الكتاب: المجلى في شرح القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى للعلامة محمد صالح العثيمين المؤلف: كاملة بنت محمد بن جاسم بن علي آل جهام الكواري الناشر: دار ابن حزم الطبعة: الأولى، 1422 هـ - 2002 م عدد الأجزاء: 1   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] ---------- المجلى في شرح القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى كاملة الكواري الكتاب: المجلى في شرح القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى للعلامة محمد صالح العثيمين المؤلف: كاملة بنت محمد بن جاسم بن علي آل جهام الكواري الناشر: دار ابن حزم الطبعة: الأولى، 1422 هـ - 2002 م عدد الأجزاء: 1   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] بسم الله الرحمن الرحيم المجلى في شرح القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى للعلامة محمد صالح العثيمين تأليف كاملة الكواري دار ابن حزم جميع الحقوق محفوظة الطبعة الأولى 1422 هـ - 2002 م الكتب والدراسات التي تصدرها الدار تعبر عن آراء واجتهادات أصحابها بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد: فما أجمل العمل إذا أتقن، وما أجمل السعي إذا أحسن، وما أروع البحث عن الحق، والغوص على درر المعرفة، والظفر بنيل ثمار العلم وأحسن من ذلك توفيق الله عبده للصراط المستقيم، وتسديده للنهج القويم، الذي سار عليه سلفنا الصالح شرعة ومنهاجا، وعلما وإيمانا وأدبا وأخلاقا. وقد اطلعت على كتاب (المجلى في شرح القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى) لطالبة علم الشريعة، وجامعة فرائد الميراث النبوي كاملة الكواري، فوجدت تأليفها عجبا في حسنه، مشرقا في بيانه، لا يجد القارئ منه عوجا ولا أمتا، فقد استقصت المراجع، ونوعت مصادر شرحها لغة ونحوا وتفسيرا وأدبا وأصولا، بتحقيق وتأصيل وتدقيق وتفصيل وصبرا ودأب وذكاء ن يشهد له كل من أمعن النظر في التأليف فجاء تماما على الذي هو أحسن، يكاد شرحها يضيء ولو لم تمسه نار المادحين، أقول هذا بعد تقليب نظر، وثبات فكر، وكثرة تأمل، ويصح في المؤلفة وفي أمثالها من النساء الصالحات قول أب الطيب المتنبي: ولو أن النساء كمن عرفنا ... لفضلت النساء على الرجال فما التأنيث لاسم الشمس عيب ... ولا التذكير فخرا للهلال وقد رزق هذا البحث سعادة، لأمور اجتمعت فيه، فبابه أجل الأبواب، وهو الحديث عن أسماء الله وصفاته جل في علاه، وهذا أفضل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 5 العلوم، وغاية المطالب، ونهاية المقاصد، ثم مقدم المتن سماحة شيخ العصر وإمام الوقت الشيخ عبد العزيز بن باز أكرم الله نزله، وأجزل مثوبته، وصاحب المتن العلامة الفقيه الشيخ محمد الصالح بن عثيمين ثم جاء الشرح آية في الحسن، يسر الناظرين، وشامة في الإتقان، يبهج الباحثين، فالحمد لله على أن سهل لمن شاء من عبادة صيانة هذه الشريعة، والذب عن الملة، وخدمة هذه التركة النبوية الشريفة، أجزل الله للجميع أجرا، ورفع لهم بها ذكرا، ووضع عنهم بها وزرا، وجعلها لهم عنده زخرا، والله أعلم. كتبه أبو عبد الله بن عبد الله القرني الرياض 17/4/1420 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 6 بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد،،، فقد وصل إلى منذ شهور كثيرة هذا الكتاب الذي جاء شرحا أو حاشية على كتاب شيخنا محمد الصالح العثيمين - حفظه الله ووفقه - القواعد المثلى وقد جعلته المؤلفة الفاضلة كاملة الكواري بعنوان " المجلى في شرح القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى " - وقد ظننته - أول ما رأيته - شرحا عاما يقوم به بعض طلبة العلم ليحصل على شرف الانتساب إلى شيخنا عن طريق شرح أحد كتبه. ولكن بعد أن قطعت في قراءة هذا الشرح شوطا تبين لي أنني أمام كتاب من طالبة علم متمكنة في علوم الآلة وفي علوم الشريعة والعقيد، زادها الله علما وعملا وإخلاصا - ولذا عدت إلى الكتاب أقرأه من جديد، وبعد قراءته جرت مكاتبة مع المؤلفة حول وجهات النظر التي تقبلتها بترحاب وسعة صدر. وهذا الشرح الذي بين يديك أخي القارئ، حوى فوائد عديدة، ونكت جميلة، وتنبيهات مهمة، وزيادات في البيان والتوضيح لما في الأصل المشروح. وترجع أهمية هذا الشرح الممتع إلى أمور ثلاثة: - أحدهما: أنه شرح لكتاب في قواعد الأسماء والصفات وهو من أشمل وأفضل ما كتب في هذا الباب - حسب علمنا - ويكفي الكتاب أهمية أن مؤلفه شيخنا الفاضل، وقد كتب الله القبول لهذا الكتاب على صغر حجمه وانتفع به عموم المسلمين وطلاب العلم بشكل خاص. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 7 الثاني: أن الشارحة الفاضلة اتخذت طريقة جيدة في الشرح تبعد عنه الملل الذي يقع في بعض شروح الكتب حيث تشرح كل الكلمات الواضحة وغير الواضحة في المتن أما هي فقد جاء شرحها على طريقة نافعة لطلاب العلم خاصة ولعموم المطلعين عليه حيث اشتمل شرحها على: أ- تعليقات وحواشي على الكتاب المشروح، وهي تعليقات مشتملة على فوائد جمة، وتخريجات نافعة، يلمسها القارئ، وقد يشعر وقد يرى أن الحاجة ماسة إليها لإزالة غموض، أو بيان لفهم خاطئ، أو رد على مخالف - وهكذا. ومعلوم أن الكتب الواضحة - ككتاب الشيخ المشروح - لا يحتاج في الغالب إلى شرح لأنه مشتمل على الشرح والتوضيح والمثال، فلا حاجة إلى شرح كل كلمة أو عبارة أو مثال مرة أخرى. ومن ثم جاءت طريقة المؤلفة - وفقها الله - محصلة للفوائد بعيدة عن السأم والملل الذي يأتي من شرح الواضحات. ب - ملاحق لكل فصل أو قاعدة، ضمنتها عددا من الفوائد والفرائد والمسائل النافعة، جعلتها على شكل مسائل مستقلة، وإن كان قد جاء ذكرها في الكتاب المشروح، ويبرز في عرض هذه القواعد الملحقة سعة العلم وطول الباع في الاستفادة من كتب العلم المختلفة وعلى رأسها كتب أئمة السنة قديما وحديثا. الثالث: تنوع الفوائد الموجودة في هذا الشرح بقسميه: التعليقات والملاحق، حيث اشتملت على فوائد نحوية ولغوية وبلاغية، وحديثية، وعقدية، وأقوال المخالفين عند الحاجة مع الرد والبيان، إضافة إلى تنوع المصادر وكثرتها. ولعل الإطلاع على مثل هذا الشرح من أخت فاضلة يحفز طلاب العلم إلى ضرورة التميز والقوة في طلب العلم على التركيز على علوم الآلة وخاصة النحو والصرف _ حتى لا يحتج أهل البدع على بعض أهل السنة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 8 المعاصرين عندما يرون ضعفهم في هذه العلوم أو بعضها، والعلم مهما علا وسما - إذا قدم بآلة مشوهة أو مكسرة صار عرضه لتندر المتندرين، وربما كان سببا في رد الحق الذي جاء به صاحبه، وأخيرا فهذه طريقة في الشرح متميزة، تعطي الفائدة دون ملل، وتحترم القاريء ووقته، وهي ليست جديدة فقد كانت قديما يفعلها بعض الشراح حيث يأتون بالفوائد عند الحاجة إليها دون تكرار. أسأل الله تعالى أن يبارك لصنع الأخت الفاضلة وفي عملها وأن ينفعها وينفع المسلمين بعلمها، وأن يرزقنا جميعا الاستقامة على السنة ومنهاج السلف الصالح، ثم أسأله تعالى أن يجزل المثوبة لشيخنا محمد الصالح العثيمين على علومه النافعة، وأن يوفقنا جميعا إلى العلم والعمل والثبات على الحق والسنة. وصلى الله على نبينا وعلى آله وصحبه وسلم كتبه/ د. عبد الرحمن الصالح المحمود الرياض في 20/12/1420هـ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 9 بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه. أما بعد: - فقد اطلعت على المؤلف القيم الذي كتبه صاحب الفضيلة العلامة أخونا الشيخ محمد بن صالح العثيمين في الأسماء والصفات وسماه " القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى". وسمعته من أوله إلى أخره فألفيته كتابا جليلا قد اشتمل على بيان عقيدة السلف الصالح في أسماء الله وصفاته، كما اشتمل على قواعد عظيمة وفوائد جمة في باب الأسماء والصفات وأوضح معنى المعية الواردة في كتاب الله عز وجل الخاصة والعامة عند أهل السنة والجماعة وإنها حق على حقيقتها لا تقتضي امتزاجا واختلاطا بالمخلوقين بل هو سبحانه فوق عرشه كما أخبر عن نفسه وكما يليق بجلاله سبحانه وإنما تقتضي علمه وإطلاعه وإحاطته بهم وسماعه لأقوالهم وحركاتهم ويصره بأحوالهم وضمائرهم وحفظه وكلاءته لرسله وأوليائه المؤمنين ونصره لهم وتوفيقه لهم إلى غير ذلك مما تقضيه المعية العامة والخاصة من المعاني الجليلة والحقائق الثابتة لله سبحانه، كما اشتمل على إنكار قول أهل التعطيل والتشبيه والتمثيل وأهل الحلول والاتحاد فجزاه الله خيرا وضاعف مثوبته وزادنا وإياه علما وهدى وتوفيقا ونفع بكتابه القراء وسائر المسلمين إنه ولي ذلك والقادر عليه قاله ممليه الفقير إلى الله تعالى عبد العزيز بن عبد الله بن باز سامحه الله. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه 5/11/1404هـ الرئيس العام لإدارة البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 10 تمهيد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 12 تمهيد وقد نظمت فيه ثلاثة أشياء: (1) إهداء للمؤلف يتضمن سبب تأليف الكتاب. (2) نظم الأسماء الحسنى ليسهل حفظها. (3) نظم قواعد الكتاب في الأسماء والصفات وفي أدلتهما. أولاً: الإهداء مني سلامٌ طيبٌ مباركا ... ورحمةٌ من رَبِنّا تباركا لحضرةِ الشيخِ الكريمِ الصالحِ ... المتقيْ محمدِ بن صالحِ وبعدُ ذي حاشيةٌ أدعوها ... هديةً لكم لتقبلوها حفزني لفعلها أسبابُ ... لمثلها اللبيب لا يرتابُ فاولاً رأيتني في النومِ ... جالسةً مع كرام القوم أنتَ وأحمدُ الإمامُ الأورعُ ... وشيخُ الإسلامِ فنعمَ المجمعُ فَقَّدمَ الإمامُ في البدايةْ ... لك التي سميتها البدايةْ (1) فبادر الشيخُ ابن تيمية لكْ ... فسبقَ الإمامَ ثُم نحلكْ حاشيتي هذي على القواعد ... ثُمَتَ ناداني منادٍ صاعد يقول هذي رفعةٌ في العاجلِ ... لك وايضاً رفعةٌ في الآجلِ وثانياً كونُ الكتابِ متناً ... يحتاجُ للشرحِ فيجلو المعنى كما ذكرتَ ذاك لي في الهاتفِ ... وهو جلىٌ للنبيهِ العارفِ وثالثاً إني أحبك كما ... أحبُ جهدَك الذي قد عظما   (1) كتاب في فقه الإمام أحمد بن حنبل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 13 فاقبلْ هديتي وقَوِّم الخَطَأ ... مني وادعُ لي بتثبيتِ الخُطا هذا وإني كنتُ في الأساسِ ... أخشى مُخالطةَ كلِّ الناسِ وأرغبُ العزلةَ عنهم قاطعهْ ... والانشغالِ بالعلومِ النافعهْ وإنني أحزنني من استخفْ ... بالعلمِ أو بأهلهِ أولي الشرفْ ولا يفي بقدرهم وأشفقُ ... عليه إذ تفكيرهُ ممزقُ ولو درى فضلَ العلوم قطعا ... لكان سباقاً إليها يسعى وكنت أعجبُ من الذي يرى ... هذا الطريقَ للنساءِ أوعرا ولا كفاءة لديهنَّ على ... طَلَبهِ ونحوِ ذلك ألا يذكرُ ما عليه نسوةُ السلفْ ... من التقاةِ والعلومِ والشرفْ لِكنَّه دفعني لطلبهْ ... والاختلاطِ بالذي يهتم بِهْ وحمله ودعوة الناس إلى ... تعليمه ونشره بين الملا نصيحةٌ منكَ أتت مباركهْ ... وإنني لستُ لها بتاركه ثانياً: الأسماء الحسنى يا اللهُ يا رحمنُ يا رحيمُ ... أنتَ الحليمُ العالمُ العليمُ أنتَ الحفيظُ الحافظُ الأعلىَ العليْ ... أنت المليكُ الملكُ المولىَ الوليْ الأكرمُ الكريمُ والرزاقُ ... والبارئُ الخالقُ والخلاقُ القادرُ المقتدر القدير ... المؤمن السميع والبصير ياحي يا قيوم يا وهاب ... يا بر يا لطيف يا تواب أنتَ العفو الشاكر الشكور ... الطيب الغفار والغفور أنتَ المتين القاهر القهار ... أنت الكبير الواسع الجبار والمتكبر السلام والحميدْ ... والمتعالي والمحيط والشهيدْ والحكم الحكيم والحسيب ... والحق والمقيت والرقيب والأحد القدوس والخبير ... والواحد السبوح والنصير والأول العظيم والقوي ... والآخر المبين والغني والظاهر الإله والحفي ... والباطن الودود والحيي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 14 والباسط المنان والمصور ... والقابض المقدم المؤخر والوارث الفتاح والمهيمن ... أنتَ العزيز والمجيد المحسن والشافيْ والرفيق والوكيل ... والمعطي والجواد والجميل أنتَ القريب والمجيب الصمد ... والوتر والرب الرؤف السيد ندعوكَ رَبِّ بالاساميّ الحسنىَ ... وما حوتَه من جمالِ المعنى لتُعْطِيَنِّا اكملَ المرَامِ ... ولْتَمْحُ عَنّا جُملةَ الآثامِ وَرَقِناَ في درجاتِ الخيرِ ... وَجَنِبَنَّا دركاتِ الضيرِ ثالثاً: قواعد الأسماء الحمْدُ لله العليِّ الحيِّ ... ثم صلاتُه على النبيِّ وبعدُ ذي قواعدُ الأسماءِ ... نظمتُها في ذائه (1) الانشاءِ القاعدة الأولى اسماؤه حسنى لأنْ تضمنتْ ... صفاتِه التي علَتْ وكُملَتْ لا نقصَ فيها يخرمُ الكمالا ... لله تقديرا او احتمالا القاعدة الثانية وهي أعلامٌ على اعتبار أنْ ... دلت على الذاتِ وأوصافٌ تعن له على اعتبار ما تدلُّ ... عليه من معنى لها يجل وباعتبار الأُلِّ (2) قد تَرادَفتْ ... وباعتبار الثاني قد تَخالَفتْ القاعدة الثالثة واسمٌ على وصفٍ تعدى دلا ... مشتملٌ على أمورٍ تُجْلى ثُبوتُه مَع ثُبوتِ الصفةِ ... مَعَ ثُبوتِ حُكْمها في الشرعةِ وإنْ على وصَفٍ لزومّيٍ يَدُلْ ... فهو على غير الأخير مُشتَمِلْ   (1) لغة في اسم الإشارة كما في شرح الأشموني المطبوع مع حاشية الصبان (1/138) (2) ... الأل بضم الهمزة وتشديد اللام بمعنى الأول كما في القاموس مادة أل ل ص1243 ط الرسالة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 15 القاعدة الرابعة دلالة الاسما على ذاتِ الغني ... أو صِفَتِهْ تكون بالتضمنِ وبالتطابقِ والالتزامِ ... واضحةً في سائرِ الاسامي القاعدة الخامسة أسماؤُهُ موقوفةٌ للنقْلِ ... فلا مجالَ كائنٌ للعقلِ القاعدة السادسة اسماؤُهُ سبحانَه لم تكنِ ... محصورةً بعددٍ معينِ القاعدة السابعة الالحادُ في الاسماء ميلٌ عما ... يجبُ وهو للحرام يُنمى وهُو أنواعٌ قد ابتدَعَها ... طوائفُ الزيغِ ومن تَبِعَها القاعدة الثامنة الاسما إذا من صفةٍ واحدةِ ... تَشتقُّ كالعلو أو كالقدرةِ فلا تعد كُلَّها اسماً واحداً ... بل كُلُّ صيغةِ سماً متحِداً القاعدة التاسعة مقترنُ الاسماء ما ليس يَصِحْ ... اطلاقُهُ دونَ القرِينِ المتِّضحْ القاعدة العاشرة يجوز الاخبار عن الله بكل ... مالا انتقاص فيه كالقديم جل القاعدة الحادية عشرة أسماؤُه قديمةً كذاتِه ... سبحانَه لا بعضُ مخلوقاتهِ القاعدة الثانية عشرة وبعضُها دُلَّ على أكثر من ... وصفٍ مثالُه الحكيُم فافهمن القاعدة الثالثة عشرة اسماؤُه مختصةٌ به ولا ... يعني اتفاقٌ في السُما تماثُلا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 16 مسمياتِ تلكْمُ الاسماءِ ... وذاك أيضاً في الصفاتِ جاءِ رابعاً: قواعد الصفات وهذه قواعدُ الصفاتِ ... نظمتُها في هذه الأبياتِ القاعدة الأولى صفاتُه في غايةِ الكمالِ ... لا نقصَ فيها أبداً بحالِ القاعدة الثانية بابُ صفاتهِ تعالى أوسعُ ... من باب الأسماء فلا تبتدعوا القاعدة الثالثة وهْيَ ثبوتيِّةٌ أو سلبيهْ ... أما ثبوتُيتُها العليهْ فهي صفات للكمال كُلاّ ... لا نقص فيها فتعالى جَلاّ أما التي للسلبِ منها تُسندُ ... فهْي صفاتٌ قد نفاها الصمدُ القاعدة الرابعة أما صفاتُه الثبوتية جَلّْ ... فهي على الكمال والمدح تَدُلّْ فكلما كثرت أو تنوعت ... دلالةٌ لها ومهما اتسعت ظهر من كمال من بها وُصِفْ ... ما هو أكثرُ من الذي عُرِفْ القاعدة الخامسة وَهِيَ ذاتّيةٌ أو فعليّةْ ... أما صفاتُ رَبِّنا الذاتيّهْ فلم يزل له بها اتصافُ ... والخبريّة لها تنضافُ أما التي بالفعل منها تَلحَقُ ... فبالمشيئة لها تَعلُّقُ القاعدة السادسة يلزم في اثباتنا كُلَّ صفةْ ... أن نَتَطّهرَ طُهَورَ المعرفةْ عن حومة التكييفِ والتمثيلِ ... كما تخَلَّينا عن التعطيلِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 17 القاعدة السابعة صفاتُه موقوفةٌ للنقلِ ... فلا مجالَ كائنٌ للعقلِ خامساً: قواعد أدلة الأسما والصفات: وذي قواعدُ في الاستدلالِ ... على اسامي وصفاتِ الوالي القاعدة الأولى طريقةُ استدلالِ سائرِ السلفْ ... عليهما الوحيُ فقَطْ فلا تَحِفْ القاعدة الثانية يُجرى نصوصُ الوحيِ بالظواهرِ ... إلا لصارفٍ سديدٍ ظاهرِ بدون تحريفٍ ولا إلحادِ ... أحرى نصوص في صفات الهادي القاعدة الثالثة ظواهرُ النصوصِ في الصفاتِ ... هي لنا معلومةٌ المعناةِ مجهولةٌ كيفاً وجاء ذلكْ ... عن جِلَّةٍ أئمةٍ كمالكْ القاعدة الرابعة ظاهرُ نصِ هو ما يبتدرُ ... للذهنِ منه من معانٍ تُذكرُ مختلفٌ بِحَسَبِ السياقِ ... وحَسَبِ الكلامِ في المساقِ خاتمة: أوصيكمُ بحفظِ ذى الأسماءِ ... وبالدعا بها والالتجاءِ فانه فيها اسمُه العظيمُ ... وفضلُه لكلنا معلومُ وأن تحيطوا هذه القواعدْ ... حفظاً وفهماً فبها فوائد ستجدونها تساعد الخلف ... أن يفهموا الوحي كفهمه السلف الجزء: 1 ¦ الصفحة: 18 مقدمة الشارحة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 20 المقدمة بسم الله الرحمن الرحيم إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون} {يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً} [يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً} الحمد لله الذي جعل في كل زمان فترة من الرسل بقايا من أهل العلم، يدعون من ضل إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، يحيون بكتاب الله الموتى، ويبصرون بكتاب الله أهل العمى، فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه وكم من تائه ضال قد هدوه فما أحسن أثرهم على الناس، وما أقبح أثر الناس عليهم، ينفون عن كتاب الله تحريف الغالين، وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين. أما بعد،،،، فلا شك أن مسألة الأسماء والصفات تعد من أجل وأعظم ما تكلم فيه من أصول الاعتقاد، وقد اختلفت فيها المقالات فمنهم من قال بالنفي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 21 المحض، ومنهم من أقر بأسماء الله في الجملة، ونفى الصفات، ومنهم من أقر بالأسماء والصفات لكنه رد طائفة منها وتأولها وصرفها عن ظاهرها ومنهم من ذهب إلي وجوب الإيمان بكل ما ورد في كتاب الله، وصحيح السنة من الأسماء والصفات وإجرائها على ظواهرها ونفي التكييف والتشبيه عنها، وأصحاب هذا القول هم الذين يلقبون بالسلف وأهل السنة وقد اختار المؤلف حفظه الله مقالة هؤلاء، وارتضاها، وأيدها بالنقول الضافية عن الأئمة الذين لهم قدم راسخة في هذا الباب ممن هو مشهود له بالاستقامة والسداد، وجودة الفهم، وحسن الاستنباط (1) . أهمية العلم بالأسماء والصفات (2) إن دراسة وفهم أسماء الله عز وجل وصفاته لها أهمية كبرى في حياة المسلمين للأسباب التالية: 1 - ما ذكره المؤلف في مقدمة كتابه من أن أسماء الله وصفاته أحد أركان التوحيد، والتوحيد هو الأمر الأعظم الذي جاءت به الرسل 2 - أن العلم يشرف بشرف المعلوم فإذا كان هناك علوم مختلفة منها ما يتعلق بالبحار أو طبقات الأرض أو الحيوانات أو النجوم أو الإنسان أو غير ذلك فلا شك أن أفضل العلوم على الإطلاق ما يعرفنا على ربنا عز وجل ولهذا يقول ابن العربي في أحكام القرآن (2/804) : شرف العلم بشرف المعلوم والباري أشرف المعلومات، فالعلم بأسمائه أشرف العلوم ا. هـ 3 - إن العلم بأسماء الله وصفاته والفقه لمعناها والعمل بمقتضاها وسؤال الله بها يوجد في قلوب العابدين تعظيم الباري، وتقديسه ومحبته، ورجاءه وخوفه والتوكل عليه والإنابة إليه بحيث يصبح الباري في   (1) مقدمة أقاويل الثقات لشعيب الأرناؤوط ص5 بتصرف. (2) هذا المبحث مأخوذ من: الأسماء والصفات للأشقر ص 26، مفتاح دار السعادة لابن القيم (1/291) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 22 قلوبهم المثل الأعلى الذي لا شريك له في ذاته ولا في صفاته وليس لأحد مثل هذه المكانة التي في قلوبهم وبذلك يحقق العبد التوحيد القلبي، وتتحقق العبودية لله، وتخضع القلوب لجلاله وتسكن النفوس لعظمته 4 - عظم ثواب من أحصى أسماء الله: فقد ثبت في الصحيحين أن لله تسعة وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة وسيأتي الخلاف في معنى الإحصاء وأن الذي اختاره الأكثرون هو أن الإحصاء حفظ هذه الأسماء وسيأتي أن للمؤلف رأياً آخر في المسألة. فحري بمن يعلم هذا الأجر العظيم لإحصاء أسماء الله أن يجعل ذلك من أجل المهام في حياته. فلهذه الأسباب أحببت أن أهتم في هذا الباب وأعين إخواني وأخواتي عليه وكنت قد درست كتاب القواعد المثلى للشيخ ابن عثيمين ووجدته قد احتوى على قواعد في الأسماء والصفات ورد شبه أهل التعطيل وامتاز بجودة الترتيب، وحسن العرض، وسهولة العبارة في الجملة إلا أنه بحاجة إلى شرح يحل المغلق ويوضح الخفي ويبين المصطلحات الموجودة فاستعنت بالله أن أقوم بهذه المهمة وقد سلكت في ذلك المنهج الآتي: (1) ... تخريج الآيات القرآنية مع الرجوع إلى ما كتبه المفسرون في شرح الآية وإيضاح موطن الشاهد منها غالباً. (2) ... تخريج الأحاديث والآثار الواردة في الكتاب وبيان درجتها من حيث القبول والرد مستعينةً في ذلك بما كتبه المحدثون. وقد يتطلب الأمر بيان حال بعض رجال الإسناد فأرجع إلى ما كتبه علماء الجرح والتعديل. (3) ... إذا كان الحديث في الصحيحين أو أحدهما لم أنسبه لغيرهما إلا لفائدة وهذا هو صنيع المحدثين فقد جرى عليه الحافظ الدمياطي ت سنة 705هـ في كتابه المتجر الراح ص6 والعراقي ت 806هـ في تخريج الجزء: 1 ¦ الصفحة: 23 أحاديث إحياء علوم الدين (1/2) والمناوي في كتابه الفتح السماوي بتخريج أحاديث البيضاوي (1/69) حيث نقل عنه ابنه أنه قال: القاعدة عند المحدثين إذا كان الحديث في أحد الصحيحين لا يعز لغيرهما. (4) ... استشهد المؤلف ببيتين من الشعر في القاعدة الثالثة من قواعد الصفات وحققتهما بفوائد جمة نقلاً عما كتبه الأدباء وشراح الحماسة. وأما الأبيات الأخرى فقد ذكر بيتاً عن الصفات التي يثبتها الأشاعرة، وأبياتاً من نونية ابن القيم وهذه جملة أشعار الكتاب. (5) ... استفدت من التنسيق والعناوين التي وضعها الشيخ أشرف بن عبد المقصود في تحقيقه للكتاب. 6 - ... شرحت العبارات والمسائل والمصطلحات التي ذكرها المؤلف في كتابه واتبعت في ذلك الطريقة التالية أ - إذا كانت العبارة تحتاج إلى شرح يسير فإني أكتفي بذلك في الحاشية غالباً ما دام أنه يحقق المقصود. ب - إذا كانت العبارة تحتاج إلى بسط وإيضاح وذكر الخلاف فإني جعلت بعد كل قاعدة ملحقاً أذكر فيه هذه المسائل بتوسع ومن ذلك تحقيق بعض الأحاديث التي تحتاج إلى بسط فإني جعلتها في الملحق. وهذه طريقة مفيدة حتى لا يمل القاريء من كثرة الحواشي والاستطراد الذي يكون سبباً في شرود الذهن وقد سلك الدكتور عباس حسن في كتابه النحو الوافي منهجاً مقارباً لهذا. 6 - ... رجعت في حاشيتي هذه على القواعد إلى أمات (1) المصادر وسيجد القاريء جملة وافرة من ذلك وهي متنوعة في علوم شتى تشمل ما كتبه المفسرون والمحدثون واللغويون والأصولويون والنحويون والمناطقة   (1) ويقال أمهات لبنات آدم وأما غيرهن فيقال أمات ومن ذلك قول علي: عد عليهم الصغار والكبار فلو ماتت الأمات فنتجت سخلة انقطع ا. هـ انظر الروض المربع مع حاشية ابن قاسم (3/172) ، وفي المسألة خلاف مشهور. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 24 وعلماء الجرح والتعديل وما كتبه أهل السير وأما ما كتبه أهل العقائد فإني لم أقتصر على كتب أهل السنة بل استقيت من كتب المتكلمين من الأشعرية والماتريدية والمعتزلة لسببين: أ - أنه ليس كل ما كتبه هؤلاء يكون خطأ بل فيه ما هو صواب وبخاصة في حجج الأشعرية ضد المعتزلة والحكمة ضالة المؤمن ب - ان كثيراً من الذين أشربوا في قلوبهم حب الرجال إذا أتيت له بكل دليل ما تبع قبلتك حتى تأتي له بما عليه علماء مذهبه وأساطين مشربه ولهذا قال الشيخ ابن عثيمين في تلخيص حموية شيخ الإسلام ص 98 وقد نقل المؤلف رحمه الله في هذه الفتوى كثيراً من كلام من تكلم في هذا الباب من المتكلمين قال: وإن كنا مستغنين بالكتاب والسنة وآثار السلف عن كل كلام ولكن كثيراً من الناس قد صار منتسباً إلى بعض طوائف المتكلمين ومحسناً للظن بهم دون غيرهم ومتوهماً أنهم حققوا في هذا الباب ما لم يحققه غيرهم فلو أتى بكل آية ما تبعها حتى يؤتي بشيء من كلامهم ثم قال: وليس كل من ذكرنا قوله من المتكلمين وغيرهم نقول بجميع ما يقوله في هذا وغيره ولكن الحق يقبل من كل من تكلم به حتى ولو كان كافراً ا. هـ فبين رحمه الله أن الغرض من نقله بيان الحق من أي إنسان وإقامة الحجة على هؤلاء من كلام أئمتهم والله أعلم ا. هـ. 8 - القواعد التي أتي بها المؤلف ذكرها شيخ الإسلام ابن تيمية في مواطن من كتبه كالتدمرية والحموية وغيرهما، وذكرها ابن القيم في بدائع الفوائد وفي الصواعق المرسلة ونقلها الشيخ عبد العزيز الرشيد في التنبيهات السنية على الواسطية ص 21 والشيخ زيد بن فياض في مواطن متفرقة من الروضة الندية على شرح الواسطية. وكذلك الشيخ عبد العزيز السلمان في الأسئلة على الواسطية وفي كتابه الكواشف الجلية ص423. وأسأل الله أن ينفع بهذه الحاشية كما نفع بأصلها وأن يجعل عملي خالصا لوجهه إنه سميع قريب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 25 بسم الله الرحمن الرحيم مقدمة المؤلف الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليماً. وبعد: فإن الإيمان بأسماء الله وصفاته أحد أركان الإيمان بالله تعالى وهي: الإيمان بوجود الله تعالى (1) والإيمان بربوبيته والإيمان بألوهيته، والإيمان بأسمائه وصفاته. منزلة العلم بأسماء الله وصفاته من الدين: وتوحيد الله به أحد أقسام التوحيد الثلاثة: توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية، وتوحيد الأسماء والصفات (2) فمنزلته في الدين عالية وأهميته عظيمة ولا يمكن أحداً (3) أن يعبد الله   (1) أدلة وجود الله أكثر من أن تحصر ولأهل السنة والجماعة طريقة تخالف طريقة المتكلمين في إثبات وجود الله عز وجل انظر منهج أهل السنة ومنهج الأشاعرة في التوحيد لخالد نور وموقف ابن تيمية من الأشاعرة د. عبد الرحمن المحمود (2) أنواع التوحيد سنذكرها في الملحق. (3) مفعول به منصوب ليمكن، والفاعل هو المصدر المؤول من أن وما دخلت عليه 0 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 27 على الوجه الأكمل (1) حتى يكون على علم بأسماء الله تعالى وصفاته ليعبده على بصيرة قال الله تعالى: (ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها) ... [الأعراف: 180] وهذا يشمل دعاء المسألة ودعاء العبادة (2) . - فدعاء المسألة: أن تقدم بين يدي مطلوبك من أسماء الله تعالى ما يكون مناسباً مثل أن تقول: "يا غفور اغفر لي ويا رحيم ارحمني ويا حفيظ احفظني " ونحو ذلك (3)   (1) لم يقل المؤلف على الوجه الواجب وإنما قال على الوجه الأكمل لأن الواجب هو عبادة الله إلا أن الأكمل هو أن يكون على علم بالأسماء والصفات. (2) ذهب كثير من المفسرين إلى أن المراد من الآية هو أن يسمى الله في الدعاء أي دعاء المسألة في تعريف المؤلف إلا أن المحققين على أن الدعاء نوعان: دعاء مسألة ودعاء عبادة وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم واختاره السعدي في تفسيره (2/174) وقد درج المؤلف على هذا التقسيم وسيأتي تفصيل الكلام على هذه المسألة في الملحق وقد استدل الألوسي على أن المراد هو التسمية قولنا: دعوته زيداً أو بزيد أي سميته انظر تفسير الآلوسي (9/121) ، حاشية الجمل على الجلالين (3/146) وتفسير الشربيني (1/539) ، وحاشية محي الدين زاده (2/286) وحاشية الشهاب على البيضاوي (4/408) (3) قوله يقدم من الأسماء ما يكون مناسباً أي ما يليق به كالأمثلة التى ضربها المؤلف، وكقولنا: يا هادي اهدني أو يا تواب تب على وغير ذلك، لكن لو خالف وقال: اللهم اغفر لي إنك أنت المنتقم واعطني فأنت الضار المانع فإنه لم يرتكب محرماً في الدعاء إلا أنه لم يتبع الأكمل كما هو ظاهر كلام ابن العربي (2/816) أما الإلحاد في الأسماء فإنه هو المحرم كما سيأتي وقال القاسمي في تفسيره (7/38) في قوله تعالى (فادعوه بها) المعنى سموه بها، وفي ذلك أمر بدعائه بالأسماء الحسنى وهو أمر ندب إذا حمل على التلاوة بالتسعة والتسعين وحث على ذلك في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم وإن أريد التسمية بما فيه مدح دون ما فيه إلحاد فذلك للوجوب وقد نبه ابن العربي إلى أن بعض أسمائه عامة تصلح لأن يدعى بها في كل موضع وفي كل الأمور مثل: الله، والرب وقد تبعه على ذلك القرطبي (7/327) وانظر الأسماء والصفات للأشقر ص 34، وسيأتي تفصيل الأسماء في القاعدة السابعة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 28 - ودعاء العبادة: أن تتعبد الله تعالى بمقتضى هذه الأسماء فتقوم بالتوبة إليه لأنه التواب وتذكره بلسانك لأنه السميع وتتعبد له بجوارحك لأنه البصير وتخشاه في السر لأنه اللطيف الخبير وهكذا (1) سبب تأليف هذا الكتاب: ومن أجل منزلته هذه، ومن أجل كلام الناس فيه بالحق تارة وبالباطل الناشيء عن الجهل أو التعصب تارة أخرى (2) أحببت أن أكتب فيه ما تيسر من القواعد (3) راجياً من الله تعالى أن يجعل عملي خالصاً لوجهه موافقاً لمرضاته نافعاً لعباده.   (1) قد فصلنا المسألة وبينا معنى الدعاء لغة واصطلاحاً والفرق بين دعاء المسألة ودعاء العبادة وأيهما أفضل في الملحق (2) ... في هذه العبارة ذكر المؤلف سبب تأليف الكتاب وهو أمران: الأول: للمنزلة العظيمة على اعتبار أنه السبب في عبادة الله على الوجه الأكمل إذ أن الإنسان لا يدعو ربه إلا بالأسماء الحسنى وهذه الدعوة لا تتأتى إلا إذا عرف معاني تلك الأسماء. الثاني: لكلام الناس في الأسماء والصفات وكلامهم قسمان: (أ) كلام حق (ب) كلام باطل وهو ناشيء عن أمرين: الأول: الجهل الثاني: التعصب وبعد أن كتب المؤلف هذه القواعد وأقام الأدلة عليها فإنه جدير بمن كان جاهلاً أن يتعلم، وبمن كان متعصباً أن يرجع إلى هداه وكل ذلك توفيق من الله ملاحظة: من الذين تكلموا بالباطل في هذا الباب هشام البدراني في كتابه الحكم الشرعي في بحث أسماء الله وصفاته المطبوع 1419هـ وزعم في ص 5 من كتابه أن الشيخ ابن عثيمين أتى في كتابه شرح الواسطية بغرائب وعجائب يحار به النبيه وأنه لا يستحق الرد لأنه رأى لا يعتد به، وفي ص 178 حرم شرح أسماء الله وصفاته أو التعليق عليها وفي ص 193 وص 194 حكم بالكفر على من يثبت لله الوجه واليد والعين والرجل والإصبع. ورأيه هذا هو الذي لا يستحق أن يرد عليه لأنه لا يعتد به لمخالفته معتقد أهل السنة. (3) القواعد جمع قاعدة وهي في اللغة: الأساس فقاعدة كل شيء هي أساسه ومن ذلك قواعد البيت أي أسسه وهي في الأمور الحسية إلا أنها استعملت في الأمور المعنوية ومن ذلك قواعد العلوم = انظر الصحاح (2/525) ومعجم مقاييس اللغة لابن فارس (5/108) وأما القاعدة اصطلاحاً فقد ذكرها علماء الأشباه والنظائر واختلفوا هل هي كلية أو أغلبية على جزئياتها إلا أن القاعدة النحوية والأصولية قاعدة كلية كالفاعل مرفوع، والأمر إذا تجرد عن القرائن أفاد الوجوب والقواعد التي أتى بها المؤلف في الأسماء والصفات لا شك إنها قواعد كلية ويكون معناها (حكم كلي ينطبق على جزئيات كثيرة) وهذا واضح من خلال دراسة القواعد. وهنا يرد سؤال وهو لماذا لم يقل المؤلف: الضوابط بدلاً من القواعد مع أن كلاً منهما شمل جزئيات كثيرة؟ والجواب هو أحد أمرين: الأول: إما أن القاعدة تستخدم بمعنى الضابط والضابط بمعنى القاعدة وهو ظاهر كلام تاج الدين ابن السبكي في الأشباه (1/11) الثاني: أو أن القاعدة تجمع فروعاً في أبواب شتى كالأمور بمقاصدها وأما الضابط فهو يشمل فروعاً في باب. ولا شك أن القواعد في الأسماء والصفات كلية كما ذكر ولهذا ناسب التعبير بها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 29 ملحق المقدمة ذكرنا في الحاشية على مقدمة المؤلف أننا سنتكلم في الملحق على أمرين: 1 - أنواع التوحيد. 2 - دعاء المسألة ودعاء العبادة ، والفرق بينهما، وأيهما أفضل أولاً: أنواع التوحيد ينقسم التوحيد إلى ثلاثة أقسام: 1 - توحيد " الربوبية " 2 - توحيد " الألوهية " 3 - توحيد الأسماء والصفات (1) توحيد الربوبية ومعناه اعتقاد أنه تعالى رب السموات والأرض وخالق من فيهما وما فيهما ومالك الأمر في هذا العالم كله لا شريك له في ملكه ولا معقب عليه في حكمه وهو وحده رب كل شيء ورازق كل حي ومدبر كل أمر وهو وحده الخافض الرافع، المعطي المانع، الضار النافع، المعز المذل، وكل من سواه وما سواه لا يملك لنفسه ولا لغيره نفعاً ولا ضراً إلا بإذن الله ومشيئته. وهذا القسم من التوحيد لم يجحده إلا الماديون الملحدون الذين ينكرون وجود الله تعالى كالدهريين قديماً والشيوعيين في عصرنا ومثل الماديين " الثنوية " الذين يعتقدون أن للعالم إلهين إلهاً للنور وإلهاً للظلمة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 31 أما معظم المشركين كالعرب في الجاهلية فكانوا يعترفون بهذا النوع من التوحيد ولا ينكرونه كما حكى عنهم القرآن. "ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض وسخر الشمس والقمر؟ ليقولن: الله ولئن سألتهم من نزل من السماء ماء فأحيا به الأرض من بعد موتها، ليقولن: الله " قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون سيقولون لله، قل أفلا تذكرون؟ قل من رب السموات السبع ورب العرش العظيم؟ سيقولون لله، قل أفلا تتقون؟ قل من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون؟ سيقولون لله، قل فأنى تسحرون؟ " فهذه أجوبة المشركين تدل على أنهم يقرون بربوبية الله تعالى للكون وتدبيره لأمره وكان مقتضى إيمانهم بربوبيته تعالى للكون أن يعبدوه وحده ولا يشركوا بعبادة ربهم أحداً ولكنهم أنكروا القسم الآخر من التوحيد هذا وهو توحيد الإلهية أو الألوهية. 2 - ... توحيد الألوهية ومعنى توحيد الألوهية إفراد الله تعالى بالعبادة والخضوع والطاعة المطلقة فلا يعبد إلا الله وحده ولا يشرك به شيء في الأرض أو في السماء ولا يتحقق التوحيد ما لم ينضم توحيد الألوهية إلى توحيد الربوبية فإن هذا وحده لا يكفي فالعرب المشركون كانوا يقرون به ومع هذا لم يدخلهم في الإسلام لأنهم أشركوا بالله ما لم ينزل به سلطاناً واتخذوا مع الله آلهة أخرى زعموا أنها تقربهم إلى الله زلفى أو تشفع لهم عند الله. والنصارى لم ينكروا أن الله رب السموات والأرض ولكنهم أشركوا به المسيح عيسى واتخذوه إلهاً من دون الله واعتبر القرآن هؤلاء وأولئك كفاراً تحرم عليهم الجنة ويخلدون في النار. ومنذ أقدم العصور ضل الناس عن هذا التوحيد فعبدوا من دون الله آلهة شتى عبد قوم نوح ودا وسواع ويغوث ويعوق ونسرا ... وعبد قوم إبراهيم الأصنام ... ....... وعبد قدماء المصريين العجل ......... ... وعبد الهندوس الجزء: 1 ¦ الصفحة: 32 البقر ... . وعبد أهل سبأ الشمس.. وعبد الصابئون الكواكب..وعبد المجوس النار.. وعبد العرب الأوثان والحجارة.. وعبد النصارى المسيح وأمه.. وعبدوا الأحبار والرهبان من دون الله فهؤلاء كلهم مشركون لأنهم لم يفردوا الله تعالى بالعبادة التي لا تستحق لأحد غيره وأما تفصيل أنواع العبادة فيمكن الرجوع إلى كتاب التوحيد للإمام محمد بن عبد الوهاب وما ذكره الشراح. (3) ... توحيد الأسماء والصفات ومعنى هذا القسم من التوحيد إفراد الله تعالى بأحسن الأسماء وأكمل الصفات التي لا تنبغي لأحد غيره. فكل ما وصف الله تعالى به نفسه أو وصفه به رسوله الكريم من الأسماء الحسنى والصفات العليا، نثبته لله تعالى بلا تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل فهو سبحانه في صفاته وأسمائه كما هو في ذاته تعالى ليس له ند ولا شريك ولا شبيه: (قل هو الله أحد * الله الصمد * لم يلد ولم يولد * ولم يكن له كفواً أحد *) (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) الفرق بين توحيد الربوبية والألوهية توحيد الربوبية توحيد الألوهية 1 - هو اعتقاد أن خالق الكون ... ومدبره واحد هو الله تعالى 1 - هو إفراد الخالق بالعبادة والطاعة والرغبة والرهبة ... الخ 2 - هو اعتقاد قلبي فقط 2 - اعتقاد وعمل وتوجه وسلوك وانقياد تابع لما استقر في القلب 3 - هو يقتضي توحيد الألوهية لأنه كالسبب له والبرهان عليه 3 - هو لازم لتوحيد الربوبية ونتيجة حتمية له فما يستحق أن يعبد أو يطاع إلا خالق الكون ومدبره 4 - جلي مستقر في النظر يقر به أكثر الناس من ثم اعتمد عليه الرسل في دعوتهم لتوحيد الألوهية الجزء: 1 ¦ الصفحة: 33 4 - دقيق ضل عنه كثير من الناس ومن ثم كانت عناية الرسل به كان أول ما دعوا الناس إليه 5 - الإقرار به لا يدخل في الإسلام إلا إذا اقترن بتوحيد الألوهية فقد اقر به المشركون ولم يدخلهم في الإسلام لما جحدوا توحيد الألوهية وعبدوا غير الله 5 - لب الإسلام وتحرير الفرد من كل عبودية لغير الله وتقرير المساواة بين الناس وسبب السيادة في الدنيا والنجاة في الآخرة (1) (2) دعاء المسألة ودعاء العبادة تكلم الشيخ ابن عثيمين حفظه الله في مقدمة كتابه عن الفرق بين دعاء المسألة ودعاء العبادة، وزيادة في الإيضاح أقول: الدعاء لغة يطلق على معان منها: 1 - الطلب والسؤال (2) 2 - العبادة: وممن صرح بهذا المعنى أبو إسحاق الزجاج.   (1) كتاب التوحيد المقرر على المعهد الديني في قطر. (2) المخصص لابن سيده (13/88) نزهة الأعين النواظر لابن الجوزي ص 294 الوجوه والنظائر للدامغاني، تحقيق محمد الزفيني (1/335) والكليات لأبي البقاء الكفوي ص 446 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 34 (ت سنة 311هـ) فإنه قال في قوله تعالى (أجيب دعوة الداع إذا دعان) [البقرة: 186] (الدعاء لله عز وجل على ثلاثة أضرب، فضرب منها توحيده والثناء عليه، كقولك، يا الله لا إله إلا أنت، وقولك: ربنا لك الحمد (1) وصرح به الدامغاني ت سنة 478هـ حيث قال: إن من معاني الدعاء العبادة ومنه قوله تعالى (قل أندعوا من دون الله ما لا ينفعنا ولا يضرنا) يعني: انعبد (2) وصرح به ابن الجوزي ت سنة 597 حيث قال إن من معاني الدعاء هو العبادة (3) وصرح به السمين الحلبي ت سنة 756هـ (4) ، والفيروز آبادى ت سنة 817هـ (5) وللدعاء معان أخرى ذكرها أهل اللغة وأصحاب الوجوه والنظائر (6) الدعاء باعتبار معناه: اختلفت عبارة العلماء في تقسيم الدعاء باعتبار معناه إلا أنه ليس بينهما اختلاف كبير وتباين، وأدق من قسمه هو شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وهو أن الدعاء قسمان: 1 - دعاء مسألة وطلب 2 - دعاء عبادة وثناء (7)   (1) معاني القرآن للزجاج (1/255) وانظر الدعاء للعروسي (1/108) . (2) الوجوه والنظائر (1/335) (3) نزهة الأعين النواظر لابن الجوزي ص 293 (4) عمدة الحفاظ (2/11) (5) ... بصائر ذوي التمييز (2/601) (6) ... انظر المراجع السابقة (7) ... الفتاوى (1/237) ، وبدائع الفوائد (3/2) ويلاحظ أن البعض قسم الدعاء إلى دعاء عبادة، ودعاء عادة وهذا التقسيم لرشيد رضا ... كما ذكره في تعليقه على كتاب صيانة الإنسان عن وسوسة زينى دحلان ص435 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 35 أولاً: دعاء المسألة: عرفنا حقيقة الدعاء في اللغة وأنها تطلق على المسألة والطلب كطلب ما ينفع الداعي، وطلب ما يكشف الضر ويرفعه أما دعاء المسألة بالنسبة للأسماء الحسنى فهو: سؤال الله في كل مطلوب بما يناسب ذلك المطلوب، والتوسل إلى الله بالأسماء في الدعاء فيقول الداعي: اللهم اغفر لي وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم، وتب على يا تواب، وارزقني يا رزاق ونحو ذلك (1) ثانياً دعاء العبادة: عرفنا أن من معاني الدعاء في اللغة هو العبادة، وأما دعاء العبادة بالنسبة للأسماء الحسنى فهو التعبد لله سبحانه وتعالى، والثناء عليه بأسمائه الحسنى، فكل اسم يتعبد به بما يقتضيه ذلك الاسم، فيقوم بالتوبة إليه لأن من أسماء الله التواب، وتخشاه في السر لأن من أسمائه اللطيف الخبير وهكذا (2) سؤال: لقد ورد في القرآن آيات كثيرة فيها لفظ الدعاء فكيف نفرق بين دعاء المسألة والعبادة منها أو ما هو الضابط في معرفة دعاء المسألة ودعاء العبادة؟ قبل أن نذكر الضابط أحب أن أبين أن تقسيم الدعاء إلى نوعين لا يعنى أنهما متضادان بحيث أنه لا يدل إلا على النوع الذي أريد به، بل معناه أنه في تلك الحالة دلالته على أحد النوعين أظهر، ويدل على النوع الآخر إما بدلالة الالتزام، أو بدلالة التضمن، وعلى النوع الذي فيه أظهر بدلالة المطابقة (3)   (1) أسماء الله لعبد الله الغصن ص 127، وتفسير الآلوسي (9/121) وحاشية الجمل على الجلالين (3/182) (2) أسماء الله للغصن ص 127 ومقدمة كتاب المؤلف (3) دلالة المطابقة والتضمن والالتزام سنذكرها في مبحث خاص لأن المؤلف قد ذكرها في الكتاب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 36 فإذا أريد بالدعاء دعاء المسألة والطلب فإنه يدل على دعاء العبادة بطريق التضمن لأن الداعي دعاء المسألة عابد لله تعالى بسؤاله والتضرع إليه وأما إذا أريد بالدعاء دعاء العبادة فإنه يدل على دعاء المسألة بطريق دلالة الالتزام لأن العابد لله كالذي يذكر الله مثلاً هو في الحقيقة سائل. وإن كان لا يأتي بلفظ السؤال كالذي يطوف على بعض الأبواب والأسواق ليدعو الناس يكون سائلاً وإن حذف لفظ السؤال. وبهذا يتبين أن نوعي الدعاء متلازمان ويندفع بهذا التقرير ما يردده بعض المخالفين من أن الآيات الواردة في التحذير من دعاء غير الله - المراد بها دعاء العبادة فقط وليس المراد بها السؤال والطلب فلا يدخل فيها طلب الشفاعة من الأموات والتوسل بهم بل ولا دعاؤهم والاستغاثة بهم هكذا زعموا (1) ضابط دعاء العبادة: ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ما يمكن اعتباره ضابطاً للآيات التي يكون فيها حمل الدعاء على العبادة أظهر فقال: " وكل موضع ذكر فيه دعاء المشركين لأوثانهم فالمراد به دعاء العبادة المتضمن (2) دعاء المسألة فهو في دعاء العبادة أظهر لوجوه ثلاثة: أحدها: أنهم قالوا: (ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى) [الزمر: 3] فاعترفوا بأن دعاءهم إياهم عبادتهم لهم الثاني: أن الله تعالى فسر هذا الدعاء في موضع آخر كقوله تعالى (وقيل لهم أينما كنتم تعبدون من دون الله هل ينصرونكم أو ينتصرون) [الشعراء: 92-93]   (1) الدعاء للعروسي (1/116) وانظر شرح كتاب التوحيد للشيخ ابن عثيمين ففيه تفصيل أنواع العبادة (2) أي المستلزم عند المناطقة ولم يرد بهذا التضمن بإصطلاح المناطقة، انظر الدعاء للعروسي (1/123) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 37 وقوله تعالى: (إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون) [الأنبياء: 98] وقوله تعالى: (لا أعبد ما تعبدون) [الكافرون: 2] وهو كثير في القرآن فدعاؤهم لآلهتهم هو عبادتهم لها الثالث: أنهم كانوا يعبدونها في الرخاء فإذا جاءتهم الشدائد دعوا الله وحده وتركوها، ومع هذا فكانوا يسألونها بعض حوائجهم ويطلبون منها وكان دعاؤهم لها دعاء عبادة ودعاء مسألة (1) سؤال: هل الأفضل دعاء المسألة أم دعاء العبادة؟ العلماء قد اختلفوا في الجواب على ثلاثة أقوال: 1 - أن دعاء العبادة أفضل 2 - أن دعاء المسألة أفضل 3 - التفصيل والقول بأن ذلك يختلف بحسب الأشخاص والأحوال أدلة الفريق الأول (2) أ - قوله صلى الله عليه وسلم: " أحب الكلام إلى الله أربع سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر " (3) ب - وقوله صلى الله عليه وسلم عندما سئل أي الكلام أفضل؟ قال: ما اصطفى الله لملائكته أو لعباده: سبحان الله وبحمده " (4) ج - ... إن دعاء العبادة حق الرب ووصفه، ودعاء المسألة حظ العبد ومصلحته، فالشيء يشرف بحسب متعلقه.   (1) الفتاوى (15/13) ، وبدائع الفوائد (3/4) (2) انظر هذه الأدلة في مدارج السالكين: 1/75-77، وبدائع الفوائد: 2/190، والوابل الصيب:182، والفتاوى: 22/379 - 389 (3) أخرجه أحمد في المسند: 5/20، ومسلم: 3/1685 رقم 2137 واللفظ له (4) أخرجه مسلم: 4/2093 رقم 2731. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 38 د- ... إن دعاء العبادة لا يكون إلا من مخلص وأما دعاء المسألة فيكون من مخلص وغير مخلص لأن الله تعالى يسأله من في السموات والأرض والكفار يسألون الله فيجيبهم هـ - ... ولأن العبادة شكر لنعمة الله تعالى والله يحب أن يشكر، وأما الدعاء فهو طلب لفعله وتوفيقه، ويحصل بالشكر لله وعبوديته التوفيق والإعانة فكان الأولى الالتزام بالشكر حتى يحصل له الأمران ويشير إلى هذا قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي: " من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين " (1) ولهذا كان المستحب في الدعاء أن يبدأ الداعي بحمد الله تعالى والثناء عليه بين يدي حاجته ثم يسأل حاجته. و ... ثم إن العبادة هي الغاية المطلوبة لذاتها وهي التي خلقنا من أجلها، والسؤال وسيلة إليها والمقاصد والغايات أشرف من الوسائل. ز - ... إن العلماء يختلفون في العاجز عن الفاتحة هل يقوم الدعاء المحض وهو دعاء المسألة مقام الذكر، إلي غير ذلك من الأدلة الكثيرة الدالة على فضل دعاء الثناء والعبادة أدلة الفريق الثاني: أ - قوله صلى الله عليه وسلم: " الدعاء هو العبادة " (2) ب - وصفه صلى الله عليه وسلم: الدعاء بأنه مخ العبادة وأن ذلك لكونه يستدعي مزيد حضور قلبي دون سائر العبادات التي يغلب على المتعبد بها الغفلة والسهو   (1) رواه الترمذي وقال: حسن غريب (5/45) ، ورواه الدارمي (3356) ، والبيهقي في الأسماء والصفات (1/372) ، وضعفه الألباني في السلسلة برقم (1335) ، وذكره ابن الجوزي في الموضوعات ولم يصب (3/421) (2) ... رواه البخاري في الأدب المفرد رقم (735) ورواه الترمذي (5/386) وقال: حسن صحيح والحاكم (1/667) وصححه ووافقه الذهبي، وصححه النووي في الأذكار ص 345 وجود إسناده ابن حجر في الفتح (1/49) وحسنه السخاوي كما في الفتوحات الربانية (7/191) وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير رقم (3407) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 39 ج - إن الدعاء فيه غاية التذلل والخضوع وإظهار الفاقة وذل العبودية وعز الربوبية. د- ... إن كل داع عابد ولا ينعكس. هذه هي أهم العلل التي فضلوا من أجلها الدعاء على غيره من أنواع العبادات كما ذكرها الزبيدي مؤيداً بها هذا القول (1) ويمكن أن يستدل لهم بالأحاديث التالية زيادة على الحديثين الماضيين: 1 - قوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه أبو هريرة رضي الله عنه: " ليس شيء أكرم على الله من الدعاء) (2) 2 - حديث ابن عباس مرفوعاً: " أفضل العبادة الدعاء " وقرأ: (وقال ربكم ادعوني أستجب لكم) (3) 3 - حديث عائشة رضي الله عنها قالت: سئل النبي صلى الله عليه وسلم: " أي العبادة أفضل؟ قال: دعاء المرء لنفسه) (4) القول الثالث: وهو القول الراجح: إن الأفضل يتنوع باعتبارات ومع ذلك إذا نظر بدون اعتبار فدعاء العبادة أفضل، فجنس الدعاء الذي هو ثناء وعبادة أفضل من جنس الدعاء الذي هو سؤال وطلب وإن كان المفضول قد يفضل على الفاضل في موضعه الخاص بسبب وبأشياء أخرى، فالمفضول له أمكنة وأزمنة وأحوال يكون فيها أفضل من الفاضل   (1) ... إتحاف السادة:5/4 (2) ... أخرجه البخاري في الأدب المفرد رقم 733، والترمذي: رقم 3370، وابن ماجة: 2/1258، رقم 3829، وأحمد في المسند: 2/362، والحاكم: (1/666) (3) أخرجه الحاكم: (1/667) ، وصححه ووافقه الذهبي، وحسنه الألباني في الصحيحة: 4/16 رقم 1579، وصححه في صحيح الجامع: (1/251) رقم (1122) ، وله شاهد من حديث أبي هريرة أخرجه ابن عدي في الكامل: 5/1743 وضعفه. (4) رواه البخاري في الأدب المفرد ص154، والحاكم في المستدرك وصححه (1/727) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 40 قال ابن القيم رحمه الله: جنس الذكر أفضل من جنس الدعاء من حيث النظر إلى كل منهما مجرداً وقراءة القرآن أفضل من الذكر والذكر أفضل من الدعاء هذا من حيث النظر إلى الكل مجرداً وقد يعرض للمفضول ما يجعله أولى من الفاضل بل يعينه فلا يجوز أن يعدل عنه إلي الفاضل وهذا كالتسبيح في الركوع والسجود فإنه أفضل من قراءة القرآن فيهما بل القراءة فيهما منهي عنها نهي تحريم أو كراهة وكذلك التسبيح والتحميد والتشهد والذكر عقيب السلام من الصلاة، أفضل من القراءة (1) وقد ذكر شيخ الإسلام ضابطاً لتفاضل العبادات وتنوع ذلك. (2) *****   (1) الوابل الصيب: 182-188، ومدارج السالكين:1/88-9، وزاد المعاد: (1/26) (2) انظر الفتاوى (22/309) ، والدعاء للعروسي (1/116) ويقول الشيخ ابن عثيمين في منظومة القواعد: ورب مفضول يكون أفضلا وقال في شرحه ص 35: فقراءة القرآن أفضل من الذكر، وإذا أذن المؤذن كانت المتابعة أفضل ويقول السيوطي في ألفيته: وقد يعرض للمفوق ما ... يجعله مساوياً أو فائقاً الجزء: 1 ¦ الصفحة: 41 الفصل الأول الجزء: 1 ¦ الصفحة: 43 الفصل الأول قواعد في أسماء الله تعالى القاعدة الأولى: أسماء الله كلها حسنى (1) : أي: بالغة في الحسن غايته (2) قال الله   (1) على وزن فعلى، مؤنث الأحسن وذهب ابن الوزير إلى أنها جمع للأحسن ولم نجد هذا لغير ابن الوزير بعد البحث في كتب اللغة والنحو والصرف بل أنهم لم يذكروا فعلى بضم فسكون في أوزان المجموع البتة لا في باب المقصور والممدود ولا في باب جمع التكسير ولم نعثر على أحد ذكره من المفسرين والشراح وإنما يذكرون ان الحسنى إما مؤنث الأحسن وإما مصدر وصف به كالذكرى. وانظر تفسير ابن عاشور (8/186) وقال في إيثار الحق على الخلق ص 67: " وذلك أن الحسن من صفات الألفاظ ومن صفات المعاني، فكل لفظ له معنيان حسن وأحسن، فالمراد الأحسن منهما، حتى يصح جمعه على حسنى ولا يفسر بالحسن منهما إلا الأحسن لهذا الوجه " هذا وقد وصف الله أسماءه بالحسنى في أربعة مواضع هي: أ - {ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون} [الأعراف: 180] ب- {قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أياً ما تدعوا فله الأسماء الحسنى} [الإسراء: 110] جـ - {الله لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى} [طه: 8] د - ... {هو الله الخالق البارئ المصور له الأسماء الحسنى، يسبح له ما في السموات والأرض وهو العزيز الحكيم} [الحشر:24] ووجه الحسن في أسماء الله أنها دالة على مسمى الله فكانت حسنى لدلالتها على أحسن وأعظم وأقدس مسمى وهو الله عز وجل. انظر تفسير فتح البيان لصديق حسن خان (5/82) والأسئلة والأجوبة الأصولية للسلمان ص 26 (2) قيل إن المؤلف لو عبر بـ (كماله) بدلاً من (غايته) كان أولى والجواب أن المؤلف قد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 45 تعالى: (ولله الأسماء الحسنى) [الأعراف: 180] وذلك لأنها متضمنة لصفات كاملة (1) لا نقص فيها بوجه من الوجوه لا احتمالا ولا تقديراً (2) مثال ذلك: " الحي " اسم من أسماء الله تعالى متضمن للحياة الكاملة التي لم تسبق بعدم ولا يلحقها زوال (3) الحياة المستلزمة لكمال الصفات من العلم والقدرة والسمع والبصر وغيرها. ومثال آخر: " العليم " اسم من أسماء الله متضمن للعلم الكامل الذي لم يسبق بجهل ولا يلحقه نسيان قال الله تعالى: (علمها عند ربي في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى) [طه: 52] العلم الواسع المحيط بكل شيء جملة وتفصيلاً سواء ما يتعلق بأفعاله أو أفعال خلقه قال الله تعالى: (وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين) [الأنعام: 59] (وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين) [هود: 6] (يعلم ما في السموات والأرض ويعلم ما تسرون وما تعلنون والله عليم بذات الصدور) [التغابن: 4]   = قصد بهذه الكلمة أن الأسماء هي في غاية الحسن أي أكمل ما يكون من الحسن كما نقلناه عن ابن الوزير ولهذا قال تعالى (الأسماء الحسنى) بصيغة التفضيل كما في حاشية الشهاب على البيضاوي (4/408) أي أن اسم التفضيل هنا مطلق فلم يقل أفضل من كذا، وبهذا كانت الأسماء بالغة في الحسن غايته. (1) وبهذا نعلم أن أسماء الله متضمنة لصفات ومعان وأما إذا لم يدل على معنى ووصف فإنه ليس اسما له كالدهر فإنه اسم جامد لا يحمل معنى إلا أنه اسم للأوقات كما سيأتي في القاعدة الثانية. (2) أي لا تحمل النقص لا من حيث الاحتمال اللفظي ولا التقدير الذهني وسيأتي تفصيله في الملحق (3) هذا التفسير لاسم الحي ذكره الإمام الطبري في تفسيره (3/5) حيث قال: أما قوله (الحي) فإنه يعني: الذي له الحياة الدائمة والبقاء الذي لا أول له يحد ولا آخر له يؤمد، إذ كان كل ما سواه فإنه وإن كان حياً فلحياته أول محدود،، وآخر مأمود، ينقطع بانقطاع أمدها، وينقضي بانقضاء غايتها وبما قلنا في ذلك قال جماعة من أهل التأويل ا. هـ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 46 مثال ثالث:: " الرحمن " اسم من أسماء الله تعالى متضمن للرحمة الكاملة التي قال عنها رسول الله صلي الله عليه وسلم: " لله أرحم بعباده من هذه بولدها " (1) يعني: أم صبي وجدته في السبي (2) فأخذته وألصقته ببطنها وأرضعته ومتضمن أيضاً للرحمة الواسعة التي قال الله عنها: (ورحمتي وسعت كل شيء) [الأعراف: 156] وقال عن دعاء الملائكة للمؤمنين: (ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلماً) [غافر: 7] [أسماء الله المقترنة] والحسن في أسماء الله تعالى يكون باعتبار كل اسم على انفراده (3)   (1) الحديث رواه البخاري برقم (5999) وهو في المجلد (10/440) المطبوع مع الفتح، ورواه مسلم في كتاب الرقائق من نسخة المفهم للقرطبي (7/84) ونص الحديث عن عمر بن الخطاب قال: قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم سبي فإذا امرأة من السبي تبتغي إذا وجدت صبياً في السبي أخذته فألصقته ببطنها وأرضعته، فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أترون هذه طارحة ولدها في النار؟ " قلنا: لا والله! وهي تقدر على ألا تطرحه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لله أرحم بعباده من هذه بولدها " وقال القاضي عياض: كذا في جميع نسخ مسلم ولرواته فيه وهم وفي كتاب البخاري: تسعى مكان تبتغي وهو وجه الكلام وصوابه. قلت: ولا خفاء بحسن رواية تسعى ووضوحها لكن لرواية (تبتغي) وجه واضح فلا يغلط الرواة كلهم، وذلك أن تبتغي معناه: تطلب ولدها وحذف مفعوله للعلم به ا. هـ من المفهم للقرطبي. (2) السبي هو أسر الصبيان والنساء انظر تحرير التنبيه للنووي ص 340، والدر النقي في شرح ألفاظ الخرقي لابن عبد الهادي (3/742) (3) وذلك كالأمثلة التي ذكرها المؤلف إلا أن هناك أسماء لا يكون الحسن بانفراده بل بجمعه إلى غيره وهي الأسماء المزدوجة وتعريفها: هي كل اسمين اقترن أحدهما بالآخر ولولا هذا الاقتران لما دل على الكمال فكانا كالصفة الواحدة في الدلالة على المعنى الممدوح ومن أمثلتها النافع الضار، والمعطي المانع وسيأتي الكلام عليه في القاعدة التاسعة. وهناك أسماء يكون باعتبار جمعه كمال فوق كمال كما سيذكر المؤلف وحاصل ذلك أن هناك قسمين من الأسماء الحسنى وهي: = = أسماء يكون الحسن باعتبار انفراده وباعتبار جمعه يزيد كمالاً فوق كمال 1 - أسماء لا يكون الحسن إلا باعتبار جمعه وسيأتي تفصيله في القاعدة التاسعة من قواعد الأسماء 0 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 47 ويكون باعتبار جمعه إلى غيره (1) فيحصل بجمع الاسم إلى الآخر كمال فوق كمال (2) مثال ذلك: "العزيز الحكيم" فإن الله تعالى يجمع بينهما في القرآن كثيراً (3) . فيكون كل منهما دالاً على الكمال الخاص الذي يقتضيه وهو العزة في العزيز (4) والحكم والحكمة (5) في الحكيم والجمع بينهما دال على كمال آخر وهو أن عزته تعالى مقرونة بالحكمة فعزته لا تقتضي ظلماً وجوراً وسوء فعل كما قد يكون من أعزاء المخلوقين (6) فإن العزيز منهم قد تأخذه العزة   (1) كالمثال الذي ذكره المؤلف وسنذكر في الملحق أمثلة أخرى كثيرة. [ص: 18] _ (2) أي أن باقتران الاسمين دل على معنى زائد على معناها الأصلي لا يدلان عليه بالاستقلال. (3) يقول ابن القيم في مفتاح دار السعادة (2/485) ولهذا كثيراً ما يقرن تعالى بين هذين الاسمين (العزيز الحكيم) في آيات التشريع والتكوين والجزاء ليدل عباده على أن مصدر ذلك كله عن حكمة بالغة وعزة قاهرة ففهم الموفقون عن الله عز وجل مراده وحكمته وانتهوا إلى ما وقفوا عليه ووصلت إليه أفهامهم وعلومهم وردوا علم ما غاب عنهم إلى أحكم الحاكمين ومن هو بكل شيء عليم وتحققوا بما عملوه من حكمته التي بهرت عقولهم إن لله في كل ما خلق وأمر وأثاب وعاقب من الحكم البوالغ ما تقتصر عقولهم عن إدراكه وأنه تعالى هو الغنى الحميد العليم الحكيم فمصدر خلقه وأمره وثوابه وعقابه غناه وحمده وعلمه وحكمته ليس مصدره مشيئة مجردة وقدرة خالية من الحكمة والرحمة والمصلحة والغايات المحمودة المطلوبة له خلقاً وأمراً وأنه سبحانه لا يسأل عما يفعل لكمال حكمته ا. هـ (4) اسم العزيز يتضمن صفة العزة. (5) فاسم الحكيم يدل على صفة الحكم وصفة الحكمة وبهذا نعلم أن من أسماء الله ما يكون دالاً على عدة صفات ويكون ذلك الاسم متناولاً لجميعها تناول الاسم الدال على الصفة الواحدة لها، ذكره ابن القيم في بدائع الفوائد (1/168) . (6) كالملك مثلاً أو الأمير الذي لا يعارضه أحد لكمال سلطانه وعزته. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 48 بالإثم فيظلم ويجور ويسيء التصرف (1) وكذلك حكمه تعالى وحكمته مقرونان بالعز الكامل بخلاف حكم المخلوق وحكمته فإنهما يعتريهما الذل (2) ملحق القاعدة الأولى ذكرنا في الحاشية على القاعدة الأولى أننا سنتكلم في الملحق عن: 1 - تفصيل القول في كلام المؤلف (لا احتمالا ولا تقديراً) 2 - الأسماء المقترنة. أولاً: المراد من قول المؤلف (لا احتمالا ولا تقديراً) سوف يتضح المراد من خلال تقسيمنا الألفاظ إلى أربعة أقسام وهي: 1 - إما أن تدل على معنى ناقص لا كمال فيه كالعجز والفقر والعمى فهذا لا يجوز أن يسمى الله به فلا يسمى بالعاجز أو الفقير أو الخائن 2 - ألفاظ تدل على النقص في حال وعلى الكمال في حال أي تحمل الوجهين في نفس المعنى مثل: المكر، الكيد، الاستهزاء فهذا لا يسمى الله به أيضاً فلا يقال: الماكر والمخادع والمستهزئ كما سيأتي في قواعد الصفات وهذا هو مراد المؤلف من لا احتمالا. 3 - ألفاظ تدل على الكمال لكن تحمل النقص بالتقدير الذهني كالمتكلم، والمريد، والفاعل والشائي (الذي يشاء) . مثاله: المتكلم قد يتكلم بخير وقد يتكلم بشر فلا يسمى الله به لأن أسماءه لا تحمل النقص ولو بالتقدير.   (1) لأنه ليس له حكمة فلم يجمع بين العزة والحكمة بل هو عزيز غير حكيم وقد يوجد من يجمع بينهما فيكون قد أوتي خيراً كثيراً بخلاف عزة الله وحكمته فهما مقترنان. (2) أي أن بعض الناس عنده حكمة ويضع كل شيء في موضعه ويتصرف تصرفاً حسناً لكن ليس عنده عزة وقوة التي ينفذ فيها ما أراد أما الله عز وجل فحكمته مقرونة بالعزة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 49 ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الأصفهانية ص 5: (وأما تسميته سبحانه بأنه مريد وأنه متكلم فإن هذين الاسمين لم يردا في القرآن ولا في الأسماء الحسنى المعروفة، ومعناهما حق، ولكن الأسماء الحسنى المعروفة هى التي يدعى الله بها وهي التي جاءت في الكتاب والسنة وهي التي تقتضي المدح والثناء بنفسها والعلم والقدرة والرحمة ونحو ذلك هي في نفسها صفات مدح والأسماء الدالة عليها أسماء مدح وأما الكلام والإرادة فلما كان جنسه ينقسم إلى محمود كالصدق والعدل وإلى مذموم كالظلم والكذب والله تعالى لا يوصف إلا بالمحمود دون المذموم جاء ما يوصف به من الكلام والإرادة في أسماء تخص المحمود كاسمه الحكيم والرحيم والصادق والمؤمن والشهيد والرؤوف والحليم والفتاح ونحو ذلك. فلهذا لم يجئ في أسمائه الحسنى المأثورة المتكلم المريد ا. هـ باختصار. وقال الإمام ابن القيم في مدارج السالكين (3/415) : (وما كان مسماه منقسماً إلى كامل وناقص وخير وشر لم يدخل اسمه في الأسماء الحسنى كالشيء والمعلوم ولذلك لم يسم بالمريد ولا بالمتكلم وإن كان له الإرادة والكلام لانقسام مسمى " المريد " و " المتكلم " وهذا من دقيق فقه الأسماء الحسنى فتأمله وبالله التوفيق) ا. هـ بتصرف وانظر بدائع الفوائد (1/161) 4 - ألفاظ دالة على غاية الكمال وليس فيها نقص أبداً لا احتمالا ولا تقديراً وهذا هو الذي يسمى الله به كالأمثلة التي ضربها المؤلف ولمزيد من الإيضاح ننقل كلام الشيخ ابن عثيمين في شرحه على صحيح البخاري المخطوط ص 12 حيث قال حفظه الله: (كل أسماء الله حسنى ولذلك قال الله تعالى: (وله الأسماء الحسنى) والحسنى اسم تفضيل يقابله في المذكر أحسن يقال رجل أحسن وامرأة حسنى، وهنا قال الأسماء الحسنى فجعل الوصف وصف مؤنث لأن الأسماء جمع والجمع يوصف بالمؤنث إلا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 50 جمع العاقل فيوصف بحسب ما يقتضيه المعنى، إن كان للذكور فجمع مذكر سالم وإن كان للإناث فجمع مؤنث سالم أما غير العاقل فإنه يجمع وصفه على جمع المؤنث، إذاً أسماء الله تعالى كلها حسنى والحسنى هي المشتملة على أكمل وجوه الحسن فهي حسنى ليس فيها نقص بوجه من الوجوه فيفهم من هذه القاعدة - أنه لا يوجد في أسماء الله اسم يحتمل معنيين، معنى حسن ومعنى غير حسن ولهذا لم يكن من أسماء الله المتكلم ولا من أسمائه المريد مع أنه متكلم مريد، قال العلماء: لأن المتكلم من قام به الكلام والكلام قد يكون حسناً وقد يكون سيئاً وكذلك الإرادة ولهذا لا يصح أن نسمى الله بالمتكلم أو نسمى الله بالمريد لكن يوصف بأنه متكلم وأنه مريد لأن باب الإخبار أوسع من باب التسمية لأن التسمية إنشاء تنشأ اسما للمسمى الذي تريد أن تسميه لكن الإخبار مجرد خبر ليس بإنشاء ولذلك قالوا الإخبار أوسع من الإنشاء فقد يخبر عن الشيء بشيئين ولا يسمى به مثل المتكلم وحينئذ يمكن أن نقسم ما يضاف إلى الله عز وجل إلى أربعة أقسام: - القسم الأول: - ما تضمن كمال الحسن فهذا يكون من أسمائه. القسم الثاني: ما كان حسناً من وجه دون وجه فهذا يخبر به عنه ولا يسمى به القسم الثالث: - ما كان محموداً في حال دون حال فهذا يوصف به في الحال التي يكون فيها محموداً ولا يسمى به على الإطلاق مثل المكر والخداع والاستهزاء والكيد هذه أوصاف إن ذكرت في مقابل من يعامل بهذه الأوصاف صارت أوصافاً محمودة ويوصف الله بها وإلا فلا فمثلاً المكر وصف الله نفسه بأنه يمكر ولكن وصفاً مقيداً بمن يمكر به فقال: (ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين) فلا يصح أن تقول إن الله ماكر وهذا هو الفرق بين هذا وبين قولنا الله متكلم لأنه يجوز أن نقول أن الله متكلم على وجه الإطلاق لكن لا يجوز أن تقول أن الله ماكر إلا إذا قيدته فقلت ماكر بمن يمكر به لأن المكر لا يكون مدحاً إلا حيث كان في مقابل مكر آخر ليتبين به أن قوة الله عز وجل أقوى من قوة هذا الماكر وكذلك نقول في الخداع الجزء: 1 ¦ الصفحة: 51 (يخادعون الله وهو خادعهم) فلا تصح بأن تصف الله بأنه خادع أو مخادع على وجه الإطلاق قل خادع من يخادعه كذلك المستهزئ لا يصح أن نقول الله مستهزئ على سبيل الإطلاق بل نقول مستهزئ بمن يستهزئ به وكذلك الكيد نقول إن الله لا يكيد على أحد إلا من كاد عليه لقوله تعالى (إنهم يكيدون كيداً وأكيد كيداً) القسم الرابع: - مالا يصح أن ينسب لله إطلاقاً وهو ما تضمن نقصاً مطلقاً فهذا لا يصح أن يضاف إلى الله إطلاقاً مثل الخائن والعياذ بالله هذا لا يمكن أن نصف الله به مطلقاً ا. هـ. ثانياً: الأسماء المقترنة (1) من يقرأ كتاب الله عز وجل يلاحظ اقتران أسماء الله الحسنى بعضها ببعض نحو الغنى الحميد والسميع البصير فما سر هذا الاقتران؟ إن كل اسم من أسماء الله تعالى يتضمن صفة من صفاته سبحانه وكل صفة من صفاته صفة كمال فإذا اقترنت صفة كمال بصفة كمال أخرى نشأ عن ذلك كمال آخر غير الكمال الذي يدل عليه الاسم الواحد والصفة الواحدة مثال ذلك (الغفور الرحيم) فالمغفرة صفة كمال والرحمة صفة كمال آخر واقتران مغفرته برحمته كمال ثالث فيستحق سبحانه الثناء على مغفرته والثناء على رحمته والثناء على اجتماعهما أضف إلى ما سبق أن اقتران الصفات الإلهية ببعضها كمال عظيم ينشأ منه خير وفضل يحتاجه ويفيد منه العباد، كاقتران الغنى بالكرم مثلاً في قوله تعالى (فإن ربي غني كريم) [النمل: 40] إذ من المعلوم أنه ليس كل غني كريماً وليس كل كريم غنياً وإنك لن تفيد من الغني إذا كان بخيلاً ولا من الكريم إذا كان فقيراً وليس هناك من غني كريم غناه تام وكرمه تام إلا الله تعالى الأمر الذي يدفع بالعبد إلى الاعتماد عليه سبحانه وحده ورجائه دون غيره.   (1) ... من معالم التوحيد د. مروان القيسي ص 209 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 52 إن ما سبق ليس سوى توضيح للكمال الذي ينشأ من اقتران الغنى بالكرم ولا ريب أن هناك كمالات أخرى عظيمة تنشأ من اقتران أسماء إلهية أخرى بعضها ببعض. ومما ورد ذكره من الأسماء الحسنى مقترنا في القرآن الكريم: 1 - الله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين: الفاتحة 2 - الله أحد الله الصمد: الإخلاص 3 - البر الرحيم: الطور:28 4 - التواب الرحيم: البقرة: 128 5 - الحق المبين: النور: 25 6 - الحكيم الحميد: فصلت: 42 7 - الحكيم الخبير: الأنعام: 18 8 - الحكيم العليم: الحجر: 25 9 - ... الحليم الغفور: الإسراء: 44 10 - الحميد المجيد: هود: 73 11 - الحي القيوم: البقرة: 255 12 - الخبير البصير: الإسراء: 17 13 - الخالق البارئ المصور: الحشر: 24 14 - الخلاق العليم: الحجر: 86 15 - الرب الرحيم: يس: 58 16 - الرؤوف الرحيم: البقرة: 143 17 - الرحمن الرحيم: الفاتحة 18 - الرحيم الغفور: سبأ: 2 19 - الرحيم الودود: هود: 90 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 53 20 - السميع البصير: الشورى: 11 21 - السميع العليم: آل عمران: 34 22 - السميع القريب: سبأ: 50 23 - الشاكر العليم: النساء: 147 24 - الشكور الحليم: التغابن: 17 25 - العليم الحليم: الحج: 59 26 - العليم الحكيم: الأنفال: 71 27 - العليم القدير: الشورى: 50 28 - العليم الخبير: التحريم:3 29 - العفو الغفور: النساء: 43 30 - العفو القدير: النساء: 149 31 - العزيز الوهاب: ص: 9 32 - العزيز الحكيم: آل عمران: 62 33 - العزيز الحميد: إبراهيم: 1 34 - العزيز الرحيم: الشعراء: 217 35 - العزيز العليم: غافر: 2 36 - العزيز الغفور: الملك: 2 37 - العزيز الغفار: ص: 66 38 - العزيز المقتدر: القمر: 42 39 - العلي الحكيم: الشورى: 51 40 - العلي الكبير: الحج: 62 41 - العلي العظيم: الشورى: 4 42 - الغفور الحليم: آل عمران: 155 43 - الغفور الشكور: الشورى: 23 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 54 44 - الغفور الرحيم: البقرة: 218 45 - الغني الكريم: النمل: 40 46 - الغني الحميد: البقرة: 267 47 - الغني الحليم: البقرة: 263 48 - الفتاح العليم: سبأ: 26 49 - القوي العزيز: هود: 66 50 - القريب المجيب: هود: 61 51 - اللطيف الخبير: الأحزاب: 34 52 - الملك الحق: طه: 114 53 - الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر: الحشر: 23 54 - الملك القدوس العزيز الحكيم: الجمعة: 1 55 - المليك المقتدر: القمر: 55 56 - الواسع الحكيم: النساء: 130 57 - الواسع العليم: آل عمران: 73 58 - الواحد القهار: الرعد: 16 59 - الولي الحميد: الشورى:28 ومما ورد ذكره من الأسماء الإلهية مقترناً في السنة النبوية: - التواب الغفور (1)   (1) لما رواه ابن عمر قال (إن كنا لنعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المجلس يقول: " رب أغفر لى وتب على إنك أنت التواب الغفور مائة مرة) أخرجه أحمد (2/21) و (2/67) و (2/84) وصححه الألباني في " الأحاديث الصحيحة " (556) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 55 - الرحيم الحيي الكريم (1) - الحيي الستير (2) - العظيم الحليم (3) ولعل الله ييسر لمن يفرد بحثاً في توضيح وجه الكمال في اقتران الأسماء في الكتاب والسنة. وللإمام ابن القيم كلام جميل في الحكمة من اقتران أسماء الله تعالى وختم الآيات بها أنقلها للفائدة فقال: رحمه الله: " أمر سبحانه بتدبر كلامه والتفكر فيه، وفي أوامره ونواهيه وزواجره ولولا ما تضمنه من الحكم والمصالح والغايات المطلوبة والعواقب الحميدة، التي هي محل الفكر لما كان للتفكر فيه معنى وإنما دعاهم إلى التفكر والتدبر ليطلعهم ذلك على حكمته البالغة وما فيه من الغايات والمصالح المحمودة التي توجب لمن عرفها إقراره بأنه تنزيل من حكيم حميد. فإن ما في خلق الله وأمره من الحكم والمصالح المقصودة بالخلق والأمر والغايات الحميدة أمر تشهد به الفطر والعقول ولا ينكره سليم الفطرة. ويذكر تعالى هذين الاسمين عند ذكر مصدر خلقه وشرعه تنبيهاً على أنهما إنما صدرا عن حكمة مقصودة مقارنة للعلم المحيط التام لقوله: (وإنك لتلقى القرآن من لدن حكيم عليم) [النمل: 6] وقوله: (تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم) [الزمر: 1]   (1) لقوله صلى الله عليه وسلم: (إن الله رحيم حيي كريم يستحي من عبده أن يرفع إليه يديه ثم لا يضع فيهما خيراً) أخرجه الحاكم عن أنس وهو في صحيح الجامع الصغير (1768) . (2) رواه أبو داود برقم (4012) ، والنسائي (1/70) ، والبيهقي (1/198) . (3) لما رواه مسلم (48/83) عن ابن عباس (إن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول عند الكرب لا إله إلا الله العظيم الحليم لا إله إلا الله رب العرش العظيم لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرض ورب العرش الكريم) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 56 فذكره العزة المتضمنة لكمال القدرة والتصرف، والحكمة المتضمنة لكمال الحمد والعلم. وقوله: (والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالاً من الله والله عزيز حكيم) [المائدة: 38] وسمع بعض الأعراب قارئاً يقرؤها (والله غفور رحيم) فقال: ليس هذا كلام الله، فقال: أتكذب بالقرآن؟ فقال: لا ولكن لا يحسن هذا فرجع القارئ إلى خطئه فقال: (عزيز حكيم) فقال: صدقت وإذا تأملت ختم الآيات بالأسماء والصفات وجدت كلامه مختتماً بذكر الصفة التي يقتضيها ذلك المقام حتى كأنها ذكرت دليلاً عليه وموجبة له وهذا كقوله: (إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم) [المائدة: 118] أي: فإن مغفرتك لهم مصدر عن عزة هي كمال القدرة لا عن عجز وجهل. وقوله: (ذلك تقدير العزيز العليم) [يس: 38وفصلت: 12والزخرف:9] في عدة مواضع من القرآن يذكر ذلك عقيب ذكره الأجرام العلوية وما تضمنه من فلق الإصباح وجعل الليل سكناً وإجراء الشمس والقمر بحساب لا يعدوانه وتزيين السماء الدنيا بالنجوم وحراستها وأخبر أن هذا التقدير المحكم المتقن صادر عن عزته وعلمه ليس أمراً اتفاقياً لا يمدح به فاعله ولا يثنى عليه به كسائر الأمور الاتفاقية ومن هذا ختمه سبحانه قصص الأنبياء وأممهم في سورة الشعراء عقيب كل قصة: (وإن ربك لهو العزيز الرحيم) [الشعراء: 9، 68، 104، 122، 140، 159، 175، 191] فإن ما حكم به لرسله وأتباعهم ولأعدائهم صادر عن عزة ورحمة فوضع الرحمة في محلها وانتقم من أعدائه بعزته ونجى رسله وأتباعهم برحمته والحكمة الحاصلة من ذلك أمر مطلوب مقصود وهي غاية الفعل لا أنها أمر اتفاقي. وأخبر تعالى بأن حكمه أحسن الأحكام وتقديره أحسن التقادير ولولا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 57 مطابقته للحكمة والمصلحة المقصودة المرادة لما كان كذلك إذ لو كان حسنه لكونه مقدوراً معلوماً كما يقوله النفاة لكان هو وضده سواء فإنه بكل شيء عليم وعلى كل شيء قدير فكان كل معلوم مقدور أحسن الأحكام وأحسن التقادير وهذا ممتنع قال تعالى: (ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون) [المائدة: 50] وقال: (ومن أحسن ديناً ممن أسلم وجهه لله وهو محسن) [النساء: 125] فجعل هذا أن يختار لهم ديناً سواه ويرتضي ديناً غيره كما يمتنع عليه العيب والظلم. وقال تعالى: (ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين) [فصلت: 33] وقال: (فقدرنا فنعم القادرون) [المرسلات: 23] وقال: (فتبارك الله أحسن الخالقين) [المؤمنون: 14] فلا أحسن من تقديره وخلقه لوقوعه على الوجه الذي اقتضته حكمته ورحمته وعلمه. وقال تعالى: (ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت) [الملك: 3] ولولا مجيئه على أكمل الوجوه وأحسنها ومطابقتها للغايات المحمودة والحكم المطلوبة لكان كله متفاوتاً أو كان عدم تفاوته أمراً اتفاقياً لا يحمد فاعله لأنه لم يرده ولم يقصده وإنما اتفق أن صار كذلك. وتأمل حكمه القرآن كيف جاء في الاستعاذة من الشيطان الذي نعلم وجوده ولا نراه بلفظ: السميع العليم (1) في الأعراف وحم السجدة وجاءت الاستعاذة من شر الإنس الذين يؤنسون ويرون بالأبصار بلفظ السميع البصير في سورة حم المؤمن فقال: (إن الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم إن في صدورهم إلا كبر ما هم ببالغيه فاستعذ   (1) قال تعالى: (وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم) [الأعراف: 200] وقال عز وجل: (وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم) [فصلت: 36] 0 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 58 بالله إنه هو السميع البصير) [غافر: 56] لأن أفعال هؤلاء معاينة ترى بالأبصار وأما نزغ الشيطان فوساوس وخطرات يلقيها في القلب يتعلق بها العلم فأمر بالاستعاذة بالسميع العليم فيها وأمر بالاستعاذة بالسميع البصير في باب ما يرى بالبصر ويدرك بالرؤية. كما جرت عادة القرآن بتهديد المخاطبين وتحذيرهم بما يذكره من صفاته التي تقتضي الحذر والاستقامة كقوله: (فإن زللتم من بعد ما جاءتكم البينات فاعلموا أن الله عزيز حكيم) [البقرة: 209] وقوله: (من كان يريد ثواب الدنيا فعند الله ثواب الدنيا والآخرة وكان الله سميعاً بصيراً) [النساء: 134] والقرآن مملوء من هذا وعلى هذا فيكون في معنى ذلك أني أسمع ما يردون به عليك وما يقابلون به رسالاتي، وأبصر ما يفعلون، ولا ريب أن المخاطبين بالرسالة بالنسبة إلى الإجابة والطاعة نوعان: أحدهما قابلوها بقولهم: صدقت، ثم عملوا بموجبها، والثاني قابلوها بالتكذيب ثم عملوا بخلافها، فكانت مرتبة المسموع منهم قبل مرتبة البصر فقدم ما يتعلق به على ما يتعلق بالمبصر اقتران الواسع بالعليم: قال تعالى: (مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم) [البقرة: 261] وقد ختم الآية باسمين من أسمائه الحسنى مطابقين لسياقها وهما الواسع والعليم فلا يستبعد العبد هذه المضاعفة ولا يضيق عنها عطنه (1) فإن المضاعف واسع العطاء واسع الغنى واسع الفضل ومع ذلك فلا يظن أن سعة عطائه تقتضي حصولها لكل منفق فإنه عليم بمن تصلح له هذه   (1) " عطنه ": العطن: المناخ حول الورد أي مبرك الإبل ومربض الغنم عند المساء. وفلان ضيق العطن: أي قليل الصبر والحيلة عند الشدائد، بخيل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 59 المضاعفة وهو أهل لها، ومن لا يستحقها ولا هو أهل لها، فإن كرمه وفضله لا يناقض حكمته بل يضع فضله مواضعه لسعته ورحمته ويمنعه من ليس من أهله بحكمته وعلمه. اقتران الغني بالحليم: قال تعالى: (قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غني حليم) [البقرة: 263] وختم الآية بصفتين مناسبتين لما تضمنته فقال: (والله غني حليم) وفيه معنيان: أحدهما: أن الله غني عنكم لن يناله شيء من صدقاتكم وإنما الحظ الأوفر لكم في الصدقة فنفعها عائد عليكم لا إليه سبحانه وتعالى فكيف يمن بنفقته ويؤذي مع غنى الله التام عنها وعن كل ما سواه ومع هذا فهو حليم إذ لا يعاجل المنان بالعقوبة وفي ضمن هذا الوعيد والتحذير والمعنى الثاني: أنه سبحانه وتعالى مع غناه التام من كل وجه فهو الموصوف بالحلم والتجاوز والصفح مع عطائه الواسع وصدقاته العميمة فكيف يؤذي أحدكم بمنه وأذاه مع قلة ما يعطي ونزارته وفقره. ولكمال غناه استحال إضافة الولد والصاحبة والشريك والشفيع بدون إذنه إليه ولكمال عظمته وعلوه وسع كرسيه السموات والأرض ولم تسعه أرضه ولا سمواته، ولم تحط به مخلوقاته بل هو العالي على كل شيء وهو بكل شيء محيط ولا تنفد كلماته ولا تبدل ولو أن البحر يمده من بعده سبعة أبحر مداداً وأشجار الأرض أقلاماً فكتب بذلك المداد وبتلك الأقلام لنفد المداد وفنيت الأقلام ولم تنفد كلماته إذ هي غير مخلوقة (1)   (1) أسماء الله الحسنى للإمام ابن القيم جمع وترتيب يوسف على وأيمن عبد الرزاق ص 296-301. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 60 القاعدة الثانية (1) أسماء الله تعالى أعلام (2) وأوصاف (3) أعلام باعتبار دلالتها على الذات (4) وأوصاف باعتبار ما دلت   (1) هذه القاعدة لبيان أن أسماء الله أعلام وأوصاف بخلاف أعلام البشر فإنها أعلام محضة ولهذا يقول الدارمي في رده على بشر المريسي (1/162) وقد يسمى الرجل حكيماً وهو جاهل، وحكماً وهو ظالم، وعزيزاً وهو حقير، وكريماً وهو لئيم، وصالحاً وهو طالح، وسعيداً وهو شقي، ومحموداً وهو مذموم، وحبيباً وهو بغيض، وأسداً، وحماراً، وكلباً، وجدياً، وكليباً وهراً وحنظلة وعلقمة وليس كذلك ا. هـ ونظير هذا شيئان: أ) أعلام النبي صلى الله عليه وسلم فإنها أعلام وأوصاف انظر في ذلك شرح شفا القاضي عياض للملا علي قاري (1/485، 514) ، ونسيم الرياض شرح شفا القاضي عياض للخفاجي (2/380، 392) والمواهب اللدنية للقسطلاني (2/10) وشرحها للزرقاني (3/112) وسبل الهدي والرشاد للصالحي (1/400) قال ابن القيم في زاد المعاد (1/86) عن أسماء النبي صلى الله عليه وسلم أنها كلها نعوت ليست أعلاماً محضة لمجرد التعريف بل أسماء مشتقة من صفات قائمة به توجب له المدح والكمال ا. هـ وقال الزرقاني في شرح المواهب (3/113) عن أسماء النبي صلى الله عليه وسلم أن كلها تدل على معان شريفة ولذا قال ابن القيم أن محمداً علم وصفة في حقه صلى الله عليه وسلم وان كان علماً محضاً في حق غيره وهذا شأن أسمائه كأسماء الله أعلام دالة على معان هي أوصاف مدح فلا تضاد فيها العلمية الوصفية ولما كانت الأسماء قوالب المعاني ودالة عليها اقتضت الحكمة أن يكون بينها وبينها ارتباط وتناسب وأن لا تكون معها بمنزلة الأجنبي المحض الذي لا تعلق له بها فإن حكمة الحكيم تأبى ذلك والواقع يشهد بخلافه بل للأسماء تأثير في المسميات وللمسميات تأثير في أسمائها في الحسن والقبح والثقل واللطافة والكثافة كما قيل وقل إن أبصرت عيناك ذا لقب ... إلا ومعناه ان فكرت في لقبه ب) أسماء القرآن وانظر في ذلك البرهان للزركشي (1/273) والإتقان للسيوطي (1/159) والتبيان لطاهر الجزائري اعتنى به الشيخ أبو غدة رحمه الله ص 155، والتدمرية لشيخ الإسلام وشرحها لفالح آل مهدي ص226 (2) ... العلم هو الذي يعين مسماه مطلقاً من غير قرينة وقد قال ابن مالك: اسم يعين المسمى مطلقاً ... علمه كجعفر وخرنقا (3) سيأتي معنى الوصف والفرق بينه وبين الاسم في الملحق (4) الذات لها معان سنذكرها في الملحق والمراد هنا ما قام بنفسه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 61 عليه من المعاني وهي بالاعتبار الأول (1) مترادفة (2) لدلالتها على مسمى واحد وهو الله عز وجل وبالاعتبار الثاني (3) متباينة (4) لدلالة كل واحد منهما على معناه الخاص فـ " الحي العليم القدير السميع البصير الرحمن الرحيم العزيز الحكيم " كلها أسماء لمسمى واحد وهو الله سبحانه وتعالى لكن معنى الحي غير معنى العليم غير معنى القدير وهكذا (5) وإنما قلنا بأنها أعلام وأوصاف لدلالة القرآن عليه (6) كما في قوله تعالى (وهو الغفور الرحيم) [الأحقاف:8]   (1) أي باعتبار دلالتها على الذات فإنها مترادفة لأن العليم بمعنى السميع بمعنى البصير وهكذا لدلالته على مسمى واحد (2) الترادف هو الألفاظ الكثيرة لمعنى واحد مثل: أسد وليث، وقمح وبر وحنطة وهكذا انظر شرح تنقيح الفصول للقرافي ص 31 وشرح المنهاج للجاربردي (1/306) وشرح مختصر ابن الحاجب للأصفهاني (1/175) (3) أي باعتبار ما تدل عليه من المعاني فإنها متباينة لأن السمع غير البصر وهكذا قال في مراقي السعود: اللفظ والمعنى إذا تعددا ... معاً تباين كراح واغتدا انظر شرح الولاتي على المراقي ص24وانظر شرح النونية لابن عيسى (2/252) (4) التباين هو الاختلاف بين الألفاظ باعتبار تعدد معناها. مثل: حديد، كتاب، سماء، سيف انظر توضيح المنطق للمدلوح ص30 وقال في مراقي السعود المطبوع مع شرح الولاتي ص26: وما يرى لنوع ذا يخالف ... كالبر والقمح هو المرادف وليس منه ما به لمقصد ... زيادة كالسيف والمهند (5) يقول الإمام ابن القيم في كتاب الأسماء الحسنى الذي جمعه يوسف بن علي ص 255: اختلف النظار في هذه الأسماء: هل هي متباينة نظراً إلى تباين معانيها وأن كل اسم يدل على معنى غير ما يدل الآخر أم هي مترادفة لأنها تدل على ذات واحدة فمدلولها لا تعدد فيه وهذا شأن المترادفات؟ والنزاع لفظي في ذلك. والتحقيق أن يقال: هي مترادفة بالنظر إلى الذات متباينة بالنظر إلى الصفات وكل اسم منها يدل على الذات الموصوفة بتلك الصفة بالمطابقة وعلى أحدهما وحده بالتضمن وعلى الصفة الأخرى بالالتزام. وانظر التدمرية لشيخ الإسلام وشرحها لفالح آل مهدي ص226 (6) ذكر المؤلف الأدلة على أن أسماء الله أعلام وأوصاف من القرآن ولإجماع أهل اللغة = = والعرف وسيأتي للمسألة مزيد من التفصيل في الملحق. انظر تمهيد الأوائل للباقلاني ص 228 وتبصرة الأدلة في أصول الدين لأبي المعين النسفي (1/201إلى 209) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 62 وقوله: (وربك الغفور ذو الرحمة) (1) [الكهف: 58] فإن الآية الثانية دلت على أن الرحيم هو المتصف بالرحمة ولإجماع أهل اللغة والعرف أنه لا يقال: عليم إلا لمن له علم ولا سميع إلا لمن له سمع ولا بصير إلا لمن له بصر وهذا أمر أبين من أن يحتاج إلى دليل (2) . وبهذا علم ضلال من سلبوا (3) أسماء الله تعالى معانيها من أهل التعطيل (4) وقالوا: " إن الله تعالى سميع بلا سمع وبصير بلا بصر وعزيز بلا   (1) ... والشاهد من الآية قوله (ذو الرحمة) وقد ذكر المفسرون أن معناها: صاحب الرحمة أي أن الرب موصوف بها، ففرق بين الرحيم وبين (ذو الرحمة) تأكيداً لإثبات الصفة لله يقول الآلوسي في تفسيره (15/305) : وعلى هذا يكون ذو الرحمة أبلغ من كل واحد من الرحمن الرحيم وإن كانا معا أبلغ منه ولذا جاء بهما في البسملة دونه، ومن أنصف لم يشك في أن قولك فلان ذو العلم أبلغ من قولك فلان عليم بل ومن قولك: فلان العليم من حيث أن الأول يفيد أنه صاحب ماهية العلم ومالكها ولا كذلك الأخيران ا. هـ وقد أول الخلف صفة الرحمة إما بالإنعام أو بإرادة الأنعام. وانظر الرازي (21/121) وحاشية الشهاب على البيضاوي (6/198) [ص: 28] _ (2) وهو كما قال المؤلف حفظه الله، وللنسفي في التبصرة تفصيل في ذلك. وقال في مراقي السعود: وعند فقد الوصف لا يشتق ... وأعوز المعتزلي الحق يعني أن الذات إذا لم تتصف بالمصدر فلا يصح الاشتقاق لها منه فلا يصح اشتقاق الضارب لمن لم يقم منه ضرب أصلاً ولا اشتقاق الأسود لمن لم يقم به سواد خلافاً للمعتزلة القائلين بجواز ذلك مع عدم اتصاف الذات بالمصدر انظر نثر الورود للشنقيطي (1/129) وأقاويل الثقات للشيخ مرعي الكرمي ص 67 (3) ... السلب بمعني النفي أي نفوا المعاني والصفات من أسماء الله انظر التحفة المهدية شرح التدمرية لفالح المهدي ص 50 (4) من المعتزلة والفلاسفة وغيرهما الذين نفوا الصفات والتعطيل لغة: التفريغ وفي الاصطلاح هنا: إنكار ما يجب لله تعالى من الأسماء والصفات أو ِإنكار بعضه فهو نوعان: تعطيل كلي كتعطيل الجهمية الذين أنكروا الصفات وغلاتهم ينكرون الأسماء أيضاً = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 63 عزة وهكذا " (1) . وعللوا ذلك بأن ثبوت الصفات يستلزم تعدد القدماء (2) وهذه العلة عليلة بل ميتة لدلالة السمع (3) والعقل على بطلانها. * أما السمع: فلأن الله تعالى وصف نفسه بأوصاف كثيرة مع أنه الواحد الأحد فقال تعالى (إن بطش ربك لشديد * إنه هو يبدىء ويعيد * وهو الغفور الودود * ذو العرش المجيد * فعال لما يريد) (4) [البروج: 12-16]   = ب - تعطيل جزئي كتعطيل الأشعرية الذين ينكرون بعض الصفات دون بعض وأول من عرف بالتعطيل من هذه الأمة هو الجعد بن درهم. (1) ... ذهب جمهور المعتزلة إلى أن الله عالم بالذات لا بعلم زائد على الذات وهكذا في بقية الصفات ولهذا قالوا: عليم بلا علم، سميع بلا سمع إذ لو أنكروا أن الله يعلم لكفرهم المسلمون فهم يثبتون الاسم والأثر وينفون الصفة كما سيأتي في القاعدة الثالثة. وذهب أبو الهذيل العلاف إلى أن الله عالم بعلم وعلمه ذاته، قادر بقدرة وقدرته ذاته، حي بحياة وحياته ذاته، كذا في الملل للشهرستاني (1/50) ونقل الأشعري في المقالات (1/265) عن أبي الهذيل أنه يقول: لله علم هو هو وقدرة هي هو وحياة هي هو وسمع هو هو وكذلك في سائر صفات الذات قال الشهرستاني في الملل (1/50) = والفرق بين قول القائل: عالم بذاته لا بعلم وبين قول القائل: عالم بعلم هو ذاته: أن الأول نفي الصفة والثاني إثبات ذات هو بعينة صفة أو إثبات صفة هي بعينها ذات وقد ذكر الجويني في الإرشاد ص 101 أن قول أبي الهذيل يعد من فضائحه وتناقضاته وسيأتي التعليق على مسألة هل الصفة زائدة على الذات بعد الانتهاء من قواعد الأسماء عند كلامنا على أن الأسماء ليست مخلوقة (2) ... ولهذا كان يقول واصل بن عطاء كما في الملل (1/46) : إن من أثبت معنى صفة قديمة فقد أثبت إلهين ونقل الشهرستاني في نهاية الأقدام في علم الكلام (ص: 191: إن المعتزلة تأثروا بالفلاسفة في نفيهم للصفات ا. هـ. والقديم: يطلق على أمرين: أ - المتقدم على غيره فيقال: هذا قديم للعتيق. الأزلي فيقال: الله قديم أي أزلي ولهم حجة أخرى هي أن إثبات الصفات يستلزم التشبيه وسيأتي الرد عليها. (3) ... السمع هو القرآن والسنة وسيمر بك هذا التعبير كثيراً فتنبه له قاله المؤلف. (4) ... في هذه الآية وصف الله نفسه بالبطش وأنه الذي يبدىء ويعيد وأنه الغفور الودود وأنه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 64 وقال تعالى: (سبح اسم ربك الأعلى * الذي خلق فسوى * والذي قدر فهدى * والذي أخرج المرعى * فجعله غثاءً أحوى) (1) [الأعلى: 1-5] ففي هذه الآيات الكريمة أوصاف كثيرة لموصوف واحد ولم يلزم من ثبوتها تعدد القدماء. - وأما العقل: فلأن الصفات ليست ذوات (2) بائنة (3) من الموصوف حتى يلزم من ثبوتها التعدد وإنما هي من صفات من اتصف بها فهي قائمة به وكل موجود (4) فلابد له من تعدد صفاته ففيه صفة الوجود (5)   = صاحب العرش وأنه المجيد وأنه الفعال. ملاحظة: اختلف القراء في كلمة المجيد فقرأ نافع وعاصم وابن كثير وأبو عمرو وابن عامر بالرفع على أنه صفة لقوله (ذو) وقرأ حمزة والكسائي والمفضل عن عاصم المجيد بالخفض على أنه نعت للعرش وهو قول الأزهرى كما في كتابه القراءات (2/763) واستظهره ابن أبي مريم في الموضح (3/1356) أو أنه صفة (لربك) كما هو قول أبي على الفارسي في الحجة (6/1393) وانظر الخلاف في الكشف لمكي القيسي (2/369) ومشكل إعراب القرآن لمكي (2/809) والفريد للهمداني (4/653) (1) فوصف نفسه بأنه الأعلى وأنه الذي خلق وأنه الذي سوى وقدر وهدى وأخرج المرعى. (2) ذوات: خبر ليس منصوب بالكسرة. (3) أي منفصلة. (4) ... (أي حقيقة كما سيأتي في القاعدة الأولى من قواعد الصفات، إذ أن الوجود قسمان أ) وجود ذهني وهو الذي يكون في الأذهان كالتصورات والخيالات التي تدور في النفس ب) وجود خارجي ويسمى بالوجود العيني وهو الوجود المادي للشيء المتشخص في الأعيان كالشجر والحجر. انظر تعريفات الجرجاني ص 104، كشاف التهانوي (4/301) ومنظومة السبزواري مع شرحها للمرتضي المطهري (1/205) والأجوبة المرضية لتقريب التدمرية لبلال الجزائري ص 35 (5) ... ظاهر كلام المؤلف أن الوجود صفة لله ومشى عليه السفاريني في اللوامع (1/42) وللناس في ذلك أقوال: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 65 أ) أن الوجود صفة كما ذكر المؤلف وهو مذهب الرازي. وكونه واجب الوجود أو ممكن الوجود (1) وكونه عيناً قائماً بنفسه أو وصفاً في غيره (2) [الدهر ليس من أسماء الله] وبهذا أيضاً علم أن "الدهر" ليس من أسماء الله تعالى لأنه اسم جامد لا يتضمن معنى يلحقه بالأسماء الحسنى (3) ولأنه اسم للوقت والزمن (4) قال الله تعالى عن منكري البعث: (وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر) [الجاثية: 24] يريدون مرور الليالي والأيام. فأما قوله صلى الله عليه وسلم: " قال الله عز وجل: يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر بيدي الأمر أقلب الليل والنهار " (5) فلا يدل على أن الدهر من أسماء الله "   = ب) أن الوجود صفة للحادث دون القديم وهو قول الفلاسفة. ج) إن الوجود ليس صفة بل هو عين الذات ليس بزائد عليها والذات ليست بصفة لكن لما كان الوجود توصف به الذات في اللفظ فيقال ذات مولانا عز وجل موجودة صح أن يعد صفة على الجملة وهو مذهب الأشعري. انظر شرح أم البراهين للسنوسي مع حاشية الدسوقي ص 4، ودرء تعارض العقل والنقل لشيخ الإسلام (1/170) ط. دار الكتب العلمية، وحاشية الباجوري على السنوسية ص 51. (1) ... واجب الوجود هو الذي لا يتصور في العقل عدمه كوجود الله وممكن الوجود أو جائز الوجود هو الذي يتصور في العقل عدمه ووجوده ككل المخلوقات. انظر لوامع الأنوار للسفارني (1/58) (2) ... إذاً كل موجود لابد له من تعدد صفاته فما دام أنه موجود فلابد من تعدد صفاته وأقلها هي أ - صفة الوجود. ب - كونه واجب الوجود وهو الرب أو جائز الوجود وهو المخلوق. ج - ... كونه عيناً قائماً بنفسه أو وصفاً قائماً في غيره. (3) هذا هو الدليل الأول على أن الدهر ليس اسما لله إذ أن أسماء الله حسنى كما سبق وتتضمن المعاني أما الدهر فاسم جامد. (4) وقيل أن الدهر الأبد المحدود ذكره الأزهري في تهذيب اللغة (6/191) وهو ما عبر عنه بالزمان الطويل، ذكره الزمخشري في الفائق (1/387) (5) رواه البخاري برقم (4826) ، (6181) ، (7491) في مواطن من كتابه ورواه مسلم في صحيحه (5/548) من نسخة المفهم 0 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 66 تعالى وذلك أن الذين يسبون الدهر إنما يريدون الزمان الذي هو محل الحوادث لا يريدون الله تعالى (1) فيكون معنى قوله: " وأنا الدهر " (2) ما فسره بقوله: " بيدي الأمر أقلب الليل والنهار فهو سبحانه خالق الدهر وما فيه (3) وقد بين أنه يقلب الليل والنهار وهما الدهر ولا يمكن أن يكون المقلب (بكسر اللام) هو المقلب (بفتحها) وبهذا تبين أنه يمتنع أن يكون الدهر في هذا الحديث مراداً به الله تعالى (4) ملحق القاعدة الثانية ذكرنا في الحاشية على القاعدة الثانية أننا سنفصل الكلام على عدة مسائل هي: 1 - الفرق بين الاسم والصفة.   (1) ... قال ابن الأثير في النهاية (2/144) : كان من شأن العرب أن تذم الدهر وتسبه عند النوازل والحوادث فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم من ذم الدهر وسبه أي لا تسبوا فاعل هذه الأشياء فإنكم إذا سببتموه وقع السب على الله لأنه الفعال لما يريد لا الدهر. (2) ... الرواية الصحيحة المشهورة برفع الدهر وانظر الخلاف فيه في المفهم للقرطبي (5/548) (3) في تأويل وأنا الدهر أكثر من وجه في التقدير: أ) ... أنا مدبر الأمور ففي الكلام محذوف تقديره: مدبر الدهر وليس هذا تأويلاً لأنه بدليل والدليل إنه لا يمكن أن نجعل الخالق الفاعل هو المخلوق المفعول. ب) ... أنه على تقدير: صاحب الدهر ج) التقدير مقلب الدهر ا. هـ من فتح الباري لابن حجر وانظر معجم المناهي اللفظية لبكر أبو زيد ص 265 ومنهج ابن حجر في العقيدة لمحمد بن إسحاق. (4) في هذا رد على ابن حزم وطائفة ممن أثبتوا اسم الدهر لله كما سيأتي وسيأتي حكم من ... يسب الدهر في فتوى للشيخ ابن عثيمين في الملحق. وبهذا يتبين لنا أنه لا يجوز لأحد أن يدعو ويقول: يا دهر ارحمني لأنه أن نوى الدهر ذاته فقد كفر وأشرك بالله وإن نوى الله فقد دعا بغير اسم من أسمائه. وقد ذكر ابن حزم أن الدهر اسم لله في المحلى (8/31) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 67 2 - تقرير أن الأسماء أعلام وأوصاف. 3 - معاني الذات. 4 - حجة المعطلة والرد عليها. 5 - الدهر. أولاً: الفرق بين الاسم والصفة (1) إن كل اسم يتضمن صفة، ولا تتنافى اسميته مع وصفيته فكل اسم صفة، وليس كل صفة اسماً، لأن بعض الصفات لا يشتق منها أسماؤه: كبعض الصفات الذاتية - مثلاً - كاليد، والعين، فلا يؤخذ منها أسماء قال ابن القيم - رحمه الله: " أسماء الرب تعالى هي أسماء ونعوت، فإنها دالة على صفات كماله، فلا تنافي فيها بين العلمية والوصفية، فالرحمن اسمه تعالى ووصفه، لا تنافي اسميته وصفيته، فمن حيث هو صفة جرى تابعاً على اسم الله ومن حيث هو اسم ورد في القرآن غير تابع بل ورود الاسم العلم " وكذلك فإن الأسماء مشتقة من الصفات- إذ الصفات مصادر الأسماء الحسنى. وأما الفرق بين الاسم والصفة فإنه يتضح في كون الأسماء تدل على الذات مع دلالتها على صفات الكمال، أما الصفات فإنها تدل على معنى قائم بالذات فقط. وقد سئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء عن الفرق بين الاسم والصفة، فأجابت بما نصه: " الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه، وبعد: أسماء الله كل ما دل على ذات الله مع صفات الكمال القائمة به، مثل: القادر، العليم، الحكيم، السميع، البصير، أما الصفات فهي نعوت الكمال   (1) نقلاً عن كتاب أسماء الله لعبد الله الغصن ص 139. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 68 القائمة بالذات كالعلم والحكمة والسمع والبصر فإن هذه الأسماء دلت على ذات الله، وعلى ما قام بها من العلم والحكمة والسمع والبصر فالاسم دل على أمرين، والصفة دلت على أمر واحد ويقال: الاسم متضمن للصفة، والصفة مستلزمة للاسم ... . الخ " ا. هـ وتتمة لهذا الأمر فإننا سنتكلم عن ضابط الأسماء الحسنى. تحديد ضابط الأسماء الحسنى (1) لعل أنسب تعريف للأسماء الحسنى هو قول شيخ الإسلام ابن تيمية فيها: (الأسماء الحسنى المعروفة: هي التي يدعى الله بها، وهي التي جاءت في الكتاب والسنة، وهي التي تقتضي المدح والثناء بنفسها) وهذا التعريف هو أصلح وأفضل تعريف للأسماء الحسنى وذلك: أولاً: لموافقته للنص الشرعي، ولعل شيخ الإسلام ابن تيمية استقاه من قوله تعالى {ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها} . فقوله في التعريف: (هي التي يدعى بها) مأخوذ من قوله تعالى: {فادعوه بها} [الأعراف: 180] وقوله: (هي التي وردت في الكتاب والسنة) مأخوذ من قوله: {الأسماء} (فالألف واللام هنا للعهد، فالأسماء بذلك تكون معهودة ولا معروف في ذلك إلا ما نص الله عليه في كتابه أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم (2) وقوله (وهي التي تقتضي المدح والثناء بنفسها) مأخوذ من قوله تعالى: {الحسنى} فالحسنى تأنيث الأحسن، والمعنى أن أسماء الله أحسن الأسماء وأكملها، (فما كان مسماه منقسماً إلى كمال ونقص وخير وشر لم يدخل اسمه في الأسماء الحسنى) (3)   (1) معتقد أهل السنة والجماعة في أسماء الله د. محمد خليفة التميمي ص35 وما بعده. (2) المحلي لابن حزم 1/29. (3) مدارج السالكين 3/416، 415. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 69 وبهذا يتضح لك أن ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في تعريف الأسماء الحسنى هو مطابق لما ذكره الله في كتابه العزيز وهذا وحده يكفي في اختيار هذا التعريف. ثانياً: مما يؤكد صحة هذا التعريف اشتماله على شرطين للاسم هما: الشرط الأول: ورود النص من القرآن أو السنة بذلك الاسم. والشرط الثاني: صحة الإطلاق وذلك أن يقتضي الاسم المدح والثناء بنفسه. وهذان الشرطان يحققان للتعريف مقوماته بأن يكون جامعاً لجوانب الشيء ومانعاً من دخول غيره فيه فالشرط الأول يؤكد على كون أسماء الله توقيفية وأنه لا يجوز استعمال القياس فيها. والشرط الثاني يؤكد على خاصية باب الأسماء وأنه أخص من باب الصفات وباب الإخبار. ثانياً: تقرير أن أسماء الله أعلام وأوصاف (1) : اعلم أن دلالة هذه الأسماء الحسنى على صفات الله لا تنافي علميتها الدالة على ذاته إذ أن صفاته مختصة به لا يشركه أحد سواه فهي في خصوصيتها هذه أشبهت العلم في دلالته على تعيين الذات فكان كل منهما مختصاً به تعالى وهذا خلاف ما يعلم من أسماء العباد فإن العلم فيهم يضاد الوصف من كل وجه وجماع ذلك يرجع لأمرين: - *أحدهما: لغوى وهي أن أسماء الأعلام إما أن تكون مشتقة أو مرتجلة فأما المرتجلة فالأمر فيها واضح فهي جوامد وأما المشتقة منها فإنها لما طرأت عليها العلمية جردت عن الدلالة على الأوصاف وإنما سميت مشتقة عرفاً نحوياً نظراً لأصلها لا لما هي عليه فرجع الأمر إلى الجمود في أسمائهم والمصدر هو الأصل في الاسم وهو من الجوامد والجامد   (1) ... هذا المبحث مأخوذ من القواعد الكلية للصفات للبريكان بتصرف مع إضافة عليه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 70 نقيض المشتق والصفة لا تكون إلا مشتقة ولذا لا يقع المصدر عند النحويين وصفاً لغيره لعدم دلالته على الوصفية لتوغله في الجمود فتبين بذلك أن علميتهم تنافي وصفيتهم من هذا الوجه. الثاني: وهو شرعي عقدي فإن صفات العباد مشتركة بينهم فالأمانة مثلاً لا تختص بفرد من أفراد بنى آدم وهكذا الشجاعة والكرم والصدق فإن هذه الصفات يتماثل فيها أفرادها فما من شخص إلا وله نظير فيما اتصف به وهذا المعنى يضاد العلمية فيهم فإنها مختصة لا تقبل الشركة إذ العلم من شرطه أن يعين مسماه مطلقاً وما لا يتعين فيه لا يكون كذلك فبان بذلك أن علميتهم تنافي وصفيتهم من هذا الوجه. ومما تقدم يتبين لنا خطأ ابن حزم من الظاهرية وضلال المعتزلة القائلين: بأن أسماء الله أعلام محضة جامدة لا دلالة لها على الوصفية البتة واعلم أن أسماء الله لو لم تدل على الوصفية المختصة به للزم من ذلك عدة أمور: - 1 - أن أسماء الله لو كانت جامدة لا تدل على معنى الوصفية لم تكن حسنى لكنها حسنى فلابد من دلالتها على الوصفية. 2 - أن من أسماء الله اسمه الأعظم ولو لم يدل على وصف حسن ومعنى كمال لائق بجلال الله وعظمته لم يكن لقيد العظمة فائدة فلم يكن أعظم إذ هو أفضل الأسماء الحسنى وهو منها فتكون دلالته على الوصف أكمل 3 - قال تعالى: (ولله الأسماء الحسنى) [الأعراف: 180] فأثنى بها على نفسه وتمدح بها والجامد لا مدح فيه ولا دلالة له على الثناء فلابد وأن تكون دالة على الوصفية. 4 - يلزم من كونها جامدة عدم تغاير معانيها فمعنى العليم هو معنى السميع مثلاً وهذا أمر يعرف فساده ببداهة العقول إذ لا يعقل عاقل أن معنى الرؤوف هو معنى البصير ولازم القول يدل على فساده وإن لم يدل على لزومه للقائل إذا هو لم يتبين اللازم 0 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 71 5 - أن الوصفية من لوازم الاسم المشتق وأسماء الله مشتقة من صفاته فهي تحمل دلالتها على الذات بالعلمية وعلى الصفة بالأصل كما أن ضارب يدل على ذات الضارب وعلى صفة الضرب فكذلك الأسماء: سميع يدل على صفة السمع وبصير يدل على صفة البصر. 6 - أن التنزيل جاء باستعمال الأسماء الحسنى تابعة للفظ الجلالة على أنها صفات له وهذا ليس من شأن الأعلام كما قال تعالي: (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) [الشورى: 11] وقوله (هو الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم) [الحشر:22] ومما تقدم يتضح أن النسب المعقولة بين الأسماء هي: - 1 - الترادف ومحله دلالة العلم الخاص به تعالى على ذاته جل وعلا 2 - التباين ومحله دلالة الاسم المتضمن على صفته سبحانه وتعالى وبتطبيق هذا الأصل على أجزائه وأفراده يتبين المراد ويتضح المعنى المطلوب فأسماء الله الحكيم والبصير والعليم يدل على كل منها على الذات بالعلمية وعلى الصفة التى اشتق منها بالوصفية فالحكيم يدل على ذات موصوفة بالحكمة والبصير يدل على ذات موصوفة بالبصر والعليم يدل على ذات موصوفة بالعلم وعند النظر نجد أن الذات المدلول عليها بالأسماء واحدة وهي ذاته العلية، وأن الصفات المدلول عليها بهذه الأسماء قد اختلفت فكل اسم دل على صفته الموافقة له في مادة التصريف وذلك الاتفاق في الذات هو الترادف إذ لا معنى له الا اتفاق أفراده في الدلالة على شيء واحد وهذا الاختلاف والتغاير هو التباين إذ لا معنى للتباين إلا عدم التقاء الألفاظ في معنى من المعاني فاسمه الحكيم هو البصير هو العليم هو الحكيم بالنظر إلى ذاته تعالى والحكيم غير البصير والبصير غير العليم غير الحكيم بالنظر إلى ما يدل عليه كل واحد منها من الصفة الخاصة به ونظير هذا أسماء الرسول صلى الله عليه وسلم والقرآن الكريم فإنها تدل على معنى واحد ومعانيها مختلفة فنتج من ذلك: - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 72 1 - أن هذه الأسماء مترادفة في الدلالة على الذات. 2 - أن هذه الأسماء متباينة في الدلالة على الصفات. 3 - أن النسبة المعقولة بين هذه الأسماء هى الترادف والتباين. 4 - أن محل الترادف هو الذات. 5 - أن محل التباين هو الصفات المختصة بكل اسم. 6 - أنه لا تناقض بينها والحالة هذه 7 - أن النظرتين مبنيتان على دلالة الأسماء الحسنى على العلمية والوصفية وتضمنها الدلالة على أحدهما. 8 - أن لحظ العلمية والوصفية مع الترادف والتباين لا يشكل تناقضاً في هذه القاعدة لاختلاف جهة كل واحد منهما. 9 - أنه لا يجوز إطلاق القول بتباين الأسماء أو ترادفها بل لا بد من التفصيل في ذلك ونسبة كل من النسبتين إلى متعلقها. 10 - أن الاطلاق يلزم منه الوقوع في باطل إما بالقول بعلمية الأسماء المحض أو إنكار الأسماء أصلاً. 11 - أن تعدد هذه الأسماء الحسنى لا يستلزم تعدد الذات لكنه يقضي بتعدد الصفات التي تدل عليها الأسماء. ثالثاً معاني الذات: ذكر المؤلف كلمة الذات كما سبق وقلنا إن لها معاني حسب أصل الكلمة وهي: 1 - إما أن تكون (ذات) مؤنث ذو الذي هو بمعنى صاحب فتكون ألفها مبدلة من الواو. وعلى هذا المعنى وقعت (ذات) مضافة إلى الجهات، وإلى الأزمان وإلى غيرهما، وتجرى مجرى الصفة لموصوف يدل عليه السياق مثل: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 73 أ - قوله تعالى {ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال} في سورة الكهف على تأويل جهة. ب - نقول: لقيته ذات ليلة وذات صباح على تأويل المقدر ساعة أو وقت وجرت مجرى المثل في ملازمتها هذا الاستعمال. ج - ... ومن أمثلة استخدامها بمعنى صاحبة قولنا: امرأة ذات مال أي صاحبة مال. 2 - ويجوز أن تكون ذات أصلية الألف كما يقال: أنا أعرف ذات فلان فالمعنى: حقيقة الشيء وماهيته كقول الشاعر: وذلك في ذات الإله وإن يشأ *** يبارك على أوصال شلو ممزع وهو أحد القولين في تفسير قوله تعالى {وأصلحوا ذات بينكم} كما ذكره أبو جعفر النحاس في معاني القرآن (3/129) ، وابن عاشور في تفسيره (9/253) إلا أن هذا محمول على المجاز (1) لا على حقيقة الذات التي هي ما يقابل الصفة ويرادف النفس إلا أن الاستعمال العرفي صار أن الذات تساوي النفس ونص الراغب في المفردات (1/242) أن ذلك ليس من كلام العرب ونقله السمين الحلبي في عمدة الحفاظ (2/54) .   (1) عرف الشيخ ابن عثيمين في كتابه الأصول ص25 المجاز بأنه اللفظ المستعمل في غير ما وضع له. وللناس في المجاز قولان: أ - ثبوته ب - نفيه وهو اختيار شيخ الإسلام وتلميذه الإمام ابن القيم وسماه طاغوتاً كما في الصواعق ومختصره وأول من قال بإنكاره هو الاسفرائيني. ملاحظة: نسب بعض الفضلاء المعاصرين إلى الشنقيطي القول بثبوت المجاز في اللغة وإنكاره في القرآن وهذا يخالف ما ذكره في رسالته منع جواز المجاز المطبوع مع أضواء البيان (10/8) حيث قال: أما على القول بأنه لا مجاز في اللغة أصلاً وهو الحق فعدم المجاز في القرآن واضح ا. هـ. وانظر رسالة المجاز في اللغة والقرآن الكريم د. عبد العظيم المطعني وإمتاع العقول بروضة الأصول لعبد القادر الحمد ص27. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 74 وذهب أكثر المفسرين إلى أن المراد من قوله تعالى {وأصلحوا ذات بينكم} أي حال بينكم كما ذكره الشهاب على البيضاوي (4/431) ، والخازن في تفسيره (2/290) ، والجاوي في تفسيره المسمى بمراح لبيد (1/314) وانظر مجمع بحار الأنوار للكجراتي (2/252) ، وكشاف اصطلاح الفنون للتهانوي (2/163) ، وانظر الخلاف في تفسيره بالحقيقة والحال في مجمع البيان للطبراسي (4/426) وتطلق الذات بمعنى التي على لغة طي كما قال ابن مالك: وكالتي أيضاً لديهم ذات وننقل ما قاله الشيخ ابن عثيمين في شرحه لصحيح البخاري وهو مخطوط ص 67: أما الذات فالذات كلمة اختلف فيها علماء اللغة هل هي فصيحة من العربية أو هي مولدة وليست بعربية؟ وأكثر المحققين على أنها مولدة وليست من العربية في شيء وإنما هي من مصطلح أهل الكلام (1) جعلوها بدلاً عن كلمة النفس فيقول مثلاً جاء زيد نفسه أو جاء زيد ذاته يجعلونها بدلاً عنها ولكنها ليست من كلام العرب العرباء كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله لأن اصهلا في اللغة لا تستعمل بمعنى النفس وهي في اللغة العربية تستعمل استعمالات متعددة منها: - 1 - أن تكون بمعنى صاحبة كما لو قلت تزوجت امرأة ذات علم أي صاحبة علم ويقابلها في المذكر ذو علم لو قلت اتصل بي رجل ذو علم أي صاحب علم. تستعمل بمعنى التي عند طيه، طي أصحاب الشمال، جبل طي   (1) قال المحبي في كتابه قصد السبيل فيما في اللغة العربية من الدخيل (2/51) نقلاً عن ابن برهان انه لا يصح إطلاق ذات على الله وان هذا جهل من المتكلمين. وقال النووي في تهذيب اللغات (2/113) ان هذا الإنكار منكر بل الذي قاله المتكلمون صحيح ا. هـ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 75 يجعلون الذات بمعنى التي كما يجعلون ذو بمعنى الذي وعليه قول الشاعر: فإن الماء ماء أبي وجدي ... وبئري ذو حفرت وذو طويت أي بئري الذي حفرت والذي طويت ويقال جاءت ذات أرضعت ولدها أي التي أرضعت ولدها. 2 - تأتي بمعنى جهة ومن ذلك قوله تعالى {ونقلبهم ذات اليمن وذات الشمال} أي جهة اليمين وجهة الشمال ويمكن أن يحمل عليها قول خبيب رضي الله عنه وذلك في ذات الإله وقول إبراهيم عليه الصلاة والسلام أو قول النبي صلى الله عليه وسلم في إبراهيم كذب ثلاث كذبات في ذات الله أي في جهته والمراد في سبيله وطاعته فتكون بمعنى الجهة. 3 - ان تكون زائدة للتوكيد توكيد التنكير مثل قدمنا مكة ذات يوم فوجدنا المسجد خفيفاً قوله ذات يوم هذه زائدة لتوكيد التنكير فلو قلنا قدمنا مكة يوماً فوجدنا المسجد خفيفاً استقام الكلام وهذا يوجد كثيراً في الحديث خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم ذات ليلة وما أشبه ذلك. هذه أربعة معان للذات في اللغة العربية أما ذات بمعنى نفس الشيء وحقيقة فهذه اختلف فيها علماء اللغة العربية فمنهم من أنكر استعمالها في هذا المعنى ومنهم من أجازها وظاهر صنيع البخاري رحمه الله جواز استعمالها بمعنى النفس فإذا قال قائل ما العلاقة بين هذا الاستعمال وبين المعنى الأصلي في اللغة العربية؟ قلنا المعنى الأصلي في اللغة العربية أن تأتي بمعنى صاحبة فهم يقولون ذات علم أي صاحبة علم والله تعالى ذو علم فأصلها مضارع لكن حذف المضاف ثم بقيت نكرة فعرفت بأل ولهذا منع بعض العلماء أن تقول ذات بالنسبة لله (1) ، لماذا؟ لأن التاء للتأنيث ولا يجوز استعمال الكلمة المؤنثة بالتاء ولو للمبالغة ولهذا لا يجوز أن تقول إن الله علامة ويجوز أن تقول إن هذا الرجل علامة   (1) وهو قول ابن برهان كما نقله المحبي في قصد السبيل (1/51) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 76 أما الله فتقول علام الغيوب فأنت إذا أتيت بذات تريد الرب عز وجل فإن هذا يعني تأنيث ما يضاف إلى الله وهذا لا يجوز لكن هذا خلاف استعمال جمهور علماء المحققين. رابعاً: حجة المعطلة والرد عليها ذكرنا في الحاشية على القاعدة الثانية أن الذين سلبوا معاني الصفات هم المعتزلة ومن تبعهم من أهل الكلام وغيرهم وطريقتهم أنهم يثبتون لله تعالى الأسماء دون الصفات ويجعلون الأسماء أعلاماً محضة ثم منهم من يقول إنها مترادفة فالعليم، والقدير والسميع والبصير شيء واحد ومنهم من يقول إنها متباينة ولكنه عليم بلا علم وقدير بلا قدرة سميع بلا سمع بصير بلا بصر ونحو ذلك. وشبهتهم أنهم اعتقدوا أن إثبات الصفات يستلزم التشبيه لأنه لا يوجد شيء متصف بالصفات إلا جسم والأجسام متماثلة فإثبات الصفات يستلزم التشبيه. والرد عليهم من وجوه: الأول: أن الله تعالى سمى نفسه بأسماء ووصف نفسه بصفات فإن كان إثبات الصفات يستلزم التشبيه فإثبات الأسماء كذلك وإن كان إثبات الأسماء لا يستلزم التشبيه فإثبات الصفات كذلك والتفريق بين هذا وهذا تناقض فإما أن يثبتوا الجميع فيوافقوا السلف وإما أن ينفوا الجميع فيوافقوا غلاة الجهمية والباطنية وإما أن يفرقوا فيقعوا في التناقض. الثاني: إن الله تعالى وصف أسماءه بأنها حسنى وأمرنا بدعائه بها فقال: (ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها) [الأعراف: 180] وهذا يقتضي أن تكون دالة على معاني عظيمة تكون وسيلة لنا في دعائنا ولا يصح خلوها عنها. ولو كانت أعلاماً محضة لكانت غير دالة على معنى سوى تعيين المسمى فضلاً عن أن تكون حسنة ووسيلة في الدعاء 0 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 77 الثالث: أن الله تعالى أثبت لنفسه الصفات إجمالاً وتفصيلاً مع نفي المماثلة فقال تعالى: (ولله المثل الأعلى) [النحل: 6] وقال: (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) [الشورى: 11] وهذا يدل على أن إثبات الصفات لا يستلزم التمثيل ولو كان يستلزم التمثيل لكان كلام الله متناقضاً. الرابع: إن من لا يتصف بصفات الكمال لا يصلح أن يكون ربا ولا إلهاً ولهذا عاب إبراهيم عليه الصلاة والسلام أباه باتخاذ ما لا يسمع ولا يبصر إلهاً فقال: (يا أبت لم تعبد مالا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئاً) [مريم: 42] . الخامس: أن كل موجود لابد له من صفة ولا يمكن وجود ذات مجردة من الصفات وحينئذ لابد أن يكون الخالق الواجب الوجوب متصفاً بالصفات اللائقة به. السادس: أن القول " بأن أسماء الله أعلام محضة مترادفة لا تدل إلا على ذات الله فقط " قول باطل لأن دلالات الكتاب والسنة متظافرة على أن كل اسم منها دال على معناه المختص به مع اتفاقها على مسمى واحد وموصوف واحد فالله تعالى هو الحي القيوم السميع البصير العليم القدير فالمسمى والموصوف واحد والأسماء والصفات متعددة ألا ترى أن الله تعالى يسمي نفسه باسمين أو أكثر في موضع واحد كقوله (هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر) [الحشر: 23] فلو كانت الأسماء مترادفة ترادفاً محضاً لكان ذكرها مجتمعة لغواً من القول لعدم الفائدة. السابع: أن القول " بأن الله تعالى عليم بلا علم وقدير بلا قدرة وسميع بلا سمع ونحو ذلك " قول باطل مخالف لمقتضى اللسان العربي وغير العربي فإن من المعلوم في لغات جميع العالم أن المشتق دال على المعنى المشتق منه وأنه لا يمكن أن يقال عليم لمن لا علم له ولا قدير لمن لا قدرة له ولا سميع لمن لا سمع له ونحو ذلك 0 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 78 وإذا كان كذلك تعين أن تكون أسماء الله تعالى دالة على ما تقتضيه من الصفات اللائقة به فيتعين إثبات الأسماء والصفات لخالق الأرض والسموات. الثامن: أن قولهم: لا يوجد شيء متصف بالصفات إلا جسم ممنوع فإننا نجد من الأشياء ما يصح أن يوصف وليس بجسم فإنه يقال: ليل طويل ونهار قصير وبرد شديد وحر خفيف ونحو ذلك وليست هذه أجساما على أن إضافة لفظ الجسم إلى الله تعالى إثباتاً أو نفياً من الطرق البدعية التي يتوصل بها أهل التعطيل إلى نفي الصفات التي أثبتها الله لنفسه. التاسع: أن قولهم: " الأجسام متماثلة " باطل ظاهر البطلان فإن تفاوت الأجسام ظاهر لا يمكن إنكاره ا. هـ من تقريب التدمرية للشيخ ابن عثيمين. ومما سبق يتبين أمور: أولاً: وجوب إثبات الأسماء والصفات وأنه الحق الذي هو أصل الإيمان بوجود الرب عز وجل وحقيقته. ثانياً: أن حقيقة من لا يؤمن بأسماء الله وصفاته أنه لا يؤمن برب مقصود ولا بإله معبود. ثالثاً: أن صفات الرب عز وجل من مكونات ذاته. رابعاً: أن الذات ليست صفة لله ولا اسما من أسمائه واستعمالها في باب الخبر عنه تعالى يراد به إثبات ما تدل عليه من مدح وثناء وهو كون الرب جل شأنه موصوفاً بالصفات. خامساً: أن من نفى الصفات لم يقدر الله حق قدره سادساً: أن الذات المجردة عن الصفات لا حقيقة لها سابعاً: أن التعطيل شر من الشرك لأن المعطل جاحد للذات أو لكمالها وهو جحد لحقيقة الألوهية ثامناً: أن الفروض الذهنية التجريدية لا توجد في خارج الذهن بل وجودها في العيان مستحيل ا. هـ من القواعد الكلية للصفات للبريكان بتصرف 0 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 79 خامساً: الدهر ذكرنا أن الدهر ليس من أسماء الله وننقل نص فتوى ابن تيمية في مجموع الفتاوى (2/491) : سئل شيخ الإسلام رحمه الله: عن قوله صلى الله عليه وسلم: " لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر فهل هذا موافق لما يقوله الاتحادية: بينوا لنا ذلك؟ فأجاب: - الحمد لله قوله لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر: مروى بألفاظ أخر كقوله: " يقول الله: يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر بيدي الأمر أقلب الليل والنهار، وفي لفظ: " لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر، يقلب الليل والنهار: " وفي لفظ: " يقول ابن آدم يا خيبة الدهر وأنا الدهر " فقوله في الحديث " بيدي الأمر أقلب الليل والنهار " يبين أنه ليس المراد به أنا الزمان فإنه قد أخبر أنه يقلب الليل والنهار والزمان هو الليل والنهار: فدل نفس الحديث على أنه هو يقلب الزمان ويصرفه كما دل عليه قوله تعالى: (ألم تر أن الله يزجي سحاباً ثم يؤلف بينه ثم يجعله ركاماً فترى الودق يخرج من خلاله وينزل من السماء من جبال فيها من برد فيصيب به من يشاء ويصرفه عمن يشاء يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار، يقلب الله الليل والنهار، إن في ذلك لعبرة لأولى الأبصار) وإزجاء السحاب سوقه والودق المطر. فقد بين سبحانه خلقه للمطر وإنزاله على الأرض فإنه سبب الحياة في الأرض فإنه سبحانه جعل من الماء كل شيء حي، ثم قال: " يقلب الله الليل والنهار " إذ تقليبه الليل والنهار: تحويل أحوال العالم بإنزال المطر، الذي هو سبب خلق النبات والحيوان والمعدن، وذلك سبب تحويل الناس من حال إلى حال، المتضمن رفع قوم وخفض آخرين. وقد أخبر سبحانه بخلقه الزمان في غير موضع كقوله: (وجعل الظلمات والنور) وقوله: (وهو الذي خلق الليل والنهار والشمس والقمر كل في فلك يسبحون) وقوله: (وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكوراً) وقوله: (إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 80 والنهار لآيات لأولى الألباب) وغير ذلك من النصوص التي تبين أنه خالق الزمان. ولا يتوهم عاقل أن الله هو الزمان فإن الزمان مقدار الحركة والحركة مقدارها من باب الأعراض والصفات القائمة بغيرها: كالحركة والسكون والسواد والبياض. ولا يقول عاقل أن خالق العالم هو من باب الأعراض والصفات المفتقرة إلى الجواهر والأعيان، فإن الأعراض لا تقوم بنفسها، بل هي مفتقرة إلى محل تقوم به، والمفتقر إلى ما يغايره لا يوجد بنفسه، بل بذلك الغير فهو محتاج إلى ما به في نفسه من غيره فكيف يكون هو الخالق؟ ثم أن يستغني بنفسه، وأن يحتاج إليه ما سواه، وهذه صفة الخالق سبحانه، فكيف يتوهم أنه من النوع الأول. وأهل الإلحاد - القائلون بالوحدة أو الحلول أو الاتحاد - لا يقولون أنه هو الزمان، ولا أنه من جنس الأعراض والصفات، بل يقولون هو مجموع العالم، أو حال في مجموع العالم. فليس في الحديث شبهة لهم، لو لم يكن قد بين فيه انه - سبحانه - مقلب الليل والنهار، فكيف وفي نفس الحديث أنه بيده الأمر يقلب الليل والنهار. إذا تبين هذا: فللناس في الحديث قولان معروفان لأصحاب أحمد وغيرهم. أحدهما: وهو قول أبي عبيد وأكثر العلماء أن هذا الحديث خرج الكلام فيه لرد ما يقوله أهل الجاهلية، ومن أشبههم، فإنهم إذا أصابتهم مصيبة أو منعوا أغراضهم أخذوا يسبون الدهر والزمان، يقول أحدهم قبح الله الدهر الذي شتت شملنا، ولعن الله الزمان الذي جرى فيه كذا وكذا. وكثيراً ما جرى من كلام الشعراء وأمثالهم نحو هذا، كقولهم: يا دهر فعلت كذا. وهم يقصدون سب من فعل تلك الأمور، ويضيفونها إلى الدهر، فيقع السب على الله تعالى: لأنه هو الذي فعل تلك الأمور وأحدثها والدهر مخلوق له، هو الذي يقلبه ويصرفه 0 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 81 والتقدير: أن أبن آدم يسب من فعل هذه الأمور وأنا فعلتها فإذا سب الدهر فمقصوده سب الفاعل وإن أضاف الفعل إلى الدهر، فالدهر لا فعل له، وإنما الفاعل هو الله وحده. وهذا كرجل قضى عليه قاض بحق أو أفتاه مفت بحق، فجعل يقول: لعن الله من قضى بهذا أو أفتى بهذا، ويكون ذلك من قضاء النبي صلى الله عليه وسلم وفتياه فيقع السب عليه، وإن كان الساب - لجهله - أضاف الأمر إلي المبلغ في الحقيقة، والمبلغ له فعل من التبليغ بخلاف الزمان فإن الله يقلبه ويصرفه. والقول الثاني: قول نعيم بن حماد، وطائفة معه من أهل الحديث والصوفية: إن الدهر من أسماء الله تعالى ومعناه القديم الأزلي ورووا في بعض الأدعية: يا دهر!! يا ديهور!! يا ديهار وهذا المعنى صحيح: لأن الله سبحانه هو الأول ليس قبله شيء، وهو الآخر ليس بعده شيء فهذا المعنى صحيح إنما النزاع في كونه يسمى دهراً بكل حال فقد اجمع المسلمون - وهو مما علم بالعقل الصريح - أن الله سبحانه وتعالى ليس هو الدهر الذي هو الزمان، أو ما يجرى مجرى الزمان فإن الناس متفقون على أن الزمان الذي هو الليل والنهار. وكذلك ما يجرى ذلك مجرى ذلك في الجنة، كما قال تعالى: (ولهم رزقهم فيها بكرة وعشياً) قالوا على مقدار البكرة والعشى في الدنيا و [في] الآخرة يوم الجمعة يوم المزيد والجنة ليس فيها شمس ولا قمر ولكن تعرف الأوقات بأنوار أُخر، قد روى أنها تظهر من تحت العرش، فالزمان هنالك مقدار الحركة التي بها تظهر تلك الأنوار. وهل وراء ذلك جوهر قائم بنفسه سيال هو الدهر؟ هذا مما تنازع فيه الناس فأثبته طائفة من المتفلسفة من أصحاب أفلاطون، كما أثبتوا الكليات المجردة في الخارج التي تسمى المثل الأفلاطونية (1)   (1) المثل الأفلاطونية هي أكثر المذاهب الفلسفية شيوعاً وهي حقائق كلية ثابتة موجودة بالفعل في رأى أفلاطون - وجوداً خارجياً في عالم غير محسوس وأنه هو الأصل وأما = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 82 والمثل المطلقة وأثبتوا الهيولى (1) التي هي مادة مجردة عن الصور وأثبتوا الخلاء جوهراً قائماً بنفسه. وأما جماهير العقلاء من الفلاسفة وغيرهم: فيعلمون ان هذا كله لا حقيقة له في الخارج، وإنما هي أمور يقدرها الذهن ويفرضها فيظن الغالطون أن هذا الثابت في الأذهان هو بعينه ثابت في الخارج عن الأذهان كما ظنوا مثل ذلك في الوجود المطلق، مع علمهم أن المطلق بشرط الإطلاق وجوده في الذهن وليس في الخارج إلا شيء معين وهى الأعيان، وما يقوم بها من الصفات فلا مكان إلا الجسم أو ما يقوم به، ولا زمان إلا مقدار الحركة، ولا مادة مجردة عن الصور بل ولا مادة مقترنة بها غير الجسم الذي يقوم به الأعراض، ولا صورة إلا ما هو عرض قائم بالجسم أو ما هو الجسم يقوم به العرض وهذا وأمثاله مبسوط في غير هذا الموضع ا. هـ. ويقول أبو عبيد القاسم بن سلام الهروي في غريب الحديث (2/145) قوله: إن الله هو الدهر وهذا لا ينبغي لأحد من أهل الإسلام أن يجهل وجهه وذلك أن أهل التعطيل يحتجون به على المسلمين وقد رأيت بعض من يتهم بالزندقة والدهرية يحتج بهذا الحديث ويقول: ألا تراه يقول: فإن الله هو الدهر! فقلت: وهل كان أحد يسب الله في آباد الدهر؟ وتأويله عندي - والله أعلم - أن العرب كان شأنها أن تذم الدهر وتسبه عند المصائب التي تنزل بهم من موت أو هرم أو تلف مال أو غير ذلك.   = الأشياء الموجودة مجرد صور أو صدى لهذه المثل. انظر مدخل إلى الفلسفة د. إمام عبد الفتاح ص254، الفكر الفلسفي د. محمد نصار ص97. (1) ... الهيولى: في كلام المتكلمين: أصل الشيء، فإن يكن من كلام العرب فهو صحيح الاشتقاق ووزنه فيعولى، أولاً - الصواب أنه لفظ يوناني بمعنى الأصل والمادة وفي الاصطلاح: جوهر في الجسم قابل لما يعرض له من الاتصال والانفصال ا. هـ من المزهر للسيوطي (1/277) .، وشرح التدمرية لفالح آل مهدي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 83 فيقولون: أصابتهم قوارع الدهر، وأبادهم الدهر، وأتى عليهم الدهر، فيجعلونه الذي يفعل فيذمونه عليه، وقد ذكروه في أشعارهم قال الشاعر يذكر قوماً هلكوا: فاستأثر الدهر الغداة بهم ... والدهر يرميني ولا أرمى يا دهر قد أكثرت فجعتنا ... بسراتنا ووقرت في العظم وسلبتنا ما لست تعقبنا ... يا دهر ما أنصفت في الحكم وقال عمرو بن قميئة: رمتى بنات الدهر من حيث لا أرى ... فكيف بمن يرمي وليس برام فلو أنها نبل إذاً لاتقيتها ... ولكنما أرمي بغير سهام على الراحتين مرة على العصا ... أنوء ثلاثاً بعدهن قيامي فأخبر أن الدهر فعل به ذلك نصف الهرم. وقد أخبر الله تعالى بذلك عنهم في كتابه الكريم ثم كذبهم بقولهم فقال (وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر) وقال الله عز وجل (وما لهم بذلك من علم إن هم إلا يظنون) فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا تسبوا الدهر - على تأويل لا تسبوا الذي يفعل لكم هذه الأشياء ويصيبكم بهذه المصائب فإنكم إذا سببتم فاعلها فإنما يقع السب على الله تعالى لأنه عز وجل هو الفاعل لها لا الدهر فهذا وجه الحديث إن شاء الله. ولإتمام الفائدة ننقل ما سئل عنه الشيخ ابن عثيمين فيما يتعلق بهذا الحديث: سئل الشيخ غفر الله له: عن قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي قال الله تعالى " يؤذيني ابن آدم، يسب الدهر، وأنا الدهر، بيدي الأمر أقلب الليل والنهار "؟ فأجاب قائلاً: قوله في الحديث المشار إليه في السؤال: " يؤذيني ابن آدم " أي أنه سبحانه يتأذى بما ذكر في الحديث، لكن ليست الأذية التي أثبتها الله لنفسه ليست كأذية المخلوق، بدليل قوله تعالى: (ليس كمثله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 84 شيء وهو السميع البصير) [الشورى: 11] فقدم نفى المماثلة على الإثبات لأجل أن يرد الإثبات على قلب خال من توهم المماثلة ويكون الإثبات حينئذ على الوجه اللائق به تعالى، وأنه لا يماثل في صفاته، كما لا يماثل في ذاته، وكل ما وصف الله به نفسه ليس فيه احتمال للتمثيل، إذ لو أجزت احتمال التمثيل في كلامه سبحانه وكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم في صفات الله لأجزت احتمال الكفر في كلام الله سبحانه وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم لأن تمثيل صفات الله تعالى بصفات المخلوقين كفر لأنه تكذيب لقوله تعالى: (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) [الشورى: 11] وقوله " وأنا الدهر " أي مدبر الدهر ومصرفه كما قال الله تعالى: (وتلك الأيام نداولها بين الناس) [آل عمران: 140] كما قال في هذا الحديث " أقلب الليل والنهار " والليل والنهار هو الدهر. ولا يقال: بأن الله نفسه هو الدهر، ومن قال ذلك فقد جعل المخلوق خالقاً والمقَّلب مقلِّباَ فإن قيل أليس المجاز ممنوعاً في كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم وفي اللغة؟ أجيب: بلى، ولكن الكلمة حقيقة في معناها الذي دل عليه السياق والقرائن، وهنا في الكلام محذوف تقديره " وأنا مقلب الدهر " لأنه فسره بقوله " أقلب الليل والنهار " ولأن العقل لا يمكن أن يجعل الخالق الفاعل هو المخلوق المفعول. سئل الشيخ: هل الدهر من أسماء الله؟ فأجاب بقوله: الدهر ليس من أسماء الله سبحانه وتعالى، ومن زعم ذلك فقد أخطأ وذلك لسببين: السبب الأول: أن أسماءه سبحانه وتعالى حسنى، أي بالغة في الحسن أكمله، فلابد أن تشتمل على وصف ومعنى هو أحسن ما يكون من الأوصاف والمعاني في دلالة هذه الكلمة، ولهذا لا تجد في أسماء الله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 85 تعالى اسما جامداً والدهر اسم جامد لا يحمل معنى إلا أنه اسم للأوقات. السبب الثاني: أن سياق الحديث يأبى ذلك، لأنه قال: " أقلب الليل والنهار " والليل والنهار هما الدهر فكيف يمكن أن يكون المقلب بفتح اللام - هو المقلب - بكسر اللام -؟! سئل فضيلة الشيخ: ما حكم سب الدهر؟ فأجاب قائلاً: سب الدهر ينقسم إلى ثلاثة أقسام: القسم الأول: أن يقصد الخبر المحض دون اللوم فهذا جائز مثل أن يقول تعبنا من شدة الحر هذا اليوم، أو برده وما أشبه ذلك لأن الأعمال بالنيات واللفظ صالح لمجرد الخبر. القسم الثاني: أن يسب الدهر على أنه هو الفاعل، كأنه يقصد بسبه الدهر أن الدهر هو الذي يقلب الأمور إلى الخير أو الشر فهذا شرك أكبر لأنه اعتقد أن مع الله خالقاً حيث نسب الحوادث إلى غير الله القسم الثالث: أن يسب الدهر وهو يعتقد أن الفاعل هو الله ولكن يسبه لأنه محل هذه الأمور المكروهة فهذا محرم لأنه مناف للصبر الواجب وليس بكفر لأنه ما سب الله مباشرة ولو سب الله مباشرة لكان كافراً. ******* الجزء: 1 ¦ الصفحة: 86 القاعدة الثالثة أسماء الله تعالى إن دلت على وصف متعد (1) تضمنت ثلاثة أمور: أحدها: - ثبوت ذلك الاسم لله عز وجل. (2) الثاني: ثبوت الصفة التي تضمنها لله عز وجل. (3) الثالث: ثبوت حكمها ومقتضاها. (4) ولهذا استدل أهل العلم على سقوط الحد (5) عن قطاع الطريق بالتوبة   (1) المتعدي هو الذي يصل إلى المفعول به بنفسه مثل: بريت القلم وسيأتي في الملحق تفصيل ذلك. (2) أي يقر ويعترف أنه اسم الله تعالى دال على ذاته وصفاته فلا يعارض إثباته بالنفي والإنكار. (3) ... أي الإيمان بما دل عليه من معنى بالدلالة الوضعية اللغوية وهى المطابقة والتضمن والالتزام كما سيأتي في القاعدة الرابعة فلابد من الإقرار والاعتراف الجازم بكل ذلك. (4) ... وهو ما يسمى بالأثر وسيذكر المؤلف في القاعدة السابعة أن الإلحاد في الأسماء يكون بـ: أ - إنكار الاسم ب - إنكار الصفة ت - إنكار الحكم أو المقتضى أو الأثر كما سيأتي: - ومما ينبغي التنبيه له أن في هذه القاعدة رداً على المعطلة من الجهمية والمعتزلة وغيرهما ووجه ذلك أن ثبوت الاسم فيه رد على الجهمية. وثبوت الصفة فيه رد على المعتزلة. أما الأثر فإن المعتزلة يثبتونه فهم يقولون إن لله اسم العليم وليست له صفة العلم لكنه يعلم أي أنهم أثبتوا الأثر إلا أنهم يقولون يعلم بذاته. (5) ... أي حد الحرابه يسقط قبل القدرة عليهم بلا خلاف بين أهل العلم وحد الحرابه هو القتل أو الصلب أو قطع اليد والرجل من خلاف، أو النفي. أما حقوق الآدميين من القصاص إن قتل، والجراح إن جرح، ورد المال إن أخذ المال فهذا لا يسقط بالتوبة. وفي تفسير الجلالين (فاعلموا أن الله غفور لهم ما أتوا، رحيم بهم، عبر بذلك دون أن = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 87 استدلوا على ذلك بقوله تعالى {إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أن الله غفور رحيم} [المائدة:34] لأن مقتضى هذين الاسمين أن يكون الله تعالى قد غفر لهم ذنوبهم ورحمهم بإسقاط الحد عنهم. مثال ذلك: " السميع " يتضمن إثبات السميع اسماً لله تعالى وإثبات السمع صفة له وإثبات حكم ذلك ومقتضاه وهو أنه يسمع السر والنجوى (1) كما قال تعالى: {والله يسمع تحاوركما إن الله سميع بصير} [المجادلة: 1] وإن دلت على وصف غير متعد تضمنت أمرين: أحدهما: ثبوت ذلك الاسم لله عز وجل. الثاني: ثبوت الصفة التي تضمنتها لله عز وجل. مثال ذلك " الحي " (2) يتضمن إثبات الحي اسماً لله عز وجل (3) وإثبات الحياة صفة له.   = تحدوهم ليفيد أنه لا يسقط عنه بتوبته إلا حدود الله دون حقوق الآدميين، كذا ظهر لي ولم أر من تعرض له والله أعلم ا. هـ انظر في ذلك في: تفسير البغوي (2/33) والرازي (11/135) والجمل على الجلالين (2/217) ، وتفسير المظهري (3/91) ، والمغني لابن قدامة (12/483) (1) ... فمعنى الحكم والأثر: أنه سبحانه وسع سمعه الأصوات الجهر والسر والنجوى، ومن ذلك قول الله تعالى: {قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما إن الله سميع بصير} . وليعلم أن أسماء الله تعالى الحسنى التي تتضمن وصفاً متعدياً منها ما لا يتعلق بكل موجود، بل ببعضها، فكل اسم يتعلق بما يناسبه، كاسمه (السميع) الذي يتعلق بالمسموعات ومنها ما يتعلق بكل شيء كاسمه: (العليم) فإنه يتعلق بكل شيء، إذ كل شيء يصلح أن يكون معلوماً. ذكره شيخ الإسلام في الفتاوى (5/494) وانظر منهج أهل السنة لخالد نور (2/382) (2) ... وفي هذا يقول ابن القيم رحمه الله (إن الاسم إذا أطلق عليه جاز أن يشتق منه المصدر والفعل فيخبر عنه فعلاً ومصدراً نحو " السميع " " البصير " " القدير " يطلق عليه منه السمع والبصر والقدرة، ويخبر عنه بالأفعال من ذلك نحو {قد سمع الله} {فقدرنا فنعم القادرون} وهذا إذا كان الفعل متعدياً. فإن كان لازماً لم يخبر عنه به نحو " الحي " بل يطلق عليه الاسم والمصدر دون الفعل فلا يقال " حيي " ا. هـ من بدائع الفوائد (1/162) . (3) وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى (18/311) أن اسم الحي القيوم هو = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 88 ملحق القاعدة الثالثة ذكرنا في الحاشية على القاعدة الثالثة أننا سنفصل في الملحق: 1 - الفرق بين المتعدي واللازم . الفرق بين المتعدي واللازم ينقسم الفعل باعتبار معناه إلى متعد ولازم: الفعل المتعدي: هو ما يتعدى أثره فاعله، ويتجاوزه إلى المفعول به، مثل: " فتح طارق الأندلس " وهو يحتاج إلى فاعل يفعله ومفعول به يقع عليه. ويسمى أيضاً: " الفعل الواقع " لوقوعه على المفعول به، و " الفعل المجاوز " لمجاوزته الفاعل إلى المفعول به. وعلامته أن يقبل هاء الضمير التي تعود إلى المفعول به، مثل: " اجتهد الطالب فأكرمه أستاذه "   = الاسم الأعظم وقال الشيخ ابن عثيمين في الفتاوى أنه لا شك أنه اسم لله بل ورد أنه الاسم الأعظم، وفي الإنصاف للمرداوي (11/4) أن الحي ليس اسما لله وهو خلاف ما ذكره الأصحاب. وخلاصة ما ذكره المؤلف في هذه القاعدة يتضح بإجرائها على اسم الله السميع والحي فإن السميع ورد في القرآن والسنة مراداً به التسمي كما في قوله تعالى: {ليس كمثله شيء وهو السميع والبصير (وهو من الفعل المتعدي سمع كما في قوله جل شأنه: {قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها} ويقال إخباراً في غير القرآن سمع الله فلاناً ويسمع الله فلاناً وتقول مشتقاً المصدر منه (سمع بفتح فسكون فتقول مخبراً به: الله سَمع وسَمْعُ الله محيط بجميع المسموعات. أما اسم الله الحي فهو مأخوذ من الفعل اللازم حيى بياءين ولذا لا يخبر عنه بفعله حيى بفتح الحاء وكسر الياء الأولى وأما المصدر منه (فحي) بفتح الحاء والاسم منه الحي فيقال مخبراً بهما: الله حى والحى هو الله وجاء في التنزيل قوله جل ذكره: {وتوكل على الحى الذي لا يموت} . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 89 (أما هاء الضمير التي تعود إلى الظرف، أو المصدر، فلا تكون دلالة على تعدي الفعل إن لحقته، فالأول مثل: " يوم الجمعة زرته "، والثاني مثل: " تجمل بالفضيلة تجملاً كان يتجمله سلفك الصالح " فالهاء في المثال الأول في موضع نصب على أنها مفعول فيه وفي المثال الثاني في موضع نصب على أنها مفعول مطلق) المتعدي بنفسه والمتعدي بغيره الفعل المتعدي، إما متعد بنفسه، وإما متعد بغيره فالمتعدي بنفسه: ما يصل إلى المفعول به مباشرة (أي: بغير واسطة حرف الجر) ، مثل " بريت القلم " ومفعوله يسمى " صريحاً " والمتعدي بغيره: ما يصل إلى المفعول به بواسطة حرف الجر، مثل: " ذهبت بك " بمعنى: " أذهبتك " ومفعوله يسمى " غير صريح " وقد يأخذ المتعدي مفعولين: أحدهما صريح، والآخر غير صريح، نحو: أدوا الأمانات إلى أهلها. (فالأمانات: مفعول به صريح، وأهل: مفعول به غير صريح وهو مجرور لفظاً بحرف الجر، منصوب محلاً على أنه مفعول به غير صريح) والمتعدي قد يكون إلى مفعول واحد وقد يكون إلى مفعولين وقد يكون إلى ثلاثة مفاعيل. الفعل اللازم هو ما لا يعدى أثره فاعله، ولا يتجاوزه إلى المفعول به، بل يبقى في نفس فاعله، مثل: " ذهب سعيد، وسافر خالد " وهو يحتاج إلى الفاعل، ولا يحتاج إلى مفعول به، لأنه لا يخرج من نفس فاعله فيحتاج إلى مفعول به يقع عليه. ويسمى أيضاً: (الفعل القاصر) - لقصوره عن المفعول به واقتصاره على الفاعل - و (الفعل غير الواقع) - لأنه لا يقع على المفعول به - و (الفعل غير المجاوز) لأنه لا يجاوز فاعله 0 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 90 متى يصير اللازم متعدياً؟ يصير الفعل متعدياً بأحد ثلاثة أشياء: إما بنقله إلى باب (افعل) مثل: " أكرمت المجتهد ". وإما بنقله إلى باب (فَعَّل) - المضعف العين - مثل: "عظمت العلماء " وإما بواسطة حرف الجر، مثل " أعرض عن الرذيلة وتمسك بالفضيلة " ا. هـ من جامع الدروس العربية للغلايني. وانظر المفصل الزمخشري ص 341، وشرح ابن يعيش على المفصل (7/62) ودليل السالك إلى ألفية ابن مالك للفوزان (1/369) . ***** الجزء: 1 ¦ الصفحة: 91 القاعدة الرابعة دلالة أسماء الله تعالى على ذاته وصفاته تكون بالمطابقة وبالتضمن وبالالتزام (1) مثال ذلك: " الخالق " يدل على ذات الله وعلى صفة الخلق بالمطابقة (2) ويدل على الذات وحدها وعلى صفة الخلق وحدها بالتضمن (3) ويدل على صفتي العلم والقدرة بالالتزام. ولهذا لما ذكر الله خلق السموات والأرض قال: {لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علماً (4) [الطلاق: 12] ودلالة الالتزام مفيدة جداً لطالب العلم إذا تدبر المعنى ووفقه الله   (1) سيأتي في الملحق توضيح معنى المطابقة والتضمن والالتزام بالتفصيل نقلاً عما كتبه المناطقة والأصوليون في هذا الباب. (2) أي أن اسم الخالق يدل بالمطابقة على أمرين معاً هما: أ) الذات ب) صفة الخلق يقول الشيخ خليل هراس في شرح النونية (2/121) فكل منها يدل بالمطابقة على مجموع الذات والصفة التي اشتق منها ا. هـ (3) لأن كلاً منهما جزء لمعنى الاسم داخل في ضمنه. (4) إذ لولا العلم والقدرة لما صار خلق السماوات والأرض وسيأتي في القاعدة السابعة أن الإلحاد في أسماء الله تعالى يكون بإنكار الاسم أو الصفة أو الأثر وقوله إنكار الصفة أي سواء كانت من الاسم بالتضمن أم من الاسم بالالتزام فإن صفة العلم والقدرة إذا أنكرها إنسان فإنه ملحد لأن إنكار شيء مما يدل عليه الاسم من الصفة إلحاد سواء دل عليه بالمطابقة أو التضمن أو الالتزام. انظر شرح الواسطية للشيخ ابن عثيمين (1/92) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 92 تعالى فهماً للتلازم فإنه بذلك يحصل من الدليل الواحد على مسائل كثيرة (1) واعلم أن اللازم (2) من قول الله تعالى وقول رسوله صلى الله عليه وسلم (3) إذا صح أن يكون لازماً فهو حق وذلك لأن كلام الله ورسوله حق ولازم الحق حق (4) ولأن الله تعالى عالم بما يكون لازماً (5) من كلامه وكلام رسوله فيكون مراداً (6) . وأما اللازم من قول أحد سوى الله ورسوله فله ثلاث حالات: الأولى: أن يذكر للقائل ويلتزم به مثل أن يقول من ينفي الصفات   (1) مثال ذلك أنه يجوز للإنسان أن يصبح جنباً والدليل قوله تعالى (فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر} [البقرة: 187] أي يجوز للإنسان المباشرة إلى الفجر ومن لازم ذلك أنه يصبح وهو جنب فالآية دلت على هذا الحكم عن طريق اللازم. (2) ... سيأتي في الملحق تعريف اللازم والخلاف بين المناطقة وغيرهم فراجعه فإنه مهم. (3) ... في كلام المؤلف ما يدل على أن لازم الحق حق إذا كان كلام الله وكلام ورسوله صلى الله عليه وسلم أما غير الله والرسول فإن فيه تفصيلاً كما سيذكره بعد قليل وسيأتي التعليق على هذه الجملة وفي المسألة أقوال أخرى ستأتي في الملحق. (4) هذا هو الدليل الأول على اللازم من قول الله عز وجل والرسول صلى الله عليه وسلم (5) هذا هو الدليل الثاني. (6) أي أن هذا اللازم يكون مراداً وهنا يرد سؤال وهو: لماذا لم يقل المؤلف: أن اللازم من قول الله والرسول يكون قولاً؟ والجواب على ذلك: أ) إما أنه ليس له قصد في ذلك وأن مراده من ذلك ان لازم القول قول كما سيذكر بعد ذلك في تفصيل الحالات التي لغير الشارع. ب) أو أنه يقصد بذلك أن القول هو الكلام الحقيقي والله ورسوله لم يتكلما بهذا فلم يعبر به أما غير الله ورسوله فقد درج الناس على التعبير بلازم القول قول أو ليس بقول وعلى هذا مشى الإمام شمس الدين السلمي ت سنة 655هـ حيث قال في كتابه: فرائد الفوائد في اختلاف القولين لمجتهد واحد ص 54 إن قال قائل إذا جاز أن ينسب إلى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ما يقتضيه قياس قول الله تعالى وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فكذلك ينسب إلى صاحب المذهب ما يقتضيه قياس قوله فالجواب أن ما دل عليه القياس في الشرع لا يجوز أن يقال إنه قول الله ولا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما يقال هذا دين الله ودين رسول الله صلى الله عليه وسلم بمعنى أن الله تعالى دل عليه وكذلك رسوله صلى الله عليه وسلم ا. هـ وأقول أن الخطب في هذا يسير لأننا إذا عبرنا في لازم قول الله ورسوله (الله عليه وسلم أنه قول فإننا لا نعني القول الحقيقي بل اللازم هو مفهوم إلا أنه في قوة المنطوق. قد ذكرنا فيما سبق أننا سنفصل هذه المسألة في الملحق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 93 الفعلية (1) لمن يثبتها: يلزم من إثباتك الصفات الفعلية لله عز وجل أن يكون من أفعاله ما هو حادث (2) فيقول المثبت: نعم وأنا ألتزم بذلك فإن الله تعالى لم يزل ولا يزال فعالاً لما يريد ولا نفاد (3) لأقواله وأفعاله كما قال تعالى {قل لو كان البحر مداداً لكلمات ربي لنفد البحر قبل ان تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مدداً} [الكهف: 109] وقال: {ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله إن الله عزيز حكيم} (4) [لقمان: 27] وحدوث آحاد فعله تعالى لا يستلزم نقصاً في حقه.   (1) وسيأتي معنى الصفات الفعلية في القاعدة الخامسة من قواعد الصفات. (2) ... الحادث له معنيان: أ) بمعنى المخلوقات وليس هذا مراد المؤلف قطعاً فإن الله عز وجل بائن عن مخلوقاته وليست في ذاته شيء منها. ب) الحادث بمعنى المتجدد وهذا هو مراد المؤلف، الذي يرد فيه على نفاة الصفات الفعلية لله يقول المؤلف في شرحه على الواسطية (1/54) : إن الصفات الطارئة تسمى بالصفات الفعلية لأنها تتجدد وتحدث بحسب مقتضياتها وليس في هذا نقص ا. هـ أي أن حدوث الفعل لا يلزم منه حدوث الفاعل فإذا جئنا اليوم إلى الدرس أو العمل أو المسجد وفعلنا أفعالاً فلا يلزم من ذلك أننا لم نخلق إلا تلك الساعة فالوجود يسبق الفعل ونقول إن الله لم يزل ولا يزال فعالاً لكن أحاد أفعاله تتجدد وليس في هذا نقص بل هو كمال. ولهذا كان الرسول (الله عليه وسلم إذا نزل المطر قال (إنه حديث عهد بربه) أي أن خلق الله لهذا المطر متجدد وليس قديماً لأنه قال: حديث عهد بربه فتجدد آحاد فعل الله كمال وسيأتي تفصيل المسألة في الملحق. (3) أي لا فناء لأقوال الله وأفعاله قاله الراغب في المفردات (2/646) ، وانظر الوسيط في تفسير القرآن للواحدي (3/171) (4) يقول شيخ الإسلام في الفتاوى (6/299) : فإن قيل: إذا قلتم: لم يزل متكلماً بمشيئته لزم وجود كلام لا ابتداء له وإذا لم يزل متكلماً وجب أن لا يزال كذلك فيكون متكلماً بكلام لا نهاية له وذلك يستلزم وجود ما لا يتناهى من الحوادث فإن كل كلمة مسبوقة بأخرى فهي حادثة ووجود ما لا يتناهى محال قيل له: هذا الاستلزام حق وبذلك يقولون: إن كلمات الله لا نهاية لها كما قال تعالى: {قل: لو كان البحر مداداً لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مدداً} . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 94 الحال الثانية: أن يذكر له ويمنع التلازم بينه وبين قوله مثل أن يقول النافي للصفات لمن يثبتها: يلزم من إثباتك أن يكون الله تعالى مشابهاً (1) للخلق في صفاته. فيقول المثبت: لا يلزم ذلك لأن صفات الخالق مضافة إليه (2) لم تذكر مطلقة (3) حتى يمكن ما ألزمت (4) وعلى هذا فتكون مختصة به لائقة به كما أنك أيها النافي للصفات تثبت لله ذاتاً وتمنع أن يكون مشابهاً للخلق في ذاته فأي فرق بين الذات والصفات؟ وحكم اللازم في هاتين الحالين ظاهر (5) الحال الثالثة: أن يكون اللازم مسكوتاً عنه فلا يذكر بالتزام ولا منع فحكمه في هذه الحال أن لا ينسب إلى القائل (6) لأنه يحتمل لو ذكر له أن يلتزم به أو يمنع التلازم ويحتمل لو ذكر له فتبين له لزومه وبطلانه أن يرجع عن قوله لأن فساد اللازم يدل على فساد الملزوم.   (1) الأولى أن يعبر (مماثلاً) لكن يقول الشيخ أنه كتب الكتاب قبل أن يثبت له الفرق بين المماثلة والمشابهة. (2) فيقال: علم الله، وسمع الله، والإضافة ضم الشيء إلى الشيء. (3) أي لم تذكر مطلقة من غير قيد بحيث يقال: علم وسمع وبصر وارادة. (4) ولا يمكن ذلك قطعاً لأن الصفة المطلقة عن الإضافة أو التخصيص أمر كلى لا يوجد إلا في الأذهان ويمتنع تحققه في الأعيان فلا يمكن ان يوجد اسم في الخارج إلا وهو مقيد بالإضافة أوالتخصيص وحينئذ لا يمكن أن يلزم مثبت صفة الله بأنه مشبه لأن بالإضافة يختص الرب بصفاته والمخلوق بصفاته. انظر شرح التدمرية للمؤلف ص 58 من المخطوط (5) وجه ظهوره: أنه في الحالة الأولى التزم فنأخذ بلازم قوله وفي الحالة الثانية نفاها فلا نأخذ بلازم قوله. (6) ظاهر إطلاق المؤلف أن اللازم لا ينسب إلى القائل سواء كان اللازم حقاً أو باطلاً إلا أن تعليله يدل على أن مراده من ذلك، اللازم الباطل بدليل قوله إن فساد اللازم يدل على فساد الملزوم ويكون على هذا موافقاً لما اختاره شيخ الإسلام في هذه المسألة والإمام ابن القيم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 95 ولورود هذين الاحتمالين (1) لا يمكن الحكم بأن لازم القول قول (2) فإن قيل (إذا كان هذا اللازم لازماً من قوله: لزم أن يكون قولاً له) لأن ذلك هو الأصل لا سيما مع قرب التلازم قلنا: هذا مدفوع بأن الإنسان بشر وله حالات نفسية وخارجية توجب الذهول عن اللازم فقد يغفل أو يسهو أو ينغلق فكره أو يقول القول في مضايق المناظرات من غير تفكير في لوازمه ونحو ذلك (3)   (1) . وهما: أ) يحتمل أنه لو ذكر له اللازم فإما أن: - يلتزم به وهذا يدخل في الحالة الأولى التي ذكرها المؤلف. - أو يمنع التلازم وهذا يدخل في الحالة الثانية التي ذكرها المؤلف كما سبق. ب - ... ويحتمل أن يتبين لزومه فيرجع عن قوله. وبهذا يكون هناك ثلاثة احتمالات هي: - يلتزم باللازم - يمنع التلازم - يرجع عن قوله لبطلان اللازم. (2) لازم القول قول أو ليس بقول يرادف لازم المذهب مذهب أو ليس بمذهب هذا هو المعروف في كتب أهل العلم ولهذا يقول الشيخ بكر أبو زيد في المدخل (1/267) مضى طرق معرفة المذهب من جهة قول الإمام والآن إلى معرفة المذهب اصطلاحاً من جهة لازم قول الإمام ويقال: " لازم المذهب من قول الإمام: هل يكون قولاً ومذهباً له أو لا؟ " ا. هـ والشاهد هو أنه لم يفرق بين لازم المذهب ولازم القول 00 إلا أني وجدت الإمام شمس الدين السلمي في كتابه فوائد الفوائد ص54 قد فرق بينهما حيث سئل: هل يجوز أن ينسب إلى الشافعي قول خرج على قوله؟ فأجاب: لا يجوز أن ينسب إلى الشافعي ما خرج على قوله فيجعل قولاً له لما قدمناه في مسألة النقل والتخريج ومن أصحابنا من قال بجواز ذلك والصحيح هو الأول ... ثم قال: فعلى هذا يجوز أن يقال في مثل هذا: هذا مذهب الشافعي ولا يقال: هذا قول الشافعي ا. هـ. (3) وهناك أدلة أخرى هي: أننا لو التزمنا بذلك لأدى إلى تكفير كثير من العلماء كتكفير من قال عن الاستواء أو غيره أنه مجاز وليس بحقيقة لأن لازم هذا القول يستلزم التعطيل والأخذ بقول غلاة الملاحدة. انظر التخريج د. يعقوب الباحسين، والفتاوى (2/217) ويقول شيخ الإسلام في الفتاوى (5/306) : الجزء: 1 ¦ الصفحة: 96 ملحق القاعدة الرابعة ذكرنا في الحاشية على القاعدة الرابعة أن هناك مسائل سنفصلها في الملحق وهي 1 - دلالة المطابقة والتضمن والالتزام . 2 - لازم المذهب. 3 - هل لازم المذهب مذهب. 4 - حلول الحوادث في الذات الإلهية. أولاً: الدلالات: الدلالة وأنواعها ذكر المؤلف في القاعدة الرابعة أن دلالة (1) الأسماء على الذات والصفات تكون بالمطابقة والتضمن والالتزام وهذا يحتاج إلى شرح فأقول: ذكر المناطقة في كتبهم الدلالات وأنواعها، والدلالة تطلق على معنيين بالاشتراك أحدهما: كون أمر بحيث يفهم منه أمر آخر والمراد من الأمر الأول الدال، ومن الثاني المدلول، أي كون الدال بحيث يمكن أن يفهم منه المعنى سواء فهم بالفعل أو لم يفهم.   = فخلق كثير من الناس ينفون ألفاظا أو يثبتونها بل ينفون معاني أو يثبتونها ويكون ذلك مستلزماً لأمور هي كفر وهم لا يعلمون بالملازمة بل يتناقضون وما أكثر تناقض الناس لا سيما في هذا الباب وليس التناقض كفراً. (1) الدلالة مثلثة الدال والأفصح فتحها ثم كسرها وأردؤها الضم وهي مصدر سماعي لدل إذ قياس مصدر الفعل الثلاثي المتعدي فعل، بفتح الفاء وسكون العين كما قال ابن مالك: فعل قياس مصدر المعدي ... من ذي ثلاثة كرد رداً انظر حاشية الصبان على شرح الملوي على السلم ص49، والغرر المثلثة للفيروز آبادي ص 288، ومذكرة الشنقيطي ص 11. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 97 مثاله: إن أخوة يوسف عليه السلام زعموا أن الذئب أكله وأتوا بقميصه إلى يعقوب عليه السلام وعليه الدم الذي جعلوه على القميص إلا أنهم لم يشقوا القميص فعلم يعقوب بذلك كذبهم وقال متى كان الذئب حليماً ليناً يقتل يوسف ولا يشق قميصه فعدم شق القميص فيه دلالة على كذبهم إلا أنهم لم يفهموا هذه الدلالة. الثاني: فهم أمر من أمر أي فهم المدلول من الدال أي فهم المعني من الدال بالفعل سواء أكان الدال لفظاً أم غيره مثاله: فهم مسمى الاسم من اللفظ، وفهم جميع المسميات من فهم المراد بأسمائها (1) أنواع الدلالة تتنوع الدلالة إلى نوعين: النوع الأول: الدلالة اللفظية النوع الثاني: الدلالة غير اللفظية وكل نوع ينقسم إلى ثلاثة أنواع هي: 1 - وضعية 2 - عقلية 3 - طبيعية (عادية) ويكون حاصل المجموع أنها ستة أنواع (2) ويمكن أن يكون على الجدول الآتي:   (1) شرح الباجوري على السلم المطبوع مع تقرير الأنبابي ص 30 والمنطق المفيد للبهنسي ص 14، ومذكرة الشنقيطي ص 12. (2) انظر حاشية شروح الشمسية (1/174) والكتاب جمع شروحاً وحواشي على الشمسية للرازي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 98 الدلالة لفظية ... غير لفظية وضعية ... عقلية طبيعية وضعية عقلية طبيعية مطابقة تضمن التزام الدلالة غير اللفظية ذكرنا أن الدلالة غير اللفظية ثلاثة أقسام هي: 1 - الدلالة الوضعية: كدلالة المفهمات الأربعة وهي: الخط والإشارة والعقد والنصب، وتسمى هذه بالدوال الأربعة (1) والخط هو: النقوش الموضوعة لألفاظ مخصوصة بواسطة القلم (2) والعقد هو: عقد الأصابع لبيان قدر العدد فهو يدل على قدر العدد وضعاً وليس باللفظ (3) . والإشارة: تدل على المعنى المشار إليه وضعاً وليست لفظاً. مثاله: إشارة الرأس على نعم وهو الإجابة، أو على معنى لا وهو عدم الإجابة (4) . والنصب هو نصب الحدود بين الأملاك، ونصب أعلام الطريق (5) .   (1) مذكرة الشنقيطي ص 13 وحاشية الصبان على الأشموني على الألفية (1/20) (2) حاشية العدوى على شرح شذور الذهب لابن هشام (1/47) وحاشية العطار على إيساغوجي ص25 (3) مذكرة الشنقيطي ص 13 (4) مذكرة الشنقيطي ص 13، وحاشية الدسوقي على شرح الخبيصي على تهذيب المنطق للتفتازاني (1/84) (5) مذكرة الشنقيطي ص13. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 99 ملاحظة: النصب كغرف بضم الغين وفتح الراء وهي العلامات المنصوبة كالمحراب للقبلة وهي جمع نصبة كعقدة بضم العين وسكون القاف وفتح الدال أما النصب بضمتين فهي الأصنام (1) . والدلالة الوضعية: هي التي تكون الملازمة فيها بين شيئين تنشأ من التواضع والاصطلاح على أن وجود أحدهما يكون دليلاً على وجود الثاني (2) . 2 - ... الدلالة العقلية: كدلالة المصنوعات على صانعها، ودلالة الأثر على المؤثر (3) . 3 - ... الدلالة الطبيعية أو العادية كدلالة صفرة الوجه على الوجل أي الخوف أو دلالة حمرته على الخجل أي: الحياء فإن من طبع الشخص أن تحدث له صفرة في وجهه عند الوجل، وحمرة في وجهه عند الخجل (4) كما قال القائل: - ... تفاحة جمعت لونين خلتهما *** خَدَّى محب ومحبوب قد اعتنقا - ... تعانقا فريا واش فراعهما *** فاحمر ذا خجلاً واصفر ذا فرقاً وقال القائل -إذا شكوت إليها الحب خفرها ** شكواي فاحمر خداها من الخجل (5) الدلالة اللفظية بعد أن ذكرنا أنواع الدلالة اللفظية، بقى أن نذكر أنواع الدلالة غير اللفظية   (1) حاشية الخضري على شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك (1/15) (2) المنطق لمحمد المظفر ص 36 (3) مذكرة الشنقيطي ص 13، حاشية الجرحاني على الشمسية المطبوعة مع مجموعة الشروح (1/175) (4) حاشية الدسوقي على شرح الخبيصي على تهذيب المنطق للتفتازاني (1/84) (5) مذكرة الشنقيطي ص13. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 100 واللفظ لغة هو: مصدر بمعنى الرمي أي من الفم لا الرمي مطلقاً (1) وفي عرف النحاة، صوت معتمد على مخرج من مخارج الفم محقق كاللسان أو مقدر كالجوف (2) والدلالة اللفظية ثلاثة أنواع: 1 - الدلالة العقلية: كدلالة اللفظ المسموع من وراء الجدار على وجود اللافظ (3) ، لأن اللفظ عرض لابد له عقلاً من جرم يقوم به وهو المتلفظ به (4) 2 - الدلالة الطبيعية أو بالعادة (5) كدلالة أخ بالمعجمة على الحزن ودلالة أخ بالمهملة على وجع الصدر (6) ، ودلالة الصراخ على مصيبة نزلت بالصارخ (7) فإن طبع اللافظ يقتضي التلفظ بهذه الأشياء عند عروض ما يقتضيه (8) ملاحظة: الطبع والطبيعة والطباع بالكسر السجية التي جبل عليها الإنسان (9) والفرق بين الدلالة العقلية والطبيعية هو: إن الدلالة العقلية تكون بين الدال والمدلول ملازمة لا تنفك كالأثر والمؤثر فإذا سمعنا صوت متكلم من وراء جدار علمنا بوجود متكلم ما.   (1) حاشية السجاعي على شرح قطر الندى ص 20. (2) فوائد النحو الوسيمة شرح الدرة اليتيمة لمحمد المالكي المكي ص 3 (3) تحرير القواعد المنطقية لمحمود الرازي ص 29 (4) حاشية الدسوقي على شرح الخبيصي على التهذيب ص 84 (5) حاشية الصبان على شرح السلم للملوي ص51 (6) حاشية الجرجاني على الشمسية (1/176) (7) مذكرة الشنقيطي ص 13 (8) تحرير القواعد المنطقية للرازي ص 28. (9) حاشية السيالكوتي على الشمسية ص176. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 101 أما الدلالة الطبيعية: فهي ما إذا كانت الملازمة بين شيئين ملازمة طبيعية يقتضيها طبع الإنسان وقد يتخلف ويختلف باختلاف طباع الناس فبعض الناس يقول أخ عند الألم وأف عند التضجر وتفرقة أصابعه عند السآمة لكن ليس كل الناس هذا طبعه (1) 3 - الدلالة الوضعية: عرفنا أن الملازمة بين شيئين إذا كان عن طريق التواضع والاصطلاح يسمى بالدلالة الوضعية وعرفنا الدلالة الوضعية غير اللفظية أما الدلالة الوضعية اللفظية فهي: كون اللفظ متى أطلق فهم منه معناه (2) أو هي كون اللفظ بحالة ينشأ من العلم بصدوره من المتكلم العلم بالمعنى المقصود به (3) وتنقسم هذه الدلالة إلى ثلاثة أقسام وهي: الأول: دلالة المطابقة (4) : وهي دلالة اللفظ على المعنى الذي وضع له مثل دلالة الإنسان على الحيوان الناطق، ودلالة البيت على مجموع الجدار والسقف (5) وأضاف بعضهم كالتفتازاني قيد التمام فقال: دلالة اللفظ على تمام ما وضع له إلا أن العطار قد ذهب إلى أن قيد التمام غير ضروري في التعريف وإنما ذكر رعاية لما يقتضيه حسن التقابل مع الشق الثاني وهو التضمن الذي   (1) المنطق لمحمد المظفر ص 36 (2) تحرير القواعد المنطقية ص 29 (3) المنطق لمحمد المظفر ص37 (4) الإضافة فيها من إضافة المصاحب إلى المصاحب، أو هو على حذف مضاف أي دلالة ذي المطابقة أي اللفظ ذي المطابقة لمعناه انظر حاشية الصبان على شرح الملوي على السلم ص 52. (5) البصائر النصيرية في علم المنطق لابن سهلان الساوي وبهامشة تعليقات محمد عبده ص 33، ومعيار العلم للغزالي ص 42. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 102 يدل على جزء المعنى (1) ودلالة المطابقة هي الدلالة الأصلية في الألفاظ التي لأجلها مباشرة وضعت لمعانيها (2) ومن أمثلة دلالة المطابقة: دلالة الرجل على الإنسان الذكر، والمرأة على الإنسان الأنثى (3) وسميت بالمطابقة لمطابقته أي موافقة المعنى للفظ من قولهم: طابق النعل النعل إذا توافقا (4) والمراد من تطابق اللفظ والمعنى هو عدم زيادة اللفظ على المعنى حتى يكون مستدركاً أو عدم زيادة المعنى على اللفظ حتى يكون قاصراً (5) وقد عبر المناطقة عن دلالة المطابقة بأنها ما تدل على تمام المعنى ولم يعبروا بجميع المعنى لأن لفظ الجميع يشعر بالتركيب فيلزم تخصيص المطابقة بالمركب مع أنها عامة في المركب والمفرد كالنقطة (6) الثاني: دلالة التضمن: هي دلالة اللفظ الوضعية على جزء مسماه (7) أو هي دلالة اللفظ الوضعية على جزء المعنى الموضوع له (8) كدلالة الإنسان على الحيوان أو الناطق (9) ، وكدلالة لفظ الكتاب على الورق وحده   (1) حاشية العطار على شرح الخبيصي ص50، وحاشية البناني على شرح المحلى على جمع الجوامع (1/237) (2) المنطق لمحمد المظفر ص 37 (3) مذكرة الشنقيطي ص13 (4) شرح الملوي مع حاشية الصبان ص 52 (5) حاشية العطار على شرح الخبيصي ص 50 (6) حاشية العطار على شرح الخبيصي ص 50 (7) شرح الكوكب المنير لابن النجار (1/126) . (8) المنطق لمحمد المظفر ص38. (9) شرح الخبيصي على التهذيب (1/88) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 103 أو الغلاف فلو بعت الكتاب يفهم المشتري دخول الغلاف فيه ولو أردت بعد ذلك أن تستثني الغلاف لاحتج عليك بدلالة لفظ الكتاب على دخول الغلاف (1) وسميت بدلالة تضمنية لكون الجزء في ضمن المعنى الموضوع له (2) والإضافة في دلالة التضمن ودلالة الالتزام من إضافة المسبب إلى السبب (3) والعلاقة بين المطابقة والتضمنية العموم والخصوص المطلق فإذا وجدت التضمنية وجدت المطابقية دون العكس لجواز أن يكون المعنى بسيطاً لا جزء له، فتوجد المطابقية دون التضمنية (4) الثالث: دلالة الالتزام: وهي دلالة اللفظ على خارج عن مسماه لازم له لزوماً ذهنياً بحيث يلزم من فهم المعنى المطابقي فهم ذلك الخارج اللازم مثاله: دلالة الأربعة على الزوجية لأن معنى الزوجية في الاصطلاح هي الانقسام إلى متساويين (5) ومعنى الالتزام: إن المعنى قد استلزم ذلك الأمر الخارج عنه. (6) س: ما مرادنا من قولنا فيما سبق في دلالة الالتزام (لزوماً ذهنياً) ؟ سيتضح الجواب على ذلك من خلال التوضيح التالي: اللازم لغة: هو ما يمتنع انفكاكه عن الشيء (7)   (1) المنطق لمحمد المظفر ص 38 (2) شرح الخبيصي (1/88) (3) حاشية الصبان على الملوي ص 53 (4) المرشد السليم لعوض حجازي ص47 (5) مذكرة الشنقيطي ص14 (6) المنطق المفيد للبهنسي ص15 (7) شرح القاموس للزبيدي (9/59) ، التوقيف على مهمات التعاريف للمناوي ص615. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 104 أما اللازم اصطلاحاً فهو يختلف بحسب الأبواب: فاللازم عند النحاة هو الذي يطلق على غير المتعدي وقد سبق توضيح ذلك عند الكلام على القاعدة الثالثة من قواعد الأسماء والصفات في الكتاب. واللازم عند علماء البديع هو الإعنات والتشديد ويسمى بلزوم ما لا يلزم (1) وهو أن يلزم الشاعر أو الناثر نفسه بما ليس يلازم بحيث يريد أن يأتي بالسجع مثلاً فيلزم نفسه بحرف قبل حرف السجع مع انه ليس بلازم للسجع (2) ومن أمثلة هذا القسم قوله تعالى {فأما اليتيم فلا تقهر وأما السائل فلا تنهر} فالراء بمنزلة حرف الروي وقد جيء قبلها في الفاصلتين بالهاء وهو ليس بلازم لتحقق السجع (3) ومثال آخر {ألم نشرح لك صدرك ووضعنا عنك وزرك} (4) وإلى ذلك أشار السيوطي في ألفيته: والحرف من قبل الروى يلزم ... فسمه لزوم ما لا يلزم كقوله تقهر وتنهر صدركا ... ... وزرك ظهرك وبعد ذكركا (5) واللازم عند الفقهاء هو كون العقد إذا وقع فإنه لا يمكن رفعه بإطلاق واللازم عند المناطقة هو عبارة عن امتناع الانفكاك عن الشيء وما يمتنع انفكاكه عن الشيء يسمى لازماً وذلك الشيء ملزوماً (6) وينقسم اللازم إلى أنواع:   (1) ميزان الذهب في شعر العرب للهاشمي ص140 (2) نهاية الأرب للنويري (7/113) (3) المطول في شرح تلخيص المفتاح للتفتازاني ص459 (4) انظر كتاب الفاصلة في القرآن لمحمد الحسناوي ص276 (5) عقود الجمان للسيوطي (2/189) . (6) كشاف اصطلاحات الفتوى للتهانوي (4/89) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 105 اللازم العقلي: وهو ما لا يمكن للعقل تصور خلاف اللازم كالبياض للأبيض ما دام أبيض، وكالزوجية للأربعة كما سبق اللازم العرفي: أي أن العقل لا يحكم به إلا بعد ملاحظة الواقع وتكرر مشاهدة اللزوم فيه دون أن يكون لدى العقل ما يقتضي هذا اللزوم. ونجد هذه الدلالة الالتزامية بنسبة وافرة جداً في الكلام العربي، ونجدها في نصوص القرآن والسنة، وعن طريقها ترتقي البلاغة الكلامية ارتقاءً عظيماً، فمن الكلام العربي قول الشاعر يصف ممدوحه: طويل النجاد رفيع العماد *** كثير الرماد إذا ما شتا فقد دل بطول نجاده - وهو حمائل سيفه - على طول قامته، ودل بارتفاع عماده على عظم بيته وارتفاع مكانته، ودلًّ بكثرة رماده على جوده، لأن كثرة الرماد عند العرب تدل على كثرة الطبخ، وهذه تدل على كثرة الآكلين، وكثرة الآكلين عنده تدل على جوده، وكل هذه لوازم عرفية لا عقلية. ومن الشواهد القرآنية قول الله تعالى في سورة (التغابن 64) : {وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم} فإن قوله تعالى: {فإن الله غفور رحيم} الواقع في جواب الشرط يدل عن طريق الدلالة الالتزامية على أن الله يغفر لكم ويرحمكم إن أنتم عفوتم وصفحتهم وغفرتم، مع أن هذا المعنى غير مدلول عليه بمنطوق اللفظ ولكن يلزم من كون الله غفوراً رحيماً أن يكافئ أهل العفو والصفح والمغفرة بالرحمة والغفران ولذلك حصل الاكتفاء في جواب الشرط بذكر هذين الوصفين دون التصريح بلازمهما، ونظير هذا في القرآن الكريم كثير جداً (1)   (1) ضوابط المعرفة للميداني ص31 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 106 وينقسم اللازم أيضاً إلى: 1 - لازم في الذهن والخارج معاً. 