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُم يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللهِ} 5. والثّاني:؛ كقولك6: جاء زيدٌ وقد طلعت الشّمس. ويَقِلُّ7 تجريدُه من الواو وقد8، كقول الشّاعر: وَإِنِّي لَتَعْرُونِي لِذِكْرَاكِ هَِزَّةٌ ... كَمَا انْتَفَضَ العُصْفُورُ بَلَّلَهُ الْقَطْرُ9   1 في أ: لم تكن. 2 في أ: الايبات. 3 ما بين المعقوفين زيادة يقتضيها السّياق، وهي من ابن النّاظم 241. 4 ما بين المعقوفين زيادةٌ يقتضيها السّياق. 5 من الآية: 75 من سورة البقرة. 6 في أ: كقوله. 7 في ب: ونقل. 8 وأقلّ منه تجريدُه من (قد) وحده، كقوله تعالى: {الَّذِيْنَ قَالُوا لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا} [آل عمران: 168] . يُنظر: ابن النّاظم 341. 9 هذا البيتُ تقدّم تخريجه في ص 251. والشّاهد فيه هُنا: (بلّله القطر) فالجملة من الفعل والفاعل والمفعول في محلّ نصب حال؛ والكثير في مثلها أنْ تكون مقترنة بـ (قد) ، أو بـ (قد) و (الواو) جميعًا، أو بـ (الواو) وحدها؛ ويقلّ تجريدها من (الواو) و (قد) كما هنا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 396 وأولى منه تجريده من الواو، كقول الشّاعر: وَقَفْتُ بِرَبْعِ الدَّارِ قَدْ غَيَّر الْبِلَى ... مَعَارِفَهَا وَالسَّارِيَاتُ الْهَوَاطِلُ1 فإنْ كانت الجملة اسميّة2 فلا بُدَّ فيها من رابط؛ إمَّا عائد3، وإمّا واو الحال، كقوله تعالى: {فَلاَ تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} 4؛   1 هذا بيتٌ من الطّويل، وهو للنّابغة الذّبيانيّ. و (الرّبع) : المنزل. و (البلى) : من بليَ الثوبُ إذا خَلَق. و (معارفها) : ما كان متعارَفًا منها. و (السّارِيَات) : جمع ساريَة؛ وهي: السّحابة الّتي تأتي ليلاً. و (الهواطل) : جمع هاطلة، من الهطل؛ وهو: تتابُع المطر وسَيَلانُه. والشّاهد فيه: (قد غيّر البِلَى) حيث وقع حالاً وهو ماضٍ مقرون بـ (قد) دون (الواو) ؛ وهو قليلٌ بالنّسبة إلى مجيئه بهما، وأقلّ منهما تجريده منهما. يُنظر هذا البيتُ في: شرح عمدة الحافظ 1/452، وشرح التّسهيل 2/372، وابن النّاظم342، وشفاء العليل 2/549، والمقاصد النّحويّة 3/203، والأشمونيّ 2/190، والدّيوان 87. 2 فإنْ لم تكن مؤكّدة؛ فالأكثر مجيئها بالواو مع الضّمير ودونه؛ فالأوّل كالآية الّتي ذكرها الشّارح، والثّاني كقوله تعالى: {كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِّنَ المُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ} [الأنفال: 5] . يُنظر: ابن النّاظم 342. 3 العائد هو: الضّمير الّذي يعود على صاحب الحال. 4 من الآية: 22 من سورة البقرة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 397 وقد يستغنى بالضّمير عن [62/ أ] الواو، كقوله تعالى: {وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ} 1، ومنه قولُ الشّاعر: وَلَوْلاَ جَنَانُ اللَّيْلِ مَا آبَ عَامِر ... إِلَى قَوْمِهِ سِرْبَالُهُ لَمْ يُمَزَّقِ2 وكقول الآخر: ثُمَّ رَاحُوا عَبَقُ الْمِسْكِ بِهِمْ ... يُلْحِفُونَ الأَرْضَ هُدَّابَ الأُزُرْ3   1 من الآية: 36 من سورة البقرة. 2 هذا بيتٌ من الطّويل، وهو لسلامة بن جندل. و (جنان اللّيل) : شدّة ظلمته وادلهمامه. و (آب) : رجع. و (سرباله) : قميصه. والمعنى: لولا ظَلامُ اللّيل ما رجع عامرٌ إلى قومه، حال كونه سليم السّربال لم يمزّق. والشّاهد فيه: (سرباله لم يمزّق) حيث جاءت هذه الجُملة الاسميّة حالاً، مستغنية بالضّمير عن الواو. يُنظر هذا البيتُ في: مجاز القرآن 1/199، والأصمعيّات 135، ودلائل الإعجاز 204، وابن النّاظم 343، واللّسان (جنن) 13/92، والمقاصد النّحويّة 3/210، والأشباه والنّظائر 7/22، والأشمونيّ 2/190، والدّيوان 176. 3 هذا بيتٌ من الرّمل، وهو لطَرَفة بن العبد. و (عبق المسك بهم) أي: رائحة الطِّيب ملاصقةٌ لهم. و (الهُدَّاب) : الطّرّة. والمعنى: راح هؤلاء تصاحبهم رائحة المسك، يجرُّون أزرهم على الأرض خيلاء، ويغطونها بها. والشّاهد فيه: (عبق المسك بهم) حيث جاءت هذه الجملة الاسميّة حالاً، مستغنية بالضّمير عن الواو. يُنظر هذا البيت في: شرح عمدة الحافظ 1/456، وشرح التّسهيل 2/365، وابن النّاظم 343، واللّسان (لحف) 9/314، وشفاء العليل 2/544، والمقاصد النّحويّة 3/208، والأشمونيّ 2/190، والدّيوان 65. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 398 [وقد يُستغنى بالواو عن الضّمير] 1، ومنه: أتيتُك وزيدٌ قائم، قال الشّاعر: وَقَدْ أَغْتَدِي وَالطَّيْرُ فِي وُكُنَاتِهَا2 ... ......................................... وإنْ كانت الجملة مؤكّدة؛ لزم الضّمير وترك الواو، نحو: هو الحقّ لا شبهة فيه، [و {ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيْهِ} 3] 4.   1 ما بين المعقوفين زيادة يقتضيها السّياق. ويُنظر: شرح التّسهيل 2/362. 2 هذا صَدْرُ بيتٍ من الطّويل، وعجزه: بِمُنْجَرِدٍ قَيْدِ الأَوَابِدِ هَيْكَلِ وهو لامرئ القيس. و (الوكنات) : المواضع الّتي تأوي إليها الطّير. و (المنجرد) : الماضي في السّير، أو قليل الشّعر قصيره. و (الأوابد) : الوُحوش. و (الهيكل) : الفَرس العظيم الجِرْم. والشّاهد فيه: (والطّير في وكناتها) حيث جاءت هذه الجملة الاسميّة حالاً، مستغنيةً بالواو عن الضّمير. يُنظر هذا البيت في: شرح المفصّل 2/69، وشرح التّسهيل 2/363، ورصف المباني 456، والمغني 607، وشفاء العليل 2/545، والأشباه والنّظائر 3/41، والخزانة 3/156، والدّيوان 19. 3 من الآية: 2 من سورة البقرة. 4 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 399 ويحذف عامل الحال جوازًا؛ لحضور معناه، كقولك للرَّاحِلِ1: راشدًا مَهْدِيًّا، وللقادم من سَفَرٍ: مسرورًا مأجورًا بإضمار تذهبُ، ورجعتَ؛ أو لتقدُّم ذكره، نحو قولك: راكبًا لمن قال: كيف جئت؟. ويُحذف2 إذا بُيِّن بها ازدياد ثَمَنٍ شيئًا فشيئًا، كقولك: بِعْهُ بدرهم فصاعدًا أي: فذهب الثّمن صاعدًا، وتصدّق بدينارٍ فَسَافِلاً3 وبعته يدًا بيد وبعتُه مَناقِدًا4؛ ففي هذه الأسماء معنى المشتقّة من الأفعال.   1 في أ: للراجل، وهو تصحيف. 2 في أ: وتحذف. أي: وجوبًا، ويُحذف في غير هذا، في المواضع التّالية: 1- الحال المؤكّدة لمضمون جملة؛ نحو: (زيدٌ أبوك عَطُوفًا) . 2- الحال النّائبة منابَ الخبر؛ نحو: (ضربي زيدًا قائمًا) . 3- أن تدلّ الحال على توبيخ؛ نحو: (أقائمًا وقد قعد النّاس؟) أي: أتوجَد؟ و (أتميميًّا مرّة وقيسيًّا أُخرى؟) أي: أتتحوّل؟. 4- وسماعًا في غير ذلك؛ نحو: (هنيئًا لك) أي: ثبت لك الخير هنيئًا، أو أهنأك هنيئًا. يُنظر: ابن النّاظم 344، وأوضح المسالك 2/107، وابن عقيل 1/599، والتّصريح 1/393، والهمع 4/60، 61. 3 أي: فانحطّ المتصدّق به سافلاً. 4 في أ: مناقد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 400 بَابُ التَّمْيِيز: ِ [62/ب] وَإِنْ تُرِدْ مَعْرِفَةَ التّمْيِيزِ ... لِكَيْ تُعَدَّ مِنْ ذَوِي التَّمْيِيزِ فَهْوَ الَّذِي يُذْكَرُ بَعْدَ الْعَدَد ... وَالْوَزْنِ1 وَالْكَيْلِ وَمَذْرُوعِ الْيَدِ وَمَنْ إِذَا فَكَّرْتَ فِيهِ مُضْمَرَهْ ... مِنْ قَبْلِ أَنْ تَذْكُرَهُ وَتُظْهِرَهْ تَقُولُ: عِنْدِي مَنَوانِ زُبْدَا ... وَخَمْسَةٌ وَأَرْبَعُونَ عَبْدَا وَقَدْ تَصَدَّقْتُ بِصَاعٍ خَلاَّ ... وَمَا لَهُ غَيْرُ جَرِيبٍ نَخْلاَ التّمييز- ويسمّى مميّزًا، وتمييزًا، ومفسّرًا، وتفسيرًا2- وهو يشبه الحال3؛ كونه اسمًا نكرةً يأتي بعد تمام الكلام. والفرق بينهما 4: أنّ الحال يكون مشتقًّا غالبًا.   1 في أ: وَالْكَيْلِ وَالْوَزْنِ. 2 سمّي تمييزًا وتفسيرًا لأنّ "المراد به رفع الإبهام وإزالة اللّبس؛ وذلك نحو: أنْ تخبِر بخبر، أو تذكر لفظًا يحتمل وجوهًا، فيتردّد المخاطَب فيها، فتنبّهه على المراد بالنّصّ على أحد محتملاته تبيينًا للغرض". شرح المفصّل 2/70. 3 يتّفق التّمييز والحال في خمسة أمور، ذكر الشّارح منها ثلاثة أمور؛ وبقي: أن يكونا منصوبين، رافعين للإبهام. الأشمونيّ 2/202. 4 ويفترقان في سبعة أمور: الأوّل: أنّ الحال تجيء جملة، وظرفًا، ومجرورًا؛ والتّمييز لا يكون إلاّ اسمًا. الثّاني: أنّ الحال قد يتوقّف معنى الكلام عليها؛ والتّمييز لا يكون كذلك. الثّالث: أنّ الحال مبيّنة للهيئات؛ والتّمييز مبيِّنٌ للذّوات. الرّابع: أنّ الحال تتعدّد؛ بخلاف التّمييز. الخامس: أنّ الحال تتقدّم على عاملها إذا كان فعلاً متصرّفًا، أو وصفًا يشبهه؛ ولا يجوز ذلك في التّمييز على الصّحيح. السّادس: أنّ الحال تأتي مؤكّدة لعاملها؛ بخلاف التّمييز. السّابع: أنّ حقّ الحال الاشتقاق؛ وحقّ التّمييز الجُمود. يُنظر: شرح عيون الإعراب 154، والمقتصد 1/675، والنّكت الحسان 99، والهمع 4/72، والأشمونيّ 2/202. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 401 والتّمييز: اسم جنس؛ فهو نكرة مضمّن1معنى من لبيان ما قبله2؛ وهو ما دلَّ على مقدارٍ أو3 شبهه4. وأكثر ما يأتي تمييزًا لمفردٍ فيما كان مقدارًا، والمقادير أرْبَعَة؛ [وهي] 5: المعدود، والموزون، والمكيل6، والممسوح؛ تقول7 من ذلك:   1 في ب: متضمّن. 2 "من إبهام في اسم مجمَل الحقيقة، أو إجمال في نسبة العامل إلى فاعله أو مفعوله”. ابن النّاظم 346. 3 في أ: وشبهه. 4 ما يشبه المقدار: هو ما يدلّ على قدر غير معيّن؛ لأنّه غير مقدّر بآلة خاصّة؛ فالشّبيه بالوزن نحو: {مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه} [الزّلزلة: 7] ،والشّبيه بالكيل نحو: (نِحْيٌ سَمْنًا) ، والشّبيه بالمساحة نحو: {وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا} [الكهف: 109] . يُنظر: ابن النّاظم 347، وأوضح المسالك 2/110، والتّصريح 1/396، والأشمونيّ 2/196. 5 ما بين المعقوفين ساقطٌ من ب؛ وفي أ: وهو؛ وما أثبتّه هو الأنسب. 6 في ب: والمكيول. 7 في ب: فتقول. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 402 أعطيتُ زيدًا عشرين درهمًا، ومنوين عسلاً، وقفيزين بُرًّا، وذراعين حريرًا وما في السّماء قَدْرُ رَاحَةٍ سَحَابًا. ويأتي مميّزًا لجملة، كقولك: طاب زيدٌ نفسًا. [63/أ] وتمييز1 المفرد إنْ بيَّنَ العدد فهو واجب الجرّ بالإضافة كوُجوب2 نصبه، وإنْ بيَّنَ غير العدد فحقّه النّصب. ويجوز جرُّهُ بإضافة3 المميّز إليه، إلاَّ أنْ يكون مُضافًا إلى غيره؛ فتقول: ما له شِبْرُ أَرْضٍ وله مَنَوا سَمْنٍ، وقفيزا بُرٍّ، ورَاقُود4 خَلٍّ، وخاتم حديد؛ فإنْ5 كان المميّز مضافًا6 تعيّن النّصب، كقولك: له جُمَامُ7 الملوك دقيقًا.   1 في ب: مميّز. 2 في ب: لوجوب. والمعنى: أنّه واجب الجرّ بالإضافة إذا كان من ثلاثة إلى عشرة؛ كوُجوب نصبه إذا كان من أحد عشر إلى تسع وتسعين. 3 في ب: بالإضلفة. 4 الرّاقود: دَنَّ طويل الأسفل كهيئة الإِرْدِبَّة، يُسَيَّعُ باطنه بالقار، وجمعه: الرَّواقيد؛ معرَّب، وقال ابن دُريد: "لا أحسبه عربيًّا". وقيل: الرّاقود: إناء خزف مستطيل مقيّر. يُنظر: المعرّب 328، واللّسان (رقد) 3/183. 5 في ب: وإن. 6 بمعنى أنّه إذا أُضيف الدّالّ على مقدار إلى غير التّمييز وجب نصبُ التّمييز، نحو: (ما في السّماء قَدْرُ راحةٍ سَحابًا) .ابن عقيل 1/603. 7 الجَمامُ والجِمامُ والجُمامُ والجَمَمُ: الكيل إلى رأس المكيال؛ وقيل: جُمامهُ طَفَافُهُ، ولا يقال: جُمام - بالضّمّ - إلاّ في الدّقيق وأشباهه؛ وهو ما علا رأسَه بعد الامتلاء. اللّسان (جمم) 12/106، 107. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 403 بَابُ نِعْمَ وَبِئْسَ: وَمِنْهُ أَيْضًا نِعْمَ زَيْدٌ رَجُلاَ ... وَبِئْسَ عَبْدُ الدَّارِ مِنْهُ بَدَلاَ اعلم أنّ نِعْمَ وبِئْسَ فِعْلان غَيْرُ مُتَصَرِّفَيْنِ1، وضعا للمدح [العامّ] 2، والذّمّ العامّ. وفيهما أربع لغاتٍ: نَعِمَ وبَئِسَ هذه الأصل3، ونِعِمَ وبِئِسَ ونِعْمَ وبِئْسَ ونَعْمَ وبَئْسَ. والدّليل على فعليّتهما: جوازُ [دخول] 4 تاء التّأنيث السّاكنة عليهما5، كقولك: نعمت هند وبئست الجارية6، وإنْ شئتَ قلتَ:   1 هذا مذهب البصريّين، والكسائيّ من الكوفيّين؛ ومذهب الكوفيّين أنّهما اسمان - كما سيوضّحه الشّارح رحمه الله -. تُنظر هذه المسألة في: المقتضب 2/141، والأصول 1/130، وأمالي ابن الشّجريّ 2/404، والإنصاف، المسألة الرّابعة عشرة، 1/97، وأسرار العربيّة 96، والتّبيين، المسألة الأربعون، 274، واللّباب 1/180، وشرح المفصّل 7/127، وائتلاف النّصرة، فصل الفعل، المسألة الرّابعة، 115. 2 ما بين المعقوفين ساقطٌ من ب. 3 قال سيبويه في الكتاب 2/179: "وأصلُ نِعْمَ وبِئْسَ: نَعِمَ وبَئِسَ؛ وهما الأصلان اللّذان وُضعا في الرَّداءة والصّلاح، ولا يكونُ منهما فِعْلٌ لغير هذا المعنى". ويُنظر: المقتضب 2/140. 4 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 5 في ب: عليها. 6 وهُناك أدلّة أُخرى استدلّ بها البصريّون؛ منها: 1- أن الضمير يتصل بهما على حدّ اتّصاله بالأفعال؛ فإنّهم قالوا: (نعما رجلين) و (نعموا رجالاً) كما قالوا: (قاما) و (قاموا) . 2- أنّهما مبنيّان على الفتح كالأفعال الماضية؛ ولو كانا اسمين لَما بنيا على الفتح من غير علّة. يُنظر: أسرار العربيّة 96، والإنصاف، المسألة الرّابعة عشرة، 1/104، 111، والتّبيين، المسألة الأربعون، 274، 275، واللّباب 1/180، وشرح المفصّل 7/127، وشرح الكافية الشّافية 2/1102. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 405 نعم المرأة، ويجوز هذا مع المفرد المذكّر، والمؤنّث، والمثنّى، والمجموع؛ فتقول: نعم الرّجل زيد ونعم الرّجلان أخواك ونعم الرّجال إخوتك ونعم المرأتان هِنْدٌ ودَعْدٌ ونعم النِّساء بنات عمّك. وقد جوّزوا في هذه المسألة في المخصوص1بالمدح أو الذّمّ أنْ يكون مبتدأً وخبره [الجملة] 2 الّتي قبله3. [63/ ب] وأنْ يكون خبرًا لمبتدأ محذوف، تقديره: نعم الرّجل هو زيد4.   1 في كلتا النّسختين: الخصوص، والتّصويب من ابن النّاظم. 2 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 3 في أ: إلى قبله. 4 هذان الوجهان ذكرهما معظم النّحاة. يُنظر: الكتاب 2/176، والمقتضب 2/141، والأصول 1/112، والتّبصرة 1/275. وقيل: هو مبتدأ خبره محذوف، والتّقدير: (زيدٌ الممدوح) ؛ وإليه ذهب ابن عصفور. وقيل: هو بدلٌ من الفاعل، وإليه ذهب ابن كيسان. يُنظر: المقرّب 1/69، والارتشاف 3/25، وابن عقيل 2/156، والتّصريح 2/97، والهمع 5/41، والأشمونيّ 3/37. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 406 وإمّا1 أنْ يكون مضمرًا، مميّزًا بنكرة منصوب، وبعد ذلك اسم مرفوع هو المخصوص بالمدح أو الذّم، كنعم صاحبًا زيدٌ وبئس غُلامًا بِشْرٌ. ويكون الاسم المرفوع الّذي فيه الألف واللاّم للجنس2 مُضْمرًا   1 هذه الكلمة قبلها كلام ساقط؛ يدلّ عليه عدم الارتباط بين هذا الكلام والّذي قبله؛ حيث كان الحديث قبلها عن المخصوص بالمدح أو الذّمّ، والحديثُ هُنا عن حالة من حالات الفاعل. والظّاهر أنّ هذا السّقْط من النُّسّاخ؛ ويُقال في استكماله: إنّ الشّارح قد أورد هذا الكلام لبيان أنّ (نعم) و (بئس) يقتضيان فاعلاً؛ إمّا معرّفًا بالألف واللاّم، نحو: (نعم الرجل زيدٌ) ؛ وإمّا مضافًا إلى المعرّف بها، نحو: (بئس صاحب العشيرة بشر) ؛ وإمّا مضافًا إلى مضاف إلى ما فيه الألف واللاّم، نحو: (نعم غلامُ صاحب القوم) . والنّوع الأخير من أنواع فاعل (نعم) و (بئس) ذكره الشّارح عندما قال: "وإمّا أنْ يكون مضمَرًا ... ". يُنظر: شرح المفصّل 7/130، وشرح الكافية الشّافية 2/1105، وابن النّاظم 469، والتّصريح 2/95، والأشمونيّ 3/28، 31. 2 اختلف العلماء في (أل) الّتي في فاعل (نعم) و (بئس) على قولين: فذهب الجمهور إلى أنّها جنسيّة. وذهب قومٌ إلى أنّها عهديّة. والّذين قالوا بالجنسيّة اختلفوا على قولين: أحدهما: أنّها للجنس حقيقة؛ فالجنس كلّه ممدوح أو مذموم، والمخصوص مندرجٌ تحته لأنّه فردٌ من أفراده؛ ثمّ نصَّ عليه كما ينصّ على الخاصّ بعد العامّ الشّامل له ولغيره. والثُاني: أنّها للجنس مجازًا؛ لأنّك لم تقصد إلاَّ مدح معيَّن، ولكنّك جعلته جميع الجنس مبالغة. واختلف القائلون بالعهد على قولين - أيضًا -: أحدهما: أنّها لمعهود ذهنّي فهي مشار بها إلى ما في الأذهان من حقيقة رجل، كما تقول: (اشتر اللّحم) ولا تريد الجنس ولا معهودًا تقدّم. والثّاني: أنّها للعهد في الشّخص الممدوح، كأنّك قلت: (زيدٌ نعم هو) . يُنظر: الكتاب 2/177، والمقتضب 2/141، 142، وشرح المفصّل 7/130، والارتشاف 3/16، وابن عقيل 2/151، والتّصريح 2/95، والهمع 5/30، والأشمونيّ 3/29. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 407 وقد فسَّرَهُ الاسم النَّكرة المنصوب؛ وتقديره: نعم الرّجل رجلاً، ومنه قولُ الشّاعر: لَنِعْمَ مَوْئِلاً الْمَوْلَى1 إِذَا حُذِرَتْ ... بَأْسَاءُ ذِي الْبَغْيِ وَاسْتِيْلاَءُ ذِي الإِحَنِ2   1 في أ: الموالي، وهو تحريف. 2 في ب: العن، وهو تحريف. وهذا البيتُ من البسيط، ولم أقف على قائله. و (موئلاً) : ملجأً ومرجعًا. و (حُذِرَتْ) : خيفت. و (البأساء) : الشّدّة. و (الإحن) : الأحقاد. والشّاهد فيه: (لنعم موئلاً) حيث رفع (نعم) ضميرًا مستترًا؛ وقد فُسِّر هذا الضّمير بالتّمييز (موئلاً) . يُنظر هذا البيت في: شرح التّسهيل 3/9، وشرح الكافية الشّافية 2/1106، وشرح عمدة الحافظ 2/782، وابن النّاظم 469، وابن عقيل 2/152، والمقاصد النّحويّة 4/6، والأشمونيّ 3/32. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 408 التّقدير: لنعم الموئل موئلاً المولى فأضمر الفاعل وفسَّرَهُ بالتّمييز بعده، ومنه قولُه تعالى: {بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً} 1. وقد يُسْتَغْنَى عن التّمييز للعلم بجنس الضّمير، كقوله - صلّى الله عليه وسلّم-: "مَنْ تَوَضَّأَ يَوْمَ الجُمْعَةِ فَبِهَا وَنِعْمَتْ" 2 أي: فبالسّنّة أَخَذَ، ونعمت السّنّة. وقد يتقدّم3على نِعْمَ ما يدلّ على المخصوص4بالمدح؛ فيغني ذلك عن ذكره، كقولك: العِلْمُ نِعْمَ المُقْتَنَى، وكقوله تعالى عن أيُّوب - عليه السّلام5 -: {إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِّعْمَ الْعَبْدُ} 6، وكقول الشّاعر:   1 من الآية: 50 من سورة الكهف. 2 هذا الحديث رواه سَمُرَةُ بن جُندب عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم. وتمامُه: "وَمَنِ اغْتَسَلَ فَالْغُسْلُ أَفْضَل". يُنظر: سنن أبي داود، كتاب الطّهارة، باب في الرّخصة في ترك الغسل يوم الجمعة، 1/251، وسنن التّرمذيّ، كتاب الصّلاة، باب ما جاء في الوضوء يوم الجمعة، 2/369، وسنن النّسائيّ، كتاب الجمعة، باب فضل الغسل، 1/522، وسنن ابن ماجه، كتاب إقامة الصّلاة والسّنّة فيها، باب ما جاء في الرّخصة في ذلك، 1/347، ومسند الإمام أحمد 5/16. 3 في ب: يقدّم. 4 في ب: الخصوص، وهو تحريف. 5 في ب: صلّى الله عليه وسلّم. 6 من الآية: 44 من سورة ص. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 409 إِنِّي1 اعْتَمَدْتُكَ يَا يَزِيـ ـدُ2 ... فَنِعْمَ3مُعْتَمَدُ الْوَسَائِلْ4 [64/أ] وممّا جاء بمعنى بِئْسَ في عَدَمِ التّصرّف سَاْءَ5، كقولك: سَاء الرّجل زيدٌ وساء غلام الرّجل عمروٌ وساء غُلامًا عبدُ هندٍ6، كقوله تعالى7: {بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا} 8، وقوله تعالى9: {سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} 10؛   1 في أ: بأنّي. 2 في ب: زيد. 3 في كلتا النّسختين: فنعم أنت، والتّصويب من ابن النّاظم. 4 في أ: الرّسايل. وهذا البيتُ من مجزوء الكامل، من قصيدة قالها الطّرمّاح يمدح بها يزيد بن المهلّب ابن أبي صُفرة. والمعنى: إنّي اعتمدّت عليك يا يزيد في قضاء مآربي وأداء مطالبي، ونعم معتمد الوسائل أنت. والشّاهد فيه: (فنعم معتمد الوسائل) حيث حذف المخصوص بالمدح، والتّقدير: فنعم معتمد الوسائل أنت. يُنظر هذا البيت في: شرح عمدة الحافظ 2/794، وشرح التّسهيل 3/18، وشرح الكافية الشّافية 2/1110، وشرح التّحفة الورديّة 272، والمقاصد النّحويّة 4/11، والفرائد الجديدة 2/657، والدّيوان 219. 5 في أ: بنا، وفي ب: بيسا؛ وكلتاهما محرّفة. 6 مَثّل الشّارح - رحمه الله - بهذه الأمثلة، ليدلّ على أنّ (ساء) يُستعمل استعمال (بئس) في عدم التّصرُّف، والاقتصار على كون الفاعل معرّفًا بالألف واللاّم، أو مضافًا إلى المعرّف بهما، أو مضمرًا مفسّرًا بتمييز بعده، والمجيء بعد الفاعل بالمخصوص بالذّمّ. (تعالى) ساقطة من ب. 8 من الآية: 29 من سورة الكهف. 9 في أ: سبحانه. 10 من الآية: 136 من سورة الأنعام. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 410 فهذا على حَدِّ: {بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ} 1. وذهب الفرّاءُ وأكثرُ الكوفيّين2 إلى اسميّة نعم وبئس، واحتجّوا بدخول حرف الجرّ عليهما، كقول بعض العرب وقد بُشِّر ببنتٍ: " [وَاللهِ] 3 مَا هِيَ بِنعْمَ المَوْلُوْدَةِ، نَصْرُهَا بُكَاءٌ، وَبِرُّهَا سَرِقَةٌ"4، وقول الآخر: "نِعْمَ السَّيْرُ عَلَى بِئْسَ الْعَيْرُ"5؛ ولا حجّة في ذلك؛ لجواز أنْ يكون دخول حرف [الجرّ] 6، كدخوله7 على نام   1 من الآية: 90 من سورة البقرة. 2 يُنظر رأي الكوفيّين في: معاني القرآن للفرّاء 1/268، 2/141، والإنصاف، المسألة الرّابعة عشرة، 1/97، والتّبيين، المسألة الأربعون، 274، وشرح ديوان المتنبّي - المنسوب إلى العكبريّ - 2/299 - 301، والمقرّب 1/65، وشرح الكافية الشّافية 2/1102، وابن النّاظم 467، والتّصريح 2/117، والهمع 5/26. 3 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 4 قال ابن الشّجريّ في أماليه 2/405: "وقال أبو بكر محمد بن القاسم بن بشّار الأنباريُّ: سمعتُ أحمد بن يحيى يحكي عن سلمة بن عاصم، عن الفرّاء: أنّ أعرابيًّا بُشِّر بابنةٍ وُلِدت له، فقيل له: نِعْم الولدُ هي! فقال: واللهِ ما هي بِنِعْمَ الولدُ، نَصْرُها بُكاءٌ، وبِرُّهَا سَرِقَةٌ". ويُنظر: أسرار العربيّة 97، والإنصاف 1/98، 99، وشرح المفصّل 7/128، والمقرّب 1/65، وشرح الكافية الشّافية 2/1102، وابن النّاظم 467. 5 نسبه ابن الشّجريّ إلى بعض فصحاء العرب نقلاً عن الفرّاء أيضًا. أمالي ابن الشّجريّ 2/405، ويُنظر: المصادر السّابقة. (الجرّ) ساقطٌ من ب. 7 في ب: لدخوله، وهو تحريف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 411 في قول القائل: عَمْرُكَ مَا لَيْلِي بِنَامَ1 صَاحِبُهْ2 تقديره: ما ليلي بليلٍ نام3صاحبه؛ ثم حذف الموصوف، وأُقيمت4الصّفة مقامه5.   1 في أ: ينام، وهو تحريف. 2 هذا بيتٌ من الرّجز المشطور، وبعده: وَلاَ مُخَالِطِ اللَّيَانِ جَانِبُهْ ولم أقف على قائله. و (عمرك) : قسم. و (اللّيان) - بفتح اللاّم والياء جميعًا -: مصدر من اللّين، يقال: فلانٌ في ليان من العيش، أي: لين الجانب. والشّاهد فيه: (بنام) حيث لا تدلّ الباء على اسميّة (نام) ؛ لأنّ تقديره: ما ليلي بليل نام صاحبه؛ وكذا دخول حرف الجرّ على (نعم) و (بئس) في قوله: (بنعم المولودة و (على بئس العير) لا يدلّ على اسميّتهما. يُنظر هذا البيت في: الخصائص 2/366، وأمالي ابن الشّجريّ 2/405، والإنصاف 1/112، وأسرار العربيّة 99، 100، والتّبيين 279، وشرح المفصّل 3/62، وشرح الكافية الشّافية 2/1103، وابن النّاظم 468، والمقاصد النّحويّة 4/3، والخزانة 9/388. 3 في أ: ينام، وهو تحريف. 4 في أ: واقا، وهو تحريف. 5 وبعضُ النُّحاة يؤوِّل هذا الكلام على حذف الموصوف وصفته، وإقامة معمول الصّفة مقامها. والتّقدير: ما هي بمولودٍة مقولٍ فيها نعم المولودة، ونعم السّير على عير مقولٍ فيه بئس العيرُ، وبليلٍ مقول فيه نام صاحبه. يُنظر: أمالي ابن الشّجريّ 2/406، والإنصاف، المسألة الرّابعة عشرة، 1/113، وشرح قطر النّدى 34، والتّصريح 2/94. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 412 [وكذلك ما هي بِوَلدٍ مقول فيه:1 نعم المولودة؛ فحذف الموصوف، وأُقيمت الصّفة مقامه2] 3.   1 في ب: فقال فيه، وهو سهوٌ من النّاسخ، والصّواب ما هو مثبَت. 2 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 3 وهُناك أدلّة أُخرى استدلّ بها الكوفيّون؛ منها: 1- أنّ العرب تقول: (يا نعم المولى، ونعم النّصير) ؛ فنداؤهم (نعم) يدلّ على الاسميّة؛ لأنّ النّداء من خصائص الأسماء. 2- أنّه لا يحسُن اقتران الزّمان بهما كسائر الأفعال؛ ألا ترى أنّه لا يحسُن أنْ تقول: (نعم الرجل أمس) ولا (بئس الرّجل غدًا) ؛ فلمّا لمْ يحسُن اقتران الزّمان بهما دلّ على أنّهما ليسا بفعلين. يُنظر: أمالي ابن الشّجريّ 2/405، 413، 414، والإنصاف، المسألة الرّابعة عشرة، 1/99، 103، 104، وأسرار العربيّة 97، والتّبيين، المسألة الأربعون، 276. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 413 بَابُ حَبَّذَا وَأَفْعَل الَّذِي لِلتَّفْضِيلِ: وَحَبَّذَا أَرْضُ الْبَقِيْعِ أَرْضَا ... وَصَالِحٌ أَطْهَرُ مِنْكَ عِرْضَا (حَبَّذَا) : كلمةٌ مُؤتلفَةٌ من كلمتين؛ إحداهما: (حَبَّ) ، والأخرى: (ذا) ؛ إلاَّ أنَّهما جُعِلاَ كالشّيء الواحد1، بلفظٍ واحدٍ مع المفرد المذكّر2، والمؤنّث، والمثنَّى، والجمع3.   1 لكن لا يُفهم منه التّركيب؛ وهو مذهب سيبويه والجمهور؛ وذهب قومٌ إلى تركيبهما اسمًا، وقومٌ إلى تركيبهما فعلاً، وآخرون على زيادة (ذا) . يُنظر: الكتاب 2/180، والمقتضب 2/145، واللّباب 1/188، وشرح المفصّل 7/140، 141، وشرح التّسهيل 3/23، 26، والارتشاف 3/29، والهمع 5/45، 46. 2 في ب: والمذكّر. 3 اختلف النُّحاة في علّة كونِ (ذا) لا يتغيّر عن الإفراد والتّذكير على ثلاثة أقوال: القول الأوّل: أنّه بمنزلة المثل؛ والأمثال لا تغيّر؛ ونُسب إلى الخليل وسيبويه، وبه قال ابن مالك. القول الثّاني: أنّه على حذف؛ والتّقدير في (حبّذا هند) - مثلاً -: (حبّذ حُسْنُ هند) و (حبّذا زيد) : (حبّذا أمره وشأنُه) ؛ فالمقدَّر المشار إليه مذكّرٌ مفرد حُذف، وأُقيم المضاف إليه مقامه؛ وهو قولُ ابن كيسان. القول الثّالث: أنّه على إرادة جنس شائع؛ فالتزم فيه الإفراد كفاعل (نعم) و (بئس) المضمر؛ ولهذا لا يجامع التّمييز فيُقال: (حبّذ زيدٌ رجلاً) . يُنظر: الكتاب 2/180، والبغداديّات 201، وشرح الكافية الشّافية2/1117، 1118، وابن النّاظم 475، والارتشاف 3/29، والتّصريح 2/100، والهمع 5/4، 46، والأشمونيّ 3/41. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 415 ومعنى (حبَّ) : صارَ محبوبًا جدًّا؛ وفيه لغتان: فتح الحاء، وضمّها. [64/ب] وأصله1: (حَبُبَ) ، وجرى بإسناده إلى اسم الإشارة كالمثل في عدم التَّغيير؛ فلم يضمّ أوّل الفعل2؛ فيُقال3في المدح: (حَبَّذَا زَيْدٌ) ؛ فإذا أُريدَ به الذّمّ قيل4: (لا حَبَّذَا) ، ومنه قولُ الشّاعر: أَلاَ حَبَّذَا أَهْلُ المَلاَ غَيْرَ أَنَّهُ ... إِذَا ذُكِرَتْ مَيٌّ فَلاَ حَبَّذَا هِيَا5 وكقول6 الآخر: أَلاَ حَبَّذَا عَاذِرِي فِي الهَوَى ... وَلاَ حَبَّذَا العَاذِلُ الجَاهِلُ7   1 في أ: وأصلها. 2 ولا وضع موضع (ذا) غيره من أسماء الإشارة، بل التزمت فيهما طريقة واحدة. شرح المفصّل 7/138. 3 في ب: فقال. 4 في ب: قيل له. 5 هذا بيتٌ من الطّويل، وهو لذي الرُّمّة في ملحق ديوانه؛ ويُنسب لِكَنْزَةَ أُمّ شَمْلَةَ الْمِنْقَرِيِّ، قالتها في ميّة صاحبة ذي الرُّمّة. والشّاهد فيه: (حبّذا أهل الملا) و (فلا حبّذا هيا) فقد استعملت (حبّذا) للمدح كـ (نعم) ، و (لا حبّذا) للذّمّ كـ (بئس) . يُنظر هذا البيت في: شرح ديوان الحماسة للمرزوقيّ 3/1542، وشرح الكافية الشّافية 2/1116، وابن النّاظم 474، وشفاء العليل 2/595، والمقاصد النّحويّة 4/12، والتّصريح 2/99، والهمع 5/51، والأشمونيّ 3/40، والدّرر 5/228، وملحق ديوان ذي الرُّمّة 3/1920. 6 في أ: وكقوله. 7 في ب: المجاهل، وهو تحريف. وهذا البيت من المتقارِب، ولم أقف على قائله. والشّاهد فيه: (حبّذا عاذري) و (لا حبّذا العاذل الجاهل) حيث استعمل (حبّذا) في العبارة الأولى للدّلالة على المدح، و (لا حبّذا) في العبارة الثّانية للدّلالة على الذّمّ. يُنظر هذا البيتُ في: شرح عمدة الحافظ 2/802، وشرح التّسهيل 3/26، وأوضح المسالك 2/290، والمساعد 2/142، وشفاء العليل 2/596، والمقاصد النّحويّة 4/16، والتّصريح 2/99، والهمع 5/51، والدّرر 5/227. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 416 واختلف النّحويّون في الاسم الواقع بعدها: فمنهم1 مَنْ جعل المخصوص بعدها خبرًا، على أنَّ (حَبَّذا) مبتدأ. ومنهم2 مَن جعله فاعلاً، على أنّها فِعْلٌ.   1 هذا مذهب الخليل وسيبويه، قال في الكتاب 2/180: "وزعم الخليل - رحمه الله - أن حبّذا بمنزلة حَبَّ الشيءُ، ولكن (ذا) و (حَبَّ) بمنزلة كلمة واحدة نحو (لَوْلاَ) وهو اسم مرفوعٌ، كما تقول: يا ابن عَمَّ فالعمُّ مجرورٌ؛ ألا ترى أنّك تقول للمؤنَّث حَبّذا ولا تقول حَبَّذِهِ؛ لأنّه صار مع حَبَّ على ما ذكرتُ لك، وصار المذكّر هو اللاّزم؛ لأنّه كالمَثَل". وإلى هذا ذهب المبرّد في المقتضب 2/145، وابن السّرّاج في الأصول 1/115، والزّجّاجيّ في الجمل 110، وابن عصفور في المقرّب 1/70، وشرح الجمل 1/610، 611. ويُنظر: شرح التّسهيل 3/23، وابن النّاظم 474، والملخّص 1/449، والارتشاف 3/29. 2 وهذا مذهب الأخفش، وخطّاب المارِديّ، وعزاه ابن عقيل في شرح الألفيّة 2/160 إلى ابن درستويه، وعزاه السّيوطيّ في الهمع 5/46 إلى المبرّد. ويُنظر: توضيح المقاصد 2/108، والارتشاف 3/29، والمساعد 2/141، 142، والتّصريح 2/100. ورُدَّ بعدم النّظير؛ فلم يركب فعل من فعل واسم؛ وبأنّه دعوى بلا دليل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 417 وقيل: [إنّ] 1 هذا القول تكلُّف، وإخراج اللّفظ2 عن أصله بلا دليل3. وقال ابن خَرُوف4 بَعْدَ أنْ مَثَّلَ بـ (حَبَّذَا زَيْدٌ) : " (حَبَّ) : فِعْلٌ، و (ذَا) : فاعله، و (زَيْدٌ) : مبتدأ، وخَبَرُه: (حَبَّذَا) ، وقال: هذا قولُ سيبويه"5.   1 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 2 في أ: باللّفظ. 3 أمّا ابن مالكٍ وابنه فإنّهما يريَان أنّ كِلاَ القولين تكلُّفٌ وإخراج اللّفظ عن أصله بلا دليل؛ والرّأي عندهما: أن (حَبّ) فعل، فاعله: (ذا) ، ولا يؤنّث، ولا يُثنَّى، ولا يُجمع؛ لأنّه بمنزلة المثل، والأمثال لا تغيّر. و (زيد) مبتدأ، وخبره (حبّذا) ؛ ويجوز أنْ يكون (زيد) خبر لمبتدأ محذوف، تقديره (المحبوب زيد) أو (هو زيد) . يُنظر: شرح الكافية الشّافية 2/1117، وشرح التّسهيل 3/22، 23، 26، 27، وابن النّاظم 475. 4 يُنظر: شرح الكافية الشّافية 2/1117، وشرح التّسهيل 3/23، وابن النّاظم 475، وتوضيح المقاصد 2/108، والمساعد 2/141. وابن خروف هو: عليّ بن محمّد بن عليّ الأندلسيّ النّحويّ: كان إمامًا في النّحو واللّغة، أخذ النّحو عن ابن طاهر؛ ومن مصنّفاته: شرح سيبويه، وشرح الجمل؛ توفّي سنة (609هـ) . يُنظر: إنباه الرّواة 4/192، وإشارة التّعيين 228، والبُلغة 157، وبُغية الوعاة 2/203. 5 وهو مذهب أبي عليّ الفارسيّ في البغداديّات 201، 204، وابن بَرْهَان، وابن كيسان؛ ونُسب إلى ابن درستويه، والخليل. يُنظر: شرح التّسهيل 3/23، والارتشاف 3/29، والمساعد 2/140، 141. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 418 فالمعرفة بعد (حَبَّذا) مرفوع بالابتداء، أو خَبَرٌ1 لمبتدأ محذوف2، والنّكرة بعدها منصوب [65/أ] على التّمييز، ويُذكر3قبله وبعده، كقولك: (حَبَّذا4 رَجُلاً زَيْدٌ) و (حَبَّذا هِنْدٌ امرأةً) . وقيل: إنْ كان الاسم النّكرة جنسًا انتصب على التّمييز، وإنْ كان مشتقًّا انتصب على الحال، كقولك: (حَبَّذا زَيْدٌ ضاحكًا) 5.   1 في أ: وخبر. 2 وقيل: يجعل (حبّذا) مبتدأً، و (زيد) خبره. وقيل: يجعل (ذا) مرفوعًا بـ (حبّ) ارتفاع الفاعل بفعله، ويجعل (زيد) بدلاً منه. وقيل: يجعل (ذا) زائدة، فيرتفع (زيد) بـ (بّ) ؛ لأنّه فاعل - وهو أضعفُ الوُجوه -. أسرار العربيّة 110. 3 في ب: وتذكر، وهو تصحيف. والمعنى: أنّه قد يُذكر قبل المخصوص أو بعده تمييز - كما مثّل الشّارح رحمه الله -. 4 في أ: حبدا، وهو تصحيف. 5 اختلف النُّحاة في هذا المنصوب بعد (حبّذا) : فذهب الأخفش وجماعة من البصريّين إلى أنّه منصوب على الحال لا غير؛ سواء أكان جامدًا أمْ مشتقًّا. وذهب أبو عمرو بن العلاء إلى أنّه منصوب على التّمييز لا غير؛ سواء أكان جامدًا أمْ مشتقًّا. وقال ابن أبي الرّبيع في الملخّص 1/449: "وإذا كان المنصوب جامدًا كان تمييزًا، وإذا كان مُشتقًّا جاز أن يكون حالاً، وجاز أن يكون تمييزًا". ويرى أبو حيّان بأنّه إنْ كان جامدًا كان تمييزًا، وإن كان مشتقًّا فمقصد المتكلِّم إن أراد تقييد المبالَغة في مدح المخصوص بوصف كان حالاً، وإنْ أراد عدم التّقييد بل تبيين جنس المبالَغ في مدحه كان تمييزًا؛ مثال الأوّل (حبّذا هندٌ مواصِلَةً) أي: في حال مواصلتها؛ وهذا لا يصحّ دخول (من) عليه. والثّاني: (حبّذا زيدٌ راكِبًا) ، وتدخُل عليه (من) . وقيل: إنّه منصوب بـ (أعني) مُضمَرًا فهو مفعول به لا حال ولا تمييز. وقال عنه أبو حيّان: "وهو قولٌ غريب". تُنظر هذه المسألة في: الأصول 1/120، وأسرار العربيّة 110، وشرح الجمل 1/611، والارتشاف 2/30، والهمع 5/49، 50. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 419 وقد يجيء فاعل (حبّ) المراد بها المدح غير (ذا) ؛ وذلك على ضربين: أحدهما: مرفوع، كقولك: (حَبّ زيدٌ رجلاً) . والآخر: مجرورٌ بالباء الزّائدة، نحو: (حَبَّ بزيد رجلاً) . وأكثر1 ما تجيء (حبّ) مع غير (ذا) مضمومة2 الحاء بالنّقل من حركة عينها، كقول الشّاعر: فَقُلْتُ: اقْتُلُوهَا عَنكُمُ بِمِزَاجِهَا ... وَحُبَّ بِهَا مَقْتُولَةً حِيْنَ تُقْتَلُ3   1 في أ: واكر، وهو تحريف. 2 في ب: مضموم. 3 هذا بيتٌ من الطّويل، وهو للأخطل. و (اقتلوها) : امزجوها بالماء - يعني: الخمر -. و (مقتولة) : ممزوجة. والشّاهد فيه: (وحُبّ بها) حيث جاء الفاعل غير (ذا) فكانت الحاء مضمومة من (حُبَّ) . واستشهد به معظم النُّحاة على أنَّ هذا البيت يروى بوجهين (حُبَّ) ، والفاعل غير (ذا) ؛ وكلا الوجهين جائز، فإنْ كان الفاعل (ذا) تعيّن فتح الحاء. يُنظر هذا البيت في: إصلاح المنطق 35، والأصول 1/116، وسرّ صناعة الإعراب 1/143، وأسرار العربيّة 108، وشرح المفصّل 7/129، 141، وشرح الكافية الشّافية 2/1118، وابن النّاظم 476، وابن عقيل 2/161، والمقاصد النّحويّة 4/26، والخزانة 9/427، والدّيوان 23- والرّواية فيه (وأطيب بها) بدل (وحبّ بها) ولا شاهد فيه على هذه الرّواية -. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 420 وقد لا تضمّ حاؤها، كقول بعض1 الأنصار - رضي الله عنهم -: بِاسْمِ الإلهِ وَبِهِ بَدِيْنَا ... وَلَوْ عَبَدْنَا2 غَيْرَهُ شَقِينَا فَحَبَّذَا رَبًّا وَحَبَّ دِينَا3 أي: حبّ عبادتُه دينًا4.   1 وهو: عبد الله بن رواحة بن ثعلبة بن امرئ القيس بن ثعلبة الأنصاريّ الخزرجيّ، الشّاعر المشهور، يكنى أبا محمد، وأبا رواحة، وليس له عقب، وكان من كُتّاب الأنصار، وأحدُ النّقباء ليلة العَقَبة، وشهِد بدْرًا وما بعدها إلى أن استُشهد بمؤتة رضي الله عنه. يُنظر: الاستيعاب 3/33، وأُسد الغابة 3/234، وسير أعلام النّبلاء 1/230، والإصابة 4/72. 2 في أ: عنينا، وهو تحريف. 3 هذا بيتٌ من الرّجز المشطور، وهو لعبد الله بن رواحة - رضي الله عنه -. و (بدِينا) - بكسر الدّال - أي: ابتدأنا، وهي لغة الأنصار. والشّاهد فيه: (حَبَّ دينَا) حيث جاء (حَبَّ) للمدح مفتوحَ الحاءِ مع غير (ذا) ؛ وكان الأصل ضمّ حائه. يُنظر هذا البيتُ في: شرح الكافية الشّافية 2/1116، وشرح عمدة الحافظ 2/802، وابن النّاظم 477، واللّسان (بدا) 14/67، والمقاصد النّحويّة 4/28، والهمع 5/46، 48، والأشمونيّ 3/42، والدّرر 5/221، والدّيوان 142. 4 وذكّر ضمير العبادة؛ لتأوّلها بالدِّين والتّعظيم. ابن النّاظم 477. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 421 وقوله: (وَصَالِحٌ أَطْهَرُ مِنْكَ عِرْضَا) . من خواصّ1 التّمييز: النّكرة الواقعة بعد أفعل الَّذي2 للتَّفضيل؛ وذلك مقيسٌ3 في كلّ ما يبنى منه فعل التّعجّب، تقول: (هذا أفضل من زيدٍ) و (أعلم منه) 4، [65/ب] كما تقول: (ما أفضلَه!) ، و (أعلَمه!) . وما لا يجوز أن يُبنى5منه [فعل التّعجّب لا يبنى منه أفعل التّفضيل67؛ فلا8 يُبْنى من] 9 وصف لا فعل له كـ (غير) (سوى و) ، ولا من فعلٍ زائدٍ   1 عبارة الحريريّ أوضح حيث قال: "من مواطن التّمييز: النّكرة الواقعة بعد أفعل الّذي للتّفضيل، كقولنا في الملحة: وصالح أطهر منك عرضَا". شرح الملحة 200. 2 في ب: الّتي. 3 في أ: وذلك مبنيًّا لكلّ ما يبنى. 4 لم يتحدّث النّاظم عن أفعل التّفضيل إلاّ بهذا الشّطر (وصالح أطهر منك عرضًا) ؛ ولم يُفرد له بابًا لا في نظمه ولا في شرحه للنّظم؛ لكن الصّايغ تعرّض لهذا الباب بالتّفصيل، وكأنّه يشرح الألفيّة، وتأثّره بابن النّاظم في هذا الباب أشدّ وُضوحًا. 5 في كلتا النّسختين: لا يبنى، وعليه لا يستقيم المعنى. 6 في كلتا النسختين للتفضيل، والتصويب من ابن الناظم 478. 7 ويُصاغ أفعل التّفضيل ممّا صيغ منه فعلا التَّعَجُّب؛ وهو كلّ فعلٍ، ثلاثيّ، متصرّف، تامّ، مثبت، قابل للتّفاضُل، مبنيّ للفاعل، ليس الوصف منه على أفعل فعلاء، ومن غير ملازم للنّفي. يُنظر: شرح التّسهيل 3/50، وشرح الكافية الشّافية 2/1121، وابن عقيل2/145، والتّصريح 2/101، والأشمونيّ 3/21. 8 في ب: ولا يُبنى. 9 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 422 على ثلاثة أَحْرُفٍ، نحو: (استخرج) ، ولا من معبّر1 عن فاعله بأفعل، كـ (عَوِرَ) ، ولا مبنيّ لمفعول2 ما لم يسمّ فاعله، كـ (ضُرِبَ) ، ولا من غير متصرّفٍ، كـ (عَسَى) و (نِعْمَ) و (بِئْسَ) ، ولا من [غير] 3 متفاوت4 المعنى، كـ (مَات) و (فَنِيَ) 5. فإنْ سُمِعَ بناء من ذلك حُفِظَ ولا يُقاس عليه كما في التّعجُّب. تقول: (هُوَ أَقْمَنُ بِكَذَا) 6 أي: أحَقّ به، وإن لم يكن له فعل، كما قالوا: (أَقْمِنْ بِهِ) ، وقالوا: (هو أَلَصُّ مِنْ شِظَاظٍ) 7؛ فبنوه من (لِصّ) ، ولا فعل له8.   1 في كلتا النّسختين: مغيّر، وهو تصحيف. 2 في أ: المفعول. 3 ما بين المعقوفين زيادةٌ يقتضيها السّياق؛ من ابن الناظم 478. 4 في ب: ولا متقارِب، وهو تحريف. 5 ولا يبنى ممّا ليس تامًّا، كـ (مات) و (صار) ؛ ولا من ملازِمٍ للنّفي، نحو (مَا عِجْتُ بِهِ) . 6 في كلتا النّسختين: هو فمن ذلك، وهو تحريف، والتّصويب من ابن النّاظم 478. 7 شظاظ: اسم لصّ من بني ضبّة؛ يُضرب به المثل في اللّصوصيّة. يُنظر: كتاب الأمثال لأبي عُبيد 366، وجمهرة الأمثال 2/180، ومجمع الأمثال 3/230، والمستقصى 1/328. 8 ونقل ابن القطّاع له فعلاً فقال: "لصَصَت الشّيء لصًّا فعلته في ستر، ومنه: اللِّصُّ". فعلى هذا لا شذوذ. يُنظر: كتاب الأفعال 3/144، والتّصريح 2/101، والأشمونيّ 3/44. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 423 و (هَذَا المَكَانُ أَقْفَرُ مِنْ غَيْرِهِ!) ، وفي المثَل: (أَفْلَسُ مِن ابْنِ المُذَلَّقِ) 1، وفي الحديث: "فَهُوَ لِمَا سِوَاهَا أَضْيَعُ"2. وهذا النّوع عند سيبويه -[رحمه الله] 3- مقيسٌ4، وهو عنده   1 هذا مثَل يُضرب في شدّة الإفلاس. وابن المُذَلَّق - بالدّال والذّال، وفتح اللاّم -: رجل من بني عبد شمس بن سعد بن زيد مناة؛ لم يكن يجد بيتُه قوتَ ليلة؛ وقد عُرف أبوه وأجداده بالإفلاس. يُنظر: جمهرة الأمثال 2/107، ومجمع الأمثال 2/461، والمستقصى 1/275. 2 هذا جزءٌ من كتاب كتبه عمر بن الخطّاب ـ رضي الله عنه ـ إلى عُمّاله. أخرجه مالك في الموطّأ، كتاب وقوت الصّلاة، 12. وهو بتمامه: عن نافع ـ مولى عبد الله بن عمر ـ: أنّ عمر بن الخطّاب كتب إلى عمّاله: "إنّ أهمَّ أمركم عندي الصّلاة؛ فمن حفِظها وحافظ عليها حَفِظَ دينه، ومَن ضيّعها فهو لِمَا سواه أضيع". (رحمه الله) ساقطة من ب. 4 في بناء أفعل التّفضيل من (أَفْعَلَ) ثلاثة مذاهب: فقيل: يجوز مطلَقًا؛ وهو مذهب سيبويه، واختاره ابن مالك في التّسهيل وشرحه. يُنظر: الكتاب 1/72، 4/98، والتّسهيل 131، وشرح التّسهيل 3/46، 47، 51. وقيل: يمتنع مطلَقًا؛ وهو مذهب المازنيّ، والأخفش، والمبرّد، وابن السّرّاج، والفارسيّ. يُنظر: المقتضب 4/178، 180، والأصول 1/103، 105، والإيضاح 1/92، 93، وشرح المفصّل6/92، وشرح الرّضيّ 2/213، 214، والارتشاف 3/42، والتّصريح 2/91، 101، والأشمونيّ 3/44. وقيل بالتّفصيل؛ فيجوز إنْ كانت الهمزة لغير النّقل، نحو: (أَتْقَنَ) و (أَصْوَبَ) ؛ ويمتنع إنْ كانت للنّقل نحو: (أَعْطَى) إلاَّ أن يشذّ من ذلك فيحفظ ولا يُقاس عليه، نحو: (هو أعطاهم للدّراهم) و (أولاهم للمعروف) . وهذا قولُ ابن عصفور. يُنظر: المقرّب 1/73، وشرح الجمل 1/579، 580، والتّصريح 2/91، 101، والهمع 6/42. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 424 كالثُّلاثيّ في جواز بناء التَّعجُّب منه، وأفعل التّفضيل. وتقول: (هُوَ أَهْوَجُ1 مِنْهُ) 2، وإن كان اسم فاعله على (أفعل) ، كما يُقال: ( [مَا] 3 أَهْوَجَهُ!) 4، وفي المثل: (أَحْمَقُ مِنْ هَبَنَّقَةَ) 5، و (أَسْوَدُ مِنْ َحنَكِ الغُرَابِ) 6. و [ما] 7 لا يجوز التّعجُّب من لفظه لمانعٍ فيه، يتوصّل8 إلى الدّلالة على التّفضيل فيه، بمثل ما توصّل إلى التّعجُّب منه.   1 في أ: أحوج، وهو تحريف. 2 الهَوَجُ: الحُمْقُ، والأهْوَجُ: الأحمق؛ وقيل: هو الشّجاع الّذي يرمي بنفسه في الحرب على التّشبيه بذلك؛ وقيل: هو المُفْرِطُ الطّول، ورجلٌ أَهْوَجُ بيِّنُ الهَوَج، أي: طويل، وبه تَسَرُّعٌ وحُمْقٌ. اللّسان (هوج) 2/394. 3 ما بين المعقوفين زيادة يقتضيها السّياق، من ابن النّاظم 479. 4 في أ: أهوجدّ، وهو تحريف. 5 في أ: هنبقة، وفي ب: هنقه، وكلتاهما محرّفة؛ والصواب من هو مثبت. وهبنّقة هو: ذو الوَدَعات، واسمه: يزيد بن ثَرْوَان؛ أحد بني قيس بن ثعلبة؛ يُضرب به المثل في الحُمْق. يُنظر: جمهرة الأمثال 1/385، ومجمع الأمثال 1/386، والمستقصى 1/85. 6 حَنَكُ الغُراب: منقارُه؛ وقيل: سوادُه؛ وقيل: نون حنك بدل من لام حَلَك. والحَلَك: اللّون، وقيل: شدّة السّواد كلون الغراب. اللّسان (حنك) 10/417، (حلك) 10/415. (ما) ساقطةٌ من أ. 8 في أ: متوصّل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 425 فيبنى1 (أفعل) التّفضيل من (أَشَدّ) وما جرى مجراهُ؛ ويميز بمصدر [ما] 2 فيه المانع [66/أ] وذلك قولهم: (هو أكثر استخراجًا) و (أقبح عورًا) و (أفْجَعُ مَوْتًا) . وأفعل التّفضيل في الكلام على ثلاثة أوجهٍ: مضاف، ومُعَرَّف باللاّم3، ومجرّد منهما4. فإنْ كان مجرّدًا لزم اتّصاله بـ (مِنْ) التّي لابتداء الغاية5، جارّة للمفضَّل عليه، كقولك: (زيدٌ أكرمُ من عمرٍو [أبًا] 6 وأَحْسنُ منه   1 في ب: يني، وهو تحريف. 2 ما بين المعقوفين زيادةٌ يقتضيها السّياق، من ابن النّاظم. 3 يريد: بالألف واللاّم. 4 في أ: منها. 5 اختلف العلماء في معنى (من) هذه: فذهب سيبويه والمبرّد إلى أنّها لابتداء الارتفاع في نحو: (أفضل منه) ، وابتداء الانحطاط في نحو (شر منه) ؛ وأشار سيبويه إلى أنّها تُفيد مع ذلك معنى التّبعيض، فقال: ((هو أفضلُ من زيد، إنما أراد أن يفضِّله على بعض ولا يَعُمَّ، وجعل زيدًا الموضع الّذي ارتفع منه، أو سَفَلَ منه في قولك: شَرٌّ من زيد)) . الكتاب 4/225. ويُنظر: المقتضب 1/44. وذهب ابن مالكٍ في شرح التّسهيل 3/134، 135 إلى أنّها بمعنى المجاوزة؛ فإنّ القائل: (زيدٌ أفضل من عمرو) كأنّه قال: جاوز زيدٌ عمرًا في الفضل. وتُنظر هذه المسألة في: المغني 423، والتّصريح 2/102، والأشمونيّ 3/45. 6 ما بين المعقوفين ساقطةٌ من أ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 426 خلقًا، وأَطْهَرُ منه عِرْضًا) فـ (عِرْضًا) وما تقدَّم مثله، منصوب على التّمييز؛ لاحتماله وُجوهًا. وقد يُستغنى بتقدير (مِنْ) عن ذكرها لدليل، ويكثُر ذلك إذا كان أفعل التّفضيل خبرًا1، كقوله تعالى: {وَالآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى} 2، ويجوز أن تحذف (مِنْ) ، فتقول: (زيدٌ أحسن خُلقًا، وأنظفُ ثوبًا) . وإنْ كان (أفعل) مضافًا، نحو: (زَيْدٌ أفضلُ القوم) ؛ أو معرّفًا باللاّم، نحو: (زَيْدٌ الأفضل) لم يجز اتّصاله بـ (من) . وأمّا قولُ الشّاعر: وَلَسْتَ بِالأَكْثَرِ مِنْهُمْ حَصًى ... وَإِنَّمَا العِزَّةُ لِلْكَاثِرِ3   1 ويقلُّ الحذفُ إذا كان حالاً، كقول الشّاعر: دَنَوْتِ وَقَدْ خِلْنَاكِ كَالْبَدْرِ أَجْمَلاَ ... فَظَلَّ فُؤَادِي فِي هَوَاكِ مُظلَّلاَ أي: دَنَوْتِ أجمل من البدر. أو صفة، كقوله: تَرَوَّحِي أَجْدَرَ أَنْ تَقِيلِي ... غَدًا بِجَنْبَيْ بَارِدٍ ظَلِيلِ أي: تَرَوّحي وأْتِي مكانًا أجدر من غيره بأن تقيلي فيه. يُنظر: شرح التّسهيل 3/57، وشرح الكافية الشّافية 2/1129، وابن النّاظم 480، وأوضح المسالك 2/295، 296، وابن عقيل 2/166، والتّصريح 2/103، والأشمونيّ 3/45. 2 أي: من الحياة الدّنيا. سورة الأعلى، الآية: 17. 3 هذا بيتٌ من السّريع، وهو للأعشى الكبير، من قصيدة يهجو فيها علقمة بن علاثة الصّحابيّ - رضي الله عنه -، ويمدح فيها ابن عمّه عامر بن الطّفيل في المنافرة الّتي وقعت بينهما. و (حَصَىً) المراد به ههنا: العدد من الأعوان والأنصار. و (العزّة) : القوّة والغَلَبة. و (الكاثر) : الغالب في الكثرة والكثير. والشّاهد فيه: (بالأكثر منهم) حيث جمع فيه بين الألف واللاّم و (من) ؛ وذلك ممتنعٌ، وقد خرّجه الشّارح - رحمه الله -. يُنظر هذا البيتُ في: نوادر أبي زيد 25، والاشتقاق 65، والخصائص 1/185، 3/234، وشرح المفصّل 3/6، وشرح الكافية الشّافية 2/1135، وابن النّاظم 481، وأوضح المسالك 2/300، والمقاصد النّحويّة 4/38، والتّصريح 2/104، والخزانة 8/250، والدّيوان 143. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 427 ففيه ثلاثة أوجه: أحدها: أنَّ (مِنْ) فيه ليست لابتداء الغاية، بل لبيان الجنس1. الثّاني: أنَّها تعلّقت بمحذوفٍ دَلَّ عليه2 المذكور. الثّالث: أنَّ الألف واللاّم زائدتان؛ فلم يمنعا من وُجود (من) كما لم يمنعا من [66/أ] الإضافة في قوله3: تُوْلِي الضَّجِيعَ إِذَا تَنَبَّهَ مَوْهِنًا كَالأُقْحُوانِ مِنَ الرَّشَاشِ المُسْتَقِي4   1 كما هي في نحو: (أنت منهم الفارسُ الشّجاع) أي: مِنْ بينِهِمْ. 2 في ب: على. 3 في أ: قولهم. 4 هذا بيتٌ من الكامل؛ وهو للقُطَاميّ. وهو في الدّيوان 110، 111 مركّب من بيتين؛ وهُما: تُعْطِي الضَّجِيعَ إِذَا تَنَبَّهَ مَوْهِنًا ... مِنْهَا وَقَدْ أَمِنَتْ لَهُ مَنْ يَتَّقِي عَذْبَ المَذَاقِ مُفلَّجًا أَطْرَافُهُ ... كَالأُقْحُوانِ مِنَ الرَّشَاشِ المُسْتَقِي و (تولي) : تُدني. و (الضّجيع) : المضاجِع. و (موهِنًا) : نحو من نصف اللّيل، وقيل: حين يُدْبِرُ اللّيل. و (الرّشاش) : من قولهم: (أصابنا رَشاش المطر) ، وأصله من الرّش؛ وهو: ما تَرَشَّش من الدّمع. والشّاهد فيه: (من الرّشاش المستقي) إذِ الألِف واللاّم في (الرّشاش) زائدتان، والتّقدير: من رشاش المستقي؛ واستدلَّ به على زيادة (أل) في المضاف. يُنظر هذا البيت في: شواهد التّوضيح 59، وشرح التّسهيل 2/386، وابن النّاظم 481، والمقاصد النّحويّة 4/40، وحاشية يس 2/24. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 428 قال أبو عليّ1: "أراد: من رشاش المستقي". وإذا كان (أفعل) مجرّدًا لزمه [التّذكير، والإفراد بكلّ حال، كقولك: (هو أفضل) و (هي أفضل) و (هما أفضل) و (هم أفضل) و (هُنّ أفضل) ] 2   1 يُنظر: شرح التّسهيل 2/386، وشواهد التّوضيح 59، 60، وابن النّاظم 482. وأبو عليّ هو: الحسن بن أحمد بن عبد الغفّار الفارسيّ النّحويّ: واحدُ زمانه في علم العربيّة، أخذ عن الزّجّاج، وابن السّرّاج؛ وأخذ عنه ابن جنّي، وعليّ بن عيسى الرّبعي؛ ومن مصنّفاته: الحجّة، والتّذكرة، والإيضاح؛ توفّي ببغداد سنة (377هـ) . يُنظر: نزهة الألبّاء 232، وإنباه الرّواة 1/308، وإشارة التّعيين 83، وبغية الوُعاة 1/496. 2 ما بين المعقوفين زيادة يقتضيها السّياق؛ وهي من ابن النّاظم 482. وفي أ: (مطابقة هو له في التّذكير، والتّأنيث، والإفراد، والتّثنية، والجمع؛ تقول: (هو الأفضل) و (هي الفضلى) و (هما الأفضلان) و (هم الأفضلون) و (هما الأفضلان) و (هنّ الفضليات) و (أولو الفضل) . وفي ب: (مطابقة هو له في التّذكير والتّأنيث، والإفراد، والتّثنية، والجمع، كقولك: (هو الأفضل) و (هي الفضلى) و (هما الأفضلان) و (هنّ الفضليات) . وكلاهما سهوٌ من الشّارح، أو انتقال نظرٍ من النّاسخ؛ إذْ حديث الشّارح عن أفعل إذا كان مجرّدًا، وهذا الكلام يختصّ بأفعل إذا كان معرّفًا بالألف واللاّم - كما هو واضحٌ من تمثيله -. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 429 [وإذا كان معرّفًا بالألف واللاّم لزمه مطابقة ما هو له في التّذكير، والتّأنيث، والإفراد، والتّثنية، والجمع؛ فتقول: (هو الأفضل) و (هي الفُضْلَى) و (هما الأفضلان) و (هم الأفضلون) و (هُنَّ الفُضليات) أو (الفُضل) ] 1. فإنْ أُضيف إلى نكرة لزمه التّذكير، والإفراد، كالمجرّد؛ فتقول2: (هو أفضلُ رجلٍ) و (هي أفضل امرأةٍ) و (هما أفضل رجلين) و (هم أفضل رجالٍ) و (هُنَّ أفضل نساءٍ) . فإنْ3 أُضيف إلى معرفةٍ جاز أن يوافق المجرّد في لزوم الإفراد، والتّذكير؛ فيُقال: (هي أفضلُ النّساء) و (هما أفضلُ القوم) ؛ وجاز أن يوافق المعرّف بالألف واللاّم في لزوم المطابَقة لِمَا هو له، فيُقال: (هي فُضلى النِّساء) و (هما أفضلا4 القوم) . وجواز الأمرين في المضاف مشروط5 بكون6 الإضافة فيه بمعنى (مِنْ) ؛   1 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 2 في أ: تقول. 3 في كلتا النسختين: فإن، والتصويب من ابن الناظم 482. 4 في كلتا النسختين: أفضل القوم والتصويب من الناظم 482. 5 في أ: شروط، وهو تحريف. 6 في أ: يكون. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 430 وذلك إذا كان أفعل مقصودًا به التّفضيل؛ أمّا إذا لم يُقصد به التّفضيل فلا بُدَّ فيه من المطابقة لِمَا هو له، كقولهم: (النَّاقِصُ والأَشَجُّ أَعْدَلاَ بَنِي مَرْوَانَ) 1 أي: عَادِلاَ هُمْ. وكثيرًا ما يُستعمل أفعل غير مقصودٍ به التَّفْضيل2؛ وهو عند المُبَرّد3مقيس4، ومنه قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ} 5 أي: رَبُّكُمْ عَالِمٌ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ6، وهو هَيِّنٌ عَلَيْهِ. [67/أ]   1 النّاقص هو: يزيد بن الوليد بن يزيد بن عبد الملك بن مروان؛ لُقِّب بذلك لأنّه نقّص أرزاق الجند. والأشجّ هو: عمر بن عبد العزيز؛ لُقِّبَ بذلك لأنّ بجبينِه أثر شجّة من دابّة ضربته. يُنظر: شرح الكافية الشّافية 2/1143، وابن النّاظم 483، والتّصريح 2/105، والأشمونيّ 3/49. 2 في ب: تفضيل. 3 المقتضب 3/245، ونقله ابن مالك في شرح الكافية الشّافية 2/1143، وشرح التّسهيل 3/60. ويُنظر: ابن النّاظم 483، والمساعد 2/179، والأشمونيّ 3/51. والمبرّد هو: أبو العبّاس محمّد بن يزيد الأزديّ البصريّ: إمامُ العربيّة في زمانه، كان فصيحًا بليغًا، ثقة علاّمة، صاحب نوادر؛ أخذ عن المازنيّ، وأبي حاتم؛ وعنه ابن السّرّاج؛ ومن مصنّفاته: المقتضب، والكامل، والردّ على سيبويه؛ توفّي سنة (285هـ) . يُنظر: أخبار النّحويّين البصريّين 105 - 113، وطبقات النّحويّين واللّغويّين 101 - 110، ونزهة الألبّاء 164 - 173، وبُغية الوعاة 1/269 - 271. 4 وعند غيره من النّحاة غير مقيس، وقال ابن مالك في التّسهيل 134: "والأصحّ قصرُه على السّماع". وحكى ابن الأنباريّ الجوازَ عن أبي عبيد، والمنع عن النّحويّين. يُنظر: المساعد 2/179، والأشمونيّ 3/51. 5 من الآية: 27 من سورة الرّوم. 6 تأويله يشير إلى وجود آية كريمة قد سقطت من النّسّاخ؛ وهي قوله تعالى: {رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ} [الإسراء: 25] . وهي في ابن النّاظم 483. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 431 وقول الشّاعر: إِنَّ الَّذِي سَمَكَ السَّمَاءَ بَنَى لَنَا1 ... بَيْتًَا دَعَائِمُهُ أَعَزُّ2 وَأَطْوَلُ3 وإنَّما أراد بذلك: عزيزة طويلة. وَقَدْ قَرِرْتَ بِالإِيَابِ عَيْنَا وَطِبْتَ نَفْسًا إِذْ قَضَيْتَ الدَّيْنَا هذا التّمييز مُزالٌ عن أصله، وقد حُوِّل الإسناد عنه إلى غيره لقصد4 المبالغة، فلا يغيّر عمّا كان يستحقّه5 من وجوب التّأخير؛ لِمَا فيه من الإخلال بالأصل؛ وهو ما يبيّن إجمالاً في نسبة العامل إلى فاعله ومفعوله، نحو: (طَابَ   1 في ب: لها، وهو تحريف. 2 في أ: أعد، وهو تحريف. 3 هذا بيتٌ من الكامل، وهو للفرزدق. و (سَمَكَ) : رفع. و (البيت) أراد به: المجد والشّرف. و (الدّعائم) : جمع دِعامة؛ وهي العمود، أو ما يُسند به الحائظ إذا مال ليمنعه من السّقوط. والشّاهد فيه: (أعزّ وأطول) حيث استعمل صيغتي التّفضيل في غير التّفضيل؛ لأنّه لا يعترف بأنّ لجريرٍ بيتًا دعائمه عزيزة طويلة حتى تكون دعائم بيته أكثر عزّة وأشدّ طولاً؛ ولو بقي (أعزّ وأطول) على معنى التّفضيل لتضمَّن اعترافُه بذلك. يُنظر هذا البيت في: الصّاحبي 434، وشرح المفصّل 6/97، 99، وشرح التّسهيل 3/60، وابن النّاظم 483، واللّسان (كبر) 5/127، (عزز) 5/374، وابن عقيل 2/170، والمقاصد النّحويّة 4/42، والأشباه والنّظائر 6/50، والأشمونيّ 3/51، والخزانة 8/242، والدّيوان 2/155. 4 في ب: للقصد. 5 في ب: تستحقّه، وهو تصحيف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 432 زَيْدٌ نَفْسًا) ، وقوله تعالى: {وَفَجَّرْنَا الأَرْضَ عُيُونًا} 1 فإن نسبة (طاب) إلى (زيد) مجملةٌ تحتمل وجوهًا، و (نَفْسًا) 2 مُبيّنٌ لإجمالها؛ ونسبة (فجّرنا) [إلى] 3 (الأرض) مجملة - أيضًا -، و (عيونًا) 4 مُبيّنٌ لذلك الإجمال5. ومثل6 ذلك: (تصبَّبَ زَيْدٌ عَرَقًا) و (تَفَقَّأ شَحْمًا) و (ضِقْتُ بالأمر ذَرْعًا) 7، ومنه قوله تعالى: {وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا} 8. [67/ب] وسيبويه9 يمنع تقديم10 التّمييز على عامله، وإنْ كان فعلاً متصرّفًا، نحو: (طاب زيدٌ نفسًا) 11؛ وأجاز ذلك   1 من الآية: 12 من سورة القمر. 2 في كلتا النّسختين: نفسٌ، والتصويب من ابن الناظم. (إلى) ساقطة من ب. 4 في كلتا النّسختين: عيون، والتصويب من ابن الناظم. 5 في أ: الاحتمال، وهو تصحيف. 6 في ب: ومن ذلك. 7 الذّرعُ: الطّاقة والوسع، وضاق بالأمر ذَرْعُه وذِراعهُ أي: ضعفت طاقتُه ولم يجد من المكروه فيه مَخْلَصًا، ولم يُطِقْه، ولم يَقْوَ عليه. اللّسان (ذرع) 8/95. 8 من الآية: 4 من سورة مريم. 9 الكتاب 1/204، 205. 10 في أ: تقدُّم. 11 (ولا خلاف في امتناع تقديمه على العامل إذا لم يكن فعلاً متصرّفًا) . ابن النّاظم 351. وقد عقد ابن الأنباريّ في الإنصاف مسألة لهذا؛ وهي المسألة العشرون بعد المائة، 2/282، والعكبريّ في التّبيين المسألة الخامسة والسّتّون، 394، والزَّبيديّ في ائتلاف النّصرة، فصل الاسم، المسألة الخامسة عشرة، 38. ويُنظر: الخصائص 2/384، وأسرار العربيّة 196، وشرح المفصّل 2/73، وشرح الكافية الشّافية 2/775، 776، وشرح التّسهيل 2/389، والهمع 4/71، والأشمونيّ 2/200. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 433 الكسائيّ1، المازنيّ2، والمبرّد3، [وبه] 4 يقول الشّيخُ جمالُ الدّين بن مالكٍ5- رحمه الله - قياسًا على غيره من الفضلات المنصوبة بفعل متصرّفٍ6. وممّا ورد من ذلك قولُ رَبِيْعَة بن مَقْرُومٍ7: وَوَارِدَةٍ كَأنَّها عُصَبُ القَطَا ... تُثِيرُ عَجَاجًا بِالسَّنابِكِ أَصْهَبَا   1 يُنظر رأيُه في: شرح الكافية الشّافية 2/776، وشرح التّسهيل 2/389، وابن النّاظم 351، وأوضح المسالك 2/116، والهمع 4/71. 2 يُنظر رأيُه في: المقتضب 3/36، والأصول 1/223، والخصائص 2/384، وشرح المفصّل 2/74، وشرح الكافية الشّافية 2/776، وشرح التّسهيل 2/389، وابن النّاظم 351، وأوضح المسالك 2/116، والهمع 4/71. 3 المقتضب 3/36. 4 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 5 شرح التّسهيل 2/389، وشرح الكافية الشّافية 2/777، وشرح عمدة الحافظ 1/476. وابن مالك هو: جمال الدّين محمّد بن عبد الله الطّائيّ الجيانيّ النّحويّ: إمامُ النُّحاة، وحافظُ اللّغة؛ كان إمامًا في القراءات وعِلَلِها، والغريب، والنّحو، والتّصريف، والشّعر؛ ومن مصنّفاته: الألفيّة في النّحو، والكافية الشّافية، وشرحها، وتسهيل الفوائد، وشرحه؛ وُلد سنة (600هـ) ، وتوفّي بدمشق سنة (672هـ) . يُنظر: إشارة التّعيين 320، 321، والبُلغة 201، وبُغية الوعاة 1/130 - 137. 6 في ب: مضمر فيه. 7 هو: ربيعة بن مقروم بن قيس بن جابر الضّبّيّ: شاعرٌ إسلاميٌّ مخضرَمٌ، أدرك الجاهليّة والإسلام، وشهِد القادسيّة وجلولاء؛ وهو من شعراء مُضَر المعدودين، وعاش مائة سنة. يُنظر: الشّعر والشّعراء 198، والأغاني 22/102، والخِزانة 8/438. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 434 رَدَدّتُ بِمِثْلِ1 السِّيدِ نَهْدٍ2 مُقَلَّص ... كَمِيشٍ إِذَا عِطْفَاهُ مَاءً تَحَلَّبَا3 وكقول الآخر: أَنَفْسًا4 تَطِيْبُ بِنَيْلِ الْمُنَى ... وَدَاعِي المَنُونِ يُنَادِي جِهَارَا5   1 في ب: كمثل. 2 في ب: زل، وهو تحريف. 3 في ب: ما سلحلبا، وهو تحريف. وهذان البيتان من الطّويل. و (واردة) أراد بها القطيع من الخيْل. و (العصب) جمع عصبة: الجماعة. و (العجاج) : الغُبار. و (السّنابك) جمع سنبك: طرف مقدّم الحافر. و (أصهبا) : من الصّهبة وهو لونُ الغُبار. و (السِّيْد) : الذّئب. و (نهد) : ضخم. و (مقَلَّص) : طويل القوائم. و (كميش) : جادّ في عدوه. و (منكمش) : مسرِع. و (عطفاه) : جانباه. و (تحلَّبَا) : سالا ماءً، يريد: عرَقًا. والمعنى: رُبّ خيل واردة تشبه في سرعتها جماعة القطا تُثير الغُبار بسنابكها، رددّت بفرس سريع الجري يشبه الذّئب في سرعة عَدْوِه، ضخم الجسم، طويل القوائم، جادّ في عدوه إذا سال عطفاه ماء - أي: عرَقًا -. والشّاهد فيهما: (إذا عطفاه ماء تحلّبا) حيث قدّم التّمييز - ماءً - على عامله وهو الفعل المتصرّف - تحلّب -؛ وهذا غيرُ جائز عند سيبويه، وجوّزه الكسائيّ والمازنيّ والمبرّد؛ وخرّجه بعضهم بأنّ (عطفاه) فاعل لفعل محذوف، و (ماءً) مفعولٌ به لهذا الفعل. يُنظر هذا البيتُ في: المفضّليّات 376، والأصمعيّات 224، والشّعر والشّعراء 198، وأمالي ابن الشّجريّ 1/48، وشرح التّسهيل 2/389، وشرح الكافية الشّافية 2/778، وابن النّاظم 351، والمغني 602، والأشمونيّ 2/202، وشعره - ضمن شعراء إسلاميّون -249، 250. 4 في ب: أنفوسًا. 5 هذا بيتٌ من المتقارِب، ولم أقف على قائله. والشّاهد فيه: (أنفسًا تطيب) حيث قدّم التّمييز - نفسًا - على عامله وهو الفعل المتصرّف - تطيب -؛ وهذا نادرٌ عند سيبويه والجمهور، وقياسيّ عند الكسائيّ والمازنيّ والمبرّد. يُنظر هذا البيتُ في: شرح التّسهيل 2/389، وشرح عمدة الحافظ 1/477، وأوضح المسالك 2/115، والمغني 603، والمقاصد النّحويّة 3/241، والتّصريح 1/400 والبهجة المرضيّة 96، وشرح شواهد المغني 2/862، والأشمونيّ 2/201. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 435 و 1قول الآخر: وَلَسْتُ إِذَا ذَرْعًا أَضِيقُ بِضَارِعٍ2 ... وَلاَ يَائِسٍ عِنْدَ التَّعَسُّرِ3 مِنْ يُسْرِ4   1 في ب: وكقول. 2 في أ: بعارض، وهو تحريف. 3 في ب: التّغيير، وهو تحريف. 4 هذا بيتٌ من الطّويل، ولم أقف على قائله. و (ذرعًا) : الذّرع بسْطُ اليدين. و (الضّارع) : الذّليل. والشّاهد فيه: (ذرعًا) حيث قدّم التّمييز - ذرعًا - على عامله وهو الفعل المتصرّف - أضيق -؛ وهذا نادرٌ عند سيبويه والجمهور؛ وقياسيّ عند الكسائيّ والمازنيّ والمبرّد. يُنظر هذا البيتُ في: شرح الكافية الشّافية 2/777، وشرح التّسهيل 2/389، وابن النّاظم 352، والمقاصد النّحويّة 3/233. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 436 بَابُ كَمِ الاسْتِفْهَامِيَّةِ: وَكَمْ إِذَا جِئْتَ بِهَا مُسْتَفْهِمَا ... فَانْصِبْ وَقُلْ: كَمْ كَوْكَبًا تَحْوِي1 السَّمَا فَصْلٌ: كم الاستفهاميّة: مميّزها فرد منصوب؛ لشبهه بالعدد المنصوب على التّمييز2؛ لأنّه من أحد عشر إلى تسعة وتسعين لا يكون إلاَّ [68/أ] واحدًا. وهذه3يجوز الفصل بينها وبين مميّزها، تقول: (كمْ عَبْدًا لك؟) و (كم لك عبْدًا؟) ؛ وهذه الإجازة كالعِوض من منع إعرابها4، ولا يجوز ذلك في الخبريّة.   1 في متن الملحة 26: نَحْوَ السَّمَا. 2 وقد علّل الشّارح - رحمه الله - في باب كم الخبريّة ص 290 بأنّ مميّز الاستفهاميّة مفرد منصوب؛ لأنها بمنزلة عدد منوّن. وعلّله ابن النّاظم 739 بالحمل على مميّز العدد المركّب وما جرى مجراه؛ إذْ كانت فرعًا على (كم) الخبريّة، كما أنّ العدد المركّب فرعٌ على المفرد. 3 في أ: وهذا. 4 قال سيبويه: "وزعم أنّ كم درهمًا لك أقوى من كم لك درهمًا وإنْ كانت عربيّة جيّدة؛ وذلك أنّ قولك: العشرون لك درهمًا فيها قُبح، ولكنّها جازت في كَمْ جوازًا حسنًا، لأنّه كأنّه صار عوضًا من التَّمكُّنِ في الكلام". الكتاب 2/158. وقال المبرّد: "إلاّ أنّه يجوز لك في (كَمْ) أن تفصِل بينها وبين ما عملت فيه بالظّرف؛ فتقول: كم لك غلامًا؟ وكم عندك جاريةً؟، وإنّما جاز ذلك فيها؛ لأنّه جُعِلَ عِوَضًا لِمَا مُنِعَتْهُ من التّمكُّن". المقتضب 3/55. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 437 وقد تقع موقع المبتدأ، كقولك: (كَمْ عَبْدًا لَكَ؟) ؛ فـ (كم) مبتدأ، و (لك) 1 الخبر، ونصبت (عَبْدًا) على التّمييز. وتقعُ موقع المفعول به، في قولك: (كم رجلاً رأيت؟) . وموقع2 الجارّ والمجرور3، كقولك: (بكم درهمًا بعت؟) . وإنْ دخل عليها حرف جرّ جاز في مميّزها النّصب والجرّ4؛ فيُقال: (بكم درهمًا اشتريت ثوبك؟) و (بكم درهمٍ اشتريت؟) فالنّصب لأنّها كما تقدّم5، والجرّ بـ (من) مضمَرة6، لا بإضافة7 (كم) إليه؛ خلافًا لبعضهم8.   1 في أ: وذلك، وهو تحريف. 2 في أ: وموضع. 3 تارةً بحرف الجرّ كما مثّل، وتارة بالإضافة، نحو قولك: (ابن كم سنة أنت؟) . 4 اختلف العلماء في جواز جرّ تمييز (كم) الاستفهاميّة حملاً على الخبريّة؛ على ثلاثة مذاهب: الأوّل: أنّه لا يجوز. والثّاني: أنّه يجوز مطلَقًا؛ وإليه ذهب الفرّاء، والزّجّاج، والسّيرافيّ. والثّالث: أنّه يجوز بشرط أن يدخل على (كم) حرف جرّ، نحو: (على كم جذع بيتك مبنيّ؟) ؛ وهو مذهب سيبويه والخليل. يُنظر: الكتاب 2/159، 160، وشرح التّسهيل 2/419، وشرح الرّضيّ 2/96، والارتشاف 1/378، والتّصريح 2/279، والهمع 4/79، والأشمونيّ 4/80. 5 لأنّها شبيهة بالعدد المنصوب على التّمييز. 6 وهو مذهب الخليل، وسيبويه، والفرّاء، والجمهور. يُنظر: الكتاب 2/160، والمقتضب 3/56، والمقرّب 1/312، والتّسهيل 124، وشرحه 2/419، وشرح الرّضيّ 2/96، والارتشاف 1/378، والمساعد 2/108، والتّصريح 2/279، والهمع 4/79، والأشمونيّ 4/80. 7 في أ: لإضافة. 8 أراد ببعضهم: الزّجّاج. يُنظر: التّسهيل 124، وشرحه 2/419، والارتشاف 1/378، والمساعد2/109، والتّصريح 2/279، والهمع 4/79، والأشمونيّ 4/80. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 438 والدّليل على ذلك من وجهين: أحدهما1: أَنَّ (كم) الاستفهاميّة لا تصلُح2أن تعمل الجر؛ لأنّها قائمة مقام عدد مركّب، والعدد المركّب لا يعمل الجرّ؛ فكذا ما قام مقامه3. الثّاني: أنَّ الجرّ بعد (كم) الاستفهاميّة لو كان بالإضافة لم يشترط دخول حرف الجرّ على (كم) 4. فاشتراط ذلك دليل على الجرّ بـ (مِنْ) مقدّرة؛ لكون حرف الجرّ الدّاخل عوضًا من اللّفظ بها. ويجوز حذف مميّزها5 وهو حسن، ولا يحسُن ذلك في الخبريّة؛ لأنّها مضافة، وحذف المضاف إليه وإبقاء المضاف قبيح؛ لأنّ فائدته في المضاف إليه6. [68/ب]   1 في ب: أحدها. 2 في أ: لا يصلح، وهو تصحيف. (كم) الاستفهاميّة فرعٌ على الخبريّة، كما أنّ العدد المركّب فرعٌ على المفرد. يُنظر: شرح الكافية الشّافية 4/1704، وابن النّاظم 739. 4 في كلتا النّسختين: كم الخبريّة، وهو سهوٌ من الشّارح ـ رحمه الله ـ؛ لأنّ الحديث هُنا عن (كم) الاستفهاميّة. 5 نحو: (كم مالك؟) أي: كم درهمًا أو دينارًا. وقوله تعالى: {كَمْ لَبِِثْتمْ} [الكهف: 19] أي: كم يومًا أو عامًا. 6 وقيل: يجوز حذف تمييز (كم) الخبريّة، وقيل: يقبح حذفه إلاَّ أنّ يقدّر منصوبًا؛ ومن الحذف قوله: كَمْ عَمَّةٌ لَكَ يَا جَرِيرُ وَخَالَةٌ ... ..................................... في رواية مَن رفع عمّة. وكلام ابن مالكٍ في التّسهيل يقتضي أنّه لا فرق في ذلك بين مميّز الاستفهاميّة ومميّز الخبريّة - كما ذكر ذلك ابن عقيل في المساعد - قال ابن مالكٍ في التّسهيل 124: "كم اسم لعدد مبهم؛ فيفتقر إلى مميّز، ولا يُحذف إِلاَّ لدليل". يُنظر: شرح المفصّل 4/129، وشرح ألفيّة ابن معطٍ 2/1125، وشرح التّسهيل 2/419، والمساعد 2/106، 107، والهمع 4/83، والأشمونيّ 4/83. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 439 وإذا قلتَ: (كم المال؟) كانت الاستفهاميّة. ومن ههنا اختلف المعنى في قولك: (كم دِرْهمًا معك؟) [و (كم درهمٌ معك؟) ] 1؛ لأنّك في النّصب تسأل عن عِدّة الدّراهم، وفي الرّفع تسأل عن درهم واحدٍ، وفي الجرّ مُخبِراً لا مستخبراً في أحد الوجهين، كأنّك قلت: (كم حبَّة درهم معك؟) و2 (كم قِرطاسًا؟) ؛ ومن ههنا قالَ النّحويّون في قول الفرزدق: كَمْ عَمّةٌٍ لَكَ يا جَرِيرُ وَخَالَةًٌٍ فَدْعَاء قَدْ حَلَبَتْ عَلَيَّ عِشَارِي3   1 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 2 في ب: أو. 3 هذا بيتٌ من الكامل. و (الفَدْعَاء) هي المرأة الّتي اعوجّت أصابعها من كثرة الحلب، وقيل: هي التّي أصاب رجلها الفدع من كثرة مشيها وراء الإبل. و (عشاري) : جمع عشراء؛ وهي: النّاقة الّتي أتى عليها مِن وضعها عشرة أشهر. والشّاهد فيه: (كَمْ عَمَّة) حيث يجوز في (عمّة) وفي (خالة) المعطوفة عليها الحركات الثّلاث. أمّا الرَّفع فعلى أنّ (كم) خبريّة أو استفهاميّة في محلّ نصب ظرف متعلّق بـ (حلبت) - كما يرى الشّارح -، أو مفعول مطلق عامله (حلبت) الآتي؛ وعلى هذين يكون قوله: (عمّة) مبتدأ، وجملة (حلبت) في محلّ رفع خبره، وتمييز (كم) على هذا الوجه محذوف، يقدّر مجرورًا إنْ قُدِّرت (كم) خبريّة، ويقدّر منصوبًا إن قدّرت (كم) استفهاميّة؛ وعلى كلّ حال يقدّر من ألفاظ الزّمان إنْ جعلت (كم) ظرف زمان - كما قدّر الشّارح -، ويقدّر من ألفاظ المصادر إنْ جعلت (كم) مفعولاً مطلَقًا. وأمّا النّصب فعلى أنّ (كم) استفهاميّة في محلّ رفع مبتدأ، وخبره جملة (حلبت) أيضًا، و (عمة) تمييز لها؛ وقيل: إنّ تميمًا تُجيز نصب مميّز الخبريّة مفردًا. وعلى هذا يجوز نصب (عمّة) مع كون (كم) خبريّة. وأمّا الجرّ فعلى أنّ (كم) استفهاميّة في محلّ رفع مبتدأ، وخبره جملة (حلبت) أيضًا، و (عمّة) تمييز لها. يُنظر هذا البيت في: الكتاب 2/72، 162، 166، والمقتضب 3/58، والجمل 137، وسرّ صناعة الإعراب 1/331، والتّبصرة 1/322، وشرح المفصّل 4/133، والمقرّب 2/312، وشرح عمدة الحافظ 1/536، وابن النّاظم 741، وأوضح المسالك 3/227، والخزانة 6/385، والدّيوان 1/361. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 440 إنّه إذا رفع العمّة قصد عمّةً واحدةً، فحذف مميّز (كم) وجعله ظرفًا، كأنّه [قال] 1: (كَمْ مَرَّةً2 عَمَّةٌ [لك] 3قد حَلَبَتْ عَلَيَّ عِشَارِي) ؛ ومَن نصب أراد تكثير العمَّات، وصارت (كم) اسمًا مبتدأ   1 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 2 في ب: من. 3 ما بين المعقوفين ساقطةٌ من ب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 441 لا ظرفًا، وخبره: (حلبت عليّ) ، وكذلك الحكم في الجرّ1.وتُرَاعَى أصولها إذا استعملت في باب (ظنّ) 2؛ فتقول: (كم تظنّ النَّاسَ رجلاً، والنّاسُ) [وكم النّاسَ تظنّ رجلاً والنّاسُ] 3؛ ولا يجوز [النّاسَ] 4 كم تظنّ5. وتختلف معانيها باختلاف الإعراب، كقولك: (بكم ثوبك مصبوغٌ؟) و (بكم ثوبك مصبوغًا؟) فالسّؤال مع الرّفع عن أُجرة الصّبغ، أو6 المقدار المصبوغ، ومع النّصب عن جملة الثّوب وثمنِه.   1 وكذلك من جَرّ أراد تكثير العمّات. 2 في أ: الظّنّ. 3 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 4 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 5 لأنّ (كم) لها الصّدارة، ولا يعمل ما بعدها فيما قبلها. 6 في أ: و. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 442 بَابُ الْمَفْعُولِ فِيهِ وَهُوَ الظَّرْفُ -: [69/أ] وَالظَّرْفُ نَوْعَانِ فَظَرْفُ أَزْمِنَهْ ... يَجْرِي مَعَ الدَّهْرِ وَظَرْفُ أَمْكِنَهْ وَالْكُلُّ مَنْصُوبٌ عَلَى إِضْمَارِ فِي ... فَاعْتَبِرِ الظَّرْفَ بِهَذَا وَاكْتَفِي تَقُولُ: صَامَ خَالِدٌ أَيَّامَا ... وَغَابَ شَهْرًا وَأَقَامَ عَامَا وَبَاتَ زَيْدٌ فَوْقَ سَطْحِ المَسْجِدِ ... وَالْفَرَسُ الأَبْلَقُ1 تَحْتَ مَعْبَدِ وَالرِّيحُ هَبَّتْ يَمْنَةَ المُصَلِّي ... وَالزَّرْعُ تِلْقَاءَ الحَيَا المُنْهَلِّ وَقِيمَةُ الفِضَّةِ دُونَ الذَّهَبِ ... وَثَمَّ عَمْرٌو فَادْنُ مِنْهُ وَاقْرُبِ وَدَارُهُ غَرْبِيَّ فَيْضِ2البَصْرَهْ ... وَنَخْلُهُ شَرْقِيَّ نَهْرِ مُرَّهْ فَصْلٌ: الظّرْفُ3 هو: المفعول فيه. وينقسم4 إلى: ظرف زمان، وظرف مكان؛   1 البَلَق: سوادٌ وبياضٌ، وكذلك البُلْقة وهي مصدر الأبلق؛ وهو: ارتفاع التّحجيل إلى الفخذين. اللّسان (بلق) 10/25. 2 الفيض: النّهر، والجمع: أفياض، وفُيوض؛ وجمعهم له يدلّ على أنّه لم يسمّ بالمصدر. وفيض البصرة: نهرها، غلّب ذلك عليه لعظمه. اللّسان (فيض) 7/211. 3 الظَّرف لغة: الوِعاء، واصطلاحًا: هو ما نُصِبَ من اسم زمان، أو مكان مقارن لمعنى (في) دون لفظها. يُنظر: شرح الكافية الشّافية 2/675، واللّسان (ظرف) 9/229. 4 في أ: وهو ينقسم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 443 وكلاهُما ينقسم إلى: مبهم [و] 1 مختصّ. و2 أسماء الزّمان كلّها صالحة للظّرفيّة [69/ب] لا فرق3 في ذلك بين المبهَم4 منها والمختصّ5؛تقول6: (انتظرته حينًا ومُدَّةً) و (لقيتُه يوم الخميس) . و [أَمّا] 7 أسماء المكان فالصّالح منها للظّرفيّة نوعان: الأوّل: الاسم المبهَم؛ كأسماء الجِهات، نحو: (فوق) و (تحت) و (أمام) و (وراء) و (يمين) و (شمال) ، وشبهها في الشّياع ممّا يفتقر إلى غيره   1 العاطف ساقط من أ. 2 في ب: فأسماء. 3 في أ: ولا فرق. 4 ظرف الزّمان المبهم هو: ما يدلّ على زمنٍ غير محدود ولا مقدّر، ولا يقع جوابًا لـ (متى) و (كم) ، نحو: (حين) و (مدّة) و (وقت) ؛ تقول: (سِرْتُ حينًا، ومدّة ووقتًا) . يُنظر: التّصريح 1/341، والأشمونيّ 2/128. 5 ظرف الزّمان المختصّ هو: ما يدلّ على زمنٍ مقدّر، ويقع جوابًا لـ (متى) ؛ نحو: (يوم الخميس) جوابًا لمن قال: (متى جئتَ؟) ؛ وهو المعرّف بالعلميّة كـ (صمت رمضان) ، أو بـ (أل) كـ (سِرْتُ اليومَ) ، أو بالإضافة كـ (جئتُ زمن الشّتاء) و (يوم قُدوم زيد) ، أو غير معلوم - وهو النّكرة - نحو: (سرتُ يومًا أو يومين أو أسبوعًا أو وقتًا طويلاً) . يُنظر: التّصريح 1/341، والأشمونيّ 2/128. 6 في أ: فتقول. 7 ما بين المعقوفين زيادة يقتضيها السّياق؛ بدليل مجيء الفاء، وهو كذلك عند شيخه ابن النّاظم 274. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 444 في بيان صورة مسمّاه، كـ (جانب) و (ناحية) ، وكأسماء المقادير1 كـ (مِيْلٍ) 2 و (فَرْسَخٍ) 3و (بَرِيد) 4. [و] 5 الثّاني: ما اشتقّ من اسم الحدَث6، كـ (مَذْهَبٍ) و (مَرْمى) 7. والمختصّ منه: (ذَهَبْتُ مَذْهَبَ زَيْدٍ) و (رَمَيْتُ مَرْمَى عَمْرٍو) . والمختصّ: كلّ ما اشتملّ عليه8ما يحوطُه، كـ (الشّام) و (العِرَاق) و (المسجد) و (الدّار) .   1 ذهب الجمهور إلى أنّ المقادير من الظّروف المبهمة. وذهب الشّلوبين إلى أنّها ليست من الظّروف المبهمة؛ لأنّها معلومة المقدار. يُنظر: التّوطئة 210، وتوضيح المقاصد 2/93، والارتشاف 2/250، وابن عقيل 1/531، والأشمونيّ 2/130. 2 المِيْلُ من الأرض: منتهى مدّ البصر؛ ومقداره: أربعة آلاف ذراع. يُنظر: الصّحاح (ميل) 5/1823، والقاموس المحيط (مال) 1369. 3 الفَرْسَخُ: ثلاثة أميال هاشميّة؛ وهي: اثنا عشر ألف ذراع. يُنظر: الصّحاح (ميل) 5/1823، والقاموس المحيط (فرسخ) 329. 4 البَرِيْدُ: اثنا عشر ميلاً. يُنظر: تهذيب اللّغة (برد) 14/106، والصّحاح (برد) 2/447. 5 العاطف ساقط من أ. 6 أي: الّذي اشتقّ منه العامل واتّحدت مادّته ومادّة عامله - كما مثّل الشّارح رحمه الله -؛ فلو اختلفت مادّته ومادّة عامله نحو: (رميت مذهب زيد وذهبتُ مرمى عمرو) لم يجز في القياس أن يُجعل ظرفًا، بل يجب التّصريح معه بـ (في) . يُنظر: شرح الكافية الشّافية 2/677، وابن النّاظم 275، وأوضح المسالك 2/52، والتّصريح 1/341. 7 في ب: مرى. 8 في أ: كلّ ما يشتمل على ما يحوط. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 445 وهذا النّوع يتصّرف بوجوه الإعراب، ولا يسمّى ظرف مكان1؛ فإن وُجِدَ منه شيءٌ منصوبًا كان انتصابُه انتصاب المفعول به لا انتصاب الظّرفيّة2. ومن أسماء ظروف الزّمان ما يعبَّر به عن جميعه، كـ (الدّهر) و (قَطّ) و (عَوْض) و (الأبَد) . فـ (قَطُّ) : اسم لِمَا مضى من الزّمان، و (الأبد) : لجميع الآتي منه؛ فتقول من ذلك: (ما فعلتُه قطّ) 3 و (لا أفعله أبدًا) ، و (إذْ) 4: لِمَا مضى من الزّمان، و (إذا) : ظرفٌ لِمَا يُستقبَلُ من الزّمان، يتضمّن معنى الشّرط غالبًا. ويُضْمَر عاملُ الظّرف على [70/أ] شريطة5 التّفسير؛ تقول: (اليوم سِرت فيه)   1 قال ابن السّرّاج في الأصول 1/197: "وأمّا مكّة، والمدينة، والمسجد، والدّار، والبيت؛ فلا يجوز أنْ يكن ظروفًا؛ لأنّ لها أقطارًا محدودة معلومَة؛ تقول: قُمْتُ أمامك، وصلّيتُ ورائك؛ ولا يجوز أنْ تقول: قمتُ المسجد، ولا قعدتّ المدينة، ولا ما أشبه ذلك". 2 نحو قولك: (عمرت الدّار) و (هدمت الحائط) . 3 قال ابن هشام في المغني 233: "قط: تكون ظرف زمانٍ لاستغراق ما مضى، وتختصّ بالنّفي؛ يُقال: ما فعلته قط؛ والعامّة يقولون: لا أفعله قط؛ وهو لحن. واشتقاقُه من (قَطَطْتُه) أي: قطعتُه، فمعنى ما فعلتُه قط: ما فعلتُه فيما انقطع من عمري؛ لأنّ الماضي مستَقطَعٌ عن الحال والاستقبال". 4 في أ: وإذا، وهو سهو. 5 في ب: شرطه، وهو تحريف. وانتصاب الظّرف بعاملٍ مضمَر إمّا أنْ يكون بعاملٍ جائز الإظهار أو بممتنعه؛ وقد أفرد الشّارح - رحمه الله - فصلاً لِنَاصِبِ الظّرف في ص 453 من هذا الباب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 446 تقديره: سرت اليوم1. وجميع أسماء الزّمان تكون ظروفًا إذا وردت متضمّنة (في) ولم ينطق بـ (في) ، كقولك2: (قدمت يوم الجمعة) و (صُمْتُ يَوْمَ الخميس) 3؛ فلوقوع الأفعال فيها سُمّيت ظروفًا4. ومنها: ما يقع الفعل في جميعه، كقولك: (صمت يوم الخميس) 5. ومنها: ما يقع في بعضه، كقولك: (لقيتُه يوم الجمعة) ؛ لأنّ اللّقاء قع في بعضه6.   1 أي: سرت اليوم سرتُ فيه. 2 في أ: تقول. 3 نصبت هذه الأسماء نصب الظّروف لتضمّنها معنى (في) ؛ إذْ تقدير الكلام: (قدمت في يوم الجمعة) و (صمت في يوم الخميس) . 4 قال ابن يعيش 2/41: "وقيل للأزمنة والأمكِنَة ظروف؛ لأنّ الأفعال توجَد فيها، فصارت كالأوعية لها". 5 لأنَّ الصّوم يستغرق اليوم. وقال السّيوطيّ في الهمع 3/148: "وكون ما يكون العمل في جميعه هو ظرف وانتُصب انتصاب الظّروف هو مذهب البصريّين. وزعم الكوفيّون: أنّه ليس بظرف، وأنّه ينتصب انتصاب المشبّه بالمفعول؛ لأنّ الظّرف عندهم ما انتصب على تقدير (في) ، وإذا عَمّ الظّرف لم يتقدّر عندهم فيه (في) ؛ لأنّ (في) يقتضي عندهم التّبعيض، وإنّما جعلوه مشبّهًا بالمفعول لا مفعولاً به؛ لأنّهم رأوه ينتصب بعد الأفعال اللاّزمة". ويُنظر: الكتاب 1/216، والبسيط 1/488 - 490. 6 قال ابن أبي الرّبيع في البسيط 1/488: "ألا ترى أنّ اللِّقاء لا يمكن في اليوم كلِّه، وإنّما يكونُ اللِّقاء في بعضه". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 447 وكلُّ اسم صلح أن يكون1جواب2 (أين) في الاستفهام فهو مكان، تقول من ذلك: (جلست خلفك) و (سرتُ أمامك) و (قعدتّ دونك) و (داري غربي دارك) و (وجهي تلقاء وجهك) و (سرت يَمْنَةَ الأمير) و (لي قبلك حقّ) و (توجّهتُ نحو المدينة) 3؛ فإن لم تتضمّن4هذه الأسماء معنى (في) لم تكن ظروفًا، وجاز أن تعتقب عليها العوامل بوُجوه الإعراب؛ فإذا قلتَ: (دخلتُ البيت) فإنه منتصب نصب المفعول به لوُقوع الفِعل عليه، لا بوقوعه فيه5؛   1 في أ: أن يقع في. 2 في كلتا النّسختين: جوابه، والصّواب ما هو مثبَت. 3 ساق الشّارح - رحمه الله - هذه الأمثلة ليبيّن أنّ هذه الأسماء إذا وردت متضمّنة معنى (في) ولم يُنطق بها نصبت نصب ظروف المكان. 4 في أ: يتضمّن، وهو تصحيف. 5 النّصب فيه ليس على الظّرفيّة، بل على التّوسّع بإسقاط الخافض، وإجراء القاصر مجرى المتعدِّي؛ فهو مشبّه بالمفعول لا ظرف؛ وهذا مذهب الفارسيّ - الإيضاح 161 -، واختاره ابن مالكٍ في التّسهيل 98، وشرحه 2/200، 201، ونسبه لسيبويه؛ قال سيبويه 1/159: "أجازوا قولهم: دخلتُ البيت، وإنّما معناه: دخلتُ في البيت، والعامِل فيه الفعل، وليس المنتصب ههنا بمنزلة الظّرف". وقيل: إنّه منصوبٌ على الظّرفيّة تشبيهًا بالمبهَم، ونسبه الشّلوبين إلى سيبويه، وإلى الجمهور. يُنظر: توضيح المقاصد 2/90، والأشمونيّ 2/126. وقال سيبويه 1/35: "وقد قال بعضُهم: ذهبتُ الشّام يشبّهه بالمبهَم، إذا كان مكانًا يقع عليه المكان والمذهبُ. وهذا شاذٌّ؛ لأنّه ليس في ذهب دليلٌ على الشّام، وفيه دليل على المذهب والمكان، ومثل ذهبت الشّام: دخلتُ البيتَ". وقيل: إنّه مفعولٌ به، و (دخل) مثلاً تارةً يتعدّى بنفسه، وتارة بحرف؛ وهو مذهب الأخفش. يُنظر: توضيح المقاصد 2/91، والارتشاف 2/253، والهمع 3/153. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 448 فليس متضمّنًا1 معنى (في) . وأمّا قولهم: (هو مِنِّي مَقْعَدَ القَابِلَة) 2 و (عمرو مَزْجَر الكلب) و (عبد اللهِ مَنَاطَ الثُّرَيَّا) على الظّرفيّة، فشاذٌّ3.   1 في ب: مضمّنًا. 2 في ب: المقابلة، وهو تحريف. 3 شذّ نصبه لمخالفة مادّته لمادّة عامله؛ إذ التّقدير: هو مِنِّي مستقرٌّ في مقعد القابلة، وفي مزجر الكلب، وفي مناط الثّريّا؛ فعامله الاستقرار المتعلّق به (منّي) ، الواقع خبرًا عن (هو) ، ومادّة الاستقرار مخالفة لمادّة مقعد، ومزجر، ومناط. والمعنى: هو منّي في القُرب مقعد القابلة من النّفساء، وفي البُعد مناط الثّريّا من الدّبران، وفي التّوسُّط مزجر الكلب من الزّاجر؛ فـ (من) الأولى متعلّقة بالاستقرار - كما مرَّ -، و (من) الثّانية الدّاخلة على النّفساء والدّبران والزّاجر متعلّقة باسم المكان نفسه؛ لأنّه مشتقّ. ولو أعمل في المقعد قعد، وفي المزجر زجر، وفي المناط ناط؛ لم يكن شاذًّا لاتّحاد المادّة، ويصير المعنى هو مستقرّ منّي قعد مقعَد القابلة، وزجر مزجر الكلب، وناط مناط الثّريّا. يُنظر: الكتاب 1/412 - 416، وشرح الكافية الشّافية 2/676، 677، وابن النّاظم 275، وأوضح المسالك 2/52، والتّصريح 1/341، 342. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 449 فإنْ قيل: لِمَ استأثرتْ أسماء الزّمان بصلاحيّة المبهم منها، والمختصّ للظّرفيّة عن أسماء المكان؟ [70/ب] فالجواب: أنَّ أصلَ العوامل الفِعْلُ، ودلالته على الزّمان أقوى من دلالته على المكان؛ لأنّه يدلّ على الزّمان بصيغته والالتزام1، ويدلّ على المكان بالالتزام فقط؛ فلمّا2 كانت دلالة الفعل على الزّمان قويّة تعدّى إلى المبهم منها والمختصّ، ولَمَّا كانت دلالته على المكان ضعيفة لم يتعدَّ إلى كلّ أسمائه، بل يتعدّى إلى المبهم منها3. وقد تُقام صفة الظّرف مقامه بعد حذفه، كقولك: (أقمتُ عنده قليلاً من النّهار) و (سامرْتُه كثيرًا من اللّيل) وتقديره: زمانًا قليلاً، وزمانًا كثيرًا. وقد نُصِبَ بعضُ المصادر نَصْبَ4 الظّروف في قولهم: [ (أتيتُه غروب الشّمس) و (انتبهت طلوعَ الفجر5) ] 6.   1 أي: لأنّه يدلّ على الحدث بمادّته الموضوعة له مطابقة، والحدث يستلزم الزّمان، فقد دلّ على الزّمان ثانيًا بواسطة دلالته على الحدَث بخلاف المكان؛ فإنّه يدلّ عليه التزامًا بواسطة دلالته على الحدَث فقط. الصّبّان 2/130. 2 في أ: فكلّما، وهو تحريف. 3 لأنّ في الفعل دلالة عليه بالجملة، وإلى المختصّ الّذي اشتقّ من اسم ما اشتقّ منه العامل لقوّة الدّلالة عليه حينئذ. يُنظر: ابن النّاظم 275، والأشمونيّ 2/130. 4 في أ: ونصب. 5 في ب: الشّمس. 6 ما بين المعقوفين لم يَرِد في النّسختين بهذا اللّفظ؛ والّذي ورد فيهما هو: ((أتيته وقت غروب الشّمس، وانتبهت وقت طلوع الفجر)) . والتّمثيل يستقيم بدون كلمة (وقت) حيث إنّ (غروب) و (طلوع) مصدران منصوبان نصب الظّروف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 450 وَقَدْ أَكَلْتُ قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ ... وَإِثْرَهُ وَخَلْفَهُ وَعِنْدَهُ الأسماء منها ما إذا أُضيف إلى شيء صار من جنسه وأُلحِق بنوعه. فمن ذلك: (قبلُ) و (بَعْدُ) فهما إنْ أُضيفا إلى ظرف زمانٍ صارا من جنسه، وانتصبا انتصاب [71/أ] ظرف الزّمان؛ كقولك: (قدمتُ البلد قبل زيدٍ، وسافرت بعده) ، وإنْ أُضيفا إلى ظرف مكانٍ صارا من جنسه، كقولك: (نزلنا قبل المنزلة، وقيلنا بعد المنهل) . وكذلك أسماء العدد1، و (كُلّ) و (بعض) و (نصف) و (ثُلث) ، وما أشبهه، وكذلك (بين) ؛ تقول: غاب زيدٌ خمسة أيّام، وأقمتُ عنده كلّ النّهار وبعض اللّيل، وصلَّيْتُ بين الظّهر والعصر2؛ وتقول: قطعتُ خمسة فراسِخ، وكلّ المرحلة، وسار زيدٌ بعض فرسخٍ، وركب ثلث الطّريق، وأقام بين البلدين3. وَعِنْدَ فِيهَا النَّصْبُ يَسْتَمِرُّ ... لَكِنَّهَا بِمِنْ فَقَطْ تُجَرُّ عِنْدَ: ظرفٌ4 لازمُ الظّرفيّة، ولا يدخله5 الرّفع بحال، ولا يُجرُّ6   1 في أ: العدم، وهو تحريف. 2 انتصب (خمسة) و (كلّ) و (بعض) و (بين) انتصاب ظرف الزّمان؛ لإضافتها إليه وجعلها كالجزء منه. 3 انتصب (خمسة) و (كلّ) و (بعض) و (ثلث) و (بين) انتصاب ظرف المكان؛ لإضافتها إليه. 4 أكثرُ ما يقع (عند) ظرف مكان، وقد يقع ظرف زمان كما مثّل الشّارح رحمه الله. 5 في أ: ولا يدخلها. 6 في أ: ولا تجرّ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 451 إلاَّ بـ (من) دون سائر الظّروف لعدم تصرُّفه؛ لأنَّ الظّرف المتصرّف1 يفارقُ الظّرفيّة، ويُستعمل مخبرًا2عنه، ومضافًا إليه، ومفعولاً به3. ثمّ الظّرف المتصّرف: منه منصرف4، نحو: (يومٍ) و (شهرٍ) و (حوْلٍ) ، ومنه غير منصرف5 نحو: (غُدْوَةَ) و (بُكْرَةَ) مقصودًا بهما تعريف الجنس أو العهد.   1 الظّرف على ضربين: متصرّف، وغير متصرّف. وقد عرّف الشّارح - رحمه الله - الظّرف المتصرّف؛ وبقي غير المتصرّف؛ ((وهو: ما لازم الظّرفيّة، أو شبهها. فمنه ما لا ينفكّ عن الظّرفيّة أصلاً، كـ (قَطّ) و (عَوْض) ؛ ومنه ما لا يخرُج عن الظّرفيّة إلاَّ بدخول حرف الجرّ عليه، نحو: (قبل) و (بعد) و (لَدُنْ) و (عند) حال دخول (من) عليهنّ؛ فيُحكم عليه بأنّه غير متصرّف؛ لأنّه لم يخرج عن الظّرفيّة إلاّ إلى حال شبيهة بها؛ لأنّ الجارّ والمجرور والظّرف سيّان في التّعليق بالاستقرار، والوقوع خبرًا، وحالاً، ونعتًا، وصلة)) . ابن الناظم 275، 276. وينظر: أوضح المسالك 2/53، والتّصريح 1/342، والأشمونيّ 2/131، 132. 2 في أ: مجبرًا، وهو تصحيف. 3 نحو قولك: (اليومُ مبارَكٌ) و (سِرْتُ نصفَ اليوم) و (أحببتُ يومَ قدومك) . 4 في أ: متصرّف؛ وفي ب: متصرّفة، وكلتاهُما مصحّفة. 5 في كلتا النّسختين: غير متصرّف، وهو تصحيف. والظّرف غير المتصّرف - أيضًا - منه منصرف نحو: (ضُحا) و (بُكْرةٍ) و (سَحَرٍ) و (لَيْلٍ) و (نَهَارٍ) و (عِشَاءٍ) و (عُتْمةٍ) و (مَسَاءٍ) غير مقصود بها التّعريف. ومنه غير منصرف نحو: (سَحَر) المعرفة. يُنظر: شرح الكافية الشّافية 2/679، وابن النّاظم 276. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 452 و (عند) [71/ب] يكون1ظرف زمان2، كقولك: (وصلت البلدَ عند غروب الشّمس) . [وَأَيْنَمَا صَادَفْتَ فِي لاَ تُضْمَرُ ... فَارْفَعْ وَقُلْ: يَومُ الْخَمِيسِ نَيِّرُ] 3 فَصْلٌ: واعلم4 أنَّ النّاصب5للظّرف هو الفعل الموجود معه؛   1 في ب: تكون. 2 كونها ظرف زمان قليلٌ جدًّا. يُنظر: الهمع 3/164، والصّبّان 2/264. 3 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 4 في ب: اعلم. 5 ناصبُ الظّرف هو اللّفظ الدّالّ على المعنى الواقع فيه، سواءٌ كان اللّفظ الدّال فعلاً، أم اسم فعلٍ، أم وصفًا، أم مصدَرًا؛ ولهذا اللّفظ ثلاث حالات: إحداها: أن يكون مذكورًا، نحو: (جلستُ أمام زيْدٍ) ؛ وهذا هو الأصل. والثّانية: أن يكون محذوفًا جوازًا؛ وذلك كقولك: (فرسخين) أو (يوم الجمعة) جوابًا لمن قال: (كم سِرْتَ؟) أو (متى صُمْتَ؟) . والثّالثة: أن يكون محذوفًا وُجوبًا؛ وذلك في سِتٍّ مسائل: وهي أن يقع صفة كـ (مررت بطائرٍ فَوْقَ غُصْن) ، أو صلة كـ (رأيت الّذي عندك) ، أو حالاً كـ (رأيت الهلالَ بين السّحاب) ، أو خبرًا كـ (زيدٌ عندك) . والنّاصبُ في الجميع محذوف وُجوبًا، تقديره: (استقرّ) أو (مستقرّ) ؛ إلاّ في الصّلة فيتعيّن استقرّ. أو مشتغلاً عنه كـ (يوم الخميس صُمْت فيه) فـ (يوم الخميس) منصوب بفعل محذوف وُجوبًا يفسّره (صمت) المذكور، والتّقدير: صمت يوم صمت فيه. وهذا ما قصده الشّارحُ بقوله ص 283: "ويُضمر عامل الظّرف على شريطة التّفسير". أو مسموعًا بالحذف لا غير، كقولهم: (حينئذ الآن) أي: كان ذلك حينئذ واسمع الآن؛ فـ (حين) منصوبة لفظًا بفعل محذوف، وهي مضافة إلى (إذْ) ، و (الآن) مبنيّ على الفتح في محلّ نصب، وناصبُه فعلٌ محذوف - كما قدّر الشّارح-. يُنظر: شرح المفصّل 2/47، وشرح الكافية الشّافية 2/684، وابن النّاظم 274، وشرح الرّضيّ 1/191، وأوضح المسالك 2/52، والتّصريح 1/340، والهمع 3/137، والأشمونيّ 2/128. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 453 فإنْ وُجِدَ منصوبًا في كلامٍ لا فعل فيه، كقولك: (الرّحيل غدًا) ففي الكلام محذوف؛ وهو النّاصب للظّرف وتقديرُه: (استقرّ غدًا) ، وعند بعضهم: (مستقرّ) 1.   1 اختلف النُّحاة في عامل النّصب في الظّرف الواقع خبرًا: فذهب الكوفيّون إلى أنّ الظّرف ينتصب على الخلاف إذا وقع خبرًا للمبتدأ، نحو: (زيدٌ أمامك) وما أشبه ذلك. وذهب ثعلب من الكوفيّين إلى أنّه ينتصب؛ لأنّ الأصل في قولك: (أمامك زيد) : حلَّ أمامك؛ فحذف الفعل وهو غير مطلوب، واكتفى بالظّرف منه، فبقي منصوبًا على ما كان عليه مع الفعل. وذهب البصريّون إلى أنّه ينتصب بفعل مقدّر؛ ثم اختلفوا في هذا المقدّر هل هو اسمٌ أو فعل؟ فذهب الفارسيّ، والزّمخشريّ، وابن الحاجب إلى أنّه فعل، وأنّه من حيّز الجملة، وتقديره: زيدٌ استقرّ في الدّار، أو حلّ في الدّار؛ ويدلّ على ذلك أمران: أحدهما: جوازُ وُقوعه صلةً، نحو قولك: (الّذي في الدّار زيدٌ) والصّلة لا تكون إلاّ جملة. والثّاني: أنّ الظّرف والجارّ والمجرور لا بدّ لهما من متعلّق به، والأصل أن يتعلّق بالفعل، وإنما يتعلّق بالاسم إذا كان في معنى الفعل ومِن لفظه؛ ولا شكّ أنّ تقدير الأصل الّذي هو الفعل أولى. وذهب ابن السّرّاج، وابن جنّي - واختاره ابن مالك - إلى أنّ المحذوف المقدّر اسم، وأنّ الإخبار بالظّرف من قبيل المفردات، إذْ كان يتعلّق بمفرَد؛ فتقديرُه: مستقرّ، أو كائن ونحوهما. والحُجّة في ذلك: أنّ أصل الخبر أن يكون مفردًا، والجملة واقعة موقعه، ولا شكّ أنّ إضمار الأصل أولى. ووجهٌ ثانٍ: أنّك إذا قدّرت فعلاً كان جملة، وإذا قدّرت اسمًا كان مفرَدًا؛ وكلّما قلّ الإضمار والتّقدير كان أولى. تُنظر هذه المسألة في: الأصول 1/63، واللّمع 75، والمقتصد 1/275، والإنصاف، المسألة التّاسعة والعشرون، 1/245، والتّبيين، المسألة الثّالثة والثّلاثون، 249، وشرح المفصّل 1/90، وشرح الكافية الشّافية 1/349، وشرح الرّضيّ 1/93، والتّصريح 1/166، والهمع 2/21، 22، والأشمونيّ 1/200. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 454 فمتى خلَت أسماء الظّروف ممّا تقدّم1 كانت مبتدأةً، كقولك: (يومُ الجمعةِ مُبَاركٌ) و (وسطُ المسجدِ رَحْبٌ) و (الفرسخُ2 أربعةُ أميالٍ) .   1 في أ: ما. 2 في ب: القراسخ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 455 بَابُ الاسْتِثْنَاءِ: وَكُلُّ مَا اسْتَثْنَيْتَهُ مِنْ مُوْجَبِ ... تَمَّ الْكَلاَمُ عِنْدَهُ1 فَلْيُنْصَبِ تَقُولُ: جَاءَ الْقَوْمُ إِلاَّ سَعْدَا ... وَقَامَتِ النِّسْوَةُ إِلاَّ هِنْدَا2 الاستثناء هو: إخراج شيءٍ3 ممّا دخل فيه غيره، أو إدخال شيء فيما خرج منه غيره؛ والاسم المستثنى ضدّ4المستثنى منه5. والاستثناء نوعان: متّصل، ومنقطع. فالمتصّل: إخراج مذكور بإِلاَّ أو ما في معناها من حكم شامل له، أو ملفوظٍ [به] 6، أو مقدّر7. فالإخراج جنسٌ يشمل8 نوعي الاستثناء، ويخرج الوصف ?إِلاّ   1 في ب: دونه. 2 في متن الملحة 28، وشرح الملحة 209: إِلاَّ دَعْدَا. 3 في أ: الشّيء. 4 في أ: عند، وهو تحريف. 5 هذا تعريف الحريريّ في شرحه على ملحته 209. وعرّفه ابن مالكٍ في التّسهيل 101 بقوله: "وهو المخرج تحقيقًا أو تقديرًا، من مذكور أو متروك، بـ (إِلاَّ) أو ما بمعناها بشرط الفائدة". وقيل: "هو المذكور بعد (إلاّ) وأخواتها مخالفًا لِمَا قبلها نفيًا وإثباتًا". شرح الرّضيّ 1/224. 6 ما بين المعقوفين ساقطة من أ. 7 هذا تعريف ابن النّاظم في شرحه على الألفيّة 287. 8 في أ: يشتمل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 457 [72/أ] كقوله تعالى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلاَّ اللهُ لَفَسَدَتَا} 1. فقوله: إخراج مذكور ولم يقل: إخراج اسم ليعمّ استثناء2 المفرد، نحو: قام القومُ إلاّ زيدًا، واستثناء الجملة لتأوّلها بالمشتقّ، نحو: ما مررتُ بأحدٍ إلاَّ زيدٌ خيرٌ منه. وقوله: بإلاّ أو ما في معناها ليخرُج التّخصيص3ونحوه، ويدخل الاستثناء بغَير وسِوَى وحَاشَا وخَلا وعَدا ولَيْسَ ولا يكون. وقوله: من حكم شامل له ليخرج الاستثناء المنقطع. وقوله: ملفوظ به أو مقدّر ليتناول الحدُّ الاستثناءَ التّامَّ والمفرّغَ. والاستثناء التّامّ هو: أن يكون المخرج منه مذكورًا، نحو: قام القوم إلاَّ زيدًا.   1 من الآية: 22 من سورة الأنبياء. فـ (إِلاّ) وما بعدها بمعنى (غير) صفة لآلهة؛ لأنّ المراد نفيُ الآلهة المتعدِّدة وإثبات الإله الواحد الفرْد؛ ولا يصحّ أن تكون استثنائيّة؛ لأنّ مفهوم الاستثناء فاسدٌ هُنا، إذْ حاصله أنّه لو كان فيهما آلهة لم يستثن الله منهما لم تفسدا؛ وليس كذلك فإنّ مجرّد تعدّد الآلهة يوجِبُ لزوم الفساد مطلَقًا. 2 في أ: الاستثناء. 3 المراد بالتّخصيص هُنا: التّخصيص بالصّفة، نحو: (اعتق رقبة مؤمنة) ، والمراد بنحوه التّقييد بالشّرط نحو: (اقتل الذّمّيّ إنْ حارَب) ، والتّقييد بالغاية نحو: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: 187] ؛ والتّقييد بالبدل نحو: (أكلتُ الرّغيف ثُلثه) . يُنظر: المساعد 1/548، والتّصريح 1/346، والصّبّان 2/141. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 458 والمفرّغ هو: أن يكون المخرج منه مقدّرًا في قوّة المنطوق به، نحو: ما قام إلاَّ زيدٌ التّقدير: ما1قام أحدٌ إلاَّ زيدٌ. والمنقطع هو: الإخراج بإلاَّ أو غير أو بَيْد لِمَا دخل في حكم دلالة المفهوم. فالإخراج جنس، وقولُه: بإلاّ، أو غير، أوبَيْد مدخل لنحو: ما فيها إنسان إلاَّ وتدًا2 وما عندي أحدٌ غير فرس3، وكنحو قوله - صلّى الله عليه وسلّم -: "أَنَا أَفْصَحُ مَنْ نَطَقَ بِالضَّادِ؛ بَيْدَ أَنِّي مِنْ قُرَيْشٍ، واسْتُرْضِعْتُ فِي بَنِي سَعْدٍ" 4. ومخرج الاستدراك ?لكن، نحو قوله تعالى: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللهِ} 5؛ فإنّه إخراجٌ لِمَا دخل في حكم دلالة المفهوم، ولا يسمّى في اصطلاح النّحويّين استثناءً، بل يختصّ6 باسم7 الاستدراك. [72/ب]   1 في أ: أقام، وهو سهوٌ. 2 في أ: إلاّ زيدٌ، وهو تحريف. 3 في أ: قوس، وهو تحريف. 4 هذا الحديث لا أصل له في كتب السّنّة المعتدّ بها، كما صرّح بذلك جمعٌ ممّن ألّفوا في الموضوعات. ومعناه صحيح؛ وقد سُمع بألفاظٍ متقارِبة. يُنظر: المقاصد الحسنة 167، وكشف الخفاء 1/200، والمصنوع في معرفة الحديث الموضوع 60، 61، والفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة 289. 5 من الآية: 40 من سورة الأحزاب. 6 في ب: يخصّ، وهو تحريف. 7 في ب: بالاسم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 459 وقوله: لما دخل تعميمٌ لاستثناء المفرد والجملة - كما سيأتي -. وقولُه: في حكم دلالة المفهوم مخرج للاستثناء1 المتّصل؛ فإنّه إخراجٌ لِمَا دخل في دلالة المنطوق. من أمثلة المستثنى المنقطع الآتي مفردًا2، قوله تعالى: {مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ} 3 [فـ {اتِّبَاعَ الظَّنِّ} ] 4 مستثنى منقطع، مخرج ممّا أفهمه {مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ} من نفي الأعمّ من العلم والظّنّ؛ فإنّ الظّنّ يستحضر5 بذكر العلم لكثرة قيامه مقامه، وكأنّه قيل: ما يأخذون6 بشيءٍ إلاَّ اتّباع الظّنّ. ومنها: قولهم: له عَلَيَّ ألفٌ إلاَّ أَلْفَيْن وإنّ لفلانٍ مالاً إلاَّ أنّه شقيّ وما زاد إلاّ ما نقص وما نفع إلاَّ ما ضَرَّ وما في الأرض أخبث منه إلاَّ إيّاه وجاء الصّالحون إلاَّ الطّالحين7؛ فالاستثناء في هذه الأمثلة كلّها على [نحو] 8 ما تقدّم. فالأوّل: على معنى له عليَّ ألف لا غير إلاّ ألفين. والثّاني: على معنى عَدِم فلان البؤس إلاَّ أنّه شقيّ.   1 في أ: الاستثناء. 2 "والاستثناء المنقطع أكثر ما يأتي مستثناه مفردًا، وقد يأتي جملة. ابن النّاظم 288". 3 من الآية: 157 من سورة النّساء. 4 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 5 في ب: لمستحضر. 6 في أ: يدحذون، وهو تحريف. 7 في كلتا النّسختين: الصّالحين، وهو تحريف. (نحو) ساقطةٌ من ب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 460 وعلى هذا فقِس الباقي من الأمثلة1. وللاستثناء2 عدّة أدوات؛ إلاَّ أنّ3 المستولي عليه4: إلاَّ. وقال الشّيخ بدر الدّين بن مالك - رحمه الله [تعالى] 5-: "الاسم المستثنى بإلاّ في غير تفريغ يصحّ نصبه على الاستثناء، سواء كان متّصلاً أو منقطعًا. [73/أ] والنّاصب هو: إلاّ لا ما قبلها بتقويتها، ولا به مستقلاًّ، ولا باستثني مضمرًا، خلافًا لزاعمي ذلك6.   1 "والثّالث: على معنى (ما عرض له عارضٌ إلاّ النّقص) . والرّابع: على معنى (ما أفادَ شيئًا إلاّ الضّرّ) . والخامس: على معنى (ما يليق خبثه بأحدٍ إِلاَّ إيَّاهُ) . والسّادس: على معنى (جاء الصّالحون وغيرهم إلاّ الطّالحين) . كأنّ السّامع توهّم مجيء غير الصّالحين، ولم يعبأ بهم المتكلّم فأتى بالاستثناء رفعًا لذلك التّوهُّم". ومن أمثلة المستثنى المنقطع الآتي جملة قولهم: (لأَفْعَلَنَّ كذا وكذا إلاّ حِلُّ ذلك أن أفعل كذا وكذا) . وابن النّاظم 290. ويُنظر: شرح التّسهيل 2/266، 297. 2 في أ: والاستثناء. 3 في أ: لأنّ، وهو تحريف. 4 في ب: عليها. 5 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 6 وهو مذهب سيبويه، والجُرجانيّ، واختاره ابن مالكٍ، ونسبه للمبرّد. وكلامُ المبرّد في كتابيه المقتضب والكامل يفيد أنّ النّاصب هو الفعل المحذوف، و (إلاّ) دليل وبدلٌ منه، وليس لـ (إلاّ) عملٌ في المستثنى. يُنظر: الكتاب 2/331، والمقتضب 4/390، 396، والكامل 2/613، والمقتصد 2/699، والإنصاف، المسألة الرّابعة والثّلاثون، 1/260، والتّبيين، المسألة السّادسة والسّتّون، 399، وشرح التّسهيل 2/271، 273، وائتلاف النّصرة، فصل الحرف، المسألة الحادية والخمسون، 174، والتّصريح 1/349. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 461 ويدلّ على أنَّ النّاصب هو إلاَّ أنّها حرف مختصّ بالأسماء غير متنزّل1 منها منزلة الجزء، وما كان كذلك فهو عامل؛ فيجب أنْ تكون عاملة ما لم تتوسّط2 بين عامل مفرّغ ومعمول، فتُلغى3 وُجوبًا إنْ كان التّفريغ محقّقًا4، [نحو: ما قام إلاَّ زيدٌ، وجوازًا إنْ كان مقدّرًا] 5، نحو: ما قام أحدٌ إلاّ زيدٌ [فإنّه في تقدير: ما قام إلاّ زيدٌ] 6؛ لأنّ أحدٌ مبدل منه، والمبدَل منه7 في حكم المطروح8.   1 في أ: مشترك، وهو تحريف. 2 في أ: يتوسّط، وهو تصحيف. 3 في أ: فيُلغى، وهو تصحيف. 4 في أ: مخفّفًا، وهو تصحيف. 5 ما بين المعقوفين زيادة يقتضيها السّياق، من ابن النّاظم 292. 6 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. (منه) ساقطةٌ من كلتا النّسختين. 8 في كلتا النّسختين: المطرح، والتّصويب من ابن النّاظم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 462 فإنْ قيل: إلاّ تدخُل على الفعل، كقولك: نشدتّك الله إلاّ فعلتَ وما تأتيني إلا قلتَ خيرًا. الجواب: أنَّ دخولها على الفعل إذا كان في تأويل الاسم؛ فمعنى نشدتُك الله إلاّ فعلتَ: [ما] 1 أسألك إلاَّ فعلك؛ ومعنى الثّاني: ما تأتيني إلاَّ قائِلاً خَيْرًا. والسّيرافيّ2 يذهبُ إلى أنّ النّاصب هو ما قبل إلاّ من فعل أو غيره بتعدية إلاَّ. وذهب ابن خروف3 إلى أنّ النّاصب هو ما قبل إلاَّ على سبيل الاستقلال.   1 ما بين المعقوفين زيادة يقتضيها السّياق، من ابن النّاظم. 2 يُنظر: شرح الكتاب جـ2/ ق111/ أ. والسّيرافيّ هو: الحسن بن عبد الله بن المرزبان، أبو سعيد القاضي، السّيرافيّ، النّحويّ: كان عالِمًا بالنّحو، واللغة، والفقه، والشِّعر؛ قرأ القرآن على ابن مجاهد، وأخذ النّحو عن ابن السّرّاج ومبرمان؛ ومن مصنّفاته: شرح كتاب سيبويه، وأخبار النّحويّين البصريّين؛ توفّي سنة (368هـ) . يُنظر: نزهة الألبّاء 227، وإنباه الرّواة 1/348، وإشارة التّعيين 93، والبُلغة 86، وبُغية الوُعاة 1/507. 3 يُنظر رأيُه في: شرح التّسهيل 2/277، والجنى الدّاني 516، والمساعد 1/556، والتّصريح 1/349، والهمع 3/252. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 463 وذهب الزّجّاج1 إلى أنّ النّاصب2 استثني مضمرًا"3.   1 يُنظر هذا الرّأي في شرح الكتاب جـ2/ ق111/ ب، وشرح المفصّل 2/76، والجنى الدّاني 516، والمساعد 1/556. وإلى هذا القول ذهب المبرّد. يُنظر: المقتضب 4/390، 396، والكامل 2/613، وشرح الكتاب جـ2/ ق111/ ب. والتّحقيق: أنّ مذهب الزّجّاج هو أنّ المستثنى منصوب بـ (إلاّ) لكونها بمعنى (استثني) ، وليس منصوبًا بفعل مقدّر تقديره (استثني) . يُنظر: النّحو القرآنيّ بين الزّجّاج وأبي عليّ الفارسيّ 3/1627. وقال الزّجّاج في معاني القرآن 2/141 - عند قوله تعالى: {أُحِلَّتْ لَكْم بَهِيْمَةُ الأَنْعَام إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُم} [المائدة: 1]-: "موضع (ما) نصب بـ (إلاّ) ، وتأويله {أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيْمَةُ الأَنْعَامِ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُم} من الميتة والدّمّ ... ". وذكر صاحب النّحو القرآنيّ أنّ الزّجّاج حينما يذكر الفعل (استثني) يذكره مصدّرًا بكلمة: المعنى؛ وهذا يُشعر أنّ ما يذكره من ذلك تأويل معنى لا بيان عامل. يُنظر: النّحو القرآنيّ بين الزّجّاج وأبي عليّ الفارسيّ 2/1132. 2 في أ: إلى أنّه استثني. 3 ينظر: شرح الألفيّة لابن النّاظم 291 - 293. وهذه أربعة أقوال أوردها الشّارح في خلافهم في العامل في المستثنى. وأوصلها السّيوطيّ في الهمع 3/252، 253 إلى سبعة أقوال؛ والمراديّ في الجنى الدّاني 516، 517 إلى ثمانية أقوال؛ منها: أنّه منصوب بـ (إنّ) مقدّرة بعد (إلاّ) ؛ وعليه الكسائيّ، والتّقدير في (قام القوم إلاّ زيدًا) إلاّ أنّ زيدًا لم يقم. وقيل: بـ (إنْ) المخفّفة المركّبة مع (لا) ؛ ونُسب للفرّاء. وقيل: إنّه منتصب لمخالفته للأوّل؛ ألا ترى أنّك إذا قلتَ: (قام القومُ إلاّ زيدًا) أن ما بعد (إلاّ) منفيّ عنه القيام، وما قبلها موجِبٌ له القيام؛ وهو مذهب الكسائيّ. وقيل: إنّ ناصبه تمامُ الكلام كما انتصب (درهمًا) بعد (عشرين) . يُنظر: الإنصاف، المسألة الرّابعة والثّلاثون، 1/260، وشرح المفصّل 2/76، 77، وشرح الجمل 2/253، 254، وشرح التّسهيل 2/279، والتّصريح 1/349، والهمع 3/252، 253. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 464 وَإِنْ يَكُنْ فِيمَا1 سِوَى الإِيجَابِ ... فَأَوْلِهِ الإِبْدَالَ فِي الإِعْرَابِ تَقُولُ: مَا المَفْخَرُ2 إِلاَّ الكَرَمُ ... وَهَلْ مَحَلُّ الأَمْنِ إِلاَّ الْحَرَمُ3 [73/ب] فَصْلٌ: إذا كان قبل إلاَّ كلامٌ تامٌّ4؛ فلا يخلو من قسمين: أحدهما: أنْ يكون موجَبًا5- كما تقدّم -، كقولك: قام القومُ إلاَّ زيدًا، أو6 غير موجب وهو: أن يكون الكلام نفيًا، أو استفهامًا، أو نهيًا؛ فالأجود أن يُعرب ما بعد إلاَّ بإعراب ما قبلها   1 في متن الملحة 28: فِيهِ سِوَى الإِيجَابِ. 2 في أ: الفَخْرُ؛ وعليها ينكسر البيت. 3 تمثيل الحريريّ في النّظم فيه نظر؛ لأنّه مثَّل للاستثناء الّذي يجوزُ فيه الإبدال بالاستثناء المفرّغ؛ وهذا سهو؛ لأنَّ الاستثناء الّذي يجوز فيه الإبدال هو غير الموجب؛ لكنّ الشّارح قد أتى في الشّرح بعد ذلك بالأمثلة الصّحيحة. وقد تنبّه محقّق شرح ملحة الإعراب لذلك، واعتذر بأنّه ربّما يكون البيتُ قد نقل في غير موضعه سهوًا من النّاسخ. 211. 4 وهو الّذي يذكر فيه المستثنى منه. 5 وهو الّذي لم يتقدّم عليه نفيٌ ولا شبهه. 6 في أ: وغير موجب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 465 على سبيل البَدَل1؛ فتقول: ما قام أحدٌ إلاَّ زيدٌ وما ضربتُ أحدًا إلاَّ زيدًا وما مررتُ بأحدٍ إلاَّ زيدٍ2، ولك أن تنصب الاسم المستثنى على الأصل3، فتقول4: ما قام [أحدٌ] 5 إلاَّ زيدًا6. وَإِنْ تَقُلْ: لاَ رَبَّ إِلاَّ اللهُ ... فَارْفَعْهُ وَارْفَعْ مَا جَرَى مَجْرَاهُ   1 هذا مذهب البصريّين. وذهب الكوفيّون إلى أنّ (إلاّ) حرفُ عطفٌ بمعنى الواو، وما بعده معطوفٌ على ما قبله. وردّه البصريّون بأنّ (إلاّ) موضوعة لمخالفة ما بعدها لِمَا قبلها، أمّا الواو فهي موضوعة لمشاركة ما بعدها لِمَا قبلها. واحتجّ الكوفيّون بنحو قوله تعالى: {لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا} [البقرة: 150] ، وتأوّله البصريّون بمعنى (لكن) . يُنظر: الكتاب 2/311، والمقتضب 4/390، 394، والأصول 1/303،والإنصاف، المسألة الخامسة والثّلاثون، 1/266، والتّبيين، المسألة السّابعة والسّتّون، 403، والتّصريح 1/349،والأشمونيّ 2/145. 2 فيُعرب (زيدًا) في المواطن الثّلاثة إعراب (أحد) على البدليّة. 3 قال سيبويه في الكتاب 2/319: "هذا بابُ النّصب فيما يكون مستثنىً مبدلاً؛ حدّثنا بذلك يونس وعيسى جميعًا أنّ بعضَ العرب الموثوق بعربيّته يقول: ما مررتُ بأحدٍ إلاَّ زيدًا، وما أتاني أحدٌ إلاَّ زيدًا؛ وعلى هذا: ما رأيتُ أحدًا إلاَّ زيدًا، فينصب (زيدًا) على غير (رأيتُ) ؛ وذلك أنّك لم تجعل الآخر بدلاً من الأوّل، ولكنّك جعلته منقطعًا ممّا عمل في الأوّل". 4 في ب: تقول. 5 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 6 وتقول - أيضًا -: (ما مررتُ بأحدٍ إلاّ زيدًا) ؛ وعلى الوجهين قُرئ قولُه تعالى: {مَا فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مِّنْهُمْ} [النّساء: 66] برفع {قَلِيلٌ} ونصبه؛ وإنْ كان أكثرُ القرّاء على رفعه. شرح ملحة الإعراب 212. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 466 [فَصْلٌ] 1: إذا جِيء بالاسم المستثنى [بـ] 2 إلاَّ بعد عامل3 لم يشتغل4 بما قبلها، ولا بما بعدها، يليها عامل، فمطلوب العامل هو ما يليها؛ لتفريغ5 الطّلب له6، فيُرفع7 إنْ كان [يطلب] 8مرفوعًا - كما9 تقدّم -؛ ويُنصب إنْ كان يطلب منصوبًا، نحو: ما رأيتُ إلاَّ زيدًا، ويُجرُّ بالحرف الّذي يتعدّى به10، نحو: ما مررتُ إلاَّ بزيدٍ.   1 ما بين المعقوفين ساقطٌ من ب. 2 الباء ساقط من أ. 3 في أ: بعد أحد. 4 في أ: تشتغل، وهو تصحيف. 5 في ب: التّفريع. 6 يسمّى استثناء مفرّغًا؛ لأنّ ما قبل (إلاّ) تفرّغ لطلب ما بعدها، ولم يشتغل عنه بالعمل في غيره، وشرطُه كونُ الكلام غير إيجاب؛ وهو النّفي، نحو: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ} [آل عمران: 144] ؛ والنّهي، نحو: {وَلاَ تَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلاَّ الْحَقَّ} [النّساء: 171] ؛ والاستفهام الإنكاريّ، نحو: {فَهَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ الْقَوْمُ الفَاسِقُونَ} [الأحقاف: 35] . يُنظر: أوضح المسالك 2/60، والتّصريح 1/348، والهمع 3/250، 251، والأشمونيّ 2/149. 7 في ب: ويرفع. (يُطلب) ساقطةٌ من أ. 9 نحو: (ما قام إلاّ زيدٌ) . 10 في أ: يتعد به، وفي ب: يتقد به؛ وكلتاهما محرّفة، والتصويب من شرح عمدة الحافظ 1/382. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 467 وَانْصِبْ إِذَا1 مَا قُدِّمَ المُسْتَثْنَى ... تَقُولُ: هَلْ إِلاَّ العِرَاقَ مَغْنَى2 إذا قُدِّم المستثنى على المستثنى منه نُصِبَ؛ مُوجَبًا كان أو نفيًا، تقول: ما جاء إلاَّ زيدًا [74/أ] أحدٌ، كقول الكميت3: وَمَا لِي إِلاَّ آلَ أَحْمَدَ شِيْعَةٌ ... وَمَا لِي إِلاَّ مَذْهَبَ الحَقِّ مَذْهَبُ4 امتنع جعلُ المستثنى بدلاً5؛ لأنَّ التّابع لا يتقدّم على المتبوع وكان الوجهُ نصبُه6.   1 في متن الملحة 28: وَانْصِبْ مَا قُدِّمَ. 2 المَغْنَى: المَنْزِلُ الّذي غَنِيَ به أَهْلُه، ثم ظَعَنُوا عنه. اللّسان (غنا) 15/139. 3 هو: الكميت بن زيد بن الأخنس الأسديّ، ويكنى أبا المستهلّ: كوفيّ مقدَّم، عالمٌ بلغات العرب وبأيّامها؛ وهوشاعرُ الهاشميّين، وكان خطيبًا، فارسًا، شُجاعًا؛ وكان شديد التّكلُّف للشّعر، كثير السّرقة له. يُنظر: الشّعر والشّعراء 385، والأغاني 17/3 - 44، والمؤتلف والمختلف257، ومعجم الشّعراء 237، 238، والخزانة 1/144. 4 هذا بيتٌ من الطّويل. والشّاهد فيه: (وما لي إلاّ آل أحمد) حيث نصب (آل) وهو مستثنى لتقدُّمه على المستثنى منه؛ ومثلُه قوله: (وما لي إلاّ مذهب الحق مذهبُ) . يُنظر هذا البيت في: المقتضب 4/398، والكامل 2/614، والجمل 234، واللّمع 124، والتّبصرة 1/377، والإنصاف 1/275، وشرح المفصّل 2/79، وابن النّاظم 298، وأوضح المسالك 2/64، والمقاصد النّحويّة 3/111، وشرح هاشميّات الكميت 50. 5 لزم النّصب لأنّه إذا تأخّر المستثنى جاز إبدالُه، وجاز نصبُه؛ فإذا تقدّم امتنع الإبدال، والعلّة ذكرها الشّارح رحمه الله. 6 ويجوز الاتباع في المسبوق بالنّفي. قال سيبويه - رحمه الله -: "وحدّثنا يونس أنّ بعض العرب الموثوق بهم يقولون: ما لي إلاّ أبوك أحدٌ، فيجعلون (أحدًا) بدلاً، كما قالوا: ما مررتُ بمثله أحد، فجعلوه بدلاً". الكتاب 2/337. وهو مذهب الكوفيّين. ويُنظر: شرح الكافية الشّافية 2/704، وابن النّاظم 298، والتّصريح 1/355، والأشمونيّ 2/148. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 468 َإِنْ تَكُنْ مُسْتَثْنِيًا بِمَا عَدَا ... وَمَا خَلاَ1وَ2 لَيْسَ فَانْصِبْ أَبَدَا تَقُولُ: جَاؤوا مَا عَدَا مُحَمَّدًا ... وَ3 مَا خَلاَ زَيْدًا وَلَيْسَ أَحْمَدَا [فَصْلٌ] 4: يُنصب المستثنى - من الموجِب - بإلاَّ وعَدَا وخَلا؛ كقولك: قامَ القومُ خلاَ زيدًا وعدا عمرًا بالنّصب؛ وإنْ شئت جررتَ5 فقلت: قام القوم خَلاَ زيدٍ وعَدَا عَمْرٍو؛ فالجرُّ على أنّهما حرفان مختصّان بالأسماء، والنّصبُ على أنّهما فِعْلان ماضيان غير متصرّفين؛ لوُقوعهما موقع الحرف6؛ فإذا تقدّم عليهما ما بَعُدَ من   1 في متن الملحة 29، وشرح الملحة 214: أَوْ مَا خَلاَ أَوْ لَيْسَ. 2 في ب: أو. 3 في متن الملحة 29، وشرح الملحة 214: مَا خَلاَ عَمْرًا. 4 ما بين المعقوفين ساقطٌ من ب. 5 والجرّ بـ (عدا) قليل؛ ولم يذكره سيبويه - رحمه الله - والمبرّد، وإنّما حكاهُ الأخفش. يُنظر: الكتاب 2/348، والمقتضب 4/426، وشرح المفصّل 2/78، 8/49، وأوضح المسالك 2/72، والتّصريح 1/363. 6 والمستثنى بعدهما مفعولٌ به، وضمير ما سواه من المستثنى منه هو الفاعل؛ فإذا قلت: (قاموا خلا زيدًا) فالتّقدير: قاموا جاوز غير زيدٍ منهم زيدًا، وكذا إذا قلتَ: (قاموا عدا عَمْرًا) . ابن النّاظم 308. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 469 شبه الحرف؛ [لأنَّ الحرف لا يدخُل على الحرف1] 2؛ فتقول: جاءَ النّاسُ ما خلا زيدًا وما عدا عَمْرًا، كقول لبيد: أَلاَ كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلاَ اللهَ بَاطِلُ3 ... .......................................... فوجب النّصب بهما؛ لتقدّم ما المصدريّة4. ومن أدوات الاستثناء: ليس ولا يكون؛ فهما الرّافعان للاسم5، النّاصبان [74/ب] للخبر6؛ فلهذا يجب نصبُ المستثنى بهما؛ لأنّه الخبر.   1 "وقيل: لأنّ (ما) المصدريّة لا يليها حرفُ جرّ، وإنّما توصل بجملة فعليّة، وقد توصَل بجملة اسميّة". ابن النّاظم 308. 2 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 3 تقدّم تخريج هذا البيت في ص 104. والشّاهد فيه هُنا: (ما خلا اللهَ) حيث ورد بنصب لفظ الجلالة بعد (خلا) ؛ فدلّ ذلك على أنّ الاسم الواقع بعد (ما خلا) يكون منصوبًا؛ وذلك لأنّ (ما) هذه مصدريّة، و (ما) المصدريّة لا يكون بعدَها إلاّ فعل؛ ولذلك يجب نصب ما بعدها على أنّه مفعولٌ به، وإنّما يجوز جرّه إذا كانت (خلا) حرفًا، وهي لا تكون حرفًا متى سبقها الحرف المصدري. 4 وحكى الجرميّ الجرّ مع (ما) عن بعض العرب. يُنظر: شرح الكافية الشّافية 2/722، وابن النّاظم 308، والتّصريح 1/365، والأشمونيّ 2/164. 5 في أ: للأسماء. 6 في أ: الجبر، وهو تصحيف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 470 وأمّا الاسم1 فالتزم إضمارُه2؛ لأنّه لو ظهر فَصَلَهُمَا من المستثنى، وجُهِلَ قصد الاستثناء؛ تقول: قاموا ليس زيدًا، ونحو: "يُطْبَعُ الْمُؤْمِنُ عَلَى كُلِّ خُلُقٍ لَيْسَ الخِيَانَةَ وَالْكَذِبَ" 3، المعنى: إلاَّ الخيانة والكذب؛ والتّقدير: لَيْسَ بَعْضُ خُلُقِهِ الخِيَانَةَ والْكَذِبَ. وتقول: قاموا لا يكون زيدًا، وتقديره: قاموا لا يكون بعضهم زيدًا. وأمّا حاشا فَيَجُرُّ ما بعده، وينصب؛ فالجرُّ على أنّها4حرف، والنّصب على أنّها5 [فعل] 6 غير متصرّف7.   1 أي: اسمهما. 2 للنُّحاة في عائد الضّمير المستتر في (ليس) من قولك: (قاموا ليس زيدًا) ، وفي (لا يكون) من قولك: (قاموا لا يكون زيدًا) ثلاثةُ أقول: الأوّل: أنّه عائدٌ على البعض المدلول عليه بكلّه السّابق؛ فتقدير الكلام: قاموا ليس بعضهم زيدًا، وقاموا لا يكون بعضُهم زيدًا؛ وهو مذهب سيبويه والجمهور. الثّاني: أنّه عائدٌ على اسم الفاعل المفهوم من الفعل السّابق؛ فتقدير الكلام: قاموا ليس القائم زيدًا، وقاموا لا يكون القائم زيدًا؛ ونُسب إلى سيبويه. الثّالث: أنّه عائدٌ على المصدر المدلول عليه بالفعل تضمُّنًا؛ فتقدير الكلام: قاموا ليس القيام قيام زيد، وقاموا لا يكون القيام قيام زيد؛ فحذف المضاف وأُقيم المضاف إليه مقامه؛ وهو مذهب الكوفيّين. يُنظر: الكتاب 2/347، وشرح التّسهيل 2/311، وأوضح المسالك 2/72، وابن عقيل 560، والتّصريح 1/362، والأشمونيّ 2/162. 3 أخرجه أحمد في مسنده 5/252. 4 في ب: أنّهما، وهو تحريف. 5 في ب: أنّهما، وهو تحريف. 6 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 7 والمستثنى مفعوله، وضمير ما سواه الفاعل، كما في النّصب بعد (خلا) . ابن النّاظم 309. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 471 فمن الجرّ بها قولُ الشّاعر: حَاشَا أَبِي ثَوْبَانَ إِنَّ بِهِ1 ... ضَنًّا عَنِ المَلْحَاةِ وَالشَّتْمِ2 وأنشد الأخفش بإلحاق ما المصدريّة: رَأَيْتُ النَّاسَ مَا حَاشَا قُرَيْشًَا ... فَإِنَّا نَحْنُ أَكْثَرُهُمْ فَعَالاَ3 ويُقال في حَاشَا: حَاشَ كثيرًا، وحَشَا قليلاً. وأنشدوا في حرفيّة عَدَا والجرّ بها: تَرَكْنَا فِي الْحَضِيْضِ بَنَاتِ عُوْجٍ ... عَوَاكِفَ قَدْ خَضَعْنَ إِلَى النُّسُورِ4 أَبَحْنَا حَيَّهُمْ قَتْلاً وَأَسْرًا عَدَا الشَّمْطَاءِ وَالطِّفْلِ الصَّغِيرِ5   1 في أ: له، وهو تحريف. 2 تقدّم تخريج هذا البيت في ص 238. والشّاهد فيه هُنا: (حاشا أبي ثوبان) حيث جاءت (حاشا) حرف جرٍّ، فجرّت ما بعدها (أبي) ، ويجوز أن تأتيَ فعلاً ماضيًا فتنصب ما بعدها. 3 تقدّم تخريج هذا البيت في ص 239. والشّاهد فيه هُنا: (ما حاشا قريشًا) حيث أدخل (ما) المصدريّة على (حاشا) وهو قليل. 4 في أ: النّشور، وهو تصحيف. 5 هذان بيتان من الوافر، ولم أقف على قائلهما. و (الحضيض) : القرار من الأرض عند منقطع الجبل، والحضيض - أيضًا -: الأرض. و (بنات عوج) : يريد أفراسًا كريمات الأصول غير مهجّنات. و (عواكف) : جمع عاكفة، والعُكوف: الإقامة على الشّيء وبالمكان ولزومهما. و (خضعن) : ذللن وخشعن. و (أبحنا) : أهلكنا واستأصلنا. و (الحيّ) : القبيلة. و (الشّمطاء) : هي العجوز الّتي يخالِط سواد شعرها بياض. والشّاهد فيه: (عدا الشّمطاء) حيث استعمل (عدا) حرْفَ جرٍّ؛ وهو قليل، ولِقِلَّته لم يحفظه سيبويه. يُنظر هذان البيتان في: شرح التّسهيل 2/310، وابن النّاظم 310، وأوضح المسالك 2/72، وابن عقيل 1/563، والمقاصد النّحويّة 3/132، والتّصريح 1/363، والهمع 3/285، والأشمونيّ 2/163، والدّرر 3/178. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 472 وَغَيْرُ إِنْ جِئْتَ بِهَا مُسْتَثْنِيَهْ ... جَرَتْ عَلَى الإِضَافَةِ المُسْتَوْلِيَهْ وَرَاؤُهَا تَحْكُمُ فِي إِعْرَابِهَا ... مِثْلَ اسْمِ إِلاَّ حِينَ يُسْتَثْنَى بِهَا غير: يستثنى بها بشرط صلاحيّة إلاَّ مكانها؛ فيجرّ1المستثنى بها، وتعرب هي بما يستحقّه المستثنى بإلاَّ؛ من نَصْبٍ لازمٍ2، أو نصب مرجّح3عليه الإتباع4، [أو نصب مرجّح على الإتباع5] 6، أو تأثّر7بعاملٍ مُفرَّغ؛ تقول في اللاّزم: جاءني القومُ غيرَ زيدٍ، والمرجّح عليه الإتباع8: ما جاءني أحدٌ غيرُ زيد، والمرجّح على9 الإتباع:   1 في ب: فتجرّ، وهو تصحيف. 2 إذا كان بعد كلام تامّ موجب. 3 إذا كان بعد كلام تامّ غير موجب، وكان الاستثناء متّصلاً. 4 في أ: للأتباع. 5 إذا كان بعد كلامٍ تامّ غير موجب، وكان الاستثناء منقطعًا. 6 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 7 في أ: يأثر، وهو تصحيف. 8 في أ: للأتباع. 9 في أ: والمرجّح للأتباع. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 473 ما لزيدٍ علم غيرَ ظنِّ، وإيجابُ التّأثّر1 بالعامل المفرّغ: ما جاءني غيرُ2 زيدٍ فغير هُنا3 كإلاَّ4؛ وقد جاءت إلاَّ كغير في قول الشّاعر: وَكُلُّ أَخٍ مُفَارِقُهُ أَخُوهُ ... لَعَمْرُ أَبِيكَ إِلاَّ الفَرْقَدَانِ5 وسُوى وسَواء لغتان في سِوَى6؛ وهي مثل غير   1 في أ: التّأثير. 2 في ب: ما جاءني أحدٌ غير زيد، وهو سهو. 3 في ب: ها هنا. 4 وليس بينهما من الفرْق إِلاّ أنّ نصب ما بعد (إلاّ) في غير الإتباع، والتّفريغ نصب بـ (إلاَّ) على الاستثناء، ونصب (غير) هُناك بالعامل الّذي قبلها على أنّها حال، تؤدِّي معنى الاستثناء. ابن النّاظم 304. 5 هذا بيتٌ من الوافر، وهو لعمرو بن معد يكرب، ويُنسب إلى حضرميّ بن عامرٍ الأسديّ. و (الفرقدان) : نجمان قريبان من القطب لا يفترقان. والمعنى: كلّ أخوين غير الفرقدين لا بدّ أن يفترقا بسَفرٍ أو موت. والشّاهد فيه: (إلاّ الفرقدان) حيث استعمل (إلاَّ) بمعنى (غير) . واستشهد به النُّحاة على نعت (كلّ) بقوله: (إلاّ الفرقدان) على تقدير (غير) . وفيه ردٌّ على المبرّد الّذي زعم أنّ الوصف بـ (إلاَّ) لم يجيء إلا فيما يجوز فيه البدل؛ فـ (إلاّ الفرقدان) صفة ولا يمكن فيه البدل. يُنظر هذا البيتُ في: الكتاب 2/334، والمقتضب 4/409، والإنصاف 1/268، وشرح المفصّل 2/89، ورصف المباني 177، والجنى الدّاني 519، وتذكرة النُّحاة 90، والمغني 101، 739، والهمع 3/273، والخزانة 3/421، والدّيوان 178. 6 في أ: سوا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 474 معنىً واستعمالاً؛1 فيستثنى2 بها3 [متّصل] 4، نحو: قاموا سِوى زيد، [منقطع] 5، كقول الشّاعر: لَمْ أُلْفِ فِي الدَّارِ ذَا نُطْقٍ سِوَى طَلَل ... قَدْ كَادَ6 يَعْفُو وَمَا بِالْعَهْدِ مِنْ قِدَمِ7 [وفي شرح الشّيخ بدر الدّين: "ويوصَف بها"8] 9،   1 ما ذكره الشّارح هُنا من أنّ (سوى) حكمها كحكم (غير) معنىً واستعمالاً؛ هو ما ذهب إليه الزّجّاج وابن مالك. وقد احتجّ ابن مالكٍ لهذا في بعض كتبه؛ وذهب سيبويه والجمهور إلى أنّ (سوى) ظرف يلزم النّصب غير متصرّف؛ وقالوا: لا تخرُج عن الظّرفيّة إلاّ في الشّعر. وذهب الرّمّانيّ والعكبريّ وابن هشام إلى أنّها تستعمل ظرفًا غالبًا، وكـ (غير) قليلاً. يُنظر: الكتاب 1/407، 409، 2/350، والمقتضب 4/349، 351، والتّبصرة 1/381، 382، والتّبيين، المسألة الحادية والسّبعون، 419، وشرح الكافية الشّافية 2/716، 718، وأوضح المسالك 2/70، 72، والتّصريح 1/362، والأشمونيّ 2/159، 160. 2 في أ: فيستغنى، وهو تحريف. 3 في أ: بها وسوى. 4 ما المعقوفين ساقط من أ. 5 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 6 في ب: كان، وهو تحريف. 7 هذا بيتٌ من البسيط، ولم أقف على قائله. و (ألف) : أجد. و (الطّلل) : ما شَخَصَ من آثار الدّار. و (يعفو) : يدرُس ويتغيّر. والشّاهد فيه: (سوى طلل) فإنّه دلّ على أنّ (سوى) يستثنى بها في المنقطع. يُنظر هذا البيت في: شرح التّسهيل 2/314، وابن النّاظم 304، والارتشاف 2/304، والمقاصد النّحويّة 3/119، والهمع 3/163، والدّرر 3/95. 8 شرح الألفيّة لابن النّاظم 304. 9 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 475 [ومن الاستثناء بها1،] كقول الآخر: [75/ب] أَصَابَهُمْ بَلاَءٌ كَانَ فِيْهِمْ سِوَى ... مَا قَدْ أَصَابَ بَنِي النَّضِيرِ2 وتقبل أثر العوامل المفرّغة، كقوله - صلّى الله عليه3 وسلّم-: "مَا أَنْتُمْ فِي سِوَاكُمْ مِنَ الأُمَمِ إِلاَّ كَالشَّعْرَةِ البَيْضَاءِ فِي جِلْدِ الثَّوْرِ الأَسْوَدِ، أَوْ كَالشَّعْرَةِ السَّوْدَاءِ فِي جِلْدِ الثَّوْرِ الأَبْيَضِ" 4، وتأتي فاعلةً كقول بعضهم - حكاه الفرّاء -: "أَتَانِي5 سِوَاكَ6"، وكقول الشّاعر:   1 كذا في النسختين؛ والظاهر أنها مقحمة، بدليل قوله بعد ذلك: (كقول الآخر) ؛ وإلاّ قال: قول الآخر؛ ويدلّ على ذلك: عدم ورودها في شرح ابن الناظم. 2 هذا بيتٌ من الوافر، وهو لحسّان بن ثابت رضي الله عنه. و (أصابهم) : نزل بهم. والشّاهد فيه: خروج (سوى) عن الظّرفيّة ووقوعها صفة. يُنظر هذا البيت في: شرح التّسهيل 2/314، وابن النّاظم 304، والمقاصد النّحويّة 3/120، والهمع 3/163، والدّرر 3/95، والدّيوان 245. 3 في ب: على. 4 أخرجه البخاريّ في صحيحه، كتاب الرّقاق، باب كيف الحشر، 8/197، 198 - والرّواية فيه: "وَمَا أَنْتُمْ فِي أَهْلِ الشِّرْكِ إِلاَّ كَالشَّعْرَةِ البَيْضَاءِ فِي جِلْدِ الثَّوْرِ الأَسْوَدِ، أَوْ كَالشَّعْرَةِ السَّوْدَاءِ فِي جِلْدِ الثَّوْرِ الأَحْمَر" -، ومسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، باب كون هذه الأمّة نصف أهل الجنّة، 1/200، 201 - والرّواية فيه كالرّواية في صحيح البخاريّ، وفيه رواياتٌ قريبةٌ من ذلك -، وابن ماجه في سننه، كتاب الزّهد، باب صفة أمّة محمّد - صلّى الله عليه وسلّم -، 2/1432 - والرّواية فيه كالرّواية في صحيح البخاريّ -، وأحمد في مسنده 1/445، 6/441. 5 في أ: أياي، وهو تحريف. 6 هذه الحكاية تفرّد بها الفرّاء عن أبي ثَرْوان - كما ذكر ذلك الأنباريّ في الإنصاف 1/298 -. يُنظر: شرح التّسهيل 2/315، وابن النّاظم 305، وأوضح المسالك 2/70، وتعليق الفرائد 6/138، والتّصريح 1/362، والأشمونيّ 2/159. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 476 وَلَمْ يَبْقَ سِوَى العُدْوَا ... نِ دِنَّاهُمْ كَمَا دَانُوا1 وأنشد ابن جنّي مجرورًا: أَلاَ مِنْ مُنَادٍ أَبَا مَالِكٍ ... أَفِي أَمْرِنَا هُوَ أَمْ فِي سِوَاه2 وتأتي مبتدأة، كقول الآخر: وَإِذَا تُبَاعُ كَرِيْمَةٌ أَو تُشْتَرَى ... فَسِوَاكَ بَائِعُهَا وَأَنْتَ المُشْتَرِي3   1 هذا بيتٌ من الهزج، وهو للفِنْد الزِّمَّانيّ، واسمُه شَهْل بن شيْبان، من قصيدةٍ قالها في حرب البَسوس. و (العدوان) : الظُّلم الصّريح. و (دنّاهم) : جازيناهم، من الدِّين، وهو: الجزاء والمُكافأَة. والشّاهد فيه: (ولم يبق سوى العدوان) حيث وقعت سوى) فاعلاً، وخرجت عن الظّرفيّة. يُنظر هذا البيتُ في: أمالي القالي 1/260، وشرح الحماسة للتّبريزيّ 1/6، وشرح التّسهيل 2/315، وشرح الكافية الشّافية 2/719، وابن النّاظم 305، وأوضح المسالك 2/71، وابن عقيل 1/558، والمقاصد النّحويّة 3/122، والتّصريح 1/362، والهمع 3/161، والأشمونيّ 2/159، والخزانة 3/431. 2 هذا بيتٌ من المتقارِب، وهو للمتنخّل الهذلي. والشّاهد فيه: (أم في سواه) حيث وقعت (سوى) مجرورة بحرف الجرّ، وخرجت عن الظّرفيّة. يُنظر هذ البيتُ في: ديوان الهذليّين 2/30، وأمالي المرتضى 1/306، - 307، والخزانة 4/146- 147. 3 هذا بيتٌ من الكامل، وهو لابن المولى - محمّد بن عبد الله بن مسلم المدنيّ -، يخاطب به يزيد بن حاتم بن قبيصة بن المهلّب، ويمدحه به. والشّاهد فيه: (فَسِوَاكَ) حيث وقعت (سوى) مرفوعةً بالابتداء، وخرجت عن النّصب على الظّرفيّة. يُنظر هذا البيتُ في: شرح الحماسة للتّبريزيّ 2/357، وشرح التّسهيل 2/315، وشرح الكافية الشّافية 2/718، وابن النّاظم 305، وابن عقيل 1/557، والمقاصدالنّحويّة 3/125، والهمع 3/161، والأشمونيّ 2/159، والدّرر 3/92. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 477 ولا سِيَّمَا1 يستثنى بها، ومعناها: التّخصيص، ويجرّ ما بعدها2، كقولك: أكرمني النّاس [ولا] 3 سِيَّمَا زيدٍ أي: لا مثل زيدٍ؛   1 قال ابن مالكٍ في شرح الكافية الشّافية 2/724: "وجرت عادة النّحويّين أنْ يذكُروا (لا سيّما) مع أدوات الاستثناء مع أنَّ الّذي بعدها مُنَبَّهٌ على أَوْلَوِيَّته بما نُسِبَ إلى ما قبلها". وقال في شرح التّسهيل 2/318: "ومن النّحويين مَن جعل (لا سيّما) من أدوات الاستثناء؛ وذلك عندي غيرُ صحيح؛ لأنّ أصل أدوات الاستثناء هو (إلاّ) ؛ فما وقع موقعه وأغنى عنه فهو من أدواته، وما لم يكن كذلك فليس منها؛ ومعلومٌ أنّ (إلاّ) تقع موقع (حاشا) و (عدا) و (خلا) و (ليس) و (لا يكون) و (غير) و (سِوى) وغير ذلك ممّا لم يختلف في الاستثناء به؛ فوجب الاعتراف بأنّه من أدواته، و (لا سيّما) بخلاف ذلك فلا يعدّ من أدواته، بل هو مضادٌّ لها؛ فإنّ الذي يلي (لاسيّما) داخلٌ فيما قبله ومشهودٌ له بأنّه أحقّ بذلك من غيره". و (لا سِيَّمَا) بتشديد الياء، ودخول (لا) عليها ودخول الواو على (لا) واجب؛ ويجوز أن تخفّف، وأن يُحذف الواو. 2 الجرُّ على جعل (ما) زائدة مؤكّدة، وجَرّ ما بعدها بإضافة السّي إليه، كأنّه قال: (ولا سي زيدٍ) أي: ولا مثل زيدٍ. يُنظر: شرح المفصّل 2/85، وشرح الكافية الشّافية 2/724، وشرح التّسهيل 2/318، والمغني 187، والأشمونيّ 2/167. 3 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 478 ويرفع1 ما بعدها، كقول الشّاعر: ............................... ... وَلاَ سِيَّمَا يَوْمٌ بِدَارَةِ جُلْجُلِ2 [76/أ] أي: ولا مثل الّذي هو يوم. ولا سِيَّمَا زيدًا3 بمعنى: [إلاَّ] 4.   1 الرّفع على أنّه خبرٌ لمبتدأ محذوف، و (ما) موصولة، أو نكرة موصوفة بالجملة، والتّقدير: ولا مثل الّذي هو يوم، أو ولا مثل شيء هو يوم. ويجوز النّصب في الاسم الّذي بعدها إذا كان نكرة. يُنظر: المصادر السّابقة. 2 هذا عجُز بيتٍ من الطّويل، وصدرُه: أَلاَ رُبَّ يَوْمٍ لَكَ مِنْهُنَّ صَالِحٍ وهو لامرئ القيس. و (دَاْرَةُ جُلْجُلِ) : موضع. والشّاهد فيه: (ولا سِيَّمَا يَوْمٌ) حيث يجوز في (يوم) الرّفع على أنّه خبرٌ لمبتدأ محذوف، ويجوزُ فيه - أيضًا -: الجرّ على الإضافة، والنّصب على التّمييز. يُنظر هذا البيت في: شرح المفصّل 2/86، وشرح التّسهيل 2/318، وشرح الكافية الشّافية 2/725، واللّسان (سوا) 14/411، والجنى الدّاني 334، والمغني 186، والمساعد 1/597، والهمع 3/293، والخزانة 3/444، 451، والدّرر 3/183، والدّيوان 10. 3 انتصاب المعرفة منعه الجمهور، وجوّزه بعضهم موجِّهًا إيّاه بأنّ (ما) كافّة، وأنّ (لا سيّما) نزلت منزلة (إلاّ) في الاستثناء؛ فما بعدها منصوبٌ على الاستثناء المتّصل، لإخراجه عمّا قبل (لا سيّما) من حيث عدمُ مساواة ما قبلها له. وضُعِّف بأنّ (إِلاَّ) لا تقترنُ بالواو، ولا يُقال: (جاء القوم وإلاّ زيدًا) . ووجّهه الدّمامينيّ بأنّ (ما) تامّة بمعنى (شيء) ، والنّصب بتقدير: (أعني) أي: ولا مثل شيء أعني زيدًا. يُنظر: المغني 187، والأشمونيّ 2/168، والصّبّان 2/168. 4 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 479 بَابُ لاَ فِي النَّفْيِ: وَانْصِبْ بِلاَ فِي النَّفْيِ كُلَّ نَكِرَهْ ... كَقَوْلِهِمْ: لاَ شَكَّ فِيمَا ذَكَرَهْ (لا) حرف له مَعَانٍ: أحدُها: أنْ تكون ناهيةً1؛ وتختصُّ بالدُّخول على الفعل المضارِع جازمة [له] 2، كقوله تعالى: {لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا} 3. وقد تقع بمعنى الدُّعاء، كقولك: (لا يفضض الله فاك) . وتأتي زائدةً لتأكيد النّفي4، كقولك: (ما زيدٌ قائمًا ولا عمرٌو قاعدًا) 5. وتارةً6 للتّوسُّع في الكلام، كقوله تعالى: {مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ} 7.   1 في ب: نافية، وهو تحريف. 2 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 3 من الآية: 40 من سورة التَّوبة. 4 وهي المصاحِبة لحرف العطف، وليست بعاطفة. يُنظر: كشف المشكِل 1/365. 5 في كلتا النّسختين: ما زيدٌ لا قائم ولا عمرو، والصّواب ما هو مثبَت. ويُنظر: شرح ملحة الإعراب 218، والملخّص 1/269. 6 في ب: وتأتي. 7 من الآية: 12 من سورة الأعراف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 481 وتارةً مع اليمين، كقوله تعالى: {لاَ أُقْسِمُ بِيَوْمِ القِيَامَةِ} 1. وتأتي نافية معنى الفعل عن أحد الاسمين، كقولك: (جاء زيدٌ لا عمرٌو) ؛ فإنْ قلتَ: (ما جاء زيدٌ2 ولا عمرٌو) فالواو ههنا3 هي العاطفة،   1 سورة القيامة، الآية: 1. اختلف العلماء في (لا) في هذه الآية: فقال البصريّون والكسائيّ وعامّة المفسرين: زائدة، وأنّ معناه: أقسم. وأنكر الفرّاء هذا، وقال: لا تكون (لا) زائدة في أوّل الكلام، وقال: "إنَّ (لا) هُنا ردّ لكلامٍ من المشركين متقدِّم؛ كأنّهم أنكروا البعث فقيل لهم: لا، ليس الأمر كما تقولون؛ ثم قال: {أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَة} ". معاني القرآن 3/207. وقيل: إنّها زيدَت توطئة لنفي الجواب؛ والتّقدير: لا، أقسم بيوم القيامة لا يُتركون سُدىً. ورُدّ بقوله تعالى: {لاَ أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ} [البلد: 1] ؛ فإنّ جوابه مثبت وهو: {لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ} [البلد: 4] ؛ ومثله: {َلاَ أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ} [الواقعة: 75] . وقيل: هي نافية، ومنفيّها (أُقْسِمُ) ؛ وذلك على أن يكون إخبارًا لا إنشاءً؛ واختاره الزّمخشريّ، قال: "والمعنى في ذلك: أنّه لا يقسم بالشّيء إلاّ إعظامًا له بذلك، عليه قولُه تعالى: {فَلاَ أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ} ؛ فكأنّه بإدخال حرف النّفي يقول: إنّ إعظامي له بإقسامي به كلا إعظام، يعني: أنّه يستأهل فوق ذلك". الكشّاف 4/163. تُنظر هذه المسألة في: مجاز القرآن 2/277، ومعاني القرآن وإعرابه للزّجّاج 251، والأزهيّة 153- 157، وأمالي ابن الشّجريّ 2/141- 144، والمغني 328، 329. 2 في ب: لا زيدٌ، وهو سهو. 3 في ب: هُنا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 482 و (لا) زائدة لتأكيد النّفي1. وتعترض2بين العامل والمعمول، وتكون بمعنى (غير) 3، كقولك: (ضربتُه بلا ذنبٍ) . وبين المبتدأ والخبر، كقولك: (زيد لا صديق ولا عَدوّ) ، وبين الحال وصاحبها، كقولك [76/ب] : (قَدِم الأمير لا ضاحكًا ولا عابسًا) . وقد تدخُل على الفعل [الماضي] 4فتحوّل معناه إلى الاستقبال، وتكون5 بمعنى (لَمْ) كقوله تعالى: {فَلاَ صَدَّقَ وَلاَ صَلَّى} 6، وكقول الشّاعر:   1 لأنّك إذا قلتَ: (ما جاء زيدٌ وعمرٌو) احتمل أنّ المُراد: نفي مجيء كلّ منهما على كلّ حال، وأن يُراد نفي اجتماعهما في وقت المجيء؛ فإذا جيء بـ (لا) صار الكلام نصًّا في المعنى الأوّل. المغني 322. 2 في أ: وتعرض. 3 والكوفيّون يقولون: إنها اسم، وأنّ الجارّ دخل عليها نفسها، وأنّ ما بعدها خفض بالإضافة. والبصريّون يرون أنّها حرفٌ، ويسمّونها زائدة، كما يسمّون (كان) في نحو: (زيدٌ كان فاضل) زائدة، وإنْ كانت مفيدة لمعنى المضيّ والانقطاع؛ فعُلم بهذا أنّهم قد يريدون بالزّائد المعترض بين شيئين متطالبين، وإن لم يصحّ أصل المعنى بإسقاطه. يُنظر: أمالي ابن الشّجريّ 2/539، 540، والأزهيّة 160، ورصف المباني 341، والمغني 322. 4 ما بين المعقوفين زيادة يقتضيها السّياق. 5 في أ: يكون، وهو تصحيف. 6 سورة القيامة، الآية: 31. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 483 إِنْ تَغْفِرِ اللَّهُمَّ فَاغْفِرْ جَمَّا ... وَأَيُّ1 عَبْدٍ لَكَ لاَ أَلَمَّا2 أي: لم يُلِمَّ. وتدخل على [الفعل] 3 المضارع نافيةً؛ فلا يتأثّر4، كقوله تعالى: {لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ} 5. وتكونُ بمعنى (ليس) مختصّة بالنّكرات6، ومنه قولُ الشّاعر:   1 في ب: وإنِّي، وهو تحريف. 2 هذا بيتٌ من الرّجز، يُنسب لأبي خِراشٍ الهذليّ، أو لأميّة بن أبي الصّلت. و (جما) : بمعنى كثير. و (أَلَمَّ) : من اللّمم وهو صغار الذّنوب. والشّاهد فيه: (لا ألَمّا) حيث جاءت (لا) بمعنى (لم) ، والماضي بمعنى المضارِع، والمعنى: (لم يُلِمَّ) . يُنظر هذا البيت في: طبقات فحول الشّعراء 1/267، وتأويل مشكل القُرآن548، وشرح أشعار الهذليّين 3/1346، والأزهيّة 158، وأمالي ابن الشّجريّ 1/218، 2/536، والإنصاف 1/76، والجنى الدّاني 298، والمغني 321، والمقاصد النّحويّة 4/216، والخزانة 2/295، 4/4، 7/190، وديوان أميّة 264، 265. 3 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 4 في أ: تتأثّر، وهو تصحيف؛ وفي ب: يأثّر، وهو تحريف. 5 من الآية: 255 من سورة البقرة. (لا) النّافية تعمل عمل (ليس) عند الحجازيّين، ومذهب بني تميم إهمالُها. ويُشترط لعملها عمل (ليس) عند الحجازيّين ثلاثة شروط: 1- أنْ يكون اسمها وخبرها نكرتين، نحو: (لا رجلٌ أفضلَ منك) . 2- أن لا يتقدّم خبرها على اسمها، فلا نقول: (لا قائمًا رجلٌ) . 3- ألا ينتقض النّفي بـ (إلاَّ) ، فلا تقول: (لا رجلٌ إلاَّ أفضلَ من زيد) بنصب (أفضل) بل يجب رفعُه. تُنظر هذه المسألة في: شرح المفصّل 2/109، وشرح الكافية الشّافية 1/440، وابن النّاظم 150، وشرح الرّضيّ 1/270، وشرح ألفية ابن معطٍ 2/894، 895، وأوضح المسالك 1/203، وابن عقيل 1/288 ـ 292، والتّصريح 1/199، والهمع 2/118 - 120، والأشمونيّ 1/252 - 254. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 484 تَعَزَّ فَلاَ شَيْءٌ عَلَى الأَرْضِ بَاقِيًا ... وَلاَ وَزَرٌ مِمَّا قَضَى اللهُ وَاقِيَا1 وقول2 الآخر: مَنْ صَدَّ عَنْ نِيْرَانِهَا ... فَأَنَا ابْنُ قَيْسٍ لاَ بَرَاحُ3   1 هذا بيتٌ من الطّويل، ولم أقف على قائله. و (تعزّ) : تصبّر وتسلّ. و (وزر) : ملجأ. و (واقيًا) : حافظًا وراعيًا. والشّاهد فيه: (لا شيء باقيًا) و (لا وزر واقيًا) حيث أعمَل (لا) النّافية عمل (ليس) في الموضعين، واسمها وخبرها نكرتان. يُنظر هذا البيت في: شرح عمدة الحافظ 1/216، وابن النّاظم 150، والجنى الدّاني 292، وأوضح المسالك 1/204، وتخليص الشّواهد 294، وابن عقيل 1/289، والمقاصد النّحويّة 2/102، والتّصريح 1/199، والهمع2/119، والأشمونيّ 1/253. 2 في أ: وقال. 3 هذا بيتٌ من مجزوء الكامل، وهو لسعد بن مالك القيسيّ. والشّاهد فيه: (لا براح) حيث أعمل (لا) عمل (ليس) ؛ فرفع اسمها - براح - وحذف خبرها. يُنظر هذا البيت في: الكتاب 1/58، والمقتضب 4/360، وأمالي ابن الشّجريّ 1/431، والإنصاف 1/367، وشرح المفصّل 1/108، 109، وابن النّاظم 150، ورصف المباني 337، والمغني 315، والتّصريح 1/199، والخزانة 1/467. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 485 أراد: لا بَراح لي. وقد تُزاد التّاء مع (لا) 1لتأنيث اللّفظ، والمبالغة في معناه2؛ فتعمل العمل المذكور في أسماء الأحيان لا غير، نحو: (حينٍ) و (ساعةٍ) و (أوانٍ) 3.   1 أي: النّافية. 2 الّذي ذكره الشّارح هو مذهب الأخفش والجمهور. وقيل: إنّها مركَّبةٌ من (لا) والتّاء؛ فلو سمّيت بها حكيتْ. وذهب أبو عبيد القاسم بن سلاّم وابن الطّراوة إلى أنّها كلمة وبعضُ أخرى، أصلُها: (لا تحين) التّاء متّصلة بـ (حين) . وذهب ابن أبي الرّبيع إلى أنّ الأصل في (لات) : (ليس) ، فقُلِبَتْ ياؤها ألِفًا، وأُبدلت سينُها تاءً كراهةَ أن تلتبس بحرف التّمنّي. الملخّص 1/272، 273، والبسيط 2/753. وتُنظر هذه المسألة في: الإنصاف 1/108، وشرح الرّضيّ 1/271، والجنى الدّاني 485، 486، والارتشاف 2/111، والمغني 334، والتّصريح 1/199، 200، والهمع 2/121. 3 هذا مذهب ابن مالكٍ، وابنه. يُنظر: شرح التّسهيل 1/377، وشرح الكافية الشّافية 1/443، وابن النّاظم 151. وذهب سيبويه والجمهور إلى أنّها تعمل العمل المذكور، وهو عمل (ليس) في لفظ (الحين) خاصّة. الكتاب 1/57. وقيل: إنّها لا تعمل شيئًا؛ فإنْ ولِيَها مرفوع فمبتدأ حذف خبره؛ أو منصوب فمعمول لفعلٍ محذوف؛ وهذا أحدُ قولي الأخفش. والقول الثّاني: أنها تعمل عمل (إنّ) وهي للنّفي العامّ. وقيل: إنّها حرف جرّ تخفض أسماء الزّمان. قاله الفرّاء. معاني القرآن 2/397، 398. وتُنظر هذه المسألة في: شرح الرّضيّ 1/271، والجنى الدّاني 488، والارتشاف 2/111، والمغني 335، والتّصريح 1/200. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 486 والأعرف - حينئذٍ - في1 ذلك حذف2 الاسم، كقوله تعالى: {وَلاَتَ حِيْنَ مَنَاصٍ} 3. المعنى: ليس هذا الحين حين مَنَاصٍ، أي: فِرَارٍ4.   1 في أ: وذلك. 2 في كلتا النسختين: بحذف والتصويب من ابن الناظم 151. 3 من الآية: 3 من سورة ص. 4 وقد قرئ شذوذًا: {وَلاَتَ حِينُ مَنَاص} برفع (الحين) على أنه اسم (لات) ، والخبر محذوف؛ والتّقدير: ولات حينُ مناص كائنًا لهم. وقُرئ - أيضًا -: {وَلاَتَ حِينِ مَنَاصٍ} بخفض (حين) ؛ فزعم الفرّاء أنّ (لات) تستعمل حرفا جارًّا لاسم الزّمان خاصّة. فتحصّل في (حين) ثلاثُ قراءات: الرّفع، والنّصب، والجرّ؛ وفي الرّفع ثلاثة أقوال: إما على الابتداء، أو على الاسميّة لـ (لات) إنْ كانت عاملة عمل ليس، أو على الخبريّة لها إنْ كانت عاملةً عمل (إنّ) . وفي النّصب ثلاثةُ أقوال - أيضًا -: إما على الاسميّة لـ (لات) إنْ كانتْ عاملة عمل (إنّ) ، أو على الخبرية لها إنْ كانت عاملة عمل (ليس) ، أو على أنّه مفعولٌ بفعلٍ محذوف تقديرُه: لا أرى حين مناص. وفي الخفض وجهٌ واجد. يُنظر: مختصر في شواذ القرآن 129، ومعاني القرآن للفرّاء 2/397، 398، وشرح الكافية الشّافية 1/442، 443، وأوضح المسالك 1/205، وابن عقيل 1/294. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 487 قال الشّاعر: نَدِمَ البُغَاةُ وَلاَتَ سَاعَةَ مَنْدَمٍ ... وَالْبَغْيُ مَرْتَعُ1 مُبْتَغِيْهِ وَخِيمُ2 وقد تكون ناصبةً للاسم، رافعةً للخبر، حملاً على (إِنَّ) في العمل؛ لأنَّ (إِنَّ) لتوكيد الإيجاب، و (لا) لتوكيد النّفي؛ فهي ضدّها، [77/أ]   1 في ب: مصرع. 2 هذا بيتٌ من الكامل، وهو لمحمّد بن عيسى بن طلحة، أو للمهلهل بن مالك الكنانيّ، أو لرجلٍ من طيّء. و (البُغاة) : جمع باغ، والباغي: الّذي يتجاوز قدره. (ولات ساعة مندَم) : أي وليست السّاعة ساعة ندامة. و (مرتع) : اسم مكان من رتع في المكان جعله ملهىً وملعبًا. و (وخيم) : ثقيل. والشّاهد فيه: (ولات سَاعةَ مندمِ) حيث حذف اسم (لات) وهو الأعرف. يُنظر هذا البيتُ في: شرح الكافية الشّافية 1/443، وشرح التّسهيل 1/377، وابن النّاظم 151، وتخليص الشّواهد 294، وابن عقيل 1/295، والمقاصد النّحويّة 2/146، والهمع 2/122، والأشمونيّ 1/255، والخزانة 4/168. وقد استشهد الشّارحُ ـ رحمه الله ـ لـ (حين) و (ساعة) ؛ وبقي (أوان) ، والشّاهدُ عليها قولُ الشّاعر: طَلَبُوا صُلْحَنَا وَلاَتَ أَوَانٍ ... فَأَجَبْنَا أَنْ لَيْسَ حِينَ بَقَاءُ يُنظر: شرح التّسهيل 1/377، 378، وابن النّاظم 151. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 488 والشّيء يُحمل1 على ضدّه، كما يُحمل2 على نظيره. وتكون النّكرة بعدها مُضافةً، كقولك: (لا طالبَ جَهْلٍ مشكورٌ) ، أو شبيهةً بالمضافة3، كقولك: (لا جاهلاً قُربه مقصود) . فإنْ كانت النّكرة مُفْرَدةً غير مُضافَةٍ، ولا شبيهة به، بنيت على الفتح لتركيبها4مع (لا) تركيب5 خمسة عشر6؛ ولتضمّنها معنى (مِنْ) الجنسيّة، بدليل ظهورها في قول الشّاعر: فَقَامَ يَذُودُ النَّاسَ عَنْهَا بِسَيْفِه ... وَقَالَ: أَلاَ لاَ مِنْ سَبِيْلٍ إِلَى هِنْدِ7 فتقول من ذلك ناوِيًا استغراق8 الجنس: (لا رجل في الدّار) .   1 في ب: يعمل عمل ضدّه، وهو تحريف. 2 في ب: كما يعمل عمل نظيره، وهو تحريف. 3 في أ: بالمضاف. 4 في أ: كتركيبها. 5 في كلتا النسختين: كتركيب، وما أثبته هو الأولى. 6 في ب: عشره، وهو سهو. 7 هذا بيتٌ من الطّويل، ولم أقف على قائله. و (يذود) : يدفع. و (سبيل) : طريق. والشّاهد فيه: (ألا لا من سبيل) حيث ظهرت (مِنْ) بعد (لا) فدلَّ ذلك على أنّ اسم (لا) إذا لم تُذكر معه (مِنْ) فهو متضمّنٌ معناها. يُنظر هذا البيت في: شرح التّسهيل 2/54، وابن النّاظم 186، واللّسان (ألا) 15/434، والجنى الدّاني 292، وأوضح المسالك 1/281، وتخليص الشّواهد 396، والمقاصد النّحويّة 2/332، والتّصريح 1/239. 8 في ب: للاستغراق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 489 وَإِنْ بَدَا بَيْنَهُمَا مُعْتَرِضُ ... فَارْفَعْ وَقُلْ: لاَ لأَبِيكَ مُبْغِضُ فَإِنْ فَصَلَ بينها وبين النّكرة فاصل عادَ إلى أصله وهو الإعراب1، وزال عنه ما عرض له من البناء، كقوله تعالى: {لاَ فِيْهَا غَوْلٌ} 2. وَارْفَعْ إِذَا كَرَّرْتَ نَفْيًا وَانْصِبِ ... وَغَايِرِ3 الإِعْرَابَ فِيهِ4 تُصِبِ تَقُولُ: لاَ بَيْعٌ وَلاَ خِلاَلُ ... فِيهِ وَلاَ عَيْبٌ5وَلاَ إِخْلاَلُ [وَالرَّفْعُ فِي الثَّانِي وَفَتْحُ الأَوّلِ ... قَدْ جَازَ وَالْعَكْسُ كَذَاكَ فَافْعَلِ] 6 وَإِنْ تَشَأْ فَانْصِبْهُمَا7 جَمِيعَا ... وَلاَ تَخَفْ رَدًّا وَلاَ تَقْرِيعَا [77/ب]   1 من شروط عمل (لا) عمل (إن) : ألاّ يفصل بينها وبين اسمها فاصل، ولا خبرها؛ فإنْ فصل بينهما أهملت كما في الآية. 2 من الآية: 47 من سورة الصّافّات. 3 في متن الملحة 29، وشرح الملحة 222: أَوْ غَايِرِ الإِعْرَابَ. 4 في ب: فيها. 5 في كلتا النّسختين: ولا بيع، والتّصويب من متن الملحة 34، وشرح الملحة 222. 6 ما بين المعقوفين ساقطٌ من كلتا النّسختين؛ وإكمالُه من متن الملحة 30، وشرح الملحة 222. 7 في متن الملحة 30: وَإِنْ تَشَأْ فَافْتَحْهُمَا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 490 فصل: يجوز إذا عطفت النّكرةعلى اسم (لا) في العمل خمسة أوجه1ٍ؛ لأنّ العطف يصحّ معه2إلغاء (لا) وإعمالها؛ فإن أعملت الأولى فتحت الاسم بعدها، وجاز لك في الثّاني ثلاثة أوجُهٍ: الأوّل: الفتح على إعمال (لا) 3 الثّانية؛ مثالُه: (لا حول ولا قوّة إلا بالله) ، وكقوله تعالى: {فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ} 4. الثّاني: النّصب على جعلها مؤكّدة، وعطف الاسم بعدها على محلّ الاسم قبلها؛ مثالُه: (لا حولَ ولا قوّةً) ، ومنه قولُ الشّاعر: لاَ نَسَبَ الْيَوْمَ وَلاَ خُلَّةً ... اتَّسَعَ الْخَرْقُ عَلَى الرَّاقِعِ5   1 يقصد أنّك إذا عطفت النّكرة المفردة على اسم (لا) وكرّرت (لا) جاز خمسة أوجُه. 2 في ب: مع. 3 في أ: إلاّ. 4 من الآية: 197 من سورة البقرة. 5 هذا بيتٌ من السّريع، وهو لأنس بن العبّاس بن مرداس السّلميّ، وقيل: لأبي عامر جّد العبّاس بن مرداس السّلميّ. والشّاهد فيه: (ولا خلّة) حيث نصب على تقدير أن تكون (لا) زائدة للتّأكيد، ويكون (خلّة) معطوفًا بالواو على محلّ اسم (لا) وهو (نَسَب) . يُنظر هذا البيتُ في: الكتاب 2/258، والأصول 1/403، واللّمع 98، وشرح المفصّل 2/113، وشرح الجمل 2/275، والارتشاف 2/172، وأوضح المسالك 1/287، والمقاصد النّحويّة 2/351، والتّصريح 1/241. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 491 الثّالث1: الرّفع على أحد وجهين2؛ إلغاء (لا) ، أوزيادتها3 وعطف الاسم على محلّ (لا) الأولى مع اسمها؛ فإنّ موضعها رفع بالابتداء؛ مثالُه: (لا حولَ ولا قوّةٌ إلاّ بالله) ، و [منه] 4 قولُ الشّاعر: هَذَا لَعَمْرُكُمُ الصَّغَارُ بِعَيْنِهِ ... لاَ أُمَّ لِي - إِنْ كَانَ ذَاكَ - وَلاَ أَبُ5 فلم6 ينوّن لأجل القافية. [78/أ]   1 في ب: والثّالث. 2 ويجوز وجه ثالثٌ: وهو أنْ تكون (لا) الثّانية عاملة عمل (ليس) . يُنظر: ابن النّاظم 188، وابن عقيل 367، والتّصريح 1/242، والأشمونيّ 2/10. 3 في أ: وزيادتها. 4 ما بين المعقوفين ساقط من ب. 5 هذا بيتٌ من الكامل، واختلف في نسبته فقيل: لرجل من مذحج، وقيل: لهمّام بن مرّة، وقيل: لرجلٍ من بني عبد مناة، وقيل: لهُنّى بن أحمر، وقيل: لضمرة بن ضمرة، وقيل: لزرافة الباهليّ. و (العَمْر) - بفتح فسكون -: الحياة. و (الصّغار) الذّلّ والهوان. والشّاهد فيه: (ولا أبُ) حيث جاء مرفوعًا، ورفعه على أحد الوجهين اللذين ذكرهما الشارح؛ ويجوز فيه وجهٌ ثالثٌ، وهو أن تكون (لا) الثانية عاملة عمل (ليس) ، و (أب) اسمها، وخبرها محذوف. يُنظر هذا البيتُ في: الكتاب 2/292، ومعاني القرآن للفرّاء 1/121، والمقتضب 4/371، والأصول 1/386، والجمل 239، واللّمع 99، والمقتصد 2/804، وشرح المفصّل 2/110، وابن النّاظم 189، وتخليص الشّواهد 405، 408. 6 في ب: ولم ينوّنا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 492 وإنْ ألغيتَ الأولى1 رفعتَ الاسم بعدها، وجاز لك في الثّاني وجهان: أحدهما: الفتح على إعمال (لا) الثّانية؛ مثالُه: (لا حولٌ ولا قوّةَ إلاَّ بِالله) ، ومنه قولُ الشّاعر: فَلاَ لَغْوٌ وَلاَ تَأْثِيمَ فِيهَا ... وَمَا فَاهُوا بِهِ أَبَدًا مُقِيمُ2 الثّاني: الرّفع على إلغاء (لا) ، أو زيادتها وعطف الاسم بعدها على ما قبلها؛ مثالُه: (لا حولٌ ولا قوّةٌ إلاَّ بالله) ، ومنه قولُ الشّاعر: وَمَا هَجَرْتُكِ حَتَّى قُلْتِ مُعْلِنَةً ... لاَ نَاقَةٌ لِي فِي3 هَذَا وَلاَ جَمَلُ4   1 في أ: وإن ألغيت لا. 2 هذا بيتٌ من الوافر، وهو لأميّة بن أبي الصّلت، وهو ملفّقٌ من بيتين، وصوابُ الإنشاد - كما في الدّيوان 475، 477 - هكذا: وَلاَ لَغْوٌ وَلاَ تَأْثِيمَ فِيهَا ... وَلاَ غَوْلٌ وَلاَ فِيهَا مُلِيمُ وَفِيهَا لَحْمُ سَاهِرَةٍ وبَحْرٍ ... وَمَا فَاهُوا بِهِ لَهُمُ مُقِيمُ و (السّاهرة) : هي الأرض، وهي في مقابِلة البحر. والأبياتُ في وصف نعيم أهل الجنّة. والشّاهد فيه: (فَلاَ لَغْوٌ وَلاَ تَأْثِيمُ) حيث رفع الاسم الواقع بعد (لا) الأولى؛ على أنّها ملغاة؛ وفتح الاسم الواقع بعد (لا) الثّانية على أنّها نافية للجنس، عاملة عمل (إنّ) . يُنظر هذا البيت في: معاني القرآن للفرّاء 1/121، واللّمع 99، وشرح الكافية الشّافية 1/525، وابن النّاظم 189، وتخليص الشّواهد 406، 411، وابن عقيل 1/369، والمقاصد النّحويّة 2/346، والتّصريح 1/241، والخزانة 4/494، والدّيوان 475، 477. 3 في أ: فيها. 4 هذا بيتٌ من البسيط، وهو للرّاعي النّميريّ. والشّاهد فيه: (لا ناقةٌ لي في هذا ولا جَمَلُ) حيث رفع الاسم الواقع بعد (لا) الأولى؛ على أنّها ملغاة؛ ورفع الاسم الواقع بعد (لا) الثّانية على أنّها زائدة، والاسم بعدها معطوفٌ على الاسم الّذي بعد (لا) الأولى؛ أو على أنّها ملغاة، والاسم بعدها مرفوع بالابتداء وخبره محذوف. يُنظر هذا البيت في: الكتاب 2/295، ومجالس ثعلب 1/28، واللّمع 98، وشرح المفصّل 2/111، 113، وشرح التّحفة الورديّة 165، وتخليص الشّواهد 405، والمقاصد النّحويّة 2/336، والتّصريح 1/241، والدّيوان 198. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 493 ولا يجوز نصب الثّاني ورفع الأوّل؛ لأنَّ (لا) الثّانية إنْ أعملت1 وجب في الاسم بعدها البناء على الفتح؛ لأنّه مفرد، وإن لم تعملها وجب فيه الرّفع؛ لعدم نصب المعطوف عليه لفظًا ومحلاًّ.   1 في ب: إن عملت. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 494 فصل: وإذا وُصِفَ1 اسم (لا) المبنيّ معها على الفتح بصفةٍ مفردة متّصلة؛ جاز فيها ثلاثة أوجهٍ: البناء على الفتح، كقولك: (لا رجلَ ظريفَ فيها) . والنّصب، نحو: (لا رجلَ ظريفًا فيها) . والرّفع، نحو: (لا رجل ظريفٌ فيها) . فالبناء على أنّه رُكّب الموصوف مع الصّفة تركيب خمسة عشر، ثم دخلت (لا) عليها، والنّصب على اتباع [الصّفة] 2 محلّ اسم3 (لا) ، والرّفع على اتباعها لمحلّ (لا) مع اسمها. [78/ب] وإنْ فصل النّعت عن اسم (لا) تعذّر بناؤها على الفتح؛ لزوال التّركيب بالفصل، وجاز النّصب، نحو: (لا رجلَ فيها ظريفًا) ، والرّفع أيضًا، نحو: (لا رجل فيها ظريفٌ) ، وكذلك إذا كان النّعت غير مفرَد؛ تقول: (لا رجلَ قبيحًا فعله عندك) 4. فإن عطفت على اسم (لا) بدون تكرارها امتنع إلغاء (لا) ، وجاز في المعطوف الرّفع بالعطف على موضع (لا) مع اسمها؛   1 في ب: إذا وصفت. 2 ما بين المعقوفين زيادةٌ يقتضيها السّياق، وهي من ابن النّاظم. 3 في أ: المحلّ لاسم الا، وهو تحريف. 4 وكذلك: (لا رجلَ قبيحٌ فعله عندك) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 495 نحو: (لا رجل وامرأةٌ في الدّار) ، والنّصبُ بالعطف على [موضع] 1 اسم (لا) 2، ومنه قولُ الشّاعر: فَلاَ أَبَ وَابْنًا مِثْلَ مَرْوَانَ وَابْنِهِ ... إِذَا هُوَ بِالمَجْدِ اِرْتَدَى وَتَأَزّرَا3   1 ما بين المعقوفين زيادة يقتضيها السّياق، وهي من ابن النّاظم. 2 ولا يجوز بناء المعطوف على الفتح؛ لأجل فصل العاطف، وقد حكى الأخفش: (لا رجل وامرأةَ فيها) بالبناء على الفتح، وهو شاذّ؛ مخرّج على أنه ركّب المعطوف مع (لا) فبني، ثم حذفت، وأبقي حكمها. يُنظر: شرح المفصّل 2/110، وابن النّاظم 191، وأوضح المسالك 1/289، 290، وابن عقيل 1/373، والتّصريح 1/243. 3 هذا بيتٌ من الطّويل، وهو لرجل من بني عبد مناة بن كِنانة، يمدح فيه مروان بن الحكم وابنه عبد الملك بن مروان؛ ويُنسب للفرزدق - وليس في ديوانه -، كما يُنسب لغيرهما. و (المجد) : العزّ والشّرف. و (ارتدى) : لَبِسَ الرّداء، وهو ما يستُر النّصف الأعلى. و (تأزّر) : لَبِسَ الإزار وهو الثّوب الّذي يستر النّصف الأسفل؛ والارتداء والاتّزار بالمجد كِناية عن غاية الكرم ونهاية الجُود، فكأنّهما متلبّسان به لا يفارقانه. والشّاهد فيه: (فلا أبَ وابنًا) حيث عطف على اسم (لا) النّافية للجنس ولم يكرِّرها؛ وجاء بالمعطوف منصوبًا؛ لأنّه عطفه على محلّ اسم (لا) ؛ وهو مبنيّ على الفتح في محلّ نصب؛ ويجوز فيه الرّفع، ووجهه أن يكون معطوفًا على محلّ (لا) مع اسمها، فإنّهما معًا في محلّ رفع بالابتداء. يُنظر هذا البيتُ في: الكتاب 2/285، ومعاني القرآن للفرّاء 1/120، والمقتضب 4/372، واللّمع 99، وشرح المفصّل 2/101، 110، وابن النّاظم 191، وتخليص الشّواهد 413، والمقاصد النّحويّة 2/355، والتّصريح 1/243، والخزانة 4/67. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 496 وتدخل همزة الاستفهام على (لا) النّافية للجنس؛ فيبقى ما كان لها1 من العمل، وجواز الإلغاء إذا كرّرت، والاتباع لاسمها على محلّه [من النّصب، أو على محلّ (لا) معه] 2 من الابتداء. وأكثر ما يجيء ذلك إذا قُصد بالاستفهام التّوبيخ والإنكار، كقوله: أَلاَ ارْعِوَاءَ لِمَنْ وَلَّتْ شَبِيْبَتُهُ ... وَآذَنَتْ بِمَشِيْبٍ بَعْدَهُ هَرَمُ؟ 3 وقد يجيء ذلك؛ والمراد مجرّد الاستفهام عن النّفي، كقول الشّاعر: [79/أ] أَلاَ اصْطِبَارَ لِسَلْمَى أَمْ لَهَا جَلَدٌ؟ ... إِذَا أُلاَقِي الَّذِي لاَقَاهُ أَمْثَالِي4   1 في أ: فيبقى مالا. 2 ما بين المعقوفين زيادة يقتضيها السّياق وهي من ابن الناظم. 3 هذا بيتٌ من البسيط، ولم أقف على قائله. و (ارعواء) : انكفاف وانزجار. (وَلَّتْ) : أدبرت. (وآذنت) : أعلمت. والشّاهد فيه: (ألا ارعواء) حيث قصد بالهمزة التّوبيخ والإنكار مع إبقاء عمل (لا) النافية للجنس كما لو كانت مجرّدة من الهمزة. يُنظر هذا البيت في: شرح عمدة الحافظ 1/319، وابن النّاظم 192، وتخليص الشّواهد 414، والمغني 96، وابن عقيل 1/375، والمقاصد النّحويّة2/360، والتّصريح 1/245، والهمع 2/205، والأشمونيّ 2/14. 4 هذا بيتٌ من البسيط، ويُنسب لمجنون بني عامر قيس بن الملوّح، والّذين نسبوه إليه قَدْ رَوَوْا صدره على وجهٍ آخر، وهو: أَلاَ اصْطِبَارَ لِلَيْلَى أَمْ لَهَا جَلَدٌ؟ و (اصطبار) : تصبّر وتجلّد. و (لا قاهُ أمثالي) : كناية عن الموت. والشّاهد فيه: (ألا اصطبار) حيث عامل (لا) بعد دخول همزة الاستفهام، بمثل ما كان يعاملها قبل دخولها؛ والمراد بالهمزة: الاستفهام، ومن (لا) : النّفي؛ فيكون معنى الحرفين معًا الاستفهام عن النّفي. يُنظر هذا البيتُ في: شرح عمدة الحافظ 1/320، وابن النّاظم 192، والجنى الدّاني 384، والمغني 97، وابن عقيل 1/375، والمقاصد النّحويّة 2/358، والتّصريح 1/244، والهمع 2/205، والخزانة 4/70، والدّيوان 228. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 497 وقد يُراد بالاستفهام1التّمنّي2، كقوله: أَلاَ عُمْرَ وَلَّى مُسْتَطَاعٌ رُجُوعُهُ3 ... ...............................   1 في كلتا النّسختين: بالاسم، وهو تحريف؛ والتّصويب من ابن النّاظم 192. 2 مذهب سيبويه، والخليل، والجرميّ أنّ (ألا) هذه ملاحظ فيها معنى الفعل والحرف؛ فهي بمنزلة (أتمنّى) فلا خبر لها، وبمنزلة (ليتَ) فلا يجوز مراعاة محلّها مع اسمها، ولا إلغاؤها إذا تكرّرت. وخالفهم المازنيّ فجعلها كالمجرّدة من همزة الاستفهام. تُنظر هذه المسألة في: الكتاب 2/307، والمقتضب 4/383، والأصول 1/397، وشرح المفصّل 7/48، وشرح الكافية الشّافية 1/534، وشرح الرّضيّ 1/261، 262، وأوضح المسالك 1/293، والتّصريح 2/205، 206، والأشمونيّ 2/15. 3 هذا صدرُ بيتٍ من الطّويل، وعجزُه: فَيَرْأَبَ مَا أَثَأتْ يَدُ الغَفَلاَتِ ولم أقف على قائله. (ولّى) : أدبر وذهب. (فيرأب) : يُجبر ويُصلح. (أثأت) : صدعت وأفسدت. والشّاهد فيه: (ألا عمر) حيث أُريد بالاستفهام مع (لا) مجرّد التّمنِّي؛ وهذا كثير. يُنظر هذا البيت في: شرح عمدة الحافظ 1/318، وابن النّاظم 193، والجنى الدّاني 384، والارتشاف 2/177، والمغني 97، وابن عقيل 1/376، والمقاصد النّحويّة 2/361، والتّصريح 1/245، والخزانة 4/70. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 498 ويجب ذكر خبر (لا) إذا لم يُعْلم1، كقول الشّاعر: وَرَدَّ جَازِرُهُمْ2 حَرْفًا مُصَرَّمَة ... وَلاَ كَرِيمَ مِنَ الْوِلْدَانِ مَصْبُوحُ3   1 وإنْ عُلِم التزم حذفه بنو تميم والطّائيّون، وأجاز حذفه وإثباته الحجازيّون. يُنظر: المفصّل 52، وشرح المفصّل 1/107، وشرح الكافية الشّافية 1/535 - 537، والارتشاف 2/166، 167، وأوضح المسالك 1/294، وابن عقيل1/377، والتّصريح 1/246، والأشمونيّ 2/17. 2 في ب: جازوهم، وهو تحريف. 3 هذا بيتٌ من البسيط، وهو لحاتم بن عبد الله الطّائيّ، أو لأبي ذؤيب الهذليّ، أو لرجلٍ جاهليّ من بني النّبيت بن قاسط. وقد ورد البيتُ هُنا ملفّقًا من بيتين؛ وهما: وَرَدَّ جَازِرُهُمْ حَرْفًا مُصَرَّمَةً ... فِي الرَّاْسِ مِنْهَا وَفِي الأَصْلاَءِ تَمْلِيحُ إِذَا اللِّقَاحُ غَدَتْ مُلْقًى أَصِرَّتُهَا ... وَلاَ كَرِيمَ مِنَ الْوِلْدَانِ مَصْبُوحُ (جازرهم) الجازر: الّذي ينحر الإبل. و (الحرف) : الإبل النّجيبة الّتي أنضتها الأسفار، شُبِّهت بحرف السّيف في مضائها ونجائها ودقّتها؛ وقيل: هي الضّامِرة الصّلبة، شُبِّهت بحرف الجبل في شدّتها وصلابتها؛ ويُقال: الحرف النّاقة المهزولة. اللّسان (حرف) 9/42. و (المصرّمة) يُقال ناقة مصرّمة: وذلك أن يُصَرَّم طُبْيُها، فيُقْرح عَمْدًا حتى يفسد الإحليل، فلا يخرُج اللّبن، فييبس، وذلك أقوى؛ وقيل: ناقة مُصَرَّمةٌ: هي الّتي صَرَمها الصّرار فوقذّها، وربّما صرمت عَمْدًا لتَسْمَنَ فتُكوى. اللّسان (صرم) 12/338. و (الأصلاء) : جمع صلا، وهو: ما حول الذّنب. و (التّمليح) : شيءٌ من ملح أي: شحم. والمعنى: أنّهم في جدْب، واللّبن عندهم عزيز، ولا يُسقاهُ الوليد الكريم النّسب، فَضْلاً عن غيره؛ فجازرهم يردّ عليهم من المرعى ما ينحرون للضّيف، إذْ لا لبن عندهم. والشّاهد فيه: (ولا كريم من الولدان مصبوح) حيث ذكر خبر (لا) وهو: (مصبوح) لأنّه لم يكن ممّا يُعْلم؛ فإذا لم يُعلم يجب ذكره. ويجوز أن يكون (مصبوح) نعتًا لاسمها محمولاً على الموضع، والخبر محذوف لعلم السّامع، تقديره: موجود. يُنظر هذان البيتان في: الشّعر والشّعراء 145، وفرحة الأديب 126، وإيضاح شواهد الإيضاح 1/271، وشرح المفصّل 1/107، واللّسان (صرر) 4/452، والمقاصد النّحويّة 2/369، وملحق ديوان حاتم 293، 294. وورد الشّاهد ملفّقًا من صدر الأوّل وعجز الثّاني في: الكتاب 2/299، والمقتضب 4/370، والأصول 1/385، والإيضاح 240، والتّبصرة 1/392، وأمالي ابن الشّجريّ 2/512، وابن النّاظم 194، والارتشاف 2/166، وتخليص الشّواهد 422، وملحق أشعار الهذليّين 3/1307. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 499 وندَر حذْفُ الاسم وإثبات الخبر في قولهم: (لا عليك) أي: لا بأس عليك. وتكونُ (لا) نافية للمعرفة، وذلك بتقدير محذوفٍ1، ومنه قولُ الرّاجز2: لاَ هَيْثَمَ اللَّيْلَةَ لِلْمَطِيِّ3   1 قال الرّضيّ في شرحه على الكافية 1/260: "ولتأويله بالمنكر وجهان: إمّا أن يقدّر مضافٌ هو: (مثل) فلا يتعرّف بالإضافة لتوغُّله في الإبهام، وإنما يُجعل في صورة النّكرة بنزع (اللاّم) ، وإن كان المنفيّ في الحقيقة هو المضاف المذكور الّذي لا يتعرّف بالإضافة إلى أيّ معرفة كان. وإمّا أن يُجعل العلم لاشتهاره بتلك الخلّة كأنه اسم جنس موضوع لإفادة ذلك المعنى". 2 في ب: الشّاعر. 3 هذا بيتٌ من الرّجز المشطور، ولم أقف على قائله. و (هيثم) هو: هيثم بن الأشتر، وكان مشهورًا بين العرب بحُسن الصوت في حدائه وبمعرفة البيْداء. والشّاهد فيه: (لا هيثم) حيث نصب (هيثم) بـ (لا) وهو علم معرفة لتأوّله بالنّكرة؛ لأنّه أراد: لا مثل هيثم. أو أنّه لاشتهاره صار شائعًا كأنّه اسم جنس موضوع لإفادة ذلك المعنى قبل دخول (لا) عليه. يُنظر هذا البيتُ في: الكتاب 2/296، والمقتضب 4/362، والأصول1/382، وتحصيل عين الذّهب 350، والمفصّل 106، وأمالي ابن الشّجريّ 1/365، وأسرار العربيّة 250، وشرح المفصّل 2/103، وشرح الكافية الشّافية 1/530، وشرح الرّضيّ 1/260، والملخّص 507، والخزانة 4/57. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 500 ومن ذلك قيل: (قَضِيَّةٌ وَلاَ أَبَا حَسَنٍ لَهَا) 1. فإنّما القصد فيه إلى عليّ بن أبي طالب - رضي الله عنه -2، وتقدير الكلام: لا مِثل عليّ، ولا مثل الهيثم؛ لأنّ (لا) لا تنصب إلا نكرة - كما تقدّم -، وجواز ذلك بتقدير: مثل.   1 قال الرّضيّ في شرح الكافية 1/260: "معنى قضيّة ولا أبا حسن لها: لا فيصل لها؛ إذْ هو ـ كرّم الله وجهه ـ كان فيصلاً في الحُكومات على ما قالِ النّبيّ - صلّى الله عليه وسلّم -: "أَقْضَاكُمْ عَلَيّ" فصار اسمُه - رضي الله تعالى عنه - كالجنس المفيد لمعنى الفصل والقطع كلفظ (الفيصل) . وعلى هذا يمكن وصفُه بالمنكّر؛ وهذا كما قالوا: (لكلّ فرعون موسى) أي: لكلّ جبّار قهّار؛ فيصرف (فرعون) و (موسى) لتنكيرهما بالمعنى المذكور". ويُنظر هذا القولُ في: الكتاب 2/297، والمقتضب 4/363، وأمالي ابن الشّجريّ 1/366، وشرح المفصّل 4/123، وشرح الكافية الشّافية 1/530، وتخليص الشّواهد 401. وجاءت الرّواية في الكتاب والأمالي بطرح (لها) . 2 في أ: عليه السّلام. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 501 بَابُ التَّعَجُّبِ: وَتُنْصَبُ الأَسْمَاءُ فِي التَّعَجُّبِ ... نَصْبَ الْمَفَاعِيلِ فَلاَ تَسْتَعْجِبِ1 تَقُولُ: مَا أَحْسَنَ زَيْدًا إِذْ خَطَا ... وَمَا أَحَدَّ سَيْفَهُ حِينَ2 سَطَا التَّعجُّب هو: استعظام فعل فاعلٍ ظاهر المزيّة فيه. [79/ب] وقيل: إنّ التعجُّب يكون ممّا يظهر معناه، ويخفى سببه، وَيُدَلُّ عليه بصيغ3 مختلفة، كقولك: (كيف تعصي مَن أنتَ تتقلّب في نعمه!) ، وقولهم: (للهِ أنتَ!) ، وقولِ الشّاعر: وَاهًا لِلَيْلَى ثُمَّ وَاهًا وَاهَا4   1 في أ: ولا تستعجب. 2 في أ: إذا سطا. 3 في ب: على صيغ. 4 هذا بيتٌ من الرّجز، وبعده: هِيَ الْمُنَى لَوْ أَنَّنَا نِلْنَاهَا يُنسب إلى رؤبة بن العجّاج، كما يُنسب إلى أبي النّجم العجليّ، وروى أبو زيد الأنصاريّ في نوادره 58، 164 أكثر الأبيات الّتي يروونها مع بيت الشّاهد، ونسبها لأبي الغول الطّهويّ بعض أهل اليمن. (واهًا) : كلمة يقولها المتعجِّب؛ فإذا تعجّبتَ من طيب شيء قلتَ: (واهًا له ما أطيَبَه) ؛ وكلمة (واهًا) هُنا اسم بمعنى أعجب. يُنظر هذا البيتُ في: مجالس ثعلب 1/228، وشرح المفصّل 4/72، وشرح الكافية الشّافية 2/1076، وابن النّاظم 455، وأوضح المسالك 3/181، والمقاصد النّحويّة 1/133، 3/636، والتّصريح 2/197، والأشمونيّ 3/17، والخزانة 7/455، وملحق ديوان رؤبة 168. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 503 وقول الآخر: ................................... ... يَا جَارَتَا1 مَا أَنْتِ جَارَهْ! 2 وقولك3لمن أنكرتَ منه حالاً ما: (سبحان اللهِ ما أعلمُ منك هذا!) . والأشهر في استعماله بصيغتين4: أحدهما: (مَا أَفْعَلَهُ!) ، والأُخرى: (أَفْعِلْ بِهِ!) .   1 في ب: حارتنا، وهو تحريف. 2 هذا نصف بيتٍ من مجزوء الكامل؛ وهو للأعشى الكبير؛ ومن العلماء مَن جعل هذا عجز البيت، وجعل صدره: بَانَتْ لِتَحْزُنَنَا عَفَارَهْ ومنهم مَن عكس؛ فجعل المذكور في الكتاب صدرًا، وجعل الّذي ذكرناه عجزًا؛ وهو المثبت في الدّيوان. و (بانتْ) : فارقتْ. (وَعَفَارَهْ) : اسمُ امرأة. والشّاهد فيه: (ما أنت جاره) حيث يدلّ على التّعجُّب، إذ التّقدير: عظمت من جارة. يُنظر هذا البيت في: الصّاحبيّ 270، والمقرّب 1/165، وشرح عمدة الحافظ 1/435، وابن النّاظم 455، ورصف المباني 513، وشرح شذور الذّهب 243، وابن عقيل 1/605، والأشمونيّ 3/17، والخزانة 3/308 - 310، 5/486، 488، والدّيوان 153. 3 في أ: وكقولك. 4 هُما صيغتاه القياسيّتان؛ وما عداهُما سماعيّ كالأمثلة الّتي ذكرها الشّارح؛ وهما اللّتان عقد النُّحاة (باب التّعجُّب) لبيانهما؛ لاطّرادهَما في كلّ معنىً يصحّ التّعجُّب منه؛ ولم يُبوّب لغيرهما من الصّيغ السّابقة؛ لأنّ تلك الصّيغ لم تدلّ على التّعجُّب بالوضع، بل بالقرينة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 504 وتقول مِن ذلك: (مَا أَحْسَنَ زَيْدًا!) و (أَحْسِنْ بِهِ!) . فـ (ما) عند سيبويه1 نكِرة غير موصوفة، في موضع رفع بالابتداء؛ وساغ الابتداء بها2؛ لأنّها في تقدير: التّخصيص3. والمعنى: شيءٌ عظيمٌ أحسنَ4 زيدًا، أي: جعلهُ حسنًا؛ وهذا كقولهم: (شيءٌ جاء بك) و (شَرٌّ أَهَرَّ ذَا نَابٍ) 5. و (أَحْسَنَ) : فعلٌ ماضٍ6، لا يتصرّف7، مسندٌ إلى ضمير (ما) ؛   1 رأيُه في الكتاب 1/72 حيث قال: "هذا بابُ ما يعمل عمل الفعل ولم يَجر مجرى الفعل ولم يتمكّن تمكُّنه؛ وذلك قولُك: ما أحسن عبد الله. زعم الخليل أنّه بمنزلة قولك: شيءٌ أحسن عبد الله، ودخله معنى التّعجُّب". وهو مذهب جمهور البصريّين. وما بعد (ما) من الجملة الفعليّة خبر؛ فموضعه رفع. يُنظر: المقتضب 4/173، والأصول 1/99، والتّبصرة 1/265، وأسرار العربيّة 112، وشرح المفصّل 7/142، 149، وشرح التّسهيل 3/31، وابن النّاظم 456، والتّصريح 2/87. 2 في أ: الابتداها. 3 مُرادُ الشّارح بهذا: أنّ هذا التّخصيص مقيّدٌ بالتّعجُّب؛ لأنّه لا معنى لـ (ما) هُنا إلا التّعجُّب؛ سيق لأجل هذا. 4 في ب: حسّن. 5 هذا مثلٌ يُضربُ في ظُهور أمارات الشّرّ ومَخَايِله؛ كأنّهم سمعوا هرير كلبٍ في وقتٍ لا يهرّ في مثله إلا لسوء، فقالوا ذلك؛ أي: إنّ الكلب إنّما حمله على الهرير شرّ. يُنظر: مجمع الأمثال 2/172، والمستقصى 2/130. 6 في ب: فعل مكرر. 7 هذا عند البصريّين، والكسائيّ. تُنظر هذه المسألة مفصّلةً في: الكتاب 1/72، 73، والمقتضب 4/173، والأصول 1/98، 99، والتّبصرة 1/265، وأمالي ابن الشّجريّ 2/381، وأسرار العربيّة 113، والإنصاف، المسألة الخامسة عشرة، 1/126، والتّبيين، المسألة الثّانية والأربعون، 285، وشرح المفصّل 7/142، 143، وشرح التّسهيل 3/31، وأوضح المسالك 2/272،والتّصريح 2/87، والأشمونيّ 3/18. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 505 والدّليل على فعليّته: لزومه متّصلاً بياء المتكلِّم نُونُ الوقايةِ، نحو: (ما أعرفني بكذا!) و (ما أَرْغَبَنِي في عفو الله) . وقد قيل فيه [80/أ] إنّه اسم1 لمجيئه مُصَغَّرًا في قولِ الشّاعر: يَا مَا أُمَيْلِحَ غِزْلاَنًا شَدَنَّ لَنَا2 ... ........................................   1 هذا عند بقيّة الكوفيّين. تُنظر هذه المسألة مفصّلة في: المصادر السّابقة. 2 هذا صدرٌ بيتٍ من البسيط، وعجزه: مِنْ هَؤُليَّائِكُنَّ الضَّالِ وَالسَّمُرِ وهو للعرجيّ، وقيل: لكثيّر عزّة، وقيل: لمجنون ليلى، وقيل: لغيرهم. و (شدنّ) أصلُه قولهم: شدن الضّبي يشدن شدونًا: إذا قويَ، وطلع قرناه واستغنى عن أمّه. و (هؤلياء) : تصغير هؤلاء. (والضَّالُ) : شجر السّدر البريّ. و (السَّمُرُ) : شجر الطّلح. والشّاهد فيه: (أُميلح) فإنّه تصغير (أَمْلَح) ، والتّصغير من خصائص الأسماء؛ ولهذا قال الكوفيّون: إنّ صيغة (أفعل) في التّعجُّب اسم؛ بدليل مجيئها مصغّرة في هذا البيت. وردّه البصريّون بما ذكره الشّارح تبعاً لابن الناظم. يُنظر هذا البيت في: التّبصرة 1/272، وأمالي ابن الشّجريّ 2/383، وأسرار العربيّة 115، والإنصاف 1/127، والتّبيين 290، وشرح المفصّل 7/143، وشرح الجمل 1/583، وشرح التّسهيل 3/40، وابن النّاظم 457، وشرح الرّضيّ 2/308، وديوان المجنون 168، وديوان العرجيّ 183. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 506 ولا حجّة في هذا؛ لشذوذه، واحتمال1 أن يكون التّصغير دخله لشبهه بـ (أَفْعَل) التّفضيل لفظًا ومعنىً؛ والشّيء قد يخرج عن بابه لمجرّد الشّبه بغيره2. وذهب الأخفش3 إلى أنَّ (ما) في نحو: (ما أحسن زيدًا) موصولة،   1 في ب: فاحتمال. 2 وهُناك ردود أُخرى على احتجاج الكوفيّين - بأنّ أفعل اسم لمجيئه مصغّرًا -؛ منها: أنّ التّصغير ههنا لفظيّ؛ والمراد به تصغير المصدر لا تصغير الفعل؛ لأنّ هذا الفعل منع من التّصرُّف، والفعل متى مُنع من التّصرُّف لا يؤكّد بذكر المصدر؛ فلمّا أرادوا تصغير المصدر صغّروه بتصغير فعله؛ لأنّه يقوم مقامه، ويدلّ عليه؛ فالتّصغير في الحقيقة للمصدر لا للفعل. يُنظر: أمالي ابن الشّجريّ 2/383 - 388، والإنصاف 1/138 - 142، وأسرار العربيّة 116، والتّبيين 290، والتّصريح 2/88. 3 وهُناك قولٌ آخر له على أنّها نكرة موصوفة بمعنى (شيء) ؛ والجملة بعدها في محلّ رفع صفة لها، والخبر محذوف وُجوبًا تقديره: شيءٌ عظيم. وروي عنه قولٌ ثالث موافِقٌ لقول سيبويه والجمهور. ونقل عن الكوفيّين أنّها استفهاميّة. تُنظر هذه المسألة في: المقتضب 4/177، والمقتصد 1/375، وأسرار العربيّة112، وشرح المفصّل 7/149، وشرح التّسهيل 3/31، 32، وشرح الكافية الشّافية 2/1081، وابن النّاظم 457، والارتشاف 3/33، وأوضح المسالك 2/272، وابن عقيل 2/141، 142، والتّصريح 2/87، والأشمونيّ 3/17، 18. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 507 وهي مبتدأ، و (أحسن) صلته، والخبر محذوف وُجوبًا تقديرُه: الّذي أَحْسَنَ [زَيْدًا] 1 شَيءٌ عظيم. واحْتَجَّ هو ومَن تابعه: أنّهم لم يجدوا (ما) إذا كانت غير استفهامٍ وغير شرطٍ إلاّ موصولة أو موصوفةً؛ فجعلوها في التّعجُّب موصولة. وهذا الاستدلال ينتقض بقولهم: (إنِّي مِمّا أَنْ2 أَفْعَلَ) 3 تقديرُه: إِنِّي من الأَمْر فِعْلي. وقيل: إنَّ4 ما ذهب إليه سيبويه أوْلى؛ لأنَّ (ما) لو كانت موصولةً لَمَا كان حذفُ الخبر واجبًا؛ لأنّه لا يجب حذفُ الخبر إلاَّ إذا عُلِمَ وسدَّ غيره مسدّه؛ وههنا لم يسدّ مسدّ الخبر شيء؛ لأنّه ليس بعد المبتدأ الموصول5 إلاَّ صلته؛ والصّلة من تمام المبتدأ؛ فليست في محلّ خبره،   1 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 2 في أ: إنّي ممّا أفعل. 3 ينتقض استدلالُهم في حصر (ما) في هذه الأقسام؛ أنّ هُناك قسمًا آخر لـ (ما) ما ذُكِر؛ وعليه فحمل (ما) على أحد الأقسام المذكورة لا يتمّ الاستدلال به؛ لأنّها تحتمل أن تكون القسم الّذي لم يذكروه، وهو أن تكون معرفة تامّة - على ما ذكره السّيرافيّ -. يُنظر: الجنى الدّاني 340، 341. 4 في أ: إنّه. 5 في أ: الوصول الأصليّة، وهو تحريف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 508 وإنّما هي1 في محلّ بقيّة حروف الاسم؛ فلا تصلُح2 للسّدّ مسدّ الخبر. [80/ب] فالمُتَعَجَّبُ منه مَنْصُوبٌ على المفعوليّة، والفاعل لا خلاف3 في أنّه مُضْمَرٌ في (أحسن) ؛ ولا خلاف في أنَّ هذا المُضْمَر لا يظهر قطّ في مُفْرَدٍ ولا تَثْنِيَةٍ ولا جَمْع؛ وكُلمّا أُضْمِر الشّيء وسُتِرَ كان أفخم له، وأَزْيَد في معناه. ولا خلاف [في] 4 أنّه لا يجوز العطف على ذلك المضمَر، ولا أن يبدل منه، ولا أن يُخبَر عنه. وأمَّا (أَفْعِلْ) [في] 5 نحو: (أَحْسِنْ بزيدٍ) فَفِعْلٌ6: لفظه لفظ الأمر، ومعناه الخبر، وعُدِل عن ذكر الخبر لاحتماله الصّدق والكذب؛ والأمرُ ليس كذلك؛ فكان وُرودُه به أبلغ وأفخم؛ وهو مسند إلى المجرور بعده، و (الباء) زائدة7، مثلُه   1 في أ: إنّ، وهو تحريف. 2 في أ: فلا يصلح، وهو تصحيف. 3 في أ: فلا خلاف، وفي ب: لاختلاف؛ والصّواب ما هو مثبَت. (في) ساقطةٌ من ب. (في) ساقطةٌ من ب. 6 أجمع النُّحاة على فعليّة (أَفْعِلْ) لأنّه على صيغة لا تكون إلاّ للفعل؛ فأمّامجيء (إِصْبِعْ) عليها فنادر. التّصريح 2/88. 7 هذا عند جمهور البصريّين. وذهب الفرّاء، والزّمخشريّ، والزّجّاج، وابن كيسان، وابن خروف إلى أنّ لفظه ومعناه الأمر. ثم اختلف هؤلاء في فاعله؛ فقال ابن كيسان: إنّه ضمير يعود إلى المصدر، وهو (الحُسْن) ، وقال غيرُه: بل الفاعل ضمير المخاطِب. تُنظر هذه المسألة في: الأصول 1/99، 101، والمفصّل 367، وشرح المفصّل 7/147، 148، وشرح الجمل 1/588، وشرح التّسهيل 3/33، وشرح الرّضيّ 2/310، والارتشاف 3/34، 35، وأوضح المسالك 2/273، 274، والمساعد 2/149، 150، والتّصريح 2/88، 89، والهمع 5/57، 58، والأشمونيّ 3/18، 19. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 509 [قولُهم] 1: (كفى بزيدٍ رجلاً) 23، وهو في قوّة: (حَسُنَ زَيْدٌ) بمعنى: ما أحسنَهُ4، [و] 5 تقول: (ما أَحْسَنَ زَيْدًا!) فتنصب ما   1 ما بين المعقوفين ساقطٌ من ب. 2 لكن زيادة الباء في هذا المثال ليست لازِمة، بل يجوز تركُها، نحو قولِ الشّاعر: كَفَى الشَّيْبُ وَالإِسْلاَمُ لِلْمَرْءِ نَاهِيَا أمّا في (أَحْسِنْ بزيد) فلازمة؛ صونًا للّفظ عن القبح. إلاّ إذا كان المجرور بها - وهو الفاعل - مصدَرًا مؤوّلاً من (أنّ) أو (أنْ) وصلتهما؛ لاطّراد حذف الجارّ في ذلك، كقول الشّاعر: وَأَحْبِبْ إِلَيْنَا أَنْ تَكُونَ المُقَدَّمَا أي: بأنْ تكون. يُنظر: شرح المفصّل 7/148، وشرح الجمل 1/588، وشرح التّسهيل 3/34، 35، والتّصريح 2/88، والأشمونيّ 3/19. 3 بعد المثال (كفى بزيد رجلاً) وردت الجملة التالية في كلتا النّسختين: "فينصب ما بعد أفعل بالمفعوليّة"؛ وهو سهوٌ من النُّسّاخ؛ لأنّها غير مناسِبة للسّياق؛ وسيأتي موضعها المناسِب وهو ما أفعله. 4 في ب: ما أحسن. 5 ما بين المعقوفين زيادة يقتضيها السّياق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 510 بعد [أَفْعَل] 1 بالمفعوليّة؛ [وهو في] 2 الحقيقة فاعل الفعل المتعجّب منه3، لكن دخلت عليه همزة النّقل، فصار الفاعل مفعولاً بعد إسناد الفعل إلى غيره. ولا يجوز حذف المتعجّب منه لغير دليل؛ لأنّك لو4قلت: (ما أحسن! وما أجمل!) لم يكن كلامًا5. وأمّا نحو: (أفعل [به] 6) فلا يُحذف منه المتعجّب منه7 إلاّ إذا دَلَّ على المتعجّب [81/أ] منه دليل؛ وكان المعنى واضحًا عند الحذف8؛ ومنه قولُ عليّ [بن أبي طالب] 9 - رضي الله عنه - 10:   1 ما بين المعقوفين زيادة يقتضيها السّياق؛ وهي من ابن النّاظم 459. 2 ما بين المعقوفين ساقطٌ من ب. 3 قال ابن النّاظم في شرحه على الألفيّة 459: "والمراد بالمتعجّب منه: المفعول في (ما أفعله!) والمجرور في (أفعل به) ؛ وفيه تَجَوّز؛ لأنّ المتعجّب منه هو فعله لا نفسه، إلاّ أنه حذف منه المضاف، وأُقيم المضاف إليه مقامه للدّلالة عليه". 4 في أ: إذا. 5 هذا في: (ما أفعله!) لعرائه إذْ ذاك عن الفائدة؛ لأنّ معناه أنّ شيئًا صيّر الحسن واقعًا على مجهول؛ وهذا ما لا ينكر وُجوده، ولا يُفيد التّحدّث به. يُنظر: ابن النّاظم 459، والتّصريح 2/90. 6 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 7 لأنّه الفاعل. يُنظر: ابن النّاظم 459، والتّصريح 2/90. 8 في ب: عند الحذف جاز حذفه. 9 ما بين المعقوفين ساقط من ب. 10 في أ: كرّم الله وجهه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 511 جَزَى اللهُ عَنِّي وَالْجَزَاءُ بِلُطْفِهِ ... رَبِيْعَةَ خَيْرًا: مَا أَعَفَّ! وَأَكْرَمَا! 1 وتقول: (أَحْسِنْ بِزَيْدٍ! وَأَجْمِلْ!) بالحذف، كما قال تعالى: {أَسْمِعْ بِهِم وَأَبْصِرْ} 2. [و] 3 يسوغ ذلك في (أفعل به) إذا كان معطوفًا على آخر مذكور معه الفاعل4. وينبغي معرفة الفعل الّذي يبنى منه فعلا التّعجُّب؛ ولذلك5أحكامٌ: منها: أنّه6 لا يكون منقولاً إلاّ من فعلٍ غير متعدٍّ غالبًا، ثم عُدِّي بالهمزة إلى مفعولٍ، نحو: (ما أظرفَ أباك! وأكرمَ أخاك!) ؛ لأنَّ المتعجّب   1 هذا بيتٌ من الطّويل، وهو لعليّ بن أبي طالب - رضي الله عنه -، من كلمة يمدح فيها ربيعة على ما أبْلَتْ معه يوم صفّين. والشّاهد فيه: (ما أعفّ! وأكرما!) حيث حذف المتعجّب منه - وهو المنصوب بعد أَفْعَلَ -؛ لأنّه ضمير يدلّ عليه سياقُ الكلام؛ ولوضوح المعنى والتّقدير: ما أعفّها وأكرمها. يُنظر هذا البيتُ في: ابن النّاظم 460، وتخليص الشّواهد 291، وأوضح المسالك 2/275، والمقاصد النّحويّة 3/649، والتّصريح 2/88، والهمع 5/59، والأشمونيّ 3/20، والدّرر 5/240، والدّيوان 171. 2 من الآية: 38 من سورة مريم. 3 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 4 كما في الآية الكريمة السّابقة. 5 في أ: وكذلك، وهو تحريف. 6 في ب: أن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 512 منه فاعلٌ في الأصل؛ فَوَجَبَ أن يكون فعله غير متعد. [و] 1منها: أنّه لا يكون منقولاً2إلاَّ من فعلٍ ثُلاثيٍّ، نحو: (ظَرُفَ) و (شَرُفَ) و (عَلِمَ) و (سَمِعَ) ؛ ولا يكون من [فعل] 3 رُباعيٍّ حروفه أصول، نحو: (دحرج) ؛ لأنّ صيغة (أفعل) من هذا هدم لا بِناء4؛ فإن5 كان الرّباعيّ بزوائد6 فإنّه مختلف7 فيه؛   1 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 2 في ب: مفعولاً، وهو تحريف. 3 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 4 ولأنّه يؤدّي إلى حذف بعض الأصول، ولا خفاء في إخلاله بالدّلالة. التّصريح 2/91. 5 في ب: وإن. 6 لأنّه يؤدِّي إلى حذف الزّيادة الدّالّة على معنى مقصود؛ ألا ترى أنّك لو بنيت (أفعل) من (ضارب) و (انطلق) و (استخرج) ، فقلت: (ما أضربه، وأطلَقه، وأخرجه) لفاتت الدّلالة على معنى المشارَكة، والمطاوعة، والطّلب. التّصريح 2/91. 7 اختلف النّحاة في التّعجّب من الرّباعيّ إذا كان بزوائد نحو: (أَكْرَمَ) : فقيل: يجوز مطلَقًا؛ وهو مذهب سيبويه، واختاره ابن مالكٍ. يُنظر: الكتاب 4/99، 1/72، 73، وشرح التّسهيل 3/46. وقيل: يمتنع مطلَقًا؛ وهو مذهب المازنيّ، والأخفش، والمبرّد، وابن السّرّاج، والفارسيّ. يُنظر: الأصول 1/103 ـ 105، والإيضاح 116، وشرح المفصّل 7/144، وشرح الجمل 1/579، 580، وشرح الرّضيّ 2/308، والارتشاف 3/42، والتّصريح 2/91، والأشمونيّ 3/21. وقيل: بالتّفصيل؛ فيمتنع إنْ كانت همزته للنّقل، نحو: (أذهب) ؛ ويجوز إنْ كانت لغيره، نحو: (ما أظلم اللّيل) و (ما أقفر هذا المكان) ؛ وما شذّ مخالِفًا يُحفظ ولا يقاسُ عليه؛ وهذا قولُ ابن عصفور. يُنظر: المقرّب 1/73. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 513 [من] 1 نحو: (أَكْرَمَ) و (أَعْطَى) و (أجمل) ؛ فمنهم مَن يُجيز التّعجُّب [به] 2 بتعويضه همزة التعجُّب [عن همزتها] 3، [وحُجّته] 4: ما سمع [من العرب] 5 من قولهم: (ما أيسر6 فلانًا! وما أسنّه!) ؛ ومنهم من لا يُجيز ذلك قياسًا على الرّباعيّ الّذي7حروفه أصول؛ ومنه حكاية الكتاب8: "ما أبغضني [81/ب] له! "، وهو من أبغض يُبغض؛ ووجهه أن يُقدَّر له فعل ثلاثيّ، كقولك: (بَغُضَ) 9.   1 ما بين المعقوفين ساقط من ب. 2 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 3 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 4 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 5 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 6 في ب: ما أسرّ، وهو تحريف. 7 في أ: في الّذي. 8 أي: كتاب سيبويه 4/99، 100. 9 قال السّيرافيّ في شرحه على الكتاب جـ 2/ ق 209: "اعلم أنّ سيبويه قد ذكر التّعجُّب من المفعول في هذا الباب في أشياء تتكلّم بها العرب؛ والأصل: أنّ المفعول لا يتعجّب منه لعلّتين: أحدُهما: أنّ دخول الهمزة لنقل الفعل إنّما تدخل على الفاعل، كقولك: (لبس زيدٌ) و (ألبسه عمرو) و (دخل زيد) و (أدخله غيرُه) و (قعد) و (أقعده غيرُه) ؛ ولو قلت: (ضرب زيد) لم تدخُل عليه الهمزة لنقل الفعل؛ وبابُ التّعجُّب باب نقل فيه الفعل عن فاعله إلى فاعلٍ آخر. والوجه الآخر: أنه لو تعجّب من المفعول لوقع اللّبس بينه وبين الفاعل؛ فقال سيبويه: ما تعجب منه من المفعول كأنه يقدّر له فعل؛ فإذا قال: (ما أبغضه إليَّ) فكأن فعله: (بَغُضَ) وإن لم يُستعمَل". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 514 وقال ابن بابشَاذ1: "هَا هُنا نُكْتَةٌ حَسَنَةٌ؛ وهي: ما أبغضني له، وما أبغضني إليه، وما أمقتني له، وما أمقتني إليه، وما أحبَّني له، وما أحبّني إليه؛ فكلّ ما كان باللاّم فهو للفاعل، وما كان2 بـ (إلى) فهو للمفعول؛ فإذا قلتَ: ما أبغضني له، فأنت المُبْغِضُ الكارهُ، وإذا قلتَ:   1 في كلتا النّسختين: ابن باب شاذ. و (با بشاذ) : كلمةٌ أعجميّة تتضمّن الفرح والسّرور - كما في بُغية الوُعاة 2/17-. وهو: طاهر بن أحمد بن با بشاذ، أبو الحسن النّحويّ المصريّ: أحدُ الأئمّة في هذا الشّأن، والأعلام في فنون العربيّة وفصاحة اللّسان؛ وهو من حُذّاق نُحاة المصريّين، على مذهب البصريّين؛ ومن مصنّفاته: شرح جمل الزّجّاجيّ، ومقدِّمة سمّاها: المحتسب، وشرحها؛ توفّي سنة (454هـ) . يُنظر: نزهة الألبّاء 263، وإنباهُ الرُّواة 2/95 - 97، وإشارة التّعيين151، 152، وبُغية الوُعاة 2/17. 2 في ب: فكلّ ما كان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 515 [ما أبغضني] 1 إليه، فأنت المَبْغُوضُ المَكْرُوه"2. ولا يبنى إلاَّ من فعل، ثلاثيّ، متصرّف، قابل للتّفاوُت، غير ناقص3 كـ (كان) وأخواتها، ولا ملازم للنّفي4، نحو: (ما عَاجَ زيدٌ بهذا الدَّوَاءِ) أي: ما انتفع به؛ فإنّ العرب لم تستعمله إلاَّ في النّفي؛ فلا5 يبنى منه فعل التّعجّب؛ لأنّ ذلك يؤدّي إلى مخالفة الاستعمال بالخروج من النّفي إلى الإيجاب. وَإِنْ تَعَجَّبْتَ مِنَ الأَلْوَانِ ... أَوْ عَاهَةٍ تَحْدُثُ فِي الأَبْدَانِ فَابْنِ لَهُ فِعْلاً مِنَ الثُّلاَثِي ... ثُمَّ اِئْتِ بِاللَّوْنِ وَبِالأَحْدَاثِ6 تَقُولُ: مَا أَنْقَى بَيَاضَ الْعَاجِ ... وَمَا أَشَدَّ ظُلْمَةَ الدَّيَاجِي   1 ما بين المعقوفين ساقطٌ من كلتا النّسختين؛ وهو من شرح الجمل. 2 شرح الجمل جـ1/ ق 80/أ. 3 أي: تامّ. 4 في ب: وملازم النّفي، وهو سهو. أي: بأن يكون مثبتًا؛ فلا يبنيان من منفيّ؛ سواء كان ملازِمًا للنّفي ـ كما مثَّل ـ، أم غير ملازم كـ (ما قام) . يُنظر: شرح الكافية الشّافية 2/1084، 1085، وأوضح المسالك 2/282، والتّصريح 2/92، والأشمونيّ 3/22. 5 في ب: ولا. 6 في متن الملحة 30: فَابْنِ لَهَا فِعْلاً مِنَ الثُّلاَثِي ... ثُمَّ ائْتِ بِالأَلْوَانِ وَالأَحْدَاثِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 516 اعلم أنّه لا يبنى فعل التّعجّب من فعل اسم فاعله على (أَفْعَل) 1، نحو: (شَهِلَ) 2 فهوأَشْهَلُ، وَ (عَوِرَ) فهو أَعْوَرُ، و (عَرِجَ) فهو أَعْرَجُ؛ لأنَّ (أَفْعَلَ) هو لاسم الفاعل ما كان لونًا أو خلقة3. [82/أ]   1 هُناك شرطٌ آخر من شروط بِناء فعل التّعجُّب لم يذكره الشّارح؛ وهو: أن لا يكون مبنيًّا للمفعول، فلا يبنيان من نحو: (ضُرِبَ) . يُنظر: شرح الكافية الشّافية 2/1084، 1085، وأوضح المسالك 2/281، والتّصريح 2/92، والأشمونيّ 3/22. 2 الشُّهْلَةُ في العين: أن يشوب سوادَها زُرقة؛ وقيل: الشّهلة أقلُّ من الزّرق في الحدقة وأحسن منه؛ وقيل: أن يكون سواد العين بين الحُمرة والسّواد. اللّسان (شَهِلَ) 11/373. 3 اختُلف في المنع من ذلك: فقيل: لأنّ حق صيغة التّعجُّب أن تُبنى من الثُّلاثي المحْض؛ وأكثر أفعال الألوان والخلْق إنّما تجيء على (أَفْعل) بزيادة مثل اللاّم نحو: (اخضرَّ) ، فلم يبن فعلا التّعجّب في الغالب ممّا كان منها ثلاثيًّا إجراءً للأقل مجرى الأكثر. وقيل: لأنّ الألوان والعُيوب الظّاهرة جَرتْ مجرى الخلْق الثّابتة الّتي لا تزيد ولا تنقص، كـ (اليد) و (الرّجل) وسائر الأعضاء في عدم التّعجُّب منها. وقيل: لأنّ بناء الوصف من هذا النّوع على (أفعل) لم يُبْنَ منه أفعل تفضيل لئلاّ يلتبس أحدُهما بالآخر؛ ولَمّا امتنع صوغ أفعل التّفضيل منه امتنع صوغ فعلي التّعجّب منه؛ لجريانهما مجرى واحد في أمورٍ كثيرة، وتساويهما في الوزن والمعنى. يُنظر: شرح التّسهيل 3/45، وابن النّاظم 462، والتّصريح 2/92، 93. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 517 أمّا الألوان1 فتقول: (مَا أَحْمَرَهُ) تريد2: البلادَة؛ وإن قصدتّ اللّون لم يجُز3؛ وكذلك تقول: (مَا أَسْوَدَ زيدًا) من السُّودَدِ4 لا من السَّوَادِ، و (مَا أَبْيَضَ5الطّير) ، و (مَا أَصْفَرَ العبدَ) من الصَّفير، والمكان إذا خلا من قولهم: (صَفِرَ الإناء) إذا خلا6، و (ما أَسْمَرَهُ) من السَّمَر؛ فإن أردتّ بجميع ذلك اللّون لم يجز7.   1 اختلف النّحاة في العاهات والألوان: فذهب جمهور البصرييّن إلى أنّه لا يتعجّب من العاهات. وأجاز ذلك الأخفش، والكسائيّ، وهشام، نحو: (ما أعوره!) . وذهب البصريّون إلى أنّه لا يجوز من الألوان. وأجاز ذلك الكسائيّ، وهشام مطلَقًا، نحو: (ما أحمره!) . وأجاز بعضُ الكوفيّين ذلك في السّواد والبياض خاصّة دون سائر الألوان. تُنظر هذه المسألة في: الأصول 1/104، والإنصاف، المسألة السّادسة عشرة،1/148، وشرح المفصّل 7/146، 147، وشرح الجمل 1/578، والارتشاف 3/45، والمساعد 2/162. 2 في أ: وتريد به البلادة. 3 ولأنّ فعله يزيد على الثّلاثة، نحو: (احْمَرّ) و (احْمَارّ) . يُنظر: التّبصرة 1/267، وكشف المشكل 1/514، وشرح المفصّل 7/145. 4 السُّوَددُ: الشّرف؛ وقد يُهمز. اللّسان (سود) 3/228. 5 تريد أنّه كثيرُ البَيْض، ولا تقصد اللّون. 6 اللّسان (صفر) 4/461. 7 ولأنّ أفعالها تزيد على الثّلاثة، من نحو: (اسْوَدّ) و (ابْيَضَّ) و (اصْفَرَّ) و (اسْمَرّ) و (اسْوَادّ) و (ابْيَاضّ) و (اصْفَارّ) و (اسْمَارّ) . يُنظر: التّبصرة 1/267، وكشف المشكل 1/514، وشرح المفصّل 7/145. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 518 وتقول: (ما أرأسَ زيدًا) من الرّئاسة، و (ما أيدَاه) 1 من اليد الّتي هي النّعمة، و (ما أَرْجَله) من الرّجلة، كقولهم: (رَجَلٌ بَيِّن الرُّجْلة) و (رَجِيلٌ) إذا كان قويًّا على المشي2؛ و (ما أوجهه) بمعنى الوجاهة، وكذلك: (ما أجبهه) من قولك: جَبَهَ3، يجبه4؛ فإن أردتّ بشيءٍ5 من ذلك الخلق الثّابتة من6 الجوارح7 كـ (الرّأس) 8 و (اليد) و (الرّجل) و (الوجه) و (الجبهة) لم يجز9. وتقولُ: (ما أَعْرَجَ زَيدًا) إذا أردتّ عَرَجَ في السُّلَّم10، وكذلك: (ما أَحْوَله) من حال يحول من التّغيّر، و (ما أعمى قلبه11 عن طاعة الله) ؛   1 في أ: وما ايده. 2 اللّسان (رجل) 11/267، 270. 3 في أ: حبه، وهو تصحيف. 4 في اللّسان (جبه) 13/ 483، 484: "وَجَبَهَ الرّجل يَجْبَهُه جَبْهًا: رَدّه عن حاجته واستقبله بما يكرَه؛ وجَبَهْتُ فلانًا: إذا استقبلته بكلامٍ فيه غِلْظة؛ وجَبَهْتُه بالمكروه: إذا استقبلتَه به؛ والجَبْهَةُ: المَذَلَّة". 5 في أ: بذلك شيئًا من الخلق الثّابتة. 6 في ب: في. 7 في أ: الحوارج، وهو تصحيف. 8 في أ: والرّأس. 9 لأنّه لا يجوز التّعجّب من الخلْقة الثّابتة. يُنظر: كشف المشكل 1/514. 10 وعَرَجَ في الدَّرَجَة والسُّلَّم يعرُج عُرُوجًا، أي: ارتقى. اللّسان (عرج) 2/321. 11 جاز لأنّه لم يُرد به عمى العينين، وإنما أُريد عَمَى القَلب. يُنظر: كشف المشكل 1/515، وشرح المفصّل 7/146، واللّسان (عمي) 15/95. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 519 فإن أردتّ به العيوب لم يجز1. فما زاد على الثُّلاثيّ نحو2: (انطلق) والألوان، والعُيوب، والخلق؛ [82/ب] يُتعجّب من جميع ذلك بـ (أشدّ) و (أشْدِد) وما جرى مجراهما3؛ تقول: (ما أحسن استخراج زيدٍ) و (اشدد بانطلاقه) و (ما أَشَدّ سَوَاده) و (ما أَصْبَح وجهه) و (ما أَخْفَى عرجَه) و (ما أَحْسَنَ حَوَله) .   1 لأنّه لا يجوز التّعجُّب من العيوب، وكذلك لأنّه لا يقبل التّفاوُت. يُنظر: كشف المشكل 1/514، واللّسان (عمي) 15/96. 2 في ب: كانطلق. 3 يفصّل النُّحاة في التّعجّب من فاقد أحد الشّروط السّابقة: فيتوصّل إلى التّعجُّب من الزّائد على ثلاثة، وممّا وصفه على أفعل فعلاء بـ (ما أشَدَّ) ونحوه، ويُنصب مصدرهما بعده؛ أو بـ (أشْدِدْ) ونحوه، ويُجَرُّ مصدرهما بعده بالباء؛ فتقول: (ما أشدَّ انطلاقه أو حُمرته) و (اشدِدْ بها) . وكذا المنفيّ والمبنيّ للمفعول؛ إلاّ أنّ مصدرهما يكون مُؤوّلاً لا صريحًا، نحو: (ما أكثر أن لا يقوم) و (ما أعظم ما ضُرِبَ) و (أشْدِدْ بهما) . وأمّا الفعل النّاقص فإنْ قلنا له مصدر فمن النّوع الأوّل، وإلاّ فمن الثّاني، كـ (ما أشدّ كونه جميلاً) أو (ما أكثر ما كان محسنًا) و (اشدد) أو (أكثر بذلك) . وأمّا الجامد والّذي لا يتفاوت معناه فلا يتعجّب منهما البتّة. يُنظر: أوضح المسالك 2/282، وغيره من المصادر. وصرّح ابن النّاظم، والمراديّ، وأبو حيّان بأنّ ما لا يتفاوت معناه داخلٌ في النّوع الأوّل، وأنّه يُقال: (ما أفجع موت زيد) و (أفجع بموت زيد) . يُنظر: ابن النّاظم 462، وتوضيح المقاصد 3/71، والارتشاف 3/47. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 520 ويجوز في فعل التّعجُّب أن يعمل في ظرفي الزّمان والمكان والحال؛ لأنَّ هذه الأشياء مُبيّنةٌ1 ما قبلها وموضِّحة؛ تقول: (ما أحسن زيدًا ضاحكًا!) و (ما أكرم أباك يوم الخميس!) و (ما أجمل خالدًا عندك!) . [ولا يجوز] 2 تقديم3 الظّرفين على فعل التّعجُّب؛ وتقدّمه على المتعجّب منه فيه خلاف، والأقيَسُ جوازُه، وكذلك الجارّ والمجرور4؛   1 في أ: مبينية؛ وفي ب: مبية؛ وكلتاهما محرفة والصواب ما هو مثبت. 2 ما بين المعقوفين ساقط من ب. 3 في ب: تقدّم. 4 لا خلاف في امتناع تقديم معمول فعل التّعجّب عليه؛ فلا تقول: (ما زيدًا أحسن) ولا (بزيد أحسن) . وكذلك لا يُفصل بينهما بغير الظّرف والجارّ والمجرور؛ فلا تقول: (ما أحسن يا عبد الله زيدًا) . وأمّا الفصلُ بالظّرف والجارّ والمجرور ففيه خلافٌ مشهور؛ ذكره الشّارح - رحمه الله -. تُنظر هذه المسألة في: المقتضب 4/178، والتّبصرة 1/268، وشرح المفصّل 7/150، وشرح الكافية الشّافية 2/1096، وشرح التّسهيل 3/40، وشرح الرّضيّ 2/309، وابن النّاظم 464، والارتشاف 3/37، 38، وتوضيح المقاصد 3/72، والمساعد 2/157، وابن عقيل 2/147، 148، والتّصريح 2/90، والهمع /60، 61، والأشمونيّ 3/25. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 521 وسيبويه1 يمنع الفصل، وكذلك الأخفش2، والمبرّد3.وكثيرٌ من البصريّين يُجيز4 ذلك؛ منهم الجرميّ5.   1 لم أجد هذا الرأي في كتابه. وقال ابن يعيش 7/150: "فأمّا سيبويه فلم يصرّح في الفصل بشيء، وإنمّا صرّح بمنع التّقديم، فقال: "ولا يجوزُ أن تقدّم (عبد الله) وتؤخّر (ما) ، ولا تزيل شيئًا عن موضعه"؛ فظاهرُ اللّفظ أنّه أراد تقديم (ما) في أوّل الكلام، وإيلاء الفعل، وتأخير المتعجَّب منه بعد الفعل، ولم يتعرّض للفصل بالظّرف". وما نقله ابن يعيش عن سيبويه موجودٌ بنصّه في الكتاب 1/73. وقال ابن النّاظم 465: "وليس لسيبويه فيه نصّ". وكذلك قال الأزهريّ في التّصريح 2/90. 2 يُنظر: شرح المفصّل 2/309، وشرح الكافية الشّافية 2/1098، وشرح الرّضيّ 2/309، وابن النّاظم 464، والارتشاف 3/38. 3 يُنظر: المقتضب 4/178. ونَسب الصّيمريّ هذا الرّأي إلى سيبويه، يُنظر: التّبصرة 1/268. 4 كالمازنيّ، والفارسيّ، وابن خروف، والشّلوبين؛ وارتضاهُ ابن مالك. يُنظر: البغداديّات 203، 256، وشرح المقدّمة الجزوليّة 2/892، والتّسهيل 131، وشرح التّسهيل 3/42، وشرح الرّضيّ 2/309، والارتشاف 3/38، والمساعد 2/157. 5 يُنظر: شرح المفصّل 7/150، وشرح الكافية الشّافية 2/1098، وشرح الرّضيّ 2/309، وابن النّاظم 464، والارتشاف 3/38. والجرميّ هو: صالح بن إسحاق، أبو عمر الجرميّ: نحويّ، بصريّ، ممّن اجتمع له صحّة المذهب وصحّة الاعتقاد؛ أخذ عن الأخفش، ويونس؛ ومن مصنّفاته: كتاب الفرخ، وكتاب غريب سيبويه؛ توفّي سنة (225هـ) . يُنظر: أخبار النّحويّين البصريّين 84، 85، وطبقات النّحويّين واللّغويّين 74، 75، ونزهة الألبّاء 114، وإنباه الرّواة 2/80 - 82، وإشارة التّعيين 145، وبُغية الوُعاة 2/8، 9. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 522 والّذي يدلّ على جوازه1: استعمال العرب له نظمًا ونثْرًا؛ فالنّظم كقول الشّاعر: وَقَالَ نَبِيُّ المُسْلِمِينَ تَقَدَّمُوا ... وَأحْبِبْ إِلَيْنَا أَنْ تَكُونَ2المُقَدَّمَا3 وأمّا النّثر فقول عمرو بن معد يكرب4: "مَا أَحْسَنَ فِي الهَيْجَاءِ لِقَاءَهَا!، وَأَكْثَرَ فِي اللَّزَبَاتِ5 عَطَاءَهَا! "6.   1 في ب: جواز. 2 في ب: يكون. 3 هذا بيتٌ من الطّويل، وهو للعبّاس بن مرداس - رضي الله تعالى عنه -. والشّاهدُ فيه: (وأحبب إلينا أن تكون المقدّما) حيث فصل بين فعل التّعجُّب (أحبب) وفاعله الّذي هو المصدر المؤوّل من (أنّ) وما بعدها بالجارّ والمجرور (إلينا) الّذي هو معمولٌ لفعل التّعجُّب؛ وهذا جائزٌ - في الأصحّ - على مذهب النّحويّين. يُنظر هذا البيتُ في: شرح التّسهيل 3/35، 41، وشرح الكافية الشّافية 2/1096، وابن النّاظم 465، والارتشاف 3/34، والجنى الدّاني 49، وتوضيح المقاصد 3/74، والمساعد 2/150، والمقاصد النّحويّة 3/656، والتّصريح 2/89، والدّيوان 142. 4 هو: عمرو بن معد يكرب الزّبيديّ: شاعرٌ جاهليّ من الفُرسان، يكنى أبا ثور؛ قدِم على رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ في وفد زبيد فأسلم - وذلك في سنة تسع -، وشهد القادسيّة واستُشهد فيها. يُنظر: الشّعر والشّعراء 235، والأغاني 15/200، والاستيعاب 3/279، والإصابة 4/568. 5 في أ: الزّناة، وفي ب: اللّردبات؛ وكلتاهما مُحرّفة؛ والصّواب ما هو مثبَت. و (اللّزبات) : الشّدائد. اللّسان (لزب) 1/738. 6 يُنظرُ هذا القول في: شرح الجمل 1/587، والمقرّب 1/76، وشرح الكافية الشّافية 2/1097، وشرح التّسهيل 3/40، وابن النّاظم 466، وتوضيح المقاصد 3/73، والمساعد 2/157، وابن عقيل 2/148. وله قصّة في الدّرر اللّوامع 5/241. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 523 ويختصّ فعلُ التّعجُّب بزيادة (كان) معه دون غيرها من الأفعال، نحو: (ما كان أحسن زيدًا) ؛ وزيدت [لتدلّ] 1على أنَّ المعنى المتعجّب منه [83/أ] كان فيما مضى؛ واختصّت2 بعد ذلك بالعوض ممّا منع منه فعل التّعجّب من التّصرّف؛ واختصّت3 (كان) بذلك؛ لأنّها أمّ الأفعال؛ فلا ينفكّ4 [فعل] 5 من معناها غالبًا. والتّعجّب الّذي يأتي بلفظ6 الأمر وليس بأمرٍ؛ لأنَّ معنى7 قولك: (أحسن بزيد) [صار زيد] 8 ذا حسن؛ فإذا كان فِعلاً في اللّفظ وَجَب أن يكون له فاعل؛ وفي الفاعل قولان؛ أصحّهما أنَّ الجارّ والمجرور في موضع الفاعل بمنزلة (كفى بزيدٍ) 9.   1 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 2 في ب: واختصت؛ وفي شرح الجمل: وصارت بذلك كالعوض. 3 في ب: أو خصّت. 4 في أ: فلا تنفكّ، وهو تصحيف. 5 ما بين المعقوفين زيادة يقتضيها السياق؛ وهي من شرح الجمل. 6 في أ: بمعنى. 7 في ب: من، وهو تحريف. 8 ما بين المعقوفين ساقطٌ من ب. 9 وهو مذهب جمهور البصريّين. يُنظر: الأصول 1/101، وشرح المفصّل 7/148، وشرح الجمل 1/588، وشرح الكافية الشّافية 2/1078. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 524 والآخر1:ما تقدّم من [أنَّ] 2 الفاعل مضمر لا يظهر قطّ3، والمجرور في موضع نصب4؛ وإنّما لزم هذا حرف الجرّ ليكون فرقًا بين التّعجّب والأمر؛ فلهذا5لم يَجُزْ أن يتقدّم عليه معموله، ولا أن يُجاب بالفاء. وأمّا قولهم: (مَا أَعْظَمَ اللهَ) 6 فهذا على ظاهره فيه حذف مضاف،   1 حكاه ابن يعيش عن الزّجّاج 7/148. 2 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 3 والقائلون بهذا القول اختلفوا: فمنهم مَن جعل الضّمير يعود على (الحُسن) ، كأنّه قال: (أَحْسِنْ يا حُسُنْ زيدًا) ؛ ولذلك كان مفرَدًا على كلّ حال؛ وهو مذهب ابن كيسان. ومنهم مَن جعل الضّمير عائدًا على المخاطب، ولم يبرز في تثنية ولا جمع؛ لأنّه جرى مجرى المِثْل؛ فمعنى (أحسن بزيد) : اجعل يا مخاطِبًا زيدًا حسنًا، أي: صِفْهُ بالحسن كيف شئت. يُنظر: شرح المفصّل 7/147، 148، وشرح الجمل 1/588، وشرح التّسهيل 3/33، وشرح الرّضيّ 2/310، وأوضح المسالك 2/274، والمساعد 2/149، 150، والتّصريح 2/88، والأشمونيّ 3/19، والصّبّان 3/19. 4 على المفعوليّة. 5 في ب: ولهذا. 6 يظهر من كلام الشّارح - رحمه الله - أنّه مبنيّ على ما ذكره بعضُ العلماء من أنّه لا يتعجّب من عظمة الله تعالى؛ بسبب أنّها عندهم لا تقبل الزّيادة والنُّقصان. فبناءً على ذلك إذا وردَ شيءٌ من كلام العرب وفيه هذا التّعجُّب من عظمة الله يؤوّلونه بمثل ما فعل الشّارحُ هُنا؛ إمّا على حذف المضاف، وإمّا على أنّ عباده عظّموه بما يستحقّه من الثّناء، ونحو ذلك ممّا يكونون به بعيدين عن التّعجُّب من عظمته الّتي لا تقبل الزّيادة والنُّقصان. والحقُّ أنّ هذا التّعجّب ليس دونه ما نعٌ، بل يتعجّب من عظمة الله تعالى على ما يستحقّه من العظمة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 525 [كأنّك قلت: (ما أعظم قدرة الله تعالى وعلمه) وهو في تقدير مضاف] 1، كأنّك قلتَ: (شيء2 نبّهني على عظمته وذكّرنيه3) . وقيل: تقديره: أن يكون المعنى أنّ عباده [سبحانه وتعالى] 4 عظّموه بما استطاعوه5 من الثّناء عليه والتَّمجيد6.   1 ما بين المعقوفين ساقطٌ من ب. 2 في ب: ما شيء. 3 في ب: وذكرته. 4 ما بين المعقوفين ساقطٌ من ب. 5 في ب: ما اسطاعوه. 6 في ب: والتحميد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 526 المجلد الثاني القسم الثاني: قسم التحقيق (تابع) النص المحقق (تابع) باب الإغراء والتحذير ... بَابُ الإِغْرَاءِ [وَالتَّحْذِيرِ] 1: وَالنَّصْبُ فِي الإِغْرَاءِ غَيْرُ مُلْتَبِسْ ... وَهْوَ بِفِعْلٍ مُضْمَرٍ فَافْهَمْ وَقِسْ تَقُولُ لِلطَّالِبِ خِلاَّ بَرَّا ... دُونَكَ زَيْدًا2 وَعَلَيْكَ عَمْرَا [83/ب] الإغراء هو: التّحضيض على الفعل الّذي يُخشى فواتُه3. والمُغْرَى به منصوبٌ بِلُزوم إضمار العامل4 فيه في ألفاظٍ يختصّ بها التّحذير والإغراء. فالإغراء ألفاظُه: (عليك) - بمعنى: الزم -، و (دونك) و (عندك) و (شأنُك) - بمعنى: خُذْ من حضرتك، وتناول من قريب5-؛ فتقول   1 ما بين المعقوفين ساقطٌ من ب. 2 في متن الملحة 31، وشرح الملحة 231: دُونَكَ بِشْرًا. 3 أي: لكونِه محبوبا؛ وهذا التّعريف هو ما نصَّ عليه الحريريّ في شرحه على ملحته 231. وقد عرّفه ابن مالكٍ في شرحه على الكافية الشّافية بقوله 3/1379: "إلزامُ المخاطَب العكُوفَ عَلَى ما يُحْمَدُ العُكوفُ عليه من مُوَاصَلةِ ذَوي القُرْبى، والمُحافظة على عُهُودِ المُعَاهَدين، ونحو ذلك". وقال ابن هشام: ((هو تنبيه المخاطَب على أمرٍ محمودٍ ليفعَلَه)) . أوضح المسالك 3/114. 4 يجب إضمارُ عامل الإغراء إذا كان معطوفا، أو مكرّرًا، نحو: (الصّلاةَ والصّيامَ) و (النّجدةَ النّجدةَ) ؛ وإنْ كان بغير تكرار أو عطف جاز إضمارُ عامله، نحو: (الصّلاة) . يُنظر: شرح الكافية الشّافية 3/1379، وابن النّاظم 609، وشرح التّحفة الورديّة 329، وأوضح المسالك 3/114، وابن عقيل 2/276، والتّصريح 2/195، والأشمونيّ 3/192. 5 في تفسير معاني هذه الكلمات تقديم وتأخير، يتّضحُ ذلك من قول الحريري في شرحه على الملحة 231: "فإذا قلت: (عليك زيدًا) نصبته على الإغراء، ومعناه: خذ زيدًا فقد علاك؛ وإذا قلت: (عندك عمرًا) فالمعنى: خذه من حضرتك؛ وإذا قلت: (دونك بشرًا) فمعناه: خذه من قربك". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 527 من ذلك: (دونك زَيْدًا) و (عليك نَفْسَكَ) و (شَأْنَكَ والْحَجَّ) 1 أي: عليك شأنك والحجّ؛ ومنه: (أَهْلَكَ واللَّيْلَ) 2 أي: بادرهم قبل اللّيل. ولا يجوز تقديم المنصوب بالإغراء على ألفاظه3؛ وهذه الألفاظ تُستعمَل في ضمير4 المخاطَب5.   1 تقديرُه: (الزم شأنك إذا صاحبت الحجّ) ، وتفسيرُه: عليك شأنك مع الحجّ. و (الواو) بمعنى (مع) ؛ وليس المراد من الشّأن أمرًا وراء الحجّ، بل المُراد مقدِّمات الحجّ؛ ولذلك كانت الواو معيّن لئلاّ يكون المأمور به شيئين؛ أحدهما: الشّأن، والآخر: الحجّ. شرح ألفيّة ابن معطٍ 1/495. ويُنظر: الكتاب 1/276. 2 هذا المَثل له شِقّان؛ أوّله: إغراء وحثٌّ على المبادَرة في الذّهاب، والآخر: تحذيرٌ من انتظار اللّيل. يُنظر هذا المثل في: جمهرة الأمثال 1/196، ومجمع الأمثال 1/86، والمستقصى 1/443. 3 في أ: لفظه. قال سيبويه (1/252، 253) : "واعلم أنّه يقبُح: (زيدًا عليك) و (زيدًا حذرك) ؛ لأنّه ليس من أمثلة الفعل، فقبح أن يجري ما ليس من الأمثلة مجراها". ولا يمتنع عند الكسائيّ؛ إذْ أجاز فيه ما يجوزُ في الفعل من التّقديم والتّأخير. يُنظر: ابن النّاظم 614، والتّصريح 2/200، والأشمونيّ 3/206. 4 في أ: في ضمير؛ مكررة. 5 يُنظر: الكتاب 1/250، والمقتضب 3/280. وقال ابن عصفورٍ في المقرّب 1/136: "ولا يُغرى إلاّ لمخاطَب؛ فلا تقولُ: (على يدٍ عمرًا) ؛ فإن جاء من إغراء الغائب شيء حُفظ ولم يُقَسْ عليه". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 528 وتختصّ (على) بشيئين: إدخالها على ضمير الغائب1، وإلحاقُ الباء بمنصوبها2، كقولك: (عليك بتقوى الله) . [والتّحذير] 3 هو4: تنبيه المخاطَب على مكروهٍ ينبغي الاحترازُ منه بألفاظٍ؛ وهي: (إيّاكَ) - بمعنى: احذر -، و (إليك) - بمعنى: تَنَحّ -؛ تقول مِن ذلك: (إيّاك والأسدَ) ؛ فهو مفعولٌ بفعلٍ لا يجوزُ إظهارُه [84/أ] ؛ لأنّه قد كثُر به التّحذير، وجُعِلَ بدلاً من اللّفظ بالفعل5؛ سواءٌ كان معطوفا عليه، نحو: (إيّاكَ والشّرَّ) ، أو مكرّرًا، نحو: فَإِيَّاكَ6 إِيَّاكَ المِرَاءَ فَإِنَّهُ7 ... ................................   1 حكموا على دخولها على ضمير الغائب بالشّذوذ؛ وفي نحو: (عليه رجلاً ليسني) . قال سيبويه 1/250: "وهذا قليلٌ، شبّهوه بالفعل"؛ وقال المبرّد 3/280: "لأنّ هذا مَثل؛ والأمثال تجري في الكلام على الأصول كثيرًا". ويُنظر: المقرّب 1/136، والأشمونيّ 3/201. 2 في أ: على منصوبها. 3 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 4 في أ: وهو. 5 فلذلك التزموا معه إضمارَ العامل. يُنظر: شرح الكافية الشّافية 3/1378، وابن النّاظم 607. 6 في أ: إيّاك. 7 هذا صدرُ بيتٍ من الطّويل، وعجزه: إِلَى الشَّرِّ دَعَّاءٌ وَلِلشَّرِّ جَالِبُ وهو للفضل بن عبد الرّحمن القرشيّ. و (المِراء) : الجدال والمعارضة بالباطل. والشّاهدُ فيه: (فإيّاك إيّاك) فإنّه تحذير؛ ومعناه: احترز؛ وقد التزم معه إضمار العامل لتكراره. يُنظر هذا البيت في: الكتاب 1/279، والمقتضب 3/213، والأُصول 2/251، والخصائص 3/102، وشرح المفصّل 2/25، وابن النّاظم 607، وشرح الرّضيّ 1/183، ورصف المباني 216، وأوضح المسالك 3/24، والمقاصد النّحويّة 4/113، 308، والخزانة 3/63. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 529 أو مفرَدًا، نحو: (إِيَّاكَ الأَسَدَ) 1. فإنْ كان التّحذير بغير (إيّاكَ) ونحوه كان المحذّر2 منصوبا بفعل جائز الإضمار والإظهار إلاّ مع العطف والتّكرار؛ تقولُ: (نَفْسَكَ الشَّرَّ) أي: جنِّب نفسك الشّرّ؛ وإن شئتَ أظهرتَ الفعل، فتقولُ [نفسك والأسد، أي] 3: (قِ4 نَفْسك واحذر الأسد) ؛ ومثله: (مَازِ رَأْسَكَ والسَّيْفَ) 5 أي: يا مَازِنُ6 قِ7 رَأْسَكَ واحْذَر السَّيْفَ.   1 تقديرُه: أُحذّركَ الأَسَدَ. 2 في أ: المحذوف، وفي ب: المحذور؛ وكلتاهما محرّفة والتصويب من ابن الناظم 607. 3 ما بين المعقوفين زيادة يقتضيها السّياق، وهي من ابن النّاظم 607. 4 في كلتا النّسختين: وقِ، والصّواب ما هو مثبَت. 5 هذا مثلٌ يضرب في الأمر بمجانبة الشر؛ وأصله: أن رجلاً يقال له: مازن أسر رجلاً، وكان رجل يطلب المأسور بثأر فقال له: "مازن رأسك والسيف! "؛ فنحّى رأسه فضرب الأسير. ينظر هذا المثل في: مجمع الأمثال 3/271، والمستقصى 2/339. 6 في أ: مازن، بدون حرف النداء. 7 في كلتا النّسختين: وقِ، والصّواب ما هو مثبت. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 530 وَتَنْصِبُ الاسْمَ الَّذِي تُكَرِّرُهْ ... عَنْ عِوَضِ الفِعْلِ1 الَّذِي لاَ تُظْهِرُهْ مِثْلُ مَقَالِ الخَاطِبِ الأَوَّاهِ ... اللهَ اللَّهَ عِبَادَ اللَّهِ الفعل قد يعمل محذوفا إذا دلّت الحالُ عليه؛ وذلك أن ترى إنسانا قد دخل أَجَمَةً2 فتقول: الأسد، أي: احْذرِ الأسد؛ ويجوز إظهارُ الفعل النّاصب. فإن كرّرت الاسم قام تكريرُه مقام إظهار الفعل، ولم يجز إظهارُه3، كقولك: [84/ب] (الأسدَ الأسدَ) ، وللمُجِدِّ في سيرٍ: (السُّرعةَ السُّرعةَ، النَّجاءَ النَّجاءَ) ، ومنه قولُ الخطيب: (اللهَ اللهَ عِبَادَ اللهِ) ؛ وكان الأصل: (اتّقوا اللهَ) فقام التّكريرُ مقام الفعل المحذوف4.   1 في أ: الاسم، وهو سهو. 2 الأَجَمَةُ: منبت الشّجر كالغيضة، وهي الآجام؛ وقيل: الشّجر الكثير الملتفّ؛ وتأَجّم الأسدُ: دخل في أَجَمَتِهِ. اللّسان (أجم) 12/8. 3 هذا مذهب أكثر النّحويّين؛ وأجاز بعضهم إظهار العامل هُنا مع التّكرير، قال الرّضيّ 1/181: "وأجاز قومٌ ظهور الفعل مع هذا القسم، نحو: (احذر الأسد الأسد) و (إيّاك إياك احذر) نظرًا إلى أنّ تكرير المعمول للتّأكيد لا يوجِبُ حذف العامل، كقوله تعالى: {كَلاَّ إِذَا دُكَّتِ الأَرْضُ دَكا دَكا} [الفجر: 21] . ومنعه الآخرون؛ وهو الأولى لعدم سماع ذكر العامل مع تكرير المحذّر منه". ويُنظر: شرح المفصّل 2/29، وابن النّاظم 608، والتّصريح 2/195، والأشمونيّ 3/190، 191. 4 أي: مقامَ إظهار الفعل المحذوف. يُنظر: شرح الملحة 234. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 531 وقد جاء التّحذير للغائب1؛ وهو شاذّ2، ومنه قولُ بعضِهم3:   1 حقُّ التّحذير أنْ يكون للمخاطب، وشذّ مجيئُه للمتكلّم في قوله: (إيّاي وأن يحذف أحدُكم الأرنب) ، وأشذُّ منه مجيئُه للغائب، كما مثّل الشّارح. يُنظر: شرح الكافية الشّافية 3/1378، وابن النّاظم 608، وشرح الرّضيّ 1/181، وأوضح المسالك 3/113، وابن عقيل 2/275، والتّصريح 2/193، 194، والأشمونيّ 3/191، 192. 2 قال السّيوطيّ في الهمع 3/26: "ولا يكون المحذور ظاهرًا ولا ضمير غائب إلا وهو معطوفٌ، نحو: (إيّاك والشّرّ) و (ماز رأسك والسّيف) ، وقولُه: فَلاَ تَصْحَبْ أَخَا الجَهْلِ ... وَإِيَّاكَ وَإِيَّاهُ أي: باعِد منه وباعِدْهُ منك". وعلى ذلك لا يكون التّحذير بضميري الغائب والمتكلّم شاذًّا إلاّ إذا كان محذّرًا لا محذّرًا منه. وذكر الرّضيّ أنّ المحذّر منه المكرّر يكون ظاهرًا، نحو: (الأسد الأسد) ، ومضمَرًا، نحو: (إيّاك إيّاك) و (إيّاه إيّاه) و (إيّايَ إيّايَ) . شرح الكافية 1/181. ويُنظر: الصّبّان 3/193، والدّرر 3/10. 3 هذا قولٌ سُمِعَ عن العرب كما قال سيبويه 1/279: "وحدّثني مَن لا أتّهِمُ عن الخليل أنّه سمع أعرابيا يقول: إذا بلغ الرّجل السّتّين فإيّاه وإيّا الشَّوابِّ". و (الشّواب) : جمع شابّة؛ ويُروى: السوءات جمع سوأة. ومعناه: إذا بلغ الرّجل ستّين سنة فلا يتولّع بشابّة، أو لا يفعل سوأة. والتّقدير: فليحذر تلافي نفسه وأنفس الشّوابّ. ويُنظر هذا القولُ في: الأصول 2/251، وشرح الكافية الشّافية 3/1378، وابن النّاظم 608، وشرح الرّضيّ 1/181، وأوضح المسالك 3/113، والتّصريح 2/194، والأشمونيّ 3/192، والصّبّان 3/192. وهذا القولُ فيه ثلاثة شذوذات: أحدها: مجيء التّحذير فيه للغائب. والثّاني: اجتماعُ حذف الفعل وحذف حرف الأمر. والثّالث: إضافة (إيّا) إلى ظاهر وهو (الشّوابّ) . يُنظر: المصادر السّابقة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 532 (إِذَا بَلَغَ الرَّجُلُ السِّتِّينَ فَإِيَّاهُ [وَإِيَّا] 1 الشَّوَابِّ) .   1 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 533 بَابُ إِنَّ وَأَخَوَاتِهَا: وَستَّةٌ تَنْتَصِبُ1 الأَسْمَاءُ ... بِهَا كَمَا تَرْتَفِعُ2 الأَنْبَاءُ وَهْيَ إِذَا رَوَيْتَ أَوْ أَمْلَيْتا ... إِنَّ وَأَنَّ يَا فَتَى وَلَيْتَا ثُمَّ كَأَنَّ ثُمَّ لَكِنَّ وَعَلَّ ... وَاللُّغَةُ الْمَشْهُورَةُ الْفُصْحَى لَعَلَّ هذه الحروف تجري في العمل مجرى (كان) في دخولها على المبتدأ والخبر؛ مع اختلاف العمل. عملها3 في المبتدأ والخبر، عكس عمل (كان) ؛ فالمعمولان معها4 كمفعولٍ قُدِّم، وفَاعلٍ أُخِّرَ5. وهي: (إِنَّ) و (أَنَّ) 6 وهما للتّأكيد؛ وبينهما فرق نذكره7. و (كأَنَّ) للتّشبيه؛ وهذا الحرف مركّبٌ8؛ لأنّ الأصل في قولهم: (كأنّ   1 في متن الملحة 31: تُنْصَبُ. 2 في متن الملحة 31: تُرْفَعُ. 3 في ب: في عملها. 4 في ب: منها. 5 تنبيها على أنّها فرعٌ عن (كان) . يُنظر: ابن النّاظم 162، والأشمونيّ 1/270. 6 عدّ سيبويه هذه الحروف خمسة - لأنّه أسقط (أنَّ) المفتوحة، لأنّ أصلها (إنَّ) المكسورة - فقال 2/131: "هذا باب الحروف الخمسة الّتي تعمل فيما بعدها كعمل الفعل فيما بعده؛ وهي: (إنّ) و (لكنَّ) و (ليتَ) و (لَعَلَّ) و (كأَنَّ) ". 7 في أ: يذكر. 8 هذا مذهب الخليل، وسيبويه، وجمهور البصريّين، والفرّاء. وقال قومٌ منهم المالقيّ - صاحب رصف المباني -، وأبو حيّان: إنها بسيطة. يُنظر: الكتاب 3/151، والأصول 1/230، وسرّ صناعة الإعراب 1/303، وشرح الجمل 1/449، والبسيط 2/762، ورصف المباني 284، والارتشاف 2/128، والجنى الدّاني 568، 569، والمغني 252، والهمع 2/151، والأشمونيّ 1/271. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 535 زيدًا أسدٌ1) أنّ زيدًا كالأسد، فأُريد المبالغة في التّشبيه؛ فقُدِّمت الكاف وجُعِلت مع (إنَّ) كالشّيء الواحد، فصارت غير متعلِّقة بعاملٍ2، بعد أنْ كانت متعلّقة [85/أ] ، وصارت حرفا لا غير، بعد أنْ كانت صالحة للاسميّة. وتخفّف (كَأنَّ) فيبطُل3 عملها؛ قال الشّاعر:   1 في أ: الأسد. 2 وإن كانت هي حرف جرّ؛ لأنّها أُزيلت عن الموضع الّذي كان يمكن أن تتعلّق فيه بمحذوف، وقدّمت إلى أوّل الجملة فزال ما كان لها من التّعلّق بخبر (أنّ) المحذوف، وليست الكاف هُنا زائدة. وذهب الزّجّاج إلى أنّ الكاف الجارّة في موضع رفع؛ فإذ قلتَ: (كأنِّي أخوك) ففي الكلام حذفٌ، تقديرُه: كأخوتي إيّاك موجود؛ لأنّ (أنّ) وما عملت فيه بتقدير مصدر. يُنظر: سرّ صناعة الإعراب 1/303، وشرح المفصّل 8/81، والارتشاف 2/129، والجنى الدّاني 568، 569، والمغني 252، 253، والهمع 2/152. 3 وقد تعمل مخفّفة؛ لكن يجوز ثبوت اسمها وإفراد خبرها، كقوله: كَأَنْ وَرِيدَيْهِ رِشاءٌ خُلُبْ والغالب أنْ يكون اسمها ضمير شأن محذوفا، ويكون خبرها جملة؛ ثمّ إنْ كانت الجملة اسميّة لم تحتج إلى فاصلٍ بينها وبين (كأنّ) . وأمّا إنْ كان الخبر جملة فعليّة فيفصل بينها وبين (كأنّ) ب (لم) قبل المضارع المنفي، أو (قد) قبل الماضي المثبَت. يُنظر: ابن النّاظم 183، وأوضح المسالك 1/268، وابن عقيل 1/357، والتّصريح 1/234. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 536 وَنَحْرٍ مُشْرِقِ اللّوْنِ ... كَأَنْ ثَدْيَاهُ حُقَّانِ1 وباقي هذه الحروف مفردة2.   1 هذا بيتٌ من الهزج، احتجّ به سيبويه في كتابه، ولم ينسبه لأحد؛ ولم أقف على قائله. والشّاهدُ فيه: (كَأنْ ثدياه حُقّان) حيث خفّفت (كأنّ) وبطل عملها، وحذف اسمها، ووقع خبرها جملة اسميّة؛ وأصلُه: كأنه ثدياه حقّان؛ ويُروى: (كأن ثدييه حُقّان) على الإعمال. يُنظر هذا البيتُ في: الكتاب 2/135، والأصول 1/246، والمنصف 3/128، وأمالي ابن الشّجريّ 1/362، والإنصاف 1/197، والتّبيين 349، وشرح المفصّل 8/82، والجنى الدّاني 575، وابن النّاظم 184، وتخليص الشّواهد 389، والخزانة 10/398. 2 هذا مذهب البصريّين. وقال الفرّاء: إنّ (لكنّ) مركّبة من (لكنْ) و (أَنّ) فطرحت همزة (أنّ) وسقطت نون (لكنْ) حيث استقبلت ساكنا. وللكوفيّين رأيان غير هذا: الأول: أنّها مركّبةٌ من (لا) و (أن) ، والكافُ زائدة، والهمزة محذوفة. والثّاني: أنّها مؤلّفة من (لا) و (كأنّ) ، والكاف للتّشبيه، و (أنّ) على أصلها؛ ولذلك وقعت بين كلامين لِمَا فيها من نفي لشيء وإثبات لغيره؛ وكُسرت الكاف لتدلّ على الهمزة المحذوفة. يُنظر: معاني القرآن للفرّاء 1/465، والإنصاف 1/217، وشرح المفصّل 8/80، وشرح الرّضيّ 2/360، والبسيط 2/762، والارتشاف 2/128، والأشمونيّ 1/270. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 537 وَ (لَعَلَّ) مختَلَفٌ1 فيه2، والصّحيح إفرادُه3؛ وفيه لُغات4؛ وهي: (لَعَلَّ) و (عَلَّ) و (لَعَنَّ) و (عَنَّ) و (لأنّ) و (أَنّ) . ومعناه: التّوقُّع لمرجوّ، أو مخوفٍ من الطّمع5 والإشفاق.   1 في ب: مختلفة. 2 في أ: فيها. 3 ذهب البصريّون إلى أنّ (لَعَلّ) مركّبة من (عَلّ) واللاّم الزّائدة؛ وقيل: من لام الابتداء. وذهب الكوفيّون إلى أنّ (لَعَلّ) بسيطة، ولامُها أصل. وقال ابن الأنباريّ مرجّحا: "والصّحيح في هذه المسألة ما ذهب إليه الكوفيّون". وهو ما رجّحه الشّارح. تُنظر هذه المسألة في: المقتضب 3/73، والإنصاف، المسألة السّادسة والعشرون، 1/218، والتّبيين، المسألة الخامسة والخمسون، 359، وشرح المفصّل 8/87، وشرح الرّضيّ 2/361، والبسيط 2/763، والجنى الدّاني 579، وجواهر الأدب 402، والتّصريح 2/2، 3، والهمع 2/153، والأشمونيّ 1/271. 4 أوصلها السّيوطيّ في الهمع 2/153 إلى ثلاث عشرة لغة. وتُنظر هذه اللّغات في: معاني الحروف للرّمّانيّ 124، والإنصاف 1/224، وشرح المفصّل 8/87، وشرح الرّضيّ 2/361، وشرح الكافية الشّافية 1/470 472، والبسيط 2/763، والجنى الدّاني 582، وجواهر الأدب 402. 5 الطّمع المرغوب فيه نحو: (لعلّ الله يرحمنا) ؛ والاشفاق في المكروه نحو: (لعلّ العدوّ يَقْدُمُ) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 538 وقد جاءت شبيهة ب (عسى) في الشّعر1 باقتران (أَنْ) في2 خبرها، كقول مُتمّم بن نويرة: لَعَلَّكَ يَوْما أَنْ تُلِمَّ مُلِمَّةٌ ... عَلَيْكَ مِنَ اللاَّئِي3 يَدَعْنَكَ أَجْدَعَا4 وقد جُرّ ب (لعلَّ) في النّظم؛ ومنه قولُ الشّاعر: ................................... ... لَعَلَّ أَبِي المِغْوَارِ مِنْكَ قَرِيبُ5   (عسى) بمعنى (لعلّ) في التّرجّي والاشفاق؛ فأجريت مجراها في نصب الاسم ورفع الخبر، كما أجريت (لعلّ) مجرى (عسى) في اقتران خبرها ب (أن) . يُنظر: شرح المفصّل 8/85، 86، والتّصريح 1/213. 2 في ب: بخبرها. 3 في أ: الآتي، وفي ب: الآئي؛ وكلتاهما محرّفة؛ والصّواب ما هو مثبت. 4 هذا بيتٌ من الطّويل، من كلمة رثى فيها الشاعر أخاه مالكا. و (الإلمام) : النّزول؛ والملمّة: البليّة النّازلة. و (الأجدع) : المقطوع الأنف والأذن؛ ويُستعمل في الذّليل، وهو المُراد هُنا. والمعنى: أيُّها الشّامتُ لا تكن فرحا بموت أخي، عسى أن تنزل عليك بليّةٌ من البليّات اللاّتي يتركنك ذليلاً خاضعا. والشّاهد فيه: (لعلّك يوما أن تُلِمَّ) حيث جاء خبر (لَعَلّ) مضارِعا مقرونا ب (أن) حملاً لها على (عسى) . يُنظر هذا البيت في: المفضّليّات 270، والمقتضب 3/74، والكامل 1/254،2/553، وشرح المفصّل 8/86، وشرح الجمل 2/179، والارتشاف 2/156، والمغني 379، والأشباه والنّظائر 2/191، والخزانة 5/345، والدّيوان 119. 5 هذا عجز بيتٍ من الطّويل، وصدره: فَقُلْتُ: ادْعُ أُخْرَى وَارْفَعِ الصَّوْتَ جَهْرَةً وهو لكعب بن سعد الغنويّ، ويُنسب لسهم الغنويّ. والشّاهدُ فيه: (لعلّ أبي المغوار) حيث جرّ ب (لعلّ) لفظ (أبي) على لغة عُقَيْلٍ. ويروى: (لعلّ أبا المغوار) ولا شاهد فيه على هذه الرّواية. يُنظر هذا البيتُ في: نوادر أبي زيد 37، والأصمعيّات 96، وسرّ صناعة الإعراب 1/407، وجمهرة أشعار العرب 2/705، وأمالي ابن الشّجريّ 1/361، ورصف المباني 436، والجنى الدّاني 584، والمغني 377، والمقاصد النّحويّة 3/247، والخزانة 10/426. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 539 والمبرّد1 يرى2 أنّ أصلها (علّ) 3 زيدت عليها لامُ الابتداء. و (ليت) معناه: التّمنّي؛ وهو طلب ما لا طمعَ4 فيه؛ كقولك: (ليت الشّباب يعودُ) ؛ وقد ينصب5 بعدها الاسمان؛ وفي نصبهما6 ثلاثةُ أقوالٍ: فعند بعضِهم7: أنّه يحذف الخبر؛ كقول الرّاجز:   1 يُنظر: المقتضب 3/73. وقد تعرّضنا للخلاف في (لَعَلّ) في ص 538؛ فليُنظر هُناك. 2 في ب: يقول. 3 في كلتا النّسخين: على؛ والصّواب ما هو مثبت. 4 في ب: مطمع. 5 في ب: ينتصب. 6 في ب: نصبها. 7 جمهور البصريّين لا يرون أنّ (ليت) تنصب الجزأين؛ ويؤوّلون ما ورد من ذلك - كالبيت الّذي أورده الشّارح - على أنّه حال والخبر محذوف، والتّقدير: يا ليت أيّام الصِّبا رواجعا لنا، أو أقبلت رواجعا؛ ف (رواجعا) حالٌ من ضمير هذا الخبر المحذوف. يُنظر: شرح المفصّل 8/84، وشرح الرّضيّ 2/347، ورصف المباني 366، والجنى الدّاني 393، 394، والمغني 376، والهمع 2/157. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 540 يا لَيْتَ أَيامَ الصِّبا رَوَاجِعا1 [85/ب] وقول الفرّاء2 إنّ الاسمين3 منصوبان ب (ليت) ؛ لأنّها بمنزلة تمنيّت4. وقول الكسائيّ5 إنّه على تقدير (كان) ؛ لكثرة استعمالها معها، كقوله تعالى: {يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابا} 6، [و] 7 {يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ} 8.   1 هذا بيتٌ من الرّجز المشطور، وهو للعجّاج كما ذكر الجمحيّ في طبقات فحول الشّعراء 1/78، وذكر ابن يعيش أنه لرؤبة بن العجّاج 1/104. والشّاهدُ فيه نصبُ (ليت) للجزأين على لغة بعض العرب. والبصريّون يقدِّرون خبر (ليت) محذوفا و (رواجعا) حال من ضميره، والتّقدير: يا ليت أيّام الصِّبا لنا رواجعا. يُنظر هذا البيت في: الكتاب 2/142، وشرح المفصّل 1/103، 104، 8/84، وشرح عمدة الحافظ 1/434، وشرح الرّضيّ 2/347، ورصف المباني 366، والجنى الدّاني 492، والمغني 376، والهمع 2/157، والخزانة 10/234، وملحق ديوان العجّاج 2/306. 2 يُنظر: معاني القرآن 2/352. 3 في ب: الاسمان، وهو خطأ. 4 في أ: اتمنيت. 5 يُنظر: المفصّل 400، وشرح المفصّل 8/48، وشرح التّسهيل 2/10، وشرح الرّضيّ 2/347، والارتشاف 2/131، والمغني 376. 6 من الآية: 40 من سورة النّبأ. 7 ما بين المعقوفين ساقطٌ من ب. 8 سورة الحاقّة، الآية: 27. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 541 و (لَكِنَّ) للاستدراك؛ وهو تعقيبُ الكلام برفع ما توهّم1ثبوته، كقولك: (ما زيدٌ شُجاعا ولكنَّه كريم) أوهم ذلك نفي الكرم؛ لأنّهما كالمتضايفين2، فارتفع3 ذلك ب (لَكِنّ) . و (إِنّ) هي أصلُ الباب؛ ومعناها - كما تقدّم -: توكيد الحكم، وقد تكون بمعنى (نَعَمْ) 4، كقوله: بَكَرَ الْعَوَاذِلُ فِي الصَّبُو ... حِ5 يَلُمْنَنِي وَأَلُومُهُنَّهْ وَيَقُلْنَ شَيْبٌ6 قَدْ عَلاَ. ... كَ وَقَدْ كَبِرْتَ فَقُلْتُ: إنَّهْ7 أي: نعم.   1 في ب: يوهم. 2 يقصد أنّهما متلازمان؛ لأنّ أحدهما لا يستغنى به عن الآخَر في بنية التّركيب. 3 في ب: هذا. 4 وقد أنكر أبو عُبيد أن تكون (إنّ) بمعنى (نعم) . يُنظر: غريب الحديث 1/356، 357، والجنى الدّاني 398، والمغني 56. 5 في ب: الصّباح. 6 في ب: شتب؛ وهو تحريف. 7 هذا بيتٌ من مجزوء الكامل، وهو لعبيد الله بن قيس الرّقيّات. والشّاهدُ فيه: (إنّهْ) حيث جاءتْ (إنّ) بمعنى (نعم) . يُنظر هذا البيت في: الكتاب 3/151، والأصول 2/383، وسرّ صناعة الإعراب 2/492، 516، والأزهيّة 258، وأمالي ابن الشّجريّ 2/65، وشرح المفصّل 8/6، 78، ورصف المباني 200، 204، والجنى الدّاني 399، والمغني 57، 851، والخزانة 11/213، 216، والدّيوان 66. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 542 وقد تكون فعلاً إذا وردت ساكنة بمعنى الأمر، كقولك: (إِنْ) من يَئِنّ. والمفتوحة تكون بمعنى (لعلّ) ، ومنه قولهم: (إئتِ1 السُّوقَ لأنّكَ تشتري لنا شيئا2) أي: لَعَلّكَ. وتبدل قيس وتميم3 همزتها عينا، فتقول: (عنّي منطلق) فتقول4 فيها: (إنّ زيدًا عالم) و (حقّقت أنّ خالدًا صديق) و (لَكِنَّ أخاه منطلق) [86/أ] و (كأنّ أباهُ الأسد) و (ليت عبد الله مقيم) و (لعلّ أخاهُ راحلٌ5) . فهذه6 الحروف [عملت] 7 لَمّا أشبهت الأفعال الماضية في البناء على الفتح؛ ولتضمُّنها ما تضمّنت [من] 8 معانيها؛ وباتّصالها بنون الوقاية الّتي تقي الفعل من الكسر9؛ وهي في ذلك10 على ثلاثة أضرُب:   1 في كلتا النّسختين: أتيت، والصّواب ما هو مثبت. 2 يُنظر: الكتاب 3/123، والأصول 1/271، وشرح المفصّل 8/78. 3 يُنظر: المفصّل 398، وشرحه 8/78، 79، والمزهر 1/221. 4 في ب: فنقول. 5 في ب: راجل. 6 في ب: هذه. 7 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. (من) ساقطةٌ من أ. 9 يُنظر: الكتاب 2/131، والمقتضب 4/108. وقال الحريريّ في شرحه على الملحة 236: "وهذه الأحرُف السّتّة لَمّا أشبهت الأفعال الماضية في البناء على الفتح، وفي اتّصال ضمير المتكلِّم بها بنون وبياء، كما يتّصل الفعل، أُجرِيَت مجرى الفعل المتعدّي الّذي يرفع وينصب بفعليّته، إلاّ أنّها تجري مجرى الفعل الّذي تقدّم مفعوله وتأخّر فاعله". 10 أي: في اتّصالها بنون الوقاية. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 543 ضربٌ منها يستوي فيه إثبات النّون وحذفها، وذلك مع (إنّ) و (أنّ) و (لكنّ) 1، تقول: (إنّي قائم) و (إنّني) ، ومنه قولُه تعالى: {إِنَّنِي أَنَا اللهُ} 2، و {إِنِّي أَنَا رَبُّكَ} 3؛ فحجّة مَن أثبت تمسُّكُه بالأصل4؛ وحجّة الحذف اجتماع الأمثال من النّون، فاستُغْنِيَ ببعضها عن البعض5. واختُلف في المحذوفة: فقيل: هي الأولى؛ لأنّها لمّا اعتلّت بالسّكون اعتلّت بالحذف6.   1 وكذلك: (كأنَّ) . 2 من الآية: 14 من سورة طه. 3 من الآية: 12 من سورة طه. 4 "ولأنّها حروف أشبهت الأفعال، وأجريت في العمل مجراها، فلزمها من علامة الضّمير ما يلزم الفعل". شرح المفصّل 3/123. ويُنظر: شرح الرّضيّ 2/23، والبسيط 2/765، والتّصريح 1/112، والأشمونيّ 1/124. 5 قال ابن يعيش: "وإنّما ساغ حذف النّون منها لأنّه قد كثُر استعمالها في كلامهم، واجتمعت في آخرها نونات؛ وهم يستثقلون التّضعيف؛ ولم تكن أصلاً في لحاق هذه النّون لها، وإنّما ذلك بالحمل على الأفعال؛ فلاجتماع هذه الأسباب سوّغوا حذفها". شرح المفصّل 3/123. ويُنظر: شرح الرّضيّ 2/23، والبسيط 2/765، والتصريح 1/112، والأشمونيّ 1/124. 6 يُنظر: شرح الجمل لابن با بشاذ ج1/ ق 56 /ب، والارتشاف 1/470، والهمع 1/225، وحاشية يس على التّصريح 1/112، والصّبّان 1/124. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 544 وقيل: إِنَّها الوُسطى؛ لأنّها في محلّ اللاّمات الّتي يلحقها التّغيير غالبا1. وقيل2: هي الأخيرة3؛ لأنّها الّتي تناهى بها الثّقل4. الضّرب الثّاني: ما5 الأقيسُ فيه ثبات النّون، والأحسنُ حذفها6؛ وهي (لَعَلَّ) ؛ لأنّ القُرآن العظيم جاء بحذفها من نحو قوله تعالى: {لَعَلِّي أَبْلُغُ الأَسْبَابَ} 7، وقد أُلحقت8 النّون9 في ضرورة 10 [86/ ب]   1 يُنظر: المصادر السّابقة. 2 وهذا قولُ الأكثرين من البصريّين والكوفيّين كما نصّ على ذلك أبو حيّان في الارتشاف 1/470. ويُنظر: المصادر السّابقة. 3 في أ: الاخرة. 4 في أ: النّقل، وفي ب: الفعل؛ وكلتاهُما مُحرّفة؛ والصّواب ما هو مثبَت. 5 في أ: ممّا. 6 قال الرّضيّ في شرح الكافية 2/23 معلِّلاً ذلك: "لاجتماع اللاّمات فيه، وهي مشابهة للنّون، قريبة منها في المَخْرَج، وليس بين الأولى والأخيرتين إلاّ حرفٌ واحد - أعني العين -، ولأنّ من لغاتها: لعنّ". وفي التّصريح 1/111: "لأنّها شبيهة بحروف الجرّ في تعليق ما بعدها بما قبلها، كما في قولك: تُبْ لعلّك تُفلح". ويُنظر: شرح المفصّل 3/123، وشرح التّسهيل 1/137، وابن النّاظم 69، والملخّص 236، والأشمونيّ 1/124. 7 من الآية: 36 من سورة غافر. 8 في أ: التحقت. 9 في كلتا النّسختين: بالنّون؛ والصّواب ما هو مثبت. 10 والشّارح متابِعٌ في هذا ابن النّاظم. أمّا ابن مالك والأكثرون فيرون أنّ الأكثر (لعلّي) بلا نون، والأقلّ (لعلّني) . يُنظر: شرح التّسهيل 1/137، وابن النّاظم 69، والارتشاف 1/471، وأوضح المسالك 1/81، والتّصريح 1/111، والأشمونيّ 1/123، 124. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 545 الشّعر، كقول الشّاعر: فَقُلْتُ: أَعِيْرَانِي الْقَدُومَ لَعَلَّنِي ... أَخُطُّ بِهَا قَبْرًا لأَبْيَضَ مَاجِدِ1 الضّرب الثّالث2: ما3 الأقيس فيه [حذف النّون] 4، والأحسن إثباتُها؛ وهي (ليت) 5، كقوله تعالى: {يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيما} 6؛   1 هذا بيتٌ من الطّويل، وهو لِمُدْرِك بن حصْن الأسديّ. و (القَدُوم) : الآلة الّتي ينجر بها الخشب. و (أخطُّ) : أَنْحَتُ. و (قبرًا) المُراد: جفن السّيف وقُرابه. و (أبيض ماجد) : سيف صقيل. والشّاهد فيه: (لعلّني) حيث جاء بنون الوقاية مع (لَعَلَّ) ؛ وهو ضرورة عند الشّارح، وقليلٌ عند أكثر النُّحاة. يُنظر هذا البيت في: كنز الحفّاظ 1/292، وشرح التّسهيل 1/137، وابن النّاظم 69، وتخليص الشّواهد 105، وابن عقيل 1/108، والمقاصد النّحويّة 1/350، والهمع 1/224، والأشمونيّ 1/124، والدّرر 2/212. 2 في أ: الثّاني، وهو سهو. 3 في أ: ممّا. 4 ما بين المعقوفين زيادة يقتضيها السّياق. 5 قال ابن النّاظم 69: "واستأثرت (ليت) بلزومها في الغالب إلحاق النّون قبل ياء المتكلّم تنبيها على مزيّتها على أخواتها في الشّبه بالفعل إذْ كانت تغيّر معنى الابتداء، ولا يتعلّق ما بعدها بما قبلها". ويُنظر: شرح المفصّل 3/123، وشرح التّسهيل 1/136، 137، وشرح الرّضيّ 2/23، والبسيط 2/765، والتّصريح 1/111، والأشمونيّ 1/123. 6 من الآية: 73 من سورة النّساء. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 546 لأنّه لم يجتمع فيه الأمثال، ولا1 المتقاربة؛ فلم يأت الحذف إلاّ في الشّعر، ومنه قولُه2: كَمُنْيَةِ جَابِرٍ إِذْ قَالَ لَيْتِي ... أُصَادِفُهُ وَأَفْقِدُ بَعْضَ مَالِي3 وهذا نادر4. وَإِنَّ بِالْكَسْرَةِ أُمُّ الأَحْرُفِ ... تَأْتِي مَعَ الْقَوْلِ وَبَعْدَ الحَلِفِ وَاللاَّمُ تَخْتَصُّ بِمَعْمُولاَتِهَا ... ليستبين فضلها في ذاتها   1 في أ: ولا المقارنة. 2 في ب: قول. 3 هذا بيتٌ من الوافر، وهو لزيد الخيل. و (جابر) : رجل من غطفان تمنّى أن يلقى زيدًا ليقتُله كما تمنّى قبله مزيد أن يلقى زيدًا، فتشابهت مناهما. والشّاهد فيه: (ليتي) حيث حذف نون الوقاية عن (ليت) على النُّدرة. يُنظر هذا البيت في: الكتاب 3/370، ونوادر أبي زيد 68، والمقتضب 1/250، ومجالس ثعلب 1/106، وسرّ صناعة الإعراب 2/550، وشرح المفصّل 3/123، والمقرّب 1/108، وشرح التّسهيل 1/136، وابن النّاظم 68، وشرح الرّضيّ 2/23، والدّيوان 137. 4 والشّارح متابِعٌ في هذا ابن النّاظم. وعند سيبويه وغيره ضرورة، وعند الفرّاء يجوز (ليتي) و (ليتني) . يُنظر: الكتاب 2/370، وشرح المفصّل 3/123، 124، وابن النّاظم 68، وشرح الرّضيّ 2/23، والارتشاف 1/471، وأوضح المسالك 1/81، والتّصريح 1/111، والأشمونيّ 1/123. 5 في ب: من. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 547 مِثَالُهُ: إِنَّ الأَمِيرَ عَادِلُ ... وَقَدْ سَمِعْتُ: أَنَّ زَيْدًا رَاحِلُ وَقِيلَ: إِنَّ خَالِدًا لَقَادِمُ ... وَإِنَّ هِنْدًا لأَبُوهَا عَالِمُ قال شيخُنا1- رحمه الله -: "المواضع الّتي يجب فيها كسر (إنّ) ستّة2: الأوّل: أن يبتدأ بها الكلام مستقلاًّ، نحو: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} 3، [أو] 4 مبنيا5 على ما قبله، نحو: (زيدٌ إنّه منطلق) ، قال الشّاعر: مِنَّا الأَنَاةُ وَبَعْضُ الْقَوْمِ يَحْسِبُنَا ... إِنَّا بِطَاءٌ وَفِي إِبْطَائِنَا سَرَعُ6   1 هو ابن النّاظم - رحمه الله -. وهذا الكلامُ منقولٌ من شرحه على الألفيّة 163 وما بعدها؛ بتصرّف. 2 وهُناك مواضع أُخرى يجب فيها كسر همزة (إنَّ) ؛ منها: أن تقع تالية ل (حيث) ، نحو: (جلستُ حيث إنّ زيدًا جالس) . أو ل (إذ) ، نحو: (جئتك إذ إنّ زيدًا أميرٌ) . أو تقع صفة لاسم عين، نحو: (مررت برجلٍ إنّه فاضل) . أو خبرًا عن اسم ذات، نحو: (زيد إنّه فاضل) . يُنظر: أوضح المسالك 1/241، والتّصريح 1/215، 216، والهمع 2/166، والأشمونيّ 1/274. 3 سورة الكوثر، الآية: 1. 4 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 5 في أ: مبيناً. 6 هذا بيتٌ من البسيط، وهو لوضّاح بن إسماعيل اليشكريّ. و (الأناة) : التّأنّي والتّمهّل في الأمور. و (بطاء) : من البطء وهو عدمُ التّسرّع. و (سرع) بمعنى: السّرعة. والشّاهد فيه: (إنّا بطاء) حيث كسر همزة (إنّ) ؛ لأنّ (إنّ) وإن لم تقع في أوّل الكلام حقيقة لكنّ الكلام الّذي به (إنّ) مبنيّ على ما قبله. يُنظر هذا البيت في: شرح الحماسة للمرزوقيّ 2/647، وشرح الحماسة للتّبريزيّ 1/262، وشرح عمدة الحافظ 1/226، وابن النّاظم 163، والجنى الدّاني 407، وتخليص الشّواهد 344، والمقاصد النّحويّة 2/216. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 548 الثّاني: أنْ تكون1 [أوّل] 2صلة، كقولك: (جاءني الّذي إنّه شُجاع) ، ونحوه3 قولُه تعالى: {وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ} 4. [87/أ] [واحتُرز بكونها أوّل الصّلة من نحو: (جاء الّذي عندك أنّه فاضل) ، ومن نحو] 5 قولهم6: ( [لا] 7أفعله ما أنّ في السّماء نجما) ؛ لأنّ تقديره: ما ثبت أنّ8 في السّماء نجما. الثّالث9: أن يتلقّى بها القسم، كقوله: {حَم وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ} 10.   1 في ب: يكون. 2 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 3 في أ: ونحوه. 4 من الآية: 76 من سورة القصص. 5 ما بين المعقوفين زيادة يقتضيها السّياق؛ وهي من ابن النّاظم 164. 6 في كلتا النّسختين: ومنه قولهم، والتّصويب من ابن النّاظم 164. (لا) ساقطٌة من أ. 8 في أ: ما ثبت أنّ في السّماء نجما، تقديره. 9 في أ: هذه الكلمة في غير موضعها؛ وهو انتقال نظرٍ من النّاسخ؛ حيث وردتْ هكذا: الثّالث: ما ثبت أنّ في السّماء نجما، تقديره: أن نتلقّا بها القسم 10 الآيتان: 1، 2، وبعض الآية: 3 من سورة الدّخَان. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 549 الرّابع: أن يحكى بها القول؛ وهو: مجرّدًا من معنى الظّنّ، لقوله تعالى: {قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللهِ} 1؛ [واحترزت بـ] 2 تجريده من معنى الظّنّ، من نحو: (أتقولُ أنّك فاضل) . الخامس: أنْ تقع موقع الحال، نحو: (زرتُكَ وإنّي ذو أمل) كأنّك قلتَ: زُرته آملاً. السّادس: أنْ تقع بعد فعل معلّق3 باللاّم، نحو: (علمت إنّه لذو أمل) ٍ فلولا اللاّم لكانت (إنّ) مفتوحة؛ لكونها وما عملت فيه تقدّر4 بمصدرٍ منصوب بـ (علمت) ؛ فدخلت اللاّم فعلّقت الفعل عن العمل، كما قال تعالى: {وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ} 5. وكسر (إِنَّ) في الخمسة الأولى6 واجب7؛ لأنَّها مواضع الجمل ولا يصحّ فيها وُقوع المصدر". وتدخُلُ لام التّاكيد على معمول (إنّ) 8؛ وذلك إنّها9 و (إنّ)   1 من الآية: 30 من سورة مريم. 2 ما بين المعقوفين زيادة يقتضيها السّياق؛ وهي من ابن النّاظم 164. 3 في كلتا النّسختين: متعلّق، والتّصويب من ابن النّاظم 165. 4 في أ: يقدر. 5 من الآية: 1 من سورة المنافقون. 6 في ب: الأوّل. 7 وكذلك الحالة السّادسة كسر (إنّ) فيها واجب؛ وقد نصّ على ذلك ابن النّاظم 165. 8 دون سائر أخواتها. الجمل 53. 9 في أ: إنّ. والضّمير في إنّها: راجعٌ إلى لام التّأكيد. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 550 معناهما التّأكيد؛ فلزم الفصل بينهُما كيلا يجمع1بين حرفين متّفقي المعنى؛ فإذا [ادخلوا (إنّ) على المبتدأ] 2 ادخلوا اللاّم على الخبر، كقوله تعالى: {وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ} 3؛ فإن أُخِّر الاسم [وحلّ في محلّ الخبر] 4، وفصل بينه وبين (إنّ) بجارّ ومجرور أو ظرفٍ5 [أُدخلت اللاّم على الاسم، كقوله تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لأَيَةً} 6. وإن فصل بين اسم (إنّ) والخبر بجارّ ومجرور أو ظرفٍ] 7؛ جاز إدْخالُ اللاّم على الفاصل8 وعلى الخبر9، تقول: (إنّ زيدًا لَبِكَ10 واثق11) ، ونحوه12 قوله تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} 13. [87/ب]   1 في كلتا النّسختين: يتوالى؛ والصّواب ما هو مثبَت. 2 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 3 من الآية: 6 من سورة الرّعد. 4 ما بين المعقوفين زيادة يقتضيها السّياق. يُنظر: شرح الملحة 238. 5 في أ: بظرفٍ. ومثالُه: (إنّ عندك لزيدًا) ؛ وهما الخبران إذْ لا يتقدّم الخبر إلاّ وهو أحدُهما. يُنظر: المقتصد 1/454، 455. 6 من الآية: 8 من سورة الشّعراء. 7 ما بين المعقوفين زيادة يقتضيها السّياق. يُنظر: شرح الملحة 238. 8 في أ: على الفاعل، وهو تحريف. 9 في أ: والخبر. 10 في أ: إليك، وهو تحريف. 11 ويجوز: (إنّ زيدًا لبك لواثق) ، ويجوز: (إنّ زيدًا بك لواثق) . يُنظر: شرح الملحة 238. 12 في ب: ونحو. 13 سورة القلم، الآية: 4. وإيرادُ الشّارحِ لهذه الآية هُنا سهو؛ وإنما يكون عند الحديث على أنّ الخبر تدخُل عليه اللاّم بثلاثة شروط: كونه مؤخّرًا، ومثبتا، وغير ماض؛ سواءً كان مفرَدًا، أو ظرفا، أو شبهه، وهُنا شبيهٌ بالظّرف. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 551 ولا يجوز: (لإنّ زيدًا منطلقٌ) - بفتح اللاّم وكسر إنّ -، ولا: (إنّ لزيدًا منطلق) لئلاَّ يجمع بين حرفين مؤكّدين -كما تقدّم -. وتُكسر بعد (حَتَّى) الّتي يبتدأ بها الكلام؛ فتقول1: ( [قد] 2 قال القومُ ذلك حتَّى إنّ زيدًا يقولُه) وهي بعد العاطفة، والجارّة مفتوحة3. وأمّا مواضع المفتوحة4: فهي تفتح إذا وقعت موقع الفاعل، كقولك: (أعجبني أنّك قائم) ، أو موقع المفعول، كقولك: (كرهت أنّك ذاهب) أو مجرورة 5،   1 في أ: تقول. 2 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 3 نحو: (عرفتُ أُمورك حتى أَنّك فَاضِلٌ) إنْ جعلت (حتّى) حرف جرٍّ بمعنى (إلى) ، ف (أنّ) ومعمولاها في موضع جرٍّ بها، أي: عرفتُ أمورك إلى فضلك. وإنْ جعلت عاطفة كانت هي وما بعدها في موضع نصبٍ عطفا على (أمورك) ، أي: عرفت أمورك وفضلك. 4 قال ابن مالكٍ في شرح الكافية الشّافية 1/482: " (إنّ) - بالكسر - هي الأصل؛ لأنّ الكلام معها جملة غير مؤوّلة بمفرد. و (أنّ) - بالفتح - فرعٌ؛ لأنّ الكلام معها جملة في تأويل مفرد". 5 سواءً كانت مجرورة بالحرف - كما مثّل -، أو مجرورة بالإضافة، نحو: {إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ} [الذّاريات: 23] . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 552 كقولك: (عجبت من أنّك قائم) ؛ لأنّها في هذه المواضع واقعة موقع المصدر، مختصّةٌ بالاسم؛ لتقدير: أعجبني قيامك، وكرهت ذهابك، وعجبت من قيامك. وكذلك1 تُفتح بعد (لو) و (لولا) ، نحو: (لو أنّك عرفتني لساعدتّك) ، ومنه قولُه تعالى: {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلاَمٌ} 2 لاختصاصها بالفعل؛ و (لولا أنّك خرجت لساعدتّك) لاختصاصها بالاسم3. والموضع الّذي يجوز [فيه] 4 الكسر والفتح؛ فيكونُ5 على تأويلين، [88/أ]   1 في ب: ولذلك. 2 من الآية: 27 من سورة لقمان. 3 وهُناك مواضع أُخرى يجب فيها الفتح؛ منها: أنْ تقع نائبة عن فاعل، نحو: {قُلْ أُوْحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ} [الجنّ:1] ؛ أو مبتدأً، نحو: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الأَرْضَ} [فصّلت:39] ، أو خبرًا عن اسم معنىً غير قول، ولا صادق عليه خبرُها، نحو: (اعتقادي أنّه فاضل) . أو معطوفة على شيء من ذلك، نحو: {اذْكُرُوا نِعْمَتِي الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُم} [البقرة:122] . أو مبدلةً من شيء من ذلك، نحو: {وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ} [الأنفال:7] . يُنظر: شرح المفصّل 8/59، وشرح التّسهيل 2/21، والارتشاف 2/140، وأوضح المسالك 1/242، والتّصريح 1/216، والأشمونيّ 1/273. 4 ما بين المعقوفين ساقطٌ من ب. 5 في ب: فتكون. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 553 مثالُ ذلك: (سَأَلْتُ عنه فإذا أنَّهُ عبد) و (إذا إنَّهُ عبد) 1؛ فمن فَتح أراد العبوديّة نفسها، ومَن كسر أراد العبد نفسه؛ تقدير الفتح: مشاهدة [نفس] 2 المعنى الّذي هو الخدمة، وتقدير الكسر: مشاهدة الشّخص نفسه على غير صفة العمل؛ ففتحت موضع المفرد3، وكسرت موضع الجملة، تقديره4: فإذا هو عبد. ومن ذلك: (أوّل ما أقول: أنّي أحمد الله) و (إِنِّي) 5 [- بالفتح والكسر -،فتقدير الفتح: أَوّلُ قَوْلِي] 6 حَمْدُ7 الله فهو هو؛ وإذا كان كذلك فهو المبتدأ8 في المعنى، والمبتدأ يختصّ بالاسم؛ فلذلك فُتحت. وتقدير الكسر مستنبط لا من اللّفظ لأنّه لا خبر معنا حيث كانت مكسورة متّصلة بالقول؛ فإذا لم يكن في اللّفظ صَلَحَ أن يقدّر بالثّبات   1 في ب: عنه، وهو تحريف. 2 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 3 والتّقدير: فإذا العبوديّة موجودة؛ بجعلها وما بعدها مبتدأ محذوف الخبر. ينظر ابن النّاظم 165. 4 في أ: لتقديره. 5 ضابطُ ما يجوز فيه الوجهان من هذا النّوع: أن تقع خبرًا عن قول، ومخبرًا عنها بقول، والقائل واحد. يُنظر: شرح الكافية الشّافية 1/488، وابن النّاظم 167، وأوضح المسالك 1/246. 6 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 7 في أ: أحمد الله. 8 في أ: المتبدى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 554 والوُجود حسب ما تدلّ عليه الحال؛ وتلخيصُه: أوّل ذلك ثابت؛ فالتّأويلان مختلفان معنىً وإعرابا1. فإنْ عطف2 على اسم (إِنَّ) فحقّ المعطوف النّصب، نحو: (إنّ زيدًا وعمرًا في الدّار) - بالنّصب -، قال الرّاجز: إِنَّ الرَّبِيْعَ الْجَوْنَ وَالْخَرِيفَا ... يَدَا أَبِي الْعَبَّاسِ وَالصُّيُوفَا3   1 وهُناك مواضع أُخرى غير هذين الموضعين يجوز فيها الوجهان؛ منها: أنْ تقع بعد فاء الجزاء، نحو: {مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [الأنعام: 54] ؛ فالكسر على معنى فهو غفورٌ رحيم، والفتح على معنى فالغفران والرّحمة حاصلان، أو: فالحاصل الغفران والرّحمة. وأن تقع بعد واوٍ مسبوقةٍ بمفرد صالح للعطف عليه، نحو: {إِنَّ لَكَ أَلاَّ تَجُوعَ فِيْهَا وَلاَ تَعْرَى وَأَنَّكَ لاَ تَظْمَأُ فِيْهَا وَلاَ تَضْحَى} [طه:118] قرأ نافعٌ وأبو بكر بالكسر إمّا على الاستئناف، أو بالعطف على جملة (إنّ) الأولى؛ والباقون بالفتح بالعطف على {أَلاَّ تَجُوعَ} . يُنظر: شرح الكافية الشّافية 1/485، وابن النّاظم 165، وأوضح المسالك 1/242، والتّصريح 1/218، والأشمونيّ 1/275. 2 في ب: عطفت. 3 هذا بيتٌ من الرّجز، وهو لرؤبة بن العجّاج. وأراد بالرّبيع، والخريف، والصّيوف - وهو جمع صيف -: أمطارهنّ. و (الجون) : الأسود، والمُراد: سواد سحابه، كنايةً عن كثرة مائه؛ لأنّ السّحابة إنّما توصف بالسّواد إذا كانت حافلة بالماء؛ ويروى في مكانه (الجود) : وهو المطر الغزير. وأبو العبّاس هو: الخليفة العبّاسي، الملقّب بالسّفّاح. والشّاهدُ فيه: (والخريفا، والصّيوفا) حيث عطفهما بالنّصب على (الرّبيع) الّذي هو اسم (إنّ) . يُنظر هذا البيت في: الكتاب 2/145، والمقتضب 4/111، وشرح الكافية الشّافية 1/510، وابن النّاظم 175، وأوضح المسالك 1/251، والمقاصد النّحويّة 2/261، والتّصريح 1/226، والهمع 5/285، وملحقات ديوان رؤبة 179. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 555 وقد يرفع على محلّ [اسم] 1 (إنّ) في الابتداء؛ وذلك إذا جاء بعد اسمها وخبرها، [88/ب] ومنه قولُالشّاعر: إِنَّ النُّبُوَّةَ وَالْخِلاَفَةَ فِيهُمُ ... وَ2 المَكْرُمَاتُ وَسَادَةٌ أَطْهَارُ3 ويجوز أن تخفّف (أنّ) المفتوحة فلا4تلغى، ولا يظهر اسمها إلاَّ لضرورة، كقوله: لَقَدْ عَلِمَ الضَّيْفُ وَالمُرْمِلُونَ ... إِذَا اغْبَرَّ أُفْقٌ وَهَبَّتْ شَمَالاَ بِأَنْكَ رَبِيعٌ وَغَيْثٌ مَرِيعٌ ... وَأَنْكَ هُنَاكَ تَكُونُ الثِّمَالاَ5   1 ما بين المعقوفين زيادة يقتضيها السّياق. يُنظر: ابن النّاظم 175. 2 في ب: فالمكرمات. 3 هذا بيتٌ من الكامل، وهو لجرير، من قصيدة يمدح بها بني أُميّة، ويصفُهم بالفضائل والخصائل المحمودة. والشّاهد فيه: (والمكرمات) حيث رفع (المكرمات) حَمْلاً على محلِّ (إنّ) واسمها؛ وهو الرّفع على الابتداء. يُنظر هذا البيتُ في: الكتاب 2/145، وشرح المفصّل 8/66 - وفيهما قُدِّم (الخلافة) على (النّبوّة) -، وابن النّاظم 175، وتخليص الشّواهد 369، والمقاصد النّحويّة 2/263؛ ولم أجده في ديوانه. 4 في ب: ولا. 5 هذان بيتان من المتقارِب، يُنسبان لكعب بن زُهير، وقيل: لجنوب بنت العجلان - أخت عمرو ذي الكلب -، وقيل: لعمرة بنت العجلان - أخت عمرو ذي الكلب -. و (المرملون) : الفقراء؛ من أرمل القوم: إذا نفد زادهم. و (المريع) : الواسع. و (الثّمال) : الغياث، يُقال: فلانٌ ثمال قومه، أي: غياثٌ لهم يقوم بأمرهم. والشّاهد فيهما: (بِأَنْكَ ربيع) و (وأنْك هُناك) حيث صرّح باسم (أنّ) المخفّفة في الموضعين لأجل الضّرورة؛ فأخبر عن الأول بالمفرد، وعن الثّاني بالجملة. يُنظر هذان البيتان في: معاني القرآن للفرّاء 2/90، وديوان الهذليّين 3/122، وشرح أشعار الهذليّين 2/585، والأزهيّة 62، وأمالي ابن الشّجريّ 3/153، والإنصاف 1/207، وشرح المفصّل 8/75، وشرح الكافية الشّافية 1/496، وابن النّاظم 180، وأوضح المسالك 1/265، والمقاصد النّحويّة 2/282. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 556 ولا يجيء خبرها إلاّ جملة؛ إمّا اسميّة، وإمّا مصدّرة1 بفعل مضمّن دعاء2.   1 في أ: مصدريّة. 2 كقراءة نافع: {وَالْخَامِسَةَ أَنْ غَضِبَ الله عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ} [النّور:9] ، وإمّا غير متصرّف، نحو: {وَأَن لَّيسَ لِلإِنْسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى} [النّجم:39] ، وإمّا متصرّف مفصول من (أن) ب (قد) ، نحو: (علمتُ أنْ قدْ قام زيدٌ) ، أو حرف نفيٍ، نحو: {أَيَحْسَبُ الإِنْسَانُ أَلَّن نَّجْمَعَ عِظَامَهُ} [القيامة:3] ، أو حرف تنفيس، نحو: {عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُم مَّرْضَى} [المزّمّل: 20] ، أو (لو) ؛ وقلَّ مَن ذكر كونها فاصلة من النّحويّين، ومنه قولُه تعالى: {وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ} [الجنّ:16] . يُنظر: شرح المفصّل 8/74، وشرح التّسهيل 2/41، 42، وشرح الكافية الشّافية 1/497، وابن النّاظم 181، والارتشاف 2/152، 153، وأوضح المسالك 1/266، والتّصريح 1/232. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 557 فالاسميّة كقوله: فِي فِتْيَةٍ كَسُيُوفِ الْهِنْدِ قَدْ عَلِمُوا ... أَنْ هَالِكٌ كُلُّ مَنْ يَحْفَى وَيَنْتَعِلُ1 والمصدّرة بالفعل كقولك: (وبعد أَنْ أحسن الله إليك إنْ كنتَ مطيعَه) .   1 هذا بيتٌ من البسيط، وهو للأعشى الكبير. والنّحويّون أوردوه على ما ذكر الشّارح، والّذي ثبت في ديوانه في عجز البيت: أَنْ لَيْسَ يَدْفَعُ عَن ذِي الْحيلَةِ الحِيَلُ وأمّا العجز الّذي أوردوه فليس فيه من كلام الأعشى إلاّ قوله: (يَحْفَى وَيَنْتَعِلُ) فإنّه عجُز بيتٍ آخر من القصيدة؛ وهو: إِمَّا تَرَيْنَا حُفَاةً لاَ نِعَالَ لَنَا ... إِنَّا كَذلِكَ مَا نَحْفَى وَنَنْتَعِلُ والمعنى: هم بين فتية كالسّيوف الهنديّة في مضائهم وحدّتهم، وأنّهم موطِّنون أنفسهم على الموت موقنون به؛ لأنّهم قد علِموا أنّ الإنسان هالكٌ سواءٌ كان غنيا أو فقيرًا. والشّاهد فيه: (أنْ هالكٌ) حيث خفّفت (أنّ) وحذف اسمها، والتّقدير: أنه هالك؛ وجاء خبرها جملة اسميّة (كُلُّ مَنْ يَحْفَى وَيَنْتَعِلُ هَالِكٌ) ، فـ (هَالكٌ) خبر مقدّم ل (كُلُّ) . يُنظر هذا البيت في: الكتاب 2/137، والمقتضب 3/9، والخصائص 2/441، وأمالي ابن الشّجريّ 2/178، والإنصاف 1/199، وشرح المفصّل 8/71، وشرح الكافية الشّافية 1/497، وابن النّاظم 181، وتخليص الشّواهد 382، والمقاصد النّحويّة 2/287، والخزانة 8/390، والدّيوان 59. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 558 وقد يأتي بعدها الماضي مفصولاً1ب (قد) ، كقولك: (علمت أَنْ قد [قام] 2) . والمضارع مفصولاً3بحرف تنفيس، كقوله تعالى: { [عَلِمَ] 4 أَن سَيَكُونُ مِنْكُم مَّرْضَى} 5، ورُبّما جاء الفعل غير مفصول6، كقول الشّاعر: عَلِمُوا أَنْ يُؤَمَّلونَ فَجَادُوا ... قَبْلَ أَنْ يُسْأَلُوا بِأَعْظَمِ سُؤْلِ7 [89/أ] وَلاَ تُقَدِّمْ خَبَرَ الْحُرُوْفِ ... إِلاَّ مَعَ الْمَجْرُورِ وَالظُّرُوفِ كَقَوْلِهِمْ: إِنَّ لِزَيْدٍ مَالاَ ... وَإِنَّ عِنْدَ عَامِرٍ جِمَالاَ   1 في كلتا النّسختين: موصولاً، والصّواب ما هو مثبَت. 2 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 3 في كلتا النّسختين: موصولاً، والصّواب ما هو مثبت. 4 ما بين المعقوفين ساقطٌ من ب. 5 من الآية: 20 من سورة المزّمّل. 6 في أ: موصول. 7 هذا بيتٌ من الخفيف، ولم أقف على قائله. والشّاهد فيه: (أَنْ يُؤمّلون) حيث استعمل فيه أَنْ) المخفّفة من الثّقيلة وأعملها في الاسم الّذي هو ضمير الشّأن المحذوف، وفي الخبر الّذي هو جملة (يؤمَّلون) ، ومع أنّ جملة الخبر فعليّة فعلها متصرّف غير دعاء، ولم يأت بفاصل بين (أنْ) وجملة الخبر. يُنظر هذا البيت في: شرح الكافية الشّافية 1/500، وابن النّاظم 182، والجنى الدّاني 219، وتخليص الشّواهد 383، وابن عقيل 1/355، والمقاصد النّحويّة 2/294، والتّصريح 1/233، والهمع 2/187، والأشمونيّ 1/292. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 559 هذه الحروف لا يجوز تقديم أخبارها، ولا أسمائها [عليها] 1؛ لأنّها لَمّا لم تتصرّف في أنفسها لم تتصرّف في عملها؛ فلذلك لا يجوز: (زيدًا إنّ قائم) [ولا (قائم] 2 إنّ زيدًا) ؛ فإن أتيت بضميره جاز، كقولك: (زيدٌ إنّه قائم) . وأخبارها لم تقدّم3على أسمائها إلاّ أن تكون ظروفا، أو جارًّا ومجرورًا4؛ فإنّه يجوز التّقديم والتّأخيرُ ما لم يمنع مانع؛ وقيل: إنّ ذلك لا يخلو من ثلاث مسائل: الأولى: لا يكون5الظّرف فيها إلاّ مقدَّما6؛ مثل: (إنَّ قدّام زيد أباه) ، ومنه قوله تعالى: {إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالاً} 7. الثّانية: لا يكون الظّرف [فيها] 8 إلاَّ مؤخّرًا9؛ مثل: (إنّ زيدًا لقدّامك) .   1 ما بين المعقوفين ساقطٌ من ب. 2 ما بين المعقوفين ساقطٌ من ب. 3 في أ: تتقدّم. 4 في كلتا النّسختين: أو مجرورًا، والصّواب ما هو مثبَت. 5 في أ: لا تكون الظّروف. 6 حتى لا يعود الضّمير على متأخّر لفظا ورُتبة، لكون الاسم متّصلاً بضمير يعود على شيءٍ في الخبر. يُنظر: ابن النّاظم 162، والتّصريح 1/175، 214. 7 من الآية: 12 من سورة المزّمّل. 8 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 9 لوُجود لام الابتداء، وشرطُها في الخبر: أن يتأخّر عن الاسم. يُنظر: التّصريح 1/222. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 560 الثّالثة: يجوز فيها الأمران؛ نحو: (إنَّ عِنْدَك زيدًا) و (إنَّ زَيْدًا عِنْدَكَ) ؛ وتقديم1 الظّرف أجود. وكذلك الجارّ والمجرور، نحو: (إنَّ زيدًا لفي الدّار) و (إنَّ في الدّار لزيدًا) . وعلّة جواز تقديم ذلك: أنّ العرب [89/ ب] قد اتّسعت في الظّروف وحروف الجرّ اتّساعًا لم تتّسع2 مثله في غيرها؛ بدليل أنَّهم فصلوا بهما3 بين المضاف والمضاف إليه، كقول الشّاعر: لِلَّهِ - دَرُّ الْيَوْمَ - مَنْ لاَمَهَا4 ففصل بالظّرف. وقال الآخر: كَأَنَّ أَصْوَاتَ - مِنْ إِيْغَالِهِنَّ بِنَا - ... أَوَاخِرِ المَيْسِ أَصْوَاتُ الْفَرَارِيجِ5   1 في أ: وتقدّم. 2 في أ: يتّسع. 3 في أ: بها. 4 هذا البيتُ تقدّم تخريجه في ص 279. والشّاهد فيه هُنا: (درّ اليوم من لامها) ، حيث فصل بين المضاف (درّ) والمضاف إليه (من لامها) بالظّرف (اليوم) . 5 هذا بيتٌ من البسيط، وهو لذي الرُّمّة. و (مِن) للتّعليل. و (الإيغال) : الإبعاد؛ تقولُ: أوغل في الأرض: إذا أبعد فيها؛ والضّمير يعود إلى الإبل. و (الأواخر) : جمع آخرة الرّحل؛ وهي: العود الّذي يستند إليه الرّاكب. و (المَيْس) - بالفتح - شجر يتّخد منه الرّحال والأقتاب. و (الفراريج) : جمع فرّوج، وهو: الصّغير من الدّجاج. والمعنى كما قال البغداديّ في الخزانة 4/413: "يريد أنّ رحالهم جديدة، وقد طال سيرُهم فبعض الرّحل يحكّ بعضا، فيحصل مثل أصوات الفراريج من اضطّراب الرِّحال لشدّة السّير". والشّاهد فيه: (كأنّ أصوات من إيغالهنّ بنا أواخر) حيث فصل بين المضاف (أصوات) والمضاف إليه (أواخر) بالجارّ والمجرور (من إيغالهنّ بنا) . يُنظر هذا البيت في: الكتاب 1/179، والمقتضب 4/376، وسرّ صناعة الإعراب 1/10، والإنصاف 2/433، وشرح المفصّل 1/103، وشرح الكافية الشّافية 2/980، وشرح الرّضيّ1/293، ورصف المباني 153، والخزانة 4/108، والدّيوان 2/996. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 561 وإذا ثبت1 هذا كان في باب (إنَّ) وأخواتها المشبّهات بالأفعال أحرى؛ فلذلك جاز: (إنَّ عِنْدَك زيدًا) و2 (لعلّ له عُذرًا) إلاّ أنّ ههنا سرًّا وهو: أنّ الاستقرار العامل في الظّرف مقدّر3 في مثل هذا آخِرًا لا أوّلاً؛ فهذا4 أوجُه الاتّساع المقدّر في الظّرف. وَإِنْ تَزِدْ (مَا) بَعْدَ هَذِى الأَحْرُفِ ... فَالرَّفْعُ وَالنَّصْبُ أُجِيزَ فَاعْرِفِ وَالنَّصْبُ فِي لَيْتَ5 وَعَلّ أَظْهَرُ ... وَفِي كَأَنَّ فَاسْتَمِعْ مَا يُؤْثَرُ   1 في أ: اثبتّ. 2 في ب: أو. 3 في أ: يقدر. 4 في أ: فهذه. 5 في متن الملحة 33، وشرح الملحة 239: وَالنَّصْبُ فِي لَيْتَ لَعَلَّ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 562 (ما) تدخُل على هذه الحروف فتكفّها عن العمل؛ فهي إمّا الكافّة، وإمّا الزّائدة1؛ ومنه2 قولُه تعالى: {إِنَّمَا اللهُ إِلَهُ وَاحِدٌ} 3. [90/أ] وهي إذا كانت مَعَ (إنّ) و (أنَّ) و (لَكِنَّ) فالأحسن الأقيس إبطال عملها، وجعل (ما) كافّة4؛ واختير الرّفع في هذه الثّلاثة؛ لأنّ معنى الابتداء لا يتغيّر فيها، ويتغيّر في الثّلاثة الأُخر5. فإن دخلت على (ليت) و (لعلّ) و (كأنّ) كان6 الأقيس إعمالُ هذه الحروف، وجعل (ما) زائدة7؛ لأنّ هذه الحروف لَمّا   1 في ب: أو الزّائدة. 2 في ب: كقوله. 3 من الآية: 171 من سورة النّساء. 4 وقد أجاز أبو القاسم الزّجّاجيّ، ووافقه الزّمخشريّ وابن مالكٍ أنْ تكون (ما) معهنّ زائدة؛ فأجاز أن تقول: (إنّما زيدًا قائمٌ) و (لكنّما عمرًا شاخصٌ) لأنّهنّ كلّهنّ أخوات، فيجرين في اللّفظ مجرى واحداً. يُنظر: الجمل 304، والمفصّل 424، وشرح المفصّل 8/133، وشرح الجمل 1/433، وشرح التّسهيل 2/38، وشرح عمدة الحافظ 2/232، والملخّص 245، والارتشاف 2/157، والتّصريح 1/225، والهمع 2/191. 5 لأنّه يستحيل الكلام في (كأنّما) إلى تشبيه، وفي (ليتما) إلى تمنّ، وفي (لعلّما) إلى ترجّ. شرح الملحة 240. 6 في ب: فإن. 7 هذا مذهب الزّجّاج، وابن السّرّاج، وابن أبي الرّبيع؛ وهو: أنّه يجوز في هذه الثّلاثة خاصّة. يُنظر: الأصول 1/232، وشرح الجمل 1/433، وشرح التّسهيل 2/38، وشرح عمدة الحافظ 1/233، والملخّص 244، والارتشاف 2/157، والتّصريح 1/225، والهمع 2/191، والأشمونيّ 1/284. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 563 كانت تغيّر اللّفظ والمعنى قوي شبهها بالأفعال، وضعُف إبطال عملها؛ وعلى هذا أنشدوا1 بيت النّابغة؛ وهو: قَالَتْ أَلاَ لَيْتَمَا هَذَا الْحَمَامَ لَنَا ... إِلَى حَمَامَتِنَا وَنِصْفُهُ فَقَدِ2 وقد يجوز الرّفع. ولقوّة شبهها بالأفعال عملت في الأحوال؛ وقيل: إنّ الإعمال يجوز ل (ليت) دون أخواتها3.   1 في ب: أُنْشِدَ. 2 هذا بيتٌ من البسيط؛ وهو للنابغة الذّبيانيّ. و (فَقَدِ) أي: حَسْبي. والشّاهدُ فيه: (الحمام) يروى بالنّصب على الإعمال، وبالرّفع على الإهمال. يُنظر هذا البيتُ في: الكتاب 2/137، والأصول 1/233، ومعاني الحروف للرّمّانيّ 89، واللّمع 303، والأزهيّة 89، والإنصاف 2/479، وشرح المفصّل 8/58، والمقرّب 1/110، وشرح الكافية الشّافية 1/480، وابن النّاظم 174، والدّيوان 24. 3 ونسب أبو حيّان هذا القولَ في الارتشاف إلى سيبويه والأخفش والفرّاء؛ وعقّبه بقوله: ((وصحّحه أكثرُ أصحابنا)) . الارتشاف 2/157. والعلّة في ذلك: أنّ اتّصال (ما) بها لم يزل اختصاصها بالأسماء، بخلاف أخواتها؛ فإنّ اتّصال (ما) بها أزال اختصاصها بالأسماء، فاستحقّت (ليتما) بقاء العمل دون (إنّما) و (كأنّما) و (لكنّما) و (لعلّما) . يُنظر: الكتاب 2/137، 3/129، 4/221، ومعاني القرآن للفرّاء 2/186، وشرح الجمل 1/434، وشرح التّسهيل 2/38، وابن النّاظم 173، وابن عقيل 1/342، والتّصريح 1/225، والهمع 2/189، والأشمونيّ 1/284. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 564 وروى ابنُ بَرْهَان1: "أَنَّ الأخفش رَوَى: إنَّما زَيْدًا2 قَائِمٌ، وعزاه إلى الكسائيّ". وهو غريب3. والحروف تُذكّر وتُؤنّث؛ بدليل قول الشّاعر في التّأنيث: ................................... ... كَمَا بُيِّنَتْ4 كَافٌ تَلُوحُ وَمِيْمُهَا5   1 شرح اللّمع 1/75. وابن بَرْهَان هو: أبو القاسم عبد الواحد بن عليّ بن بَرهان العُكبريّ النّحويّ: كان من العلماء القائمين بعلوم كثيرة؛ منها: النّحو، واللّغة، ومعرفة النّسب، والحفظ لأيّام العرب وأخبار المتقدِّمين؛ وله أُنْس شديد بعلم الحديث؛ توفّي سنة (450هـ) . يُنظر: نزهة الألبّاء 259، وإنباهُ الرُّواة 2/213، وإشارة التّعيين 199، وبُغية الوُعاة 2/120. 2 في أ: زيدٌ، وهو سهوٌ من النّاسخ. 3 كان هذا النّقل غريباً عند الشّارح؛ لأنّه يرى أنّ الأقيَس إبطال عملها، وجعل (ما) كافّة. وهو متابِعٌ - في غرابته لهذا النّقل - شيخه ابن النّاظم - رحمه الله -. شرح الألفيّة 174. وقال ابن عقيل: ((وأمّا ما حكاه الأخفش والكسائيّ فشاذّ)) . شرح الألفيّة 1/343. 4 في كلتا النّسختين: بنيت، وهو تحريف؛ والصّواب ما هو مثبَت. 5 هذا عجُز بيتٍ من الطّويل، وصدُره: أَهَاجَتْكَ آياتٌ أَبَانَ قَدِيمُهَا وهو للرّاعي النّميريّ. شبّه آثار الدّيار بحروف الكلِمة على ما جرَتْ عليه عادتهم من تشبيه الرُّسوم بحروف المعجم. والشّاهد فيه: تأنيث (كاف) حملاً على معنى اللّفظة والكلمة. يُنظر هذا البيتُ في: الكتاب 3/260، والمذكّر والمؤنّث لأبي حاتم السّجستانيّ 180، والمقتضب 1/237، 4/40، والمذكّر والمؤنّث للأنباريّ 450، وسرّ صناعة الإعراب 2/782، والمخصّص 17/49، وشرح المفصّل 6/29، واللّسان (كوف) 9/311، والدّيوان 258. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 565 وفي التّذكير كقول الرّاجز: كَافا وَمِيْمَيْنِ وَسِيْنا طَاسِما1 [90/ب]   1 هذا بيتٌ من الرّجز المشطور، ولم أقف على قائله. والقولُ في معناه كسابِقه من تشبيه آثار الدّيار. والشّاهد فيه: تذكير (طاسم) وهو نعت ل (السّين) لأنّه أراد الحرف، ولو أمكنه التّأنيث على معنى الكلمة لجاز. يُنظر هذا البيتُ في: الكتاب 3/260، والمذكّر والمؤنّث لأبي حاتم السّجستانيّ 180، والمقتضب 4/40، والمذكّر والمؤنّث للأنباريّ 450، وسرّ صناعة الإعراب 2/782، والمخصّص 17/49، والنّكت 2/846، وشرح المفصّل 6/29، واللّسان (موم) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 566 بَابُ كَانَ وَأَخَوَاتِهَا: وَعَكْسُ إِنَّ يَا أُخَيَّ فِي الْعَمَلْ ... كَانَ وَمَا انْفَكَّ الْفَتَى وَلَمْ يَزَلْ وَهَكَذَا أَصْبَحَ ثُمَّ أَمْسَى ... وَظَلَّ ثُمَّ بَاتَ ثُمَّ أَضْحَى ثُمَّ1 صَارَ ثُمَّ لَيْسَ مَا بَرِحْ2 ... وَمَا فَتِىءْ فَافْهَمْ3 بَيَانِي المُتَّضِحْ وَأُخْتُهَا مَا دَامَ فَاحْفَظَنْهَا ... وَاحْذَرْ هُدِيتَ أَنْ تَزِيغَ عَنْهَا تَقُولُ: قَدْ كَانَ الأَمِيرُ رَاكِبًا ... وَقَامَ قُسٌّ فِي عُكَاظٍ خَاطِبًا4 وَأَصْبَحَ الْبَرْدُ شَدِيدًا فَاعْلَم ... وَبَاتَ زَيْدٌ سَاهِرًا لَمْ يَنَمِ اعلم أنّ (كان) وأخواتها ثلاثة عشر فعلاً. قيل5: إنّ دخولها على المبتدأ والخبر على خلاف القياسِ؛ لأنّها أفعال، وحقّ الأفعال أن تُنسب معانيها إلى المفردات لا الجمل؛ فإنّ ذلك للحروف6، نحو: (هل جاء زيدٌ) و (ليته عندنا) . [91/ أ]   1 في أ: ثمّت. 2 ورد صدرُ هذا البيت في متن الملحة 33، وشرح الملحة 241 كالتّالي: وَصَارَ ثُمَّ لَيْسَ ثُمَّ مَا بَرِحْ ... ............................ 3 في متن الملحة 33، وشرح الملحة 241: فَافْقَهْ بَيَانِي. 4 ورد عجُز هذا البيت في متن الملحة 33، وشرح الملحة 241 كالتّالي: ........................... ... وَلَمْ يَزَلْ أَبُو عَليّ غَائِبًا 5 القائل بذلك هو: شيخُه ابن النّاظم. ينُظر: شرح الألفيّة 128. 6 أراد نحو: (هل) و (ليت) و (ما) . يُنظر: ابن النّاظم 128. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 567 لكنّهم توسّعوا في هذه لكونها لا تتمّ بالفاعل؛ فنسبوا معانيها إلى الجمل، فأدخلوها على المبتدأ والخبر على نسبة معانيها [إلى مضمونها] 1؛ فرفعوا بها المبتدأ تشبيهًا بالفاعل، ونصبوا الخبر تشبيهًا بالمفعول، سواءً تأخّر أو تقدّم، نحو: (كان زيد قائمًا) و (كان جوادًا حاتم) . ويسمّى المرفوع في هذا الباب اسمها، والمنصوب خبرها. فمعنى (كان) : وجد؛ وهي أصل الباب؛ لأنّ كلّ شيء داخل تحت الكون؛ فلا2 ينفكّ شيء من الأفعال عن3 معناه؛ ولأنّها تتصرّف تصرّفًا ليس لغيرها بانقسامها أربعة أقسام4. ومعنى (ظَلّ) : أقام نهارًا. و (بات) : أقام ليلاً. و (أضحى) و [أصبح] 5 و (أمسى) : دخل في الضُّحى، والصّباح، والمساء6.   1 ما بين المعقوفين زيادة يقتضيها السياق، وهي من ابن الناظم 128. 2 في أ: ولا ينفكّ. 3 في ب: من. 4 الأقسام الأربعة يأتي الحديث عنها في ص 577. 5 ما بين المعقوفين ساقطٌ من ب. 6 في ب: والمساء، والصّباح. وهذا التّفسير إنّما يكون لها وهي تامّة؛ أمّا إذا كانت ناقصة فتدلّ على اتّصاف الاسم بالخبر في الأوقات الّتي تدلّ عليها صيغها. يُنظر: الارتشاف 2/77. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 568 و (صار) : تجدّد. و (ليس) : نفي الحال؛ فإن نفت غيره فبقرينةٍ1، كقول الشّاعر: وَ2 مَا مِثْلُهُ فِيهِمْ وَلاَ كَانَ قَبْلَهُ ... وَلَيْسَ يَكُونُ الدَّهْرَ3 مَا دَامَ يَذْبُلُ4 ومعنى (زال) : انفصل، وكذا (برح) و (فتىء) و (انفكّ) . ومعنى (دام) : بقيَ. وهي في العمل على ثلاثة أقسام: قسمٌ يعمل بلا شرط؛ وهي: (كان) و (أصبح) و (أمسى) [91/ب] و (ظلّ) و (أضحى) و (بات) و (صار) و (ليس) . وقسمٌ يعمل بشرط تقدُّم نفي أو شبهه؛ وهو: (زال) و (برح) و (فتىء) و (انفكّ) ؛ كقولك: (ما زال زيدٌ عالمًا) و (ما فتىء محمّد صادقًا) و (لن يبرح خالدٌ كريمًا) و (ما انفكّ عمرو جوادًا) .   1 في ب: بقرينة. 2 في ب: فما، وهي رواية. 3 في أ: الذّمّ، وهو تحريف. 4 هذا بيتٌ من الطّويل، وهو لحسّان بن ثابت، من قصيدة يمدح بها الزّبير بن العوّام. و (يذبل) : اسم جبل. والشّاهد فيه: (وليس يكون) على أنّ (ليس) قد نفت المستقبل لوُجود قرينة؛ فقد انتفى الماضي والحال، ولم يبق إلا المستقبل، فقد انتفى بـ (ليس) . يُنظر هذا البيتُ في: الجنى الدّاني 499، والمقاصد النّحويّة 2/2، والهمع 1/29، والدّرر 1/76، والدّيوان 1/433. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 569 وقد يغني معنى النّفي عن لفظه، كقوله تعالى: { [تَاللَّهِ] 1 تَفْتَؤُ تَذْكُرُ يُوسُفَ} 2، وقال الشّاعر: تَنْفَكُّ تَسْمَعُ مَا حَيِيْـ ... ـتَ بِهَالِكٍ حَتَّى تَكُونَهْ3 والنّهي4 يشبه النّفي، كقول الشّاعر: صَاحِ شَمِّرْ وَلاَ تَزَلْ ذَاكِرَ الْمَوْ ... تِ فَنِسْيَانُهُ ضَلاَلٌ مُبِينُ5   1 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 2 من الآية: 85 من سورة يوسف. 3 هذا بيتٌ من مجزوء الكامل، وهو لخليفة بن براز، وبعده: وَالْمَرْءُ قَدْ يَرْجُو الرَّجَا ... ءَ مُؤَمِّلاً وَالمَوْتُ دُونَهُ وكان أبو بكر الصّدّيق - رضي الله عنه - كثيرًا ما يتمثّل بهما. و (هالك) : ميّت. والمعنى: لا تزال تسمع مات فلان وفلان، حتى تكون أنت الميّت. والشّاهد فيه: (تنفكّ) حيث حذف النّافي فيه؛ إذْ أصلُه: لا تنفكّ. يُنظر هذا البيت في: المفصّل 355، والإنصاف 2/824، وشرح المفصّل7/109، 110، وشرح عمدة الحافظ 1/198، وشرح الرّضيّ 2/295، وابن النّاظم 130، وتخليص الشّواهد 233، والمقاصد النّحويّة 2/75، والهمع 2/66، والخزانة 9/242. 4 في أ: والّذي. 5 هذا بيتٌ من الخفيف، ولم أقف على قائله. والمعنى: يا صاحبي اجتهد، واستعدّ للموت، ولا تنس ذكره؛ فإنّ نسيانَه ضلالٌ ظاهر. والشّاهد فيه: (ولا تزل ذاكر الموت) حيث عمل الفعل (زال) عمل (كان) لأنّه سُبق بحرف النّهي، والنّهي شبيهٌ بالنّفي. يُنظر هذا البيتُ في: شرح عمدة الحافظ 1/199، وابن النّاظم 131، وتخليص الشّواهد 230، وابن عقيل 1/247، والمقاصد النّحويّة 2/14، والتّصريح 1/185، والهمع 2/65، والأشمونيّ 1/228، والدّرر 2/44. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 570 ومتى خَلَت هذه الأفعال الأربعة عن نهيٍ، أو نفيٍ ظاهرٍ، أو مقدَّرٍ، فإنّها لا تعمل العمل المذكور. وقسم يعمل بشرط تقدّم (ما) المصدريّة النّائبة عن الظّرف عليه؛ وهي: (دام) كقول شيخنا1- رحمه الله [تعالى] 2 -: "كأعط ما دمت مُصيبًا درهمًا، أي: مدّة دوامك مصيبًا. فعملت لكونها3صلةً لـ (ما) فإنْ كانت (ما) غير نائبة عن الظّرف لم يصحّ العمل". فـ (أصبح) و (أمسى) أختان؛ لأنّهما طرفا الزّمان. و (ظلّ) و (أضحى) أختان؛ لأنّهما لصدر النّهار. و (ظلّ) - أيضًا - أُخت (بات) ؛ لدلالتهما [92/أ] على سائر مدّة النّهار واللّيل. وقيل: (بات) و (صار) أُختان؛ لاعتلال عينهما.   1 أي: ابن النّاظم في شرحه على الألفيّة 131. علمًا بأنّ قوله: "كأعط ما دمت مصيبًا دِرْهمًا" مقتَبسٌ من كلام والده في الألفيّة. 2 ما بين المعقوفين ساقطٌ من ب. 3 في كلتا النّسختين: كونها. والمعنى يتطلّب وُجود اللاّم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 571 وقيل: ذلك في (كان) و (صار) ؛ لاستعمال (كان) في موضع (صار) ، ومنه قولُ الشّاعر: ثُمَّ كَانُوا كَأَنَّهُمْ وَرَقٌ جَـ ... ـفَّ1 ............................ و (ما زال) و (ما بِرَح) و (ما فتىء) و (ما انفكّ) و (ما دام) أخواتٌ؛ لتقدُّم (ما) عليها. و (ليس) منفردة2؛ لكونها غير متصرّفة. وما تصرّف من هذه الأفعال فللمضارع منه وللأمر ما للماضي من العمل؛ تقولُ: (يكون زيدٌ فاضلاً) و (كن عَالِمًا أو متعلِّمًا) ؛ قال الله تعالى: {كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا} 3.   1 هذا صدْرُ بيتٍ من الخفيف، وتمامُه: فَأَلْوَتْ بِهِ الصَّبَا وَالدَّبُورُ وهو لعديّ بن زيد العباديّ. والشّاهد فيه: (ثمّ كانوا كأنّهم) حيث جاءت (كان) فعلاً ماضيًا ناقصًا، بمعنى (صار) . يُنظر هذا البيتُ في: أمالي ابن الشّجريّ 1/137، والمفصّل 353، وشرح المفصّل 7/104، 105، وشرح عمدة الحافظ 1/211، والهمع 2/76، وشرح شواهد المغني 1/470، والأشمونيّ 1/230، والدّرر 2/57، والدّيوان 90 - والرّواية في هذه الكتب (ثم أضحوا كأنّهم) بدل (ثمّ كانوا كأنّهم) ولا شاهد فيه حينئذٍ على هذه الرّواية -. 2 في ب: مفردة. 3 من الآية: 50 من سورة الإسراء. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 572 ويجري المصدر واسم الفاعل في ذلك مجرى الفعل؛ تقول: (أعجبني كونُ زيدٍ صديقَك) ، وقال الشّاعر: وَمَا كُلُّ مَنْ يُبْدِي الْبَشَاشَةَ كَائِنًا ... أَخَاكَ إِذَا لَمْ تُلْفِهِ لَكَ مُنْجِدَا1 وإذا وقع بعد2هذه الأفعال جارّ ومجرور أو ظرف كان ما بعد المخفوض مرفوعًا اسمًا لها، وكان المجرور خبرًا لها؛ كقولك: (كان في الدّار زيدٌ) و (كان عندك عمرو) ، ومنه قولُه تعالى: {وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ} 3. وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يَجْعَلَ الأَخْبَارَا ... مُقَدَّمَاتٍ فَلْيَقُلْ مَا اخْتَارَا مِثَالُهُ: قَدْ كَانَ سَمْحًا وَائِلُ ... وَوَاقِفًا بِالْبَابِ أَضْحَى السَّائِلُ [92/ب] خبر هذه الأفعال على أربعة أقسام: خبرٌ لا يكون إلاّ مقدّمًا4؛ وهو إذا كان اسم استفهام، كقولك: (مَنْ كان أخوك؟) و (كيف أصبح زيد؟) و (أين أمسى عمرو؟) .   1 هذا بيتٌ من الطّويل، ولم أقف على قائله. والشّاهدُ فيه: (كائنًا أخاك) حيث عمل اسم الفاعل (كائن) عمل فعله في رفع المبتدأ ونصب الخبر. يُنظر هذا البيت في: شرح الكافية الشّافية 1/387، وابن النّاظم 132، وتخليص الشّواهد 234، وأوضح المسالك 1/168، وابن عقيل 1/250، والمقاصد النّحويّة 2/17، والتّصريح 1/187، والهمع 2/78، والأشمونيّ 1/231، والدّرر 2/58. 2 في أ: في. 3 من الآية: 48 من سورة النّمل. 4 في أ: مقدّرًا، وهو تحريف. ولا يكون إلاّ مقدّمًا لأحقيّته في الصّدارة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 573 وخبرٌ لا يكون إلاّ مؤخّرًا بعد الفعل؛ وهو ما كان من الأفعال الّتي تلتزم بتقدّم1 (ما) عليها غالبًا؛ والخبر ههنا لا يجوز تقدمّه على (ما) ؛ لأنّ لها صدر الكلام2. وخبرٌ في تقديمه خلاف3؛ وهو خبر (ليس) ؛ لإجرائها مجرى أخواتها في العمل، ولم يختلفوا في تقديم خبرها على اسمها.   1 في ب: بتقديم. ((فلا يجوز نحو ذلك في (دام) ؛ لأنّها لا تعمل إلاّ مع (ما) المصدريّة و (ما) هذه ملتزمة صدر الكلام؛ وألاّ يفصل بينها وبين صلتها بشيء؛ فلا يجوز معها تقديم الخبر على (دام) وحدها، ولا عليها مع (ما) . ومثل (دام) في ذلك كلّ فعلٍ قارنه حرف مصدريّ، نحو: (أُريد أن تكون فاضلاً) ، وكذلك المقرون بـ (ما) النّافية، نحو: (ما زال زيد صديقك) و (ما برح عمرو أخاك) ؛ فالخبر في نحو هذا لا يجوز تقديمُه على (ما) ؛ لأنّ لها صدر الكلام، ويجوز توسّطه بين (ما) والفعل، نحو: ما قائمًا كان زيد)) . ابن النّاظم 134. 3 منع تقديم خبر (ليس) الكوفيّون، والمبرّد، وابن السّرّاج، وأكثر المتأخّرين - ومنهم ابن مالك -. وجوّزه البصريّون، والفرّاء، والفارسيّ؛ واختاره ابن بَرْهَان، والزّمخشريّ، وابن عصفور. تُنظر هذه المسألة في: الأصول 1/90، والحلبيّات 280، والمفصّل 355، 356، والإنصاف، المسألة الثّامنة عشرة، 1/ 160، والتّبيين، المسألة السّابعة والأربعون، 315، وشرح المفصّل 7/114، وشرح الكافية الشّافية 1/397، وابن النّاظم 135، وشرح الرّضيّ 2/297، وائتلاف النُّصرة، فصل الفعل، المسألة التّاسعة، 123، والتّصريح 1/225، والهمع 2/88، والأشمونيّ 1/234. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 574 وخبرٌ أنت المخيّر في تقديمه وتأخيره وتوسّطه؛ وهو (كان) وما كان عاريًا من النّفي؛ فتقول: (قائمًا كان زيد) ، ومنه قولُه تعالى: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} 1 و (مسرورًا ظلّ عمرو) و (أصبح صائمًا خالد) ؛ لأنّ هذه الأفعال لَمّا تصرّفت في أنفسها تصرّفت في معمولها لعدم المانع. وكلّ ما كان خبرًا لمبتدأ جاز2 أنْ يكون خبرًا لهذه3 الأفعال. فإنْ وقع الخبر فعلاً ماضيًا فهو مستكرَهُ؛ لأنّه مثلها، ولا يحسُن إلاّ أنْ يكون معه (قد) ملفوظًا بها أو مقدّرة؛ فتقولُ: (كان زيدٌ قد قام أمس وإن كان عَمِلَ خيرًا فهو مُجْزء به) ؛ وحَسَّنَ التّقدير كون الكلام شرطًا، ومنه قولُه تعالى: {وَإِنْ كَانَ قَمِيْصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ} 4. [93/أ] وأمَّا (ليس) فلا يكون خبرها بالماضي؛ لأنّ حقيقتها نفي الحال. وهذه الأفعال سُمِّيت ناقصة؛ لأنّها سُلِبت الدّلالة على الحدَث5.   1 من الآية: 47 من سورة الرّوم. 2 في أ: فجائز. 3 في أ: خبر هذه. 4 من الآية: 27 من سورة يوسف. 5 نسب ابن النّاظم هذا المذهب إلى سيبويه وأكثرِ البصريّين، ثمّ عقّبه بقوله: "وهو باطل؛ لأنّ هذه الأفعال مستوية في الدّلالة على الزّمان، وبينها فرقٌ في المعنى؛ فلا بدّ فيها من معنى زائد على الزّمان؛ لأن الافتراق لا يكون بما به الاتّفاق؛ وذلك المعنى هو الحدَث؛ لأنّه لا مدلول للفعل غير الزّمان إلاّ الحدَث. والّذي ينبغي أن يُحمل عليه قولُ مَن قال إِنّ (كان) النّاقصة مسلوبة الدّلالة على الحدَث إنّها مسلوبة أن تستعمل دالّة على الحدَث دلالة الأفعال التّامّة بنسبة معناها إلى مفرد، ولكن دلالة الحروف عليه، فسمّي ذلك سلْبًا لدلالته على الحدَث بنفسه". شرح الألفيّة 137. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 575 ومن هذه أفعال يجوز أن تجري على القياس فتكتفي بالإسناد إلى الفاعل، وتُسمّى حينئذٍ تامّة، بمعنى: أنّها لم تحتج1 إلى خبر، وذلك نحو قوله تعالى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ} 2، وقوله تعالى: {فَسُبْحَانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ} 3، ومنه قولُ الشّاعر: وَبَاتَ وَبَاتَتْ لَهُ لَيْلَةٌ4 ... ..........................   1 في ب: تحتاج. 2 من الآية: 280 من سورة البقرة. 3 سورة الرّوم، الآية: 17. 4 هذا صدرُ بيتٍ من المتقارِب، وعجُزه: كَلَيْلَةِ ذِي العَائِرِ الأَرْمَدِ وهو لامرئ القيس بن عانس، وقيل: لامرئ القيس الكِنديّ، وقيل: لعمرو بن معدي كرِب، وقيل: لغيرهم. و (العائِرُ) : هو القذى تدمَعُ له العين؛ ويُقال: هو نفس الرّمد. والشّاهد فيه: (وبات) فقد جاءت (بات) تامّة. أمّا (وباتت له ليلة) فإنّ (بات) ناقصة، واسمها (ليلة) وخبرها (له) . يُنظر هذا البيت في: ابن النّاظم 137، وتخليص الشّواهد 243، وأوضح المسالك 178، والمقاصد النّحويّة 2/30، والتّصريح 1/191، والأشمونيّ 1/236، وشرح شواهد المغني 2/732، وديوان امرئ القيس 185، وملحق ديوان عمرو بن معدي كَرِب 200. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 576 وَإِنْ تَقُلْ: يَا قَوْمِ قَدْ كَانَ الْمَطَرْ ... فَلَسْتَ تَحْتَاجُ لَهَا إِلَى خَبَرْ وَهَكَذَا يَصْنَعُ كُلُّ مَنْ نَفَثْ ... بِهَا إِذَا جَاءَتْ وَمَعْنَاهَا حَدَثْ (كان) لها أربعة أقسام: تكون ناقصة، وتكون زائدة، وتكون بمعنى (صار) ، [93/ب] وتكون تامّة. والنّاقصة1 على ضربين: الأوّل: كقولك: (ما كان زيدٌ قائمًا) ؛ فهذه مسلوبة المصدر، ولا تدلّ على الحدَث، ولا تعمل في الفضلات من الحال، ولا الظّرفين - عند المحقّقين -، وأنّه لا يجوز حذف منصوبها، ولا يُبنى [منها] 2 ما لم يسمّ فاعله، وأنّها يجوز حذف نون مستقبلها في بعض الأحوال3. الثّاني4: كقولك: (ما كان زيدٌ قائم) - بالرّفع - على إسناد الفعل   1 في ب: فالنّاقصة. 2 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 3 يجوز حذف نون المضارِع بشرط أن يكون مجزومًا بالسّكون، وألاّ يليه ساكن، ولا ضميرٌ متّصل، وألاّ يكون موقوفًا عليه، نحو: {وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا} [مريم:20] . يُنظر: أوضح المسالك 1/191، والتّصريح 1/196، والأشمونيّ 1/245. 4 وبعضُ النُّحاة يفردها بالذِّكر، ويجعلها قسمًا قائمًا بنفسه؛ "لأنّ لها أحكامًا تنفرد بها وتخالِف فيها النّاقصة؛ وذلك أنّ اسم هذه لا يكون إلاّ مضمَرًا، وتلك يكون اسمها ظاهرًا ومضمَرًا؛ والمُضمَر هُنا لا يعود إلى مذكور، ومن تلك يعود إلى مذكور؛ ولا يُعطف على هذا الضّمير، ولا يؤكَّد، ولا يبدل منه، بخلاف تلك؛ ولا يكون الخبر هنا إلا جملة على المذهب، وتلك يكون خبرها جملة ومفرَدًا؛ والجملة في خبر هذه لا تفتقر إلى عائد يعود منها إلى المخبَر عنه، وفي تلك يجب أن يكون فيها عائد؛ فلمّا خالفتها في هذه الأحكام جعلت قسمًا قائمًا بنفسه. وقد كان ابن درستويه يذهب إلى أنّ هذا القسم من قبيل التّامّة الّتي ليس لها خبر، ولا تفتقر إلى مرفوع". شرح المفصّل 7/101. ويُنظر: أسرار العربيّة 135، وابن النّاظم 139. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 577 إلى ضمير الشّأن والقصّة1، والجملة بعده خبر؛ كما إذا وقع المبتدأ والخبر بعده مرفوعين2، ومنه قولُ الشّاعر: إِذَا مُتُّ كَانَ النَّاسُ نِصْفَانِ شَامِتٌ ... وَآخَرُ مُثْنٍ بِالَّذِي كُنْتُ أَصْنَعُ3 فهذه الجملة لا يجوز أن تتقدّم على (كان) ، ويجو في الأولى؛ وهذه   1 في أ: الصّفة، وهو تحريف. 2 في ب: فرعين، وهو تحريف. 3 هذا بيتٌ من الطّويل، وهو للعجير السّلوليّ. والشّاهد فيه: (كان النّاس نصفان) حيث جاء اسم (كان) ضمير الشّأن، وخبرها الجملة الاسميّة (النّاس نصفان) . يُنظر هذا البيت في: الكتاب 1/71، ونوادر أبي زيد 156 - وفيه (كان النّاسُ نصفين) ولا شاهد فيه على هذه الرّواية -، والجمل 50، واللّمع 89، وأمالي ابن الشّجريّ 3/116، وأسرار العربيّة 136، وكشف المشكِل 1/324، وشرح المفصّل 1/77، 3/116، 7/100، وابن النّاظم 139، وتخليص الشّواهد 246، وشعرُه - ضمن مجلّة المورِد، المجلّد الثّامن، العدد الأوّل - 225 - وفيه (نصفين) بدل (نصفان) ولا شاهد فيه على هذه الرّواية -. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 578 لا تحتاج فيها إلى عائد، وتحتاج في الأخرى. والتّامّة تتميّز1 عن النّاقصة بأشياء: منها: أنّها تحتاجُ2 إلى اسم واحد يكون فاعلاً، وأنّها فعل حقيقيّ يدلّ على الزّمان والحدَث، كالحدوث3 والوُقوع. ومنها: أن يستعمل منها المصدر المنصوب؛ كقولك: (كان، يكون، كونًا) بمنزلة حدث، حُدوثًا، ومنه4 قولُ الشّاعر: إِذَا كَانَ الشِّتَاءُ فَأَدْفِئُونِي ... فَإِنَّ الشَّيْخَ يَهْدِمُهُ الشِّتَاءُ5 [94/أ] وأمّا الزّائدة فإنّها لا تحتاج إلى اسمين، ولا إلى اسم واحد؛ فهي تقع [في] 6 وسط الكلام وآخره لا أوّله؛ ولا يتصرّف فيها بمستقبل7 ولا أمرٍ،   1 في أ: قسمين، وهو تحريف. 2 في أ: يحتاج، وهو تصحيف. 3 في أ: كالحدث. 4 لعلّ الضّمير في (ومنه) يقصد به مجيء (كان) تامّة، وإنْ كان في ظاهره يجعل البيت غير موافق لِمَا قبله في الاستشهاد. 5 هذا بيتٌ من الوافر، وهو للرّبيع بن ضَبْعُ الفزاريّ. والشّاهد فيه: (إذا كان الشّتاء) حيث جاءت (كان) تامّة بمعنى (حَدَثَ) . يُنظر هذا البيتُ في: الجمل 49، والأزهيّة 184، وأسرار العربيّة 135، وشرح التّسهيل 1/342، والبسيط 2/739، واللّسان (كون) 13/365، وشرح شذور الذّهب 332، والهمع 2/82، والخزانة 7/381، والدّرر 2/60. 6 ما بين المعقوفين ساقطٌ من ب. 7 في ب: لا بمستقبل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 579 ولا نهيٍ، ولا اسم فاعلٍ. وتتعيّن زيادتها إذا وقعت بين (ما) وفعل التّعجُّب، نحو: (ما كان أحسنَ زيدًا) 1، وبين الجارّ والمجرور، كقول الشّاعر: سَرَاةُ بَنِي [أَبِي] 2 بَكْرٍ تَسَامَى ... عَلَى كَانَ المُسَوَّمَةِ العِرَابِ3 و [نَدَر] 4 زيادتها بلفظ المضارِع، كقول أُمِّ عَقِيل5:   1 وتتعيّن زيادتها - أيضًا - إذا وقعت بين المسند والمسند إليه، كقوله: (أو نبيّ كان موسى؟) . ابن النّاظم 139، 140. 2 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 3 هذا بيتٌ من الوافر، ولم أقف على قائله. و (سراة) جمع سري: الماجد الشّريف. و (تسامى) : أصلُه تتسامى، والمسوّمة: الخيل الّتي جعلت لها علامة ثم تُركت في المرعى. و (العِراب) : هي خلاف البراذين والبخاتي. والمعنى: إنّ سادات بني أبي بكر ليركبون الخيول العربيّة الّتي جُعلت لها علامة تتميّز بها عمّا عداها من الخيول. والشّاهد فيه: (على كان المسوّمة) حيث زاد (كان) بين الجارّ والمجرور. يُنظر هذا البيت في: اللّمع 89، والأزهيّة 187، وأسرار العربيّة 136، وشرح المفصّل 7/98، وشرح الكافية الشّافية 1/412، وابن النّاظم 140، ورصف المباني 218، واللّسان (كون) 13/370، وتخليص الشّواهد 252، والخزانة 9/207. 4 ما بين المعقوفين زيادةٌ يقتضيها السّياق. 5 هي فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف، أم عليّ بن أبي طالب - رضي الله عنه -: أسلَمت، وهاجرت إلى المدينة، وتوفّيت بها؛ كانت ذات صلاح ودين، وراوية من راويات الحديث؛ وهي أوّل هاشميّة وَلدت هاشميًّا. يُنظر: الاستيعاب 4/445، 446، وسير أعلام النّبلاء 2/118، وأعلام النّساء 4/33. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 580 أَنْتَ تَكُونُ مَاجِدٌ جَلِيلٌ1 ... .................................. وشَذَّ زيادة (أصبح) و ( [أمسى] 2) في قولهم: (مَا أَصْبَحَ أَبْرَدَهَا، وَمَا أَمْسَى أَدْفَأَهَا!) 3. والّتي بمعنى (صار) ، كقول4 الشّاعر: ثُمَّ كَانُوا5 كَأَنَّهُمْ وَرَقٌ جَـ ... ـفَّ فَأَلْوَتْ بِهِ الصَّبَا وَالدَّبُورُ6   1 في ب: خليل، وهو تصحيف. وهذا البيتُ من الرّجز المشطور، وبعده: إِذَا تَهُبُّ شَمْأَلٌ بَلِيلُ و (ماجد) : كريم. و (شمأل) : هي ريح تهبّ من ناحية القطب. و (بليل) رطبة نديّة. والشّاهد فيه: (أنت تكون ماجد) حيث زيد المضارع من (كان) بين المبتدأ وخبره، والمشهور الزّيادة بلفظ الماضي؛ لأنّ الماضي شبيهٌ بالحرف لبِنَائه، والحرف يقع زائدًا في المشهور. يُنظر هذا البيتُ في: شرح التّسهيل 1/362، وابن النّاظم 140، وتخليص الشّواهد 252، وابن عقيل 1/270، والمقاصد النّحويّة 2/39، والتّصريح 1/191، والهمع 2/99، والأشمونيّ 1/241، والخزانة 9/225، 226، والدّرر 2/78. 2 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 3 قال ابن مالكٍ بعد أن ذكر هذا القول: (يعنون الدّنيا؛ روى ذلك الكوفيّون) . شرح الكافية الشّافية 1/413، 414. ويُنظر هذا القولُ في: ابن النّاظم 140، وتخليص الشّواهد 252، والهمع 2/100، والأشمونيّ 1/241. 4 في ب: كقول الشّاعر المتقدِّم ذكره. 5 في أ: ثم صار، وهو تحريف. 6 تقدّم تخريج هذا البيت في ص 572. والشّاهد فيه هُنا: (ثمّ كانوا كأنّهم) حيث جاءت (كان) بمعنى (صار) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 581 وإذا اجتمع في باب (كان) النّاقصة معرفة ونكرة؛ فالاسم المعرفة، والخبر النّكرة، كالحكم1في المبتدأ. وأنت مخيّرٌ إذا كانا معرفتين في جعلك أيّهما شئت الاسم والآخر الخبر؛ للتّساوي في التّعريف إلاّ أن يكون [94/ ب] أحدهما أعرف من الآخر، كالضّمير2 مع العلم، والعلم مع المُبْهَم، والمُبْهَم مع المعرّف بالألف واللاّم، والألف واللاّم مع المضاف. فقولُك3: (كان زيدٌ صديقك) أحسن من قولك: (كان صديقك زيدًا) ، وعلى ذلك يُقاسُ الباقي. ويكونان مختلفين؛ أحدهما معرفة، والآخر نكرة؛ فإنْ كان الكلام نَثْرًا لم يكن الاسم إلاّ معرفة، وإنْ كان شعرًا جاز أن يجعل4 الاسم [نكرة] 5 والخبر معرفة للضّرورة، كقول حسّان بن ثابت [رضي الله عنه] 6: كَأَنَّ سَبِيئَةً مِنْ بَيْتِ رَأْسٍ ... يَكُونُ مِزَاجَهَا عَسَلٌ وَمَاءُ7   1 في أ: كالحلم، وهو تحريف. 2 في ب: كالمضمر. 3 في أ: كقولك. 4 في أ: تجعل. 5 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 6 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 7 هذا بيتٌ من الوافر. و (السّبيئة) : الخمر الّتي تُسبَأُ، أي: تُشتَرى؛ ورواه الأعلم: (كأنّ سُلافة) والسُّلافة: الخمر، أو خُلاصة الخمر، أو ما سال من العِنَب قبل العصر؛ وذلك أخلصها؛ وروي ـ أيضًا ـ: (كأنّ خبيئة) والخبيئة هي: الخمر المخبّأة المضنون بها. و (بيتُ رأس) : موضع بالشّام، وقيل رأس: اسمُ خمّار معروف. يُنظر هذا البيت في: الكتاب 1/49، والمقتضب 4/92، والأصول 1/67، 83، والجمل46، والمحتسب 1/279، والمقتصد 1/404، وشرح المفصّل 7/93، وشرح التّسهيل 1/356، والمغني 591، والخزانة 9/224، والدّيوان 1/17. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 582 وفي هذا البيتُ ثلاث روايات: رفعُ (العسل) و (المزاج) ؛ وهذا على ضمير الشّأن والقصّة1.   1 وهو مذهب السّيرافيّ وغيره، على أنّ اسم (يكون) ضمير الأمر والشّأن، وما بعدها مبتدأ وخبر، والجملة في محلّ نصب خبر (يكون) . وأجاز ابن هشام اللّخميّ، والسّيرافيّ، وابن السّيّد أيضًا تخريجًا آخر؛ على أن يجعل اسم (يكون) ضمير (سبيئة) ، و (مزاجها عسل) في موضع الخبر؛ أو أنّ الخبر مقدّم عليها وهو: (من بيت رأس) ، وجملة: (تكونُ من بيت رأس) صفةً أولى (لسبيئة) ، وجملة (مزاجها عسل) صفة ثانية لها؛ وعلى هذين القولين يُقال: (تكون) بالتّاء؛ لأنّ اسمها سيكون ضميرًا مستترًا يعود إلى مؤنّث، فيجب تأنيث الفعل له، ولا يجوز تذكيره إلاّ في الضّرورة. وذهب أبو البقاء، وابن السّيّد ـ أيضًا ـ إلى أن (يكون) زائدة، مع كونها بلفظ المضارِع، و (مزاجُها عسل) مبتدأ وخبر. وخطّأ ابن هشام هذا التّوجيه؛ لأنّ (كان) لا تزاد بلفظ المضارع بقياس؛ ولا ضرورة لدعوى ذلك هُنا. يُنظر: شرح أبيات سيبويه للسّيرافيّ 1/51، والإفصاح 62، 63، 64، والمغني 912، والخزانة 9/224، 225. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 583 ويروى برفع (المزاج) ونصب (العسل) ، و (الماء) مرفوع بتقدير فعلٍ، والتّقدير: خالطها ماء1. الثّالثة: ما عليه البيت2؛ وفيه قولٌ لأبي عليّ الفارسيّ يخرجه3 من حيّز الضّرورة، قال4: "مزاجُها ينتصب5 على الظّرف6 تشبيهًا، وإذا كان ظرفًا لم ينتصب7بـ (كان) وجرى مجرى: عندك8 رجل؛   1 وهي رواية أبي عثمان المازنيّ، حيث جعل (مزاجها) الاسم، ونصب (عسلاً) على الخبر؛ فقال: ((يكون مزاجُها عسلاً، ورفع (ماء) بفعل مضمَر دلّ عليه الكلام، كأنّه قال: وخالطها ماء)) . يُنظر: المقتضب 4/92، وشرح أبيات سيبويه للسّيرافيّ 1/51، والمقتصد 1/404، والإفصاح 64، والخزانة 9/227، والحُلل في شرح أبيات الجُمل 49. 2 أي: نصب (مزاجها) خبرًا لـ (كان) مقدّمًا، وهو معرفة، ورفع (عسل) وما عُطف عليه اسمًا لـ (كان) مؤخّرًا مع كونه نكرة. يُنظر: الكتاب 1/47، وتحصيل عين الذّهب 78، وشرح أبيات سيبويه للسّيرافيّ 1/50، 51، والإفصاح 63، والخزانة 9/226، 281. وهُناك تخريجٌ آخر على هذه الرّواية على أنّ الشّاعر أراد (مزاجًا لها) فنوى بالإضافة الانفصال، فأخبر بنكرة عن نكرة. يُنظر: الحُلل في شرح أبيات الجُمل 48، والخزانة 9/283. 3 في أ: تخريجه. 4 لم أجد هذا القول فيما وقفت عليه من كتبٍ لأبي عليّ الفارسيّ. ويُنظر: شرح الجمل لابن با بشاذ جـ1/ ق 50/أ، والحُلل في شرح أبيات الجُمل 48، والمغني 912، والخزانة 9/283، 284. 5 في ب: نصب. 6 في ب: الظّرفيّة. 7 في ب: ينصب. 8 في أ: كان عندك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 584 فكأنّه يقول: يكون عسل وماء [في] 1 مزاجها". [أو هو] 2 منصوبٌ بـ (كان) [95/أ] نفسها؛ وهو معرفة بمنزلة [قولك] 3: حالها أو جملتها؛ و (العسل) و (الماء) جنسان؛ فلم يُرد عسلاً من الأعسال ولا ماءً من المياه؛ فصارا4 في حكم المعرفة، ومنه قولُ الآخر: قِفِي قَبْلَ التَّفَرُّقِ يَا ضُبَاعَا ... و َلاَ يَكُ مَوْقِفٌ مِنْكِ الْوَدَاعَا5 فلمّا نعت (الموقف) بـ (منك) تقرّب من المعرفة، و (منك) متعلّق باستقرارٍ محذوفٍ. وَالْبَاءُ تَخْتَصُّ بِلَيْسَ فِي الْخَبَر ... كَقَوْلِهِمْ: لَيْسَ الْفَتَى بِالْمُحْتَقَرْ   1 ما بين المعقوفين زيادة يقتضيها السّياق. 2 ما بين المعقوفين زيادة يقتضيها السّياق. 3 ما بين المعقوفين زيادة يقتضيها السّياق؛ وهي من شرح الجمل لابن بابشاذ. 4 في كلتا النّسختين: فصار؛ والأولى إثبات ألف الاثنين في الفعل؛ لأنّ الحديث عن العسل والماء. 5 هذا بيتٌ من الوافر، وهو للقطاميّ. و (ضباعا) : ترخيم ضُباعة: اسم امرأة؛ وهي: ضُباعة بنت زفر بن الحارث الكلابيّ. والشّاهد فيه: (ولا يكُ موقفٌ منك الوداعا) حيث جعل اسم (يَكُ) نكرة وهو (موقف) وخبرُها معرفة وهو (الوداعا) ؛ وهذا يجوز في ضرورة الشّعر فقط، وحسّن ذلك وصف (الموقف) بالجارّ والمجرور الّذي هو (منك) ؛ والتّقدير: موقفٌ كائنٌ منك؛ والنّكرة إذا وصفت قربت من المعرفة. يُنظر هذا البيتُ في: الكتاب 2/243، والمقتضب 4/94، والأُصول 1/83، والجمل 46، واللّمع 87، وشرح المفصّل 7/91، وشرح التّسهيل 1/356؛ والمغني 591، والهمع 2/96، والخزانة 9/284، والدّيوان 37. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 585 (ليس) لا نظير له في1 الأفعال؛ لأنّه فعلٌ ثُلاثيّ، ياؤُه ساكنة؛ ويختصّ2 بدخول (الباء) في خبره، كقوله تعالى: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ} 3؛ فالجارّ والمجرور في موضع نصبٍ4. وقد تُزاد هذه الباء في خبر (كان) إذا دخل عليها (ما) ، كقولك: (ما كان زيدٌ بخارج) فإنْ عطفت على الخبر5 جاز في المعطوف الجرُّ على اللّفظ، كقولك: (ليس زيد بكاتبٍ ولا فقيهٍ) ، والنّصبُ على الموضع6، كقول الشّاعر: مُعَاوِيَ إِنَّنَا بَشَرٌ فَأَسْجِحْ ... فَلَسْنَا بِالْجِبَالِ وَلاَ الْحَدِيْدَا7   1 في أ: من. 2 أي: عن بقيّة الأفعال لا مطلقًا. 3 من الآية: 172 من سورة الأعراف. 4 وهو خبرُ ليس. 5 أي: خبر ليس المجرور بـ (الباء) . 6 فتجرّ (فقيه) عطفًا على لفظ (كاتب) ، وتنصب (فقيه) عطفًا على موضع كاتب. 7 هذا بيتٌ من الوافر، وهو لعُقَيْبَة الأسديّ. و (معاوي) : ترخيم معاوية بن أبي سفيان. و (أسجح) : أرفق وسهّل. والشّاهد فيه: (ولا الحديدا) حيث عطف على خبر ليس المجرور بالنّصب، وهذا العطف على الموضع. يُنظر هذا البيتُ في: الكتاب 1/67، والمقتضب 2/338، 4/112، وسرّ صناعة الإعراب 1/131، وأمالي القالي 1/36، والإنصاف 1/332، وشرح المفصّل4/9، ورصف المباني 202، واللّسان (غمر) 5/389، والمغني 621، والخزانة 2/260. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 586 بَابُ مَا الَّتِي تَعْمَلُ عَمَلَ لَيْسَ: 1 وَمَا الَّتِي تَنْفِي كَلَيْسَ النَّاصِبَهْ ... فِي قَوْلِ سُكَّانِ الْحِجَازِ قَاطِبَهْ فَقَوْلُهُمْ: مَا عَامِرٌ مُوَافِقًا ... كَقَوْلِهِمْ: لَيْسَ سَعِيدٌ صَادِقًا [95/ ب] (ما) في لغة أهل الحجاز ترفع الاسم وتنصب الخبر إذا كان الخبر مؤخّرًا منفيًّا؛ لأنّهم شبّهوها بـ (ليس) ، نحو قوله تعالى: {مَا هَذَا بَشَرًا} 2، وقولُه تعالى: {مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ} 3. وفي لغة بني تميم لا تعمل شيئًا، فيرفع ما بعدها بالابتداء والخبر؛ فهي عندهم كحروف الاستفهام الدّاخلة على الاسم والفعل4؛ فليس عملها في أحدهما بأولى من الآخر. وشَبَهُها بـ (ليس) من ثلاثة أوجُهٍ؛ وهي: دخولها على المبتدأ والخبر، وكونها5 للنّفي، وكون النّفي نفي حالٍ. ومن شرط إعمالها: فقدان الزّيادة6، وبقاء النّفي7؛ فإن وُجدت   1 في أ: الّتي بمعنى ليس. 2 من الآية: 31 من سورة يوسف. 3 من الآية: 2 من سورة المجادلة. 4 ولأنّ (ما) حرف غير مختصّ؛ لدخوله على الاسم، نحو: (ما زيدٌ قائم) ، وعلى الفعل، نحو: (ما يقوم زيد) وما لا يختصّ فحقّه ألاّ يعمل. ابن عقيل 1/279. 5 في أ: كونهما. 6 في ب: الزّائدة. 7 وتأخير الخبر. يُنظر: ابن النّاظم 145. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 587 قبل (إِنْ) ، كقول الشّاعر: بَنِي غُدَانَةَ مَا إِنْ أَنْتُمُ ذَهَبٌ ... وَلاَ صَرِيفٌ وَلَكِنْ أَنْتُمُ خَزَفُ1 بطل العمل لضعف شبهها بـ (ليس) . ومتى انتقض النّفي بحرف الاستثناء2، نحو قوله تعالى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ} 3؛ بطل عملها لبُطلان معناها. ولا يجوز4 تقديم [معمول] 5 خبرها علىاسمها إلاّ إذا كان ظرفًا [96/أ]   1 هذا بيتٌ من البسيط، ولم أقف علىقائله. و (غدانة) : حيّ من يربوع. و (صريف) : الفضّة. و (خزف) : فَخَار. والشّاهدُ فيه: (ما إنْ أنتم ذهب) حيث زيدت (إنْ) بعد (ما) فبطل عملها. يُنظر هذا البيتُ في: شرح عمدة الحافظ 1/214، وابن النّاظم 145، واللّسان (صرف) 9/190، والجنى الدّاني 328، وتخليص الشّواهد 277، والمقاصد النّحويّة 2/91، والتّصريح 1/196، والهمع 2/112، والأشمونيّ 1/247، والخزانة 4/119. 2 الّذي هو (إِلاّ) . 3 من الآية: 144 من سورة آل عمران. 4 لا يجوز تقديم خبرها على اسمها؛ لأنّ (ما) عامل ضعيف لا قوّة لها على شيء من التّصرّف؛ فلذلك لم تعمل حال تقدّم خبرها على اسمها إلاّ فيما ندر من قول الفرزدق: فَأَصْبَحُوا قَدْ أَعَادَ اللهُ نِعْمَتَهُمْ ... إِذْ هُمْ قُرَيْشٌ وَإِذْ مَا مِثْلَهُمْ بَشَرُ ينظر: ابن النّاظم 146. 5 ما بين المعقوفين زيادة يقتضيها السّياق؛ وهي من ابن الناظم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 588 أو حرف جرّ؛ تقول: (ما زيدٌ آكِلاً طعامك) ولو قدّمت (الطّعام) على (زيد) لم يجز [إلاّ أن] 1 ترفع الخبر، [نحو] 2: (ما طعامك زيدٌ آكل) ، ومنه قولُ الشّاعر: وَقَالُوا تَعَرَّفْهَا3 المَنَازِلَ مِنْ مِنًى ... وَمَا كُلُّ مَنْ وَافَى مِنًى أَنَا عَارِفُ4 وتقولُ: (ما عندك زيد مقيمًا، وما بي أنت معنيًّا) - بالتّقديم5-؛   1 ما بين المعقوفين ساقطٌ من ب. 2 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 3 في أ: أتعرفها. 4 هذا بيتٌ من الطّويل، وهو لمزاحم بن الحارث العقيليّ. و (تعرّفها) : تطلب معرفتها، وأسأل النّاس عنها. (ومنى) : مكانٌ معروف قريبٌ من مكّة. والشّاهد فيه: (ما كلّ مَن وافى منى أنا عارف) على رواية نصب (كلّ) حيث أبطل الشّاعر عمل (ما) النّافية فرفع بعدها المبتدأ والخبر جميعًا؛ وهُما: (أنا عارف) ؛ لأنّ معمول الخبر - وهو: (كلّ مَن وافى منى) قد تقدّم على المبتدأ؛ وهذا المعمول ليس ظرفًا ولا جارًّا ومجرورًا. ويجوز على رواية رفع (كلّ) أن تكون (ما) مهملة، وأن تكون عاملة؛ لأنّه لم يتقدّم فيها معمول الخبر. يُنظر هذا البيتُ في: الكتاب 1/72، والخصائص 2/354، وابن النّاظم 147، واللّسان (عرف) 9/237، وأوضح المسالك 1/201، والمقاصد النّحويّة 2/98، والتّصريح 1/198، والأشباه والنّظائر 2/233، والأشمونيّ 1/249. 5 أي: تقديم معمول خبر (ما) على اسمها؛ أجازوا ذلك في الظّرف والجارّ والمجرور. ابن النّاظم: 147. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 589 لأنّ الظّرف والجارّ والمجرور [يتوسّع بهما في الكلام ما لا] 1 يتوسّع بغيرهما. ولا يجوز نصب المعطوف بـ (لكن) ولا بـ (بل) على خبر (ما) ؛ لأن المعطوف بهما موجِب، و (ما) لا يَنصب الخبر [إلاّ] 2 إذا كان منفيًّا3. فإذا عطف بهما على خبر (ما) وجب رفع المعطوف؛ لكونه خبر مبتدأ محذوف، تقول: (ما زيدٌ قائمًا بل قاعد) و (ما عمرو شُجاعًا لكن4 كريم) . المعنى: بل هو قاعد، ولكن هو كريم. وقد تُزاد (الباء) الجارّة في الخبر بعد (ما) ؛ توكيدًا للنّفي، كقوله تعالى: {وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ} 5. وقد تُزاد في الخبر بعد (لا) ، كقولك: (لاَ خَيْرَ بِخَيْرٍ بَعْدَهُ6 النَّارُ) 7.   1 ما بين المعقوفين ساقطٌ من ب. 2 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 3 في كلتا النّسختين: نفيًا، والصّواب ما هو مثبَت كما في ابن النّاظم 148. 4 في كلتا النّسختين: بل، والصّواب ما هو مثبَت؛ كما يتّضح من تفسير الشّارح فيما بعده. 5 من الآية: 132 من سورة الأنعام. 6 في ب: بعد. 7 هذا الشّاهد من خطبة لأبي بكر الصّدّيق - رضي الله عنه -. يُنظر: تاريخ الطّبريّ 3/225. وفي هذا الشّاهد قولان: أحدُهما: أنّ قوله (بخير) خبر (لا) ، و (بعده) صفة الخبر، والباء بمعنى في. والثّاني: أنَّ (بعده) صفة اسم (لا) ، و (بخير) خبره مقدّم، والباء زائدة، والتّقدير: لا خيرَ بعدَه النّارُ خيرٌ. يُنظر: اللُّباب في علل البناء والإعراب 1/246. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 590 وتُزاد بعد (لم) 1، كقوله تعالى: {أَوَ لَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ [وَلَمْ يَعْىَ بِخَلْقِهِنَّ] 2 بِقَادِرٍ} 3، ومنه4 قولُ الشّاعر: دَعَانِي أَخِي وَالْخَيْلُ بَيْنِي وَبَيْنَهُ ... فَلَمَّا دَعَانِي لَمْ يَجِدْنِي بِقُعْدَُدِ5 [96/ب]   1 في أ: كم، وهو تحريف. وقد أورد ابن مالكٍ هذه الآية فقال: "ومثال دخولها بعد (أنّ) المسبوقة بـ (أو لَمْ يروا) ، قوله تعالى ... ". وذكر الآية، ثمّ قال: "وهذا من إجراء الشّيء على ما هو في معناه؛ لأنّ معنى: {أَوَ لَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ} أو ليس الله". شرح التّسهيل 1/383. 2 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 3 من الآية: 33 من سورة الأحقاف. 4 هذا مثال دخولها بعد نفي فعل ناسخ للابتداء. 5 هذا بيتٌ من الطّويل، وهو لدُريد بن الصّمّة. و (القُعْدَُدُ) : الجبان اللّئيم، القاعد عن المكارِم والخامل. والشّاهدُ فيه: (لم يجدني بقعدد) حيث دخلت الباء الزّائدة على مفعول (وجد) الثّاني؛ لنفي النّاسخ. يُنظر هذا البيت في: شرح التّسهيل 1/383، وابن النّاظم 149، واللّسان (قعد) 3/362، وتخليص الشّواهد 286، والمقاصد النّحويّة 2/121، والتّصريح 1/202، والهمع 2/127، والأشمونيّ 1/251، والدّيوان 48. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 591 فَصْلٌ: [ (ما) كلمةٌ] 1 تُستعمل2 اسمًا وحرفًا؛ وأقسامُها عشرة: خمسة منها أسماء، وخمسة [منها] 3 حروف. فالأسماء هي: أنْ تكون استفهامًا، كقوله تعالى: {مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} 4، أو شرْطًا، كقوله تعالى: {وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللهُ} 5، أَوْ تَعَجُّبًا، كقوله تعالى: {فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ} 6، أو بمعنى الّذي، كقوله تعالى: {مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللهِ بَاقٍ} 7، أو نكرة موصوفة، كقول ابن دُرَيْد8:   1 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 2 في أ: وتستعمل. 3 ما بين المعقوفين ساقطٌ من ب. 4 من الآية: 75 من سورة ص. 5 من الآية: 197 من سورة البقرة. 6 من الآية: 175 من سورة البقرة. 7 من الآية: 96 من سورة النّحل. 8 هو: محمّد بن الحسن بن دُرَيْد، أبو بكر الأزديّ، اللّغوي: وُلد بالبصرة سنة (223هـ) ، ونشأ بعُمان، وتنقّل في الجزائر البحريّة ما بين البصرة وفارس؛ وطلب الأدب، وعلم النّحو واللّغة؛ كان من أحفظ النّاس، وأوسعهم علمًا، وأقدرهم على الشّعر؛ ومن مصنّفاته: الجمهرة، والاشتقاق، والملاحِن، والمقصورة؛ توفّي سنة (321هـ) . يُنظر: مراتب النّحويّين 135، وإنباهُ الرُّواة 3/92، وإشارة التّعيين 304، وبُغية الوُعاة 1/76. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 592 فَكُلُّ مَا لاَقَيْتُهُ مُغْتَفَرٌ ... فِي جَنْبِ مَا أَسَأَرَهُ شَحْطُ النَّوَى1 والحروف: إذا كانت نافية بمعنى (ليس) ، كقوله تعالى: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ} 2. أو كافّة؛ وهي الّتي تدخل على (رُبّ) 3، [كقوله تعالى: {رُّبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ} 4] 5، و (إنّ) وأخواتها6. أو زائدة؛ وتقع كثيرًا بين الجارّ والمجرور، كقوله تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ   1 هذا بيتٌ من الرّجز. و (مغتفر) أي: متجاوَزٌ عنه متروك. و (أسأره) : أبقى له؛ والسّؤر مهموز: البقيّة من الشّيء. و (الشّحط) : البعد. و (النّوى) : التّفرّق والبُعد. والتّميثيل به في: (فكلّ ما لاقيته) على أنّ (ما) نكرة موصوفة، أي: فكلّ شيء لاقيتُه مغتفر. يُنظر هذا البيت في: شرح مقصورة ابن دُريد 23، وديوان ابن دُريد 116. 2 من الآية: 7 من سورة آل عمران. 3 أي: التّالية لـ (رُبّ) فتكفّها عن طلب الاسم، وتوقع بعدها الفعل. 4 من الآية: 2 من سورة الحِجر. 5 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 6 فتكفّها عن نصب المبتدأ، كقوله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} [الأنبياء:108] ، وقوله تعالى: {إِنَّمَا اللهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ} [النّساء:171] . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 593 اللهِ لِنتَ لَهُمْ} 1؛ وقد زيدت بين (قَدْ) والفعل في رواية مَنْ رَوَى2 قَوْلَ الشَّاعِرِ: وَقَدْ مَا هَاجَنِي فَازْدَدَتُ شَوْقًا ... بُكَاءُ حَمَامَتَيْنِ تَجَاوَبَانِ3 أي: وقد هاجني. أو مهيّئة لإعمال اسم4، أو فعل، أو حرف، لِمَا [لَمْ] 5 يكن له من العمل [97/أ] والاتّصال، كـ (إذْ ما) 6، و (حيثما) فلولاها لم يكونا من أدوات الشّرط، وقلّما يفعل ذلك؛ فبدخولها جاز أن تلي الفعل، و {رُّبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا} 7 فيها أتى الفعل بعد (رُبّ) أيضًا.   1 من الآية: 159 من سورة آل عمران. 2 وهي رواية أبي الحسن الأخفش. يُنظر: الكامل 1/191، والعقد الفريد 5/414. 3 هذا بيتٌ من الوافر، وهو لجَحْدَر بن معاوية المحرزيّ. والشّاهد فيه: (وَقَدْ مَا هَاجَنِي) حيث زيدت (ما) بين (قد) والفعل على هذه الرّواية. يُنظر هذا البيت في: الوحشيّات 183، والكامل 1/191، والعقد الفريد 5/414، وأمالي القالي 1/282، والتّذكرة الحمدونيّة 8/15، والحماسة البصريّة 2/98، وشرح شواهد المغني 1/408، وشعره - ضمن شعراء أمويّون - 1/184. وهُناك رواية أُخرى في البيت: (وَقِدْمًا) ولا شاهد فيه على هذه الرّواية. 4 في ب: الاسم. 5 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 6 في ب: كإذ. 7 من الآية: 2 من سورة الحِجر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 594 واختلف في [ (ما) ] 1 المصدريّة [الّتي تقدّر هي وما عملت فيه بالمصدر] 2؛ لاتّصالها بالفعل، كقولك: (أعجبني ما صنعتَ) تقديرُه: أعجبني صنعُك. فقيل فيها3: اسم. وقيل: حرف4. والأوجَهُ أنّها اسم.   1 ما بين المعقوفين ساقطٌ من ب. 2 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 3 في أ: فيهما. 4 القول باسميّتها مذهب الأخفش، وابن السّرّاج، وجماعة من الكوفيّين؛ فتفتقر إلى ضمير. وعند سيبويه، والمبرّد، وجمهور البصريّين، أنّها حرفٌ؛ فلا يعود عليها ضمير من صلتها. يُنظر: الكتاب 2/326، 3/11، ومعاني القرآن للأخفش 1/196، والمقتضب 3/200، والأصول 1/161، وشرح الرّضيّ 2/54، ورصف المباني 381، والجنى الدّاني 332، والمغني 402، والهمع 1/281. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 595 بَابُ النِّدَاءِ: وَنَادِ مَنْ تَدْعُو بِيَا أَوْ بِأَيَا ... أَوْ هَمْزَةٍ أَوْ أَيْ وَإِنْ شِئْتَ هَيَا النِّدَاء: أحد معاني الكلام؛ وهو: ما يتألّف من حرف واسم؛ وهو منفردٌ بهذا التّأليف1؛ وجاز ذلك لكون2 حرف النّداء نائبا عن الفعل، فتنزّل3 منزلة الكلام المؤتلف من اسم وفعل4. وقال أبو عليّ الفارسيّ5: "النِّداء خبَرٌ من وجه، وغير خبرٍ من وجه؛ لأنّه مع الصّفات بمنزلة الأخبار، ومع غير الصّفات بمنزلة [غير] 6 الأخبار؛ فإذا قلت لإنسانٍ: (يا صادق) أو (يا كاذب) صلح أن يُجاب هذا بصدق، أو كذب؛ فكان خبرًا من هذا الوجه؛ وليس كذلك إذا قلت: (يا زيدٌ) و (يا عمرٌو) ". وحروف النّداء خمسة7؛ وهي: (يا) و (أيا) و (أي) و (هيا) [97/ب] و (الهمزة) .   1 قال ابن يعيش 1/20: "لم يُفد الحرف مع الاسم إلاّ في موطن واحد وهو النّداء خاصّة؛ وذلك لنيابة الحرف فيه عن الفعل؛ ولذلك ساغت فيه الإمالة". ويُنظر: الفُصول الخمسون 150، وحاشيته. 2 في كلتا النّسختين: كون. والمعنى يتطلّب وُجود اللاّم. 3 في ب: فتنزّلت. 4 قال الأنباريّ في أسرار العربيّة 15: "لأنّ التّقدير في قولك: (يا زيد) أدعو زيدًا، وأُنادي زيدًا؛ فحصلت الفائدة باعتبار الجملة المقدَّرة". 5 لم أجد هذا القول فيما وقفتُ عليه من كتبٍ لأبي عليّ الفارسيّ. ويُنظر: شرح الجمل لابن بابشاذ جـ1/ق 117/أ. 6 ما بين المعقوفين ساقطٌ من ب. 7 نصّ عليها سيبويه 2/229. ويُنظر: المقتضب 4/233، والأصول 1/329. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 597 وزاد الكوفيّون: (آ) و (آيْ) 1. وفي (يَا) خِلاَفٌ بين النّحويّين: فمنهم مَنْ يذهبُ إلى أنّها حرف - وهو الأكثر-2. ومنهم مَن يذهبُ إلى أنّها اسمٌ للفعل3. فحُجّة الأوّلين: أنّها لا تدلّ على معنىً إلاّ في غيرها. وحُجّة الآخرين: أنّهم رأوا أنّ المنصوب والمجرور يقعان4بعدها، كقولك: (يا رجلاً) و (يا لزيدٍ) ، وأنّه قد سُمِعَ إمالةُ (يا) والحُروف لا تُمال5. وكذلك اختلفوا في العامل من6 قولهم: يا عبد الله7.   1 يُنظر: شرح الكافية الشّافية 3/1289، وابن النّاظم 565. 2 وهو مذهب جمهور البصريّين. يُنظر: الكتاب 2/229، والمقتضب 4/233، والأُصول 1/329، وشرح الكافية الشّافية 3/1288، والجنى الدّاني 354. 3 وهو أبو عليّ الفارسيّ كما قال ابنُ يعيشٍ 1/127: "وكان أبو عليٍّ يذهبُ في بعض كلامه إلى أنّ (يا) ليس بحرفٍ، وإنّما هو اسمٌ من أسماء الفعل". وقال المُراديّ في الجنى الدّاني 355: "ونُقل عن الكوفيّين". يُنظر: شرح المفصّل 8/121، وشرح الرّضيّ 1/132، والارتشاف 3/117، والهمع 3/34. 4 في أ: يقعا. 5 يُنظر: شرح المفصّل 8/121. 6 في ب: في. 7 يُنظر هذا الخلافُ في: الكتاب 1/291، 2/182، والمقتضب 4/202، وأسرار العربيّة 227، والتّبيين، المسألة الثّمانون، 442، وشرح المفصّل 1/127، 8/120، 121، وشرح التّسهيل 3/385، وشرح الرّضيّ 1/131، 132، والارتشاف 3/117، والهمع 3/33، والأشمونيّ 3/141. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 598 فمنهم مَن يقول: (عبد الله) منصوبٌ بنفس (يا) 1. ومنهم مَن يقولُ: هو منصوبٌ بفعلٍ مقدّرٍ لا يظهر؛ كأنّه قال: (أدعو) أو (أُخاطِبُ) ؛ ولأجل هذا يجعلها بعضُهم اسما للفعل2. ف (الهمزة) تُستعمل للقريب، نحو: (أَزَيْدٌ أَقْبِلْ) ؛ لخفّتها3.   1 نسبَهُ ابنُ يعيشٍ 1/127 إلى المبرّد؛ وقال الرّضيّ 1/131: "وأجاز المبرّد نصب المنادى على حرف النّداء لسدّه مسدّ الفعل". والّذي في المقتضب 4/202 يخالِف ما قيل عنه، ويُوافِق القول الثّاني. وقال السّيوطيّ في الهمع 3/33، 34: "وذهب بعضُهم إلى أنّ النّاصب له حرفُ النّداء؛ ثمّ اختلفوا: فقيل: على سبيل النّيابة والعِوَض عن الفعل؛ فهو على هذا مشبّه بالمفعول به لا مفعولٌ به. وقيل: على أنّ حروف النّداء أسماء أفعال بمعنى (أدعو) ؛ كـ (أف) بمعنى: (أتضجّر) ، وليس ثَمَّ فعلٌ مقدَّر. وقيل: على أنّها أفعال". 2 وهذا مذهب سيبويه، والمبرّد، والجمهور. يُنظر: الكتاب 1/291، 2/182، والمقتضب 4/202، والهمع 3/33. وذكر السّيوطيّ أنّ بعضَهم ذهب إلى أنّ النّاصب للمُنادى معنويّ. الهمع 3/33. 3 بعد هذا الكلام؛ ذكر النّاسخ في (أ) بيتَ الملحة سهوًا منه؛ وهو: وَانْصِبْ وَنَوِّنْ إِذْ تُنَادِ النَّكِرَهْ كَقَوْلِهِمْ: يَا نَهِمًا دَعِ الشَّرَهْومكانُه الحقيقيّ سيأتي - كما في (ب) -. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 599 و (وا) للنّدبة1؛ وهي نداء المتفجَّعِ2 عليه والمتوجَّعِ3 منه، نحو: (وا زيداهُ) و (واظهراهُ) . وذهب المبرّد4 إلى أنّ (هيا) و (أيا) للبعيد، و (أي) و (الهمزة) للقريب5، و (يا) لهما. وذهب ابنُ بَرْهَان6 إلى أنّ (هَيَا) و (أَيَا) للبعيد، و (الهمزة) للقريب، و (أَيْ) للمتوسّط، و (يَا) للجميع. وأجمعوا [98/ أ] على جواز نداء القريب بما7 [للبعيد] 8 توكيدًا9، وعلى منع10 العكس11.   1 أي: ندبة القريب. 2 في ب: للمتفجّع. 3 في ب: للمتوجّع. 4 يُنظر: المقتضب 4/233 ـ 235، وشرح الكافية الشّافية 3/1289، وابن النّاظم 565، والتّصريح 2/164، والأشمونيّ 3/134. 5 في أ: القريب. 6 يُنظر: شرح الكافية الشّافية 3/1289، وابن النّاظم 565، والتّصريح 2/164، والأشمونيّ 3/134. 7 في ب: بيا، وهو تحريف. 8 ما بين المعقوفين ساقطٌ من ب. 9 في ب: للتّوكيد. ويُنظر: الكتاب 2/230؛ حيث قال: "ويجوز لك أن تستعمل هذه الخمسة غير (وا) إذا كان صاحبك قريبًا منك، مقبلاً عليك، توكيدًا". 10 في أ: على معنى، وفي ب: أو على منع؛ والتّصويب من ابن النّاظم 565؛ لأنّ العبارة مستفادةٌ منه. 11 قال الصّبّان في حاشيته على الأشمونيّ 3/134: "أي: لعدم تَأَتِّي التّوكيد في صورة العكس، ومحلّ منعه إذا لم ينزّل البعيد منزلة القريب؛ وإلاّ جاز نداؤُه بما للقريب؛ إذْ لا مانع منه حينئذ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 600 وقيل: إنّ (هَيَا) و (أَيَا) و (أَيْ) و (آ) تُستعمَلُ للبعيد، وللمستثقِل في نومه لا غير؛ للزّيادة1 في لفظها، و (يَا) للبعيد؛ لأنّها أُمُّ حروف النّداء 2. وَانْصِبْ وَنَوِّنْ إِذْ تُنَادِ3 النَّكِرَهْ ... كقولِهِمْ: يَا نَهِما4 دَعِ الشَّرَهْ وَإِنْ يَكُنْ5 مَعْرِفَةً مُشْتَهِرَهْ ... فَلاَ تُنَوِّنْهُ وَضُمَّ آخِرَهْ تَقُولُ: يَا سَعْدُ أَيَا6 سَعِيدُ ... وَمِثْلُهُ: يَا أَيُّهَا الْعَمِيدُ المنادى: لا يخلو من أن يكون مفردًا نكِرةً لم يُقصد به معيّن؛   1 في أ: الزّيادة. 2 وهذا مذهب سيبويه؛ وهو: أنّ الهمزة للقريب، وما سواها للبعيد. قال في الكتاب 2/229، 230: "فأمّا الاسم غير المندوب فينبّه بخمسة أشياء: بـ (يا) و (أَيَا) و (هَيَا) و (أَيْ) وبالألِف، نحو قولك: (أحار بن عمرو) ؛ إلاّ أنّ الأربعة غير الألف قد يستعملونها إذا أرادوا أن يمدّوا أصواتهم للشّيء المتراخي عنهم، والإنسان المُعرِضِ عنهم الّذي يرون أنّه لا يُقْبِلُ عليهم إلا بالاجتهاد، أو النّائم المستثقِل". 3 في متن الملحة 35، وشرح الملحة 250: إِنْ تُنَادِ. 4 في متن الملحة 35: يَا نَبِيهًا. 5 في ب: تكن، وهو تصحيف. 6 في شرح الملحة 251: وَيَا سَعِيد. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 601 فهذا1 منصوبٌ، ومنه قولُه: يَا رَاكِبا إِمَّا عَرَضْتَ فَبَلِّغَنْ ... نَدَامَايَ مِنْ نَجْرَانَ أَلاَّ تَلاَقِيَا2 وكلّ منادى فحقُّه النّصب؛ لأنّه مفعولٌ لفعلٍ3 مضمَرٍ، تقديرُه: (أدعو) أو (أُنادي) ؛ ولا4 يجوز إظهارُه؛ لكون حرف النّداء كالعِوَض منه5. ولا يُفارِقُه النّصب إلاّ إذا كان مفرَدًا معرِفةً؛ فإنّه يبنى على ما كان يرفع به قبل النّداء، لفظا أو تقديرًا، كقولك: (يا محمّدُ) و (يا موسى) . والوجه في بِنائه6: شبهه بالضّمير من نحو: (يَا أَنْتَ) في التّعريف، والإفراد، وتضمين معنى (أدعوك) ؛ فإذا قلت: (يا زيد)   1 في أ: فهو. 2 هذا بيتٌ من الطّويل، وهو لعبد يغوث بن وقّاص. و (عرضت) : أتيت العروض وهو مكّة والمدينة وما حولهما؛ وقيل: بلغت العروض؛ وهي جبال نجد. و (نداماي) : جمع ندمان؛ وهو: النّديم المشارِب. والشّاهدُ فيه: (يا راكبًا) حيث نصب المنادى؛ لأنّه نكرة غير مقصودة. يُنظر هذا البيتُ في: الكتاب 2/200، والمقتضب 4/204، والجُمل 148، وشرح المفصّل 1/128، وشرح التّسهيل 3/391، وابن النّاظم 568، وشرح شذور الذّهب 109، وابن عقيل 2/237، والتّصريح 2/167، والخزانة 2/194. 3 في ب: بفعلٍ. 4 في أ: فلا. 5 ولا يُجمع بين العِوَض والمعوّض منه. 6 ذكر الشّارح وجهًا؛ وهُناك وجهٌ آخر؛ وهو: أنّه أشبه الأصوات؛ لأنّه صار غاية ينقطع عندها الصّوت، والأصوات مبنيّة، فكذلك ما أشبهها. أسرار العربيّة 224. ويُنظر: شرح المفصّل 1/129، وابن النّاظم 567. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 602 كأنّك [98/ب] قلتَ: (يا أنت) ، قال الرّاجز: يَا أَبْجَرَ بْنَ أَبْجَرٍ يَا أَنْتَا ... أَنْتَ الَّذِي طَلَّقْتَ عَامَ جُعْتَا1 وخُصّ بالضّمّة؛ لأنّها حركة لا تلتبِسُ2 بحركة مضافٍ إليه. فإنْ كان نكرة مقصودة فيُبنى على الضّمّ كالعلَم؛ فتقول من ذلك: (يا رجل) ؛ لتخصيصه بالقصد؛ قال كُثَيِّر: لَيْتَ التَّحِيَّةَ كَانَتْ لِي فَأَشْكُرَهَا ... مَكَانَ يَا جَمَلُ حُيِّيتَ يَا رَجُلُ3   1 هذان بيتان من الرّجز المشطور، وهما لسالم بن دارة - كما في النّوادر 163، والخزانة 2/139 -. وقد حُرِّف البيتُ الأوّل على أوجُهٍ، وصوابُه: يَا مُرَّ يَا ابْنَ وَاقِعٍ يَا أَنْتَا ونُسب في العينيّ 4/232 إلى الأحوص، وردّ عليه البغداديّ في الخزانة قائلاً: "وهو وهم". و (مُرّ) هو: مرّة بن واقع الفزاريّ. والشّاهدُ فيه: (يا أبجر بن أبجر) و (يا أنتا) فإنّ النداء الثّاني وهو: (يا أنتا) يدلّ على النّداء الأوّل وهو: (يا أبجر بن أبجر) في معناه؛ فيكون الاسم العلم المنادى واقعًا موقع الضّمير وقد عُلم أنّ الضّمير مبنيّ، فيكونُ الواقع موقعه مبنيًّا أيضًا. واستشهد به النُّحاة على أنّه نادى الضّمير الّذي يُستعمل في مواطن الرّفع؛ وهذا شاذّ. يُنظر هذان البيتان في: نوادر أبي زيد 163، وسرّ صناعة الإعراب 1/359، والإنصاف 1/325، وشرح المفصّل 1/127، 130، والمقرّب 1/176، وشرح عمدة الحافظ 1/301، وأوضح المسالك 3/72، والمقاصد النّحويّة 4/232، والتّصريح 2/164، والخزانة 2/139. 2 في كلتا النّسختين: لا تلبس، والصّواب ما هو مثبت. 3 تقدّم تخريجُ هذا البيت في ص 127. والشّاهد فيه هُنا: (يا جملُ) على أنّ المنادى إذا كان نكِرة مقصودة يُبنى على الضّمّ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 603 وإذا اضطَّر الشّاعر إلى تنوينه جاز له فيه [وجهان: أحدهما: الضّمّ] 1؛ تشبيها2 بمرفوع اضطّر إلى تنوينه، وهو مستحقّ لمنع الصّرف؛ ومنه ما أنشده سيبويه: سَلاَمُ اللهِ يَا مَطَرٌ عَلَيْهَا ... وَلَيْسَ عَلَيْكَ يَا مَطَرُ السَّلاَمُ3 والثّاني: النّصب؛ تشبيها بالمُضاف [لطوله بالتّنوين، وبقاء] 4 الضّمّ في العلَم أولى من النّصب، والنّصب في غير العلَم أولى من الضّمّ؛   1 ما بين المعقوفين زيادةٌ يقتضيها السّياق، من ابن النّاظم 569، 570؛ لأنّ هذا الكلام مستفادٌ منه. 2 في كلتا النّسختين: تشبيه، وهو سهوٌ من النّسّاخ. 3 هذا بيتٌ من الوافر، وهو للأحوص، وكان يهوى امرأة ويشبّب بها، ولا يُفصح عنها؛ فتزوّجها رجلٌ اسمه مطر، فتوعّده الأحوص بقصيدة منها هذا البيت. والشّاهدُ فيه: (يا مطر) حيث نوّن المنادى المفرَد العلَم للضّرورة، وأبقى الضّمّ اكتفاءً بما تدعو الضّرورة إليه. يُنظر هذا البيتُ في: الكتاب 2/202، والمقتضب 4/214، ومجالس ثعلب 1/74، والجمل 154، والمحتسب 2/93، والأزهيّة 164، وأمالي ابن الشّجريّ 2/96، وشرح الكافية الشّافية 3/1304، وابن النّاظم 570، والخِزانة 2/150، والدّيوان 237. 4 في كلتا النّسختين: ببقاء التّنوين والضّمّ، والتّصويب من ابن النّاظم 570؛ لأنّ هذا الكلام مستفادٌ منه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 604 ومن شواهِد النّصب قولُ الشّاعر: ضَرَبَتْ صَدْرَهَا إِلَّي وَقَالَتْ ... يَا عَدِيا لَقَدْ وَقَتْكَ الأَوَاقِي1 [99/أ] فإنْ وصفت العلم بصفة مضافة2 نصبت الصّفة، فتقول: (يا زيد ذا المال) . فإنْ كانت الصّفة مفرَدة3، أو عطفت عليه4 باسم معرّف بالألف واللاّم جاز في الصّفة والمعطوف الرّفع على اتباع اللّفظ،   1 هذا بيتٌ من الخفيف، وهو للمهلهل بن ربيعة. (وَقَتْكَ) : مأخوذٌ من الوِقاية؛ وهي: الحفظ. و (الأواقي) : جمع واقية بمعنى: حافظة وراعية؛ وكان أصله (الوواقي) فقُلبت الواو الأولى همزة. والشّاهد فيه: (يا عديًّا) حيث اضطّر الشّاعر إلى تنوين المنادى فنوّنه، ولم يكتف بذلك بل نصبه مع كونه مفرَدًا علَمًا؛ تشبيهًا بالمنادى المعرب المنوّن. يُنظر هذا البيتُ في: المقتضب 4/214، والجُمل 155، وسرّ صناعة الإعراب 2/800، وأمالي ابن الشّجريّ 2/188، وشرح المفصّل 10/10، وشرح الكافية الشّافية 3/1304، ورصف المباني 254، وشرح شذور الذّهب 110، والمقاصد النّحويّة 4/211، والتّصريح 2/370. 2 التّابع المضاف الّذي يجب نصبه هو ما كانت إضافته معنويّة، أمّا ما كانت إضافته لفظيّة كاسم الفاعل المضاف إلى مفعوله، نحو: (يا رجل ضارب زيد) فقد اختُلف فيه: فقال الرّضيّ: يجوز فيه الوجهان؛ الضّمّ، والنّصب. وقال السّيوطيّ: يجب نصبُه. يُنظر: شرح الرّضيّ 1/140، والصّبّان 3/147. 3 في كلتا النّسختين: مفردًا. 4 في ب: عليها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 605 والنّصب لاتباع الموضع1؛ فتقول لاتباع اللّفظ: (يا زَيْدُ الظَّريفُ) ، ولاتباع المحلّ: (يا زَيْدُ الظَّريفَ) و (يا رجال أطيعوا الله) و (النّساءُ) و (النّساءَ) - بهما -.فإن وصفته بابن، متّصل، مضاف إلى علَم؛ جاز فيه الضّمّ على الأصل، والفتح على الاتباع، والتّخفيف فيما كَثُرَ دورُه في الاستعمال، كقولك: (يا زيدَ بن سعيد) ، [ويجوز: (يا زيدُ بن سعيد) ] 2؛ وهو عند المبرّد3 أولى من الفتح؛ وعليه أنشد قول الرّاجز: يَا حَكَمَ4 بْنَ المُنْذِرِ بْنَ الجَارُودْ ... سُرَادِقُ الْمَجْدِ عَلَيْكَ مَمْدُودْ5   1 إنْ قُرن المعطوف بـ (أل) امتنع تقدير حرف النّداء قبله، فأشبَه النّعت، وجاز فيه الرّفع والنّصب، كما يجوز في النّعت المفرَد؛ واختُلف في المختار منهما: فقال الخليل، وسيبويه، والمازنيّ: الرّفع. وقال أبوعمرو، وعيسى، ويونس، والجرميّ: النّصب. وقال المبرّد: إنْ كانت (أل) معرفة فالنّصب، وإنْ كانت غير معرفة فالرّفع. وهذا التّفصيل الّذي قاله المبرّد نقله عنه ابن يعيش في شرح المفصّل 2/3، وابن السّرّاج في الأصول 1/336 - ولم أجده في كتبه -. وتُنظر هذه المسألة في: الكتاب 2/186، 178، والمقتضب 4/212، وشرح الكافية الشّافية 3/1314، وابن النّاظم 575، وشرح الرّضيّ 1/138، 139، وأوضح المسالك 3/87، والتّصريح 2/176، والأشمونيّ 3/149. 2 ما بين المعقوفين ساقط من أ. 3 يُنظر: المقتضب 4/231، 232. 4 في ب: يا حكيم، وهو تحريف. 5 في أ: معقود. وهذان البيتان من الرّجز، ويُنسبان إلى رؤبة بن العجّاج، وقيل: للكذّاب الحرمازيّ. و (الحكم) : هو أحدُ بني المنذر بن الجارود العبديّ، من عبد القيس بن أفضى بن دعمي. و (السّرادق) أصلُه: الخِباء الّذي يمدّ فوق صحن الدّار. والشّاهد فيه: (يا حَكمَ بن المنذر) فإنّ (حكم) منادى، علَم، موصوف بابن، مضاف إلى علَم؛ فيجوز فيه الضّمّ على الأصل، والفتح على الاتباع، والتّخفيف. والمبرّد أنشد هذا على أنّ الضّمّ أولى من الفتح الّذي هو رواية البيت؛ وأنّه لو قال: يا حكمُ ابن المنذر - بالضّمّ - كان أجود؛ وهذا مخالفٌ لقول جمهور البصريّين، فعندهم أنّ الفتح أرجح؛ لأنّه أخفّ. يُنظر البيتُ الأوّل في: الكتاب 2/203، والمقتضب 4/232، والصّحاح (سردق) 4/1496، وشرح المفصّل 2/5، وشرح الكافية الشّافية 3/1297، وابن النّاظم 569، والمقاصد النّحويّة 4/210، وملحقات ديوان رؤبة 172. وبعده: أَنْتَ الْجَوَادُ بنُ الجَوَادُ المَحْمُودْ والثّاني في: الصّحاح (سردق) 4/1496، وشرح الكافية الشّافية 3/1297، وابن النّاظم 569، والمقاصد النّحويّة 4/210، والتّصريح 2/169، وملحقات ديوان رؤبة 172. وبعده: إِنِّي وَبَعْضُ المُفْتِنِينَ دَاوودْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 606 قال: "ولو قال: يا حَكَمُ1؛ كَانَ أَجْوَد"2. فإنْ كان الابن مفصولاً عن موصوفه كما في نحو (يا زيد الظّريف   1 في ب: يا حكيم، وهو تحريف. 2 المقتضب 4/232. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 607 ابن عمرو) فليس في الموصوف إلاّ الضَّمّ1. وهكذا إذا كان الموصوف بابن غير علَم، نحو: (يا غُلامُ ابن زيدٍ) ، [أو لم يكن المضاف] 2 إليه علَما، نحو: (يا زيد ابن أخينا) . وأمّا المنادى المعرّف بالألِف واللاّم فلا يجوز الجمع [99/ب] بينه وبين حرف النِّداء إلاّ في موضعين: أحدهما: الاسم الأعظم (الله) ؛ وذلك على وجهين: على قطع الهمزة، نحو: (يا أَللهُ) ؛ وعلى وصلها، نحو: (يا اللهُ) . والثّاني: [المنادى] 3 إذا كان جملة محكيّة، نحو: (يا المُنْطلَق4 زَيْدٌ) في رجل سمّي بهذه الجملة. ولا يُجمع بينهما في غير ذلك إلاّ في ضرورة، كقول الرّاجز: فَيَا الغُلاَمَانِ اللَّذَانِ فَرَّا ... إِيَّاكُمَا أَنْ تُكْسِبَانَا شَرَّا5   1 "لأنّ مثل ذلك لم يكثُر في الكلام؛ فلم يستثقل مجيئُه على الأصل". ابن النّاظم 569. 2 ما بين المعقوفين ساقط من أ. 3 ما بين المعقوفين زيادة يقتضيها السّياق، من ابن النّاظم 571؛ لأنّ هذا الكلام مستفادٌ منه. 4 في أ: المطلق. 5 هذان بيتانِ من الرّجز المشطور، ولم أقف على قائلهما. والشّاهد فيهما: (فيا الغلامان) حيث جمع بين حرف النّداء و (أل) في غير اسم الله تعالى، وما سُمّي به من الجمل المحكيّة؛ وذلك لا يجوز إلا في ضرورة الشّعر. يُنظر هذان البيتان في: المقتضب 4/243، وأسرار العربيّة 230، وشرح المفصّل 2/9، وشرح الكافية الشّافية 3/1308، وابن النّاظم 571، وابن عقيل 2/241، والمقاصد النّحويّة 4/215، والتّصريح 2/173، والهمع 3/47، والخزانة 2/294. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 608 ولم يجز [مثل] 1 هذا في السّعة؛ كراهة الجمع2 بين أداتيْ تعريف على شيء واحد3. وإذا قصدتّ غير ذلك ممّا فيه الألف واللاّم أتيت ب (أَيّ) أو ب (أيّة) ملحقة ب (هاء) الّتي للتّنبيه، وتأتي بعدها بالمنادى، فتقول: (يا أيّها الرّجلُ) ، أو4 {يَأَيَّتُهَا النَّفْسُ} 5؛ ف (أَيُّ) و (الرَّجلُ) كاسمٍ واحد، و (أَيٌّ) مُنَادى، و (الرَّجُل) تابع، مخصّص [له، ملازِمٌ] 6؛ لأنَّ (أَيا) مُبهَمٌ7 لا يُستعمل بدون المخصّص8، فإنْ كان مشتقا فهو نعت، نحو (يا أيُّها الفاضل) .   1 ما بين المعقوفين ساقطٌ من ب. 2 في أ: للجمع. 3 والبغداديّون يقيسون على هذا فَيُجِزُون (يا الرَّجل) ، ويقولون: لم نر مَوضِعًا يدخله التّنوين يمتنع من الألف واللاّم. يُنظر: شرح الكافية الشّافية 3/1308، وابن النّاظم 572، وأوضح المسالك 3/86، والتّصريح 173، والهمع 3/47. 4 في أ: و. 5 من الآية: 27 من سورة الفجر. 6 ما بين المعقوفين زيادة يقتضيها السّياق من ابن النّاظم 576؛ لأنّ هذا الكلام مستفادٌ منه. 7 في ب: المبهم. 8 في أ: المختصّ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 609 وإنْ1 كان جامدًا فهو عطف بيانٍ، نحو: (يَا أيُّهَا الغُلاَمُ) ولزمته (هَاءُ) التّنبيه تعويضا عمّا فاته من الإضافة2. ولا توصَف3 (أيّ) في النِّداء إلاّ بما فيه الألف واللاّم، [نحو: (يا أيُّها الرّجُل) ، أو بالموصول] 4، كقوله تعالى: {وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ} 5. [100/ أ] وباسم الإشارة، نحو: (يَأَيُّهَذَا أقْبِل) ، قال الشّاعر: أَلاَ أَيُّهذَا البَاخِعُ الْوَجْدُ نَفْسَهُ ... لِشَيْءٍ6 نَحَتْهُ عَنْ يَدَيْهِ المَقَادِرُ7   1 في ب: فإنْ. 2 في ب: المضاف. 3 في أ: ولا يوصف، وهو تصحيف. 4 ما بين المعقوفين زيادةٌ يقتضيها السّياق؛ من ابن النّاظم 576؛ لأنّ هذا الكلام مستفادٌ منه. 5 من الآية: 6 من سورة الحِجر. 6 في كلتا النسختين: بشيء والصواب ما هو مثبت كما ورد في المصادر التي ذكرت البيت. 7 هذا بيتٌ من الطّويل، وهو لذي الرُّمّة. و (الباخع) : القاتل. و (الوَجد) : شدّة الشّوق. و (نحته) : صرفته. و (المقادر) : المقادير. والشّاهدُ فيه: (أيّهذا الباخع) حيث وصف المبهَم الّذي هو (أيّ) باسم الإشارة، ووصف اسم الإشارة بما فيه (أل) وهو (الباخع) . يُنظر هذا البيتُ في: المقتضب 4/259، وشرح المفصّل 2/7، وشرح الكافية الشّافية 3/1319، وابن النّاظم 576، واللّسان (بخع) 8/5، (نحا) 15/312، والمقاصد النّحويّة 4/217، والأشمونيّ 3/152، والدّيوان 2/1037. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 610 وَتَنْصِبُ المُضَافَ فِي النِّدَاءِ ... كَقَوْلِهِمْ1: يَا صَاحِبَ الرِّدَاءِ وَجَائِزٌ عِنْدَ ذَوِي الأَفْهَامِ ... قَوْلُكَ: يَا غُلاَمُ يَا غُلاَمِي2 وَجَوَّزُوا فَتْحَةَ هَذِي3 اليَاءِ ... وَالْوَقْفَ بَعْدَ فَتْحِهَا بِالْهَاءِ وَالْهَاءُ فِي الْوَقْفِ عَلَى غُلاَمِيَهْ ... كَالْهَاءِ فِي الْوَقْفِ عَلَى سُلْطَانِيَهْ وَقَالَ قَوْمٌ فِيهِ يَا غُلاَما ... كَمَا تَلَوا يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا المُضاف المُنادى منصوبٌ على أصله، ومنه قولُ الشّاعر: أَلاَ يَا عِبَادَ اللهِ قَلْبِي مُتَيَّمٌ4 ... بِأَحْسَنِ مَنْ صَلَّى وَأَقْبَحِهِمْ بَعْلاَ5   1 في أ: كقولك. 2 وَرَدَ عجُز هذا البيت في متن الملحة 35 كالتّالي: .................................. ... فِي يَا غُلاَمُ قَوْلُ يَا غُلاَمِي 3 في أ: هذا. 4 في أ: معذّب. 5 في كلتا النّسختين: فعلاَ، وهو تحريف، والصّواب ما هو مثبَت، كما ورد في المصادر الّتي ذكرت البيت. وهذا البيتُ من الطّويل، وهو للأخطل، يصف جاريةً وبعلها؛ وبعده: يَدِبُّ عَلَى أَحْشَائِهَا كُلَّ لَيْلَةٍ ... دَبِيبَ القَرَنْبَى بَاتَ يَعْلُو نَقًا سَهْلاَ والشّاهدُ فيه: (يا عباد الله) حيث ورد المنادى منصوبًا لفظًا؛ لكونه مضافًا كما هو ظاهر. يُنظر هذا البيتُ في: الحيوان 3/525، وحياة الحيوان 2/249، والكامل 2/995، والجُمل 149، ومجمع الأمثال 1/273، وشرح قطر النّدى 220، والهمع 4/367، والدّرر 5/115، وذيل الدّيوان 559. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 611 والمشبّه بالمُضاف يجرى مجرى المضاف؛ وهو كلّ عامل ومعمول، وكلام [100/ب] فيه طول، نحو: (يا رفيقا بالعباد) و (يا طالِعا جبلاً) و (يا خيرًا من يد) و (يا ذاهبا عجلاً) . فإنْ كان مضافا إلى ياء المتكلّم جاز فيه أربعة أَوْجهٍ: أكثرها استعمالاً حذف الياء، وإبقاء الكسرة تدلّ عليها، كما قُرِئَ1: {يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ} 2.   1 قرأ رويس بخلف عنه بإثبات ياء {يَا عِبَادِ} وصلاً ووقفًا؛ والباقون بحذفها، وهو القياس؛ فإنّه قاعدة الاسم المنادى؛ وهو الوجه الثّاني لرويس. وقد استشهد بها سيبويه على حذف ياء النّفس المضاف إليها في النّداء اجتزاءً بالكسرة، بَيْدَ أنّ سيبويه قال بعد ذلك: "وكان أبو عمرو يقول: يا عبادي فاتّقون"؛ وغير معروف عند القرّاء إثبات الياء في هذه الآية عن أبي عمرو. يُنظر: الكتاب 2/210، والنّشر 3/283، والإتحاف 2/428، والبُدور الزّاهرة 275، والمهذّب 2/188. 2 من الآية: 16 من سورة الزّمر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 612 ثم ثُبوتها ساكنة، كما قُرئ1: {يَا عِبَادِيْ لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمْ} 2. وإنْ ثبتت الياء مفتوحة، كما قُرئ3: {يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ} 4. ثمّ قلب الياء ألِفا بعد قلب الكسرة [قبلها] 5 فتحة، كما6 قرئ7: {يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ} 8، و {يَا أَسَفَا عَلَى يُوسُفَ} 9.   1 قُرئ: {يَا عِبَادِي} بالياء وهو الأصل، و {يَا عِبَادِ} بحذفها وهو الأكثر، وكلاهُما في السّبعة. وإثباتُ الياء قراءة نافع، وابن عامرٍ، وأبي عمرو، وأبي بكر عن عاصم، وكلُّهم أسكنها غير عاصم في رواية أبي بكر فإنّه فتحها؛ وقرأ عاصم في رواية حفص، وابن كثير، وحمزة، والكسائيّ: {يَا عِبَادِ} بغير ياء في الوصل والوقف؛ وقد كُتبت في المصحف بدون ياء. يُنظر: السّبعة 588، والمبسوط 400، وحجّة القراءات 653، 654، والكشف 2/263، والتّيسير 160، والبحر المحيط 9/387. 2 من الآية: 68 من سورة الزّخرُف. 3 قرأ بذلك نافع، وابن كثير، وابن عامر، وعاصم، وأبو جعفر. وقرأها الباقون بإسكان الياء. يُنظر: السّبعة 503، والمبسوط 347، وحجّة القراءات 553، والكشف 2/181، والتّيسير 141، والمهذّب 2/125. 4 من الآية: 56 من سورة العنكبوت. 5 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 6 في ب: كيا حسرتا. 7 أجمع القُرّاء السّبعة على هذه القراءة، وقرأها أبو جعفر {يَا حَسْرَتَايَ} بألِفٍ بعد التّاء، وياء بعدها مفتوحة، من رواية ابن جمّاز. يُنظر: المبسوط 385، والنّشر 3/281، والإتحاف 2/430، والبُدور277، والمهذّب 2/192. 8 من الآية: 56 من سورة الزّمر. 9 من الآية: 84 من سورة يوسف. وأجمع القُرّاء السّبعة على هذه القراءة؛ وقرأها الحسن: {يَا أَسَفِيْ} - بكسر الفاء، وياء ساكنة -. يُنظر: البحر المحيط 6/314، والإتحاف 2/152. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 613 مّ حذف الألف، وإبقاء الفتحة دليلاً عليها1، نحو: (يا صَاحِبَ) . وذُكِر وَجْهٌ خامسٌ من التّخفيف كما مضى؛ وهو الاكتفاءُ2مِنَ الإضافَةِ بنيّتها، وجعلُ الاسم مَضْمُوما كالمنادى المفرَد؛ ومنه قِرَاءَةُ بعضهم3: {رَبُّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ} 4. إنْ كان آخره حرف علّة فليس في الياء إلاّ وجهٌ واحد؛ وهو: إثباتُها مفتوحة لا غير، نحو: (يا مولايَ) ؛ وفيه لغة قليلة5 يبدلون الألِف ياءً، فيقولون: (يا مَوْليَّ) ، ومنه قول6 أبي ذُؤَيب: سَبَقُوا هَوَىَّ وَأَعْنَقُوا لِهَوَاهُمُ ... فَتُخُرِّمُوا وَلِكُلِّ جَنْبٍ مَصْرَعُ7 [101/أ]   1 في أ: على. 2 في أ: للاكتفاء. 3 قرأ بها التمّار عن رويس - كما في شواذّ القراءة واختلاف المصاحف ق 118/أ -. وقرأ الباقون بالكسر. 4 من الآية: 33 من سورة يوسف. 5 وهي لغة هُذيل، يقلِبون الألِف المقصورة ياءً، ثم يدغمونها في ياء المتكلِّم. يُنظر: شرح المفصّل 3/33، وشرح الكافية الشّافية 2/1004، وابن النّاظم 414، وأوضح المسالك 2/239. 6 في أ: ومنه لأبي ذُؤَيب. 7 هذا بيتٌ من الكامل، من قصيدة له يرثي فيها أبناءه، وقد كانوا ماتوا في سنةٍ واحدة، وقد كانوا خمسة هلكوا جميعًا في طاعون. و (هوىَّ) : هواي، أي: ما تهواه النّفس. و (أعنقوا) : أسرعوا. (فتخرّموا) أي: استأصلتهم المنيّة واحدًا واحدًا. والشّاهدُ فيه: (هوىّ) حيث قلب ألف المقصور ياء، ثم أدغمها في ياء المتكلّم على لغة هذيل. يُنظر هذا البيتُ في: المفضّليّات 421، وديوان الهذليّين 1/2، وشرح أشعار الهذليّين 1/7، وسرّ صناعة الإعراب 2/700، وأمالي ابن الشّجريّ 1/429، وشرح المفصّل 3/33، والمقرّب 1/217، وشرح الكافية الشّافية 2/1004، وابن النّاظم 415، وأوضح المسالك 2/239. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 614 ولك1 أنْ تزيد عليها هاء [ساكنة] 2؛ لحفظ بيان الفتحة، فتقول: (يا صاحبيه) وهي الهاء3 الدّاخلة في قوله تعالى: {مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ} 4. فإن نُودِيَ المضافُ إلى المُضاف إلى ياء المتكلّم لم تحذف الياء5- كما تحذف إذا نودي المضاف إليها6 - إلاّ في: (يا ابْنَ أُمّ) و (يا ابْنَ عَمّ) ؛   1 في ب: وذلك، وهو تحريف. 2 ما بين المعقوفين ساقطٌ من ب. 3 وتسمّى هذه الهاء: هاء البيان. شرح ملحة الإعراب 256. 4 سورة الحاقّة، الآية: 28، 29. 5 "لعدم وُقوعها موقع تنوين مُنَادى؛ فيُقال: يا ابن أخي، ويا ابنَ خالي". شرح الكافية الشّافية 3/1325. 6 "لأنّها إذا نُودِيَ المُضَاف إليها أشبهت التّنوين؛ لوُقوعها موقعه، فحُدفت كما يُحذَف". شرح الكافية الشّافية 3/1324 - 1325. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 615 وذلك قولك: (يا ابن أخي) ثبتت الياء؛ لبُعدها عن موضع التّغيير1؛ ولحلولهما في موضع يثبت فيه التّنوين2، ومنه3: (يا صاحب صاحبي) ؛ لأنّه بمنزلة: (يا صاحب زيد) . ويجوز فيما حذف منه الياء لكثرة استعماله4 أن تُقلَب الياء ألِفا تخفيفا5؛ فتقول: (يا بن أمّا) و (يا بنت عَمَّا) ؛ قال الرّاجز: يَا بِنْتَ عَمَّا لاَ تَلُومِي وَاهْجَعِي6   1 في أ: التّعيين، وهو تحريف؛ والمقصود بموضع التّغيير هو طرف الاسم الّذي دخل عليه حرف النّداء. 2 في أ: التّعيين، وفي ب: التّغيير؛ والصّواب ما هو مثبَت. 3 في أ: فمنه. 4 قال ابن مالكٍ في شرح الكافية الشّافية 3/1325: "وكان أصلُ (ابن الأُمّ) و (ابن العمّ) أن يُقال فيهما: (يا ابن أُمِّي) و (يا ابن عَمِّي) إلاّ أنّهما كَثُرَ استعمالهما في النّداء فَخُصَّا بحذف الياء، وَبَقَاءِ الكسرة دليلا عليها في قول مَن قال: (يا ابن أُمِّ) و (يا ابن عَمِّ) ". ويُنظر: ابن النّاظم 580، والتّصريح 2/179، والأشمونيّ 3/157. 5 والعرب لا يكادون يُثبتون الألِف إلاّ في الضّرورة؛ كالشّاهد الّذي أورده الشّارح. يُنظر: شرح المفصّل 2/13، وشرح الكافية الشّافية 3/1325، وابن النّاظم 581، والتّصريح 2/179، والأشمونيّ 3/157. 6 هذا بيتٌ من الرّجز، وهو لأبي النّجم العجليّ. و (الهجوع) : النومُ ليلاً؛ كأنّها كانت تلومُه باللّيل. والشّاهد فيه: (عَمَّا) حيث أبدل الألِف من الياء وأثبتها؛ والأصل: يا بنت عمّي. يُنظر هذا البيت في: الكتاب 2/214، ونوادر أبي زيد 19، والمقتضب 4/252، والأصول 1/342، والجمل 160، والتّبصرة 1/352، وشرح المفصّل 2/13، وشرح الكافية الشّافية 3/1326، وابن النّاظم 581، والدّيوان 134. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 616 ويجوز حذف الألِف المنقلِبة عن الياء، وبقاء1الفتحة2؛ فتقول: (يا ابن أُمَّ) ، وقد قرئ بالأمرين3 جميعا: {يَا ابْنَ أُمَّ} و {يَا ابْنَ أُمِّ} 4. والأصلُ في هذا كلّه: إثبات الياء، كَقَولِه: يَا بْنَ أُمِّي5 وَلَوْ شَهِدْتُكَ إِذْ ... تَدْعُو تَمِيما وَأَنْتَ غَيْرُ مُجَابِ6 [101/ب]   1 في ب: تبقية. 2 للدلالة على الألف المحذوفة المنقلبة عن الياء. 3 الأمران هما: حذف الياء، وبقاء الكسرة دليلاً عليها؛ وحذف الألف المنقلبة عن الياء، وبقاء الفتحة دليلاً عليها. 4 من الآية: 94 من سورة طه. قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وحفص عن عاصم، وأبو جعفر، ويعقوب: {يَا ابْنَ أُمَّ} بالفتح. وقرأ ابن عامرٍ، وحمزة، والكسائيّ، وخلف، وعاصم - في رواية أبي بكر - بالكسر. وقال أبو حيّان في البحر 5/183: "وأجودُ اللُّغات: الاجتزاءُ بالكسرة عن ياء الإضافة، ثمّ قلبُ الياء ألفًا والكسرة قبلها فتحة، ثم حذف التّاء وفتح الميم، ثم إثبات التّاء مفتوحة أو ساكنة". يُنظر: السّبعة 423، والمبسوط 215، وحجّة القراءات 297، والكشف 1/478، والتّيسير 93، والبيان في غريب إعراب القرآن 1/375، 2/153، والتّبيان في إعراب القرآن 1/595، 2/902. 5 في ب: يا ابن أبي، وهو تحريف. 6 في كلتا النّسختين: غير محارب، وهو تحريف؛ والتّصويب من المصادر الّتي ذكرت البيت. وهذا البيتُ من الخفيف، وهو لغلفاء بن الحارث بن آكِل المُرار الكِنديّ، من قصيدة يرثي بها أخاه شراحبيل بن الحارث - قتيل يوم الكلاب الأوّل -. والشّاهد فيه: (يا ابن أُمّي) حيث أثبت ياء المتكلِّم في (أُمّي) ؛ والأصل هو: إثبات الياء في المضاف إلى ياء المتكلِّم إذا نودِيَ المضاف، إلاّ في (يا ابن أمّ) و (يا ابن عمّ) ؛ وذلك لكثرة الاستعمال فيهما خُصَّا بالتّخفيف بحذف الياء وبقاء الفتحة؛ وقد أثبتها الشّاعر ههنا لأجل الضّرورة. يُنظر هذا البيتُ في: النّقائض 1/457، 2/1077، والوحشيّات 134، والمقتضب 4/250، وتفسير الطّبريّ 13/130، ومعاني القرآن للأخفش 2/533، والجمل 162، والأغاني 12/213، والحجّة لابن خالويه 165، وأمالي ابن الشّجريّ 2/294، 480، ورصف المباني 160. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 617 وأمّا دخولُ تاء التّأنيث على (أب) 1 في قولهم: (يا أَبَتِ) فهو كقولهم: (رجل رَبَعَةٌ) 2 و (فَرُوقَةٌ) 3؛ فوصفوا المذكّر بالمؤنّث للمبالغة4؛ وكذلك قالوا: (امرأةٌ حائض) وصفا بالمذكَّر، وقيل: بالتّاء، ومنه قولُ الرّاجز: يَا أَبَتَا عَلَّكَ أَوْ عَسَاكَا5   1 في ب: الأب. 2 رجلٌ رَبَعَةٌ أي: مَرْبُوعُ الخلْق، لا بالطّويل، ولا بالقصير؛ وُصف المذكّر بهذا الاسم المؤنّث، كما وُصف المذكّر بخمسة ونحوها حين قالوا: (رجال خمسة) ؛ والمؤنّث: رَبْعة، ورَبَعة كالمذكّر، وأصله له، وجمعهما جميعًا: رَبَعات. اللّسان (ربع) 8/107. 3 رجلٌ فَرُوقَةٌ: فَزِعٌ، شديدُ الفَرَق؛ والهاء في ذلك ليست لتأنيث الموصوف بما هي فيه، إنّما إشعارٌ بما أُريد من تأنيث الغاية والمبالَغة. اللّسان (فرق) 10/304) . 4 التّاء في (يا أبت) تاءُ تأنيث عُوِّضت من ياء المتكلِّم؛ والّذي يدلّ على أنّها للتّأنيث أنّك تقولُ في الوقف: (يا أبه) و (يا أُمّه) فتبدلها هاءً في الوقف، كـ (قاعد) و (قاعده) . يُنظر: شرح المفصّل 2/11، وشرح الكافية الشّافية 3/1327. 5 هذا بيتٌ من الرّجز، وهو لرؤبة بن العجّاج. والشّاهد فيه: (يا أبتا) حيث أراد الياء، إلاّ أنّه استثقلها فأبدل من الكسرة فتحة ثم قلبها ألِفًا؛ لأنّها متحرّكة مفتوحٌ مّا قبلها. يُنظر هذا البيتُ في: الكتاب 2/375، والمقتضب 3/71، وسرّ صناعة الإعراب 1/406، وشرح المفصّل 2/12، واللّسان (روي) 14/349، والمقاصد النّحويّة 4/252، والأشمونيّ 3/158، والخزانة 5/362، وملحقات ديوان رؤبة 181. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 618 وإذا نودي منادَى ليخلّص1 من شدّة، أو يُعين على مشقّة؛ فنداؤه استغاثة، وهو مُستغاث. وتدخل لام الجرّ لقوّة التّعديَة، وتفتح مع المستغاث ما لم يكن معطوفا؛ فرقا بين المستغاث والمستغاث له2؛ فالأوّل: لامُه مفتوحة، والثّاني: لامُه مكسورة أبدًا، كقولك: (يا لَزَيْدٍ لِعَمْرٍو) ، ومنهُ قوله في المستغاث: يَا لَبَكْرٍ اُنْشرُوا لِي كُلَيْبا ... يَا لَبَكْرٍ أَيْنَ أَيْنَ الْفِرَارُ! 3   1 في كلتا النّسختين: لتخلّص، وهو تصحيف. 2 في كلتا النّسختين: إليه، وهو تحريف. 3 هذا بيتٌ من المديد، وهو للمهلهل بن ربيعة. والمعنى - كما قال الأعلم في تحصيل عين الذّهب 319 -: "يا لبكر أدعوكم لأنفسكم مطالِبًا لكم بإنشار كُليب وإحيائه؛ وهذا منه استطالَةٌ ووعيدٌ؛ وكانوا قد قتلوا كُليبًا أخاه في أمر البَسوس". والشّاهد فيه: إدخال لام الاستغاثة مفتوحةً على (بكر) ؛ للفرق بينها وبين لام المستغاث من أجله، وكانت أولى بالفتح؛ لوُقوع المنادى موقع الضّمير، ولام الجّر تُفتح مع الضّمائر. يُنظر هذا البيت في: الكتاب 2/215، واللاّمات 81، والخصائص 3/229، والتّبصرة 1/359، وتحصيل عين الذّهب 318، وشرح الرّضيّ 1/134، واللّسان (لوم) 12/561، 563، والخزانة 2/162. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 619 وقال الآخر في الجمع1: فَيَا لَلنَّاسِ لِلْوَاشِي2 المُطَاعِ! 3 ... تَكَنَّفَنِي الوُشَاةُ فَأَزْعَجُونِي [102/أ] وكقوله فيهما بالعطف: يَبْكِيكَ نَاءٍ بَعِيدُ الدَّارِ مُغْتَرِبٌ ... يَا لَلْكُهُولِ وَلِلشُّبَّانِ4مِنْ عَجَبِ5   1 أي: الجمع بين لام المستغاث، والمستغاث له. 2 في ب: المواشي، وهو تحريف. 3 هذا بيتٌ من الوافر، وهو لقيس بن ذريح، ونُسب - أيضًا - إلى حسّان بن ثابت - رضي الله عنه -. و (تكنّفني) : أحاطوا بي. و (الوُشاة) : النّمّامون، وأصله من الوَشْي؛ لأنّهم يُزيِّنون الكذب، ويُحِسِّنون الباطل. والشّاهد فيه: (فيا للنَّاس للواشي) حيث جاءت اللاّم مفتوحة مع المستغاث، ومكسورة مع المستغاث له. يُنظر هذا البيت في: الكتاب 2/216، واللاّمات 82، والجمل 166، والأصول 1/352، والنّكت 1/561، وشرح المفصّل 1/131، والمقرّب 1/183، وشرح الكافية الشّافية 3/1336، وابن النّاظم 588، والدّيوان 62. 4 في ب: وللشّباب، وهو تصحيف. 5 هذا بيتٌ من البسيط، ونسبه القيسيّ في إيضاح شواهد الإيضاح 1/268 إلى أبي الأسود الدّؤلي، وإلى أبي زُبَيْد الطّائيّ؛ وبالرُّجوع إلى ديوانيهما لم أجده فيهما، ولم أقف على قائله. والشّاهد فيه: (وللشّبّان) حيث كسرت فيه اللاّم، والقياس فتحها؛ حملاً على المعطوف عليه، ولكن لَمّا كان معلومًا وزال اللّبس ولم يكرّر حرف النّداء كُسِرتْ. يُنظر هذا البيت في: المقتضب 4/256، والأصول 1/353، والجُمل 167، والإيضاح 191، والتّبصرة 1/359، والمقرّب 1/184، وشرح الكافية الشّافية 3/1335، وابن النّاظم 588) ، والمقاصد النّحويّة 4/257، والخزانة 2/154. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 620 وهاتان اللاّمان لا بُدّ أن يتعلّقا بشيءٍ ممّا يعمل؛ لكونهما1 حرفي جرّ، والعامِل2 في الأوّل3: (يا) لنيابته4 عن الفعل5، والعَامِلُ في الثّاني6:   1 في كلتا النّسختين: كونهما. والمعنى يتطلّب وُجود اللاّم. 2 في ب: فالعامِل. 3 اختلف النُّحاة في اللاّم الدّاخِلَة على المستغاث: فقيل: هي زائدة، فلا تتعلّق بشيء؛ وهو اختيار ابن خروف. وقيل: ليست بزائدة، فتتعلّق؛ وفيما تتعلّق به قولان: أحدُهما: بالفعل المحذوف؛ وهو مذهب سيبويه، واختاره ابن عصفور. والثّاني: تتعلّق بحرف النِّداء؛ وهو مذهب ابن جِنّي - وهو الّذي نصّ عليه الشّارح -. وذهب الكوفيّون إلى أنّ هذه اللاّم بقيّة (آل) ، والأصل في (يا لزيد) : يا آل زيد، و (زيد) مخفوضٌ بالإضافة. تُنظر هذه المسألة في: الكتاب 2/217، 218، وشرح المفصّل 1/131، وشرح الجمل 2/109، والارتشاف 3/140، والجنى الدّاني 104، والمغني 288، 289، والهمع 3/72، والأشمونيّ 3/164. 4 في كلتا النّسختين: بالنّيابة، والصّواب ما هو مثبَت. 5 أي: بحرف النّداء النّائب مناب الفعل؛ وهو مذهب ابن جنّي - كما ذكرنا ذلك في الخلاف -. 6 في ب: الثّانية. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 621 محذوفٌ1؛ كأنّه قال: (أدعوكم لفلانٍ) فتَرك ذكره؛ [لأنّه] 2 لا يُستغاث بشيء إلاَّ لمعنىً. فإنْ كرّرت حرف النّداء فلا بدّ من فتحه3، كقول الشّاعر: يَا لَقَوْمِي وَيَا لأَمْثَالِ قَوْمِي ... لأُنَاسٍ عُتُوُّهُمْ فِي ازْدِيَادِ4   1 اختلف النُّحاة فيما تتعلّق به لامُ المستغاث له؛ على عدّة أقوال: أحدها: بفعلٍ محذوفٍ، تقديرُه: أدعوك لزيد. وقال ابن عصفور: ((قولاً واحد)) . وليس كذلك، بل الخلاف موجود. والثّاني: بحرف النّداء. والثّالث: بحال محذوفة، تقديرُه: يا لزيد مدعوًّا لعمرو. تُنظر هذه المسألة في: شرح الجمل 1/109، والارتشاف 3/140، والجنى الدّاني 104، والمغني 290، والهمع 3/73، والأشمونيّ 3/165. 2 ما بين المعقوفين ساقطٌ من ب. 3 إنْ عطفتَ المستغاث فلا يخلو إمّا أن تكرّر حرف النّداء أولا: فإنْ كرّرته فلا بدّ من فتح اللاّم؛ كالشّاهد الّذي ذكره الشّارح. وإن لم تكرّر كسرت اللاّم؛ لذهاب اللّبس حينئذ؛ قال الشّاعر: يَبْكِيكَ نَاءٍ بَعِيْدُ الدَّارِ مُغْتَرِبٌ ... يَا لَلْكُهُولِ وَلِلشُّبَّانِ لِلْعَجَبِ يُنظر: ابن النّاظم 587، 588. 4 هذا بيتٌ من الخفيف، ولم أقف على قائله. و (عتوّهم) : تكبُّرهم. والشّاهد فيه: (ويا لأمثال قومي) حيث فتحت اللاّم؛ لتكرير حرف النّداء. يُنظر هذا البيتُ في: ابن النّاظم 587، وأوضح المسالك 3/95، والمقاصد النّحويّة 4/256، والتّصريح 2/181، والأشمونيّ 3/164. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 622 ومن المنادى؛ المندوب: وهو المذكور توجُّعًا منه، نحو: (وا رأْسَاهُ) ، أو1 تفجُّعًا عليه؛ لفقْدِه، [نحو] 2: (وا زَيْدَاه) . والقصد بالنُّدْبَةِ: الإعلام بعظمة المُصاب؛ فلذلك لا يُنْدَب إلاّ العلَم3. وهو يختصّ بأحد حرفين4؛ وهما: (ياء) أو (وا) ، وبحرفين من آخره في الوقف؛ وهما: الألِف والهاء؛ وهاؤُه ساكنة؛ لأنّها هاء السّكْت، كقولك: (يا زيداهْ) و (يا عمراهْ) . وَإِنْ كان مُضافا حذفتَ التّنوين من المضاف إليه، وأَلْحقتَ به العلامة؛ فتقولُ: (وا غلامَ زيداه) . ولا تُندب5 النّكرة، ولا (أي) ، ولا اسم الإشارة، ولا الموصول المبهَم6، ولا اسم الجنس7 [المفرد] 8. [102/ب]   1 في أ: و. 2 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 3 ونحوه، كالمضاف إضافة توضّح المندوب، كما يوضّح الاسم العلَم. يُنظر: شرح الكافية الشّافية 3/1341، وابن النّاظم 591. 4 أي: بأحد حرفين من أوّله. 5 في أ: ولا يُندب. 6 في ب: ولا المبهم. 7 لأنّ القصد من النّدبة الإعلام بعظمة المصاب، وهو مفقودٌ هُنا؛ فلذلك لا يُندب إلا المعرفة السّالمة من الإبهام. يُنظر: التّصريح 2/182، والأشمونيّ 3/168. 8 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 623 ويجوز أن يُندب الموصول إذا اشتهرت صلته، [كقوله] 1: (وَا مَنْ حَفَرَ بِئْرَ زَمْزَمَاهْ) 2. وألِفٌ [الندبة] 3 لا تلزم4 المندوب؛ فيجوز بناؤُه5 على الضّمّ جاريًا مجرَى غيره من الأعلام المناداة؛ فتقولُ: (وا6 محمّد) ؛ ويجوز7 تنوينُه للضّرورة8، كقول الرّاجز: وَا فَقْعسٌ وَأَيْنَ مِنِّي فَقْعَسُ! 9   1 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 2 يُنظر: شرح الكافية الشّافية 3/1341، وابن النّاظم 591، وتوضيح المقاصد 4/7. 3 ما بين المعقوفين زيادة يقتضيها السياق؛ من شرح الجمل لابن بابشاذ 291. 4 في ب: لا يلزم. 5 المندوب له استعمالان: أحدهما: ما ذكرهُ الشّارح؛ وهو: أنّ المندوب إذا لم يلحقه الألِف فإنه يبنى على الضّمّ إنْ كان مفرَدًا، ويُنصب إنْ كان مُضافًا، كما يفعل بالمنادى؛ وإذا اضطّر إلى تنوينه جاز نصبُه وضمُّه، كما يجوز ذلك في المنادى، وذكر الشّارحُ شاهدًا على ذلك. والثّاني: أن يلحق آخر ما تمّ به ألِف. يُنظر: شرح الكافية الشّافية 3/1342، 1343، وابن النّاظم 591، 592. 6 في أ: يا محمّد. 7 في أ: ولا يجوز. 8 في ب: له للضّرورة. 9 هذا بيتٌ من الرّجز المشطور، ويُنْسب إلى رجلٍ من بني أسد؛ وبعده: أَإِبِلِي يَأْخُذُهَا كَرَوَّسُ و (فقعس) : اسمُ حيٍّ من أسد. و (كروّس) : اسمُ رجل؛ وقد أغار على إبله؛ وهو في الأصل: الغليظ. والشّاهد فيه: (وافقعس) فإنّ الرّاجز حينما اضطّر نوّنه بالضّمّ، ويجوز تنوينه بالنّصب؛ وهي الرّواية المشهورة. يُنظر هذا البيتُ في: مجالس ثعلب 474، والمقرّب 1/184، وشرح الكافية الشّافية 3/1342، وابن النّاظم 592، ورصف المباني 119،والمقاصدالنّحويّة 4/272،والتّصريح 2/182، والهمع 3/66، والأشمونيّ 3/168، والدّرر 3/17، 41. والرّواية في هذه الكتب بالنّصب (وا فقعسًا) وتوجيه رواية الرّفع؛ لأنّه مندوبٌ، والمندوب من قبيل المنادى، فيُبنى على ما يُرفع به إنْ كان علَمًا مفرَدًا؛ وهو هُنا كذلك، فبُني على الضّمّ، ثمّ نوّن لاضطّرار الشّاعر إلى ذلك فهو تنوينُ ضرورة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 624 وَحَذْفُ (يَا) يَجُوزُ فِي النِّدَاءِ ... كَقَوْلِهِمْ: رَبِّ اسْتَجِبْ دُعَائِي وَإِنْ تَقُلْ: يَا هَذِهِ أَوْ يَاذَا ... فَحَذْفُ (يَا) مُمْتَنِعٌ يَا هَذَا ويجوز حذف حرف النّداء اكتفاءً بتضمّن1 المنادى معنى الخِطاب إن لم [يكن] 2 مندوبا، أو مُضمَرًا، أو مستغاثا، أو اسم جنس، أو إِشارة3؛ لأنّ النّدبة تقتضي مدّ الصّوت.   1 في أ: بتضمين. 2 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 3 ولا يُحذف الحرف أيضًا في المتعجُّب منه، نحو: (يا للماء وللعشب) إذا تعجّبوا من كثرتهما، والمنادى البعيد، واسم الجنس غير المعيّن، كقول الأعمى: (يا رجلاً خذ بيدي) ؛ أما اسم الجنس المعيّن فقد نصّ عليه الشّارح، وفيه خلافٌ نتعرّض له؛ كما سيأتي. يُنظر: أوضح المسالك 3/72، والتّصريح 2/164، 165، والأشمونيّ 3/137. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 625 وقد1 أتى مفرَدًا، ومُضافا؛ فمن المفرَد قولُه تعالى: {يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا} 2؛ ومن المُضاف قولُه تعالى: {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا} 3. والاستغاثة4 الباعث [عليها] 5 هو: شدّة الحاجة إلى الغوث والنُّصرة. والمضمَر لو حُذف [منه] 6 حرف النّداء فاتت الدّلالة على النّداء؛ لأنّ الدّالّ عليه7 حرفُ النّداء، [وتضمّن المنادى معنى الخِطَاب] 8؛ فلو حذف9 من المنادى [المُضْمَر] 10 بقي الخطاب؛ وهو فيه غير صالح للدّلالة على إرادة النّداء11. [103/أ]   1 أي: قد أتى حذفُ حرف النّداء مفرَدًا، ومُضافًا. 2 من الآية: 29 من سورة يوسف. 3 من الآية: 10 من سورة الحشر. 4 في أ: وللاستغاثة. 5 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 6 ما بين المعقوفين زيادةٌ يقتضيها السّياق؛ من ابن النّاظم 566. 7 في كلتا النّسختين: عليها، والصّواب ما هو مثبَت. 8 ما بين المعقوفين زيادةٌ يقتضيها السّياق. يُنظر: ابن النّاظم 566. 9 أي: الحرف. 10 ما بين المعقوفين زيادةٌ يقتضيها السّياق، من ابن النّاظم 566. 11 لأنّ دلالته على الخطاب وضعيّة، لا تفارِقُه بحال. يُنظر: ابن النّاظم 566. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 626 و [أما] 1 اسم الجنس، واسم الإشارة فلا يُحذف منهما حرف النّداء2 إلاّ فيما ندر من [نحو] 3 قولهم: (أَصْبِحْ لَيْلُ) 4، وقوله   1 ما بين المعقوفين زيادةٌ يقتضيها السّياق، من ابن النّاظم 566. 2 عند الكوفيّين أنّ حذف حرفِ النّداء من اسم الجنس، والمشار إليه؛ قياسٌ مطّرد. ومذهب البصريّين المنع فيهما، وحملُ ما ورد على الشّذوذ، أو الضّرورة. وصرّح ابن مالكٍ في شرح الكافية الشّافية بموافقة الكوفيّين في اسم الجنس، فقال 3/1291: "وقولهم في هذا أصحّ". وقال المُراديّ في توضيح المقاصد 3/274: "والإنصاف القياس على اسم الجنس؛ لكثرته نظمًا ونثرًا، وقصر اسم الإشارة على السّماع؛ إذْ لم يَرِدْ إلاّ في الشّعر". تُنظر هذه المسألة في: شرح المفصّل 2/16، وشرح الكافية الشّافية 3/1290، وابن النّاظم 566، وتوضيح المقاصد 3/269، والتّصريح 2/165، والهمع 3/43، والأشمونيّ 3/136، 137. 3 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 4 هذا مَثَلٌ يُقال في اللّيلة الشّديدة الّتي فيها الشّر؛ أو في استحكام الغرض من الشّيء؛ وهو يُنسب لامرأة تزوّجها امرؤ القيس فكرهته، وطال ليلُها معه، فأخذت توقِظُه فيرفع رأسه فإذا هو بليل فيعودُ للنّوم، فأخذت تقول: (أصبح ليل) . والشّاهد فيه: حذف حرف النّداء من اسم الجنس؛ والأصل: أصبح يا ليل. يُنظر هذا المثل في: جمهرة الأمثال 1/191، ومجمع الأمثال 2/232، والمستقصى 1/200. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 627 في الحديث: "ثَوْبِي حَجَرُ" 1 فحرف2 النّداء في اسم الجنس كالعِوَض من أداة التّعريف فحقُّه أن لا يُحذَف، كما لم تُحذف3 الأداة؛ واسم الإشارة في معنى اسم الجنس فجرى مجراه. [و] 4 ممّا لا يُستعمَل5 فيه حرفُ النّداء قولُهم: (اللَّهُمَّ) ؛ وفي هذه الميم [قولان] 6: مذهب البصريّين7 أنّها حرف زِيْدَ عِوَضًا من (يا) ،   1 هذا حديثٌ قاله الرّسول - صلّى الله عليه وسلّم - حكايةً عن موسى - عليه السّلام -؛ حين فرّ الحجر بثوبه، حين وضعه عليه وذهب ليغتسل. وقد أخرجه البخاريّ في صحيحه، كتاب الأنبياء - عليهم الصّلاة والسّلام -، 4/305، ومسلم في صحيحه، كتاب الفضائل، باب من فضائل موسى - صلّى الله عليه وسلّم -، 4/1841، وأحمد في مسنده 2/135، 515. والشّاهدُ فيه: حذفُ حرف النّداء من اسم الجنس؛ والأصل: ثوبي يا حجر. ولم يستشهد الشّارحُ لحذف حرف النّداء من اسم الإشارة؛ وله شواهدُ كثيرة؛ منها: إِذَا هَمَلَتْ عَيْنِي لَهَا قَالَ صَاحِبي ... بِمِثْلِكَ هَذَا لَوْعَةٌ وَغَرَامُ يُنظر: شرح الكافية الشّافية 3/1291، 1292. 2 في ب: فحذف، وهو تحريف. 3 في أ: كما لا يُحذف. 4 العاطِف ساقطٌ من أ. 5 في ب: تستعمل. 6 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 7 يُنظر: الكتاب 2/196، ومعاني القرآن للفرّاء 1/203، والجُمل 164. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 628 وليس مأخوذًا من فعلٍ. وقال الفرّاء1: "الميمُ مأخوذٌ من (فعل) ؛ وأصلُه: يا الله أُمَّنَا منك بخيرٍ، أي: اقصدنا؛ فحُذفت الهمزة تخفيفا"2. والقولُ الأوّل أوجه.   1 يُنظر: معاني القرآن 1/203. 2 تُنظر هذه المسألة في: اللاّمات 85، والإنصاف، المسألة السّابعة والأربعون، 1/341، وأسرارُ العربيّة 232، والتّبيين، المسألة الثّانية والثّمانون، 449، وشرح المفصّل 2/16، وشرح الكافية الشّافية 3/1307، وابن النّاظم 572، والتّصريح 2/172، وائتلاف النُّصرة، فصل الاسم، المسألة السّادسة والعشرون، 47، والهمع 3/64. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 629 بَابُ التَّرْخِيمِ: وَإِنْ تَشَأ التَّرْخِيمَ فِي حَالِ النِّدَا ... فَاخْصُصْ بِهِ المَعْرِفَةَ المُنْفَرِدَا وَاحْذِفْ إِذَا رَخَّمْتَ آخِرَ اسْمِهِ ... وَلاَ تُغَيِّرْ مَا بَقِي مِنْ1 رَسْمِهِ تَقُولُ: يَا طَلْحَ وَيَا عَامِ اسْمَعَا ... كَمَا تَقُولُ فِي سُعَادَ: يَا سُعَا [103/ب] التّرخيم في اللّغة2: ترقيقُ الصّوت، وتليينُه. وهو عند النّحويّين: حذفُ بعض الكلمة على وجهٍ مخصوص3. وكذلك4 قيل5: هو تخفيف اللّفظ وتسهيلُه؛ ومنه قولُ الشّاعر: لَهَا بَشَرٌ مِثْلُ الحَرِيرِ وَمَنْطِقٌ6 ... رَخِيمُ الحَوَاشِي لاَ هُرَاءٌ وَلاَ نَزْرُ7   1 في متن الملحة 36، وشرح الملحة 260: عَنْ رَسْمِهِ. 2 اللّسان (رخم) 12/234. 3 يُنظر: ابن النّاظم 596. 4 في ب: ولذلك. 5 أي: في تعريفه في اللّغة. 6 في أ: منطلق، وهو تحريف. 7 هذا بيتٌ من الطّويل، وهو لذي الرُّمّة. و (بشر) : أراد به ظاهر جلدها. و (رخيم الحواشي) : ليّن نواحي الكلام. و (لا هراء) : وهو الكلام الكثير الّذي ليس له معنى. و (النّزر) : القليل؛ ويعني: أنّ كلامها لا كثيرٌ بلا فائدة، ولا قليلٌ مُخلّ؛ بل بين ذلك. والشّاهد فيه: (رخيم الحواشي) حيث جاء (الرّخيم) بمعنى الصّوت اللّيّن السّهل؛ والتّرخيم: تخفيفُ اللّفظ وتسهيلُه وتليينُه. يُنظر هذا البيتُ في: جمهرة اللّغة (هنأ) 2/1106، والخصائص 1/29، والمحتسب 1/334، وشرح شواهد الإيضاح 333، وشرح المفصّل 1/16، 2/19، واللّسان (هرأ) 1/181، (نزر) 5/203، وابن عقيل 2/263، والمقاصد النّحويّة 4/285،والأشمونيّ 3/171، والدّيوان 1/577. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 631 وهو ثلاثة أنواع: أحدها: حذف آخر الاسم في النّداء لغير موجِب؛ وشرطُه: أن يكون مفرَدًا، عَلَمًا، زائدًا على ثلاثة أحرُف1؛ وإنّما لم يرخّم الثّلاثيّ؛ لأنّه يبقى بحذف آخره على أقلّ ما عليه الأُصول، وأقلّ الأصول ثلاثة أحرُف؛ فلا يجوز ذلك في نحو: (زيد) ؛ لبقائه على حرفين، والمؤنّث بالهاء ليس كذلك - ويأتي ذكره -2. وأكثر ما في شعر العرب مرخّمًا ممّا ليس فيه تاء التّأنيث ثلاثة ألفاظٍ؛   1 ومن شروط ترخيم المنادى أيضًا: ألاّ يكون مضافًا؛ لأنّه لو حُذف من الأوّل لبقي التّرخيم في وسط الكلمة من حيث المعنى، والثّاني لا يمكن الحذف منه؛ لأنّه ليس منادى؛ لأنّ الّذي وقع عليه النّداء لفظًا هو الأوّل. ولا مستغاثًا مجرورًا باللاّم؛ لعدم ظهور أثر النّداء فيه، والتّرخيم من خصائص المنادى. ولا مستغاثًا في آخره زيادة، ولا مندوبًا؛ لأنّ المقصود بهما امتدادُ الصّوت، والتّرخيم يضادّ ذلك. يُنظر: أمالي ابن الشّجريّ 2/315، والإيضاح في شرح المفصّل 1/298، وشرح المفصّل 2/19، وشرح الرّضيّ 1/149، 150، والفوائد الضّيائيّة 1/341، 342، والتّصريح 2/184، والأشمونيّ 3/175، 176،والصّبّان 3/176. 2 في ص 641. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 632 وهي: (حارث) و (عامر) و (منصور) ؛ لكثرة تسميتهم بها. وللعرب في الاسم المرخّم مذهبان1: أحدهما: أن يبقى في آخره بعد الحذف على ما كان عليه [104/أ] من حركة أو سُكون، وأن ينوى ثبوت المحذوف - وهذا الأكثر -2؛ فتقول في (حَارِثٍ) : يا حَارِ3 أقبِل، ومنه قولُ الشّاعر: يَا حَارِ [لاَ] 4 أُرْمَيَنْ مِنْكُمْ5 بِدَاهِيَةٍ6 ... .........................................   1 في أ: وجهان. 2 وتسمّى هذه اللّغة: لغة من ينتظر. يُنظر: التّصريح 2/188، والأشمونيّ 3/179. 3 بكسر الرّاء كما كانت مكسورة قبل التّرخيم؛ وفي ترخيم جعفر: يا جعفَ بفتح الفاء، كما كانت مفتوحة قبل التّرخيم. 4 ما بين المعقوفين ساقطٌ من ب. 5 في أ: عنكم، وهو تحريف. 6 هذا صدرُ بيتٍ من البسيط، وعجزُه: لَمْ يَلْقَهَا سُوقَةٌ قَبْلِي وَلاَ مَلِكُ وهو لزهير بن أبي سُلمى، من قصيدة يُخاطِب بها الحارث الصّيداويّ، وكان أغار على إبل زُهير، وأخذ راعيه يَسَار، فطلب منه أن يردّ إليه راعيه، وتوعّده بالهجاء؛ فأطال عليه، فهجاه بهذه القصيدة، فردّ عليه راعيه وإِبله. و (الدّاهية) : النّازلة بالقوم، والخَطْب الشّديد. والشّاهدُ فيه: (يا حارِ) حيث رخّم على لغة مَن يحذف آخر الاسم ويُبقي الباقي على ما كان عليه من كسر الرّاء؛ وهذه اللّغة هي الأكثر. يُنظر هذا البيت في: جمهرة اللّغة (شظظ) 2/1009، والجُمل 169، واللّمع 177، والتّبصرة 1/367، وأمالي ابن الشّجريّ 2/302، وشرح المفصّل 2/22، وابن النّاظم 597، والمقاصد النّحويّة 4/276، والهمع 3/88، والدّرر 3/56، والدّيوان 87. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 633 و [منه] 1 قول الآخر: حَارِ2 بْنَ كَعْبٍ أَلاَ3 أَحْلاَمَ تَزْجُرُكُمْ4 ... ..................................... ومنه: فَصَالِحُونَا جَمِيْعًا إِنْ بَدَا لَكُمْ ... وَلاَ تَقُولُوا لَنَا أَمْثَالَهَا عَامِ5   1 ما بين المعقوفين ساقطٌ من ب. 2 في كلتا النّسختين: يا حَارِ، والصّواب ما هو مثبَت؛ كما في الدّيوان، والمصادر الأُخرى. 3 في كلتا النّسختين: لا، والصّواب ما هو مثبَت؛ كما في الدّيوان، والمصادر الأُخرى. 4 هذا صدرُ بيتٍ من البسيط، وعجزُه: عَنِّي وَأَنْتُمْ مِنَ الجُوفِ الجَمَاخِيرِ وهو لحسّان بن ثابت - رضي الله عنه -، وهو مطلَع قصيدة يهجو بها الحارث بن كعب المجاشعيّ، من رهط النّجاشيّ، وكان هجا بني النّجّار. و (الجوف) جمع أجوف؛ وهو: عظيم الجَوْف. و (الجماخير) جمع جُمخُور؛ وهو: العظيم الجسم، القليل العقل والقوّة، وقيل: الواسع الجَوْف. والشّاهد فيه: (حارِ بن كعب) حيث رخّم على لغة مَن يحذف آخر الاسم، ويُبقى الباقي على ما كان عليه من كسر الرّاء؛ وهذه اللّغة هي الأكثر. يُنظر هذا البيت في: الكتاب 2/73، والمقتضب 4/233، والجُمل 169، وأمالي ابن الشّجريّ 2/302، وشرح المفصّل 2/102، واللّسان (جوف) 9/35، وشرح شواهد المغني 1/210، والخزانة 4/72، 75، والدّيوان 1/219. 5 هذا بيتٌ من البسيط، وهو للنّابغة الذّبيانيّ، يخاطِب بني عامر بن صعصعة، وكانوا عرضوا عليه وعلى قومه مقاطعة بني أسد ومخالفتهم دونهم، فقال لهم: صالحونا وإيّاهم إِنْ شِئتُم ولا تَعْرِضوا علينا مصالحتكم دونهم، فإنّا لا نرضى بَدَلاً بهم. والشّاهدُ فيه: (عام) يريد: يا عامِر؛ حيث رخّم على لغة مَن يحذف آخر الاسم، ويُبقي الباقي على ما كان عليه من كسر الميم؛ وهذه اللّغة هي الأكثر. يُنظر هذا البيت في: الجمل المنسوب للخليل 138، والكتاب 2/252، والبغداديّات 450، والتّبصرة 1/366، وتحصيل عين الذّهب 334، وأمالي ابن الشّجريّ 2/303، والخزانة 2/133، والدّيوان 82. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 634 أراد: عامرًا؛ وكذلك تقول في (مالك) : يا مال. وقد جاء في غير فَاعلٍ قليلاً، ومنه قولُ أَوْس1بن حَجَر2: تَنَكَّرْتِ مِنَّا بَعْدَ مَعْرِفَةٍ لَمِي3 ... ....................................   1 في ب: أُويس. 2 هو: أوس بن حَجَر بن مالك التّميميّ، أبو شريح: شاعرُ تميم في الجاهليّة، كان كثير الأسفار، وأكثر إقامته عند عمرو بن هند في الحيرة؛ عُمِّر طويلاً، ولم يُدرك الإسلام. يُنظر: طبقات فُحول الشّعراء 1/97، والشّعر والشّعراء 174، والأغاني 11/73، والأعلام 2/31. 3 في ب: لي، وهو تحريف. وهذا صدرُ بيتٍ من الطّويل؛ وعجزُه: وَبَعْدَ التَّصَابِي وَالشَّبَابِ المُكَرَّمِ والمعنى: إنّك يا لميس قد أنكرتنا في الكبر والشّيخوخة بعد المعرفة الّتي كانت بيننا زمن الشّباب. والشّاهدُ فيه: (لَمِي) يريد: يا لميس؛ فرخّمه بحذف السّين. يُنظر هذا البيتُ في: الكتاب 2/254، والصّاحبيّ 383، وتحصيل عين الذّهب 335، وأمالي ابن الشّجريّ 2/304، وشرح قطر النّدى 236، والدّيوان 117. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 635 أراد: يا1 لميس. وتقول فيما كان رُباعيًّا كـ (جعفر) : يا جعفَ، وفي (قمطر) : يا قِمَطْ، وفي (هرقل) : يا هِرَقْ. فلا يحذف مِمَّا حروفه أصول سوى حرفٍ؛ رباعيًّا كان أو خماسيًّا2. والفرّاء3 يرى فيما قبل حرف إعرابه ساكن، نحو (هِرَقْلُ) و (قِمَطْرُ) أن يَحْذِف في التّرخيم حرفين4؛ واستدلّ بأنّه إذا قال: (يا قِمَطْ) - بسكون الطّاء - لزِم عدمُ النّظير؛ إذْ ليس في الأسماء المتمكّنة [ما] 5 آخره حرف صحيح ساكن6.   1 في ب: يريد يا نفس، وهو تحريف. 2 إذا كان الاسم مجرّدًا من التّاء جاز ترخيمُه بشروط؛ وهي: 1 - أن يكون عَلَمًا. 2 - زائدًا على ثلاثة أحرف. 3 - غير مضاف. 4 - ولا مركّب تركيب إسناد. يُنظر: أوضح المسالك 3/103، وابن عقيل 2/265، والتّصريح 2/185، والأشمونيّ 2/175. 3 يُنظر: الأصول 1/365، وشرح المفصّل 2/21، وشرح الكافية الشّافية 3/1357، وابن النّاظم 600، والأشمونيّ 3/177. 4 فتقول في (هرقل) و (قمطر) : يَا هِرَ، ويَا قِمَ. 5 في أ: ممّا، وهو تحريف، وفي ب: ساقطة. 6 عند الجمهور يرخّم الاسم بحذف حرفين بشروطٍ؛ وهي: 1 - أن لا يكون الاسم مختومًا بالتّاء. 2 - أن يكون ما قبل الأخير حرف لين ساكنًا، زائدًا، مكمّلاً أربعة أحرُف فأكثر؛ وذلك نحو: (عثمان) و (منصور) ، تقول في التّرخيم: يا عثم، ويا منص، بحذف حرفين؛ الأخير وما قَبله. يُنظر: شرح الكافية الشّافية 3/1353، وابن النّاظم 599، وأوضح المسالك 3/103، وابن عقيل 2/266، والتّصريح 2/186، والأشمونيّ 3/177. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 636 وقيل: ليس هذا بشيء؛ لأنّه يلزمه ألاَّ يُجيز: (يا حارُ) ؛ لئلاّ يلتبس بـ (قَبْلُ) و (بَعْدُ) عند بنائهما على الضّمّ1. [104/ب] وَقَدْ أُجِيزَ الضَّمُّ فِي التَّرْخِيمِ ... فَقِيلَ: يَا عَامُ بِضَمِّ المِيمِ المذهب الثّاني: أَلاَّ ينوي2 المحذوف؛ فيصير ما بقي كأنّه اسم تامّ؛ فيبنى على الضّمّ لِمَا عَرض له من النّداء3؛ فتقول: (يا حارُ) و (يا عامُ) و (يا مالُ) و (يا هرقُ) و (يا قمطُ) ؛ فإن رخمت اسم رجل سمّي بـ (بُلْبُل) فإنّك تضمّ الباء على اتّفاق المذهبين4؛ فتقول: (يا بلبُ أقبِل) . وَأَلْقِ حَرْفَينِ5 بِلاَ غُفُولِ ... مِنْ وَزْنِ فَعْلاَنَ وَمِنْ مَفْعُولِ6   1 التّعليلان مختلفان؛ فالفرّاء يرى المنع مُعَلِّلاً بعدم النّظير، وذلك أعمّ من أن يكون للّبس أولغيره؛ والشّارحُ أورد عليه بما هو أخصّ من ذلك وهو الالتباس. 2 في كلتا النّسختين: بنون، وهو تحريف. 3 وتسمّى هذه اللّغة لغة من لا ينتظر. يُنظر: التّصريح 2/188. 4 فضمّ الباء على المذهب الأوّل إقرارًا لها على الضّمّة الأصليّة، وعلى المذهب الثّاني ضمّة بناء. 5 في أ: حرفان، وهو خطأ. 6 في أ: فعول، وهو تحريف. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 637 تَقُولُ فِي مَرْوَانَ: يَا مَرْوَاجْلِسِ ... وَمِثْلُهُ: يَا مَنْصُ فَافْهَمْ وَقِسِ هذا الكلام يُشيرُ إلى أنّه إذا كان آخر الاسم زائدتين زيدتا مَعًَا؛ ويشترط ذلك أن يكونا معًا بعد ثلاثة أحرف فما فوقها؛ وهي: من (ألِف ونون) كـ (مروان) ، أو (واو ونون) كرجل اسمه (مسلمون) ، أو (ياء ونون) كـ (مسكين) 1، أو2 (ألف وهمزة) كـ (أسماء) ، أو3 (ألف وتاء) كـ (بركات) ، أو (واو وراء) 4 كـ (منصور) ؛ فتقول: يا مروُ، ويا مسلمُ، ويا مِسْكُ، ويا أسمُ، ويا بَرَكُ، ويا مَنْصُ5؛ و [منه] 6 قولُه: يَا مَرْوَ إِنَّ مَطِيَّتِي مَحْبُوسَةٌ ... تَرْجُو الحِبَاءَ وَ7 رَبُّهَا لَمْ يَيْأَسِ8 [105/أ]   1 في كلتا النّسختين: مسلمين، والصّواب ما هو مثبَت؛ ويتّضح ذلك من ترخيمه هُنا. 2 في أ: وألف. 3 في كلتا النّسختين: وألف. 4 في شرح ملحة الإعراب 262: "أو واو قبلها ضمّة، نحو: منصور ... ؛ فإنّك تحذف منه الحرف الأخير، وحرف الاعتلال الّذي قبله ... ، فتقول: يا منص". 5 بحذف الزّائدتين معًا. 6 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 7 العاطِف ساقطٌ من ب. 8 هذا بيتٌ من الكامل، وهو للفرزدق. و (يا مرو) أراد: يا مروان. و (الحِباء) : العطاء. والشّاهدُ فيه: (يا مرو) فإنّ أصله: يا مروان؛ فرخّمه بحذف النّون وحذف الألِف قبلها؛ لزيادتهما، وكون الاسم ثُلاثيًّا بعد حذفهما. يُنظر هذا البيت في: الكتاب 2/257، والجُمل 172، واللّمع 177، والتّبصرة 369، وأمالي ابن الشّجريّ 2/313، وشرح المفصّل 2/22، وأوضح المسالك 3/103، والمقاصد النّحويّة 4/292، والتّصريح 2/186، والأشمونيّ 3/178، والدّيوان 1/384 - وروايته: مَرْوَانُ إِنَّ مَطِيَّتِي مَعْكُوسَةٌ ... ...................................... ولا شاهد فيه على هذه الرّواية. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 638 ومنه [قولُه] 1: قِفِي فَانْظُرِي يَا أَسْمَ هَلْ تَعْرِفِينَهُ ... أَهَذَا المُغِيرِيُّ2 الَّذِي كَانَ يُذْكَرُ3   1 ما بين المعقوفين ساقطٌ من ب. 2 في ب: المُعيديّ، وهو تحريف. 3 هذا بيتٌ من الطّويل، وهو لعمر بن أبي ربيعة. والآمِرة هي نُعْمٌ محبوبة الشّاعر، و (يا أَسْم) أي: يا أسماء، وهي صاحبة نُعْم. و (المغيريّ) : المنسوب إلى المغيرة وهو جدّ عمر بن أبي ربيعة؛ وقد عنى بالمغيريّ نفسه. والشّاهدُ فيه: (يا أسم) حيث رخّمه بحذف الهمزة، ثم حذف الألف الّتي قبلها؛ والأصل: يا أسماء. يُنظر هذا البيت في: الجمل 171، وأمالي ابن الشّجريّ 2/314، وشرح المفصّل 2/22، وشرح قطر النّدى 235، والخزانة 11/369، والدّيوان 93، وروايته: قِفِي فَانْظُرِي أَسْمَاءُ هَلْ تَعْرِفِينَهُ ... ...................................... ولا شاهد فيه على هذه الرّواية الجزء: 2 ¦ الصفحة: 639 فإنْ كان في جميع هذا هاء [تأنيث] 1، أو ياء نسب، لم يحذف من هذه الزّوائد غيرها؛ فتقول في ترخيم (مُرْجَانَةٍ) على (فُعْلان) : يا مُرْجَانَ اقبِلي؛ وكذلك2 في رجل سُمّي بـ (حمراويّ) 3: يا حمراو4 أقبِل. وأمّا الأسماء المركّبة نحو: (مَعْدِي يكرب) و (سِيبَويْه) و (حضرموت) إذا سُمّي به رُخِّم بحذف عجزه في التّرخيم؛ لأنّه بمنزلة هاء التّأنيث من نحو: (طلحة) ، إلاّ أنّه خالف هاء التّأنيث في أنّه يُحذف معه ما قبله5؛ قال سيبويه6: "وأَمَّا اثْنَا7 عَشَر إذا سُمّي به ورُخّم حَذَفتَ8 [عشر مع] 9 الألف؛ لأنّ [عَشَر] 10 بِمَنْزِلَةِ نُون مُسْلِمين".   1 ما بين المعقوفين ساقطٌ من ب. 2 في ب: كذا. 3 في ب: بحمراء. 4 في أ: يا حمرا، وفي ب: يا ذي حمرا. 5 كقولك في اثنا عشر: (يا اثن) حذفت العجز مع الألِف قبله؛ وهو خاصّ بالمركّب العدديّ فقط. يُنظر: توضيح المقاصد 4/50. 6 يُنظر: الكتاب 2/269. 7 في أ: اثنى. 8 في أ: حُذِفَ. 9 ما بين المعقوفين ساقطٌ من كلتا النّسختين، وإكمالُه من الكتاب 2/269؛ لأنّ النّصّ منقولٌ منه. 10 في كلتا النّسختين: لأنّ الألِف، وهو سهو من النّسّاخ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 640 فتقول: [يا سيب] 1 [ويا اثن] 2 و (يا مَعْدِي) و (يا حَضْرَ) ؛ هذا إذا كان مركّبًا3 تركيب مزج؛ ومنهم مَن يركّبهما تركيب إضافة؛ فيقول4: (هذا حضرموت) ؛ فعلى هذا لم يجز ترخيمُه5 كما لم يجز6 ترخيم (غلام زيد) 7. وَلاَ تُرَخِّمْ هِنْدَ فِي النِّدَاءِ ... وَلاَ ثُلاَثِيًّا خَلاَ مِنْ هَاءِ8 وَإِنْ يَكُنْ آخِرَهُ هَاءٌ فَقُلْ ... فِي هِبَةٍ: يَا هِبَ مَنْ هَذَا الرَّجُلْ؟ [105/ب] المؤنّث بالهاء يجوز9 ترخيمُه مطلَقًا؛ أي: سواء كان ثلاثيًّا، أو ما زاد، علَمًا أو غير10 علم11.   1 في أ: ياس، وهو تحريف، وفي ب: ساقطة. 2 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 3 في أ: تركيبهما. 4 في أ: فتقول، وهو تصحيف. 5 وسيأتي في ص 650 أنّ الكوفيّين يجيزون ترخيم المركّب الإضافي بحذف عجزه؛ أما البصريّون فلا يجيزون ترخيمه. 6 في ب: لا يجوز. 7 في ب: قبل هذا النّظم: قال النّاظم. 8 في أ: ولا ثلاثيٍّ من الأسماء. 9 في أ: نحو، وهو تحريف. 10 في أ: وغير علم. 11 معرِفةً كان أو نكِرة؛ وشرط المبرّد في ترخيم المؤنّث بالهاء العلَميّة؛ فمنع ترخيم النّكرة المقصودة؛ والصّحيح جوازُه. يُنظر: المساعِد 2/547، والتّصريح 2/189، والأشمونيّ 3/172. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 641 وتاء التّأنيث بمنزلة اسم ضمّ إلى اسم، كالاسم المركّب؛ وكما أنّ الاسم الأوّل من المركّب مفتوح، فكذلك1 ما قبل تاء التّأنيث مفتوحٌ دائمًا؛ فتقول2 من ذلك في (ثُبَةٍ) : يَا ثُبَ أَقْبِل، وفي (جارية) : يَا جَارِيَ3 اسمع؛ قال الرّاجز4: جَارِيَ لاَ تَسْتَنْكِرِي5عَذِيْرِي6 ... ................................... وقالوا: (يا شا ارْجُني) 7 أي: يا شاة أقيمي.   1 في ب: فلذلك. 2 في ب: فنقول. 3 في أ: يا جار. 4 في أ: الشّاعر. 5 في ب: لا نستكبري، وهو تحريف. 6 هذا بيتٌ من الرّجز المشطور، وبعده: سَيْرِي وَإِشْفَاقِي عَلَى بَعِيرِي وهو للعجّاج. و (جاري) : مرخّم جارية. و (العذير) : الأمر الّذي يحاوله الإنسان ممّا يُعذر عليه إذا فعله. والشّاهد فيه: (جَاري) حيث رُخِّم بحذف تاء التّأنيث. يُنظر هذا البيتُ في: الكتاب 2/231، 241، والمقتضب 4/260، والصّحاح (عذر) 2/471، والتّبصرة 1/368، وأمالي ابن الشّجريّ 2/315، وشرح المفصّل 2/16، 20، وابن النّاظم 597، وأوضح المسالك 3/102، والخزانة 2/125، والدّيوان 227. 7 في أ: ارحبي، وهو تصحيف. يُقال: (شاة راجنٌ) أي: مقيمةٌ في البيوت؛ ورجَنَتْ تَرْجُن رُجُونًا: حبسها عن المرعى على غير علف. وقد رُويت هذه اللّفظة بالدّال (ادجني) من الدّجون؛ وهو إِلْفُ البيت والإقامة به. ويُقال: دجن بالمكان، يدجن دجونًا: أقام به. يُنظر: الصّحاح (دجن) 5/2111، (رجن) 5/1212، واللّسان (دجن) 13/148، (رجن) 13/176. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 642 وتقولُ في (هِبَةٍ) : يا هِبَ1، وفي (فاطمة) : يا فَاطِمَ، وفي (عائشة) : يَا عَائِشَ؛ قال الشَّمَّاخُ2: أَعَائِشَ مَا لأَهْلِكِ لاَ أَرَاهُمْ ... يُضِيعُونَ الهِجَانَ مَعَ المُضِيعِ3 وكذلك (حمزة) و (طلحة) ؛ وهذا يجوز فيه أربعة أوجُه إذا رُخِّمَ؛ تقول: [يا طلحَ، على: يا حارِ، و] 4 يا طلحُ، على: يا حارُ، ويا طلحةُ على الإقحام؛ ومعنى الإقحامُ: الزّيادة، مثل: يَا بُؤْسَ5 لِلْحَرْبِ6 ........ ... .................................   1 في ب: وتقول في (فاطمة) : يا فطم، وفي (هبة) : يا هب. 2 هو: الشّمّاخ بن ضِرَار الغطفانيّ، وقيل: اسمه معقل؛ والشّمّاخ لقبٌ له، ويُكنى أبا سعيد، وأبا كثير: شاعرٌ مخضرَم، أدرك الجاهليّة والإسلام، وكان شديد متون الشّعر؛ وكان أوصف الشّعراء للقوس، وأرجز النّاس على البديهة. يُنظر: طبقات فحول الشّعراء 1/132، والشّعر والشّعراء 195، والأغاني 9/184، والإصابة 3/285. 3 هذا بيتٌ من الوافر. و (عائش) : مرخّم عائشة. و (الهجان) : كرائم الإبل. والشّاهد فيه: (أعائش) حيث رُخِّمَ بحذف تاء التّأنيث. يُنظر هذا البيت في: الجمل 170، والصّاحبيّ 261، والأزهيّة 156، وأمالي ابن الشّجريّ 2/309، واللّسان (ثبج) 2/220، والدّيوان 219. 4 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 5 في ب: يا با بؤس، وهو تحريف. 6 هذا جزء من بيت من مجزوء الكامل، وهو بتمامه: يَا بُؤْسَ لِلْحَرْبِ الَّتِي وَضَعَتْ أَرَاهِطَ فَاسْتَراحُوا وهو لسعد بن مالك بن ضُبَيْعَة. والشّاهدُ فيه: (للحرب) حيث أقحم اللاّم بين المضاف والمضاف إليه. يُنظر هذا البيتُ في: الكتاب 2/207، والمقتضب 4/253، والجُمل 173، والخصائص 3/106، والتّبصرة 1/343، وشرح الحماسة للمرزوقيّ 2/500، وأمالي ابن الشّجريّ 1/421، 2/307، وشرح المفصّل 2/10، والمغني 1/468، 473. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 643 يريد: با بُؤْس الحربِ؛ فالتّاء زيدت ساكنةً بين الحاء وحركة التّاء1؛ لأنّه يمكنك أن تقول: (يَا طَلْحَتْ) - بسُكون التّاء -؛ فلمّا قيل: (يا طلحة) [106/أ] صارت التّاء بين الفتحة والحاء2، فوقعت بين شيئين. الرّابع: أن تقول: يا طلحَ؛ فإذا وقفت قلت: يا3طلحهْ، بهاء السّكت؛ ومَن قال: يا طَلْحَةَ؛ أقحم الهاء توكيدًا، وترك [آخِر] 4 الاسم مفتوحًا على حاله؛ قال النّابغة: كِلِينِي لِهَمٍّ يَا أُمَيْمَةَ5 نَاصِبِ ... وَلَيْلٍ أُقَاسِيهِ بَطِيءِ الكَوَاكِبِ6   1 في أ: وحركة السّكون، وهو تحريف. 2 في كلتا النّسختين: التّاء، وهو تحريف. 3 حرفُ النّداء ساقطٌ من ب. 4 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 5 في ب: با لميمة، وهو تحريف. 6 هذا بيتٌ من الطّويل، وهو للنابغة الذّبيانيّ. و (كِليني) : دَعيني وَهمِّي. و (أُميمة) : تصغير ترخيم أُمامة، وهي بِنْتُه. و (ناصب) : بمعنى منصب من النّصب؛ وهو التّعب. و (بطيء الكواكب) : من الطّول. أي: طويل. والشّاهد فيه: (أُميمة) حيث أقحم الهاء بعد حذفها ضرورة، فترك المنادى على حاله قبل الهاء. يُنظر هذا البيت في: الكتاب 2/207، 3/382، والجُمل 172، والبغداديّات 501، 503، والأزهيّة 237، وأمالي ابن الشّجريّ 2/306، وشرح المفصّل 2/12، 107، ورصف المباني 237، والمقاصد النّحويّة 4/303، والهمع 3/91، والخزانة 2/321، والدّيوان 40. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 644 وأجاز الفرّاء1 ترخيم الثّلاثيّ المتحرّك الأوسَط، نحو: (حكم) ؛ لأنّه إذا قيل فيه: (يا حك) 2لم يلزم عدمُ النّظير؛ إِذْ في الأسماء3ما هو على حرفين ثانيهما4 متحرّك، كـ (غدٍ) و (يدٍ) ؛ فإنْ كان الاسم5 ساكن   1 وترخيم الثّلاثيّ المتحرّك الأوسط هو مذهب الأخفش والكوفيّين إلا الكسائيّ. وذهب البصريّون إلى أنّ ترخيم ما كان على ثلاثة أحرُف لا يجوز بحال؛ وذلك لأنّ التّرخيم إنّما دخل في الكلام لأجل التّخفيف، وما كان على ثلاثة أحرف فهو على غاية الخِفّة، فلا يحتمل الحذف؛ لأنّ الحذف منه يؤدّي إلى الإجحاف به. يُنظر: الكتاب 2/255، 256، وأمالي ابن الشّجريّ 2/304، 305، والإنصاف، المسألة التّاسعة والأربعون، 1/356، وأسرار العربيّة 237، والتّبيين، المسألة الرّابعة والثّمانون، 456، وشرح الجُمل 2/114، وشرح الكافية الشّافية 3/1357، وابن النّاظم 600، وشرح الرّضيّ 1/149، وتوضيح المقاصد 4/43، وائتلاف النّصرة، فصل الاسم، المسألة الثّامنة والعشرون، 48. 2 في أ: يا حكم، وهو تحريف. 3 أي: المتمكّنة. 4 في ب: قبل ثانيهما، وهو تحريف. 5 أي: الثّلاثيّ، نحو: (بَكْر) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 645 الأوسط لم يجز ترخيمُه1. وَقَوْلُهُمْ فِي صَاحِبٍ: يَا صَاحِ ... شَذَّ لِمَعْنًى فِيهِ بِاصْطِلاَحِ ترخيم النّكرة لا يجوز2، نحو: (عالم) فلا يُقال فيه: يا عال، ولا يا راك في (راكب) ، بل سُمع من العرب في (صاحب) : يا صاح، ومنه قولُ الشّاعر: يَا صَاحِ مَا هَاجَ الدُّمُوعَ3 الذُّرَّفَا4 وهذا شاذّ؛ والعلّة فيه كثرة استعماله. فإنْ قلت: يا فار، في ترخيم (فارس) 5؛ فإنْ كان علَمًا جاز ترخيمُه،   1 نقل ابن عصفور الاتّفاق على منع ترخيمه؛ وكذلك ابن مالك، وابنه؛ والصّحيح ثُبوت الخلاف فيه. وحكي عن الأخفش وبعض الكوفيّين إجازة ترخيمه. يُنظر: أمالي ابن الشّجريّ 2/305، وشرح الجُمل 2/114، وشرح الكافية الشّافية 3/1358، وابن النّاظم 600، والمساعد 2/552، والتّصريح 2/185، والأشمونيّ 3/175 2 أجاز بعضُ النُّحاة ترخيم النّكرة المقصودة، نحو: يا غضنف، في (غَضَنْفَر) . يُنظر: الارتشاف 3/154، والأشمونيّ 3/175. 3 في ب: العُيون. 4 تقدّم تخريج هذا البيت في ص 158. والشّاهدُ فيه هُنا: (يا صاح) حيث رخّم (صاحب) وهو نكرة فهذا شاذّ؛ وسَوّغ ترخيمه كثرة استعماله لَمَّا كَثُرَ دعاء بعضهم بعضًا بـ (الصّاحب) أشبه العلم، فَرُخِّمَ بحذف يائه. 5 في ب: يا فارس. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 646 وإنْ كان نكرة لم يجز. والثّاني1: هو حذف آخر الاسم في غير [106/ب] النّداء لغير موجِب؛ ويختصّ بضرورة الشّعر، لكن بشرط كونه صالحًا أن2ينادى3؛ ومنه قولُ امرئ القيس: لَنِعْمَ الْفَتَى تَعْشُو إِلَى ضَوْءِ نَارِهِ ... طَرِيْفُ بْنُ مَالِ لَيْلَةَ الجُوعِ وَالخَصَرْ4 وأجاز سيبويه ذلك على نيّة المحذوف5، وأنشد أيضًا من ذلك:   1 أي: النّوع الثّاني من أنواع التّرخيم، والأول سبق في ص 632. 2 في أ: بأن يُنادى. 3 وأن يكون إمّا زائدًا على الثّلاثة، أو بتاء التّأنيث. يُنظر: أوضح المسالك 3/108، والتّصريح 2/189، والأشمونيّ 3/183. 4 في أ: الحصرى. وهذا البيتُ من الطّويل. و (تعشو) : تقصِد إليها. و (الخصر) : شدّة البرد. والشّاهدُ فيه: (مالِ) حيث رخّم الاسم غير المنادى؛ وأصلُه: مالك؛ وهذا خاصّ بالضرورة. يُنظر هذا البيت في: الكتاب 2/254، وشرح الكافية الشّافية 3/1370، وابن النّاظم 602، وتذكرة النُّحاة 420، وأوضح المسالك 3/109، وابن عقيل 2/270، والمقاصد النّحويّة 4/280، والتّصريح 2/190، والهمع 3/77، والدّيوان 142. 5 التّرخيم في هذا النّوع يكون على لغة من لا ينتظر بإجماع؛ أما على لغة من ينتظر فأجازه سيبويه، ومنعه المبرّد - كما سيأتي -. وقد استشهد سيبويه على ذلك بعدّة شواهد. يُنظر: الكتاب 2/269 وما بعدها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 647 أَلاَ أَضْحَتْ حِبَالُكُمْ رِمَامًا1 ... وَأَضْحَتْ مِنْكَ شَاسِعَةً أُمَامَا2 و [قال] 3 الآخر: إِنَّ ابْنَ حَارِثَ إِنْ أَشْتَقْ لِرُؤْيَتِهِ ... أَوْ أَمْتَدِحْهُ فَكُلُّ النَّاسِ قَدْ عَلِمُوا4   1 في أ: زماما. 2 في أ: أياما، وهو تحريف. وهذا البيتُ من الوافر، وهو لجرير. و (الحبال) هنا: حبال الوصل وأسبابُه. و (الرّمام) : جمع رميم؛ وهو: الخلِق البالي. و (الشّاسعة) : البعيدة. والشّاهدُ فيه: (أماما) حيث رخّم (أُمامة) في غير النّداء للضّرورة، وترك الميم على لفظها مفتوحة على لغة من ينتظر؛ وهي في موضع رفع. يُنظر هذا البيتُ في: الكتاب 2/270، ونوادر أبي زيد 31، والجُمل 174، وأمالي ابن الشّجريّ 2/317، وأسرارُ العربيّة 240، والإنصاف 1/353، وشرح عمدة الحافظ 1/313، وابن النّاظم 603، وأوضح المسالك 3/110، والخزانة 2/363، والدّيوان 1/221، وروايته: أَأَصْبَحَ وَصْلُ حَبْلِكُمُ رِمَامَا ... وَمَا عَهْدٌ كَعَهْدِكِ يَا أُمَامَا 3 ما بين المعقوفين ساقطٌ من ب. 4 هذا بيتٌ من البسيط، وهو للمُغيرة بن حبناء التّميميّ. والشّاهدُ فيه: (حارث) حيث رخّم (حارثة) وتركه على لفظه مفتوحًا كما كان قبل التّرخيم، وذلك في غير النّداء ضرورة. يُنظر هذا البيت في: الكتاب 2/272، والأُصول 3/458، والتّبصرة 1/373، وأمالي ابن الشّجريّ 2/320، وأسرار العربيّة 241، والإنصاف 1/354، والمقرّب 1/188، وشرح الكافية الشّافية 3/1371، وابن النّاظم 603، والمقاصد النّحويّة 4/283، وشعره ـ ضمن شعراء أمويّون ـ 3/100، وروايته: إِنَّ المُهَلِّبَ إِنْ أَشْتَقْ لِرُؤْيَتِهِ ... أَوْ أَمْتَدِحْهُ فَإِنَّ النَّاسَ قَدْ عَلِمُوا ولا شاهد فيه على هذه الرّواية. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 648 أراد: أُمامة، وحارِثة1. ومنع المبرّد2 من ذلك، وأنشد الأوّل: ................................... ... وَلاَ عَهْدٌ كَعَهْدِكِ يَا أُمَامَا3   1 في أ: أراد: حارثة، وأُمامة. 2 أي: إنّ المبرّد منع التّرخيم على لغة من ينتظر في هذا النّوع. يُنظر: أمالي ابن الشّجريّ 2/317، وشرح الكافية الشّافية 3/1371، وابن النّاظم 603، وأوضح المسالك 3/110، والأشمونيّ 3/184. 3 في ب: ولا عهدٌ كعهدكم بدل يا أُماما، وهو تحريف. وموقف المبرّد من رواية البيت والاستشهاد به: أنّه منع ما أجازه سيبويه؛ وكان يزعم أنّ الرّواية فيه: وَمَا عَهْدٌ كَعَهْدِكِ يَا أُمَامَا وأنّ عُمَارَةَ بن عَقيلِ بن بِلال بن جَريرٍ أنشده هكذا - كما قال الأعلم الشّنتمريّ في كتابه: تحصيل عين الذّهب 341- ثم قال الأعلم - مناصِرًا لسيبويه -: "وسيبويه أوثقُ من أن يُتَّهم فيما رواه". يُنظر: نوادر أبي زيد 31، وأمالي ابن الشّجريّ 2/317، وشرح الجمل 2/571، وضرائر الشّعر 138، وشرح الكافية الشّافية 3/1371، وابن النّاظم 603، والأشمونيّ 3/184، والخزانة 2/364. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 649 وقيل1: كلتا الرّوايتين لا تقدح2 إحداهما في الأُخرى3. وذهب الكوفيّون4 إلى ترخيم الثّاني من المضاف؛ وأنشدوا: خُذُوا حَظَّكُمْ يَا آلَ عِكْرَمَ وَاذْكُروا ... أَوَاصِرَكُمْ وَالرِّحْمُ بِالْغَيْبِ يُذْكَرُ5   1 يُنظر: شرح الجمل 2/571، وشرح الكافية الشّافية 3/1371، وابن النّاظم 603. 2 في أ: لا يقدح، وهو تصحيف. 3 وشرطُ ذلك - فيما أرى -: صحّة الرّوايتين؛ لأنّ كل رواية منهما تصلُح شاهدًا لِما استُشهد عليها به؛ فتكون رواية سيبويه شاهدًا على التّرخيم في هذا النّوع - وهو التّرخيم للضّرورة - على لغة من ينتظر. وتكونُ رواية المبرّد شاهدًا على ترخيم المنادى، لا على التّرخيم للضّرورة. 4 ذهب الكوفيّون إلى أنّ ترخيم المضاف جائز؛ ويوقِعون التّرخيم في آخر الاسم المُضاف إليه. وذهب البصريّون إلى أنّ ترخيم المضاف غير جائز؛ وذلك لأنّه لو حُذف من الأوّل لبقي التّرخيم في وسط الكلمة من حيث المعنى، والثّاني لا يمكن الحذف منه؛ لأنّه ليس منادى، لأنّ الّذي وقع عليه النّداء لفظًا هو الأوّل. يُنظر: الجُمل 168، وأمالي ابن الشّجريّ 2/315، والإنصاف، المسألة الثّامنة والأربعون، 1/347، والتّبيين، المسألة الثّالثة والثّمانون، 453، والإيضاح في شرح المفصّل 1/298، وشرح المفصّل 2/20، والفوائد الضّيائيّة 1/341، والتّصريح 2/190. 5 هذا بيتٌ من الطّويل، وهو لزُهير بن أبي سُلمى، من قصيدة قالها لبني سليم وقد بلغه أنّهم أرادوا الإغارة على غَطَفان. و (عكرمة) : هو عكرمة بن خَصَفَةَ بن قيس بن غيلان. و (الأواصِر) جمع آصِرة؛ وهي: القَرابة. والشّاهدُ فيه: (يا آل عكرم) حيث رخّم المضاف إليه المنادى؛ واستدلّ به الكوفيّون على جواز ترخيم المنادى المضاف بحذف آخر المضاف إليه. وذهب البصريّون إلى منع ذلك؛ وعلّتهم في المنع: أنّ المضاف إليه ليس هو المنادَى، ولا ترخيم عندهم إلاّ للمنادى؛ وأجابوا عن هذا وما هو مثله أنّه محمُولٌ على الضّرورة. يُنظر هذا البيت في: الكتاب 2/271، والأُصول 3/457، والتّبصرة 1/372، وأمالي ابن الشّجريّ 1/191، 2/315، والإنصاف 1/347، والتّبيين 454، وشرح المفصّل 2/20، وشرح الجمل 2/571، والخزانة 2/329، والدّيوان 159. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 650 يُريد: يا آل عكرمة. والثّالث: ترخيم التّصغير، كقولك في (أَسْوَد) : سُوَيْد1، [107/أ] وما أشبه ذلك.   1 في ب: سيويد، وهو خطأ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 651 بَابُ التَّصْغِيرِ: وَإِنْ1 تُرِدْ تَصْغِيرَ الاسْمِ المُحْتَقَرْ ... إِمَّا لاهْوانٍ2 وَإِمَّا لِصِغَرْ فَضُمَّ مَبْدَاهُ لِهَذِي الحَادِثَهْ ... وَزِدْهُ يَاءً تَبْتَدِي3 ثَالِثَهْ تَقُولُ فِي فَلْسٍ: فُلَيْسٌ يَا فَتَى ... وَهَكَذَا كُلُّ ثُلاَثِيٍّ أَتَى التّصغير: يختصّ بالاسم الخالي من مانعٍ لفظيّ4، أو معنويّ. فاللّفظيّ على ضربين5: ضربٌ متوغّلٌ في شبه الحرف، كالمضمرات، وأسماء الأفعال، والاستفهام6، والشّرط. وضربٌ هو على صيغة تشبه صيغة المصغّر7، كـ (مسيطِر) 8 و (مهيمِن) . والمعنويّ: كون الاسم مستحقًّا للتّعظيم لزومًا، كاسم الله تعالى، وكُتبه، ورُسله؛ فإذا خلا الاسم من ذلك جاز تصغيرُه9.   1 في ب: فإن. 2 في متن الملحة 37: إِمَّا لِهَوانٍ، وفي شرح الملحة 265: إِمَّا لِتِهْوَانِ. 3 في متن الملحة 37، وشرح الملحة 265: تَبْتَدِيْهَا. 4 في ب: من المانع اللّفظيّ، أو المعنويّ. 5 في أ: ضرفين، وهو تحريف. 6 في أ: وللاستفهام. 7 في ب: التّصغير. 8 في أ: مسطر. 9 ومن شروط التّصغير أيضًا: أن يكون اسمًا؛ فلا يصغّر الفعل ولا الحرف؛ لأنّ التّصغير وصفٌ في المعنى، والوصفُ من خواصّ الأسماء. يُنظر: التّصريح 2/317، والأشمونيّ 4/156. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 653 والتّصغير يأتي على خمسة معان: أحدها: التّحقير؛ كقولك في (رجل) : رُجَيْل. والثّاني: لتقليل العدد؛ كقولك في (دراهم) : دُرَيْهِمَات. والثّالث: لتقريب المسافة؛ كقولك: ( [نزلنا] 1 دوين المنزلة) . والرّابعُ: للتّحنُّن والتّلطُّف2؛ كقولك: (يا بُنيّ) و (يا أُخيّ) . [107/ب] والخامس: تصغير التّفخيم والتّهويل3؛ كقول الحُبَابِ4 بن المنذر5: "أَنَا جُذَيْلُهَا المُحَكَّكُ، وَعُذَيْقُهَا المُرَجَّبُ"6.   1 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 2 في أ: والتّعطُّف. 3 وهذا المعنى زاده الكوفيّون، وردّه البصريّون بالتّأويل إلى تصغير التّحقير ونحوه. يُنظر: شرح المفصّل 5/114، وشرح الجمل 2/289، والارتشاف 1/169، والتّصريح 2/317، والهمع 6/130، والأشمونيّ 4/157. 4 في أ: حباب. 5 هو: الحُبَابُ بن المنذر بن الجموح الأنصاريّ الخزرجيّ ثمّ السُّلميّ، يكنى أبا عمرو: صحابيٌّ جليل، شَهِد بدرًا، وكان من الشُّجعان الشّعراء؛ يقال له: (ذو الرّأي) ؛ مات في خلافة عمر - رضي الله عنه - وقد زاد على الخمسين. يُنظر: الاستيعاب 1/377، وأُسد الغابة 1/436، والإصابة 2/9 6 هذا مثلٌ قاله الحُباب بن المنذر - رضي الله عنه - يوم السّقيفة عند بيعة أبي بكر - رضي الله عنه - يريد أنّه رجل يُسْتَثْفَى برأيه وعَقْله. و (الجُذَيْل) : تصغير الجِذْل؛ وهو أصل الشّجرة. و (المحكّك) : الّذي تتحكّك به الإبل الجَرْبَى. و (العُذَيْق) : تصغير العَذْق؛ وهو: النّخلة. و (المرجّب) : الّذي جعل له رُجْبَة؛ وهي دِعامة من الحجر يُبنى حولها. يُنظر: صحيح البخاريّ، كتاب الحُدود، باب رجْم الحُبلى من الزّنا إذا أحصنت، 8/304، ومسند أحمد 1/56، وغريب الحديث لأبي عُبيد 2/252، وكتاب الأمثال لأبي عُبيد 103، والسّيرة النّبويّة 4/231، ومجمع الأمثال 1/52، والمستقصى 1/377، واللّسان (جذل، حكك، عذق، رجب) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 654 ومنه قولُ الشّاعر: وَكُلُّ أُنَاسٍ سَوْفَ تَدْخُلُ بَيْنَهُمْ ... دُوَيْهِيَّةٌ تَصْفَرُّ مِنْهَا الأَنَامِلُ1   1 هذا بيتٌ من الطّويل، وهو للبيد بن ربيعة. و (دويهيّة) : تصغير داهية؛ وأصلُ الدّاهية: المصيبة من مصائب الدّهر، وأراد بها ههنا الموت. و (تصفرُّ منها الأنامل) أراد بالأنامل ههنا: الأظافر؛ لأنّها هي الّتي تصفرّ بالموت. والشّاهدُ فيه: (دويهيّة) حيث إنّ التّصغير يفيد التّعظيم والتّهويل؛ وهو مذهب الكوفيّين. ورُدَّ بأنّ تصغيرها على حسب احتقار النّاس لها وتهاوُنهم بها؛ إذِ المراد بها الموت، أي: يجيئُهم ما يحتقرونه مع أنّه عظيمٌ في نفسه تصفرّ منه الأنامل. يُنظر هذا البيتُ في: جمهرة اللّغة (خوخ) 1/232 - وفيه (خُوَيْخِيَّة) بدل (دويهيّة) ومعناها الدّاهية -، وديوان المعاني 1/118، وأمالي ابن الشّجريّ 1/36، 2/257، 384، والإنصاف 1/139، وشرح المفصّل 5/114، والمغني 70، والمقاصد النّحويّة 1/8، 4/535، والهمع 6/130، والأشمونيّ 4/157، والخزانة 6/159، والدّيوان 132. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 655 يُشير إلى الموت. وقد صغّر1 فعل التّعجُّب؛ كقولك: (ما أُحيسنَ زَيدًا) 2، ومنه قولُ الشّاعر: يَا مَا أُمَيْلِحَ غِزْلاَنًا شَدَنَّ لَنَا3 ... ................................... وعلامة التّصغير: أن يضمّ أوّل الاسم، ويُزاد فيه ياء ثالثة4. ولا يصغّر ما هو أقل من ثلاثة أحرُف5. فصيغة المصغّر الثُّلاثيّ (فُعَيْل) ، كقولك6 في (كعبٍ) : كُعَيْب؛ فإنْ كان7 مضعّفًا أظهرت التّضعيف؛ فتقول في (جدّ) : جُدَيْد، وفي (دنٍّ) 8: دُنَيْن؛ فهذا المثال الأوّل.   1 في ب: يصغّر. 2 وتصغير فعل التّعجُّب شاذٌّ عند البصريّين. ينظر: التّصريح 2/317، والأشمونيّ 4/156. 3 تقدّم تخريجُ هذا البيت في ص 506. والشّاهدُ فيه هُنا: (أُميلح) فإنّه تصغير (أملح) ، وهو فعل تعجُّب؛ وهذا البيتُ شاذّ عند البصريّين. 4 وهذه الياء ساكنة، مفتوحٌ ما قبلها. 5 لأنّ أدنى أبنية التّصغير (فُعَيْل) ؛ وذلك لا يكون إلاّ من بنات الثّلاثة، وما حُذف منه حرف رُدّ ما حذف منه حتى يصير ثلاثة. يُنظر: الكتاب 3/449، وشرح المفصّل 5/118. 6 في أ: كقولهم. 7 أي: الثّلاثيّ. 8 الدّنُّ: وِعاءٌ ضخمٌ للخمر ونحوها. اللّسان (دنن) 13/159. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 656 وَإِنْ يَكُنْ مُؤَنَّثًا أَرْدَفْتَهُ ... هَاءً كَمَا تُلْحِقُ لَوْ وَصَفْتَهُ فَصَغِّرِ النَّارَ عَلَى1 نُوَيْرَهْ ... كَمَا تَقُولُ: نَارُهُ مُنِيرَهْ المصغّر إن يكن2 مؤنّثًا بالمعنى3 أُلحقت به في التّصغير هاء التّأنيث؛ لأنّ التّصغير [108/أ] يَرُدُّ الأشياء إلى أُصولها4؛ فتقوم مقام الوصف؛ فتقول في (أرض) : أُريضة5، كما تقول: (أرض ضيّقة) فجرى إلحاق6 الهاء مجرى الصّفة؛ وهذا الحكم يطّرد في سبعة أسماء؛ فجائز7 إلحاق الهاء بها في حال التّصغير، وحذفها - والحذفُ أفصح -؛ وهي: (الحَرْب) 8 و [الفرس] 9 و (القَوْس) و (العِرْس) 10   1 في أ: فقل. 2 في ب: يكون، وهو تصحيف. 3 المؤنّث المعنويّ: ما ليس علامته لفظيّة؛ وإلاّ فالتّأنيث مطلَقًا راجعٌ للّفظ؛ لأنّ علامته الملفوظة أو المقدّرة لفظيّة. الصّبّان 3/253. 4 أي: إذا كان ثلاثيًّا. قال ابن يعيش 5/127: "وإنّما لحقت التّاء في تحقير المؤنّث إذا كان على ثلاثة أحرُف لأمرين: أحدهما: أنّ أصل التّأنيث أن يكون بعلامة، والآخر: خفّة الثّلاثيّ. فلمّا اجتمع هذان الأمران، وكان التّصغير قد يردّ الأشياء إلى أصولها فأظهروا العلامة المقدّرة لذلك". ويُنظر: شرح ملحة الإعراب 267، والفُصول الخمسون 250، والصّبّان 4/171. 5 في ب: رضيّة، وهو تحريف. 6 في أ: بإلحاق. 7 في أ: فجاز. 8 في أ: الحرث، وهو تصحيف. 9 ما بين المعقوفين ساقطٌ من ب. 10 في ب: والعرس، والقوس. و (العِرْس) بالكسر: امرأةُ الرّجل، ورَجُلُها، ولَبُؤَةُ الأسد؛ وبالضّمّ وبضمّتين: طعامُ الوليمة، والنّكاح؛ والمناسِب هُنا: العِرْس - بالكسر -. القاموس المحيط (عرس) 718. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 657 [والعَرَب] 1 و (درع الحديد) و (النَّابُ من الإِبل) 2. وَصَغِّرِ البَابَ فَقُلْ: بُوَيْبُ ... وَالنَّابُ إِنْ صَغَّرْتَهُ نُيَيْبُ لأَنَّ بَابًا جَمْعُهُ أَبْوَابُ ... وَالنَّابُ أَصْلُ جَمْعِهِ أَنْيَابُ فإن كان ثاني الثّلاثيّ حرف علّة نُظر؛ فإنْ كان واوًا لم يتغيّر في التّصغير؛ فتقول في (ثوبٍ) و (حوضٍ) : ثُوَيْبٌ، وحُوَيْضٌ. وإن كان ياءً فالأحسن ضمّ أوّله؛ [وقد] 3 كسروه4، فقالوا في تصغير (بيت) ، و (عين) : بِييت، وعِيينة. وإنْ كان ألِفًا فتردّ إلى ما انقلبت عنه؛ كقولك في (اب) : بويب، وفي (ناب) : نييب، وكذلك (مالٌ) و (غارٌ) 5. ومعرفة ذلك بالجمع6، أو بتصريف الكلمة، كقولك: (أبواب)   1 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 2 النّابُ من الإبل: النّاقة المسنّة. اللّسان (نيب) 1/776. 3 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 4 في أ: كسر. 5 تقول في تصغيرهما: مويل، وغُوير. 6 قال سيبويه 3/417: "التّصغير والجمع من وادٍ واحد". وقال - أيضًا - 3/461: "تحقير ما كانت الألف بدلاً من عينه إن كانت بدلاً من واو ثم حقّرته رددت الواو، وإن كانت بدلاً من ياء رددت الياء؛ كما أنّك لو كسّرته رددتّ الواو إنْ كانت عينه واوًا، والياء إنْ كانت عينُه ياءً". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 658 و (أنياب) و (تَمَوَّلْتُ) 1 و (غَيَّرْتُ) 2. وتقول في (ريح) و (ديمةٍ) 3: رويحة، ودويمة؛ كقولك في التّصريف: رَوَّحتْ، ودامت تدوم4. [108/ب] فإن كان مؤنّثًا5 أُلحقت به الهاء، كقولك في تصغير (رحى) و (عصا) : رحيّة، وعصيّة6. وَفَاعِلٌ تَصْغِيرُهُ فُوَيْعِلُ ... كَقَوْلِهِمْ فِي رَاجِلٍ: رُوَيْجِلُ هذا المِثال الثّاني؛ وهو (فُعَيْعِل) ؛ وهذه الصّيغة تختصّ بالاسم الرُّباعيّ؛ فتقولُ في تصغير (جعفر) و [درهم] 7: جعيفر، ودريهم؛ ولا تلحق هاء التّأنيث بالرّباعيّ المؤنّث، كقولك في [تصغير] 8 (عقرب)   1 في أ: موّلت، وفي ب: أمور؛ وكلتاهما محرّفة. 2 في ب: غيران. 3 الدِّيمة: المطر يطول زمانُه في سُكون؛ وقيل: من المطر الّذي لا رعد فيه ولا برْق تدوم يومها. اللّسان (دوم) 12/213. 4 في اللّسان (دوم) 12/213: "دامتِ السّماء تَدِيم دَيْمًا، ودَوَّمَتْ، ودَيَّمَتْ". 5 في ب: منوّنًا، وهو تحريف. 6 هذا مستفادٌ من الحريريّ في شرحه على ملحة الإعراب 269؛ وهناك إضافةٌ يحسُن إيرادُها؛ وهي: "وإنْ كان آخر الاسم الثّلاثيّ حرف اعتلالٍ جعلتَه ياءً مشدّدة، سواءً أكان ألِفًا، أو واوًا، أو ياءً؛ تقول في تصغير (قفا) و (قرو) و (جَدْي) : قفي، وقري، وجدي". 7 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 8 ما بين المعقوفين ساقطٌ من ب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 659 و (زينب) : عُقيرب، وزيينب؛ ويجوز كسر أوّله لأجل الياء، فتقول: زِيينب. فإنْ كان ثانيه حرف علّة نُظر؛ فإنْ كانت واوًا أصليّة ثبتت، كقولك في تصغير (جوهر) : جويهر. فإنْ كانت منقلبة عن ياء فتردّها إلى الياء؛ فتقول في تصغير (موسر) و (موقِن) : مييسر، ومييقن؛ لأنّهما من أيسر، وأيقن1. فإنْ كان ثانيه ياءً مشدّدة خُفِّفت في التّصغير؛ لئلاّ يجتمع ثلاثُ ياءات؛ فتقولُ في تصغير (سيِّد) و (ليِّن) : سييد، وليين. فإنْ كان2ألِفًا أبدلت3منها واوًا مفتوحة؛ كقولك في (راجل) و [خاتم] 4: رُويجل، وخويتم. وَإِنْ تَجِدْ مِنْ بَعْدِ ثَانِيهِ أَلِفْ ... فَاقْلِبْهُ يَاءً أَبَدًا وَلاَ تَقِفْ تَقُولُ: كَمْ غُزَيِّلٍ ذَبَحْتُ ... وَكَمْ دُنَيْنِيرٍ بِهِ سَمَحْتُ [109/ أ] إنْ كان ثالث الرّباعيّ حرف علّة قلبته ياءً مشدّدة؛ فتقول في تصغير (كتاب) و (غزال) : كُتَيِّب، وغُزَيِّل؛ و (عجوز) و (سعيد) : عُجَيِّز، وسُعَيِّد.   1 وإنْ كان ثانيه ياءً بقيَتْ؛ كقولك في (زينب) : زيينب. شرح ملحة الإعراب 269. 2 أي: فإنْ كان ثانيه ألِفًا. 3 في أ: بدّلت. 4 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 660 فإنْ كانت الواو متحرّكة جاز أن تقلبها في التّصغير ياءً مشدّدة؛ وجاز أن تظهر الواو كما كانت متحرّكة؛ كقولك في تصغير (أَسْوَد) و (جدول) 1: أُسَيِّد2، وجُدَيِّل3، [وإنْ شئتَ قلتَ: أُسَيْوِد، وجُدَيْوِل] 4، والقلبُ أجود5. وإنْ كان آخره ألفًا مقصورة؛ فإنْ كانت للتّأنيث6 أقررتها على حالها، كقولك في تصغير (حُبْلَى) و (بُشْرى) : حُبَيْلى، وبُشَيْرَى. فإنْ كان آخره همزة صُغِّر كتصغير7 الثّلاثيّ؛ فتقول في تصغير (كساء) و (رِداء) : كُسَيٍّ، ورُدَيٍّ.   1 في كلتا النّسختين: أجدل، والتّصويب من الحريريّ 270. 2 في كلتا النّسختين: أسيود، والتّصويب من الحريريّ 270. 3 في كلتا النّسختين: أُجيدل، والتّصويب من الحريريّ 270. 4 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 5 القلب هو الجيِّد؛ لأنّ الكلمة بعد التّصغير أشبهت باب سَيّد، والإعلال فيه واجب. وإنّما جاز التّصحيح مع موجب الإعلال لقوّة الواو المتحرّكة، وعدم كونها في الآخر الّذي هو محلّ التّغيير، وكون ياء التّصغير عارضة غير لازمة. وقال بعضُهم: إنّما جاز ذلك حملاً على التكسير، نحو: أَسَاوِد، وجداوِل. يُنظر: الكتاب 3/469، وشرح المفصّل 5/124، وشرح الشّافية 1/230. 6 "وإنْ كانت لغير التّأنيث قلبتها تاء؛ كقولك في تصغير (ملهى) و (معزى) : مُليهة، ومُعيزة". شرح ملحة الإعراب 271. 7 في أ: تصغير. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 661 فإنْ كان خُماسيًّا ورابعه1 حرف علّة ما كان، قلبته في التّصغير ياءً؛ فتقول في تصغير (دينار) و (سِرْبال) : دُنينير، وسُريبيل؛ وفي تصغير (منديل) و (عصفور) : منيديل، وعصيفير. وَلاَ تُغَيِّرْ فِي عُثَيْمَانَ الأَلِفْ ... وَلاَ سُكَيْرَانَ الَّ‍ذِي لاَ يَنْصَرِفْ2 [109/ب] إذا كان آخر الاسم ألِفًا ونونًا فلا يخلو من أن يكون ما قبل الألِف والنّون ثلاثة أحرف، أو أربعة: فإنْ كان ثلاثة كـ (سِرحان) و (سلطان) و (عثمان) و (سكران) فانظر إلى الاسم هل3 جُمِعَ جمع التّكسير أم لا؟ 4. فإنْ جُمع جمع التّكسير فإنّ ألِفه تنقلِبُ ياءً في الجمع؛ فكذلك تُقلَب في التّصغير، فتقول في تصغير (سِرحان) و (سلطان) : سريحين، وسُليطين، كقولك في الجمع: سراحين، وسلاطين. فإن لم يُجمع جمع التّكسير5 فصغِّر الصّدرُ6 منه، ثمّ أُلحق به الألِف   1 في أ: آخره. 2 في متن الملحة 39، وشرح الملحة 271 جاء النّظم هكذا: وَقُلْ: سُرَيْحِينُ لِسَرْحَانَ كَمَا ... تقول في الحمع: سَرَاحِينُ الحِمَى وَلاَ تُغَيِّرْ فِي عُثَيْمَانَ الأَلِفْ ... وَلاَ سُكَيْرَانَ الَّذِي لاَ يَنْصَرِفْ وَهَكَذَا زُعَيْفَرَانُ فَاعْتَبِرْ ... بِهِ السُّدَاسيَّاتُ وَافْقَهْ مَا ذُكِرْ 3 في ب: إنْ كان يُجمع. 4 في ب: تكسير. 5 في ب: تكسير. 6 في أ: المصدر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 662 والنّون؛ فتقول في تصغير (عثمان) و (سكران) : عثيمان، وسكيران؛ لأنّهما لم يُقَلْ في جمعهما: عثامين، ولا سكارين1. فإنْ كان ما قبل الألِف والنّون أربعة أحرُف صغّرت الأربعة، ثمّ ألحقت بها الألِف والنّون؛ فتقول في تصغير2 (زعفران) و (ثعلبان) و (عقربان) : زُعيفران، وثُعيلبان، وعُقيربان؛ وهذا مطّرد3. وَارْدُدْ إِلَى الْمَحْذُوفِ مَا كَانَ حُذِفْ ... مِنْ أَصْلِهِ حَتَّى يَعُودَ مُنْتَصَفْ4 كَقَوْلِهِمْ فِي شَفَةٍ: شُفَيْهَهْ ... وَالشَّاةُ إِنْ صَغَّرْتَهَا: شُوَيْهَهْ [110/أ] اعلم أنّ كل اسم يَرِدُ5على حرفين فإنّ التّصغير يردّه إلى أصله، ويُعيد إليه ما كان نقص منه. فمنه ما حُذف فاؤُه6 كـ (عِدَة) ، فتقول في تصغيرها: وُعَيْدة، وما حُذف عينُه كـ (مُذْ) ، فتقول فيه: مُنَيْذ، وما حُذف لامُه كـ (يد)   1 لأنّ الألِف والنّون فيهما شابها ألفي التّأنيث بدليل منع الصّرف؛ فكما لم يتغيّر ألفا التّأنيث لا يتغيّر ما أشبههما، ولَمّا لم تكن الألِف والنّون في (سرحان) و (سلطان) كذلك حصل التّغيير. التّصريح 2/320. 2 في ب: فتقول في تصغير زعفران: زُعيفران، وفي ثعلبان، وعقربان: ثُعيلبان، وعقير، وعُقيربان. 3 في أ: يطّرد. 4 في ب: منصرف. 5 في ب: يزيد. 6 في أ: واوُه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 663 و (دم) و (سنة) ، فتقول في تصغيرها: يُدَيَّة؛ لأنّ المحذوف منها الياء، كقولهم: يَدَيْتُه1، أي: أوليتُه يدًا2، ومنه قولُ الشّاعر: يَدَيْتُ عَلَى ابْنِ حَسْحَاسِ بْنِ وَهْبٍ ... بِأَسْفَلِ ذِي الجِدَاةِ3 يَدَ الكَريمِ4 وتقولُ في تصغير (دم) : دُمَيٌّ؛ لأنّ المحذوف منه الياء، بدليل قولهم [في تثنيته] 5: دَمَيَان، ومنهُ قولُ الشّاعر:   1 في ب: يديه. 2 قال الجوهريّ في الصّحاح (يدى) 6/2540: "يَدَيْتُ الرّجلَ: أصبتُ يَدَهُ، فهو مَيْدِيٌّ؛ فإنْ أردت أنّك اتّخذتّ عنده يَدًا قلتَ: أَيْدَيْتُ عنده يَدًا، فأنا مُودٍ؛ وهو مُودًى إليه. ويَدَيْتُ لغة". ثمّ استشهد بالشّاهد الّذي أورده الشّارح. 3 هكذا بالدّال المهملة، وفي أكثر المصادر بالذّال المعجمة؛ وذكر ياقوت أنّها لغة في (الجداة) بالدّال المهملة، والجيم مفتوحة ومكسورة. وهو موضعٌ لم يعيِّنه البَكريّ؛ وقال ياقوت: "موضعٌ في بلاد غطفان". يُنظر: معجم ما استعجم 1/278، ومعجم البُلدان 2/112، 116. 4 هذا بيتٌ من الوافر، وهو لمعقِل بن عامر الأسديّ. ومعنى البيت - كما قال المرزوقيّ في شرحه على الحماسة -: "اتّخذتُ عند هذا الرّجل بهذا المكان يَدًا غَرَّاء وصنيعة شريفة، مثلُها يفعله الكِرام". والشّاهدُ فيه: (يديت) ففيه دليل على أنَّ لام (يد) ياء. يُنظر هذا البيت في: الصّحاح (يدى) 6/2540، وشرح الحماسة للمرزوقيّ 1/193، ومعجم ما استعجم 1/287، وشرح الحماسة للتّبريزيّ 1/58، وأمالي ابن الشّجريّ 2/230، ومعجم البُلدان 2/112، وشرح المفصّل 5/84، واللّسان (جذا) 14/139، (يدي) 15/421، والخزانة 7/478 حكاية عن ابن الشّجريّ. 5 ما بين المعقوفين ساقطٌ من ب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 664 وَلَوْ أَنَّا عَلَى حَجَرٍ ذُبِحْنَا ... جَرَى الدَّمَيَانِ بِالْخَبَرِ اليَقِينِ1 وتقولُ في تصغير (شَفَةٍ) : شُفَيْهَة2،؛ لأنّ المحذوف منها الهاء، كقولهم: شَافَهْتُ؛ وتقولُ في تصغير (شَاةٍ) : شُوَيْهَة، كقولهم في [110/ب]   1 هذا بيتٌ من الوافر، وهو لعليّ بن بَدَّال بن سليم، ونُسب - أيضًا - إلى المثقّب العبديّ، وإلى الفرزدق، وإلى الأخطل - وليس في ديوان أيٍّ منهم -، وإلى المرداس بن عمرو. وقد رجّح البغداديّ في الخزانة 7/489 نسبته إلى عليّ بن بدّال قال: "وابن دُرَيْد هو المرجع في هذا الأمر؛ فينبغي أن يُؤخذ بقوله - والله أعلم -". وقد نسبه ابن دُريد إلى عليّ بن بدّال. والمعنى: أنّه لشدّة العداوة والبغضاء بينه وبين من ذكره لا تختلط دماؤهما؛ فلو ذُبحا على حجر لذهب دم هذا يمنة، ودمُ ذاك يسْرة. والشّاهدُ فيه: (الدّميان) حيث أتى بمثنى الدّم، وجعل لامه ياءً؛ ومن المقرّر أنّ التّثنية والجمع يردّان الأشياء إلى أصولها؛ فمجيء (الدّميان) بالياء يدلّ على أنّ اللاّم المحذوفة من (الدّم) كانت ياءً. وهي مسألة خلافيّة بين النُّحاة؛ لأنّ بعضهم يقول: أصلُ اللاّم المحذوفة من (الدّم) واو؛ بدليل أنّهم ثنّوه فقالوا: (دموان) ؛ وبعض العرب يقولون في تثنيته: (دمان) ؛ فلم يردّوا اللاّم. يُنظر هذا البيتُ في: المقتضب 1/231، 2/238، وجمهرة اللّغة (دمي) 2/686، 3/1307، والمجتنى 62، والمنصف 2/148، والتّبصرة 2/599، وأمالي ابن الشّجريّ 2/228، 3/127، والإنصاف 1/357، وشرح المفصّل 4/151، 5/84، والمقرّب 2/44، والممتع 2/624، والخزانة 7/482. 2 ويُقال في تصغيرها - أيضًا -: (شُفَيَّة) ؛ لأنّ لامها ذات وجهين. يُنظر: اللّسان (شفه) 13/506. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 665 جمعها: شِيَاهٌ؛ وأمّا (سنة) فقد صُغِّرت على: سُنَيَّة، وعلى: سُنَيْهَة، كقولك في تصريف الفعل: سَانَيْتُ، وسَانَهْتُ1؛ وتقول في تصغير (فم) : فُوَيْه؛ لأنّ المحذوف منه الواو لا غير2. 3 وَأَلْقِ فِي التَّصْغِيرِ مَا يُسْتَثْقَلُ ... زَائِدُهُ وَمَا4 تَرَاهُ يَثْقُلُ وَالأَحْرُفُ اللاَّتِي تُزَادُ فِي الكَلِمْ ... مَجْمُوعُهَا قَوْلُكَ5: سَائِل وَانْتَهِمْ6 يُستثقل تصغير الاسم الخُماسيّ إذا لم يكن رابعه7 [حرف] 8 علّة، وكذلك السُّداسيّ؛ وذلك9 لوُقوع ثلاثة أحرف بعد ياء التّصغير، وحرفين قبله؛ فيميل أحدُ جانبي الكلمة إلى [الجانب] 10 الآخر.   1 الكتاب 3/452. 2 لأنّ التّصغير يردّ الأشياء إلى أُصولها؛ وكذلك لقولهم في جمعه: (أفواه) ، وكذا قولُهم: (تفوّهتُ بكذا) و (رجلٌ أَفْوَه) . يُنظر: الكتاب 3/264، والبغداديّات 149، ودرّة الغوّاص 90، 91، وشرح المفصّل 1/53. 3 في متن الملحة 39 صدّرت هذه الأبيات بهذا العنوان: بابُ حروف الزّوائد، وفي شرح الملحة 274: باب الحروف الزّوائد في التّصغير. 4 في متن الملحة 39: أَوْ مَا تَرَاهُ. 5 في متن الملحة 40: مَجْمُوعُهَا سَائِل وَانْتَهِمْ. 6 في ب: يَا هَوْلُ اسْتَنِمْ. 7 في ب: آخره. 8 ما بين المعقوفين ساقطٌ من ب. 9 في أ: وكذلك، وهو تحريف. 10 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 666 وسبيل [ياء] 1 التّصغير أنْ تكون2وسطًا، والّذي قبلها أرجح من الّذي بعدها. فإذا أُريد تصغير اسمٍ خُماسيّ أو سداسيّ سليم الحروف فيُنظر إنْ3كان فيه حرف من حروف الزّيادة حذف4؛ طلبًا للتّخفيف. وحروف الزّيادة5 عشرة؛ وهي: (الهمزة) و (التّاء) و (السّين) [111/أ] و (الميم) و (الهاء) و (اللاّم) و (النّون) وحروف العلّة الثّلاثة؛ وقد جمعها6في قوله: (سَائِل وانْتَهِمْ) ، وتُجمع في قولك7: (يَا هَوْلُ اسْتَنِمْ) ، وفي (سَأَلْتُمُونِيهَا) ، وفي (الوسمي هَتّان) ، و [في] 8 (الموت ينساه) 9، وفي (اليَوْمَ تَنْسَاهُ) 10.   1 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 2 في أ: يكون، وهو تصحيف. 3 في أ: بإن. 4 في أ: حذفت. 5 قال ابن يعيش 9/141: "ليس المُراد من قولنا: (حروف الزّيادة) أنّها تكون زائدة لا محالة؛ لأنّها قد توجَد زائدة وغير زائدة؛ وإنّما المُراد أنّه إذا احتيج إلى زيادة حرفٍ لغرضٍ لم يكن إلاّ من هذه العشرة". 6 في ب: جُمعت. 7 في أ: ذلك، وهو تحريف. 8 ما بين المعقوفين ساقطٌ من ب. 9 في أ: تنساه، وهو تصحيف. 10 في أ: ينساه، وهو تصحيف. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 667 وحَكى المبرّد1 قال: "سألتُ أبا عثمان المازنيّ عنها، فأنشد: هَوِيتُ السِّمَانَ فَشَيَّبْنَنِي ... وَمَا كُنْتُ قِدْمًا2 هَوِيتُ السِّمَانَا3 فراجعته فقال: قد أجبتك مرّتين". يعني: أنّ مجموعها: هَوِيتُ السِّمَانَ. تَقُولُ فِي مُنْطَلِقٍ: مُطَيْلِقُ ... فَافْهَمْ وَفِي مُرْتَزِقٍ: مُرَيْزِقُ وَقِيلَ فِي سَفَرْجَلٍ: سُفَيْرِجُ ... وَفِي فَتًى مُسْتَخْرِجٍ: مُخَيْرِجُ الاسم الخُماسيّ لا يخلو من أحد ثلاثة أقسام: أحدها: أن لا يكون فيه حرفٌ من حروف الزّيادة؛ نحو: (فَرَزْدَق) ، فهذا وما يشابهه4 إذا صغّرت حذف آخره؛ فتقول فيه: فُرَيْزِد؛ وقد حذف بعضُهم5 الدّال فقال: فُرَيْزِق؛ لأنّها أخت التّاء.   1 يُنظر: المنصف 1/98، وشرح المفصّل 9/141، وشرح الشّافية 2/331. 2 في ب: قد هويت، وهو تحريف. 3 هذا بيتٌ من المتقارِب. والتّمثيل فيه: (هويت السِّمان) حيث جمع حروف الزّيادة في هذه الكلمة. يُنظر هذا البيت في: المنصف 1/98، والوجيز في علم التّصريف 31، وشرح الملحة 275، والتّتمّة في التّصريف 43، وشرح الملوكيّ 100، وشرح المفصّل 9/141، وشرح الشّافية 2/331. 4 في ب: شابهه. 5 قال سيبويه 3/448، 449: "وكذلك تقول في فَرَزْدَق: فُرَيْزِدٌ؛ وقد قال بعضُهم: فُرَيْزِقٌ؛ لأنّ الدّال تشبه التّاء، والتّاء من حروف الزّيادة، والدّال من موضعها؛ فلمّا كانت أقربَ الحروف من الآخر كان حذفُ الدّال أحبَّ إليه، إِذْ أَشْبهت حرفَ الزّيادة، وصارت عنده بمنزلة الزّيادة؛ وكذلك خَدَرْنَقٌ ... ؛ ولا يجوز في (جَحْمَرِشٍ) حذف الميم وإنْ كانت تُزاد ... ؛ فهذان قولان، والأوّل أقيَس". فالأرجح حذف الخامس. ويُنظر: المقتضب 2/249، 250، وشرح المفصّل 5/117، وشرح الشّافية1/205. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 668 الثّاني: أن يكون في الاسم الخُماسيّ حرفُ علّة؛ فتخصّ الحذف به، فتقول في تصغير (قَرْقَرَى) 1: قُرَيْقِر2؛ فإنّ بقاء هذه الألِف3 [111/ب] يخرج الاسم عن مثال (فعيعل) و (فعيعيل) . الثّالث: أن يكون في الاسم حرفان من حروف الزّيادة؛ فإنْ كان لأحدهما مزيّة أُقرّ، وحُذف الآخر؛ فإنْ تساوَيا كنت مخيّرًا في حذف أيّهما شئت. مثالُ الأوّل: قولك في تصغير (منطلق) و (مرتزق) : مطيلق4، ومريزق، فتحذف التّاء دون الميم؛ لأنّ للميم5 مزيّة بدليل صيغتها على الفاعل ونحوه، [كـ]ـقولك6 في تصغير (مختار) : مخيِّر7.   1 موضع مخصب باليمامة. يُنظر: معجم البُلدان 4/326. 2 في ب: قريقي. 3 في كلتا النّسختين: الياء، وهو تحريف، والصّواب ما هو مثبَت. 4 في ب: مطليق. 5 الميم لها مزيّة؛ لأنّها دالّة على معنىً، ومتصدّرة؛ فهي تدلّ على بناء صيغة اسم الفاعل في نحو: (مستفهم) ، دون نون (منطلق) وتاء (مرتزق) . 6 الكاف ساقطةٌ من ب. 7 فتُحذف التّاء دون الميم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 669 الثّاني: قولك1 في تصغير (حَبَنْطَى) 2- وهو العظيم البطن-3: حُبَيْنِطٌ4، وحُبَيْطا؛ لأنّ الألِف والنّون زائدتان فيه؛ لأنّ أصله من حَبِطَ بطنُه إذا عَظُمَ5؛ وكذلك (قَلَنْسُوة) 6إذا7صغّرتها لك أن تقول على حذف النّون: قُلَيْسِية8، وعلى حذف الواو: قُلَيْنسة. فأمّا السُّداسيّ فيُحذف في تصغيره ما قبل ياء التّصغير من حروف الزّيادة؛ فتقول في تصغير (مستخرج) : مخيرج9. وَقَدْ تُزَادُ اليَاءُ لِلتَّعْوِيضِ ... وَالجَبْرِ لِلْمُصَغَّرِ المَهِيضِ كَقَوْلِهِمْ: إِنَّ المُطَيْلِيقَ10 أَتَى ... وَاخْبَأ السُّفَيْرِيجَ إِلَى فَصْلِ الشِّتَا اعلم أنّ كل اسم حُذف منه حرف أو حرفان، في تصغيره جاز أن يعوّض ممّا حُذف11 منه الياء؛ فتقول في تصغير (سفرجل) و (منطلق) [112/أ]   1 في أ: في قولك. 2 في أ: حنبطي، وهو تحريف. 3 يُنظر: اللّسان (حبط) 7/271. 4 في أ: حنيبط، وهو تحريف. 5 في أ: عظمت. 6 القَلَنْسُوة: من ملابس الرُّؤوس؛ معروف. اللّسان (قلس) 6/181. 7 في ب: فإذا. 8 في أ: قُلَيْسَة. 9 بحذف السّين والتّاء؛ لأنّهما من حروف الزّيادة. 10 في أ: المطيلق، وهو تحريف. 11 في ب: حذفت. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 670 و (مستخرج) إذا عوّضت [منه] 1: سُفَيْرِيج2، ومُطَيْليق3، ومُخَيْرِيج4. وَشَذَّ مِمَّا أَصَّلُوهُ ذَيَّا ... تَصْغِيرُ ذَا وَمِثْلُهُ اللَّذَيَّا التّصغير لا يدخل غير الاسم المتمكّن إلاَّ (ذا) و (الّذي) وفروعهما؛ فإنّها أشبهت الأسماء المتمكّنة بكونها توصَف، ويوصف بها5، فصغّرت على وجهٍ خولِف به تصغير المتمكّن6؛ فتُرك7أوّلهما على ما كانا عليه قبل التّصغير، وعوِّض من ضمّه ألف8 مزيدة في الآخر؛ فقيل في (الّذي) و (الّتي) : اللَّذَيَّا، واللَّتَيَّا. وفي (ذَا) و (تَا) : ذَيَّا، وتَيَّا9؛ والأصل: ذَيَيَّا، وتَيَيَّا؛ بثلاث يَاءَات:   1 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 2 في كلتا النّسختين: سفيرج، والتّصويب من الحريريّ 278. 3 في أ: مطيلق، وهو تحريف. 4 في كلتا النّسختين: مخيرج، والتّصويب من الحريريّ 278. 5 قال ابن يعيش 5/139: "القياسُ في الأسماء المبهمة أن لا تصغّر من حيث كانت مبنيّة على حرفين كـ (من) و (ما) ؛ إلاّ أنّها لَمّا كان لها شبه بالظّاهر من حيث كانت تثنّى وتُجمع، وتُوصف، ويوصف بها، والتّصغير وصفٌ في المعنى فدخلها التّصغير كما دخلها الوصف". 6 ليكون ذلك منبّهة على أنّ تصغيرها خلاف الأصل. 7 في أ: فتردك، وهو تحريف. 8 في أ: ضمّة الفاء، وهو تحريف، وفي ب: الفًا؛ ولعلّه من تحريف النّسّاخ. 9 وقد حُكي (اللُّذَيَّا) و (اللُّتَيَّا) بضمّ الأوّل جمعًا بين العِوض والمعوض منه. يُنظر: شرح الشّافية 1/288، وشرح المفصّل 5/141. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 671 الأولى: عين الكلمة1؛ والثّالثة2: لامها؛ والوُسطى: ياء التّصغير؛ فاستُثْقِل ثلاث ياءات، فَقُصِدَ3 التّخفيف بحذف واحدة. فلم تُحذف ياء التّصغير؛ لدلالتها على معنى، ولا الثّالثة4؛ لحاجة الألِف إلى فتح ما قبلها5؛ فتعيّن حذف الأولى6. ويُقال في (ذَاكَ) : ذَيَّاكَ، وفي (ذَلك) : ذَيَّالك، [112/ب] ومنه قولُ الرّاجز7: لَتَقْعُدِنَّ مَقْعَدَ الْقَصِيِّ ... مِنِّي ذِي القَاذُورَةِ المَقْليِّ8 أَو تَحْلِفِي بِرَبِّكِ العَلِيِّ ... أَنِّي أَبُو ذَيَّالِكِ الصَّبِيِّ9   1 وهي الّتي كانت ألفًا في المكبّر. 2 في كلتا النّسختين: الثّانية، والتّصويب من ابن النّاظم 793. 3 في أ: فقصدوا. 4 في كلتا النّسختين: الثّانية، والتّصويب من ابن النّاظم 793. 5 فلو حُذفت لزم فتح ياء التّصغير، وهي لا تحرّك لشبهها بألف التّكسير. شرح الكافية الشّافية 4/1925. 6 مع أنّه يلزم على ذلك وُقوع ياء التّصغير ثانية؛ فاغتُفر لكونه عاضدًا لَمَا قُصد من مخالفة تصغير ما لا تمكُّن له لتصغير ما هو متمكِّن. شرح الكافية الشّافية 4/1925. 7 في أ: الشّاعر. 8 في أ: الهكي، وهو تحريف. 9 هذان بيتان من الرّجز، وهما لرؤبة؛ وقال ابن برّي: هُما لأعرابي قدِم من سفرٍ فوجد امرأته قد وضعت ولدًا، فأنكره. و (القصيّ) : البعيد. و (ذو القاذورة) : المكروه الّذي لا يصاحبه النّاس. و (المقليّ) : المبغوض. والشّاهدُ فيهما: (ذيّالك) فإنّه مصغّر (ذلك) . يُنظر هذان البيتان في: اللّمع 286، وشرح الكافية الشّافية 4/1925، وابن النّاظم 793، 793، واللّسان (ذا) 15/450، والمقاصد النّحويّة 2/232، 4/535، وملحق ديوان رؤبة 188. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 672 وقال الآخر: بِذَيَّالِكَ الوَادِي أَهِيمُ وَلَمْ أَقُلْ ... بِذَيَّالِكَ الوَادِي وَذَيَّاكَ مِنْ زُهْدِ وَلَكِنْ إِذَا مَا حُبَّ شَيْءٌ تَوَلَّعَتْ ... بِهِ أَحْرُفُ التَّصْغِيرِ مِنْ شِدَّةِ الوَجْدِ1 وَقَوْلِهِمْ أَيْضًا: أُنَيْسَانُ2 ... شَذَّ كَمَا شَذَّ مُغَيْرِبَانُ وَلَيْسَ هَذَا بِمِثَالٍ يُحْذَى3 ... فَاتَّبِعِ الأَصْلَ وَدَعْ مَا شَذَّا اعلم أنّه يجيء التّصغير والتّكسير4على غير بناء واحده5؛ فيُحفظ ولا يُقاس عليه.   1 هذان بيتان من الطّويل، ولم أقف على قائلهما. والشّاهدُ فيهما: (بذيّالك) فإنّه مصغّر (ذلك) ؛ و (ذيّاك) فإنّه مصغّر (ذاك) . يُنظر هذان البيتان في: شرح ملحة الإعراب 278. 2 في متن الملحة 40، وشرح الملحة 279: أُنَيْسَيَانُ. 3 في ب: وليس في هذا مثال يحذى. 4 في أ: والتّكبير. 5 في أ: واحدٍ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 673 فممّا خولِف به القياس في التّصغير قولُهم في (المغرب) : مُغَيْرِبان1، وفي (العشاء) : عُشَيَّان، وفي (عَشِيَّة) : عُشَيْشِيَة2، وفي (إنسان) : أُنَيْسِيَان3، وفي (بَنُون) : أُبَيْنُون4، وفي (لَيْلَة) : لُيَيْلِيَة5،   1 والقياس: مُغَيْرِب، فزيادة الألف والنّون في طرفه شذوذ. يُنظر: التّبصرة 2/709، وشرح الشّافية 1/276، والتّصريح 2/319، والصّبّان 4/159. 