2 - لازم في الذهن فقط. 3 - لازم في الخارج فقط (1) . مثال اللازم في الذهن والخارج معاً: دلالة الأربعة على الزوجية التي هي الانقسام إلى متساويين فيلزم من فهم معنى الأربعة فهم أنها زوج أي منقسمة إلى متساويين فهذا لازم في الذهن كما ذكرنا ولازم في الخارج أيضاً والمراد بالخارج هنا: الواقع في نفس الأمر فالزوجية لازمة للأربعة في الذهن، وفي الواقع في نفس الأمر ومثال اللازم في الذهن فقط: دون الخارج لزوم البصر للعمى لأن معنى العمى بدلالة المطابقة هو سلب البصر فمعناه المطابقي مركب إضافي أي مركب من مضاف هو سلب ومضاف إليه وهو البصر. ولا يعقل سلب البصر حتى يعقل معنى البصر. فظهر أنه لا يفهم أحد معنى العمى حتى يفهم معنى البصر لأن معنى البصر جزء من معنى العمى، لأن معنى العمى مركب إضافي والبصر أحد جزأيه، وهذا اللازم إنما هو في الذهن ... فقط لا في الخارج، لأن العين التي توصف بالعمى انتفى عنها البصر ضرورة لما بين العمى والبصر من التنافي المعبر عنه بمقابلة العدم والملكة (2)   (1) انظر المنتقى من فرائد الفوائد للمؤلف ص71، والتعريفات للجرجاني ص226. (2) المراد من العدم والملكة هو: إثبات أو نفي ما من شأنه أن يتصف بهذه الصفة كـ " الإبصار " فالعدم هو " العمى " عمن يكون قابلاً لصفة " الإبصار " كالحيوانات المبصرة يصيبها " العمى " والمبصر هو " الملكة " الموصوف بالإبصار. أما ما يقابل ذلك فهو من لا يقبل " العدم والملكة " كالجدار والأرض وسائر الجمادات فإنها غير قابلة للصفة المذكورة " الإبصار " انظر الأجوبة المرضية لتقريب التدمرية لبلال الجزائري ص83 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 107 ومثال اللازم في الخارج فقط: دلالة لفظ الغراب على السواد لأنه لا يوجد في الخارج غراب إلا هو متصف بالسواد ولكن هذا لا يفهم من فهم معنى الغراب لأن من لم ير الغراب قط، ولم يخبره أحد بلونه قد يتصور أن الغراب طائر أبيض فالسواد إنما يلزم الغراب في الخارج فقط. لا في الذهن. فدلالته عليه التزاميه عند الأصوليين والبيانيين وليست كذلك عند المنطقيين (1) أمثلة توضح ما سبق: 1 - السيارة: هذه الكلمة تدل على جميع أجزائها بدلالة المطابقة ويدل على العجلات فقط بالتضمن ويدل على البطارية وحدها بالتضمن ويدل على الذي صنعها بالالتزام أن لها صانعاً. 2 - اشتريت داراً: تدل على كل الدار بالمطابقة، ودلالتها على الحمام وحده بالتضمن، وعلى المجلس وحده بالتضمن، وهكذا، ودلالته على أن هناك شخصاً بناه بالالتزام. أمثلة على الأسماء الحسنى: ذكر المؤلف مثالاً لاسم الخالق ونذكر مثالاً أخر لاسم الرحمن: فيدل على الذات وعلى صفة الرحمن بالمطابقة ويدل على الذات وحدها وعلى صفة الرحمة وحدها بالتضمن ويدل على الحياة والعلم والقدرة التزاماً لأنه لا توجد رحمة بدون حياة الراحم وعلمه وقدرته يقول ابن القيم في النونية: ودلالة الأسماء أنواع ثلاث ... كلها معلومة ببيان دلت مطابقة كذاك تضمناً ... وكذا التزاماً واضح البرهان أما مطابقة الدلالة فهي أن ... الاسم يفهم منه مفهومان ذات الإله وذلك الوصف الذي ... يشتق منه الاسم بالميزان   (1) ... مذكرة الشنقيطي ص15 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 108 لكن دلالته على إحداهما ... بتضمن فافهمه فهم بيان وكذا دلالته على الصفة التي ... ما اشتق منها فالتزام دان وإذا أردت لذا مثالاً بينا ... فمثال ذلك لفظة الرحمن ذات الإله ورحمة مدلولها ... فهما لهذا اللفظ مدلولان إحداهما بعض لذا الموضوع ... فهي تضمن ذا واضح التبيان لكن وصف الحى لازم ذلك ... المعنى لزوم العلم للرحمن فلذا دلالته عليه بالتزام ... بين والحق ذو تبيان ثانياً: لازم المذهب: ذكرنا معنى اللازم فيما سبق: والمقصود بلازم القول: ما يلزم من ثبوت القول ثبوته عقلاً أو شرعاً أو لغة ولم يذكر في الكلام كما سبق أن ذكرنا. واللازم قد يكون واضحاً بيناً وقد يكون خفياً فاللازم الخفي هو الذي يحتاج في إثبات لزومه لغيره إلى دليل كلزوم الحدوث للعالم فلا يجزم بالحدوث إلا بدليل وإن اختلفوا في نوع الدليل فالمتكلمون يستدلون بأنه متغير وكل متغير حادث وأما القرآن فيستدل بحدوثه بقوله تعالى: {أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون} والشاهد من الآية واضح. وأما اللازم البين الواضح فهو الذي لا يحتاج في إثبات لزومه لغيره إلى دليل. مثاله: لزوم الشجاعة للأسد والفردية للثلاثة فإن لزوم هذين لملزوميهما لا يفتقر إلى دليل. وينقسم اللازم البين إلى قسمين: أ - لازم بين بالمعنى الأخص وهو ما يكفى فيه تصور الملزوم فقط للجزم باللزوم بينه وبين اللازم 0 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 109 مثاله: الزوجية للأربعة فإذا تصورنا الأربعة جزمنا بالزوجية. ب - لازم بين بالمعنى الأعم وهو ما لابد فيه من تصور الملزوم واللازم حتى نجزم باللزوم بينهما. مثاله: لزوم مغايرة الإنسان للفرس فلا يلزم من تصور الإنسان تصور مغايرته للفرس بل إذا تصورت الإنسان وتصورت الفرس تجزم بلزوم المغايرة بينهما. ويشترط المحققون من المناطقة في اللازم أن يكون بيناً بالمعنى الأخص لا غيره وسيأتي الأقوال الأخرى في المسألة. انظر تحرير المقال فيما تصح نسبته للمجتهد من الأقوال د. عياض ص 88 والمنطق الوافي لحسن حنبل (1/20) وشرح السلم للجندي ص 13 مثال للازم: اختلف الفقهاء في الإقالة هل هي فسخ أو بيع. والإقالة: هي أن يقيل البائع المشتري أو المشتري البائع فلا يلزم أحدهما الآخر بالعقد بل له أن يفسخه. فمذهب الحنابلة أنه فسخ كما في الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين (8/382) ومذهب المالكية أنه بيع كما في شرح الخرشي على خليل (5/166) والإشراف على مذاهب الخلاف للقاضي عبد الوهاب (1/282) ويترتب على هذا الخلاف أمور ذكرها ابن رجب في القواعد ص 379، و (3/309) من الطبعة التي حققها مشهور آل سلمان. فمن قال إنه بيع يلزم منه أنه يشترط له شروط البيوع ومن قال إنه فسخ فإنه لا يشترط ذلك. وانظر أمثلة أخرى في كتاب تحرير المقال د. عياض السلمي ص 88 ونشر البنود على مراقي السعود للعلوي (1/110) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 110 ثالثاً: هل لازم المذهب مذهب : قبل أن نذكر الخلاف في المسألة لابد أن نحرر محل النزاع كما ذكر المؤلف سابقاً. 1 - لازم قول الله عز وجل ولازم قول الرسول صلى الله عليه وسلم قول لأن لازم قولهما حق كما سبق. 2 - إذا التزم القائل باللازم أصبح قولاً له وإذا لم يلتزمه لم يكن قولاً له وقد سبق ذلك 3 - إذا سكت عن اللازم فهل يكون قولاً أو مذهباً له أم لا؟ اختلف في هذا على أربعة أقوال: - الأول: أنه ليس مذهباً له وقد سبق أدلة ذلك قال الشاطبي في الاعتصام (2/64) : ولازم المذهب: هل هو مذهب أو لا؟ هي مسألة مختلف فيها بين أهل الأصول. والذي كان يقول به شيوخنا البجائيون والمغربيون ويرون أنه رأى المحققين أيضاً: أن لازم المذهب ليس بمذهب. الثاني: أن لازم المذهب مذهب وهو قول الأثرم والخرقي انظر الفتاوى (35/289) ، والتخريج د. يعقوب ص 290 الثالث: إن لازم المذهب إن كان قريباً فهو مذهب، وإن كان بعيداً فليس مذهباً. وقال الكوثري فيما نقله عنه السقاف في شرح العقيدة الطحاوية ص364 " وهذا الاستلزام بين وما يقال من أن لازم المذهب ليس بمذهب إنما هو فيما إذا كان اللزوم غير بين، فاللازم البين لمذهب العاقل مذهب له، وأما من يقول بملزوم مع نفيه للازمه البين فلا يُعَدُّ هذا اللازم مذهباً له لكن يسقطه هذا النفي من مرتبة العقلاء إلى درك الأنعام وهذا هو التحقيق في لازم المذهب ... . " انتهى ما أردنا نقله 0 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 111 الرابع: التفصيل وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية حيث قال في الفتاوى (29/42) : لازم قول الإنسان نوعان: أحدهما: لازم قوله الحق فهذا مما يجب عليه أن يلتزمه فإن لازم الحق حق ويجوز أن يضاف إليه إذا علم من حاله أنه لا يمتنع من التزامه بعد ظهوره وكثير مما يضيفه الناس إلى مذهب الأئمة من هذا الباب. والثاني: لازم قوله الذي ليس بحق فهذا لا يجب التزامه إذ أكثر ما فيه أنه قد تناقض وقد ثبت أن التناقض واقع من كل عالم غير النبيين ثم أن عرف من حاله أنه يلتزمه بعد ظهوره له فقد يضاف إليه وإلا فلا يجوز أن يضاف إليه قول لو ظهر له فساده لم يلتزمه لكونه قد قال ما يلزمه وهو لا يشعر بفساد ذلك القول ولا يلزمه. وهذا القول هو ظاهر كلام الشيخ ابن عثيمين في الكتاب للتعليل الذي ذكره كما سبق أن وضحنا وهذا هو الصواب لأمور 1 - أن لازم القول الصحيح حق فلا تمتنع إضافته إلى المجتهد إذ لا ضرر يلحقه في ذلك. أما اللازم الباطل فلو صحت نسبته للزم تكفير كثير من العلماء كما سبق. 2 - أن التناقض ليس مستحيلاً على المجتهد لكثرة وقوعه كما سبق أن نقلنا عن شيخ الإسلام في ذلك 3 - القول بأن لازم المذهب ليس مذهباً على الإطلاق يتعارض مع ما صنعه علماء المذاهب الأربعة من استنتاج مذاهب الأئمة من فتاواهم بطريق التلازم بين ما أفتوا فيه وسكتوا عنه. 4 - إن كثيراً من اللوازم التي يحكيها العلماء هي ليست لوازم في الحقيقة ولهذا يقول ابن القيم في مختصر الصواعق ص 579 فيا لله كيف لا يستحي العاقل من المجاهرة بالكذب على أئمة الإسلام لكن عذر هذا وأمثاله أنهم يستجيزون نقل المذاهب عن الناس بلازم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 112 أقوالهم، ويجعلون لازم المذهب في ظنهم مذهباً، كما نقل بعض هؤلاء المباهتين أن مذهب أحمد بن حنبل وأصحابه أن الله لا يرى يوم القيامة، قال لأنه يقول أنه لا يرى إلا الأجسام وقد قام الدليل على أنه سبحانه وتعالى ليس بجسم، فلا يكون مرئياً على قولهم، ونقل هذا أيضاً أن مذهبهم أن الله تعالى يجوز أن يتكلم بشيء ولا يعنى به شيئاً إلزاماً لهم من قولهم إنه لا يعلم تأويل المتشابه إلا الله وبهذا القول الباطل الذي لم يقله أحد من أهل الأرض وكما نقل هذا أو غيره من أهل البهتان أن مذهبهم أن الله جسم إلزاماً لهم بقولهم إن الله مستو على عرشه فوق سمواته بائن من خلقه موصوف بصفات الكمال ا. هـ. وانظر تحرير المقال د. عياض ص 92، ومنهج الاستدلال على مسائل الاعتقاد (2/72) وأختم الكلام في هذا بما قال الإمام ابن القيم في النونية. ولوازم المعنى تراد بذكره وسواه ليس بلازم في حقه إذقد يكون لزومها المجهول أو لكن عرته غفلة بلزومها ولذاك لم يك لازماً لمذاهب فالمقدمون على حكاية ذاك لا فرق بين ظهوره وخفائه سيما إذا ما كان ليس بلازم لا تشهدوا بالزور ويلكم على بخلاف لازم ما يقول إلهنا **** **** **** **** **** **** **** **** **** **** من عارف بلزومها الحقان قصد اللوازم وهي ذات بيان قد كان يعلمه بلا نكران إذ كان ذا سهو وذا نسيان العلماء مذهبهم بلا برهان مذهبهم أولو جهل مع العدوان قد يذهلون عن اللزوم الداني لكن يظن لزومه بجنان ما تلزمون شهادة البهتان ونبينا المعصوم بالبرهان والمؤلف رحمه الله يقول: بأن لوازم المعنى لا تكون مقصودة عند ذكره إلا ممن يعرف لزومها له، فهذا هو الذي يمكن أن يؤخذ بما يلزم ما يثبته من معان، وأما غيره ممن يجهل اللزوم بينهما فليس بلازم في حقه القصد إلى اللوازم عند ذكر المعنى مهما تكن اللوازم بينة واضحة، إذ قد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 113 يكون لزومها مجهولاً له، أو يكون معلوماً ولكن أصابته غفلة عن ذلك اللزوم بسبب كثرة سهوه ونسيانه، ولذلك قرر العلماء بأن لازم المذهب لا يكون مذهباً بلا حجة ولا برهان، وأن من حكى ذلك عنهم فهو من أجهل الجهل والعدوان، ولا فرق في ذلك بين اللوازم الظاهرة واللوازم الخفية، فإن الإنسان قد يذهل عن اللازم القريب وهذا الحكم إنما هو بالنسبة إلى اللوازم التي ثبت لزومها، أما ما ليس بلازم في الحقيقة ولكن يظن الذهن لزومه فهذا أولى أن لا يعتبر لازماً فلا تشهدوا أيها المعطلة على ما تلزموننا به شهادة زور وبهتان فترمونا بالقول بتلك اللوازم، وأنها مذهب لنا، مع أنا لم نقصدها ولم تخطر لنا في الأذهان عند إثبات الصفات للرحمن ا. هـ من شرح الشيخ خليل هراس (2/253) . رابعاً: حلول الحوادث تكلمنا فيما سبق عن حلول الحوادث في الذات الإلهية وذكرنا أنه لا يحل في الذات شيء من المخلوقات وإنما المراد من ذلك إثبات الصفات الفعلية التي تتجدد عند وجود مقتضياتها. يقول شيخ الإسلام في الفتاوى (6/320) في الفرق بين الحادث والمخلوق وإذا قالوا: نحن نسمى كل حادث مخلوقاً، فهذا محل نزاع، فالسلف وأئمة أهل الحديث وكثير من طوائف الكلام - كالهشامية والكرامية وأبي معاذ التومنى وغيرهم - لا يقولون: كل حادث مخلوق، ويقولون: الحوادث تنقسم إلى ما يقوم بذاته بقدرته ومشيئته ومنه خلقه للمخلوقات وإلى ما يقوم بائناً عنه وهذا هو المخلوق لأن المخلوق لابد له من خلق، والخلق القائم بذاته لا يفتقر إلى خلق بل هو حصل بمجرد قدرته ومشيئته. ويقول د. محمد الخميس في كتابه توضيح مصطلحات ابن تيمية ص 16: يقول ابن تيمية (والحادث ممكن ليس بواجب) أقول: الحادث في الاصطلاح العام للمناطقة والمتكلمين ما وجد بعد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 114 أن لم يكن فهو مرادف للمخلوق وقد يطلق " الحادث " ويراد به المتجدد - فيكون أعم من المخلوق فالحادث على هذا قد يكون مخلوقاً كالحوادث اليومية في الكون وكذا الكون نفسه وقد لا يكون مخلوقاً على كونه متجدداً نحو قوله تعالى: {ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث} فالذكر المحدث هو القرآن وهو غير مخلوق وإن كان متجدداً أهـ. بيان اللبس الذي في حلول الحوادث يقول شارح الطحاوية ص 76: " حلول الحوادث بالرب تعالى، المنفي في علم الكلام المذموم لم يرد نفيه ولا إثباته في الكتاب ولا في السنة وفيه إجمال فإن أريد بالنفي أنه لا يحل في ذاته المقدسة شيء من مخلوقاته المحدثة أو لا يحدث له وصف متجدد لم يكن - فهذا نفي صحيح (1) وإن أريد به نفي الصفات الاختيارية من أنه لا يفعل ما يريد ولا يتكلم بما شاء ولا أنه يغضب ويرضى لا كأحد من الورى، ولا يوصف بما وصف به نفسه من النزول والاستواء والإتيان كما يليق بجلاله وعظمته - فهذا نفي باطل. وأهل الكلام المذموم يطلقون نفي حلول الحوادث فيسلم السني للمتكلم ذلك على أنه نفى عنه - سبحانه - ما لا يليق بجلاله فإذا سلم له هذا النفي ألزمه نفي الصفات الاختيارية وصفات الفعل، وهو غير لازم له وإنما أتي هذا السني من تسليم هذا النفي المجمل وإلا فلو استفسر واستفصل لم ينقطع معه " وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى (6/90) وإذا قيل قيام هذه الأفعال يستلزم قيام الحوادث به كان كما قيل قيام الصفات له يستلزم قيام الأعراض به ولفظ الأعراض والحوادث لفظان   (1) ... سيأتي التعليق على كلام الطحاوي انه لا يحدث له وصف متجدد في الحاشية على القاعدة الخامسة من قواعد الصفات 0 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 115 مجملان فإن أريد بذلك ما يعقله أهل اللغة من أن الأعراض والحوادث هي الأمراض والآفات كما يقال: فلان قد عرض له مرض شديد وفلان قد احدث حدثاً عظيماً كما قال النبي صلى الله عليه وسلم " إياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة " وقال: " لعن الله من احدث حدثاً أو آوى محدثاً " وقال: " إذا حدث أحدكم فلا يصلي حتى يتوضأ " ويقول الفقهاء: الطهارة " نوعان " طهارة لحدث وطهارة لخبث ويقول أهل الكلام: اختلف الناس في " أهل الاحداث " من أهل القبلة: كالربا والسرقة وشرب الخمر. ويقال فلان به عارض من الجن وفلان حدث له مرض فهذه من النقائص التي ينزه الله عنها. وإن أريد بالأعراض والحوادث اصطلاح خاص فإنما احدث ذلك الاصطلاح من أحدثه من أهل الكلام وليست هذه لغة العرب ولا لغة أحد من الأمم لا لغة القرآن ولا غيره ولا العرف العام ولا اصطلاح أكثر الخائضين في العلم بل مبتدعوا هذا الاصطلاح: هم من أهل البدع المحدثين في الأمة الداخلين في ذم النبي صلى الله عليه وسلم ا. هـ. ويقول الشيخ ابن عثيمين في شرح الواسطية (1/210) - ثم نقول لهم: قولكم: إن الرضى حادث بعد أن لم يكن ما الذي يمنع أن يكون الله عز وجل لكمال تصرفه في ملكه يرضى عن أقوام ويسخط عن أقوام يرضى عن الشخص في حال، ويغضب عليه في حال أخرى ما المانع؟ وهل هذا إلا من كمال ربوبيته أن يكون فعالاً ما يريد هذا لا شك أنه من كمال ربوبيته وكماله عز وجل. - ثم قولكم: إن الحوادث لا تقوم إلا بحادث هذا ليس بصواب لأننا نرى أن الحوادث لا يلزم منها مقارنة المحدث. ومعنى هذا: أني أنا حادث الآن لا شك أفعالي حادثة هل يلزم من هذه الحادثة أن تقارنني؟ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 116 فإذا لا يلزم من قيام الحوادث بالله عز وجل أن يكون هو محدثاً أو حادثاً لأن الحوادث لا يشترط فيها مقارنة المحدث كذلك أفعال الله من الرضى والغضب والسخط وغيرها لا يلزم أن تكون مقارنة لله وعليه فيمكن أن تكون حادثة بعد أن لم تكن - وقولكم أيضاً: إن الحوادث عرض والعرض لا يقوم إلا بجسم هذا غير صحيح!! - فالأعراض تقوم بغير الأجسام أيضاً يقال: ليل طويل، وشتاء بارد ومرض مزمن أو شديد فتوصف هذه الأشياء مع أنها ليست أجساماً وبهذا يتبين أن كل تعاليلهم عليلة بل ميتة. - وانظر هذه المسألة في: - المطالب العالية للرازي (2/107) حيث قال: فثبت أن القول بحدوث الصفات في ذات الله قول قال به جميع الفرق ا. هـ - ومنهاج السنة النبوية لشيخ الإسلام ابن تيمية (2/382) - والمقالات السنية في تبرئة ابن تيمية للدمشقية ص 146، وموسوعة أهل السنة للدمشقية (2/1018) . ******** الجزء: 1 ¦ الصفحة: 117 القاعدة الخامسة أسماء الله تعالى توقيفية (1) لا مجال للعقل فيها (2) وعلى هذا فيجب الوقوف فيها على ما جاء به الكتاب والسنة فلا يزاد فيها ولا ينقص لأن العقل لا يمكنه إدراك (3) ما يستحقه تعالى من الأسماء فوجب الوقوف في ذلك على النص لقوله تعالى: {ولا تقف (4) ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً} [الإسراء: 36]   (1) توقيفي: هو تفعيل من الوقف والياء للنسبة والوقف في اللغة: مادة تدل على الحبس والمنع ومنه التوقيف هنا إذ المراد به الوقوف على نص الشارع فلا يجوز الكلام في هذا الباب بطريق القياس أو الاشتقاق اللغوي بل يكتفي بما وردت به نصوص الشرع لفظاً ومعنى فعلم بذلك أن التوقيف هو الاقتصار في الوصف والتسمية على ما وردت به الآيات القرآنية والآثار النبوية لفظاً ومعنى ا. هـ من قواعد البريكان. (2) القول بأن أسماء الله توقيفية هو الحق الذي عليه أهل السنة والجماعة وفي المسالة أقوال أخرى سنذكرها في الملحق. وانظر في ذلك: تفسير الرازي (8/180) ، وتفسير البحر المحيط لأبي حيان (4/427) وتفسير ابن عطية (6/154) (3) الإدراك هو إحاطة الشيء بكماله قاله الجرجاني في التعريفات. والإدراك هو المترتبة الثانية من مراتب وصول العلم إلى النفس إذ أنه يكون بتمامه أما المرتبة الأولى فهي الشعور وهو وصول المعنى إلى النفس لا بتمامه. انظر في ذلك الكليات لأبي البقاء الكفوي ص 66، ومذكرة المنطق للشنقيطي والتوقيف للمناوي ص 336. (4) أي لا تتبع من قفاه يقفوه إذا تتبع أثره وهو مشتق من اسم القفا وهو ما وراء العنق. ومعنى الآية: لا تتبع ما لا علم لك به من قول أو فعل فلا تقل رأيت ولم تره، ولا تقل: سمعت ولم تسمع، ولا تقل: علمت ولم تعلم. وروى البيهقي في شعب الإيمان (6/109) وأبو نعيم في الحلية (8/189) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال {من قال في مؤمن ما لا يعلم حبسه الله على جسر جهنم حتى يخرج مما قال) ، قال أبو نعيم، حديث غريب تفرد به إسماعيل عن سهل ا. هـ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 118 وقوله: {قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون} (1) [الأعراف: 33] ولأن تسميته تعالى بما لم يسم به نفسه أو إنكار (2) ما سمى به نفسه جناية في حقه تعالى فوجب سلوك الأدب في ذلك والاقتصار على ما جاء به النص (3)   = وقال الكميت: فلا أرمي البرىء بغير ذنب ... ولا أقفو الحواصن إن قفينا والآية فيها قراءتان غير هذه وهما ليستا من السبعة: الأولى: ولا تقفو، بإثبات الواو وقال السمين في الدر المصون (4/390) إن إثبات حرف العلة جزماً لغة قوم وضرورة عند آخرين. الثانية: ولا تقف بزنة ثقل من قاف يقوف أي تتبع أيضاً انظر تفسير أبي السعود (3/327) ، تفسير أبي حيان (6/32) وتفسير القرطبي (10/257) . (1) والشاهد أن تسمية الله بما لم يسم به نفسه قول عليه بلا علم فيكون محرماً. (2) ذكرُ المؤلف لإنكار الأسماء هنا من باب المقابلة لأن الكلام في حكم الإثبات لا الإنكار إذ أنه سيذكره في الإلحاد إلا أنه زيادة فائدة. ويمكن أن يقال إن المسألة في حكم الأسماء إثباتاً ونفياً لكن غالب من يتكلم تحت هذا العنوان يتكلم في الإثبات. (3) قال الخازن في تفسيره (2/276) : (يعني أدعو الله بأسمائه التي سمى بها نفسه أو سماه بها رسوله صلى الله عليه وسلم ففيه دليل على أن أسماء الله توقيفية لا اصطلاحية ومما يدل على صحة هذا القول ويؤكده أنه يجوز أن يقال: يا جواد ولا يجوز أن يقال: يا سخى ويجوز أن يقال: يا عليم ولا يجوز أن يقال: يا عاقل، ويجوز أن يقال: يا حكيم ولا يجوز أن يقال يا طبيب ا. هـ وقال الزمخشري في الكشاف (2/180) : كما سمعنا البدو يقولون بجهلهم: يا أبو المكارم، يا أبيض الوجه ا. هـ وقال الخطابي في شأن الدعاء ص 111: ومن علم هذا الباب، اعني: الأسماء والصفات، ومما يدخل في أحكامه [ويتعلق به من شرائط] أنه لا يتجاوز فيها التوقيف ولا يستعمل فيها القياس، فيلحق بالشيء نظيره في ظاهر وضع اللغة ومتعارف الكلام فالجواد: لا يجوز أن يقاس عليه: السخي وإن كانا متقاربين في ظاهر الكلام وذلك أن السخي لم يرد به التوقيف كما ورد بالجواد ثم أن السخاوة موضوعة في باب الرخاوة واللين يقال: أرض سخية وسخاوية إذا كان فيها لين ورخاوة وكذلك لا يقاس عليه السمح لما يدخل السماحة من معنى اللين = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 119 ملحق القاعدة الخامسة قبل أن نورد الأقوال في كون الأسماء توقيفية أم لا نحرر محل النزاع وهو: 1 - أن العلماء متفقون على جواز إطلاق الأسماء والصفات إذا ورد بها الإذن من الشارع. 2 - ومتفقون على امتناع تسميته إذا ورد المنع منه. 3 - واختلفوا إذا لم يوجد إذن ولا منع على أقوال هي: 1 - أن أسماء الله توقيفية وهو مذهب أهل السنة كما سبق وقد ذكر المؤلف الأدلة على ذلك من الكتاب والعقل ونزيد دليلاً من السنة وهو قوله عليه الصلاة والسلام في الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه (1/352) (لا نحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك) والتسمية من الثناء فدل على أن العقل لا مجال له في باب الأسماء إلا التصديق والوقوف عند النصوص. ومن الأدلة أيضاً أنه لا يجوز تسمية النبي صلى الله وسلم بما ليس من أسمائه فالباري أولى، ذكره السفاريني في اللوامع (1/125)   = والسهولة وأما الجود فإنما هو سعة العطاء من قولك: جاد السحاب إذا أمطر فأغزر، ومطر جود وفرس جوادٌ إذا: بذل ما في وسعه من الجري. وقد جاء في الأسماء " القوي " ولا يقاس عليه الجلد وإن كانا يتقاربان في نعوت الآدميين لأن باب التجلد يدخله التكلف والاجتهاد، ولا يقاس على " القادر " المطيق ولا المستطيع لأن الطاقة والاستطاعة إنما تطلقان على معنى قوة البنية، وتركيب الخلقة، ولا يقاس على " الرحيم " الرقيق وإن كانت الرحمة في نعوت الآدميين نوعاً من رقة القلب وضعفه عن احتمال القسوة. وفي صفات الله سبحانه: " الحليم " و " الصبور " فلا يجوز أن يقاس عليها الوقور والرزين. وفي أسمائه " العليم " ومن صفته العلم، فلا يجوز قياسه عليه أن يسمى " عارفاً " لما تقتضيه المعرفة من تقديم الأسباب التي بها يتوصل إلى علم الشيء وكذلك لا يوصف بالعاقل وهذا الباب يجب أن يراعى ولا يغفل فإن عائدته عظيمة والجهل به ضار [وبالله التوفيق] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 120 قال السفاريني: لكنها في الحق توقيفية ... لنا بذا أدله وفيه 2 - قول المعتزلة ومال إليه الباقلاني في تمهيد الأوائل ص 261، ونقله عنه التفتازاني في شرح المقاصد (4/344) وهو أن أسماء الله ليست توقيفية أي يجوز أن يسمى الله بكل اسم إذا كان متصفاً بمعناه ولم يوهم نقصاً وان لم يرد توقيف من الشارع، وذكره الباجوري في شرح جوهرة اللقاني ص 89. وانظر شرح المحلي المطبوع مع حاشية العطار على جمع الجوامع (2/496) . 3 - التوقف وعدم الجزم بالتحريم ولا الجواز وهو قول إمام الحرمين في الإرشاد ص 136. ونسب الزركشي في شرح جمع الجوامع (4/869) إلى الباقلاني التوقف أيضاً فلعل له في المسألة قولين. مناظرة في أسماء الله هل هي توقيفية. يذكر مترجموا أبي الحسن الأشعري أن من أسباب تركه الاعتزال مناظرته لشيخه أبي علي الجبائي في بعض المسائل، ومنها هذه المسألة فقد كان أبو الحسن الأشعري يرى أن أسماء الله توقيفية - بخلاف شيخه الجبائي فمرة دخل رجل على الجبائي، فقال له: هل يجوز أن يسمى الله تعالي عاقلاً فقال الجبائي: لا لأن العقل مشتق من العقال، وهو المانع، والمنع في حق الله محال، فامتنع الإطلاق. فقال أبو الحسن الأشعري: فقلت له: فعلى قياسك لا يسمى الله سبحانه حكيماً لأن هذا الاسم مشتق من حكمة اللجام وهي الحديدة المانعة للدابة عن الخروج، ويشهد لذلك قول حسان بن ثابت رضي الله عنه: فنحكم بالقوافي من هجانا ... ونضربُ حين تختلط الدماء وقول الآخر: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 121 أبني حنفية حكموا سفهاءكم ... إني أخاف عليكمو أن أغضبا أى نمنع بالقوافي من هجانا، وامنعوا سفهاءكم. فإذا كان اللفظ مشتقاً من المنع، والمنع على الله محال، لزمك أن تمنع إطلاق (حكيم) على الله سبحانه وتعالى. قال: فلم يجب الجبائي إلا أنه قال لي: فلم منعت أنت أن يسمى الله سبحانه عاقلاً وأجزت أن يسمى حكيماً؟ قال: فقلت له: لأن طريقي في مأخذ أسماء الله الإذن الشرعي دون القياس اللغوي فأطلقت حكيماً لأن الشرع أطلقه ومنعت عاقلاً لأن الشرع منعه ولو أطلقه الشرع لأطلقته اهـ ذكره السبكي في الطبقات (3/357) وعبد الرحمن بن بدوي في مذاهب الإسلاميين (1/500) ومما سبق نستخلص قاعدة أخرى وهي: إن ما يطلق عليه في باب الأسماء والصفات توقيفي وما يطلق عليه من الإخبار لا يجب أن يكون توقيفياً كالقديم والشيء الموجود والقائم بنفسه فهذا فصل الخطاب في مسألة أسمائه هل هي توقيفية أو يجوز أن يطلق عليه بعض ما لم يرد به السمع ذكر هـ ابن القيم في بدائع الفوائد (1/162) . ***** الجزء: 1 ¦ الصفحة: 122 القاعدة السادسة أسماء الله تعالى غير محصورة بعدد معين (1) لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المشهور: {أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحداً من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك} (2) . الحديث رواه أحمد وابن حبان والحاكم وهو صحيح (3) . وما استأثر الله تعالى به في علم الغيب لا يمكن أحداً حصره ولا الإحاطة به   (1) هذا هو الحق وهو مذهب الجمهور بل حكى النووي الاتفاق عليه وسيأتي في الملحق ذكر الخلاف في المسألة (2) والشاهد من الحديث: قوله (أو استأثرت به في علم الغيب عندك) فهو دليل على أن أسماءه أكثر من تسعة وتسعين وأن له أسماء استأثر بها في علم الغيب عنده لا يعلمها غيره. قال الخطابي في شأن الدعاء ص 24 عند هذا الحديث فهذا يدلك على أن لله أسماء لم ينزلها في كتابه حجبها عن خلقه ولم يظهرها لهم ا. هـ واستدل بهذا الحديث الإمام ابن كثير في تفسيره (2/258) على أن أسماء الله غير منحصرة. وقال الإمام ابن القيم في شفاء العليل ص 472 الحديث دليل على أن أسماء الله أكثر من تسعة وتسعين، وأن له أسماء وصفات استأثر بها في علم الغيب عنده لا يعلمها غيره وعلى هذا فقوله (إن لله تسعة وتسعين اسماً) لا ينفي أن يكون له غيرها والكلام جملة واحدة أي له أسماء موصوفة كما يقال: لفلان مائة عبد أعدهم للتجارة ومائة أعدها للجهاد وهذا قول الجمهور وخالفهم ابن حزم فزعم أن أسماءه تنحصر في هذا العدد أ. هـ (3) سيأتي في الملحق تحقيق الحديث وتخريجه وفيه بحث مهم 0 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 123 فأما قوله صلى الله عليه وسلم: " إن لله تسعة وتسعين اسماً مائة إلا واحداً من أحصاها (1) دخل الجنة " (2) فلا يدل (3) على حصر الأسماء بهذا العدد ولو كان المراد الحصر لكانت العبارة: إن أسماء الله تسعة وتسعون اسماً من أحصاها دخل الجنة أو نحو ذلك. إذاً فمعنى الحديث أن هذا العدد من شأنه أن من أحصاه دخل الجنة وعلى هذا فيكون قوله - من أحصاها دخل الجنة - جملة مكملة لما قبلها (4) وليست مستقلة. ونظير هذا أن تقول: عندي مئة درهم أعددتها للصدقة فإنه لا يمنع أن يكون عندك دراهم أخرى لم تعدها للصدقة (5) .   (1) إحصاؤها: حفظها لفظاً وفهمها معنى وتمامه أن يعبد الله بمقتضاها ذكره المؤلف وسيأتي في الملحق الخلاف في المسالة وذكر الأقوال. (2) رواه البخاري في صحيحه (11/218) من طبعة الفتح، ومسلم في صحيحه (7/14) من طبعة المفهم للقرطبي. (3) في هذا رد على المخالفين الذين قالوا بأن أسماءه تسعة وتسعون. (4) أي أن الجملة صفة للتسعة والتسعين وليست جملة مبتدأة ولكن موضعها النصب ويجوز أن تعرب مبتدأ والمعنى لا يختلف والتقدير: إن لله أسماء بقدر هذا العدد من أحصاها دخل الجنة، ذكره شيخ الإسلام في الفتاوى (6/381) . (5) ... يقول ابن القيم في بدائع الفوائد (1/167) وأما قوله صلى الله عليه وسلم " إن لله تسعة وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة " فالكلام جملة واحدة وقوله: " من أحصاها دخل الجنة " صفة لا خبر مستقل والمعنى له أسماء متعددة من شأنها أن من أحصاها دخل الجنة وهذا لا ينفي أن يكون له أسماء غيرها وهذا كما تقول لفلان مائة مملوك قد أعدهم للجهاد فلا ينفي هذا أن يكون له مماليك سواهم معدون لغير الجهاد وهذا لا خلاف بين العلماء فيه. وقال الخطابي في شأن الدعاء ص 24 (في هذا الحديث إثبات هذه الأسماء المخصوصة بهذا العدد، وليس فيه منع ما عداها من الزيادة ... ..وهو كقولك: إن لزيد ألف درهم أعدها للصدقة، وكقولك إن لعمرو مائة ثوب من زاره خلعها عليه وهذا لا يدل على أنه ليس عنده من الدراهم أكثر من ألف درهم ولا من الثياب أكثر من مائة ثوب، وإنما دلالته أن الذي أعده زيد من الدراهم للصدقة ألف درهم وأن الذي أرصد عمرو من الثياب للخلع مائة ثوب وقال النووي في شرح مسلم (17/5) (اتفق العلماء على أن هذا الحديث ليس فيه = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 124 ولم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم تعيين هذه الأسماء، والحديث المروي عنه في تعيينها ضعيف (1) قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى ص (382) جـ (6) من مجموع ابن قاسم " تعيينها ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم باتفاق أهل المعرفة بحديثه (2) وقال قبل ذلك ص (379) " عن الوليد ذكرها عن بعض شيوخه الشاميين كما جاء مفسراً في بعض طرق حديثه " ا. هـ وقال ابن حجر في فتح الباري ص (215) جـ (11) ط السلفية: " ليست العلة عند الشيخين (البخاري ومسلم)   = حصر لأسمائه سبحانه وتعالى، فليس معناه أنه ليس له أسماء غير هذه التسعة والتسعين، وإنما مقصود الحديث أن هذه التسعة والتسعين من أحصاها دخل الجنة، فالمراد الإخبار عن دخول الجنة بإحصائها لا الإخبار بحصر الأسماء. (1) وقد ضعف الحديث جماعة كابن حزم في المحلى (8/31) وابن القيم في مدارج السالكين (3/410) ، وابن كثير في تفسيره (2/258) ، والصنعاني في سبل السلام (4/108) . ومال البغوي إلى تضعيفه في شرح السنة (5/35) وكذا ابن عطية في تفسيره (6/156) بقى أن نشير إلى أن جماعة من أهل العلم قد صححوا الحديث أو حسنوه، فقد صححه القرطبي في تفسيره (7/325) ، وحسنه النووي في الأذكار المطبوع مع شرح ابن علان (3/221) والحديث صححه ابن حبان (3/88) ، والحاكم في المستدرك (1/63) وسكت عنه الذهبي وانظر موارد الظمآن لزوائد ابن حبان للهيثمي ص 592وسيأتي ذكر طرق الحديث في الملحق. يقول الشيخ ابن عثيمين في الفتاوى ص 560: فمن حاول تصحيح هذا الحديث قال إن هذا أمر عظيم لأنها توصل إلى الجنة فلا يفوت على الصحابة أن يسألوه صلى الله عليه وسلم عن تعيينها، فدل هذا على أنها قد عينت من قبله صلى الله عليه وسلم لكن يجاب عن ذلك بأنه لا يلزم ولو كان كذلك لكانت هذه الأسماء التسعة والتسعين معلومة أشد من علم الشمس، ولنقلت في الصحيحين وغيرهما، لأن هذا مما تدعو الحاجة إليه وتلح بحفظه، فكيف لا يأتي إلا عن طرق واهية وعلى صور مختلفة فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يبينها لحكمة بالغة وهي أن يطلبها الناس ويتحروها في كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يتبين الحريص من غير الحريص. (2) وقد نقلنا فيما سبق من صحح الحديث ومن حسنه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 125 تفرد الوليد (1) فقط بل الاختلاف فيه والاضطراب (2) وتدليسه (3) واحتمال الإدراج (4) ا. هـ ولما لم يصح تعيينها عن النبي صلى الله عليه وسلم اختلف السلف فيه وروى عنهم في ذلك أنواع وقد جمعت تسعة وتسعين اسماً مما ظهر لي من كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. - فمن كتاب الله تعالى 1 - الله 2 - الأحد 3 - الأعلى 4 - الأكرم 5 - الإله 6 - الأول 7 - والآخر 8 - والظاهر 9 - والباطن 10 - الباريء 11 - البر 12 - البصير 13 - التواب 14 - الجبار 15 - الحافظ 16 - الحسيب   (1) أي الوليد بن مسلم وسيأتي في طرق الحديث. (2) الاختلاف والاضطراب هي العلة الأولى، فقد وقع الاختلاف فيه من جهة السند ومن عبد العزيز وزهير بن محمد. وأما من جهة المتن فقد وقع اختلاف في سرد الأسماء. (3) أي أن الوليد بن مسلم مدلس تدليس التسوية كما في تعريف أهل التقديس لابن حجر ص 134، والتبيين لأسماء المدلسين لسبط ابن العجمي ص 80، وإتحاف ذوي الرسوخ لحماد الأنصاري ص 54، والنكت على ابن الصلاح للزركشى (2/121) وتدليس التسوية هو أن يروي عن شيخه ثم يسقط راوياً ضعيفاً ثم يذكر راوياً ثقة ويكون الراويان قد لقى أحدهما الآخر فيسوى الإسناد كله ثقات. انظر التيسير للطحان ص 80، والتدليس في الحديث د. مسفر الدميني ص 53 والوليد قد صرح بالتحديث ولهذا قال الارناؤوط في حاشيته على الإحسان (3/89) : رجاله ثقات، صفوان والوليد كلاهما قد صرح بالتحديث ا. هـ لكن في كلامه هذا نظر لأن في تدليس التسوية لابد من التصريح من قبل كل من فوق المدلس. (4) أي أنه ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم بل هو من الراوي ويشهد لذلك خلو أكثر الروايات عن هذا العد 0 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 126 17 - الحفيظ 8 - الحفي 19 - الحق 20 - المبين 21 - الحكيم 22 - الحليم 23 - الحميد 24 - الحي 25 - القيوم 26 - الخبير 27 - الخالق 28 - الخلاق 29 - الرؤوف 30 - الرحمن 31 - الرحيم 32 - الرزاق 33 - الرقيب 34 - السلام 35 - السميع 36 - الشاكر 37 - الشكور 38 - الشهيد 39 - الصمد 40 - العالم 41 - العزيز 42 - العظيم 43 - العفو 44 - العليم 45 - العلي 46 - الغفار 47 - الغفور 48 - الغني 49 - الفتاح 50 - القادر 51 - القاهر 52 - القدوس 53 - القدير 54 - القريب 55 - القوي 56 القهار 57 - الكبير 58 - الكريم 59 - اللطيف 60 - المؤمن 61 - المتعالي 62 - المتكبر 63 - المتين 64 - المجيب 65 - المجيد 66 - المحيط 67 - المصور 68 - المقتدر 69 - المقيت 70 - الملك 71 - المليك 72 - المولى 73 - المهيمن 74 - النصير 75 - الواحد 76 - الوارث 77 - الواسع 78 - الودود 79 - الوكيل 80 - الولى 81 - الوهاب - ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم: 82 - الجميل 83 - الجواد 84 - الحكم 85 - الحي 86 - الرب 87 - الرفيق 88 - السبوح 89 - السيد 90 - الشافي 91 - الطيب 92 - القابض 93 - الباسط 94 - المقدم 65 - المؤخر 96 - المحسن 97 - المعطي 98 - المنان 99 - الوتر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 127 هذا ما اخترناه بالتتبع (1) واحد وثمانون اسماً في كتاب الله تعالي وثمانية عشر اسماً في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن كان عندنا تردد في إدخال (الحفي) (2) لأنه إنما ورد مقيداً في قوله تعالى عن إبراهيم: {إنه كان بي حفياً} [مريم: 47] وكذلك (المحسن) (3) لأننا لم نطلع على رواته في الطبراني (4) وقد ذكره شيخ الإسلام من الأسماء (5) . ومن أسماء الله تعالى ما يكون مضافاً (6) مثل: " مالك الملك ذي الجلال والإكرام " (7) .   (1) وللأئمة الآخرين اختيارات أخرى وسيأتي في الملحق ذكر الطرق لحديث عد الأسماء (2) وقد ذكر الحفي من الأسماء كل من: ابن العربي، والقرطبي، وابن حجر، وابن الوزير، والشرباصي. انظر معتقد أهل السنة في الأسماء د. محمد التميمي ص 205 (3) وقد ذكره القرطبي وابن القيم كما في المرجع السابق ص 192 (4) الحديث مروي بأكثر من طريق وسيأتي في الملحق تفصيل ذلك. (5) لم أقف على كلام شيخ الإسلام ان المحسن من الأسماء وقد ذكره القرطبي وابن القيم كما في معتقد أهل السنة للتميمي ص192 إلا أن في الفتاوى (6/64) ما يدل ظاهره أن المحسن من الأسماء. (6) ذهب جمع من أهل العلم إلى اعتبار الأسماء المضافة وعدها من ضمن الأسماء الحسنى. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: في الفتاوى (22/485) " وكذلك أسماؤه المضافة مثل أرحم الراحمين، وخير الغافرين، ورب العالمين، ومالك يوم الدين، وأحسن الخالقين، وجامع الناس ليوم لا ريب فيه، ومقلب القلوب، وغير ذلك مما ثبت في الكتاب والسنة، وثبت في الدعاء بها بإجماع المسلمين " أ. هـ والعلماء في عدهم لهذه الأسماء ما بين مقل ومكثر فبعض تلك الأسماء التي عدوها إضافتها واضحة في النصوص، والبعض منها لا تدل النصوص صراحة على إضافتها. وقال الأشقر ص 62 من كتابه الأسماء والصفات: وحسبنا أن نعلم أن اسماً من أعظم أسماء الباري لم يرد في القرآن إلا مضافاً وهو الرب وأكثر الدعاء به ا. هـ. قلت وفيما قاله نظر فقد ورد الرب غير مضاف في قوله تعالى (ورب غفور) وقوله تعالى (من رب رحيم) وذكره الشيخ ابن عثيمين من الأسماء غير المضافة (7) لم يذكر المؤلف هذين الاسمين من التسعة والتسعين واعتبرها من الأسماء لأحد أمرين: أ - أن أسماء الله أكثر من تسعة وتسعين وأن الذي جمعها الشيخ هي التي من أحصاها دخل الجنة. ب - أو أن هذه أسماء ليست عنده وإنما عند غيره فقد اعتبر مالك المالك من الأسماء كل من: الخطابي، وابن القيم، وابن الوزير، وأما ذو الجلال والإكرام فقد اعتبره من الأسماء كل من: الخطابي وابن منده والبيهقي والقرطبي وابن الوزير 0 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 128 ملحق القاعدة السادسة ذكرنا في حاشية القاعدة السابقة أننا سنفصل في الملحق بعض المسائل وهي: 1 - هل أسماء الله محصورة. 2 - تحقيق حديث (أو استأثرت به في علم الغيب عندك) . 3 - معنى الإحصاء الوارد في الحديث. 4 - طرق حديث سرد الأسماء. 5 - تحقيق حديث (إن الله هو المحسن) . أولاً: هل أسماء الله محصورة اختلف العلماء في ذلك على قولين: القول الأول: - أن أسماء الله ليست محصورة بل له أسماء وصفات استأثر بها في علم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 129 الغيب عنده لا يعلمها غيره. وهذا هو قول جماهير أهل العلم كالخطابي والقرطبي والقاضي أبي بكر بن الطيب وابن العربي والرازي وابن حجر كما ذكره محمد تقي العثماني في تكملة فتح الملهم على شرح مسلم (5/536) بل حكى النووي الاتفاق على أن أسماء الله ليست محصورة في شرح صحيح مسلم (18/5) . وقال شيخ الإسلام في الفتاوى (22/482) : وقد مضى سلف الأمة وأئمتها على هذا القول. وأدلة هذا الفريق: (أ) الحديث الذي استدل به المؤلف وهو أن الله استأثر في علم الغيب عنده أسماء والحديث جعل أسماء الله ثلاثة أقسام كما ذكره ابن القيم في بدائع الفوائد (1/66) : أ- ... قسم سمى به نفسه فأظهره لمن شاء من ملائكته أو غيرهم ولم ينزل به كتابه. ب- ... وقسم أنزل به كتابه فتعرف به إلى عباده. جـ- ... وقسم استأثر به في علم غيبه فلم يطلع عليه أحد من خلقه ولهذا قال " استأثرت به " أي انفردت بعلمه، وليس المراد انفراده بالتسمي به لأن هذا الانفراد ثابت في الأسماء التي أنزل بها كتابه. (2) ... ومما يستدل به ما ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول في سجوده " اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك وبك منك لا أحصى ثناءً عليك، أنت كما أثنيت على نفسك " والشاهد من الحديث هو قوله: " لا أحصى ثناءً عليك " قال شيخ الإسلام ابن تيمية في درء التعارض (3/332) (فأخبر أنه صلى الله عليه وسلم لا يحصى ثناء عليه، ولو أحصى أسمائه لأحصى صفاته كلها، فكان يحصى الثناء عليه، لأن صفاته إنما يعبر عنها بأسمائه) (3) ... ويستدل كذلك بقوله صلى الله عليه وسلم في حديث الشفاعة (ثم يفتح على من محامده وحسن الثناء عليه شيئاً لم يفتحه على أحد من قبلي) رواه البخاري. قال ابن القيم في بدائع الفوائد (1/166) : وتلك المحامد هي تفي بأسمائه وصفاته ا. هـ وانظر المفهم للقرطبي (7/16) (4) ... أن الأسماء الواردة في الكتاب والسنة أكثر من تسعة وتسعين، ولهذا قال شيخ الإسلام في الفتاوى (22/482) وهذا القائل الذي حصر أسماء الله في تسعة وتسعين لم يمكنه استخراجها من القرآن، وإذا لم يقم على تعيينها دليل يجب القول به لم يمكن أن يقال هي التي يجوز الدعاء بها دون غيرها، لأنه لا سبيل إلى تمييز المأمور من المحظور فكل اسم يجهل حاله يمكن أن يكون من المأمور، ويمكن أن يكون من المحظور الجزء: 1 ¦ الصفحة: 130 وإن قيل: لا تدعوا إلا باسم له ذكر في الكتاب والسنة، قيل: هذا أكثر من تسعة وتسعين. وقال ابن الوزير في إيثار الحق على الخلق ص 158: وقد ثبت أن أسماء الله تعالى أكثر من ذلك المروي بالضرورة والنص أما الضرورة فإن في كتاب الله أكثر من ذلك ا. هـ (5) ... واستدل أيضاً على عدم الحصر بأنه مفهوم عدد وهو ضعيف، ذكره الحافظ في الفتح (11/224) ، وذكر نحوه شيخ الإسلام في الفتاوى (6/381) القول الثاني: أن أسماء الله محصورة بعدد معين واختلفوا في عددها على أقوال: 1 - من يقول إن أسماء الله مائة فقط وبه جزم السهيلي (1) . 2 - ومنهم من قال إن لله ألف اسم (2) . 3 - ومنهم من يقول إن لله أربعة آلاف اسم (3) ألف لا يعلمه إلا الله، وألف لا يعلمه إلا الله والملائكة، وألف لا يعلمه إلا الله والملائكة والأنبياء، وأما الألف الرابع فإن المؤمنين يعلمونه فثلاثمائة منه في التوارة، وثلاثمائة في الإنجيل، وثلاثمائة في الزبور، ومائة في القرآن، تسعة وتسعون منها ظاهرة وواحد مكتوم. 4 - ... ان الأسماء تسعة وتسعون اسماً فقط ولا يحل لأحد أن يزيد عليها وهو قول ابن حزم في المحلى (8/31) . واستدل بحديث (إن لله تسعة وتسعين مائة إلا واحداً) .   (1) انظر فتح الباري (11/224) ، والجوائز والصلات من جمع الأسماء والصفات للقنوجي ص 40 (2) فتح الباري (11/224) ، وزاد المعاد لابن القيم (1/88) ونقله عن دحية الكلبي ت: سنة 633هـ (3) فتح الباري (11/224) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 131 قال الحافظ في الفتح (11/224) وابن حزم ممن ذهب إلى الحصر في العدد المذكور وهو لا يقول بالمفهوم أصلاً ولكنه احتج بالتأكيد في قوله صلى الله عليه وسلم (مائة إلا واحداً) قال: لأنه لو جاز أن يكون له اسم زائد على العدد المذكور لزم أن يكون له مائة اسم فيبطل قوله (مائة إلا واحداً) وهذا الذي قاله ليس بحجة على ما تقدم وان الحصر المذكور عندهم باعتبار الوعد الحاصل لمن أحصاها فمن ادعى ان الوعد وقع لمن أحصى زائداً على ذلك فقد أخطأ ا. هـ ولا شك أن الصواب هو قول الجمهور وقد ذكرنا أدلة ذلك. ثانياً: تحقيق حديث (أو استأثرت به في علم الغيب عندك) نص الحديث هو " ما قال عبد قط إذا أصابه هم وحزن اللهم إني عبدك وابن عبدك ناصيتي بيدك ماض في حكمك عدل في قضاؤك أسألك بكل اسم سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحداً من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي ونور بصري وجلاء حزني وذهاب همي إلا أذهب الله همه وأبدله مكان حزنه فرحاً " قالوا: يا رسول الله ينبغي لنا أن نتعلم هؤلاء الكلمات؟ قال: " أجل ينبغي لمن سمعهن أن يتعلمهن " **تخريج الحديث: الحديث رواه الإمام أحمد في المسند (1/452) ، وابن حبان في صحيحه (3/253) والحاكم في مستدركه (1/690) وقال هذا حديث صحيح على شرط مسلم إن سلم من إرسال عبد الرحمن بن عبد الله، قال الذهبي وأبو سلمة لا يدرى من هو ولا رواية له في الكتب الستة ا. هـ وسيأتي الكلام على تعقيب الذهبي، وانظر مختصر استدراك الذهبي لابن الملقن (1/412) . والحديث رواه أيضاً أبو يعلى في مسنده (9/199) وانظر المقصد العلي في زوائد أبي يعلى للهيثمي (3/330) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 132 ورواه الطبراني في المعجم الكبير (10/170) والحارث بن أبي أسامة في مسنده كما في بغية الباحث للهيثمي ص 317. ورواه ابن أبي شيبة في مصنفه (7/47) ت: اللحام، ورواه أيضاً في مسنده (1/223) ت: الغزازي، وعزاه الهيثمي في المجمع (10/139) إلى البزار وقال: ورجال أحمد وأبي يعلى رجال الصحيح غير أبي سلمة الجهني وقد وثقه ابن حبان ا. هـ ورواه ابن السني في عمل اليوم والليلة ص 165. وقد أعل الحديث بأمرين: 1 - سماع عبد الرحمن عن أبيه وهو ما ذكره الحاكم. 2 - جهالة أبي سلمة الجهني وهو ما ذكره الذهبي. (1) سماع عبد الرحمن عن أبيه: الحديث مروى عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه عن عبد الله بن مسعود. أي أنه من الأحاديث التي فيها من روى عن أبيه عن جده ولهذا ذكره المستدرك على كتاب من روى عن أبيه عن جده لابن قطلوبغا ص 509. واختلف في سماع عبد الرحمن عن ابن مسعود على قولين: الأول: أنه لم يسمع منه وإليه مال الحاكم والمنذري كما في إتحاف المهرة للبوصيري (8/452) وبه قال ابن معين في رواية كما سيأتي في تهذيب المزي. الثاني: أنه سمع منه وننقل كلام المزي في تهذيب الكمال (17/240) قال يعقوب بن شيبة: كان ثقة قليل الحديث وقد تكلموا في روايته عن أبيه وكان صغيراً. فأما علي بن المديني فإنه قال: قد لقي أباه عبد الله. وقال يحيى بن معين: عبد الرحمن بن عبد الله، وأبو عبيدة بن عبد الله لم يسمعا من أبيهما 0 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 133 وقال معاوية بن صالح، عن يحيى بن معين: سمع من أبيه ومن علي وقال أحمد بن حنبل، عن يحيى بن سعيد: مات ابن مسعود وعبد الرحمان ابن ست سنين أو نحو ذلك. وقال محمد بن علي بن شعيب: سمعت أحمد بن حنبل، وقيل له: هل سمع عبد الرحمن بن عبد الله من أبيه؟ فقال: أما سفيان الثوري وشريك، فإنهما لا يقولان: سمع، وأما إسرائيل، فإنه يقول في حديث الضب: سمعت. وقال أحمد بن عبد الله العجلي: يقال: إنه لم يسمع من أبيه إلا حرفاً واحداً " محرم الحلال كمستحل الحرام " وقال إسحاق بن منصور عن يحيى بن معين: ثقة. وقال أبو حاتم: صالح. وقال البخاري: حدثني إسحاق بن يزيد أبو النضر الدمشقي. قال: حدثنا الحكم بن هشام الثقفي قال: حدثني عبد الملك بن عمير عن القاسم بن عبد الرحمن عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه قال: لما حضر عبد الله الوفاة قال لها ابنه عبد الرحمن: يا أبه أوصني، قال: ابك من خطيئتك ا. هـ. والقول بأنه سمع من أبيه ذهب إليه من المعاصرين أحمد شاكر في تعليقه على المسند (5/267) وبه قال الألباني في السلسة الصحيحة حديث رقم 199 وانظر تقريب التهذيب (1/488) والثقات لابن حبان (5/76) والكاشف للذهبي (2/153) وميزان الاعتدال للذهبي (2/573) والخلاصة للخزرجي ص 230، وتاريخ خليفة بن خياط ص 279 2 - ... جهالة أبي سلمة الجهني: اختلف فيه على قولين: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 134 القول الأول: أنه لا يدرى من هو وهذا قول الذهبي في ميزان الاعتدال (4/533) ، وفي المغنى في الضعفاء (2/471) ، وبه قال أبوحمزة الحسيني في الإكمال (2/285) ، والحافظ ابن حجر في تعجيل المنفعة ص 490، وفي (2/471) من الطبعة المحققة ونص على ذلك أيضاً في لسان الميزان (7/57) وقال: وقد ذكره ابن حبان في الثقات وأخرج حديثه في صحيحه وأحمد في مسنده والحق أنه مجهول الحال وابن حبان يذكر أمثاله في الثقات ويحتج به في الصحيح إذا كان ما رواه ليس بمنكر ا. هـ وقد فات الدكتور عبد الله اللحيدان ترجمة أبي سلمة في الميزان وقال في تحقيقه على مختصر الذهبي لابن المقلن (1/414) أنه لم يجد أبا سلمة مترجماً له في اللسان وهو موجود في (7/57) كما ذكرنا. وممن ذكر أنه لا يدرى العراقي في ذيل الكاشف ص 328. القول الثاني: أنه لا يشتبه أمره بل هو الإمام موسى بن عبد الله أو عبد الرحمن الجهني وهو ما جزم به أحمد شاكر في تعليقه على المسند (5/266) والألباني في السلسة الصحيحة رقم 199 وهذا هو الصواب بدليل أن المزي قد ذكر في تهذيب الكمال (29/96) أن من شيوخه القاسم بن عبد الرحمن ابن عبد الله بن مسعود وحذفه ابن حجر من تهذيب التهذيب (10/354) ولا أدري هل فعله اتفاقاً أم قصداً أم موافقة لابن أبي حاتم في الجرح (8/149) . وإذا عرفنا انه هو موسى الجهني فإنه قد وثقه الإمام أحمد في العلل (2/474) و (3/32) ويحيى القطان، وابن معين والنسائي والعجلي كما في تهذيب التهذيب (10/354) ووثقه ابن حبان في الثقات (7/659) وابن سعد في الطبقات (6/338) وابن حجر في تقريب التهذيب (2/285) ، والخزرجي في الخلاصة ص 391. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 135 وذكره البخاري في تاريخه الكبير (8/395) وخليفة ابن خياط في تاريخه ص 421. ** الحكم على الحديث: والحديث صححه أحمد شاكر في تعليقه على المسند (5/266) والألباني في السلسلة رقم (199) ، والأرناؤوط في تخريج زاد المعاد (4/198) ، وهو ظاهر كلام ابن القيم في شفاء العليل ص 473، وعرفنا قول الهيثمي فيما سبق. ثالثاً: معنى الإحصاء الوارد في الحديث الإحصاء له عدة معان في اللغة العربية وهي: 1 - أن العرب تعبر عن كثرة الشيء وسعته بالحصى يقال: عنده حصى من الناس أي جماعة وقال الشاعر: " ولسنا إذا عد الحصى بأقله " 2 - (أن) يقال حصيت إذا عددته وأحصيته إذا ميزت بعضه من بعض 3 - الحصاة العقل قال الشاعر وأن لسان المرء ما لم تكن له ... حصاة على عوارته لدليل 4 - (أن) يقال أحصيت الشيء إذا أطقته واتسعت له وقال الله عز اسمه: {علم أن لن تحصوه فتاب عليكم} [المزمل: 20] أراد والله أعلم - لن تطيقوه. أما معنى إحصاء الأسماء فقد اختلف الأئمة فيه على أقوال: 1 - ... أن المراد بالإحصاء هو حفظها وهذا القول هو الذي استظهره الخطابي في كتابه شأن الدعاء ص 26 فقال: أظهرها الإحصاء الذي هو بمعنى العد يريد: أنه يعدها ليستوفيها حفظاً فيدعو ربه بهما كقوله تعالى (وأحصى كل شيء عدداً) . وبهذا القول قال القرطبي في المفهم (7/17) وقدمه البغوي في شرح السنة (3/75) والسنوسي والأبي في شرح مسلم (7/116) ، والعيني على البخاري (2/23) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 136 واستظهر هذا القول أيضاً الإمام النووي وعزاه في شرح مسلم (17/5) إلى البخاري والمحققين، وقال في كتابه الأذكار ص 147 أنه قول الأكثرين وكذا عزاه الطيبي في شرح المشكاة (5/8) إلى البخاري والأكثرين وبه قال العثماني في تكملة فتح الملهم على صحيح مسلم (5/537) . وعزاه السندي في شرح سنن ابن ماجه (4/279) إلى المحققين، وعزاه ملاقاري في شرح المشكاة (5/73) إلى الأكثرين واستدلوا على هذا القول بما رواه البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رواية (لله تسعة وتسعون اسماً مائة إلا واحداً لا يحفظها أحد إلا دخل الجنة) ا. هـ وانظر شرح السيوطي على صحيح مسلم (6/45) . قال ابن علان في شرح أذكار النووي (3/224) : وقال ابن حجر: ظاهر كلام البخاري والأكثرين حصول الجزاء المذكور في الخبر بمجرد حفظها، وفضل الله أوسع من ذلك ا. هـ 2 - ... أن المراد بالإحصاء الإطاقة كقوله تعالى {علم أن لن تحصوه} [المزمل: 20] والمعنى: من أطاق القيام بحق هذه الأسماء، والعمل بمقتضاها، وهو أن يعتبر معانيها، فيلزم نفسه بواجبها، فإذا قال: الرزاق، وثق بالرزق، وكذا سائر الأسماء ". 3 - أن المراد بالإحصاء الإحاطة بمعانيها، من قول العرب: " فلان ذو حصاة، أي ذو عقل أو معرفة ". 4 - أن " معنى (أحصاها) عرفها، لأن العارف بها لا يكون إلا مؤمناً والمؤمن يدخل الجنة ". 5 - أن " معناه عدها معتقداً، لأن الدهري لا يعترف بالخالق والفلسفي لا يعترف بالقادر ". 6 - أن معناه " أحصاها يريد بها وجه الله وإعظامه ". 7 - أن " معنى (أحصاها) عمل بها، فإذا قال: (الحكيم) مثلاً، سلم جميع الجزء: 1 ¦ الصفحة: 137 أوامره، لأن جميعها على مقتضى الحكمة وإذا قال: (القدوس) ، استحضر كونه منزهاً عن جميع النقائض " قال الحافظ: " وهذا اختيار أبي الوفا بن عقيل ". 8 - أن " المراد بالحفظ حفظ القرآن، لكونه مستوفياً لها، فمن تلاه ودعا بما فيه من الأسماء حصل المقصود " قال الحافظ: " قال النووي: وهذا ضعيف ". 9 - أن " المراد من تتبعها من القرآن ". 10 - " وقال ابن عطية في تفسيره (6/156) : معنى أحصاها: عدها وحفظها، ويتضمن ذلك الإيمان بها، والتعظيم لها، والرغبة فيها، والاعتبار بمعانيها. انظر هذه الأقوال في: شروح البخاري للعيني، والكرماني والقسطلاني وابن حجر والسيوطي، وشرح مسلم للنووي والأبي والسنوسي، وشروح المشكاة للطيبي وملاقاري، وشأن الدعاء للخطابي وقد ذكرنا فيما سبق أرقام الصفحات وانظر منهج الحافظ ابن حجر في العقيدة (1/546) . واختار الإمام ابن القيم في البدائع (1/164) أن الإحصاء على ثلاثة مراتب هي: 1 - إحصاء ألفاظها وعددها. 2 - فهم معانيها ومدلولها 3 - دعاؤه بها. وقال الشيخ ابن عثيمين في الفتاوى ص 55 وليس معنى أحصاها أن تكتب في رقاع ثم تكرر حتى تحفظ ولكن معنى ذلك: أولاً: - الإحاطة بها لفظاً ثانياً: - فهمها معنى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 138 ثالثاً: - التعبد لله بمقتضاها ولذلك وجهان: الوجه الأول: أن تدعو الله بها لقوله تعالى {فادعوه بها} بأن تجعلها وسيلة إلى مطلوبك، فتختار الاسم المناسب لمطلوبك، فعند سؤال المغفرة تقول: يا غفور اغفر لي، وليس من المناسب أن تقول: يا شديد العقاب اغفر لي بل هذا يشبه الاستهزاء بل تقول: أجرني من عقابك. الوجه الثاني: أن تتعرض في عبادتك لما تقتضيه هذه الأسماء، فمقتضى الرحيم الرحمة، فاعمل العمل الصالح الذي يكون جلياً لرحمة الله، هذا هو معنى أحصاها، فإذا كان كذلك فهو جدير لأن يكون ثمناً لدخول الجنة ا. هـ. وانظر ما قاله الكرماني في شرح البخاري (22/189) وقال القرطبي في المفهم (7/17) : والإحصاء في الكلام: على ثلاث مراتب أولها: العدد، ومنه قوله تعالى {وأحصى كل شيء عدداً} [الجن:28] والثانية: بمعنى الفهم، ومنه يقال: رجل ذو حصاة أي: ذو لب وفهم، ومنه سمي العقل. والثالثة: بمعنى الإطاقة على العمل والقوة، ومنه قوله تعالى: {علم أن لن تحصوه} [المزمل: 20] أي: لن تطيقوا العمل بذلك والمرجو من كرم الله تعالى، أن من حصل له إحصاء هذه الأسماء على إحدى هذه المراتب مع صحة النية أن يدخله الله الجنة. لكن المرتبة الأولى: هي مرتبة أصحاب اليمين والثانية: السابقين والثالثة: للصديقين، ونعني بإطاقتها حسن المراعاة لها، والمحافظة على حدودها والاتصاف بقدر الممكن منها، كما أشار إليه الطوسي في " المقصد الأسنى " ا. هـ. رابعاً: طرق حديث تعيين الأسماء الحسنى: اهتم عدد من أهل العلم بجمع طرق حديث سرد الأسماء وأفرده أبو نعيم الأصبهاني بجزء مطبوع بتحقيق مشهور سلمان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 139 وأفرده الحافظ ابن حجر بجزء مطبوع بتحقيق زهير الشاويش في المكتب الإسلامي. وقد ذكر الحافظ في الفتح (11/219) أنه لم يقع سرد الأسماء إلا في ثلاث طرق هي: الطريق الأول: وهو طريق عبد العزيز بن الحصين عن أيوب عن ابن سيرين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن لله تسعة وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة: الله، الرحمن، الرحيم، الإله، الرب، الملك، القدوس، السلام، المؤمن، المهيمن، العزيز، الجبار، المتكبر، الخالق، الباريء، المصور، الحليم، العليم، السميع، البصير، الحي، القيوم، الواسع، اللطيف، الخبير، الحنان، المنان، البديع، الودود، الغفور، الشكور، المجيد، المبدي، المعيد، النور، البادي، الأول، الآخر، الظاهر، الباطن، العفو، الغفار، الوهاب، القادر، الأحد، الصمد، الوكيل، الكافي، الباقي، الحميد، المغيث، الدائم، المتعالى، ذو الجلال والإكرام، المولى، النصير، الحق، المبين، الباعث، المجيب، المحيي، المميت، الجليل، الصادق، الحافظ، المحيط، الكبير، القريب، الرقيب، الفتاح، التواب، القديم، الوتر، الفاطر، الرزاق، العلام، العلي، العظيم، الغني، المليك، المقتدر، الأكرم، الرؤوف، المدبر، القدير، المالك، القاهر، الهادي، الشاكر، الكريم، الرفيع، الشهيد، الواحد، ذو الطول، ذو المعارج، ذوالفضل، الخلاق، الكفيل، الجميل (1) الطريق الثاني: وهو طريق عبد الملك بن محمد الصنعاني عن أبي المنذر زهير التميمي عن موسى بن عقبة عن الأعرج عن أبي هريرة والأسماء هي: الله، الواحد، الصمد، الأول، الآخر، الظاهر، الباطن، الخالق، الباري، المصور، الملك، الحق، السلام، المؤمن، المهيمن،   (1) رواه الحاكم في المستدرك (1/63) وقال وإنما جعلته شاهداً لحديث الوليد ا. هـ بتصرف 0 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 140 العزيز، الجبار، المتكبر، الرحمن، الرحيم، اللطيف، الخبير، السميع، البصير، العليم، العظيم، البار، المتعال، الجليل، الجميل، الحي، القيوم، القادر، القاهر، العلي، الحكيم، القريب، المجيب، الغني، الوهاب، الودود، الشكور، الماجد، الواجد، الوالي، الراشد، العفو، الغفور، الحليم، الكريم، التواب، الرب، المجيد، الولي، الشهيد، المبين، البرهان، الرؤوف، الرحيم، المبدىء، المعيد، الباعث، الوارث، القوى، الشديد، الضار، النافع، الباقي، الواقي، الخافض، الرافع، القابض، الباسط، المعز، المذل، المقسط، الرزاق، ذو القوة، المتين، القائم، الدائم، الحافظ، الوكيل، الفاطر، السامع، المعطي، المحيي، المميت، المانع، الجامع، الهادي، الكافي، الأبد، العالم، الصادق، النور، المنير، التام، القديم، الوتر، الأحد، الصمد، الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحداً " (1) . الطريق الثالث: وهو طريق الوليد بن مسلم قال: أخبرنا شعيب بن أبي حمزة عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن لله تسعة وتسعين اسماً، مائة غير واحدة، من أحصاها دخل الجنة هو الله الذي لا إله إلا هو، الرحمن، الرحيم، الملك، القدوس، السلام، المؤمن؛ المهيمن، العزيز، الجبار، المتكبر، الخالق، الباريء، المصور، الغفار، القهار، الوهاب، الرزاق، الفتاح، العليم، القابض، الباسط، الخافض، الرافع، المعز، المذل، السميع، البصير، الحكم، العدل، اللطيف، الخبير، الحليم، العظيم، الغفور، الشكور، العلي، الكبير، الحفيظ، المقيت، الحسيب، الجليل، الكريم، الرقيب، المجيب، الواسع، الحكيم، الودود، المجيد، الباعث، الشهيد، الحق، الوكيل، القوي، المتين، الولى، الحميد، المحصي، المبدىء، المعيد، المحيي، المميت، الحي، القيوم، الواجد،   (1) رواه ابن ماجه في السنن (2/1269) ، وقال البوصيري في مصباح الزجاجة في زوائد ابن ماجة (3/208) : وإسناد طريق ابن ماجه ضعيف لضعف عبد الملك بن محمد ا. هـ وذكر البوصيري في الزوائد أيضاً أن الحديث قد خرجه ابن خزيمة في صحيحه وظاهر كلامه يدل على أنه يقصد حديث سرد الأسماء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 141 الماجد، الواحد، الصمد، القادر، المقتدر، المقدم، المؤخر، الأول، الآخر، الظاهر، الباطن، الوالي، المتعالي، البر، التواب، المنتقم، العفو،. الرؤوف، مالك الملك، ذو الجلال والإكرام، المقسط، الجامع، الغني، المغني، المانع، الضار، النافع، النور، الهادي، البديع، الباقي، الوارث، الرشيد، الصبور (1) خامساً: تحقيق حديث إن الله محسن ورد لفظ إن الله محسن عن ثلاثة من الصحابة: 1 - حديث شداد بن أوس: رواه الطبراني في المعجم الكبير (7/275) وعبد الرزاق في مصنفه (4/392) 2 - حديث أنس: رواه أبو نعيم في تاريخ أصبهان (2/113) ، والطبراني في المعجم الأوسط (6/40) ، وانظر مجمع البحرين في زوائد المعجمين (4/330) وقال الهيثمي في المجمع (5/200) رجاله ثقات ا. هـ   (1) رواه الحاكم في المستدرك (1/62) ، وقال: حديث قد خرجاه في الصحيحين دون ذكر الأسامي فيه، والعلة فيه عندهما أن الوليد بن مسلم تفرد بسياقته بطوله ا. هـ وقد ذكر الشيخ ابن عثيمين عن الحافظ ابن حجر فيما سبق أن العلة ليست تفرد الوليد فقط. والحديث رواه الترمذي (5/486) وقال: هذا حديث غريب وقد روى من غير وجه عن أبي هريرة ولا نعلم في كبير شيء من الروايات ذكر الأسماء إلا في هذا الحديث ا. هـ ورواه ابن حبان في صحيحه (3/89) ، والبيهقي في السنن والكبرى (10/27) ، والبغوي في شرح السنة (3/76) والدرامي في رده على بشر المرسي ص 12 والبيهقي في الأسماء والصفات (1/22) ، وفي الشعب (1/115) ملاحظة: ذكر الدكتور بشار عواد في تحقيقه لسنن الترمذي أن الحديث خرجه أبو يعلى (6277) والنسائي في الكبرى (7659) والطبراني في الأوسط (985) وعند الرجوع إلى هذه المصادر وجدت أن الحديث من غير سرد الأسماء وهذا ذهول من الدكتور المحقق. فإن قيل إن المحقق يقصد أصل الحديث دون سرد الأسماء. قلنا إن أصله في الصحيحين فكان الأولى أن يذكره 0 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 142 3 - حديث سمرة: أخرجه ابن عدي في الكامل في الضعفاء (6/426) وقال الحافظ المقدسي في ذخيرة الحفاظ (1/491) - والذي رتب فيه أحاديث الكامل وقال عنه الذهبي في مقدمة الميزان (1/2) : وقد ذيل طاهر المقدسي على الكامل لابن عدي بكتاب لم أره - قال المقدسي عقب الحديث رواه مجاعة بن الزبير عن الحسن عن سمرة، ومجاعة فيه شيء ا. هـ قلت: ومجاعة قد ضعفه الدارقطني كما في المغني للذهبي (2/437) وقال الإمام أحمد: لم يكن به بأس في نفسه كما في الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (8/420) وقال ابن عدى في الكامل (6/427) : هو ممكن يحتمل، ويكتب حديثه ا. هـ ونقله عنه في اللسان (5/22) وذكره البخاري في التاريخ الكبير (8/44) والذهبي في السير (7/196) . وقد ذكر الدكتور زهير بن نور في كتابه ابن عدى ومنهجه في الكامل أن عبارة (ممن يكتب حديثه) هي من درجات التعديل التي لا يحتج بحديثه ولكن يصلح للاعتبار (2/141/150) . وانظر الضعفاء للعقيلي (4/255) ودراسات في الجرح للأعظمي ص 295 وشفاء العليل بألفاظ الجرح والتعديل لمصطفى بن إسماعيل (1/147) ومباحث على علم الجرح لقاسم بن سعد ص 44 والرفع والتكميل للكنوي ص 225. ** الحكم على الحديث الحديث صححه الألباني في السلسلة برقم (470) وفي صحيح الجامع الصغير (1/374) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 143 القاعدة السابعة الإلحاد (1) في أسماء الله تعالى هو الميل بها عما يجب فيها (2) وهو أنواع: الأول: أن ينكر شيئاً منها (3) أو مما دلت عليه من الصفات (4) والأحكام (5) كما فعل أهل التعطيل من الجهمية وغيرهم.   (1) الإلحاد من اللحد بفتح اللام وضمها كما ذكر الهنائي في المنتخب من غريب كلام العرب (2/516) واللحد هو الذي يكون في جانب القبر ومن معاني لحد: مال وعدل وجار ذكره ابن سيده في المحكم والمحيط الأعظم (3/194) والمناسب هنا من معاني الإلحاد هو الميل لأن ألحد بمعنى مال عن الاستقامة كما ذكره ابن فارس في مجمل اللغة (2/803) . (2) والذي يجب فيها سيعرف من ضد ما سيذكره المؤلف. (3) أي من الأسماء كما فعل غلاة الجهمية وغيرهم الذين أنكروا أسماء الله وصفاته ووصفوه بالوجود المطلق بشرط الإطلاق أي ليس مقيداً بصفة ثبوتية وإنما يصفونه بالسلوب. انظر شرح التدمرية للشيخ ابن عثيمين وهو مخطوط ص 45 وسيأتي مزيد تفصيل في الملحق. ومن ذلك أيضاً ما فعله أهل الجاهلية في إنكارهم لاسم الرحمن كما في صحيح البخاري المطبوع مع الفتح (5/390) . (4) أي يثبت الاسم وينكر الصفة كما فعل المعتزلة فيقولون: عليم بلا علم. (5) المراد من الأحكام هو الأثر أو المقتضى كما سبق في القاعدة الثالثة وهذه لا تكون إلا في الأسماء المتعدية فالمعتزلة مثلاً يثبتون الاسم وينكرون الصفة ويثبتون الأثر مثل العلم فيثبتون أن الله يعلم مع أنهم لا يثبتون صفة العلم 0 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 144 وإنما كان ذلك إلحاداً لوجوب الإيمان بها وبما دلت عليه من الأحكام والصفات اللائقة بالله فإنكار شيء من ذلك ميل بها عما يجب فيها (1) والثاني: أن يجعلها دالة (2) على صفات تشابه صفات المخلوقين كما فعل أهل التشبيه وذلك لأن التشبيه معنى باطل لا يمكن أن تدل عليه النصوص (3) بل هي دالة على بطلانه (4) فجعلها دالة عليه (5) ميل بها عما يجب فيها (6)   (1) فيكون إلحادا ويدخل في هذا النوع القول بأن أسماء الله مخلوقة ومحدثة ولهذا يقول الدارمي في سياق مناقشته للجهمية (إن الله تعالى كان بزعمكم مجهولاً لا اسم له حتى أحدث الخلق فأحدثوا له اسماً من مخلوق كلامهم فهذا هو الإلحاد في أسماء الله والتكذيب بها ا. هـ - انظر النقض على بشر المريسي (1/166) . (2) أي بجعل الأسماء دالة على أوصاف المخلوقين فيجعلها الملحد في أسماء الله دالة على التمثيل: ووجه كونه إلحاداً: أن من اعتقد أن أسماء الله سبحانه وتعالى دالة على تمثيل الله بخلقه، فقد أخرجها عن مدلولها، ومال بها عن الاستقامة، وجعل كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم دالاً على الكفر، لأن تمثيل الله بخلقه كفر لكونه تكذيباً لقوله تعالى: {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} وقال تعالى: {هل تعلم له سميا} . قال نعيم بن حماد الخزاعي ت سنة 228هـ: " من شبه الله بخلقه فقد كفر ومن جحد ما وصف الله به نفسه فقد كفر، وليس فيما وصف الله به نفسه تشبيه " نقله الذهبي في سير أعلام النبلاء (5/610) . ولا شك أن هذا التشبيه من الشرك أيضاً وقد فسر بعض الأئمة الإلحاد بالشرك فروى ابن أبي حاتم في تفسيره (5/1623) عن قتادة أن يلحدون هو يشركون وروى عن عطاء ت: سنة 115 الإلحاد هو المضاهاة ونقلهما السيوطي في الدر المنثور (3/271) . (3) لأن القول بالمماثلة بين الخالق والمخلوق يستلزم نقص الخالق سبحانه لأن تمثيل الكامل بالناقص يجعله ناقصاً بل إذا كان تفضيل الكامل بالناقص يحط من قدره فكيف بتمثيل الكامل بالناقص: ألم تر أن السيف ينقص قدره ... إذا قيل إن السيف أمضى من العصا وسيأتي مزيد تفصيل لذلك في كلام المؤلف في القاعدة السادسة من قواعد الصفات وفي القاعدة الرابعة من قواعد الأدلة، وانظر مقدمة القول المفيد للمؤلف ص 13. (4) كقوله تعالى {ليس كمثله شيء} . (5) أي على صفات المخلوقين. (6) لأنه قد أخرجها عن مدلولها ومال بها عن الاستقامة وجعل كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم دالاً على الكفر لأن التمثيل بخلقه كفر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 145 الثالث: أن يسمى الله تعالى بما لم يسم به نفسه (1) كتسمية النصارى له: (الأب) (2) وتسمية الفلاسفة إياه: (العلة الفاعلة) (3) وذلك لأن أسماء الله تعالى توقيفية فتسمية الله تعالى بما لم يسم به نفسه ميل بها عما يجب فيها. كما أن هذه الأسماء التي سموه بها نفسها (4) باطلة ينزه الله تعالى عنها الرابع: أن يشتق من أسمائه أسماء للأصنام كما فعل المشركون في اشتقاق العزى من العزيز واشتقاق اللات من الإله (5) على أحد القولين (6)   (1) . ويدل عليه قول الأعمش ت سنة 148هـ في تفسير يلحدون بنصب الياء والحاء بأنه يدخلون في الأسماء ما ليس فيها ذكره ابن أبي حاتم في تفسيره (3/1623) وقال البغوي في تفسيره (2/218) : قال أهل المعاني الإلحاد في أسماء الله تسميته بما لم يتسم به ولم ينطق به كتاب الله ولا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ا. هـ (2) يزعم النصارى ان الله سمى نفسه بالأب في إنجيل يوحنا ومتى وان الابن هو عيسى عليه السلام. انظر هداية الحيارى لابن القيم ص226، والرد على النصارى لأبي البقاء ص57 وانظر الخلاف عندهم في معناه في الأجوبة الفاخرة عن الأسئلة الفاجرة للقرافي ص136، والجواب الصحيح لشيخ الإسلام (3/221) . (3) العلة عند المتكلمين: ما يتوقف عليه ذلك الشيء أما العلة الفاعلة فهي: الفاعلة للحدث كخلق الله للإنسان أو هي العلة التي تؤثر في المعلول موجدة له، انظر تفصيل ذلك في: تهافت الفلاسفة للغزالي ص 122 ط - دار الفكر اللبناني وتهافت التهافت لابن رشد ص 154، والتعريفات للجرجاني ص 150، والتوقيف للمناوي ص 523، والمنهج الجديد في الفلسفة لليزدي (2/94) . والمراد من العلة هنا العلة الفاعلة بالطبع كما ذكره السفاريني في اللوامع، وانظر المثل النورية في فن الحكمة للحاقاني ص 181. (4) توكيد للأسماء، والتي صفة لها، وسموه به صلة الموصول لا محل لها من الإعراب. (5) ذكر ذلك المفسرون كالطبري في تفسيره (6/133) والثعالبي في الجواهر الحسان (1/590) ، والواحدي في الوسيط (2/431) واختلفوا في تاء اللات فقيل إنها لام فعل كالباء من باب، وقيل انها تاء التأنيث ذكر ذلك ابن عطية في تفسيره (14/101) . (6) أي على قول من ذكرنا من المفسرين وفي المسألة قول ثان وهو أنه ليس مشتقاً من اسم الله بل إن العزى تأنيث الأعز والمعنى: أخبرونا عن هذه الآلهة التي تعبدونها من دون الله هل لها من القدرة والعظمة التي وصف بها رب العزة شيء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 146 فسموا بها أصنامهم وذلك (1) لأن أسماء الله تعالى مختصة به (2) . لقوله تعالى: {ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها} [الأعراف: 180] وقوله: {الله لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى) [طه: 8] قوله: {له الأسماء الحسنى يسبح له ما في السموات والأرض} (3) [الحشر: 241] فكما اختص بالعبادة وبالألوهية الحق وبأنه يسبح له ما في السموات والأرض فهو مختص بالأسماء الحسنى فتسمية غيره بها على الوجه الذي يختص بالله عز وجل ميل بها عما يجب فيها. ومنه (4) ما يكون شركاً أو كفراً حسبما تقتضيه الأدلة الشرعية.   = وأما اللات على المعنى الآخر فهو اسم رجل يلت السويق للحاج فلما مات عكفوا على قبره يعبدونه. انظر هذه الأقوال في تفسير الخازن (4/208) والدر المصون للسمين (6/208) وتفسير ابن عطية (14/101) ، وتفسير السمرقندي (1/585) . واللات بالتخفيف عند عامة القراء وقرأ ابن عباس ورويس ومجاهد بالتشديد على إنه اسم الرجل الذي يلت بالسويق كما ذكرنا وعلى هذا لا يكون مشتقاً من الإله انظر الخلاف في ذلك في: زاد المسير (8/71) ، تفسير الماوردي (5/398) التنبيهات في إعراب القرآن للعكبري (2/1187) ويسمى بإملاء ما من به الرحمن وأنكر محقق الكتاب هذه التسمية، وانظر أيضاً إتحاف فضلاء البشر (2/501) والحجة لابن خالوية ص 336 ومعاني القرآن للأخفش (2/486) ، وإعراب القرآن للنحاس (4/272) والنشر لابن الجزري (2/379) والمحتسب لابن جني (2/294) ، وغيث النفع للصفاقسي ص 359. (1) هذا هو وجه كون ذلك إلحاداً. (2) فلا يجوز أن تنقل المعاني الدالة عليها هذه الأسماء إلى المخلوقين ليعطي من العبادة ما لا يستحقه إلا الله فكما اختص سبحانه بالألوهية والعبادة فهو مختص بالأسماء الحسنى فتسمية غيره بها على الوجه الذي يختص بالله عز وجل ميل بها عما يجب فيها كما ذكر المؤلف وسيأتي حكم تسمية البشر بحكيم وعلي وغيرها في الملحق. (3) الشاهد من الآيات اختصاص الله سبحانه بالأسماء فلا يشرك غيره معه. (4) أي بعد أن ذكر أن جميع أنواع الإلحاد محرم بين أن بعضها يكون كفراً أو شركاً = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 147 ملحق القاعدة السابعة ذكرنا في الحاشية على القاعدة السابقة أننا سنفصل في الملحق بعض المسائل وهي: أولاً: الرد على غلاة الجهمية في نفيهم للأسماء. ثانياً: حكم تسمية البشر بأسماء الله كحكيم وعلي. ثالثاً: حكم الإلحاد في بعض أنواعه. أولاً: الرد على الجهمية في نفيهم للأسماء غلاة الجهمية، والقرامطة، والباطنية ومن تبعهم ينكرون الأسماء والصفات ولا يصفون الله تعالى إلا بالنفي المجرد عن الإثبات ويقولون إن الله هو الموجود المطلق بشرط الإطلاق (1) فلا يقال هو موجود، ولا حي ولا عليم، ولا قدير وإنما هي أسماء لمخلوقاته أو مجاز، لأن إثبات ذلك يستلزم التشبيه بالموجود الحى، العليم، القدير ويقولون إن الصفة عين الموصوف، وإن كل صفة عين الصفة الأخرى فلا فرق بين العلم، والقدرة والسمع، والبصر ونحو ذلك. وشبهتهم أنهم اعتقدوا أن إثبات الأسماء والصفات يستلزم التشبيه والتعدد ووجه ذلك في الأسماء أنه إذا سمى بها لزم أن يكون متصفاً بمعنى الاسم فإذا أثبتنا " الحي " مثلاً لزم أن يكون متصفاً بالحياة لأن صدق المشتق يستلزم صدق المشتق منه وذلك يقتضي قيام الصفات به وهو تشبيه   = وبعضها يكون محرماً فقط ولا يصل إلى درجة الكفر وقد ذكرنا فيما سبق بعض الحالات التي يكون فيها الكفر وسيأتي في الملحق البعض الآخر. (1) يعني أن منتهى قولهم إن وجود الله مشروط بسلب كل أمر ثبوتي وعدمي أو بسلب الأمور الثبوتية كما يقول بعضهم فالوجود المطلق والإنسان المطلق والجسم المطلق بلا صفة إنما هو أمر في الأذهان لا في الأعيان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 148 وأما في الصفات فقالوا إن إثبات صفات متغايرة مغايرة للموصوف يستلزم التعدد وهو تركيب ممتنع مناقض للتوحيد. والرد عليهم من وجوه: الأول: أن الله تعالى جمع فيما سمى ووصف به نفسه بين النفي والإثبات فمن أقر بالنفي وأنكر الإثبات فقد آمن ببعض الكتاب دون بعض والكفر ببعض الكتاب كفر بالكتاب كله قال الله تعالى منكراً على بني إسرائيل: {أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما تعملون} [البقرة: 85] وقال تعالى: {إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلاً أولئك هم الكافرون حقاً واعتدنا للكافرين عذاباً مهيناً} [النساء: 150] . الثاني: أن الموجود المطلق بشرط الإطلاق لا وجود له في الخارج المحسوس وإنما هو أمر يفرضه الذهن ولا وجود له في الحقيقة، فتكون حقيقة القول به نفي وجود الله تعالى إلا في الذهن، وهذا غاية التعطيل والكفر. الثالث: قولهم: " إن الصفة عين الموصوف، وإن كل صفة عين الصفة الأخرى " مكابرة في المعقولات، سفسطة في البدهيات، فإن من المعلوم بضرورة العقل، والحس أن الصفة غير الموصوف، وأن كل صفة غير الصفة الأخرى فالعلم غير العالم، والقدرة غير القادر، والكلام غير المتكلم، كما أن العلم والقدرة، والكلام، صفات متغايرة الرابع: أن وصف الله تعالى بصفات الإثبات أدل على الكمال من وصفه بصفات النفي، لأن الإثبات أمر وجودي يقتضي تنوع الكمالات في حقه، وأما النفي فأمر عدمي لا يقتضي كمالاً إلا إذا تضمن إثباتاً وهؤلاء النفاة لا يقولون بنفي يقتضي الإثبات. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 149 الخامس: قولهم: " إن إثبات صفات متغايرة مغايرة للموصوف يستلزم التعدد ....... " قول باطل مخالف للمعقول، والمحسوس فإنه لا يلزم من تعدد الصفات تعدد الموصوف فها هو الإنسان الواحد يوصف بأنه حي، سميع بصير، عاقل، متكلم إلى غير ذلك من صفاته ولا يلزم من ذلك تعدد ذاته. السادس: قولهم: " في الأسماء إن إثباتها يستلزم أن يكون متصفاً بمعنى الاسم فيقتضي أن يكون إثباتها تشبيهاً " جوابه: أن المعاني التي تلزم من إثبات الأسماء صفات لائقة بالله تعالى غير مستحيلة عليه، والمشاركة في الاسم، أو الصفة لا تستلزم تماثل المسميات والموصوفات. السابع: قولهم: " إن الإثبات يستلزم تشبيهه بالموجودات " جوابه: أن النفي - الذي قالوا به - يستلزم تشبيهه بالمعدومات على قياس قولهم وذلك أقبح من التشبيه بالموجودات وحينئذ فإما أن يقروا بالإثبات فيوافقوا الجماعة، وإما أن ينكروا النفي كما أنكروا الإثبات فيوافقوا غلاة الغلاة من القرامطة والباطنية وغيرهم، وأما التفريق بين هذا وهذا فتناقض ظاهر ا. هـ من تقريب التدمرية للمؤلف. ثانياً: حكم تسمية البشر بأسماء الله سئل الشيخ ابن عثيمين عن ذلك وفيما يلي نص السؤال والجواب: ما حكم التسمية بأسماء الله مثل كريم وعزيز ونحوهما؟ التسمي بأسماء الله عز وجل يكون على وجهين: الوجه الأول: وهو على قسمين: القسم الأول أن يحلى بـ " ال " ففي هذه الحال لا يسمى به غير الله عز وجل، كما لو سميت أحداً بالعزيز والسيد والحكيم وما أشبه ذلك، فإن هذا لا يسمى به غير الله لأن " ال " هذه تدل على لمح الأصل وهو المعنى الذي تضمنه هذا الاسم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 150 القسم الثاني: إذا قصد بالاسم معنى الصفة وليس محلى بـ " ال " فإنه لا يسمى به ولهذا غير النبي صلى الله عليه وسلم كنية أبي الحكم التي تكنى بها، لأن أصحابه يتحاكمون إليه فقال النبي صلى الله عليه وسلم " إن الله هو الحكم وإليه الحكم " ثم كناه بأكبر أولاده شريح فدل ذلك على أنه إذا تسمى أحد باسم من أسماء الله ملاحظاً بذلك معنى الصفة التي تضمنها هذا الاسم فإنه يمنع، لأن هذه التسمية تكون مطابقة تماماً لأسماء الله سبحانه وتعالى فإن أسماء الله تعالى أعلام وأوصاف لدلالتها على المعنى الذي تضمنه الاسم. الوجه الثاني: أن يتسمى بالاسم غير محلى بـ "ال" وليس المقصود به معنى الصفة فهذا لا بأس به مثل حكيم، ومن أسماء بعض الصحابة حكيم بن حزام الذي قال له النبي عليه الصلاة والسلام: " لا تبع ما ليس عندك " وهذا دليل على أنه إذا لم يقصد بالاسم معنى الصفة فإنه لا بأس به. لكن في مثل جبار لا ينبغي أن يتسمى به وإن كان لم يلاحظ الصفة وذلك لأنه قد يؤثر في نفس المسمى فيكون معه جبروت وعلو واستكبار على الخلق فمثل هذه الأشياء التي قد تؤثر على صاحبها ينبغي للإنسان أن يتجنبها والله أعلم. ما حكم التسمي بأسماء الله تعالى مثل الرحيم والحكيم؟ يجوز أن يسمى الإنسان بهذه الأسماء بشرط ألا يلاحظ فيها المعنى الذي اشتقت منه بأن تكون مجرد علم فقط ومن أسماء أصحابه الحكم وحكيم بن حزام، وكذلك اشتهر بين الناس اسم عادل وليس بمنكر وأما إذا لوحظ فيه المعنى الذي اشتقت منه هذه الأسماء فإن الظاهر أنه لا يجوز لأن النبي صلى الله عليه وسلم غير اسم أبي الحكم الذي تكني به لكون قومه يتحاكمون إليه، وقال النبي صلى الله عليه وسلم عن الله هو الحكم وإليه الحكم، ثم كناه بأكبر اولاده شريح وقال له " أنت أبو شرح " وذلك أن هذه الكنية التي تكنى بها هذا الرجل لوحظ فيها معنى الاسم فكان هذا مماثلاً لأسماء الله سبحانه وتعالى، لأن أسماء الله عز وجل ليست مجرد أعلام بل هي أعلام من حيث دلالتها على الجزء: 1 ¦ الصفحة: 151 ذات الله سبحانه وتعالى وأوصاف من حيث دلالتها على المعنى الذي تتضمنه وأما أسماء غيره سبحانه وتعالى فإنها مجرد أعلام إلا أسماء النبي صلى الله عليه وسلم فإنها أعلام وأوصاف وكذلك أسماء كتب الله عز وجل فهي أعلام وأوصاف أيضاً اهـ. ويلاحظ أن الشيخ ابن عثيمين في السؤال الثاني جعل العبرة أن تكون الأسماء لمجرد العلمية وظاهره ولو كان محلى بأل خلافاً لما فصله في السؤال السابق. والذي عليه ظاهر الإطلاق في هذا الجواب هو ظاهر إطلاق اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في الفتوى رقم 11865 هل يصح ما يأتي دليلاً على تحريم تسمية الخلق بأسماء الخالق؟ أ - حيث إن تسمية المخلوق بالاسم العلم (الله) ممنوعة، كانت تسمية المخلوق بأسماء الخالق الأخرى أيضاً ممنوعة إذ لا وجه للتفرقة بين أسماء الله تعالى؟ ب - من المعلوم في اللغة أن الجار والمجرور إذا سبق المعرفة أفاد القصر فملاحظ ذلك في قوله تعالى {ولله الأسماء الحسنى} فتفيد تسمية الآية قصر الأسماء الحسنى على الله وعدم جواز تسمية الخلق بها، فهل يصح هذا دليلاً؟ الجواب: ما كان من أسماء الله تعالى علم شخص كلفظ (الله) امتنع تسمية غير الله به لأن مسماه معين لا يقبل الشركة وكذا ما كان من أسمائه في معناه في عدم قبول الشركة كالخالق والبارىء فإن الخالق من يوجد الشيء على غير مثال سابق والبارىء من يوجد الشيء بريئا من العيب، وذلك لا يكون إلا من الله وحده فلا يسمى به إلا الله تعالى، أما ما كان له معنى كلي تتفاوت فيه أفراده من الأسماء والصفات كالملك، والعزيز، والجبار، والمتكبر، فيجوز تسمية غيره بها فقد سمى الله نفسه بهذه الأسماء وسمى بعض عباده بها مثال: قول تعالى {قالت امرأة العزيز} وقال: {كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر جبار} إلى أمثال ذلك، ولا يلزم التماثل، لاختصاص كل مسمى بسمات تميزه عن غيره وبهذا يعرف الفرق بين الجزء: 1 ¦ الصفحة: 152 تسمية الله بلفظ الجلالة وتسميته بأسماء لها معان كلية تشترك أفرادها فيها فلا تقاس على لفظ الجلالة أما الآية {ولله الأسماء الحسنى} فالمراد منها قصر كمال الحسن في أسمائه تعالى لأن كلمة الحسنى اسم تفضيل وهي صفة للأسماء لا قصر مطلق أسمائه عليه تعالى كما في قوله تعالى: {والله هو الغني الحميد} فالمراد قصر كمال الغنى والحمد عليه تعالى لا قصر اسم الغني والحميد عليه فإن غير الله يسمى غنياً وحميداً س: إذا ثبت أن من أسماء الله تعالى ما يجوز تسمية الخلق بها فهل من أسماء الله تعالى مالا يجوز تسمية الخلق بها؟ وهل يدخل ضمن هذا المنع الرحمن والقيوم وهل هناك أسماء أخرى لا يجوز وصف الخلق بها؟ جـ: تقدم في جواب السؤال الثاني والثالث بيان الضابط مع أمثلة لما يجوز تسمية المخلوق به من أسماء الله تعالى وما لا يجوز وبناء على ذلك لا يجوز تسمية المخلوق بالقيوم لأن القيوم هو المستغني بنفسه عن غيره المفتقر إليه كل ما سواه وذلك مختص بالله لا يشركه فيه غيره قال ابن القيم رحمه الله في النونية: - هذا ومن أوصافه القيوم احداهما القيوم قام بنفسه فالأول استغناؤه عن غيره **** **** **** والقيوم في أوصافه أمران والكون قام به هما الأمران والفقر من كل إليه الثاني وكذا لا يسمى المخلوق - بالرحمن - لأنه بكثرة استعماله اسماً لله تعالى صار علماً بالغلبة عليه مختصاً به كلفظ الجلالة فلا يجوز تسمية غيره به وسئلت اللجنة الدائمة في الفتوى رقم 8911 عن ذلك وفيما يلي نص السؤال والجواب: يسعدني أن أتحدث في رسالتي المتواضعة إلى سماحتكم فأنا أتحدث إلى واحد من أشهر الشخصيات الإسلامية في عالمنا الإسلامي وغيره أرجو أن يتسع صدركم الكبير لقراءة هذه السطور ولكم من الله جزيل الشكر والعرفان وجزاكم الله خيراً عنا 0 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 153 (ذو الجلال والإكرام) اسم من أسماء الله الحسنى وهو تعظيم لله عن كل شيء وتنزيه له وقد قرأت لسماحتكم رسالة مرسلة إلى العاهل السعودي وكنتم قد بدأتموها بقولكم " جلالة الملك " ألستم معي في أن الجلالة لله وحده وأن الملك اسم من أسمائه الحسنى لا يجوز تسمية شخص بها أيا كانت صفته وشخصيته فنرجو إيضاح ذلك من سماحتكم حتى لا يقع المسلمون في إثم من جراء تنزيه الأشخاص بهذه الصفات التي اختصها الله لنفسه دون غيره اللهم إلا " رؤوف رحيم " صفة لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. وفي نفس الوقت تصادفت تحت يدي وأنا أتصفح في المجلة العربية في العدد (89) منها رسالة شكر من الأستاذ / محمد النويصر رئيس المكتب الخاص للعاهل السعودي إلى القائمين على إخراج المجلة وهو يبدأ رسالته بقوله: (لقد تسلم جلالة مولاي حفظه الله خطابكم المرسل وبه أعداد المجلة ... ) الجواب: الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه ... . وبعد إن كثيراً من الأسماء مشتركة بين الله تعالى وبين غيره من مخلوقاته في اللفظ والمعنى الكلي الذهني فتطلق على الله بمعنى يخصه تعالى ويليق بجلاله سبحانه وتطلق على المخلوق بمعنى يخصه ويليق به، فيقال مثلاً: الله حليم، وإبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام حليم، وليس حلم إبراهيم كحلم الله، والله رؤوف رحيم ومحمد صلى الله عليه وسلم رؤوف رحيم وليس رأفة محمد صلى الله عليه وسلم ورحمته كرأفة الله بخلقه ورحمته والله تعالى جليل كريم ذو الجلال والإكرام على وجه الإطلاق، وكل نبي كريم جليل، وليست جلالة كل نبي وكرمه كجلالة غيره من الأنبياء وكرمه ولا مثل جلال الله وكرمه بل لكل من الجلالة والكرم ما يخصه والله تعالى حي، وكثير من مخلوقاته حي، وليست حياتهم كحياة الله تعالى، والله سبحانه مولى رسوله محمد صلى الله عليه وسلم وجبريل وصالح المؤمنين وليس ما لجبريل وصالح المؤمنين من ذلك مثل ما لله من الولاية والنصر لرسول الله صلى الله عليه وسلم ... ..إلى غير ذلك من الأمثلة الكثيرة المذكورة في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم الثابتة عنه، ولا يلزم من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 154 ذلك تشبيه المخلوق بالخالق في الاسم أو الصفة، وأسلوب الكلام، وما احتف به من القرائن يدل على الفرق بين ما لله من الكمال في أسمائه وصفاته وما للمخلوقات مما يخصهم من ذلك على وجه محدود يليق بهم أ. هـ وبهذا يتبين لنا أن حكم تسمية الخلق بأسماء الخالق فيه تفصيل عند اللجنة الدائمة للإفتاء: 1 - أن هناك أسماء خاصة لله عز وجل لا يجوز أن يسمى غير الله به مثل: الله - لرحمن - الخالق - البارئ - القيوم، وضابط هذا النوع هو ما كان مسماه معيناً لا يقبل الشركة، أو ما كان في معنى عدم قبول الشركة كالخالق ونحوه. 2 - أنه إذا قصد بالاسم معنى الصفة فإنه لا يجوز أن يسمى العبد سواء كان محل بألـ أو غير محلى. 3 - أنه إذا لم يكن واحداً مما سبق فإنه يجوز أن يسمى به العبد ولو كان محلى بأل لأنه معنى كلي تتفاوت فيه أفراده كالملك والعزيز والجبار هذا ما كتبه المعاصرون في هذه المسألة أما الفقهاء السابقون من أصحاب المذاهب فإنهم قد تكلموا عن المسألة في كتاب الأيمان من كتب الفقه. ونظراً لكثرة الأقوال فيها فإنني سأقتصر على ذكر مذهب الحنابلة وسأشير إلى مراجع بقية المذاهب لمن أراد الاستزادة. ومذهب الحنابلة فيه تفصيل: 1 - هناك أسماء لا يسمى بها غير الله مثل: الله والقديم (1) الأزلي.   (1) اسم القديم لله ذكره الحنابلة وغيرهم ومن المعاصرين مال إليه الشيخ سليم الهلالى في كتابه دراسات منهجية في العقيدة السلفية ص 22 حيث قال: وقد ادعى بعض العلماء أن المتكلمين أدخلوا القديم في أسماء الله وهي لم ترد في الكتاب والسنة ثم نقل عن شارح الطحاوية ذلك ثم قال: أن القديم ورد وكصفة للرحمن كما في حديث (وبسلطانه القديم) صححه الألباني ا. هـ. وقد أنكر شيخ الإسلام هذه التسمية في منهاج السنة النبوية (2/123) وابن القيم في بدائع الفوائد (1/162) . واضطرب كلام السفاريني في اللوامع فاثبته اسما لله في (1/38) ، وفي ص 40 وفي ص125 نقل عن ابن القيم ما يؤيد أنه ليس باسم وسكت عليه. وانظر الحجة في بيان المحجة لقوام السنة (1/93) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 155 والأول الذي ليس قبله شيء، والأخر الذي ليس بعده شيء، وخالق الخلق، ورازق العالمين أو رب العالمين والعالم بكل شيء، ومالك يوم الدين ورب السماوات والأرض والرحمن والحي الذي لا يموت 2 - هناك أسماء لا تختص بالله سواء أكانت محلاه بألـ أو غير محلاة مثل: الرحيم، العظيم، الرب، الرازق، الخالق، الحي، القوي، فهي من الأسماء المشتركة (1) ملاحظة: ما ذكرناه عن اسم الرحمن وأنه مختص بالله لا يسمى به غيره هو الصحيح من المذهب كما ذكر المرداوي في الإنصاف (11/4) ومشى عليه ابن قدامة في المغني (13/452) . والقول الثاني أن الرحمن ليس مختصاً بالله بل يسمى به غيره وهو الذي مشى عليه ابن قدامة في المقنع وفي كتابه الهادي أو عمدة الحازم في زوائد أبي القاسم ص 243 واختاره ابن عبدوس في تذكرته وجزم به أبو الخطاب في الهداية والسامري في المستوعب وابن الجوزي في المذهب الأحمد ص 129. وانظر المسألة في فقه الحنفية في: شرح فتح القدير (5/63) ، والبناية على الهداية للعيني (6/14) ، وحاشية أبي السعود المسماة بفتح الله المعين على شرح الكنز لمنلامسكين (2/293) ، وبدائع الصنائع للكاساني (4/13) والاختيار للموصلي (4/52) وانظر في عدم جواز التسمية بالحق إذا كان معرفاً وجوازه إذا كان منكراً في حاشية ابن عابدين (5/482) . وانظر المالكية في: منح الجليل لعليش (3/5) ، والشرح الصغير للدردير (2/198) ،   (1) هذا ما ذكره في مطالب أولى النهى شرح غاية المنتهى للرحيباني (6/358) ، وانظر شرح الزركشي على الخرقي (7/87) والمغني (13/452) وانظر توجيه الأقوال في الممتع على المقنع لابن المنجا (6/81) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 156 والشافعية: مغني المحتاج للشربيني (4/321) والأنوار الأعمال الأبرار للأردبيلي (2/263) ، والغرة البهية للشيخ زكريا النصارى في شرح منظومة ابن الوردي (10/78) حيث يقول ابن الوردي: تحقيق ما لم يجب اليمين كالله والرحمن والإله لا إن نوى سواه كالرحيم والحق والخالق والجبار **** **** **** **** بذكر الاسم الخاص لا تديين وغالب وصفة لله والرب والعليم، والحكيم ورازق ومن صفات الباري ونختم حديثنا بما ذكره الحافظ ابن حجر في فتح الباري حيث قال: " والمعروف عند الشافعية والحنابلة وغيرهم من العلماء أن أسماء الله ثلاثة أقسام: أحدها: ما يختص بالله، كالجلالة، والرحمن، ورب العالمين. فهذا ينعقد به اليمين إذا أطلق، ولو نوى به غير الله. ثانياً: - ما يطلق عليه وعلى غيره، لكن الغالب إطلاقه عليه، وأنه يقيد في حق غيره بضرب من التقييد، كالجبار، والحق، والرب، ونحوها. فالحلف به يمين، فإذا نوى به غير الله فليس بيمين. ثالثها: ما يطلق في حق الله وفي حق غيره على حد سواء، كالحي، والمؤمن، فإن نوى به غير الله فليس بيمين، وإن نوى الله تعالى فوجهان ا. هـ وانظر منهج ابن حجر في العقيدة وبدائع الفوائد لابن القيم (1/164) . ثالثاً: ذكرنا أن من أنواع الإلحاد هو إنكار الأسماء أو الصفات، وكذلك تمثيل صفات الله بصفات خلقه وننقل نص فتوى الشيخ ابن عثيمين في هذه المسألة: - سئل الشيخ رعاه الله تعالى: عن أنواع التعطيل؟ فأجاب بقوله: - التعطيل نوعان: الأول: تعطيل تكذيب وجحد، وهذا كفر. ومثاله رجل قال إن الله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 157 لم يستو على العرش. فهذا جحود وتكذيب، لأن الله تعالى يقول {الرحمن على العرش استوى} [طه: 5] ومن كذب خبر الله فهو كافر. الثاني: تعطيل تأويل، وهذا هو معترك الخلاف بين العلماء هل يحكم على من عطل تأويلاً بالكفر أو لا؟ ومثاله رجل أثبت أن الله على العرش استوى لكن قال إن معناه استولى فهذا تعطيل تأويل لا يكفر به الإنسان، ولهذا لا نكفر من فسر الاستواء بالاستيلاء. وهذا النوع في الحقيقة فيه تفصيل: فأحياناً يكون الإنسان مبتدعاً غير كافر، وأحياناً يكون مبتدعاً كافراً حسب ما تقتضيه النصوص الشرعية في ذلك. - سئل الشيخ: ما حكم إنكار شيء من أسماء الله تعالى أو صفاته؟ فأجاب حفظه الله بقوله: الإنكار نوعان: النوع الأول: إنكار تكذيب، وهذا كفر بلا شك، فلو أن أحداً أنكر اسما من أسماء الله، أو صفة من صفاته الثابتة في الكتاب والسنة، مثل أن يقول ليس لله يد، فهو كافر بإجماع المسلمين، لأن تكذيب خبر الله ورسوله كفر مخرج عن الملة. النوع الثاني: إنكار تأويل، وهو أن لا يجحدها ولكن يؤولها وهذا نوعان: الأول: أن يكون لهذا التأويل مسوغ في اللغة العربية، فهذا لا يوجب الكفر. الثاني: أن لا يكون له مسوغ في اللغة العربية، فهذا موجب للكفر، لأنه إذا لم يكن له مسوغ صار تكذيباً، مثل إن يقول: ليس لله يد حقيقة، ولا معنى النعمة، أو القوة، فهذا كافر، لأنه نفاها نفياً مطلقاً فهو مكذب حقيقة، ولو قال في قوله تعالى {بل يداه مبسوطتان} [المائدة: 64] المراد بيديه السماوات والأرض فهو كافر لأنه لا يصح في اللغة العربية، ولا هو مقتضى الحقيقة الشرعية، فهو منكر مكذب ولكن إن قال: المراد باليد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 158 النعمة أو القوة فلا يكفر، لأن اليد في اللغة تطلق بمعنى النعمة قال الشاعر: وكم لظلام الليل عندك من يد ... تحدث أن المانوية تكذب من " يد " أي: من نعمة، لأن المانوية يقولون: إن الظلمة لا تحدث الخير، وإنما تحدث الشر. - وسئل الشيخ: ما حكم من يعتقد أن صفات الخالق مثل صفات المخلوق؟ فأجاب بقوله: الذي يعتقد أن صفات الخالق مثل صفات المخلوقين ضال، ذلك أن صفات الخالق لا تماثل صفات المخلوقين بنص القرآن الكريم قال الله تعالى: {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} [الشورى: 11] ولا يلزم من تماثل الشيئين في الاسم أو الصفة أن يتماثلا في الحقيقة هذه قاعدة معلومة. أليس للآدمي وجه. وللبعير وجه؟ اتفقا في الاسم ولكن لم يتفقا في الحقيقة وللجمل يد وللذرة يد، فهل اليدان متماثلاتان؟ الجواب لا إذن لماذا لا تقول لله عز وجل وجه، ولا يماثل أوجه المخلوقين. ولله يد ولا تماثل أيدي المخلوقين؟! قال الله تعالى {وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه} [الزمر: 67] وقال: {يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب} [الأنبياء: 104] هل هناك يد من أيدي المخلوقين تكون كهذه اليد؟ لا. إذن يجب أن نعلم أن الخالق لا يماثل المخلوق، لا في ذاته، ولا في صفاته {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} ولذلك لا يجوز أبداً أن تتخيل كيفية صفة من صفات الله، أو تظن أن صفات الله كمثل صفات المخلوق. **** الجزء: 1 ¦ الصفحة: 159 قواعد في للأسماء الحسنى إضافة على ما ذكره المؤلف القاعدة الثامنة: الأسماء المشتقة من صفة واحدة لا تعد كلها اسماً واحداً، بل كل صيغة من صيغ الاسم يعد اسماً مستقلاً، فصفة (القدرة) ، اشتق منها عدة أسماء مثل (القادر) (القدير) (المقتدر) وصفة (العلو) اشتق منها أسماء مثل (العلي) ، (الأعلى) ، (المتعال) وكذلك صفة (الكرم) اشتق منه أسماء مثل (الكريم) ، (الأكرم) ... ..الخ فالقادر اسم، والقدير اسم، والمقتدر اسم، مع أنها كلها مشتقة من صفة واحدة، لأن بعضها يزيد بخصوصية عن الآخر، وقد وقع الاتفاق على أن اسمي (الرحمن) ، و (الرحيم) اسمان، مع كونهما مشتقين من صفة واحدة، فتغير مباني وألفاظ الأسماء يغير المعنى، وإذا تغير المعنى صار اسماً مستقلاً بذاته. انظر أسماء الله للغصن ص 134، ومنهج ابن حجر في العقيدة (1/526) القاعدة الأسماء المقترنة، التي لا يصح فيها إطلاق اسم منها دون الآخر، مثل اسمي (القابض، الباسط) ، واسمي (المقدم، المؤخر) ، فهذه الأسماء تعد اسمين، لأن كل اسم منها يحمل معنى غير الآخر، لكنها تكون كالاسم الواحد في المعنى، فلا يصح إفراد اسم عن الآخر في الذكر، لأن الاسمين إذا ذكرا معاً دل على عموم قدرته وتدبيره، وأنه لا رب غيره، وإذا ذكر أحدهما لم يكن فيه هذا المدح، والله له الأسماء الحسنى، ليس له مثل السوء قط. فلو قلت يا ضار، يا نافع يا مميت وأخبرت بذلك لم تكن مثنياً عليه ولا حامداً له حتى تذكر مقابلها وإلى هذا أشار ابن القيم في النونية: هذا ومن أسمائه ما ليس يفرد ... بل يقال إذا أتى بقران وهي التى تدعى بمزدوجاتها ... إفرادها خطر على الإنسان إذ ذاك موهم نوع نقص جل رب ... العرش عن عيب وعن نقصان كالمانع المعطي وكالضار الذى ... هو نافع وكماله الأمران ونظير هذا القابض المقرون باسم ... الباسط اللفظان مقترنان وكذا المعز مع المذل وخافض ... مع رافع لفظان مزدوجان وحديث إفراد اسم منتقم فموقوفك ... ما قد قال ذو العرفان ما جاء في القرآن غير مقيد ... بالمجرمين وجا بذو نوعان وانظر تعليق ابن الوزير في إيثار الحق ص 174 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 160 القاعدة التاسعة: يجوز الإخبار عن الله بما لا يتضمن نقصاً كالقديم وواجب الوجود والذات وأنه بائن من خلقه إذ باب الإخبار أوسع من باب الأسماء وقد سبق ذلك. **** القاعدة عشرة: أسماء الله قديمة غير مخلوقة: أسماء الله عز وجل هي أوصافه التي وصف بها نفسه، ووصفه سبحانه وتعالى من كلامه، وكلامه غير مخلوق، فالأسماء الحسنى إذاً غير مخلوقة ومما يدل على أن الأسماء الحسنى من كلام الله قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك) وقد تقدم تخريج الحديث ويقول ابن القيم في شفاء العليل ص 472: وقد دل الحديث على أن أسماء الله غير مخلوقة بل هو الذي يتكلم بها وسمى بها نفسه ولهذا لم يقل: بكل اسم خلقته لنفسك ولو كانت مخلوقة لم يسأله بها فإن الله لا يقسم عليه بشيء من خلقه فالحديث صريح في أن أسماء الله ليست من فعل الآدميين وتسمياتهم ا. هـ ولا يعترض على هذا بأن بعض الأسماء لم ترد في القرآن وإنما وردت في السنة فقط وهي من ألفاظ الرسول صلى الله عليه وسلم، لأنا نقول إن الحديث المتقدم دل على أن المسمي هو الله سواء كان هذا الاسم في كتابه أو علمه أحداً من خلقه، والذي ورد في السنة فقط هو من النوع الذي علمه الله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 161 للرسول صلى الله عليه وسلم والتسمية على هذا تكون من كلام الله ابتداء لا من كلام ولا من تسمية من بلغ وأدى وأهل السنة إذا قالوا: إن الأسماء الحسنى تابعة للذات لا يريدون بهذا أن الأسماء من صفات ذاته فحسب، وإنما يريدون أنها من صفات ذاته وقد تعلقت بها مشيئته، أي: أنه سمى نفسه بمشيئته وقدرته وقد قال في ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية: " والذين وافقوا السلف على أن كلامه غير مخلوق وأسماءه غير مخلوقة يقولون: الكلام والأسماء من صفات ذاته، لكن هل يتكلم بمشيئته وقدرته، ويسمى نفسه بمشيئته وقدرته؟ هذا فيه قولان! النفي هو قول ابن كلاب ومن وافقه، والإثبات قول أئمة الحديث والسنة " وممن نص على أن الأسماء الحسنى من كلام الله شيخ الإسلام ابن تيمية فإنه قال: " والذي كان معروفاً عند أئمة السنة أحمد وغيره: الإنكار على الجهمية الذين يقولون: أسماء الله مخلوقة فيقولون: الاسم غير المسمى، وأسماء الله غيره، وما كان غيره فهو مخلوق، وهؤلاء هم الذين ذمهم السلف وغلظوا فيهم القول، لأن أسماء الله من كلامه، وكلام الله غير مخلوق، بل هو المتكلم به، وهو المسمى لنفسه بما فيه من الأسماء " فعلى هذا يكون الإمام أحمد ممن يرى أن الأسماء من كلام الله، ونحوه كلام الإمام الدارمي الذي بين أن قول المريسي بأن الأسماء الحسنى مخلوقة أصله قول الجهم بأن القرآن مخلوق وهماَ من جملة الكلام، فرد عليهما قولهما إن كلام الله مخلوق ومنه القرآن والأسماء الحسنى. وعلى أن الأسماء الحسنى غير مخلوقة مضى جماعة العلماء وأئمة السنة: قال الإمام الشافعي: " من حلف باسم من أسماء الله فحنث فعليه الكفارة لأن اسم الله غير مخلوق " وقال ابن هانئ: " سمعت أحمد بن حنبل - وهو مختف عندي - فسألته عن القرآن فقال: من زعم أن أسماء الله مخلوقة فهو كافر " الجزء: 1 ¦ الصفحة: 162 وقال الإمام الدارمي: " وفيما ذكرنا - (أي من الأدلة) - بيان بين ودلالة قاطعة ظاهرة على إلحاد هؤلاء الملحدين في أسمائه المبتدعين أنها مخلوقة ... . " ا. هـ. وقد صرح الأئمة بتكفير من قال بخلق الأسماء الحسنى وذلك لما ظهرت بدع الجهمية في القول بخلق القرآن فكان قولهم بخلق الأسماء امتداداً لقولهم بخلق القرآن، لأنهما من كلام الله تعالى. وفي هذا المعنى يقوم الإمام الدارمي: " فهذا الذي ادعوا في أسماء الله أصل كبير من أصول الجهمية التي بنوا عليها محنتهم " وقال قبلها: " وقد كان لإمام المريسي في أسماء الله مذهب كمذهبه في القرآن كان القرآن عنده مخلوقاً من قول البشر " وقال الإمام إسحاق بن راهوية: " أفضوا (- أي الجهمية-) إلى أن قالوا: أسماء الله مخلوقة لأنه كان ولا اسم وهذا الكفر المحض اهـ من كتاب منهج أهل السنة لخالد بن نور (2/396) . وبهذه القاعدة نعرف أن أسماء الله لا يقال لها أنها غيره كما هو رأى الجهمية والمعتزلة فإنهم قالوا أن أسماء الله غير الله وكل ما هو غير الله فإنه مخلوق. ولا يقال أن أسماء الله هي عين المسمى أو هي هو بمعنى أنها هي نفس ذاته كما هو قول الأشاعرة والماتريدية. وقد فصل ابن أبي العز في المسألة فقال ص 80: وكذلك قولهم: الاسم عين المسمى وغيره؟ وطالما غلط كثير من الناس في ذلك وجهلوا الصواب فيه: فالاسم يراد به المسمى تارة ويراد به اللفظ الدال عليه أو على المسمى أخرى، فإذا قلت: قال الله كذا أو سمع الله لمن حمده، ونحو ذلك - فهذا المراد به المسمى نفسه وإذا قلت: الله اسم عربي، والرحمن اسم عربي، والرحمن من أسماء الله تعالى ونحو ذلك فالاسم ها هنا هو المراد لا المسمى ولا يقال غيره لما في لفظ الغير من الإجمال:: فإن أريد بالمغايرة أن اللفظ غير المعنى فحق وإن أريد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 163 أن الله سبحانه كان ولا اسم له حتى خلق لنفسه اسماً أو حتى سماه خلقه بأسماء من صنعهم، فهذا من أعظم الضلال والإلحاد في أسماء الله تعالى. وكذلك مسألة الصفة: هل هي زائدة على الذات أم لا؟ لفظها مجمل، وكذلك لفظ الغير فيه إجمال فقد يراد به ما ليس هو إياه وقد يراد به ما جاز مفارقته له ولهذا كان أئمة السنة رحمهم الله تعالى لا يطلقون على صفات الله وكلامه أنه غيره، ولا أنه ليس غيره لأن إطلاق الإثبات قد يشعر أن ذلك مباين له وإطلاق النفي قد يشعر بأنه هو هو، إذ كان لفظ الغير فيه إجمال، فلا يطلق إلا مع البيان والتفصيل. 1 - فإن أريد به أن هناك ذاتا مجردة قائمة بنفسها، منفصلة عن الصفات الزائدة عليها - فهذا غير صحيح. 2 - وإن أريد به إن الصفات زائدة على الذات التي يفهم من معناها غير ما يفهم من معنى الصفة فهذا حق ولكن ليس في الخارج ذات مجردة عن الصفات بل الذات الموصوفة بصفات الكمال الثابتة لها لا تنفصل عنها وإنما يفرض الذهن ذاتاً وصفة كلاً وحده ولكن ليس في الخارج ذات غير موصوفة، فإن هذا محال ولو لم يكن إلا صفة الوجود، فإنها لا تنفك عن الموجود وإن كان الذهن يفرض ذاتاً ووجوداً يتصور هذا وحده وهذا وحده لكن لا ينفك أحدهما عن الآخر في الخارج. وقد يقول بعضهم: الصفة لا عين الموصوف ولا غيره، هذا له معنى صحيح وهو: أن الصفة ليست عين ذات الموصوف التي يفرضها الذهن مجردة بل هي غيرها وليست غير الموصوف بل الموصوف بصفاته شيء واحد غير متعدد. فإذا قلت: أعوذ بالله، فقد عذت بالذات المقدسة الموصوفة بصفات الكمال المقدسة الثابتة التي لا تقبل الانفصال بوجه من الوجوه. وإذا قلت: أعوذ بعزة الله فقد عذت بصفة من صفات الله تعالى ولم أعذ بغير الله 0 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 164 وهذا المعنى يفهم من لفظ الذات، فإن " ذات " في أصل معناها لا تستعمل إلا مضافة، أي: ذات وجود، ذات قدرة، ذات عز، ذات علم، ذات كرم إلى غير ذلك من الصفات، فذات كذا بمعنى صاحبة كذا: تأنيث ذو، هذا أصل معنى الكلمة، فعلم أن الذات لا يتصور انفصال الصفات عنها بوجه من الوجوه، وإن كان الذهن قد يفرض ذاتاً مجردة عن الصفات كما يفرض المحال. ***** الجزء: 1 ¦ الصفحة: 165 القاعدة الحادية عشرة: من أسماء الله ما يكون دالاً على عدة صفات: وقد سبق توضيح ذلك عند شرح كلام المؤلف في القاعدة الأولى. القاعدة الثانية عشر: أسماء الله وصفاته مختصة به واتفاق الأسماء لا يوجب تماثل المسميات وقد وضحنا ذلك في حاشية القاعدة السابعة ص 182. ******* ** * الجزء: 1 ¦ الصفحة: 166 الفصل الثاني الجزء: 1 ¦ الصفحة: 168 الفصل الثاني قواعد في صفات الله تعالى القاعدة الأولى صفات الله كلها صفات كمال لا نقص فيها بوجه من الوجوه (1) كالحياة والعلم والقدرة والسمع والبصر والرحمة والعزة والحكمة والعلو والعظمة وغير ذلك (2) وقد دل على هذا (3) السمع والعقل والفطرة. - أما السمع: فمنه قوله تعالى: {للذين لا يؤمنون بالآخرة مثل السوء ولله المثل الأعلى وهو العزيز الحكيم} [النحل: 60]   (1) انظر بدائع الفوائد لابن القيم (1/158) ويقول شيخ الإسلام رحمه الله في الفتاوى (6/71) : الكمال ثابت لله بل الثابت له هو أقصى ما يمكن من الأكملية، بحيث لا يكون وجود كمال لا نقص فيه إلا وهو ثابت للرب - تبارك وتعالى - يستحقه بنفسه المقدسة " ا. هـ. مثال ذلك: حياة الله فهي صفة كمال كما سبق، وكذلك علم الله محيط بكل شيء قديم بقدم الذات ولم يسبق بجهل ولا يطرأ عليه نسيان ولا ذهول وعلمه باق بقاء الذات العلية ولا يوجد أحد يتصف بهذا العلم فهذا هو وجه الكمال. فالله له الكمال المطلق في جميع صفاته، والاشتراك اللفظي بين صفات الله وبين صفات المخلوق فهو إنما قبل ان تضاف صفة الله إلى الله، وصفة المخلوق إلى المخلوق وهو ما يسمى بالمطلق الكلي ولا وجود لها في الخارج وإنما يتصور في الذهن دون ان يعين علم الخالق أو علم المخلوق. (2) أدلة هذه الصفات مذكورة في كتب العقائد قاله المؤلف. (3) أي على كمال صفات الله وانظر هذه الأدلة في كتاب علو الله للدرويش ص 18وص21 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 169 - والمثل الأعلى هو الوصف الأعلى (1) وأما العقل: فوجهه أن كل موجود حقيقة (2) فلابد أن تكون له صفة (3) إما صفة كمال وإما صفة نقص (4) والثاني (5) باطل بالنسبة إلى الرب الكامل المستحق للعبادة ولهذا (6) أظهر الله تعالى بطلان إلوهية الأصنام باتصافها بالنقص والعجز فقال تعالى: {ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له (7) إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون} (8) [الأحقاف: 5] . وقال تعالى: {والذين يدعون من دون الله لا يخلقون شيئاً وهم يخلقون أموات غير أحياء وما يشعرون أيان يبعثون} (9) [النحل: 20، 21] . وقال   (1) والشاهد من الآية هو قوله {ولله المثل الأعلى} أي الوصف لأن المثل من بين انطلاقاته الوصف كما قال تعالى {مثل الجنة التي وعد المتقون} أي وصف الجنة وانظر في ذلك كتاب أمثال القرآن لعبد الرحمن حبنكة الميداني ص 33 وللمثل معان أخرى سنذكرها في الملحق. (2) احترازاً من الموجود الذهني وقد سبق بيان ذلك في القاعدة الثانية من قواعد الأسماء. (3) ذكر المؤلف الأدلة على ذلك في القاعدة الثانية من قواعد الأسماء. (4) هذه قسمة عقلية تامة إذ لا يوجد قسم ثالث ووجه القسمة أنها بين الكامل وهو الرب وبين الناقص وهو المخلوق، وهناك ما يسمى بالقسمة الاستقرائية المبنية على التتبع لكن العقل لا يمنع قسماً زائداً كتقسيم الأديان السماوية إلى ثلاثة، المنطق للمظفر ص 115 (5) أي صفة النقص. (6) هذا هو الدليل على أن صفة النقص للرب باطل. (7) والشاهد من الآية أن هذه الأصنام لا قدرة لها البتة على الخلق والإيجاد والإعدام والنفع والضر واستجابة الطلب وكلها صفات نقص. انظر تفسير الرازي (28/6) . (8) وهذا ايضاً نقص وإنما جاز وصف الأصنام بالغفلة وهي لا تليق إلا بالعقلاء لأنهم لما عبدوها ونزلوها منزلة من يضر وينفع صح أن يقال فيها إنها بمنزلة الغافل. انظر التسهيل لعلوم التنزيل لابن جزيء الغرناطي (4/74) . (9) ... فوصفهم الله بالعجز لأمور: أ - أنهم لا يخلقون شيئاً قليلاً أو كثيراً بل هم يُخلقون فكيف يخلقون مع افتقارهم في إيجادهم إلى الله. ب - أنهم أموات لا يسمعون ولا يبصرون ولا يعقلون شيئاً. جـ- هذه الأصنام لا تعلم متى يبعث عابدوها فهم سووا بين الكامل من جميع الوجوه = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 170 عن إبراهيم وهو يحتج على أبيه {يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئاً} (1) [مريم: 42] وعلى قومه: {أفتعبدون من دون الله ما لا ينفعكم شيئاً ولا يضركم أف لكم ولما تعبدون من دون الله أفلا تعقلون} (2) [الأنبياء: 66، 67] ثم إنه قد ثبت بالحس (3) والمشاهدة (4) أن للمخلوقات صفات كمال   = والناقص الذي لا شيء له من أوصاف الكمال، وفي الآية تهكم بالمشركين الذين عبدوا من لا يحس ولا يشعر. انظر تفسير السعدي (3/53) ، تفسير الصابوني (2/122) وقال ابن القيم في النونية ص90 والله عاب المشركين بأنهم ... عبدوا الحجارة في رضي الشيطان ونعى عليهم كونها ليست ... بخالقة وليست ذات نطق بيان فأبان أن الفعل والتكليم من ... أوثانهم لا شك مفقودان ملاحظة: استدل شيخ الإسلام بهذه الآية على بطلان قول القرامطة في استدلالهم على مذهبهم بصحة سلب النقيضين وأنه لا يلزمهم التشبيه إلا إذا كان نفيهما عن محل قابل لهما أما الذي ليس بقابل لهما فلا يلزمهم ذلك فالجمادات التي ليس فيها إحساس لا يقال إنها حية ولا ميتة فأجاب شيخ الإسلام بأن العرب يصفون الجماد بالحياة والموت كما في قوله تعالى {أموات غير أحياء} وأن ما ذكروه هو اصطلاح للفلاسفة المشائين انظر شرح التدمرية لفالح آل مهدي ص 85 وشرح الشيخ ابن عثيمين المخطوط ص 83. وانظر تفسير المشائين في مناهج البحث عند مفكري الإسلام د. سامي النشار، والأجوبة المرضية ص 84. (1) ... أي لم تعبد أصناماً ناقصة في ذاتها، وفي أفعالها فلا تسمع ولا تبصر ولا تملك لعابدها نفعاً ولا ضراً بل لا تملك لأنفسها شيئاً فهذا برهان جلي دال على أن عبادة الناقص في ذاته وأفعاله مستقبح عقلاً وشرعاً ودل تنبيهه وإشارته إلى الذي يجب ويحسن عبادة من له الكمال الذي لا ينال العبد نعمة إلا منه. تفسير السعدي. (3/204) (2) في هذه الآية يوبخ إبراهيم عليه السلام المشركين ويعلن لهم أن هذه الأصنام لا تستحق العبادة لأنها لا تنفع ولا تضر تفسير السعدي (3/288) ، تفسير المراغي (17/50) (3) ... الحس خمسة أشياء هي: السمع والبصر واللمس والشم والذوق انظر حاشية النفحات للجاوي على شرح المحلي لورقات إمام الحرمين ص 28 وقيل إن هناك حاسة سادسة تدرك بها عوارض النفس كالجوع والعطش والشبع والأصح ما عليه العامة وهو الخمس ذكر ذلك أبو البقاء الكفوي في الكليات ص54 (4) ... المشاهدة نوع من الحس وهذا من الإطناب بذكر الخاص بعد العام للتنبيه على فضله = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 171 وهي من الله تعالى فمعطي الكمال أولى به (1) *وأما الفطرة: فلأن النفوس السليمة (2) مجبولة (3) مفطورة (4) على محبة الله وتعظيمه وعبادته (5) . وهل تحب وتعظم وتعبد إلا من علمت أنه متصف بصفات الكمال اللائقة بربوبيته وألوهيته؟ وإذا كانت الصفة نقصاً لا كمال فيها فهي ممتنعة (6) في حق الله تعالى كالموت والجهل والنسيان والعجز والعمى والصمم ونحوها (7) لقوله تعالى: {وتوكل على الحي الذي لا يموت} [الفرقان: 58]   = حتى كأنه ليس من جنسه وهذا بناء على الراجح عند الأصوليين أن عطف الخاص على العام ليس تخصيصاً وقال السيوطي في نظمه في البلاغة: وذكر خاص بعد ذي عموم ... منبهاً بفضله المعلوم كعطف جبريل وميكال على ... ملائك قلت وعكسه جلا انظر شروح التلخيص (3/217) ، شرح عقود الجمان (1/239) ، والبلاغة لحفني ناصف ص 167. (1) هذا يسمى بقياس الأولوية وسيأتي في الملحق تقرير هذه القاعدة. أما النفوس المريضة بالشبهات والتخرصات فإنهم يكرهون فطرهم وعقولهم على قبول المحال المتناقض انظر الفتاوى (4/60) . وقال شارح الطحاوية ص95: " أودع الله في الفطرة الإنسانية التي لم تتنجس بالجحود والتعطيل، ولا بالتشبيه والتمثيل، أنه سبحانه الكامل في أسمائه وصفاته وأنه الموصوف بما وصف به نفسه ووصفه به رسوله، وما خفي عن الخلق من كماله أعظم وأعظم مما يعرفونه منه " (2) أي مخلوقة، من الجبل بمعنى الخلق. (3) انظر تفسير ابن عاشور (23/28) ، ونزهة القلوب في تفسير غريب القرآن للسجستاني ص 198. (4) الفطر أصله الشق طولاً، وفطر الله الخلق هو إيجاده الشيء وخلقهم. مفردات الراغب (2/494) ، والبرهان في غريب القرآن لحسن الحبشي ص 324 (5) ... ما لم تتغير الفطر وتتلوث بشبه خارجية. (6) ... ممتنعة عقلاً وشرعاً. (7) ... والظلم والعطش والبكاء والحزن والأكل والشرب انظر شرح التدمرية لفالح آل مهدي ص 290. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 172 وقوله عن موسى: {في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى} (1) [فاطر: 44] وقوله: {وما كان الله ليعجزه (2) من شيء في السموات ولا في الأرض} [طه: 52] وقوله: {أم يحسبون أنا لا نسمع (3) سرهم ونجواهم بلى ورسلنا لديهم يكتبون} [الزخرف: 80] وقال النبي صلى الله عليه وسلم في الدجال: إنه أعور وإن ربكم ليس بأعور " (4) وقال: " أيها الناس اربعوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصم ولا غائباً " (5)   (1) قال ابن فارس في " مجمل اللغة " (4/866) : " النسيان: الترك، قال الله جل وعز: {نسوا الله فنسيهم} " ا. هـ وسئل الشيخ ابن عثيمين في " مجموع فتاوى ورسائل " (3/54-56/رقم 354) السؤال التالي: هل يوصف الله تعالى بالنسيان؟ فأجاب حفظه الله تعالى بقوله: " للنسيان معنيان: أحدهما: الذهول عن شيء معلوم، مثل قوله تعالى: {ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا} " ومثل الآية التي أتى بها المؤلف هنا ثم قال: " وعلى هذا فلا يجوز وصف الله بالنسيان بهذا المعنى على كل حال. والمعنى الثاني للنسيان: الترك عن علم وعمد مثل قوله تعالى: {فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء} الآية، ومثل قوله تعالى: {ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزماً} على أحد القولين وهذا المعنى من النسيان ثابت لله تعالى عز وجل، قال الله تعالى: {فذوقوا بما نسيتم لقاء يومكم هذا إنا نسيناكم} . وتركه سبحانه للشيء صفة من صفاته الفعلية الواقعة بمشيئته التابعة لحكمته والنصوص في ثبوت الترك وغيره من أفعاله المتعلقة بمشيئته كثيرة معلومة وهي دالة على كمال قدرته وسلطانه. وقيام هذه الأفعال به سبحانه لا يماثل قيامها بالمخلوقين وإن شاركه في أصل المعنى، كما هو معلوم عند أهل السنة: ا. هـ باختصار. (2) الشاهد من الآية أن الله نفى عن نفسه العجز. (3) الشاهد أن الله نفى عن نفسه الصمم. (4) رواه البخاري برقم (7131) كما في طبعة التوشيح شرح الجامع الصحيح للسيوطي (9/4150) . ورواه مسلم برقم (2825) كما في طبعة المفهم للقرطبي (7/67) والشاهد من الحديث نفي العمى عن الله. وقال القرطبي في المفهم (7/267) : الله ليس بأعور وهذا تنبيه للعقول القاصرة أو الغافلة على أن من كان ناقصاً في ذاته، عاجزاً عن إزالة نقصه، لم يصلح لأن يكون إلهاً لعجزه وضعفه، ومن كان عاجزاً عن إزالة نقصه كان أعجز عن نفع غيره وعن مضرته. (5) ... رواه البخاري في صحيحه برقم (4205) كما في الفتح (7/537) ، ورواه مسلم في = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 173 وقد عاقب الله تعالى الواصفين له بالنقص كما في قوله تعالى: {وقالت اليهود يد الله مغلولة (1) غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا (2) بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء} [المائدة: 64] وقوله: {لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء سنكتب ما قالوا وقتلهم الأنبياء بغير حق ونقول ذوقوا عذاب الحريق} (3) [آل عمران: 181] ونزه نفسه عما يصفونه به من النقائص فقال سبحانه: {سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين (4) والحمد لله رب العالمين} [الصافات: 180-182] وقال تعالى: {ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذاً لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض سبحان الله عما يصفون} (5) [المؤمنون: 91]   = صحيحه كما في شرح النووي (17/35) . والشاهد من الحديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم، نفى عن الله الصمم لأن الله سميع وهو قريب مع العبد. ومعنى (اربعوا) أي ارفعوا وأمسكوا عن الجهر. انظر عون الباري على البخاري لصديق حسن خان (5/279) وقال أنور الكشميري في فيض الباري على البخاري (4/134) : ليس في الحديث النهي عن الجهر بل فيه كونه لغواً لأن الذي تدعونه أقرب إليكم من حبل الوريد ا. هـ (1) ... أي عن الخير والإحسان والبر. (2) ... هذا دعاء عليهم بجنس مقالتهم لأن كلامهم متضمن وصف الله الكريم بالبخل وعدم الإحسان فجازاهم بأن كان هذا الوصف منطبقاً عليهم فكانوا أبخل الناس وأقلهم إحساناً وأسوأهم ظناً بالله وهذا هو الشاهد من الآية. انظر تفسير السعدي (1/500) . (3) ... أي أن الله سمع ما قالوه وأنه سيكتبه ويحفظه مع أفعالهم الشنيعة وهو قتلهم الأنبياء الناصحين وأنه سيعاقبهم على ذلك أشد العقوبة. السعدي (1/298) . (4) ... لسلامتهم من الآفات والذنوب، وسلامة ما وصفوا به فاطر الأرض والسماوات. والشاهد أن الله نزه نفسه عما يصفونه به فهو المقدس عن النقص المحمود بكل كمال. السعدي (4/277) . (5) ... الشاهد من الآية أن الله نزه نفسه عما يصفونه من الشريك والولد. تفسير فتح البيان لصديق حسن خان (9/146) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 174 وإذا كانت الصفة كمالاً في حال ونقصاً في حال لم تكن جائزة في حق الله ولا ممتنعة على سبيل الإطلاق فلا تثبت له إثباتاً مطلقاً ولا تنفى عنه نفياً مطلقاً بل لابد من التفصيل فتجوز في الحال التي تكون كمالاً وتمتنع في الحال التي تكون نقصاً وذلك كالمكر والكيد والخداع (1) ونحوها فهذه الصفات تكون كمالاً إذا كانت في مقابلة من يعاملون الفاعل بمثلها لأنها حينئذ تدل على أن فاعلها قادر على مقابلة عدوه بمثل فعله أو أشد وتكون نقصاً في غير هذه الحال (2) ولهذا لم يذكرها الله تعالى   (1) المكر والكيد والخداع ألفاظ متقاربة ومعناها هو التوصل بالأسباب الخفية إلى الإيقاع بالخصم فيوصل الشر والأذى بالغير خفية وبغتة. ولهذا عندما مكر اليهود بعيسى وأرادوا قتله مكر الله بهم وألقى الشبه على من أراد أن يقتله فقُتل ورفع الله عيسى إليه فسلم من مكرهم. وكذلك عندما كاد إخوة يوسف له فإن الله كاد ليوسف وخلص منهم أخاه في قصة صواع الملك بطريقة منظمة من السماء فالله أسند الكيد لنفسه وليس هذا ظلماً. انظر تفسير الطبري (3/289) ، والفتاوى (7/111) . وسيأتي في الملحق تفصيل هذه المسألة. وليس مكر الله كمكر المخلوق. انظر تفصيل ابن القيم للمسألة في مختصر الصواعق ص 288. (2) أي إذا فعلت بمن لا يستحق العقوبة كانت ظلماً له وإذا فعلت بمن يستحق العقوبة كانت عدلاً ولهذا قال شيخ الإسلام في الفتاوى (7/11) : وكذلك ما ادعوا أنه مجاز في القرآن كلفظ " المكر " و" الاستهزاء " و" السخرية " المضاف إلى الله وزعموا أنه مسمى باسم ما يقابله على طريق المجاز وليس كذلك بل مسميات هذه الأسماء إذا فعلت بمن لا يستحق العقوبة كانت ظلماً له وأما إذا فعلت بمن فعلها بالمجني عليه عقوبة له بمثل فعله كانت عدلاً، كما قال تعالى: {كذلك كدنا ليوسف) فكاد له كما كادت أخوته لما قال له أبوه: {لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيداً} وقال تعالى: {أنهم يكيدون كيداً وأكيد كيداً} وقال تعالى: {ومكروا مكراً ومكرنا مكراً وهم لا يشعرون فانظر كيف كان عاقبة مكرهم} وقال تعالى: {الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم فيسخرون منهم سخر الله منهم} ولهذا كان الاستهزاء بهم فعلاً يستحق هذا الاسم ا. هـ. وانظر الحجة في بيان المحجة للأصبهاني (1/168) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 175 من صفاته على سبيل الإطلاق وإنما ذكرها في مقابلة من يعاملونه ورسله بمثلها كقوله تعالى: {ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين} [الأنفال: 30] وقوله: {إنهم يكيدون كيداً وأكيد كيداً} [الطارق 15، 16] وقوله: {والذين كذبوا بآياتنا سنستدرجهم من حيث لا يعلمون وأملي لهم إن كيدي متين} [الأعراف: 182-183] وقوله: {إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم} [النساء: 142] وقوله: {قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزئون الله يستهزيء بهم} (1) [البقرة: 14، 15] ولهذا لم يذكر الله أنه خان من خانوه فقال تعالى: {وإن يريدوا خيانتك فقد خانوا الله من قبل فأمكن منهم والله عليم حكيم} [الأنفال: 71] فقال: {فأمكن منهم} ولم يقل: فخانهم لأن الخيانة خدعة في مقام الائتمان وهي صفة ذم مطلقاً (2) وبذا عرف أن قول بعض العوام: " خان الله من يخون " منكر فاحش يجب النهي عنه. ملحق القاعدة الأولى ذكرنا في الحاشية على القاعدة الأولى أننا سنفصل بعض المسائل وهي: 1 - معنى المثل الأعلى. 2 - قياس الأولوية. 3 - تفسير المكر والكيد والخداع. أولاً: معنى المثل الأعلى يطلق المثل على عدة أمور: 1 - تشبيه شيء بشيء لوجود عنصر تشابه أو تماثل بينهما.   (1) والشاهد من الآيات أن هذه صفات تدل على أن الله عز وجل يفعلها مقيدة ولهذا كانت كمالاً في هذه الحالة. (2) أي ليست كمالاً حتى لو في مقابلة العدو 0 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 176 2 - المثل بمعنى النموذج من ذي أفراد متعددة لنوع من الأنواع أو عمل من الأعمال أو سنة من سنن الله نظراً إلى التشابه الموجود بين أفراد النوع الواحد 3 - تطلق كلمة المثل ويراد منها وصف الشيء كالآية التي ذكرها المؤلف والآية التي جئنا بها في الحاشية. انظر أمثال القرآن للميداني ص 19 وما بعده، والأمثال في القرآن للدكتور محمد جابر العلواني ص 25 وما بعده، وأمثال الحديث للدكتور عبد المجيد محمود ص 79، وأمثال الحديث للرامهرمزي طبعة الدار السلفية في بومباي. وأما المثل الأعلى ففيه خمسة أقوال: - الأول: أن المثل الأعلى هو كلمة الإخلاص لا إله إلا الله. - الثاني: أنه الإخلاص والتوحيد. - الثالث: أنه ما ضربه الله لنفسه من الأمثال كقوله تعالى: {الله نور السموات والأرض} [النور: 35] . - الرابع: أنه هو الأطيب والأفضل والأحسن والأجمل وذلك التوحيد والإذعان له بأنه لا إله إلا الله وهو قول إمام المفسرين ابن جرير الطبرى. - الخامس: أنه الصفة العليا، والمثل كثيراً ما يرد بمعنى الصفة وقد رجح هذا القول شمس الدين ابن القيم فقال: (المثل الأعلى يتضمن الصفة العليا وعلم العالمين بها ووجودها العلمى، والخبر عنها وذكرها وعبادة الله بواسطة العلم والمعرفة القائمة بقلوب عابديه وذاكريه بها) . انظر: مختصر الصواعق للموصلي ص 16، وشرح الطحاوية ص 96 والقواعد الكلية لليربكان ص 293. ثانياً: قياس الأولوية ذكرنا في الملحق أن القاعدة التي ذكرها المؤلف وهي أن للمخلوق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 177 صفات كمال وهي من الله فمعطي الكمال أولى يسمى بقياس الأولوية وذلك أن القياس ثلاثة أنواع كما ذكر المؤلف في شرح الواسطية (1/98) : القياس ينقسم إلى ثلاثة أقسام: قياس شمول، وقياس تمثيل، وقياس أولوية فهو سبحانه وتعالى لا يقاس بخلقه قياس تمثيل ولا قياس شمول. 1 - قياس الشمول: هو ما يعرف عندنا بالعام الشامل لجميع أفراده بحيث يكون كل فرد منه داخلاً في مسمى ذلك اللفظ ومعناه فمثلاً إذا قلنا الحياة فإنه لا تقاس حياة الله تعالى بحياة الخلق لأن الكل يشمله اسم " حي ". 2 - قياس تمثيل: بمعنى أن نجعل ما يثبت للخالق مثل ما يثبت للمخلوق. 3 - قياس الأولوية: وهذا يقول العلماء أنه مستعمل في حق الله لقوله تعالى: " ولله المثل الأعلى} [النحل: 60] بمعنى كل صفة كمال فلله تعالى أعلاها السمع والبصر والعلم والقدرة والحياة والحكمة وما أشبهها موجودة في المخلوقات لكن لله أعلاها وأكملها ولهذا أحياناً نستدل بالدلالة العقلية من زاوية القياس بالأولى فمثلاً نقول: العلو صفة كمال في المخلوق فإذا كان صفة كمال في المخلوق فهو في الخالق من باب أولى وهذا دائماً نجده في كلام العلماء. إذاً: يمتنع القياس بين الله وبين الخلق للتباين بينهما وإذا كنا في الأحكام لا نقيس الواجب على الجائز أو الجائز على الواجب ففي باب الصفات بين الخالق والمخلوق من باب أولى. لو قال لك قائل: الله موجود والإنسان موجود وقال وجود الله كوجود الإنسان بالقياس فنقول لا يصح لأن وجود الخالق واجب ووجود الإنسان ممكن. فلو قال: أقيس سمع الخالق على سمع المخلوق نقول: لا يمكن، سمع الخالق واجب لا يعتريه نقص وهو شامل لكل شيء وسمع الإنسان ممكن إذ يجوز أن يولد الإنسان أصم والمولود سميعاً يلحقه نقص السمع الجزء: 1 ¦ الصفحة: 178 وسمعه محدود إذاً: لا يمكن أن يقاس الله بخلقه فكل صفات الله لا يمكن أن تقاس بصفات خلقه لظهور التباين العظيم بين الخالق وبين المخلوق ا. هـ وقال ابن القيم في مفتاح دار السعادة (2/475) : كل كمال ثبت للمخلوق غير مستلزم للنقص فخالقه ومعطيه إياه أحق بالاتصاف به وكل نقص في المخلوق فالخالق أحق بالتنزه عنه كالكذب والظلم والسفه والعيب بل يجب تنزيه الرب تعالى عن النقائص والعيوب مطلقاً وإن لم يتنزه عنها بعض المخلوقين ا. هـ ويعبر عن هذه القاعدة بأكثر من صيغة: - الأولى: أن يقال: إذا كانت نفس المخلوق وهو محدثة ناقصة متصفة بأنها حية عالمة قادرة سميعة بصيرة فإن الرب المعبود الأول والآخر والظاهر والباطن أولى بأن يكون حياً عالماً قادراً سميعاً بصيراً. - الثانية: أن يقال: إذا كان سلب الصفات مثل الحياة والعلم والسمع والبصر يعتبر نقصاً في المخلوق المحدث فلأن يعتبر ذلك نقصاً في الخالق أولى. - الثالثة: أن يقال: إذا كانت الغفلة عيباً ونقصاً في المخلوق المربوب الناقص بذاته فلأن تكون نقصاً في حق الخالق المدبر الغني بذاته أولى. بقى أن نذكر أمراً مهماً في هذه القاعدة وهو أنه يشترط في الكمال الثابت بقياس الأولى: 1 - كونه كمالاً وجودياً إذ لا كمال في العدم المحض. 2 - كونه ممكن الوجود في خارج الذهن إذ ما ليس كذلك فهو في حكم العدم إذ المجردات العقلية لا وجود لها في الخارج. 3 - أن يكون لا نقص فيه بوجه من الوجوه فإن كان فيه نقص لم ينسب إلى رب العالمين كالنوم والأكل فإنه كمال في الإنسان لكنه لا ينسب إلى الله لما يستلزمه من عدم كمال الحياة. 4 - أن يكون غير مسلتزم للعدم فإن استلزمه لم يوصف به كالنوم فإنه مستلزم لعدم الحياة ا. هـ من القواعد الكلية للأسماء والصفات للبريكان 0 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 179 وقال شيخ الإسلام في درء تعارض العقل والنقل (1/30) : ومثل هذه الطرق هي التي كان يستعملها السلف والأئمة في مثل هذه المطالب كما استعمل نحوها الإمام أحمد، ومن قبله وبعده من أئمة أهل الإسلام وبمثل ذلك جاء القرآن في تقرير أصول الدين في مسائل التوحيد والصفات والمعاد ونحو ذلك. وقال شيخ الإسلام في بيان تلبيس الجهمية (2/543) ثم احتج الإمام أحمد بحجة أخرى من الأقيسة العقلية قال: فمن ذلك: قال الإمام أحمد: " ووجدنا كل شيء أسفل منه مذموماً يقول الله جل ثناؤه: {إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار} وقال: {وقال الذين كفروا ربنا أرنا اللذين أضلانا من الجن والإنس نجعلها تحت أقدامنا ليكونا من الأسفلين} " ا. هـ وهذه الحجة من باب (قياس الأولى) وهو أن السفل مذموم في المخلوق حيث جعل الله أعداءه في أسفل سافلين وذلك مستقر في فطر العباد، حتى إن أتباع المضلين طلبوا أن يجعلوهم تحت أقدامهم ليكونوا من الأسفلين وإذا كان هذا مما ينزه ويقدس عنه المخلوق ويوصف به المذموم المعيب من المخلوق فالرب تعالى أحق أن ينزه ويقدس عن أن يكون في السفل أو يكون موصوفاً بالسفل هو أو شيء منه أو يدخل ذلك في صفاته بوجه من الوجوه بل هو العلي الأعلى بكل وجه ا. هـ وذكر شيخ الإسلام في كتابه المذكور أمثلة أخرى مهمة على هذه القاعدة وأتى بفوائد تستحق الرحلة إليها إلى أبعد مكان فلتطلب من مكانها. ثالثاً: تفسير المكر والكيد والخداع: سئل الشيخ ابن عثيمين هل يوصف الله بالمكر؟ وهل يسمى به؟ فأجاب: لا يوصف الله تعالى بالمكر إلا مقيداً فلا يوصف الله تعالى به وصفاً مطلقاً قال الله تعالى: {أفأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون} الجزء: 1 ¦ الصفحة: 180 ففي هذه الآية دليل على أن لله مكراً والمكر هو التوصل إلى إيقاع الخصم من حيث لا يشعر ومنه جاء في الحديث الذي أخرجه البخاري " الحرب خدعة " فإن قيل: كيف يوصف الله بالمكر مع أن ظاهره أنه مذموم؟ قيل: إن المكر في محله محمود يدل على قوة الماكر، وأنه غالب على خصمه ولذلك لا يوصف الله به على الإطلاق فلا يجوز أن تقول " إن الله ماكر " وإنما تذكر هذه الصفة في مقام ويكون مدحاً مثل قوله تعالى: ... {ويمكرون ويمكر الله} وقوله {ومكروا مكراً ومكرنا مكراً وهم لا يشعرون} ومثل قوله تعالى {أفأمنوا مكر الله} ولا تنفى عنه هذه الصفة على سبيل الإطلاق بل أنها في المقام التي تكون مدحاً يوصف بها، وفي المقام التي لا تكون مدحاً لا يوصف بها. وكذلك لا يسمى الله به فلا يقال: إن من أسماء الله الماكر والمكر من الصفات الفعلية لأنها تتعلق بمشيئة الله سبحانه. ويقول الشيخ ابن عثيمين في شرح الواسطية (1/290) فإن قلت: ما هو تعريف المكر والكيد والمحال؟ فإن تعريفه عند أهل العلم: أنه التوصل بالأسباب الخفية إلى الإيقاع بالخصم يعنى أن توقع بخصمك بأسباب خفية ما يدرى عنها هذا هو الكيد وهو في محله صفة كمال وفي غير محله صفة نقص لكنه في غير محله له اسم آخر وهو الخيانة ويذكر أن على بن أبي طالب رضي الله عنه لما بارز عمرو بن ود والفائدة من المبارزة أنه إذا غلب الذي منا انكسرت قلوب الآخرين قالوا: هذا صاحبنا الذي اخترناه للمبارزة وهو أشجعنا غلب. لا شك إن قلوبهم تنكسر وتضعف شوكتهم فلما بارزه عمرو بن ود وخرج صرخ على: ما خرجت لأبارز رجلين، هنا عمرو بن ود التفت وظن أن هناك واحداً خرج معه فلما التفت ضربه على رضي الله عنه على رقبته حتى أطاح برأسه! الجزء: 1 ¦ الصفحة: 181 هذا خداع لكنه جائز ويحمد عليه لأنه في موضعه فإن هذا الرجل ما خرج ليكرم على بن أبي طالب ويهنئه ولكنه خرج ليقتله فقال على: أنا عندي ما هو أعظم من قتلك ففعل هذه الفعلة المهم: أن المكر والكيد والخداع في محله مدح. الخلاصة: أن نقول: إن المكر والكيد والخداع والمحال من صفات الله الفعلية التي لا يوصف بها على سبيل الإطلاق لأنها تكون مدحاً في حال وذماً في حال. يوصف بها حين تكون مدحاً ولا يوصف بها إذا لم تكن مدحاً فلا نقول: " الله خير الماكرين " " خير الكائدين " وإنما نقول: " الله ماكر بمن يمكر به خادع لمن يخادعه " والاستهزاء من هذا الباب لا يصح أن نخبر عن الله بأنه مستهزئ على الإطلاق لأن الاستهزاء نوع من اللعب {وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما لاعبين} [الدخان: 38] لكن في مقابلة من يستهزئ به يكون كمالاً ا. هـ بتصرف. ********* *** * الجزء: 1 ¦ الصفحة: 182 القاعدة الثانية باب الصفات أوسع من باب الأسماء وذلك لأن كل اسم متضمن لصفة كما سبق في القاعدة الثالثة من قواعد الأسماء ولأن من الصفات ما يتعلق بأفعال الله تعالى وأفعاله لا منتهى لها كما أن أقواله لا منتهى لها قال الله تعالى: {ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله إن الله عزيز حكيم} (1) [لقمان: 27] .   (1) قال السعدي في تفسيره (4/114) : {ولو ان ما في الأرض من شجرة أقلام} يكتب بها {والبحر يمده من بعده سبعة أبحر} مداداً يستمد بها، لتكسرت تلك الأقلام ولفنى ذلك المداد و {ما نفدت كلمات الله} وهذا ليس مبالغة لا حقيقة له بل لما علم تبارك وتعالى ان العقول تتقاصر عن الإحاطة ببعض صفاته وعلم تعالى أن معرفته لعباده أفضل نعمة أنعم بها عليهم، وأجل منقبة حصلوها وهى لا تمكن على وجهها ولكن ما لا يدرك كله، لا يترك كله فنبههم تعالى على بعضها تنبيهاً تستنير به قلوبهم، وتنشرح له صدورهم ويستدلون بما وصلوا إليه إلى ما لم يصلوا إليه ويقولون كما قال أفضلهم وأعلمهم بربه: " لا نحصى ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك " وإلا فالأمر أجل من ذلك وأعظم. وهذا التمثيل من باب تقريب المعنى الذي لا يطاق الوصول به إلى الأفهام والأذهان وإلا فالأشجار وإن تضاعفت على ما ذكر أضعافاً كثيرة والبحور لو امتدت بأضعاف مضاعفة فإنه يتصور نفادها وانقضاؤها لكونها مخلوقة. وأما كلام الله تعالى، فلا يتصور نفاده بل دلنا الدليل الشرعي والعقلي على أنه لا نفاد له ولا منتهى فكل شيء ينتهي إلا الباري وصفاته: {وأن إلى ربك المنتهى} وإذا تصور العقل حقيقة أوليته تعالى وآخريته وأن كل ما فرضه الذهن من الأزمان السابقة مهما تسلسل الفرض والتقدير فهو تعالى قبل ذلك إلى غير نهاية وأنه مهما فرض الذهن والعقل من الأزمان المتأخرة وتسلسل الفرض والتقدير وساعد على ذلك من ساعد بقلبه ولسانه فالله تعالى بعد ذلك إلى غير غاية ولا نهاية والله في جميع الأوقات يحكم ويتكلم ويقول ويفعل كيف أراد وإذا أراد لا مانع له من شيء من أقواله وأفعاله فإذا تصور العقل ذلك عرف أن المثل الذي ضربه الله لكلامه ليدرك العباد شيئاً منه وإلا فالأمر أعظم وأجل ا. هـ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 183 ومن أمثلة ذلك أن من صفات الله تعالى المجيء والإتيان والأخذ والإمساك والبطش (1) إلى غير ذلك من الصفات (2) التي لا تحصى كما قال تعالى: {وجاء ربك} (3) [الفجر: 22] وقال: {هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام} (4) [البقرة: 210] وقال: {فأخذهم (5) الله بذنوبهم} [آل عمران: 11] وقال: {ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه} (6) [الحج: 65] وقال: {إن بطش ربك لشديد} (7) [البروج: 12] وقال: {يريد الله   (1) الصفات التي ذكرها المؤلف صفات فعلية (2) ذكر المؤلف في الأمثلة الصفات الفعلية إلا مثالاً واحداً فقد أتى بالصفة الذاتية الفعلية وهي الإرادة في قوله تعالى (يريد الله بكم اليسر) فأصل صفة الإرادة ذاتية فعلية لكن الآية التي استشهد بها هي الإرادة التي ترادف المحبة فتكون هي صفة فعلية أيضاً. قال الشيخ خليل بن هراس في كتابه ابن تيمية السلفي ص126: فكلامه قديم الجنس حادث الأفراد، وكذلك فعله وإرادته ونحو ذلك ا. هـ وقال في ص111: ومن الصفات ما هي قديم الجنس ولكن تحدث في ذاته تعالى آحاده وذلك مثل العلم والإرادة والكلام ا. هـ وقال خالد بن نور في منهج أهل السنة (2/510) : أهل السنة يثبتون إرادة أزلية ذاتية وإرادات مستقبلية فعليه ا. هـ (3) الشاهد: إثبات المجيء. (4) الشاهد: إثبات الإتيان. (5) الشاهد إثبات الأخذ. (6) الشاهد إثبات الإمساك. (7) الشاهد إثبات البطش. ملاحظة: هذه الصفة لم يذكرها الشيخ علوي السقاف في كتابه الجامع لصفات الله حيث ذكر في المقدمة ص 12 أنه احصى جميع الصفات الفعلية، فتكون هذه الصفة مما يستدرك على كتابه. وقد ذكر هذه الصفة د. مروان القيسي في كتابه معالم التوحيد ص 167. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 184 بكم اليسر ولا يريد بكم العسر} (1) [البقرة: 185] وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " ينزل ربنا إلى السماء الدنيا " (2) فنصف الله تعالى بهذه الصفات على الوجه الوارد ولا نسميه بها فلا نقول إن من أسمائه: الجائي والآتي والآخذ والممسك والباطش والمريد والنازل ونحو ذلك وإن كنا نخبر بذلك عنه ونصفه به (3) .   (1) ... الشاهد إثبات صفة الإرادة وهي الإرادة الشرعية الدينية لأنها مرادفة للمحبة، انظر الروضة الندية شرح الواسطية لزيد بن فياض ص 80. (2) الحديث في الصحيحين كما في الجمع بين الصحيحين للحميدي (3/78) ، والجمع بين الصحيحين لأبي حفص الموصلي (1/290) ، وجامع الأصول لابن الأثير (4/138) . (3) وقد سبق أن باب الإخبار أوسع من باب الأسماء فالله لا نسميه بالمريد لكن نخبر عنه أنه يريد وكذا الإخبار عنه بالصانع والقديم. وانظر مدارج السالكين (3/415) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 185 القاعدة الثالثة صفات الله تنقسم إلى قسمين: ثبوتية وسلبية - فالثبوتية: ما أثبته الله تعالى لنفسه في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم وكلها صفات كمال لا نقص فيها بوجه من الوجوه كالحياة والعلم والقدرة والاستواء على العرش والنزول إلى السماء الدنيا والوجه واليدين ونحو ذلك (1) . - فيجب إثباتها لله تعالى حقيقة (2) على الوجه اللائق به بدليل السمع والعقل. - أما السمع: فمنه قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله والكتاب الذي نزل على رسوله والكتاب الذي أنزل من قبل ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضل ضلالاً بعيداً} (3) [النساء: 136] فالإيمان بالله يتضمن الإيمان بصفاته، والإيمان بالكتاب الذي نزل على رسوله يتضمن الإيمان بكل ما جاء فيه من صفات الله، وكون محمد صلى الله عليه وسلم رسوله يتضمن الإيمان بكل ما أخبر به عن مرسله وهو الله   (1) جمع المؤلف في الأمثلة بين الصفات الذاتية والصفات الفعلية. (2) أراد المؤلف بكلمة الحقيقة تأكيد إثبات الصفة لله ونفي التأويل الذي يقول به أهل التعطيل ولم يرد بذلك إن حقيقة اليد للجارحة فتكون يد الله فيها لحم وعظم وعصب كما يزعم أهل الباطل بل إن المتكلمين أنفسهم عبروا بهذه الكلمة في الصفات التي أثبتوها كما ذكر الباقلاني في الإنصاف ص 36 والجويني في الإرشاد ص79 ولشيخ الإسلام بحث موعب في الفتاوى (6/351) ومواطن أخرى من كتابه. (3) الشاهد من الآية أن الله أمر بـ: أ - الإيمان به وهو يتضمن الإيمان بصفاته. ب - الإيمان بكتبه وهو يتضمن الإيمان بكل ما جاء فيه من الصفات. ت - الإيمان بالرسول صلى الله عليه وسلم وهو يتضمن الإيمان بالصفات التي أخبرنا بها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 186 عز وجل. - وأما العقل: فلأن الله تعالى أخبر بها عن نفسه وهو أعلم بها من غيره وأصدق قيلا وأحسن حديثاً من غيره فوجب إثباتها له كما أخبر بها من غير تردد فإن التردد في الخبر إنما يتأتى حين يكون الخبر صادراً ممن يجوز عليه الجهل أو الكذب أو العي (1) بحيث لا يفصح بما يريد وكل هذه العيوب الثلاثة ممتنعة في حق الله عز وجل فوجب قبول خبره على ما أخبر به. وهكذا نقول فيما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم عن الله تعالى فإن النبي صلى الله عليه وسلم أعلم الناس بربه وأصدقهم خبراً وأنصحهم إرادة وأفصحهم بياناً (2) فوجب قبول ما أخبر به على ما هو عليه. والصفات السلبية: ما نفاها الله سبحانه في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم وكلها صفات نقص في حقه كالموت والنوم والجهل والنسيان والعجز والتعب. فيجب نفيها عن الله تعالى لما سبق مع إثبات ضدها على الوجه الأكمل وذلك لأن ما نفاه الله تعالى عن نفسه فالمراد به بيان انتفائه لثبوت كمال ضده لا لمجرد نفيه (3) لأن النفي ليس بكمال إلا أن يتضمن ما يدل على الكمال وذلك لأن:   (1) بين المؤلف أن التردد في الخبر له ثلاثة أسباب: أ - الجهل كما لو أخبرني أحد يجوز أن يكون جاهلاً فإني أتردد في قبول خبره ب - الكذب جـ- العي بحيث لا يفصح بما يريد، وزاد المؤلف في شرح الواسطية (1/102) حسن القصد. وهذه الأربعة منفية عن خبر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم (2) قوله العلم: فضده الجهل وقوله الصدق: ضده الكذب وقوله أفصح: فضده العي. أي المنفية مأخوذة من السلب أي النفي وعكسه الإثبات وللمتكلمين معنى أخر للصفات السلبية سنذكره في الملحق وللإمام ابن القيم تفصيل لذلك سنذكره في الملحق أيضاً. (3) ذكر هذه القاعدة شيخ الإسلام في التدمرية ص 57 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 187 - النفي عدم، والعدم ليس بشيء فضلاً عن أن يكون كمالاً. - ولأن النفي قد يكون لعدم قابلية المحل له فلا يكون كمالاً كما لو قلت: الجدار لا يظلم (1) . - وقد يكون للعجز عن القيام به فيكون نقصاً (2) كما في قول الشاعر: قبيلة لا يغدرون بذمة ... ولا يظلمون الناس حبة خردل وقول لآخر: لكن قومي وإن كانوا ذوي حسب*ليسوا من الشر في شيء وإن هانا (3) مثال ذلك: قوله تعالى: {وتوكل على الحي الذي لا يموت} [الفرقان: 58] فنفى الموت عنه يتضمن كمال حياته. مثال آخر: قوله تعالى: {ولا يظلم ربك أحداً} [الكهف: 49] نفى الظلم عنه يتضمن كمال عدله. مثال ثالث: قوله تعالى: {وما كان الله ليعجزه من شيء في السموات ولا في الأرض} [فاطر: 44] فنفى العجز عنه يتضمن كمال علمه وقدرته ولهذا قال بعده: {إنه كان عليماً قديراً} [فاطر: 44] لأن العجز سببه إما الجهل (4) بأسباب الإيجاد وإما قصور القدرة عنه فلكمال علم الله تعالى وقدرته لم يكن ليعجزه شيء في السموات ولا في الأرض   (1) فإن هذا ليس مدحاً لأن الجدار لا يقبل الظلم. (2) ذكر ذلك المؤلف في تقريب التدمرية ص 52 قال: ان النفي إن لم يتضمن كمالاً - فقد يكون لنقص الموصوف لعجزه عنه كما لو قيل عن شخص عاجز عن الانتصار لنفسه ممن ظلمه: " إنه لا يجزي السيئة بالسيئة " فإن نفي مجازاته السيئة بمثلها ليس لكمال عفوه ولكن لعجزه عن الانتصار لنفسه حينئذ يكون نفي ذلك عنه نقصاً وذماً لا كمالاً ومدحاً. وانظر شرح الطحاوية ص 53. (3) قد ذكرنا تحقيق هذين البيتين والخلاف فيهما ومحل الشاهد في الملحق. (4) ... ذكر المؤلف أن سبب العجز هو: أ- ... الجهل بأسباب الإيجاد. ب- ... قصور القدرة عن الإيجاد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 188 وبهذا المثال علمنا أن الصفة السلبية قد تتضمن أكثر من كمال (1) . ملحق القاعدة الثالثة ذكرنا أننا سنتكلم في الملحق عن بعض المسائل وهي: 1 - الصفات السلبية التي ذكرها ابن القيم. 2 - تقسيم الصفات عند المتكلمين ومعنى الصفة السلبية عند الأشاعرة. 3 - تحقيق بيتين ذكرهما المؤلف. أولاً: الصفات السلبية تكلم الإمام ابن القيم في النونية عن أقسامها فقال ص 238 من طبعة العمير: فاسمع إذاً توحيد رسل الله ثم ... اجعله داخل كفة الميزان مع هذه الأنواع وانظر أيها ... أولى لدى الميزان بالرجحان توحيدهم نوعان قولي وفعلي ... كلا نوعيه ذو برهان فالأول القولي ذو نوعين ... أيضاً في كتاب الله موجودان إحداهما سلب ذا نوعان ... أيضاً في كتاب الله مذكوران سلب النقائص والعيوب جميعها ... عنه هما نوعان معقولان سلب لمتصل ومنفصل هما ... نوعان معروفان أما الثاني سلب الشريك مع الظهير مع ... الشفيع بدون إذن المالك الديان وكذلك سلب الزوج والولد الذي ... نسبوا إليه عابدو الصلبان   (1) والخلاصة أن النفي ينقسم ثلاثة أقسام: أ - نفي لا يتضمن نقصاً ولا مدحاً لعدم القابلية. ب - نفي يتضمن نقصاً كما سبق في قول الشاعر. جـ- نفي يتضمن كمالاً كنفي الصفات عن الله مع ثبوت كمال ضدها بل قد يكون النفي يتضمن أكثر من كمال. وانظر أمثلة أخرى لهذه القاعدة في التدمرية لشيخ الإسلام مع شرح فالح آل مهدي ص 134، وتقريب التدمرية للمؤلف ص52. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 189 وكذاك نفي الكفء أيضاً والولي ... لنا سوى الرحمن ذي الغفران والأول التنزيه للرحمن عن ... وصف العيوب وكل ذي نقصان كالموت والإعياء والتعب الذي ... ينفي اقتدار الخالق المنان والنوم والسنة التي هي أصله ... وعزوب شيء عنه في الأكوان وكذلك العبث الذي تنفيه حكمته ... وحمد الله ذي الإتقان وكذاك ترك الخلق إهمالاً سدى ... لا يبعثون إلى معاد ثان كلا ولا أمر ولا نهى عليهم ... من إله قادر ديان وكذاك ظلم عباده وهو الغني ... فما له والظلم للإنسان وكذاك غفلته تعالى وهو علام ... الغيوب فظاهر البطلان وكذلك النسيان جل إلهنا ... لا يعتريه قط من نسيان وكذاك حاجته إلى طعم ورزق ... وهو رزاق بلا حسبان هذا وثاني نوعي السلب الذي ... هو أول الأنواع في الأوزان تنزيه أوصاف الكمال له عن ... التشبيه والتمثيل والنكران لسنا نشبه وصفة بصفاتنا ... إن المشبه عابد الأوثان كلا ولا نخليه من أوصافه ... إن المعطل عابد البهتان من مثل الله العظيم بخلقه ... فهو النسيب لمشرك نصراني أو عطل الرحمن من أوصافه ... فهو الكفور وليس ذا إيمان ويقول الشيخ عبد العزيز السلمان في الأسئلة والأجوبة على الواسطية ص 13: ما ينزه عنه الله ينقسم إلى قسمين متصل ومنفصل مثال المتصل كالنوم والإعياء والتعب واللغوب والموت والجهل والظلم والغفلة والنسيان وعن احتياجه إلى طعم ورزق وضابط هذا القسم ما يناقض ما وصف به نفسه أو وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم في كل ما يضاد الصفات الكاملة. والقسم الثاني: المنفصل وضابطه: تنزيهه عن أن يشاركه أحد من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 190 الخلق في شيء من خصائصه التي لا تكون لغيره وذلك كالزوجة والشريك والكفؤ والظهير والشفيع بدون إذن الله والولي من الذل فكل ذلك ينزه عنه الله جل وعلا وتقدس ا. هـ. ثالثاً: تحقيق البيتين اللذين ذكرهما المؤلف: (1) ... قول الشاعر: قبيلة لا يغدرون بذمة ... ولا يظلمون الناس حبة خردل الشاعر هو: النجاشي الحارثي وهو قيس بن عمرو بن مالك من بني حارث بن كعب (1) . وقد ولد الشاعر في الجاهلية وموطنه في نجران باليمن (2) . وكان فيما روى ضعيف الدين وذكر أنه شرب الخمر في رمضان فجلده علي مائة جلدة (3) . رواية البيت البيت روى بوجهين: الأول: ما ذكره المؤلف وهي التي في الإصابة للحافظ ابن حجر نسخه دار إحياء التراث العربي (3/583) وقد ذكر هذه الرواية ابن قتيبة في الشعر والشعراء (1/331) ، وابن القيم في الصواعق المرسلة (2/506) . الثاني: قبيلته. أي من غير تصغير.   (1) سمط الآلي بمعرفة عبد العزيز الميمني (2/89) . (2) تاريخ الأدب لبروكلمان القسم الأول ص 232. (3) خزانة الأدب للبغدادي (4/76) وشرح أبيات مغني اللبيب للبغدادي أيضاً (5/196) وقد ذكر هذه القصة الحافظ ابن حجر في الإصابة (6/387) ط. دار الكتب العلمية والشنقيطي في الدرر اللوامع على همع الهوامع (5/157) . وكذا في حاشية أمالي ابن الشجري (2/167) ط. الخانجي. وهذه موجودة في الإصابة لابن حجر، نسخة دار الكتب العلمية ت: عادل عبد الموجود (6/388) وهي في نسخة العقد الفريد لابن عبد ربه كما سيأتي مع استبدال كلمة (لا يخفرون) بدلاً من لا يغدرون وذكرها المؤلف في تلخيص الحموية ص54. ملاحظة: قد يكون في هذه الكلمة تصحيف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 191 سبب البيت: تذكر كتب الأدب في سبب البيت أن النجاشي هجا بنى العجلان رهط تميم بن مقبل فاستعدوا عليه عمر بن الخطاب وقالوا: يا أمير المؤمنين إنه هجانا، قال: وما قال فيكم؟ قالوا: قال: إذا الله عادى أهل لؤم ورقة ... فعادي بني عجلان رهط ابن مقبل قال عمر: هذا رجل دعا فإن كان مظلوماً استجيب له وإن لم يكن مظلوماً لم يستجب له قالوا: فإنه قد قال بعد هذا: قبيلته لا يخفرون بذمة ... ولا يظلمون الناس حبة خردل قال عمر: ليت آل الخطاب مثل هؤلاء. قالوا: فإنه يقول بعد هذا: ولا يردون الماء إلا عشية ... إذا صدر الوراد عن كل منهل قال عمر: فإن ذلك أجم لهم وأمكن. قالوا فإنه يقول بعد هذا: وما سمى العجلان إلا لقولهم ... خذ القعب واحلب أيها العبد واعجل قال عمر: سيد القوم خادمهم فما أرى بهذا بأساً (1) . هكذا ذكر ابن عبد ربه إلا أن للقصة تكملة وهي أن عمر رضي الله عنه حكم بعد ذلك حسان بن ثابت في هذه القضية ووقف مع تميم بن مقبل فهدد عمر النجاشي على هذا الهجاء وقال له: إن عدت قطعت لسانك (2) وأما الحافظ ابن حجر فقد ذكر في ترجمة تميم بن مقبل بيتاً زائداً وهو   (1) العقد الفريد (6/167) . (2) الشعر والشعراء لابن قتيبة (1/331) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 192 أولئك أولاد الهجين وأسرة اللئيم ... ورهط العاجز المتذلل فقال عمر: أما هذا فلا أعذرك عليه فحبسه وضربه (1) وبذلك يظهر لنا كذب ما قاله بروكلمان في حق حسان بن ثابت وأنه نفر غلوه في السباب فنهاه عمر عن الهجاء (2) . الشاهد من البيت: أن النجاشي الشاعر لم يقصد بهذا البيت مدح بني العجلان بل أراد أن يذمهم ويصفهم بالعجز كما ذكر ذلك ابن عبد ربه (3) . فإن قيل إن عمر بن الخطاب لم يفهم من هذا البيت الهجاء كما نقلناه سابقاً وقال: لا أرى بهذا بأساً فالجواب: 1 - أن عبد ربه الذي اقتصر على القصة في المجلد السادس هو الذي ذكر أن هذا البيت يراد به الذم في المجلد الثاني من كتابه ص332 2 - إن عمر رضي الله عنه أخذ ذلك على ظاهره تم تبين له أن هذا الظاهر غير مراد كما ذكرنا سابقاً والعبرة بذلك والله أعلم. (2) ... وقول الآخر: لكن قومي وإن كانوا ذوي حسب ** ليسوا من الشر في شيء وإن هانا قائل هذا البيت هو: قريط بن أنيق (كلاهما بالتصغير) وذكر البغدادي أن التبريزي قال في شرح الحماسة أنه شاعر إسلامي ثم ذكر البغدادي: أنه تتبع كتب الشعراء وتراجمهم فلم يظفر له بترجمة (4) . أما أبو تمام فقال إنها لبعض شعراء بلعنبر (5)   (1) الإصابة لابن حجر (1/496) ، ط - دار الكتب العلمية. (2) تاريخ الأدب لبروكلمان (1/233) . (3) العقد الفريد (2/332) . (4) شرح أبيات مغني اللبيب (1/87) وخزانة الأدب (7/446) . (5) شرح المرزوقي على الحماسة (1/22) والإعلام للزركلي (5/195) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 193 والبيت ذكره أبو تمام في أول الحماسة (1) . رواية البيت: روى البيت بوجهين: الأول: ذوي حسب كما ذكر المؤلف وهي التي في نسخة التبريزي في شرحه على الحماسة (2) . الثاني: ذوي عدد وهي التي في بقية النسخ (3) ومشى عليها البغدادي وابن القيم في الصواعق. الشاهد من البيت: اختلفوا في مراد الشاعر على قولين: الأول: أن الشاعر أراد بهذا البيت وصف قومه بالذل والعجز لا الحلم والخشية وهذا هو قول ابن عبد ربه (4) والأعلم الشنتمري (5) وأبي القاسم الفارسي (6) والإمام ابن القيم (7) وهو مراد الشيخ ابن عثيمين في الكتاب. الثاني: أن الشاعر وصف قومه بأنهم يؤثرون السلامة والعفو عن الجناة ما أمكن ولو أرادوا الانتقام لقدروا بعددهم وعدتهم ولكن المراقبة والتقوى تدعوهم إلى إيثار الحسنى وليس قصد الشاعر ذمهم وهذا هو قول المرزوقي في شرح الحماسة (8) وأقره على ذلك البغدادي وزاد: وكيف يذمهم ووبال الذم راجع إليه (9) .   (1) وهو كتاب فيه جملة من أشعار العرب جمعها أبو تمام الطائي الشاعر المشهور ونسبته لها من حيث أن كلامه مذكور فيها، انظر حاشية الدسوقي على مغني اللبيب (1/18) . (2) كذا في حاشية شرح الحماسة للمعري (1/47) . (3) حاشية شرح الحماسة للمعري (1/47) . (4) العقد الفريد (2/332) . (5) في شرح حماسة أبي تمام (1/359) حيث قال: هذا هزؤ منه لقومه ا. هـ. (6) في شرح الحماسة لأبي القاسم الفارسي (2/78) حيث قال: يصفهم بالجبن وبهوانهم ا. هـ (7) الصواعق المرسلة (2/506) . (8) شرح المرزوقي على الحماسة (1/3) (9) خزانة الأدب (7/442) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 194 القاعدة الرابعة الصفات الثبوتية صفات مدح وكمال فكلما كثرت وتنوعت دلالاتها (1) ظهر من كمال الموصوف بها ما هو أكثر (2) ولهذا كانت الصفات الثبوتية التي أخبر الله بها عن نفسه أكثر بكثير من الصفات السلبية كما هو معلوم. أما الصفات السلبية فلم تذكر غالباً (3) إلا في الأحوال التالية (4) :   (1) سبق معنى الدلالة. (2) ولأن تفصيل الصفات الثبوتية أكمل في المدح كأن نقول: زيد جواد كريم شجاع ونحو ذلك ولذكر الصفات الثبوتية فائدتان غير ما ذكر المؤلف هما: أ - قطع السبيل على أهل التعطيل والتحريف إذ أن جريان النصوص على هذه الحال من تعيين الصفة بلفظها الدال عليها في جميع الموارد أو غالبها لدليل على أن المراد إثباتها والإيمان بها وأن حقيقتها مرادة له جل شأنه. ب - إبطال التمثيل إذ أن هذا الاطراد بالتعيين دليل على أن وصف الله وتسميته بها حق وصدق لا يماثله فيه أحد ا. هـ من القواعد الكلية للبريكان. (3) وإنما ذكر غالباً لأن القاعدة هي الإثبات المفصل والنفي المجمل أما النفي المفصل فهو طريقة أهل البدع بل لو قيل للملك أنت لست بزبال ولا كناس ولا غدار ولا خائن ولا غبي لعد الناس ذلك نقصاً وعيباً. فإن قيل ان القرآن قد ذكر النفي المفصل فما الجواب؟ قلنا لهذا قال المؤلف ان الصفات السلبية لم تذكر غالباً لأنها ذكرت على خلاف الأصل المطرد ولهذا لابد له من علة إذ كل ما خالف الأصل طلب سببه. وقد يقال انه قال: غالباً لأن هناك حالات أخرى لم يذكرها المؤلف وقد نقلنا بعضها انظر في ذلك الصفدية لشيخ الإسلام (1/116) وشرح التدمرية لفالح أل مهدي ص 34 وشرح الطحاوية بترتيب الشيخ خالد فوزي (1/448) . (4) ذكر المؤلف أسباب الصفات السلبية وهي تنقسم قسمين: الأول: النفي المجمل وسببه عموم كماله. الثاني: النفي المفصل وسيذكر له المؤلف سببين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 195 الأولى: بيان عموم كماله (1) كما في قوله تعالى: {ليس كمثله شيء] (2) [الشورى: 11] {ولم يكن له كفواً أحد} (3) [الإخلاص: 4] الثانية: نفى ما ادعاه في حقه الكاذبون كما في قوله: {أن دعوا للرحمن ولدا وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولداً} (4) [مريم: 91، 92] الثالثة: دفع توهم نقص من كماله فيما يتعلق بهذا الأمر المعين كما في قوله: {وما خلقنا السموات والأرض وما بينهما لاعبين} [الدخان: 38] وقوله: {ولقد خلقنا السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب} (5) [ق: 38]   (1) هذا هو السبب الأول للصفات السلبية المجملة للدلالة على عموم كمال الرب بسلب جميع النقائص والعيوب عنه على سبيل العموم والشمول لكل فرد من أفراد ما يضاد الكمال من النقائص وهذا هو الغالب في الصفات السلبية أما النفي المفصل فقليل وسيذكر المؤلف له سببين. (2) انظر معنى الآية والوجوه التي قيلت فيها في شرح الطحاوية ص 97. (3) انظر في ذلك شرح سورة الإخلاص لشيخ الإسلام ابن تيمية حققه الدكتور عبد العلي بن حامد، بومباي، الهند، وكتاب القول المعتمد في تفسير قل هو الله أحد لجمال الدين الأرميوني ت سنة 958هـ، حققه محمد خير رمضان. (4) فهذه الآية رد على الكافرين الملحدين الذين قالوا إن لله ولداً وكذلك قوله تعالى: {ما اتخذ الله من ولد} [المؤمنون: 91] وقوله تعالى {لم يلد ولم يولد} [الإخلاص: 3] فيهما الرد على من زعم ذلك. فائدة: ينبغي لها معنيان: أ - بمعنى المستحب وهذا هو الذي على ألسنة الفقهاء ولا يعني انه حرام. ب - ينبغي بمعنى المستحيل وهو الذي في الكتاب والسنة كالآية التي ذكرها المؤلف وكقوله صلى الله عليه وسلم (إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام) . (5) ووجه دفع التوهم أنه قد يقول الذهن الذي لا يقدر الله حق قدره، هذه السماوات العظيمة والأرضون العظيمة إذا كان خلقها في ستة أيام فسيلحقه التعب فقال {وما مسنا من لغوب} أي من تعب وإعياء، فعليه نقول: إن هذا التفصيل في النفي لئلا يتوهم واهم بأن الله سبحانه وتعالى تعب وأعيى فنفى الله عز وجل ذلك قاله المؤلف في شرح الواسطية (1/112) . قال قتادة والكلبي: نزلت هذه الآية في يهود المدينة، زعموا أن الله خلق السموات = والأرض في ستة أيام أولها يوم الأحد، وآخرها يوم الجمعة، واستراح في يوم السبت، ولذلك جعلوه يوم راحة، فأكذبهم الله في ذلك. انظر تفسير الماوردي (5/356) ، وزاد المسير لابن الجوزي (8/22) فائدة: اختلف المفسرون في قوله تعالى {ستة أيام} على أقوال: القول الأول: إنها ستة أيام كأيا منا أي مقدار ستة أيام كأيامنا المتعارفة والمتبادرة إلى الذهن وهذا قول الضحاك وكعب الأخبار وعبد الله بن سلام وذكره البغوي في تفسيره (2/164) والألوسي (8/132) وأبو حيان في تفسيره البحر المحيط (4/309) حيث قال: في مقدار ستة أيام، ليست ستة الأيام أنفسها وقع فيها الخلق وهذا كقوله {ولهم رزقهم فيها بكرة وعشياً} [مريم: 62] والمراد: مقدار البكرة والعشي في الدنيا، لأنه لا ليل في الجنة ولا نهار. وإنما ذهب الذاهب إلى هذا لأنه إنما يمتاز اليوم عن الليلة بطلوع الشمس وغروبها. قبل خلق الشمس والقمر كيف يعقل خلق الأيام؟ والذي أقول: إنه متى أمكن حمل الشيء على ظاهره، أو على قريب من ظاهره كان أولى من حمله على ما لا يشمله العقل، أو على ما يخالف الظاهر جملة وذلك بأن يجعل قوله (في ستة أيام) ظرفاً لـ (خلق السموات والأرض) فيكون (في ستة أيام) مدة لخلق الأرض بتربتها وجبالها وشجرها ومكروهها نورها ودوابها وآدم عليه السلام وهذا يطابق الحديث الثابت في الصحيح وتبقى ستة أيام على ظاهرها من العددية ومن كونها أياماً باعتبار امتياز اليوم عن الليلة بطلوع الشمس وغروبها ا. هـ. وانظر تفسير الرازي (14/82) القول الثاني: أنها ستة آلاف سنة لأن اليوم كألف سنة وبهذا قال الإمام أحمد بن حنبل ومجاهد كما في تفسير ابن كثير (2/538) ، والدر المنثور (3/169) والآلوسي (8/132) . القول الثالث: أنها ستة أوقات أي لحظات ذكره أبو السعود في تفسيره (2/255) . ملاحظة: ذكر المؤلف سببين للنفي المفصل في صفات الله وهناك سببان آخران.: 1 - تهديد الكافرين في مثل قوله تعالى: {وما الله بغافل عما تعملون} قاله المؤلف في شرح الواسطية. 2 - توسيع دائرة الإثبات بإثبات أضدادها من صفات الكمال فنفى السنة والنوم إثبات لكمال حياته وإحاطة علمه وكمال قدرته، ونفي الصاحبة والولد إثبات لصمديته وعظمته. القواعد الكلية للبريكان ص 156. وبهذا يتبين لنا أن الصفات السلبية لها خمسة أسباب واحدة منها للنفي المجمل وأربعة أسباب للنفي المفصل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 196 القاعدة الخامسة الصفات الثبوتية تنقسم إلى قسمين: ذاتية (1) وفعلية (2) : - فالذاتية: هي التي لم يزل ولا يزال متصفاً بها كالعلم والقدرة والسمع والبصر والعزة والحكمة والعلو والعظمة ومنها الصفات الخبرية كالوجه واليدين والعينين (3) والفعلية (4) : هي التي تتعلق بمشيئته إن شاء فعلها وإن شاء لم يفعلها كالاستواء على العرش والنزول إلى السماء الدنيا.   (1) الذاتية مكونة من ذات وياء النسبة وهائها. (2) الفعلية مكونة من فعل وياء النسبة وهائها والفعلي ما نسب إلى الفعل. (3) ذكر المؤلف ضابط الصفات الذاتية وتسمى أيضاً بالصفات اللازمة لأنها ملازمة للذات لا تنفك عنها. وتنقسم الصفات الذاتية إلى قسمين: أ - صفات ذاتية خبرية هي التي تثبت عن طريق الخبر ولو لم يرد النص بها لم يستطع العقل وحده معرفتها لكنه مع ذلك لا ينفيها. وضابطها أنها التي مسماها لنا أبعاض وأجزاء ويجب الحذر من القول أنها أبعاض لله أو أجزاء له وللدكتور جابر السميري كتاب بعنوان الصفات الخبرية وهي رسالة ماجستير. ب - صفات ذاتية معنوية وهي ما كان دالاً على معنى أو التي ليست مسماها لنا أبعاض وأجزاء وتسمى بالصفات العقلية لأن العقل دل عليها فلو لم يأت النص لاهتدى العقل إليها. وقيل إن العقل لا يستقل بذلك بل يدل عليه بخلاف الأول فإنها خبرية محضة ولا مجال للعقل فيها. انظر معالم التوحيد للقيسي، والصفات الإلهية للشيخ محمد بن أمان الجامي رحمه الله ص207. والأمثلة التي ذكرها المؤلف جمع فيها بين الصفات الخبرية والعقلية. (4) ... وتسمى بالصفات الطارئة والصفات الاختيارية وتسمى بالأفعال الاختيارية أيضاً يقول الشيخ ابن عثيمين في شرح بلوغ المرام ص115 من المخطوط: = - وأفعال الله هل هي قديمة أو حادثة؟ جـ: نقول في هذا تفصيل أما من حيث الجنس وأصل الصفة فهي قديمة غير حادثة لأن الله لم يزل ولا يزال فعالاً. وأما من حيث النوع أو الواحد فهي حادثة، مثال النوع الاستواء على العرش حادث لأنه كان بعد خلق العرش، النزول إلى السماء الدنيا حادث لأنه بعد خلق السماء الدنيا الآحاد نزول الله كل ليلة إلى السماء الدنيا هذا آحاد كل ليلة يكون له نزول كذلك كل أفعال الله التي لا تحصى وهو دائماً عز وجل يخلق ويرزق ويحيي ويميت كل أفعاله هذه حادثة الآحاد بالنسبة لتعلقها بالمخلوق المفعول. - هل فيه من ينكر قيام الأفعال الاختيارية بالله؟ ج: نعم فيه من يقولون إن الله لا يفعل فعلاً حادثاً لماذا؟ قالوا لأن الفعل الحادث لا يقوم إلابحادث فلو جوزنا أن يفعل الله أفعالاً حادثة لكان لازم ذلك أن يكون الله حادثاً بعد أن لم يكن ولكن هذا قياس فاسد لمخالفته النص وقياس باطل من أصله لأن هذا التلازم الذي ذكروه ليس بصحيح. أما الأول فلأننا لو أخذنا بهذا القياس لزم أن ننكر كل فعل من أفعال الله ومن العجائب أنهم لا ينكرون حدوث المفعول ثم ينكرون حدوث الفعل لا ينكرون أن زيداً وعمراً حادث بعد أن لم يكن ولكن تعلق الخلق به كان في الأزل وهذا في الحقيقة عندما تتأمله لا يصح إطلاقاً هل يمكن أن يقع فعل ولا يوجد المفعول يعني خلق زيد وعمرو ومتى كان؟ في الأزل الذي لا نهاية له وكيف يخلق من الأزل البعيد ثم لا يوجد في المخلوق إلا في هذا الزمن مثلاً هذا واضح بأنه باطل جداً فالقول بأن الفعل قديم والمفعول حادث ثم الفعل أيضاً ليس فعلاً في نفس الله بل يفسرونه بالمفعول هذا كله شيء باطل. فمذهب أهل السنة والجماعة الذي دل عليه السمع والعقل أن الله فاعل بإرادته يفعل ما يشاء ويختار وأن فعله يكون حادثاً لتعلقه بالمفعول لكن أصل الفعل وأن الله لم يزل ولا يزال فعالاً ولم يأت عليه وقت من الأوقات معطلاً عن الفعل هذا قديم أزلي ا. هـ وقد وعدنا فيما سبق أن نبين مراد الطحاوي من قوله (ولا يحدث له وصف متجدد) ولتوضيح ذلك يقول البريكان في شرحه لمنظومة الخطابي في العقيدة ص 49 ومن لوازم قدم ذات الباري جل جلاله كون صفاته ملازمة له أولاً وأبداً أسوة بذاته فإذا كانت ذاته دائمة أزلاً وأبداً موجودة أزلاً وأبداً فكذلك الشأن في صفاته سبحانه فلم تستجد له صفة بعد أن لم يكن متصفاً بها سواء كانت هذه الصفات صفات ذاته أو صفات فعله وعليه فالصفات الفعلية من هذه الجهة تكون راجعة لصفات الذات دائمة بدوامها إذ هي متعلقة بالمشيئة والإرادة وهو دائم الاتصاف بها فكذلك ما بني = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 198 وقد تكون الصفة ذاتية فعلية باعتبارين كالكلام فإنه باعتبار أصله (1)   = عليها من صفات فعله ولا يكدر على ذلك كون الصفات الفعلية حادثة الآحاد لأن متعلق الدوام هو الجنس، ومتعلق الحدوث الأفراد ومعنى الحدوث كون كل فرد منها له ابتداء وانتهاء وإن كان جنس الصفة ليس له ابتداء وانتهاء وبذا يرتفع الإشكال ويبين الفرق بين صفات الذات وصفات الفعل ا. هـ وتنقسم الصفات الفعلية إلى: 1 - صفات فعل خبرية: وهي الصفات التي ثبتت بالدليل النقلي المحض (الكتاب والسنة) والتي لا يمكن الاهتداء إليها ومعرفتها بالعقل لولا ورود النص بها ولو لم يرد بها النص لما استطاع العقل أن يعرف عنها شيئاً لكنه مع ذلك لا ينفيها كالاستواء والنزول والمجيء والعجب والفرح. 2 - صفات فعل عقلية: وهي الصفات التي يمكن للعقل إدراكها وورد النص بها ولو لم يأت النص بها لأدركها العقل كالخلق والإحياء والإماتة والرزق. ومن ناحية أخرى فإن أفعال الله تعالى تنقسم إلى قسمين: 1 - ما كان منها متعلقاً بالذات الإلهية، فهو أفعال لازمة كالتكلم والنزول والاستواء إلى السماء والاستواء على العرش ومجيء الله تعالى يوم القيامة 2 - ما كان منها متعدياً إلى غيره كالخلق والرزق والإحياء والإماتة وأنواع التدبير الأخرى. (1) عرفنا أن المؤلف قد قسم صفة الفعل إلى: جنس ... نوع ... آحاد أو أفراد وهو يشمل أنواعاً ... تكون حادثة أيضاً مثل فجنس الفعل أزلي ... نزول الله كل ليلة وآحاد الكلام والإرادة والخلق ملاحظة: ينبغي التنبيه إلى أن الشيخ عبد العزيز السلمان في الكواشف الجلية ص430 قد ذكر أن الاستواء والنزول والضحك والمجيء والفرح يقال لها قديمة النوع حادثة الآحاد فكيف نوفق بين هذا القول وبين قول الشيخ ابن عثيمين؟ ليس مراد الشيخ السلمان أن هذه الأفعال قديمة وإنما مراده أن جنس الفعل قديم وهذه حادثة فهو قد جعل النوع جنساً وتقسيم الشيخ ابن عثيمين أفضل إلا أنهما متفقان على أن هذه الأفعال حادثة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 200 صفة ذاتية لأن الله تعالى لم يزل ولا يزال متكلماً وباعتبار آحاد الكلام صفة فعلية لأن الكلام يتعلق بمشيئته يتكلم متى شاء بما شاء كما في قوله تعالى: {إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون} [يس: 82] وكل صفة تعلقت بمشيئته تعالى فإنها تابعة لحكمته وقد تكون الحكمة معلومة لنا وقد نعجز عن إدراكها لكننا نعلم علم اليقين أنه سبحانه لا يشاء شيئاً إلا وهو موافق للحكمة كما يشير إليه قوله تعالى: {وما تشاءون إلا أن يشاء الله إن الله كان عليماً حكيماً} (1) [الإنسان: 30] . ***** ** *   (1) ... في كلام المؤلف رد على نفاة الحكمة لله كالأشاعرة والفلاسفة. وقول المؤلف (كل صفة تعلقت بمشيئته) فيه رد على المعتزلة الذين أثبتوا الحكمة لكنهم قالوا ليست صفة لله وإنما هي مخلوقة والمقصود إحسانه إلى الخلق. ولشيخ الإسلام بحث استوعب هذه المسألة في جامع الرسائل والمسائل بعنوان (أقوم ما قيل في القضاء والقدر والحكمة والتعليل) (2/283) وللدكتور محمد المدخلي رسالة ماجستير في الحكمة والتعليل في أفعال الله فانظر ص51 وص62 من الكتاب. وللدكتور محمد مصطفى شلبي رسالة بعنوان: تعليل الأحكام. تكلم عن هذه المسألة ص97 0 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 201 القاعدة السادسة يلزم (1) في إثبات الصفات التخلي عن محذورين عظيمين (2) أحدهما: التمثيل (3) والثاني: التكييف فأما التمثيل: فهو اعتقاد المثبت أن ما أثبته من صفات الله تعالى مماثل لصفات المخلوقين (4) وهذا اعتقاد باطل بدليل السمع والعقل. أما السمع: فمنه قوله تعالى: {ليس كمثله شيء} (5) [الشورى: 11]   (1) أي يجب ذلك قطعاً وقد سبق حكم ذلك في القاعدة السابعة. (2) ... وهنا يرد سؤال وهو: لماذا لم يقل المؤلف أنه يجب التخلي عن التعطيل والتحريف أيضاً؟ الجواب: إن المؤلف قد ذكر أن المثبت للصفة يجب عليه التخلي عن محذورين أما المعطل والمحرف فقد نفى الصفة ولم يثبتها. (3) سيأتي في كلام المؤلف وجه تعبيره بالتمثيل. (4) انظر بطلان ذلك في كتاب إتمام المنة بشرح اعتقاد أهل السنة د. إبراهيم البريكان ص42 تنبيه: أ - كلام المؤلف في أن مثبت الصفات يلزم منه أن يتخلى عن التمثيل ليس على إطلاقه بل هو مقيد بما سيأتي في القاعدة السابعة وفي القاعدة الأولى من قواعد الأدلة أن العبرة في ذلك الإثبات هو الكتاب والسنة لأننا لو أخذنا ذلك على الإطلاق احتج علينا المثبت لجميع الصفات ولو لم ترد في الشرع ولو كانت صفات نقص بنفي المشابهة والتكييف وهذا باطل لأنه سيصف الله بالأعضاء والبكاء والحزن والجوع والعطش وغير ذلك من النقائص ويزعم أنه بلا تشبيه وهذا ما ذكره شيخ الإسلام في التدمرية مع شرح فالح أل مهدي ص290. ب - نفي المماثلة لا يعني نفي أصل الاشتراك فالإنسان جسم والحجر جسم إلا أنهما يختلفان والإنسان موجود والله موجود إلا ان وجود كل منهما يخصه. (5) أي ليس يشبهه تعالى ولا يماثله شيء من مخلوقاته لا في ذاته ولا في أسمائه ولا في صفاته ولا في أفعاله، ذكره السعدي في تفسيره (4/412) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 202 وقوله: {أفمن يخلق كمن لا يخلق أفلا تذكرون} (1) [النحل: 17] وقوله: {هل تعلم له سمياً} (2) [مريم: 65] وقوله: {ولم يكن له كفواً أحد} [الإخلاص: 4] (3) - وأما العقل: فمن وجوه: الأول: أنه قد علم بالضرورة أن بين الخالق والمخلوق تبايناً (4) في الذات وهذا يستلزم أن يكون بينهما تباين في الصفات لأن صفة كل موصوف تليق به كما هو ظاهر في صفات المخلوقات المتباينة في الذوات فقوة البعير (5) مثلاً غير قوة. الذرة (6) فإذا ظهر التباين بين المخلوقات مع   (1) في الآية استفهام إنكاري على الذين يجعلون الله مشابهاً لخلقه وسيأتي في الملحق مزيد من التفصيل في شرح الآية لأهميتها. (2) أي هل تعلم لله مشابهاً ومماثلاً من المخلوقين وهذا استفهام بمعنى النفي المعلوم بالعقل، ذكره السعدي في تفسيره (3/213) . (3) يراجع في فهم الآية إلى شراح هذه السورة وقد ذكرناهم سابقاً. (4) اختلافاً. (5) سمى بعيراً لأنه يبعر وهو اسم يقع على الذكر والأنثى وهو من الإبل بمنزلة الإنسان من الناس ذكره الدميري في حياة الحيوان الكبرى (1/167) . (6) الذرة بالضم ضرب من الحب مأخوذ من ذرا على ما في معاجم اللغة إلا ابن دريد في ... جمهرته (2/696) فقد ذكره في (ذرة) انظر اللسان (5/41) وتهذيب الأزهري (15/8) أما الذرة بالفتح فجمعها الذر وهي النمل الأحمر الصغير كما في حياة الحيوان للدميري (1/455) وأتى بفوائد كثيرة. وقال ابن عباد في المحيط في اللغة (10/55) الذر: صغار النمل والواحدة ذرة ا. هـ وذكر السمين في عمدة الحفاظ (2/38) أن الذر فيها قولان أحدهما النملة الصغيرة كما ذكرنا واستشهد بما قاله امرؤ القيس: من القاصرات الطرف لو دب محول ****من الذر فوق الإتب منها لأثرا والقول الثاني: إنها الهباء وهو مارئي في شعاع الشمس من كوة ونحوها ا. هـ وللجاحظ كلام جميل في الحيوان (2/7) عن حياة الذرة. - وأختم الكلام بما رواه الإمام أحمد في مسنده (2/363) عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يقتص الخلق بعضهم من بعض حتى الجماء من القرناء وحتى الذرة من الذرة. قال الهيثمي في مجمع الزوائد (10/355) رجاله، جال الصحيح ا. هـ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 203 اشتراكها في الإمكان والحدوث (1) فظهور التباين بينهما وبين الخالق أجلى وأقوى (2) . الثاني: أن يقال كيف يكون الرب الخالق الكامل من جميع الوجوه مشابهاً في صفاته للمخلوق في المربوب الناقص المفتقر إلى من يكمله وهل اعتقاد ذلك إلا تنقص لحق الخالق؟ فإن تشبيه الكامل بالناقص يجعله ناقصاً (3) . الثالث: أننا نشاهد في المخلوقات ما يتفق في الأسماء ويختلف في الحقيقة والكيفية فنشاهد أن للإنسان يداً ليست كيد الفيل (4) وله قوة ليست كقوة الجمل (5) مع الاتفاق في الاسم فهذه يد وهذه يد وهذه قوة وهذه قوة وبينهما تباين في الكيفية والوصف فعلم بذلك أن الاتفاق في الاسم لا يلزم منه الاتفاق في الحقيقة، والتشبيه كالتمثيل وقد يفرق بينهما بأن التمثيل التسوية في كل   (1) الإمكان والحدوث مترادفان وهو ما يتصور العقل عدمه وقد سبق. (2) وجه ذلك أن الخالق واجب الوجود والمخلوق ممكن فظهور التباين بينهما أولى من التباين بين الممكنات. (3) ... بل المقارنة بين الكامل والناقص يحط من قدره ويجعله ناقصاً إذا لم يكن على سبيل الإلزام: ألم تر أن السيف ينقص قدره ... إذا قيل أن السيف أمضى من العصا أما إذا كان على سبيل الإلزام فإنه لا يدل على النقص كما قال تعالى {آلله خير أما يشركون} (4) الفيل معروف، وجمعه أفيال وفيول وفيله ولا تقل: أفيلة ذكره الدميري في حياة الحيوان الكبرى (2/159) . وانظر الحيوان للجاحظ (2/562) . (5) الجمل هو الذكر من الإبل وجمعه جمال وأجمال وجمائل وجمالات قال تعالى {كأنه جمالات صفر، قال أكثر المفسرين: هي جمع جمال كرجال ا. هـ من حياة الحيوان للدميري (1/250) وكان الأولى أن يعبر المؤلف بالبعير لأنه يشمل الذكر والأنثى بخلاف الجمل فإنه للذكر وذلك مقابلة مع الفيل الذي ذكره فإنه يشمل الذكر والأنثى إلا إذا كان المؤلف يرى أن الفيل خاص بالذكر والزنربيل للأنثى كما هو قول بعض أهل اللغة فإن ما ذكره مناسب لأنه حينئذ يكون الفيل والجمل للذكر. انظر ربيع الأبرار ونصوص الأخبار للزمخشري (4/432) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 204 الصفات والتشبيه التسوية في أكثر الصفات (1) لكن التعبير بنفي التمثيل أولى لموافقة القرآن {ليس كمثله شيء} (2) [الشورى: 11]   (1) التمثيل هو إثبات مثيل للشيء أي نقول هذا مثل هذا والتشبيه هو إثبات مشابه للشيء أي هذا مشابه لهذا. وهل بينهما فرق؟ قيل إنه ليس بينهما فرق ولهذا نجد العلماء يعبرون بذلك على أنهما شيء واحد وقيل بل إن هناك فرقاً: فالتمثيل يقتضي المماثلة وهي المساواة من كل وجه التشبيه يقتضي المشابهة وهي المساواة في أكثر الصفات. والتشبيه الذي ضل فيه الناس على نوعين: أولاً: تشبيه المخلوق بالخالق وهو إثبات شيء للمخلوق مما يختص به الخالق من: الأفعال كفعل من أشرك في الربوبية ممن زعم أن مع الله خالقا مثاله: غلاة الباطنية الذين يزعمون أن أوليائهم يديرون الكون. مثال آخر: الثنوية من المجوس الذين يقولون إن للحوادث خالقين فالنور لخلق الخير والظلمة لخلق الشر ً والحقوق كفعل المشركين بأصنامهم حيث زعموا أن لها إلهاً حقاً في الألوهية فعبدوها مع الله. والصفات كفعل الغلاة في مدح النبي صلى الله عليه وسلم أو غيره كمدح المتنبي: فكن كما شئت يا من لا شبيه له وقول البوصري: يا أكرم الخلق مالي من ألوذ به سواك عند حدوث الحادث العمم فإن من جودك الدنيا وضرتها ومن علومك علم اللوح والقلم ثانياً: تشبيه الخالق بالمخلوق: أي أن يثبت لله في ذاته وصفاته من الخصائص مثل ما يثبت للمخلوق مثل أن يقول: إن يدي الله مثل أيدي المخلوقين، واستواءه مثل استواء المخلوق وهكذا. وقد قيل أن أول من عرف بهذا النوع هو هشام ابن الحكم الرافضي أما تشبيه ذات الله بذات المخلوق فلا يعلم أن أحداً قاله. (2) ... *سئل الشيخ بن عثيمين: أيهما أولى: التعبير بالممثلة أم التعبير بالمشبهة؟ فأجاب قائلاً: التعبير بالممثلة خير من التعبير بالمشبهة لوجوه ثلاثة: الوجه الأول: أن نفي التمثيل هو الذي ورد في القرآن الكريم، ولم يرد في القرآن نفي التشبيه، واللفظ الذي هو التعبير القرآني خير من اللفظ الذي هو التعبير الإنساني قال الله تعالى: {ليس كمثله شيء} . الوجه الثاني: أن التشبيه لا يصح نفيه على الإطلاق لأنه ما من شيئين إلا وبينهما قدر = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 205 - وأما التكييف (1) فهو أن يعتقد المثبت أن كيفية صفات الله تعالى كذا وكذا من غير أن يقيدها بمماثل (2) وهذا اعتقاد باطل بدليل السمع والعقل:   (1) التكييف: مشتق من الكيف. والكيف هو الهيئة والماهية والشكل. فيكون التكييف هو حكاية كيفية الصفات وشكلها أو هيئتها، كطولها وعرضها وحجمها ونحو ذلك. انظر شرح منظومة أبي الخطاب للبريكان ص72، وكليات أبي البقاء الكفوي ص752. ملاحظة: المنفي في الصفات هو التكييف لا الكيفية لأن كل صفة لها كيفية وقد نص عليها الأشعري في رسالة الثغر ص 72 إلا أن الواجب تفويضها. قال ابن قدامة في الروضة (1/72) : والكيفية ما يصلح جواباً للسؤال بكيف ا. هـ وذهب علوي السقاف في مقدمة كتاب ابن الجوزي المسمى بدفع شبه التشبيه بأكف التنزيه ص71 إلى أن الكيف منفي عن الرب عز وجل أيضاً واستدل بقول الإمام مالك الذي سيأتي وهذا مردود لأن كلام الأئمة في نفي التكييف لا الكيفية. (2) هذا هو الفرق بين التمثيل والتكييف. فالتكييف هو أن يحكى كيفية الشيء سواء كانت: مطلقة مثل: اشتريت سيارة صفتها كذا وكذا ولكنه لا يذكر مثيلاً لها مقيدة بشبيه أن يقول: اشتريت سيارة مثل هذه السيارة. أما التمثيل فيكون مقيداً بالمماثل: انظر تلخيص الحموية للمؤلف ص55 فيكون التكييف أعم لأن كل ممثل مكيف وليس كل مكيف ممثلاً الجزء: 1 ¦ الصفحة: 206 مشترك اتفقا فيه وإن اختلفا في الحقيقة، فلله وجود، وللإنسان وجود ولله حياة وللإنسان حياة وهذا الاشتراك في أصل المعنى - الحياة - نوع من التشابه، لكن الحقيقة أن صفات الخالق ليست كصفات المخلوق فحياة الخالق ليست كحياة المخلوق. فحياة المخلوق ناقصة مسبوقة بعدم وملحوقة بفناء، وهي أيضاً ناقصة في حد ذاتها، يوم يكون طيباً، ويوم يكون مريضاً، ويوم يكون متكدراً، ويوم يكون مسروراً وهي أيضاً حياة ناقصة في جميع الصفات، البصر ناقص، السمع ناقص، العلم ناقص، القوة ناقصة، بخلاف حياة الخالق جل وعلا، فإنها كاملة من كل وجه الوجه الثالث: أن بعض أهل التعطيل يسمون المثبتين للصفات مشبهة فإذا قلت: من غير تشبيه فهم هؤلاء أن المراد من غير إثبات صفة، ولذلك نقول: إن التعبير بقولنا من غير تمثيل أولى من التعبير بالتشبيه. - أما السمع: فمنه قوله تعالى: {ولا يحيطون به علماً} (1) [طه: 110] وقوله: {ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً} (2) [الإسراء: 36] ومن المعلوم أنه لا علم لنا بكيفية صفات ربنا لأنه تعالى أخبرنا عنها ولم يخبرنا عن كيفيتها فيكون تكييفنا قفواً لما ليس لنا به علم وقولاً بما لا يمكننا الإحاطة به. - وأما العقل: فلأن الشيء لا تعرف كيفية صفاته إلا بعد العلم بكيفية ذاته أو العلم بنظيره المساوي له أو بالخبر الصادق عنه وكل هذه الطرق (3) منتفية في كيفية صفات الله عز وجل فوجب بطلان تكييفها. وأيضاً فإننا نقول: أي كيفية تقدرها لصفات الله تعالى؟ إن أي كيفية تقدرها في ذهنك (4) فالله أعظم وأجل من ذلك. وأي كيفية تقدرها لصفات الله تعالى فإنك ستكون كاذباً فيها لأنه لا علم لك بذلك وحينئذ يجب الكف عن التكييف تقديراً بالجنان (5) أو تقريراً باللسان أو تحريراً بالبنان (6) .   (1) أي لا يطلعون على شيء من علم ذاته وصفاته إلا بما أطلعهم عليه كما في آية البقرة. عمدة التفسير عن الحافظ بن كثير، اختصار أحمد شاكر (2/162) (2) سبق بيان معنى الآية في القاعدة الخامسة من قواعد الأسماء (3) أي الطرق لمعرفة كيفية الشيء ثلاثة هي: أ- معرفة ذاته ... ب- معرفة نظيره المساوي ... ج - الخبر الصادق عنه (4) ليس هذا من باب الجواز الشرعي وإنما من باب التنزل مع الخصم وهذه طريقة سلكها القرآن وجرى عليها العلماء والشعراء ومن ذلك قوله تعالى {قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين} (5) أكد المؤلف أنه يجب الكف عن التكييف تقديراً بالقلب فلا تتوهم ولا تقدر في نفسك. (6) أي بالكتابة 2 - أخرج هذا الأثر: - ... اللالكائي في " شرح أصول اعتقاد أهل السنة " (2/398) - والبيهقي في " الأسماء والصفات " (2/150-151) من طريقين مع اختلاف يسير بينهما في الألفاظ وفي كتاب الاعتقاد (ص56) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 207 ولهذا لما سئل مالك رحمه الله تعالى عن قوله تعالى: {الرحمن على العرش استوى} [طه: 5] كيف استوى؟ أطرق رحمه الله برأسه حتى علاه الرحضاء (العرق) ثم قال: " الاستواء غير مجهول والكيف غير معقول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة (1) " وروى عن شيخه ربيعة أيضاً: " الاستواء غير مجهول والكيف غير معقول " وقد مشى أهل العلم بعدهما على هذا الميزان (2) .   (1) ذكر شيخ الإسلام أن إسناد كلهم أئمة ثقات. - وأخرج هذا الأثر اللالكائي في " شرح أصول اعتقاد أهل السنة " (2/398) . - والبيهقي في " الأسماء والصفات " (2/151) . - والعجلي في " تاريخ الثقات " ص158، رقم 431. - ورواه الذهبي في " العلو " ص98 بإسناده إلى سفيان الثوري. - وابن قدامة في " العلو " ص164. - وقد صحح شيخ الإسلام هذا الأثر، وقال في الفتاوى (5/365) : " وهذا الجواب ثابت عن ربيعة شيخ مالك " أ. هـ، وانظر: در تعارض العقل والنقل (6/264) ، وكذا حكم عليه الألباني بالصحة، انظر: مختصر العلو ص132) والفتوى الحموية بتحقيق التويجري ص307. (2) ويستعمل ذلك في جميع الصفات الذاتية والفعلية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 208 - والدرامي في " الرد على الجهمية " ص33 - وأبو إسماعيل الصابوني في " عقيدة السلف " ص17-19، من ثلاثة طرق - وابن عبد البر في " التمهيد " (7/151) - وأبو نعيم في " الحلية " (6/352-326) - والذهبي في " السير " (8/89-90-95) - وذكره في " العلو" ص103-104، المختصر ص141، وحكم عليه بالصحة، وقال: إن هذا ثابت عن الإمام مالك - وكذا ذكره ابن قدامة في " لمعة الاعتقاد " ص4، وفي " العلو " ص172-173 - والسيوطي في " الدر المنثور " (3/473) - والبغوي في " شرح السنة " (1/171) - وجود إسناده الإمام ابن حجر في " الفتح " (13/407) فقال: وأخرج البيهقي بسند جيد عن عبد الله بن وهب ... فذكره - انظر الفتوى الحموية بتحقيق التويجري ص308. - وإذا كان الكيف غير معقول ولم يرد به الشرع فقد انتفى عنه الدليلان العقلي والشرعي فوجب الكف عنه فالحذر الحذر من التكييف أو محاولته فإنك إن فعلت وقعت في مفاوز (1) لا تستطيع الخلاص منها وإن ألقاه الشيطان في قلبك فاعلم أنه من نزغاته فالجأ إلى ربك فإنه معاذك وافعل ما أمرك به فإنه طبيبك (2) قال الله تعالى: {وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم} (3) [فصلت: 36] . ملحق القاعدة السادسة ذكرنا في الحاشية أننا سنفصل القول في الآية التي استشهد بها المؤلف وهي قوله تعالى {أفمن يخلق كمن لا يخلق أفلا تذكرون} [النحل: 17] ففي الآية تشبيه مقلوب إذ مقتضى الظاهر عكسه لأن الخطاب لعباد الأوثان حيث سموها آلهة تشبيهاً به تعالى فجعلوا غير الخالق كالخالق فجاءت المخالفة في الخطاب كأنهم لمبالغتهم في عبادتها ولإسفافهم - بالتالي - وارتكاس عقولهم صارت عندهم الأصل وصار الخالق الحقيقي هو الفرع فجاء الإنكار على وفق ذلك. وللتشبيه المقلوب أسرار كثيرة منها هذا السر الذي ألمعنا إليه ومنها أن ينسى الإنسان أن المشبه به هو المقدم لشدة ولعه بالمشبه فيعكس التشبيه   (1) المفاوز جمع مفازة وسميت بذلك لأنها مهلكة من فوز أي هلك، وقال ثعلب سميت المفازة من فوز الرجل إذا مات أي صار في مفازة بين الدنيا والآخرة. انظر لسان العرب لابن منظور (10/347) وتهذيب اللغة للأزهري (13/264) ، والعين للخليل بن أحمد (7/389) . (2) يوصف الله بالطبيب كما في حديث أبي رمثة الذي رواه أبو داود وابن حبان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " الله الطبيب " صححه الألباني في السلسة برقم (1537) ، بل ذكر البيهقي وابن العربي والقرطبي أنه اسم من أسماء الله. (3) والشاهد أن العبد يسأل الله مفتقراً إليه أن يعيذه ويعصمه ذكره السعدي في تفسيره (4/399) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 209 كما فعل البحتري في وصف البركة التي بناها المتوكل على الله إذ قال: كأنها حين لجت في تدفقها ... يد الخليفة لما سال واديها والمعهود أن تشبه يد الخليفة في تدفقها بالكرم بالبركة إذا تدفقت بالماء. هذا وقد جرى الشعراء على مذهب القلب كثيراً فمنهم من أصاب كما أصاب أبو عبادة البحتري ومنهم من أخطأ وتعسف. وفي قوله تعالى أيضاً " أفمن يخلق كمن لا يخلق " تغليب إذ المراد بمن لا يخلق الأصنام وجاء بمن الذي هو للعقلاء ذوي العلم وذلك لأنهم لما عبدوها وسموها آلهة أجروها مجرى أولي العلم فجيء بمن على اعتقادهم ووفق ما هو مركوز في سلائفهم، وأيضاً للمشاكلة بينهما وبين الخالق الحقيقي وهو المعبر عنه بقوله "أفمن يخلق كمن لا يخلق" قال العز بن عبد السلام هذه الآية مشكلة لأن قاعدة التشبيه تقتضي أن يقال أفمن لا يخلق كمن يخلق ولا يقال أنهم كانوا يعظمون الأصنام أكثر من الله لأنهم لم يقولوا ذلك وإنما قالوا: نعبدهم ليقربونا إلى الله زلفى بخلاف قوله تعالى: أفنجعل المسلمين كالمجرمين وقوله: أم نجعل المتقين كالفجار فإنهم لما كانوا يقولون نحن نسود في الآخرة كما سدنا في الدنيا جاء الجواب على وفق معتقدهم إنهم أعلى والمؤمنون أدنى. وأجاب شيخ الإسلام زكريا في فتح الرحمن: " بأن الخطاب لعباد الأوثان وهم بالغوا في عبادتها حتى صارت عندهم أصلاً في العبادة والخالق فرعاً فجاء الإنكار على وفق ذلك ليفهموا المراد على معتقدهم ا. هـ من كتاب إعراب القرآن الكريم وبيانه لمحي الدين الدرويش (5/280) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 210 القاعدة السابعة صفات الله تعالى توقيفية لا مجال للعقل فيها فلا نثبت لله تعالى من الصفات إلا ما دل الكتاب والسنة على ثبوته قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى (1) : " لا يوصف الله إلا بما وصف به نفسه أو وصفه به رسوله لا يتجاوز القرآن والحديث (انظر القاعدة الخامسة في الأسماء) . طرق إثبات الصفة ولدلالة الكتاب والسنة على ثبوت الصفة ثلاثة أوجه: الأول: التصريح بالصفة (2) كالعزة (3) والقوة (4) والرحمة (5) والبطش (6) والوجه (7) واليدين (8) ونحوهما. الثاني: تضمن الاسم لها مثل: الغفور متضمن للمغفرة والسميع متضمن للسمع ونحو ذلك (انظر القاعدة الثالثة في الأسماء) .   (1) نقلها شيخ الإسلام في الفتوى الحموية ص271. (2) الصفة هي المعنى القائم بالله وقد سبق بيان ذلك في ملحق القاعدة الثانية. (3) كقوله تعالى {إن العزة لله} [يونس: 65] . (4) كقوله تعالى {إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين} [الذاريات: 58] . (5) كقوله تعالى {أولئك يرجون رحمة الله} [البقرة: 218] . (6) كقوله تعالى {إن بطش ربك لشديد} [البروج: 12] . (7) كقوله تعالى {وما تنفقون إلا ابتغاء وجه الله} [البقرة: 272] . (8) كقوله تعالى {ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي} [ص: 75] . والتصريح بالصفة سواء في الكتاب أو في السنة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 211 الثالث: التصريح بفعل أو وصف (1) دال عليها كالاستواء على العرش والنزول إلى السماء الدنيا والمجيء للفصل بين العباد يوم القيامة (2) والانتقام من المجرمين (3) الدال عليها - على الترتيب - (4) قوله تعالى: {الرحمن على العرش استوى} [طه: 5] وقول النبي صلى الله عليه وسلم: " ينزل ربنا إلى السماء الدنيا " الحديث (5) وقول الله تعالى: {وجاء ربك والملك صفاً صفا} [الفجر: 22] وقوله: {إنا من المجرمين منتقمون} (6) [السجدة: 22] .   (1) ... قيل إن الصفة والوصف مترادفان وقيل بينهما تغاير والظاهر أن مراد المؤلف من الوصف هنا هو اسم الفاعل كما في المثال الذي أتى به. انظر كتاب الوصف المشتق في القرآن د. عبد الله الدايل ص43 (2) ... هذه كلها أفعال للرب فالاستواء، والنزول والمجيء صفات فعلية. (3) ... عرفنا أن هناك فرقاً بين الصفة والوصف وأن دلالة الصفة تكون بالتصريح بها وكذلك تثبت الصفة بالتصريح بالوصف كالانتقام فهو صفة فعلية (4) ... يسمى في البلاغة باللف والنشر المرتب وسماه بعض البديعيين بالطي والنشر وهو ذكر متعدد على الإجمال ثم ذكر ما لكل واحد من غير تعيين ثقة بأن السامع يرده إليه لعلمه بذلك بالقرائن. انظر التبيان في البيان للطيبي ص504 وعلم البديع د. عبد العزيز عتيق ص167 ومعجم البلاغة للدكتور أحمد مطلوب ص525. (5) سبق تخريج الحديث. (6) ... وورد من ذلك قوله تعالى {وإنا لجاعلون ما عليها صعيداً جرزاً} [الكهف: 8] ، وقد ذكر ابن الوزير في إيثار الحق على الخلق ص 160 انه من الأسماء. وورد قوله تعالى {وأنا لموسعون} [الذاريات: 47] . وممن ذكر ذلك من الأسماء ابن منده وابن العربي وابن الوزير. ملاحظة: ان جعلنا المنعم والموسع والجاعل أسماء فإثبات الصفة يرجع إلى الوجه الثاني وهو التضمن لكن لما كان المؤلف يرى أن المنتقم ليس اسما فإنه ذكر أن لله صفة الانتقام من الوجه الثالث والله أعلم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 212 الفصل الثالث الجزء: 1 ¦ الصفحة: 213 الفصل الثالث قواعد في أدلة الأسماء والصفات القاعدة الأولى الأدلة التي تثبت بها أسماء الله تعالى وصفاته هي كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم: (1) . فلا تثبت أسماء الله بغيرهما (2) . وعلى هذا فما ورد إثباته لله تعالى من ذلك في الكتاب والسنة وجب إثباته (3) وما ورد نفيه فيهما وجب نفيه مع إثبات كمال ضده. وما لم يرد إثباته ولا نفيه فيهما وجب التوقف في لفظه (4) فلا يثبت ولا ينفى لعدم ورود الإثبات والنفي فيه. وأما معناه فيفصل فيه فإن أريد به حق يليق بالله تعالى فهو مقبول وإن أريد به معنى لا يليق بالله عز وجل وجب رده. فمما ورد إثباته لله تعالى: كل صفة دل عليها اسم من أسماء الله تعالى دلالة مطابقة أو تضمن أو التزام (5) . ومنه: كل صفة دل عليها فعل من أفعاله كالاستواء على العرش والنزول إلى السماء الدنيا والمجيء للفصل بين عباده يوم القيامة ونحو ذلك   (1) سبق وأن ذكر المؤلف أن أسماء الله وصفاته توقيفية وذكرنا الأدلة على ذلك. (2) كالقياس والاستحسان العقلي كما سبق، فلا يقاس السخي على الجواد مثلاً وهكذا (3) وإذا لم يثبته يكون آثماً وقد سبق إن إنكار الأسماء من الإلحاد. (4) وسيأتي أمثلة ذلك في كلام المؤلف. (5) قد سبق بيان ذلك مفصلاً 0 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 215 من أفعاله التي لا تحصى أنواعها فضلا عن أفرادها (1) {ويفعل الله ما يشاء} [إبراهيم: 27] . - ومنه: الوجه والعينان واليدان ونحوها. - ومنه: الكلام والمشيئة والإرادة بقسميها الكوني والشرعي، فالكونية بمعنى المشيئة والشرعية بمعنى المحبة (2) . - ومنه: الرضا والمحبة والغضب والكراهة ونحوها (3) . - ومما ورد نفيه عن الله سبحانه لانتفائه وثبوت كمال ضده: الموت والنوم والسنة والعجز والإعياء والظلم والغفلة عن أعمال العباد وأن يكون له مثيل أو كفؤ ونحو ذلك (4) . - ومما لم يرد إثباته ولا نفيه لفظ (الجهة) (5) فلو سأل سائل هل نثبت لله تعالى جهة؟ قلنا له: لفظ الجهة لم يرد في الكتاب والسنة إثباتاً ولا نفياً ويغني عنه ما ثبت فيهما من أن الله تعالى في السماء. وأما معناه فإما أن يراد به جهة سفل (6) أو جهة علو تحيط بالله أو جهة علو لا تحيط به   (1) عرفنا فيما سبق المراد من نوع الفعل ومن أفراد الفعل أو آحاده. (2) انظر هذه المسألة في شرح الواسطية لكل من: - الشيخ عبد العزيز الرشيد ص66. - الشيخ ابن عثيمين (1/169) ، وفي الفتاوى أيضاً ص42. - الشيخ صالح الفوزان ص39. - الشيخ زيد بن فياض ص79. - الشيخ عبد الله بن جبرين (1/132) . (3) ... أدلة هذه مذكورة في مواضعها في كتب العقائد قاله المؤلف ا. هـ. (4) ... أدلة هذه مذكورة في مواضعها من كتب العقائد قاله المؤلف وانظر التدمرية ص57. (5) ... سيأتي تفصيله في الملحق. (6) ... السفل له معنيان: أن يكون شيء أسفل من شيء والمراد هنا أن يكون الخالق أسفل من المخلوق بأن = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 216 فالأول: باطل لمنافاته لعلو الله تعالى الثابت بالكتاب والسنة والعقل والفطرة والإجماع (1) .   = أ - تكون السماء أو أي شيء فوقه وهذا مستحيل. ب - السفل يطلق ويراد به مركز الأرض لأن الجسم الكروي ليس له إلا جهتان: علو وهو السطح، وسفل وهو المركز كما بين ذلك شيخ الإسلام في الرسالة العرشية وفي نقض التأسيس رداً على ما توهمه الرازي من أن إثبات العلو لله يلزم أن يكون الرب أسفل في نصف الكرة الثانية من الأرض فبين شيخ الإسلام إن هذا لا يقال لأن الله محيط بالعالم. انظر الفتاوى (6/545) . (1) قد ذكرنا في مقدمة الكتاب المؤلفات التي ألفت في العلو وهي كثيرة. وسئل الشيخ ابن عثيمين في الفتاوى ص65: هل السماء الثانية فما فوقها تكون فوقه إذا نزل إلى السماء الدنيا؟ الجواب: لا، ونجزم بهذا لأننا لو قلنا بإمكان ذلك لبطلت صفة العلو، وصفة العلو لازمة لله وهي صفة ذاتية لا تنتفي عن الله ولا يمكن ان يكون شيء فوقه حينئذ يبقى الإنسان منبهتا كيف ينزل إلى السماء الدنيا ولا تقله ولا تكون السموات الأخرى فوقه هل يمكن هذا؟!. الجواب: إذا كنت منبهتاً من هذا فإنما تنبهت إذا قست صفات الخالق بصفات المخلوق صحيح أن المخلوق إذا نزل إلى المصباح صار السطح فوقه وصار سطح المصباح يقله، لكن الخالق لا يمكن أن يقاس بخلقه، فلا تقل: كيف؟ ولم؟ فإذاً هذان السؤالان: هل السماء تقله؟ الجواب: لا لأنك إن فرضت هذا لزم أن يكون الله محتاجاً إلى السماء والله تعالى غني عن كل شيء، وكل شيء محتاج إليه. والسؤال الثاني: - هل تكون السموات فوقه ما عدا السماء الدنيا؟ الجواب: -لا لأنك لو فرضت ذلك لزم انتفاء صفة العلو لله مع أن العلو من صفات الله الذاتية التي لا ينفك عنها. فالسؤال هذا من أصله بدعة، كما قال مالك للذي سأله عن الاستواء كيف استوى؟ قال " السؤال عنه بدعة " يعني لأنه ما سأل الصحابة عنه، فأنت الآن ابتدعت في دين الله حيث سألت عن أمر ديني ما سأل عنه الصحابة وهم أفضل منك، وأحرص منك على العلم بصفات الله، لكن مع ذلك لو قال: أنا يساورني القلق أخشى أن أعتقد بصفات الله ما لا يجوز، فبينوا لي وأنقذوني، فحينئذ نبين له، لأن الإنسان قد يبتلى بمثل هذه الأمور ويأتيه الشيطان ويوسوس له، ويقول كيف؟ وكيف؟ حتى يؤدي به إلى أحد محذورين: إما التمثيل، وإما التعطيل، فإذا جاءنا يسأل ويقول: أنقذوني ما زال هذا يتردد في خاطري، ما يكفيني أن تقولوا: بدعة. كيف أذهب ما في خاطري وقلبي نقول نبين لك ا. هـ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 217 والثاني: باطل أيضاً لأن الله تعالى أعظم من أن يحيط به شيء من مخلوقاته والثالث: حق لأن الله تعالى العليّ فوق خلقه ولا يحيط به شيء من مخلوقاته. ودليل هذه القاعدة السمع والعقل: *فأما السمع: فمنه قوله تعالى: {وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه (1) واتقوا لعلكم ترحمون} [الأنعام:155] . وقوله: [فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون} (2) [الأعراف:158] . وقوله: {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} (3) [الحشر: 7] . وقوله: {من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظاً} (4) [النساء: 80] . وقوله: {فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلاً} (5) [النساء: 59] وقوله: {وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم} (6) [المائدة: 49] إلى غير ذلك من النصوص الدالة على وجوب الإيمان بما جاء في القرآن والسنة (7) .   (1) الشاهد من الآية قوله {فاتبعوه} أي فيما يأمر به وينهى. (2) الشاهد من الآية قوله {واتبعوه لعلكم تهتدون} . (3) الشاهد من الآية قوله {فخذوه} وقوله {فانتهوا} . (4) الشاهد من الآية قوله (من يطع الرسول) أي بتصديق خبره واثبات ما أثبته لله وقوله {فمن تولى} أي عن طاعة الله والرسول صلى الله عليه وسلم فانه لا يضر إلا نفسه. (5) الشاهد من الآية قوله {فردوه إلى الله والرسول} فأمر برد كل ما تنازع الناس فيه من أصول الدين وفروعه إلى الله والرسول أي إلى كتاب الله وسنة رسوله. (6) الشاهد من الآية هو أنه إذا حكم فانه يحكم بالكتاب والسنة. (7) انظر هذه النصوص في كتاب حجية السنة للدكتور عبد الغني عبد الخالق ص291 وما بعده 0 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 218 وكل نص يدل على وجوب الإيمان بما جاء في القرآن فهو دال على وجوب الإيمان بما جاء في السنة لأن مما جاء في القرآن الأمر بإتباع النبي صلى الله عليه وسلم والرد إليه عند التنازع والرد إليه يكون إليه نفسه في حياته وإلى سنته بعد وفاته. فأين الإيمان بالقرآن لمن استكبر عن إتباع الرسول صلى الله عليه وسلم المأمور به في القرآن؟ (1) . وأين الإيمان بالقرآن لمن لم يرد النزاع إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقد أمر الله به في القرآن؟ (2) . وأين الإيمان بالرسول الذي أمر به القرآن لمن لم يقبل ما جاء في سنته؟ (3) . ولقد قال الله تعالى: {ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء} (4) [النحل: 89] .   (1) هذا استفهام إنكاري من المؤلف للذين لا يتبعون سنة النبي صلى الله عليه وسلم وإنهم بذلك لم يؤمنوا بالقرآن أيضاً لأن القرآن أمر بإتباعه. (2) وهذا استفهام إنكاري من المؤلف وان من لم يرد التنازع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فانه لم يؤمن بالقرآن. (3) أي إن القرآن أمر بالإيمان بالرسول أي إتباعه كما سبق (4) قوله {لكل شيء} (يحتاج إليه الناس من أمر الشريعة) إما بتبيينه في نفس الكتاب أو بإحالته على السنة لقوله تعالى {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} [الحشر: 7] أو بإحالته على الإجماع كما قال تعالى: {ويتبع غير سبيل المؤمنين} [النساء: 155] أو على القياس كما قال تعالى: {فاعتبروا يا أولي الأبصار} [الحشر:2] والاعتبار النظر والاستدلال اللذان يحصل بهما القياس، فهذه أربعة طرق لا يخرج شيء من أحكام الشريعة عنها، كلها مذكورة في القرآن فكان تبياناً لكل شيء، فاندفع ما قيل كيف قال الله تعالى: {نزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء} ونحن نجد كثيراً من أحكام الشريعة لم يعلم من القرآن نصاً كعدد ركعات الصلاة ومدة المسح والحيض ومقدار حد الشرب ونصاب السرقة وغير ذلك ومن ثم اختلف الأئمة في كثير من الأحكام ا. هـ من حاشية الجمل على الجلالين (4/261) ، وانظر تفسير الخازن (3/95) ، والوسيط للواحدي (3/79) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 219 ومن المعلوم أن كثيراً من أمور الشريعة العلمية والعملية جاء بيانها بالسنة فيكون بيانها بالسنة من تبيان القرآن (1) وأما العقل: فنقول إن تفصيل القول (2) فيما يجب أو يمتنع أو يجوز في حق الله تعالى (3) من أمور الغيب التي لا يمكن إدراكها بالعقل فوجب الرجوع فيه إلى ما جاء في الكتاب والسنة. . ملحق القاعدة الأولى ذكرنا أننا سنفصل المراد من الجهة وقد لخص الألباني في مختصر العلو للذهبي (ص70) معتقد أهل السنة في ذلك فقال: والجواب عنها ما قاله ابن تيمية في " التدمرية " ص45: قد يراد بـ " الجهة " شيء موجود غير الله، فيكون مخلوقاً كما إذا أريد بـ "الجهة نفس   (1) ولنضرب لك أمثلة على ذلك: قال الله تعالى: {وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة} فهذا يفهم منه وجوب كل من الصلاة والزكاة. ولكن: ما هي ماهية هذه الصلاة التي أوجبها وما كيفيتها؟ وما وقتها؟ وما عددها؟ وعلى من تجب؟ وكم مرة تجب في العمر؟ وما هي ماهية الزكاة؟ وعلى من تجب؟ وفي أي مال تجب؟ وما مقدارها؟ وما شروط وجوبها؟ وقال تعالى: {وأتموا الحج والعمرة لله} ففهمنا: وجوب إتمامهما. ولكن: ما المراد بهما؟ أهو جميع ما كان يفعله العرب في الجاهلية؟ أو شيء آخر؟ فما هو؟ وكم مرة تجب في العمر؟ انظر الرسالة للإمام الشافعي ص20 وما بعده، وحجية السنة لعبد الغني عبد الخالق ص323. (2) قول المؤلف (تفصيل القول) احترازاً من الإجمال فانه يمكن للعقل أن يدرك ان الله كامل الصفات على سبيل الإطلاق. (3) الواجب هو الذي لا يمكن عدمه. والجائز هو الذي يمكن عدمه. والممتنع هو الذي يستحيل وجوده. وقد سبق بيان ذلك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 220 العرش أو نفس السماوات، وقد يراد به ما ليس بموجود غير الله تعالى، كما إذا أريد بالجهة ما فوق العالم ومعلوم أنه ليس في النص إثبات لفظ الجهة ولا نفيه، كما فيه إثبات العلو والاستواء والفوقية والعروج إليه ونحو ذلك وقد علم أن ما ثم موجود إلا الخالق والمخلوق والخالق سبحانه وتعالى مباين للمخلوق ليس في مخلوقاته شيء من ذاته ولا في ذاته شيء من مخلوقاته. فيقال لمن نفى: أتريد بالجهة أنها شيء موجود مخلوق؟ فالله ليس داخلاً في المخلوقات، أو تريد بالجهة ما وراء العالم فلا ريب أن الله فوق العالم. وكذلك يقال لمن قال: الله في جهة. أتريد بذلك أن الله فوق العالم، أو تريد به أن الله داخل في شيء من المخلوقات؟ فإن أردت الأول فهو حق وإن أردت الثاني فهو باطل " ومنه يتبين أن لفظ الجهة غير وارد في الكتاب والسنة وعليه فلا ينبغي إثباتها ولا نفيها لأن في كل من الإثبات والنفي ما تقدم من المحذور ولو لم يكن في إثبات الجهة إلا إفساح المجال للمخالف أن ينسب إلى متبني العلو ما لا يقولون به، لكفى. وكذلك لا ينبغي نفى الجهة توهماً من أن إثبات العلو لله تعالى يلزم منه إثبات الجهة لأن في ذلك محاذير عديدة منها نفي الأدلة القاطعة على إثبات العلو له تعالى ومنها نفى رؤية المؤمنين لربهم عز وجل يوم القيامة فصرح بنفيها المعتزلة والشيعة وعلل ابن المطهر الشيعي في " منهاجه " النفي المذكور بقوله: " لأنه ليس في جهة "! وأما الأشاعرة، أو على الأصح متأخروهم الذين أثبتوا الرؤية فتناقضوا حين قالوا: " إنه يرى لا في جهة "! يعنون العلو! قال شيخ الإسلام في " منهاج السنة " (2/252) : " وجمهور الناس من مثبتة الرؤية ونفاتها يقولون: إن قول هؤلاء معلوم الفساد بضرورة العقل، كقولهم في الكلام، ولهذا يذكر أبو عبد الله الرازي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 221 أنه لا يقول بقولهم في مسألة الكلام والرؤية أحد من طوائف المسلمين. ثم أخذ يرد على النفاة أنه إن أريد بها أمر وجودي غير الله كان مخلوقاً والله تعالى فوق خلقه لا يحصره ولا يحيط به شيء من المخلوقات فإنه بائن من المخلوقات. وإن أريد بـ " الجهة " أمر عدمي، وهو ما فوق العالم، فليس هناك إلا الله وحده. وهذا المعنى الأخير هو المراد في كلام المثبتين للعلو والناقلين عن السلف إثبات الجهة لله تعالى، كما في نقل القرطبي عنهم. وقال ابن رشد في " الكشف عن مناهج الأدلة " (ص66) : " (القول في الجهة) ، وأما هذه الصفة فلم يزل أهل الشريعة من أول الأمر يثبتونها لله سبحانه، حتى نفتها المعتزلة وتبعهم على نفيها متأخروا الأشعرية كأبي المعالي ومن اقتدى بقوله، وظواهر الشرع كلها تقتضي إثبات الجهة ثم ذكر بعض الآيات المعروفة ثم قال: إلى غير ذلك من الآيات التي إن سلط التأويل عليها عاد الشرع كله مؤولاً، وإن قيل فيها إنها من المتشابهات، عاد الشرع كله متشابهاً، لأن الشرائع كلها متفقة على أن الله في السماء، وأن منه تنزل الملائكة بالوحي إلى النبيين ... " الجزء: 1 ¦ الصفحة: 222 القاعدة الثانية الواجب في نصوص القرآن والسنة إجراؤها على ظاهرها (1) دون تحريف (2) لا سيما نصوص الصفات حيث لا مجال للرأي فيها:   (1) ... الظاهر لغة: الواضح البين. واصطلاحاً: ما دل بنفسه على معنى راجح مع احتمال غيره مثاله قوله صلى الله عليه وسلم: " توضؤا من لحوم الإبل " رواه أحمد وأبو داود فإن الظاهر من المراد بالوضوء غسل الأعضاء الأربعة على الصفة الشرعية دون الوضوء الذي هو النظافة فخرج بقولنا: ما دل بنفسه على معنى المجمل لأنه لا يدل على المعنى بنفسه. وخرج بقولنا: راجح المؤول لأنه يدل على معنى مرجوح لولا القرينة. وخرج بقولنا: مع احتمال غيره النص الصريح لأنه لا يحتمل إلا معنى واحداً. العمل بالظاهر: العمل بالظاهر واجب إلا بدليل يصرفه عن ظاهره لأن هذه طريقة السلف ولأنه أحوط وأبرا للذمة وأقوى في التعبد والانقياد. تعريف المؤول: المؤول لغة: من الأول وهو الرجوع. واصطلاحاً: ما حمل لفظه على المعنى المرجوح. فخرج بقولنا: على المعنى المرجوح النص والظاهر. أما النص فلأنه لا يحتمل إلا معنى واحداً وأما الظاهر فلأنه محمول على المعنى المرجح. والتأويل قسمان: صحيح مقبول، وفاسد مردود. أ - فالصحيح: ما دل عليه دليل صحيح كتأويل قوله تعالى: {واسأل القرية} إلى معنى واسأل أهل القرية لأن القرية نفسها لا يمكن توجيه السؤال إليها. ب - والفاسد: ما ليس عليه دليل صحيح كتأويل المعطلة قوله تعالى: {الرحمن على العرش استوى} إلى معنى استولى والصواب أن معناه العلو والاستقرار من غير تكييف ولا تمثيل ا. هـ من كتاب الأصول للمؤلف. (2) صرف اللفظ عن ظاهره بلا دليل يسمى تحريفاً. انظر شرح الطحاوية بترتيب الشيخ خالد بن فوزي (1/506) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 223 ودليل ذلك السمع والعقل - أما السمع: فقوله تعالى: {نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين} [الشعراء: 193-195] . وقوله: {إنا أنزلناه قرآناً عربياً لعلكم تعقلون} [يوسف: 2] . وقوله: {إنا جعلناه قرآناً عربياً لعلكم تعقلون} [الزخرف: 3] . وهذا يدل على وجوب فهمه على ما يقتضيه ظاهره باللسان العربي إلا أن يمنع منه دليل شرعي (1) . وقد ذم الله تعالى اليهود على تحريفهم وبين أنهم بتحريفهم من أبعد الناس عن الإيمان فقال: {أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعدما عقلوه وهم يعلمون} (2) [البقرة:75] وقال تعالى: {من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه ويقولون سمعنا وعصينا} (3) [النساء: 46] - وأما العقل: فلأن المتكلم بهذه النصوص اعلم بمراده من غيره وقد خاطبنا باللسان العربي المبين فوجب قبوله على ظاهره وإلا لاختلفت الآراء وتفرقت الأمة..   (1) هذا هو الشاهد من الآيات وأنه يجب فهمه على ظاهره إلا إذا منع منه دليل شرعي فإنه يترك هذا الظاهر. مثال ذلك قوله تعالى {إذا قرأت القرآن فاستعذ بالله} فإن ظاهره متروك لدليل شرعي آخر هو أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستعذ عند الشروع في القراءة. وانظر الخلاف في هذه المسألة في تفسير الرازي (20/92) فقد نقل هذا القول عن الأكثر وان بعض الأئمة أخذ بظاهر الآية كداود الظاهري وقال ان الاستعاذة تكون بعد القراءة. وقول المؤلف (إلا أن يمنع منه دليل شرعي) احترازاً من الأدلة العقلية التي يستند إليها المعطلة في صرف ظواهر القرآن والسنة. (2) الشاهد من الآية أن الله ذم واستنكر على اليهود لأنهم حرفوا كلامه من التوراة فجعلوا الحلال حراماً وبالعكس وزادوا ونقصوا فتحريف نصوص الصفات كذلك. انظر فتح القدير للشوكاني (1/151) . (3) الشاهد من الآية إن الله ذم اليهود لأنهم كانوا يحرفون الكلم عن مواضعه إما بتغيير اللفظ أو المعنى أو بهما جميعاً وتحريف نصوص الصفات كذلك منهي عنه. انظر تفسير السعدي (1/354) . ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 224 القاعدة الثالثة ظواهر نصوص الصفات معلومة لنا باعتبار ومجهولة لنا باعتبار آخر: فباعتبار المعنى (1) هي معلومة وباعتبار الكيفية التي هي عليها مجهولة وقد دل على ذلك السمع والعقل - أما السمع: فمنه قوله تعالى: {كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب} (2) [ص:29] . وقوله تعالى: {إنا جعلناه قرآنا عربياً لعلكم تعقلون} (3) [الزخرف: 3] . وقوله تعالى: {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون} (4) [النحل:44] .   (1) أي أصل المعنى لا المعنى الذي يكون في حق المخلوق فهذا غير مراد قطعاً ولهذا يقول شارح الطحاوية ص76 عن الصفات أن أصل معناها معلوم لنا ا. هـ وانظر التدمرية ص89 فقد ذكر شيخ الإسلام هذه القاعدة وفصل فيها. (2) قال السعدي في تفسير (4/487) : [ليدبروا آياته] أي: هذه الحكمة من إنزاله، ليتدبر الناس آياته، فيستخرجوا علمها ويتأملوا أسرارها وحكمها. فإنه بالتدبر فيه والتأمل لمعانيه، وإعادة الفكر فيها مرة بعد مرة، تدرك بركته وخيره وهذا يدل على الحث على تدبر القرآن، وأنه من أفضل الأعمال، وأن القراءة المشتملة على التدبر، أفضل من سرعة التلاوة، التي لا يحصل بها هذا المقصود ا. هـ إذا لا يمكن أن أتدبر ما لا أدرك معناه وإنما أتدبر وأعقل إذا كان الكلام معلوماً لدي. (3) قال السعدي في تفسير (4/437) : [إنا جعلناه قرآناً عربياً] هذا هو المقسم عليه، أنه جعل بأفصح اللغات وأوضحها وأبينها وهذا من بيانه. وذكر الحكمة في ذلك: [لعلكم تعقلون] ألفاظه ومعانيه لتيسرها وقربها من الأذهان. (4) فقوله (لتبين للناس) دليل على إن الرسول صلى الله عليه وسلم بين القرآن بألفاظه ومعانيه 0 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 225 والتدبر لا يكون إلا فيما يمكن الوصول إلى فهمه ليتذكر الإنسان بما فهمه منه. وكون القرآن عربياً ليعقله من يفهم العربية يدل على أن معناه معلوم وإلا لما كان فرق بين أن يكون باللغة العربية أو غيرها. وبيان النبي صلى الله عليه وسلم القرآن للناس شامل لبيان لفظه وبيان معناه. وأما العقل: فلأن من المحال أن ينزل الله تعالى كتاباً أو يتكلم رسوله صلى الله عليه وسلم بكلام يقصد بهذا الكتاب وهذا الكلام ان يكون هداية للخلق ويبقى في أعظم الأمور وأشدّها ضرورة مجهول المعنى بمنزلة الحروف الهجائية (1) التي لا يفهم منها شيء لأن ذلك من السفه الذي تأباه حكمة الله تعالى.   = قال السعدي في تفسيره (3/62) : [وأنزلنا إليك الذكر] أي: القرآن الذي فيه ذكر ما يحتاج إليه العباد من أمور دينهم ودنياهم، الظاهرة والباطنة. [لتبين للناس ما نزل إليهم] وهذا شامل لتبيين ألفاظه، وتبيين معانيه. [ولعلهم يتفكرون] فيه، فيستخرجون من كنوزه وعلومه، بحسب استعدادهم، وإقبالهم عليه. ملاحظة: والشاهد من الآيات أنه أمر بتدبر القرآن كله لا بتدبر بعضه. (1) ... هي الحروف التي تتركب منها الكلمات وتسمى أيضاً: حروف المعجم وحروف البناء وهي أقسام: انظر المعجم المفصل في علوم اللغة د. محمد التونجي (1/282) وفي كتاب المعجم المفصل في الأدب (1/358) قال: حروف الهجاء: هي الحروف العربية وعددها ثمانية وعشرون حرفاً وإذا اعتبرنا الألف تمثل علامتين: هما الهمزة والألف اللينة صار العدد تسعة وعشرين. ويدعوهم بعضهم " حروف المعجم "، وآخرون " الأبجدية " وفئة " حروف الألف باء " فالأول يرفضه ابن جني لأن المعجم مصدر، ولكن هنا جاء على صيغة اسم المفعول فيصبح المعنى: = الحروف الغامضة، من الفعل الرباعي " أعجم " أي أزال الغموض والثاني " الأبجدية " لا تطلق إلا على الترتيب الجملي المعروف حسابياً والمأخوذ عن بعض اللغات السامية وهو أ، ب، ج، د هـ، ... ..والثالث " الألف باء " وهو المقصود اليوم وفي المعاجم بحسب تسلسلها: أ، ب، ت، ث ... ..، إلى الياء. أما كلمة " الهجاء " فهي تقطيع اللفظة بحروفها مع حركاتها ويقال: هجوت الحروف هجواً أو هجاءً وهجوتها تهجية وتهجيتها تهجيةً ولهذا قالوا: حروف التهجي أو التهجية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 226 وقد قال الله تعالى في كتابه: {كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير} (1) [هود: 1] . هذه دلالة السمع والعقل على علمنا بمعاني نصوص الصفات. وأما دلالتهما على جهلنا لها باعتبار الكيفية فقد سبقت في القاعدة السادسة من قواعد الصفات. وبهذا علم بطلان مذهب المفوضة (2) الذين يفوضون علم معاني نصوص الصفات ويدعون أن هذا مذهب السلف. والسلف بريئون من هذا المذهب وقد تواترت الأقوال عنهم بإثبات المعاني لهذه النصوص إجمالاً أحياناً (3) وتفصيلاً أحياناً (4) وتفويضهم الكيفية إلى علم الله عز وجل. قال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه المعروف بـ (العقل والنقل)   (1) ... يقول تعالى: هذا [كتاب] أي عظيم، ونزل كريم. [أحكمت آياته] أي: أتقنت وأحسنت، صادقة أخبارها، عادلة أوامرها ونواهيها، فصيحة ألفاظه بهية معانيه. [ثم فصلت] أي: ميزت: وبينت بياناً في أعلى أنواع البيان [من لدن حكيم] يضع الأشياء مواضعها، وينزلها منازلها لا يأمر ولا ينهى إلا بما تقتضيه حكمته. [خبير] مطلع على الظواهر والبواطن فإذا كان إحكامه وتفصيله من عند الله الحكيم الخبير فلا تسأل بعد هذا عن عظمته وجلالته واشتماله على كمال الحكمة وسعة الرحمة (2) عرف المؤلف المراد من التفويض وأنهم الذين يفوضون علم معاني نصوص الصفات أصل التفويض في اللغة مأخوذ من قولهم: فوض إليه الأمر أي رده إليه.. (3) من ذلك ما قاله الإمام الأصبهاني قوام السنة في كتابه الحجة في بيان المحجة (1/91) : " إن الأخبار في صفات الله عز وجل جاءت متواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم موافقة لكتاب الله عز وجل، فنقلها الخلف عن السلف قرناً بعد قرن من لدن الصحابة والتابعين إلى عصرنا هذا على سبيل إثبات الصفات لله والمعرفة والإيمان به، والتسليم لما أخبر الله به في تنزيله وبينه الرسول عن كتابه مع اجتناب التأويل ا. هـ (4) وهو كثير ومن ذلك ما سبق عن الإمام مالك وشيخه ربيعه وقد نقل الإمام اللالكائي جملة منها في كتابه أصول الاعتقاد (3/397) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 227 ص (116) جـ 1 المطبوع على هامش (منهاج السنة) : " وأما التفويض فمن المعلوم أن الله أمرنا بتدبر القرآن وحضنا على عقله وفهمه فكيف يجوز مع ذلك أن يراد منا الإعراض عن فهمه ومعرفته وعقله؟ (1) إلى أن قال ص (118) : " وحينئذ فيكون ما وصف الله به نفسه في القرآن أو كثير مما وصف الله به نفسه لا يعلم الأنبياء معناه بل يقولون كلاماً لا يعقلون معناه " (2) . قال: " ومعلوم أن هذا قدح في القرآن والأنبياء إذ كان الله أنزل القرآن وأخبر أنه جعله هدى وبياناً للناس وأمر الرسول أن يبلغ البلاغ المبين وأن يبين للناس ما نزل إليهم وأمر بتدبر القرآن وعقله ومع هذا فأشرف ما فيه وهو ما أخبر به الرب عن صفاته ... ..لا يعلم أحد معناه فلا يعقل ولا يتدبر ولا يكون الرسول بين للناس ما نزل إليهم ولا بلغ البلاغ المبين وعلى هذا التقدير فيقول كل ملحد ومبتدع الحق في نفس الأمر ما علمته برأيي وعقلي وليس في النصوص ما يناقض ذلك لأن تلك النصوص مشكلة متشابهة ولا يعلم أحد معناها وما لا يعلم أحد معناه لا يجوز أن يستدل به فيبقى هذا الكلام سداً لباب الهدى والبيان من جهة الأنبياء وفتحاً لباب من يعارضهم ويقول: إن الهدى والبيان في طريقنا لا في طريق الأنبياء لأننا نحن نعلم ما نقول ونبينه بالأدلة العقلية والأنبياء لم يعلموا ما يقولون فضلاً عن أن يبينوا مرادهم فتبين أن قول أهل التفويض الذين يزعمون أنهم متبعون للسنة والسلف من شر أقوال أهل البدع والإلحاد " ا. هـ (3) كلام الشيخ وهو كلام سديد من ذي رأي رشيد وما عليه مزيد رحمه الله تعالى رحمة واسعة وجمعنا به في جنات النعيم.   (1) انظر درء تعارض العقل والنقل المطبوع في جامعة الإمام بتحقيق د. محمد رشاد و (1/201) في طبعة دار الكتب العلمية بتحقيق محمد بيضون (1/116) . (2) درء التعارض (1/204) ط. جامعة الإمام، و (1/188) ط. دار الكتب العلمية. (3) ... درء التعارض (1/204+205) ط الإمام، و (1/118) ط دار الكتب العلمية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 228 القاعدة الرابعة ظاهر النصوص ما يتبادر منها إلى الذهن من المعاني (1) وهو يختلف بحسب السياق وما يضاف إليه الكلام:   (1) انظر التدمرية لشيخ الإسلام ص69، وتقريب التدمرية للشيخ ابن عثيمين ص61 حيث يقول: فإن قال قائل: في نصوص الصفات لا يجوز إجراؤها على ظاهرها لأن ظاهرها غير مراد. فجوابه أن يقال: ماذا تريد بالظاهر؟ أتريد ما يظهر من النصوص من المعاني اللائقة بالله من غير تمثيل فهذا الظاهر مراد لله ورسوله قطعاً وواجب على العباد قبوله، والإيمان به شرعاً لأنه حق. أم تريد بالظاهر ما فهمته من التمثيل، فهذا غير مراد لكنه ليس ظاهر نصوص الكتاب والسنة لأن هذا الظاهر الذي فهمته كفر وباطل بالنص والإجماع ولا يمكن أن يكون ظاهر كلام الله ورسوله كفراً وباطلاً ولا يرتضي ذلك أحد من المسلمين. فتبين بذلك أن من قال: إن ظاهر نصوص الصفات غير مراد فقد أخطأ على كل تقدير لأنه إن فهم من ظاهرها معنى فاسداً وهو التمثيل فقد أخطأ في فهمه وأصاب في قوله " غير مراد " وإن فهم من ظاهرها معنى صحيحاً وهو المعنى اللائق بالله فقد أصاب في فهمه وأخطأ في قوله " غير مراد " فهو إن أصاب في معنى ظاهرها أخطأ في نفي كونه مراداً، وإن أخطأ في معنى ظاهرها أصاب في نفي كونه مراداً فيكون قوله خطأ على كل تقدير. والصواب الذي لا خطأ فيه أن ظاهرها مراد وأنه ليس إلا معنى يليق بالله ا. هـ وذكر شارح الطحاوية احترازاً مهماً، وهو أن إثبات السلف للظاهر ليس معناه التمثيل والتكييف وذلك لأن لفظ (الظاهر) يستخدمه المتكلمون في المعنى الفاسد أي ظاهر ما في المخلوقين وهذا ليس بمقصد الأئمة ثم هذا ليس هو الظاهر من النصوص ولا يفهم منها ذلك إلا جاهل أو معاند وأما السلف فالظاهر عندهم هو ما سبق إلى العقل السليم منه لمن يفهم بتلك اللغة. وهذه المسألة مرتبطة بمسألة المجاز في اللغة وقد سبق الكلام فيه ... ومسألة المجاز: من المسائل التي احتج بها النفاة المعطلة على نفي صفات الله تعالى والحق في هذه المسألة: أن كل لفظ فهو حقيقة فيما استعمل فيه بقرينته وقد لزم ذلك القائلين بنفي المجاز ممن قال: إن العام المخصوص حقيقة وأكثرهم يثبت ذلك وليس =. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 229 فالكلمة الواحدة يكون لها معنى في سياق ومعنى آخر في سياق وتركيب الكلام يفيد معنى على وجه ومعنى آخر على وجه (1) فلفظ (القرية) مثلاً يراد به القوم تارة ومساكن القوم تارة أخرى فمن الأول (2) قوله تعالى: {وإن من قرية إلا نحن مهلكوها قبل يوم القيامة أو معذبوها عذاباً شديداً} [الإسراء: 58]   = لأحدهم دليل في إثبات المجاز وليس لهم إسناد صحيح لواضع اللغة أن كذا وضع بكذا فلو فرضنا أن أسداً مفترساً وضع له في حديقة الحيوانات منبر فصعد عليه (كما يكون فيما يسمى بالسرك) فهل يصبح عند أهل المجاز أن يعبر عن هذه الصورة بـ (رأيت أسداً على المنبر) أو يحتاج الأمر إلى قرينة تدل على أن المراد الحيوان المفترس لكثرة استعماله في الرجل الشجاع. ومثال آخر: وهو لفظ السيارة: الدالة على من يسير كما قال تعالى: {متاعاً لكم وللسيارة} [المائدة: 96] وقوله: {وجاءت سيارة فأرسلوها واردهم} [يوسف: 19] وهذا الاسم شائع الآن على السيارة المركبة المعهودة فقولهم: " الحقيقة ما لا يحتاج إلى قرينة " ليس صحيحاً على إطلاقه بل كل من الألفاظ إنما تعرف من خلال التركيب ولذا فإن أهل اللغة إنما نقلوا التراكيب ولم ينقلوا المفردات كما هو معروف في المعاجم وهذا بين والله اعلم. وانظر في كسر طاغوت المجاز: الصواعق المرسلة (أول الجزء الثاني من المختصر ص3 وما بعدها) . وانظر في رد ما ادعوا فيه المجاز من صفات (المجيء - الإتيان - الرحمة - الاستواء) : مختصر الصواعق (2/106وما بعدها) ا. هـ من تقريب الطحاوية للشيخ خالد فوزي (1/509) . (1) ... حاصل كلام المؤلف أن الظاهر يختلف بحسب عدة أمور: أ - السياق. ب - الإضافة. ت - التركيب. وسيأتي المؤلف بأمثلة على ذلك. (2) أي يراد بهذه الآية القوم لأن الذي يعذب هو الساكن في القرية لا القرية نفسها. ولهذا جاء في تفسير الجلالين ص372 أن المراد من القرية هنا أهلها. وقال الجمل في حاشيته (4/324) أي الطائفة، وبهذا قال الصاوي في حاشيته 2/354) وأما ما ورد في تفسير ابن عطية (9/121) ، والثعالبي (2/267) إن المراد بذلك أنه ليس مدينة من المدن فلا يعني إنهم يريدون بالقرية المساكن بدليل كلام ابن عطية بعد ذلك أن الضمير يعود على أهل القرية فهذا هو المتبادر للذهن. والشاهد إن الكلمة الواحدة لها معنى في سياق ومعنى آخر في سياق آخر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 230 ومن الثاني قوله تعالى عن الملائكة ضيف إبراهيم: {إنا مهلكوا أهل هذه القرية} [العنكبوت:31] . وتقول: صنعت هذا بيدي فلا تكون اليد كاليد في قوله تعالى: {لما خلقت بيدي} [ص:75] لأن اليد في المثال أضيفت إلى المخلوق فتكون مناسبة له (1) وفي الآية أضيفت إلى الخالق فتكون لائقة به (2) فلا أحد سليم الفطرة صريح العقل (3) يعتقد أن يد الخالق كيد المخلوق أو بالعكس وتقول: ما عند ك إلا زيد (4) وما زيد إلا عندك فتفيد الجملة الثانية (5) معنى غير ما تفيده الأولى مع اتحاد الكلمات لكن اختلف التركيب فتغير المعنى به إذا تقرر هذا فظاهر نصوص الصفات ما يتبادر منها إلى الذهن من المعاني وقد انقسم الناس فيه إلى ثلاثة أقسام (6) :..   (1) أن الإضافة خصصت اليد بالجارحة المناسبة للمخلوق. (2) ولا يشارك المخلوق في خصائص هذه اليد. (3) العقل الصريح هو الذي خلا من الشبهات التي أتي بها علماء الكلام وخلا من الشهوات كما في تلخيص الحموية للمؤلف ص96. (4) الجملة الأولى أفادت قصر الصفة على الموصوف ويكون المعنى أنه لا يوجد عندك إلا زيد ولا يوجد شخص آخر عندك أي قصر الصفة التي هي العندية على الموصوف الذي هو زيد. (5) أفادت قصر الموصوف على الصفة فقصرنا زيداً وهو الموصوف على الصفة وهي العندية أي أن زيداً لا يوجد في غير هذا المكان لكن قد يوجد شخص آخر معك س: ما هو الضابط في قصر الصفة على الموصوف وقصر الموصوف على الصفة؟ ج_ ... مدخول (ما) النافية هو المقصور، والذي يأتي بعد (إلا) هو المقصور عليه. تطبيق: ... ما زيد إلا عندك ... ما عندك إلا زيد دخلت عليه (ما) النافية ... مقصور عليه ... دخلت (ما) على عند إذاً هو مقصور. ... إذاً هو مقصور. انظر معجم المصطلحات البلاغية د. أحمد مطلوب ص468 (6) انظر الحموية ص539. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 231 القسم الأول: من جعلوا الظاهر المتبادر منها معنى حقاً يليق بالله عز وجل وأبقوا دلالتها على ذلك (1) وهؤلاء هم السلف الذين اجتمعوا على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه والذين لا يصدق لقب أهل السنة والجماعة إلا عليهم. وقد أجمعوا على ذلك كما نقله ابن عبد البر فقال: " أهل السنة مجمعون على الإقرار بالصفات الواردة كلها في القرآن والسنة والإيمان بها وحملها على الحقيقة لا على المجاز إلا أنهم لا يكيفون شيئاً من ذلك ولا يحدون فيه صفة محصورة " ا. هـ (2) .   (1) ... أي على ذلك الذي يتبادر إلى الذهن (2) ذكره ابن عبد البر في التمهيد في (7/145) وقال بعد ذلك: وأما أهل البدع والجهمية والمعتزلة كلها والخوارج فكلهم ينكرها ولا يحمل شيئاً منها على الحقيقة ويزعمون أن من أقر بها مشبه وهم عند من أثبتها نافون للمعبود والحق فيما قاله القائلون بما نطق به كتاب الله وسنة رسوله وهم أئمة الجماعة والحمد لله ا. هـ وقوله: (ولا يحدون فيه صفة محصورة) أي لا يجعلون لصفاته نهاية وغاية بخلاف صفات البشر فإنها محدودة فلو وصف فلان بالعلم والكرم لكان لتلك الصفة غاية ونهاية بل قد يكون غيره أعلم وأكرم. وفي كتاب موقف ابن حزم من الأشعرية للدمشقية ص66 نقد تحديدهم لقدرة الله) . وقالت الأشعرية كلها: إن الله لا يقدر على ظلم أحد البتة ولا يقدر على الكذب ولا على قول إن (المسيح ابن الله) حتى يقول قبل ذلك {قالت النصارى} وأنه لا يقدر على أن يقول: {عزير ابن الله} حتى يقول قبل ذلك {وقالت اليهود} وأنه لا يقدر على أن يتخذ ولداً وأنه لا يقدر البتة على إظهار معجزة على يدي كذاب يدعي النبوة فإن ادعى الألوهية كان الله تعالى قادراً على إظهار المعجزات على يديه. وأنه تعالى لا يقدر على إحالة الأمور عن حقائقها ولا على قلب الأجناس عن ماهيتها وأنه تعالى لا يقدر على أن يقسم الجزء الذي لا يتجزأ ولا على أن يدعو أحداً إلى غير التوحيد. هذا نص كلامهم وحقيقة معتقدهم فجعلوه تعالى عاجزاً متناهي القوة محدود القدرة يقدر مرة ولا يقدر أخرى ويقدر على شيء ولا يقدر على آخر: وهذه صفة نقص وهم مع هذا يقولون: إن الساحر يقدر على قلب الأعيان وأن يمسخ إنساناً ويجعله حماراً على الحقيقة وعلى المشي في الهواء وعلى الماء: فكان الساحر عندهم أقوى من الله تعالى 0 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 232 وقال القاضي أبو يعلى في كتاب إبطال التأويل: " لا يجوز رد هذه الأخبار ولا التشاغل بتأويلها والواجب حملها على ظاهرها وأنها صفات الله لا تشبه صفات سائر الموصوفين بها من الخلق ولا يعتقد التشبيه فيها لكن على ما روى عن الإمام أحمد وسائر الأئمة " (1) ا. هـ نقل ذلك عن ابن عبد البر والقاضي وشيخ الإسلام ابن تيمية في الفتوى الحموية ص (87-89) جـ (5) من مجموع الفتاوى لابن القاسم. وهذا هو المذهب الصحيح والطريق القويم الحكيم وذلك لوجهين: الأول: أنه تطبيق تام لما دل عليه الكتاب والسنة من وجوب الأخذ بما جاء فيهما من أسماء الله وصفاته كما يعلم ذلك من تتبعه بعلم وإنصاف. الثاني: أن يقال إن الحق إما إن يكون فيما قاله السلف أو فيما قاله غيرهم والثاني باطل (2) لأنه يلزم منه أن يكون السلف من الصحابة والتابعين لهم بإحسان تكلموا بالباطل تصريحاً أو ظاهراً ولم يتكلموا مرة واحدة لا تصريحاً ولا ظاهراً بالحق الذي يجب اعتقاده.   = قال أبو محمد) : وخشوا مبادرة أهل الإسلام بالاصطدام فخنسوا على أن يصرحوا بأن الله تعالى لا يقدر: فقالوا: لا يوصف الله بالقدرة على شيء مما ذكرنا. ا. هـ ملاحظة: وردت في نسخة المؤلف ص 96 وكذا في النسخة التي حققها الشيخ أشرف بن عبد المقصود ص 93 (ولا يحدون فيه صفة محدودة) وجميع النسخ التي تحت يدي وردت كلمة محصورة ومن ذلك: أ - الفتاوى (5/87) . ب - الفتوى الحموية بتحقيق التويجري ص480. ت - الفتوى الحموية بتحقيق شريف هزاع ص130. ث - التمهيد لابن عبد البر (7/145) . (1) الفتوى الحموية ص 488. (2) إن كون الحق فيما قاله الخلف باطل، ووجه بطلانه انه يلزم منه: أ - أن يكون السلف تكلموا بالباطل تصريحاً أو ظاهراً إلى أن جاء الخلف. ب - لم يتكلموا بالحق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 233 وهذا يستلزم أن يكونوا إما جاهلين بالحق وإما عالمين به لكن كتموه وكلاهما باطل وبطلان اللازم يدل على بطلان الملزوم (1) فتعين أن يكون الحق فيما قاله السلف دون غيرهم. القسم الثاني: من جعلوا الظاهر المتبادر من نصوص الصفات معنى باطلاً لا يليق بالله وهو التشبيه وأبقوا دلالتها على ذلك. وهؤلاء هم المشبهة ومذهبهم باطل محرم من عدة أوجه: الأول: أنه جناية على النصوص وتعطيل لها عن المراد بها (2) فكيف يكون المراد بها التشبيه وقد قال الله تعالى: {ليس كمثله شيء} ... [الشورى: 11] . الثاني: أن العقل دل على مباينة الخالق للمخلوق في الذات والصفات فكيف يحكم بدلالة النصوص على التشابه بينهما؟ الثالث: أن هذا المفهوم الذي فهمه المشبه من النصوص مخالف لما فهمه السلف منها فيكون باطلاً. فإن قال المشبه أنا لا أعقل من نزول الله ويده إلا مثل ما للمخلوق من ذلك والله تعالى لم يخاطبنا إلا بما نعرفه ونعقله فجوابه من ثلاثة أوجه: أحدها: أن الذي خاطبنا بذلك هو الذي قال عن نفسه: {ليس كمثله شيء} (3) [الشورى] ونهى عباده أن يضربوا له الأمثال أو يجعلوا له   (1) والملزوم هو إما جاهلين أو عالمين وكاتمين. (2) فالمراد بها المعنى الذي يليق بالله. قال السعدي في تفسيره (4/412) : (3) [ليس كمثله شيء] أي: ليس يشبهه تعالى ولا يماثله شيء من مخلوقاته لا في ذاته ولا في أسمائه ولا في صفاته ولا في أفعاله لأن أسماءه كلها حسنى وصفاته وأفعاله تعالى أوجد بها المخلوقات العظيمة من غير مشارك فليس كمثله شيء لانفراده وتوحده بالكمال من كل وجه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 234 أنداداً فقال: {فلا تضربوا لله الأمثال إن الله يعلم وأنتم لا تعلمون} (1) [النحل: 74] وقال: {فلا تجعلوا لله أنداداً وأنتم تعلمون} (2) [البقرة: 22] وكلامه تعالى كله حق يصدق بعضه بعضا ولا يتناقض. ثانيها: أن يقال له ألست تعقل لله ذاتاً لا تشبه الذوات فسيقول بلى فيقال له فلتعقل له صفات لا تشبه الصفات فإن القول في الصفات كالقول في الذات ومن فرق بينهما فقد تناقض!! (3) .   (1) ... والشاهد قوله {فلا تضربوا لله الأمثال} المتضمنة للتسوية بينه وبين خلقه قاله السعدي (3/71) . (2) ... قال السعدي في تفسيره (1/42) : {فلا تجعلوا لله أنداداً] أي: أشباهاً ونظراء من المخلوقين فتعبدونهم كما تعبدون الله وتحبونه وهو مثلكم مخلوقون مرزوقون مدبرون لا يملكون مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ولا ينفعونكم ولا يضرون. {وأنتم تعلمون} أن الله ليس له شريك ولا نظير لا في الخلق والرزق والتدبير ولا في الألوهية والكمال فكيف تعبدون معه آلهة أخرى مع علمكم بذلك هذا من أعجب العجب وأسفه السفه. (3) ... قال الشنقيطي في كتابه منهج ودراسات لآيات الأسماء والصفات ص37: القول في الصفات جميعها من باب واحد: أولاً: إن يعلم طالب العلم أن جميع الصفات من باب واحد إذ لا فرق بينها البتة لأن الموصوف بها واحد وهو جل وعلا لا يشبه الخلق في شيء من صفاتهم البتة فكما إنكم أثبتم له سمعاً وبصراً لائقين بجلاله لا يشبهان شيئاً من أسماع الحوادث وأبصارهم فكذلك يلزم إن تجروا هذا بعينه في صفة الاستواء والنزول والمجيء إلى غير ذلك من صفات الجلال والكمال التي أثنى الله بها على نفسه. واعلموا أن رب السموات والأرض يستحيل عقلاً أن يصف نفسه بما يلزمه محذور ويلزمه محال أو يؤدي إلى نقص كل ذلك مستحيل عقلاً فان الله لا يصف نفسه إلا بوصف بالغ من الشرف والعلو والكمال ما يقطع جميع علائق أوهام المشابهة بينه وبين صفات المخلوقين، على حد قوله {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} [الشورى:11] القول في الصفات كالقول في الذات: الثاني: أن تعلموا إن الصفات والذات من باب واحد، فكما أننا نثبت ذات الله جل وعلا إثبات وجود وإيمان لا إثبات كيفية مكيفة محددة فكذلك نثبت لهذه الذات الكريمة المقدسة صفات إثبات وإيمان ووجود لا إثبات كيفية وتحديد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 235 ثالثها: أن يقال ألست تشاهد في المخلوقات ما يتفق في الأسماء ويختلف في الحقيقة والكيفية فسيقول بلى فيقال له إذا عقلت التباين بين المخلوقات في هذا فلماذا لا تعقله بين الخالق والمخلوق مع أن التباين بين الخالق والمخلوق أظهر وأعظم بل التماثل مستحيل بين الخالق والمخلوق كما سبق في القاعدة السادسة من قواعد الصفات. القسم الثالث: من جعلوا المعنى المتبادر من نصوص الصفات معنى باطلاً لا يليق بالله وهو التشبيه ثم إنهم من أجل ذلك أنكروا ما دلت عليه من المعنى اللائق بالله وهم أهل التعطيل سواء كان تعطيلهم عاماً في الأسماء والصفات أم خاصاً فيهما أو في أحدهما (1) فهؤلاء صرفوا النصوص عن ظاهرها إلى معاني عينوها بعقولهم واضطربوا في تعيينها اضطراباً كثيراً وسموا بذلك تأويلاً وهو في الحقيقة تحريف. ومذهبهم باطل من وجوه: أحدهما: أنه جناية على النصوص حيث جعلوها دالة على معنى باطل غير لائق بالله ولا مراد له.   (1) ... ذكر المؤلف في هذه العبارة أنواع التعطيل وقد أشكل عليَّ هذا التقسيم فاتصلت بالشيخ الفاضل خالد المزيني الذي قام بعرض السؤال جزاه الله خيراً على المؤلف وأفاد بهذا الجواب وفيما يلي نص رسالته: بسم الله الرحمن الرحيم إلى الأخت السائلة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... . وبعد،،، جواب السؤال، سواء كان تعطيلهم عاماً في الأسماء والصفات قال شيخنا المراد بهم غلاة الجهمية. أم خاصاً فيهما: أي هناك من ينكر بعض الصفات وهذا واضح وهناك من ينكر بعض الأسماء وهذا واضح. وهناك من ينكر بعض الأسماء كإحدى فرق المعتزلة فإنها تثبت ثلاثة أسماء حي، عليم، قدير، وتنفي ما سوى ذلك. أو في أحدهما: أي الأسماء كالمعتزلة عموماً أو في الصفات وهم الأشاعرة وغيرهم وأنا أقترح عليكم النظر في كتاب (الملل والنحل) للشهرستاني فإنه قد ذكر فرق المعتزلة ومثله كتاب الفرق بين الفرق للاسفرائيني كتبه خالد المزيني الجزء: 1 ¦ الصفحة: 236 الوجه الثاني: أنه صرف لكلام الله تعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم عن ظاهره والله تعالى خاطب الناس بلسان عربي مبين ليعقلوا الكلام ويفهموه على ما يقتضيه هذا اللسان العربي والنبي صلى الله عليه وسلم خاطبهم بأفصح لسان البشر فوجب حمل كلام الله ورسوله على ظاهره المفهوم بذلك اللسان العربي غير أنه يجب أن يصان عن التكييف والتمثيل في حق الله عز وجل. الوجه الثالث: أن صرف كلام الله ورسوله عن ظاهره إلى معنى يخالفه قول على الله بلا علم وهو محرم لقوله تعالى: {قل انما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطاناً وان تقولوا على الله ما لا تعلمون} [الأعراف: 33] ولقوله سبحانه: {ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا} (1) [الإسراء: 36] . فالصارف لكلام الله تعالى ورسوله عن ظاهره إلى معنى يخالفه قد قفا ما ليس له به علم وقال على الله ما لا يعلم من وجهين: الأول: أنه زعم أنه ليس المراد بكلام الله ورسوله كذا (2) مع أنه ظاهر الكلام. الثاني: أنه زعم أن المراد به كذا (3) لمعنى آخر لا يدل على ظاهر الكلام وإذا كان من المعلوم أن تعيين احد المعنيين المتساويين (4) في الاحتمال قولا (5) بلا علم فما ظنك بتعيين المعنى المرجوح المخالف لظاهر الكلام؟ (6) .   (1) سبق بيان معنى الآية. (2) أى يقول ليس المراد من الاستواء العلو مع أنه ظاهر الكلام. (3) فالمراد بالاستواء الاستيلاء على زعمهم. (4) مثاله (القرء) فإنه يحتمل الطهر ويحتمل الحيض فهنا لو عين أحد هذين المعنيين بلا قرينة لكان قائلاً بلا علم. (5) كذا في نسخة المؤلف ونسخة عبد المقصود وصوابه بالرفع على انه خبر أن ولا أدري ما وجه النصب. (6) كالاستيلاء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 237 مثال ذلك: قوله تعالى لإبليس: {ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي} [ص:75] فإذا صرف الكلام عن ظاهره وقال: لم يرد باليدين اليدين الحقيقيتين (1) وإنما أراد كذا وكذا (2) قلنا له: ما دليلك على ما نفيت وما دليلك على ما أثبت فإن أتى بدليل - وأنى له ذلك - وإلا كان قائلاً على الله بلا علم في نفيه وإثباته (3) . الوجه الرابع: في إبطال مذهب أهل التعطيل أن صرف نصوص الصفات عن ظاهرها مخالف لما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وسلف الأمة وأئمتها فيكون باطلاً لأن الحق بلا ريب فيما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وسلف الأمة وأئمتها. الوجه الخامس: أن يقال للمعطل: هل أنت أعلم بالله من نفسه؟ فسيقول: لا (4) . ثم يقال له: هل ما أخبر الله به عن نفسه صدق وحق؟ فسيقول: نعم (5) ثم يقال له: هل تعلم كلاماً افصح وأبين (6) من كلام الله تعالى؟ فسيقول: لا. ثم يقال له: هل تظن أن الله سبحانه وتعالى أراد أن يعمى الحق على الخلق في   (1) وقد فهموا من ذلك الجارحتين ولا شك ان هذا غير مراد. (2) كالنعمة والقدرة. (3) والحق ان لله يدين تليقان به. (4) فان قال نعم: كفر. (5) فان قال لا: كفر لأنه مكذب لله. الفصاحة في اللغة الظهور والبيان، تقول: أفصح فلان عما في نفسه إذا أظهره والفصاحة صفة توصف بها اللفظة المفردة والكلام والمتكلم فيقال: لفظة فصيحة وكلام فصيح ورجل فصيح وتتمثل فصاحة اللفظة في خلوها من تنافر الحروف وغرابة اللفظ ومخالفة القياس. (6) انظر المعجم المفصل في البلاغة د. أنعام عكاوي ص618 والبلاغة لحفني ناصف ص146. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 238 هذه النصوص ليستخرجوه بعقولهم؟ فسيقول: لا هذا ما يقال له باعتبار ما جاء في القرآن. أما باعتبار ما جاء في السنة فيقال له: هل أنت أعلم بالله من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فسيقول: لا. ثم يقال له: هل ما أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الله صدق وحق؟ فسيقول: نعم. ثم يقال له: هل تعلم أن أحداً من الناس أفصح كلاماً وأبين من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فسيقول: لا. ثم يقال له: هل تعلم أن أحداً من الناس أنصح لعباد الله من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فسيقول: لا. فيقال له: إذا كنت تقر بذلك فلماذا لا يكون عندك الإقدام والشجاعة في إثبات ما أثبته الله تعالى لنفسه وأثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم على حقيقته وظاهره اللائق بالله؟ (1)   (1) ومن هؤلاء الذين كان لهم الشجاعة في ذلك هو والد إمام الحرمين في كتابه النصيحة في صفات الله حين قال في ص18: وأعرفهم - أيدهم الله بتأييده ووفقهم لطاعته ومزيده - أنني كنت برهة من الدهر متحيراً في ثلاث مسائل: (مسألة الصفات) . (ومسألة الفوقية) . (ومسألة الحرف والصوت في القرآن المجيد) . وكنت متحيراً في الأقوال المختلفة الموجودة في كتب أهل العصر في جميع ذلك، من تأويل الصفات وتحريفها، أو إمرارها أو الوقوف فيها، أو إثباتها بلا تأويل، ولا تعطيل، ولا تشبيه، ولا تمثيل. فأجد النصوص في كتاب الله وسنة رسوله، ناطقة مبينة لحقائق هذه الصفات وكذلك في إثبات العلو والفوقية، وكذلك في الحرف والصوت. ثم أجد المتأخرين من المتكلمين في كتبهم، منهم من تأول الاستواء: بالقهر والاستيلاء وتأول النزول: بنزول الأمر وتأول اليدين: بالنعمتين والقدرتين وتأول القدم: بقدم صدق عند ربهم وأمثال ذلك. , ..... ثم أجدهم مع ذلك يجعلون كلام الله = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 239 وكيف يكون عندك الإقدام والشجاعة في نفي حقيقته تلك وصرفه إلى معنى يخالف ظاهره بغير علم؟ . وماذا يضيرك إذا أثبت لله تعالى ما أثبته لنفسه في كتابه أو سنة نبيه صلى الله عليه وسلم على الوجه اللائق به فأخذت بما جاء في الكتاب والسنة إثباتاً ونفياً؟ . أفليس هذا أسلم لك وأقوم لجوابك إذا سئلت يوم القيامة: {ماذا أجبتم المرسلين} [القصص: 65] . أو ليس صرفك لهذه النصوص عن ظاهرها وتعيين معنى آخر مخاطرة منك فلعل المراد يكون - على تقدير جواز صرفها - غير ما صرفتها إليه الوجه السادس: في إبطال مذهب أهل التعطيل: أنه يلزم عليه لوازم باطلة وبطلان اللازم يدل على بطلان الملزوم.   = معنى قائماً بالذات، بلا حرف ولا صوت، ويجعلون هذه الحروف عبارة عن ذلك المعنى القائم. ومما ذهب إلى هذه الأقوال أو بعضها قوم لهم في صدري منزلة مثل بعض فقهاء الأشعرية الشافعيين، لأني على مذهب الشافعي رحمه الله تعالى عرفت منهم فرائض ديني وأحكامه، فأجد مثل هؤلاء الشيوخ الأجلة يذهبون إلى مثل هذه الأقوال، وهم شيوخي، وليَّ فيهم الاعتقاد التام لفضلهم وعلمهم. ثم أنني مع ذلك أجد في قلبي من هذه التأويلات حزازات لا يطمئن قلبي إليها، وأجد الكدر والظلمة منها، واجد ضيق الصدر وعدم انشراحه مقروناً بها. فكنت كالمتحير المضطرب في تحيره، المتململ من قلبه في تقلبه وتغيره، وكنت أخاف من إطلاق القول بإثبات العلو، والاستواء، مخافة الحصر والتشبيه. ومع ذلك فإذا طالعت النصوص الوارد في كتاب الله وسنة رسوله أجدها نصوصاً تشير إلى حقائق هذه المعاني وأجد الرسول صلى الله عليه وسلم قد صرح بها مخبراً عن ربه واصفاً له بها وأعلم بالاضطرار أنه كان يحضر في مجلسه الشريف العالم، والجاهل والذكي والبليد والأعرابي الجافي ثم لا أجد شيئاً يعقب تلك النصوص التي كان صلى الله عليه وسلم يصف بها ربه لا نصاً ولا ظاهراً مما يصرفها عن حقائقها ويؤولها كما تأولها هؤلاء - مشايخي الفقهاء المتكلمون - مثل تأويلهم الاستواءُ بالاستيلاء. والنزول: بنزول الأمر وغير ذلك.. ولم أجد عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يحذر الناس من الإيمان بما يظهر من كلامه في صفة لربه من الفوقية واليدين وغيرهما مثل أن ينقل عنه مقالة تدل على أن لهذه الصفات معاني أُخر باطنه غير ما يظهر من مدلولها مثل فوقية المرتبة، ويد النعمة، وغير ذلك. ا. هـ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 240 فمن أوجه اللوازم: أولاً: أن أهل التعطيل لم يصرفوا نصوص الصفات عن ظاهرها إلا حيث اعتقدوا أنه (1) مستلزم أو موهم لتشبيه الله تعالى بخلقه (2) .   (1) ... أي ذلك الظاهر. (2) ... فقوله {بل يداه مبسوطتان} اعتقد المعطلة إنهما يدان كأيدي المخلوقين وهذا التشبيه ان قيل بظاهرة فهو كفر والصواب إنهما يدان تليقان بالله. قال الشنقيطي في كتابه منهج لدراسة الأسماء والصفات ص35: التعطيل سببه اعتقاد التشبيه أولاً: فاسمعوا أيها الأخوان نصيحة مشفق واعلموا أن كل هذا الشر إنما جاء من مسألة هي نجس القلب وتلطخه وتدنسه بأقذار التشبيه فإذا سمع ذو القلب المتنجس بأقذار التشبيه صفة من صفات الكمال التي أثنى الله بها على نفسه، كنزوله إلى سماء الدنيا في ثلث الليل الأخير، وكاستوائه على عرشه، وكمجيئه يوم القيامة، وغير ذلك من صفات الجلال والكمال أول ما يخطر في ذهن المسكين أن هذه الصفة تشبه صفة الخلق، فيكون قلبه متنجساً بأقذار التشبيه لا يقدر الله حق قدره ولا يعظم الله حق عظمته حيث يسبق إلى ذهنه ان صفة الخالق تشبه صفة المخلوق فيكون أولاً نجس القلب متقذره بأقذار التشبيه فيدعوه شؤم هذا التشبيه إلى أن ينفي صفة الخالق جل وعلا عنه بادعاء انها تشبه صفات المخلوق فيكون أولاً مشبهاً وثانياً معطلاً فصار ابتداء أو انتهاء متهجماً على رب العالمين بنفي صفاته عنه بادعاء أن تلك الصفة لا تليق. واعلموا أن هنا قاعدة أصولية أطبق عليها من يعتد به من أهل العلم وهي أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يجوز في حقه تأخير البيان عن وقت الحاجة ولا سيما في العقائد ولو مشينا على فرضهم الباطل أن ظاهر آيات الصفات الكفر فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يؤول الاستواء بـ " الاستيلاء " ولم يؤول شيئاً من هذه التأويلات ولو كان المراد بها هذه التأويلات لبادر النبي صلى الله عليه وسلم إلى بيانها لأنه لا يجوز في حقه تأخير البيان عن وقت الحاجة. فالحاصل أنه يجب على كل مسلم أن يعتقد هذا الاعتقاد الذي يحل جميع الشبه ويجيب على جميع الأسئلة وهو: أن الإنسان إذا سمع وصفاً وصف به خالق السموات والأرض نفسه أو وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم فليملأ صدره من التعظيم ويجزم بأن ذلك الوصف بالغ من غايات الكمال والجلال والشرف والعلو ما يقطع جميع علائق أوهام المشابهة بينه وبين صفات المخلوقين فيكون القلب منزهاً معظماً له جل وعلا غير متنجس بأقذار التشبيه فتكون أرض قلبه قابلة للإيمان والتصديق بصفات الله التي تمدح بها وأثنى عليه بها نبيه صلى الله عليه وسلم على غرار {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} [الشورى: 11] والشر كل الشر في عدم تعظيم الله وأن يسبق في ذهن الإنسان أن صفة الخالق تشبه صفة المخلوق فيضطر المسكين أن ينفي صفة الخالق بهذه الدعوى الكاذبة الخائنة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 241 وتشبيه الله تعالى بخلقه كفر لأنه تكذيب لقوله تعالى: {ليس كمثله شيء} [الشورى: 11] قال نعيم بن حماد الخزاعي أحد مشايخ البخاري رحمهما الله: " ومن شبه الله بخلقه فقد كفر ومن جحد ما وصف الله به نفسه فقد كفر وليس ما وصف الله به نفسه ولا رسوله تشبيهاً " (1) ا. هـ ثانياً: أن كتاب الله تعالى الذي أنزله تبياناً لكل شيء وهدى للناس وشفاء لما في الصدور ونوراً مبيناً وفرقاناً بين الحق والباطل لم يبين الله تعالى فيه ما يجب على العباد اعتقاده في أسمائه وصفاته وإنما جعل ذلك موكولاً إلى عقولهم يثبتون لله ما يشاؤون وينكرون ما لا يريدون وهذا ظاهر البطلان. ثالثاً: أن النبي صلى الله عليه وسلم وخلفاءه الراشدين وأصحابه وسلف الأمة وأئمتها كانوا قاصرين (2) أو مقصرين (3) في معرفة وتبيين ما يجب لله تعالى من الصفات أو يمتنع عليه أو يجوز إذ لم يرد عنهم حرف واحد فيما ذهب إليه أهل التعطيل في صفات الله تعالى وسموه تأويلاً. وحينئذ إما أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه الراشدون وسلف الأمة وأئمتها قاصرين لجهلهم بذلك وعجزهم عن معرفته أو مقصرين لعدم بيانهم للأمة وكلا الأمرين باطل (4) . رابعاً: أن كلام الله ورسوله ليس مرجعاً للناس فيما يعتقدونه في ربهم   (1) رواه الذهبي في العلو ص172، وفي مختصر العلو ص184 وصحح إسناده الألباني (2) أي قاصرين وجاهلين عن معرفة الحق وهذا محال كما قال شيخ الإسلام في الحموية ص199: من المحال ان تكون القرون الفاضلة غير عالمين بالحق. (3) ... أي لم يعجزوا بل علموا لكن قصروا في عدم البيان وهذا محال فكيف يقصر الرسول صلى الله عليه وسلم في البيان؟! (4) ... انظر الفتوى الحموية ص200. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 242 وإلههم الذي معرفتهم به من أهم ما جاءت به الشرائع بل هو زبدة الرسالات وإنما المرجع تلك العقول المضطربة المتناقضة وما خالفها فسبيله التكذيب إن وجدوا إلى ذلك سبيلاً أو التحريف الذي يسمونه تأويلاً إن لم يتمكنوا من تكذيبه. خامساً: أنه يلزم منه جواز نفي ما أثبته الله ورسوله صلى الله عليه وسلم فيقال في قوله تعالى: {وجاء ربك} [الفجر: 22] إنه لا يجيء وفي قوله صلى الله عليه وسلم: " ينزل ربنا إلى السماء الدنيا " إنه لا ينزل لأن إسناد المجيء والنزول إلى الله مجاز عندهم وأظهر علامات المجاز عند القائلين به (1) صحة نفيه (2) ونفي ما   (1) إشارة إلى أن في المسألة قولاً ثانياً وقد سبق. (2) في كلام المؤلف (ان أظهر علامات المجاز صحة نفيه) أمران: الأول: ان صحة النفي أظهر علامة وما قاله المؤلف هو الذي قدمه في مختصر التحرير المطبوع مع شرحه (1/180) أما الذي قدمه في جمع الجوامع فخلاف ما قاله المؤلف ولهذا قال الزركشي في تشنيف المسامع (1/472) : يعرف المجاز بوجوه: أولها: وهو الأقوى ولهذا صدر به ان يتبادر غيره إلى الفهم لولا القرينة ا. هـ الأمر الثاني: الذي في كلام المؤلف ان هناك علامات أخرى للمجاز وهي: أ - أن يتبادر غير المجاز إلى الذهن لولا القرينة الحاضرة. ب - عدم وجوب اطراد علاقته فالعلاقة التي في قوله تعالى {واسأل القرية} لا تطرد فلا يقال: اسأل البساط ولا الحصير. ت - وفرقوا بين الحقيقة والمجاز باختلاف صيغة جمع مفرديهما فإن لفظ الحقيقة إذا جمع على صيغة ثم جمع ذلك اللفظ على صيغة أخرى كان في الحالة الثانية مجازاً مثاله: لفظ " الأمر " إذا استعمل في القول المخصوص الدال على التكليف فإنه يجمع على: " أوامر " وإذا استعمل في الدلالة على الحال والشأن والفعل جمع على " أمور " فدل ذلك على أنه حقيقة في الأول مجاز في الثاني ج- ... يعرف أيضاً بالتزام تقييده كجناح الذل، ونار الحرب فان الجناح والنار يستعملان في مدلولهما الحقيقي من غير قيد. وهناك علامات أخرى، انظر: شرح الكوكب المنير (1/182) ، حاشية البناني على شرح المحلي على جمع الجوامع (1/325) ، حاشية التفتازاني والجرجاني على مختصر ابن الحاجب (1/153) ، الإحكام للآمدي (1/31) ، المستصفى للغزالي المطبوع مع فواتح الرحموت (1/342) وفي (3/33) من الطبعة التي حققها د. حمزة زهير، وإرشاد الفحول للشوكاني. = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 243 أثبته الله ورسوله من أبطل الباطل ولا يمكن الانفكاك عنه بتأويله إلى أمره لأنه ليس في السياق ما يدل عليه. ثم إن من أهل التعطيل من طرد قاعدته في جميع الصفات (1) أو تعدى إلى الأسماء (2) أيضاً ومنهم من تناقض فأثبت بعض الصفات دون بعض كالأشعرية والماتريدية أثبتوا ما أثبتوه بحجة أن العقل يدل عليه ونفوا ما نفوه بحجة أن العقل ينفيه (3) أو لا يدل عليه. فنقول لهم نفيكم لما نفيتموه بحجة أن العقل لا يدل عليه يمكن إثباته بالطريق العقلي الذي أثبتم به ما أثبتموه كما هو ثابت بالدليل السمعي. مثال ذلك: أنهم أثبتوا صفة الإرادة ونفوا صفة الرحمة. أثبتوا صفة الإرادة لدلالة السمع والعقل عليها. - أما السمع: فمنه قوله تعالى: {ولكن الله يفعل ما يريد} [البقرة:253] - وأما العقل: فإن اختلاف المخلوقات وتخصيص بعضها بما يختص به من ذات أو وصف دليل على الإرادة (4) . ونفوا الرحمة وقالوا: لأنها تستلزم لين الراحم ورقته للمرحوم وهذا محال في حق الله تعالى.   = (1/123) ، وبطلان المجاز للصياصنة ص33 وانظر الرد على هذه العلامات في مختصر الصواعق لابن القيم ص278 إلى ص290. (1) كما فعل المعتزلة. (2) كما فعل غلاة الجهمية. (3) فنفوا المجيء والنزول ونحوهما بحجة ان العقل لا يدل عليها. (4) قال الشيخ ابن عثيمين في شرح التدمرية ص72 من المخطوط: (والتخصيص دل على الإرادة) يعنى تخصيص الشيء بما هو عليه دال على الإرادة. عندما يخلق الله من هذه النطفة ذكراً ومن النطفة الأخرى أنثى فهذا يدل على أنه أراد أن تكون هذه النطفة ذكراً وأراد أن تكون النطفة الأخرى أنثى. فتخصيص كل شيء وبوقته يدل على الإرادة. لأنه لولا الإرادة ما كان هذا ذكراً وهذه أنثى. فتخصيص المخلوق بما هو عليه دليل على الإرادة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 244 وأولوا الأدلة السمعية المثبتة للرحمة (1) إلى الفعل (2) أو إرادة الفعل (3) ففسروا الرحيم بالمنعم أو مريد الإنعام. فنقول لهم: الرحمة ثابتة لله تعالى بالأدلة السمعية وأدلة ثبوتها أكثر عدداً وتنوعاً من أدلة الإرادة فقد وردت بالاسم مثل: {الرحمن الرحيم} [الفاتحة:1] والصفة مثل: {وربك الغفور ذو الرحمة} [الكهف:58] والفعل مثل: {ويرحم من يشاء} [العنكبوت: 21] . ويمكن إثباتها بالعقل فإن النعم التي تترى على العباد من كل وجه والنقم التي تدفع عنهم في كل حين دالة على ثبوت الرحمة لله عز وجل ودلالتها على ذلك أبين وأجلى من دلالة التخصيص على الإرادة لظهور ذلك للخاصة والعامة بخلاف دلالة التخصيص على الإرادة فإنه لا يظهر إلا لأفراد من الناس. وأما نفيها بحجة أنها تستلزم اللين والرقة فجوابه أن هذه الحجة لو كانت مستقيمة لأمكن نفي الإرادة بمثلها فيقال: الإرادة ميل المريد إلى ما يرجو به حصول منفعة أو دفع مضرة وهذا يستلزم الحاجة والله تعالى منزه عن ذلك (4) . فإن أجيب بأن هذه إرادة المخلوق أمكن الجواب بمثله في الرحمة بأن الرحمة المستلزمة للنقص هي رحمة المخلوق. وبهذا تبين بطلان مذهب أهل التعطيل سواء كان تعطيلاً عاماً (5) أم خاصاً (6) . وبه علم أن طريق الأشاعرة والماتريدية في أسماء الله وصفاته وما   (1) فسروا الرحمة إما بـ: أ - الإرادة فهنا أولوا صفة بصفة. ب - الإنعام وهذا تفسير باللازم. وأهل السنة يثبتون الصفة وهي الإرادة ويثبتون الإنعام. (2) أي الإنعام أو المنعم. (3) أي إرادة الإنعام أو مريد الإنعام (4) انظر شرح التدمرية لفالح آل مهدي ص77 (5) . كنفي الأسماء والصفات، أو نفي جميع الصفات. (6) كنفي بعض الصفات، أو نفي بعض الأسماء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 245 احتجوا به لذلك لا تندفع به شبه المعتزلة والجهمية وذلك من وجهين: أحدهما: أنه طريق مبتدع لم يكن عليه النبي صلى الله عليه وسلم ولا سلف الأمة وأئمتها والبدعة لا تدفع بالبدعة وإنما تدفع بالسنة. الثاني: أن المعتزلة والجهمية يمكنهم أن يحتجوا لما نفوه على الأشاعرة والماتريدية بمثل ما احتج به الأشاعرة والماتريدية لما نفوه على أهل السنة فيقولون: لقد أبحتم لأنفسكم نفى ما نفيتم من الصفات بما زعمتموه دليلاً عقلياً وأولتم دليله السمعي فلماذا تحرمون علينا نفي ما نفيناه بما نراه دليلاً عقلياً ونؤل دليله السمعي فلنا عقول كما أن لكم عقولاً فإن كانت عقولنا خاطئة فكيف كانت عقولكم صائبة وإن كانت عقولكم صائبة فكيف كانت عقولنا خاطئة وليس لكم حجة في الإنكار علينا سوى مجرد التحكم وإتباع الهوى. وهذه حجة دامغة وإلزام صحيح من الجهمية والمعتزلة للأشعرية والماتريدية ولا مدفع لذلك ولا محيص عنه إلا الرجوع لمذهب السلف الذين يطردون هذا الباب ويثبتون لله تعالى من الأسماء والصفات ما أثبته لنفسه في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم إثباتاً لا تمثيل فيه ولا تكييف وتنزيهاً لا تعطيل فيه ولا تحريف ومن لم يجعل الله له نوراً فما له من نور. (تنبيه) علم مما سبق أن كل معطل ممثل وكل ممثل معطل: أما تعطيل المعطل فظاهر، وأما تمثيله فلأنه إنما عطل لاعتقاده أن إثبات الصفات يستلزم التشبيه فمثل أولاً وعطل ثانياً كما أنه بتعطيله مثله بالناقص. وأما تمثيل الممثل فظاهر وأما تعطيله فمن ثلاثة أوجه: الأول: أنه عطل نفس النص الذي أثبت به الصفة حيث جعله دالاً على التمثيل مع أنه لا دلالة فيه عليه وإنما يدل على صفة تليق بالله عز وجل. الثاني: أنه عطل كل نص يدل على نفي مماثلة الله لخلقه. الثالث: أنه عطل الله تعالى عن كماله الواجب حيث مثله بالمخلوق الناقص (1) .   (1) انظر تلخيص الحموية ص97. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 246 الفصل الرابع الجزء: 1 ¦ الصفحة: 247 الفصل الرابع شبهات والجواب عنها اعلم ان بعض أهل التأويل أورد على أهل السنة شبهة في نصوص من الكتاب والسنة في الصفات ادعى أن أهل السنة صرفوها عن ظاهرها ليلزم أهل السنة بالموافقة على التأويل أو المداهنة فيه (1) وقال: كيف تنكرون علينا تأويل ما أولناه مع ارتكابكم لمثله فيما أولتموه؟ ونحن نجيب - بعون الله تعالى - عن هذه الشبهة بجوابين مجمل (2) ومفصل أما المجمل فيتلخص في شيئين: أحدهما: أن لا نسلم أن تفسير السلف لها صرف عن ظاهرها فإن ظاهر الكلام ما يتبادر منه من المعنى وهو يختلف بحسب السياق وما يضاف إليه الكلام فإن الكلمات يختلف معناها بحسب تركيب الكلام والكلام مركب من كلمات وجمل يظهر معناها ويتعين بضم بعضها إلى بعض (3) . ثانيهما: أننا لو سلمنا أن تفسيرهم صرف عن ظاهرها فإن لهم في   (1) أي السكوت فلا نتكلم عنهم. (2) المجمل في اللغة: هو المبهم من أجمل الأمر إذا أبهم ويطلق على المجموع من أجمل الحساب إذا جمع وجعل جملة واحدة قال الفيومي رحمه الله: " أجملت الشيء إجمالا: جمعته من غير تفصيل ". انظر أثر الإجمال في الفقه للدكتور الحفناوي ص8 وبيان ما هو مجمل لعبد الله الشنقيطي ص9. (3) ... سبق بيان ذلك في القاعدة الرابعة من قواعد الأدلة 0 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 249 ذلك دليلاً من الكتاب والسنة إما متصلاً وإما منفصلاً (1) وليس لمجرد شبهات يزعمها الصارف براهين وقطعيات يتوصل بها إلى نفى ما أثبته الله لنفسه في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم. وأما المفصل فعلى كل نص ادعى أن السلف صرفوه عن ظاهره. ولنمثل بالأمثلة التالية فنبدأ بما حكاه أبو حامد الغزالي (2) عن بعض الحنبلية أنه قال: إن أحمد لم يتأول إلا في ثلاثة أشياء: " الحجر الأسود يمين الله في الأرض " " وقلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن " " وإني أجد نفس الرحمن من قبل اليمن " نقله عنه شيخ الإسلام ابن تيمية ص (398) جـ (5) : من مجموع الفتاوى وقال: " هذه الحكاية كذب على أحمد ". ***** **   (1) ... المتصل ما لا يستقل بنفسه كالاستثناء والشرط والصفة من النعت والبدل والحال. أما المنفصل فهو ما يستقل بنفسه كالحس والعقل والشرع ملاحظة: انظر المثال على ذلك فيما سيأتي في المثال الثاني عشر من كلام المؤلف وما ذكرناه في الحاشية. (2) ذكره في الإحياء (1/179) ، وانظر شرح ذلك في إتحاف السادة المتقين (2/139) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 250 المثال الأول: " الحجر الأسود يمين الله في الأرض (1) " والجواب عنه: أنه حديث باطل لا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ابن الجوزي في العلل المتناهية (2) : " هذا حديث لا يصح ". وقال ابن العربي: " حديث باطل فلا يلتفت إليه " (3) وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: " روى عن النبي صلى الله عليه وسلم بإسناد لا يثبت (4) ا. هـ   (1) قالوا: فظاهر الأثر أن الحجر نفسه يمين الله في الأرض وهذا معنى فاسد فيكون غير مراد. وقد ذكر ابن رجب في طبقات الحنابلة (3/174) ان ابن الفاعوس الحنبلي ت سنة 521هـ كان يسمى بالحجري لأنه كان يقول: الحجر الأسود يمين الله حقيقة وسننقل في الملحق نص كلامه. والرد على المعطلة من وجهين ذكرهما المؤلف: أ- ... عدم صحة الحديث وسيأتي ان بعض أهل العلم قد صححه. ب- ... على فرض صحته فقد قيده في الأرض ولم يطلق وسيأتي انه قد أطلق في بعض الأحاديث ومع ذلك فانه لا يدل على ان الحجر صفة لله. (2) ... العلل لابن الجوزي (2/575) ، وانظر تلخيص العلل للذهبي ص191. (3) ... نقله المناوي في فيض القدير (3/409) . (4) الفتاوى (6/397) . تخريج الحديث: الحديث روى مرفوعاً وموقوفاً. أما المرفوع فروى من طرق: أ - جابر بن عبد الله: رواه الخطيب في تاريخ بغداد (6/328) ، وابن عساكر في تاريخ دمشق كما نقله الزبيدي في إتحاف السادة المتقين (2/129) . ورواه أيضاً ابن عدي في الكامل (1/342) وقال: انه من رواية إسحاق بن بشر وهو في عداد من يضع الحديث ا. هـ ورواه أيضاً الديلمي في الفردوس (2/159) . وقال الذهبي في تلخيص العلل ص191: فيه انسحاق بن بشر - كذاب ا. هـ وقال خلدون الأحدب في زوائد تاريخ بغداد (5/321) ان الحديث موضوع. ب - عبد الله بن عمرو: رواه الحاكم في المستدرك (1/628) . وقال العراقي في تخريج الإحياء (1/179) : حديث الحجر يمين الله في الأرض، الحاكم وصححه من حديث عبد الله بن عمرو ا. هـ ورواه أيضاً ابن خزيمة في صحيحه (4/221) والطبراني في المعجم الأوسط (1/178) من طبعة دار الحرمين، و (1/337) من طبعة الطحان. رواه الديلمي في الفردوس (2/159) وروى موقوفاً أيضاً من طريق ابن عباس. فقد رواه ابن قتيبة في غريب الحديث (2/96) ، والأزرقي في تاريخ مكة (1/324) ، وقال البوصيري في إتحاف المهرة (4/75) : رواه محمد بن يحيى بن أبي عمر موقوفاً بإسناد الصحيح ا. هـ وقال الحافظ ابن حجر في المطالب العالية من النسخة المسندة (2/37) هذا موقوف صحيح ا. هـ وفي حاشية النسخة المجردة من الإسناد (1/340) ، قال: هذا موقوف جيد ا. هـ وعزاه العجلوني في كشف الخفاء (1/349) إلى القضاعي والحارث ابن أبي أسامة ولم أره في بغية الباحث ولا الاتحاف ولا المطالب. وقد صحح الحديث موقوفاً السخاوي كما نقله عنه ابن الديبع في تمييز الطيب من الخبيث ص77. وقال العجلوني: الحديث له شواهد فهو حديث حسن وإن كان ضعيفاً بحسب أصله ومثله مما لا مجال للرأي فيه ا. هـ والخلاصة أن الحديث صحح موقوفاً ومثله لا مجال للرأي فيه. وأما مرفوعاً فقد اختلف فيه على أقوال: 1 - أنه صحيح كما نقله العراقي عن الحاكم وهو قول ابن خزيمة لأنه في صحيحه. 2 - أنه حسن كما هو قول العجلوني. 3 - انه باطل وبه قال ابن الجوزي وابن العربي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 251 وعلى هذا فلا حاجة للخوض في معناه ". لكن قال شيخ الإسلام ابن تيمية: " والمشهور يعنى في هذا الأثر إنما هو عن ابن عباس قال: " الحجر الأسود يمين الله في الأرض فمن صافحه وقبله فكأنما صافح الله وقبل يمينه " (1) ومن تدبر اللفظ المنقول تبين له أنه لا إشكال فيه فإنه قال: " يمين الله في الأرض " ولم يطلق (2) فيقول: " يمين الله " وحكم اللفظ المقيد يخالف حكم المطلق ثم قال: " فمن صافحه وقبله فكأنما صافح الله وقبل يمينه " وهذا صريح في أن المصافح لم يصافح يمين الله أصلاً ولكن شبه بمن يصافح الله فأول الحديث وآخره يبين أن الحجر ليس من صفات الله تعالى كما هو معلوم عند كل عاقل " ا. هـ ص (398) مجلد (6) مجموع الفتاوى. 4 - ان إسناده لا يثبت وهو قول ابن تيمية. 5 - انه موضوع وهو قول خلدون الأحدب. 6 - انه ضعيف وهو قول الألباني في السلسلة الضعيفة (1/257) وقال الهيثمي في المجمع (3/245) : وفيه عبد الله ابن المؤمل وثقه ابن حبان وقال: يخطى وفيه كلام وبقية رجاله رجال الصحيح ا. هـ. وانظر الكلام على الحديث في: حاشية الصباغ على الأسرار المرفوعة لملا علي قاري ص134. وأسنى المطالب في أحاديث مختلفة المراتب لمحمد الحوت ص17.   (1) سبق ان ذكرنا ذلك ومن صححه، وانظر الفتاوى (5/398) . (2) وقد أطلق في حديث آخر من رواية عبد الله بن عمرو وقد رواه الحاكم وابن خزيمة كما سبق ولفظ الحديث عند ابن خزيمة: ثنا الحسن الزعفراني، ثنا سعيد بن سليمان، ثنا عبد الله بن المؤمل، سمعت عطاء، يحدث عن عبد الله بن عمرو: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " يأتي الركن يوم القيامة أعظم من أبي قبيس له لسان وشفتان، يتكلم عن من استلمه بالنية، وهو يمين الله التي يصافح بها خلقه " ا. هـ ولا شك انه مع الإطلاق لا يدل على ان الحجر صفة لله فهو من المضاف المنفصل عنه كالبيت والناقة فيكون مخلوقاً، أو يحمل المطلق على المقيد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 253 ملحق المثال الأول ذكرنا أننا سننقل نص كلام الحافظ ابن رجب في ترجمة ابن الفاعوس وهذا نص كلامه: وقال: كان أبو القاسم بن السمرقندي يقول: إن أبا بكر بن الخاضبة كان يسمى ابن الفاعوس الحجرى لأنه كان يقول: الحجر الأسود يمين الله حقيقة. قلت: إن صح عن ابن الفاعوس أنه كان يقول: الحجر الأسود يمين الله حقيقة فأصل ذلك: أن طائفة من أصحابنا وغيرهم نفوا وقوع المجاز في القرآن ولكن لا يعلم منهم من نفي المجاز في اللغة (1) كقول أبي إسحاق الإسفراينى ولكن قد يسمع بعض صالحيهم إنكار المجاز في القرآن فيعتقد إنكاره مطلقاً ويؤيد ذلك: أن المتبادر إلى فهم أكثر الناس من لفظ الحقيقة والمجاز: المعاني والحقائق دون الألفاظ. فإذا قيل: إن هذا مجاز فهموا أنه ليس تحته معنى ولا له حقيقة فينكرون ذلك وينفرون منه ومن أنكر المجاز من العلماء فقد ينكر إطلاق اسم المجاز لئلا يوهم هذا المعنى الفاسد ويصير ذريعة لمن يريد جحد حقائق الكتاب والسنة ومدلولاتهما. ويقول: غالب من تكلم بالحقيقة والمجاز هم المعتزلة ونحوهم من أهل البدع وتطرفوا بذلك إلى تحريف الكلم عن مواضعه فيمنع من التسمية بالمجاز ويجعل جميع الألفاظ حقائق، ويقول: اللفظ ان دل بنفسه فهو حقيقة لذلك المعنى وإن دل بقرينة فدلالته بالقرينة حقيقة للمعنى الآخر فهو حقيقة في الحالين. وإن كان المعنى المدلول عليه مختلفاً فحينئذ يقال: لفظ اليمين في قوله سبحانه وتعالى: (39/67والسماوات مطويات بيمينه) حقيقة وهو دال على الصفة الذاتية. ولفظ اليمين في الحديث المعروف: " الحجر الأسود يمين الله في الأرض فمن صافحه فكأنما صافح الله عز وجل "   (1) ... سبق التعليق على هذا الكلام. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 254 وقيل يمينه يراد به مع هذه القرائن المحتفة به - محل الاستلام والتقبيل. وهو حقيقة في هذا المعنى في هذه الصورة وليس فيه ما يوهم الصفة الذاتية أصلاً بل دلالته على معناه الخاص قطعية لا تحتمل النقيض بوجه ولا تحتاج إلى تأويل ولا غيره. وإذا قيل: فابن الفاعوس لم يكن من أهل هذا الشأن - أعني: البحث عن مدلولات الألفاظ؟ قيل: ولا ابن الخاضبة كان من أهله وإن كان محدثاً وإنما سمع من ابن الفاعوس، أو بلغه عنه إنكار أن يكون هذا مجازاً، لما سمعه من إنكار لفظ المجاز فحمله السامع لقصوره أو لهواه على أنه إذا كان حقيقة لزم أن يكون هو يد الرب عز وجل التي هي صفته وهذا باطل والله أعلم. ********** **** الجزء: 1 ¦ الصفحة: 255 المثال الثاني: (1) " قلوب العباد بين أصبعين (2) من أصابع الرحمن " والجواب: أن هذا الحديث صحيح رواه مسلم (3) في الباب الثاني من كتاب القدر عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " إن قلوب بنى آدم كلها بين أصبعين من أصابع الرحمن كقلبٍ واحد يصرفه حيث يشاء " ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك ". وقد اخذ السلف أهل السنة بظاهر الحديث (4) وقالوا ان لله تعالى   (1) ... هذا هو المثال الثاني الذي أورده أهل التعطيل على أهل السنة بأنهم أولوا ظاهر هذا الحديث فقالوا: أ - ان ظاهر هذا الحديث ان قلوب بني آدم بين أصابع الرحمن فيلزم منه المباشرة والمماسة وأن تكون أصابع الله داخل أجوافنا وهذا معنى فاسد فيكون غير مراد. ب - ظاهر الحديث ان لله أصابع حقيقية والأصابع جوارح وهذا معنى فاسد فيكون غير مراد وسوف يرد المؤلف على زعمهم هذا. (2) ... قال المؤلف: أصبع: مثلث الهمزة والباء ففيه تسع لغات والعاشرة أصبوع كما قيل وهمزأ نملة ثلث وثالثه ... التسع في أصبع واختم بأصبوع أصبوع بضم الهمزة وانظر الغرر المثلثة والدرر المبثثة للفيروز آبادي ص266. (3) ... انظر شرح مسلم للنووي (16/204) . (4) ... ظن شراح هذا الحديث ان ظاهر الأصبع الجارحة وهي على الله محال إذ لو كانت جارحة وأعضاء لكان كل جزء منه مفتقراً إلى الآخر فتكون جملته محتاجة وذلك يناقض الألوهية وحكوا أن فيها مذهبين: الأول: التفويض. الثاني: التأويل بحسب ما يليق. قال القرطبي في المفهم (6/672) : وقد تأول بعض أئمتنا هذا الحديث فقال: هذا استعارة جارية مجرى قولهم: فلان في = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 256 أصابع حقيقية نثبتها له كما أثبتها له رسوله صلى الله عليه وسلم ولا يلزم من كون قلوب بني آدم بين أصبعين منها أن تكون مماسه لها حتى يقال إن الحديث موهم للحلول فيجب صرفه عن ظاهره فهذا السحاب مسخر بين السماء والأرض وهو لا يمس السماء ولا الأرض ويقال: بدر بين مكة والمدينة مع تباعد ما بينها وبينهما (1) فقلوب بنى آدم كلها بين أصبعين من أصابع الرحمن حقيقة ولا يلزم من ذلك مماسة ولا حلول (2)   = كفى وفي قبضتي يراد به: أنه متمكن من التصرف فيه والتصريف له كيف شاء، وأمكن من ذلك في المعنى مع إفادة التيسير أن يقال: فلان بين إصبعي أصرفه كيف شئت يعنى: أن التصرف متيسر عليه غير متعذر وقال بعضهم: يحتمل أن يريد بالإصبع هنا النعمة وحكي أنه يقال: لفلان عندي إصبع حسنة أي نعمة كما قيل في اليد فإن قيل: فلأي شيء ثنى الإصبع ونعمه كثيرة لا تحصى؟ قلنا لأن النعم وإن كانت كذلك فهي قسمان نفع ودفع فكأنه قال: قلوب بني آدم بين أن يصرف الله عنها ضراً وبين أن يوصل إليها نفعاً ا. هـ وانظر شروح مسلم لكل من: النووي (16/204) ، الأبي والسنوسي (7/88) ، والديباج للسيوطي (6/18) . (1) وقد رد المؤلف على أقوالهم بأنه لا يلزم من إثبات الأصبع ما ذكروه. ويقال: سترة المصلي بين يديه وليست مباشرة له ولا مماسة له. فإذا كانت البينية لا تستلزم المباشرة والمماسة فيما بين المخلوقات فكيف بالبينية فيما بين المخلوق والخالق الذي وسع كرسيه السموات والأرض وهو بكل شيء محيط. وقد دل السمع والعقل على أن الله تعالى بائن من خلقه ولا يحل في شيء من خلقه ولا يحل فيه شيء من خلقه وأجمع السلف على ذلك وهذا هو الوجه الأول. ونقول على الوجه الثاني: إن ثبوت الأصابع الحقيقية لله تعالى لا يستلزم معنى فاسداً وحينئذ يكون مراداً قطعاً فإن لله تعالى أصابع حقيقية تليق به ولا تماثل أصابع المخلوقين وفي صحيح البخاري ومسلم عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: " جاء حبر من الأحبار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد إنا نجد أن الله يجعل السموات على إصبع والأرضيين على إصبع والشجر على إصبع والماء والثرى على إصبع وسائر الخلائق على إصبع فيقول: أنا الملك فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه تصديقاً لقول الحبر ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: {وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة والسموات = مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون " هذا لفظ البخاري في تفسير سورة الزمر. فأي معنى فاسد يلزم من ظاهر النص حتى يقال إنه غير مراد؟ ‍ (2) قال شيخ الإسلام في التدمرية ص73: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 257 المثال الثالث: " إني أجد نفس الرحمن من قبل اليمن " والجواب: أن هذا الحديث رواه الإمام أحمد في المسند (1) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " ألا أن الإيمان يمان والحكمة يمانية وأجد نفس ربكم من قبل اليمن " قال في مجمع الزوائد (2) : رجاله رجال الصحيح غير شبيب (3) وهو ثقة قلت: وكذا قال في التقريب (4) عن شبيب: ثقة من الثالثة وقد روى البخاري نحوه في التاريخ الكبير (5) . وهذا الحديث على ظاهره والنفس فيه اسم مصدر (6) نفس يُنفِّس   = وأما قوله: {قلوب العباد بين إصبعين من أصابع الرحمن} فإنه ليس في ظاهره أن القلب متصل بالأصابع ولا مماس لها ولا أنها في جوفه ولا في قول القائل: هذا بين يدي ما يقتضي مباشرته ليديه وإذا قيل: {والسحاب المسخر بين السماء والأرض} لم يقتض أن يكون مماساً للسماء والأرض ا. هـ (1) ... (2/541) . (2) للهيثمي (10/59) . (3) أي شبيب بن نعيم أبي روح. (4) لابن حجر (1/346) وقال: أخطأ من عده في الصحابة ا. هـ (5) انظر التاريخ الكبير (4/231) . وانظر ترجمته في تهذيب الكمال للمزي (13/371) وتهذيب التهذيب لابن حجر (4/309) . والحديث الذي ذكره المؤلف رواه أيضاً الطبراني في المعجم الكبير (7/52) من حديث سلمة بن نفيل، ورواه البزار في مسنده (9/150) وقال وهذا الحديث لا نعلم أحداً يرويه بهذه الألفاظ إلا سلمة بن نفيل وهذا أحسن طريقاً يروى في ذلك عن سلمة ورجاله رجال معروفون من أهل الشام مشهورون إلا إبراهيم بن سليمان الأفطس ا. هـ وانظر ترجمة سلمة في الإصابة (3/130) ، وتهذيب الكمال للمزي (11/323) . (6) اسم المصدر اصطلاحاً هو: اسم مساو للمصدر في الدلالة على المعنى المجرد دون = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 258 تنفيساً مثل فرج يفرج تفريجاً وفرجاً هكذا قال أهل اللغة كما في النهاية (1) والقاموس (2) ومقاييس اللغة (3) قال في مقاييس اللغة: " النفس كل شيء يفرج به عن مكروب " فيكون معنى الحديث أن تنفيس الله تعالى عن المؤمنين يكون من أهل اليمن قال شيخ الإسلام ابن تيمية: " وهؤلاء هم الذين قاتلوا أهل الردة وفتحوا الأمصار فيهم نفس الرحمن عن المؤمنين الكربات " ا. هـ جـ (6) مجموع فتاوى شيخ الإسلام لابن قاسم. ******   = تقيد بزمان ولكنه يخالفه بنقص بعض حروفه لفظاً وتقديراً دون تعويض مثل: الفعل " أعطى " مصدره الأصلي: " إعطاء " فإذا قلنا " عطاء " كان مساوياً للفظ " إعطاء " وينقص عنه الهمزة في أوله دون أن يعوض منها بشيء لفظاً وتقديراً فإن كان النقص في اللفظ فقط دون التقدير فاللفظ مصدر وليس باسم مصدر مثل = : " قاتل قتالاً " والأصل: قيتالاً خلا اللفظ " قتالاً " من " الياء " ولكنها مقدرة وإن خلا الحرف لفظاً وعوض منه بشيء فهو مصدر وليس باسم مصدر فتقول في: " وعد " المصدر الأصلي " وعداً " أو " عدة " فقد حذفت " الواو " وعوض منها بالتاء المربوطة في الآخر فالمصدر الذي حذف منه حرف ولم يعوض منه بشيء يسمى: اسم مصدر مثل: " كلاماً " وتكلماً ا. هـ انظر المعجم المفصل في النحو العربي للدكتورة عزيزة فوال. (1) النهاية لابن الأثير (5/93) . (2) للفيروز آبادي ص745، وشرح القاموس للزبيدي (4/259) . (3) لابن فارس (5/460) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 259 المثال الرابع: قوله تعالى:} ثم استوى إلى السماء { [البقرة: 29] والجواب: أن لأهل السنة في تفسيرها قولين: أحدهما: أنها بمعنى ارتفع إلى السماء وهو الذي رجحه ابن جرير (1) قال في تفسيره بعد ان ذكر الخلاف: (وأولى المعاني بقول الله جل ثناؤه: {ثم استوى إلى السماء فسواهن} [البقرة:29] علا عليهن وارتفع بقدرته وخلقهن سبع سموات) ا. هـ وذكره البغوي في تفسيره (2) قول ابن عباس (3) وأكثر مفسري السلف   (1) في تفسيره (1/192) وقال: والعجب ممن أنكر المعنى المفهوم من كلام العرب في تأويل قول الله: {ثم استوى إلى السماء} الذي هو بمعنى العلو والارتفاع هرباً عند نفسه من أن يلزمه بزعمه إذا تأوله بمعناه المفهوم كذلك أن يكون إنما علا وارتفع بعد أن كان تحتها إلى أن تأوله بالمجهول من تأويله المستنكر ثم لم ينج مما هرب منه، فيقال له: زعمت أن تأويل قوله {استوى] : أقبل أفكان مدبراً عن السماء فأقبل إليها؟ فان زعم أن ذلك ليس بإقبال فعل ولكنه إقبال تدبير. قيل له: فكذلك فقل: علا عليها علو ملك وسلطان لا علو انتقال وزوال ثم لن يقول في شيء من ذلك قولاً إلا ألزم في الآخر مثله. ا. هـ وقال السمين في الدر المصون (1/171) ان من معاني استوى: علا وارتفع واستشهد بقول الشافعي: فأوردتهم ماء بفيفاء قفرة ... وقد حلق النجم اليماني فاستوى وكذا قال القرطبي في تفسيره (1/254) . واختار هذا القول الربيع بن أنس كما حكاه أبو حيان في البحر المحيط (1/280) وقدم هذا القول ابن عطية في تفسيره (1/223) ، والثعالبي في الجواهر (1/58) والألوسي في تفسيره (1/215) . (2) (1/59) . (3) وضعف هذا النقل القرطبي في تفسيره (1/254) وما هو بضعيف فقد نقله جمع كثير وانظر الوسيط للواحدي (1/112) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 260 وذلك تمسكاً بظاهر لفظ {استوى} وتفويضاً لعلم كيفية هذا الارتفاع إلى الله عز وجل. القول الثاني: أن الاستواء هنا بمعنى القصد التام وإلى هذا القول ذهب ابن كثير في تفسير سورة البقرة (1) والبغوي في تفسير سورة فصلت (2) قال ابن كثير: " أي قصد إلى السماء والاستواء ههنا ضمن معنى القصد والإقبال لأنه عدي بإلى " قال البغوي: " أى عمد إلى خلق السماء". وهذا القول ليس صرفاً للكلام عن ظاهره وذلك لأن الفعل " استوى " اقترن بحرف يدل على الغاية والانتهاء (3) فانتقل إلى معنى يناسب الحرف المقترن به ألا ترى إلى قوله تعالى: {عيناً يشرب بها عباد الله} [الإنسان: 6] حيث كان معناها يروى بها (4) عباد الله لأن الفعل " يشرب " اقترن بالباء   (1) (1/101) . (2) (4/109) . واختار هذا القول جمع من المفسرين منهم: السمين الحلبي (1/172) ، والنسفي (1/76) والخازن (1/34) ، وصديق حسن خان (1/120) ، وابن الجوزي (1/58) . وانظر الأقوال الأخرى التي خالفت منهج السلف في: تفسير الرازي (1/143) ، والبحر المحيط لأبي حيان (1/280) وبحر العلوم للسمرقندي (1/106) ، والسراج المنير للشربيني (1/43) وحاشية محي الدين زاده على البيضاوي (1/235) . (3) ... وهو حرف (إلى) وانظر الكلام عليه في: الجنى الداني في حروف المعاني للمرادي ص385. وموسوعة الحروف د. إميل يعقوب ص106. وحروف المعاني للزجاجي ص65 وص79. ورصف المباني في شرح حروف المعاني للمالقي ص166 ومغني اللبيب لابن هشام (1/74) ومختصره للشيخ ابن عثيمين ص24 وحاشية الدسوقي على مغنى اللبيب (1/79) . (4) ما ذكره المؤلف هو أحد الأقوال في المسألة وفيها أقوال أخرى هي: أ - أنها زائدة وهي بمنزلة يشربها واختار هذا القول ابن عطية في تفسيره (15/235) ب - ان الباء للتعدية بمعنى الاتصاف وضمن يشرب معنى يروى فعدى بها كما في تفسير الآلوسي (29/174) واختار هذا القول المؤلف. ت - وقيل بمعنى (من) التبعضية والمعنى يشرب منها عباد الله وهذا اختيار الأصمعي = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 261 فانتقل إلى معنى يناسبها وهو يروى فالفعل يضمن (1) معنى يناسب معنى الحرف المتعلق به ليلتئم الكلام. ******   = كما في تفسير الطاهر بن عاشور (29/381) . وفي المسألة أقوال أخرى، انظر: الجمل (8/186) البحر المحيط (8/837) ، حاشية شيخ محي الدين زاده على البيضاوي (4/588) ، زاد المسير (8/430) ، الدر المصون (6/440) . (1) - ... التضمن: لغة: مصدر تضمن الشيء: التزمه وغرمه. واصطلاحاً: إعطاء اللفظ معنى لفظ آخر وحكمه ويسمى أيضاً: التضمن النحوي ويقع التضمين في أبواب منها. في باب حروف المعاني وذلك يكون في ان يؤدي الحرف معنى حرف آخر مثل: " كتبت بالقلم " " الباء " معناها الاستعانة بالقلم ومثل قوله تعالى: {ذهب الله بنورهم} حملت الباء معنى التعدية فتعدى بواسطتها الفعل " ذهب " إلى مفعول به والتقدير: أذهب الله نورهم ومثل: " بعتك الزيت رطلاً بعشرين درهماً " فقد أدت " الباء " معنى التعويض أو التسعير ومثل: أمسكت بيد الأعمى " فقد أدت " الباء " معنى الإلصاق ومثل قوله تعالى: {عيناً يشرب بها عباد الله} فقد أدت " الباء " معنى التبعيض أي: منها أو يروى على الخلاف الذي سبق. انظر المعجم المفصل في النحو د. عزيزة فوال. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 262 **المثال الخامس والسادس: (1) قوله تعالى في سورة الحديد:} وهو معكم أينما كنتم { [الحديد: 4] وقوله في سورة المجادلة} ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا { [المجادلة: 7] والجواب: أن الكلام في هاتين الآيتين حق على حقيقته وظاهره ولكن ما حقيقته وظاهره.؟ هل يقال: إن ظاهره وحقيقته أن الله تعالى مع خلقه معية تقتضي أن يكون مختلطاً بهم أو حالاً في أمكنتهم؟ أو يقال: إن ظاهره وحقيقته أن الله تعالى مع خلقه معية تقتضي أن يكون محيطاً بهم علماً وقدرة وسمعاً وبصراً وتدبيراً وسلطاناً وغير ذلك من معاني ربوبيته مع علوه. على عرشه فوق جميع خلقه؟ ولا ريب أن القول الأول لا يقتضيه السياق ولا يدل عليه بوجه من الوجوه وذلك لأن المعية هنا أضيفت إلى الله عز وجل وهو أعظم وأجل من أن يحيط به شيء من مخلوقاته ولأن المعية في اللغة العربية التي نزل بها القرآن لا تستلزم الاختلاط أو المصاحبة في المكان وإنما تدل على مطلق مصاحبة ثم تفسر في كل موضع بحسبه (2)   (1) مراده ذكر آيتين وليس مثالين متغايرين. (2) ... قال الراغب في المفردات (2/608) : مع: يقتضي الاجتماع إما في المكان نحو هما معاً في الدار أو في الزمان نحو ولدا معاً، وإما في الشرف والرتبة نحو: هما معاً في العلو ويقتضى معنى النصرة، وأن المضاف إليه لفظ مع هو المنصور نحو قوله: {لا تحزن إن الله معنا} [التوبة: 40] أي: الذي مع يضاف إليه في قوله الله معنا هو منصور أي ناصرنا وقوله: {ان الله مع الذين اتقوا} [النحل: 128] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 263 وتفسير معية الله تعالى لخلقه بما يقتضي الحلول والاختلاط باطل من وجوه: الأول: أنه مخالف لإجماع السلف فما فسرها أحد منهم بذلك بل كانوا مجمعين على إنكاره (1) . الثاني: أنه مناف لعلو الله الثابت بالكتاب والسنة والعقل والفطرة وإجماع السلف وما كان منافياً لما ثبت بدليل كان باطلاً بما يثبت به ذلك المنافي وعلى هذا فيكون تفسير معية الله لخلقه بالحلول والاختلاط باطلاً بالكتاب والسنة والعقل والفطرة وإجماع السلف. = وقوله: {وهو معكم أينما كنتم} ب الحديد: 4] {إن الله مع الصابرين} [البقرة: 153] ، {أن الله مع المتقين} [البقرة: 194] وقوله عن موسى: {إن معي ربي} [الشعراء: 62] ا. هـ وقال السمين في عمدة الحفاظ (4/115) : {والله مع الصابرين} ونحوه فالمراد الصحبة بالمعونة والإثبات ا. هـ. وأطلق أئمة اللغة العربية على أن المراد من المعية الصحبة ثم يفسر في كل موضوع بحسبه ويراجع في ذلك: الجوهري في الصحاح (3/1286) ، وابن سيدة في المحكم (1/55) وابن منظور في اللسان (13/144) والفيروز آبادي في المحيط ص987، وشرحه للزبيدي (5/514) .   (1) وقد أجمع المفسرون على ان المراد بذلك العلم والقدرة أو الحراسة والحفظ ولم يقل أحد أن الله معنا بذاته. قال الطبري في تفسيره (14/13) : هو فوق العرش وعلمه معهم ا. هـ وللنظر في أقوال المفسرين يرجع إلى: النسفي (3/447) ، وأبي حيان (8/217) والرازي (29/187) ، وابن كثير (6/98) والخازن (4/246) وابن عاشور (27/364) ، والشربيني (4/225) ، وابن الجوزي (8/161) ، والماوردي (5/470) والآلوسي (27/168) ، والبغوي (4/294) ، والثعالبي (3/293) ، وحاشية محي الدين شيخ زاده (4/465) ، والجمل على الجلالين (9/440) ، والقرطبي (17/290) ، والشهاب على البيضاوي (9/121) ، وصديق حسن خان (14/19) وقال ابن عطية في تفسيره (15/286) ، ان الأمة أجمعت على هذا التأويل ا. هـ ولا يخفى ان كان مراده من التأويل هنا صرف اللفظ عن ظاهره وهو أن يكون الله معنا بذاته فلا شك أن هذا ليس ظاهراً وقد سبق ان الظاهر هو ما يتبادر إلى الذهن وهو يختلف بحسب السياق، وان كان مراده بالتأويل التفسير فهذا حق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 264 الثالث: أنه مستلزم للوازم باطلة لا تليق بالله سبحانه وتعالى ولا يمكن لمن عرف الله تعالى وقدره حق قدره وعرف مدلول المعية في اللغة العربية التي نزل بها القرآن أن يقول إن حقيقة معية الله لخلقه تقتضي أن يكون مختلطاً بهم أو حالاً في أمكنتهم فضلاً عن أن تستلزم ذلك ولا يقول ذلك إلا جاهل باللغة جاهل بعظمة الرب جل وعلا. فإن تبين بطلان هذا القول تعين أن يكون الحق هو القول الثاني وهو أن الله تعالى مع خلقه معية تقتضي أن يكون محيطاً بهم علماً وقدرة وسمعاً وبصراً وتدبيراً وسلطاناً وغير ذلك مما تقتضيه ربوبيته مع علوه على عرشه فوق جميع خلقه. وهذا هو ظاهر الآيتين بلا ريب لأنهما حق ولا يكون ظاهر الحق إلا حقاً ولا يمكن أن يكون الباطل ظاهر القرآن أبداً. قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتوى الحموية ص (103) ج (5) من مجموع الفتاوى لابن القاسم: " ثم هذه المعية تختلف أحكامها بحسب الموارد فلما قال: {يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها} [الحديد: 4] إلى قوله {وهو معكم أينما كنتم} [الحديد: 4] دل ظاهر الخطاب على أن حكم هذه المعية ومقتضاها أنه مطلع عليكم شهيد عليكم ومهيمن عالم بكم وهذا معنى قول السلف إنه معهم بعلمه (1) وهذا ظاهر الخطاب وحقيقته وكذلك في قوله: {ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم] إلى قوله: {هو معهم أينما كانوا} [المجادلة:7] ولما قال النبي صلى الله عليه وسلم لصاحبه في الغار: " لا تحزن إن الله معنا " كان هذا أيضاً حقاً على ظاهره ودلت الحال على أن حكم هذه المعية هنا معية الاطلاع والنصر والتأييد ". ثم قال: " فلفظ المعية قد استعمل في الكتاب والسنة في مواضع   (1) ... كان هذا معنى قول السلف إنه معهم بعلمه لأنه إذا كان معلوماً أن الله تعالى معنا مع علوه لم يبق إلا أن يكون مقتضى هذه المعية أنه تعالى عالم بنا مطلع شهيد مهيمن لا أنه معنا بذاته في الأرض، قاله المؤلف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 265 يقتضي في كل موضع أموراً لا يقتضيها في الموضع الآخر فإما أن تختلف دلالتها بحسب المواضع أو تدل على قدر مشترك بين جميع مواردها وإن امتاز كل موضع بخاصية فعلى التقديرين ليس مقتضاها أن تكون ذات الرب عز وجل مختلطة بالخلق حتى يقال قد صرفت عن ظاهرها " ا. هـ (1) ويدل على أنه ليس مقتضاها أن تكون ذات الرب عز وجل مختلطة بالخلق أن الله تعالى ذكرها في آية المجادلة بين ذكر عموم علمه في أول الآية وآخرها فقال: {ألم تر أن الله يعلم ما في السموات وما في الأرض ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة إن الله بكل شيء عليم} [المجادلة: 7] فيكون ظاهر الآية أن مقتضى هذه المعية علمه بعباده وأنه لا يخفى عليه شيء من أعمالهم لا أنه سبحانه مختلط بهم ولا أنه معهم في الأرض أما في آية الحديد فقد ذكرها الله تعالى مسبوقة بذكر استوائه على عرشه وعموم علمه متلوة ببيان أنه بصير بما يعمل العباد فقال: {هو الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو معكم أينما كنتم والله بما تعلمون بصير} [الحديد: 4] (2) فيكون ظاهر الآية أن مقتضى هذه المعية علمه بعباده وبصره بأعمالهم مع علوه عليهم واستوائه على عرشه لا أنه سبحانه مختلط بهم ولا أنه معهم في الأرض وإلا لكان آخر الآية مناقضاً لأولها الدال على علوه واستوائه على عرشه. . فإذا تبين ذلك علمنا أن مقتضى كونه تعالى مع عباده أنه يعلم أحوالهم ويسمع أقوالهم ويرى أفعالهم ويدبر شؤونهم فيحيى ويميت ويغنى ويفقر ويؤتي   (1) انظر شرح الواسطية لزيد بن فياض ص203. (2) . انظر فتح البيان لصديق حسن خان (13/398) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 266 الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء ويعز من يشاء ويذل من يشاء إلى غير ذلك مما تقتضيه ربوبيته وكمال سلطانه لا يحجبه عن خلقه شيء ومن كان هذا شأنه فهو مع خلقه حقيقة ولو كان فوقهم على عرشه حقيقة (1) . قال شيخ الإسلام ابن تيمية في العقيدة الواسطية ص (142) جـ 3 من مجموع الفتاوى لابن قاسم في فصل الكلام على المعية قال: " وكل هذا الكلام الذي ذكره الله سبحانه من أنه فوق العرش وأنه معنا حق على حقيقته لا يحتاج إلى تحريف ولكن يصان عن الظنون الكاذبة"ا. هـ (2)   (1) وقد سبق ان المعية في اللغة العربية لا تستلزم الاختلاط أو المصاحبة في المكان. (2) انظر شروح الواسطية على هذه الآية. وسئل الشيخ ابن عثيمين: هل أحد سبق شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم في أن المعية حقيقية تليق بالله ينزه فيها الباري عن أن يكون مختلطاً بالخلق أو حالاً في أمكنتهم؟ وعن الحديث القدسي " وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل ... "؟ وعن قول ابن القيم في الصواعق - مختصرها - " فهو قريب من المحسنين بذاته ورحمته " هل هو صحيح وهل سبقه أحد من ذلك؟ فأجاب فضيلته بقوله: لا أعلم أحداً صرح بذلك لكن الذي يظهر أن الكلام فيها كغيرها من الصفات تفهم على حقيقتها مع تنزيه الله تعالى عما لا يليق به كما يفهم الاستواء والنزول وغيرهما ولهذا لم يتكلم الصحابة فيما أعلم بلفظ الذات في الاستواء والنزول أي لم يقولوا استوى على العرش بذاته أو ينزل إلى السماء الدنيا بذاته لأن ذلك مفهوم من اللفظ فإن الفعل أضيف إلى الله تعالى إما إلى الاسم الظاهر أو الضمير، فإذا أضيف إليه كان الأصل أن يراد به ذات الله - عز وجل - لكن لما حدث تحريف معنى الاستواء والنزول احتاجوا إلى توكيد الحقيقة بذكر الذات وكذلك لما حدث القول بالحلول وشَبَّه القائلون به بآيات المعية بَيَّن السلف بطلان تلبيسهم وأنه لا يراد بها أنه معهم بذاته مختلطاً بهم كما فهم أولئك الحلولية وأن المراد بها بيان إحاطته بالخلق علماً وذكروا العلم لأنه أهم الصفات متعلقاً ولأنها جاءت في سياقه. والمهم أن هذه المسألة كغيرها من مسائل الصفات تجرى على ظاهرها على ما يليق بالله - عز وجل - وما ورد عن السلف فإنه داخل في معناها لأنه من لوازمه واقتصروا عليه خوف المحذور وإلا فلا يخفى أن حقيقة المعية أوسع من العلم وأبلغ، ولظهور هذه المسألة وأنها لم تخرج عن نظائرها لم يكن فيها كلام عن الصحابة - رضي الله عنهم - اللهم إلا ما ذكر عن ابن عباس - رضي الله عنهما - ذكره ابن أبي حاتم في تفسيره عنه، قال هو على العرش، وعلمه معهم، ثم اشتهر ذلك بين السلف حين انتشر تفسير الجهمية لها بالحلول. = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 267 وقال في الفتوى الحموية ص (102-103) جـ (5) من المجموع المذكور: وجماع الأمر في ذلك أن الكتاب والسنة يحصل منهما كمال الهدى والنور لمن تدبر كتاب الله وسنة نبيه وقصد إتباع الحق وأعرض عن تحريف الكلم عن مواضعه والإلحاد في أسماء الله وآياته ولا يحسب الحاسب أن شيئاً من ذلك يناقض بعضه بعضاً ألبته مثل أن يقول القائل: ما في الكتاب   = وأما سؤالكم عن الحديث القدسي: " وما يزال عبدي يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها ولئن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه " فأنت ترى أن الله تعالى ذكر في الحديث عبداً ومعبوداً ومتقرباً ومتقرباً إليه، ومحباً ومحبوباً وسائلاً " ومسئولاً ومعطياً ومعطى ومستعيذاً ومستعاذاً به ومعيذاً ومعاذاً فالحديث يدل على اثنين متباينين كل واحد منهما غير الآخر فإذا كان كذلك لم يكن ظاهر قوله كنت سمعه وبصره ويده ورجله أن الخالق يكون جزءاً من المخلوق أو صفاً فيه تعالى الله عن ذلك وإنما ظاهره وحقيقته أن الله تعالى يسدد هذا العبد في سمعه وبصره وبطشه ومشيه فيكون سمعه لله تعالى إخلاصاً وبه استعانة وفيه شرعاً وإتباعا وهكذا بصره وبطشه ومشيه. وأما سؤالكم عن قول ابن القيم في الصواعق (مختصرها) فهو قريب من المحسنين بذاته ورحمته فهل يصح؟ وهل سبقه أحد في ذلك؟ فإن ابن القيم يرحمه الله تعالى قاله أخذاً بظاهر قوله تعالى: {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون} فهذه الضمائر (عبادي) (عني) (فإني) (قريب) (أجيب) (دعان) (لى) (بي) كلها تعود إلى الله - عز وجل - فكما أنه نفسه المعبود المسئول عنه المجيب لدعوة الداعي الواجب الإيمان به فهو القريب كذلك ولا يلزم من ذلك الحلول لأن الله تعالى ليس كمثله شيء في جميع صفاته فهو قريب في علوه. وقد سبقه إلى مثل ذلك شيخه شخ الإسلام ابن تيمية - يرحمه الله تعالى - حيث قال في شرح النزول ص (508) جـ 5 من مجموع الفتاوى: " ولهذا لما ذكر الله سبحانه قربه من داعيه وعابديه قال {وإذا سألك عبادي عنى فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان} فهنا هو نفسه سبحانه القريب الذي يجيب دعوة الداع " إلى أن قال ص (510) " وأما قرب الرب قربا يقوم به بفعله القائم بنفسه فهذا تنفيه الكلابية، ومن يمنع قيام الأفعال الاختيارية بذاته وأما السلف وأئمة الحديث والسنة فلا يمنعون ذلك، وكذلك كثير من أهل الكلام " ا. هـ. ملاحظة: نقلنا فتوى الشيخ زيادة على موطن الشاهد لأن الباقي من الفتوى سيأتي في الأمثلة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 268 والسنة من أن الله فوق العرش يخالفه الظاهر من قوله تعالى: {وهو معكم} وقوله صلى الله عليه وسلم: " إذا قام أحدكم إلى الصلاة فإن الله قبل وجهه " (1) . ونحو ذلك فإن هذا غلط وذلك أن الله معنا حقيقة وهو فوق العرش حقيقة كما جمع الله بينهما في قوله سبحانه وتعالى: {هو الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو معكم أينما كنتم والله بما تعملون بصير} [الحديد: 4] . فأخبر انه فوق العرش يعلم كل شيء وهو معنا أينما كنا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الأوعال (2) : " والله فوق العرش وهو يعلم ما أنتم عليه " (3) ا. هـ   (1) رواه البخاري كما طبعة في الفتح (1/307) ومسلم كما في طبعة شرح النووي (5/38) . (2) الأوعال: جمع وعل: وهو تيس الجبل وأراد بالأوعال: الأشراف والرؤوس شبههم بها لأنها تأوي إلى شعف الجبال، ومنه قول أبي هريرة: لا تقوم الساعة حتى تعلو التحوت وتهلك الوعول قيل وما التحوت؟ قال: سفول الرجال وأهل البيوت الغامضة والوعول: أهل البيوت الصالحة ا. هـ من حاشية الحموية للتويجري ص221 (3) ... هذا الحديث المعروف بحديث " الأوعال " قد كثر الكلام حوله وأخرجه الأئمة في دواوينهم ونصه: عن الأحنف بن قيس عن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه قال: كنت في البطحاء في عصابة فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فمرت سحابة فنظر إليها فقال: " ما تسمون هذه؟ قالوا: السحاب. قال " والمزن " قالوا: والمزن قال " والعنان " قالوا والعنان " قال: " هل تدرون ما بعد ما بين السماء والأرض؟ قالوا: لا ندري. قال: " إن بعد ما بينهما إما واحدة أو اثنتان أو ثلاث وسبعون سنة ثم السماء فوقها كذلك " حتى عدد سبع سموات: " ثم فوق السابعة بحر بين أسفله وأعلاه مثل ما بين سماء إلى سماء ثم فوق ذلك ثمانية أوعال، بين أظلافهم وركبهم مثل ما بين سماء وسماء ثم على ظهورهم العرش بين أسفله وأعلاه مثل ما بين سماء وسماء ثم الله تبارك وتعالى فوق ذلك ". الحديث رواه داود (5/93) رقم 4723، كتاب السنة، باب في الجهمية. وهذا لفظه والترمذي (5/424) رقم (332) كتاب التفسير، باب تفسير سورة الحاقة وقال هذا حديث حسن غريب. وابن ماجه (1/69) رقم 193، المقدمة، باب فيما أنكرت الجهمية. وأحمد (1/206-207) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 269 واعلم أن تفسير المعية بظاهرها على الحقيقة اللائقة بالله تعالى لا يناقض ما ثبت من علو الله تعالى بذاته على عرشه وذلك من وجوه ثلاثة: الأول: أن الله تعالى جمع بينهما لنفسه في كتابه المبين المنزه عن التناقض وما جمع الله بينهما في كتابه فلا تناقض بينهما. وكل شيء في القرآن تظن فيه التناقض فيما يبدو لك فتدبره حتى يتبين لك لقوله تعالى: {أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا   = - وابن أبي عاصم في " السنة " (1/254) رقم 578. - وابن أبي شيبة في كتاب " العرش " ص55. - ورواه ابن خزيمة في " التوحيد " (1/334) . - والدرامي في " الرد على الجهمية) ص24. - والأجري في " الشريعة " ص292. واللالكائي في: اعتقاد أهل السنة " (3/390) رقم 651. والحاكم في " المستدرك " (2/287، 500) وقال: هذا حديث على شرط مسلم ولم يخرجاه، وقد أسند هذا الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم شعيب بن خالد الرازي، والوليد بن أبي ثور، وعمرو بن ثابت بن أبي المقدم عن سماك بن حرب، ولم يحتج الشيخان بواحد منهم، وقد ذكرت حديث شعيب بن خالد إذ هو أقربهم إلى الاحتجاج به ا. هـ - والبيهقي في " الأسماء والصفات " (2/142) . - والعقيلي في " الضعفاء " (2/284) . - وابن عبد البر في " التمهيد " (7/140) . - والحافظ أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2/2) . - والمزي في " تهذيب الكمال " (2/719) . - وأبو العلاء الهمذاني في " ذكر الاعتقاد وذم الاختلاف " ص67-68 رقم 19. - وابن الجوزي في " العلل المتناهية " (1/8) وقد رواه من طريقين وقال: هذا حديث لا يصح ا. هـ وقال الحافظ المنذري بعد أن ذكر الحديث: وفي إسناده بن أبي ثور ولا يحتج بحديثه ا. هـ مختصر سنن أبي داود (7/93) . ورد شيخ الإسلام على من طعن في هذا الحديث ا. هـ من حاشية الحموية للتويجرى ص 0224 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 270 فيه اختلافاً كثيراً} [النساء: 82] فإن لم يتبين لك فعليك بطريق الراسخين في العلم الذين يقولون: {آمنا به كل من عند ربنا} [أل عمران: 7] وكل الأمر إلى منزله الذي يعلمه واعلم أن القصور في علمك أو في فهمك وأن القرآن لا تناقض فيه. وإلى هذا الوجه أشار شيخ الإسلام في قوله فيما سبق: " كما جمع الله بينهما " وكذلك ابن القيم كما في مختصر الصواعق لابن الموصلي ص (410) ط الإمام في سياق كلامه على المثال التاسع مما قيل إنه مجاز قال: " وقد أخبر الله أنه مع خلقه مع كونه مستوياً على عرشه وقرنبين الأمرين كما قال تعالى - وذكر آية سورة الحديد - ثم قال: " فأخبر أنه خلق السموات والأرض وأنه استوى على عرشه وأنه مع خلقه يبصر أعمالهم من فوق عرشه كما في حديث الأوعال: " والله فوق العرش يرى ما أنتم عليه " فعلوه لا يناقض معيته ومعيته لا تبطل علوه بل كلاهما حق" ا. هـ الوجه الثاني: أن حقيقة معنى المعية لا يناقض العلو فالاجتماع بينهما ممكن في حق المخلوق فإنه يقال: ما زلنا نسير والقمر معنا ولا يعد ذلك تناقضاً ولا يفهم منه أحد أن القمر نزل في الأرض فإذا كان هذا ممكناً في حق المخلوق ففي حق الخالق المحيط بكل شيء مع علوه سبحانه من باب أولى وذلك لأن حقيقة المعية لا تستلزم الاجتماع في المكان. وإلى هذا الوجه أشار شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتوى الحموية ص (103) المجلد الخامس من مجموع الفتاوى لابن قاسم حيث قال: " وذلك أن كلمة (مع) في اللغة إذا أطلقت فليس ظاهرها في اللغة إلا المقارنة المطلقة من غير وجوب مماسة أو محاذاة عن يمين أو شمال فإذا قيدت بمعنى من المعاني دلت على المقارنة في ذلك المعنى فإنه يقال: ما زلنا نسير والقمر معنا أو والنجم معنا ويقال: هذا المتاع معي لمجامعته لك وإن كان فوق رأسك فالله مع خلقه حقيقة وهو فوق عرشه حقيقة " ا. هـ وصدق رحمه الله تعالى فإن من كان عالماً بك مطلعاً عليك مهيمناً عليك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 271 يسمع ما تقول ويرى ما تفعل ويدبر جميع أمورك فهو معك حقيقة وإن كان فوق عرشه حقيقة لأن المعية لا تستلزم الاجتماع في المكان. الوجه الثالث: أنه لو فرض اجتماع المعية والعلو في حق المخلوق لم يلزم أن يكون ذلك ممتنعاً في حق الخالق الذي جمع لنفسه بينهما لأن الله تعالى لا يماثله شيء من مخلوقاته كما قال تعالى: {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} [الشورى: 11] . وإلى هذا الوجه أشار شيخ الإسلام ابن تيمية في العقيدة الواسطية ص (143) ج (3) من مجموع الفتاوى حيث قال: " وما ذكر في الكتاب والسنة من قربه ومعيته لا ينافي ما ذكر من علوه وفوقيته فإنه سبحانه ليس كمثله شيء في جميع نعوته وهو علىّ في دنوه قريب في علوه " ا. هـ (1) (تتمة) انقسم الناس في معية الله تعالى لخلقه ثلاثة أقسام: القسم الأول يقولون: " إن معية الله تعالى لخلقه مقتضاها العلم والإحاطة في المعية العامة ومع النصر والتأييد في المعية الخاصة مع ثبوت علوه بذاته واستوائه على عرشه " وهؤلاء هم السلف ومذهبهم هو الحق كما سبق تقريره. القسم الثاني يقولون: " إن معية الله لخلقه مقتضاها أن يكون معهم في الأرض مع نفى علوه واستوائه على عرشه ". وهؤلاء هم الحلولية من قدماء الجهمية وغيرهم ومذهبهم باطل منكر أجمع السلف على بطلانه وإنكاره كما سبق. القسم الثالث يقولون: " إن معية الله لخلقه مقتضاها أن يكون معهم في الأرض مع ثبوت علوه فوق عرشه " ذكر هذا (2) شيخ الإسلام ابن تيمية ص (229) ج (5) من مجموع الفتاوى.   (1) ... انظر شرح الواسطية لكل من الشيخ عبد العزيز الرشيد ص217، وزيد بن فياض ص274 وصالح الفوزان ص 134. (2) ... أي هذه الأقوال وليس معنى ذلك أنه اختيار شيخ الإسلام لأن هذا القول غلطه شيخ الإسلام كما في (5/230) وانظر الأقوال في مجموعة الرسائل والمسائل (1/69) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 272 وقد زعم هؤلاء أنهم أخذوا بظاهر النصوص في المعية والعلو وكذبوا في ذلك فضلوا فإن نصوص المعية لا تقتضي ما ادعوه من الحلول لأنه باطل ولا يمكن أن يكون ظاهر كلام الله ورسوله باطلاً. (تنبيه) اعلم أن تفسير السلف لمعية الله تعالى لخلقه بأنه معهم بعلمه لا يقتضي الاقتصار على العلم بل المعية تقتضي أيضاً إحاطته بهم سمعاً وبصراً وقدرة وتدبيراً ونحو ذلك من معاني ربوبيته (1) .   (1) وقد سبق أن نقلنا أقوال المفسرين في ذلك. ملاحظة: بقى قسم رابع لم يذكره المؤلف، وهو قول المعطلة الجهمية ونفاتهم وهم الذين يقولون لا داخل العالم ولا خارجه ولا مباين ولا محايث، انظر الروضة الندية ص279. وفي نوازل العلمي (3/293) : وسئل سيدي أحمد بن جلال عن مسألة وهي: هل نقول المولى تبارك وتعالى لا داخل في العالم ولا خارج؟ قال السائل: هذا سمعته من بعض شيوخنا واعترضه بأن هذا رفع للنقيضين وقال بعض شيوخنا في هذه المسألة هو الكل أي الذي قام به كل شيء وزعم أنه للإمام الغزالي وأجاب بعضهم بأن هذا السؤال معضل ولا يجوز السؤال عنه وزعم ان ابن مقلاش هكذا أجاب عنه في شرحه للرسالة. فأجاب: بأنا نقول ذلك ونجزم به ونعتقد أنه لا داخل العالم ولا خارج عن العالم والعجز عن الإدراك إدراك لقيام الدلائل الواضحة على ذلك عقلاً ونقلاً أما النقل فالكتاب والسنة والإجماع أما الكتاب فقوله عز وجل: {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} فلو كان داخل العالم أو خارجا عنه لكان مماثلاً بيان الملازمة واضح أما الأول فلأنه إن كان فيه صار من جنسه فيجب له ما وجب له وأما الثاني فلأنه إن كان خارجاً لزم إما اتصاله وإما انفصاله وانفصاله إما بمسافة متناهية أو غير متناهية وذلك يؤدي إلى افتقاره إلى مخصص وأما السنة فقوله صلى الله عليه وسلم: " كان الله ولا شيء معه وهو الآن على ما كان عليه " وأما الإجماع فأجمع أهل الحق قاطبة على أن الله تعالى لا جهة له ولا فوق ولا تحت ولا يمين ولا شمال ولا أمام والاعتراض بأنه رفع للنقيضين ساقط لأن التناقض إنما يعتبر حيث يتصف المحل بأحد النقيضين وتواردا عليه، وأما حيث لا يصح تواردهما على المحل ولا يمكن الاتصاف بأحدهما فلا تناقض كما يقال مثلاً الحائط لا أعمى ولا بصير فلا تناقض لصدق النفيين فيه لعدم قبوله لهما وكما يقال الباري لا فوق ولا تحت وقس على ذلك ا. هـ وهذه هي عقيدة متأخري الأشعرية ولن يوصف المعدوم بوصف أبلغ من هذا الوصف الذي وصفوا به الخالق جل وعلا كما قال محمود بن سبكتكين ت في غزنة سنة 422هـ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 273 (تنبيه آخر) أشرت فيما سبق إلى أن علو الله تعالى ثابت بالكتاب والسنة والعقل والفطرة والإجماع. - أما الكتاب: فقد تنوعت دلالته على ذلك (1) . - فتارة بلفظ العلو والفوقية والاستواء على العرش وكونه في السماء كقوله تعالى: {وهو العلي العظيم} [البقرة: 255] {وهو القاهر فوق عباده} [الأنعام: 18] {الرحمن على العرش استوى} [طه: 5] {أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض} [الملك: 16] وتارة بلفظ صعود الأشياء وعروجها ورفعها إليه كقوله: {إليه يصعد الكلم الطيب} [فاطر: 10] {تعرج الملائكة والروح إليه} [المعارج: 4] {إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي} [آل عمران: 55] . - وتارة بلفظ نزول الأشياء منه ونحو ذلك كقوله تعالى: {قل نزله روح القدس من ربك} [النحل: 102] {يدبر الأمر من السماء إلى الأرض} [السجدة: 5] . - وأما السنة: فقد دلت عليه بأنواعها القولية والفعلية والإقرارية في أحاديث كثيرة تبلغ حد التواتر وعلى وجوه متنوعة كقوله صلى الله عليه وسلم في سجوده: " سبحان ربي الأعلى " (2) . وقوله: " إن الله لما قضى الخلق كتب عنده فوق عرشه إن رحمتي سبقت غضبي" (3) وقوله: "ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء" (4) وثبت عنه أنه رفع يديه وهو على المنبر يوم الجمعة يقول: "اللهم أغثنا" (5) وأنه رفع يده إلى السماء وهو يخطب الناس يوم عرفة حين قالوا نشهد أنك قد بلغت   (1) انظر ذلك في الروضة الندية لزيد بن فياض ص137 وقد فصلها الإمام ابن القيم في النونية. (2) . رواه مسلم في صحيحه المطبوع مع شرح النووي (5/63) (3) رواه البخاري المطبوع مع الفتح (13/415) ومسلم المطبوع مع شرح النووي (17/67) . (4) . رواه البخاري المطبوع مع الفتح (7/666) . (5) رواه مسلم في صحيحه مع شرح النووي (7/192) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 274 وأديت ونصحت فقال: " اللهم اشهد " (1) وأنه قال للجارية: "أين الله" قالت في السماء فأقرها وقال لسيدها: "اعتقها فإنها مؤمنة" (2) - وأما العقل: فقد دل على وجوب صفة الكمال لله تعالى وتنزيهه عن النقص والعلو صفة كمال والسفل نقص فوجب لله تعالى صفة العلو وتنزيهه عن ضده. - وأما الفطرة: فقد دلت على علو الله تعالى دلالة ضرورية فطرية فما من داع أو خائف فزع إلى ربه تعالى إلا وجد في قلبه ضرورة الاتجاه نحو العلو لا يلتفت عن ذلك يمنة ولا يسرة. واسأل المصلين يقول الواحد منهم في سجوده: " سبحان ربي الأعلى " أين تتجه قلوبهم حينذاك. - وأما الإجماع: فقد أجمع الصحابة والتابعون والأئمة على أن الله تعالى فوق سمواته مستو على عرشه وكلامهم مشهور في ذلك نصاً وظاهراً قال الأوزاعي: " كنا والتابعون متوافرون نقول إن الله تعالى ذكره فوق عرشه ونؤمن بما جاءت به السنة من الصفات (3) وقد نقل الإجماع على ذلك غير واحد من أهل العلم ومحال أن يقع في مثل ذلك خلاف وقد تطابقت عليه هذه الأدلة العظيمة التي لا يخالفها إلا مكابر طمس على قلبه واجتالته الشياطين عن فطرته نسأل الله تعالى السلامة والعافية.   (1) رواه البخاري مع الفتح (2/585) ، ومسلم مع شرح النووي (8/184) . (2) . رواه مسلم مع شرح النووي (5/24) . (3) رواه البيهقي في الأسماء والصفات (2/150) . - والذهبي في السير (7/120-121) وذكره الذهبي في " العلو " ص102) من رواية الحاكم، وانظر المختصر ص137-138 ورواه في " تذكرة الحفاظ " (1/181-182) وحكم عليه بالصحة وذكره في كتابه " الأربعين " ص81. - وصححه شيخ الإسلام أيضاً في الحموية ص (299) وانظر: درء تعارض العقل والنقل (6/262) وكذا ابن القيم في اجتماع الجيوش ص31. - وذكره الحافظ في الفتح (13/406) وجود إسناده ا. هـ من حاشية الحموية للتويجري. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 275 فعلو الله تعالى بذاته وصفاته من أبين الأشياء وأظهرها دليلاً وأحق الأشياء وأثبتها واقعاً. (تنبيه ثالث) اعلم أيها القارئ العزيز أنه صدر منى كتابة لبعض الطلبة تتضمن ما قلته في بعض المجالس في معية الله تعالى لخلقه ذكرت فيها: أن عقيدتنا أن لله تعالى معية حقيقية ذاتية تليق به وتقتضي إحاطته بكل شيء علماً وقدرة وسمعاً وبصراً وسلطاناً وتدبيراً وأنه سبحانه منزه أن يكون مختلطاً بالخلق أو حالاً في أمكنتهم بل هو العلي بذاته وصفاته وعلوه من صفاته الذاتية التي لا ينفك عنها وأنه مستو على عرشه كما يليق بجلاله وأن ذلك لا ينافي معيته لأنه تعالى: {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} [الشورى:11] . وأردت بقولي (ذاتية) توكيد حقيقة معيته تبارك وتعالى. وما أردت أنه مع خلقه سبحانه في الأرض (1) كيف وقد قلت في نفس هذه الكتابة كما ترى إنه سبحانه منزه أن يكون مختلطاً بالخلق أو حالاً في أمكنتهم وأنه العلي بذاته وصفاته وأن علوه من صفاته الذاتية التي لا ينفك عنها وقلت فيها أيضاً ما نصه بالحرف الواحد: " ونرى أن من زعم أن الله بذاته في كل مكان فهو كافر أو ضال إن اعتقده وكاذب إن نسبه إلى غيره من سلف الأمة وأئمتها " ا. هـ ولا يمكن لعاقل عرف الله وقدره حق قدره أن يقول إن الله مع خلقه في الأرض.   (1) وفي هذا رد صريح على ما قاله الشيخ على بن عبد الله الحواس في كتابه النقول الصحيحة الواضحة الجلية عن السلف الصالح في معنى المعية الألهية الحقيقية وهو رد على من قال ان معية الله لخلقه معية ذاتية المطبوع سنة 1404هـ وكان رداً على المؤلف وقد قال في ص6 ان هذا القول وصمة كبيرة وزلة خطيرة وفي ص7 ان هذا قول أهل البدع وكذا قال في ص15 ولا أدري كيف اشتط به القلم مع ان كلام المؤلف صريح في إنكار ذلك وهو ما قرره أيضاً في خاتمة كتاب التويجري (إثبات علو الله على خلقه) ص157 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 276 وما زلت ولا أزال أنكر هذا القول في كل مجلس من مجالسي جرى فيه ذكره. وأسأل الله تعالى أن يثبتني وإخواني المسلمين بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة هذا وقد كتبت بعد ذلك مقالاً نشر في مجلة (الدعوة) التي تصدر في الرياض نشر يوم الاثنين الرابع من شهر محرم سنة 1404هـ أربع وأربعمائة وألف برقم (911) قررت فيه ما قرره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى من أن: معية الله تعالى لخلقه حق على حقيقتها وأن ذلك لا يقتضي الحلول والاختلاط بالخلق فضلاً عن أن يستلزمه ورأيت من الواجب استبعاد كلمة (ذاتية) (1) وبينت أوجه الجمع بين علو الله تعالى وحقيقة المعية. واعلم أن كل كلمة تستلزم كون الله تعالى في الأرض أو اختلاطه بمخلوقاته أو نفي علوه أو نفي استوائه على عرشه أو غير ذلك مما لا يليق به تعالى فإنها كلمة باطلة يجب إنكارها على قائلها كائناً من كان وبأي لفظ كانت. وكل كلام يوهم - ولو عند بعض الناس - ما لا يليق بالله تعالى فإن الواجب تجنبه لئلا يظن بالله تعالى ظن السوء لكن ما أثبته الله تعالى لنفسه في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم فالواجب إثباته وبيان بطلان وهم من توهم فيه ما لا يليق بالله عز وجل. *****   (1) ... انظر سبب ذلك في المقال المنشور آخر هذا الكتاب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 277 - المثال السابع والثامن (1) قوله تعالى:} ونحن أقرب إليه من حبل الوريد { [ق: 16] وقوله:} ونحن أقرب إليه منكم { [الواقعة: 85] حيث فسر القرب فيهما بقرب الملائكة (2) .   (1) من الأمثلة التي استشكلها المؤولة واتهموا أهل السنة بالتأويل فزعموا أن أهل السنة الذين أثبتوا صفات الله على ظاهرها يتناقضون فيؤولون أحياناً بعض النصوص (2) اختلف المفسرون في هذه الآية: أ - ان المراد بذلك الملائكة وهذا اختيار الطبري (13/209) وابن كثير (6/91) وانظر فتاوى محمد بن إبراهيم أل الشيخ مفتي المملكة رحمه الله (1/211) ب - أن المراد به العلم أو القدرة. وهذا اختيار ابن عطية (13/539) وصديق حسن خان (13/387) والبيضاوي مع الشهاب (8/574) والآلوسي (13/387) ، وابن عاشور (26/300) ، والشربيني (4/83) والثعالبي (3/222) والقرطبي (17/9) وأبي حيان في البحر (8/123) والنسفي (3/364) والماوردي (5/347) ، والجمل (7/262) . ج_ ... وممن ذكر القولين في المسألة: ابن الجوزي في زاد المسير (9/155) ، محي الدين شيخ زادة على البيضاوي (4/466) ، والخازن (4/223) ، والبغوي (4/291) ، والثعالبي (3/289) ، والشوكاني (5/230) . ملاحظة: لم يفسر أحد القرب في هذه الآية بالقرب الذاتي لان ذلك مستحيل في حق الله كما سيذكر المؤلف وأما ما ذكره الشيخ عبد اللطيف كما في الدرر السنية في الأجوبة النجدية (3/306) ان هذا القرب لا ينافي علو الله فلم يقصد القرب الذاتي قطعاً بدليل قوله إن القائل ان الله بذاته في كل مكان هو جهمي ا. هـ وقال شيخ الإسلام في الفتاوى (5/501) : " أنفسنا منا وهو بذلك أقرب إلينا من حبل الوريد، وكيف لا يكون كذلك وهو أعلم بما توسوس به أنفسنا منا فكيف بحبل الوريد؟ ! وكذلك قال أبو عمرو الطلمنكي قال: ومن سأل عن قوله: {ونحن أقرب إليه من حبل الوريد} فاعلم أن ذلك كله على معنى العلم به والقدرة عليه والدليل من ذلك صدر الآية فقال الله تعالى: {ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد) لأن الله لما كان عالماً بوسوسته، كان = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 278 والجواب: أن تفسير القرب فيهما بقرب الملائكة ليس صرفاً للكلام عن ظاهره لمن تدبره. أما الآية الأولى: فإن القرب مقيد فيها بما يدل على ذلك (1) حيث قال: {ونحن أقرب إليه من حبل الوريد إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد} [ق: 16-18] ففي قوله {إذ يتلقى} [ق: 17] دليل على أن المراد به قرب الملكين المتلقين (2) . وأما الآية الثانية: فإن القرب فيها مقيد بحال الاحتضار والذي يحضر الميت عند موته هم الملائكة لقوله تعالى: {حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته = اقرب إليه من حبل الوريد، وحبل الوريد لا يعلم ما توسوس به النفس ويلزم الملحد على اعتقاده أن يكون معبوده مخالطاً لدم الإنسان ولحمه، وأن لا يجرد الإنسان تسمية المخلوق حتى يقول: خالق ومخلوق، لأن معبوده بزعمه داخل حبل الوريد من الإنسان وخارجه فهو على قوله ممتزج به غير مباين له. قال: وقد أجمع المسلمون من أهل السنة على أن الله على عرشه بائن من جميع خلقه وتعالى الله عن قول أهل الزيغ، وعما يقول الظالمون علواً كبيراً. قال: وكذلك الجواب في قوله فيمن يحضره الموت {ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون} أي بالعلم به والقدرة عليه إذ لا يقدرون له على حيلة ولا يدفعون عنه الموت وقد قال تعالى: {توفته رسلنا وهم لا يفرطون} وقال تعالى: {قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم} . قلت: وهكذا ذكر غير واحد من المفسرين مثل الثعلبي وأبى الفرج ابن الجوزي وغيرهما في قوله: {ونحن أقرب إليه من حبل الوريد} وأما في قوله {ونحن أقرب إليه منكم} فذكر أبو الفرج القولين: إنهم الملائكة وذكره عن أبي صالح عن ابن عباس وأنه القرب بالعلم وهؤلاء كلهم مقصودهم انه ليس المراد ان ذات الباري جل وعلا قريبة من وريد العبد ومن الميت ولما ظنوا ان المراد قربه وحده دون قرب الملائكة فسروا ذلك بالعلم والقدرة كما في لفظ المعية ولا حاجة إلى هذا فإن المراد بقوله {ونحن أقرب إليه منكم} أي بملائكتنا في الآيتين وهذا بخلاف لفظ المعية فإنه لم يقل ونحن معه بل جعل نفسه هو الذي مع العباد وأخبر انه ينبئهم يوم القيامة بما عملوا وهو نفسه الذي خلق السموات والأرض وهو نفسه الذي استوى على العرش فلا يجعل لفظ مثل لفظ مع تفريق القرآن بينهما. ا. هـ   (1) أي قرب الملائكة. (2) لأنه قيد القرب بالظرف أي نحن أقرب إليه وقت تلقي الملكين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 279 رسلنا (1) وهم لا يفرطون} [الأنعام: 61] ثم إن في قوله: {ولكن لا تبصرون} [الواقعة: 85] دليلاً بيناً على أنهم الملائكة إذ يدل على أن هذا القريب في نفس المكان ولكن لا نبصره وهذا يعين أن يكون المراد قرب الملائكة لاستحالة ذلك في حق الله تعالى (2) . بقى أن يقال فلماذا أضاف الله القرب إليه وهل جاء نحو هذا التعبير مراداً به الملائكة؟ (3) . فالجواب: أضاف الله تعالى قرب الملائكة إليه لأن قربهم بأمره وهم جنوده ورسله (4) . وقد جاء نحو هذا التعبير مراداً به الملائكة كقوله تعالى: {فإذا قرأناه فاتبع قرآنه} (5) [القيامة: 18] فإن المراد به قراءة جبريل القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أن الله تعالى أضاف القراءة إليه لكن لما كان جبريل يقرؤه على النبي صلى الله عليه وسلم بأمر الله تعالى صحت إضافة القراءة إليه تعالى، وكذلك جاء في قوله تعالى: {فلما ذهب عن إبراهيم الروع وجاءته البشرى يجادلنا في قوم لوط} [هود: 74] وإبراهيم إنما كان يجادل الملائكة الذين هم رسل الله تعالى (6) .   (1) أي الملائكة فهم الذين يحضرون الوفاة. (2) أي يستحيل أن يكون الله بذاته عند الميت (3) . هنا سؤالان يردان على من فسر القرب في الآية بقرب الملائكة: لماذا أضاف الله القرب إليه؟ هل ورد مثل هذا التعبير في القرآن؟ (4) وهو جار في اللغة العربية فإن الملك يأمر جنوده بالغزو فإذا تم الانتصار يقول: انتصرنا وهزمنا العدو وهو لم يخرج من قصره، وكذلك يقول: نحن عمرنا المساجد والملك لم يباشر. (5) ... اختلف المفسرون في المراد من هذه الآية على ثلاثة أقوال: أ - فإذا بيناه فاعمل بما فيه. ب - إذا أنزلناه فاستمع قرآنه. أن المراد قراءة الملك والرسول عنا وعليه أكثر المفسرين. (6) ... انظر تفسير السعدي (2/379) ، واختلفوا في الذي جادل به الملائكة على ثلاثة أقوال ذكرها الماوردي في تفسيره (2/486) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 280 ** المثال التاسع والعاشر: قوله تعالى عن سفينة نوح:} تجري بأعيننا { [القمر: 14] وقوله لموسى:} ولتصنع على عيني { [طه: 39] والجواب: أن المعنى في هاتين الآيتين على ظاهر الكلام وحقيقته لكن ما ظاهر الكلام وحقيقته هنا؟ (1) . هل يقال: إن ظاهره وحقيقته أن السفينة تجري في عين الله أو أن موسى عليه الصلاة والسلام يربى فوق عين الله تعالى (2) . أو يقال: إن ظاهره أن السفينة تجرى وعين الله ترعاها وتكلؤها وكذلك تربية موسى تكون على عين الله تعالى يرعاه ويكلؤه بها (3) . ولا ريب أن القول الأول باطل من وجهين: الأول: أنه لا يقتضيه الكلام بمقتضى الخطاب العربي (4) والقرآن إنما نزل بلغة العرب.   (1) لقد سبق أن العبرة في فهم ظاهر النص هو السياق والقرائن فلابد أن يتتبع سبب النزول ثم القرائن والسياق. (2) هذا المعنى لا يتبادر أبداً لأي قارئ لكتاب الله (3) ذكر الماوردي في تفسيره (5/412) ان للمفسرين أربعة أقوال في {تجري بأعيننا} وهي: ا- ... بمرأى منا. 2 - بأمرنا، قاله الضحاك. 3 - بأعين أوليائنا من الملائكة الموكلين بحفظها. 