2 والعشيّ والعشيّة: آخرُ النّهار، وقيل: من زوال الشّمس إلى طلوع الفجر؛ وقيل: من صلاة الفجر إلى العَتَمة؛ والقياس: (عُشَيّ) و (عُشَيّة) بحذف الياء الثّالثة من هذين. يُنظر: الصّحاح (عشا) 6/2426، 2427، والتّبصرة 2/709، وشرح الشّافية 1/275، واللّسان (عشا) 15/60، 61. 3 في كلتا النّسختين: أُنيسان، والتّصويب من الحريريّ 279. زادوا في المصغّر ياءً لم تكن في المكبّر؛ وقياسُه: أُنَيْسين. وقال الكوفيّون: (أُنَيْسِيَان) تصغير إنسان؛ لأنّ أصله: إِنْسيان، على زِنَة (إِفْعِلان) ، وإذا صغّر (إفعلان) قيل: أُفَيْعِلاَن؛ وهو مبنيّ على قولهم: أنّ إنسان مأخوذ من النّسيان؛ وعلى هذا يكون وزن (إنسان) : إِفْعَان. ويرى البصريّون أنّه مأخوذٌ من الأُنس؛ وعلى هذا فوزنه: فِعْلاَن. يُنظر: الصّحاح (أنس) 3/905، والمخصّص 1/16، والإنصاف، المسألة السّابعة عشرة بعد المائة، 2/809، وشرح الشّافية 1/274، واللّسان (أنس) 6/10، 11، والتّصريح 2/319. 4 والقياس: بُنَيُّون. يُنظر: شرح الشّافية 1/277، والتّصريح 2/319، والصّبّان 4/159. 5 والقياس: لُيَيْلَة. يُنظر: التّبصرة 2/709، وشرح الشّافية 1/277، والتّصريح 2/319. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 674 وفي (رجل) : رُوَيْجِل1، وفي (صِبْيَة) و (غِلْمَة) : أُصَيْبية، وأُغَيْلمة2. ومن التّصغير نوعٌ يسمّى [تصغير] 3 التّرخيم؛ وهو تصغير الاسم بتجريده من [113/أ] الزّوائد؛ فإنْ كانت أصوله ثلاثة رُدَّ إلى (فُعَيْل) ، وإنْ كانت أربعة رُدّ إلى (فُعَيْعِل) . فإنْ كانت 4 ثلاثة، والمسمّى5 مؤنّث أُلحقت به التّاء؛ فيُقال6 في (المِعْطَف) : عُطَيف، وفي (أَسْود) و (حَامِد) و (مَحْمُود) : سُوَيْد، وحُمَيْد؛ وفي (قِرْطَاس) و (عُصْفُور) : قُرَيْطِس، وعُصَيْفر7؛ وفي (سَوْدَاء) و (حُبْلَى) : سُوَيْدَة، وحُبَيْلَة، وفي (إبراهيم) و (إسماعيل) 8: بُرَيْه، وسُمَيْع، نصّ على ذلك سيبويه9 في كتابه.   1 والقياس: رُجَيْل. يُنظر: شرح الشّافية 1/278، والتّصريح 2/319، والصّبّان 4/159. 2 والقياس: صُبَيَّة، وغُلَيْمة. يُنظر: شرح الشّافية 1/278، والتّصريح 2/319، والصّبّان 4/159. 3 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 4 في أ: فإنْ كانت، كرّرت مرّتين سهوًا من النّاسخ. 5 في ب: والمسمّى به مؤنّثًا. 6 في أ: فتقول. 7 في كلتا النّسختين: قريطيس، وعصيفير، والتّصويب من ابن النّاظم 791. 8 في أ: وفي إسماعيل، وإبراهيم، حيث قَدَّم وأخّر. 9 يُنظر: الكتاب 3/476. وهذا شاذّ باتّفاق؛ لأنّ فيه حذف حرف أصليّ وهو الميم في (إبراهيم) واللاّم في (إسماعيل) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 675 ......................................................................   = أمّا الهمزة فهي زائدة عند سيبويه؛ فالتّصغير القياسي عنده: (بُرَيْهِيم) و (سُمَيْعِيل) وهو الصّحيح الّذي سمعه أبو زيد وغيره من العرب، والتّرخيم: (بُرَيْهِم) و (سُمَيْعِل) . وادّعى المبرّد أصالة الهمزة؛ فالتّصغير القياسي عنده: (أُبَيْرِيه) و (أُسَيْمِيع) ، والتّرخيم: (أُبَيْرِه) و (أُسَيْمِع) . يُنظر: الكتاب 3/446، 476، والانتصار لسيبويه على المبرّد 223، 224، والتّعليقة 3/297، والنّكت 2/928، وشرح الشّافية 1/263، 264، 283، والارتشاف 1/191، والتّصريح 2/323، والهمع 6/153، والأشمونيّ 4/170، والتّعريف بفنّ التّصريف 43. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 676 [بَابُ النَّسَبِ] : 1 وَكُلُّ مَنْسُوبٍ إِلَى اسْمٍ فِي الْعَرَبْ ... أَوْ بَلْدَةٍ تَلْحَقُهُ يَاءُ النَّسَبْ النَّسب: يكون إذا قصد بإضافة الرّجل إلى أبٍ، أو قبيلة، أو بلد، أو صناعة، أو مذهب، أو نِحْلَة2؛ كُسِر آخر ذلك الاسم، وأولي ياء مشدّدة تكون حرف إعرابه، كقولك: (مصرِيّ) و (تميمِيّ) و (بصرِيّ) و (كسائِيّ) و (حنبلِيّ) . وتشديد الياء للفرق بين ياء النّسب، وياء المتكلّم. ويصير الاسم المنسوب إليه صفةً بعد ما كان علَمًا3، وإذا صار المنسوب إليه صفة عَمِلَ عَمَلَ الفعل وارتفع / به الاسم الظّاهر4،كقولك: (مررتُ برجلٍ هاشميٍّ أبوه) ، [و] 5 [كقولك] 6: (مررت برجلٍ قائم أخوه) .   1 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 2 في ب: محلّة، وهو تحريف. 3 أو جنسًا؛ وكلاهما ممّا لا يجوز أن يوصفَ به. يُنظر: شرح ملحة الإعراب 280. 4 وكذلك المضمر باطّراد، نحو: (هذا شاميّ) أي: هو. واقتصر الشّارحُ على الظّاهر؛ لظُهُور العمل فيه. يُنظر: شرح الشّافية 2/13. 5 الواو: ساقطة من أ. 6 كقولك: ساقطةٌ من ب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 677 وَتُحْذَفُ الهَاءُ بِلاَ تَوَقُّفِ ... مِنْ كُلِّ مَنْسُوبٍ إِلَيْهِ فَاعْرِفِ تَقُولُ: قَدْ جَاءَ الفَتَى البَكْرِيُّ ... كَمَا تَقُولُ: الحَسَنُ البَصْرِيُّ اعلم أنّ الاسم المنسوب إليه إذا كان حرف إعرابه تاء تأنيث حُذِفَتْ مطلَقًا؛ ثالثةً كانت أو غير ثالثة، صائرة في الوقف هاء، أو غير صائرة، كقولك في (ثُبْة) و (مكّة) و (أُخْت) : ثُبِيّ1، ومَكِّيّ، وأَخَوِيَّ؛ هذا2مذهب سيبويه والخليل3، - أعني قولك في (أخت) : أَخَوِيّ -؛ ويونس4 يقول5: أُخْتِيٌّ.   1 ويجوز: (ثُبَوِيّ) ؛ لأنّه إذا كان المنسوب إليه محذوف اللاّم، ولم يعهد ردّ اللاّم في التّثنية، ولا في الجمعين؛ فإنّه يجوز في النّسب إليه وجهان: الردّ، وعدمه بشرط ألاّ تكون عينه معتلّة. يُنظر: الكتاب 3/358، وابن النّاظم 802، والتّصريح 2/334، والأشمونيّ 4/193. 2 في ب: وهذا. 3 يُنظر: الكتاب 3/360، 361. 4 يُنظر: الكتاب 3/361، والمفصّل 263، وشرح المفصّل 6/5، 6، وشرح الكافية الشّافية 4/1955. ويونس هو: يونس بن حبيب البصريّ: كان إمامًا في النّحو واللّغة، من أصحاب أبي عمرو بن العلاء، سمع من العرب، وروى عنه سيبويه، وسمع منه الكسائيّ والفرّاء؛ كانت له حلقة بالبصرة ينتابها أهلُ العلم؛ توفّي سنة (183هـ) . يُنظر: أخبار النّحويّين البصريّين 51، ونزهة الألبّاء 47، وإشارة التّعيين 396، وبُغية الوُعاة 2/365. 5 في كلتا النّسختين: تقول، وهو تصحيف. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 678 ووجه حذف التّاء1: ما بينها وبين ياء النّسب من الشَّبه؛ وهو أنّ كُلاًّ منهما2 لا تقع3إلاّ متطرّفة4؛ ثمّ إنّها تصير حرفَ الإعراب5؛ فلهذا لم يُجمع بينهما، فحُذفت الهاء، وأُقرّتْ ياء النّسب الدّالّة على المعنى؛ فتقول: (درهم قلعيّ) و (رجل فزاريّ) . فإنْ كان الاسم المنسوب إليه مركّبًا غير مُضاف؛ حُذف عجُزه، ونُسب إلى صدره، كقولك في المنسوب إلى (بَعْلَبَك) و (تَأبَّطَ شَرًّا) : بَعْليٌّ، وتَأَبَّطِيٌّ6.   1 في ب: هذه التّاء. 2 في ب: منها، وهو تحريف. 3 في ب: لا يقع، وهو تصحيف. 4 في ب: متطرّفًا. 5 "ويُجعل ما قبلها حشوًا في الكلمة". شرح ملحة الإعراب 281. 6 وأجاز الجرميّ النّسب إلى العجُز أو الصّدر؛ فلك أن تقول في (تأبّط شرًّا) : تَأَبَّطِيٌ، أو شَرِّيٌّ، وفي (بعلبك) : بَعْلِيٌّ، أو بكِّيٌّ. وهُناك ثلاثة أوجُه أخرى ذكرها النُّحاة في النّسب إلى المركّب المزجي: الأوّل: أن يُنسب إلى الصّدر والعجز كليهما؛ فيُقال: (بعليّ بكيّ) ، وقد أجازه جماعة؛ منهم أبو حاتم السّجستانيّ. الثّاني: أن يُنسب إلى جميع المركّب من غير حذف إذا خفّ اللّفظ؛ نحو: (بعلبكيّ) . الثّالث: أن يبنى من المركّب اسمٌ على وزن (فَعْلَل) ويُنسب إليه؛ نحو: (حضرميّ) . والوجهان الأخيران شاذّان. يُنظر: شرح الشّافية 2/71، 72، وابن النّاظم 801، والتّصريح 2/332، والهمع 6/155، والأشمونيّ 4/189. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 679 فإنْ كان كـ (ابن الزُّبَيْر) حُذف المضاف، ونُسب إلى المضاف إليه؛ فتقول: (زُبَيْرِيّ) 1. [114/ أ] وحكم ياء النّسب أن ينكسر ما قبلها؛ كقولك في النّسب إلى (بكر) : بكرِيّ. فإنْ كان ثاني الاسم الثّلاثيّ مكسورًا فُتِح [في النّسب] 2؛ كقولك3 في النّسب4 إلى النَّمِر: نَمَرِيّ - بفتح الميم -؛ والموجِبُ للفتح الاستثقال؛ لأنّها لو كُسِرَتْ لَتَوَالَى كسرتان، بعدهما ياء مشدّدة تُعَدُّ بياءَين.   1 النّسب إلى المضاف فيه تفصيل: فإنْ كان صدرُه معرّفًا بعجزه، أو كان كنية؛ حُذف صدره، ونُسب إلى عجُزه؛ كقولك في (ابن الزّبير) : زُبَيْرِيّ. وإن كان المضاف غير معرّف بالعجز، ولا كنية؛ حذف عجزه، ونُسب إلى صدره؛ كقولك في (امرئ القيس) : امْرِئيّ، ومَرَئيّ. فإن خيف لبْسٌ مِنْ حذف العجز؛ نُسب إليه، وحُذف الصّدر؛ كقولهم في (عبد الأشهل) : أَشْهَلِيّ. يُنظر: شرح الكافية الشّافية 4/1953، وابن النّاظم 801، وشرح الشّافية 2/73، والتّصريح 2/332، والهمع 6/157، والأشمونيّ 4/191. 2 ما بين المعقوفين ساقطٌ من ب. 3 في ب: تقول. 4 في أ: المنسوب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 680 وَإِنْ يَكُنْ مِمَّا عَلَى وَزْنِ فَتَى1 ... أَوْ وَزْنِ دُنْيَا أَوْ عَلَى وَزْنِ مَتَى2 فَأَبْدِلِ الحَرْفَ الأَخِيرَ وَاوَا ... وَعَاصِ مَنْ مَارَى3 وَدَعْ مَنْ نَاوَى4 تَقُولُ: هَذَا عَلَوِيٌّ مُعْرِقُ5 ... وَكُلُّ لَهْوٍ دُنْيَوِيٍّ مُوْبِقُ يُنسب إلى المقصور الثّلاثيّ بقلب ألِفه واوًا؛ كقولك في المنسوب إلى (ثرى) : ثرويّ. وسواءٌ كانت الألِف من ذوات الواو، أو6من ذوات الياء؛ فتقول في المنسوب إلى (قَفَا) و (قَنَا) 7- من ذوات الواو -: قَفَوِيّ،   1 في أ: قنا. 2 في أ: منى. 3 يقال: مارى فلانٌ فلانًا؛ أي: قد استخرج ما عنده من الكلام والحُجّة؛ ومَارَيْتُ الرّجل، أُماريه، مِراءً: إذا جادلته. اللّسان (مرا) 15/277. 4 نَاوَاهُ: أي: عاداه. الصّحاح (نوى) 6/2517. والمعنى: خالف مَن جادل، واترُك مَن عادى. 5 المُعْرِق: الأصيل؛ وعِرْق كلّ شيء: أصلُه. اللّسان (عرق) 10/241. 6 في أ: و. 7 قِنَا -بكسر القاف، والقصر-: كلمةٌ قبطيّة؛ مدينة بصعيد مصر. وقَنَا - بالفتح، والقصر - جمع قناة: من الرِّماح الهنديّة. والقناة - أيضًا -: مصدر الأقنى من الأُنوف؛ وهو ارتفاعٌ في أعلاهُ بين القَصَبة والمارن من غير قُبْح؛ يُقال ذلك في الفرس والطّير والآدميّ. وقنا: موضعٌ باليمن. وقنا - أيضًا -: جبلٌ لبني مُرّة من فزارة. يُنظر: معجم البُلدان 4/399. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 681 وقَنَوِيّ، وإلى (رَحَىً) و (عصًا) - من ذوات الياء -: رَحَوِيّ، وعَصَوِيّ؛ فلم تُقلب هذه الألِف ياءً؛ لئلاَّ تتوالى الياءات1. [114/ب] وكذا المنقوص2 الثّلاثيّ كـ (يَدٍ) و (شَجٍ) 3؛ تقول في المنسوب إليه: يَدَوِيٌّ، وشَجَوِيٌّ. وكذلك الرُّباعيّ4 إنْ كانت ألِفُه لغير التّأنيث كـ (مرمى) و (موسى) ؛ [فتقول] 5: مَرْمَوِيٌّ، ومُوْسَوِيٌّ. وقد تُقلَب إنْ كانت للتّأنيث، وسكن6 ثاني ما هي فيه؛ فتقول في النّسب7 إلى (حُبْلَى) و (دُنْيَا) : حُبْلَوِيّ، ودُنْيَوِيّ؛ وقد يُقال: حُبْلاَوِيّ، ودُنْيَاوِيّ؛ وهذا أضعفُ الوجوه8.   1 فلم تُقلب ياءً كراهية لاجتماع ثلاث ياءات مع الكسر. يُنظر: الكتاب 3/342، والجاربرديّ 1/110. 2 أي: تُقلب لامُه المحذوفة واوًا. 3 الشَّجْوُ: الهمّ والحزن؛ ورجل شَجٍ، أي: حزينٌ. الصّحاح (شجا) 6/2389. 4 أي: الرّباعيّ إذا كان مقصورًا. 5 ما بين المعقوفين ساقطٌ من ب. 6 أمّا إذا كان ثانيها متحرّك فيجب حذف الألِف قولاً واحدًا؛ نحو: (جَمَزَى) : جَمَزِيّ. يُنظر: الكتاب 3/354، والمقتضب 3/148، والأُصول 3/75. 7 في أ: النّسبة. 8 وهُناك وجهٌ - وهو أجودها - لم يذكره الشّارح؛ وهو: حذف الألِف؛ نحو: (حُبْلِيٌّ) و (دُنْيِيٌّ) . يُنظر: الكتاب 3/352، والمقتضب 3/147، والأصول 3/74، وشرح الشّافية 2/39، 40، وشرح الكافية الشّافية 4/1941، وابن النّاظم 796. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 682 وتجري الألِف الّتي لغير التّأنيث هذا المجرى؛ فيُقال: (عيساويّ) 1؛ وهذا2 قليل. وكذلك الهمزة الممدودة المبدلة من ألِف التّأنيث كـ (صحراء) و (جَلُولاَء) 3؛ فتقول في النّسبة إليهما4: صَحْرَاوِيّ، وجَلُولاَوِيّ5. فإن6لم تكن الهمزة بدل ألِف تأثنيث [جاز] 7 تصحيحها وإبدالُها، كـ (قَرَّائِيّ) و (كِسَائِيّ) و (عِلْبَائِيّ) 8؛ و (قَرَّاوِي) و (كِسَاوِيّ) و (عِلْبَاوِيّ) .   1 ومثله: (موساويّ) و (مرماويّ) - وهو أضعفُ الوُجوه -؛ و (وموسِيّ) و (مرمِيّ) و (عيسِيّ) . يُنظر: شرح الشّافية 2/40. 2 في ب: وهو. 3 جلولاء: قريةٌ بناحية فارس. معجم البُلدان 2/156. 4 في ب: إليها. 5 في أ: جلولاي، وهو تحريف. 6 في ب: وإن. 7 ما بين المعقوفين ساقطٌ من ب. 8 العِلْباءُ: عصب عنق البعير، ويُقال: الغليظ منه خاصّة؛ وقال اللّحيانيّ: العلباء مذكرّ لاغير؛ وهما علباوان يمينًا وشمالاً، بينهما مَنْبِت العُنُق؛ والجمع: العَلابيُّ. ينظر: اللّسان (علب) 1/627. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 683 وتصحيح همزة (قَرَّاء) أجودُ من إبدالها؛ لأنّها أصليّة. وَانْسِبْ أَخَا الْحِرْفَةِ كَالْبَقَّالِ ... وَمَنْ يُضَاهِيهِ إِلَى فَعَّالِ النَّسَبُ إلى المصحوبات بأن يُستغنى عن ياء النّسب في الأكثر، وأن يُصاغ من اسمٍ [115/ أ] ما قُصِدَ به ذلك؛ (فَعَّالٌ) في ذي اللُّزوم1، و (فَاعِلٌ) في غيره. فذو اللّزوم: كالحِرْفة والصّناعة؛ كـ (بَزَّاز) 2 و (لبّان) و (زيّات) و (تمّار) 3 و (خبّاز) و (نجّار) . وغير [ذي] 4 اللّزوم: كـ (تَامِر) و (لاَبِن) و (رَامِح) 5. وتتعيّن6 الياء إِنْ خيف اللّبس؛ كـ (كِتَّانِيّ) 7 و (خاتِميّ) - لصانع الخواتم -. [وقد يغني (فَعّال) في غير ذي اللّزوم عن (فاعل) ؛ كـ (نَبّال) و (بَقَّال) و (سيّاف) ] 8.   1 في ب: الزّوم، وهو تحريف. 2 في أ: كبّاز. والبزّاز: بائعُ البَزّ؛ وهي الثّياب؛ وقيل: ضَرْبٌ من الثّياب. اللّسان (بزز) 5/311، 312. 3 في ب: تمات، وهو تحريف. 4 ما بين المعقوفين ساقطٌ من ب. 5 أي: صاحب تمر، ولبن، ورمح. 6 في أ: ويتعيّن. 7 في أ: ككسائيّ. 8 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 684 وقد يُغني (فَعِل) 1 عن ذي الياء؛ كقولهم: (نَهِرٌ) بمعنى: نَهَارِيٌّ، وعليه قولُ الشّاعر: مَنْ يَكُ لَيْلَيًَا2 فَإِنِّي نَهِرْ ... لاَ أُدْلِجُ اللَّيْلَ وَلَكِنْ أَبْتَكِرْ3 وإذا نسبتَ إلى جماعة فالنّسب إلى واحدها؛ فتقول في النّسب إلى (الفرائض) : فَرَضِيٌّ، وإلى (البَطَائِح) : بَطَحِيّ؛ إلاّ أن يكون ذلك الجمع قد سُمِّي به احد بعينِه، فيُنسب إلى لفظ الجمع؛ كرجل سمّي (كلابًا) فالنّسب إليه: كِلاَبِيّ، وكالبلد المُسمّى بـ (المدائن) فالنَّسب إليه: مدائِنيّ. وفي ذلك شواذّ لا يُقاس عليه4؛ كقولهم في النَّسب إلى (الرَّيّ) :   (فَعِل) بمعنى: صاحب كذا. 2 في كلتا النّسختين: ليليّ، والتّصويب من شرح عمدة الحافظ 2/900. 3 في ب: اتبكر، وهو تحريف. وهذا البيتُ من الرّجز، ولم أقف على قائله. و (لا أدلج) من أدلج القومُ: إذا ساروا من أوّل اللّيل. و (أبتكر) أي: أسير أوّل النّهار. والشّاهد فيه: (نَهِرْ) فإنّه استغنى بهذا الوزن عن ياء النّسب، حيث لم يقل: فإنّي نهاريّ. وقد كثُر الاستشهاد بهذا الرّجز؛ وتختلِف روايته من كتابٍ لآخر. يُنظر هذا البيت في: الكتاب 3/384، ومعاني القرآن للفرّاء 3/111، ونوادر أبي زيد 249، والمخصّص 9/51، والمقرّب 2/55، وشرح الكافية الشّافية 4/1963، وابن النّاظم 805، وأوضح المسالك 3/285، وابن عقيل 2/464، والمقاصد النّحويّة 4/541. 4 يُنظر: شرح الكافية الشّافية 4/1964، وابن النّاظم 806. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 685 رَازِيّ، وإلى (البَحْرين) : بَحْرَانِيّ، وإلى (السَّهْل) : سُهْلِيّ - بضمّ السّين-، وإلى (الرّقبة) و (اللّحية) : رَقَبَانِيّ1، ولِحْيَانِيّ2. وأمّا قولُهم: (رجل دُهْرِيّ) فإنْ عُنيَ به التّعطيل3كان النّسب بفتح الدّال على طرْد القياس؛ وإنْ عُنيّ به المُسِنُّ كان النّسب بضمّ الدّال ليفصل بينهما؛ [والله أعلم بالصّواب] 4. [115/ ب]   1 الرَّقَبَانِيُّ: الغليظُ الرّقبة. اللّسان (رقب) 1/428. 2 اللِّحْيَانِيُّ: طويل اللّحية. اللّسان (لحا) 15/243. 3 المراد بالتّعطيل: نفي الصّفات الإلهيّة، وإنكارُ قيامها بذاته تعالى. فالرّجل الدّهريّ هو: الملحِد الّذي لا يؤمن بالآخرة؛ فهو معطِّلٌ لشريعة الله. 4 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 686 بَابُ التَّوَابِعِ: وَالْعَطْفُ وَالتَّأْكِيدُ1 أَيْضًا وَالبَدَلْ ... تَوَابِعٌ يُعْرَبْنَ إِعْرَابَ الأُوَلْ وَهَكَذَا الْوَصْفُ إِذَا ضَاهَى الصِّفَهْ ... مَوْصُوفُهَا مُنَكَّرًا أَوْ مَعْرِفَهْ تَقُولُ: خَلِّي الْمَزْحَ وَالمُجُونَا ... وَأَقْبَلَ الحُجَّاجُ أَجْمَعُونَا وَامْرُرْ بِزَيْدٍ رَجُلٍ ظَرِيفِ ... وَاعْطِفْ عَلَى سَائِلِكَ الضَّعِيفِ التّوابعُ خمسة؛ وهي: التّأكيد، والبَدَل، والوصف، وعطف البيان، وعطف الحرف. والتّابِع هو: المشارك ما قبله في إعرابه الحاصل والمتجدّد2. فـ (المشارك ما قبله) : يشمل التّابع وغيره. [و] 3 قوله: (الحاصل والمتجدّد4) : يخرج خبر المبتدأ، والحال من المنصوب.   1 في متن الملحة 42، وشرح الملحة 286: وَالتَّوْكِيدُ. 2 في أ: والمتحدّد، وهو تصحيف. وهذا هو تعريف شيخه ابن النّاظم 490. 3 العاطِف ساقطٌ من ب. 4 في أ: والمتحدّد، وهو تصحيف. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 687 [بَابُ] 1 حُرُوفِ العَطْفِ: وَأَحْرُفُ الْعَطْفِ جَمِيعًا عَشَرَهْ ... مَحْصُورَةٌ مَأْثُورَةٌ مُسَطَّرَهْ الْوَاوُ وَالْفَاءُ وَثُمَّ لِلْمَهَلْ ... وَلاَ وَحَتَّى ثُمَّ أَوْ وَأَمْ وَبَلْ وَبَعْدَهَا لَكِنْ وَإِمَّا إِنْ كُسِرْ ... وَجَاءَ لِلتَّخْيِيرِ فَافْهَمْ2 مَا ذُكِرْ [116/ أ] العطفُ؛ عطفُ3 النّسق [و] 4 هو: الجمعُ بين الشّيئين أو الأشياء في الإعراب والمعنى، أو الإعراب دون المعنى5. ويُعرّف بأنّه: التّابعُ المتوسّط بينه وبين متبوعه أحد حروف العطف؛ وهي عشرة6:   1 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 2 في ب: فافقه، وفي متن الملحة 43، وشرح الملحة 297: فَاحْفَظْ. 3 العطف من عبارات البصريّين، والنّسق من عبارات الكوفيّين؛ ولكلٍّ من الاصطلاحين توجيه. يُنظر: معاني القرآن للفرّاء 1/72، واللّمع 149، وشرح الفريد 374. 4 العاطِف ساقطٌ من أ. 5 حروف العطف على ضربين: أحدهما: ما يعطَف مطلَقًا، أي: يُشرك في الإعراب والمعنى؛ وهو (الواو) و (ثُمّ) و (الفاء) و (حتّى) و (أمّ) و (أو) و (إمّا) . والثّاني: ما يُعطَف لفظًا فحسب، أي: يُشرك في الإعراب وحده؛ وهو (بل) و (لا) و (لكن) . يُنظر: شرح الكافية الشّافية 3/1202، وابن النّاظم 519، والأشمونيّ 3/90. 6 هذا مذهب أكثر النُّحاة. وذهب قومٌ إلى أنّها تسعة، وأسقطوا منها (إمّا) ؛ وهو رأيُ أبي عليّ الفارسيّ. وذهب آخرون إلى أنّها ثمانية، وأسقطوا منها (حتّى) و (إمّا) . وذهب ابن درستويه إلى أنّ حروف العطف ثلاثة لا غير: (الواو) و (الفاء) و (ثُمَّ) . يُنظر: الأُصول 2/55، والإيضاح 221، وشرح المفصّل 8/89، وابن النّاظم 519، والملخّص 570، وشرح ألفيّة ابن معطٍ 1/773، 774. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 689 (الواو) و (الفاء) و (ثُمَّ) : وهذه الثّلاثة أخوات؛ لأنّها تَجمع بين الشيئين1 في الإعراب والمعنى. و (أَوْ) و (إِمَّا) و (أَمْ) 2: وهذه أخوات؛ لأنّهنّ3 لأحد الشّيئين أو الأشياء. و (بَلْ) و (لكن) 4: أُختان؛ لأنّ الاستدراك والإضراب يتقاربان.   1 في ب: شّيئين. 2 ذهب أبو عُبيدة إلى أنّ (أَمْ) حرفُ استفهام كالهمزة. يُنظر: الارتشاف 2/631، والأشمونيّ 3/91. 3 في أ: لأنّها. 4 ذهب يونس إلى أنّ (لكنْ) حرف استدراك وليست بعاطفة، والواو قبلها عاطفة لِمَا بعدها على ما قبلها عطف مفرد على مفرد. وارْتضى ذلك ابن مالكٍ في التّسهيل. ثم القائلون بأنّها حرف عطف اختلفوا على ثلاثة أقوال: أحدها: أنّها لا تكون عاطفةً إلاّ إذا لم تدخُل عليها الواو؛ وهو مذهب الفارسيّ، وأكثر النّحويّين. الثّاني: أنّها عاطفة ولا تُستعمَل إلاّ بالواو الزّائدة قبلها لُزومًا؛ وصحّحه ابن عصفور. الثّالث: أنّها عاطفة تقدّمتها الواو أو لم تتقدّمها؛ وهو مذهب ابن كيسان. يُنظر: شرح المفصّل 8/109، وشرح الجُمل 1/241، والتّسهيل 174، والارتشاف 2/629، وأوضح المسالك 3/55، والتّصريح 2/135، والأشمونيّ 3/91. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 690 و (لا) و (حتَّى) 1: منفردتان2؛ لاختلاف معناهما. وأمّا معانيها: فـ (الواو) معناه3: الجمع من غير ترتيب؛ فإنّك إذا قلتَ: (قَامَ زيدٌ وعمروٌ) احتمل ثلاثة4 معانٍ: أن يكون كلّ منهما قد تقدّم قبل صاحبه، وأن يكونا5 فعلاه [116/ ب] معًا، ومنه قولُه تعالى: {يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ} 6. و (الواو) في كلام العرب على ستّة أضرُب7: (واوٌ جامعة عاطفة) ، و (واوٌ جامعة غير عاطفة) - وهي واوُ المفعول معه-،   1 العطفُ بـ (حتّى) قليل؛ والكوفيّون ينكرونه. يُنظر: الارتشاف 2/631، وأوضح المسالك 3/44. 2 لأنّ (لا) تُخرج الثّاني ممّا دخل فيه الأوّل. و (حتّى) تدخُله فيما دخل فيه الأوّل؛ إلاّ أنّ فيها معنى التّعظيم والتّحقير، فلذلك خالفت الواو وأختيها، وصارت مفردة على حدتها. يُنظر: شرح عيون الإعراب 247. 3 في ب: ومعناه. 4 في ب: ثلاث. 5 في ب: وأن يكون. 6 سورة آل عمران، الآية: 43. 7 يُنظر في الواو: الأزهيّة 231، وشرح عيون الإعراب 247، ورصف المباني 473، والجنى الدّاني 153. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 691 و (واوُ قسم) ، و (واوُ رُبَّ) ، و (واو حالٍ) - وهي واو الابتداء، مثل: قام زيدٌ وهو ضاحك -، و (واوٌ تنصِبُ الفعل المستقبل) بإضمار (أَنِ) . و (الفاء) معناها: التّرتيب من غير مُهلة1، خلاف (الواو) ؛ لمجيئها جوابًا للشّرط، مثل: (إِنْ تَقُمْ فأنا أقوم2 معك) ؛ فلا تقع3 إلاّ بعد القيام الأوّل. وتقع متبعة عاطفة؛ مثل: (أكرمتُ زيدًا فَعَمْرًا) ؛ ومتبعة غير عاطفة في باب الشّرط والجزاء. وتقع للسّبب، كقولك: (سَافَر فغنم) . وتكونُ زائدة عند الأخفش4؛ لأنّه يُجيز5: (زيد فمنطلق) .   1 في ب: مهملة، وهو تحريف. ونُقل عن الفرّاء أنّها لا تفيد التّرتيب مطلَقًا، واحتجّ بقوله تعالى: {وَكَم مِّنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا أَوْ هُمْ قَائِلُونَ} [الأعراف: 3] ؛ وأُجيب: بأنّ المعنى أردنا إهلاكها. وقال الجرميّ: إنّ الفاء لا تُفيد التّرتيب في البِقاع والأمطار. يُنظر: معاني القرآن 1/371، والجنى الدّاني 62، والمغني 214، والتّصريح 2/138. 2 في ب: أقم. 3 في أ: يقع. 4 يُنظر: معاني القرآن للأخفش 1/306، والأصول 2/168، والبغداديّات 309، وسرّ صناعة الإعراب 1/260، وشرح المفصّل 8/95، والمغني 219. 5 في ب: لا يجيز، وهو تحريف. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 692 [و] 1 (ثُمَّ) معناها2 كمعنى (الفاء) ؛ إلاّ أنّ فيها مهلة3. وقيل4: خُصّت بذلك لأنّها أكثر من حرفٍ فتراخى معناها كتراخي لفظها. وقد تقع5 موقع الفاء، كقول الشّاعر: كَهَزِّ الرُّدَيْنِيِّ تَحْتَ الْعَجَاجِ ... جَرَى فِي الأَنَابِيْبِ ثُمَّ اضْطَرَبْ6 و (أو) 7 معناه: [أنّه] 8 يعطف به في الطّلب والخبر؛   1 العاطف ساقطٌ من أ. 2 في ب: معناه. 3 في ب: مهملة، وهو تحريف. 4 صاحب هذا القول هو ابن يعيش. يُنظر: شرح المفصّل 8/96. 5 في أ: يقع. 6 هذا بيتٌ من المتقارِب، وهو لأبي دؤاد الإياديّ. و (الرّديني) : صفةٌ للرّمح؛ يقال: رمحٌ ردينيّ، وقناة ردينيّة؛ قال الجوهريّ (ردن) 5/2122: "زعموا أنّه منسوبٌ إلى امرأةِ السّمهريِّ، تسمَّى رُدَيْنَة؛ وكانا يقوِّمان القَنَا بخطِّ هَجَر". و (العَجاج) : الغُبار. و (الأنابيب) : جمع أنبوبة؛ وهي ما بين كلّ عقدتين من القصبة. والشّاهد فيه: (ثمّ اضطرب) حيث جاءت (ثُمّ) بمعنى (الفاء) فأفادت التّرتيب دون التّراخي؛ لأنّ اضطراب الرّمح يحدث عقيب اهتزاز أنابيبه من غير مهلة بين الفعلين. يُنظر هذا البيتُ في: شرح عمدة الحافظ 2/612، وابن النّاظم 525، والجنى الدّاني 427، والمغني 160، وأوضح المسالك 3/43، والمقاصد النّحويّة 4/131، والتّصريح 2/140، والهمع 5/237، والدّرر 6/96، والدّيوان 292. 7 في ب: الواو، وهو تحريف. 8 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 693 فإذا عُطف1 بها [في الطّلب] 2 كانت إمَّا للتّخيير في كلّ ما أصله الحظر3؛ نحو: (خُذ هذا أو ذاك) 4؛ وإمّا للإباحة فيما ليس أصله الحظر؛ [117/ أ] نحو: (جَالِس الحَسَنَ أو ابنَ سيرين) 5. والفرق بينهما: أنّ التّخيير ينافي الجمع، والإباحة لا تأباه6. وإذا عُطف بها في الخبر فهي: إمّا للتّقسيم7، كقولك: (الكلمة اسمٌ8، أو فعلٌ، أو حرفٌ) .   1 في ب: عطفت. 2 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 3 في أ: الحضر. 4 فإذا قلتَ: (خُذ ثوبًا أو دينارًا أو عشرة دراهم) فقد خيّرته أحدهما، وكان الآخر غير مُباح له؛ لأنّه لم يكن للمخاطَب أن يتناوَل شيئًا منها قبل، بل كانا محظورين عليه، ثم زال الحظر من أحدهما وبقي الآخر على حظره. يُنظر: شرح المفصّل 8/100. 5 كأنّه نبّه المخاطَب على فضل شيء من المباحات، فقال: إنْ كنتَ مجالِسًا فجالِس هذا الضَّرْب من النّاس؛ فإنْ جَالَسَ أحدهما فقد خرج عن العُهدة؛ لأنّ (أو) تقتضي أحد الشّيئين. وله مجالستهما معًا لا لأمرٍ راجعٍ إلى اللّفظ، بل لأمرٍ خارجٍ وهو قرينة انضمّت إلى اللّفظ؛ وذلك أنّه قد علم أنّه إنّما رغّب في مجالسة الحسن لِمَا في ذلك من النّفع والحظ؛ وهذا المعنى موجودٌ في ابن سيرين. يُنظر: شرح المفصّل 8/100. 6 في أ: لا لا تابه، وهو تحريف. 7 في أ: القسم. 8 في أ: إمّا اسم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 694 وإمّا للإبهام على السَّامع، كقوله تعالى: {وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ} 1، وكقولك: (قدم زيد راغبًا أو راهبًا) مع علم المتكلِّم كيف جاء. وإمّا لشكّ [المتكلِّم] 2في ذي النّسبة3، كقولك: (جاءني فلانٌ أو فلان) . أو للإضراب4، وهو كقوله تعالى: {إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ} 5. أو للجمع6، كقول الشّاعر: جَاءَ الْخِلاَفَةَ أَوْ كَانَتْ لَهُ قَدَرًا ... كَمَا أَتَى رَبَّهُ مُوسَى عَلَى قَدَرِ7   1 من الآية: 24 من سورة سبأ. 2 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 3 في ب: النّسب. 4 أي: تكون بمعنى (بل) ؛ وإلى ذلك ذهب الكوفيّون؛ وذهب البصريّون إلى أنّها لا تكون بمعنى (بل) . يُنظر: الإنصاف، المسألة السّابعة والسّتّون، 2/478، وشرح الكافية الشّافية 3/1221، وابن النّاظم 533، والارتشاف 2/640، والجنى الدّاني 229، والتّصريح 2/145، والأشمونيّ 3/106. 5 من الآية: 147 من سورة الصّافّات. 6 في أ: الجمع. أي: إنّ (أو) تقع بمعنى (الواو) لكن بشرط الأمن من اللّبس. 7 هذا بيتٌ من البسيط، وهو لجرير، من كلمة يمدح بها أميرَ المؤمنين عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه. والشّاهدُ فيه: (أو كانت) حيث استعمل فيه (أو) بمعنى (الواو) ؛ للوُضوح وعدم اللّبس. يُنظر هذا البيتُ في: الأزهيّة 114، وأمالي ابن الشّجريّ 3/74، وشرح الكافية الشّافية 3/1222، وابن النّاظم 534، والجنى الدّاني 230، والمغني 89، والمقاصد النّحويّة 4/145، وشرح شواهد المغني 1/196، والدّيوان 1/416. وروايته (نَالَ الْخِلاَفَةَ إِذْ كَانَتْ لَهُ قَدَرًا) ولا شاهد فيه على هذه الرّواية. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 695 [و] 1 (إِمَّا) معناها كمعنى (أَوْ) في الأقسام الأربعة2؛ إِلاّ أنّها أقعد في المعنى من (أَوْ) ؛ مِن قِبَل أنّ الكلام من أوّل وَهْلَة يبنى على الشّكّ، أو للإباحة، أو للتّخيير3، مع (إِمّا) 4. ولا يُعطف بها إلاّ وهي مكرّرة، مثل: (قام [إمَّا] 5 زيد وإمّا عمرو) 6. وقد يُستغنى عن الثّانية بـ (إِلاّ) كقول الشّاعر: فَإِمَّا أَنْ تَكُونَ أَخِي بِصِدْقٍ ... فَأَعْرِفَ مِنْكَ غَثِّي مِنْ سَمِيني وَإِلاَّ فَاطَّرِحْنِي وَاتَّخِذْنِي ... عَدُوَّاً أَتَّقِيكَ وَتَتَّقِينِي7 [117/ب]   1 ما بين المعقوفين زيادةٌ يقتضيها السّياق. 2 الأقسام الأربعة هي: التّخيير، والإباحة، والإبهام، والشّكّ. 3 في أ: التّخيير. 4 بخلاف (أَوْ) فإنّ الكلام معها قد يفتتح على الجزم ثم يطرأ الشّكّ أو غيره؛ ولهذا وجب تكرار (إِمّا) في غير نُدُور. الجنى الدّاني 531. 5 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 6 وهُناك فرقٌ ثالث بين (إِمّا) و (أَو) ؛ وهو: أنّ (أَوْ) قد تكون بمعنى الواو، وبمعنى (بل) عند بعض النُّحاة، و (إِمّا) لا تكون كذلك. الجنى الدّاني 531. 7 هذان بيتان من الوافر، وهما للمثقّب العبديّ. والشّاهدُ فيهما: (وإلاّ فاطّرحني) حيث استغنى عن تكرير (إِمّا) بذكر (إِلاَّ) المركّبة من (إن) الشّرطيّة و (لا) النّافية. يُنظر هذان البيتان في: المفضّليّات 292، والأزهيّة 140، وأمالي ابن الشّجريّ 3/126، 127، والمقرّب 1/232، وشرح الكافية الشّافية 3/1228، وابن النّاظم 536، 537، ورصف المباني 186، والجنى الدّاني 532، والمغني 86، 87، والأشمونيّ 3/110، والدّيوان 211، 212. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 696 [و] 1 (أَمْ) معناه: الاستفهام؛ وهي متّصلة، ومنفصلة منقطعة. فالمتّصلة يجتمع فيها ثلاث شرائط: تكون مع الألِف2 للاستفهام، وتكون مقدَّرة بـ (أي) ، ويكون جوابها معيّنًا؛ مثل: (أقام زيدٌ أَمْ3 عمرو؟) ، فالمعنى: أيُّهما قام؟، والجواب: التّعيين4. ولو كان بدل (أم) (أو) في قولك (أو عمرو) لم يكن جوابها تعيين5شخص؛ وإنّما جوابها (نعم) أو (لا) ؛ لأنّها مقدّرة بمعنى الأحديّة؛ فكأنّه قال: أحدُهما قام. وإنْ6 كانت بغير ألِف استفهام، أو بـ (هل) 7 فهي منقطعة   1 ما بين المعقوفين زيادة يقتضيها السّياق. 2 يقصد بالألف: الهمزة. 3 في ب: أو، وهو تحريف. 4 في ب: التّعيين. 5 في ب: التعين. 6 في ب: فإنْ. 7 في ب: بمهل، وهو تحريف. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 697 ولم تقتض تعيينًا، كقوله تعالى: {لاَرَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ} 1 فهذه مقدّرة2 بـ (بل) والهمزة؛ [و] 3 المعنى: بل أيقولون4. وقول بعض العرب: (إِنَّهَا لإبلٌ أَمْ شَاء5) كأنّه قال: بَلْ أَهِيَ شَاء؛ وكأنّ الكلام الّذي بعدها قد انقطع ممّا قبلها؛ فلذلك سُمِّيت منقطعة. وقد تُفيد6 الإضراب وحده، كقول الشّاعر: عُوجُوا7 فَحَيُّوا أَيُّهَا السَّفْر ... أَمْ كَيْفَ يَنْطِقُ مَنْزِلٌ قَفْرُ8 أراد: بل كيف.   1 من الآية: 37، 38 من سورة يونس. 2 في أ: تقدّر. 3 العاطِف ساقطٌ من أ. 4 في ب: أتقولون. 5 يُنظر: الكتاب 3/172، والإيضاح 226، والمحتسب 1/99، والأزهيّة 128، وشرح المفصّل 8/98، وشرح الكافية الشّافية 3/1219، وابن النّاظم 532. 6 في أ: يفيد. 7 في ب: هوجوا، وهو تحريف. 8 هذا بيتٌ من الكامل، وهو لحسّان بن ثابت رضي الله عنه. و (عاج) : مال. و (السّفْر) : المسافرون. والشّاهدُ فيه: (أمْ) حيث جاءت مفيدة للإضراب وحده. يُنظر هذا البيت في: الاشتقاق 166، وشرح عمدة الحافظ 619، والدّيوان 1/470 - وفيه (بل) بدل (أم) ولا شاهد فيه على هذه الرّواية -. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 698 والمتّصلة ليستْ كذلك، بل ما قبلها وما بعدها لا يستغني [118/ أ] أحدُهما عن الآخر؛ لأنّهما مفردان تحقيقًا أو1 تقديرًا، و2 نسبة الحكم3 عند المتكلّم إليهما معًا، أو4 إلى أحدهما من غير تعيين. [و] 5 (بَلْ) معناه: الإضراب بعد إيجاب6 أو نفي7؛ كقولك: (ما جاءني زيدٌ بل عمرو) 8 و (جاءني9 خالدٌ بل سعيد) 10، وتقول: (لا تضرب خالدًا بل بِشْرًا) فتقرّر نهيَ المخاطَب عن ضرب (خالد) ، وتأمُره11 بضرب (بِشر) .   1 في كلتا النّسختين: وتقديرًا، والتّصويب من ابن النّاظم 527. 2 في أ: أو نسبة، وهو تحريف. 3 في ب: والحكم. 4 في أ: وإلى أحدهما. 5 ما بين المعقوفين زيادة يقتضيها السّياق. 6 العطفُ بـ (بل) بعد الإيجاب جوّزه البصريّون، ومنعه الكوفيّون. يُنظر: الإنصاف 2/484، والإرتشاف 2/644، والمغني 153، والأشمونيّ 3/113. 7 أو نهي. (بل) إنْ كانت بعد نفي أو نهي فهي لتقرير حكم ما قبلها، وجعل ضدّه لِمَا بعدها. يُنظر: ابن النّاظم 540. 9 في ب: ما جاءني. 10 (بل) إن لم يكن قبلها نفيٌ أو نهي فهي لإزالة حكم ما قبلها وجعله لِمَا بعدها يُنظر: شرح الكافية الشّافية 3/1233. 11 في أ: يأمره. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 699 [و] 1 (لَكِنْ) معناه: الاستدراك بعد النّفي خاصّة؛ كقولك: (ما جاءني زَيْدٌ لَكِنْ عمرٌو) ، [ولا يجوز: (جاءني زيدٌ لكن عمرو) ] 2؛ لأنَّ (لَكِنْ) مدخلة على حروف العطف، و (بل) أقعد منها؛ فلذلك جاز فيها الوجهان. أو بعد النّهي، كقولك: (لاَ تَضْرِب زَيْدًا لَكِنْ عَمْرًا) . وتدخُل الواو على (لَكِنْ) ، كقوله تعالى: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللهِ} 3فتعرّى عن العطف4؛ لامتناع دُخول العاطِف على العاطِف. [و] 5 (لاَ) معناه6 في العطف: إخراجُ الثّاني ممّا دخل فيه الأوّل. ولا يُعطف7 بها إلاّ بعد إيجاب خلاف (لكن) ؛ تقولُ: (قامَ زيدٌ لا عمرو) ، ولا يجوز: (ما قام زيدٌ لا عمرو) 8. والمراد: قصر الحكم على ما قبلها9، كاعتقاد إنسانٍ أنّ زيدًا   1 ما بين المعقوفين زيادةٌ يقتضيها السّياق. 2 ما بين المعقوفين في (أ) جاء في السّطر التّالي؛ وهو سهوٌ من النّاسخ. 3 من الآية: 40 من سورة الأحزاب. 4 في ب: العاطِف. 5 ما بين المعقوفين زيادةٌ يقتضيها السّياق. 6 في ب: لأن معناها. 7 في ب: تعطف. 8 لأنّ الأوّل لم يدخل في شيء كي يخرج منه الثّاني. 9 القصر: إمّا قصر إفرادٍ - كما مثّل -، وإمّا قصرُ قلب لاعتقاد المخاطَب إلى غيره؛ كما إذا اعتقد إنسانٌ أنّ زيدًا جاهل، وأخطأ في اعتقاده، وأردتّ أن تردّه إلى الصّواب، فقلتَ: (زيدٌ عالم، لا جاهل) . يُنظر: ابن النّاظم 539. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 700 كاتب وشاعر، وهو مخطئ في اعتقاد1 كونه شاعرًا، وأردتّ أن تردّه إلى الصّواب [118/ ب] فقلتَ: (زيدٌ كاتبٌ لا شاعرٌ) . وأَمّا (حَتّى) فمعناها: غاية في تعظيم شيء أو تحقيره؛ والمعطوف بها على شرطين2: أن يكون قليلاً بعد كثير3، وجنسًا له. وهو إما لارتفاع4، وإمّا لدناءة؛ فمعنى الارتفاع قولك5: (مات النّاسُ حتّى الأنبياء) ، ومعنى الدّناءة قولك: (قَدِمَ الحُجّاج حتّى الضُّعفاء) و (قام القومُ حتّى زيد) . ولا يجوز: (قام زيدٌ حتّى عمرو) 6، ولا يُقال: (خرج القوم حتّى الحمار) ؛ لعدم الجنسيّة، ويجوز جميع7 ذلك في (الواو) .   1 في كلتا النسختين: اعتقاده وما أثبته هو الأنسب. 2 تُنظر هذه الشُّروط في: شرح المفصّل 8/96، والجنى الدّاني 547. 3 أي: أن يكون بعضَ ما قبلها، أو كبعضه؛ فمِثالُ كونه بعضًا: (قَدِمُ الحُجّاح حتّى المُشاةُ) ، ومثال كونه كبعض: (قَدِمَ الصّيّادُون حتّى كلابُهم) . الجنى الدّاني 547. 4 في أ: إمّا الارتفاع، وإمّا الدّناءة. 5 في أ: كقولك. 6 لأنّ الثّاني وإنْ كان من جنس الأوّل فليس بعضًا منه. 7 في كلتا النسختين: جمع، والصّواب ما هو مثبت. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 701 وقد عُطِف1 بـ (حَتَّى) الأقوى والأضعف معًا في قول الشّاعر: قَهَرْنَاكُمُ حَتَّى الكُمَاةَ فَكُلُّكُم ... يُحَاذِرُنَا حَتَّى بَنِينَا الأَصَاغِرَا2 وحكم هذه الحروف: أنّ جميعها تدخل3 الثّاني في إعراب4 الأوّل من رفع، ونصب، وجرّ، وجزم. ومنها: أنّها يُعطف5بها جميع الأسماء بعضها على بعضٍ، على اختلاف أجناسها من مذكّرٍ على مؤنّث، ومؤنّثٍ على مذكّر، ومعرِفةٍ على نكِرة، ونكِرةٍ على معرِفة، وظاهرٍ على مُضمَر، ومُضمَرٍ على ظاهر، ومنصرِفٍ على غير منصرف، وغير منصرفٍ على منصرف. وجميعُ حروف العطف إذا عطفت بها الاسم الظّاهر على المضمَر المجرور احتيج إلى إعادة حرف الجرّ مع الظّاهر، كقولك: (مررتُ بك وبزيد) 6. [119/أ]   1 في ب: يعطف. 2 هذا بيتٌ من الطّويل، ولم أقف على قائله. و (الكُماة) : جمع كميّ؛ وهو الفارس الشُّجاع. والشّاهدُ فيه: (حتّى الكُماة) و (حتّى بنينا) حيث عطف بـ (حتّى) القويّ والضّعيف. يُنظر هذا البيت في: شرح عمدة الحافظ 2/615، والجنى الدّاني 549، والمغني 172، وشرح شواهد المغني 1/373، والهمع 5/258، والأشمونيّ 3/97، والدّرر 6/139. 3 في ب: يدخُل. 4 في ب: في الإعراب للأوّل، وهو تحريف. 5 في ب: تعطف. 6 هذا مذهب البصريّين. وذهب الكوفيّون وابن مالكٍ إلى جواز العطف على الضّمير المجرور بدون إعادة الجارّ. تُنظر هذه المسألة في: الإنصاف، المسألة الخامسة والسّتّون، 2/463، وشرح عمدة الحافظ 2/659، وابن النّاظم 544، وأوضح المسالك 3/61، والتّصريح2/151، والهمع 5/268، والأشمونيّ 3/114. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 702 وكذلك عطف المضمَر المجرور على الظّاهر، كقولك: (مررتُ بزيدٍ وبك) ؛ فإنْ عطفت بها على المضمَر المرفوع المتّصل بالأفعال لم يجز ذلك العطف إلا بعد تأكيد المضمَر المرفوع؛ مثل: (قمتُ أنا وزيد) و (زيدٌ قام هو وعمرو) ؛ لأنّ المضمَر المرفوع لَمّا اتّصل بالفعل اختلط به وصار كالجزء منه، فأتى بالتّأكيد إشعارًا بأنّ العطف على نفس الاسم المضمَر المرفوع. وكذلك لو عطفت على مضمَر متّصل منصوب1لم يحتج إلى تأكيد؛ لأنّه لم يتنزّل مع ما قبله منزلة الجزء منه. وحُروف العطف لا يجوز دخول بعضها على بعضٍ سوى (لا) و (لكن) و (إمّا) ؛ فإنّه يجوز دخول (الواو) عليهنّ؛ ويكون الحكم لـ (الواو) في العطف2، كقولك: (ما قام زيدٌ ولكن عمرو) فالعطف إنّما هو لـ (الواو) ، وإنّما دخلت (لكن) لمعناها3.   1 نحو قوله تعالى: {جَمَعْنَاكُمْ وَالأَوَّلِينَ} [المرسَلات: 38] . فـ {الأَوّلِين} معطوفٌ على الضّمير المتّصل المنصوب؛ وهو (الكاف) . 2 في أ: للعطف. 3 وهو: الاستدراك بعد النّفي خاصّة، أو بعد النّهي. يُنظر: ص 700 من هذا الكتاب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 703 وكذلك: (قام إمّا زيدٌ وإمّا عمرو) فـ (الواوُ) هي العاطفة، ودُخول (إمّا) لمعناها1، وليست (إمّا) الأولى ولا الثّانية ههنا من حروف العطف2. وكذلك: (ما قام زيدٌ ولا عمرو) فـ (الواو) [119/ ب] عاطفة، و (لا) مؤكِّدة للنّفي. وَالْعَطْفُ قَدْ يَدْخُلُ فِي الأَفْعَالِ ... كَقَوْلِهِمْ: ثِبْ وَاسْمُ في الْمَعَالِي3 إذا عطفتَ فعلاً على فعل وَجَبَ أن يكون من نوع المعطوف عليه؛ كقولك: (قَامَ وقَعَدَ) و (قُمْ واقْعُدْ) و (زيدٌ يَصُومُ ويُصلِّي) و (لَمْ يتَّكِل ولم يَغْفُل) و (لن يبخل ولن يجبُن) ؛ [و] 4 هذا حكمه في المبنيّ والمعرب.   1 وهو: التّخيير، أو الإباحة، أو التّقسيم، أو الإبهام، أو الشّكّ. يُنظر: ص 696 من هذا الكتاب. 2 لا يجوز أن تكون الأولى عاطفة؛ لأنّ حرف العطف لا يُبْتَدأُ به؛ ولا يجوز أن تكون الثّانية عاطفة؛ لأنّ معها (الواو) ، وحرفُ العطفِ لا يدخُل على مثله. 3 في ب: للْمَعَالِي. وقد ورد هذا البيتُ في آخر (باب التّوابِع) في متن الملحة 42، وفي أوّل هذا الباب في شرح الملحة 296. 4 العاطِف ساقطٌ من أ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 704 فَصْلُ [التَّوْكِيدِ] : 1 التَّوكيد: ويقال فيه: تأكيد، كما يقال في فعله: أكّدتّ، ووكّدتّ. والتّأكيد هو: تمكين معنى القول عند السّامع. وهو قسمان: لفظيٌّ ومعنويّ. فـ (اللّفظيّ) : إعادة المؤكِّد بلفظه، كقولك: (واللهِ إِنِّي ضعيفٌ إنّي ضعيف) ؛ وهذا يكون في الأسماء، والأفعال، والحُروف، والمفردات، والجُمل. و (المعنويّ) : هو إعادة الشّيء المؤكَّد بما يدلّ على معناه. وله تسعة ألفاظٍ؛ وهي: نفسه، [وعينه] 2، وكلّه، وكلاهما، وكلتاهما، وأجمع، وأجمعون، وجَمْعَاء، [وجُمَع] 3. فـ (النّفس) و (العين) : مقدَّمان على (كُلّ) 4؛ لأنّهما اسمان،   1 ما بين المعقوفين زيادةٌ مِنِّي يقتضيها السّياق. 2 ما بين المعقوفين ساقط من أ. 3 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ، وفي ب: جميع. وهُناك ألفاظٌ أُخرى للتّوكيد؛ مثل: جميع، وعامّة؛ وألفاظٌ أُخرى تابعة؛ مثل: أكتع، وأبصع .... يُنظر: شرح المفصّل 3/40، وشرح الكافية الشّافية 3/1171، 1172، وابن النّاظم 503، 504، والارتشاف 2/610، والهمع 5/198. 4 في ب: الكُلّ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 705 ولم يوضعا للتّأكيد1 في الأصل، في مثل: (طابت نفسه) [120/ أ] و (صحّت عينُه) فهما مضافان إلى ضمير المؤكّد، مطابِقًا له في الإفراد، والتّذكير، وفروعهما؛ تقولُ: (جَاءَ زَيْدٌ نَفْسُهُ) فترفع بذكر (النّفس) احتمالَ كون الجائي رسول زيد أو خبره؛ وكذلك إذا قلت: (لقيتُ زيدًا عَيْنَه) . ولفظهما في تأكيد المؤنّث كلفظهما في تأكيد2 المذكّر؛ تقول: (جاءت هندٌ نفسها) و (رأيتها عينها) . وأمّا في توكيد الجمع فيُجمعان على (أَفْعُل) ؛ تقول: (جاء الزّيدون3 أنفسُهُم) و (كلّمت الهندات أعيُنهنّ) 4. وكذا في توكيد المثنّى على المختار، تقول: (جاءَ الزّيدان أنفسُهما) و (لقيتُهما أعيُنهما) ؛ ويجوز فيهما الإفراد والتّثنية5. وكذا6 كلّ مثنّى7 في المعنى مضاف إلى متضمّنه، يُختار فيه لفظ الجمع على لفظ الإفراد8، ولفظ الإفراد على لفظ التّثنية، ومن ذلك9 قولُ الشّاعر:   1 في ب: للتّوكيد. 2 في أ: توكيد. 3 في أ: الزّيدان، وهو تحريف. 4 في ب: أنفسهنّ. 5 نحو: (جاء الزّيدان نفسهما و (عينُهما و (نفساهما و (عيناهما. 6 في أ: كذا وكلّ. 7 في كلتا النّسختين: مضاف، والتّصويب من ابن النّاظم 501. 8 نحو قوله تعالى: {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التّحريم: 4] . 9 في ب: ومنه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 706 حَمَامَةَ بَطْنِ الْوَادِيَيْنِ تَرَنَّمِي ... سَقَاكِ مِنَ الْغُرِّ الغَوَادِي مَطِيرُهَا1 و (كُلٌّ) 2: مقدَّمٌ على (أَجْمَع) ؛ لأنّ (كلاًّ) يُستعمل تأكيدًا، و3 يُستعمل اسمًا غير تأكيد، ويؤكَّد4به غير المثنّى ممّا له أجزاء يصحّ وُقوع بعضها موقعه، كقولك: (جاء الجيش كلّه) و (القبيلة كلّها) و (القومُ كلّهم) و (النّساء كلّهنّ) فامتنع كونُ [120/ ب] الجائي بعض المذكور. و (كِلاَ) و (كِلْتَا) : يؤكَّد بهما المثنّى؛ نحو: (جاء الزّيدان كلاهُما) (الهندان5 كلتاهما) . وأمّا (أَكْتَعون، أبصعون6، كُتَع، بُصَع، [أَكْتَع، أَبْصَع] 7،   1 هذا بيتٌ من الطّويل، وهو للشّمّاخ، ويُنسب إلى تَوْبَةَ بن الحُمَيِّر، وإلى مجنون ليلى. و (ترنّمي: رجِّعي صوتك. و (الغُرّ: جمع غرّاء؛ يعني: البيضاء. و (الغوادي: جمع غادية؛ وهي السّحابة الّتي تنشأ صباحًا. والشّاهدُ فيه: (بطن الواديين حيث أفرد البطن، وكان القياس أن يُقال: بطني الواديين، بل الأحسن أن يُقال: بطون الواديين. يُنظر هذا البيتُ في: الشّعر والشّعراء 289، وأمالي القالي 1/88، والمقرّب 2/128، وابن النّاظم 502، والمقاصد النّحويّة 4/86، والهمع 1/173، والأشمونيّ 3/74، والدّرر 1/154، وملحق ديوان الشّمّاخ 438، 440، وديوان توبة بن الحُميِّر 37، وديوان مجنون ليلى 148. 2 في أ: الكلّ. 3 في ب: أو. 4 في أ: وتؤكّد. 5 في كلتا النّسختين: الهندات، وهو تصحيف. 6 في أ: أفصعون، وهو تحريف. 7 ما بين المعقوفين ساقطٌ من ب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 707 كَتْعَاء، بَصْعَاء) فكلُّها اتباع لـ (أجمع) لا تُستعمَل1 إلاّ معه؛ هذا كلُّه تأكيد معنويّ. والغرض به: تمكينُ2 المعنى في نفس3 المخاطَب، وإزالة الشّكّ؛ فعلى هذا تقولُ: قام القوم أنفسُهم أعينهم [كلُّهم] 4 أجمعون أكتعون أبصعون5؛ وتقولُ: جاء الجيشُ كلّه أجمع أكتع أبصع، والقبيلة كلّها جمعاء كتعاء بصعاء، والهنداتُ كلّهنّ جُمَع كُتَع بُصع. ولا يحسُن: (قام القوم [كلُّهم] 6 أنفسهم أعيُنهم) أو (أجمعُهم كلّهم) 7. وجميعُ هذه يؤكّد بها ما يتبعّض، إلاّ النّفس والعين فإنّه يؤكَّدُ بهما ما يتبعّض وما لا يتبعّض؛ لأنّهما موضوعان لتحقيق الشّيء لا للإحاطة والعُموم.   1 في ب: لا يُستعمَل. 2 في ب: تأكيد. 3 في ب: النّفس. 4 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 5 في أ: أفصعون، وهو تحريف. 6 ما بين المعقوفين زيادة مِنِّي يقتضيها السّياق. 7 فالنّفس والعين مقدَّمان على (كلّ؛ لأنّهما أشدّ تمكُّنًا في الاسميّة من (كلّ؛ و (كلّ مقدَّمة على (أجمع؛ لأنّ (كُلاًّ تكونُ تأكيدًا وغير تأكيد، و (أجمع لا تكون إلا تأكيدًا؛ تقولُ: (إنّ القومَ كلُّهم في الدّار، فيجوز رفع (كلّ ونصبها؛ فالنّصبُ على التأكيد، والجارّ والمجرور الخبر؛ وأمّا الرّفع فعلى الابتداء وخبره الجارّ والمجرور بعده، والجُملة من المبتدأ والخبر خبر (إنّ. يُنظر: شرح المفصّل 3/46. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 708 وجميعُ هذه الأسماء لا يجوز أن تُقطع عن1 إعراب ما قبلها كما يفعل2 بالنّعت؛ لأنّه ليس فيها معنى مدح3 ولا ذمّ. وشَذَّ قولُ بَعْضِهِم4: "أَجْمَعُ أَبْصَعُ"5، وربّما أُكِّدَ بـ (أكتع) 6 [و] (أبصع) غير مسبوقين بـ (أجمع) ، ومنه قولُ الرّاجِز: يَا لَيْتَنِي كُنْتُ صَبِيًّا مُرْضَعَا ... تَحْمِلُنِي الذَّلْفَاءُ7 حَوْلاً أَكْتَعَا إِذَا بَكَيْتُ قَبَّلَتْنِي أَرْبَعَا ... وَلاَ أَزَالُ الدَّهْرَ أَبْكِي أَجْمَعَا8 [121/ أ]   1 في ب: على. 2 في أ: تفعل. 3 في ب: لا مدح. 4 يُنظر هذا القولُ في: شرح الكافية الشّافية 3/1173، وابن النّاظم 505، والأشمونيّ 3/76. 5 الشُّذوذ من ناحية أنّه يلتزم التّرتيب بين هذه التّوابِع عند الجمهور على النّحو التّالي: (أجمع، أكتع، أبصع. وأجاز الكوفيّون وابن كيسان أن تبدأ بأيّتهنّ شئت بعد (أجمع. يُنظر: شرح المفصّل 3/46، والارتشاف 2/611، والأشمونيّ 3/76، والصّبّان 3/76. 6 العاطِف ساقطٌ من أ. 7 في كلتا النسختين: الدّلفاء، وهو تصحيف. 8 هذان بيتان من الرّجز، ولم أقف على قائلهما. و (الذّلفاء: من الذّلف؛ وهو: صغر الأنف، واستواءُ الأرنبة. و (أكتعا: تامًّا كاملاً. والشّاهدُ فيهما: ذكره الشّارح. يُنظر هذان البيتان في: شرح الكافية الشّافية 3/1173، وشرح عمدة الحافظ 1/562، وابن النّاظم 505، واللّسان (كتع 8/305، وابن عقيل 2/194، والمقاصد النّحويّة 4/93، والأشمونيّ 3/76، والخزانة 5/168، والدّرر 6/35، 36. وورد عجُزه الأوّل في: المقرّب 1/240، والهمع 5/201. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 709 ففي هذا1 الرّجز إفرادُ (أَكْتَع) عن (أَجْمَع) ، وتوكيد النّكرة المحدودة، والتّوكيد بـ (أَجْمَع) غير مَسْبُوقٍ بـ (كلّ) . والكوفيّون2 يجيزون توكيد النّكرة المحدودة كـ (يوم) و (ليلة) و (شهر) و (حول) مِمَّا3 يَدُلُّ على مُدَّةٍ مَعْلومةٍ4. فإنْ كانت غير محدودة فلا يجيزون توكيدها كـ (حين) و (وقت) و (زمان) ؛ لأنَّه لا فائدة في توكيدها. ومنع البصريّون توكيدها محدودة5. وقولُ الكوفيّين أَوْلَى بالصّواب6؛ فَإنَّ مَنْ قال: (صُمْتُ شَهْرًا)   1 في أ: هذه. 2 تُنظر هذه المسألة في: الإنصاف، المسألة الثّالثة والسّتّون، 2/451، وشرح المفصّل 3/44، وشرح الكافية الشّافية 3/1177، وابن النّاظم 506، وابن عقيل 2/195، وأوضح المسالك 3/22، وائتلاف النّصرة، فصل الاسم، المسألة الثّامنة والأربعون، 61، والتّصريح 2/124. 3 في ب: بما. 4 في ب: محدودة. أي: معلومة المقدار. يُنظر: ابن النّاظم 506. 5 وكذلك غير محدودة. يُنظر: ابن النّاظم 506. 6 لصحّة السّماع بذلك؛ ولأنّ في توكيد النّكرة المحدودة فائدة كالّتي في توكيد المعرفة. يُنظر: ابن النّاظم 506، وشرح الكافية الشّافية 3/1177. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 710 قد يُريد جميع الشّهر، و [قد] 1 يريد أكثره2. فإذَا قال: (صمتُ شهرًا كلّه) ارتفع الاحتمال، فصار كلامه نصًّا3. ولو لم يُسْمَع من العرب ذلك لكان جائزًا، لِمَا فيه من الفائدة، فكيف واستعمالُه ثابتٌ - كما تقدّم -4، وكقول الآخر: ................................... ... قَدْ صَرَّتِ5 الْبَكْرَةُ يَوْمًا أَجْمَعَا6   1 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 2 ففي قوله احتمال. يُنظر: ابن النّاظم 506. 3 على مقصوده. يُنظر: ابن النّاظم 506. 4 في قول الشّاعر: تَحْمِلُنِي الذَّلْفَاءُ حَوْلاً أَكْتَعَا 5 في أ: سرت، وهو تحريف. 6 هذا بيتٌ من الرّجز المشطور، ولم أقف على قائله، وقبله: إِنَّا إِذَا خُطَّافُنَا تَقَعْقَعَا و (صرّت: صوّتت. و (البكرة: ما يستقى عليها الماء من البئر. والشّاهدُ فيه: (يومًا أجمعَا حيث أكّد النّكرة المحدودة (يومًا بـ (أجمعا على مذهب الكوفيّين. يُنظر هذا البيتُ في: الإنصاف 2/454، وشرح المفصّل 3/45، والمقرّب 1/240، وشرح الكافية الشّافية 3/1177، وابن النّاظم 507، وابن عقيل 2/195، والمقاصد النّحويّة 4/95، والهمع 5/204، والأشمونيّ 3/78، والدّرر 6/39. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 711 وكقول الآخر: لَكِنَّهُ شَاقَهُ أَنْ قِيلَ ذَا رَجَبُ ... يَا لَيْتَ عِدَّةَ شَهْرٍ1كُلِّهِ رَجَبُ2 والتّوكيدُ اللّفظيّ هو: تكرارُ معنى المؤكّد بإعادة لفظه؛ خوفًا من النّسيان، [121/ ب] أو عدم الإصغاء3.   1 في أ: شهري. وقال ابن هشام في أوضح المسالك 3/23: "ومن أنشد (شهر مكان (حول فقد حَرَّفه". وبيّن الشّيخ خالد في التّصريح 2/125 هذا التّحريف حيث قال: "لأنّ المعنى يفسُد عليه؛ لأنّ الشّاعر تمنّى أن يكون عدّة الحول من أوّله إلى آخره رجبًا، لِمَا رأى فيه من الخيرات؛ ولا يصحّ أن يتمنّى أنّ عدّة شهر كلّه رجب؛ لأنّ الشّهر الواحد لا يكون بعضه رجبًا وبعضه غير رجب، حتى يتمنّى أن يكون كلّه رجبًا". 2 هذا بيتٌ من البسيط، وهو لعبد الله بن مسلم الهذليّ. والشّاهدُ فيه: (عدّة شهرٍ حيث أكّد النّكرة المحدودة (شهر بـ (كلّه على مذهب الكوفيّين. يُنظر هذا البيتُ في: شرح أشعار الهذليّين 2/910، والإنصاف 2/451، وشرح المفصّل 3/44، وابن النّاظم 507، وتذكرة النُّحاة 640، وأوضح المسالك 3/22، والمقاصد النّحويّة 6/96، والتّصريح 2/125، والأشمونيّ 3/77، والخزانة 5/170. والرّواية في هذه الكتب (عدّة حول بدل (عدّة شهر. 3 هذا تعريف شيخه ابن النّاظم 509؛ لكنّه أسقط منه بعض الكلمات، وهو بتمامه: :هو: تكرار معنى المؤكّد بإعادة لفظه، أو تقويته بمرادفه؛ لفصل التّقرير، خوفًا من النّسيان، أو عدم الإصغاء، أو الاعتناء". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 712 وأكثرُ ما يجيء مؤكِّدًا لجُملة1، كقول الشّاعر: أَيَا مَنْ لَسْتُ أَقْلاَهُ ... وَلاَ فِي الْبُعْدِ أَنْسَاهُ لَكَ اللَّهُ عَلَى ذَاكَ ... لَكَ اللَّهُ لَكَ اللَّهُ2 وكثيرًا ما تقترن الجملة المؤكِّدة3بعاطِف، كقوله تعالى: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ. [ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ] 4} 5، وكقوله تعالى: {أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى. ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى} 6. والمثنّى يؤكَّدُ بـ (كِلاَ) و (كِلْتَا) ، كقولك: (لَقيتُ7 الأميرين8   1 في كلتا النّسختين: بجملة، والتّصويب من ابن النّاظم 509. 2 هذان بيتان من الهزج، ولم أقف على قائلهما. و (أقلاه: أبغضه، من قلاه يقليه؛ ويقلاه لغة طيّء، والشّعر على لغتهم. والشّاهدُ فيهما: (لكَ الله لكَ الله حيث أكّد الجملة بإعادة لفظها. يُنظر هذان البيتان في: شرح الكافية الشّافية 3/1184، وشرح عمدة الحافظ 1/573، وابن النّاظم 509، والمقاصد النّحويّة 4/97، والهمع 5/208،والبهجة المرضيّة 124، والأشمونيّ 3/80، والدّرر 6/48. 3 في ب: المذكورة، وهو تحريف. 4 ما بين المعقوفين زيادةٌ يقتضيها السّياق، وبها يتّضح الشّاهد؛ وهي في ابن النّاظم كذلك. 5 سورة الإنفطار، الآيتان: 17، 18. 6 سورة القيامة، الآيتان: 34، 35. 7 في ب: رأيت. 8 في كلتا النّسختين: الأمرين، وهو تحريف، والتّصويب من شرح ملحة الإعراب 288. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 713 كليهما1) و (دخلتُ الجنّتين كلتيهما) ، وليس الألِفان ألفيْ2 تثنية3، بل صيغ لفظُهما لتأكيد4 المثنّى؛ [وهما عند البصريّين5اسمان مفردان أُضيفا إلى مثنّى] 6، والدّليل على إفرادهما قولُه تعالى: {كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا} 7 ولم يقل: (آتتا) فإِفراد الخبر عنهما دليلٌ على أنّها مفردة. ويؤكّد بضمير الرّفع المنفصل الضّمير المستتر، كقوله تعالى: {اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ} 8. والضّمير المتّصل9؛ مرفوعًا، أو منصوبًا، أو مجرورًا، نحو: (فَعَلْتَ أَنْتَ) و (رَأَيْتَنِي أَنَا) و (مَرَرْتُ بِهِ هُوَ) .   1 في ب: كلتيهما، وهو تحريف. 2 في أ: ألفا، وهو سهوٌ. 3 في ب: التّثنية. 4 في أ: التّأكيد، وهو تحريف. 5 هذا مذهب البصريّين؛ فهما عندهم مفردان لفظًا، مثنّيان معنىً. أمّا الكوفيّون فعندهم مثنّيان لفظًا ومعنىً. تُنظر هذه المسألة في: الإنصاف، المسألة الثّانية والسّتّون، 2/439، والهمع 1/136، والأشمونيّ 1/77، 78. 6 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 7 من الآية: 33 من سورة الكهف. 8 من الآية: 35 من سورة البقرة. 9 أي: يؤكّد الضّمير المتّصل بضمير الرّفع المنفصل، سواء كان المتّصل مرفوعًا، أو منصوبًا، أو مجرورًا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 714 فَصْلُ [البَدَلِ] : 1 البَدَلُ2 هو3: إِعلامُ السّامع بمجموعي الاسمين4 على جهة البيان من غير أن ينوى بالأوّل منهما5 الطّرح6. و7 أقسامُه أربعة:   1ما بين المعقوفين زيادة يقتضيها السّياق. 2 البدل تسمية بصريّة، والكوفيّون يسمّونه التّرجمة، والتّبيين، والتّكرير. يُنظر: الكتاب 1/150، 431، ومعاني القرآن للفرّاء 1/7، 2/73، والمقتضب 4/295، 399، والارتشاف 2/619، وتوضيح المقاصد 3/247، والتّصريح 2/155، والهمع 3/212، والأشمونيّ 3/123. 3 قال ابن عصفور: "البدل: إعلامُ السّامع بمجموعي الاسمين أو الفعلين على جهة البيان أو التّأكيد، على أن ينوى بالأوّل منهما الطّرح من جهة المعنى لا من جهة اللّفظ". شرح الجُمل 1/279. ويُنظر: المقرّب 1/242، وكشف المُشكِل 2/16، وشرح المقدِّمة المحسبة 2/423، وشرح ألفيّة ابن معطٍ 2/799. 4 في كلتا النّسختين: الاسم، والصّواب ما هو مثبَت؛ بدليل ما بعده. 5 في أ: منها، وهو تحريف. 6 لأنّه لو نوى بالأوّل الطّرح لفظًا، ولم يعتدّ به أصلاً لَمَا جاز مثل: (ضربتُ زيدًا يده) إذ لو لم يعتدّ بـ (زيد) لم يكن للضّمير في (يده) ما يعود عليه. شرح الجُمل 1/280. ويُنظر: شرح المقدِّمة المحسبة 2/423، والارتشاف 2/619. 7 في أ: فأقسامُه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 715 الأوّل: بدل كُلّ من كُلّ؛ كقولك: (هذا زيدٌ أخوكَ) ، وكقوله تعالى: {إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ اللهِ} 1. [122/ أ] والثّاني: بدل بعض من كلّ؛ كقولك: (هذا زيدٌ وجهه) ، وكقوله تعالى: {وَلَوْلاَ دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ} 2. والثّالث: بدل الاشتمال3؛ كقولك4: (أعجبني زيدٌ عقلُه) ، وكقوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ} 5 [أي: عن قتالٍ في الشّهر الحرام] 6. والرّابع: بدل الغلط والنّسيان7؛ ولا يقع شيءٌ من ذلك في القرآن،   1 من الآيتين 1، 2 من سورة إبراهيم؛ في قراءة الجرّ على أنّ لفظ الجلالة بدلٌ من الحميد؛ وهي قراءة ابن كثير، وأبي عمرو، وعاصم، وحمزة، والكِسائيّ. وقرأ بالرّفع نافع، وابن عامر. يُنظر: السّبعة 362، وإعرابُ القراءات السّبع وعللها 1/334، والمبسوط 256، وحجّة القراءات 376. 2 من الآية: 251 من سورة البقرة، ومن الآية 40 من سورة الحجّ. 3 في ب: اشتمال. 4 في أ: كقوله. 5 من الآية: 217 من سورة البقرة. 6 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 7 من النُّحاة مَن جعل هذا البدل قسمين؛ كابن النّاظم، وابن عقيل، وغيرهما: بدل غلط ونسيان؛ وهذا القسم الأوّل، وقد مثّل له الشّارح. وبدل إضراب، نحو قولك: (أكلت ثمرًا زبيبًا) . ومنهم مَن جعله ثلاثة أقسام، كالرّضيّ، وابن هشام، وغيرهما: بدل إضراب، ويسمّى أيضًا: (بدل البداء) ؛ وهو ما كان قصد كلّ واحدٍ منهما صحيحًا. وبدل غلط: إن لم يكن مقصودًا ألبتّة ولكن سبق إليه اللّسان. وبدل نسيان: وهو ما كان مقصودًا وتبيّن فساد قصده بعد ذكره. يُنظر: ابن النّاظم 566، وشرح الرّضيّ 1/339، 340، وتوضيح المقاصد 3/252، وأوضح المسالك 3/66، وابن عقيل 2/228، والتّصريح 2/158، 159، والهمع 5/214، 215، والأشمونيّ 3/125. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 716 ولا في الشّعر، ولا في فصيح الكلام؛ كقولك: (هذا زيدٌ عمرو) [و] 1 سبق اللّسان على وجه الغلط إلى ذكر زيد. وأحكام البدل: أنَّ جميعه يجري على ما قبله في إعرابه؛ لأنَّه في البيان كالنّعت. ومنها: أنّه يجوزُ في بدل الكُلّ ثمانية أشياء2: بدل معرفة من معرفة:؛ كقوله تعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ المُسْتَقِيمَ. صِرَاطَ الَّذِينَ} 3. وبدل نكرة من نكرة:؛ كقوله تعالى: {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا حَدَائِقَ وَأَعْنَابَا} 4.   1 العاطِف ساقطٌ من ب. 2 يُنظر: شرح المقدّمة المحسبة 2/424. 3 الآية: 6، ومن الآية 7 من سورة الفاتحة. 4 سورة النّبأ، الآيتان: 31، 32. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 717 وبدل نكرة من معرفة:؛ فلا تبدّل النّكرة من المعرفة إلاّ إذا كانت موصوفة1؛ كقوله تعالى: {لَنَسْفَعَا بِالنَّاصِيَةِ. نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ} 2. وكقول الشّاعر: ................................... ... وَقَفْتُ بِالدَّارِ دَارٍ أُنْسُهَا بَانَا3 [122/ ب]   1 هذا مذهب البغداديّين والكوفيّين - كما ذكر ابن عصفور في شرح الجُمل 1/286 -. ودليلُهم: أنّ النّكرة لا تُفيد في البدل إلاّ أنْ تكون موصوفة. وبرأيهم أخذ ابن الحاجب في الكافية 138، والرّضيّ في شرحه على الكافية 1/340، وبيَّن أنّ ذلك ليس على الإطلاق، بل هو في بدل الكلّ من الكلّ؛ كما ذهب إليه ابن أبي الرّبيع في الملخّص 1/564، والسُّهيليّ. الهمع 5/218. واشترط البغداديّون في بدل النّكرة من غيرها: أن تكون من لفظ الأوّل. وردّ ذلك كلّه ابن عصفور، ووصفه بالفساد، واستشهد ببعض الشّواهد. يُنظر: شرح الجُمل 1/286، 287. والصّحيح: أنّه لا يُشترط شيءٌ من ذلك؛ لوُرود السّماع به. قال أبو حيّان في الارتشاف 2/620: "وسُمع بدل النّكرة من المعرفة، وليست من لفظ الأوّل، ولا موصوفه؛ وهذا مذهب البصريّين". ويُنظر: الحجّة لأبي عليّ الفارسيّ 6/372، وشرح المفصّل 3/68، والمقرّب 1/244، 245، وتوضيح المقاصد 3/255، 256، والهمع 5/218. 2 من الآية: 15، والآية: 16 من سورة العَلق. 3 هذا عجُز بيتٍ من البسيط، ولم أقف على صدره، ولم أعثر على قائله. والشّاهدُ فيه: (دارٍ) حيث أبدلت من الدّار، وسوّغ إبدالها من المعرفة كونها موصوفة بالجملة الّتي بعدها. ولم أجد مَنْ ذكر هذا البيت. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 718 وبدل معرفة من نكرة:؛ كقوله [تعالى] 1: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ. صِرَاطِ اللهِ} 2، ولا تلزم3 النّكرة ههنا الصّفة. وبدل ظاهر من ظاهر: - وهو كما تقدّم -. وبدل مضمَر من مضمَر:؛ كقولك: (قصدتُّكَ إيَّاكَ) 4؛ لأنّهم لا يجيزون: (ضربتُني) ، ويُجيزون: (إيّاي) بجريان الضّمير المنفصل5 مجرى الأجنبيّ6. وبدل ظاهر من مُضمَر:؛ مثل: (مررت به المسكين) ويجوز رفع (المسكين) ولا يكون بدلاً؛ [و] 7من ذلك قولُه تعالى: {وَمَا أَنْسَانِيْهُ إِلاَّ   1 ما بين المعقوفين ساقطٌ من ب. 2 من الآيتين: 52، 53 من سورة الشّورى. 3 في أ: ولا يلزم. 4 الكوفيّون يمنعون إبدال المضمَر من المضمَر؛ وبقولهم أخذ ابن مالك. أمّا البصريّون فإنّه يجوز عندهم إبدالُ المضمَر من المضمَر. يُنظر: الكتاب 2/386، والمقتضب 4/296، وشرح التّسهيل 3/305، 332، وشرح الرّضيّ 1/341، وتوضيح المقاصد 3/184، 261، والارتشاف 2/618، 620، والتّصريح 2/159، والهمع 5/219. 5 في ب: المتّصل. 6 قال ابن با بشاذ في شرح المقدّمة المحسبة 2/426: "وإنّما حَسُن ذلك من قبَل أنّ المُضمَر المنفصل يجري مجرى الأجنبيّ؛ ألا تراهم يجيزون: ما ضربتُ إلاّ إيّايَ، كما يُجيزون: ما ضربت إلا نفسي، ولا يُجيزون: ضربتُني". ويُنظر: شرح المفصّل 3/70. 7 العاطِف ساقطٌ من ب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 719 الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ} 1 فـ {أَنْ أَذْكُرَهُ} في موضع نصب بدلاً2 من الهاء. وبدل مضمَر من ظاهر: 3؛ كقولك: (أكرمتُ زيدًا إيّاه) . فهذا كلّه جائز في [بدل] 4 الكلّ من الكلّ، وكذلك جائزٌ في بدل البعض، وبدل الاشتمال، إلاّ مضمَرًا من ظاهر، ومضمَرًا من مضمَر5. وجميع المعارِف يجوز [أن يبدل] 6منها إلاّ ضمير المتكلّم والمخاطب؛ لأنّهما على غاية من الوُضوح، فلا يحتاجان إلى بيان بدل7.   1 من الآية: 63 من سورة الكهف. 2 في أ: بدل. 3 يرى ابن مالكٍ أنّ نحو: (رأيت زيدًا إيّاه) لم يُستعمَل في كلام العرب نثره ونظمه، ولو استعمل لكان توكيدًا لا بدلاً. شرح التّسهيل 3/332. وقال السّيوطيّ في الهمع 5/220: "وأجازه الأصحاب". 4 ما بين المعقوفين ساقطٌ من ب. 5 يُنظر: شرح المقدّمة المحسبة 2/426، وشرح الجُمل 1/287. 6 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 7 هذه المسألة فصّل النُّحاة القول فيها؛ وهي: أنّ الضّمير إنْ كان لغائب أبدل منه الظّاهر مطلَقًا، نحو: (ضربته زيدًا) . وإنْ كان لحاضر أُبدل منه بدل البعض، نحو: (أعجبتني وجهك) ، وبدل الاشتمال، نحو: (أعجبتني كلامك) . وأمّا بدلُ الكلّ: فإمّا أن يُفيد معنى الإحاطة كالتّوكيد أو لا؟ فإنْ أفاد معنى الإحاطة جاز، نحو: (جئتم صغيركم وكبيركم) ؛ وإلاّ فمذاهب: أحدها: المنع؛ وهو قولُ جمهور البصريّين. والثّاني: الجواز، وهو قولُ الأخفش، والكوفيّين. والثّالث: أنّه يجوز في الاستثناء، نحو: (ما ضربتكم إلاّ زيدًا) ؛ وهو قولُ قُطرُب. تُنظر هذه المسألة في: شرح المفصّل 3/69، 70، وابن النّاظم 558، وشرح ألفيّة ابن معطٍ 2/806، وتوضيح المقاصد 3/257 - 261، والارتشاف 2/622، وأوضح المسالك 3/67 والتّصريح 2/160، والهمع 5/217، والأشمونيّ 3/128 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 720 وبين بدل البعض وبدل الاشتمال شبه ما؛ والفرق بينهما1: أنّ غالب بدل الاشتمال أن يكون بالمصادر، كـ (العقل) و (النّبل) و (الجود) [123/ أ] وما أشبه ذلك؛ وبدل البعض بأسماء الأجناس الجوامد، كـ (اليد) و (الرّجل) وما أشبهه2. وأمّا بدل الغلط فلا يُقاس عليه؛ لأنّه يقع على غير قصد، والأولى في مثل هذا إذا وقع في كلام الإنسان أن يأتي بـ (بل) ؛ ليُعلم أنّه غالط. والأفعال يبدل بعضها من بعض3 إذا كان في الفعل4 الثّاني معنىً من الأوَّل؛ كقولك: (من يأتني يمشي5 أكلّمْه) و (ومن يتّق الله يطلب رِضاه أعظّمْه) ؛   1 وهُناك فروقٌ أُخرى ذكرها ابن با بشاذ في شرح المقدّمة المحسبة 2/428. 2 في أ: وما اشبه. 3 يجوز إبدالُ الفعل من الفعل بدل كلّ من كلّ، وبدل اشتمال على الصّحيح؛ ولا يبدل بدل بعض. وأمّا بدل الغلط فجوّزه سيبويه، وجماعة من النّحويّين، والقياسُ يقتضيه. يُنظر: توضيح المقاصد 3/262، والارتشاف 2/627، والتّصريح 2/161، والهمع 5/220، والأشمونيّ 3/131. 4 في ب: إذا كان الفعل الثّلاثيّ. 5 في أ: مسي. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 721 ومن ذلك قولُه تعالى: {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا يُضَاعَفْ لَهُ العَذَابُ} 1 فـ {يُضَاعَفْ} بدلٌ2 من {يَلْقَ} ؛ ولذلك3 جُزِمَ. وقولُ الرّاجز: إِنَّ عَليَّ اللهَ4 أَنْ تُبَايِعَا5 ... تُؤْخَذَ6 كَرْهًَا أَوْ تَجِيءَ7 طَائِعَا8 فأبدل (تؤخذ) من (تُبَايِعا) .   1 من الآيتين: 68، 69 من سورة الفُرقان. 2 أي: بدل اشتمال، كما نصّ على ذلك المُراديّ، وأبو حيّان، والأشمونيّ. وبدل كلّ من كلّ، كما ذكر ذلك الأزهريّ في التّصريح، والسّيوطيّ في الهمع. يُنظر: توضيح المقاصد 3/263، والارتشاف 2/627، والتّصريح 2/161، والهمع 5/220، والأشمونيّ 3/31، والخزانة 5/203. 3 في أ: وكذلك، وهو تحريف. 4 في ب: لله، وهو تحريف. 5 في أ: أنّ أباها، وهو تحريف. 6 في أ: يؤخذ، وهو تصحيف. 7 في أ: يَجِيءَ، وهو تصحيف. 8 هذا بيتٌ من الرّجز، ولم أقف على قائله. والشّاهدُ فيه: (تؤخذ) حيث نصب؛ لأنّه بدل اشتمال من (أَنْ تُبَايِعَا) ؛ والبدل هنا من بدل الجملة من الجملة. يُنظر هذا البيت في: الكتاب 1/156، والمقتضب 2/63، والأُصول 2/48، والتّبصرة 1/162، وشرح عمدة الحافظ 2/591، وابن النّاظم 563، وابن عقيل 2/232، والمقاصد النّحويّة 4/199، والتّصريح 2/161، والخزانة 5/203. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 722 ومن الأسماء ما يجوز حمله [تارةً] 1على التّأكيد، وتارةً على البدل، مثل: (ضُرِبَ زيد اليد والرجل) فجعله تأكيدًا من جهة الحصر والعُموم؛ وجعله بدلاً من جهة تفصيل البعض؛ تقول: (مُطرنا السَّهْلَ والجَبَلَ) ، [والسَّهْلُ والجَبَلُ] 2 فالرّفعُ على البدل تقديرُه: مُطِرَتْ أرضُنا سهلُها وجبلُها، والنّصبُ عند قومٍ على الظّرف، أو على حذف حرف الجرّ عند آخرين3. وممّا أنشد من البدل [قولُه] 4: [123/ ب] وَكُنْتُ كَذِي رِجْلَيْنِ رِجْلٍ صَحِيْحَةٍ ... وَأُخْرَى رَمَى فِيْهَا الزَّمَانُ فَشَلَّتِ5   1 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 2 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 3 يُنظر: الكتاب 1/158، 159، وشرح الرّضيّ 1/341. 4 ما بين المعقوفين ساقطٌ من ب. 5 هذا بيتٌ من الطّويل، وهو لكثيّر عزّة. والشّاهدُ فيه: (رجلٍ صحيحة) حيث أبدل النّكرة وهي (رجل صحيحة) من النّكرة وهي (رجلين) . ويجوز الرّفع على القطع إمّا مبتدأ حذف خبره؛ وتقديرُ الكلام: منهما رجل صحيحة، ومنهما رجل رمى فيها الزّمان. وإمّا خبر مبتدأ محذوف تقديره: إحداهما رجلٌ صحيحة، والأُخرى رجل رمى فيها الزّمان. يُنظر هذا البيتُ في: الكتاب 1/433، والمقتضب 4/ 290، والجُمل 24، وشرح عيون الإعراب 241، وشرح المفصّل 3/68، والمغني 614، والمقاصد النّحويّة 4/204، والأشمونيّ 3/128، والخزانة 5/211، والدّيوان 99. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 723 شاهدٌ على إبدال النّكرة من النّكرة؛ وقد يجوز الرّفع على تقدير: (ومنهما رجل) أو (إحداهما1 رجل) ؛ وأمّا بيتُ الأعشى: لَقَدْ كَانَ فِي حَوْلٍ ثَوَاءٍ ثَوَيْتَهُ ... تَقَضِّي لُبَانَاتٍ وَيَسْأَمَ سَائِمُ2 فشاهدٌ على بدل الاشتمال؛ لأنّ (الثّواء) : الإقامة في الحول3، وهو مشتمل عليه؛ و (تَقَضِّي لُبَاناتٍ) اسم كان، فتَنصب4 (يسأمَ) بإضمار (أن) وترفعه5؛ فاسم6 كان على هذه الرّواية ضمير شأن   1 في أ: واحدهما، وهو تحريف. 2 هذا بيتٌ من الطّويل. و (اللّبانات) : الحاجات، واحدُها: لُبانة. والشّاهدُ فيه: (في حولٍ ثواءٍ) حيث أبدل (ثواء) من (حول) بدل اشتمال، وحذف الضّمير الّذي يجب أن يتّصل ببدل الاشتمال، وسهّل حذفه علم المخاطب به وإرشادُ الكلام إليه. ويُروى البيتُ برواية أُخرى وهي (تُقَضَّى لبانات) على أنّها فعلٌ مبنيٌّ للمجهول؛ وتتمّة هذه الرّواية (ويسأمُ سائم) . يُنظر هذا البيتُ في: الكتاب 3/38، ومعاني القرآن للأخفش 1/229، والمقتضب 1/27، 2/26، 4/297، والأُصول 2/48، والجُمل 26، والتّبصرة 1/159، وأمالي ابن الشّجريّ 2/130، 3/233، ونتائج الفكر 317، وشرح المفصّ 3/65، وشرح عمدة الحافظ 2/590، والدّيوان 77. 3 اللّسان (ثوا) 14/125. 4 في أ: ينصب. 5 في أ: يرفعه. 6 في ب: باسم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 724 وقصّة، مضمَر1 في كان لا يظهر؛ و (تُقَضَّى لُبانات) جملةٌ في موضع نصب خبرًا لكان، و (يَسْأَمُ) فعل مرفوع معطوفٌ على مثله، و (في) متعلّقة بـ (تُقَضَّى) .   1 في ب: يضمر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 725 [فَصْلُ] النَّعْتِ: الغرض من النّعت1: تخصيص نكرة، أو إزالة اشتراك عارض في معرفة، أو ثناء، أو مدح، أو ذمّ وهجاء. فالنّعتُ هو: وصف المنعوت بمعنىً فيه2، أو في شيء من سببه3بالمشتقّات، أو ما ينزّل4منزلة المشتقّات. فالمشتقّات أسماء الفاعلين والمفعولين5، نحو: (هذا الرّجل الضّارب) و (الرّجل المضروب) 6. [124/أ] والمنزّل منزلة المشتقّ قولُك: (هذا ثوب خمسون ذراعًا) يقع موقع (طويل) 7.   1 في ب: بالنّعت. 2 وهو النّعتُ الحقيقيّ، نحو: (مررت برجلٍ كريم) . 3 وهو النّعت السّببي، نحو: (مررتُ برجل كريمٍ أبوه) . 4 في أ: أو ما يتنزّل منزل. 5 وكذلك صيغ المبالَغة، والصّفة المشبّهة، وأفعل التّفضيل. 6 في أ: المحبوب. 7 ومن المنزّل منزلة المشتقّ: اسم الإشارة، نحو: (مررتُ بزيد هذا) أي: المُشار إليه؛ و (ذي) بمعنى (صاحب) ، نحو: (مررتُ برجلٍ ذي مالٍ) أي: صاحب مال؛ وأسماء النّسب، نحو: (مررتُ برجلٍ دمشقيّ) أي: منسوب إلى دمشق. يُنظر: أوضح المسالك 3/6، وابن عقيل 2/181، والتّصريح 2/111، والأشمونيّ 3/63. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 727 والنّعتُ تابعٌ للمنعوت1 في عشرة2 أشياء: في رفعه، ونصبه، وجرّه، وتعريفه، وتنكيره، وإفراده، وتثنيته، وجمعه، وتذكيره، وتأنيثه. [و] 3 لا يختلف شيءٌ من ذلك من قبَل أن النّعت والمنعوت كالشّيء الواحد. والأسماء منها4: ما لا يوصف ولا يوصف به؛ وهي المضمَرات5كلّها6؛ لأنّها قد أشبهت الحروف ولم تُضمر إلاّ وقد عُرِفَتْ؛   1 في أ: المنعوت. 2 النّعت الحقيقيّ يتبع منعوته في كلّ شيء؛ أي: إنّه يتبعه في أربعة من عشرة؛ والنّعت السّببي يتبع منعوته في اثنين من خمسة. 3 العاطِف ساقطٌ من ب. 4 في ب: منهما، وهو تحريف. 5 خالف في هذا الكسائيّ فجوّز نعت ضمير الغيبة إذا كان النّعت لمدح، أو ذمّ، أو ترحُّم. وقال ابن مالكٍ: ((ورأيُه قويّ فيما يُقصد به مدحٌ، أو ذمّ، أو ترحُّم، نحو: (صلّى الله عليه الرّؤوف الرّحيم) و (عمرو غضب عليه الظّالم المجرم) و (غلامك ألطِفْ به البائس المسكين) ؛ وغير الكسائيّ يجعل هذا النّوع بدلاً وفيه تكلُّف)) . شرح التّسهيل 3/321. ويُنظر: الارتشاف 2/295، والمساعد 2/420، والأشمونيّ 3/73. 6 وكاسم الشّرط، واسم الاستفهام، و (كم) الخبريّة، وكلّ اسم غير متمكّن. يُنظر: المقرّب 1/223. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 728 فلا يجوز: (نزلتُ عليه الكريم) ولم يوصَف بها؛ [لأنّها] 1 ليست بمشتقّة. ومنها: ما يوصف ولا يوصَف به؛ وهي الأسماء الأعلام كلّها2؛ [و] 3 توصَف لإزالة الاشتراك العارِض، ولا يوصَف بها؛ لأنّها ليست بمشتقّة، ولا واقعة موقع المشتقّ. ومنها: ما يوصف بها ولا توصف؛ وهي الجُمل؛ كقولك: (هذا رجل عقلُه وافر) ، و (هذه امرأة حسن صوتُها) 4 و (مررت برجلٍ أبوه عالم) يوصف بها؛ لأنَّها تخصيص، وفيها معنى الفعل، ولا توصف؛ لأنّها بمنزلة الفعل والفاعل، والأفعال الصّناعيّة5لا توصف. ومنها: ما يوصف ويوصف به؛ وهي ثلاثة: أسماء الإشارة6، تقول (جاءني هذا الرّجل) و (جاءني زيدٌ هذا) بمنزلة: جاءني زيدٌ المُشار إليه. [124/ب]   1 ما بين المعقوفين ساقطٌ من ب. 2 وكذلك الأسماء الّتي ليست مشتقّة ولا في حكمها؛ كـ (رجل) و (امرأة) . يُنظر: المقرّب 1/223. 3 العاطف ساقطٌ من ب. 4 في أ: خبرها. 5 لعلّه يحترز بذلك عن المصادر؛ لأنّ المصادر تدلّ على الأفعال، لكنّها ليست أفعال صناعيّة، بل هي من قبيل الأسماء. 6 هذا مذهب البصريّين، وقال الكوفيّون لا ينعت به ولا يُنعت؛ ويُخرّج ما ظاهره ذلك على البدل أو عطف البيان. يُنظر: المساعد 2/419. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 729 والأسماء المضافة توصَف ويوصَف بها، كقولك: (جاءني غلام زيد العاقل) و (زيدٌ صاحبُ الدّار) . وما فيه الألِف واللاّم، تقول: (جاءني زيدٌ العاقل) و (الرّجل الكاتب) . وتوصف النّكرة بما يجانِسها من النّكرة، وبالمضاف الّذي إضافته غير محضة؛ كقولك: (جاءني رجلٌ قائلُ الحقِّ) ، وجاز ذلك مع كونه مضافًا إلى معرفة؛ لأنّ الإضافة غير محضة، والتّنوينُ فيها مقدَّر، إذْ أصلُ الكلام: (قائلٌ1 الحقَّ) ، ومنه قولُه تعالى: {هَدْيًا بَالِغَ الكَعْبَةِ} 2. وقد يقع الفعلان الماضي والمضارِع موقع الصِّفة النّكرة، كقولك: (رأيتُ كوكبًا طلع) و (أقبل رجلٌ يضحَكُ) . ويوصَف - أيضًا - بالجُمل، كقولك: (جاءني رجلٌ كريم أبوه) و3 لا بُدّ في الجملة الموصوف بها من ضمير ترتبط4 به5.   1 في كلتا النّسختين: قائلاً، وهو سهو. 2 من الآية: 95 من سورة المائدة. 3 في أ: فلا بدّ. 4 في أ: يرتبط. 5 يُنعتُ بالجُملة الفعليّة والاسميّة، ويُشترط في النّعت بالجملة ثلاثة شروط؛ شرطٌ في المنعوت، وشرطان في الجملة نفسها: 1- فيُشترط أن يكون المنعوتُ منكّرًا؛ لأنّ الجملة تؤوّل بنكرة، فلا يُنعت بها إلاّ النّكرة. 2- أن تكون الجملة مشتملة على ضمير يربطها بالموصوف. 3- أن تكون الجملة خبريّة. يُنظر: ابن النّاظم 493، وأوضح المسالك 3/6، 7، وابن عقيل 2/182، والتّصريح 2/111. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 730 ويُوصف بالمصدر على تأويله بالمشتقّ، كقولهم: (رجلٌ عَدْلٌ) و (رِضًا) و (امرأةٌ رِضًَا) و (رجلان رِضًا) و (رجال رضًا) 1؛ والأصل: [رجل] 2 ذُو رِضًا، وامرأةٌ ذاتَ رِضًا، وجلان ذَوا رضًا، ورجالٌ ذَوُو رضًا3. ومتى ترادَفت النُّعوتُ لمدح أو ذمّ4 جاز أن يتبع بعضها الموصوف في إعرابه؛ وجاز أن يخالفه بقطع5 الأخير؛ إيذانًا وتنبيهًا على المدح أو6 الذّمّ. [125/أ]   1 ويلتزم فيه الإفراد والتّذكير؛ تنبيهًا على أصله. يُنظر: ابن النّاظم 495. 2 ما بين المعقوفين زيادةٌ يقتضيها السّياق، من ابن النّاظم 495. 3 فلمّا حذف المضاف ترك المضاف إليه على ما كان عليه. يُنظر: ابن النّاظم 495. 4 في أ: الذّمّ، وهو تحريف. 5 إذا تعدّدت النُّعوت لمنعوتٍ واحد؛ فإنْ كان المنعوت لا يتّضح إلاّ بالنّعوت كلها وجب إتباعُها، وإنْ كان يتّضح بدونها جاز فيها الإتباع والقطع، وإنْ كان يتعيّن ببعضها دون بعض جاز فيما لا يتعيّن به الإتباع والقطع، ووجب فيما يتعيّن به الإتباع؛ ولكن يجب تقديم ما فيه إتباعٌ وتأخير المقطوع عنه. يُنظر: ابن النّاظم 496، وأوضح المسالك 3/10، والتّصريح 2/116، والهمع 5/182، 183. 6 في ب: والذّمّ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 731 و1 القطع بشيئين؛ بالنّصب، والرّفع. [فالنّصبُ] 2 بمقتضى ناصب لا يظهر. والرّفع بمقتضى3 تقدير رافع لا يظهر في اللّفظ، وعلى ذلك أنشدوا بيتَيْ الخِرْنِق، وهما4: لاَ يَبْعَدَنْ قَوْمِي الَّذِينَ هُمُ ... سُمُّ العُدَاةِ وَآفَةُ الجُزُرِ النَّازِلِيْنَ بِكُلِّ مُعْتَرَكٍ ... وَالطَّيِّبُونَ مَعَاقِدَ الأُزُرِ5   1 في ب: فالقطع. 2 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 3 في أ: يقتضي. 4 الخِرْنِق بنت بدْر بن هفَّان بن مالك، من بني ضبيعة، البكريّة، العدنانيّة: شاعرةٌ من الشّهيرات في الجاهليّة، وهي أخت طَرَفة بن العبْد لأُمِّه؛ وأكثر شِعرها في رثاء طَرَفة، وفي رثاء زوجها بِشْر بن عمرو بن مرثد سيِّد بني أسد؛ لها ديوان شعرٍ مطبوع. يُنظر: سمط اللآلئ 780، والخزانة 5/55، والأعلام 2/303. 5 هذان بيتان من الكامل. (لا يبعدنْ) : لا يهلكن. و (الجزر) : جمع جزور؛ وهي: النّاقة الّتي تُتّخذ للنّحر. و (المعترَك) : موضع الازدِحام في الحرب. و (الطيِّبون معاقد الأُزر) : كنايةً عن عفّتهم، وتنزُّههم عن الفحشاء. والشّاهد فيهما: (النّازلين) و (الطّيّبون) على ما ذكرالشّارح. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 732 فلمّا تقدّم نعتٌ قد طالتْ1 صلته وفيه مدح قطع، فنصب (النّازلين) بإضمار (أعني) ، ورفع (الطّيّبين) بإضمار (هم) . وفي إعراب هذا البيت أربعة أوْجُه: رفعُهما2 جميعًا، ونصبُهما3، ورفع الأوّل ونصب الثّاني4، وعكسُه5؛ وعلى هذا6 قوله تعالى: {لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالمُقِيمِينَ الصَّلاَةَ وَالمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالمُؤْمِنُونَ بِاللهِ} 7   1 في أ: قد طال بصلته. 2 أي: رفع (النّازلين) و (الطّيّبين) على الإتباع لـ (قومي) ، أو على القطع بإضمار (هم) . 3 نصبهما بإضمار أمدح، أو أذكر. 4 أي: فيكون الأوّل - وهو النّازلون - مرفوعًا على الإتباع لـ (قومي) ، أو على القطع بإضمار (هم) . ويكون الثّاني - وهو الطّيّبون - منصوبًا على القطع بإضمار أمدح، أو أذكر. 5 العكس هو: نصب الأوّل، ورفع الثّاني؛ على القطع فيهما، لا على الإتباع في الثّاني؛ لأنّه مسبوقٌ بنعت مقطوع، والإتباع بعد القطع لا يجوز؛ لِمَا فيه من الفصل بين النّعت والمنعوت بجملة أجنبيّة، أو لِمَا فيه من الرّجوع إلى الشّيء بعد الإنصراف عنه، أو لِمَا فيه من القُصور بعد الكمال؛ لأنّ القطع أبلغ في المعنى المراد من الإتباع؛ اعتبارً بتكثير الجمل. يُنظر: التّصريح 2/116. 6 في كلتا النّسختين: وهذا على، وما أثبتّه هو الذي يستقيم عليه الكلام. 7 من الآية: 162 من سورة النّساء. والشّاهد في الآية: {وَالْمُقِيْمِينَ الصَّلاَةَ} على أنّه منصوبٌ على القطع المفيد للمدح، كما في قطع النّعوت؛ وهذا القطع مفيدٌ لبيان فضل الصّلاة؛ فَكَثُر الكلامُ في الوصف بأن جُعل في جملة أخرى. وهُناك أوجه أخرى في إعراب الشّاهد ذكرها المعربون؛ وهي: 1- أنّه معطوفٌ على (ما) ، أي: يؤمنون بما أُنزل إليك وبالمقيمين؛ والمراد بهم الملائكة. وقيل: التّقدير: وبدين المقيمين؛ فيكون المراد بهم المسلمين. 2- أنّه معطوفٌ على (قبل) ، تقديره: ومن قبل المقيمين، فحذف (قبل) ، وأُقيم المضاف إليه مقامه. 3- أنّه معطوفٌ على الكاف في (قبلك) . 4- أنّه معطوفٌ على الكاف في (إليك) . 5- أنّه معطوفٌ على الهاء والميم في (منهم) . يُنظر: التّبيان في إعراب القُران 1/407، 408، والفريد في إعراب القرآن المجيد 1/818، والدّرّ المصون 4/153، 154. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 733 لأنّه قد اجتمع الشَّرْطان1. فصل: وقد يأتي النّعت لزيادة البيان؛ ومنه قولُه تعالى: {فَأمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ} 2. ولمجرّد المدح؛ كقوله تعالى: {الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ} 3؛ أو الذّمّ كـ (أعوذُ باللهِ من الشّيطان الرّجيم) . [125/ب]   1 وهما: أنّ النّعت المتقدّم قد طالت صلته، وفيه مدح. 2 من الآية: 158 من سورة الأعراف. 3 سورة الفاتحة، الآية: 1. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 734 وقد يُحذف1 للعلم به؛ فيُستغنى بمعناه عن لفظه2، كقوله تعالى: { [قُلْ] 3 يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ} 4 أي: على شيء نافع، ومنه قولُ الشّاعر: وَرُبَّ أَسِيْلَةِ الخَدَّيْنِ بِكْرٍ ... مُهَفْهَفَةٍ لَهَا فَرْعٌ وَجِيْدُ5 [أي: فَرْعٌ وَافِرٌ، وَجِيْدٌ طَوِيلٌ] 6.   1 أي: النّعت؛ وكذلك يُحذف المنعوت إِنْ عُلِمَ، نحو قوله تعالى: {أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ} [سبأ: 11] أي: دُروعًا سابغات. ابن عقيل 2/190. 2 في ب: عن اللّفظ به. 3 ما بين المعقوفين ساقطٌ من ب. 4 من الآية: 68 من سورة المائدة. 5 هذا بيتٌ من الوافر، وهو للمرقّش الأكبر. والشّاهدُ فيه: (لها فرعٌ وجِيْدٌ) على ما ذكر الشّارح. يُنظر هذا البيت في: المفضّليّات 224، وشرح عمدة الحافظ 1/552، وأوضح المسالك 3/18، والمقاصد النّحويّة 4/72، والتّصريح 2/119، والأشمونيّ 3/72. 6 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 735 فَصْلُ عَطْفِ البَيَانِ: العطف في اللّغة1: الرُّجوع؛ فكأنّهم في عطف الاسم الثّاني على الأوّل رجعوا إلى الأوّل فأوضحوه بالثّاني، غير محتاجٍ إلى حرف كاحتياج عطف النّسق، كقول الشّاعر: وَلَقَدْ أَعْطِفُهَا كَارِهَةً ... حَيْثُ لِلنَّفْسِ مِنَ المَوْتِ هَرِيْرُ2 أي: أرجعها. هذا هو التّابع الموضّح المخصّص متبوعه غير مقصود بالنّسبة، ولا مشتقًّا، ولا مؤوّلاً بمشتقّ3؛ كقوله: أَقْسَمَ بِاللهِ أَبُو حَفْصٍ عُمَرْ4   1 اللّسان (عطف) 9/249. 2 هذا بيتٌ من الرّمل، ولم أقف على قائله. والشّاهد فيه: (أعطفها) حيث جاءت بمعنى الرّجوع عن الشّيء. يُنظر هذا البيت في: شرح ألفيّة ابن معطٍ 1/768. 3 يُنظر: ابن النّاظم 514. 4 هذا بيتٌ من الرّجز المشطور، وهو لعبد الله بن كيسبة، وقيل: لأعرابيّ، وقيل: لرؤبة وليس في ديوانه. وبعده: مَا مَسَّهَا مِنْ نَقَبٍ وَلاَ دَبَرْ فَاغْفِرْ لَهُ اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ فَجَرْ والمقصود بأبي حفص عمر: أميرُ المؤمنين عمر بن الخطّاب - رضي الله عنه -. والشّاهدُ فيه: (أبو حفص عمر) حيث جاء قولُه: (عمر) عطف بيان على قوله: (أبو حفص) . يُنظر هذا البيت في: شرح المفصّل 3/71، وشرح الكافية الشّافية 3/1191، وابن النّاظم 514، وأوضح المسالك 3/32، وابن عقيل 2/201، والمقاصد النّحويّة 4/115، والتّصريح 1/121، والخزانة 5/154. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 737 فـ1 (الموضّح والمخصّص) : يخرج التّوكيد2، وعطف النّسق. و (غير مقصود بالنّسبة) : يخرج3 البدل؛ لأنّه في نيّة تكرار4 العامل. و (لا مشتقًّا ولا مؤوّلاً به) 5: [يخرج النّعت] 6. وعطف البيان لا يكون إلاّ جامِدًا، وإنْ كان كالصّفة كاشفًا حقيقة المقصود به. [126/أ] وشرط عطف البيان أن يُطابِق ما قبله في التّعريف والتّنكير7،   1 في ب: أما. 2 في ب: للتوكيد. 3 في ب: مخرج. 4 في ب: تكرير. 5 في كلتا النّسختين: أو مؤوّلاً به، والتّصويب من ابن النّاظم 514. 6 ما بين المعقوفين زيادة يقتضيها السّياق. 7 عطفُ البيان يطابِق متبوعه في أربعة من عشرة كالنّعت الحقيقيّ؛ في أوْجُه الإعراب - الرّفع والنّصب والجرّ -، والإفراد والتّثنية والجمع، والتّذكير والتّأنيث، والتّعريف والتّنكير. يُنظر: ابن النّاظم 515، وأوضح المسالك 3/33. وذهب أكثرُ النّحويّين إلى امتناع كون عطف البيان ومتبوعه نكرتين. وذهب الكوفيّون وجماعة - منهم ابن مالك - إلى جواز ذلك؛ فيكونان منكّرين، كما يكونان معرّفين. تُنظر هذه المسألة في: شرح الكافية الشّافية 3/1194، وشرح التّسهيل 3/326، وابن النّاظم 515، والارتشاف 2/605، وتوضيح المقاصد 3/186، وأوضح المسالك 3/33، وابن عقيل 2/203، والتّصريح 2/131، والأشمونيّ 3/86. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 738 ويختصّ بالأسماء الأعلام والكُنى؛ وهما لا يوصف بهما؛ مثالُه: (رأيتُ أخاك زيدًا) و (لقيت أبا محمدٍ عمرًا) و (مررتُ بعليٍّ أبي الحسن) فـ (زيد) وأبو الحسن) و (أبو محمد) عطف بيان. وهو كالوصف، ووجه المشابهة1بينه وبين الصّفة: أنّ الصّفة تدلّ على الذّات باعتبار المعنى الّذي وضعت له. وعطف البيان يدلّ2 على الذّات من غير اعتبار معنى زائد على مفهوم الذّات3. والفائدة الحاصلة بعطف البيان: أنّه إذا كان المسمّى اسمًا ولقبًا4، أو اسمًا وكُنية، ثم حصل اشتراكٌ في أحدهما بيّنته بالآخر؛   1 في ب: الشّبه. 2 في أ: فيدلّ. 3 وهُناك وجوه شبه أُخرى بين عطف البيان والصّفة، ووُجوه افتراق: فمن وُجوه الشَّبَه: أنّ فيه بيانًا للاسم المتبوع كما في الصّفة، وأنّه جارٍ عليه في تعريفه كالصّفة. ومن وجوه الافتراق: أنّ النّعت بالمشتقّ أو ما ينزّل منزلة المشتقّ، ولا يلزم ذلك في عطف البيان؛ لأنه يكون بالجوامد، وأنّ عطف البيان لا يكون إلاّ في المعارف، والصّفة تكون في المعرفة والنّكرة. يُنظر: شرح عيون الإعراب 234، وشرح المفصّل 3/71، وشرح ألفيّة ابن معطٍ 1/769. 4 في ب: أو لقبًا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 739 [فإذا قلتَ: (جاء محمّد أبو عبد الله) ] 1 فقد بيّنت2 الأوّل بالثّاني3 كالصّفة. ومنهم مَن يجعل صفات أسماء الإشارة عطف بيان4؛ لعدم اشتقاقها؛ وكونها من أسماء الأجناس. ومن الفرق بين عطف البيان والبَدَل في اللّفظ؛ وذلك في موضعين: أحدهما: النّداء5. والثّاني: اسم الفاعل المعرّف بالألِف واللاّم إذا أُضيف إلى معرّف باللاّم، ثم عُطِف على المضاف إليه؛ [126/ب] وقد جاء الوجهان في قول الرّاجز6: ........................................ ... ............ يَا نَصْرُ نَصْرٌ نَصْرَا7   1 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 2 في أ: ثبت. 3 في ب: بالذّات. 4 وذلك إنْ كان مصحوب (أل) جامدًا محْضًا، كـ (مررتُ بذلك الرّجل) ، كما صرّح بذلك ابن مالكٍ في شرح التّسهيل، ثم ساق بعض الأدلّة في الرّدّ على مَن يجعله نَعتًا. يُنظر: شرح التّسهيل 3/320، 321، والمساعِد 2/419، والأشمونيّ 3/72. 5 وبيان ذلك: ((أن يكون التّابع مفرَدًا، معرفة، معربًا، والمتبوع منادى؛ كقولك: (يا أخانا زيدًا) فإنّ (زيدًا) يجب أن يكون عطف بيان، ولا يجوز أن يكون بدلاً؛ لأنّه لو كان بدلاً لكان في نيّة تكرار حرف النّداء معه، ولكان يلزم بناؤه على الضّمّ، كما يلزم في كلّ منادى مفرد معرِفة)) . ابن النّاظم 517. 6 في ب: الشّاعر. 7 هذا جزء من بيتين من مشطور الرّجز، وهما لرؤبة، وهو بتمامهما: إِنِّي وَأَسْطَارٍ سُطِرْنَ سَطْرَا ... لَقَائِلٌ يَا نَصْرُ نَصْرٌ نَصْرَا و (أسطار) : جمع سطر؛ وهو الخطّ والكتابة. و (يا نصر) : أراد به نصر بن سيّار أميرُ خراسان. والشّاهدُ فيه: (يا نصرُ نصرٌ نصرَا) على ما ذكر الشّارح. وذكر العينيّ أنّ هذا البيت يروى: (يَا نَضْرُ نَضْرٌا نَضْرَا) بالضّاد المعجمة؛ وهو صاحب نصر بن سيّار. يُنظر هذا البيتُ في: الكتاب 2/185، 186، والمقتضب 4/209، والخصائص 1/340، وأسرار العربيّة 297، وشرح شواهد الإيضاح 243، وشرح المفصّل 2/3، والمغني 597، والمقاصد النّحويّة 4/116، والهمع 5/190، والخزانة 2/219، وملحقات ديوان رؤبة 174. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 740 وفي قول الشّاعر: أَنَا ابْنُ التَّارِكِ البَكْرِيِّ بِشْرٍ ... عَلَيْهِ الطَّيْرُ تَرْقُبُهُ وُقُوعَا1 أمَّا (نصر) الأوّل فمنادى2 مضموم، والثّاني عطف3 بيان؛ 1 هذا البيتُ من الوافر، وهو للمِرّار بن سعيد الأسديّ.   و (بشر بن عمرو) : زوج الخِرْنِق أخت طَرَفَة بن العَبْد، قتله جدّه خالد الفقعسيّ يوم القُلاب. والشّاهدُ فيه: (التّارك البكريّ بشر) فإنّ (بشر) يتعيّن فيه أن يكون عطف بيان على (البكريّ) ، ولا يجوز أن يُجعل بدلاً منه. وقد فصّل الشّارح ذلك. يُنظر هذا البيتُ في: الكتاب 1/182، وشرح المفصّل 3/72، 73، والمقرّب 1/248، وشرح عمدة الحافظ 1/554، وابن النّاظم 518، وأوضح المسالك 3/36، وابن عقيل 2/204، والتّصريح 2/133، والهمع 5/194، والخزانة 4/284، وشعره ـ ضمن شعراء أمويّون ـ 2/465. 2 في ب: منادى. 3 في ب: يعطف. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 741 بدليل تنوينه، ولو كان بدلاً لوجب بناؤُه على الضّمّ؛ لأنّ العامل في البدل مرادٌ؛ وأمّا (نصر) الثّالث فمنصوب إمّا على المصدر، أي: (انصر نصرًا) ، وإمّا على عطف بيان على الموضع1. الثّاني2 في قوله: (أنا ابن التّارك البكريّ بشر) بالجرّ3؛ فإنَّه إذا نصب جاز أن يكون بدلاً من (البكريّ) 4؛ لأنّ موضعه نصب؛ ولأنّ البدل في حكم تكرير العامل، وإذا كرّرت لم يكن له في (بشر) إلا نصبه5، نحو: (التّارك بشرًا) ؛ لأنّ اسم الفاعل المعرّف باللاّم لا يُضاف إلى غير المعرّف إلاّ عند الفرّاء - على ما قيل-6. فـ (بشر) بالجرّ لا يجوز أن يكون بدلاً7 من (البكريّ) 8؛ فإن نصبته جاز أن يكون بدلاً، وأنّ النّاصب له (التّارك) مقدَّرًا9 قبله مكرّرًا، لا (التّارك) الأوّل.   1 وقد رُوي في (نصر) الأوّل وجهان: ضمُّه، ونصبه. والثّاني رُوي فيه أربعة أوجُه: ضمُّه، ورفعُه، ونصبُه، وجرّه. والثّالث رُوي فيه وجهُ واحد؛ وهو: النّصب. يُنظر: شرح المفصّل 2/3، والخزانة 2/219 ـ 221. 2 في ب: والثّاني. 3 فـ (بشر) بالجرّ عطف بيان على (البكريّ) لا بدل؛ لأنّ البدل في نيّة تكرار العامل. 4 في ب: النّكرة، وهو تحريف. 5 في أ: إلاّ نصبٌ. 6 يُنظر: شرح عمدة الحافظ 2/605، وابن النّاظم 518، وأوضح المسالك 3/37، وابن عقيل 2/205، والتّصريح 2/133، والأشمونيّ 3/87. 7 في كلتا النّسختين: عطف بيان، وهو سهوٌ من النّاسخ، والصّواب ما هو مثبت؛ والعِلّة في عدم الجواز: لأنّ البدل في نيّة تكرار العامل. 8 في ب: النّكرة، وهو تحريف. 9 في ب: فتقدّر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 742 بَابُ مَا لاَ يَنْصَرِفُ: هَذَا وَفِي الأَسْمَاءِ مَا لاَ يَنْصَرِفْ ... فَجَرُّهُ كَنَصْبِهِ لاَ يَخْتَلِفْ وَلَيْسَ لِلتَّنْوِينِ فِيهِ مَدْخَلُ ... لِشِبْهِهِ1 الْفِعْلَ الَّذِي يُسْتَثْقَلُ [127/ أ] مِثَالُهُ أَفْعَلُ2 فِي الصِّفَاتِ كَقَوْلِهِمْ: أَحْمَرُ فِي الشِّيَاتِ الاسم أصلُه الصَّرْفُ؛ وهو الجرّ والتّنوين3. وقيل: صرفه عن شبه الفعل بوجهٍ؛ لأنّ في الأسماء ما شابه الفعل بعلّتين فرعيّتين من علل تسع، فامتنع لذلك4 ممّا5 يمتنع منه الفعل؛ وذلك   1 في أ: لِشِبْهِ. 2 في ب: أحمر. 3 هذا قولُ الزّجّاج، وابن السّرّاج، والرّمّانيّ، والسّيرافيّ. وهو مبنيّ على أنّ الصّرف هو التّصرّف في جميع المجاري. يُنظر: ما ينصرف وما لا ينصرف 3، 4، والأُصول 2/79، وشرح ألفيّة ابن معطٍ 1/438، والتّصريح 2/210، والهمع 1/76. ومذهب المحقِّقين أنّه التّنوين وحده. وهذا مبنيّ على أنّ الصّرف هو ما في الاسم من الصّوت أخذًا من الصّريف؛ وهو الصّوت الضّعيف. يُنظر: أسرار العربيّة 36، واللُّباب في علل البناء والإعراب 1/72، ومسائل خلافيّة في النّحو، المسألة الحادية عشرة، 103، وتوضيح المقاصد 4/119، والتّصريح 2/210، والأشمونيّ 3/228. 4 في أ: كذلك. 5 في ب: كما. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 743 لأنّ في الفعل فرعيّة على الاسم في اللّفظ؛ وهي اشتقاقه من المصدر1، وفرعيّة في المعنى؛ وهي احتياجه إلى الفاعل، ونسبته إليه، والفاعلُ لا يكون إلاَّ اسما؛ فالاسم حينئذ أصل الفعل2، فمتى وافق الاسم الفعل في لزوم علّتين فرعيّتين امتنع من التّنوين والجرّ؛ لأنّهما لا يدخلان الفعل. والصَّرْفُ قيل: هو مَأخوذٌ من صَرِيْفِ البَكْرَةِ، أو من صريف ناب البعير3؛ لأنّ التّنوين قريب من ذلك. وموانع الصّرف هذه4: شَيْئَانِ مِنْ تِسْعَةٍ فِي اسْمٍ إِذَا اجْتَمَعَا ... لَمْ يَصْرِفَاهُ وَبَعْضُ الْقَوْلِ تَهْذِيبُ عَدْلٌ وَوَصْفٌ وَتَأْنِيثٌ وَمَعْرِفَةٌ ... وَعُجْمَةٌ ثُمَّ جَمْعٌ ثُمَّ تَرْكِيبُ وَالنُّونُ زَائِدَةً مِنْ قَبْلِهَا أَلِفٌ ... وَوَزْنُ فِعْلٍ وَهَذَا الْقَوْلُ تَقْرِيبُ5 [127/ ب] فالعدلُ فرعٌ على المعدول عنه، وهو تغيير اللّفظ مع بقاء ما كان   1 هذه مسألة من المسائل الّتي وقع الخلاف فيها بين النُّحاة؛ تعرّضنا لها في ص 115 فليُراجع هُناك. 2 في ب: للفعل. 3 الصّريف: صوت الأنياب والأبواب؛ وناقةٌ صروف: بَيِّنة الصَّريف، وصريف الفحل: تهدّرُه؛ وما في فمه صارفٌ، أي: ناب؛ وصريف القعو: صوتُه. اللّسان (صرف) 9/191. 4 في ب: بهذه. 5 هذه الأبيات من البسيط، وتُنسب لأبي سعيد الأنباريّ النّحويّ. يُنظر: أسرار العربيّة 307، والكافية 62، وشرح الرّضيّ 1/35، وابن عقيل 2/294، والفوائد الضّيائيّة - مع الحاشية - 1/208، 209، والأشباه والنّظائر 3/61، والأشمونيّ 3/230 - وفي جميع هذه الكتب لَمْ يَرِد البيت الأوّل -، وشرح شواهد ابن عقيل 225 ورواية البيتُ الأوّل فيه هكذا: مَوَانِعُ الصَّرْفِ تِسْعٌ كُلَّمَا اجْتَمَعَتْ ... ثِنْتَانِ مِنْهَا فَمَا لِلصَّرْفِ تَصْوِيبُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 744 عليه من المعنى؛ وهو على ضربين: عدلٌ ملتزم بالصّفة، نحو: (مَثْنَى) و (ثُلاَث) و (رُبَاع) ؛ ويقال في هذا المعدول عن العدد: مَثْلَثْ، ومَرْبَعْ. وأجاز الكوفيّون، والزّجّاج1 قياسا على ما سُمِعَ: (خُمَاسَ) و (مَخْمَس) و (سُدَاسَ) و (مَسْدَس) ، وكذلك إلى (عُشَار) 2؛ ولم يَرِد ما سمع من ذلك إلاّ نكرة، كقوله تعالى: {أُوْلِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ} 3.   1 يُنظر: ما ينصرف وما لا ينصرف 59، والمخصّص 17/120، وابن النّاظم 640، والارتشاف 1/437، وتوضيح المقاصد 4/129، والتّصريح 2/214، والأشمونيّ 3/240. 2 وذهب البصريّون إلى أنّه لا يُقاس، بل يقتصر على المسموع. وقيل: يُقاس على (فُعَال) ؛ لكثرته لا على (مَفْعَل) . وقال أبو حيّان: والصّحيح أنّ البناءين مسموعان من واحد إلى عشرة؛ وحكى البناءين أبو عمرو الشّيبانيّ، وحكى أبو حاتم وابن السِّكِّيت: من (أُحاد) إلى (عشار) ؛ ومَن حَفِظَ حُجّة على من لم يحفظ. يُنظر: المخصّص 17/120، وشرح الجُمل 2/220، والارتشاف 1/437، وتوضيح المقاصد 4/129، والتّصريح 2/214، والأشمونيّ 3/240. 3 من الآية: 1 من سورة فاطر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 745 وكقول الشّاعر: وَلَكِنَّمَا أَهْلِي بِوَادٍ أَنَيْسُهُ ... ذِئَابٌ تَبَغَّى النَّاسَ مَثْنَى وَمَوْحَدُ1 ومن العدل المقابل مثل (أُخَر) في مقابلة (آخَرين) ، وهو جمع (أُخْرى) مؤنّث (آخِر) لا جمع (أُخْرَى) بمعنى (آخِرة) 2؛ لأنّ هذه غير معدولة.   1 في كلتا النّسختين: موحدا، والصّواب ما هو مثبت؛ لأنّه صفة لـ (ذئاب) وهو مرفوع. وهذا البيتُ من الطّويل، وهو لِسَاعِدَةَ بْنِ جُؤَيَّةَ. والشّاهدُ فيه: (مثنى وموحد) حيث منعهما من الصّرف؛ لأنّهما صفتان معدولتان عن (اثنين اثنين) و (واحد واحد) . يُنظر هذا البيت في: ديوان الهذليّين 1/237، وشرح أشعار الهذليّين 3/1166، والكتاب 3/226، والمقتضب 3/381، وما ينصرف وما لا ينصرف 59، واللّمع 218، والمخصّص 17/121، وشرح المفصّل 1/62، 8/57، وابن النّاظم 641. (أُخر) جمع (أُخرى) بمعنى (آخِرة) يصرف لانتفاء العدل؛ لأنّ مذكّرها (آخِر) بالكسر بدليل: {وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الأُخْرَى} [النّجم: 47] ، {ثُمَّ اللهُ يُنْشِيءُ النَّشْأَةَ الآخِرَةَ} [العنكبوت: 20] ؛ فليستْ من باب أفعل التّفضيل. والفرق بين (أخرى أنثى آخر) و (أُخرى بمعنى آخرة) : أنّ تلك لا تدلّ على الانتهاء، ويُعطَفُ عليها مثلها من جنسها؛ نحو: (جاءت امرأةٌ أُخرى وأُخرى) . وأمّا (أُخرى بمعنى آخرة) فتدلّ على الانتهاء، ولا يُعطَف عليها مثلها من جنس واحد؛ وهي المقابلة لـ (أولى) في قوله تعالى: {وَقَالَتْ أُولاَهُمْ لأُخْرَاهُمْ} [الأعراف: 39] . يُنظر: ابن النّاظم 642، وتوضيح المقاصد 4/128، والتّصريح 2/215، والأشمونيّ 3/239. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 746 الضَّرْبُ الثَّانِي: عارٍ من الصِّفة، ومنه علَمٌ للمذكّر؛ نحو: (عُمَر) و (زُفَر) عدلا عن عَامِر، وزَافِر. ومنه: (جُمَعَ) 1 لأنّه مغيّر عن صيغته2 الأصليّة وهي (جمعاوات) ؛ لأنّ (جَمْعَاء) مؤنّث (أَجْمع) 3؛ تقول: (مررتُ بالهندات كلّهنّ جُمَعْ) فلا4 يُصرف للتّأنيث [128/ أ] والعدل.   1 لا ينصرف كذلك للتّعريف والعدل؛ أمّا العدل فذكره الشّارح. وأمّا التّعريف فلأنّه مضافٌ في المعنى إلى ضمير المؤكّد، وقد استغني بنيّة الإضافة عن ظهورها، وصار (جُمَع) كالعَلَم في كونه معرفة بغير قرينة لفظيّة، وأثّر تعريفه في منع الصّرف كما تؤثّر العلَميّة. ابن النّاظم 655. 2 في أ: صيغه. 3 فكما جُمع المذكّر بالواو والنّون كذلك كان حقّ مؤنّثه أن يُجمع بالألِف والتّاء؛ فلمّا جاءوا به على (فُعَلْ) عُلم أنّه معدولٌ عمّا هو القياسُ فيه وهو (جمعاوات) ؛ وهو اختيار ابن مالكٍ وابنه. وقيل: معدول عن (فُعْل) ؛ لأنّ قياس (أَفْعل فَعْلاء) أنْ يُجمع مذكّره ومؤنّثه على (فُعْل) ، نحو: (حُمْر) في أحمر، وحمراء؛ وهو قولُ الأخفش، والسّيرافيّ، واختاره ابن عُصفور. وقيل: إنّه معدول عن (فعاليّ) ؛ لأنّ (جمعاء) اسم كـ (صحراء) . والصّحيح الأوّل؛ لأنّ (فعلاء) لا يُجمع على (فُعْل) إلاّ إذا كان مؤنّثًا لأفعل صفة، كـ (حمراء) و (صفراء) ؛ ولا على (فعاليّ) إلاّ إذا كان اسمًا محْضًا لا مذكّرله، كـ (صحراء) ؛ و (جمعاء) ليس كذلك. يُنظر: شرح عمدة الحافظ 2/868، وابن النّاظم 655، وتوضيح المقاصد 4/154، والتّصريح 2/222، والهمع 1/90، والأشمونيّ 3/264. 4 في أ: فلا تُصرف. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 747 والوصفُ فرعٌ - على الموصوف والجُمود -؛ لأنّه مشتقٌّ، والمؤنّث فرعٌ على المذكّر؛ والتّنكير أصل، والتّعريف فرع عليه؛ والعُجمة فرعٌ على العربيّة؛ لاحتياجها إلى التّبيين بها، وبُعْدَ الاشتقاق من العربيّة أو عدمه؛ والجمع فرع على ما جُمع منه الإفراد؛ والتّركيبُ فرعٌ على ما رُكِّب1 منه؛ وما زيد في آخره ألِفٌ ونون فرعٌ على ما عُرّي من الزّيادة؛ ووزن الفعل كذلك. وجميع ما لا ينصرف أحد عشر ضرْبا؛ خمسةٌ منها لا تنوّن2 معرفة ولا نكِرة: أوّلها: وزن الفعل إذا كان صفة عاريا من لُحوق تاء التّأنيث به - وإن صغّر ك (أحيمر) لم تلحقه أيضا -، نحو: (أحمر) و (أبيض) و (أشهل) و (أحسن) ؛ احترازًا بتاء التّأنيث من (أَرْمَل) وهو الفَقير3، فضعف4 الشّبه، كقولهم: (امرأةأرملة) . و (أَرْبَعٌ) فهو أحقّ بالصّرف من (أرمل) ؛ لاعتراض الوصفيّة5.   1 في ب: ما تركّب. 2 في أ: لا ينوّن. 3 في أ: الفقر. 4 إنّما اشترط أن لا تلحقه تاء التّأنيث؛ لأنّ ما تلحقه من الصّفات كـ (أرمل) ضعيف الشّبه بلفظ المضارِع؛ لأنّ تاء التّأنيث لا تلحقه. يُنظر: ابن النّاظم 638، والتّصريح 2/213. 5 أربع: هو في الأصل اسم للعدد أربعة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 748 ولم يصرف (أَدْهَم) 1- للقيد - نظرًا إلى كونه صفةً في الأصل. و (أَجْدَلٌ) للصّقر، و (أَخْيَلٌ) لطّائرٍ2 ذي خِيلان3، و (أَفْعًى) لضربٍ من الحيّات. فأكثرُ العربِ4 يصرفونه للتّجرّد عن الوصفيّة5؛ ومنهم6 مَن لا يصرفه لملاحظة معنى الوصفيّة، وهو في (أفعى) [128/ب] أبعد منه7 في (أجدل) و (أخيل) ؛ لأنّهما مأخوذان من (الجَدْلِ) وهو الشِّدّة8، ومن (المخيول)   1 لعدم الاعتداد بالعارِض لم يؤثّر عروض الاسميّة فيما أصله الوصفيّة. يُنظر: ابن النّاظم 638، والتّصريح 2/213. 2 في كلتا النّسختين: للطّائر، والتّصويب من ابن النّاظم 638. 3 جمع خال: وهي النُّقط المخالِفة لبقيّة البدن. والأخيل: طائرٌ أخضر وعلى جناحيْه لُمْعَة تخالِف لَونَه؛ سُمّي بذلك للخيلان؛ وقيل: الأخيل الشَّقِرَّاق، وهو مشؤومٌ عند العرب؛ تقول العرب: ((أشأمُ من أخيل)) . اللّسان (خيل) 11/229. 4 يُنظر: ابن النّاظم 638، والارتشاف 1/430، وأوضح المسالك 3/143، والتّصريح 2/214، والأشمونيّ 3/236. 5 في أصل الوضع، ولا أثر لِمَا يلمح في (أجدل) من الجدْل وهو الشّدّة، ولا في (أخيل) من المخيول وهو كثرة الخيلان، ولا في (أفعى) من الإيذاء؛ لعروضه عليهنّ. يُنظر: ابن النّاظم 638، والتّصريح 2/214، والأشمونيّ 3/236. 6 يُنظر: ابن النّاظم 638، والارتشاف 1/430، وأوضح المسالك 3/143، والتّصريح 2/214، والأشمونيّ 3/236. 7 في أ: أبعد من. 8 في كلتا النّسختين: الشّدّ، والصّواب ما هو مثبَت. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 749 وهو الكثيرُ1 الخيلان. و [أَمّا] 2 أفعى فلا مادّة [له] 3 في الاشتقاق، بل بذكره4. وممّا جاء فيه (أجدل) و (أخيل) غير مصروفين قولُ الشّاعر: كَأَنَّ العُقَيْلِيِّينَ يَوْمَ لَقِيتُهُمْ ... فِرَاخُ القَطَا لاَقَيْنَ أَجْدَلَ بَازِيا5 وقول الآخَر: ذَرِينِي وَعِلْمِي بِالأُمُورِ وَشِيمَتِي ... فَمَا طَائِرِي يَوْما عَلَيْكَ6 بِأَخْيَلاَ7   1 في ب: كثير. 2 ما بين المعقوفين زيادةٌ يقتضيها السّياق، من ابن النّاظم 639. 3 ما بين المعقوفين ساقطٌ من ب. 4 أي: إنّ (أفعى) لا مادّة له في الاشتقاق، ولكن ذكره يقارِن تصوّر إيذائها؛ فأشبهت المشتقّ، وجرَتْ مجراه على هذه اللّغة. يُنظر: ابن النّاظم 639، والتّصريح 2/214، والأشمونيّ 3/236. 