4 - بأعين الماء التي أتبعناها في قوله: {وفجرنا الأرض عيوناً} ، وقيل إنها تجري بين ماء الأرض والسماء، وقد كان غطاؤها عن أمر الله سبحانه. وذكر هذه الأقوال أبو حيان في البحر المحيط (8/176) والخازن (4/219) ، والسيوطي (17/133) ، وصديق حسن خان (13/293) . (4) إلا ان كان حملهم على ذلك نوع من العجمة وبها عابوا الكلام الفصيح لعجمتهم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 281 قال الله تعالى: {إنا أنزلناه قرآناً عربياً لعلكم تعقلون} [يوسف:2] وقال تعالى: {نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين} [الشعراء: 193-195] ولا أحد يفهم من قول القائل: فلان يسير بعيني أن المعنى أنه يسير داخل عينه ولا من قول القائل: فلان تخرج على عيني أن تخرجه كان وهو راكب على عينه (1) ولو ادعى مدع أن هذا ظاهر اللفظ في هذا الخطاب لضحك منه السفهاء فضلاً عن العقلاء (2) . الثاني: أن هذا ممتنع غاية الامتناع ولا يمكن لمن عرف الله وقدره حق قدره أن يفهمه في حق الله تعالى لأن الله تعالى مستو على عرشه بائن (3)   (1) وإنما أراد أنني كنت أحفظه وأرعاه إلى أن تخرج. (2) وإنما يفهم منه أن عينيه تصحبه بالنظر والرعاية لأن الباء هنا للمصاحبة وليست للظرفية وهذا هو بطلان كلامهم من الناحية اللفظية. أما بطلانه من الناحية المعنوية: فإن من المعلوم أن نوحاً عليه الصلاة والسلام كان في الأرض، وأنه صنع السفينة في الأرض، وجرت على الماء في الأرض كما قال الله تعالى: {ويصنع الفلك وكلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه} وقال: {فدعا ربه أني مغلوب فانتصر ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر وفجرنا الأرض عيوناً فالتقى الماء على أمر قد قدر وحملناه على ذات ألواح ودسر تجري بأعيننا جزاء لمن كان كفر} . ولا يمكن لأحد أن يدعي أن ظاهر اللفظ أن السفينة تجري في عين الله عز وجل لأن ذلك ممتنع غاية الامتناع في حق الله تعالى ولا يمكن لمن عرف الله وقدره حق قدره وعلم أنه مستو على عرشه بائن من خلقه ليس حالاً في شيء من مخلوقاته ولا شيء من مخلوقاته حالاً فيه أن يفهم من هذا اللفظ هذا المعنى الفاسد. وعلى هذا فمعنى الآية الذي هو ظاهر اللفظ أن السفينة تجري والله تعالى يكلؤها بعينه ا. هـ من تقريب التدمرية للمؤلف. (3) لفظة (بائن) وان لم ترد في الكتاب والسنة ولم تكن معروفة في عهد الصحابة إلا أنه ... لما ابتدع الجهم وأتباعه القول بأن الله في كل مكان اقتضى ضرورة البيان أن يتلفظ الأئمة الأعلام بلفظ (بائن) دون أن ينكره أحد منهم. وممن نص على ذلك عبد الله بن أبي جعفر الرازي، وعالم الرى هشام وإسحاق بن راهويه عالم خراسان وذكره عن ابن المبارك وغير هؤلاء ممن ذكرهم الذهبي في مختصر العلو ونقله الألباني في مقدمته ص18 وانظر أيضاً التنكيل بما في تأنيب الكوثري من الأباطيل للمعلمي (2/286) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 282 من خلقه لا يحل فيه شيء من مخلوقاته ولا هو حال في شيء من مخلوقاته سبحانه وتعالى عن ذلك علواً كبيراً. فإذا تبين بطلان هذا من الناحية اللفظية والمعنوية تعين أن يكون ظاهر الكلام هو القول الثاني أن السفينة تجري وعين الله ترعاها وتكلؤها وكذلك تربية موسى تكون على عين الله يرعاه ويكلؤه بها وهذا معنى قول بعض السلف: " بمرأى مني " (1) فإن الله تعالى إذا كان يكلؤه بعينه لزم من ذلك أن يراه ولازم المعنى الصحيح جزء منه كما هو معلوم من دلالة اللفظ حيث تكون بالمطابقة والتضمن والالتزام (2) . -   (1) وقد نص على ذلك الطبري (13/94) ، والبغوي (4/260) ، والثعالبي (3/265) ، وابن كثير (6/41) ونسب هذا المعنى إلى الجمهور الإمام ابن عطية في تفسيره (14/151) وجرى على هذا القول أيضاً: ابن الجوزي (9/93) ، الرازي (29/36) ، والنسفي (3/404 (، والسمين (6/227) ، والبيضاوي مع محي الدين شيخ زادة (4/421) ، والشهاب (9/31) ، والجمل (7/345) ، والشوكاني (5/175) ، والشربيني (4/146) والآلوسي (27/83) . (2) وإثبات العين من كون أن الله يحفظه بعينه من دلالة التلازم وقد سبق معناه. ملاحظة: أ - يثبت المعطلة لازم المعنى وينفون الصفة مثاله: ينفي الأشعرية صفة الرحمة ويثبتون لازمها وهو الإنعام وينفون صفة المحبة والغضب ويثبتون لازمها وهو الإحسان، والانتقام فإثبات المعطل لازم الصفة لا يكفي بل لابد أن يثبت الصفة. فإذا كان من يقول (بمرأى مني) ينفي صفة العين كما نقلنا عن الذي جرى على هذا القول مع ان واقعهم لا يثبتون صفة العين من تفسيراتهم الأخرى فإن هذا من قبيل من ينفى الرحمة ويثبت الإحسان. ب - نستفيد من ذلك أن الذي يفسر آية باللازم لا يعني أنه معطل للصفة فلا يقال لمن فسر الرحمة بالإحسان أنه معطل حتى نعلم هل هو يثبت صفة الرحمة أم لا وهكذا في بقية الصفات الجزء: 1 ¦ الصفحة: 283 المثال الحادي عشر: قوله تعالى (1) في الحديث القدسي: " وما يزال عبدي يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها ولئن سألني لأعطينه ولئن استعادني لأعيذنه " والجواب: أن هذا الحديث صحيح رواه البخاري في باب التواضع الثامن والثلاثين من كتاب الرقاق. وقد أخذ السلف أهل السنة والجماعة بظاهر الحديث وأجروه على حقيقته ولكن ما ظاهر هذا الحديث؟ هل يقال: إن ظاهره أن الله تعالى يكون سمع الولى وبصره ويده ورجله؟ (2) أو يقال: إن ظاهره أن الله تعالى يسدد الولى في سمعه وبصره ويده.   (1) لم يقل المؤلف قوله صلى الله عليه وسلم وإنما قال: قوله تعالى ثم ساق الحديث القدسي وهذا يدل على أن الحديث القدسي كلام الله لفظاً ومعنى كالقرآن ولهذا يقال فيه: قال الله تعالى فلو كان اللفظ من عند الرسول صلى الله عليه وسلم لا يقال: قال الله بل يقال قال الرسول صلى الله عليه وسلم. وهذا القول هو الذي ذهب إليه كثير من العلماء وذكروا الفروق بينه وبين القرآن وممن فصل في هذه المسألة واستفاض فيها القاسمي في قواعد التحديث ص64، وأبو شهبة في الوسيط ص216. والقول الثاني في تعريف الحديث القدسي هو أن اللفظ من عند النبي ومعناه من عند الله وهذا التعريف جرى عليه بعض العلماء ومنهم المؤلف حفظه الله في كتابه مصطلح الحديث ص8. لكن القول الأول هو الأولى لأنه الظاهر وإنما مشى كثيرون على التعريف الثاني لأنهم لا يثبتون الكلام لله إلا معنى وليس منهم المؤلف قطعاً. (2) لم يقل أحد أن الله يكون رجلاً للعبد ويداً للعبد وسمعاً للعبد 0 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 284 ورجله بحيث يكون إدراكه وعمله لله وبالله وفي الله؟ (1) ولا ريب أن القول الأول ليس ظاهر الكلام بل ولا يقتضيه الكلام لمن تدبر الحديث فإن في الحديث ما يمنعه من وجهين: الأول: أن الله تعالى قال: " وما يزال عبدي يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه وقال: " ولئن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه " فأثبت عبداً ومعبوداً (2) ومتقرباً إليه (3) ومحباً ومحبوباً وسائلا ومسؤولاً ومعطياً ومعطى ومستعيذاً ومستعاذاً به ومعيذاً ومعاذاً فسياق الحديث يدل على اثنين متباينين كل واحد منهما غير الآخر وهذا يمنع أن يكون أحدهما وصفاً في الآخر أو جزءاً من أجزائه. الوجه الثاني: أن سمع الولى وبصره ويده ورجله كلها أوصاف أو أجزاء في مخلوق (4) حادث بعد أن لم يكن ولا يمكن لأي عاقل أن يفهم أن الخالق الأول الذي ليس قبله شيء يكون سمعاً وبصراً ويداً ورجلاً لمخلوق بل إن هذا المعنى تشمئز منه النفس أن تتصوره ويحسر اللسان أن ينطق به ولو على سبيل الفرض والتقدير فكيف يسوغ أن يقال إنه ظاهر الحديث القدسي وأنه قد صرف عن هذا الظاهر؟ سبحانك اللهم وبحمدك لا نحصى ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك وإذا تبين بطلان القول الأول وامتناعه تعين القول الثاني وهو أن الله تعالى يسدد هذا الولى في سمعه وبصره وعمله بحيث يكون إدراكه   (1) سيأتي شرح المراد من قوله {لله وبالله وفي الله} بعد ذلك. (2) أي قال عبدي: ففيه عبد ومعبود. (3) لأنه قال: يتقرب أي أن هناك من يتقرب ومن يتقرب إليه وهكذا. (4) كلام المؤلف يحتمل أمرين: أ - أن الأوصاف خاصة بالسمع والبصر، والأجزاء خاصة باليد والرجل وأن فيها نشراً ولفاً مرتباً. ب - تحمل أن اليد والرجل أجزاء أما السمع والبصر فيمكن أن تكون أوصافاً ويمكن أن تكون أجزاء باعتبار الأذن والعين والمعنى الأول أقرب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 285 بسمعه وبصره وعمله بيده ورجله كله لله تعالى إخلاصاً (1) وبالله تعالى استعانة (2) وفي الله تعالى شرعاً وإتباعا (3) فيتم له بذلك كمال الإخلاص والاستعانة والمتابعة وهذا غاية التوفيق وهذا ما فسره به السلف وهو تفسير مطابق لظاهر اللفظ موافق لحقيقته متعين بسياقه وليس فيه تأويل ولا صرف للكلام عن ظاهره ولله الحمد والمنة. ****** *** * **   (1) هذا هو المراد من قوله فيما سبق (يكون لله) أي إخلاصاً. (2) أي المراد من قوله (بالله) أي يستعين بالله. (3) أي أن المراد من قوله (وفي الله) أي متابعة الشرع. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 286 المثال الثاني عشر: قوله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن الله تعالى (1) أنه قال: " من تقرب مني شبراً تقربت منه ذراعاً ومن تقرب مني ذراعاً تقربت منه باعاً ومن أتاني يمشى أتيته هرولة " وهذا الحديث صحيح رواه مسلم في كتاب الذكر والدعاء (2) من حديث أبي ذر رضي الله عنه وروى نحوه من حديث أبي هريرة أيضاً وكذلك روى البخاري نحوه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه في كتاب التوحيد الباب الخامس عشر (3) . وهذا الحديث كغيره من النصوص الدالة على قيام الأفعال الاختيارية (4) بالله تعالى وأنه سبحانه فعال لما يريد كما ثبت ذلك في الكتاب والسنة مثل قوله تعالى: {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان} (5) [البقرة: 186] وقوله: {وجاء ربك والملك صفاً صفاً} (6) [الفجر: 22] وقوله: {هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي   (1) سبق ان عبر المؤلف عن الحديث القدسي بقوله (قال الله تعالى في الحديث القدسي) وهنا عبر بتعبير آخر وكل ذلك صيغ وطرق لرواية الحديث القدسي وإنما أراد المؤلف من هذا التنويع تعليم الطالب. وانظر وسيط أبي شهبة ص221. (2) ... انظر شروح مسلم: للنووي (17/12) والسيوطي (6/50) والأبي والسنوسي (7/120) . (3) ... انظر فتح الباري (13/395) ، وشرح كتاب التوحيد للغنيمان (1/259) . (4) سبق معنى ذلك. (5) الشاهد من الحديث إثبات صفة الإجابة لله وهي صفة فعلية. وكذلك فيها إثبات صفة القرب انظر الصفات في الكتاب والسنة للسقاف ص40. (6) الشاهد إثبات صفة المجيء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 287 ربك أو يأتي بعض آيات ربك} (الأنعام: 158] (1) وقوله: {الرحمن على العرش استوى} [طه: 5] (2) وقوله صلى الله عليه وسلم: " ينزل ربنا إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر " (3) وقوله صلى الله عليه وسلم: " ما تصدق أحد بصدقة من طيب ولا يقبل الله إلا الطيب إلا أخذها الرحمن بيمينه " (4) إلى غير ذلك من الآيات والأحاديث الدالة على قيام الأفعال الاختيارية به تعالى. فقوله في هذا الحديث: " تقربت منه وأتيته هرولة " (5) من هذا الباب.   (1) الشاهد إثبات الإتيان. (2) الشاهد إثبات الاستواء. (3) الشاهد إثبات النزول وقد سبق الحديث. (4) الشاهد إثبات صفة الأخذ. والحديث رواه البخاري برقم 1410وانظر الفتح (3/326) ومسلم بشرح النووي (7/98) . (5) فنصف الله بالقرب والهرولة ولا يلزم من ذلك قطع المسافة أو شيء من لوازم المخلوق. وقد ورد في الفتوى (رقم 6932) من فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (3/142) ما يلي: س: هل لله صفة الهرولة؟ الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه ... وبعد ج: نعم صفة الهرولة على نحو ما جاء في الحديث القدسي الشريف على ما يليق به قال تعالى: " إذا تقرب إلي العبد شبراً تقربت إليه ذراعاً وإذا تقرب إلي ذراعاً تقربت منه باعاً وإذا أتاني ماشياً أتيته هرولة " رواه: البخاري ومسلم. وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم ". وقد وقع على هذه الفتوى كل من المشايخ: عبد العزيز بن باز، عبد الرازق عفيفي، عبد الله بن غديان، عبد الله بن قعود. وفي " الجواب المختار لهداية المحتار " (ص24) للشيخ محمد العثيمين قوله: " صفة الهرولة ثابتة لله تعالى كما في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " يقول الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي ... .. (فذكر الحديث وفيه:) وإن أتاني يمشي أتيته هرولة " وهذه الهرولة صفة من صفات أفعاله التي يجب علينا الإيمان بها من غير تكييف ولا تمثيل لأنه أخبر بها عن نفسه وهو أعلم بنفسه، فوجب علينا قبولها بدون تكييف، لأن التكييف قول على الله بغير علم وهو حرام وبدون تمثيل لأن الله يقول: {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 288 والسلف أهل السنة والجماعة يجرون هذه النصوص على ظاهرها وحقيقة معناها اللائق بالله عز وجل من غير تكييف ولا تمثيل قال شيخ الإسلام ابن تيمية في شرح حديث النزول ص (466) جـ (5) من مجموع الفتاوى: " وأما دنوه نفسه وتقربه من بعض عباده فهذا يثبته من يثبت قيام الأفعال الاختيارية بنفسه ومجيئه يوم القيامة ونزوله واستواءه على العرش وهذا مذهب أئمة السلف وأئمة الإسلام المشهورين وأهل الحديث والنقل عنهم بذلك متواتر " ا. هـ فأي مانع يمنع من القول بأنه يقرب من عبده كيف يشاء مع علوه؟ وأي مانع يمنع من إتيانه كيف يشاء بدون تكييف ولا تمثيل؟ . وهل هذا إلا من كماله أن يكون فعالاً لما يريد على الوجه الذي به يليق؟ وذهب بعض الناس (1) إلى أن قوله تعالى في هذا الحديث القدسي: " = ما ذكره المؤلف حفظه الله من ان المعنى الثاني للحديث هو كناية عن المجازاة بأفضل وأعظم مما يفعل العبد فهذا ما ذكره أكثر شراح الحديث مثل: القرطبي في المفهم (7/15) ، والعيني على البخاري (25/101) والسيوطي في التوشيح (9/4279) ، والقسطلاني على البخاري (15/429) ، والحافظ في الفتح (13/522) وذكر الشيخ ابن عثيمين ان شيخ الإسلام يميل إلى هذا الرأي، وقد اعترض بعض الناس على المؤلف هذا القول واعتبر ان القول الأول هو قول السلف مع أن المؤلف اعتبر ان القولين للسلف بقوله حفظه الله في شرحه للبخاري ص74 من المخطوط هذا الحديث: " وإن تقرب إلي بشبر تقربت إليه ذراعاً وإن تقرب إلى ذراعاً تقربت له باعاً وإن أتاني يمشي أتيته هرولة " في هذه الجمل الثلاث بيان فضل الله عز وجل وأنه يعطي أكثر مما فعل من أجله أي يعطي العامل أكثر مما عمل وهذه القاعدة في ثواب الله عز وجل أنه يعطي أكثر مما فعل من أجله جاء في القرآن {من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها} {مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل} هذه الجمل الثلاث تدل على هذا المعنى العظيم وأن عطاء الله وثوابه أكثر من عمل العبد وكدحه يقول جل وعلا " إن تقرب إلى بشبر تقربت إليه ذراعاً " الشبر مسافة ما بين طرف الخنصر إلى طرف الإبهام عند مد اليد والذراع مسافة ما بين طرف الأصبع الوسطى إلى عظم المرفق وهذا هو الذي كان يقدر به سابقاً الشبر والذراع والباع وما أشبه ذلك = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 289 = وقوله: " إن تقرب إلى شبراً تقربت إليه ذراعاً " اختلف العلماء في معنى هذه الجملة وما بعدها: فقيل إن هذا على حقيقته وأن الإنسان إذا تقرب إلى الله شبراً تقرب إليه ذراعاً وعلى هذا فيكون هذا القول في العبادات التي تحتاج إلي مشى كالسعي إلى المساجد والسعي إلى الحج وما أشبه ذلك ويخرج العبادات التي لا يكون فيها مشى ولكنها كالتي تحتاج إلى مشى أي أن الله يعطي العامل أكثر مما عمل. وقيل إن هذا على سبيل المثال وأن الإنسان إذا تقرب إلى الله بقلبه تقرب الله إليه على كيفية لا نعلمها، نحن بأنفسنا نعلم كيف نتقرب إلى الله لكن تقرب الله إلينا لا نعلمه فالمعنى أن الإنسان إذا تقرب إلى الله بقلبه فإن الله تعالى يتقرب إليه على كيفية لا تعلم وذلك أن الإنسان يشعر بتقربه إلى الله بالقلب أحياناً يكون قلبه ذاكراً لله عز وجل فيشعر أنه قريب من الله عز وجل وأحياناً يكون غافلاً فالمعنى إذا تقرب الإنسان إلى ربه بالقلب ومن المعلوم ان العبادات تكون سبباً لتقرب القلب إلى الله عز وجل كما قال النبي صلى الله عليه وسلم " أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد " ولهذا وأنت ساجد بأنك قريب من الله وأن الله في السماء فيكون على هذا القول يكون هذا من باب ضرب المثل وليس على الحقيقة وهذا القول أحسن من الأول لأنه يشمل بدلالة المطابقة جميع العبادات والأول يختص بالعبادات ذات السعي والمشي وكذلك أيضاً قوله: " من تقرب إلى ذراعاً تقربت إليه باعاً " أما قوله " وإن أتاني يمشى أتيه هرولة " فهذا أيضاً اختلف فيه العلماء هل هو على حقيقته أم لا؟ فقيل إنه على حقيقته ونحن إذا مشينا نعرف كيف نمشى أما الله عز وجل فإننا لا نعرف كيفية مشيه ولا مانع من أن الله يمشي يقابل المتجه إليه فيقابله إذا أتاه يمشي يقابله بهرولة ويقال ان الذي يأتي سيأتي على صفة ما ولابد فإذا كان الله يأتي حقيقة فإنه لابد أن يأتي على صفة ما هرولة أو غير هرولة فإذا قال عن نفسه أتيته هرولة قلنا ما الذي يمنع أن يكون إتيانه هرولة إذا كنا نؤمن بأنه يأتي حقيقة ونحن نؤمن بأنه يأتي حقيقة فإذا كان يأتي حقيقة لابد أن يكون إتيانه على صفة من الصفات فإذا أخبرنا بأنه يأتي هرولة قلنا آمنا بالله لكن كيف هذه الهرولة؟ لا يجوز أن نكيفها ولا يجوز أن نتصورها هي فوق ما يتصور وفوق ما يتكلم به ولكن هذا القول يخص هذا الحكم بالعبادات التي يأتي إليها الإنسان مشياً وتبقى العبادات الأخرى التي يفعلها الإنسان وهو قائم في مكانه تبقى غير مذكورة في هذا الحديث لكنها بمعناها. يقول هذا من باب التمثيل أي من أسرع إلى رضاي وإلى عبادتي أسرعت إلى ثوابه سرعة أكثر من سرعة عمله وهذا القول يشمل جميع العبادات لأن الإنسان يسرع إلى العبادة إسراعاً بالبدن وأحياناً يسرع بالقلب فقط وهو ثابت في مكانه فالمهم أن لعلماء السلف في هذه المسالة قولين هل نبقيها على ظاهرها وإن كان سيخرج عنا بعض = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 290 أتيته هرولة " يراد به سرعة قبول الله تعالى وإقباله على عبده المتقرب إلى المساجد ومشاعر الحجج والجهاد في سبيل الله ونحوها وتارة بالركوع والسجود ونحوهما. وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم: " أن أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد " (1) بل قد يكون التقرب إلى الله تعالى وطلب الوصول إليه والعبد مضطجع على جنبه كما قال الله تعالى: {الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم} [آل عمران: 191] وقال النبي صلى الله عليه وسلم لعمران بن حصين: " صل قائماً فإن لم تستطع فقاعداً فإن لم تستطع فعلى جنب " (2) . قال: فإذا كان كذلك صار المراد بالحديث بيان مجازاة الله تعالى العبد على عمله وأن من صدق في الإقبال على ربه وإن كان بطيئاً جازاه الله   (1) رواه مسلم كما في شرح النووي (4/200) . (2) انظر فتح الباري (2/684) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 291 = العبادات إلا أنها تثبت بالقياس أو نقول إن هذا كناية عن أن فضل الله عز وجل أكثر من عمل العامل وكأن شيخ الإسلام رحمه الله يميل إلى هذا الرأي الأخير أنه من باب ضرب المثال ونؤيد هذا بأنه ليس جميع العبادات تحتاج إلى سعى ومشى وإبقاء الحديث على عمومه المعنوي في جميع العبادات أولى من كوننا نخصه في بعض العبادات التي لا تكون عشر العبادات الأخرى أي العبادات التي تحتاج إلى مشي قليل فكوننا نحمل الحديث على عموم العبادات ونجعل هذا من باب ضرب المثل وما زال الناس يضربون المثل في هذا يقول أنا إذا رأيتك تقبل على فسوف أعطيك بالخطوة خطوتين أو إذا أقبلت مشياً أقبل إليك مسرعاً أو إذا مشيت إلي بالأقدام أمشي إليك بالجفون وهذا أسلوب عربي معروف وما زال إلى يومنا هذا، وبهذا يزول إشكال الحديث إن حملناه على الحقيقة لم يفتنا على هذا الحمل إلا شيء واحد وهو العبادات التي لا تحتاج إلى مشي ولا إلى مسافة وإن حملناه على ضرب المثل عم جميع العبادات وهذا المثل معروف من أساليب اللغة العربية ا. هـ. تعالى بأكمل من عمله وأفضل وصار هذا هو ظاهر اللفظ بالقرينة الشرعية المفهومة من سياقه. وإذا كان هذا ظاهر اللفظ بالقرينة الشرعية (1) لم يكن تفسيره به خروجاً به عن ظاهره ولا تأويلاً كتأويل أهل التعطيل فلا يكون حجة لهم على أهل السنة ولله الحمد. وما ذهب إليه هذا القائل له حظ من النظر لكن القول الأول أظهر وأسلم وأليق (2) بمذهب السلف. ويجاب عما جعله قرينة من كون التقرب إلى الله تعالى وطلب الوصول إليه لا يختص بالمشي بأن الحديث خرج مخرج المثال لا الحصر فيكون المعنى من أتاني يمشى (3) في عبادة تفتقر إلى المشي لتوقفها عليه بكونه وسيلة لها كالمشي إلى المساجد للصلاة أو من ماهيتها كالطواف والسعي والله تعالى أعلم.   (1) القرينة الشرعية هي التي فهمت من السياق وقد وضح المؤلف ذلك في شرحه على صحيح البخاري كما سبق. (2) في كلام المؤلف ما يدل على ان القول الثاني سليم لكن عدم التأويل اسلم، وانه ظاهر ولائق لكن تركه أولى وأسلم وأليق لأن أفعل التفضيل يفيد المشاركة وزيادة وعلى كل حال ذكرنا السبب في هذا التأويل وهو القرينة وليس ذلك كتأويل المعطلة كما نسب بعض الناس ذلك للمؤلف بل نقول ان القول الثاني كتفسير المؤلف للأمثلة التي سبقت قبل هذا. (3) المشي قد يكون: أ - وسيلة إلى العبادة كالمشي للصلاة. ب - قد يكون المشي من ماهية العبادة مثل الطواف والسعي. والخلاصة: ان الحدث خرج مخرج المثال من باب ضرب المثل وإلا فلو تقرب العبد إلى الله واقفاً أو مضطجعاً كان كالمشي 0 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 292 ** المثال الثالث عشر: (1) قوله تعالى:} أو لم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاماً { [يس:71] والجواب: أن يقال ما هو ظاهر هذه الآية وحقيقتها حتى يقال إنها صرفت عنه؟ هل يقال: إن ظاهرها أن الله تعالى خلق الأنعام بيده كما خلق آدم بيده؟ (2) . أو يقال: إن ظاهرها أن الله تعالى خلق الأنعام كما خلق غيرها لم يخلقها بيده لكن إضافة العمل إلى اليد والمراد صاحبها معروف في اللغة العربية التي نزل بها القرآن أما القول الأول فليس هو ظاهر اللفظ لوجهين: أحدهما: أن اللفظ لا يقتضيه بمقتضى اللسان العربي الذي نزل القرآن به ألا ترى قوله تعالى: {وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم} ... [الشورى: 33] وقوله: {ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون} [الروم: 41] وقوله: {ذلك بما قدمت أيديكم} [آل عمران: 182] . فإن المراد ما كسبه الإنسان نفسه وما قدمه وإن عمله بغير يده (3) بخلاف ما إذا قال: عملته بيدي (4) .   (1) من الأمثلة التي زعم المعطلة ان السلف يؤولون نصوص الصفات. (2) هذا السؤال يوجه لمن يثبت اليد أما الذي ينفي اليد فإنه يناقش أولاً في إثبات اليد فإن أبى وقال أنا لا اثبت اليد لكن ألزمك بالتأويل لأنك في هذه الآية صرفتها عن ظاهرها فهنا نجيبه بما ذكره المؤلف. (3) من جميع الجوارح فأرجلهم وآذانهم وفروجهم وإنما خرج هذا مخرج الأمثال وان العمل أكثر ما يكون باليد لأنها هي التي يكتب ويضرب بها الإنسان ويقتل بها. (4) فلو قال النجار: عملت هذا الكرسي بيدي لكان المعنى انه باشر العمل بيده. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 293 كما في قوله تعالى: {فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله} [البقرة: 79] فإنه يدل على مباشرة الشيء باليد (1) . الثاني: أنه لو كان المراد أن الله تعالى خلق هذه الأنعام بيده لكان لفظ الآية خلقنا لهم بأيدينا أنعاماً (2) كما قال الله تعالى في آدم: {ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي (3) [ص: 75] لأن القرآن نزل بالبيان لا بالتعمية لقوله تعالى: {ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء} [النحل: 89] . وإذا ظهر بطلان القول الأول تعين أن يكون الصواب هو القول الثاني وهو أن ظاهر اللفظ أن الله تعالى خلق الأنعام كما خلق غيرها (4) ولم يخلقها بيده لكن إضافة العمل إلى اليد كاضافته إلى النفس بمقتضى اللغة العربية بخلاف ما إذا أضيف إلى النفس وعدى بالباء فتنبه للفرق فإن التنبه للفروق بين المتشابهات (5) من أجود أنواع العلم (6) وبه يزول كثير من الإشكالات (7) . **   (1) ... فمدار الأمر على حرف الباء فان عدى الفعل بالباء دل على مباشرة اليد وان لم يعد بالباء لم يدل على المباشرة. انظر شرح التدمرية لفالح آل مهدي ص174. (2) ... أي يضيف الفعل (خلق) لنفسه ثم يتعدى الفعل بالباء. (3) ... ولم يعترض إبليس على الرب عز وجل ولو كان المراد بذلك القدرة لقال إبليس: وأنا خلقتني بقدرتك. (4) ... أي بقدرته. (5) ... هذا من التشابه النسبي الذي يكون مشتبهاً على بعض الناس دون بعض أما التشابه الحقيقي فلا يعلمه إلا الله ككيفية صفاته. انظر تقريب التدمرية للمؤلف ص94 , (6) ... وهو ليس خاصاً بالعقائد بل في الفقه أيضاً علم الفروق بين المتشابه من المسائل وقد صنف في كل مذهب وأشهره فروق القرافي. (7) ... قال شيخ الإسلام في التدمرية ص73. ومما يشبه هذا [القول] أن يجعل اللفظ نظيراً لما ليس مثله كما قيل في قوله: {ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي} فقيل: هو مثل قوله: {أو لم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاماً} فهذا ليس مثل هذا لأنه هنا أضاف الفعل إلى الأيدي فصار شبيهاً بقوله: {فبما كسبت أيديكم} وهناك أضاف الفعل إليه فقال: {لما خلقت} ثم قال: {بيدي} ا. هـ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 294 المثال الرابع عشر: (1) قوله تعالى:} إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم { [الفتح: 10] والجواب: أن يقال: هذه الآية تضمنت جملتين: الجملة الأولى: قوله تعالى: {إن الذين يبايعونك (2) إنما يبايعون الله} في أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يبايعون النبي صلى الله عليه وسلم نفسه كما في قوله تعالى: {لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة} [الفتح:18] . ولا يمكن لأحد أن يفهم من قوله تعالى: {إنما يبايعون الله} [الفتح:10] أنهم يبايعون الله نفسه (3) ولا أن يدعي أن ذلك ظاهر اللفظ لمنافاته (4) لأول الآية والواقع (5) واستحالته في حق الله تعالى (6) . وإنما جعل الله تعالى مبايعة الرسول صلى الله عليه وسلم مبايعة له لأنه رسوله وقد بايع الصحابة على الجهاد في سبيل الله تعالى ومبايعة الرسول على الجهاد في سبيل من أرسله مبايعة لمن أرسله لأنه رسوله المبلغ عنه كما أن طاعة الرسول طاعة لمن أرسله لقوله تعالى: {من يطع الرسول فقد أطاع الله] [النساء: 80] .   (1) من الأمثلة التي ادعى المعطلة ان السلف قد أولها. (2) يعني بيعة الرضوان بالحديبية. (3) أي أن الله يريده لهم فيبايعونه مباشرة بدون واسطة الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه لا يمكن ان يفهم أحد هذا الفهم. (4) أي هذا الذي ادعوا انه الظاهر. (5) لان الواقع أن المبايعة وقعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم. (6) لأن هذا ينافي علو الله وهو وصف ذاتي لله وهو سبحانه لا يحل في شيء من مخلوقاته ولا يحل في الأرض فهذا عقيدة الحلولية وأما أهل السنة فيقولون ان الله بائن من خلقه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 295 وفي إضافة مبايعتهم الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الله تعالى من تشريف النبي صلى الله عليه وسلم وتأييده وتوكيد هذه المبايعة وعظمها ورفع شأن المبايعين ما هو ظاهر لا يخفى على أحد. الجملة الثانية: قوله تعالى: {يد الله فوق أيديهم} [الفتح: 10] وهذه أيضاً على ظاهرها وحقيقتها فإن يد الله تعالى فوق أيدي المبايعين لأن يده من صفاته وهو سبحانه فوقهم على عرشه فكانت يده فوق أيديهم (1) وهذا ظاهر اللفظ وحقيقته وهو لتوكيد كون مبايعة النبي صلى الله عليه سلم مبايعة الله عز وجل ولا يلزم منها أن تكون يد الله جل وعلا مباشرة لأيديهم ألا ترى أنه يقال: السماء فوقنا مع أنها مباينة لنا بعيدة عنا فيد الله عز وجل فوق أيدي المبايعين لرسوله صلى الله عليه وسلم مع مباينته تعالى لخلقه وعلوه عليهم. ولا يمكن لأحد أن يفهم أن المراد بقوله: {يد الله فوق أيديهم} [الفتح: 10] يد النبي صلى الله عليه وسلم (2) ولا أن يدعى أن ذلك ظاهر اللفظ لأن الله تعالى أضاف اليد إلى نفسه ووصفها بأنها فوق أيديهم ويد النبي صلى الله عليه وسلم عند مبايعة الصحابة لم تكن فوق أيديهم بل كان يبسطها إليهم فيمسك بأيديهم كالمصافح لهم فيده مع أيديهم لا فوق أيديهم.   (1) للمفسرين خمسة أقوال في الآية: أحدها: يد الله في الوفاء فوق أيديهم. والثاني:: يد الله في الثواب فوق أيديهم. والثالث: يد الله عليهم في المنة بالهداية فوق أيديهم بالطاعة ذكر هذه الأقوال الزجاج. والرابع: قوة الله ونصرته فوق قوتهم ونصرتهم ذكره ابن جرير وابن كيسان لكن إذا كان هذا المعنى مع إثبات اليد فإنه يكون من باب مرأى منا في الآية التي سبقت. الخامس: ما اختاره المؤلف وهو الذي عليه السلف. انظر الأقوال في تفسير: ابن الجوزي (7/427) ، الطبري (13/76) ، ابن كثير (5/342) والآلوسي (26/96) والشهاب (9/521) وابن عطية (13/441) والشربيني (4/42) ، صديق حسن خان (13/93) ، والثعالبي (3/199) ، والبغوي (4/190) ، والجمل (7/212) ، وأبي حيان (8/156) ومحي الدين شيخ زاده (4/357) ، والشوكاني (5/68) . (2) ... انظر تفسير البحر المحيط لأبي حيان (9/92) ، والنسفي (3/335) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 296 ** المثال الخامس عشر (1) قوله تعالى في الحديث القدسي: " يا بن آدم مرضت فلم تعدني " الحديث وهذا الحديث رواه مسلم في باب فضل عيادة المريض من كتاب البر والصلة والآداب رقم (43) ص (1990) ترتيب محمد فؤاد عبد الباقي رواه مسلم (2) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله تعالى يقول يوم القيامة: يا بن آدم مرضت فلم تعدني قال: يا رب كيف أعودك وأنت رب العالمين قال: أما علمت ان عبدي فلاناً مرض فلم تعده أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده يا بن آدم استطعمتك فلم تطعمني قال: يا رب وكيف أطعمك وأنت رب العالمين قال: أما علمت أنه استطعمك عبدي فلان فلم تطعمه أما علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي يا بن آدم استسقيتك فلم تسقني قال: يا رب كيف أسقيك وأنت رب العالمين قال: استسقاك عبدي فلان فلم تسقه أما إنك لو سقيته وجدت ذلك عندي ". والجواب: أن السلف أخذوا بهذا الحديث لم يصرفوه عن ظاهره بتحريف يتخبطون فيه بأهوائهم وإنما فسروه بما فسره به المتكلم به (3) فقوله   (1) حيث زعموا ان ظاهر الحديث ان الله يجوع ويعطش ويمرض وان السلف أولوا الحديث (2) انظر شرح الحديث في: النووي (16/125) ، والقرطبي (6/551) ، وشرح الأبي والسنوسي (7/24) . (3) أشبه اللفظ العام إذا قرن به استثناء أو غاية أو صفة كقوله تعالى {فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاماً} ونحو ذلك فان الناس متفقون على أنه حينئذ ليس ظاهره ألفاً كاملة. انظر موقف المتكلمين للغضن (2/821) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 297 تعالى: " مرضت واستطعمتك واستسقيتك " بينه الله تعالى بنفسه حيث قال: " أما علمت أن عبدي فلاناً مرض وأنه استطعمك عبدي فلان واستسقاك عبدي فلان " وهو صريح في أن المراد به مرض عبد من عباد الله واستطعام عبد من عباد الله واستسقاء عبد من عباد الله (1) والذي فسره بذلك هو الله المتكلم به وهو اعلم بمراده فإذا فسرنا المرض المضاف إلى الله والاستطعام المضاف إليه والاستسقاء المضاف إليه بمرض العبد واستطعامه واستسقائه لم يكن في ذلك صرف للكلام عن ظاهره لأن ذلك تفسير المتكلم به فهو كما لو تكلم بهذا المعنى ابتداء وإنما أضاف الله ذلك إلى نفسه أولاً للترغيب والحث كقوله تعالى: {من ذا الذي يقرض الله} [البقرة: 245] وهذا الحديث من أكبر الحجج الدامغة لأهل التأويل الذين يحرفون نصوص الصفات عن ظاهرها بلا دليل من كتاب الله تعالى ولا من سنة رسوله صلى الله عليه وسلم وإنما يحرفونها بشبه باطلة هم فيها متناقضون مضطربون إذ لو كان المراد خلاف ظاهرها كما يقولون لبينه الله تعالى ورسوله ولو كان ظاهرها ممتنعاً على الله - كما زعموا - لبينه الله ورسوله كما في هذا الحديث. ولو كان ظاهرها اللائق بالله ممتنعاً على الله لكان في الكتاب والسنة من وصف الله تعالى بما يمتنع عليه ما لا يحصى إلا بكلفة وهذا من أكبر المحال , ولنكتف بهذا القدر من الأمثلة لتكون نبراساً لغيرها (2) وإلا فالقاعدة   (1) قال شيخ الإسلام في التدمرية ص73: وهذا صريح في (أن) الله سبحانه وتعالى لم يمرض ولم يجع ولكن مرض عبده وجاع عبده فجعل جوعه ومرضه مرضه مفسراً ذلك بأنك (لو أطعمته لوجدت ذلك عندي، ولو عدته لوجدتني عنده) فلم يبق في الحديث لفظ يحتاج إلى تأويل. (2) ... ونزيد مثالين على ما ذكر المؤلف كما ورد في كتاب موقف المتكلمين لسليمان الغصن (2/821) . 1 - ... قوله تعالى: {ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله} [البقرة: 115] الجزء: 1 ¦ الصفحة: 298 عند أهل السنة والجماعة معروفة وهي إجراء آيات الصفات وأحاديثها على ظاهرها من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل. وقد تقدم الكلام على هذا مستوفى في قواعد نصوص الصفات والحمد لله رب العالمين. فقد ورد عن مجاهد أنه قال في تفسير هذه الآية: " قبلة الله فأينما كنت في شرق أو غرب فلا توجهن إلا إليها ". وقد احتج النفاة بهذا على أن التأويل وارد عن السلف وذكروا ذلك في مناظرتهم لشيخ الإسلام ابن تيمية. ورد عليهم شيخ الإسلام بأن هذا قد صح عن مجاهد والشافعي وهو حق لكن الآية ليست من آيات الصفات حتى يجعل النافية تفسيرها بغير الصفة حجة لهم في موارد النزاع وبين أن من عدها في آيات الصفات فقد غلط، وإن كان فيها ذكر الوجه فالمقصود به في الآية القبلة فإن الوجه في لغة العرب هو الجهة يقال: أي وجه تريد؟ أي: أي جهة؟ ويقال: قصدت هذا الوجه، وسافرت إلى هذا الوجه أي: إلى هذه الجهة كما قال تعالى: {ولكل وجهة هو موليها} [سورة البقرة: 148] وسياق الكلام في الآية يدل على المراد فإنه قال: (ولله المشرق والمغرب) والمشرق والمغرب جهات ثم قال: (فأينما تولوا فثم وجه الله) و" أين " من الظروف، و " تولوا " أي: تستقبلوا. فالمعنى: أي موضع استقبلتموه فهنالك وجه الله فقد جعل وجه الله في المكان الذي يستقبله وأخبر ان الجهات له فدل على أن الإضافة إضافة تخصيص وتشريف كأنه قال: جهة الله وقبلة الله. والغرض أنه إذا قيل: " فثم قبلة الله " لم يكن هذا من التأويل المتنازع فيه الذي ينكره منكرو تأويل آيات الصفات ولا هو مما يستدل به على المثبتة فإن هذا المعنى صحيح في نفسه والآية دالة عليه. 2 - ... قوله تعالى:} يوم يكشف عن ساق { [ن: 42] فقد ورد عن ابن عباس أنه قال في هذه الآية: " هو الأمر الشديد المفضع من الهول يوم القيامة " وعن عكرمة نحو هذا التفسير وقد احتج بهذا نفاة الصفات من أهل التأويل وجعلوه من أدلتهم لتسويغ التأويل لآي الصفات. والجواب عن ذلك أن يقال: إن هذه الآية ليست صريحة في إثبات الساق صفة لله عز وجل ولذلك فسرها من فسرها من السلف بالكشف عن أمر شديد كما يقال كشفت الحرب عن ساق، فليس هذا التفسير من باب تأويل الصفات ولذلك نجد السلف رحمهم الله يثبتون صفة الساق كما ورد في التصريح بها في حديث أبي سعيد في الصحيحين وفيه: " فيكشف عن ساقه " يعني الرب سبحانه وتعالى وهذا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 299 = يدل على أنهم لم يقصدوا تأويل الصفة وإنما فسروا الآية بما ظهر من معناها يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: " ولا ريب أن ظاهر القرآن لا يدل على أن هذه من الصفات فإنه قال " يوم يكشف عن ساق " نكرة في الإثبات لم يضفها إلى الله ولم يقل عن ساقه، فمع عدم التعريف بالإضافة لا يظهر أنه من الصفات إلا بدليل آخر ومثل هذا ليس بتأويل، وإنما التأويل صرف الآية عن مدلولها ومفهومها ومعناها المعروف " وبهذا يتبين لنا أنه لا حجة لنفاة الصفات من أهل التأويل فيما زعموه من أن السلف تأولوا بعض نصوص الصفات. وقد ظهر مما سبق أن تفسيرات السلف لهذه النصوص موافقة لظواهرها اللائقة بالله تعالى وأن تفسيراتهم هذه قد دلت عليها القرائن الصحيحة المتصلة بالنص أو المنفصلة عنه. وقد عرفنا فيما مضى أن كلام الله تعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم " إذا كان مجملاً وظاهراً وقد فسر معناه وبينه كلام آخر متصل به أو منفصل عنه فتفسيره بهذا الكلام الآخر ليس فيه خروج عن كلام الله ورسوله ولا عيب في ذلك ولا نقص " وليس هو من التأويل المذموم الذي هو مدار النزاع بين أهل السنة ومخالفيهم من أهل التأويل فإن أهل التأويل المذموم يجعلون ظواهر كثير من الألفاظ الشرعية دالة على ما ليست بمدلولة له من الكفر والإلحاد ثم يريدون صرفها عنه فوقعوا في محذورين: أحدهما: ظنهم الباطل في ظواهر النصوص الشرعية. والثاني: تحريفهم لمعاني النصوص الحقيقية. والمقصود أن التأويل ليس كله باطلاً بل منه ما هو باطل ومنه ما هو حق وهو ما توافرت فيه شروط التأويل الصحيح سواء سمى تأويلاً أو تفسيراً أو غير ذلك ومن أمثلته: قوله تعالى: {الذين أمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم} [النعام: 82] . = = = = = = فالتأويل الصحيح للظلم هنا هو الشرك كما يدل عليه قوله تعالى حكاية عن لقمان: {يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم} [لقمان:13] وكما في الصحيح عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: لما نزلت: {ولم يلبسوا إيمانهم بظلم} قال الصحابة: " يعنى أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأينا لم يظلم؟ فنزلت: {إن الشرك لظلم عظيم} ومن هنا نعلم أن النصوص الشرعية يجوز تأويلها وذلك بتخصيص عمومها وتقييد مطلقها وبيان مجملها إذا توافرت في النص شروط التأويل الصحيح واعتمد على أدلة سليمة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 300 الفصل الخامس الجزء: 1 ¦ الصفحة: 301 الفصل الخامس الخاتمة إذا قال قائل: قد عرفنا بطلان مذهب أهل التأويل في باب الصفات ومن المعلوم أن الأشاعرة من أهل التأويل لأكثر الصفات فكيف يكون مذهبهم باطلاً (1) وقد قيل إنهم يمثلون اليوم خمسة وتسعين بالمئة من المسلمين؟ - وكيف يكون باطلاً وقدوتهم في ذلك أبو الحسن الأشعري؟ (2) . - وكيف يكون باطلاً وفيهم فلان وفلان من العلماء المعروفين بالنصيحة لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم؟ (3) . - قلنا الجواب عن السؤال الأول: أننا لا نسلم أن تكون نسبة الأشاعرة بهذا القدر بالنسبة لسائر فرق المسلمين فإن هذه دعوى تحتاج إلى إثبات عن طريق الإحصاء الدقيق. ثم لو سلمنا أنهم بهذا القدر أو أكثر فإنه لا يقتضي عصمتهم من الخطأ لأن العصمة في إجماع المسلمين لا في الأكثر. ثم نقول: إن إجماع المسلمين قديماً ثابت على خلاف ما كان عليه أهل التأويل فإن السلف الصالح من صدر هذه الأمة وهم الصحابة الذين هم خير القرون والتابعون لهم بإحسان وأئمة الهدى من بعدهم كانوا مجمعين على إثبات ما أثبته الله لنفسه أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم من الأسماء والصفات وإجراء النصوص على ظاهرها اللائق بالله تعالى من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل.   (1) هذا هو السؤال الأول. (2) هذا هو السؤال الثاني. (3) هذا هو السؤال الثالث. = = = = = = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 303 وهم خير القرون بنص الرسول صلى الله عليه وسلم وإجماعهم حجة ملزمة لأنه مقتضى الكتاب والسنة وقد سبق نقل الإجماع عنهم في القاعدة الرابعة من قواعد نصوص الصفات. ** والجواب عن السؤال الثاني: أن أبا الحسن الأشعري وغيره من أئمة المسلمين لا يدعون لأنفسهم العصمة من الخطأ بل لم ينالوا الإمامة في الدين إلا حين عرفوا قدر أنفسهم وأنزلوها منزلتها وكان في قلوبهم من تعظيم الكتاب والسنة ما استحقوا به أن يكونوا أئمة قال الله تعالى: {وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون} [السجدة: 24] وقال عن إبراهيم: {إن إبراهيم كان أمة قانتاً لله حنيفاً ولم يك من المشركين شاكراً لأنعمه اجتباه وهداه إلى صراط مستقيم} [النحل: 120، 121] . ثم إن هؤلاء المتأخرين الذين ينتسبون إليه لم يقتدوا به الاقتداء الذي ينبغي أن يكونوا عليه وذلك أن أبا الحسن كان له مراحل ثلاث في العقيدة المرحلة الأولى - مرحلة الاعتزال: اعتنق مذهب المعتزلة أربعين عاماً يقرره ويناظر عليه ثم رجع عنه وصرح بتضليل المعتزلة وبالغ في الرد عليهم. (1) . المرحلة الثانية: مرحلة بين الاعتزال المحض والسنة المحضة سلك فيها طريق أبي محمد عبد الله بن سعيد بن كلاب (2) قال شيخ الإسلام ابن تيمية ص (471) من المجلد السادس عشر من مجموع الفتاوى لابن قاسم: " والأشعري وأمثاله برزخ بين السلف والجهمية أخذوا من هؤلاء كلاماً صحيحاً ومن هؤلاء أصولاً عقلية ظنوها صحيحة وهي فاسدة " ا. هـ المرحلة الثالثة: مرحلة اعتناق مذهب أهل السنة والحديث مقتدياً   (1) مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية ص72 جـ4، انظر تبيين كذب المفتري لابن عساكر ص34. (2) مجموع الفتاوى ص556 جـ 5. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 304 بالإمام أحمد بن حنبل رحمه الله كما قرره في كتابه (الإبانة عن أصول الديانة) وهو من آخر كتبه أو آخرها (1) . قال في مقدمته: " جاءنا - يعني النبي صلى الله عليه وسلم - بكتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد جمع فيه علم الأولين وأكمل به الفرائض والدين فهو صراط الله المستقيم وحبله المتين من تمسك به نجا ومن خالفه ضل وغوى وفي الجهل تردى وحث الله في كتابه على التمسك بسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فقال عز وجل: {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} [الحشر: 7] إلى أن قال: " فأمرهم بطاعة رسوله كما أمرهم بطاعته ودعاهم إلى التمسك بسنة نبيه صلى الله عليه وسلم كما أمرهم بالعمل بكتابه فنبذ كثير ممن غلبت شقوته واستحوذ عليهم الشيطان سنن نبي الله صلى الله عليه وسلم وراء ظهورهم وعدلوا إلى أسلاف لهم قلدوهم بدينهم ودانوا بديانتهم وأبطلوا سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم ورفضوها وأنكروها وجحدوها افتراء منهم على الله قد ضلوا وما كانوا مهتدين " ثم ذكر رحمة الله أصولاً من أصول المبتدعة وأشار إلى بطلانها ثم قال: " فإن قال قائل: قد أنكرتم قول المعتزلة والجهمية والحرورية والرافضة والمرجئة فعرفونا قولكم الذي به تقولون وديانتكم التي بها تدينون. قيل له: قولنا الذي نقول به وديانتنا التي ندين بها التمسك بكتاب ربنا عز وجل وبسنة نبينا صلى الله عليه وسلم وما روى عن الصحابة والتابعين وأئمة الحديث ونحن بذلك معتصمون وبما كان يقول به أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل نضر الله   (1) وينكر بعض الأشعرية نسبة الكتاب جميعه إلى الإمام أبي الحسن انظر نظرة علمية في نسبة الإبانة جميعه لأبي الحسن لوهبي غاوجي وانظر ما كتبه الإمام الأشعري في رسالته المسماه برسالة الثغر بتحقيق كل من الدكتور محمد الجلينيد، وعبد الله الجنيدي، وتقسيم المؤلف أطوار أبي الحسن فيه خلاف بين الباحثين، فانظر الكلام عليه في موقف ابن تيمية من الأشاعرة للدكتور المحمود (1/361) . = = = = = = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 305 وجهه ورفع درجته وأجزل مثوبته قائلون ولمن خالف قوله مجانبون لأنه الإمام الفاضل والرئيس الكامل ثم أثنى عليه بما أظهر الله على يده من الحق وذكر ثبوت الصفات ومسائل في القدر والشفاعة وبعض السمعيات وقرر ذلك بالأدلة النقلية والعقلية والمتأخرون الذين ينتسبون إليه أخذوا بالمرحلة الثانية من مراحل عقيدته والتزموا طريق التأويل في عامة الصفات ولم يثبتوا إلا الصفات السبع المذكورة في هذا البيت: = = = = = = حى عليم قدير والكلام له ... إرادة وكذاك السمع والبصر على خلاف بينهم وبين أهل السنة في كيفية إثباتها. ولما ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية ما قيل في شأن الأشعرية ص (359) من المجلد السادس من مجموع الفتاوى لابن قاسم قال: " ومرادهم الأشعرية الذين ينفون الصفات الخبرية وأما من قال منهم بكتاب (الإبانة) الذي صنفه الأشعري في آخر عمره ولم يظهر مقالة تناقض ذلك فهذا يعد من أهل السنة " وقال قبل ذلك ص (310) : " وأما ألأشعرية فعكس هؤلاء وقولهم يستلزم التعطيل وأنه لا داخل العالم ولا خارجه وكلامه معنى واحد ومعنى آية الكرسي وآية الدين والتوراة والإنجيل واحد وهذا معلوم الفساد بالضرورة " ا. هـ وقال تلميذه ابن القيم في النونية ص (312) من شرح الهراس ط الإمام واعلم بأن طريقهم عكس ****الطريق المستقيم لمن له عينان إلى أن قال: فاعجب لعميان البصائر أبصروا ... كون المقلد صاحب البرهان ورأوه بالتقليد أولى من سواه ... بغير ما بصر ولا برهان وعموا عن الوحيين إذ لم يفهموا ... معناهما عجباً لذي الحرمان وقال الشيخ محمد أمين الشنقيطي في تفسيره أضواء البيان ص (319) جـ2 على تفسير آية استواء الله تعالى على عرشه التي في سورة الأعراف: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 306 " اعلم أنه غلط في هذا خلق لا يحصى كثرة من المتأخرين فزعموا أن الظاهر المتبادر السابق إلى الفهم من معنى الاستواء واليد مثلاً في الآيات القرآنية هو مشابهة صفات الحوادث وقالوا يجب علينا أن نصرفه عن ظاهره إجماعاً قال: ولا يخفي على أدنى عاقل أن حقيقة معنى هذا القول أن الله وصف نفسه في كتابه بما ظاهره المتبادر منه السابق إلى الفهم الكفر بالله تعالى والقول فيه بما لا يليق به جل وعلا والنبي صلى الله عليه وسلم الذي قيل له: {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم} [النحل: 44] لم يبين حرفاً واحداً من ذلك مع إجماع من يعتد به من العلماء على أنه صلى الله عليه وسلم لا يجوز في حقه تأخير البيان عن وقت الحاجة إليه وأحرى في العقائد لا سيما ما ظاهره المتبادر منه الكفر والضلال المبين حتى جاء هؤلاء الجهلة من المتأخرين فزعموا أن الله أطلق على نفسه الوصف بما ظاهره المتبادر منه لا يليق والنبي صلى الله عليه وسلم كتم أن ذلك الظاهر المتبادر كفر وضلال يجب صرف اللفظ عنه وكل هذا من تلقاء أنفسهم من غير اعتماد على كتاب أو سنة سبحانك هذا بهتان عظيم! ولا يخفى أن هذا القول من أكبر الضلال ومن أعظم الافتراء على الله جل وعلا ورسوله صلى الله عليه وسلم. والحق الذي لا يشك فيه أدنى عاقل أن كل وصف وصف الله به نفسه أو وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم فالظاهر المتبادر منه السابق إلى فهم من في قلبه شيء من الإيمان هو التنزيه التام عن مشابهة شيء من صفات الحوادث قال: " وهل ينكر عاقل أن السابق إلى الفهم المتبادر لكل عاقل هو منافاة الخالق للمخلوق في ذاته وجميع صفاته لا والله لا ينكر ذلك إلا مكابر. = = = = = = والجاهل المفتري الذي يزعم أن ظاهر آيات الصفات لا يليق بالله لأنه كفر وتشبيه إنما جر إليه ذلك تنجس قلبه بقذر التشبيه بين الخالق والمخلوق فأداه شؤم التشبيه إلى نفي صفات الله جل وعلا وعدم الإيمان بها مع أنه جل وعلا هو الذي وصف بها نفسه فكان هذا الجاهل مشابهاً أولاً ومعطلاً ثانياً فارتكب ما لا يليق بالله ابتداء وانتهاء ولو كان قلبه عارفاً بالله كما ينبغي معظماً لله كما ينبغي طاهراً من أقذار التشبيه لكان المتبادر عنده الجزء: 1 ¦ الصفحة: 307 السابق إلى فهمه أو صف الله تعالى بالغ من الكمال والجلال ما يقطع أوهام علائق المشابهة بينه وبين صفات المخلوقين فيكون قلبه مستعداً للإيمان بصفات الكمال والجلال الثابتة لله في القرآن والسنة الصحيحة مع التنزيه التام عن مشابهة صفات الخلق على نحو قوله: {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} [الشورى:11] ا. هـ كلامه رحمه الله. والأشعري أبو الحسن رحمه الله كان في آخر عمره على مذهب أهل السنة والحديث وهو إثبات ما أثبته الله تعالى لنفسه في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل ومذهب الإنسان ما قاله أخيراً إذا صرح بحصر قوله فيه (1) كما هي الحال في أبي   (1) إذا وجد للإنسان قولان مختلفان وعلم المتأخر فله حالان: أ - أن يصرح بقوله الأخير بالرجوع عن القول الأول فإن الأخير يكون مذهباً له وهذا مراد المؤلف من قوله إذا صرح بحصر قوله فيه، وظاهر كلام الأصوليين ان هذا لا خلاف فيه. ب - ألا يصرح بالرجوع فجمهور العلماء على ان القول الأخير هو مذهبه وذهب بعض الحنابلة والشافعية إلى أن الأول هو مذهبه ما دام انه لم يصرح بالرجوع انظر إتحاف ذوي البصائر د. النملة (8/162) . وقال الطوفي في شرح البلبل (3/625) : إذا أطلق المجتهد قولين في وقتين فإن علم آخر القولين فهو مذهبه دون الأول فلا يجوز بعد رجوعه عنه أن يفتى به ولا يقلد فيه ولا يعد من الشريعة كالناسخ والمنسوخ في كلام الشارع ويبقى العمل على الناسخ المتأخر ويترك المنسوخ المتقدم من جهة العمل به، لأن نصوص الأئمة بالإضافة إلى مقلديهم كنصوص الشارع بالإضافة إلى الأئمة. فإن قيل: إذا كان القول القديم المرجوع عنه لا يعد من الشريعة بعد الرجوع إليه فما الفائدة في تدوين الفقهاء للأقوال القديمة عن أئمتهم؟ حتى ربما نقل عن أحدهم في المسألة الواحدة القولان والثلاثة والأربعة. قيل: قد كان القياس أن لا تدون تلك الأقوال وهو أقرب إلى ضبط الشرع إذ ما لا عمل عليه لا حاجة إليه فتدوينه تعب محض لكنها دونت لفائدة أخرى وهي التنبيه على مدارك الأحكام واختلاف القرائح والآراء وأن تلك الأقوال قد أدى إليها اجتهاد المجتهدين في وقت من الأوقات وذلك مؤثر في تقريب الترقي إلى رتبة الاجتهاد المطلق أو المقيد فإن المتأخر إذا نظر إلى مآخذ المتقدمين نظر فيها وقابل بينها فاستخرج منها فوائد وربما ظهر له من مجموعها ترجيح بعضها وذلك من المطالب المهمة فهذه فائدة تدوين الأقوال القديمة عن الأئمة ا. هـ = = = = = = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 308 الحسن كما يعلم من كلامه في الإبانة وعلى هذا فتمام تقليده إتباع ما كان عليه أخيراً وهو التزام مذهب أهل الحديث والسنة لأنه المذهب الصحيح الواجب الإتباع الذي التزم به أبو الحسن نفسه. ** والجواب عن السؤال الثالث من وجهين: الأول: أن الحق لا يوزن بالرجال وإنما يوزن الرجال بالحق هذا هو الميزان الصحيح وإن كان لمقام الرجال ومراتبهم أثر في قبول أقوالهم كما نقبل خبر العدل ونتوقف في خبر الفاسق لكن ليس هذا هو الميزان في كل حال فالإنسان بشر يفوته من كمال العلم وقوة الفهم ما يفوته فقد يكون الرجل ديناً وذا خلق ولكن يكون ناقص العلم أو ضعيف الفهم فيفوته من الصواب بقدر ما حصل له من النقص والضعف أو يكون قد نشأ على طريق معين أو مذهب معين لا يكاد يعرف غيره فيظن أن الصواب منحصر فيه ونحو ذلك. الثاني: أننا إذا قابلنا الرجال الذين على طريق الأشاعرة بالرجال الذين هم على طريق السلف وجدنا في هذه الطريق من هم أجل وأعظم وأهدى وأقوم من الذين على طريق الأشاعرة فالأئمة الأربعة أصحاب المذاهب المتبوعة ليسوا على طريق الأشاعرة. وإذا ارتقيت إلى من فوقهم من التابعين لم تجدهم على طريق الأشاعرة. وإذا علوت إلى عصر الصحابة والخلفاء الأربعة الراشدين لم تجد فيهم من حذا حذو الأشاعرة في أسماء الله تعالى وصفاته وغيرهما مما خرج به الأشاعرة عن طريق السلف. ونحن لا ننكر أن لبعض العلماء المنتسبين إلى الأشعري قدم صدق (1)   (1) كالنووي وانظر كتاب الردود والتعقبات على ما وقع للإمام النووي في شرح صحيح مسلم من التأويل في الصفات تأليف مشهور آل سلمان. = = = = = = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 309 في الإسلام والذب عنه والعناية بكتاب الله تعالى وبسنة رسوله صلى الله عليه وسلم رواية ودراية والحرص على نفع المسلمين وهدايتهم ولكن هذا لا يستلزم عصمتهم من الخطأ فيما أخطئوا فيه ولا قبول قولهم في كل ما قالوه ولا يمنع من بيان خطئهم ورده لما في ذلك من بيان الحق وهداية الخلق. ولا ننكر أيضاً أن لبعضهم قصداً حسناً فيما ذهب إليه وخفى عليه الحق فيه ولكن لا يكفي لقبول القول حسن قصد قائله بل لابد أن يكون موافقاً لشريعة الله عز وجل فإن كان مخالفاً لها وجب رده على قائله كائناً من كان لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد " (1) ثم إن كان قائله معروفاً بالنصيحة والصدق في طلب الحق اعتذر عنه في هذه المخالفة وإلا عومل بما يستحقه بسوء قصده ومخالفته. حكم أهل التأويل فإن قال قائل: هل تكفرون أهل التأويل أو تفسقونهم؟ (2) قلنا: الحكم بالتكفير والتفسيق ليس إلينا بل هو إلى الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم فهو من الأحكام الشرعية التي مردها إلى الكتاب والسنة فيجب التثبت فيه غاية التثبت فلا يكفر ولا يفسق إلا من دل الكتاب والسنة على كفره أو فسقه. والأصل في المسلم الظاهر العدالة بقاء إسلامه وبقاء عدالته حتى يتحقق زوال ذلك عنه بمقتضى الدليل الشرعي ولا يجوز التساهل في تكفيره أو تفسيقه لأن في ذلك محذورين عظيمين: أحدهما: افتراء الكذب على الله تعالى في الحكم وعلى المحكوم عليه في الوصف الذي نبزه به   (1) رواه مسلم في المطبوع مع شرح النووي (12/16) ، ورواه البخاري بلفظ من أحدث كما في نسخة الفتح (5/355) . (2) تراجع في هذه المسألة بعض الكتب المهمة المؤلفة فيها مثل منهج ابن تيمية في مسألة التكفير للمشعبي. = = = = = = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 310 الثاني: الوقوع فيما نبز به أخاه إن كان سالماً منه ففي صحيح مسلم عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إذا كفر الرجل أخاه فقد باء بها أحدهما " وفي رواية: " إن كان كما قال وإلا رجعت عليه " (1) وفيه عن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: " ومن دعا رجلاً بالكفر أو قال عدو الله وليس كذلك إلا حار عليه " (2) وعلى هذا فيجب قبل الحكم على المسلم بكفر أو فسق أن ينظر في أمرين أحدهما: دلالة الكتاب أو السنة على أن هذا القول أو الفعل موجب للكفر أو الفسق. الثاني: انطباق هذا الحكم على القائل المعين أو الفاعل المعين بحيث تتم شروط التكفير أو التفسيق في حقه وتنتفي الموانع. ومن أهم الشروط: أن يكون عالماً بمخالفته (3) التي أوجبت أن يكون كافراً أو فاسقاً لقوله تعالى: {ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيراً} [النساء: 115] وقوله: {وما كان الله ليضل قوماً بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون إن الله بكل شيء عليم إن الله له ملك السموات والأرض يحيي ويميت وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير} [التوبة: 115، 116] ولهذا قال أهل العلم: " لا يكفر جاحد الفرائض إذا كان حديث عهد بإسلام (4) حتى يبين له ".   (1) رواه مسلم في المطبوع مع شرح النووي (2/49) وفي لفظ للبخاري المطبوع مع الفتح (10/531) : إذا قال الرجل لأخيه يا كافر فقد باء به أحدهما: ا. هـ. (2) رواه مسلم في المطبوع مع شرح النووي (2/49) . (3) وأن يقصد المعين بكلامه المعنى المكفر، وان تقوم عليه الحجة انظر منهج ابن تيمية ومسألة التكفير (1/207) . (4) أما إذا لم يكن حديث عهد بالإسلام فإنه يكفر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 311 ومن الموانع: أن يقع ما يوجب الكفر أو الفسق بغير إرادة منه ولذلك صور (1) : منها: أن يكره على ذلك فيفعله لداعي الإكراه لا اطمئناناً به فلا يكفر حينئذ لقوله تعالى: {من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدراً فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم} [النحل: 106] . ومنها: أن يغلق عليه فكره فلا يدري ما يقول لشدة فرح أو حزن أو خوف أو نحو ذلك. ودليله ما ثبت في صحيح مسلم (2) عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لله أشد فرحاً بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه فأيس منها فأتى شجرة فاضطجع في ظلها قد أيس من راحلته فبينما هو كذلك إذا هو بها قائمة عنده فأخذ بخطامها ثم قال من شدة الفرح: اللهم أنت عبدي وأنا ربك أخطأ من شدة الفرح. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ص (180) جـ (12) مجموع الفتاوى لابن قاسم: " وأما التكفير فالصواب أن من اجتهد من أمة محمد صلى الله عليه وسلم وقصد الحق فأخطأ لم يكفر بل يغفر له خطؤه ومن تبين له ما جاء به الرسول فشاق الرسول من بعد ما تبين له الهدى واتبع غير سبيل المؤمنين فهو كافر ومن اتبع هواه وقصر في طلب الحق وتكلم بلا علم فهو عاص مذنب ثم قد يكون فاسقاً وقد يكون له حسنات ترجح على سيئاته " ا. هـ وقال في ص (229) جـ (3) من المجموع المذكور في كلام له: "هذا   (1) ومن الموانع: الخطأ، الجهل، العجز، الإكراه كما قال المؤلف. انظر منهج ابن تيمية في التكفير (1/229) . = = = = = = (2) رواه مسلم المطبوع مع شرح النووي (17/63) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 312 مع أني دائماً ومن جالسني يعلم ذلك منى (1) أني من أعظم الناس نهياً عن أن ينسب معين إلى تكفير وتفسيق ومعصية إلا إذا علم أنه قد قامت عليه الحجة الرسالية التي من خالفها كان كافراً تارة وفاسقاً أخرى وعاصياً أخرى وأني أقرر أن الله قد غفر لهذه الأمة خطأها وذلك يعم الخطأ في المسائل الخبرية القولية (2) والمسائل العملية (3) وما زال السلف يتنازعون في كثير من هذه المسائل ولم يشهد أحد منهم على أحد لا بكفر ولا بفسق ولا بمعصية " وذكر أمثلة ثم قال: " وكنت أبين أن ما نقل عن السلف والأئمة من إطلاق القول بتكفير من يقول كذا وكذا فهو أيضاً حق لكن يجب التفريق بين الإطلاق والتعيين " إلى أن قال: " والتكفير هو من الوعيد فإنه وإن كان القول تكذيباً لما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم لكن قد يكون الرجل حديث عهد بإسلام أو نشأ ببادية بعيدة ومثل هذا لا يكفر بجحد ما يجحده حتى تقوم عليه الحجة وقد يكون الرجل لم يسمع تلك النصوص أو سمعها ولم تثبت عنده أو عارضها عنده معارض آخر أوجب تأويلها وإن كان مخطئاً وكنت دائماً أذكر الحديث الذي في الصحيحين (4) في الرجل الذي قال: إذا أنا مت فأحرقوني ثم اسحقوني ثم ذروني في اليم فو الله لئن قدر الله على ليعذبني عذاباً ما عذبه أحداً من العالمين ففعلوا به ذلك فقال الله ما حملك على ما فعلت قال خشيتك فغفر له "فهذا رجل شك في قدرة الله وفي إعادته إذا ذري بل اعتقد أنه لا يعاد وهذا كفر باتفاق المسلمين لكن كان جاهلاً لا يعلم ذلك وكان مؤمناً يخاف الله أن يعاقبه فغفر له بذلك والمتأول من أهل الاجتهاد الحريص على متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم أولى بالمغفرة من مثل هذا" ا. هـ وبهذا علم الفرق بين القول والقائل وبين الفعل والفاعل فليس كل   (1) وهي العقائد. = = = = = = (2) هذه جملة معترضة. (3) وهي الفروع أي الفقه. (4) رواه البخاري مع الفتح (13/479) ، ومسلم مع النووي (17/70) وانظر شرح الحديث فيهما واختلاف العلماء في معناه. = = = = = = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 313 قول أو فعل يكون فسقاً أو كفراً يحكم على قائله أو فاعله بذلك. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ص (165) جـ (35) من مجموع الفتاوى: " وأصل ذلك أن المقالة التي هي كفر بالكتاب والسنة والإجماع يقال هي كفر قولاً يطلق كما دلت على ذلك الدلائل الشرعية فإن الإيمان من الأحكام المتلقاة عن الله ورسوله ليس ذلك مما يحكم فيه الناس بظنونهم وأهوائهم ولا يجب أن يحكم في كل شخص قال ذلك بأنه كافر حتى يثبت في حقه شروط التكفير وتنتفي موانعه مثل من قال: إن الخمر أو الربا حلال لقرب عهده بالإسلام أو لنشوئه في بادية بعيدة أو سمع كلاماً أنكره ولم يعتقد أنه من القرآن ولا أنه من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم كما كان بعض السلف ينكر أشياء حتى يثبت عنده أن النبي صلى الله عليه وسلم قالها " إلى أن قال: " فإن هؤلاء لا يكفرون حتى تقوم عليهم الحجة بالرسالة كما قال الله تعالى: {لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل} [النساء: 165] وقد عفا الله لهذه الأمة عن الخطأ والنسيان " ا. هـ كلامه. وبهذا علم أن المقالة أو الفعلة قد تكون كفراً أو فسقاً ولا يلزم من ذلك أن يكون القائم بها كافراً أو فاسقاً إما لانتفاء شرط التكفير أو التفسيق أو وجود مانع شرعي يمنع منه ومن تبين له الحق فأصر على مخالفته تبعاً لاعتقاد كان يعتقده أو متبوع كان يعظمه أو دنيا كان يؤثرها فإنه يستحق ما تقتضيه تلك المخالفة من كفر أو فسوق. فعلى المؤمن أن يبني معتقده وعمله على كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فيجعلهما إماماً له يستضيء بنورهما ويسير على منهاجهما فإن ذلك هو الصراط المستقيم الذي أمر الله تعالى به في قوله {وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون} [الأنعام: 135] . وليحذر ما يسلكه بعض الناس من كونه يبني معتقده أو عمله على مذهب معين فإذا رأى نصوص الكتاب والسنة على خلافه حاول صرف هذه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 314 النصوص إلى ما يوافق ذلك المذهب على وجوه متعسفة فيجعل الكتاب والسنة تابعين لا متبوعين وما سواهما إماماً لا تابعاً وهذه طريق من طرق أصحاب الهوى لا أتباع الهدى وقد ذم الله هذه الطريق في قوله: {ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السموات والأرض ومن فيهن بل أتيناهم بذكرهم فهم عن ذكرهم معرضون} [المؤمنون: 71] . والناظر في مسالك الناس في هذا الباب يرى العجب العجاب ويعرف شدة افتقاره إلى اللجوء إلى ربه في سؤال الهداية والثبات على الحق والاستعاذة من الضلال والانحراف. ومن سأل الله تعالى بصدق وافتقار إليه عالماً بغنى ربه عنه وافتقاره هو إلى ربه فهو حرى أن يستجيب الله تعالى له سؤله يقول الله تعالى: {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون} [البقرة: 186] . فنسأل الله أن يجعلنا ممن رأى الحق حقاً واتبعه ورأى الباطل باطلاً واجتنبه وأن يجعلنا هداة مهتدين وصلحاء مصلحين وأن لا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا ويهب لنا منه رحمة إنه هو الوهاب. والحمد لله رب العالمين الذي بنعمته تتم الصالحات والصلاة والسلام على نبي الرحمة وهادي الأمة إلى صراط العزيز الحميد بإذن ربهم وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. تم في اليوم الخامس عشر من شهر شوال سنة 1401هـ بقلم مؤلفه الفقير إلى الله محمد الصالح العثيمين الجزء: 1 ¦ الصفحة: 315 تعقيب معية الله تعالى لخلقه (1) بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليماً. أما بعد: فقد كنا تكلمنا في بعض مجالسنا على معنى معية الله تعالى لخلقه ففهم بعض الناس من ذلك ما ليس بمقصود لنا ولا معتقد لنا فكثر سؤال الناس وتساؤلهم ماذا يقال في معية الله لخلقه؟ وإننا: أ - لئلا يعتقد مخطئ أو خاطئ في معية الله ما لا يليق به. ب - ولئلا يتقول علينا متقول ما لم نقله أو يتوهم واهم فيما نقوله ما لم نقصده. ج_ ... ولبيان معنى هذه الصفة العظيمة التي وصف الله بها نفسه في عدة آيات من القرآن ووصفه بها نبيه محمد (.   (1) نص الكلمة التي نشرها المؤلف في مجلة الدعوة السعودية في عدد 911 الصادرة يوم الاثنين الموافق 4/1/1404هـ. = = = = = = = = = = = = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 316 نقرر ما يأتي: أولاً: معية الله تعالى لخلقه ثابتة بالكتاب والسنة وإجماع السلف: قال الله تعالى: {وهو معكم أينما كنتم} [الحديد: 4] وقال تعالى: {إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون} [النحل: 128] وقال تعالى لموسى وهارون حين أرسلهما إلى فرعون: {لا تخافا إنني معكما أسمع وأرى} [طه: 46] وقال عن رسوله محمد صلى الله عليه وسلم: {إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا} [التوبة: 40] وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " أفضل الإيمان أن تعلم أن الله معك حيثما كنت " (1) حسنه شيخ الإسلام ابن تيمية في العقيدة الواسطية وضعفه بعض أهل العلم وسبق قريباً ما قاله الله تعالى عن نبيه من إثبات المعية له. وقد أجمع السلف على إثبات معية الله تعالى لخلقه. ثانياً هذه المعية حق على حقيقتها ولكنها معية تليق بالله تعالى ولا تشبه معية أي مخلوق لمخلوق: لقوله تعالى عن نفسه: {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} [الشورى: 11] وقوله: {هل تعلم له سميا} [مريم: 65] وقوله: {ولم يكن له كفواً أحد} [الإخلاص: 4] وكسائر صفاته الثابتة له حقيقة على وجه يليق به ولا تشبه صفات المخلوقين. قال ابن عبد البر: " أهل السنة مجمعون على الصفات الواردة في   (1) رواه أبو نعيم في الحلية (6/124) وقال: غريب من حديث عروة لم نكتبه إلا من حديث محمد بن مهاجر. والبيهقي في الأربعين الصغرى ص120. وعزاه الهيثمي في المجمع (1/65) : إلى الطبراني في المجمع الأوسط والكبير وقال: تفرد به عثمان بن كثير قلت: ولم أره من ذكره بثقة ولا جرح ا. هـ وضعفه الألباني في ضعيف الجامع ص142 حديث رقم 1002. = = = = = = = = = = = = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 317 القرآن والسنة والإيمان بها وحملها على الحقيقة لا على المجاز إلا أنهم لا يكيفون شيئاً من ذلك ولا يحدون فيه صفة محصورة " (1) ا. هـ نقله عنه شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتوى الحموية ص (87) من المجلد الخامس من مجموع الفتاوى لابن قاسم: وقال شيخ الإسلام في الفتوى ص (102) من المجلد المذكور: " ولا يحسب الحاسب أن شيئاً من ذلك - يعنى مما جاء في الكتاب والسنة - يناقض بعضه بعضا ألبته مثل أن يقول القائل ما في الكتاب والسنة من أن الله فوق العرش يخالفه الظاهر من قوله: {وهو معكم أينما كنتم} [الحديد: 4] وقوله صلى الله عليه وسلم: " إذا قام أحدكم إلى الصلاة فإن الله قبل وجهه " (2) ونحو ذلك فإن هذا غلط وذلك أن الله معنا حقيقة وهو فوق العرش حقيقة كما جمع الله بينهما في قوله: {هو الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو معكم أينما كنتم والله بما تعملون بصير} [الحديد: 4] فأخبر أنه فوق العرش يعلم كل شيء وهو معنا أينما كنا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الأوعال (3) : " والله فوق العرش وهو يعلم ما أنتم عليه " وذلك أن كلمة " مع " في اللغة إذا أطلقت فليس ظاهرها في اللغة إلا المقارنة المطلقة من غير وجوب مماسة أو محاذاة عن يمين أو شمال فإذا قيدت بمعنى من المعاني دلت على المقارنة في ذلك المعنى فانه يقال: ما زلنا نسير والقمر معنا أو والنجم معنا ويقال: هذا المتاع معي لمجامعته لك وإن كان فوق رأسك فالله مع خلقه حقيقة وهو فوق عرشه حقيقة " ا. هـ ثالثاً: هذه المعية تقتضي الإحاطة بالخلق علماً وقدرة وسمعاً وبصراً وسلطاناً وتدبيراً:   (1) في نسخة المؤلف (محدودة) وقد صححناها من نسخ الحموية وقد سبق بيان ذلك. = = = = = = (2) تقدم تخريجه. (3) تقدم تخريجه. = = = = = = = = = = = = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 318 وغير ذلك من معاني ربوبيته إن كانت المعية عامة لم تخص بشخص أو وصف كقوله تعالى: {وهو معكم أينما كنتم} [الحديد: 4] وقوله: {ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا} [المجادلة: 7] . فإن خصت بشخص أو وصف اقتضت مع ذلك النصر والتأييد والتوفيق والتسديد. - مثال المخصوصة بشخص: قوله تعالى لموسى وهارون: {إنني معكما أسمع وأرى} [طه: 46] وقوله عن النبي صلى الله عليه وسلم: {إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا} [التوبة: 40] . - ومثال المخصوصة بوصف: قوله تعالى: {واصبروا إن الله مع الصابرين} [الأنفال: 46] وأمثالها في القرآن كثيرة. - قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتوى الحموية ص (103) من المجلد الخامس من مجموع الفتاوى لابن قاسم قال: ثم هذه المعية تختلف أحكامها بحسب الموارد فلما قال: {يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها} [الحديد: 4] إلى قوله: {وهو معكم أينما كنتم} [الحديد: 4] دل ظاهر الخطاب على أن حكم هذه المعية ومقتضاها أنه مطلع عليكم شهيد عليكم مهيمن عالم بكم وهذا معنى قول السلف: إنه معهم بعلمه وهذا ظاهر الخطاب وحقيقته قال: ولما قال النبي صلى الله عليه وسلم لصاحبه في الغار: {لا تحزن إن الله معنا} [التوبة: 40] كان هذا أيضاً حقاً على ظاهره ودلت الحال على أن حكم هذه المعية هنا معية الاطلاع والنصر والتأييد وكذلك قوله: {إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون} [النحل: 128] وكذلك قوله لموسى وهارون: {إنني معكما أسمع وأرى} [طه: 46] هنا المعية على ظاهرها وحكمها في هذه المواطن النصر والتأييد. ". = = = = = = = = = = = = = = = = = = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 319 وقال محمد بن الموصلي في كتاب (استعجال الصواعق على الجهمية والمعطلة) لابن القيم في المثال التاسع ص (409) ط الإمام: " وغاية ما تدل عليه - مع - المصاحبة والموافقة والمقارنة في أمر من الأمور وذا الاقتران في كل موضع بحسبه ويلزمه لوازم بحسب متعلقة فإذا قيل: الله مع خلقه بطريق العموم كان من لوازم ذلك علمه بهم وتدبيره لهم وقدرته عليهم وإذا كان ذلك خاصاً كقوله: {إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون} [النحل: 128] كان من لوازم ذلك معيته لهم بالنصرة والتأييد والمعونة فمعية الله تعالى مع عبده نوعان عامة وخاصة وقد اشتمل القرآن على النوعين وليس ذلك بطريق الاشتراك اللفظي بل حقيقتها ما تقدم من الصحبة اللائقة " ا. هـ * وذكر ابن رجب في شرح الحديث التاسع والعشرين من الأربعين النووية: " أن المعية تقتضي النصر والتأييد والحفظ والإعانة وأن العامة تقتضي علمه واطلاعه ومراقبته لأعمالهم ". * وقال ابن كثير في تفسير آية المعية في سورة المجادلة: " ولهذا حكى غير واحد الإجماع على أن المراد بهذه المعية معية علمه قال: ولا شك في إرادة ذلك ولكن سمعه أيضاً مع علمه بهم وبصره نافذ فيهم فهو سبحانه مطلع على خلقه لا يغيب عنه من أمورهم شيء " ا. هـ رابعاً: - هذه المعية لا تقتضي أن يكون الله تعالى مختلطاً بالخلق أو حالاً في أمكنتهم: ولا تدل على ذلك بوجه من الوجوه لأن هذا المعنى باطل مستحيل على الله عز وجل ولا يمكن أن يكون معنى كلام الله ورسوله شيئاً مستحيلاً باطلاً. قال شيخ الإسلام ابن تيمية في العقيدة الواسطية ص (115) ط ثالثة من شرح محمد خليل الهراس: وليس معنى قوله: {وهو معكم} [الحديد: 4] أنه مختلط بالخلق فإن هذا لا توجبه اللغة بل القمر آية من آيات الله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 320 تعالى من أصغر مخلوقاته وهو موضوع في السماء وهو مع المسافر وغير المسافر أينما كان " ا. هـ = = = = = = ولم يذهب إلى هذا المعنى الباطل إلا الحلولية من قدماء الجهمية وغيرهم الذين قالوا: إن الله بذاته في كل مكان: تعالى الله عن قولهم علواً كبيراً وكبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذباً. وقد أنكر قولهم هذا من أدركه من السلف والأئمة لما يلزم عليه من اللوازم الباطلة المتضمنة لوصفه بالنقائص وإنكار علوه على خلقه. وكيف يمكن أن يقول قائل عن الله تعالى بذاته في كل مكان أو أنه مختلط بالخلق وهو سبحانه قد {وسع كرسيه السموات والأرض} [البقرة: 255] {والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه} [الزمر: 67] خامساً: - هذه المعية لا تناقض ما ثبت لله تعالى من علوه على خلقه واستوائه على عرشه: فإن الله تعالى قد ثبت له العلو المطلق علو الذات وعلو الصفة قال الله تعالى: {وهو العلى العظيم} [البقرة: 255] وقال تعالى: {سبح اسم ربك الأعلى} [الأعلى: 1] وقال تعالى: {ولله المثل الأعلى وهو العزيز الحكيم} [النحل: 60] . وقد تضافرت الأدلة من الكتاب والسنة والإجماع والعقل والفطرة على علو الله تعالى **أما أدلة الكتاب: فلا تكاد تحصر مثل قوله تعالى: {فالحكم لله العلي الكبير} [غافر: 12] وقوله تعالى: {وهو القاهر فوق عباده} [الأنعام: 18] وقوله: أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصباً} [الملك: 17] وقوله: {تعرج الملائكة والروح إليه} [المعارج: 4] وقوله: {قل نزله روح القدس من ربك} [النحل: 102] إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة. ومثل قوله صلى الله عليه وسلم: "ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء" (1) .   (1) قد تقدم تخريجه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 321 وقوله: " والعرش فوق الماء والله فوق العرش " (1) وقوله: " ولا يصعد إلى الله إلا الطيب " (2) ومثل إشارته إلى السماء يوم عرفة يقول: " اللهم اشهد " (3) يعني على الصحابة حين أقروا أنه بلغ. ومثل إقراره الجارية حين سألها: أين الله؟ قالت: في السماء: قال: " اعتقها فإنها مؤمنة " (4) إلى غير ذلك من الأحاديث الكثيرة. **وأما الإجماع: فقد نقل إجماع السلف على علو الله تعالى غير واحد من أهل العلم. **وأما دلالة العقل: على علو الله تعالى فلأن العلو صفة كمال والسفول صفة نقص والله تعالى موصوف بالكمال منزه عن النقص. ** وأما دلالة الفطرة: على علو الله تعالى فإنه ما من داع يدعو ربه إلا وجد من قلبه ضرورة بالاتجاه إلى العلو من غير دراسة كتاب ولا تعليم معلم. وهذا العلو الثابت لله تعالى بهذه الأدلة القطعية لا يناقض حقيقة المعية وذلك من وجوه: الأول: أن الله تعالى جمع بينهما لنفسه في كتابه المبين المنزه عن التناقض ولو كانا متناقضين لم يجمع القرآن بينهما.   (1) رواه الطبراني في الكبير (9/202) وقال في المجمع (1/91) رجاله رجال الصحيح ا. هـ. ورواه أيضاً البيهقي في الأسماء والصفات ص507 والدرامي في رده على المريسى ص90، واللالكائي (3/395) ، وأبو الشيخ في العظمة ص107، وابن عبد البر في التمهيد (7/139) ، وابن خزيمة في التوحيد (1/243) ، وابن قدامة في العلو ص152، والذهبي في مختصر العلو ص103 وقال الألباني: إسناده صحيح ا. هـ (2) هو جزء من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب، ولا يصعد إلى الله إلا طيباً ... . "الحديث وقد تقدم. (3) تقدم تخريجه. (4) تقدم تخريجه. وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 322 وكل شيء في كتاب الله تعالى تظن فيه التعارض فيما يبدو لك فأعد النظر فيه مرة بعد أخرى حتى يتبين لك قال الله تعالى: {أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً} [النساء: 82] . الوجه الثاني: أن اجتماع المعية والعلو ممكن في حق المخلوق فإنه يقال: مازلنا نسير والقمر معنا ولا يعد ذلك تناقضاً ومن المعلوم أن السائرين في الأرض والقمر في السماء فإذا كان هذا ممكناً في حق المخلوق فما بالك بالخالق المحيط بكل شيء. قال الشيخ محمد خليل الهراس ص (115) في شرحه العقيدة الواسطية عند قول المؤلف: " بل القمر آية من آيات الله تعالى من أصغر مخلوقاته وهو مع المسافر وغير المسافر أينما كان " قال: " وضرب لذلك مثلاً بالقمر الذي هو موضوع في السماء وهو مع المسافر وغيره أينما كان قال: فإذا جاز هذا في القمر وهو من أصغر مخلوقات الله تعالى أفلا يجوز بالنسبة إلى اللطيف الخبير الذي أحاط بعباده علماً وقدرة والذي هو شهيد مطلع عليهم يسمعهم ويراهم ويعلم سرهم ونجواهم بل العالم كله سمواته وأرضه من العرش إلى الفرش بين يديه كأنه بندقة في يد أحدنا أفلا يجوز لمن هذا شأنه أن يقال إنه مع خلقه مع كونه عالياً عليهم بائناً منهم فوق عرشه " ا. هـ الوجه الثالث: أن اجتماع العلو والمعية لو فرض أنه ممتنع في حق المخلوق لم يلزم أن يكون ممتنعاً في حق الخالق فإن الله لا يماثله شيء من خلقه: " {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} [الشورى: 11] قال شيخ الإسلام ابن تيمية في العقيدة الواسطية ص (116) ط ثالثة من شرح الهراس: " وما ذكر في الكتاب والسنة من قربه ومعيته لا ينافي ما ذكر من علوه وفوقيته فإنه سبحانه ليس كمثله شيء في جميع نعوته وهو عليّ في دنوه قريب في علوه " ا. هـ ** وخلاصة القول في هذا الموضوع كما يلي: - 1 - أن معية الله تعالى لخلقه ثابتة بالكتاب والسنة وإجماع السلف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 323 2 - أنها حق على حقيقتها على ما يليق بالله تعالى من غير أن تشبه معية المخلوق للمخلوق. 3 - أنها تقتضي إحاطة الله بالخلق علماً وقدرة وسمعاً وبصراً وسلطاناً وتدبيراً وغير ذلك من معاني ربوبيته إن كانت المعية عامة وتقتضي مع ذلك نصراً وتأييداً وتوفيقاً وتسديداً إن كانت خاصة. 4 - أنها لا تقتضي أن يكون الله تعالى مختلطاً بالخلق أو حالاً في أمكنتهم ولا تدل على ذلك بوجه من الوجوه. 5 - إذا تدبرنا ما سبق علمنا أنه لا منافاة بين كون الله مع خلقه حقيقة وكونه في السماء على عرشه حقيقة. سبحانه وبحمده لا نحصى ثناءً عليه هو كما أثنى على نفسه وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبة أجمعين. حرره الفقير إلى الله تعالى: محمد الصالح العثيمين قي 27/11/1403هـ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 324 مراجع الكتاب كتب العقيدة 1 - أسماء الله وصفاته في معتقد أهل السنة والجماعة -الدكتور عمر سليمان الأشقر -دار النفائس - عمان 2 - مفتاح دار السعادة -شمس الدين أبي عبد الله محمد بن أبي بكر ابن القيم الجوزية -دار ابن عفان 3 - الفتوى الحموية الكبرى -لشيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية- تحقيق حمد بن عبد المحسن التويجري-طبعة دار الصميعي 4 - شرح العقيدة الواسطية -محمد خليل هراس مع تعليق الشيخ إسماعيل الأنصاري- 5 - التحفة المحمدية شرح الرسالة التدمرية -للشيخ فالح بن مهدى آل مهدى- مع تعليق الشيخ عبد الرحمن بن صالح المحمود-مكتبة الحرمين الرياض 6 - العذر بالجهل عقيدة السلف -لشريف محمد فؤاد هزاع-مكتبة ابن تيمية - القاهرة 7 - قواعد وضوابط التكفير والعذر بالجهل-بقلم المهندس / خالد فوزي عبد الحميد-مكتبة لينة دمنهور 8 - العذر بالجهل تحت المجهر الشرعي -لأبي يوسف مدحت بن حسن آل فراج مع تقديم عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين-دار الكتاب والسنة كراتشي 9 - كتاب العظمة -للإمام الحافظ أبي محمد عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان المعروف بأبي الشيخ الأصبهاني تحقيق محمد فارس-دار الكتب العلمية - بيروت 10 - جناية التأويل الفاسد على العقيدة الإسلامية -للدكتور محمد أحمد نوح-دار ابن عفان 11 - كتاب التوحيد وإثبات صفات الرب عز وجل -الحافظ الإمام أبي بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة تحقيق عبد العزيز إبراهيم الشهواني -مكتبة الرشد الرياض - 12 - كتاب التوحيد وإثبات صفات الرب عز وجل-ومع تعليق محمد خليل هراس -دار الكتب بيروت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 325 13 - الإبانة عن أصول الديانة -للإمام أبي الحسن الأشعري -دار الكتاب الأشعري 14 - تبيين كذب المفترى فيما نسب إلى الإمام أبي الحسن الأشعري -لأبي القاسم على بن حسن بن هبة الله ابن عساكر الدمشقي مؤرخ الشام-دار الكتاب العربي 15 - إثبات صفة العلو -للإمام موفق الدين أبي محمد عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي - تحقيق د. أحمد بن عطية بن على الغامدى -مؤسسة علوم القرآن -بيروت مكتبة العلوم والحكم المدينة المنورة 16 - عقيدة السلف وأصحاب الحديث أو الرسالة في اعتقاد أهل السنة وأصحاب الحديث والأئمة -لأبي عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني تحقيق د. ناصر بن عبد الرحمن بن محمد الجديع-دار العاصمة للنشر 17 - شرح لمعة الاعتقاد لموفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي-بقلم الشيخ محمد بن صالح العثيمين-دار ابن القيم للنشر - الدمام 18 - -- منهج ابن تيمية في مسألة التكفير -للدكتور عبد المجيد بن سالم بن عبد الله المشعبي -مكتبة أضواء السلف - الرياض 19 - شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة -للإمام العالم الحافظ أبي القاسم هبة الله بن الحسن منصور الطبري اللالكائي تحقيق د. أحمد سعد حمدان -دار طيبة للنشر والتوزيع - الرياض 20 - الكواشف الجلية عن معاني الواسطية -عبد العزيز محمد السلمان -الطبعة التاسعة عشرة 21 - العلو للعلي الغفار في إيضاح صحيح الأخبار -للحافظ شمس الدين - محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي - واعتنى به محمد أشرف بن عبد المقصود -مكتبة أضواء السلف 22 - مختصر العلو-للحافظ الذهبي - محمد ناصر الدين الألباني-المكتب الإسلامي 23 - - كتاب الصفدية -لأبي العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية -مكتبة ابن تيمية 24 - شرح العقيدة الطحاوية -لابن أبي العز الحنفى بترتيب وتقريب خالد فوزي عبد الحميد حمزة -دار التربية والتراث مكة المكرمة ومكتبة الضياء جدة 25 - إتمام المنة بشرح اعتقاد أهل السنة -للدكتور إبراهيم بن محمد البريكان-دار السنة 26 - شرح السنوسية الكبرى المسمى عمدة أهل التوفيق والتسديد للإمام أبي عبد الله السنوسي-للدكتور عبد الفتاح عبد الله بركة -دار القلم الكويت 27 - دفع شبه التشبيه بأكف التنزيه -الإمام الحافظ أبو الفرج عبد الرحمن بن الجوزي تحقيق حسن سقاف-دار الإمام النووي - عمان الأردن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 326 28 - شرح المواقف -للمحقق السيد شريف على بن محمد محمد الجرجاني مع حاشية السيالكوتي والحلبي منشورات شريف الرضى- 29 - الحكمة والتعليل في أفعال الله تعالى -د. محمد ربيع هادى المدخلى-مكتبة لينة دمنهور - للنشر والتوزيع 30 - الأجوبة المرضية لتقريب التدمرية-لأبي مصعب بلال بن حبشي طبرى الجزائري-الناشر - دار هجر للنشر والتوزيع- أبها 31 - حاشية الباجورى على متن السنوسية في العقيدة -للشيخ إبراهيم الباجورى، اعتنى به عبد السلام -دار البيروتي 32 - في علم الكلام دراسة فلسفية -للدكتور أحمد محمود صبحي-دار النهضة العربية - بيروت 33 - نشر الطوالع -للعلامة المرعشي الشهير بساجقلى زاده -مكتبة العلوم العريبة 34 - تحفة المريد شرح جوهرة التوحيد -العلامة الشيخ إبراهيم الباجوري-دار الكتب العلمية بيروت 35 - الجوائز والصلات من جمع الأسامى والصفات -نور الحسن محمد صديق حسن خان القنوجي-مكتبة نزار مصطفى الباز - مكة المكرمة 36 - شرح صغرى الصغرى في علم التوحيد لأبي عبد الله محمد بن يوسف السنوسي الحسنى - وبهامشه المواهب اللدنية في شرح مقدمات السنوسية لأبي إسحاق إبراهيم الأندلسي - مكتبة الحلبي 37 - حاشية على شرح أم البراهين لمحمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي - مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر 38 - حاشية الشيخ عبد الله بن حجازى الشرقاوي على شرح الإمام محمد بن منصور الهدهدي على أم البراهين المعروفة بالصغرى - شركة مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر. 39 - حاشية محمد بن محمد الأمير على شرح عبد السلام بن إبراهيم المالكي لجوهرة التوحيد، شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده 40 - شرح الخريدة في علم التوحيد للإمام أبي البركات سيدي أحمد الدردير مع تعليقات حسين عبد الرحيم مكي - دار ومكتبة الهلال للطباعة والنشر - بيروت 41 - شرح أم البراهين للشيخ أحمد بن عيسى الأنصاري - في غاية الاختصار ونهاية الإيجاز، دار ومكتبة الهلال للطباعة والنشر - بيروت 42 - شرح الصاوي على جوهرة التوحيد للعلامة الشيخ أحمد بن محمد المالكي الصاوي - دار الإخاء. 43 - شرح الرسالة التدمرية للشيخ محمد بن صالح بن عثيمين مخطوط الجزء: 1 ¦ الصفحة: 327 44 - عداء الماتريدية للعقيدة السلفية - الماتريدية وموقفهم من توحيد الأسماء والصفات لشمس السلفي الأفغاني رسالة ماجستير مكتبة الصديق 45 - الحجة في بيان المجحة وشرح عقيدة أهل السنة للإمام الحافظ قوام السنة أبي القاسم إسماعيل بن محمد الأصبهاني - تحقيق محمد بن ربيع بن هادى عمير المدخلى - دار الراية للنشر والتوزيع - الرياض 46 - الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح لشيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية تحقيق د. على بن حسن الناصر - د. عبد العزيز إبراهيم العسكر - د. حمدان بن محمد الحمدان - دار العاصمة للنشر 47 - هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى لشمس الدين محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية تحقيق وتعليق دكتور أحمد حجازى سقا - المكتبة القيمة للطباعة 48 - فتاوى العقيدة للشيخ محمد بن صالح ابن عثيمين - مكتبة السنة 49 - شأن الدعاء لأبي سليمان أحمد بن محمد الخطابي الحافظ - تحقيق أحمد بن يوسف الدقاق - دار المأمون للتراث دمشق بيروت 50 - منهج الاستدلال على مسائل الاعتقاد عند أهل السنة والجماعة لعثمان بن على حسن - مكتبة الرشد - الرياض 51 - موسوعة أهل السنة لعبد الرحمن الدمشقية - دار المسلم للنشر والتوزيع - الرياض 52 - كتاب التمهيد لقواعد التوحيد للإمام أبي المعين النسفي - تحقيق حبيب الله حسن أحمد - دار الطباعة المحمدية 3 درب الأتراك بالأزهر 53 - الماتريدية دراسة وتقويماً لأحمد بن عوض الله بن داخل اللهيبي الحربي - دار العاصمة للنشر والتوزيع 54 - رسالة أهل الثغر للإمام أبي الحسن الأشعري - تحقيق عبد الله شاكر محمد الجنيدي - مكتبة العلوم والحكم المدينة المنورة مؤسسة علوم القرآن وتحقيق د. محمد السيد الجليند دار اللواء للنشر والتوزيع 55 - المطالب العالية من العلم للإمام فخر الدين الرازي - تحقيق د. أحمد حجازى السقا - دار الكتاب العربي بيروت. 56 - منهاج السنة النبوية لأبي العباس أحمد بن تيمية تحقيق د. محمد رشاد سالم - مكتبة ابن تيمية القاهرة. 57 - التدمرية تحقيق الإثبات للأسماء والصفات لأبي العباس شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن تيمية - تحقيق محمد بن عودة السعوى - مكتبة العبيكان 58 - موقف ابن تيمية من الأشاعرة للدكتور عبد الرحمن بن صالح الحمود - مكتبة الرشد الرياض الجزء: 1 ¦ الصفحة: 328 59 - درء تعارض العقل والنقل لأبي العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية - تحقيق د. محمد رشاد سالم - طبعة على نفقة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ب- منشورات محمد على بيضون - دار الكتب العلمية - بيروت 60 - بيان تلبيس الجهمية لشيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن تيمية - مع تصحيح وتعليق وتكميل محمد بن عبد الرحمن بن قاسم - مؤسسة قرطبة 61 - مجموعة الرسائل والمسائل للإمام تقي الدين أحمد بن تيمية - دار الكتب العلمية بيروت - لبنان 62 - شرح العقائد النسفية للعلامة سعد الدين مسعود بن عمر بن عبد الله التفتازاني - تحقيق د. أحمد حجازى السقا - مكتبة الكليات الأزهرية القاهرة 63 - المحاضرات السنية في شرح العقيدة الواسطية لشيخ الإسلام ابن تيمية للشيخ محمد بن صالح بن العثيمين مع تعليقات الشيخ عبد العزيز بن باز تحقيق وتخريج أبو محمد أشرف عبد المقصود بن عبد الرحيم - مكتبة الطبرية الرياض 64 - مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة لابن قيم الجوزية راجعه وقدم له طه عبد الرؤوف سعد - دار إحياء الكتب العربية فيصل عيسى البابي الحلبي 65 - الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة للإمام شمس الدين أبي عبد الله محمد بن الشيخ صالح أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية - تحقيق د. على بن محمد الدخيل الله - دار العاصمة الرياض 66 - بدائع الفوائد للشيخ محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية والكتاب العربي - بيروت 67 - القواعد الكلية للأسماء والصفات - الدكتور إبراهيم بن محمد بن عبد الله البريكان - دار الهجرة للنشر والتوزيع - الرياض 68 - معتقد أهل السنة والجماعة في أسماء الله الحسنى د. محمد بن خليفة التميمي دار إيلاف الدولية للنشر الكويت 69 - المواقف في علم الكلام لعوض الله والدين القاضي عبد الرحمن بن احمد الإيجي - عالم الكتب بيروت 70 - كتاب المسامرة في شرح المسايرة للكمال بن أبي شريف مع حاشية زين الدين قاسم على المسايرة - الطبعة الثانية - مطبعة السعادة بجوار محافظة مصر. 71 - النبراس في شرح العقائد النسفى للعلامة محمد عبد العزيز الفرهارى- مكتبة تهانوى ديوبند سهارنفور الهند الجزء: 1 ¦ الصفحة: 329 72 - شرح المقاصد للعلامة مسعود بن عمر بن عبد الله سعد الدين التفتازاني - تحقيق د. عبد الرحمن عميرة - عالم الكتب بيروت 73 - كتاب أصول الدين للإمام أبي منصور عبد القاهر بن طاهر التميمي البغدادي - دار المدينة للطباعة والنشر - بيروت 74 - شرح كتاب الفقه الأكبر للإمام الملا على القارى الحنفي - تحقيق على محمد دندل - دار الكتب العلمية - بيروت 75 - قديمى كتب خانة آرام باغ كراتشي باكستان 76 - الصحائف الإلهية لشمس الدين السمرقندي تحقيق د. أحمد عبد الرحمن شريف - مكتبة الفلاح - الكويت. 77 - كتاب التوحيد للإمام أبي منصور محمد بن محمد بن محمود الماتريدى السمرقندي - تحقيق الدكتور فتح الله خليف دار الشرق - بيروت 78 - لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية للعلامة الشيخ محمد بن أحمد السفاريني - المكتب الإسلامي - بيروت - مكتبة أسامة - = الرياض 79 - تمهيد الأوائل وتلخيص الدلائل للقاضي أبي بكر محمد بن الطيب الباقلاني - تحقيق الشيخ عماد الدين أحمد خير مؤسسة الكتب الثقافية - بيروت 80 - كتاب نهاية الإقدام في علم الكلام - الإمام عبد الكريم الشهرستاني تصحيح فردجيوم - مكتبة الثقافة الدينية 81 - الملل والنحل لابي الفتح محمد بن عبد الكريم بن أبي بكر بن أحمد الشهرستاني - دار المعرفة للطباعة والنشر - بيروت 82 - كتاب الإرشاد إلى مواقع الأدلة في أصول الاعتقاد لإمام الحرمين أبي المعالي عبد الملك الجويني - تحقيق اسعد تميم - مؤسسة الكتب الثقافية 83 - مذاهب الإسلاميين - الدكتور عبد الرحمن بدوى - دار العلم للملايين 84 - تبصرة الأدلة في أصول الدين لأبي المعين ميمون بن محمد النسفي - تحقيق كلود سلامة المعهد العلمي الفرنسي للدراسات العربية بدمشق 85 - المحيط بالتكليف للقاضي عبد الجبار بن أحمد - تحقيق عمر السيد عزمي مراجعة دكتور أحمد فؤاد الأهواني - المؤسسة المصرية العامة للتأليف والنشر - الدار المصرية للتأليف. 86 - أسماء الله الحسنى للإمام شمس الدين محمد بن أبي بكر الزرعي ابن القيم الجوزية تحقيق يوسف على بديوى - أيمن عبد الرزاق الشوا - دار ابن كثير دمشق - بيروت دار الكلم الطيب دمشق بيروت 87 - معالم التوحيد د. مروان إبراهيم القيسي - المكتب الإسلامي - بيروت 88 - الدعاء ومنزلته من العقيدة الإسلامية لأبي عبد الرحمن بن جيلان بن خضر العروسي - مكتبة الرشد - الرياض - شركة الرياض للنشر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 330 89 - شرح الأصول الخمسة للقاضي عبد الجبار بن أحمد - تحقيق د. عبد الكريم عثمان مكتبة وهبة القاهرة. 90 - نشأة الأشعرية وتطورها جلال محمد عبد الحميد موسى - دار الكتاب اللبناني - القاهرة 91 - علو الله على خلقه دكتور موسى بن سليمان الدويش - مكتبة العلوم والحكم بيروت 92 - شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر للإمام شمس الدين محمد بن أبي بكر بن أيوب الزرعي المعروف بابن قيم الجوزية دار الكتاب العربي 93 - مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين للإمام ابن قيم الجوزية تحقيق محمد حامد الفقى - دار الكتاب العربي بيروت 94 - القول المفيد على كتاب التوحيد شرح الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين - ترتيب وتخريج د. سليمان بن عبد الله بن حمود أبا الخليل د. خالد بن على بن محمد المشيقح - دار العاصمة للنشر والتوزيع. 95 - منهج ابن حجر العسقلاني في العقيدة لمحمد إسحاق كندو مكتبة الرشد 96 - منهج أهل السنة والجماعة ومنهج الأشاعرة في توحيد الله تعالى لخالد بن عبد اللطيف بن محمد نور - مكتبة الغرباء الأثرية - المدينة المنورة 97 - الكافية الشافية في الانتصار للفرقة الناجية (القصيدة النونية) للإمام ابن قيم الجوزية - عنى بها عبد الله بن محمد العمير - دار ابن خزيمة 98 - شرح قصيدة النونية للدكتور محمد خليل هراس - مكتبة ابن تيمية القاهرة. 99 - شرح قصيدة الإمام ابن قيم لأحمد بن إبراهيم بن عيسى - تحقيق زهير الشاويش - المكتب الإسلامي 100 - المتجر الرابح في ثواب العمل الصالح للإمام الحافظ عبد المؤمن بن خلف الدمياطي تخريج أيمن بن عارف الدمشقي- مكتبة التراث الإسلامي القاهرة 101 - إيثار الحق على الخلق في رد الخلافات إلى مذهب الحق من أصول التوحيد لأبي عبد الله محمد بن المرتضى اليماني الشهير بابن الوزير - دار الكتب العلمية - بيروت - لبنان 102 - إزالة الأستار عن الجواب المختار لهداية المحتار لمحمد ابن صالح العثيمين 103 - موقف المتكلمين من الاستدلال بنصوص الكتاب والسنة لسليمان بن صالح بن عبد العزيز الغصن دار العاصمة للنشر والتوزيع 104 - كتاب النقول الصحيحة الواضحة الجلية عن السلف الصالح في معنى المعية الإلهية لعلى بن عبد الله الحواس - الطبعة الثانية 105 - إثبات علو الله مباينته لخلقه حمود بن عبد الله بن حمود التويجرى - مكتبة المعارف - الرياض الجزء: 1 ¦ الصفحة: 331 106 - الأربعين في صفات رب العالمين لمحمد بن أحمد بن عثمان الذهبي - تحقيق عبد القادر بن محمد عطا صوفي - مكتبة العلوم والحكم - المدينة المنورة 107 - (1) كتاب العرش وما روى فيه للحافظ محمد بن عثمان بن أبي شيبة - تحقيق ابو عبد الله محمد بن حمد الحمود - مكتبة السنة - القاهرة (ب) وتحقيق د. محمد بن خليفة التميمي - مكتبة الرشد - الرياض 108 - الدرر السنية في الأجوبة النجدية جمع الشيخ عبد الرحمن بن محمد بن قاسم النجدي - الطبعة الخامسة 109 - اجتماع الجيوش الإسلامية على غزو المعطلة والجهمية لابن قيم الجوزية الدمشقي - دار الكتاب العلمية - بيروت لبنان 110 - كتاب الشريعة للإمام المحدث أبي بكر محمد بن الحسين الآجرى - تحقيق د. عبد الله بن عمر بن سليمان الديجي - دار الوطن - الرياض 111 - التنكيل بما في تانيب الكوثرى من الأباطيل للعلامة الشيخ عبد الرحمن بن يحيى المعلمى اليمان-تحقيق وتعليق محمد ناصر الدين الألباني مكتبة المعرف الرياض 112 - السنة الامام أبي بكر أحمد بن عمر وبن أبي عاصم - تحقيق د. باسم بن فيصل الجوابرة - دار الصميعي 113 - شرح العقيدة الوسطية للدكتور صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان - مكتبة المعارف - الرياض 114 - الروضة الندية في شرح العقيدة الواسطية لزيد بن عبد العزيز بن فياض - دار الوطن - الرياض 115 - الأسئلة والأجوبة الأصولية على العقيدة الوسطية لعبد العزيز محمد السلمان - الطبعة الخامسة، 1395هـ 116 - التنبيهات السنية على العقيدة الواسطية للشيخ عبد العزيز الناصر الرشيد - دار الرشيد للنشر والتوزيع 117 - صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوى بن عبد القادر السقاف - دار الهجرة للنشر والتوزيع 118 - تقريب التدمرية لمحمد بن صالح بن عثيمين - دار الوطن للنشر 119 - (أ) رد الإمام الدارمي عثمان بن سعيد على البشر المريسي - مع تعليقات محمد حامد الفقى - دار الكتب العلمية. (ب) تحقيق د. رشيد بن حسن الألمعي - مكتبة الرشد الرياض- وشركة الرياض للنشر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 332 120 - الردود والتعقبات على ما وقع الإمام النووي في شرح صحيح مسلم من التأويل والصفات وغيرها من المسائل المهمات لأبي عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان - دار الهجرة - الرياض 121 - العذر بالجهل والرد على بدعة التكفير لأحمد فريد - مكتبة التوعية الإسلامية لإحياء التراث الإسلامي 122 - الفتوى الحموية الكبرى لشيخ الإسلام ابن تيمية - دار الكتب العلمية 123 - الفتوى الحموية الكبرى - تحقيق شريف محمد فؤاد صالح هزاع - دار فجر للتراث 124 - نسبة كتاب الإبانة جمعية إلى الإمام أبي الحسن الأشعري - لوهبي سليمان غاوجي دار ابن حزم 125 - فتاوى ورسائل للشيخ محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف آل الشيخ سنة 1399 جمع وترتيب وتحقيق محمد بن عبد الرحمن بن قاسم المطبعة الحكومية بمكة المكرمة 126 - التعليقات الزكية على العقيدة الواسطية لعبد الله بن عبد الرحمن الجبرين بعناية أبو انس على بن حسين أبو لوز، دار الوطن للنشر - الرياض 127 - الرد على النصارى لابي البقاء صالح بن الحسين الجعفرى - تحقيق د. محمد محمد حسانين - مكتبة المدارس دوحة - قطر 128 - المقصد الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى لابي حامد الغزالي- تحقيق محمد عثمان الخشت- مكتبة القرآن 129 - أقاويل الثقات في تأويل الأسماء والصفات والآيات المحكمات والمتشابهات للإمام زين الدين مرعى بن يوسف الكرمي - تحقيق شعيب الأرناوؤط - مؤسسة الرسالة 130 - جزء فيه طرق حديث إن لله تسعة وتسعين اسما لأبى نعيم الأصبهاني - تحقيق مشهور بن حسن بن سلمان - مكتبة الغرباء الأثرية - المدينة المنورة 131 - الكفر الذي يعذر صاحبه بالجهل وحكم من يكفر غيره من المسلمين للشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن ابابطين - مكتبة السلام العالمية 132 - ابن تيمية السلفى نقده لمسالك المتكلمين والفلاسفة في الإلهيات للشيخ محمد خليل هراس - دار الكتب العلمية بيروت 133 - دراسات منهجية في العقيدة السلفية لسليم الهلالي 134 - الحكم الشرعي في بحث أسماء الله وصفاته لهشام البدراني - دار البيارق - الأردن عمان 135 - توضيح مقاصد المصطلحات العلمية في الرسالة التدمرية د. محمد عبد الرحمن الخميس - دار الصميعي للنشر والتوزيع الجزء: 1 ¦ الصفحة: 333 136 - صيانة الإنسان عن وسوسة الشيخ دحلان للعلامة محمد بشير السهسواني الهندي - الطبعة الرابعة سنة 1410هـ - مكتبة ابن تيمية القاهرة - مكتبة العلم بجدة 137 - مجموعة رسائل الأمام الشهيد حسن البنا - المؤسسة الإسلامية للطباعة والصحافة - بيروت 138 - البيهقي وموقفه من الإلهيات الدكتور أحمد عطية بن على الغامدى مكتبة ابن تيمة - الطبعة الرابعة 139 - الرد على من أنكر الحرف والصوت لأبي نصر عبد الله بن سعيد بن حاتم السجزى تحقيق محمد باكريم با عبد الله دار الرأية - الطبعة الأولى 140 - العقيدة السلفية في كلام رب البرية عبد الله بن يوسف الجديع الطبعة الولى 141 - نقض قول من تبع الفلاسفة في دعواهم أن الله لا داخل العالم ولا خارجه د. محمد بن عبد الرحمن الخميس دار الصميعي الرياض - الطبعة الأولى 142 - الرد على من يقول الم حرف للإمام الحافظ أبي القاسم عبد الرحمن بن محمد بن إسحاق بن منده الاصبهاني 383-470تحقيق عبد الله بن يوسف الجديع دار العاصمة - الرياض النشرة الأولى 143 - مقالة التعطيل والجعد بن درهم د. محمد بن خليفة التميمي مكتبة أضوء السلف الرياض 144 - القواعد الطيبات في الأسماء والصفات، ابن القيم - الشنقيطي - ابن عثيمين التعليق أبو محمد أشرف مكتبة أضواء السلف - الرياض - الطبعة الأولى 145 - اشتقاق أسماء الله أبي القاسم عبد الرحمن بن إسحاق الزجاجي - تحقيق د. عبد الحسين المبارك مؤسسة الرسالة - بيروت - الطبعة الثانية 146 - شرح أسماء الله الحسنى الإمام فخر الدين الرازي - التعليق والتقديم - طه عبد الرؤوف سعد - دار الكتاب العربي - بيروت - طبعة أولى 147 - شرح أسماء الله الحسنى ابن منظور صاحب كتاب لسان العرب تحقيق دار الصحابة دار الصحابة للتراث طنطا - طبعة أولى 148 - منظومة في سر اسم الله الأعظم الإمام أمير المؤمنين على بن أبي طالب رضي الله عنه - تفسير محمد بن محمد الغزالي (450-505) - تحقيق محمد عبد الرحيم الحكمة 149 - إزالة الشبهات عن الآيات والأحاديث المتشابهات شمس الدين محمد بن أحمد الأسعردى - المشهور بابن اللبان الدمشقي - تحقيق - د. فريد مصطفي سلمان -دار الطريق للنشر - الرياض - الطبعة الأولى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 334 150 - النصيحة في صفات الرب جل وعلا مع عقيدة الإمام عبد الله بو يوسف الجويني (438) -الشيخ أحمد بن إبراهيم الواسطي (711) - الشافعي المعرف بابن شيخ الحزاميين - تحقيق زهير الشاويش المكتب الإسلامي - بيروت - الطبعة الثانية 151 - منظومة أسماء الله الحسنى - بقلم ابن الخطيب منظومة سيدى أحمد الدردير - المطبعة المصرية ومكتبمقا 152 - تأويل الأحاديث الموهمة للتشبيه الحافظ جلال الدين السيوطي (849-911) - تعليق - البيسوني ومصطفى إبراهيم السكرمي دار الشرق جده 153 - استحالة المعية بالذات وما يضاهيها من متشابه الصفات الإمام الشيخ محمد الخضر الحلبي الشنقيطي سنة 1354هـ دار البشير - عمان - الأردن - طبعة أولى - 154 - تنبيهات على رسالة محمد عادل عزيزة في الصفات عبد الرزاق بن عبد المحسن العباد البدر - دار الفتح الشارقة طبعة أولى 155 - تنبيهات هامة على ما كتبه الشيخ محمد على الصابوني في صفات الله عبد العزيز بن عبد الله بن باز - مكتبة المعارف الرياض طبعة جديدة 156 - الصفات الألمعية بين السلف والخلف عبد الرحمن الوكيل - مؤسسة قرطبة 157 - صفة الساق لله تعالى بين إثبات السلف وتعطيل الخلف محمد موسى نصر- مكتبة الغرباء الأثرية السعودية المدينة المنورة 158 - كتاب صفات الله عز وجل صالح على المسند - دار المدني جدة 159 - علاقة صفات الله بذاته -د. راجح عبد الحميد الكردي -دار الفرقان - عمان الأردن 160 - علاقة الإثبات والتفويض لصفات رب العالمين -رضا بن لغسان معطي 161 - هذه عقيدة السلف والخلف في ذات الله تعالى وصفاته وأفعاله ابن خليفة عليوى مطبعة زيد بن ثابت دمشق 162 - المنهج القويم لتصحيح أفكار الفرق المختلفة أبو عبد الله إبراهيم السعيدي -دار الاحتساب 163 - الصفات الخبرية بين المثبتين والمؤلين - د. جابر زيد عيد السميري -الدار السودانية للكتب - الخرطوم 164 - في رحاب أسماء الله الحسنى وصفاته العليا -محمد عجاج الخطيب مؤسسة الرسالة 165 - منظومة شهود الحق مع القول الحق - الشيخ عبد الرحمن بن أحمد الكمالى - ود. محمد رشاد محمد صالح إسماعيل زاده - دار الكتاب العربي 166 - التفكر في الأسماء طريق العلماء - د. ضياء الدين الجماس - دار الهجرة - بيروت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 335 167 - مع الله في صفاته وأسمائه - حسن أيوب دار القلم - كويت - الطبعة الرابعة 168 - شرح أسماء الله الحسنى - سعيد بن على بن وهف القحطاني -مطبعة سفير - الرياض 169 - الانباه إلي ما ليس من أسماء الله - صالح بن عبد الله العصيمى -دار بن خزيمة 170 - رحلة إلى أسماء الله الحسنى - عبد الواحد الحسيني -المختار الإسلامي القاهرة 171 - موقف أهل الإحسان من صفات الرحمن -محمد صفوت نور الدين - لجنة مشروع كافل اليتيم 172 - التعليق الأسنى على منظومة أسماء الله الحسنى -عبد الفتاح بن حسين داوه -المكتبة العلمية - مكة المكرمة 173 - المنهج الأسمى في شرح أسماء الله الحسنى - محمد الحمود النجدي- مكتبة الإمام الذهبي - الكويت - طبعة جديدة 174 - كتاب الأسماء والصفات -الإمام أحمد بن حسين البيهقي - تحقيق: عبد الله بن محمد الحاشدي - مكتبة السوادي للتوزيع 175 - المفسرون بين التأويل والإثبات - محمد بن عبد الرحمن المغراوي -دار طيبة الرياض 176 - إيضاح الدليل في قطع حجج أهل التعطيل - ابن جماعة -دار السلام - القاهرة 177 - من عقيدة المسلمين في صفات رب العالمين - علي المصراتي - دار البيارق - الأردن 178 - إثبات علو الله على خلقه - أسامة القصاص - دار الهجرة - السعودية 179 - إبطال التأويلات - أبى يعلى -مكتبة الذهبي - الكويت كتب التفسير 1 - تفسير السراج المنير للإمام محمد الخطيب الشربيني - دار المعرفة - بيروت 2 - حاشية محي الدين شيخ زاده على تفسير البيضاوى دار إحياء التراث العربي بيروت 3 - تفسير الكشاف للأمام محمود بن عمر الزمخشري - دار الكتاب العربي 4 - فتح البيان في مقاصد القرآن لابي طيب صديق حسن خان القنوجي - إدارة إحياء التراث الإسلامي دولة قطر 5 - تفسير القرآن العظيم الإمام الحافظ عبد الرحمن بن محمد بن إدريس الرازي ابن أبي حاتم - تحقيق أسعد محمد طيب مكتبة نزار مصطفى الباز الجزء: 1 ¦ الصفحة: 336 6 - حاشية الشهاب المسماه عناية القاضي وكفاية الراضي للقاضي شهاب الدين أحمد بن محمد بن عمر الخفاجي على تفسير البيضاوي مع تخريج الشيخ عبد الرزاق المهدى منشورات محمد على البيضون دار الكتب العلمية بيروت 7 - تفسير النسفي (مدارك التنزيل وحقائق التأويل لابي البركات عبد الله بن أحمد بن محمود النسفي - تحقيق يوسف على بديوى - دار الكلم الطيب - بيروت 8 - مجمع البيان في تفسير القرآن لابي على الفضل ابن الحسن الطبرسي - تحقيق لجنة من العلماء والمحققين مؤسسة الأعلمى للمطبوعات - بيروت 9 - تفسير القاسمي المسمى محاسن التاويل لمحمد جمال الدين القاسمى - دار الفكر بيروت مع تعليق محمد فؤاد عبد الباقي - الطبعة الثانية 10 - تفسير التحرير والتنوير للعلامة الشيخ محمد طاهر ابن عاشور - الدار التونسية للنشر 11 - الجامع لأحكام القرآن لابي عبدا لله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي - دار إحياء التراث العربي - بيروت 12 - تفسير أبي السعود أو إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم ابو السعود بن محمد العمادى دار الفكر للطباعة 13 - تفسير الخازن المسمى لباب التأويل في معاني التنزيل لعلاء الدين على بن محمد بن إبراهيم البغدادي الشهير بالخازن تصحيح عبدا لسلام محمد على - دار الكتب العلمية - بيروت 14 - تفسير المظهري لمولانا قاضي ثناء الله يانىيتى - مكتبة رشيدية كوئته - باكستان 15 - تفسير المراغي لأحمد مصطفى المراغى - دار إحياء التراث العربي - بيروت 16 - الوسيط في تفسير القرآن المجيد لأبي المحسن على بن أحمد الواحدى النيسابوري-تحقيق الشيخ عادل احمد عبد الموجود - الشيخ على محمد معوض د. احمد محمد صيرة - د. احمد عبد الغني الجمل د. عبد الرحمن عويس دار الكتب العلمية بيروت 17 - الدرر المصون في علوم الكتاب المكنون للإمام شهاب الدين أبي العباس بن يوسف بن إبراهيم المعروف بالسمين الحلبي - تحقيق الشيخ على محمد معوض - الشيخ عادل أحمد عبد الموجود - د. جاد مخلوف جاد - د. زكريا عبد المجيد النوتى - دار الكتب العلمية - بيروت 18 - النكت والعيون تفسير الماوردى لأبي الحسن على بن محمد بن حبيب الماوردى مع تعليقات السيد بن عبد المقصود بن عبد الرحيم - مؤسسة الكتب الثقافية الجزء: 1 ¦ الصفحة: 337 19 - تيسير الكريم الرحمن في تفسير الكلام المنان العلامة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي - دار المدني بجدة 20 - الفتوحات الإلهية بتوضيح تفسير الجلالين الإمام سليمان بن عمر العجيلي الشهير بالجمل ضبطه وخرج آياته إبراهيم شمس الدين - دار الكتب العلمية بيروت. 21 - تفسير البغوي المسمى بمعالم التنزيل الإمام أبي محمد حسين بن مسعود الفراء البغوي - تحقيق خالد عبد الرحمن العك مروان سواز - دار المعرفة - بيروت 22 - جامع البيان عن تأويل آي القرآن لابي جعفر محمد بن جرير الطبري - دار الفكر بيروت 23 - زاد المسير في علم التفسير الإمام أبي الفرج عبد الرحمن بن على بن محمد الجوزى المكتب الإسلامي 24 عمدة التفسير عن الحافظ ابن كثير اختصار وتحقيق أحمد محمد شاكر 25 - الجواهر الحسان في تفسير القرآن الإمام الشيخ سيدى عبد الرحمن الثعالبي - تحقيق أبو محمد الغمارى الادريسي الحسنى - دار الكتب العلمية - بيروت 26 - المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابي محمد عبد الحق بن عطية الأندلسي - تحقيق وتعليق الرحالى الفاروق - عبد الله بن إبراهيم الأنصاري السيد عبد العال السيد إبراهيم - محمد الشافعي صادق العنابي طبع على نفقة الشيخ خليفة بن حمد أمير دولة قطر سابقاً 27 - أضواء البيان في إيضاح القرآن لمحمد الأمين بن محمد المختار الحلبي الشنقيطي - مكتبة ابن تيمية القاهرة 28 - الدرر المنثور في تفسير المأثور للإمام جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي - دار الكتب العلمية - بيروت 29 - تفسير المسرقندى المسمى بحر العلوم لابي الليث نصر بن محمد بن أحمد السمرقندي - تحقيق الشيخ على محمد معوض - الشيخ عادل أحمد عبد الموجود - الدكتور زكريا عبد المجيد النوتى - دار الكتب العلمية بيروت. 30 - التفسير الكبير أو مفاتيح الغيب للإمام فخر الدين الرازى دار الكتب العلمية 31 - تفسير البحر المحيط لمحمد بن يوسف الشهير بأبي حيان الاندلسي - تحقيق الشيخ عادل أحمد عبد الموجود - الشيخ على محمد معوض - دار الكتب العلمية - بيروت 32 - روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني لشهاب الدين أبي الفضل السيد محمود الآلوسي - دار إحياء التراث العربي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 338 33 - فتح القدير الجامع بين فنى الرواية والدراية من علم التفسير لمحمد بن على بن محمد الشوكاني - تحقيق سيد إبراهيم - دار الحديث - القاهرة 34 - صفوة التفاسير لمحمد على الصابوني - دار الفكر للطباعة 35 - كتاب التسهيل لعلوم التنزيل الإمام أبى القاسم محمد بن أحمد بن جزئي الكلبي الغرناطي - تحقيق محمد عبد المنعم اليونسى - إبراهيم عطوة عوض - أم القرى للطباعة والنشر - القاهرة مصر 36 - تفسير القرآن العظيم الحافظ عماد الدين أبي الفداء إسماعيل بن كثير القرشي الدمشقي - دار ومكتبة الهلال - بيروت 37 - مراح لبيد، التفسير المنير للعلامة محمد نووي الجاوى طبع بمطبعة دار إحياء الكتب العربية 38 - القول المعتمد في تفسير قل هو الله احد لجمال الدين يوسف عبد الله الأرميوني الشافعي، تحقيق محمد خير رمضان يوسف - دار ابن حزم - بيروت 39 - تفسير سورة الإخلاص لشيخ الإسلام ابن تيمية مع تعليق د. عبد العلى عبد الحميد حامد - الدار السلفية بومباي - الهند علوم القرآن والقراءات 1 - الإتقان في علوم القرآن لحافظ جلال الدين عبدا لرحمن السيوطي مع تعليق د. مصطفى ديب البغا - دار ابن كثير د مشق 2 - الأمثال في القرآن الكريم د. محمد جابر الفياض -الدار العالمية للكتاب الاسلامي 3 - أمثال القرآن وصور من أدبه الرفيع لعبد الرحمن حسن حبنكة الميداني - دار القلم دمشق 4 - معاني القرآن للإمام أبي الحسن سعيد بن مسعدة المجاشعى البلخي الأخفش الأوسط - تحقيق د. فائز فارس المطبعة العصرية - الكويت طبعة أولى 1979 5 - معاني القرآن للإمام أبي جعفر النحاس تحقيق الشيخ محمد على الصابوني جامعة أم القرى معهد البحوث العلمية ومركز إحياء التراث الإسلامي - مكة المكرمة 6 - مجمع بحار الأنوار في غرائب التنزيل ولطائف الأخبار للعلامة محمد طاهر الصديقي الهندي الكجراتي - دار الكتاب الإسلامي القاهرة 7 - المفردات في غريب القرآن لابي القاسم الحسين بن محمد المعروف بالراغب الأصفهاني - تحقيق مركز البحوث والدراسات بمكتبة نزار مصطفى الباز مكة المكرمة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 339 8 - البرهان في غريب القرآن لحسن بن صالح بن عمر الحبشي - مكتبة وهبة عابدين - القاهرة مصر 9 - نزهة القلوب في تفسير غريب القرآن العزيز للإمام أبي بكر محمد بن عزيز السجستاني - تحقيق د. يوسف عبد الرحمن المرعشي - دار المعرفة بيروت 10 - التبيان لبعض المباحث المتعلقة القرآن على طريق الإتقان للإمام العلامة - الشيخ طاهر الجزائري الدمشقي - بعناية عبد الفتاح أبو غدة - مكتب المطبوعات الاسلامية بحلب 11 - الوجوه والنظائر لالفاظ كتاب الله العزيز لابي عبد الله الحسين بن محمد الدامغاني جمهورية مصر العربية - وزارة الاوقاف لجنة إحياء التراث الاسلامي القاهرة سنة 1412هـ 12 - عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ للشيخ أحمد بن يوسف المعروف بالسمين الحلبي - تحقيق د. محمد التونجي عالم الكتب بيروت 13 - بصائر ذوى التمييز في لطائف الكتاب العزيز لمجد الدين محمد بن يعقوب الفيروز آبادي - المكتبة العلمية - بيروت لبنان 14 - الوصف المشتق في القرآن الكريم دراسة صرفية - للدكتور عبد الله بن حمد بن عبد الله الدايل - مكتبة التوبة - الرياض 15 - إعراب القرآن الكريم وبيانه - الاستاذ محيي الدين الدرويش اليمامة - دار ابن كثير 16 - التبيان في إعراب القرآن لابي البقا عبد الله بن حسين العكبرى - تحقيق على محمد البجاوي دار الجيل - بيروت 17 - الفريد في إعراب القرآن المجيد لحسين بن أبي العز الهمداني - تحقيق محمد حسن النمر - دار الثقافة الدوحة قطر. 18 - مشكل إعراب القرآن لابي محمد مكى بن أبي طالب القيسي - تحقيق د. حاتم صالح الضامن مؤسسة الرسالة 19 - الفاصلة في القرآن لمحمد الحسناوى - المكتب الاسلامي - دار عمار 20 - حاشية غيث النفع في القراءات السبع على سراج القارىء المبتدى لولى الله سيدى على النورى الصفاقسي - شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي واولاده بمصر 21 - المحتسب في تبيين وجوه شواذ القراءات والايضاح عنها لابي الفتح عثمان بن جنى - تحقيق على النجدى ناصف د. عبد الحليم النجار - د. عبد الفتاح اسماعيل شلبي - المجلس الأعلى لشئون الاسلامية لجنة إحياء التراث الاسلامي القاهرة 1386 - بمصر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 340 22 - النشرفي القراءات العشر للحافظ ابي الخير محمد بن محمد الدمشقي الشهير بابن الجزرى - دار الكتب العلمية - بيروت - لبنان 23 - اتحاف فضلاء البشر بالقراءات الأربعة عشر المسمى بمنتهى الأماني والمسرات في علوم القراءات للعلامة الشيخ أحمد بن محمد البنا - تحقيق د. شعبان محمد اسماعيل - عالم الكتب - مكتبة الكليات - الأزهرية 24 - الكشف عن وجوه القراءات السبع وعللها وحججها لابي محمد مكى بن أبي طالب القيسي تحقيق د. محى الدين رمضان مؤسسة الرسالة 25 - كتاب الموضح في وجوه القراءات وعللها للإمام نصر بن على بن محمد أبي عبد الله الشيرازى المعروف بابن أبي مريم تحقيق. د. عمر حمدان الكبيسي الجماعة الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بجدة - طبعة أولى 1414هـ 26 - القراءات وعلل النحو يين فيها المسمى علل القراءات لابي منصور محمد بن أحمد الأزهرى - تحقيق نوال بنت ابراهيم الحلوة - طبعة أولى سنة 1412هـ 27 - الحجة في القراءات السبع للإمام الحسين بن أحمد بن خالوية - تحقيق د. عبد العال سالم مكرم مؤسسة الرسالة 28 - المجاز في اللغة والقرآن الكريم بين الإجازة والمنع للدكتور عبد العظيم المطعنى يطلب من مكتبة وهبة القاهرة 29 - البرهان في علوم القرآن للإمام بدر الدين محمد بن عبد الله الزركشي - تحقيق محمد ابو الفضل ابراهيم - دار المعرفة للطباعة والنشر - بيروت علوم اللغة 1 - قصد السبيل فيما في اللغة العربية من الدخيل - للعلامة محمد الأمين بن فضل اله المحبى - تحقيق د. عثمان محمود الصينى - مكتبة التوبة - الرياض 2 - الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية لاسماعيل بن حماد الجوهرى - تحقيق أحمد عبد الغفار عطار دار العلم للملايين بيروت 3 - تاج العروس من جواهر القاموس لمحمد مرتضي الزبيدي منشورات دار مكتبة الحياة بيروت 4 - المحكم والمحيط الأعظم في اللغة لعلى بن اسماعيل بن سيده تحقيق مصطفى السقا - د. مراد كامل - د. عبد الستار أحمد فراج - د. حسين نصار معهد المخطوطات بجامع الدول العربية طبعة أولى 1377 هـ 5 - المخصص لابي الحسن على ابن اسماعيل النحوى اللغوى الاندلسي المعروف بابن سيده - دار الكتب العلمية - بيروت 6 - جمهرة اللغة لابن دريد لابي بكر محمد بن الحسن بن دريد - تحقيق د. رمزى منير بعلبكي - دار العلم للملايين - بيروت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 341 7 - مجمل اللغة لأبي الحسين أحمد بن فارس بن زكريا اللغوى - تحقيق زهير عبد المحسن سلطان - مؤسسة الرسالة 8 - المحيط في اللغة كافي الكفاة الصاحب اسماعيل بن عباد - تحقيق الشيخ محمد حسن آل ياسين - عالم الكتب بيروت 9 - القاموس المحيط للعلامة مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروز آبادى - تحقيق مكتب تحقيق التراث في مؤسسة الرسالة - ودار الريان للتراث 10 - التوقيف على مهمات التعاريف معجم لغوي مصطلحي لمحمد عبد الروؤف المناوى تحقيق محمد رضوان الداية - دار الفكر المعاصر بيروت - دار الفكر دمشق 11 - الكليات معجم في المصطلحات والفروق اللغوية لابي البقاء أيوب بن موسى الحسينى الكفوى مع فهارس د. عدنان درويش - محمد المصري - مؤسسة الرسالة 12 - موسوعة الحروف في اللغة العربية اعداد د. اميل بديع يعقوب دار الجيل بيروت 13 - المزهر في علوم اللغة وأنواعها للعلامة عبد الرحمن بن أبي بكر جلال الدين السيوطي مع تعليقات وشرح محمد جاد المولى بك - محمد ابو الفضل ابراهيم - على محمد البجاوى - المكتبة العصرية بيروت 14 - غريب الحديث لابي محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينورى مع فهرس نعيم زرزور - دار الكتب العلمية بيروت 15 - النهاية في غريب الحديث والأثر للإمام مجد الدين ابي السعادات المبارك بن الجزرى ابن الاثير تحقيق طاهر أحمد الزاوى محمود محمد الطناحي - المكتبةالاسلامية 16 - غريب الحديث لأبي عبيد القاسم بن سلام الهروى. دار الكتاب العربي بيروت 17 - المعجم المفصل في علوم اللغة - اعداد د. محمد التونجي الاستاذ راجي الاسمر مراجعة الدكتور اميل يعقوب - دار الكتب العلمية 18 - الغرر المثلثة والدر المبثثة لمجد الدين محمد بن يعقوب الفيروز آبادي، تحقيق د. سلمان ابراهيم بن محمد العيد - مكتبة نزار مصطفى البازمكة المكرمة 19 - تهذيب اللغة لابي منصور محمد بن أحمد الأزهرى - تحقيق عبد السلام محمد هارون - المؤسسة المصرية العامة للتأليف والأنباء والنشر 20 - لسان العرب للإمام العلامة ابن منظور مع تعليق مكتب تحقيق التراث دار إحياء التراث العربي - مؤسسة التاريخ العربي بيروت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 342 21 - كتاب العين لابي عبد الرحمن الخليل بن أحمد الفراهيدى - تحقيق د. مهدى المخزومي - د. ابراهيم السامرائي- وزارة الثقافة والاعلام الجمهورية العراقية - دار الرشيد للنشر 22 - معجم مقاييس اللغة لابي الحسين أحمد بن فارس بن زكريا - تحقيق عبد السلام محمد هارون - مكتبة الاعلام الاسلامي طهران 23 - الفائق في غريب الحديث لجار الله محمود بن عمر الزمخشري مع حاشية ابراهيم شمس الدين - دار الكتب العلمية بيروت لبنان 24 - الجنى الداني في حروف المعاني للحسن بن قاسم المرادي - تحقيق د. فخر الدين قباوة - الاستاذ محمد نديم فاضل - دار الكتب العربية النحو 1 - مغنى اللبيب عن كتب الأعاريب الامام ابن هشام الانصاري تحقيق محمد محى الدين عبد الحميد - المكتبة العصرية - بيروت 2 - مختصر مغنى اللبيب عن كتب الأعاريب للشيخ محمد بن صالح بن عثيمين بعناية فريد بن عبد العزيز الزامل السليم - مؤسسة آسام 3 - شرح المفصل للعلامة موفق الدين يعيش بن على بن يعيش عالم الكتب بيروت 4 - النحو الوافي مع ربطه بالأساليب الرفيعه والحياة اللغوية المتجددة عباس حسن دار المعارف بمصر الطبعة الخامسة 5 - شرح الكافية الشافية للعلامة جمال الدين أبي عبد الله محمد بن عبد اله بن مالك الطائي الجياني - تحقيق د. عبد المنعم أحمد هريدي - دار المامون للتراث 6 - شفاء العليل في إيضاح التسهيل لابي عبد الله محمد بن عيسى السلسيلي تحقيق د. الشريف عبد الله على الحسينى البركاتي- دار الندوة بيروت المكتبة الفيصلية مكة المكرمة 7 - شرح التسهيل لجمال الدين محمد بن عبد الله بن عبد الله ابن مالك الطائي الجياني - تحقيق د. عبد الرحمن السيد - د. محمد بدوى المختون (هجر للطباعة والنشر 8 - حاشية الصبان على شرح الأشموني على ِالفية ابن مالك - دار احياء الكتب العربية - مصر 9 - حاشية الدسوقي على مغنى اللبيب للعلامة الشيخ مصطفى محم بن عرفة الدسوقي - مكتبة ومطبعة المشهر الحسين القاهرة 10 - حاشية العلامة أحمد بن أحمد السجاعي على شرح قطر الندى وبل الصدى - لابن هشام - مع حاشية شمس الدين محمد الانبابي مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 343 11 - شرح أبيات مغنى اللبيب لعبد القادر بن عمر البغدادي - تحقيق عبد العزيز رباح - أحمد يوسف دقاق - دار المأمون للتراث دمشق 12 - المفصل في صنعة الإعراب لابي القاسم محمود بن عمر الزمخشري تبويب د. على بو ملحم - دار ومكتبة الهلال بيروت 13 - كشاف اصطلاحات الفنون الشيخ العلامة محمد على بن على بن محمد التهانوى مع حاشية أحمد حسن بسج - منشورات محمد على بيضون دار الكتب العلمية - بيروت 14 - المعجم المفصل في النحو العربي للدكتورة عزيزة فوال - دار الكتب العلمية - بيروت 15 - دليل السالك إلى ألفية ابن مالك للشيخ عبد الله بن صالح الفوزان دار المسلم للنشر الرياض 16 - فوائد النحو الوسيمة شرح الدرة اليتيمة للأستاذ محمد على حسين المالكى المكى - مطبعة مصطفى البابي الحلبى وأولاده بمصر سنة 1346هـ الأدب : 1 - ربيع الأبرار ونصوص الأخبار تصنيف الإمام محمود بن عمر الزمحشري - تحقيق د. سليم النعيمي 2 - العقد الفريد للفقيه أحمد بن محمد بن عبدربه الأندلسى - تحقيق د. مفيد محمد قميحة - دار الكتب العلمية بيروت 3 - المعجم المفصل في الأدب اعداد د. محمد التونجي دار الكتب العربية 4 - حياة الحيوان الكبرى لكمال الدين محمد بن موسى الدميرى - دار الألباب للطباعة والنشر 5 - الحيوان لابي عثمان عمرو بن بحر بن محبوب الملقب بالجاحظ شرح وتحقيق د. يحيى الشامي دار ومكتبة الهلال بيروت 6 - أمالى ابن الشحرى (تأليف) هبة الله بن على بن محمد بن حمزة الحسنى العلوى تحقيق د. محمود محمد الطناحى - مكتبة الخانجي للطبع والنشر والتوزيع 7 - سمط اللآلى المحتوى على اللآلى في شرح أمال القالي لابي عبيد البكرى - تحقيق عبد العزيز الميمنى - مطبعة لجنة التآليف والترجمة والنشر سنة 1354 8 - تاريخ الأدب العربي لكارل بروكلمان - المترجم د. محمود فهمى حجازى الهيئة المصرية العامة للكتاب 9 - الشعر والشعراء لابن قتيبة - تحقيق أحمد محمد شاكر - دار الحديث القاهرة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 344 10 - الدرر اللوامع على همع الهوامع شرح جمع الجوامع للشيخ أحمد بن محمد بن الأمين الشنقيطي - تحقيق د. عبد العال سالم مكرم - دار البحوث العلمية الكويت 11 - خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب لعبد القادر بن عمر البغدادي - تحقيق عبد السلام محمد هارون - الناشر مكتبة الخانجي للطبع والنشر والتوزيع 12 - ميزان الذهب في صناعة شعر العرب للسيد أحمد الهاشمى - دار الكتب العلمية بيروت 13 - شرح ديوان حماسة ابي تمام لابي العلاء المعرى - تحقيق د. حسين محمد نقشة - دار الغرب الاسلامي بيروت 14 - شرح كتاب الحماسة لابي القاسم زيد بن على الفارسي - تحقيق د. محمد عثمان على الوزاعي - بيروت 15 - شرح حماسة ابي تمام للأعلم الشنتمرى د. على المفضل حمودان - دار الفكر المعاصر بيروت. 16 - شرح ديوان الحماسة لابي على أحمد بن محمد بن الحسن المرزوقي - نشرة أحمد أمين - عبد السلام هارون - دار الجيل بيروت 17 - نهاية الارب في فنون الأدب لشهاب الدين أحمد بن عبد الوهاب النويري - وزارة الثقافة والارشاد القوى المؤسسة المصرية العامة. البلاغة : 1 - معجم المصطلحات البلاغية وتطورها للدكتور أحمد مطلوب - مكتبة لبنان ناشرون 2 - علم البديع للدكتور عبد العزيز عتيق - دار النهضة العربية - بيروت 3 - رصف المباني في شرح حروف المعاني للإمام أحمد بن عبد النور المالقي - تحقيق د. أحمد محمد الخراط - دار القلم دمشق 4 - حروف المعاني لابي القاسم عبد الرحمن بن اسحاق الزجاجى، تحقيق د. على توفيق الحمد - مؤسسة الرسالة - دار الأمل 5 - عقود الجمان في المعاني والبيان لجلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي مع شرح عبد الرحمن بن عيسي بن مرشد العمرى المعروف بالمرشدي مفتى الحرم المكى-شركة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي واولاده بمصر الطبعة الثانية 1374هـ 6 - التبيان في البيان للإمام الطيبى (الحسين بن عبد الله بن محمد - شريف الدين الطيبى - تحقيق د. عبد الستار حسين زموط - دار الجيل - بيروت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 345 7 - كتاب المطول في شرح تلخيص المفتاح للإمام سعد الدين مسعود التفتازاني الهروى - مع حاشية المير سيد شريف 8 - البلاغة لحفنى ناصف المنطق والفلسفة 1 - المرشد السليم في المنطق الحديث والقديم للدكتور عوض الله جاد حجازى دار الطباعة المحمدية - الطبعة السادسة 2 - المنطق الوافي لحسن حسن حنبل مطبعة الرسالة - الطبعة السادسة سنة 1385هـ 3 - البصائر النصرية في علم المنطق لإمام القاضي الزاهد زين الدين عمر بن سهلان الساوى مع تعليقات وشرح للإمام محمد عبده والدكتور رفيق العجم - دار الفكر اللبناني 4 - تحرير القواعد المنطقية لقطب الدين محمود بن محمد الرازى مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر - الطبعة الثانية 1367هـ 5 - المنهج الجديد في تعليم الفلسفة الاستاد محمد تقى مصباح اليزدي ترجمة محمد عبد المنعم الخافاني - مؤسسة النشر الاسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم 6 - المثل النورية في فن الحكمة للشيخ محمد طاهر آل شبير الخاقاني مع تعليق الاستاذ محمد كاظم الخاقاني دار أنوار الهدى 7 - مناهج البحث عند مفكرى الاسلام واكتشاف المنهج العلمى في العالم الاسلامي للدكتور على سامي النشار - دار النهضة العربية بيروت 8 - الفكر الفلسفي للدكتور محمد عبد الستار نصار- جمال فصيح سيف النصر - وزارة التربية والتعليم دولة قطر - الصف الثالث الثانوي الأدب 9 - مدخل إلى الفلسفة د. إمام عبد الفتاح إمام مؤسسة دار الكتب للطباعة والنشر الكويت الطبعة السادسة 10 - المنطق المفيد لمحمد عبد العزيز البهنسي للطلاب السنة الأولى من القسم الأدبي للمعاهد الأزهرية والبحوث الاسلامية - مكتبة الكليات الأزهرية حسين محمد امبابي وأخوه محمد 11 - المنطق للشيخ محمد رضا المظفر - انشارات فيروز آبادى قم - الطبعة الحادى عشر 1373 12 - حاشية على شرح السلم للملوي لابي العرفان محمد بن على الصبان مع حاشية شرح السلم المنور لأحمد الملوى - مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر الطبعة الثانية 1357هـ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 346 13 - حاشية شيخ الاسلام ابراهيم الباجورى على متن السلم - مطبعة مصطفى البابى حلبي وأولاده بمصر سنة 1347هـ 14 - معيار العلم في المنطق للإمام أبى حامد محمد الغزالي مع شرح أحمد شمس الدين - دار الكتب العلمية - بيروت 15 - شروح الشمسية مجموعة حواشى وتعليقات (القطب الرازى - الشريف الجرجاني - العلامة السيالكوتي - العلامة الدسوقي - جلال الدين الدواني - الشربينى - شيخ الجامع الأزهر - شركة شمس المشرق للخدمات الثقافية 16 - ضوابط المعرفة وأصول الاستدلال والناظرة للشيخ عبد الرحمن بن حسن حبنكة الميداني - طبعة ثالثة منقحة ومزيدة دار العلم - دمشق 17 - تهافت التهافت لابن رشد مع تعليق د. محمد العريبي - دار الفكر اللبناني. 18 - تهافت الفلاسفة للإمام ابي حامد محمد الغزالي مع تعليق د. جيرار جهامى - دار الفكر اللبناني 19 - شرح السلم في المنطق للأخضري لعبد الرحيم فرج الجندي - دار القيومية العربية للطباعة - 20 - حاشية العطار على شرح الخبيصي لآبي السعادات حسن بن محمد العطار مع حاشية علامة ابن سعيد - دار إحياء الكتب العربية عيسى البابى الحلبي وشركاه 21 - حاشية العطار على ايساغوجي للشيخ حسن العطار - مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر طبعة سنة 1347هـ 22 - التذهيب شرح عبيد الله بن فضل الخبيصي على تهذيب المنطق مع حاشية الدسوقي ولأبي السعادات حسن بن محمد العطار مطبعة مصطفى البابي حلبي وأولاده بمصر سنة 1355هـ 23 - توضيح المنطق أسئلة وأجوبة تأليف الشيخ سعيد عبد الله المدلوح مؤسسة المنار طبعة سنة 1417هـ 24 - مذكرة من وضع فضيلة الشيخ محمد الأمين الشنقيطي (آداب البحث والمناظرة) مكتبة ابن تيمية القاهرة - مكتبة العلم بجدة 25 - شرح المنظومة للأستاذ الشهيد مرتضى المطهرى - المترجم عبد الجبار الرفاعي - مؤسسة البعثة طهران الفقه وأصوله 1 - الممتع في شرح المقنع زيد الدين المنجى التنوخي الحنبلي تحقيق د. عبد الملك بن عبد الله بن دهيش - دار خضر للطباعة - بيروت 2 - كتاب الهادي أو عمدة الحازم لموفق الدين بن قدامة المقدسي الحنبلي طبع على نفقة الشيخ على بن عبد الله بن قاسم آل ثاني حاكم قطر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 347 3 - المستوعب لنصير الدين محمد بن عبد الله السامرى تحقيق مساعد بن قاسم الفالح - مكتبة المعارف للنشر والتوزيع - الرياض 4 - المقنع في فقه الإمام أحمد بن حنبل لشيخ الاسلام أبي محمد موفق الدين عبد الله بن قدامة المقدسي طبع على نفقة الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر 5 - الانصاف في معرفة الراجح من الخلاف للإمام علاء الدين أبي الحسن على بن سليمان بن أحمد المرداوى تحقيق أبي عبد الله محمد حسن محمد حسن اسماعيل الشافعي - منشورات محمد على بيضون دار الكتب العلمية بيروت 6 - المغنى لموفق الدين ابن قدامة المقدسي الحنبلي تحقيق د. عبد الله بن عبد المحسن التركى - د. عبد الفتاح محمود الحلو. هجر للطباعة والنشر والتوزيع والإعلان القاهرة 7 - الدر النقي في شرح ألفاظ الخرقي لجمال الدين أبي المحا سن يوسف ابن حسن عبد الهادي الحنبلي المعروف بابن المبرد اعداد د. رضوان مختار بن غريبة - دار المجتمع للنشر والتوزيع - جدة 8 - شرح الزركشي على مختصر الخرقي للشيخ شمس الدين محمد بن عبد الله الزركشي الحنبلي تحقيق عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين - طبع بشركة العبيكان للطباعة والنشر - الرياض 9 - مطالب أولى النهى في شرح غاية المنتهى الشيخ مصطفى السيوطي الرحيباني مع حاشية الفقيه العلامة الشيخ حسن الشطى طبع على نفقة الشيخ على بن عبد الله آل ثاني - حاكم قطر - منشورات المكتب الإسلامي 10 - المذهب الأحمد في مذهب الإمام أحمد للشيخ يوسف بن عبد الرحمن بن على بن محمد المعروف بابن الجوزي - طبع على نفقة الشيخ قاسم بن درويش فخرو - مطبعة (ق) بومباى الهند سنة 1378هـ 11 - الشرح الصغير على أقرب المسالك إلى مذهب الامام مالك للعلامة أبي البركات احمد بن محمد بن أحمد الدردير تخريج احاديث للدكتور مصطفى كمال وصفى دار المعارض 12 - منح الجليل شرح على مختصر خليل للشيخ محمد عليش دار الفكر 13 - المحلى للإمام أبي محمد على بن أحمد بن سعيد بن حزم تحقيق أحمد محمد شاكر - دار التراث القاهرة 14 - الغرر البهية للإمام الشيخ زكريا بن محمد الأنصاري في شرح منظومة البهجة الوردية مع تخريج الأحاديث محمد عبد القادر عطا - ومع حاشية الشيخ عبد الرحمن الشربيني وابن قاسم العبادى - منشورات محمد على البيضون - دار الكتب العلمية بيروت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 348 15 - شرح مغنى المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج للشيخ محمد الشربيني - دار إحياء التراث العربي بيروت 16 - الأنوار لأعمال الأبرار للعلامة يوسف الأردبيلي مع حاشيتين الحاشية الكمثرى وحاشية الحاج ابراهيم - مؤسسة الحلبى وشركاه للنشر والتوزيع القاهرة 17 - حاشية أبي السعود المسماة بفتح الله المعين على شرح الكنز لملا مسكين للعلامة السيد محمد أبي السعو المصري الحنفي 18 - رد المختار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار للشيخ محمد أمين الشهير بابن عابدين تحقيق الشيخ عادل أحمد عبد الموجود - الشيخ على محمد معوض مكتبة دار الباز عباس أحمد الباز - مكة المكرمة 19 - الاختيار لتعليل المختار للشيخ عبد الله بن محمود بن مودود الموصلى الحنفى - دار المعرفة - بيروت - لبنان 20 - بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع الامام علاء الدين أبي بكر بن مسعود الكاساني الحنفي - دار الكتب العلمية بيروت 21 - البناية شرح الهداية - لابي محمد محمود بن أحمد العيني - دار الفكر طبعة ثانية سنة 1411هـ 22 - شرح فتح القدير على الهداية للإمام كمال الدين محمد بن عبد الواحد السيواسى المعروف بابن الهمام مع تعليق وتخريج الشيخ عبد الرزاق غالب المهدي - دار الكتب العلمية - بيروت 23 - التعريفات لشريف على بن محمد الجرجاني مع الاضافات مولانا مفتى محمد يوسف التأولوى مكتبة فقيه الأمت ديوبند - الهند 24 - كتاب النوازل للشيخ عيسى بن على الحسنى العلمى - تحقيق المجلس العلمى بفاس - وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية - المملكة المغربية سنة 1406هـ 25 - الاشراف على مسائل الخلاف للقاضي عبد الوهاب بن على بن نصر المالكي - مطبعة الارادة. 26 - الشرح الممتع على زاد المستنقع للشيخ محمد بن صالح بن عثيمين بترتيب د. سليمان بن عبد الله حمود أبا الخيل - د. خالد بن على بن محمد المشيقح - مؤسسة آسام 27 - شرح الخرشي على مختصر خليل لمحمد الخرشي المالكي - دار الفكر 28 - مجموع فتاوى ورسائل للشيخ محمد بن صالح بن عثيمين جمع فهد بن ناصر بن ابراهيم السليمان - دار الثريا للنشر 29 - فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والافتاء جمع وترتيب الشيخ أحمد بن عبد الرزاق الدويش دار العاصمة للنشر والتوزيع الرياض الجزء: 1 ¦ الصفحة: 349 30 - مجموع فتاوى شيخ الاسلام ابن تيمية - مكتبة ابن تيمية - القاهرة 31 - الاسئلة والأجوبة الفقهية المقرونة بالأدلة الشرعية للشيخ عبد العزيز المحمد السلمان - الطبعة الثانية عشر سنة 1402هـ أصول الفقه 32 - الرسالة للإمام محمد بن إدريس الشافعي تحقيق أحمد محمد شاكر - دار الكتب العلمية بيروت 33 - أثر الإجمال والبيان في الفقه الاسلامي الدكتور محمد ابراهيم الحفناوى - دار الوفاء للطباعة والنشر 34 - بيان ما هو مجمل من مسائل الإجمال والمجمل لعبد الله بن عمر بن محمد الأمين الشنقيطي طبع بمعرفة دار البخاري نشر المدينة المنورة 35 - روضة الناظر في أصول الفقه لموفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي تحقيق د. عبد الكريم بن على بن محمد النملة - مكتبة الرشد الرياض 36 - شرح مختصر الروضة لنجم الدين أبي الربيع سليمان بن عبد القوى بن عبد الكريم الطوفي تحقيق عبد الله بن عبد المحسن التركي - مؤسسة الرسالة 37 - اتحاف ذوى البصائر بشرح روضة الناظر في أصول الفقه للدكتور عبد الكريم بن على بن محمد النملة - دار العاصمة للنشر الرياض 38 - حاشية النفحات على شرح الورقات لأحمد بن عبد اللطيف الجاوى بمطبعة مصطفى البابى حلبي وأولاده بمصر سنة 1357هـ 39 - تشنيف المسامع بجمع الجوامع للسبكى للإمام بدر الدين محمد بن بيادر بن عبد الله الزركشى - تحقيق د. عبد الله ربيع - د. سيدعبد العزيز - مؤسسة قرطبة 40 - الاعتصام للعلامة المحقق الصولى الامام ابي اسحاق ابراهيم بن موسى بن محمد الشاطبي الغرناطي - دار المعرفة بيروت 41 - نشر البنود على مراقي السعود لسيدى عبد الله بن ابراهيم العلوى الشنقيطي - دار الكتب العلمية بيروت 42 - تقرير القواعد وتحريرالفوائد للإمام الحافظ زين الدين عبد الرحمن بن احمد بن رجب الحنبلي - تحقيق ابو عبيدة مشور بن حسن آل سلمان دار ابن عفان الخبر 43 - القواعد للحافظ ابن رجب - دار المعرفة بيروت لبنان 44 - تحرير المقال فيما تصح نسبة للمجتهد من الأقوال للدكتور عياض بن نامى السلمى - فهرسة مكتبة الفهد الوطنية الطبعة الأولى سنة 1415هـ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 350 45 - شرح الكوكب المنير المسمى بمختصر التحرير في أصول الفقه للعلامة محمد بن أحمد بن عبد العزيز بن على الفتوحي المعروف بابن النجار - تحقيق د. محمد الزحيلى،، د. نزيه حماد - جامعة الملك عبد العزيز مركز البحث العلمى - دار احياء التراث الاسلامي - مكة المكرمة 46 - حاشية البناني على شرح الجلال شمس الدين المحلى على متن جمع الجوامع - دار الفكر 47 - امتاع العقول بروضة الأصول لعبد القادر بن شيبة الحمد 48 - نثر الورود على مراقي السعود للشيخ محمد أمين بن المختار الشنقيطي - تحقيق د. محمد ولد سيدى ولد حبيب الشنقيطي - الناشر محمد محمود الخضر القاضي - دار المنارة للنشر والتوزيع 49 - نيل السول على مرتقى الوصول للعلامة محمد يحيى الولاتي - تحقيق بابا محمد عبد الله محمد يحيى الولاتي - دار عالم الكتب - الرياض 50 - بيان المختصر شرح مختصر ابن الحاجب لشمس الدين محمود بن عبد الرحمن بن احمد الأصفهاني - تحقيق د. محمد مظهر بقا جامعة أم القرى دار احياء التراث الاسلامي مكة المكرمة 51 - السراج الوهاج في شرح المنهاج للعلامة فخر الدين احمد بن حسن بن يوسف الجاربردى تحقيق د. اكرم بن محمد بن حسين أوريقان - دار المعراج الدولية للنشر 52 - شرح تنقيح الفصول في اختصار المحصول في الأصول للإمام الكبير شهاب الدين ابو العباس احمد بن ادريس القرافي - دار الفكر 53 - الأصول من علم الأصول لمحمد بن صالح بن عثيمين - مؤسسة الرسالة - بيروت - مكتبة الرشد الرياض - الطبعة الثالثة سنة 1405هـ 54 - الاشباه والنظائر للإمام تاج الدين عبد الوهاب بن على بن عبد الكافي السبكى تحقيق الشيخ عادل أحمد عبد الموجود، الشيخ على محمد عوض، دار الكتب العلمية بيروت 55 - تعليل الأحكام عرض وتحليل الطريقة التعليل وتطوراتها في عصور الاجتهاد والتقليد للأستاذ محمد مصطفى شلبي - دار النهضة العربية للطباعة بيروت 56 - التخريج عند الفقهاء والأصوليين دراسة نظرية للدكتور يعقوب بن عبد الوهاب ابن حسين - مكتبة الرشد الرياض 57 - منظومة في القواعد وشرحه لشيخ محمد بن صالح ابن عثيمين - مخطوطة الحديث وشروحه 1 - صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان - تحقيق شعيب الأرنؤوط مؤسسة الرسالة بيروت الطبعة الثانية سنة 1414هـ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 351 2 - مختصر سنن أبي داؤد للإمام عبد العظيم بن عبد القوى بن عبد الله ابو محمد المنذرى مع شرح معالم السنن للخطابي وتهذيب لابن قيم الجوزية - تحقيق محمد حامد الفقي - مكتبة السنة المحمدية القاهرة، مكتبة ابن تيمية القاهرة 3 - مصنف عبد الرزاق للحافظ ابي بكر عبد الرزاق بن همام الصنعاني - تحقيق حبيب الرحمن الأعظمى توزيع المكتب الاسلامي 4 - السنن الكبرى للإمام أبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي - تحقيق د. عبد الغفار سليمان البنداري ود. سيد كسروى حسن - دار الكتب العلمية بيروت 5 - السنن الكبري للإمام الحافظ أبي بكر أحمد بن الحسين بن على البيهقي وفي ذيله الجوهر النقي لابن التركماني مع ترتيب فهرس د. يوسف عبد الرحمن المرعشي - دار المعرفة - بيروت. 6 - صحيح ابن خزيمة - تحقيق محمد مصطفى الأعظمى المكتب الاسلامي 7 - مسند للإمام أبي بكر عبد الله بن محمد بن أبي شيبه - تحقيق عادل بن يوسف الغزاوي. - ابو الفوارس أحمد فريد المزيدى - دار الوطن الرياض 8 - المصنف في الأحاديث والآثار للحافظ ابن أبي شيبة - تحقيق سعيد محمد اللحام - دار الفكر للطباعة والنشر 9 - شعب الإيمان للإمام أبي بكر البيهقى - تحقيق أبي صابر محمد سعيد بن بسيوني زغلول - دار الكتب العلمية بيروت 10 - سنن للحافظ أبي عبد الله محمد بن يزيد القزوينى ابن ماجة تصحيح محمد فؤاد عبد الباقي دار إحياء الكتب العربية مصر 11 - مسند ابي يعلى الموصلى للإمام الحافظ أحمد بن على بن المثنى التميمي تحقيق حسين سليم أسد - دار المأمون للتراث دمشق 12 - (أ) صحيح للإمام محمد بن إسماعيل البخاري دار إحياء التراث العربي (ت) بعناية ابو صهيب الكرمى - بيت الأفكار الدولية - الرياض 13 - (أ) صحيح للإمام مسلم بن حجاج القشيري - بعناية ابو صهيب الكرمي بيت الأفكار الدولية الرياض (ب) بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي - دار احياء التراث الكتب العربية 14 - سنن الدرامي للإمام الحافظ عبد الله بن عبد الرحمن الرازى تحقيق فواز أحمد زمزلى - خالد السبع العلمى - دار الكتاب العربي 15 - المسند الامام أحمد بن حنبل مع فهرس الألباني - المكتب الاسلامي 16 - (1) الجامع للإمام أبي عيسى محمد بن عيسى الترمزي -تحقيق د. بشار عواد معروف - دار الجيل بيروت - دار الغرب الإسلامي (ب) تحقيق احمد بن محمد شاكر - دار الحديث الأزهر القاهرة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 352 17 - (أ) سنن أبي داؤد لحافظ ابي داؤد سليمان بن أشعث السجستاني مع فهرسة كمال يوسف الحوت - دار الجنان بيروت (ب) دار ابن حزم للطباعة والنشر بيروت لبنان 18 - البحر الزخار المعروف بمسند البزار للحافظ الامام ابي بكر أحمد بن عمرو بن عبد الخالق العتكي البزار تحقيق د. محفوظ الرحمن زين الله مؤسسة علوم القرآن بيروت - مكتبة العلوم والحكم المدينة المنورة 19 - الفردوس بمأثور الخطاب لابي شجاع شيروبة بن شهر دار بن شيروية الديلمي بتحقيق سعيد بن بسيوني زغلول - دار الكتب العلمية بيروت 20 - (أ) المعجم الأوسط للحافظ أبي القاسم سليمان بن أحمد الطبراني - قسم الحتقيق بدار الحرمين - ابو معاذ طارق بن عوض الله بن محمد ابو الفضل عبد المحسن بن ابرهيم الحسينى - من منشورات - دار الحرمين بالقاهرة (ب) تحقيق د. محمود الطحان - مكتبة المعارف الرياض 21 - المعجم الكبير للحافظ الطبراني تحقيق حمدي عبد المجيد السلفي - دار احياء التراث العربي 22 - مختصر استدراك الحافظ الذهبي على مستدرك أبي عبد الله الحاكم للعلامة سراج الدين عمر بن على بن أحمد المعروف بابن الملقن - تحقيق عبد الله بن حمد اللحيدان - دار العاصمة الرياض 23 - المستدرك على الصحيحين للإمام الحافظ أبي عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم النيسابورى تحقيق - مصطفى عبد القادر عطا - دار الكتب العلمية - بيروت 24 - جامع الاصول في أحاديث الرسول للإمام مبارك بن محمد ابن الأثير الجزرى - تحقيق عبد القادر الأرناؤوط - دار الفكر للطباعة والنشر- 25 - الجمع بين الصحيحين مع حذف السند والمكرر من البين - للعلامة أبي حفص عمر بن بدر الموصلى تحقيق صالح أحمد الشامي - المكتب الاسلامي 26 - الجمع بين الصحيحين للإمام محمد بن فتوح الحميدى - تحقيق د. على حسين البواب - دار ابن حزم - دار الصميعي 27 - سلسة أحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدهالمحمد ناصر الدين الألباني - المكتب الاسلامي 28 - صحيح الجامع الصغير وزيادته (الفتح الكبير) لمحمد ناصر الدين الألباني تحت أشراف زهير الشاويش - المكتب الاسلامي 29 - ضعيف الجامع الصغير لمحمد ناصر الدين الألباني - تحت اشراف زهير الشاويش - المكتب الاسلامي 30 - سلسلة الأحاديث الضعيفة للألباني - المكتب الاسلامي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 353 31 - الموضوعات لابن الجوزي (أ) تحقيق توفيق حمدان دار الكتب العلمية (ب) تحقيق د. نور الدين بن شكرى بن على بويا جيلار - مكتبة اضواء السلف ومكتبة التدمرية - الرياض 32 - تمييز الطيب من الخبيث فيما يدور على ألسنة الناس من الحديث للإمام عبد الرحمن بن على بن محمد بن عمر الشيباني الشافعي - الأثرى دار الكتب العلمية بيروت 33 - كشف الخفاء ومزيل اللباس عما اشتهر من الأحاديث على السنة الناس - للمفسر المحدث الشيخ اسماعيل بن محمد العجلوني - دار الكتب العلمية بيروت 34 - الأسرار المرفوعة في الأخبار الموضوعة المعروف بالموضوعات الكبرى للعلامة نور الدين على بن محمد سلطان الشهير بملا على القارىء - تحقيق محمد بن لطفي الصباغ الطبعة الثانية - المكتب الاسلامي 35 - ذخيرة الحفاظ المخرج على حروف الألفاظ للإمام الحافظ محمد بن طاهر المقدسي - تحقيق د. عبد الرحمن بن عبد الجبار الفريوائى - دار السلف للنشر - الرياض 36 - الفتح السماوى بتخريج تفسير القاضي البيضاوى لزين الدين عبد الرؤوف المناوى - تحقيق احمد مجتبى بن نذير عالم السلفى دار العاصمة الرياض 37 - زوائد تاريخ بغداد على الكتب الستة للدكتور خلدون الأحدب - دار القلم دمشق 38 - مجمع البحرين في زوائد المعجمين للحافظ نور الدين الهيثمى تحقيق عبد القدوس بن محمد نزير - مكتبة الرشد الرياض 39 - مصباح الزجاجة في زوائد ابن ماجه للشهاب أحمد بن أبى بكر البوصيرى - تحقيق موسى محمد على - د. عزت على عطية - دار الكتب الحديثة - مصر 40 - بغية الباحث عن زوائد مسند الحارث للحافظ نور الدين على بن أبي بكر الهيثمى -تحقيق مسعد عبد الحميد السعدني - دار الطلائع للنشر القاهرة 41 - اتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة - للإمام أحمد بن أبي بكر البوصيري تحقيق أبي عبد الرحمن عادل بن سعد أبي اسحاق السيد بن محمود بن اسماعيل مكتبة الرشد الرياض 42 - مجمع الزوائد ومنبع الفوائد للحافظ نور الدين على بن أبو بكر الهيثمى مؤسسة المعارف بيروت 43 - المقصد العلى في زوائد أبي يعلى الموصلى للحافظ الهيثمي تحقيق سيد كسروى حسن دار الكتب العلمية الجزء: 1 ¦ الصفحة: 354 44 - شرح السنة لأبي محمد الحسين بن مسعود البغوى - تحقيق الشيخ على محمد معوض - الشيخ عادل أحمد عبد الموجود - دار الكتب العلمية بيروت 45 - سبل السلام شرح بلوغ المرام- الشيخ محمد بن اسماعيل االأمير اليمنى الصنعاني - تحقيق فواز أحمد زمزلى - ابراهيم محمد الجمل - دار الكتاب العربي 46 - الأربعون الصغرى المخرجة في أحوال عباد الله تعالى وأخلاقهم للحافظ ابي بكر أحمد بن الحسين البيهقي - تحقيق محمد نور بن محمد أمين المراغي - إدارة احياء التراث الاسلامي الدوحة قطر 47 - عمل اليوم والليلة لحافظ ابى بكر أحمد بن محمد الدينورى المعروف بابن نسى - تحقيق بشير محمد عيون - مكتبة دار البيان دمشق 48 - الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية لمحمد بن علان الصديقي دار احياء التراث العربي - بيروت 49 - (أ) الأذكار المنتخبة من كلام سيد الأبرار للإمام محى الدين أبى زكريا يحيى بن شرف النووى -دار الكتب العلمية بيروت (ب) تحقيق أحمد عبد الله باجور - الدار المصرية اللبنانية 50 - الوابل الطيب ورافع الكلم الطيب لشمس الدين ابن قيم الجوزية تحقيق بشير محمد عيون - مكتبة المؤيد 51 - الأدب المفرد للإمام محمد بن اسماعيل البخاري - مؤسسة الكتب الثقافية 52 - اتحاف السادة المتقين بشرح احياء علوم الدين للعلامة السيد محمد بن محمد الحسينى الزبيدي الشهير بمرتضى الزبيدي - دار الكتب العلمية - بيروت 53 - إحياء علوم الدين للإمام أبي حامد محمد الغزالى مع حاشية العراقي بتخريجه - دار الكتاب العربي 54 - عون البارى لحل أدلة صحيح البخاري شرح التجريد الصريح للإمام ابي الطيب صديق حسن بن على الحسينى القنوجي - طبع على نفقة الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر سنة 1401هـ 55 - (أ) فيض البارى على صحيح البخاري للإمام المحدث الشيخ محمد أنور شاه الكشميري مهع حاشية البدر الساري للشيخ محمد بدر عالم الميرتهى - مكتبة حقانية بشاور باكستان (ب) دار المعرفة بيروت 56 - التوشيح شرح صحيح البخاري للإمام جلال الدين السيوطي تحقيق رضوان جامع رضوان - مكتبة الرشد الرياض - شركة الرياض الجزء: 1 ¦ الصفحة: 355 57 - ارشاد السارى على صحيح البخارى لابي العباس شهاب الدين أحمد القسطلاني - دار الفكر 58 - البخاري بشرح الكرماني - دار احياء التراث العربي بيروت 59 - عمدة القارى شرح البخاري للشيخ الامام بدر الدين أبى محمد محمود بن أحمد العينى - دار احياء التراث العربي بيروت 60 - فتح البارى بشرح صحيح البخاري للحافظ أحمد بن على بن حجر العسقلاني تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي محب الدين الخطيب - دار الريان للتراث. 61 - فتح القدير شرح الجامع الصغير للعلامة محمد عبد الرؤوف المناوى - دار احياء السنة النبوية للطباعة والنشر والتوزيع 62 - التمهيد لما في المؤطا من المعاني والأسانيد للإمام ابي عمر يوسف بن عبد الله بن عبد البر النمرى - تحقيق الاستاذ مصطفى بن أحمد العلوى الاستاذ محمد عبد الكبير البكرى - دار الحديث الحسنية سنة 1387هـ 63 - مرقاة المفاتيح شرح المشكوة المصابيح للفقيه على بن سلطان محمد القارى مكتبة امدادية ملتان - باكستان 64 - شرح الطيبى لمشكوة المصابيح للإمام شرف الدين حسين بن محمد بن عبد الله الطيبى - تحقيق المفتى عبد الغفار - نعيم أشرف محب الله - شبير أحمد - بديع السيد اللحام - ادارة القرآن والعلوم الاسلامية كراتشى باكستان 65 - الديباج على صحيح مسلم للحافظ جلال الدين عبد الرحمن ابي بكر السيوطي - تحقيق ابو اسحق الجوينى الأثرى - دار ابن عفان 66 - شرح صحيح مسلم للإمام عبد الله الأبى المسمى إكمال إكمال المعلم مع شرح السنوسي المسمى مكمل إكمال إكمال المعلم - محمد بن محمد السنوسي - مكتبة طبرية الرياض 67 - تكملة فتح الملهم بشرح صحيح مسلم للشيخ محمد تقى العثماني - مكتبة دار العلوم كراتشي باكستان 68 - شرح الامام يحيى بن شرف النووي على صحيح مسلم الناشر دار الريان للتراث مصر 69 - . المفهم لما أشكل تلخيص كتاب مسلم - للإمام الحافظ أبي العباس أحمد بن عمر بن ابراهيم القرطبي - تحقيق محي الدين ديب مستو - يوسف على بديوى - أحمد محمد السيد - محمود ابراهيم بزال - دار ابن كثير دمشق - دار الكلم الطيب - دمشق 70 - سنن ابن ماجة بشرح الإمام الحسن الحنفى السندى - تحقيق الشيخ خليل مأمون شيحا -دار المعرفة بيروت لبنان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 356 71 - شرح الفية السيوطي في الحديث لمحمد بن على بن آدم بن موسى الأيتوبي الولوى - مكتبة ابن تيمية القاهرة - مكتبة العلم بجدة. 72 - موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان للحافظ نور الدين علىبن أبى بكر الهيثمى - تحقيق محمد عبد الرزاق حمزة - دار الكتب العلمية بيروت أسماء الرجال والتاريخ 1 - الكاشف في معرفة من له رواية في الكتب الستة للإمام محمد بن أحمد عثمان الذهبي مراجعة لجنة من علماء بأشراف الناشر دار الكتب العلمية 2 - ذيل الكاشف للحافظ ابى زرعة أحمد بن عبد الكريم العراقي - تحقيق بوران الضناوى - دار الكتب العلمية 3 - كتاب الثقات للإمام الحافظ محمد بن حبان بن أحمد التميمي البستى - دار الفكر 4 - تقريب التهذيب للإمام حافظ ابن حجر العسقلاني - تحقيق عبد الوهاب عبد اللطيف - دار المعرفة - بيروت 5 - تهذيب الكمال في أسماء الرجال للحافظ جمال الدين ابي الحجاج يوسف المزى - تحقيق د. بشار عواد معروف - مؤسسة الرسالة 6 - طبقات الشافعية الكبرى لتاج الدين أبي نصر عبد الوهاب بن على بن عبد الكافى السبكى تحقيق د. عبد الفتاح محمد الحلو د. محمود محمد الطناحى - هجر للطباعة والنشر والتوزيع والاعلان 7 - ذيل على طبقات الحنابلة للحافظ عبد الرحمن بن أحمد ابن رجب الحنبلي - دار المعرفة بيروت 8 - المدخل المفصل إلى فقه الامام أحمد وتخريجات الأصحاب لبكر بن عبد الله ابو زيد - دار العاصمة للنشر والتوزيع 9 - تهذيب التهذيب للحافظ احمد بن على بن حجر العسقلاني مطبعة مجلس دائرة المعارفية النظامية الكائنة في الهند حيدر آباد دكن 10 - الكامل في ضعفاء الرجال للإمام ابي أحمد عبد الله بن عدى الجرجاني - تحقيق - د. سهيل زكار - يحيى مختار غزاوى - الطبعة الثالثة- دار الفكر الطباعة والنشر 11 - تهذيب الاسماء واللغات للإمام أبي زكريا يحيى بن شرف النووى دار الكتب العلمية بيروت 12 - تاريخ بغداد أو مدينة السلام للإمام الحافظ أبي بكر أحمد بن على الخطيب البغدادي - دار الكتب العلمية بيروت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 357 13 - مختصر تاريخ دمشق لابن عساكر للإمام محمد بن مكرم المعروف بابن منظور تحقيق رياض عبد الحميد مراد - روحيه النحاس - محمد مطيع الحافظ دار الفكر 14 - أخبار مكة وما جاء فيها من الآثار لابي الوليد محمد بن عبد الله بن أحمد ألأزرقي تحقيق رشدي الصالح ملحس - الطبعة الرابعة - مطابع دار الثقافة مكة المكرمة 15 - ذكر أخبار أصبهان للحافظ أبي نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني - دار الكتاب الإسلامي 6 - التاريخ الكبير للإمام محمد بن إسماعيل البخاري - تحت مراقبة د. محمد عبد المعيد خان - دار الفكر 17 - تاريخ خليفة بن خياط تحقيق د. أكرم ضياء العمرى - دار طيبة للنشر الرياض 18 - كتاب الضعفاء الكبير للحافظ ابي جعفر محمد بن عمرو بن موسى بن حماد العقيلي المكي تحقيق د. عبد المعطي أمين قلعجي - دار الكتب العلمية 19 - الأعلام قاموس تراجم لأشهر الرجال والنساء من العرب والمستعربين والمستشرقين لخير الدين الزر كلى - دار العلم للملايين بيروت 20 - المغنى في الضعفاء للإمام حافظ شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي - كتبه نور الدين عتر - إدارة إحياء التراث الإسلامي قطر 21 - الإكمال في ذكر من له رواية في مسند أحمد سوى من ذكر في تهذيب الكمال للحافظ أبي المحاسن محمد بن على بن حسن بن حمزة الحسيني الدمشقي مع استدراكات لابي زرعة العراقي - والهيثمي وابن مجد تحقيق عبد الله سرور بن فتح محمد - دار اللواء للنشر والتوزيع - الرياض 22 - لسان الميزان للإمام حافظ شهاب الدين أحمد بن على بن حجر العسقلاني - دار الفكر 23 - ميزان الاعتدال في نقد الرجال لأبي عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي تحقيق على محمد البجاوي - دار الفكر 24 - سير أعلام النبلاء للإمام شمس الدين الذهبي تحقيق شعيب الارناؤوط وحسين الأسد مؤسسة الرسالة 25 - تذكرة الحفاظ للإمام شمس الدين الذهبي - دار الكتب العلمية تصحيح تحت اعانة وزارة المعارف للحكومة العالية الهندية سنة 1374هـ 26 - كتاب الجرح والتعديل للإمام الحافظ أبي محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم محمد بن إدريس بن المنذر التميمي الرازي - دار الكتب العلمية بيروت 27 - الطبقات الكبرى لأحمد بن سعد بن منيع الهاشمى المعروف بابن سعد تحقيق محمد عبد القادر عطا - دار الكتب العلمية - بيروت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 358 28 - (أ) الإصابة في تميير الصحابة للإمام الحافظ أحمد بن على بن حجر العسقلاني تحقيق الشيخ عادل عبد الموجود الشيخ على محمد معوض مكتبة دار الباز عباس أحمد الباز مكة المكرمة (ب) مع حاشية استيعاب في معرفة الأصحاب لابن عبد البر النمرى دار إحياء التراث العربي بيروت 29 - حلية الأولياء وطبقات الأصفياء للحافظ أبي نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني دار الكتاب العربي 30 - تعجيل المنفعة بزوائد رجال الأئمة الأربعة - للإمام الحافظ أحمد بن على بن حجر العسقلاني - دار الكتاب العربي مصطلح الحديث 1 - قواعد التحديث من فنون مصطلح الحديث لمحمد جمال الدين القاسمي - دار الكتب العلمية - بيروت 2 - الوسيط في علوم ومصطلح الحديث للدكتور الشيخ محمد بن محمد أبو شبهة عالم المعرفة للنشر - جدة 3 - تيسير مصطلح الحديث للدكتور محمود الطحان - مكتبة المعارف الرياض 4 - النكت على مقدمة ابن الصلاح للإمام بدر الدين أبي عبد الله محمد بن عبد الله بن بهادر الزركشي - تحقيق د. زين العابدين بن محمد بلا فريج - مكتبة أضواء السلف 5 - أمثال الحديث للقاضي أبي محمد الحسن الرامهرمزي - تحقيق د. عبد العلى عبد الحميد ألأعظمي - الدار السلفية بومباي الهند 6 - حجية السنة للعلامة د. عبد الغنى عبد الخالق - المعهد العالمي للفكر الإسلامي 7 - تعريف أهل التقديس بمراتب الموصوفين بالتدليس للإمام أحمد بن على بن حجر العسقلاني - تحقيق د. عبد الغفار سليمان البنداوى - الأستاذ محمد أحمد عبد العزيز - دار الكتب العلمية - بيروت 8 - اتحاف ذوى الرسوخ عمن رمى بالتدليس من الشيوخ لفضيلة الشيخ حماد بن محمد الأنصاري - مكتبة المعلا الكويت 9 - التدليس في الحديث - للدكتور مسفر بن عزم الله الدميينى 10 - التبيين لأسماء المدلسين لسبط بن العجمى الشافعي - تحقيق يحيى شفيق - دار الكتب العلمية 11 - أسنى المطالب في أحاديث مختلفة المراتب للشيخ محمد بن السيد درويش الحوت - إدارة إحياء التراث الإسلامي - بدولة قطر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 359 12 - العلل المتناهية في الأحاديث الواهية للإمام أبي الفرج عبد الرحمن بن الجوزى - تحقيق الشيخ خليل هراس - دار الكتب العلمية بيروت 13 - تلخيص العلل المتناهية للإمام شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي - تحقيق ابو تميم ياسر بن إبراهيم بن محمد - مكتبة الرشد الرياض - شركة الرياض للنشر والتوزيع 14 - نظرات فقهية في أمثال الحديث مع تقدمة في علوم الحديث للدكتور عبد المجيد محمود عبد المجيد - مكتبة البيان الطائف 15 - من روى عن أبيه عن جده للشيخ زين أبي العدل قاسم بن قطلوبغا - تحقيق د. باسم فيصل الجوابرة - مكتبة المعلى - الكويت 16 - دراسات في الجرح والتعديل للدكتور محمد ضياء الرحمن ألأعظمي - مكتبة الغرباء الأثرية المدينة المنورة 17 - مباحث في علم الجرح والتعديل - لقاسم على سعد - دار البشائر الإسلامية 18 - شفاء العليل بألفاظ وقواعد الجرح والتعديل لأبي الحسن مصطفى بن إسماعيل - مكتبة ابن تيمية القاهرة - مكتبة العلم بجدة 19 - الرفع والتكميل للإمام أبي الحسنات محمد عبد الحى اللكنوي - تحقيق عبد الفتاح أبو غدة - مكتبة المطبوعات الإسلامية بحلب 20 - ابن عدى ومنهجه في كتاب الكامل في ضعفاء الرجال - للدكتور زهير عثمان على نور - مكتبة الرشد الرياض - شركة الرياض كتب السيرة 1 - سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد - للإمام محمد بن يوسف الصالحي الشامي - تحقيق الشيخ عادل أحمد عبد الموجود - الشيخ على محمد معوض - دار الكتب العلمية 2 - شرح العلامة محمد عبد الباقي الزرقاني على المواهب اللدنية - مع حاشية زاد المعاد لابن القيم - دار المعرفة - بيروت 3 - المواهب اللدنية بالمنح المحمدية - للعلامة أحمد بن محمد القسطلاني - تحقيق صالح أحمد الشامي - المكتب الإسلامي 4 - شرح الشفا للقاضي عياض - للإمام الهمام ناصر السنة وقامع البدعة الملا على القارئ - دار الكتب العلمية 5 - نسيم الرياض في شرح الشفا - للعلامة أحمد شهاب الدين الخفاجي - المكتبة السلفية المدينة المنورة 6 - زاد المعاد في هدى خير العباد للإمام شمس الدين محمد بن أبي بكر المعروف بابن القيم الجوزية - تحقيق - شعيب الارناؤوط - وعبد القادر الأرناؤوط - مؤسسة الرسالة - ومكتبة المنار الإسلامية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 360