5 هذا بيتٌ من الطّويل، وهو للقطاميّ، وقيل: لجعفر بن عُلْبة الحارثيّ. و (أجدل) : الصّقر. و (بازيًا) : متطاولاً، من بزا عليه، يبزو: إذا تطاول عليه؛ ويجوز أن يكون بازيًا: الطّير المشهور، ويكون معطوفًا على (أجدل) ، وقد حذف حرف العطف ضرورة، والأصل: لاَقَيْنَ أجدل وبازيًا. والشّاهدُ فيه: (أجدل) حيث منعه من الصّرف لوزن الفعل ولمح الصّفة؛ وذلك لأنّه مأخوذ من (الجدل) وهو الشّدّة. وأكثرُ العرب يصرفه؛ لخلوّه عن أصالة الوصفيّة. يُنظر هذا البيتُ في: المؤتلف والمختلف 19، وشرح شواهد الإيضاح 393، وابن النّاظم 639، واللّسان (جدل) 11/104، وأوضح المسالك 3/143، والمقاصد النّحويّة 4/346، والتّصريح 2/214، والأشمونيّ 3/237، والدّيوان 182. 6 في كلتا النّسختين: عليكم، والصواب ما هو مثبَت؛ كما ورد في المصادر الّتي ذكرت البيت. 7 هذا بيتٌ من الطّويل، وهو لحسّان بن ثابت رضي الله عنه. والشّاهدُ فيه: (بأخيلا) حيث منعه من الصّرف لوزن الفعل ولمح الصّفة؛ لأنّه مأخوذٌ من (المخيول) وهو الكثير الخيلان. يُنظر هذا البيتُ في: الاشتقاق 2/300، وشرح شواهد الإيضاح 392، وابن النّاظم 639، واللّسان (خيل) 11/230، وأوضح المسالك 3/144، والمقاصد النّحويّة 4/348، والتّصريح 2/214، والأشمونيّ 3/237، والدّيوان 1/44. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 750 أَوْ جَاءَ فِي الْوَزْنِ مِثَالَ سَكْرَى1 ... أَوْ وَزْنَ دُنْيَا2 أَوْ مِثَالَ ذِكْرَى هذا ممّا فيه ألف التّأنيث مقصورة فهي تمنع صرف ما هي فيه؛ نكرةً كان، أو معرفة، أو اسما، أو صِفة، أو مفرَدًا، أو جمْعا، ك (ذكرى) 3 و (سكرى) 4 و (رضوى) و (مرضى) . وإنّما كانت وحدها سببا مانعا من الصّرف؛ لأنّهازيادة لازمة لبناء ما هي فيه5. ففي6 المؤنّث بها فرعيّة في اللّفظ؛ وهي لُزوم الزّيادة حتى كأنّها من أُصول الاسم، فإنّه7 لا يصحّ انفكاكها عنه.   1 في ب: تنكرى، وهو تحريف. 2 في شرح الملحة 305: أَوْ وَزْنَ بُشْرَى. 3 في ب: لذكرى. 4 في ب: بلدى، وهو تحريف. 5 ولم تلحقه إلاّ باعتبار تأنيث معناه تحقيقًا أوتقديرًا. 6 في ب: نفي، وهو تحريف. 7 في كلتا النّسختين: فإنّها، والتّصويب من ابن النّاظم 635. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 751 وفرعيّة في المعنى [129/ أ] وهي الدّلالة على التّأنيث؛ ولا خِلافَ أنّه فرعٌ على التّذكير؛ لاندراج كلّ مؤنّث تحت مذكّر1، من غير عكس. أَوْ وَزْنَ فَعْلاَنَ الَّذِي مُؤَنَّثُهْ ... فَعْلَى كَسَكْرَانَ فَخُذْ مَا أَنْفُثُهْ2 هذا الاسم يمنع صرفَه الألفُ والنّون المزيدتان في (فَعْلاَن) صفةً لا تلحقه تاء التّأنيث، ك (سَكْرَان) و (غَضْبَان) و (عَطْشَان) ، ومؤنّثه على (فَعْلَى) ك (سَكْرَى) . فمنع الصّرف لتحقق3 العلّتين الفرعيّتين به، أعني: فرعيّة المعنى؛ لأنّ فيه الوصفيّة، وهي فرعٌ على الجُمود؛ لأنّ الصّفة تحتاجُ إلى موصوف يُنسب4 معناها إليه، والجامِدُ لا يحتاج إلى ذلك5. وأمّا فرعيّة اللّفظ فإنّ فيه الزّيادتين المضارعتين لألفي التّأنيث، من نحو: (حَمْرَاء) في أنّهما في بناء يخصّ6 المذكّر. كما أنّ ألفيْ (حَمْرَاء) في بناء يخصّ7 المؤنّث، وأنّهما لا يلحقهما التّاء؛ فلا يُقال: (سَكْرَانة) ولا (حَمْرَاءَة) .   1 في ب: تحت كلّ مذكّر. 2 في متن الملحة 44: مَا أَلَّفْتُهْ. 3 في كلتا النسختين: لتحقيق والتّصويب من ابن الناظم 635. 4 في ب: ينتسب. 5 وما يحتاج فرعٌ عمّا لا يحتاج. 6 في ب: يختصّ. 7 في ب: يختصّ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 752 أَوْ وَزْنَ فَعْلاَءَ وَأَفْعِلاَءَ ... كَمِثْلِ حَسْنَاءَ1 وَأَنْبِيَاءَ حكم الألِف الممدودة في امتناع [صرف] 2 ما يتّصل بها3 كحكم الألِف المقصورة [129/ ب] في كونه مفرَدًا، أو جمعا، أو مذكّرًا، أو مؤنّثا، أو نكِرة، أو معرفة، أو صِفة، أو اسما، ك (بَيْداء) و (أشياء) و (زكريّاء) و (حمراء) . ف (فَعْلاَءَ) نحو4: (طَرْفَاء) 5 و (كَرْمَاء) ، و (أفعلاء) ك (أنبياء) و (أصدقاء) ؛ فهذه الألِف - كما تقدّم - زيادة لازِمة لبناء ما هي [مزيدة] 6 عليه باعتبار التّأنيث. أَوْ وَزْنَ7 مَثْنَى وَثُلاَثَ فِي الْعَدَدْ ... إِذْ مَا رَأَى صَرْفَهُمَا قَطُّ أَحَدْ8 هذا قد تقدّم الكلامُ في الإشارة إليه بالعدد والمعدول؛ فقولهم: (جاء القومُ أُحَادَ) ، (جاءوا واحدًا واحدًا) ؛ وكذا (مَثْنَى) 9، (اثنين اثنين) ؛   1 في أ: حمراء. 2 ما بين المعقوفين ساقطٌ من ب. 3 في كلتا النّسختين: به، والأَلْيَقُ بالنّص المطابَقة، كما هو مثبَت. 4 في ب: كطرفاء. 5 في أ: ظرفاء، وهو تحريف. و (طرفاء) : جماعة الطّرفة؛ شَجَرٌ. اللّسان (طرف) 9/220. 6 ما بين المعقوفين زيادة يقتضيها السياق. 7 في متن الملحة 44: أَوْ مِثْلِ مَثْنَى. 8 وَرَد عجُز هذا البيتُ في شرح الملحة 308 كالتّالي: فَاصْغِ يَا صَاحِ إِلَى قَوْلِ السَّدَدْ 9 في أ: اثنيا، وفي ب: اثنا؛ والصّواب ما هو مثبَت. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 753 وكذا1 (ثُلاَث) و (رُباع) ؛ وهذا غير مصروف2 لِمَا فيه من العدل والصّفة. وَكُلُّ جَمْعٍ بَعْدَ ثَانِيهِ أَلِفْ ... وَهْوُ3 خُمَاسِيٌّ فَلَيْسَ يَنْصَرِفْ4 وَهَكَذَا إِنْ زَادَ فِي المِثَالِ ... نَحْوُ: دَنَانِيرَ بِلاَ إِشْكَالِ هذا الجمعُ أيضا ممّا لا ينصرف إلاّ إذا كان معرفة بدخول الألِف واللاّم عليه أو أُضيف؛ وهو كلّ جمع على وزن5 (مفاعل) أو (مفاعيل) ممّا بعد ألِفه حرفان، ك (مساجد) و (دراهم) و (كواعب) 6 و (دوابّ) وأصله: دوابب7؛ أو ثلاثة8 [130/ أ] غير منويّ به، وبما بعده الانفصال، ك (مصابيح) و (دنانير) فإنّ الجمع المذكور9 متى كان بهذه الصّفة كان فيه فرعيّة اللّفظ بخروجه عن صيغ الآحاد العربيّة، وفرعيّة 1 في ب: كذلك.   2 في أ: متصرّف. 3 في ب: فهو. 4 في ب: منصرف. 5 الأولى أن يقول: كل جمع مشبه بـ (مفاعل) و (مفاعيل) في كون أوّله مفتوحًا. 6 في ب: كواكب. 7 في ب: دوايب. 8 أوسطها ساكن. 9 في أ: المذكّر، وفي ب: الذّكر؛ وكلتاهما محرّفة، والصّوابُ ما هو مثبَت. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 754 المعنى بالدّلالة على الجمعيّة؛ فاستحقّ بذلك منع1 الصّرف. والإشارة بخروجه عن الآحاد العربيّة؛ لأنّك لا تجد مفرَدًا ثالثه ألِف بعدها حرفان، أو ثلاثة إلاّ وأوّلها مضموم، ك (عُذَافِر) 2 أو الألِف عوض عن إحدى يائي النّسب، ك (يمانٍ) 3 و (شآمٍ) 4، أو ما يلي الألِف ساكن، ك (عَبَالّ) 5، أو مفتوح، ك (بَرَاكَاءٍ) 6، أو مضموم، ك (تَدَارُكٍ) ، أو عارض الكسر لأجل اعتلال آخره، ك (توانٍ) 7 و (تدانٍ) 8، أو ثاني الثّلاثة متحرّك، ك (طواعيَة)   1 في أ: معنى، وهو تحريف. 2 عُذافِر: جَمَلٌ صَلْبٌ عظيمٌ شديدٌ، واسمٌ من أسماء الأسد. اللّسان (عذر) 4/555. 3 في ب: كميان، وهو تحريف. 4 فإنّ أصلهما: (يمنيّ) و (شاميّ) ؛ فحُذفت إحدى اليائين، وعوض عنها الألِف، ثم أُعِلاَّ إعلال قاضٍ، وفتحت همزة شآم؛ لتناسِب الألِف. يُنظر: الصّبّان 3/242. 5 عبالّ: جمع عبالة، والعبالة: الثّقل؛ يُقال: ألقى عليه عبالته، أي: ثِقله. اللّسان (عبل) 11/421. 6 البراكاء: الثّبات في الحرب والجدّ. اللّسان (برك) 10/398. 7 في أ: نوان، وفي ب: فوان؛ والصّواب ما هو مثبَت. 8 في كلتا النّسختين: يدان، وهو تصحيف؛ وأصلهما: (تدانُي) و (توانُي) بضمّ النّون فيهما، ثم قلبت الضّمّة كسرة؛ لتناسب الياء، وأُعِلاّ إعلال قاضٍ. يُنظر: الصّبّان 3/242. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 755 و (كراهية) ؛ ومن ثَمَّ صُرِفَ1 نحو: (ملائكة) و (صياقلة) 2. ول (سراويل) بهذا الجمع شبه؛ ومنهم3 مَن زعم أنّ (سراويل) اسم مفرَد أعجميّ [جاء] 4 على مثال (مفاعيل) ؛ فشبّهوه به ومنعوه من الصّرف. ومنهم5 مَن زعم أنّ فيه وجهين: الصَّرف، ومنعه. ومنهم6 مَن زعم [أنّ سراويل] 7 جمع (سِرْوالة) سمّي به المفرد، وأنشد: عَلَيْهِ مِنَ اللُّؤْمِ سِرْوَالَةٌ8 ... ..............................   1 أي: من أجل وجود تحرّك ثاني الثّلاثة في غير وزن منتهى الجُموع. 2 الصّيقل: شحّاذ السّيوف وجلاّؤها، والجمع: صياقِل، وصَيَاقِلة، دخلتْ فيه الهاء لغير علّة، وإنّما على حدّ دخولها في الملائكة. اللّسان (صقل) 11/380. 3 كسيبويه - رحمه الله - وأكثر النُّحاة كذلك. يُنظر: الكتاب 3/229، والمقتضب 3/326، 345، وشرح المفصّل 1/64، وشرح الجُمل 2/216، وابن النّاظم 649، وشرح الرّضيّ 1/57، والتّصريح 2/212، والأشمونيّ 3/246. 4 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 5 هو ابن الحاجب حيث قال في الكافية 64: "وسراويل إذا لم يُصرف - وهو الأكثر - فقد قيل: إنّه أعجميّ حمل على موازِنِهِ، وقيل: عربيّ جمع (سروالة) تقديرًا؛ وإذا صُرفَ فلا إشكال". 6 يُنظر: المقتضب 3/345، وشرح المفصّل 1/64، وابن النّاظم 648، وشرح الرّضيّ 1/57، والتّصريح 2/212، والأشمونيّ 3/247. 7 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 8 هذا صدرُ بيتٍ من المتقارِب، وعجزه: فَلَيْسَ يَرِقُّ لِمُسْتَعْطِفِ وقائله مجهول. وقيل: سروالة لغة في السّراويل. والأخفش ينقل أنّ من العرب من يجعل سراويل واحدًا، ومنهم مَن يراها جمعًا واحده سروالة. والشّاهدُ فيه: (سروالة) حيث احتجّ به مَنْ قال: إنّ (سراويل) جمع (سروالة) . يُنظر هذا البيت في: المقتضب 3/346، وشرح المفصّل 1/64، وشرح الجُمل 2/217، وشرح الكافية الشّافية 3/1501، وابن النّاظم 468، وشرح الشّافية 1/270، واللّسان (سرل) 11/334، والتّصريح 2/212، والأشمونيّ 3/247، والخزانة 1/233. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 756 وقيل: هذا مصنوع على العرب لا حُجّة فيه1. وكلّ ما سمّى به من (مفاعل) 2 / أو (مفاعيل) 3 فحقّه منعُ الصّرف. [130/ ب] فإنْ كان في آخر هذا الجمع ياء قبلها كسرة، نحو (جواري) و (ليالي) جَرَى مجرى الاسم المنقوص الّذي تحذف ياؤُه في الرّفع والجرّ وينوّن4؛ فتقول: (هؤلاء جوارٍ) و (مررتُ بجوارٍ) ، وتثبت في حال النّصب وتفتح، فتقول: (رأيتُ جواريَ) . فَهَذِهِ الأَنْوَاعُ لَيْسَتْ تَنْصَرِفْ ... فِي مَوْضِعٍ يَعْرِفُ هَذَا المُعْتَرِفْ أي: إنّ هذه الأنواع المتقدّم5 ذكرها لا تنصرف6 إلاَّ إذأ أُضيفت، أو دخل عليها الألِف واللاّم.   1 يُنظر: ابن النّاظم 648، والتّصريح 2/212، والأشمونيّ 3/247، والخزانة 1/233. 2 في ب: مفاعيل، وهو تحريف. 3 في أ: ومفاعيل. 4 في أ: تنوّن. 5 في ب: المقدّم. 6 في أ: لا ينصرف. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 757 وَكُلُّ مَا تَأْنِيثُهُ بِلاَ أَلِفْ ... فَهْوَ إِذَا عُرِّفَ غَيْرُ مُنْصَرِفْ تَقُولُ: هَذَا طَلْحَةُ الْجَوَادُ ... وَ1 هَلْ أَتَتْ زَيْنَبُ أَو2 سُعَادُ وَإِنْ يَكُنْ مُخَفَّفا كَدَعْدِ ... فَاصْرِفْهُ إِنْ شِئْتَ كَصَرْفِ سَعْدِ فصل: قَدْ أَشَارَ هَهُنا إلى ما ينصرف في حال التّنكير؛ فمن ذلك [131/أ] ما يمنع الصّرف لاجتماع العلميّة والتّأنيث بالتّاء لفظا أو تقديرًا؛ فاللّفظيّ نحو: (حمزة) و (طلحة) ؛ ولم يُصرف3 لوُجود العلَميّة في معناه، ولُزوم علامة التّأنيث في لفظه؛ ف (التّاء) فيه بمنزلة الألِف في (حبلى) و (صحراء) ، بخلاف (التّاء) في الصّفة. وأمّا التّقدير ف (سُعاد) و (زينب) 4، أو في الأصل ك (عَنَاق) اسم رجل، أقاموا [تقدير] 5 العلامة مقام ظُهورها. والعلَم المؤنّث [المعنى] 6 على ضربين: ما يتحتّم فيه منع7 الصّرف؛ وهو ما كان زائدًا على ثلاثة أحرُف،   1 في أ: أو هل. 2 في ب: أَمْ. 3 في ب: ينصرف. 4 مؤنّث مسمّى في الحال. 5 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 6 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 7 في كلتا النّسختين: معنى، وهو تحريف؛ والصّواب ما هو مثبَت. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 758 ك (سُعاد) ، نزّل1 الحرف الرّابع منه منزلة هاء التّأنيث، أو كان ثلاثيا متحرّك الأوسط، ك (سَقَر) 2؛ لأنّ حركة الوسط قامت مقام الحرف الرّابع، أو مسكّن الوسط وهو أعجميّ3؛ ك (مَاه) و (جُور) 4 في اسمي بلدتين5. الضّرب الثّاني: يجوز فيه الصّرف وتركُه؛ وهو الثُّلاثيّ السّاكن الأوسط غير الأعجميّ6، [ولا مذكّر الأصل] 7، ك (هند) و (دَعْد) ، والأعجميّ الثّلاثيّ العلَم، ك (نُوح) و (لُوط) 8؛ فمن صرفه نظر إلى خفّة اللّفظ وأنّها قد قاومت أحد السّببين، [ومن لم يصرفه - وهو المختار9- نظر إلى وُجود   1 في ب: نزلت. 2 سقر: علَم على النّار ـ أجارنا اللهُ منها ـ. ((أو مذكّر الأصل، كـ (زيد) اسم امرأة؛ لأنّه حصل له بنقله من التّذكير إلى التّأنيث ثقل، عادَل خفّة اللّفظ)) . ابن النّاظم 650. 4 ماه، وجور: علَمان على بلدتين بأرض فارس. معجم البُلدان 2/181، 5/49. 5 في أ: اسمي بلديين، وفي ب: اسم بلد تعيّن؛ والتّصويب من ابن النّاظم 650. 6 في أ: أعجميّ. 7 ما بين المعقوفين زيادةٌ يقتضيها السّياق، من ابن النّاظم 651. 8 يجوز فيه الوجهان بشرط أن يكون ساكن الوسط كالأمثلة. يُنظر: ابن النّاظم 651، والتّصريح 2/219، والأشمونيّ 3/257. 9 عند سيبويه، والخليل وجميع البصريّين؛ قال سيبويه - رحمه الله -: "اعلم أنّ كل مؤنّث سمّيته بثلاثة أحرُف متوالٍ منها حرفان بالتّحرّك لا ينصرف، فإنْ سمّيته بثلاثة أحرُف فكان الأوسط منها ساكنًا وكانت شيئًا مؤنّثًا، أو اسمًا الغالِب عليه المؤنّث، كـ (سُعاد) فأنت بالخيار: إنْ شئتَ صرفته، وإنْ شئت لم تصرفه، وتركُ الصّرف أجود". الكتاب 3/240. ويُنظر: المقتضب 3/350، وما ينصرف وما لا ينصرف 67، وشرح المفصّل 1/70، وشرح الكافية الشّافية 3/1491، وابن النّاظم 651، والتّصريح 2/218. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 759 السّببين] 1؛ وهما: العلَميّة والتّأنيث2، وأنشدوا بيتا يجمع [بين] 3صرفه ومنع صرفه [وهو] 4: لَمْ تَتَلَفَّعْ بِفَضْلِ مِئْزَرِهَا ... دَعْدٌ وَلَمْ تُسْقَ دَعْدُ فِي العُلَبِ5 [131/ب]   1 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 2 والزّجّاج ـ رحمه الله ـ يوجِب منع صرفه. يُنظر: ما ينصرف وما لا ينصرف 68، وشرح المفصّل 1/70، وشرح الكافية الشّافية 3/1492، وابن النّاظم 651، والتّصريح 2/218. 3 ما بين المعقوفين ساقطٌ من ب. 4 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 5 هذا بيتٌ من المنسرح، ويُنسب لجرير، ولعُبيد الله بن قيس الرّقيّات. و (التلفّع) : الالتحاف بالثّوب. و (الفضل) : الزّيادة. و (العلَب) : جمع علبة؛ وهو: إناءٌ من جلد يشرب به الأعراب. فهو يصفها بأنها حضريّة رقيقة العيش، لا تلبس ما يلبسه الأعراب، ولا تشرب فيما يشربون. والشّاهدُ فيه: صرفُ (دعْد) وترك صرفها في بيتٍ واحد؛ وكِلاَ الأمرين جائز، والمختار منع الصّرف عند سيبويه، والخليل، وجميع البصريّين، ويوجِب الزّجّاج منع صرفه. يُنظر هذا البيت في: الكتاب 3/241، وأدب الكاتب 282، وما ينصرف وما لا ينصرف 68، والخصائص 3/61، 316، وشرح المفصّل 1/70، واللّسان (دعد) 3/166، (لفع) 8/321، والأشمونيّ 3/254، وملحق ديوان جرير 2/1021، وملحق ديوان عبيد الله بن قيس الرّقيّات 178. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 760 وَأَجْرِ مَا جَاءَ بِوَزْنِ الْفِعْلِ ... مُجْرَاهُ فِي الحُكْمِ بِغَيْرِ فَصْلِ فَقَوْلُهُمْ: أَحْمَدُ مِثْلُ أَذْهَبُ ... وَقَولُهُمْ: تَغْلِبُ مِثْلُ تَضْرِبُ وممّا يمنع الصّرف اجتماع العلَميّة ووزن الفعل الخاصّ به، أو الغالب فيه؛ بشرط كونه لازِما [غير] 1 مغيّر إلى مثالٍ هو للاسم2، وذلك نحو3: (أحمد) و (يزيد) و (يَشْكُر) و (يَعْلَى) . والمُرادُ بالوزن الخاصّ بالفعل: [ما] 4 لا يوجَد دون نُدورٍ في غير فعلٍ، أو علَم، أو أعجميّ؛ فالنّادر نحو: (دُئِل) 5 لدويبة6، و (يَنْجَلِبُ) لخرزة7، و (تُبَشِّر) 8 لطائر.   1 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 2 في ب: الاسم. 3 في أ: مثل. 4 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 5 في أ: ذيل، وهو تحريف. وفي الصّحاح: "هي: شبيهة بابن عِرْس"، وفي اللّسان: "دُويَّبة كالثّعلب". يُنظر: الصّحاح (دأل) 4/1694، واللّسان (دأل) 11/233. 6 في كلتا النّسختين: الدّويبة، والصّواب ما هو مثبَت. 7 في أ: لحوره، وهو تحريف. واليَنْجَلِبُ: خَرَزَةٌ. وذكر الأزهريّ هذه الخرزة في الرّباعيّ قال: "ومن خرزات الأعراب: اليَنْجَلِب؛ وهو: الرُّجوع بعد الفِرار، والعطْفُ بعد البُغْض". يُنظر: التّهذيب (الينجلب) 11/259، واللّسان (جلب) 1/274. 8 يُقال لهذا الطّائر: الصُّفَّاريَّة، وضبطه في اللّسان بضمّ الباء وفتحها. يُنظر: اللّسان (بشر) 4/63. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 761 والعَلم نحو: (خَضَّم) 1 لرجل، و (شَمَّر) 2 لفرس. والأعجميّ ك (بَقَّم) 3 و (اسْتَبْرَق) 4. فلا يمنع وجدان هذه الأمثلة اختصاص أوزانها بالفعل؛ لأنّ النّادر والأعجميّ لا حكم لهما؛ ولأنّ العَلَم منقولٌ من فِعل؛ فالاختصاصُ فيه باق. والمُراد بالوزن الغالب: ما كان الفعل به أولى؛ إمّا5لكثرته ك (إِثْمِد) 6 و (إِصْبَع) 7 و (أُبْلُم) 8 فإنّ أوزانها تقلُّ في الاسم وتكثُر   1 هو العنبر بن عمرو بن تميم، وقد غلّب على القبيلة. يُنظر: الصّحاح (خضم) 5/1914. 2 في أ: شهر، وهو تحريف. وشَمَّر: اسم فرس. يُنظر: اللّسان (شمر) 4/429. 3 البَقَّمُ: صِبْغ أحمر، وهو فارسيّ معرّب. يُنظر: الصّحاح (بقم) 5/1873، والمعرّب 176. 4 الاستبرق: الدّيباجُ الغَليظ، وهو فارسيّ معرّب. يُنظر: الصّحاح (برق) 4/1450، والمعرّب 108. 5 في كلتا النّسختين: وإمّا، والصّوابُ ما هو مثبَت. 6 إثمد - بكسر الهمزة والميم، وسكون المثلّثة، وبالدّال المهملة -: حجرٌ يُتّخذ منه الكُحْل، وقيل: ضَربٌ من الكُحْل، وقيل: هو نفس الكُحل. يُنظر: اللّسان (ثمد) 3/105. 7 إصبع - بكسر الهمزة، وفتح الباء الموحّدة -: واحدة الأصابع؛ وفيها عشر لُغات حاصلة من ضرب ثلاثة أحوال الهمزة في ثلاثة أحوال الباء، والعاشرة (أصبوع) . يُنظر: اللّسان (صبع) 8/192. 8 أبلم - بضمّ الهمزة واللاّم، وسُكون الباء -: سعف المقل. يُنظر: اللّسان (بلم) 12/53، 54. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 762 في الأمر من الثُّلاثيّ1. وإمّا لأنّ أوَّله2 زيادة تدلّ على معنىً في الفعل، و3 لا تدلّ على معنىً في الاسم، ك (أَفْكَل) 4 و (أَكْلُب) فإنّ نظائرهما5 تكثُر في الأسماء والأفعال، لكن الهمزة في (أَفْعَل) و (أَفْعُل) تدلّ على معنىً في الفعل6، و7 لا تدلّ على معنىً في الاسم، وما هي فيه دالّة على معنىً، أصلٌ لِمَا لم تدلّ فيه على [معنى] 8. [132/أ]   1 كالأمر من (ضرب) فإنّه موازِنٌ (إِثْمِد) ، والأمر من (ذهب) فإنّه موازِنٌ (إِصْبَع) ، والأمرُ من (كتب) فإنّه موازِن (أُبْلُم) . يُنظر: التّصريح 2/220. 2 في ب: أوزانه. 3 في ب: فلا. 4 في كلتا النّسختين: كافك، والصّوابُ ما هو مثبَت. والأَفْكَلُ: رعدة تعلو الإنسان ولا فعل له. التّهذيب (فكل) 10/257. وأكلب: جمع كلب. 5 فمن نظائر أفكل من الأسماء: (أبيض) و (أسود) و (أفضل) ؛ ومن الأفعال: (أذهب) و (أعلم) و (أسمع) . ومن نظائر أكلب من الأسماء: (أبحر) و (أوجه) و (أعين) ؛ ومن الأفعال: (أنصر) و (أدخل) و (أخرج) . يُنظر: الصّبّان 3/259. 6 نحو: (أذهب) و (أكتب) ، ولا تدلّ على معنىً في الاسم؛ فكان المفتَتح بأحدهما من الأفعال أصلاً للمُفتتح بأحدهما من الأسماء. يُنظر: الأشمونيّ 3/259. 7 في كلتا النّسختين: فلا، والصّوابُ ما هو مثبَت. 8 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 763 واشتُرط في وزن الفعل كونُه لازما؛ لأنّ نحو: (امرئ) لو سُمّي به انصرف؛ لأنّ عينه تتبع1 حركة لامه؛ فهو وإن لم يخرج2 بذلك عن وزن الفعل مخالِف له في الاستعمال، إذِ الفعلُ لا اتباع فيه، فلم يُعتبر في (امرئ) 3 الموازنة، ولم يجز فيه إلاّ الصّرف. واشتُرط - أيضا -: كونُ الوزن غير مغيّر إلى مثال هو للاسم4؛ لأنّ نحو: (رُدّ) و (قِيل) لو سّمي بهما انصرفا؛ لأنّهما - وإنْ كان أصلُهما: (رُدِدَ) و (قُوِل) - قد خرجا بالإعلال [والإدغام] 5 إلى مشابهة (بُرْد) و (عِلْمٍ) فلم يُعتبر فيهما الوزن الأصليّ. وَإِنْ عَدَلْتَ فَاعِلاً إِلَى فُعَلْ ... لَمْ يَنْصَرِفْ مُعَرَّفا6 مِثْلُ: زُحَلْ يمنع من الصّرف اجتماعُ التّعريف والعدل؛ وهذا اسم عُدِل به7 عن صيغة (فَاعِل) إلى (فُعَل) ، نحو: (مُضَر) المعدول به عن (مَاضِر) وهو مازِجُ8 اللّبن بالماء9، و (جُشَم) 10 المعدول به عن (جَاشِم)   1 في ب: يتبع. 2 في ب: لم تخرُج. 3 في أ: أمور، وهو تحريف، وفي ب: بياضٌ لا يتّضح معه رسمُ الكلمة. 4 في كلتا النّسختين: الاسم، والصّواب ما هو مثبَت. 5 ما بين المعقوفين زيادة يقتضيها السّياق، من ابن النّاظم 652. 6 في ب: معرفة. 7 في أ: فيه. 8 في أ: ماجز، وهو تحريف. 9 مَضَر اللّبن، يَمْضُرُ مُضُورًا: حَمُضَ وابْيَضَّ، ومَضَرَ اللّبن، أي: صار ماضِرًا، وهو الّذي يحذي اللّسان قبل أن يَرُوب؛ ومُضَر: اسم رجل، سُمّي به؛ لأنّه كان مولَعًا بشُرب اللّبن الماضر. يُنظر: اللّسان (مضر) 5/177. 10 جَشِمَ الأمر، يجشمه جَشْمًا وجشامة، وتَجَشَّمه: تكلّفه على مشقّة؛ وقد تجشّمت كذا وكذا، أي: فعلته على كُره ومشقّة؛ والجَشْمُ: الاسم من هذا الفعل. يُنظر: اللّسان (جشم) 12/100. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 764 وهو الّذي يفعل الشّيء على استثقال، و (دُلَفَ) المعدول [132/ب] به عن (دَالِف) وهو المتأخّر الخَطْو1، و (زُحَلْ) 2 [و] 3 هو النّجم المعروف بالطّارِق، عُدِل به عن (زَاحِل) ؛ لأنّه أبعدُ الكواكب السّيّارة؛ و (عُمَر) المعدول به عن (عامِر) . فهذه الأسماء لا تنصرف معرفة، وتنصرف نكِرة؛ كقولهم: (ما كلّ عُمَرٍ أبا حفصٍ) . ولا يحسُن أن تقول4 في: (مضر) 5 و (زحل) و (دلف) : المضر، والزّحل، والدّلف6. ويجوز في (فُعَل) الّذي من غير هذا الباب، وذلك من أحد ثلاثة أقسام: أحدها: أن يكون اسم جنسٍ، نحو: (صُرَد) 7 و (رُطَب)   1 الدّالف: هو الّذي يمشي بالحمل الثّقيل ويقارِب الخَطْو. ودَلَفَ، يَدْلِفُ، دَلْفًا، ودلْفانًا، ودليفًا، ودُلوفًا: إذا مشى وقارَب الخَطْو. يُنظر: الصّحاح (دلف) 4/1360، واللّسان (دلف) 9/106. 2 زُحَل: اسم كوكبٍ من الخُنَّس، وقيل للكوكب زُحل؛ لأنّه زَحَلَ، أي: بَعُد، ويقال: إنّه في السّماء السّابعة. يُنظر: اللّسان (زحل) 12/303. 3 العاطِف ساقطٌ من أ. 4 في أ: يقول. 5 في أ: في زحل، ومضر. 6 لأنّه يصرف ما لا ينصرف منها بدُخول الألِف واللاّم. 7 الصُّرَد: طائرٌ فوقَ العُصفور، وقيل: طائرٌ أبقع ضخم الرّأس يكونُ في الشّجر، نصفُه أبيض ونصفه أسود، ضخم المنقار، له بُرثن عظيم. يُنظر: اللّسان (صرد) 3/249، 250. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 765 و (جُعَل) 1؛ أو صفة نحو: (حُطَم) 2 و (لُبَد) 3؛ أو جمعا نحو: (زُبَر) و (عُمَر) جمع: زُبْرَة4، وعُمْرَة5؛ فهذه الأنواع تنصرِفُ بكلّ حالٍ. وأمّا (جُمَع) في قولك: (مررت بالهندات جُمَع) فلا ينصرفُ للتّعريف والعدل، وصار (جُمَع) كالعلَم في كونه معرفة بغير قرينة لفظيّة؛ فأثّر تعريفُه في منع الصّرف كما تؤثِّر6 في العلميّة. وَالأَعْجَمِيُّ مِثْلُ7: مِيكَائِيلاَ ... كَذَاكَ فِي الحُكْمِ وَإِسْمَاعِيلاَ وممّا لا ينصرف: ما فيه فرعيّة المعنى بالعلَميّة، وفرعيّة اللّفظ بالعجميّة؛ [133/أ] وذلك أن يكون أعجميّ العلَميّة، كـ (إبراهيم) و (إسماعيل)   1 الجُعَل: دابّة سوداء من دوابّ الأرض؛ ورجلٌ جُعَل: أسود دميم مُشَبّه بالجُعَل، وقيل: هو اللّجوج؛ لأنّ الجُعَل يوصَف باللّجاجة، يقال: رجلٌ جُعَل، وجُعَل الإنسان: رقيبُه. يُنظر: اللّسان (جعل) 11/112. 2 رجلٌ حُطَمٌ وحُطُمٌ: لا يَشْبَع، لأنّه يَحْطِمُ كلّ شيء؛ وقيل: رجلٌ حُطَمٌ وحُطَمَةٌ: إذا كان قليل الرّحمة للماشية يَهْشِمُ بعضها ببعض. يُنظر: اللّسان (حطم) 12/138، 139. 3 اللُّبَدُ واللَّبِدُ من الرّجال: الّذي لا يسافِر ولا يَبْرَحُ منزله، ولا يَطْلُب معاشًا، وهو الأَلْيَسُ. يُنظر: اللّسان (لبد) 3/385. 4 الزُّبْرَةُ: القطعة من الحديد، والجمع: زُبَرٌ. يُنظر: اللّسان (زبر) 4/316. 5 العُمْرة: طاعةُ الله عزّ وجلّ؛ والعُمْرة في الحجّ: معروفة؛ وقد اعتمر؛ وأصلُه من الزّيارة، والجمع: عُمَر. يُنظر: اللّسان (عمر) 4/604. 6 في أ: يؤثّر. 7 في أ: نحو. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 766 فإنْ كان عربيّ العلَميّة، كـ (لجام) 1- اسم رجل - انصرف؛ لأنّه قد نقل عمّا وضعته2 العجم له فألحق بالأمثلة العربيّة3. وأن يكون زائدًا على ثلاثة أحرُف؛ فإنْ كان ثُلاثيا ضعف فيه فرعيّة اللّفظ [بـ] 4 مجيئه على أصل ما تبنى عليه الآحاد العربيّة5 وصُرِفَ، نحو: (نوح) و (لوط) ؛ ولا فرق في ذلك بين ساكن الوسط ومتحركة6.   1 اللِّجام - وَضَعَهُ العَجَمُ -: اسم جنسٍ للآلة الّتي تُجعَل في فَمِ الفَرس. يُنظر: المعرّب 564، واللّسان (لجم) 12/534. 2 في أ: وضعه. 3 وذهب قومٌ منهم الشّلوبين، وابن عصفور إلى منع صرف ما نقلته العرب من ذلك إلى العلَميّة ابتداء كـ (بُنْدَار) ؛ وهؤلاء لا يشترطون أن يكون الاسم علَمًا في لغة العجم. وذهب قومٌ إلى أنّه منصرف؛ لأنّهم يشترطون أن يكون علَمًا في لغة العجم؛ وهو ظاهر مذهب سيبويه، وابن مالك. يُنظر: توضيح المقاصد 4/145، والتّصريح 2/219، والأشمونيّ 3/256. 4 ما بين المعقوفين زيادة يقتضيها السّياق، من ابن النّاظم 651. 5 وهو الثُّلاثيّ. 6 فكلّه مصروف لكونه ثُلاثيًّا، والعُجمة ملغاة فيه؛ صرّح بذلك السّيرافيّ، وابن بَرْهَان، وابن خَروف. يُنظر: شرح الكافية الشّافية 3/ 1470، والارتشاف 1/439، وتوضيح المقاصد 4/145، والتّصريح 2/219، والأشمونيّ 3/257. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 767 ومنهم1 مَن زعم أنّ [الثُّلاثيّ] 2 السّاكن3 الوسط ذو وجهين، والمتحرّك4 الوسط ممتنعُ الصّرف دائما5. وَهَكَذَا الاِسْمَانِ حِينَ رُكِّبَا ... كَقَوْلِهِمْ: رَأَيْتُ مَعْدِي كَرِبا وممّا لا ينصرف معرفة وينصرف نكرة: العلَم المركّب تركيب المزج، نحو: (بعلبك) و (حضرموت) و (معدي كرِب) ؛ لأنّه لا ينصرف لاجتماع فرعيّة المعنى بالعلَميّة، وفرعيّة اللّفظ بالتّركيب. والمُراد بتركيب المزْج: أن يجعل6 الاسمين اسما واحدًا، لا بالإضافة ولا بالإسناد، بل يتنزّل عجزه من الصّدر بمنزلة تاء التّأنيث.   1 وهو عيسى بن عمر، وابن قُتيبة، والجُرجانيّ، والزّمخشَريّ. يُنظر: الكتاب 3/234، والمقتضب 3/352، والمقتصد 2/994، 995، وشرح المفصّل 1/70، 71، وشرح الجُمل 2/223، وشرح الكافية الشّافية 3/1469، 1470، والارتشاف 1/439، وتوضيح المقاصد 4/145، 146، والتّصريح 2/219، والأشمونيّ 3/256، 257. 2 ما بين المعقوفين زيادة يقتضيها السياق، من ابن الناظم 651. 3 في أ: ساكن. 4 في ب: متحرّك. 5 وهُناك قولٌ ثالثٌ في المسألة؛ وهو: أنّ ما تحرّك وسطُه لا ينصرف، وما سكن وسطُه منصرف، وبه جزم ابن الحاحب. يُنظر: الكافية 64، وتوضيح المقاصد 4/146. 6 في ب: أن يجعل الاسمان. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 768 ولذلك1 التزم فيه فتح آخر الصّدر، إلاّ إذا كان معتلاًّ [فإنّه] 2 يسكّن، نحو: (معدي كرِب) [133/ب] ؛ لأنّ ثقل3 التّركيب أشدّ من ثقل4 التّأنيث؛ فناسَب أن يختصّ بمزيد التّخفيف؛ فسكّنوا منه ما كان معتلاًّ. وقد يُضاف صدر المركّب5 إلى عجزه فيعربان: يعرب6 صدُره بما يقتضيه العامل، ويعرب عجزه بالجرّ للإضافة7. فإنْ كان فيه مع التّركيب عُجمة، ك (رَامَ هُرْمُز) 8 امتنع من الصّرف، وإلاّ كان مصروفا، كقولك: (هذه حضرُموتٍ) 9 و (رأيت حضرَموتٍ) و (نزلتُ بحضرِموتٍ) ؛ ومن العرب10 مَن يقول: (هذا11 معدِ يكربَ) و (رأيت معد يكرب) و (مررتُ بمعد يكرب) يمنعه12   1 في أ: وكذلك. 2 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 3 في أ: نقل، وهو تصحيف. 4 في أ: نقل، وهو تصحيف. 5 في ب: التّركيب. 6 في ب: فيعرب. 7 في ب: بالإضافة. 8 اسم بلد. يُنظر: معجم البُلدان 5/402، واللّسان (هرمز) 5/433. 9 لأنّ (موتًا) ليس فيه مع التّعريف سببٌ ثانٍ. يُنظر: شرح الكافية الشّافية 3/1457. 10 يُنظر: شرح الكافية الشّافية 3/1457، وابن النّاظم 649، وتوضيح المقاصد 4/138، والأشمونيّ 3/250. 11 في كلتا النسختين: هذي، والصواب ما هو مثبت. 12 في ب: ويمنعه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 769 من الصّرف1؛ لأنّه عنده مؤنّث2. وَمِنْهُ مَا سُمِّي3 عَلَى فَعْلاَنا ... عَلَى اخْتِلاَفِ فَائِهِ أَحْيَانا تَقُولُ: مَرْوَانُ أَتَى كِرْمَانا ... وَرَحْمَةُ اللهِ عَلَى عُثْمَانا اعلم أنّ كلّ علَم في آخِره ألِف ونون مزيدتان على أيّ وزن كان، فإنّه لا ينصرف للتّعريف والزّيادتين المضارعتين لألفيْ التّأنيث، وذلك نحو: (مروان) و (غطفان) و (إصفهان) . فإن نُكِّر انصرف؛ فإن دلّ دليل على أنّ [النّون] 4من/ أصل الكلمة كان الاسم منصرفا، ك (حَسَّان) من الحُسْنِ، و (سَمَّان) من السّمْنِ، و (تَبّان) 5 من التِّبْن6، و (علاّن) من العَلَن7، و (شيطان) [134/أ]   1 لكنّ اللّغة المشهورة في (معدي كرِب) أنّه مصروف. يُنظر: شرح الكافية الشّافية 3/1457، وتوضيح المقاصد 4/138، والأشمونيّ 3/250. 2 وذلك إذا قدّر (كرب) اسمًا للكُربة؛ ومَن قدّره اسمًا للحزن صرفه. يُنظر: الصّبّان 3/250. وهُناك وجهٌ آخر في المركّب: وهو أنّ يُبنى صدره وعجزه على الفتح ما لم يعتلّ الأوّل فيسكّن تشبيهًا بخمسة عشر. يُنظر: توضيح المقاصد 4/139، والتّصريح 2/216، والأشمونيّ 3/250. 3 في متن الملحة 45، وشرح الملحة 314: وَمِنْهُ مَا جَاءَ. 4 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 5 في أ: تيّان. رجلٌ تَبّان: يبيعُ التِّبن؛ والتِّبن: عصيفة الزّرع من البُرِّ ونحوه معروف؛ واحدته: تِبْنَة؛ والتَّبْنُ: لغةٌ فيه؛ والتَّبْنُ - بالفتح - مصدر تَبَن الدّابّة يَتْبِنُها تَبْنًا: عَلَفَهَا التّبن. يُنظر: اللّسان (تبن) 13/71. 6 في أ: من التّين. 7 العِلانُ، والمعالنة، والإعلان: المجاهرة؛ وعَلَنَ الأمر يَعْلُنُ عُلُونًا وَيَعْلِنُ، وَعَلِن يَعْلَنُ علنًا وعلانيَة فيهما: إذا شاع وظَهَر. يُنظر: اللّسان (علن) 13/288. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 770 من الشَّطْنِ1- أي: بَعُدَ - فوزنها على (فَعَّال) . وإنْ2 كان (حَسَّان) من الحِسِّ، و (سَمّان) من السَّمِّ، و (تَبّان) من التَّبّ - وهو الخُسران -، و (عَلاَّن) من العَلِّ3- إذا شرِب ثانيا -، و (شيطان) من شَاطَ إذا التهب؛ فالنّون زائدة، ووزنُه (فَعْلاَن) فلا ينصرف4. فَهَذِهِ إِنْ عُرِّفَتْ لاَ تَنْصَرِفْ ... وَمَا أَتَى مُنَكَّرًا مِنْهَا صُرِفْ يعني: أنّ كلّ ما كان مَنعٌ صرفِه موقوفا5 على التّعريف إذا نُكِّر انصرف لذهاب جزء السّبب؛ وذلك فيما المانع من صرفه6 التّعريف مع التّأنيث بالهاء لفظا أو تقديرًا، أو العُجمة، أو العدل في (فُعَل) ، أو وزن الفعل في غير باب (أَحْمَر) أو التّركيب، أو زيادة الألِف والنّون؛ تقول: رُبَّ طَلْحَةٍ وسُعادٍ وإبراهيمٍ وعمرٍ ويزيدٍ7 ومعدي كرِبٍ وعمرانٍ لقيتُهم؛ فتُصرف لذهاب الموجِب لمنع الصّرف.   1 الشَّطْن: البُعْد، أي: بَعُدَ عن الخير؛ أو من الحبل الطّويل كأنّه طال في الشّرّ. يُنظر: اللّسان (شطن) 13/239. 2 في ب: فإنْ كان. 3 العَلُّ والعَلَلُ: الشّربة الثّانية؛ وقيل: الشُّرب بعد الشّرب تِباعًا. يُنظر: اللّسان (علل) 12/467. 4 في أ: ولا ينصرف. 5 في ب: موصوفًا، وهو تحريف. 6 في ب: الصّرف. 7 في ب: زيد، وهو تحريف. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 771 وما سوى ما ذُكِرَ1 ممّا لا ينصرف وهو معرفة؛ نحو: ما فيه العلميّة / مع وزن الفعل في باب (أَحْمر) ، أو مع2 صيغة منتهى الجُموع، أو مع العدل في أسماء العدد. [134/ب] و (أُخَر) فإنّه إذا نُكّر بقي على منع الصّرف؛ لأنّه كان قبل التّعريف ممنوعا منه، فإذا طرأ عليه أشبه الحال التّي كان عليها قبل التّعريف؛ فلو سمّيت رجلاً بـ (أَحْمَرَ) لم تصرفه للعلَميّة ووزن الفعل، فلو نكّرته3لم تصرفه أيضا لأصالة الوصفيّة ووزن الفعل. وَإِنْ عَرَاهَا أَلِفٌ وَلاَمُ ... فَمَا عَلَى صَارِفِهَا مَلاَمُ وَهَكَذَا تَصْرِفُ فِي4 الإِضَافَهْ ... نَحْوُ: سَخَا بِأَطْيَبِ الضِّيَافَهْ قد تقدّم أنّ منع الصّرف لشبه الفعل؛ فإنْ دخل الاسمَ الّذي   1 في ب: ما ذكرنا. 2 في كلتا النّسختين: ومع، والصّواب ما هو مثبَت. 3 هذا مذهب الخليل، وسيبويه. وذهب الأخفش، وجماعةٌ من البصريّين والكوفيّين إلى صرفه؛ وحُجّتهم: أنه قد خرج بالتّنكير عن الصّفة فصار بمنزلة (أحمد) إذا سمّينا به؛ فتصرفه في النّكرة، وتمنع صرفه إذا كان معرفة كما نصرف (أحمد) . تُنظر هذه المسألة في: الكتاب 3/193، 198، والمقتضب 3/377، وما ينصرف وما لا ينصرف 11، والتّعليقة 3/15 - 17، وشرح الكافية الشّافية 3/1499، وابن النّاظم 660، وتوضيح المقاصد 4/165، والتّصريح 2/227، والأشمونيّ 3/271. 4 في متن الملحة 46، وشرح الملحة 315: بِالإِضَافَهْ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 772 لا ينصرف الألِفُ واللاّمُ أو أُضيف، كـ (الأحمر) و (الحمراء) و (مساجد المدينة) و (عمركم) و (عثماننا) انصرف؛ لخُروجه بالإضافة والتّعريف عن شبه الفعل. وَلَيْسَ مَصْرُوفا مِنَ الْبِقَاعِ ... إِلاَّ نَوَاحٍ1 جِئْنَ فِي السَّمَاعِ مِثْلُ: حُنَيْنٍ ومِنًى وَبَدْرِ ... وَوَاسِطٍ وَدَابِقٍ وَحَجْرِ /الغالبُ على أسماء البِقاع التّأنيث؛ فلا تنصرف2 في المعرفة؛ إلاّ أنّه قد جاء في كلام العرب تذكير3 ثلاثة فصرفوها؛ وهي: (وَاسِطٌ) و (بَدْرٌ) و (فَلْجٌ) 4. [135/أ] وجاء عنهم التّذكير والتّأنيث في خمسة؛ وهي: (منى) و (دَابِق) 5 و (هَجَر) و (حنين) و (حَجْر) - وهو قصبة اليمامة -؛ فيجوز صرفها وترك صرفها، وما عدا هذه المواضع الثّمانيّة6 فالغالبُ تركُ صرفه. وَجَائِزٌ فِي صَنْعَةِ الشِّعْرِ الصَّلِفْ ... أَنْ يَصْرِفَ الشَّاعِرُ مَا لاَ يَنْصَرِفْ   1 في متن الملحة 46، وشرح الملحة 316: إِلاَّ بِقَاعٌ. 2 في أ: فلا تُصرف. 3 في أ: تذكّر. 4 فَلْجٌ: موضعٌ بين البصرة وضَرِّية؛ مذكّر؛ وقيل: هو وادٍ بطريق البصرة إلى مكّة، ببطنه منازل للحاجّ؛ مصروف. يُنظر: معجم البُلدان 4/272، واللّسان (فلج) 2/349. 5 دابق: قريةٌ قُرب حلَب، من أعمال عزاز، بينها وبين حلَب أربعةُ فراسخ؛ وهي في الأصل: اسم نهر. يُنظر: معجم البُلدان 2/416، والصّحاح (دبق) 4/1473. 6 في أ: المؤنّثة، وهو تحريف. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 773 فصل: واعلم أنّ صرف الاسم المستحقّ1 لمنع الصّرف جائز؛ لاضطّرار الشّاعر لإقامة الوزن بلا خلاف. فمن2ذلك قولُ الشّاعر في وزن (مَفَاعِيل) : كَأَنَّ دَنَانِيرًا عَلَى قَسَمَاتِهِمْ ... وَإِنْ كَانَ قَدْ شَفَّ الوُجُوهَ لِقَاءُ3 فالوزن هو محلّ ضرورة. فلنذكر ما4 جُوِّز للشّاعر ممّا ورد من كلام العرب للضّرورة؛ فمن ذلك قطعُ ألِفُ الوصل [في] 5 قولُ حسّان:   1 في ب: المستحقّ للصّرف، وهو تحريف. 2 في ب: في ذلك. 3 هذا بيتٌ من الطّويل، وهو لمحرز بن مكعبر الضّبّيّ. و (القسمات) : الوُجوه، وقيل: مجاري الدُّموع، ويقال: وجهٌ مُقسَّمٌ، أي: حَسَن، والقسامة: الحُسْن. و (الشّفّ) : الرِّقّة، والنُّحول، والخِفّة. والشّاهدُ فيه: (دنانيرًا) حيث جاء مصروفًا للضّرورة، وحقُّه المنع من الصّرف؛ لأنّه على صيغة منتهى الجموع. يُنظر هذا البيتُ في: الكامل 1/108، والاشتقاق 62، وشرح القصائد السّبع الطِّوال 308، والصِّحاح (قسم) 5/2011، ومعجم مقاييس اللّغة (قسم) 5/86، وشرح الحماسة للمرزوقيّ 3/1457، وشرح ملحة الإعراب 317، وكشف المشكِل 2/49، واللّسان (قسم) 12/483. 4 في أ: فليذكر ممّا. 5 ما بين المعقوفين زيادة يقتضيها السّياق. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 774 لَتَسْمَعَنَّ1 وَشِيكا فِي دِيَارِهِمُ ... اللَّهُ أَكْبَرُ يَا ثَارَاتِ عُثْمَانَا2 وصل3 ألف القطع: [135/ب] أَلاَ أَبْلِغْ حَاتِما وَأَبَا عَلِيٍّ ... بِأنَّ عُرَابَةَ الضَّبْعِيِّ فَرَّا4 تذكير المؤنّث: فَلاَ مُزْنَةٌ وَدَقَتْ وَدْقَهَا ... وَلاَ أَرْضَ أَبْقَلَ إِبْقَالَهَا5   1 في أ: ليسمعنّ، وفي ب: لتسمعون، والصّوابُ ما هو مثبَت كما في الدّيوان. 2 هذا بيتٌ من البسيط. (وشيكًا) : سريعًا. و (الثّأر) الطّلب بالدّمّ، وقيل: الدّم نفسه؛ ويُقال: يا ثارات فلان، أي: يا قتلَة فلان، ويا ثارات عثمان، أي: أهل ثاراته ويا أيّها الطّالبون بدمه. و (عثمان) هو عثمان بن عفّان ـ رضي الله تعالى عنه ـ. والشّاهدُ فيه: (أللَّهُ) حيث قطع همزة الوصل للضّرورة الشِّعريّة. يُنظر هذا البيتُ في: شرح أبيات سيبويه للنّحّاس 349، وما يحتمل الشّعر من الضّرورة 76، والمسائل البصريّات 1/599، والمنصف 1/68، وشرح ملحة الإعراب 319، وضرائرُ الشّعر 53، ورصف المباني 132، والخزانة 7/210، والدّيوان 216. 3 في ب: ووصل. 4 هذا بيتٌ من الوافر، ولم أقف على قائله. والشّاهدُ فيه: (ابْلِغْ) حيث وصل همزة القطع للضّرورة الشّعريّة. يُنظر هذا البيتُ في: شرح ملحة الإعراب 319. 5 هذا بيتٌ من المتقارِب، وهو لعامِر بن جُوَيْن الطّائيّ؛ يصف أرضًا مخصبة لكثرة الغيث. و (المُزنة) : السّحابة. و (الوَدَق) : المطر. و (أبقلتْ) أخرجت البقل؛ وهو من النّبات ما ليس بشجر. والشّاهدُ فيه: (ولا أرض أبقل إبقالها) ، والقياسُ: أبقلت إبقالها؛ لأنّ الفعل مسند إلى ضمير عائد على الأرض وهي مؤنّث مجازي، فحذف التّاء ضرورة. يُنظر هذا البيتُ في: الكتاب2/46، والكامل2/841، 994، وما يحتمل الشّعر من الضّرورة262، والخصائص2/411، والمذكّر والمؤنّث لابن الأنباريّ370، وشرح المفصّل5/94، وضرائرُ الشّعر275، ورصف المباني241. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 775 ومنه أيضا: قَامَتْ تُبَكِّيهِ عَلَى قَبْرِهِ ... مَنْ لِي مِنْ بَعْدِكَ يَا عَامِرُ تَرَكْتَنِي فِي الدَّارِ ذَا وَحْشَةٍ ... قَدْ ذَلَّ مَنْ لَيْسَ لَهُ نَاصِرُ1 تَأنيث المذكّر: لَمَّا أَتَى خَبَرُ الزُّبَيْرِ تَوَاضَعَتْ ... سُورُ المَدِينَةِ وَالجِبَالُ الخُشَّعُ2   1 هذان بيتان من السّريع، وهما لامرأةٍ من العرب - كما ذكر أبو بكر الأنباريّ في المذكّر والمؤنّث 151 -. والشّاهدُ فيهما: (ذا وَحشة) مع أنّه على لسان امرأة تخاطِبُ رجلاً و (ذا) لفظٌ يُطلق على المذكّر؛ والأصل أن يُقال: ذات وحشة، لكنّه ذكّر المعنى؛ فالمرأة إنسانٌ والإنسانُ مذكّر. يُنظرُ هذان البيتان في: مجاز القرآن 2/76، والأصول 3/438، وما يحتمل الشّعر من الضّرورة 50، والإفصاح 68، وأمالي ابن الشّجريّ 2/425، والإنصاف 2/507، وشرح المفصّل 5/101، وشرح الجُمل 2/569. 2 هذا بيتٌ من الكامل، وهو لجرير. و (خبرُ الزّبير) : مقتله حين انصرف يوم الجمل، وقُتل في طريقه غِيْلَة. و (تواضعت) : تضاءلت وخشعت. و (الخُشَّع) : صفةٌ للجبال باعتبار ما آلت إليه. يقول: لَمّا وافى خبرُ مقتل الزّبير بن العوّام - رضي الله عنه - مدينة الرّسول - صلّى الله عليه وسلّم - تواضعت هي وجبالُها وخشعتْ حزنًا عليه. والشّاهدُ فيه: (تواضعت سور المدينة) حيث ألحق تاء التّأنيث بالفعل ضرورة؛ لأنّ الفاعل مذكّر؛ وهو (سور المدينة) . يُنظر هذا البيت في: الكتاب 1/52، ومعاني القرآن للفرّاء 2/37، ومجاز القرآن 1/197، 2/163، والمقتضب 4/197، والجمهرة (رسو) 2/723، وشرح أبيات سيبويه للنّحّاس 65، والخصائص 2/418، والمذكّر والمؤنّث لابن الأنباريّ 595، والدّيوان 2/913. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 776 تشديد المخفَّف: ضحْمٌ يُحِبُّ الخُلُقَ الأَضْخَمَّا1 تخفيف المشدّد: أَزُهَيْرُ إِنْ يَشِبِ القَذَالُ فَإِنَّهُ2 ... رُبَ هَيْضَلٍ لَجِبٍ لَفَفْتُ بِهَيْضَلِ3   1 هذا بيتٌ من الرّجز، وهو لرؤبة. والشّاهدُ فيه: (الأَضْخَمَّا) حيث شدّد الميم من (الأضخمّ) وهي مخفّفة في الأصل؛ لأنّها على وزن أَفْعَلْ مثل الأَحْسَن، ثمّ وصل الميم بالأَلِف الّتي للإطلاق؛ وهذه الميم لا تشدّد إلاّ في الوقف إذا كانت منتهى الكلمة. يُنظر هذا البيتُ في: الكتاب 1/29، 4/170، والأُصول 3/453، وما يحتمل الشّعر من الضّرورة 272، وشرح أبيات سيبويه للسّيرافيّ 1/419، والتّعليقة 1/52، وسرّ صناعة الإعراب 1/162، 416، 2/515، وضرائر الشّعر 51، ورصف المباني 238، وملحقات ديوان رؤبة 183. 2 في كلتا النّسختين: فإنّني، والصّوابُ ما هو مثبَت كما في جميع المصادر. 3 تقدّم تخريجُ هذا البيت في ص 255. والشّاهدُ فيه هُنا قولُه: (رُبَ) حيث خفّفت، وهي في الأصل مشدّدة (رُبّ) ، وهذا التّخفيف لغة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 777 وتخفيفُ (رُبَّ) لغة1. إظهار المدغم: مَهْلاً أَعَاذِلَ قَدْ جَرَّبْتِ مِنْ خُلُقِي ... أَنِّي أَجُودُ لأقْوَامٍ وَإِنْ ضَنِنُوا2 [136/أ] رَفْعُ المَنْقُوصِ: تَرَاهُ وَقَدْ فَاتَ الرُّمَاةَ كَأَنَّهُ ... أَمَامَ الْكِلاَبِ مُصْغيُ الخَدِّ أَصْلَمُ3   1 أفرد الشّارحُ - رحمه الله - بابًا لـ (رُبّ) ، يُنظر: ص 255 من هذا الكتاب. 2 في كلتا النّسختين: ظننوا، وهو خطأ. وهذا بيتٌ من البسيط، وهو لِقَعْنَب بن أمّ صاحب. والشّاهدُ فيه: (وإن ضننوا) يريد: ضَنُّوا، فأظهر التّضعيف ضرورةً. يُنظر هذا البيتُ في: الكتاب 1/29، 3/535، ونوادر أبي زيد 44، والمقتضب 1/142، 253، 3/354، وما يحتمل الشّعر من الضّرورة 63، والخصائص 1/160، 257، وشرح ملحة الإعراب 321، وشرح المفصّل 3/12، وضرائر الشّعر 20. 3 هذا بيتٌ من الطّويل، وهو لأبي خراشٍ الهذليّ. والضّمير في (تراه) يرجِعُ إلى تَيْس الرَّبْل - وهو الظبي - المذكور في قوله قبل: فَوَ اللهِ مَا رَيْدَاءُ أَوْ عِلْجُ عَانَةٍ ... أَقَبُّ وَمَا إِنْ تَيْسُ رَبْلٍ مُصَمِّمُ و (أصلم) : مقطوع الأذنين. والمعنى: إنّ هذا الظّبي في عدوه الشّديد يميل خدّه ويُصغيه، ويُخفض أذنيه، فكأنّه أصلم قُطعتْ أُذناه. والشّاهدُ فيه: (مصغيُ الخدّ) حيث ضمّ الياء من الاسم المنقوص مجريًا حرفَ العلّة مجرى الحرف الصّحيح للضّرورة. يُنظر هذا البيتُ في: ديوان الهذليّين 2/146، وشرح أشعار الهذليّين 3/1219- وروي (مُصْغِىَ) فيهما بالنّصب؛ وقال السّكّريّ: نصب (مُصْغِىَ) على الحال؛ ولا شاهد فيه على هذه الرّواية ـ، والمعاني الكبير 730، والخصائص1/258، والمنصف 2/81، والممتِع 2/556. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 778 جَرَّهُ1: لاَ بَارَكَ اللهُ فِي الغَوَانِيِ هَلْ ... يُصْبِحْنَ إِلاَّ لَهُنَّ مُطَّلَبُ2 آخر الفعل المعتلّ: أَ3 لَمْ يَأْتِيكَ وَالأَخْبَارُ تَنْمِي ... بِمَا لاَقَتْ لَبُونُ بَنِي زِيَادِ4 تسكين الواو المفتوحة: فَمَا سَوَّدَتْنِي عَامِرٌ عَنْ وِرَاثَةٍ ... أَبَى اللهُ أَنْ أَسْمُوْ بِأُمٍّ5 وَلاَ أَبِ6   1 أي: جرّ المنقوص. 2 تقدّم تخريجُ هذا البيت في ص 176. والشّاهدُ فيه هُنا قولُه: (في الغوانيِ) حيث حرّك الياء بالكسر مُجرِيًا إيّاها على الأصل؛ وذلك للضّرورة الشّعريّة. 3 سقطت الهمزة من ب. 4 هذا بيتٌ من الوافر، وهو لقيس بن زُهير. والشّاهدُ فيه: (ألم يأتيك) حيث أثبت الياء وهي حرفُ علّة في آخر الفعل - وهو يأتيك - للضّرورة الشّعريّة. وقيل: الياء في (يأتيك) نشأت عن إشباع الكسرة، والياءُ الأصليّة محذوفة للجزم. وقيل: الفعل مجزومٌ بحذف الحركة. يُنظرُ هذا البيت في: الكتاب 3/316، ونوادر أبي زيد 203، والجُمل 407، وما يحتمل الشّعر من الضّرورة 67، والخصائص 1/333، وأمالي ابن الشّجريّ 1/126، 328، والإنصاف 1/30، وشرح المفصّل 8/24، والمقرّب 1/50، 203. 5 في ب: لأمّ، وهو تحريف. 6 هذا بيتٌ من الطّويل، وهو لعامر بن الطُّفيل. والشّاهدُ فيه: (أن أسمو) حيث سكّن الشّاعرُ الواوَ من (أسمو) مع النّاصب؛ للضّرورة الشّعريّة. يُنظر هذا البيتُ في: الخصائص 2/342، وشرح ملحة الإعراب 322، وشرح المفصّل 10/101، وشرح الشّافية 3/183، واللّسان (كلل) 11/593، والمغني 887، والأشباه والنّظائر 2/185، والخزانة 8/343، والدّيوان 13. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 779 تسكين الياء: تَرَكْنَ رَاعِيْهِنَّ مِثْلَ الشَّنِّ1 إشباع الحركات حتَّى يَصِرْنَ حروفا؛ كالألِف: قَالَتْ وَقَدْ خَرَّتْ عَلَى الْكَلْكَالِ2   1 في أ: البئَر، وهو تحريف. وهذا البيتُ من الرّجز المشطور، وقبلَه: حَدْبًا حَدَابِيرَ مِنَ الوَخشَنِّ ولم أقف على قائله. و (الحَدابِيرُ) : جمعُ حِدْبار؛ وهي النّاقة الّتي بدا عظم ظهرِها ونَشَزَتْ حراقيفها من الهُزال، فشبّه بها السّنين الّتي كثُر فيها الجدْب والقحْط. اللّسان (حدر) 4/175. و (الوخشنّ) : يريد به الوخش، وزاد نونًا ثقيلةً. و (الوَخْشُ) : رذالةُ النّاس وصغارُهم. اللّسان (وخش) 6/371. و (الشّنّ) : القربة الخَلَق الصّغيرة؛ والجمع شنان. اللّسان (شنن) 13/241. والشّاهد فيه: (رَاعِيْهِنَّ) حيث سكّن (الياء) للضّرورة الشّعريّة، وكان حقّها الفتح؛ لأنّ الفتحة تظهر في الإعراب على الياء لخفّتها. يُنظر هذا البيت في: المحتسب 1/126، 290، وشرح ملحة الإعراب 323. 2 هذا بيتٌ من الرّجز المشطور، ولم أقفْ على قائله. والكَلْكَلُ والكَلْكَالُ: الصّدرُ من كلّ شيء، وقيل: هو ما بين التّرقُوتين، وقيل: هو باطِنُ الزّور. والشّاهدُ فيه: (الكلكال) يريد: الكَلْكَل، فأشبع فتحة الكاف الثّانية فنشأ عن هذا الإشباعِ ألِفُ ضرورة. يُنظر هذا البيتُ في: المحتسب 1/166، والإنصاف 1/25، 2/749، وضرائر الشّعر 33، ورصف المباني 106، واللّسان (كلل) 11/596، والجنى الدّاني 178، والأشمونيّ 2/485. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 780 [أَراد] 1: الكَلْكَلْ. الياء2: تَنْفِي يَدَاهَا الحَصَى فِي كُلِّ هَاجِرَةٍ3 ... نَفْي الدَّرَاهِمِ تَنْقَادُ4 الصَّيَارِيفِ5 [136/ب] إشباعُ الواو: وَأَنَّنِي حَيْثُمَا يَثْنِي الْهَوَى بَصَرِي ... مِنْ حَيْثُمَا سَلَكُوا أَدْنُو فَأَنْظُورُ6   1 ما بين المعقوفين زيادة منّي يقتضيها السّياق. 2 أي: إشباع الياء. 3 ورد هذا الشّطر في كلتا النّسختين هكذا: تَنْفِي الحَصَى يَدَهَا فِي كُلِّ هَاجِرَةٍ والصّواب ما هو مثبَت. 4 في أ: نقّاد. 5 تقدّم تخريجُ هذا البيتُ في ص 360. والشّاهدُ فيه هُنا قولُه: (الصَّيَارِيفِ) حيث أشبع كسرة الرّاء، فنشأ عن الإشباع الياء؛ وذلك للضّرورة الشّعريّة. 6 هذا بيتٌ من البسيط، ولم أقف على قائله. والشّاهدُ فيه: (فأنظور) حيث أشبع ضمّة الظّاء، فنشأ عن الإشباع الواو؛ وذلك للضّرورة الشّعريّة. يُنظر هذا البيتُ في: الخصائص 2/316، 3/124، وسرّ صناعة الإعراب 1/26، 338، والإنصاف 1/24، وشرح المفصّل 10/106، والممتع 1/156، وضرائر الشّعر 35، ورصف المباني 107، والجنى الدّاني 173، والمغني 482، والهمع 5/333، والخزانة 1/121. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 781 حذف النّون مِنْ (مِنْ) : وَكَأَنَّ الخَمْرَ المُدَامَةَ مِ الأَسْ1 ... فَنْطِ مَمْزُوجَةً بِماءٍ زُلاَلِ2 وحذفها من (لَكِنْ) : وَلَسْتُ بِآتِيْهِ وَلاَ أَسْتَطِيْعُهُ ... وَلاَكِ اسْقِنِي إِنْ كَانَ مَاؤُكَ3 ذَا فَضْلِ4   1 في كلتا النّسختين: ملا سفنط. 2 هذا بيتٌ من الخفيف، وهو للأعشى. و (الإِسْفَنْطُ) : ضربٌ من الأَشْرِبة، فارسيّ معرّب؛ وقال الأصمعيّ: هو بالرُّوميّة. والشّاهدُ فيه: (م الإسفنط) يريد: من الإسفنط، فحذف النّون للضّرورة الشِّعريّة. يُنظر هذا البيتُ في: المذكّر والمؤنّث للفرّاء 74، وما يحتمل الشّعر من الضّرورة 116، والصّحاح (سفط) 3/1131، 1132، والمعرّب 111 - وفيه (من الإسفنط) بدل (م الأَسفنط) ولا شاهد فيه على هذه الرّواية -، والمخصّص 17/19، وشرح ملحةالإعراب 324، وضرائرُ الشّعر 114، واللّسان (سفط) 7/315، والدّيوان 5 - وفيه (من الإسفنط) بدل (م الأسفنط) ولا شاهد فيه على هذه الرّواية -. 3 في أ: ماك، وهو تحريف. 4 هذا بيتٌ من الطّويل، وهو للنّجاشيّ الحارثيّ. والشّاهدُ فيه: (ولاك) يريدُ: ولكن، فحذف النّون للضّرورة الشّعريّة؛ لالتقاء السّاكِنين. يُنظر هذا البيتُ في: الكتاب 1/27، وما يحتمل الشّعر من الضّرورة 115، والمنصف 2/229، والأزهيّة 296، وأمالي ابن الشّجريّ 2/167، والإنصاف 2/684، وشرح المفصّل 9/142، وضرائر الشّعر 115، والجنى الدّاني 592، والخِزانة 1/418، وشعره - ضمن مجلّة المجمَع العلميّ العراقيّ - 13/111. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 782 حذف الياء من (الّذي) : كَاللَّذْ1 [تَزَبَّى] 2 زُبْيَةً3 فَاصْطِيْدَا4 ومن تثنية (الّذي) : أَبَنِي كُلَيْبٍ إِنَّ عَمَّيَّ اللَّذَا ... قَتَلاَ5 الْمُلُوْكَ وَفَكَّكَا6 الأَغْلاَلاَ7   1 في أ: كاللّذيْ، وفي ب: كالّذي، والصّواب ما هو مثبَت. 2 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ، وفي ب: ترى، وهو تحريف. 3 في أ: زيَّنَه، وفي ب: ريته؛ وكلتاهُما محرّفة، والصّواب ما هو مثبَت. 4 هذا بيتٌ من الرّجز المشطور، وهو لرجل من هذيل لم يسمَّ. و (تزبّى) : اتّخذ زُبْية، والزُّبية: حُفرة بعيدة الغَوْر تُصنع لاصطياد السّبع، إذا وقع فيها لم يستطع الخُروجَ منها. والشّاهدُ فيه: (اللّذْ) حيث حذف الياء من (الّذي) وأسْكن الذّال للضّرورة الشّعريّة. يُنظر هذا البيتُ في: الكامل 1/27، وشرح أشعار الهذليّين 2/651، وما ينصرف وما لا ينصرف 111، والمقصور والممدود لابن ولاّد 51، والأزهيّة 292، وأمالي ابن الشّجريّ 3/53، والإنصاف 2/672، وشرح المفصّل 3/140، وشرح الجُمل 1/171، وشرح الكافية الشّافية 1/255. 5 في أ: قتل. 6 في أ: وفكك، وفي ب: وفكذا؛ والصّواب ما هو مثبَت. 7 في ب: الاغلال. وهذا البيتُ من الكامل، وهو للأخطل. والشّاهدُ فيه: (اللّذا) حيث حذف النّون من (اللّذان) للضّرورة الشّعريّة. يُنظرُ هذا البيت في: الكتاب 1/186، والمقتضب 4/146، وما ينصرف وما لا ينصرف 112، وما يحتمل الشّعر من الضّرورة 248، والمنصف 1/67، والأزهيّة 296، وأمالي ابن الشّجريّ 3/55، وشرح المفصّل 3/154، 155، وضرائر الشّعر 109، والدّيوان 86. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 783 وحذفُها من (الّذين) : فَإِنَّ الَّذِي حَانَتْ بِفَلْجٍ دِمَاؤُهُمْ ... هُمُ الْقَومُ كُلُّ الْقَوْمِ يَا أُمَّ خَالِدِ1 حذف الواو [من (هو) ] 2: فَبَيْنَاهُ يَشْرِي رَحْلَهُ قَالَ قَائِلٌ ... لِمَنْ جَمَلٌ رِخْوُ المِلاَطِ نَجِيبُ3 [137/أ]   1 هذا بيتٌ من الطّويل، وهو للأشهب بن رُميلة. و (فَلْج) : اسم بلدٍ، ومنه قيل: الطّريق يأخذ من طريق البصرة إلى اليمامة طريق فلْج؛ وقيل: فلْج وادٍ بين البصرة وحِمَى ضَريّة. و (حانتْ دماؤهم) : لم يُؤخذ لهم بديَة ولا قِصاص. والشّاهدُ فيه: (الّذي) حيث حذف النّون من (الّذين) للضّرورة الشّعريّة. يُنظرُ هذا البيتُ في: الكتاب 1/187، ومجازُ القرآن 2/190، والمقتضب 4/146، والمنصف 1/67، والأزهيّة 299، وأمالي ابن الشّجريّ 3/57، وشرح المفصّل 3/155، وضرائر الشّعر 109، وشرح الكافية الشّافية 1/261، وشعره - ضمن شعراء أُمويّون - 4/231. 2 ما بين المعقوفين زيادة منِّي يقتضيها السّياق. 3 هذا بيتٌ من الطّويل، وهو للعُجير السّلوليّ، وقيل: للمُخلَّب الهلاليّ. و (يشري) : يبيع. و (الملاط) : عضدا البعير. و (النّجيبُ) : الجيِّد الأصيل. والشّاهدُ فيه: (فبيناه) يريد: فبينا هو، فحذف الواو من (هو) للضّرورة الشّعريّة. يُنظر هذا البيتُ في: الكتاب 1/32 - الحاشية -، وشرح أبيات سيبويه للسّيرافيّ 1/332، وما يحتمل الشّعر من الضّرورة 51، 130، والقوافي 51، 52، والأُصول 3/439، 460، والتّكملة 31، والمسائل العسكريّات 199، والخصائص 1/69، وأمالي ابن الشّجريّ 2/506، والإنصاف 2/512، 2/678، وشرح المفصّل 1/68، 3/96، وضرائر الشّعر 126. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 784 حذف الياء1 من (هي) : دَارٌ لِسَلْمى إِذْ هِ مِنْ هَوَاكا2 حذفُ [حركة هاء] 3 الضّمير: لَهُ زَجَلٌ كَأَنَّهْ صَوْتُ حَادٍ4 ... ...............................   1 في كلتا النّسختين: الهاء، وهو تحريف، والصّوابُ ما هو مثبَت. 2 هذا بيتٌ من الرّجز المشطور، ولم أقف على قائله. والشّاهدُ فيه: (إذْ هِ) يريد: إذْ هِيَ، فحذف الياء للضّرورة الشّعريّة. يُنظر هذا البيتُ في الكتاب 1/27، والأُصول 3/461، وما يحتمل الشّعر من الضّرورة 130، والمسائل العسكريّات 199، والخصائص 1/89، وأمالي ابن الشّجريّ 2/506، والإنصاف 2/680، والفُصول الخمسون 274، وشرح المفصّل 3/97، وضرائرُ الشِّعر 126. 3 ما بين المعقوفين ساقطٌ من ب. 4 هذا صدرُ بيتٍ من الوافِر، وعجُزُه: إِذَا طَلَبَ الْوَسِيقَةَ أَوْ زَمِيرُ وهو للشّمّاخ. و (الزَّجَل) : صوتٌ فيه حنينٌ وترنُّم. و (الحادي) : الّذي يتغنّى أمام الإِبِل ويُطْرِبُها لكي يُعينَها على السّير وألاّ تملّ. و (الزّمير) : صوتُ المزمار. و (الوسيقة) : أُنثى حمار الوحش. والمعنى: إذا طلب أُنثاه صوّت بها في تطريب وترجيع، كالحادي يتغنّى بالإبل، أو كأنّ صوته صوت مزمار. والشّاهدُ فيه: (كأنّه) حيث اختلس الضّمّة للضّرورة الشّعريّة، والأصل: كأنّهو. يُنظر هذا البيتُ في: الكتاب 1/30، والمقتضب 1/267، والخصائص 1/127، 371، والإنصاف 2/516، واللّسان (زجل) 11/302، (ها) 15/477، والهمع 1/203، والخزانة 5/270، والدّيوان 155 - وفيه (تقول أصوات حادٍ) بدل (كأنّه صوتُ حادٍ) ولا شاهد فيه على هذه الرّواية -. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 785 استعمال التّرخيم في غير النّداء: لَنِعْمَ الْفَتَى تَعْشُو1 إِلَى ضَوْءِ نَارِه ... ِطَرِيفُ بنُ مَالٍ لَيْلَةَ الْجُوعِ وَالْخَصَرْ2 نصب المُضارِع بالفاء [في الإيجاب] 3: سَأَتْرُكُ مَنْزِلِي لِبَنِي تَمِيمٍ ... وَأَلْحَقُ بِالْحِجَازِ فَأَسْتَرِيحا4   1 في أ: يعشو. 2 تقدّم تخريجُ هذا البيت في ص 647. والشّاهدُ فيه هُنا قولُه: (مالِ) يريد: مالك، حيث رُخِّم من غير أن يكون منادًى؛ وذلك للضّرورة الشّعريّة. 3 في كلتا النّسختين: غير جواب، وهو تحريف؛ والصّوابُ ما هو مثبَت؛ ويُنظر: شرح ملحة الإعراب 327. 4 هذا بيتٌ من الوافر، وهو للمُغيرة بن حبناء التّميميّ. والشّاهدُ فيه: (فأستريحا) حيث نصب الفعل بـ (أنْ) مضمَرة بعد فاء السّببيّة، دون أن تُسبَق بنفيٍ أو طلب؛ وهذا ضرورة. يُنظر هذا البيت في: الكتاب 3/39، 92، والمقتضب 2/24، والأُصول 3/471، وما يحتمل الشّعر من الضّرورة 241، والمحتسب 1/197، وأمالي ابن الشّجريّ 1/427، وشرح المفصّل 7/55، وضرائرُ الشّعر 284، وشعرُه - ضمن شعراء أمويّون - 3/83. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 786 حذفُ الفاء من جواب الجزاء: مَنْ يَفْعَلِ الحَسَنَاتِ اللهُ يَشْكُرُهَا ... وَالشَّرُّ بِالشَّرِّ عِنْدَ اللهِ مِثْلاَنِ1 تنوينُ العلَم المنادى: سَلاَمُ اللهِ يَا مَطَرٌ عَلَيْهَا ... وَلَيْسَ عَلَيْكَ يَا مَطَرُ السَّلاَمُ2 تقديمُ المعطوف على الأوّل3: أَلاَ يَا نَخْلَةً مِنْ ذَاتِ عِرْقٍ ... عَلَيْكِ وَرَحْمَةُ اللهِ السَّلاَمُ4   1 هذا بيتٌ من البسيط، وقد نسبه سيبويه إلى حسّان بن ثابت - رضي الله عنه -؛ ونسبه المبرّد إلى عبد الرّحمن بن حسّان، وقيل: لكعبِ بن مالك. والشّاهدُ فيه: (من يفعل الحسنات اللهُ يشكُرها) حيث حذف الفاء الرّابطة من جواب الجزاء؛ والتّقديرُ: فاللهُ يشكُرُها؛ وهذا الحذفُ للضّرورة الشّعريّة. يُنظر هذا البيتُ في: الكتاب 3/65، ونوادر أبي زيد 31، والمقتضب 2/72، والأُصول 2/195، وما يحتمل الشّعر من الضّرورة 135، والخصائص 2/281، والتّبصرة 1/410، وأمالي ابن الشّجريّ 1/124، 2/9، 144، وشرح المفصّل 9/2،3، وضرائر الشّعر 160، وزيادات ديوان حسّان 2/516، وديوان عبد الرّحمن بن حسّان 61، وديوان كعب بن مالك 288. 2 تقدّم تخريجُ هذا البيت في ص 604. والشّاهدُ فيه هُنا قولُه: (يا مطرٌ) حيث نوّن العلَم المنادى للضّرورة الشّعريّة، والقياسُ: يا مطر. 3 أي: تقديمُ المعطوف على المعطوف عليه. 4 هذا بيتٌ من الوافر، وهو للأحوص. و (النّخلة) هُنا: كناية عن المرأة. و (ذات عرق) : موضعٌ بالحجاز. والشّاهدُ فيه: (عليك ورحمة الله السّلام) حيث قدّم المعطوف وهو (رحمة الله) على المعطوف عليه وهو (السّلام) للضّرورة الشّعريّة. يُنظرُ هذا البيت في: مجالس ثعلب 1/198، والأُصول 1/326، 344، 2/226، والجُمل 148، والخصائص 2/386، وأمالي ابن الشّجريّ 1/276، واللّسان (شيع) 8/191، والمغني 467، والمقاصد النّحويّة 1/527، والتّصريح 1/344، والخزانة 2/192، وحواشي ديوان الأحوص 239. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 787 إلحاق النّون بالفعل الموجِب: [137/ب] رُبَّمَا أَوْفَيْتُ فِي عَلَمٍ ... يَرْفَعنْ ثَوْبِي شَمَالاَتُ1 وله أن يجعل اسم (كان) نكِرة والخبر معرِفَة: قِفِي قَبْلَ التَّفَرُّقِ يَا ضُبَاعَا ... وَلاَ يَكُ2 مَوْقِفٌ مِنْكِ الْوَدَاعَا3 ويجوز له جمع (فاعل) على (فواعل) صفةً4لمذكّر، كقوله: وَإِذَا الرِّجَالُ رَأَوا يَزِيدَ رَأَيْتَهُمْ5 ... خُضُعَ الرِّقَابِ نَوَاكِسَ الأَبْصَارِ6   1 هذا بيتٌ من المديد، وهو لجُذيمة الأبرش. و (أوفيتُ) : أشرفتُ. و (العلَم) : الجبَل. و (الشّمالات) : جمع شَمال - بالفتح - وهي: الرّيحُ الّتي تهبّ من هذه النّاحية. والشّاهد فيه: (يرفعن) حيث أكّد الفعل بالنّون الخفيفة بعد (ما) المسبوقة بـ (رُبّ) للضّرورة الشّعريّة. يُنظر هذا البيتُ في: الكتاب 3/518، ونوادِر أبي زيد 210، والمقتضب 3/15، وما يحتمل الشّعر من الضّرورة 82، والأزهيّة 94، وأمالي ابن الشّجريّ 2/565، وشرح شواهد الإيضاح 219، وشرح المفصّل 9/40، وضرائر الشّعر 29. 2 في أ: ولم يك. 3 تقدّم تخريجُ هذا البيت في ص585. والشّاهدُ فيه هُنا قولُه: (ولا يكُ موقف منكِ الوداعا) حيث جعل اسم (كان) نكِرة وهو (موقف) وخبرها معرفة وهو (الوداعا) للضّرورة الشّعريّة. 4 في ب: حيفة، وهو تحريف. 5 في ب: رايهم. 6 هذا بيتٌ من الكامل، وهو للفرزدق. والشّاهدُ فيه: (نواكِس) حيث جمع (ناكس) صفة لمذكّر عاقل على (نواكس) للضّرورة الشّعريّة. يُنظر هذا البيتُ في: الكتاب 3/633، والمقتضب 1/121، 2/219، والكامل 2/574، والجمهرة (خضع) 1/607، والجُمل 377، والمخصّص 14/117، وشرح المفصّل 5/56، واللّسان (نكس) 6/241، (خضع) 8/74، والخزانة 1/204، والدّيوان 1/304 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 788 وقصر الممدود: كَسَتْهَا عَجَاجَ الْبُرْقَتَيْنِ1 وَرَاوحَتْ ... بِذَيْلٍ2 مِنْ الدَّهْنَا عَلَى الدَّارِ مُرْفَلِ3 وهذا متّفقٌ عليه بردّه4 إلى الأصل5.   1 في كلتا النّسختين: الرّقمتين، وهو تحريف. 2 في كلتا النّسختين: بدل، وهو تحريف. 3 هذا بيتٌ من الطّويل، وهو لذي الرّمّة. و (العجاج) : التُّراب بريح. و (البرقة) رملٌ وحجارة مختلِطة. و (راوحت بذَيْلٍ من الدّهنا) أي: جاءتْ بذا ثمّ جاءت بتُراب آخر، عاقبت. و (مرفل) : مُسْبَغٌ يغطّي كلّ شيء، وهو نعتٌ لـ (ذيل) . والشّاهدُ فيه (الدّهنا) فإنّ أصله: الدّهناء ممدودًا، فلّما اضطّر لإقامة وزن البيت قصره. يُنظر هذا البيت في: الدّيوان 2/1454، وأساس البلاغة (رفل) 171. 4 في ب: يردّه. 5 ومنع الفرّاء قصر الممدود للضّرورة فيما له قياس يوجِب مدّه، نحو: (فعلاء) ؛ لأنّ (فعلاء) تأنيث (أفعل) لا يكون إلاّ ممدودًا؛ فلا يجوز عنده أن يقصر للضّرورة. ورُدّ بقول الأقيشر: وَأَنْت لَوْ بَاكَرْت مَشْمُولةً ... صَفْرَا كَلَوْنِ الفَرسِ الأَشْقَرِ فقصر (صفرا) للضّرورة، وهي (فعلاء) أنثى (أفعل) . يُنظر: الإنصاف 2/745، 746، والتّصريح 2/293، والأشمونيّ 4/109. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 789 ومدّ المقصور مختلَفٌ1 فيه؛ ومنه: سَيُغْنِيني الَّذِي أَغْنَاكَ عَنِّي ... فَلاَ فَقْرٌ يَدُومُ وَلاَ غِناءُ2 ويجوزُ له أن ينقص من الكلمة نقصانا لا يتغيّر معناها به.   1 مدّ المقصور منعه جمهور البصريّين مطلَقًا. وأجازه جمهور الكوفيّين مطلَقًا. وممّن وافق الكوفيّين على جواز ذلك: الأخفش، وابن ولاّد، وابن خَروف؛ وفصّل الفرّاء: فأجاز مدّ ما لا يخرجه المدّ إلى ما ليس في أبنيتهم؛ فيُجيز مدّ (مِقليّ) - بكسر الميم -، فيقولون: (مقلاء) لوُجود مفتاح؛ ويمنع مدّ (مولى) لعدم (مَفعال) - بفتح الميم -. تُنظر هذه المسألة في: المقصور والممدود لابن ولاّد 131، والإنصاف، المسألة التّاسعة بعد المائة، 2/745، وضرائر الشّعر 38 - 41، وشرح الكافية الشّافية 4/1768، والتّصريح 2/293، والأشمونيّ 4/110. 2 هذا بيتٌ من الوافر، ولم أقف على قائله. والشّاهدُ فيه: (غناء) فإنّ أصله: الغنى مقصورًا، فلمّا اضطّر الشّاعرُ لإقامة وزن البيت مدّه. يُنظر هذا البيتُ في: المنقوص والممدود للفرّاء 28، والمقصور والممدود لابن ولاّد 131، والإنصاف 2/747، وضرائر الشّعر 40، واللّسان (غنا) 15/136، وتذكرة النُّحاة 509، وأوضح المسالك 3/245، والمقاصد النّحويّة 4/513، والتّصريح 2/293. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 790 فالزّيادة: إِلَى الجُودِيِّ حَتَّى صَارَ حِجْرًا ... وَحَانَ لِتَالِكَ1 الغُمَرِ انْحِسَارُ2 زاد (ألِفا) في (تِلْكَ) 3. ومن النّقص: في لُجَّةٍ أَمْسِكْ فُلاَنا عَنْ فُلِ4   1 في أ: ليالك، وفي ب: لنالك، وكلتاهما مصحّفة؛ والصّواب ما هو مثبَت. 2 هذا بيتٌ من الوافرٌ، وهو للقُطاميّ من قصيدة يصِفُ فيها سفينة نوحٍ - عليه وعلى نبيّنا الصّلاة والسّلام -، ويذكُر قصتّه مع قومه، ويذكُر الطّوفان. و (الجوديّ) : اسمُ الجبَل الّذي استقرّتْ عليه سفينة نوحٍ - عليه السّلام -. و (الحِجْر) : الممنوع الّذي له حاجز. و (الغُمَر) : جمع غُمْرة، والغُمْرَةُ: الشّدّة، وغمرة كلّ شيء: مُنْهَمَكه وشدَّتُه، كغَمْرةِ الهمّ والموت ونحوهما. و (الانحسار) : الانكشاف. والشّاهدُ فيه: (لِتالك) حيثُ زاد (ألِفًا) في (تِلْكَ) للضّرورة الشّعريّة. يُنظر هذا البيتُ في: الصّحاح (تا) 6/2548، والتّنبيه والإيضاح عمّا وقع في الصّحاح 2/179، واللّسان (غمر) 5/30، (تا) 15/447، وتاجُ العروس (غمر) 13/261، والدّيوان 144. 3 قال الجوهريّ: "تَالِكَ: لغة في تِلْكَ". الصّحاح (تا) 6/2548. 4 في ب: عن قتل، وهو تحريف. وهذا البيتُ من الرّجز المشطور، وهو لأبي النّجم العجليّ. و (اللّجة) : الجَلَبة واختلاطُ الأصوات في الحرب. والشّاهدُ فيه: (عن فل) ، أصلُه: فلان، فرخّمه بحذف النّون في غير النّداء للضّرورة الشّعريّة، ثمّ حذف الألف؛ لأنّها زائدة. يُنظر هذا البيتُ في: الكتاب 2/248، والمقتضب 4/238، والأُصول 1/349، والجُمل 164، وأمالي ابن الشّجريّ 2/337، وشرح المفصّل 1/48، 5/119، والمقرّب 1/182، وأوضح المسالك 3/92، والخزانة 2/389، والدّيوان 199. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 791 حَذَفَ الأَلِفَ والنُّونَ. [138/أ] وأجازوا1 ما هو أقبحُ من ذلك، وهو: قَوَاطِنا2 مَكَّةَ مِنْ وُرْقِ الْحَمِي3 قيل: إنّه حَذَفَ الميم، فبقي (الحَمَا) فأبدل من الألِف ياء4. وقال السّيرافيّ5: "حَذَف الألِف والميم جميعا، ثمّ أطلق معوّضا بالياء"6.   1 في ب: وأجاز. 2 في كلتا النّسختين: قواطنُ، والصّوابُ ما هو مثبَت. 3 هذا بيتٌ من الرّجز المشطور، وهو للعجّاج. والشّاهدُ فيه: (الحمي) على ما ذكر الشّارح. يُنظرُ هذا البيت في: الكتاب 1/26، وما ينصرف وما لا ينصرف 69، وأمالي القالي 2/199، وما يحتمل الشّعر من الضّرورة 106، والخصائص 3/135، 2/473، والمحتسب 1/78، والإنصاف 2/519، وشرح المفصّل 6/75، وضرائر الشّعر 143، والمقاصد النّحويّة 3/554، 4/285، والدّيوان 1/453. 4 يُنظر: شرح الكتاب للسّيرافيّ جـ1/ق170/أ، وما يحتمل الشّعر من الضّرورة 107، وتحصيل عين الذّهب 58. 5 يُنظر: شرح الكتاب للسّيرافيّ جـ1/ق 169/ب، وما يحتمل الشّعر من الضّرورة 106. 6 وهُناك وجهٌ آخر؛ وهو: أن يكون حذف الألِف فبقي (الْحَمَم) فأبدل من الميم الثّانية ياءً استثقالاً للتّضعيف، كما قالوا في (تظنّنت) : تظنّيت، ثمّ كُسر ما قبل الياء لئلاّ تقلب ألِفًا، فصار (الحَمي) . يُنظر: شرح الكتاب للسّيرافيّ جـ 1/ ق 169/ب، وما يحتمل الشّعر من الضّرورة 106، 107، وتحصيل عين الذّهب 58. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 792 مخاطبة الاثنين بلفظ الواحد: منه: لَيَالِيَ سَمْعُ الْغَانِيَاتِ وَطَرْفُهَا ... إِلَيَّ وَإِذْ رِيحِي لَهُنَّ هُبُوبُ1 إثبات نون الجمع مع الضّمير، كقوله: هُمُ الْفَاعِلُونَ الْخَيْرَ وَالآمِرُونَهُ2 ... ................................... إثباتُ نون مئتين ونصب ما بعدها، كقوله: إِذَا عَاشَ الْفَتَى مِائَتَيْنِ عَاما3 ... ...................................   1 هذا بيتٌ من الطّويل، وهو لحميد بن ثور الهلاليّ. يُنظرُ هذا البيتُ في: الوحشيّات 291، والزّهرة 272، والأشباه والنّظائر للخالديين 1/39، والحُجّة لأبي عليّ الفارسيّ 2/255، ومعجم البُلدان 2/419، والدّيوان 52. 2 هذا صدرُ بيتٍ من الطّويل، وعجُزه: إِذَا مَا خَشَوا مِنْ مُحْدَثِ الأَمْرِ مُعْظَمَا ولم أقف على قائله. والشّاهدُ فيه: (والآمرونه) حيث أثبت نون الجمع مع الضّمير للضّرورة الشّعريّة. يُنظرُ هذا البيت في: الكتاب 1/188، والكامل 1/468، ومجالس ثعلب /123، وتحصيل عين الذّهب 157، وشرح المفصّل 2/125، وضرائر الشّعر 27، واللّسان (طلع) 8/236، والهمع 5/342، والخزانة 4/269. 3 هذا صدرُ بيتٍ من الوافر، وعجزُه: فَقَدْ أَوْدَى المَسَرَّةُ وَالْفَتَاءُ وهو للرّبيع بن ضبع الفزاريّ. والشّاهدُ فيه: (مائتين) حيث أثبت النّون في (مائتين) ونصب ما بعدها للضّرورة الشّعريّة؛ وكان الوجهُ حذف نون (مائتين) وخفض ما بعدها. يُنظر هذا البيتُ في: الكتاب 1/208، 2/162، والمنقوص والممدود للفرّاء 17، والمعمرّين 16، والمقصور والممدود لابن ولاّد 83، وأدب الكاتب 299، والمقتضب 2/169، ومجالس ثعلب 1/275، وأمالي المرتضى 1/254، وشرح المفصّل 6/23، وشرح عمدة الحافظ 1/525. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 793 إسْكانُ لام الفعل من غير جازم، كقول الشّاعر: فَالْيَوْمَ أَشْرَبْ غَيْرَ مُسْتَحْقِبٍ1 ... إِثْما مِنَ اللهِ وَلاَ وَاغِلِ2   1 في ب: غير محتقب، وهو تحريف. 2 هذا بيتٌ من السّريع، وهو لامرئ القيس، قاله حينما أدرك ثأر أبيه فتحلّل من نذره ألاّ يشرب الخمر حتى يثأَرَ به. و (المستحقب) : المكتسب المحتمل. و (الواغل) : الدّاخلُ على القوم يشربون ولم يُدْعَ. والشّاهدُ فيه: (أشرب) حيث سكّن (الباء) وهي لام الفعل من غير جازم للضّرورة الشّعريّة. يُنظر هذا البيتُ في: الكتاب 4/204، والأصمعيّات 130، والكامل 1/318 - وفيه (فَالْيَوْمَ أُسْقَى) ولا شاهد فيه على هذه الرّواية ـ، وإصلاحُ المنطق 245، 322، والجمهرة (غلو) 2/962، والخصائص 1/74، 2/317، وشرح المفصّل 1/48، وضرائر الشّعر 94، 110، والتّصريح 1/88، والخزانة 8/350، والدّيوان 122 - وفيه (فَالْيَوْمَ أُسْقَى) ولا شاهد فيه على هذه الرّواية -. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 794 حذف لام الأمر للمخاطب، كقول الشّاعر: مُحَمَّدُ تَفْدِ نَفْسَكَ كُلَّ نَفْسٍ1 ... ................................... مخاطَبة الواحد بلفظ الجمع، كقول الشّاعر: لَوْ كَانَ مِدْحَةُ حَيٍّ مُنْشِرًا أَحَدًا ... أَحْيا أَبَاكُنَّ يَا لَيْلَى الأَمَادِيحُ2   1 هذا صدرُ بيتٍ من الوافر، وعجزُه: إِذَا مَا خِفْتَ مِنْ أَمْرٍ تَبَالاَ يُنسب إلى حسّان بن ثابت - رضي الله عنه -، وإلى أبي طالب، وإلى الأعشى؛ وليس في ديوان واحدٍ منهم على ما ذكر الشّيخ عبد السّلام هارون في حواشي الكتاب 3/8. والشّاهدُ: أثبته المستشرق رودلف جاير في ديوان الأعشى (الصّبح المنير) 252 بيتًا مفرَدًا في زيادات ديوان الأعشى. والشّاهدُ فيه: (تفد) يريد: لِتَفْدِ، فحذف لام الأمر للمخاطب؛ وهذا من أقبح الضّرورات؛ لأنّ الجازِم أضعف من حرف الجرّ، وحرف الجرّ لا يُضمَر. يُنظرُ هذا البيت في: الكتاب 3/8، والمقتضب 2/132، واللاّمات للزّجّاجيّ 96، وسرّ صناعة الإعراب 1/391، وأمالي ابن الشّجريّ 2/150، وأسرار العربيّة 319،321، وشرح المفصّل 7/35، وضرائرُ الشّعر 149، والخزانة 9/11. 2 هذا بيتٌ من البسيط، وهو لأبي ذؤيب الهذليّ. والشّاهدُ فيه: (أباكُنَّ يا ليلى) حيث خاطب الواحد بلفظ الجمع للضّرورة الشّعريّة. يُنظر هذا البيتُ في: شرح أشعار الهذليّين 1/127، وما يجوز للشّاعر في الضّرورة 25، وضرائِرُ الشّعر 276، واللّسان (مدح) 2/589، (نشر) 5/206، والهمع 5/345، والدّرر 6/245. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 795 مخاطَبة الواحد بلفظ التّثنية: فَإِنْ تَزْجُرَانِي1 يَا بْنَ عَفَّانَ أَنْزَجِرْ ... وَإِنْ تَتْرُكَانِي أَحْمِ عِرْضا مُمَنَّعا2 [138/ب] صرف مفاعل: فَاقْرِ الهُمُومَ قَلاَئِصا عَبْدِيّةً ... تَطْوِي الْفَيَافِي بِالْوَجِيْفِ الْمُعْنِقِ3   1 في أ: ترجواني، وهو تحريف. 2 هذا بيتٌ من الطّويل، وهو لسُويد بن كراع. والشّاهدُ فيه: (فإنْ تزجراني) ، (وإن تترُكاني) حيث خاطَب الواحد بلفظ التّثنية للضّرورة الشّعريّة. يُنظرُ هذا البيتُ في: معاني القرآن للفرّاء 3/78، وتأويل مشكل القرآن 291، وتفسير الطّبريّ 22/354، والصّاحبيّ 363، والمخصّص 2/5، وضرائر الشّعر 254، واللّسان (جزز) 5/320، وشرح شواهد الشّافية 483، 484. 3 هذا بيتٌ من الكامل، ولم أقف على قائله. و (القَلُوصُ) من الإبل: الشّابّة، أو الباقيةُ على السّير، أو أوّل ما يُرْكَبُ من إناثها إلى أن تُثْنِي ثمّ هي ناقةٌ، والنّاقة الطّويلة القوائم خاصّ بالإناث، والجمع: قلائص، وقُلُصٌ. و (الوجِيفُ) : ضربٌ من سير الإبل والخيل؛ وقد وجَف البعِير يجف وجفًا ووجيفًا. و (العَنَقُ) من السّير: المنبسط، والعَنِيقُ كذلك، وسير عَنَقٌ وعَنِيقٌ: معروف، وقد أَعْنَقَت الدّابةُ فهي مُعْنِقٌ ومِعْناق وعَنيق. والشّاهد فيه: (قلائصًا) حيث صرفه وهو غير مصروف؛ للضّرورة الشّعريّة. ولم أجد مَنْ ذكر هذا البيت. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 796 منع صرف ما ينصرف1: طَلَبَ [الأَزَارِقَ] 2 بِالْكَتَائِبَ إِذْ هَوَتْ ... بِشَبِيْبَ3 غَائِلَةُ النُّفُوسِ غَدُورُ4 ويجوز أن يصرف ما لا يستحقّ5 الصّرف للتّناسُب، كقراءة6   1 ذهب الكوفيّون إلى أنّه يجوز تركُ صرف ما ينصرف في ضرورة الشّعر، وإليه ذهب أبو الحسن الأخفش، وأبو عليّ الفارسيّ، وابن بَرْهان من البصريّين؛ وإليه ذهب ابن مالك. وذهب البصريّون إلى أنّه لا يجوز. تُنظر هذه المسألة في: الإنصاف، المسألة السّبعون، 2/493، وشرح المفصّل 1/68، وضرائر الشّعر 101، وشرح الكافية الشّافية 3/1509، وابن النّاظم 661، وشرح الرّضيّ 1/38، وتوضيح المقاصِد 4/170، 171، وأوضح المسالك 3/158، والتّصريح 2/228. 2 ما بين المعقوفين في (ب) بياض. 3 في كلتا النّسختين: تشبيب، وهو تصحيف، والصّواب ما هو مثبَت. 4 هذا بيتٌ من الكامل، وهو للأخطل. و (الأزارِق) هم الأزارقة: فرقة من الخوارج. و (شبيب) : هو شبيب بن يزيد بن نعيم الشّيبانيّ: كان رأسًا من رؤوس الخوارج في عهد عبد الملك بن مروان. و (الغائلة) : الدّاهية، ويُقصد بغائلة النّفوس: المنيّة. والشّاهدُ فيه: (بشبيب) حيث منعه من الصّرف وهو مصروف؛ للضّرورة الشّعريّة. يُنظر هذا البيتُ في: الإنصاف 2/493، وضرائرُ الشّعر 104، وشرح الكافية الشّافية 3/1509، وابن النّاظم 661، وأوضح المسالك 3/158، والمقاصد النّحويّة 4/362، والتّصريح 2/228، والأشمونيّ 3/275، والدّيوان 282. 5 في أ: ويجوز أن يصرف مستحقّ الصّرف، وفي ب: ويجوز أن يصرف ما يستحقّ الصّرف، والصّوابُ ما هو مثبَت. يُنظر: ابن النّاظم 663. 6 يُنظر: السّبعة 663، والمبسوط 454، وحجّة القراءات 737، 738، والكشف 2/352، 354، والتّيسير 176، 177. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 797 نافع1 والكسائيّ: {سَلاَسِلاً} 2 و {قَوَارِيرًا} 3. وكقراءة4 الأعمش5: {وَلاَ يَغُوثا وَيَعُوقا} 6 صرفهما لِيُنَاسِبا: {وَدًّا} و {سُوَاعا} و {نَسْرًا} 7. الجمع بين أحرُف النّداء [والميم] 8 المشدّدة: أَقُولُ: يَا اللَّهُمَّ يَا اللَّهُما9   1 هو: نافع بن عبد الرّحمن بن أبي نعيم، اللّيثيّ وَلاءً: أحدُ القُرّاء السّبعة، وانتهتْ إليه رياسة القراءة بالمدينة؛ توفّي سنة (169هـ) . يُنظر: معرفة القُرّاء 1/107، وغاية النّهاية 2/330. 2 من الآية: 4 من سورة الإنسان. 3 من الآية: 15 من سورة الإنسان. 4 في أ: وقراءة. وتُنظر هذه القراءة في: مختصر في شواذ القرآن 162، ومشكل إعراب القرآن 2/761، والكشّاف 4/143، والتّبيان في إعراب القرآن 2/1242، والإتحاف 2/564. 5 هو: سُليمان بن مهران، أبو محمّد، الكوفيّ، المقرئ: صاحبُ نوادر، أخذ القراءة عن النّخعيّ، وعاصم، ويحيى بن وثّاب، وغيرهم؛ توفّي سنة (148هـ) . يُنظر: معرفة القُرّاء 1/94، وغاية النّهاية 1/315. 6 من الآية: 23 من سورة نوح. (يغوث) و (يعوق) و (ودّ) و (سواع) و (نسر) : كلّها أصنام. 8 ما بين المعقوفين زيادة منّي يقتضيها السّياق. 9 هذا بيتٌ من الرّجز المشطور، وهو لأبي خِراش الهذليّ في شرح أشعار الهذليّين، وقيل: لأُميّة بن أبي الصّلت، وليس في ديوانه؛ وقبله: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 798 .......................................................................   = إِنِّي إِذَا مَا حَدَثٌ أَلَمَّا والشّاهدُ فيه: (يا اللهمّ يا اللهمّا) حيث جمع بين حرف النّداء والميم المشدّدة الّتي يُؤتَى بها للتّعويض عن حرف النّداء، وذلك ضرورة عند البصريّين. أمّا الكوفيّون فذهبوا إلى أنّ الميم المشدّدة في (اللهم) ليستْ عِوضًا من (يا) الّتي للتّنبيه في النّداء؛ إذْ لو كانت كذلك لَمَا جاز أن يُجمع بينهما؛ لأنّ العوض والمعوّض لا يجتمعان. يُنظرُ هذا البيتُ في: نوادر أبي زيد 165، والمقتضب 4/242، وشرح أشعار الهذليّين 3/1346، والبغداديّات 159، واللّمع 175، والتّبصرة 1/356،وأمالي ابن الشّجريّ 2/340، والإنصاف 1/341، وشرح المفصّل 2/216، وضرائر الشّعر 57. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 799 بَابُ الْعَدَدِ: وَإِنْ نَطَقْتَ بِالْعُقُودِ فِي الْعَدَدْ ... فَانْظُرْ إِلَى الْمَعْدُودِ لُقِّيتَ الرَّشَدْ فَأَثْبِتِ الْهَاءَ مَعَ الْمُذَكَّرِ ... وَاحْذِفْ مَعَ الْمُؤَنَّثِ الْمُشْتَهِرِ تَقُولُ: لِيْ خَمْسَةُ أَثْوَابٍ جُدُدْ ... وَازْمُمْ لَهُ تِسْعًا مِنَ النُّوقِ وَقُدْ فصل: [139/أ] العدد له أربع مراتب؛ وهي: آحادٌ، وعشرات، ومئون1، وأُلوف. والأصل: الأحاد؛ فيجب أن يقدّم الكلامُ عليها. فالواحد والاثنان لا يُضافان، بل يُستعملان2 بانفرادهما3؛ لقوّة دلالتهما على المعنى، إلاّ في الضّرورة4 من الشّعر، كقوله: ................................... ... ظَرْفُ جِرَابٍ فِيْهِ ثِنْتَا حَنْظَلِ5   1 في كلتا النسختين: مئين، والصواب ما هو مثبت. 2 في أ: يستعملنان، وهو خطأ. 3 في أ: لإنفرادهما. 4 في ب: في ضرورة. 5 هذا عجز بيتٍ من الرّجز، وصدُره كَأَنَّ خُصْيَيْهِ مِنَ التَّدَلْدُلِ يُنسبُ لخطّام المجاشعيّ، أو لجندل بن المثنّى، أو لسلمى الهذليّة، أو لشمّاء الهذليّة. و (ظرف جِراب) : وِعاءٌ من جلد. والشّاهدُ فيه: (ثنتا حنظل) حيث أضاف ثنتان إلى (حنظل) وذلك ضرورة شعرية. يُنظر هذا البيتُ في: الكتاب 3/569، 624، وإصلاحُ المنطِق 168، والمقتضب 2/156، وما يجوز للشّاعر في الضّرورة 234، والمنصف 2/131، وفرحة الأديب 158، وأمالي ابن الشّجريّ 1/28، وشرح المفصّل 4/144، وشرح الجُمل 1/140، 2/29، وابن النّاظم 728، والخزانة 7/400. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 801 وإذا صرت1 إلى الثّلاثة لم يكن بُدّ من ذِكْر العدد والمعدود جميعًا. والعددُ هو2: الاسم الأوّل، وينبغي أن يكون بتاء التّأنيث مع المذكّر، وبغير تاء التّأنيث مع المؤنّث، وكان كذلك؛ لأنّ الأعداد قبل تركيبها مؤنّثة، من نحو: (ثلاثة) و (أربعة) . والمعدود نوعان: مذكّر، ومؤنّث؛ فيسبِق3 المذكّر بحكم الأصل، والتزم العلامة، ثم جاء المؤنّث فكان تركُ العلامة علامةً له. وقيل4: كان حقّ هذه الأعداد أن تُستعمَل بالتّاء مطلَقًا؛ لأنّ مسمّاها جُموع، والجُموع غالبٌ عليها التّأنيث؛ لكن أرادوا5 التّفريق بين عدد المذكّر والمؤنّث فجاءوا بعدد المذكّر لكونه أصلاً بالتّاء6 على القياس، وبعدد المؤنّث بغير التّاء للتّفريق؛ فتقولُ مِن ذلك: (عندي ثلاثةُ أَعْبُدٍ، وخَمْسُ جَوَارٍ) بإضافته إلى جمع يُعلَم به المعدود.   1 في ب: صرن. 2 في أ: فهو. 3 في ب: فتسبِق. 4 يُنظر: شرح المفصّل 6/18، وابن النّاظم 726. 5 في ب: أو ردوا، وهو تحريف. 6 في أ: بالياء، وهو تصحيف. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 802 وجميعُ هذا العدد يجري على هذا الحُكْم بوجوه الإعراب إلى العشرة، إلاّ لفظ (ثمان) إذا أُضيف إلى مؤنّث فإنّه يجري مجرى قاضٍ لنقصانه1؛ فتقول: (هذه ثمانيْ نسوة) و (رأيتُ ثمانيَ نسوة) و (مررت بثمانيْ نسوة) 2. [139/ب] وجميعُ هذا العدد لا يختلف ما قبل آخره إلاّ عشرة، فإنّ شِيْنَهُ تكونُ3 مفتوحة مع المذكّر، ومسكّنة4مع المؤنّث؛ تقولُ: ( [عندي] 5 عَشَرةُ رجالٍ، وعَشْرُ6 نِسَاءٍ) . وإذا أردتّ تعريف هذا العدد: أدخلتَ الألِف واللاّم على الاسم7 الثّاني؛ تقولُ: (هذه ثلاثة الأثواب) و (عشرة الدّراهم) تُعرّف8 الثّاني   1 وهُناك وجهٌ آخر؛ وهو: أن تجعله اسمًا صحيحًا معربًا بالحركات في حال الرّفع والنّصب والجرّ، ويكون الإعرابُ على النّون؛ فتقول: (هذه ثمانُ نسوةٍ) و (رأيتُ ثمانَ نسوة) و (عجبتُ من ثمانِ نسوة) . والوجهُ الأوّل أجوَدُ؛ لأنّه ورد في أشعار العرب أكثر استعمالاً. يُنظر: التّهذيب الوسيط في النّحو 377. 2 في ب: ومررت بثماني نسوة، ورأيت ثماني نسوة. 3 في ب: يكون. 4 في أ: وتسكّنه. 5 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 6 في ب: عشرة، وهو خطأ. 7 في أ: اسم. 8 في ب: فعرّفت. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 803 بالأوّل على قياس1 (غلام الرّجل) 2، وعليه قولُ ذي الرُّمّة3: وَهَلْ يَرْجِعُ التَّسْلِيْمَ أَوْ يَكْشِفُ الْعَمَى ... ثَلاَثُ الأَثَافِي وَالدِّيَارُ البَلاَقِعُ4 والثّلاثة الأثواب5 مختَلفٌ فيه6.   1 في ب: هي قياس. 2 لأنّ الأوّل يكون معرِفة بما أضفْتَه إليه؛ ألا ترى أنّك تقولُ: (هذا غلام رجل) فيكونُ نكِرة؛ فإذا أردتّ تعريفَه قلت: (هذا غلامُ الرّجل) ، وكذلك (ثلاثة الأثواب) . يُنظر: شرح المفصّل 2/121، 6/33. 3 هو: ذو الرُّمّة غيلان بن عُقبة التّميميّ، ويكنى أبا الحارث: شاعرٌ إسلاميّ، من أحسن شعراء صدر الإسلام تشبيهًا، عاصَر جريرًا والفرزدق؛ وله ديوانُ شعرٍ مطبوع؛ توفّي سنة (117هـ) . يُنظر: طبقات فُحول الشّعراء 2/534، والشّعر والشّعراء 350، والأغاني 18/5، والخِزانة 1/106. 4 هذا بيتٌ من الطّويل. و (الأثافي) : جمع أثفية؛ وهي: الحجارة الّتي توضَع عليها القُدور. و (البلاقع) : الخالية. والشّاهدُ فيه: (ثلاث الأثافي) حيث أراد تعريف هذا العدد فأدخل الألِف واللاّم على الاسم الثّاني. يُنظر هذا البيتُ في: إصلاح المنطق 303، والمقتضب 2/176، 4/144، والجُمل 129، والمخصّص 17/100، 125، وشرح شواهد الإيضاح 308، وشرح المفصّل 2/122، 6/33، واللّسان (خمس) 6/67، وتذكرة النُّحاة 344، والهمع 5/314، والدّرر 6/201، والدّيوان 2/1274. 5 في ب: أثواب. 6 في أ: فمختلف. فالبصريّون يمنعونه، والكوفيّون يجيزونه. يُنظر: المقتضب 2/175، والمخصّص 17/125، وشرح المفصّل 2/121، 6/33، وشرح الرّضيّ 2/147، والملخّص 427، والأشمونّي 1/187. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 804 وممتنع بلا خلاف قولُك: (الثّلاثة أثواب) ؛ لامتناع الغلام رجل في الإضافة1. وَإِنْ ذَكَرْتَ الْعَدَدَ المُرَكَّبَا ... وَهْوَ الَّذِي اسْتَوْجَبَ أَلاَّ يُعْرَبَا فَأَلْحِقِ الْهَاءَ مَعَ المُؤَنَّثِ ... بِآخِرِ الثَّانِي وَلاَ تَكْتَرِثِ مِثَالُهُ: عِنْدِي ثَلاَثَ عَشْرَةْ ... جُمَانَةً مَنْظُومَةً وَدُرَّةْ فصل: [140/أ] هذه المرتبة الثّانية وهي العشَرات، وهذا هو المركّب من أحَد عشر إلى تسعة عشر. وهو يخالِف ما قبله ويصير مبنيًّا بعد أنْ كان معربًا سوى (اثني عشر) . وبناؤُه وتركيبُه لضربٍ من الاختصار والإيجاز، وإزالة اللّبس والإبهام؛ ألا ترى أنّ (أحدَ عَشَرَ) أخصرُ2 لفظًا من قولك: (واحد   1 لأنّه لا يُجمع بين الألِف واللاّم والإضافة؛ لأنّ ما فيه الألِف واللاّم لا يكون إلاّ معرفة، ولا يمكن اعتقاد التّنكير مع وُجودهما. يُنظر: شرح المفصّل 2/121. 2 قولُه: (أخصر) فيه شُذوذان: بناؤُه من غير الثّلاثيّ، وبناؤُه من المبنيّ للمجهول. ويتوصّل إلى التّفضيل من الزّائد على الثّلاثة بـ (ما أشدّ) ونحوه، ويُنصب مصدرهما بعده؛ فيُقال: أكثر اختصارًا. يُنظر: ابن النّاظم 462، 463. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 805 وعشرة) ، وربّما ألبس قولُ القائل: (اشتريت هذا الثّوب بواحدٍ وعشرة) أنّه ابْتَاعَهُ بواحدٍ في زمان وبعشرة1 في زمان آخر؛ فلذلك2صار مركّبًا بعد أنْ كان معطوفًا. ولَمّا كان مركّبًا تضمّن معنى حرف3 العطف، وبني على حركة لأصالته في التّمكّن، [واختصّ بالفتحة طلَبًا للخفّة] 4. ومخالفة5 أُخرى وهي: أنّ (العشرة) بغير تاء مع المذكّر وبتاء مع المؤنّث خلافًا للعشرة في حال إضافتها؛ لأنّ الشّيء يكون له حكم في التّركيب يخالِف حكمه قبله؛ ألا ترى أنّ (لو) حرف معناه6 امتناع الشّيء لامتناع غيره؛ فإذا ركّبتَ7 معه (لا) صار معناه: امتناع الشّيء لوُجود غيره. وكذلك (أحد عشر) لَمّا ركّبت8 تغيّرت كلمتاه؛ فـ (أحد) تغيّرت عن واحد، و (عشر) 9 تغيّرت عن عشرة؛ وكذلك10 المؤنّث.   1 في أ: وعشرة. 2 في كلتا النّسختين: فكذلك، وهو تحريف. 3 في ب: الحرف. 4 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 5 في ب: وتخالفه. 6 في أ: حرف يمتنع به الشّيء. 7 في أ: ركّب. 8 في أ: تركّبت. 9 في ب: عشرة، وهو خطأ. 10 في أ: وكذا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 806 والهمزة في (أَحَد) منقلبَة عن (واو) 1، وكذلك في (أحد وعشرين) ، وكذلك هي في قوله تعالى: {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} 2 لأنّ المعنى في هذا كلّه معنىً واحد. [140/ب] وأتى به النّابِغة على الأصل3 فقال: ...................................... ... ......... عَلَى مُسْتَأْنِسٍ وَحَدِ4 ويُجمع على (أفعال) فيقالُ: (آحاد) . فإذا استُعملَت في النّفي من قولك: (ما بالدّار من أحد) فهمْزَتُهَا أصليّة غير مبدلة، ولا تُجمع5، ولا يجوز استعمالها في العدد، ولا في الواجب.   1 أي: منقلبة عن واوٍ مفتوحة. 2 سورة الإخلاص، الآية: 1. 3 في أ: أصله. 4 هذا جزءٌ من عجز بيتٍ من البسيط؛ وتمامُه: كَأَنَّ رَحْلِي وَقَدْ زَالَ النَّهَارُ بِنَا ... بِذِي الجَليلِ عَلَى مُسْتَأْنِسٍ وَحَدِ و (المستأنس) : هو الّذي يخاف النّاس، أو الّذي يرفع رأسه هل يرى شبحًا أو شخصًا. و (وَحَد) : هو الوحيد المنفرد. والشّاهدُ فيه: (وحد) حيث أرجع (أحد) إلى أصلها وهو (وَحَد) بالواو. يُنظرُ هذا البيتُ في: الخصائص 3/262، والأزهيّة 285، وأمالي ابن الشّجريّ 2/614، وشرح المفصّل 6/16، والملخّص 419، واللّسان (وحد) 3/450، (نهر) 5/237، والخِزانة 3/187، والدّيوان 17. 5 ولا تثنّى؛ لأنّ معناها يدلّ على الكثرة، فاستُغني به عن التّثنية والجمع. يُنظر: شرح المفصّل 6/17. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 807 وقولُه: (كلّ أحدٍ في الدّار) هي الّتي تُستعمَل1 في العدد دون2 النّفي؛ [وأمّا قولُ الشّاعر:] 3 حَتَّى ظَهَرْتَ فَمَا تَخْفَى عَلَى أَحَدٍ ... إِلاَّ عَلَى أَحَدٍ لاَ يَعْرِفُ القَمَرَا4 فالأوّل: همزته أصليّة. والثّاني: همزته مبدلة، كأنّه قال: إلاّ على واحد. والهمزة في (إِحْدى) منقلبة عن واو مكسورة، [و] 5 وزنُها (فِعْلَى) ، ومنه قولُه تعالى: {إِنَّهَا لإِحْدَى الْكُبَرِ} 6. وأمّا (اثنا7 عشر) فمعرب؛ لأنّ فيه حرف الإعراب، و (عشر) فيه   1 في أ: يستعمل. 2 في ب: لا في النّفي. 3 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 4 هذا بيتٌ من البسيط، وهو لذي الرُّمّة. والشّاهدُ فيه قد صرّح به الشّارح. يُنظر هذا البيتُ في: الأُصول 85، وشرح المفصّل 1/121، وشرح التّسهيل 2/404، واللّسان (بهر) 4/81، 82، والمساعد 2/84، والهمع 5/313، والدّيوان 2/1163. 5 العاطِف ساقطٌ من أ. 6 سورة المدّثّر، الآية: 35. 7 في أ: اثْني. و (اثنا عشر) : معربان صدرًا، مبنيَّان عجزًا؛ هذا مذهب الجُمهور. يُنظر: شرح الكافية الشّافية 3/1671، وابن النّاظم 732، 733، والارتشاف 1/366. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 808 واقعة موقع النّون من (اثنين) ، ولم يقل أحدٌ أنّه مبنيّ إلاّ ابن دَرَسْتَوَيْه1 فإنّه كان يجعَله هو وأخواته مبنيًّا إلى تسعة عشر2. وتقول في المؤنّث: (اثنتا عشرة جارية) فتجمع3 بين علامتي تأنيثٍ بلفظٍ واحد؛ لأنّ إحدى الكلمتين مبنيّة، والأخرى معربة فتباينا. ومن (ثلاثة عشر) إلى (تسعة عشر) فالاسم جارٍ على قياسِ4 ما دون [141/أ] العشرة من ثبات التّاء مع المذكّر، وحذفها مع المؤنّث؛ وليس كذلك الاسم الثّاني لحدوث التّركيب؛ فتقول: (جاءني ثلاثة عشر رجلاً، وثلاث عشرة امرأة) فـ (الرّجل) منصوبٌ على التّمييز، والأصلُ فيه: أحد عشر من الرّجال. وكذلك: (أحد وعشرون درهمًا) ؛ لأنّ ما قبله قد ثبت أنّه يفسّر بالجمع لا بالواحد، فكان هذا مثله.   1 هو: أبو محمّد عبد الله بن جعفر بن دَرَسْتَوَيْه بن المرزبان، الفارسيّ، النّحويّ: أخذ عن المبرّد، والدّارقُطنيّ، وابن قُتيبة؛ وكان شديد الانتصار لمذهب البصريّين؛ من مصنّفاته: الإرشاد في النّحو، وشرح الفصيح، وغريب الحديث؛ توفّي سنة (347هـ) . يُنظر: طبقات النّحويّين 116، وإنباه الرّواة 2/113، وإشارة التّعيين 162، وبُغية الوُعاة 2/36. 2 وذهب إليه ابن كَيْسان أيضًا. يُنظر: الارتشاف 1/366، وتوضيح المقاصد 4/312، والمساعِد 2/80، والتّصريح 2/273، والهمع 5/311. 3 في أ: فيجمع. 4 في ب: القياس. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 809 ووُجوب نصبه لكون1 التّنوين متضمّنًا لعدد؛ والعامِل في نصبه ما تضمَّنَهُ معنى العدد من الإبهام المقتضي له، ووُجوب تنكيره لكونه2 فضلة كالحال. وأمّا (العشرون) وما بعده من العُقود فإنّ المذكّر والمؤنّث فيه بلفظٍ واحد؛ وذلك لأنّ3 عشرين ليس بجمع لعشرة4؛ ودليلُ ذلك: فتح العين من عَشرة، وكسرها من عِشرين، والاعتماد على التّمييز في الفرق بين المذكّر والمؤنّث، وكسر عين عشرين لخُروجه عن الجمع السّالم؛ أو لأنّ العين في مقابَلة الهمزة من اثنين ثاني الواحد؛ فكُسرت العين لذلك، واستمرّ الحكم إلى التّسعين. وإذا عرّفتَ هذا النّوع أدخلت الألِف واللاّم عليهما؛ فتقول: (رأيت الثّلاثة والعشرين رجلاً، والتّسع5 والتّسعين امرأة) 6.   1 في كلتا النسختين: كون، وما أثبته هو الأولى. 2 في كلتا النسختين: كون، وما أثبته هو الأولى. 3 في أ: لأنّه. 4 في أ: كعشرة. 5 في كلتا النّسختين: والتّسعة، وهو خطأ. 6 وفي تعريف المركّب ثلاثة مذاهب: أحدها: أن تدخل الألِف واللاّم على الاسم الأوّل منهما؛ فتقول: (عندي الأحد عشر درهمًا، والثّلاثة عشر غُلامًا) ؛ وهو مذهب أكثر البصريّين. والثّاني: أن تعرّف الاسمين الأوّلين، نحو: (عندي الأحد العشر درهمًا) ؛ وهو مذهب الكوفيّين، والأخفش من البصريّين. والثّالث: أن تعرّف الاسمين معًا والمميّز، نحو: (الأحد العشر الدّرهم) ؛ وهو مذهب بعض الكوفيّين، واختيار جماعة من الكتّاب. تُنظرُ هذه المسألة في: الإنصاف، المسألة الثّالثةوالأربعون، 1/312، والتّبيين، المسألة السّادسة والسّبعون، 434، وشرح المفصّل 6/33، وشرح ألفيّة ابن معطٍ 2/1109، والأشمونيّ1/187. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 810 وأمّا (مائة) فاسم مؤنّث يُستعمَل بلفظ واحد للمذكّر والمؤنّث كما استعملت العشرون؛ لأنّ (المائة) أخذَت شبَهًا من الآحاد من حيث كانت عشرة عشرات، كما أنّ العشرة عشرة آحاد. [141/ب] وشبَهًا من العُقود من1 حيث2 كانت اسمًا لهذا الجمع يشمَل المذكّر والمؤنّث؛ فلذلك خالفتْ الآحاد والعُقود. فكلّ عددٍ مضافٍ إلى نفس المائة، والمائة مؤنّثة؛ فتقول3: (عندي ثلاثمائة ثوب، وخمسمائة ناقة) . وإن أردتّ تعريف هذا النّوع أدخلت الألِف واللاّم على المضاف إليه؛ فتقول: (ما فَعَلَتْ مائةُ الدّراهِم) . وعكس حكمها (الألف) مذكّرة؛ [و] 4 لذلك كان كلّ عدد يُضاف5 إليه بإثبات الهاء؛ فتقول6: (عندي ثلاثة آلاف امرأة، وثلاثة آلاف7 رجل) ، وكذلك الحكم إلى تسعمائة، وفي الألْف إلى عشرة الآف،   (من) ساقطةٌ من أ. (حيث) ساقطةٌ من ب. 3 في أ: فيقول. 4 العاطِف ساقطٌ من ب. 5 في ب: مضاف. 6 في ب: تقول. 7 في ب: ألف. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 811 وهذا نهاية الأعداد، وما بعده يتكرّر1على الأُصول المتقدِّمة بالغاً ما بلغت، إلاَّ أنّ (الألف) يكون مضافًا إلى ما بيّنته من أنواعه؛ فتقول: (عندي أحد عشر ألف رجل) فـ (ألْف) منصوبٌ على التّمييز، وهو مضافٌ للتّبيين2، وكذلك: (عشرون ألف رجل) و (ألف ألف رجل) . ومن تعريف العدد: أنّه كلّ إضافة قَصُرَتْ أو طالتْ فإنّك تعرِّف الاسم الآخر فَيَسْرِي تعريفُه إلى الاسم الأوّل؛ تقول: (ما فَعَلَت [مائة] 3 ألف4 الدّرهم5) فعلى هذا فَقِسْ. [142/أ] وَقَدْ تَنَاهَى الْقَوْلُ فِي الأَسْمَاءِ ... عَلَى اخْتِصَارٍ وَعَلَى اسْتِيْفَاءِ يُشير بهذا البيت إلى تناهي كلامه فيما قصده من تعريف ما يلزم المتكلّم من مراعاةِ لفظه وإصلاحِه بما أصّله مشايِخُ هذا العلم من تتبُّع أوضاع ما نطقتْ به العرب واستعمَلَتْهُ في تفريع مفردات الكلِم وجُمل الكلام وأحكام ثَرَاء الكلمات. وأكتفي بذكر الأسماء؛ لاندراج الأفعال تحتها؛ لامتناع وُجود فعلٍ إلاّ مع اسم ظاهرٍ أو مُضْمَرٍ، أي: إنّه قد شرح ذلك فقال بعده مُشيرًا إلى الفِعْل:   1 في ب: مكرّر. 2 في أ: التّبيين. 3 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 4 في أ: الألف. 5 في كلتا النّسختين: درهم، والصّواب ما هو مثبَت. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 812 وَحُقَّ أَنْ1 نَشْرَحَ2 ...................................... وقال: (على اختصار) بمقتَضَى عدد أبياته3؛ وذلك لِمَا أَوْدَعَهَا بأبوابها مِنَ المعاني. و (على استيفائه) لِمَا ذكره، لا لِمَا لمْ يذكره بهذا المختصر من التّصريف، والحِكاية، والوقف، والإِمالة، والإدغام.   1 في أ: يشرح. 2 تكملة هذا النّظم كما سيذكُره الشّارح في أوّل باب نواصب الفعل: 3 في ب: اثباته، وهو تصحيف. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 813 بَابُ نَوَاصِبِ الْفِعْلِ: [142/ب] / وَحُقَّ أَنْ نَشْرَحَ1 شَرْحًا يُفْهَمُ ... مَا ينُْصِبُ الْفِعْلَ وَمَا قَدْ يَجْزِمُ فَيَنْصِبُ الْفِعْلَ السَّلِيمَ: أَنْ وَلَنْ ... وَكَيْ وَكَيْمَا ثُمَّ كَيْلاَ وَإِذَنْ2 وَاللاَّمُ حِينَ تَبْتَدِي بِالْكَسْرِ ... وَهْيَ إِذَا فَكَّرْتَ لاَمُ الْجَرِّ3 وَالْفَاءُ إِنْ جَاءَتْ جَوَابَ النَّهْيِ ... وَالأَمْرِ وَالْعَرْضِ مَعًا وَالنَّفْيِ وَفِي جَوَابِ لَيْتَ لِي وَهَلْ فَتَى ... وَأَيْنَ مَغْذَاكَ وَأَنَّى وَمَتَى وَالْوَاوُ إِنْ جَاءَتْ بِمَعْنَى4 الْجَمْعِ ... فِي طَلَبِ الْمَأْمُورِ أَوْ فِي الْمَنْعِ وَيُنْصَبُ الْفِعْلُ بِ (أَوْ) وَ (حَتَّى) ... وَكُلُّ ذَا أُودِعَ كُتْبًا شَتَّى تَقُولُ: أَبْغِي يَا فَتَى أَنْ تَذْهَبَا ... وَلَنْ أَزَالَ قَائِمًا أَوْ تَرْكَبَا وَجِئْتُ كَيْ تُولِينِيَ الْكَرَامَهْ ... وَسِرْتُ حَتَّى أَدْخُلَ الْيَمَامَهْ وَاقْتَبِسِ الْعِلْمَ لِكَيْ مَا تُكْرَمَا ... وَعَاصِ أَسْبَابَ الْهَوَى لِتَسْلَمَا   1 في أ: يشرح. 2 ورَد عجُز هذا البيت في متن الملحة 48، وشرح الملحة 336 كالتّالي: ...................................... ... و َكَيْ وَإِنْ شِئْتَ لِكَيْلاَ وَإِذَنْ 3 ورَد عجُز هذا البيت في متن الملحة 48، وشرح الملحة 336 كالتّالي: ...................................... ... كَمِثْلِ مَا تُكْسَرُ لاَمُ الْجَرِّ 4 في أ: جواب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 815 وَلاَ تُمَارِ جَاهِلاً فَتَتْعَبَا ... وَمَا عَلَيْكَ عَتْبُهُ فَتُعْتَبَا / وَهَلْ صَدِيقٌ مُخْلِصٌ فَأَقْصِدَهْ ... وَلَيْتَ لِي كَنْزَ الْغِنَى فَأَرْفِدَهْ وَزُرْ لِتَلْتَذَّ1 بِأَصْنَافِ الْقِرَى ... وَلاَ تُحَاضِرْ2 فَتُسِيءَ3 الْمَحْضَرَا وَمَنْ يَقُلْ: إِنِّي سَأَغْشَى حَرَمَكْ ... فَقُلْ لَهُ: إِنِّي إِذَنْ أَحْتَرِمَكْ وَقُلْ لَهُ فِي الْعَرْضِ: يَا هَذَا أَلاَ ... تَنْزِلُ عِنْدِي فَتُصِيبَ مَأْكَلاَ4 فَهَذِهِ نَوَاصِبُ الأَفْعَالِ مَثَّلْتُهَا ... فَاحْذُ عَلَى تَمْثَالِي5 [143/أ] الفعل المضارع يرتفع لتجريده6 من7 النّاصب والجازم، وحُلوله محلّ الاسم8.   1 في ب: فتلذّ، وفي متن الملحة 50: فَتَلْتَذَّ. 2 في شرح الملحة 339: وَلاَ تُخَاصِمْ. 3 في متن الملحة 50، وشرح الملحة 339: وَتُسِيءَ. 4 في ب: المكلا. 5 في أ: مثالي. 6 في ب: بتجريده. 7 في أ: عن. 8 اختلف النُّحاة في الرّافع للمضارع على عدّة أقوال، أوصلَها أبو حيّان إلى سبعة أقوال؛ وهي: 1- أنّه ارتفع بالتّعرّي من العوامِل اللّفظيّة مطلَقًا؛ وهو مذهب جماعة من البصريّين. 2- أنّه ارتفع بالتّجرّد من النّاصب والجازِم؛ وهو مذهب الفرّاء، والكوفيّين. 3- أنّه ارتفع بالإهمال؛ وهو قولُ الأعلَم الشَنتمريّ. 4- أنّه ارتفع بوُقوعه موقع الاسم؛ وهو مذهب جمهور البصريّين. 5- أنّه ارتفع بنفس المضارعة؛ وهو مذهب ثعلب. 6- أنّه ارتفع بالسّبب الّذي أوجَب له الإعراب؛ لأنّ الرّفع نوعٌ من الإعراب. 7- أنّه ارتفع بحروف المضارعة؛ وهو مذهب الكسائيّ. ثم قال أبو حيّان بعد ذكر هذه المذاهب: "الكلامُ على هذه المذاهِب بالاحتجاج لها والإبطال يستدعي ضياع الزّمان فيما ليس فيه كبيرُ جدْوى؛ لأنّ الخِلاف في ذلك لا ينشأ عنه حكم نطقيّ، والخلافُ إذا لم ينشأ عنه حكم نطقيّ ينبغي ألاّ يُتشاغَل به" التّذييل والتّكميل جـ8/ ق 110/أ. والشّارحُ - رحمه الله - في هذه المسألة دمج بين مذهب الكوفيّين ومذهب جمهور البصريّين، كما هو واضح. تُنظر هذه المسألة في: الكتاب 3/9، ومعاني القرآن للفرّاء 1/53، والمقتضب 2/5، 4/80، والنّكت 1/696، والإنصاف، المسألة الرّابعة والسّبعون، 2/550، وأسرارُ العربيّة 28، وشرح المفصّل 7/12، وشرح الرّضيّ 2/231، وشرح الكافية الشّافية 3/1519، وابن النّاظم 664، والتّذييل والتّكميل جـ8/ ق 109/ ب، وتوضيح المقاصد 4/172، والتّصريح 2/229، والهمع 2/273، والأشمونيّ 3/277. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 816 فإنْ كان فعل الزّمان الحاضر وهو الحال كان مرفوعًا أبدًا، ولم يدخُل عليه عوامِل النّصب، ولا عوامِل الجزْم1؛ لأنّ عوامِل2 النّصب تدلّ على استقبال الزّمان، وفي عوامل الجزْم3 ما ينقل معنى المضارِع إلى الماضي؛ نحو: (لم) و (لَمّا) ، وفيه ما يدلّ على وُقوعِه في المستقبَل،   1 في أ: الجرّ، وهو تحريف. 2 في ب: العوامل. 3 في أ: الجرّ، وهو تحريف. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 817 فنافت1 معانيها معنى الموضوع للزّمان [143/ب] الحاضر2. وجُملة الحروف الّتي تَنصب تسعة3؛ وهي الّتي تقدّم ذكرها. فمنها: [ما] 4 ينصب بنفسه؛ وهي: (أنْ) و (لَنْ) و (كَيْ) و (إِذَنْ) . ومنها: ما ينصب بإضمار حرف بعده مقدّر؛ وهي: (حتَّى) و (الفاء) و (الواو) و (لام تأكيد النّفي) 5. ومنها: ما ينصب بنفسه تارةً، وبإضمار حرفٍ تارة؛ وهي: (لام الإيجاب) . وأصلُ هذه الحروف: (أَنْ) ؛ لأنّها تنصِب ظاهرة ومقدّرة، ويتّسع فيها ما لا يتّسع في غيرها. واختصّت بعمل النّصب دون غيره؛ لأنّها أشبهت (أنّ) لفظًا وتقديرًا6؛ فاللّفظ كونها على بعض حروفها، والمعنى وُقوعها وما عملت فيه موقع المصدر.   1 في ب: فقامت، وهو تحريف. 2 فلهذا لم تدخل عليه عوامل النّصب، ولا عوامل الجزم. 3 بل عشرة؛ لكن هذا سهوٌ من الشّارح؛ لأنّ النّظم يحتوي على عشرة حروف، وكذلك شرح الشّارح بعد ذلك يدلّ على ذلك؛ وقد أسقط من العدّ (أو) - كما سيتّضح بعد ذلك من تفصيله لهذه الحُروف -. 4 ما بين المعقوفين ساقط من ب. 5 وتسمّى (لام الجُحود) ؛ وسيفصّل الحديث عنها بعد ذلك. وقد أسقط الشّارح - سهوًا منه - مِن هذا الموضع (أو) ، وعندما تعرّض لتفصيل هذا الموضع فَصَّل القولَ فيها. 6 يُنظر: اللّمع 186 - حاشية عن الثّمانينيّ - وشرح المفصّل 7/15. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 818 والشَّبَهُ بينها وبين أخواتها: أنّ كلّ واحدٍ من أخواتها تنقل الفعل نقلين كما تنقُله؛ فـ (لن) تنقُل الفعل إلى الاستقبال بعد أنْ كان حالاً، وإلى النّفي بعد أنْ كان موجِبًا. و (إِذن) تنقل الفعل إلى الجواب والجزاء بعد أنْ لم يكن كذلك، وإلى الاستقبال أيضًا. و (كي) تنقله إلى العلّة مع الاستقبال أيضًا؛ ولذلك1 عملت. والفعل الواقِع قبل (أَنْ) لا يخلو [من] 2 أن يكون فعلاً غير متيقّن، كالخوف، والطّمع، والرّجاء، والأمل، والتّمنّي؛ فتكون (أنْ) النّاصبة للفعل، كقولك: (أريد أَنْ تَحْفَظَ) [144/أ] و (أَرْجُو أَنْ تَعْلَمَ) و (أَخْشَى أَنْ تَنْدَمَ) و (أَرْجُو ألاَّ تَسْأَمَ) ، ومنه قولُه تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللهِ} 3. وإنْ كان الفعل الّذي قبلها فعلاً ثابتًا متيقّنًا4، كالعلم، والرّؤية، والإنباء، والوجدان، كانت المخفّفة من الثّقيلة، وكان الفعل المستقبل بعدها مرفوعًا؛ وذلك كقولك: ( [قد] 5 علمت ألاَّ تخرجُ) ، و (ما علمت أَلاَّ يركبُ زيد) ، و (ستعلم6 ألاَّ يتحدث بكر) ، وكقوله   1 في أ: فذلك. 2 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 3 من الآية: 229 من سورة البقرة. 4 في أ: منفيًّا، وهو تحريف. 5 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 6 في ب: ستيعلم، وهو تحريف. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 819 تعالى: {لِئَلاَّ يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلاَّ يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِّنْ فَضْلِ اللهِ} 1 فأثبت النّون، وكقوله تعالى: {عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنكُم مَّرْضَى} 2. [وإنْ] 3 كان الفعل الّذي قبلها فيه طرفٌ مّن الشّكّ، وطَرَفٌ من العلم كنتَ مخيّرًا إنْ شئتَ جعلتها النّاصبة [للفعل] 4، وإنْ شئت جعلتها المخفّفة من الثّقيلة، ورفعت الفعل بعدها، كقولك: (ما أظنّ أَلاَّ يخرج زيد) و (أَحْسِبُ ألاَّ تكون فتنة) ، قال تعالى: {وَحَسِبُوا أَلاَّ تَكُونُ فِتْنَةٌ} 5، وهي قراءة أبي عمرو6، وحمزة7، والكسائيّ، ويعقوب8   1 من الآية: 29 من سورة الحديد. 2 من الآية: 20 من سورة المزّمّل. 3 في كلتا النسختين: فإن، وما أثبته هو الأولى. 4 ما بين المعقوفين ساقط من ب. 5 من الآية: 71 من سورة المائدة. 6 هو: زبّان بن العلاء بن عمّار المازنيّ النّحويّ المقرئ: اختُلف في اسمه واسم والده اختلافًا كثيرًا، وهو مشهورٌ بكُنيته؛ وهو إمامُ أهل البصرة في النّحو، واللّغة، وأحد القُرّاء السّبعة؛ أخذ القراءة عن أهل الحجاز، وأهل البصرة، وأخذ النّحو عن نصر بن عاصم اللّيثيّ؛ وأخذ عنه أبو عُبيدة، والأصمعيّ، وغيرهما؛ توفّي سنة (154هـ) . يُنظر: أخبار النّحويّين البصريّين 46، وطبقات النّحويّين واللّغويّين 35، وإنباهُ الرُّواة 4/131، ومعرفة القُرّاء الكِبار 1/100، وغاية النّهاية 1/288. 7 هو: أبو عمارة حمزة بن حبيب بن عمارة بن إسماعيل الكوفيّ، المعروف بالزّيّات: مولى بني تميم، أحدُ القُرّاء السّبعة؛ أخذ القراءة عَرْضًا عن سليمان الأعمش، وغيره؛ وأخذ عنه الكسائيّ؛ توفّي سنة (156هـ) . يُنظر: معرفة القُرّاء 1/111، وغاية النّهاية 1/261. 8 هو: أبو محمّد يعقوب بن إسحاق الحضرميّ: أحدُ القُرّاء العشرة، وإمامُ اهل البصرة، ومُقْرِيها؛ روى عن حمزة، والكسائيّ؛ وأخذ عنه أبو حاتم السّجستانيّ؛ توفّي سنة (205هـ) . يُنظر: طبقات النّحويّين واللّغويّين 54، ومعرفة القُرّاء 1/157، وغاية النّهاية 2/386. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 820 بالرّفع1؛ وقراءة الباقين2 بالنّصب؛ لأنّ المشدّدة معناها التّأكيد، والمخفّفة منها بمنزلتها في العمل فجُعلت كذلك مع أفعال العلم؛ وليس كذلك النّاصبة؛ لأنّها تنقل الفعل من حالٍ إلى حالٍ، ولا يجوز أن يتقدّم3 معمولها [144/ب] عليها. وأمَّا (لَنْ) فهي عند سيبويه4 مفرَدة، وعند الخليل5 مركّبة؛ وأصلُها عنده: (لا أن) 6 فحذفت الهمزة تخفيفًا والتقى ساكنان؛ وهما: الألِف والنّون؛ فحذفت الألِف لذلك، وبقي (لَنْ) 7؛ والصّحيح ما ذهب إليه سيبويه.   1 وكذلك قرأَ بها خلَف العاشر. وحُجّة مَن رفع أنّه جعل (حسب) بمعنى العلم واليقين. وحُجّة مَن نصب أنّه أجرى (حسب) على بابه من الشّكّ. قاله مكّيّ في الكشف 1/416. وتُنظرُ هذه القراءة في: السّبعة 247، والمبسوط 187، وحجّة القراءات 233، والكشف 1/416، والتّيسير 83. 2 الباقون هم: ابن كثير، ونافع، وعاصم، وابن عامر، وأبو جعفر. يُنظر: المصادر السّابقة. 3 في ب: تتقدّم. 4 الكتاب 3/5. 5 كتاب العين 8/350، والكتاب 3/5. 6 في كلتا النّسختين: لأن، والصّواب ما هو مثبَت. 7 هُناك قولٌ ثالث في المسألة ذهب إليه الفرّاء؛ وهو: أنّها (لا) النّافية أبدل من ألِفها نون. يُنظر: المفصّل 407، وشرح المفصّل 7/16، 8/112، وشرح الرّضيّ 2/235، والجنى الدّاني 272، وتوضيح المقاصد 4/174، والمغني 373. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 821 وهي لفظةنفي وُضِعَت لجواب الفعل المقتَرن1 بأحد حرفي التّنفيس؛ وهما: السّين وسوف، فـ (لن يخرُج زيد) جوابُ مَن قال: سوف يخرُج، أو سيخرُج. وتختصّ (لن) دون أخواتها بأن يتقدّم2 عليها مفعول الفعل الّذي نصبته3، كقولك: ( [زيدًا] 4 لن أضرب) وأجمعوا على ذلك، وعلى أنّ معناها نفي الفعل المستقبل. وأمّا (إِذَنْ) فهي مفرَدة عند سيبويه5، ومركّبة عند الخليل6 من (إِذْ) و (أَنْ) 7.   1 في أ: والمقترن. 2 في ب: تقدّم. 3 في ب: تنصبه. 4 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 5 وهو مذهب الجمهور. يُنظر: الكتاب 3/12، والارتشاف 2/395، والجنى الدّاني 363، وتوضيح المقاصد 4/190، والمغني 30، والتّصريح 2/234، والأشمونيّ 3/290. 6 يُنظر: المصادر السّابقة. 7 في أ: إذا أن. وذهب قومٌ إلى أنّها ظرف؛ وأصلها (إذْ) الظّرفيّة لحقها التّنوين عِوَضًا من الجملة المضاف إليها، ونقلت إلى الجزائيّة. يُنظر: شرح الرّضيّ 2/235، والارتشاف 2/395، وتوضيح المقاصد 4/190، والأشمونيّ 3/290. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 822 ولها ثلاثة مواضع: موضع تَعمل فيه لا غير: وذلك إذا كانت مبتدأة1 جوابًا، ولم يعتمد ما بعدها على ما قبلها، ويكون الفعل مستقبلاً؛ مثالُه: أن يقول لك قائلٌ: (أنا أزورُك2 اليوم) فتقولُ: إذن أكرمَك؛ ووجب عملها بهذه الشّرائط؛ لأنّ كونها أوّلاً يلحقها3 بالعوامل الّتي مِن شأنها التّقدّم على المعمول. وكونُ ما بعدها [غير] 4 معتمد على ما قبلها، يخرجها من أنْ تكون حشوًا، ويكون5 الفعل بعدها مرفوعًا، وتكون ملغاة. [145/أ] وهذا الموضع الثّاني: وذلك أن يكون الفعل حالاً، كقول قائل: (أنا أحدّثك بكذا وكذا) 6فتقول [له] 7: إذن أظنّك صادقًا، وكذلك إذا اعتمد ما بعدها على ما قبلها بكونه8 خبر مبتدأ9، أو جوابًا لشرط، أو جوابًا لقَسَم لم تعمل، تقول: (أنا إذن أقوم) و (إنْ   1 في ب: مبتدأً، أي: أن تكون في ابتداء الكلام. 2 في أ: أزرك، وهو خطأ. 3 في أ: تلحقها. 4 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 5 في أ: أو كون. 6 في أ: وكذي. 7 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 8 في كلتا النسختين: بكونها، وما أثبته هو الأولى. 9 في أ: بكونها خبر المبتدأ، وجوابًا لشرط، وجوابًا لقسم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 823 تقم إذن أقم) ، (والله إذن أقم) 1، وأمّا قولُ الشّاعر: ارْدُدْ حِمَارَكَ لاَ يَرْتَعْ بِرَوْضَتِنَا ... إِذَنْ يُرَدَّ2وَقَيْدُ الْعَيْرِ مَكْرُوبُ3 فالواجبُ رفعُه، ولكنّه [نزّله] 4منزلة مَنْ خالَف الأمر، وقال: لا أردّه، فقال: إذن يُرَدَّ5. وأمّا قول الآخر: لاَ تَتْرُكَنِّي فِيهِمُ شَطِيرَا ... إِنِّي إِذَنْ أَهْلِكَ أَوْ أَطِيْرَا6   1 في ب: أقوم. 2 في ب: ترده قيد. 3 هذا البيتُ من البسيط، وهو لعبد الله بن عَنَمَةَ الضّبّيّ. والشّاهدُ فيه: (إذن يُرَدَّ) حيث نصب ما بعد (إذن) ؛ لأنّها مصدرة في الجواب؛ كأنّه قال: لا أردّه، فقال في الجواب: إذن يردّ. وأجاز الأعلَم رفع (يردّ) على إلغائها، وتقدير الفعل واقعًا للحال، والشّارح ذكر كلا الوجهين في الإعراب. يُنظر هذا البيتُ في: المفضّليّات 383، والكتاب 3/14، والأصمعيّات 228، والمقتضب 2/10، والأصول 2/148، والصّاحبيّ 198، وشرح المفصّل 7/16، وشرح الرّضيّ 2/238، ورصف المباني 152، والخزانة 8/462. 4 ما بين المعقوفين ساقطٌ من ب. 5 في ب: تردّه. 6 هذان بيتان من الرّجز المشطور، ولم أقف على قائلهما. و (الشّطير) : الغريب. والشّاهدُ فيهما: (إذن أهلك أو أطيرَا) حيث نصب الفعل المضارِع الّذي هو (أهلك) بعد إذن، مع أنّ إذن ليست مصدّرة، بل هي مسبوقة بقوله: (إنّي) ؛ وقد جرى جماعةٌ على أنّ ذلك ضرورة من ضرورات الشّعر، وذلك بناءً على أنّ إذن وما بعدها جملة في محلّ رفع خبر إنّ، وخرّجه جماعة على ما ذكره الشّارح؛ وهو: أنّ خبر إنّ محذوف، وإذن واقعةٌ في صدر جملةٍ مستأنفة، أو أجرى إذن مجرى لن فلم يلغها؛ لأنّهما جميعًا من نواصِب الأفعال المستقبلة؛ وأنشد الفرّاء ذلك عن العرب، وقال: الرّفع جائز، وذلك إذا تقدّمتها إنّ. معاني القرآن 1/274، 2/338. يُنظر هذان البيتان في: معاني الحروف للرّمّانيّ 116، والإنصاف 1/177، وشرح المفصّل 7/17، والمقرّب 1/261، وشرح الكافية الشّافية 3/1537، وابن النّاظم 670، ورصف المباني 154، والجنى الدّاني 362، والمغني 31، والمقاصد النّحويّة 4/383، والخزانة 8/456. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 824 يجرون (إذن) مُجْرى (لن) وهو الصّحيح؛ ويقدّرون محذوفًا1، كأنّه قال: إِنِّي أهلك إذن أهلك أو أطيرَا. والموضع الّذي2 تعمَل فيه وتلغى: هو3 إذا تقدّمها (فاء) أو (واو) من حروف العطف، كمن يقول: زيد4 يقوم، فتقول: فإذن أَخْرُجُ،   1 أي: يقدّرون خبر إنّ محذوفاً، وابتدأ إذن بعد تمام الأوّل بخبره، وساغ حذف الخبر لدلالة ما بعده عليه؛ كأنّه قال: لا تتركني فيهم غريبًا بعيدًا، إنّي أذلّ إذن أهلك أو أطير. يُنظر: شرح المفصّل 7/17. 2 في ب: الّتي. 3 في كلتا النّسختين: فهو. والكلام يستقيم بدون هذه الفاء. 4 في أ: أزيد. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 825 [وإذن أَخْرُجَ] 1؛ فمن رفع كان عاطِفًا لها على الجُملة الصّغرى. ومَن نصب كان عاطفًا على الجُملة الكبرى؛ وبه2قرأ القُرّاء السّبعة في قوله تعالى: {وَإِذًا لاَّ يَلْبَثُونَ خِلاَفَكَ} 3) . [145/ب] وفي بعض المصاحف: {وَإِذًا لاَّ يَلْبَثُوا} 4 والأكثر الرّفع5، كقوله تعالى: {َإِذًا لاَّ يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا} 6) .و (إِذَنْ) عند سيبويه في عوامِل الأفعال بمنزلة (ظننت) في عوامِل الأسماء؛ ولذلك7 تقع أوّلاً، ووسطًا، وآخِرًا؛ إلاّ أنّها إذا وقعتْ آخِرًا بَطَل عملها لا غير8.   1 ما بين المعقوفين ساقطٌ من ب. 2 أي: بإلغاء عملها. 3 من الآية: 76 من سورة الإسراء. 4 ينظر: الكتاب 3/13. وهذه قراءة أُبيّ بن كعب. يُنظر: مختصر شواذّ القراءات 77، والكشّاف 2/371، والبحر المحيط 7/92، والدّرّ المصون 7/394. 5 أي: الإلغاء. 6 من الآية: 53 من سورة النّساء. 7 في أ: وكذلك. 8 أفعال الشّكّ واليقين إذا تأخّرت أو توسّطت يجوز أن تعمل، و (إذن) إذا توسّطت بين كلامين أحدُهما محتاجٌ إلى الآخر لم يَجُزْ أن تعمَل؛ لأّنها حرف، والحُروف أضعف في العمل من الأفعال. يُنظر: الكتاب 3/13، وشرح المفصّل 7/17. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 826 وأمّا (كي) 1 فتكونُ في موضعٍ ناصبةً بنفسها، وفي موضعٍ ناصبةً بغيرها. فإذا دَخَلَتْ عليها لامُ الجرّ، كقوله2 تعالى: {لِكَيْلاَ تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ} 3 كان النّصب بها بنفسها4، ولم تكن5 حرف جرّ؛ لأنّ حَرْفَ6 الجَرِّ لا يدخُل على مثله غالبًا؛ فإذا قلتَ: (جئتُ لكيْ أُكرمَك) فالتّقديرُ: لأنْ أُكرِمَك7. وإظهارُ اللاّم بعدها تنبيهٌ على أنّ النّصب بـ (أنْ) مضمَرة؛ فالموضع الّذي تنصب فيه بإضمار (أن) هو الموضع الّذي تكون فيه كاللاّم، كقولك:   1 في (كي) ثلاثة مذاهب: 1- أنّها حرفُ جرٍّ دائمًا؛ وهو مذهبُ الأخفش. 2- أنّها ناصبة للفعل دائمًا؛ وهو مذهب الكوفيّين. 3- أنّها حرفُ جرٍّ تارة، وناصِبةُ للفعل تارةً؛ وهو مذهب البصريّين. يُنظر: معاني الحُروف للرّمّانيّ 100، والإنصاف، المسألة الثّامنة والسّبعون، 2/570، وشرح الرّضيّ 2/239، والجنى الدّاني 264، والمغني 242، وشرح الفريد 221، والأشمونيّ 3/280. 2 في ب: نحو قوله. 3 من الآية: 23 من سورة الحديد. 4 في ب: نفسها. 5 في أ: لم يكن. 6 في أ: حروف. 7 الأَوْلَى أن يُقال: فالتّقدير: لإِكْرَامكَ؛ لكنّ الشّارحَ أراد أن يبيِّن أنّ (كيْ) مصدريّة مثل (أنّ) ؛ وهذا يُفهم منه أنّها تؤوّل مع الفعل بالمصدر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 827 (جئتُ كَيْ أُكلِّمَك) 1؛ فهي هُنا2 بمنزلة لام الجرّ، كأنّك قلتَ: (جئتُ لأُكلّمَك) ؛ فإنْ جئتَ باللاّم كان النّصب بإضمار (أنْ) لا باللاّم؛ لأنّها حرف جرّ. فهي حرف وضع لمعنى3 العلّة4 والغَرض لوُقوع ذلك الفعل؛ ففيها شبَه من المفعول له. ويجوز إدخال (ما) و (لا) عليها مع (اللاّم) وبغير اللاّم؛ تقول: زُرْتُك لتُكرِمني، و [كيما] 5، ولكيما [146/ أ] تُكرِمَني، وجئتُك كيلاَ تغضَب، ولكيلاَ تغضب؛ فهذه الأربعة أُصولٌ ناصبة بأنفسها. وأمّا الحروف النّاصبة بغيرها فيجوز فيما بعدها وجهان؛ الرّفع والنّصب على تقديرين مختلِفين ما خلاَ اللاّم في النّفي؛ فإنّ6 الفعل لا يكون بعدها إلا منصوبًا بالفاء7   1 يجوز الأمران في هذا المثال: فإنْ جعلت جارّة كانت (أنْ) مقدّرة بعدها. وإن جعلت ناصبة كانت اللاّم مقدّرة قبلها. 2 في ب: ها هنا. 3 في كلتا النسختين: بمعنى، وما أثبته هو الأولى. 4 في أ: العلميّة، وهو تحريف. 5 ما بين المعقوفين ساقطٌ من ب. 6 في أ: بأنّ. 7 مذهب البصريّين أنّ النّاصب (أَنْ) مضمَرة. ويرى الكسائيّ والجرميّ أنّ النّاصب هو الفاء نفسها. ومذهبُ الكوفيّين أنّ النّاصب الخلاف؛ ويسمّونه الصّرف - أيضًا - أي: إنّها تصرف معنى ما بعدها عن معنى ما قبلها، فينصب بمخالفة الأوّل. يُنظر: الكتاب 3/28، وسرّ صناعة الإعراب 1/272، والإنصاف، المسألة السّادسة والسّبعون، 2/557، وشرح المفصّل 7/26، 27، ورصف المباني 443، والارتشاف 2/407، وتوضيح المقاصد 4/208 والجنى الدّاني 74، والأشمونيّ 3/305. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 828 إذا1 وقعت جوابًا لأحد ثمانية أشياء؛ الاستفهام، والأمر، والنّهي، والجحد، والعرض، والتّمنّي، والتّحضيض، والدّعاء. وإنْ كان أحدُ الفعلين سببًا للآخر كان ذلك الفعل2 منصوبًا، مثل: (أتقوم فتحدّثنا) بمعنى أيكون قيامُك سببًا لحديثنا3، وتلخيصه الجمع بين قيام وحديث؛ فالفعل4 الّذي قبل الفاء بمنزلة الشّرط، والفعل الّذي [دخلت] 5 عليه الفاء بمنزلة الجزاء؛ إذا قلتَ: (لا تقم فأغضب عليك) فالمعنى: إن تقم أغضب عليك. فالنّصب بعد الفاء المسبوقة بنفي حقيقيّ، نحو: (ما استغثتَ فتُغاث) ، وبنفي مؤوّل، نحو: (هل تأتينا6 فتحدّثَنا) ؛ لأنّ المعنى: ما تأتينا، ومنه قولُه تعالى: {لا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُواْ} 7.   1 في ب: وإذا. 2 أي: المسبّب. 3 في ب: لحدثنا، وهو تحريف. 4 في ب: والفعل. 5 ما بين المعقوفين زيادة يقتضيهل السياق، من شرح الحريري. 6 في أ: قل ما تأتنا، وهو تحريف. 7 من الآية: 36 من سورة فاطر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 829 والاستفهام1، كقوله تعالى: {َهَل لَّنَا مِن شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُواْ لَنَا} 2، ومنه3 قولُ الشّاعر: هَلْ تَعْرِفُونَ لُبَانَاتِي فَأَرْجُوَ أَنْ تُقْضَى ... فَيَرْتَدَّ بَعْضُ الرُّوحِ فِي الجَسَدِ4 والأمر، نحو: (زُرْني فَأَزُورَك5) ، ومنه قولُ الرّاجز6: [146/ب] يَانَاقُ سِيرِي عَنَقًا فَسِيحًا ... إِلَى سُلَيْمَانَ فَنَسْتَرِيحَا7   1 في ب: للاستفهام. 2 من الآية: 53 من سورة الأعراف. 3 في ب: ومثله. 4 في ب: والجسد. وهذا البيتُ من البسيط، ولم أقف على قائله. و (اللّبَانة) : الحاجة. والشّاهدُ فيه: (فأرجوَ) حيث نصب الفعل المضارِعَ بـ (أنْ) المضمَرة وُجوبًا بعد فاء السّببيّة الواقعة في جواب الاستفهام. يُنظر هذا البيتُ في: شرح الكافية الشّافية 3/1545، وابن النّاظم 678، وشرح قطر النّدى 82، والمقاصد النّحويّة 4/388، والتّصريح 2/239، والأشمونيّ 3/302. 5 في أ: فأزرك. 6 في ب: الآخر. 7 هذا بيتٌ من الرّجز، وهو لأبي النّجم العجليّ. و (العنق) : ضربٌ من السّير. و (سليمان) أراد به: سليمان بن عبد الملك الخليفة الأمويّ. والشّاهدُ فيه: (فنستريحا) حيث نصب الفعل المضارِع بـ (أن) المضمَرة وُجوبًا بعد فاء السّببيّة الواقعة في جواب الأمر. يُنظر هذا البيتُ في: الكتاب 3/35، ومعاني القرآن للفرّاء 2/79، والمقتضب 2/14، والأُصول 2/191، واللّمع 188، وشرح المفصّل 7/26، وشرح الكافية الشّافية 3/1544، وابن النّاظم 677، والدّيوان 82. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 830 والنّهي، كقوله تعالى: {لاَ تَطَغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي} 1، ومنهُ قولُ الآخر: وَلاَ تُخَالِفْ ثِقَةً فَتَنْدَمَا2 والعرض، (أَلاَ تَنْزِلُ عِنْدَنَا فَتُصِيْبَ خَيْرًا) ، ومنه قولُ الشّاعر: يَا ابْنَ [الْكِرَامِ] 3 أَلاَ تَدْنُوا4 فَتُبْصِرَ مَا ... [قَدْ] 5 حَدَّثُوكَ فَمَا6 رَاءٍ كَمَنْ سَمِعَا؟ 7   1 من الآية: 81 من سورة طه. 2 هذا بيت من الرّجز المشطور، ولم أقف على قائله. والشّاهدُ فيه: (فتندما) حيث نصب الفعل المضارِع بـ (أنْ) المضمَرة وُجوبًا بعد فاء السّببيّة الواقعة في جواب النّهي. ولم أجد مَنْ ذكر هذا البيت. 3 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 4 في أ: أَلاَ تنزل. 5 ما بين المعقوفين ساقطٌ من ب. 6 في أ: وما، وفي ب: فيما؛ وكلتاهما محرّفة، والصّواب ما هو مثبَت. 7 هذا بيتٌ من البسيط، ولم أقف على قائله. والشّاهدُ فيه: (فتُبصر) حيث نصب الفعل المضارع بـ (أنْ) المضمَرة وُجوبًا بعد فاء السّببيّة الواقعة في جواب العرض. يُنظر هذا البيتُ في: شرح الكافية الشّافية 3/1545، وابن النّاظم 678، وشرح شذور الذّهب 290، وابن عقيل 2/323، والمقاصد النّحويّة 4/389، والتّصريح 2/239، والهمع 4/123. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 831 والتّمنّي، كقوله تعالى: {يَا لَيْتَنِي كُنتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا} 1. ومنهُ قولُ الشّاعر: يَا لَيْتَ أُمَّ خُلَيْدٍ وَاعَدَتْ فَوَفَتْ ... وَدَامَ لِي مَعَهَا عُمْرٌ فَنَصْطَلِحَا2 والتّحضيض، كقوله تعالى: {لَوْلاَ أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ} 3. وحرُوف التّحضيض أربعة؛ وهي: (هَلاَّ) و4 (أَلاَ) و (لَوْلاَ) و (لَوْمَا) . والدّعاء، كقول الشّاعر: رَبِّ وَفِّقْنِي فَلاَ أَعْدِلَ عَنْ ... سَنَنِ السَّاعِينَ فِي خَيْرِ سَنَنْ5   1 من الآية: 73 من سورة النِّساء. 2 هذا بيتٌ من البسيط، ولم أقف على قائله. والشّاهد فيه: (فنصطلحا) حيث نصب الفعل المضارِع بـ (أنْ) المضمَرة وُجوبًا بعد فاء السّببيّة الواقعة في جواب التّمنّي. يُنظرُ هذا البيت في: شرح الكافية الشّافية 3/1546، وابن النّاظم 679، والمقاصد النّحويّة 4/389، والأشمونيّ 3/303. 3 من الآية: 10 من سورة المنافِقون. 4 في أ: أو. 5 هذا بيتٌ من الرّمل، ولم أقف على قائله. والشّاهد فيه: (فلا أعدل) حيث نصب الفعل المضارع بـ (أنْ) المضمَرة وُجوبًا بعد فاء السّببيّة الواقعة في جواب فعل الدّعاء. يُنظر هذا البيتُ في: شرح الكافية الشّافية 3/1545، وابن النّاظم 678، وشرح قطر النّدى 81، وابن عقيل 2/323، والمقاصد النّحويّة 4/388، والهمع 4/120، والأشمونيّ 3/302. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 832 ولا ينصب1 الفعل بعد الفاء غير مسبوقةً بنفي2 أو طلب إلا لضرورة الشّعر؛ كقول الشّاعر: [147/أ] سَأَتْرُكُ مَنْزِلِي لِبَنِي تَمِيمٍ ... وَأَلْحَقُ بِالْحِجَازِ فَأَسْتَرِيحَا3 ولا يجوز النّصب بعد شيءٍ من ذلك إِلاَّ بثلاثة شروط: الأوّل: أن يكون النّفي خالِصًا من معنى الإثبات. الثّاني: أن [لا] 4 يكون الطّلب باسم فعل، ولا بلفظ الخبر؛ ولذلك5 وجب رفع ما بعد الفاء6 في نحو: (ما أنتَ إِلاَّ تأتينا فتحدّثنا) و (مَا تَزَالُ تَأتينا7 فتحدّثُنا8) ، وكقول الشّاعر: وَمَا قَامَ مِنَّا قَائِمٌ فِي نَدِيِّنَا ... فَيَنْطِقُ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَعْرَفُ9   1 في أ: تنصب. 2 في كلتا النسختين: مسبوقة بغير نفي، وما أثبته هو الأولى. 3 تقدّم تخريجُ هذا البيتِ في ص 786. والشّاهدُ فيه هُنا: (فأستريحا) حيث نصَب الفعل المضارَع بـ (أنْ) المضمرة وُجوبًا بعد فاء السّببيّة غير مسبوقة بنفي أو طلب؛ وهذا ضرورة. 4 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 5 في أ: وكذلك، وهو تحريف. 6 في أ: ما، وهو تحريف. 7 في أ: وما يزال يأتينا فيحدّثنا. 8 الرّفع واجبٌ في المثالَيْن السّابِقَين؛ لانتقاض النّفي. 9 هذا بيتٌ من الطّويل، وهو للفرزدق. و (نديّنا) : النّدي والنّادي: المجلس. والشّاهدُ فيه: (فينطقُ) حيث رفعه؛ لأنّ من شرط النّصب بعد النّفي أن يكون النّفي خالصًا، وها هُنا ليس كذلك حيث انتقض النّفي بالاستثناء، فصار الكلام مثبتًا، فوجب الرّفع عند الشّارح، وابن مالكٍ، وابن النّاظم. واستشهد به سيبويه -رحمه الله- على نصب (ينطق) على الجواب بـ (أنْ) مضمرة وُجوبًا بعد فاء السّببيّة؛ ولا عبرة بدخول (إلاّ) بعده ناقضة للنّفي. وعند سيبويه أنّ مثل هذا يجوز فيه النّصب والرّفع، قال 3/32: "تقول: ما تأتينا فتكلّم - الأصل: فتتكلّم - إلاّ بالجميل، فالمعنى: أنّك لم تأتِنا إلا تكلّمت بجميل؛ ونصبه على إضمار (أنْ) كما كان نصب ما قبله على إضمار (أنْ) ، وتمثيله كتمثيل الأوّل؛ وإنْ شئتَ رفعتَ على الشّرِكة، كأنّه قال: وما تكلَّمُ إلاّ بالجميل". يُنظرُ هذا البيتُ في: الكتاب 3/32، والنّقائض 564، والأُصول 2/184، وجمهرة أشعار العرب 2/887، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقيّ 2/535، وشرح الكافية الشّافية 3/1547، وابن النّاظم 680، وتذكرة النّحاة 71، والمقاصد النّحويّة 4/390، والدّيوان 2/29. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 833 و (حسبُك الحديث فينامُ1 النّاس) . الثّالث: أن يقصد بالفاء الجزاء2 والسّببيّة، ولا يكون الفعل بعدها مبنيًّا على مبتدأ محذوف. فإنْ كان كذلك3 وجب الرّفع، كقولك: (ما تأتينا فتحدّثُنا) بمعنى:   1 في أ: فتنام، وهو تصحيف. وأجاز الكسائيّ نصب ما بعد الفاء في هذا المثال؛ لأنّه في معنى: اكتف بالحديث فينام النّاس. يُنظر: ابن النّاظم 680. 2 في أ: للجزاء. 3 أي: فلو قصد بالفاء مجرّد العطف، أو بالفعل بعدها بناؤه على محذوف وجب الرّفع كالأمثلة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 834 ما تأتينا فما تحدّثُنا، أو ما تأتينا فأنت تحدّثُنا، قال الله تعالى: {وَلاَ يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ} 1 أي: فهم يعتذرون. وجميع المواضع الّتي ينصب2 فيها المضارِع بإضمار (أَنْ) بعد الفاء ينتصب3 فيها بذلك بعد (الواو) 4 إذا قُصد بها المصاحبة؛ ومنه قولُ الشّاعر: [147/ب] فَقُلْتُ ادْعِي وَأَدْعُوَا إِنَّ أَنْدَى ... لِصَوْتٍ أَنْ يُنَادِيَ دَاعِيَانِ5   1 سورة المرسلات، الآية: 36. 2 في ب: تنصب. 3 في ب: تنصب. 4 هذا مذهب البصريّين. وذهب الكوفيّون إلى أنّ النّاصب الصّرف. وذهب الكسائيّ إلى أنّ (الواو) هي النّاصبة بنفسها. يُنظر: الكتاب 3/41 وما بعدها، والإنصاف، المسألة الخامسة والسّبعون، 1/555، وشرح المفصّل 7/21، والارتشاف 2/407، وتوضيح المقاصد 4/208، 210، والجنى الدّاني 157، والأشمونيّ 3/308. 5 هذا بيتٌ من الوافر، وهو للأعشى، وقيل: للحُطيْئة، أو لربيعة بن جُشَم، وقيل: للفرزدق، أو لدثَار بن شيْبان النّمريّ. والشّاهدُ فيه: (وأدعوَا) حيث نصب الفعل المضارع بـ (أنْ) المضمَرة وُجوبًا بعد واو المعيّة الواقعة في جواب الأمر. ورواية الفرّاء في معاني القرآن، وثعلب في مجالسه، وابن جنّي في سرّ صناعة الإعراب والأنباريّ في الإنصاف بحذف الواو، ولا شاهد عليها؛ لأنّه مجزومٌ بلام الأمر. والتّقديرُ: (ولأدْعُ) فحذفت اللاّم وأُبقيَ عملها؛ وهو جائزٌ عند الكوفيّين. يُنظرُ هذا البيتُ في: الكتاب 3/45، ومعاني القرآن للفرّاء 1/160، 2/314، ومجالس ثعلب 2/456، وأمالي القالي 2/90، وسرّ صناعة الإعراب 1/392، والتّبصرة 1/399، والإنصاف 2/531، وشرح المفصّل 7/33، 35، وشرح الكافية الشّافية 3/1548، وابن النّاظم 681، وزيادات الصّبح المنير في شعر الأعشى 260. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 835 وإذا قلتَ: (لا تأكل السّمك وتشربَ اللّبن) كان [المعنى] 1: النّهي عن الجمع بينهما2، ولم يكن ناهيًا3عن استعمال أحدهما على انفراده4؛ ومنه قولُ بعضِ5 العرب: (لاَ يَسَعُنِي شَيْءٌ وَيَعْجِزَ عَنْكَ) بالنّصب، ولو رفع لاستحال6 المعنى؛ لأنّه لا يجوز أَنَّ كلّ الأشياء [لا] 7 تسعه، وكلّ الأشياء لا تعجز8 عن صاحبه، وهذا مُحال.   1 ما بين المعقوفين ساقطٌ من ب. 2 في ب: نهيًا للأكل عن الجمع بينهما. 3 في ب: نهيًا. 4 في هذا المِثال يجوز فيه ثلاثة أوجُهٍ: الجزم: على التّشريك بين الفعلين في النّهي. والنّصب: على النّهي عن الجمع. والرّفع: على ذلك المعنى؛ ولكن على تقدير: لا تأكل السّمك وأنت تشربُ اللّبن. يُنظر: ابن النّاظم 683. 5 يُنظر: الكتاب 3/43، والمقتضب 2/25، والأُصول 2/154. 6 في ب: استحال. 7 ما بين المعقوفين زيادة مِنِّي يقتضيها السّياق. 8 في أ: لا يعجز. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 836 وانتصابُ الفعل بعدها بإضمار (أَنْ) ، وعلى هذا أنشدوا: لاَ تَنْهَ عَنْ خُلُقٍ وَتَأْتِيَ مِثْلَهُ ... عَارٌ عَلَيْكَ إِذَا فَعَلْتَ عَظِيمُ1 أي: لا تجمع بين النّهي عن القبيح وفعله2؛ ولم يرد نهيُه عن الفعلين، ومن ذلك: لَلُبْسُ عَبَاءَةٍ وَتَقَرَّ عَيْنِي أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ لُبْسِ الشُّفُوفِ3 فالفعل منصوبٌ بتقدير: (أَنْ) ؛ لأنّه معطوفٌ على اسم، فلو رفعه   1 هذا بيتٌ من الكامل، وهو لأبي الأسود الدُّؤَليّ، وقيل: للأخطل، وقيل للطِّرِمّاح، وقيل: لغيرهم. والشّاهدُ فيه: (وتأتيَ) حيث نصب الفعل المضارِع بـ (أنْ) المضمَرة وُجوبًا بعد واو المعيّة الواقعة في جواب النّهي. يُنظر هذا البيتُ في: الكتاب 3/42، ومعاني القرآن للفرّاء 1/34، 115، والمقتضب 2/26، والأُصول 2/154، والجُمل 187، والأزهيّة 234، وشرح المفصّل 7/24، وشرح الكافية الشّافية 3/1547، وابن النّاظم 682، ومستدرك ديوان أبي الأسود 165. 2 في ب: تفعله. 3 هذا بيتٌ من الوافر، وهو لميسون بنت بحدل الكلبيّة. والشّاهدُ فيه: (وَتَقَرَّ) حيث نصب الفعل المضارِع بـ (أنْ) المضمَرة جوازًا بعد واو عاطفة على اسم خالص من التّقدير بالفعل؛ وهو قوله: لبس. يُنظر هذا البيتُ في: الكتاب 3/45، والمقتضب 2/27، والأُصول 2/150، والجُمل 178، والإيضاح 242، وسرّ صناعة الإعراب 1/273، وأمالي ابن الشّجريّ 1/427، وشرح المفصّل 7/25، وشرح الكافية الشّافية 3/1557، وابن النّاظم 686. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 837 لم يحسن؛ لعطفِه فعلاً صريحًا على اسم صريح. وقولُه تعالى: {يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلاَ نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ المُؤْمِنِينَ} 1 في قراءة2 حمزة3، وحفص4؛ وقراءة الباقين5 (ونَكونُ) على معنى: ونحن نكون. [148/أ] وأمّا (أو) 6 فتَنصب الفعل المستقبَل على ضربين: أحدهما: بمعنى (إِلاَّ أَنْ) ، كقولك: (لأَلْزَمَنَّكَ أوْ تُعطيني حقِّي) ،   1 من الآية: 27 من سورة الأنعام. 2 هذه قراءة حمزة، وحفص عن عاصم، ويعقوب بنصب {نُكَذِّبَ} و {نَكُونَ} ووافقهم الأعمش. وقرأ ابن عامرٍ برفع {نُكَذِّبَ} ونصب {نَكُونَ} ونُقل عنه النّصبُ فيهما. يُنظر: السّبعة 255، والمبسوط 192، وحجة القراءات 245، والكشف1/427، والتّيسير 84، والبحر المحيط 4/474، والإتحاف 2/8. 3 في ب: حمزة وحفص -رضي الله عنهما - 4 هو: أبو عُمَر حفص بن سُليمان الأسديّ، الكوفيّ: أخذ القراءة عن عاصم؛ نزل بغداد فأقرأ بها، وجاور بمكّة فأقرأ بها؛ روى عنه كثيرٌ من التّابعين؛ تُوفّي سنة (180هـ) . يُنظر: معرفة القُرّاء 1/140، وغاية النّهاية 1/254. 5 يُنظر: المصادر السابقة في الحاشية رقم (2) في تخريج هذه القراءة. 6 الخلافُ في ناصب الفعل الواقع بعد (أو) يتبع الخلاف في ناصب الفعل الواقع بعد (الفاء) و (الواو) ؛ وقد فصّلنا القولَ هُناك، فليُراجَع ص 828، 829. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 838 ومعناه: تقريرُ وُجود فعلٍ إِنْ لم يعرض له مانع فيرتفع به وُجوده، وهو: ليكن منّي1 لك لُزومٌ إِلاَّ أَنْ يكون منك إعطاء2. [ثانيهما] 3 بمعنى (حتّى) 4، ومنهُ قولُ الشّاعر: لأَسْتَسْهِلَنَّ الصَّعْبَ أَوْ أُدْرِكَ المُنَى ... فَمَا انْقَادَتِ الآمَالُ إِلاَّ لِصَابِرِ5 وفي قول الذّريح6 لابنه قيس7 وقد أمَره بطلاق زوجته فلم يفعل 1 في ب: لك منّي.   2 في ب: اعظما، وهو تحريف. 3 ما بين المعقوفين زيادةُ يقتضيها السّياق. 4 أي: (حَتَّى) الّتي بمعنى (إلى أَنْ) ، لا الّتي بمعنى (كَيْ) . يُنظر: ابن النّاظم 673. 5 هذا بيتٌ من الطّويل، ولم أقف على قائله. والشّاهدُ فيه: (أو أُدرك) حيث نصب الفعل المضارِع بـ (أنْ) المُضْمَرة وُجوبًا بعد (أو) الّتي بمعنى (حتّى) . يُنظرُ هذا البيتُ في: شرح الكافية الشّافية 3/1540، وابن النّاظم 673، وشرح قطر النّدى 78، وابن عقيل 2/319، والمقاصد النّحويّة 4/384، والهمع 4/117، والأشمونيّ 3/295. 6 هو: ذَريح بن سُنَّة بن حُذافة الكِنانيّ، أبو قيس الشّاعر المشهور. يُنظر: الأغاني 9/210. 7 هو: قيْس بن ذَريح بن سُنَّة بن حُذافة الكِنانيّ: من شُعراء العصر الأمويّ، ومن سُكّان المدينة؛ وهو أحدُ عُشّاق العرب المشهورين بذلك، وصاحبته: لُبْنَى؛ توفّي سنة (68هـ) . يُنظر: الشّعر والشّعراء 417، والأغاني 9/210 -253، والأعلام 5/205. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 839 لمحبّته إيّاها، فطرح نفسه على1 الرّمضاء قائلاً: "وَاللهِ لاَ أَريمُ هَذَا المَوْضِعَ أَوْ أَمُوتَ أَوْ تُخَلِّيهَا"2. فالأولى بمعنى: (حَتَّى) ، والثّانية بمعنى: (إِلاَّ3 أَنْ) ، وكقوله تعالى: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ [عَلَيْهِمْ] 4} 5. وهي بمعنى (حتّى) في قوله: فِرَاقُ أَخٍ لَنْ6 يَبْرَحَ الدَّهْرَ ذِكْرُهُ ... يُهَيِّمُنِي مَا عِشْتُ أَوْ يَنْفَدَ العُمْرُ7 (أو) 8 بمعنى: (كَيْ) في قوله: وَكُنْتُ إِذَا غَمَزْتُ قَنَاةَ قَوْمٍ ... كَسَرْتُ كُعُوبَهَا أَوْ تَسْتَقِيْمَا9   1 في ب: إلى الرّمضاء. 2 قصّة قيس بن ذريح مع أبيه ذكرها صاحب الأغاني 9/214. ويُنظر: شرح عمدة الحافظ 1/335. 3 في ب: إلى أَنْ. 4 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 5 من الآية: 128 من سورة آل عمران؛ وهي في الآية بمعنى: (إِلاَّ أَنْ) . 6 في أ: لم. 7 هذا بيتٌ من الطّويل، وهو لأبي صخرٍ الهُذليّ. والشّاهدُ فيه: (أو ينفد) حيث نصب الفعل المضارِع بـ (أن) المضمَرة وُجوبًا بعد (أو) الّتي بمعنى (حتّى) . يُنظرُ هذا البيتُ في: شرح أشعار الهذليّين 2/952، وشرح عمدة الحافظ 1/336. 8 في ب: وأو. 9 هذا بيتٌ من الوافر، وهو لزياد الأعجم. و (غمزتُ) : ليّنت. و (القناة) : الرّمح. و (الكعب) : هو النّاشز في أطراف الأنابيب. والشّاهدُ فيه: (أو تستقيما) حيث نصب الفعل المضارِع بـ (أن) المضمَرة وُجوبًا بعد (أو) التي بمعنى (كي) . والنُّحاة يستشهدون بها على أنّ (أو) بمعنى (إلاّ أَنْ) ؛ وهو الصّحيح. يُنظر هذا البيت في: الكتاب 3/48، والمقتَضَب 2/29، والإيضاح 247، والأزهيّة 122، والتّبصرة 1/398، وأمالي ابن الشّجريّ 3/78، وشرح المفصّل 5/15، والمقرّب 1/263، وشرح الكافية الشّافية 3/1540، وابن النّاظم 674، والدّيوان 101 -وفيه (أو تستقيمْ) بدل (أو تستقيما) -. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 840 وأمّا (حَتَّى) فقد تقدّم الكلامُ في عملها في أبوابِها. [148/ب] وهي إذا نصبت1 الفعلَ المستقبَل فعلى أحد معنيَيْن:   1 ذهب البصريّون إلى أنّها حرف جرّ، والفعل بعدها منصوبٌ بتقدير (أَنْ) ، والاسم بعدها مجرورٌ بها. واختلف الكوفيُّون: فذهب الفرّاء إلى أنّها ناصبة بنفسها وليست الجارّة، وعنده أنّ الجر بعدها إنّما هو لنيابَتِها مَناب (إلى) . وذهب الكسائيّ إلى أنّها ناصبة بنفسها أيضًا، وإذا جاء الجرّ في الاسم بعدَها فبإِضْمارِ (إلى) ؛ ويجوز عنده إظهارُها. وذهب بعضُ الكوفيّين إلى أنّها ناصبة بنفسها كـ (أن) ، جارّةٌ بنفسها لشبهها بـ (إلى) ، وأجازوا إظهارَ (أَنْ) بعدها توكيدًا. يُنظر: الإنصاف، المسألة الثّالثة والثّمانون،2/597، وشرح المفصّل7/19، 20، والارتشاف2/403، وتوضيح المقاصد4/202، والجنى الدّاني554، والهمع 4/111، 112، والأشمونيّ3/298. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 841 معنى (كَيْ) ، أو (إلى أَنْ) ، كقولك: (سِرْتُ حتّى أدخلَ المدينة) ، و (صُمْ حتّى تغرُبَ الشّمس) ، وتقديرُ الكلام: إلى أنْ تغرُبَ الشّمس، و (أَطِعِ الله حتّى يرحمَك) أي: كَي يرحمَك. وكُلُّ موضعٍ كان الفعل الثاني غاية للأوّل1كانت بمعنى (إلى أنْ) . وكُلُّ موضعٍ كان الأوّل سببًا للثّاني كانت بمعنى (كَيْ) . وإِنْ كان الفعلُ بعد (حَتَّى) حالاً فيه حَرْفُ ابتداء، والفعلُ بعدَها لازمُ الرّفع؛ لخُلُوِّه عن ناصبٍ أو جازم، كقولك: (سِرْتُ البارحةَ حتى أدخلُها الآن) أي: سِرْت حتى أنا الآن أدخلها؛ ومنه قولُهم: (مَرِضَ فلانٌ حتّى لا يَرْجُونَه) فما لـ (كي) ههنا معنى2، و (سألتُ عنه حتى لا أحتاج إلى سؤال) . والحال المقدّرة أن يكون الفعلُ قد وقع فيقدَّرُ المُخْبَر به اتّصافُه بالدُّخول فيه فيُرفع3؛ لأنّه حالٌ بالنّسبة إلى تلك الحال؛ وقد يقدّر4اتّصافُه بالعزم عليه فيُنصب؛ لأنّه مستقبَل بالنّسبة إلى تلك الحال؛ ومنه قولُه تعالى: {وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ} 5 قَرَأهُ نافعٌ بالرّفع6،   1 في أ: الأوّل. 2 في كلتا النسختين: عمل، وما أثبته هو الأولى. 3 في ب: فترفع. 4 في أ: نقدّر. 5 من الآية: 214 من سورة البقرة. 6 يُنظر: السّبعة181، والمبسوط146، وحجّة القراءات131، والكشف 1/289، والتّيسير68. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 842 والباقون بالنّصب1. و (اللاّم) الّتي بمعنى (كَيْ) 2، كقولك: (قصدتُّكَ لتقوم معي) ؛ فهي لامُ التّعليل، كقوله3تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ} 4. [149/أ] وقد تأتي بمعنى العاقبة؛ كقوله تعالى: {فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا} 5. أو زائدة؛ كقوله تعالى: {يُرِيدُ اللهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ} 6.   1 يُنظر: المصادر السّابقة. 2 ذهب البصريّون إلى أنّ النّاصب للفعل (أَنْ) مقدّرة بعدها، والتّقدير: جئتُك لأنْ تُكرِمَني. وذهب الكوفيّون إلى أنّ لام (كَيْ) هي النّاصبة للفعل من غير تقدير (أَنْ) ، نحو: جئتُك لتُكرِمَني. وذهب ثعلبٌ إلى أنّ اللام ناصبة بنفسها لقيامها مَقامَ (أَنْ) . يُنظر: الإنصاف، المسألة التّاسعة والسّبعون، 2/575، وشرح المفصّل 7/19، 20، والارتشاف 2/401، وتوضيح المقاصد 4/197، والهمع 4/140، والأشمونيّ 3/292. 3 في ب: ومنهُ قولُه تعالى. 4 من الآية: 44 من سورة النّحل. 5 من الآية: 8 من سورة القصص. 6 من الآية: 26 من سورة النّساء. وهذه الآيات الثّلاث إضمار (أَنْ) فيها جائز لا واجب؛ لأنّه يجب إظهارُها مع الفعل المقرون بـ (لا) ، ويجبُ إضمارُها مع الفعل إذا كانت اللاّم قبله زائدة لتوكيد نفي كان. ويجوز الأمران في غير ذلك؛ كهذه الآيات. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 843 وأمّا الّتي لتأكيد النّفي؛ كقوله تعالى: {وَمَا كَانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ} 1، و {لمَْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ} 2؛ فهي3 الدّاخلة على الخبر بعد (ما كان) أو (لم يكن) ؛ وتسمّى (لام الجُحود) ؛ فتُنصب بإضمار (أَنْ) 4؛ وهاتان اللاّمان مكسورتان كلام الجرّ. وَإِنْ يَكُنْ5 خَاتِمَةُ الْفِعْلِ أَلِفْ ... فَهْيَ عَلَى سُكُونِهَا لاَ تَخْتَلِفْ تَقُولُ: لَنْ يَرْضَى أَبُو السُّعُودِ ... حَتَّى يَرَى نَتَائِجَ الْوُعُودِ فصل: [الكلام] 6 ههنا على الفعل المعتلّ اللاّم: فإنْ كان آخِر الفعل المستقبل واوًا، كـ (يدعو) ، [أو (يغزو) ] 7،   1 من الآية: 33 من سورة الأنفال. 2 من الآية: 137 من سورة النِّساء. 3 في ب: وهي. 4 هذا مذهبُ البصريِّين؛ وذهب الكوفيّون إلى أنّ اللاّم ناصبة بنفسها. وذهب ثعلبٌ إلى أنّ اللاّم ناصبة بنفسها لقيامِها مقام (أَنْ) . يُنظرُ: الإنصاف، المسألة الثّانية والثّمانون، 1/593، وشرح المفصّل 7/19، 20، والارتشاف 2/399، وتوضيح المقاصد 4/197، والهمع 4/108، والأشمونيّ 3/292. 5 في متن الملحة 50: وَإِنْ تَكُنْ. 6 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 7 ما بين المعقوفين ساقطٌ من ب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 844 أو ياء، كـ (يرمي) 1 حَرَّكْتَها بالفتح في حال النّصب، فتقول: إنّ زيدًا لن يدعوَ، ولن يرميَ2. فإنْ3 كان آخرُه ألفًا أَبْقَيْتَهَا على سُكونِها؛ لأنّ الأَلِف لا يمكن تحريكُه، [فتقول:] 4 لن يرضى زيد، [ولن يخشى] 5؛ فآخر هذين الفعلين الألِف، وإن كتبا بالياء.   1 في ب: كرحى، وهو تحريف. 2 في ب: إنّ زيدًا لن يرميَ ولن يدعوَ بفتح الياء. 3 في ب: وإن. 4 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 5 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 845 بَابُ الأَفْعَالِ الَّتِي رَفْعُهَا بِثَبَاتِ1 النُّونِ: [149/ب] وَخَمْسَةٌ تَحْذِفُ2 مِنْهُنَّ الطَّرَفْ ... فِي نَصْبِهَا فَأَلْقِهِ وَلاَ تَخَفْ وَهْيَ - لَقِيتَ الخَيْرَ - تَفْعَلاَنِ ... وَيَفْعَلاَنِ فَاعْرِفِ الْمَبَانِي وَتَفْعَلُونَ ثُمَّ يَفْعَلُونَا ... وَأَنْتِ يَا أَسْمَاءُ تَفْعَلِينَا فَهَذِهِ يُحْذَفُ3 مِنْهَا النُّونُ ... فِي نَصْبِهَا لِيَظْهَرَ المَكْنُونُ4 تَقُولُ لِلزَّيْدَيْنِ5: لَنْ يَنْطَلِقَا6 ... وَفَرْقَدَا السَّمَاءِ لَنْ يَفْتَرِقَا وَجَاهِدُوا يَا قَوْمِ حَتَّى تَغْنَمُوا ... وَقَاتِلُوا الكُفَّارَ كَيْمَا يُسْلِمُوا7 وَلَنْ يَطِيبَ العَيْشُ حَتَّى تَسْعَدِي ... يَا هِنْدُ بِالْوَصْلِ الَّذِي يُرْوِي الصَّدِي فصل: هذه الأفعال رفعها بثبات8 النّون؛ وهي ثلاثةُ أفعال:   1 في ب: بإثبات. 2 في أ: يحذف. 3 في متن الملحة 51: فَهَذِهِ تُحْذَفُ. 4 في متن الملحة 51، وشرح الملحة 348: لِيَظْهَرَ السُّكُونُ. 5 في أ: للزّيدان، وهو خطأ. 6 في متن الملحة 51، وشرح الملحة 349: لَنْ تَنْطَلِقَا. 7 في أ: تسلموا. 8 في ب: بإثبات. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 847 فعلٌ لجمع المذكّر العاقل، وفعلٌ للمثنّى1، وفعلٌ للمفرد المؤنّث، لكن بالحضور والغيبة [150/أ] اللّذين يختصّان بالجمع والمثنّى، صارت خمسة؛ فمتى دخل عليها ناصب حذف النّون منها، تقولُ: أريد أَنْ تطيعوا، وأن تعلما، ولن يذهبوا،2 ولن يخرُجا3، ولن تفعلي4 يا هِنْدُ.   1 في أ: للتّمنّي، وهو تحريف؛ وفي ب: المثنّى. 2 في ب: تذهبوا. 3 في ب: كيْ تخرُجا. 4 في أ: لن تفعلين يا هذه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 848 بَابُ الْجَوَازِمِ: وَيُجْزَمُ1 الْفِعْلُ بِ (لَمْ) فِي النَّفْيِ ... وَاللاَّمُ فِي الأَمْرِ وَ (لاَ) فِي النَّهْيِ وَمِنْ حُرُوفِ الْجَزْمِ أَيْضًا (لَمَّا) ... وَمَنْ يَزِدْ فِيهَا يَقُلْ: أَلَمَّا تَقُولُ: لَمْ تَسْمَعْ2 كَلاَمَ مَنْ عَذَلْ3 ... وَلاَ تُخَاصِمْ مَنْ إِذَا قَالَ فَعَلْ وَخَالِدٌ لَمَّا يَرِدْ مَعْ مَنْ وَرَدْ ... وَمَنْ يَوَدَّ فَلْيُوَاصِلْ مَنْ يُوَدّ فصل: يجزم الفعل المضارع4بـ (لم) ، و (لَمَّا) - وهما أختان -، و (لام الأمر) ، و (لا) في النّهي. فأمّا (لَمْ) فهو حرف وضع لنفي فعل ماض، فإذا قال5قائل: (فعل زيد) فنفيه: (لم يفعل) ؛ وقد تحمل6على (ما) فترفع7 الفعل   1 في ب: وتجزم. 2 في متن الملحة 52: تَقُولُ: لَمْ يَسْمَعْ. 3 في شرح الملحة 350: مَنْ عَزَلْ. 4 حروف الجزم لأصليّة خمسة؛ ذكر الشّارحُ منها أربعة، والخامس: (إِنْ) في المجازاة. يُنظر: اللّمع 192، وشرح المفصّل 7/40، ولباب الإعراب 449. 5 في ب: فإذا قلت. 6 في ب: يحمل. 7 في ب: فيرتفع. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 849 بعدها1؛ ومنه قولُ الشّاعر: لَوْلاَ فَوَارِسُ مِنْ نُعْمٍ وَأُسْرَتُهَا ... يَوْمَ الصُّلَيْفَاءِ2 لَمْ يُوفُونَ بِالجَارِ3 (لَمّا) حرفُ نفيٍ لفعلٍ معه (قد) ، كمن قال: (زيدٌ [قد] 4 فعل)   1 ذكر ابن مالك في التّسهيل أنّها تُحمل على (لا) ، وذكر في شرح الكافية الشّافية أنّها تُحمل على (ما) ، وهو أحسن؛ لأنّ (ما) ينفى بها الماضي كثيرًا، بخلاف (لا) . يُنظر: التّسهيل 236، وشرح الكافية الشّافية 3/1591، وشرح عمدة الحافظ 1/376، وتوضيح المقاصد 4/236، والأشمونيّ 4/5. 2 في كلتا النّسختين: الصّليفان، وهو تحريف؛ والصواب ما هو مثبَت. 3 هذا بيتٌ من البسيط، ولم أقف على قائله. ونُعم: اسم امرأة؛ وقال البغداديّ في الخزانة 9/4، وشرح أبيات المغني 5/132: (إنّها محرّفةٌ من ذُهْل، وهي اسمُ قبيلة) . الصُّليفاء تصغير صَلْفَاء؛ وهي: الأرض الصّلبة؛ ويوم الصّليفاء: يومٌ من أيّام العرب كان لهوازِن على فَزَارَة وعَبْس وأَشْجَع؛ ويروى: (الصّلعاء) و (الصّليعاء) وهو: اسم موضع كانت به وقعة لهم. ذكره ياقوت في معجم البُلدان 3/421، 422. والشّاهدُ فيه: (لم يوفون) حيث ألغيت (لم) حملاً على (ما) فارتفع الفعلُ بعدها. يُنظر هذا البيتُ في: سرّ صناعة الإعراب 2/448، وشرح المفصّل 7/8، وشرح الكافية الشّافية 3/1574، 1592، واللّسان (صلف) 9/198، والمغني 365، وتوضيح المقاصد 4/237، والمقاصد النّحويّة 4/446، والهمع 4/313، والخزانة 9/3. 4 ما بين المعقوفين ساقطٌ من كلتا النّسختين. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 850 فنفيُه: لَمَّا يفعل. وهي مركّبة1 من (لَمْ) و (مَا) 2 فأُدغمت ميمُ (لَمْ) في ميم3 (ما) . [150/ب] ووجه الزّيادة4: أنّهم لَمّا زادوا حرفًا في الإثبات وهو (قَدْ) ، زادوا حَرْفًا في النّفي وهو5 (ما) . وكلاهُما6 يجزمان الفعل المستقبَل؛ فإنْ كان معتلاًّ سقط منه حرفُ العلّة، كقولك: (لَمْ يغزُ) و (لم يرمِ) و (لم يخش) و (لم يقم) و (لَمّا يغزُ) و (لَمّا يرمِ) و (لَمّا يخش) و (لَمّا يقم) ، قال اللهُ تعالى: {كَلاَّ لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ} 7. فإنْ كان سالمًا سكن آخره، كقوله تعالى: {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} 8،   1 هذا مذهب الجمهور؛ وقيل: بسيطة. يُنظر: الجنى الدّاني 593، وتوضيح المقاصد 4/239، والهمع 4/313، والأشمونيّ 4/8. 2 في أ: ولَمّا، وهو تحريف. 3 في أ: ميمها. 4 في أ: وتوجيه الزّيادة أَنّه. 5 في أ: وهي. 6 أي: لَمْ، ولَمَّا. 7 سورة عبس، الآية: 23. 8 سورة الإخلاص، الآية: 3. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 851 و (لَمّا يذهب) ، [و] 1 قال الشّاعر: فَإِنْ كُنْتُ مَأْكُولاً فَكُنْ خَيْرَ2 آكِلٍ ... وَإِلاَّ فَأدْرِكْنِي وَلَمَّا أُمَزَّقِ3 والفرقُ بين (لَمْ) و (لَمّا) من وجهين: أحدُهما: أَنّ (لَمّا) تُفيد امتداد انتفاء الفعل إلى وقت حديثك، تقول: (ندم زيد ولم ينفعه النّدم) أي: عقيب ندمه؛ فإنْ قلتَ: (ولَمّا ينفعه) كان معناه أنّه لم ينفعه إلى وقته هذا، قال اللهُ تعالى: {وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيْمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ} 4 المعنى: إنّهم إلى وقت الإخبار عنهم كانوا غيرَ مؤمنين. الثّاني: أنّه يوقف على (لَمّا) دون الفعل، كقولك: (خرج زيد ولَمَّا) أي: [و] 5 لَمّا يخرج.   1 العاطفُ ساقطٌ من أ. 2 في أ: أنت آكِلي. 3 هذا بيتٌ من الطّويل، وهو للممزّق العبديّ. والشّاهدُ فيه: (ولَمّا أمزّق) حيث عملت (لَمّا) الجزم في الفعل المضارِع السّالم بتسكين آخِرِه؛ وحُرِّك هُنا لأجل القافية. يُنظر هذا البيتُ في: الأصمعيّات 166، والكامل 1/26، والجمهرة (زقم) 2/823، وأمالي ابن الشّجريّ 1/204، ورصف المباني 352، واللّسان (مزق) 10/343، والمغني 367، والأشمونيّ 4/5. 4 من الآية 14 من سورة الحجرات. 5 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 852 وقد حملت (لَمْ) على (لَمَّا) في الشِّعر [فَوُقِفَ عليها] 1،كقول2 الشّاعر: [151/أ] اُرْدُدْ وَدِيْعَتَكَ3 الَّتِي اسْتُودِعْتَهَا4 ... يَوْمَ الأَحَارِبِ إِنْ وَصَلْتَ وَإِنْ لَمِ5 أي: وإن لم تصل. وَأمّا (أَلَمْ) فهي (لَمْ) زيدتْ عليها همزة الاستفهام؛ فلمّا رُكِّب النّفي مع الاستفهام [أفاد] 6 تقريرًا؛ كقوله [تعالى] 7: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ} 8، ويصير الفعل الَّذي يدخلان عليه في معنى الماضي9؛ لأنّه   1 ما بين المعقوفين ساقطٌ من ب. 2 في ب: كقولك. 3 في ب: ودائعك. 4 في أ: اودعتها. 5 هذا بيتٌ من الكامل، وهو لإبراهيم بن هرمة القُرشيّ. والشّاهدُ فيه: (وإن لم) حيث حذف الفعل الّذي دخلت عليه (لم) حملاً على (لَمّا) ؛ والتّقدير: وإن لم تصل. يُنظر هذا البيتُ في: جواهر الأدب 256، 424، والجنى الدّاني 269، وتوضيح المقاصد 4/234، والمغني 369، والمساعد 3/131، والمقاصد النّحويّة 4/443، والتّصريح 2/247، والهمع 4/313، والخزانة 9/8، والدّيوان 191. وفي جميع هذه المصادر (احفظ) بدل (اردد) ، و (يوم الأعازِب) بدل (يوم الأَحارب) . ويوم الأعازب: يوم معهود من أيّام العرب. 6 ما بين المعقوفين زيادة مِنِّي يقتضيها السّياق. 7 ما بين المعقوفين ساقطٌ من ب. 8 سورة الشّرح، الآية: 1. 9 وهل تدخلان على الماضي فتنقلانِه إلى المضارِع، أو على لفظ المضارع فينقلان معناه إلى الماضي؟، مذهبان: الثّاني منهما الأظهر. يُنظر: شرح المفصّل 8/110، وشرح الرّضيّ 2/232. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 853 يحسُن أن نقول: (لم يخرُج زيد أمس) و (لَمّا يذهب أمس) 1. وقد يدخُل بين الجازم والهمزة الواو والفاء2، كقوله تعالى: {أَوَ لَمْ نُعَمِّرْكُمْ} 3، و {أَفَلَمْ يَنظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ} 4. وقد تكون5 (لَمّا) اسمًا ظرفيًّا بمعنى (حين) 6؛ وذلك   1 لفظ (أمس) لا يتّصل إلاّ بالفعل الماضي، ولولا دُخول (لم) و (لَمّا) على الفعل المستقبَل لَمَا ساغ هذا الكلام؛ لأنّه لا يحسُن أن تقول: (يخرُج زيد أمس) . يُنظر: شرح ملحة الإعراب 351. 2 الواوُ والفاء اللاّحقان لها بعد الهمزة للعطف، وتأخَّرا عن الهمزة لوجهين: أحدُهما: أنّ لها صدر الكلام دونهما؛ لأنّ الاعتماد عليها. والثّاني: أنّ الواو والفاء مع (لم) كلفظٍ واحد لشدّة اتّصالهما بها؛ وكأنّ الهمزة أَحْدَثَتْ التّقرير والتّوبيخ بعد حُصول العطف في الكلام. يُنظر: رصف المباني 350، 351، والارتشاف 2/546. 3 من الآية: 37 من سورة فاطر. 4 من الآية: 6 من سورة ق. 5 في أ: يكون. 6 القولُ باسميّتها ظرفًا لابن السّرّاج، والفارسيّ، وابن جنّي، وجماعة؛ والجواب عاملٌ فيها، والجُملة بعدها في موضع جرّ بها. والمشهور كونها حرف وُجود لوجود. يُنظر: الكتاب 1/98، 4/234، والأصول 2/234، 3/179، وإيضاح الشّعر 83، والأزهيّة 199، والتّسهيل 241، وشرح الكافية الشّافية 3/1643، 1644، ورصف المباني 354، والجنى الدّاني 594، والمغني 369. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 854 إذا وَلِيَها الفعل الماضي، كقوله تعالى: {وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُودًا} 1. وتكون بمعنى (إلاّ) للتّحضيض2، نحو: (عَزَمْتُ عَلَيْكَ لَمَّا فَعَلْتَ) أي: إلاّ فعلت. و (لام) الأمر، و (لا) في النّهي يفهمان3 الطّلب؛4 وأصل اللاّم السّكون، وحرّكت لامتناع الابتداء بها ساكنة، وكُسرت5 للفرق بينها وبين لام التّوكيد6.   1 من الآية: 58 من سورة هود. (لَمّا) الّتي بمعنى (إلاّ) لها موضعان: أحدُهما: بعد القسَم، نحو (نشدتّك بالله لَمّا فعلت) ، و (عزمتُ عليك لَمّا ضربت كاتبَكَ سوطًا) . والثّاني: بعد النّفي، ومنه قراءة عاصم، وحمزة: {وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ} [يس: 32] أي: ما كلّ ذلك إلاّ جميع. والشّارح- رحمه الله - أتى بمعنى جديد لـ (لَمّا) الّتي بمعنى (إلاّ) ؛ وهو التّحضيض، والملاحظ من مثاله أنّه قَسَمٌ وليس تحضيض. يُنظر: الأزهيّة 198، وشرح الكافية الشّافية 3/1645، والجنى الدّاني 593. 3 في ب: يعمّهما. 4 فـ (لامُ) الأمر لطلب الفعل، و (لا) النّاهية لطلب الكفّ. 5 في أ: وحكرت، وهو تحريف. وحركتها الكسر، وسليم تفتحها. يُنظر: معاني القرآن للفرّاء 1/285، وشرح المفصّل 9/24، والمغني 294، والجنى الدّاني 111. 6 وهو رأي أبي إسحاق الزّجّاج. يُنظر: اللّسان (لوم) 12/559، وشرح العوامِل المائة 253. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 855 وقيل: أشبهت لام الجرّ المختصّة بالاسم في اختصاصها بالفعل1. وهي تستعمل في أمرٍ، أو دعاءٍ2، كقوله تعالى: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ} 3، [151/ ب] و {لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ} 4. وتكون5 للغائب، كقول الشّاعر: [وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي كَفِّهِ غَيْرُ نَفْسِهِ ... لَجَادَ بِهَا] 6 فَلْيَتَّقِ اللهَ سَائِلُهْ7   1 وكسر (لام) الأمر حملاً على اللاّم الجارّة هو رأي الرّمّانيّ. يُنظر: معاني الحروف 57، 58. وذكر ابن يعيش أنّها كُسرت حملاً على حروف الجرّ. يُنظر: شرح المفصّل 9/24. 2 أو التماس، كقولك لمن يساويك: (لِتَفْعَل) من غير استعلاء؛ وذلك لأنّ الطّلب إذا ورد من الأعلى فهو أمر، وإذا ورد من الأدنى فهو دعاء، وإذا ورد من المساوي فهو التماس. يُنظر: الجنى الدّاني 110، والتّصريح 2/246. 3 من الآية: 7 من سورة الطّلاق. 4 من الآية: 77 من سورة الزُّخرُف. 5 في أ: ويكون. 6 ما بين المعقوفين ساقط من أ. 7 هذا بيتٌ من الطّويل، ويُنسب لعبد الله بن الزّبير، ولزُهير بن أبي سُلمى، ولأبي تمّام، وغيرهم. والشّاهدُ فيه: (فليتّق اللهَ) حيث تكون (لام) الأمر للغائب. يُنظر هذا البيتُ في: رصف المباني 359، والوحشيّات 247، والحماسة البصريّة 1/136، وديوان زُهير بن أبي سُلمى - في الحاشية - 57، 58، وديوان عبد الله بن الزّبير 122، وديوان أبي تمّام 3/29. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 856 ويُختار1 تسكينُها بعد الواو والفاء، كقوله تعالى: {فَلْيَتَقّوا اللهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا} 2. وإنْ دخلت ثمّ [عليها] 3 فالكسر المختار؛ لأنّها كلمة منفصلةٌ عن اللاّم4. وعلى هذا قرأ أبو عمرو5 {ثُمَّ لِيَقْطَعْ} 6 [بكسر اللاّم] 7؛   1 وتسكينُ اللاّمِ بعد (الواو) و (الفاء) ، وكسرها بعد (ثُمَّ) هو الاختيار. يُنظر: الكتاب 4/151، والمقتضب 2/133، 134، وسرّ صناعة الإعراب 1/384، وشرح المفصّل 9/40، وشرح الكافية الشّافية 3/1564، والجنى الدّاني 111. 2 من الآية: 9 من سورة النّساء. 3 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 4 قال ابنُ جنّي في سرّ صناعة الإعراب 1/384: "وذلك أنّ (ثُمَّ) حرفٌ على ثلاثة أحرُف يمكن الوُقوف عليه، وإذا أمكن الوُقوف لَزِمَك الابتداء بالسّاكِن، وهذا غيرُ جائزٍ بإجماع". وقيل: إسكانُ اللاّم مع (ثمّ) يكون ضرورة. وقيل: يجوز سعة؛ وقد قرئ به في السّبعة، وإنْ ردّه البصريّون ووصفوه بالضّعف والقِلّة. يُنظر: معاني القرآن للفرّاء 1/285، والمقتضب 2/133، 134، والارتشاف 2/541، والجنى الدّاني 111، 112، والهمع 4/308. 5 وهي قراءة ابن عامر، ووَرْشٍ عن نافع؛ وقرأ الباقون بإسكان اللاّم. يُنظر: السّبعة 434، والمبسوط 306، وحجّة القراءات 473، والكشف 2/116، والتّيسير 127. 6 من الآية: 15 من سورة الحجّ. 7 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 857 فالواو والفاء يمتزجان [باللاّم كما يمتزجان] 1 بالهاء في دخولهما2 على المُضْمَر، وتسكين الهاء منه، كقولك3: (قال محمّد وَهْو صادق) و (سارت النّاقة وهي مثقَلة) ، وقوله [تعالى] 4: {فَهِيَ خَاوِيَةٌ [عَلَى عُرُوشِهَا] 5} 6. ويجوزُ في الشّعر أن تحذف اللاّم، ويبقى جزمُها، كقوله: مُحَمَّدٌ تَفْدِ نَفْسَكَ كُلُّ نَفْسٍ ... إِذَا مَا خِفْتَ مِنْ شَيْءٍ تَبَالاَ7 (لا) النّاهية: استعمالها في النّهي أو الدّعاء8؛ كقوله تعالى: {إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ} 9، و {لاَ تُؤَاخِذْنَا} 10.   1 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 2 في أ: دخولها. 3 في أ: من قولك. 4 ما بين المعقوفين ساقطٌ من ب. 5 ما بين المعقوفين ساقطٌ من ب. 6 من الآية: 45 من سورة الحجّ. 7 في أ: من أمر خبالا. وهذا البيتُ تقدّم تخريجُه في ص 795. والشّاهدُ فيه هُنا: (تَفْدِ) حيث حذف لام الأمر وبقي الفعل مجزوم، والأصل: لِتَفْدِ. 8 أو للالتماس، كقولك لمساويك: (لا تفعل يا فلان) من غير استعلاء. يُنظر: التّصريح 2/245. 9 من الآية: 40 من سورة التّوبة. 10 من الآية: 286 من سورة البقرة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 858 وتصحب فعل المخاطب، والغائب كثيرًا، وقد تصحب1 فعل المتكلِّم، كقول الشّاعر: إِذَا مَا خَرَجْنَا مِنْ دِمَشْقَ فَلاَ نَعُدْ ... لَهَا2أَبَدًا مَا دَامَ فِيْهَا الجُرَاضِمُ3 وعملت هذه الحُروف الجزم؛ لأنّ (لَمْ) تقلبُ معنى المستقبَل إلى الماضي، والفعل ثقيل، وقد ازداد ثقلاً بقلب4 معناه؛ فناسب أن يُحذَف منه شيء ليخفّ5؛ وكذلك القولُ في (لَمّا) . [152/أ] وأمّا (لام الأمر) فإنّما جَزَمت؛ لأنّ الأمر الصّريح موقوف الآخِر،   1 في ب: يصحب. 2 في كلتا النّسختين: بها، وهو تحريف. 3 في ب: الجراظم، وهو تحريف. وهذا البيتُ من الطّويل، ويُنسب للفرزدق، وليس في ديوانه؛ وقيل: للوليد بن عُقبة. و (الجُراضم) : الواسعُ البطن، الكثير الأكل. والشّاهدُ فيه: (فلا نعد) حيث جزم فعل المتكلِّم المبنيّ للمعلوم بـ (لا) النّاهية أو الدّعائيّة؛ وهذا قليل. وذكر ابن هشام أن (لا) في قوله: (فلا نعد) تحتمل النّهي والدّعاء. يُنظر: المغني 326. يُنظر هذا البيتُ في: الأزهيّة 150، وأمالي ابن الشّجريّ 2/533، وابن النّاظم 692، والمغني 326، وأوضح المسالك 3/186، والمقاصد النّحويّة 4/420، والتصريح 2/246، وشرح شواهد المغني 2/633، والأشمونيّ 4/3. 4 في ب: فقلب، وهو تحريف. 5 في أ: لتخفّ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 859 كقولك: (اضْرِبْ) ؛ فجعل لفظَ المعرب كلفظ المبنيّ؛ لاشتراكِهما في المعنى. وأمّا النّهي فهو مثل الأمر؛ لأنّه طلب التَّرْك؛ كما أنّ الأمر طلب الفعل، فكانا كذلك1 في العمل متساويين2. وَإِنْ تَلاَهُ أَلِفٌ وَلاَمُ ... فَلَيْسَ غَيرُ الْكَسْرِ وَالسَّلاَمُ تَقُولُ: لاَ تَنْهَرِ3 الْمِسْكِينَا ... وَمِثْلُهُ: لَمْ يَكُنِ الَّذِيْنَا المُراد بهذا الكلام: أنّه لاَ يُجمع بين ساكنين؛ ومتى التقى ساكِنان4 في المجزوم أو في غيرِه كُسِرَ الأوّل منهما. أمّا الفعلُ فهو5 إذا أتى بعدَه6 الألِفُ واللاّم، كقوله7 تعالى: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُواْ} 8، وكان الأصل [فيه] 9 تسكين النّون10 كما سكنت في قوله: {وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدُ} 11، ولكن لَمّا التقت (النّون)   1 في ب: لذلك. 2 يُنظر: أسرار العربيّة 333، 334. 3 في متن الملحة 53، وشرح الملحة 354: لاَ تَنْتَهِرِ الْمِسْكِينَا. 4 في أ: سَاكنين، وهو خطأ. 5 في ب: فهذا. 6 في ب: بعد. 7 في ب: لقوله. 8 من الآية: 1 من سورة البيِّنة. 9 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 10 الأصل: تسكين النّون بالجزم. 11 سورة الإخلاص، الآية: 4. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 860 - وهي ساكنة - بلام (الّذين) 1 كُسرت؛ فِرارًا من اجتماع ساكنين، ولا اعتبار بالألف2؛ لسُقوطها عند اندراج الكلام. وكذلك3 فعلُ الأمر، كقوله تعالى: {قُمِ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلاً} 4. [152/ب] وكذلك حكم الأسماء المبنيّة على السّكون، كقولك: (كَمِ المال) و (سِرْتُ عن المدينة) . وشَذَّ مِنْ ذلك فتح نون (من) من قولك5: (سمعتُ مِنَ الشّيخِ حديثًا) ؛ وذلك لكسرة الميم؛ فكرهوا أن يتوالى كسرتان على حرفين6. وَإِنْ تَرَ المُعْتَلَّ فِيهَا رِدْفَا ... أَوْ آخِرَ الْفِعْلِ فَسِمْهُ الْحَذْفَا تَقُولُ: لاَ تَأْسَ7 وَلاَ تُؤْذِ وَلاَ ... تَقُلْ بِلاَ عِلْمٍ وَلاَ تَحْسُ8 الطِّلاَ9   1 ولام (الَّذين) أيضًا ساكنة؛ فالتقى ساكِنان، ولا بُدَّ من التخلُّص من التقاء السّاكِنَيْن. 2 لأّنها ألِفُ وصلٍ تسقُط عند إدراج الكلام؛ وإنّما اجتلبت وأُدخلت على اللاّم ليتمّ افتتاحُ النّطق به؛ لأنّ اللاّم ساكنة، ولا يمكن افتتاح النّطق بالسّاكن. يُنظر: شرح ملحة الإعراب 354. 3 أي: كذلك إذا التقى ساكِنان، والفعلُ فعل أمر. 4 سورة المزّمِّل، الآية: 2. 5 في ب: كقولك. 6 في كلمة واحدة. 7 في أ: لا بأس. 8 في كلتا النّسختين: ولا تخش، وهو تصحيف. 9 الطِّلاء: الخمر المطبوخة؛ فهو: ما طُبخ من عصير العنب حتى ذهب ثُلثاه؛ والعرب تسمِّي الخمر الطّلاء، وتُريد بذلك: تحسين اسمِها. و (حَسْوُها) : شُرْبُها جَرْعًا؛ وفي اللّسان "الحُسْوة - بالضّمّ -: الجُرْعة بقدر ما يُحْسى مرّة واحدة، وبالفتح: المرّة الواحدة". يُنظر: اللّسان (حسا) 14/176، 177، (طلى) 15/11. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 861 وَأَنْتَ يَا زَيْدُ فَلاَ تَهْوَ1 الْمُنَى2 ... وَلاَ تَبِعْ إلاَّ بِنَقْدٍ فِي مِنَى وَالْجَزْمُ فِي الْخَمْسَةِ مِثْلُ3 النَّصْبِ ... فَاقْنَعْ بِإِيجَازِي وَقُلْ لِي: حَسْبِي [فصل] 4: إذا كان آخرُ الفعل حرفًا من حروف العلّة، أو ما قبل آخره وهو الرِّدْفُ5 ودخل عليه عاملُ جَزْمٍ يُحذف حرف الاعتلال؛ لأنّ مِن شرط الجزْم   1 في أ: فلا تخشى. 2 في متن الملحة 53: وَأَنْتَ يَا زَيْدُ فَلاَ تَزْدَدْ عَنَا. 3 في أ: قبل. 4 ما بين المعقوفين ساقطٌ من ب. 5 الرِّدْفُ: ألِفٌ أو ياءٌ أو واوٌ سواكن قبل حروف الرّويّ معه، والواو والياء يجتمعان في قصيدة واحدة، والألِف لا يكون معها غيرها. وإنّما سُمّي رِدْفًا؛ لأنّه ملحق في التزامِه وتحمّل مراعاته بالرّويّ، فجرى مجرى الرِّدْف للرّاكب؛ لأنّه يليه وملحقٌ به. الكافي في العروض والقوافي 153. ويُنظر: القوافي للتّنّوخيّ 114، والوافي في العروض والقوافي 204، 205، والكافي في علم القوافي 104. ومثلُ الرِّدْف: (يخاف) و (يقول) و (يبيع) ؛ فإذا أُدخل الجازم عليه حذفه، وإنّما وجب حذفُه لأنّ حرف الاعتلال ساكن، والجزمُ يوجِب سكون ما بعده؛ فلمّا التقى السّاكنان وجب حذف حرف الاعتلال فرارًا من اجتماع السّاكِنَيْن؛ فعلى هذا تقول: (لم يخف) و (لم يقل) و (لم يبع) . يُنظر: شرح ملحة الإعراب 356. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 862 أن يسكّن المتحرِّك؛ فإذا صادف حرفًا ساكنًا حذفه ليؤثّر دُخولُه على الفعل، ويظهر عمله؛ فتقولُ1 فيما لامُه حرفُ علّة كـ (يخشى) : (لَمْ يَخْش) بِرَوْمِ حركةٍ تدلّ على الحرف المحذوف. وكذا المعتلّ العين [مثل: يقول] 2، فتقول: (لم يقل) بسقوط الحرف المعتلّ كيلا يجتمع ساكنان. وتسقُط النّون من الأفعال الخمسة لدخول الجازم عليها، كقولك: (لَمْ يقوموا) و (لَمّا تقوموا) و (لَمْ تقومي) فتسقُط النّون منها بعامل الجزم كما تسقُط بعامل النّصب. [153/أ] والمنصوب من هذه الأفعال محمولٌ على المجزوم، كما حُمِلَ المنصوب في التّثنية والجمع على المجرور؛ حملاً في باب الاسم على خاصّة، وفي باب الفعل3 على خاصّة4.   1 في ب: تقول. 2 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 3 في ب: افعل، وهو تحريف. 4 لأنّ الجزم في الأفعال نظير الجرّ في الأسماء. الكتاب 1/19. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 863 بَابُ إِنْ فِي الشَّرْطِ وَالْجَزَاءِ هَذَا وَ (إِنْ) فِي الشَّرْطِ وَالْجَزَاءِ ... تَجْزِمُ فِعْلَيْنِ بِلاَ امْتِرَاءِ وَتِلْوُهَا1 (أَيٌّ) وَ (مَنْ) وَ (مَهْمَا) ... وَ (حَيْثُمَا) أَيْضًا وَ (مَا) وَ (إِذْمَا) وَ (أَيْنَ) مِنْهُنَّ وَ (أَنَّى) وَ (مَتَى) ... فَاحْفَظْ جَمِيْعَ الأَدَوَاتِ يَا فَتَى [وَزَادَ قَوْمٌ (مَا) فَقَالُوا: إِمَّا ... وَأَيْنَمَا كَمَا تَلَوْا أَيَّامَا] 3 تَقُولُ: إِنْ تَخْرُجْ تُصَادِفْ رُشْدَا ... وَأَيْنَمَا تَذْهَبْ تُلاَقِ سَعْدَا وَمَنْ يَزُرْ أَزُرْهُ بِاتِّفَاقِ ... وَهَكَذَا تَصْنَعُ فِي البَوَاقِي فَهَذِهِ جَوَازِمُ الأَفْعَالِ ... جَلَوْتُهَا مَنْظُومَةَ الَّلآلِي فَاحْفَظْ - وُقِيْتَ السَّهْوَ - مَا أَمْلَيْتُ ... وَقِسْ عَلَى الْمَذْكُورِ مَا أَلْغَيْتُ [153/ب] فصل: اعلم أَنّ الشّرطَ وجوابُه جُملتان يعتمد على استعمالهما لِمَا تقتضيه الحال. وتعلّق الجواب بالشّرط كتعلُّق الخبر بالمبتدأ، والعامل4 فيه (إِنْ) ؛   1 في ب: أختها. 2 في أ: لمّا، وهو تحريف. 3 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 4 اتّفق العلماء على أنّ الشّرط مجزوم بأدوات الشّرط، واختلفوا في جازم الجواب على عدّة أقوال: القولُ الأوّل: أنّ أدوات الشّرط هي الجازمة له؛ وهو مذهب المحقِّقين من البصريّين، وعزاهُ السّيرافيّ إلى سيبويه. القولُ الثّاني: أنّه مجزومٌ بفعل الشّرط؛ وهو مذهب الأخفش، واختاره ابن مالكٍ في التّسهيل. القول الثّالث: أنّه مجزوم بالأَداة وفعل الشّرط معًا؛ ونُسب إلى سيبويه، والخليل، والأخفش، والمبرّد. القولُ الرّابع: أنّه مجزوم على الجوار؛ وهو مذهب الكوفيّين. القولُ الخامس: أنّ الشّرط والجزاء مبنيّان لعدم وقوعهما موقع الاسم، ولعدم وقوعهما مُشتركين ثم مختصّين، ولعدم دُخول لام الابتداء عليهما؛ وهو مذهب المازنيّ. تُنظر هذه المسألة في: الكتاب 3/63، والمقتضب 2/49، والإيضاح للزّجّاجيّ 140، وشرح الكتاب للسّيرافيّ جـ2/ ق 255/ب، والإنصاف، المسألة الرّابعة والثّمانون، 2/602، وشرح المفصّل 7/41، 42، وشرح الرّضيّ 2/254، والتّسهيل 237، والارتشاف 2/557، وتوضيح المقاصد 4/245، وائتلاف النّصرة، فصل الفعل، المسألة الرّابعة عشرة، 128، والتّصريح 2/248. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 865 لأنّها تعلّق في الاستقبال جملة بجملة، تسمّى الأولى شرطًا، والثّانية جزاء. ومن حقِّها: [أنْ يكونا] 1 فعليّتين؛ فإنْ كانا مضارعين جزمتهما؛ لاقتضائهما العمل فيهما. وأشبهها في ذلك تسع2 أخوات؛ وهي: (مَنْ) و (مَا) و (أيّ)   1 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 2 بقي من الأدوات الّتي تجزم فعلين (أيّان) ؛ ولعلّ عذرَه أن سيبويه لم يذكرها في الجوازِم، وتَبِعه في ذلك كثيرون؛ وقد ذكرها في الصّفحة التّالية عندما قام بتقسيم الظّروف. يُنظر: الكتاب 3/56، والمقتضب 2/46، واللّمع 193. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 866 و (مَهْمَا) 1؛ وهذه أسماءٌ صريحة؛ و (مَتَى) و (أَيْنَ) و (أَنَّى) 2 و (حَيْثُما) ؛ وهذه ظُروف؛ و (إِذْمَا) وهو حرف3. فهذه تعمل عملها لتضمُّنها معناها4. وإذا كان الشّرط وجوابُه فعلين جاز أن يكونا مضارعين؛ وهو الأصل5، نحو قوله تعالى: {وَإِن تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللهُ} 6.   1 هذا قولُ الجمهور؛ وذهب ابن يسعون، والسّهيليّ إلى أنّها حرف. يُنظر: الارتشاف 2/547، 548، وتوضيح المقاصد 4/240، والجنى الدّاني 611، والمغني 435، والتّصريح 2/248، والهمع 4/319، والأشمونيّ 4/12. 2 في أ: واي، وهو تحريف. 3 القولُ بحرفيِّتها مذهب سيبويه، والمبرّد في أحد قوليه. وذهب المبرّد، وابنُ السّرّاج، والفارسيّ إلى أنّها اسم ظرف زمان؛ وأصلُها: إذِ الّتي هي ظرفٌ لِمَا مضى، فزيد عليها (ما) وُجوبًا في الشّرط، فجُزم بها. يُنظر: الكتاب 3/56، 57، والمقتضب 2/46، 47، والكامل 1/379، والأُصول 2/159، والإيضاح 252، وشرح المفصّل 7/46، 47، وشرح الرّضيّ 2/253، 254، وشرح الكافية الشّافية 3/1620 ـ 1622، والارتشاف 2/547، وتوضيح المقاصد 4/239، والجنى الدّاني 191، والتّصريح 2/248، والهمع 4/321. 4 وإنْ خَرَجَتْ عن معنى (إِنْ) إلى الاستفهام، أو معنى (الّذي) لم تُجزَم، نحو قولك في الاستفهام: (مَن يقوم؟) و (أعجبني مَن تُكرمه) إذا أردتّ معنى الّذي تكرمه. يُنظر: شرح المفصّل 7/42. 5 وأن يكونا ماضيين، وأن يكون الشّرطُ ماضيًا، والجوابُ مضارِعًا، وأن يكون الشّرط مضارِعًا، والجواب ماضيًا. وسيتعرّضُ الشّارحُ لها بالشّرح والتّمثيل فيما بعد ينظر: ص 873، 874. 6 من الآية: 284 من سورة البقرة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 867 والشّرطُ في اللّغة1هو: العلامة؛ فكان وُجود الفعل الأوّل في هذا الباب علامة لوُجود الفعل الثّاني. والظُّروف2 على ضربين: زمانيّة، ومكانيّة. فالزّمانيّة: (مَتَى) و (أَيَّان) 3 و (إِذْمَا) 4. والمكانيّة: (أَيْنَ) و (أَنَّى) و (حَيْثُمَا) 5. [154/أ] وتوجيهُ الجزم: قيل: (إِنْ) [وإن] 6 جزمت الشّرط، والشّرط جزم الجواب؛ لأنّه يقتضيه فوجب أن يكون عاملاً [فيه] 7. وأُجيب عن ذلك بأنّ كلّ واحدٍ منهما يعمل في الآخر؛ فليس أحدهما بأولى من الآخر في العمل8.   1 اللّسان (شرط) 7/329. 2 في أ: الظّرف. (متى) و (أيّان) : هما لتعميم الأزمنة؛ وكسر همزة (أَيّان) لغة سليم. يُنظر: التّسهيل 236، وتوضيح المقاصد 4/241، والهمع 4/316، والأشمونيّ 4/12. 4 هذا على مذهب المبرّد، وابن السّرّاج، والفارسيّ - كما بيّنّا ذلك سابقًا -. (أين) و (أنّى) و (حيثُما) : هي لتعميم الأمكنة. يُنظر: التّسهيل 236، وتوضيح المقاصد 4/241، والهمع 4/317، والأشمونيّ 4/12. 6 ما بين المعقوفين ساقطٌ من ب. والقائلُ بهذا الأخفش؛ وهو اختيارُ ابنُ مالكٍ في التّسهيل - كما بيّنّا ذلك سابقًا -. 7 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 8 وقال السّيوطيّ في الهمع 4/331: "وَرُدَّ بأنّ النّوع لا يعمل؛ إذْ ليس أحدهما بأولى. من الآخر، وإنّما يعمل بمزيّة؛ وهو أن يضمّن العامل من غير النّوع أو شبهه كعمل الأسماء في الأسماء". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 868 وقيل: حصل للشّرط مزيّة بالتّقدُّم. وقيل1: إنّ حرف الشّرط اقتضاهما فعمل فيهما معًا. وفائدة الأسماء: الاختصار لِمَا فيها من العُموم لِمَا وُضعت له. فـ (مَنْ) يعمُّ ذوي العلم، كقولك: (مَنْ يقم أقم معه) . و (مَا) تعمُّ2 غير ذوي العلم. و (أَيّ) 3 تعمّ الأبعاض من ذوي العلم وغيرهم؛ فجعلت شرطًا في تلك الأبعاض، نحو: (أيّ الرّجال يقم أقم معه) و (أيّ الدّوابّ تركب4 اركب) . و (مَهْمَا) 5 بمعنى (مَا) ؛ فإذا قلت: (مَهْمَا تفعل أفعَل) فمعناه:   1 هذا مذهب المحقِّقين من البصريّين، وعزاه السّيرافيّ إلى سيبويه - كما بيّنّا ذلك سابقًا -. 2 في ب: يعمّ. 3 أيّ: اسم مبهم منكور، وهي بعض ما تُضاف إليه، إنْ أضفتَها إلى الزّمان فهي زمان، وإن أضفتها إلى المكان فهي مكان؛ إلى أيّ شيء أضفتها كانتْ منه. يُنظر: شرح المفصّل 7/44. 4 في ب: يركب. 5 قيل: إنّها بسيطة، وزنها (فَعْلَى) ، وألِفُها إمّا للتّأنيث، أو الإلحاق. وقيل: إنّها مركّبةٌ؛ - وسيتعرّض الشّارحُ لها في حال تركيبِها -. يُنظر: كتاب حروف المعاني 20، وشرح المفصّل 7/42، وشرح الرّضيّ 2/253، والارتشاف 2/547، وتوضيح المقاصد 4/241، والمغني 436، والهمع 4/316، والأشمونيّ 4/12. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 869 لا أصغُر [عن] 1 كبير فعلِك، و2 لا أكبر عن صغيره. وقال الخليل3: "هي (مَا) زيدت عليها (مَا) أُخرى4، فكرهوا أن يوالوا بينهما في قولهم: مَا مَا تفعل أفعل، فأبدلوا الألِف الأولى ها". وقيل5: أصلُها (مَهْ) الّتي للكَفّ، ضُمَّ إليها (ما) من6 التّركيب؛ وهي الشّرط7. والدّليل على اسميِّتها: عودُ الضّمير إليها في قوله تعالى: {مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آيَةٍ} 8، وكقول زُهير: وَمَهْمَا تَكُنْ عِنْدَ امْرِئٍ مِنْ خَلِيقَةٍ ... وَإِنْ خَالَهَا تَخْفَى عَلَى النَّاسِ تُعْلَمِ9 [154/ب]   1 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 2 في ب: أو. 3 يُنظر: كتاب العين 3/358، والكتاب 3/59. (ما) الأولى: شرطيّة، والثّانية: زائدة للتّوكيد. يُنظر: أمالي ابن الشّجريّ 2/571، وشرح المفصّل 7/42. 5 وهو مذهب الأخفش، والزّجّاج، والبغداديّين. يُنظر: معاني القرآن للزّجّاج 2/369، وشرح المفصّل 7/43، وشرح الرّضيّ 2/253، والارتشاف 2/547، وتوضيح المقاصد 4/241، والجنى الدّاني 612، والهمع 4/316، والأشمونيّ 4/12. 6 في ب: ما يحدث من التّركيب. 7 في ب: ومتى للشّرط، وهو تحريف. 8 من الآية: 132 من سورة الأعراف. 9 هذا بيتٌ من الطّويل. والشّاهدُ فيه: (ومهما تكن) ففي (تكن) ضميرٌ مستتر تقديرُه (هي) ؛ وهو اسمُها يعود إلى (مهما) ، والضّمير لا يعود إلاّ على الأسماء. يُنظر هذا البيتُ في: الكامل 2/878، والجُمل 215، وأمالي ابن الشّجريّ 2/571، والمغني 426، والجنى الدّاني 612، والهمع 4/319، والأشمونيّ 4/10، والدّيوان 28. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 870 ومِنَ العرب1 مَن يقول: (مَهْمَنْ) فيزيد عليهما (مَنْ) الّتي لمن يعقل، قال الشّاعر: أَمَاوِيَّ2 مَهْمَنْ يَسْتَمِعْ3 فِي صَدِيقِه ... َأَقَاوِيلَ4 هَذَا النَّاسِ مَاوِيَّ يَنْدَمِ5   1 حكاه الكوفيّون. يُنظر: شرح المفصّل 7/43، وشرح الرّضيّ 2/253. 2 في ب: أمادي، وهو تحريف. 3 في كلتا النّسختين: تسمعي من صديقنا، والصّواب ما هو مثبَت؛ كما في المصادر الّتي ذكرت البيت. 4 في كلتا النّسختين: أماوي، وهو تحريف. 5 في أ: تقدّمي، وهو تحريف، وفي ب: تندمي، وهو تصحيف. وهذا البيتُ من الطّويل، ولم أقف على قائله. و (ماويّ) : منادى مرخّم، وأصلُه: ماويّة؛ وهو: اسمُ امرأة. والشّاهدُ فيه: (مَهْمَنْ) فإنّه أدخل (مَهْ) على (مَنْ) الشّرطيّة. يُنظر هذا البيتُ في: شرح القصائد السّبع الطِّوال 45، والتّهذيب (مه) 5/385، وشرح المفصّل 4/8، وشرح الجُمل 2/196، وشرح الرّضيّ 2/253، واللّسان (مهه) 13/542، والخزانة 9/16. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 871 وأمّا قولُ الرّاجز1: مَهْمَا لِيَ اللَّيْلَةَ2 مَهْمَا لِيَهْ ... أَوْدَى بِنَعْلَيَّ وَسِرْبَاليَهْ3 فإنّ (مَا) 4 الأولى استفهاميّة؛ فقلبت ألفُها هاءً؛ لزيادة (ما) الثّانية عليها. وأمّا (إِذْ) فلا يجازى بها إلاّ مقرونةً بـ (ما) ، كـ (حيث) ؛ لِتُعَزِّزَ5 زمانها وهو الماضي إلى المستقبَل؛ تقول: (إذْ ما تفعل أفعل) . وهي حرف عند سيبويه6 إذا جُوزِيَ بها؛ لأنّها صارت تدلّ على خلاف ما وُضعت له؛ لأنّها وُضعت للماضي، والشّرطُ يدلّ على المستقبَل.   1 هذا سهوٌ من الشّارح - رحمه الله -؛ لأنّ هذا البيت من السّريع، وليس من الرّجز. 2 في أ: البلبله، وهو تحريف. 3 هذا بيتٌ من السّريع، وهو لعمرو بن مِلْقَطٍ الطّائيّ. والشّاهدُ فيه: مجيء (مهما) للاستفهام. وقد ذهب إلى هذا جماعةٌ من النُّحاة - ومنهم ابنُ مالك -؛ واستدلّوا بهذا البيت؛ ولا حُجّة فيه؛ لاحتمال أنّ التّقدير (مَهْ) اسم فعل بمعنى (اكفُف) ، ثمّ استأنف استفهامًا بـ (ما) وحدها. يُنظر هذا البيتُ في: نوادر أبي زيد 62، والأزهيّة 256، وشرح المفصّل 7/44، وأمالي ابن الحاجب 3/135، وشرح التّسهيل 4/69، والجنى الدّاني 51، 611، والمغني 146، 437، والهمع 4/319، والخزانة 9/18، وشعر طيّء 2/454. 4 أي: في كلتا الكلمتين. 5 في ب: لتعذر. 6 يُنظر: الكتاب 3/56، 57. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 872 والشّرطُ يكون مضارِعًا، والجواب1 ماضيًا، [ومنه] 2: إِنْ تَصْرِمُونَا وَصَلْنَاكُمْ وَإِنْ تَصِلُوا ... مَلأْتُمُ أَنْفُسَ الأَعْدَاءِ إِرْهَابَا3 وأكثرُ النّحويِّين4يخصّون هذا النّوع بالضّرورة، وليس بصحيح5؛ بدليل ما رواه6 البخاريّ78 من قول النّبي - صلّى الله عليه9 وسلّم: "مَنْ يَقُمْ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ" 10. [155/أ]   1 في أ: والجزاء. 2 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 3 هذا بيتٌ من البسيط، ولم أقف على قائِله. والشّاهدُ فيه: (إنْ تصرمونا وصلناكم) حيث جاء فعلُ الشّرط مضارِعًا وجوابُه ماضيًا؛ وهذا جائزٌ عند الفرّاء، وابن مالك، وابنه، والشّارح. يُنظر هذا البيتُ في: شرح الكافية الشّافية 3/1586، وابن النّاظم 698، والمقاصد النّحويّة 4/428، والهمع 4/322، والأشمونيّ 4/17، والدّرر 5/73. 4 يُنظر: الارتشاف 2/563، والتّصريح 2/249، والهمع 4/322، والأشمونيّ 4/16. 5 الشّارِحُ متابِعٌ في هذا للفرّاء، وابن مالك، وابنه بدر الدّين. يُنظر: معاني القرآن 2/276، وشرح الكافية الشّافية 3/1586، وابن النّاظم 698. 6 في ب: روى. 7 هو: أبو عبد الله، محمّد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المُغيرة الجُعفيّ - بالوَلاء -، البخاريّ: جبل الحفظ، وإمامُ الدنيا في الحديث؛ له: الجامع الصّحيح، والتّأريخ الكبير؛ توفّي سنة (256هـ) . يُنظر: وفيات الأعيان 4/188، وتقريب التّهذيب 825، وشذرات الذّهب 2/134. 8 في ب: البخاريّ رضي الله عنه. 9 في ب: على. 10 تكملَةُ الحديث: " ... غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ". يُنظر: صحيح البخاريّ، كتاب الإيمان، باب قيام ليلة القدْر من الإيمان، 1/27. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 873 وأن1 يكونا ماضيين، نحو قوله تعالى: {وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا} 2. وأن3 يكون الشّرطُ ماضيًا والجوابُ مضارِعًا؛ فيقدَّرُ4 جزمُ الأوّل5؛ وجزم الثّاني6 مختار، والرّفع [كثيرٌ] 7 حسن. قال زُهير: وَإِنْ أَتَاهُ خَلِيلٌ يَوْمَ مَسْأَلَةٍ ... يَقُولُ لاَ غَائِبٌ مَالِي8 وَلاَ حَرِمُ9   1 في أ: فإن. 2 من الآية: 8 من سورة الإسراء. 3 في أ: فإن. 4 في ب: فنقدّر. 5 ما كان ماضيًا من شرط أو جواب فهو مجزوم تقديرًا؛ لأنّ الفعل الماضي مبنيّ. وأمّا المضارع فإنْ كان شرطًا وجب جزمُه لفظًا، وكذا إنْ كان جوابًا والشّرط مضارع. يُنظر: شرح الكافية الشّافية 3/1588، وابن النّاظم 698، 699. 6 أي: لفظًا. 7 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 8 في أ: منّي، وفي ب: لي؛ وكلتاهُما محرّفة، والصّواب ما هو مثبَت. 9 هذا بيتٌ من البسيط. و (الخليل) : الفقير المحتاج. والشّاهدُ فيه: (يقول) حيث جاء الجواب مرفوعًا (يقول) ؛ لأنّ فعل الشّرط ماض؛ وهو (أتاه) . فأمّا سيبويه فيرى أنّ هذا المضارِع ليس هو جوابُ الشّرط، بل الجواب محذوف، والمذكور دليلٌ عليه؛ وهو على نيّة التّقديم وإنْ كان متأخّرًا في اللّفظ، فكأنّه قال: (يقول: لا غائبٌ مالي ولا حرم إنْ أتاه خليل) . وأمّا عند الكوفيّين والمبرّد فالمضارِع هو نفس الجواب؛ وهو على تقدير الفاء، وكأنّ الشّاعر قد قال: (إنْ أتاه خليلٌ يوم مسألة فيقول: لا غائبٌ مالي ... ) . وأمّا عند الشّارح فإنّه ليس على التّقديم والتّأخير، ولا على حذف الفاء، بل لَمّا لَم يظهر لأداة الشّرط تأثيرٌ في فعل الشّرط؛ لكونه ماضيًا ضعفت عن العمل في الجواب. فمجموع الأقوال ثلاثة. يُنظر هذا البيتُ في: الكتاب 3/66، والمقتضب 2/70، والمحتسب 2/65، والإنصاف 2/625، وشرح المفصّل 8/157، وشرح الكافية الشّافية 3/1589، وابن النّاظم 699، ورصف المباني 187، والمغني 552، والدّيوان 105. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 874 فرفع (يقول) 1؛ لأنّ الشّرط غير معرب؛ وعلّلوا هذه بعدم ظهور تأثير2 العامل في الشّرط، لم يظهر له أثرٌ في الجزاء لتقع3 المناسبة. وقد جاء الجواب مرفوعًا والشّرطُ مضارِعًا4، كقول الرّاجز: يَا أَقْرَعُ بنَ حَابِسٍ يَا أَقْرَعُ ... إِنَّكَ إِنْ يُصْرَعْ أَخُوكَ تُصْرَعُ5   1 في أ: تقول. 2 في أ: ظهور ما بين العامل. 3 في أ: ليقع. 4 في أ: مضارع. 5 هذان بيتان من مشطور الرّجز، نُسبا إلى جرير بن عبد الله البَجَليّ الصّحابيّ - رضي الله عنه -، أو لعمرو بن خُثَارِم البَجَليّ؛ من رجز أنشده في المنافرة الّتي وقعت بين جرير ابن عبد الله البَجَلي - رضي الله عنه - وخالد بن أَرْطاة الكلبيّ؛ وكانا قد تنافرا إلى الأقرع بن حابس ليحكُم بينهُما. ولهذا الرّجز قصّةٌ طويلةٌ ذُكرتْ في كتب الأدب. والشّاهدُ فيه: (تصرع) حيث رفع جواب الشّرط. يُنظر هذان البيتان في: الكتاب 3/67، والمقتضب 2/72، وما يحتمل الشّعر من الضّرورة 134، وفرحة الأديب 107، وأمالي ابن الشّجريّ 1/125، والتّبصرة 1/413، والإنصاف 2/623، وشرح المفصّل 8/158، والمقرّب 1/275، وشرح الكافية الشّافية 3/1590، وابن النّاظم 700، والتّصريح 2/249. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 875 وقول1 الآخر: فَقُلْتُ تَحَمَّلْ فَوْقَ طَوْقِكَ إِنَّهَا ... مُطَبَّعَةٌ2مَنْ يَأْتِهَا لاَ يَضِيرُهَا3 وأمّا المجزوم [بعد متى] 4 فهو كقول الحُطَيئة5:   1 في ب: كقول. 2 في أ: مصته، وفي ب: مطيه؛ وكلتاهُما محرّفة، والصّواب ما هو مثبَت. 3 في أ: من يلها لا يغيرها. وهذا البيتُ من الطّويل، وهو لأبي ذُؤيب الهذليّ. و (الطّوق) : الطّاقة. و (مطبَّعة) : مملوءة بالطّعام؛ ويقصد القرية. و (يضيرها) : يضرّها؛ يصف قرية بكثرة طعامها. والشّاهدُ فيه: (لا يضيرها) حيث جاء مرفوعًا؛ وهو جواب الشّرط. يُنظر هذا البيتُ في: الكتاب 3/70، والمقتضب 2/72، وشرح أشعار الهذليّين 1/208، والأصول 2/193، والتّبصرة 1/414، وشرح المفصّل 8/158، وشرح الكافية الشّافية 3/1591، وابن النّاظم 700، وأوضح المسالك 3/192، والمقاصد النّحويّة 4/431، والخزانة 9/57، وديوان الهذليّين 1/154. 4 ما بين المعقوفين ساقطٌ من ب. 5 الحُطَيْئَة: لقب؛ واسمه: جَرْوَل بن أَوْس العبسيّ، يكنى أبا مُليكة: شاعرٌ مخضرَم، من فُحول الشّعراء ومتقدِّميهم، راوية زُهير بن أبي سُلمى؛ أدرك النّبي - صلّى الله عليه وسلّم - فأسلم ولم يَفِد؛ وكان هَجَّاءً، هجا أُمَّهُ وأبَاهُ ونَفْسَهُ؛ ومات في خلافة معاوية - رضي الله عنه -. يُنظر: طبقات فُحول الشّعراء 1/104، والشّعر والشّعراء 199، والأغاني 2/149، والإصابة 2/150. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 876 مَتَى تَأْتِهِ تَعْشُو إِلَى ضَوْءِ نَارِهِ ... تَجِدْ خَيْرَ نَارٍ عِنْدَهَا خَيْرُ مُوقِدِ1 وبعد (أَنَّى) 2: [155/ب] فَأَصْبَحْتَ أَنَّى3 تَأْتِهَا4 تَلْتَبِسْ بِهَا ... كِلاَ مَرْكَبَيْهَا تَحْتَ رِجْلِكَ شَاجِرُ5   1 هذا بيتٌ من الطّويل. و (عشا إلى النّار، يعشو) : رآها ليلاً من بُعْد فقصدَها. والشّاهدُ فيه: (مَتَى تَأْتِهِ ... تَجِدْ) حيث جزم بـ (متى) فعلين؛ أوّلهما: (تأْتِه) وهو فعلُ الشّرط، وثانيهما: (تجد) وهو جواب الشّرط. يُنظر هذا البيتُ في: الكتاب 3/86، وإصلاح المنطق 198، والمقتضب 2/65، ومجالس ثعلب 2/399، وما ينصرف وما لا ينصرف 116، وجمهرة اللّغة (شعو) 2/871، والجُمل 214، وأمالي ابن الشّجريّ 3/12، وشرح المفصّل 7/45، وشرح الكافية الشّافية 3/1608، والدّيوان 81. 2 في كلتا النّسختين: أي، وهو تحريف، والصّواب ما هو مثبت. 3 في كلتا النّسختين: أي، وهو تحريف، والصّواب ما هو مثبَت. 4 في ب: تأتها أي. 5 هذا بيتٌ من الطّويل، وهو للَبِيد بن ربيعة - رضي الله عنه -. و (شجر رجليه) : إذا فرّق بينهما إذا ركِب. و (كلا مركبيها) : كلتا ناحيتيها اللّتين تُرام منهما. والشّاهدُ فيه: (أنّى تأتها تلتبس) حيث جزم بـ (أنّى) فعلين؛ أوّلهما: (تأت) وهو فعلُ الشّرط، وثانيهما: (تلتبس) وهو جواب الشّرط. يُنظر هذا البيتُ في: الكتاب 3/58، والمقتضب 2/48، والجُمل 216، وشرح المفصّل 7/45، وشرح الكافية الشّافية 3/1582، واللّسان (فجر) 5/47، والخزانة 7/91، والدّيوان 65. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 877 وبعد (حَيْثُمَا) ، [كما قال:] 1 حَيْثُمَا تَسْتَقِمْ يُقَدِّرْ لَكَ اللَّـ ... ـهُ نَجَاحًا فِي غَابِرِ الأَزْمَانِ2 وبعد (أَيَّامَا) ، كقوله تعالى: {أَيًّا مَّا تَدْعُوا فَلَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} 3، ومنه قولُ الشّاعر: إِذَا النَّعْجَةُ العَيْنَاءُ كَانَتْ بِقَفْرَةٍ ... فَأَيَّامَا4 تَعْدِلْ بِهَا الرِّيحُ تَنْزِلِ5   1 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 2 هذا بيتٌ من الخفيف، ولم أقف على قائله. والشّاهدُ فيه: (حيثما تستقم يقدِّر) حيث جزم بـ (حيثُما) فعلين؛ أوّلهما: (تستقم) وهو فعلُ الشّرط، وثانيهما: (يقدِّر) وهو جواب الشّرط. يُنظر هذا البيتُ في: شرح عمدة الحافظ 1/365، وابن النّاظم 695، وتذكرة النُّحاة 736، وشرح شذور الذّهب 317، والمغني 178، وابن عقيل 2/338، والمقاصد النّحويّة 4/426، وشرح شواهد المغني 1/391، والأشمونيّ 4/11. 3 من الآية: 110 من سورة الإسراء. 4 في أ: فأيَّانَمَا. 5 هذا بيتٌ من الطّويل، وهو لأُميّة بن أبي عائذ. والشّاهدُ فيه: (فأيّاما تعدل بها الرِّيح تنزل) حيث جزم بـ (أيّاما) فعلين؛ أوّلهما: (تعدل) وهو فعل الشّرط، وثانيهما: (تنزل) وهو جوابُ الشّرط. يُنظر هذا البيتُ في: شرح أشعار الهذليّين 2/526، وشرح عمدة الحافظ 1/363، وشرح قطر النّدى 97، والهمع 4/341، والأشمونيّ 4/10، والدّرر 5/95. والرّواية في جميع هذه المصادر (فأيَّان ما تعدل) بدل (فأيّاما تعدل) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 878 وبعد (أَيْنَمَا) : صَعْدَةٌ نَابِتَةٌ فِي حَائِرٍ1 ... أَيْنَمَا الرِّيحُ تُمَيِّلْهَا تَمِلْ2 وبعد (إِذْ مَا) ، كقول الشّاعر3: وَإِنَّكَ إِذْ مَا تَأْتِ4 مَا أَنْتَ آمِرٌ ... بِهِ تُلْفِ5 مَنْ إِيَّاهُ تَأْمُرُ آتِيَا6   1 في أ: جابر، وهو تحريف. 2 هذا بيتٌ من الرّمل، وهو لكعب بن جُعَيْل، أو الحسام بن ضِرار الكلبيّ. و (الصَّعْدة) : القناة الّتي تنبُت مستوية. و (الحائر) : المكان الّذي يكون وسطُه منخفضًا وحُروفه مرتفعة عالية؛ وإنّما جعل الصّعدة في هذا المكان؛ لأنّه يكون أنعم لها وأسدّ لنَبْتَتِها. والشّاهدُ فيه: (أينما الرّيح تميّلها تمل) حيث جزم بـ (أينما) فعلين؛ أوّلهما: (تميلها) وهو فعلُ الشّرط، وثانيهما: (تمل) وهو جواب الشّرط. يُنظر هذا البيت في: الكتاب 3/113، والمقتضب 2/75، والأُصول 2/233، وأمالي ابن الشّجريّ 2/82، 3/130، والإنصاف 2/618، وشرح المفصّل 9/10، وشرح الكافية الشّافية 3/1599، وابن النّاظم 695، والمقاصد النّحويّة4/424،والأِشمونيّ4/10. 3 في ب: قول. 4 في أ: تأب، وهو تصحيف. 5 في ب: تلق، وهو تصحيف. 6 في كلتا النّسختين: آنيًا، وهو تصحيف؛ والصّواب ما هو مثبَت. وهذا البيتُ من الطّويل، ولم أقف على قائِلِه. و (تلف) : تَجِدْ. و (آتِيًا) : فاعِلاً. والشّاهدُ فيه: (إذْ ما تأت تلف) حيث جزم بـ (إذْ ما) فعلين؛ أوّلهما: (تأت) وهو فعلُ الشّرط، وثانيهما: (تلف) وهو جواب الشّرط. يُنظر هذا البيتُ في: شرح عمدة الحافظ 1/365، وابن النّاظم 695، وشرح قطر النّدى 99، وابن عقيل 2/338، والمقاصد النّحويّة 4/425، والأشمونيّ 4/11. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 879 وبعد (أَيَّانَ) بمعنى (متى) ، [كقوله] 1: أَيَّانَ نُؤْمِنْكَ2 تَأْمَنْ3 غَيْرَنَا وَإِذَ ... لَمْ تُدْرِكِ الأَمْنَ4 مِنَّا لَمْ تَزَلْ حَذِرَا5 ومن الجزم بـ (إذا) 6 [كقول الشّاعر] 7: اسْتَغْنِ مَا أَغْنَاكَ رَبُّكَ بِالْغِنَى ... وَإِذَا تُصِبْكَ خَصَاصَةٌ فَتَجَمَّلِ8 [156/أ]   1 ما بين المعقوفين ساقطٌ من ب. 2 في أ: ترمنك، وهو تحريف. 3 في ب: يأمن، وهو تصحيف. 4 في أ: الأمر، وهو تحريف. 5 هذا بيتٌ من البسيط، ولم أقف على قائله. والشّاهدُ فيه: (أيّان نؤمنك تأمن) حيث جزم بـ (أيّان) فعلين؛ أوّلهما: (نؤمنك) وهو فعل الشّرط، وثانيهما: (تأمن) وهو جواب الشّرط. يُنظر هذا البيتُ في: ابن النّاظم 694، وشرح شذور الذّهب 316، وابن عقيل 2/337، والمقاصد النّحويّة 4/423، والأشمونيّ 4/10. 6 المشهور أنّه لا يجزم بـ (إذا) إلاّ في الشّعر. يُنظر: شرح الكافية الشّافية 3/1583، والجنى الدّاني 367، والمغني 127، والهمع 3/180، والأشمونيّ 4/13. 7 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 8 في أ: فَتَحَمَّل، وهو تصحيف. وهذا البيتُ من الكامل، وهو لعبد القيس بن خفاف البرجميّ، وقيل: لحارثة ابن بدر الغدّانيّ. والشّاهدُ فيه: (وإذا تصبك) حيث جزم بـ (إذا) ؛ وهذا خاصٌّ بالشّعر. يُنظر هذا البيتُ في: المفضّليّات 385، ومعاني القرآن للفرّاء 3/158، والأصمعيّات 230، وأمالي المرتضى 1/383، وشرح عمدة الحافظ 374، والمغني 128، والهمع 1/180، والأشمونيّ 4/13. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 880 والجزم بـ (مَنْ) كقوله تعالى: {مَن يَعْمَلْ سُوْءًا يُجْزَ بِه} 1، و {مَن كَان يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا} 2. [وبـ (ما) ] 3: {وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللهُ} 4. و [بـ (أينما) ] 5: {أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ} 6.   1 من الآية: 123 من سورة النّساء. 2 من الآية: 15 من سورة هود. 3 ما بين المعقوفين ساقطٌ من ب. 4 من الآية: 197 من سورة البقرة. 5 ما بين المعقوفين زيادة يقتضيها السّياق. 6 من الآية: 78 من سورة النّساء. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 881 فصل: وأمّا جواب الشّرط فثلاثة أشياء: الفعل، والفاء، وإذا. أمّا الفعل فقد تقدّم. وأمّا الفاء فإذا كانت الجملة اسميّة فلا بُدّ من الفاء، نحو: (إِنْ يقم زيدٌ فهو مكرم) ؛ لأنّ الجملة الاسميّة كلامٌ مستقلٌّ بنفسه فاحتاجتْ إلى رابط؛ بخلاف الجملة الفعليّة؛ لأنّ حرف الشّرط يربط بين الجملتين الفعليّتين، ولا يربط بين [الجملة] 1 الفعليّة والاسميّة2؛ لأنّه لا يصحّ دُخوله على الاسميّة، وكانت الفاء أولى من الواو؛ لكونِها للتّعقيب بغير مهلة، وجوابُ الشّرط كذلك؛ لأنّه يقع عقيب الشّرط بلا مهلة؛ قال الله تعالى: {فَمَن يُؤْمِن بِرَبِّهِ فَلاَ يَخَافُ بَخْسًا} 3 أي: فهو لا يخاف؛ فحذف المبتدأ للعلم به. واعلم أنّه إذا صحّ أن يُجعل الجوابُ شرطًا، وذلك إذا كان ماضيًا، متصرِّفًا، مجرَّدًا عن4 (قد) ، أو مضارِعًا، مجرَّدًا، أو منفيًّا5، فالأكثرُ خُلُوُّهُ من الفاء6. [156/ب]   1 ما بين المعقوفين ساقطٌ من ب. 2 في ب: الاسميّة، والفعليّة. 3 من الآية: 13 من سورة الجنّ. 4 في ب: من. 5 منفيًّا بـ (لا) أو (لَمْ) . 6 ويجوز اقترانُه بها. فإنْ كان مضارِعًا رفع، وذلك كقوله تعالى: {فَمَن يُؤْمِن بِرَبِّهِ فَلاَ يَخَافُ بَخْسًا} [الجن: 13] . يُنظر: ابن النّاظم 700. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 882 ومتى لم يصحّ أن يُجعل الجوابُ شرطًا وذلك إذا كان جملة اسميّة، أو طَلَبيّة، أو فعلاً غير متصرّف، أو مقرونًا بـ (السّين) 1 أو (قد) ، أو منفيًّا [بـ (ما) ] 2، أو (لن) 3؛ فإنّه يجب اقترانُه بـ (الفاء) 4، نحو قوله تعالى: {إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ} 5، و {إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي} 6، و {إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ} 7،   1 مقرونًا بـ (السّين) أو (سوف) ؛ ولو قال: (بالتّنفيس) لشملهما. 2 ما بين المعقوفين ساقطٌ من ب. 3 في ب: (لا) ؛ وهو تحريف. 4 وجملة ما ذكره الشّارح من المواضع الّتي تجب فيها (الفاء) سبعة؛ نظمها بعضُهم في قوله: طَلَبِيّةٌ وَاسْمِيّةٌ وَبِجَامِدِ ... وَبِمَا وَقَدْ وَبِلَنْ وَبِالتَّنْفِيْسِ يُنظر: الصّبّان 4/20. 5 من الآية: 5 من سورة الحجّ. وسببُ الاقتران بالفاء؛ لأنّ الجملة اسميّة. 6 من الآية: 31 من سورة آلِ عمران. وسبب الاقتران بالفاء؛ لأنّ الجملة فعليّة طلبيّة. 7 من الآية: 77 من سورة يوسف. وسبب الاقتران بالفاء؛ لأنّه مقرون بـ (قد) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 883 و {إِن تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنكَ مَالاً وَوَلَدًا فَعَسَى رَبِّي أَن يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِّن جَنَّتِكَ} 1. فـ (الفاء) في هذه الأجوِبَة ونحوها2 - ممّا لا يصلح3 أن يُجعل شرطًا - واجبة الذّكر، ولا يجوز تركُها إلاّ في ضرورة، أو نُدُور. فحذفها في الضّرورة كقول الشّاعر: مَنْ يَفْعَلِ الحَسَنَاتِ اللهُ يَشْكُرُهَا ... وَالشَّرُّ بِالشَّرِّ عِنْدَ اللهِ مِثْلاَنِ4 وحذفُها في النُّدور كما أخرجه البخاريّ من قولِه - صلّى الله عليه   1 من الآيتين: 39، 40 من سورة الكهف. وسبب الاقتران بالفاء؛ لأنّه فعلٌ غير متصرّف. 2 ترك الشّارحُ - رحمه الله - الاستشهاد لبعض المواضع؛ وهي: إذا كان الجواب مقرونًا بحرف التّنفيس، نحو قولِه تعالى: {مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ} [المائدة: 54] ، وقوله تعالى: {وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى} [الطّلاق: 6] . أو مقرونًا بـ (ما) أو (لن) نحو: (إِنْ قام زيدٌ فما يقومُ عمرو) أو (فلن يقوم) . 3 في أ: لا تصلح. 4 تقدّم تخريجُ هذا البيت في ص 558. والشّاهدُ فيه هنا: (الله يشكُرُها) حيث حذف الفاء ضرورة؛ وكان عليه أن يقول: فالله يَشكُرُها. والمبرّد يمنع ذلك، ويزعُم أنّ الرّواية: فالرّحمن يشكُره. يُنظر: المغني 218. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 884 وسلّم - لأُبيّ ابن كَعْب1: "فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وَإِلاَّ2 اسْتَمْتِعْ بِهَا "3. وتقوم4 مقام الفاء في الجملة الاسميّة (إذا) المفاجأة، كقوله تعالى: {وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ} 5، وذلك لأنّ [إذا] 6 المفاجأة لا يُبتدأُ بها، ولا تقع إلاّ بعد ما هو معقّب بما بعدها، فأشبهت الفاء؛ فجاز أن تقوم مقامَها.   1 هو: أُبَيّ بن كعْب بن قيْس الأنصاريّ: سَيِّدُ القُرّاء؛ قرأ على النّبيّ - صلّى الله عليه وسلّم -، وقرأ عليه النّبيّ - صلّى الله عليه وسلّم - القرآن، وقرأ عليه ابن عبّاس، وأبو هريرة، وغيرهما؛ توفّي في خلافة عثمان - رضي الله عنه - سنة (30هـ) . يُنظر: معرفة القُرّاء 1/28، وغاية النّهاية 1/31، والإصابة 1/181. 2 في أ: فالاّ. 3 أخرجه البخاريّ في صحيحه، كتاب اللّقطة، باب إذا أَخبره رَبُّ اللّقطة بالعلامة دفع إليه، 3/249، ومسلم في صحيحه، كتاب اللّقطة، 3/1350، وأبو داود في سننه، كتاب اللّقطة، باب التّعريف باللّقطة، 2/328، 330، وأحمد في مسنده 4/115، 5/126. وكلّها بإثبات الفاء؛ وهو في كتب النّحو بحذف الفاء. 4 في ب: ويقوم. 5 من الآية: 36 من سورة الرّوم. 6 ما بين المعقوفين زيادةٌ يقتضيها السّياق، من ابن النّاظم 702. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 885 فصل: إذا دخلت الفاء في جواب الشّرط فإنْ كان مرفوعًا مثل: (مَنْ يقم فأقومَ معه) ، تقديرُه: فأنا أقومُ معه؛ فهو يكونُ أبدًا على [تقدير] 1 مبتدأ، ولا يجوزُ نصبُه، ولا جَزْمُه؛ إلاّ أن يأتيَ بعد جواب الشّرط المجزوم مضارِعٌ مقرون بالفاء أو الواو2، فيجوز جزْمُه عطفًا على الجواب، ورفعه على الاستئناف، ونصبُه على إِضْمَار (أَنْ) ، مثل: (إِنْ تُكرمني أكرمك وأُكافئك) 3. [157/أ] وإذا تقدّم على الشّرط ما هو الجواب في المعنى أغنى ذلك عن ذكره، نحو: ( [تصدّق] 4 إِنِ استطعتَ [أَنْ] 5 تتصدّق) 6 يريد7: فتصدّق. وإذا لم يتقدّم على الشّرط ما هو الجوابُ في المعنى فلا بُدَّ من ذكره إلاّ إذا دَلَّ عليه دليلٌ فإنّه - حينئذ - يسوغُ حذفُه؛ كما في قوله تعالى: {أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا} 8 تتمّتُه: ذهبتْ9 نفسُك عليهم10   1 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 2 في أ: بالواو والفاء. 3 في أ: وأكاتبك. 4 ما بين المعقوفين زيادةٌ يقتضيها السّياق. 5 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 6 في ب: تصدّق. 7 في أ: تريد: تتصدّق. 8 من الآية: 8 من سورة فاطر. 9 في أ: تذهب. 10 في أ: عليه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 886 حسرة1، فحُذف لدلالة {فَلاَ تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ} 2. وإذا دلّ على فعل الشّرط دليل فحذفُه بدون (إِنْ) قليل، وحذفُه معها كثير. فمِن حذفِه بدون (إِنْ) قوله: فَطَلِّقْهَا فَلَسْتَ لَهَا بِكُفْءٍ ... وَإِلاَّ يَعْلُ مَفْرِقَكَ الحُسَامُ3 [157/ب] يريد: وَإِلاَّ تُطَلِّقْهَا يَعْلُ. ومِن حذف الشّرط مع (إِنْ) قولُه تعالى: {فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ} 4، تقديرُه: إِنْ افتخرتُم بقتلهم فلم تقتُلوهم أنتم {وَلَكِنَّ اللهَ قَتَلَهُمْ} 5.   1 في ب: حسرات. 2 من الآية: 8 من سورة فاطر. 3 هذا بيتٌ من الوافر، وهو للأحوص. و (المَفْرِق) : وسطُ الرّأس. والشّاهدُ فيه: (وإلاّ يعل) حيث حذف فعلَ الشّرط لدلالة ما قبله عليه؛ والتّقدير: وإلاّ تطلِّقها يَعْلُ مفرقك الحُسام. يُنظر هذا البيتُ في: أمالي الزّجّاجيّ 82، وأمالي ابن الشّجريّ 2/96، والإنصاف 1/72، والمقرّب 1/276، وشرح الكافية الشّافية 3/1609، وابن النّاظم 705، ورصف المباني 188، والمغني 848، وابن عقيل 2/349، والمقاصد النّحويّة 4/435، والدّيوان 238. 4 من الآية: 17 من سورة الأنفال. 5 من الآية: 17 من سورة الأنفال. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 887 وقد يُحذف الشّرط والجزاء ويكتفى بـ (إِنْ) ؛ كقوله: قَالَتْ بَنَاتُ العَمِّ يَا سَلْمَى وَإِنْ ... كَانَ فَقِيرًا مُعْدَمًا قَالَتْ: وَإِنْ1 فالشّرطُ في احتياجِه إلى جواب، وجوابُ القَسَم يؤكَّد بـ (إِنَّ) و (اللاّم) أو حرف نفي2؛ فإذا اجتمع الشّرطُ والقسَمُ اكتُفيَ بجواب أحدهما عن جواب الآخر. فإن لم يتقدّمهما ما يحتاج إلى خبر اكتُفيَ بجواب السّابق منهما؛ فيُقال في تقدُّم الشّرط: (إِنْ تقُمْ والله أَقُمْ) ، وفي تقدُّم القسَم: (والله إِنْ تَقُمْ لأقُومَنَّ) . وإنْ تقدّم عليهما3 ما يحتاج إلى خبر فاعتبار الشّرط4 مرجَّحٌ على   1 هذان بيتان من مشطور الرّجز، وهما لرُؤبة. والشّاهدُ فيهما: (قالت: وإن) حيث حذف الشّرط والجزاء جميعًا بعد (إِنْ) ؛ والتّقدير: قالت: وإنْ كان فقيرًا معدَمًا رضيتُه. يُنظر هذان البيتان في: المقرّب 1/277، وشرح الكافية الشّافية 3/1610، وابن النّاظم 707، ورصف المباني 189، والمغني 852، والمقاصد النّحويّة 4/436، والتّصريح 1/195، والهمع 4/336، والأشمونيّ 4/26، والخزانة 9/14، وملحقات ديوان رؤبة 186. 2 هذه عبارةٌ مستفادة من ابن النّاظم بتصرُّفٍ يسير؛ ونصُّها: "القسَم مثل الشّرط في احتياجِه إلى جواب؛ إلاّ أنّ جوابَ القسَم مؤكَّدٌ بـ (إِنَّ) أو (اللاّم) أو منفيّ؛ وجوابٌ الشّرط مقرونٌ بالفاء أو مجزومٌ". يُنظر: ابن النّاظم 707. 3 في أ: عليها. 4 في أ: المشروط. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 888 القسَم؛ تقدّم عليها أو تأخّر، فيُقال1: (زَيْدٌ والله إِنْ تُكرمه2 يُكْرِمْكَ) بالجزم3 لا غير. وفعلُ الأمر يكون جوابه4 مجزومًا؛ لأنّه مضمَّنٌ5 معنى الشّرط؛ وذلك إذا جازيتَه على فعل الأمر، كقولك: (اطع الله يرحمك، واشكُره يزدك) ، تقديرُه: إِنْ تشكُره يزدك. ولا يجوز أن يُجعل النّهي جواب مجزوم، إلاّ إذا كان الشّرطُ المقدَّر موافِقًا للمطلوب فيصحّ أن يدلّ6 عليه؛ وعلامةُ ذلك: أن يصحّ7 المعنى بتقدير دُخول (إِنْ) على: (لا تَدْنُ من الأَسَدِ تَسْلَمْ) ، والنّهي - هنا - جوابٌ مجزوم؛ لأنّ المعنى يصحّ بقولك: (إن لا تدن من الأسد تسلم) ، بخلاف قولك: (لا تدن من الأسد يأكلك) فإنّ الجزم ممتنع فيه؛ لعدم صحّة المعنى، تقول: (إن لا تدن من الأسد يأكلك) فتجعل تباعُده من الأسد سببًا لأكله. [158/أ] وأجاز الكسائيّ [جزم] 8 جواب النّهي مطلَقًا9؛   1 في أ: فتقول. 2 في أ: أن يكرمك يكرمه. 3 في ب: بجزم. 4 في أ: جزاؤه. 5 في أ: متضمّنًا. 6 في ب: تدلّ. 7 في ب: أيصحّ. 8 ما بين المعقوفين زيادة يقتضيها السّياق؛ وهي من ابن النّاظم 684. 9 وهو مذهب الكوفيّين أيضًا. يُنظر: شرح الكافية الشّافية 3/1552، وابن النّاظم 684، وتوضيح المقاصد 4/213، 214، والتّصريح 2/243، والأشمونيّ 3/311. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 889 [و] 1 مِمّا يُحتجّ له به من نحو قولِ الصّحابي2: "يَا رَسُولَ اللهِ لاَ تُشْرِفْ يُصِبْكَ سَهْمٌ"3 فهو مُخَرَّجٌ على الإبدال من فعل النّهي، لا على الجواب. وإذا لم يجز جوابُ النّهي فأحرى وأولى أن لا يجوز جوابُ النّفي. وألحق الفرّاءُ الرَّجاءَ بالتّمنِّي، فجعلَ له4 جوابًا منصوبًا5.   1 العاطِف ساقطٌ من أ. 2 وهو: أبو طَلْحَة، زيد بن سهل بن الأسود بن حرام الأنصاريّ، النّجّاريّ - رضي الله عنه -؛ مشهورٌ بكُنيته، شهدَ بدْرًا؛ وتوفّي سنة (50هـ) ، وقيل: (51هـ) . يُنظر: الاستيعاب 2/123، والإصابة 2/502. 3 يُنظر: صحيح البخاريّ، كتاب المناقب، باب مناقب أبي طلحة- رضي الله عنه - 5/119. ورُوي بالرّفع: (يصيبك) ، يُنظر: صحيح البخاريّ، كتاب المغازي، باب ما جاء في قول الله تعالى: {إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَان مِنكُمْ أَنْ تَفْشَلاَ} ، 5/220. ورواه مسلم في صحيحه، كتاب الجهاد والسّيَر، باب غزوة النّساء مع الرّجال، 3/1443 هكذا: (لاَ تُشْرِفْ لاَ يُصِبْكَ) . 4 في ب: لها. 5 يُنظر: معاني القرآن 3/9. وتابعَ الفرَّاءَ في هذا الحكمِ الكوفيّون، وابن مالك، وابنُه، وتبعهما الشّارح. ومذهب البصريّين أنّ الرّجاء ليس له جواب منصوب؛ وتأوّلوا قراءة النّصب بأنّ (لعلّ) أُشربت معنى (ليت) ؛ لكثرة استعمالها في توقُّع المرجوّ، وتوقُّعُ المرجوّ ملازِمٌ للتّمنِّي. قال أبو حيّان في الارتشاف 2/411: "والصّحيح مذهبُ الكوفيّين؛ لوُجوده نظمًا ونثْرًا". يُنظر: شرح الكافية الشّافية 3/1554، وابن النّاظم 684، 685، وتوضيح المقاصد 4/217، والمغني 206، 714، 715، والتّصريح 2/243، والهمع 4/123، والأشمونيّ 3/312، 313. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 890 ويجب قبوله لثُبوته سماعًا، لقراءة1حفص عن2عاصم3: {لَعَلِّي أَبْلُغُ الأَسْبَابَ أَسْبَابَ السَّمَوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى} 4. وقد يُنصب5 بـ (أَنْ) المضمرة، وهو قليل ضعيف؛ وممّا روي من ذلك قولُ بعض العرب6: "خُذِ اللِّصَّ قَبْلَ يَأْخُذَكَ"7، تقديرُه: قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَكَ.   1 قرأ العشرة إلاّ عاصمًا في رواية حفص برفع {فَأَطَّلِعُ} عطفًا على {أَبْلُغُ} . وقرأ حفصٌ بالنّصب على أنّه جواب للتّمنِّي تشبيهًا لـ (لعلّ) بـ (ليْت) ؛ لأنّ (ليت) في التّمنّي أخت (لعلّ) في التّرجِّي. يُنظر: السّبعة 570، والمبسوط 390، وحجّة القراءات 631، والكشف 2/244، والتّيسير 155، والإتحاف 2/437. 2 في كلتا النّسختين: وعاصم، والتّصويب من ابن النّاظم. 3 هو: عاصم بن بَهْدَلَة بن أبي النُّجُود، الأَسَديّ - ولاءً -: شيخُ الإِقراء بالكوفة، وأحدُ القُرّاء السّبعة؛ أخذ القراءة عن أبي عبد الرّحمن السُّلَمِيّ؛ توفّي سنة (129هـ) . يُنظر: معرفة القُرّاء 1/88، وغاية النّهاية 1/346. 4 من الآيتين: 36، 37 من سورة غافِر. 5 في أ: تُنصب. 6 في أ: قولهم. 7 يُنظر: مجمَع الأمثال 1/462، بإظهار (أَنْ) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 891 بَابُ الْمَبْنِيِّ: ثُمَّ تَعَلَّمْ أَنَّ فِي بَعْضِ الْكَلِمْ ... مَا هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى وَضْعٍ رُسِمْ1 فصل: [158/ب] الكلمات قسمان: معرب، ومبنيّ. فالمعرب: ما تغيَّرَ آخرُه لتغيُّر العوامِل2 الدّاخلة عليه، لفظًا أو تقديرًا. والبِنَاء: يقع في بعض الأسماء؛ لشبه3 الحروف، ويقع في الأفعال، وجميع الحروف. فَسَكَّنُوا مَنْ إِذْ بَنَوْهَا وَأَجَلْ ... وَمُذْ وَلَكِنْ وَنَعَمْ وَكَمْ وَهَلْ أصلُ البناء: هو سكون4 آخر المبنيّ؛ فإنْ وُجِدَ متحرّكًا فالسّؤال لِمَ حُرِّكَ؛ ثمّ اختُصَّ بتلك الحركة دون غيرها. فـ (مَنْ) و (كَمْ) اسمان، ووجهُ بنائهما وُقوعهما موقع همزة الاستفهام؛ لأنّ (مَن) يُستفهم به عمّن يعقل، كقولك: (مَنْ أخوك؟) ، وتُستعمل في الشّرط، نحو: (مَنْ يكرمني أُكرمه) ؛ وبمعنى الّذي مبتدأة،   1 في شرح الملحة 360: عَلَى وَضْعٍ وُسِمْ. 2 في أ: العامل الدّاخل. 3 في ب: المشبّهة بالحرف. 4 إنّما كان الأصل في البناء السُّكُون لخفّته، واستصحابًا للأصل؛ وهو عدمُ الحركة. يُنظر: شرح المفصّل 3/82، والتّصريح 1/58، والأشمونيّ 1/62. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 893 كقولك: (مَنْ قصدني زيدٌ) ، ونكرة موصوفة، كقول الشّاعر: يَا رُبَّ مَنْ يُبْغِضُ أَذْوَادَنَا ... رُحْنَ عَلَى بَغْضَائِهِ وَاغْتَدَيْنْ1 وكقول الآخر: يَقُولُونَ لاَ تَبْعُدْ وَهُمْ يَدْفُنُونَهُ ... بَلَى2 كُلُّ مَنْ تَحْتَ التُّرَابِ بَعِيْدُ3 (كَمْ) اسم يُستفهم4به عن عدد مجهول، وتكون خبريّة تَجُرُّ5   1 هذا بيتٌ من السّريع، وهو لعمرو بن قميئة، أو لعمرو بن لأي التّيميّ. و (الأذواد) : جمع ذَوْد؛ وهو: القطيعُ من الإِبل ما بين الثّلاث إلى الثّلاثين. والمعنى: نحن محسّدون لشرفنا وكثرة مالِنا، والحاسد لا ينالُ مِنّا أكثر من إظهار البَغْضاء لنا لعزّنا وامتِناعِنا. والشّاهدُ فيه: (يا ربّ من يبغض) حيث جاءت (مَنْ) نكرة موصوفة بالجملة بعدَها. يُنظرُ هذا البيتُ في: الكتاب 2/108، والوحشيّات 9، والمقتضب 1/41، والأصول 2/325، والبغداديّات 566، والتّبصرة 1/289، والأزهيّة 101، وأمالي ابن الشّجريّ 3/64، وشرح المفصّل 4/11، والحماسة البصريّة 1/280، وديوان عمرو بن قميئة 196. 2 في أ: ألا. 3 هذا بيتٌ من الطّويل، وهو لأبي عطاء السّنديّ. والشّاهدُ فيه: (كلّ مَن تحتَ التّراب بعيد) حيث جاءت (مَنْ) نكرة موصوفة. يُنظرُ هذا البيتُ في: الحماسة 1/391، واللسان (عهد) 3/313، وشعرُه - ضمن مجلّة المورِد، المجلّد التّاسع، العدد الثّاني - 282. 4 في أ: استفهم. 5 في ب: عن. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 894 النّكرات بالإضافة، وتكون (كَأيَّن) بمعناها، نحو: {وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا} 1 أي: وكم من قرية. وفيها لغتان2: التّشديد3، والتّخفيف؛ كقول الشّاعر: [159/أ] وَكَائِنْ بِالأَبَاطِحِ4 مِنْ صَدِيقٍ5 ... ................................... فهذه لم يبق عنها سؤال؛ لبنائها على السّكون.   1 من الآية: 8 من سورة الطّلاق. 2 فيها خمسُ لغات: (كَأيِّن) ، و (كَاءٍ) على وزن كَاعٍ، و (كَيْءٍ) على وزن كَيْعٍ، و (كَأيٍ) على وزن كَعْيٍ، و (كَإٍ) على وزن كَعٍ. يُنظر: المفصّل 183، وإيضاح شواهد الإيضاح 1/263، وتوضيح المقاصد 4/338، والأشمونيّ 4/87. 3 في أ: بالتّشديد. 4 في أ: بالأبطح. 5 هذا صدرُ بيتٍ من الوافر، وعجزُه: يَرَانِي لَوْ أُصِبْتُ هُوَ المُصَابَا وهو لجرير. والشّاهدُ فيه: (وكائن بالأَباطح) حيث جاءت (كَأَيِّنْ) على لغة التّخفيف. يُنظر هذا البيت في: الإيضاح 187، وأمالي ابن الشّجريّ 1/160، وشرح شواهد الإيضاح 200، وشرح المفصّل 3/110، 4/135، والمقرّب 1/119، ورصف المباني 209، 281، والمغني 643، وشرح شواهد المغني 2/875، والأشمونيّ 4/87، والخزانة 5/397، والدّيوان 1/244. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 895 ومن ذلك في فعل الأمر1، نحو: (اكتُب) و (قُمْ) . وفي الحروف نحو: (هل) و (بل) للإضراب. و (هل) تكون استفهامًا، [و] 2 بمعنى (قد) 3 كقوله تعالى: {هَلْ أَتَى عَلَى الإِنْسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ} 4؛ ويدخلها من معنى التّقرير5 والتّوبيخ ما يدخل الألِف الّتي يُستفهَمُ بها، كقوله تعالى: {هَلْ مِن شُرَكَائِكُم مَّن يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ} 6؛ فهذه7 استفهامٌ فيه تقرير وتوبيخ.   1 في ب: الفعل. 2 العاطفُ ساقطٌ من ب. 3 اختلف النُّحاة في (هَلْ) هل تأتي بمعنى (قَدْ) أو لا؟ على عدّة أقوال: القولُ الأوّل: أنّ (هَلْ) أبدُا بمعنى (قَدْ) ، وأنّ الاستفهام إنّما هو مستفادٌ من همزة مقدَّرة؛ وهو مذهبُ الزّمخشريّ، ونقله في المفصّل عن سيبويه. القولُ الثّاني: أنّ (هَلْ) بمعنى (قَدْ) دون استفهام مقدّر؛ وهو مذهب الفرّاء، والمبرِّد، والكسائيّ. القولُ الثّالث: أنّها تتعيّن لمعنى (قَدْ) إنْ دخلتْ عليها همزة الاستفهام، وإن لم تدخُل فقد تكون بمعنى (قد) ، وقد تكون للاستفهام؛ وهو مذهب ابن مالك. القولُ الرّابع: أنّها لا تأتي بمعنى (قد) وإنّما هي للاستفهام؛ وهو مذهب ابن هشام. تُنظر هذه المسألة في: الكتاب 3/189، ومعاني القرآن للفرّاء 3/213، والمقتضب 1/43، 3/289، وحروف المعاني 2، والمفصّل 319، وشرح المفصّل 8/152، والتّسهيل 243، والجنى الدّاني 344، والمغني 460، والخزانة 11/261 - 268. 4 من الآية: 1 من سورة الإنسان. 5 في كلتا النّسختين: التّقدير، وهو تحريف، والصّواب ما هو مثبَت. 6 من الآية: 34 من سورة يونس. 7 في أ: هذه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 896 وتكون بمعنى (مَا) ، كقوله تعالى: {فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلاَّ الْبَلاَغُ} 1. و2 (مُذْ) اسمٌ يرفع ما بعدَه، وذهب [بعضُهم] 3 إلى حرفيّته بِجَرِّه4 ما أتت فيه من الزّمان5. و (لَكِنْ) للاستدراك6 بعد جَحْد. و (أَجَلْ) بمعنى (نعم) ، وهو حرفُ تصديق في الخبر خاصّة7، ولا يُستعمَل8 في جواب الاستفهام9. و (نَعَمْ) عِدَةٌ [و] 10 تَصْدِيقٌ11؛ وهي تقع12 جوابًا للسّؤال   1 من الآية: 35 من سورة النّحل. 2 في ب: أو. 3 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 4 في أ: جرّ. 5 إذا انْجَرَّ ما بعد (مُذْ) ففيها مذهبان: الجمهور على أنّها حرف جرّ، وبعضُ البصريّين على أنّها اسم. وإذا لم يَنْجَرَّ ما بعدها فلا خلافَ في كونها اسم. يُنظر: حروف المعاني 14، وشرح الرّضيّ 2/118، ورصف المباني 385، والجنى الدّاني 304، والمغني 441. 6 في ب: لاستدراك. (أَجَلْ) تكون لتصديق الخبر، ولتحقيق الطّلب؛ تقول لمن قال: (قام زيدٌ؟) : أَجَلْ، ولمن قال: (اضربْ زيدًا) : أَجَلْ. الجنى الدّاني 359. 8 في أ: ولا تُستعمَل. 9 يرى الأخفش أنّها تكون في الخبر، والاستفهام، إلاّ أنّها في الخبر أحسن من نَعَمْ، ونَعَمْ في الاستفهام أحسنُ منها. يُنظر: الجنى الدّاني 361. 10 العاطِف ساقطٌ من ب. 11 هذه عبارة سيبويه حيث قال: "وأمّا (نَعَمْ) فَعِدَةٌ وتصديقٌ". الكتاب 4/234. قال بعض النّحويين: "يعني: أنّها إنْ كان قبلها طلبٌ فهي عِدَة لا غير؛ وإنْ كان قبلَها خبرٌ فهي تصديق لا غير". يُنظر: رصف المباني 426، والجنى الدّاني 506. 12 في ب: وهو يقع. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 897 الموجود، كقولك: (أَخَرَجَ زيد؟) ، فيُقال: نعم. ولا تقع1 جوابًا للنّفي2، كما أنَّ (بَلَى) لا تقع3 جوابًا للواجب4. [و] 5 ممّا بُني على الضّمّ: وَضُمَّ فِي الغَايَةِ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ... بَعْدُ وَأَمَّا بَعْدُ فَافْقَهْ وَاسْتَبِنْ6 وَحَيْتُ ثُمَّ مُنْذُ ثُمَّ نَحْنُ ... وَقَطُّ فَاحْفَظْهَا عَدَاكَ اللَّحْنُ [159/ب] وُجوب بناء (قَبْلُ) و (بَعْدُ) من اقتطاعها عن الإضافة، وجعلِها7 غاية بمعنى آخر الكلام، صارت كأنّها بعض الكلمة8. ولأنّ الفتح والكسر9 قد يدخلان فيهما عند الإضافة، كقولك: قصدتّك قبلَ طلوع الشّمس، من قبلِ سفر زيد، ومن بعدِ تجهيزه.   1 في ب: ولا يقع. 2 في ب: لنفي. 3 في ب: لا يقع. 4 يُنظر: حروف المعاني 6. 5 العاطفُ ساقطٌ من أ. 6 في متن الملحة 56: فَافْهَمْ وَاسْتَبِنْ. 7 في أ: وجعلها آخر الكلام غاية. 8 وبعضُ الكلمة لا يكون مبنيًّا. يُنظر: شرح الملحة 362. 9 هذا مضمون كلام الحريريّ في شرحه على الملحة 362 وقد صدّره بسؤال؛ وهو: "فإنْ قيل: لِمَ بُنِيَتْ (قبل) و (بعد) على الضّمّ دون الفتح والكسر؟ فالجواب عنه: ... ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 898 فلمّا كانت الفتحة والكسرة [حركتي] 1 إعراب لـ (قبل) و (بعد) وَجَب بناؤُهما؛ لانقطاعهما2 وبنيا3 على الحركة الّتي لم تكن4 لهما قطّ - وهي الضّمّة -. وقيل5: الضّمّ عِوَضٌ بنقلهما عن المضاف إليهما6. وكذلك قولُهم: (مِن قُدَّامُ) ، قال الشّاعر: لَعَنَ الإِلَهُ تَعِلَّةَ بْنَ مُسَافِرٍ ... لَعْنًا يُصَبُّ عَلَيْهِ مِنْ قُدَّامُ7   1 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 2 في ب: لاقتطاعهما. 3 في كلتا النّسختين: بناء؛ والصّواب ما هو مثبت. 4 في أ: يمكن، وهو تحريف. 5 أي: إنّهما حُرِّكا بأقوى الحركات وهي الضّمّة؛ لتكون كالعِوَض من حذف ما أُضيفا إليه. يُنظر: شرح المفصّل 4/86. 6 وقيل: بُنِيَتْ على الضّمّ لشبهها بالمنادى المفرَد. يُنظر: المرجع السّابق 4/86. 7 هذا بيتٌ من الكامل، وهو لرجلٍ من بني تميم. والشّاهدُ فيه: (مَن قُدَّامُ) حيث بنى الظّرف (قُدّامُ) على الضّمّ؛ لأنّه حذف المضاف إليه ولم ينو لفظَه، بل نوى معناه. يُنظر هذا البيتُ في: أمالي ابن الشّجريّ 2/76، وتذكرة النُّحاة 279، وأوضح المسالك 2/216، والمقاصد النّحويّة 3/437، والتّصريح 2/51، والهمع 3/196، والأشمونيّ 2/286، والدّرر 3/114. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 899 وقيل1: يُعرب2 إذا لم ينو المضاف إليه، كقوله: فَسَاغَ لِيَ الشَّرَابُ وَكُنْتُ قَبْلاً3 ... أَكَادُ أَغَصُّ بِالْمَاءِ الزُّلاَلِ4   1 يجب إعراب (قبل) و (بعد) في ثلاث صور: إحداها: أن يُصرَّح بالمضاف إليه، كـ (جئتُك بعد الظُّهر) ، و (قبل العصر) ، و (من قبله) و (من بعدِه) . الثّانية: أن يُحذف المضاف إليه وينوى ثُبوت لفظِه، فيبقى الإعراب وترك التّنوين كما لو ذكر المضاف إليه، كقوله: (وَمِنْ قَبْلِ نَادَى كُلُّ مَوْلَى قَرَابَةً) أي: ومن قبل ذلك. الثّالثة: أن يُحذف ولا ينوى شيء، فيبقى الإعراب، ولكن يرجع التّنوين؛ لزوال ما يُعارضه في اللّفظ والتّقدير. والبيتُ الّذي ذكره الشّارحُ شاهدٌ على هذه الصّورة. يُنظر: أوضح المسالك 2/211. 2 في ب: تعرب. 3 في كلتا النّسختين: قدمًا، وهو تحريف، والصّواب ما هو مثبَت. 4 هذا بيتٌ من الوافر، وهو ليزيد بن الصَّعِق. والشّاهدُ فيه: (قبلاً) حيث قطعه عن الإضافة فلم ينوِ لفظ المضاف إليه ولا معناه؛ ولذلك أُعرب منوَّنًا. يُنظرُ هذا البيتُ في: معاني القرآن للفرّاء 2/320، 321، والمقتصد 1/151، وشرح المفصّل 4/88، وشرح الكافية الشّافية 2/965، وتذكرة النُّحاة 527، وشرح الشّذور 103، وابن عقيل 2/69، والمقاصد النّحويّة 3/435، والتّصريح 2/50، والخزانة 1/426، وشعرُه ـ ضمن أشعار العامريّين الجاهليّين ـ 61. وورد البيتُ في بعض المصادر (الفُرات) بدل (الزُّلال) ، وفي بعضِها (الحميم) بدل (الزُّلال) ؛ والصّحيح رواية (الحميم) ؛ لأنّه من قصيدة ميميّة مطلعُها: أَلاَ أَبْلِغْ لَدَيكَ أَبَا حُرَيْثٍ ... وَعَاقِبَةُ المَلاَمَةِ لِلمُلِيمِ يُنظر: أشعار العامريّين الجاهليّين 60. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 900 [وأَمَّا] 1 بعد: فمعناه: (أمّا بَعْدَ حَمْدُ الله، والصَّلاةُ على نبيِّيهِ؛ فقد كان كذا) على ما يقتضي الكلام؛ فلمّا قُطِعَ2 المضاف إليه جُعل غاية. [160/أ] (حَيْثُ) تُستعمل ظرفًا من نحو: (أكون حيث تكون) ، وتُستعمَل اسمًا، كقوله تعالى: {اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالاَتِهِ} 3؛ فليست (حيث) هُنا ظرفًا؛ لأنّ القديم4- سبحانه - لا يكون أعلم في مكان ولا جهة من الجهات دون جهة ولا دون مكان؛ لخُروجه عن حيِّز المحدودات والمجسَّمات؛ فثبت أنّها اسم. وكقولك: (أنا5 أرمي حيث ترمي) 6 أي: إنّك ترمي نفس المكان   1 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 2 في أ: اقتطع. 3 من الآية: 124 من سورة الأنعام. وقولُه: {رِسَالاَتِهِ} - بالجمع - قراءة القُرَّاء السّبعة ما عدا ابن كثير وحفصًا؛ فإنّهما قرآها: {رِسَالَتَهُ} - بالإفراد -. يُنظر: حجّة القراءات 270، والكشف عن وُجوه القراءات 1/449، والتّيسير 88. 4 في ب: التّقديم، وهو تحريف. 5 في أ: ما، وهو تحريف. 6 في ب: أرى حيث ترى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 901 الّذي يرمي فيه غيرُك، لا أن ترمي فيه1؛ فيكون مفعولاً؛ وتقول: (أقمتُ حيثُ أمرتني) . وأمّا إضافتها إلى المفرد فكقول الشّاعر: وَنَطْعَنُهُمْ حَيْثُ الحُبَا بَعْدَ ضَرْبِهِمْ2 ... بِبِيضِ المَوَاضِي حَيْثُ لَيِّ العَمَائِمِ3 ذكر ذلك ابن بابشاذ4. وأمّا استعمالُها ظرفَ زمان فكقول5 الشّاعر: لِلْفَتَى عَقْلٌ يَعِيشُ بِهِ ... حَيْثُ تَهْدِي6 سَاقَهُ قَدَمُهْ7   1 في ب: أي: إنّك ترى نفس المكان الّذي يرى فيه غيرك، لا أن ترى فيه. 2 في كلتا النّسختين: ضربنا، وهو تحريف، والصّواب ما هو مثبَت. 3 هذا بيتٌ من الطّويل، وهو للفرزدق. و (الحُبَا) : جمع حُبْوَة؛ وهو: أن يجمع الرّجلُ ظهره وساقيه بعمامته؛ وقد يحتبي بيديه. والشّاهدُ فيه: إضافة (حيث) إلى المفرد؛ وهذا نادرٌ عند جمهور النُّحاة، وأجازه الكسائيّ. يُنظر هذا البيتُ في: شرح المفصّل 4/92، والمغني 177، والمقاصد النّحويّة 3/387، والتّصريح 2/39، والهمع 3/206، وشرح شواهد المغني 1/389، والأشمونيّ 2/254، والخزانة 6/553. 4 يُنظر: شرح الجُمل لابن بابشاذ جـ2/ ق 151/أ. 5 في أ: كقول. 6 في ب: يهدي. 7 هذا بيتٌ من المديد، وهو لطرفة بن العَبْد. والشّاهدُ فيه: مجيء (حيث) للزّمان، والأكثر مجيئُها للمكان. يُنظر هذا البيتُ في: مجالس ثعلب 1/197، وإيضاح الشّعر 209، وأمالي ابن الشّجريّ 2/599، وشرح المفصّل 4/92، وشرح التّسهيل 2/233، واللّسان (سوق) 10/168، والهمع 3/207، والخزانة 7/19، والدّيوان 80. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 902 وهي مبنيّة على الضّمّ من أنّها أشبهت الغايات من حيث ملازمتها الإضافة1. ويُقال: (حَيْثُ) و (حَيْثَ) معًا، والكسائيّ حكى كسرَها، وقيل فيها: (حَوْث) 2 معًا؛ وأشهر لغاتها الضّمّ3. ولا تُضاف إلى غير الجملة إلاّ ما روي: أَمَا4 تَرَى حَيْثُ سُهَيْلٍ طَالِعَا5 ... … … … … … … … … . [160/ب] أي: مكان سُهيل.   1 في أ: للإضافة. 2 في كلتا النّسختين: حاث، وهو تحريف، والصّواب ما هو مثبَت. و (حيث) استعملوها في الأحوال الثّلاثة بالواو؛ فقالوا: (حَوْثَ) و (حَوْثُ) و (حَوْثِ) . 3 تُنظر لغات حيث، وحكاية الكسائيّ في: المفصّل 169، وأمالي ابن الشّجريّ 2/599، وشرح المفصّل 4/91، والمغني 176. 4 في أ: ألا ترى. 5 هذا صدر بيتٍ من الرّجز، وعجزُه: نَجْمًا يُضِيءُ كَالشِّهَابِ سَاطِعَا ولم أقف على قائله. والشّاهد فيه: إضافة (حيث) إلى المفرَد؛ وهذا نادرٌ عند جمهور النُّحاة، وأجازه الكسائيّ. يُنظرُ هذا البيتُ في: إيضاح الشّعر 207، وشرح المفصّل 4/90، وشرح الكافية الشّافية 2/937، والمغني 178، وابن عقيل 2/54، والمقاصد النّحويّة 3/384، والهمع 3/206، وشرح شواهد المغني 1/390، والأشمونيّ 2/254، والخزانة7/3. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 903 (نَحْنُ) بُنِيَتْ1 لكونها كناية عن جمع كالواو الّتي2 تدلّ على الجمع من قولك: (فَعَلوا) ؛ وبُنِيَتْ على حركة؛ لالتقاء3 السّاكنَيْن. واختصّت بالضّمّ؛ لقُربها من الواو4. (مُنْذُ) ذُهِبَ إلى حرفيّته5، ولم يُبْنَ من الحروف على الضّمّ سواه6؛ وبُنِيَتْ لوُقوعها لابتداء الغاية في معنى الحرف7.   1 في أ: ثبت كونها. 2 في أ: والّتي. 3 في أ: للالتقاء. 4 اختُلف في علَة بنائه على الضّمّ: فقال الفرّاء وثعلب: لَمَّا تضمّن معنى التّثنية والجمع قُوِّيَ بأقوى الحركات. وقال الزّجّاج: (نحن) لجماعة، ومن علامة الجماعة الواو؛ والضّمّة من جنس الواو. وقال الأخفش الصّغير: (نحن) للمرفوع، فحرِّك بما يشبه الرّفع. وقال المبرّد: تشبيهًا بـ (قبل) و (بعد) ؛ لأنّها متعلِّقة بشيء، وهو الإخبار عن اثنين فأكثر. وقال هشام: الأصل: (نَحُنْ) ـ بضمّ الحاء، وسكون النّون ـ، فنُقلت حركة الحاء على النّون، وأُسكنت الحاء. يُنظر: شرح المفصّل 3/94، واللّسان (نحن) 13/427، والهمع 1/208. (منذ) لفظٌ مشتَرك؛ يكون حرفَ جرٍّ، ويكون اسمًا، والمشهور أنّه حرف إذا انجرَّ ما بعده، واسم إذا ارتفع ما بعده؛ وقيل: هو اسمٌ مطلَقًا. يُنظر: شرح الرّضيّ 2/118، ورصف المباني 393، والجنى الدّاني 500. 6 في ب: ولم يبن على الضّمّ من الحروف سواه. 7 علّة البناء؛ أمّا في حال رفع ما بعده فلما يجئ من كون المضاف إليه جملة كما في (حيث) . وأمّا في حال جرّه فلتضمُّنه معنى الحرف؛ لأنّ معنى (مُذْ يوم الجمعة) : مِن حَدِّ يوم الجمعة، ومِن تأريخه؛ فهما بمعنى الحدّ المضاف إلى الزّمان متضمِّنًا معنى (مِن) . يُنظر: شرح الرّضيّ 2/118. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 904 و (مُنْذُ) هو أصل (مُذْ) 1؛ وإذا كانا اسمين فالكلام جملتين، وإذا كانا حرفين فهو جملة. و (قَطّ) و (عَوْضُ) معًا: هما لزمانيّ الماضي والاستقبال على سبيل الاستغراق2؛ تقول: (ما رأيتُه قَطّ) ، و (لا أفعَلُه عَوْض) ؛ ولا يُستعملان إلاّ في النّفي. وحُكي (قُطُّ) بضمّ القاف، و (قَطُ) بتخفيف الطّاء3.   1 هذا مذهب الجُمهور. وقال بعضُ النُّحاة: أنّ (مذ) حرفٌ قائمٌ بنفسه غير مقتطع من (منذ) . وقال صاحبُ الرّصف: "والصّحيح أنّه إذا كان اسمًا فهو مقتطع من (منذ) ؛ بدليل التّصغير؛ وهو يردُّ الأشياء إلى أُصولها، وأمّا إذا كان حرفًا فهو لفظٌ قائمٌ بنفسه لا يُطلب له اشتقاق ولا وزن ولا أصل؛ فهو لفظٌ مشتَركٌ بين الاسم والحرف". يُنظر: شرح الرّضيّ 2/117، ورصف المباني 387، والجنى الدّاني 304، والمغني 442، والتّصريح 2/21، والهمع 3/221، 222. 2 قطّ: ظرف لاستغراق الماضي من الزّمان. وعَوْض: ظرف لاستغراق المستقبَل من الزّمان. يُنظر: المغني 200، 233. 3 أفصح لغات هذه الكلمة: فتح القاف وتشديد الطّاء مع الضّمّ. وقد تُكسر على أصل التقاء السّاكنَيْن. وقد تتبع قافُه طاءَهُ في الضّمّ. وقد تُخفَّف طاؤه، مع ضمِّها أو إسكانِها. المغني 233. ويُنظر: الصّحاح (قطط) 3/1153، ودرّة الغوّاص 16، 17، والمفصّل 174، وشرح المفصّل 4/108. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 905 ويقال: (عَوْضَ العَائِضين لا أفعل) 1، كقولك: دَهْرَ الدَّاهِرين. وَالْفَتْحُ فِي أَيْنَ وَأَيَّانَ وَفِي ... كَيْفَ وَشَتَّانَ وَرُبَّ فَاعْرِفِ وَقَدْ بَنَوْا مَا رَكَّبُوا مِنَ الْعَدَدْ ... بِفَتْحِ كُلٍّ مِنْهُمَا حِينَ يُعَدّ المبنيّ على الفتح من الأسماء، والأفعال، والحُروف: فالأسماء نحو: (أين) و (أَيَّان) [161/أ] و (كيف) و (شتّان) . بُنِيَتْ لتضمُّنها معنى [همزة] 2 الاستفهام. [فـ (أَيْنَ) ] 3 يُستفهم4 به عن مكان مجهول. و (أيّان) بمعنى (متى) 5، عن زمان مجهول، كقوله تعالى: {يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ} 6.   1 يُنظر: الجُمل 75، والصّحاح (عوض) 3/1093، واللّسان (عوض) 7/193. 2 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 3 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 4 في أ: فيستفهم. 5 والفرْقُ بينها وبين (متى) : أنّ (متى) لكثرة استعمالها صارت أظهر من (أَيّان) في الزّمان. ووجهٌ آخر من الفرْق؛ وهو: أنّ (متى) يُستعمل في كلّ زمان، و (أيّان) لا يُستعمل إلاّ فيما يُراد تفخيم أمره وتعظيمه. يُنظر: شرح المفصّل 4/106. 6 سورة القيامة، الآية: 6. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 906 و (كيف) يُستفهم به عن حال مجهول، وتقع بمعنى التّعجُّب، كقوله تعالى: {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ} 1. وحُرِّكت2 الفاء فَرارًا من التقاء السّاكنَيْن، واختِير لها أخفّ الحركات وهي الفَتْحَة3. و (شَتَّان) بُني لوُقوعه موقع الفعل الماضي بمعنى (بَعُدَ) ؛ وهو من التّفريق. و (الآن) 4 وهو الزّمان الّذي يقعُ فيه كلامُ المتكلِّم، وزمان فعل الفاعل، وعلّة البناء لُزومها الألِف5 واللاّم6.   1 من الآية: 28 من سورة البقرة. 2 في أ: وتحرّكت الياء، وهو تحريف. 3 كيف: بُنِيَتْ على السُّكون فالتقى في آخرها ساكنان؛ وهما الياء والفاء، فحرّكوا الفاء بالفتح استثقالاً للكسرة بعد الياء؛ والعربُ يجيزون الخِفّة فيما يكثُر استعمالُه. يُنظر: شرح المفصّل 4/109. 4 في أ: للأن. 5 في أ: للألف. 6 علّة بناء (الآن) من مواضع الخلاف بين البصريّين والكوفيّين؛ وقد عقد لها أبو البركات الأنباريّ المسألة الحادية والسّبعون في الإنصاف 2/520. وما ذكره الشّارح هو مذهب المبرّد، وبه قال الزّمخشريّ. وذهب الكوفيّون إلى أنّ (الآن) مبنيّ؛ لأنّ الألِف واللاّم دخلتا على فعل ماضٍ من قولهم: (آن يئين) أي: حان، وبقي الفعل على فتحته. وذهب البصريّون إلى أنّه مبنيّ؛ لأنّه شابه اسم الإشارة. وهُناك آراءٌ أخرى. يُنظر: معاني القرآن للزّجّاج 1/153، وأمالي ابن الشّجريّ 2/596، 597، والمفصّل 173، وشرح المفصّل 4/103، 104، واللّسان (أين) 13/41، والهمع 3/185. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 907 والعدد المركّب هو: من أحد1 عشر إلى تسعة عشر2؛ الأصل: أن يُعطف الآخر على الأوّل، فيُقال: (عندي أحد وعشر) ، فلمّا حُذف حرف العطف، وجُعل الاسمان بمنزلة اسم واحد بُنيا للتّركيب، واختِير لهما الفتح طلَبًا للخِفّة. ومن ذلك (بَيْنَ بَيْنَ) 3 أي: بين الجيِّد والرّدي؛ و (لقيتُه صباح مساء) إذا أردتّ أنّك لقيتَه صباحًا ومساءً؛ فحصل التّركيبُ بحذف الواو، وبُنيا على الفتح كـ (خمسة عشر) . والبناء في الأفعال على الفتح يختصّ بالماضي، وحُرِّك لوُقوعه [161/ب] موقع المتحرِّك؛ وهو المضارِع من قولك: (زيدٌ قام) 4 و (زيد يقوم) ؛ فوقع5 خبرًا كالفعل المضارع، [و] 6 كقولك: (إنّ زيدًا يفعل) و (إنّ عمرًا فعل) فبُنِي على أخفّ الحركات؛ وهي الفتحة إذا كان خاليًا من الضّمائر،   1 في أ: إحدى. 2 في ب: إلى تسعة وتسعين. 3 الأصل: (بين هذا وبين هذا) فلمّا سقطت الواو تخفيفًا والنيّة نيّة العطف بُني لتضمُّنه معنى الحرف. يُنظر: شرح المفصّل 4/117. 4 في أ: زيد يقوم، وزيد قائم. 5 في ب: فرفع. 6 العاطِف ساقطٌ من ب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 908 قلّت حروفه أو كثُرت، نحو: (ضرب) و (انطلق) و (استخرَج) ، وبناؤُه لازم. والفعل المضارع يبنى على الفتح إذا دخلت عليه نون التّوكيد؛ مشدّدة كانت أو مخفّفة، كقولك: (لا يستخفنَّك باطل، ولا تُسرعنّ إليه) ، وكقوله [تعالى] 1: {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً} 2. والمبنيّ من الحُروف على الفتح: (رُبَّ) و (ثُمَّ) و (إنّ) 3 وأخواتها؛ وقد تقدّم فيهنّ الكلام. وَأَمْسِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْكَسْرِ فَإِنْ4 ... صُغِّرَ صَارَ مُعْرَبًا عِنْدَ الْفَطِنْ وَجَيْرِ أَيْ: حَقًّا وَهَؤُلاَءِ ... كَأَمْسِ فِي الْكَسْرِ وَفِي الْبِنَاءِ فصل: البناء على الكسر يقع في الأسماء، والحروف، ولا يدخل الأفعال إلاَّ فيما يحتمل الجمع بين ساكنين. فـ (أمس) 5 مبنيّ على الكسر لتضمُّنِه لام التّعريف، فلمّا تضمّن معنى المبنيّ بُنِي؛ هذا عند الحجازيّين6، وبنو تميم   1 ما بين المعقوفين ساقطٌ من ب. 2 من الآية: 58 من سورة الأنفال. 3 في أ: وأين. 4 في أ: وإنْ. 5 في ب: كأمس. (أمس) لها استعمالان؛ أن تُستعمل ظرفًا، وأن تُستعمل غير ظرف. فإذا استُعملت ظرفًا فهي مبنيّة عند الجميع؛ لتضمُّنها معنى لام التّعريف. وإذا استُعملت غير ظرف ففيها الخلاف الّذي ذكره الشّارح. ومن بني تميم مَن يوافِق الحجازيّين في حالة النّصب والجرّ في البناء على الكسر؛ وفي حالة الرّفع في إعرابِها إعرابَ ما لا ينصرف. ومنهم من يُعربها إعراب ما لا ينصرف في حالتي النّصب والجرّ أيضًا. ومنهم من يعربها إعراب المنصرف فينوّنها في الأحوال الثّلاثة؛ حكاه الكسائيّ. وحكى الزّجّاج أنّ بعضَ العرب ينوّنها وهي مبنيّة على الكسر؛ تشبيهًا بالأصوات. يُنظر: الكتاب 3/283، وشرح المفصّل 4/106، وشرح التّسهيل 2/223، وشرح الرّضيّ 2/125، وأوضح المسالك 3/153، والتّصريح 2/226، والهمع 3/187. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 909 يمنعونها1 الصّرف، فيقولون: (ذهب أمسُ بما فيه) و (ما رأيتُه مُذْ أمسُ) ، قال الرّاجز: إِنِّي رَأَيْتُ عَجَبًا مُذْ أَمْسَا ... عَجَائِزًا مِثْلَ السَّعَالِي خَمْسَا يَأْكُلْنَ مَا فِي رَحْلِهِنَّ هَمْسَا ... لاَ تَرَكَ اللهُ لَهُنَّ ضِرْسَا2 [162/أ]   1 في ب: منعوا. 2 هذا أربعة أبياتٍ من مشطور الرّجز، وهي للعجّاج. و (السّعالي) جمع سعلاة: أُنثى الغول، أو ساحرة الجن. و (الْهَمْس) : الخفاء وعدمُ الظُّهور، أو الصّوت الخفيّ. والشّاهدُ فيها: إعراب (أمس) إعرابَ ما لا ينصرف؛ فهو مجرورٌ بـ (مُذْ) ، وعلامة جرِّه الفتحة. تُنظر هذه الأبيات في: نوادر أبي زيد 57، وشرح الملحة 366، وأسرار العربيّة 32، وشرح المفصّل 4/107، وشرح الشّذور 97، والمساعد 1/520. ويُنظر البيتان الأوّلان في: الكتاب 3/285، وما ينصرف وما لا ينصرف 124، والجُمل 299، وأمالي ابن الشّجريّ 2/596، والتّصريح 2/226، وملحقات الدّيوان 2/296. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 910 و (أمس) إذا نُكِّر، أو أُضيف، أو دخل عليه الألِف واللاّم أُعرب1. (جَيْرِ) حرف2 بمعنى (حقًّا) ، وقيل: بمعنى (نعم) 3؛ وحُرِّك لالتقاء السّاكنَين4، وكسر ككسر بعض الحروف؛ وهي: (الباء) و (اللاّم) ، نحو: (بزيد) و (لزيد) ؛ إذْ هما مبنيّان على الكسر.   1 وإنّما استحقّ الإعراب في هذه الأحوال الثّلاث لزوال تضمُّنه معنى لام التّعريف. يُنظر: أمالي ابن الشّجريّ 2/596. (جير) فيها خلاف: منهم من قال: إنّها حرفُ جوابٍ بمعنى (نعم) . ومنهم من قال: إنّها اسمٌ بمعنى (حقًّا) . والشّارح جعلها حرفًا بمعنى (حقًّا) وهذا سهوٌ منه؛ لأنّ ما حَلّ من الألفاظ المشكلة في الحرفيّة والاسميّة محلّ الاسم حُكِمَ عليه بالاسميّة، إلاّ إنْ قام دليلٌ على حرفيّته، ككاف التّشبيه الّتي معناها (مثل) - كما قال صاحب الرّصف -. يُنظر: معاني الحروف للرّمّانيّ 106، وشرح الملحة 366، وشرح المفصّل 8/124، وشرح الكافية الشّافية 2/883، ورصف المباني 252، 253، والجنى الدّاني 433، والمغني 162، والهمع 4/374. 3 قال ابن يعيش 8/124: "وأمّا جير فحرفٌ، معناه: (أجل) و (نعم) ؛ ... وأكثرُ ما يُستعمَلُ مع القَسَم". 4 السّاكنان هما: الرّاء والياء؛ وكانت الحركة كسرة على أصل التقاء السّاكنين. يُنظر: شرح المفصّل 8/124، ورصف المباني 253. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 911 ومجيئُه بمعنى (نعم) قولُ الشّاعر: إِذَاً تَقُولُ (لاَ) ابْنَةُ1 العُجَيْر2 ... تَصْدُقُ (لاَ) إِذَا تَقُولُ3 جَيْرِ4 أي: لا [إذا] 5 تقول نعم.   1 في أ: لابنة، وهو تحريف. 2 في ب: الغوير. 3 في أ: يقول. 4 هذان بيتان من مشطور الرّجز، ولم أقف على قائلهما. والشّاهدُ فيهما: (جير) حيث جاءت بمعنى (نعم) . والنُّحاة استشهدوا به على مقابَلة (لا) النّافية بـ (جير) ممّا يدلّ على انتفاء الاسميّة منها. يُنظر هذان البيتان في: شرح الكافية الشّافية 2/884، والجنى الدّاني 434، والمغني 163، وشرح شواهده 1/362، والهمع 4/258، 374، والدّرر 4/249. 5 ما بين المعقوفين ساقط من أ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 912 وَقِيلَ فِي الْحَرْبِ: نَزَالِ مِثْلَ مَا ... قَالُوا: حَذَامِ وَقَطَامِ فِي الدُّمَى [فصل] 1: المعدول إلى (فَعَالِ) 2 مبنيّ على الكسر؛ وهو يأتي على أضرُب3: أحدها4: بمعنى الأمر5، كقولك6: (نَزَالِ) بمعنى: انزل، و (تَرَاكِ) بمعنى: اترُك؛ قال الشّاعر: وَلَنِعْمَ حَشْوُ الدِّرْعِ أَنْتَ إِذَا ... دُعِيَت: نَزَالِ وَلُجَّ فِي7 الذُّعْرِ8   1 ما بين المعقوفين ساقطٌ من ب. 2 صيغة (فَعَالِ) ممّا اختصّ به المؤنّث، ولا يكون إلاّ معرفة معدولاً عن جهته. يُنظر: شرح المفصّل 8/50. 3 تُنظر هذه الأضرُب في: الجُمل 228، وشرح الملحة 367، والمفصّل 155، وأمالي ابن الشّجريّ 2/352، وشرح المفصّل 4/49. 4 في ب: أحدهم. 5 أي: اسمٌ لفعل الأمر. 6 في ب: تقول. 7 في كلتا النّسختين: ومجّ ذو، وهو تحريف، والصّواب ما هو مثبَت كما في المصادر الّتي ذكرت البيت. 8 هذا البيتُ من الكامل، وهو لزُهير بن أبي سُلمى. والشّاهدُ فيه: (نَزَالِ) حيث بني (نَزَال) على الكسر؛ لأنّها بمعنى انزل. يُنظر هذا البيتُ في: الكتاب 3/271، والمقتضب 3/370، وما ينصرف وما لا ينصرف 101، والأُصول 2/132، والجُمل 228، والتّبصرة 1/252، وشرح الملحة 367، وأمالي ابن الشّجريّ 2/354، والإنصاف 2/535، وشرح المفصّل 4/26، 50، 52، والدّيوان 116. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 913 الثّاني: أسماء لا تُستعمل إلاّ في النّداء؛ كقولك: (يَا لَكَاعِ) و (يَا فَجَارِ) و (يا خَبَاثِ) ؛ يقولون ذلك للمرأة اللُّكَعَةِ1- أي: الوسِخة -، وكذلك الفاجرة، والخبيثة، عَدْلاً عن هذه الألفاظ للمبالغة؛ وقد [جاء] 2 (لَكَاعِ) مبنيًّا على الكسر في غير النّداء في قول الشّاعر: [162/ب] أُطَوِّفُ مَا أُطَوِّفُ ثُمَّ آوِي ... إِلَى بَيْتٍ قَعِيدَتُهُ لَكَاعِ3 الثّالث: اسم المصدر، نحو: (فَجَارِ) و (يَسَارِ) ؛ قال الشّاعر: فَقُلْتُ امْكُثِي حَتَّى يَسَارِ لَعَلَّنَا نَحُجُّ مَعًَا قَالَتْ أَعَامًَا وَقَابِلَهْ4   1 في أ: المتلكِّعة. واللّكيعة: الأَمَةُ اللّئيمة، ولَكِعَ الرّجُل يَلْكَعُ لَكَعًا وَلَكَاعَةً: لَؤُمَ وحَمُقَ. يُنظر: اللّسان (لكع) 8/322، 323. 2 ما بين المعقوفين ساقطٌ من ب. 3 هذا بيتٌ من الوافر، وهو للحُطيئة. والشّاهدُ فيه: مجيء (لَكَاعِ) مبنيًّا على الكسر في غير النّداء للضّرورة. يُنظر هذا البيتُ في: المقتضب 4/238، والجمهرة (قعد) 2/662، والجُمل 164، وأمالي ابن الشّجريّ 2/347، وشرح المفصّل 4/57، واللّسان (لكع) 8/323، وشرح الشّذور 92، والمقاصد النّحويّة 1/473، 4/229، والتّصريح 2/180، والهمع 1/282، وملحق ديوان الحُطيئة 330. 4 هذا بيتٌ من الطّويل، وهو لحميد بن ثور الهلاليّ، وقيل: لحميد الأرقط. والشّاهد فيه: (يَسَارِ) حيث وقع (فَعَالِ) علم جنس معدولاً عن المصدر، مبنيًّا على الكسر. يُنظر هذا البيتُ في: الكتاب 3/274، والجُمل 229، والمخصّص 17/64، وشرح الملحة 368، وأمالي ابن الشّجريّ 2/356، ونتائج الفكر 188، وشرح المفصّل 4/55، والتّصريح 1/125، والخزانة 6/327، وديوان حميد بن ثور 117. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 914 الرّابع: منه ما عُدِل عن (فَاعِلَةٍ) ، كـ (حَذَامِ) و (قَطَامِ) و (رَقَاشِ) 1 و (غَلاَبِ) ؛ وهذا الضّرْب فيه خلاف2؛ أمّا أهل الحجاز فيستعملونه مبنيًّا على الكسر، وعليه قوله: إِذَا قَالَتْ حَذَامِ فَصَدِّقُوهَا ... فَإِنَّ الْقَوْلَ مَا قَالَتْ حَذَامِ3 وبنو تميم يجرون هذا بوُجوه الإعراب، ولا يرون صرفه؛ تقول: جَاءَتْ حَذَامُ، وقَطَامُ، ورَقَاشُ؛ بالضّمّ في الرّفع، وبالفتح في الجرّ   1 في ب: رواش، وهو تحريف. 2 حكى هذا الخلاف سيبويه، والمبرّد، وابن سيده، والزّمخشريّ، وابن الشّجريّ، وغيرهم. يُنظر: الكتاب 3/277، 278، والمقتضب 3/373، وما ينصرف وما لا ينصرف 101، والمخصّص 17/66، والمفصّل 159، وأمالي ابن الشّجريّ 2/360، وشرح المفصّل 4/64، والتّصريح 2/225. 3 هذا بيتٌ من الوافر، وهو لِلُجَيْم بن صَعْب، أو دَيْسَم بن طارق. والشّاهدُ فيه: (حَذَامِ) حيث جاء هذا الاسم مبنيًّا على الكسر على لغة الحجازيّين. يُنظر هذا البيتُ في: الكامل 2/591، وما ينصرف وما لا ينصرف 101، والخصائص 2/178، وأمالي ابن الشّجريّ 2/360، وشرح المفصّل 4/64، وإيضاح شواهد الإيضاح 2/692، واللّسان (رقش) 6/306، وأوضح المسالك 3/153، والمقاصد النّحويّة 4/370، والتّصريح 2/225. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 915 والنّصب؛ للعدل والعَلَميّة1. فإنْ كان هذا النّوع آخِرُه راء، فإنّ الكلّ2 قد أجمعوا على بنائه؛ وذلك قولُهم: (حَضَارِ) 3 في اسم كوكب، و (سَفَارِ) 4 في اسم ماءٍ. وإنّما وافق بنو تميم أهلَ الحجاز على بناء مثل هذا؛ لأنّ من مذهب بني تميم الإمالة، والرّاء المضمومة والمفتوحة تمنع الإمالة5؛ فلو [163/أ]   1 اختُلف في علّة ذلك؛ فقال سيبويه والأكثرون: للعلَميّة والعدل. وقال المبرّد: للعَلَميّة والتّأنيث المعنويّ فهو كزينب. يُنظر: الكتاب 3/277، 278، والمقتضب 3/368، 373، والأُصول 2/89، والتّبصرة 2/565، وشرح المفصّل 4/64، وأوضح المسالك 3/151، والتّصريح 2/225. 2 دُخول (أل) على (بعض) و (كلّ) لا يرتضيه كثير من اللّغويّين والنُّحاة؛ ففي الجمل 24: "وإنّما قلنا (البعض) و (الكل) مجازًا على استعمال الجماعة له مسامحة، وهو في الحقيقة غير جائز". ويُنظر: شرح القطر 335. 3 يُنظر: الكتاب 3/279، والصّحاح (حضر) 2/633، والمخصّص 17/67، واللّسان (حضر) 4/200. 4 سَفَارِ: مَنْهَلٌ قِبَل ذي قار، بين البصرة والمدينة، وهي لبني مازن بن مالك بن عمرو بن تميم. معجم البُلدان 3/223. ويُنظر: الكتاب 3/279، والصّحاح (سفر) 2/687، والمخصّص 17/68، واللّسان (سفر) 4/371. 5 في أ: للإمالة. وإنّما امتنعت الإمالةُ ممّا آخرُه راءٌ مضمومة أو مفتوحة؛ لأنّ الرّاء فيها تكرير، فالحركة فيها تقوم مقام حركتين؛ لهذا عدلوا إلى كسر أواخر هذه الأسماء لتصحّ الإمالة. يُنظر: الكتاب 3/278، 4/136، وأمالي ابن الشّجريّ 2/361. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 916 أُعرب ولم يُصرف لم يكن طريقٌ إلى إمالته، فجنحوا1 إلى لغة غيرهم، فكسروا الرّاء لتصحّ الإمالة؛ فهذه العلّة الّتي لأجلها وقع الإجماع2. وَقَدْ بُنِيَ يَفْعَلَنْ فِي الأَفْعَالِ ... فَمَا لَهُ مُغَيِّرٌ بِحَالِ تَقُولُ مِنْهُ: النُّوقُ يَسْرَحْنَ وَلَمْ ... يَسْرَحْنَ3 إِلاَّ لِلَّحَاقِ بِالنَّعَمْ اعلم أنّه إذا كان الفعل لجمع [مؤنّث] 4يلتحق بآخره نونٌ خفيفة، كقولك: (الهندات يقمن) و (لن5 يقمن) [و (لم يقمن) ] 6، فيستوي لفظُ المرفوع والمنصوب والمجزوم. فالنّون ههنا دالّة على جمع التّأنيث، وليست هذه النّون كالنّون الّتي بعد الياء في (تذهبين) 7، ولا هي بعلامة شيء من الإعراب؛ ولا يجوز سقوطُها في النّصب والجزم. فإذا لحقت الفعل الماضي سُكِّن آخره، كقولك: (النّساء خرجن) .   1 في أ: فنحوا. 2 في ب: الاجتماع. 3 في متن الملحة 57: وَلَمْ يَرُحْنَ. 4 ما بين المعقوفين ساقطٌ من ب. 5 في أ: كي. 6 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 7 لأنّ النون هُنا حرف، والنّون في (يقمن) اسم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 917 وإن لحقت الفعل المضارِع أوجبت بناءه1 بعد أنْ2 كان معربًا، والبناء فيه عارض؛ لأنّه يزول بزوال نون ضمير جمع [163/ب] التّأنيث، وتعود لام الفعل منه على حدٍّ واحدٍ ساكنًا3 في الرّفع والنّصب والجزم. وكذلك إذا كان آخر الفعل معتلاًّ فيبقى على حالته، كقولك: (الهندات يعفون) 4 و (يرمين) 5 و (لن يعفون) 6 و (لم يرمين) . وكذلك حكم نوني7 التّأكيد الخفيفة8 والثّقيلة إذا اتّصلت بالفعل المضارِع فإنّه يبنى9 بناءً عارضًا؛ فمتى انفصل من النّون عاد إلى إعرابِه. فَهَذِهِ أَمْثِلَةٌ مِمَّا بُنِي10 ... جَائِلَةٌ دَائِرَةٌ فِي الأَلْسُنِ وَكُلُّ مَبْنِيٍّ يَكُونُ آخِرُهْ عَلَى ... سَوَاءٍ فَاسْتَمِعْ مَا أَذْكُرُهْ   1 في أ: بناؤه. 2 في ب: ما. 3 في ب: كما. 4 الأصل: (يعفو) و (يرمي) ؛ والنّون فيهما للنّسوة، وليست نون الرّفع؛ والواوُ والياء من بنية الكلمة، ووزنُها: يفعلن. 5 في ب: يرمون. 6 في ب: ولن يرمين. 7 في أ: نون. 8 في أ: والخفيفة. 9 في ب: ينبني؛ والبناء يكون على الفتح. 10 في متن الملحة 68، وشرح الملحة 370: لِمَا بُنِيَ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 918 فصل: البناء: هو لُزوم آخر الكلمة إمّا بحركة، وإمّا1 بسكون، فلا يتغيّر2 بحالٍ مع وُقوعه موقع رفع، أو نصب، أو جرّ، أو جزم، أو عطفه على ما قبله. وكذلك3 الأعداد فإنّك تبنيها مع التّركيب، فإذا زال عنها بالعطف أعربت، وتقول: (واحد، واثنان، وثلاثة) ، تعطف بعضَها على بعض. وكذا إذا وصفتها4، كقولك: (تسعة أكثر من ثمانية) . فإنْ ذكرتها مرسلة بغير حرف [عطف] 5 بنيتها، فتقول: (واحد، اثنان، ثلاثة) . وهكذا حروف6 الهجاء، إنْ أجريتها مُجْرى الاسم [أعربتها، تقول: (كتبتُ عينًا مخفّفة، وألِفًا مستوية) . وإنْ سردتها بنيتها على السّكون، فتقول: (أَلِفْ، بَاءْ، جِيمْ) ] 7.   1 في ب: أو بسكون. 2 في ب: فلا تتغيّر. 3 في أ: وذلك للإفراد. 4 في ب: وضعتها. 5 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 6 في أ: حرف. 7 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 919 وَقَدْ تَقَضَّتْ مُلْحَةُ الإِعْرَابِ ... مُودَعَةً بَدَائِعَ الإِغْرَابِ1 [164/أ] المُلْحَةُ2: هي الشّيء اليسير، يقال3: أصبنا مُلْحَةً من الرّبيع، أي: شيئًا يسيرًا. وهذا البيتُ من أنواع البديع، تجنيس التّصحيف4؛ وهو من الإغراب5 والإعراب. ومعناه: أنَّ الشّيخ أبا القاسم6- رحمه الله [تعالى] 7- قصد بصدر البيت تقليل ما يشتمل عليه نظمُها، لكنّه كثّر8 أمرها إذْ جعلها حاوية من الإعراب9 بدائعه. ويُقال: هذا أبدع في فعله، عمّن يأتي بشيء لم يتّبع في وضعه إيّاه غيره.   1 في أ، وفي متن الملحة 58: بَدَائِعَ الإِعْرَابِ؛ وفي شرح الملحة 371: بَدَائِعَ الآدَابِ. 2 المُلْحَةُ: الكلمة المليحة، وتُطلق على البركة أيضًا. يُنظر: اللّسان (ملح) 2/602، 604. 3 في أ: فقال. 4 جِناس التّصحيف: - ويسمّى المصحّف، أو الجناس الخطّيّ - هو أن يتّفقا اللّفظان في صورة الوضع، ويختلفا في النّقط. يُنظر: جنان الجناس 180، وجنى الجناس 67. 5 في أ: الإعراب. 6 أي: أبو القاسم الحريريّ، صاحب ملحة الإعراب. 7 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 8 في أ: كبّر. 9 في أ: الإغراب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 920 ويقال: (أغرب1 في الأمر) إذا2 جاء بغريب3. فَانْظُرْ إِلَيْهَا نَظَرَ الْمُسْتَحْسِنِ ... وَحَسِّنِ الظَّنَّ بِهَا وَأَحْسِنِ4 يقول: انظر إليها بعين رضًا، لا بعين عناد، كما قيل: وَعَيْنُ الرِّضَا عَنْ كُلِّ عَيْبٍ5 كَلِيلَةٌ6 ... وَلَكِنَّ عَيْنَ السُّخْطِ تُبْدِي المَسَاوِيَا7 وأحسن الظَّنَّ بما قد جمعتُه من الفوائد، وحَسِّن ظنّ غيرك [كذلك] 8 بها9. وَإِنْ تَجِدْ عَيْبًا فَسُدَّ الْخَلَلاَ ... فَجَلَّ مَنْ لاَ عَيْبَ فِيهِ10 وَعَلاَ يقول - مشيرًا إلى [أنّ] 11 كلّ ما في الوُجود -: لم يوصَف   1 في كلتا النّسختين: أعرب، وهو تصحيف، والصّواب ما هو مثبَت. 2 في أ: أي. 3 اللّسان (غرب) 1/640. 4 في متن الملحة 58: وَأَحْسِنِ الظَّنَّ بِهَا وَحَسِّنِ. 5 في كلتا النّسختين: عين، وهو تحريف، والصّواب ما هو مثبَت. 6 في أ: عميّة. 7 هذا بيتٌ من الطّويل، وهو لعبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب. يُنظر هذا البيتُ في: الحيوان 3/488، وعيون الأخبار 3/87، والكامل 1/277، والأغاني 12/272، وبهجة المجالِس 2/711، وشرح شواهد المغني 2/555، والدّيوان 90. 8 ما بين المعقوفين ساقطٌ من ب. 9 في ب بعد هذه الكلمة: قال النّاظم ـ رحمه الله تعالى ـ، ثُمَّ ذكر هذا البيت. 10 في متن الملحة 58: فَجَلَّ مَنْ لاَ فِيهِ عَيْبٌ. 11 ما بين المعقوفين ساقط من أ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 921 شيء منه1 بالكمال إلاّ على سبيل [164/ب] المجاز، لِمَا يعتريه من النّقص والتّغيير والزّوال؛ فما هذا الكمال2حتى لا يؤاخذ قائله بما هو متحمّل3من الخلل، فقال لذلك4: (فَإِنْ وَجَدتَّ عَيْبًا فَسُدَّ خَلَلَهُ) ، بتوجيه عذر؛ ٍ إمّا لاختصار وإيضاح لمناسبة مَن وُضعت5له كما قيل، أو لإهمال ما أهمله من أجل أنّه لو وسّع في العبارة لم تكن6 موافِقةً لمن7 وُضعت له؛ لأنّ الثّوب لا يفصّل إلاّ على مقدارٍ يُنتَفعُ8 به؛ ففي زيادته أو نقصه عدم النّفع به؛ [أو] 9 لضيق نطاقها بما10 وسمها به من الملحة عن استيفاء ما يلتزم به أبوابها من لوازم الصّناعة؛ فاعترف بذلك، فقال11: (فَجَلَّ12 مَنْ لاَ عَيْبَ فِيهِ وَعَلاَ) فهو13 سبحانه وتعالى.   1 في أ: لم يوصف منه شيءٌ بجمال. 2 في أ: الكلام. 3 في ب: محتمل. 4 في ب: كذلك. 5 في أ: لمن وضع. 6 في أ: لم يكن. 7 في أ: مَنْ. 8 في ب: من ينتفع. 9 ما بين المعقوفين زيادةٌ يقتضيها السّياق. 10 في ب: عمّا. 11 في أ: وقال. 12 في أ: جَلَّ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 922 وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى مَا أَوْلَى ... فَنِعْمَ مَا أَوْلَى وَنِعْمَ الْمَوْلَى قد ختم كلامه بحمد الله [تعالى] 1، [فهو سبحانه] 2 الموجب حمده على كلّ ناطق بما أفاض من كلّ خيرٍ لا يتناهى، خصوصًا العقل الّذي به الوُصول إلى إدراك كلّ شيء أبداه سبحانه في أحسن3 تقويم. [يقول] 4: فنعم ما أولانا بكرمه5، ونعم المولى هو تبارك وتعالى [وتقدّس اسمه] 6. ثُمَّ الصَّلاَةُ بَعْدَ حَمْدِ الصَّمَدِ ... عَلَى النَّبِيِّ الْمُصْطَفَى مُحَمَّدِ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ الأَبْرَارِ7 ... مَا انْسَلَخَ اللَّيْلُ مِنَ النَّهَارِ8   1 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 2 ما بين المعقوفين ساقطٌ من ب. 3 في ب: في الحسن. 4 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 5 في أ: بكرامة. 6 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ. 7 في متن الملحة 58: وَآلِهِ الأَفَاضِلِ الأَخْيَارِ. 8 ورد هذا البيتُ في شرح الملحة 372 كالتّالي: وَآلِهِ الأَئِمَّةِ الأَطْهَارِ ... القَائِمِينَ فِي دُجَى الأَسْحَارِ وقد ورد في متن الملحة 58، وشرح الملحة 372 بعد هذا البيت بيتٌ آخر؛ وهو قولُه: ثُمَّ عَلَى أَصْحَابِهِ وَعِتْرَتِهْ ... وَتَابِعِي مَقَالِهِ وَسُنَّتِهْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 923 تمّ1 بحمد الله وعونه. وافق الفراغ في ثامن عشر شهر رمضان المعظَّم، سنة (864هـ) . كاتبه العبد الفقير إلى الله تعالى2: إبراهيم بن عبد العالي محمود.   1 وجاء في خاتمة (ب) ما نصّه: "نَجَزَ ما ألّفه الشّيخ الإمام شمس الديّن محمّد بن حسن بن سباع الصّائغ رحمه الله تعالى. علّقه لنفسه العبد الفقير إلى الله تعالى عليّ بن صدقة غفر الله له، ولجميع المسلمين، آمين. وتيسّر الفراغ من نسخه في ليلة الاثنين المباركة، تاسع عشر لشهر ربيع الأوّل المشرّف بمولد سيّدنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من شهور سنة تسعين وثمانمائة. أحسن الله عاقبتَها إلى خيرٍ لمحمّدٍ وآله. آمين". 2 وردت في المخطوط بعد لفظ الجلالة كلمةٌ غير واضحة؛ ولعلّ ما أثبتّه هو الأقرب إلى الصّواب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 924 مصادر ومراجع ... فهرس المصادر والمراجع: أ- المخطوطات: 1- التذييل والتكميل في شرح التسهيل، لأبي حيان الأندلسي، مصوّرة الدّكتور حسّان الغنيمان، والأصل في دار الكتب المصرية، تحت رقم 6016/هـ. 2- شرح جمل الزّجّاجي، لابن بابشاذ، مصوّرة فليلميّة بمركز البحث وإحياء التراث الإسلامي بجامعة أمّ القرى، تحت رقم 176ف، والأصل في دار الكتب الظّاهريّة، تحت رقم 1687. 3- شرح كتاب سيبويه، لأبي سعيد السّيرافيّ، مصوّرة فيلميّة بالجامعة الإسلامية، تحت رقم 6330ف، ورقم 8204ف، والأصل في مكتبة عارف حكمت، تحت رقم 133/415، ورقم 2616. 4- شواذ القراءة واختلاف المصاحف، لأبي نصر الكرماني، مصوّرة فيلميّة بالجامعة الإسلامية، تحت رقم 189ف، والأصل في المكتبة الأزهرية، تحت رقم 244/22251. 5- عقود الجمان وتذييل وفيات الأعيان، لبدر الدّين الزّركشي، مصوّرة فيلمية بالجامعة الإسلامية، تحت رقم 8329ف، والأصل في مكتبة عارف حكمت، تحت رقم 154/900. 6- المنهل الصّافي والمستوفي بعد الوافي، لابن تغري بردي، مصوّرة فيلميّة بالجامعة الإسلامية، تحت رقم 6274ف، والأصل في مكتبة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 987 عارف حكمت، تحت رقم 239/900. 7- النّحو القرآني بين الزّجّاج وأبي عليّ الفارسي، رسالة دكتوراه، إعداد عبد العظيم فتحي خليل، جامعة الأزهر، كلّيّة اللّغة العربيّة، 1402هـ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 988 ب- المطبوعة: 1- القرآن الكريم. 2- ائتلاف النصرة في اختلاف نُحاة الكوفة والبصرة، لعبد اللطيف بن أبي بكر الزبيدي، تحقيق الدّكتور طارق الحنابيّ، عالم الكتب، ومكتبة النهضة العربية، بيروت، ط (1) 1407هـ. 3- إتحاف فضلاء البشر بالقراءات الأربعة عشر، للبنّا، تحقيق الدّكتور شعبان محمّد إسماعيل، عالم الكتب، بيروت ط (1) 1407هـ. 4- الإتقان في علوم القرآن، للسيوطيّ، دار المعرفة، بيروت، (د. ت) . 5- أخبار النحويين البصريين، لأبي سعيد السّيرافيّ، تحقيق الدّكتور محمّد إبراهيم البنّا، دار الاعتصام، القاهرة، ط (1) 1405هـ. 6- أدب الكاتب، لابن قتيبة، تحقيق محمّد الدّاليّ، مؤسسة الرّسالة، بيروت، ط (1) 1402هـ. 7- الأدب المفرد، للبخاريّ، ترتيب وتقديم كمال الحوت، عالم الكتب، بيروت ط (1) 1404هـ. 8- ارتشاف الضّرب من لسان العرب، لأبي حيّان الأندلسي، تحقيق وتعليق الدّكتور مصطفى أحمد النّمّاس، مطبعة المدنيّ، القاهرة، ط (1) 1404هـ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 989 9- الإرشاد إلى علم الإعراب، لشمس الدّين الكيشيّ، تحقيق الدّكتور عبد الله الحسينيّ والدّكتور محسن العميريّ، مؤسسة مكة للطباعة والإعلام، مكة المكرّمة، ط (1) 1410هـ (من مطبوعات معهد البحوث العلمية وإحياء التراث الإسلامي بجامعة أمّ القرى) . 10- الأزهيّة في علم الحروف، لعليّ بن محمّد النّحوي الهرويّ، تحقيق عبد المعين الملّوحيّ، مجمع اللغة العربية، دمشق، 1413هـ. 11- أساس البلاغة، للزّمخشريّ، تحقيق عبد الرحيم محمود، دار المعرفة، بيروت، (د. ت) . 12- الاستيعاب في معرفة الأصحاب، لابن عبد البر، تحقيق الشّيخ عليّ محمّد معوّض والشيّخ عادل أحمد عبد الموجود، دار الكتب العلميّة، بيروت، ط (1) 1415هـ. 13- أسد الغابة في معرفة الصحابة، لعزّ الدّين بن الأثير، تحقيق الدّكتور محمّد إبراهيم البنّا وآخرين، دار الشّعب، القاهرة، 1970م. 14- أسرار العربية، لأبي البركات الأنباري، تحقيق محمّد بهجة البيطار، مجمع اللغة العربية، دمشق، (د. ت) . 15- إشارة التّعيين في تراجم النحاة واللغويين، لعبد الباقي بن عبد المجيد اليماني، تحقيق الدّكتور عبد المجيد دياب، شركة الطباعة العربية السّعودية، الرياض، ط (1) 1406هـ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 990 16- الأشباه والنّظائر، للخالديّين، حقّقه وعلّق عليه الدّكتور السّيّد محمّد يوسف، لجنة التّأليف والترجمة والنّشر، القاهرة، 1958م. 17- الأشباه والنّظائر، للسيوطيّ، تحقيق الدّكتور عبد العال سالم مكرّم، مؤسسة الرسالة، بيروت ط (1) 1406هـ. 18- الاشتقاق، لابن دُريد، تحقيق عبد السّلام هارون، مكتبة الخانجي، القاهرة، ط (3) د. ت. 19- اشتقاق أسماء الله، لأبي القاسم الزّجاجيّ، تحقيق الدّكتور عبد الحسين المبارك، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط (2) 1406هـ. 20- الإصابة في تمييز الصّحابة، لابن حجر، تحقيق عادل عبد الموجود، وعليّ معوّض، دار الكتب العلميّة بيروت، ط (1) 1415هـ. 21- إصلاح المنطق، لابن السّكّيت، تحقيق أحمد شاكر وعبد السّلام هارون، دار المعارف، القاهرة، ط (4) 1987م. 22- الأصمعيّات، للأصمعيّ تحقيق أحمد شاكر وعبد السّلام هارون، دار المعارف، القاهرة، ط (5) 1979م. 23- الأصول في النّحو، لابن السّرّاج، تحقيق الدّكتور عبد الحسين الفتليّ، مؤسسة الرّسالة، بيروت، ط (3) 1408هـ. 24- إعراب القراءات السّبع وعللها، لابن خالويه، تحقيق الدّكتور عبد الرحمن العثيمين، مكتبة الخانجيّ، القاهرة، ط (1) 1413هـ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 991 25- إعراب القراءات الشواذ، لأبي البقاء العكبريّ، تحقيق محمّد السّيّد عزّوز، عالم الكتب، بيروت، ط (1) 1417هـ. 26- الأعلام، للزّرِكْلي، دار العلم للملايين، بيروت، ط (11) 1995م. 27- أعلام النّساء، لعمر رضا كحّالة، مؤسسة الرّسالة، بيروت ط (3) 1397هـ. 28- الأغاني، لأبي الفرج الأصفهاني، شرحه وكتب هوامشه عبد مهنّا وسمير جابر، دار الكتب العلميّة، بيروت ط (1) 1407هـ. 29- الإفصاح في شرح أبيات مشكلة الإعراب، لأبي نصر الفارقيّ، تحقيق سعيد الأفغانيّ، 1394هـ. 30- الاقتضاب في شرح أدب الكتّاب، لابن السيد البطليوسيّ، دار الجيل، بيروت، 1973م. 31- الإقناع في القراءات السّبع، لابن الباذش، تحقيق الدّكتور عبد المجيد قطامش، دار الفكر، دمشق، ط (1) 1403هـ (من مطبوعات مركز البحث العلميّ وإحياء التراث الإسلامي بجامعة أمّ القرى) . 32- أمالي ابن الشّجريّ، تحقيق الدّكتور محمود الطّناحيّ، مكتبة الخانجيّ، القاهرة، ط (1) 1413هـ. 33- الأمالي، لأبي عليّ القاليّ، بتحقيق عبد الجوّاد الأصمعيّ، دار الحديث، بيروت، ط (2) 1404هـ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 992 34- أمالي الزّجاجيّ، تحقيق عبد السّلام هارون، دار الجيل، بيروت، ط (2) 1407هـ. 35- أمالي المرتضى، تحقيق محمّد أبو الفضل إبراهيم، دار إحياء الكتب العربيّة، القاهرة، ط (1) 1373هـ. 36- الأمالي النّحويّة (أمالي القرآن الكريم) ، لابن الحاجب، تحقيق هادي حسن حمّودي، عالم الكتب، ومكتبة النّهضة العربيّة، بيروت، ط (1) 1405هـ. 37- إنباه الرواة على أنباء النّحاة، للقِفْطِيّ، تحقيق محمّد أبو الفضل إبراهيم، دار الفكر العربي، القاهرة، ومؤسسة الكتب الثّقافية، بيروت، ط (1) 1406هـ. 38- الانتصار لسيبويه على المبرّد، لابن ولاّد، تحقيق الدّكتور زهير عبد المحسن سلطان، مؤسسة الرّسالة، بيروت، ط (1) 1416هـ. 39- الإنصاف في مسائل الخلاف بين النّحويين والبصريين والكوفيين، لأبي البركات الأنباري، بعناية محمّد محي الدّين عبد الحميد، المكتبة العصرية، صيدا وبيروت، 1407هـ. 40- أوضح المسالك إلى ألفيّة ابن مالك، لابن هشام، بعناية محمّد محيّ الدّين عبد الحميد، دار إحياء التّراث العربي، بيروت، ط (6) 1980م. 41- إيضاح الشّعر، (شرح الأبيات المشكلة الإعراب) ، لأبي عليّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 993 الفارسي، تحقيق الدّكتور حسن هنداوي، دار القلم، دمشق، ودارة العلوم الثقافية، بيروت، ط (1) 1407هـ. 42- إيضاح شواهد الإيضاح، لأبي عليّ الحسن بن عبد الله القيسيّ، دراسة وتحقيق الدّكتور محمّد بن حمود الدّعجانيّ، دار الغرب الإسلامي، بيروت، ط (1) 1408هـ. 43- الإيضاح العضديّ، لأبي عليّ الفارسي، تحقيق الدّكتور كاظم بحر المرجان، عالم الكتب، بيروت، ط (2) 1416هـ. 44- الإيضاح في شرح المفصّل، لابن الحاجب، تحقيق الدّكتور موسى بناي العليلي، مطبعة العاني، بغداد، 1982م. 45- الإيضاح في علل النّحو، لأبي القاسم الزّجّاجيّ، تحقيق الدّكتور مازن المبارك، دار النّفائس، بيروت، ط (5) 1406هـ. 46- إيضاح المكنون في الذّيل على كشف الظّنون، لإسماعيل باشا البغداديّ، مكتبة المثنّى، بغداد، (د. ت) . 47- البحر المحيط، لأبي حيّان الأندلسيّ، بعناية الشيخ عرفات العشا حسّونه، دار الفكر، بيروت، 1412هـ. 48- البداية والنهاية، لابن كثير، تحقيق الدّكتور أحمد أبو ملحم وآخرين، دار الكتب العلميّة، بيروت، ط (4) 1408هـ. 49- البدور الزّاهرة في القراءات العشر المتواترة، لعبد الفتّاح القاضي، دار الكتاب العربي، بيروت، ط (1) 1401هـ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 994 50- البرهان في علوم القرآن، للزّركشي، تحقيق محمّد أبو الفضل إبراهيم، دار التّراث، القاهرة، (د. ت) . 51- البسيط في شرح الجمل، لابن أبي الرّبيع الإشبيلي، تحقيق الدّكتور عيّاد بن عيد الثّبيتيّ، دار الغرب الإسلامي، بيروت، ط (1) 1407هـ. 52- البغداديّات، لأبي عليّ الفارسي، تحقيق صلاح الدّين عبد الله السّنكاوي، مطبعة العاني، بغداد، 1983م. 53- بغية الوُعاة في طبقات اللّغويين والنحاة، للسيّوطيّ، تحقيق محمّد أبو الفضل إبراهيم، المكتبة العصرية، صيدا وبيروت (د. ت) . 54- البلغة في تراجم أئمة النّحو واللّغة، للفيروزآبادي، تحقيق محمّد المصريّ، مركز المخطوطات والتراث، الكويت، ط (1) 1407هـ. 55- بهجة المجالس وأنس المجالس وشحذ الذّاهن والهاجس، لابن عبد البرّ، تحقيق محمّد مرسي الخولي، دار الكتب العلميّة، بيروت، (د. ت) . 56- البيان في غريب إعراب القرآن، لأبي البركات الأنباريّ، تحقيق الدّكتور طه عبد الحميد طه، الهيئة المصرية العامّة للكتاب، 1400هـ. 57- تاج التّراجم، لابن قطلوبغا، تحقيق محمّد خير رمضان يوسف، دار القلم، دمشق وبيروت/ ط (1) 1413هـ. 58- تاج العروس من جواهر القاموس، للزّبيديّ، بتحقيق جماعة من الجزء: 2 ¦ الصفحة: 995 المحقّقين في تواريخ مختلفة، مطبعة حكومة الكويت. 59- تاريخ ابن الورديّ، منشورات المطبعة الحيدريّة، النّجف، 1389هـ. 60- تاريخ آداب اللّغة العربيّة، لجرجي زيدان، منشورات دار مكتبة الحياة، بيروت ط (2) 1978م. 61- تاريخ الأدب العربي، لبروكلمان، ترجمة الدّكتور عبد الحليم النّجّار، دار المعارف، القاهرة، ط (5) 1983م. 62- تاريخ الأدب العربي، لعمر فرّوخ، دار العلم للملايين، بيروت، ط (5) 1984م. 63- تاريخ الرسل والملوك، للطبريّ، تحقيق محمّد أبو الفضل إبراهيم، دار المعارف، القاهرة، ط (2) 1971م. 64- تأويل مشكل القرآن، لابن قتيبة، شرحه ونشره السّيّد أحمد صقر، دار التّراث، القاهرة، ط (2) 1393هـ. 65- التبصرة والتذّكرة، للصّيمريّ، تحقيق الدّكتور فتحي أحمد مصطفى عليّ الدّين، دار الفكر، دمشق، ط (1) 1402هـ. (من مطبوعات مركز البحث العلميّ وإحياء التّراث الإسلامي بجامعة أمّ القرى) . 66- التّبيان في إعراب القرآن، للعكبري، تحقيق عليّ محمّد البجاوي، دار الجيل، بيروت، ط (2) 1407هـ. 67- التّبيان في شرح الدّيوان، المنسوب - خطأً - للعكبريّ ضبطه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 996 وصحّحه ووضع فهارسه مصطفى السّقا وزميلاه، دار المعرفة، بيروت، (د. ت) . 68- التّبيين عن مذاهب النّحويين البصريين والكوفيين، لأبي البقاء العكبري، تحقيق الدّكتور عبد الرحمن العثيمين، دار الغرب الإسلامي، بيروت، ط (1) 1406هـ. 69- التتمّة في التصريف، لأبي عبد الله محمّد بن القبيصي، تحقيق الدّكتور محسن العميريّ النادي الأدبي، مكة المكرمة، ط (1) 1414هـ. 70- تحصيل عين الذّهب من معدن جوهر الأدب في علم مجازات العرب، للأعلم الشّنتمريّ، حقّقه وعلّق عليه الدّكتور زُهير عبد المحسن سلطان، مؤسسة الرّسالة بيروت، ط (2) 1415هـ. 71- تحفة الأحباب وطرفة الأصحاب، لبحرق الحضرميّ، دار الفكر، بيروت، (د. ت) . 72- تخليص الشّواهد وتلخيص الفوائد، لابن هشام الأنصاري، تحقيق الدّكتور عبّاس مصطفى الصّالحي، دار الكتاب العربي، بيروت، ط (1) 1406هـ. 73- التّذكرة الحمدونيّة، لابن حمدون، تحقيق الدّكتور إحسان عبّاس وبكر عبّاس، دار صادر، بيروت، ط (1) 1996م. 74- التّذكرة السّعدية في الأشعار العربية، للعبيدي، تحقيق الدّكتور الجزء: 2 ¦ الصفحة: 997 عبد الله الجبّوري، مطابع النّعمان، النّجف، 1972م. 75- تذكرة النّحاة، لأبي حيّان الأندلسي، تحقيق الدّكتور عفيف عبد الرّحمن، مؤسسة الرّسالة، بيروت ط (1) 1406هـ. 76- التّذييل والتّكميل في شرح كتاب التسهيل، لأبي حيّان الأندلسي، تحقيق الدكتور حسن هنداوي، دار القلم، دمشق، ط (1) 1418هـ. 77- تسهيل الفوائد وتكميل المقاصد، لابن مالك، تحقيق الدّكتور محمّد كامل بركات، دار الكاتب العربي للطباعة والنشر، القاهرة، 1387هـ. 78- التّصريح بمضمون التّوضيح، للشيخ خالد الأزهري، دار الفكر، بيروت، (د. ت) . 79- التّعريفات، للشريف الجرجاني، تحقيق إبراهيم الأبياري، دار الكتاب العربي، بيروت، ط (2) 1413هـ. 80- التّعريف بفنّ التّصريف، بقلم الدّكتور عبد العظيم الشّناويّ. 81- التعليقة على كتاب سيبويه، لأبي عليّ الفارسي، تحقيق الدّكتور عوض القوزي، مطبعة الأمانة، القاهرة، ط (1) من 1410هـ إلى 1417هـ. 82- تعليق الفرائد على تسهيل الفوائد، للدّماميني، تحقيق الدّكتور محمّد عبد الرحمن المفدي، ط (1) 1403هـ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 998 83- تقريب التهذيب، لابن حجر العسقلاني، تحقيق أبي الأشبال صغير أحمد الباكستاني، دار العاصمة، الرّياض، ط (1) 1416هـ. 84- التّقفية في اللّغة، لأبي بشر البندنيجي، تحقيق الدّكتور خليل العطية مطبعة العاني، بغداد، 1976هـ. 85- التّكملة، لأبي عليّ الفارسي، تحقيق الدّكتور حسن شاذلي فرهود، شركة الطباعة العربية السعودية، الرياض، ط (1) 1401هـ. (من مطبوعات جامعة الرياض) . 86- التنبيه والإيضاح عمّا وقع في الصّحاح، لابن برّيّ، تحقيق مصطفى حجازي، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، ط (1) 1980م. 87- تهذيب اللغة، للأزهري، بتحقيق عبد السّلام هارون وآخرين، القاهرة، من 1964م إلى 1975م. 88- التّهذيب الوسيط في النّحو، لسابق الدّين محمّد بن عليّ الصنعاني، تحقيق الدّكتور فخر صالح قداره، دار الجيل، بيروت، ط (1) 1411هـ. 89- توضيح المقاصد والمسالك بشرح ألفية ابن مالك، للمرادي، تحقيق الدّكتور عبد الرحمن عليّ سليمان، مكتبة الكلّيات الأزهرية، القاهرة، ط (1) 1975م. 90- التوطئة، لأبي عليّ الشلوبينيّ، تحقيق الدّكتور يوسف أحمد المطوّع، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 999 دار التراث العربي، القاهرة، ط (2) 1401هـ. 91- التّيسير في القراءات السّبع، لأبي عمرو الدّاني، عُني بتصحيحه أو تويرتزل، دار الكتب العلميّة، بيروت، ط (1) 1416هـ. 92- ثمرات الأوراق، لابن حجّة الحمويّ، صحّحه وعلّق عليه محمّد أبو الفضل إبراهيم، مكتبة الخانجي، القاهرة، ط (1) 1971م. 93- جامع البيان عن تأويل آي القرآن، للطبري، تحقيق محمود شاكر، دار المعارف، القاهرة، ط (2) 1969م. 94- الجامع لأحكام القرآن، للقرطبي، دار الكتب العلميّة، بيروت، 1413هـ. 95- الجمل في النّحو، لأبي القاسم الزّجّاجي، تحقيق الدّكتور عليّ توفيق الحمد، مؤسسة الرّسالة، بيروت، ودار الأمل، الأردن، ط (2) 1405هـ. 96- الجمل في النحو، المنسوب - خطأً - للخليل بن أحمد الفراهيدي، تحقيق الدّكتور فخر الدّين قباوة، مؤسسة الرّسالة، بيروت، ط (2) 1407هـ. 97- جمهرة أشعار العرب، لأبي زيد القرشي، تحقيق الدّكتور محمّد الهاشميّ، دار القلم، دمشق، ط (2) 1406هـ. 98- جمهرة الأمثال، لأبي هلال العسكري، تحقيق أبو الفضل إبراهيم، وعبد المجيد قطامش، دار الجيل، بيروت، ودار الفكر، دمشق الجزء: 2 ¦ الصفحة: 1000 وبيروت، ط (2) 1408هـ. 99- جمهرة أنساب العرب، لابن حزم، تحقيق عبد السلام هارون، دار المعارف، القاهرة، ط (5) 1982م. 100- جمهرة اللّغة، لابن دُريد، تحقيق الدّكتور رمزي بعلبكّي، دار العلم للملايين، بيروت، ط (1) 1987م. 101- جنان الجناس، للصفدي، تحقيق سمير حسين حلبي، دار الكتب العلميّة، بيروت، ط (1) 1407هـ. 102- جنى الجناس، للسيوطي، تحقيق الدّكتور محمّد عليّ رزق الخفاجي، الدّار الفنّيّة للطباعة والنشر، 1986م. 103- الجنى الدّاني في حروف المعاني، للمرادي، تحقيق الدّكتور فخر الدّين قباوة ومحمّد نديم فاضل، دار الكتب العلميّة، بيروت، ط (1) 1413هـ. 104- جواهر الأدب في معرفة كلام العرب، لعلاء الدّين عليّ الإربلي، صنعة الدّكتور إميل بديع يعقوب، دار النّفائس، بيروت، ط (1) 1412هـ. 105- حاشية ابن حمدون على شرح المكوديّ للألفية، دار الفكر، بيروت، 1415هـ. 106- حاشية الصّبان على شرح الأشموني على ألفية ابن مالك، دار إحياء الكتب العربية، القاهرة، (د. ت) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 1001 107- حاشية ياسين على التّصريح، دار الفكر، بيروت، (د. ت) . 108- حاشية ياسين على شرح الفاكهي لقطر الندى، مطبعة مصطفى البابي الحلبي، القاهرة، ط (2) 1390هـ. 109- حجّة القراءات، لابن زنجلة، تحقيق سعيد الأفغاني، مؤسسة الرّسالة، بيروت، ط (4) 1404هـ. 110- الحجّة في القراءات السّبع، لابن خالويه، تحقيق وشرح الدّكتور عبد العال سالم مكرّم، مؤسسة الرّسالة، بيروت، ط (6) 1417هـ. 111- الحجّة للقراء السبعة، لأبي عليّ الفارسي، تحقيق بدر الدّين قهوجي وبشير جويجاني، دار المأمون، دمشق، ط (1) 1404هـ. 112- حروف المعاني، للزّجّاجي، تحقيق الدّكتور عليّ توفيق الحمد، مؤسسة الرّسالة، بيروت، ودار الأمل، الأردن، ط (2) 1406هـ. 113- الحلل في شرح أبيات الجمل، لابن السيد البطليوسي، تحقيق الدّكتور مصطفى إمام، مطبعة الدار المصرية للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة، ط (1) 1979م. 114- الحماسة، لأبي تمّام، تحقيق الدّكتور عبد الله عبد الرحيم عسيلان، طبع مطابع دار الهلال للأوفست، الرياض، 1401هـ. (من منشورات جامعة الإمام محمّد بن سعود الإسلامية) . 115- حماسة البحتري، بضبط كمال مصطفى، المكتبة التجارية الكبرى، القاهرة، 1929م. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 1002 116- الحماسة البصرية، لصدر الدّين البصري، تحقيق الدّكتور مختار الدين أحمد، مطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية بحيدر آباد الدّكن، الهند، ط (1) 1383هـ. 117- حياة الحيوان الكبرى، للدّميري، دار الفكر، بيروت، (د. ت) . 118- الحيوان، للجاحظ، تحقيق عبد السلام هارون، دار إحياء التّراث العربي، بيروت، ط (3) 1388هـ. 119- خريدة القصر وجريدة العصر، لعماد الدّين الأصبهاني، تحقيق محمّد بهجة الأثري، دار الحريّة للطباعة، بغداد، 1393هـ. 120- خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب، للبغدادي، تحقيق عبد السلام هارون، مكتبة الخانجي، القاهرة، من 1403هـ إلى 1409هـ. 121- الخصائص، لابن جنّي، تحقيق محمّد عليّ النّجّار، عالم الكتب بيروت، ط (3) 1403هـ. 122- دراسات لأسلوب القرآن الكريم، لمحمّد عبد الخالق عضيمة، دار الحديث، القاهرة، (د. ت) . 123- درّة الحجال في أسماء الرّجال، لابن القاضي، تحقيق محمّد الأحمدي، دار التراث، القاهرة، والمكتبة العتيقة، تونس، ط (1) 1390هـ. 124- درّة الغواص في أوهام الخواصّ، للحريري، تحقيق محمّد أبو الفضل إبراهيم دار نهضة مصر للطبع والنشر، القاهرة، 1975م. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 1003 125- الدّرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة، لابن حجر العسقلاني، تحقيق محمّد سيد جاد الحق، دار الكتب الحديثة، القاهرة، ط (2) 1385هـ. 126- الدّرر اللوامع على همع الهوامع، لأحمد بن الأمين الشنقيطي، تحقيق الدّكتور عبد العال سالم مكرّم، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط (2) 1414هـ. 127- الدّر المصون في علوم الكتاب المكنون، للسّمين الحلبي، تحقيق الدّكتور أحمد الخرّاط، دار القلم، دمشق، ط (1) 1406هـ. 128- دلائل الإعجاز، لعبد القاهر الجرجاني، قرأه وعلّق عليه محمود شاكر، مكتبة الخانجي، القاهرة، 1984م. 129- الدّليل الشافي على المنهل الصّافي، لابن تغري بردي، تحقيق فهيم شلتوت، مكتبة الخانجي، القاهرة، 1983م. (من مطبوعات مركز البحث العلميّ وإحياء التراث الإسلامي بجامعة أمّ القرى) . 130- ديوان ابن دُريد، تحقيق عمر بن سالم، الدار التونسيّة للنشر، تونس، 1973م. 131- ديوان أبي الأسود الدّؤلي، صنعة السّكري، تحقيق محمّد حسن آل ياسين، دار الكتاب الجديد، بيروت، ط (1) 1974م. 132- ديوان أبي تمّام بشرح التبريزي، تحقيق محمّد عبده عزّام، دار المعارف، القاهرة، 1964م. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 1004 133- ديوان أبي دؤاد الإيادي، ضمن كتاب (دراسات في الأدب العربي) لغوستاف فون قربناوم، زاد في تخريجه وتحقيقه الدّكتور إحسان عبّاس، بيروت، 1959م. 134- ديوان أبي محجن الثقفي، صنعة أبي هلال العسكري، تحقيق الدّكتور صلاح الدّين المنجّد، دار الكتاب الجديد، بيروت ط (1) 1389هـ. 135- ديوان أبي النّجم العجلي، صنعة علاء الدّين أغا، النّادي الأدبي، الرياض، 1401هـ. 136- ديوان الأعشى الكبير، (ميمون بن قيس) ، شرح وتعليق الدّكتور محمّد محمّد حسين، مكتبة الآداب بالجماميز، القاهرة، (د. ت) . 137- ديوان امرئ القيس، تحقيق محمّد أبو الفضل إبراهيم، دار المعارف، القاهرة، ط (5) 1990م. 138- ديوان أميّة بن أبي الصّلت، تحقيق الدّكتور عبد الحفيظ السّطلي، المطبعة التعاونيّة، دمشق، ط (2) 1977م. 139- ديوان أوس بن حجر، تحقيق الدّكتور محمّد يوسف نجم، دار صادر، بيروت، ط (3) 1399هـ. 140- ديوان توبة بن الحُميّر، تحقيق الدّكتور خليل إبراهيم العطيّة، دار صادر، بيروت، ط (1) 1998م. 142- ديوان جرير بشرح ابن حبيب، تحقيق الدّكتور نعمان طه، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 1005 دار المعارف، القاهرة، ط (3) 1986م. 142- ديوان جميل، دار صادر، بيروت، (د. ت) . 143- ديوان حسان، تحقيق الدّكتور وليد عرفات، دار صادر، بيروت، 1974م، وطبعة أخرى بتحقيق الدّكتور سيّد حنفي حسين، دار المعارف، القاهرة، 1983م. 144- ديوان الحطيئة برواية وشرح ابن السّكّيت، تحقيق الدّكتور نعمان طه، مكتبة الخانجي، القاهرة، ط (1) 1407هـ. 145- ديوان حميد بن ثور الهلالي، صنعة عبد العزيز الميمني، الدّار القومية للطباعة والنشر، القاهرة، 1384هـ. (نسخة مصورة عن طبعة دار الكتب سنة 1371هـ. 146- ديوان الخرنق، رواية أبي عمرو بن العلاء، تحقيق يسري عبد الغني، دار الكتب العلمية، بيروت، ط (1) 1410هـ. 147- ديوان الخوارج، جمع وتحقيق الدّكتور إحسان عبّاس، دار الشروق، بيروت، ط (4) 1402هـ. 148- ديوان دُريد بن الصّمّة، جمع وتحقيق محمّد خير البقاعيّ، دار قتيبة، دمشق، 1401هـ. 149- ديوان ذي الرّمّة، تحقيق الدّكتور عبد القدّوس أبو صالح، مؤسسة الإيمان، بيروت، ط (1) 1982م. 150- ديوان رؤية (مجموع أشعار العرب) ، بعناية وليم بن الورد، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 1006 دار ابن قتيبة، الكويت، (د. ت) . 151- ديوان سلامة بن جندل، صنعة محمّد بن الحسن الأحول، تحقيق الدّكتور فخر الدّين قباوة، دار الكتب العلميّة، بيروت، ط (2) 1407هـ. 152- ديوان شعر حاتم بن عبد الله الطائي وأخباره، صنعة يحيى بن مدرك الطائي، تحقيق الدّكتور عادل سليمان جمال، مكتبة الخانجي، القاهرة، ط (2) 1411هـ. 153- ديوان الشّمّاخ، تحقيق صلاح الدّين الهادي، دار المعارف، القاهرة، 1977م. 154- ديوان طرفة بشرح الأعلم، تحقيق دُريّة الخطيب ولطفي الصّقّال، مجمع اللّغة العربيّة، دمشق، 1395هـ. 155- ديوان الطّرمّاح، تحقيق الدّكتور عزّة حسن، دار الشرق العربي، بيروت وحلب، ط (2) 1414هـ. 156- ديوان عامر بن الطّفيل، دار صادر، ودار بيروت، بيروت، 1383هـ. 157- ديوان العبّاس بن مرداس، جمعه وحقّقه الدّكتور يحيى الجبّوري، مؤسسة الرّسالة، بيروت، ط (1) 1412هـ. 158- ديوان عبد الله بن رواحة، جمع الدّكتور وليد قصّاب، دار الضّياء، الأردن، ط (2) 1408هـ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 1007 159- ديوان عُبيد الله بن قيس الرّقيّات، تحقيق الدّكتور محمّد يوسف نجم، دار صادر، بيروت، (د. ت) . 160- ديوان العجّاج بشرح الأصمعي، تحقيق الدّكتور عزّة حسن، دار الشرق العربي، بيروت وحلب، 1416هـ. 161- ديوان عديّ بن زيد العباديّ، تحقيق محمّد جبّار المعيبد، دار الجمهورية للنشر والطبع، بغداد، 1965م. 162- ديوان العرجيّ، رواية ابن جنّي، تحقيق خضر الطائي ورشيد العبيدي، الشركة الإسلامية للطباعة، بغداد، ط (1) 1375هـ. 163- ديوان علقمة الفحل بشرح الأعلم، تحقيق لطفي الصّقّال ودريّة الخطيب، دار الكتاب العربي، حلب، ط (1) 1389هـ. 164- ديوان عليّ بن أبي طالب - رضي الله عنه -، جمعه وشرحه الأستاذ نعيم زرزور، دار الكتب العلميّة، بيروت، (د. ت) . 165- ديوان عمر بن أبي ربيعة، بشرح محمّد محي الدّين عبد الحميد، دار الأندلس، بيروت، (د. ت) . 166- ديوان عمرو بن قميئة، تحقيق الدّكتور خليل العطيّة، دار صادر بيروت، ط (2) 1994م. 167- ديوان عنترة، تحقيق محمّد سعيد مولوي، المكتب الإسلامي، بيروت ودمشق، ط (2) 1403هـ. 168- ديوان الفرزدق شرح، شرح وتصحيح عبد الله بن إسماعيل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 1008 الصّاوي، المكتبة التّجارية الكبرى، القاهرة، 1354هـ، وطبعة أخرى بشرح مجيد طراد، دار الكتاب العربي بيروت، ط (1) 1412هـ. 169- ديوان القطاميّ، تحقيق إبراهيم السّامرائي وأحمد مطلوب، دار الثقافة، بيروت، 1960م. 170- ديوان قيس بن الخطيم، تحقيق الدّكتور ناصر الدّين الأسد، دار صادر، بيروت، ط (2) 1387هـ. 171- ديوان قيس بن ذريح، جمعه وحقّقه الدّكتور إميل بديع يعقوب، دار الكتاب العربي، بيروت، ط (1) 1414هـ. 172- ديوان كثّير، جمعه وشرحه الدّكتور إحسان عبّاس، دار الثقافة، بيروت، 1971م. 173- ديوان كعب بن مالك الأنصاري، دراسة وتحقيق الدّكتور سامي مكّي العاني، عالم الكتب، بيروت، ط (2) 1417هـ. 174- ديوان لبيد بن ربيعة العامري، دار صادر، بيروت، (د. ت) . 175- ديوان المتلمّس، تحقيق حسن كامل الصّيرفي، معهد المخطوطات العربية، القاهرة، 1390هـ. 176- ديوان المثقّب العبدي، تحقيق حسن كامل الصّيرفي، معهد المخطوطات العربية، القاهرة، 1391هـ. 177- ديوان المجنون (قيس بن الملّوح) تحقيق عبد الستّار أحمد فرّاج، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 1009 مكتبة مصر، القاهرة، 1979م. 178- ديوان المعاني، لأبي هلال العسكري، عالم الكتب، بيروت، (د. ت) . 179- ديوان النابغة الذبياني، تحقيق محمّد أبو الفضل إبراهيم، دار المعارف، القاهرة، ط (3) 1990م. 180- ديوان الهذليين، ترتيب وتعليق محمّد محمود الشنقيطي، الدّار القومية للطباعة والنشر، القاهرة، 1385هـ. (نسخة مصوّرة عن طبعة دار الكتب في السّنوات 64-67-1369هـ) . 181- رصف المباني في شرح حروف المعاني، للمالقي، تحقيق الدّكتور أحمد الخرّاط، دار القلم، دمشق، ط (2) 1405هـ. 182- الزّهرة، لأبي بكر محمّد بن داود الأصبهاني، تحقيق الدّكتور إبراهيم السّامرّائي، والدكتور نوري القيسي، مكتبة المنار، الأردن، ط (2) 1406هـ. 183- السّبعة في القراءات، لابن مجاهد، تحقيق الدّكتور شوقي ضيف، دار المعارف، القاهرة، ط (3) 1988م. 184- سرح العيون شرح رسالة ابن زيدون، لابن نباتة المصري، مكتبة مصطفى البابي الحلبي، القاهرة، ط (1) 1377هـ. 185- سرّ صناعة الإعراب، لابن حنّي، تحقيق الدّكتور حسن هنداوي، دار القلم، دمشق، ط (1) 1405هـ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 1010 186- سلسلة الأحاديث الصحيحة، للألباني المكتب الإسلامي، بيروت ودمشق، ط (1) 1405هـ. 187- السّلوك لمعرفة دول الملوك، للمقريزي، نشره محمّد مصطفى زياد، لجنة التّأليف والترجمة والنشر، القاهرة، 1971م. 188- سمط اللآلي، لأبي عبيد البكري، تحقيق عبد العزيز الميمني، دار الكتب العلميّة، بيروت، (د. ت) . 189- سنن ابن ماجه، تحقيق محمّد فؤاد عبد الباقي، مطبعة إحياء الكتب العربية، القاهرة، (د. ت) . 190- سنن أبي داود (ومعه معالم السنن للخطابي) ، إعداد وتعليق عزّت عُبيد الدّعّاس وعادل السّيّد، دار الحديث، حمص وبيروت، ط (1) 1388هـ. 191- سنن الترمذي، تحقيق وشرح أحمد شاكر، مطبعة مصطفى البابي الحلبي، القاهرة، ط (2) 1398هـ. 192- سنن النّسائي (بشرح السيوطي وحاشية السندي) ، دار الريّان للتراث، القاهرة، (د. ت) . 193- سير أعلام النبلاء، للذهبي، تحقيق شعيب الأرناؤوط وآخرين، مؤسسة الرّسالة، بيروت، ط (8) 1412هـ. 194- السيرة النّبوية، لابن هشام، تحقيق مصطفى السّقا وآخرين، مكتبة مصطفى البابي الحلبي، القاهرة، ط (2) 1375هـ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 1011 195- شذرات الذّهب في أخبار من ذهب، لابن العماد الحنبلي المكتب التّجاري للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، (د. ت) . 196- شرح أبيات سيبويه، للسِّيرافي، تحقيق الدّكتور محمّد علي سلطاني، دار المأمون للتراث، دمشق، 1979م. 197- شرح أبيات سيبويه، للنّحّاس، تحقيق الدّكتور وهبة متولّي، مكتبة الشباب، القاهرة، ط (1) 1405هـ. 198- شرح أبيات مغني اللّبيب، للبغدادي، تحقيق عبد العزيز رباح ويوسف الدّقاق، دار المأمون للتراث، دمشق، ط (1) 1393هـ. 199- شرح أدب الكاتب، للجواليقيّ، دار الكتاب العربي، بيروت، (د. ت) . 200- شرح أشعار الهذليين، للسّكّري، تحقيق عبد السّتار فرّاج، دار العروبة، القاهرة، ط (1) 1384هـ. 201- شرح الأشموني على ألفية ابن مالك، دار إحياء الكتب العربية، القاهرة، (د. ت) . 202- شرح الألفية، لابن عقيل، تحقيق محمّد محيّ الدّين عبد الحميد، المكتبة العصرية، صيدا وبيروت، 1411هـ. 203- شرح الألفية، لابن الناظم، تحقيق الدّكتور عبد الحميد السيّد، دار الجيل، بيروت، (د. ت) . 204- شرح ألفية ابن معطي، لابن القوّاس، تحقيق الدّكتور عليّ موسى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 1012 الشوملي، مكتبة الخريجي، الرياض، ط (1) 1405هـ. 205- شرح التحفة الوردية، لابن الوردي، تحقيق الدّكتور عبد الله عليّ الشلاّل، مكتبة الرشد، الرياض، 1409هـ. 206- شرح التسهيل، لابن مالك، تحقيق الدكتور عبد الرحمن السيّد والدّكتور محمد بدوي المختون، هجر للطباعة والنشر، القاهرة، ط (1) 1410هـ. 207- شرح جمل الزّجّاجي، لابن عصفور الإشبيلي، تحقيق الدّكتور صاحب أبو جناح، طبع بمطابع مؤسسة دار الكتب للطباعة والنشر، 1400هـ. 208- شرح الحدود النحوية، للفاكهي، تحقيق الدكتور محمّد الطيّب الإبراهيم، دار النفائس، بيروت، ط (1) 1417هـ. 209- شرح ديوان الحماسة، للتبريزي، دار القلم، بيروت، (د. ت) . 210- شرح ديوان الحماسة، للمرزوقي، تحقيق أحمد أمين وعبد السلام هارون، لجنة التأليف والترجمة والنشر، القاهرة، ط (2) 1387هـ. 211- شرح ديوان زهير، لثعلب، الدار القومية للطباعة والنشر، القاهرة، 1384هـ. (مصورة عن طباعة دار الكتب 1363هـ) . 212- شرح السنّة، للبغوي، تحقيق شعيب الأرناوؤط ومحمد زُهير الشاويش، المكتب الإسلامي، بيروت ودمشق، ط (2) 1403هـ. 213- شرح السيوطي على الفية ابن مالك، (المسمى بالبهجة المرضية) ، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 1013 دار إحياء الكتب العربية، القاهرة، (د. ت) . 214- شرح شافية ابن الحاجب، للرضى الاستراباذي، تحقيق محمد نور الحسن وزملائه، دار الكتب العلمية، بيروت، 1402هـ. 215- شرح الشافية، للجاربردي، عالم الكتب، بيروت، ط (3) 1404هـ. 216- شرح شذور الذهب في معرفة كلام العرب، لابن هشام الأنصاري، بعناية محمد محيّ الدّين عبد الحميد، المكتبة العصرية صيدا وبيروت، 1409هـ. 217- شرح شواهد ابن عقيل على ألفية ابن مالك، لعبد المنعم الجرجاوي، مطبعة دار إحياء الكتب العربية، القاهرة، (د. ت) . 218- شرح شواهد الإيضاح، لأبي عليّ الفارسي، لابن برّيّ، تحقيق الدكتور عيد مصطفى درويش، الهيئة العامّة لشئون المطابع الأميرية، القاهرة، 1405هـ. 219- شرح شواهد الشافية، للغدادي، تحقيق محمد نور الحسن وزملائه، دار الكتب العلميّة، بيروت، 1402هـ. 220- شرح شواهد المغني، للسيوطي، تصحيح وتعليق الشيخ محمد محمود الشنقيطي، منشورات دار مكتبة الحياة، بيروت، (د. ت) . 221- شرح عمدة الحافظ وعدّة اللاّفظ، لابن مالك، تحقيق عدنان الدّوري، مطبعة العاني، بغداد، 1397هـ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 1014 222- شرح عيون الإعراب، للمجاشعي، تحقيق الدكتور حنّا حداد، مكتبة المنار، الأردن، ط (1) 1406هـ. 223- شرح الفريد، لعصام الدين، الإسفراييني، تحقيق نوري ياسين حسين، المكتبة الفيصلية، مكة المكرّمة، ط (1) 1405هـ. 224- شرح القصائد السبع الطوال الجاهليات، لأبي بكر الأنباري، تحقيق عبد السلام هارون، دار المعارف، القاهرة، ط (2) 1969م. 225- شرح قطر الندى وبلّ الصّدى، لابن هشام، بعناية محمد محي الدّين عبد الحميد، المكتبة العصرية، صيدا وبيروت، 1409هـ. 226- شرح الكافية، للرّضي الاستراباذي، دار الكتب العلمية، بيروت، 1405هـ. 227- شرح الكافية الشافية، لابن مالك، تحقيق الدكتور عبد المنعم أحمد هريدي، دار المأمون للتراث، دمشق، ط (1) 1402هـ. (من مطبوعات مركز البحث العلميّ وإحياء التراث الإسلامي بجامعة أمّ القرى) . 228- شرح اللمحة البدرية في علم اللّغة العربية، لابن هشام، تحقيق الدكتور هادي نهر، مطبعة الجامعة، بغداد، 1397هـ. 229- شرح اللمع، لابن برهان العكبري، تحقيق الدكتور فائز فارس، مطابع كويت تايمز، الكويت، ط (1) 1404هـ. 230- شرح مختصر التصريف العزّي في فنّ الصّرف، للتفتازاني، تحقيق الجزء: 2 ¦ الصفحة: 1015 الدكتور عبد العال سالم مكرّم، ذات السّلاسل، الكويت، ط (1) 1983م. 231- شرح المعلقات السّيع، للزّوزني، دار الكتب العلمية، بيروت، (د. ت) . 232- شرح المفصّل، لابن يعيش، عالم الكتب، بيروت، (د. ت) . 233- شرح المفصّل في صنعة الإعراب الموسوم بالتخمير، للخوارزمي، تحقيق الدكتور عبد الرحمن العثيمين، دار الغرب الإسلامي، بيروت، ط (1) 1990م. 234- شرح المقدّمة الجزوليّة الكبير، لأبي عليّ الشلوبيني، تحقيق الدكتور تركي ابن سهو العتيبي، مكتبة الرشد، الرياض، ط (1) 1413هـ. 235- شرح المقدّمة المُحْسِبَة، لابن بابشاذ، تحقيق خالد عبد الكريم، المطبعة العصرية، الكويت، ط (1) 1976م. 236- شرح مقصورة ابن دُريد، لعيد الوصيف محمد، مكتبة مصطفى البابي الحلبي، القاهرة، ط (1) 1358هـ. 237- شرح ملحة الإعراب، للحريري، تحقيق الدكتور أحمد قاسم، مكتبة دار التراث، المدينة المنورة، ط (2) 1412هـ. 238- شرح الملوكيّ في التصريف، لابن يعيش، تحقيق الدكتور فخر الدين قباوة، المكتبة العربية، حلب، ط (1) 1393هـ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 1016 239- شرح هاشميات الكميت، بتفسير أبي رياش القيسي، تحقيق الدكتور داود سلّوم والدكتور نوري حمّودي القيسي، عالم الكتب، ومكتبة النّهضة العربية، بيروت، ط (2) 1406هـ. 240- شعراء بني عُقيل وشعرهم في الجاهلية والإسلام حتى أواخر العصر الأموي، جمع وتحقيق ودراسة الدّكتور عبد العزيز الفيصل، الرياض، ط (1) 1408هـ. 241- شعر إبراهيم بن هرمة القرشي، تحقيق محمّد نفّاع وحسين عطوان، مجمع اللغة العربية، دمشق، 1389هـ. 242- شعر أبي حيّة النّميري، جمع وتحقيق رحيم صخي التويلي، مجلّة المورد، م 4/ع1. 243- شعر أبي عطاء السّندي، جمع وتحقيق قاسم مهديّ، مجلّة المورد م 9/ع2. 244- شعر الأحوص الأنصاري، تحقيق عادل سليمان جمال، مكتبة الخانجي، القاهرة، ط (2) 1411هـ. 245- شعر الأخطل، صنعة السّكري، تحقيق الدكتور فخر الدين قباوة، دار الفكر، دمشق وبيروت، ط (3) 1416هـ. 246- شعر الأشهب بن رميلة، ضمن كتاب (شعراء أمويون - القسم الرابع) جمع وتحقيق الدّكتور نوري حمّودي القيسي، عالم الكتب، ومكتبة النّهضة العربية، بيروت، ط (1) 1405هـ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 1017 247- شعر جحدر بن معاوية المحرزي، ضمن كتاب (شعراء الأمويّون - القسم الأول) جمع وتحقيق الدكتور نوري حمّودي القيسي، مؤسسة دار الكتب للطباعة والنشر، الموصل، 1396هـ. 248- شعر خفاف بن ندبة السّلمي، ضمن كتاب (شعراء إسلاميّون) جمع وتحقيق الدّكتور نوري حمّودي القيسي، عالم الكتب، ومكتبة النّهضة العربية، بيروت، ط (2) 1405هـ. 248- شعر الراعي النميري وأخباره، جمعه ناصر الحاني، مجمع اللّغة العربية، دمشق، 1383هـ. 250- شعر ربيعة بن مقروم الضّبّي، ضمن كتاب (شعراء إسلاميّون) جمع وتحقيق الدّكتور نوري حمّودي القيسي، عالم الكتب، ومكتبة النّهضة العربية، بيروت، ط (2) 1405هـ. 251- شعر زُهير بن أبي سُلمى، صنعة الأعلم الشنتمريّ، تحقيق الدكتور فخر الدين قباوة، دار الكتب العلمية، بيروت ط (1) 1413هـ. 252- شعر زياد الأعجم، جمع يوسف حسين بكّار، دار المسيرة، بيروت، ط (1) 1403هـ. 253- شعر زيد الخيْل الطائي، جمع ودراسة وتحقيق الدكتور أحمد مختار البزرة، دار المأمون للتراث، دمشق، ط (1) 1408هـ. 254- شعر شعر طيّء وأخبارها في الجاهليّة والإسلام، جمع وتحقيق الدكتور وفاء فهمي السنديوني، دار العلوم، الرياض، ط (1) 1403هـ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 1018 255- شعر عبد الله بن الزبير الأسد، جمع وتحقيق الدكتور يحيى الجبّوري، دار الحريّة، بغداد، 1394هـ. 256- شعر عبد الله بن معاوية، جمعه عبد الحميد الراضيّ مؤسسة الرسالة، بيروت، ط (2) 1402هـ. 257- شعر عبد الله بن همام السّلولي، جمع وتحقيق ودراسة وليد محمّد السّراقبي، مطبوعات مركز جمعة الماجد للثقافة والتراث، دبيّ، ط (1) 1417هـ. 258- شعر عبد الرحمن بن حسّان، تحقيق الدكتور سامي مكّي العاني، مطبعة المعارف، بغداد، 1971م. 259- شعر العجير السّلوليّ، جمع وتحقيق محمّد نايف الدّليميّ، مجلّة المورد، م 8/ع1. 260- شعر عمرو بن أحمد الباهلي، تحقيق الدكتور حسين عطوان، مجمع اللّغة العربية، دمشق، (د. ت) . 261- شعر عمرو بن معد يكرب الزّبيدي، جمعه ونسّقه مطاع الطّّرابيشي، مكتبة دار البيان، دمشق، ومكتبة المؤيّد، الرياض، ط (3) 1414هـ. 262- شعر الكميت بن معروف الأسدي، ضمن كتاب (شعراء مقلّون) جمع وتحقيق الدكتور حاتم الضّامن، عالم الكتب، ومكتبة النّهضة العربية، بيروت، ط (1) 1407هـ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 1019 263- شعر المخبّل السّعدي، ضمن كتاب (شعراء مقلّون) جمع وتحقيق الدكتور حاتم الضّامن، عالم الكتب، ومكتبة النّهضة العربية، بيروت، ط (1) 1407هـ. 264- شعر المرّار الفقْعسيّ، ضمن كتاب (شعراء أمويّون - القسم الثّاني) جمع وتحقيق الدّكتور نوري حمّودي القيسي، مؤسسة دار الكتب للطباعة والنشر، الموصل، 1396هـ. 265- شعر مزاحم العقيليّ، جمع وتحقيق الدكتور نوري حمّودي القيسي والدّكتور حاتم الضّامن، مجلّة معهد المخطوطات العربية، م 22/ج1. 266- شعر المغيرة بن حبناء التّميميّ، ضمن كتاب (شعراء أمويّون - القسم الثّالث) جمع وتحقيق الدكتور نوريّ حمّوديّ القيسي، المجمع العلميّ العراقي، بغداد، ط (1) 1402هـ. 267- شعر النجاشي الحارثي، جمع وتحقيق الدكتور سليم النعيمي، مجلّة المجمع العلميّ العراقيّ، م 13. 168- شعر نصيب بن رباح، جمع وتقديم الدكتور داود سلّوم، مطبعة الإرشاد، بغداد، 1967م. 169- شعر النّمر بن تولب، صنعة الدّكتور نوري حمّودي القيسي، مطبعة المعارف، بغداد، (د. ت) . 170- شعر يزيد بن الصّعق، ضمن كتاب (أشعار العامريين الجاهليّين) جمع وتحقيق الدّكتور عبد الكريم يعقوب، دار الحوار، اللاّذقيّة، ط (1) 1982م. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 1020 271- الشعراء والشعراء، لابن قتيبة، تحقيق الدّكتور مفيد قميحة، دار الكتب العلميّة، بيروت، ط (2) 1405هـ. 272- شفاء العليل في إيضاح التّسهيل، لأبي عبد الله محمّد بن عيسى السّليليّ، تحقيق الدكتور الشّريف عبد الله عليّ الحسيني، مكتبة الفيصليّة مكّة المكرّمة ط (1) 1406هـ. 273- شواهد التوضيح والتّصحيح لمشكلات الجامع الصّحيح، لابن مالك، تحقيق محمّد فؤاد عبد الباقي، عالم الكتب، بيروت، ط (3) 1403هـ. 274- الصّاحبيّ، لابن فارس، تحقيق السيّد أحمد صقر، مطبعة عيسى البابي الحلبي، القاهرة، 1977م. 275- الصُّبح المنير في شعر أبي بصير (الأعشى ميمون) والأعشين الآخرين، تحقيق رودلف جاير، مكتبة ابن قتيبة، الكويت، ط (2) 1993م (بالأوفست عن طبعة قينّا 1927م) . 276- الصّحاح، للجوهري، تحقيق أحمد عبد الغفور عطّار، دار العلم للملايين، بيروت، ط (3) 1404هـ. 277- صحيح البخاري، عالم الكتب، بيروت ط (5) 1406هـ. 278- صحيح الجامع الصّغير وزيادته، للألبانيّ، المكتب الإسلامي، بيروت ودمشق، ط (2) 1406هـ. 279- صحيح مسلم، تحقيق محمّد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء التراث الجزء: 2 ¦ الصفحة: 1021 العربي، بيروت، (د. ت) . 280- ضرائر الشعر، لابن عصفور، تحقيق السّيد إبراهيم محمد، دار الأندلس للطباعة والنشر، بيروت ط (1) 1980م. 281- طبقات الشّافعيّة، للأسنويّ، تحقيق عبد الله الجبّوري، مطبعة الإرشاد، بغداد، ط (1) 1390هـ. 282- طبقات الشّافعية الكبرى، للسّبكي، تحقيق محمود الطناحيّ وعبد الفتّاح الحلو، دار إحياء الكتب العربيّة، القاهرة، 1976م. 283- طبقات فحول الشعراء، لابن سلاّم، قرأه وشرحه محمود شاكر، مطبعة المدنيّ، القاهرة، 1394هـ. 284- طبقات النّحاة واللّغويّين، لابن قاضي شُهبة، تحقيق الدّكتور محسن غيّض، مطبعة النّعمان، النّجف، 1974م. 285- طبقات النّحويّين واللّغويّين، للزبيدي الأندلسي، تحقيق محمّد أبو الفضل إبراهيم، دار المعارف، القاهرة، ط (2) 1984م. 286- العبر في خبر من غبر، للذهبي، تحقيق أبي هاجر محمّد السّعيد زغلول، دار الكتب العلميّة، بيروت، ط (1) 1405هـ. 287- العقد الفريد، لابن عبد ربّه، تحقيق الدّكتور عبد المجيد التّرحيني، دار الكتب العلميّة بيروت، ط (1) 1407هـ. 288- العوامل المائة النّحويّة في أصول علم العربية، للجرجاني، شرح الشيخ خالد الأزهري، تحقيق وتقديم وتعليق الدّكتور البدراويّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 1022 زهران، دار المعارف، القاهرة، ط (1) 1983م. 289- العين، للخليل بن أحمد الفراهيدي، تحقيق الدّكتور مهدي المخزوميّ والدّكتور إبراهيم السّامرّائي، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت، ط (1) 1408هـ. 290- عيون الأخبار، لابن قتيبة، تحقيق الدّكتور يوسف عليّ الطّويل، دار الكتب العلميّة، بيروت، ط (1) 1406هـ. 291- غاية النّهاية في طبقات القرّاء، لابن الجزري، تحقيق براجسنزاسر، مطبعة السّعادة، القاهرة، 1352هـ. 292- غريب الحديث، لأبي عُبيد، دار الكتب العلمية، بيروت، ط (1) 1406هـ. 293- الفرائد الجديدة، للشيخ عبد الرحمن الأسيوطيّ، تحقيق الشيخ عبد الكريم المدرّس، مطبعة الإرشاد، بغداد 1397هـ. 294- فُرحة الأديب، للأسود الغندجاني، تحقيق الدّكتور محمّد عليّ سلطاني، دار قتيبة، دمشق، ط (1) 1401. 295- الفريد في إعراب القرآن المجيد، للمنتجب الهمداني، تحقيق الدّكتور فهمي حسن النّمر، والدّكتور فؤاد عليّ مخيمر، دار الثقافة، الدّوحة، ط (1) 1411هـ. 296 الفصول الخمسون، لابن معطي، تحقيق الدّكتور محمد الطّناحي، مطبعة عيسى البابي الحلبي، القاهرة، 1977م. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 1023 297- فهرس مخطوطات دار الكتب الظّاهريّة (الشعر) ، وضعه الدّكتور عزّة حسن، مجمع اللّغة العربيّة، دمشق، 1384هـ. 298- فهرس النّحو، (المصوّرات الميكروفيلميّة الموجودة بمكتبة الميكروفيلم بمركز البحث العلمي وإحياء التراث الإسلامي بجامعة أمّ القرى) إعداد: قسم الفهرسة بالمركز، (د. ت) . 299- الفوائد الضّيائيّة في شرح كافية ابن الحاجب، لنور الدّين عبد الرحمن الجاميّ، تحقيق الدّكتور أُسامة طه الرّفاعي، مطبعة وزارة الأوقاف والشؤون الدّينيّة، بغداد، 1403هـ. 300- الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة، للشوكاني، تحقيق عبد الرحمن المعلّميّ، المكتب الإسلامي، بيروت، ط (3) 1407هـ. 301- فوات الفيات، لابن شاكر الكُتبي، تحقيق الدّكتور إحسان عبّاس، دار صادر بيروت، 1974م. 302- القاموس المحيط، للفيروزآبادي، مؤسسة الرّسالة، بيروت، ط (1) 1406هـ. 303- القوافي، للأخفش، تحقيق الدّكتور عزّة حسن، وزارة الثّقافة، مديريّة إحياء التراث القديم، دمشق، 1390هـ. 304- القوافي، للتّنوخي، تحقيق الدّكتور عوني عبد الرّءوف، مكتبة الخانجي، القاهرة، ط (2) 1978م. 305- الكافي في العروض والقوافي، للخطيب التّبريزي، تحقيق الحسّانيّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 1024 حسن عبد الله، مكتبة الخانجي، القاهرة، ط (3) 1415هـ. 306- الكافي في علم القوافي، لأبي بكر الشّنتريني، تحقيق الدّكتور محمّد رضوان الدّاية، المكتب الإسلامي، بيروت ودمشق، ط (2) 1391هـ. 307- الكافية في النّحو، لابن الحاجب، تحقيق الدّكتور طارق نجم عبد الله، مكتبة دار الوفاء للنّشر والتوزيع، جدّة، ط (1) 1407هـ. 308- الكامل، للمبرّد، تحقيق الدّكتور محمّد الدّاليّ، مؤسسة الرّسالة، بيروت، ط (2) 1413هـ. 309- الكامل في التأريخ، لابن الأثير، دار الكتاب العربي، بيروت، ط (3) 1403هـ. 310- الكتاب، لسيبويه، تحقيق عبد السّلام هارون مكتبة الخانجي، القاهرة، ط (3) 1408هـ. 311- كتاب الأمثال، لأبي عبيد القاسم بن سلاّم، تحقيق الدّكتور عبد المجيد قطامش، دار المأمون، دمشق، ط (1) 1400هـ. (من مطبوعات مركز البحث العلمي وإحياء التراث الإسلاميّ بجامعة أمّ القرى) . 312- كتاب الفصول في العربية، لابن الدّهّان، تحقيق الدّكتور فائز فارس، مؤسسة الرّسالة، بيروت، ودار الأمل، الأردن، ط (1) 1409هـ. 313- كتاب الأفعال، لابن القطّاع، عالم الكتب، بيروت، ط (1) 1403هـ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 1025 314- كتاب المعمّرين من العرب، لأبي حاتم السّجستاني، تحقيق محمّد إبراهيم سليم، دار الطّلائع، القاهرة، (د. ت) . 315- الكشاف، للزّمخشريّ، دار المعرفة، بيروت، (د. ت) . 316- كشف الخفاء ومزيل الإلباس عما اشتهر من الأحاديث على السنة الناس، للعجلوني، دار الكتب العلميّة، بيروت، ط (3) 1408هـ. 317- كشف الظّنون، لحاجّي خليفة، مكتبة المثنّى، بغداد، (د. ت) . 318- الكشف عن وُجوه القراءات السّبع وعللها وحججها، لمكّي بن أبي طالب، تحقيق الدّكتور محي الدّين رمضان، مؤسسة الرّسالة، بيروت، ط (4) 1407هـ. 319- كشف المشكل في النّحو، لعليّ بن سليمان الحيدرة اليمني، تحقيق الدّكتور هادي عطيّة مطر، مطبعة الإرشاد، بغداد، ط (1) 1404هـ. 320- الكليّات، لأبي البقاء الكفوي، تحقيق الدّكتور عدنان درويش ومحمّد المصري، مؤسسة الرّسالة، بيروت، ط (2) 1413هـ. 321- كنز الحفّاظ في كتاب تهذيب الألفاظ لابن السّكّيت، لأبي زكريا التّبريزي، بعناية لويس شيخو، الفاروق الحديثة للطباعة والنشر، القاهرة، (د. ت) .. 322- اللاّمات، للزّجّاجيّ، تحقيق الدّكتور مازن المبارك، مجمع اللّغة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 1026 العربية، دمشق، 1389هـ. 323- اللاّمات، للهروي، تحقيق الدّكتور أحمد عبد المنعم الرّصد، مطبعة حسّان، القاهرة، 1404هـ. 324- لباب الإعراب، لتاج الدّين الإسفراييني، تحقيق بهاء الدّين عبد الوهاب عبد الرحمن، دار الرفاعي، الرياض، ط (1) 1405هـ. 325- اللّباب في علل البناء والإعراب، للعكبري، تحقيق غازي مختار طليمات والدّكتور عبد الإله نبهان، دار الفكر، دمشق، ط (1) 1416هـ. 326- لسان العرب، لابن منظور، دار صادر، بيروت، ط (1) 1410هـ. 327- اللّمع في العربيّة، لابن جنّي، تحقيق حامد المؤمن، عالم الكتب، ومكتبة النّهضة العربية، بيروت، ط (2) 1405هـ. 328- المؤتلف والمختلف، للآمدي، تحقيق عبد السّتّار فرّاج دار إحياء الكتب العربية، القاهرة، 1381هـ. 329- مالك ومتمّم ابنا نويرة اليربوعي، لإبتسام مرهون الصّفار، مطبعة الإرشاد، بغداد، 1968م. 330- ما يجوز للشاعر في الضّرورة، للقزاز القيرواني، تحقيق الدّكتور محمد زغلول سلاّم والدّكتور محمّد مصطفى هدارة، منشأة المعارف، الإسكندرية، 1994م. 331- ما يحتمل الشعر من الضرورة، للسّيرافي، تحقيق الدّكتور عوض الجزء: 2 ¦ الصفحة: 1027 القوزي، طبع بمطابع دار المعارف، القاهرة، ط (2) 1412هـ. 332- ما ينصرف وما لا ينصرف، للزّجّاج، تحقيق الدّكتورة هدى قرعة، مكتبة الخانجي، القاهرة، ط (2) 1414هـ. 333- المبسوط في القراءات العشر، لأبي بكر أحمد بن الحسين الأصبهاني، تحقيق سبيع حمزة حاكمي، مجمع اللّغة العربية، دمشق، (د. ت) . 334- مجاز القرآن، لأبي عُبيد، تحقيق الدّكتور محمد فؤاد سزكين، مكتبة الخانجي، القاهرة، 1988م. 335- مجالس ثعلب، تحقيق عبد السّلام هارون، دار المعارف، القاهرة، ط (5) 1987م. 336- المجتنى، لابن دُريد، بعناية الدّكتور محمّد عبد المعيد خان، مطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية بحيدر آباد الدّكن، الهند، ط (3) 1382هـ. 337- مجمع الأمثال، للميداني، تحقيق محمّد أبو الفضل إبراهيم، مكتبة عيسى البابي الحلبي، القاهرة، 1978م. 338- مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمّد بن صالح العثيمين، جمع وترتيب فهد بن ناصر السّليمان، دار الوطن للنشر، الرّياض ط (الأخيرة) 1413هـ. 339- المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، لابن عطيّة الأندلسي، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 1028 تحقيق عبد السّلام عيد الشافي محمّد، دار الكتب العلميّة، بيروت، ط (1) 1413هـ. 340- المحتسب في تبيين وجوه شواذّ القراءات والإيضاح عنها، لابن جنّي تحقيق عليّ النّجديّ ناصف، والدّكتور عبد الحليم النّجار والدّكتور عبد الفتّاح شلبي، دار سزكين للطباعة والنشر، إستانبول، ط (2) 1406هـ. 341- مختصر في شواذّ القراءات، لابن خالويه، نشره براجستراسر، دار الهجرة، (د. ت) . 342- المخصّص، لابن سيده، دار إحياء التراث العربي، بيروت، (مصوّرة عن طبعة بولاق 1318هـ) . 343- المذكّر والمؤنّث، لأبي بكر الأنباري، تحقيق الدّكتور طارق الجنابيّ، مطبعة العاني، بغداد، ط (1) 1978م. 344- المذكّر والمؤنّث، لأبي حاتم السّجستاني، تحقيق الدّكتور عزّة حسن، دار الشرق العربي، بيروت، وحلب، (د. ت) . 345- المذكّر والمؤنّث، للفراء، تحقيق الدّكتور رمضان عبد التّواب، مكتبة دار التراث، القاهرة، ط (2) 1989م. 346- مراتب النّحويّين، لأبي الطّيّب اللّغوي، تحقيق محمّد أبو الفضل إبراهيم، دار الفكر العربي، القاهرة، ط (2) 1394هـ. 347- المرتجل في شرح الجمل، لابن الخشاب، تحقيق ودراسة عليّ حيدر، دمشق، 1392هـ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 1029 348- المزهر في علوم اللّغة وأنواعها، للسّيوطي، تحقيق محمّد أحمد جاد المولى وزملائه، دار التراث، القاهرة، ط (3) د. ت. 349- المسائل البصريّات، لأبي عليّ الفارسي، تحقيق الدّكتور محمّد الشّاطر أحمد، مطبعة المدني، القاهرة، ط (1) 1405هـ. 350- المسائل الحلبيّات، لأبي عليّ الفارسي، تحقيق الدّكتور حسن هنداوي، دار القلم، دمشق، ودار المنارة، بيروت ط (1) 1407هـ. 351- مسائل خلافية في النّحو، لأبي البقاء العكبري، تحقيق محمد خير الحلواني، دار الشرق العربي، بيروت وحلب، ط (1) 1412هـ. 352- المسائل العسكرية، لأبي عليّ الفارسي، تحقيق الدّكتور محمّد الشّاطر أحمد، مطبعة المدني، القاهرة، ط (1) 1403هـ. 353- المسائل العضديّات، لأبي عليّ الفارسي، تحقيق الدّكتور عليّ جابر المنصوريّ، عالم الكتب، ومكتبة النّهضة العربية، بيروت، ط (1) 1406هـ. 354- المساعد على تسهيل الفوائد، لابن عقيل، تحقيق الدّكتور محمّد كامل بركات، دار الفكر، دمشق، 1400هـ. (من مطبوعات مركز البحث العلميّ وإحياء التراث الإسلامي بجامعة أمّ القرى) . 355- المستقصى في أمثال العرب، للزمخشري، دار الكتب العلمية، بيروت، ط (2) 1408هـ. 356- مسند الإمام أحمد، المكتب الإسلامي، بيروت، ط (1) 1389هـ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 1030 357- مشكل الآثار، للطّحاوي، مطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية بحيدر آباد الدّكن، الهند، 1333هـ. 358- مشكل إعراب القرآن، لمكّي بن أبي طالب، تحقيق الدّكتور حاتم الضّامن، مؤسسة الرّسالة، بيروت ط (3) 1407هـ. 359- المصنوع في معرفة الحديث الموضوع، لعليّ القاري الهرويّ، تحقيق عبد الفتّاح أبو غدّة، مكتب المطبوعات الإسلامية، بيروت ط (4) 1404هـ. 360- معاني الحروف، للرّمّاني، تحقيق الدّكتور عبد الفتّاح شلبي، مكتبة الطّالب الجامعي، مكّة المكرّمة، ط (2) 1407هـ. 361- معاني القرآن، للأخفش، تحقيق الدّكتور عبد الأمير محمّد أمين، عالم الكتب بيروت، ط (1) 1405هـ. 362- معاني القرآن، للفراء، تحقيق محمّد عليّ النّجار وأحمد نجاتي، الدّار المصرية للّتأليف والترجمة، القاهرة، (د. ت) . 363- معاني القرآن وإعرابه، للزّجّاج، تحقيق الدّكتور عبد الجليل شلبي، عالم الكتب، بيروت، ط (1) 1408هـ. 3648- المعاني الكبير، لابن قتيبة، تحقيق كرنكو وعبد الرحمن اليماني، دار الكتب العلميّة، بيروت، 1405هـ. 365- معجم الأدباء، ليقوت الحمويّ، دار إحياء التراث العربي، بيروت، (د. ت) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 1031 366- معجم البلدان، ليقوت الحمويّ، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1399هـ. 367- معجم الشعراء، للمرزباني، تصحيح كرنكو، دار الجيل، بيروت، ط (1) 1411هـ. 368- معجم المؤلفين، لعمر رضا كحّالة، مكتبة المثنى، ودار إحياء التراث العربي، بيروت، (د. ت) . 369- معجم ما استعجم، لأبي عُبيد البكري، تحقيق مصطفى السّقا، عالم الكتب، بيروت، ط (3) 1403هـ. (بالأوفست عن طبعة لجنة التّأليف والترجمة والنشّر) . 370- معجم المطبوعات العربية والمعربّة، جمع وترتيب يوسف إليان سركيس، مكتبة الثّقافة الدّينية، مصر، (د. ت) . 371- معجم المعاجم، لأحمد الشرقاوي إقبال، دار الغرب الإسلامي، بيروت، ط (2) 1993م. 372- معجم مقاييس اللّغة، لابن فارس عبد السّلام هارون دار الجيل، بيروت، ط (1) 1411هـ. 373- المعرّب، للجواليقي، تحقيق الدّكتور ف. عبد الرحيم، دار القلم، دمشق وبيروت، ط (1) 1410هـ. 374- معرفة القراء الكبار على الطّبقات والأعصار، للذّهبي، تحقيق بشّار عوّاد معروف وزملائه، مؤسسة الرّسالة، بيروت، ط (2) 1408هـ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 1032 375- مغني اللّبيب عن كتب الأعاريب، لابن هشام الأنصاري، تحقيق الدّكتور مازن المبارك ومحمّد عليّ حمد الله، دار الفكر، بيروت ط (5) 1979م. 376- المغني والشرح الكبير على متن المقنع، للإمامين موفّق الدّين وشمس الدّين ابني قدامة، دار الفكر، بيروت، ط (1) 1404هـ. 377- مفتاح العلوم، للسّكاكيّ، تحقيق نعيم زرزور، دار الكتب العلمية، بيروت ط (2) 1407هـ. 378- المفصّل في علم العربية، للزّمخشري، دار الجيل، بيروت، (د. ت) . 379- المفضّليّات، للمفضّل الضّبّي، تحقيق أحمد شاكر وعبد السّلام هارون، دار المعارف، القاهرة، ط (6) 1979م. 380- المقاصد الحسنة في بيان كثير من الأحاديث المشتهرة على الألسنة، للسّخاوي، تحقيق محمّد عثمان الخشت، دار الكتاب العربي، بيروت ط (1) 1405هـ. 381- المقاصد النّحويّة في شرح شواهد الألفية، للعيني، طبع بهامش (خزانة الأدب) طبعة بولاق 1299هـ. 382- المقتصد في شرح الإيضاح، لعبد القاهر الجرجاني، تحقيق الدّكتور كاظم بحر المرجان، وزارة الثّقافة والإعلام، دار الرّشيد للنّشر، بغداد، 1982م. 383- المقتضب، للمبرّد، تحقيق محمّد عبد الخالق عضيمة، عالم الكتب بيروت، (د. ت) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 1033 384- مقدّمة في النّحو، للشيخ محمّد بن أبي الفرج الصّقلّي، تحقيق الدّكتور محسن العميري، مكتبة الفيصلية، مكة المكرمة، 1405هـ. 385- المقرّب، لابن عصفور، تحقيق أحمد الجواري، وعبد الله الجبّوري، مطبعة العاني، بغداد ط (1) 1391هـ. 386- المقصور والممدود، لابن ولاّد، عُني بتصحيحه بدر الدّين النّعساني، مكتبة الخانجي، القاهرة، ط (2) 1413هـ. 387- الملاحن، لابن دُريد، تصحيح إبراهيم الجزائري، دار الكتب العلمية، بيروت، ط (1) 1407هـ. 388- ملحة الإعراب، للحريري، مكتبة دار العليّان، بريدة، ط (1) 1407هـ. 389- الملخّص في ضبط قوانين العربية، لابن أبي الرّبيع الإشبيلي، تحقيق أ. د عليّ بن سلطان الحكمي، ط (1) 1405هـ. 390- المنتخب من غريب كلام العرب، لأبي الحسن الهُنائي (المعروف بكُراع النَّمْل) تحقيق الدّكتور محمد بن أحمد العمري، ط (1) 1409هـ (من مطبوعات مركز البحث العلمي وإحياء التراث الإسلاميّ بجامعة أمّ القرى) . 391- الممتع في التصريف، لابن عصفور الإشبيلي، تحقيق الدّكتور فخر الدّين قباوة، دار المعرفة، بيروت، ط (1) 1407هـ. 392- منار السّبيل، لابن ضويّان، تحقيق زُهير الشّاويش، المكتب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 1034 الإسلامي، بيروت ودمشق، ط (6) 1404هـ. 393- المنتظم، لابن الجوزي، تحقيق محمّد عطا ومصطفى عطا، دار الكتب العلمية، بيروت، ط (1) 1412هـ. 394- المنصف في شرح التصريف، لابن جنّي، تحقيق إبراهيم مصطفى وعبد الله أمين مكتبة مصطفى البابي الحلبي القاهرة، ط (1) 1373هـ. 395- المنقوص والممدود، للفراء، تحقيق عبد العزيز الميمني، دار المعارف، القاهرة، ط (3) 1986م. 396- المهذّب في القراءات العشر، للدّكتور محمّد سالم محيسن، مكتبة الكليّات الأزهرية، مصر، ط (2) 1389هـ. 397- الموطّأ، لمالك بن أنس، دار الكتب العلمية، بيروت، ط (1) 1405هـ. 398- نتائج الفكر في النّحو، للسّهيلي، تحقيق الدّكتور محمّد إبراهيم البنّا، دار الرّياض للنشر والتوزيع، الرياض، ط (2) 1404هـ. 399- النّجوم الزّاهرة، لابن تغري بردي، المؤسسة المصريّة العامّة للتأليف والترجمة والطباعة والنّشر، القاهرة. (مصوّرة عن طبعة دار الكتب 1962م) . 400- نُزهة الألبّاء في طبقات الأدباء، لأبي البركات الأنباري، تحقيق الدّكتور إبراهيم السّامرّائي، مكتبة المنار، الأردن، ط (3) 1405هـ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 1035 401- النّشر في القراءات العشر، لابن الجزري، تحقيق الدّكتور محمّد سالم محيسن، مكتبة القاهرة، (د. ت) . 402- النّقائض (نقائض جرير والفرزدق) لأبي عُبيدة، بعناية المستشرق بيفان، مطبعة بريل، ليدن، 1905م. 403- النّكت الحسان في شرح غاية الإحسان، لأبي حيّان الأندلسي، تحقيق الدّكتور عبد الحسين الفتليّ، مؤسسة الرّسالة، بيروت، ط (2) 1408هـ. 404- النّكت في تفسير كتاب سيبويه، للأعلم الشّنتمريّ، تحقيق زُهير عبد المحسن سلطان، منشورات معهد المخطوطات العربية، الكويت، ط (1) 1407هـ. 405- نهاية الأرب في معرفة أنساب العرب، للقلشندي، دار الكتب العلميّة، بيروت، (د. ت) . 406- النّوادر في اللّغة، لأبي زيد الأنصاري، بتحقيق سعيد الشّرتوني، دار الكتاب العربي، بيروت، ط (2) 1387هـ. 407- نوادر المخطوطات العربيّة في مكتبات تركيا، جمعها الدّكتور رمضان ششن، دار الكتاب الجديد، بيروت، ط (1) 1975م. 408 هديّة العارفين، لإسماعيل باشا البغدادي، مكتبة المثنّى، بغداد. (بالأوفست عن طبعة إستانبول 1951م. 409- همع الهوامع في شرح جمع الجوامع، للسّيوطي، تحقيق الدّكتور الجزء: 2 ¦ الصفحة: 1036 عبد العال سالم مكرّم، مؤسسة الرّسالة، بيروت، ط (2) 1407هـ. 410- الوافي بالوفيات، للصّفدي، بعناية س. ديدر ينغ، فرانز شتاينر، قيسبادن، 1394هـ. 411- الوافي في العروض والقوافي، للخطيب التبريزي، تحقيق الدّكتور فخر الدّين قباوة، دار الفكر، دمشق، ط (4) 1407هـ. 412- الوجيز في علم التّصريف، لأبي البركات الأنباري، تحقيق الدّكتور عليّ حسين البوّاب، دار العلوم للطباعة والنشر، الرّياض، ط (1) 1402هـ. 413- الوحشيّات (الحماسة الصّغرى) لأبي تمّام، تحقيق عبد العزيز الميمني، وزاد في حواشيه محمود شاكر، دار المعارف، القاهرة، ط (3) 1987م. 414- وفيات الأعيان، لابن خلكّان، تحقيق الدّكتور إحسان عبّاس، دار صادر، بيروت، (د. ت) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 1037